ـ[عصام البشير]ــــــــ[09 - 12 - 07, 10:49 ص]ـ
هذا قديم قبل نزوح المسلمين إلى المغرب
وهو موجود في كتب الأندلسيين
والمقصود به من أسلم سواء أكان من اليهود الذين أسلموا أو من النصارى
أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل.
ليتكم تزيدون منتكم بنقل بعض ما وقفتم عليه في كتب الأندلسيين هؤلاء، لعلنا نخرج بفائدة عن أصل هذا المصطلح.
وهل تعرفون له في الشرق الإسلامي استعمالا؟
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:13 م]ـ
شيخنا الفاضل
بارك الله فيكم ونفع بكم
في الإحاطة في أخبار غرناطة
(عمر بن حفصون
بن عمر بن جعفر الإسلامي بن كسمسم بن دميان
ابن فرغلوش بن أذفونش كبير الثوار، وعظيم النتزين، ومنازع الخلفاء بالأندلس.
أوليته وحاله
قال صاحب التاريخ، أصله من رندة، من كورة تاكرنا، وجده جعفر إسلامي، وانتقل إلى رندة، لأمر دار عليه بها في أيام الحكم بن هشام، فسكن قرية طرجيلة من كورة ريه المجاورة لحصن أوطة، فاستوطن بها، وأنسل بها عمر، ثم أنسل بها عمر حفصاً، وفخم فقيل حفصون. ثم أنسل عمر هذا الثاير مع أخوة له، منهم أيوب وجعفر
)
انتهى
وقوله صاحب التاريخ يريد به ابن حيان
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:40 م]ـ
وفي تركيا العثمانية أطلق عليهم الدونما
( D?nme)
وكثير منهم من يهود الأندلس
و ( D?nme) باللغة التركية = الرجوع
وهم طائفة من اليهود ولا يخفى على الجميع مذهبهم ودورهم في سقوط الدولة العثمانية
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:02 م]ـ
وفي المشرق يسمونهم المسلماني
في العقد الفريد
(العرب تسمي العجمي إذا أسلم: المفرج، وهو المسلماني. ومنه يقال: مسالمة السواد)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:05 م]ـ
ومسلمان كلمة فارسية
والألف والنون
فالمسلم بالفارسية = مسلمان
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:09 م]ـ
(مسلمان
از ويکي پديا، دانشنامه? آزاد.
مُسَلمان کسي است که به دين اسلام باور دارد.
واژ? مسلمان احتمالاً جمع فارسي واژه مسلم عربي است. در زبان عربي چنين واژه اي وجود ندارد.
)
http://fa.wikipedia.org/wiki/ مسلمان
وهذا الذي ذكره من الاحتمال غريب والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:16 م]ـ
وهذا المصطلح أعني (مسالمة) استعمل في المغرب أيضا
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:27 م]ـ
(جمع فارسي واژه* مسلم عربي است. در زبان عربي چنين واژه*اي وجود ندارد)
يقول ان هذا الجمع نادر في اللغة العربية
ومثاله رغيف ورغفان
زبان = لسان أو اللغة
در زبان عربي
أي في اللغة العربية
وجود ندارد = وجوده نادر
هذا والله أعلم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=121951&postcount=161
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:34 م]ـ
وانظر
http://en.wikipedia.org/wiki/Musulman
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:45 م]ـ
(إ: ولا يترك في الإسلام مفرج، بالجيم، فالمفرَج: الرَّجُل يكون في
القوم من غيرهم؛ فحقَّ عليهم أَن يعقلوا عنه.
وقالَ أَبو عُبيدة: المفرَج: أَن يسلِم الرَّجُل ولا يوالي أَحداً؛ يقول: فتكون جنايتُه على بيت
المال؛ لأَنَّه لا عاقلَةَ له. وقالَ غيره: المفرَج: الَّذي لا ديوان له.
وقالَ آخرون: المفرَج القتيل يوجد بأَرض فلاة، لا يقرب من قرية ولا مدينة فيودَى من بيت
المال ولا يبطل دمُه.)
ـ[منصور مهران]ــــــــ[09 - 12 - 07, 03:08 م]ـ
وكانوا يطلقون على الذين دخلوا الإسلام عند فتح مكة:
(مُسْلِمة الفتح)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 06:15 م]ـ
شيخنا الفاضل منصور بن مهران
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
تنبيه في المشاركة رقم 12
المقصود أن الجمع على صيغة فعلان نادر في اللغة العربية
لا أن كلمة (مسلمان) صيغة عربية
فكلمة (مسلمان) = تركيب فارسي
مسلم + ألف + نون
فليعلم
ـ[ابو هبة]ــــــــ[09 - 12 - 07, 07:00 م]ـ
وهذا المصطلح أعني (مسالمة) استعمل في المغرب أيضا
وفي بلاد السودان استعمل قديماًبمعنى حدثاء الإسلام. وفي مدينة أم درمان حي (المسالمة) وتسكنه أغلبية قبطية يقال أنهم أسلموا أيام الدولة المهدية (1885 - 1898م) خوفاً من بطشها ثم ارتد غالبهم عند سقوطها.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 11:06 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[عصام البشير]ــــــــ[10 - 12 - 07, 12:29 م]ـ
شيخنا الكريم الفاضل ابن وهب
أجدتم وأفدتم.
إخوتي الأحبة المشاركين في الموضوع
جزاكم الله خيرا.(143/494)
حمل كتاب (مدرسة الكذابين في رواية التاريخ الإسلامي وتدوينه)
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[08 - 12 - 07, 10:14 م]ـ
كتاب (مدرسة الكذابين في رواية التاريخ الإسلامي وتدوينه)
تأليف الدكتور / خالد كبير علال
المصدر / موقع مجلة الفسطاط التاريخية
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[14 - 12 - 07, 11:54 م]ـ
هل يباع الكتاب.
و اين؟
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[15 - 12 - 07, 10:20 م]ـ
لا أدري أين يباع أخي
يمكنك طباعته للإستفادة الفردية - كما ذكر في بداية الملف المرفق -، فهو صغير الحجم، تقريبا 130 صفحة
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[18 - 12 - 07, 10:42 م]ـ
حياكم الله و نفع بكم ...
أنقل لكم هذه الصفحات للفائدة ...
======
السيرة الذَّاتية العلمية للدُّكتُور خالد كبير علاَّل:
خالد كبير علال بن حمود، المولود في: 09/ماي/ 1961، بالجزائر.
متزوج و أب لطفل واحد.
حاصل على شهادة الماجستير سنة 1996، من جامعة الجزائر، و موضوع الرسالة:"الحركة الحنبلية و أثرها في بغداد (ق: 3 - 5هـ) ".
حاصل على شهادة الدكتوراه سنة 2003 من جامعة الجزائر،و موضوع الأطروحة: "الحركة العلمية الحنبلية و أثرها في المشرق الإسلامي، خلال القرنين السادس و السابع الهجريين".
أستاذ محاضر و دائم بالمدرسة العليا للأساتذة في الآداب و العلوم الإنسانية بالجزائر العاصمة.
أساذ مؤقت بقسم التاريخ بجامعة الجزائر.
الأعمال العلمية المطبوعة:
1 - صفحات من تاريخ أهل السنة و الجماعة في بغداد (ق: 2 - 3 ه).
2 - الداروينية في ميزان الإسلام و العلم.
3 - قضية التحكيم في موقعة صفين -دراسة وفق منهج علم الجرح و التعديل-
4 - الثورة على سيدنا عثمان بن عفان – دراسة وفق منهج علم الجرح و التعديل-
5 - مدرسة الكذابين في رواية التاريخ الإسلامي و تدوينه.
6 - الصحابة المعتزلون للفتنة الكبرى – دراسة وفق منهج علم الجرح و التعديل –
7 - الأزمة العقيدية بين الأشاعرة و أهل الحديث –خلال القرنين:5 - 6 الهجريين-
8 - أخطاء المؤرخ ابن خلدون في كتابه المقدمة
-أعمال تحت الطبع:
1 - التعصب المذهبي في التاريخ الإسلامي.
2 - رؤوس الفتنة في الثورة على الخليفة الشهيد عثمان بن عفان- دراسة وفق منهج علم الجرح و التعديل
أعمال مخطوطة تنتظر النشر:
1 - مقاومة أهل السنة للفلسفة اليونانية –خلال العصر الإسلامي -.
=========
هنا موقع الدكتور خالد كبير علال:
http://kabirallal.googlepages.com/
=========
هنا بعض كتب الدكتور المتوفرة على الشبكة:
http://saaid.net/book/search.php?do=all&u=%CF.+%CE%C7%E1%CF+%DF%C8%ED%D1+%DA%E1%C7%E1 (http://saaid.net/book/search.php?do=all&u=%CF.+%CE%C7%E1%CF+%DF%C8%ED%D1+%DA%E1%C7%E1)
===========
هنا لمحة عن الدكتور:
http://alukah.net/majles/showthread.php?t=8167
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[22 - 12 - 07, 12:15 م]ـ
بارك الله فيك(143/495)
حقائق عن قضية فلسطين للحاج أمين الحسيني رحمه الله
ـ[النذير1]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:08 ص]ـ
حقائق عن قضية فلسطين
للحاج أمين الحسيني رحمه الله
"كذبة بيع الفلسطينيين لأرضهم "
الفلسطينيون لم يفرطوا في وطنهم وقد دافعوا عنه أشرف دفاع الأعداء يذيعون دعايات كاذبة وأراجيف مضللة ضد الفلسطينيين
السؤال الأول
اتهم بعض الناس أهل فلسطين بالتفريط في حقوق وطنهم. وتتلخص التهم المعزوّة إليهم في ثلاثة أمور: أ- إن كثيرا منهم باعوا أراضيهم لليهود، وأن بعض البائعين استصدر عفوا من بعض المنظمات الوطنية لقاء دفع مبلغ من المال؟ ب- إن عرب فلسطين لم يدافعوا عن وطنهم أثناء حرب فلسطين، وخلال عهد الانتداب البريطاني؟ ج- إن أهل فلسطين كانوا يشتغلون لحساب اليهود ويبيعون ضباط وجنود الجيوش العربية للصهيونيين. فماذا تقولون في ذلك؟
الجواب:
قبل الإجابة على أسئلتكم لابد لي من مقدمة وجيزة تساعد على توضيح الأوضاع الحقيقية. كانت فلسطين قبل حرب عام 1914جزءاً من الدولة العثمانية.
وهي رقعة صغيرة من الأرض مساحتها نحو ستة وعشرين ألف كيلومتر مربع، فلما انهارت هذه الدولة في نهاية الحرب العالمية الأولى وقعت فلسطين بين مخالب الاستعمار البريطاني من ناحية وجشع اليهودية العالمية من ناحية أخرى، وجعلت تتخبط بين هاتين القوتين العظيمتين وليس لها أي ساعد أو نصير، ولم يكن لدى أهلها من وسائل المقاومة والدفاع ما يستطيعون به دفع أذى أو رد عادية. وبالرغم من ذلك قامت جماعة من أبناء فلسطين المخلصين، يبذلون جهودهم الضئيلة، وينظمون صفوفهم القليلة، ويؤلفون جبهة متواضعة أمام تلك القوى الدولية العاتية، وكان سلاحهم الوحيد الإيمان والإخلاص. وبالرغم من عدم التكافؤ بين القوتين والجبهتين، فقد نشبت معركة هائلة طويلة المدى لم تلن فيها لعرب فلسطين قناة ولم تهن لهم عزيمة في كل أدوار الكفاح والنضال، مدة ثلاثين عاماً حاول خلالها الاستعمار البريطاني – متآمراً مع اليهودية العالمية – بلوغ أغراضه ومقاصده في فلسطين بالوسائل الآتية:
من الناحية السياسية:
أ- لقد حاولوا بادئ ذي بدء أن يحمّلوا عرب فلسطين على الرضوخ والإذعان لخطتهم الغاشمة، والموافقة على سياسة إنشاء الوطن القومي اليهودي، فتوسلوا بجميع وسائل الإغراء السياسية والمالية، وأساليب الدهاء والخداع، والوعد والوعيد، لحملهم على الموافقة، وليتخذوا من موافقتهم حجة يبررون بها أمام العالم جريمتهم الفظيعة في تحويل هذه البلاد العربية المقدسة إلى وطن يهودي بعد إجلاء أهلها عنها، ويكسبون جريمتهم المنكرة صفة شرعية، ولكنهم فشلوا في هذه المحاولة فشلاً تاماً.
من ناحية امتلاك الأراضي:
ب- فلما سقط في أيديهم جعلوا أكبر همهم اشتراء أرض فلسطين بالمال وامتلاك البلاد عملياً بهذه الوسيلة، فألقوا بمئات الملايين من لجنيهات، فارتفعت أسعار الأرض إلى عشرات الأضعاف، بل إلى مئاتها في بعض الأحيان. ولكن عرب فلسطين صمدوا أمام هذه التجربة أيضاً. مستهينين بالمال الذي لم يستطع أعداؤهم إغراءهم به، واحتفظوا بأراضيهم بوسائل سيأتي ذكر بعضها عند الجواب على سؤالكم الخاص بهذا الموضوع. وقد انتهى الانتداب البريطاني في 15 مايو 1948 ولم يستطع اليهود بالرغم مما حصلوا عليه من مساعدات وهبات وتسهيلات من حكومة الانتداب البريطاني أن يمتلكوا إلا نحو سبعة في المائة من مجموع أراضي فلسطين. وكانت خيبة آمالهم في هذه الناحية لا تقل عن فشلهم في محاولتهم الأولى السياسية.
من الناحية العسكرية:
ج- ما انفك الإنجليز – منذ احتلالهم لفلسطين – يساعدون اليهود بمختلف الوسائل على التسلح والتدرب والتنظيم العسكري، في الحين الذي كانوا يحرمون فيه جميع ذلك على عرب فلسطين، بل يحكمون بالإعدام على من يحوز أي نوع من السلاح أو العتاد، حتى أن وزير المستعمرات البريطانية مستر كريتش جونز اعترف في تصريح له في مجلس العموم البريطاني أن الذين حكمت عليهم المحاكم العسكرية البريطانية بالإعدام شنقاً من العرب لحيازتهم أسلحة أو ذخيرة كانوا (148) شخصاً". هذا عدا بضعة ألوف فتك فيهم الإنجليز خلال ثورات 1936– 1939. فلما اشتد ساعد اليهود بالسلاح والتدريب والتعضيد البريطاني، قاموا بمحاولتهم الثالثة وهي الوصول إلى أهدافهم عن طريق القوة وظهرت هذه المحاولة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(143/496)
بجلاء في اعتداءات اليهود عام 1929 و1936 و1947 وغيرها. ولكن عرب فلسطين على قلة وسائلهم صدوهم ببسالة وهزموهم شر هزيمة في جميع المعارك رغم مساعدة الإنجليز لهم وحشدهم القوات العسكرية البريطانية بقيادة مشاهير قوادهم كالجنرال دل والمارشال ويفل وغيرهما لخضد شوكة عرب فلسطين. ولما سقط في أيدي الإنجليز واليهود معا ويئسوا من ترويض عرب فلسطين وإخضاعهم بالوسائل آنفة الذكر، عمدوا إلى أساليب أخرى كان سلاحهم فيها الخداع والدهاء، وقد سخروا فيها أنصارهم وأذنابهم خارج فلسطين لتنفيذ خططهم الخطيرة بوسائلهم الشيطانية، مما أدى إلى وقوع كارثة فلسطين. وستجدون إيضاح ذلك في الأجوبة على أسئلتكم.
الفلسطينيون لم يفرطوا في أراضيهم:
1 - لا صحة لهذه التهم التي يروجها الأعداء من يهود ومستعمرين فإن العطف الذي بدأ من مصر وسائر الأقطار العربية على قضية فلسطين والحماسة الشديدة لها، والتنادي لنصرتها والاستماتة في سبيل الذود عنها، أقلق هؤلاء الأعداء، فشرعوا ينشرون الأراجيف ويذيعون الإشاعات الباطلة عن أهل فلسطين، ويرونهم بمختلف التهم، تشويها لسمعتهم وتنفيراً لإخوانهم العرب منهم، وصرفاً لهم عن مناصرتهم. وكانت التهمة الأولى أن أهل فلسطين باعوا أراضيهم وتمتعوا بأثمانها ثم جاءوا اليوم يدعون ويلا وثبورا، فهم أحق باللوم لما فرطوا في أوطانهم. والحقيقة تخالف ذلك كل المخالفة، فإن الفلسطينيين قد حرصوا على أراضيهم كل الحرص، وحافظوا عليها رغم الإغراءات المالية الخطيرة من قبل اليهود، ورغم الضغط الاقتصادي عليهم بمختلف الوسائل من قبل الإنجليز. ومنذ تأسس المجلس الإسلامي الأعلى الذي انتخبه الفلسطينيون لإدارة المحاكم الشرعية والأوقاف والشؤون الإسلامية في فلسطين عام 1922 قام بأعمال عظيمة لصيانة الأراضي من الغزو اليهودي. فمنع بواسطة المحاكم الشرعية التي كان يشرف عليها بيع أو قسمة أي أرض كان للقاصرين نصيب فيها، وكذلك اشترى المجلس من أموال الأوقاف الإسلامية كثيراً من الأراضي التي كانت عرضة للبيع، وأقرض كثيرين من أصحاب الأراضي المحتاجين قروضاً من صناديق الأيتام ليصرفهم عن البيع. وكان يعقد مؤتمراً سنوياً من العلماء ورجال الدين لتنظيم وسائل المقاومة لليهود الطامعين في الأراضي، وقد تعرضت أنا شخصياً لحملات شديدة من الإنجليز واليهود عندما كنت رئيساً لهذا المجلس بسبب ما كان يقوم به من نشاط في منع بيع الأراضي لليهود. وقد بذل المجلس الإسلامي الأعلى مبالغ طائلة في سبيل إنقاذ الأراضي، واشترى بعض القرى برمتها، كقرية دير عمرو وقرية زيتا التي بذل في سبيل إنقاذها وحدها نحو 54000 جنيه، وكالأراضي المشاعة في قرى الطيبة وعتيل والطيرة، وبذل جهوداً عظيمة وأقام قضايا في المحاكم في هذه السبيل، ووفق في إقناع كثير من القرى ببيع أراضيها إلى المجلس الإسلامي الأعلى، وجعلها وقفاً على أهلها. وكذلك قام بعض المؤسسات والمنظمات العربية كصندوق الأمة الذي بذل جهداً كبيراً في سبيل إنقاذ كثير من أراضي البلاد اشترى بعضها بالمال وأنقذ بعضها بإجراءات إدارية وقضائية كأراضي البطيحة لعرقلة البيع وحماية حقوق المزارعين، وبعقد الاجتماعات وتوزيع النشرات. ومما يزيد ذلك أن تقارير حكومة الانتداب البريطاني التي كانت ترفع سنوياً إلى لجنة الانتداب في عصبة الأمم بجنيف كانت تذكر دائماً أن السبب في قلة انتقال الأراضي إلى اليهود هو المجلس الإسلامي الأعلى وغيره من المؤسسات العربية. وتدل الإحصاءات الرسمية على أن مساحة أراضي فلسطين هي نحو سبعة وعشرين مليون دونم (والدونم ألف متر مربع). ويبلغ مجموع ما استولى عليه اليهود إلى يوم انتهاء الانتداب البريطاني في 15 مايو 1948، نحو مليوني دونم أي نحو سبعة في المائة من مجموع أراضي فلسطين، على أن ما تسرب من أيدي عرب فلسطين من هذين المليونين لا يزيد عن 250.000 (مائتين وخمسين ألف دونم) أي الثمن، وكان وقوع الكثير منها في ظروف قاهرة، وبعضها ذهب نتيجة لنزع ملكية الأراضي العربية، وهو ما كانت تقوم به حكومة الانتداب البريطاني لصالح اليهود وفقاً للمادة الثانية من صك الانتداب أما باقي المليونين فقد تسرب إلى أيدي اليهود كما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(143/497)
650.000 دونم استولى عليها اليهود في عهد الحكومة العثمانية خلال حقبة طويلة، من الأراضي الأميرية بحجة إنعاش الزراعة وإنشاء مدارس زراعية. 300.000 دونم منحتها حكومة الانتداب البريطانية لليهود دون مقابل (وهي من أملاك الدولة) 200.000 دونم منحتها حكومة الانتداب البريطانية لليهود لقاء أجرة اسمية (وهي من أملاك الدولة). 600.000 دونم اشتراها اليهود من بعض اللبنانيين والسوريين الذين كانوا يملكون أراضي في فلسطين (كمرج ابن عامر ووادي الحوارث، والحولة وغيرها). 1.750.000
يتبين من ذلك أن نحو سبعة أثمان ما استولى عليه اليهود من الأراضي إنما تسرب إليهم عن غير طريق الفلسطينيين، وأن ما تسرب من الفلسطينيين هو مائتان وخمسون ألف دونم أي نحو "62" ألف فدان مصري. على أن الكثير ممن باعوا أراضيهم أو كانوا سماسرة للبيع قد فتك فيهم الشعب الفلسطيني، ولم ينج منهم إلا من فر من البلاد ولجأ إلى أقطار أخرى. أما ما ذكرتم من إصدار العفو عمن كان يدفع مبلغاً من المال، فلا صحة له البتة، ولم يقع أي حادث من هذا القبيل، بل كان الأمر على العكس، فإن مؤتمرات العلماء التي كنا نعقدها سنوياً وكذلك الهيئات الدينية، كانت تصدر الفتاوى بتكفير من يبيع الأرض أو يسمسر على بيعها، وتعتبره مرتداً لا يدفن في مقابر المسلمين وتجب مقاطعته وعدم التعامل معه، وقد أصدر مؤتمر كهنة الأرثوذكس العرب في فلسطين قرارات مماثلة.
دفاع الفلسطينيين عن بلادهم:
2 - وكانت التهمة الثانية أن عرب فلسطين لم يدافعوا عن بلادهم وهي فرية لا ظل لها من الحقيقة، فالناس جميعاً يعلمون كيف كافح أهل فلسطين، اليهود والإنجليز معاً، مدة ثلاثين عاماً لم يقهروا خلالها أبداً، رغم كثرة القوات البريطانية وقوات الشرطة المحتلة وقوى اليهود المنظمة. وليس يخاف على أحد استبسال المجاهدين الفلسطينيين في الذود عن وطنهم وإقدامهم على التضحية وبيعهم نفوسهم بيع السماح في سبيل الله، حتى شهد لهم بذلك العدو والصديق، ورفعوا بجهادهم اسم العرب عالياً في العالم. فمن ذلك ما ذكره المرحوم محمد رستم حيدر وزير مالية العراق الأسبق لبعض زائريه في لبنان عندما كان راجعاً من أوربا صيف 1939 بقوله: لقد كنا في زياراتنا الماضية لأوربا نتحاشى التظاهر بأننا عرب. ولكننا هذه المرة، بعد جهاد عرب فلسطين وبطولتهم التي طبق ذكرها آفاق أوربا، أصبحنا نفخر بعروبتنا وصرنا نلقى من الأوربيين كل إجلال واحترام.
هتلر يستشهد بجهاد عرب فلسطين:
ومن ذلك ما قاله هتلر للسيد خالد القرقني مستشار المرحوم جلالة الملك عبد العزيز آل سعود في مقابلة رسمية له عام 1938 من أنه معجب كل الإعجاب بكفاح عرب فلسطين وبسالتهم. وكذلك جاء في بيان رسمي وجهه هتلر إلى الألمان في السوديت حينما كانوا يحاولون الخلاص من حكم تشيكوسلوفاكيا عام 1938 والانضمام إلى ألمانيا ما معناه: "اتخذوا يا ألمان السوديت من عرب فلسطين قدوة لكم إنهم يكافحون إنجلترا أكبر إمبراطورية في العالم، واليهودية العالمية معاً، ببسالة خارقة، وليس لهم في الدنيا نصير أو مساعد، أما أنتم فإني أمدكم بالمال والسلاح، وإن ألمانيا كلها من ورائكم".
ما كتبه الجنرال ولسون عن مجاهدي فلسطين:
وقد جاء في كتاب ألفه الجنرال هنري ميتلاند ولسون الذي اشترك في المعارك ضد عرب فلسطين قبل أن يتولى قيادة القوات البريطانية في مصر ثم في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ذكر مستفيض لبطولة عرب فلسطين خلال المعارك الدامية التي جاهدوا فيها القوات البريطانية إذ ذكر ما خلاصته: "إن خمسمائة من ثوار عرب فلسطين يعتصمون في الجبال ويقومون بحرب العصابات، لا يمكن التغلب عليهم بأقل من فرقة بريطانية كاملة السلاح (أي خمسة عشر ألف جندي).
الفلسطينيون في غزة يهزمون الإنجليز:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(143/498)
وفي الحرب العالمية الأولى عندما صمد لواء واحد من الجيش العثماني مؤلف من أقل من ثلاثة آلاف جندي فلسطيني في وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة وكبدهما خسائر فادحة وأرغمهما على التقهقر حتى العريش عام 1917م، أصدر أحمد جمال باشا القائد التركي الذي اشتهر بخصومته للعرب، بياناً رسمياً أشاد فيه بالشجاعة الفذة التي أبداها أولئك الجنود الفلسطينيون في غزة أمام أضعاف أضعافهم من جنود الأعداء، وأنها بسالة خارقة تذكر بالشجاعة التي أبداها آباؤهم من قبل عندما حموا هذه البقاع المقدسة بقيادة صلاح الدين الأيوبي ... وكذلك اعترف كثيرون من أقطاب العرب وزعمائهم بشجاعة الفلسطينيين. ومبلغ ما بذلوه من جهود ودماء، ذوداً عن حياتهم أثناء المعارك الأخيرة التي وقعت عامي 1947 و1948م. وإني لآسف إذا اضطر للاستشهاد بمثل هذه الأقوال والتصريحات بالثناء على أهل فلسطين في مجال الدفاع عنهم ببيان الحقائق التي حاولت الدعايات الأجنبية ودوائر المخابرات البريطانية واليهودية أن تطمسها بما سخرت لذلك من الصحف المأجورة والألسنة الخراصة لتشويه سمعة الفلسطينيين وإظهارهم على غير حقيقتهم.
براعة الفلسطينيين في حرب العصابات:
ولاشك أن كل منصف يعترف بأن مجاهدي فلسطين لم يغلبوا على أمرهم ولم يقهروا في ميدان الكفاح حينما كانوا يحاربون اليهود والإنجليز معاً حرب العصابات التي خذقوها، والتي هي أجدى وأنجع في مكافحة الجيوش النظامية، وأعظم أثراً، وأقل نفقة. وبحرب العصابات القائمة على أسس التضحية والاستماتة والبسالة استطاع الفلسطينيون أن يفضوا مضاجع أعدائهم أمداً طويلاً، وأن ينزلوا بهم الخسائر الفادحة، واستطاعت حركة الجهاد الفلسطيني في أعوام 36،37،38، 1939م أن تسيطر على معظم الأراضي الفلسطينية بل عليها كلها إذا استثنينا قليلاً من المدن التي انحصر الجنود الإنجليز داخلها وقتاً غير قليل في انتظار النجدات. الإنجليز يسلحون اليهود ويدربونهم
:
وفي الحوادث الأخيرة ظن الإنجليز الذين جردوا أهل فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية من أسلحتهم، وشردوا قادتهم وسجنوا الألوف من مجاهديهم وأرهقوهم ظلماً وعدواناً كما يفعلون اليوم في المكافحين من رجال ماو ماو في الوقت الذي كانوا يسلحون فيه اليهود ويدربونهم وينظمونهم ويساعدونهم بواسطة هيئة عسكرية إنجليزية كان يرأسها القائد (وينجت) المعروف – ظن الإنجليز أن كفة اليهود الحربية أصبحت راجحة، وأن في استطاعتهم أن يتسلموا فلسطين حسب وعد بريطانيا القديم لهم، فأعلنت بريطانيا أنها ستنسحب من فلسطين. ولكن أهل فلسطين رغم ضعف وسائلهم عامي 1947 - 1948م قاموا بكفاح شديد أرغموا به يهود القدس، وعددهم نحو (115) ألفاً، على رفع رايات التسليم، بعد أن أرهقوهم وحاصروهم وقطعوا عنهم الماء والزاد والعتاد. وقد توسطت الهيئة الدبلوماسية في القدس حينئذ وجاءت بعثة من بعض أعضائها إلى دمشق في مارس سنة 1948م لمفاوضة الجامعة العربية والهيئة العربية العليا في هذا الأمر.
تفوق العرب في المعارك على اليهود:
وفي غضون ذلك كانت المعارك الكبيرة ناشبة بين العرب واليهود ففي مكان يعرف بالدهيشة، بين القدس والخليل، نشبت معركة كبيرة في 17 مارس سنة 1948 قتل فيها بضع مئات من اليهود ووقع منهم (350) أسيراً، وغنم المجاهدون أسلحتهم وذخائرهم ونحو مائة وخمسين سيارة كان قسم كبير منها من المصفحات والمدرعات. ووقعت معارك صور يف وبيت سوريك وسلة ويافا ومعارك أخرى في المنطقة الشمالية قهرت فيها العصابات الفلسطينية اليهود وهزمتهم. ولما شرع اليهود في استعمال المتفجرات وعمدوا إلى النسف، قابلهم المجاهدون بما هو أدهى وأمر، فنسفوا عمارة الستين بوست والوكالة اليهودية وشارع بن يهودا برمته ومحلة المنتفيوري وغيرها مما قصم ظهر اليهود، وجعلهم يطالبون بالعدول عن حرب المتفجرات. وقد أبدى المجاهدون الفلسطينيون من البسالة والتصميم والتضحية ما ضمن لهم التفوق ورجوح الكفة على اليهود، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بواسطة مندوبها في الأمم المتحدة في 23 مارس 1948م عدولها عن تأييد قرار تقسيم فلسطين، (وقد وقعت جميع هذه الحوادث قبل أن تدخل الجيوش العربية فلسطين).
12 ألف شهيد فلسطيني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(143/499)
وقد بلغ عدد الذين استشهدوا م أهل فلسطين في ميادين الجهاد نحو 12 ألف شهيد، وبلغ عدد من أصيب منهم بجراحات وعاهات دائمة ضعف هذا العدد، وهذا بالإضافة إلى ألوف من السكان المدنيين ولاسيما من الشيوخ والنساء والأطفال الذين قتلهم اليهود والمستعمرون، كما أن خسائرهم المادية إلى ما قبل نشوب الحرب العالمية الثانية تقدر بعشرات الملايين من الجنيهات، فإن السلطات البريطانية نسفت أقساماً برمتها من مدن يافا واللد وجنين وعشرات من القرى العربية وأتلفت من روعات أهلها ومواشيهم وممتلكاتهم.
المؤامرة الإنجليزية لإبعاد الفلسطينيين عن ميدان القتال:
ولما رأي الإنجليز واليهود هذا الجد والتصميم والاستماتة من عرب فلسطين، وأن حرب العصابات تزداد توسعاً واندلاعاً، وأن أمدها سيطول، وستكون لها نتائج خطيرة في إثارة الشرق العربي والعالم الإسلامي، لجأوا إلى الحيلة لوقف حرب العصابات وإبعاد المجاهدين الفلسطينيين عن ميدان المعركة، لأنهم بطبيعة الحال أشد العناصر العربية تصميماً على القتال، واستماتة في الذود عن وطنهم وأنفسهم وممتلكاتهم، فعمد الإنجليز إلى تعديل خطة الدول العربية التي كانت قررت في اجتماع "عالية – لبنان" في السابع من أكتوبر عام 1948م أن يكون المعول في حرب فلسطين على أبنائها، وأن تمدهم الدول العربية بالأسلحة والأموال وما إلى ذلك من وسائل المساعدة، وأن لا تدخل الجيوش العربية النظامية فلسطين. ولكني عندما شعرت في ذلك الحين برغبة بعض الشخصيات العربية الرسمية في إدخال الجيوش العربية فلسطين، وباندفاعها في هذه السبيل، أوجست في نفسي خيفة وأبديت ارتيابي وخشيتي من أن تكون وراء ذلك دسيسة أجنبية وعارضت في هذا معارضة شديدة، ولم تكن جميع الدول العربية موافقة على إدخال جيوشها إلى فلسطين ولكن تيار الضغط الأجنبي على بعض الشخصيات المسئولة في الدول العربية في ذلك الحين كان بدرجة من الشدة اجتاح معها كل معارضة، ودخلت الجيوش العربية وكانت مصر من أشد الدول معارضة لدخول جيشها في الحرب. ثم دخلت بتأثير دوافع متعددة كما ظهر في المحاكمات الأخيرة أمام محكمة الثورة، فقد قيل في صدد دخول الجيش المصري حرب فلسطين: "إن المرحوم النقراشي أسر إلى أحد كبار المصريين وقتئذ – أيهدى" من روعه ومعارضته – أن الإنجليز متحمسون لدخولنا الحرب، وأنهم وعدوه بمد الجيش المصري بالأسلحة والذخيرة التي يحتاج إليها ... "
الجيوش العربية تحت قيادة جنرال إنجليزي:
فلما دخلت الجيوش العربية فلسطين سلمت قيادتها العملية إلى الجنرال جلوب الإنجليزي، وصدر أمر الملك عبد الله بإلغاء منظمة الجهاد المقدس الفلسطينية وجميع القوى والعصابات التابعة لها، وإلغاء جيش الإنقاذ المؤلف من المتطوعين وطلب إلغاء الهيئة العربية العليا لفلسطين، ووضعت خطة محكمة لإبعاد الفلسطينيين عن ميدان الجهاد والسياسة، وعن كل ما يتعلق ببلادهم ومستقبلهم وحياتهم.
دعايات مضللة وتهم باطلة تذاع عن فلسطين:
3 - ولتبرير إبعاد الفلسطينيين عن ميدان المعركة قامت دوائر المخابرات البريطانية واليهودية، وغيرها من الدوائر الموالية لها، بدعايات واسعة مضللة وإشاعات مبطلة عن الفلسطينيين تكيل لهم فيها جزافاً أفظع التهم كتجسسهم على الجيوش العربية وبيعهم جنودها وضباطها لليهود، ونحو ذلك من الأكاذيب التي لا ظل لها من الحقيقة، ولا يعقل أبداً أن يرتكبها الفلسطينيون الذين هم أعظم الناس مصيبة باليهود والاستعمار، وأشدهم حتقاً عليهما. واستغل الخصوم بعض حوادث التجسس التي كان يقوم بها أفراد من اليهود فشأوا في البلاد العربية وحذقوا لغتها وعاداتها، وقد بثتهم دوائر الاستخبارات اليهودية في كل الجهات وهم يرتدون الثياب العربية حتى ظن أنهم من عرب فلسطين. وأذكر مثلاً لذلك حادثتين معروفتين في منطقة غزة الأولى أن القوات المصرية المسلحة قبضت على أثنين من اليهود يرتديان ثياب البدو بينما كانا يقومان بإلقاء ميكروبات الكوليرا وغيرها من الجراثيم الوبائية في آبار تلك المنطقة بقصد إبادة سكانها والقوات المصرية الموجودة فيها، والثانية قصة طريفة قصها على كل من الأمير الاي السيد مصطفى الصواف نائب الحاكم الإداري العام لقطاع غزة سابقاً، والسيد عبد الرحمن الفرّا رئيس بلدية خان يونس، وخلاصتها أن دورية مصرية قبضت على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(143/500)
رجل يرتدي ثياب بدو فلسطين بينما كان خارجاً من مستعمرة "كفار داروم، ومتجهاً إلى "خان يونس" وعند سؤاله زعم أنه ينتمي إلى عشيرة عربية مجاورة فلما سئل شيوخ العشيرة عنه أنكروه. ولما ضيق المحققون عليه الخناق اعترف أنه جاسوس يهودي، وأنه يتجه إلى خان يونس ليقابل فيها زميلاً له، فلما رافقوه ليدلهم على زميله كانت دهشتهم بالغة عندما دلهم على شيخ معمم مقيم بجامع البلد ويلبس الملابس الفلسطينية وكان هذا الشيخ يتظاهر بالورع ويصلي في الصف الأول، ويقيم في الجامع، وفي نهاية التحقيق الرسمي اعترف هذا الشيخ المعمم بأنه يهودي ديناً وجنسية، وأنه يقوم بالتجسس على حركات الجيش المصري، وأنه تظاهر بأنه مسلم فيما مضى، وانخرط في الجامع الأزهر في سلك الطلاب أمداً غير قصير درس خلاله الدين الإسلامي واللغة العربية .. ولقد وقع كثير من أمثال هذه الحادثة كان يقوم بها يهود يتزينون بزي العرب الفلسطينيين ولا يتسع المجال لسردها الآن، مما ساعد على ترويج تلك التهم الشنيعة والإشاعات الكاذبة المضللة عن أهل فلسطين وهم منها براء. على أن أهل فلسطين كغيرهم من الشعوب منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، ولا يبعد أن يكون بينهم أفراد قصروا أو فرطوا أو اقترفوا الخيانة، ولكن وجود أفراد قلائل من أمثال هؤلاء بين شعب كريم مجاهد كالشعب الفلسطيني لا يدمغ هذا الشعب، ولا ينقص من كرامته، ولا يمحو صفحة جهاده العظيم.
كارثة فلسطين
وليدة مؤامرة الاستعمار الأجنبي واليهودية العالمية
وليست ناشئة عن خصومات حزبية وخلافات عائلية
الحلول التي عرضتها بريطانيا كانت سلسلة من المخادعات
السؤال الثاني:
يتحدث بعض الناس عن خصومات حزبية واختلافات محلية وقعت في فلسطين، ويقولون: إنه لو لا معارضتكم وإخوانكم للحلول التي عرضتها بريطانيا لحل قضية فلسطين لما وصلت الحال إلى ما وصلت إليه.
الجواب:
إن أكثر الناس لم يعرفوا قضية فلسطين على حقيقتها، ومن كافة نواحيها، لأنهم لم يتعمقوا في بحثها، ولم يسيروا غورها، ولم يدرسوا ظروفها وملابساتها، شأنهم في ذلك شأن الطبيب الذي يحاول معالجة المريض دون أن يفحصه فحصاً دقيقاً، ودون أن يعرف تاريخ مرضه وتطوراته، فتكون معالجته مرتجلة لا تشفي سقماً ولا تضمن برءاً. ومنهم من يقيس هذه القضية بغيرها من القضايا العربية والشرقية وهذا قياس مع الفارق، لأن خطة الخصوم في قضية فلسطين ليست قاصرة على الاستعمار فحسب، بل إن هناك عوامل أخرى خطيرة دينية وقومية واستراتيجية، هدفها استبدال أمة بأمة أخرى وتقويض كيان هذه الأمة تقويضاً كاملاً، بالقضاء على قوميتها ودينها وتاريخها، والتعقبية على آثارها لتحل محلها تلك الأمة الأخرى.
مؤامرة مبيتة بين الاستعمار واليهودية العالمية:
وبعبارة أصرح إنها مؤامرة مبيتة – منذ عهد بعيد – بين اليهود والاستعمار (كما صرح بذلك حاييم وايزمن زعيم الصهيونية في مذكراته) ترمي إلى إجلاء العرب، أهل البلاد الأصليين، عن وطنهم، وإحلال اليهود المشردين في سائر أنحاء الأرض محلهم، والقضاء المبرم على عروبة هذه البلاد ودينها ومقدساتها ومعابدها واستئصال شأفة أهلها، لجعلها مركزاً دينياً وسياسياً وعسكرياً ليهود العالم قاطبة، ولإعادة بناء الهيكل اليهودي المعروف بهيكل سليمان مكان المسجد الأقصى المبارك، وليكون هذا المركز اليهودي العالمي رأس جسر، أو محطة، للوثوب على العالم العربي، كما صرح بذلك دافيد بن غوريون رئيس الوزراء السابق لدولتهم اليهودية. وقد وضعت الخطة الخطيرة لهذه المؤامرة المبيتة بين إنجلترا واليهود، قبل الحرب العالمية الأولى، ثم انضمت إليها بعض الدول الاستعمارية الكبرى، وصمم المتآمرون على تنفيذ مؤامرتهم دون أن يقيموا وزناً لأي اعتبار من الاعتبارات الإنسانية، أو القيم الأخلاقية أو الحقوق الدولية. وهذه الخطة الغاشمة لم يسجل لها التاريخ نظيراً من قبل، وهي سابقة خطيرة في الاستعمار، يجري تنفيذها للمرة الأولى على هذه الصورة الفظيعة، فإذا نجحت في فلسطين فإنهم سينفذونها في غيرها من الأقطار العربية المجاورة الداخلة في خريطة المطامع اليهودية والاستعمارية.
يريدون فلسطين يهودية كما أن إنجلترا إنجليزية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/1)
فمنذ نحو نصف قرن، زعم إسرائيل زانجويل أحد كبار زعماء اليهود: أن "فلسطين وطن بلا سكان، فيجب أن يعطي لشعب بلا وطن" (أي اليهود). وقال: إن واجب اليهود في المستقبل أن يضيقوا الخناق على عرب فلسطين حتى يضطروهم إلى الخروج منها. وعلى أثر فرض الانتداب البريطاني على فلسطين، أعلن زعماء الصهيونية من يهود العالم مثل سوكولوف، ووايزمن، وجابوتنسكي وإيدر، وكيش، وروتنبرغ وغيرهم – أنهم يريدون أن تصبح فلسطين بأجمعها لليهود و"أن تكون فلسطين يهودية كما أن إنجلترا إنجليزية". وقد كان البريطانيون على تفاهم تام مع اليهود على هذا، وقد أرسلوا في ظروف متعددة إلى فلسطين رسلاً من أنصارهم عرضوا على عرب فلسطين الرحيل عن وطنهم مقابل مبالغ من الأموال يدفعها إليهم اليهود!. وفي عام 1934 اتصل رسل من البريطانيين بي شخصياً وبآخرين من الوطنيين الفلسطينيين وعرضوا أن ينقل عرب فلسطين إلى شرق الأردن على أن يعطوا ضعف مساحة الأراضي التي كانوا يملكونها، وأن يقدم اليهود جميع الأموال المطلوبة لتنفيذ ذلك الاقتراح، وكان طبيعياً أن يرفض العرب هذا العرض السخيف. وما انفك زعماء اليهود يعملون متعاونين مع البريطانيين على إيجاد الظروف الملائمة لإجلاء عرب فلسطين عن بلادهم وتسليمها لليهود، وفي مذكرات الدكتور حايم وايزمن المطبوعة منذ ثلاث سنوات ما يفيد أنه اتفق مع الحكومة البريطانية على تسليم فلسطين لليهود خالية من سكانها العرب!
قرار مؤتمر العمال البريطاني يجعل فلسطين دولة يهودية:
وفي شهر مارس 1943م خطب الزعيم اليهودي بن غوريون في تل أبيب قائلاً: "إن الصهيونية قد انتهت من وضع خطتها النهائية وهي أن تصبح فلسطين دولة يهودية، وإن اليهود لا يستغنون عن أي قسم من فلسطين، حتى قمم الجبال وأعماق البحار". وفي ديسمبر 1944 عقدت اللجنة التنفيذية العامة لحزب العمال البريطاني مؤتمراً كان من أعظم المؤتمرات وأخطرها في تاريخ هذا الحزب، وبعد بحث قضية فلسطين اتخذ المؤتمر قراراً بالإجماع "بتحويل فلسطين إلى دولة يهودية، وإخراج سكانها العرب منها إلى الأقطار المجاورة، وقد اشترك ممثلو الحزب في الحكومة الائتلافية القائمة بالحكم حينذاك (مثل إتلي وبيقن ودالتون وموريسوان وبيقان وجونز) في مؤتمر الحزب ووافقوا على قراره بشأن فلسطين كما اشترك في المؤتمر هارولد لاسكي أحد كبار رجال العمال، وهو يهودي، وكان له أثر كبير في توجيه المؤتمر. ولم تعترض الحكومة البريطانية على ذلك القرار، وهو ما يؤكد اتفاق جميع الأحزاب البريطانية على ذلك المبدأ الأثيم. ورحبت الصحافتان البريطانية والأمريكية بقرار المؤتمر واعتبرتاه خير حل لقضية فلسطين!.
مطامع اليهود في البلاد العربية:
هذا ولم تعد المطامع اليهودية الخطيرة في البلاد العربية المجاورة لفلسطين خافية، فإن زعماء اليهود المسؤولين جاهروا ويجاهرون بأن فلسطين لا تكفيهم، وأنها ليست إلا "مركز وثوب" لتحقيق أهداف الصهيونية كلها، وهي الاستيلاء على بقية فلسطين والأردن وسورية ولبنان والعراق، وسيناء والدلتا من الأراضي المصرية، ومناطق خيبر وبني قريظة وبني النضير وغيرها من الأراضي الحجازية المجاورة للمدينة المنورة بما فيها قسم كبير من المدينة المنورة نفسها! بحجة أنها كانت مواطنهم في القرون الماضية، وقدموا طلباً باستعمارها إلى الملك عبد العزيز آل سعود مقابل عشرين مليون جنيه ذهباً، بواسطة الرئيس روزفلت عندما قابله في فندق الفيوم القائم على بحيرة قارون بمصر عام 1945 وبوسائط أخرى أيضاً، ولكن الملك عبد العزيز – رحمه الله – رفض ذلك بكل شدة وإباء ولا يحاول اليهود إخفاء مطامعهم بل يتحدون الأمة العربية كلها بوقاحة واستخفاف، فهم ينقشون على واجهة مجلس نوابهم العبارة الآتية: "من النيل إلى الفرات". ولا يتسع المجال الآن لتفصيل المطامع اليهودية الخطيرة في الأراضي المصرية ولا سيما في سيناء التي يعتبرونها مقدسة كفلسطين، وفي الدلتا والبحر الأحمر، وسائر البلاد العربية فإن ذلك يحتاج إلى رسالة خاصة. ذكرت لكم مطامع اليهود في صدد الإجابة على سؤالكم للتدليل على أن قضية الصهيونية ليست قضية عادية، بل هي قضية من الخطورة بمكان عظيم جداً، ولا ينحصر شرها بفلسطين بل يعم سائر البلاد العربية، ولا يقتصر ضررها على ناحية الاحتلال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/2)
والاستيلاء فحسب، بل يتجاوزها إلى تهديد الكيان العربي في الشرق الأوسط بأجمعه، في استقلاله وسيادته، وفي مقدساته ومعتقداته وفي سائر مقومات حياته. فهذه المعركة الناشبة بيننا وبين اليهودية العالمية التي يعضدها الاستعمار بكل قواه، هي معركة فاصلة وخطيرة جداً، وعلينا أن نوقن بأنها معركة حياة أو موت، معركة بين عقيدتين متناقضتين لا تستطيع إحداهما أن تعيش إلا على أنقاض الأخرى، وأن خصومنا جادون مصممون على تقويض كياننا وتدمير بنياننا، وطي صفحة تاريخنا، غير آبهين لحق أو عدل أو رحمة، فكيف نجابههم هازلين مترددين خائرين؟ على ضوء هذه الحقيقة الواضحة، الأليمة المريرة يجب علينا أن نعالج قضية فلسطين. وسنرى بعد قليل هل كان صواباً أن تعالج هذه القضية الخطيرة بالحلول الواهية الخادعة التي عرضها الإنجليز على عرب فلسطين فرفضوها بعد درس وتمحيص ولم يكن رفضهم لها اعتباطاً أو تعنتاً!.
الحزبية والخلافات المحلية:
فأما من ناحية الخلافات الحزبية فالواقع أنه لم يكن في فلسطين اختلافات حزبية أو طبقية أو طائفية، بالمعنى المعروف في مختلف الأقطار: فلم يكن لدى الشعب الفلسطيني ما يختلف عليه رجاله وجماعاته، فلا حكومة ولا مجلس نواب ولا سلطة من السلطات الرسمية ولا مراكز حامية ووظائف ممتازة ... فقد كان عرب فلسطين محرومين من كل ذلك. أما الخلاف الذي وقع في بعض الأحيان فقد كان مصدره المستعمرون الذين دفعوا بعض أتباعهم إلى مناوأة الحركة الوطنية وفقاً لمصلحة الاستعمار والصهيونية.
الميثاق القومي لفلسطين:
لقد قامت الحركة الوطنية على أساس ميثاق قومي وضعه عرب فلسطين اشتمل على "استقلال فلسطين ضمن الوحدة العربية، ورفض الانتداب البريطاني والوطن القومي اليهودي،. وقد سار الوطنيون على هذه المبادئ منذ قيام الحركة الوطنية حتى هذه الساعة، ولم يكن الوطنيون المخلصون ليختلفوا على تلك الأسس والأهداف الوطنية. والذي وقع في فلسطين لم يكن اختلافات حزبية أو محلية، بل كان في الحقيقة اختلافا بين الوطنيين وبين خصوم الحركة الوطنية من المستعمرين والصهيونيين وأتباعهم. وقد امتحنت الأقطار العربية التي كانت تقاوم الاستعمار والاحتلال بمثل ما امتحن به عرب فلسطين على أيدي المستعمرين وإن إخواننا المصريين والسوريين والعراقيين واللبنانيين يعرفون كيف أوجد الاستعمار فيما بينهم فئات وجماعات وأحزاباً لمقاومة الحركات الوطنية. بل لعل الفلسطينيين ابتلوا بما لم يصب بمثله إخوانهم العرب من دسائس الاستعمار لتلم الصفوف وصدع الوحدة. فقد بلغ من أمر المستعمرين أن بذلوا جهوداً جبارة لإثارة روح الطائفية والخلاف الديني بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين، لدرجة أن بعض رجال الاستخبارات من المستعمرين أخرجوا من السجون بعض المجرمين وألفوا منهم عصابات زودوها بالسلاح، وخصصوا لها المرتبات والنفقات، وأطلقوها للاعتداء على القرى المسيحية، واغتيال المسيحيين، إثارة لروح الفتنة وللإيقاع بين أبناء الوطن والواحد. ولكن المجاهدين كانوا للخونة بالمرصاد، فقبضوا عليه وعاقبوهم على جرائمهم.
الدعاية ضد الوطنيين:
ولم يكتف المستعمرين واليهود وأتباعهم بما تقدم ذكره من الأعمال، بل قاموا أيضاً ببث دعاية واسعة النطاق ضد رجال الحركة الوطنية، محاولين تشكيك الناس في إخلاصهم وحملهم على الانفضاض من حولهم، وتحميلهم مسئولية ما كان عرب فلسطين يشكونه من ظلم السلطات وبطشها وحرمانها لهم من كافة الحقوق السياسية والمدنية وغيرها. ولما اتسع نطاق الحركة الوطنية الفلسطينية، وكان لها صدى بعيد في سائر الأقطار العربية، ضاعف الخصوم دعايتهم وعملوا على تعميمها في سائر الأقطار العربية، للدس على الفلسطينيين وتشويه سمعة المخلصين العاملين من رجالهم، وركز المستعمرون والصهيونيون وأعوانهم دعايتهم المضللة على الادعاء الباطل بأن الفلسطينيين وزعماءهم اتبعوا سياسة سلبية ورفضوا جميع ما تقدم به الإنجليز من عروض وحلول لقضية فلسطين (ومنها التقسيم) خلال عهد الانتداب، وأمعنوا في التضليل والمخادعة فقالوا: أنه لو قبل المفتي والزعماء الفلسطينيون بتلك الحلول والعروض، لما وصلت الحال إلى ما وصلت إليه، ولما وقعت نكبة فلسطين .. ومن المؤسف أن تلك الدعاية الباطلة وجدت صدى لها عند بعض العرب، بل بعض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/3)
الفلسطينيين أنفسهم، فجعلوا يرددون تلك الدعاية ويعتقدون صحتها، وكان عدم معرفة هؤلاء – بتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية وعدم اطلاعهم على تلك العروض والحلول البريطانية، من العوامل التي جعلتهم يصدقون تلك الأضاليل بحسن نية.
المؤامرة الإنجليزية اليهودية قديمة:
وقبل أن أتحدث عن موضوع (العروض والحلول)، أود أن أنبه مرة أخرى إلى أن ما تم في فلسطين منذ احتلال الإنجليز لها في عامي 1917/ 1918، حتى يومنا هذا كان نتيجة لخطة إنجليزية صهيونية اتفق عليها المستعمرون والصهيونيون، خلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) وقبلها، وعمد الفريقان، ومن ورائهما فيما بعد الأمريكيون، إلى تنفيذها خطة خطوة، وحلقة حلقة، فكل ما كان يدعيه الإنجليز من تقديم عروض وحلول، وما قاموا به من إرسال لجان التحقيق التي أتخمت بها فلسطين، إنما هو خداع ونفاق، وتخدير للأعصاب، وصرف للأنظار عن حقيقة المؤامرة الاستعمارية اليهودية المبيتة ضد فلسطين، التي كانوا مصممين على تنفيذها عن طريق سياسة الوطن القومي اليهودي والانتداب البريطاني الذي فرض على عرب فلسطين فرضاً، ذلك الانتداب الذي نصت المادة الثانية من صكه على أن مهمة الحكومة المنتدبة (أي بريطانيا) في فلسطين هي وضع البلاد في حالات سياسية وإدارية واقتصادية من شأنها أن تسهل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، ثم صار هذا الصك وثيقة دولية على بريطانيا واجبة التنفيذ، بعد ما أقرته عصبة الأمم السابقة، والولايات المتحدة الأمريكية.
الانتداب وصك الانتداب من وضع اليهود:
قررت عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأقرت له صكاً، يفرض على الحكومة البريطانية تنفيذ سياسة إنشاء الوطن القومي اليهودي، وقد أشرنا إليه سابقاً. وفي شهر مايو 1930، اجتمع الوفد الفلسطيني في لندن (وكنت مشتركاً فيه) بالمستر رامزي ما كدونالد رئيس الوزارة البريطانية حينئذ فناقشته في موضوع الانتداب وصكه وتحيزه لليهود ولا سيما المادة الثانية منه، فأجاب ما كدونالد بأن عصبة الأمم هي التي وضعت صك الانتداب. وفي شهر يونيو 1930 سافرت إلى جنيف وقابلت في مقر عصبة الأمم سكرتيرها العام (السير أريك دراموند)، وهو بريطاني، فبحثت معه الموضوع بحضور المرحوم الأمير شكيب أرسلان والسيد احسان الجابري، وذكرت له ما تقوله الحكومة البريطانية من أن صك الانتداب الجائر وضعته عصبة الأمم! فقال: إن العصبة لم تضع مشروع صك الانتداب، بل أن الحكومة البريطانية هي التي وضعته بالتفاهم مع اليهود! وقد تبين أخيراً أن الحكومة البريطانية وضعت صك الانتداب بالاتفاق مع الجمعية الصهيونية وزعماء اليهود. ويقول الدكتور وايزمان في مذكراته: إن اليهودي الأمريكي بنجامين كوهين كان يتولى مع سكرتير اللورد كيرزون (وزير الخارجية البريطانية حينئذ) وضع صك الانتداب والاتفاق على نصوصه!
الثورة الفلسطينية الأولى:
ولما تسلم الإنجليز حكم فلسطين فور احتلالهم لها، كانت باكورة أعمالهم فيها فتح أبوابها للهجرة اليهودية، والسماح لليهود بتملك الأراضي، ومساعدتهم على ذلك، وأدركوا أن العرب غير راضين بالانتداب وتصريح بلفور، وأنهم مصممون على مقاومتهما مهما كلفهم الأمر. وكانت الثورة الأولى الفلسطينية التي وقعت في 4 أبريل 1920 أكبر نذير للإنجليز بمقاومة عرب فلسطين. ولذلك جعل الإنجليز أكبر همهم حمل الفلسطينيين على الاعتراف بالانتداب وتصريح بلفور، وإكراههم على العدول عن المطالبة بإنشاء حكومة وطنية مستقلة. وقد لجأت الحكومة البريطانية – لأجل تخدير العرب، وانتزاع موافقتهم على الانتداب ولتصريح بلفور – إلى عدة أساليب استعمارية خادعة نبينها فيما يلي:
العروض والحلول أسطورة وخداع:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/4)
أولاً – أصدرت الحكومة البريطانية في 22 يونيو 1932 كتاباً أبيض اشتمل على (دستور) لفلسطين، وعلى السياسة العامة التي تعتزم الحكومة البريطانية اتباعها، وقد بنتها على أساس الانتداب وتصريح بلفور. ونص ذلك الكتاب على تشكيل مجلس تشريعي لفلسطين من 22 عضواً، منهم 10 من الموظفين الإنجليز يعينهم المندوب السامي، و8 من المسلمين و2 من المسيحيين و2 من اليهود ينتخبهم الأهلون على أن يكون المندوب السامي رئيس للمجلس، وله حق النقض (الفيتو) وأن لا يكون للمجلس الحق في التعرض لمبدأ الانتداب أو الوطن القومي اليهودي والهجرة اليهودية إلى فلسطين أو شؤون فلسطين المالية! واجتمع المؤتمر الفلسطيني الخامس في أغسطس 1922 في نابلس واشترك فيه ممثلو الشعب الفلسطيني، وبعد بحث دقيق للأوضاع السياسية ودراسة عميقة للكتاب الأبيض، قرر المؤتمر بالإجماع عدم التعاون مع الحكومة البريطانية، على أساس الكتاب الأبيض المذكور والدستور الجديد، ورفض مشروع المجلس التشريعي.
وكان من الأسباب الرئيسية التي حملت المؤتمر على اتخاذ ذلك القرار ما يلي:
أ- أن عرب فلسطين كانوا يطالبون باستقلال بلادهم كسائر الأقطار العربية، لأن الاستقلال حق لكل شعب، وقد اعترفت بذلك الحق مبادئ الرئيس ولسون والمادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، والعهود المعروفة التي قطعها الإنجليز والحلفاء سنة 1916 للبلاد العربية، ومنها فلسطين، بالاستقلال الكامل وليس في المشروع المعروض شيء من الاستقلال. ب- أن الدستور ومشروع المجلس بنيا على أساس الانتداب وتصريح بلفور، فقبولهما يعني القبول بالانتداب وإنشاء الوطن اليهودي والاعتراف بهما. ج- ليس للمجلس التشريعي سلطات واسعة، ولا يجوز له بحث مسألة الهجرة اليهودية والانتداب. د- أن ذلك المجلس لا يمثل البلاد تمثيلاً صحيحاً، حيث يعطي العرب (وكانوا يؤلفون 91% من مجموع السكان) عشرة أعضاء من أثنين وعشرين، بينما يعطي الإنجليز وحدهم 10 عدا الأعضاء اليهود. هـ- أن المشروع أعطى المندوب السامي البريطاني حق (الفيتو) على جميع مقرراته. وعلى الرغم من قرار العرب الاجماعي دعت حكومة الانتداب إلى إجراء انتخابات للمجلس في فبراير سنة 1923 فقاطعها العرب مقاطعة تامة. ثانياً: ثم قدمت الحكومة البريطانية (عرضاً) آخر، في مارس 1923 وهو تعيين مجلس استشاري من 10 أعضاء بريطانيين و8 من المسلمين و2 من المسيحيين و2 من اليهود. ورفض العرب هذا المشروع الهزيل الجديد، ورفض الأعضاء المسلمون والمسيحيون الذين عينتهم الحكومة البريطانية قبول ذلك التعيين. ثالثاً: وفي 13 أكتوبر 1923 عرض المندوب السامي السير هربرت صمويل على العرب تأليف وكالة عربية فرفض العرب هذا العرض أيضاً لأن قبوله ينطوي على اعترافهم بالانتداب وتصريح بلفور، ولأنها ليس لها من السلطة ما يحقق مطالب العرب الاستقلالية. هذه هي (العروض) أو الحلول التي عرضها الإنجليز على عرب فلسطين ورفضوها. أما وقد بينا حقيقة تلك العروض، فهل كان يجوز لأي عربي أن يقبل بها ويرضى بالتعاون على أساسها؟ وفي دورتين لعصبة الأمم (1924 – 1925) نوقشت الحكومة البريطانية بشأن عدم تأسيس مجلس تشريعي في فلسطين، فأجاب بمثلها بصراحة وجلا – بأنه "لا يمكن إنشاء مجلس تشريعي في فلسطين يكون العرب فيه ممثلين حسب عددهم، لأن ذلك يحول بين الحكومة المنتدبة وتنفيذ الواجبات المتعلقة بإنشاء الوطن القومي اليهودي. ومما هو جدير بالذكر أن الذي وضع ذلك الكتاب الأبيض لعام 1922 والسياسة التي انطوى عليها ومشاريع المجلس التشريعي والمجلس الاستشاري والوكالة العربية كان ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطانية حينئذ. وتشرشل هذا يعرفه العالم العربي حق المعرفة، وقد أعلن مراراً أنه يعتبر نفسه صهيونية أصيلاً، وأنه يصلي بحرارة لأجل تحقيق أماني الصهيونية العظيمة. وقد ساعده في خططه المندوب السامي البريطاني على فلسطين، السير هربرت صمويل، وهو يهودي. وفي الوقت نفسه كان يشغل وظيفة السكرتير القضائي في حكومة الانتداب (وفي بدء سلطة التشريع وسن القوانين) يهودي آخر هو المستر نورمان بنتويش. وهكذا كان ذلك الكتاب الأبيض، ومشاريع المجلس التشريعي والمجلس الاستشاري، من أخبث ما أنتجه الاستعمار والصهيونية، فقد أصدره مثلث صهيوني رأسه تشرشل وقاعدته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/5)
هربرت صمويل ونورمان بنتويش. وقد ذكر الدكتور وايزمان في مذكراته ما نصه: "إن هربرت صوئيل، المندوب السامي (اليهودي) البريطاني على فلسطين، هو الذي وضع مشروع الكتاب الأبيض لعام 1922، وأن الحكومة البريطانية عرضته على اللجنة الصهيونية قبل إصداره للاطلاع عليه وإبداء وجهات النظر التي يراها اليهود، وقد وافق عليه زعماء اليهود.
تقسيم الوطن لا تقبله أمة حية شريفة الإيجابية السمحة التي سار عليها بعض الدول العربية
لم ترد الإنجليز إلا عناداً، واليهود إلا صلفاً وعتوا
السؤال الثالث:
يقول بعض الناس: إن رفض التقسيم، والكتاب الأبيض، والتزام السلبية، من الأسباب التي أوصلت فلسطين إلى حالتها الحاضرة، فما تقولون في ذلك؟
الجواب:
إن لنا أن نتساءل، ونحن في صدد بحث مشروعات الحلول المعروضة لقضية فلسطين: أن لو قبل بها العرب، على قلة جدواها ومخالفتها للميثاق القومي والمبادئ الوطنية السامية، فهل هناك ما يضمن أن الإنجليز سينفذونها ويعملون بها، بعد أن يكونوا قد انتزعوا من العرب اعترافاً بالانتداب والوطن القومي اليهودي؟ إن لدينا أدلة كثيرة أيدتها تجارب مريرة على أن السياسة البريطانية تفتقر دائماً إلى حسن النية، وعلى أن بريطانيا مصممة كل التصميم على تنفيذ مؤامرتها المبيتة مع اليهود في فلسطين.
لجان التحقيق البريطانية:
فقد شكلت الحكومة البريطانية في كثير من المناسبات، نيفاً وعشرين لجنة من "لجان التحقيق البريطانية" لدرس مشكلة فلسطين وتقديم التواصي لمعالجتها على أساس بحث شكاوي الأهلين وتجنب قيام اضطرابات جديدة وكان من أهم تلك اللجان لجنة السر ولترشو البرلمانية، ولجنة السر جون هوب سمبسون، ولجنة لويس فرنش. وقد اعترفت جميع تلك اللجان بصحة شكاوي العرب وحرمانهم من حقوقهم، وأوصت الحكومة البريطانية باتخاذ بعض الوسائل لمعالجة شكاياتهم، ولكن هذه الحكومة لم تنفذ أية توصية من التواصي التي جاءت في صالح العرب. وهكذا استبان العرب أن القصد من تشكيل تلك اللجان إنما كان المراوغة والتخدير.
الكتاب الأبيض لعام 1930م:
وعلى أثر اندلاع ثورة 1929 ووضوح ظلامة عرب فلسطين للعالم أجمع، وصدور تقرير (لجنة شو)، أصدرت الحكومة البريطانية في أكتوبر 1930 كتاباً أبيض عرف باسم "كتاب اسفيلد، وهو وزير المستعمرات حينئذ، وكان هذا الكتاب قائماً على أساس تقرير لجنة "شو" الذي نص على وقف الهجرة اليهودية وتقييد بيع الأراضي لليهود. فلما صدر أقبل عليه العرب ولم يرفضوه وضج اليهود باستنكاره، فقررت الحكومة البريطانية إرسال لجنة خاصة لدرس شؤون الأراضي برئاسة السر جون هوب سمبسون، وكنت مع الوفد الفلسطيني الذي كان في لندن حينئذ، فقلت لمستر ما كدونالد رئيس الوزارة: "لقد دلت التجارب على أن كل تقرير يكون في صالحنا ولا يريده اليهود لا ينفذ، وأن كان التقرير في صالح اليهود نفذ فوراً، وإنا لنخشى أن يكون مصير هذا التقرير كذلك، والدليل على هذا إزماعكم إرسال لجنة سمبسون ولما يجف مداد تقرير لجنة شو، ونخشى أن يؤثر اليهود على أعضائها. فقال ما كدونالد: "إن هذه اللجنة هي لجنة فنية لبحث شؤون الأراضي ومقدار استيعابها. واد مازحاً: لا يستطيع اليهود أن يؤثروا على السر سمبسون مطلقاً، فهو اسكتلندي أصيل مثلي .. ". وبعد عودة هذه اللجنة الفنية صدر كتاب باسفيلد الأبيض المذكور آنفاً، فلم يقف العرب حياله سلبيين رغم أنه لم يحقق آمالهم وكانوا إيجابيين، ولكن اليهود هم الذين كانوا سلبيين، فاستنكروه ورفضوه وأثاروا حوله الضجة، فنقض الإنجليز غزلهم، وسحبوا الكتاب الأبيض المذكور، وبنتيجة ذلك استقال اللورد باسفيلد الذي تبنى ذلك المشروع.
1935المجلس التشريعي لعام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/6)
وفي عام 1935 فوضت الحكومة البريطانية المندوب السامي السر أرثروا كهوب فعرض في 21 ديسمبر مشروعاً جديداً لتشكيل مجلس تشريعي مؤلف من 28 عضواً نصفهم من العرب والنصف الآخر من اليهود والإنجليز، وأعلن المندوب السامي أن الحكومة مصممة على تشكيل المجلس رغم كل معارضة، ولو اضطرت إلى تعيين الأعضاء عن الفريق الذي يرفض الاشتراك فيه. ورغم هزال المشروع أبدى العرب استعدادهم لبحثه، ولكن اليهود رفضوه معلنين أنهم لا يقبلون الاشتراك في أي مجلس تشريعي لا يكون لهم فيه نصف الأعضاء على الأقل. ولما جرى بحث المشروع في البرلمان البريطاني قرر مجلس اللوردات ومجلس العموم رفضه، فطوته الحكومة البريطانية، ولو رغبت فيه لما عجزت عن الحصول على موافقة البرلمان عليه.
لجنة بيل توصي بتقسيم فلسطين:
ولما وقع إضراب فلسطين العظيم عام 1936 الذي صحبته ثورة فلسطين الكبرى ودام ستة أشهر كاملة ولم ينته إلا بتدخل ملوك العرب وأمرائهم، أوفدت الحكومة البريطانية لجنة التحقيق الملكية (لجنة اللورد بيل) إلى فلسطين، وأوصت في تقريرها بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود والإنجليز، وكان طبيعياً أن يرفض العرب تقسيم بلادهم.
مؤتمر مائدة مستديرة في لندن:
فاستأنفت الثورة واشتدت، واتسع نطاقها اتساعاً خطيراً جداً اضطر السلطات البريطانية للعدول عن التقسيم في عام 1938، ورأت بريطانيا لمعالجة الموقف أن تدعو كلا من حكومات مصر والمملكة العربية السعودية واليمن والعراق وشرق الأردن واللجنة العربية العليا بصفتها الممثلة لعرب فلسطين، إلى مؤتمر مائدة مستديرة في لندن، ولكن المؤتمر فشل في الوصول إلى حل لقضية فلسطين، لتعنت الاستعمار واليهود، وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية.
الكتاب الأبيض لسنة 1939:
وفيما بعد أصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن سياستها الجديدة في فلسطين اعترفت فيه بمبدأ تأسيس دولة فلسطينية مستقلة خلال عشر سنين، وتشكيل مجلس تشريعي، ولكنها علقت ذلك على ملاءمة الظروف وقبول كل من العرب واليهود به، وقد حددت الهجرة اليهودية فيه، ومنع بيع الأراضي لليهود في بعض مناطق فلسطين. ففي بادئ الأمر قابلت الدول العربية هذا الكتاب الأبيض بتحفظ وتجهم لما فيه من تناقض، إلا أنها قبلته في النتيجة كما قبلته الأكثرية الكبرى من أعضاء اللجنة العربية العليا لفلسطين، وأخيراً قبلته أيضاً جامعة الدول العربية وطالبت – في اجتماعها عام 1945 – الحكومة البريطانية بتنفيذه، وبذلك لم يكن العرب سلبيين. ولكن اليهود رفضوه وأصروا على رفضه، فلم تنفذه بريطانيا، رغم أنها تعهدت حين أصدرته عام 1939 بشرفها وشرف الإمبراطورية بأن تنفذه سواء أرضى به العرب واليهود أم لم يرضوا.
السلبية والإيجابية:
هذا وليست السلبية أو الإيجابية مبدأ أو عقيدة. والمرء لا يجنح لإحداهما إلا لأسباب يتعلق بها صالحه أو يكون فيها ضرره، فإذا رأى المرء صالحه في أمر أقبل عليه بلا تردد وكان إيجابياً وإذا أوجس من أمر خيفة أو حمل على ضيم، ابتعد عنه ونفر وكان سلبياً، وكل ذلك بسائق الفطرة. وقديماً قال أحد حكماء العرب: يعجبني من المرء إذا سيم خطة الضيم أن يقول "لا" بملء فيه. وما يصح في الأفراد في هذا الشأن يصح في الأمم. ولم يكن أهل فلسطين سلبيين بادئ الأمر، فقد طالبوا الإنجليز – بالحسنى – بحقوقهم، وشكوا إليهم الظلم الذي أوقعوه فيهم، ثم بعثوا بوفودهم العديدة إلا لندن، وأنشأوا فيها مكاتب للدعاية، والتمسوا من الدول العربية والإسلامية المتصلة بإنجلترا أن تتوسط لديها لتعاملهم بالحق والعدل، فلم يجدهم ذلك نفعاً، ولم يزد الإنجليز إلا صلفاً وغروراً، واندفاعاً في سياسة البغي والعدوان، لتهويد بلادهم ونقض بنيانهم وتقويض كيانهم. فلما أيقن العرب بسوء نية الإنجليز وتآمرهم واليهود عليهم، وذلك بعد تجارب كثيرة لم تدع مجالاً للثقة والطمأنينة، كان من الطبيعي أن يحذروا دسائسهم ويعملوا على اتقاء مكايدهم. فلما عرض عليهم مشروع المجلس التشريعي الذي طبخه المثلث الصهيوني المؤلف من تشرشل وصموئيل وبنتويتش، تلقوه بحذر، وفحصوه، فلما وجدوه طعاماً قد دس فيه السم بالدسم عافوه وكذلك المجلس الاستشاري الذي لا يضمن لهم إلا الاستشارة (كما هو ظاهر من اسمه) التي قد يطلبها منهم المندوب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/7)
السامي البريطاني متى رغب فيها، وهو غير ملزم أن يعمل بها. وكذلك مشروع "الوكالة العربية ". فهل إذا رفض عرب فلسطين مثل هذه العروض الواهية التافهة يسمون "سلبيين"؟
تقسيم الوطن لا تقبله أمة حية:
أما التقسيم – وهو التمزيق لجسم الوطن – فأية أمة من أمم الأرض قبلته حتى يقبله شعب فلسطين؟ فهذه مصر العزيزة المجاهدة لم تقبل ولن تقبل بقاء جنود الاحتلال الإنجليز في القناة، ولا بفصل السودان كما يشتهي الإنجليز، ولا تزال قصيدة شاعر مصر الأكبر شوقي رحمه الله عن السودان تدوي في الآذان: فلن نرتضي أن تقد القناة ويبتر من مصر سودانها. وهؤلاء إخواننا السودانيين لم يقبلوا بتقسيم السودان إلى شمالي وجنوبي، وهذه سورية لم تقبل بفصل لواء الأسكندرونة الذي ضمته تركيا إليها بالقوة في زمن الانتداب الفرنسي على سورية، وما زالت سورية تطالب باسترجاعه. وهذه اليمن لم تعترف مطلقاً بفصل الإمارات المحمية عنها وتستنكر في كل مناسبة فرض بريطانيا سلطانها عليها، رغم قذائف طائراتها التي تنهال حيناً بعد حين على أهل اليمن إرهاباً لهم وتهديداً. وهذه أيرلندة الحرة لم تعترف أبداً بتقسيم بلادها، وما زال الايرلنديون يقضون مضاجع الإنجليز في كل مناسبة لاستعادة هذا القسم الشمالي المغصوب من جزيرتهم. وهذه أسبانيا تطالب في كل حين باسترداد جبل طارق الذي فصلته إنجلترا عنها عام 1704 رغم مضي 250 عاماً على ذلك. وهذه إندونيسيا المجاهدة لم تقبل باغتصاب الهولنديين لقسم من جزيرة غينيا الجديدة، وما زالت تتوسل بكل ما لديها من وسائل لإرجاعه إلى حظيرة الوطن الإندونيسي. وهذه مشكلة كوريا وتقسيمها إلى شمالية وجنوبية أثارت هذه الحرب الطاحنة. ولو أردت أن أعدد لكم كثيراً من هذه الأمثال التي تناضل فيها الأمم عن كيانها ووحدة أوطانها لضاق المجال. وإني لأذكر برقية أرسلتها باسم اللجنة العربية العليا لفلسطين إلى رؤساء وفود الدول المجتمعة في عصبة الأمم بجنيف في سبتمبر 1937 – وكان مستر ديفاليرا رئيس وزراء ايرلندا بينهم – باستنكار قرار الحكومة البريطانية بتقسيم فلسطين وفقاً لتقرير لجنة اللورد بيل، فتلقيت منه جواباً برقياً يقول فيه: إن التقسيم أفظع الوسائل وأشنع الأسلحة التي يمزق بها الاستعمار قلوب الشعوب المظلومة.
الدول العربية نرفض التقسيم:
ولقد رفض أهل فلسطين التقسيم الذي قررته الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947، كما رفضته الدول العربية جميعها، وأصدرت بياناً إجماعياً باستنكاره في 17 ديسمبر 1947م جاء فيه: "لقد تنكرت الأمم المتحدة مع الأسف الشديد لذات المبادئ التي تضمنها ميثاقها، فأوصت بتقسيم فلسطين، وهي بذلك قد أهدرت حق كل شعب في تقرير مصيره، وأخلت بمبادئ الحق والعدل جميعاً .. وقد قررت رؤساء وممثلو الدول العربية في اجتماعهم بالقاهرة أن التقسيم باطل من أساسه، وقرروا كذلك – عملاً بإرادة شعوبهم – أن يتخذوا من التدابير الحاسمة ما يكفل – بعون الله – إحباط مشروع التقسيم الظالم ... ". فلماذا يلام عرب فلسطين لرفضهم التقسيم، وهذه الدول العربية كلها رفضته بالنسبة لفلسطين، ورفضته بالنسبة لبلاده أيضاً، وكذلك سائر الدول والشعوب التي كانت عرضة لكارثة التقسيم؟ أردت بسرد هذه الوقائع أن أبرهن لكم على أن عرب فلسطين لم يكونوا سلبيين، ولم يتخذوا السلبية ديدناً لهم في كل المواقف. ولكن بريطانيا كانت دائماً ضالعة مع اليهود، ومتآمرة معهم تعمل لصالحهم وصالحها المشترك، دون أن تبالي بسلبية أو إيجابية، ولكنها تستغل كل ظرف لبث الدعاية وفق أهوائها ومقاصدها الاستعمارية عاملة على قلب الحقائق وتضليل الأفهام بقوة جبروتها وبراعة دوائر إستخباراتها، وبما تسخر لدعايتها من أتباع وأعوان وأبواق تغدق عليهم المال بغير حساب. لقد كان المستعمرون يطلبون من الفلسطينيين الرضوخ لخطتهم الاستعمارية الصهيونية والتعاون معهم على أساسها، ويسمون ذلك "إيجابية"، فلما رفض الوطنيون الإذعان لرغباتهم ورغبات الصهيونيين وأبوا التعاون معهم على ذلك الأساس، وصفوا أعمالهم "بالسلبية". لقد رأينا بعض العناصر العربية الرسمية يجنح للإيجابية مع الجانب البريطاني، وبعضها يتجاوز ذلك إلى حد التساهل مع الجانب الصهيوني على حساب الوطن العربي، على أمل أن يرضى ذلك البريطانيين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/8)
فيستجيبوا لبعض مطالب العرب، أو على أمل أن يرضى ذلك الصهيونيين فيخففوا من غلوائهم ويقنعوا بغنيمتهم الباردة وبما اقتطعوه من فلسطين، بموجب معاهدة رودس، بل بما انتزعوه بعد هذه المعاهدة من السلطات الأردنية التي منحتهم وسلت إليهم من أراضي فلسطين نحو خمس وعشرين قرية عربية برمتها تبلغ مساحتها أكثر من نصف مليون دونم (525.000) من أراضي المثلث العربي (نابلس، جنين، طولكرم) وكلها مغروسة بأشجار الزيتون والبرتقال، وبمليون دونم فوق ذلك في المنطقة الجنوبية من فلسطين فيما بين الخليل والبحر الميت، عدا التنازل الذي تم لهم عن خط سكة الحديد بين حيفا والقدس، وعن طريق السيارات المجاور له أيضاً. ولكن هذه الإيجابية السمحة، والكرم الحاتمي، والتساهل الذي بلغ أقصى حد، لم يفد شيئاً في إشباع نهم اليهود وجشعهم لابتلاع الوطن العربي، ولم يعقهم بعد أيام قلائل من تاريخ التسليم لهم بتلك المساحات الشاسعة، عن الوثوب على شرق الأردن نفسها وعبور النهر إلى ضفته الشرقية، والاستيلاء على المنطقة المحيطة بمشروع كهرباء روتنبرع بقوات عسكرية مسلحة ما تزال مرابطة فيها، كما أن هذه الإيجابية لم تردع اليهود عن نقض الهدنة ومهاجمة البلاد كلها يوم وانتقاصها من أطرافها، والاعتداء عليها اعتداء منكراً وترويع أهلها، وما حادث مذبحة "قبية" وتدميرها عنا ببعيد. وهناك عبرة أخرى، وهي أن بعض الفلسطينيين الذي خدعهم دعاية الأعداء وأغرتهم بالإيجابية ونفرتهم من السلبية، وكذلك بعض المسؤولين في الدول العربية، قد طالبوا منذ بضع سنين بتنفيذ مقررات الأمم المتحدة بشأن فلسطين بما فيها من خير وشر، ومنها التقسيم، وما زالوا يلحون في الطلب. فهل استجابت لهم الأمم المتحدة في تنفيذ مقرراتها نفسها!؟ أن منظمة الأمم المتحدة تسيطر عليها الدول الاستعمارية الكبرى الضالعة مع اليهود الذين كانوا ولا يزالون سلبيين في كل ما لا يوافق أهواءهم، وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار. والحقيقة التي ينبغي لنا أن نوقن بها، هي أنه لا قيمة للسلبية ولا للإيجابية، ولا وزن إلا للقوة، فلنكن أقوياء: في أنفسنا، وتنظيمنا، ووسائلنا، وأقوياء في جميع مقومات حياتنا. وإذا كانت الأمة العربية خسرت هذه المعركة مع الاستعمار واليهود، فلم يكن سبب الفشل السلبية ولا الخطأ في الخطة والتقدير ولكن السبب الرئيسي هو الفرق الواسع والبون الشاسع بينها وبين خصومها في الجد والتصميم، والاستعداد والتنظيم.
سعي الإنجليز واليهود لتحويل فلسطين العربية إلى دولة يهودية
كيف شكلت بريطانيا الفيلق اليهودي؟
الهيئة العربية العليا عارضت في خروج العرب من فلسطين
السؤال الرابع:
أ- يتحدث الناس عن مشكلة اللاجئين، ولماذا خرجوا من بلادهم. فما هي الأسباب الأساسية لخروج الفلسطينيين من وطنهم، وهل للإنجليز واليهود، وخاصة الأعمال الإرهابية اليهودية علاقة بذلك؟ ب- ويقول بعض الناس بأن سماحتكم والهيئة العربية العليا طلبتم من أهل فلسطين الخروج من البلاد على أثر صدور قرار التقسيم في 29 نوفمبر 1947 وقيام الاضطرابات في فلسطين. فماذا تقولون في ذلك؟
الجواب:
المؤامرة الاستعمارية اليهودية على العرب:
ترجع الأسباب الحقيقية لخروج أهل فلسطين من بلادهم إلى المؤامرة الاستعمارية اليهودية المبيتة ضدهم، وقد سبقت الإشارة إلى بعض البراهين القاطعة على هذه المؤامرة. وقبل أن أسرد هذه الأسباب، أرى أن أعرض بالذكر لبعض مقدمات هذه المسألة: لقد كان هدف الإنجليز واليهود منذ البداية العمل على تحويل فلسطين العربية إلى دولة يهودية، ولم يكن تصريح بلفور وعبارة "الوطن القومي اليهودي" إلا تمهيداً لهذه الغاية، وتمويهاً على الرأي العام العربي والإسلامي، حتى يتم للسلبية البريطانية تحقيق الوسائل المقررة وفق الخطة المرسومة. وكان في مقدمة هذه الوسائل فتح أبواب فلسطين على مصاريعها لهجرة يهودية واسعة النطاق، إلى أن يكاثر اليهود العرب، ومن ثم يأخذون بالضغط عليهم لإخراجهم من البلاد. كما ظهر من أقوال القاضي "برانديز" الزعيم اليهودي الأمريكي الذي كان مستشاراً للرئيس ولسون في الشؤون اليهودية. فقد أعلن هذا في عام 1916م "أن القصد من طلب اليهود تسهيل الهجرة إلى فلسطين أن يصبح اليهود أكثرية السكان فيها، وأن يرحل العرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/9)
عنها إلى الصحراء". وكذلك كتب الكاتب اليهودي "بن آفي" تعليقاً على الشهادات التي قدمت أمام لجنة التحقيق المؤلفة في عام 1931م برئاسة السر توماس هيكرافت: "إن على اليهود أ يطهروا وطنهم (فلسطين) من الغاصبين، وأن أمام المسلمين الصحراء والحجاز، وأمام المسيحيين لبنان، فليرحلوا إلى تلك الأقطار. وفي أكتوبر 1930م نشرت صحيفة المانشستر غارديان البريطانية المعروفة بصبغتها الصهيونية، بياناً وقعه عدد من أقطاب الإنجليز ورجال الكومنولث البريطاني ومن بينهم لويد جورج، وستانلي بولدوين، وأوستن تشامبرلن، وليوبولدايمري، وونستون تشرشل وهيو دالتون، وهارولد لاسكي، والمرشال سمطس، وآرثر غرينوود، واللورد سنل وغيرهم وقالوا فيه أنه كان واضحاً ومفهوماً لدى الحكومة البريطانية عند إصدارها لتصريح بلفور عام 1917م أن يصبح اليهود أكثرية ساحقة في فلسطين .... ". ولما وقعت الحرب العالمية الثانية سنحت الفرصة لليهود لتقوية أنفسهم وتعزيز أسلحتهم ولمضاعفة قواتهم العسكرية وإنشاء جيش يهودي بمساعدة السلطات البريطانية التي عينت واستخدمت خلال تلك الحرب عدداً كبيراً من اليهود في ورش الجيش البريطاني وثكناته ومستودعاته وفي الوظائف الرئيسية والفنية، وجندت ألوفاً من شبان اليهود في سلك الجيش فدربتهم وسلحتهم وأشركتهم في العمليات الحربية، واعتمدت بعض المصانع اليهودية لإنتاج الذخائر والمتفجرات وما إلى ذلك من اللوازم العسكرية. وبلغ عدد الذين دربهم الإنجليز وجندوهم في الجيش البريطاني حسب ما ورد في التقويم السنوي اليهودي (هاشانا) (لعام 43 - 1944) 33 ألفاً وهذا الرقم لا يشمل عدد المجندين منهم في البوليس والدفاع السلبي والهاجانا وغيرها. واستطاع اليهود بمساعدة الإنجليز نقل كميات هائلة من السلاح إلى فلسطين وزعوها على مستعمراتهم ومنظماتهم العسكرية.
تشرشل يؤلف الفيلق اليهودي:
وفي عام 1943 طالب اليهود الحكومة البريطانية بتأليف "فيلق يهودي" وإلحاقه كوحدة مستقلة بالجيش البريطاني، وساعدهم تشرشل مساعدة فعالة على تحقيق هذا الطلب، ولما اعترض المرشال ويفل – قائد القوات البريطانية في مصر والشرق الأوسط – على هذا الطلب خوفاً من إثارة العرب، تحداه تشرشل وسمح بتأليف الفيلق وجعلته القيادة البريطانية قسماً من الجيش البريطاني في حملته على إيطاليا عام 1944م، وبعد انتهاء الحرب عاد أفراد ذلك الفيلق إلى فلسطين ومع أكثرهم أسلحتهم الخفيفة. وفي ذلك يقول تشرشل في مذكراته التي نشرها عن الحرب العالمية الثانية ما نصه: ولقد نصحني ويفل بعدم تشكيل ذلك الفيلق اليهودي خوفاً من إثارة شعور العرب. ولكني تحديت ويفل، وكتبت إلى الدكتور وايزمن بالسماح بتشكيل الفيلق، ولم يتحرك كلب عربي واحد بالاحتجاج على ذلك. وقد تم لليهود تنظيم قواتهم وتسليحها قبل أن تضع الحرب أوزارها، فأرادوا اغتنام الفرصة وأن لا تنتهي الحرب إلا وقد تحولت فلسطين إلى بلاد يهودية، مدفوعين إلى ذلك بالاعتبارات الآتية: 1 - خشيتهم من قيام حركة عربية واسعة النطاق بعد الحرب تضطر بريطانيا وأمريكا إلى عدم تشكيل الدولة اليهودية في فلسطين. 2 - رغبتهم في قيام الدولة اليهودية قبل أن يزول أثر عطف العالم الغربي عليهم، وهو ما استطاعوا الحصول عليه بدعايتهم الواسعة ضد ألمانيا النازية واضطهادها لليهود. 3 - خشيتهم من أن يقوم من البريطانيين من يعارض في تحويل فلسطين إلى دولة يهودية، لاعتبارات تتعلق بمصلحة الإمبراطورية. ثم شرع اليهود بحملة إرهابية منظمة لاستعجال السلطات البريطانية بالتسليم لهم بفلسطين، وشكلوا عصابات إرهابية أشهرها (1) عصابة أرغون زفاي ليومي (2) عصابة شترن، فقامت بأعمال إرهابية عديدة واستمر الإرهاب اليهودي إلى ما بعد انتهاء الحرب، وتجاوز الإنجليز إلى العرب لإرهابهم وترويعهم وحملهم على ترك ممتلكاتهم والنزوح عن فلسطين، ومع أن الإنجليز لم يشكلوا الدولة اليهودية في فلسطين خلال الحرب، لاعتبارات سياسية وعسكرية، إلا أنهم سارعوا إلى تشكيلها بعد انتهائها متوسلين إلى ذلك بوسائل سياسية وغيرها، إلى أن قدموا قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة التي قررت في 29 نوفمبر 1947 تقسيم فلسطين باتفاق بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وتبع صدور قرار التقسيم قيام اضطرابات وتطورات خطيرة في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/10)
فلسطين، وحدثت المحاولات المعروفة لإبعاد عرب فلسطين عن تولي زمام قضيتهم من الوجهتين السياسية والعسكرية، وحرمان مجاهديهم من المال والسلاح، وقد وجد اليهود والإنجليز والأمريكيون أن ظروف عام 1948 مواتية لتنفيذ خطتهم المبيتة لإخراج عرب فلسطين منها، وتحويلها إلى دولة يهودية، ولم تعد ثمة ضرورة لانتظار الوقت الذي يصبح فيه اليهود أكثرية في فلسطين، وتوسلوا إلى ذلك بوسائل متعددة بنيت على ثلاث قواعد رئيسية هي: (1) الضغط السياسي (2) الدعاية والإرجاف، (3) الإرهاب.
الضغط السياسي:
عرضت سابقاً، بوجه عام، الضغط الشديد الذي قام به المستعمرون على بعض المسئولين العرب لانتزاع زمام قضية فلسطين من أيدي أهلها، مما أدى إلى تبديل الخطة الأساسية الموضوعة من قبل مجلس جامعة الدول العربية في عاليه (أكتوبر 1947) للدفاع عن فلسطين، وما تلا ذلك من عدم تقديم المساعدات الضرورية لعرب فلسطين، مما أدى إلى إضعافهم، وعرقلة جهودهم، ومنع مجاهديهم من الاستمرار في جهادهم العظيم الذي كاد يقضي على قرار التقسيم في مارس 1948.
الدعاية والإرجاف:
ضاعف المستعمرون واليهود دعايتهم المضللة ضد الفلسطينيين ورجال الحركة الوطنية في داخل فلسطين وخارجها، ولا سيما في الأقطار العربية، فقد أنشأ قلم المخابرات البريطانية – بالتعاون مع اليهود – عدة مراكز دعاية ضد الفلسطينيين لتشويه سمعتهم وتشكيك الشعوب العربية في إخلاصهم وجهادهم فتكف عن مد يد المساعدة إليهم، ولإقناع العرب بأن إنقاذ فلسطين لن يتم إلا عن طريق إدخال الجيوش النظامية إليها. ومما هو جدير بالذكر أن الإنجليز أنشأوا، من جملة ما أنشأوه من مراكز الاستخبارات والدعاية في الأقطار العربية، مركزاً للدعاية في القاهرة في شارع قصر النيل، ووضعوا على رأسه رجلاً بريطانياً انتحل الإسلام واتخذ له أسماً إسلامياً، وملأوه بالموظفين والعملاء والجواسيس الذين بثوهم في مختلف المدن والأوساط المصرية. وكان من مهام هذا المركز بث الدعاية المعروفة بدعاية الهمس Whispring بالإضافة إلى نواحي الدعاية الأخرى. أما في داخل فلسطين فقد بذلوا جهوداً واسعة لتثبيت الهمم وإضعاف النفوس وإدخال روح الوهن والهزيمة بين المجاهدين، والكيد للرجال العاملين، ومحاولة إقناع الفلسطينيين بقلة جدوى المقاومة وضرورة الإقلاع عن سياسة التطرف، والدعوة إلى التعاون مع الإنجليز، وقد ركزوا الدعاية وتشويه السمعة على صفوة الوطنيين والمجاهدين الذين عرفوا بصلابتهم وشدة إخلاصهم ولا سيما على الهيئة العربية العليا ورئيسها حيث اختلقوا أنواع الأكاذيب والمفتريات والأراجيف. لما شرع أهل المدن الكبرى – كالقدس ويافا وحيفا وعكا – بالعمل على تحصين مدنهم وتسليح أنفسهم، تدخل الإنجليز للحيلولة دون ذلك بإقناع الأهلين بأن بريطانيا لن تسمح لليهود باحتلال المدن الكبرى، ولا سيما المدن والقرى العربية التي خصصت للعرب بموجب قرار التقسيم. وإني لأذكر بهذه المناسبة أني ألححت بمطالبة المختصين بجامعة الدول العربية في ديسمبر 1947 بضرورة تحصين المدن الرئيسية، وتسليح المجاهدين للدفاع عنها تسليحاً وافياً. فأجابني أحد المسئولين بقوله: لا ضرورة لتسليح يافا البتة، لأن قرار التقسيم جعل يافا في المنطقة العربية، فلا خوف عليها مطلقاً من اعتداء اليهود. أما حيفا فإن الإنجليز لن يسمحوا لليهود باحتلالها أبداً. لأنهم يريدون أن يجعلوا منها مرفأ حراً، وإن لدينا من التأكيدات ما يجعلنا نطمئن إلى ذلك!!
الإرهاب اليهودي:
وارتبطت أعمال الدعاية والإرجاف ارتباطا وثيقاً بأعمال الإرهاب اليهودي الأثيم الذي قام به اليهود لتوزيع العرب المدنيين وذلك بنسف المنازل وإلقاء المتفجرات في الأسواق ومراكز تجمع الأهلين، مما أودى بحياة الكثيرين من الشيوخ والنساء والأطفال وأخذ دعاة الأعداء يزينون للأهلين الهجرة إلى الأقطار العربية محافظة على سلامة أرواحهم وأطفالهم، وفي الوقت نفسه أخذت تظهر دعوة من بعض البلاد العربية تنادي بضرورة نقل الأطفال والنساء والشيوخ العاجزين من فلسطين ريثما يبت في مصيرها. كما ظهرت دعاية أخرى بأن الجيوش العربية ستدخل فلسطين قريباً لتحريرها فلا داعي للقتال وتحمل الخسائر في الأموال والأرواح.
تحيز الإنجليز لليهود:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/11)
فلما نشب القتال بين العرب واليهود في أواخر عام 1947 أثر صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، كان موقف حكومة الانتداب البريطاني موقف المتحيز إلى اليهود، التآمر معهم شأنها طول عهد انتدابها مدة ثلاثين عاماً، فكانت تتدخل – في كل معركة يفوز بها العرب – لحماية اليهود والحيلولة دون استيلاء العرب على ممتلكاتهم ومستعمراتهم، بحجة أنها لا تزال صاحبة السلطة في فلسطين والمسئولة عن حماية أرواح السكان وممتلكاتهم. غير أنها لا تتذرع بهذه الحجة عندما تكون أرواح العرب وممتلكاتهم عرضة للهلاك والدمار. والأمثلة على هذا كثيرة لا مجال لتعدادها الآن. غير أن من الحوادث ماله صلة وثقي بكارثة فلسطين، وأدى إلى هجرة عدد كبير من العرب.
الإنجليز يمهدون السبل لخروج العرب:
أضرب لذلك مثلاً حادث هجرة أهل طبرية. فقد تم طبقاً لخطة مرسومة لتسليم هذه المدينة لليهود، فإن طبرية تقطنها أكثرية من اليهود وأقلية من العرب. وقد كانت القوات البريطانية خلال المعارك الناشبة بين العرب واليهود تغض طرفها عما يقترفه اليهودي في الأحياء العربية العزلى من السلاح، وتسهل سبيل وصول المدد والنجدات إلى اليهود، وتحول دون وصول المدد والنجدات إلى العرب، مما هيأ لها أن تتدخل وتصل على إجلاء العرب عن المدينة تاركين وراءهم جميع ما يملكون، بحجة أنهم أقلية يخشى عليها من الأكثرية اليهودية! والمؤامرة في هذا الحادث مفضوحة، والتحيز ظاهر. فقد كان في وسع القوات البريطانية أن لا تحول دون وصول النجدات إلى العرب كما تحل دون وصول النجدات إلى اليهود، أو على الأقل أن تحافظ عليهم وعلى ممتلكاتهم كما حافظت على اليهود في مدينة القدس القديمة وغيرها. فقد كان هؤلاء في وضع أضعف بكثير من وضع العرب في طبرية، وظلت القوات البريطانية باسطة حمايتها عليهم، توصل إليهم الطعام والماء والسلاح والنجدات إلى أن انسحبت من فلسطين. ومثل ذلك حدث في المذابح التي اقترفها اليهود في القرى العربية الضعيفة بين سمع القوات البريطانية وبصرها. كمذابح قرى "دير ياسين" و"ناصر الدين" و"حواسه" و"عليوط" و"سكرير" و" الدوايمة وغيرها. ومن الجدير بالذكر أن معظم الفظائع الوحشية في هذه القرى ارتكبتها عصابتا أرغون زفاي ليومي وشترن، وأكثر أفرادهما من اليهود المتدينين ورجال الدين الربانيين والحاخامين، المعروفين بفرط تعصبهم وشدة أحقادهم، فكانوا يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ دون رحمة. ويبقرون بطون الحوامل ويخرجون الأجنة منها برؤوس حرابهم، زاعمين أن هذا أمر إله إسرائيل الذي أمر شعب إسرائيل حين فتح أريحا "أن يقتل بحد السيف كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، وأن يحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها، كما جاء في الإصحاحين السادس والسابع من سفر يشوع.
المؤامرة الإنجليزية على تسليم حيفا لليهود:
أما حيفا فقد كانت كارثتها من أبرز مظاهر تحيز الإنجليز لليهود وتآمرهم معهم، فقد أعلنت سلطة الانتداب البريطاني أن لبريطانيا مصالح حيوية في حيفا، وأنها لن تتخلى إلا بعد شهر أغسطس 1948 أي بعد انتهاء الانتداب بثلاثة أشهر ونصف شهر، وعلى هذا منعت العرب من إقامة المراكز المحصنة داخل المدينة، وحظرت عليهم الوصول إلى أماكن معينة، في الحين الذي كان اليهود فيه يتحصنون ويتركزون ويجوبون كافة المواقع دون حظر، حتى إذا أتموا تسلحهم واستكملوا استعدادهم أعلنت سلطة الانتداب فجأة عدولها عن التمسك بحيفا واضطرارها لإخلائها! وحينئذ ظهر أن اليهود قد تسلموا ما كان بيد الإنجليز من المعسكرات ذات الشأن، والأماكن المحصنة، والمواقع المشرفة على أحياء حيفا كلها، مما سبب كارثة استيلاء قوات اليهود المسلحة عليها، واضطرار أهلها العرب للجلاء عنها بعد وقائع دامية، وبعد ما متع الإنجليز وصول النجدات إليهم، تاركين وراءهم كل ما يملكون أيضاً. وعندئذ فقط ظهرت رقة شعور القوات البريطانية، ففتحت أبواب ميناء حيفا وجمعت ما فيها من السفن وجعلت تدعو العرب إلى الرحيل وتحملهم عليها .. وكذلك أخذ الفيلق العربي – أي جيش الجنرال جلوب – ينقل العرب في سياراته كما فعل في طيرة حيفا وجبع وغيرها، وكما نقل قبل ذلك أهالي طبرية وبيسان بسياراته إلى شرق الأردن. فعل كل ذلك تسهيلاً لهجرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/12)
العرب وتمكيناً لاحتلال اليهود. واشتركت دائرة المخابرات البريطانية واليهودية في هذه المهمة بنصيب وافر وأخذت على عاتقها إشاعة الحوادث المثيرة والأخبار المضللة، ونشر الذعر بين الأهالي الآمنين من العرب، وخاصة على أثر المذابح التي اقترفها اليهود. وكان المخابرات البريطانية وأعوانها من موظفي حكومة الانتداب أكبر الأثر فيما حدث في مدينة (يافا) من هذا القبيل أيضاً مما أدى إلى خروج أهلها العزل، والتجائهم إلى أماكن أخرى من فلسطين أو إلى الأقطار العربية المجاورة. أما في القدس الجديدة فقد منعت القوات البريطانية المجاهدين الفلسطينيين من المرور عبر مناطق السلامة التي كان جنودهم يحتلونها ثم لم يلبثوا أن سلموا تلك المناطق – مع معسكر العلمين الكبير الواقع جنوب القدس – إلى قوات الهاجانا اليهودية في 13و14 مايو 1948م وبذلك أصبح اليهود يسيطرون على القدس الجديدة، ويتحكمون في القدس القديمة أيضاً.
كارثة اللد والرملة:
وأما كارثة اللد والرملة فقد نشأت من أن الجنرال جلوب سحب فجأة قوات الجيش الأردني التي كانت مرابطة فيهما، بعد ما جرد قوات الجهاد المقدس التي كانت مرابطة في مطار اللد ومحطة السكة الحديد وغيرهما، من سلاحها، بحجة الهدنة الأولى، واعداً بإرجاعها بمجرد انتهاء الهدنة. ولكنه أخلف وعده عندما استأنف القتال في 9 يوليو 1948، فسقطت اللد والرملة وعشرات القرى المحيطة بهما في أيدي اليهود واضطر نحو مائة ألف من أهلها للنزوح، يضاف إليهم من لجأ إلى المدينتين المذكورتين من أهل مدينة يافا وقراها، وهم لا يقلون عن خمسين ألف نسمة أيضاً، وقد روي لي أحد رجال الدين المسيحي المحترمين أنه سمع من سيادة المونسنيور وكيل بطريرك اللاتين في فلسطين ن جلوب بعث ببرقية تهنئة لقائد الجيش اليهودي على احتلاله اللد والرملة، ولما صادفه المونسنيور المذكور وعاتبه على برقيته، أجابه جلوب بقوله: هذه هي السياسة. ونحن حين نعرض لذكر الجنرال جلوب باشا الإنجليزي لا نرمي إلى تجريحه شخصياً فهو يعمل لصالح أمته ويقدم لها الخدمات الجلي، ولكن اللوم يقع على بعض العرب الذين ولوه القيادة العامة الفعلية أثناء حرب فلسطين. وبعد الهدنة الثانية توالت اعتداءات اليهود على المناطق العربية، وانسحبت قوات الدول العربية من مناطق الجليل الغربي وجنين وبعض مناطق القدس وبيت لحم والخليل والنقب والمجدل، فجلا أهلها منها تبعاً لذلك بالضرورة، ثم وقعت اتفاقية رودس، وأعقبها تسليم جيش الجنرال جلوب لليهود أراضي المثلث العربي ومساحات واسعة من مناطق القدس وبيت لحم والخليل والبحر الميت كما ذكرناه آنفاً، فنزح عنها أهلها بعد ما عاث فيها المجرمون اليهود قتلاً وتدميراً ونهباً وسلباً. وهكذا لم يحل ربيع عام 1949 حتى أصبح ما يقرب من مليون عربي فلسطيني مشردين من بلادهم ولاجئين إلى الأقطار العربية.
الهيئة العربية عارضت في خروج العرب من فلسطين:
أما فيما يتعلق بالجواب على الشق الأخير من سؤالكم، فقد كان رأيي الذي أعلنته مراراً، وأبلغت الجهات العربية ذات الشأن، أن يبقى عرب فلسطين في بلادهم، وأن يدافعوا عنها حتى النفس الأخير، وأن لا يجلوا لأي سبب من الأسباب. وأذكر مثلاً على ذلك أن سيادة المطران جورج حكيم مطران الروم الكاثوليك في حيفا وعكا وسائر الجليل رغب في نقل الأطفال من حيفا إلي لبنان عند اشتداد المعارك إشفاقاً عليهم، فلما بلغ الهيئة العربية العليا ذلك عارضت في نقلهم إلى لبنان، وأبلغته أنه إن كان ولا بد من النقل فليكن إلى المدن الداخلية في فلسطين. هذا وقد تنبهت الهيئة العربية العليا إلى ما يقصده الإنجليز من موقفهم، واليهود من عدوانهم، فأذاعت في شهر فبراير 1948بياناً على الشعب الفلسطيني دعته فيه إلى البقاء في بلاده، وأن لا يجلو عنها بأي حال من الأحوال، وفي الوقت نفسه طلبت الهيئة العربية من اللجان القومية – وهي الهيئات الوطنية الممثلة للشعب الفلسطيني في كافة المدن والمراكز الكبرى من فلسطين – ومن قيادة الجهاد الوطني المقدس، وقواد المناطق، العمل على منع الأهلين من مغادرة البلاد، وفوضتهم في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بذلك، وطاف أعضاء من الهيئة العربية بمختلف المناطق الفلسطينية ينبهون الناس ويحذرونهم من الخروج وترك البلاد. وفي اليوم الثامن من شهر مارس عام 1948 قدمت الهيئة العربية العليا مذكرات إلى الحكومات العربية التمست فيها أن لا تعطي تأشيرات سفر لأي فلسطيني إلا في حالة الضرورة القصوى كأن يكون الراغب في السفر مريضاً يخرج للاستشفاء أو تلميذاً يسافر للدراسة، بعد التثبت من ذلك بواسطة اللجان القومية. وقد حمل مندوبون من الهيئة العربية العليا تلك المذكرات إلى العواصم العربية وسلموها إلى المسئولين من رجالها، شارحين لهم الأسباب الموجبة لذلك. ومن دواعي الأسف أنه لم يؤخذ برأي الهيئة العربية في هذا الأمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/13)
ـ[النذير1]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:11 ص]ـ
الفقيه المجاهد .. الحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين
إخوان أون لاين - 10/ 07/2006
أمين الحسيني مع عبد الرحمن عزام
إعداد: عبده مصطفى دسوقي*
عبده مصطفى دسوقي
تمر السنون تلو السنين، والأيام تتعاقبها الأيام وينجلي ليلٌ ويطلع نهارٌ، وما زالت ذكرى المجاهدين خالدةً في الأذهان، تشع النورَ في القلوب والبدان، وتضيء الطريق المستقيم للسائرين على طريق رب العالمين.
إنَّ اللَّهَ عز وجل حفظ ذكرى المجاهدين في اللوح المحفوظ، ورفع ذكرَهم في الدنيا والآخرة.
إن شخصيةً مثل الحاج أمين الحسيني لتبعثُ في النفس رهبةً، وتشعل في القلب جذوةَ الإيمان، فمنذ ميلاده حتى وفاته وهو لم يُغمد له سلاح، فقد ظلَّ سلاحُه مشهرًا دائمًا على أعداء الله، وكانت أسلحته متعددةَ الجوانب، فامتلك سلاح الكلمة، وسلاح الحكمة، وسلاح الساعد، لقد أُوذي كثيرًا فصبر واحتسب، وشُرِّد كثيرًا فحمد وشكر.
النشأة والتكوين
ينحدر الحاج أمين الحسيني من أسرةٍ شريفةٍ هاجرت من اليمن في القرن العاشر الهجري- السادس عشر الميلادي إلى فلسطين، وتنتسب أسرته إلى السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)، وُلد حسب الروايات عام 1895م أو1897م، وتلقى دراسته الأولية في مدارس القدس، ثم التحق بالأزهر الشريف، إلا أنه لم يكملْ فيه والتحق بمدرسة الضباط بإسطنبول قبيل الحرب العالمية الأولى، وعُيِّنَ ضابطًا في الجيش التركي، وشارك في الحرب العالمية الأولى.
جهاده
لقد عاش أمين الحسيني بحب الجهاد، ففي 1916م ترك الخدمة العسكرية في الجيش التركي، واشترك في حركة التحرير العربية، وأنشأ أول منظمة سياسية فلسطينية في التاريخ الحديث عام 1918م سُمِّيت بالنادي العربي، وفي 1919م شغل عدة وظائف في حكومة فلسطين.
وعندما أعلنت بريطانيا وَعْدَ بلفور الذي خوَّل لليهود الحق في استيطان فلسطين هبَّ وقاد حركةَ المقاومة ضدَّ السلطات البريطانية في فلسطين، وحَكَمَت عليه المحكمة الإنجليزية بالسجن لمدة 15 عامًا، غير أنه أفلت من يد البوليس الإنجليزي ولم يُنفَّذ الحكم الصادر ضده، وعندما عُيِّن السير هربرت صمويل مندوبًا ساميًا على فلسطين أصدر عفوًا عامًّا شمل سماحة المفتي أمين الحسيني.
عاد بعد ذلك لفلسطين وشغل منصب الإفتاء الذي شغر بوفاة شقيقه عام 1922م، ويذكر الأستاذ محمد علي علوبة باشا أن الحاج أمين الحسيني كان ينفق كل دخله على حركة الجهاد العربية، ولم يكتفِ بذلك، بل سافر للهند لجمع اكتتاب من مسلمي الهند لفلسطين.
تعرَّف على الأستاذ حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في الثلاثنيات، وتوطَّدت الصلة بينهما، وعندما اندلعت ثورة فلسطين الكبرى بقيادة المجاهد عز الدين القسام عام 1936م كان الحاج أمين الحسيني يشغل منصب رئيس الهيئة العربية العليا منذ نشأتها عام 1935م، وأثناء ذلك قام الإخوان المسلمون بجمع المال والسلاح وإرساله إلى المجاهدين الفلسطينيين بعد رفض الحاج أمين الحسيني إرسال متطوعين، واكتفى بالمال والدعاية، فقام الإخوان بنشر جرائم بريطانيا والمذابح التي ارتكبوها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ووزعوا كتاب "النار والدمار" في فلسطين، به صورٌ تدل على المذابح التي ارتُكبت.
كما أنهم هاجموا محمد محمود باشا رئيس وزراء مصر عندما صرَّح بأنه رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين، واتهموه بالتخاذل نحو القضية الفلسطينية، وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية وقف الحاج أمين الحسيني بجوار ألمانيا ضد الحلفاء؛ رغبةً منه في أن تساعده ألمانيا على التخلص من الاحتلال الإنجليزي، وعندما اندلعت الحرب كان أمين الحسيني في بافاريا يساعد في معركة برلين، غير أن ألمانيا هُزمت وطاردته إنجلترا حتى لجأ إلى فرنسا، وظلَّ بها فترةً من الزمن، ثم اختفى فضيلته، وعلى إثرها عُزل رئيس البوليس في باريس.
بعدها ظهر سماحته في الدول العربية، فطالب الإخوان في مصر الملكَ والحكومة المصرية منح الحاج أمين الحسيني حقَّ اللجوء إلى مصر، ووافق الملك ورحَّب به وأنزله أحد قصوره.
وعندما أعلن مجلس الأمن قرارَه الظالم بتقسيم فلسطين هبَّ أمين الحسيني رافضًا هذا القرارَ وأخذ يُعد المجاهدين ويجمع السلاحَ لطرد اليهود، وعندما أعلنت بريطانيا عن سحبِ قواتها من فلسطين في 15 مايو 1948م جهَّز الحسيني المجاهدين ودرَّبهم وشاركه القائد جمال الحسيني في الدفاع عن البلاد، وذهبت كتائب الإخوان تحت إشراف أمين الحسيني إلى فلسطين، وأبلت بلاءً حسنًا لولا قبول الحكام العرب للهدنة الأولى والثانية لاستطاع المجاهدون طرد اليهود، لكنَّ ما فعله الملك من إمداد الجيش بالأسلحة الفاسدة، وما قام به النقراشي باشا رئيس وزراء مصر من قبول الهدنة واعتقال المجاهدين، وما قام به الملك عبد الله ملك الأردن من سحب قواته .. أدَّت هذه الأمور إلى هزيمة الجيوش العربية أمام شرزمة قليلة من اليهود ووقوع الجيش المصري في حصار الفالوجا، ولم يُخْلَ سبيلُه إلا بعد إبرام معاهدة ردوس 1949م.
لم يدخر الحسيني الجهدَ في مواصلة الجهاد رغم تقدُّم السن وتكالُب الخصوم وتصدُّع الجبهات الداخلية، كما لم ينقطع الأمل في مواصلة الجهاد.
وفاته
ظل أمين الحسيني فارسًا في الميدان، لم يأبهْ بتقدُّم السن، ولا اعتلاء الشيب حتى وافته المنية يوم 14 يوليو 1974م، ودُفِن في مقبرة الشهداء بعد رحلةِ جهاد كبيرة.
تقبَّل اللَّهُ مجاهدَنا في زُمرة الشهداء وأسكنه فسيح الجنات.
------------------
* دراسات عليا في التاريخ - جامعة القاهرة
-----------------
المراجع:-
1 - مجلة نداء الحرية عام 1946.
2 - جمعة أمين عبد العزيز- أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين- دار التوزيع والنشر الإسلامية.
3 - جريدة المصري- عام 1946م.
4 - أحمد عادل كمال- النقط فوق الحروف- الزهراء للعلام العربي- مصر.
5 - المستشار عبد الله العقيل- من أعلام الحركة الإسلامية- دار التوزيع والنشر الإسلامية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/14)
ـ[النذير1]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:10 ص]ـ
حكومة الانتداب البريطاني سعت لتشويه سمعة الحاج أمين بمحاولة ربطه بالفاشية الإيطالية
لندن: «الشرق الأوسط»
كشفت وثائق بريطانية ترجع الى الحرب العالمية الثانية تم الكشف عنها اخيرا ان حكومة ونستون تشرشل خططت لتشوية سمعة الزعيم الوطني الفلسطيني الحاج امين الحسيني مفتي القدس والديار الفلسطينية بنشر سلسلة من الاتهامات الملفقة ضده. وهدفت الخطة الى الادعاء بأن المفتي الحاج امين الحسيني يتلقى أموالا من الحكم الفاشي الايطالي.
وكان من المقترح الاشارة من خلال حملة ترويج للاشاعات، الى ان علاقته بالايطاليين تسبب منازعات مع أنصاره.
وشنت الحكومة انذاك حملة ضد هيئة الاذاعة البريطانية، واتهمتها بأنها كانت منحازة تجاه المفتي.
وتكشف الوثائق التي يعود تاريخها الى عامي 1940 و1941 وافرجت عنها دائرة الوثائق الوطنية، الى وجود اهتمامات على اعلى مستوى لما اطلق عليه انذاك «تحرك ضد المفتي. ودعا انتوني ايدان وزير الخارجية آنذاك الى حملة دعاية «لا يمكن ان يربطنا بها الآخرون».
وتم استبعاد فكرة وضع ملفات في ليبيا تربط بين الحاج امين وايطاليا لان وزارة الخارجية البريطانية تعلم انها ستضطر لبذل جهود كبيرة لدعم تلك الادعاءات، وبدلا من ذلك تم اقتراح الاشارة الى وجود خلافات خطيرة بين انصاره بخصوص هذا الموضوع.
وفي اكتوبر (تشرين الاول) عام 1941 تعرضت هيئة الاذاعة البريطانية الى انتقادات من الحكومة لاستخدامها مصدرا مشكوكا فيه لكسر حلقة الرقابة المتشددة التي تحظر تحركات المفتي في جميع انحاء العالم العربي.
وفي الشهر التالي احتج المفوض السامي في فلسطين على استخدام هيئة الاذاعة البريطانية تسمية «المفتي الكبير» في وصف الحاج أمين. وقال ان هذا اللقب الطنان غير مرغوب فيه لانه يحاول الابقاء على سمعته المتلاشية.
جريدة الشرق الأوسط
الاحد 27 جمادى الاولى 1424 هـ 27 يوليو 2003 العدد 9007
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issue=9007&article=184032
ـ[النذير1]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:14 ص]ـ
أسرار المطاردة البريطانية الفاشلة للحاج أمين الحسيني لمنع وصوله الى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية
خاص ـ الكرامة
كشف ملف سري احتفظت به وزارة الخارجية البريطانية لمدة 62 عاما عن مفتي القدس الأسبق الحاج أمين الحسيني، أن الحكومة البريطانية لم تقم بأي مبادرة سياسية من شأنها أن تحول دون وقوف الزعيم الفلسطيني خلال فترة الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول المحور بقيادة ألمانيا النازية، على رغم أن الوثائق التي تضمنها الملف تثبت مدى خوف بريطانيا من الحاج أمين وتحركاته، وخشيتها من تأليبه الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي ضدها وضد حلفائها في الحرب، وبدلاً من ذلك لجأت إلى التشهير بالمفتي والحط من قدره وإشاعة الأخبار الكاذبة عنه، بعد اكتشاف أنها لا تملك أساساً قانونياً لإلقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة.
كما كشف الملف عن انشغال الدوائر البريطانية على مدى عام كامل في البحث عن مكان وجود الحاج أمين الذي تثبت الوثائق البريطانية براعته في التملص من الملاحقة والإفلات من عيون الرقباء على نحو مدهش، على رغم المكانة العربية والعالمية الرفيعة التي تمتع بها الرجل. وأوضحت محاولات المسؤولين البريطانيين المحمومة لمنعه من الوصول إلى ألمانيا لئلا يستغله الزعيم النازي أدولف هتلر في تحريض العرب والمسلمين ضد بريطانيا والحلفاء.
وكانت الصحف البريطانية اهتمت الأسبوع الماضي بعد إفراج وزارة الخارجية البريطانية عن الملف السري للحاج أمين، وتوقفت عند الشبه بين تلاعب الحكومة البريطانية في ملفات الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية لتبرير الحرب على العراق في آذار (مارس) الماضي، وبين سعي الحكومة البريطانية عام 1941 الى تلطيخ سمعة مفتي القدس الأسبق بترويج إشاعات كاذبة مفادها العثور على ملفات في الصحراء الغربية في ليبيا تثبت تلقيه معونات مالية من حكومة بنيتو موسوليني الفاشية في إيطاليا حليفة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الملف على وثائق وحقائق تفوق أهميتها ما تقدم بكثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/15)
يضم الملف مجموعة كبيرة من المراسلات بين الوزارات البريطانية الثلاث، الخارجية والمستعمرات والدفاع، مع السفراء وغيرهم من الممثلين والديبلوماسيين البريطانيين في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا محورها الحاج أمين ونشاطه السياسي وتحركاته. وتغطي الوثائق فترة عام كامل من كانون الأول (ديسمبر) 1940 إلى كانون الأول (ديسمبر) 1941، وهي الفترة التي شهدت اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وانطلاقاً من أهمية الموضوع بالنسبة الى تاريخ الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بالذات بادرت "الحياة" للاطلاع على الملف وحصلت من أرشيف وزارة الخارجية البريطانية في حي كيو جنوب غربي لندن على نسخة مصورة منه، ودققت في الوثائق والمعلومات الواردة فيه، وأجرت اتصالا مع مسؤولين في وزارة الخارجية للحصول على توضيحات منهم، خصوصاً عن سبب السرية التي شُمل بها الملف لمدة تزيد عن ستين عاماً، في حين تكشف الحكومة البريطانية عن ملفاتها السرية عادة بعد انقضاء ثلاثين عاماً عليها. كما طلبت من الأكاديمي الفلسطيني المعروف الدكتور موسى البديري أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة بير زيت إعطاء رأيه في المعلومات التي تضمنتها الوثائق وأهميتها التاريخية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة البريطانية حاولت إلقاء القبض على الحاج أمين عام 1938، بسبب معارضته مقترحاتها لتسوية الصراع في فلسطين والتي أطلق عليها إسم "الكتاب الأبيض" الذي صدر على أثر ثورة عام 1936 ضد الانتداب البريطاني في فلسطين في محاولة لتهدئة غضب الفلسطينيين. وجرت مطاردة الزعيم الفلسطيني في فلسطين، حيث قيل انه اختبأ لمدة طويلة داخل الحرم القدسي الشريف قبل أن يتمكن من الهرب من فلسطين بزي امرأة بواسطة سيارة تابعة لديبلوماسي عراقي، ووصل إلى دمشق التي كانت خاضعة للسيطرة الفرنسية. كان ذلك قبل اندلاع الحرب، ولم تتوقف محاولات بريطانيا لمطاردة الحاج أمين حتى في دمشق، مما اضطره إلى الهرب في عام 1940 إلى العراق، بعد تعيين رشيد عالي الكيلاني رئيسا للوزراء. لكن ما لبث الكيلاني أن دبر انقلاباً عسكرياً بمساعدة الجيش ضد العائلة المالكة التي لجأت إلى طهران وتسلم الكيلاني الحكم في العراق، فاضطرت بريطانيا التي كانت تخشى من ميول الكيلاني تجاه ألمانيا للتدخل عسكرياً في أيار (مايو) 1941 وأفشلت الانقلاب وأعادت العائلة المالكة إلى بغداد، فهرب الكيلاني إلى تركيا، أما الحاج أمين فاختفت آثاره، ويعتقد أنه فر إلى إيران، فواصلت بريطانيا مطاردته.
وفي ما يأتي عرضاً لمعظم الوثائق التي تضمنها الملف والتي تغطي هذه الفترة:
تتناول مجموعة الوثائق المنشورة في هذه الحلقة من الملف السري الذي أفرجت عنه وزارة الخارجية البريطانية المرحلة الأخيرة من المطاردة التي قامت بها بريطانيا العظمى ضد الزعيم الفلسطيني مفتي القدس السابق الحاج أمين الحسيني في بداية الحرب العالمية الثانية، وتكشف كيف أنها بدأت تسير في هذه المرحلة بشكل محموم.
وكشفت الوثائق التي نشرت في الحلقة الأولى بكل وضوح أن المفتي لم يكن يميل كليا إلى ألمانيا ودول المحور بدليل أنه كان يفكر بإرسال مقاتلين فلسطينيين إلى ليبيا لمساعدة السنوسيين في معركتهم للتحرر من الاحتلال الإيطالي، في حين عارضت بريطانيا هذا الأمر بشدة وراحت تروّج الإشاعات عن تلقي المفتي للدعم المالي من الإيطاليين. بل كشفت وثائق الحلقة الماضية عن تلقي الحاج أمين تقارير من غير عاصمة عربية تشير إلى أن الاعتقاد السائد لديها هو أن بريطانيا ستنتصر في الحرب.
لذلك فإن الملف المفرج عنه يكشف أن الحاج أمين دُفع دفعاً نحو ألمانيا النازية، لأن الوثائق الجديدة توضح النية البريطانية الخبيثة المبيتة ضده والتفكير في اعتقاله ومحاكمته أو نفيه إلى قبرص أو جزر سايشل أو جزر أندمان، مما يعتقد أنه لعب دوراً بارزاً في قرار المفتي بالفرار إلى ألمانيا طلبا للنجاة، بعد أن أغلقت كل السبل في وجهه. بل أن وثائق هذه الحلقة تشير إلى أن ألمانيا النازية فقدت اهتمامها بالحاج أمين، مما يعزز الاعتقاد بأن مجيئه إلى برلين جاء بدافع الهرب من المطاردة البريطانية وليس بدافع رغبة ألمانية ملحة إلى ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/16)
وعلى رغم الأبحاث العديدة المنشورة عن علاقة الحاج أمين بألمانيا وخروجه خاسراً من هذه العلاقة لوقوفه إلى جانب الطرف المهزوم في الحرب العالمية الثانية، إلى جانب العديد من المذكرات الشخصية لرموز تلك الحقبة وبضمنها مذكرات الحاج أمين نفسه، لا تزال هذه العلاقة موضع جدل حتى الآن ويسعى الباحثون إلى سبر أغوارها والكشف عن الجوانب المخفية فيها. ومن شأن الباحثين العرب ان يفتشوا عن الرسائل التي كان يبعث بها الحاج أمين الى الزعماء العرب وغيرهم من أصدقائه خلال فترة وجوده في برلين التي استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، مثل الرسالة التي اشارت اليها الوثائق البريطانية وقالت انه بعث بها المفتي إلى الزعيم اللبناني شكيب أرسلان.
يشار إلى أن الحركة الصهيونية من جهتها أدلت بدلوها في تشويه صورة حركة التحرر الوطني الفلسطيني وضخمت إلى حد كبير تلك العلاقة للإيقاع بين القيادة الفلسطينية ودول الحلفاء، بل ان الكثير من الإشاعات الكاذبة التي راجت حول الحاج أمين في تلك الفترة كان صادراً عن دهاليز الوكالة اليهودية، إلى جانب الدوائر والأجهزة البريطانية. لذلك تحتل وثائق الملف المفرج عنه أهمية خاصة بالنسبة الى هذه العلاقة التي لا تزال بحاجة إلى المزيد من البحث العلمي بعيدا عن التشنج والحساسيات التي تغذيها الأوساط الصهيونية ودهاقنة "صناعة الهولوكوست" أي المحرقة النازية، كما يسميها الكاتب الأميركي اليهودي نورمان فينكلشتاين.
وتكشف الوثائق المنشورة اليوم إلى حد مدهش انشغال بريطانيا، التي كانت غارقة في الحرب العالمية، بالحاج أمين إلى هذا الحد والتفتيش عنه في عرض البحار وعلى نقاط الحدود وأقبية المباني في طهران وبغداد واسطنبول، لتفاجأ في النهاية أن الرجل أفلت هو وأفراد عائلته من عيون السعاة ووصل آمناً إلى برلين، فيما وصلت زوجته وأبناؤهما عبر الأهواز وبغداد ثانية إلى فلسطين، مع كل ما يتضمنه ذلك من إحراج للأجهزة البريطانية صاحبة العلاقة.
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 01:44 ص]ـ
الحاج أمين الحسيني
السبت:05/ 10/2002
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> فلسطين .. الجرح النازف >> شخصيات وتنظيمات
يعتبر الحاج أمين الحسيني أشهر من تولى منصب الإفتاء في فلسطين كما كان في الوقت نفسه رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ورئيس العلماء، وقد لعب دورا مهما في الصراع العربي الإسرائيلي خاصة في سنواته الأولى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات.
الميلاد والتعليم
ولد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1895 لأسرة ميسورة، كان والده يهتم بالعلم ويحرص على أن يلتحق أولاده بأشهر المدارس والمعاهد العلمية في عهده.
وقد تلقى تعليمه الأولي في القدس بإحدى مدارسها واختار له والده عددا من العلماء والأدباء لإعطائه دروسا خصوصية في البيت, ثم التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلم اللغة الفرنسية وبعد قضاء عامين بها التحق بالجامع الأزهر في القاهرة وخلال دراسته بالأزهر أدى فريضة الحج مع أهله فأطلق عليه لقب الحاج الذي لازمه طوال حياته. وكان لدراسته في مصر وتعرفه على قادة الحركة الوطنية آنذاك أثر في اهتمامه المبكر بالسياسة. وفي عام 1915 التحق بالكلية الحربية بإسطنبول التي تخرج فيها برتبة ضابط صف.
آراؤه وتوجهاته
نادى الحاج أمين الحسيني بوجوب محاربة الحكم البريطاني والتسلل الصهيوني لفلسطين. وكانت له آراء في تنظيم أمور القضاء والمحاكم الشرعية، وأخذ يعمل على تقوية المدارس الإسلامية ودائرة الأوقاف واجتهد في إنشاء مجلس إسلامي شرعي لفلسطين وحدد صلاحياته ومسؤولياته. كما نادى بوجوب اعتبار قضية فلسطين قضية العرب كلهم وقضية العالم الإسلامي. وكان شديدا في مواجهته لسماسرة بيع الأراضي والعقارات الفلسطينية إلى اليهود واعتبر من يقومون بعمليات البيع هذه خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز الصلاة عليهم ولا دفنهم في مقابر المسلمين.
حياته السياسية
التحق الحاج الحسيني بالجيش العثماني لكنه بعد مدة قصيرة آثر العمل سرا مع الثورة العربية فانضم إلى لوائي القدس والخليل، ثم انضم إلى جيش الشريف حسين بن علي بهدف إقامة دولة عربية مستقلة وذلك إبان الحرب العالمية الأولى.
الكفاح ضد اليهود والبريطانيين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/17)
عقب صدور وعد بلفور عام 1917 قرر الحسيني العودة إلى القدس وبدأ الكفاح ضد الوجود اليهودي والبريطاني هناك، فأنشأ عام 1918 أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين الحديث وهي "النادي العربي" الذي عمل على تنظيم مظاهرات في القدس عامي 1918 و1919، وعقد في تلك الفترة المؤتمر العربي الفلسطيني الأول هناك.
تسببت تلك المظاهرات باعتقاله عام 1920، لكنه استطاع الهرب إلى الكرك بجنوب الأردن ومنها إلى دمشق، فأصدرت الحكومة البريطانية عليه حكما غيابيا بالسجن 15 عاما، لكنها عادت وأسقطت الحكم في العام نفسه بعد أن حلت إدارة مدنية برئاسة هربرت صموئيل محل الإدارة العسكرية في القدس؛ فعاد إليها مرة أخرى.
مفتيا للقدس
انتخب مفتيا عاما للقدس عقب وفاة كامل الحسيني المفتي السابق، فأنشأ المجلس الإسلامي الأعلى للإشراف على مصالح المسلمين في فلسطين، وعقد المجلس في المسجد الأقصى مؤتمرا كبيرا عام 1931 سمي المؤتمر الإسلامي الأول حضره مندوبون من مختلف البلدان العربية والإسلامية.
وأصدر الحسيني فتوى اعتبرت من يبيعون أرضهم لليهود والسماسرة الذين يسهلون هذه العملية خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين. كما نشط الحاج أمين في شراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى أيدي اليهود وضمها إلى الأوقاف الإسلامية. وقد رأى الحسيني أن الشعب الفلسطيني لم يكن مؤهلا لخوض معركة عسكرية بطريقة حديثة، فأيد الجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية. وفي الوقت نفسه كان يعمل بطريقة سرية لتكوين خلايا عسكرية اعتبرت النواة الأولى التي شكل منها عبد القادر الحسيني فيما بعد جيش الجهاد المقدس.
الهيئة العربية العليا
عقب استشهاد عز الدين القسام عام 1935 اختير الحسيني رئيسا للهيئة العربية العليا التي أنشئت في العام نفسه، وضمت مختلف التيارات السياسية الفلسطينية، وكان له دور بارز في ثورة 1936 عن طريق تسهيل دخول المتطوعين الذين وفدوا للدفاع عن فلسطين من مختلف البلدان العربية.
الاحتماء بالحرم
رفض الحسيني مشروع تقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي طرح في يونيو/حزيران 1937 وقاومه بشدة، فعملت السلطات البريطانية على اعتقاله، لكنه التجأ إلى الحرم القدسي الشريف فخشيت بريطانيا من اقتحام الحرم حتى لا تثير مشاعر الغضب لدى العالم الإسلامي، فظل الحسيني يمارس دوره في مناهضة الاحتلال من داخل الحرم.
الهرب إلى لبنان
وبعد اغتيال حاكم اللواء الشمالي إندروز أصدر المندوب السامي البريطاني قرارا بإقالة المفتي أمين الحسيني من منصبه واعتباره المسؤول عن الإرهاب الذي يتعرض له الجنود البريطانيون في فلسطين. واجتهدت السلطات البريطانية في القبض عليه لكنه استطاع الهرب إلى يافا ثم إلى لبنان بمركب شراعي، فقبضت عليه السلطات الفرنسية لكنها لم تسلمه إلى بريطانيا، وظل في لبنان يمارس نشاطه السياسي.
الهرب من لبنان
واضطر للهرب من لبنان مرة أخرى بعد التقارب الفرنسي البريطاني، فتنقل بين عدة عواصم عربية وغربية، وصل أولا إلى العراق ولحق به بعض المجاهدين، وهناك أيد ثورة رشيد عالي الكيلاني، ثم اضطر لمغادرتها بعد فشل الثورة فسافر إلى تركيا ومنها إلى بلغاريا ثم ألمانيا التي مكث فيها أربعة أعوام.
طالبت بعض الدول الأوروبية بمحاكمته على أنه مجرم حرب ومن مؤيدي النازية، وضيقت الخناق عليه فاضطر للهرب إلى مصر ليقود من هناك الهيئة العربية العليا مرة أخرى، وليعمل على تدعيم جيش الجهاد المقدس، وتولى مهمة التجهيز والتنسيق والإمداد للمجاهدين. وهناك أنشأ منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الكشافة والجوالة لتدريبهم على السلاح.
و بعد النكبة الكبرى عام 1948 أوعزت الحكومة البريطانية إلى الملك فاروق لإعطاء أوامره بفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله وشددت عليه الرقابة. وظل كذلك إلى أن اندلعت ثورة 1952 في مصر. تعاون الحسيني مع قادة الثورة في نقل الأسلحة سرا إلى سيناء ومنها إلى الفدائيين الفلسطينيين في الداخل، واستمر على هذه الحال حتى قرر عام 1959 الهجرة إلى سوريا ومنها إلى لبنان.
وفاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/18)
بعد أن استقر الحاج محمد أمين الحسيني في بيروت استأنف نشاطه السياسي فأصدر مجلة "فلسطين" الشهرية، وظل هناك حتى توفي عام 1975 ودفن في مقبرة الشهداء عن عمر يناهز 79 عاما فرحمه الله رحمة واسعة
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 01:51 ص]ـ
الفقية المجاهد .... الحاج محمد أمين الحسينى مفتى فلسطين
عبده دسوقي
تمر السنون تلو السنون، والأيام تتعاقبها الأيام وينجلى ليل ويطلع نهار ومازالت ذكرى المجاهدين خالدة فى الذهان تشع النور فى القلوب والبدان وتضئ الطريق المستقيم للسائرين على طريق رب العالمين.
إن الله عز وجل حفظ ذكرى المجاهدين فى اللوح المحفوظ، ورفع ذكرهم فى الدنيا والأخرة.
إن شخصية مثل الحاج أمين الحسينى لتبعث فى النفس رهبة، وتشعل فى القلب جذوة الإيمان، فمنذ ميلاده حتى وفاته وهو لم يغمد له سلاحا، فقد ظل سلاحه مشهرا دائما على أعداء الله، وكانت أسلحتة متعددة الجوانب فامتلك سلاح الكلمة، وسلاح الحكمة، وسلاح الساعد، لقد أوذى كثيرا فصبر واحتسب، وشرد كثير فحمد وشكر.
النشأة والتكوين
ينحدر الحاج امين الحسينى من أسرة شريفة هاجرت من اليمن فى القرن العاشر الهجرى، السادس عشر الميلادى على فلسطين، وتنتسب أسرتة الى السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص)، ولد حسب الروايات عام 1895م أو1897م، وتلقى دراستة الولية فى مدارس القدس ثم التحق بالزهر الشريف إلا أنه لم يكمل فيه والتحق بمدرسة الضباط باستنبول قبيل الحرب العالمية الولى وعين ضابطا فى الجيش التركى وشارك فى الحرب العالمية الأولى
جهاده
لقد عاش امين الحسينى بحب الجهاد ففى1916م ترك الخدمة العسكرية فى الجيش التركى واشترك فى حركة التحرير العربية،وأنشأ أول منظمة سياسية فلسطينية فى التاريخ الحديث عام 1918م سميت بالنادى العربى، وفى 1919م شغل عدة وظائف فى حكومة فلسطين.
وعندما اعلنت بريطانيا وعد بلفور الذى خول لليهود الحق فى استيطان فلسطين هب وقاد حركة المقاومة ضد السلطات البريطانية فى فلسطين وحكمت عليه المحكمة الإنجليزية بالسجن 15 عاما غير أنه افلت من يد البوليس اإنجليزى ولم ينفذ الحكم الصادر ضدة، وعندما عين السير هربرت صمويل مندوبا ساميا على فلسطين اصدر عفوا عاما شمل سماحة المفتى امين الحسينى.
عاد بعد ذلك لفلسطين وشغل منصب الإفتاء الذى شغر بوفاة شقيقة عام 1922، ويذكر الأستاذ محمد على علوبة باشا ان الحاج امين الحسينى كان ينفق كل دخلة على حركة الجها الربية، ولم يكتف بذلك بل سافر للهند لجمع إكتتاب من مسلمى الهند لفلسطين.
تعرف على الأستاذ حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فى الثلاثنيات وتوطدت الصلة بينهما، وعندما انلعت ثورة فلسطين الكبرى بقيادة المجاهد عز الدين القسام عام 1936م كان الحاج امين الحسينى يشغل منصب رئيس الهيئة العربية العليا منذ نشأتها عام 1935م وأثناء ذلك قام افخوان المسلمون بجمع المال والسلاح وإرسالة الى المجاهدين الفلسطينيين بعد رفض الحاج أمين الحسينى ارسال متطوعين واكتفى بالمال والدعاية، فقام افخوان بنشر جرائم بريطانيا والمذابح التى ارتكبوها ضد الشعب الفلسطينى الأعزل ووزعوا كتاب النار والدملر فى فلسطينبه صور تدل على المذابح التى ارتكبت.
كما انهم هاجموا محمد محمود باشا رئيس وزراء مصر عندما صرح بأنه رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين واتهموه بالتخاذل نحو القضية الفلسطينية. وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية وقف الحاج امين الحسينى بجوار ألمانيا ضد الحلفاء رغبة منه فى ان تساعده المانيا على التخلص من الإحتلال الإنجليزى، وعندما اندلعت الحرب كان أمين الحسينى فى بافاريايساعد فى معركة برلين، غير ان المانيا هزمت وطاردة انجلترا حتى التجا على فرنسا وظل بها فترة من الزمن ثم اختفى فضيلتة وعلى إثرها عزل رئيس البوليس فى باريس.
بعدها ظهر سماحتة فى الدول العربية،فطالب الإخوان فى مصر الملك والحكومة النصرية منح الحاج أمين الحسينى حق اللجوء فى مصر ووافق الملك ورحب به وأنزله أحد قصورة.
وعندما اعلن مجلس الأمن قراره الظالم بتقسيم فلسطين هب أمين الحسينى رافضا هذا القرار وأخذ يعد المجاهدين ويجمع السلاح لطرد اليهود، وعندما اعلنت بريطانيا عن سحب قوتها من فلسطين فى 15 مايو 1948م جهز الحسينى المجاهدين ودربهم وشاركه القائد جمال الحسينى فى الدفاع عن البلاد، وذهبت كتائب الإخوان تحت إشراف أمين الحسينى الى فلسطين وأبلت بلاءا حسننا لولا قبول الحكام العرب للهدنة الأولى والثانية لستطاع المجاهدين طرد اليهود، لكن ما فعلة الملك من امداد الجيش بالأسلحة الفاسدة،وما قام به النقراشى باشا رئيس وزراء مصر من قبول الهدنة واعتقال المجاهدين، وما قام به الملك عبد الله ملك الردن من سحب قواته أدت هذه الأمور الى هزيمة الجيوش العربية امام شرزمة قليلة من اليهود ووقوع الجيش المصرى فى حصار الفالوجا ولم يخلى سبيلة إلا بعد إبرام معاهدة ردوس فى 1949م.
لم يدخر الحسينى الجهد فى مواصلة الجهاد رغم تقدم السن وتكالب الخصوم وتصدع الجبهات الداخلية، كما لم ينقطع الأمل فى مواصلة الجهاد.
وفاتة
ظل أمين الحسينى فارسا فى الميدان، ام يأبه بتقدم السن، ولا اعتلاء الشيب حتى وافته المنية يوم 14 يوليو 1974 ودفن فى مقبرة الشهداء بعد رحلة جهاد كبيرة.
تقبل الله مجاهدنا فى زمرة الشهداء وأسكنة فسيح الجنات
المراجع:-
1 - مجلة نداء الحرية عام 1946
2 - جمعة أمين عبد العزيز- أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين- دار التوزيع والنشر الإسلامية.
3 - جريدة المصرى-عام 1946م.
4 - أحمد عادل كمال – النقط فوق الحروف – الزهراء للعلام العربى- مصر
5 - المستشار عبد الله العقيل – من أعلام الحركة الإسلامية – دار التوزيع والنشر الإسلامية
عبده مصطفى دسوقى
دراسات عليا فى التاريخ- القاهرة
abdodsoky1975@hotmail.com
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/19)
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 01:55 ص]ـ
الحاج أمين الحسيني مفتي النضال الفلسطيني
,الشاهد الأول على عصر الخيانات والتضحيات ,
شعارة (لا حل لقضية فلسطين إلا الجهاد, ولا سبيل للمهادنة)
عاش حياتة مطارداً , ومات راجياً وحدة المسلمين
ثورتة على وعد بلفور أدت بة إلى المعتقل للمرة الاولى,
رئاستة للمؤتمر الإسلامي الأول في القدس بداية شهرته وشعبيته
تحالفة مع ألمانيا كان من منطلق (عدو العدو صديق) لكن لا جدوى
أختلف حول العام الذي ولد فية وقيل أنة ولد عام 1897م وهو العام الذي شهد أول مؤتمر يناقش إقامة دولة إسرائيلية, والدة طاهر الحسيني مفتي القدس ,نشأ في بيت علم وتقوى وصلاح , أرسلة والدة إلى مصر
لإكمال دراستة الجامعية في جامعة الأزهر, وفي عام 1914م ذهب في إجازة إلى القدس ولم ستطع العودة
إلى مصر بسبب قيام الحرب العالمية الأولى
إلتحق بالكلية العسكرية بالعاصمة العثمانية الأستانة وتخرج منها ضابطاً وإنظم إلى صفوف الجيش العثماني
أثناء الحرب’ عندما رأى أن هذه الحرب بلا جدوى وضاق به الأمر عاد إلى القدس , وهناك بدأ بالعمل السياسي
وبدأت علاقاتة مع القادة كرشيد رضا ومصطفى كامل وغيرهم من الزعماء
وفي عام 1918م أنشأ أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين وهي (النادي العربي) وعقد المؤتمر الفلسطيني
الأول وأعلن الكفاح ضد الوجود اليهودي والبرطاني في فلسطين والقدس بشكل خاص
عاش حياتة في نضال ضد اليهود , وأشتهر بثورتة على وعد بلفور , وأنتخب لمنصب المفتي , ترأس اللجنة العربية
العليا ومنها قرر بداية العصيان والتوقف عن دفع الضرائب والإعداد لثورة شاملة مسلحة عهدت قيادتها إلى المناضل
عبد القادر الحسيني , وبدأ ينظر إلى عبد القادر الحسيني بإعتبارة القائد العسكري وإلى المفتي أمين الحسيني بإعتبارة الواجهة السياسية , وهنا بدأت تتحرك الثورة عام 1929م ثم عام 1933م وفي هذه الأثناء تولى أمين الحسيني مسؤولية اللجنة العربية العليا لفلسطين التي يوكل إليها مهمة تنسيق الجهود على مستوى الدول العربية لنصرة القضية الفلسطسنية
وهكذا عاش المفتي أمين الحسيني حياتة في النضال ضد الإحتلال وفي الثورة ضد الصهاينة , وإستمر في نضالة إلى أن توفي عام 1974م
أمين الحسيني في سطور
1910م أسس ورأس النادي العربي وهو أول منظمو سياسية عرفتها فلسطين وإنطلقت منها الحركة
الوطنية الفلسطينية
1921م: رأس أول مجلس للشؤون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية
1929م: تولى رئاسة لجنة لإعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة
1931م: تولى رئاسة المؤتمر الإسلامي العام لأجل القضية الفلسطينية
1941م: شارك في ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز
1948م: قام بتنسيق الأعمال الفدائيه
رئاسة (المؤتمر الوطني الفلسطيني) الذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها وبرنامج الحكومة
وهكذا عاش المفتي المناضل أمين الحسيني حياته بين النضال والجهاد ضد العدو الصهيوني
وكان أملة الوحيد هو تحقيق الإستقلال لدولته لكنه توفي قبل أن يحقق حلمه
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 01:57 ص]ـ
الحاج امين الحسيني
ولد الحاج أمين الحسيني في القدس عام 1895، و هو الابن الثالث لطاهر الحسيني مفتي القدس آنذاك و الذي توفي عام 1908 وكان مركز أفراد العائلة
الحسينية الذين توارثوا الإفتاء أبا عن جد، مركز ديني مرموق كان يحترمه سكان القدس خاصة، وفلاحو فلسطين عامة، حتى أن بيت مفتي القدس أصبح معروفا لعدة أجيال في القدس، ويدعى بدار المفتي (11). وعندما توفي طاهر الحسيني والد الحاج أمين الحسيني أصبح ابنه كامل مفتيا للقدس، وقد اهتم كامل بتربية أخيه أمين ولا سيما بعد وفاة والدة الحاج أمين خلال الحرب العالمية الأولى وعندما بلغ الطفل أمين الحسيني الثانية عشرة من عمره تعلم ركوب الخيل في أراضي العائلة الحسينية في قالونيا، وأصبح فارسا. وقرب هذه القرية أقام اليهود مستعمرة تدعى موتسا، وكان هرتزل قد زرع بها أول شجرة لهذه المستعمرة، ولكن أمين وأصدقاءه من الأطفال أرادوا أن يظهروا عداءهم للصهيونية فاجتث أمين تلك الشجرة. هذا وقد بدأ العداء العربي للصهيونية عندما بدأت الصحافة الفلسطينية تنبه الشعب الفلسطيني إلى خطر هذه الحركة الغريبة، وألهبت الجرائد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/20)
شعور سكان فلسطين لحماية أراضيهم من الغزو الصهيوني اليهودي الغريب.
في عام 1911م سافر أمين للالتحاق بجامعة الأزهر، وكان أخوه كامل قد بعثه إلى الجامعة المذكورة للالتحاق بها بقصد إعداد أخيه أمين ليصبح مفتيا للقدس من بعده. وكان يرس لأخيه أمين خمسة جنيهات تركية شهريا كمصروف. وفي القاهرة درس أمين في ثلاثة معاهد أكاديمية هي جامعة الأزهر، ودار الدعوة والإرشاد «وهي المدرسة التي أنشأها رشيد رضا»، وكلية الآداب بجامعة القاهرة، ودرس أمين في المعهدين الأول والثاني دراسة إسلامية على يد رشيد رضا «تلميذ محمد عبده»، الذي درسه الفلسفه والحركة الإسلامية، وكان أول من بدأ في تدريس هذه الحركة الإسلامية جمال الدين الأفغاني، الذي علم تلاميذه أهمية الوحدة الإسلامية لصد الزحف الأوروبي عن البلاد الإسلامية.
في عام 1913 توجه الشاب أمين من القاهرة إلى مكة لأداء فريضة الحج مع والدته و منذ ذلك الحين التصق به لقب الحاج، لم يتخرج الحاج أمين من جامعة الأزهر لأنه بعد أن أدى فريضة الحج ورجع الى القدس وقعت الحرب العالمية الاولى التي منعته من الرجوع الى القاهرة، وكانت مدة دراسته في القاهرة سنتين ونصف تقريبا.
في العام 1914 التحق بالكلية الحربية بإسطنبول التي تخرج فيها برتبة ضابط صف.
والتحق بالجيش العثماني لكنه بعد فترة قصيرة آثر العمل مع الثورة العربية، فانضم إلى جيش الشريف حسين بن علي بهدف إقامة دولة عربية مستقلة وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى.
عقب صدور وعد بلفور قرر الحاج أمين الحسيني العودة إلى القدس وبدأ الكفاح ضد الوجود اليهودي والبريطاني هناك، فأنشأ عام 1918 أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين الحديث وهي "النادي العربي" الذي عمل على تنظيم مظاهرات في القدس عامي 1918 و1919، وعقد في تلك الفترة المؤتمر العربي الفلسطيني الأول هناك.
تسببت تلك المظاهرات في اعتقاله عام 1920، لكنه استطاع الهرب إلى الكرك جنوب الأردن ومنها إلى دمشق، فأصدرت الحكومة البريطانية عليه حكما غيابيا بالسجن 15 عاما، لكنها عادت وأسقطت الحكم في العام نفسه بعد أن حلت إدارة مدنية برئاسة هربرت صموئيل محل الإدارة العسكرية في القدس، فعاد إليها مرة أخرى.
انتخب مفتيا عاما للقدس عقب وفاة كامل الحسيني المفتي السابق، فأنشأ المجلس الإسلامي الأعلى للإشراف على مصالح المسلمين في فلسطين، وعقد المجلس في المسجد الأقصى مؤتمرا كبيرا عام 1931 سمي المؤتمر الإسلامي الأول حضره مندوبون من مختلف البلدان العربية والإسلامية.
وأصدر الحاج أمين الحسيني فتوى اعتبرت من يبيعون أرضهم لليهود والسماسرة الذين يسهلون هذه العملية خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين. ونشط الحاج أمين في شراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى أيدي اليهود وضمها إلى الأوقاف الإسلامية.
رأى الحسيني أن الشعب الفلسطيني لم يكن مؤهلا لخوض معركة عسكرية بطريقة حديثة، فأيد الجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية. وفي الوقت نفسه كان يعمل بطريقة سرية لتكوين خلايا عسكرية اعتبرت النواة الأولى التي شكل منها عبد القادر الحسيني فيما بعد جيش الجهاد المقدس.
عقب استشهاد عز الدين القسام عام 1935 اختير الحسيني رئيسا للهيئة العربية العليا التي أنشئت في العام نفسه، وضمت مختلف التيارات السياسية الفلسطينية، وكان له دور بارز في ثورة 1936 من خلال تسهيل دخول المتطوعين الذين وفدوا للدفاع عن فلسطين من مختلف البلدان العربية.
رفض الحاج الحسيني مشروع تقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي طرح في يونيو/ حزيران 1937 وقاومه بشدة، فعملت السلطات البريطانية على اعتقاله، لكنه التجأ إلى الحرم القدسي الشريف فخشيت بريطانيا من اقتحام الحرم حتى لا تثير مشاعر الغضب لدى العالم الإسلامي، فظل الحاج أمين الحسيني يمارس دوره في مناهضة الاحتلال من داخل الحرم.
وبعد اغتيال حاكم اللواء الشمالي إندروز أصدر المندوب السامي البريطاني قرارا بإقالة المفتي أمين الحسيني من منصبه واعتباره المسؤول عن الإرهاب الذي يتعرض له الجنود البريطانيون في فلسطين. واجتهدت السلطات البريطانية في القبض عليه لكنه استطاع الهرب إلى يافا ثم إلى لبنان عبر مركب شراعي، فقبضت عليه السلطات الفرنسية لكنها لم تسلمه إلى بريطانيا، وظل في لبنان يمارس نشاطه السياسي.
واضطر للهرب من لبنان مرة أخرى بعد التقارب الفرنسي البريطاني، فتنقل بين عدة عواصم عربية وغربية، وصل أولا إلى العراق ولحق به بعض المجاهدين، وهناك أيد ثورة رشيد عالي الكيلاني، ثم اضطر لمغادرتها بعد فشل الثورة فسافر إلى تركيا ومنها إلى بلغاريا ثم ألمانيا التي مكث فيها أربعة أعوام.
طالبت بعض الدول الأوروبية بمحاكمته على أنه مجرم حرب ومن مؤيدي النازية، وضيقت الخناق عليه، فاضطر للهرب إلى مصر ليقود من هناك الهيئة العربية العليا مرة أخرى، وليعمل على تدعيم جيش الجهاد المقدس، وتولى مهمة التجهيز والتنسيق والإمداد للمجاهدين. وهناك أنشأ منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الكشافة والجوالة لتدريبهم على السلاح.
وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله بعد النكبة الكبرى عام 1948 وشددت عليه الرقابة. وظل على تلك الحال إلى أن اندلعت ثورة 1952 في مصر، فتعاون مع قادة الثورة في نقل الأسلحة سرا إلى سيناء ومنها إلى الفدائيين الفلسطينيين في الداخل، واستمر على هذه الحال حتى قرر عام 1959 الهجرة إلى سوريا ومنها إلى لبنان، واستأنف هناك نشاطه السياسي فأصدر مجلة "فلسطين" الشهرية، وظل في لبنان حتى توفي عام 1975 ودفن في مقبرة الشهداء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/21)
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 01:58 ص]ـ
الحاج محمد أمين الحسيني
ولد في القدس سنة 1897، ونشأ في عائلة الحسيني العريقة، وتربى في بيت والده الشيخ طاهر الحسيني مفتي القدس، الذي عرف بالعلم الواسع والتقوى والصلاح.
تلقى علومه الابتدائية والثانوية في مدارس القدس، التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلم اللغة الفرنسية، بعدها التحق بجامعة الأزهر لتلقي المزيد من العلوم الدينية، وكان يتردد على (دار الدعوة والإرشاد) التي أنشأها محمد رشيد رضا (داعية الإصلاح) حيث نهل من علمه وسار في تياره الفكري الذي يمارس تأثيراً كبيراً على الجماهير. ومن خلال ذلك عرف الكثير عن الصهيونية وأطماعها في فلسطين، إلا أن دراسته في الأزهر لم تطل أكثر من عامين بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى.
التحق بكلية الآستانة العسكرية وتخرج منها ضابطاً، والتحق بالجيش العثماني في ولاية أزمير، وعمل في مراكز عسكرية أخرى على البحر الأسود حتى نهاية الحرب مما أكسبه خبرة جيدة، كان لها الأثر الأكبر في شخصيته وحياته.
بعد نهاية الحرب، عاد الضابط الحسيني إلى القدس، وأصبح يعرف بين الناس بالحاج أمين الحسيني إذ كان قد اكتسب لقب الحاج عندما حج برفقة والدته. وهكذا كانت كتابات الحسيني تتلخص إثر عودته إلى بلده في كونه شاباً عربياً مؤمناً ومتعلماً، ملماً بالفكر الإسلامي النير، والعلوم المفيدة، والخبرة العسكرية، ويعرف من اللغات الأجنبية التركية والفرنسية، بالإضافة إلى ذلك كله كان بحكم انتمائه إلى أسرة آل الحسيني، ذات النسب والشرف مهيأ ليكون زعيماً وداعية مسموع الكلمة.
عندما احتل الإنجليز فلسطين، انصرف الحسيني إلى تنظيم الفلسطينيين في حركة وطنية شاملة ضد الاستعمار والصهيونية واستجاب له نفر من أصدقائه فكونوا في القدس أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين وهي (النادي العربي) وانتخب الحسيني رئيساً لها، وكان لهذا النادي أثر كبير في انطلاق الحركة الوطنية، وقيام المظاهرات العنيفة ضد الاحتلال الإنجليزي.
تسلم الحسيني منصب الإفتاء رسمياً ـ بالرغم من مقاومة الإنجليز لذلك ـ فأعاد تنظيم المحاكم الشرعية، واختار لها القضاة، ونظم الأوقاف، وعين فيها عدداً من الشبان المخلصين المثقفين، وأخذ يعمل على تقوية المدارس الإسلامية القليلة وتنظيم أمورها، كما أنشأ مجلساً شرعياً إسلامياً لفلسطين تألف من مجموعة من العلماء، وعين الحسيني رئيساً لهذا المجلس الذي سمي (المجلس الإسلامي الأعلى)، الذي أصبح على مرّ الأيام أقوى قوة وطنية إسلامية في البلاد، وقام بعدد من الأعمال والإنجازات الهامة منها: إنشاء دار الأيتام الإسلامية الصناعية في القدس وفتح عشرات المدارس في البلاد، وقام باسترجاع أراضي الوقف الإسلامي التي كانت حكومة الانتداب تسيطر عليها، وتولى إدارتها، وأنشأ العشرات من المحاكم الشرعية، وعين المئات من الوعاظ والمرشدين، فضلاً عن إنشاء فرق الجوالة والكشافة الإسلامية والجمعيات الخيرية والنوادي الأدبية والرياضية، وإصلاح المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة وإنقاذها من الأخطار التي كانت تتهددها بالانهيار، وقد تم ذلك بأموال الأوقاف وتبرعات العرب والمسلمين في شتى أنحاء العالم.
استطاع الحسيني أن يجعل لنفسه من خلال المجلس نفوذاً سياسياً ساعد على مواصلة النشاط والجهاد، بالرغم من المعارضة القوية التي كانت موجهة إليه وإلى الحركة الوطنية معاً، وقد قامت هذه المعارضة في البداية على التنافس العائلي على منصب رئيس بلدية القدس، وكانت ركائز هذه المعارضة البلديات التي يسيطر عليها الإنجليز، وأركانها رؤساء هذه البلديات، والإنجليز كانوا يغذونها، وأطلق المعارضون على أنصار الحركة الوطنية اسم (المجلسيين) نسبة إلى المجلس الإسلامي الأعلى الذي رأسه الحاج أمين، واختاروا لأنفسهم اسم (المعارضون) ومن هؤلاء المعارضين عائلة النشاشيبي والشقيري، وهكذا انقسمت البلاد إلى فئتين وكان لهذا الانقسام أثره في حياة فلسطين، وفي حركتها الوطنية، حيث أثارت المعارضة الفتن، والشغب على المجاهدين، وكانت تستعين على هذا بما تتمتع به من عون من الإنجليز واليهود تحقيقاً لمبدأ فرق تسد!! فتستجيب لها وتقع في مصيدتها بعض النفوس الضعيفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/22)
كان الحاج أمين القوة الدافعة للحركة الوطنية، ومركز الثقل في المقاومة الفلسطينية، والعنصر الفعال الموجه في المحيط العربي الفلسطيني، السياسي والوطني على السواء، هذا بالإضافة إلى الدور العظيم الذي كان يقوم به في مضمار الشؤون الإسلامية، مما حفز الإنجليز وأعوانهم اليهود إلى مقاومته والتخلص منه.
في أواخر تموز 1929 وقع اصطدام عنيف بين الفلسطينيين واليهود في ساحة البراق الشريف بسبب محاولة اليهود اقتحامه وفرض سيطرتهم عليه، ووقف الإنجليز إلى جانب اليهود، وامتدت الاصطدامات وأخذت تتوالى حتى حصل الانفجار الكبير يوم الجمعة 23 آب والذي يعرف (بثورة البراق) حيث حدثت اشتباكات في جميع أنحاء المدينة وغدت الشوارع مسرحاً لقتال العرب واليهود، وكانت حصيلة هذه الاشتباكات التي انتهت في 30 آب مقتل وجرح 450 من اليهود و348 من العرب.
لما رأى الحسيني انحياز الإنجليز مع اليهود، لجأ إلى قوة العالم الإسلامي مستنداً إلى مكانته الدينية، ودعا إلى عقد مؤتمر إسلامي رسمي في القدس، يشعر سلطات الانتداب بأن عرب فلسطين ليسوا وحدهم، فهناك الملايين من العرب والمسلمين يساندونهم. وافتتح المؤتمر الإسلامي العام رسمياً يوم الإسراء 7/ 12/1931، حضره حشد كبير من العلماء والشخصيات السياسية، استنكروا فيه جميع أنواع الاستعمار وفي أي قطر من الأقطار الإسلامية، كما وضع المؤتمر قرارات رئيسية أهمها: وضع نظام لعقد المؤتمر كل سنتين، إنشاء جامعة إسلامية في القدس باسم (جامعة الأقصى)، التعاهد بالدفاع عن البراق، إيجاد دائرة معارف إسلامية، تأسيس شركة زراعية لإنقاذ الأراضي ومساعدة الفلاحين والقرويين وأرباب الحرف، وإيجاد شركات تعاونية للتسليف.
عندما تدفقت الهجرة اليهودية على فلسطين، ازداد نشاط الحركة الوطنية وقامت بعدة مظاهرات يترأسها الشيخ موسى كاظم الحسيني، وتعاقبت المظاهرات، وأخذ الوضع يتأزم بمرور الزمن خاصة بعد قيام اليهود بتهريب الأسلحة والأعتدة على نطاق واسع، وتوزيعها على المستعمرات اليهودية، وتشكيل عصابات سرية للإرهاب والتخريب، مما جعل الحاج الحسيني يؤلف لجان سرية من شبان فلسطين لشراء السلاح من داخل فلسطين ومن سورية ومن لبنان والعراق وشرق الأردن، ونقله إلى فلسطين، كما أقام المفتي مراكز سرية في عدة مناطق فلسطينية لتدريب الشبان المؤهلين على استعمال السلاح وحرب العصابات مستعيناً بعدد من كبار الضباط العرب المتقاعدين (من فئة الضباط الناجحين في العهد العثماني)، كما شكل مجموعات مسلحة من الوطنيين الصامدين في بعض أنحاء فلسطين في الشمال، وكان الشيخ علي رضا النحوي مسؤولاً عن هذا التنظيم، أما المناطق الجنوبية وخاصة القدس، فقد كون الشبان الوطنيون تنظيماً بقيادة عبد القادر الحسيني أطلقوا عليه اسم (الجهاد المقدس).
توالت الاشتباكات المسلحة بين العرب واليهود بسرعة فائقة، مما أدى إلى إعلان الإضراب العام الذي شمل البلاد كلها، وهو ردة فعل فورية إزاء الأخطار المحدقة بالبلاد إثر الهجرة المكثفة لليهود، وانتقال ملكية الأراضي لليهود، وحرمان العرب من أي نوع من أنواع الحكم الذاتي. واستمر الإضراب في تصاعد مستمر، ودعا المفتي إلى الوحدة الوطنية بين الأحزاب الفلسطينية وانتخبوا لجنة برئاسة الحاج الحسيني وعضوية ممثلي الأحزاب الستة أطلقوا عليها اللجنة العربية العليا، حيث أعلنت هذه اللجنة قرارها بالاستمرار في الإضراب العام إلى أن تمنع الحكومة البريطانية الهجرة اليهودية منعاً باتاً، وتمنع انتقال ملكية الأراضي لليهود، وتوافق على إنشاء حكومة وطنية مسؤولة أمام مجلس نيابي، إلا أن الحكومة البريطانية لم تأبه بمطالب اللجنة العليا، وأصدرت تقريراً يقتضي تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق (منطقة عربية تضم إلى شرق الأردن، منطقة يهودية تشمل أجود الأراضي الساحلية وتمتد من حدود لبنان إلى المجدل عبر سهل مرج بن عامر وبيسان والجليل، ومنطقة واقعة تحت الانتداب البريطاني).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/23)
أعلنت اللجنة العربية العليا رفضها قرار التقسيم، لذا اعتبرت بريطانيا المفتي العقبة الوحيدة أمام حل القضية الفلسطينية والتفاهم مع اليهود، ورأت ألا تترك الساحة خالية لنشاطه، بل عليها أن تقيله من مناصبه وخاصة رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى، وأن تبطش به وبالفريق المتصلب من المتطرفين، فاقتحمت مقر اللجنة العربية العليا لاعتقال المفتي، لكنه نظراً للحراسة المشددة التي تحيط به تمكن من الإفلات والاختباء في بيته الواقع بين أروقة المسجد الأقصى مما تعذر على الإنجليز دخوله خوفاً من انتهاك حرمة المكان، ولفت الرأي العام العربي لعملهم هذا، واستمرت تحاصر المكان مدة 3 أشهر قطعت خلالها البريد والتلفون والكهرباء، فعاش المفتي في عزلة تامة عن العالم. وخوفاً من نشوب القتال في ساحة الحرم بين المجاهدين الذي جاؤوا لحماية زعيمهم وبين الأعداء، قرر المفتي مغادرة البلاد، وقبل مغادرته كان قد أعد بياناً دعا فيه الشعب لاستئناف حمل السلاح في 15 تشرين أول 1937.
استطاع المفتي التسلل والفرار ـ بعد تعرضه لمشاق كبيرة ـ إلى لبنان، وعند وصوله قامت مظاهرات تأييد له واحتجاجاً على السلطات الفرنسية التي قررت نفيه إلى باريس لكنهم تراجعوا، وفي هذه الأثناء حلت الحكومة البريطانية اللجنة العليا ونفت الزعماء إلى الخارج، لكن الحسيني قبل خروجه من فلسطين أعد لاستئناف الثورة، فلما نجح في الإفلات تفجرت الثورة مرة أخرى، وجعل يشرف على إدارتها من لبنان، ويتابع أخبار المجاهدين وبنفس الوقت يتابع أخبار وتحركات الإنجليز، كما كون اللجنة المركزية للجهاد من الشيخ حسين أبو السعود ومنيف الحسيني واسحق درويش في لبنان وعزة دروزة ومعين الماضي في دمشق، وقامت هذه اللجنة بتوجيه الثورة وإمدادها وإسعاف منكوبيها، كما أخذت تجهز بعض البارزين من المجاهدين وتسيرهم إلى فلسطين ليتولوا قيادة الحركة الجهادية في مرحلتها الجديدة، وتنشئ الصلات بين من بقي منهم في فلسطين وتمدهم بما تستطيعه من مال وسلاح، وتبذل جهودها في سبيل الحصول على التبرعات من مختلف البلاد العربية، ويذكر أنه تعاونت لجنة الدفاع عن فلسطين، برئاسة نبيه العظمة، والمجاهدون السوريون كل التعاون مع اللجنة المركزية، خاصة في المساعدات المادية وفي حماية رجال الثورة من عيون الفرنسيين.
تأزمت الحال في صيف 1939 في أوروبا، وتقاربت فرنسا وبريطانيا، وطلبت بريطانيا من فرنسا أن تضيق الخناق على المجاهدين الفلسطينيين في سورية ولبنان، ووضع المفتي تحت المراقبة الشديدة من مختلف طبقات المجتمع من موظفي الأمن العام حتى التجار إلى الباعة، لكن بفضل الله ورعايته استطاع في غفلة من الفرنسيين الفرار إلى العراق بعد مكوثه سنتين في لبنان.
كان العراق في تلك الفترة يتمتع باستقلال نسبي، وكان أكثر البلدان العربية ملاءمة لقبول لجوء المفتي إليه، وكان قد وصل إلى العراق قبله مائتا مجاهد فلسطيني، فأظهر لهم الشعب والحكومة العراقية كرماً عظيماً، وبانتقال سماحته إلى بغداد أصبح العراق مركز الثقل للقضية الفلسطينية. وفي العام الأول من وجوده في بغداد قام بتأسيس (حزب الأمة العربية) وقد كان للحزب دستور تلخصت أهدافه السياسية بالاستقلال للبلدان العربية من نير الاستعمار والوحدة بينها، وقد تألفت النواة الأولى للحزب برئاسة المفتي، فانضم إلى هذا الحزب السري عدد من السياسيين والعسكريين العراقيين وعدد من السياسيين العرب الذين كانوا في العراق في ذلك الوقت. حيث كان هذا الحزب القوة السياسية والأساسية المحركة للأحداث على الصعيدين السياسي والعسكري ومن هؤلاء العسكريين العراقيين: رشيد عالي الكيلاني، يونس السبعاوي، ناجي شكوت، وصلاح الدين الصباغ.
انتهز المفتي فرصة وجوده في بغداد، فطلب من السلطات العراقية أن تقوم بتدريب الفلسطينيين تدريباً عسكرياً، ودخل عدد كبير منهم في مدرسة ضباط الاحتياط وحصلوا على شهادتها، وكذلك في كلية الأركان والمعاهد العسكرية وأتموا تدريبهم فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/24)
كان الحاج أمين يتمتع بسمعة وطنية كبيرة من جميع الأطراف في العراق، حيث قام بدور كبير في أحداث العراق، وعمد إلى إزالة أسباب الخلاف التي كادت تؤدي بالجيش إلى الصدام، الرابح منه الإنجليز وحدهم، حيث قامت في ذلك الوقت معركة سياسية ضارية قسمت الجيش إلى معسكر يتجمع حول (نوري السعيد) الذي يرى أن التعاون مع الإنجليز في الحرب يوصل العراق إلى حقوقه الوطنية، ومعسكر آخر يتجمع حول رشيد عالي الكيلاني الذي يرى أنه يستحيل الاعتماد على الإنجليز الذين تسيطر عليهم الصهيونية، وكان يذهب إلى التعاون مع الألمان. ازدادت نقمة الإنجليز على المفتي أمام هذا العمل الدؤوب الذي كان لصالح العراق وقضية فلسطين، وزاد هذه النقمة أنه استطاع أن يحسن الجو بين السعودية والعراق، مما أدى إلى تهيئة البلدين لتحقيق وحدة مستقبلية.
طلبت السلطات العراقية من المفتي الاتصال سرياً مع الألمان لطلب السلاح والحصول على تصريح من الحكومة الألمانية بشأن استقلال الأمة العربية وحريتها، وبالفعل تم ذلك حيث أرسل أمين وزارة الخارجية الألمانية رسالة إلى المفتي، بين فيها استعداد ألمانيا دعم الشعب العربي في حالة وقوع حرب مع الإنجليز، إذا مكنتها وسائل المواصلات من ذلك، وذكر أن الشعبين الألماني والعربي متفقان على الكفاح ضد العدو المشترك الإنجليز واليهود، وطلب بقاء هذه الرسالة سرية.
قامت الثورة العراقية في أيار عام 1941، وكان للمفتي دور كبير في الحث عليها والوقوف معها، حيث أقنع القادة العراقيين أن هذه حركة تحريرية وطنية هدفها تحرير العراق من براثن الاستعمار البريطاني، ليمارس سيادته واستقلاله الوطني كاملاً غير منقوص، وصمم العراقيون على الدفاع عن حريتهم وكرامتهم، في حين صمم الإنجليز على الاعتداء على العراق وقامت هذه الثورة بقيادة رشيد عالي الكيلاني، ووقف المفتي إلى جانبه فحشد المئات من المجاهدين الفلسطينيين والعرب الملتفين حوله، وكان يتصل بكبار الضباط ويقوم بتوجيههم، ويثير فيهم روح الجهاد ويعمل على تقوية روح المقاومة عند أبناء الشعب العراقي، إلا أنه ولأسباب عدة لم يكتب لهذه الثورة النجاح.
حاول الإنجليز اعتقال المفتي، لكنه استطاع الإفلات من أذاهم والهروب إلى إيران، ولم تطل إقامته هناك بسبب احتلال القوات الروسية والبريطانية المشتركة للعاصمة طهران حيث كان يقيم، واستطاع بعد جهد ومشاق، السفر إلى إيطاليا عبر تركيا بمساعدة الطليان، ومن إيطاليا توجه إلى ألمانيا، حيث حل ضيفاً على الحكومة الألمانية.
وأثناء إقامة المفتي في ألمانيا، وصل إليها رشيد عالي الكيلاني، فتقدم الاثنان بعدة مشاريع لتصريح رسمي أو معاهدة بين العرب والمحور تضمن للعرب الاعتراف من قبل المحور بالحرية والاستقلال للأقطار العربية الواقعة تحت الحكم البريطاني، وبالعمل للقضاء على الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وبعد موافقة هتلر تمكنا من الحصول على تعهد رسمي من ألمانيا وإيطاليا موقع عليه من وزيري الخارجية الألماني والإيطالي، مؤيداً مطالبهم وموضحاً استعداد الحكومة الألمانية للمشاركة مع العرب في الكفاح ضد العدو المشترك الإنجليز واليهود حتى يتحقق النصر.
كما طلب المفتي من السلطات الألمانية أن توسع مجال عملها بشكل يتمكن فيه كل العرب المقيمين في بلاد المحور من الانضمام إلى الجيش الألماني للتدريب وتكوين جيش عربي، وبالفعل قررت الحكومة الألمانية إنشاء (الجيش العربي) ومد هذا الجيش بالأسلحة اللازمة، ولتحقيق هذا بنى الألمان مستودعاً كبيراً تخزن فيه الأسلحة الخفيفة، ووضعوا تحت تصرف الجيش أربع طائرات لنقل العتاد ووضعه في مخابئ سرية لتدريب المجاهدين في فلسطين.
أثناء إقامة المفتي في ألمانيا سمع بالمآسي التي حلت بالشعب البوسني المسلم عندما تصارعت عليه القوميتين الكرواتية والصربية، حيث اجتمع بزعماء بوسنة وهرسك، وبعد البحث معهم ومع قيادة القوات الألمانية في كيفية المحافظة على حياة البشانتة ومنع وقوع المذابح فيهم، وافقت الحكومة الألمانية على تجنيد الشبان منهم وتسليحهم للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم، كذلك اتفق المفتي مع السلطات الألمانية على إنشاء معهد للأئمة لتوزيعهم على وحدات الفرق البوسنية الذين زاد عدهم عن 100 ألف مقاتل، وقد أنشأ المعهد واختير له عدد من علماء البشناق لتوجيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/25)
أولئك الأئمة، وأنشأ المفتي كذلك بالاتفاق مع الألمان معهداً آخر في (دردسن) لتخريج الأئمة الأذربيجانيين والقوقازيين وغيرهم، وبذلك زاد عدد المجندين في بلاد المحور من عرب وبوسنيين وأذربيجانيين وغيرهم على مائتي ألف مقاتل، استطاعوا أن يمنعوا المجازر عنهم وعن جميع مسلمي البلقان وشرق أوروبا.
اشتدت غارات الحلفاء على ألمانيا عام 1943، فكانت بعض الغارات تهاجم برلين بألف طائرة أو أكثر، ولما شرع الحلفاء بالزحف على الأراضي الألمانية عام 1945 انتقل المفتي إلى باريس، ومن باريس إلى مصر حيث حل ضيفاً على الملك فاروق.
في مصر قام المفتي بتشكيل الهيئة العربية العليا لفلسطين برئاسته حيث نظم الحركة الوطنية الفلسطينية تنظيماً حديثاً، وقرر إعداد الشعب لخوض الكفاح المسلح ضد الصهيونيين والإنجليز، وألف لجنة من قادة المجاهدين الفلسطينيين وبعض الضباط السوريين والعراقيين والمصريين لوضع الخطط وتحديد المطلوب من الأسلحة والمعدات للجهاد الذي كان أوانه قد اقترب بعد بروز فكرة التقسيم من جديد في الأوساط الأمريكية والبريطانية والصهيونية ومحيط الأمم المتحدة، كما أعاد تنظيم جيش الجهاد المقدس وأسند قيادته إلى عبد القادر الحسيني وأنشأ المفتي كذلك منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الفتوة والجوالة والكشافة وأسند قيادتها للمجاهد الصاغ محمود لبيب ـ وهو قائد بارز من قادة الحركة الإسلامية بمصرـ وكلفه بمهمة تدريب الشباب على القتال.
وبالرغم من الاستعدادات العربية إلا أن ميزان القوى بين العرب واليهود في كل النواحي لم يكن متكافئاً، وحدثت النكبة في 14 أيار 1948، ظل المفتي بعدها يعمل للدفاع عن قضية فلسطين حيث ألف حكومة فلسطينية في منطقة غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي أطلق عليها (حكومة عموم فلسطين) لتتولى شؤون الكفاح. لكن التواطؤ والمؤامرات على القضية ظل مستمراً يجمد نشاط وعمل هذه الحكومة بعد أن أرغمت على الانتقال إلى مصر، وكذلك حُرمت الهيئة العربية العليا من حرية العمل والنشاط، وأغلقت في وجهها الصحف والمجلات ومحطات الإذاعة، بينما واصل الأعداء مساعيهم لتصفية القضية وكانت خطتهم الجديدة نقل القضية من أيدي أصحابها إلى الجامعة العربية، فتقرر إنشاء (إدارة خاصة بفلسطين) في مجلس الجامعة تتولى القضية الفلسطينية من جميع نواحيها.
قامت في مصر ثورة يوليو 1952 فاستبشر المفتي خيراً، ورحب بالعهد الجديد برئاسة جمال عبد الناصر، إلا أن روائح الحل السلمي للقضية بدأت تطل من جديد، فخمدت قضية فلسطين وتحولت إلى قضية لاجئين، واتفقت الأمم المتحدة مع الرئيس جمال عبد الناصر على حل القضية خلال عشر سنوات مقابل ثلاثة آلاف مليون دولار تدفع لمصر وسورية والأردن ولبنان مقابل توطين اللاجئين من فلسطين.
وفجأة وبدون سابق إنذار، هبت الصحف المصرية الخاضعة لإشراف الحكومة تشن حملة قاسية ضد الهيئة العربية العليا ورجالها، وتعرضهم لاتهامات باطلة وافتراءات كاذبة جزاء تنبيههم الفلسطينيين والرأي العام العربي لذلك الاتفاق الذي تم بين عبد الناصر وهيئة الأمم المتحدة، مما اضطر المفتي ورجاله مغادرة القاهرة إلى لبنان عام 1959.
استأنف المفتي نشاطه في سبيل فلسطين من العاصمة اللبنانية، وظل ينبه الزعماء العرب إلى الخطر الصهيوني والمطامع اليهودية التي ستتعدى فلسطين إلى الأقطار المجاورة، ومد نشاطه إلى الدائرة الإسلامية حيث كان يرأس مؤتمرات إسلامية في مكة المكرمة، نشأت عنها مؤسسة دائمة باسم (مؤتمر العالم الإسلامي) برئاسته، وظل يشغل هذا المنصب طيلة حياته، إلى أن توفي ـ رحمه الله ـ في بيروت يوم الخميس 4/ 7/1974 ودفن في مقبرة الشهداء بالحرج.
عقبت الصحف البريطانية على وفاة الحاج المفتي أمين الحسيني ـ رحمه الله ـ بهذه الكلمات (مات عدو الصهيونية والإمبراطورية البريطانية).
المراجع:
ـ كتاب (الحاج أمين الحسيني، رائد جهاد)، للكاتب حسني أدهم جرار
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 02:05 ص]ـ
سيرة الحاج أمين الحسيني
--------------------------------------------------------------------------------
النشأة
وُلِد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1897م، والده هو طاهر الحسيني مفتي القدس
(وكانت العائلة جاءت من الحجاز منذ استعاد صلاح الدين الأيوبي القدس.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/26)
ومن ثَم نشأ محمد في بيت علم وتقوى وصلاح، تلقَّى القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في بيت والده،
فقد خصص له والده عدداً من العلماء والأدباء لتعليمه في البيت، وقد أرسله والده إلى مدارس القدس الابتدائية والثانوية كسائر أبناء البلدة، ثم أدخله مدرسة الفرير لمدة عامين لتعلم الفرنسية، ثم أرسله والده إلى جامعة الأزهر بالقاهرة ليستكمل عدته.،
وقد اجتهد الشاب في تحصيل العلم أيضًا في كلية الآداب في الجامعة المصرية، وكذلك في مدرسة محمد رشيد رضا "دار الدعوة والإرشاد"، وفي إجازة له في القدس عام 1914م قامت الحرب العالمية الأولى، فلم يستطع العودة لاستكمال دراسته، فوجَّهه والده إلى إستانبول لاستكمال عدته العلمية في معاهدها، ولكن الشاب آثر
الالتحاق بكليتها العسكرية، وتخرج ضابطاً في الجيش العثماني، وقد عمل في عدة مراكز عسكرية،
وبذلك اجتمع للشاب عُدَّة من الكفاية العلمية والعسكرية، وكان أدى فريضة الحج مع والدته في عام 1913م، فاكتسب لقب الحاج من حينها. وقد ترك الخدمة العسكرية مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
الوظائف والمناصب
أسس ورأس "النادي العربي" 1915م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم عمل معلمًا بمدرسة روضة المعارف الوطنية.
انتخب مفتيًا للقدس عام 1921م خلفاً لشقيقه كامل الحسيني.
رأس أول مجلس للشئون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين
عام 1922م.
أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين (18 محكمة شرعية).
استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).
تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء فلسطين.
تأسيس الكلية الإسلامية (من 1924م إلى 1937م).
تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس.
رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.
رئاسة المؤتمر الإسلامي العام - وهو الذي بدأ منذ عام 1931م في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.
تكوين جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب ببيع أرضهم.
تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض فلسطين، والتي أثمرت "جيش الجهاد المقدس" في أطواره المختلفة.
تأسيس ورئاسة "اللجنة العربية العليا لفلسطين".
المشاركة في ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز عام 1941م.
إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية الفلسطينية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
رئاسة "الهيئة العربية العليا لفلسطين" والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.
رئاسة وفد فلسطين في مؤتمر باندونج عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.
تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.
رئاسة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" عام 1948، والذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها،
وبرنامج الحكومة.
جهاده للقضية الفلسطينية
? شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918م،
وشارك في عقد المؤتمر العربي الفلسطيني" الأول عام 18/ 1919م، والمظاهرات الفلسطينية في عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب القدس القافلة البريطانية المشرفة على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا، وحكم عليه غيابيًّا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو عنه، وبعد عودته بأشهر يُتَوفَّى شقيقه مفتي القدس، ويرشِّحه رجال فلسطين لخلافه شقيقه وهو ابن خمسة
وعشرين عامًا، ويفوز الشاب بالمنصب، ولكنه لا يكتفي بهذا، فيطالب بتشكيل هيئة إسلامية تشرف على كافة الشئون الإسلامية في فلسطين، وينجح في حمل السلطة البريطانية على الموافقة،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/27)
ويفوز في انتخابات رئاسة هذه الهيئة، ويعمد من خلال هذه الهيئة إلى تنظيم الشعب الفلسطيني، فينظم الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وإعدادها إعدادًا جهاديًّا، ويتصل بكافة المخلصين من أمثال عزِّ الدين القسَّام وعبد القادر الحسيني وغيرهما؛ لتنظيم جمع السلاح وتدريب المجاهدين لمقاومة المؤامرة الصهيونية.
? وقد توجهت الدعاية المعارضة لأمين الحسيني لتظهره وكأنه الرجل المسالم للإنجليز، وفي لقاء بينه وبين بعض قادة العمل الوطني على رأسهم عبد القادر الحسيني يدور الحديث عن موقفه من مقاومة الإنجليز،
فيرد الرجل قائلاً: ما رأيكم أن تقاوموا أنتم الإنجليز وتتركوني لمقاومة اليهود؟
? وأحسَّ القوم أن الرجل له علم ونظرة أعمق من مجرد دفع عدو ظاهر، وأن الأمر أخطر من مجرد السيطرة الإنجليزية، وأن هذه السيطرة ستار لمؤامرة استيطانية شيطانية، وتتوحد الجهود، ويكون عبد القادر الحسيني قائداً للأعمال العسكرية، والمفتي أمين الحسيني هو الواجهة السياسية، والمنسق (من خلال منصبه واتصالاته) للجهود العسكرية، وتوفير التمويل اللازم لكافة الجهود لنصرة القضية الفلسطينية، وتتحرك الثورة عام 1929م،
ثم في عام 1933م، ثم تكون الثورة الكبرى عام 36 - 1939م،
ويتولى أمين الحسيني مسئولية اللجنة العربية العليا لفلسطين"، وهي لجنة سرية لتنسيق الجهود على مستوى الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية،
وتتعقب بريطانيا المفتي في كل مكان، ويلجأ الرجل للمسجد الأقصى يدير الثورة من داخله، ويصدر قرار بإقالة المفتي من جميع مناصبه من السلطة الإنجليزية.
? ويضطر الفتى إلى الخروج من فلسطين إلى لبنان، وقد وقع في قبضة السلطة الفرنسية بها، وترفض فرنسا تسليمه للسلطة البريطانية، وتسمح له بالعمل في الفترة من 37 إلى 1939م، ومع بشائر الحرب العالمية الثانية، تقرر السلطة الفرنسية القبض عليه ونقله للسجن، فيهرب إلى العراق، وهناك يشجع الضباط العراقيين على الثورة، وتقوم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، ويناصر المفتي الثورة، ويشترك معه مجموعات فلسطينية على رأسها عبد القادر الحسيني الذي يشترك في مقاومة التقدم الإنجليزي في العراق،
ومع بشائر الفشل للثورة ينتقل إلى طهران، ثم انتقل سرًّا بين عدة عواصم أوروبية حتى انتهى به الأمر
إلى برلين، وقد التقى في هذه المرحلة مع قادة دول المحور سواء في إيطاليا أو ألمانيا، ولم يكن الأمر مفاجئاً،
فقد أجرى المفتي اتصالات سابقة مع القيادة الألمانية في بداية الحرب، وهذا أمر طبيعي، فالدول العربية كلها تقريبًا ليس بينها وبين ألمانيا عداوة، ثانيًا ألمانيا صارت العدو القوي المواجه لكل من إنجلترا وفرنسا "وهما الدولتان اللتان يحتلان أغلب الدول العربية".
? عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني على "هتلر"، تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر
"إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا الإسلام السياسي الدولي، ومن ثَم بدأ الرجل يضع قواعد للاستفادة من الوضع الراهن، فبدأ يستفيد من وجوده بالأوجه الآتية.
? فتح أبواب الكليات العسكرية الألمانية لتدريب الشباب العربي والفلسطيني بما يُعَدُّ نواه لجيش الجهاد المقدس
في طوره الثاني.
? العمل على استصدار بيان من قيادة المحور يضمن الاستقلال لأكبر عدد من الدول العربية بعد انتصار
المحور على الحلفاء في هذه البلاد.
? العمل على الحصول على أكبر كمية من الأسلحة وتخزينها، استعداداً لمرحلة قادمة، وقد قام بالفعل بتخزين السلاح في مصر وليبيا وجزيرة رودس.
? نجح في وقف الأعمال الإرهابية ضد البوسنة (البوشناق) من جانب الصرب، ونجح في إقناع القيادة الألمانية بتشكيل جيش بوسني لمنع تكرار هذه المذابح، وتم بالفعل تكوين جيش من 100 ألف بوسني، ولكن تم تسريحه بعد انتهاء الحرب.
مطاردة من جديد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/28)
استطاع المفتي الهروب إلى ألمانيا في اللحظات الخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة. ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.
ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل القضية الفلسطينية طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع التقسيم، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين، وتبدأ الحرب، وتبدأ المؤامرات والخيانات، وتقوم بعض الدول العربية بمنع المجاهدين من الاستمرار في مقاومة العصابات الصهيونية، وذلك بحجة أن جيوشهم سوف تقوم بهذه المهمة، ثم يبدأ مسلسل الخيانات لاستكمال المؤامرة، وتنتهي الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية، ويتم حمل المفتي من خلال موقعه كرئيس للهيئة العربية العليا على أن يصدر أمرًا للمجاهدين الفلسطينيين بوضع السلاح، وما إن يتخلص المفتي من بعض القيود حتى يسرع لعقد المؤتمر الفلسطيني في القدس ليعلن استقلال فلسطين وقيام حكومتها، ولكن مصر تعتقل المفتي وحكومة عموم فلسطين وتحدد إقامتهم في القاهرة، ومع قيام الثورة، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م. وفي نفس الوقت ينشط في الجانب السياسي على مستوى الدول العربية والإسلامية، وبعض من الدول الآسيوية؛ وذلك لتأييد الحق الفلسطيني في وطنه، ودعم الجهاد المسلح في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويمثل فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًّا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر بشائر مؤامرة جديدة، ومحاولة لإنهاء القضية في خطوات سلمية، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة هامر شولد، وهي الخطة التي وافقت عليها دولة المواجهة العربية مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات، وينتقل الحاج أمين الحسيني إلى بيروت عام 1961م، وينقل إليها مقر الهيئة العربية العليا، ويفضح الرجل خطوط المؤامرة، وتفشل الخطة.
وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم "منظمة التحرير الفلسطينية" عام 1964م، ويعين رئيساً له "أحمد الشقيري" الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م، يبدأ الرجل من جديد نشاطه من أجل القضية، موضحاً موقفه الثابت أن القضية لن يتم حلها إلا بالجهاد المسلح، ويستمر الرجل في نضاله حتى تُفضي روحه إلى بارئها عام 1974م شاهدة على عصر الخيانات الكثيرة والتضحيات الكبيرة، ولم يجرؤ أحد من القادة الفلسطينيين أن يدعو إلى حل سياسي إلا بعد اختفاء روح المقاتل محمد أمين الحسيني من ساحة القضية الفلسطينية
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 02:12 ص]ـ
الحاج محمد أمين الحسيني .. مهاجر القرن العشرين
محمد أبو مليح *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/29)
إن في التاريخ شخصيات فريدة تفردت بمزايا وخصائص لا تتاح إلا للأفذاذ القلائل الذين يُحيون بعد الموت ذكراهم، ويبقون سيرتهم - العطرة بأعمالهم - تفوح عطرًا نتنسمه على مدى الأزمان، وتلكم الشخصيات في تاريخنا قليلة، فعلينا أن نقتدى بها وبعلمها الذي استمدوه من علم الله (كتاب الله وسنة نبيه)، وكان مفتينا الحاج محمد أمين الحسينى - مفتى الأقصى الأسير - من هؤلاء القلائل الذين ملأ ذكرهم الدنيا في حياتهم وبعد مماتهم، فقد جاب الدنيا شمالاً وجنوبًا، شرقًا وغربًا من فلسطين إلى سوريا إلى تركيا إلى أفغانستان، ثم إلى ألمانيا وإيطاليا يدافع عن قضية بلده، ويحث المسلمين على انتشال مقدساتهم من أيدى الأرجاس الذين دنسوها - ليس ذلك فحسب - بل ويريدون إزالتها كلية.
جاب مفتينا البلاد مدافعًا عن قضيته وقضيتنا عارضًا لها تارة، ومنددًا بأعدائنا تارة، ومهددًا لهم تارة، فجمع بذلك صفات رجل الحرب والسلام، ولكن الحرب التي يتمنى صاحبها الشهادة أو النصر والسلام الذي يتصف صاحبه بالعزة والكرامة، فحاول أن يهادن الأعداء فلما علم ألا جدوى من المهادنة أعلنها حربًا شعواء في مقره ومنفاه في بلاد المسلمين وغيرها، فاستحق بذلك أن يسمى مهاجر القرن العشرين، حيث هاجر مدافعًا عن مقدساته ودينه وبلده.
وفي هذه السطور القلائل نشير إلى الضوء؛ لأن الشمس أوضح من أن نلقى الضوء عليها؛ من خلال الغوص في بعض جوانب حياة هذا العلم الشامخ، لعل بعضنا أن يكون قد غفل عنه أو لم يعلمها.
نشأته وأهل بيته
هو الحاج محمد أمين بن الشيخ طاهر الحسيني، ولد في القدس عام 1895م، وهو الابن الثالث لطاهر الحسينى - مفتى القدس - الذي انتقل إلى رحمة الله عام 1908م.
وكان الشيخ طاهر وأخوه الشيخ عمر الحسينى - نقيب الأشراف - يشغلان أعلى المناصب في فلسطين، مما يدل على رفعة قدر العائلة الحسينية.
وللحاج أمين الحسيني تسعة إخوة: هو وأخ له من أم هى زينب، وثمانية إخوة من أم أخرى هى محبوبة، وتولى أخو الحاج أمين وهو الحاج كامل الحسينى منصب مفتى القدس بعد أبيه الحاج طاهر، وتولى بعده الحاج أمين.
أما عن نشأته، فقد نشأ نشأة دينية، حيث تعوّد منذ طفولته على صيام رمضان كاملاً، وصلاة الجمعة، والعيدين في المسجد الأقصى.
وقضى تعليمه الأوَّلى في «الكتاب»، ثم أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية في المدارس الحكومية، ثم درس ولمدة سنتين في مدرسة الفرير في القدس، حيث تعلم اللغة الفرنسية، وكان الحاج طاهر - والد الحاج أمين - مهتمًا بتعليم أبنائه، حيث عيَّن لهم مدرسًا خاصًا - للحاج أمين وأخويه كامل وفخرى - ليعلمهم العلوم الدينية في المنزل.
ولم يقتصر الحاج أمين على التعليم النظري، بل تعلم إلى جانب ذلك الفروسية، حيث أصبح فارسًا وهو في الثانية عشرة من عمره، ومن المواقف التي تدل على شجاعة الحاج أمين من صغره، وتدل كذلك على وجود الوازع الدينى عنده: أن هرتزل أراد أن يؤسس مستعمرة «موتسا» قرب قرية قالونيا - التي كان الحاج أمين يتعلم بها - فزرع شجرة لهذه المستعمرة فذهب الحاج أمين وأصدقاؤه ليظهروا عداءهم للصهيونية، وقام هو بقطع هذه الشجرة.
وأدى الحاج أمين فريضة الحج مع والدته، وهو في الثامنة عشر من عمره في عام 1913، ولذلك لقب بالحاج أمين خلافًا لغيره من رجال الدين، حيث كانوا ينادون بالشيخ فلان.
أما عن تعليمه
فبعد أن قضى المرحلة الإعدادية في القدس، وانتقل إلى مدرسة الفرير سافر إلى مصر ليكمل تعليمه في الأزهر الشريف، حيث كانت العائلة الحسينية تعده ليكون مفتيًا بعد أخيه الشيخ كامل، وفي عام 1913 ذهب إلى الحج بعد أن أنهى دراسته في الأزهر، ولم يعد إلى القاهرة ثانية، وإنما عاد إلى القدس، بسبب قيام الحرب العالمية الأولى، وكان قد استطاع حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره.
أما عن وظيفته
فقد عين الإنجليز الحاج أمين بعد تخرجه كاتبًا في مكتب جبريل حداد، وكان حداد يعمل مسئولاً عن الشؤون العربية لدى الحاكم العسكرى رونالد ستورز، وكان هذا ديدنهم، حيث كانوا لا يعينون أحدًا في مكانه الحقيقي، وكانوا يؤثرون اليهود والمسيحيين على غيرهم، ويحاولون أن يضعوا المسلمين في الأماكن التي لا تجعلهم يتحكمون في شيء من أمور الدولة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/30)
ولم يقبل الحاج أمين بهذه الوظيفة، حيث انتقل للعمل في المدرسة الرشيدية في القدس، ثم درس الحاج أمين في مدرسة روضة المعارف، وتعتبر هذه المدرسة بؤرة حركة النشاط القومى العربى الفلسطيني، وكانت هي ومدرسة النجاح في نابلس، والتي تأسست عام 1918م من أعظم المدارس الفلسطينية في تعليم أبنائها الحركة القومية العربية، والحركة الإسلامية وقد دعمها الحاج أمين عندما أصبح مفتيًا للقدس فيما بعد.
الحاج أمين مفتيًا للقدس
أما عن: كيف توصل الحاج أمين إلى منصب مفتى القدس؟ فقد ذكرت سابقًا أن العائلة الحسينية والحاج كامل الحسينى خاصة - أخو الحاج أمين - قد أرسلوا الحاج أمين إلى الأزهر حتى يجهزوه لمنصب مفتى القدس فيما بعد، وبالفعل وعقب مرض الشيخ كامل الحسينى رشحت العائلة الحاج أمين ليكون مفتيًا بعده، ولكن الإنجليز قرروا تعيين فخرى الحسينى أخو الحاج أمين لما يعرفون عن الحاج أمين من موقفه العدائى من مخططهم، ولكن نظرًا لما تلقاه الإنجليز من برقيات ورسائل، والتي وصلت إليهم من مختلف المناطق الفلسطينية تلتمس من المندوب السامى تعيين الحاج أمين مفتيًا بعد أخيه كامل اضطرت السلطات الإنجليزية أن تعينه في منصب المفتى بالرغم من توجسهم منه؛ لأنه كان قد سبق أن حكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما لاشتراكه في تظاهرات عام 1920، ولقد سبق لهم وأن حاولوا اغتياله، وهو في بيت أخيه كامل ولكن الله نجاه.
كل ذلك يدل على أن الحاج أمين تولى هذا المنصب رغمًا عن الإنجليز وباختيار الشعب الفلسطيني، وتولى الحاج أمين منصبه في 10/ 3/1921، حيث أخبره صموئيل بذلك شفهيًا.
نشاطه ودوره في خدمة القضية الفلسطينية
لقد انقسم نشاطه ودوره في خدمة القضية الفلسطينية إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى- بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة:
حيث قام بجمع كثير من المتطوعين من أهالى فلسطين للانضمام إلى الجيش الذي كان يقوده الأمير فيصل بن الشريف حسين، حيث جمع 3000 متطوع من القدس والخليل، وسافر معهم إلى الأردن للانضمام إلى جيش فيصل الذي كان في العقبة، وكان الحاج أمين يحارب في صفوف جيش الأمير فيصل.
وأنشأ الحاج أمين النادى العربي، والذي كان من أهم أهدافه أو مبادئه - والتي كانت تطابق أهداف النادى العربى بدمشق - الاستقلال والوحدة العربية، وكان الحاج أمين ينادى بسوريا الكبرى - وفلسطين جزء منها - ويشجع الشعب العربى الفلسطينى علي ذلك، وتصدى الحاج أمين كذلك لراغب النشاشيبى، وعارف الدجانى؛ لأنهم نادوا بفصل فلسطين عن سوريا.
ولعب الحاج أمين دورًا مهمًا في تقوية أفكار الحركة الإسلامية ونشرها.
وفي عام 1920 قامت المظاهرات احتجاجًا على تصرفات اليهود، حيث تعود أهل فلسطين زيارة قبر النبى موسى (عليه السلام) كل سنة في احتفال ديني رائع، وفي هذا العام تحول الاحتفال إلى تظاهرة سياسية، ومن ثم إلى معركة اعتدى فيها اليهود على المسلمين، وقتل في هذا الحادث كثير من العرب واليهود.
واتهم اليهود الحاج أمين بأنه كان المشجع الأول لأهالى القدس للاشتراك في هذه الحوادث، ولذلك قرروا قتله، وبالفعل توجه خمسة من العملاء للصهاينة في 9/ 4/1920 يلبسون اللباس البريطانى العسكرى إلى بيت المفتى الأكبر - أخو الحاج أمين - وأطلقوا الرصاص على الحاج أمين ولكنه لم يصب وأصيب ابن أخيه.
المرحلة الثانية- بعد توليه منصب مفتى القدس:
فبعد أن تولى الحاج أمين منصب مفتى القدس في 1921 اتجه إلى العمل من أجل تحسين حال أهالى فلسطين الاقتصادية والتعليمية، حيث طالب في 19/ 10/1922م بتسليمه الأوقاف التي تسيطر عليها الحكومة، وكذلك أعشار القرى التي كانت قد جمعتها الحكومة من بداية عام 1917م، وتم له ذلك.
وفي عام 1923م قام بتأسيس كلية دينية في ساحة الحرم الشريف، وهدفها تعليم الطلاب وتدريسهم لاستلام مراكز مهمة كأئمة ومدرسين في المساجد وقضاة في المحاكم الشرعية، حيث حاول الإنجليز - ومن ورائهم اليهود - أن يقضوا على حالة التعليم في فلسطين.
ثم في نفس العام قام بتأسيس مكتبة المسجد الأقصى التي احتوت - عند تأسيسها - على 3000 كتاب، كما دعم الحاج أمين مدرسة الروضة ومدرسة روضة المعارف في القدس، وهما تعتبران مع مدرسة النجاح من أشهر المدارس في القدس، وكان شعار المدارس كلها: «نحن جنودك يا حاج أمين».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/31)
وفي عام 1925 قام بتأسيس فرق كشفية عسكرية التدريب، والتشكيل، ولكن بلباس الكشافة، وهكذا عمل الحاج أمين على تربية وتعليم، وتدريب أبناء بلده لعلمه بما لذلك من أهمية، ولعلمه بأهمية التعليم والتوعية لمواجهة العدوان، وهو نفس المنهج الذي كان يتبعه المجاهد عز الدين القسام في حيفا من خلال مسجد الاستقلال.
وفي نفس الوقت ومع عمل الحاج أمين على تعليم أهل القدس،، وإعدادهم لم يهمل الجانب السياسي، حيث قام في 1925 بإرسال مئات الرسائل والبرقيات إلى زعماء المسلمين في العالم محتجًا على أعمال الفرنسيين اللا إنسانية، حيث قامت فرنسا بضرب الأهالى المدنيين من السوريين في دمشق بالقنابل والطائرات في تشرين أول/ أكتوبر أيام 18، 19، 20عام 1925 لقمع الثورة التي قادها سلطان باشا الأطرش، والتي عمت جميع المدن السورية لدرجة أنها أقلقت الفرنسيين، بل وهددت وجودهم في سوريا.
ولم يكتف الحاج أمين بإرسال الرسائل والبرقيات، وإنما شكل في تشرين ثان/ نوفمبر عام 1925 اللجنة المركزية الفلسطينية لإغاثة السوريين المتضررين، وقدم كثيرًا من المساعدات التي تلقاها من المسلمين في العالم حتى يوصلها للثوار السوريين، ويقول الحاج نويهض مبعوث الحاج أمين إلى الأزرق التي انتقل إليها الأطرش وإخوانه: إنه رأى وسط الثوار مسلمين مقاتلين من السنغال انضموا إلى إخوانهم بتشجيع من المفتى الحاج أمين الحسينى عندما كان في مكة للمشاركة في المؤتمر الإسلامي عام 1926.
المرحلة الثالثة- بعد أحداث حائط البراق:
اتسمت سياسة الحاج أمين في الفترة السابقة على أحداث حائط البراق باللين من جانبه للإنجليز واليهود، حيث اقتصرت على الشجب والتنديد، وإرسال البرقيات ومساعدة الثوار، بينما كانت أحداث البراق 1929م هى الفاصل الذي نقل المفتى من مرحلة التفاهم مع إدارة الاحتلال إلى مرحلة الصراع، فقد أدرك المفتى درس المشروع الوطنى الفلسطينى الأساس في أن القيادة السياسية تحمل على أرضية الصراع مع المحتل والمخطط الصهيونى على السواء، فبعد هذا الحادث بدأ المفتى وشيوخ المسلمين اتباع خطة جديدة لحماية الأقصى فأسسوا جمعية «حماية البراق الشريف»، حيث كان اليهود قد أسسوا جمعية «أنصار حائط المبكى»، ونشرت الصحف العربية مقالات تؤيد الجمعية الإسلامية لحماية البراق الشريف، وشجعت أعضاء الجمعية على السهر على حماية المقدسات الإسلامية والعربية كلها، وانتقل المفتى من بيته الذي يقع خارج القدس ليسكن في بيت يشرف على الحائط مباشرة، وكان المفتى يهدف من هذا العمل إلى:
1. مراقبة اليهود في حالة إذا خالفوا الوضع عما كان سابقًا.
2. لكي يظهر للصهاينة والإنجليز أنه حامى المقدسات الإسلامية وعلى استعداد ليبذل روحه في سبيل الحفاظ على الحائط إذا لزم الأمر.
وبعد ذلك حاول اليهود أن ينشئوا معبدًا يهوديًا فقاومهم المسلمون، وحدثت مجازر عند حائط البراق، وذلك في 1929، فشكل الحاج أمين منظمات سرية للدفاع عن المقدسات الإسلامية، وعن كل فلسطين، ومنها «الكف الأخضر» الذي قال عنه الإنجليز: إنها تشكلت من قبل شيوخ فلسطين برئاسة مفتى القدس الحاج أمين الحسيني، وكان هدفها حماية المقدسات، ومنع اليهود من شراء الأراضي، وقتل الخونة الذين يفكرون في التعاون مع الصهاينة.
وعلم المفتى أن بريطانيا لن تغير سياستها في دعم الصهيونية، وأنها لن تحترم العهود والمواثيق المقطوعة للعرب، ولذلك قرر الانتقام، وذلك بإعلان الجهاد، فاتصل بالزعيم الأردنى محمد العجلوني، وطلب منه أن يهاجم الإنجليز في فلسطين، وأقيمت تظاهرات كثيرة في مدن عربية وإسلامية استنكرت خطة التقسيم، وأصدر علماء المسلمين فتاوى بتحريم التنازل عن أى جزء من الأراضى الفلسطينية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/32)
فنجد في العراق يصدر علماؤها فتوى بأن أى شخص يقبل التقسيم يجب ألا يدفن في مقابر المسلمين، وأصدر علماء المسلمين فتوى بتحريم التنازل عن أى جزء، وكان من نص الفتوى: "نحن نعلن بما أخذ الله علينا من عهد وميثاق في بيان الحق أن الجهاد هو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، وأنه لا يجوز بحال من الأحوال الاعتراف لليهود بشبر من أراضى فلسطين، وليس لشخص أو جهة أن تقر اليهود على أرض فلسطين، أو تتنازل لهم عن أى جزء منها، أو تعترف لهم بأى حق فيها"، ووقَّع على الفتوى مجموعة من العلماء من جميع الدول العربية والإسلامية.
محاصرة الحاج أمين في بيته وذهابه إلى لبنان
حاول الإنجليز بكل الطرق اعتقال الحاج أمين الحسيني، فذهب الحاج أمين رأسًا إلى بيته بجوار الحرم القدسى الشريف معتقدًا أن الإنجليز لن يجرؤا على دخول الحرم الشريف، يعنى خرق حرمة الأماكن المقدسة؛ لأن ذلك سيثير المسلمين في كل مكان، ولكن الإنجليز كانوا مصممين على اعتقال الحاج أمين فقرروا أن يقوم بعض الجنود الهنود المسلمين العاملين في الجيش البريطاني بالقبض على المفتى وتسليمه لهم، وبذلك يتجنبوا غضبة المسلمين، وتسربت هذه الأنباء إلى المفتى فغادر المسجد الأقصى خوفًا من إثارة الفتنة بقتال المسلمين بعضهم لبعض إذا حاول هؤلاء الجنود الوصول إليه، ومن هنا قصد لبنان، ولكن حرس السواحل الفرنسى ألقى القبض عليه قرب بيروت، وطلب من حرس السواحل حق اللجوء السياسي، ولكن بعد الضغوط من الجانب الإنجليزى قرر الفرنسيون تحديد إقامة المفتى في بلدة «جوتية» اللبنانية، وذلك لأنها مسيحية كلها، بحيث يحدوا من نشاطه ضد الإنجليز، حيث إنه لم يتوقف عن مطاردتهم حتى وهو في منفاه.
المرحلة الرابعة- أثناء الحرب العالمية الثانية:
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية حاول الحاج أمين استغلال دول المحور، حيث حاول أن يحصل منهم على اعتراف باستقلال البلاد العربية في حالة كسب الحرب مقابل تأييد نشاط دول المحور ضد الحلفاء، أي أنه حاول أن يأخذ من المحور وعدًا يشبه وعد بلفور، ولكن لمصلحة العرب، وكانت مقابلاته مع موسولينى في روما، وهتلر في ألمانيا تركز دائمًا على ذكر جملة «استقلال العرب التام» لكن ألمانيا بدأت تخسر الحرب تدريجيًا، وحاول المفتى الهرب إلى سويسرا، إلا أن الفرنسيين قبضوا عليه وفرضوا عليه الإقامة الجبرية في فرنسا، غير أنه تمكن من مغادرتها إلى القاهرة بعد أن مارست جماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسها الإمام الشهيد حسن البنا، وجماعة الشبان المسلمين وعلى رأسها محمد صالح حرب والاتحاد العام للجمعيات والهيئات الإسلامية بمصر وعلى رأسه عبد الواحد سبل، وغيرهم من الشخصيات السياسية والوطنية مثل: محمد على علوبة، وعبد الرحمن عزام، وعلى ماهر وغيرهم - مارس هؤلاء جميعًا ضغوطًا سياسية وشعبية حتى وافقت حكومة مصر على لجوئه رغم اعتراض بريطانيا على ذلك، وتمكن بعد ذلك من مغادرة فرنسا إلى القاهرة سرًا.
وهكذا ظل الحاج أمين يكافح الإنجليز واليهود قدر جهده في سوريا، وفي فلسطين وفي ألمانيا وإيطاليا تارة بالخطب والخطابات التحريضية، وتارة بقيادة التظاهرات، وتارة بالجهاد بالسلاح، يقول الأستاذ عبد الله عقيل: زرته في أواخر أيامه في بيروت مع بعض الإخوة الكويتيين والسورييين والمصريين، فوجدت هذا الشيخ المهيب والكهل الوقور يتوقد حماسًا يفوق حماس الشباب، ويعرض الأمور ويحلل الأحداث بعين الناقد البصير والسياسى المحنك، الخبير المجرب، وكانت وصيته ألا نقطع الأمل، وأن نبقى على العهد في مواصلة الجهاد.
ونقول مثلما قال الشيخ حلمى المحتسب: «ليت فلسطين تنجب أمينًا آخر».
المراجع
الحاج محمد أمين الحسينى - مفتى القدس دراسة في نشاطاته الإسلامية (1921 - 1937) تأليف د. تيسير جبارة - دار الفرقان ط1 - 1995م.
من أعلام الحركة الإسلامية - المستشار عبد الله العقيل - دار التوزيع النشر الإسلامية - ط1 - 2000م.
تاريخ فلسطين - تأليف د. تيسير يونس جبارة - دار الشروق للنشر والتوزيع عمان - الأردن - ط3 1998م.
الإمبريالية والصهيونية والقضية الفلسطينية .. د. تيسير موسى نافع.
فتاوى علماء المسلمين بتحريم التنازل عن أى جزء من فلسطين - مركز الإعلام العربى للأبحاث والمعلومات والنشر - القاهرة - ط1 - 1991م
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/33)
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 02:14 ص]ـ
الحاج محمد أمين الحسيني
مفتي القدس ـ رئيس المجلس الاسلامي الشرعي
دراسة في نشاطاته الاسلامية (1921 ـ 1937م)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
علمنا القليل عن تاريخ فلسطين زمن الانتداب البريطاني، وذلك بسبب ندرة الوثائق، وقلتها. ومعروف لدينا ان فلسطين كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية حتى الحرب العالمية الأولى. والباحث في التاريخ يجد الوثائق عن فلسطين في الأرشيف العثماني في إسطنبول عن تلك الفترة من الزمن.
وكان الجيش الإنجليزي قد دخل القدس في كانون أول عام 1917م. ثم منحت عصبة الأمم الإنتداب البريطاني على فلسطين بعد الحرب العالمية الاولى، وبقيت بريطانيا تحكم فلسطين بالحديد والنار حتى عام 1948م.
وعن هذه الفترة الزمنية من عام 1917 ـ 1948م توجد آلاف الوثائق عن فلسطين في أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية، وارشيف وزارة الخارجية، ووزارة الحربية البريطانية. وقليل من هذه الوثائق كشفت بريطانيا النقاب عنها، وأصبحت في متناول يد الباحثين، وهناك الكثير من الوثائق الخطيرة ما زالت في طي الكتمان، لأن الحكومة الإنجليزية لا تجيز لأحد أن يطلع عليها.
ونحن نعلم أن بريطانيا تجاوزت العرف المتبع عالميا حينما كشفت النقاب عن الوثائق الفلسطينية بعد كتابتها بثلاثين عاما، ولذلك فمن المفروض أن تكشف النقاب عن بقية وثائق الإنتداب. لكي يستطيع الباحث أن يدرس المزيد عن تاريخ فلسطين زمن الإنتداب البريطاني. وعلى الرغم من ذلك فان الباحث يستطيع أن يجد في دائرة السجل العام ( P. R. O) Public Record Office في لندن آلاف الوثائق في ملفات أرشيف وزارة المستعمرات تحت رقم ( C.O.733)، وملفات وزارة الخارجية تحت رقم ( F.O. 371) ، وهناك آلاف الوثائق الفلسطينية موجودة في ارشيف «اسرائيل» ( I.S.A) Israeli State Archieve وأرشيف المنظمة الصهيونية ( Z.O) Zioniste Archieve وهناك ايضا الوثائق الموجودة في جامعة سانت انطوني St. Anthony’s College في اكسفورد في بريطانيا، ومكتب الهند في لندن، وفي أماكن اخرى من العالم.
وبدأت تظهر بالتدريج عدا الوثائق، حقائق تاريخية عن فلسطين تتمثل في المقالات وفي كتب الباحثين وفي كتب الذين شاركوا في صنع تاريخ فلسطين، أو عاصروا الانتداب البريطاني، سواء من الفلسطينيين أو من الأجانب.
إن الهدف من هذا البحث، هو إلقاء الضوء على سيرة الحاج محمد أمين الحسيني، ونشاطه في الفترة الواقعة ما بين عام 1921 ـ 1937م، بصفته ممثلا لأعلى مرتبة دينية في فلسطين، وهي مرتبة المفتي الأكبر. وكانت هذه الفترة الزمنية مثقلة بالأحداث التي مرت بها فلسطين زمن الانتداب البريطاني. وعلى الباحث في هذه الفترة أن يعرف مفتاح مشكلة قضية فلسطين، وهو «وعد بلفور»، الذي أعلنه وزير الخارجية البريطانية، اللورد بلفور، في تشرين ثاني عام 1917م، في رسالة موجهة الى اللورد روتشيلد، الزعيم اليهودي المشهور، في النص التالي (1):
وزارة الخارجية
في الثاني من تشرين الثاني عام 1917م
عزيزي اللورد روتشيلد
من دواعي غبطتي الجمة أن انقل إليكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، بعطفنا على الامال الصهيونية اليهودية، الذي عرض على الوزارة فوافقت عليه.
إن حكومة صاحب الجلالة لتنظر بعين العطف الى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل أقصى ما في وسعها من مساع لتذليل إحراز هذه الغاية، مع العلم تمام العلم، بأنه لن يفعل شيئا من شأنه المساس بالحقوق المدنية، والدينية، وللجماعات غير اليهودية، الموجودة حاليا في فلسطين، أو الحقوق والأهلية السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر.
وأكون مدينا لكم بالجميل إذا تكرمتم فأبلغتم هذا التصريح الى علم الاتحاد الصهيوني.
صديقكم المخلص
آرثر جيمس بلفور
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/34)
وصدر هذا التصريح لإعطاء اليهود أرض فلسطين، وكان يعلم الانجليز أنه لن يتم ذلك إلا بطرد أهل فلسطين من ديارهم أولا، لهذا فان من يبحث في تاريخ فلسطين سيجد أن الانتداب البريطاني عمل على قهر الشعب الفلسطيني بطرده من بلده، وساعد على جلب المئات، والآلاف من اليهود الى فلسطين ليحلوا محل الآلاف من الشعب الفلسطيني المطرود من دياره، وسيجد أيضا أن عشرات الآلاف من الدونمات من الأراضي الفلسطينية قد أعطيت لليهود، الذين جاءوا من أوروبا مهاجرين الى فلسطين.
وإن الدارس لهذه الفترة الزمنية 1921 ـ 1937م من حياة الحاج أمين الحسيني يجد أن المفتي لعب أكثر من غيره من الفلسطينيين دورا سياسيا، ودينيا، في تاريخ فلسطين في هذه الحقبة من الزمن. وقد كتب الباحثون عن هذا القائد الوطني الفلسطيني، فمنهم من كتب ضده، وهم اليهود، ومنهم من أنصفه وهم من العرب. فمثلا كتب اليهودي موريس بيرلمان Maurice Pearlman كتابه Mufti of jerusalem, The Story of Haji Amin al Husayni مفتي القدس، قصة الحاج امين الحسيني، كتبه عن الحاج أمين الحسيني في عام 1947م زمن الانتداب البريطاني على الرغم من عدم توار الوثائق المطلوبة. وكتب كذلك اليهودي جوزيف شيختمان Joseph Schechtman كتابه بعنوان: The Mufti and The Fuhrer – The Rise and fall of Hajj Ahin El – Husseini المفتي والفهرر ـ ظهور وسقوط الحاج أمين الحسيني.
ومن المعلوم أن هذه الكتب تعكس وجهة نظر كاتبيها، وهم من اليهود الصهاينة، الذين تهجموا على شخصية المفتي. ولكن هناك من العرب من قابل سماحة المفتي وكتب عنه مثل زهير مارديني في كتابه ألف يوم مع الحاج أمين الحسيني، وكتابه يعكس وجهة النظر العربية.
ثم هناك مجموعة مقالات وأبحاث كتبت في المجلات والجرائد عن حياة الحاج أمين الحسيني. ولكن هناك ابحاث أكثر علمية، وأكاديمية كرسائل دكتوراة عن سماحة المفتي. فمثلا كتب يهودتا تجار Yehuda Taggar رسالة دكتوراه في جامعة لندن عام 1973م بعنوان «مفتي فلسطين والسياسة العربية الفلسطينية بين عام 1930 ـ 1937م» The Mufti of Jerusalem and Palestine (Arab Politics - 1930 - 1937).
وهناك رسالة دكتوراة أنهى كتابتها حديثا فيليب مطر في جامعة كولومبيا في نيويورك عام 1981م وهي بعنوان «مفتي القدس، الحياة السياسية للحاج أمين الحسيني، مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية». Mufti of Jerusalem The Political Life of Hajj Amin Al - Husayni, The Founder of the Palestine National .Movement
وكل هذه الأبحاث والإنجازات التي كتبت عن حياة الحاج أمين الحسيني كانت تتابع في وصفها سماحة المفتي من ناحية نشاطه السياسي فقط. ولكني في هذا البحث وموضوعه: «الحاج محمد أمين الحسيني، مفتي القدس، نشاطه الديني في فلسطين 1921 ـ 1937م».
[ line]
ووجدت أولا، بعد اطلاعي على كل ما سبق من إنجازات وأبحاث، أن هناك كثيرا من الوثائق، والمصادر، والمذكرات، واليوميات، التي كتبها أصحابها، لم يطرقها الباحثون السابقون المذكورون أعلاه، وثانيا أن شخصية الحاج أمين الحسيني هي شخصية دينية، وسياسية معا، لذلك يجب التركيز هنا على الأعمال الدينية التي قام بها الحاج أمين الحسيني لمصلحة فلسطين، وقد لعب المفتي دورا دينيا هاما استطاع أن يستقطب العالم الإسلامي للنظر والاهتمام بقضية فلسطين، وكان هدفه إفشال الخطط الصهيونية، والانجليزية الرامية الى طرد السكان العرب من وطنهم فلسطين.
ومن الواضح جليا أن المفتي كان حساسا بقضية حائط البراق الشريف والتي قصد الصهاينة منها السيطرة على البراق الشريف (القسم الغربي من المسجد الأقصى المبارك)، وأرادوا السيطرة على المسجد الأقصى، والصخرة المشرفة، ولذلك قاموا بنشر صورة المسجد الأقصى وعليها كتابة بالحروف العبرية، فحاول المفتي التصدي للخطر الصهيوني على المقدسات الإسلامية، أضف الى ذلك خوف الحاج أمين الحسيني، والقادة الفلسطينيين من زيادة الهجرة اليهودية بشكل ملحوظ واضح الى فلسطين مع وصول هتلر الى السلطة في ألمانيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/35)
وقد اهتم المفتي بتنبيه إخوانه الفلسطينيين من الأخطار التي ستحل بالعرب، ومقدساتهم في زمن الانتداب، ولكنه لاحظ ان الفلسطينيين لا يستطيعون وحدهم مقاومة السياسة الاستعمارية البريطانية، لأنهم لا يملكون وسائل المقاومة الكافية، لذلك استغل المفتي وظيفته الدينية في توسيع الكفاح ضد الخطر الصهيوني، وضد السياسية البريطانية، فوسع نشاطه في جميع الدول الإسلامية التي كانت تحت السيطرة البريطانية، وخصوصا أنه عمل على تقوية روابط الصداقة مع قادة مسلمي الهند لكي يستطيعوا التأثير على الإنجليز (2) فكان المفتي يناشد قادة مسلمي الهند الدعم والعون من أجل الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس، وكان يقول لهم إنه لن يتم ذلك إلا بتغيير السياسة البريطانية في فلسطين لدفع الخطر الصهيوني.
وهناك ملاحظة هامة واردة في الفكر الإسلامي، وبها لا يستطيع المسلم الفصل بين الدين، والسياسة، أو بين الدين، والدولة، وهما يعتبران متكاملين. وهذا يختف عن المسيحية التي تفصل الكنيسة عن الدولة، لذلك فانه يبدو للمرء أن المفتي بوصفه، مفتي القدس، ورئيس المجلس الإسلامي، أنه يختص بالنواحي الدينية الإسلامية فقط. ولكن في الحقيقة أن الحاج أمين الحسيني لعب دورا دينيا، وسياسيا في تاريخ فلسطين في آن واحد.
[ line]
ولم يلمع اسم الحاج أمين في تاريخ فلسطين كخطيب، أو ككاتب، بل لمع نجمه كحام للديار المقدسة، وقد صور هذا: الهتاف الشعبي الذي كان شائعا بقول: «سيف الدين الحاج أمين» وزادت شهرته كلما ازداد نشاطه للحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس (3).
وكان الحاج أمين قوي الشخصية، يؤثر في سامعيه، هادئا في التعبير عن أفكاره، استولت قضية وطنه على عواطفه وعقله، فهي شغله الشاغل، ووصفه الإنجليز بأنه رجل يشعر المرء بالراحة عند التكلم معه، ولكنه بطيء الكلام، حذر جدا عند التعبير عن رأيه، وقد جاء في التقرير السري الذي أعد لوزارة المستعمرات البريطانية، إن المفتي هو قائد سلم مخلص لوطنه، وللحركة الإسلامية (4).
وقال جان مارلو الذي عرف المفتي جيدا: «إن المفتي هو الشخصية الوحيدة التي سيطرت على فلسطين ما بين الحربين العالميتين، إنه رجل قوي، طموح، قاسي القلب، فكاهي، عفيف النفس» (5).
- أما عائلته فوصفته بأنه رجل متدين، لم يكن عنده وقت لتسلية النفس، كل وقته عمل، كان يسهر حتى منتصف الليل، كل يوم يعمل لأجل وطنه فلسطين، كريم النفس، دائما يحفظ السر لنفسه، لا يطلع عليه أحدا حتى عائلته» (6).
- ورزق الحاج أمين ولدا اسمه صلاح الدين وهو الاسم نفسه للبطل صلاح الدين الأيوبي الذي انتصر على الصليبيين في معركة حطين عام1187م، وحرر القدس. ورزق بنات ستة هن: زينب، وسعاد، وأسماء، ونفيسة، وجهاد، وأمينة (7).
- وقال عنه بعض المؤرخين الأجانب، والعرب: إنه كان قد أوقف نشاطه السياسي ما بين عام 1921 ـ 1929م لأسباب مختلفة، وقد وصف دروزة هذه الفترة المذكورة من نشاط الحركة الوطنية الفلسطينية «بالوطنية الخنثى».
وعلى الرغم من أن الاجانب وبعض المؤرخين العرب قالوا: إن المفتي لم يكن نشيطا سياسيا في فترة 1921 ـ 1929م، إلا أنهم فشلوا، أو تناسوا، وصف نشاطه الديني الذي لعبه في هذه الفترة. لذلك يجدر بالباحث أن يكشف بتوسع هذه الفترة الزمنية لكي يملأ الفراغ الذي تناساه الأجانب، والمؤرخون العرب، فيصف الذي قام به الحاج أمين الحسيني دينيا لمصلحة فلسطين.
وتعتبر القدس مدينة مقدسة لدى أتباع الأديان الثلاث: الإسلام، والمسيحية، واليودية. فالمسلمون يقدسونها بسبب وجود المسجد الأقصى، والصخرة المشرفة، التي عرج منها النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السماء. وقصة الإسراء والمعراج معروفة لدى المسلمين ومذكورة في القرآن الكريم، قال الله تعالى «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير» (8).
وقد جاء في حديث النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قدسية المسجد الأقصى «لا تشد الرحال إلا الى ثلاث: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا» وإن قدسية المسجد الأقصى هي في قلوب شعوب المسلمين جميعا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/36)
وقد تأثر المفتي كثيرا عندما سمع تصريح «ألفريد موند» في لندن حينما قال موند إنه سوف يكرس بقية حياته لبناء المعبد اليهودي مكان المسجد الأقصى (9).
ذلك علم الحاج أمين أن النفوذ الصهيوني في بريطانيا قوي جدا، فقام المفتي لموازاة هذا النفوذ باتباعه أساليب كثيرة، ولاحظ الإنجليز ذلك النشاط في نهاية الانتداب حينما صرحوا أن الحاج أمين هو الذي عمل على جعل فلسطين مهمة لدى العرب، والمسلمين، لأنه لاحظ أنه من دون دعم العالم الإسلامي لمسلمي فلسطين فان الفلسطينيين لا يستطيعون موازنة النفوذ الصهيوني في بريطانيا» (10).
وأدى نشاط الحاج أمين في دفاعه عن الأماكن المقدسة في فلسطين عامة والقدس خاصة من الخطر الصهيوني، الى زرع المحبة في قلوب الفلسطينيين تجاهه، لهذا فقد مدحه القرويون في أغانيهم، وتغنى به أيضا المسيحيون الفلسطينيون، وقالوا عنه «حاج أمين يا مفتينا» (11) وقد ازدادت شهرة المفتي داخليا وخارجيا بعد انعقاد مؤتمر العالم الإسلامي في القدس عام 1931م (12).
وشغل المفتي مناصب كثيرة في الفترة ما بين 1921 ـ 1937م فهو كرئيس للمجلس الإسلامي اعتقد انه رئيس دولة فلسطينية، وبالفعل استطاع المفتي أن يجعل الشعب الفلسطيني، والشعوب الإسلامية الأخرى تعتقد أنه زعيم فلسطين الديني. وهذا يرجع الى نشاطه ونشاط معاونيه، وأنصاره الآخرين الذين عملوا معه، فهم شباب وشيوخ مثقفون ومنهم من هو أعلى ثقافة من ثقافته، ولكننا نستطيع القول أن المفتي لم يغمض عينيه حتى ولا عن أصغر نقط تختص بالدين الإسلامي.
ومن المهم أن نذكر أن الإنجليز اعترفوا بانهم عجزوا عن مواجهة نشاط الحاج أمين الديني وإيقافه في الهند، لذلك قرروا وخططوا إضعاف المفتي أو اعتقاله، أو طرده من فلسطين، وعندما علم المفتي بالخطة المدبرة ضده هاجر من القدس سرا الى لبنان عن طريق البحر الأبيض المتوسط بواسطة قارب صغير لكي يتجنب سفك الدماء في المسجد الأقصى، لأن الإنجليز كانوا قد خططوا لاعتقاله هناك.
وصرح الإنجليز أكثر من مرة أنهم وقفوا بجانب اليهود (13)، وأنهم طبقوا وعد بلفور بالقوة على الشعب الفلسطيني. وقد صرح كاتب وضابط انجليزي «أن العرب سكان ذلك الوسنط (فلسطين) قد قاسوا الآلام من هذه المعاملة غير العادلة، ونحن (الإنجليز) سلبنا منهم حقهم بقوة السلاح، وفرضنا عليهم قبول مهاجرين غير مرغوب فيهم واجبرناهم على اتباع نظام حياة تختلف عن حياتهم» (14).
وجاء هذا الكتاب في ثمانية فصول ومقدمة وخاتمة. ففي الفصل الأول تحدثت عن أصل العائلة الحسينية في القدس، وتاريخها حتى الحرب العالمية الأولى، وعن طفولة الحاج أمين وثقافته في القدس والقاهرة، وتركيا. وتحدثت في الفصل الثاني عن نشاطه الحاج أمين الديني خلال فترة الحكم البريطاني (العسكري والمدني) في فلسطين. وفي الفصل الثالث تحدثت عن تعيين الحاج أمين الحسيني مفتيا للقدس، وانتخابه رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى. وأما الفصل الرابع فتناولت فيه ترميم الحرم الشريف وإصلاحه ونشاط الحاج أمين الديني فيما يختص الخلافة، ومساعدته للثورة السورية، كما تناولت فيه دوره في معارضته للمؤتمر التبشيري الذي عقد في القدس. وأما في الفصل الخامس فتحدثت عن حوادث حائط البراق الشريف التي كان نتيجتها الحرب بين العرب واليهود.
واما الفصل السادس فتحدثت فيه عن المؤتمر الإسلامي في القدس عام 1931م. وفي الفصل السابع تحدثت فيه عن الأزمة المالية للمجلس الإسلامي الأعلى وعن بيع الأراضي لليهود وازدياد الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وقد أصدر المفتي فتوى تحريم بيع الأراض لليهود، واشهر الدين الإسلامي كسلاح حاد ضد بائعي الأرض، وضد الأعمال اليهودية والبريطانية، وأما الفصل الأخير فتحدثت فيه عن الاضراب الفلسطيني الكبير، وعن قرار لجنة بيل Peel لتقسيم فلسطين، وأخيرا تحدثت عن مغادرة المفتي فلسطين سرا الى بيروت، وحياته في المنفى.
لقد واجهنا صعوبات جمة في الحصول على هذه الوثائق، والمعلومات. ودفعت أموالا طائلة كنفقات سفر وتصوير وثائق وشراء كتب وغير ذلك، وكانت كلها على نفقتي الخاصة. أرجو من الله التوفيق وحسن الختام.
د. تيسير جبارة
[ line]
الهوامش
(1) ج. م. جفريز: فلسطين إليكم الحقيقة. ترجمة أحمد خليل الحاج، مراجعة الدكتور محمد أحمد أنيس، الهيأة المصرية العامة للتأليف والنشر1971م. ج1 صفحة 268.
(2) بلغ عدد سكان الهند عام1921م حوالي 80 مليون مسلما. (وتضم الهنود المسلمين وباكستان وبنجلاديش). وهذا العدد يساوي عدد سكان الدول العربية قاطبة. أما اليوم فسكان الدول العربية قاطبة أقل بكثير من مسلمي الهند وباكستان وبنجلاديش.
(3) انظر الفصل الأول في هذا البحث.
(4) أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية ملف رقم C.O.733/248/17693
(5) John Marlow: The Seat of pilate. An Account of the Palestine Mandate. Cresset Press. London. 1959.P.4.
(6) مقابلة مع بنت المفتي الكبرى زينب الحسيني، والسيد حيدر الحسيني (إبن أخ المفتي) بتاريخ22/ 11/1980م
(7) مقابلتي مع زينب الحسيني (بنت المفتي الكبرى) في القدس بتاريخ12/ 6/1980م، وقد قابلت كثيرا من أفراد عائلة الحسيني في عمان، وذلك عندما توفي زوج أبنة المفتي الصغرى، وقد حضر حفل التأبين كثير من أفراد العائلة الحسينية الذين قدموا من بيروت، والقدس، وغيرهما من البلدان.
(8) سورة الإسراء، الآية (1).
(9) انظر الفصل الخامس. الفريد موند انجليزي أيد الصهاينة في كل مشاريعهم.
(10) Tegart Papers, St. Athony s College. Oxford.
(11) أميل الغوري: فلسطين عبر ستين عاما. دار النهار للنشر، بيروت، 1973م.
(12) أرشيف وزارة المستعمرات، ملف رقم. C.O.733/248/17693.
(13) أوراق جورج راندال، محفوظة في جامعة سانت أنطوني في أكسفورد.
(14) J.M.N. Jeffries: Palestine: The Realiy. First Published in 1939 by Longmans Green and Co. , Hyperion reprint edition 1976, P. xiii.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/37)
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 01 - 08, 02:34 ص]ـ
هو محمد أمين بن محمد طاهر بن مصطفى الحسيني زعيم فلسطين ومفتيها الأكبر ولد سنة 1893م بالقدس وتعلم فيها على يد والده حيث حفظ القرآن الكريم ودرس العلوم الدينية واللغة العربية ثم سافر إلى مصر وأقام فيها سنين بين الجامع الأزهر ودار الدعوة والإرشاد التي أنشأها السيد محمد رشيد رضا وتخرج ضابطاً احتياطياً في استانبول سنة 1916م وضم إلى الفرقة 46 في أزمير , وعاد إلى القدس بعد الحرب
نسبت إليه اضطرابات في منطقة بيسان سنة 1920م فطارده الإنجليز ففر إلى دمشق فما لبث أن عاد إلى بلده. ولما توفى أخوه كامل الحسيني مفتي القدس سنة 1922م انتخبت بدلاً منه بلقب (مفتي فلسطين الأكبر) وتألف المجلس الإسلامي الأعلى فتولى رئاسته , وكان أول من نبه إلى خطر تكاثر اليهود في فلسطين بعد بلفور سنة 1917م وقد جاء بلفور مع المندوب السامي البريطاني 1925م يريد زيارة الحرم المقدسي فمنع دخولهما , ولم تقم حركة وطنية في فلسطين أو من أجلها إلا وكان مدبرها في الخفاء أو في العلن.
وكان الحركة الدائمة في اللجان والوفود إلى المؤتمرات وأهمها المؤتمر الإسلامي الذي بالقدس أيضاً سنة 1931م لنصرة القضية الفلسطينية. وكان همه استنهاض المسلمين للجهاد
ضد الإنجليز اليهود استمرت في عملها من سنة 1931م إلى سنة 1935م حتى قامت (منظمة الجهاد المقدس) بقيادة عبد القادر الحسيني وإشراف المفتي ورئاسته السرية المباشرة وقد توالت أعمال الجهاد إلى سنة 1948م , وفي الثورات وأهمها ثورة البراق سنة 1929م , وحاولت السلطات البريطانية سنة 1937م اعتقاله فنجا في زورق إلى لبنان وضغطت بريطانيا على فرنسا لتسليمه إليها سنة 1939م فخرج سراً إلى بغداد وقامت ثور عالي الكيلاني في العراق سنة 1941م فأراد الإنجليز القبض عليه فغادر بغداد متخفياً إلى إيران ومنها إلى ألمانيا , حيث أن المفتي أرسل موفداً هو (عثمان حداد) إلى ألمانيا يحمل رسالة إلى (هتلر) تتضمن المطالب التالية: (الاعتراف بالدول العربية كلها ما كان منها مستقلاً أو تحت الانتداب أو مستعمراً والاعتراف بحق العرب بإلغاء الوطن القومي لليهود بفلسطين والاعتراف باستقلال فلسطين).
جاء في كتاب زهير المارديني (ألف يوم مع الحاج أمين): ((إن مصلحة أمتي هي التي تملي علي اختياري , إن مصير فرد لا قيمة له عندما يتعلق الأمر بمستقبل الأمة. إن انتصار الإنجليز كان يعني أن فلسطين ضائعة. إن الشعب لا يطمح إلى تحقيق أمانيه إلا عبر التضحيات ودم أبنائه. فمنذ عام 1922م إلى 1941م والشعب الفلسطيني يعرف قضيته ويعرف من أنا ويعرف ماذا أفعل ولمصلحة من أفعل. أنا لم أذهب إلى بلاد المحور كي أضع نفسي تحت تصرفهم. لقد ذهبت في سبيل خدمة قضيتي التي هي قضية أمتي بكاملها ..
ذهبت مفاوضاً لا متعاوناً. كنت أتوق لأن تكون إقامتي ذات نفع لفلسطين خاصة ولوطني العربي الكبير عامة وللإسلام الذي أحمل أكبر مهمة من أجل إعلاء كلمته .. )).
ولم يكتف المجاهد الكبير سماحة الحاج محمد أمين الحسيني في الاهتمام بقضية فلسطين فحسب بل كان اهتمامه بالعالم العربي و الإسلامي كله فقد بذل جهوده مع رشيد عالي الكلاني
وتقي الدين الهلالي في الأهتمام باستقلال البلاد العربية في المشرق والمغرب على حد سواء وبذل أقصى الجهود للحصول على الدعم من دول المحور والمطالبة بالإفراج عن السجناء العرب في السجون الفرنسية أمثال: الأمير عبد الكريم الخطابي الزعيم المغربي والزعيم التونسي صالح بن يوسف وحبيب تامر وغيرهم.
ولقد سعى المفتي لتشكيل جيش عربي يدافع عن القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين , يقول المفتي عن هذا الجيش الذي أسسه ورعاه منذ بداية تكوينه: ((كانت هذه النواة مثلاً لجيش المستقبل الذي يجب أن يُحتذى , فلقد كانت عناصره من شتى بلدان أمتنا العربية الكبرى: المغرب , تونس , مصر , العراق , فلسطين .. وغيرها. هذا الجيش يجب أن يكون وسيلة فرج عناصر الأمة ومقدمة الوحدة. فلقد فعلت الحدود التي قامت بين أجزاء أمتنا في عصور الانحطاط والاحتلال ففرفتها فنشأت فروق في اللهجات والعادات ولا بد من توحيد ثقافتها)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/38)
ولقد كانت لسماحة المفتي الحسيني موقفاً مشرفاً من المسلمين البوشناق في يوغسلافيا الذين تعرضوا للفتك على أيدي الصرب حتى أنه سافر يوم 24/ 3/1943م إلى زغرب للتدخل في رفع الظلم عن مسلمي البوسنة والهرسك وسنجق حيث شكل منهم جيشاً من الشبان للدفاع عن أنفسهم وبعد عودته من (بوسنة سراي) كتب رسالة إلى مصطفى النحاس رئيس الوزارة المصرية آنذاك وصف له حالة المسلمين في البوسنة والهرسك ورجاه أن يعمل ما في وسعه لمساعدتهم.
وفي أخوار سنة 1943م اشتدت غارات طائرات الحلفاء على ألمانيا فكانت بعض الغارات تهاجم برلين بألف طائرة أو أكثر , وقد أصيب الدار التي كان سماحة المفتي يسكنها ورفاقه عدة مرات فخرجوا من برلين إلى مناطق متعددة وقد استشهد رفيقه الدكتور مصطفى الوكيل وهو مصري ومن المقربين إليه وأكبر أعوانه , ويعمل في المعهد الإسلامي ببرلين الذي استشهد فيه إثر غارة جوية.
وفي يوم 5/ 5/1945م أُخرج المفتي وإخوانه إلى سويسرا ومنها إلى فرنسا حيث اعتقلهم الجيش الفرنسي يوم 19/ 5/1945م وقد طالب السفير البريطاني والسفير الأمريكي بتسليم المفتي لمحاكمته كما كان اليهود يصرون على محاكمة المفتي كمجرم حرب في محكمة (نورمبرج) وعندها انتقل من فرنسا إلى مصر متنكراً بمعاونة معروف الدواليبي واستقر فيها
وكان ذلك في 29/ 5/1946م.
ويروى المفتي تفاصيل فراره من فرنسا فيقول: (( .. إن الدور الأول والجانب الأهم في تلك المغامرة قد قام به الصديق الكريم الدكتور معروف الدواليبي , فقد شاء له خلقه الكريم أن يعطيني جواز سفره .. واقتضى هذا تبديل الصورة وتغيير اللباس وحجز مكان ما في طائرة مسافرة من باريس إلى القاهرة وكان ركاب الطائرة خليطا من مدنيين وعسكريين .. ولم يحدث عائق في مطار (أورلي) الذي قامت منه الطائرة من باريس إلى روما , وفي روما فحص المختصون جوازات سفر الركاب .. وكان الجو رديئاً فقضينا الليل في أحد الفنادق , وفي الصباح التالي استأنفنا السفر إلى ميناء (بيريه) في اليونان حيث هبطت الطائرة للتزود بالوقود ومنها استأنفنا السفر إلى القاهرة ولحسن الحظ لم يكن من يعرفني بين ركاب الطائرة في مطار (بنفليد) الذي أصبح الآن مطار القاهرة الدولي , ولما تم فحص جوازات الركاب وخرجت من المطار وتنفست الصعداء وحمدت الله على السلامة وردت قول البوصيري:
عناية الله أغنت عن مضاعفة
من الدروع وعن عالم من الأطم
ولم أشاء الركوب بالسيارة المعدة للركاب وآثرت سيارة أجرة عادية فنقلتني إلى فندق (مترو بوليتان) بالقاهرة .. )).
وقد تشكلت (الهيئة العربية العليا لفلسطين) بموافقة مجلس الجامعة العربية واُختير المفتي رئيساً لها. وسارع المفتي وإخوانه بشراء السلاح وتنظيم قوات الجهاد وكان شهيد يوسف طلعت والقائم مكان رشاد منها , وعبد القادر الحسيني , وعبد الرحمن على يقومون بالشراء وإدخال السلاح إلى فلسطين عبر سيناء حيث يتم تخزين السلاح بفلسطين ببلدة (صوريف) وبلدة (بير زيت) وأعاد المفتي تنظيم جيش الجهاد المقدس وأسند قيادته إلى عبد القادر الحسيني , كما أنشأ المفتي منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الفتوة و النجادة والجوالة والكشافة وأسند قيادته للمجاهد الصاغ محمود لبيب وكيل الإخوان المسلمين لشؤون الجوالة , وكلفه بمهمة تدريب الشباب على القتال.
وحين صدر قرار التقسيم يوم 29/ 11/1947م أُعلن الإضراب العام في جميع أنحاء فلسطين واشتعل القتال بين العرب واليهود وكان من رأى سماحة المفتي عدم دخول الجيوش العربية إلى فلسطين مهمة مناجزة اليهود والاكتفاء بإمدادهم بالسلاح والأموال.
يقول المؤرخ الفلسطيني الكبير عارف العارف في كتابه (نكبه بيت المقدس): إن الإمام الشهيد حسن البنا أبرق إلى مجلس الجامعة العربية في يوم 9/ 11/1947م يقول أنه على استعداد لأن يبعث كدفعة أولى عشرة آلاف مجاهد من الإخوان المسلمين إلى فلسطين وأن الإخوان ألحوا على الحكومة المصرية بالسماح لهم بالذهاب فرفضت , لكنهم لم ييأسوا وقاموا بمظاهرة صاخبة من الأزهر الشريف يوم 12/ 12/1947م قادها المرشد العام الإمام الشهيد حسن البنا بنفسه وهم يطالبون بالجهاد. وتحت ستار القيام برحلة عملية استطاع فريق من الإخوان المسلمين أن يجتاز الترعة إلى سيناء , ومن هناك راحوا يتسللون إلى فلسطين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/39)
منذ شباط (فبراير) 1948م , وتراجعت الحكومة المصرية عن موقفها فسمحت للإخوان المسلمين بالتدريب وفي مصر وسوريا تدرب الأخوان المسلمون ومن هذين البلدين انطلقت عدة كتائب لهم إلى فلسطين بشكل رسمي وقد قاتلت كتائبهم ببسالة وصمود , وبقى قسم منها مرابطاً في القطاع الجنوبي في القدس حتى إعلان الهدنة فسلم الإخوان مواقعهم إلى الجيش الأردني.
وإن الدور البطولي والجاد الذي قام به الإخوان المسلمون في المعركة هو الذي جعل لهم دوراً خاصاً ومميزاً في النضال الفلسطيني , خاصة أن الأخوان المسلمين قد أرسلوا على رأس الكتائب المقاتلة بعضاً من قادتهم , فجاءت سرية من سوريا وعلى رأسهم الشيخ مصطفى السباعي ومن مصر جاءوا بقيادة الشيخ محمد فرغلي .. ).
ونشبت الحرب العالمية مع اليهود 1947_ 1948م فقام بتأليف (جيش الجهاد المقدسي) بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني , وتوقفت الحرب بتدخل الدول الأجنبية , وبعد الانقلاب العسكري بقيادة عبد الناصر سنة 1952م اضطر سماحة المفتي للرحيل عن مصر سنة 1959م بعد أن بدأت المضايقات تشتد عليه من الحكومة العسكرية والصحافة الرسمية المصرية حيث لاحت في الأفق بوادر الحل السلمي لقضية فلسطين على يد عبد الناصر. ويرى المفتي بنفسه هذه المفاجأة فيقول: ((لقد وصلتني رسالة من هيئة الأمم المتحدة تخبرني أن هامر شولد يعد مشروعاً لحل قضية فلسطين , وأنه اتفق مع عبد الناصر على خطوطه الكبرى وأن الرئيس المصري قد وافق عليه .. فلم أُصدق.
بعد رسالة سرية إلى الدكتور محمد الفرا _ وكان يومها موظفاً في هيئة الأمم المتحدة وليس رئيساً لوفد الأردن _ فجاءني الجواب بصحة النبأ , وأضاف عليه بأن هامر شولد قد اتفق مع عبد الناصر على حل هذه القضية خلال عشر سنوات مقابل ثلاثة ألاف مليون دولار تأخذ منها مصر ألف مليون دولار , وتأخذ سوريا مثلها , ويوزع الباقي على لبنان والأردن.
وكان هذا المبلغ بمثابة رشوة للدول العربية المضيفة للفلسطينيين وفجأة وبدون سابق إنذار هبت الصحف المصرية الخاضعة لإشراف الحكومة تشن حملة قاسية ضد الهيئة العربية العليا ورجالها وانصبت الاتهامات على رؤوس العاملين في حقل القضية الفلسطينية .. بعثنا بردودنا فلم تنشر .. حاولنا الاتصال برجال الحكومة المصرية لمناقشتهم فرفضوا مقابلتنا , وإذا بمجلة روز اليوسف تشن علي حملة ظالمة لم تعرفها الصحافة المصرية الأخرى فتجاهلته , فتشنا على محامى لإقامة الدعوى على هذه الصحيفة المتجنية فلم يتجرأ أحد على الدخول في دعوى تقام ضد جريدة الثورة المقربة من السلطات ...
وفي إحدى الليالي فوجئت بشاب متزن يطلب مقابلتي وهو من أبرز المحامين المصريين _ وأمسك عن ذكر اسمه _ فقال لي: (أنا على استعداد لأن أقيم الدعوى على مجلة روز اليوسف ولكنني أؤكد لك أنك لن تجد قاضياً واحداً في مصر لديه الجرأة بأن يحكم ضدها , والأفضل أن تكتبوا للرئيس جمال عبد الناصر مثنى وثلاث ورباع فلم أحظى بأي رد , وكان الجو في القاهرة حاراً , ولم يعد لوجودنا أي معنى طالما أننا نُشتم ونُهاجم ولا نستطيع الرد , عندها قررت أن أذهب إلى دمشق وكان ذلك يوم 15/ 9/1959م وأثناء مروري ببيروت رأيت من الأنسب أقضي فصل الصيف في سوق الغرب , وما أن علمت الصحافة اللبنانية بوصولي حتى انطلقت الصحف الحيادية بالدفاع عن القضية الفلسطينية وكشف النقاب عن أسباب هذه الحملة وعلاقتها بمشروع هامر شولد والثلاثة آلاف مليون دولار المختبئة في مشروعه المعروف ولقناعتي بأنني لا استطيع عمل شئ بمصر هو الذي دفعني لمغادرتها والإقامة في لبنان)).
من أقوال سماحة المفتي: ((إن الحل المنشود للقضية الفلسطينية لا يتحقق بالتنازلات والمناقصات والتفريط في الحقوق الوطنية تفريطاً يقضي على كل أمل للشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة , وليس في مجال لقضية لفلسطينية أي مكان لتعايش سلمي مع أعدائنا الذين نعلم حق العلم أهم لا يريدون تعايشاً مع أحد و لكنهم يريدون التوسع على حساب أمتنا وسلامتنا ومستقبل أجيالنا والمضي في سلب كل شئ , معتقدين أن بلادنا كلها هي لهم , بل العالم كله لهم!؟ وهذا الاعتقاد اليهودي ثابت وقد عرفه كل من درس تاريخ اليهود وكتبهم وعرف ماضيهم وحاضرهم وهم يخادعوننا لكسب الوقت الذي يستطيعون فيه تنفيذ مخططاتهم الرهيبة)) _مجلة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/40)
حضارة الإسلام السورية سنة 1394ه
عرفته في سن مبكرة عن طريق السماع لأخباره وتحركاته في تعبئة الأمة الإسلامية للتصدي
للمؤتمرات التي يحكيها اليهود وينفذها أعوانهم المستعمرون وعلى الأخص الإنجليز الذين أعطوا اليهود الحق في توطن فلسطين حسب وعد بلفور المشؤوم , وكان يهدأ مطلقاً فهو حركة دائبة وعمل متواصل وجهاد شاق وصبر و مصابرة , لا يقوى عليها إلا أصحاب العزائم من الرجال.
إن سماحة الحاج محمد أمين الحسيني علم من أعلامه الإسلام المعاصرين في غنى عن تعريف مثلي فهو أشهر من أن يعرف وأكبر من أن أقوم بتعريفه , فقد ملأ الدنيا ذكره , وعم الخافقين صيته , وأذكر أن مجلة (الإخوان المسلمين) كتبت تطالب حكومة مصر بالسماح له باللجوء إليها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية , ونشرت المجلة على صفحات الغلاف صورته وكتبت تحتها: ((مهاجر القرن الرابع عشر الهجري مفتي فلسطين الأكبر الحاج محمد أمين الحسيني)) , وقد مارست جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسها محمد صالح حرب , والاتحاد العام للجمعيات والهيئات الإسلامية بمصر وعلى رأسه عبد الواحد سبل , وغيرهم من الشخصيات السياسية والوطنية مثل: محمد على علوبة , وعبد الرحمن عزام , وعلى وغيرهم , مارس هؤلاء ضغوطاً سياسية وشعبية , حتى وافقت حكومة مصر على لجوئه رغم اعتراض بريطانيا على ذلك.
ويروى في جريدة الشرق الأوسط د. صلاح الدين المنجد قصة تهريب الحاج أمين الحسيني
من سجنه الفرنسي سنة 1946م إلى القاهرة فيقول: (كان الدكتور محمد معروف الدواليبي قد كشف لنا النقاب حيث قال بعد تردد وإلحاح منا:
إن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أمراً يسره مهما أحاط به من مصاعب , أو خُيل للإنسان أن لا سبيل إليه. فعلى إثر الحرب العالمية الثانية كانت الدول العظمى الثلاث: الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا تلاحق الحاج أمين الحسيني , بعد أن هموا بالقبض عليه في فلسطين ثم في لبنان ثم في العراق فأفلت منهم , واضطروه للالتحاق بهتلر , وتابع كفاحه ضد اليهود الغاصبين , فقبض عليه الفرنسيون في أسبوع إعلان الهدنة وسجنوه في مكان يصعب على أي إنسان أن يهتدي إليه؛ وكنت يومئذ في باريس لتحضير الدكتوراه , وكنت رئيس لجنة العرب في فرنسا , فبذلنا جهوداً لا يمكن تصورها حتى اهتدينا إلى مكان سجنه الذي كان يبعد ثلاثين كيلو متر عن باريس.
ولم يكن في باريس سنة 1946م طائرات مدنية لنقل الركاب إلى الشرق , وكان هناك يومياً طائرتان مخصصتان لأمور عسكرية تسافران إلى القاهرة وشمال أفريقيا , وكان يسمح لراكب مدني واحد فقط أن يسافر على كل منهما بشرط أخذ الأذن من السفير الأمريكي , أمكن حمله على التخلف ليحل محله الحاج أمين باسم مستعار , ثم حملناه إلى المطار وصعد القاهرة بكل هدوء وبشكل عادى وطبيعي ودون علم السفير الأمريكي وإذنه , وذلك بفضل تنازل الضابط الأمريكي عن مكانه. وعندما رأينا الطائرة تقلع , تنفسنا الصعداء وبتنا ننتظر الخبر الميمون بوصوله إلى المكان المأمون. وأصبحت صائماً لله تعالى تضرعاً و خفية. واستقبله في القاهرة من اتصلنا بهم لاستقباله , ونزل في مكان أًعد له في بادئ الأمر سراً , وبقى فيه بضع عشر يوماً لا يعلم العالم عنه شيئاً. وقد نزل خبر فراره كالصاعقة على الحكومة الفرنسية , حين افتضح أمر هروبه بعد أسبوعين , فبادرت إلى اعتقالي الفوري وإجراء التحقيقات. وقام رئيس استخبارات الحلفاء بدمشق الجنرال كلايتون بنفسه بتفتيش مزرعة رئيس الوزراء جميل مردم بحثاً عن الهارب المطلوب من الجيوش الثلاثة. وبعدها ظهر الحاج أمين فجأة في قصر الملك فاروق الذي لم يسعه إلا الترحيب به).
كان الإخوان المسلمون والمخلصون من قادة مصر , يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة إخوانهم الفلسطينين في جهادهم ضد اليهود وأعوانهم الإنجليز , حيث شرعوا في شراء أسلحة لهم , من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية , بل شارك الكثير من الضباط المصريين ذوي الاتجاهات الإسلامية في تدريب الفلسطينين على أعمال العصابات اليهودية
التي يقوم الإنجليز بتدريبها في فلسطين ويزودونها بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/41)
ولم يكن هذا الأمر جديد على الإخوان المسلمين , فإن الصلة بينهن وبين سماحة مفتي فلسطين قديمة منذ سنة 1935م ,حين أرسل الشهيد حسن البنا كلا من أسعد الحكيم وعبد المعز عبد الستار وعبد الرحمن البنا لمقابلة المفتي وعرض خدمات الإخوان للشعب الفلسطيني في جهاده , وجاءوا بجواب الرسالة من سماجة المفتي الحسيني إلى المرشد العام حسن البنا.
وفي سنة 1936م قام الإخوان المسلمون في جميع أنحاء مصر , بدعوة الناس للتبرع لمجاهدي فلسطين , ونظموا حملة باسم: ((ادفع قرشاً لفلسطين)) وانتشروا في مساجد المملكة المصرية يخطبون في المساجد والمحلات العامة , يهيبون بالناس لنجدة إخوانه الفلسطينين , وقد كتب أديب العربية الكبير مصطفى صادق الرافعي مقالاً في مجلة ((الرسالة)) تحت عنوان: ((قصة الأيدي المتوضئة)) سنة 1936م , وأثنى فيه على جهاد شباب الإخوان المسلمين وجمعهم التبرعات للمجاهدين الفلسطينيين.وذلك في أسبوع أعلنه عنه أنه ((أسبوع فلسطين)) وأصدرت مجلة الإخوان المسلمين أعداداً خاصة عن (فلسطين الجريحة) ووزعت كتباً عن ((النار والدمار في فلسطين)) وأثاروا مشاعر الشعب المصري ونخوته لنجدة فلسطين, حتى أغضبوا حكومة مصر التي أعلن رئيسها أنه رئيس حكومة مصر لا فلسطين, وذلك من أجل إرضاء الإنجليز , الذين كانوا متنفذين في مصر , وأثارتهم غضبه الشعب المصري الصادقة وثورته العارمة لنصره إخوانهم الفلسطينيين ونقمتهم على الإنجليز لمساعدتهم اليهود.
وحين أُعلن قرار تقسيم فلسطين يوم 29/ 11/1947م , هاجت الشعوب العربية والإسلامية وعمت المظاهرات الصاخبة أنحاء العالم الإسلامي , وتعرضت المصالح الأجنبية لاعتداءات
الجماهير الغاضبة فسارعت الجامعة العربية إلى عقد مؤتمر لتقرر دخول الجيوش العربية إلى فلسطين وفق مخطط أجنبي , يظهر عجز الجيوش العربية عن التصدي لليهود وعجزها عن الحيلولة دون إقامة دولة إسرائيل في أرض فلسطين غير أن القوى الوطنية _ والحركة الإسلامية في مقدمتها _ عقدت مؤتمراً شعبياً في القاهرة تكلم فيها حسن البنا ومحمد صالح حرب ومحمد على علوبة وعبد الواحد سبل وأحمد حسين وصبري عابدين (مندوب أمين حسين) وغيرهم , وكان الجميع يعارضون الجامعة العربية في إدخال الجيوش العربية إلى فلسطين لأنها ستكون ملزمة بالقرارات الدولية ومنصاعة لتنفيذها لأن الدولة هي التي أصدرت قرار التقسيم الجائر.
ولقد طالب القادة في المؤتمر الشعبي بتسليح شعب فلسطين وتزويدهم بالمعونات اللازمة , وفتح المجال أمام المتطوعين من البلاد العربية والإسلامية , للمشاركة في الذود عن الديار المقدسة بفلسطين , غير أن المؤامرة سارت في مسارها ودخلت الجيوش العربية , وكان ما كان من مهزلة الهدنة الأولى والثانية والثالثة وتولى الجنرال الإنجليزي ((كلوب باشا)) القيادة الفعلية لهذه الجيوش العربية التي انسحبت وأسلمت البلاد وأهلها لليهود الذين أقاموا المجازر والمذابح على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
ومن الجدير بالذكر أن الشاعر الإسلامي الكبير على أحمد باكثير نشر في جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية الصادرة بتاريخ 18/ 4/1948م _ أي قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بأقل من شهر _ رسالتين متبادلتين بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والرئيس الأمريكي ترومان حول قضية فلسطين مسجلاً للملك عبد العزيز موقفه المشرف والواضح والصريح من قضية فلسطين في لحظة حاسمة من تاريخها العصيب.
فقد كان الملك عبد العزيز في منتهى الدقة والحزم في ما كتبه للرؤساء الأمريكيين فيما يخص قضية فلسطين محذراً من مغبة التورط والتمادي في تأييد الكيان الصهيوني وقد نشرت معظم هذه الرسائل في الكتب التي تعنى بتاريخ الملك عبد العزيز وفي مقدمتها كتاب (شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز) لمؤلفة خير الدين الزركلي. وأقدمها رسالته للرئيس روزفلت بتاريخ 29/ 11/1938م حيث جاء فيها: ( ... إن قضية فلسطين قد نُظر إليها من وجهة نظر واحدة. هي وجهة نظر اليهود والصهيونية وأهملت وجهات نظر العرب ... ) كما أرسل عدة رسائل للرئيس ترومان بتاريخ 15/ 9/1946م , و 1/ 11/1946م , و25/ 2/1948م يقول فيها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/42)
( ... إن الحق الطبيعي للعرب في فلسطين يرجع إلى آلاف السنين , إن اليهود ليسوا إلا فرقة ظالمة باغية معتدية .. أضف إلى ذلك أطماعهم التي يبيتونها ليس لفلسطين وحدها , بل لسائر البلاد العربية المجاورة ومنها بعض الأماكن في بلادنا المقدسة .. وبهذه المناسبة أخب أن أذكر فخامتكم بأن الحكومة البريطانية هي التي أعطت وعد بلفور وهي التي نقلت المهاجرين اليهود إلى فلسطين تحت حماية حرابها وهي التي آوتهم وآوت زعماءهم ولا تزال توليهم من شفقتها ورحمتها بهم ... إن القرآن الكريم الذي به نؤمن وعليه نحيا وعليه نموت , قد لعن اليهود كما لعنتهم التوراة والإنجيل , وهو يوجب علينا أن نمنع اعتداءاتهم على هذه الأرض المقدسة بأرواحنا وأموالنا , ولا يقبل منا في ذلك صرفاً ولا عدلاً ... لقد كان في ممالأتكم السافرة لأعدائنا الصهيونيين وموقف حكومتكم العدائي نحو العرب ما يكفي ليحملنا على قطع الصلات بين بلدينا وفسخ عقود الشركات الأمريكية وإلغاء الامتيازات التي خلوناها لها. لولا أننا آثرنا ألا نعجل باتخاذ مثل هذا الإجراء لعل حكومة الولايات المتحدة تراجع نفسها وتصحح موقفها من قضية فلسطين , فتعدل عن تأييد الباطل الواضح إلى تأييد الحق الواضح دون ضغط منا أو تهديد بقطع مصالحها الاقتصادية في بلادنا ... ).
يقول العلامة الكبير أبو الحسن الندوي في كتابه القيم (شخصيات وكتب):
(إن حادثة وفاة سماحة المفتي الأكبر الحاج السيد محمد أمين الحسيني حادثة عمت العالم الإسلامي كله وهزته , وحق للمسلمين جميعاً أن يتبادلوا التعازي كأفراد أسرة فُجعت في أحد
آبائها أو مربيها وقد فقد العالم الإسلامي في شخصه أقدم زعيم وأكبر مجاهد وأعظم بطل من أبطال قضية المسجد الأقصى والقدس الشريف , وقد خُتم بوفاته كتاب في الجهاد والإخلاص
للعقيدة والفكرة والوفاء للمبدأ والغاية , ولقد سعدنا بزيارته في ندوة العلماء بمدينة (لكنهو) سنة 1933م مع زميله الكبير الأستاذ محمد على علوبة في جزلة دعائية للجماعة الإسلامية ثم التقيته في القاهرة والمدينة المنورة.
رحمة الله عليك يا أبا صلاح الدين ويا مجاهد فلسطين رحمة الأبرار الصالحين والأمناء الصادقين والمجاهدين المستميتين , فقد فارقت هذه الحياة وفي نفس يعقوب حاجة ما قضاها وأمنية لم تقر عينه بتحققها؛ بل انتقلت إلى جوار ربك مفجوعاً بما رأيت في أخر أيام حياتك,
وذهبت إلى ربك جريح الفؤاد , حزين القلب , محطم الأعصاب , غير راضي النفس , ولا قرير العين , بما اتفق عليه قومك من وضع السلاح والاكتفاء من الغنيمة بالإياب , وترك المسجد الأقصى والقدس الشريف على ما كانا عليه , وأنت الآن في كنف رحمة الله تثاب على عملك وجهادك ولا تُسأل عن عمل غيرك.
لقد حدثتني حين زرتك في القاهرة اليوم 7/ 8/1380ه , 13/ 5/1951م عن تاريخ جهاد فلسطين ومطامع اليهود السافرة حتى أطماعهم في احتلال المدينة المنورة وخيبر ومستعمرات اليهود القديمة , ومطالبتهم بذلك بكل صراحة والتهيؤ والاستعداد له ونفاق الإنجليز وكيدهم للمسلمين والروح الصليبية الكامنة في نفوسهم بل البادية في أحاديثهم وأعمالهم (قدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) وسذاجة الشعوب الإسلامية وسرعة انخداعها وأخطاء الدول العربية وغفلتها عن مصيرها والأخطار الصهيونية التي تهدد كيانها واشتغال ملوك العرب بنفوسهم وترفهم وجناية الجامعة العربية على قضية فلسطين بتكلفها بهذه القضية ثم تقاعدها عنها , وعزل الشعب الفلسطيني المجاهد عن السلاح وتسليم المناطق العربية لليهود. وقد أثنى على الإخوان المسلمين المجاهدين في فلسطين وأثنى على رجولتهم وقوة إيمانهم وحماستهم وقال: كان الواحد منهم يقاتل عشرات من اليهود.
ويقول الشيخ محمد زهير الشاويش:
(لا أعرف زعيماً عربياً في مكانة الحاج أمين _ رحمه الله _ توافرت له الرؤية الواضحة , والنظرة السليمة , والصمود الذي لا يجعله يتزحزح عما يراه حقاً قيد أنمله وكفاه بهذا فخراً.
لقد سمعته أكثر من مرة يتحدث بلهجة فيها كل العمق والنضج السياسي عن السلطان عبد الحميد الذي لم يخضع لطلب اليهود بإعطائهم وعداً بإنشاء وطن قومي لهم وقال: ((إن فلسطين ليست ملكاً لي حتى أعطيكم منها , بل وقف إسلامي ملك للأمة الإسلامية كلها))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/43)
وكان الحاج أمين يرى أن حياتنا السياسية , لابد أن تكون مبنية على أسس سليمة تحول دون المفاسد مرتكزة على قواعد الإسلام , وأننا في معركة فلسطين أضعنا الكثير من قوتنا عندما تجاهلنا المسلمين.
إن سماحة الحاج أمين الحسيني لم يدخر وسعاً على كل صعيد , وفي كل مجال شعبي ورسمي, عربي وإسلامي ودولي , وظل المجاهد الذي لا يمل ولا يكل , رغم تقدم السن , وضخامة الأحداث وقوة الأعداء وقلة الأنصار , وتكالب الخصوم , وتصدع الجبهات الداخلية,
وكان أمله أن العلاج ما شرعه الإسلام , وهو الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام , ومن هنا كان دوره في تعضيد كل عمل جهادي يستهدف اليهود , باعتبارهم جرثومة الفساد في العالم والسوس الذي ينخر في المجتمعات , ولا علاج لهم إلا بالقتل والاستئصال من الأرض , لأنهم المفسدون في الأرض على مدار التاريخ كله.
زرته في بيروت أواخر أيامه مع بعض الأخوة الكويتيين والسوريين والمصريين , فوجدت هذا الشيخ المهيب , والكهل الوقور , يتوقد حماساً يفوق حماس الشباب , ويعرض الأمور ويحلل الأحداث بعين الناقد البصير والسياسي المحنك والخبير المجرب , وأن تظل راية الإسلام مرفوعة , يسلمها الجيل الحاضر إلى الذي يليه , حتى يقضي الله أمره , ويحقق وعده فالنصر آت لا محالة , والعزة لله والرسول للمؤمنين , فلنثق بموعود الله ولنحسن التوكل عليه, ونخلص النية له , والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ولقد اختاره الله إلى جواره بمدينة بيروت يوم 14/ 6/1394ه ,14/ 7/1974م حيث دفن في مقبرة الشهداء في المرج وقد بكاه العالم الإسلامي , فقد كان القائد الفذ والرجل الصلب الذي استعصى على الوعد والوعيد والترغيب والتهديد , ولم يتنازل قيد شعرة عن حقوق المسلمين ومقدساتهم في فلسطين ولم يفرط بشبر من أرض المسلمين ولا باع الأرض والعرض بثمن بخس كما يفعل المنهزمون والمستسلمون وعبيد الدينار والكرسي من الأذناب والعملاء وأشباه الرجال من الأقزام المهازيل والدمى المتحركة وأحجار الشطرنج , ولم يهب اليهود رجلاً كما هابوه ولم يكرهوا أحداً كما كرهوه ولم يحاربوا أحداً كما حاربوه , كما هللت بريطانيا لموته وصدرت جريدة التايمز البريطانية مقالها الذي عقبت فيه على وفاه الحاج أمين الحسيني بهذه الكلمات: (مات عدو الصهيونية والإمبراطورية البريطانية).
رحمك الله يا أبا صلاح رحمة واسعة و جزاك عن الإسلام والمسلمين والذود عن مقدساتهم خير ما يجزي عباده الصالحين وجمعنا الله بك في جنات النعيم مع الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً , والحمد لله رب العالمين.
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[21 - 02 - 08, 09:51 ص]ـ
رحمه الله
ـ[الدكتور عبدالله المفلح]ــــــــ[23 - 02 - 08, 04:14 م]ـ
أسرار مهمة جدا وحقائق يجب ان توضع في الاعتبار
شكر الله لكم جميعا
ـ[النذير1]ــــــــ[24 - 02 - 08, 01:45 ص]ـ
نقلا عن موقع قناة الجزيرة
شرعت شركات إسرائيلية في تدمير مبنى المجلس الإسلامي الأعلى التاريخي, وبناء فنادق وشقق سكنية مطلة على حائط البراق بدلا منه لتطرح للبيع لأثرياء اليهودي في العالم بأسعار كبيرة, في إطار مساعي الاحتلال لتهويد القدس المحتلة.
ولم تبق جرافات الاحتلال من البناية التي شيدها مفتي فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني عام 1929 سوى الواجهة الخارجية كجزء من واجهات الفنادق المزمع بناؤها بعد إزالة كل الكتابات الإسلامية عليها.
بدوره قال المؤرخ الدكتور مصطفى كبها إن الحاج أمين الحسيني اهتم بإتمام بناية المجلس الإسلامي الأعلى ودعا وجهاء وسياسيين وأعيان البلاد للمشاركة في افتتاحه عشية استضافة المؤتمر الإسلامي عام 1930 في مدينة القدس لافتا إلى أن المجلس لعب دورا مهما في المحافظة على المقدسات وفي منع بيع الأراضي لليهود.
وأشار كبها في تصريح للجزيرة نت إلى أن سلطات الانتداب البريطاني استولت على مقر المجلس الإسلامي الأعلى عام 1937 بعد تجريد الحاج الحسيني من مناصبه، وحولته لمقر حكومي لكنها أبقت على المجلس الذي ظل يعمل حتى سيطرة القوات الصهيونية عليه عقب النكبة عام 1948 حيث تم احتلال الأحياء العربية غربي المدينة.
وسارعت سلطات الاحتلال للسيطرة على المبنى استنادا لقانون يعرف بـ"أملاك الغائبين" فاستخدمته لعدة وظائف كان آخرها مقرا لوزارة الصناعة والتجارة قبل شرائه عام 2003 من قبل شركة يملكها ثري يهودي أميركي بقيمة 20 مليون دولار.
يشار إلى أن الحاج أمين الحسيني ترأس المجلس الإسلامي الأعلى في القدس في منطقة الحرم في عام 1922 وما لبث أن بادر لبناء العمارة الجديدة خارج الأسوار بعد جولة واسعة في البلدان الإسلامية عام 1927 تم خلالها جمع الأموال اللازمة لبناء المقر الجديد قبالة مقبرة مأمن الله، الذي بات فندقا لاستقبال كبار ضيوف فلسطين
رابط الجزيرة:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8...4367D8A2F6.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/44)
ـ[النذير1]ــــــــ[24 - 03 - 08, 02:15 ص]ـ
حمل كتاب الحاج محمد أمين الحسيني والقضية الفلسطينية 1920 - 1948م
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=784714
ـ[النذير1]ــــــــ[14 - 11 - 10, 02:16 ص]ـ
للرفع(144/45)
البطولات المزيفة للقوميين العرب في فلسطين
ـ[النذير1]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:29 ص]ـ
هؤلاء أضاعوا فلسطين بقلم: محمد الوليدي
لائحة العار (1) فوزي القاوقجي.
قبل ان اضع سيرته السوداء للقارئ الكريم،اود ان أبين صورته التي لا زال يحاول ان يرسمها المؤرخ العربي الرسمي أو من اعتمد عليه أو الأديب أو الكاتب في ذهن القارىء، أما بسوء نية او جهل فأكثر المؤرخين والباحثين
في عصرنا هذا اراحوا أنفسهم من عناء التقصي في تأريخ عربي رسمي يجب ان ينظر اليه كله بعين الريبة، تأريخنا الحديث بحاجة الى أعادة وبالأخص تاريخ فلسطين وما جرى له من أحداث جسام،وأسأل سؤالا لضمير من وضعوا المناهج المدرسية على الأقل لأبنائنا؛ كيف تصف اللص بالشريف والخائن بالبطل المناضل ورموز العمالة والخيانة بالثوريين
الأحرار؟
اضع هنا موجزا مختصرا لبعض المصادر التي تعرضت لشخص فوزي
القاوقجي ولنر كيف نظرت اليه:
مركز الشرق العربي و هيئة الموسوعة الفلسطينية، دمشق: وصفوه بالمجاهد البطل الذي فشل بسبب تلكأ المسؤولين وتواطئ البعض في نصرته.
صحيفة الزمان اللندنية وصفته بالقائد المجاهد.
الياس صنبر في كتابه "الفلسطينيون .. صورة ارض وشعب" وصفه بالزعيم الوطني.
المركز الأعلامي الفلسطيني- حماس: تدور حوله الشبهات!
مؤسسة الدراسات الفلسطينية ـ بيروت: وصفته بالقائد المناضل.
الموسوعة الحرة: تميز بشجاعته النادرة و عروبته الأصيلة.
منح الصلح؛ فقط قبل شهر تقريبا بتاريخ 2006/ 07/24 أستذكر في مقالة له في صحيفة الرياض السعودية؛فوزي القاوقجي وقال بأنه المجاهد اللبناني الفلسطيني فوزي القاوقجي الشهير، الذي كان من الالصق بين الشعوب العربية بالقضية الفلسطينية!!.
يوسف فضل - موقع الركن الأخضر قال عنه انه تحول من مناضل عام 1936 الى خائن عام 1948.
موقع الحوار المتمدن: مثالاً للقائد المناضل المؤمن بوحدة أمته و حقها في الاستقلال و النهوض.
جريدة الاسبوع الادبي ـ دمشق: الثائر البطل فوزي القاوقجي ولا أشك أنه قد مات هانئ النفس قرير العين ومرتاح الضمير كونه قد أدى واجبه الإنساني والوطني على أكمل وجه. وإنني لأتخيله وهو يحتضر مسجى على فراش الموت وكأن لسان حاله يردد مقولة قائد جيش المسلمين سيف الله المسلول خالد بن الوليد: (مامن شبرٍ في جسدي إلا وفيه طعنةَ رمحٍ أو ضربةَ سيف وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير).
موقع القومي: دافعنا عن فلسطين، و جيش الإنقاذ الذي كان يقوده فوزي القاوقجي كان معظم قادته من القوميين!.
فدوى طوقان: وصفته بقائد الثورة الأسطوري.
الأديب علي أحمد باكثير: صور فوزي اقاوقجي في مسرحيته "راشيل في المخاض" بالمجاهد البطل الذي قضى على القوات البريطانية وقوات الهاجاناه.
فهمي خميس شراب؛ محاضر في جامعة الأقصى غزة: القائد الزعيم فوزي القاوقجي .. والذي كان يقاوم الاحتلال في بلاده .. جاء على رأس الكثير من المجاهدين إلى فلسطين من اجل الوقوف بجانب صديقه القسام وذلك إبان ثورة البراق.
سمير عطا الله - الحياة: وصفه بشيخ المجاهين في فلسطين.
الأديب السوري رفيق شامي:"آخر حصار لمعلولا "قريته" كان على يد فوزي القاوقجي الذي حاصر ونهب كل القرى السورية في طريقه من حماة الى فلسطين .. وهو لم يطلق رصاصة على الفرنسيين"
عبد الله حمد الشهيل مؤرخ سعودي: "ان فوزي القاوقجي لم يستطع مقاومة الإغراءات فانحرف عن خطه الوطني مما أسفر عن: تأخر جيشه في القتال، ووضع العقبات أمام تطوع الفلسطينيين فيه، وتباينت أهداف أفراده بين المشهود لهم بالوطنية والكفاءة، والنفعيين الذين لا تهمهم القضية إضافة إلى الهدنات التي أعطت فرصا لليهود"
ومصادر عديدة تباينت في وصفه ومنها ما حمل الشعب الفلسطيني فشل القاوقجي أو اخفاقه كما المح المؤرخ الفلسطيني الباحث د. مصطفى كبها.
لا يهمني التاريخ العربي الرسمي بقدر ما يهمني التاريخ الفلسطيني خاصة الشفهي والذي تعدل فيه كلمة من شهادة عجوز فلسطينية في مخيمها الف بيان عربي رسمي، فعواصم العرب رغم ما كشف عن فوزي القاوقجي لا زال حكامها يسيرون على خطاه وسمت حتى شوارع بأسمه في عواصمها.
فمن هو فوزي القاوقجي هذا؟ من القوميين العرب، ولد في طرابلس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/46)
السورية (لبنان الآن) عام 1890 وألتحق في شبابه بالجيش العثماني، ثم بالملك فيصل بن الحسين عام 1918 وكان آمر السرية الاولى من لواء الخيالة الهاشمي وحارسا لقصرالملك فيصل بن الحسين. اشترك في معركة ميسلون الدامية بين العرب والفرنسيين وقد كافأه المندوب الفرنسي في سوريا بعد المعركة باختياره كمستشار ومعاون خاص له سرا!! وظل
على التصاق دائم بالثوار السوريين والعرب ضد الأحتلال الفرنسي،وقد تبين فيما بعد ثمة شكوك مريبة في مدى اخلاصه للثوار والذين تعرضوا في العديد من المواقف لأنتكاسات دموية كان سببا فيها،كما وأستطاع ان يجمع
مجموعة كبيرة من الشباب السوري الذي كان متحمسا لمقاومة المحتل الفرنسي وقام بتدريبهم وظل يؤخرهم عن دورهم وأحيانا يتعذر بظروف ما وأحيانا يشترك في اشتباكات غير جدية مع الفرنسيين او عملائهم حتى جمعهم مرة ليحاط بهم من كل جانب من قبل الفرنسيين مما أدى الى استشهادهم جميعا، و لاذ فوزي القاوقجي بالفرار!.
استدعي للسعودية للمشاركة في بناء الجيش النظامي السعودي،ثم عينه الامير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيما بعد) كمستشار له، غادر السعودية سرا الى مصر لمقابلة الوفد الفلسطيني المسافر الى لندن لمفاوضة الانجليز عقب احداث فلسطين 1929 وكانت مهمته عرض املاءات بريطانية على هذا الوفد وقد وصفه عوني عبد الهادي رئيس الوفد فيما بعد بالمهرج الكبير. ثم عاد الى السعودية ولم يغادرها الا في عام 1932 مطرودا وبعد ان سجن لفترة هناك لآسباب غامضة، ليلتحق مرة أخرى بخدمة الملك فيصل بن الحسين.
في عام 1941 التحق بثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الأنجليز في العراق , وكان احد الأدوار الموكلة اليه من قبل الأنجليز الأفساد بين أقوى شخصيتين في الثورة وهما رشيد عالي الكيلاني و الحاج أمين الحسيني وذلك لأضعافهما.
يقول منير الريس والذي كان معه أبان الثورة ورافقه في رحلة العلاج المزعومة الى المانيا حيث يوجد فيها الحاج أمين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني بأنه وبالرغم انه كان يمنعهم من محاربة الأنجليز بحجج واهية الا انه ما شك فيه أما الآن وقد زور كتاب الدكتور الدواليبي وجمعية الطلاب العرب في فرنسا بخصوص الخلاف بين رشيد عالي الكيلاني والحاج أمين الحسيني،وقدمه للألمان أمام عينيه فلم يعد لديه شك في خيانته. وذكرطالب فلسطينيي كان يدرس في فرنسا وهو واصف كمال للدكتور الدواليبي بان القاوقجي في هذه الأحداث هو المثير للفتنة. وقد اعترض الدواليبي و الطلبة العرب للألمان على نص الكتاب الذي قدمه القاوقجي، وبينوا ان الكتاب الأصلي قد تم تزويره من قبل فوزي القاوقجي وهذا ما فتح عيون الألمان عليه والذي جعلهم يراقبونه حتى كشفوا امورا خطيرة عليه أدت الى سجنه هو وزوجته الألمانية ومرافقه الأ ان الألمان لم تكن لديهم اثباتات تدينه بالسجن طويلا اوألأعدام الا بعد فوات الأوان فقد اطلق سراحه بعد شهر،ولم تمضي فترة حتى هرب الى فرنسا بعد ان امسك ألألمان برسولهوالذي عثر معه على أسرار عسكرية سرعان ما حوكم عليها بالأعدام، وفتشوا عن القاوقجي ولم يجدوه فقد كشف الألمان بأنه عميل سري للأنجليز وانه نقل أسرارا عسكرية وخرائط الى أماكن معينة.
وقد اتهم الالمان بتسميم ابنه مجدي لانه (الأب) رفض التعاون معهم ". وأن المفتي الحاج امين الحسيني هو الذي اوعز للالمان بسجنه. غادر فرنسا بسرية تامة وبجواز سفر مزور الى القاهرة لكن الطائرة هبطت في مطار اللد لمدة ساعة قبل مغادرتهاالى القاهرة، تنكر الوثائق البريطانية التي كشف عنها حتى الآن أن لقاءا تم بين شخصيتين بريطانية ويهودية مع فوزي القوقجي كانتا قد وصلتا المطار في تلك اللحظات!.
في القاهرة استقبله عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية ومن القاهرة غادر الى بيروت ثم الى دمشق، ليستقبله وزير الدفاع السوري أحمد الشرباتي والذي منحه احد بيوته الفخمة البعيدة قليلا عن العاصمة السورية والذي جرت فيه معه عدة لقاءات منها لقاء مع السفير البريطاني في دمشق، ولقاء مع السفير الأمريكي في دمشق ايضا، والذي قال له الشرباتي عن نفسه بأنه غني لكن صديقه القاوقجي فقير!!.
فقد كان يتم اعتماده لقيادة جيش الالانقاذ المرتقب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/47)
عندما (اشترك) فوزي القوقجي في ثورة عام 1936 في فلسطين، وحين اشتدادها وانتشارها طلب من الفلسطينيين انهاء ثورتهم اعتمادا على نداء الملوك والأمراء العرب دون ان يأخذ رأي أي من الفلسطينيين والذين كانوا ينظرون اليه كبطل عربي جاء ليعينهم على التصدي للعدو،وبسبب نجاح دوره هذا- الذي لم ينسه الحكام العرب ولا الأنجليز - ولقناعتهم بأنه سيسير حسب المشيئة وحسب المخطط الذي كتب على فلسطين من القريب والبعيد اجمعوا على اختياره للقيادة الميدانية لجيش الأنقاذ عام 1948. و منح من قبل الأمير عبد الله بن الحسين درجة الباشوية!.
بدأت بعد ذلك الأستعدادات لتعيينه قائدا عاما لجيش الأنقاذ العربي الذي تم الأعداد لتشكيله.
عندما تم أختياره عارض بعض القادة الفلسطينيين ممن يعرفونه كالحاج أمين الحسيني والقائد البطل عبد القادر الحسيني هذا الأختيار ووجهوا عدة نداءات كي لا يتم هذا الأ ان كل هذا ذهب ادراج الرياح.
قبل حرب 1948 طلبت منه مجموعة من الطيارين المصريين ان ينضموا له سرا للمشاركة في الحرب ووعدوه بأنهم مستعدون بتوفير 15 طائرة حربية حال استدعائهم بعد ن رفضت الحكومة المصرية مطلبهم، فقال لهم انه
سيستدعيهم عند المعركة الفاصلة! ولم يستدعهم بل أخبر السلطات المصرية عنهم!.
في شهر يناير من عام 1948 دخل جيش الأنقاذ العربي فلسطين لكن القائد فوزي القاوقجي لم يلحق به الا بعد ثلاثة اشهر، وقبل دخوله فلسطين اعلن انه حرك احد سراياه للقدس من اجل حمايتها بينما امر قائدها بالتوجه الى بيت جالا قرب بيت لحم! ولم تتحرك حتى احتلال القدس وقد عثر على قائد هذه السرية فاضل عبدالله مختبئا في حجرة بجانب المسجد الاقصى ومع ذلك امرته قيادة جيش الانقاذ (بتحريك) المجاهدين في القدس حيث ذاقوا منه كل الوان المرارة ورفعوا فيه شكاوى عديدة تصفه بالغباء والجبن وكثرة النوم!.
في 1 - 4 - 1948 اجتمع فوزي القاوقجي سرا مع جوش بالمون احد قادة الهاجناه واول رئيس للموساد في الكيان الصهيوني - فيما بعد - من اجل تنفيذ المخططات المعدة مسبقا عمليا،وقد جرى هذا الاجتماع في احراش قرية نور شمس، واتفقا فيه على ا ن يكونا معا، ضد فلسطين والفلسطينيين،وقد شكا بالمون للقاوقجي من المفتي امين الحسيني،فشن القاوقجي هجوما عنيفا على المفتي ورجاله، ثم ذكر بالمون الشيخ حسن سلامه وعبدالقادر الحسيني، فقال القاوقجي"ارجو منكم ان تعلموهم درسا لا ينسوه" ثم طلب القاوقجي من بالمون "نصرا تمثيليا واحدا" وانظروا كيف رد عليه بالمون:" نحن اليهود ان هاجمتنا كيفما كان سنرد عليك بالأسوأ، حتى هذا لا ارضى به "!!.
لذا اكتفى القاوقجي ان تكون انتصاراته من خلال بياناته والأذاعات والصحف العربية، وامثلة ذلك كثيرة؛كأعلانه انه دخل يافا وضرب تل ابيب واوقع فيها خسائر لا تحصى! او انه احتل هذه المستوطنة او تلك.
مع انه استطاع ان ينال بعض الانتصارات التمثيلية في النهاية؛بعد ان اثبت بانه؛مخلص فيما وعد به، ولا انكر بانه كانت هناك بعض الأنتصارت الحقيقية التي جاءت بناء على مخالفة الأوامر.
هذا بعض ما تم الكشف عنه من هذه المقابلة والتي جرت قبل ثلاثة ايام من عملية "نهشون" التي استمرت من 4 - 4 الى 15 - 4 - 1948؛ حيث شق فيها الصهاينة طريقهم الدموي نحو القدس، ولم يبخل القاوقجي عليهم بشيء فيها من سحب اسلحة الفلسطينيين الى قتل قادة الجهاد المقدس ومقاتليهم الى مذبحة دير ياسين الى تسليم القدس.
بدأت هذه العملية بضرب قواعد الشيخ حسن سلامة التابعة للجهاد المقدس في الرملة، وكانت من اكبر العقبات في وجه الصهاينة،وبالرغم من وجود كتيبة من جيش الأنقاذ؛الا انها رفضت التدخل بامر من القاوقجي.
في معركة مشمار هاعميك 4 ابريل 1948 والتي وسمت فوزي القوقجي بأعظم اوسمة الخيانة حين يحلل الهدف منها والذي لم يكن سوى التخلص من خيرة الشباب الفلسطيني والعربي الذين تطوعوا معه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/48)
كان الهدف مستعمرة مشمار هاعميك لكنه أمر بمهاجمة مستوطنة قربها ثم وجه القوات نحو المستعمرة والتي رغم تحصينها ورغم ان الصهاينة كانوا بالأنتظار الأ ان الشباب المجاهد استطاعوا التقدم ورغم خسائرهم الفادحة في الأرواح الا انهم لم يتراجعوا بل أوقعوا خسائر فادحة في العدو مما جعل فوزي القوقجي يطلب التفاوض! وأستمر التفاوض طويلا والأستعدادات الصهيونية تتوالى، حتى أن الصهاينة كانوا ينقلون قتلاهم في الشاحنات ويعودون بها مملوءة بالسلاح ليضعوها في اماكن متقدمة، والقوقجي يتفاوض!!
بعد ان استكملت الأستعدادات الصهيونية ,ماذا فعل؟
لقد قام بسحب عددا من المقاتلين لأضعاف القوة المتبقية لتسهيل أبادتها وقد أدعى ان معارك القسطل تحتاجهم وحتما لم يرسلهم هناك، بل انه بعد اتصال عبد القادر الحسيني به يرجو منه السلاح ,اتصل بجوش بالمون وطمأنه ان عبد القادر الحسيني يعاني من قلة السلاح وأن هذه فرصته التي لا تعوض فيه .. فكيف أذن سيساعد في انقاذ القسطل؟!
بعد سحب بعص القوات احيط بمن تبقوا من قبل الصهاينة وتمت أبادتهم. وفي المعارك البطولية التي حارب فيها أهالي لوبية الصهاينة والتي رفض جيش الإنقاذ التدخل فيها كان موقفهم من فوزي القاوقجي ان قدموا له عددا من المصفحات والسيارات التي غنموها من هذه المعارك والتي كان يعيدها للصهاينة بطرق مباشرة أو غير مباشرة. وذكر مصطفى الدواليبي ان القاوقجي سلم الصهاينة عددا من الدبابات.
هذه احدى البرقيات التي وجهت من آمر حامية يافا ميشيل العيسى الى فوزي القاوقجي يرجو منه ان يفعل شيئا لكن أي ضمير لديه، نذكرها كمثال على الصرخات التي كانت توجه اليه ولم يلتفت اليها مطلقا؟:
"عادل يترك المدينة دون تسليم ويرفض التسليم ـ قف ـ الحامية انهارت وأسلحتها تبددت، المدينة والحامية في حالة فوضى تامة وموقف عادل من هذا سلبي بل ربما ارتاح إليه ـ قف ـ نهب الجنود أمس متاجر متعددة لا تستطيع أي شخصية السيطرة على الموقف دون وجود جيش نظامي يدعمها ـ
قف ـ ثمانون بالمئة من الأهلين رحلوا وسيل الرحيل متواصل بشكل محزن ـ قف ...
وبرقية أخرى:
"الحامية بأسرها فرت كما فر القسم الأكبر من أجنادين ـ قف ـ اليهود يسيطرون على طريق يافا الرملة ـ قف ـ افران المدينة أوقفت العمل والأهلين ينهبون البيوت والمتاجر مع الجنود الفارين ولا توجد قوة تمنع هذا ـ قف ـ أطباء وموظفي المستشفيات لم يبق منهم سوى عشرين بالمئة. وحالة المرضى محزنة جداً ـ قف ـ نعاني صعوبات في ايجاد من يدفن الموتى ـ قف ـ ألح في طلب تعليمات صريحة واضحة مستعجلة "
وبماذا يجيب؟
وهو الذي يقبض ثمن الدم الفلسطيني من الأنجليز واليهود وحتما زعامات العرب،وهكذا سقطت مدينة يافا.
تراجع فوزي القاوقجي مع ما تبقى من قواته نحو الجليل، وهل ترك الشعب المنكوب في حاله،أبدا.
احتاجه الصهاينة مرة أخرى في عملية ابعاد الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون على الحدود على أمل الرجوع لوطنهم،،وكانت اكبر تجمعاتهم في قرية الحولا داخل الحدود اللبنانية فثمة عملية يحتاجها الصهاينة لأبعادهم للداخل فكانت مجزرة الحولا، في 22 - 10 1948 ورد من قائد الجليل الصهيوني موشيه كرمل ما يفيد بأن فوزي القاوقجي استولى على استحكامات قرب الحولا، وبعد ستة ايام اعلن القاوقجي بانه سيبدل قوات السرية التابعة لجيش الأنقاذ التي تقع قرب الحولا، وفعلا غادرت السرية بتاريخ 28 - 10 - 1948 و ودعها الفلسطينيون بالدموع فكانت تعني لهم الأمان بعد أن راوا ما رأوا في رحيلهم المر.
في 31 - 10 وصلت القوات ولكنها قوات صهيونية بلباس جيش الأنقاذ (العقال والكوفية) ,استقبلهم الفلسطينيون بفرح غامر على اعتقاد منهم انهم السرية البديلة لجيش الأنقاذ والتي سيطرت على المكان وجمعت 98 من الشباب الفلسطيني ووضعتهم في عدة بيوت ثم نسفتهم بالديناميت ثم فتشت عن الاحياء والذي عثروا عليه حيا تم قتله بالرصاص.
ليغادر بعدها فلسطين الى لبنان ثم الى سوريا في ظل مشاكل سياسية كبيرة كانت كلها مع اصدقاء الأمس وحتى ان بعض الشرفاء فكروا في اعتقاله الا أن الصورة التي ارتسمت في عقول الناس على انه بطل منعتهم من ذلك فطرد من سوريا سرا الى مسقط رأسه طرابلس حيث عاش أسوا سني عمره في حالة نفسية رهيبة وعزلة من الناس حتى توفي عام 1977.
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 03:14 م]ـ
التاريخ وما أدراك مالتاريخ
شكرا لمجهودك أخي الكريم
ـ[أبو وئام]ــــــــ[10 - 12 - 07, 07:25 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[النذير1]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:08 ص]ـ
جزاكما الله خيرا
ـ[النذير1]ــــــــ[24 - 03 - 08, 02:22 ص]ـ
وكيف يهنأ بال من أضاع المسجد الأقصى والأرض المباركة حوله؟
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[23 - 06 - 08, 10:33 م]ـ
جزاك الله خيرا أخى.
التاريخ يمتلئ بأمثال هؤلاء الذى ظهروا لشعوبهم بمظهر الأبطال بينما هم الذين أضاعوا شعوبهم
والمؤسف أن هؤلاء تمتلئ بهم كتب التاريخ خاصة المدرسية التى يدرسها عامة الناس وبالتالى يترسخ فى عقولهم عظمة هولاء الذين إن لم يخونوا بلادهم فكثيراً منهم خانوا دينهم
اللهم بصرنا بحقائق الأمور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/49)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[24 - 06 - 08, 01:27 ص]ـ
اتهامات خطيرة من غير توثيق!!
والتناقضات الداخلية فيها لافتة للنظر!!
عميلٌ لليهود والإنجليز، أخلص لهم أكثر من إخلاص وايزمان وبن جوريون، فيكافئه العرب بأن يستشيره ملوكهم وأمراؤهم، ويستقبله عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزير الدفاع السوري أحمد الشرباتي، ولا يجدون قائداً لجيش الإنقاذ إلا هذا الخائن المجرم العميل، الذي يقود رجاله كما تقاد النعاج إلى المسلخ، ويخفى ذلك كله على العرب والفلسطينيين إلى اليوم، وينفرد برؤيته كاتب المقال!!
أما الذين قدَّم لهم تلك الخدمات الهائلة، أي الاستعمار والصهيونية، فيتركونه يموت في عزلة رهيبة، أي بلا مكافأة!!
بصراحة، هذا مثال على ما تفعله نظرية المؤامرة في عقول بعض الناس!!
وما أحسن كلمة شيخ المعرَّة:
لاتظلموا الموتى وإن طال المدى * إني أخاف عليكمُ أن تلتقوا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 07 - 08, 11:57 م]ـ
الجامعة العربية هي منظمة أسست بدعم بريطاني لصرف المسلمين عن الإسلام وتوجيههم إلى التيار القومي. فلا غرابة في الأمر.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 02:08 م]ـ
الجامعة العربية هي منظمة أسست بدعم بريطاني لصرف المسلمين عن الإسلام وتوجيههم إلى التيار القومي. فلا غرابة في الأمر.
أهذه غاية ما عندك في الإجابة على استشكالاتي؟
أتريد أن تقول: إن عبدالرحمن عزَّام استقبل الرجل لأنهما جزء من المؤامرة الإنجليزية!!
وعندي لك سؤال آخر:
من هو كاتب المقال محمد الوليدي؟ وما مؤهلاته؟ وإلى أي حزب ينتمي؟
لعله من حزب التحرير مثلاً!!
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[03 - 07 - 08, 10:40 م]ـ
الأخ خزانة الأدب .. بغض النظر عن هذا الموضوع.
هل أنت ممّن يرى أن نظرية المؤامرة نظرية وهمية؟؟
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[04 - 07 - 08, 05:00 م]ـ
الأخ خزانة الأدب .. بغض النظر عن هذا الموضوع.
هل أنت ممّن يرى أن نظرية المؤامرة نظرية وهمية؟؟
أهلاً بأبي إبراهيم، وعاش من سمع صوتك!
أما نظرية المؤامرة فهي في نظري وهمية، بشرط أن نتفق على المقصود بنظرية المؤامرة.
المؤامرات نفسها موجودة منذ فجر التاريخ، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول والجماعات.
وعندما يتآمر مجموعة ضباط للقيام بانقلاب فهذه مؤامرة
واتفاقية سايكس بيكو مؤامرة ... إلخ
ولكن نظرية المؤامرة شيء آخر غير هذا، ولو سميناها بنظرية التمثيلية لكان أدقَّ في التسمية وأدلّ على المعنى الصجيج.
فأصحاب هذه النظرية يزعمون أن الطرفين المتصارعين يمثِّلون علينا وأنهم في حقيقة الأمر سمن وعسل!!
وأقرب مثال ما ذُكر أعلاه: القاووقجي جمع المجاهدين العرب وخاض بهم المعارك لإنقاذ فلسطين، وطبعاً من حق المؤرخ أن ينتقد عليه ما يشاء، بشرط التوثيق والإنصاف، ولكن صاحب المشاركة يقول إن القاووقجي هو في حقيقة أمره صهيوني أكثر من وايزمان وبن جوريون ومناحيم بيجن، لأن هؤلاء كاشحونا بالعداوة، أما هذا فزعم أنه حبيبنا وصديقنا وقائدنا، وقادنا إلى المسلخ كالنعاج
وقالوا إن بوش الأب هو الذي أوعز إلى صدّام بغزو الكويت!!
كما قالوا إن بوش الابن هو الذي ضرب الأبراج والبنتاجون!!
المدهش في جميع نظريات المؤامرات أن أصحابها يصوّرون جميع الناس، كقادة الدول والجيوش، بأن البلاهة والانخداع بلغت بهم إلى أقصى الحدود، بحيث لم يدركوا ما أدركه هذا الجالس خلف الكيبورد!!
لم يدرك أن القاووقجي جاسوس إسرائيلي إلا صاحب المشاركة بعد الحادثة بستين عاماً!!
وبيت القصيد في الإجابة على سؤالك هو التفريق بين المؤامرة ونظرية المؤامرة.
مع أطيب تحياتي لك ولحائل وأهلها الكرام!
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[04 - 07 - 08, 08:10 م]ـ
أهلاً بأبي إبراهيم، وعاش من سمع صوتك!
:
:
:
وبيت القصيد في الإجابة على سؤالك هو التفريق بين المؤامرة ونظرية المؤامرة.
مع أطيب تحياتي لك ولحائل وأهلها الكرام!
ولك خالص الود من جبلي طي آجا وسلمى ومن يسكن بين لا بتيها ..
لم أفهم الفرق بين المؤامرة ونظرية المؤامرة. وعلى كلٍّ فمن ينكر نظرية المؤامرة هم أصحاب الفكر اللاديني ومن يحذو حذوهم من أبناء الإسلام، حتى أصبحت شعارًا لهم.
فإذا أردت أن تعرف الحداثي والليبرالي واللاديني تعرفه من هذه النقطة كأقرب الطرق.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[06 - 07 - 08, 01:15 ص]ـ
شرحت لك الفرق بارك الله فيك
لنفرض أن أحداً كتب عبارة سيئة على جدارك، ليست من نوع عبث الصبيان، فستجزم أن كاتبها عدو كاشح يريد إيقاع الضرر بك، وسوف تثور وتشتكي إلى الجيران والشرطة ... إلخ
فتصور لو قال بعضهم في المجالس: الذي فعل ذلك صديق حميم لأبي إبراهيم، وبينهما تواطؤ على ذلك لأجل الغرض الفلاني، وردّ فعل أبي إبراهيم جزء من الترتيب!
فهذه هي نظرية المؤامرة: أن الحادثة تمثيلية.
طبعاً سيقول العقلاء: هذا التفسير خلاف الظاهر، ويجب أن تكون البيِّنة على مقدار الدعوى، ولا سيما أنك لست صديقاً لأبي إبراهيم، فكيف وصلت إلى هذا السرّ الرهيب، وكيف خفي ذلك على 99% من الناس؟!
تأمل مثال القاووقجي أعلاه وستجده أغرب من هذا المثال وأبلغ في الاستحالة!
أما المؤامرات بالمعنى القانوني المعروف، وهو تدبير الأمور بليل، فليس مما نحن فيه أصلاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/50)
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 08 - 08, 09:33 م]ـ
الأخ الفاضل خزانة الأدب،
جزاك الله خيرا على استشكالاتك، وأتمنى ان يتسع صدرك للإجابات، فأنا كنت مثلك محبا للقاوقجي وغيره،
ثم يسر الله لي الالتقاء ببعض أقارب بطل القسطل وشهيدها -إن شاء الله- عبد القادر الحسيني، فذكروا لي كيف كان يناوىء البطل الذي أجمعت الأمة على رجولته وفحولته، والذي استرجع القسطل من يهود بالسلاح اليدوي وكيف منع عنه القاوقجي المدد. وخلاصة الأمر اني لم أكتف بما قالول فقولهم يعوزه الدليل، ولكنني بحثت أكثر فوجدت أن العديد من أهل البلد علموا عن تخاذل القاوقجي، ومسألة تركه للمسلمين يذبحون من قبل عصابات صهيون في دير ياسين وهو يفطر في القرية المجاورة لها عين كارم دون أن ترمش له عين مسألة معروفة لدى أهل فلسطين كلهم ولعلك تسأل بعض الناجين فيخبرك عن ذلك،
رغم كل تلك الأدلة كنت لا أزال متشككا في هذه الروايات حتى تم الكشف عن وثائق الانتداب البريطاني وكذلك مذكرات مؤسس اسرائيل بنغوريون وقائد عصابات الهاجانا الصهيونية بالمون التي تشيد بالقاوقجي وتعاونه معهم ضد المفتي الحاج أمين الحسيني والبطل عبد القادر الحسيني، انظر فضلا كتاب (الحرب من أجل فلسطين بتحرير يوجين روجان وتقديم الباحث الفلسطيني ادوارد سعيد باللغة الانجليزية) وفيه نصوص ومصادر المقابلات مع زعماء صهيون فإذا قرأته شعرت بالاشمئزاز من من هذه المؤامرة الحقيرة.
والأمر لك فابحث ثم أحكم، فكل منا محاسب بما يقول،
وأخيرا لأحيلك إلى وسيلة سهلة لقياس مدى عداء القاوقجي ونكايته في الصهاينة مقابل عداوة الحاج أمين الحسيني للصهاينة، فلو ذهبت إلى محرك البحث جوجل ووضعت لفظة ( Grand Mufti) أو المفتي الأكبر فيها لوجدت مئآت بل آلاف المواقع الصهيونية التي تهاجم الحاج أمين الحسيني ولو وضعت اسم ( Qawauqji) لما وجدت شيئا يذكر سوى كتابات بعض المؤرخين.
وعين الرضى عن كل عيب كليلة **** ولكن عين السخط تبدي المساويا
ـ[النذير1]ــــــــ[01 - 08 - 08, 09:49 م]ـ
الأخ خزانة الأدب،
ملاحظات ليست في صلب الموضوع:
أولا: أنا ممن يؤمن بنظرية المؤامرة والملايين مثلي، وإليك الدليل:
قال تعالى:
*مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:105]، وقوله: *وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]، وقوله: *وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89]، وقوله: *وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109]، وقوله: *وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217]، وقوله: *إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا [الطارق:15]، ويقول أيضاً: *وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ [الأنفال:30].
وروى الطبري بسنده وغيره عن زيد بن أسلم قال: مر شاس بن قيس -وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم- على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة -يعني الأنصار الأوس والخزرج- بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا من يهود وكان معه فقال له: اعمد إليهم فاجلس معهم فذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، وقال بعضهم لبعض: إن شئتم رددناها الآن جذعة، وغضب الفريقان وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الحرة فخرجوا إليها وتحاوز الناس على دعواهم التي كانت في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه حتى جاءهم فقال: يا معشر المسلمين الله الله .. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/51)
إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس.
فأنزل الله تعالى في ذلك: قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {آل عمران:98 - 99}
وأنزل في الأوس والخزرج: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {آل عمران:100 - 101 - }
وفي هذه القصة وفي الآيات التي نزلت بسببها من الدروس والعظات والعبر ما ينبغي للمسلمين أن يقفوا عنده ويتأملوه طويلا، وخاصة في هذه الأيام التي كثرت فيها دسائس اليهود والنصارى، وتنوعت مكائدهم لتمزيق صف المسلمين وإثارة النعرات القبلية والطائفية بينهم حتى أصبحوا يقتتلون في كل مكان وعلى أتفه الأسباب، وما كان لهم أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه لولا بعد المسلمين عن دينهم وتجاهلهم لتاريخ هؤلاء الأعداء مع نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين على مر التاريخ، وقد حذرنا القرآن الكريم من كيدهم فقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ {البقرة: 109} وقال تعالى: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً {النساء: 89}
ثانيا: البيت الذي نقلته عن المعري جميل،
ولكن لعلك لا ترفع من قدر هذا المتزندق المعترض على حكم الله القائل:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجابه العالم المسلم:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة وافهم حكمة الباري
ـ[المعارف]ــــــــ[01 - 02 - 09, 12:31 م]ـ
اتهامات خطيرة من غير توثيق!!
والتناقضات الداخلية فيها لافتة للنظر!!
عميلٌ لليهود والإنجليز، أخلص لهم أكثر من إخلاص وايزمان وبن جوريون، فيكافئه العرب بأن يستشيره ملوكهم وأمراؤهم، ويستقبله عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزير الدفاع السوري أحمد الشرباتي، ولا يجدون قائداً لجيش الإنقاذ إلا هذا الخائن المجرم العميل، الذي يقود رجاله كما تقاد النعاج إلى المسلخ، ويخفى ذلك كله على العرب والفلسطينيين إلى اليوم، وينفرد برؤيته كاتب المقال!!
أما الذين قدَّم لهم تلك الخدمات الهائلة، أي الاستعمار والصهيونية، فيتركونه يموت في عزلة رهيبة، أي بلا مكافأة!!
بصراحة، هذا مثال على ما تفعله نظرية المؤامرة في عقول بعض الناس!!
وما أحسن كلمة شيخ المعرَّة:
لاتظلموا الموتى وإن طال المدى * إني أخاف عليكمُ أن تلتقوا
أطلعت على البحث وعندي إهتمام خاص بقضية فلسطين وعلمي أيضا يعتمد على كم كبير من المداولات حتى بعض السرية منها .. البحث للعلم لم يذكر سوى اليسير وإن كان خطيرا وهناك ما يؤيده ..
ولكن أستغربت من خزانة الأدب .. الذي يبدو بأنه غير مثقف بهذه المجريات .. كيف يقحم نفسه بامرلا يعرفه .. بل ويدلس ..
يقول (والتناقضات الداخلية فيها لافتة للنظر!!)
اعطني تناقض وحيد؟ وسأناقشك فيما تبقى فيما بعد
تقول:" ويستقبله عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزير الدفاع السوري أحمد الشرباتي، ولا يجدون قائداً لجيش الإنقاذ إلا هذا الخائن المجرم العميل"
هل تعلم من هو عبد الرحمن عزام؟ قد تكون رسالتي فيه للعلم .. تاريخ مذهل من الخيانة.
هل تعلم من هو أحمد الشرباتي؟ ابسط ما عنده إنه متزوج من يهودية وهي سيريديت إبنته متزوجة من زعيم الدروز الآن.
خزانة الأدب إتقي الله إن كنت تجهل أمرا فأحذر من الخوض فيه؛فترتكب ذنبا .. عظيما
ـ[المعارف]ــــــــ[01 - 02 - 09, 12:51 م]ـ
والله إني أطلعت الآن فقط على ردود خزانة الأدب .. ففعلا هو يتبع أسلوب الليبراليين في فهم مجريات الإمور .. كإنكاره لنظرية المؤامرة التي لا زال يكتوي بنارها المسلمون .. يبدو لي إنه يعيش في المريخ هذا الخزانة ..
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 02 - 09, 02:06 م]ـ
هجوم شخصي لا يستحق الرد!
ـ[المعارف]ــــــــ[10 - 03 - 09, 09:22 م]ـ
لا أعرفك شخصيا أخي حتى تشك أن هجومي شخصيا .. تحدثت عن تناقضات .. أريد تناقضا واحدا ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/52)
ـ[الشريف الحسيني الحنبلي]ــــــــ[08 - 05 - 09, 11:08 ص]ـ
قطعا هناك مؤامرات وليست مؤامرة واحدة
ولكن إتفاقها كلها هو فقط في أذهان من لا يعلمون فيُبسطون الأمور في مؤامرة واحدة
فحرب أفغانستان كانت حقا جهادا مشرفا ضد الكفر والكفار ونصرا للمؤمنين
وهذا لا يمنع أن أجهزة المخابرات العالمية حاكت فيها مؤامرات عدّة أدتّ الى أن تفشل ريح المجاهدين بعد دحر السوفييت، هل هذه نظرية مؤامرة رتبت بداياتها ونهاياتها كأحجار الشطرنج؟ لا
ولكن كان هناك مؤامرات لإضعاف الجهاد وأهله لاحقا ولا شك
وحرب العراق بدأت بضرب الجارتيين وإنتهت بغزو العراق ومستنقع لا يعلم نهايته إلا الله
هل بدأت بمؤامرة واحدة من الألف الى الياء؟ لا ولكن لا ننكر أن اليهود أججوا نارها للخلاص من قوة العراق لاحقا لأنه لم يعجبهم أن يكون في العراق قوة قد تهددهم يوما وإلتقى مطلبهم مع مطلب السيطرة على منابع النفط ومطلب تقسيم الوطن العربيّ بين المحاور هذا كله مجموع من دسائس ومؤامرات للمحاور المتصارعة وليست مؤامرة واحدة تُسيّر عليها الأمم كالنعاج؛ من قال بهذا فقد أبعد النجعة.
ـ[الشريف الحسيني الحنبلي]ــــــــ[08 - 05 - 09, 07:48 م]ـ
هذه عيّنة أخرى مما يكتب الوليدي
وأحسبه يعتمد على التاريخ الشفوي في كل ما يكتب؛ وحتى هذا له أصوله
ولولا السند لقال من شاء ما شاء ... وبدون الشهود والشروط لا يمكن أن نعتمد على كاتب لا ندري حاله
وقد رأيت هذا من مقال في التاريخ الشفوي فأحببت أن أشرككم فيه:
ورغم ذلك تبقى الشهادة الشفوية شهادة ضعيفة لا ترقى إلى مستوى الوثيقة المكتوبة لأنها تعتمد كليا على الذاكرة، والذاكرة لا يمكن الاعتماد عليها كليا لما يعتريها من تآكل وغموض واختلاط في الصور والأحداث. ولكن حتى نضمن الحصول على شهادة قوية تُعتمد لدى صناع القرار والمؤرخين والباحثين، يجب علينا تأكيد هذه الشهادة من أكثر من مصدر، على أن تتوفر أيضا لدى الراوي عند إجراء المقابلة معه الأمور الأساسية التالية:
حرية التعبير.
الحماية القانونية.
الجرأة في قول الحقيقة وتوضيح وجهة النظر.
أن تكون شهادته دقيقة وحيَّة مع التأكد من عاصر الحدث أو انخراط فيه.
كما أن على الباحث أن يمتلك المهارات اللازمة في إنجاح العملية وهي:
1 إتقان لهجة الشاهد أو الراوي المحلية.
2 أن يكون لدى الباحث مخزون من المعلومات والمعرفة واللباقة في التعامل.
3 أن تتوفر لدى الباحث المهارات التقنية والأسلوب المناسب في كيفية توجيه الأسئلة بطريقة لا تستفز الشاهد أو الراوي. إنتهى
من هنا نرى أنّ التاريخ الشفوي ومع إستكمال توثيقه من حال الشاهد لا يزال ضعيفا إلا إذا تواتر الخبر معنويا فقد يقوى الى درجة أعلى حتما. والله أعلم
ـ[المعارف]ــــــــ[09 - 05 - 09, 10:31 م]ـ
"لا يهمني التاريخ العربي الرسمي بقدر ما يهمني التاريخ الفلسطيني خاصة الشفهي والذي تعدل فيه كلمة من شهادة عجوز فلسطينية في مخيمها الف بيان عربي رسمي " ...
أخي هذه الجملة لا تعني إعتماد الكاتب في هذا البحث على التاريخ الشفهي .. بل يعتمد على وثائق حسب ما علمت منه ..
ثم أي تاريخ شفهي هنا؟:
في 1 - 4 - 1948 اجتمع فوزي القاوقجي سرا مع جوش بالمون احد قادة الهاجناه واول رئيس للموساد في الكيان الصهيوني - فيما بعد - من اجل تنفيذ المخططات المعدة مسبقا عمليا،وقد جرى هذا الاجتماع في احراش قرية نور شمس، واتفقا فيه على ا ن يكونا معا، ضد فلسطين والفلسطينيين،وقد شكا بالمون للقاوقجي من المفتي امين الحسيني،فشن القاوقجي هجوما عنيفا على المفتي ورجاله، ثم ذكر بالمون الشيخ حسن سلامه وعبدالقادر الحسيني، فقال القاوقجي"ارجو منكم ان تعلموهم درسا لا ينسوه" ثم طلب القاوقجي من بالمون "نصرا تمثيليا واحدا" وانظروا كيف رد عليه بالمون:" نحن اليهود ان هاجمتنا كيفما كان سنرد عليك بالأسوأ، حتى هذا لا ارضى به "!!.
ونصوص عديدة .. تثبت إستحالة شكوكك ..
ثم ما الذي يقنعك روايات العرب الرسمية عن الحرب؟ أجبني بلا أو نعم.(144/53)
الدر الثمين في مناقب الشيخ محيي الدين، لمن؟
ـ[إبراهيم اليحيى]ــــــــ[10 - 12 - 07, 06:51 م]ـ
أقول: بين يدي مخطوطة في التراجم، بعنوان الدر الثمين في مناقب الشيخ محيي الدين (ابن عربي)، و لم أعثر على مؤلف لها، إلا أنني من خلال البحث ظهر كتاب في مكتبة النيل و الفرات بعنوان النور الأبهر ... و فيه رسائل أولها الدر الثمين .... .
و في موقع آخر أن مؤلفها إبراهيم بن عبد الله القاري البغدادي ....
و موقع آخر أن مؤلفها أبو الحسن علي بن إبراهيم القارئ!
الرجاء ممن يعرف شيئا عن المؤلف يفيدني مشكورا مأجورا إن شاء الله.
ـ[إبراهيم اليحيى]ــــــــ[10 - 12 - 07, 07:31 م]ـ
المعذرة نسيت معلومة ذات أهمية:
قال المؤلف في بداية الكتاب: " و بعد فهذه رسالة سميتها الدر الثمين في مناقب شيخ محيي الدين و أرسلتها إلى الصنف العزيز و الحرز الحريز الشيخ شهاب الحق و الدين أحمد بن الرداد الصوفي اليمني لا زالت آيات فضله مسطورة ... "
أقول: ابن الرداد الصوفي: هو أحمد بن أبي بكر بن محمد البكري التيمي القرشي، أبو العباس، شهاب الدين ابن الرداد .... (ت 821 هـ) الأعلام 1: 104
و هذا مما يساعد على أن المؤلف من أهل القرن التاسع .... و لم أجده بحسب الطاقة في الضوء اللامع.(144/54)
نبذة عن كتاب (الوزراء والكتاب) للجهشياري
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[11 - 12 - 07, 09:36 م]ـ
الجهشياري (ت 331هـ): هو أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري من طبقة محمد بن جرير الطبري والمسعودي
نشأ الجهشياري في الكوفة وتلقى علومه فيها، ثم انتقل إلى بغداد، وعمل في خدمة الدولة العباسية، فكان موظفا من موظفي الإدارة العباسية، وكان أباه من قبله موظف كبير في الدولة العباسية، وكان في نفس الوقت يقوم بمهام عسكرية مثل قيادة الحملة ضد القرامطة، وأما مكانته العلمية والأدبية فقد ذكر المسعودي في مروج الذهب أنه ألف كتابا كبيرا في ألوف الصفحات في أخبار المقتدر، وقد عده ابن النديم في الفهرست أحد الكتاب المترسلين، وذكر له عدة مؤلفات منها كتاب الوزراء والكتاب وميزان الشعر والاشتمال على أنواع العروض، وأسمار العرب والعجم والروم وغيرهم.
منهج الجهشياري في كتابه: (الوزراء والكتاب):
يعد كتابه هذا من أهم الموارد عن الوزراء وكتاب الدواوين منذ بدء الدولة الإسلامية حتى سنة 296هـ / 908م)، وقد استفاد الجهشياري من موقعه في الإدارة العباسية فاعتمد على سجلات الدواوين والوثائق الرسمية، وقد نقل عنه معظم المؤرخين، ويرى محققوا الكتاب أن القسم الذي طبع من الكتاب ربما يكون ناقصا، وينتهي الكتاب – المطبوع- مع نهاية العصر العباسي الأول تقريبا في عهد الخليفة المأمون.
وتنبع أهمية الكتاب من أنه يعطينا نظرة من الداخل للإدارة العباسية، ويعطينا معلومات عن الأحوال السياسية، والصراع بين العرب والموالي والخراسانية
ومن أهم مصادر الجهشياري رواياته عن مجموعة من الكتاب والوارقين، ويأخذ أيضا بعض المعلومات من مؤرخين وأدباء قد سبقوه مثل المدائني والجاحظ.
**********
ملخصا من كتاب (التدوين التاريخي عند المسلمين، تأليف الدكتور / فاروق فوزي)
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[11 - 12 - 07, 11:48 م]ـ
ربما فاتك أن اتذكر أنه كان شعوبيا يتعصب للفرس.
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[15 - 12 - 07, 10:22 م]ـ
أحسنت أخي، شكرا على الإضافة(144/55)
أبحث عن ترجمة للشيخ عبد الوهاب بن عبد الفتاح البغدادي المشهور بالحجازي المفتي بالبصرة
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[13 - 12 - 07, 09:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أبحث عن ترجمة للشيخ ((عبد الوهاب بن عبد الفتاح البغدادي))
المشهور بالحجازي
المفتي بالبصرة
وكان معاصرا للشيوخ الآلوسيين في بغداد وكان حيّا سنة سبع وثلاثمائة وألف
أبحث عن ترجمة له مشبعة موعبة فلم أجد من ترجم له في الأعلام أو العلماء في القرن الرابع عشر
شكر الله مساعكيم سلفا
ـ[سا لم بن محمد بن سا لم]ــــــــ[14 - 12 - 07, 09:44 م]ـ
أين ورد ذكره أخي الكريم مالك؟
ـ[ابن العيد]ــــــــ[16 - 12 - 07, 10:08 ص]ـ
له كتاب في سماع الاموات
ـ[سا لم بن محمد بن سا لم]ــــــــ[16 - 12 - 07, 04:22 م]ـ
له كتاب في سماع الاموات
مطبوع أم مخطوط؟
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[16 - 12 - 07, 11:28 م]ـ
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
مشكورين الإخوة المكرمين على الرد
وبخصوص الشيخ عبد الوهاب الحجازي فله رسالة مخطوطة في بيان حكم سماع الأموات نقل جلها من كتاب الروح للإمام المتقن المحقق ابن قيم المدرسة الجوزية رحمه الله وبين فيها الكثيرمن الأحكام وهي رد -كما يبدو ظاهرا وإن لم يصرح المؤلف- على الشيخ نعمان الآلوسي -ابن الشهاب المفسر صاحب روح المعاني وأخو المتصوف البهاء وعمّ العلامة محمود شكري- في رسالته (أي النعمان) حول نفي السماع والتي أخرجها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحم الله الجميع
وقد قمت بنسخ الرسالة بخط معاصر واعتنيت بها مبالغا دون إطناب ونرجو نشرها إن شاء الله السميع العليم
ولكن لا أقوم بنشرها حتى نحصل على ترجمة ولو موجزة لصاحب الرسالة
فيا ليت من عنده علم عن أعلام العراق في القرن الرابع عشر الهجري أن يمدنا بما يفيد مجزيا الخير سلفا إن شاء الله
أخوكم مالك
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[17 - 12 - 07, 12:40 ص]ـ
هل بحثت في كتاب
اعلام العراق لمحمد بهجت الاثري
فهو من مظانه
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[17 - 12 - 07, 10:47 م]ـ
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
هل بحثت في كتاب
اعلام العراق لمحمد بهجت الاثري
فهو من مظانهمشكور أخي الكريم وبورك فيك
وأعلمُ أن أعلام العراق الفرد العلم -للشيخ الأديب الأثري رحمه الله المتوفى من بضع سنين- من مظانّه
ولكن للحقيقة لم أبحث فيه لكوني لا أملك الكتاب ولمّا أقتنيه
والبون شاسع ولا شك بين فكر الشيخ وفكر المصنف الحجازي كما هو ظاهر في ثنايا المخطوط والكل مجتهد رحم الله الجميع
فإن كنت تملك الكتاب (أعلام العراق) واستطعت الحصول على ترجمة أو تراجم للشيخ فأعنّا أعانك الله وأرسل إلينا بها هاهنا أو على الرسائل الخاصة وجوزيت الخير سلفا
إيقاظ: للحق أقول لكم أن مسمى معرّفكم من أجمل الأسماء بارك الله فيكم وأشغلكم في طاعته
أخوكم مالك
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[01 - 01 - 08, 01:55 ص]ـ
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
هل بحثت في كتاب
اعلام العراق لمحمد بهجت الاثري
فهو من مظانهالأخ الكريم عبد المصوّر قد تأخر أو امتنع عن الرد لظروف تخصه كان الله له
فمن وجد من الإخوة الكرام في نفسه المقدرة على المساعدة فلا يبخل على إخوانه
والله الموفق لكل خير
أخوكم مالك
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 02 - 08, 02:18 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وفقك الله ... وأعانك على كل خير.
للشيخ عبد الوهاب بن عبد الفتاح بن محمود آغا الحجازي < 1248 - 1313 > ترجمة في كل من بغداد القديمة لعبد الكريم العلاف ... وتاريخ الأدب العربي في العراق لعباس العزاوي ... ولب الألباب لمحمد صالح السهروردي ...
وله ترجمة في كتاب " تاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري " ليونس الشيخ إبراهيم السامرائي صـ 465 - 466 ... ومنه استقيت المصادر المذكورة آنفًا.(144/56)
هل ناظر الشريف التلمساني شيخ الاسلام ابن تيمية أرجو إزاة هذا الإشكال الذي طرحه المقر
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[15 - 12 - 07, 10:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوا من الإخوة ممّن له اعتناء بالتّاريخ أن يزيلوا هذا الإشكال الذي ذكره المقرّي (ت 758) قال رحمه الله: إنّ ابني الشّريف التّلمساني -
وهما أبو زيد عبد الرّحمن (ت 743) وأبوموسى عيسى (ت 749) ,
وقد تتلمذ المقرّي المذكور عليهما - ناظرا الإمام ابن تيمية رحمه الله وظهرا عليه , وكان ذلك من أسباب محنته
(انظر تعريف الخلف برجال السّلف لمحمّد الحفناوي ص 215) والله أعلم
وشكر الله لكم
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 01:15 ص]ـ
اغلب كتب المقري التاريخية مطبوعة .. فاين ذكر المقري هذا الكلام المنقول؟
اقول بما ان كتب الرجل موجودة .. فلا داعي الى النقل عنه بالواسطة .. بل لا ثقة بهذه النقول!
فان المقري نفسه قد دافع عن شيخ الاسلام ابن تيمية في الفرية التي اطلقها ابن بطوطة عن قضية التجسيم في صفة النزول.
وجدُّه "صاحب القواعد" من طلبة شيخ الاسلام ابن القيم .. وقد اثنى عليه في نفح الطيب.
ومن جهة اخرى فقد قرات كفاية المحتاج لاحمد بابا التنبكتي -قراته قديما- ولم يذكر هذا الذي تنقله مع تاخره واطلاعه على كتب التراجم قبله .. واظنه سيذكر المعلومة لو ظفر بها من مصدر صحيح .. مع كون ترجمته للشريف التلمساني حافلة وموسعة.
واعلم اخي ان المعلومات المنقولة عن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مصنفات المتاخرين من المغاربة اغلبها مغلوطة ومشوهة .. لانها مبنية على الوشايات الكاذبة من المشارقة، فما كان من المغاربة الا تقليدهم من غير تمحيص .. للاسف
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:00 ص]ـ
أحسن الله إليك،
النقل السابق عن جدّ الجدّ صاحب القواعد،
وحبذا لو تتكرم بذكر المصدر الذي أجد فيه دفاع أبي العباس المقري عن شيخ الإسلام،
والمصدر الذي ذكر المقري صاحب القواعد من تلاميذ شيخ الإسلام،
وأحسنت كثيرا في ما ذكرته من تخليط بعض المغاربة في ما يتصل بأخبار شيخ الإسلام،
وما زعموه من المناظرة لو وقعت لتوفرت الهمم والدواعي على نقلها، خاصة وهم قد زعموا أنهما أفحماه!
ما أراها إلا أُخلوقة مصطنعة!
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:22 ص]ـ
أحسن الله إليك،
النقل السابق عن جدّ الجدّ صاحب القواعد،
واحسن ربي اليك .. فقد اخذتني الغيرة والحمية لشيخ الاسلام عن تفحص التاريخ المطبوع امام عيني!!
سبحان الله.
والنقول التي ذكرتها في نفح الطيب عندما ترجم لجده تطرق لشيوخه .. وبامكانك مراجعة فهارس الكتاب.
وفقك الله
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:31 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكر الله لكم اخوتي على اهتمامكم بالموضوع
أراكم اخوتي لا تذكرون للمقري سوى كتاب نفح الطيب مع أن له كتب أخرى منها كتاب
"أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض " لشهاب الدين احمد بن محمد المقري التلمساني (ت 1041 هجرية
راجعو ا الشاملة ستجدونه هناك
أمّا الحادثة التي ذكرها المقري وهي مناظرة التلمساني لشيخ الاسلام وإن كنّا بحمد لله نستبعدها كل البعد لكن من باب التوثيق أحببنا معرفة صحة هذه الرواية
وشكر الله لكم
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:43 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اخي عبدالقادر بارك الله فيك
ايها الكريم نعرف كتبه -غير ما ذكرت- مطبوعها ومخطوطها جيدا .. ولن نذكر اسماءها لانها تروج للبدعة
فماذا عندك من اضافة هنا؟
ثم ان عنوان مشاركتك يخالف مضمونها .. العنوان فيه: ان المناظر هو الشريف، والنقل الذي نقلته ان المناظرين هما ابناء الشريف .. فهل هو من سهو القلم؟!
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 08:54 م]ـ
المعروفُ في كتب التراجِم -تراجِم المالكية المتأخِّرين، ككتابي التنبكتي- أنهم ذَكَروا مُناظَرَة ابني الإمام لشيخ الإسلام، وقالوا بأنهما ظَهَرا عليه! وقالوا بأنَّ ذلك كان سببا لمحنته! وهما أبو زيد وأبو موسى .. وما ذكره الأخ بأنهما ابني الشَّريف التلمساني، قد يوهِمُ البعضَ أنهما ابنَا الشَّريف المعروف، صاحِبِ "مفتاح الوصول"، وليس به ..
وقد قرأتُ في قواعد المقري -من نُسخَة الدّردابي-، إنكاراً منه على شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة، وأحسبُها مسألةَ الزِّيارَة .. وقد نقلتُها عندي، وسأنقلُها للإخوة، إنْ شاء الله ..
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[18 - 12 - 07, 04:01 م]ـ
المعروفُ في كتب التراجِم -تراجِم المالكية المتأخِّرين، ككتابي التنبكتي- أنهم ذَكَروا مُناظَرَة ابني الإمام لشيخ الإسلام، وقالوا بأنهما ظَهَرا عليه! وقالوا بأنَّ ذلك كان سببا لمحنته! وهما أبو زيد وأبو موسى .. وما ذكره الأخ بأنهما ابنا الشَّريف التلمساني، قد يوهِمُ البعضَ أنهما ابنَا الشَّريف المعروف، صاحِبِ "مفتاح الوصول"، وليس به ..
وقد قرأتُ في قواعد المقري -من نُسخَة الدّردابي-، إنكاراً منه على شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة، وأحسبُها مسألةَ الزِّيارَة .. وقد نقلتُها عندي، وسأنقلُها للإخوة، إنْ شاء الله ..
قال المقري: " ... وحُدِّثْتُ عن ابن تيمية الحنبلي الدمشقي –وقد لقيتُ بعضَ أصحابه- أنه كان يقول: مَنْ سافَرَ لزيارة قَبْره الكَريم لا يقصر؛ وهذا من نَزَغاته (في نسخة: شناعته) وتركه عمل القُدْوَة؛ بل إجماع جُمهور الأُمَّة له بنصّ الظَّواهر المحتملة". القواعد رقم810، ص323.
وأنا ناقلٌ!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/57)
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[18 - 12 - 07, 10:37 م]ـ
قال المقري: " ... وحُدِّثْتُ عن ابن تيمية الحنبلي الدمشقي –وقد لقيتُ بعضَ أصحابه-
أحسن الله إليك أستاذي النبيل،
إذن لم يَلْقَ المقريُّ ابنَ تيمية، إنما لقي بعض أصحابه.
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[18 - 12 - 07, 11:30 م]ـ
وعفا الله عن المقري، فما كان له أن يرقم ذلك في حق مُفيد بعض شيوخه،
ولشيخ الإسلام سلف في الذي ذهب إليه، رحمه الله وأعلى مقامه.(144/58)
فأرجو افادتي بترجمة وافية للامام عبدالله بن محمد الحسيني المعروف بنقره كار
ـ[الاحمدي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 03:57 م]ـ
الاخوة في منتدى السيرة والتاريخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فأرجو افادتي بترجمة وافية للامام عبدالله بن محمد الحسيني المعروف بنقره كار وجزاكم الله كل خير0
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 12 - 07, 10:44 ص]ـ
نقره كار
نقره كار: عبد الله بن محمد جمال الدين الحسيني المعروف بنقره كار المتوفى سنة 776 ست وسبعين وسبعمائة. له من التصانيف. شرح تلخيص المفتاح في المعاني والبيان. شرح تنقيح الأصول شرح حرز الأماني للشاطبي. شرح الشافية لابن جني. في التصريف. شرح الفوائد الغياثية. شرح قصيدة بانت سعاد. شرح قصيدة البستي شرح المنار للنسفي في الأصول. العباب شرح لب الألباب. للأسفرائني في النحو وغير ذلك.
<هدية العارفين - الباباني>
هذا الذي حصلت عليه عبر الشبكة(144/59)
الدكتور /محمد أمين المصري رحمه الله تعالي
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[18 - 12 - 07, 12:52 ص]ـ
من الكتابات أو الآراء التي لا تبلي مع الزمن،ولا يذهب تأثيرها وأهميتها ما سطره أو تحدث به الشيخ محمد أمين المصري –رحمه الله لأن هذه الكتابات كانت نابعة من القلب ومن همًّ متجدد حول مستقبل الأمة،وحول تربية الفرد.
لم يكن الشيخ ممن يُزوقون الكلام ولا يكثرون من التأليف، كان جلُّ اهتمامه تربية المسلم تربية الأحرار، تربية القادة، وكان هذا واضحاً في محاضراته ودروسه وأحاديثه.
إن الدعوة الإسلامية (بعد عشرات السنين) ما تزال بحاجة إلي تجديد في الأساليب وفي مناهج الدعوة، وإلي ثقافة تتيح للفرد الإبداع والإنتاج، وهذا ما كان يقلق الشيخ،وقد عاش فترة خصبة من المد الإسلامي،عاشها مدرساً في الجامعات ومشرفاً علي منهاجها، ومشاركاً في الفكر والثقافة،وموجهاً لشباب، وكانت له نظرات تخالف بعض نظرات الآخرين، بل له شخصيته المستقلة في كثير من آرائه التربوية.
لقد كان الشيخ رحمه الله شديد النقد لنفسه ولحاملي لواء الدعوة الإسلامية بأنهم ليسوا علي المستوى المطلوب، وأنهم لم يقدموا كل ما عندهم في سبيلها،ولو قدموا لكانوا معذورين، وأما الاعتذار بالواقع وأنه ليس في الإمكان أفضل مما هو موجود هذا الاعتذار كان مرفوضاً عند الشيخ رحمه الله.
والفكرة التي كانت تؤرقه هي:أين الرجال الذين يتحملون المسئولية، الذين بلغوا من الإخلاص والفهم والتضحية والثقافة مبلغاً يرفعوا به هذه الأجيال إلى المستوى المطلوب.
وكان زائروه وتلامذته يلاحظون أن هناك مواضيع كان الشيخ رحمه الله يلح عليها ويكررها ولا يسأم من تكرارها.
ويمكن أن نستخلص من مجموع ما كتب ودرس وحدث بعض ركائز أفكاره.
ركائز أفكار الشيخ محمد أمين المصري رحمه الله تعالى:-
أولاً:-موضوع التربية والتركيز علي تربية المنزل وتربية الأم بالذات،ويستشهد بصحابيات قدمن أولادهن للمعارك الإسلامية مثل الصحابية الجليلة عفراء،ويقارن بين هذه التربية وتربية الأمهات في هذا العصر والتي من أقصى أمانيها أن يتخرج ابنها موظفاً أو طبيباً، وتصور له الحياة بأنها العيش الرغيد ولا يخطر علي بالها أن تربي ابنها علي الجهاد.
كما كان يتحدث كثيراً عن تربية المَدرسة وينتقد طرق التربية التقليدية التي لا تزال في مدارسنا وجامعاتنا كنظام الامتحانات الذي يجعل الهدف من التعليم هو النجاح والشهادة بدل أن يجعل الهدف هو حب العلم.
ثم ينتقل الشيخ إلي تربية الشباب سواء في المدرسة أو المسجد أو المجتمع، ويؤكد هنا علي ضرورة تربيتهم تربية القادة لا تربية العبيد، تربية الاستقلال لا تربية الخضوع والخنوع والمريدين بكل ما في الكلمة من معني،فإن البعض يعجبه أن يتعلق به الأتباع تعلقاً أعمى، ويحلو لهم مغالاة الأتباع في تعظيمهم ويغلب علي هؤلاء الأتباع نسيان الفكرة ويصبح التعلق بالشخص ولو انحرف عن الفكرة.
بينما التربية التي يريدها هي التربية القرآنية كما ربى رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه فكان لا يمتاز عنهم بشي من ملبس أو مظهر أو مكان، وكان يكره أن يقوم له أصحابه وكان يستشيرهم في كل مناسبة وعمل برأي الحباب بن المنذر في بدر، وسلمان الفارسي في الخندق ويقول لهم:- ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسي ابن مريم)) رواه البخاري.
ثانياً الجهاد:-
الجهاد الذي تركه المسمون وحوّره وبِّدله المتعالمون المنهزمون،أمام ضغط الواقع وضغط الاستشراق الخبيث، وللشيخ هنا كلمة مأثورة وهي (إن الطفل في الأسرة المسلمة يجب أن ينام علي أحاديث الجهاد ويستيقظ عليها).
وذلك كان الذين لا يعرفون الشيخ رحمه الله يظنون أنه لا يتقن غير تفسير سورة الأنفال، وإنما كان يكررها لتأكيد هذا المعنى، كما كان رحمه الله يكثر من تفسير سور: آل عمران والتوبة والأحزاب لتضمنها صور المعارك الكبرى في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم،وللشيخ أبحاث قيمة في مثل هذا الموضوع مثل بحثه حول الحديث الضعيف أو الذي لا أصل له "رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد اكبر" (1) وكيف أثر هذا الحديث وأمثاله علي نفسية المسلمين.
ثالثاً: الأخطار الداخلية:-
هناك أمراض أصيب بها المسلمون،هي أمراض نفسية وعقلية تنخر في كيانهم وتسبب لهم ضعف،هذه الأمراض هي الخطر الداخلي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/60)
إن أكبر المصائب أن يصاب الفرد بنفسه وأن يلقي التبعة دائماً علي غيره، ويعلق أخطاءه على مشجب الآخرين،وهذا يريحه من تأنيب الضمير وعَتب العاتبين.
ومن اكبر المصائب أن نبرر أخطاءنا ولا نعترف بعجزنا،ونلجأ إلي خداع النفس لكي تتهرب من الواقع.
ومن المصائب أننا لا نبحث أمورنا بشكل جدي بل نبحثها علي مستوى السمر والتسلية وهو مرض "استسهال الأمور".
يقول الشيخ رحمه الله تعالي في أحد بحوثه:
"اليأس القتِّال والخوَر المميت والثقة المفقودة كل هذه هي العدو الحقيقي والعقبة الكبرى التي تواجه المسلمين، أما العدو الخارجي فأمره يهون إذا استطعنا أن نغير ما بأنفسنا".
هذا الموضوع كان يستأثر باهتمام الشيخ، لأنه يعتبر الأخطار الداخلية هي السبب الرئيسي لما حصل للمسلمين على مر العصور من تخلف.
وأَعتقد هنا أنه في هذا الموضوع قد استفاد من كتابات المفكر الجزائري"مالك بن نبي" في سلسلة كتبه "مشكلات الحضارة" والتي تكلم فيها عن دور الحضارة عند المسلمين.
رابعاً: كما كان الشيخ رحمه الله تعالي ينعي كثيراً علي المسلمين الفهم غير الصحيح لبعض أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وآيات القرآن الكريم، بحيث إنهم يجعلون من هذه الأحاديث تكأة لعجزهم وضعفهم فيوردون أحاديث الفتن،وأن الأمر ليس له مرد، وأن كل زمان أسوأ من الذي قبله ولذلك فلا داعي للعمل والتبليغ، هذا فضلاً عن احتجاجهم بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي توهن العزائم وتبرر القعود.
خامساً: لابد من " قلة تنقذ الموقف"، قلة هي النخبة التي تستطيع حمل الأمانة، وحمل الأمانة بنفسه يفجّر الطاقات.
هذه النخبة يصفها في أكثر بحوثه، يقول في رسالة "المعاني الدخيلة علي التربية الإسلامية": ((فالأمة التي يفقد أبناؤها حمل الرسالة تفقد معاني الجهاد وتفقد قيمة الحياة، وحين لا يكون للأفراد رسالة يشغل الخواء القلب، وتمتد الشهوات وتستعلي الغرائز)).
ويقول أيضاً من بحث حول تربية القادة:
"إن حمل الرسالة يعطي الفرد قوة ما كان ليحلم بمثلها في الحالات العادية، والشعب في حال حمل الرسالة يستمر في النهوض،فإذا فترت هذه الروح كان سيره بقوة الدَفعة الأولي إلي حين".
هذه بعض الأفكار التي كان الشيخ يهتم بها، ويكفي أنها ناصعة صحيحة ولا يزال المسلمون بحاجة إلي سماعها وفهمها.
- من جهود الشيخ رحمه الله أنه في عام 1965 سافر إلي المملكة العربية السعودية للتدريس في جامعة الملك عبد العزيز –كلية الشريعة-في مكة المكرمة وقد شارك في تأسيس قسم الدراسات العليا فيها، وقبل وفاته بثلاث سنوات انتقل إلي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رئيساً للدراسات العليا فيها، وكان له رحمه الله تعالي دور في وضع مناهجها.
وفاته:
توفي –رحمه الله تعالي-في شهر رمضان 1397هـ الموافق 1977 على إثر عملية جراحية له في أحد مستشفيات سويسرا ونقل جثمانه إلي مكة المكرمة ودفن هناك، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله خيراً.
* رابط لمحاضرات صوتية للشيخ/محمد أمين المصري رحمه الله تعالى
(تربية قرآنية – تفسير سورة الأنفال – أضواء على سورة آل عمران)
http://islamicaudiovideo.com/index.p...&aref=4&cat=67 (http://islamicaudiovideo.com/index.php?pg=auth&aref=4&cat=67)
ثبت المراجع:-
*هذا الموضوع قمت بنقله من كتاب (المسؤولية) للشيخ محمد أمين المصري رحمه الله طبعة [مكتبة الكوثر السعودية-الرياض]، ويوجد الكتاب بمكتبة [الصفوة بمصر]، وهذه المقدمة للتعريف بالشيخ بقلم الدكتور/ محمد العبدة،وفيها تصرف مني لتناسب طبيعة العرض.
1 - قال عنه شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله:لا أصل له،ونقل كلام ابن حجر عنه قال:هو من كلام إبراهيم ابن عبلة.
ـ[عالم الكتب]ــــــــ[20 - 12 - 07, 10:17 م]ـ
من كتب الشيخ محمد أمين المصري رحمه الله:
1 - من هدي سورة الأنفال.
2 - سبيل الدعوة الإسلامية.
3 - المسؤولية.
4 - المجتمع الإسلامي.
5 - التربية الإسلامية.
6 - تربية القادة - اعتناء د. أحمد الزهراني
ـ[أبو مسلم خالد]ــــــــ[21 - 12 - 07, 07:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم.
ولقد قرأت كاب المسئولية للشيخ رحمه الله فوجدته كنابا نافعا مفيدا،
ـ[خضر بن سند]ــــــــ[21 - 12 - 07, 09:01 ص]ـ
رحم الله الشيخ محمد امين المصري وغفر له.
وقد قرأت كتابه (المسؤلية) منذ أكثر من خمسة عشر سنة ولاتزال كلماته تقرع في ذهني كأنها شعاع مضئ يحرك الهمة ويبعث الأمل , وهو بحق كتاب فريد في بابه جمع مؤلفه فيه بين متانة الفكرة وسلاسة الأسلوب وعمق المحدث الذكي , وللفائدة فقد كنت أكتب في بطاقات بعض الحروف المضيئة التي سطرها في كتابه هذا وكتابه الآخر (سبيل الدعوة الإسلامية) وأجعلها أمامي في سكن الجامعة مع الكلمات الخالدة التي رواها السلف.
والشيخ محمد بن أمين من أكثر ماجعلني أقرأ له هو عنايته بعلم الحديث الشريف وحرصه عليه ويتضح من كتبه ذلك , وقد ساهم بشكل مباشر في وضع خطة كلية الحديث بالجامعة الإسلامية فرحمه الله وغفرله.
وقد كنت أتمنى من طلابه الكرام أن يتحفونا بشئ من ترجمته وحياته وأخباره لما جاء إلى المدينة, أو لما كان يحضر الدراسات العليا , رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/61)
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[28 - 12 - 07, 07:08 ص]ـ
من كتب الشيخ محمد أمين المصري رحمه الله:
1 - من هدي سورة الأنفال.
2 - سبيل الدعوة الإسلامية.
3 - المسؤولية.
4 - المجتمع الإسلامي.
5 - التربية الإسلامية.
6 - تربية القادة - اعتناء د. أحمد الزهراني
جزآكم الله خيراً علي الإفادة أخي الحبيب والحمد لله يوجد عندي كل كتب الشيخ محمد أمين المصري الا كتاب "المجتمع الإسلامي" فهل من الممكن أن تقوم برفعه إذا تيسر لك ذلك.
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[28 - 12 - 07, 07:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم.
ولقد قرأت كاب المسئولية للشيخ رحمه الله فوجدته كنابا نافعا مفيدا،
نعم أخي الحبيب هو كتاب اكثر من رائع،ولكن هذا الكتاب لا يفهمه تمام الفهم الا من تحرك واقعياً لنصرة دين الله عز وجل وعمل علي نهضة وإحياء أمته ويشعر بالمسؤلية حيال ذلك.
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[28 - 12 - 07, 07:12 ص]ـ
رحم الله الشيخ محمد امين المصري وغفر له.
وقد قرأت كتابه (المسؤلية) منذ أكثر من خمسة عشر سنة ولاتزال كلماته تقرع في ذهني كأنها شعاع مضئ يحرك الهمة ويبعث الأمل , وهو بحق كتاب فريد في بابه جمع مؤلفه فيه بين متانة الفكرة وسلاسة الأسلوب وعمق المحدث الذكي , وللفائدة فقد كنت أكتب في بطاقات بعض الحروف المضيئة التي سطرها في كتابه هذا وكتابه الآخر (سبيل الدعوة الإسلامية) وأجعلها أمامي في سكن الجامعة مع الكلمات الخالدة التي رواها السلف.
والشيخ محمد بن أمين من أكثر ماجعلني أقرأ له هو عنايته بعلم الحديث الشريف وحرصه عليه ويتضح من كتبه ذلك , وقد ساهم بشكل مباشر في وضع خطة كلية الحديث بالجامعة الإسلامية فرحمه الله وغفرله.
وقد كنت أتمنى من طلابه الكرام أن يتحفونا بشئ من ترجمته وحياته وأخباره لما جاء إلى المدينة, أو لما كان يحضر الدراسات العليا , رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته.
جزآكم الله خيراً ونفع الله بكم،رحم الله الشيخ وغفر الله له.
ـ[عبدالسلام الأزدي]ــــــــ[28 - 12 - 07, 08:17 ص]ـ
من كتب الشيخ محمد أمين المصري رحمه الله:
6 - تربية القادة - اعتناء د. أحمد الزهراني
جزاك الله خيرا أخي الفاضل .. أين طبع هذا الكتاب؟!
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[28 - 12 - 07, 08:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل .. أين طبع هذا الكتاب؟!
أعرف أن السؤال ليس موّجه إلي،ولكن هناك محاضرة في كتاب "سبيل الله الدعوة الإسلامية"بعنوان "تربية القادة لا تربية العبيد"وهو فصل نفيس جداً في التربية،ولكن الكتاب المشار إليه لم أقف عليه.
وشكر الله لك أخي الفاضل/عبد السلام الأزدي.
ـ[عالم الكتب]ــــــــ[28 - 12 - 07, 10:25 م]ـ
أخي الكريم محمد:
كتاب المجتمع الإسلامي كان متوفرا قديما في بعض المكتبات
أظن أنه موجود في دار طيبة بالرياض
..
كتاب تربية القادة، ما أذكره أنه طبع في مكتبة في الطائف لعلها مكتبة الطرفين وهو أيضا فصل من أحد كتب الشيخ. وكأن الشيخ د. أحمد الزهراني فرغ المحاضرة من شريط وطبعها في رسالة مستقلة.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[18 - 03 - 08, 10:03 م]ـ
بسم الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعلى آله وأصحابة اجميعين
وعلى من سار على نهجهم الى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً
احببت أن أفرغ هذه الفتوى وهي للشيخ الألباني رحمه الله عن اللإستخارة
ومما لفت انتباهي أن السائل الشيخ محمد المنجد حفظه الله
وهي من سلسلة الهدى والنور شريط 206/ 10
واليكم الفتوى:
المنجد طيب تسمحلي بالسؤال الآخير
الألباني آسفاً أن يكون أخيراً
المنجد طالب نجح من السنة الأولى ثانويه والأن يريد أن يدخل السنة الثانية ثانويه
علمي أو أدبي لكنه لا يميل ليس عنده ميل الى احدهما
يعني بنسبة 50% الى 50% فكيف يكون لفظ إستخارته ماذا يقول في الدعاء
الألباني الذي افهمه من سؤالك أنه لا هم عنده ولذلك فلا إستخارة عليه
فإن كان فهمي صحيحاً فالجواب صحيح وإن كان فهمي غير صحيح فقومه
المنجد الله يجزاك خير يا شيخ
الالباني وإياك
المنجد هو محتارٌ فهو يحتاج للإستخاره لأنه محتارٌ
الالباني لاااااااا الإستخارة لا تتبع الحيرة الإستخارة بعد أن يعزم الأنسان لعمل شيء ما
فهنا تأتي الإستخارة ’ الاستخارة لرفع الشك
و في أمر لم يعزم عليه المسلم لا تشرع وضح لك الجواب
المنجد اي نعم يا شيخ
الالباني طيب
المنجد أحب أعرفك بنفسي في النهايه
الالباني نعم
المنجد زوج حفيدة محمد أمين المصري رحمة الله وأسمي محمد صالح المنجد
الالباني ما شاء الله رحمه الله جزاك الله خير
المنجد الله يبارك فيك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الالباني وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته
انتهت المكالمه
الألباني ما بسلموا عند المفارقه لكن هظول ما شاء الله طلاب العلم مجرد ما
بسمعو الحديث ............
وإليكم الرابط الصوتي للفتوى
http://www.alalbany.name/audio/206/206_10.rm
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته
المنجد زوج حفيدة محمد أمين المصري رحمة الله وأسمي محمد صالح المنجد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/62)
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[18 - 03 - 08, 11:17 م]ـ
ماشاء الله رحم الله الشيخ وهل من الممكن أيها الإخوان رفع كتبه عليه رحمة الله بالوورد
جزيتم خيرا
ـ[عبدالحميد الشريف]ــــــــ[19 - 03 - 08, 02:03 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[20 - 03 - 08, 11:21 م]ـ
رحمه الله
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[03 - 05 - 08, 04:05 م]ـ
جزآكم الله خيرا.
رابط موضوع للشيخ محمد أمين المصري رحمه الله تعالى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=811644#post811644
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[18 - 07 - 09, 01:16 ص]ـ
للنفع .....(144/63)
محمد (بعض الفضائل القرآنية)
ـ[عبد العزيز عيد]ــــــــ[21 - 12 - 07, 11:02 م]ـ
بعض الفضائل القرآنية
جعل الله بعض آيات القرآن وأكثرها عنه وله عليه الصلاة والسلام مثال ذلك:-
1 - تأديب الناس من حوله وفي حضرته وتهذيبا لأخلاقهم معه
ومن ذلك قوله تعالى (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضا) (1) وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (2)
2 - وجعل الله شقاقه سبيلا إلى التهلكة فقال (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (3)
3 - وجعل طاعته سبيلا إلى الجنة فقال (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (4)
4 - وجعل عصيانه سبيلا إلى النار فقال (ومن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (5)
5 - وجعله الله منة على المؤمنين ونعمة في قوله (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (6)
6 - ونفى الإيمان عمن لا يحتكم إليه فقال تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (7)
7 - وآيات كان الله يخفف فيها عبء الدعوة عنه صلى الله عليه وسلم منها
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (8)
وقوله (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (9) و (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (10)
8 - وآيات العتاب (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى) (11) وقوله (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (12)
9 - وجعله الله سراجا منيرا "إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا (13)
10 - وطلب من المؤمنين تعزيره وتوقيره (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ (14)
11 - وجعل بعثته من موجبات ذكره وشكره جلا وعلا كما وصف كلامة بالحكمة فقال (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (14)
12 - وجعله بالمؤمنين رؤوف رحيم فقال (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (15) وقال (فبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (16)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/64)
13 - ووضع به عن أهل الكتاب الإصر والأغلال (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم) (17)
14 - ووصفه بالخلق العظيم فقال (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (18)
15 - ذكر وزكى معظم أعضائه وجوارحه مثل القلب (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) (19)
الصدر (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (20) العين (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) (21) اللسان (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) (22)
والعقل "ما أنت بنعمة ربك بمجنون" (23)
الظهر (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (24) الأذن (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ) (25)
16 - ووصفه بالكرم.فقال (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (26)
17 - امتن الله عليه ببعض نعمه: فقال (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (27) (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) (28) 18 - جعل الاستجابة له حياة فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم (29)
ْ19 - أوجب لمن يريد الحديث معه انفرادا تقديم صدقة فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (30)
20 - ووعد من يؤمن به بكفلين من رحمته ونورا يمشي به فقال سبحانه
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (31)
21 - وأخبره جلا شأنه أنه على الحق المبين والصراط المستقيم فقال (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) (32) (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (33)
---------------------------------
(1) النور من الآية 63 (2) الحجرات 2 (3) النساء 115
(4) النساء من الآية 13 (5) النساء 14 (6) آل عمران 164
(7) النساء 65 (8) البقرة من الآية 272 (9) يونس 65
(10) القصص 56 (11) عبس 1وما بعدها (12) الأنفال 67
(13) الأحزاب 46 (14) الفتح 9
(15) البقرة 151 (16) التوبة 128 (17) آل عمران
(18) الأعراف من الآية 157 (19) النجم 11
(20) الشرح 1 (21) النجم 17 (22) النجم 3
(23) ن 3 (24) الشرح 3 (25) التوبة من الآية 16
(26) الحاقة 40 (27) الشرح 1 وما بعدها
(28) الأنفال 24 (29) المجادلة 12 (30) الحديد 28
(31) النمل 79 (32) الزخرف 43(144/65)
هل من معرف بكتاب ثمرات الأوراق؟
ـ[حسن عبد الله]ــــــــ[23 - 12 - 07, 10:15 ص]ـ
السلام عليكم
هل من معرف بكتاب "ثمرات الأوراق" ومؤلفه ابن حجة الحموي؟ وما قيمة هذا الكتاب؟(144/66)
امام اهل السنة
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[23 - 12 - 07, 02:18 م]ـ
إمام أهل السنة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، ما تعاقب الليل والنهار وعلى آله وأصحابه الطيبين الأطهار، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم القرار. أما بعد ...
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أحبتي كماوقرأتم - إمام أهل السنة وما من قارئ إلا ويعرف من هو إمام أهل السنة! إنه أحمد بن حنبل - بلا منازع - , فإذا أطلقت هذه الكلمة قصد بها أحمد بن حنبل الذي عُقِدَ له اللواء. وإنني علم الله أتقال نفسي أن أتكلم عن رجل كهذا الإمام الأشم الفخم المعظم الذي هو امام من أئمة الدين، وحافظ من حفاظ السنة، وهو إمام في فنون كثيرة.
لماذا نتحدث عن هؤلاء؟:
أولا: عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة، فإن ذكرهم ذكر للعلم الذي يحملون، والمذهب الذي ينتحلون، والدين الذي إليه يدعون، والسنة التي بها يعملون. فما ذكروا لأنهم من العرب مثلا، وما ذكروا لأنهم أثرياء يملكون من المال والفرش والريال، وما ذكروا لأنهم من أهل السلطان والمراسيم. لا, إنما ذكروا لأنهم من أهل الله تعالى الذين إذا ذكروا ذكر الله تعالى، وإذا أُثِني عليهم أثني على الدين، وإذا أحبوا فبحب الله تعالى أحبوا.
ثانيا: إن العبد في هذا الطريق الطويل يحتاج إلى الأسوة، والقدوة , ولا شك أن الأسوة العظمى إنما تكون برسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
وامام كالامام احمد انما هو من الائمة الذين حفظو لنا السنة
فإن الله تعالى جعل لهذا الدين وهذا العلم من كل خلف عدوله , ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ويعيدون الناس إلى السنن الأول والطريق المستقيم الذي كان عليه النبي الكريم عليه من ربه الصلاة والسلام
أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي , خرجت به أمه حملا في بطنها من مرو ثم ولد ببغداد وبها نشأ ومات - رحمة الله تعالى - , كان ميلاده سنة 164هـ، وطاف البلاد لطلب العلم. دخل الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة وغيرها. وهو عربي من بني ذهل بن شيبان، ولكنه كما قال يحيي بن معين: ما افتخر علينا قط بالعربية ولا ذكرها .. بل قال عنه محمد بن الفضل: وضع أحمد عندي نفقته وكان يجيء في كل يوم فيأخذ منها شيئا, قال فقلت له يوما: يا أبا عبد الله بلغني أنك من العرب , فقال: يا أبا النعمان نحن قوم مساكين. قال: فلم يزل يدافعنى حتى خرج ولم يقل شيئا!! إن الإمام أحمد يعلم أن الفخر ليس بالعروبة , فمن العرب من دُست أنوفهم في الرغام، ومن العرب من هم حطب جهنم هم لها واردون؛ أبو جهل وأبو لهب ما نفعتهم عروبتهم.
الناس من جهة التمثال أكفاؤ ~~~~~~ أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم من أصلهم نسبا ~~~~~~ يفاخرون به فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم ~~~~ على الهدى لمن استهدى أذلاء
وقدر كل امرء ما كان يحسنه ~~~~~ والجاهلون لأهل العلم أعداء
فلم يكن الإمام أحمد يفتخر بعروبته، ولا يلقى لها بالاً.
طلب الحديث وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشر سنة على الأكثر، وما زال يطلب الحديث حتى مات , وقد رؤي على كبر سنه وفي يده دواة وكاغدا يكتب به وهو يركض بين الشيوخ , فقال له قائل: يا أحمد هذا على كبر سنك , قال: نعم , مع المحبرة إلى المقبرة. إن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة , والعالم مثل الذي يشرب من البحر لا يزداد بسعة علمه إلا عطشا ورغبه إلى العلم. حج رحمة الله خمس حجج منها ثلاث كان ماشيا على رجليه , وفي أحد هذه الحجج منذ ذهب وإلى أن رجع لم تزد نفقته على ثلاثين درهما. قال الشافعي - رحمة الله تعالى -: خرجت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/67)
من بغداد وما خلفت بها أفقه ولا أزهد ولا أورع ولا أعلم من أحمد بن حنبل. وقال أيضا: أحمد بن حنبل إمام في ثمان مسائل إمام في الحديث وإمام في الفقه وإمام في اللغة وإمام في القرآن وإمام في الزهد وإمام في الفقر و إمام في الورع وإمام في السنة.
تسأل عن صفة أحمد؟! كان بشرا من البشر، في غاية التواضع. وكان حسن الصورة حسن الوجه، ربعة بين الرجال ليس بالطويل ولا بالقصير وهو إلى الطول أميل , يخضب بالحناء وفي لحيته شعرات سود بعد كبره. كان أسمر شديد السمرة، غليظ الثياب، إلا أن ثيابه كانت بيضاء شديدة البياض.
قال العباس النحوي: رأيت الإمام أحمد وهو معتم وعليه إزار. يا سبحان الله! كم ببغداد من رجل عليه عمامة وعليه إزار؟! مائة ألف أو خمسمائة ألف أو ربما أكثر , لكن هذا الرجل ينقل لنا صورة رآها. لماذا؟ لأن الله كتب لأحمد الخلود في الدنيا فصار الناس يذكرون حتى أدق التفاصيل عن حياته , حتى لقد نقل الناس عنه حتى الصمت!! "سئل أحمد عن كذا فسكت" , "سئل عن كذا فهز رأسه" , "سئل عن فلان فأشاح بوجه" , كل هذا ينقل عن أحمد وهناك غيره من أهل العلم من نُسيت كتبهم ودرست معالمهم ولم يعد الناس يذكرونهم بشيء لأن الله تعالى لم يكتب لهم الخلود في هذه الدنيا فانقطع أثرهم وذكرهم. أما أحمد فقد كتب الله له الخلود لا لأنه من بني ذهل بن شيبان، ولا لأنه من العرب، ولا لأنه عاش في بغداد، ولا لأنه اقترب من السلطان، ولا لأنه ملك الأموال، ولكن لأنه قام بأمر الله عز وجل في وقت عز فيه القائمون بأمر الله تعالى.
كان الإمام أحمد مهيبا إذا رآه الإنسان هابه وامتنع عن كثير مما يريد أن يقول، حتى إن يزيد بن هارون كان إماما عالما محدثا صاحب نكته ودعابة فربما مزح فضحك الطلاب، فلما علم بعد ذلك أن أحمد كان في مجلسه قال ألا أخبرتموني أن أحمد كان بيننا وغضب عليهم. وفي إحدى المرات قال كلمة فضحك الطلاب فتنحنح الإمام أحمد فلما نظر إليه خجل منه واستحى. قال عبدالملك الميموني عن الإمام أحمد: ما رأيت أنظف بدنا ولا أشد تعاهدا لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ولا أنقى ثوبا بشدة بياض من أحمد بن حنبل , ولم يكن في ثيابه رقه تنكر ولا غلظة تنكر، كان يحب التوسيط في الملابس وفي الحذاء وفي غيرها، لا يحب ملابس العظماء والمستكبرين والأغنياء والأثرياء والمترفين، وأيضا كان يبتعد عن الملابس التي يتميز بها الصوفية أو المتظاهرين بالزهد والفقر والورع، لأنه لا يحب أن يتظاهر بشي من ذلك كما سوف يأتي بعد قليل.
مات الإمام أحمد سنه 241هـ وكان عمره سبع وسبعين سنة.
هذا الكلام قد يقال عند كل إنسان فما من عالم إلا وقد يقال عنه مثل هذا، لكن الشأن فيما بقى من سيرة الإمام أحمد رحمه الله.
لا يذكر الإمام أحمد إلا وتذكر معه الفتنه التي لقيها!!
قال علي بن المديني: "ما قام أحد في الإسلام بمثل ما قام به أحمد بن حنبل". قال الميموني - وكان حاضرا -: تعجبت من قول علي بن المدينى هذا عجبا شديدا وقلت له أبو بكر رضي الله عنه قام بما قام به وجاهد في الله وصبر وصابر وحارب المرتدين فكيف يقول علي بن المديني ما قام أحد في الإسلام بمثل ما قام به أحمد بن حنبل! قال الميموني: فلقيت أبا عبيد القاسم بن سلام فقلت له ذلك، فقال: إذا يخصمك علي بن المدينى، قلت: بأي شي هذا. قال: إن أبا بكر رضي الله عنه قد وجد على الحق أنصاراً وأعوانا , أما الإمام أحمد فإنه لم يجد على الحق ناصرا ولا معينا. ثم أقبل أبو عبيد يطري الإمام أحمد ويثني عليه ويقول لست أعلم في الإسلام مثله .. نعم , لم يكن أحمد بن حنبل في وقته إلا إماما فريدا قام بأمر ما قام به غيره، ولا يعني هذا نسيان فضيلة أبي بكر رضى الله في محاربة المرتدين وفي جهادهم وفي الصبر وفي إحياء الدين يوم كاد أن يندرس في جزيرة العرب. وإنما كان الإمام أحمد على منوال أبي بكر ينسج وبهديه يهتدي. وقال بشر بن الحارث وقد سئل عن الإمام أحمد بن حنبل فقال: أنا أسأل عن الإمام أحمد؟! إن أحمد بن حنبل أُدخل في الكير فخرج ذهبا أحمر، أُدخل في المحنة، أُحرق بالنار فصبر وصابر حتى خرج ذهبا خالصا نقيا وزال منه كل غش فيه لعشرين سنة. وقال عبد الوهاب الوراق: عشرين سنة والإمام أحمد يتقلب في نيران
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/68)
المحنة حتى خرج منها كما خرج إبراهيم من نار النمرود {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}.
خذوا إيمان إبراهيم تنبت ~~~~~ لكم في النار جنات النعيم
ضُرِب الإمام أحمد وحبس في عهد المأمون، وسجنه في آخر أيامه , ولكن مات المأمون قبل أن يصل إليه الإمام أحمد وكان قد أُشخص إليه. وقيل إن موته بدعوة من الإمام أحمد , فإن بعض حاشية المأمون خاف على الإمام أحمد وحملته الغيرة فجاء متسللا إلى الإمام أحمد وهو يمسح دمعه بطرف ردائه وقال له: يا إمام إن المأمون قد سل سيفا ما سله قط وإنه يحلف بالله تعالى إن لم تجبه لما أراد من القول بخلق القرآن ليقطعنك إربا إربا، فرفع الإمام أحمد يديه إلى الله تعالى ودعا على المأمون فمات من ليلته , فما جاء السحر إلا وقد ارتفعت الأصوات وأوقدت النيران ونعي المأمون إلى الناس.
وفي ذلك درس وعبرة ..
إن هذا الرجل من الحاشية هو كمؤمن آل فرعون، يغار على الإمام أحمد ويحبه ولكنه لا يستطيع أن يصنع شيئا كثيرا. هو من حاشية الخليفة ومن أعوانه ومن المقربين منه وربما جامله بعض الشيء، ولكنه أسر إلى الإمام أحمد بهذا الخبر , وهكذا يكون المؤمن الصابر الذي قلبه مع أهل الخير وأهل الإيمان وأهل التقوى , إن لم يستطع أن ينفعهم علانية نفعهم سرا ولو بالنصيحة بينه وبينهم أو بالموافاة بما يكاد لهم {إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ}. ولما حمل الإمام أحمد للمأمون سأله رجل عن حديث وقال: يا إمام ما تقول في حديث كذا وكذا؟ والإمام أحمد مثقل بالحديد في رجليه والقيود في يديه , فالتفت إليه الإمام أحمد وتبسم وهو يقول ويتمثل بقول الشاعر:
رويدك حتى تنظري عما تنجلي ~~~~~~~ عماية هذا العارض المتألق
أي انتظر حتى ينجلي هذا الأمر. نعم لقد انجلى هذا الأمر عن طيب معدن الإمام أحمد وصلاحه وأنه ممن خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى، وآثر الحياة الآخرة على الدنيا فجعل الله تعالى له الدنيا والآخرة.
مات المأمون وجاء المعتصم , وكان جاهلاً لا يعرف شيئاً ولكنه مشى على سنن من كان قبله ووجد الإمام أحمد محبوسا فزاد في حبسه وقيده وضَرَبَه وأهانه، وكان يقف عليهم بنفسه ويأمرهم بضربه حتى تتقطع أيدي الجلاد من شدة الضرب حتى قال أحدهم: والله لقد ضربت أحمد مائة سوط لو كانت على فيل لانهد. وكانوا يتعاقبون عليه والإمام أحمد رجل قد بلغ من السن ما بلغ وهو ضعيف الجسم كثير الصيام , يسرد الصوم بل ربما واصل أياما , ومع ذلك ربما ظل صابرا وهو يضرب ويتقلب تحت السياط ويتلوى ويعرضون عليه الفطر فلا يفطر ويقول: إني أقوى. يأتيه الخليفة فيقول له: يا أحمد والله لولا إني وجدت من قبلي قد حبسك ما صنعت بك شيئاً , ثم يقول والله يا أحمد لئن أجبتني إلى ما أريد أن تقول بأن القرآن مخلوق لأطلقن عنك القيود بيدي ولأركبن إليك بجندي ولأطأن عقبك، يا أحمد والله إني عليك لشفيق وإني لك محب , والله إنك عندي مثل ولدي هارون فأجبني إلى ما أريد حتى أطلق عنك وأكرمك ... إلى غير ذلك. فاستخدموا معه أسلوب القوة والقسوة والضرب، ثم أسلوب الترغيب والإشفاق والتعبير عن المشاعر. فكان الإمام أحمد لا يزيد في هذا ولا في ذاك على كلمة واحدة "هاتوا لي دليلا من كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما تذهبون إليه وتقولون"، ما عنده إلا هذا الكلمة. إنها قضية كبيرة , لامزايدة في المبادئ , والدين ليس فيه مجال للمساومة والبيع والشراء أو الالتقاء في منتصف الطريق، الدين حق واضح يؤخذ من القرآن والسنة ولا يزيد أهله بإيذائهم وضربهم وحبسهم والوقوف في سبيلهم إلا صبرا وثباتا. أهل العقائد على مدار التاريخ - حتى ولو كانت عقائدهم باطلة - كل ما أوذوا وحوربوا كان ذلك دفعة لهم للأمام وتقوية لعزائمهم وتصبيرا لهم وحفزا لهمهم , فكيف إذا كانوا أهل الحق الذين ينطقون عن القرآن والسنة ويقتدون بهدى المرسلين؟. إنهم يقرءون ويسمعون قول الله تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} وفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/69)
الآية التي بعدها {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}. إذا هذه الفتن والمحن لا تزيد المؤمنين إلا صبرا وإصرار وثباتا على دينهم فالإمام أحمد لم يزايد ولم يجعله البلاء والشدة يقول: أنا لست مكلفا ولا ملزما بهذا وأنا بعافية والحمد الله , ألزمُ بيتي وأغلقُ بابي! .. لا , القضية قضية دين ومسؤولية وأمانة لا بد أن يحملها. كذلك لما قال له الخليفة ما قال: يا أحمد أنا والله عليك مشفق، وأنت عندي مثل ولدي هارون فإذا أجبتني إلى ما أريد أطلقتك بيدي وفعلت وفعلت هذا أيضا لم يزلزل موقف الإمام أحمد , كانت كلمته في الحالين واحدة: "هاتوا لي دليلا من كتاب الله" , إنه لم يتقلب مع الذين تقلبوا ولم يتلون مع الذين تلونوا:
ولم أتلون كالذين تلونوا ~~~~~~~~ وزاغوا وراغوا خسئة وتصيدا
وحسبي من القول الحلال قصائد ~~~~ نطقت بها تبقي إذا لفني الردى
إن الكثيرين قد يدعون دعاوى ويقولون أقوالا فإذا وصلت الأمور إلى المحك وجد الجد لم تجد الرجال ولم تجد الصدق , والناس إنما ينظرون إلى هؤلاء في المواقف التي يبين بها المحق من المبطل، والصادق من الكاذب، والمؤمن من ا لمنافق. ربما كان الخليفة ينظر إلى أحمد فيتغيظ منه ويقول في قرارة نفسه: لماذا هذا العناد؟ لماذا الخليفة يقف بنفسه على رأسك ويطالبك فلا تجيبه بكلمة؟ ولكن أمر الله تعالى كان عند الإمام أحمد أعظم من أمر الخليفة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) , وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ثم قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} , حتى لو كانت المنازعة مع كبير أو وزير أو أمير أو مشير أو غير ذلك , بل حتى لو كانت المنازعة مع أب حبيب عظيم القدر رفيع الشأن! يقول الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} فالحق أعز من كل عزيز، وأحب من كل حبيب، وفي سبيل الحق تطير الروؤس، وفي سبيل الحق يقدم الإنسان راحته وسعادته وهو يقول:
ربي لك الحمد لا أحصى الجميلا ~~~~~ إذا نفذت يوما شكاه القلب في كربي
فلا تؤاخذ إذا زل اللسان وماشيء ~~~~~~~ سوى الحمد في الضراء يجمل بي
لك الحياة كما ترضى بشاشتها ~~~~~~ فيما تحب وإن باتت على غضبي
رضيت في حبك الأيام جائرة ~~~~~~~ فعلقم الدهر إن أرحاك كالعذب
شكرا لفضلك إذا حملت كاهلنا ~~~~~~~ مما وثقت بنا ما كان من نوب
وفي عهد الواثق بعدما مات المعتصم تغيرت الأمور وهدأت الفتنة، ولكن الواثق فرض على الإمام أحمد الإقامة الجبرية في بيته، وكان المعتصم قد أطلقه وندم على ما كان منه، ثم فرض عليه الواثق الإقامة الجبرية في بيته فلا يخرج حتى إلى الصلاة!! قولوا لي بالله عليكم من يستطيع أن يصبر على هذا؟! إنه لا يصبر عليه إلا الأفذاذ من الناس. لو أُمِر الإنسان ألا يخرج من بيته يوما واحدا أو أودع في السجن ساعة لضاقت عليه الأرض بما رحبت وصار يضرب أخماسا بأسداس وترك ما كان يدعو إليه من قبل وتغيرت في عينه الموازين ... فالله المستعان. أما أحمد فبعدما خرج من كير المحنة ونارها جاءته المحنة الأخرى وهي فرض الإقامة الجبرية عليه في بيته لا يخرج حتى إلى الصلاة ولا يُعَلِّم ولا ينشر علما ولا حديثا.
ثم جاء بعد ذلك المتوكل فأكرم الإمام أحمد وعظمه ورفع عنه المحنة وأذن له بالتعليم والتدريس ونشر علمه وفقه وحديثه وفتياه، ومع ذلك فإن الأمر لم يسلم من المنغصات. فمع أن المتوكل أكرم أحمد واحتفى به ولقيه مرات وطلب منه أن يشخص إليه فاستقبله في بغداد وأسكنه ببيت فخم , وكان يغدى عليه بالموائد ويراح والإمام أحمد لا يأخذ شيئا من ذلك ولا يأكل منه شيئا ولا يقربه بل ينهى من حوله عن ذلك كله، وقد رضى وقنع باليسير والزهيد فكان يأكل من ماله الخاص. فحينئذ قال قائل للخليفة: إن هذا الرجل لا يأكل لك طعاما ولا يشرب لك شرابا ولا يجلس لك على فراش، بل هو يحرم ما تشربه فلماذا لا تتخذ منه موقفا؟! هذا تقرير رجال الأمن للخليفة في ذلك الوقت , فماذا قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/70)
الخليفة؟ لم يلتفت إلى هذا التقرير ولا أعطى رجال الأمن هذه الأهمية ولا اعتبر أن تقريرهم هو القول الفصل في شأن الإمام أحمد ولا في غيره , بل قال قولةً مدوية صريحة , قال: "والله لو نشر المعتصم - يعني أخرج من قبره بعدما مات - وكلمني في الإمام أحمد ما قبلت منه شيئا. الإمام أحمد له من قلبي مكانة رفيعة، لا أقبل فيه قول قائل".
ما سكتت الوشايات عند هذا الحد , فقد جاءه رجل من المغرضين وقال له: إن أحمد وإن كان يتظاهر بالدين والصلاح والعلم والفقه إلا أن الأمر بخلاف ذلك. قال له: ما الخطب؟ قال له صاحب التقرير الأمني الثاني: (إن أحمد يخطط لقلب نظام الحكم ويسعى إلى الوصول إلى السلطة وأن هناك وثائق تدل على ذلك!!) ما هي الوثائق؟! يقول التقرير الأمني الذي ذكره غير واحد من المؤرخين، قال له: (إن الإمام أحمد قد آوى بعض العلويين من نسل علي بن أبي طالب في بيته وأنه يُبايَع له في السر)! إذا نحن أمام دعوة عريضة تعتمد على أمر موجود في بيت الإمام أحمد، رجل علوي يبايع له بالسر بالخلافة. فحينئذ أصاب الخليفة ما أصابه لأن هذا تقرير أمني يفترض أنه مبني على حقائق ومعلومات ودراسات، وليس على تخمين أو ظن، ولهذا فوجئ أحمد وأهل بيته وجيرانه وإذا بمنزله يُحاصر في ساعة متأخرة من الليل - أو ساعة متقدمة من الليل - فلم يشعر إلا والمشاعل والمصابيح تضاءُ على منزله ومنازل الجيران أيضا من أجل ضمان أن لا يتسلل أحد من المنزل , وتحيط بالدار فرق التفتيش والدوريات وقوات الطوارئ وغيرها وإذا الناس والأجهزة الأمنية حتى من فوق السطوح .. فماذا وجدوا؟ انظروا البساطة: أحمد رحمه الله جالس القرفصاء وعنده زوجته وأولاده وهم يتناولون طعام العشاء بكل هدوء وبكل بساطة مع الأولاد في جلسة عائلية. فوجئ الإمام رحمه الله بذلك: ما القصة؟ قالوا: عندك رجل علوي. قال: فتشوا. ففتشوا كل شيء حتى خزائن الكتب والمطبخ وغيرها فما وجدوا شيئا، فسألوه. قال: والله ما عندي من هذا علم وليس من هذا شيء ولا مثل هذا في نيتي وإنما هذا كذب علىٍّ ... فعرف الخليفة أن الناس يكذبون عليه فلم يعد يقبل فيه كلاما بعد ذلك.
هذه هي الفتنة وهذه هي مجرياتها وأحداثها .. ولكن ما هي العبرة منها؟.
أول هذه العبر: أن الإمام أحمد رحمه الله قام بفرض الكفاية وكان موقفه الفريد هو الذي أثبت الخيرية المستمرة لهذه الأمة وأنه لا يزال فيها من يأمر بالقسط والعدل ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويقوم بالحق لا يخاف في الله تعالى لومة لائم، ولو لم يوجد الإمام أحمد لكان معنى ذلك أن الأمة كلها طأطأت رأسها وأذعنت وخفضت ظهرها للفتنة وأقرت بالباطل , ولكن يأبى الله تعالى إلا أن يوجد في كل زمان ومكان من يقوم بحجة الله تعالى على عباده ويبلغ دين الله ويصبر في ذلك ويصابر. ولهذا لما ذكر علي بن شعيب حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قصة خباب رضي الله عنه: (إن الرجل ممن كان قبلكم يؤتى به يحفر له في الأرض فيوضع فيها ويؤتى بالمنشار فيوضع على مفرق رأسه حتى يشق نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه من عصب ما يصده ذلك عن دينه) , فقال علي بن شعيب: "والله لولا أن الإمام أحمد قام بهذا الشأن لكان عارا علينا إلى يوم القيامة أن قوما سبكوا فلم يخرج منهم أحد". يقول: لو ما وجد أحمد بن حنبل لكان معنى هذا أن الأمة كلها ليس فيها واحد يثبت للفتنة ويصبر ويقف في وجه الرياح العاتية لكن الله تعالى رحم هذه الأمة بالإمام أحمد. ولهذا قالوا: لو كان الإمام أحمد في بني إسرائيل لكتبت له سيرة. وأقول:كان الإمام أحمد في هذه الأمة وإنه لو كان في بني إسرائيل لكتبت له سيره واحدة أما لأنه من هذه الأمة فقد كتب له مئات السير , فقد ترجم له في مجلدات خاصة , كما صنف في ذلك ابن الجوزي والبيهقي، وكما كتب في ذلك جمع من أهل العلم وعلى كلامهم اعتمدت: كما فعل الذهبي في سير أعلام النبلاء، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وكما فعل ابن كثير في البداية والنهاية، وكما فعل جماعة من المؤرخين المعتمدين. وكذلك المحدثون كما فعل ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل، وغيرهم كثيرٌ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/71)
العبرة الثانية: أن الإمام أحمد قام بالشهادة لله تعالى. إن الذين كانوا على مثل مذهبه ويقولون بما يقول كثير بل هم أكثر العلماء والمحدثين والفقهاء , كانوا يقولون مثل قوله: القرآن كلام الله تعالى منزل غير مخلوق , منه بدأ وإليه يعود , ولكن الذي ثبت وأعلن هذا المذهب وأصر عليه وأوذي في سبيله هو رجل واحد فقط وهو الإمام أحمد , ولهذا عُرف المذهب باسمه ونسب إليه وإن كان الجميع يقولون بقوله. إن الإمام أحمد لم يرض مسلك التأويل والتورية والمداراة بظاهر القول , فإن من أهل العلم مثلا من أجابهم إلى ما قولوا تقية فقال لهم ما يريدون على سبيل التخلص من أذاهم، بل قيل إن من أهل العلم من قال القرآن والإنجيل والتوراة والزبور والصحف هذه مخلوقة، وأشار إلى يديه - يعني اليد مخلوقة ولا يقصد هذه الكتب - فتخلصوا من ذلك. أما الإمام أحمد فما رضي بالمداهنة ولا بالتورية ولا بأسلوب اللف والدوران بل قالها واضحة صريحة ولو غضبت لها أنوف ولو انزعجت لها بلاطات الخلفاء ولو أرعدت لها قواتهم ولو أجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم.
إنه صبر حتى أعز الله تعالى به الدين حتى قال على بن المدينى: إن الله تعالى أعز هذا الدين برجلين بأبي بكر رضى الله عنه يوم الردة وبأحمد بن حنبل يوم المحنة. فهو مجدد لهذا الدين , والتجديد موقف صلب تتحطم عليه المحدثات وتنتهي عنده الانحرافات , أي تجديد للدين أعظم من أن يصبر الإمام أحمد عشر سنوات أو عشرين سنة فتعود الدولة إلى مذهب أهل السنة والجماعة ويعود الناس إلى هذا المذهب ويصبح هو المذهب المتبوع المقرر الرسمي الذي يدين به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها؟! إن أبا بكر رضى الله عنه جدد دين الإسلام بعدما كادت الردة أن تكتسح جزيرة العرب ولم يكن لأبي بكر إلا أنه وقف ذلك الموقف العظيم لما قال الصحابة: يا أمير المؤمنين الجزيرة كلها رمتنا على قوس واحدة الناس كلهم ارتدوا ونخشى أن تقتحم المدينة نفسها عاصمة الإسلام فلو تركنا الذين منعوا الزكاة وصبرنا عليهم وبدأنا بالمرتدين الكبار , فلم يرض أبو بكر رضي الله عنه ولا داهن وإنما قال: والله لو جرّت الكلاب بأرجل أمهات المؤمنين في المدينة ما فرقت من هؤلاءِ وهؤلاء، إن الله تعالى ما فرق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عقالا - أو عناقا - كانوا يؤدونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها. قال عمر والله ما هو إلا أن رأيت أن الله تعالى شرح صدر أبا بكر رضى الله عنه لهذا حتى علمت أنه الحق.
إذا الإمام أحمد كان مجددا لهذا الدين بذلك الموقف العظيم الذي تحطمت عنده المحدثات والبدع والانحرافات , إن ثقة الناس بالدعوة - أي دعوة - تكون بقدر ثقة الداعية بها ويقينه بصحتها وتضحيته من أجلها , قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} إذا بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. وكان الإمام أحمد نموذجا فقد كان مؤمنا بآيات الله عز وجل ما داخله شك ولا ريب ولا تردد في صحة وصواب ما يدين به وما يعتقده ولم يزده البلاء والعذاب إلا يقينا على يقينه وإيمانا على إيمانه {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} , {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} , إذا البلاء زاده إيمانا وزاده تسليما وزاده صبرا ويقينا، وقال: حسبنا الله ونعم الوكيل. وأيضا كان صبورا جُلد وخلع ظهره وأوجع وأوذي ومات وهو يتألم من أثر الجراح وأثر الجلد وأثر السياط، فما صده ذلك عن دينه وما تراجع وما فكر وما قال أعطوني فرصة أشاور ولا قال أريد أن أستخير، كانت كلمته واحدة "هاتوا لي دليلا من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك" , ولهذا خُلّد ذكره ولهذا كان إماما حتى كان العلماء في وقته وفي زمنه ممن يكبرونه سنا وممن جلسوا وقعدوا للتدريس والتعليم والتحديث قبله كانوا يقولون: "أحمد إمامنا وسيدنا وهو حجة بيننا وبين الله تعالى" كما قال على بن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/72)
المديني ويحيى بن معين وغيرهم من أهل العلم. بل قال قتيبه بن سعيد: "الإمام أحمد هو إمام الدنيا" ولذلك اهتموا به ونقلوا هديه وعلمه وأعماله وأحواله وأقواله وسائر أموره،حتى نقلوا عنه الدقائق والتفاصيل التي تتعجبون من نقلها، بل أقول بكل طمأنينة إن أهل الكتاب لا يعرفون عن أنبيائهم مثل ما نعرف نحن المسلمين عن عالم من علمائنا كالإمام أحمد رحمه الله تعالى.
كان إماما مجددا صالحا قدوة حجة بين الناس وبين الله عز وجل، ولو رضي بالتأويل والمدارة والتماس المعاذير والتورية لنجا من ذلك كله , ولكن لو نجا من ذلك كله لخمد ذكره وما كان له مقام يذكر فضلا عن نقص الأجور في الدار الآخرة , ولهذا كان الكثيرون يقولون كما قال البشر بن الحارث وعلي بن المديني ويحي وغيرهم يقولون: تريدون منا أن نقوم مثل ما قام الإمام أحمد؟!. إن أحمد قام مقام الأنبياء - أي وقف موقف صدق يشبه ما كان عليه الأنبياء عليهم سلام الله تعالى -.
النقطة الثالثة: ثبت الإمام أحمد في المحنه فكان هو نفسه المحنة. كيف؟ كان العلماء في عصره يسعون إلى لقياه وإلى النظر إليه وإلى القعود بين يديه. قال المقرئ: رأيت علماءنا مثل الهيثم بن خارجة ومصعب الزبيري (وعد خلقاً فيما لا أحصيهم من أهل العلم والفقه) رأيتهم يعظمون الإمام أحمد ويبجلونه ويجلونه ويوقرونه ويقصدونه للسلام عليه. وقال أبو حاتم - رحمه الله -: إذا رأيتم الرجل يحب أحمد فاعلموا أنه صاحب سنة. فصار الإمام أحمد رمزاً من رموز السنة ما يحبه إنسان إلا لأنه يحب دينه ويحب عقيدته ويحب مذهبه ويحب صبره ويحب ما كان عليه، وبالمقابل قال الغلاس: إذا رأيتم الرجل يقع في أحمد ويغتابه ويسبه ويبغضه فاعلموا أنه مبتدع .. لأنه لا يبغض أحمد إلا لمحاربته لدينه ومسلكه ومذهبه وما كان عليه. بل قال الهمداني: أحمد بن حنبل محنه يُعَرف به المسلم من الزنديق:
أضحى ابن حنبل محنة مأمونة ~~~~~~ وبحب أحمد يعرف المتمسك
وإذا رأيت لأحمد متنغصا ~~~~~~~~~~ فاعلم بأن ستوره ستهلك
نعم وهكذا يكون الصابرون وما يلقاها إلا الصابرون {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} إن هناك رجالا تجردوا من حظوظ أنفسهم وتخلوا عن دنياهم وترفعوا عن شهواتهم فلم يعد لأنفسهم في أنفسهم نصيب ولم يعد يعنيهم أمر أنفسهم لا في مأكل ولا في مشرب ولا في جاه ولا في عرض , فلا يهمه أن يقع الناس فيه ولا أن ينالوا منه ولا أن يضربوه بالسياط ولا أن يسجنوه، المهم أن ينتصر دين الله تعالى وأن تبقى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأكرمهم الله تعالى وجعلهم رموزا للسنة بها يعرفون وإليها ينسبون فمن أحب أحمد فإنما أحب السنة ومن أبغضه فإنما أبغض السنة.
العبرة الرابعة:بماذا ثبت الإمام أحمد؟ أو: ما هي أسباب ثباته؟
تأملت فرأيت ثلاث أسباب:
أولها: تثبيت الله عز وجل {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيل ا (74) إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} .. ثبته الله تعالى بعونه وتشديده وتأيده:
وإذا لم يكن عون من الله للفتى ~~~~~~~ فأول ما يجني عليه اجتهاده
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} , فاتِّجهْ إلى الله تعالى وسَلْ الله واعتصم بالله وتوكل على الله وآمن بالله وسلم إلى الله واعلم أنك لا تنجو بنفسك ولا بقوتك ولا بحولك وإنما بالله تعالى , ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله , وأخبر أنها من كنز تحت العرش. (لا حول ولا قوة إلا بالله): فلا تحول للعبد من معصية إلى طاعة أو من بدعة إلى سنة أو من ضلالة إلى هدى إلا بالله تعالى، ولا قوة للإنسان وصبرا له على طاعة الله واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصبر على ما يلقاه إلا بعون الله تعالى وتأيده وتسديده. فقل دائما وأبداً لا حول ولا قوة إلا بالله تجد العون والتسديد من الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/73)
السبب الثاني: البينة والعلم الذي كان يحمله، فكان على بينة من أمر دينه , تلقى كتاب الله وكان عالما إماما في القرآن، وتلقى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قيل إنه يحفظ مئات الألوف من الأحاديث بأسانيدها، وعرف وعلم فلم يكن عنده في ذلك شك ولا تردد ولا ريبه ولذلك ما داخله في ذلك شيء فعلم أنه على الحق فصبر وصابر، وكان الله تعالى يسخر له بعد ذلك.
السبب الثالث: وهو الأمة التي كانت وراء الأمام أحمد. نعم , كانت وراءه أمة تؤيده وتساعده وتصبره, قال أبو جعفر الأنباري: لما حمل الأمام أحمد إلى المأمون وتجاوز الناس به النهر - نهر الفرات - عبرت إليه فإذا هو في الخان فسلمت عليه فرد عليّ السلام وقال لي: تعنيت - أي تعبت في سبيل المجيء إلي - قلت له:ليس هذا بعناء. قال:ثم قلت له - وانظر إلى نصيحة هذا الرجل الذي لا يملك شيئا إلا النصيحة يقولها لأحمد يثبته ويصبره بها -: يا هذا أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك فوالله لأن أجبتهم إلى ما يريدون وقلت بخلق القرآن ليجيبن بإجابتك خلق كثير من خلق الله تعالى , وإن أنت امتنعت عن هذا ليمتنعون بامتناعك، ومع هذا فإن الرجل - أي المأمون - إن لم يقتلك فإنك تموت غير بعيد ولا بد لك من الموت فاتق الله ولا تجبهم إلى شيء , قال: فجعل الإمام أحمد يبكي ويكفكف دموعه ويقول: ما شاء الله ما شاء الله أعد علي هذا الكلام , قال: فأعدته عليه. فقال: ما شاء الله، ما شاء الله.
وأعجب من ذلك أن الإمام أحمد لما جيء به إلى الخليفة يمتحن جاءه رجل فهمس بأذنه بكلام - ما هذا الكلام؟ - قال أنا رسول إليك أرسلني إليك فلان الحداد - رجل محبوس - يقول لك يا أحمد اثبت ولا تجزع من الضرب فوالله أنا قد جُلِدت في معصية الله ألف حد - ولعله يقصد ألف جلدة في معصية الله - فما يضرك أنت أن تجلد في ذات الله؟! حتى السجناء وحتى العصاة يشعرون أن عليهم واجبا في تثبيت أهل الطاعة ودعمهم وتقوية هممهم وعزائمهم وتصبيرهم وإعانتهم بما يستطيعون.
الوقفة الخامسة: أن الإمام أحمد ثبت وكان وحده , وانجفل الناس عنه وأعرضوا فلا تجد حول بيته أحد ولا يقترب الناس منه ولا يُؤْذَنْ لهم فيأخذون عنه العلم والحديث , على حين كان بعض شيوخ البدعة حولهم الجاه والصولجان، وما هي إلا سنوات حتى انقلبت الآية فكان يجلس في مجلس الإمام أحمد كما ذكر الذهبي وغيره خمسة آلاف منهم خمسمائة يكتبون العلم والباقين يتعلمون من الإمام أحمد الأدب والهدي والسمت وأصبح لا يجرؤ عليه أحد.
ثم مات رحمه الله فصلى عليه خلق كثيرون حتى قيل إنهم حسب الإحصائيات المتوسطة مليون إنسان، فضلا عمن صلوا عليه في السفن وفي الأنهار , وفي غيرها خلق لا يحصيهم إلا الله تعالى. ازدحمت الشوارع وامتلأت بغداد وغصت بمن فيها واجتمع خلق وقال بعض المؤرخين إنهم لم يجتمعوا في الإسلام قط كما اجتمعوا على جنازة الإمام أحمد .. لماذا؟ لأنه صبر وكان يقول لأهل البدع: "بيننا وبينكم الجنائز ". فأما أحمد فحضر جنازته ما يزيد على المليون وارتفع الصياح في البيوت والأسواق والمقابر والمساجد وغيرها، وما من مسلم إلا دخلت المصيبة عليه بموت الإمام أحمد؛ أما أهل البدعة ومنهم ابن أبى دؤاد خصم الإمام أحمد وعدوه اللدود والذي كان يقول للخليفة: يا إمام اقتله ودمه في عنقي، لأنه من علماء السلطان وكان ضالا مبتدعا منحرفا عن السنة , هذا الرجل لما مات بالفالج ما حضر جنازته إلا ثلاثة. وهناك كثيرون كبشر الحافي وغيره من أهل الزهد والورع والصلاح ومع ذلك لم يحضر جنازتهم أحد يذكر .. أما أحمد فكان هذا الخلق حضر جنازته.
أما في الدنيا قبل أن يموت فحدث ولا حرج فقد ضربت شهرته الآفاق وصار ذكره على كل لسان حتى صار هو يضيق بذلك ويقول: "اشتهرت، اشتهرت" , وكان يقول: طوبى لمن أخمد الله تعالى ذكره. ويرى عليه الحزن أحيانا من كثرة ذكر الناس له .. بل لعل من الطريف أن الحسين بن الحسن الرازي كان يقول: اشتريت من بقال بمصر - مع أن الأمام أحمد لم يدخل مصر - متاعا وتحدثت معه وذهبنا في الحديث وجئنا , قال: فسألني عن الإمام أحمد بن حنبل , قال: أتعرفه؟ قلت: نعم أعرفه وقد كتبت عنه حديثا. قال: فلما أتيت أعطيه ماله قال: والله لا آخذ منك شيئا , أنا آخذ ثمن متاع من إنسان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/74)
عرف الإمام أحمد ورآه بعينه؟! أبدا أنا سامحتك ولا أخذ منك شيئا. فكانوا يعظمون حتى من لقي أحمد أو أحبه أو أخذ عنه أو كتب عنه الحديث , وهذه بعض آثار صبره رحمه الله على المحنة.
النقطة السادسة: فهي زهده وعبادته. ولعل هذا يمت بسبب إلى ما سبق، فلم يكن يصبر ويصابر لولا أنه كان يستمد هذا من عبادته لله تعالى , قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا (2) نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا} قال عبدالله ابن الإمام أحمد: كان والدي ساعة يصلي العشاء ينام نومة خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو على رغم كبر سنه وبعدما جاوز السبعين من عمره، وكان يقرأ في كل يوم سُبع القرآن فيختم القرآن في كل أسبوع وربما ختم القرآن في كل أسبوع مرتين , وكان يكثر من الصيام ويسرده وربما صام وهو في السجن وربما صام وهو يجلد وربما ضعف كثيرا حتى كاد أن يغمي عليه وهو مع ذلك مصرٌّ على الصيام حتى قرب وفاته رحمه الله تعالى. ولما اشتد مرض الإمام أحمد بعث إليه الخليفة بابن ماسويه الطبيب، فنظر إلى الإمام أحمد ورجع إلى الخليفة وقال له: يا أمير المؤمنين , أحمد ليست به عله في بدنه إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام، وكثرة العبادة. فسكت المتوكل عن ذلك.
هذا جانب من عبادته وقربه إلى الله تعالى.
ثم إنه كان معرضا عن الدنيا ومباهجها وزخرفها. قال بعض المؤرخين عرض الشافعي على الإمام أحمد أن يتولى القضاء في اليمن فأبى وقال للشافعي: أنت تعلم أنني أتعلم منك العلم المزهد في الدنيا فلا أريد شيئا يبعدني عن الآخرة ويرغبني في الدنيا. والإمام أحمد حينما رفض القضاء رفضه كَسُلَّم إلى الدنيا , أما أن يكون القضاء سببا إلى إصلاح بين الناس وإلى إقامة القسط والعدل وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى قضاء حوائج المسلمين فلا شك أن هذا من أعظم القربات وأجل الطاعات، ولا بد للناس من القضاء ومن القضاة وقد يتعين هذا المنصب على من يكون أهلا له وجديرا به.
كان الإمام أحمد يكره التكلف والتصنع والتزين والتظاهر بالأشياء، ويعرف أن البهرج لا ينطلي على الله تعالى , وأن العبد يعرض على الله تعالى لا تخفى منه خافيه {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} , {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} حتى ثيابكم ونعالكم وملابسكم وأراضيكم خلفتموها وراء ظهوركم! ليس معكم شيئا أنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح. فكان الإمام يتعامل مع الله تعالى، ويراقب الله، ويخاف من الله، فلا يتظاهر بشيء. قال أبو حاتم: إذا رأيت أحمد تعلم أنه لا يظهر النسك , رأيتُ عليه نعلا لا يشبه نعل القراء له رأس كبير (يعني النعل) معقد , وشراك مسبل كأنه اشترى له من السوق (يعني نعلة من نعال الناس) وليس من النعال التي يتميز بها القراء وأحيانا فتيان القراء. وبعض المحدثين وبعض الطلبة قد يكون له سمت خاص وبزة معينة أما أحمد لم يكن كذلك، بل كان كسائر الناس. قال: ورأيت عليه إزارا وجبة. قال أبو محمد ابن أبي حاتم: أراد الإمام أحمد بهذا - والله أعلم - ترك التزين بزي القراء وإزالته عن نفسه لئلا يشتهر به. إذا كان الإمام يكره أن يشتهر بشيء من ذلك. وقال المروزي إذا كان الإمام أحمد في بيته كان خاشعا وكان عامة جلوسه التربع , فإذا كان برّا - يعني في خارج بيته - لم يتبين منه خشوع ولم يكن يتظاهر بذلك لا في مشيته، ولا في ثيابه، ولا في طأطأة رأسه. ولا يتميز بثياب خاصة أو ملابس معينة أو هندام وإنما كان يهتم بالحقائق لا بالمظاهر وبالمعاني لا بالرسوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/75)
أمر ثالث من زهده وعبادته إعراضه عن الدنيا والمال: قضى الإمام أحمد حياته كلها فقيرا , وكان يحب الفقر ويفرح به. ومع ذلك عرضت عليه أُعطيات كثيرة من التجار ومن سائر الناس , بعضها أموال، وبعضها من المزارع، وبعضها هدايا، وبعضها أعطيات. ومع أنهم يحاولون بكل وسيلة إلا أنه كان لا يقبل شيئا من ذلك قط مهما كانت به من الحاجة. قال:عبد الرزاق: أعطيته بعض الدنانير فردها الإمام أحمد، وقال: أنا بخير. وقال محمد بن سعيد الترمذي: قدم إلى بغداد صديق له من خرسان وكان قد اتخذ بضاعة يبيع ويشتري وقال: إن ربح هذه البضاعة للإمام أحمد. فذهب الرجل إلى الإمام أحمد،وقال له: أن رجل بخرسان يبيع ويشتري ويقول: إن ربح البضاعة لأحمد. فقال الإمام أحمد: جزاه الله تعالى عنا عن العناية والاهتمام خيرا، أما نحن ففي غنى وسعة , وأبى أن يأخذ شيئا من ذلك. ربما أحرجه بعض الناس وأطال عليه فيقوم من المجلس ويدخل في بيته. دفع إليه السلطان أموالاً فردها، ودفعها فردها مرة أخرى , فقالوا له: إن رددتها تغير عليك قلب السلطان وظن أنك لا تأخذ منه شيئا وربما وقع في نفسه. فأخذ هذه الأموال وقال: هاتوا لي أسماء الفقراء وطلاب الحديث وطلاب العلم المحتاجين وجعلها كلها في قوائم فما أصبح في بيته درهم واحد منها ولا دينار , وكان يقول: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}. ولما مات الإمام أحمد بعث ابن طاهر بصينيتين عليهما كفن و حنوط للإمام أحمد وقال:كفنوه في هذا وحنطوا بهذا. فقال صالح ولد الإمام أحمد: لا , إن الإمام أبا عبدالله قد أعدّ كفنه وأعدّ حنوطه قبل أن يموت، وإن أمير المؤمنين قد أعفى والدي من كل ما يكره وهذا مما يكره الإمام أحمد، وأبى أن يقبلها وردها إليه. كان الإمام أحمد يقول لولده صالح: إن والدتك - وكان يحبها كثيرا ويتذكرها وقد ماتت قبله - كانت تغزل غزلا دقيقا فتبيع الأستار بدرهمين أو أقل أو أكثر وكان ذلك قوتنا ومعاشنا، وكان يقول: أنا أفرح إذا لم يكن عندي شيئ من الدنيا. ثم يقول: إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وأيام قلائل ثم نصير إلى الدار الآخرة.
ثم بلغ من ورع الإمام أحمد وزهده أنه نهى ولده عن أن يأخذ شيئا من أعطيات السلاطين، وكان صالح - فيما أذكر - قد وليَّ القضاءُ وأخذ بعض المال وبعض المرتبات، فكان الإمام أحمد - لا تحريما لهذا ولكن من باب الورع ولأنه يرى أنه دخل في الأموال شيئ - يتورع عن أخذها ويعتذر عن ذلك، ولما أخذ أولاده بعض ذلك عاتبهم فاعتذروا , وقالوا: احتجنا يا أبانا , فهجرهم شهرا لا يكلمهم. ولما مرض وصفوا له بعض القرع الذي يشوي ويؤخذ ماؤه فلما جاءوا بهذا القرعة قال بعض الحضور: اجعلوها في تنور صالح. لأن تنور صالح قد أوقد وحمى فاجعلوها في هذا التنور. فكان الإمام أحمد يقول بيده هكذا (لا، لا)، لا تجعلوها في تنور صالح لأنه يأخذ من السلطان. وكان لعمه غلام يجلس عند الإمام أحمد فربما حرك عليه المروحة يروح عنه أحيانا فبغض الإمام أحمد ذلك لأنه يخشى أن يكون عمه اشترى هذا العبد من أعطيات السلطان.
هذا جانب من ورعه، جانب من زهده، إنه لا يحرم الحلال أبدا ولا يضيق على الناس أبدا. والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين: (ما أتاك من هذا المال وأنت غير مستشرف فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك) , أي ما كان من سبل الحلال ولكنه كان في خاصة نفسه وفي من يعول من ولده يتخذ مسلك الورع والتقوى والاحتياط والتعفف والبعد حتى عن أقل القليل من ذلك.
أخلاقه ومناقبه: وإنها عجب من العجب! أُوذِي الإمام أحمد وضُرِب وقضى حياته كلها مترددا بين السجون فماذا كان موقفه؟ سامح من آذوه وضربوه , وقال: "ما علينا ألا يعذب الله تعالى أحد بسببنا" , إلا من أصروا على الضلال والبدعة فإنه لم يصالحه. وقد تلقى عنه هذا الهدي والسمت تلاميذه ومحبوه وأتباعه , فكان الإمام ابن تيمية مثلا وقد ضُرِب أيضا وأُوذى واعتُدِي عليه وسُجِن , وكان إذا أصرَّ عليه طلابه يقول لهم: الحق إن كان لي فقد عفوت عنهم، وإن كان لله فالله تعالى يتولاهم، أما أنتم فليس لكم بذلك شأن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/76)
قيل للإمام أحمد قد مكنك الله من عدوك , هذا هو ابن دؤاد اصنع به ما شئت واحكم فيه ما شئت , فلم يتكلم بشيء!. ما قال أنتقم منه وأن هذه فرصة سانحة بل أعرض عنه , {وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفي وأصلح فأجره على الله} , (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تحن من خانك). استفتوه في أموال لابن أبي دؤاد وكانت أموالا جاءته من السلاطين فلم يرد منها شيئا وما أفتاهم بشيء. بل ذكر البيهقي حكاية عجيبة عن أبي الفضل التميمي عن الإمام أحمد أنه كان يدعو في سجوده ويقول: "اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه على الحق فرده إليه حتى يكون على الحق حقا". هكذا حرصه ودعاؤه حتى للضالين والمحاربين والمبتدعين يدعو لهم بالهداية لأنه يقول: "ما علينا ألا يعذب الله أحد في النار بسببنا , اللهم إن قبلت من عصاة هذه الأمة فداء فاجعلني فداء لهم"! إلى هذا الحد حرصه على هداية الناس ودعوتهم إلى الخير وإنقاذهم من المعصية ودعوتهم إلى الطاعة والسنة!!
ناظر الإمام أحمد أهل البدعة في مجالس عديدة في زمن المعتصم وغيره فلم يكن يقول إلا هاتوا لي دليلا من كتاب الله تعالى. ما كان يسب ولا يشتم ولا يلعن ولا يرفع صوته ولا يتهم , فالمسألة ليست مشاتمة ولا ملاعنة ولا خصومه , وإنما كانت المسألة مسألة مناظرة بالدليل.
كلام الإمام أحمد في الرجال - الجرح والتعديل -: لم يكن يغلظ في القول ولا يبالغ في ذلك وإنما كان في كلامة إجمال وعفة وإعراض. فربما قال لا تأخذ الحديث عن فلان أو اتركه أو ما أشبه ذلك أو أشاح عنه بوجه وتركه. ولكن لا ينقل عنه الكلام الغليظ، فالكلمات المعروفة بالقسوة والشدة قلما تسمع من فم الإمام أحمد.
تواضعه: وهذا أمر عجيب أذكر منه نماذج فحسب. لم يكن يدع أحدا يستقي له الوضوء بل كان يأخذ الماء بنفسه , وربما خاط الإمام أحمد قلنسوته بيده، ويتولى شأنه مباشرة ويعمل فيه بيده أيضا. وربما خرج إلى البقال يشتري حاجته بيده ويحملها على كتفه {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} هذا هو هدي المرسلين التواضع والبساطة والبعد عن الأبهة وعن الجبروت وعن الكبرياء ومن تواضع لله رفعه الله. قال له رجل: يا أحمد هذا العلم تعلمته لله؟ فقال: هذا شرط شديد , وفي رواية أنه قال أما لله فعزيز ولكن حبب إلي شيء فجمعته. وروى البيهقي أن رجلا قال للإمام أحمد: إن أمي مقعدة منذ سنين وإنها أوصتني أن آتي إليك لتدعو الله تعالى لها , فغضب الإمام أحمد وقال: أنا أدعو لله تعالى لها؟! أنا أحوج أن تدعو الله تعالى هي لي. فذهب الغلام وهو مكسوف وذهب إلى أمه يريد أن يخبرها بخبر الإمام أحمد. فلما ولى رفع الإمام أحمد يديه إلى السماء ودعا الله تعالى لها. فلما طرق الغلام الباب إذا أمه تفتح الباب له وقد عافها الله تعالى وشفاها ببركة دعاء الإمام أحمد لها. روى عنه ولده صالح وعبدالله أنه كان في مرض موته إذا أغمى عليه قال: لا بعد لا بعد، فلما أفاق قال: يا أبتِ ما كلمة تلهج بها قال: ما هي؟ قال: تقول لا بعد لا بعد , قال: إن الشيطان عرض لي في زاوية هذه الحجرة وهو عاض على أصبعه يقول: فتني يا أحمد فتني يا أحمد , فأقول له: لا ما فتك بعد .. فما دامت الروح في الجسد فأنا لم أفتك بعد والكيد قائم وربما كان هذا من كيد الشيطان للإمام أحمد أن يدخل على قلبه أو نفسه شيء من العجب فربما داخله ذلك، ولكن الله تعالى عصم الإمام أحمد بصدقه وورعه وتقواه فكان يقول لا ما فتك بعد. وقال المروزى لأحمد: ما أكثر الذين يدعون لك يا أحمد. قال: عسى ألا يكون هذا استدراجا. أي: من أجل ماذا يدعون لي؟ ما فيّ شيء يستحق أن يُدعى لي وأخشى أن يكون هذا من الاستدراج. قال له يا أحمد: كنا في بلاد الروم وقد هجم المسلمون على الكفار فكان الجنود وهم مرابطون في المعارك يدعون لك في الهزيع الأخير من الليل ويبكون ويسألون الله تعالى لك. فدمعت عيناه وقال: من أجل ماذا؟ أخشى أن يكون هذا استدراجا. قال: يا أحمد والله لقد رأيت الجنود يرمي أحدهم بالمنجنيق ويقول: هذا عن الإمام أحمد، فربما ضرب علجا من علوج الروم فقطعه أو قتله فبكى أحمد وقال: من أجل ماذا يصنعون هذا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/77)
أخشى أن يكون استدراجا.
قيل له وقد ترك التحديث في آخر عمره وحلف ألا يكمل حديثا من أوله إلى آخره وأعرض عن الناس , فقال قائل في مجلسه: يا أحمد إن الناس يتكلمون أنك لست زاهدا في الدنيا فقط بل أنت زاهد في الدنيا زاهد في الناس. قال: ومن أنا حتى أزهد في الناس , الناس يزهدون بي. ولاحظ أخي أن الإمام أحمد ما كان يرى أنه هو الإمام الفحل المبجل الذي اتسم بالورع حين خلط الناس، والتقوى حين فجر الناس، والتزم بالسنة حين خالفها الناس، وأنه وحيد زمانه وفريد أوانه.كان متواضعا لا يرى لنفسه حقا ولا يرى نفسه شيئا! يقول: لا , الناس يزهدون بي ولست أنا الذي أزهد بالناس.
ذكروا له أن فلانا رأى أنك بشرت بالجنة , فلان رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يذكرك ويثني عليك ويقول: اصبر. فيبكى الإمام أحمد وينفض يده ويقول: الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره وهذا فلان بُشِّر بالجنة فوقع في الدماء - أي اعتدى على الناس وتجرأ عليهم -.
ننتقل بعد ذلك إلى نقطه وفقره أخيره وهي: (بين الإمام أحمد وبين الامام الشافعي).
الإمام الشافعي نموذج لعلماء السنة , أخذ عنه الإمام أحمد نحو عشرين حديثا مع أن الإمام أحمد أبصر منه بالحديث وأوسع منه في الرواية بمراحل ومع ذلك أخذ عنه، وكان الإمام أحمد يقول لبعض زملائه تعال حتى أريك رجلا لم ترَ عينك مثله قط، ثم يشير إلى الشافعي رضي الله عنه. كما أخذ عن الشافعي جملة من كلام العرب. ولما مات أحمد وجد في تركته كتاب الرسالة وهو كتاب عظيم صنفه الشافعي في أصول الفقه وكان أحمد يقرأ فيه ويستفيد منه ويدعو للشافعي ويثني عليه. وقد روى أحمد عن الشافعي حديثا طريفا مسلسلا بالأئمة: رواه أحمد عن الشافعي عن مالك وهم ثلاثة أئمة متبوعون , عن الزهري عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى تعود إلى جسدها) ولما لقي الإمام الشافعي أحمد في رحلته الثانية إلى بغداد قال الشافعي لأحمد: "يا أحمد إذا صح الحديث عندكم فأعلمني به حتى أذهب إليه " .. حجازيا كان الحديث أو شاميا أو عراقيا أو يمنيا أو كان ما يكون إذا صح الحديث فأخبرني حتى أذهب إليه. يقول هذا لإنسان يصغره بسنوات طويلة. وكان الإمام أحمد يقول لولد الشافعي محمد بن محمد: أبوك من الستة الذين أدعو لهم في السحر.
وكان الإمام أحمد في حداثته يختلف إلى مجالس علماء آخرين كالقاضي أبو يوسف , وقد كتب روايات علماء الرأي وروايات أهل العراق ثم أقبل على الحديث والسنة.
رحم الله الإمام أحمد ورفع من درجته في المهديين وألحقنا به في الصالحين إنه على كل شيء قدير .. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[سليمان إبراهيم الأسعدي]ــــــــ[23 - 12 - 07, 02:52 م]ـ
كلام الإمام أحمد في الرجال - الجرح والتعديل -: لم يكن يغلظ في القول ولا يبالغ في ذلك وإنما كان في كلامة إجمال وعفة وإعراض. فربما قال لا تأخذ الحديث عن فلان أو اتركه أو ما أشبه ذلك أو أشاح عنه بوجه وتركه. ولكن لا ينقل عنه الكلام الغليظ، فالكلمات المعروفة بالقسوة والشدة قلما تسمع من فم الإمام أحمد. .
سبحان الله
كلام رائع ..
قيل له وقد ترك التحديث في آخر عمره وحلف ألا يكمل حديثا من أوله إلى آخره وأعرض عن الناس , فقال قائل في مجلسه: يا أحمد إن الناس يتكلمون أنك لست زاهدا في الدنيا فقط بل أنت زاهد في الدنيا زاهد في الناس. قال: ومن أنا حتى أزهد في الناس , الناس يزهدون بي. ولاحظ أخي أن الإمام أحمد ما كان يرى أنه هو الإمام الفحل المبجل الذي اتسم بالورع حين خلط الناس، والتقوى حين فجر الناس، والتزم بالسنة حين خالفها الناس، وأنه وحيد زمانه وفريد أوانه.كان متواضعا لا يرى لنفسه حقا ولا يرى نفسه شيئا! يقول: لا , الناس يزهدون بي ولست أنا الذي أزهد بالناس.
ذكروا له أن فلانا رأى أنك بشرت بالجنة , فلان رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يذكرك ويثني عليك ويقول: اصبر. فيبكى الإمام أحمد وينفض يده ويقول: الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره وهذا فلان بُشِّر بالجنة فوقع في الدماء - أي اعتدى على الناس وتجرأ عليهم - ..
بارك الله فيك أخي الكريم
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[25 - 12 - 07, 01:47 م]ـ
وفيك بارك ايها الكريم
ـ[محمد الأخضراني]ــــــــ[29 - 12 - 07, 02:16 م]ـ
قال المسمي نفسه (جهاد حلس):
أولا: عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة، فإن ذكرهم ذكر للعلم الذي يحملون، والمذهب الذي ينتحلون، والدين الذي إليه يدعون، والسنة التي بها يعملون.
مالدليل على انه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟؟؟!!!
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[29 - 12 - 07, 08:50 م]ـ
قال المسمي نفسه (جهاد حلس):
أولا: عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة، فإن ذكرهم ذكر للعلم الذي يحملون، والمذهب الذي ينتحلون، والدين الذي إليه يدعون، والسنة التي بها يعملون.
مالدليل على انه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟؟؟!!!
السلام عليكم لو فهمت اخي ما كتبت لما تسرعت
نعم اخي عندما تذكر الصالحين تذكر العلم الذي حملوه لنا والا لماذا نذكر الصالحين؟؟؟
واقصد بالصالحين في هذا الموضع حملة العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان الى يومنا هذا
والحديث الصحيح الذي رواه ابو داود في سننه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده"
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(مَا اِجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْت مِنْ بُيُوتِ اللَّه)
: أَيْ الْمَسْجِد وَأُلْحِقَ بِهِ نَحْو مَدْرَسَة وَرِبَاط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/78)
ـ[محمد الأخضراني]ــــــــ[29 - 12 - 07, 11:45 م]ـ
المغني عن حمل الأسفار 1/ 545:
2 231 حديث: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة.
ليس له أصل في الحديث المرفوع وإنما هو قول سفيان بن عيينة كذا رواه ابن الجوزي في مقدمة صفة الصفوة.
306 حديث:عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة
قال: العسقلاني لا أصل له وقال: العراقي في تخريج الإحياء ليس له أصل في المرفوع وإنما هو قول سفيان بن عيينة.
لكن قال: ابن الصلاح في علوم الحديث روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد أنه سأل أبا جعفر أحمد ابن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له بأي نية أكتب الحديث قال: ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فقال: نعم قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين انتهى ولم ينبه على ذلك العراقي في نكته عليه كذا ذكره بعضهم.
الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة 1/ 249
109 حديث إنها تنزل الرحمة عند ذكر الصالحين.
قال: العراقي وابن حجر لا أصل
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة 1/ 254
113 حديث عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال العراقي وابن حجر لا أصل له في المرفوع وإنما هو من قول ابن عيينة.
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة 1/ 508
201 حديث عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة من قول سفيان بن عيينة.
المصنوع 1/ 125
347 - حديث عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ليس له أصل في
المرفوع كما قاله مخرج الإحياء ـ اللؤلؤ المرصوع 1/ 124
299 - عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة.
هو من كلام سفيان بن عيينة ولا أصل له في المرفوع كما قال العراقي وابن حجر والسخاوي ـ الجد الحثيث 1/ 149
720 حديث عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة
قال شيخنا لا أستحضره مرفوعا وسبقه لذلك شيخه العراقي فقال في تخريج الإحياء ليس له أصل في المرفوع وإنما هو قول سفيان بن عيينة كذا ذكره ابن الجوزي في مقدمة صفوة الصفوة قلت وسأل أبو عمرو بن تجيد أبا جعفر بن حمدان وهما صالحان بأي نية أكتب الحديث فقال ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال نعم قال فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين. المقاصد الحسنة 1/ 467
209 - عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. لا أصل له ـ النخبة البهية 1/ 85
قرأت على أبي عثمان سعيد بن نصر أن قاسم بن اصبغ حدثهم قال حدثنا ابن وضاح قال سمعت ابن أبي إسرائيل يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة ـ التمهيد لابن عبد البر 17/ 429
1772 عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال: الحافظ ابن حجر لا أصل له وقال: الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الأحياء ليس له أصل في المرفوع وإنما هو من قول سفيان بن عيينة.
لكن قال ابن الصلاح في علوم الحديث روينا عن أبي عمر واسماعيل بن مجيد أنه ساير أبا جعفر أحمد بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له بأي نية أكتب الحديث فقال: ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فقال: نعم قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم رئيس الصالحين انتهى
ولم ينبه على ذلك العراقي في نكته عليه قال: القاري لكن اللفظ ان كان تروون بواوين من الراوية فيدل في الجملة على أنه حديث وله أصل وان كان ترون من الرؤية مجهولا أو معلوما فلا دلالة فيه انتهى
وقال: الزمخشري في خطبة رسالة في فضائل العشرة ورد في صحيح الآثار المسندة عن العلماء الكبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة انتهى والله أعلم. كشف الخفاء 2/ 91
وفي حلية الأولياء 7/ 285:
حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين ثنا الحسين بن محمد الجعيني ثنا محمد بن حسان قال سمعت ابن عيينة يقول عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة.
وفي تاريخ بغداد 3/ 249:
حدثنا أبو نعيم الحافظ حدثنا محمد بن احمد بن قاسم العبدي قال سمعت أبا العباس بن السراج يقول سمعت محمد بن منصور الطوسي يقول نازلت قوما من أصحاب الفضيل بن عياض فيما يذكرونه من كرامة المؤمن على الله فقلت عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فمطرنا في تلك الساعة.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[31 - 12 - 07, 05:44 م]ـ
اخي انا اعرف ان هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم اورده هنا فما مناسبة ذكر علله هنا؟؟؟!
ثم ان هذه المقولة عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة، فإن ذكرهم ذكر للعلم الذي يحملون، والمذهب الذي ينتحلون، والدين الذي إليه يدعون، والسنة التي بها يعملون
هي من كلام ابن المبارك رحمه الله وليست من كلامي اي لي سلف فيها
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[05 - 02 - 08, 01:46 م]ـ
يرفع للفائدة
ـ[ابو ثابت]ــــــــ[28 - 08 - 08, 11:36 ص]ـ
الله المستعان
جزاك اله خيرا ورحم الامام(144/79)
تعريف المؤرخين بطليطلة لأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[23 - 12 - 07, 09:16 م]ـ
تعريف المؤرخين بطليطلة
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
تكلم عنها ابن سعيد بعد احتلال النصارى لها، وبعد أن كانت معدودة مملكة كما عُدَّ أقزام الطوائف ملوكاً,, وفصل أعمالها بعناوين مسجوعة، فقال: كتاب مَوسطة الأندلس، هو كتاب النفحة المندلية في حلى المملكة الطُّلَيطُلية: مملكة بين مملكة قُرطبة وثغر سَرقسطة، وقد حصل جميعها في يد النصارى، وينقسم هذا الكتاب إلى:
كتاب البدور المُكَمَّلة في حلى مدينة طليطُلة.
كتاب الطِّرس المرقَّش في حلى قرية وَقَّش.
كتاب الغِيرة في حلى مدينة طَلِبيرة.
كتاب الغَرارة في حلى مدينة وادي الِحجارة.
كتاب صفقة الرَّباح في حلى قلعة رباح.
كتاب نقش السكَّة في حلى مدينة طلمنكة.
كتاب التغبيط في حلى مدينة مَجريط.
كتاب السعادة في حلى قرية مكَّادة, (1)
وقال عن المنصة: من التاريخ الرومي: إنها إحدى المدن الأربع التي بنيت في مدة قيصر أُكتيبان الذي يؤرخ من مدته مدة الصُّفر، وتأويل اسمها أنت فارح,, وهي في الإقليم الخامس موسطه,, منها إلى الحاجز الذي هو درب الأندلس نحو نصف شهر، وكذلك الى البحر المحيط بجهة شلب,, ومنها الى قرطبة، وإلى غرناطة والى مُرسية بلنسية نحو سبعة أيام، ونهر تاجُه قبليَّها,, وأطنب الحجاري في وصفها، ووصفها بعظم الامتناع، وإحداق الشجر بها من كل جهة، وأنه كان يُتَفَرَّج من باب شقرا في الجُلَّنار الذي لم يُر مثله، إذ الجُلَّنارة (2) تُقارب الرُّمّانة,, وفيها من ضروب التركيب والفلاحة ما تفضل به غيرها,, وابن بَصّال صاحبُ الفلاحة منها,, قال: ورأيت فيها الشجرة تكون فيها أنواع من الثمر,, وذكر أنه صحب عيسى بن وكيل إليها وقد توجَّه رسولاً، فقال ابن وكيل فيها:
زَادَت طُليطُلةٌ على ما حدّثوا
بلدٌ عليه نَضارةٌ ونعيمُ
الله زيَّنهُ فوشًّح خصرهُ
نهر المجرَّة والقصورُ نجومُ
ويُصنع فيها من آلات الحرب العجائبُ، وكان فيها المباني الذَّنُّونية (3) الجليلة,, منها قبة النَّعيم التي صُنِعت للمأمون بن ذي النُّون تنسدل فيها خيمة من ماء يشرب في جوفها مع من أحب من خواصه في أيام الصيف فلا تصل إليه ذبابة,, وهي في بستان الناعورة,, وفيها القصر المُكرَّم الذي بناه، واحتفل فيه، وأطنبت البلغاء والشعراء في وصفه.
وذكر الحجاري أن فيها صنفاً من التين: النصف أخضر والنصف أبيض في نهاية الحلاوة (4).
وقال عن التاج: كثيراً ما قامت بها الثوار في مدة السلطنة المروانية، ونهض إليها سلاطينهم، وحاصروها، فرجعوا خائبين,, وملكوها، فعاثوا في أهلها (5).
قال أبو عبدالرحمن: هذه النصوص عن واقعها الطبيعي المبهج، وهاهنا ثلاث من العبر:
الأولى: عن لؤم ابن ذي النون,, قال ابن سعيد: الأمير أرقم بن عبدالرحمن بن إسماعيل بن عبدالرحمن بن إسماعيل بن عامر بن مطرف بن موسى بن ذي النون,, من كتاب المسهب: يعرف بابن المضراس، وأخوه إسماعيل هو أول من ملك طليطلة من بني ذي النون,, وكان المأمون ابن أخيه ينفيه ويُبغضه، ويحسده على أدبه، ففرَّ عنه إلى الثغر الأعلى لمملكته، ومن شعره قوله:
إذا لم يكن لي جانبٌ في ذُراكمُ
فما العذر لي ألاَّ يكون التجنُّبُ
وكان قد قرأ في قرطبة على الرَّماديِّ الشاعر، وآل أمره إلى أن حصل عند النصارى، فدسَّ إليهم ابن أخيه المأمون من نصحه في شأنه بأنه جاسوس من قبل ابن أخيه، ليتكشَّف على بلادهم، فقتلوه، فقال المأمون: الحمد لله,, هذه نعم من جهتين: فَقدُ عدوٍّ، ووجوب ثأرٍ نطلبُ به,) (6)
قال أبو عبدالرحمن: قطيعة بين أخوين، وسقوط في أحضان النصارى، وفرح بغدر غير شريف، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والثانية: سيادة اليهود,, قال ابن سعيد: الطبيب أبو إسحاق إبراهيم بن الفخار اليهودي ساد في طُليطلة، وصار رسولاً من ملكها النصراني أذفونش إلى أئمة بني عبدالمؤمن بحضرة مرَّاكش,, وكان والدي يصفه بالتفنن في الشعر ومعرفة العلوم القديمة والمنطق، وقد أبصرته في إشبيلية وله جاه عريض، وأنشدني لنفسه قوله في أذفونش:
حَضرةُ الأذفونش لا برحت
غضةً أيامها عُرسُ
فاخلعِ النَّعلين تكرمةً
في ثَراها إنَّها قدُسُ) (7)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/80)
والثالثة: ارتداد أديب,, قال ابن سعيد عن الفقيه أبي القاسم ابن الخياط من المسهب: أقام خمسين سنة على العفاف والخير,, لا تعرف له زلة، فلما أخذ النصارى طليطلة حلق وسط رأسه، وشدَّ الزنَّار، فقال له أحد أصحابه في ذلك، وقال له: أين عقلك؟! ,, فقال: ما فعلت هذا إلا بعد ما كمل عقلي,, وقال شعراً منه:
تلوَّنَ كالحرباء حقَّ تلوُّن
وأبصر دنياه بملء جفونه
وكلٌّ إلى الرحمن يومي بوجهه
ويذكره في جهره ويقينهِ
ولو أن دِيناً كان نفياً لخالقي
لما كنت يوماً داخلاً في فنونه.
وذكر ابن اليسع له رسالة عن إذفونش ملك النصارى إلى المعتمد بن عباد بالإرهاب (8).
قال أبو عبدالرحمن: واغوثاه! ,, ونسأل الله العفو عما سلف والعصمة فيما بقي، ونعوذ بوجهه الكريم ان نكون شامتين بأحد.
وقال الإدريسي: ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم مدينة الملك، ومداراً لولاتها، وبها وجدت مائدة سليمان بن داوود عليه السلام مع جملة ذخائر يطول ذكرها,, وما خلف الجبل المسمى بالشارات في جهة الجنوب يسمى أشبانية، وما خلف الجبل من جهة الشمال يسمى قشتالة,, ومدينة طليلطة في وقتنا هذا يسكنها سلطان الروم القشتاليين (9)
وقال: ومدينة طليطلة من طلبيرة شرقاً، وهي مدينة عظيمة القطر، كثيرة البشر، حصينة الذات,, لها أسوار حسنة، لها قصبة فيها حصانة ومنعة, وهي أزلية من بناء العمالقة,, وقليلاً ما رؤي مثلها إتقاناً وشماخة بنيان، وهي عالية الذرى، حسنة البقعة، زاهية الرقعة، وهي على ضفة النهر الكبير المسمى تاجه، ولها قنطرة من عجيب البنيان، وهي قوس واحدة، والنهر يدخل تحت تلك القوس كله بعنف وشدة جري، ومع آخر القنطرة ناعورة ارتفاعها في الجو تسعين ذراعاً، وهي تُصعد الماء إلى أعلى القنطرة والماء يجري على ظهرها، فيدخل المدينة,, ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم دار مملكتهم، وموضع قصدهم,, ووجد اهل الإسلام فيها عند افتتاح الأندلس ذخائر تكاد تفوت الوصف كثرة، فمنها أنه وجد بها مئة وسبعون تاجاً من الذهب مرصعة بالدر وأصناف الحجارة الثمينة، ووجد بها ألف سيف مجوهر ملكي، ووجد بها من الدر والياقوت أكيال وأوساق، ووجد بها من أنواع آنية الذهب والفضة ما لا يحيط به تحصيل، ووجد بها مائدة سليمان بن داوود,, وكانت فيما ذكر من زمردة,, وهذه المائدة في مدينة رومة,, لمدينة طليطلة بساتين محدقة بها، وأنهار مخترقة، ودواليب دائرة، وجنات يانعة، وفواكه عديمة المثال لا يحيط بها تكييف ولا تحصيل، ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة وقلاع منيعة,) (10)
قال أبو عبدالرحمن: جرى العرب على نسبة كل قديم إلى عاد، ونسبة كل أمر باهر إلى تركة سليمان عليه السلام وملكه، فقد بهرهم ما وجدوه بالأندلس من تحف فنسبوه إلى سليمان,, وعودة بعض هذه التحف إلى روما باسم مائدة سليمان من الأساطير,, ثم ما دخل روما ولهذا الإقليم ملك نصراني مستقل؟!.
وقال الإدريسي عن النهر الذي تقع عليه طليطلة: ونهر تاجة المذكور يخرج من ناحية الجبال المتصلة بالقلعة والفنت، فينزل ماراً مع المغرب إلى مدينة طليطلة، ثم إلى طلبيرة، ثم إلى المخاضة، ثم إلى القنطرة، ثم إلى قنيطرة محمود، ثم إلى مدينة شنترين، ثم إلى لشبونة، فيصب هناك في البحر, (11)
وقال القزويني عن كسوة الكعبة ومن كساها: ثم الوليد بن عبدالملك زاد في حُلى البيت لما فتح بلاد الأندلس، فوجد بطليلطة مائدة سليمان عليه السلام,, كانت من ذهب ولها أطواق من الياقوت والزبرجد، فضرب منها حُلى الكعبة والميزاب (12)
قال أبو عبدالرحمن: لعل هذه أسطورة ثانية، وهي تنافي الأولى عن نقل المائدة إلى روما!.
وقال: طُلَيطُلة مدينة كبيرة بالأندلس من أجل مدنها قدراً، وأكثرها خيراً,, تسمّى مدينة الملوك,, ومن طيب تربتها، ولطافة هوائها تبقى الغلات في مطاميرها (13) سبعين سنة لا تتغّير,, وبها القنطرة العجيبة التي وصفها الواصفون أنّها قوس واحد من أحد طرفي الوادي إلى الطرف الآخر,, لم يرَ على وجه الأرض قوس قنطرة أعظم منها إلا قنطرة صور,, قال محمد بن عبدالرحيم الغرناطي: بقرب طليطلة نهر عظيم بنت الجن على ذلك قنطرة من الصخر عالية من الجبل إلى الجبل كأنها قوس قزح,, كلّ صخرة منها مثل بيت كبير، وقد شُدَّت تلك الحجارة بجذوع من حديد، وأذيب عليه الرصاص الأسود، وهي أزج (14) واحد يتعجب الناظرون منها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/81)
لجودة بنائها، وماء ذلك النهر لا ينقطع أبداً,, وبها حجر المطر، وهو ما أخبر به بعض المغاربة: أن بقرب طليطلة حجراً إذا أراد القوم المطر أقاموه، فلا يزال يأتي المطر إلى أن يلقوه، وكلّما أرادوا المطر فعلوا ذلك.
وبها صورة ثورين من حجر صلد,, قال العذري: إن طارقاً لّما غزا طليطلة ركب على الثيران، وكان ذلك الموضع معسكره، فلعل ذلك شيء من الطلسمات.
وكان بها بيت الملوك,, كلّ من مات من ملوكها ترك تاجه في ذلك البيت، وكتب عليه عمر صاحبه ومدّة ولايته,, وكان بها بيت آخر من ملك من ملوكها قفل عليه قفلاً، ووصى لمن يكون بعده أن لا يفتح ذلك البيت حتى انتهى الملك إلى رجل اسمه لذريق,, دخل البيت الأوّل فوجد فيه أربعة وعشرين تاجاً على عدد ملوكهم، ووجد على باب البيت الآخر أربعة وعشرين قفلاً ظن أن فيه مالاً، فأراد فتحه، فاجتمعت الأساقفة والشماسة (15) وعظموا ذلك، وسألوه أن يسلك مسلك الملوك الذين كانوا قبله,, فأبى إلا فتحه، فقالوا له أيّها الملك: انظر فيما يخطر ببالك من مال تراه فيه لندفعه إليك ولا تفتحه,, فأبى إلاّ فتحه,, فلما فتحه إذا في البيت صور العرب على خيولهم بعمائمهم ونعالهم، وإذا فيه مكتوب الملك فينا ما دام هذا البيت مقفلاً، فإذا فتح فقد ذهب الملك! ,, فندم لذريق على فتح الباب، فدخلت العرب بلدهم في السنة التي فتح فيها الباب في أيام الوليد بن عبدالملك، ولما فتحوها وجدوا بها مائدة سليمان بن داوود عليه السلام من ذهب، فلم يمكن نقلها لعظمها، فأمر الوليد أن يضرب منها حلي الكعبة وميزابها ففعل,, وما زالت بيد المسلمين إلى أن استولى عليها الفرنج في شهور سنة سبع وسبعين وأربعمئة، وإلى الآن بيدهم, (16) قال أبو عبدالرحمن: ستأتي إن شاء الله مناسبة للحديث عمن بنى القنطرة من الإنس لا الجن,, وقصة البيت والقفل وصور العرب من الاساطير,, وهي أساطير دفع اليها الوضع الحضاري المرموق لطليطلة، وكثرة الخيرات بها، وجمالها الطبيعي فوق وبين جبال يحف بها النهر من ثلاث جهات.
وقال ياقوت: طُلَيطُلةُ: هكذا ضبطه الحميدي بضم الطاأين (17) وفتح اللامين، وأكثر ما سمعناه من المغاربة بضم الأولى وفتح الثانية: مدينة كبيرة ذات خصائص محمودة بالاندلس يتّصل عملها بعمل وادي الحجارة من أعمال الأندلس، وهي غربي ثغر الروم وبين الجَوُف والشرق من قرطبة، وكانت قاعدة ملوك القرطبيين وموضوع قرارهم، وهي على شاطىء نهر تاجُه وعليه القنطرة التي يعجز الواصف عن وصفها,, وقد ذكر قوم أنها مدينة دقيانوس صاحب أهل الكهف,,قالوا: وبقرب منها موضع يقال له: جنان الورد,, فيه اجساد اصحاب اهل الكهف,, لا تبلى الى الآن,, والله أعلم، وقد قيل فيهم غير ذلك كما ذكر في الرقيم,, وهي من اجل المدن قدرا وأعظمها خطرا، ومن خاصيتها ان الغلال تبقى في مطاميرها سبعين سنة لا تتغير، وزعفرانها هو الغاية في الجودة، وبينها وبين قرطبة سبعة أيام للفارس، وما زالت في أيدي المسلمين منذ أيام الفتوح الى ان ملكها الافرنج في سنة 477، وكان الذي سلمها اليهم يحيى بن يحيى بن ذي النون الملقب بالقادر بالله، وهي الآن في أيديهم,, وكانت طليطلة تسمى مدينة الأملاك,, ملكها اثنان وسبعون لسانا فيما قيل، ودخلها سليمان بن داوود وعيسى بن مريم وذو القرنين والخضر عليهم السلام فيما زعم اهلها، والله اعلم,, قال ابن دُرَيد: طليطلاء مدينة وما أظنها الا هذه, (18).
وعلق ابن عبدالحق على ضبط ابن دريد بقوله: وكأنه لغة في طليطلة (19) قال أبو عبدالرحمن: ضبطها السمعاني؛ فقال: بضم الطاء المهملة وفتح اللام، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وكسر الطاء الاخرى,, وفي آخرها لام اخرى ,, ثم ذكر بعض علمائها (20) , وأما أهل الكهف فقد نُسبوا الى مواضع كثيرة، وعلمهم عند ربي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/82)
وقال ابن عبدالمنعم - وقد اكثر النقل عن البكري -: طليطلة: بالاندلس، البرج المعروف بوادي الحجارة خمسة وستون ميلا، وهي مركز لجميع بلاد الاندلس؛ لأن منها الى قرطبة تسع مراحل، ومنها الى بلنسية تسع مراحل ايضا,,, ثم قال بعد سياق اسطورة الاقفال: وظن انه بيت مال قد اختزنته الملوك، ففض الاقفال عنه ودخل، فأصابه فارغا لا شيء فيه الا تابوتا عليه قفل، فأمر بفتحه؛ فألفاه فارغا ليس فيه الا شقة مدرجة صورت فيها صور العرب عليهم العمائم، وتحتهم الخيول العراب متقلدي السيوف متنكبي القسي رافعي الرايات على الرماح,, وفي اعلاها اسطر مكتوبة بالعجمية قرئت فاذا فيها: اذا كسرت الاقفال عن هذا البيت، وفتح هذا البيت؛ فظهر ما فيه من هذه الصور: فان هذه الأمة المصورة في هذه الشقة تدخل الاندلس؛ فتغلب عليها وتملكها,, فوجم لذريق، وندم على ما فعل، وعظم غمه وغم العجم لذلك، وأمر برد الاقفال واقرار الحراس، واخذ في تدبير ملكه، وذهل عما انذر به الى ان كان من امر يليان عامل لذريق على سبتة وامر ابنته في الخبر المشهور ما سبب اثارة عزمه على ادخاله العرب الى الاندلس,, الى ان كان ذلك، وسبب الله فتحها بسبب ذلك، وما بعد ذلك يذكر في غير هذا المكان
قال أبو عبدالرحمن: جرى العرب على نسبة كل قديم إلى عاد، ونسبة كل أمر باهر إلى تركة سليمان عليه السلام وملكه، فقد بهرهم ما وجدوه بالأندلس من تحف فنسبوه إلى سليمان,, وعودة بعض هذه التحف إلى روما باسم مائدة سليمان من الأساطير,, ثم ما دخل روما ولهذا الإقليم ملك نصراني مستقل؟!.
وقال الإدريسي عن النهر الذي تقع عليه طليطلة: ونهر تاجة المذكور يخرج من ناحية الجبال المتصلة بالقلعة والفنت، فينزل ماراً مع المغرب إلى مدينة طليطلة، ثم إلى طلبيرة، ثم إلى المخاضة، ثم إلى القنطرة، ثم إلى قنيطرة محمود، ثم إلى مدينة شنترين، ثم إلى لشبونة، فيصب هناك في البحر, (11)
وقال القزويني عن كسوة الكعبة ومن كساها: ثم الوليد بن عبدالملك زاد في حُلى البيت لما فتح بلاد الأندلس، فوجد بطليلطة مائدة سليمان عليه السلام,, كانت من ذهب ولها أطواق من الياقوت والزبرجد، فضرب منها حُلى الكعبة والميزاب (12)
قال أبو عبدالرحمن: لعل هذه أسطورة ثانية، وهي تنافي الأولى عن نقل المائدة إلى روما!.
وقال: طُلَيطُلة مدينة كبيرة بالأندلس من أجل مدنها قدراً، وأكثرها خيراً,, تسمّى مدينة الملوك,, ومن طيب تربتها، ولطافة هوائها تبقى الغلات في مطاميرها (13) سبعين سنة لا تتغّير,, وبها القنطرة العجيبة التي وصفها الواصفون أنّها قوس واحد من أحد طرفي الوادي إلى الطرف الآخر,, لم يرَ على وجه الأرض قوس قنطرة أعظم منها إلا قنطرة صور,, قال محمد بن عبدالرحيم الغرناطي: بقرب طليطلة نهر عظيم بنت الجن على ذلك قنطرة من الصخر عالية من الجبل إلى الجبل كأنها قوس قزح,, كلّ صخرة منها مثل بيت كبير، وقد شُدَّت تلك الحجارة بجذوع من حديد، وأذيب عليه الرصاص الأسود، وهي أزج (14) واحد يتعجب الناظرون منها لجودة بنائها، وماء ذلك النهر لا ينقطع أبداً,, وبها حجر المطر، وهو ما أخبر به بعض المغاربة: أن بقرب طليطلة حجراً إذا أراد القوم المطر أقاموه، فلا يزال يأتي المطر إلى أن يلقوه، وكلّما أرادوا المطر فعلوا ذلك.
وبها صورة ثورين من حجر صلد,, قال العذري: إن طارقاً لّما غزا طليطلة ركب على الثيران، وكان ذلك الموضع معسكره، فلعل ذلك شيء من الطلسمات.
وكان بها بيت الملوك,, كلّ من مات من ملوكها ترك تاجه في ذلك البيت، وكتب عليه عمر صاحبه ومدّة ولايته,, وكان بها بيت آخر من ملك من ملوكها قفل عليه قفلاً، ووصى لمن يكون بعده أن لا يفتح ذلك البيت حتى انتهى الملك إلى رجل اسمه لذريق,, دخل البيت الأوّل فوجد فيه أربعة وعشرين تاجاً على عدد ملوكهم، ووجد على باب البيت الآخر أربعة وعشرين قفلاً ظن أن فيه مالاً، فأراد فتحه، فاجتمعت الأساقفة والشماسة (15) وعظموا ذلك، وسألوه أن يسلك مسلك الملوك الذين كانوا قبله,, فأبى إلا فتحه، فقالوا له أيّها الملك: انظر فيما يخطر ببالك من مال تراه فيه لندفعه إليك ولا تفتحه,, فأبى إلاّ فتحه,, فلما فتحه إذا في البيت صور العرب على خيولهم بعمائمهم ونعالهم، وإذا فيه مكتوب الملك فينا ما دام هذا البيت مقفلاً، فإذا فتح فقد ذهب الملك! ,, فندم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/83)
لذريق على فتح الباب، فدخلت العرب بلدهم في السنة التي فتح فيها الباب في أيام الوليد بن عبدالملك، ولما فتحوها وجدوا بها مائدة سليمان بن داوود عليه السلام من ذهب، فلم يمكن نقلها لعظمها، فأمر الوليد أن يضرب منها حلي الكعبة وميزابها ففعل,, وما زالت بيد المسلمين إلى أن استولى عليها الفرنج في شهور سنة سبع وسبعين وأربعمئة، وإلى الآن بيدهم, (16) قال أبو عبدالرحمن: ستأتي إن شاء الله مناسبة للحديث عمن بنى القنطرة من الإنس لا الجن,, وقصة البيت والقفل وصور العرب من الاساطير,, وهي أساطير دفع اليها الوضع الحضاري المرموق لطليطلة، وكثرة الخيرات بها، وجمالها الطبيعي فوق وبين جبال يحف بها النهر من ثلاث جهات.
وقال ياقوت: طُلَيطُلةُ: هكذا ضبطه الحميدي بضم الطاأين (17) وفتح اللامين، وأكثر ما سمعناه من المغاربة بضم الأولى وفتح الثانية: مدينة كبيرة ذات خصائص محمودة بالاندلس يتّصل عملها بعمل وادي الحجارة من أعمال الأندلس، وهي غربي ثغر الروم وبين الجَوُف والشرق من قرطبة، وكانت قاعدة ملوك القرطبيين وموضوع قرارهم، وهي على شاطىء نهر تاجُه وعليه القنطرة التي يعجز الواصف عن وصفها,, وقد ذكر قوم أنها مدينة دقيانوس صاحب أهل الكهف,,قالوا: وبقرب منها موضع يقال له: جنان الورد,, فيه اجساد اصحاب اهل الكهف,, لا تبلى الى الآن,, والله أعلم، وقد قيل فيهم غير ذلك كما ذكر في الرقيم,, وهي من اجل المدن قدرا وأعظمها خطرا، ومن خاصيتها ان الغلال تبقى في مطاميرها سبعين سنة لا تتغير، وزعفرانها هو الغاية في الجودة، وبينها وبين قرطبة سبعة أيام للفارس، وما زالت في أيدي المسلمين منذ أيام الفتوح الى ان ملكها الافرنج في سنة 477، وكان الذي سلمها اليهم يحيى بن يحيى بن ذي النون الملقب بالقادر بالله، وهي الآن في أيديهم,, وكانت طليطلة تسمى مدينة الأملاك,, ملكها اثنان وسبعون لسانا فيما قيل، ودخلها سليمان بن داوود وعيسى بن مريم وذو القرنين والخضر عليهم السلام فيما زعم اهلها، والله اعلم,, قال ابن دُرَيد: طليطلاء مدينة وما أظنها الا هذه, (18).
وعلق ابن عبدالحق على ضبط ابن دريد بقوله: وكأنه لغة في طليطلة (19) قال أبو عبدالرحمن: ضبطها السمعاني؛ فقال: بضم الطاء المهملة وفتح اللام، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وكسر الطاء الاخرى,, وفي آخرها لام اخرى ,, ثم ذكر بعض علمائها (20) , وأما أهل الكهف فقد نُسبوا الى مواضع كثيرة، وعلمهم عند ربي.
وقال ابن عبدالمنعم - وقد اكثر النقل عن البكري -: طليطلة: بالاندلس، البرج المعروف بوادي الحجارة خمسة وستون ميلا، وهي مركز لجميع بلاد الاندلس؛ لأن منها الى قرطبة تسع مراحل، ومنها الى بلنسية تسع مراحل ايضا,,, ثم قال بعد سياق اسطورة الاقفال: وظن انه بيت مال قد اختزنته الملوك، ففض الاقفال عنه ودخل، فأصابه فارغا لا شيء فيه الا تابوتا عليه قفل، فأمر بفتحه؛ فألفاه فارغا ليس فيه الا شقة مدرجة صورت فيها صور العرب عليهم العمائم، وتحتهم الخيول العراب متقلدي السيوف متنكبي القسي رافعي الرايات على الرماح,, وفي اعلاها اسطر مكتوبة بالعجمية قرئت فاذا فيها: اذا كسرت الاقفال عن هذا البيت، وفتح هذا البيت؛ فظهر ما فيه من هذه الصور: فان هذه الأمة المصورة في هذه الشقة تدخل الاندلس؛ فتغلب عليها وتملكها,, فوجم لذريق، وندم على ما فعل، وعظم غمه وغم العجم لذلك، وأمر برد الاقفال واقرار الحراس، واخذ في تدبير ملكه، وذهل عما انذر به الى ان كان من امر يليان عامل لذريق على سبتة وامر ابنته في الخبر المشهور ما سبب اثارة عزمه على ادخاله العرب الى الاندلس,, الى ان كان ذلك، وسبب الله فتحها بسبب ذلك، وما بعد ذلك يذكر في غير هذا المكان.
ووجد اهل الاسلام فيها ذخائر عند افتتاح الاندلس كادت تفوق الوصف كثرة؛ فمنها مئة وسبعون تاجا من الذهب مرصعة بالدر واصناف الحجارة الثمينة، ووجد فيها الف سيف مجوهر ملوكي، ووجد بها من الدر والياقوت اكيال واوساق، ومن آنية الذهب والفضة وانواعها ما لا يحيط به وصف، ووجد بها مائدة سليمان بن داوود عليهما السلام، وكانت فيما يذكر من زمردة، وهذه المائدة اليوم بمدينة رومة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/84)
وزعم رواة العجم انها لم تكن لسليمان عليه السلام,, قالوا: وانما اصلها من العجم في ايام ملكهم,, كان اهل الحسبة في دينهم اذا مات احدهم اوصى بمال للكنائس؛ فاذا اجتمع عندهم ذلك المال صاغوا منه آلات من الموائد والكراسي وغيرها من الذهب والفضة,, يحمل الشماسة والقسوس فوقها مصاحف الاناجيل اذا ابرزت في ايام المناسك، ويضعونها على المذابح في الاعياد للمباهاة بزينتها؛ فكانت تلك المائدة بطليطلة مما صنع في هذا السبيل، وبالغت الاملاك في تحسينها، ويزيد الآخر منهم فيها على الاول؛ حتى برزت على جميع ما اتخذ من الآلات، وطار الذكر بها كل مطار,, وكانت مصوغة من خالص الذهب مرصعة بفاخر الدر والياقوت والزبرجد، لم تر العين مثلها، بولغ في تحسينها؛ من اجل دار المملكة؛ وأنه (21) لا ينبغي ان يكون في موضع آلة جمال الا ما يكون فيها,, وكانت توضع على مذبح كنيسة طليطلة؛ فأصابها المسلمون هناك,, وقصة ايصالها الى سليمان بن عبدالملك، ومنازعة موسى بن نصير وطارق مولاه في رجلها مشهورة.
قال ابن حيان: مضى طارق خلف فرار اهل طليطلة؛ فسلك الى وادي الحجارة، ثم استقبل الجبل فقطعه، فبلغ مدينة المائدة خضرا من زبرجد,, حافتاها منها وارجلها، وكان لها ثلثمئة وخمسة وستون رجلا؛ فأحرزها عنده.
وبطليطلة بساتين محدقة، وانهار مخترقة، ودواليب دائرة، وجنات يانعة، وفواكه عديمة المثال,, ولها من جهاتها أقاليم وقلاع منيعة، وعلى بعد منها في جهة الشمال الجبل المعروف بالشارات,, فيه من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون الى سائر البلاد، ولا يوجد شيء من ابقاره واغنامه الا في غاية السمن، ولا يوجد مهزولا ألبتة، ويضرب بها المثل في ذلك في جميع الاقطار بالاندلس,, وعلى مقربة من طليطلة قرية تسمى بمغام,, في جبالها وترابها الطين المأكول (22) يتجهز به الى مصر والشام والعراق,, ليس على قرار الارض مثله في لذة أكله، وتنظيف غسل الشعر به,, وفي جبال طليطلة معادن الحديد والنحاس.
وزعموا ان معنى طليطلة باللطيني (23) تولاطو ,, معناه فرح ساكنها يريدون لحصانتها ومنعتها,, وفي كتب الحدثان: كان يقال: طليطلة الاطلال، بنيت على الهرج والقتال,, اذا وادعوا الشرك لم يقم لهم سوقة ولا ملك,, على يد اهلها يظهر الفساد، ويخرج الناس من تلك البلاد,, ومدينة طليطلة قاعدة القوط ودار مملكتهم، ومنها كانوا يغزون عدوهم، واليها كان يجتمع جيوشهم، وهي احدى القواعد الاربع,, الا انها اقدمهن، ألفتها القياصرة مبنية، وهي اول الاقليم الخامس من السبعة الاقاليم التي هي ربع معمور الارض، واليها انتهى حد الاندلس، ويبتدىء بعدها الذكر للاندلس الاقصى، اوفت على نهر تاجه، وبها كانت القنطرة التي يعجز الواصفون عن وصفها، وكان خرابها في ايام الامام محمد,, ومن خواص ان حنطتها لا تسوس على مر السنين,, يتوارثها الخلف عن السلف ,, وزعفران طليطلة هو الذي يعم البلاد ويتجهز به الى الآفاق، وكذلك الصمغ السماوي.
واول من نزل طليطلة من ملوك الاندلس لوبيان وهو الذي بنى مدينة رقوبل، وهي على مقربة من طليطلة وسماها باسم ولده,, ومنها ولي الاساقفة على الكور، وبها مجتمعهم للمشورة، وكان عددهم ثمانين اسقفا لثمانين مدينة من حوز الاندلس كجليقية وطركون وقرطاجنة، وكانت قبل ولايته فرقا؛ فائتلف امر الناس، وانقطع الاختلاف، واحبه الخاص والعام، وهو الذي بنى الكنائس الجبلية والمعالم الرفيعة، وبنى الكنيسة المعروفة بالمردقة واسمه مزبور على بابها، وهي بين حاضرة البيرة ووادي آش.
وبطليطلة الفيت ذخائر الملوك، وعلى مقربة من طليطلة قرية قنبرشة، وهي حارتان فيهما عينا ماء اذا نضبت احداهما جرت الاخرى,, هذا دأبهما كل عام ,, ماؤهما متعاقب لا يجري في زمان واحد، وغربيها على نحو عشرين ميلا منها تمثالان عظيمان على صورة ثورين قد نحتا من حجر صلد,, وذكر بعض المؤرخين ان طارقا لما غزا طليطلة اعترض جنده وهو راكب احدهما,, قالوا: لما مضى طارق بن زياد الى طليطلة دار مملكة القوط الفاها خالية قد فر اهلها عنها، فضم اليها اليهود، وخلى بها رجالا من اصحابه ومضى خلف فرار اهل طليطلة، فسلك الى وادي الحجارة، ومنه اقتحم ارض جليقية، فخرقها، ودوخ الجهة، ثم انصرف الى طليطلة وذلك سنة ثلاث وتسعين من الهجرة,, وفي خمسين واربعمئة فلواً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/85)
في صورة مهر، وكانت بغلة كميتا لبعض السائقين؛ فتشاأم به النصارى، ولم يزالوا يختلونه حتى عقروه,, وبقلعة الفهمن من جوفي طليطلة على خمسة عشر ميلا منها بئر لم يعرف فيها قط علق؛ فنبشت في بعض السنين ليكثر ماؤهاه، فكثر العلق فيها كثرة مفرطة؛ فنظروا فيما استخرجوا من نبشها؛ فاذا فيه علقة نحاس؛ فردت في البئر؛ فانقطع العلق منها,, وقيل: انما ذلك في حصن وقش في عين بجوفي الحصن,, وفي قرية على عشرة اميال من طليطلة في طرق مجريط بئر معروفة اذا شرب من مائها المعلوق (24) سقطت العلق,, كان انسانا او دابة او غير ذلك.
وكان اخذ النصارى لطليطلة في منتصف محرم سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (25) قال أبو عبدالرحمن: والى لقاء ان شاء الله عن رحلتي الى اشبيلية.
(1) المغرب في حلى المغرب 2/ 9.
(2) الجلنار معرب الكلنار العجمية، ومعناها ورد الرمان,, وهي الرمان البري تزهر ولا تحمل ثمرا,, انظر تكملة المعاجم العربية لدوزي 2/ 258.
(3) نسبة الى آل ذي نون.
(4) المغرب 2/ 10 - 11.
(5) المغرب /11.
(6) المغرب 2/ 14.
(7) المغرب 2/ 20.
(8) المغرب 2/ 19.
(9) نزهة المشتاق 2/ 536.
(10) نزهة المشتاق 2/ 551 - 552.
(11) نزهة المشتاق 2/ 553.
(12) آثار البلاد ص 113.
(13) المطامير الاحواض، وتطلق ايضا على بيت الخلاء,, انظر تكملة المعاجم العربية 7/ 78.
(14) ازج: بيت يبنى طولا، وهو الاوستان بالفارسية.
(15) الشماس عند النصارى نائب كاهن دون القسيس,, انظر تكملة المعاجم العربية 6/ 355.
(16) آثار البلاد واخبار العباد ص 545 - 547.
(17) قال أبو عبدالرحمن: الرسم الاملائي بكتابة رأس الهمزة وسط السطر، ولا اعلم لذلك وجهاً ولو بحجة خطابية، والمختار عندي رسمها على الالف.
(18) معجم البلدان 4/ 39 - 040.
(19) مراصد الاطلاع 2/ 892.
(20) الانساب للسمعاني 4/ 71، واللباب في تهذيب الانساب لابن الاثير 2/ 284.
(21) قال ابو عبدالرحمن: اختياري في علامات الترقيم: انه اذا تتابع تعليلان فأكثر: رسمت علامة التعليل (؛) قبل التعليل الاول، ثم اكتفيت بالفاصلة,, وهاهنا لزمت كتابة علامة التعليل ثانية؛ ليعرف انها تعليلية، وان عاملها العامل في من اجل ,, والتقدير: ومن اجل انه.
(22) في تكملة المعاجم العربية لدوزي 7/ 112 - 113 ذكر نوعا من الطين يؤكل،وذكر طينا اندلسيا من الصلصال يغسل به الشعر، وانظر ص 59 مادة طفل.
(23) اي اللاتيني.
(24) المعلوق من اصابه العلق، وهو جرثومة صغيرة بيضاء وحمراء تكون في الماء الآسن.
(25) الروض المعطار ص 393 - 395.(144/86)
الأندلس وفضائح الأقزام لأبي عبد الرحمن ابن عقيل
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[23 - 12 - 07, 09:21 م]ـ
الأندلس وفضائح الأقزام
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
أعني بالأقزام أمراء التجزئة، وفي التاريخ تسامح إذ سماهم ملوكاً,, وما هم بملوك ولا كرامة، بل هم أمراء مدن وأقاليم على أشلاء دولة إسلامية قائمة حتى تصيدهم الفونسو وذريته تصيد العصافير، وإنما الملوك من أقاموا الدولة الإسلامية إما على أنقاض الكفر كبني أمية في الأندلس، أو على أنقاض التجزئة والجهل والبدعة والخرافة كآل سعود في جزيرة العرب.
وللإمام أبي محمد ابن حزم كتاب عن فضائح البربر لم يصل إلينا، ولا ريب أنه سيتعرض لمآسيهم على وحدة المسلمين في الأندلس منذ ثورتهم التي عايشها أبو محمد، لا استبعد تناوله لمن أدركهم من بني ذي النون البربريين الذين هم أول ثلم على الإسلام وأهله بالأندلس,, وقد شرق رحمه الله بالأقزام؛ فقال في رسالة التلخيص لوجوه التخليص: وأما ما سألتم عنه من أمر هذه الفتنة، وملابسة الناس بهامع ما ظهر من تربص بعضهم ببعض: فهذا أمر امتحنا به نسأل الله السلامة، وهي فتنة سوء أهلكت الأديان إلا من وقى الله تعالى من وجوه كثيرة يطول لها الخطاب,, وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن في شيء من أندلسنا هذه أولها عن آخرها: محارب الله تعالى ورسوله، وساع في الأرض بفساد,, والذي ترونه عياناً من شنهم الغارات على أموال المسلمين من الرعية التي تكون في ملك من ضارهم، وإباحتهم لجندهم قطع الطريق على الجهة التي يقضون على أهلها,.
ضاربون للمكوس والجزية على رقاب المسلمين، مسلطون لليهود على قوارع طرق المسلمين في أخذ الجزية والضريبة من أهل الإسلام، معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله,, غرضهم فيها استدامة نفاذ أمرهم ونهيهم؛ فلا تغالطوا أنفسكم، ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم.
ويقول رحمه الله: وأما الباب الثاني فهو باب قبول المتشابه، وهو في غير زماننا هذا باب جديد لا يُؤثَّم صاحبه، ولا يؤجر، وليس على الناس أن يبحثوا عن أصول ما يحتاجون إليه في أقواتهم ومكاسبهم؛ إذ كان الأغلب هو الحلال، وكان الحرام مغموراً,, وأما في زماننا هذا وبلادنا هذه: إنما هو باب اغلق عينيك، واضرب بيديك، ولك ما تخرجه إما تمرة وإما جمرة,, وإنما فرقتُ بين زماننا هذا والزمان الذي قبله؛ لأن الغارات في أيام الهدنة لم تكن غالبة ظاهرة كما هي اليوم,, والمغارم التي كان يقبضها السلاطين فإنما كانت على الأرضين خاصة؛ فكانت تقرب مما فرض عُمر رضي الله عنه على الأرض,, وأما اليوم فإنما هي جزية على رؤوس المسلمين يسمونها بالقطيعة، ويؤدونها مشاهرة، وضريبة على أموالهم من الغنم والبقر والدواب والنحل,, تُرسم على كل رأس وعلى كل خلية,, شيء ما، وقبالات ما تؤدي على كل ما يباع في الأسواق، وعلى إباحة بيع الخمر من المسلمين في بعض البلاد,, هذا كله ما يقبضه المتغلبون اليوم، وهذا هو هتك الأستار، ونقض شرائع الإسلام، وحل عراه عروة عروة، وإحداث دين جديد، والتخلي من الله عز وجل.
ثم يقول بفورة غضب من أجل الله سبحانه: والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها؛ فنحن نراهم يستمدون النصارى؛ فيمكنونهم من حُرم المسلمين وأبنائهم ورجالهم,, يحملونهم أسارى إلى بلادهم، وربما يحمونهم عن حريم الأرض وحشرهم معهم آمنين، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعاً؛ فأخلوها من الإسلام، وعمروها بالنواقيس,, لعن الله جميعهم، وسلط عليهم سيفاً من سيوفه , ومن سخفهم أنه كل خصي أو صقلبي أو بربري ملك مدينة أو حصناً يتسمى بالخليفة أمير المؤمنين,, قال أبو الحسن بن رشيق:
مما يزهِّدني في أرض أندلسٍ
أسماء معتمدٍ فيها ومعتضدٍ
ألقابُ مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ
وقال آخر:
وتفرقوا شيعاً فكل محلة
فيها أميرُ المؤمنين ومنبرُ
وقال أبو الحسن بن الجد:
أرى الملوك أصابتهم بأندلس
دوائرُ السوء لا تُبقي ولا تذرُ
ولما حضر الشاعر ابن مقانا الأشبوني أمام إدريس بن يحيى الحمودي- الذي سموه خليفة!!، وأنشده قصيدته النونية التي مطلعها:
وكأن الشمس لمّا أشرقت
فانثنت عنها عيون الناظرين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/87)
وجهُ إدريس بن يحيى بن علي
ابن حمودٍ امير المؤمنين
إلى أن قال:
أُنظرونا نقتبس من نوركم
إنه من نور رب العالمين
وعندئذ رفع الخليفة الحمودي الستر بنفسه، وقال: انظر كيف شئت,, وانبسط مع الشاعر.
قال أبو عبدالرحمن: والله لقد هزلت؛ ولهذا قال الإمام أبو محمد ابن حزم:
اجتمع عندنا بالأندلس في صقع واحد خلفاء أربعة كل واحد منهم يُخطب له بالخلافة بموضعه، وتلك فضيحة لم ير مثلها,, أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام كلهم يتسمى بالخلافة وإمارة المؤمنين، وهم: خلف الحصري بأشبيلية على أنه هشام من بعد اثنتين وعشرين سنة من موت هشام، وشهد له خصيان ونسوان؛ فخطب له على منابر الأندلس، وسفكت الدماء من أجله! ,, ومحمد بن القاسم خليفة بالجزيرة الخضراء، ومحمد بن إدريس خليفة بمالقة، وإدريس بن يحيى بن علي ببشتر.
وقال: وصار الأمر في غاية الأخلوقةالأضحوكة والفضيحة,, أربعة كلهم يتسمى بأمير المؤمنين في رقعة من الأرض مقدارها ثلاثون فرسخاً في مثلها.
وللفونسو سخريات لاذعة بهؤلاء الأقزام الذين سموا ملوكاً وخلفاء، وشمت بهم أي شماتة وهم يتهافتون في أحضانه عبيداً أذلاء، وانتهت حال الأندلس كما قال الأستاذ محمد عبدالله عنان: وهكذا انحدرت إسبانيا المسلمة في النصف الأول من القرن الخامس الهجريالحادي عشر الميلادي عقب انهيار دعائم الخلافة الأموية والدولة العامرية إلى معترك مروع من التمزق والفوضى، واستحالت الأندلس بعد أن كانت كتلة موحدة تمتد من ضفاف دويرة شمالاً إلى مضيق جبل طارق جنوباً، ومن شاطئ البحر المتوسط منذ طركونة شرقاً حتى شاطئ المحيط الأطلنطي غرباً: إلى أشلاء ممزقة، ورقاع متناثرة، وولايات ومدن متباعدة متخاصمة,, يسيطر على كل منها حاكم سباق استطاع أن يحافظ على سلطته المحلية خلال الانهيار، أو متغلب من الفتيان الصقالبة أو القادة ذوي السلطان السابق، أو زعيم أسرة محلي من ذوي الجاه والعصبية,, وسيطر البربر من جانبهم على أراضي المثلث الإسباني الجنوبي وما كان منه بيد الدولة الحمودية، وأنشأوا هنالك إمارات عدة ما لبثت أن نزلت إلى ميدان الصراع العام الذي شمل هذه المنطقة,, وهكذا قامت على أنقاض الدولة الأندلسية الكبرى دول عديدة هي دولالطوائف، وذلك منذ أوائل الربع الأول من القرن الخامس حتى الفتح المرابطي زهاء سبعين عاماً قضتها جميعاً في سلسلة لا نهاية لها من المنازعات الصغيرة، والخصومات والحروب الأهلية الانتحارية، وكادت (1) بتنابذها وتفرقها ومنافساتها تمهد لسقوط الأندلس النهائي,, وقد كان من رحمة القدر (2) أن اسبانيا النصرانية كانت في نفس الوقت الذي انتثرت فيه وحدة الأندلس على هذا النحو الخطر: تعاني من انقسام الكلمة، وتعصف بها ريح الخلاف والتفرق؛ فلم تتح لها فرصة للوثوب بالأندلس الممزقة: إلى أن كان الوقت الذي بلغ فيه تنابذ الطوائف ذروته، واشتد ساعد اسبانيا النصرانية كرة أخرى (3)، واستطاعت أن تضرب ضربتها القوية بانتزاع طليطلة أول قاعدة إسلامية كبيرة 478ه- 1085م؛ وعندئذ تطورت الحوادث بسرعة، واتجهت الاندلس الجريح في توجسها وانزعاجها إلى إخوانها المسلمين فيما وراء البحر بعدوة المغرب تستدعيهم لنصرته,, وكان أن تدفقت الجيوش المرابطية من المغرب على شبه الجزيرة الإسبانية، وكان أن أنقذت دولة الإسلام في الأندلس.
قال أبو عبدالرحمن: وهولاء الأقزام الإماء أمام العدو كانوا متديكين على رعاياهم لا يملكون غير بطر الذليل الذي بيده نعمة مؤقتة
وعن موقف شيخي- من طريق كتبه، وسيرته- إمام الدنيا أبي محمد ابن حزم رحمه الله من أمراء الطوائف الأنتان قلت منذ خمسة وعشرين عاماً:
إن الأئمة من قريش شرعة
حكم الرسول فلا يُرام اعلاله
نص صحيح لا يؤوَّل ظاهر
لم يحتمل تأويله نقَّاله
وظواهر الآثار ضربة لازب
من حاد عنها فالغواية فاله
فوثبتَ تحيي عهد أحمد حسبة
أن الخليفة من زكت أجذاله
وشجاك أن تمنى الأمور بسافل
لاعمه حر ولا أخواله
وسلك بالبرهان عضباً فارهاً
وغشاك تحت رحى الوغى قسطاله
غرناط ماشهدت عليك ملامة
لكنه أمر بدا إقحاله (4)
لله فيه حكمة وخبيئة
وقضاء ربك لا يرد مآله
دع أمر أندلس فلا أعياصه
أو صقره يرجى ولا أنساله
دع أمر أندلس يفرق شمله
بقاله وخصيه وثعاله
وكفاك من ميسور مالك بلغة
ولطالما ذل السؤولَ سؤاله
إن الوظيفة تسترق مناضلاً
أبت العزيمة أن يكل نضاله (5)
ما بعت دينك بالتزلف خلسة
ولك اليراع فما يفل مقاله
وخلعت سربال الوزارة صادعاً
بالحق مراً إذ أهين رجاله
وذرعت أرجاء البلاد مجادلاً
وقمعت من غلب العقول هزاله
وفضحت عباد الصليب مقرعاً
والحق يعلو لو أمر فتاله
ويهود أرغمت الحقيقة بطلهم
لم يغن حبرهمُ ولا نغراله (6)
تالله لم يختل أمامك باطل
ولك الرؤى يعشى بها دجاله
حسدوك في الحسنى فماتوا حسرة
خلد النجيب بما جنى غذاله
هبهم وشوا بك للطغاة وأكثروا
فنصال أنصار الإله نصاله
أيضير أن ترضي الإله بسخطهم
ويغرهم من ربهم إمهاله
كادوك حتى أحرقوا ما حبرت
أقلام حر كالسلاف ذباله (7)
يبدي صراح القول غير موارب
حراً وسربال التقى سرباله
فشجاك أن لم يفلحوا في كيدهم
وهرعت تتلو ما أذيل مذاله (8)
1 قال أبو عبدالرحمن: بل كانت.
2 قال أبو عبدالرحمن: بل رحمة الله.
3 قال أبو عبدالرحمن: ثم ماذا إن تأخر السقوط نهائياً، فقد اخذ القوم الموتَان منذ قيام عبيد الطوائف.
4 لقد أُسر أبو محمد في معركة غرناطة.
5 روي عن العقاد: أن الوظيفة رق القرن العشرين.
6 ابن نغرالة: يهودي رد عليه ابن حزم.
7 أحرقوا مكتبته ومؤلفاته، فكان يحفظها.
8 النغم الذي أحببته ص89 - 9(144/88)
العرب، والتقسيم الثنائي لأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[24 - 12 - 07, 02:09 ص]ـ
مشى أناس مع أساطير الوضاعين والكذابين وأوهام النقل عن أهل الكتاب، فجعلوا قبائل قحطان من ذرية هود عليه السلام، وقبائل عدنان من ذرية إسماعيل عليه السلام,, وغفلوا عن ضرورات النصوص الشرعية، وتحقيق النسابين من الفقهاء والمحدثين والمفسرين وهم أهل العلم حقيقة ,, وحسَّر آخرون غاية التحسير، وانساقوا وراء الأوهام وشهوات الإغراب والتجديد، فقالوا: لا قحطان، ولا عدنان!!.
ولا أزال أعد بكتابي الفحل الذي لا يزال في اللمسات الأخيرة، وهو العرب نسباً وشرفاً، فقد جاء بفضل الله ببرد اليقين,, ويهمني هاهنا في هذه العجالة تنبيه أشباه العوام وأنصاف المثقفين الذين أقحموا أنفسهم في علم الأنساب بغير أدوات علمية كافية عندما جروا على التقسيم الثلاثي: العرب البائدة كعاد وثمود، والعرب العاربة وهي قحطان، والعرب المستعربة وهي عدنان.
قال أبو عبدالرحمن: هذا وهم شنيع، بل القسمة ثنائية لا ثلاثية، ولكل قسم صفتان:
القسم الاول له صفتا العرب البائدة والعاربة، والقسم الثاني له صفة الباقية والمستعربة.
القسم الاول كعاد وثمود، والقسم الثاني عدنان وقحطان، وكلاهما من ذرية إسماعيل الذبيح ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام، وكلاهما مستعرب، لأنهم أخذوا لغتهم عن العرب العاربة.
وجرهم القحطانية الحديثة غير جرهم الأولى البائدة، والعدنانيون بقوا في جزيرتهم، فلم يحصل للغتهم جرش يلاشي هويتها، وهيأ الله لها قرنين قبل الإسلام لتبلغ ذروة الفصاحة والعبقرية في اللهجتين الحجازية والنجدية.
وبنو قحطان الإسماعيليون رحلوا إلى اليمن، وأندمجوا في حضارات قبلهم كالمعينيين، وانضوى إليهم خليط إفريقي، فحصل للغتهم جرش حتى أقسم فصيح العدنانية أن لغة حمير ليست لغتنا.
...
ـ[سليمان إبراهيم الأسعدي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 04:47 م]ـ
يقول الشيخ ناصر الفهد تعليقاً على قول بعض المؤرخين قحطان بن عابر (و عابر يقول المؤرخون أنه هو هود عليه السلام).
" والصحيح أن قحطان مثل عدنان من بني إسماعيل وهو الذي رجحه البخاري رحمه الله تعالى حيث بوّب في صحيحه باباً في (المناقب) فقال: (باب نسبة اليمن إلى إسماعيل) وهو ما ذكره الزبير بن بكار في كتابه (النسب) ومال إليه الحافظ ابن حجر، وذلك للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم من بني أسلم –وهم كما يذكر أهل النسب من الأزد، والأزد من قحطان-وهم يتناضلون فقال: ((ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً))، ولقول أبي هريرة رضي الله عنهالثابت في الصحيحين مخاطباً الأنصار –وهم من الأزد لما ذكر قصة هاجر أم إسماعيل-: (فتلك أمكم يا بني ماء السماء)، ولأدلة أخرى ليس هذا موضعها".
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[05 - 01 - 08, 07:05 م]ـ
جزاكما الله خيرا، فهذا موضوع جدير بالإهتمام والبحث فيه ..
ـ[فاطمةالزهراء]ــــــــ[01 - 03 - 09, 03:32 م]ـ
السلام عليكم اريد معرفه معلومات عن لغة حمير وقبيلة هذيل ويعرب وإياد
اي نوع من المراجع اجد فيها ذلك؟
ـ[ابوالوليد الطاهري]ــــــــ[06 - 03 - 09, 03:36 م]ـ
موضوع يستحق البحث ومتابع لكم(144/89)
طليطلة وضحك كالبكاء! (أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري)
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[24 - 12 - 07, 02:16 ص]ـ
لا أزال في الحديث عن طليطلة عاصمة القوطيين التي كانت قاعدة الاستقرار العربي الإسلامي في الجزيرة الخضراء منذ فتحها طارق بن زياد رحمه الله,, طليطلة بيت الحكمة،،القنطرة الشهيرة، والمساجد، والمنائر التي شاهدتهم أثارة ضئيلة منها,, طليطلة العلماء الأجلاء من أمثال أبي الحسن علي بن محمد بن دري، وأبي عبدالله المغامي، وأبي مسلم الضرير المقرئ، والقاضي أبي الوليد الوقشي، وابي عبدالله محمد بن إبراهيم الأنصاري ابن شق الليل، وقاضيها إمام المالكية يحيى بن يحيى الليثي,, ومن طليطلة اسرة أبي الوليد محمد بن الحسن بن زيد الغافقي، وأسرة يوسف بن يحيى المغامي من ذرية أبي هريرة رضي الله عنه، ومنها محمد بن حزم بن بكر التنوخي ابن المديني الذي سكن قرطبة,, ومن طليطلة أسلاف ابن الخطيب السلماني يعرفون ببني زير رحلوا إليها من قرطبة بعد هيج الربض، وأسرة عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن ذي النون الحجري,, لا أدري أهو من الأسرة الحاكمة، أم انتقل الاسم بمصاهرة، أم أن ذلك اسم على اسم؟.
قال أبو عبدالرحمن: يضنيني العد، وقد أصبحت اليوم بلد الشذوذ الجنسي المحمي بالقانون، وبلد كل الفواحش، وليس فيها من يقول: ألله ألله إلا من كان مسلماً زائراً لا حول له في البلاد ولا طول.
وكما كانت طليطلة قاعدة الاستقرار في الفتح كانت أول عنوان في سفر الخروج، وأفدح كرب على يد برابرة من جملة ملوك الطوائف الأقزام.
قال أبو عبدالرحمن: وإن قلمي لأحير من ضب في التعبير عن طليطلة بهذه المشاعر المضطربة المتناقضة,, وبعض عشاق التسلية يمجدون الأدب والعلم والفن في كنف دول الطوائف,, والحق في ذلك أن منه ما هو فخر وعز لعلماء أجلاء فضلاء ليس بيدهم حول ولا طول في المجال السياسي، ومنه أدب مجون، وأدب مستحقرين من ملوك الطوائف ليس لهم من الحركة إلا ضرطة مسلوخ!!.
فمن أدباء الحقيرِ المأمون بن ذي النون الوشاحُ ابن أرفع رأسه الذي يقول في موشحته:
تخطر ولم تسلم
عساك المأمون
مروع الكتائب
يحيى بن ذي النون!!
قال أبو عبدالرحمن: واخجلتاه!! ,, بل رأيت شكيب أرسلان في كتابه الإنشائي يقول عن بني ذي النون: وجاهدوا الثغور جهاداً كان الصبر مقامه.
قال أبو عبدالرحمن: العبارة الأخيرة غامضة، ولا نعرف لهم جهاداً في الثغور، وإنما حالفوا النصارى في محاربة المسلمين.
قال أبو عبدالرحمن: وسامح الله الوزير أبا الفضل محمد بن عبدالواحد بن الحارث الدارمي سفير الخليفة العباسي القائم بأمر الله إلى صاحب إفريقية المعز بن باديس، فلم يستح من التخييم عند هذا المأمون البربري بالأندلس، ثم لم يخجل ثانية من المدائح فيه كقوله:
يا ليلُ ألا انجلَيتَ عن فَلَقِ
طُلتَ ولا صبرَ لي على الأرَقِ
جفا لحاظي التغميض فيك فما
تُطبق أجفانَها على الحدقِ
كأنَني صورةٌ ممثَّلةٌ
ناظرُها الدَّهرَ غيرُ منطبقِ
وقوله:
يرزعُ ورداً ناضراً ناظري
في وَجنَةٍ كالقَمَرِ الطالعِ
أُمنعُ أن أقطفَ أزهارَهُ
في سُنّةِ المتبوع والتَابعِ
فلم منعَم شَفَتي قَطفَها
والحكمُ أن الزرع للزارعِ
قال المقري: وهكذا نسبها له غير واحد كابن سعيد وابن كتيلة، وبعضهم ينسبها للقاضي عبدالوهّاب,, قلت: وقد أجاب عنها بعض المغاربة بقوله:
سَلَّمتُ أنَّ الحكمَ ما قلتمُ
وهو الذي نُصَّ عن الشارعِ
فكيف تبغي شَفَةٌ قَطفَهُ
وغيرُها المدعوُّ بالزارعِ؟!
ورده شيخ شُيُوح شيوخنا الإمام الحافظ أبو عبدالله التَّنَسي ثم التلمساني بقوله:
في ذا الذي قد قلتُمُ مبحثٌ
إذ فيه إيهامٌ على السامعِ
سلَّمتُمُ الحكمَ له مطلقاً
وغَيرُ ذا نُصَّ عن الشارعِ
ويعني أنّه يلزم على قول المجيب أن يباح له النظر مطلقاً، والشرع خلافه.
وأجاب بعض الحنفية بقوله:
لأنَّ أهلَ الحبّ في حكمنا
عبيدنا في شرعنا الواسعِ
والعبدُ لا مِلكَ له عندنا
فحقُّه للسَّيِّدِ المانعِ
وهو جواب حسن لا بأس به,, ورأيت جواباً لبعض المغاربة على غير رَوِيِّهِ، وهو:
قل لأبي الفضل الوزيرِ الذي
باهى به مَغرِبَنا الشرقُ
غرستَ ظلماً وأردت الجنى
وما لعِرق ظالم حقُّ
قلت: وهذا ممّا يُعَيِّن أن الأبيات لأبي الفضل الدارمي المذكور في الذخيرة لا للقاضي عبدالوهاب، والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/90)
ومن شعر الوزير المذكور قوله:
بينَ كريمين منزلٌ واسع
والوُدُّ حالٌ تُقَرِّبُ الشاسع
والبيتُ إن ضاق عن ثمانية
متسعٌ بالودادِ للتاسع
قال أبو عبدالرحمن: تقصيت أمثال هذا في كتابي كيف يموت العشاق ,, ولكنني أقول: أي صدر يتَّسع لهذا والفونسو يخزر هؤلاء الهلكى خزر الصقور.
وتوفّي الدارمي بطليطلة سنة أربع وخمسين في كَنَفِ المأمون يحيى بن ذي النون، وذكر أنّه كان يُتَّهم بالكذب.
وقال ابن ظافر في كتابه بدائع البدائه: حضر أبو الفضل الدارمي البغدادي مجلس المعزِّ بن باديس,
وبالمجلس ساقٍ وسيم قد مَسَّكَ عذارُه وردَ خديه, وعجزت الراح أن تفعل في الندامى فعلَ عينيه، فأمره المعز بوصفه، فقال بديهاً:
ومُعَذَّرٍ نقش الجمالُ بِمِسكِهِ
خَدّاً لهُ بدم القلوبِ مضرَّجا
لمّا تيقَّنَ أن سيفَ جفونهِ
من نَرجِسٍ جعل العذار بنفسجا
وقوله في جدارية تبخرت بالند:
ومَحطوطة المتنين مَهضُومَة الحشا
مُنغَّمة الأردافِ تدمى من اللمس
إذا ما دُخان الند من جَيبها عَلا
على وجهها أبصرت غيماً على شمسِ
وقوله:
لأغرِّرَنَّ بمهجتي في حبّه
غَرَراً يطيلُ معَ الخطوبِ خطابي
ولئن تَعزز إنَّ عِندي ذلّةً
تستعطفُ الأعداء للأحبابِ
قال أبو عبدالرحمن: مثل هذا اللهو المستقبح في موطن الجد كثير في بلاطات الأقزام، فقد ذكروا أن بعض علماء الأندلس خرج من قُرطُبَة إلى طُلَيطُلَة، فاجتاز بحريز بن عكاشة بقلعة رباح، فنزل بخارجها في بعض جنباتها، وكتب إليه:
يا فريدا دون ثاني
وهلالاً في العيانِ
عدم الراح فصارت
مثلَ دُهنِ البلسانِ
فبعث إليه بها، وكتب معها:
جاء من شعرك روضٌ
جاده صَوبُ اللسانِ
فبعثناها سُلافاً
كسجاياك الحسانِ
قال أبو عبدالرحمن: أكرم بها هداياً تقر بها عيون الفونسو.
قال أبو عبدالرحمن: حريز بن عُكاشة من ذرية عكاشة بن محسن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أمير شجاع شَرِق بضياع حصن من حصون المسلمين كان في يد ابن ذي النون,, وأروَّح عن القلوب هذا اليوم بخطاب صاغه كاتبه المغفل عن ضعة ابن ذي النون وتفريطه مع تنمر ابن ذي النون كتابة وتشدقه باستسهال ضياع الحصون,, وكاتب حريز هو عبدالحميد بن لاطون؛ فأمره أن يكتب إلى المأمون بن ذي النون في شأن حصنِ دخله النصارى، فكتب: وقد بلغني أن الحصن الفلاني دخله النصارى إن شاء الله تعالى؛ فهذه الواقعة التي ذكرها الله تعالى في القرآن، بل هي الحادثة الشاهدة بأشراط الزّمان، فإنّا لله على هذه المصيبة التي هَدَّت قواعد المسلمين، وأبقت في قلوبهم حسرة إلى يوم الدين.
فلما وصل الكتاب للمأمون ضحك حتى وقع للأرض، وكتب لابن عكاشة جوابه، وفيه: وقد عهدناك منتقياً لأمورك، نقّاداً لصغيرك وكبيرك؛ فكيف جاز عليك أمر هذا الكاتب الأبله الجِلفِ، وأسندت إليه الكتاب عنك دون أن تَطّلع عليه، وقد علمت أن عنوان الرجل كتابه، ورائد عقله خطابه؟ ,, وما أدري من أيِّ شيئ يتعجّب منه: هل من تعليقة إن شاء الله تعالى بالماضي، أم من حسن تفسيره للقرآن ووضعه مواضعه، أم من تورُّعه عن تأويله إلاّ بتوقيف من سماع عن إمام، أم من تهويله لما طرأ على مَن يخاطبه، أم من علمه بشأن هذا الحصن الذي لو أنّه القسطنطينية العظمى ما زاد عن عظمه وهَوله شيئاً؟؟!! ,, ولو أن حقيراً يخفى عن علم الله تعالى لخفي عنه هذا الحصن,, ناهيك من صخرة حيث لا ماء ولا مرعى، منقطع عن بلاد الإسلام، خارج عن سلك النظام، لا يعبره إلا لص فاجر، أو قاطع طريق غير متظاهر، حُرَّاسُهُ لا يتجاوزون الخمسين، ولا يرون خبز البر عندهم إلاّ في بعض السنين، باعه أحدهم بعشرين ديناراً، ولعمري إنّه لم يغبن في بيعه، ولا ربح أرباب ابتياعه، وأراح من الشين بنسبته والنظر في خداعه، فليت شعري ما الذي عظمه في عين هذا الجاهل، حتى خطب في أمره بما لم يخطب به في حرب وائل؟!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/91)
فلمّا وقف حريز على الكتاب كتب لابن ذي النون جواباً منه: وإن المذكور ممّن له حُرمة قديمة تغنيه عن أن يمتَّ بسواها، وخدمة محمود أولاها وأخراها,, ولسنا ممّن اتسعت مملكته، وعظمت حضرته، فنحتاج إلى انتقاء الكُتاب، والتحفظ في الخطاب، وإنّما نحن أحلاسُ ثغور، وكتّاب كتائب لا سطور,, وإن كان الكاتب المذكور لا يحسن فيما يلقيه على القلم، فإنّه يحسن كيف يصنع في مواطن الكرم، وله الوفاء الذي تحدث به فلان وفلان، بل سارت بشأنه في أقصى البلاد الركبان، وليس ذلك يَقدح عندنا فيه، بل زاده (لكونه دالاً على صحة الباطن والسذاجة) في الإكرام والتنويه، انتهى.
قال أبو عبدالرحمن: تشدُّقُ هذا البربري انتهى به إلى سقوط مملكة طليطلة، ثم توالت الكوارث.
ومن قصص الكاتب المغفل مع الأمير حريز أنه في موكبه وهم في سَفَر، وكان في فصل المطر والطين، فجعل فرسه في ذنب فرس ابن عُكاشة، فلمّا أثارت يدا فرسه طيناً جاء في عنق أميره؛ ففطن لذلك الأمير؛ فقال له: يا أبا محمد: تقدّم,, فقال: معاذ الله أن أُسيئ الأدب بالتقدم على أميري,, فقالك فإن كان كذلك فتأخر مع الخيل,, فقال: مثلي لا يُزال عن ركابك في مثل هذا المواضع,, فقال له: فقد والله أهلكتني بما ترمي يدا فرسك عليَّ من الطين,, فقال: أعزّ الله الأمير: يعذرني؛ فوالله ما علمت أن يد فرسي تصل إلى عنقك,, فضحك ابن عكاشة حتى كاد يسقط عن مركوبه.
قال أبو عبدالرحمن: ويدلك على الترف في طيلطلة هذا الشعر الذي أرسله أبو محمد عبدالله بن عذرة إلى بعض أصحابه من الأسر في طلَيطلة:
لو كنتَ حيثُ تجيبني
لأذاب قَلبك ما أقول
يكفيك منّي أنني
لا أستقلُّ من الكُبُول
وإذا أردت رسالة
لكُمُ فما ألفي رسول
هذا وكم بِتنا وفي
أيمانِنا كأس الشَّمول
والعُودُ يخفق والدخان
(م) العَنُبريُّ به يجول
حال الزمانُ ولم يَزَل
مذ كنت أعهده يحول
قال أبو عبدالرحمن: لقد اصبحت طليطلة نصرانية، ولكنها آخذة بالجد في امتصاص معارف المسلمين كما امتصلت دماءهم,, قال ابن الخطيب عن عبدالله بن سهل الغرناطي: من كتاب ابن حمامة قال: عُني بعلم القرآن والنحو والحديث عناية تامة (وبهذا كنت أسمع الثَّناءَ عليه من الأشياخ في حال طفولتي بغرناطة)، ثم شُهر بعد ذلك بعِلم المنطق، والعلوم الرياية، وسائر العلوم القديمة,,
وعَظُم بسببها، وامتدَّ صيتُه من أجلها، وأجمع المسلمون واليهود والنصاري أن ليس في زمانه مثله، ولا في كثير ممن تقدمَّه (وبين هذه المِلل الثلاث من التَّحاسد ما عُرف) ,, وكانت النصارى تقصِده من طُليطلة تتعلَّم منه أيام كان ببيَّاسة، وله مع قَسِّيسهم مجالسُ في التَّناظر حاز فيها قَصَب السَّبق.(144/92)
طلب ضروري يا اخواني: أريد ترجمة للأستاذ محمد عبد الباقي والاستاذ عبد الفتاح أبو غدة
ـ[محمد خاطر]ــــــــ[24 - 12 - 07, 05:37 ص]ـ
من يأتي لي بترجمة الاستاذين:
محمد فؤاد عبد الباقي صاحب كتاب اللؤلؤ والمرجان
عبد الفتاح أبو غدة صاحب كتاب صفحات من صبر العلماء ....
وهل هما من أهل السنة؟؟؟؟
في انتظار الرد إن شاء الله ... وجزاكم الله خيرا ...
وجزاكم الله خيرا(144/93)
واقعة قرية اللسك حقيقة أم خيال
ـ[عبدالله بن أحمد بن ناشي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 08:57 ص]ـ
عباد بن بشر رضي الله عنه فضائله موضع وفاته ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn1)
ذكر بعض من ترجم لهُ من أهل حضرموت ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn2) ذك ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn3) رُ من كان يرى أنَّ عباداً مات باليمامة من فقهاء آل خطيب ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn3)
عباد بن بشر ومسألة العقب ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn4)
حقيقةٌ لا بد وأن تُعرف ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn5)
إبطال أدلة القائلين بمقتل عباد بقرية اللسك ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn6)
دفع الشبه التي يعكرون بها على القول بمقتل عباد في واقعة اليمامة ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn7)
وإن تعجب فعجبٌ قولهم ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn8)
وأعجب من ذلك تسميتهم لمن قتل عباداً من أهل القرية ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftnref84)
الكتب التي اعتمدوا عليها في الميزان ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn10)
مصادر البحث ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn11)
http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/ prev.gif (http://www.lesek.jeeran.com/index.htm)
المقدِّمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، وسيِّئاتِ أعمالِنا، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسولهُ.
] يَا أيُّها الذينَ آمنُوا اتقوا الله حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأنْتُم مُّسْلِمُوْن [
] يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقوا رَبَّكُم الذي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كثيراً ونساءً واتَّقُوا الله الذِي تساءلون بهِ والأرْحامَ إنَّ الله كانَ عَلَيْكَمْ رَقِيْبَاً [
] يا أيُّها الذينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيْدَاً يُصلحْ لَكُم أعْمَالَكم ويَغْفِر لكمْ ذُنُوْبَكُم ومَن يُطِعِ اللهَ ورَسُوْلهُ فقدْ فازَ فوْزاً عظِيْماً [الأحزاب [71,70]
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةً بدعة وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
أما بعد: فإنه قد يستغربُ كثيرٌ من الناس في كتابة مثل هذا البحث، وذلك لأن ما قُرِّر فيه أمرٌ مُسَلمٌ بِهِ عند المسلمين، ومع ذلك فقد وجد في بعض بلاد المسلمين من يخالف في ذلك ويزعم أن عباد بن بشر الأنصاري مات في قرية اللسك!
ثم لم يقفوا عند هذا فحسب، بل جعلوا له قبراً ورفعوه ارتفاعاً شاذاً وذلك في أعلى جبال القرية، ثم جعلوا له درجاً من أسفل الجبل إلى أعلاه، وأُحيط القبر بحائط يبلغ ارتفاعه "متر" تقريبا، ويتعاهدونه بالزيارة سنوياً، ويفعلون عنده ما هو معلوم من أفعال هذه الطائفة عند قبور أوليائهم، ثم وُجد لهذا أثرٌ في بعض أهل قرية اللسك، وذلك فيما مضى من السنين، فكان بعض الناس يعتقد أن صاحب هذا القبر قد يضر فلاناً أو ينفعه، وكانوا يدعونه من دون الله، كقول كثير من العجائز "يا عابد الوادي افعل لنا كذا، واصرف عنا كذا"، وكانت المرأة الحامل ترمي بحجر في فتحة من الجبل المحيط بالقبر فإذا استقر الحجر في هذه الفتحة علمت بذلك أن الذي في بطنها ذكر، وإن لم تستقر فحملها أنثى، إلى آخر ذلك مما يطول ذكره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/94)
أضف إلى ما تقدم أنهم بقولهم أن عبادا مات بوادي القرية ينفون عن هذا الصحابي الجليل منقبةً عظيمةً من مناقبه، ألا وهي شهوده واقعة اليمامة، التي لاقى فيها المسلمون ما لاقوا من المرتدين، وصبروا على شدة القتال انتصاراً لدين الله عز وجل، ومازال كثير من الناس إلى يومنا هذا سواءً في تريم أو في شرقها يتساءلون هل هذا القبر حقاً لعباد بن بشر؟ وإن كان غير ذلك فهل هذا القبر الرفيع والدرج المحكم في التصنيع والزيارات السنوية بنيت على فراغ؟ ... الخ
وكل هذا وذاك كان حاملاً لنا على كتابة هذا البحث.
علماً بأن أهل هذه القرية جزاهم الله خيراً قد تركوا جميع الأعمال التي كانت تُفعل عند هذا القبر، وذلك من فضل الله عز وجل ثم دعوة أهل السنة والجماعة، التي عملت على تصفية المعتقدات مما شابها من الشرك والابتداع، وتربية الناس على التوحيد والإتِّباع.
وقد وفقهم الله عز وجل إلى منع هؤلاء من إقامة بدعهم في مساجدهم، فازداد أهل البدع بذلك حمقاً وأخذوا يكتبون على أهل السنة في الجرائد، وظنوا أنهم يشهرون بهم، بل هم ينشرون عقائدهم، وينشرون دعوتهم، وأهل السنة فخورون، يوم أن منعوا أهل البدع من إقامة بدعهم في مساجدهم، وهم فخورون يوم أن صاحوا في وجوههم كما صاح الأولون، وما علم المساكين أن تصرفهم هذا ينزل ببضاعتهم إلى الحضيض، وظنوا أن أهل السنة عاجزون عن الكتابة في الجرائد، كلا والله، فليسوا بعاجزين، وهي سهلة المتناول لكل من يريد، ولكن أهل السنة يأنفون أن يضعوا علمهم في مثل هذه المواطن، ويحررون علمهم في نشرات العلم وصحائفه "فالذهب لا يوزن في موازين الحنبص"
هذا وأسأل الله أن يصلح لنا شأننا كله وأن يوفق المسلمين لكل خير وفلاح، وأن يجعلنا من المتمسكين بالكتاب والسنة العاضين عليها بالنواجذ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. 3/ 07 /1425هـ
عبَّاد بن بِشر رضي الله عنه فضائله وموضع وفاته [عودة] ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftnref1)
هو أبو بشر، عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث الأوسي.
قال عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري:
"يُكنى أبا الربيع، وأمه: فاطمة بنت بشر بن عدي بن أبي غنم بن عوف بن الخزرج، حلفاء بني عبد الأشهل"
قال ابن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله ت [463] هـ
قال: "لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة على يدي مصعب بن عُمير وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير"
فضائله رضي الله عنه
ولعباد بن بشر فضائل كثيرة ومناقب وكرامات قد
تميز بها عن غيره من الصحابة ومن ذلك:
ما رواه البخاري عن أنس أن عباد بن بشر وأسيد بن حُضير خرجا من عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة مظلمة فأضاءت عصا أحدهما فلما افترقا أضاءت عصا كل واحد منهما.
وهو ممَّن شهد المشاهدَ كلها وكانَ فيمَن يحرس قبةَ النبي r يومَ الخندق، سنة خمسٍ من الهجرة وممن حضرَ غزوة بني قرد سنة ست من الهجرة
وكانَ على رأس طليعة في غزوة الحديبيه سنة ست من الهجرة
وكذلك كان ممن حضرَ غزوة وادي القرى مع اليهود سنة سبع من الهجرة
وجعلهُ النبيُّ r على مقاسم حنين، واستعملهُ على حرسهِ بتبوك سنة تسع من الهجرة وشهدَ فتحَ مكةَ وهو القائل: ألا أومأتَ ليَ يا رسول الله فأقتله، أي ابن أبي السرح، وقيلَ القائل ابنُ عمر وبعثهُ النبي r إلى سليم ومُزين لجمع صدقاتهم أول سنة تسع وأرسلهُ إلى بني المصطلق يأخذُ صدقاتهم ويعلمهم شرائع الإسلام ويُقرئهم القرآن فمكث عندهم عشراً وذلك أول سنة تسع
وبعثهُ النبي r معَ محمد بن مسْلمة َ في ثلاثينَ راكباً إلى بني أبي بكر ابن كلاب فشنُّوا عليهم الغارات (7) ( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn13) وكان عباد بن بشر فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويحرض على أذاه (( http://www.lesek.jeeran.com/ عباد/عباد%20بن%20بشر. htm#_ftn14)8) وقال عباد بن بشرفي ذلك شعراً قال فيه:
< DIV align=center> صرختُ بهِ فلمْ يُعرض لِصَوتِيْ
فعدتُ لَهُ فقالَ مَن المُنادِيُ
فأقبَلَ نحْونا يهويْ سرِيْعاً
وفِيْ أيْمانِنَا بيْضٌ حِدَادٌ
فعَانقهُ ابنُ مَسْلمة َالمُردَّى
وشدَّ ِبسَيْفِهِ صَلقَا ًعليْهِ
ِفكانَ اللهُ سادِسُنا فأُبْنَا
و جاءَ ِبرأسِهِ نَفرٌ كِرَامٌ
ـــــ ــــ ـــ ـــــ ــــ ــــ ــ
< SPAN dir=ltr style="mso-bidi-font-size: 12.0pt; mso-bidi-font-family: Times New Roman">
ـ[عبدالله بن أحمد بن ناشي]ــــــــ[12 - 01 - 08, 11:43 ص]ـ
الموضوع غير كامل لذا تجد تمامه في الروابط الموجودة أعلاه(144/95)
دفاعا عن ابن باديس
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 05:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كان من مستلزمات منهج التصنيف والتبديع الذي ابتليت به أمتنا الإسلامية في الفترة الأخيرة أن يقدم المنتسب إليه الراغب في الرقي في درجاته قربانا بين يدي تزكيته، بأن يسقط عالما مشهورا من علماء المسلمين ويهدم رمزا من رموزهم.
و الكيس الفطن من المنتسبين لهذا المنهج التصنيفي إذا أراد أن تسهل أموره ويكتب "القبول" لـ"تصنيفه" اختار العلماء الذين خفرهم أقوامهم وضيعهم طلبتهم وعقهم أهلوهم حتى إذا تناولهم بالسب والتنقص ورماهم بالأوابد والقواصم ليقصيهم من منهج أهل السنة والجماعة أمن العاقبة وسلم من التبعة.
وقد وقع اختيار بعض المترشحين للتزكية والارتقاء في المنهج التصنيفي في بلدنا (الجزائر) على عبد الحميد ابن باديس وإخوانه من علماء الجمعية، ونصب لهم محاكمة جائرة كان الحكم فيها:طرد ابن باديس وإخوانه العلماء من السلفية.
ولا شك أن كثيرا من البررة المنصفين راعهم هذا التطاول على أعراض العلماء السلفيين المجاهدين وأنكروا ذلك بقلوبهم وألسنتهم ومقالاتهم ومنهم من وضع ردودا على ذلك،منها ما بلغنا ومنها ما لم يبلغنا.
لكن انتشار دفاع البررة المنصفين لم يجار انتشار شبه المصنفين، فلا زالت لتلك الشبه آثار على بعض شبابنا-هداهم الله تعالى -
لذلك وبالتشاور مع بعض الإخوة الكرام في هذا الملتقى المبارك (1) تم فتح هذا الموضوع ليكون جامعا لموضوعات المدافعين عن علماء الجمعية المنصفين لهم، وبالأخص منهم ابن باديس، وستقتصر مشاركتي المتواضعة –ابتداء-في هذا الموضوع على إعطاء لمحة عن كتاب "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى. (2)
ورجائي من إخواني الجزائريين ومن غيرهم من الغيورين على العلماء السلفيين أن يدافعوا عن علمائهم ويردوا عن أعراضهم،ولا يقولن قائل من غير الجزائريين أنا غير معني بهذا الأمر ولا يحسبن أنه في منأى عن هذا البلاء فإن المسلمين كالجسد الواحد وإن لم ندافع عن علمائنا السلفيين دون تمييز فسيأتي أقوام ينتسبون إلى السلفية ينصبون المحاكم لمحمد بن عبد الوهاب والهلالي والألباني وابن باز وابن عثيمين فيطردونهم من منهج أهل السنة.
والسعيد من اتعظ بغيره.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى
(1) أنظر فكرة فتح الموضوع هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=116471
(2) ينبغي هنا التنبيه إلى أن الكتاب غير مطبوع في الجملة ولكن مؤلفه وزع نسخا كاملة منه على بعض الطلبة، وطبع أحد أبوابه،ونشر بعض مباحثه في الشبكة، وتم توزيع بعض المباحث أيضا في شكل مطويات دعوية، وسيأتي الإشارة إلى ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 05:25 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى-1 -
فهرس مواضيع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس"
المقدمة
العلامة ابن باديس في سطور
الباب الأول: أصول الدعوة السلفية عند ابن باديس
الفصل الأول: أصول العقيدة
المبحث الأول: المصادر الأساسية لتلقي العقيدة
المبحث الثاني: حجية أخبار الآحاد في إثبات العقائد
المبحث الثالث: التزام الصحة
المبحث الرابع: الالتزام بما كان عليه السلف الصالح
المبحث الخامس: تضليل طريقة المتكلمين
المبحث السادس: تجنب الخوض في المسائل الكلامية
المبحث السابع: تقسيم التوحيد إلى توحيد علمي وتوحيد عملي
المبحث الثامن: التصريح بعقيدة الإثبات والتنزيه في باب الصفات
المبحث التاسع: التصريح بالبراءة من مظاهر الشرك
المبحث العاشر: الحكم والتشريع من معاني الربوبية
المبحث الحادي عشر: القول بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
المبحث الثاني عشر: الإيمان بالقدر مع إثبات الاختيار
المبحث الثالث عشر: عقيدة العذر بالجهل
المبحث الرابع عشر: الترضي على جميع الصحابة وإثبات الخلافة
الفصل الثاني: أصول الفقه
المبحث الأول: مصادر تلقي الفقه هي الكتاب والسنة والإجماع
المبحث الثاني: عدم إحداث الأقوال الجديدة المخالفة لإجماع السلف
المبحث الثالث: التزام الصحة في الروايات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/96)
المبحث الرابع: إبطال نظرية التقليد العام الملزم للناس
المبحث الخامس: إثبات مرتبة الاتباع
المبحث السادس: فتح باب الاجتهاد
المبحث السابع: إصلاح منهج التعليم والعمل على تصفية الفقه
الفصل الثالث: أصول السلوك
المبحث الأول: مصادر تلقي السلوك هي الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح
المبحث الثاني: إبطال الاحتجاج بالإلهام المجرد أو الكشف أو الذوق
المبحث الثالث: التزام الصحة في إثبات العبادات
المبحث الرابع: اجتناب العبادات المبتدعة
المبحث الخامس: البدع الدينية كلها ضلالة
المبحث السادس: النظر في المصالح يختص بغير أبواب التعبدات
المبحث السابع: إبطال منهج أهل الطرق جملة وتفصيلا
الفصل الرابع: أصول الدعوة والإصلاح
المبحث الأول: اعتماد الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح
المبحث الثاني: اعتقاد بقاء المنهج محفوظا في كل زمان يتوارثه العلماء
المبحث الثالث: اعتبار الدعوة إلى التوحيد أولى الأولويات
المبحث الرابع: اعتقاد شمول الشريعة
المبحث الخامس: طريق الإصلاح هو التعليم
المبحث السادس: العلم الصحيح هو سلاح الدعاة في معركة الإصلاح
المبحث السابع: نبذ الحزبيات المفرقة لشمل الأمة والمبددة للجهود
المبحث الثامن: إظهار الحق والأمر بالمعروف والنهي عن كل منكر
المبحث التاسع: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة
الباب الثاني: الكاتبة في الميزان
الفصل الأول: الجهالات العلمية
المبحث الأول: مسائل الفروق
المطلب الأول: عدم التفريق بين اختلاف التنوع والتضاد وبين الخلاف في الظنيات والقطعيات
المطلب الثاني: عدم التفريق بين التفويض والتأويل
المطلب الثالث: عدم التفريق بين التقية والمداراة
المطلب الرابع: عدم التفريق بين البدعة والابتداع
المطالب الخامس: عدم التفريق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر
المطلب السادس: عدم التفريق بين التمذهب والتعصب المذهبي
المطلب السابع: عدم التفريق بين تصفية السنة وتصفية العقيدة
المبحث الثاني: مسائل معرفة مذاهب أهل السنة وآراء المخالفين
المطلب الأول: الجهل بمفهوم البدعة
المطلب الثاني: الجهل بمذهب المانعين من تخصيص القرآن بخبر الواحد
المطلب الثالث: الجهل بمذاهب الفرق في الميزان
المطلب الرابع: الجهل بمنهجية عرض العقيدة عند السلفيين
المطلب الخامس: الجهل بموقف العلماء من كتب الردود
المطلب السادس: الزعم بأن المنع من الحكم بالشهادة للمعين قول قطعي
المطلب السابع: الزعم بأن المنع من التوسل بالنبي قول قطعي
المطلب الثامن: الجهل بمذاهب الفرق في الصفات
المبحث الثالث: جهالات علمية مختلفة
المطلب الأول: هل يقال عن الإنسان إنه يخلق؟
المطلب الثاني: هل الخلاف في القرآن خلاف في التعريف؟
المطلب الثالث: هل القول بأن القرآن معدن ممنوع؟
المطلب الرابع: هل التفسير بالرأي مذموم بإطلاق؟
المطلب الخامس: هل ربط الحقائق العلمية بالآيات القرآنية أمر منكر بإطلاق؟
المطلب السادس: صاحبة التقرير تنتهج منهج التكفير
المطلب السابع: هل يجب ذكر المثالب عند المدح؟
المبحث الرابع: جهالات تاريخية
المطلب الأول: عدم تفريقها بين جرائد ابن باديس وجرائد الجمعية
المطلب الثاني: زعمها أن إبراهيم أطفيش كان من رجال الجمعية
المطلب الثالث: الجهل بتاريخ عودة التوحيد إلى الحجاز
المطلب الرابع: هل أفسد محمد عبده عقيدة أهل الأزهر السلفية؟؟
المطلب الخامس: من هو مؤلف تفسير المنار؟
المطلب السادس: متى انضم الطرقية إلى الجمعية ومتى عاداهم ابن باديس؟
المطلب السابع: من هو السنوسي مؤسس الطريقة السنوسية؟
المطلب الثامن: من هو العلامة المجدد سلامة موسى؟
الفصل الثاني: الحشو والتلبيس والكذب
المبحث الأول: الحشو والتلبيس
المطلب الأول: إيراد مثالب الخوارج والإباضية (15 - 17)
المطلب الثاني: إيراد مثالب محمد عبده (97 - 120)
المطلب الثالث: إيراد مثالب عبد الرحمن عبد الخالق (98 - 101)
المطلب الرابع: إيراد مثالب مفدي زكريا (85 - 92)
المطلب الخامس: إيراد مثالب أحمد شوقي وحافظ إبراهيم
المطلب السادس: ما هو معنى الزاوية؟
المطلب السابع: المؤاخذة بخطأ التلميذ
المطلب الثامن: تحميل ابن باديس مسؤولية ما نُشِر في الشهاب والبصائر
المبحث الثاني: دلائل عدم قراءة الكاتبة لآثار ابن باديس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/97)
المطلب الأول: في قضية الثناء على محمد عبده
المطلب الثاني: في قضية ضم الإباضية إلى الجمعية
المطلب الثالث: في قضية الصفات
المطلب الرابع: في زعمها أن ابن باديس لم ينتسب إلى السلفية ولا جمعية العلماء
المطلب الخامس: في قضية التعصب المذهبي
المطلب السادس: في وصفها لتفسيره بأنه خليط
المطلب السابع: في قضية التوسل
المطلب الثامن: في قضية أطفيش
المطلب التاسع: في كلام ابن باديس عن الشيعة
المبحث الثالث: هل كانت جمعية العلماء تدعو إلى التوحيد
الفصل الثالث: قضايا مختلفة
المبحث الأول: أغلوطة من أدخل السلفية إلى الجزائر؟
المطلب الأول: من أدخل الإسلام الصحيح إلى الجزائر
المطلب الثاني: من أسباب تجديد الصحوة السلفية
المطلب الثالث: وقفات مع الكاتبة
المبحث الثاني: بين ابن عبد الوهاب وابن باديس
المبحث الثالث: نقد أصول سلفية الكاتبة (المبتدعة)
المبحث الرابع: براءة الألباني من مذهب أهل الغلو في التبديع
المطلب الأول: الحكم على الناس بالظاهر
المطلب الثاني: من أخطأ في جزئية منهجية لم يخرج من السلفية
المطلب الثالث: هل كل من وقع في البدعة يكون مبتدعا؟
المطلب الرابع: اشتراط إقامة الحجة في التبديع
المطلب الخامس: الحكم على الجماعات لابد فيه من التفصيل
المطلب السادس: رأي الألباني في التسلسل في التبديع (قاعدة ألحقه به)
المطلب السابع: لا هجر للمخالفين في هذا الزمان
المطلب الثامن: الأصل في الرد هو الرفق واللين
المطلب التاسع: إنصاف المخالفين
المطلب العاشر: تحديد معنى الموازنة المذمومة
المطلب الحادي عشر: هل يكون المسلم شرا من اليهود والنصارى؟
المطلب الثاني عشر: حكم الترحم على المخالفين
المطلب الثالث عشر: حكم بيع أشرطة وكتب المخالفين
المطلب الرابع عشر: حكم أخذ أهل العلم عن أهل البدع
المطلب الخامس عشر: حكم إقحام الشباب في مسائل التبديع
المطلب السادس عشر: الفصل والإقصاء من منهج الحزبيين
الباب الثالث: دفع الشبهات عن العلامة ابن باديس
الفصل الأول: مسائل السياسة الشرعية
المبحث الأول: قضية التعاون مع الإباضية وغيرهم
المطلب الأول: النظر في القصد من إنشاء الجمعية
المطلب الثاني: أصول جمعية العلماء ودستورها
المطلب الثالث: العمل في المتفق عليه لا يلزم منه السكوت عن المختلف فيه
المطلب الرابع: مبدأ التعاون مع المخالف وتأليف القلوب
المطلب الخامس: آثار تعاون ابن باديس مع من ليس على الخط السلفي من كل وجه
المطلب السادس: حكم الاستعانة بأهل البدع ضد الكفار
المطلب السابع: هل يلام السلفيون على إنشاء الجمعية
المبحث الثاني: أسلوب التعامل مع الإدارة الفرنسية
المطلب الأول: حكم تعزية الكفار
المطلب الثاني: بيان لتهدئة الجماهير الثائرة
المطلب الثالث: قوله لو أمرتني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله
المبحث الثالث: ما هو الموقف الصحيح من تعطيل زوايا السنوسية؟
الفصل الثاني: قضايا الثناء على الناس
المبحث الأول: الثناء على محمد عبده
المبحث الثاني: الثناء على عمر المختار رحمه الله
المبحث الثالث: الثناء على الزمخشري والرازي
المطلب الأول: الإلزام بتعدية هذا الكلام إلى كل الكتب التي فيها أخطاء وضلالات
المطلب الثاني: الإلزام بتعدية اللوم والحكم على كل من يستدل بكلام المخالفين
المطلب الثالث: الإلزام بتعدية الحكم إلى كل عالم صنع مثل صنيعه
المبحث الرابع: الثناء على مصطفى كمال
المطلب الأول: مقصد ابن باديس وعذره
المطلب الثاني: مقال براءة الذمة
المطلب الثالث: ما نشر في الشهاب من أخبار تركية بعد سقوط الخلافة
المطلب الرابع: من أقوال محمد رشيد رضا رحمه الله
الفصل الثالث: الأخطاء في المسائل الخفية والقضايا الخلافية
المبحث الأول: قضية التوسل بالنبي
المطلب الأول: خلاصة كلام ابن باديس رحمه الله تعالى
المطلب الثاني: عقيدتنا في المسألة
المطلب الثالث: إثبات الخلاف في التوسل بالنبي
المطلب الرابع: نفي التكفير والعقوبة والتبديع بناء على هذه المسألة
المطلب الخامس: الخلاف ثابت أيضا في حق غير النبي
المطلب السادس: وقفة مع الكاتبة
المبحث الثاني: حكم أبوي المصطفى
المطلب الأول: مذاهب العلماء في مسائل أهل الفترة
أولا: مصير أهل الفترات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/98)
الثاني: أهل الجاهلية هل كانوا أهل فترة
ثالثا: حكم أبوي النبي ومن جاء في حقهم النص
المطلب الثاني: إيراد كلام ابن باديس رحمه الله وتوضيحه
المطلب الثالث: جهالات خطيرة
المبحث الثالث: بدعة المولد
المطلب الأول: بعض الشر أهون من بعض
المطلب الثاني: جهالات تاريخية وعلمية
المطلب الثالث: المولد النبوي ليس عيدا دينيا عند ابن باديس
المبحث الرابع: حكم الاحتفالات الدنيوية
المطلب الأول: المشروع والممنوع من الاحتفالات
المطلب الثاني: تطبيق على الاحتفالات المنتقدة
المبحث الخامس: الحكم على المعين بالشهادة
المطلب الأول: إثبات الخلاف والإلزام
المطلب الثاني: بيان أدلة الجواز
المطلب الثالث: مناقشة أدلة المنع
الفصل الرابع: مسائل البهتان
المطلب الأول: التعصب للمالكية
المطلب الثاني: الاعتداد بالمذهب الشيعي والإباضي
المطلب الثالث: عدم تحكيم الشريعة
المطلب الرابع: وحدة الأديان
المطلب الخامس: نوع خلافه مع الطرقية
المطلب السادس: تأثره بالإخوان المسلمين
المطلب السابع: رد أخبار الآحاد في العقيدة
المطلب الثامن: الترويج للاشتراكية
المطلب التاسع: تقديم الوطن والقومية على الدين
المطلب العاشر: اختلال معيار التزكية عند ابن باديس
الباب الرابع:: هل كان ابن باديس مبتدعا
الفصل الأول: انتساب ابن باديس وأصحابه إلى الدعوة السلفية
المبحث الأول: انتساب ابن باديس إلى السلفية
المبحث الثاني: انتساب رجال الجمعية إلى السلفية
المطلب الأول: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي
المطلب الثاني: الشيخ أبو يعلى الزواوي
المطلب الثالث: الشيخ الطيب العقبي
المطلب الرابع: الشيخ مبارك الميلي
المطلب الخامس: الشيخ العربي التبسي
المبحث الثالث: دفاع ابن باديس عن أئمة الدعوة السلفية
المطلب الأول: شيخ الإسلام ابن تيمية
المطلب الثاني: الإمام ابن عبد الوهاب
المطلب الثالث: السلطان المغربي محمد بن عبد الله وابنه سليمان
المطلب الرابع: الشيخ محمد رشيد رضا
الفصل الثاني: من شهادات الأعلام على سلفية ابن باديس
المبحث الأول: شهادات أهل الجزائر
المطلب الأول: البشير الإبراهيمي
المطلب الثاني: أبو يعلى الزواوي
المطلب الثالث: محمد علي فركوس
المبحث الثاني: شهادات غيرهم من أهل البلدان
المطلب الأول: محمد تقي الدين الهلالي
المطلب الثاني: ربيع بن هادي المدخلي
المطلب الثالث: علي حسن عبد الحميد
الفصل الثالث: قواعد في التبديع
المبحث الأول: اشتراط إقامة الحجة في التبديع والتضليل
المبحث الثاني: وجوب عقد الموازنة بين الصواب والخطأ
المطلب الأول: أدلة وجوب الموازنة بين الصواب والخطأ
المطلب الثاني: نصوص العلماء عليها
أولا: من نصوص ابن تيمية
ثانيا: من نصوص ابن القيم
ثالثا: من نصوص الذهبي
رابعا: من نصوص ابن رجب
المطلب الثالث: حكم من لم يقل بالموازنة
المطلب الرابع: ما هي الموازنة المذمومة
المبحث الثالث: تبديع من خالف المعلوم المتواتر
المبحث الرابع: تبديع المفارق للجماعة المعادي لأهل السنة
الفصل الرابع: صفات من يتكلم في الرجال
المبحث الأول: الإخلاص والتجرد عن الهوى
المبحث الثاني: العلم المبني على الكتاب والسنة
المبحث الثالث: العلم بقواعد الحكم على الرجال
المبحث الرابع: الأدب في العبارة والإنصاف
المبحث الخامس: الورع والخوف من الله تعالى
المبحث السادس: التثبت والتروي
الخاتمة: خلاصة وملاحق
الملحق الأول: عدم التشهير بأهل العلم والفضل
الملحق الثاني: عصمة الأئمة
الملحق الثالث: بدعة نقد العلماء
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 05:57 م]ـ
استهل الشيخ محمد حاج عيسى كتابه بمقالة للعلامة المغربي تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى تلخص كل ما يحس به المحبون للعلم المنصفون لأهله إذا سمعوا بالطعن في عالم من العلماء، قال رحمه الله:
"قرأت في بعض أجزاء البصائر انتقادا موجها إلى رئيس جماعة العلماء وإلى أبي يعلى الزواوي، فأعجبني ما عليه رجال الإصلاح من محاسبة أنفسهم على النقير والفتيل في أقوالهم والتزام الاعتصام بحبل الله، وعدم التساهل في كل ما يشم منه رائحة التفرق والانفصام، ولكنه ساءني أن يوجه مثل ذلك الوخز والهمز إلى رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، إلى رجال لهم من الباقيات الصالحات ما يكفر الزلات التي لا تحتمل التأويل، فكيف بذلك الشيء الضئيل الذي يحتمل ألف وجه من التأويل، والحمل على وجه حسن، ولو صدر مثل ذلك من رجل من عامة الكتاب ليس له ما يشفع له أو يدفع عنه لما ساغ لمن يريد الإصلاح أن يلدغه بذلك العتاب الأليم، لأن العتاب على ذلك المنوال لا ينتج خيرا، وإنما ينتج عكس المطلوب، "فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ"، خذ العفو وأمر بالعرف…
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع " (1).
(1) البصائر العدد (29) الصادر يوم 5 جمادى الأولى 1355هـ الموافق لـ 24 جويلية 1936م الصفحة (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/99)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 06:03 م]ـ
ثم شرع يبين في مقدمة كتابه الأسباب التي دفعته إلى تأليفه وهي ملخصة كالتالي:
1 - عظم منزلة الإمام ابن باديس وواجبنا نحوه من الاعتراف بفضله ونشر فضائله وإبراز آثاره الدالة على اتباعه للسنة.
2 - العلمانيون والطرقيون كان لهم السبق في الطعن في ابن باديس ودعوته لكن على وجل واستحياء.
3 - تجدد التعريض بابن باديس والطعن في دعوته حين ارتفع قرن الطرقيين والعلمانيين في الجزائر.
4 - في حين كان يستوجب على ورثة الدعوة السلفية الصحيحة أن يدفعوا موجة الطعن عن العلماء ظهرت طائفة جديدة في ساحة الدعوة السلفية همها تتبع العورات وإسقاط العلماء
5 - تأليف كتاب "الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي " حاولت صاحبته أن تجمع فيه ما استطاعت إليه سبيلا من أخطاء للشيخ العلامة ابن باديس، حتى تُعارض أهل العلم الذين يقولون إن ابن باديس من علماء السنة سلفي في عقيدته ومنهجه"
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 06:33 م]ـ
لخص الشيخ محمد حاج عيسى لائحة الاتهام المسماة بـ"الرد الوافي على من زعم على أن ابن باديس سلفي" في 24 اتهاما لا أورد منها الآن إلا ما روجه بعض إخواننا في ملتقى أهل الحديث –هداهم الله تعالى-
من ذلك رمي ابن باديس رحمه الله تعالى بالتأويل عى طريقة الأشاعرة ورميه بإقرار الديمقراطية ورميه بتزكية الإباضية والتعاون معهم ....
منهج كتاب "الرد النفيس":ذكر صاحبه أنه يجمع في كتابه هذا بين الدفاع عن ابن باديس رحمه الله من خلال الرد على التهم التي رمي بها، وبين التأصيل العلمي من خلال الرد على المنهج التصنيفي الجديد الذي كان تأليف كتاب الرد الوافي ثمرة تطبيقية له.
بعد ذلك ذكر الشيخ محمد حاج عيسى ترجمة مختصرة لابن باديس مع ذكر بعض مواقفه الدعوية
وأنا أحيل إلى بعض المواضيع في هذا الملتقى المبارك تناولت ترجمة ابن باديس وبعض مواقفه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=100401&highlight=%C8%C7%CF%ED%D3
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=84162&highlight=%C8%C7%CF%ED%D3
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:24 م]ـ
الباب الأول: أصول الدعوة السلفية عند ابن باديس (1)
رأى صاحب "الرد النفيس" أنه من الضروري في مقام مناقشة الطاعنين في العلامة ابن باديس رحمه الله تعالى، توضيح "أصول الدعوة التي كان ملتزما بها في العلم والعمل، وبناء عليها يصح أن يحكم عليه بالاستقامة أو عدمها –ممن هو أهل لذلك -، وليرى كل منصف أن أصوله هي عين أصول أهل السنة والجماعة لا تختلف عنها في قليل ولا كثير ... " والمنهج الذي اتبعه في بيان أصول الدعوة السلفية عند ابن باديس أن قسم هذه الأصول إلى أربعة مجموعات أصول العقيدة وأصول الفقه وأصول السلوك وأصول الدعوة والإصلاح فيسرد أولا الأصول المندرجة تحت كل مجموعة ناقلا نصوص بعض العلماء عليها في الهامش (أغلبها نقول عن ابن تيمية) ثم يشرع في إيراد نصوص العلامة ابن باديس الدالة على التزامه بتلك الأصول ومنهجي أنا في عرض الكتاب أن أذكر هذه الأصول وأورد تحت بعضها نصا أونصين مما نقله الكاتب من نصوص ابن باديس مختارا الأدل على المطلوب.
(1) (هذا الباب من كتاب الرد النفيس مطبوع)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:28 م]ـ
الفصل الأول: أصول العقيدة
المبحث الأول: المصادر الأساسية لتلقي العقيدة هي الكتاب والسنة
قال ابن باديس رحمه الله تعالى: «أدلة العقائد مبسوطة كلها في القرآن العظيم بغاية البيان ونهاية التيسير …فحق على أهل العلم أن يقوموا بتعليم العامة لعقائدها الدينية، وأدلة تلك العقائد من القرآن العظيم، إذ يجب على كل مكلف أن يكون في كل عقيدة من عقائده الدينية على علم، ولن يجد العامي الأدلة لعقائده سهلة قريبة إلا في كتاب الله، فهو الذي يجب على أهل العلم أن يرجعوا إليه في تعليم العقائد للمسلمين، أما الإعراض عن أدلة القرآن والذهاب مع أدلة المتكلمين الصعبة ذات العبارة الاصطلاحية فإنه من الهجر لكتاب الله وتصعيب طريقة العلم على عباده وهم في أشد الحاجة إليه، وقد كان من نتيجته ما نراه اليوم في عامة المسلمين من الجهل بعقائد الإسلام وحقائقه» الآثار (1/ 142)
وقال رحمه الله:" وأفادت أن جميع هذا الدين وحي من الله منزل على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهذا لأن مرجع الإسلام في أصوله وفروعه إلى القرآن وهو وحي من الله وإلى السنة النبوية وهي وحي أيضا لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} وكل دليل من أدلة الشريعة فإنه يرجع إلى هذين الأصلين ولا يقبل إلا إذا قبلاه ودلا عليه، وكل شيء ينسب إلى الإسلام ولا أصل له فيهما فهو مردود على قائله وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". الآثار (1/ 370).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/100)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:31 م]ـ
المبحث الثاني:حجية أخبار الأحاد في إثبات العقائد
.............................................
المبحث الثالث: التزام الصحة (يروى من أخبار الآحاد في باب العقائد، وعدم قبول الأحاديث الضعيفة أو الأخبار الإسرائيلية فيها)
قال ابن باديس: «لا نعتمد في إثبات العقائد والأحكام على ما ينسب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحديث الضعيف لأنه ليس لنا به علم» الآثار (1/ 143)
المبحث الرابع: الالتزام بما كان عليه السلف الصالح
قال ابن باديس رحمه الله تعالى: «اعلموا جعلكم الله من وعاة العلم، ورزقكم حلاوة الإدراك والفهم، وجملكم بعزة الاتباع وجنبكم ذلة الابتداع، أن الواجب على كل مسلم في كل مكان وزمان أن يعتقد عقدا يتشربه قلبه وتسكن له نفسه وينشرح له صدره، ويلهج به لسانه، وتنبني عليه أعماله، أن دين الله تعالى من عقائد الإيمان وقواعد الإسلام وطرائق الإحسان إنما هو في القرآن والسنة الثابتة الصحيحة وعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وأن كل ما خرج عن هذه الأصول ولم يحظ لديها بالقبول –قولا كان أو عقدا أو احتمالا -فإنه باطل من أصله مردود على صاحبه كائنا من كان في كل زمان ومكان، فاحفظوها واعملوا بها تهتدوا وترشدوا إن شاء الله تعالى " الآثار (3/ 222)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:33 م]ـ
المبحث الخامس: تضليل طريقة المتكلمين
وصرح ابن باديس باعتبار منهج المتكلمين من مظاهر الهجر لكتاب الله تعالى فقال: «نحن معشر المسلمين قد كان منا للقرآن الكريم هجر كثير في الزمن الطويل، وإن كنا به مؤمنين. بسط القرآن عقائد الإيمان كلها بأدلتها العقلية القريبة فهجرناها وقلنا تلك أدلة سمعية لا تحصل اليقين، فأخذنا في الطرائق الكلامية المعقدة وإشكالاتها المتعددة واصطلاحاتها المحدثة، مما يصعب أمرها على الطلبة فضلا عن العامة». الآثار (1/ 250).
المبحث السادس: تجنب الخوض في المسائل الكلامية
من نصوص ابن باديس في هذا السياق قوله: «قلوبنا معرّضة لخطرات الوسواس بل للأوهام والشكوك، فالذي يثبتها ويدفع عنها الاضطراب ويربطها باليقين هو القرآن العظيم، ولقد ذهب قوم مع تشكيكات الفلاسفة وفروضهم ومماحكات المتكلمين ومناقضاتهم، فما ازدادوا إلا شكا وما ازدادت قلوبهم إلا مرضا، حتى رجع كثير منهم في أواخر أيامهم إلى عقائد القرآن وأدلة القرآن فشفوا بعد ما كادوا كإمام الحرمين والفخر الرازي». الآثار (1/ 257)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:36 م]ـ
المبحث السابع: تقسيم التوحيد إلى توحيد علمي وتوحيد عملي
قال في بيان التوحيد وأقسامه: «التوحيد هو اعتقاد وحدانية الله وإفراده بالعبادة، والأول هو التوحيد العلمي والثاني هو التوحيد العملي، ولا يكون المسلم مسلما إلا بهما» العقائد الإسلامية (66)
المبحث الثامن: التصريح بعقيدة الإثبات والتنزيه في باب الصفات
قال الشيخ رحمه الله تعالى في كتابه "العقائد الإسلامية" مبينا القاعدة الكلية التي يسير عليها أهل السنة والجماعة: «عقيدة الإثبات والتنزيه، نثبت له تعالى ما أثبت لنفسه على لسان رسوله من ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله، وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته لقوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (آل عمران 28) {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (المائدة 116)».
المبحث التاسع: التصريح بالبراءة من مظاهر الشرك
.................................................. .............................................
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:39 م]ـ
المبحث العاشر: الحكم والتشريع من معاني الربوبية
استدل على ذلك بأنه كلما ذكر الحاكمية أدرجها تحت توحيد الربوبية، ومن ذلك قوله في موضع:"التفكير في عظمة الله وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في أرضه وسماواته وجميع مخلوقاته، والتفكير –أيضا- في أنواع آلائه وعظيم إنعامه على خلقه عامة وعلى الإنسان خاصة بما سخر له منها وما يسر له من أسباب الانتفاع بها، وبما يوجب له الإيمان بوحدانيته في ربوبيته فلا خالق ولا مدبر ولا مصرف ولا آمر ولا حاكم ولا منعم على الحقيقة سواه، وبوحدانيته في ألوهيته فلا يستحق العبادة سواه" الآثار (1/ 29 - 30). وقال في موضع آخر:" وقد ضلوا بالفعل في ربوبية الله وفي ألوهيته، ضلوا في الربوبية باتخاذ المشرعين ليشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ويصدوهم بذلك عما شرع الله، وضلوا في الألوهية بعبادة غير الله بما لا يعبد به أحد غيره كالدعاء". الآثار (1/ 417) وانظر العقائد (69).
المبحث الحادي عشر: القول بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
وقال أيضا: «الإيمان في الوضع الشرعي هو قول باللسان وعمل بالقلب وعمل بالجوارح، فمن استكمل ذلك استكمل الإيمان ومن لم يستكمله لم يستكمل الإيمان» العقائد الإسلامية (48). وقال في الإيمان الكامل الذي تدخل فيه أعمال الجوارح: «الإيمان يزيد وينقص، يزيد بزيادة الأعمال، وينقص بنقصانها» العقائد الإسلامية (49).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/101)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:43 م]ـ
المبحث الثاني عشر: الإيمان بالقدر مع إثبات الاختيار
قال ابن باديس رحمه الله:"وقدر الله تعالى هو تعلق علمه وإرادته أزلا بالكائنات كلها قبل وجودها فلا حادث إلا وقد قدره الله تعالى، أي سبق به علمه وتقدمت به إرادته، فكل حادث فهو حادث على وفق ما سبق به علم الله ومضت به إرادته "ثم قال بعد ذلك:" وكما سبق قدر الله للأشياء قبل أن يخلقها، كذلك كتبها في اللوح المحفوظ قبل خلقها " العقائد الإسلامية (73 - 74).
وتحدث عن العنصرين الآخرين من عناصر إثبات القدر (الخلق والمشيئة) في باب التوحيد حيث قال "ومن توحيده في ربوبيته اعتقاد أن العبد لا يخلق أفعال نفسه "، وقال:" ومن توحيده تعالى في ربوبيته اعتقاد أن العبد لا يخرج في جميع تصرفاته عن مشيئة الله، غير أن له اختيارا يجده بالضرورة من نفسه، ومشيئة يجدها كذلك فيما يمكنه من أفعال كان بها مكلفا، ثم هو لا يخرج بها عن مشيئة الله "العقائد الإسلامية (70).
المبحث الثالث عشر: عقيدة العذر بالجهل
وفيما يأتي نص للشيخ ابن باديس رحمه الله يستفاد منه تبنيه لهذه العقيدة وأنه ليس ممن يسلك مسلك التكفير بالعموم للناس، قال رحمه الله:" ألا ترى لو أن شخصا قام للصلاة بدون وضوء مستحلا لذلك فلما أنكرنا عليه قال إنني لا أعتبر هذه الأفعال والأقوال عبادة ولا أسميها صلاة، أترى ذلك يجيز فعله ويدفع عنه تبعته؟ كلا ولا خلاف بين المسلمين، بل قد حكموا بردته إن كان يفعل ذلك ويراه حلالا، لأنه يكون قد أنكر معلوما من الدين بالضرورة فالداعي لغير الله تعالى يطلب منه قضاء حوائجه قد عبد من دعاه وإن لم يعتبر دعاءه عبادة لأن الله قد سماه عبادة، وإذا استمر على فعله مستحلا له بعد تعليمه وإرشاده يكون قد أنكر معلوما من الدين بالضرورة وهو أن العبادة والدعاء منها لا تكون إلا لله فيحكم بردته نظير مستحل الصلاة بلا وضوء بلا فارق"الآثار (1/ 158).
المبحث الرابع عشر الترضي على جميع الصحابة وإثبات الخلافة
.................................................. ...............................
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:56 م]ـ
روابط
العقائد الإسلامية لابن باديس
http://www.islamport.com/b/2/aqeedah/%C7%E1%DA%DE%ED%CF%C9/%C7%E1%DA%DE%C7%C6%CF%20%C7%E1%C5%D3%E1%C7%E3%ED%C 9%20%C7%C8%E4%20%C8%C7%CF%ED%D3/%C7%E1%DA%DE%C7%C6%CF%20%C7%E1%C5%D3%E1%C7%E3%ED%C 9%20-%20%C7%C8%E4%20%C8%C7%CF%ED%D3.html
العقائد الإسلامية لابن باديس مع تعليق الشيخ محمد علي فركوس
http://www.ferkous.com/rep/archiveD.php#;
ـ[محمد بن عبدالله التميمي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 05:17 م]ـ
شكر الله لكل من ذب عن أهل الحق, ولك أيها المبارك وذب الله عن عرضك كما ذببت عن عرض شيخٍ من أهل العلم والجهاد ...
ويعلم الله كم هو مفرح لي رؤيتي لمعرفك, أحقاً أنت هو؟
صاحب المؤلفات المتميزة في السيرة ....
وقد نصح بقرأتها بعض مشائخنا هنا.
نفع الله بك أمتك, وجعلك مباركاً أين ماكنت ...
ولكل منتقص ,وصاحب هوى ""الإنصاف"" كم هو عزيز في هذا الزمان!
والله المستعان, وعليه التكلان ...
ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 06:29 م]ـ
أود ابتداء أن أشكر صاحب الموضوع سيد أحمدي مهدي على طرح مثل هذه المواضيع التي نستنشق من خلالها شذا الماضي السعيد مع علماءنا الأجلاء. ثم اما بعد:
جمعية العلماء المسلمين جمعية قاومت الإستعمار وأذنابه من الطرقيين والإندماجيين والمتخاذلين، وكان على قمة هذه الجمعية خيرة رجال وعلماء الجزائر لهذا العهد كالشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي والشيخ مبارك الميلي والشيخ العربي التبسي والشيخ الطيب العقبي وغيرهم كثير أهمل ذكر معظمهم مع الأسف الشديد، وما الحملة على هؤلاء الأعلام إلا وسوسة شيطان قذفها في روع الأشقياء من اللائكيين والفركونيين والشيوعين الذين رموا الجمعية بالخور والضعف والإنبطاح للمستعمر والتنكر للثورة، كما رماهم البعض الآخر من الحاقدين على العروبة والإسلام بأنهم المرجعية الرسمية لأصحاب الفكر الأصولي والإرهاب في الجزائر، وقد كذبوا والله وما بروا ولا صدقوا، بل كانت الجمعية ورجالها كالشيخ عبد اللطيف سلطاني والشيخ عمر العرباوي والشيخ أحمد سحنون والشيخ أحمد حماني والشيخ عبد الرحمن شيبان من الرافضين للتحزب واستعمال العنف في التغيير، فهاي كتبهم أمامنا وكلها عدالة ووسطية وخير وسلامة في المعتقد وقد وقف الشيخ عبد اللطيف سلطاني والشيخ العرباوي في وجه جماعة مصطفى بويعلي التي كانت النواة الأولى للعنف والدموية في الجزائر، وهذا مشهور معروف، أما السلفية التبديعية فقد أثبتت الايام إفلاسها وفشلها خاصة بعدما أخذت في اقصاء علماء الإسلام الاجلاء الذين يشهد لهم القاصي والداني بالعلم والفهم والسلامة، واختزال العلم والهداية في فلان وعلان من المجاهيل الأغمار، المتعطشين للظهور والشهرة، كتلك النكرة التي كتبة فضيحة مضحكة تحت عنوان" الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي!!!!! " وقد تناست صاحبة الفضيحة أن تمد اللام في كلمة "سلفي" لتتوافق في السجع مع كلمة "وافي" وهذا على لغة العوام طبعا!!!!!!!! ليصبح العنوان هكذا" الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلافي!!!!!!!! " "ومن الجهل ما يضحك"، وهذا العنوان السخيف لصاحبته السيدة (أو الآنسة) X؟؟ ـ وقد كانت تطمح أن تدعى " الشيخة"؟؟؟ ـ يذكرني بعنوان مضحك آخر كان علماء الجمعية يتهكمون عليه وينكتون، وهو كتاب " الرد المعروف على من أنكر التصوف" لصاحبه أحمد بن عليوة المستغانمي الحلولي فكانوا يقولون " التصوووف" ليتوافق سجعا مع " معروف" وما أشبه الليلة بالبارحة" وقد رد الشاعر الأول على كل متنطع متشدق عنيد ببيت من الشعر خالد:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه ** أشفق على الراس لا تشفق على الجبل
وللحديث بقية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/102)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ محمد بن عبد الله التميمي والأخ الطيب العقبي جزاكما الله خيرا
أحق الناس بالثناء والدعاء في هذا الباب هو صاحب الكتاب الذي أعطي في هذه المشاركات لمحة عن كتابه، وهو محمد حاج عيسى حفظه الله تعالى و ما أنا إلا ناقل أو ملخص.
أخي الحبيب محمد بن عبد الله التميمي، والله ليس غرضي أن أنغص فرحتك برؤية "معرفي" الذي وافق معرف بعض الأفاضل الكرام،ولكني لست بصاحبك صاحب المؤلفات المتميزة في السيرة ويا ليتني كنت إياه ليشملني دعاءك العطر .... لو تكرمت بإعطائنا نبذة عن صاحب المؤلفات في السيرة النبوية ومؤلفاته حتى يعم الانتفاع والدال على الخير كفاعله.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:40 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... "-13 -
الفصل الثاني: أصول الفقه
المبحث الأول: مصادر تلقي الفقه هي الكتاب والسنة والإجماع
.................................................. ..........................................
المبحث الثاني: عدم إحداث الأقوال الجديدة المخالفة لإجماع السلف
قال ابن باديس رحمه الله: «لا نجاة للناس من هذا التيه الذي نحن فيه والعذاب المنوع الذي نذوقه ونقاسيه إلا بالرجوع إلى القرآن، إلى علمه وهديه في بناء العقائد والأحكام والآداب عليه والتفقه فيه، والسنة النبوية شرحه وبيانه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد وصحة الفهم والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن رب العالمين» الآثار (1/ 252).
المبحث الثالث: التزام الصحة في الروايات
صدر ابن باديس رحمه الله تعالى رسالة كتبها مبارك الميلي في بيان درجة حديث من الأحاديث المشهورة على الألسنة في ذلك الزمان، وهو لا يصح بحال قائلا:" تقوم الدعوة الإصلاحية على أساس الكتاب والسنة، فلا جرم أن كان رجالها من المعتنين بالسنة القائمين عليها رواية ودراية الناشرين لها بين الناس، ومن عنايتهم تحريهم فيما يستدلون به ويستندون إليه منها، فلا يجوز عليهم إلا ما يصلح للاستدلال والاستناد، ولا يذكرون منها شيئا إلا مع بيان مخرجه ورتبته حتى يكون الواقف عليه على بيِّنة من أمره مما لو التزمه كل عالم – كما هو الواجب - لما راجت الموضوعات والواهيات بين الناس فأفسدت عليهم كثيرا من العقائد والأعمال "الآثار (2/ 338).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:43 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... "-14 -
المبحث الرابع: إبطال نظرية التقليد العام الملزم للناس
وكان مما قاله في هذا السياق:" كما أدخلت على مذهب أهل العلم بدعة التقليد العام الجامد التي أماتت الأفكار وحالت بين طلاب العلم وبين السنة والكتاب، وصيّرتها في زعم قوم غير محتاج إليهما من نهاية القرن الرابع إلى قيام الساعة، لا في فقه ولا استنباط ولا تشريع، استغناء عنهما - زعموا- بكتب الفروع من المتون والمختصرات، فأعرض الطلاب عن التفقه في الكتاب والسنة وكتب الأئمة وصارت معانيها الظاهرة بَلْهَ الخفية مجهولة حتى عند كبار المتصدّرين"الآثار (5/ 38).
المبحث الخامس: إثبات مرتبة الاتباع
وقد أثبت هذه الرتبة التي قل من أثبتها ودعا إليها في إملائه في الأصول فقال:" الاتباع هو أخذ قول المجتهد مع معرفة دليله ومعرفة كيفية أخذه للحكم من ذلك الدليل، حسب القواعد المتقدمة وأهله هم المتعاطون للعلوم الشرعية واللسانية الذين حصلت لهم ملكة صحيحة فيهما فيمكنهم عند اختلاف المجتهدين معرفة مراتب الأقوال من القوة والضعف، واختيار ما يترجح منها، واستثمار ما في الآيات والأحاديث من أنواع المعارف المفيدة في إنارة العقول، وتزكية النفوس وتقويم الأعمال، ولهذا كان حقا على المعلمين والمتعلمين للعلوم الشرعية واللسانية أن يجروا في تعليمهم وتعلمهم على ما يوصل إلى هذه الرتبة على الكمال"الفتح المأمول (163 - 164).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:46 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... "-15 -
المبحث السادس: فتح باب الاجتهاد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/103)
"وقد نصّ الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى في موضع على أن ما يؤخذ فقها مجردا عن الدليل لا يعتبر علما، وأن الجاهل البسيط خير من المقلد فقال رحمه الله تعالى":" إذا كان التفكير لازما للإنسان في جميع شؤونه وكل ما يتّصل به إدراكه فهو لطلاب العلم ألزم من كل إنسان، فعلى الطالب أن يفكّر فيما يفهم من المسائل وفيما ينظر من الأدلة تفكيرا صحيحا مستقلا عن تفكير غيره، وإنما يعرف تفكير غيره ليستعين به ثم لا بد له من استعمال فكره هو بنفسه. بهذا التفكير الاستقلالي يصل الطالب إلى ما يطمئن له قلبه ويسمى حقيقة علما وبه يأمن من الوقوع فيما أخطأ فيه غيره، ويحسن التخلص منه إن وقع فيه ... فالتفكير التفكير يا طلبة العلم فإن القراءة بلا تفكير لا توصل إلى شيء من العلم، وإنما تربط صاحبها إلى صخرة الجمود والتقليد وخير منها الجاهل البسيط «الآثار (3/ 91 - 92)
المبحث السابع: إصلاح منهج التعليم والعمل على تصفية الفقه
قال رحمه الله تعالى: "لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم، فإنما العلماء من الأمة بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فَسد الجسد كله وصلاح المسلمين إنما هو بفقههم الإسلام وعلمهم به، وإنما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون فإذا أردنا الصلاح للمسلمين فلنصلح علماءهم، ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم …ولن يصلح هذا التعليم إلا إذا رجعنا به إلى التعليم النبوي في شكله وموضوعه وصورته فيما كان يعلم r وفي صورة تعليمه ".الآثار (4/ 74).
و قال الشيخ رحمه الله تعالى بعد تصوير موجز لحال التعليم في عصر النبوة والسلف الصالح:
«هذا هو التعليم الديني السني السلفي، فأين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم منذ قرون وقرون؟ فقد حصلنا على شهادة العالمية من جامع الزيتونة ونحن لم ندرس آية واحدة من كتاب الله ولم يكن عندنا أي شوق أو أدنى رغبة في ذلك، ومن أين يكون لنا هذا ونحن لم نسمع من شيوخنا يوما منزلة القرآن من تعلم الدين والتفقه فيه ولا منزلة السنة النبوية من ذلك. هذا جامع الزيتونة فدع عنك الحديث عن غيره مما هو دونه بمديد مراحل. فالعلماء إلا قليلا منهم أجانب أو كالأجانب من الكتاب والسنة من العلم بهما والتفقه فيهما، ومن فطن منهم لهذا الفساد التعليمي الذي باعد بينهم وبين العلم بالدين وحملهم وزرهم ووزر من في رعايتهم، لا يستطيع إذا كانت له همة ورغبة أن يتدارك ذلك إلا في نفسه، أما تعليمه لغيره فإنه لا يستطيع أن يخرج فيه عن المعتاد الذي توارثه الآباء والأجداد رغم ما يعلم ما فيه من فساد وإفساد"لآثار (4/ 76).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:59 م]ـ
روابط
مبادئ الأصول للعلامة ابن باديس رحمه الله تعالى
http://www.merathdz.com/play-387.html
شرح مبادئ الأصول (مسموع) للشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=948&read=0&lg=392
وهي أصل الشرح المطبوع "الفتح المأمول"
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 05:04 م]ـ
الفصل الثالث: أصول السلوك
المبحث الأول: مصادر تلقي السلوك هي الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح
يقول الشيخ ابن باديس وهو يدعو إلى الرجوع إلى هدي القرآن في هذا الباب وينتقد الأوضاع الصوفية الغالية التي كانت سائدة في زمانه"بيَّن القرآن مكارم الأخلاق ومنافعها ومساوئ الأخلاق ومضارها وبيَّن السبيل للتخلي عن هذه للتحلي بتلك مما يحصل به الفلاح بتزكية النفس والسلامة من الخيبة بتدسيتها، فهجرنا ذلك كله ووضعنا أوضاعا من عند أنفسنا واصطلاحات من اختراعاتنا خرجنا في أكثرها عن الحنيفية السمحة إلى الغلو والتنطع وعن السنة البيضاء إلى الإحداث والتبدع وأدخلنا فيها النسك الأعجمي والتخييل الفلسفي، ما أبعدها غاية البعد عن روح الإسلام"الآثار (1/ 250). وقال رحمه الله وهو يحكي ما كان يجري في رحلة له في الغرب الجزائري:"فكنا نجيب بأن ما كان من باب تزكية النفس وتقويم الأخلاق والتحقيق بالعبادة والإخلاص فيها فهو التصوف المقبول، وكلام أئمته فيه ككلام سائر أئمة الإسلام في علوم الإسلام لابد من بنائه على الدلائل الصحيحة من الكتاب والسنة، ولابد من الرجوع عند التنازع فيه إليهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/104)
وكنت أذكر ما يوافق هذا من كلام أئمة الزهد المتقدمين كالجنيد وأضرابه"الآثار (4/ 261)
المبحث الثاني: إبطال الاحتجاج بالإلهام المجرد أو الكشف أو الذوق
.................................................. .................................................. .....
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 05:06 م]ـ
المبحث الثالث: التزام الصحة في إثبات العبادات
قال ابن باديس رحمه الله:" ذكرنا هذا الحديث الموضوع الذي رواه أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء لننبه على وضعه ونحذر قراء الحلية - وقد طبعت منها أجزاء – من الاعتماد على كل ما فيها، فإن كثيرا من المنتسبين إلى العلم يغترون باسم الكتاب واسم مؤلفه فيتناولون كل ما فيه من الأحاديث بالقبول والتسليم كأنه ثابت صحيح مع أننا نجد فيه هذا الحديث الموضوع الذي قال فيه ابن الجوزي ما قال" الآثار (3/ 49 - 50).
وقال رحمه الله في موضع آخر تحت عنوان تحذير:" يجري على الألسنة ما رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة مرفوعا:" لا تنزلوهن الغرف ولا تعلمونهم الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور " قال الشوكاني: في سنده محمد بن إبراهيم الشامي قال الدارقطني كذاب، وكثيرا ما تكون هذه الأخبار الدائرة على الألسنة باطلة في نفسها معارضة لما صح في غيرها فيجب الحذر منها"الآثار (3/ 62).
المبحث الرابع: اجتناب العبادات المبتدعة
وقد قال الشيخ ابن باديس رحمه الله وهو يقرر هذا المعنى ويحذر من سلوك طريق الابتداع في الدين:" من أبين المخالفة عن أمره وأقبحها الزيادة في العبادة التي يتعبد لله بها على ما مضى من سنته فيها، وإحداث محدثات على وجه العبادة في مواطن مرت عليه ولم يتعبد بمثل ذلك فيها، وكلا هذين زيادة وإحداث مذموم، يكون مرتكبه كمن يرى أنه اهتدى إلى طاعة لم يهتد إليها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسبق إلى فضيلة قصر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عنها، وكفى بهذا وحده فتنة وبلاء "الآثار (1/ 224).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 05:11 م]ـ
المبحث الخامس: البدع الدينية كلها ضلالة
قال رحمه الله:" إن الذي ابتدع مثل هذه البدعة التي تقرب فيما لم يكن قربة كأنه يرى أن طاعة الله تنقص هذه الشريعة فهو يستدركها وأن محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خفيت عليه قربة هو اهتدى إليها أو لم تخف عليه ولكنه كتمها، وهذه كلها مهلكات لصاحبها فلا يكون ما أوقعه فيها من ابتداع تلك التي يحسبها قربة إلا محرما، وقد قال مالك فيما سمعه منه ابن الماجشون:" من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خان الرسالة لأن الله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم}، فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا " وهذا من جهة النظر المؤيد بكلام مالك، وأما من جهة الأثر فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يقول في خطبته:" أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة "، وفيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا "، ووجه الدليل من الحديثين أنه سمى في الحديث الأول البدعة شرا وضلالا فعم ولم يخص، وأثبت الإثم لمرتكب الضلالة والداعي إليها، والإثم لا يكون إلا في الحرام فيكون النظر هكذا كل بدعة ضلالة وكل ضلالة يؤثم صاحبها، فكل بدعة يؤثم صاحبها، وكل ما يؤثم عليه فهو حرام فكل بدعة حرام". الآثار (3/ 275)
المبحث السادس: النظر في المصالح يختص بغير أبواب التعبدات
قال ابن باديس رحمه الله في رده على ابن عاشور لما نقل عن أبي سعيد بن لب كبير فقهاء غرناطة في القرن الثامن قوله:" إن ما جرى عليه عمل الناس وتقادم في عرفهم وعادتهم ينبغي أن يلتمس لهم مخرج شرعي على ما أمكن من وفاق أو خلاف (أي بين العلماء) إذ لا يلزم ارتباط العمل بمذهب معين أو بمشهور من قول قائل" ليدلل على أن ما جرى عليه العمل وكان له وجه يترك على حاله ولا يغير. فأجابه ابن باديس بجواب بديع قال فيه:" ما يجري به عمل الناس ينقسم إلى قسمين قسم المعاملات وقسم العبادات، وقسم المعاملات هو الذي يتسع النظر فيه للمصلحة والقياس والأعراف وهو الذي تجب توسعته على الناس بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات المتقدمة، وفي هذا القسم جاء كلام أبي سعيد هذا وغيره وفيه نَقلُه الفقهاء، أوَما تراه كيف يعبر بالعرف والعادة، وأما قسم العبادات فإنه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص منه فلا يقبل منه إلا ما ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فلا يتقرب إلا بما تقرب به وعلى الوجه الذي كان تقربه به، ومن نقص فقد أخل ومن زاد فقد ابتدع وشرع وذلك هو الظلام والضلال "الآثار (3/ 284).
المبحث السابع: إبطال منهج أهل الطرق جملة وتفصيلا
.................................................. .................................................. .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/105)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[01 - 01 - 08, 04:10 م]ـ
الفصل الرابع: أصول الدعوة والإصلاح
المبحث الأول: اعتماد الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح
قال رحمه الله تعالى:" فعلى الأمم التي تريد أن تنال حظها من هذا الوعد (التمكين) أن تصلح من أنفسها الصلاح الذي بينه القرآن، فأما إذا لم يكن لها حظ من ذلك الصلاح فلا حظ لها من هذا الوعد وإن دانت بالإسلام. ولله سنن نافذة بمقتضى حكمته ومشيئته في ملك الأرض وسيادة الأمم، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء " الآثار (1/ 210) .. وقال:" لقد شعر المسلمون عموما بالبلايا والمحن التي لحقتهم وفي أوّلها سيف الجور المنصبّ على رؤوسهم، وأدرك المصلحون منهم أن سبب ذلك هو مخالفتهم عن أمر نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخذت صيحات الإصلاح ترتفع في جوانب العالم الإسلامي في جميع جهات المعمورة تدعو الناس إلى معالجة أدوائهم بقطع أسبابها واجتثاث أصلها وما ذاك إلا بالرجوع إلى ما كان عليه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وما مضت عليه القرون الثلاثة المشهود لها منه بالخير في الإسلام، قد حفظ الله علينا ذلك بما إن تمسكنا به لن نضل أبدا - كما في الحديث الصحيح- الكتاب والسنة، وذلك هو الإسلام الصحيح الذي أنقذ الله به العالم أولا ولا نجاة للعالم مما هو فيه اليوم إلا إذا أنقذه الله به ثانيا "الآثار (1/ 225).
المبحث الثاني: اعتقاد بقاء المنهج محفوظا في كل زمان يتوارثه العلماء
قال ابن باديس رحمه الله تعالى في مقال عنونه (لا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة) قدم به لخطبة لأحد ملوك المغرب السلفيين في القرون الماضية:"من المعلوم عند أهل العلم أن مما حفظ الله به دينه وأبقى به حجته أن لا تنقطع الدعوة إلى الله في هذه الأمة والقيام على الحق والإعلان بالسنن والرد على المنحرفين والمتغالين والزائغين والمبتدعين، وأن أهل هذه الطائفة معروفة مواقفهم في كل جيل، محفوظة آثارهم عند العلماء. غير أن غلبة الجهل وكثرة أهل الضلال قد تحول دون بلوغ صوتهم إلى جميع الناس، فترى أنصار الباطل كلما ظهر داع من دعاة الحق في ناحية اعترضوه بسكوت من سكت من قبله؛ وأوهموا أتباعهم المغرورين بهم أن هذا الداعي جاء بدين جديد " الآثار (4/ 183).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[01 - 01 - 08, 04:13 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس ... " -20 -
المبحث الثالث: اعتبار الدعوة إلى التوحيد أولى الأولويات
قال رحمه الله:" لا يكون الإصلاح إلا بالانتقاد فلذلك وجدنا أنفسنا في خطتنا مضطرين إليه، وقد كانت منا انتقادات سياسية واجتماعية وأدبية ودينية، وكانت وجهتنا الأولى في النقد الديني هي الاعتقادات، ولقد كان همنا الأول تطهير عقيدة التوحيد من أوضار الشرك القولي والفعلي والاعتقادي، فإن التوحيد هو أساس السلوك ولذلك ابتدئ بإياك نعبد قبل اهدنا في فاتحة القرآن العظيم. هنا اصطدمنا بزعماء الطرق وشيوخ الزوايا الاصطدام المعروف، لأنه إذا خلص التوحيد توجه الناس إلى ربهم الذي خلقهم وتركوهم واعتقدوا فيهم أنهم مخلوقون مثلهم لا يضرون ولا ينفعون إلى غير ذلك مما ينتجه التوحيد الصحيح من تحرير العقول والأرواح والقلوب والأبدان"الآثار (5/ 75).
المبحث الرابع: اعتقاد شمول الشريعة
.................................................. .....................................
المبحث الخامس: طريق الإصلاح هو التعليم
قال رحمه الله:" فإننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها عن علم وبصيرة، وتمسكا بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد وبث الخير والثبات على وجه واحد والسير على خط مستقيم، وما كنا لنجد هذا كله إلا فيما تفرغنا له من خدمة العلم والدين، في خدمتهما أعظم خدمة وأنفعها للإنسانية عامة. ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهرا ولضربنا فيه المثل الأعلى بما عرف عنا من ثباتنا وتضحيتنا، ولقُدْنا الأمة كلها للمطالبة بحقوقها ولكان أسهل شيء علينا أن نسير بها على وفق ما نرسمه لها وأن نبلغ من أنفسنا إلى أقصى غايات التأثير عليها، فإن مما نعلمه - ولا يخفى على غيرنا - أن القائد الذي يقول لها إنك مظلومة في حقوقك وإني أريد أن أوصلك إليها يجد منها ما لا يجده من يقول لها: إنك ضالة عن أصول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/106)
دينك وإنني أريد هدايتك، فذاك تلبيه كلها وهذا يقاومه معظمها أو شطرها، هذا كله نعلمه ولكننا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا، فإنا فيما اخترناه بإذن الله لماضون وعليه متوكلون ".الآثار (5/ 286).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[01 - 01 - 08, 04:16 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس ... " -21 -
المبحث السادس: العلم الصحيح هو سلاح الدعاة في معركة الإصلاح
.................................................. .................................................. .................
المبحث السابع: نبذ الحزبيات المفرقة لشمل الأمة والمبددة للجهود
وقد كتب الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى في هذا مقالا عنوانه دعوى الجاهلية قال فيه:" كل من سعى إلى تحصيل شيء مستعينا بذوي عصبية له لنسبة جنس، أو قبيلة أو بلد أو شيخ أو حرفة أو فكرة غير ناظر إلى أنه على حق أو على باطل، فقد دعا بدعوى الجاهلية وكل من أجابه فقد شاركه في دعواه، أما من عرف الحق وتيقن من نفسه الصدق في طلبه واستعان على تحصيله بمن تربطهم به روابط خاصة ولا يأبى أن يعينه عليه من لم يكن من جماعته لأن قصده إلى تحصيل الحق بإعانة أي كان، فهذا لا يكون دعا بدعوى الجاهلية بل دعوى إسلامية لأنها لا تخرج عن التعاون على الحق وهو من التعاون على البر والتقوى "الآثار (2/ 93).
المبحث الثامن: إظهار الحق والأمر بالمعروف والنهي عن كل منكر
يقول الشيخ رحمه الله:" على أهل الحق أن يكون الحق راسخا في قلوبهم عقائد، وجاريا على ألسنتهم كلمات، وظاهرا على جوارحهم أعمالا، يؤيدون الحق حيثما كان وممن كان، ويخذلون الباطل حيث كان وممن كان، ويقولون كلمة الحق على القريب والبعيد على الموافق والمخالف ويحكمون بالحق كذلك على الجميع، ويبذلون نفوسهم وأموالهم في سبيل نشره بين الناس وهدايتهم إليه بدعوة الحق، وحكمة الحق وأسبابه ووسائله على ذلك يعيشون وعليه يموتون، فلنجعل هذا السلوك سلوكنا وليكن همنا، فما وفينا منه حمدنا الله تعالى عليه، وما قصرنا فيه تبنا واستغفرنا ربنا، فمن صدقت عزيمته ووطن على العمل نفسه أعين ويسر للخير وربك التواب الرحيم ".الآثار (1/ 187).
المبحث التاسع: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة
.................................................. .................................................. ..........
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[01 - 01 - 08, 04:40 م]ـ
تنبيه:
شرح صاحب الكتاب الفصل الرابع من هذا الباب (أصول الدعوة والإصلاح) شرحا وافيا في سلسلة محاضرات في الدورة العلمية الأولى لمسجد عمر بن الخطاب والرجاء أن يسعفنا الإخوة بروابط لهذه المادة الصوتية لمناسبتها للموضوع.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - 01 - 08, 04:58 م]ـ
جزى الله الشيخ محمد حاج عيسى خيراً و نفع بكتاباته ...
أرجو منك ـ أخي في الله ـ أن تضع لنا الرد كاملاً، لمسيس الحاجة إليه ...
رعاني الله يعاني و إياك ...
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 03:03 م]ـ
جزى الله الشيخ محمد حاج عيسى خيراً و نفع بكتاباته ...
أرجو منك ـ أخي في الله ـ أن تضع لنا الرد كاملاً، لمسيس الحاجة إليه ...
رعاني الله يعاني و إياك ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صاحب الرد لم يأذن بتنزيله كاملا وهو يعتزم طبعه كاملا أو منجما إن شاء الله تعالى وإنما أذن في هذا التلخيص واللمحات التي أضعها في الملتقى لأن ظروفا استدعت التعجيل بفتح هذا الموضوع.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:08 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -22 -
الباب الثاني: الكاتبة في الميزان
في هذا الباب أعطى محمد حاج عيسى تقييما عاما لمؤلفة "الرد الوافي"،فإن المتعرض للدفاع ابن باديس رحمه الله تعالى-كما ذكر-، وتفنيد ما سطرته الكاتبة مضطر أن يوضح للقارئ مستواها العلمي، وأنها ليست أهلا لأن تكتب في القضايا العلمية الجزئية، فضلا أن تكتب في القضايا المنهجية،لهذا جمع في هذا الباب أخطاءها العلمية في "الرد الوافي"،وقد دقق الكاتب أشد التدقيق في بيان أخطاء الكاتبة نظير زعمها أنها دققت مع ابن باديس و الكاتبة-كما ذكر الكاتب- أدخلت نفسها في دقائق الكلام ومن أدخل نفسه في دقائق الكلام ينبغي أن يكون حذرا في كل ما يقول.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:13 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -23 -
شرع في الفصل الأول من هذا الباب في بيان الأخطاء العلمية والاعتقادية للكاتبة، وجعل المبحث الأول منه في: مسائل الفروق، أول نقطة في هذا المبحث: عدم تفريق الكاتبة بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد وبين الخلاف في الظنيات والخلاف في القطعيات، ومثال ذلك وصفها ص157 من كتابها للخلاف بين المذاهب الأربعة أنه اختلاف تنوع ولو تكلف متكلف النقد –كما ذكر الكاتب- لألزمها القول بتصويب المجتهدين.
ثم بين خلطها بين التفويض والتأويل، وبين تأويل النص ورده؛ حيث جعلت تأويل ابن باديس لحديث:" أبي وأبوك في النار " ردّا، ومن ذلك أيضا أن الكاتبة تعقبت قول الشيخ محمد الصالح رمضان في تعليقه على العقائد لابن باديس حيث فوض كيفية الميزان ووهّم من فسر الميزان بأن له كفتين ولسانا وعده من التشبيه. فوصفت صنيعه بالتأويل الفاسد (ص118)، فالشيخ محمد الصالح قد أخطأ في اعتقاده أن القول بإثبات الكفتين يستلزم التشبيه، إلا أن الأصل الذي انطلق منه صحيح، وهو قول أهل السنة في كل المسائل الغيبية، فلا ينبغي أن ينكر الأصل الذي انطلق منه ولا أن يوصف بالتأويل الفاسد، ثم نقل نصا لابن تيمية فيه تفويض الكيف مع إثبات الكفتين للميزان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/107)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:16 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -24 -
ثم بين الشيخ أن الكاتبة لا تفرق بين التقية المذمومة والمداراة المشروعة حيث انتقدت ابن باديس رحمه الله تعالى بأنه كان يداري فرنسا حتى لا تعيق نشاطه، فرأت الكاتبة ذلك نفاقا من جنس تقية الشيعة، بل ورأت أن الواجب على ابن باديس أن يجاهر بمعاداة فرنسا وأن يحرِّض الأمة على الجهاد!
وناقش محمد حاج عيسى هذا الكلام في نقاط منها: أن ما كان يصنعه ابن باديس كثير منه يسمى مداراة لعدم خروجه عن حدود المشروع، والفرق بين النفاق والتقية والمداراة معروف. و إلزام ابن باديس رحمه الله بأن يدعو أهل الجزائر إلى الجهاد عام 1924 هو منهج التهور والتسرع فأهل الجزائر كانوا آنذاك إما من الجهال أو من ضعاف الإيمان أو من عباد القبور والطرقية أو من دعاة الإدماج ولم تتهيأ بعد العدة الإيمانية ولا المادية للدعوة إلى الجهاد.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:19 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -25 -
بعدها بين عدم تفريق الكاتبة بين الوقوع في البدعة والابتداع فقالت ص59 كلاما لازمه القول بالتبديع العيني ولو كانت المسائل خلافية اجتهادية، ثم نقل نصوصا عن العلماء (الشاطبي والفوزان) في التفريق بين المبتدع وبين الذي وقع في بدعة عن اجتهاد وتأويل.
بعد ذلك بين الشيخ أن الكاتبة لم تحكم الفرق بين الشرك الأكبر المخرج عن الملة والشرك الأصغر الذي هو ذريعة إلى الشرك الأكبر
ثم تعرض إلى خلطها بين التمذهب والتعصب المذهبي حيث ذكرت الكاتبة (ص155) أن ابن باديس لم يكن سلفيا حقا "لأنه لم يساهم في دحض فكرة التمذهب التي ترفع المذهب فوق الأدلة من الكتاب والسنة" وكان يفتي على مقتضى المذهب المالكي في الغالب.
ذكر الكاتب من أخطاء الكاتبة أنها تجعل مجرد التمذهب خروجا عن المنهج السلفي مع أن أكثر العلماء المتأخرين قد تمذهبوا بحكم الحال الغالبة على العصور المتأخرة، ولأن التمذهب صار هو طريق التفقه ولا طريق غيره في أكثر البلاد، والمقصود بالتمذهب التزام الدراسة على أحد المذاهب الأربعة، وكأنها لا تفرق بين مجرد التمذهب المرخص وبين بدعة التعصب المذهبي التي تعني اعتقاد عصمة الإمام المقلد.
وختم هذا المبحث ببيان عدم تفريق الكاتبة بين تصفية السنة وتصفية العقيدة فقد أدرجت (ص163) إبطال القول برد أخبار الآحاد في العقائد في باب تصفية السنة.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:24 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -26 -
في المبحث الثاني من هذا الفصل أورد الكاتب أخطاء الكاتبة في مسائل معرفة مذاهب أهل السنة وآراء المخالفين فمن ذلك عدم إحكامها لمفهوم البدعة حيث عرفتها (ص59) قائلة:" وكل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد فهو بدعة ولو كان عن اجتهاد، فإن قيل ابن باديس من العلماء وقد استحب إقامة مثل هذه الحفلات بمناسبة دينية، وهي ختم شرح الموطأ، فالجواب أن كل ما نص العلماء على استحبابه وكان مما لا دليل عليه فهو بدعة، ويزداد الأمر شناعة إن قصد به التعبد ". مع أن قصد التعبد داخل في حقيقة البدعة وماهيتها ابتداء.
ثم أوضح عدم ضبطها لمذهب المانعين من تخصيص القرآن بخبر الواحد حيث زعمت أن المخالف في هذه القضية الأصولية هم الأشاعرة، وأن من رأى هذا القول فهو أشعري أو متأثر بهم، ووصف صنيعها هذا بالمجازفة العلمية لأن مذهب الأشاعرة على خلاف ما ذكرت عنهم ثم دلل على ذلك بنصوص من أئمة الأشاعرة الجويني والرازي.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:27 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -27 -
في النقطة التي تليها انتقد الشيخ محمد حاج عيسى تصور الكاتبة لمنهجية عرض العقيدة عند السلفيين حيث جعلت المنهج الذي ألَّف على منواله ابن باديس كتاب العقائد (وهو منهج العرض) من أوجه القدح فيه وألزمته أن يذكر المناهج المنحرفة في تأليفه الذي أملاه على المبتدئين حتى يكون سلفيا (ص113)، مع أن الأصل في عرض العقيدة السلفية أن تكون بالتقرير والعرض خاصة للمبتدئين الذين وجه إليهم كتاب العقائد لابن باديس
ثم ذكر من أخطائها الجهل بموقف العلماء من كتب الردود حيث دعت دعوة عامة إلى قراءة كتب الردود في مجال العقيدة، بل وجعلتها بديلا عن منهج العرض الخالي عن التعرض للمقالات (ص118)، والصواب أن تعريض المبتدئين لمسائل الخلاف مع الفرق، وذكر شبهات المخالفين مما يمرض قلوبهم ويقسيها، والدعوة إلى قراءة كتب العقيدة على طريقة الردود صحيحة في حق من تقدم في العلم وثبت على الإيمان.
ثم ذكر الشيخ من أخطائها الزعم بأن المنع من الحكم بالشهادة للمعين قول قطعي لا يجوز فيه الخلاف ولا الاجتهاد (ص52) ومثل بكلام بعض العلماء السلفيين كالذهبي وابن تيمية في وصف المعينين بالشهادة.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:30 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -28 -
ومن أخطائها التي أوردها الكاتب زعمها بأن المنع من التوسل بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قول قطعي أي أنها مسالة ظاهرة لا خفاء فيها ولا يعذر المخالف فيها لوجود النص القاطع أو الإجماع المتيقن، ثم نقل نصوصا عن ابن تيمية وغيره من العلماء السلفيين تبين أن المسألة خفيةوتثبت الخلاف فيها.
و ذكر من أخطائها في مؤلفها الجهل بمذاهب الفرق في الصفات حيث أن الكاتبة ليس لها تصور صحيح دقيق لمواضع الخلاف مع الأشاعرة وغيرهم، فهي تجعل تأويل الصفات الذاتية كالوجه واليدين مذهب الأشاعرة، مع أنه مذهب متأخريهم ممن وافق المعتزلة أما المتقدمون منهم فكانوا يثبتونها، وكذلك حصرها للنزاع بين الأشاعرة وأهل السنة في الصفات الخبرية أمر لا يغتفر في حق من نصب نفسه لنقد عقائد العلماء، فإن أشهر ما خالف فيه الأشعرية جميعهم مذهب أهل السنة الصفات الفعلية المتعلقة بالمشيئة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/108)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:39 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -29 -
جمع محمد حاج عيسى في المبحث الثالث من هذا الفصل: أخطاء علمية مختلفة للكاتبة في ردها على ابن باديس أولى النقاط فيه منع الكاتبة من إثبات صفة الخلق للإنسان (مطلقا) مع أن الله تعالى قد وصف بها عباده في كتابه وجعلها ذلك من المخالفات العقدية المحضة، ثم بحث الكاتب مسألة مشروعية وصف المخلوق بهذه الصفة وبيان معنى الخلق المختص بالله تعالى.
بعد ذلك تعرض الكاتب لانتقاد الكاتبة الشيخ أبا يعلى الزواوي لما قال في أحد مقالاته الداعية إلى الرجوع إلى القرآن وأنه طريق الهداية: إن القرآن معدن، قالت في (ص 93):" ولقد قرأت في أحد أعداد جريدة البصائر كلاما لأحد كبار رجال جمعية العلماء المسلمين الشيخ أبي يعلى الزواوي، وصف فيه القرآن الكريم بوصف فيه خلل عقدي محض حيث كان عنوان مقاله " القرآن معدن ولابد من آلات لاستخراجه والانتفاع به "، وقال في متن ذلك المقال "وجملة القول إن القرآن معدن من أنفس المعادن المشتركة بين العباد "، وهذه الجمل لو نظر إلى معناها لوجد فيه الزيغ في العقيدة لأن القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل بحرف وصوت، ولو قلنا بأن القرآن معدن لكنا قد قطعنا بخلقه، لأن المعادن مخلوقة، وأما القرآن فكلام الله ".
وناقش الكاتب هذه التهمة بأن أبا يعلى لم يكن في معرض تعريف القرآن حتى يتعقب بمثل هذا التعقب البارد -حسب تعبيره-، وأن التعبير بالمعدن لا يختص بالذهب والفضة ونحوها بل يطلق المعدن ويراد به أصل الأشياء ومركزها ومستقرها، ثم أن الكاتبة ملزمة على قولها أن لا يوصف القرآن بشيء من الصفات ولا يسمى بأي تسمية مجازية كقولنا مثلا القرآن نور لأن النور مخلوق وقولنا القرآن دواء لأن الدواء مخلوق أيضا، وقد قال ابن القيم رحمه الله:" واعتبر هذا بأعظم الأدوية والأشفية وأنفعها للقلوب والأبدان والمعاش والمعاد والدنيا والآخرة وهو القرآن الذي هو شفاء من كل داء"
قلت: انظر في الرابط أدناه مقالا عن حياة الشيخ أبي يعلى الزواوي وأصول دعوته الإصلاحية وتأمل في إحدى المشاركات حفاوة بعض الإخوة هداهم الله تعالى إلى الحق بهذا الانتقاد البارد من الكاتبة لعالم سلفي وفرحه به فإنا لله وإنا إليه راجعون.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=110633
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:43 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -30 -
ومن الأخطاء التي أوردها الكاتب على الكاتبة جعلها التفسير بالرأي مذموما بإطلاق و أوضحت مرادها بالرأي الاعتماد على اللغة وعلى أساليب البيان، وناقش دعواها في نقاط منها أكثر المفسرين جمعوا في تفاسيرهم بين ما ذكرته من عناصر التفسير بالمأثور وبين الاعتماد على اللغة وأساليب البيان. وأنه التبس على الكاتبة أنها رأت بعض الكُتَّاب ذكروا الميزة الغالبة لكتب التفسير بالمأثور وكتب التفسير بالرأي فظنت أن كتب المأثور ليس فيها اعتماد على اللسان العربي، وأن كتب التفسير بالرأي ليس فيها شيء من المأثور.
وذكر من أخطائها جعلها ربط الحقائق العلمية بالآيات القرآنية أمرا منكرا بإطلاق ونقل الكاتب فتوى للشيخ العثيمين توضح ضابط ما يجوز من تفسير المتأخرين للقرآن الكريم ذكر من ضمن ذلك تفسير الآيات الكونية بما ثبت الآن مما كان مجهولا من قبل، ثم بين الكاتب أن الأمر المنكر في هذا التفسير"وهو أن يجعل المرء همه إيجاد السند لكل ما يقوله الغربيون، ولكل نظرية جديدة لم ترق عند أصحابها إلى أن تكون حقيقة علمية".
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[09 - 01 - 08, 01:24 م]ـ
بارك الله فيك يا أخ سيد أحمد وجعلك خير خلف لخير سلف
ولكَم ملئت حنفا على (الشيخة) التي ألفت كتاب " الرد الوافي .. "
ولا أقول لها ولأمثالها إلا أنها ترفل في حرية اليوم إلا بفضل الله ثم الشيخ ابن باديس وأمثاله
ولو تطلع على سير الثوار أمثال بن بولعيد وزيغود يوسف وبلوزداد لعرفت أن الجمعية كونت الصدور والأفكار فالرجال ..
وما أستغرب له أيضا مقدمة كتابها المزعوم وكيف قدم له علماء ومشايخ كبار وأجلاء، فهل من توجيه؟
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:15 م]ـ
الأخ الكريم إبراهيم الجزائري جزاك الله خيرا
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:18 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس ..... " لمحمد حاج عيسى-31 -
في المبحث الرابع من هذا الفصل شرع الكاتب في بيان الأخطاء التاريخية التي وقعت فيها الكاتبة في ردها على الإمام ابن باديس من ذلك عدم تفريقها بين جرائد ابن باديس وجرائد الجمعية حيث نسبت صحف الجمعية الناطقة بلسانها كالبصائر لابن باديس ونسبت الصحف التي انفرد ابن باديس بنشرها (كالشهاب) إلى الجمعية.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:22 م]ـ
ومن أخطائها التاريخية التي ذكرها الكاتب زعمهاص144 أن إبراهيم أطفيش كان من رجال الجمعية مع أنه لم يكن كذلك. ومن أخطائها أيضا الجهل بتاريخ عودة التوحيد إلى الحجاز وانتصار آل سعود وضمهم الحجاز إلى مملكة نجد، حيث ذكرت أن ابن باديس رحمه الله سافر إلى الحجاز بلد التوحيد، واطلع بلا شك على كتب التوحيد وقمع البدع، وخاصة بدعة المولد، فلم يكن له عذر -حسب تعبيرها-في إحياء المولد. مع أن رحيل ابن باديس إلى الحجاز لأداء مناسك الحج كان سنة 1913م قبل أزيد من عشر سنوات من عودة التوحيد إلى أرض الحجاز، وكانت يوم زارها الشيخ غارقة في البدع والضلالات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/109)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:25 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -33 -
ومما وهمت فيه الكاتبة أيضا جعلها تفسير المنار من تأليف محمد عبده حيث قالت (ص101):"الشيخ محمد عبده صاحب كتاب شهير في تفسير القرآن وهو كتاب تفسير المنار"
ثم ذكر من أخطائها خلطها بين السنوسي صاحب الطريقة والسنوسي صاحب أم البراهين و هذا الخطأ -كما ذكر الكاتب-وإن كان يقع في مثله كثير من الكتاب، "لكنه في حق من تجردت لتجريد أحد العلماء من صفة أهل السنة والجماعة التي عرف بها، ذنب لا يغتفر وجهالة تستحق التشهير"، ثم وضح أن السنوسي صاحب أم البراهين الذي ذمه العلماء الجزائريون والنجديون، هو محمد بن يوسف أبو عبد الله المولود بتلمسان سنة 832هـ والمتوفى سنة 895هـ، وله مصنفات في الكلام منها أم البراهين وهو غير السنوسي الذي قيل بتأثره بدعوة ابن عبد الوهاب المولود عام 1115هـ المتوفى عام 1206هـ.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:28 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -34 -
وذكر من أخطاء الكاتبة إشادتها (ص157) بمقال لسلامة موسى قالت أنه يرد على الشيعة ويفضحهم على جميع الأصعدة، ولامت ابن باديس أن لم يشجع صاحب فيوهم هذا الكلام ابن باديس قد عارض أحد مجددي الدين في ذلك الزمان، والواقع أن سلامة موسى "قبطي ملحد نصراني الأصل عدو للإسلام والمسلمين." كما قال الكاتب.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:31 م]ـ
في الفصل الثاني من هذا الباب تعرض الكاتب إلى ما سماه "الحشو والتلبيس والكذب" الذي وقع في الرد الوافي، ذلك أن الناظر في حجم الكتاب الذي جمعت فيه الكاتبة أخطاء ابن باديس يتوهم أن أخطاء الشيخ كثيرة وجسيمة، و الحقيقة أن الكاتبة كانت تستطرد في ذكر أشياء لا علاقة لها بابن باديس بمافيه زيادة للتشنيع عليه، ترجم للمبحث الأول من هذا الفصل بالحشو والتلبيس حيث استطردت الكاتبة في إيراد مثالب الخوارج والإباضية (من ص15 - إلى 17) وإيراد مثالب محمد عبده (من ص97 - إلى 120) ذاكرة أبشع ما أثر عنه، ثم أوردت في موضع آخر مثالب عبد الرحمن عبد الخالق (من 98 - إلى 101) وفي موضع آخر مثالب مفدي زكريا (من 85 - إلى 92) ومثالب أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ص63 حيث آخذت ابن باديس بمثالب الشاعرين اللذين تحدث في ذكراهما عن اللغة العربية ورفع لوائها وخدمة أدبها.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:35 م]ـ
ثم بين الكاتب حفظه الله أن الكاتبة في سياق تكثير الأخطاء التي يبدع بها ابن باديس حملته خطأ تلميذه في التعليق على العقائد (مرت في مسألة صفة الميزان) وحملت ابن باديس مسؤولية ما نُشِر في الشهاب والبصائر مع أن الشيخ-رحمه الله- بين عذره في الشهاب بأن العهدة على من كتب تلك المقالات في تلك الجرائد وأنها لا تلزم إلا أصحابها.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:41 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -37 -
في المبحث الثاني من هذا الفصل بين الكاتب أن الكاتبة لم تقرأ آثار ابن باديس قراءة مجهرية تنقيبية كما زعمت بل كانت قراءتها لآثاره سطحية انتقائية.
وبين ذلك في قضايا أبانت فيها الكاتبة أنها لم تطلع على كلام ابن باديس أذكر منها أربع قضايا: قضية الثناء على محمد عبده حيث أنها لم تظفر بنص يشيد فيه ابن باديس بمحمد عبده مع أن نصوصه في ذلك موجودة نقل الكاتب بعضها.
أما القضية الثانية فهي قضية ضم الإباضية إلى الجمعية فالكاتبة لم تطلع على كلام ابن باديس في ذلك مع أنه موجود نقله الكاتب.
القضية الثالثة قضية الصفات في زعم الكاتبة أن ابن باديس لم يذكر من الصفات إلا ما ذكره الأشاعرة وأنه تفادى الكلام عن الصفات الأخرى كالصفات الخبرية مع أنه تحدث في تفسيره عن صفات أخرى.
ومن ذلك في قضية أطفيش حيث نسبت كلاما قاله محب الدين الخطيب في مقال له يثني على أطفيش إلى ابن باديس، وذلك دليل على عدم الاطلاع الدقيق على آثار ابن باديس كما زعمت.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 04:44 م]ـ
في المبحث الثالث من هذا الفصل تطرق الكاتب إلى زعم الكاتبة أن "جمعية العلماء لم يكن لها اهتمام بتقرير العقيدة وتصفيتها من مظاهر الشرك ولا بمحاربة البدع"، وسرد الكاتب ما يقارب الأربعين مقالا –على سبيل المثال- نشرت في مجلات الجمعية كلها في تصفية العقيدة والرد على المبتدعة وأهل الشرك.
ـ[بدرالدين يحي]ــــــــ[20 - 01 - 08, 02:45 م]ـ
بدر الدين يحيى
جزى الله خيرا الأخ الفاضل الشيخ محمد حاج عيسى على ذبه عن أعراض العلماء أمثال الإمام العالم المجاهد عبد الحميد ابن باديس رحمه الله الذي أحيا الله به البلاد الجزائرية فنهضت عن بكرة أبيها لبناء المدارس الشرعية والمعاهد العلمية وكفاه فخرا "دار الحديث بتلمسان " وغيرها من دور العلم وأشكر الأخ الحبيب مهدي على اهتمامه بتراث الجزائريين، فقد أتحفنا بهذه المشاركات النافعة والمهمة.
أسأل الله تعالى أن يبارك في عمر الشيخ محمد حاج عيسى وأن ينفع به وبعلمه.
http://www.manareldjazair.com
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/110)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 04:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الكريم المهاب بدر الدين يحيى حفظكم الله تعالى
شرفتم هذا الموضوع بمشاركتكم الطيبة، هذا الموضوع أحوج ما يكون إلى مساهمة أمثالكم من الذين عانوا الدعوة إلى الله تعالى وخبروها في مراحل مختلفة من تاريخها، فأفيدونا مشكورين.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 04:52 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى-39 -
في الفصل الثالث من هذا الباب تعرض الكاتب إلى قضايا مختلفة تضع تصور الكاتبة للدعوة السلفية في الميزان.
فشرع في المبحث الأول في مناقشة ما سماه أغلوطة: من أدخل السلفية إلى الجزائر؟ وبين حفظه الله أن الجدل في هذه المسألة جدل عقيم، "لأن الذين أدخلوا السلفية (وهي الإسلام الصحيح) إلى الجزائر هم التابعون الأولون الفاتحون بقيادة عقبة بن نافع وأبي المهاجر دينار"، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع حجة الله على العباد، وعدم اشتهار أهل الحق في بعض الأزمنةوالأمكنة لا ينفي وجودهم، ومثل لذلك ببعض الحقائق التاريخية كقصةسلطاني المغرب السلفيين و موقف الشيخ عبد القادر الراشدي مع علماء عصره (أنظر أضواء على حياة عبد القادر الراشدي هنا http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=91587)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 05:00 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -40 -
ثم بين في نقطة أخرى أن الزعم بأن الفضل في انتشار السلفية يرجع إلى فلان أو فلان من آحاد الناس خطأ، بل الفضل بعد الله تعالى في انتشارها يرجع إلى عوامل كثيرة كمل بعضها بعضا فمن ذلك جهود علماء الجمعية وتلاميذهم، وجهود خريجي الجامعة الإسلامية من الجزائريين، والصحوة الحديثية التي تزعمها الشيخ الألباني رحمه الله، وانتشار الكتب والأشرطة الإسلامية
بعد هاتين المقدمتين خلص الكاتب إلى أن الكاتبة بسبب تبنيها لفكرة أن الذي أدخل السلفية إلى الجزائر هم أشخاص معينون ينسب الفضل إليهم وحدهم دون غيرهم، وهؤلاء -عندها - هم الشيخ الألباني وعلماء المملكة العربية السعودية فحسب، و أن من نسب انتشار السلفية إلى ابن باديس وعلماء الجمعية فقد غمط هؤلاء حقوقهم، راحت -عنذئذ- في سبيل تثبيت هذه الفكرة تهون من ثمرات دعوة الشيخ ابن باديس بأن طلبته لم يكونوا إلا أشاعرة أو إباضية أو مبتدعة، وقد ناقش الكاتب هذه الدعوى -منعا وتسليما- بالحقائق الشرعيةوالتاريخية.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 05:08 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى-41 -
في المبحث الثاني من هذا الفصل ناقش الكاتب الفروق التي وضعتها الكاتبة بين دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس لتبين عدم صحة تأثر ابن باديس بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لتخلص إلى أن ابن باديس ليس سلفيا، وقد وافق الكاتب الكاتبة في مسألة عدم تأثر ابن باديس بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأيد ذلك بالنصوص من كلامه، لكنه انتهز الفرصة لبيان موافقة أصول دعوة ابن باديس لأصول الشيخ محمد بن عبد الوهاب موضحا أسباب ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وانتشارها بخلاف دعوة ابن باديس رحمهما الله تعالى.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 05:17 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " -42 -
في الفصل الرابع من هذا الباب تعرض الكاتب إلى براءة الألباني من مذهب الغلو في التبديع ذلك أنه يفهم من كلام الكاتبة حسب -ما ذكره الكاتب- أن الألباني رحمه الله تعالى انتهج نفس المنهج الذي انتهجته الكاتبة في التبديع والتضليل فجمع الكاتب كلام الألباني رحمه الله من أشرطته تبين منهجه في التعامل مع المخالفين.
وبما أن هذا الفصل نشر على الشبكة من طرف بعض الإخوة (ولعله يطبع منقحا عن قريب حسبما سمعت) فأنا أكتفي بالإحالة إليه عبر هذا الرابط:
http://www.altebyan.com/vb/showthread.php?t=1775
ـ[سمير زمال]ــــــــ[25 - 01 - 08, 05:15 م]ـ
بار م الله فيك استاذنا ونفع بكم سيد احمد مهدي
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[02 - 02 - 08, 10:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
من هؤلاء الذين تكلموا في العلامة ابن بادسي رحمه الله؟
أرجوا توثيق كلام هؤلاء الناس لي، فأنا لم أقرأ بعد رد الشيخ محمد حاج عيسى حفظه الله، وليتني أنشط له.
ولكني أقول: هنيئا للصوفية بأمثالهم.
وأرجوا مطالعة هذا الرابط:
http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1480
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[07 - 02 - 08, 01:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
أخي سيد أحمد مهدي أنا أنتظر:)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[09 - 02 - 08, 04:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ الكريم سمير زمال جزاك الله خيرا
الأخ الكريم أبا عائش وخويلد شكرا على مشاركتك وسعيك إلى التثبت ومعذرة على التأخر فقد شغلت في هذه الأيام.
أما الذين تكلموا في الشيخ عبد الحميد بن باديس فقد ذكرتهم بالوصف العام في مقدمة هذا الموضوع، ولعلك تجد تخصيصا لهذا الوصف عند اطلاعك على الرابط المرفق بمقدمة الموضوع وقراءتك لملخص مقدمة كتاب الرد النفيس (الحلقة الثالثة من تلخيص الكتاب) فانظرها مشكورا.
أما عن توثيق كلام هؤلاء الناس، فهو موثق في أصل الرد (أقصد "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" الذي هو كما علمت رد على كتاب "الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي" وكلاهما غير مطبوع) والعهدة على مؤلفه وهو أهل للأمانة والصدق، أما العهدة التي علي فهي في أمانة تلخيص كلامه في كتاب الرد النفيس وعدم إحالة معناه عن وجهه بالتصرف، أسأل الله تعالى التوفيق والسداد، على أنني أنقل في كثير من الأحيان عند إيراد نص الطاعن في ابن باديس رقم الصفحة كما أوردها المؤلف-حفظه الله-
ولا يفوتني أن أنبهك أخي الحبيب أن ما أورد في هذا الموضوع ما هو إلا ملخص لمسائل انتقيتها من كتاب "الرد النفيس ... "، ولا تغني عن قراءة أصل الكتاب في حال طبعه مؤلفه، وإنما اضطررت إلى تعجيل هذه الخلاصة لأسباب اقتضت ذلك.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/111)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[17 - 02 - 08, 01:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة: إن شاء الله تعالى سأنزل بعض المباحث من بحثي: [التحذير من المخالفات العقدية للشيخ ابن باديس و رجال الجمعية] ريثما يراجعه أحد الأساتذة الفضلاء بارك الله فيه وفي علمه وأعماله .. آمين.
طبعا دون تبرير للأخطاء و تقديس لاشخاصهم ..
أو طعن في نياتهم -رحمهم الله-و تنقيص لهم ..
والله ولي التوفيق.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[26 - 02 - 08, 08:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ عبد الحق آل أحمد نسأل الله تعالى لك الهداية.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[26 - 02 - 08, 08:19 م]ـ
شرع المصنف حفظه الله تعالى في الباب الثالث من "الرد النفيس" في الجواب عن الشبهات التي اتهمته بها الكاتبة ابن باديس رحمه الله تعالى
استهل الفصل الأول بمناقشة ما يتعلق منها بالسياسة الشرعية التي فسرها بالمسائل التي تتعلق بالمصالح والمفاسد والموازنة بينها، و التي يختلف الترجيح فيها حسب الأزمنة والأمكنة والأحوال.
كان أول مبحث في هذا الفصل حول قضية التعاون مع الإباضية وغيرهم حيث أخذت كاتبة "الرد الوافي"ص13 على ابن باديس وجود الإباضية في جمعية العلماء زاعمة (ص55) أنه رحمه الله تعالى لم يرد عليهم.
والجواب على ما ذكرته في نقاط هذه بعضها:
1 - النظر في القصد من إنشاء الجمعية
فالكلام والأحداث إذا نقلت معزولةعن سياقها الزماني والمكاني تستهجنها الكثير من النفوس السوية، فلا بد من ربط الأحكام بواقعها، فالجزائر كانت آنذاك كما لا يخفى تحت ظل الاستعمار الفرنسي الكافر المستبد، وما فعله من تدمير للأمة ومقوامتها معلوم أيضا فقضى على العلم والدعوة إلى الله تعالى إلا تلك البقية الباقية من العلماء الذين كانوا يعدون على الأصابع، ابتلوا رحمهم الله بمهمة يلزم لإنجازها جيش من العلماء والدعاة،ولأجل هذا فقد وجه العلماء السلفيون نداءهم عند تشكيل الجمعية لكل من حمل وصف العالم -ابتداء-،" سواء ممن تعلم في جامع الزيتونة أو الأزهر أو القرويين أو الجزائر، وسواء كان من رجال الطرق أو عمال الإدارة الفرنسية أو حتى الإباضية، " لأن الأوضاع آنذاك كانت تقتضي التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة و كان من مصلحة الجمعية أيضا أن تكون ممثلة في كل جهات القطر الجزائري ومن جميع الطوائف لتفادي مضايقات الاستعمار الذي كان يتربص بها.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[01 - 03 - 08, 12:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ عبد الحق آل أحمد نسأل الله تعالى لك الهداية.
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته ..
آمين أخي "أحمد" ..
وأسأل الله تعالى لك مثل ذلك ..
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[01 - 03 - 08, 02:40 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[01 - 03 - 08, 05:13 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى-41 -
في المبحث الثاني من هذا الفصل ناقش الكاتب الفروق التي وضعتها الكاتبة بين دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس لتبين عدم صحة تأثر ابن باديس بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لتخلص إلى أن ابن باديس ليس سلفيا، وقد وافق الكاتب الكاتبة في مسألة عدم تأثر ابن باديس بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأيد ذلك بالنصوص من كلامه، لكنه انتهز الفرصة لبيان موافقة أصول دعوة ابن باديس لأصول الشيخ محمد بن عبد الوهاب موضحا أسباب ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وانتشارها بخلاف دعوة ابن باديس رحمهما الله تعالى.
أخي "أحمد" قلت كلمة حق: "وقد وافق الكاتب الكاتبة في مسألة عدم تأثر ابن باديس بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأيد ذلك بالنصوص من كلامه ".
حري بنا أخي أن نتدبر كلامك هذا لما فيه من فوائد كثيرة .. منها ..
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[04 - 03 - 08, 05:50 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -43 -
2 - أصول جمعية العلماء ودستورها
وبيان ذلك أن ابن باديس رحمه الله جعل للجمعية دستورا يشترط الالتزام به لكل من أراد الانخراط فيها،فانضمام بعض الطرقية والإباضية للجمعية لم يعن في أي حال من الأحوال السكوت عن عقائدهم بل بعض بنود قانونها كانت في حد ذاتها ردودا على أهل هذه الفرق وهذا بعض ما ورد في قانون الجمعية ملخصا:
الأصل الثالث: القرآن الكريم هو كتاب الإسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/112)
الأصل الرابع: السنة القولية والفعلية الصحيحة تفسير وبيان للقرآن.
الأصل الخامس: سلوك السلف الصالح «الصحابة والتابعين وأتباع التابعين» تطبيق صحيح لهدي الإسلام.
الأصل السادس: فهوم السلف الصالح أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسنة.
الأصل السابع: البدعة كل ما أحدث على أنه قربة وعبادة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعله، وكل بدعة ضلالة.
الأصل الثامن: المصلحة كل ما اقتضته حاجة الناس في أمر دنياهم، ونظام معيشتهم وضبط شؤونهم، وتقدم عمرانهم، مما تقره أصول الشريعة.
الأصل التاسع: أفضل الخلق هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه:
الفقرة الأولى: اختاره الله لتبليغ أكمل شريعة للناس.
الفقرة الثانية: كان على أكمل الأخلاق البشرية.
الفقرة الثالثة: بلغ الرسالة ومثل كمالها بذاته وسيرته.
الفقرة الرابعة: عاش مجاهدا في كل لحظة من حياته في سبيل سعادة البشرية جمعاء، حتى خرج من الدنيا ودرعه مرهونة.
الأصل العاشر: أفضل أمته بعده هم السلف الصالح لكمال اتباعهم له.
الأصل الحادي عشر: أفضل المؤمنين هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، وهم الأولياء الصالحون، فحظ كل مؤمن من ولاية الله على قدر حظه من تقوى الله.
الأصل الثاني عشر: التوحيد أساس الدين، فكل شرك في الاعتقاد أو في القول أو في الفعل فهو باطل مردود على صاحبه.
الأصل الثالث عشر: العمل الصالح المبني على التوحيد به وحده النجاة والسعادة عند الله فلا النسب ولا الحسب ولا الحظ بالذي يغني الظالم شيئا.
الأصل الرابع عشر: اعتقاد تصرف واحد من الخلق مع الله في شيء ما شرك وضلال، ومنه اعتقاد الغوث والديوان.
الأصل الخامس عشر: بناء القباب على القبور و وقد السرج عليها والذبح عندها لأجلها والاستغاثة بأهلها ضلال من أعمال الجاهلية، ومضاهاة لأعمال المشركين، فمن فعله جاهلا يُعلَّم، ومن أقره ممن ينتسب إلى العلم فهو ضال مضل.
الأصل السادس عشر: الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف، ومبناها كلها على الغلو في الشيخ، والتحيز لاتباع الشيخ، وخدمة دار الشيخ وأولاد الشيخ، إلى ما هنالك من استغلال وإذلال وإعانة لأهل الإذلال والاستغلال، ومن تجميد للعقول وإماتة للهمم وقتل للشعور وغير ذلك من الشرور.
الأصل السابع عشر: ندعو إلى ما دعا إليه الإسلام، وما بيناه من الأحكام بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح من الأئمة مع الرحمة والإحسان دون عداوة أو عدوان.
الأصل الثامن عشر: الجاهلون المغرورون أحق الناس بالرحمة.
الأصل التاسع عشر: المعاندون المستغلون أحق الناس بكل مشروع من الشدة والقسوة.
الأصل العشرون: عند المصلحة العامة من مصالح الأمة يجب تناسي كل خلاف يفرق الكلمة ويصدع الوحدة، ويوجد للشر ثغرة، ويتحتم التآزر والتكاتف حتى تنفرج الأزمة وتزول الشدة بإذن الله، ثم بقوة الحق وادراع الصبر وسلاح العلم والعمل والحكمة} قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [(يوسف:108).الآثار (5/ 153 - 155).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[04 - 03 - 08, 05:58 م]ـ
3 - العمل في المتفق عليه لا يلزم منه السكوت عن المختلف فيه
رمت الكاتبة ابن باديس باتباع سبيل الإخوان الذين أخذوا بقاعدة " نتعاون على ما نشترك فيه، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه "، وحملوها أكثر ما تحتمل، ثم بين الكاتب أن الناس في العمل المشترك ثلاث فئات: فأما الغلاة فينفون أي عمل مشترك " إلا إذا كنا جميعا على قلب رجل واحد في الكليات والجزئيات"-على حسب تعبير الكاتب-، وأما الإخوان فتوسعوا في هذه القاعدة توسعا كبيرا، والموقف الوسط هوالعمل بالقاعدة كما صححها العلماء «فلنعمل فيما اتفقنا فيه، ولينصح بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه"، ثم بين أن ابن باديس رحمه الله تعالى رد على أهل الطوائف التي انضم بعض رجالها إلى الجمعية فأما ردوده على الطرقيين فأشهر من أن تذكر وأما الرد على المتكلمين وأصحاب العقائد الأشعرية فكتاب ابن باديس في العقيدة مشهور منشور، ثم أورد الكاتب حفظه الله نماذج من ردود ابن باديس على الإباضية، منها مقال رد فيه على ابن بكير الميزابي أنظرالآثار (6/ 118 - 119).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/113)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[05 - 03 - 08, 02:06 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -43 -
2 - أصول جمعية العلماء ودستورها
وبيان ذلك أن ابن باديس رحمه الله جعل للجمعية دستورا يشترط الالتزام به لكل من أراد الانخراط فيها،فانضمام بعض الطرقية والإباضية للجمعية لم يعن في أي حال من الأحوال السكوت عن عقائدهم بل بعض بنود قانونها كانت في حد ذاتها ردودا على أهل هذه الفرق وهذا بعض ما ورد في قانون الجمعية ملخصا:
الأصل الثالث: القرآن الكريم هو كتاب الإسلام.
الأصل الرابع: السنة القولية والفعلية الصحيحة تفسير وبيان للقرآن.
الأصل الخامس: سلوك السلف الصالح «الصحابة والتابعين وأتباع التابعين» تطبيق صحيح لهدي الإسلام.
الأصل السادس: فهوم السلف الصالح أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسنة.
الأصل السابع: البدعة كل ما أحدث على أنه قربة وعبادة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعله، وكل بدعة ضلالة.
الأصل الثامن: المصلحة كل ما اقتضته حاجة الناس في أمر دنياهم، ونظام معيشتهم وضبط شؤونهم، وتقدم عمرانهم، مما تقره أصول الشريعة.
الأصل التاسع: أفضل الخلق هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه:
الفقرة الأولى: اختاره الله لتبليغ أكمل شريعة للناس.
الفقرة الثانية: كان على أكمل الأخلاق البشرية.
الفقرة الثالثة: بلغ الرسالة ومثل كمالها بذاته وسيرته.
الفقرة الرابعة: عاش مجاهدا في كل لحظة من حياته في سبيل سعادة البشرية جمعاء، حتى خرج من الدنيا ودرعه مرهونة.
الأصل العاشر: أفضل أمته بعده هم السلف الصالح لكمال اتباعهم له.
الأصل الحادي عشر: أفضل المؤمنين هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، وهم الأولياء الصالحون، فحظ كل مؤمن من ولاية الله على قدر حظه من تقوى الله.
الأصل الثاني عشر: التوحيد أساس الدين، فكل شرك في الاعتقاد أو في القول أو في الفعل فهو باطل مردود على صاحبه.
الأصل الثالث عشر: العمل الصالح المبني على التوحيد به وحده النجاة والسعادة عند الله فلا النسب ولا الحسب ولا الحظ بالذي يغني الظالم شيئا.
الأصل الرابع عشر: اعتقاد تصرف واحد من الخلق مع الله في شيء ما شرك وضلال، ومنه اعتقاد الغوث والديوان.
الأصل الخامس عشر: بناء القباب على القبور و وقد السرج عليها والذبح عندها لأجلها والاستغاثة بأهلها ضلال من أعمال الجاهلية، ومضاهاة لأعمال المشركين، فمن فعله جاهلا يُعلَّم، ومن أقره ممن ينتسب إلى العلم فهو ضال مضل.
الأصل السادس عشر: الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف، ومبناها كلها على الغلو في الشيخ، والتحيز لاتباع الشيخ، وخدمة دار الشيخ وأولاد الشيخ، إلى ما هنالك من استغلال وإذلال وإعانة لأهل الإذلال والاستغلال، ومن تجميد للعقول وإماتة للهمم وقتل للشعور وغير ذلك من الشرور.
الأصل السابع عشر: ندعو إلى ما دعا إليه الإسلام، وما بيناه من الأحكام بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح من الأئمة مع الرحمة والإحسان دون عداوة أو عدوان.
الأصل الثامن عشر: الجاهلون المغرورون أحق الناس بالرحمة.
الأصل التاسع عشر: المعاندون المستغلون أحق الناس بكل مشروع من الشدة والقسوة.
الأصل العشرون: عند المصلحة العامة من مصالح الأمة يجب تناسي كل خلاف يفرق الكلمة ويصدع الوحدة، ويوجد للشر ثغرة، ويتحتم التآزر والتكاتف حتى تنفرج الأزمة وتزول الشدة بإذن الله، ثم بقوة الحق وادراع الصبر وسلاح العلم والعمل والحكمة} قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [(يوسف:108).الآثار (5/ 153 - 155).
أخي "أحمد"- وفقني الله و إياك لمرضاته - قلت: "وهذا بعض ما ورد في قانون الجمعية ملخصا: .. ". فهلا ذكرت كل قانون الجمعية كاملا دون تلخيص؟؟ .. أم في القانون ما يخالف أصول الدعوة السلفية؟؟
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[11 - 03 - 08, 01:45 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -45 -
4 - هل يلام السلفيون على إنشاء الجمعية؟
ومفاد هذا الجواب أنه على التسليم بأن التعاون مع الإباضية في مثل تلك الظروف أمر منكر فإن "الإنسان إذا وجب عليه السير ثم وجد نفسه مجبرا على اختيار أحد طريقين، والطريقان كلاهما فيه مخاطر وفيه مخالفات شرعية، فإنه من غير شك يختار أخفهما مخالفة وأقلهما خطرا" ثم نقل الكاتب حفظه الله نصا نفيسا عن شيخ الإسلام رحمه الله يقرر قاعدة ذهبية،قال:
" قد يقترن بالحسنات سيئات إما مغفورة أو غير مغفورة، وقد يتعذر أو يتعسر على السالك سلوك الطريق المشروعة المحضة إلا بنوع من المحدث لعدم القائم بالطريق المشروعة علما وعملا، فإذا لم يحصل النور الصافي بأن لم يوجد إلا النور الذي ليس بصاف وإلا بقي الإنسان في الظلمة، فلا ينبغي أن يعيب الرجل وينهى عن نور فيه ظلمة إلا إذا حصل نور لا ظلمة فيه وإلا فكم ممن عدل عن ذلك يخرج عن النور بالكلية إذا خرج غيره عن ذلك لما رآه في طرق الناس من الظلمة، وإنما قررت هذه القاعدة ليحمل ذم السلف والعلماء للشيء على موضعه "مجموع الفتاوى (10/ 364).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/114)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[11 - 03 - 08, 01:56 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -46 -
شرع الكاتب في المبحث الثاني من هذا الفصل في الرد على ما أوردته الكاتبة على ابن باديس رحمه الله في أسلوب التعامل مع الإدارة الفرنسية،مع أن هذه المسألة مندرجة في "باب السياسة التي لا يفهمها المبتدؤون في العلم ولا يسبر غورها إلا خواص العلماء" وقد رد الكاتب عن الشبهات التي رمي بها ابن باديس رحمه الله في هذا الباب ونحن نورد بعضها:
المطلب الأول: حكم تعزية الكفار
مما أنكرته الكاتبة (ص80) على الجمعية تعزية نشرت في العدد الأول من البصائر للوالي العام الفرنسي إذ توفيت زوجته، فوضح الكاتب أن ما انتقدته الكاتبة على الجمعية هو أمر في أصله مباح وقد نتجوز فندخله في باب التقية، ثم نقل عن ابن القيم نصا في هذه المسألة، قال ابن القيم بعد أن أورد أثرا في تعزية اليهود والنصارى وتوقف أحمد فيه:"فصل في تهنئتهم بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سلامة من مكروه ونحو ذلك، وقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد فأباحها مرة ومنعها أخرى والكلام فيها كالكلام في التعزية، والعيادة ولا فرق بينهما ولكن ليحذر الوقوع فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه، كما يقول أحدهم متعك الله بدينك أو نيحك فيه أو يقول له أعزك الله أو أكرمك إلا أن يقول أكرمك الله بالإسلام وأعزك به ونحو ذلك، فهذا في التهنئة بالأمور المشتركة. وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب "أحكام أهل الذمة 1/ 144 وبين الكاتب أيضا أن الصحيح في مذهب المالكية والشافعية والحنابلة جواز تعزية الكافر بميته الكافر، والبحث عندهم فيما يقال له وهو فرع تجويز التعزية بل نص كثير من الفقهاء على الاستحباب إذا رجي منه الإسلام وتأليف القلب. فما دام الأمر مباحا فكيف إذا كان فيه مداراة للكفار واتقاء لشرهم ثم نقل فتوى عن اللجنة الدائمة فتاوى اللجنة الدائمة هذا نصها:" إن كان قصده من التعزية أن يرغبهم في الإسلام، فإنه يجوز ذلك وهذا من مقاصد الشريعة، وهكذا إذا كان في ذلك دفع أذاهم عنه أو عن المسلمين، لأن المصالح العامة الإسلامية تغتفر فيها المضار الجزئية " فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 132) إمضاء ابن باز وعفيفي وغديان وابن قعود.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[11 - 03 - 08, 02:00 م]ـ
في المطلب الثالث من هذا المبحث ناقش الكاتب الكاتبة في نقدها لمقولة ابن باديس لو أمرتني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله ما قلتها حيث آخذت الكاتبة (ص145) الإمام عبد الحميد ابن باديس بكلمته الشهيرة هذه ووصفتها بالعبارة الخاوية على عروشها المنحرفة عن العقيدة السلفية،وأن هذا القول تقشعر منه جلود الذين آمنوا وعرفوا قيمة لا إله إلا الله.
ووجه الكاتب حمل الكاتبة هذه الكلمة على ما حملته أنها ربما فهمت منها أنها لو أمرته فرنسا بالتوحيد لأمعن في مخالفتها فيرفض التوحيد ويصر على الشرك كقول بعض جهال العوام لو دخل فلان الجنة ما دخلتها، وهذا فيه بعد وتكلف ظاهر ولا يساعده سبب ورود هذه الكلمة.
ثم وضح الكاتب أن المقصود من الكلمة المتبادر إلى الذهن أن "فرنسا لو أمرته بذلك وكان فيه مصلحة لها لما قالها، ذلك أن الفرنسيين طلبوا منه إدانة النازية وأن يؤيد فرنسا على عدوتها ألمانيا ولو بكلمة واحدة فرفض، لأنه كان يعلم أن المراد هو استغلال كلمته لتجنيد الشباب الجزائري ليقاتل تحت اللواء الفرنسي، وكلنا يعلم أن كلمة الحق قد يراد بها الباطل بحسب الحال والزمان والمكان، فابن باديس يقول أنا لا أقول كلمة الحق ولو كانت كلمة التوحيد إذا كانت ستستغل في الباطل، فإن قيل وكيف تستغل كلمة التوحيد لنصرة الباطل؟ قيل كما قال الخوارج لا حكم إلا لله، فهذا من التوحيد وقد أرادوا به الباطل، هذا توجيه كلامه ولا محذور فيه والحمد لله رب العالمين."
قلت (سيد أحمد مهدي):يمكن أن يعتذر لفهم الكاتبة هذا الفهم من كلام ابن باديس رحمه الله تعالى بعذر أقبح من ذنب -كما يقال-،لأنها فهمت من الكلمة أن فرنسا لو طلبت من ابن باديس أن يدخل في الإسلام لما دخل ولأصر على الكفر، وهذا هو مقتضى سوء الظن بالعلماء والصالحين أن نحمل كلامهم على أأقبح المحامل وأشنعها، مع احتمال كلامهم المتشابه لمعان أخرى لا محذور فيها، فمن ساء ظنه وجعل الأصل في المسلمين البدعة والقدح لم يتبادر إلي ذهنه من أي كلام يسمعه إلا أقبح معنى، أما من جعل الأصل في المسلمين السلامة وتقرب إلى ربه بعبادة حسن الظن بالعلماء والصالحين، فإن الله تعالى يسوي فطرته،فلا يتبادر إلى ذهنه عند سماع كلمة حمالة وجوه من عالم أوصالح إلا أحسن المحامل، لذلك حمل الكاتب وكثير ممن سلمت فطرته كلمة ابن باديس هذه على المحمل السوي الحسن وهو أن فرنسا لو طلبت منه أن يقول بلسانه لا إله إلا الله كرامة لها وإرضاء لرغباتها ما قال ذلك، وهذا موقف من ابن باديس يحمد عليه وكلمة تؤثر عنه نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/115)
ـ[أبو محمّد الإدريسي]ــــــــ[12 - 03 - 08, 07:17 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب
و رحم الله العلامّة ابن باديس
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[18 - 03 - 08, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوان الكريمان محمد بن سحنون و أبو محمد الإدريسي جزاكما الله خيرا.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[18 - 03 - 08, 05:27 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -48 -
عنون الكاتب-حفظه الله- المبحث الثالث من هذا الفصل بتساؤل هو: ما هو الموقف الصحيح من تعطيل زوايا السنوسية؟ إذ رمت الكاتبة ابن باديس (53ص) بأنه فرح لاعتلاء أتاتورك السلطة وإسقاط دولة التصوف، في حين أنه تحسر على إغلاق زوايا السنوسية من طرف الإيطاليين، فكان أهم ما أجاب به الكاتب أن المسلم يقف مع المسلم مهما بلغ ضلاله ضد الكافر، ولا ينبغي أن يفرح مسلم لهزيمة المسلم أمام الكافر، بل عليه أن يحزن، وذلك أضعف الإيمان وإلا فالواجب نصرة المسلم على عدوه، ثم ليس كل الزوايا كانت بيد الطرقيين ولا كل الطرقيون وقع في الشرك الأكبر،وقد تحدث المؤرخون عن السنوسية أنها أقل الزوايا شرا وبدعاحتى زعموا أنها تأثرت بالدعوة النجدية.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[18 - 03 - 08, 05:35 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -49 -
في الفصل الثاني من هذا الباب تعرض الكاتب لقضايا الثناء على الناس التي آخذت بها الكاتبة الإمام ابن باديس، فإن من الأخطاء التي شاعت مؤخرا مؤاخذة الناس بالثناء على آخرين مع إلزام المثني موافقة من أثنى عليه فيما أخطأ فيه، وإن كان الثناء خاصا بجهة من الجهات وصفة من الصفات بدلالة الحال أو المقال وبناء على هذا نقلت الكاتبة ما عدته ثناء من كلام الشيخ بن باديس على بعض الشخصيات لتطرده من السلفية. فكان مما آخذت الكاتبة على ابن باديس رحمه الله الثناء على محمد عبده التي نسبت إليه الكاتبة هداها الله كل شنيع وقبيح-كما سبق-، مع أن الواقع أن ابن باديس أو غيره من رجال الجمعية لم يثنوا على محمد عبده من أجل الأمور التي كانت تنكر عليه، هذه الأمور التي عاش ابن باديس وإخوانه حياتهم كلها في حربها وإزالتها، وإنما أثنوا عليه من أجل الخصال التي كانت تعتبر مظهر دعوة محمد عبده العام، "وهي دعوته إلى إصلاح التعليم ومناهجه ودعوته إلى تجديد العلوم الشرعية، وإحياء الاجتهاد ونبذ التقليد، ومحاربته المعلنة للطرقيين الخرافيين وعداؤه الواضح لعقائد المرجئة والجبرية" .... "ولكنه (محمد عبده) رحمه الله غلا في مخالفتهم حتى أتى بالعجائب والطامات" ويعتذر لإعجاب بن باديس بمحمد عبده أيضا بأن ذلك كان تبعا لثناء محمد رشيد رضا وأن ابن باديس رحمه الله لم يكن على علم بالضلالات الثابتة عن محمد عبده التي اشتهر الكثير منها بعد سنوات من وفاته.
وجزم الكاتب أن ابن باديس كان محسنا الظن بمحمد عبده بما بلغه عنه من محاسن نقلها وشهرها محمد رشيد رضا في مجلته المنار، وفي كتابه تاريخ الأستاذ الإمام الذي صدر عام 1350هـ (1931م) ويكفي هذا عذرا له.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[18 - 03 - 08, 05:44 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -50 -
ثم أجاب الكاتب عن تساؤل الكاتبة (ص 112) في سياق التشنيع على ابن باديس: لماذا لم يرد ابن باديس على محمد عبده؟،وأنا أنقل من هذا الجواب كلمتين نقلها عن ابن باديس أرى أنهما كافيتان للجواب عن السؤال السابق لمن تأمل، قال ابن باديس رحمه الله: «فلا نعجب لمن يعارض ويكايد ويماري، ولكننا نعجب لأنفسنا ولكم إذا أقمنا لتلك المعارضات والمكائد وزنا، أو شغلنا بها حيزا من نفوسنا أو أضعنا فيها حصة من أوقاتنا، وإن أدنى ما يغنمه المبطل أن يضيع الوقت على المحق وإنني أوصيكم ونفسي في هذا المقام أن يكون في حقكم شاغل لكم عن باطل المبطلين، فإذا قام حقكم واستوى قضيتم على المبطلين وباطلهم، وإننا نشهد الله والمنصفين من الأمة على أننا ماضون في بيان الحق وأن مبدأنا الإصلاحي التهذيبي قد ملك علينا حواسنا وأوقاتنا، فإذا بدر منا في بعض الأوقات كلام على باطل المبطلين فليس ذلك عن قصد له وحفل به، ولكن لأنه صادمنا وتوقف إثبات حقنا على نفيه. وما حيلة من يسلك سبيلا فتعترضه الصخور حتى لا يجد عنها محيدا إن الضرورة تقضي عليه أن يجهد في نزعها وإماطتها ثم لا يكون جهده في ذلك إلا كتماديه في السير» الآثار (4/ 165 - 166). وقال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى:"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل125): «أمر الله تعالى بالدعوة وبالجدال على الوجه المذكور فكلاهما واجب على المسلمين أن يقوموا به فكما يجب لسبيل الرب جل جلاله أن تعرف بالبيان بالحكمة، وأن تحب بالترغيب بالموعظة الحسنة، كذلك يجب أن يدافع من يصدون عنها بالتي هي أحسن، إذ لا قيام لشيء من الحق إلا بهذه الثلاث غير أن الدعوة بوجهيها والجدال ليستا في منزلة واحدة في القصد والدوام فإن المقصود بالذات هو الدعوة أما الجدال فإنه غير مقصود بالذات، وإنما يجب عند وجود المعارض بالشبهة والصاد بالباطل عن سبيل الله، فالدعوة بوجهيها أصل قائم والجدال يكون عند وجود ما يقتضيه، ولهذا كانت الدعوة بوجهيها محمودة على كل حال، وكان الجدال مذموما في بعض الأحوال وذلك فيما إذا استعمل عند عدم الحاجة إليه فيكون حينئذ شاغلا عن الدعوة ومؤديا في الأكثر إلى الفتنة، فإذا كانالجدل لمجرد الغلبة والظهور فهو شر كله، وأشد شرا منه إذا كان لمدافعة الحق بالباطل» الآثار (1/ 72 - 73).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/116)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[18 - 03 - 08, 05:51 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -50 -
ثم أجاب الكاتب عن تساؤل الكاتبة (112) في سياق التشنيع على ابن باديس: لماذا لم يرد ابن باديس على محمد عبده؟،وأنا أنقل من هذا الجواب كلمتين نقلها اعن ابن باديس أرى أنهما كافيتان للجواب عن السؤال السابق لمن تأمل، قال ابن باديس رحمه الله: «فلا نعجب لمن يعارض ويكايد ويماري، ولكننا نعجب لأنفسنا ولكم إذا أقمنا لتلك المعارضات والمكائد وزنا، أو شغلنا بها حيزا من نفوسنا أو أضعنا فيها حصة من أوقاتنا، وإن أدنى ما يغنمه المبطل أن يضيع الوقت على المحق وإنني أوصيكم ونفسي في هذا المقام أن يكون في حقكم شاغل لكم عن باطل المبطلين، فإذا قام حقكم واستوى قضيتم على المبطلين وباطلهم، وإننا نشهد الله والمنصفين من الأمة على أننا ماضون في بيان الحق وأن مبدأنا الإصلاحي التهذيبي قد ملك علينا حواسنا وأوقاتنا، فإذا بدر منا في بعض الأوقات كلام على باطل المبطلين فليس ذلك عن قصد له وحفل به، ولكن لأنه صادمنا وتوقف إثبات حقنا على نفيه. وما حيلة من يسلك سبيلا فتعترضه الصخور حتى لا يجد عنها محيدا إن الضرورة تقضي عليه أن يجهد في نزعها وإماطتها ثم لا يكون جهده في ذلك إلا كتماديه في السير» الآثار (4/ 165 - 166). وقال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل125): «أمر الله تعالى بالدعوة وبالجدال على الوجه المذكور فكلاهما واجب على المسلمين أن يقوموا به فكما يجب لسبيل الرب جل جلاله أن تعرف بالبيان بالحكمة، وأن تحب بالترغيب بالموعظة الحسنة، كذلك يجب أن يدافع من يصدون عنها بالتي هي أحسن، إذ لا قيام لشيء من الحق إلا بهذه الثلاث غير أن الدعوة بوجهيها والجدال ليستا في منزلة واحدة في القصد والدوام فإن المقصود بالذات هو الدعوة أما الجدال فإنه غير مقصود بالذات، وإنما يجب عند وجود المعارض بالشبهة والصاد بالباطل عن سبيل الله، فالدعوة بوجهيها أصل قائم والجدال يكون عند وجود ما يقتضيه، ولهذا كانت الدعوة بوجهيها محمودة على كل حال، وكان الجدال مذموما في بعض الأحوال وذلك فيما إذا استعمل عند عدم الحاجة إليه فيكون حينئذ شاغلا عن الدعوة ومؤديا في الأكثر إلى الفتنة، فإذا كانالجدل لمجرد الغلبة والظهور فهو شر كله، وأشد شرا منه إذا كان لمدافعة الحق بالباطل» الآثار (1/ 72 - 73).
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[18 - 03 - 08, 06:27 م]ـ
الله المستعان أقول للأخ عبد الحق آل احمد غفر الله لك
أما بالنسبة للأخ سيد أحمد مهدي فبارك الله فيك
وسأحاول أن أنزل القانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين
فقد طبع قديما وهو مترجم إلى الفرنسية
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[19 - 03 - 08, 02:54 م]ـ
الله المستعان أقول للأخ عبد الحق آل احمد غفر الله لك
أما بالنسبة للأخ سيد أحمد مهدي فبارك الله فيك
وسأحاول أن أنزل القانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين
فقد طبع قديما وهو مترجم إلى الفرنسية
أخي الفاضل"محمد بن سحنون": لا أقول لك إلا آمين .. وحبذا لو تكون في ظهر الغيب ليكون لك بالمثل. فلا تنسني من الدعاء الصالح وبارك الله فيك.
وسأكفك بعض العناء مع انتظاري تنزيلك للقانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين .. عند أن أعرض الأخ "مهدي"-ليس جبنا ولا خوفا-لكن لضيق في الوقت ربما أو نسي وهذا من باب إحسان الظن .. لكن هاكم ما لم ينقله الأخ "مهدي"- هداه الله تعالى- وأنقل بعضه فقط في انتظار الأخ "بن سحنون":
..
الأصل الثاني: الإسلام هو دين البشرية الذي لا تسعد إلا به، وذلك لأنه:
أولا: كما يدعو إلى الأخوة الإسلامية بين جميع المسلمين، يذكر بالأخوة الإنسانية بين جميع البشر.
ثانيا: يسوي في الكرامة البشرية و الحقوق الإنسانية بين جميع الأجناس و الألوان.
...
ثامنا: يترك لأهل كل دين دينهم يفهمونه و يطبقونه كما يشاؤون.
أيها الإخوة الفضلاء:
بتدبر ما سبق نقله أذلك الكلام حق أم باطل؟ باختصار ...
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ..
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[19 - 03 - 08, 10:27 م]ـ
وهذا ما وعدت به، لكن سأكتبه في موضوع جديد بعنوان: القانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ومبادئها الإصلاحية
فالله أسأل أن يوفقني
وأقول للأخ عبد الحق سلمه الله إن كل من دافع عن الجمعية ورجالها ــ كابن ياديس وغيرهم رحمهم الله ــ لا ينكرون أنهم رحمهم الله قد وقعوا في بعض الأخطاء، شأنهم شأن العلماء السابقين واللاحقين،لكن أن يأتي واحد ممن لم ترسخ قدمه في العلم ويخرجهم من السلفية ويلحقهم بأهل البدع فهذا الذي دون إثباته خرق القتاد
وأنا ناصح لك أمين حتى يزول عنك هذا الإشكال اقرأ تراجم أهل العلم من السلف ولاحظ كيف تعامل العلماء مع أخطائهم ومن أفضل الكتب في ذلك سير أعلام النبلاء والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/117)
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[19 - 03 - 08, 10:28 م]ـ
اللهم أسألك سلامة الصدر لعلمائنا الأجلاء
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[19 - 03 - 08, 11:45 م]ـ
وهذا مقال للعلامة ابن باديس رحمه الله فاقرأه أخي عبد الحق خفظك الله تعرف منزلته
بسم الله الرحمان الرحيم من مؤسسة السنة إلى قرائها اللهم صل على محمد وآله وسلم
بواعثنا ــــ عملنا ــــ خطتنا ــــغاينتا رأينا كما يرى كل مبصر ما نحن عليه معشر المسلمين من انحطاط في الخلق وفساد في العقيدة وجمود في الفكر وقعود عن العمل وانحلال في الوحدة وتعاكس في الوجهة وافتراق في السير ,حتى خارت النفوس القوية وفترت العزائم المتقدة وماتت الهمم الوثابة ودفنت الآمال في صدور الرجال واستولى القنوط القاتل واليأس المميت , فأحاطت بنا الويلات من كل جهة وانصبت علبنا المصائب من كل جانب
رأينا هذا كله كما رآه المسلمون كلهم وذقنا منه الأمرين مثلهم ففزعنا إلى الله الذي لم تستطع هذه الأهوال والمصائب كلها أن تمس إيماننا به وتزعزع ثقتنا فيه فاستغثنا واستجرنا واستخرنا, وتوسلنا إليه جل جلاله بالإيمان وبسابق الائه , وجأرنا إليه بأسمائه , فهدانا ــ وله المنة ــ إلى النور الوضاء الوهاج الأتم والمنهاج الواضح الأقوم.
هدانا إلى سنة سيدنا الأكرم وقدوتنا الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
عرفنا ــ مما هدانا إليه ربنا ــ الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والهدى الذي ما بعده إلا الضلال وسبيل النجاة التي ما في مخالفتها إلا الهلاك والدواء الذي بدونه لا تبرأ النفوس من أدوائها ولا تظفر بالقليل من شفائها , فحمدنا الله على ما هدانا وعقدنا العزم على المحافظة على هذه النعمة وشكرها.
وما شكرها إلا في العمل بها ونشرها وأشفقنا على أنفسنا من تبعة الكتمان وما جاء فيمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه من ضعف الإيمان, فأخذنا على أنفسنا دعوة الناس إلى السنة النبوية المحمدية وتخصيصها بالتقديم والأرجحية , فكانت دعوتنا ــ علم الله ــ من أول يوم عليها والحث على التمسك والرجوع إليها , ونحن اليوم على ما كنا سائرون وإلى الغاية التي سعينا إليها قاصدون وقد زدنا من فضل الله ــ أن أسسنا هذه الصحيفة الزكية و أسميناها<< السنة النبوية المحمدية>>
لتنشر على الناس ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سيرته العظمى وسلوكه القويم وهديه العظيم الذي كان مثالا ناطقا لهدي القرآن وتطبيقا لكل ما دعا القرآن عليه بالأقوال والأفعال والأحوال مما هو المثل الأعلى في الكمال والحجة الكبرى عند جميع أهل الإسلام , فالأئمة كلهم يرجعون إليها والمذاهب كلها تنطوي تحت لوائها وتستنير بضوئها , وفيها وحدها ما يرفع أخلاقنا من وهد ة الانحطاط ويطهر عقيدتنا من الزيغ والفساد ويبعث على النظر والتفكير , ويدفعنا إلى كل عمل صالح , ويربط وحدتنا برباط الأخوة واليقين ويسير بنا في طريق واحد مستقيم ويوجهنا وجهة واحدة في الحق والخير ويحي منا النفوس والهمم والعزائم ويثير كوامن الآمال ويرفع عنا الإصر و الأغلال ويصيرنا ــ حقا ــ خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.
فها نحن اليوم نتقدم بهذه الصحيفة للأمة كلها على هذا القصد وعلى هذه النية:عملنا نشر السنة النبوية المحمدية وحمايتها من كل ما يمسها بأذية , وخطتنا الأخذ بالثابت عند أهل النقل الموثوق بهم ,و الاهتداء بفهم الأئمة المعتمد عليهم ,ودعوة المسلمين كافة إلى السنة النبوية المحمدية دون تفريق بينهم , وغايتنا أن يكون المسلمون مهتدين بهدي نبيهم في الأقوال والسير والأحوال حتى يكونوا للناس كما كان هو ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ مثالا أعلى في الكمال.
والله نسأل التوفيق والتسديد قي القصد و القول و العمل, لنا وللمسلمين أجمعين
الرئيس: عبد الحميد بن باديس
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[19 - 03 - 08, 11:47 م]ـ
أنا آسف حتى أكتب حفظك الله كتبت خفظك، فمعذرة لك أخي عبد الحق
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[21 - 03 - 08, 06:21 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا أخونا و شيخنا مهدي و رفع درجتك
و بارك في كل من ساهم في هذا الجهد المبارك
فقد اطلعت على هذا الموضوع متأخرا و سألت الشيخ صاحب حاج عيسى عن الكتاب فأخبرني أن الفصل الآخر منه سيصدر بإذن الله قبل نهاية هذا العام و أظنه قال بعنوان آخر
ندعو الله له بالتوفيق و السداد و أن يرزقه الإخلاص في القول و العمل
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 03 - 08, 03:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوان الكريمان محمد بن سحنون و أبوحذيفة الجزائري جزاكما الله خيرا
أخي المسكين المبتلى عبدالحق آل أحمد أسأل الله تعالى أن يعافيك ويهديك، لقد أشرتُ في غير ما موضع من هذا الموضوع أن مشاركاتي فيه ما هي إلا لمحات وتلخيص وبعض ما جاء في كتاب الرد النفيس، أنتقي منه ما أراه كافيا في رد الشبهة وحصول المقصود وما أسلم فيه من النقض وتكلف الرد على من ابتلي بسوء الظن وسوء الفهم -عافانا الله تعالى وإياك-، فهذا هو شرطي أيها اللبيب الحبيب إن لم تفهمه بالإشارات فها أنا ذا أصرح به و"أبرح". اللهم يا مفهم سليمان فهمنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/118)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 03 - 08, 04:01 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -51 -
في المبحث الثاني من هذا الفصل تعرض الكاتب لمؤاخذة الكاتبة ابن باديس لما أثنى على عمر المختار ورأت أنه كان من الواجب أن يبين عقيدته ويحذر منها "وأنه لا ينبغي مدح أصحاب البطولات والشجاعة لأن في ذلك تغريرا بالشباب السلفي" وبين الكاتب في هذا المبحث أنه لا وجه لمؤاخذة ابن باديس بذلك في نقاط منها أن نسبة المقال المذكور إلى ابن باديس غير متحققة لقرائن ذكرها وعلى التسليم بنسبته إليه فلا يلزم أن يقول إن عمر المختار ضال في عقيدته وهو يشيد ببطولته.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 03 - 08, 04:07 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -52 -
في المبحث الثالث من هذا الفصل تعرض الكاتب إلى قضية الثناء على الزمخشري والرازي التي جعلتها الكاتبة من مظاهر ضلال ابن باديس رحمه الله، فقد ذكر ابن باديس رحمه الله تعالى في مقدمة تفسيره في سياق ذكر المصادر التي اعتمد عليها أن تفسير الزمخشري "يمتاز بذوقه البياني في الأسلوب القرآني، وتطبيقه فنون البلاغة على آيات الكتاب والتنظير لها بكلام العرب واستعملها في أفانين الكلام"، وأن تفسير الرازي " يمتاز ببحوثه في العلوم الكونية، ومما يتعلق بالجماد والنبات والحيوان والإنسان، وفي العلوم الكلامية ومقالات الفرق والمناظرة في ذلك والحجاج .. «.
فاستنبطت الكاتبة من كلامه هذا (ص159 - 160) أن ابن باديس باعتماده على تفسير الزمخشري دون أن يشير إلى انحراف هذا التفسير يكون قد وقع في أخطاء منها: دعوة الناس إلى اقتناء تفسير الزمخشري فيقعون في الضلالات التي حواها وأن ابن باديس يكون قد استهان بالانحرافات الواردة فيه وأنه لم ينتهج منهج السلف في التحذير منأهل البدع والضلالات.
وقد ألزم الكاتب الكاتبة في رده عليها بعدة إلزامات أولها إلزامها بتعدية هذا الكلام إلى كل الكتب التي فيها أخطاء وضلالات دون استثناء، كشروح السنة كفتح الباري لابن حجر وشرح مسلم للنووي، "لأنهما قررا قضايا الاعتقاد على الطريقة الأشعرية نقلا وسكوتا كما هو منهج ابن حجر، أو تقريرا وانتصارا كما هو منهج النووي رحمهم الله تعالى" فهل يلزم من اعتمدها في دروسه ومؤلفاته أن ينص على التنبيه على ضلالاتها وإلا كان ضالا مضلا، وكذا كتب الشاطبي وابن الجوزي وأبي يعلى الحنبلي وغيرهم من العلماء الذين كانت لهم انحرافات في باب الاعتقاد. بل إن الاستطراد في الإلزام يؤدي تعدية الحكم إلى كتب السنن التي حوت الموضوعات والمنكرات.
أما الإلزام الثاني فهو الإلزام بتعدية اللوم على كل من يستدل بكلام المخالفين وقد ذكر الكاتب أن الكاتبة نقلت في بحثها كلاما عن الشاطبي دون تبيين لأخطائه الاعتقادية الواردة في الاعتصام (ص12). ثم نقل كلاما لشيخ الإسلام في المسألة: «وملاك الأمر أن يهب الله للعبد حكمة وإيمانا بحيث يكون له عقل ودين حتى يفهم ويدين ثم نور الكتاب والسنة يغنيه عن كل شيء، ولكن كثيرا من الناس قد صار منتسبا إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسنا للظن بهم دون غيرهم، ومتوهما أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم، فلو أتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم، ثم هم مع هذا مخالفون لأسلافهم غير متبعين لهم فلو أنهم أخذوا بالهدى الذي يجدونه في كلام أسلافهم لرجي لهم مع الصدق في طلب الحق أن يزدادوا هدى» مجموع الفتاوى (5/ 100).
وأما الإلزام الثالث فهو الإلزام بتعدية الحكم إلى كل عالم صنع مثل صنيع ابن باديس واتهام كل عالم ذكر محاسن بعض المخالفين أو أحال عليهم أو ترجم لهم ترجمة موجزة، وسكت عن بيان أخطائهم وضلالاتهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مادحا كتاب الإبانة للأشعري: «وكان يحيى بن عمار يقول: المعتزلة الجهمية الذكور والأشعرية الجهمية الإناث. ومرادهم الأشعرية الذين ينفون الصفات الخبرية، وأما قول من قال منهم بكتاب الإبانة الذي صنفه الأشعري في آخر عمره ولم يظهر مقالة تناقض ذلك فهذا يعد من أهل السنة» مجموع الفتاوى لابن تيمية (6/ 359). وبين الكاتب حفظه الله أن مراد شيخ الإسلام بهذا الكلام من قال بما ورد في الإبانة في " باب الصفات الخبرية الذاتية خاصة، دون كلام الأشعري في الصفات الفعلية كالكلام ونحوه ودون كلامه في مسائل القدر، لأن شيخ الإسلام قد كشف في مواضع أخرى عن مخالفة الأشعري لأهل السنة في هذه المسائل وغيرها.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[22 - 03 - 08, 04:11 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -53 -
ثم تعرض الكاتب في المبحث الرابع من هذا الفصل لقضية ثناء ابن باديس على مصطفى كمال وهذا المبحث منشور بتمامه في ملتقى أهل الحديث وهذا رابطه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=91359
ـ[سمير زمال]ــــــــ[22 - 03 - 08, 06:10 م]ـ
بارك الله فيكم ورحم علماء الجزائر الربانيين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/119)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[23 - 03 - 08, 04:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوان الكريمان محمد بن سحنون و أبوحذيفة الجزائري جزاكما الله خيرا
أخي المسكين المبتلى عبدالحق آل أحمد أسأل الله تعالى أن يعافيك ويهديك، لقد أشرتُ في غير ما موضع من هذا الموضوع أن مشاركاتي فيه ما هي إلا لمحات وتلخيص وبعض ما جاء في كتاب الرد النفيس، أنتقي منه ما أراه كافيا في رد الشبهة وحصول المقصود وما أسلم فيه من النقض وتكلف الرد على من ابتلي بسوء الظن وسوء الفهم -عافانا الله تعالى وإياك-، فهذا هو شرطي أيها اللبيب الحبيب إن لم تفهمه بالإشارات فها أنا ذا أصرح به و"أبرح". اللهم يا مفهم سليمان فهمنا
أمين وإياكم أخي "مهدي" ..
و والله لقد أضحكتني هذه المرة .. فالحيدة واضحة جلية منك .. وتذكرتُ فعل بعض أساتذة التعليم الثانوي لمادة الفلسفة عند تصحيح بعض الفروض و الإمتحانات .. فلو قيم أحد الإخوة المنصفين غالب كلامك هذا بتعليقاتي حول قانون الجمعية لفعل مثل فعل بعض أساتذة مادة "الفلسفة" فيكتب أو يقول: خروج عن الموضوع 1/ 20 نقطة للتنظيم و الخط و الورقة فقط.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[23 - 03 - 08, 05:05 م]ـ
أخي الفاضل"محمد بن سحنون": لا أقول لك إلا آمين .. وحبذا لو تكون في ظهر الغيب ليكون لك بالمثل. فلا تنسني من الدعاء الصالح وبارك الله فيك.
وسأكفك بعض العناء مع انتظاري تنزيلك للقانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين .. عند أن أعرض الأخ "مهدي"-ليس جبنا ولا خوفا-لكن لضيق في الوقت ربما أو نسي وهذا من باب إحسان الظن .. لكن هاكم ما لم ينقله الأخ "مهدي"- هداه الله تعالى- وأنقل بعضه فقط في انتظار الأخ "بن سحنون":
..
الأصل الثاني: الإسلام هو دين البشرية الذي لا تسعد إلا به، وذلك لأنه:
أولا: كما يدعو إلى الأخوة الإسلامية بين جميع المسلمين، يذكر بالأخوة الإنسانية بين جميع البشر.
ثانيا: يسوي في الكرامة البشرية و الحقوق الإنسانية بين جميع الأجناس و الألوان.
...
ثامنا: يترك لأهل كل دين دينهم يفهمونه و يطبقونه كما يشاؤون.
أيها الإخوة الفضلاء:
بتدبر ما سبق نقله أذلك الكلام حق أم باطل؟ باختصار ...
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ..
سؤال إلى أخي " مهدي " و كل من أثنى عليك في عملك البطولي ذاك: هل هذه العبارة حق أم باطل -باختصار-: ((يترك لأهل كل دين دينهم يفهمونه و يطبقونه كما يشاؤون))؟
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[24 - 03 - 08, 11:57 م]ـ
قال الذهبى رحمه الله فى ترجمة ((محمد بن نصر المروزى)) من ((سير النبلاء)) (14/ 40): " ولو أنا كُلَّمَا أخطأ إمام فى اجتهاده فى آحاد المسائل خطأً مغفوراً له، قمنا عليه وبدَّعْنَاه، وهجرناه، لما سلم معنا لا ابن نصر، ولا ابن مندة، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادى الخلْق إلى الحق وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة " ا هـ.
وقال ابن حبان رحمه الله فى ((كتاب الثقات)) (7/ 97 – 98) فى ترجمة:
((عبد الملك ابن أبى سليمان العرزمىّ)) قال: " ربما أخطأ .. وكان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالبُ على من يحفظ ويحدِّثُ من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخٍ ثبت، صحَّت عدالته بأوهام يهم فى روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا تركُ حديث الزهرى، وابن جريج والثورىّ وشعبة، لأنهم أهل حفظٍ وإتقانٍ، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا فى الروايات، بل الاحتياطُ والأولى فى مثل هذا قبول ما يروى الثبت من الروايات، وترك ما صحَّ أنه وهم فيها، ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ " ا هـ.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - 03 - 08, 10:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل: "محمد بن سحنون" وفقني الله و إياك:
1 - نقلك الأول عن الحافظ الذهبي - رحمة الله عليه - يدل على اعتراف منك بخطأ الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله تعالى - فيما نقلتُ وهو قوله ضمن قانون الجمعية: (يترك لأهل كل دين دينهم يفهمونه و يطبقونه كما يشاؤون).اهـ، و هذه الزلة في باب عظيم من أبواب الدين و هي العقيدة الصحيحة و ليست مسألة اجتهادية يسوغ فيها الخلاف .. فلا نهون من شأنها لهيبت من وقع فيها .. و قد قال -بالمعنى- الحافظ ابن الجوزي-رجمه الله تعالى- إن النصارى عظموا عيسى عليه لسلام فنظروا إليه لا لما يقول فادعو فيه الألوهية ولو نظروا إلى ما قال لعرفوا أنه بشر رسول أو كما قال رحمه الله و لفظه في كتابه (تلبيس ابليس) .. فلنحذر الغلو أيها الإخوة و أظنك فهمت -وغيرك- قصدي ..
2 - نقلك الثاني في غير محله وبيان ذلك أن ابن حبان - رحمه الله تعالى - يتحدث عن مسائل فيها سعة في الخلاف كالوهم في رواة الحديث .. الخ فلا يدخل هذا في ذاك والمسائل المنتقدة على الشيخ بن باديس في العقيدة .. و الله المستعان.
3 - حبذا لو تبين لي بصراحة أنت و الإخوة الكرام كالأخ "مهدي" وغيرهم ممن برروا أخطاء الشيخ رحمه الله هل يجوز كتم أخطاء و زلات الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله تعالى -وغيره من رجال الجمعية مع انتشارها لمجرد أن الطرقية و أفراخ الصوفية والعلمانية يطعنون فيه .. ؟ أليس الأمر دين؟ ولما لم يسكت الشيخ "البيضاوي" على بعض زلات الشيخ "الزواوي"؟؟ والفاهم يفهم -كما يقال عندنا في الجزائر- دون نواح أو تبراح.
والله وحده الهادي.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ..
أخوكم المحب في الله -جل في علاه- عبد الحق آل أحمد الجلفاوي. الجزائر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/120)
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[03 - 04 - 08, 01:05 ص]ـ
يقول الأخ عبد الحق هدانا الله و إياه إلى الحق:
فلا نهون من شأنها لهيبت من وقع فيها .. و قد قال -بالمعنى- الحافظ ابن الجوزي-رجمه الله تعالى- إن النصارى عظموا عيسى عليه لسلام فنظروا إليه لا لما يقول فادعو فيه الألوهية ولو نظروا إلى ما قال لعرفوا أنه ...................... إلى أن قال سدده الله:
فلنحذر الغلو أيها الإخوة و .......
_________________
أحب أن أقول لك أيها الحبيب كلمة أسأل الله تعالى أن ينفعني و إياك بها إنه جواد كريم ...
أولا لو تكرمت بالإنتباه إلى موضوع الكلام هنا فإنه تلخيص لكتاب وضعه أحد طلاب العلم الجزائريين الأقوياء أعني فضيلة الشيخ حاج عيسى الجزائري و غالب ظني أنك تعرفه فإن لم تكن تعرفه فإني أهيب بك أن تسارع إلى طلبه فإنه -بإذن الله تعالى- من مصابيح الدجى و من العارفين بإشكالات هذه المواضيع و تفاصيل العلماء و أقوالهم فيها و التوفيق بين تلك الأقوال بل و تتبعها و تحريرها أقصد قضايا الجرح و التعديل و المسائل المنهجية
قدمت بهذه المقدمة لأمور:
أولا أن المقام هنا مقام نقل عن الشيخ حاج عيسى حفظه الله في دفاعه عن الإمام المجدد عبد الحميد بن باديس رحمه الله فلا أظن الموضع مناسبا لمثل هذه الملحوظات التي تثير التساؤل: هل أن صاحبها لا يعلم عما يتكلم الأخ مهدي جعله الله من المهديين بالقرآن و السنة
أم أن السائل قد علم ذلك و لكنه لم يعجبه هذا الإنصاف و هذا النقل من كتاب أنا و كثيرين أمثالي نتوق إلى جديده و لذلك فلا أرى أن يتوقف الأخ مهدي حفظه الله في كل مرة ليجيب على تدخلاتك المحيرة هذه
و أقول لك: إن الذي أعرفه مذ رأيت الإخوة و عرفتهم في هذا الملتقى المبارك بأن الشباب هنا داخلين تحت مظلة العلم و العلماء و أن هذا يقتضي أن لا نعظم أحدا فوق حقه و ألا نتعصب لأحد بغير دليل و لذلك، فإن أحدا من المتدخلين لا أحسبه ينكر أن الشيخ بن باديس رحمه الله تعالى -كغيره- له أخطاء
و لكن:
هل أفهم من فضيلتكم يا أخي عبد الحق أنك ترى و تقول بما خلصت إليه صاحبة الكتاب الظالم و التي سمت كتابها: الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي
قد و الله ذكرني هذا بقول قاله أحد من شجعها و شجع أمثالها حين كان في أيامه الذهبية يطعن في إخوانه و يصول و يجول حتى بدا له أن يذهب أبعد يوم قال:
لو أن طالب علم يتتبع كتب الشيخ فلان , الله أعلم كم سيجمع منها من الأخطاء .... و لعل من الإخوة من فهم كلامي و لا تهم الأسماء الآن و لكن حسبك أن تعلم أن الذي قال فيه ذلك الجراح تلك الكلمة هو إمام عصره و فقيه زمانه و هو ثالث ثلاثة أحيا الله بهم السنة في ذلك العصر و إنا لله و إنا إليه راجعون
و لا تزال العناوين أنساب الكتب فهل ترى أنت أنه لا مخرج لتلك الأخطاء ولا محمل و لا عذر يلتمس؟؟ و أنه لا يلزم منها إلا نفي السلفية عن المخطأ
ثم: هل وصل علم الجرح و التعديل كما يحلو لأهل التصنيف أن يسموه ... هل وصل الأمر فيه إلى أن تتصدى له أم فلان و أم فلان ... و إني ألاحظ هنا شيئا أرجو أن أجد عندك أو عند غيرك من يسددني فيه و هو أنه لا تعرف امرأة اشتغلت بعلم التصحيح و التضعيف فضلا عن الكلام في الرجال بل أحسبني سمعت بعض علمائنا يقول إن هذا علم الذكران من العالمين
_ كذلك أيها المكرم: هل قبل أهل التصنيف الحق و اعترفوا بأخطاء أئمة جرحهم و تعديلهم و بعضها واضح كالشمس بل بعضها نص عليه علماء المسلمين ممن يظن إجماع الناس على إمامتهم ... الجواب لا و ألف لاء
- تصور لو أن كاتبة الكتاب تفرغت لمحاربة الغلو الذي هو حاصل الآن و خاصة زمن صدور كتابها ... هل كان سيسكت عليها؟ و هل كان سيقال نعم هذا حق ..
و أخيرا ... ألا ترى مثلا من باب إحسان الظن بابن باديس رحمه الله و إعطاءه حقه -ليس الغلو فيه- ألا ترى أنك لو بحثت عن عذر لوجدته و لا أراه يتطلب كثير بحث
و عين الرضى عن كل عيب كليلة0ولكن عين السخط تبدي المساويا
و أخيرا أعتذر لأخي الفاضل عن الأسلوب الذي أوقن أنه أسلوب عامي كما أنا طبعا و يعلم الله أني دخلت إلى النت أصارع ألما عظيما على أساس أن ألقي نظرة عساني أجد الجديد من أخينا مهدي فوجدت الجديد منك و قد توكلت على الله في خط هذه الكلمات معترفا بالتقصير لك أيها النحرير داعيا الله أن يهديني و إياك سواء السبيل
و لعلك تتصل بالشيخ حاج عيسى فإنك بإذن الله ستجد التواضع و الرحمة و الرزانة مع قوة الحجة و العرض و لا أظنك تنتبه إلى هذه الأمور و أنتبه أنا و ينتبه فلان و علان ... هذا كله و مؤلف الكتاب غافلا كلا يا أخي و توكل على الله و أبشر بخير
و سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[03 - 04 - 08, 05:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخونا الكريم المبارك أبو حذيفة لله درك،أسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على أدبك في الجواب وحسن البيان لأخينا عبد الحق-سدده الله تعالى-،وعلى دفاعك عن ابن باديس رحمه الله والشيخ محمد حفظه الله، وكلامك الرصين بعث في همة ونشاطا لمواصلة هذه اللمحات عن هذا الكتاب المبارك. نسأل الله تعالى التوفيق والسداد.
وأذكر نفسي وأخي عبد الحق وسائر إخواني بهذا الدعاء:"اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
فإن الله تعالى لا يخيب من أراد الحق وبحث عنه وتحراه مخلصا متجردا عن الأهواء. وفقنا الله لما فيه الخير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/121)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[03 - 04 - 08, 06:07 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى-54 -
تعرض محمد حاج عيسى في الفصل الثالث من هذا الباب إلى الأخطاء في المسائل الخفية والقضايا الخلافية التي انتقدتها الكاتبة على ابن باديس رحمه الله، مبينا أنه ليس المقصود تصويب ابن باديس فيما رآه فيها، ولكن الغرض دفع التشنيع والتبديع عنه في مسائل قد سبق إليها وهي من مسائل الخلاف.
أول مبحث في هذا الفصل كان في قضية التوسل بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،ورأى الكاتب حفظه الله أن يبدأ بتحرير كلام ابن باديس في المسألة (أنظره في الآثار2/ 47)،وملخصه أن ابن باديس رحمه الله تعالى يرى التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم جائزا مرجوحا، ثم ذكرالكاتب أنه مع أن الراجح من المسألة أنه لا يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أهل العلم نصوا على أن المسألة خفية خلافية قال ابن تيمية وقال:" قلت فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي في الدعاء، ونهى عنه آخرون فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته فلا نزاع بين الطائفتين، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول… وفى الجملة فقد نقل عن بعض السلف والعلماء السؤال به، بخلاف دعاء الموتى والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين والاستغاثة بهم والشكوى إليهم فهذا مما لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا رخص فيه أحد من أئمة المسلمين .... " (مجموع الفتاوى (1/ 264 - 265) التوسل والوسيلة (123 - 124) وانظر أيضا مجموع الفتاوى (1/ 337 - 338)).
وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى:" التوسل بجاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليس بجائز على الراجح من قول (كذا) أهل العلم فيحرم التوسل بجاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فلا يقول إنسان اللهم إني أسألك بجاه نبيك كذا وكذا، وذلك لأن الوسيلة لا تكون إلا إذا كان لها أثر في حصول المقصود، وجاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنسبة إلى الداعي ليس له أثر في حصول المقصود " (فتاوى العقيدة (279).).
وبناء على ذلك لا يبنى على هذه المسألة تكفير ولا تبديع إلا بعد إقامة الحجة الواضحة، ننقل مما نقله الكاتب من ذلك ما قاله ابن تيمية رحمه الله تعالى:" والثاني أن التوسل يكون في حياته وبعد موته وفى مغيبه وحضرته ولم يقل أحد إن من قال بالقول الأول فقد كفر ولا وجه لتكفيره، فإن هذه مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة، والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين ضرورة أو بإنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك، واختلاف الناس فيما يشرع من الدعاء وما لا يشرع كاختلافهم هل تشرع الصلاة عليه عند الذبح، وليس هو من مسائل السب عند أحد من المسلمين، وأما من قال إن من نفى التوسل الذي سماه استغاثة بغيره كفر وتكفير من قال بقول الشيخ عز الدين وأمثاله فأظهر من أن يحتاج إلى جواب، بل المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من غليظ العقوبة والتعزير ما يستحقه أمثاله من المفترين على الدين لا سيما مع قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما" (مجموع الفتاوى (1/ 106)).
ثم بعدها وقف الكاتب مع مجازفات الكاتبة وتحاملها على ابن باديس فوصفته ص33 بمباينته لمنهج العلماء السلفيين وتجويز هذا "العمل الشركي"، متهمة إياه ص 36 أنه -بقوله في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم- يفتح الباب للتوسل بالصالحين وغير ذلك من الاتهامات.
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[04 - 04 - 08, 07:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخونا الكريم المبارك أبو حذيفة لله درك،أسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على أدبك في الجواب وحسن البيان لأخينا عبد الحق-سدده الله تعالى-،وعلى دفاعك عن ابن باديس رحمه الله والشيخ محمد حفظه الله، وكلامك الرصين بعث في همة ونشاطا لمواصلة هذه اللمحات عن هذا الكتاب المبارك. نسأل الله تعالى التوفيق والسداد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/122)
وأذكر نفسي وأخي عبد الحق وسائر إخواني بهذا الدعاء:"اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
فإن الله تعالى لا يخيب من أراد الحق وبحث عنه وتحراه مخلصا متجردا عن الأهواء. وفقنا الله لما فيه الخير.
__________________
و عليك السلام و رحمة الله و بركاته ... الأخ الفاضل مهدي جعله الله من المهديين بنور القرآن و السنة
قد -و الله- أحرجتني بثنائك و كان الحق أن أثني أنا عليك بل لعلي في غمرة دفاعي المتواضع عن الشيخ الوالد عبد الحميد بن باديس و الشيخ الفاضل محمد حاج عيسى ... لعلي في غمرة ذلك قد قصرت في حقك و لكني أدعو الله جل و علا أن يجزيك عنا خيرا لما قمت به من تعجيل المنفعة لإخوانك و الذين أظنني أحوجهم إليها و أفقرهم إلى من الله بها و قد نلت شرف إيصالها و أسأل الله تعالى أن لا يحرمك ثوابها و أن يزيدك من فضله إنه جواد كريم
و أما ما فعلته فليس إلا الواجب -ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها- و ذلك مبلغ ما إستطعت أن أسطره و و الله لقد سطرته على عجلة يدفعني ألم من مرض أسأل الله تعالى أن يطهرني به من خطاياي الكثيرة و أن يشفيني و يشفي كل مرضى المسلمين ... و أن يقيني و كل شباب المسلمين من مرض الغلو و الغلظة و الإهتمام بما لا يعني و مناطحة الجبال بغير هدف و لا طمع في نوال
و إني على ثقة أرجو رجاء الواثق في مالك الملك أن لا يخيبني الله فيها .. أن الشيخ محمد حاج عيسى قد كفاني و إخواني عناء الدفاع عن ذلك الجبل الأشم عبد الحميد بن باديس
و من طلب الحق يسره الله له و من أصر على قول خاطئ أو رأي منحرف فإن العاقل لا يفني عمره و لا يهدر وقته في مناقشته و الرد على جديده الذي لا ينتهي فالوقت أنفس من أن يهدر في مدافعة الوهم أو في إثبات أن السماء فوقنا و في الرد على من أنكر ذلك
و لعلي أشرت إلى ذلك في ردي على إخي الفاضل عبد الحق حينما طلبت منك مواصلة إتحافنا بطلائع هذا السفر المبارك المسمى الرد النفيس على من طعن في العلامة بن باديس
و ها أنت ذا تستجيب و تواصل فليس لي إلا أن أقول: جزاك الله خيرا و أعانك بنور من عنده و أيدك بنصره ... و إني أراني أطلت عليك و على شوقي إلى قراءة هذه الدرة الجديدة التي أتيت بها فمعذرة لك و أحسن الله إليك و إني ماض إلى قراءة هذا الفصل الجديد في انتظار الجديد و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
معذرة عن ما قد يقع من تصحيف أو تحريف فإني لن اراجع المكتوب
ـ[أبو إبراهيم]ــــــــ[08 - 04 - 08, 09:12 ص]ـ
شكر الله لك أخي الكريم
وأشاركك هنا بأبيات قالها أحد تلاميذ ابن باديس رحمه الله رثاه فيها رثاء أعجبني
قال:
يا قبر طبت وطاب فيك عبير ... هل أنت بالضيف العزيز خبير
هذا ابن باديس الإمام المرتضى ... عبد الحميد إلى حماك يصير
العالم الفذ الذي لعلومه ... صيط بأنحاء البلاد كبير
بعث الجزائر بعد طول سباتها ... فالشعب فيها بالحياة بصير
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[09 - 04 - 08, 05:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبا حذيفة - وفقني الله و إياك لمرضاته - قولك: " .. و إني ألاحظ هنا شيئا أرجو أن أجد عندك أو عند غيرك من يسددني فيه و هو أنه لا تعرف امرأة اشتغلت بعلم التصحيح و التضعيف فضلا عن الكلام في الرجال بل أحسبني سمعت بعض علمائنا يقول إن هذا علم الذكران من العالمين" جوابه فيما يلي:
- قال فضيلة شيخنا صالح بن عبد العزيز - حفظه الله تعالى -: " .. في سيرة العالمات الكثير من النساء في تاريخ الإسلام كن عالمات، كن يأخذن العلم و يحفظنه، حتى إن بعض العلماء روى عن بعض العالمات، وكثير من أسانيد الحديث الموجودة في تاريخ الإسلام تمر عبر عالمات محدثات، أو حافظات روين الحديث بالإجازة، وبعض الإجازات التي لدينا عن عدد من أهل العلم، منها العديد من اسماء العالمات، والحافظات، والمحدثات .. ".اهـ
- و قال أيضا - بارك الله في علمه ونفعنا به -:" كانت المرأة تتلقى، ويأخذ عنها الرجل .. ".اهـ
ولا بأس من نقل بعض الفوائد عسى أن تكون فيها إفادة لك و تصحيح و هي:
1 - زينب بنت كعب بن عجرة: صحابية، من راويات الحديث الثقات. روت عن زوجها أبي سعيد الخدري وعن أخته: الفريعة بنت مالك في السنن الأربعة. مسند أحمد. وروى عنها ابنا أخويها: سعد بن أسحاق، وسليمان بن محمد، ابنا كعب بن عجرة. أنظر (الإصابة).
2 - شهدة بنت عمر بن العديم: ت 709 هـ بحلب قال الذهبي: سمعت منها. أنظر (شذرات الذهب).
3 - شهود بنت عبد القادر بن عثمان الحنبلي: قال الحافظ ابن حجر: سمع منها "البرهان الحلبي"محدث حلب. أنظر (الدرر الكامنة).
4 - خديجة بنت علي بن عبد الملك الصالحية: المعروفة ببنت اللوري ت803هـ، قال الحافظ ابن حجر: حدثتنا عن: زينب بنت الكمال. ماتت في حصار دمشق. أنظر (شذرات الذهب).
5 - و للإستزادة أخي الكريم أنظر (مشيخة النسوات) في (فهرس الفهارس) (2/ 652 - 655).
هذا و النقولات السابقة منقولة بالواسطة للفائدة ..
و الله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/123)
ـ[ابو البراء]ــــــــ[11 - 04 - 08, 09:05 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا اخي مهدي على هذا النقل و بارك الله في الشيخ حاج عيسى و جزاه الله خير الجزاء على ما قدم.
و لمزيد فائدة فهذه بعض المقالات المنشورة في موقع ميراث السنة
نبذة عن تضحيات العلامة ابن باديس رحمه الله
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1631
هل يستحق الشيخ العلامة ابن باديس إلا يوما واحدا في السنة؟
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1630
من تاريخ الدعوة السلفية: الشيخ عبد الحميد بن باديس
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=372
مفهوم السلفية عند علماء الجمعية
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=241
و للمزيد
www.merathdz.com
أولئك آبائى فجئنى بمثلهم .. إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:24 م]ـ
إخوتي الكرام أبا حذيفة، أبا إبراهيم، أبا البراء
جزاكم الله تعالى خيرا
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:27 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -55 -
تطرق محمد حاج عيسى حفظه الله تعالى في المبحث الثاني من هذا الفصل إلى مسألة حكم أبوي المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم بدأ بإيراد كلام ابن باديس الذي تناولته الكاتبة بالانتقاد، ومحصله أنه وردت آيات قاطعة في نجاة العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستثنى من ذلك إلا من جاء فيه النص كعمرو بن لحي، فأبوي المصطفى صلى الله عليه وسلم-على هذا- ناجيان بعموم الأدلة، ولا تقوى الأحاديث المروية خلاف ذلك على معارضة تلك العمومات لأنها آحاد وقابلة للتأويل (الآثار 1/ 373)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:29 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -56 -
بعدها بين الكاتب مذاهب الطوائف في أهل الفترة، وأوضح القدر القطعي من هذا الخلاف الذي يضلل مخالفه لوضوح أدلته، وهو أن الحجة تقوم على العباد بإرسال الرسول وبلوغ الحجة، وأن الخلاف بعد ذلك يقع في مواضع: مصير أهل الفترات، في أهل الجاهلية هل كانوا أهل فترة، ثم في حكم أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.وشرع يبين هذه المسائل
أولا: مصير أهل الفترات
قال ابن تيمية: «ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالأطفال والمجانين وأهل الفترات؛ فهؤلاء فيهم أقوال أظهرها ما جاءت به الآثار أنهم يمتحنون يوم القيامة فيبعث الله إليهم من يأمرهم بطاعته فإن أطاعوه استحقوا الثواب وإن عصوه استحقوا العقاب» الجواب الصحيح (2/ 298) .. مقصود شيخ الإسلام فيهم أقوال عند أهل السنة، فعلى هذا لايضلل أحد إذا قال بأحد هذه الأقوال المعتبرة وقد قال بكل واحد منها بعض السلف.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:33 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -57 -
ثانيا أهل الجاهلية هل كانوا أهل فترة؟:
ثم بين الخلاف في أهل الجاهلية الذين خالفوا ملة إبراهيم عليه السلام، وقد ذكر العلماء في ذلك اختلافا جاريا على أصول أهل السنة أيضا، فمنهم من عذرهم استدلالا بآيات نفي مجي النذير، وذكر الكاتب أن هذا ظاهر قول ابن تيمية (أنظرمجموع الفتاوى لابن تيمية (17/ 307)) واختيار الشنقيطي (أضواء البيان (3/ 481)) وابن باديس كما سبق.
ومنهم من لم يعذرهم ومن أدلة هؤلاء حديث "أبي وأبوك في النار " وحديث عمرو بن عامر وأحاديث أخرى، وممن قال بهذا النووي، وهو قول الألباني من المعاصرين (أضواء البيان (3/ 474) السلسلة الصحيحة (1/ 292)).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:36 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -59 -
ثالثا: حكم أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومن جاء في حقهم النص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/124)
ووضح أن من لم يجعل أهل الجاهلية من أهل الفترات ولم يعذرهم فلا إشكال عنده في عدم عذر أبوي النبي صلى الله عليه وسلم، و يبقى الإشكال عند أهل القول الأول الذين أثبتوا العذر لأهل الجاهلية وأن زمنهم داخل في الفترة، لذلك قد اختلفوا في التعامل مع الأحاديث الواردة في شأن المذكورين في النصوص، فمنهم من قدم عليها الأدلة القطعية (أضواء البيان3/ 378) ومنهم من رام الجمع بالتخصيص أي أن العذر عام وهؤلاء مخصصون بالنص، وهو رأي ابن باديس-كما ذُكر سابقا-، ووجه التخصيص قيام الحجة وعدم العذر كما هو شأن عمرو بن عامر بن لحي أول من غير ملة إبراهيم.
و اختار الشنقيطي رحمه الله تعالى فيمن جاء فيه النص أن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم بمصيرهم بعد امتحانهم يوم القيامة (دفع الارتياب للشنقيطي (185)).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:40 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -60 -
بعد ذلك عاد الكاتب حفظه الله تعالى إلى توضيح موقف ابن باديس متسائلا: لماذا لم يستثن ابن باديس أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ما دام أجاز التخصيص بالنص الثابت؟ ووجّه الكاتب صنيع ابن باديس هذا أن ابن باديس ذهل عن حديث استئذان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للاستغفار لأمه فهو لم يذكره حتى يقال رده وتأوله. وأنه قد ظهر لابن باديس وجه تخصيص عمرو بن عامر وهو كونه أول مغير ومبتدع، مما ينفي عنه العذر، بخلاف والد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلم يَرد في الحديث ما يبين وجه استثنائه مع وجود إمكانية التأويل بحمله على المجاز، وهو ضرب من أضرب الجمع كالتخصيص.
أما قول ابن باديس بأن الخبر آحاد لا يعارض القواطع فـ"قول لا يصح إلا إذا ثبتت المنافاة من كل وجه وهي هنا ليست كذلك، لأن التخصيص وارد وإن لم ينص على دليل نفي العذر" وأما قوله رحمه الله بأن الخبر آحاد لا يعارض القواطع لم يُرِد به الرَّد هنا وإنما التأويل، وقد تأوله بتأويل أخطأ فيه لكنه سائغ، كما أن تأويل الشنقيطي سائغ لكنه أخطأ فيه أيضا.
ثم بين الكاتب حفظه الله تعالى أن ابن باديس لا يضلل من أجل خطئه هذا في المسألة الجزئية المذكورة لعدم وضوحها بالنسبة إليه، "نعم لو ثبت أن من أصوله عدم حجية خبر الآحاد لجاز تضليله ولكن ليس ذلك من مذهبه جزما وقطعا. نعم لو قال بعدم العذر لمن لم يأته النذير لجاز تضليله وليس ذلك من مذهبه جزما بل طرده لضد هذا الأصل هو الذي أوقعه في هذا الخطأ"
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[15 - 04 - 08, 02:43 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -61 -
في المطلب الثالث من هذا المبحث بين الكاتب حفظه الله بعض مجازافات وتجاوزات الكاتبة في هذه المسألة نذكر من ذلك زعمها ص24 أن العاذرين لأهل الفترة استدلوا بآيات عامة من القرآن الكريم مثل قوله تعالى:] وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [(الإسراء15)،وذكرت أن هذا الاستدلال "مردود جملة وتفصيلا ". وعلق الكاتب على هذا أنه كلام خطير تشم منه روائح الاعتزال والخارجية، "إذ لا يخالف الآية ولا يتأولها إلا هؤلاء القائلون بأنهم لا يعذرون ولا يشترط مجيء الرسول، أو من تأثر بهم كالماتريدية الذين يخصونها بالفروع دون الأصول (أي العقائد)؟ لو قالت أنه استدلال عام لكن قد خص منه بعض أفراده لكان لكلامها وجه، أما أن تقول بأنه مردود جملة وتفصيلا فليس لكلامها معنى سوى نفي العذر عمن لم تبلغهم دعوة الرسل".
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[17 - 04 - 08, 01:58 م]ـ
[ quote= عبد الحق آل أحمد;795547] بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبا حذيفة - وفقني الله و إياك لمرضاته - قولك: " .. و إني ألاحظ هنا شيئا أرجو أن أجد عندك أو عند غيرك من يسددني فيه و هو أنه لا تعرف امرأة اشتغلت بعلم التصحيح و التضعيف فضلا عن الكلام في الرجال بل أحسبني سمعت بعض علمائنا يقول إن هذا علم الذكران من العالمين" جوابه فيما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/125)
- قال فضيلة شيخنا صالح بن عبد العزيز - حفظه الله تعالى -: " .. في سيرة العالمات الكثير من النساء في تاريخ الإسلام كن عالمات، كن يأخذن العلم و يحفظنه، حتى إن بعض العلماء روى عن بعض العالمات، وكثير من أسانيد الحديث الموجودة في تاريخ الإسلام تمر عبر عالمات محدثات، أو حافظات روين الحديث بالإجازة، وبعض الإجازات التي لدينا عن عدد من أهل العلم، منها العديد من اسماء العالمات، والحافظات، والمحدثات .. ".اهـ
- و قال أيضا - بارك الله في علمه ونفعنا به -:" كانت المرأة تتلقى، ويأخذ عنها الرجل .. ".اهـ
ولا بأس من نقل بعض الفوائد عسى أن تكون فيها إفادة لك و تصحيح و هي:
1 - زينب بنت كعب بن عجرة: صحابية، من راويات الحديث الثقات. روت عن زوجها أبي سعيد الخدري وعن أخته: الفريعة بنت مالك في السنن الأربعة. مسند أحمد. وروى عنها ابنا أخويها: سعد بن أسحاق، وسليمان بن محمد، ابنا كعب بن عجرة ......
____________________________________
الأخ الفاضل عبد الحق آل أحمد رفع الله درجتك و زادك علما و توفيقا و بعد: أقول مستعينا بالعلي القدير معتذرا لك عن التأخير شاكرا على المتابعة داعيا الله أن يرفق بك كما كنت رفيقا بي:
ها أنت أيها الحبيب تتكرم علينا بما أصاب فيه السالفون و تبعهم على ذلك المعاصرون من أهل العلم و الدين و منهم العالم الوزير صالح آل الشيخ حفظه الله غير أني أستأذنك أما الإفادة فنعم أفدت و أما التصحيح فليس ثمة ما يحتاج إلى تصحيح بارك الله فيك و إليك التفصيل:
أولا إطمئن أيها الحبيب فإني و الله كنت مستحضرا لكلام الشيخ و غيره حال كتابتي لتلك الكلمة فهو -بحمد الله- لم يخف علي".
ثانيا أنا قلت: لا أعرف من نص على اشتغال النساء بالجرح و التعديل في علم الإسناد و لم أنف اشتغالهن بالرواية و العلم فتنبه زادك الله توفيقا.
و أما العلم و الرواية فيكفيك أن السيدة عائشة رضي الله عنها تلي أبا هريرة رضي الله عنه مباشرة بزهاء الثلاثة آلاف حديث و هذا يعرفه كل من شم رائحة طلب المصطلح (و لا أقول علم المصطلح) و انظر إن شئت مقارنة المرويات في الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى.
- و قد ذكر الحافظ بن حجر رحمه الله في بعض كلامه عن نفسه أنه أخذ القراءة عن أخته التي كانت له أما و هي التي ربته كما هو معروف عند من قرأ ترجمته.
ذكر أيضا أن عدد شيخاته بلغ مئة شيخة (إن لم أكن واهما في العدد) و أبرزهن فاطمة بنت المنجى التنوخية رحمها الله تعالى.
ذكر الشيخ المحدث أبو إسحاق الحويني حفظه الله ذلك عن الحافظ و أفاض في هذا الباب -كعادته الطيبة- فسمى نساءا كثيرات و لكنه لم يذكر قط اشتغالهن بالجرح و التعديل و نقد الرجال و أقول لك لو فعلن ذلك لما عيب عليهن و لما كان مسوغا لهذه المسكينة في الوقت نفسه إذ شتان بين الثرى و الثريا.
لو لاحظت أيها الحبيب: هل مر بك في كتب التصحيح و نقد الرجال قولهم: وثقه يحي و قالت أم فلان صدوق (إبتسامة)
و هل مر بك: صححه الحاكم و وافقه الذهبي و أعلته أم فلان بتدليس بن جريج .... إن كان وصل إلى سمعك شيء من هذا فأسعفني به بارك الله فيك على أن الكاتبة لا ينجيها من الخطل أن يكون ذلك حصل و إنما تنجيها توبة منها و دعوة منا مع القبول من رب العالمين فإننا نحب أن يغفر لنا و لإخواننا ... و لأخواتنا أيضا.
هذا هو الذي نفيته أيها الحبيب و ما كنت ذاهلا عما ذكرت و لكني أحسبك أنت لم تتمعن في الفرق بين المعنيين ثم كتبت و في سهوك ذاك خير فقد أفدتنا فجزاك الله خيرا و ها أنا أختم بنص لعالم في المسألة استحضرته و باقتراح لعلك ترضاه:
الأول سمعت الشيخ أبو إسحاق في معرض نسفه لكيد أحدى العلمانيات و اعتراضها على تصحيحات البخاري يقول هذه العبارة: إن علم التصحيح و التضعيف و النقد هو علم الذكران من العالمين.
الثاني: أرجو أن تفكر في هذا السؤال: ترى هل يوافق الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله و معه أغلب إن لم يكن كل العلماء ... هل يوافقون على هذا المنهج الذي تسلكه صاحبة الرد و من تنتمي إليهم.
جواب هذا السؤال يغلق بابا عظيما من الشر أيها الحبيب. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 04 - 08, 07:42 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس .. " -62 -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/126)
في المبحث الثالث من هذا الفصل تطرق الكاتب إلى بدعة المولد، موضحا أنه لا شك في كون الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ضلالة لا يجوز إحياؤها لا بالطريقة الصوفية (ذكر ووجد)،ولا بالطريقة الفجورية (مفرقعات)،ولا بالطريقة العامية (تخصيص المأكولات وإيقاد الشموع)، ولا بالطريقة العلمية الدعوية التي يسلكها بعض الإصلاحيين من إلقاء المحاضرات وإقامة المسابقات الدينية، لكن هناك كلام يقال في هذه المسألة في الدفاع عن ابن باديس مما آخذته الكاتبة به فصلها الكاتب حفظه الله في النقاط التالية:
أولا: بعض الشر أهون من بعض
لا ينبغي أن نتصور احتفال ابن باديس بالمولد أنه ممن يؤيد بقراءة البردة أو الطبل والمزمار أو المفرقعات أو بالذبائح وبالمأكولات، بل لابد أن نشرح للناس أنه كان بإقامة اللقاءات العلمية وإلقاء المحاضرات، ولا يخفى عليك أن بعض الشر أهون من بعض، لأنه ليس ما يمنع لذاته كالذي يمنع لغيره.
ثانيا: شتان بين الثرى والثريا
دعت الكاتبة بعض السلفيين إلى العدل وألزمت السلفيين بالتشنيع على ابن باديس من أجل
احتفاله بالمولد النبوي كما شنعوا على حسن البنا لاحتفاله به. لكن ثمت فرق بين الرجلين في العلم والمكانة والفضل والحسنات وفي الالتزام بمنهج السلف، وفرق طريقة الاحتفالين بل التسوية في التشنيع عليهما من الجور لا من العدل،ففضل ابن باديس على الجزائريين لا ينكره إلا من باء بخصلة النساء السوداء كفران العشير-حسب تعبير الكاتب-، فلا مجال للمقارنة بين آفات تنظيم حسن البنا ونقائص جهود ابن باديس
ثالثا: أين هي الروح السلفية؟
قال محمد حاج عيسى: " وتقول الكاتبة: " أن العامة ستظل راكنة إلى هذه البدعة دون أن تنفر منها على أساس أن فلانا وهو من هو في دنيا الناس يفعلها ويشارك عمليا في احتفالاتها «. وأنا أقول إن حال العامة في هذه البلاد التي بليت بأنواع البلايا يدعو إلى البكاء والنحيب، خاصة في هذه الأيام التي أعلن فيها بكل ما كان ممنوعا في ما سبق، وأنا لو خيرت بين العامة التي ما زالت تقلد ابن باديس وبين تلك التي تقلد أتاتورك لما ترددت لحظة في الاختيار الصحيح، إن علاج حال هؤلاء العوام لا يكون بالطعن في الدعاة وطلبة العلم أو العلماء الذين لهم أخطاء مغمورة في بطون الكتب والمجلات بل بربطهم بالدين الصحيح وتلقينهم لمبادئه كاتباع الكتاب والسنة والالتزام بفهم السلف وعدم التقليد للأشخاص، أما والأمة غارقة في أوحال الشرك والمعاصي من جهة، والفكر العلماني يتوسع يوميا من جهة أخرى، ويأتي بعد ذلك من يكتب مثل هذه التقارير، فليس هذا هو منهج الإصلاح الصحيح، ولا هذا من التربية والتصفية ولا من الروح السلفية في شيء!! "
رابعا: نكتة تاريخية
وأعاد الكاتب ههنا بيان وهم للكاتبة سبق بيانه في الفصل الذي خصصه لأوهامهاحيث ذكرت (ص21):" إن ابن باديس رحمه الله حصل له شرف الرحيل إلى الحجاز بلد التوحيد وعلماء التوحيد، وبلا شك وجد كتبا في هذا المجال ووجد كتبا في قمع البدع، وخاصة بدعة المولد فما هو عذره يا ترى في إحياء مثل هذه المنكرات والدعوة إلى تجديد الذكرى في كل سنة بحجة حب المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " (أنظر مع كتاب الرد النفيس رقم 32)
ليس كل من وقع في البدعة يحكم عليه بالابتداع
وابن باديس رحمه الله موافق لأهل السنة في التأصيل، من حيث تعريف البدعة وأنه ليس في الدين بدعة حسنة، فلو ثبت عنده أن هذا العمل بدعة لم يتردد في إنكاره إن شاء الله تعالى، وضرب مثالا بأمر يعتقد كثير من السلفيين في هذا الزمان أنه بدعة، وقد قال بمشروعيته شيخ الإسلام ابن تيمية وهو استعمال السبحة، فهل يحق لأحد أن يتهم ابن تيمية بالابتداع؟
سادسا: المولد النبوي ليس عيدا دينيا عند ابن باديس
مما حاول الكاتب حفظه الله تعالى أن يعتذر بهلإقامة ابن باديس المولد أن رجال الجمعية لم يكونوا يعدون الاحتفال بالمولد النبوي من الاحتفالات الدينية، بل قد ثبت عن بعضهم التصريح بأنه عيد قومي تاريخي، وقد وضع الشيخ العربي التبسي برنامجا للعطل السنوية بمناسبة الأعياد في مدارس جمعية العلماء وجعل أمام كل عيد نوعه، وقد قسمها،إلى قسمين أعياد دينية وأعياد قومية،وجعل من الأعياد القومية المولد النبوي (انظر المدرسة الجزائرية إلى أين؟ لمصطفى عشوي (ص135 –الملاحق) والتعليم القومي لرابح تركي (299)).
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[26 - 04 - 08, 06:40 م]ـ
سؤال لأخي مهدي - سددك الله - هل يقول الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله تعالى - بأن المولد النبوي عيد ديني و ما حكمه عنده؟
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[26 - 04 - 08, 06:43 م]ـ
احذروا يا إخوتاه من مشابهة العامة المنتمين إلى التصوف
(( .. جميع علماء الإسلام من المفسرين و المحدثين و الفقهاء و المتكلمين و شيوخ الزهد المتقدمين تتسع صدورهم لأن يؤخذ من كلامهم و يرد إلا العامة المنتمين إلى التصوف فإنهم يأبون كل الإباء أن يسمعوا كلمة نقد أو رد في أحد من الشيوخ مع أن غير المعصوم معرض للخطأ دائما في أقواله و أفعاله فكأنهم بهذا يعتقدون فيهم العصمة .. )). (الشهاب: جزء:11، م:7)
و رحمة الله على الشيخ العلامة السلفي تقي الدين الهلالي إذ قال كما في (الشهاب: عدد (136)، م:03/ص:718): (( .. أكثر الناس إذا أحبوا رجلا و ظهر لهم كماله في علم و عمل بالغوا في إحسان الظن به حتى خرجوا إلى الغلو و الإطراء و اعتقاد العصمة فيه، فإياك أن تعتقد وجود شخص بعد نبينا صلى الله عليه لا ينطق إلا بصواب و يكون مخالفة رأيه خطأ في كل جزئية .. )).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/127)
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[26 - 04 - 08, 10:08 م]ـ
احذروا يا إخوتاه من مشابهة العامة المنتمين إلى التصوف
(( .. جميع علماء الإسلام من المفسرين و المحدثين و الفقهاء و المتكلمين و شيوخ الزهد المتقدمين تتسع صدورهم لأن يؤخذ من كلامهم و يرد إلا العامة المنتمين إلى التصوف فإنهم يأبون كل الإباء أن يسمعوا كلمة نقد أو رد في أحد من الشيوخ مع أن غير المعصوم معرض للخطأ دائما في أقواله و أفعاله فكأنهم بهذا يعتقدون فيهم العصمة .. )). (الشهاب: جزء:11، م:7)
و رحمة الله على الشيخ العلامة السلفي تقي الدين الهلالي إذ قال كما في (الشهاب: عدد (136)، م:03/ص:718): (( .. أكثر الناس إذا أحبوا رجلا و ظهر لهم كماله في علم و عمل بالغوا في إحسان الظن به حتى خرجوا إلى الغلو و الإطراء و اعتقاد العصمة فيه، فإياك أن تعتقد وجود شخص بعد نبينا صلى الله عليه لا ينطق إلا بصواب و يكون مخالفة رأيه خطأ في كل جزئية .. )).
اللهم إنا نعوذ بك من الغلو و الجفاء
و من الإفراط و التفريط
و من الحماقة و التعالم
و من تتبع العثرات و من اتهام النيات و من سوء الفهم و سوء النية
و من قصور النظر
ما قلت يا أخي الحبيب عبد الحق
و ما قال أحد ممن تكلموا هنا
و ما قال ابن باديس بهذا الذي تحذر منه فاطمئن
الآن يا أستاذ ممكن سؤال: ألا ترى أن هناك مواقع أنشئت على الشبكة أصلا من أجل نصرة أشخاص و سب من خالفهم و تنقصه و مهاجمته و لو كان محقا
و لو كان من الأفاضل
ألا ترى أيها الحبيب أن هؤلاء أحوج منا إلى النصح ... ؟
أرجو الإفادة بارك الله فيك
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[03 - 05 - 08, 05:33 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس ... "-63 -
جعل الكاتب حفظه الله تعالى المبحث الرابع من هذا الفصل لمناقشة مسألة الحكم على المعين بالشهادة حيث قالت الكاتبة (ص52):" فما بال الشيخ ابن باديس رحمه الله يعد عمر المختار سيد الشهداء؟ فهذه مخالفة وليست مسألة يجوز فيها الاجتهاد ".موهمة القراء أن مذهب المنع من وصف المعين بالشهيد مسألة قطعية متفق عليها بين أهل السنة لا يجوز الاجتهاد فيها والمخالف ضال مبتدع، مع أنها لم تذكر دليلا واحدا على مذهبها سوى ما نقلته من قول البخاري باب: لا يقول فلان شهيد، وهذا لا يحصل الظن فضلا عن القطع لأنه مجرد تقليد لرأي بعض أهل العلم.
وأجاب الكاتب عما ادعته الكاتبة في نقاط:
أولا: الإلزام
فمن أنكر على ابن باديس قوله فلان شهيد يلزمه أن يضلل من أجل ذلك جمعا من الأئمة، ثم ذكر الكاتب نماذج من ذلك، (أحمد بن نصر الخزاعي المروزي حكم عليه بالشهادة ابن معين وابن حبان، والذهبي في السير الثقات (8/ 14) والسير (11/ 166) (10/ 312) و (10/ 645) وغيرها،وقد وصف ابن تيمية بذلك الملك نور الدين محمود في مجموع الفتاوى (13/ 178) (31/ 262) (32/ 60)، والأمير نوروز وأبا عبيد الثقفي في منهاج السنة منهاج السنة (3/ 447) (4/ 329). وغير ذلك من الأمثلة.
ثانيا: إثبات الخلاف
ذكر الكاتب أنه من خلال ما سبق يظهر أن المسألة خلافية، وأصل شبهة المانع أن الحكم بالشهادة حكم بالجنة عنده، وهذا لا يجوز أيضا عنده إلا بالنص، ومنه فلا حكم لمعين بالشهادة إلا لمن جاء في حقه النص
ثم ناقش ذلك من وجوه:
الوجه الأول: في الربط بين الحكم بالشهادة والجزم بين كونه في الجنة، من العلماء من لا يربط بين الأمرين، ذلك أن الحكم بالجنة جزما حكم بأمر باطن غيبي والحكم بالشهادة حكم بالظاهر. ابن باديس فإنه مع إطلاقه وصف الشهادة على المعين لا يرى جواز الجزم لأحد بأنه من أهل الجنة وكتب في ذلك مقالا عنوانه:" لا يجزم لأحد أنه من أهل الجنة إلا بنص من الشارع ".
الوجه الثاني: في كون الحكم بالجنة موقوفا على النص، فإنه أمر مختلف فيه والصحيح خلافه، قال ابن تيمية: "فالولاية هنا كالإيمان، وقد يعلم أن الرجل مؤمن في الباطن تقي بدلائل كثيرة، وقد يُطلع الله بعض الناس على خاتمة غيره فهذا لا يمتنع، لكن هذا مثل الشهادة لمعين بالجنة وفيها ثلاثة أقوال، قيل لا يشهد بذلك لغير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي وعلي بن المديني وغيرهم، وقيل يشهد به لمن جاء به نص إن كان خبرا صحيحا كمن شهد له النبي بالجنة فقط، وهذا قول كثير من أصحابنا وغيرهم، وقيل يشهد به لمن استفاض عند الأمة أنه رجل صالح كعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وغيرهما وكان أبو ثور يشهد لأحمد بن حنبل بالجنة، وقد جاء في الحديث الذي في المسند "يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار قالوا بماذا يا رسول الله قال بالثناء الحسن والثناء السيئ"، وفي الصحيحين أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال وجبت وجبت، ومر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال وجبت وجبت، فقيل يا رسول الله ما قولك وجبت وجبت قال هذه الجنازة أثنيتم عليها الخير فقلت وجبت لها الجنة، وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت وجبت لها النار؛ أنتم شهداء الله في الأرض …والتحقيق أن هذا قد يعلم بأسباب وقد يغلب على الظن ولا يجوز للرجل أن يقول بما لا يعلم "النبوات (10) وانظر حكاية الخلاف أيضا في مجموع الفتاوى (11/ 518) ومنهاج السنة (3/ 496) وشرح الطحاوية لابن أبي العز (378).
ثم بين الكاتب أدلة ما رجحه في المسألة وناقش أدلة المانعين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/128)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[06 - 05 - 08, 05:35 م]ـ
قال العلامة المعلمي - رحمه الله تعالى -:
«مِنْ أوسع أودية الباطل الغلوُّ في الأفاضل , ومِنْ أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كلَّ من يحاول ردَّه إلى الحق ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم». اهـ
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 07:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة و السلام على رسول الله، وبعد:
فهذه تعليقات متسلسلة و مختصرة فيها كشف لبعض التلبيس في نقولات أخي "سيد أحمد مهدي" من كتاب "الرد النفيس" ..
فأقول مستعينا بالله وحده:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -22 -
الباب الثاني: الكاتبة في الميزان
في هذا الباب أعطى محمد حاج عيسى تقييما عاما لمؤلفة "الرد الوافي"،فإن المتعرض للدفاع ابن باديس رحمه الله تعالى-كما ذكر-، وتفنيد ما سطرته الكاتبة مضطر أن يوضح للقارئ مستواها العلمي، وأنها ليست أهلا لأن تكتب في القضايا العلمية الجزئية، فضلا أن تكتب في القضايا المنهجية،لهذا جمع في هذا الباب أخطاءها العلمية في "الرد الوافي"،وقد دقق الكاتب أشد التدقيق في بيان أخطاء الكاتبة نظير زعمها أنها دققت مع ابن باديس و الكاتبة-كما ذكر الكاتب- أدخلت نفسها في دقائق الكلام ومن أدخل نفسه في دقائق الكلام ينبغي أن يكون حذرا في كل ما يقول.
ـــــــــــــــــــــــ
التعليق: حبذا لو تنقل أخي "مهدي" كل براهين "الأخ محمد حاج عيسى" الدالة على عدم أهلية الأخت الفاضلة أم أيوب – عفا الله عنها - للكتابة في القضايا العلمية الجزئية فضلا عن المنهجية، لأن الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - وهو من الأعلام على حد قول الأخ "عيسى" في مطلبه الثاني من فصل: (من شهادات الأعلام على سلفية ابن باديس) في كتابه (الرد النفيس .. ) - قد وصفها بـ: "السلفية الفاضلة" وشكر لها صنيعها كما في تقديمه لكتابها: (الأضواء السلفية على الجماعة الإخوانية) وهو كتاب منهجي وحوى مسائل فقهية جزئية –على حد تعبير الأخ عيسى- وأخرى علمية عقدية. فهل عَلم الشيخ "ربيع" أخطأ في تزكيته لها وتقديمه للكتاب أم الأخ "عيسى" غبطها على علمها لأنها فعلت نصحا لدين الله – حل وعلا- ما لم يفعله الكثير من الذكور في الجزائر؟! فإن كانت الأولى فتزكية العَلم وغيره من الأعلام للشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله تعالى - قد يكون فيها نظر وعندها لا عتب على الأخت فيما أظهرت من انتقاد، والخلاصة: (من علم حجة على من لا يعلم). والله أعلم.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 07:17 م]ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -23 -
شرع في الفصل الأول من هذا الباب في بيان الأخطاء العلمية والاعتقادية للكاتبة، وجعل المبحث الأول منه في: مسائل الفروق، أول نقطة في هذا المبحث: عدم تفريق الكاتبة بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد وبين الخلاف في الظنيات والخلاف في القطعيات، ومثال ذلك وصفها ص157 من كتابها للخلاف بين المذاهب الأربعة أنه اختلاف تنوع ولو تكلف متكلف النقد –كما ذكر الكاتب- لألزمها القول بتصويب المجتهدين.
ثم بين خلطها بين التفويض والتأويل، وبين تأويل النص ورده؛ حيث جعلت تأويل ابن باديس لحديث:" أبي وأبوك في النار " ردّا، ومن ذلك أيضا أن الكاتبة تعقبت قول الشيخ محمد الصالح رمضان في تعليقه على العقائد لابن باديس حيث فوض كيفية الميزان ووهّم من فسر الميزان بأن له كفتين ولسانا وعده من التشبيه. فوصفت صنيعه بالتأويل الفاسد (ص118)، فالشيخ محمد الصالح قد أخطأ في اعتقاده أن القول بإثبات الكفتين يستلزم التشبيه، إلا أن الأصل الذي انطلق منه صحيح، وهو قول أهل السنة في كل المسائل الغيبية، فلا ينبغي أن ينكر الأصل الذي انطلق منه ولا أن يوصف بالتأويل الفاسد، ثم نقل نصا لابن تيمية فيه تفويض الكيف مع إثبات الكفتين للميزان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/129)
التعليق: قالت الأخت أم أيوب – سددها الله تعالى – كما في (الرد الوافي .. ) (ص: 28 - 29): ((حجّة ردّ حديث الآحاد في العقائد وعدم الاعتداد به لأنّه يفيد الظّن ولا يفيد اليقين، وهذه مغالطة تَفُوحُ منها رائحة المعتزلة والأشاعرة ومن كان على شاكلتهم، وتبنّى معتقدهم على الأقل في هذه النّقطة، وإنّ هذا الأمر ليس بالأمر السّهل أو يدخل ضمن اختلاف التّنوّع ولكنّه حقّا يعدّ من اختلاف التّضاد، إذ أنّ أئّمتنا الكبار من القدماء والمعاصرين اتّفقوا على الأخذ بالحديث إذا صحّ» دون تفريق بين ما كان منه خبر آحاد أو تواتر، ما دام أنّه صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهذا هو الحقّ الّذي لا ريب فيه، والتّفريق بينهما إنّما هو بدعة وفلسفة دخيلة في الإسلام مخالف لما كان عليه السّلف الصّالح والأئمّة المجتهدون «. (1) (العقيدة الطّحاوية) شرح وتعليق للشّيخ "الطّحاوي"، وبتعليق الشّيخ العلاّمة "الألباني" والكلام المشار إليه لهذا الأخير .. أنظر تعليقه في [ص 43].)). اهـ
وقالت كما في (ص:95 - 96): (( .. وإنّ توحيد الصّف مع الإباضيّة لمصلحة البلاد ليس من السّلفية ولا السّلفية منه، لأنّ الإباضيّة كما قلت آنفا جذورهم من الخوارج والخوارج هم طائفة مذمومة وفرقة منحرفة من أشهر الفرق الّتي أدخلت على دين اللّه ما ليس فيه، وأحدثت فيه ما ليس منه، ولو كان الخلاف بيننا وبينهم خلاف تنوّع لهان الخطب، ولكن الخلاف بيننا وبينهم خلاف تضاد واختلاف في مسائل هيّ من أسس هذا الدّين ومن أصوله، ومسألة الاختلاف في رؤية اللّه في الآخرة ليست بالمسألة الهيّنة، والاختلاف في مسألة تعريف القرآن الكريم هل هو مخلوق أم لا من المسائل الّتي كان السّلف الصّالح يميّزون بها بين المتّبع الحقيقي لكتاب اللّه تعالى ولسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وبين المبتدع المارق الضّال الحائد عن كتاب اللّه وسنّة نبيّه عليه الصّلاة والسّلام، ولعلّ جمعيّة العلماء تستهين بقيمة هاتين المسألتين العظيمتين وتراهما من المسائل الخلافية الفرعيّة، وهذا خطأ جسيم واعوجاج كبير ـ إن كان الأمر كذلك ـ .. )).اهـ
أما مسالة الميزان فقالت في (ص:115 - إلى119): في عقيدة "الميزان" قال الشّيخ "ابن باديس" تحت عنوان (وزن الأعمال والجزاء عليها):
» نؤمن بأنّ اللّه تعالى ينصب الميزان يوم القيامة، فتوزن أعمال العباد ليجازوا عليها، ويقتص من بعضهم البعض، فمن رجحت حسناته نجا ومن رجحت سيّئاته عذّب إذ ذاك واجب في عدل اللّه لقوله تعالى: ?ونضع الموازين القسط ليوم القيامة، فلا تُظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين?، ? فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره?، ?فأمّا من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأمّا من خفّت موازينه فأمّه هاوية?، ?أم حسب الّذين اجترحوا السيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون وخلق اللّه السّماوات والأرض بالحقّ ولتجزى كلّ نفس بما كسبت وهم لا يظلمون?. ولحديث أبي هريرة رضيّ اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم:» أتدرون ما المفلس؟ فقال: إنّ المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة .. ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، وضرب هذا فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيتْ حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطُرحتْ عليه ثمّ طُرح في النّار «(رواه مسلم) «(1)، "فابن باديس" رحمه اللّه ذكر أنّه من الواجب علينا أن نؤمن بأنّ اللّه تعالى ينصب "الميزان"، ولم يذكر بالتّفصيل عقيدة السّلف الصّالح في "الميزان" وإنّما ركّز على الآيات (والحديث) الّتي ورد فيها ذكر وزن الأعمال والمجازاة عليها إن خير فخير وإن شرّ فشرّ، وبهذه الاستدلالات حول موضوع الإيمان بالميزان يمكن القول إنّ كلامه هذا عام يرضي كلّ الأطراف المتنازعة في العقيدة في هذا الموضوع بالذّات، ولو دقّق أكثر في موضوع "الميزان" لظهر رأيه الحقيقي أهو من الّذين يجنحون إلى التّأويل الفاسد أم أنّه يثبت عقيدة السّلف في "الميزان" الّذي يُنصب يوم القيامة كما وردت بها الأدلّة في أحاديث صحيحة، واستدلاله بالآيات كان في موضعه ولكن كان ينقصُه الاستدلال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/130)
بالأحاديث النّبوية الّتي وردت في الميزان، قال العلاّمة "ابن أبي العزّ الحنفي" رحمه اللّه وهو شارح العقيدة الطّحاوية للإمام "الطّحاوي" رحمه اللّه، وكتاب (العقيدة الطّحاوية) قرّر فيه صاحبه عقيدة السّلف وهو من أروع المصادر في ذلك لولا أنّ الإمام "الطّحاوي" زلّ في مسألة الإيمان حيث عرّف الإيمان بأنّه تصديق بالقلب وإقرار باللّسان، ولم يُتمّ التّعريف الكامل للإيمان لمّا أسقط (عمل الجوارح والأركان)، ولكنّ الكتاب تلقّته الأمّة بالقبول جيلا بعد جيل محذّرة من مسألة "الإيمان" الّتي زلّت فيه قدمه رحمه اللّه .. قلتُ: قال الإمام "الطّحاوي" رحمه اللّه:» ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة والعرض والحساب وقراءة الكتاب والثّواب والعقاب والصّراط والميزان «، وقال الشّارح "ابن أبي العزّ" في شرح ذلك:» والّذي دلّت عليه السّنة أنّ ميزان الأعمال له كفّتان حسيّتان مشاهدتان. روى الإمام أحمد من حديث أبي عبد الرّحمان الحُبلي، قال سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:» إنّ اللّه سيخلّص رجلا من أمّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كلّ سجل مدُّ البصر، ثمّ يقول له: أتنكر من هذا شيئا أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يا ربّ، فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرّجل، فيقول: لا يا ربّ، فيقول: بلى، إنّ لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك فَتُخْرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدا عبده ورسوله، فيقول: أحضروه، فيقول: يا ربّ، وما هذه البطاقة مع هذه السّجلات؟ فيقال: إنّك لا تظلم، قال: فتوضع السّجلات في كفّة [والبطاقة في كفّة]، قال: فطاشت السّجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل شيء بسم اللّه الرّحمان الرّحيم ««(1). و في كتاب "مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطيّة" للشّيخ العلاّمة "عبد العزيز المحمّد السّلمان":» ما هو الميزان وهل هو حقيقي وما هو الدّليل على ذلك .. الخ .. «فأجاب جزاه اللّه خيرا بما يلي: الميزان حقيقي له لسان وكفّتان توزن به أعمال العباد قال تعالى: ?ونضع الموازين القسط ليوم القيامة? الآية .. وقال: ?فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفّت موازينه فأولئك الّذين خسروا أنفسهم في جهنّم خالدون? وقال: ?والوزن يومئذ الحقّ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفّت موازينه?الآية، وقال: ?فأمّا من ثقلت موازينه? الآيتين .. قال ابن عبّاس رضيّ اللّه عنهما توزن الحسنات في أحسن صورة والسّيئات في أقبح صورة وفي الصّحيح أنّ البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنّهما غمامتان أوغيايتان أوفرقان من طير صوّاف وفي قصّة القرآن وأنّه يأتي صاحبه في صورة شاب شاحب اللّون .. الحديث .. وفي قصّة سؤال القبر فيأتي المؤمن شاب حسن اللّون طيّب الرّيح فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصّالح وذكر عكسه في شأن الكافر والمنافق .. وقيل يوزن كتاب الأعمال واستدلّ له بحديث البطاقة وقيل يوزن صاحب العمل كما في الحديث يؤتى بالرّجل السّمين فلا يزن عند اللّه جناح بعوضة ثمّ قرأ ? فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا? .. إلخ .. «(1)، ففي مسألة الإيمان بالميزان ذكر "ابن باديس" أنّنا نؤمن بالميزان دون أن يتعرّض لذكر الأحاديث الّتي وردت في وصف الميزان، وطريقته هذه في عرض العقيدة يمكن أن ترضي كلّ الفرق، أمّا طريقة الشّارح "ابن أبي العزّ الحنفي" وكذا ما مرّ بنا من كلام الشّيخ العلاّمة "عبد العزيز السّلمان"، فإنّها تجد المعارضة من طرف الفرق المنحرفة الّتي ترفض الإيمان بوصف الميزان كما وصفه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتجنح إلى التّأويل الفاسد، وخير دليل على ذلك أنّ شارح (العقائد الإسلامية) "لابن باديس" رحمه اللّه وهو الأستاذ "محمّد الصّالح رمضان" ذكر في شرحه لقول "ابن باديس":» نؤمن بأنّ اللّه تعالى ينصب الميزان يوم القيامة «ما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/131)
» الميزان: مخلوق من مخلوقات اللّه تعالى لا نعرف شكله ولا كيفيّته، فهو ممّا نؤمن به بلا كيف ووهم من يفسّره بكفّتين ولسان، لأنّ ذلك من البدائيّة في التّفكير والتّشبيه «(2)، فهذا الانحراف بالتّكذيب بصفة الميزان المذكورة في أحاديث صحيحة يعدّ تأويلا فاسدا هو بقية باقية من ميراث التّأثر بعقلانية المعتزلة وتأويلات الأشاعرة .. وهذا الكلام يُحسب على صاحبه "محمّد الصّالح رمضان"، ولكنّه يجعلنا نخرج بنتيجتين هما:
1. هذا الرّجل وهو "محمّد الصّالح رمضان" يذكر عن نفسه أنّه حضر دروس العقيدة عند الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه فقال:» واستمرّ بي المقام في رحاب الشّيخ خمس سنوات وهي مدّة ليست بالطّويلة في عمر الزّمان، ولكنّها ـ والحمد للّه ـ أثرت وأثمرت بعدما أينعت فيما أظنّ، إذ استدعاني الإمام بعد ثلاث سنوات فقط من التّلمذة عليه لأعاونه في التّدريس لطلاّبه بقسنطينة مع معاونيه، ثمّ عيّنني معلّما في مدرسة التّربية والتّعليم بقسنطينة، ومع ذلك لم أنقطع عن دروسه وخاصّة درس التّفسير حتّى لقي ربّه في 16/ 4/1940م ... «، (1) فمن خلال ما حكاه هذا الرّجل يمكن القول إنّ "ابن باديس" أجازه كتلميذ له، وبهذا يمكن القول إنّ هذا التّلميذ تعلّم من شيخه هذا التّأويل الفاسد في مسألة الإيمان بالميزان ربّما أثناء شرح الشّيخ للدّرس .. فيكون الشّيخ "ابن باديس" لاجئا إلى تأويل الأحاديث بطريقة فاسدة بنفس طريقة الشّيخ "محمّد عبده" ..
2. أمّا إذا كان التّلميذ شرح هذا الموضوع من معلوماته الخاصّة، فيمكن القول إنّ طريقة "ابن باديس" المجملة في عرض العقائد دون التّعرّض للرّد على المنحرفين العقلانيين كانت سببا في انحراف التّلاميذ من بعده بهذه التّأويلات الفاسدة .. لأنّ الشّيخ لو ذكر لطلابه وجوب الإيمان بأنّ الميزان له كفّتان حسّيتان ورد ذكرهما في أحاديث صحيحة لترك آثار ذلك على تلاميذه وطلاّب العلم عنده، لأنّ عرض العقيدة بدون التّعرض للرّدود المُبيّنة لفساد عقائد الفرق المنحرفة عن منهاج أهل السّنة والجماعة، يجعل دارس العقيدة غير مدرك لمخاطر هذه الفرق فيحسب نفسه على عقيدة السّلف الصّالح .. )).اهـ
يظهر من السابق أن كلام الأخت - سددها الله تعالى - واضح ولا يفهم منه خلط، بل يفهم من بعضه أن الشيخ بن باديس رد الحديث تأويلا لأنه آحاد. ويظهر في كلامه حيث قال: قال في معرض تفسيره لقوله تعالى: ?وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا? ما يلي:» لمّا كان العرب لم يأتهم نذير قبل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلمّ بنّص هذه الآية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى: ? وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا?، و? وأن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير? وغيرهما، وكلّها آيات قواطع في نجاة أهل الفترة ولا يستثنى من ذلك إلاّ من جاء فيهم نصّ ثابت خاصّ "كعمر بن لُحيّ" (2)، أوّل من سيّب السّوائب وبدّل في شريعة إبراهيم وغيّر وحلّل للعرب وحرّم، فأبَوَا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ناجيان بعموم هذه الأدلّة ولا يعارض تلك القواطع حديث مسلم عن أنس (رضي اللّه عنه): (أنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلمّ: يا رسول اللّه أين أبي؟ قال في النّار، فلمّا قفا الرّجل دعاه فقال: إنّ أبي وأباك في النّار)، لأنّه خبر آحاد فلا يعارض القواطع وهو قابل للتّأويل بحمل الأب على العمّ مجازا يحسنه المشاكلة اللّفظية ومناسبته لجبر خاطر الرّجل وذلك من رحمته صلّى اللّه عليه وسلمّ وكريم أخلاقه .. «مجالس التّذكير [من كلام الحكيم الخبير ـ ص 373].
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 07:19 م]ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
مع كتاب "الرد النفيس ... " -24 -
ثم بين الشيخ أن الكاتبة لا تفرق بين التقية المذمومة والمداراة المشروعة حيث انتقدت ابن باديس رحمه الله تعالى بأنه كان يداري فرنسا حتى لا تعيق نشاطه، فرأت الكاتبة ذلك نفاقا من جنس تقية الشيعة، بل ورأت أن الواجب على ابن باديس أن يجاهر بمعاداة فرنسا وأن يحرِّض الأمة على الجهاد!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/132)
وناقش محمد حاج عيسى هذا الكلام في نقاط منها: أن ما كان يصنعه ابن باديس كثير منه يسمى مداراة لعدم خروجه عن حدود المشروع، والفرق بين النفاق والتقية والمداراة معروف. و إلزام ابن باديس رحمه الله بأن يدعو أهل الجزائر إلى الجهاد عام 1924 هو منهج التهور والتسرع فأهل الجزائر كانوا آنذاك إما من الجهال أو من ضعاف الإيمان أو من عباد القبور والطرقية أو من دعاة الإدماج ولم تتهيأ بعد العدة الإيمانية ولا المادية للدعوة إلى الجهاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليق: يفهم من كلام الأخ في قوله: (لا تفرق بين التقية المذمومة والمداراة المشروعة .. ) أن هناك تقية محمودة ومداراة مذمومة؟! وفي الحقيقة لا أعلم أحدا من أهل العلم يقول بذلك؛ فالتقية مذمومة مطلقا وهي من سمات الرافضة، أما المدراة فجائزة، والمداهنة في دين الله محرمة، وقد فصَّل في ذلك الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى- في فتحه وغيره .. أما الدعوة إلى الجهاد في تلك المرحلة الزمنية فقد يكون قصد الكاتبة جهاد الدفع .. فأين الخلل فيما قالت وجهاد الدفع مقرر أيما تقرير ومحرر أيما تحرير في كتب أهل السنة و الجماعة؟!! ومع ذلك أنقل كلام الأخت في المسألة، قالت في (ص:148 - 151): ((وممّا عُرف عن الشّيخ "محمّد بن عبد الوهّاب" جهاده في سبيل اللّه، ونداؤه وسعيه لإعلاء راية لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه، وهذا الجهاد ما عُرف عن "ابن باديس"، بل كان أسلوبه مع فرنسا في مرحلة من مراحل حياته أسلوب تقيّة ومداهنة بينما الوقت حينها كان يقتضي مجاهدة أولئك الكفّار الغزاة الّذين عاثوا في بلادنا فسادا ودمارا وتخريبا، إنّ المرء حينما يقرأ بعض العبارات الّتي صدرت من الشّيخ "ابن باديس" في بعض مراحل حياته في مدح فرنسا وتزكيّتها يشتّد تعجّبه ويزداد يقينا بأنّ دعوة الشّيخ "ابن باديس" أبعد ما تكون عن دعوة المجدّد "محمّد بن عبد الوهّاب" رحمه اللّه، وكان "ابن باديس" قد ختم حياته بمواجهة فرنسا بكلام صارم، وتراجع عماّ صدر منه قبل ذلك دون أن يعلن أنّه أخطأ في بعض العبارات القديمة كقوله مثلا وهو ينصح الجزائري بوصايا متعددة: "حافظ على مبادئك السّياسية، ولا سياسة لك إلاّ سياسة الارتباط بفرنسا" (1) .. وقد عُلّق على هامش الكتاب الّذي وردت فيه هذه العبارة بما يلي: هذه تقيّة من "ابن باديس" لأنّه يؤمن بأنّ الشّعب الجزائري سيستقلّ عن فرنسا متى حان الوقت وقد حان وتحقّق .. قلتُ: إنّ التقيّة ليست من منهج أهل السّنة والجماعة في شيء بل هي من أصول الشّيعة الرّوافض الّذين يقصدون بها مداهنة المسلمين الّذين ليسوا على مذهبهم الباطل وذلك بأن يظهروا لهم خلاف ما يبطنون، وهذا هو النّفاق عينه، إنّ شيخا "كابن باديس" ما كان له أن تصدر منه هذه العبارة مهما كانت الظّروف ومهما كانت الأسباب، بل كان عليه أن يشجّع الجزائرييّن على مجاهدة العدوّ الفرنسي الغاشم بكلّ ما أوتي من قوّة لأنّ عبارة مثل هذه من شأنها أن تؤثّر على الشّعب الجزائري وقتئذ فيبقى تحت سلطة الاستعمار الفرنسي عن رضى وطواعية، وهذه المداهنة ليست من أسلوب الشّيخ "محمّد بن عبد الوهّاب" رحمه اللّه الّذي عُرِف بشجاعته الفائقة وصدعه بالحقّ مهما كانت النّتائج .. وقال الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه مخاطبا الشّعب الجزائري في موطن آخر: "أيّها الشّعب الكريم: كنّ ـ كلّك ـ مع الحكومة الفرنسوية الممثّلة للشّعب الفرنسي الدّيموقراطي أصدق تمثيل ـ كُنّ كلّك ـ ضدّ كلّ متعصّب ضدّ أيّ جنس وأيّ دين .. كُنّ متّحدا فبالاتّحاد تبلغ غايتك الشّريفة الإنسانيّة ـ كنّ مستيقظا، منظّما لتبرهن على أنّك شعب لا تريد إلاّ العيش والحرية والسّلام .. ارفع عقيدتك بالاحتجاج ضدّ جميع الّذين يستعملون العنف والقسوة والأساليب الشّيطانيّة الخفيّة ليحدثوا الفتنة والشّغب ضدّ فرنسا والجزائر .. ناد من كلّ قلبك: لتحيا الجزائر ـ لتحيا فرنسا الشّعبية .. ليسقط الظّلم والاستعباد! ليسقط أضداد الأجناس وحريّة الأديان والأفكار ... " (2)، هذا المنشور مليء بالطّامات إذ فيه محاذير وأخطاء فظيعة من جملتها:
أ. حضّ "ابن باديس" الشّعب الجزائري على أن يكون مع الحكومة الفرنسيّة قلبا وقالبا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/133)
ب. تضليل الشّعب بفكرة الدّيموقراطيّة والدّيموقراطيّة هي الكفر عينه إذ أنّها تنادي بوجوب إخضاع الحكم للشّعب، والحكم للّه عزّوجلّ في شريعتنا وعقيدتنا ـ فكيف خفي هذا على شيخ "كابن باديس"؟
ج. تشجيع الجزائرييّن على الاتحاد مع فرنسا وبالتّالي فلا جهاد ولا حرب.
د. ماذا يقصد "ابن باديس" بحريّة الأديان؟ أي حريّة لأديان حرّفت وغيّرت؟ إنّ هذا الكلام الأجوف قد يؤدي بقائله إلى اعتقاد وحدة الأديان وبالتّالي يكون على شفا هلكة من هذه الأفكار السّامة الّتي تهدف إلى إسقاط الإسلام وهو دين اللّه العظيم.
هـ ـ وإن قال قائل: تلك ظروف عاشها الشّيخ "ابن باديس" في وطنه، ومصلحة البلاد أملتْ عليه وقتها أن يقول هذا الكلام، آنذاك يكون الرّد: بأنّ في هذه الفرضيّة أكبر دليل على أنّ الشّيخ "ابن باديس" رجل سياسة ـ بما تقتضيه هذه الأخيرة من تلوّن وتقلّبات في المواقف والقرارات ـ وليس عالما يحكّم شريعة اللّه وينادي بتطبيقها حتّى في أيّام الاستعمار الماكر المدمّر .. ورغم أنّ "ابن باديس" فيما بعد أعلنها أنّ:
شعب الجزائري مسلم ?? وإلى العروبة ينتسب
من قال حاد عن أصله ?? أو قال مات فقد كذب
إلى آخر القصيدة الّتي وقف بها في وجه فرنسا، إلاّ أنّنا نتأسّف كثيرا على تلك العبارات المضلّلة الّتي صدرت منه قبل ذلك مؤكّدة أنّه سياسيّ أكثر منه عالم يعلن عن الأحكام الشّرعية مهما كان الثّمن .. وبهذا يتّضح أنّه شتّان .. شتّان .. بين دعوة "محمّد بن عبد الوهّاب" الشّامخة، الرَاسخة في جذورها، الصّلبة في أصولها، الواضحة في أبعادها ومراميها، وبين دعوة الشّيخ "ابن باديس" الّتي يمكن القول بأنّها مزيج من دعوة "جمال الدّين الأفغاني" و"محمّد عبده" ومن دعوة الشّيخ "حسن البنّا"، رغم أنّ "ابن باديس" لم يعلن تأثّره بدعوة الإخوان المسلمين، ومع ذلك نجده في الكثير من القضايا يسلك مسلكهم سواء أعلن ذلك أم لم يعلنه .. )).اهـ
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 07:21 م]ـ
للفائدة قال العلامة المعلمي - رحمه الله تعالى -:
«مِنْ أوسع أودية الباطل الغلوُّ في الأفاضل , ومِنْ أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كلَّ من يحاول ردَّه إلى الحق ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم». اهـ
وللحديث بقية إن شاء رب البرية.
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[11 - 05 - 08, 12:51 ص]ـ
الأخ عبد الحق أرجو أن تتحمل سوء أدبي مع أمثالك من طلبة العلم الأقوياء .... و الظاهر أنك درست زمنا طويلا عند "إمامة الجرح و التعديل في الجزائر" و لذلك فأنت ماشاء الله تناقض نفسك و تلف و تدور لتضرب رأسك بقدميك و قدميك برأسك أسال الله أن يحمي ظهرك فلا تقصمه هذه الحركات البهلوانية التي أبهرت بها طلبة العلم فصمتوا كما ترى ...
أقول: إذا كنت تعترف بلسانك أن ابن باديس تراجع كما ذكرت ذلك في موضعين من كلامك "النفيس جدا" فمابالك تصرخ و تصيح و تعامل الرجل على أنه مات على تلك المبادئ التي (أحزنتك)
ألا يكفيك أنه تراجع؟ إن الله استثنى من تاب و أصلح و وعد من انتهى عن الذنب أن يغفر له ما سلف حتى و لو كان كفرا ... و اما أنت و من على شاكلتك فإنكم تأخذون بالذنب و تحملون على صاحبه بغير أدب (و إن تظاهرتم بذلك) و لو جاء التصريح بتراجعه على لسانك انت نفسك فلا حول و لا قوة إلا بالله
سعيد بن المسيب يقول:" ليس من عالم و لا شريف و لا ذي فضل إلا و فيه عيب, و لكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله , كما أنه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله "
و ابن المبارك يقول:إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه لم تذكر المساوئ, و إذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن ...
و في حال ثبوت الخطأ أو احتمال وقوعه:
فقال الذهبي مثلا:
ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه و علم تحريه للحق و اتسع علمه و ظهر ذكاؤه و عرف صلاحه و ورعه و اتباعه , يغفر له زلله و لا ننسى محاسنه , نعم و لا نقتدي به في بدعته و خطئه و نرجوا له التوبة من ذلك
و يقول عن قتادة:
... قلت قد مضى الرجل و الكمال عزيز و الرجل الفاضل إذا وقع في بدعة يريد بها تنزيه الباري فالله يغفر له (إحسان ظن و دعاء) أو كما قال ,و معروف أن قتادة رحمه الله قد رمي بالقدر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/134)
و يتكرر عند الذهبي رحمه الله التشنيع على هؤلاء المتجرئين على عباد الله و يكثر منه رحمه الله التماس الأعذار بل و احتمالها بقوله (لعله تاب منها. لعله تراجع عنها .. ) ثم يبني على ذلك التوقع كلاما طيبا يقوله في المترجم له المحكوم عليه
و أنت عجبا لك تقول هو تراجع ثم تشنع و (تطلب الطعان وحدك و النزالا)
هل عمي عليك مثلا أن تفهم (يا لبيب) أن قوله حرية الأديان في ذلك الجو هو بالنظر للفرنسيين النصارى تحصيل حاصل؟ و إنما لو طبقت فرنسا ذلك لحصل شيء من الحرية للإسلام خلافا للنصرانية فماوجه الضرر في ذلك و أما إن اتأيت بحجج المتوهمين و أن ذلك فيه تغرير للعوام فأقول لك إن الناس يومذاك لم تكن تفقه حتى الربوبية فضلا عن الألوهية فضلا عن حرية أديان و ما شاكلها فاتق الله
و لا عجب أن تقول الكاتبة (بنصف عقلها) كان عليه أن يحرض على الجهاد و لكن المبكي أن تتبعها أنت و تتلمذ لها بإجازة ما أدري ما هي و لكن الجواب هو جواب الشيخ الألباني رحمه الله و حفظه من نابتة السوء المتتبعين العورات حيث قال لأحد ابناء فلسطين: العين تواجه المخيط؟ أو قال المخرز؟ كررها ثلاثا , فهل تريد -تبعا للشيخة الإمامة- هل تريد من ابن باديس أن يواجه مِخيَط فرنسا بعين الجزائريين؟ (و العين تلك أشد جهلا و عمى من العين الفلسطينية اليوم)
يا رجل إتق الله و راجع نفسك ثانية: أنت تقر أنه تراجع فهلا عفوت كما تحب أن يعفو الله عنك؟
و على فكرة لا أدري هل تعلم شيختك وفقها الله أنه تراجع .. و هل تقر بذلك أم لا؟ فإن كان الأمر كذلك فالسؤال نفسه يوجه لها.
و إني أدعو الله أن يهدينا و إياك و أن لا تجد نفسك متأسفا عن هذه الحملة الفارغة حين يضع الله الموازين القسط ليوم القيامة فلا تهدي حسناتك مجانا لغيرك أيها الحبيب و أعتذر لك عن "سوء الأدب" فقد ضقنا بهذه النابتة التجريحية ذرعا فلم يسلم منها لا المتقدمون و لا المتأخرون و لا المعاصرون و ليس السر في موافقة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب و لا في مخالفتها
و لو كان الأمر كذلك لنجا ابن حجر و النووي و بكر أبو زيد و ابن جبرين و الشنقيطي (بل و حتى بن عثيمين و ابن باز) و لعلك ستنكر الإرتباط بين هذه التصرفات و بين تلك و لكن أقول لا ينفعك الإنكار ليس لأني أطبق منهج (فلان سلفي الظاهر حزبي - قطبي - تبليغي الباطن) و لكن لأنه
و مهما تكن عند امرئ من خليقة - و إن خالها تخفى على الناس تعلم
و لأن ملة الضلال واحدة و كذلك ملة سوء النية و سوء الخلق و الإستمتاع بتتبع الخطايا ... واحدة أيضا
و قل ما تشاء أن تقول فإني ماض إلى ما أخاله -إن شاء الله - ينفعني في غير التفات
و أدعو الله أن يهديك إلى ما ينفعك فتحرص عليه
و العاقل لا يفني عمره في هذه المسائل العقيمات فإن لم ترض فواصل النقل عن شيختك حاملة اللواء و يا سبحان الله قد فرق الله شمل هواة الولوغ في الأعراض فصيرهم شيعا و أذاق بأسهم بأس بعض و لا يزال نسأل الله العافية و السلامة
_____________________________________
قال الفرزدق: ما أنت بالحكم الترضى حكومته و لا الأصيل و لا ذي الراي و الجدل
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[12 - 05 - 08, 01:34 ص]ـ
السلام عليكم
مما أرى ضرورة إضافته تعليق سريع على قولك هناك حول أهلية هذه الأخت و حسد الشيخ الفاضل حاج عيسى (و هذه من قرائن سوء الظن و نقص الأدب)
و عن تزكية الشيخ ربيع للكاتبة (و فيه خلط عجيب فإن تزكية كتاب و كلمة السلفية الفاضلة لا تفيد أكثر من معناها و لا يوجد في معناها أنها عالمة و عارفة بالمنهج)
و على اعتبار أنه قال أنها عالمة فكيف لا تطبق قاعدة من علم حجة على من يعلم من جهة الشيخ حاج عيسى و أنه أعلم بالكاتبة من الشيخ ربيع
و كيف تجرأت على ادعاء النظر في تزكيات الأعلام (و منهم الشيخ ربيع) لابن باديس و لا تحتمل أن النظر واقع في تزكيته المزعزمة للكاتبة
ثم إن العبرة بالواقع لا بالتزكيات
و كم من تزكية جرت على الأمة وبالا و خبالا و لا أظنك تجهل تزكية الشيخ ربيع نفسه لبعض من تحولوا اليوم إلى شوكة في عيون أهل السنة و قد اعترف الشيخ نفسه بأنه اخطأ في تلك التزكية
و كذلك جريا مع أسلوبك أقول لك إن الفصل الأول المطبوع من كتاب الشيخ قدم له الشيخ العلامة محمد علي فركوس
كما أنه (الشيخ فركوس رفع الله درجته) بلغني أنه شنع على هذا الكتاب المملوء إثما و تعديا أقصد الرد الخرافي
و لعل الله تعالى ييسر طبع الكتاب كاملا و حينها سيفرح به المنصفون و يسشقى به الحمقى المغفلون
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:27 م]ـ
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
و ها هنا أمر خفي ينبغي التفطن له
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى -:" و ها هنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه مأجورا على اجتهاده فيه، موضوعا عنه خطؤه فيه، ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة، لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله، بحيث لو أنه قد قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من يوافقه ولا عادى من خالفه، ولا هو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه، وليس كذلك، فإن متبوعه إنما كان قصده الانتصار للحق وإن أخطأ في اجتهاده، وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأنه لا ينسب إلى الخطأ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحق فافهم هذا فإنه مهم عظيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ". اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/135)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:30 م]ـ
ـ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " و كثير من الناس فيهم من الغلو في شيوخهم من جنس ما في الشيعة من الغلو في الأئمة ".اهـ
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:33 م]ـ
أعجبتني كلمة لشيخ الإسلام نقلها أخ كريم وهي قوله - رحمه الله تعالى -: ما ينبغي لأحد أن يحملَه تحنّنُه لشخصٍ وموالاتُه له على أن يتعصبَ معه بالباطل أو يعطل لأجله حدود الله تعالى! ....
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:40 م]ـ
وحيث أنني رأيتك مولعا بدروس الشيخ الحويني وتلهج بذكره في غير ما موضع أنقل لك ما يلي لعل الله ينفعني و إياك والإخوة به:
ـ قال أبو اسحاق الحويني: في معرض ردِّه على الشيخ أحمد شاكر رَحِمَهُ اللهُ في تساهله في تقوية بعض الضعفاء:
والشيخ أبو الأشبال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى _ على فضله وعلمه _ كثير التَّسامح في هَذَا الباب .. فتراه ياتي على الرَّاوي الَّذِيْ لا يَشُكُّ حديثي في ضعفه فيقول: (هو ثقة، ولا حجَّة لمن تكلَّم فيه!!) مثل علي بن زيد بن جدعان، وزيد العمي، والحجَّاج بن أرطأة، وابن لهيعة، وإبراهيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى، والإفريقي، ومحمد بن حميد الرازي، وغيرهم كثير.
وكنت جمعت أوهاما للشيخ أبي الأشبال في كرَّاسة سمَّيتها " الفجر السَّافر، على أوهام الشيخ أحمد شاكر "، نبَّهت فيها على ما وقع فيه الشَّيخ أبو الأشبال رَحِمَهُ اللهُ من مخالفة لآراء الأئمة، مُدَعِّماً كل رأي أذكره بالدَّليل عليه ..
ومع ذلك فلم يعجب صنيعي هَذَا بعض إخواننا من حملة العلم في مصر، فسلقوني بألسنة حداد!! وحمَّلوا كلامي ما لا يحتمل، والله المستعان.
ومعاذ الله أن أكون بفعلي هَذَا أحُطُّ من قدر الشَّيخ، ولا يظُنُّ ذلك إلا من رُفِع عنه القلم!! بل الشَّيخ أعلى قدرا، وأسمى منزلة عندنا، من كثير ممن يتعصَّبون له .. يرحمه الله تَعَالَى، وإنِّي لحقيق بقول ابن قتيبة:
(وقد يظن من لايعلم من الناس، ولايضع الأمور مواضعها، أنَّ هذا اغتياب للعلماء، وطعن على السلف، وذكر للموتى .. وكان يقال "أعف عن ذي قبر " وليس ذاك ما ظنوا، لان الغيبة: سَبُّ الناسِ بِلَئِيْمِ الأَخْلاَقِ .. فاما هفوة في حرفٍ أو زلةٌ في معنى، أو إغفال، أو وهم، أو نسيان، فمعاذ الله أن يكون هذا من ذلك الباب، أو ان يكون له مشاكلا، أو يكون المنبه عليه آثما، بل يكون مأجورا عند الله، مشكورا عند عباده الصالحين، الذين لا يميل بهم هوى، ولا يجمعهم على الباطل تَحَزُّبٌ .. وقد كنا زمانا نعتذر من الجهل، فقد صرنا الآن نحتاج إلى الاعتذار من العلم!!، وقد كنا نُؤَمِّلُ شُكَرَ النَّاسِ بالتنبيه والدّلالة، فصرنا نرضي بالسلامة!!، وليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال، ولا يُنْكَرُ مع تغير الزَّمَانِ .. وفي الله خلف وهو المستعان .. ) اهـ
كذا يخطئ الأكابر (!!) .. ويكاد المرأ منا يُحجم عن تعقُّبِ هؤلاء السَّادة من العلماء لجلالتهم في النُّفوس، لولا أن الله أوجب على كل من علم شيئا من الحقِّ أن يظهره وينشره، وجعل ذلك زكاة العلم ..
(وقد يتعثَّرُ في الرأي جِلَّةُ أهل النَّظر، والعلماء المبرِّزون، والخائفون لله تَعَالَى الخاشعون .. فهؤلاء صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وهم قادة الأنام، ومعادن العلم، وأولى البشر بكل فضيلة، وأقربهم من التَّوفيق والعصمة، ليس منهم أحد قَالَ برأيه في الفقه، إلا وفي قوله ما يأخذ به قوم ويرغب عنه آخرون .. ولا نعلم أن الله عزَّ وجلَّ أعطى أحدا من البشر موثقا من الغلط، وأمانا من الخطإ، فنستنكف له منها، بل وصل عباده بالعجز، وقرنهم بالحاجة، ووصفهم بالضَّعف والعجلة .. ولا نعلمه سُبْحَانَهُ خصَّ قوما بالعلم دون قوم، ولا وقفه على زمن دون زمن، بل جعله مشتركا مقسوما بين عباده، ويفتح للآخر منه ما أغلقه عن الأول، وينبه المقلَّ منه على ما أغفل عنه المكثر، ويحييه بمتأخر يتعقَّبُ المتقدِّم، وتال على ماض .. )
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/136)
وإنَّما اضطررت لمثل هَذَا الكلام لأنَّه قد يقع مني التَّعقُّبُ لبعض فحول الأئمة، وأكابر السَّادة العلماء، والذين لا يصلح الواحد منَّا أن يصُبَّ على أحدهم وضوءه (!!) .. وإني أبرأ إلى الله تَعَالَى أن يكون ذلك عن حظِّ نفسٍ، أو حُبِّ ظهورٍ، بل جَمِيْعُهُ لله تَعَالَى، أرجو به الأجر والمثوبة، والتَّجاوز عن الإساءة، فإن ظهر أنني أخطات في موضعٍ، فلست استنكف من الرُّجوع إلى الصَّواب عن الغلط، والله واسع المغفرة. اهـ
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:45 م]ـ
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ قُتَيْبَةَ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ
(إِصْلاَحُ غَلَطِ أَبِيْ عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ)
وَلاَ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَى أَحَداً مِنَ الْبَشَرِ مَوْثِقاً مِنَ الْغَلَطِ، وَأَمَاناً مِنَ الْخَطَإِ فَنَسْتَنْكِفُ لَهُ مِنْهَا، بَلْ وَصَلَ عِبَادَهُ بِالْعَجْزِ، وَقَرَنَهُمْ بِالْحَاجَةِ، وَوَصَفَهُمْ بِالضَّعْفِ وَالْعَجَلَةِ، فَقَالَ {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، وَ {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} وَ {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، وَلاَ نَعْلَمَهُ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْماً دُوْنَ قَوْمٍ، وَلاَ وَقَفَهُ عَلَى زَمَنٍ دُوْنَ زَمَنٍ، بَلْ جَعَلَهُ مُشْتَرَكاً، مَقْسُوْماً بَيْنَ عِبَادِهِ، فَتَحَ لِلآخِرِ مِنْهُ مَا أَغْلَقَهُ عَنِ الأَوَّلِ، وَيُنَبِّهُ الْمُقِلِّ مِنْهُ عَلَى مَا أَغْفَلَ عَنْهُ الْمُكْثِرَ، وَيُحْيِيْهِ بِمُتَأَخِّرٍ، يَتَعَقَّبُ قَوْلَ مُتَقَدِّمٍ، وَتَالٍ يَعْتَبِرُ عَلَى مَاضٍ.
وَأَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ شَيْئاً مِنَ الْحَقِّ أَنْ يُظْهِرَهُ، وَيَنْشُرَهُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ زَكَاةَ الْعِلْمِ، كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ زَكَاةَ الْمَالِ، وَقَدْ قِيْلَ: " اتَّقُوْا زَلَّةَ الْعَالِمِ "، وَزَلَّةُ الْعَالِمِ لاَ تُعْرَفُ حَتَّى تُكْشَفَ، وَإِنَ لَمْ تُعْرَفْ هَلَكَ بِهَا الْمُقَلِّدُوْنَ، لِأَنَّهُمْ يَتَلَقُّوْنَهَا مِنَ الْعَالِمِ بِالْقَبُوْلِ، وَلاَ يَرْجِعُوْنَ إِلاَّ بِالإِظْهَارِ لَهَا، وَإِقَامَةِ الدَّلاَئِلِ عَلَيْهَا وَإِحْضَارِ الْبَرَاهِيْنِ.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[12 - 05 - 08, 07:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -64 -
في المبحث الخامس من هذا الفصل تعرض محمد حاج عيسى -حفظه الله تعالى - لما سماه حكم الاحتفالات الدنيوية، فإن من الأمور التي انتقدت على الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى مشاركته في ما يسمى بالاحتفالات التي تقام في بعض المناسبات، رأى الكاتب حفظه الله أن يسميها "دنيوية" تمييزا لها عن الاحتفالات الدينية التي هي جزمامن البدع، قالت الكاتبة في (ص57):" لقد ساهم الشيخ ابن باديس في إحياء أمور غير واردة بالمرة، فتجده يبتدع مناسبات ما أنزل الله بها من سلطان، والأصل في المسائل التعبدية المنع حتى يرد الدليل بجوازها، لأن المناسبات الدينية مناسبات تعبدية، والعبادات توقيفية ولا يحق لنا أن نبتدع احتفالات باسم الإسلام والإسلام بريء منها، من ذلك أن الشيخ ابن باديس أقام للناس حفلة خاصة بمناسبة ختم تدريسه للموطأ للإمام مالك رحمه الله، وما ألفيت واحدا من علماء السلف فعل هذا، …وربما كان فاتحة شر للاحتفال بمناسبات دينية أخرى ما عرفها الصدر الأول من صحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا عرفها التابعون ولا العلماء الذين ينهجون النهج السلفي الصحيح ". وقالت في (ص60):" فضلا عن كونه يشارك في إلقاء كلمة عن الفقيد وعن مزاياه، تماما كما يفعل الكفار في مثل هذه المناسبات، وخير دليل على ذلك مشاركته في إحياء ذكرى وفاة الشاعرين المعروفين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم". وقالت في موضع آخر في (ص161):" إضافة إلى بدع أخرى جمعت بين الابتداع في الدين والتشبه بالكفار في احتفالاتهم كالاحتفال بذكرى وفاة فلان وعلان كما فعل الشيخ ابن باديس حينما شارك بالقلب واللسان في إحياء ذكرى وفاة الشاعرين المصريين المعروفين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، والبدع كلها ضلالات، ومن وقع فيها فقد رد قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/137)
َ - من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
ناقش الكاتب حفظه الله تعالى ما ذكرته الكاتبة في نقاط:
أولا: المشروع والممنوع من الاحتفالات
فكلام العلماء يدل على أن أسباب المنع من الاحتفالات التي تتكرر في المناسبات ترجع إلى أحد هذه الأمور:
1 - وجود قصد التعبد والتقرب.
2 - التشبه بأهل الجاهلية.
3 - التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم أو دينهم.
أما ما خرج عن هذه المعاني وكان فيه مصلحة دنيوية أو تنظيمية بحتة فلا حرج فيه.
جاء في فتوى اللجنة الدائمة بإمضاء ابن باز وعفيفي:" ما كان من ذلك مقصودا به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قوله: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " البخاري ومسلم، مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد وعيد الأم والعيد الوطني، لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله وكما في ذلك من التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلا لمصلحة الأمة وضبط أمورها كأسبوع المرور وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل، ونحو ذلك مما لا يفضي إلى التقرب به والعبادة والتعظيم بالأصالة فهو من البدع العادية التي لا يشملها قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فلا حرج فيه بل يكون مشروعا «(فتاوى اللجنة الدائمة جمع الدويش (3/ 60 - 61).)، والفتوى جاءت جوابا عمن سأل عن أسبوع خصص لتنظيف المساجد سنويا، فالظاهر من الجواب أنه لا حرج فيه لأنه من باب التنظيم.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان أصل هذا الباب:" فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن الأمر والنهي هما شرع الله والعبادة لا بد أن يكون مأمورا بها فما لم يثبت أنه مأمور به كيف يحكم عليه بأنه محظور، ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون إن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}، والعادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه" القواعد النورانية (112).
ثانيا: تطبيق على الاحتفالات المنتقدة
1 - ذكرى شوقي وحافظ
وهو كما يظهر من عنوانه في موضوع أدبي لا علاقة له بالعبادة ولا بالتعبد، وكذلك يبعد أن يكون أقيم في ذكرى وفاتهما على معنى التكرر بحيث يصبح عيدا، لأن الشاعرين كل واحد منهما توفي في يوم مخالف للآخر، ثم إن المحاضرة ألقيت في يوم مخالف ليوم وفاتهما، وهذا الاحتفال حدث مرة واحدة، بل ولو تكرر ذلك سنويا لكان الأمر غير مجزوم بمنعه، ولاحتاج إلى بحث ونظر لعدم ظهور أحد وجوه المنع المذكورة آنفا، ولا يصلح في مثل هذا أن يقال لم يفعل مثله السلف لخروجه عن معنى العبادة.
2 - حفل اختتام شرح الموطأ
والاحتفال الثاني وهو الاحتفال بختم الموطأ، ومثله الاحتفال بختم التفسير الذي لم يكشفه مجهر الكاتبة مع شهرته-حسب تعبير الكاتب-، فهو احتفال عادي، فليس هو من الأعياد التي تتكرر كل عام، ولا هو من الأمور التي يتعبد بها أو التي يعتقد الناس لزومها، وما مثل هذا الاحتفال الذي يدعى إليه العلماء والطلبة لسماع الكلمات والتوجيهات، ويصحبها بالتبع إكرام الحاضرين بالمشروبات إلا كمثل احتفالات اختتام السنة الدراسية أو الدورات العلمية أو احتفالات توزيع جوائز المسابقات والله أعلم.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[12 - 05 - 08, 07:15 م]ـ
أخانا الكريم أبا حذيفة الجزائري جزاك الله خيرا
ربنا أفرغ علينا صبرا!
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 06:16 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -65 -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/138)
في الفصل الرابع من هذا الباب أورد الكاتب مسائل سماها مسائل البهتان رأى أن الكاتبة نسبتها ظلما إلى الشيخ رحمه الله تعالى، أول قضية تناولها هي قضية التعصب للمالكية إذ قالت الكاتبة ص (155):" وإذا رجعنا إلى فقه الإمام ابن باديس وجدناه فقها مالكيا"، ثم قالت:" ولو أن الشيخ ابن باديس صفى الفقه وساهم في دحض فكرة التمذهب التي ترفع المذهب أكثر من رفعها للأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكان سلفيا حقا في فقهه، ولكنه لم يفعل، بل ما من سؤال يرد عليه إلا ويجيب بمقتضى المذهب المالكي دون غيره ولا يشذ عن ذلك إلا نادرا "
في الجواب على ما ذكرته الكاتبة أشار الكاتب إلى قولها:"ما من سؤال يرد عليه" الذي يوهم أنها اطلعت على كتاب أو رسالة على الأقل جمعت فيها فتاواه، والواقع أنها اطلعت على بضع فتاوى نشرت في عددين أو ثلاثة من الشهاب فأصدرت هذا الحكم الذي يفنده ما سبق نقله في الباب الأول (أصول الفقه عند ابن باديس أنظر "مع كتاب الرد النفيس -13 -
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=727115&postcount=17
و14
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=727117&postcount=18
و15
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=727117&postcount=18 ).
فلا بد من الإشارة إلى أن المنهج السلفي يجمع بين المثالية المرجوة والواقعية المفروضة، فالشيخ كان يدعو إلى تحرير الفقه من التعصب والجمود وهو يعلم أن ذلك لا يمكن الوصول إليه دفعة واحدة، فركز على الجانب النظري فيه وأكده عمليا بتفسير القرآن وشرح الحديث (الموطأ)، ودعا إلى تدريس بداية المجتهد في جامع الزيتونة، والواقع المفروض أن علماء ذلك العصر كلهم متمذهبون فكيف يتم الإصلاح وكم يلزم من الوقت.
وأضاف الكاتب أن الكاتبة غفلت عن كونها بهذا الطعن تطعن في كبار أعلام الأمة وعلمائها الذين دعوا إلى الكتاب والسنة وتحري الراجح، ومع ذلك وجدت لهم فتاوى بل ومؤلفات مذهبية كابن عبد البر صاحب الكافي في فقه أهل المدينة وابن تيمية صاحب شرح العمدة والفتاوى المنتشرة التي كثيرا ما يفتي فيها على وفق مذهب أحمد.
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[19 - 05 - 08, 11:54 م]ـ
التعليق: يفهم من كلام الأخ في قوله: (لا تفرق بين التقية المذمومة والمداراة المشروعة .. ) أن هناك تقية محمودة ومداراة مذمومة؟! وفي الحقيقة لا أعلم أحدا من أهل العلم يقول بذلك؛ فالتقية مذمومة مطلقا وهي من سمات الرافضة، أما المدراة فجائزة،
___________________________________________
أقول يا عبد الحق
قد كنت تريد أن تكشف "تلبيسات " الأخ مهدي و لعل الجرأة خانتك فلم تستطع أن تقول (تلبيسات الشيخ حاج عيسى) و الذي تصفه هو أيضا
بأنه " أخ" فكأنه قرينك
و قلت أيضا أنك تريد أن تأتي بما لم يستطعه الأوائل فتجمع الأخطاء العقدية لرجال الجمعية (منافسة لشيختك)
و حيث أن من تتبع عورات إخوانه كشف الله عورته فإن مظاهر جهلك قد طغت على خربشاتك مما يدل على أن رائدك النسخ و اللصق و هذا أعدك بأن أعطيك أدلته لاحقا و حسبك الآن أن تجيبني على هذه فتسرني بتعليمي إن كنت أنا المخطئ أو تسعدني بالرجوع إلى الحق إن كنت على صواب:
قول الشيخ إنّ الكاتبة لا تفرق بين التقية المذمومة و المداراة المشروعة
لا يفهم منه الفهم الذي فهمته أنت إلا جاهل غارق في الجهل
فهل تظن يا مسكين أن مفهوم المخالفة يعمل في كل حال و بهذا الإطلاق العجيب؟؟؟؟؟
و بيني و بينك طلبة العلم
ألا يكون قوله هذا من باب وصف الشيء بما هو ملازم له كوصف الصحابة بأنهم كرام و وصف الروافض بأنهم لئام
و هذا لا مفهوم له لو كنت "شممت " رائحة العلم
و على فهمك السقيم هذا فإنّ قول القائل: فرق بين الصحابة الكرام و الروافض اللئام يفهم منه (على قاعدتك العجيبة) أن هناك صحابة غير كرام و أنه ثمة روافض غير لئام فيا للعجب
و راجع -هداك الله - أقوال العلماء في الصفة الكاشفة و وصف الشيء بما هو ملازم له و في ما خرج مخرج الذم و التشنيع و مخرج الغالب و غيره و ابك على حالك إذ يقال لك:
أبهذا المستوى المتردي الغارق في الجهل تريد أن تنتقد أسيادك و على رأسهم الشيخ عبد الحميد بن باديس
سؤال أرجو أن تجيب عليه و لو بينك و بين نفسك
و لي عودة و وقفة معك إن شاء الله
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[19 - 05 - 08, 11:58 م]ـ
الأخ الفاضل
سيد احمد مهدي
جزاك الله خيرا و وفقك إلى ما فيه خير
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[20 - 05 - 08, 04:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
القافلة تسير والكلاب تنبح، ونهيب بالإخوة أن يضيعوا أوقاتهم في الرد على فرقة الجرح والتجريح، رجالهم ونسائهم، عفوا ذكورهم وإناثهم، فهذا ليس من منهج السلف، بل منهجهم وهو بيت الشافعي:
إذا نطق السفيه فلا تجبه ** فخير من إجابته السكوت
إنت أجبته فرجت عنه ** وإن أهملته كمدا يموت
وما أظن أمثال هذه المواضيع إلا تفرج عنهم.
ولتكن آية كتاب الله المكررة فيه مرتين هي عنوانا:
{تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون}.
فلنتدبرها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/139)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[20 - 05 - 08, 02:55 م]ـ
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني كما في (شرح كتاب العلم من صحيح البخاري): " الأنباري صحح فهمه الدارقطني فَقَبِلَ، قال الدارقطني: فأعظمته وأكبرته أن يحمل عنه خطأ، فلم يذهب للشيخ مباشرة؛ لأن الشيخ جليل، كبير! والدارقطني مازال شاباً، يحضر مجالسه، قال: فأعلمت مستمليه. فقلت: إنه يقول كذا، أي أن الاسم الفلاني ضبطه الشيخ خطأً، فالمستملي أبلغ أبا بكر الأنباري، فقال: إنني أخطأت في ضبط الاسم الفلاني، وقد أوقفنا هذا الشاب على الصواب. قال: فعظم في عيني. وهذا الشافعي يقول: ما ألقيت الحجة على أحد فقبلها إلا هبته، وزاد في عيني، وما ردها أحد إلا سقط من عيني! نحن قلنا: باب الأدب باب مهم، لا ينتفع الناس بعلم إلا إذا كان المبلغ تعلم الأدب. ومن تمام الأدب أن تعرف قدر نفسك وتعرف قدر غيرك".اهـ
للفائدة فقط، وبالله التوفيق.
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[20 - 05 - 08, 10:07 م]ـ
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني كما في (شرح كتاب العلم من صحيح البخاري): " الأنباري صحح فهمه الدارقطني فَقَبِلَ، قال الدارقطني: فأعظمته وأكبرته أن يحمل عنه خطأ، فلم يذهب للشيخ مباشرة؛ لأن الشيخ جليل، كبير! والدارقطني مازال شاباً، يحضر مجالسه، قال: فأعلمت مستمليه. فقلت: إنه يقول كذا، أي أن الاسم الفلاني ضبطه الشيخ خطأً، فالمستملي أبلغ أبا بكر الأنباري، فقال: إنني أخطأت في ضبط الاسم الفلاني، وقد أوقفنا هذا الشاب على الصواب. قال: فعظم في عيني. وهذا الشافعي يقول: ما ألقيت الحجة على أحد فقبلها إلا هبته، وزاد في عيني، وما ردها أحد إلا سقط من عيني! نحن قلنا: باب الأدب باب مهم، لا ينتفع الناس بعلم إلا إذا كان المبلغ تعلم الأدب. ومن تمام الأدب أن تعرف قدر نفسك وتعرف قدر غيرك".اهـ
للفائدة فقط، وبالله التوفيق.
(أظنّ أنّه لو اطّلع الشيخ أبو إسحاق على "حسن أدبك و أدب صاحبة الرد الوافي " مع العلماء لأوجعكما ضرباً)
يا استاذ عبد الحق كلام الشيخ أبي إسحاق مرّ بي و مرّ بي كلام غيره أيضا و على كل حال في سير السلف من خطأ إخوانه "على المباشر" كما يقال و ذلك بحسب المصلحة و بحسب حال المخطئ أيضا
و قد عنّ لي أن أنبهك إلى ذلك تأسيا بالدارقطني
و لكن صدّني عن ذلك أنك ما تأسيت بغير "أم أيوب" و غلاة التجريح ثم تسرعت بإلقاء فهمك إلى الناس في محاولة تنقص للشيخ حاج عيسى حفظه الله فلم أكن و الحال هذه ملزما بما ألمحت إليه
و الآن أنا أكرر السؤال فهلاّ أجبت بصراحة جزاك الله خيرا:
إن كان فهمك هناك صحيحا فأثبته و صوّبني أحسن الله إليك ..
و إن كان خاطئا (و هو ما أراه) فأجبني: أبهذا المستوى الهزيل تريد أن تنتقد ابن باديس و تنشر عيوبه في الناس بحجة حمايتهم من الإنحراف و كأنه سر كل انحراف و ضلال.
و للتذكير أكرر استنباطك: قلت: إن قول الشيخ إن الكاتبة لا تفرق بين التقية المذمومة و المداراة المشروعة يفهم منه أن هناك تقية محمودة و مداراة مذمومة ...
أرجو الجواب فإن الأسئلة حول اختياراتك الأصولية و اختيارات صاحبة الكتاب المنهجية كثيرة و محيرة فعجل بارك الله فيك و لا تتفلّت
______________________________________
أحب أن أقول شيئا: يشهد الله تمنيت حقا أن لا أدخل معك في هذه المساجلة و لكن أنت المتسبب فيها و لو كنت -هدانا الله و إياك - تعقل , لفتحت موضوعا جديدا تضع عليه خربشات "الرد الوافي" و تعلن عن ذلك هنا مع وضع الرابط و بذلك تكون قد حققت غايتك "السامية" و في الوقت ذاته تكون احترمت رغبة صاحب الموضوع (سيد احمد مهدي) بنشر مقاطع من كتاب الرد النفيس و لا شيء آخر و لكن قدر الله و ماشاء فعل و هذه سنة الدفع يا أخي
و أمّا معرفة المرءِ قدر نفسه فهذا مِماّ نبهتك إليه و لأجله أنا أتابعك بالردود و لو علمت أنت قدر نفسك لما خالفت ما يشبه الإجماع (من العلماء) على فضل ابن باديس (و هذا الشيخ فركوس حفظه الله و نفع الأمة بعلمه أمامك فهل أقمت له وزنا و سالته مثلا عن مشروعك الذي تتكلم عنه؟ لا أظن ذلك)
و المحزن أني لم أرك أشرت إلى فضل ابن باديس و مكانته و لا في موضع مما قرأته لك و لا أظن الكاتبة فعلت ذلك و الله المستعان
و "إن تسكتوا نسكت"
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/140)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 06:48 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى-66 -
أما القضية الثانية مما سماه الكاتب حفظه الله تعالى قضايا البهتان فهي قضية الاعتداد بالمذهب الشيعي والإباضي إذ قالت الكاتبة عن ابن باديس رحمه الله (ص157):" بل له فكر يشبه فكر حسن البنا ومن سار على دربه في الاعتداد بجميع المذاهب حتى ولو كانت منحرفة كالمذهب الشيعي الضال، فقد رد على مقال نشرته مجلة الرابطة الشرقية كتبه صاحبه ليفضح الشيعة بضلالتهم على جميع الأصعدة سواء في العقيدة أو في الفقه وفي سائر النواحي الأخرى، فماذا فعل ابن باديس؟ هل شجع صاحب المقال الذي كان محقا في فضحه لعوار الشيعة وشاركه في ذلك؟ الجواب: على العكس من ذلك فابن باديس لم يعجبه لا المقال ولا تلك الفكرة العظيمة التي نادى بها صاحب المقال والمنادية بكشف ضلالات الشيعة ومحاربتهم وحتى لو أخطأ صاحب المقال في أمور أخرى فإنه في حديثه عن الشيعة أصاب حينما اعتبرهم خارجين على جمهور المسلمين فرده ابن باديس بقوله:" وهذا الكاتب لم يكفه أن ينفي في أكثر ما كتب عن الإسلام كل ما يحسبه فضيلة، حتى جاء يحاول أن ينفي عنه أمما كاملة من أبنائه ".وقد سبق بيان أن الكاتبة لم تكن تعرف حقيقة المردود عليه (سلامة موسى) ولا حقيقة مقاله المنتقد من ابن باديس (أنظر مع كتاب الرد النفيس رقم 34
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=738560&postcount=44)
وتساءل الكاتب: أين هو الاعتداد بمذهب الشيعة في الجملة التي رد بها على من جاء بكلام ظاهره تكفيرهم جملة وتفصيلا؟
و قالت أيضا (ص157):" وشبه ابن باديس خلافنا مع الإباضية إلى خلاف بين المذاهب الأربعة مع أن البون شاسع بين هذه الصورة وتلك لأننا نختلف معهم في الأصول والفروع ". وبين الكاتب أن ابن باديس عبر بالتعبير الشائع آنذاك الموافق للواقع في الجزائر يومها إذ كان الناس مالكية وإباضية، والتعبير بالمالكية في مقابل الإباضية يراد به ما هو أعم من الخلاف الفقهي، كمافي كلام ابن تيمية وغيره حين يحكي الخلاف بين الحنابلة والأشاعرة،والمقصود الخلاف الاعتقادي لا غير، ولم يُعتبر ذلك من ابن تيمية تهوينا من الخلاف مع الأشاعرة.
ونبه الكاتب إلى أن اعتبار آراء علماء السلف الذين تنسب إليهم الطوائف الضالة لا يستلزم اعتبار أقوال تلك أهل الطوائف، فإن الشيعة ينسبون فقههم إلى جعفر الصادق والإباضية ينتسبون إلى جابر بن زيد فلا يرد ما صح عن أولئك السلف بسبب المنتسبين إليهم.
وأضاف الكاتب أنه على التسليم بدعوى اعتداد ابن باديس بمذهب الشيعة في الفقه حكاية للأقوال أو ترجيحا لها في بعض الأحيان، فهل يضلل بهذا مباشرة من غير نظر إلى وجهة نظره وإلى سبب صنيعه؟ إذ ليس كل من وقع في الضلال يكون ضالا، فالصنعاني والشوكاني كانا يحكيان مذاهب الزيدية في كتبهما، بل شرحا كتبا للزيدية؟ "لكن الناس علمت عذرهما وهو ما فرضته عليهم البيئة التي نشؤوا وعاشوا فيها، فما هو معلوم مقطوع به عندنا اليوم من أنه لا عبرة بما خرج عن المذاهب السنية الأربعة وغيرها، لم يكن معلوما ومقطوعا في بيئتهم وزمانهم، زيادة على أن المسألة غير واضحة في كتب الأصول لا في زماننا ولا في زمانهم –مع أنها عند أهل السنة قطعية"
ثم فصل الكاتب حفظه الله في مسألة: من رمي ببعض البدع والأهواء أو وقع فيها هل يعتد به في الإجماع؟ وفصل بين العلماء الذين وقعوا في بعض البدع مع موافقتهم لأهل السنة والجماعة في مصادر التلقي وبين المبتدعة الذين تميزوا عن أهل السنة ببدعهم ولم يعرفوا بالاعتناء بعلم السنن والآثار
ـ[سمير زمال]ــــــــ[26 - 05 - 08, 05:33 م]ـ
بارك الله في كل دعاة الدعوة السلفية المباركة في الجزائر الحبيبة والغالية
أستاذنا سيد أحمد بارك الله في وقتك وجهودك وشوقتنا للكتاب ... والله إنه ماتع و مفيد
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:43 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى-67 -
رابعا: وحدة الأديان
ومن التهم الخطيرة التي اتهمت الكاتبة بها الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى تهمة الدعوة إلى وحدة الأديان حيث انتقدت (149) بيانا للشيخ لتهدئة لما اعتقل الشيخ العقبي رحمه الله وهو في الواقع برهان براءة الذمة -أي ذمة الجمعية -من أي تهور يصدر من الناس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/141)
والجواب أن لحرية الأديان إذا تكلم بها المسلم في مخاطبة الكافر معنى يفهمه الكافر ومعنى يريده المسلم، والمسلم العارف بدينه يعلم أننا لسنا مكلفين بإبادة اليهود والنصارى والمجوس وأنه يجوز استبقاؤهم إذا أدوا الجزية فالمسلم العالم لا يعني بالحرية حرية تبديل الدين بالنسبة للمسلمين ولا يعني إعطاء الحرية للمنصرين.
خامسا: نوع خلافه مع الطرقية
زعمت الكاتبة بأن خلاف الشيخ مع الطرقية سياسي لا علاقة له بالدين فقالت في (ص106):"ولكنني في هذا السياق أود أن أشير إلى أن الطرقية لو كانوا أوفياء لوطنهم ولم يخونوا الجزائر مع فرنسا لما أنكر عليهم الشيخ ابن باديس طرائقهم الضالة، ولكن لما وقعت هذه الخيانة للجزائر حاربهم ابن باديس بادئ ذي بدء من أجل ذلك، ثم تتالت هجماته عليهم في النواحي الأخرى ".
وذكر الكاتب حفظه الله أن هذا من الظلم "الذي لا يجوز السكوت عنه، فالرجل عاش داعيا إلى التوحيد وإلى القرآن والسنة ومحاربا لمظاهر البدع العملية ومات على ذلك، وومماأجاب به الكاتب لدحض هذه الشبهة عن ابن باديس إيراده رد كتبه الشيخ ابن باديس على التيجانية، حيث قال بعد أن ذكر بعض معتقداتهم: " القرآن كلام الله وصلاة الفاتح من كلام المخلوق ومن اعتقد أن كلام المخلوق أفضل من كلام الخالق فقد كفر، ومن جعل ما للمخلوق مثل ما لله فقد كفر بجعله لله ندا فكيف بمن جعل ما للمخلوق أفضل مما للخالق" (الآثار (3/ 313).).وقال:" فمن اعتقد أن صلاة الفاتح علمها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لصاحب الطريقة التجانية دون غيره كان مقتضى اعتقاده هذا أنه مات ولم يبلغ وهذا كفر، فإن زعم أنه علمه إياها في المنام فالإجماع على أنه لا يؤخذ من الدين في المنام مع ما فيه من الكتم وعدم التبليغ المتقدم" (الآثار (3/ 316).
وقال في الأخير:"فاعتقاد أفضلية صاحب الطريقة التجانية تزكية على الله بغير علم وخرق للإجماع المذكور، موجب للتبديع والتضليل. 5 - عقيدة الحساب والجزاء على الأعمال قطعية الثبوت ضرورية العلم فمن اعتقد أنه يدخل الجنة بغير حساب فقد كفر. فالمندمج في الطريقة التجانية على هذه العقائد ضال كافر، والمندمج فيها دون هذه العقائد عليه إثم من كثر سواد البدعة والضلال" (الآثار (3/ 317) فهل هذا خلاف سياسي أم اعتقادي؟ ثم ذكر الكاتب أن الكاتبة مطالبة بالدليل على أن ابن باديس الذي تدعي أنه رد على الطرقية لولائهم للفرنسيين أنه استثنى من ردوده الطريقة الرحمانية والقادرية وهي من الطرق غير المرضي عنها عند الفرنسيين لكون أصحابها ممن قاومهم وحاربهم مع الأمير عبد القادر ومع المقراني، مع أن ابن باديس أنكر على الأصحاب الطرق جملة.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ الكريم سمير زمال جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن المقري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:14 م]ـ
جزى الله الأخ الفاضل حاج عيسى على هذا العمل المبارك، ومن نافلة القول أذكر أن لأخيكم رسالة بعنوان: المنهج النفيس لقراءة آثار الإمام ابن باديس، وقد يسرَّ الله تقديم فصولٍ منها في حصة أذيعت بالإذاعة الثقافية بالجزائر منذ حوالي سنتين.
يسر الله نشرها
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 06 - 08, 06:56 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى-68 -
سادسا: قضية الإخوان المسلمين
ومن العجائب التي أتت بها الكاتبة نسبتها الشيخ ابن باديس (ص149) إلى التأثر بالإخوان المسلمين، واستدلالها على ذلك بأمور وصفها الكاتب أنها تدل على السذاجة إذ جعلت من أدلة زعمها كلمة للعقبي وصف فيها تشكيل الجمعية وهدفها الذي ترمي إليه من جمع كل الجزائريين فقالت (ص91): " أليس هذا الفكر يشبه فكر الإخوان المسلمين في مسألة توحيد الصفوف وجمع المسلمين دون أدنى مراعاة لقاعدة التصفية والتربية …أليس هذا الكلام هو عين ما نادى به حسن البنا في مصر" وأجاب الكاتب حفظه الله تعالى ناقضا هذا التشبيه بإبداء فروق بين جمعية العلماء وجماعة الإخوان:
الفرق الأول: أن جمعية العلماء لا يكون عضوا عاملا فيها إلا العلماء، بينما كانت جماعة الإخوان جماعة مفتوحة لجميع الطبقات وليس من شرط المنضم إليها أن يكون طالب علم فضلا أن يكون عالما
الفرق الثاني: أن جمعية العلماء كانت جمعية وطنية جامعة للمسلمين ولا تفرق صفهم، بينما كانت جماعة الإخوان جمعية حزبية مفرقة، وهذا أظهر ما ينكر على الإخوان.
الفرق الثالث: أن جمعية العلماء أنشئت لتجمع الجهود أساسا على العلم والتعليم وهذا هو طريق التصفية والتزكية، بينما كانت جماعة الإخوان جمعية تجمع الجهود في مطالب سياسية بحتة.
ونبه الكاتب حفظه الله أن طائفة اليوم أصبحت تعد الفُرقة والتفرَّق من أصول الدعوة ومن مميزات أهل السنة، في حين أن أهل السنة ما أنكروا على الحزبيين إلا تفريقهم للمسلمين بالولاءات المحدثة، لأن هذه الطائفة نقلت وصفَ الغربةِ من مجرد وصفٍ كوني قدري إلى أصل يلتزم به ويقصد إلى تحقيقه شرعا، ويسعى للمحافظة عليه وعدم الانحراف عنه"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/142)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[03 - 07 - 08, 07:02 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى-69 -
تاسعا: تقديم الوطن والقومية على الدين
ومما اتهمت به الكاتبة ابن باديس رحمه الله أنه رجل وطني يقدم الوطنية على الدين حيث قالت في (ص146):"وقد اشتهر ابن باديس كثيرا بأقواله الدالة على وطنيته التي تكاد تسبق كل المعايير الهامة وعلى رأسها الدين فقد أعلن في جريدة المنتقد التي أسسها قوله " الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء""اهـ. وتساءل الكاتب من أين استفادت تقديم الوطن على الدين في حالة التعارض من خصوص هذا الشعار، والذي يفهمه المنصفون أن الدين أو الكتاب والسنة أو الشرع يدخل في قوله الحق فوق كل أحد، وأن المراد بقوله الوطن قبل كل شيء أن المصلحة الجماعية لأهل الجزائر فوق المصالح الفردية والطائفية، .... ولا يقال فلان وطني في مقابلة الإسلامي إلا لمن يجعل ولاءه في التراب قبل ولائه في الدين فتراه يقدم محبة الجزائري اليهودي والنصراني والملحد على التونسي والمغربي المسلم، فهل هذا هو حال ابن باديس صاحب الشعار المذكور؟
ووصفت الكاتبة ابن باديس أيضا بالقومي مستندة في ذلك إلى كلمة قالها في ختام حديثه عن الشاعرين حافظ وشوقي، حيث قال:" فليعش العرب ولتعش العربية "، فعلقت الكاتبة على ذلك (63): " وكل عربي يحب العربية ولكن المسلم يفضل المسلم الأعجمي على العربي غير المسلم لأن العبرة بموافقة الشرع"اهـ فهل مجرد قوله فليعش العرب ولتعش العربية في مؤتمر الشعر يجعله قوميا يقدس العروبة؟ وهل في كلامه ما يدل على تقديمه للعرق بديلا عن الدين أو يقدمه على الدين؟
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[07 - 07 - 08, 10:34 م]ـ
فائدة منقولة:
قال طاهر بن عاشور في تفسيره (24/ 277): (وهذا شأن دعاة الضلال والباطل أن يكموا أفواه الناطقين بالحق والحجة بما يستطيعون من تخويف وتسويل وترهيب وترغيب ولا يدعون الناس يتجادلون بالحجة ويتراجعون بالأدلة لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهض فهم يسترونها ويدافعونها لا بمثلها ولكن بأساليب من البهتان والتضليل, فإذا أعيتهم الحيل ورأوا بوارق الحق تخفق خشوا أن يعم نورها الناس الذين فيهم بقية من خير ورشد, عدلوا إلى لغو الكلام ونفخوا في أبواق اللغو والجعجعة لعلهم يغلبون بذلك على حجج الحق ويغمرون الحق الكلام القول الصالح باللغو .. ). اهـ
يتبع ..
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[16 - 07 - 08, 01:13 م]ـ
فائدة منقولة:
قال طاهر بن عاشور في تفسيره (24/ 277): (وهذا شأن دعاة الضلال والباطل أن يكموا أفواه الناطقين بالحق والحجة بما يستطيعون من تخويف وتسويل وترهيب وترغيب ولا يدعون الناس يتجادلون بالحجة ويتراجعون بالأدلة لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهض فهم يسترونها ويدافعونها لا بمثلها ولكن بأساليب من البهتان والتضليل, فإذا أعيتهم الحيل ورأوا بوارق الحق تخفق خشوا أن يعم نورها الناس الذين فيهم بقية من خير ورشد, عدلوا إلى لغو الكلام ونفخوا في أبواق اللغو والجعجعة لعلهم يغلبون بذلك على حجج الحق ويغمرون الحق الكلام القول الصالح باللغو .. ). اهـ
يتبع ..
الأخ عبد الحق: كنت نصحتك في موضع آخر من هذا الملتقى المبارك أن تتجاوز إلى قراءة كتاب آخر غير كتاب شيخة الجرح و التعديل ...
فهل عملت بالنّصيحة فنسرّ بك أم أنّك لا تزال في "علم النّسخ و اللّصق"؟؟؟ فنسترجع و نصبر؟
إن كانت الأولى فحمدا لله على السّلامة و التّوبة تجبّ ما قبلها فأبشر
و إن كانت الأخرى: فلا تخلوا من خير و بشرى إذ يكفي أن تولّي وجهك قبل الكتب المفيدة تنقل منها لإخوانك النفائس و النّصائح فما أحوجنا إلى هذه المقاطع الطيّبة يا أخي و أمّا خربشات الرّد الوافي فلا طائل منها و لعلك شعرت بذلك و إن لم يكن فسيكون قريبا إن شاء الله
و أمّا الجعجعة و اللّغو فنسأل الله أن يعافينا و إيّاك منها كما أنّ الحق كاللبن الصّافي يخرج من بين فرث و دم فلا تبتئس و لا تحزن
و أقول: الذي سرق ديك جاره لا بد أن يتململ و أن يلتمس الريشة العالقة بشعر رأسه .. و حينها سيعلم الجمع من الجاني و من يجعجع
و أختم بتنبيه: و هو أنّ مذهب صاحبة الرّد الوافي و من على شاكلتها يقتضي تبديعك لأنّك تنقل عن تفسير الشيخ الطاهر بن عاشور فتنبّه
و قد قلت (يتبع)
فنحن ننتظر منك الفوائد المنقولة من كتب الرّجال العلماء لا من كتب النّساء و مقالات السّفهاء و ربّ ضارّة نافعة
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[19 - 07 - 08, 03:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا أبا حذيفة
أنبه الإخوة أن الشيخ محمد حاج عيسى أصدر (الفصل الرابع من الباب الثاني) من كتاب الرد النفيس بعنوان:"منهج العلامة الألباني في مسائل التبديع والتعامل مع المخالفين" مع زيادات وتنقيحات وبتقريظ الشيخ أبي سعيد الجزائري حفظه الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/143)
ـ[سمير زمال]ــــــــ[19 - 07 - 08, 03:40 م]ـ
جزاك الله خيرا نحن دائما في متابعة الجديد من هذه السلسلة المباركة
ونرتقب صدور الكتاب عن قريب وخاصة أن معرض الجزائر الدولي على الأبواب فنتمنى أن نجده من بين معروضاته
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[30 - 07 - 08, 04:55 م]ـ
جزاك خيرا أخانا سمير و قد أخبرني الشّيخ محمد حاج عيسى أنّ كتابه (منهج العلّامة الألباني في مسائل التبديع و معاملة المخالفين) قد صدر و هو متوفّر في مكتبة دار الإمام مالك بالعاصمة و ذلك بتقريظ الشّيخ أبو سعيد كما ذكر أخونا مهدي حفظه الله تعالى
و أمّا باقي أجزاء الكتاب فسيكون إن شاء الله متوفرا في معرض الجزائر الدّولي القادم كما أخبرني بذلك صاحبه
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[09 - 08 - 08, 01:46 ص]ـ
فائدة منقولة:
.................. بذلك على حجج الحق ويغمرون الحق الكلام القول الصالح باللغو .. ). اهـ
يتبع ..
___________________
الأخ عبد الحق لم تخبرنا أنّك ستتابع طعنك في الأفاضل في منتديات أخرى و قد اطّلعت لك على شيء من هذا هناك في منتديات دار الحديث بمأرب حرسها الله و سائر بلاد المسلمين و لعلّك لن تطّلع على التّعليق هناك فهاكه هنا ليعلم الإخوة مدى "إصرارك" (على طريقتكم خاصّة) على متابعة الطّعن في هذا الإمام الجليل
و إليك نص كلامي و هو محتمل لأن يكون أطول و لكن الله المستعان فإنّ العبرة بتوفيق الله لا بدلالة البشر:
قال عبد الحق آل أحمد: قال ابن باديس رحمه الله تعالى:
وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته ونثبت الاستواء و النزول و نحوهما، ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف، وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد
ثم اعترف عبد الحق أنّ الكلمة هذه لها معنيان و محملان سيّء و حسن
ثمّ رجّح أنّ المعنى الذي أراده ابن باديس هو المعنى السّيّئ
ثم ردّه بما فتح الله عليه
فأقول أنا مقيّد عذه الكلمات عفا الله عنّي و عن سائر المسلمين: السلام عليك يا عبد الحق
لقد يحثت عنك في ملتقى أهل الحديث فلم أجدك و الحقيقة أنّي ما توقعت أبدا أن أجدك هنا ذلك أنّ أغلب سلعتك عفا الله عنّي و عنك تستقيها من "منهج الذباب" و منهج أنصاف الفقهاء الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن القيّم في مدارج السّالكين (و فقيه النّفس يقول ماذا أردت؟ و نصف الفقيه يقول ماذا قلت)
و منذ عرفتك يا عبد الحق لم أر منك غير هذا المنهج فأين ذهب عقلك يا أخي؟ و الحقيقة أنا إذ أعتذر للمشرفين على حدّة النفس فإنّني أعتب عليهم ترك الحريّة لأمثالنا للخوض في أعراض العلماء الرّبّانيّين بهذه الطريقة الـ ...
فلا أدري هل كنت تستحضر أقوال ابن تيميّة نفسه رحمه الله حيث يقول:
و كذلك قال تلميذه ابن القيّم رحمه الله تعالى ( ... و الكلمة الواحدة ينطق بها الرّجلان يريد بها أحدهما أحقّ الحق و يريد بها الآخر أبطل الباطل .. ) أو كما قال و لعلّه قالها في الدّفاع عن الجنيد لا عن ابن باديس يا عبد الحق
و قال رحمه الله تعالى في إعلام الموقّعين: فإياك أن تهمل قصد المتكلِّم ونيَّته وعُرفه؛ فتجني عليه وعلى الشريعة، وتنسب إليها ما هي بريئة منه ... ففقيه النفس يقول: (ما أردت؟) ونصف الفقيه يقول: (ما قلت)
فلينظر النّاظرون من أي الأصناف أنت يا عبد الحق
و لا يزال أهل العلم متتابعون على هذا المسلك القويم و مجمعون على هذا النهج الرّشيد أعني حمل الكلام على أحسن المحامل و الإعتذار للأئمّة مع تحرّي الإنصاف و إنّما يلتمسون العذر إذا كان الكلام خطأ محضا ليس له توجيه و أمّا ما احتمل معنيان حسن و قبيح فإنّه يحمل على غالب حال الشّخص و سيرته لا على وساوس الناقدين الجدد الذين أراك منهم و الله المستعان
و لذلك قال الشّيخ العلامة الأصولي: محمّد علي فركوس حفظه الله تعالى و زاده رفعة و شرفا: ... و ما لم يتبيّن له المراد من كلام المتكلّم نظر في غالب سيرته فإن كانت حسنة حمل على المحمل الحسن لقوله تعالى: و البلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربّه , و إن كانت غير ذلك حمل على المحمل السّيّئ لقوله تعالى: و الذي خبث لا يخرج إلا نكدا _ إنتهى بمعناه و قريبا من لفظه و الفتوى منشورة في موقع الشّيخ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/144)
فهل تربّيت على هذه القواعد و غيرها ممّا يضبط هذه الأمور العظام قبل الخوض أم أنّك -كما أعرفك- تكاد تحفظ أو لعلك تحفظ كتاب نورة أم أيّوب المسمى الرد الوافي على من زعم أنّ ابن باديس سلفي و لعلّ هذه الفاقرة التي جئت بها هنا من ذلك الكتاب أيضا
و اعلم -هداني الله و إيّاك للصواب- أنّه ما تفرّقت الأمّة و تضرّجت بدماء الفرقة التي أسالتها أسنّة التّعصّب إلا بعد أن ظهر هذا المنهج الغريب الرّديء المبني على تتبّع العورات و حمل الكلام على أسوء المحامل و منهج يريد كذا يقصد كذا يخفي كذا .... فاتّق الله يا رجل و اعتن ننفسك و ما هو أولى و أجب عن هذا السّؤال:
ترى هؤلاء الأفاضل الذين شرحو الكتاب كما قلت: هل سكتوا على هذا الخطأ الذي لا أدري هل اكتشفته أنت أو أم أيوب السحابية الفالحية (فكلّ الآن ينسبها للآخر)
و إن كانوا شرحوا هذا الموضع من كلامه: هلّا أفدتنا بما قالوا؟ فإن كانوا سكتوا أفلا يسعك ما وسعهم؟
إن قلت لا ... هل يحق لي أن أقول: أنت تريد أن تسقط العلماء و كلامك هناك لمز فيهم؟
هل يحق لي أن أقول: لعلّك دسيسة صوفيّة أشعرية معتزليّة يريدون أن تقوّل ابن باديس أقوالهم فيفرحون بنسبتها إليه و نسبته إليهم؟
خاصّة و أني رأيت لك صولات و جولات في التّعدي على هذا العالم الجليل
ابن القيّم يقول: إيّاك أن تهمل حال المتكلّم و عرفه الذي قال فيه ما قال: فهل يعرف القرّاء شيئا من هذا عن ابن باديس؟
أقول يا عبد الحق إتّق الله و الزم غرز العلماء و اسال ربّك العافية و استفد من كلماتهم في هذه المواضع و ما شابهها لعلّ الأمر يتضح لك و الله المستعان
و انظر إلى فعلك أين وصل بك فهل ترضى بذلك: أنظر للأخ رشيد الجزائري و هو يقول: لو تتكرّم و تشرح لنا بقيّة الكتاب؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أليس هذا من أعجب العجب؟
هل لك الشّجاعة لتقول له قدرك الذي أنت أعلم النّاس به؟
و لأختصر عليك سأقول بكل مرارة: يا أخانا رشيد إن أخاك عبد الحق أقل ممّا تجشّمه من التّعليق على هذه العبارة فكيف بما هو أكبر
بل إنّه يظنّ أنّ الصّفة الكاشفة لها مفهوم مخالفة و الله المستعان فإنّه فهم من قول قايل: ( ... الكاتبة لا تفرّق بين التّقيّة المذمومة و المداراة المحمودة .. ) فهم منه عبد الحق: أنّ هناك تقيّة محمودة و مداراة مذمومة كما هو موجود على ملتقى أهل الحديث و قد قلت له يومها أن يتنحّى عمّا لا يطيق إلى ما يطيق فمن هذا حاله لا يملك الأهلية لشرح (ضرب المعلم التلميذ) فكيف بكلام أهل العلم و في أشرف العلوم و هو العقيدة.
و أخيرا أعتذر مرة أخرى على حدّة النّفس و ركاكة الأسلوب فأمّا الثّانية فليست إليّ و أمّا الأولى فإنّها أدنى ما يجب قوله للأخ عبد الحق و قد قال تعالى (( .. فشرّد بهم من خلفهم .. )) و لابد من بيان الحق و لم ار بدّا من هذا الأسلوب و أكرّر للمشرفين جزاهم الله خيرا أن لا يجعلوا المنتدى مطيّة لكلّ طعّان مشّاء على منهج الذّباب
بقي شيء يا عبد الحق: أنت قلت:
إن كلام الشيخ بن باديس حول بعض الصفات وصرف معانيها عن ظاهرها المراد و تفسيرها بآثارها كصفة "الرحمة" حيث قال:" الرحمن: المنعم الذي تتجدد نعمه في كل آن" [12]، وقوله عن صفة "الإعراض" بأنها حرمان الثواب، و صفة "الحياء" بترك العقاب .. الخ [13]. لم يدع مجالا لحمل كلامه على المعنى الحق الحسن، مما يدل دلالة واضحة أن عبارته –السابقة- قصد بها المعنى الفاسد الباطل وهو نفي الظاهر المراد عند السَّلف الصالح الذي يليق بجلال الله و عظمته، والله أعلم
أقول: الله أعلم ايضا كيف استنبطت هذا و ما وجه الإستدلال؟؟؟؟ و لعلّك لا تفرّق بين حمل المجمل على المفصّل و بين حمل المحتمل على غالب حال الشخص , فعلى مذهبك هذا لو وجدت لابن عربي الطّائي الملحد كلاما في مواضع عدة يصرّح فيه بقول أهل السّنّة في الصّفات أو غيرها فإنّ ذلك يقتضي أن تحمل الموهم للأمرين معا على ذلك المصرّح به!!!! و قد قيل
و لكنّ الأمر ليس كذلك فإنّ الرّجل عاش ينافح عن الحلول و الإلحاد و العياذ بالله و قد نقلت لك قول الشّيخ فركوس ينظر إلى سيرة القائل لا إلى آحاد كلماته و تصريحاته فتنبّه
و سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألّا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
و لمن أراد أصل القضيّة فهي على هذا الرّابط:
http://marebe.net/showthread.php?t=804
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 07:22 ص]ـ
لا ينبغي التكلف في الدفاع عمن أخطأ
فقول الشيخ ابن باديس أن الحديث _ في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم _ لا يعارض بالآيات القطعية
ينبيء عن أصل من أصول أهل الأهواء
فهم يفهمون القرآن فهماً مخالفاً لفهم السلف ثم يردون ما يخالفه من الأحاديث
بحجة أن القطعي لا يعارض بالظني
وهذا المنهج اتبعه من ينكر حد الردة
وقبلهم المعتزلة في إنكار الرؤية
وبهذا الأصل يرد المعطلة ما يخالف مذهبهم من نصوص الصفات
بل إن هذا المنهج أول من سنه الخوارج في قولهم في قطع يد السارق
وردهم للأخبار التي تفيد أن الفاسق لا يخلد في النار بفهمهم للقرآن
وعلى هذا الأصل جميع العقلانيين الذين يردون الأخبار الصحيحة
والجواب على أ هذا أن فهم المعترض ليس قطعياً بل هو ظني وكذلك سيقول هذا في فهم مخالفه السلفي
وإذا كان الأمر كذلك وجب الرجوع إلى السنة لأنها المرجح عند الإختلاف
والخلاصة أن ضرب النصوص ببعضها من أصول أهل البدع الكبار
والشيخ محمد حاج تكلف تكلفاً عجيباً كان ينبغي لمثله أن يتنزه عن ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/145)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[09 - 08 - 08, 03:33 م]ـ
لا ينبغي التكلف في الدفاع عمن أخطأ
فقول الشيخ ابن باديس أن الحديث _ في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم _ لا يعارض بالآيات القطعية
ينبيء عن أصل من أصول أهل الأهواء
فهم يفهمون القرآن فهماً مخالفاً لفهم السلف ثم يردون ما يخالفه من الأحاديث
بحجة أن القطعي لا يعارض بالظني
وهذا المنهج اتبعه من ينكر حد الردة
وقبلهم المعتزلة في إنكار الرؤية
وبهذا الأصل يرد المعطلة ما يخالف مذهبهم من نصوص الصفات
بل إن هذا المنهج أول من سنه الخوارج في قولهم في قطع يد السارق
وردهم للأخبار التي تفيد أن الفاسق لا يخلد في النار بفهمهم للقرآن
وعلى هذا الأصل جميع العقلانيين الذين يردون الأخبار الصحيحة
والجواب على أ هذا أن فهم المعترض ليس قطعياً بل هو ظني وكذلك سيقول هذا في فهم مخالفه السلفي
وإذا كان الأمر كذلك وجب الرجوع إلى السنة لأنها المرجح عند الإختلاف
والخلاصة أن ضرب النصوص ببعضها من أصول أهل البدع الكبار
والشيخ محمد حاج تكلف تكلفاً عجيباً كان ينبغي لمثله أن يتنزه عن ذلك
أحسن الله إليك أخي الكريم "عبد الله الخليفي المنتفجي " ..
و قليل أمثالك من أهل العدل و الإنصاف في مثل هذه المسائل ..
و قولك أخي الفاضل: " .. فقول الشيخ ابن باديس أن الحديث _ في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم _ لا يعارض بالآيات القطعية
ينبيء عن أصل من أصول أهل الأهواء
فهم يفهمون القرآن فهماً مخالفاً لفهم السلف ثم يردون ما يخالفه من الأحاديث
بحجة أن القطعي لا يعارض بالظني
وهذا المنهج اتبعه من ينكر حد الردة
وقبلهم المعتزلة في إنكار الرؤية .. " قول صائب من فهم دقيق ثاقب - نحسبك و الله حسيبك - لأن الشيخ ابن باديس - رحمه الله تعالى - ينكر الرؤية و يجعل أعظم نعيم الجنة رضوان الله تعالى كما في كتابه (العقائد الإسلامية .. )، ناهيك عن نفيه صفة الصورة للرحمن - جل وعلا - و سيأتي بيان ذلك بالتفصيل في القريب العاجل - إن شاء الله تعالى - .. أما مسألة "الظاهر المراد من نصوص الصفات" فسيكون هناك مزيد بيان .. إن شاء المنان ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[09 - 08 - 08, 03:38 م]ـ
ـ قال العلامة عبد الرحمن المعلمي - رحمة الله عليه -:
((فأما من كره الحق و استسلم للهوى فإنما يستحق أن يزيده الله تعالى ضلالا)).اهـ
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[09 - 08 - 08, 10:18 م]ـ
[ quote= عبدالله الخليفي المنتفجي;873398] لا ينبغي التكلف في الدفاع عمن أخطأ
فقول الشيخ ابن باديس أن الحديث _ في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم _ لا يعارض بالآيات القطعية
ينبيء عن أصل من أصول أهل الأهواء
___________________________________________
الأخ الفاضل
وفّقني الله و إيّاك إلى الحق
أحبّ أن أعجّل بما يطمئنك إن شاء الله تعالى إلى أنّني -أنا على الأقل- لا أدافع عن الخطأ و لا أظنّك تزعم أنّ الشّيخ حاج عيسى حفظه الله و وفّقه يدافع عن الأخطاء
و لكن أحسن الله إليك هناك فرق بين الدّفاع عن الخطأ و بين الدّفاع عمّن وقع في الخطأ
فالخطأ لا يجوز الدّفاع عنه بلا خلاف بين العقلاء إن شاء الله تعالى
و لكنّ البحث أوّلا في: صاحب الخطأ أو الأخطاء , هل يدافع عنه أم لا
و قولك (لا ينبغي التكلّف في الدّفاع عمّن أخطأ)
هل تريد به أنّ لا ندافع عنه بمعنى نهدره و نقضي على فضله و محاسنه و نأخذه بزلّاته أخذ ظالم مجحف غير منصف؟
أم أنّك تريد ألّا ندافع عنه بما يصوّب ما وقع فيه , و هذه لا يخالفك فيها منصف
أم أنّك تعاتب الشّيخ في تكلّفه الذي ظهر لك و أقول حينها أيّها الحبيب: و إن كان قد تكلّف فما لم يكن في ذلك تصويب للباطل فما عليك منه و لا يزال العلماء يتكلّفون في الدّفاع عمّن طغت محاسنه على مساوئه و كانت له في الإسلام قدم صادقة و لا أظنّك تنفي هذا عن ابن باديس رحمه الله و عفا عنّا و عنه , و لا أظنّك بحاجة لأن أسرد لك أمثلة عن دفاع العلماء عمّن هو كذلك سواء من تصريحاتهم أو من تطبيقاتهم و الله الموفّق
ثمّ أنّ الخلاف الدّائر مع أخي عبد الحق الذي ترى طرفا منه:ليس في أصل المسالة من جهة بيان الخطأ بعد تيقّن حصوله
و لكن: من جهة المنهج القويم في إثبات وجود الخطأ هذا من جهة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/146)
و من جهة السّير على جادّة الأفاضل من أهل العلم الذين ينتقدون ما ينتقدون و هم من خشية ربّهم مشفقون و بعباده مترفّقون فلا يفهمون أفهاما و ينسبونها إلى النّاس ثمّ يناقشونها على أنّها أقوال لهم بل و يراعون عرف القائل و جوّه الذي قال فيه ماقال و مراحله التي عاشها في سيره إلى ربّه إن كانت له مراحل و هذا كلّه من العدل و الإنصاف و من أوضح ما طبّق فيه هذا المسلك سير أعلام النّبلاء للذّهبي رحمه الله
و يكفي أن تعلم -ولعلّك تعلم- أنّ عبد الحق يستقي مادّته من كتاب الكاتبة أم أيوب التي حكمت على ابن باديس بأنّه خلفيّ إخواني جامع لكل ما استطاعت أن تدّعيه من مساوئ بنصف عقلها و الله المستعان
فمن يلام أوّلا: أمّ أيّوب التي تكلّفت ما لا تملك الأهليّة لعشر معشاره ثمّ عبد الحق الذي جعلها معتمده في هذه الحملة
و قد عاتب أهل العلم ابن سعد و وقفوا موقفا من كلامه في الرّجال لأنّه يأخذ مادّة جرحه من شيخه الواقدي كما تعلم إن شاء الله
أم يلام الشّيخ حاج عيسى الذي نأمل إن شاء الله أن يكون وفّق في وضع النّصال على النّصال في هذا الباب و بيّن منهج هذه النّابتة التي ظلّت في هذا الباب الخطير و هي لا تدري ما عليها فيه نعوذ بالله من الهوى و الجهل
هذا و أدعو الله تعالى ألّا نضطرّ إلى مزيد تضييع للأوقات في الكلام عمّا أراد ابن باديس أو ما قال أو ما فعل فالكمال عزيز و الرّجل أفضى إلى ما قدّم و الله يغفر لنا و له
و إن كنت تريد إفادتنا في باب العقيدة أنت أو غيرك فلن نستنكف أن نكون تلاميذا منصتون
و إن كنت أيضا أن تتكرّم علينا فبيّن لنا: هل موافقة الرّجل لطائفة ما في جزئيّة ما يلحقه بها من كل وجه
و متى يكون الرّجل مستحقّا لأن نحكم عليه بأنّه من أهل البدع و أن نكتب فيه كتابا ركيك العبارات ظالم الأحكام إسمه (الرّد الوافي على من زعم أنّ ابن باديس سلفي)
أدعو الله تعالى أن أوفّق إلى بيان أصل النّزاع الحاصل بيني و بين أخي هذا الذي لم يجد ما يقوله إلا ما نقله عن العلّامة المعلمي اليماني كما تراه
و أنا أقول له و لكل طالب حق: (( .. ربّنا لا تؤاخذنا إذا نسينا أو أخطأنا))
و أقول: ((ربّنا اغفر لنا و لإخواننا .. ))
و أقول: اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتّباعه و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه
و أختم بأنّ هذا حق لا يخفيه شيء و هو وجود منهج أو مناهج منحرفة همّها تتبّع العورات و انتقاص الأفاضل و تلقّف الزّلات و إن ادّعت حماية الدّين و إن ادّعت الذّب عن عقيدة المسلمين
و إن كانت نيّاتهم سليمة و لكن ربّ مريد للخير لم يجده ثمّ أنّه يعكّر على ذلك أنّهم ما انشغلوا بالأحياء الذين انتشرت طوامّهم في النّاس كالنّار في الهشيم و من تداعياتها ظهور هذا المنهج المنحرف في النّقد و الجرح و التّجريح
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:45 م]ـ
من باب الفائدة:
من أخطاء الشّيخ ابن باديس: وجود الإباضيّة في جمعيّته
تميّزت الدّعوة السّلفية بعدم جمعها بين الغثّ والسّمين، فهي تختلف مع غيرها من الدّعوات في هذه النّقطة بالذّات، فالدّعوة السّلفية لا يهمّها تَكْتيل الأفراد وجمعهم تحت لواء واحد مع انفراد كلّ واحد منهم بعقيدته، بل دعوتنا تجمع أفرادا ذوي معتقد واحد ومنهج واحد ومسلك واحد، أمّا غيرها من الجماعات فلا يهمّها لا الخلاف العقدي ولا الشّرعي بل غاية مبتغاها أن تجمع خليطا من هذا وذاك، لأنّ تكتيل العدد هو هدفها المنشود، وسرّ الخلاف بين دعوتنا وغيرها من الدّعوات أنّ السّلفية لها منهج واضح بيّن في العقيدة والعبادة والتشريع وفي جميع المجالات، وطريقها هو طريق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وطريق صحابته رضيّ اللّه عنهم من بعده وطريق من سار على هداهم، ولمّا برز أهل الأهواء وخالفوا هذا الخطّ الواضح البيّن وقع الاختلاف وتعذّر جمع النّقيضين تحت لواء واحد، قال الإمام "الشّاطبي" رحمه اللّه:» إنّ للرّاسخين طريقا يسلكونها في اتّباع الحقّ وأنّ الزّائغين على طريق غير طريقهم « .. (1)، ويزداد جمع النّقيضين تأكيدا حينما يزداد أهل الأهواء إصرارًا على مجانبة الحقّ والإعراض عنه .. ولهذا ردّ علماؤنا قديما وحديثا على أهل الأهواء والبدع ولم يحابوا في دين اللّه أحدا، بل جعلوا الرّد على هؤلاء من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/147)
أنواع الجهاد، وجعلوا المجاهرة بكلمة الحقّ في وجوه المنحرفين من أعظم أنواع القربات إلى اللّه تعالى، ولم يتردّدوا في بذل النّصح لهؤلاء فإن أعرضوا عقّبوا عليهم بكلمات قاطعة تليق بمن زاغ عن منهج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم .. وانظر إلى شيخ الإسلام "ابن تيميّة" رحمه اللّه، وهو يردّ على انحرافات "البكري" في كتابه (الرّد على البكري) حيث قال في وصف هذا الأخير بدون مجاملة أو مداهنة:» فإنّه لجهله ليس له خبرة بالأدلّة الشّرعية الّتي تتلقّى منها الأحكام ولا خبرة بأقوال أهل العلم الّذين هم أئمة الإسلام بل يريد أن يتكلّم بنوع مشاركة في فقه وأصول وتصرّف ومسائل كبار بلا معرفة ولا تعرّف «(2) .. وعندما نرى مواقف علمائنا السّلفيين قديما وحديثا في عدم تهاونهم مع أهل الضّلال، يزداد تعجُّبُنا عندما نقرأ كتب الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه، ونجده يجمع في جمعيته بين هذا وذاك وليس أدلّ على صدق ما أقول من تشجيع "ابن باديس" رحمه اللّه للإباضيّة على الانخراط معه، وهذا التّعاون له خطورته من وجوه عدّة منها:
1. أنّ في مثل هذا التّعاون تهاونا بضلالات الإباضية وفيه تلبيس على النّاس (وخاصّة منهم العوام) في سلامة المنهج الإباضي، وهذه مُغالطة لا تخلو من الخطورة بمكان ..
2. أنّه ليس من هدي علمائنا لا في القديم ولا في الحديث، أن يستهينوا بالخلاف مع أهل الأهواء وخاصّة ذوي العقائد الباطلة ..
3. أنّه لو لم يكن للإباضيّة من انحراف سوى قولهم بخلق القرآن، وعدم رؤية اللّه في الآخرة، وتكفير مرتكب الكبيرة (باعتبارهم إحدى فرق الخوارج) لكفاهم ذلك وِزرا .. ماذا وضلالاتهم عامّة في العقيدة والفقه والحديث وغيرها من الميادين؟! ..
وحتى أثبت للقارئ صدق ما أقول أسوق كلام الشّيخ "ابن باديس" الدّال دلالة واضحة على مجاملته للإباضيّة وعدم تبيينه لانحراف هؤلاء، حيث قال وهو يصف إحدى جولاته إلى مدينة بسكرة ما يلي: (في شعبان الماضي عقدنا رحلة إلى بسكرة النّخيل لتركيز شعبة جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين بها، وزيارة مدرسة الإخاء الّتي أسّست حديثا ـ فلقينا بالمحطّة الشّيخ الأمين العمودي كاتب الجمعيّة ورئيس الشعبة، والشّيخ "محمّد خير الدّين"، والشّيخ "محمّد الطّرابلسي"، والشّيخ "بلقاسم البسكري" المدرّسين بالمدرسة في جمع غفير من فضلاء السّادة البسكريين) (1)، تمّ وصف المدرسة بما يلي:
(من أعظم ما يدخل السّرور على قلب المسلم، أن يرى إخوانه المسلمين يمثّلون معنى الأخوّة الإسلاميّة تمثيلا عمليًا مثل ما شاهدته ببسكرة من مالكيتها وإباضيّتها، فجماعتهم واحدة، ورأيهم واحد وشوراهم في المصالح العامّة واحدة، وما تنطوي عليه القلوب لابدّ أن يظهر على الأقوال والأعمال، فاهتداء السّادة البسكريين ـ مالكيّة وإباضيّة ـ إلى تسميّة مدرستهم بمدرسة الإخاء هو أثر ممّا تنطوي عليه قلوبهم من معنى الأخوّة الصّحيح الّتي ربطها بها الإسلام، ونشاهد روح التّضامن والتّآخي بادية في إدارة المدرسة من الجانبين، وفي التّعليم بها كذلك وفي الأبناء المتعلّمين من المالكيّة والإباضيّة الممتزجين ببعضهم ليشبّوا على ذلك التّآخي وذلك الإتّحاد .. ) (1)، أيّ تَآخٍ وأيّ اتحاد مع القائلين بخلق القرآن والمكفّرين للمسلمين بارتكابهم الكبيرة والمخالفين لطريق السّلف الصّالح في الأصول والفروع؟ .. إنّ هذا الفكر يذكّرنا بفكر "حسن البنّا" رحمه اللّه سواء بسواء، حيث تنصبّ جهوده وجهود أمثاله إلى جمع المسلمين حتّى ولو كان هذا الاجتماع على حساب العقيدة وعلى حساب الدّين كلّه .. لماذا لم يبيّن "ابن باديس" انحرافات الإباضيّة؟ لماذا لم يقل مثلا: أتمنّى لهم العودة إلى منهج السّلف الصّالح في العقائد والتّشريعات؟ لماذا سكت عن هذا كلّه؟ هل انحرافات الإباضيّة عنده ضئيلة؟ هل ترهاتهم وأباطيلهم ليست ذات أهميّة، أين هذا من تدقيقات علمائنا الكبار وجهرهم بأخطاء المُخالفين وعدم السّكوت عليهم مهما كان الثّمن؟ إ نّ قبول أهل الأهواء داخل جماعة يزعم أصحابها أن رئيسها يتبنّى منهج السّلف الصّالح قلبا و قالبا شيء يُعاد فيه النّظر .. ما هي الأعذار الّتي يمكن لنا أن نلتمسها "لابن باديس" في هذا الكلام وسروره باجتماع القلوب والوحدة بين الإباضيّة وغيرهم؟ .. وقد يقول قائل إنّه لا أحد من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/148)
المسلمين لا يفرح بعدم ألفة المسلمين فيما بينهم فالجواب يكون: بأنّ الوحدة لا تكون على حساب الإسلام نفسه، بل على الزّائغين أن يعلنوا عودتهم لمنهج السّلف الصّالح، وآنذاك تكون الألفة حقيقية وصادقة ولا تكون شبيهة بألفة اليهود حيث وصفهم اللّه تعالى بقوله:?تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون? (2)، ومن الواجب أن نقول: إنّ عدم إنكار البدع خشية الخلاف ممّا يميت السنّة ويروّج للبدعة ويزيد في انتشارها، وكان على الشّيخ "ابن باديس" أن يبيّن أخطاء (الإباضيّة) عقيدة وشريعة ومنهاجا حتّى يفضح للنّاس حقيقتهم، ولكنّه لم يفعل، ولم أجد له نصًّا واحدا في الإنكار عليهم، بل ما وجدتُ له إلاّ النّصوص المساندة للوحدة معهم والاعتزاز بهم وبعلمائهم، وخير دليل على ذلك ثناؤه الشّديد على واحد من كبار علماء الإباضيّة عندنا وهو الشّيخ "إبراهيم اطفيش" حيث كتب عنه "ابن باديس" ما يلي» هَبَط صديقنا الأستاذ العلاّمة الشّيخ "إبراهيم اطفيش" وادي النّيل مهاجرا إليه من وطنه الجزائر من قبل أن يولد الفتح، اكتسبنا صداقته من السنّة الأولى الّتي اتّخذ فيها الوطن المصري وطنا ثانيّا له، فكنّا نحن وجميع أفاضل المصرييّن نعجب بصدقه وصلابة دينه واستعداده للمشاركة في كل خير، فما قامت لخير الإسلام جماعة من ذلك الحين، ولا أرسل المنادون إلى الفلاح صوتهم في أمر، إلاّ كان الأستاذ "أبو إسحاق" الشّيخ "إبراهيم اطفيش" في مقدمّة المعينين على ذلك، ومقالاته المتعدّدة في هذه الصّحيفة وفي أختها الزّهراء شاهد على فضله، ودليل على حسن بلائه في سبيل وحدة المسلمين (1) جزاه اللّه خيرا «(2) ـ إن الإباضيّة فرقة من الخوارج والخوارج من أخطر الفرق الّتي تركت بصماتها الضّالة وآثارها الزّائغة إلى يومنا هذا، وضلالات الخوارج تكون كمايلي:
1.» يُعتقد أنّ ما ابتدعه الخوارج من تكفير للمسلمين واستحلال لدمائهم وأموالهم وتمييزهم بالإمام والدّار (سمّوا دارهم دار الهجرة)، وبدّلوا دار المسلمين دارين: دار كفر ودار حرب، إنّ هذه البدعة هي أوّل بدعة ظهرت في الإسلام ..
2. تسوية الخوارج بين الكبائر و الصّغائر، ويعود ذلك لسوء فهمهم للقرآن الكريم.
3. اعتقاد الخوارج بعدم اتّباع السنّة، الّتي يظنّون مخالفتها للقرآن كالرّجم للزّاني المحصن.
4. تكفير الخوارج لعثمان وعليّ رضيّ اللّه عنهما اللّذين شهد لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم بالجنّة.
5. اعتقاد الخوارج بجواز أن يكون الرّسول ظالما.
6. اعتقاد الخوارج أنّ العبد يصير كافرا بالذّنب.
7. اعتقاد بعض فرق الخوارج أنّ من لا يعرف أسماء اللّه وتفاصيل الشّريعة فهو كافر.
8. اعتقاد أتباع "عبد الكريم بن عجرد" من فرق الخوارج أنّ سورة يوسف ليست من القرآن، لأنّها في شرح العشق والعاشق والمعشوق .. ومثل هذا لا يجوز أن يكون كلام اللّه.
9. يُجوِّز أتباع "ميمون بن عمران" من الخوارج نكاح بناتهم، ولا يرون أن الشرّ من اللّه تعالى.
10. لا يرى أتباع خلف من الخوارج أنّ الخير والشّر من اللّه تعالى ..
11. يتبرّأ أتباع "أخنس بن قيس" من كلّ من لا يوافقهم ويسكن في بلد مخالفهم «(1).
ألا تكفي هذه الضّلالات؟ هذه ضلالات الخوارج والإباضيّة واحدة من فرق الخوارج، وللإباضيّة نشاط سرّي في نشر مذهبهم رغم ما يتظاهرون به من السّكوت، ولهم شوكة وقوّة في مدينة (غرداية) عندنا، ويُعرفون في الجزئر ببني ميزاب حيث يشكّلون في المدينة المذكورة دولة داخل دولة كما يقال، بعاداتهم وتقاليدهم المأخوذة من تعصّبهم الفظيع لمذهبهم الإباضيّ فتراهم مثلا:
1. ينكرون إنكارا باتّا رفع اليدين في تكبيرة الإحرام في الصّلاة، ويرفضون المناقشة بكلمة واحدة، (أنّنا معشر الإباضيّة لا نرفع أيدينا في تكبيرة الإحرام).
2. رفضهم تحريك السّبابة عند التّشهد رفضا مطلقا (ليس اقتناعا بدليل بقدر التّعصب بما عليه الأصحاب كما يقولون).
3. والأدهى من هذا وذاك أنّهم من النّاحية الحديثيّة يَعْتدُّون بمسند "الحبيب بن الرّبيع"، ويعتبرونه أحسن وأفضل بكثير من صحيح البخاري العظيم الّذي يعتبر أصحّ كتاب بعد كتاب اللّه تعالى ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/149)
4. ولا يحبّون المناقشة حتّى ولو كان خصمهم على حقّ، وحتّى لو جاءهم بالبيّنات السّاطعات من كتاب اللّه تعالى ومن سنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وبآثار السّلف الصّالح، إيمانا منهم بأنّ ما عند شيوخهم وعلمائهم هو الحقّ الّذي لا يقبل الجدال، فكيف تعاون "ابن باديس" مع هؤلاء .. ؟ ولو قال قائل تعاون معهم من أجل مصلحة الجزائر آنذاك أقول: هذا عين المداهنة وتعميل المصلحة الخاصّة على شرع اللّه! ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:51 م]ـ
إصرار ابن باديس رحمه اللّه على بدعة المولد النّبوي
و من الأخطاء الّتي لفتت انتباهي عند الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه، إصراره على إحياء بدعة المولد النّبوي، وهذا ينافي تماما سلفيّة علمائنا الكبار قديما وحديثا، والّذين عملوا بلا هوادة على إطفاء هذه البدعة والقضاء عليها، ولقد استغربت تماما هذا الموقف من "ابن باديس" والّذي خالف فيه بدون أدنى شكّ منهج السّلف الصّالح، ولقد وجدته مصرّا على حضور هذه الاحتفالات بنفسه، والزّيادة على ذلك بإلقاء كلمة عن هذه المناسبة (العظيمة) في زعمه، والّتي هي بدعة ضلالة في حقيقة أمرها .. تابعوا معي أيّها القرّاء الكرام مدى تمسك "ابن باديس" ببدعة المولد حيث ألقى خطابا ارتجاليّا في نادي التّرقي قال فيه ما يأتي:
» بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وعلى اسم الجزائر الرّاسخة في إسلامها، المتمسّكة بأمجاد قوميتها وتاريخها ـ أفتتح الذّكرى الأولى بعد الأربعمائة والألف من ذكريات مولد نبي الإنسانيّة ورسول الرّحمة سيّدنا ومولانا محمّد بن عبد اللّه عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ـ في هذا النّادي العظيم الّذي هو وديعة الأمّة الجزائريّة عند فضلاء هذه العاصمة ووجهائها. لسنا وحدنا في هذا الموقف الشّريف لإحياء هذه الذّكرى العظيمة، بل يشاركنا فيها نحو خمسمائة مليون من البشر في أقطار المعمور (1) كلّهم تخفق أفئدتهم فرحا وسرورا وتخضع أرواحهم إجلالا وتعظيما لمولد سيّد العالمين «(2)، ثمّ واصل كلامه قائلا:
» ما الدّاعي إلى إحياء هذه الذّكرى؟ المحبّة في صاحبها .. إنّ الشّيء يحبّ لحسنه أو لإحسانه وصاحب هذه الذّكرى قد جمع ـ على أكمل وجه ـ بينهما «(3)، ثمّ ازداد تمسّكا بهذه البدعة والاستدلال لها فقال:» فمن الحقّ والواجب أن يكون هذا النّبيّ الكريم أحبّ إلينا من أنفسنا وأموالنا ومن النّاس أجمعين ولو لم يقل لنا في حديثه الشّريف: "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين"، وكم فينا من يحبّه هذه المحبّة ولم يسمع بهذا الحديث؟ فهذه المحبّة تدعونا إلى تجديد ذكرى مولده في كلّ عام .. ما الغاية من تجديد هذه الذّكرى؟ استثمار هذه المحبّة ... «(1)
لا يا أيّها الشّيخ، كلامك هذا فيه مؤاخذات كثيرة منها:
1 ـ التّرويج للبدعة وتشجيع النّاس على التّمسك بها ..
2 ـ غياب روح التّصوّر السّلفي عند الشّيخ "ابن باديس" في هذه النّقطة، لأنّ الخير كلّ الخير في اتّباع من سلف والشّر كلّ الشّر في ابتداع من خلف، فكيف يخفى هذا عن رجل جعله طلاّب العلم من السّلفيّين عندنا مؤخّرا سلفيا محضا؟! ..
3 ـ القطع بأنّ الدّوافع لإحياء ذكرى المولد حبّ صاحبها وهو نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم، والمحبّة الحقيقية لا تكون إلاّ بالابتعاد عن البدع الّتي كان عليه الصّلاة والسّلام ينهي عنها، ويعلو صوته عند ذكرها كأنّه منذر جيش يقول: صبّحكم اللّه ومسّاكم، فكيف تجتمع المحبّة مع عدم الانقياد والتّسليم لأوامر اللّه ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي التّحذير من البدع وشرّها؟ ..
إنّ هذا الكلام قرّة عين المبتدعة في هذا الموضوع .. أين هذا من تحذيرات علمائنا السّلفيّين من شرّ هذه البدعة "الفاطميّة" الأصل، والّتي تسمّى أصحابها بابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (فاطمة) رضي اللّه عنها زورا وكذبا وتمويها وخداعا للنّاس، وهم أبعد النّاس عن سنّة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام لأنّهم غلاة الرّوافض؟ أين كلام الشّيخ "ابن باديس" من كلام علمائنا في ذمّ بدعة المولد؟ لقد قضى شيوخنا الكبار دهرا طويلا في محاربة هذه الضّلالة حتّى آخر أعمارهم، فها هو الشّيخ العلاّمة "ابن باز" رحمه اللّه يحذّر من بدعة المولد في عشرات الرّسائل، إيمانا منه بأنّ التّحذير من هذه البدعة فيه تعظيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/150)
لسنّة المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم حقّ التّعظيم وفيه حبّ له ومتابعة لهديه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولقد ظلّ إلى آخر رمق من حياته يدعو إلى محاربة هذه البدعة، لما يعرفه من شدّة حبّ النّاس لها وتمسّكهم بها حيث قال رحمه اللّه في إحدى رسائله عن حكم الاحتفال بالمولد ما نصّه:» لا يجوز الاحتفال بمولد الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ولا غيره لأنّ ذلك من البدع المحدثة في الدّين، لأنّ الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم لم يفعله ولا خلفاؤه الرّاشدون، ولا غيرهم من الصّحابة رضوان اللّه على الجميع .. ولا التّابعون لهم بإحسان في القرون المفضّلة، وهم أعلم النّاس بالسنّة وأكمل حبّا لرسول صلّى اللّه عليه وسلّم (1)، ومتابعة لشرعه ممّن بعدهم وقد ثبت عن النّبيّ صّلى اللّه عليه وسلّم أنّه قال:» من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ «أي مردود عليه، وقال في حديث آخر:» عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين من بعدي تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة «. ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها، وقد قال اللّه سبحانه في كتابه المبين ?وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتّهوا?، وقال عزّوجلّ: ? فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم?، وقال سبحانه: ?لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة لمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر وذكر اللّه كثيرا?، وقال تعالى: ?والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان رضي اللّه عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم?، وقال تعالى:?اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا?. والآيات في هذا المعنى كثيرة، وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه أن اللّه سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرّسول صلى اللّه عليه وسلّم لم يبلّغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع اللّه ما لم يأذن به زاعمين أن ذلك ممّا يقربهم إلى اللّه وهذا بلا شك فيه خطر عظيم واعتراض على اللّه سبحانه وعلى رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، واللّه سبحانه قد أكمل لعباده الدين وأتمّ عليهم النّعمة «. (2)
ففي هذا الكلام الماتع ردّ قاطع على بدعية المولد النّبوي وعلى الخطأ الجسيم الّذي ارتكبه الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه لمّا شارك في الاحتفال بالمولد مشاركة فعّالة فضلا عن الدّعوة إلى تجديد تلك الذّكرى في كلّ سنة، وهذا مستغرب غاية الاستغراب حيث أنّه لو صدر من شخص عاديّ لكان الخطب أهون ولكن أن يصدر من شخص أعطيت له راية العلم في بلادنا فهذا شيء عجاب، وليس فيه من دليل سوى غياب روح السّلفية الحقيقيّة في الكثير من الجوانب عند الإمام "ابن باديس" رحمه اللّه .. ويُمكن إجمال مؤاخذات أخرى في هذا الموضوع منها:
1) أنّ دعوتنا السّلفية علّمتنا بأن لا نحابي أحدا في دين اللّه، ولاشكّ أنّ السّكوت عن هذا الخطأ الجسيم، والّذي هو في حدّ ذاته بدعة ضلالة مجاملة لشخصية "ابن باديس" رحمه اللّه ..
2) أنّنا لو تساهلْنا مع "ابن باديس" رحمه اللّه في مثل هذه البدعة الشّنيعة، نكون قد وقعنا في ظلم شخصيات أخرى آخذناها مؤاخذة شديدة على دعوتها للاحتفال بالمولد، مثل شخصية "حسن البنّا" زعيم الإخوان المسلمين، ومن كان على شاكلته، وبلا شكّ سيكون معيارنا آنذاك مختلاّ، إذ سيقال حينها: أتكون بدعة المولد شنيعة لمّا يرتكبها "البنّا" وتكون طيّبة لما يرتكبها "ابن باديس"؟ والجواب الصّحيح أن يُنكر على هذا وذاك بدون تفريق لأنّهما يشتركان في العمل نفسه وهو إحياء بدعة المولد النّبوي.
3) أنّ البدعة تظلّ بدعة مهما رآها النّاس حسنة.
4) أنّ الإنكار يشتدّ أكثر على الشّخصيات القياديّة والشّخصيات المعروفة في دنيا العلم والدّعوة، لأنّ تأثيرهم على الجماهير كبير وسريع المفعول كما يقال.
5) أنّ العامّة ستظلّ راكنة إلى هذه البدعة دون أن تنفر منها على أساس أنّ فلانا وهو من هو في دنيا النّاس يفعلها ويشارك عمليّا في احتفالاتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/151)
6) أنّ "ابن باديس" رحمه اللّه حصل له شرف الرّحيل إلى الحجاز بلد التّوحيد وعلماء التّوحيد، وبلا شكّ وجد كتبا في هذا المجال ووجد كتبا في قمع البدع، وخاصّة بدعة المولد .. فما هو عذره يا ترى في إحياء مثل هذه المنكرات والدّعوة إلى تجديد الذّكرى في كلّ سنة بحجّة حبّ المصطفى صلّى اللّه عليه و سلّم؟!.
7) أنّ هذا الكلام تكرّر في كتب "ابن باديس" وتكرّر احتفاله بالمولد النّبوي وفي هذا دليل على إصْرار عجيب منه على هذه البدعة لأنّ ما تكرّر تقرّر كما يقال.
8) أنّ المسألة لو كانت مسألة اجتهاديّة لقلنا بأنّ الرّجل أهل لذلك، ولكنّ الأمر ليس كذلك إذ أنّ مدار الموضوع حول بدعة ضلالة ولا اجتهاد مع بدعة.
9) أنّه لو قال قائل بأنّ "ابن باديس" يُدخل ذلك ضمن البدع الحسنة لكان الرّد الفوري بأنّ علماء السّلفية الكبار قديما وحديثا لا يقرّون بأنّ هناك (بدعة حسنة) بل غايتهم واحدة في أنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار.
وحول هذه النّقطة قال الشّيخ العلاّمة "عبد العزيز بن باز" رحمه اللّه ما يلي:» والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وقد صرّح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتّحذير منها عملا بالأدلّة المذكورة وغيرها، وخالف بعض المتأخّرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات كالغلو في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلمّ، وكاختلاط النّساء والرّجال واستعمال آلات الملاهي وغير ذلك ممّا ينكره الشّرع المطهّر، وظنّوا أنّها من البدع الحسنة، والقاعدة الشّرعية ردّ ما تنازع فيه النّاس إلى كتاب اللّه وسنّة رسوله محمّد صلىّ اللّه عليه وسلمّ، كما قال اللّه عزّوجلّ:? يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى اللّه والرّسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا?، وقال تعالى:? وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى اللّه?، وقد رددنا هذه المسألة .. وهي الاحتفال بالمولد، إلى كتاب اللّه سبحانه فوجدناه يأمرنا باتّباع الرّسول صلّى اللّه عليه وسلمّ فيما جاء به ويحذّرنا عمّا نهى عنه ويخبرنا بأنّ اللّه سبحانه قد أكمل لهذه الأمّة دينها، وليس هذا الاحتفال ممّا جاء به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلمّ فلم نجد فيها أنّه فعله ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضيّ اللّه عنهم فعلمنا بذلك أنّه ليس من الدّين بل هو من البدع المحدثة، ومن التّشبه بأهل الكتاب من اليهود والنّصارى في أعيادهم، وبذلك يتّضح لكلّ من له أدنى بصيرة ورغبة في الحقّ، وإنصاف في طلبه أنّ الاحتفال بالمولد ليس من دين الإسلام بل هو من البدع المحدثات، الّتي أمر اللّه سبحانه ورسوله صلّى اللّه عليه وسلمّ بتركها والحذر منها، ولا ينبغي للعاقل أن يغتّر بكثرة من يفعله من النّاس في سائر الأقطار فإنّ الحقّ لا يُعرف بكثرة الفاعلين، وإنّما يُعرف بالأدلّة الشّرعية، كما قال تعالى عن اليهود والنّصارى: ?وقالوا لن يدْخل الجنّة إلاّ من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين?، وقال تعالى: ?وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل اللّه? الآية، ثمّ إنّ غالب هذه الاحتفالات بالمولد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى ... «. (1)
10) أنّ الشيّخ "ابن باديس" عُرف بحربه العظيمة على الطّرقية الضّلال، ولكن في إحيائه لأمر المولد النّبوي وتشجيعه على ذلك قمّة الإرضاء لهؤلاء المنحرفين الّذين اشتهروا بالتّرويج لهذه البدعة المنكرة.
11) أنّ "ابن باديس" رحمه اللّه يؤكّد في الكثير من قواعده أنّه لا فَهْم للقرآن الكريم والسنّة النّبوية إلاّ على ضوء فهم السّلف الصّالح فلماذا لم يُعمل هذه القاعدة العظيمة في مسألة المولد هذه؟
وأخيرا أقول: إنّ بدعة المولد النّبوي بدعة ضلالة، ولا تساهل فيها أبدا وهي ليست بالأمر الهيّن الّذي يمكننا غضّ النّظر عنه كسلفييّن، وتبقى هذه النّقطة نقطة سوداء تعكّر على الشيّخ "ابن باديس" سلامة منهجه، فلا مجال لأن يقول قائل: هذا أمر هيّن لا يحتاج إلى وقفة لأنّ البدعة بدعة مهما رآها النّاس حسنة.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:54 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/152)
موقف ابن باديس رحمه اللّه من مسألة والدي المصطفى عليه الصّلاة والسّلام وردّه لحديث الآحاد في العقيدة
من الأخطاء الّتي لا تساهل فيها مع "ابن باديس" رحمه اللّه أو غيره، موقف المسلم من والديّ النّبيّ الكريم صلّى اللّه عليه وسلمّ، أهما في النّار أم أنّهما من أهل الفترة المعفو عنهم؟ والحقّ أنّ السنّة النّبوية جاءت قاطعة في الأمر، وبيّن صاحبها عليه الصّلاة والسلاّم أنّ أبويه في النّار في أحاديث صحيحة، واضحة المعنى لا لبس فيها ولا غموض .. وهذا الّذي عرفه الصّحابة وتعلّموه من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلمّ، إلى أن نبتت نابتة ادّعت ادّعاء مبتدعا، وهو أنّ والديّ الرّسول صلّى اللّه عليه وسلمّ في الجنّة، على أساس أنّهما من أهل الفترة الّذين لم يحظوا بوجود نبيّ يبلّغ لهم رسالة اللّه ويعلّمهم الكتاب والحكمة، واستدلّوا على ذلك بآيات عامّة من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: ? وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا? (1)، وهذا الاستدلال مردود جملة و تفصيلا إذ أنّ والديّ الرّسول صلّى اللّه عليه وسلمّ وردت فيهما نصوص صحيحة في السّنة دلّت على أنّهما من أهل النّار، وليس من حقّنا أن نضرب بهذه النّصوص عرض الحائط طالما أنّها نصوص صحيحة صحّت متنا وسندا، ولا يجوز الإعراض عن السّنة النّبوية والاكتفاء بالقرآن الكريم وحده .. وللأسف هذا ما فعله الشيّخ "ابن باديس" في هذه المسألة .. وإلى القارئ الكريم أسوق كلامه ليتبيّن للجميع كيف وقع "ابن باديس" في أخطاء جسيمة برئت منها ذّمة علماء السّلفية الحقيقيّين .. فقد قال في معرض تفسيره لقوله تعالى: ?وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا? ما يلي:» لمّا كان العرب لم يأتهم نذير قبل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلمّ بنّص هذه الآية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى: ? وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا?، و? وأن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير? وغيرهما، وكلّها آيات قواطع في نجاة أهل الفترة ولا يستثنى من ذلك إلاّ من جاء فيهم نصّ ثابت خاصّ "كعمر بن لُحيّ" (2)، أوّل من سيّب السّوائب وبدّل في شريعة إبراهيم وغيّر وحلّل للعرب وحرّم، فأبَوَا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ناجيان بعموم هذه الأدلّة ولا يعارض تلك القواطع حديث مسلم عن أنس (رضي اللّه عنه): (أنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلمّ: يا رسول اللّه أين أبي؟ قال في النّار، فلمّا قفا الرّجل دعاه فقال: إنّ أبي وأباك في النّار)، لأنّه خبر آحاد فلا يعارض القواطع وهو قابل للتّأويل بحمل الأب على العمّ مجازا يحسنه المشاكلة اللّفظية ومناسبته لجبر خاطر الرّجل وذلك من رحمته صلّى اللّه عليه وسلمّ وكريم أخلاقه .. «(1).
وهذا الكلام فيه مزالق ومؤاخذات كثيرة منها:
1. الاستدلال بالقرآن الكريم في هذه المسألة، والإعراض عمّا جاءت به السّنة الشّريفة من أحاديث وردت في الموضوع نفسه.
2. ردّ الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة بحجّة أنّه يعارض القرآن الكريم.
3. تحميل الحديث الوارد في صحيح (مسلم)، والّذي ورد فيه سؤال ذلك الرّجل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن حال أبيه أهوَ في النّار ـ تأويلا أبعد كلام "ابن باديس" عن جادّة الصّواب.
والرّد على هذه النّقاط يكون كما يأتي:
1) فيما يتعلّق بالاستدلال بالقرآن الكريم والإعراض عمّا جاءت به السّنة الشّريفة، فيكفي التّذكير بهذه الأحاديث:
عن "أبي رافع" رضيّ اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
» لا ألفيّن أحدكم متّكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، ممّا أمرتُ به أو نهيتُ عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب اللّه اتّبعناه وإلاّ فلا «(2).
وعن "المقدام بن معدي كرب" رضيّ اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
» ألا إ نّي أوتيتُ القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتمّ فيه من حرام فحرّموه، وإنّ ما حرّم رسول اللّه كما حرّم اللّه، ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهلي، ولا كلّ ذي ناب من السّباع، ولا لُقَطة معاهد إلاّ أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يُقرّوه فإن لم يُقرّوه فله أن يُعقّبهم بمثل قِراه «. (1)
وعن أبي هريرة رضيّ اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/153)
» تركتُ فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما (ما تمسّكتم بهما) كتاب اللّه وسنّتي، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض «(2) .. قال الشّيخ العلاّمة محدّث العصر "الألباني" رحمه اللّه:) وفي هذه النّصوص من الآيات والأحاديث أمور هامّة جدّا يمكن إجمالها فيما يلي:
1. أنّه لا فرق بين قضاء اللّه وقضاء رسوله (3)، وأنّ كلاّ منهما ليس للمؤمن الخيرة في أن يخالفهما، وأنّ عصيان الرّسول كعصيان اللّه تعالى وأنّه ضلال مبين.
2. أنّه لا يجوز التّقدّم بين يدي الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم، كما لا يجوز التّقدّم بين يدي اللّه تعالى، وهو كناية عن عدم جواز مخالفة سنّته صلّى اللّه عليه وسلّم، قال الإمام "ابن القيّم" في "إعلام الموقعين" (1/ 58): (أي لا تقولوا حتّى يقول ولا تأمروا حتّى يأمر، ولا تفتوا حتّى يفتي، ولا تقطعوا أمرا حتّى يكون هو الّذي يحكم فيه ويمضي) ..
3. أنّ المطيع للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم مطيع للّه تعالى ..
4. أنّ التّولي عن طاعة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم إنّما هو من شأن الكافرين.
5. وجوب الرّد والرّجوع عند التّنازع والاختلاف في شيء من أمور الدّين إلى اللّه وإلى الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم، قال "ابن القيّم" (1/ 54):
» فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وأعاد الفعل (يعني قوله: "وأطيعوا الرّسول")، إعلاما بأنّ طاعته تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقا، سواء كان ما أمر به في الكتاب، أو لم يكن فيه، فإنّه "أوتي الكتاب ومثله معه" ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالا، بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرّسول ... ". ومن المتّفق عليه عند العلماء أنّ الرّد إلى اللّه إنّما هو الرّد إلى كتابه، والرّد إلى الرّسول، هو الرّد إليه في حياته وإلى سنّته بعد وفاته، وأنّ ذلك من شروط الإيمان ..
6. أنّ الرّضى بالتّنازع، بترك الرّجوع إلى السّنة للخلاص من هذا التّنازع سبب هام في نظر الشّرع لإخفاق المسلمين في جميع جهودهم، ولذهاب قوّتهم وشوكتهم.
7. التّحذير من مخالفة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم لما لها من العاقبة السّيئة في الدّنيا والآخرة.
8. استحقاق المخالفين لأمره صلّى اللّه عليه وسلّم الفتنة في الدّنيا، والعذاب الأليم في الآخرة.
9. وجوب الاستجابة لدعوة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأمره، وأنّها سبب الحياة الطيّبة، والسّعادة في الدنيا والآخرة.
.1. أنّ طاعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبب لدخول الجنّة والفوز العظيم، وأنّ معصيّته وتجاوز حدوده سبب لدخول النّار والعذاب المهين.
11. أنّ من صفات المنافقين الّذين يتظاهرون بالإسلام ويبطنون الكفر أنّهم إذا دعوا إلى أن يتحاكموا إلى الرّسول وإلى سنّته، لا يستجيبون لذلك، بل يصدّون عنه صدودا.
12. وأنّ المؤمنين على خلاف المنافقين، فإنّهم إذا دعوا إلى التّحاكم إلى الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بادروا إلى الاستجابة لذلك، وقالوا بلسان حالهم وقالهم: "سمعنا وأطعنا"، وأنّهم بذلك يصيرون مفلحين، ويكونون من الفائزين بجنّات النّعيم.
13. كلّ ما أمرنا به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم يجب علينا اتّباعه فيه، كما يجب علينا أن ننتهي عن كلّ ما نهانا عنه.
14. أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم أسوتنا وقدوتنا في كلّ أمور ديننا إذا كنّا ممن يرجو اللّه واليوم الآخر.
15. وأنّ كلّ ما نطق به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممّا له صلة بالدّين والأمور الغيبيّة الّتي لا تُعرف بالعقل ولا بالتّجربة فهو وحي من اللّه إليه .. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
16. وأنّ سنّته صلّى اللّه عليه وسلّم هيّ بيان لما أنزل إليه من القرآن.
17. وأنّ القرآن لا يغني عن السّنة، بل هي مثله في وجوب الطّاعة والاتباع، وأنّ المستغني به عنها مخالف للرّسول عليه الصّلاة والسّلام غير مطيع له، فهو بذلك مخالف لما سبق من الآيات.
18. أنّ ما حرّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ما حرّم اللّه، وكذلك كلّ شيء جاء به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممّا ليس في القرآن، فهو مثل ما لو جاء في القرآن لعموم قوله: (ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/154)
19. أنّ العصمة من الانحراف والضّلال إنّما هو التّمسّك بالكتاب والسّنة، وأنّ ذلك حكم مستمر إلى يوم القيامة، فلا يجوز التّفريق بين كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم تسليما كثيرا ... «. (1)
هذه الأقوال الرّائعة تبيّن مكانة السّنة في العقائد والأحكام، وأنا أعلم يقينا أنّ مثل هذا الأمر لا يخفى على أمثال الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه، ولكنّه حقيقة في هذه المرّة ردّ السّنة، و لم يقبل الاستدلال بها باسم النّقطة الثّانية الّتي أسلفتُ ذكرها، وهي حجّة ردّ حديث الآحاد في العقائد وعدم الاعتداد به لأنّه يفيد الظّن ولا يفيد اليقين، وهذه مغالطة تَفُوحُ منها رائحة المعتزلة والأشاعرة ومن كان على شاكلتهم، وتبنّى معتقدهم على الأقل في هذه النّقطة، وإنّ هذا الأمر ليس بالأمر السّهل أو يدخل ضمن اختلاف التّنوّع ولكنّه حقّا يعدّ من اختلاف التّضاد، إذ أنّ أئّمتنا الكبار من القدماء والمعاصرين اتّفقوا على الأخذ بالحديث إذا صحّ» دون تفريق بين ما كان منه خبر آحاد أو تواتر، ما دام أنّه صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهذا هو الحقّ الّذي لا ريب فيه، والتّفريق بينهما إنّما هو بدعة وفلسفة دخيلة في الإسلام مخالف لما كان عليه السّلف الصّالح والأئمّة المجتهدون «. (1)
فكيف يردّ "ابن باديس" نصوصا صحيحة ورد فيها ذكر خبر والدي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بأنّهما من أهل النّار بزعمه أنّ ذلك يخالف قوله تعالى (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا)؟ ثمّ يقطع أنّ هذا الخبر حديث آحاد لا يجوز به تخصيص ما ورد في القرآن الكريم، إنّ هذا ولا شك فيه التّأثّر كلّ التّأثّر بمنهج الأشاعرة في الاعتقاد على الأقلّ في هذه المسألة، قال الشّيخ العلاّمة "الألباني" رحمه اللّه مشيرا إلى أصول الخلف الّتي تركت السّنة بسببها ما نصّه:
» فما هي تلك الأصول و القواعد الّتي أقامها الخلف حتّى صرفتهم عن السّنة دراسة واتّباعا؟ وجوابا عن ذلك أقول: يمكن حصرها في الأمور الآتية:
الأوّل: قول بعض علماء الكلام: إنّ حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة .. وصرّح بعض الدّعاة الإسلاميين اليوم بأنّه لا يجوز أخذ العقيدة منه، بل يحرم ..
الثّاني: بعض القواعد الّتي تبنّتها بعض المذاهب المتّبعة في"أصولها" يحضرني منها ما يلي:
أ ـ تقديم القياس على خبر الآحاد (الإعلام1: 327، 300، شرح المنار ص 623).
ب ـ ردّ خبر الآحاد إذا خالف الأصول (الإعلام1: 329، شرح المنار ص 649).
جـ ـ ردّ الحديث المتضمّن حكما زائدا على نص القرآن بدعوى أنّ ذلك نسخ له
والسّنة لا تنسخ القرآن! (شرح المنار ص 647، الأحكام 2: 66).
د ـ تقديم العام على الخاصّ عند التّعارض، أوعدم جواز تخصيص عموم القرآن
بخبر الواحد! (شرح المنار ص 289 ـ 294، إرشاد الفحول ص 138ـ 139 ـ
143 ـ 144).
هـ ـ تقديم عمل أهل المدينة على الحديث الصّحيح.
الثّالث: التقليد واتّخاذه مذهبا ودينا .. «. (1) فتأمل معي أيها القارئ مدى تبنّي الشّيخ "ابن باديس" لأصول المتكلّمين في هذه المسألة، حيث رفض جواز تخصيص عموم القرآن، بخبر الواحد، كما رفض الاستدلال به في أمر عقدي إذ هو متعلّق بأمر غيبي لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى، وهو حال والدي النّبيّ الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم في الآخرة أهما من أهل النّار أم من أهل الجنّة، والنّبيّ نفسه صلّى اللّه عليه وسلّم ما كان ليعلم ذلك، لولا إخبار اللّه تعالى له لأنّه عليه الصّلاة والسّلام (وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى). (2)
فما دام الحديث صحّ عنه صلّى اللّه عليه وسلّم وجب الأخذ به سواء كان من المتواتر أو الآحاد.
أمّا عن تأويل حديث الرّجل الّذي سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن حال أبيه في الآخرة، وقال له الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم» إنّ أبي وأباك في النّار «، وحمل لفظ الأب على العمّ، ثّم شرح ذلك بأنّه لجبر خاطر الرّجل (كما أسلفت ذكره في مؤاخذتي الثالثة على "ابن باديس" رحمه اللّه)، فإنّ هذا التّأويل الفاسد مردود لاعتبارات كثيرة منها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/155)
1. أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر الرّجل أنّ أباه في النّار وأب السّائل أيضا في النّار، وليس في كلامه ما يشير من قريب أو من بعيد إلى أنّه يقصد أبا طالب عمّه، لأنّ الرّجل جاء سائلا عن أبيه الّذي مات قبل بعثة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كما دلّت عليه نصوص أخرى مشابهة لهذا الحديث، وأبو طالب أدرك النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ولم يؤمن به رغم مؤازرته العظيمة له، فلكي يبيّن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم للرّجل حالا أخرى تشبه حالة أبيه ذكر والده عبد اللّه، وهذا ليبيّن عدل اللّه عزّ وجلّ وأنّه سبحانه وتعالى يدخل النّاس الّذين آمنوا به وبرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم الجنّة برحمته، ويدخل الكافرين النّار ولو كانوا من أقارب النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولو كان الدّاخل للنّار أباه أو أمّه .. ولا شكّ أنّ الرّجل انجبر خاطره ثقة في عدل اللّه تعالى وثِقة في تبليغ الرّسول الصّادق المصدوق لحال أبيه بأنّه في النّار رغم شدّة ذلك عليه صلّى اللّه عليه وسلّم، والرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم لا يجامل أحدا في دين اللّه ولو كان أقرب النّاس إليه، وإنّما لا يخبر بأمر إلاّ بما أوحى اللّه له وخاصّة مثل هذه المغيبات الّتي لا يعلمها إلاّ خالق السّموات والأرض ..
2. نفرض جدلا أنّ الأمر خاصّ بأبي طالب فماذا يفعل "ابن باديس" وغيره بإخبار النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن حال أمّه؟ كيف سيشرَحُه آنذاك وأيّ تأويل سيجد له؟
3. أنّنا لسنا أرحم من النّبيّ الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم بوالديه، وأنّه عليه الصّلاة والسّلام تمنّى لو أنّ والديه كانا في الجّنة، ولكنّه حاشاه أن يعترض على حكم اللّه العدل سبحانه وتعالى والّذي قضى بإدخال والديه إلى النّار لأنّ اللّه تعالى هو العليم الخبير.
4. أنّ والديّ المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم كافران بلا شكّ، وليسا من أهل الفترة وإنّما كانا كبقية مشركي العرب، ولو كانا مسلمين لّما دخلا النّار خالدين فيها أبدا، لأنّه كان بإمكانهما أن يكونا مثل الّذين كانوا على التّوحيد قبل بعثة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو بن نفيل، وقسّ بن ساعدة وغيرهم من الّذين كانوا مؤمنين قبل البعثة .. فكان بوسع والدي المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسعهما ما وسع هؤلاء الثّلاثة الّذين نجوا من عقيدة الشّرك والوثنيّة والخرافة.
5. أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يُقبل منه حتى الاستغفار لأمّه بدليل الحديث الّذي صحّ عن أبي هريرة رضيّ اللّه عنه قال:» زار النّبيّ قبر أمّه، فبكى وأبكى مّن حوله، فقال: استأذنتُ ربّي في أن أستغفر لها، فلم يُؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنّها تذكّر الموت «(1)، والحديث الثّاني في شأن والدة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هو: عن بُرَيْدة رضيّ اللّه عنه قال: "كنّا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم [في سفر، و في رواية: في غزوة الفتح]، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب، فصلّى ركعتين، ثمّ أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخّطاب ففداه بالأب والأمّ، يقول يا رسول اللّه مالَكَ؟ قال: إنّي سألتُ ربّي عزّوجلّ في الاستغفار لأُمّي، فلم يأذنْ لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النّار، [واستأذنت ربّي في زيارتها فأذن لي]، وإنّي كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولْتَزِدْكم زيارتُها خيرا" (1)، فإذا لم يقبل منه الاستغفار لأمّه فكيف تكون أمّه من أهل الفترة والحديث يخبرنا بخلاف ذلك .. وكذلك الحال بالنّسبة لحال والده صلّى اللّه عليه وسلّم في أحاديث أخرى .. وبهذا يُعلم أنّه من الحقّ الّذي ينبغي نشره أنّ المسلم مطالب بالإيمان بأنّ أبويّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في النّارمثلما أخبرنا ابنهما صلّى اللّه عليه وسلّم عنهما رغم أنّه أبرّ النّاس بهما وأكثر النّاس حبّا لهما بدليل أنّه بكى عليه الصّلاة والسّلام لمّا لم يأذن اللّه له في الاستغفار لأمّه، ولذلك أمّتنا ليست بحاجة إلى نسج الأساطير والأحاديث المكذوبة عنه صلّى اللّه عليه وسلّم من أنّ اللّه تعالى سيحي والديّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وسيأمرهما بالشّهادتين وسينطقان بهما فيدخلهما اللّه الجنّة تكريما لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فهذه الخرافات والأحاديث الواهية وأمثالها تنافي الحقّ الّذي نطق به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في مسألة حال والديه في الآخرة وكان على الشّيخ "ابن باديس" أن يبتعد عن تلك التأويلات العجيبة وأن يجتنب الأصول الخلفيّة في ردّ حديث الآحاد ومنع جواز أن يكون مخصّصا لعموم الآيات القرآنية لأنّ هذه الأفكار ومثيلاتها من ترهات الخلف، وكان عليه أن يلزم منهج السّلف فينجو بذلك من الانحراف في موضوع فصّل فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لصحابته ففهموه منه حقّ الفهم وعلموا أنّ اللّه تعالى يعذّب من يشاء بعدله ويرحم من يشاء بفضله لأنّه تعالى لا يُسأل عمّا يفعل ومن حسن سلامة المعتقد أن نلزم قاعدة التّسليم والاستسلام حتّى ننال رضوان اللّه تعالى فهذه المسألة أخطأ فيها "ابن باديس" رحمه اللّه وليس هناك عذر له في هذا المقام لأنّه علِم الحديث وردّه بحجّة أنّه آحاد وردَ متنه بتأويله تأويلا فاسدا ما ورد عند علمائنا المحققين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/156)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:56 م]ـ
خطأ ابن باديس رحمه اللّه في مسألة التّوسّل
من المسائل الّتي أخطأ فيها الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه ووقف فيها موقفا مُبايّنا لمواقف علمائنا السّلفيين موقفه من التّوسل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، حيث أجاز هذا العمل الشّركي الّذي لم يعرفه صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وممّا لا شكّ فيه أنّ مسألة التّوسّل هذه ليست من صغار المسائل الّتي يجوز فيها تعدّد الآراء والاجتهادات، بل هي مسألة واضحة أعطى لها العلماء السّلفيّون الحقيقيّون حقّها من الشّرح والبيان، فها هو الإمام العلاّمة مجدّد السّلفية في زمانه الشّيخ "ابن عبد الوهاب" يعطي لهذه المسألة حجمها في العديد من مؤلّفاته، ولم يعتبرها من المسائل الّتي يجوز فيها الخلاف والاختلاف، وسار فيها على درب شيخ الإسلام "ابن تيميّة" وتلميذه "ابن القيّم" رحمهما اللّه، كما سار على درب هؤلاء كلّ علماء الدّيار السّعودية الّذين ألّفوا مئات الرّسائل في الرّد على شبهات المتوسّلين بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أو بجاهه، أمّا الشّيخ العلاّمة "الألباني" رحمه اللّه، فقد أفرد لهذه المسألة كتابا كاملا سمّاه (التّوسّل: أنواعه وأحكامه) ذكر فيه الأدلّة القاطعة على عدم جواز هذا الأمر .. أمّا الشّيخ "عبد الحميد بن باديس" رحمه اللّه، فقد تكلّم عن هذه المسألة في مواطن عديدة، فعرفت من خلال تتبّع كلامه أنّه يبيح التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مع الإشارة فقط إلى عدم استحبابه، وكان الواجب عليه أن يقطع بعدم الجواز، ولا يفتح المجال لأيّ إباحة في هذا الموضوع، لأنّه من الأمور الّتي أكثر فيها علماؤنا الكلام قديما وحديثا وقد بيّنوا خطورتها للنّاس .. قال الشّيخ "ابن باديس" في معرض حديثه عن التّوسّل شارحا حديث الأعمى وحديث الأعمى هو:
» عن عثمان بن حنيف أنّ رجلا ضرير البصر أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ادع اللّه أن يعافيني قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخّرت ذاك فهو خير، (وفي رواية: وإن شئت صبرت فهو خير لك)، فقال: ادعه فأمره أن يتوضّأ، فيحسن وضوءه، فيصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدّعاء، اللّهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة، يا محمّد إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللّهم فشفّعه فيّ] وشفّعني فيه [. قال: ففعل الرّجل، فبرأ .. (1) .. قلت: قال "ابن باديس" عند شرحه لهذا الحديث: (لم يدع الأعمى النّبيّ صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم، ولم يسأله أن يشفيه هو لأنّ الدّعاء لقضاء الحوائج وكشف البلايا ونحو ذلك هو العبادة، وفي حديث النّعمان بن بشير المرفوع: (الدّعاء هو العبادة) رواه أحمد وأصحاب السّنن، والعبادة لا تكون إلاّ للّه لم يدعه لا وحده ولا مع اللّه لأنّ الدّعاء لا يكون إلاّ للّه، وهذا بخلاف ما يفعله الجهّال والضّلال من طلبهم من المخلوقين من الأحياء والأموات أن يعطوهم مطالبهم ويكشفوا عنهم بلاياهم، وإنّما سأله أن يدعو اللّه تعالى أن يُعَافيه وهذا جائز أن يسأل المؤمن من أخيه في حال حياته أن يدعو اللّه تعالى له، ومن هذا حديث البخاري في سؤال أم أنس بن مالك من النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يدعو لأنس خادمه فدعا له، ومن هذا ما رواه التّرمذي وأبو دار عن عمر بن الخّطاب قال استأذنت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في العمرة فأذن لي وقال: اشركنا يا أخي في دعائك ولا تنسنا، زاد في رواية التّرمذي فقال كلمة ما يسّرني أنّ لي بها الدّنيا، يعني قوله اشركنا إلخ، ثمّ أنّه توسّل بذاته بحسب مقامه عند ربّه، وهذا على الوجه الأوّل من الوجهين المتقدّمين في فصل التّراكيب، أو توسّل بدعائه، وهذا على الوجه الثّاني منهما .. فمن أخذ بالوجه الأوّل قال يجوز التّوسّل بذاته، ومن أخذ بالوجه الثّاني قال: إنّما يتوسّل بدعائه، ثمّ إنّ من أخذ بالوجه الأوّل فهذا الدّعاء حكمه باق بعد وفاته كما كان في حياته، ومن أخذ بالوجه الثّاني لا يكون بعد وفاته لأنّ دعاءه إنّما كان في حياته لمن دعا له، فالوجهان المتقدّمان كما ترى هما مثار الخلاف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/157)
في جواز التّوسّل بذاته وعدم جوازه، فمن أخذ بالوجه الأوّل جوّز ومن أخذ بالثّاني منع .. ) (1)، وبعد عرضه للخلاف بين المجوّزين للتّوسّل في الوجه الأوّل والمانعين له في الوجه الثّاني يواصل الشّيخ "ابن باديس" كلامه سائلا ومجيبا في آن واحد بالطّريقة الآتية:
(سؤال: فإن قلت قد عرفنا القولين وعرفنا مدركهما فما هو الرّاجح عندك منهما؟
جوابه: الرّاجح هو الوجه الأوّل الّذي يجيز التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نظرا لمقامه العظيم عند ربّه لوجهين، الأوّل: أنّ ذلك هو ظاهر اللّفظ ولا موجب للتّقدير ولا منافاة بين أن يكون في قوله أسألك وأتوجّه إليك بنبّيك وقوله إنّي توجّهت بك قد سأل بذاته، وفي قوله اللّهم شفّعه فيّ قد سأل قبول دعائه له وسؤاله .. والثّاني أنّه لمّا كان جائزا السّؤال من المخلوقين بما له مقام عظيم عندهم فلا مانع من أن يسأل اللّه تعالى بنبيّه بحسب مقامه العظيم عنده) (2) .. ثمّ يبيّن "ابن باديس" موقف الصّحابة من التّوسّل بطريقة السّؤال والجواب فيقول:
(سؤال آخر: بعدما عرفنا رجحان سؤاله تعالى بالأسماء والصّفات والطّاعات، فهل ثبت عن الصّحابة سؤالهم وتوسّلهم بذاته؟.
جوابه: لم يثبت عن واحد منهم شيء من ذلك فيما لدينا من كتب السّنة المشهورة بل ثبت عدولهم عن ذلك في وقت مقتضٍ له لو كانوا يفعلونه، وذلك في حديث استسقاء عمر بالعبّاس رضيّ اللّه تعالى عنهما. فقد أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أنس: أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المطّلب فقال: اللّهم إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا، قال: فيسقون. ومعنى الحديث أنّهم كانوا يتوسّلون بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يدعو لهم في الاستسقاء ويدعون، ثمّ صاروا يتوسّلون بالعباس فيدعو لهم ويدعون، فالتّوسّل هنا قطعا بدعائهما لا بذاتهما .. ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مرجوحية التّوسّل بالذّات: أنّ الصّحابة لم يقولوا في موقفهم ذلك: اللّهم إنّا نتوسّل إليك بنبيّنا أيّ بذاته ومقامه، بل عدلوا عن ذلك إلى التّوسّل بالعبّاس يدعو لهم ويدعون كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعل في الاستسقاء، ولقد استدلّ بعضهم بعدول الصّحابة عن التّوسل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا المقام على منعه، ونحن لما بيّنا قبل من دليل جوازه إنّما نستدلّ بِعُدولِهم على مرجوحيته). (1)
إذن بيّن الشّيخ "ابن باديس" بكلّ وضوح معتقده في مسألة التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فعرض الخلاف في بداية الأمر، ثمّ رجّح جواز التّوسّل مستدلا بحديث الضّرير المذكور سابقا، ثمّ عرض موقف الصّحابة رضيّ اللّه عنهم وبيّن أنّهم لم يتوسّلوا للّه تعالى أبدا بذات المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم ـ وهذا حقّ لا ريب فيه ـ ثمّ نفى أن يكون فعل الصّحابة رضيّ اللّه عنهم في ردّهم التّوسّل بذات الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ـ دليل على عدم الجواز بل قطع بأنّ في ذلك الفعل الدّليل على عدم استحباب ذلك فقط .. وهذا الّذي أورده الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه فيه حقّ وفيه باطل، فأمّا الحقّ في كلامه فقوله: بأنّ الصّحابة رضي اللّه عنهم لم يلجأوا إلى التوسّل بالذات الشريفة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولو مرة في حياتهم، وهذا حقّ لا مرية فيه، وأمّا الباطل في كلامه فاستدلاله بحديث الأعمى الضّرير على جواز التّوسّل، وجزمه بأنّ الأعمى توسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ قطعه في الأخير بأنّ فعل الصحابة في ترك التوسّل بالذّات إنّما هو دليل على مرجوحيته ومع ذلك أصرّ على جوازه في النّهاية كما أنّه ألحق بجواز التوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جوازا خطيرا والمتمثل في جواز التوسّل بذوات الأولياء والصالحين فقال: (وأنّ التوسّل بذات غيره من أهل المكانة المحقّقة له وجه في القياس) (2) فزاد الطين بلّة كما يقولون، حيث فَسح المجال لمجوزي التوسّل أن يعتقدوا بذلك أنّ المسألة فرعية يجوز فيها الخلاف وليست من المسائل العقدية، مع أنّ الأمر عكس ذلك تماما، فقد سئل الشّيخ العلاّمة "صالح الفوزان" عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السّعودية عن هذه المسألة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/158)
هل هي من المسائل الفرعية أم من المسائل العقدية المهمّة، فكان جوابه كما يلي: (وصلتني رسالتكم الّتي طلبتم فيها الإجابة عن أسئلة في العقيدة وهي أولا: هل التوسّل بالمخلوقين أوحقّهم أو جاههم يعتبر أمرا مبتدعا ووسيلة من وسائل الشرك، والخلاف فيه يعتبر خلافا في مسائل العقيدة لا في مسائل الفروع لأنّ الدعاء أعظم أنواع العبادة ولا يجوز فيه إلاّ ما ورد في الكتاب والسنّة، ولم يرد في الكتاب والسنّة السؤال بالمخلوقين أوحقّهم أوجاههم، وإنّما ورد الأمر بدعاء اللّه مباشرة من غير توسّط بأحد من خلقه ?وقال ربكم ادعوني أستجب لكم?، ?فادعوا اللّه مخلصين له الدين?، وإذا انضاف إلى التوسّل بالمخلوق التقرّب إليه بشيء من القربات كالذّبح له والنذر له فهذا شرك أكبر كما قال تعالى: ? ويعبدون من دون اللّه ما لايضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه? الأية .. ولمّا كان الدّعاء أعظم أنواع العبادة، والعبادة توقيفية فإنّه لا يجوز أن يدعى اللّه سبحانه وتعالى إلاّ بالكيفية الواردة في الكتاب والسنّة، وليس في تلك الكيفية التّوسّل بالمخلوقين أوحقّهم أو جاههم في الدّعاء فيكون بدعة وكلّ بدعة ضلالة .. واللّه أعلم) (1)، وهذا الّذي ذكره الشّيخ "الفوزان" هو نفسه ما تواتر نقله عن جميع علماء المملكة العربية السّعودية الكبار البلد الّذي يعمل علماؤه باليل والنّهار على نشر التّوحيد فمنهم من قضى نحبه كالشّيخين العظيمين الجليلين "ابن باز" و"العثيمين" رحمهما اللّه، ومنهم من لا يزال إلى يومنا هذا واقفا كالطّود الشّامخ في وجوه المبتدعة الّذين أجازوا التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبذات غيره من الصّالحين من باب القياس، فأدخلوا بعملهم هذا شرا كبيرا على العقيدة وخاصّة في مسألة الدّعاء الّذي يعتبر أعظم أنواع العبادة كما أشار إلى ذلك الشّيخ العلاّمة "الفوزان" في جوابه .. لذلك لا يمكن أن نتساهل في مسألة التّوسّل أيضا لأنّها مسألة في غاية الأهميّة كيف لا وهي عقدية محضة؟! أمّا الشّيخ "الألباني" رحمه اللّه فقد ردّ على المستدلين بحديث الضّرير على جواز التوسّل بكلام نفيس أنقله كما ذكره: (يرى المخالفون أنّ هذا الحديث يدلّ على جواز التّوسّل في الدّعاء بجاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أوغيره من الصّالحين، إذ فيه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم علّم الأعمى أن يتوسّل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيرا ..
وأماّ نحن فنرى أنّ هذا الحديث لا حجّة لهم فيه على التّوسّل المختلف فيه، وهو التّوسّل بالذّات، بل هو دليل آخر على النّوع الثّالث من أنواع التّوسّل المشروع الّذي أسلفناه، لأنّ توسّل الأعمى إنّما كان بدعائه والأدلّة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمّها:
أوّلا: أنّ الأعمى إنّما جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليدعو له، وذلك قوله: (ادع اللّه أن يعافيني)، فهو قد توسّل إلى اللّه تعالى بدعائه صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّه يعلم أنّ دعاءه صلّى اللّه عليه وسلّم أرجى للقبول عند اللّه بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أو جاهه أو حقّه لما كان ثمّة حاجة إلى أن يأتي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ويطلب منه الدّعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربّه بأن يقول مثلا: (اللّهم إنّي أسألك بجاه نبيّك ومنزلته عندك أن تشفيني، وتجعلني بصيرا، ولكنّه لم يفعل، لماذا؟ لأنّه عربيّ يفهم معنى التّوسل في لغة العرب حقّ الفهم، ويعرف أنّه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، يذكر فيها اسم المتوسّل به، بل لا بدّ أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصّلاح والعلم بالكتاب والسّنة، وطلب الدّعاء منه له ..
ثانيا: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعده بالدّعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك"، وهذا الأمر الثّاني هو ما أشار إليه صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الّذي رواه عن ربّه تبارك وتعالى أنّه قال: (إذا ابتليت عبدي بحبيبته ـ أي عينيه ـ فصبر، عوّضته منهما الجنّة) ـ رواه البخاري عن أنس رضيّ اللّه عنه، وهو مخرّج في الصّحيحة (2010).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/159)
ثالثا: إصرار الأعمى على الدّعاء وهو قوله: "فادع" فهذا يقتضي أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم دَعَا لهُ، لأنّه صلّى اللّه عليه وسلّم خير من وفىَ بما وعد، وقد وعده بالدّعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدّعاء وأصرّ عليه، فإذن لابدّ أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم دعا له، فثبت المراد، وقد وجّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الأعمى بدافع من رحمته وبحرص منه على أن يستجيب اللّه تعالى دعاءه فيه، وجّهه إلى النّوع الثّاني من التّوسّل المشروع، وهو التّوسّل بالعمل الصّالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضّأ ويصلّي ركعتين ثمّ يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة للّه سبحانه وتعالى يقدّمها بين يدي دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم له وهي تدخل في قوله تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة)، كما سبق، وهكذا لم يكتف الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بدعائه للأعمى الّذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها طاعة للّه سبحانه وتعالى وقربة إليه، ليكون الأمر مكتملا من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرّضا من اللّه سبحانه وتعالى) (1) .. إذن لا حجّة لمبيحي التّوسّل بحديث الأعمى لأنّ حديث الأعمى حجّة عليهم لا لهم، لأنّ مداره حول نوع من أنواع التّوسّل المشروع، وهذه الأنواع المشروعة هي:
أ ـ التّوسّل إلى اللّه عزّوجلّ باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا.
ب ـ التّوسّل للّه تعالى بعمل من الأعمال الصّالحة الّتي قام بها الدّاعي.
ج ـ التّوسّل إلى اللّه تعالى بدعاء الرّجل الصّالح الّذي يعتقد فيه الصّلاح والتّقوى، فالحديث فيه إشارة إلى النّوع الأخير من أنواع التّوسّل المشروع، وليس فيه دليل الجواز لا من قريب ولا من بعيد فلا حجّة "لابن باديس" رحمه اللّه في إباحة التّوسّل لا بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بذوات غيره من الصّالحين والأتقياء، ولا حجّة لمن يتساهل مع "ابن باديس" رحمه اللّه في هذا الخطأ من النّاحية العلميّة، لأنّ دعوتنا السّلفية ضوابطها واضحة وخطوطها متينة وفحواها صلب، ومعاييرها منضبطة، لا تداهن لا هذا ولا ذاك، فالأخطاء تبيّن للنّاس حتّى لا ينخدع بها أحد أمّا السّرائر والنّوايا فلا يعلمها إلاّ اللّه تعالى، فالمحاسبة هنا علمية وليست حكما على النّاس أفي جنّة النّعيم هم أم في النّار لأنّ منهجنا ليس خارجيّا والعياذ باللّه، فالحذر الحذر من أن يشكّ شاك من أنّني أحكم على الشّيخ "ابن باديس" ـ أو غيره من المسلمين بعلمائهم وعوامهم ـ بأنّه في النّار من أجل خطأ مهما كان حجمه لأنّ هذه الأحكام ممّا لا يعلمها إلاّ اللّه تعالى، ومع ذلك أقول إنّ مسألة التّوسّل ليست هيّنة وليست صغيرة، ولذلك اهتمّ بها علماء دعوتنا وعقدوا لها فصولا في كتبهم، وبيّنوا التّوسّل المشروع الّذي منه التّوجه للرّجل الصّالح ليدعو اللّه تعالى (وهذا جائز في الدّنيا والآخرة أن تأتي عند رجل صالح حيّ يجالسك ويسمع كلامك وتقول له ادع اللّه لي، كما كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسألونه في حياته، وأمّا بعد موته فحاشَا وكلاّ أنّهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السّلف على من قصد اللّه عند قبره، فكيف دعاؤه بنفسه صلّى اللّه عليه وسلّم) (2)، وممّا لا شكّ فيه أنّ المتوسّلين للّه تعالى بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فتحوا المجال لفعل ذلك ليس في دعائهم فحسب بل صاروا يتقصّدون قبره صلّى اللّه عليه وسلّم فيزيدون بذلك شركا على شرك والعياذ باللّه تعالى، لذلك كان على الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه أن يغلق الباب بإحكام ولا يفتح مجال جواز التّوسّل للّه بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه زيادة على مجانبته الصّواب في هذه المسألة من حيث الاستدلال، فإنّه يعلم أنّ هذا الجواز يفضي إلى شركيّات أخرى منها، تقديس قبره عليه الصّلاة والسّلام وشدّ الرّحال إليه والقسم بشبّاكه كما هو معروف عند العوام الّذين يقسمون بقولهم (حقّ شّباك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم) .. فالواجب يتطلّب من العلماء غلق هذا الباب المفضي إلى الشّرك وزجر من يفعل ذلك لإعلاء راية التّوحيد بحقّ ونشر العقيدة الصّافية بدون كدر يعتريها أو دخن يمرّ بها ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:59 م]ـ
نقلت ما سبق للمقارنة و الفائدة ..
يتبع إن شاء الله تعالى ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 03:08 م]ـ
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:57 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -70 -
عاشرا: اختلال معيار التزكية عند ابن باديس
ومن الأمور التي بدعت بها الكاتبة ابن باديس زعمها بأنه ذو معيار مختل في الثناء على الناس ومدحهم، من ذلك قولها (ص54):" إذن الشيخ ابن باديس يحكم على الشخصيات بمعيار البطولة والشجاعة وخوض الحروب ولا مانع عنده من تزكية العلماني مصطفى كمال أتاتورك لأنه في نظره بطل الأناضول وغاليبولي ولا مانع من تزكية عمر المختار لأنه ثبت في وجه الإيطاليين …وهذا الأمر يجعلني في شك مستمر من سلفية الشيخ ابن باديس في حد ذاته، لأن البطولات والزعامات والمواقف المتميزة بالشجاعة ليست دليلا على حسن المعتقد عند الكثيرين ". وأجاب الكاتب أن الخلل في فهم الكاتبة التي فهمت أن الثناء على الرجل في ميدان الحروب أو الشجاعة لا يجوز إلا لسلفي العقيدة -وموافق لمذهبها – وتساءل الكاتب عن "قول الكاتبة في جود حاتم وشجاعة عنترة هل نسلبها عنهما لكونهما كافرين من أهل النار، ما تقول في عظمة شعر امرئ القيس وغيره من الجاهليين هل نسلبها عنهم أيضا لأنهم فجار كفار."
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/160)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:00 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس" لمحمد حاج عيسى-71 -
في الباب الرابع من كتاب الرد النفيس تناول محمد حاج عيسى مسألة انتماء ابن باديس إلى السلفية إضافة إلى قواعد في التبديع إذ رأى من المناسب بيان أنه لم يكن للشيخ ابن باديس ومن معه من علماء أهل السنة من انتساب إلا للسلف الصالح، وأنهم صرحوا بذلك حتى عرفوا به، وأن أن ما ادعته الكاتبة من أن القول بأن الشيخ ابن باديس وغيره من علماء الجمعية كانوا سلفيين قول جديد لم تكن هي تسمع به من قبل، قول باطل، ورأى أيضا جعل آخر فصول الكتاب البحث في قواعد التبديع عند أهل السنة والجماعة ليعلم المنصفون، من أحق الناس أن يوصف بالبدعة ابن باديس أم محاكموه.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:03 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس" لمحمد حاج عيسى -72 -
في الفصل الأول من هذا الباب نقل الكاتب نصوصا عن انتساب ابن باديس وأصحابه إلى منهج السلف تفنيدا لقول الكاتبة (ص155):"ولم يقولوا نحن السلفيين أو نحن المنتهجين لمنهج أهل السنة والجماعة وغيرها من الألقاب، وإن كان لفظ السلفيين أدق ". مع تنبيه الكاتب حفظه الله إلى أن عدم انتساب ابن باديس إلى السلفية كجماعة قائمة ليس مما يؤخره عنها، قال حفظه الله: "لأننا لو بحثنا عن ذلك في كلام ابن تيمية أو ابن عبد الوهاب لما وجدنا ذلك أيضا وإن وجد فهو قليل، بل وفي العلماء المعاصرين من يقتصر على النسبة إلى أهل السنة ولا يزيد، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. ونحن إذ نورد هذه النقول نذكر بأصل من الأصول الإسلامية، وهو قبول ما يُظهر الناس وأن أهل السنة هم الذين ليس لهم نسبة إلا السنة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على أحدهم:" وإن أردت بالتستر أنهم يجتنون به ويتقون به غيرهم ويتظاهرون به حتى إذا خوطب أحدهم قال أنا على مذهب السلف، وهذا الذي أراده والله أعلم فيقال له لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا فإن كان موافقا له باطنا وظاهرا فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطنا وظاهرا وإن كان موافقا له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا أن نشق بطونهم" مجموع الفتاوى (4/ 149)." اهـ
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:07 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس" لمحمد حاج عيسى-73 -
شرع في المبحث الأول من هذا الفصل في إيراد بعض النصوص التي تدل على انتساب ابن باديس إلى السلفية فقد ذكر ابن باديس رحمه الله تعالى في غير مرة السلفية مدافعا أو مثنيا أو مادحا من ذلك:
- قوله في الدفاع عن الشيخ ابن عبد الوهاب:" قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية فتبعه عليها قوم فلقبوا بالوهابيين، ولم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه، فإن أتباع النجديين كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين، يدرسون الفقه في كتب الحنابلة، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد، فإن أتباعه كانوا ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين أهل إثبات وتنزيه …الخ» الآثار (5/ 32).
-ومنها قوله: "هذا هو التعليم الديني السني السلفي، فأين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم منذ قرون وقرون؟ فقد حصلنا على شهادة العالمية من جامع الزيتونة ونحن لم ندرس آية واحدة من كتاب الله ولم يكن عندنا أي شوق أو أدنى رغبة في ذلك، ومن أين يكون لنا هذا ونحن لم نسمع من شيوخنا يوما منزلة القرآن من تعلم الدين والتفقه فيه ولا منزلة السنة النبوية من ذلك» الآثار (4/ 76) ..
-ومنها ما ذكره في أصول الجمعية: " الأصل الخامس: سلوك السلف الصالح «الصحابة والتابعين وأتباع التابعين» تطبيق صحيح لهدي الإسلام. والأصل السادس: فهوم السلف الصالح أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسنة … والأصل السابع عشر: ندعو إلى ما دعا إليه الإسلام، وما بيناه من الأحكام بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح من الأئمة مع الرحمة والإحسان دون عداوة أو عدوان "
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:17 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس" ... -74 -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/161)
ثم ذكر -حفظه الله تعالى- في المبحث الثاني نصوصا عن انتساب رجال الجمعية إلى السلفية ونسبتهم ابن باديس إليها نختار منها:
أولا: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي
قال رحمه الله وهو يتحدث عن ابن باديس: «وإمام الحركة السلفية ومنشئ مجلة الشهاب مرآة الإصلاح وسيف المصلحين ومربي جيلين كاملين على الهداية القرآنية والهدي المحمدي وعلى التفكير الصحيح، محيي دوارس العلم بدروسه الحية ومفسر كلام الله تعالى على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع قرن» آثار البشير الإبراهيمي (3/ 552) ..
-وقال عن كتابه العقائد: «فجاءت عقيدة مثلى يتعلمها الطالب فيأتي منه مسلم سلفي، موحد لربه بدلائل القرآن كأحسن ما يكون المسلم السلفي، ويستدل على ما يعتقد في ربه بآية من كلام ربه» مقدمة العقائد الإسلامية (19 - 20) ..
-وقال أيضا بمناسبة ختم ابن باديس لدروس التفسير: «هذا هو اليوم الذي يختم فيه إمام سلفي تفسير كتاب الله تفسيرا سلفيا ليرجع المسلمون إلى فهمه فهما سلفيا، وفي وقت طغت فيه المادة على الروح ولعب فيه الهوى بالفكر، وهفت فيه العاطفة بالعقل، ودخلت فيه على المسلم دخائل الزيغ في عقائده». آثار البشير الإبراهيمي (1/ 362).
-وقال رحمه الله في الرد على الكتاني:"إن السلفية نشأة وارتياض ودراسة، فالنشأة أن ينشأ في بيئة أو بيت كل ما فيه يجري على السنة عملا لا قولا، والدراسة أن يدرس من القرآن والحديث الأصول الاعتقادية، ومن السيرة النبوية الجوانب الأخلاقية النفسية، ثم يروض نفسه بعد ذلك على الهدى المعتصر من تلك السيرة وممن جرى على صراطها من السلف «آثار البشير الإبراهيمي (2/ 922).
قلت (سيد أحمد مهدي):تأمل هذ الكلام النوارني من هذا الإمام السلفي:إن السلفية نشأة وارتياض ودراسة،أما السلفية اليوم عند بعض البطالين الذين ما نشؤوا ولا ارتاضوا ولا درسوا فهي مراسيم وقرارات تصدر من هنا وهناك يصبح المرء في طرفة عين سلفيا بل وعلامة وإماما،ثم تسلب عنه هذه السلفية في طرفة عين كذلك بمرسوم آخر.
ثانيا: الشيخ أبو يعلى الزواوي
قال رحمه الله: «وعرفت بظهر الغيب الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس المشرف على الشهاب أنه قطب دائرتنا السلفية» الشهاب المجلد (2) الصفحة (768) صراع بين السنة والبدعة (2/ 42 - 43).
3 - وكتب الشيخ أبو يعلى الزواوي مقالا عنوانه "الوهابيون سنيون ليسوا بمعتزلة كما يقولون هنا عندنا في الجزائر"، ومما جاء فيه:" ونحن نقول إن ابن عبد الوهاب حنبلي وإنما هو عالم إصلاحي، وأتباعه السلطان ابن سعود ورعيته وإمارته النجدية إصلاحيون سلفيون سنيون حقيقيون على مذهب أحمد الإمام وعلى طريقة تقي الدين ابن تيمية في الإصلاح والعناية التامة بالسنة .. كلهم سلفيون إصلاحيون ينبذون الأضاليل والخرافات وسائر الأباطيل التي لا أصل لها يعتمد في الدين، وكذلك نبذوا ونبذنا معهم جميع ما يشعر بالتحيز والتعصب لفئة ومذهب دون مذهب"الشهاب المجلد (2) ص (1092).
4 - وقال رحمه الله: «وإني أعلنت أني سلفي وأعلنت أني تبرأت من كل ما يخالف الكتاب والسنة، ورجعت عن كل قولة قلتها لم يقلها السلف الصالح» الشهاب المجلد (2) ص (951) ..
56 - وقال: «قلت لقد اشتدت حملة أبي حيان ووطأته على الغلاة المتصوفة، وكذلك ابن خلدون ووافقا ابن تيمية، ولأن أبا حيان معاصر للشيخ ابن تيمية السني السلفي الشهير الذي لا تأخذه في الله لومة لائم وقد انتقد هؤلاء الفضلاء الغلاة من المتصوفة المتطرفين الذين أحدثوا القطبية من غير دليل سوى الخيال ودسائس الشيعة الباطنية» الإسلام الصحيح (88)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:25 م]ـ
مع كتاب الرد النفيس ... -75 -
ثالثا: الشيخ الطيب العقبي
- وقال في قصيدة الدين الخالص:
مذهبي شرع النبي المصطفى واعتقادي سلفي ذو سداد
خطتي علم و فكر و نظر في شؤون الكون بحث واجتهاد
-وكان رحمه الله يكتب في جريدة البرق (سنة 1927) فيمضي مقالاته أحيانا بإمضائه الصريح وأحيانا أخرى بإمضاء «السلفي». الصحف العربية الجزائرية من 1847 - 1939 لمحمد ناصر (ص85).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/162)
-وقال الطيب العقبي: «ثم ما هي هذه الوهابية التي تصورها المتخيلون أو صورها لهم المجرمون بغير صورتها الحقيقية؟ أهي حزب سياسي وخطر اجتماعي يضر بفرنسا ومصالح فرنسا؟ أم هي مذهب ديني وعقيدة إسلامية كغيرها من العقائد والمذاهب التي تنتحلها وتدين بها مذاهب وجماعات من المسلمين؟ وإذا كانت الوهابية هي عبادة الله وحده بما شرعه لعباده فإنها مذهبنا وديننا وملتنا السمحة التي ندين الله بها وعليها نحيى وعليها نموت ونبعث إن شاء الله من الآمنين» السنة النبوية المحمدية (عدد2ص7) ..
رابعا: الشيخ مبارك الميلي
-قال: «فنحن بالعقيدة السلفية قائلون» رسالة الشرك ومظاهره (26)
-وقال أيضا: «وكان أهل المغرب سلفيين حتى رحل ابن تومرت إلى الشرق وعزم على إحداث انقلاب بالمغرب سياسي علمي ديني، فأخذ بطريقة الأشعري ونصرها وسمى المرابطين السلفيين مجسمين، تم انقلابه على يد عبد المؤمن فتم انتصار الأشاعرة بالمغرب، واحتجبت السلفية بسقوط دولة صنهاجة، فلم ينصرها بعدهم إلا أفراد قليلون من أهل العلم في أزمنة مختلفة، ولشيخ قسنطينة في القرن الثاني عبد القادر الراشدي أبيات في الانتصار للسلفيين طالعها: خبرا عني المؤول أني كافر بالذي قضته العقول» تاريخ الجزائر في القديم والحديث (711) ..
-وكان يكتب هو أيضا بعض المقالات بإمضاء مستعار «السلفي»، وكتب يوما مقالا في الشهاب بعنوان الأدب الجزائري يبعث من مرقده وأمضاه: «مبارك بن محمد السلفي». المقالة الصحفية الجزائرية (2/ 237) وانظر الشهاب العدد 85 (10/ 2/1927) نقلا عن المقالة الصحفية الجزائرية لمحمد ناصر (2/ 58).
خامسا: الشيخ العربي التبسي
-قال رحمه الله: «وهذه الطائفة التي تعد نفسها سعيدة بالنسبة إلى السلف وأرجو أن تكون ممن عناهم حديث مسلم (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة) الحديث. فقد وُفقوا لتقليد السلف في إنكار الزيادة في الدين، وإنكار ما أحدثه المحدثون وما اخترعه المبطلون، ويرون أنه لا أسوة إلا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو من أمرنا بالائتساء به، فلما شاركوا السلف وتابعوهم في هذه المزية الإسلامية نسبوا أنفسهم إليهم، ولم يدع أحد منهم أنه يدانيهم فيما خصهم الله به من الهداية التي لا مطمع فيها لسواهم».
-قال رحمه الله وهو يعرف بدعوة الجمعية: «تتلخص في دعوة المسلمين إلى العلم والعمل بكتاب ربهم وسنة نبيهم والسير على منهاج سلفهم الصالح في أخلاقهم وعباداتهم القولية والاعتقادية والعملية» مقدمة رسالة الشرك للميلي (ص/5) مقالات في الدعوة (1/ 141) وانظر المقالات (2/ 27).
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:07 م]ـ
قلت (سيد أحمد مهدي):تأمل هذ الكلام النوارني من هذا الإمام السلفي:إن السلفية نشأة وارتياض ودراسة،أما السلفية اليوم عند بعض البطالين الذين ما نشؤوا ولا ارتاضوا ولا درسوا فهي مراسيم وقرارات تصدر من هنا وهناك يصبح المرء في طرفة عين سلفيا بل وعلامة وإماما،ثم تسلب عنه هذه السلفية في طرفة عين كذلك بمرسوم آخر.
____________________________________
الأخ الفاضل المبارك سيد احمد مهدي:
جزاك الله خيرا و بارك فيك و حفظ الشّيخ محمّد حاج عيسى
و أقول:
و الله الذي لا إله إلا هو إنّي لأشفق جدّا على الكاتبة و أنا أقرأ كلماتها المتهالكة الخاوية , و أدعو الله تعالى أن يغفر لها و لمن اتّبعتهم و للمساكين الذين اتّبعوها
و أن يعافي المخدوعين جزئيّا أولئك الذين لم يقرّوها على طعنها في ابن باديس و لكنّهم يعترفون أنّها ذات علم فقلّي بربّك أين هو العلم في كلّ ما سطرتهُ منذ كتابها الذي نفقت به على الطيّبين و الذي كان بمثابة حصان طراودة , فبعد أن دخلت الميدان بالنّسخ و اللّصق و نالت لقب (السّلفيّة الفاضلة) الذي يفهم منه بعض الأغبياء أنّه تزكية بالعلم , بعد ذلك راحت تتطلّع إلى الإمامة في الجرح و التعديل بالطّعن في خيرة رجال الأمّة الذين وقفوا في الميدان يوم استنكف النّاس و حين "كلّ حماة الحيّ من خوفهم فرّّوا"
يوم كان النّاس يحسبون الاستعمار قدرا مقدورا
فهل هذا هو جزاؤهم و إن أخطأوا
و هل عميت هذه المرأة و أتباعها عن أخطاء و طوام الأحياء و التي هي أكثر انتشارا و تفشّيا؟
هل عميت عليهم تلك الضّلالات ليشنغلوا بالأموات و أيّ أموات
و على كلّ حال الأيّام تثبت كل ما تقدّمت أنّ الأجيال بدأت تنتبه لتفاهة و خساسة هذه الأساليب في النّقد و الحكم بغير علم و بغير حق و الله المستعان
و أسأل الله أن ييسّر طبع كتاب الرّد النّفيس فإنّه بإذن الله سيعلم الكاتبة قدر نفسها و فضاعة ما تجشّمته
و إني -و الله- كما قلت سابقا لأشفق عليها ممّا ينتظرها و لكن آخر الدّواء الكي و إنّما شفاء العيّ السؤال فلعلّ نظرها في حقيقة نفسها و (ميزان تزكيتها هي) الذي يوحي كلامها أنّه أدق من ميزان ابن باديس
لعلّ ذلك يكون سببا في هدايتها و لو بينها و بين نفسها فليس من منهج أهل السّنّة و الجماعة أن يمتحنوا النّاس بمواقفهم و لا أن ينظروا و يدقّقوا في توبة من تاب كما هو (الميزان المعاصر) الذي ترتضيه الكاتبة
و أمّا أنت يا عبد الحق فلا أملك إلا أن أقول:
أسأل الله لك الهداية فوالله إنّه عار عليك أن تحاول تغطية الحق بتنزيل هذه الفصول التي نزّلتها من قبل و لا اراك إلا فعلتها لأجل أن "تغمّ" على الكلام الذي كتبته أنا أخيرا و لكنّ الحق أبلج و الباطل لجلج
و لا ينفعك أن تشوش على الحق بكثرة نسخ الفصول فليس هذا من عمل الرّجال .... يا تلميذ الرّجال
و لعلّ حذف الإخوة في منتديات دار الحديث بمأرب لمشاركتك التي فتحت بها جبهة أخرى لسبّ الأفاضل هناك , و الذي حصل بعد التماسي ذلك في الرّدّ عليك هو من أثار سخطك فأقول لك أربع على نفسك و لا تقتلها غيظا يا أخي و ادع ربّك أن يريك الحق و أن يجازي من حذف خربشاتك الآثمة هناك في منتديات دار الحديث ... بكل خير
و الله الموفّق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/163)
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا
ـ[سمير زمال]ــــــــ[17 - 08 - 08, 07:48 م]ـ
____________________________________
و أمّا أنت يا عبد الحق فلا أملك إلا أن أقول:
أسأل الله لك الهداية فوالله إنّه عار عليك أن تحاول تغطية الحق بتنزيل هذه الفصول التي نزّلتها من قبل و لا اراك إلا فعلتها لأجل أن "تغمّ" على الكلام الذي كتبته أنا أخيرا و لكنّ الحق أبلج و الباطل لجلج
و لا ينفعك أن تشوش على الحق بكثرة نسخ الفصول فليس هذا من عمل الرّجال .... يا تلميذ الرّجال
و لعلّ حذف الإخوة في منتديات دار الحديث بمأرب لمشاركتك التي فتحت بها جبهة أخرى لسبّ الأفاضل هناك , و الذي حصل بعد التماسي ذلك في الرّدّ عليك هو من أثار سخطك فأقول لك أربع على نفسك و لا تقتلها غيظا يا أخي و ادع ربّك أن يريك الحق و أن يجازي من حذف خربشاتك الآثمة هناك في منتديات دار الحديث ... بكل خير
و الله الموفّق
جزاك الله خيرا والله لقد كفيت وشفيت أخي أبو حذيفة ونسأل الله ان يزيدك حرصا وأن يذب عن عرضك كما تدافع عن علم الجزائر وقائد نهضتها الإصلاحية الشيخ الأديب المجاهد عبد الحميد بن باديس ...
فلولا الله ثم تلك الثلة من العلماء الأفاضل لكان لكل شبر من الجزائر -أعزها الله وحفظها من كل جاهل وناعق - إله يعبد من دون الله
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 10:08 م]ـ
السلام عليكم
الأخ الفاضل سمير جزاك الله خيرا و بارك في علمك و عملك
الأخ أبو عبد البر المالكي و جزاك الله خيرا كثيرا لأنت أيضا
الأخ سيد احمد مهدي: أنا على سفر و وددت لو أنّ كتبي معي لأنقل لك مقطعا آخر من كلام الشّيخ العربي التّبسي رحمه الله تعالى يردّ فيه على أحد أحلاس الصّوفيّة و اسمه ناصر معروف فيما أذكر حيث يقول الشّيخ العربي رحمه الله تعالى: (أمّا نحن السّلفيّون .... )
في كلام قاله في جزء لطيف يرد فيه على الطّرقيّة (الذين كان الخصام بينه و بينهم سياسيّا كما تزعم صاحبة الرّد "التّالف" و يوافقها ضمنيا عبد الحق و غيره من تلاميذها بالوجادة ... و ربّما بالمشافهة فهذا زمن العجائب و المقاتلين في سبيل الباطل من وراء الحواسيب و الله المستعان)
و الجزء إسمه بدعة الطّرائق في الإسلام
و لو تأمّل المفتونون بذلك الحكم الظّالم من صاحبة نصف العقل تلك لو تأمّلوا فقط في دعواها (أنّ خصام ابن باديس مع الطرقية كان سياسيّا)
و لو تأمّلوا ما فيها من الجرأة و الحماقة التي لا توصف , لكفاهم ذلك في مراجعة موقفهم من حكمها الجائر عليه بأنّه ليس سلفيّا , و لكن قدّر الله و ما شاء فعل "و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور "
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[19 - 08 - 08, 12:01 ص]ـ
بارك الله في الإخوة ...
سؤال بريء: معلوم في تلك الحقبة الزمنية المباركة أن من الدعاة إلى تحكيم الكتاب والسنة ورافعي لواء السلف - بالإضافة إلى النجديين - محمد عبده ومن مشى على طريقته، ولم يكن يتردد لحظةً - هذا الأخير - في وصف نفسه بالسلفي، وهو ما صُنف فيما بعد في خانة السلفية العلمية أو التجديدية، وهي سلفية ظهرت في الأزهر الشريف والزيتونة وغيرهما .. كيف نحمل كلمة سلفي على أولئك دون هؤلاء؟ ما هو الضابط بارك الله فيكم؟ علما أن محمد عبده كان يدعو إلى الاجتهاد ونبذ التقليد الأعمى وتجديد مناهج التعليم والتنكير على الطرقية .. ومما هو من نقاط تشابه بين المنهجين ..
ـ[أبو حذيفة الجزائري]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:58 م]ـ
بارك الله في الإخوة ...
سؤال بريء: معلوم في تلك الحقبة الزمنية المباركة أن من الدعاة إلى تحكيم الكتاب والسنة ورافعي لواء السلف - بالإضافة إلى النجديين - محمد عبده ومن مشى على طريقته، ولم يكن يتردد لحظةً - هذا الأخير - في وصف نفسه بالسلفي، وهو ما صُنف فيما بعد في خانة السلفية العلمية أو التجديدية، وهي سلفية ظهرت في الأزهر الشريف والزيتونة وغيرهما .. كيف نحمل كلمة سلفي على أولئك دون هؤلاء؟ ما هو الضابط بارك الله فيكم؟ علما أن محمد عبده كان يدعو إلى الاجتهاد ونبذ التقليد الأعمى وتجديد مناهج التعليم والتنكير على الطرقية .. ومما هو من نقاط تشابه بين المنهجين ..
_______________________________________
الأستاذ ابراهيم: ممكن أوّلا نفهم ما قصدك بوصف سؤالك بالبراءة؟ إلى ما تلمّح؟
ثانيا أقول لك باختصار: الذي أعلمه أنّه ينظر في أصول الإنسان التي بنى عليها منهجه و طريقه لا في تصرّفاته و آرائه في آحاد المسائل لأنّه لا أحد معصوم من الخطأ و الزّلل لا الشّيخ محمّد عبدو و لا غيره , و هذا الضّابط هو من أهم الضّوابط في هذا الباب فالنّاس يؤخذون قبل كل شيء بما أسّسوا عليه طريقهم لا بما أخطأوا فيه أثناء منعرجات تلك الطّريق في السّير إلى الله تعالى و هذا من مظاهر الإنصاف عند أهل السّنّة و الجماعة كما قال ابن القيّم رحمه الله في مدارج السّالكين: ... و كيف لا يخطئ من خلق ظلوما جهولا و لكن من عدّ خطؤه أقرب إلى الصّواب ممّن عدّ صوابه.
و لذلك فإنّ الشّيخ الألباني رحمه الله تعالى اعترض على نفي وصف (أهل السنّة و الجماعة) على الإخوان المسلمين رغم أخطائهم الكثيرة و التي نصّ عليها الشّيخ الألباني نفسه في ما لا يحصى من مواقف حياته رحمه الله و لكنّه قال في هذا المقام ما معناه: لا يصحّ أن ننفي عنهم ذلك الوصف لأنّهم -على الأقل - تبعا لزعيمهم الأوّل حسن البنّا كانوا يتبنّون دعوة أهل السنّة و الجماعة أو كما قال
هذا ما تيسّر لي قوله فعذرا على القصور فلا الوقت و لا المقام محتملا للدّخول في التّفاصيل و بسط الكلام في هذا الأمر و أرجو أن تتفضّل و تفصح عمّا مهّدت له بسؤالك "البريء" يا أستاذ ابراهيم
و الله الموفّق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/164)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 06:14 م]ـ
إخوتي الكرام أبا حذيفة، أبا عبد البر، سمير زمال، إبراهيم
جزاكم الله خيرا على مشاركاتكم.
أخي إبراهيم حفظك الله تعالى، لعلك تجد جوابا على سؤالك عند قراءة هذا النص:
في الفصل الأول من هذا الباب نقل الكاتب نصوصا عن انتساب ابن باديس وأصحابه إلى منهج السلف تفنيدا لقول الكاتبة (ص155):"ولم يقولوا نحن السلفيين أو نحن المنتهجين لمنهج أهل السنة والجماعة وغيرها من الألقاب، وإن كان لفظ السلفيين أدق ". مع تنبيه الكاتب حفظه الله إلى أن عدم انتساب ابن باديس إلى السلفية كجماعة قائمة ليس مما يؤخره عنها، قال حفظه الله: "لأننا لو بحثنا عن ذلك في كلام ابن تيمية أو ابن عبد الوهاب لما وجدنا ذلك أيضا وإن وجد فهو قليل، بل وفي العلماء المعاصرين من يقتصر على النسبة إلى أهل السنة ولا يزيد، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. ونحن إذ نورد هذه النقول نذكر بأصل من الأصول الإسلامية، وهو قبول ما يُظهر الناس وأن أهل السنة هم الذين ليس لهم نسبة إلا السنة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على أحدهم:" وإن أردت بالتستر أنهم يجتنون به ويتقون به غيرهم ويتظاهرون به حتى إذا خوطب أحدهم قال أنا على مذهب السلف، وهذا الذي أراده والله أعلم فيقال له لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا فإن كان موافقا له باطنا وظاهرا فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطنا وظاهرا وإن كان موافقا له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا أن نشق بطونهم" مجموع الفتاوى (4/ 149)." اهـ
فهذا المبحث أيها الحبيب إنما هو في سياق الرد على الكاتبة هداها الله، وإلا فإنه لا يحتاج لإثبات سلفية ابن باديس أن يقول:" أنا سلفي" أو يقول عنه غيره "سلفي"،ولعلك تراجع ما لخصناه من المباحث الأولى لهذا الكتاب (أصول الدعوة السلفية عند ابن باديس) ابتداء من المشاركة السادسة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=725696&postcount=6
فانظرها مشكورا
وفقنا الله تعالى لما يحبه ويرضاه
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 08, 01:09 ص]ـ
فهذا المبحث أيها الحبيب إنما هو في سياق الرد على الكاتبة هداها الله، وإلا فإنه لا يحتاج لإثبات سلفية ابن باديس أن يقول:" أنا سلفي" أو يقول عنه غيره "سلفي"
بارك الله فيك يا أخي سيد أحمد .. هذا الذي قصدته
الأخ أبو حذيفة؛ ذكرتني بمعنى قول الشاعر: حاذرت شيئا فكدت الوقوع فيه ..
ما برأت سؤالي إلا لتُحسن الظن .. وهو بالفعل سؤال بريء خطر على البال بمجرد قراءة تلك الأسطر ..
وأسئلة أخرى لدي وعند غيري .. هل نطرحها فنستفيد منكم ونكُن على بصيرة؛ أم نحاذر؟
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:01 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس" ... -76 -
في المبحث الثالث من هذا الفصل تطرق الكاتب إلى ثناء ابن باديس على أئمة الدعوة السلفية وبين أن المقصود من إبراز ذلك "بيان موالاة الشيخ رحمه الله تعالى لأهل السنة، وعدم انحرافه عنهم وأنه كان يعد نفسه مثلهم سائرا على خطى السلف الصالح"
أولا: دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية
" أشاد ابن باديس بدعوة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى التوحيد ودافع عنه لما أصبح بعض المتأخرين يزعمون أنه هو محدثُها فقال: «وقد أوصل الجهل بكتاب الله بعض أدعياء العلم إلى أن جعلوا الدعوة إلى توحيد الله ونبذ ضروب الشرك طريقة خاصة بابن تيمية على معنى أنها بدعة حصلت بعد انعقاد الإجماع» الآثار (2/ 205)."
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:02 م]ـ
مع كتاب " الرد النفيس" ... -77 -
ثانيا: دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/165)
قال الشيخ رحمه الله تعالى: «قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية فتبعه عليها قوم فلقبوا بالوهابيين، ولم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه، فإن أتباع النجديين كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين، يدرسون الفقه في كتب الحنابلة، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد، فإن أتباعه كانوا ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين أهل إثبات وتنزيه يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار، ويصدقون بالرؤية ويثبتون الشفاعة ويترضون عن جميع السلف، ولا يكفرون بالكبيرة، ويثبتون الكرامة. وإنما كانت غاية ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع، في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير و زيغهم المبين» الآثار (5/ 32) ..
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:04 م]ـ
مع كتاب" الرد النفيس" ... -78 -
ثالثا: السلطان المغربي محمد بن عبد الله وابنه سليمان
"نشر الشيخ عبد الحميد بن باديس خطبة للسلطان السلفي سليمان المذكور وقدم لها بمقدمة ضمنها تزكية هذا السلطان وطلب من خطباء الجزائر أن يخطبوا بها، وعنونها بقوله «لا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة» ثم قال: «من المعلوم عند أهل العلم أن مما حفظ الله به دينه وأبقى به حجته أن لا تنقطع الدعوة إلى الله في هذه الأمة والقيام على الحق والإعلان بالسنن والرد على المنحرفين والمتغالين والزائغين والمبتدعين، وأن أهل هذه الطائفة معروفة مواقفهم في كل جيل، محفوظ آثارهم عند العلماء. غير أن غلبة الجهل وكثرة أهل الضلال قد تحول دون بلوغ صوتهم إلى جميع الناس، فترى أنصار الباطل كلما ظهر داع من دعاة الحق في ناحية اعترضوه بسكوت من سكت من قبله؛ وأوهموا أتباعهم المغرورين بهم أن هذا الداعي جاء بدين جديد، فيكون من أعظم ما يرد به عليهم ويبصر أولئك المغترين بهم نشر ما تقدم من كلام دعاة الحق وأنصار الهدى في سالف الزمان، ولهذا ننشر فيما يلي خطبة جليلة لمولانا السلطان سليمان بن سيدي محمد بن عبد الله أحد مفاخر ملوك المسلمين في القرن الثاني عشر في القطر الشقيق المغرب الأقصى، وقد كان هذا الإمام عاملا بعلمه آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر داعيا للسنة محاربا للبدعة معلما للأمة ما علمه الله، منفذا فيها لأحكام الله، وقد نشر هذه الخطبة في رسالة خاصة إخواننا المصلحون في المغرب ورجوا من الخطباء أن يخطبوا بها كما كان أمر صاحبها رحمه الله تعالى أن يخطب بها في زمانه، فنقلناها من تلك الرسالة ونحن نرجو من خطباء الجزائر أن يخطبوا بها على الناس إن كانوا لهم ناصحين» الآثار (4/ 183 - 184).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 04:05 م]ـ
مع كتاب" الرد النفيس" ... -79 -
رابعا: دعوة الشيخ محمد رشيد رضا
وقال عنه ابن باديس رحمه الله:: «دعاه شغفه بكتاب الإحياء إلى اقتناء شرحه الجليل للإمام المرتضى الحسيني، فلما طالعه ورأى طريقته الأثرية في تخريج أحاديث الإحياء فتح له باب الاشتغال بعلوم الحديث وكتب السنة، وتخلص مما في كتاب الإحياء من الخطأ الضار وهو قليل، ولاسيما عقيدة الجبر والتأويلات الأشعرية والصوفية والغلو في الزهد وبعض العبادات المبتدعة …» الآثار (3/ 85)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:18 ص]ـ
أخي أبا حذيفة
الخطأ لا يعالج بالخطأ
فالإفراط لا يعالج بالتفريط
فالأخ محمد حاج يأتي إلى تقرير ابن باديس لأصلٍ عظيم من أصول أهل الأهواء ويجعله خطأً اجتهادياً
وهذا خطأ كبير وتساهل مفرط
ولو طردنا هذا المنهج لأصبح من يرد أخبار الآحاد في العقيدة سلفياً!!
وسرد الأخ محمد لأقوال العلماء في أهل الفترة
لا داعي له لأني لا أعرف عالماً يقول بنجاة جميع أهل الفترة
بل عامتهم قالوا أن فيهم المعذب وفيهم الناجي
فإذا أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأحد المعذبين كان ذلك تجليةً لغيبٍ لا نعلمه
والطعن في نيات العباد ليس أمراً جيداً فإني أراك تأخذ عليهم الغلو في التجريح ثم تقع بما أخذته عليهم
وإلا فقد يكون الرجل ميتاً وتأثيره في الشباب أكبر من تأثير الحي بكتبه
وأما ابن سعد فالقول بأنه كان يأخذ من شيخه الواقدي ينازع فيه بعض المحققين
وغالب ما أخذ على ابن سعد التساهل في التعديل لا التجريح كما زعمت
وأما ما تسميه بمنهج العدل والإنصاف
فإن كنت تعني منهج الموازنات فهذا رده العلماء
ولا مكان له هنا فالكلام هنا حول سلفية الرجل أو خلفيته فإن كان قال بأصولٍ خلفية تناقض الأصول السلفية فهو خلفي ولو فعل ما فعل
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:57 ص]ـ
علماً بأن المسألة التي تتكلمون عنها لم أبحثها جيداً
ولكن كلام الأخ محمد حاج في مسألة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم
أثار حفيظتي
غير أني سأقول رأياً
الشيخ عبدالحميد بن باديس نشأ في بيئةٍ بدعية على ما أظن
ومع ذلك وافق السلفيين في عامة عقائدهم
وما خالفهم فيه لا يتابعه عليه أحد وليس هو رأساً فيه
فمثل هذا التشاغل بكونه سلفي أو غير ذلك أولى منه غيره
خصوصاً إذا ضمنا أن كتبه لا يطلع إلا الشباب السلفي الذي لا يخشى من الأخطاء التي فيها
وخصوصاً أنا لا نرى أحداً تأثر بأخطائه المذكورة
ولا بأس من بيان أخطائه ليحمى منها العامة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/166)
ـ[الخريبكي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:55 م]ـ
قول الأستاذ الكريم عبد الحق ال أحمد "من المسائل الّتي أخطأ فيها الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه ووقف فيها موقفا مُبايّنا لمواقف علمائنا السّلفيين موقفه من التّوسل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، حيث أجاز هذا العمل الشّركي الّذي لم يعرفه صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ".
التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم هي بدعة منكرة ولا نعلم من أهل العلم من أوصلها الى درجة الشرك.
الا بقرائن و ضوابط.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع كتاب " الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس-رحمه الله تعالى-" للشيخ محمد حاج عيسى الجزائري -80 -
في الفصل الثاني من هذا الباب أورد الكاتب نقولا من ثناء أهل العلم والدين على عقيدة ابن باديس مذكرا أن ما سبق بيانه من موافقة الشيخ ابن باديس للعقيدة السلفية ولأصولها الأخرى في جميع الأبواب يغني عن كل ثناء وتزكية له، لكنه أورد هذا الثناء لبيان ان من وصف ابن باديس بأنه سلفي ما أتى بشيء جديد فهو إما متكلم عن خبرة شخصية وإما متبع لأهل العلم السابقين، و ليعلم الطاعنون في الشيخ ابن باديس أنهم هم المخالفون لما تقتضيه الحجة والدليل، الآتون بالجديد.
ذكر في المبحث الأول منه ثناء أهل الجزائر على الشيخ:
1 - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي
.................................................. ...
2 - قال الشيخ أبو يعلى الزواوي
.................................................. ..
3 - قال الشيخ أحمد حماني
.................................................. ..
4 - الشيخ محمد الصالح رمضان:
قال رحمه الله تعالى: " وكأن صوت إمامنا ما يزال يرن في أذني حين إملاء هذه الدروس بالجامع الأخضر، وقد حذا فيها الإمام حذو السلفية الرشيدة من اعتماد كتاب الله والصحيح من سنة رسول الله"مقدمة العقائد لابن باديس (12) .. وقال-رحمه الله تعالى- في مقدمة الطبعة الثالثة للعقائد:"وقد كلمني في ذلك الكثير منهم، كما رغب مني بعض الأساتذة والشيوخ وفي مقدمتهم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أن أعيد طبع العقائد الإسلامية هذه لحاجة الأجيال الصاعدة إليها، لاختصارها واستيعابها لأصول العقائد الدينية بطريقة سلفية لا لبس فيها ولا غموض مستمدة من الكتاب والسنة لا غير، بخلاف كتب التوحيد والعقائد التي تشعب فيها البحث والنظر واتخذ ألوانا من الفكر الفلسفي المستمد من الثقافات الأجنبية والديانات المختلفة" مقدمة العقائد لابن باديس (15)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 05:58 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -81 -
5 - الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى:
قال في شرحه لمبادئ الأصول: «وصاحب هذه الرسالة هو الإمام السلفي الشيخ عبد الحميد بن باديس القسنطيني الجزائري رائد النهضة الفكرية والإصلاحية ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين» الفتح المأمول لمحمد علي فركوس (12 - 13) .. وقال فيه أيضا: «وقد شرع ابن باديس رحمه الله تعالى في العمل التربوي وانتهج منهاجا يوافق الفكر الإصلاحي في البعد والغاية وإن كان له طابع خاص في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية. يظهر أعلاها في إصلاح عقيدة الجزائريين بالدرجة الأولى ببيان التوحيد الذي يمثل عمود الدعوة السلفية وما يضاده من الشرك، ذلك لأن التوحيد هو غاية إيجاد الخلق وإرسال الرسل، وهو دعوة المجددين في كل العصور والأزمان. كذلك كانت دعوته قائمة على أخذ العقيدة من الوحيين وعلى فهم الأولين ……لأن من أهم أسباب ضياع التوحيد ابتعاد الناس عن الوحي وفشو علم الكلام والخوض فيه واتباع طرقهم الضالة عن سواء السبيل» الفتح المأمول لمحمد علي فركوس (19 - 20) ..
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[27 - 08 - 08, 06:02 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -82 -
أما في المبحث الثاني من هذا الفصل فنقل بعض النصوص من ثناء غيرهم من أهل البلدان على ابن باديس رحمه الله من ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/167)
1 - قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي: «قام المصلح الشيخ عبد الحميد بن باديس سليل البطل المغربي المجاهد المعز بن باديس فرأى البلاد مظلمة الأرجاء متشعبة الأهواء دوية الأدواء يحار فيها اللبيب وتعضل بالحكيم فشمر عن ساعد الجد وقيض الله له أنصارا أطهارا أبرارا آزروه ونصروه، فبدؤوا عملهم وصدعوا بما أمرهم الله ورسوله به ومر عليهم طور وفتنوا كما فتن المصلحون من قبل وثبتهم الله بالقول الثابت حتى اقتحموا العقبة الأولى وهي أصعب العقبات وأخذت دعوتهم تؤتي أكلها وأينعت ثمارها ودنا جناحها، وفي أثناء ذلك ورد عليهم الأستاذ السلفي الداعية النبيل الشيخ الطيب العقبي …» إلى أن قال: «بدأ السلفيون عملهم الكتابي بمجلة الشهاب المجاهدة الصابرة، وأنشؤوا بعد ذلك صحفا أخرى قضت عليها الدسائس، ولكن كلما غاب منها كوكب أضاء مكانه كوكب آخر …» البصائر السنة الأولى العدد (29) الصفحة (2).
4 - قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي- وهو يعدد أسماء علماء المنهج السلفي وأعلام الهدى الذين وقفوا ضد مظاهر الانحراف -:" … وتقي الدين الهلالي في المغرب ... الشيخ العقبي وابن باديس وغيرهما من علماء جمعية العلماء في الجزائر وعلماء أهل الحديث في الهند وباكستان وغيرهم ممن طار صيتهم من علماء المنهج السلفي وكانوا ضد كل ضلال وانحراف". العواصم والقواصم (125).
5 - قال الشيخ على حسن عبد الحميد في مقدمة الدرر الغالية: «مؤلف هذا الكتاب عالم سلفي وداعية سني ومجاهد رباني قضى حياته –ولا نزكي على الله أحدا – في أبواب العلم والدعوة والجهاد علما وعملا متبعا كتاب ربه سبحانه ومتأسيا بسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقتفيا آثار سلف الأمة الهداة رحمهم الله أجمعين» الدرر الغالية في آداب الدعوة والداعية (5).
6 - قال الشيخ محمد بن عبد الله السلمان:" كما تمثل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الوجه السلفي بزعامة عبد الحميد بن باديس (1305 - 1359) الذي اطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما أدى فريضة الحج إلى مكة المكرمة، كما اجتمع ببعض علماء الدعوة هناك، وقد أسس ابن باديس جمعيته على أساس من المبادئ السلفية، فدعا إلى إصلاح عقيدة المسلمين في الجزائر من أنواع البدع والخرافات، كما دعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري، وذلك بالتعمق في دراسة القرآن الكريم والسنة النبوية" دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي لمحمد السلمان (95).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:42 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -83 -
في الفصل الثالث هذا الباب ذكر الكاتب حفظه الله تعالى قواعد في التبديع، فبعد أن بين أصول دعوة الشيخ ابن باديس ثم جملة ما انتقد عليه، بين بعض "القواعد التي يعتمدها أهل العلم في الحكم على الناس بالسنة والبدعة، وهل كل خطأ يكون بدعة وهل من وقع في بدعة من البدع أو خرج عن طريق السلف في جزئية أو جزئيات يكون مبتدعا ضالا."
وذكَّر أن أصول الدعوة السلفية منها القطعي الظاهر، ومنها الخفي، ومنها القطعي الذي يعتريه الخفاء في بعض البيئات والأزمان التي خَفَتَ فيها نور النبوة، فينبغي أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار عند الحكم على الأشخاص، وفرع على ماسبق أنه "ليس كل من خالف في واحد من الأصول عن اجتهاد أو جهل يكون خارجا عن مذهب أهل السنة والجماعة، فضلا عمن يخالف في آحاد المسائل والتطبيقات الجزئية بعد موافقته على الأصل، وذلك كمن يؤول صفة من الصفات مع تبرئه من أهل الكلام واتباعه عقيدة الإثبات والتنزيه في الجملة، وكمن يقع في بدعة عملية لشبهة ما مع تبرئه من الابتداع وإقراره بأن العبادات توقيفية وأن كل بدعة ضلالة، وكمن يرد حديثا واحدا في قضية معينة لقرائن احتفت به مع إقراره في آلاف المسائل بحجية السنة الصحيحة."
وخلص إلى أن الحكم على الأشخاص ليس عملية آلية بل هو مندرج في باب الحكم والقضاء، ولا ينهض به إلا من حقق شروطه وعرف آدابه مع الإحاطة بكلام الشخص المدروس ناهيك عن الورع التام والقصد الحسن.
ثم شرع في بيان بعض الضوابط التي يجب مراعاتها في هذا الشأن من كلام بعض أهل العلم المتفق على جلالتهم وتقدمهم، ونحن في هذه اللمحات عن هذا الكتاب ننقل نصا أو نصين فقط مما نقل الكاتب مما يحصل به المقصود إن شاء الله تعالى
المبحث الأول: اشتراط إقامة الحجة في التبديع والتضليل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"المقصود هنا أن ما ثبت قبحه من البدع وغير البدع من المنهي عنه في الكتاب والسنة أو المخالف للكتاب والسنة، إذا صدر عن شخص من الأشخاص فقد يكون على وجه يعذر فيه إما لاجتهاد أو تقليد يعذر فيه، وإما لعدم قدرته كما قد قررته في غير هذا الموضع، وقررته أيضا في أصل التكفير والتفسيق المبني على أصل الوعيد، فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع هذا في عذاب الآخرة، فإن المستحق للوعيد من عذاب الله ولعنته وغضبه في الدار الآخرة خالد في النار أو غير خالد، وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق يدخل في هذه القاعدة، سواء كان بسبب بدعة اعتقادية أو عبادية أو بسبب فجور في الدنيا وهو الفسق بالأعمال، فأما أحكام الدنيا فكذلك أيضا فإن جهاد الكفار يجب أن يكون مسبوقا بدعوتهم إذ لا عذاب إلا على من بلغته الرسالة، وكذلك عقوبة الفساق لا تثبت إلا بعد قيام الحجة" مجموع الفتاوى (10/ 371 - 372).
- وقال رحمه الله -عن أهل الفضل والصلاح الذين نقل عنهم شهود سماع الصوفية متأولين-:" والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح، غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وفي غيره من السيئات، أو الخطأ في مواقع الاجتهاد، وهذا سبيل كل صالحي هذه الأمة في خطئهم وزلاتهم " الاستقامة (1/ 297 - 298).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/168)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:46 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -84 -
المبحث الثاني: وجوب عقد الموازنة بين الصواب والخطأ
أولا: نصوص ابن القيم رحمه الله
1 - قال ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يدافع عن أبي إسماعيل الهروي صاحب منازل السائرين الملقب بشيخ الإسلام: «هذا ونحوه من الشطحات التي ترجى مغفرتها بكثرة الحسنات، ويستغرقها كمال الصدق وصحة المعاملة وقوة الإخلاص وتجريد التوحيد، ولم تضمن العصمة لبشر بعد رسول الله، وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس: إحداهما حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم، فأهدروها لأجل هذه الشطحات وأنكروها غاية الإنكار، وأساؤوا الظن بهم مطلقا، وهذا عدوان وإسراف فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها. والطائفة الثانية حجبوا بما رأوه من محاسن القوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائمهم وحسن معاملاتهم عن رؤية عيوب شطحاتهم ونقصانها، فسحبوا عليها ذيل المحاسن وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها واستظهروا بها في سلوكهم، وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون. والطائفة الثالثة وهم أهل العدل والإنصاف الذين أعطوا كل ذي حق حقه وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح، بل قبلوا ما يقبل وردوا ما يرد» مدارج السالكين (2/ 39 - 40)
2 - وقال:" ولكن من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره ويعفى عنه مالا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل فإنه لا يحمل أدنى خبث، ومن هذا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعمر:" وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، وهذا هو المانع له من قتل من جس عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم فأخبر أنه شهد بدرا، فدل على أن مقتضى عقوبته قائم لكن منع من ترتب أثره عليه ماله من المشهد العظيم فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ماله من الحسنات، ولما حض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الصدقة فأخرج عثمان رضى الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال:" ما ضر عثمان ما عمل بعدها"، وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي حتى صعد على ظهره إلى الصخرة:" أوجب طلحة"، وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له، ألقاها على الأرض حتى تكسرت، ولطم عين ملك الموت ففقأها ()، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال شاب بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، وأخذ بلحية هارون وجره إليه وهو نبي الله، وكل هذا لم ينقص من قدره شيئا عند ربه وربه تعالى يكرمه ويحبه، فإن الأمر الذي قام به موسى والعدو الذي برز له والصبر الذي صبره والأذى الذي أوذيه في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور ولا تغير في وجهه ولا تخفض منزلته، وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ونحوها " مفتاح دار السعادة (1/ 176).
3 - وقال رحمه الله تعالى: «ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان، وقد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته في قلوب المسلمين» أعلام الموقعين (3/ 283).
ثانيا: نصوص الذهبي رحمه الله
1 - وقال الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمة قتادة: «ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك» سير أعلام النبلاء للذهبي (5/ 271). ونقل المؤلف كلامه رحمه الله في ترجمة محمد بن نصر السير (14/ 40 و القفال الشاشي 16/ 285 وغيرها من نصوصه.
ثالثا: من نصوص ابن رجب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/169)
قال رحمه الله: «إن أكثر الأئمة غلطوا في مسائل يسيرة، مما لا تقدح في إمامتهم وعلمهم، فكان ماذا؟ فلقد انغمر ذاك في محاسنهم وكثرة صوابهم، وحسن مقاصدهم ونصرهم للدين» مجموع رسائل الحافظ ابن رجب (2/ 637) ..
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:50 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -85 -
أدلة وجوب الموازنة بين الصواب والخطأ
من الأدلة الكلية على وجوبها (مع حذف النقول عن أهل العلم):
1 - إن عقيدة أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم مبنية على الموازنة، وما نشأ مذهب الخوارج والمعتزلة والناصبة والرافضة إلا بمخالفتها والغفلة عنها.
2 - عموم الأدلة الآمرة بالعدل كقوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة:8)
3 - أنها طريقة علماء السلف في التعامل مع من أخطأ في المسائل الشرعية الاعتقادية والفقهية من غير فرق.
4 - ومن القضايا الكلية التي تعتبر فيها الموازنة باتفاق العلماء قضية تعديل الشهود وتجريحهم (وهي موازنة بين الطاعات والمعاصي).
5 - ومنها الموازنة في الحكم على رواة الأخبار (وهي موازنة بين الصواب والخطأ).
حكم من لم يقل بالموازنة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة، فهو مخطئ ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا فهو مخطئ ضال مبتدع "مجموع الفتاوى (11/ 15).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:" ليس من شأننا في هذا اللقاء أن نتحدث عن شخص بعينه، لكننا نقول كل إنسان له قدم صدق في الأمة الإسلامية من أول الأمة إلى آخرها، لا شك أنه يحمد على ما قام به من الخير، وثانيا نقول كل إنسان مهما بلغ من العلم والتقوى فإنه لا يخلو من زلل سببه إما الجهل أو الغفلة أو غير ذلك، لكن المنصف كما قال ابن رجب رحمه الله في خطبة كتابه القواعد:» المنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه «، ولا أحد يأخذ الزلات ويغفل عن الحسنات إلا كان شبيها بالنساء، فإن المرأة إذا أحسنت إليها الدهر كله، ثم رأت منك سيئة قالت: لم أر خيرا قط. ولا أحد من الرجال يحب أن يكون بهذه المثابة أي مثابة الأنثى يأخذ الزلة الواحدة وينسى ويغفل عن الحسنات الكثيرة، وهذه القاعدة أعني أننا لا نتكلم في الأشخاص بأعيانهم لا في مجالسنا في مقام التدريس ولا في اللقاءات ولا فيما يعد لنا من أسئلة، أقول هذه القاعدة نحن ماشون عليها ونرجو من الله تعالى أن يثبتنا عليها، لأن الكلام عن الشخص بعينه قد يثير تحزبات وتعصبات، والواجب أن نعلق الأمور بالأوصاف لا بالأشخاص، ونقول من عمل كذا فيستحق كذا ومن عمل كذا فيستحق كذا سواء من خير أو شر، لكن عندما نريد أن نقوم الشخص يجب أن نذكر المحاسن والمساوئ لأن هذا هو ميزان العدل، وعندما نحذر من خطأ شخص نذكر الخطأ فقط لأن المقام مقام تحذير، وفي مقام التحذير ليس من الحكمة أن تذكر المحاسن لأنك إذا ذكرت المحاسن فإنه سيبقى السامع متذبذبا فلكل مقام مقال، ومن أراد أن يتكلم على شخص على وجه التقويم فالواجب عليه أن يذكر محاسنه ومساوئه، وأقول إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإلا فالكف عن مساوئ المسلمين هو الخير، وأما من أراد أن يحذر من الخطأ فهذا يذكر الخطأ وإذا أمكن لا يذكر قائله فهو خير أيضا لأن المقصود هداية الخلق". لقاء الباب المفتوح الشريط رقم 111 الوجه الأول وراجع الشريط رقم 127 الوجه الثاني من السلسلة نفسها.
تنبيه مهم: ما هي الموازنة المذمومة
"يخلط كثير من الناس في هذا الزمان بين القاعدة الواجب التزامها في الحكم على الناس، وهي الموازنة بين الصواب والخطأ -والحسنات والسيئات-، وبين بدعة جديدة تبناها بعض الدعاة في مرحلة من المراحل سميت ببدعة الموازنة، وليست هي ما نحن بصدد بيانه والانتصار له، وإنما حقيقة الموازنة المذمومة عند أهل العلم إيجاب ذكر حسنات أهل البدع في مقام الرد عليهم، وهذا أمر واضح بطلانه" قيل للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: «فيه (أي يوجد) أناس يوجبون الموازنة: أنك إذا انتقدت مبتدعا ببدعته لتحذر الناس منه يجب أن تذكر حسناته حتى لا تظلمه؟» فأجاب: «لا ما هو بلازم، ولهذا إذا قرأت كتب أهل السنة وجدت المراد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/170)
التحذير، اقرأ في كتاب البخاري خلق أفعال العباد في كتاب الأدب في الصحيح، في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، كتاب التوحيد لابن خزيمة، رد عثمان بن سعيد الدارمي على أهل البدع …إلى غير ذلك.
يوردونه للتحذير من باطلهم، ما هو المقصود تعديد محاسنهم لا قيمة لها بالنسبة لمن كفر، إذا كانت بدعته تكفره بطلت حسناته، وإذا كانت لا تكفره فهو على خطر، فالمقصود هو بيان الأخطاء والأغلاط التي يجب الحذر منها» منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف للشيخ ربيع المدخلي (8 - 9) ..
وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالى: «…فأقول النقد إما أن يكون في ترجمة الشخص المنتقد في ترجمة تاريخية فهنا لابد من ذكر ما يحسن وما يقبح فيما يتعلق بالمترجم، من خيره ومن شره. أما إذا كان المقصود من ترجمة الرجل هو تحذير المسلمين وبخاصة عامتهم الذين لا علم لهم بأحوال الرجال ومناقب الرجال ومثالب الرجال، بل قد يكون له سمعة حسنة ومنزلة مقبولة عند العامة لكن هو ينطوي على عقيدة سيئة أو خلق سيئ، هؤلاء العامة لا يعرفون شيئا من ذلك عن هذا الرجل حينذاك لا تأتي هذه البدعة التي سميت اليوم الموازنة، ذلك لأن المقصود من ذاك النصيحة وليس الترجمة الوافية الكاملة، ومن درس السنة والسيرة النبوية لا يشك في بطلان إطلاق هذا المبدأ المحدث اليوم وهو الموازنة لأننا نجد في عشرات النصوص من أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر السيئة المتعلقة بالشخص للمناسبة التي تستلزم النصيحة ولا تستلزم تقديم الترجمة الكاملة للشخص الذي يراد النصح فيه» شريط بدعة الموازنة.
قال العلامة العثيمين رحمه الله تعالى لما سئل عن هذه القضية: «الواقع أن العلماء الذين عندهم بدعة، إن أردنا أن نقوم الرجل فلابد أن نذكر المحاسن والمساوئ هذا هو العدل، وإن أردنا أن نحذر من بدعته فلا نذكر محاسنه لأن هذا تناقض مع مرادنا، نحن نريد أن نحذر من بدعته، فكيف يقال: فلان مبتدع يقول: استوى بمعنى استولى لكن هو عالم عظيم، ما يقبل هذا الذي يستمع هذا الكلام. المسألة تحتاج إلى تفصيل يقال من أراد أن يقوم الرجل فالواجب أن يذكر محاسنه ومساوئه، ومن أراد أن يحذر من خطئه فلا يذكر المحاسن». التعليق على مقدمة المجموع للنووي الشريط الثاني الوجه الثاني
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:52 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -86 -
المبحث الثالث: تبديع من خالف المعلوم المتواتر
ليس كل ما قيل فيه بدعة يصح أن يحكم على فاعله أنه مبتدع لتفاوت البدع في الظهور والخفاء، فلا يشك في تبديع من وقع في البدع الظاهرة التي فيها معارضة واضحة للكتاب والسنة المتواترة المعلومة عند العلماء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:" …فلابد من بيان بدعته والتحذير منها، فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله، والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة كبدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة " الفتاوى الكبرى (2/ 29). كما أنه ليس كل من قال بشيء من الإرجاء قيل عنه مرجئي ولا كل من وافق الأشعرية في تأويل صفة كان أشعريا، وفي هذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله:"أما المرجئة فليسوا من هذه البدع المعضلة، بل قد دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة، وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة، حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة " مجموع الفتاوى (3/ 357)."أي لم يحكم عليهم بالبدعة حتى تغلظ قولهم وظهرت معارضته للنصوص "
وقال ابن تيمية رحمه الله:" وهذا كسائر الأمور المعلومة بالاضطرار عند أهل العلم بسنة رسول الله، وإن كان غيرهم يشك فيها أو ينفيها؛ كالأحاديث المتواترة عندهم في شفاعته وحوضه وخروج أهل الكبائر من النار، والأحاديث المتواترة عندهم في الصفات والقدر والعلو والرؤية، وغير ذلك من الأصول التي اتفق عليها أهل العلم بسنته كما تواترت عندهم عنه، وإن كان غيرهم لا يعلم ذلك، كما تواتر عند الخاصة من أهل العلم عنه الحكم بالشفعة وتحليف المدعى عليه ورجم الزاني المحصن واعتبار النصاب في السرقة، وأمثال ذلك من الأحكام التي ينازعهم فيها بعض أهل البدع، ولهذا كان أئمة الإسلام متفقين على تبديع من خالف في مثل هذه الأصول، بخلاف من نازع في مسائل الاجتهاد التي لم تبلغ هذا المبلغ في تواتر السنن عنه، كالتنازع بينهم في الحكم بشاهد ويمين وفى القسامة والقرعة، وغير ذلك من الأمور التي لم تبلغ هذا المبلغ" مجموع الفتاوى (4/ 425).
المبحث الرابع: تبديع المفارق للجماعة المعادي لأهل السنة
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك، ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه وفرَّق بين جماعة المسلمين، وكفر وفسق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات» مجموع الفتاوى (3/ 349)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/171)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:55 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -87 -
أما في الفصل الرابع من هذا الباب فذكر الكاتب صفات من يتكلم في الرجال:
المبحث الأول: الإخلاص والتجرد عن الهوى
.................................................. ............................
المبحث الثاني: العلم المبني على الكتاب والسنة
.................................................. ............................
المبحث الثالث: العلم بقواعد الحكم على الرجال
قال المعلمي رحمه الله تعالى:" ليس نقد الرواة بالأمر الهين، فإن الناقد لابد أن يكون واسع الإطلاع على الأخبار المروية، عارفا بأحوال الرواة السابقين وطرق الرواية، خبيرا بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم، والأسباب الداعية إلى التساهل والكذب والموقعة في الخطأ والغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي متى ولد؟ وبأي بلد؟ وكيف هو في الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كاتبه؟ ثم يعرف أحوال الشيوخ؟ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعادتهم في التحديث ثم يعرف مرويات الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبر بها إلى غير ذلك مما يطول شرحه، ويكون مع ذلك متيقظا مرهف الفهم دقيق الفطنة مالكا لنفسه لا يستميله الهوى ولا يستفزه الغضب ولا يستخفه بادر ظن حتى يستوفي النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه فلا يجاوز ولا يقصر، وهذه المرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا الأفذاذ " مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ب-ج).
المبحث الرابع: الأدب في العبارة والإنصاف
وقال ابن تيمية: «والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني -فضلا عن الرافضي - قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق». منهاج السنة (2/ 342)
المبحث الخامس: الورع والخوف من الله تعالى
.................................................. .........................................
المبحث السادس: التثبت والتروي
.................................................. ...........................................
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:57 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -88 -
الخاتمة: في عدم التشهير بأهل العلم والفضل
وفي ختام هذا البحث الذي بين الكاتب فيه انتساب ابن باديس إلى المنهج السلفي والتزامه بأصول أهل السنة، وأجاب فيه عن الشبهات المثارة حوله، رأى الكاتب حفظه الله تعالى أن يجيب في الخاتمة على من قال أن فضل ابن باديس لا يمنع من بيان أخطائه ومخالفاته، نعم لا يجوز السكوت عن الخطأ أيا كان قائله، ولكن إذا كان خطؤه مستورا ولم يتابع عليه فلا ينبغي التشهير به، ووضح الكاتب أن هناك فرقا بين الرد على الباطل وبين تسمية من وقع فيه، فإن بعض من يشهر بأخطاء أهل العلم يلقن للمخالفين العاطلين عن العلم والتعلم الحجج التي عجزوا عنها، كما هو واقعنا اليوم ثم ساق المؤلف نصوصا لأهل العلم في هذا السياق نختار منها قول ابن رجب رحمه الله تعالى وهو يتحدث عن العلم الذي لا ينفع: «والانتصاب للتنقيب عن زلاتهم ليس محمودا ولا مشكورا، لا سيما فضول المسائل التي لا يضر فيها الخطأ، ولا ينفع فيها كشف خطئهم وبيانه، وكذلك كثرة البحث عن فضول علوم لا تنفع في الدين وتشغل عن الله والاشتغال به، وتقسي القلب عن ذكره، وتوجب لأهلها حب العلو الرئاسة على الخلق، فكل هذا غير محمود، وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتعوذ من علم لا ينفع، وفي حديث عنه أنه قال سلوا الله علما نافعا وتعوذوا من علم لا ينفع» مجموعة رسائل ابن رجب (2/ 637).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 04:14 م]ـ
مع كتاب"الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -89 - والأخيرة
قلت (سيد أحمد مهدي):
تنبيهان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/172)
-أذكر الإخوة الكرام أن سلسلة"مع كتاب الرد النفيس .. " كان عبارة عن لمحات عن كتاب "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس" الذي جعله مؤلفه ردا على كتاب"الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي"، وكتاب الرد النفيس غير مطبوع حاليا وسيطبع -إن شاء الله تعالى-حسب مؤلفه في أجل قريب مع تعديلات وتنقيحات. وكان الغرض من وضع هذه اللمحات نجوم الطعن في العلامة ابن باديس رحمه الله تعالى من بعض أعضاء ملتقى أهل الحديث.
-اللائق بمن رام الإنصاف في تعليقاته على ما كتب في هذا الموضوع أن يطالع المشاركات من أولها أو على الأقل أن يتصفحها أو يتصفح فهرس الكتاب لينظر هل لتعليقاته وجه.
فهرس مواضيع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس"
المقدمة
العلامة ابن باديس في سطور
الباب الأول: أصول الدعوة السلفية عند ابن باديس
الفصل الأول: أصول العقيدة
المبحث الأول: المصادر الأساسية لتلقي العقيدة
المبحث الثاني: حجية أخبار الآحاد في إثبات العقائد
المبحث الثالث: التزام الصحة
المبحث الرابع: الالتزام بما كان عليه السلف الصالح
المبحث الخامس: تضليل طريقة المتكلمين
المبحث السادس: تجنب الخوض في المسائل الكلامية
المبحث السابع: تقسيم التوحيد إلى توحيد علمي وتوحيد عملي
المبحث الثامن: التصريح بعقيدة الإثبات والتنزيه في باب الصفات
المبحث التاسع: التصريح بالبراءة من مظاهر الشرك
المبحث العاشر: الحكم والتشريع من معاني الربوبية
المبحث الحادي عشر: القول بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
المبحث الثاني عشر: الإيمان بالقدر مع إثبات الاختيار
المبحث الثالث عشر: عقيدة العذر بالجهل
المبحث الرابع عشر: الترضي على جميع الصحابة وإثبات الخلافة
الفصل الثاني: أصول الفقه
المبحث الأول: مصادر تلقي الفقه هي الكتاب والسنة والإجماع
المبحث الثاني: عدم إحداث الأقوال الجديدة المخالفة لإجماع السلف
المبحث الثالث: التزام الصحة في الروايات
المبحث الرابع: إبطال نظرية التقليد العام الملزم للناس
المبحث الخامس: إثبات مرتبة الاتباع
المبحث السادس: فتح باب الاجتهاد
المبحث السابع: إصلاح منهج التعليم والعمل على تصفية الفقه
الفصل الثالث: أصول السلوك
المبحث الأول: مصادر تلقي السلوك هي الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح
المبحث الثاني: إبطال الاحتجاج بالإلهام المجرد أو الكشف أو الذوق
المبحث الثالث: التزام الصحة في إثبات العبادات
المبحث الرابع: اجتناب العبادات المبتدعة
المبحث الخامس: البدع الدينية كلها ضلالة
المبحث السادس: النظر في المصالح يختص بغير أبواب التعبدات
المبحث السابع: إبطال منهج أهل الطرق جملة وتفصيلا
الفصل الرابع: أصول الدعوة والإصلاح
المبحث الأول: اعتماد الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح
المبحث الثاني: اعتقاد بقاء المنهج محفوظا في كل زمان يتوارثه العلماء
المبحث الثالث: اعتبار الدعوة إلى التوحيد أولى الأولويات
المبحث الرابع: اعتقاد شمول الشريعة
المبحث الخامس: طريق الإصلاح هو التعليم
المبحث السادس: العلم الصحيح هو سلاح الدعاة في معركة الإصلاح
المبحث السابع: نبذ الحزبيات المفرقة لشمل الأمة والمبددة للجهود
المبحث الثامن: إظهار الحق والأمر بالمعروف والنهي عن كل منكر
المبحث التاسع: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة
الباب الثاني: الكاتبة في الميزان
الفصل الأول: الجهالات العلمية
المبحث الأول: مسائل الفروق
المطلب الأول: عدم التفريق بين اختلاف التنوع والتضاد وبين الخلاف في الظنيات والقطعيات
المطلب الثاني: عدم التفريق بين التفويض والتأويل
المطلب الثالث: عدم التفريق بين التقية والمداراة
المطلب الرابع: عدم التفريق بين البدعة والابتداع
المطالب الخامس: عدم التفريق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر
المطلب السادس: عدم التفريق بين التمذهب والتعصب المذهبي
المطلب السابع: عدم التفريق بين تصفية السنة وتصفية العقيدة
المبحث الثاني: مسائل معرفة مذاهب أهل السنة وآراء المخالفين
المطلب الأول: الجهل بمفهوم البدعة
المطلب الثاني: الجهل بمذهب المانعين من تخصيص القرآن بخبر الواحد
المطلب الثالث: الجهل بمذاهب الفرق في الميزان
المطلب الرابع: الجهل بمنهجية عرض العقيدة عند السلفيين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/173)
المطلب الخامس: الجهل بموقف العلماء من كتب الردود
المطلب السادس: الزعم بأن المنع من الحكم بالشهادة للمعين قول قطعي
المطلب السابع: الزعم بأن المنع من التوسل بالنبي قول قطعي
المطلب الثامن: الجهل بمذاهب الفرق في الصفات
المبحث الثالث: جهالات علمية مختلفة
المطلب الأول: هل يقال عن الإنسان إنه يخلق؟
المطلب الثاني: هل الخلاف في القرآن خلاف في التعريف؟
المطلب الثالث: هل القول بأن القرآن معدن ممنوع؟
المطلب الرابع: هل التفسير بالرأي مذموم بإطلاق؟
المطلب الخامس: هل ربط الحقائق العلمية بالآيات القرآنية أمر منكر بإطلاق؟
المطلب السادس: صاحبة التقرير تنتهج منهج التكفير
المطلب السابع: هل يجب ذكر المثالب عند المدح؟
المبحث الرابع: جهالات تاريخية
المطلب الأول: عدم تفريقها بين جرائد ابن باديس وجرائد الجمعية
المطلب الثاني: زعمها أن إبراهيم أطفيش كان من رجال الجمعية
المطلب الثالث: الجهل بتاريخ عودة التوحيد إلى الحجاز
المطلب الرابع: هل أفسد محمد عبده عقيدة أهل الأزهر السلفية؟؟
المطلب الخامس: من هو مؤلف تفسير المنار؟
المطلب السادس: متى انضم الطرقية إلى الجمعية ومتى عاداهم ابن باديس؟
المطلب السابع: من هو السنوسي مؤسس الطريقة السنوسية؟
المطلب الثامن: من هو العلامة المجدد سلامة موسى؟
الفصل الثاني: الحشو والتلبيس والكذب
المبحث الأول: الحشو والتلبيس
المطلب الأول: إيراد مثالب الخوارج والإباضية (15 - 17)
المطلب الثاني: إيراد مثالب محمد عبده (97 - 120)
المطلب الثالث: إيراد مثالب عبد الرحمن عبد الخالق (98 - 101)
المطلب الرابع: إيراد مثالب مفدي زكريا (85 - 92)
المطلب الخامس: إيراد مثالب أحمد شوقي وحافظ إبراهيم
المطلب السادس: ما هو معنى الزاوية؟
المطلب السابع: المؤاخذة بخطأ التلميذ
المطلب الثامن: تحميل ابن باديس مسؤولية ما نُشِر في الشهاب والبصائر
المبحث الثاني: دلائل عدم قراءة الكاتبة لآثار ابن باديس
المطلب الأول: في قضية الثناء على محمد عبده
المطلب الثاني: في قضية ضم الإباضية إلى الجمعية
المطلب الثالث: في قضية الصفات
المطلب الرابع: في زعمها أن ابن باديس لم ينتسب إلى السلفية ولا جمعية العلماء
المطلب الخامس: في قضية التعصب المذهبي
المطلب السادس: في وصفها لتفسيره بأنه خليط
المطلب السابع: في قضية التوسل
المطلب الثامن: في قضية أطفيش
المطلب التاسع: في كلام ابن باديس عن الشيعة
المبحث الثالث: هل كانت جمعية العلماء تدعو إلى التوحيد
الفصل الثالث: قضايا مختلفة
المبحث الأول: أغلوطة من أدخل السلفية إلى الجزائر؟
المطلب الأول: من أدخل الإسلام الصحيح إلى الجزائر
المطلب الثاني: من أسباب تجديد الصحوة السلفية
المطلب الثالث: وقفات مع الكاتبة
المبحث الثاني: بين ابن عبد الوهاب وابن باديس
المبحث الثالث: نقد أصول سلفية الكاتبة (المبتدعة)
المبحث الرابع: براءة الألباني من مذهب أهل الغلو في التبديع
المطلب الأول: الحكم على الناس بالظاهر
المطلب الثاني: من أخطأ في جزئية منهجية لم يخرج من السلفية
المطلب الثالث: هل كل من وقع في البدعة يكون مبتدعا؟
المطلب الرابع: اشتراط إقامة الحجة في التبديع
المطلب الخامس: الحكم على الجماعات لابد فيه من التفصيل
المطلب السادس: رأي الألباني في التسلسل في التبديع (قاعدة ألحقه به)
المطلب السابع: لا هجر للمخالفين في هذا الزمان
المطلب الثامن: الأصل في الرد هو الرفق واللين
المطلب التاسع: إنصاف المخالفين
المطلب العاشر: تحديد معنى الموازنة المذمومة
المطلب الحادي عشر: هل يكون المسلم شرا من اليهود والنصارى؟
المطلب الثاني عشر: حكم الترحم على المخالفين
المطلب الثالث عشر: حكم بيع أشرطة وكتب المخالفين
المطلب الرابع عشر: حكم أخذ أهل العلم عن أهل البدع
المطلب الخامس عشر: حكم إقحام الشباب في مسائل التبديع
المطلب السادس عشر: الفصل والإقصاء من منهج الحزبيين
الباب الثالث: دفع الشبهات عن العلامة ابن باديس
الفصل الأول: مسائل السياسة الشرعية
المبحث الأول: قضية التعاون مع الإباضية وغيرهم
المطلب الأول: النظر في القصد من إنشاء الجمعية
المطلب الثاني: أصول جمعية العلماء ودستورها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/174)
المطلب الثالث: العمل في المتفق عليه لا يلزم منه السكوت عن المختلف فيه
المطلب الرابع: مبدأ التعاون مع المخالف وتأليف القلوب
المطلب الخامس: آثار تعاون ابن باديس مع من ليس على الخط السلفي من كل وجه
المطلب السادس: حكم الاستعانة بأهل البدع ضد الكفار
المطلب السابع: هل يلام السلفيون على إنشاء الجمعية
المبحث الثاني: أسلوب التعامل مع الإدارة الفرنسية
المطلب الأول: حكم تعزية الكفار
المطلب الثاني: بيان لتهدئة الجماهير الثائرة
المطلب الثالث: قوله لو أمرتني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله
المبحث الثالث: ما هو الموقف الصحيح من تعطيل زوايا السنوسية؟
الفصل الثاني: قضايا الثناء على الناس
المبحث الأول: الثناء على محمد عبده
المبحث الثاني: الثناء على عمر المختار رحمه الله
المبحث الثالث: الثناء على الزمخشري والرازي
المطلب الأول: الإلزام بتعدية هذا الكلام إلى كل الكتب التي فيها أخطاء وضلالات
المطلب الثاني: الإلزام بتعدية اللوم والحكم على كل من يستدل بكلام المخالفين
المطلب الثالث: الإلزام بتعدية الحكم إلى كل عالم صنع مثل صنيعه
المبحث الرابع: الثناء على مصطفى كمال
المطلب الأول: مقصد ابن باديس وعذره
المطلب الثاني: مقال براءة الذمة
المطلب الثالث: ما نشر في الشهاب من أخبار تركية بعد سقوط الخلافة
المطلب الرابع: من أقوال محمد رشيد رضا رحمه الله
الفصل الثالث: الأخطاء في المسائل الخفية والقضايا الخلافية
المبحث الأول: قضية التوسل بالنبي
المطلب الأول: خلاصة كلام ابن باديس رحمه الله تعالى
المطلب الثاني: عقيدتنا في المسألة
المطلب الثالث: إثبات الخلاف في التوسل بالنبي
المطلب الرابع: نفي التكفير والعقوبة والتبديع بناء على هذه المسألة
المطلب الخامس: الخلاف ثابت أيضا في حق غير النبي
المطلب السادس: وقفة مع الكاتبة
المبحث الثاني: حكم أبوي المصطفى
المطلب الأول: مذاهب العلماء في مسائل أهل الفترة
أولا: مصير أهل الفترات
الثاني: أهل الجاهلية هل كانوا أهل فترة
ثالثا: حكم أبوي النبي ومن جاء في حقهم النص
المطلب الثاني: إيراد كلام ابن باديس رحمه الله وتوضيحه
المطلب الثالث: جهالات خطيرة
المبحث الثالث: بدعة المولد
المطلب الأول: بعض الشر أهون من بعض
المطلب الثاني: جهالات تاريخية وعلمية
المطلب الثالث: المولد النبوي ليس عيدا دينيا عند ابن باديس
المبحث الرابع: حكم الاحتفالات الدنيوية
المطلب الأول: المشروع والممنوع من الاحتفالات
المطلب الثاني: تطبيق على الاحتفالات المنتقدة
المبحث الخامس: الحكم على المعين بالشهادة
المطلب الأول: إثبات الخلاف والإلزام
المطلب الثاني: بيان أدلة الجواز
المطلب الثالث: مناقشة أدلة المنع
الفصل الرابع: مسائل البهتان
المطلب الأول: التعصب للمالكية
المطلب الثاني: الاعتداد بالمذهب الشيعي والإباضي
المطلب الثالث: عدم تحكيم الشريعة
المطلب الرابع: وحدة الأديان
المطلب الخامس: نوع خلافه مع الطرقية
المطلب السادس: تأثره بالإخوان المسلمين
المطلب السابع: رد أخبار الآحاد في العقيدة
المطلب الثامن: الترويج للاشتراكية
المطلب التاسع: تقديم الوطن والقومية على الدين
المطلب العاشر: اختلال معيار التزكية عند ابن باديس
الباب الرابع:: هل كان ابن باديس مبتدعا
الفصل الأول: انتساب ابن باديس وأصحابه إلى الدعوة السلفية
المبحث الأول: انتساب ابن باديس إلى السلفية
المبحث الثاني: انتساب رجال الجمعية إلى السلفية
المطلب الأول: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي
المطلب الثاني: الشيخ أبو يعلى الزواوي
المطلب الثالث: الشيخ الطيب العقبي
المطلب الرابع: الشيخ مبارك الميلي
المطلب الخامس: الشيخ العربي التبسي
المبحث الثالث: دفاع ابن باديس عن أئمة الدعوة السلفية
المطلب الأول: شيخ الإسلام ابن تيمية
المطلب الثاني: الإمام ابن عبد الوهاب
المطلب الثالث: السلطان المغربي محمد بن عبد الله وابنه سليمان
المطلب الرابع: الشيخ محمد رشيد رضا
الفصل الثاني: من شهادات الأعلام على سلفية ابن باديس
المبحث الأول: شهادات أهل الجزائر
المطلب الأول: البشير الإبراهيمي
المطلب الثاني: أبو يعلى الزواوي
المطلب الثالث: محمد علي فركوس
المبحث الثاني: شهادات غيرهم من أهل البلدان
المطلب الأول: محمد تقي الدين الهلالي
المطلب الثاني: ربيع بن هادي المدخلي
المطلب الثالث: علي حسن عبد الحميد
الفصل الثالث: قواعد في التبديع
المبحث الأول: اشتراط إقامة الحجة في التبديع والتضليل
المبحث الثاني: وجوب عقد الموازنة بين الصواب والخطأ
المطلب الأول: أدلة وجوب الموازنة بين الصواب والخطأ
المطلب الثاني: نصوص العلماء عليها
أولا: من نصوص ابن تيمية
ثانيا: من نصوص ابن القيم
ثالثا: من نصوص الذهبي
رابعا: من نصوص ابن رجب
المطلب الثالث: حكم من لم يقل بالموازنة
المطلب الرابع: ما هي الموازنة المذمومة
المبحث الثالث: تبديع من خالف المعلوم المتواتر
المبحث الرابع: تبديع المفارق للجماعة المعادي لأهل السنة
الفصل الرابع: صفات من يتكلم في الرجال
المبحث الأول: الإخلاص والتجرد عن الهوى
المبحث الثاني: العلم المبني على الكتاب والسنة
المبحث الثالث: العلم بقواعد الحكم على الرجال
المبحث الرابع: الأدب في العبارة والإنصاف
المبحث الخامس: الورع والخوف من الله تعالى
المبحث السادس: التثبت والتروي
الخاتمة: خلاصة وملاحق
الملحق الأول: عدم التشهير بأهل العلم والفضل
الملحق الثاني: عصمة الأئمة
الملحق الثالث: بدعة نقد العلماء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/175)
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 04:19 م]ـ
قلت (سيد أحمد مهدي):
وقد وفيت بما قد رمت منتهيا ... فالحمد لله إذ ما رمته كملا
ثم الصلاة وتسليم يصاحبها ... على الرسول الكريم الخاتم الرسلا
وآله الغر والصحب الكرام ومن ... إياهم في سبيل المكرمات تلا
وأسأل الله من أثواب رحمته ... سترا جميلا على الزلات مشتملا
وأن ييسر لي سعيا أكون به ... مستبشرا جذلا لا باسرا وجلا (من لامية الافعال لابن مالك)
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم الإمام المجاهد السلفي عبد الحميد بن باديس أن ينور قبره ..
اللهم ارحم إخوانه من العلماء المجاهدين الربانيين: محمد البشير الإبراهيمي ... الطيب العقبي ... العربي التبسي ... مبارك الميلي ... أبي يعلى الزواوى وغيرهم من إخوانهم وطلبتهم الذين حفظت بهم ديننا ولغتنا .....
اللهم ولك الحمد على أن هيأتهم لنا حافظين لدينك ذائبين عن حوزة شريعتك ....
اللهم لك الحمد أن حفظت لنا أخبارهم وأيامهم رغم عبث العابثين حتى يكونوا لنا أسوة ...
اللهم واجعل ما قذفهم به القاذفون وطعنهم به الطاعنون زيادة في درجاتهم وتكفيرا عن سيئاتهم ...
اللهم لك الحمد أن هيأت لنا من يذب عن علماءنا وينتصر لهم إذا ظلموا .....
اللهم إن علماءنا هم شهودنا وعدولناوخيارنا .....
اللهم فمن كان حيا فأطل بقاءه وأمتع الأمة به وانفع بعلمه ......
اللهم وارحم من مات منهم واحفظ أعراضهم كما حفظوا على المسلمين دينك ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 08, 08:29 م]ـ
الأخ الكريم سيد أحمد مهدي بارك الله فيك بركة دائمة ملازمة لعلمك وعملك .. ونفع بك
تقبل الله منا ومنكم .. مرحبا برمضان
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[02 - 09 - 08, 03:25 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيكم ايها الاخوة: أبو حذيفة، أبو عبد البر، سمير زمال، إبراهيم الجزائري، سيد أحمد مهدي، عبد الحق، المالكي و غيرهم ممن شارك، لقد امتعتمونا جزاكم الله خيرا
تقبل الله صيامكم و صيامنا و غفر الله لنا و لكم و لجميع المسلمين و المسلمات
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[14 - 09 - 08, 08:57 م]ـ
الأخ الكريم: أبا مريم الجزائري .. وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. وفيكم بارك الله ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[14 - 09 - 08, 09:06 م]ـ
بارك الله في الإخوة ...
سؤال بريء: معلوم في تلك الحقبة الزمنية المباركة أن من الدعاة إلى تحكيم الكتاب والسنة ورافعي لواء السلف - بالإضافة إلى النجديين - محمد عبده ومن مشى على طريقته، ولم يكن يتردد لحظةً - هذا الأخير - في وصف نفسه بالسلفي، وهو ما صُنف فيما بعد في خانة السلفية العلمية أو التجديدية، وهي سلفية ظهرت في الأزهر الشريف والزيتونة وغيرهما .. كيف نحمل كلمة سلفي على أولئك دون هؤلاء؟ ما هو الضابط بارك الله فيكم؟ علما أن محمد عبده كان يدعو إلى الاجتهاد ونبذ التقليد الأعمى وتجديد مناهج التعليم والتنكير على الطرقية .. ومما هو من نقاط تشابه بين المنهجين ..
سؤال بريء و وجيه .. يحتاج لإجابة جريئة ..
ومن باب الفائدة لا الإجابة:
أقول: العلماء لهم وصف دقيق فيمن وقع في بدع وخالف بعض أصول السلف و هو يعظم السنة و الحديث فيقولون هو من أهل السنة و الجماعة في الجملة، و من باب العدل .. كأمثال الحافظ ابن حجر وغيره .. كما أنهم لا ينسبون من نسب نفسه للسلف بأنه من أهل السنة المحضة، مثله مثل من رد على أهل البدع من الأشاعرة تصريحا باسمهم وهو متأثر بهم في بعض عقائدهم:
ـ قال الشيخ الدكتور سفر الحوالي كما في كتابه: (منهج الأشاعرة في العقيدة) [1]: " إن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم، فمثلاً خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير، ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره.
كما أنه نقد شيخهم في التأويل " ابن فورك " في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/176)
والذي أراه أن الحافظ – رحمه الله – أقرب شيء إلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها، لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.
ولو قيل إن الحافظ - رحمه الله - كان متذبذبا في عقيدته لكان ذلك أقرب إلى الصواب كما يدل عليه شرحه لكتاب التوحيد والله أعلم.
وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني، ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء ألداء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك.
والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للأشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كلامية انشقت عن أصلها " المعتزلة " ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.
فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد، فهذا التداخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثيراً ما تجد في كتب الجرح والتعديل – ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر – قولهم عن الرجل أنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا، ومع هذا لا يعتبرونه معتزلياً أو خارجياً، وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة وإنما يقال وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة ".اهـ
والله أعلم.
--------
[1]: أثنى على الرسالة بعض أهل العلم منهم: شيخنا العلامة المحدث المحدث ناصر الدين اللباني - رحمه الله تعالى - و شيخنا العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى – والشيخ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي. وبالله التوفيق.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[14 - 09 - 08, 09:15 م]ـ
قول الأستاذ الكريم عبد الحق ال أحمد "من المسائل الّتي أخطأ فيها الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه ووقف فيها موقفا مُبايّنا لمواقف علمائنا السّلفيين موقفه من التّوسل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، حيث أجاز هذا العمل الشّركي الّذي لم يعرفه صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ".
التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم هي بدعة منكرة ولا نعلم من أهل العلم من أوصلها الى درجة الشرك.
الا بقرائن و ضوابط.
الأخ الكريم: الخريبكي .. القول الذي نقلت هو للأخت الفاضلة أم أيوب نورة حسن غاوي الجزائرية كما في كتنابها (الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي)، ومع ذلك فقد أصبت في تعقيبك فالتوسل إلى الله - جل وعلا- بذات وجاه النبي - صلى الله عليه و سلم -هو عمل بدعي يفضي إلى الشرك مع تفصيل العلماء في ذلك، لأن بعض القبوريين يقولون بلفظ التوسل و يقصدون به الإستغاثة الشركية، فجزاك الله خيرا و بارك فيك، و بالله التوفيق.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[14 - 09 - 08, 09:26 م]ـ
علماً بأن المسألة التي تتكلمون عنها لم أبحثها جيداً
ولكن كلام الأخ محمد حاج في مسألة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم
أثار حفيظتي
غير أني سأقول رأياً
الشيخ عبدالحميد بن باديس نشأ في بيئةٍ بدعية على ما أظن
ومع ذلك وافق السلفيين في عامة عقائدهم
وما خالفهم فيه لا يتابعه عليه أحد وليس هو رأساً فيه
فمثل هذا التشاغل بكونه سلفي أو غير ذلك أولى منه غيره
خصوصاً إذا ضمنا أن كتبه لا يطلع إلا الشباب السلفي الذي لا يخشى من الأخطاء التي فيها
وخصوصاً أنا لا نرى أحداً تأثر بأخطائه المذكورة
ولا بأس من بيان أخطائه ليحمى منها العامة
الأخ الكريم: عبدالله الخليفي المنتفجي ... بارك الله فيك .. وفي عدلك و إنصافك ..
كما أنني لا أوافقك على أن كتبه لا يطلع عليه إلا الشباب السلفي، بل يطلع عليها طبقة مثقفة كبيرة ومنهم من تبوأ مناصب في الدولة وقد تأثر بها فأصبح يقرر اشياء هي ضمن كتب ابن باديس كقوله بالديموقراطية مثلا .. أما طلبة العلوم الشرعية فحدث ولا حرج فمنهم من يعلم بعض المخالفات العقدية لإبن باديس - رحمه الله تعالى - وموافقته للأشاعرة فيها و يعتقدها و يدعوا إليها عن جهل .. ومن االإخوة أهل السنة من تنطلي عليه بعض الشياء التي قد تخفى .. فحري بأهل الحق أهل السنة و لمن علم ذلك أن ينبهوا عليها .. خاصة الشباب و أطفال المدارس عندنا في الجزائر لأنهم يحتفلون بعيد العلم كل سنة من يوم 16 أفريل ويكتبون البحوث بهذه المناسبة .. وقد أذهلني بحث أحد التلاميذ وهو يقرر الأخوة الإنسانية وأن الإنسان أهو الإنسان و من كلام ابن باديس بارشاد أحد الأساتذة الذي تأثر بكلامه حتى بين له .. قول النبي -و صلى الله عليه و سلم - (المسلم أخو المسلم .. ) أو كما قال عليه الصلاة و السلام .. وبهذا يهدم الولاء و البراء. إلا أن يشاء الله والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/177)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[14 - 09 - 08, 11:26 م]ـ
أخي الكريم عبد الحق - سددك الله -: ذكرت رسالة الشيخ سفر - حفظه الله - " منهج الأشاعرة في العقيدة "، ثم قلت:
أثنى على الرسالة بعض أهل العلم منهم: شيخنا العلامة المحدث المحدث ناصر الدين اللباني - رحمه الله تعالى - و شيخنا العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى – والشيخ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي. وبالله التوفيق.
لو تفضلت بذكر ثناء الشيخ ناصر - رحمه الله - وثناء الشيخ ربيع - حفظه الله - على الرسالة، للأني لم أطلع إلا على ثناء الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عليها.
(وبالمناسبة ما معنى قولك: " شيخنا الألباني وشيخنا العثيمين "؟).
وفي الأخير أود لو تذكر لي أمثلة عن طلاب علم سلفيين من الجزائر وافقوا الشيخ ابن باديس - رحمه الله - على أخطائه أو على بعضها ...
وفقك الله وسددك ...
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:43 م]ـ
أخي الكريم عبد الحق - سددك الله -: ذكرت رسالة الشيخ سفر - حفظه الله - " منهج الأشاعرة في العقيدة "، ثم قلت:
لو تفضلت بذكر ثناء الشيخ ناصر - رحمه الله - وثناء الشيخ ربيع - حفظه الله - على الرسالة، للأني لم أطلع إلا على ثناء الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عليها.
(وبالمناسبة ما معنى قولك: " شيخنا الألباني وشيخنا العثيمين "؟).
وفي الأخير أود لو تذكر لي أمثلة عن طلاب علم سلفيين من الجزائر وافقوا الشيخ ابن باديس - رحمه الله - على أخطائه أو على بعضها ...
وفقك الله وسددك ...
الأخ الكريم: "فريد المرادي" - وفقك الله -:
- ثناء شيخنا ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - ضمن سلسلة الهدى و النور في اثناء المناقشة حول دعوة "الإخوان المسلمون " .. الخ، وفيما أذكر في الثلاثينات فيما أذكر .. وعهدي بالشريط قديم فالمعذرة .. لكن إن يسر الله لي ووجدته سأرفقه لك نفرغا من مصدره.
- أما ثناء الشيخ ربيع المدخلي فهو في أحد اشرطته لا استحضر عنوانه الآن.
- و لشيخنا محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في شرحه للاربعين النووية و كذا لقاءات الباب المفتوح إن لم أكن متوهما.
- ومن باب الفائد؛ للشيخ العلامة شمس الدين الأفغاني - رحمه الله تعالى - ثناء عليه في كتابه (حهود الحنفية .. ).
- أما قولك: (وبالمناسبة ما معنى قولك: " شيخنا الألباني وشيخنا العثيمين "؟): فمعناها أنني اتخذتُ الأول شيخا لي في الحديث و الثاني شيخا لي في الفقه و أصوله، و أعتبر نفسي لهم تلميذا فهم أشياخي في الفنين السابقين، هذا مرادي وقصدي و معنى ما طلبت أخي فريد المرادي. ولا أظن في ذلك محذور ولبعض العلماء كلام في ذلك.
وفي الأخير أخي الفاضل: أما موافقة بعض الطلاب من أهل السنة لبعض أغلاط الشيخ ابن باديس - رحمه الله تعالى -[حرك تجد] كما يقال في المثل، وعلى سبيل المثال لو تسأل الشيخ محمود الجزائري ما موقفه من الأخطاء العقدية في رسالة الشرك و مظاهره و تفسير ابن باديس في مجالس التذكير، والشيخ عبد المجيد جمعة في مسألة ترك من ضيع الأعمال لم يخرج من دائرة الإيمان .. الخ إلا إن تراجعا أو أبدى موقفا لم أطلع عليه فذاك شيء يشكران عليه أما الذي استقر عندي فما سبق، ناهيك عن الأخ (عيسى) وناقل جزء من كتابه (مهدي) فيما سوده في هذا الكتاب و تبريراته الباردة لاخطاء الشيخ ابن باديس- رحمه الله تعالى - بما تراه جليا في هذه الصفحات، وهروبه و من أيده - مثل صاحب الأدب الجم - من جعل نقطة الخلاف بيني و بينهم [تبديع ابن باديس] هداهم الله، بل نقطة الخلاف هي في ثبوت الأخطاء و التنبيه عليها، لا التبديع، فتنبه، و الله المستعان.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[03 - 11 - 08, 04:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أكد لي بعض الأفاضل صدور كتاب "الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى اليوم (الاثنين 6 ذي القعدة 1429) في معرض الكتاب في الجزائر (جناح دار الإمام مالك).
ـ[سمير زمال]ــــــــ[07 - 11 - 08, 12:24 م]ـ
والله كتاب ممتاز جدير بالقراءة ومفيد جدا
ولكن وددنا أن يقرظه أحد من أهل العلم الكبار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/178)
من أمثال شيخنا العلامة أبو عبد المعز محمد على فركوس لا تقليلا من شأن المألف الشيخ محمد حاج عيسى وإنما ليكون شوكة في حلق كل مكابر لما يحضى به الشيخ من مكانه علمية وحب جم وسط كل إخواننا المحبين للحق
وجزاك الله خيرا أخي سيد أحمد على ما قدمته
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[25 - 12 - 08, 06:14 م]ـ
السلام ليكم ورحمة الله
يرفع لظهور الطعن تارة أخرى في الإمام ابن باديس-رحمه الله- على صفحات هذا المنتدى المبارك.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - 12 - 08, 07:31 م]ـ
ما قرّره ابنُ باديس في تفسيره من أنّ خبرَ الواحدِ لا يُقبَلُ إذا خالفه القطعي هو مذهبُ المعتزلة وبعضِ المتكلّمين ..
للشيخ الدكتور محمد علي فركوس
ـ سدده الله ـ
الفتوى رقم: 754
الصنف: فتاوى أصول الفقه والقواعد الفقهية
السؤال:
قال العلاَّمةُ ابنُ باديس -رحمه الله- في «تفسيره»: «إنَّ السُّنَّة النبويةَ والقرآن لا يتعارضان، ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن»، فما هو تعليقكم؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإنّ ما قرّره ابنُ باديس في تفسيره من أنّ خبرَ الواحدِ لا يُقبَلُ إذا خالفه القطعي هو مذهبُ المعتزلة وبعضِ المتكلّمين، وبه قال أبو الحسنِ البصريٌّ والسمرقنديُّ والقَرافيُّ والصفي الهندي وغيرُهم (1 - انظر «المعتمد» لأبي الحسين البصري: (2/ 96، 102)، و «العدّة» لأبي يعلى: (2459)، «المحصول» للفخر الرازي: (2/ 217)، «ميزان الأصول» للسمرقندي: (2/ 75، 81)، «كشف الأسرار» للبخاري: (3/ 27)، «البحر المحيط» للزركشي: (4/ 257)، «الكفاية» للخطيب البغدادي: (432)، «المسودة» لآل تيمية: (249))، وهو مخالفٌ لأكثرِ أهل الفقه والحديث، قال ابنُ عبد البرّ –رحمه الله-: «وعلى ذلك أكثرُ أهلِ الفقه والأثرِ، وكلُّهم يدينُ بخبر الواحد العَدْلِ في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعًا ودينًا في مُعتقده، على ذلك جماعةُ أهل السُّنَّة» (2 - «التمهيد» (1/ 8)).
وعمومُ نصوصِ الكتابِ والسُّنَّة تقضي بوجوب قَبول خبرِ الواحد مُطلقًا من غير تفريقٍ بين القطعيِّ والظنيِّ، فقد أوجب اللهُ تعالى الحذرَ بقول الواحد في قوله تعالى: ?فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ? [التوبة: 122]، كما جعل عِلَّةَ ردِّ الأخبارِ هي الفسق لا الوحدة في قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ? [الحجرات: 6]، وقد دعا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لحامِلِ الفقه وأقرَّهُ على الرواية من غير تفريق مع عدم فقهه وعلمه في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ» (3 - أخرجه أبو داود في «العلم»، باب فضل نشر العلم: (3660)، والترمذي في «العلم»،باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع: (2656)، والدارمي في «سننه» (233)، وأحمد في «مسنده»: (21208)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (404)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (358)).
هذا، وسَلَفُ الأُمَّة من الصحابة فمن بعدهم كانوا يتلقَّون أخبار الآحاد في القطعيات والظنِّيَّات ويثبتونها بدون ردّ لأي منها لمجرّد كونه خبر آحاد في القطعيات، ويدلّ لذلك روايتهم لتلك الأخبار وتناقلها وتلقِّيها وتحصيلها ونقلها وتفسيرها بمقتضى اللغة بما يليق بها والقول بمدلولها، بل إنهم أدخلوا مفادَ تلك الأخبار في مُعتقداتهم وصرّحوا بتبديع أو تفسيق أو تخطئة مخالفها (4 - «التمهيد» لابن عبد البر: (1/ 8)، «مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم: (2/ 8 - 6)).
وعليه، فإنّ أقوى الأقوال دليلاً وأصحَّها نظرًا مذهبُ الجمهور القائلين بصحّة الاحتجاج بخبرِ الواحد المرفوعِ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بإسنادٍ صحيحٍ سواء في القطعيات أو الظنِّيَّات، وضعف أدلة ما سواه على ما هو مُثْبَتٌ في مَوْضِعِهِ.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 1 رمضان 1428ه
الموافق ل: 13 سبتمبر 2007م
ينظر: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145295
و: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=137001
و كذا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=147927
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/179)
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[04 - 01 - 09, 02:17 م]ـ
شرح معنى قول ابن باديس:
" إن السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان، ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن"
الحمد الله، أما بعد فقد أدهشني ما رأيته في الملتقى من انتقاد الشيخ ابن باديس في قضايا أخرى غير تلك التي سودت تلك الجراحة الطائشة، ومن ذلك انتقاد ابن باديس في العبارة المذكورة أعلاه حيث قال في التفسير وهو الجزء الأول من الآثار (1/ 54):" محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن نور وبيان، في هذه الآية وصف محمد صلى الله عليه وسلم بأنه نور، ووصف القرآن بأنه مبين، وفي آيات أخرى وصف القرآن بأنه نور بقوله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) (التغابن: 8) ووصف الرسول بأنه مبين بقوله: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل: 44) وهذا ليبين لنا الله تعالى أن إظهار النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه وإظهار القرآن وبيانه واحد، ولقد صدقت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:"كان خلقه القرآن " (استفادة) نستفيد من هذا أولا: أن السنة النبوية والقرآن ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن وثانيا: أن فقه القرآن يتوقف على فقه حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وفقه حياته صلى الله عليه وسلم يتوقف على فقه القرآن وفقه الإسلام يتوقف على فقههما "
فقوله: "إن السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان " تأصيل عظيم لقاعدة من قواعد علم الأصول المهمة وهي أن التعارض ليس من الشرع، فالسنة النبوية الثابتة المحكمة لا يمكن أن تتعارض مع القرآن فهما متكاملان لأن مصدر الشرع واحد وهو الله تعالى والحق واحد لا يمكن أن يتعدد وأماراته لا تتعارض، وقد نص العلماء أيضا أن السنة النبوية الثابتة والإجماع الصحيح لا يتعارضان أبدا بناء على هذا الأصل.
وهذا خلافا للواقفة من الأشعرية الذين يقولون بتكافؤ الأدلة في الواقع لا في نظر المجتهد، فيجيزون أن يكون التعارض من الشرع، ويذهبون إلى عدم الترجيح وتصويب المجتهدين وغير ذلك من الضلالات.
وقوله:" ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن" رد خبر الواحد إذا عارض النص القطعي من القرآن قاعدة صحيحة لا غبار عليها، ويلزم من يخالف في هذا أن يرد نص القرآن القطعي ولا قائل بهذا، ولا يقال إن ذلك لا يلزم بإمكان الجمع بينهما لأنا نقول لا تعارض ولا ترجيح في حال إمكان الجمع.
ويدلنا على هذا الترجيح الذي هو من قطعيات علم الأصول ترتيب الأدلة بحسب القطعية والظنية قال الشافعي في الرسالة (599):" نحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليها التي لا اختلاف فيها، فنقول لهذا حكمنا بالحق في الظاهر والباطن. ونحكم بالسنة قد رويت من طريق الانفراد لا يجتمع الناس عليها، فنقول حكمنا بالحق في الظاهر لأنه قد يمكن الغلط فيمن روى الحديث". ولا تعارض بين القطعي والظني فيقدم القرآن والسنة المتواترة على خبر الواحد الذي ظاهره الصحة، ولا خلاف في هذا، وإن كثيرا من الناس اليوم (من أهل العلم اللدني) يتقبل أن يقال له يرجح حديث على حديث من حيث السند مع أنهما ظنيان ولا يقبل أن يقال له يرجح القرآن على خبر الواحد مع أن القرآن قطعي فلا أدري لماذا؟؟ بل ربما يرجحون حديثا مختلفا في صحته على أحاديث كثيرة في الصحيحين كما هو الحال في المسألة المنهجية العقدية الشهيرة (صيام يوم السبت).
وقد نص أكثر الأصوليين على تقديم الإجماع القطعي على خبر الواحد الظني أيضا، وقال الشافعي رحمه الله كما في الآداب لابن أبي حاتم (232):" والإجماع أكبر من الخبر المنفرد".
ولما تحدث الأصوليون عن تعارض خبر الواحد مع عمل أهل المدينة، قال كثير منهم-وهو الصحيح- إذا كان العمل متصلا فيقدم على خبر الواحد لأنه نقل متواتر. ويكون الخبر المرجوح في هذه الأحوال إما منسوخا وإما غلطا لكن لم يظهر عند من يرده دليل النسخ أو وجه القدح في إسناده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/180)
ومما هو معلوم أن المحدثين يعتبرون مخالفة القرآن والسنة المتواترة وغيرها من الأخبار المتفق على صحتها في نقد الروايات والكلام في الرواة (انظر الرسالة للشافعي (399) الأنوار الكاشفة للمعلمي (6 - 7و189) ومقدمة الفوائد المجموعة). بل هم يعتبرون إجماع الصحابة والعمل في نقدها، وهذا أمر لا غبار عليه، قال ابن رجب في شرح العلل (236):" ومن جملة الغرائب المنكرة: ما هو شاذ المتن كالأحاديث التي صحت الأحاديث بخلافها أو أجمعت أئمة العلماء على القول بغيرها". والأمثلة على هذا كثيرة أذكر منها واحدا لا إشكال في رده ولا شبهة، وهو حديث عمار في المسح إلى المناكب والآباط في التيمم، إذ من أسانيده ما ظاهره الصحة. قال ابن رجب:" هذا حديث منكر لم يزل العلماء ينكرونه وقد أنكره الزهري وقال: (هو لا يعتبر به الناس)، وعن ابن عيينة أنه امتنع أن يحدث به وقال: (ليس عليه العمل) ". انظر فتح الباري لابن رجب (2/ 252). ومن الأمثلة أيضا رد البخاري وابن المديني لحديث:"خلق الله التربة يوم السبت .. الحديث " الذي فيه بيان الخلق في سبعة أيام، لمعارضته للقرآن للقرآن الذي ينص على أن الخلق كان في ستى أيام –ومسلم لم يلتفت لذلك فصححه-.
وأما المسألة المترجمة في كتب الأصول بحجية خبر الواحد في القطعيات فهي مسألة أخرى غير مسألة معارضته للقرآن، ومقصود أصحاب هذه الترجمة البحث في حجية خبر الواحد في العقائد لأنهم جعلوا العقائد قطعية ومسائل الفقه ظنية، ومذهب أهل السنة قاطبة حجيتها خلافا للمعتزلة ومن وافقهم، فهم يعبرون عن العقائد بالقطعيات وبالمعقولات أيضا، لأن القطع عندهم لا ينال إلا بالدليل العقلي، أما القرآن والسنة فلا يدلان إلا على الظن كما قرره غير واحد من المتأخرين، فمنهم من يقول لا يحتج به في العقائد مطلقا كما هو شأن المعتزلة، ومنهم من يقدم المعقول القطعي عنده على خبر الواحد الظني كما هو شأن متأخري الأشاعرة.
وكلام ابن باديس لا علاقة له بمسألة مجال الاحتجاج بخبر الواحد، وإنما في تقرير تقديم القرآن القطعي على الخبر الظني، وثمة فرق شاسع بين من يقدم عقله على الخبر ومن يقدم كلام رب العالمين المفيد لليقين على خبر يحتمل الصواب والخطأ، وموضوع حجية خبر الواحد في الاعتقاد قد بيناه مفصلا في الفصل الأول من الباب الأول من الرد النفيس فليراجعه من شاء.
ومن هذا التقرير يظهر أن جواب شيخنا أبي عبد المعز لم يصادف محله، وكأن المشرفين لم ينقلوا له نص كلام ابن باديس كاملا فانصرف ذهنه إلى غير المسألة المقصودة، وإلا فالذي نعلمه من مذهب شيخنا هو عين ما قررناه سابقا، وهذا نص ملخص من إملائه علينا في مسجد الهداية قبل أكثر من أربع عشرة سنة، ثم في الجامعة بعدها في مرحلة الماجستير في باب التعارض والترجيح:" ثانيا: ثم ينظر في الكتاب والسنة المتواترة وهما على درجة واحدة من حيث الثبوت، فكل واحد منهما دليل قاطع ولا يتصور بينهما تعارض، فإنه لا يتصور تعارض القواطع سواء كانت عقلية أو نقلية ومنه فلا ترجيح بينها إذ الترجيح فرع التعارض، وبعبارة أخرى إن القطعي إما أن يعارض بقطعي أو ظني، ومعارضة القطعي لمثله محال، لأنه إما أن يعمل بهما معا فيكون جمعا بين النقيضين في الإثبات، وإما أن يمتنع عن العمل بهما فيكون جمعا في النفي، وإما أن يعمل بأحدهما دون الآخر فلا أولوية مع التساوي، وكذا الظني فإنه لا يقاوم القطعي لتفاوت مرتبتهما فالقطعي أولى بالتقديم، وما علم لا يظن خلافه، ظن الخلاف شك، فكيف يشك فيما يعلم، ولذلك لا ترجيح بين القطعي والظني، وبامتناع التعارض بين القطعيات لم يبق إلا الطرق الظنية، والدليلان الظنيان يتعارضان اتفاقا في نظر المجتهد ... " ثم بحث مسألة إثبات التعارض بين الظنيات ومشروعية الترجيح بينها وطرق دفع التعارض بينها ومن الظنيات الأقيسة وأخبار الآحاد وهو واضح بل البحث في مرجحات السند كله يختص بأخبار الآحاد، وقال في الفتح المأمول (158):"ويضيف الأحناف قسما ثالثا بينهما وهو المشهور والصحيح أنه يدخل ضمن الآحاد إذ لا يفيد إلا الظن ". وما دام الظني لا يعارض القطعي وخبر الواحد ظني إذن هو مردود.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[06 - 01 - 09, 10:36 ص]ـ
شرح معنى قول ابن باديس:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/181)
" إن السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان، ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن"
الحمد الله، أما بعد فقد أدهشني ما رأيته في الملتقى من انتقاد الشيخ ابن باديس في قضايا أخرى غير تلك التي سودت تلك الجراحة الطائشة، ومن ذلك انتقاد ابن باديس في العبارة المذكورة أعلاه حيث قال في التفسير وهو الجزء الأول من الآثار (1/ 54):" محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن نور وبيان، في هذه الآية وصف محمد صلى الله عليه وسلم بأنه نور، ووصف القرآن بأنه مبين، وفي آيات أخرى وصف القرآن بأنه نور بقوله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) (التغابن: 8) ووصف الرسول بأنه مبين بقوله: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل: 44) وهذا ليبين لنا الله تعالى أن إظهار النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه وإظهار القرآن وبيانه واحد، ولقد صدقت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:"كان خلقه القرآن " (استفادة) نستفيد من هذا أولا: أن السنة النبوية والقرآن ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن وثانيا: أن فقه القرآن يتوقف على فقه حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وفقه حياته صلى الله عليه وسلم يتوقف على فقه القرآن وفقه الإسلام يتوقف على فقههما "
فقوله: "إن السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان " تأصيل عظيم لقاعدة من قواعد علم الأصول المهمة وهي أن التعارض ليس من الشرع، فالسنة النبوية الثابتة المحكمة لا يمكن أن تتعارض مع القرآن فهما متكاملان لأن مصدر الشرع واحد وهو الله تعالى والحق واحد لا يمكن أن يتعدد وأماراته لا تتعارض، وقد نص العلماء أيضا أن السنة النبوية الثابتة والإجماع الصحيح لا يتعارضان أبدا بناء على هذا الأصل.
وهذا خلافا للواقفة من الأشعرية الذين يقولون بتكافؤ الأدلة في الواقع لا في نظر المجتهد، فيجيزون أن يكون التعارض من الشرع، ويذهبون إلى عدم الترجيح وتصويب المجتهدين وغير ذلك من الضلالات.
وقوله:" ولهذا يُردُّ خبرُ الواحد إذا خالف القطعيَّ من القرآن" رد خبر الواحد إذا عارض النص القطعي من القرآن قاعدة صحيحة لا غبار عليها، ويلزم من يخالف في هذا أن يرد نص القرآن القطعي ولا قائل بهذا، ولا يقال إن ذلك لا يلزم بإمكان الجمع بينهما لأنا نقول لا تعارض ولا ترجيح في حال إمكان الجمع.
ويدلنا على هذا الترجيح الذي هو من قطعيات علم الأصول ترتيب الأدلة بحسب القطعية والظنية قال الشافعي في الرسالة (599):" نحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليها التي لا اختلاف فيها، فنقول لهذا حكمنا بالحق في الظاهر والباطن. ونحكم بالسنة قد رويت من طريق الانفراد لا يجتمع الناس عليها، فنقول حكمنا بالحق في الظاهر لأنه قد يمكن الغلط فيمن روى الحديث". ولا تعارض بين القطعي والظني فيقدم القرآن والسنة المتواترة على خبر الواحد الذي ظاهره الصحة، ولا خلاف في هذا، وإن كثيرا من الناس اليوم (من أهل العلم اللدني) يتقبل أن يقال له يرجح حديث على حديث من حيث السند مع أنهما ظنيان ولا يقبل أن يقال له يرجح القرآن على خبر الواحد مع أن القرآن قطعي فلا أدري لماذا؟؟ بل ربما يرجحون حديثا مختلفا في صحته على أحاديث كثيرة في الصحيحين كما هو الحال في المسألة المنهجية العقدية الشهيرة (صيام يوم السبت).
وقد نص أكثر الأصوليين على تقديم الإجماع القطعي على خبر الواحد الظني أيضا، وقال الشافعي رحمه الله كما في الآداب لابن أبي حاتم (232):" والإجماع أكبر من الخبر المنفرد".
ولما تحدث الأصوليون عن تعارض خبر الواحد مع عمل أهل المدينة، قال كثير منهم-وهو الصحيح- إذا كان العمل متصلا فيقدم على خبر الواحد لأنه نقل متواتر. ويكون الخبر المرجوح في هذه الأحوال إما منسوخا وإما غلطا لكن لم يظهر عند من يرده دليل النسخ أو وجه القدح في إسناده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/182)
ومما هو معلوم أن المحدثين يعتبرون مخالفة القرآن والسنة المتواترة وغيرها من الأخبار المتفق على صحتها في نقد الروايات والكلام في الرواة (انظر الرسالة للشافعي (399) الأنوار الكاشفة للمعلمي (6 - 7و189) ومقدمة الفوائد المجموعة). بل هم يعتبرون إجماع الصحابة والعمل في نقدها، وهذا أمر لا غبار عليه، قال ابن رجب في شرح العلل (236):" ومن جملة الغرائب المنكرة: ما هو شاذ المتن كالأحاديث التي صحت الأحاديث بخلافها أو أجمعت أئمة العلماء على القول بغيرها". والأمثلة على هذا كثيرة أذكر منها واحدا لا إشكال في رده ولا شبهة، وهو حديث عمار في المسح إلى المناكب والآباط في التيمم، إذ من أسانيده ما ظاهره الصحة. قال ابن رجب:" هذا حديث منكر لم يزل العلماء ينكرونه وقد أنكره الزهري وقال: (هو لا يعتبر به الناس)، وعن ابن عيينة أنه امتنع أن يحدث به وقال: (ليس عليه العمل) ". انظر فتح الباري لابن رجب (2/ 252). ومن الأمثلة أيضا رد البخاري وابن المديني لحديث:"خلق الله التربة يوم السبت .. الحديث " الذي فيه بيان الخلق في سبعة أيام، لمعارضته للقرآن للقرآن الذي ينص على أن الخلق كان في ستى أيام –ومسلم لم يلتفت لذلك فصححه-.
وأما المسألة المترجمة في كتب الأصول بحجية خبر الواحد في القطعيات فهي مسألة أخرى غير مسألة معارضته للقرآن، ومقصود أصحاب هذه الترجمة البحث في حجية خبر الواحد في العقائد لأنهم جعلوا العقائد قطعية ومسائل الفقه ظنية، ومذهب أهل السنة قاطبة حجيتها خلافا للمعتزلة ومن وافقهم، فهم يعبرون عن العقائد بالقطعيات وبالمعقولات أيضا، لأن القطع عندهم لا ينال إلا بالدليل العقلي، أما القرآن والسنة فلا يدلان إلا على الظن كما قرره غير واحد من المتأخرين، فمنهم من يقول لا يحتج به في العقائد مطلقا كما هو شأن المعتزلة، ومنهم من يقدم المعقول القطعي عنده على خبر الواحد الظني كما هو شأن متأخري الأشاعرة.
وكلام ابن باديس لا علاقة له بمسألة مجال الاحتجاج بخبر الواحد، وإنما في تقرير تقديم القرآن القطعي على الخبر الظني، وثمة فرق شاسع بين من يقدم عقله على الخبر ومن يقدم كلام رب العالمين المفيد لليقين على خبر يحتمل الصواب والخطأ، وموضوع حجية خبر الواحد في الاعتقاد قد بيناه مفصلا في الفصل الأول من الباب الأول من الرد النفيس فليراجعه من شاء.
ومن هذا التقرير يظهر أن جواب شيخنا أبي عبد المعز لم يصادف محله، وكأن المشرفين لم ينقلوا له نص كلام ابن باديس كاملا فانصرف ذهنه إلى غير المسألة المقصودة، وإلا فالذي نعلمه من مذهب شيخنا هو عين ما قررناه سابقا، وهذا نص ملخص من إملائه علينا في مسجد الهداية قبل أكثر من أربع عشرة سنة، ثم في الجامعة بعدها في مرحلة الماجستير في باب التعارض والترجيح:" ثانيا: ثم ينظر في الكتاب والسنة المتواترة وهما على درجة واحدة من حيث الثبوت، فكل واحد منهما دليل قاطع ولا يتصور بينهما تعارض، فإنه لا يتصور تعارض القواطع سواء كانت عقلية أو نقلية ومنه فلا ترجيح بينها إذ الترجيح فرع التعارض، وبعبارة أخرى إن القطعي إما أن يعارض بقطعي أو ظني، ومعارضة القطعي لمثله محال، لأنه إما أن يعمل بهما معا فيكون جمعا بين النقيضين في الإثبات، وإما أن يمتنع عن العمل بهما فيكون جمعا في النفي، وإما أن يعمل بأحدهما دون الآخر فلا أولوية مع التساوي، وكذا الظني فإنه لا يقاوم القطعي لتفاوت مرتبتهما فالقطعي أولى بالتقديم، وما علم لا يظن خلافه، ظن الخلاف شك، فكيف يشك فيما يعلم، ولذلك لا ترجيح بين القطعي والظني، وبامتناع التعارض بين القطعيات لم يبق إلا الطرق الظنية، والدليلان الظنيان يتعارضان اتفاقا في نظر المجتهد ... " ثم بحث مسألة إثبات التعارض بين الظنيات ومشروعية الترجيح بينها وطرق دفع التعارض بينها ومن الظنيات الأقيسة وأخبار الآحاد وهو واضح بل البحث في مرجحات السند كله يختص بأخبار الآحاد، وقال في الفتح المأمول (158):"ويضيف الأحناف قسما ثالثا بينهما وهو المشهور والصحيح أنه يدخل ضمن الآحاد إذ لا يفيد إلا الظن ". وما دام الظني لا يعارض القطعي وخبر الواحد ظني إذن هو مردود.
أخي بارك الله فيك
قيد يتكلم اثنان بالتأصيل نفسه ولكن عند التطبيق يستبين الأمر
فقد يقول قائل: " العقل لا يعارض النقل " ويريد بذلك ما يعلمه أهل السنة من هذه العبارة
وقد يقول آخر العبارة نفسها ويعني بأن النقل يجب تأويله ليوافق العقل فلا يتعارضان
الكلام المذكور عن الشيخ ابن باديس وقع تطبيقه في كلامه على والدي النبي صلى الله عليه وسلم
حيث فهم بعض النصوص فهماً ظنياً
ثم جعل فهمه هذا حاكماً على النصوص قطعية الدلالة المخالفة لقوله
وهذا منهجٌ بدعي سار عليه أهل البدع قديماً وحديثاً
ومن أشهر تطبيقاتهم الحديثة لهذا المنهج إنكارهم لحد الردة
واحتجاجهم ببعض الآيات التي فهموها فهماً خاطئاً ثم جعلوا فهمهم الخاطيء حجةً على النصوص القطعية المخالفة لقولهم
ومن أجود ما يرد به عليهم أن يقال:
أن الظنية والقطعية ليست فقط في الثبوت
بل هي أيضاً في الدلالة
فهل فهمكم للآيات قطعي أم ظني؟
إن قالوا هو قطعي فقد كابروا، فكيف يكون فهمهم قطعياً وعلماء الأمة على اختلاف ملكاتهم ونحلهم ومواهبهم يخالفونهم
وإن قالوا هو ظني
قلنا: تعارض فهمكم الظني مع دلالة الأحاديث القطعية وعليه نعكس قاعدتهم عليهم ويظهر ما في قاعدتهم من الإطلاق غير المنضبط
وإذا تأملت هذا القول ومقدماته وجدته ينطلق من نفس المنهج الذي انطلق منه الشيخ _ رحمه الله _
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/183)
ـ[سمير زمال]ــــــــ[26 - 01 - 09, 04:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا على البيان(144/184)
السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي رحمه الله تعالى.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[25 - 12 - 07, 12:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
وبعد
فإن السلطان البطل المجاهد محمود سبكتكين الغزنوي رحمه الله من السلاطين المشهورين، والأبطال المعدودين.
قال عنه الإمام الذهبي: " السلطان الملك يمين الدولة فاتح الهند أبو القاسم محمود بن سيد الأمراء ناصر الدولة سبكتكين التركي صاحب خراسان والهند وغير ذلك .... ففرض على نفسه غزو الهند، فافتتح بلادا شاسعة، وكسر الصنم سومنات، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية ..... قال عبدالغافر الفارسي في ترجمة محمود: كان صادق النية في إعلاء الدين، مظفرا كثير الغزو، وكان ذكيا بعيد الغور، صائب الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء .... وكان في الخير ومصالح الرعية .... وكانت غزوات السلطان محمود مشهورة عديدة وفتوحاته المبتكرة عظيمة ... ".أهـ
سير أعلام النبلاء 13/ 312 - 315 باختصار طبعة دار الفكر تحقيق عمر بن غرامة العمروي.
وقال الإمام ابن كثير في أحداث سنة 421 هـ: " وفيها توفي الملك الكبير المجاهد الغازي، فاتح بلاد الهند محمود بن سبكتكين رحمه الله، لما كان في ربيع الأول من هذه السنة توفي الملك العادل الكبير الثاغر المرابط المؤيد المنصور يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين صاحب بلاد غزنة وملك تلك الممالك الكبار، وفاتح أكثر بلاد الهند قهرا وكاسر أصنامهم وندودهم وأوثانهم وهنودهم وسلطنهم الأعظم قهرا، وقد مرض رحمه الله نحوا من سنتين لم يضطجع فيهما على الفراش ولا توسد وساداً، بل كان يتكئ جالسا حتى مات وهو كذلك؛ وذلك لشهامته وصرامته وقوة عزمه، وله من العمر ستون سنة رحمه الله ... "
البداية والنهاية لابن كثير 12/ 27 طبعة دار المعارف.
وهذه مناظرة له مع أحد كبار المنتسبين للأشاعرة المتكلمين وهو أبو بكر ابن فورك، تبين مدى تمسكه بالأثر، وأخذه به، رغم وجود المخالف.
قال أبو مسعود البجلي: " دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية؛ لأن لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن جاز أن يكون له فوق جاز أن يكون له تحت. فقال السلطان: " ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه ". فبُهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات. فيقال: انشقت مرارته.
سير أعلام النبلاء 13/ 314
بعض أعماله رحمه الله:
أولا: القضاء على الدولة البويهية الرافضية.
ثانيا: القضاء على الدولة السامانية عند ضعفها.
ثالثا: تحالفه مع الخلافة العباسية ضد الدولة العبيدية الباطنية الكافرة، وإهداء الخليفة العباسيه له وخلعه عليه.
رابعا: نشره للسنة ومحبته لها، ومليه إلى الأثر.
خامسا: محاربته لأهل البدع من أشاعرة وجهمية ومعتزلة ورفضة.
سادسا: كانت انتصاراته لعقيدة السلف الصالح جعلت كثيرا من المؤرخين الأشاعرة وأصحاب الميول الشيعية ينتقصون من قدره وينسبون إليه الصفات الذميمة مثلما فعل ابن الأثير وكان متأثرا بالتشيع عندما وصف السلطان 'محمود بن سبكتكين' بالشره في جمع الأموال ولو من غير حقها وهي دعوى باطلة تخالفها سيرة وحياة هذا البطل العظيم في كل موطن.
سابعا: عدله بين الناس يجتهد في مصالحهم
ثامنا: مواصلته للجهاد في سبيل الله وقضاؤه على أكبر ملوك الهند "جيبال"
تاسعا: محبته للعلماء، واجتماعهم في مجلسه
عاشرا: هدمه للأصنام والأوثان التي تعبد من دون الله ومنها صنم كفار الهند الأكبر "سومنات"
هذه أعمال هذا السلطان الكبير والمجاهد البطل " محمود سبكتكين " رحمه الله تعالى.(144/185)
أريد ترجمة وافية للصحابي الجليل أبو فُكَيْهَةَ
ـ[أبو هاجر القصيمي]ــــــــ[25 - 12 - 07, 08:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأحباء اريد ترجمة كاملة أريد ترجمة وافية للصحابي الجليل أبو فُكَيْهَةَ
فلقد ذكره صاحب الرحيق المختوم في كتابه
وذكر له نذر يسير من حياته
فقال:
وكان أبو فُكَيْهَةَ ـ واسمة أفلح ـ مولى لبني عبد الدار، وكان من الأزد. فكانوا يخرجونه في نصف النهار في حر شديد، وفي رجليه قيد من حديد، فيجردونه من الثياب، ويبطحونه في الرمضاء، ثم يضعون على ظهره صخرة حتى لا يتحرك، فكان يبقى كذلك حتى لا يعقل، فلم يزل يعذب كذلك حتى هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وكانوا مرة قد ربطوا رجله بحبل، ثم جروه وألقوه في الرمضاء وخنقوه حتى ظنوا أنه قد مات، فمر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه لله.
ـ[عبد الله اليوسف]ــــــــ[29 - 12 - 07, 11:12 م]ـ
ورد في السيرة النبوية برواية ابن هشام: قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المسجد فجلس إليه المستضعفون من أصحابه خباب وعمار وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية بن محرث، وصهيب وأشباههم من المسلمين هزئت بهم قريش، وقال بعضهم لبعض هؤلاء أصحابه كما ترون أهؤلاء من الله عليهم من بيننا بالهدى والحق لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه وما خصهم الله به دوننا. فأنزل الله تعالى فيهم: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ".
وجاء في طبقات ابن سعد بلا إسناد: " أبو فكيهة: يقال إنه من الأزد وقال بعضهم كان مولى لبني عبد الدار فأسلم بمكة فكان يعذب ليرجع عن دينه فيأبى وكان قوم من بني عبد الدار يخرجونه نصف النهار في حر شديد في قيد من حديد ويلبس ثيابا ويبطح في الرمضاء ثم يؤتى بالصخرة فتوضع على ظهره حتى لا يعقل فلم يزل كذلك حتى هاجر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أرض الحبشة فخرج معهم في الهجرة الثانية".
وقال ابن سعد: "أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني عثمان بن محمد عن عبد الحكيم بن صهيب عن عمر بن الحكم قال كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول وبلال وعامر بن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا". ومحمد بن عمر هو الواقدي وحاله معلومة.
وقال البلاذري في أنساب الأشراف: "أبو فكيهة
واسمه أفلح. ويقال: يسار. قالوا: كان أبو فكيهة عبدا لصفوان ابن أمية الجمحي. فأسلم حين أسلم بلال، فمر به أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وقد أخذه أمية بن خلف فربط في رجله حبلا وأمر به فجر، ثم ألقاه في الرمضاء. ومر به جعل، فقال: أليس هذا ربك ? فقال: الله ربي خلقني وخلقك وخلق هذا الجعل. فغلظ عليه وجعل يخنقه، ومعه أخوه أبي بن خلف، يقول: زده عذاباً حتى يأتي محمد فيخلصه بسحره. ولم يزل على تلك الحال حتى ظنوا أنه قد مات، ثم أفاق. فمر به أبو بكر، فاشتراه واعتقه".
وعامة مافي الكتب الأخرى يؤول إلى واحد مما سلف، والله أعلم.
ـ[أبو هاجر القصيمي]ــــــــ[31 - 12 - 07, 12:22 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي عبد الله
ـ[أبو أسامه المهاجر]ــــــــ[31 - 12 - 07, 03:52 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم أبي عبدالله
ـ[عبد الله اليوسف]ــــــــ[31 - 12 - 07, 08:25 م]ـ
وإياكما جزى الله خير الجزاء أخويّ أبا هاجر وأبا أسامة.(144/186)
أسسئلة فى السيرة
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[25 - 12 - 07, 10:33 م]ـ
يقول الشيخ صفى الرحمن رحمه اله تعالى فى (الرحيق المختوم)
1 ـ بنو كلب: أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بطن منهم يقال لهم: بنو عبد الله، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: (يا بني عبد الله، إن اللهقد أحسن اسم أبيكم)، فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.
فما معنى قد أحسن اسم ابيكم؟
ويقول
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[26 - 12 - 07, 12:38 ص]ـ
عبد الله هو أبوهم الذي ينتسبون إليه وهو اسم حسن كما ترى.
و المقصود أن عبد الله اسم أب من آبائهم يتصلون به في سلسلة النسب , كما أن قصي بن كلاب أب من آباء النبي صلى الله عليه وسلم لاتصال نسبه به , وعبد الله اسم حسن في الشرع وثبت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه واسم عبد الرحمن من أحب الأسماء إلى الله , وذلك لما فيهما من وصف العبودية لله.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[26 - 12 - 07, 03:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم هذا سؤال آآخر
فى قصة اسلام ضماد الازدى رضى الله تعالى عنه يقول
، فقال: يا محمد (صلى الله عليه وسلم)، إني أرقى من هذا الريح، فهل لك؟
ما معنى أرقى من هذا الريح؟
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[26 - 12 - 07, 06:31 ص]ـ
المقصود أن ضماداً كان راقياً في الجاهلية وكان يرقي من الجنون وغيره من الأمراض
والريح هنا الجنون فضماد كان يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم به جنون كما يشيعه السفهاء والكفار فكان يريد أن يرقي النبي صلى الله عليه وسلم ويعافيه من هذه المرض , وحاشا لله أن يكون مجنوناً صلى الله عليه وسلم.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[26 - 12 - 07, 10:58 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[28 - 12 - 07, 04:43 ص]ـ
قال ايضا فى الاسراء والمعراج
ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن.
اريد وصفا لهن أكثر جزاكم الله خيرا
وقال
ورأى عيرًا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير نَدَّ لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلًا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.
غير قادر على تصور هذا الحدث لعدم وضوحه لدى
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[28 - 12 - 07, 03:07 م]ـ
قال ايضا فى الاسراء والمعراج
اريد وصفا لهن أكثر جزاكم الله خيرا
وقال
غير قادر على تصور هذا الحدث لعدم وضوحه لدى
معنى يدخلن على الرجال ما ليس من أولادهم أي: يزنين فتختلط مياه الرجال مع مياه أزواجهن فينسب الولد إلى الزوج مع أنه من ماء غيره فتختلط الأنساب.
ومعنى: (ورأى عيرًا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير نَدَّ لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلًا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء).
أي عندما عاد من بيت المقدس راجعاً إلى مكة مر على قافلة لأهل مكة وقد هرب وشرد لهم بعير فأخذوا في طلبه , بينما هم نائمون جاء النبي صلى الله عليه وسلم فشرب من إناء لهم مغطى فيه ماء فترك الإناء مغطى فلما وصل إلى مكة سألت قريش النبي صلى الله عليهم وسلم دليلاً يبين لهم أنه صادق في ذهابه إلى بيت المقدس فذكر لهم أدلة منها أنه مر على عير لهم قد ند لهم بعير فأخذوا في طلبه وقد شرب من إناء لهم فلما وصلت القافلة بعد مدة إلى مكة تبين صدق النبي صلى الله عليهم وسلم.
هذا معنى هذه الحادثة.
والله أعلم.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[28 - 12 - 07, 08:29 م]ـ
بينما هم نائمون جاء النبي صلى الله عليه وسلم فشرب
ما دام هم كانوا نائمين فكيف عرف النبى صلى الله عليه وسلم بأنهم كانوا يطلبون بعير لهم؟
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[28 - 12 - 07, 10:11 م]ـ
جعل صاحب الرحيق المختوم العير واحدة ولكن في سيرة ابن إسحاق نص على أن العير الأولى غير الثانية فالأولى في ذهابه إلى الشام والثاني في إقباله فلا تعارض حينئذ.
ففي البداية والنهاية عن سيرة ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم قال: " وآية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فأنفرهم حس الدابة فند لهم بعير فدللتهم عليه وأنا متوجه إلى الشام ثم أقبلت حتى إذا كنت بصحنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياماً ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ثم غطيت عليه كما كان ... إلى آخره " البداية والنهاية 3/ 120 طبعة دار المعرفة.(144/187)
حادثة بُغا الكبير مع بني نمير وغيرها من القبائل في نجد سنة 232هـ
ـ[أبو معطي]ــــــــ[26 - 12 - 07, 04:20 ص]ـ
السلام عليكم
من المعروف لدى المتابعين للتاريخ النجدي القديم أن نجداً تعرضت للكثير من الأحداث التي سببت هجرة بعض القبائل منها بل وتغير الخارطة القبليّة فيها، ومن تلك الأحداث المهمة حادثة مسير القائد العسكري بُغا الكبير (وهو تركي الأصل) بأمر من الخليفة العباسي الواثق سنة 232هـ لقتال بني نمير وغيرها من القبائل في نجد بسبب شكوى من الشاعر (عمارة بن عُقيل بن بلال بن جرير الخطفي التميمي) للخليفة الواثق بعد امتداحه بقصيدة، ومن أشهر المصادر التي توسعت في تلك الحادثة تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك)، وإليكم ماساقه الإمام الطبري عن تلك الحادثة:
______________________________________
قال الإمام الطبري في تاريخه:
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
ذكر الخبر عن مسير بغا الكبير إلى حرب بني نمير
فمن ذلك ما كان من مسير بغا الكبير إلى بني نمير حتى أوقع بهم
ذكر الخبر عن سبب مسيره إليهم وكيف كان الأمر بينه وبينهم: حدثي أحمد بن محمد بن مخلد بمعظم خبرهم؛ وذكر أنه كان مع بغا في ذلك السفر، وأما سياق الكلام فلغيره. وذكر أن سبب شخوص بُغا إلى بني نمير كان أن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن الخطفي امتدح الواثق بقصيدة، فدخل عليه فأنشده إياها، فأمر له بثلاثين ألف درهم، وبنُزُل فكلم عمارة الواثق في بني نمير، وأخبره بعبثهم وفسادهم في الأرض، وإغارتهم على الناس وعلى اليمامة وما قرب منها؛ فكتب الواثق إلى بغا يأمره بحربهم
فذكر أحمد بن محمد أن بُغا لما أراد الشخوص من المدينة إليهم حمل معه محمد بن يوسف الجعفري دليلاً له على الطريق، فمضى نحو اليمامة يريدهم، فلقي منهم جماعة بموضع يقال له الشريف (في عالية نجد)؛ فحاربوه، فقتل بغا منهم نيفاً وخمسين رجلاً، وأسر نحواً من أربعين، ثم سار إلى حظيّان ثم سار إلى قرية لبني تميم من عمل اليمامة تدعى مرأة (مرات بالوشم)، فنزل بها، ثم تابع إليهم رسله، يعرض عليهم الأمان، ودعاهم إلى السمع والطاعة؛ وهم في ذلك يمتنعون عليه، ويشتمون رسله، ويتفلتون إلى حربه؛ حتى كان آخر من وجّه إليهم رجلين؛ أحدهما من بني عدي من تميم والآخر من بني نمير، فقتلوا التميمي وأثبتوا النميري جراحاً، فسار بغا إليهم من مرأة. وكان مسيره إليهم في أول صفر من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، فورد بطن نخل، وسار حتى دخل نُخيلة وأرسل إليهم أن ائتوني، فاحتملت بنو ضبة من نمير، فركبت جبالها مياسر جبال السود - وهو جبل خلف اليمامة أكثر أهله باهلة - فأرسل إليهم فأبوا أن يأتوه، فأرسل إليهم سرية فلم تدركهم، فوجه سرايا، فأصابت فيهم وأسرت منهم. ثم إنه أتبعهم بجماعة من معه وهم نحو من ألف رجل سوى من تخلف في العسكر من الضعفاء والأتباع، فلقيهم وقد جمعوا له، وحشدوا لحربه؛ وهم يومئذ نحو ثلاثة آلاف، بموضع يقال له روضة الأبان وبطن السر من القرنين على مرحلتين، ومن أضاخ على مرحلة؛ فهزموا مقدمته، وكشفوا ميسرته، وقتلوا من أصحابه نحواً من مائة وعشرين أو مائة وثلاثين رجلاً، وعقروا من إبل عسكره نحواً من سبعمائة بعير ومائة دابة، وانتهبوا الأثقال وبعض ما كان مع بغا من الأموال
قال لي أحمد: لقيهم بُغا وهجم عليهم، وغلبه الليل، فجعل بُغا يناشدهم، ويدعوهم إلى الرجوع وإلى طاعة أمير المؤمنين، ويكلمهم بذلك محمد بن يوسف الجعفري، فجعلوا يقولون له: يا محمد بن يوسف، قد والله ولدناك فما رعيت حرمة الرحم، ثم جئتنا بهؤلاء العبيد والعلوج تقاتلنا بهم! والله لنرينك العبر، ونحو ذلك من القول
فلما دنا الصبح قال محمد بن يوسف لبُغا: أوقع بهم من قبل أن يضيء الصبح، فيروا قلة عددنا، فيجترئوا علينا، فأبى بُغا عليه؛ فلما أضاء الصبح ونظروا إلى عدد من مع بغا - وكانوا قد جعلوا رجّالتهم أمامهم وفرسانهم وراءهم ونعمهم ومواشيهم من ورائهم - حملوا علينا، فهزمونا حتى بلغت هزيمتنا معسكرنا، وأيقنّا بالهلكة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/188)
قال: وكان قد بلغ بغا أن خيلاً لهم بمكان من بلادهم، فوجّه من أصحابه نحواً من مائتي فارس إليها. قال: فبينا نحن فيما نحن فيه من الإشراف على العطب، وقد هزم بُغا ومن معه إذ خرجت الجماعة التي كان بُغا وجّهها من الليل إلى تلك الخيل، وقد أقبلت منصرفة من الموضع الذي وجّهت إليه من العسكر في ظهور بني نمير، وقد فعلوا ما فعلوا ببُغا وأصحابه فنفخوا في صفّاراتهم؛ فلما سمعوا نفخ الصّفارات، ونظروا إلى من خرج عليهم في أدبارهم، قالوا: غدر واللّه العبد، وولّوا هاربين، وأسلم فرسانهم رجّالتهم بعد أن كانوا على غاية المحاماة عليهم
قال لي أحمد بن محمد: فلم يفلت من رجّالتهم كثير أحد؛ حتى قتلوا عن آخرهم؛ وأما الفرسان فطاروا هُرّاباً على ظهور الخيل
وأما غير أحمد بن محمد فإنه قال: لم تزل الهزيمة على بُغا وأصحابه منذ غدوة إلى انتصاف النهار؛ وذلك يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ثم تشاغلوا بالنّهب وعقر الإبل والدوابّ حتى ثاب إلى بُغا من كان انكشف من أصحابه، واجتمع من كان تفرّق عنه، فكرّوا على بني نمير، فهزمهم وقتل منهم منذ زوال الشمس إلى وقت العصر زهاء ألف وخمسمائة رجل. وأقام بُغا بموضع الوقعة على الماء المعروف ببطن السّر، حتى جمعت له رءوس من قتل من بني نمير، واستراح هو وأصحابه ثلاثة أيام
فحدثني أحمد بن محمد أن من هرب من فرسان بي نمير من الوقعة أرسلوا إلى بُغا يطلبون منه الأمان؛ فأعطاهم الأمان؛ فصاروا إليه، فقيدهم وأشخصهم معه
وأما غيره فإنه قال: سار بُغا من موضع الوقعة في طلب من شذ عنه منهم، فلم يدرك إلا الضعيف ممن لم يكن له نهوض منهم وبعض المواشي والنعم، ورجع إلى حصن باهلة. قال: وإنما قاتل بُغا من بني نمير بنو عبد الله بن نمير وبنو بسرة وبلحجاج وبنو قطن وبنو سلاه وبنو شريح وبطون من الخوالف - وهم بني عبد الله بن نمير، ولم يكن في القتال من بني عامر بن نمير إلا القليل - وبنو عامر بن نمير أصحاب نخل وشاء، وليسوا أصحاب خيل، وعبد الله بن نمير هي التي تحارب العرب - فقال عمارة بن عقيل لبغا:
تركت الأعقفين وبطن قو ... وملأت السجون من القماش
فحدثني أحمد بن محمد أن الذين دخلوا إلى بُغا بالأمان من بني نمير لما قيدهم وحبسهم وأشخصهم معه شغبوا في الطريق، وحاولوا كسر قيودهم والهرب، فأمر بإحضارهم واحداً بعد واحد؛ فكان إذا حضر الواحد يضربه ما بين الأربعمائة إلى الخمسمائة وأقل من ذلك وأكثر؛ فزعم أحمد أنه حضر ضربهم ولم ينطق منهم ناطق يتوجع من الضرب؛ وأنه أحضر منهم شيخ قد علق في عنقه مصحفاً، ومحمد بن يوسف جالس إلى جنب بُغا، فضحك منه محمد بن يوسف وقال لبُغا: هذا أخبث ما كان - أصلحك الله - حين علق المصحف في عنقه! فضربه أربعمائة أو خمسمائة، فما توجع وما استغاث
وذكر أن فارساً من بني نمير لقى بُغا في وقعتهم التي ذكرت أمرها يدعى المجنون، فطعن بُعا ورمى المجنون ورجل من الأتراك. فأفلت، وعاش أياماً ثلاثة ثم مات من رميته
قال: ثم قدم عليه واجن الأشروسني الصغدي في سبعمائة رجل مدداً له من الأشروسنيّة الإشتيخنيّة فوجهه بُغا ومحمد بن يوسف الجعفري في أثرهم؛ فلم يزل يتبعهم حتى وغلوا في البلاد، وصاروا بتبالة وما يليها من حد عمل اليمن وفاتوه؛ فانصرف ولم يصر في يديه منهم إلا ستة نفر أو سبعة، وأقام بحصن باهلة، ووجه إلى جبال بني نمير وسهلها من هلان!! والسود وغيرها من عمل اليمامة سراياً في محاربة من امتنع ممن قبل الأمان منهم، فقتلوا جماعة وأسروا جماعة، وأقبل عدة من ساداتهم كلهم يطلب الأمان لنفسه والبطن الذي هو منه، فقبل ذلك منهم وبسطهم وآنسهم؛ ولم يزل مقيماً إلى أن جمع إليه كل من ظن أنه كان في هذه النواحي منهم، وأخذ منهم زهاء ثمانمائة رجل، فأثقلهم بالحديد وحملهم إلى البصرة، في ذي العقدة من سنة اثنتين ومائتين وكتب إلى صالح العباسي بالمسير بمن قبله في المدينة من بني كلاب وفزارة ومرة وثعلبة وغيرهم واللحاق به؛ فوافاه صالح العباسي ببغداد، وصاروا جميعاً في المحرم إلى سامرّاً سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وكانت عدة من قدم به بغا وصالح العباسي من الأعراب سوى من مات منهم وهرب. وقتل في هذه الوقائع التي وصفناها ألفى رجل ومائتي رجل من بني نمير ومن بني كلاب ومن مرة وفزارة ومن ثعلبة وطيئ
______________________________________________
انتهى سياق الحادثة عند الطبري في تاريخه (تاريخ الرسل والملوك)، أحداث سنة 232هـ، الجزء التاسع، صفحة 146 - 150 من طبعة دار المعارف
ملاحظة: مابين القوسين توضيح مني لبعض المواضع في نجد مثل ماذكرته بعد الشريف ومرأة وليست من نص كلام الطبري
ـ[عبد الله اليوسف]ــــــــ[26 - 12 - 07, 04:10 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه النبذة المفيدة وأنا من المتابعين لكتاباتك.
ويلاحظ هنا أن قول الطبري: "من بني عدي من تميم" مبني على التقريب لأنهم بنو عدي بن عبد مناة بن أد فهم أبناء عم بني تمبم بن مر بن أد ولا يبعد أن هذا الرجل من بلدة شقراء لأن شقراء كانت من بلاد بني عدي.
وقوله: "بنو ضبة من نمير" أخشى أنه تصحيف لأن المعروف من بطون نمير "ضنة" بكسر الضاد المعجمة وتشديد النون المفتوحة وهم رهط جران العود الشاعر المعروف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/189)
ـ[منصور الرحيمي]ــــــــ[28 - 12 - 07, 11:47 م]ـ
أشكرك على هذا النقل والموضوع
وقد كتبتُ في دراسةٍ لي أشياءَ عن هذه الحوادث ... ألخّصُها هنا لعلَّ فيها نفعاً
وقبل هذا ... فإنّ حملة بغا الكبير توجّهت أولاً سنة 230 هـ إلى الحجاز لتأديب القبائل الحجازية، وسار بغا من الحجاز إلى نجد سنة 232 هـ
....
أمَّا سَبَبُ هذه العَيْثِ والتَّطاوُلِ فقد حاولَ بعضُ الدَّارسين تعليلَه بـ"إسْقاطِ العربِ مِن ديوانِ العَطَاءِ، وإقصاءِ العناصرِ العربيَّةِ عن الحُكْمِ، وارتدادِ بعضِهم إلى الجزيرة" (1)، وليس هذا بالسَّديدِ فيما أرى؛ لأنَّ إسقاطَ العربِ مِن ديوانِ الجُنْدِ كان خاصَّاً بمِصْرَ في أولِ خلافةِ المعتصمِ سنة 218 هـ (2)، ولَمْ يَطَّرِحِ المعتصمُ العربَ والفُرْسَ مِن جَيْشِه إذ كانت لهم قطائعُ خاصَّةٌ بهم في سامرَّاء (3)، ولعلَّ المعتصمَ أَسْقَطَ العربَ مِن ديوانِ مِصْرَ ليَجْلُبَهم إلى العراقِ؛ فقد اصْطَنعَ المعتصمُ عربَ الحَوْفِ مِن مِصْرَ واستخدمهم في جَيْشِه وسَمَّاهم المغاربةَ (4)، وكان هؤلاءِ المغاربةُ في جَيْشِ بُغَا حين قاتَلَ أعرابَ الجزيرةِ. وارتدادُ العربِ إلى الجزيرةِ لَمْ أجِدْه فيما نَظَرْتُ فيه مِن مصادرٍ، أمَّا إقصاءُ العربِ مِن الحُكْمِ فأخْشَى أنْ يكونَ فِكْرةً مُسْبَقَةً سُلِّمَ بها مِن دونِ تَحْقيقٍ؛ فالنَّاظِرُ في مصادرِ التَّاريخِ لهذه المُدَّةِ يَجِدُ الدلائلَ مُتَضافرةً على مُشاركةٍ حَسَنَةٍ للأُسْراتِ العربيَّةِ في الحُكْمِ، وإلى هذا فليس في عَيْثِ الأعرابِ ما يُشِيرُ إلى مَوْقفٍ سياسيٍّ واضحٍ يَدْفَعُهم أو يُدافعون عنه.
الهوامش:
1 ـ مقالة "الدولة الأخيضرية" للدكتور عبدالله الشبل، مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية ـ سنة 1396 هـ ـ العدد 6 ـ ص 461
2 ـ انظر: كتاب الولاة والقضاة 193، وظهر الإسلام 1/ 8
3 ـ انظر: ملاحظات جديدة حول ظهور المماليك 53 (ضمن كتاب: دراسات عربية وإسلامية)
4 ـ انظر: الكامل في التاريخ 6/ 22، والحوف: مِن الوجه البَحْرِي لمصر (انظر: جغرافية مصر من كتاب المسالك والممالك 66 ومقدمة محققه 18)
والله أعلم
ـ[أبو معطي]ــــــــ[24 - 02 - 08, 05:40 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه النبذة المفيدة وأنا من المتابعين لكتاباتك.
ويلاحظ هنا أن قول الطبري: "من بني عدي من تميم" مبني على التقريب لأنهم بنو عدي بن عبد مناة بن أد فهم أبناء عم بني تمبم بن مر بن أد ولا يبعد أن هذا الرجل من بلدة شقراء لأن شقراء كانت من بلاد بني عدي.
وقوله: "بنو ضبة من نمير" أخشى أنه تصحيف لأن المعروف من بطون نمير "ضنة" بكسر الضاد المعجمة وتشديد النون المفتوحة وهم رهط جران العود الشاعر المعروف.
الأستاذ الكريم عبدالله اليوسف سلمك الله
أعتذر كثيراً عن تأخري بالرد فلم أدخل الملتقى منذ مدة
وتشرفني متابعتك بارك الله فيك
وأشكر لك إضافتك القيّمة جزاك الله خيراً ورفع قدرك
ـ[أبو معطي]ــــــــ[24 - 02 - 08, 05:52 م]ـ
أشكرك على هذا النقل والموضوع
وقد كتبتُ في دراسةٍ لي أشياءَ عن هذه الحوادث ... ألخّصُها هنا لعلَّ فيها نفعاً
وقبل هذا ... فإنّ حملة بغا الكبير توجّهت أولاً سنة 230 هـ إلى الحجاز لتأديب القبائل الحجازية، وسار بغا من الحجاز إلى نجد سنة 232 هـ
....
أمَّا سَبَبُ هذه العَيْثِ والتَّطاوُلِ فقد حاولَ بعضُ الدَّارسين تعليلَه بـ"إسْقاطِ العربِ مِن ديوانِ العَطَاءِ، وإقصاءِ العناصرِ العربيَّةِ عن الحُكْمِ، وارتدادِ بعضِهم إلى الجزيرة" (1)، وليس هذا بالسَّديدِ فيما أرى؛ لأنَّ إسقاطَ العربِ مِن ديوانِ الجُنْدِ كان خاصَّاً بمِصْرَ في أولِ خلافةِ المعتصمِ سنة 218 هـ (2)، ولَمْ يَطَّرِحِ المعتصمُ العربَ والفُرْسَ مِن جَيْشِه إذ كانت لهم قطائعُ خاصَّةٌ بهم في سامرَّاء (3)، ولعلَّ المعتصمَ أَسْقَطَ العربَ مِن ديوانِ مِصْرَ ليَجْلُبَهم إلى العراقِ؛ فقد اصْطَنعَ المعتصمُ عربَ الحَوْفِ مِن مِصْرَ واستخدمهم في جَيْشِه وسَمَّاهم المغاربةَ (4)، وكان هؤلاءِ المغاربةُ في جَيْشِ بُغَا حين قاتَلَ أعرابَ الجزيرةِ. وارتدادُ العربِ إلى الجزيرةِ لَمْ أجِدْه فيما نَظَرْتُ فيه مِن مصادرٍ، أمَّا إقصاءُ العربِ مِن الحُكْمِ فأخْشَى أنْ يكونَ فِكْرةً مُسْبَقَةً سُلِّمَ بها مِن دونِ تَحْقيقٍ؛ فالنَّاظِرُ في مصادرِ التَّاريخِ لهذه المُدَّةِ يَجِدُ الدلائلَ مُتَضافرةً على مُشاركةٍ حَسَنَةٍ للأُسْراتِ العربيَّةِ في الحُكْمِ، وإلى هذا فليس في عَيْثِ الأعرابِ ما يُشِيرُ إلى مَوْقفٍ سياسيٍّ واضحٍ يَدْفَعُهم أو يُدافعون عنه.
الهوامش:
1 ـ مقالة "الدولة الأخيضرية" للدكتور عبدالله الشبل، مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية ـ سنة 1396 هـ ـ العدد 6 ـ ص 461
2 ـ انظر: كتاب الولاة والقضاة 193، وظهر الإسلام 1/ 8
3 ـ انظر: ملاحظات جديدة حول ظهور المماليك 53 (ضمن كتاب: دراسات عربية وإسلامية)
4 ـ انظر: الكامل في التاريخ 6/ 22، والحوف: مِن الوجه البَحْرِي لمصر (انظر: جغرافية مصر من كتاب المسالك والممالك 66 ومقدمة محققه 18)
والله أعلم
الأستاذ الكريم منصور الرحيمي سلمك الله
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء على هذه الإضافة القيّمة
ولا شك أنها أضافت بُعداً آخر للموضوع، ونحن نطمع
أن نستفيد أكثر حول الموضوع منكم ومن الأخوة الكرام
مع إعتذاري عن تأخري بالرد، وتحياتي لكم(144/190)
هل أنا من ال البيت؟؟؟
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 12:22 ص]ـ
سمعت هذا من كبار العائلة!! ضحكت في بادئ الأمر لأني أعرف أنه في زماننا يكثر من يدعي هكذا دعوى ولكننب فوجئت بجدبة كبيرة من جدي!
فكيف يمكن لي أن أتأكد؟
أعرف أن أكرمكم عند الله أتقاكم و لكن .. !!!
ـ[العدناني]ــــــــ[27 - 12 - 07, 01:00 ص]ـ
انسب لنا نفسك Question Question Question Question Question
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 01:13 ص]ـ
يوجد قبرين لـ (صالحين) في المغرب كان اسمهما علي و سعيد وهما بقرب مدينة بركان بالمغرب ..... أن صاحبي القبرين أجدادنا فمعروف و لكن ما قبلهما فهذا الدي أبحث عنه! كيف يمكنني أن أبدأ البحث و في أي شيء أستطبع البحث
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 01:17 ص]ـ
و أظن أن المسألأة عامة. كيف يمكن لشخص يعرف في العائلة تظن أنها تنتسب للنبي - عليه الأفضل الصلاة و السلام - كيف يمكنه التأكد؟؟؟
ـ[سليمان إبراهيم الأسعدي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 02:00 ص]ـ
الاستفاضة والتواتر من أعظم الأدلة المعتبرة في الشرع وفي العرف في إثبات النسب.
وكذلك الشواهد التاريخية الموثوقة والمعتبرة عند أهل الشأن يثبت الإتصال. .
والله أعلم.
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[27 - 12 - 07, 07:06 ص]ـ
ألا يوجد نقابة للأشراف عندكم؟ هى المختصة بمثل هذا الشأن فى مصر.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 08:19 ص]ـ
وكيف حال نقابة الأشراف هذه في مصر؟
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[27 - 12 - 07, 08:47 ص]ـ
أظنها صوفية والله أعلم.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[27 - 12 - 07, 09:09 ص]ـ
سمعت هذا من كبار العائلة!! ضحكت في بادئ الأمر لأني أعرف أنه في زماننا يكثر من يدعي هكذا دعوى ولكننب فوجئت بجدبة كبيرة من جدي!
فكيف يمكن لي أن أتأكد؟
أعرف أن أكرمكم عند الله أتقاكم و لكن .. !!!
عرفتَ فالزم وفقك الله.
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85_%D8%A8%D8%B1%D9%83% D8%A7%D9%86
ـ[مدارج]ــــــــ[27 - 12 - 07, 09:31 ص]ـ
هذا موقع طيب لمعرفة الانساب اسمه (انساب اون لاين) http://www.ansab-online.com/modules/news/
وهذا رابط منتديات السادة في الموقع نفسه لعلك تسألهم فإنهم خبراء في ذلك
http://www.ansab-online.com/modules/mylinks/singlelink.php?cid=174&lid=7021
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 11:21 ص]ـ
ما كنيتك أخي طالب العلم البلجيكي؟
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[28 - 12 - 07, 08:38 م]ـ
متابع
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 02:40 م]ـ
بارك الله في تفاعل الاخوة و لا أدري هل يوجد سيء يشبه (نقابة الأشراف)
وغلى كل حال فالعمل هو الذي يوزن يوم القيامة لا الأنساب (و لكن مجرد خاطرة أن النسب يتصل بالنبي صلى الله عليه و سلم يشجع تشجيعا مؤثرا بالنسبة لي للعمل)
ـ[أبوصهيب المغربي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 02:51 م]ـ
هناك نقيب للشرفاء الأدارسة في إحدى ضواحي مدينة تازة أعرفه و لدي معه علاقة ... ويمكنني ان أدلك عليه حتى تلتقي به وتسأله .. ؟؟
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 03:53 م]ـ
شيخ أبو صهيب .. راجع الخاص و شكرا
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:58 م]ـ
قبائل بني يزناسن
يعتبر بنو يزناسن من القبائل البربرية البترية و ينتمون إلى زناتة كما يذكر ابن حوقل "و من قبائل البربر الخارجة من صلب زناتة بنو يزناسن" لكن قدور الورطاسي يذكر أن لكل من القبيلتين نسب خاص " فلبني يزناسن نسبهم الخاص، و لزناتة نسبهم الخاص، و أن كاتا القبيلتين تجتمعان في أصل واحد " أما مواطنهم الأصلي فيذكر ابن خلدون "بني يزناسن أهل الجبل المطل على وجدة " ويعرف الحسن الوزان هذا الجبل " يقع هذا الجبل على بعد نحو خمسين ميلا غربي تلمسان، و يتاخم من جهة قفر كرط و قفر أنكاد من جهة أخرى، ممتدا على طول خمس و عشرين ميلا و على عرض نحو خمة عشرة ميلا و هو شديد الوعورة و الارتفاع، صعب المسالك، تكسوه غابات كثيرة، و يضم هذا الجبل مداشر عديدة يسكنها قوم ذو بأس شديد". و تنقسم منطقة بني يزناسن إلى أربعة قبائل كبرى و هي: قبيلة بني وريمش، وقبيلة بني عتيق، قبيلة بني منقوش، قبيلة بني خالد
1 ـ قبيلة بني وريمش: ( http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=1_%D9%80_%D9%82%D8%A8%D9%8A%D9%84% D8%A9_%D8%A8%D9%86%D9%8A_%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%85% D8%B4_:&action=edit) تقع قبيلة بني وريمش في الناحية المجاورة لقبائل كبدانة والريف، و معظم سكانها من العيون، و تنتشر هذه القبيلة على الجزء الغربي من جبل تافوغالت شرقا وحوض ملوية غربا، و تضم فروعا من الزاوية الحمداوية في عين الهراوة و بني نوكة و لا يوجد في بني وريمش إلا سوق واحد المسمى "بتانزارت"، و أعظم بطونهم بنو عبد السيد. و أولاد علي الشاب و رسلان و تاكمة، و بنو محيو المجاوورن لقصبة عيون سيدي ملوك و في هذا القسم تقع أراضي أكليم.
أما شرفاء القبيلة فهم: أولاد سيدي علي و سعيد باونت و أولاد سيدي سعيد العرعار، و أولاد سيدي موسى المدعون بأولاد معبورة، و أولاد فسير، و أولاد عطية وأهل ورين و بنو وال و التميميون و الشراقة، وهؤلاء الشرفاء الإدريسيون يقيمون مواسم دورية [1] * ترحما على جدودهم الأعلون.
هذه الماتم (علم الله أنني ما حضرت أحدا منها و ذلك لبدع تقام هناك والفضل الاول في ذلك لابي بارك الله فيه) تقام على ناحية الجبل المذكور المسمى بتافوغالت وهناك يوجد هذان القبران للجد علي و سعيد.
والوالد كان مسقط رأسه بأفير المذكورة
لكني أريد التأكد وهذا النص من الويكابيديا وجده
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/191)
ـ[محمد البوخاري]ــــــــ[03 - 04 - 08, 05:57 م]ـ
انت شريف ادريسي حسب امرين
روايتك التي نقلت
الثاني حسب ما سمعت من اهلك وما حولك من الناس اي ما هو متواتر وشهادة الناس تكفي في النسب لانه لو كان هناك طعن لسمعته
انت اذن شريف ادريسي وجدك الاعلى هو ادريس دفين فاس وانت تعرف ذلك فانت من بني ادريس بن ادريس بن عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين المهم اذا كنت تبحث عن اتصالك بهم فذلك ليس بالامر السهل ولا يتحقق وانت جالس على كرسيك بل يجب ان تسال ولا تتوقف عن السؤال وتاكد انها توجد اجابة
المهم ان معرفة نسبك الان تلزمك بامور اكثر لعلك ملزم بسنة جدك محمد اكثر من قبل فانت هاشمي وتترتب عليك امور اخرى تعرفها من اهل العلم والدين
ـ[أبو عمير الداوردي]ــــــــ[17 - 04 - 08, 01:04 م]ـ
عليك أن تعلم بأمرين:
أن كثير من الناس ينسب نفسه لآل البيت وهو ليس كذلك ..
وفي المقابل:
كثير هم آل البيت لأنهم يتزوجون كثيرا لشرف نسبهم
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[21 - 04 - 08, 06:00 ص]ـ
السلام عليكم
كيف السبيل الى معرفة نسبي
وقد قيل ان عائلتي أصلها عقيل ابن ابي طالب
-مجرد أقوال-لاأعلم صحتها من عدمه
والغريب أن الناس تقول وأبي لايعلم
وهو ايضا لايستطيع ان ينسب نفسه الى أكثر من اربعة أجداد
فهل ممكن -كما قال لي احد الاخوة- ان أسأل في دار المحفوظات
وذلك بمعرفة خمس أجداد والأماكن التي تنقلنت عائلتي منها وفيها
وزيادة الشكوك في صحة الكلام
بسبب اننا من محافظة الشرقية بمصر
والمعروف ان محافظة الشرقية دون محافظات الوجه البحري
أن أهلها معظمهم ذوو أصول عربية
والله المستعان
والسلام
ـ[محمد بن سعد ال شريف]ــــــــ[21 - 04 - 08, 12:34 م]ـ
يااخونى
ان اكرمكم عند الله اتقاكم
فلا تشغلوا انفسكم
وقديما قالوا لى انته منهم
ولم ابحث ولكن بعض المتصوفه فى عائلتى (هداه الله)
بحث وبالفعل تأكد من انتسابنا وتأكد من نقابه الاشراف
ولكن التقوى هو السبيل الوحيد للنجاه لا الانتساب وغيره
ـ[أبو البراء السوري]ــــــــ[21 - 04 - 08, 04:02 م]ـ
والله وأنا متلك
أبي بدوا يقنعي كمان انوا نحنوا من ال البيت
والله اعلم
هل في طريقة أتأكد فيها اني من ال البيت(144/192)
تعريف الراوي بترجمة الشيخ مصطفى البحياوي
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[27 - 12 - 07, 07:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هاهي ذي الترجمة التي وعدت فأرجو أن أكون موفقا فيها.
تعريف الراوي بترجمة الشيخ مصطفى البحياوي
إعداد و تحرير: بدر العمراني
اسمه:
هو أبو سلمان مصطفى بن أحمد بن عبد الرحمن البحياوي المراكشي مولدا و نجارا، الطنجي منزلا وقرارا.
ولادته:
من مواليد سنة 1950 م، بمدينة مراكش الحمراء.
نشأته:
نشأ بمدينته مراكش في كنف والده الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البحياوي، حيث حفظ القرآن الكريم، و تلقى مبادئ العلوم، متنقلا في ذلك بين حلقات العلم التقليدية، و مستويات المناهج العصرية، و نظرا لما كان يتمتع به من ذكاء و فطنة، بذ أقرانه في الفنون التي تلقاها ... فكان خير مثال في الجد و الاجتهاد و المثابرة. و ظل على هذا النهج إلى أن أتم مشواره.
أساتذته و مشايخه:
منهم: والده الشيخ المقرئ أحمد بن عبد الرحمن البحياوي، و الأستاذ اللغوي أحمد الشرقاوي إقبال، و الشيخ المقرئ عبد الفتاح القاضي، و الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، و الشيخ عبد الله بن الصديق، و الشيخ عبد العزيز بن الصديق، و الفقيه الرحالي الفاروقي، و الفقيه الحسن الزهراوي ....
وظائفه:
اشتغل حفظه الله بالتدريس، ثم مفتشا بالسلك الثاني من التعليم الثانوي، و استمر بهذه المهمة إلى أن غادرها طواعية خلال المبادرة التي أطلقتها الحكومة المغربية السابقة منذ سنتين.
و هو الآن يحتل منصب مدير مدرسة الإمام الشاطبي لتحفيظ القرآن و تدريس علومه بطنجة، ثم الخطابة بالمسجد الملاصق للمدرسة.
و يلقي دروسا تطوعية للعموم خلال شهر رمضان من كل سنة: في تفسير سور المفصل بأسلوب بديع، و منهج يأخذ بالألباب، و في شرح صحيح البخاري، و في السيرة النبوية معتمدا سيرة أبي الفتح محمد ابن سيد الناس اليعمري (ت 734 هـ) المسماة "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير".
و أما خطبه فهي من روائع الكلام المرسل، و بديع النثر المرتجل، يضمنها صادق المشاعر والعواطف، ويذكيها برائق الأنوار و اللطائف، تخشع لوميضها الألباب باشتياق، و تدمع بلوعتها العيون والآماق. هذا وصف من أدمن على ارتياد مجالسه، و استمتع بفوائده و عوائده.
أعماله و آثاره:
الشيخ حفظه الله لم ينقطع للكتابة و التأليف؛ و كل ما خطه قلمه: أنظام في تراجم البخاري، ونظم في مغازي الرسول صلى الله عليه و سلم، و نظم للعقيدة الطحاوية، و تكميل نظم العلامة ناصر الدين أبي العباس أحمد بن محمد المالكي الإسكندراني المعروف بابن المنير المسمى "التيسير العجيب في تفسير الغريب"، سماه: إضافة اللبيب لتكميل التيسير العجيب في تفسير الغريب، لكنه يكمل ...
و شارك في الكثير من مباريات التجويد ضمن لجان التحكيم، بالمغرب و مصر.
شهادات في حقه:
و قد شهد بفضله و علمه الكثير من أهل العلم، لا يحضرني من مكتوباتهم سوى ما كتبه شيخنا محمد بوخبزة حفظه الله في كناش له سماه "حَفْنَةُ دُرٍّ"، قال:
حضرت يوم الأحد سابع ربيع الثاني 1421 هـ مأدبة غذاء أقامها بطنجة الأستاذ محمد بن الحاج حمادي التمسماني لحصوله على الدكتوراه من كلية الآداب بتطوان، و قد لقيت بها الأستاذ مصطفى البحياوي المراكشي صاحب دار القرآن بمسجد الشاطبي بطنجة، و أخبرني أنه يعرفني و أنه زارني ببيتي و تحدثنا طويلا، و استعار مني نصوصا لم تطبع في موضوع غريب القرآن، منها: أرجوزة المجّاصي، و أرجوزة الصلتان الطويلة، كما أرسل إلي بَعْدُ أرجوزة ابن المُنَيِّر الإسكندري المالكي المطبوعة بدار الغرب، و للرجل عناية بعلوم القرآن خصوصا القراآت، و كانت له دروس في البخاري بشرح فتح الباري سجلت على أشرطة سمعت بعضها و فيها فوائد، و كان مما أفادني به: شرب كأس كبير من الماء الساخن قدر المستطاع عند النوم، و ذكر من فوائده، و أنه مجرب عنده. ص 13.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/193)
و قال أيضا في مراسلة إلي بتاريخ ربيع الثاني سنة 1421 هـ: أخبركم بأني قدمت طنجة صحبة الأستاذ توفيق الغلبزوري و صهره الدكتور الطاهري و طالب يقال له: الشنتوف، و حضرت مأدبة الأستاذ التمسماني، و كان الحضور مكثفا، و به لقيت الأستاذ البحياوي و كنا على مائدة، و أخبرني بزيارته لي قديما و لكني لا أذكره، و مكث يسألني طيلة المدة، و سألني عن أرجوزة الضرير فأخبرته بأنها في طريقها إليه معكم، و قد سُرّ لذلك غاية، و طلب مني آثارا أخرى وعدته بإرسالها معكم إن شاء الله، و بالجملة فقد وجدت في الرجل فضلا و اطلاعا و إنصافا كما أنه بالغ في البرور و التحفي.
من لقاءاتي معه:
مساء يوم الجمعة 14 صفر 1424 هـ موافق 18 أبريل 2003 م بمكتبة بطنجة التقيت بشيخنا، و قد كان الجلوس معه ممتعا لما تخلله من كلام طال مواضيع مختلفة، و مسائل علمية ... و من المسائل العلمية التي قمت بطرحها عليه: مسألة زواج الإنسي بالجني، و ما حكم الشرع فيها؟
فأجابني بأن الإمام مالكا يكره ذلك مستدلا بقوله تعالى: "و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها" [الروم: 21]، و قاعدة سد الذرائع لقطع الطريق على الزواني و الفساق من أن يدعوا هذه الدعوى كأن تأتي امرأة حامل و تدعي بأن الحمل من زوجها الجني.
قلت له: ورد في الأساطير الشعبية أن المسألة لا تتعدى التلذذ الجنسي إلى الإنجاب، و البعض .. ادعى بأنه تزوج جنية و أنجب منها أولادا.
فقال: نعم، هذه المسألة –أي تلبس الجني بالإنسي أو العكس- لا تعدو التمتع، أما التخلق فممتنع.
قلت: و هو استدل علينا بأنه ورد في كتب التفسير أن بلقيس ملكة اليمن أمها جنية، و أبو بكر الأثرم ورد في ترجمته أن أحد أبويه كان جنيا. و هذا الأخير انتزع هذا الفهم من سياقه لأني لما راجعت ترجمته وجدت أن الرجل لفرط ذكائه و سعة حفظه و سرعة بديهته، قال عنه يحيى بن معين: كأن أحد أبويه جني. و هذا ليس دليلا على ذلك.
فأجابني: حقا، و أما ما قيل عن بلقيس فغير صحيح.
قلت: و كذلك تشبت المدعي بفتوى الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حول مسألة الزواج بالجنيات، فكان جوابه: مبروك. و هذا ليس دليلا على الإجازة، فأنا أراه من باب التهكم والاستهزاء، فلو كان جائزا عنده لأجابه بالإيجاب.
قال الشيخ: نعم، جوابه لا يدل على الجواز.
و أثناء سياق كلامنا و محاورتنا، حكى حفظه الله صورة من صور الصرع التي رآها و حضرها وهي: أنه شاهد رجلا متخصصا في الصرع يصرع أنثى بالقرآن، فلما نطق الجني المتلبس بها وأمره بالخروج، أجابه بأنه متزوج بها، فقال له: إن كنت زوجها فاخرج حتى يتعرف عليك أصهارك، فأجابه بأنه لا يستطيع لأن صورته صورة حمار. فقال شيخنا: و هذا يدل على أن الله عز و جل خلق البعض منهم على صورة واحدة لا تتغير و لا تتشكل، و يشهد لذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن منهم على صورة أفاعي و منهم على صورة ... و انتقل الحديث إلى الدكتور إبراهيم ابن الصديق و علاقة الشيخ به، حيث تحدث عن الاحترام الذي كان يكنه له إبراهيم، و ذات يوم زاره الشيخ فوجده حانقا على ابن تيمية و الألباني و أمامه كتب للسقاف، و معه بعض العوام يتذاكرون ما أثاره السقاف من طعون على ابن تيمية كقدم العالم بالنوع، فقال الشيخ مقاطعا لهم: مسألة قدم العالم بالنوع مسألة فلسفية محضة، لا تفهم بالنظر لمطلق الناس حتى السقاف الذي طبل وزمر بها، و ما ألصقوه بابن تيمية إنما انتزعوه من كلامه في سياق الجدل و ألزموه به، و قد تقرر عند علماء البحث و المناظرة أن العقائد لا تنتزع من سياق الجدل، و لا تصاغ من لوازمه، ثم قال: و لنفرض جدلا أنه قال بها –أي مسألة قدم العالم بالنوع- فينبغي أن يحمل قوله على أن قدم علم الله بتكوين مادة هذا الكون قدم علمه الأزلي، و تشفع له عقيدته الصافية النقية في كتبه الأخرى، وكذا ردوده على الفلاسفة القائلين بنظرية قدم العالم. و بهذا انتهت الجلسة المباركة مع الشيخ.
من أخلاقه:
الشيخ حفظه الله، يتمتع بخصال حميدة و طباع نبيلة، منها: الجود و الكرم، الصمت و الامتناع عن الخوض فيما لا يعنيه، التؤدة، التواضع ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/194)
و من باب التواضع في المجال العلمي، أذكر أنه تذاكر مع بعض الإخوان في مراتب بعض الآثار، فاقترح عليه الأخ بحسن نية و تقدير عرضها على راقم هذه الأسطر، فحبذ الشيخ الفكرة و أجازها بكل تواضع. و لما توصلت بها أجبت الشيخ في رسالة سلمتها إليه يدا بيد، فقرأها أمامي و باركها، و ها هو ذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله واهب النعم و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم
إلى سليل رياض البهجة، و نزيل خليج طنجة،
الشيخ المقرئ الفاضل، الأستاذ مصطفى البحياوي ذي المكارم و الفضائل
أما بعد، فقد واصلتني برسول كريم، جازاك المنعم يا صاحب الفضل العميم، و كان الموصول خيرا، لما تضمن من علم زانه سرا و جهرا، علم أذكى في أعماقي جذوة النشاط، و غمرني بفيض من السرور و الاغتباط، كيف لا و أنتم منبع الأسرار و العلوم، و منكم تستفاد المعاني و الفهوم … موصول علم استفسر عن تخريج ثلاثة من الآثار، اشتملت عليها جملة من الكتب و الأسفار، مقطوعة الأوصال و الأوطار، و ها هي ذي و تخريجها يا زينة الأحبار:
الأول: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن:
و هذا الأثر اختلف في نسبته منهم من ينسبه لعمر بن الخطاب، و منهم من ينسبه لعثمان بن عفان، أما الأول فأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 4/ 107 فقال: أخبرنا أبو بكر البرقاني، أخبرنا أحمد بن الحسين الهمذاني أبو حامد، حدثنا أحمد بن الحارث بن محمد بن عبد الكريم، حدثنا جدي محمد، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمر بن نافع، عن ابن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ما يزع الله بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن.
قلت: و هذا إسناد منكر، فيه: الهيثم بن عدي، و هو كذاب. كذبه كل من البخاري و يحيى بن معين و أبي داود …
و أما الثاني فأخرجه ابن عبد البر في التمهيد 1/ 118 فقال: أخبرنا إبراهيم بن شاكر قال: حدثنا محمد بن إسحاق القاضي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الأصبغ الإمام بمصر قال: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج قال: حدثنا أبو زيد بن أبي الغمر قال: حدثنا ابن القاسم قال: حدثنا مالك أن عثمان بن عفان كان يقول: ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن، أي: من الناس، قال: قلت لمالك: ما يزع؟ قال: يكف.
و هذا إسناد معضل.
و أغرب الشوكاني حين نسبه لعمر بن عبد العزيز في رسالته "رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين" 79.
و أما بعض أهل الأدب كالجاحظ و ابن عبد ربه فينسبونه للعلماء و الحكماء دون تعيين أو تخصيص. و الله أعلم.
الثاني: رب قارئ للقرآن و القرآن يلعنه.
هذا الأثر كنت أجده في الكتب التي تهتم بعلوم القرآن فأستنكر نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم خصوصا لما أعياني البحث عنه مسندا في كتب السنة المشرفة، إلى أن وقفت على كلام نفيس متعلق به في كتاب "القرآن فوق كل شيء" للعلامة المحقق، و الفهامة المدقق، ذو الاطلاع الواسع، و الفكر النير اللامع، أبي عبد الله سيدي محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الجعفري رحمه الله. قال فيه بعد كلام: فأما قولهم في "كم من قارئِ قرآنٍ و القرآن يلعنه" إنه حديث، فعليهم أن يبينوا من خرجه، و هل هو صالح أن يحتج به و الواقع يكذبهم فما رأينا من ذكره حديثا فضلا عن صلاحية الاحتجاج به، و لفظه يأبى أن يكون حديثا؛ إذ قراء القرآن هم حزب الله و حفظة كتاب الله و هم المومنون في الأكثر، و كم دالة على الكثرة و حاشا القرآن أن يلعن قراءه، و النبي عليه السلام ثبت عنه النهي الصريح عن لعن المومنين؛ بل الشريعة تنهانا عن لعن الكافر المعين. هب إن كل ذلك كذلك فقارئ القرآن الفاسق يثاب من حيث القراءة و يأثم من حيث المعصية، و نحن معاشر أهل السنة لا نقول بإحباط السيئات للحسنات؛ بل ذلك قول اعتزالي حائد عن الصواب؛ بل المصرح به في القرآن: (إن الحسنات يذهبن السيئات) و السنة طافحة أيضا بذلك. فقراءة العاصي يثاب عليها طبقا لما صح في الأحاديث السابقة، و ذلك الثواب يكون تكفيرا للسيئات أو لبعضها … نعم ورد في بعض الأخبار "ما آمن بالقرآن من استحل محارمه" و لكنه حديث ضعيف كما في المصابيح، و موضوعه فيمن اعتقد حلية ما حرمه القرآن، و هذا حكمه الكفر إذا كانت الحرمة معلومة بالضرورة و ليس الكلام فيه ... ص: 39 - 41.
الثالث: قال علي: الترتيل: تجويد الحروف و معرفة الوقوف.
هذا ذكره السيوطي في الإتقان 1/ 221 معلقا. و قبله ابن الجزري في النشر، و لم أقف عليه مسندا رغم طول البحث و التنقيب. وفوق كل ذي علم عليم.
هذا مبلغ علمي، و عصارة لبي و فهمي، فاقبلوها من تلميذكم الوفي، و ادعوا له بدعاء خير بالغدو و العشي.
هذا جواب الطالب قد صاغه للراغب
فيه عيون ترتجى لكشف رأي صائب
فكر سديد مقنع بإذن ربٍّ واهب
فاقبل به يا شيخنا و ادع بظهر الغائب
و ادع بخير نفعه ينير نهج الكاتب
و السلام
كتبه محبكم و مجلكم: بدر العمراني في طنجة: مساء يوم السبت 24 صفر 1426 هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/195)
ـ[محمدالمرنيسي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 09:31 م]ـ
السلام عليكم.
الأخ بدر حفظك الله ورعاك، وبارك فيك وفي شيخك مصطفى المراكشي: أرجو أن توضحوا للزوار الكرام مفهوم المغادرة الطوعية، وما الحكم الشرعي في الاستفادة منها، وجزاكم الله خيرا.
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[31 - 12 - 07, 08:02 م]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي بارك الله فيك، المغادرة الطوعية هي شبيهة بالتقاعد النسبي، و الله أعلم. و الكلام عنها و عن حكمها لا مجال له الآن، و لكل مقام مقال.
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[31 - 12 - 07, 11:33 م]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم،
هل يمكنك إعادة وضع ترجمة الأستاذ إبراهيم بن محمد بن الصديق؟
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[05 - 01 - 08, 12:04 ص]ـ
أخي المحترم، لا بأس
سأنزلها مرة أخرى، فترقب.
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 12:08 ص]ـ
جزاكم الله خيرا و نفع الله بعلم الشيخ مصطفى البحياوي
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 02:45 ص]ـ
بارك الله في الأخ الكريم الذي أتحفنا بترجمة الشيخ مصطفى البحياوي لكن فيما قال مقال ... من ذلك على سبيل المثال القول بأنه من تلامذة العالمين الجليلين: الشيخ الرحالي الفاروق والعلامة الحسن الزهراوي رحمهما الله وهذا ما لم يقع - فهل هو من خريجي كلية اللغة العربية التابعة لجامعة القرويين أو دار الحديث الحسنية وفيها كان يدرس الشيخان، ولم يعرف باتصاله بهما وملازمتهما فأين أخذ عنهما؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 03:07 ص]ـ
بارك الله في الأخ الكريم الذي أتحفنا بترجمة الشيخ مصطفى البحياوي لكن فيما قال مقال ... من ذلك على سبيل المثال القول بأنه من تلامذة العالمين الجليلين: الشيخ الرحالي الفاروق والعلامة الحسن الزهراوي رحمهما الله وهذا ما لم يقع - فهل هو من خريجي كلية اللغة العربية التابعة لجامعة القرويين أو دار الحديث الحسنية وفيها كان يدرس الشيخان، ولم يعرف باتصاله بهما وملازمتهما فأين أخذ عنهما؟
لعلهما أجازا له بمروياتهما و الله أعلم فيكون من تلامذتهما بذلك و لعل الشيخ بدر يوضح أكثر
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 03:19 ص]ـ
نتمنى ذلك
ـ[الخريبكي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 06:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. نطلب من الأخ بدر العمراني أن يتحفنا ببعض النوادر التي تتعلق بالشيخ أبي سالم عبدالله بن ادريس السنوسي. غير ما ذكره عنه تلميذه عبد الحفيظ الفاسي في معجم شيوخه. مع توثيق المصادر. ان كان ذلك ممكنا. وله جزيل الشكر
ـ[الخريبكي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 06:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. ونسأل عن عقيدة الشيخ البحياوي ومنهجه.
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[06 - 01 - 08, 11:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الكريم
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[09 - 01 - 08, 03:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الإخوة الذين اهتموا بهذا الموضوع و تجاوبوا معه، و أما الاستفسارات المطروحة فأجيب عنها حسب علمي، فأقول:
بالنسبة للشيوخ المذكورين في الترجمة منهم شيوخ إجازة و منهم شيوخ تتلمذ، و أنا استفدت أسماءهم من مجالس و مذاكرات، و لا أستطيع الآن التمييز بينهم إلا بعد الاستفسار. فلوقت آخر إن شاء الله تعالى.
بالنسبة لعقيدة الشيخ يمكن أن تستفاد من نظمه للطحاوية، فانظر في النظم ثم احكم.
بالنسبة للشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي لي فيه بحث موسع بلغت فيه 60 صفحة، سميته: الشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي: قبس من سيرته، يضيء سدا جيله و عصره". و سيطبع قريبا إن شاء الله تعالى.
و قد ذكرت فيه من النوادر و الأخبار ما لا يوجد في "رياض الجنة". ربما ألخصها في مقالة و أضعها بهذا المنتدى المبارك. إن شاء المولى سبحانه و تعالى.
ـ[الخريبكي]ــــــــ[16 - 01 - 08, 05:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. جزاك الله خيرا. من هي الدار التي ستتولى طبعه. وان قمت بتلخيص الكتاب ووضعه على المنتدى لكان أفضل.(144/196)
ابحث عن سيرة الامام البويتي - تلميذ الامام الشافعي رحمهما الله
ـ[أم زهراء]ــــــــ[29 - 12 - 07, 05:52 ص]ـ
السلام عليكم
ابحث عن سيرة الامام البويتي - تلميذ الامام الشافعي رحمهما الله
هل من مساعد؟
جزاكم الله خيرا
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[29 - 12 - 07, 09:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة الإمام البويطي رحمه
الله
ذكرها الإمام النووي في المجموع مع ترجمة الإمام المزني وكلاهما تلميذ الشافعي
(في باب كتاب الطهارة باب ما يفسد الماء من الطاهرات وما لا يفسده الماء إذا وقع فيه ما لا يختلط به فغير رائحته
قال شيخ المذهب الإمام النووي رحمه الله:
" (فرع) هذا أول موضع ذكر فيه البويطي والمزني وهما أجل أصحاب الشافعي - رحمهم الله - فأما البويطي بضم الباء فمنسوب إلى بويط قرية من صعيد مصر الأدنى، وهو أبو يعقوب يوسف بن يحيى أكبر أصحاب الشافعي المصريين وخليفته في حلقته بعد وفاته، أوصى الشافعي أن يجلس في حلقته البويطي وقال: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى، وليس أحد من أصحابي أعلم منه. ودام في حلقة الشافعي إلى أن جرت فتنة القول بخلق القرآن، فحملوه إلى بغداد مقيدا ليقول بخلقه فأبى وصبر محتسبا لله تعالى، وحبسوه ودام في الحبس إلى أن توفي فيه، وجرى له في السجن أشياء عجيبة، وكان البويطي رضي الله عنه طويل الصلاة ويختم القرآن كل يوم، قال الربيع: ما رأيت البويطي بعد ما فطنت له إلا رأيت شفتيه يتحركان بذكر أو قراءة، قال: وكان له من الشافعي منزلة، وكان الرجل ربما سأل الشافعي مسألة فيقول: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه أخبره فيقول: هو كما قال، قال الربيع: وما رأيت أحدا أنزع بحجة من كتاب الله تعالى من البويطي وربما جاء إلى الشافعي رسول صاحب الشرطة، فيوجه الشافعي البويطي ويقول: هذا لساني. وقال أبو الوليد بن أبي الجارود: كان البويطي جاري، وما انتبهت ساعة من الليل إلا سمعته يقرأ ويصلي، وكان الشافعي قال لجماعة من أصحابه: أنت يا فلان يجري لك كذا وأنت كذا وقال للبويطي: ستموت في حديدك، فكان كما تفرس، جرى لكل واحد ما ذكره، ودعي البويطي إلى القول بخلق القرآن فأبى، فقيد وحمل إلى بغداد، قال الربيع: رأيت البويطي وفي رجليه أربع حلق، قيود فيها أربعون رطلا وفي عنقه غل مشدود إلى يده، وتوفي في السجن في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين - رحمه الله. وأما المزني فهو ناصر مذهب الشافعي، وهو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق بن مسلم بن نهدلة بن عبد الله المصري قال المصنف في الطبقات: كان المزني زاهدا عالما مجتهدا مناظرا محجاجا غواصا على المعاني الدقيقة، صنف كتبا كثيرة منها الجامع الكبير والجامع الصغير والمختصر والمنثور، والمسائل المعتبرة، والترغيب في العلم، وكتاب الوثائق. وقال الشافعي: المزني ناصر مذهبي، قال البيهقي: ولما جرى للبويطي ما جرى كان القائم بالتدريس والتفقيه على مذهب الشافعي المزني، وأنشد المنصور الفقيه: لم تر عيناي وتسمع أذني أحسن نظما من كتاب المزني، وأنشد أيضا في فضائل المختصر وذكر من فضائله شيئا كثيرا. قال البيهقي: ولا نعلم كتابا صنف في الإسلام أعظم نفعا وأعم بركة وأكثر ثمرة من مختصره، قال: وكيف لا يكون كذلك واعتقاده في دين الله تعالى، ثم اجتهاده في الله تعالى، ثم في جمع هذا الكتاب، ثم اعتقاد الشافعي في تصنيف الكتب على الجملة التي ذكرناها - رحمنا الله وإياهما وجمعنا في جنته بفضله ورحمته. وحكى القاضي حسين عن الشيخ الصالح الإمام أبي زيد المروزي - رحمه الله - قال: من تتبع المختصر حق تتبعه لا يخفى عليه شيء من مسائل الفقه، فإنه ما من مسألة من الأصول والفروع إلا وقد ذكرها تصريحا أو إشارة، وروى البيهقي عن أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة قال: سمعت المزني يقول: مكثت في تأليف هذا الكتاب عشرين سنة، وألفته ثماني مرات وغيرته، وكنت كلما أردت تأليفه أصوم قبله ثلاثة أيام وأصلي كذا وكذا ركعة. وقال الشافعي: لو ناظر المزني الشيطان لقطعه. وهذا قاله الشافعي والمزني في سن الحداثة، ثم عاش بعد موت الشافعي ستين سنة يقصد من الآفاق وتشد إليه الرحال، حتى صار كما قال أحمد بن صالح: لو حلف رجل أنه لم ير كالمزني لكان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/197)
صادقا، وذكروا من مناقبه في أنواع طرق الخير جملا نفيسة لا يحتمل هذا الموضع عشر معشارها. وهي مقتضى حاله وحال من صحب الشافعي، توفي المزني بمصر ودفن يوم الخميس آخر شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين، قال البيهقي: يقال كان عمره سبعا وثمانين سنة، فهذه نبذة من أحوال البويطي والمزني، ذكرتها تنبيها للمتفقه ليعلم محلهما، وقد استقصيت أحوالهما بأبسط من هذا في تهذيب الأسماء وفي الطبقات وبالله التوفيق، وقوله: قال في البويطي معناه: قال الشافعي في الكتاب الذي رواه البويطي عن الشافعي فسمي الكتاب باسم مصنفه مجازا، كما يقول: قرأت البخاري ومسلما والترمذي والنسائي وسيبويه ونظائرها، والله أعلم " انتهي
وفي طبقات الشافعية لتاج الدين السبكي
"
39 يوسف بن يحيى الإمام الجليل أبو يعقوب البويطى المصرى
وبويط من صعيد مصر وهو أكبر أصحاب الشافعى المصريين
كان إماما جليلا عابدا زاهدا فقيها عظيما مناظرا جبلا من جبال العلم والدين غالب أوقاته الذكر والتشاغل بالعلم غالب ليله التهجد والتلاوة سريع الدمعة
تفقه على الشافعى واختص بصحبته
وحدث عنه وعن عبد الله بن وهب وغيرهما
روى عنه الربيع المرادى وهو رفيقه وإبراهيم الحربى ومحمد بن إسماعيل الترمذى وأبو حاتم وقال صدوق وأحمد بن إبراهيم بن فيل والقاسم بن هشام السمسار وآخرون
وله المختصر المشهور والذى اختصره من كلام الشافعى رضى الله عنه قال أبو عاصم هو فى غاية الحسن على نظم أبواب المبسوط
قلت وقفت عليه وهو مشهور
قال أبو عاصم كان الشافعى رضى الله عنه يعتمد البويطى فى الفتيا ويحيل عليه إذا جاءته مسألة
قال واستخلفه على أصحابه بعد موته فتخرجت على يديه أئمة تفرقوا فى البلاد ونشروا علم الشافعى فى الآفاق
وقال الربيع كان أبو يعقوب من الشافعى بمكان مكين
وقد قدمنا فى ترجمة ابن عبد الحكم ما رواه الحاكم عن إمام الأئمة أبى بكر بن خزيمة أنه قال كان ابن عبد الحكم أعلم من رأيت بمذهب مالك فوقعت بينه وبين البويطى وحشة عند موت الشافعى فحدثنى أبو جعفر السكرى قال تنازع ابن عبد الحكم والبويطى مجلس الشافعى فقال البويطى أنا أحق به منك وقال الآخر كذلك
فجاء الحميدى وكان تلك الأيام بمصر فقال قال الشافعى ليس أحد أحق بمجلسى من يوسف وليس أحد من أصحابى أعلم منه
فقال له ابن عبد الحكم كذبت
قال له كذبت أنت وأبوك وأمك
وغضب ابن عبد الحكم وجلس البويطى فى مجلس الشافعى وجلس ابن عبد الحكم فى الطاق الثالث
وعن الربيع أن البويطى وابن عبد الحكم تنازعا الحلقة فى مرض الشافعى فأخبر بذلك فقال الحلقة البويطى
وكانت الفتاوى ترد على البويطى من السلطان فمن دونه وهو متنوع فى صنائع المعروف كثير التلاوة لا يمر يوم وليلة غالبا حتى يختم فسعى به من يحسده وكتب فيه إلى ابن أبى دؤاد بالعراق فكتب إلى والى مصر أن يمتحنه فامتحنه فلم يجب وكان الوالى حسن الرأى فيه فقال له قل فيما بينى وبينك قال إنه يقتدى بى مائة ألف ولا يدرون المعنى
قال وكان أمر أن يحمل إلى بغداد فى أربعين رطل حديد
قيل وكان المزنى وحرملة وابن الشافعى ممن سعى بالبويطى
قال جعفر الترمذى فحدثنى الثقة عن البويطى أنه قال برئ الناس من دمى إلا ثلاثة حرملة والمزنى وآخر قلت إن صحت هذه الحكاية فالذى عندنا فى إبهام الثالث أنه راعى فيه حق والده رضوان الله عليه
قال الربيع كان البويطى أبدا يحرك شفتيه بذكر الله وما أبصرت أحدا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطى ولقد رأيته على بغل وفى عنقه غل وفى رجليه قيد وبين الغل والقيد سلسلة حديد وهو يقول إنما خلق الله الخلق بكن فإذا كانت مخلوقة فكأن مخلوقا خلق بمخلوق ولئن أدخلت عليه لأصدقنه يعنى الواثق ولأموتن فى حديدى هذا حتى يأتى قوم يعلمون أنه قد مات فى هذا الشأن قوم فى حديدهم
وقال أبو يعقوب أيضا خلق الله الخلق بكن أفتراه خلق مخلوقا بمخلوق والله يقول بعد فناء الخلق {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} ولا مجيب ولا داعى فيقول تعالى {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} فلو كان مخلوقا مجيبا لفنى حتى لا يجيب وكان يقول من قال القرآن مخلوق فهو كافر
قلت يرحم الله أبا يعقوب لقد قام مقام الصديقين
قال الساجى كان البويطى وهو فى الحبس يغتسل كل جمعة ويتطيب ويغسل ثيابه ثم يخرج إلى باب السجن إذا سمع النداء فيرده السجان ويقول ارجع رحمك الله فيقول البويطى اللهم إنى أجبت داعيك فمنعونى
وقال أبو عمرو المستملى حضرنا مجلس محمد بن يحيى الذهلى فقرأ علينا كتاب البويطى إليه وإذا فيه والذى أسألك أن تعرض حالى على إخواننا أهل الحديث لعل الله يخلصنى بدعائهم فإنى فى الحديد وقد عجزت عن أداء الفرائض من الطهارة والصلاة فضج الناس بالبكاء والدعاء له
قلت انظر إلى هذا الحبر رحمه الله لم يكن أسفه إلا على أداء الفرائض ولم يتأثر بالقيد ولا بالسجن فرضى الله عنه وجزاه عن صبره خيرا
وما كان أبو يعقوب ليموت إلا فى الحديد كيف وقد قال الربيع كنت عند الشافعى أنا والمزنى وأبو يعقوب فقال لى أنت تموت فى الحديث وقال لأبى يعقوب أنت تموت فى الحديد وقال للمزنى هذا لو ناظره الشيطان لقطعه
قال الربيع فدخلت على البويطى أيام المحنة فرأيته مقيدا إلى أنصاف ساقيه مغلولة يداه إلى عنقه
وقال الربيع أيضا كتب إلى البويطى أن اصبر نفسك للغرباء وحسن خلقك لأهل حلقتك فإنى لم أزل أسمع الشافعى رحمه الله يكثر أن يتمثل بهذا البيت
أهين لهم نفسى لكى يكرمونها ** ولن تكرم النفس التى لا تهينها
مات البويطى فى شهر رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين فى سجن بغداد فى القيد والغل
(انتهي)
ثم ذكره بعده فوائد وغرائب نقلت عنه
http://www.al-eman.com/IslamLib/viewchp.asp?BID=401&CID=11#s32
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/198)
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[29 - 12 - 07, 10:29 ص]ـ
فائدة ذكر السبكي
ما حدث بين الإمام المزني والبويطي
وهذا يحدث بين الأقران وقد قيل "كلام الأقران يُطوى ولا يروي"كلام الإمام الذهبي
ونحن نتوقف عن ذلك ونستغفر للجميع
ونحسن الظن بهم ..
وقد قال الإمام الذهبي في ترجمة البويطي
"قال الربيع وكان المزني ممن سعى به وحرملة قال أبو جعفر الترمذي فحدثني الثقة عن البويطي أنه قال بريء الناس من دمي إلا ثلاثة حرملة والمزني وآخر
قلت استفق ويحك وسل ربك العافية فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب وقع فيه سادة فرحم الله الجميع " انتهي من كلام الذهبي في سير ...
ـ[أم زهراء]ــــــــ[30 - 12 - 07, 09:18 ص]ـ
أحسن الله إليك و جزاك عني خيرا
ـ[عبد الله اليوسف]ــــــــ[31 - 12 - 07, 09:03 م]ـ
ربما حسن هنا الإشارة إلى زعم أبي طالب المكي المتوفى سنة 386هـ أن البويطي هو مؤلف كتاب الأم؛ فقد قال أبو طالب في كتابه "قوت القلوب" [عن الشاملة]: "وقد كان الشافعي عليه السلام آخى محمد بن عبد الحكم المصري وكان يحبه ويقربه، ويقول: ما يقيمني بمصر غيره، واعتل محمد فعاده الشافعي، فحدثني القرشي عن الربيع قال: سمعت الشافعي ينشد وقد عاد محمدا:
مرض الحبيب فعدته ... فمرضت من حذري عليه
وأتى الحبيب يعودني ... فبرأت من نظري إليه
وما شك أهل مصر أن الشافعي يفوض أمر حلقته إليه، وأنه يستخلفه بعد موته ويأمر الناس بالحضور عنده، حتى سئل عن ذلك في علته فقيل له: يا أبا عبد الله إلى من نجلس بعدك، ومن يكون صاحب الحلقة، وهم يظنون أنه يشير إلى محمد فاستشرف لذلك محمد وتطاول لها، وكان جالسا عند رأسه فقال: سبحان الله أيشك في هذا أبو يعقوب البويطي، فانكسر لها محمد ووجد في نفسه ومال أصحابه إلى أبي يعقوب البويطي، وقد كان محمد حمل علم الشافعي ومذهبه وفارق مذهب مالك، إلا أن البويطي كان أزهد وأورع، فحمل الشافعي نصحه للدين والنصيحة للمسلمين، ولم يداهن في ذلك بأن وجه الأمر إلى أبي يعقوب، وآثره لأنه كان أولى، فلما قبض الشافعي رضي الله عنه إنتقل محمد ابن عبد الحكم مذهبه، وفارق أصحابه ورجع إلى مالك، وروى كتب أبيه عن مالك، وتفقه فيها، فهو اليوم من كبار أصحاب مالك رضى الله عنه، وأخمل البويطي رحمه الله نفسه واعتزل عن الناس بالبويطة من سواد مصر، وصنف كتاب الأم الذي ينسب الآن إلى الربيع ابن سليمان ويعرف به، وإنما هو جمع البويطي لم يذكر نفسه فيه، وأخرجه إلى الربيع فزاد فيه، وأظهره وسمعه منه [الناس] ". ومؤلف الكتاب عفا الله عنه لا يوثق بروايته ومع ذلك بنى زكي مبارك على هذه العبارة مبحثا دعاه "الأم: إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي".
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[31 - 12 - 07, 10:02 م]ـ
البويطى لا البويتى(144/199)
تصحيح وبيان لقبيلة الشيخ علي جابر الهروبي رحمه الله
ـ[غير مسجل]ــــــــ[29 - 12 - 07, 08:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه وبركاته.
فالشيخ رحمه الله من قبيلة هروب وليس من فيفا كما كتب عنه في هذا المنتدى.
وكان يدرس العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
وإمام في جامع دباس العتيبي بحي النسيم الغربي
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[31 - 12 - 07, 05:58 م]ـ
هل هو حكمي؟
أم فقط الهروبي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=117875(144/200)
"جوانب من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم " للشيخ عبد القادر شيبة الحمد
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[29 - 12 - 07, 02:48 م]ـ
جوانب من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
للشيخ عبد القادر شيبة الحمد المدرس بالجامعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على رسول الله وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين.
أما بعد: فلهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة جوانب مضيئة، تنير السبيل، وتهدي الطريق كسائر ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما –واللفظ للبخاري- قال البراء:
اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رضي الله عنه رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر رضي الله عنه لعازب: مر البراء فليحمل إليّ رحلي، فقال عازب: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة، والمشركون يطلبونكم، قال: ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل؟ فآوي إليه: فإذا صخرة أتيتها، فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه، ثم قلت له: اضطجع يا نبي الله: فاضطجع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انطلقت أنظر ما حولي، هل أرى من الطلب أحدا؟ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فسألته فقلت له: لمن أنت يا غلام: قال: لرجل من قريش، سماه، فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم. قلت فهل أنت حالب؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا: ضرب إحدى كفيه بالأخرى، فحلب لي كثبة من لبن، وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله؟ قال: بلى.
فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله! فقال: "لا تحزن إن الله معنا"، وفي رواية مسلم: "فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه إلى بطنه -أرى- فقال: قد علمت أنكما قد دعوتما عليّ فادعوا لي، فالله لكما أن أراد عنكما الطلب، فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتكم ما ههنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: ووفى لنا" وفي لفظ مسلم: "فلما دنا دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه ووثب عنه، وقال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن يخلصني مما أنا فيه، ولك عليّ: لأعمين على من ورائي، وهذه كنانتي فخذ سهما منها فإنك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك قال: لا حاجة لي في إبلك".
وقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه "أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه بلغه مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه يسأله عن أشياء فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: أخبرني به جبريل آنفا قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة.
قال: "أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد" قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بُهت فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيتم إن أسلم عبد الله ابن سلام؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقصوه، قال: هذا كنت أخاف يا رسول الله".
وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى أسباب وآثار هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى المدينة المنورة فوصفهم بأنهم: {أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وكما قال فيهم: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا}.
وقد وصف كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني رضي الله عنه استجابة المهاجرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخروجهم من ديارهم وأموالهم ينصرون الله ورسوله حيث يقول:
في فتية من قريش قال قائلهم ببطن مكة لما أسلموا زولوا1
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف عند اللقاء ولا ميل معازيل
يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ضرب إذا عرّد السود التنابيل
شم العرانين أبطال لبوسهموا من نسج داود في الهيجا سرابيل
بيض سوابغ قد شكت لها حلق كأنها حلق القفعاء مجدول
ليسوا مفاريح إن نالت رماحهموا قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
لا يقع الطعن إلا في نحورهموا وما هم عن حياض الموت تهليل
وقد روى البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم".
الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
السنة الرابعة - العدد الثالث - محرم 1392هـ - فبراير1972م
_________________
1 أي هاجروا(144/201)
مقال للأخ الدكتور إسلام بن طعيمة: تشويه التاريخ الإسلامي .. لمصلحة من؟!
ـ[أبو يوسف القويسني]ــــــــ[29 - 12 - 07, 03:56 م]ـ
مقال للدكتور إسلام بن طعيمة بعنوان:
تشويه التاريخ الإسلامي .. لمصلحة من؟!
الحمد لله والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله,
أما بعد:
فإنَّ من أرادَ أن يخوضَ غمار التاريخِ الإسلامي وينزلَ إلى بحارِهِ متلاطمةِ الأمواج بالتأليف أو التصنيف يتعينُ عليه أولاً أن يتعلَّم, فإن الجهلَ آفةٌ مهلكةٌ وللحقِّ عدوٌ لدود, فعليه أولاً أن يتقي الله عز وجل فيعرفُ لمن يتكلَّم عنه حقَّه وفضلهُ, ويتجردَّ عن اتباعِ الهوى فإنه من المهلكات, ويعزُفُ عن الإنطلاقِ من مقررٍ سابق يحاولُ جاهداً بشتى السبلِ والحيلِ أن يُثبته ولو كلَّف الأمرُ أن يستدلَّ بما لا يصحُّ به الإستدلال ولا تقوم بمثلِهِ حجةٌ, ثم عليه أن يدُرسَ علمَ الحديثِ الذي به يُعرَفُ صحيحُ الرواياتِ من سقيمِها دراسةً شافيةً وافيةً, فسلفنا الصالح من أئمةِ أهلِ السنةِ الناصحين المتَّبَعِين لمَّا حرَّروا تاريخَ الإسلامِ حرَّروه بالأسانيد التي تُيسِّرُ على خائضِ هذا المضمار أن يعرفَ ما ثَبُتَ عن سَلَفِهِ الصالح مما هو زورٌ ملفَّقٌ عليهم بالنظر في هذا الإسناد والحُكم عليه بما يستحِقُّه من صحةٍ أو ضعفٍ أو بطلان تبعاً لقواعدِ هذا العلمِ الشريف الذي تفرَّدت به أمةُ الإسلامِ عن سائرِ أهلِ المللِ المسمَّى ب "علمِ الحديث" فإن لم يستطع أن يدرُسهُ فعليه أن يرجعَ إلى علمائِهِ المتخصِّصِين قبلَ أن يوردَ الرواية كي لا يشتطَّ قلَمُهُ وتزِلَّ قَدَمُهُ.
وأما من حرَّر التاريخ من غير أئمةَ أهلِ السنةِ فلا يخلو حالُهُم من طائفتين:
الأولى: "المرتزقة" وهم لا همَّ لهُم ولا هاجس إلا جمعُ المال ولو ارتكبوا ما ارتكبوا في سبيل ذلك من الآثامِ والمحرَّمات, فحرَّفوا تاريخَ أُمَّتِهِم واشتروا به ثمناً قليلاً, فأكلوا بأقلامهم وتزلَّفوا بها إلى حُكَّامهم.
وأما الطائفةُ الأخرى فهم: "الخوارج والشيعة الروافض" فأما الخوارج فهمُ الذين كفَّروا عليَّ بن أبي طالبٍ والذين معهُ, فخرجوا عليهم بالسيفِ واللسانِ, وامتدت أيديهم الملوَّثة بدماءِ ابن عمِّ رسول الله إلى التاريخِ فشوَّهوه ومسخوه كما فعلَ غيرُهُم من أهلِ البدعِ والضلالات, وأما الآخرين فهم الشيعة الروافض الذين اشتطوا في عليَّ بن أبي طالب فرفعوه إلى مرتبةٍ تُقاربُ الألوهية, وقد دَرَجَ هؤلاء على الكذبِ والتدليس والدسِّ الخسيس خَلَفاً عن سَلَفٍ في سبيلِ التنقيص من قدرِ أهلِ السنَّةِ بتشويه تاريخِهم والزعم الكاذب أنه توارتٌ لخيانةٍ عن أُختِها!
فمِثلُ هذين الصِنفينِ الأخيرين ينبغي على الباحثِ عن الحق أن يضرِبَ عنهُم صفحاً وإلا ضلَّ ضلالاً مبيناً كذاك الصحفيّ الفاشل الذي نزلَ إلى هذا المضمار بغيرِ آلتِهِ, بل هو فيه أجهلُ من حمارِ أبيهِ! فأطلقَ لسانهُ وقلمَه في عِرضِ صحابةِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلَّم) أفضلُ البشرِ بعدَ الأنبياءِ والرسلِ, متوكئاً في فعلتِهِ النكراء على روايات لا تساوى أسانيدُها فِلساً عندَ علماءِ الحديث! بل هي من قبيل المنخنقة والموقوذة والمتردِّية والنطيحة! فإذا كان هذا الجاهل لم يُحِط بذلك عِلماً فمن وما الذي زجَّ به وبأمثالِهِ فيما لا يُحسنون؟! وإن كانت الأخرى فليعلم هو وأمثالُه أنهم ضُلَّالٌ فسقةٌ, وغداً سيعلمون أيَّ منقلبٍ ينقلبون ثمَّ ليعلموا أننا في نحرهِهم والله معنا مادمنا في طاعتِهِ.
أقولُ أخيراً:
أيها الإخوة والأخوات , من أراد أن يطالعَ تاريخ الإسلامِ المُشرقِ فعليه بكتبِ أهل السنة دون أهلِ البدعِ والضلالات, وليحرص غاية الحرصِ على أن تكون أسانيدُ الكتابِ محقَّقةً ليكونَ على بيِّنةٍ من صحيحها وسقيمها, وسأذكر لكم الآن عدداً من المؤلَّفات التي تعدُّ رأساً في هذا الباب من نتاجِ المتقدمين والمتأخرين ..
فمن كتبِ المتقدِّمين:
*كتاب " العواصم من القواصم " لأبي بكر بن العربي, وهو كتابٌ مختصرٌ ونفيس في ذاتِ الوقت.
*كتاب " البداية والنهاية " للحافظ ابن كثير, وهو كتابٌ مطوَّل, وطبعة دار ابن رجب التي أشرف على تحقيق أسانيدها العلامة المحدِّث/ مصطفى بن العدوي من أفضل طبعاته.
ومن كتب المعاصرين:
*كتاب " حقبة من التاريخ " للشيخ عثمان بن محمد الخميس, وهو كتابٌ طيبٌ تناول بالبحثِ حقبةً تاريخيةً غاية في الأهمية والخطورة ألا وهي الفتنة التي وقعت بين صحابة النبي (صلى الله عليه وسلم).
لتحميل الكتاب: http://www.snapdrive.net/files/453998/Hokba.rar (http://www.snapdrive.net/files/453998/Hokba.rar)
نوع الملف: مضغوط rar
حجمة: 7 ميجا
نوع الملف بعد الفك: pdf
* سلسلة " صحيح التوثيق " في التاريخ الإسلامي للشيخ المحقِّق مجدي بن فتحي السيد, وقد تناولَ ما صحَّ إسناده من وقائع تاريخية على مدار التاريخ الإسلامي بأكمله.
*كتاب " الفتنة بين الصحابة " للشيخ المصري الفاضل محمد حسان.
*كتب الشيخ الدكتور علي الصلابي وهي في الجملة جيدة النسجِ سلسة الأسلوب.
وجزاكم الله خيراً, وأعتذرُ عن الإطالة ...
بقلم/ إسلام طعيمة
تحريراً في: 11 من ذي الحجة 1428 هـ
الموافق 20 ديسمبر 2007 م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/202)
ـ[أبو يوسف القويسني]ــــــــ[29 - 12 - 07, 07:21 م]ـ
اقرأوا هذا المقال اخواني ففيه نفعاً وإفادة ...
ـ[أبو يوسف القويسني]ــــــــ[15 - 02 - 08, 06:27 م]ـ
ما قول الإخوة الأعزاء في هذا المقال؟(144/203)
رمي الجمرات
ـ[صقر الشوا الفراتي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 10:04 م]ـ
السلام عليكم
يرجى من الاخوة ان احد عنده علم حول موضوع لماذا سنة رمي الجمرات اي على اياساس
فعلها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وشكرا
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[05 - 01 - 08, 06:34 م]ـ
هذا الموضوع، الأولى أن يكتب في منتدى أحكام الحج!!(144/204)
تكفير بعض الزيدية للعثمانيين
ـ[أبو مالك العربي]ــــــــ[30 - 12 - 07, 12:54 ص]ـ
كنت أتصفح مجلة فكرية ثقافية اسمها المسار، تصدر عن مركز التراث والبحوث اليمني في لندن. وهي مجلة تهتم بالتراث اليمني، وبتاريخ الزيدية بشكل خاص. وقد لفت نظري موقف الإماميين من الدولة العثمانية في ذلك الوقت .. وقد كانت مآخذهم على الأتراك ما يلي:
أولاً: جهر عسكر الأتراك بارتكاب الفواحش
يقول المستشرق ر. ب. سيرجنت في مقال له بعنوان (الزيود): " ... أنكر اليمنيون عدم تدين الأتراك، وعدم أدائهم للصلاة، وارتكابهم الفواحش علانية بما فيها اللواط، وشرب النبيذ، ولكنهم أنكروا بشكل خاص تركهم أحكام الشريعة، واعتماد القانون التركي المدني. وحدثت تصادمات بسبب محاولات الاحتيال في جميع العشر، كما كان رد فعل اليمنيين عنيفاً عندما كان الجنود الأتراك يأتون إلى قراهم ويعتدون على شرف نسائهم .... " ص126 - 127
يؤكد هذه التهم ما ورد في نفس العدد من المجلة في مقال بعنوان (الطريق إلى اتفاقية الدعان 1329/ 1911)، جاء في رسالة الإمام الزيدي محمد بن يحيى حميد الدين، المتلقب بالمنصور، إلى مندوب السلطان العثماني عبدالحميد (محمد بن عمر بن حسن الحريري الرفاعي)، ما يلي في وصف الأمير الأحق بالبيعة:
" .. السلطان الأعظم ممن أقام الله به الدين وانتظمت به أحوال المسلمين، وقام بجهاد الكفار، وأن رغبته في صلاح الدنيا والدين .. ".
ثم يعرج المنصور إلى أسباب ثورته على العثمانيين فيقول عن الجنود الأتراك بأنهم:
" لم يؤدوا حقوق الله ... ارتكبوا المعاصي وألزموا إليها الناس بأطراف النواصي، وجاهروا الله بشرب الخمور ونكاح الذكور وارتكاب الفجور، وظلموا كل ضعيف ... لايرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة"، ثم يتابع المنصور متحدثا عن أنه لم يجد (عن أمر الله بداً، استعنا به وتوكلنا عليه وبذلنا في الجهاد جهداً .. )
ثانياً: استبدال القانون الوضعي بالشريعة الإسلامية
أما قول المستشرق عن ترك الأتراك لأحكام الشريعة، وتكفير الزيدية لهم بسبب ذلك، فيؤكده ما قاله الباحث في مقاله (إن دعوى تعطيل العثمانيين للشريعة ينبغي أن نضعها ضمن دائرة الدعاية السياسية وإلا فسنجانب حديث التاريخ، وإذا ما أصغينا إليه حديثاً عجباً، إذ قنن العثمانيون الشريعة ودونوها عام 1869م في مجلد واحد أطلق عليه "مجلة الأحكام العدلية" ووقفت عليه لجنة خاصة اسمها "جمعية المجلة" مؤلفة من علماء الدين وسواهم من علماء القانون، وقد حوت المجلة 1851 مادة واتبعت أسلوب القوانين العلمانية الحديثة ..... وقد بني النظام الجديد للقضاء على النظام الفرنسي، وكان في الوقت ذاته خطوة هامة نحو وضع الامبراطورية العثمانية على أسس عصرية .. )
وهذا ما اعتبره المنصور تبديلا لشرع الله، ومخرجاً من الملة. يقول الباحث: "اعتبر العلامة العنسي في سيرة الإمام شرف الدين (نخبة الفكر) وتابعه من جاء بعده من المؤرخين اليمنيين، هذا القانون (تبديل للتنزيل، وتحويل لمحكم التأويل، ونسخ للشرع بالخرافات التي بها يزعمون حفظ ممالكهم)، وقد طبقت هذه القوانين بعد دخول مختار باشا صنعاء ولكنها تضاعفت بالتدريج (كل شهر يحثوا قانوناً وكل سنة يرفعوا تلك الأشياء يسيراً يسيراً) "
ثالثا: منع العثمانيين للحجيج من أداء المناسك
ويتهم المنصور العثمانيين بصد الناس عن حج البيت فيقول:
"الصد عن البيت المعظم ... " وبناء على ذلك فقد تحتم (علينا القيام غيرة لدين الله، وامتثالاً لأوامر الله ... إلخ)
والحق أن سبب المنع هو ما ورد في ص17، يقول الباحث:
" .. فلم تخل نسخة الدر المنثور من فائدة لأنها وضحت اتهام الإمام للأتراك بمنع الحجاج من الحج بوضعهم في الكرنتينة، وأن البعض كانوا يعودون بدون حج. والحق أن ما عمله الأتراك كان خطوة صحية حضارية، لا تعني منعاً"
هذا ما قرأته ورأيت أن تشاركوني الفائدة .. كذلك أردت السؤال:
1 - هل من ترجمة للعنسي المذكور في هذا المقال؟
2 - هل يوجد من الزيدية أيضاً من قال بكفر العثمانيين أيضاً لهذه الأسباب؟
أنا بانتظار تعليقاتكم المفيدة .. وشكرا(144/205)
يا بؤس بغداد دار مملكة ... دارت على أهلها دوائرها
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[30 - 12 - 07, 11:50 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
قرأت أبياتا من الشعر لأبي يعقوب الخريمي إسحق بن حسان يرثي فيها أرض السلام (بغداد) , أيام الفتنة التي حدثت بين الأمين والمأمون.
ما أشبه الليلة بالبارحة وما أصدق هذه الكلمات على حال هذه المدينة في هذا الوقت من الزمان.
نسأل الله تعالى أن يفرج عن أهل السنة فيها.
قال الخريمي:
يا بؤس بغداد دار مملكة ... دارت على أهلها دوائرها
أمهلها اللّه ثم عاقبها ... لما أحاطت بها كبائرها
رقّ بها الدّين واستخفّ بذي ال ... فضل وعزّ الرجال فاجرها
وصار ربّ الجيران فاسقهم ... وابتزّ أمن الدروب شاطرها
يحرق هذا وذا يهدّمها ... ويشتفي بالنّهاب داعرها
والكرخ أسواقها معطّلة ... يستنّ شذّابها وعائرها
أخرجت الحرب من أساقطهم آساد غيلٍ غلبا تساورها
من البواري تراسها ومن ال ... خوص إذا استلأمت مغافرها
لا الرزق تبغي ولا العطاء ولا ... يحشرها بالعناء حاشرها
عيون الأخبار مختصرا (1|214)
وأردها الطبري في تاريخه مطولة:
قالوا ولم يلعب الزمان ببغ ... داد وتعثر بها عواثرها
إذ هي مثل العروس باطنها ... مشوق للفتى وظاهرها
جنة خلد ودار مغبطة ... قل من النائبات واترها
درت خلوف الدنيا لساكنها ... وقل معسورها وعاسرها
وانفرجت بالنعيم وانتجعت ... فيها بلذاتها حواضرها
فالقوم منها في روضة أنف ... أشرف غب القطار زاهرها
من غره العيش في بلهنية ... لو أن دنيا يدوم عامرها
دار ملوك رست قواعدها ... فيها وقرت بها منابرها
أهل العلا والندى وأندية ال ... فخر إذا عددت مفاخرها
أفراخ نعمى في إرث مملكة ... شد عراها لها أكابرها
فلم يزل والزمان ذو غير ... يقدح في ملكها أصاغرها
حتى تساقت كأسا مثملة ... من فتنة لا يقال عاثرها
وافترقت بعد ألفة شيعا ... مقطوعة بينها أواصرها
يا هل رأيت الأملاك ما صنعت ... إذ لم يرعها بالنصح زاجرها
أورد أملاكنا نفوسهم ... هوة غيي أعيت مصادرها
ما ضرها لو وفت بموثقها ... واستحكمت في التقى بصائرها
ولم تسافك دماء شيعتها ... وتبتعث فتية تكابرها
وأقنعتها الدنيا التي جمعت ... لها ورعب النفوس ضائرها
ما زال حوض الأملاك يحفره ... مسجورها بالهوى وساجرها
تبغي فضول الدنيا مكاثرة ... حتى أبيحت كرها ذخائرها
تبيع ما جمع الأبوة لل ... أبناء لا أربحت متاجرها
يا هل رأيت الجنان زاهرة ... يروق عين البصير زاهرها
و هل رأيت القصور شارعة ... تكن مثل الدمى مقاصرها
وهل رأيت القرى التي غرس ال ... أملاك مخضرة دساكرها
محفوفة بالكروم والنخل والر ... يحان ما يستغل طائرها
فإنها أصبحت خلايا من ال ... إنسان قد أدميت محاجرها
قفرا خلاء تعوي الكلاب بها ... ينكر منها الرسوم زائرها
وأصبح البؤس ما يفارقها ... إلفا لها والسرور هاجرها
بزندورد والياسرية والشط ... ين حيث انتهت معابرها
ويا ترلحي والخيزرانية ال ... عليا التي أشرفت قناطرها
وقصر عبدويه عبرة وهدى ... لكل نفس زكت سرائرها
فأين حراسها وحارسها ... وأين مجبورها وجابرها
وأين خصيانها وحشوتها ... وأين سكانها وعامرها
أين الجرادية الصقالب وال ... أحبش تعدو هدلا مشافرها
ينصدع الجند عن مواكبها ... تعدو بها سربا ضوامرها
بالسند والهند والصقالب وال ... نوبة شيبت بها برابرها
طيرا أبابيل أرسلت عبثا ... يقدم سودانها أحامرها
أين الظباء الأبكار في روضة ال ... ملك تهادى بها غرائرها
أين غضاراتها ولذتها ... وأين محبورها وحابرها
بالمسك والعنبر اليمان وال ... يلنجوج مشبوبة مجامرها
يرفلن في الخز والمجاسد وال ... موشي محطومة مزامرها
فأين رقاصها وزامرها ... يجبن حيث انتهت حناجرها
تكاد أسماعهم تسك إذا ... عارض عيدانها مزاهرها
أمست كجوف الحمار خالية ... يسعرها بالجحيم ساعرها
كأنما أصبحت بساحتهم ... عاد ومستهم صراصرها
لا تعلم النفس ما يبايتها ... من حادث الدهر أو يباكرها
تضحي وتمسي درية غرضا ... حيث استقرت بها شراشرها
لأسهم الدهر وهو يرشقها ... محنطها مرة وباقرها
يا بؤس بغداد دار مملكة ... دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبها ... لما أحاطت بها كبائرها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/206)
بالخسف والقذف والحريق وبال ... حرب التي أصبحت تساورها
كم قد رأينا من المعاصي ببغدا ... د فهل ذو الجلال غافرها
حلت ببغداد وهي آمنة ... داهية لم تكن تحاذرها
طالعها السوء من مطالعه ... وأدركت أهلها جرائرها
رق بها الدين واستخف بذي ال ... فضل وعز النساك فاجرها
وخطم العبد أنف سيده ... بالرغم واستعبدت حرائرها
وصار رب الجيران فاسقهم ... وابتز أمر الدروب ذاعرها
من ير بغداد والجنود بها ... قد ربقت حولها عساكرها
كل طحون شهباء باسلة ... تسقط أحبالها زماجرها
تلقي بغي الردى أوانسها ... يرهقها للقاء طاهرها
والشيخ يعدو حزما كتائبه ... يقدم أعجازها يعاورها
ولزهير بالفرك مأسدة ... مرقومه صلبة مكاسرها
كتائب الموت تحت ألوية ... أبرح منصورها وناصرها
يعلم أن الأقدار واقعة ... وقعا على ما أحب قادرها
فتلك بغداد ما يبني من الذ ... لة في دورها عصافرها
محفوفة بالردى منطقة ... بالصغر محصورة جبابرها
ما بين شط الفرات منه إلى ... دجلة حيث انتهت معابرها
بارك هادي الشقراء نافره ... تركض من حولها أشاقرها
يحرقها ذا وذاك يهدمها ... ويشتفي بالنهاب شاطرها
والكرخ أسواقها معطلة ... يستن عيارها وعائرها
أخرجت الحرب من سواقطها ... آساد غيل غلبا تساورها
من البواري تراسها ومن ال ... خوص إذا استلأمت مغافرها
تغدو إلى الحرب في جواشنها ال ... صوف إذا ما عدت أساورها
كتائب الهرش تحت رايته ... ساعد طرارها مقامرها
لا الرزق تبغي ولا العطاء ولا ... يحشرها للقاء حاشرها
في كل درب وكل ناحية ... خطارة يستهل خاطرها
بمثل هام الرجال من فلق الص ... خر يزود المقلاع بائرها
كأنما فوق هامها فرق ... من القطا الكدر هاج نافرها
والقوم من تحتها لهم زجل ... وهي ترامي بها خواطرها
بل هل رأيت السيوف مصلتة ... أشهرها في الأسواق شاهرها
والخيل تستن في أزقتها ... بالترك مسنونة خناجرها
والنفط والنار في طرائقها ... وهابيا للدخان عامرها
والنهب تعدو به الرجال وقد ... أبدت خلاخيلها حرائرها
معصوصبات وسط الأزقة قد ... أبرزها للعيون ساترها
كل رقود الضحى مخبأة ... لم تبد في أهلها محاجرها
بيضة خدر مكنونة برزت ... للناس منشورة غدائرها
تعثر في ثوبها وتعجلها ... كبة خيل ريعت حوافرها
تسأل أين الطريق والهة ... والنار من خلفها تبادرها
لم تجتل الشمس حسن بهجتها ... حتى اجتلها حرب تباشرها
يا هل رأيت الثكلى مولولة ... في الطرق تسعى والجهد باهرها
في إثر نعش عليه واحدها ... في صدره طعنة يساورها
فرغاء ينقى الشنار مربدها ... يهزها بالسنان شاجرها
تنظر في وجهه وتهتف بالث ... كل وجاري الدموع حادرها
غرغر بالنفس ثم أسلمها ... مطلولة لا يخاف ثائرها
وقد رأيت الفتيان في عرصة ال ... معرك معفورة مناخرها
كل فتى مانع حقيقته ... تشفى به في الوغى مساعرها
باتت عليه الكلاب تنهشه ... مخضوبة من دم أظافرها
أما رأيت الخيول جائلة ... بالقوم منكوبة دوائرها
تعثر بالأوجه الحسان من ال ... قتلى وغلت دما أشاعرها
يطأن أكباد فتية نجد ... يفلق هاماتهم حوافرها
أما رأيت النساء تحت المجا ... نيق تعادى شعثا ضفائرها
عقائل القوم والعجائز وال ... عنس لم تحتبر معاصرها
يحملن قوتا من الطحين على ال ... أكتاف معصوبة مهاجرها
وذات عيش ضنك ومقعسة ... تشدخها صخرة تعاورها
تسأل عن أهلها وقد سلبت ... وابتز عن رأسها غفائرها
يا ليت شعري والدهر ذو دول ... يرجى وأخرى تخشى بوادرها
هل ترجعن أرضنا كما غنيت ... وقد تناهت بنا مصايرها
من مبلغ ذا الرياستين رسا ... لات تأتي للنصح شاعرها
بأن خير الولاة قد علم الن ... اس إذا عددت مآثرها
خليفة الله في بريته ال ... مأمون منتاشها وجابرها
سمت إليه آمال أمته ... منقادة برها وفاجرها
شاموا حيا العدل من مخايله ... وأصحرت بالتقى بصائرها
وأحمدوا منك سيرة جلت ال ... شك وأخرى صحت معاذرها
واستجمعت طاعة برفقك للمأ ... مون نجديها وغائرها
وأنت سمع في العالمين له ... ومقلة ما يكل ناظرها
فاشكر لذي العرش فضل نعمته ... أوجب فضل المزيد شاكرها
واحذر فداء لك الرعية وال ... أجناد مأمورها وآمرها
لا تردن غمرة بنفسك لا ... يصدر عنها بالرأي صادرها
عليك ضحضاها فلا تلج الغم ... رة ملتجة زواخرها
والقصد إن الطريق ذو شعب ... أشأمهاوعثها وجائرها
أصبحت في أمة أوائلها ... قد فارقت هديها أواخرها
وأنت سرسورها وسائسها ... فهل على الحق أنت قاسرها
أدب رجالا رأيت سيرتهم ... خالف حكم الكتاب سائرها
وامدد إلى الناس كف مرحمة ... تسد منهم بها مفاقرها
أمكنك العدل إذ هممت به ... ووافقت مدة مقادرها
وأبصر الناس قصد وجههم ... وملكت أمة أخايرها
تشرع أعناقها إليك إذ الس ... ادات يوما جمت عشائرها
كم عندنا من نصيحة لك في الل ... ه وقربى عزت زوافرها
وحرمة قربت أواصرها ... منك وأخرى هل أنت ذاكرها
سعي رجال في العلم مطلبهم ... رائحها باكر وباكرها
دونك غراء كالوذيلة لا ... تفقد في بلدة سوائرها
لا طعما قلتها ولا بطرا ... لكل نفس هوى يؤامرها
سيرها الله بالنصيحة وال ... خشية فاستدمجت مرائرها
جاءتك تحكي لك الأمور كما ... ينشر بز التجار ناشرها
حملتها صاحبا أخا ثقة ... يظل عجبا بها يحاضرها
تاريخ الطبري (8|454)
ملحوظة: ما خلا شاعر من سب الدهر كما قال بعض السلف(144/207)
هل ثبت هذا عن علي رضي الله عنه؟
ـ[أبو أمينة]ــــــــ[31 - 12 - 07, 10:37 ص]ـ
الإخوة الكرام: السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
: «أرجف بالكوفة أن معاوية1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قد مات. فقال علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ما مات! ولن يموت حتى يملك ما تحت قدمي هاتين! وإنما أراد ابن هند أن يشيع ذلك حتى يستثير علمي، فمن يومئذ كاتب أهل الكوفة معاوية1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: «و اعلموا أن الأمر صائر إليه.»
هل ثبتت هذه القصة؟
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[05 - 01 - 08, 06:27 م]ـ
هلا ذكرت المصدر للأخوة حتى نستفيد ..(144/208)
من هو جحا؟
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[31 - 12 - 07, 07:17 م]ـ
حقائق غيّبها التاريخ (جُحا بين الحقيقة والأسطورة)
بقلم:منال المغربي
Yafa-48@hotmail.com
جُحا الإنسان الذي أضحك الملايين بنوادره الطريفة وأخباره العجيبة التي تناقلتها الألسن على مرّ العصور، أصبح اليوم في ذاكرة الناس مجرّد شخصية خرافيّة، إلا أنّ المعاجم وكتب التراجم والأدب ورجال الحديث تبيّن لنا أنّ جُحا شخصية حقيقيّة لها تاريخها العريق وماضيها المشرق الذي غَفِل عنه الأكثرون نتيجة ما نُسِب إليه من النوادر والطرائف التي كرّسته رمزاً للحماقة والتغفيل.
فمن هو جحا؟
قبل البَدء تجدر الإشارة إلى أنّ هناك شخصيتين حملتا هذا الإسم الأوّل اختلفت المصادر بشأن اسمه، فقد قيل: نوح أو عبد الله أو دُجين أبو الغصن بن ثابت اليربوعي البصري، ولقبه (جُحا) أو (جُحى)، وكنيته أبو الغصن ينتهي نسبه إلى قبيلة فزازة العربية.
أوّل من ذكره الجاحظ حين أَورد في كتابه "القول في البغال" نوادر بطلها جُحا دون أن يترجم له. (1)
ولد جُحا في النصف الثاني من القرن الأوّل الهجري (60هـ) وقضى الشطر الأكبر من حياته في الكوفة، توفي فيها في خلافة أبي جعفر المنصور عام (160هـ).
قال عنه الإمام الذهبي: "أبو الغصن صاحب النوادر دُجين بنُ ثابت اليربوعيُّ البصريُّ، رأى دُجين أنساً، وروى عن أسلم، وهشام بنِ عُروة شيئاً يسيراً .... قال عبّاد بن صهيب: حدّثنا أبو الغصن جُحا- وما رأيت أعقل منه- قال كاتبه: لعلّه كان يمزح أيام الشبيبة، فلمّا شاخ، أقبل على شأنه، وأخذ عنه المحدِّثون" (2).
قال الإمام البخاري: "دُجين بن ثابت أبو الغصن اليربوعي، سمع من أسلم مولى عمر، روى عنه مسلم وابن المبارك" (3).
أمّا الحافظ ابن حجر العسقلاني فقد فرّق بين دُجين المحدّث (البصري) ونوح الذي استقرّ في الكوفة، وأورد حديثاً رواه حُجا فقال:" عن ابن عدي حدّثنا أبو خليفة حدّثنا مسلم حدّثنا الدجين بن ثابت الغصن عن أسلم مولى عمر قال: قلنا لعمر، مالك لا تحدّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أخشى أن أزيد أو أنقص، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب عليّ متعمداً فليتبؤ مقعده من النار". (4)
قال عنه ابن الجوزي: " رُوي عنه ما يدل على فطنة وذكاء، إلا أنّ الغالب عليه التغفيل، وقد قيل: إنّ بعض من كان يُعاديه وضع له حكايات، والله أعلم، عن مكي بن ابراهيم – هو مكي بن إبراهيم البلخي آخر من روى من التقات عن يزيد بن أبي عبيد، عاش نيفاً وتسعين سنة، مات سنة215هـ – أنّه كان يقول: رأيت جحا رجلاً كيِّساً ظريفاً، وهذا الذي يُقال عنه مكذوب عليه، وكان له جيران مخنثون يُمازحهم ويمازحونه فوضعوا عليه" (5).
وربّما هذا ما دفع الإمام النسائي للقول عنه:" ليس بثقة، وابن معين للقول: ليس حديثه بشيْ، والدار قطني وغيره: ليس بالقوي، ولعلّ التجريح قد جاء ممّا نُسِب إليه من نوادر وفكاهات لا تليق براوي حديث، "وليس من المستحيل أن يكون محدّث البصرة قد وقع فريسة لكيد أهل الكوفة " (6).
وقال القطب الشعراني في كتابه (المنهج المطهر للقلب والفوائد): "عبد الله جُحا تابعي، كما رأيته بخط الجلال السيوطي- الذي ألّف كتاباً عن جُحا، جواباً لسؤال ورده مستفسراً عنه، جَمع فيه القصص المنسوبة إليه، سمّاه: "إرشاد من نحا إلى نوادر جُحا"-، قال: وكانت أمّه خادمة لأم أنس بن مالك، وكان الغالب عليه صفاء السريرة" (7)، " فلا ينبغي لأحد أن يسْخر به إذا سَمِع ما يضاف إليه من الحكايات المضحكة، بل يَسأل الله أن ينفعه ببركاته، قال الجلال: وغالب ما يُذكرعنه من الحكايات المضحكة لا أصل له، قال شيخنا: وذكره غير واحد، ونسبوا له كرامات وعلوماً جمّة". (8)
أمّا الشخصيّة الأخرى فهي نصر الدين خُوجة المعروف بجُحا الأتراك؛ فلقد كان معلّماً وفقيهاً وقاضياً (9) ولد في قرية صغيرة تدعى خورتوعام 605هـ، وتلقّى علومه فيها، ووليَ القضاء في بعض النواحي المتاخمة لها، كما ولي الخطابة في (سيوري مصار)، عُيّن مدرِّساً وإماماً في بعض المدن.
كان عفيفاً زاهداً يحْرث الأرض ويحتطب بيده، كما كانت داره محطة للوافدين من الغرباء والفلاحين (10).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/209)
ولا يفوتنا أنْ نؤكّد في هذا المقام أنّ نصر الدين من كبار العلماء الأحناف، وأنّ أكثر اشتغاله كان بعلم الفقه، وقد أحبّه تلاميذه فأقبلوا على مجالسه يستمعون إليه، وكانوا أَكثر من 300 تلميذ، وقد غلب عليه لقب المعلّم؛ لذلك اشتهر بين أهل تركيا بالخوجة، كما كان واعظاً ومرشداً يأتي بالمواعظ في قالب النوادر والنكات الظريفة التي لم تُزعزع مكانته في قلوب الناس.
ومن المعروف عنه أنّه كانت له جُرأة على الحكّام والأمراء والقضاة الذين كان يدعوهم إلى السير بمقتضى الشرع الحنيف، ويحضّهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبفضل علمه الغزير الذي اعترف به علماء الأناضول استطاع الوقوف في وجه (تيمورلنك) والتصدي له في العديد من المواقف، فأَنقذ بذلك العديد من الناس من بعض مظالمه.
توفي عام 683هـ وضريح الشيخ موجود في مقْبرة آق شهر الكبرى (11).
أمّا النوادر التي نُسبت إليه:" فيستحيل أن تصْدر ... عن شخصية واحدة لتباعد البيئات التي تُروى عنها" (12) - وهي نتيجة - ما وضعه الترْك وما وضعه غيرهم من عامّة الشعوب الشرقية الإسلامية، وبعضه ممّا وضعه غير المسلمين من جِيران العثمانين -كالأرمن - (13).
خِتاماً نقول: إنّه من الواجب علينا إعادة الاعتبار إلى هذه الشخصية التي أُخمط حقّها طوال القرون المنصرمة عندما أُلبست أثواب الطفيلين والحمقى، وذلك بـ:
ـ إعادة الهويّة الإسلامية لجُحا، من خلال التركيزعلى شخصية جُحا المسلم، ورفض ما عداها من هويّات قوميّة أو وطنيّة (جُحا العربي –جُحا المصري- جحا التركي- جُحا الكردي- جُحا الفارسي) التي يحاول البعض إلصاقها به؛ لأنّ هذا يصبّ في مصلحة أعداء الدين، والدليل ما ورد على لسان وزير الكيان الصهيوني (أبا أبيان) عندما ألقى عام 1967 محاضرة بجامعة (برنستون) الأمريكية قال فيها: "من أوّل واجباتنا أن نُبْقي العرب على يقين راسخ بنسبهم القومي لا الإسلامي".
ـ توقير جُحا بصفته رجل دين وفقيه ومحدّث، وإنزاله المنزلة التي تليق به لا السخرية منه، لأنّ تصويره بشكل كاريكاتوري فيه انتقاص من شأنه كعالم، وتغييب لدوره الإصلاحي في المجتمع من توعية الناس ومواجهة الطُغاة والحكّام.
وأخيراً: إنّ الألقاب الكثيرة التي أُلصقت بشخصيّة جُحا منها: الأحمق والمغفّل والطفيلي تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف التي تنصّ على عدم السخرية من الآخرين، فلقد قال الله سبحانه وتعالى: " يا أيّها الذين آمنوا لا يسْخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيراً منهن ولا تَلْمِزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئْسَ الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتُبْ فأولئك هم الظالمون "} سورة الحجرات: الآية:11 {.
ــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1 - "القول في البغال" الجاحظ ص: 37.
2ـ "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي ص: 172و173، الجزء الثامن.
3 ـ "التاريخ الكبير" للإمام البخاري ص: 257 - 258، المجلد الثالث.
4 - "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر العسقلاني، ص415 - 416 الجزء الثاني، بالإضافة لكتاب "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للإمام الذهبي ص: 23 - 24 الجزء الثاني، وغيرها من كتب رجال الحديث.
5 - "أخبار الحَمْقى والمغفلين" للحافظ ابن الجوزي، ص: 19.
6 - "دائرة المعارف الإسلامية"، ص: 2669.
7 - "القاموس المحيط" للفيروز آبادي، ص: 1269 مادة جحا.
8 ـ - "تاج العروس من جواهر القاموس" لمرتضى الزبيدي، ص: 271 المجلد 19.
9 - "الموسوعة العالمية"، ص: 226.
10 - "نوادر جُحا الكبرى" حكمت شريف الطرابلسي، ص: 17.
11 - "جُحا العربي" محمد النجار، ص: 53.
12 - 13 "جُحا الضاحك المُضْحك" عباس محمود العقّاد، ص: 127 - 171.
المصدر: موقع التاريخ
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[08 - 01 - 08, 01:17 ص]ـ
رائع، بارك الله فيك أخي الكريم
والله ما أحوجنا لمن يمحو أميتنا التاريخية
ليتك تخصص موضوعاً مستقلاً، ترفع فيه الجهل عن شخصيات مثل: جحا، هارون الرشيد، السلطان عبد الحميد، وغيرهم ممن ظلمهم كذابو التأريخ ......
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[08 - 01 - 08, 09:36 ص]ـ
وفيك بارك الله يا أبو عبدالله
ـ[السمرقنديه]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:53 ص]ـ
جزاكم الله والكاتبة كل خير
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[29 - 08 - 08, 06:30 ص]ـ
سبحان الله!!!
عجيب والله،،
كنت أعلم أنه شخصيتان عربية وتركية،،
ولكن أن يكون أحدهما فقيه والأخر محدث! فهذا مالم أكن أعرفه!!
ولكن ماتجدر الاششارة له أنه من المعروف أن مايقام حوله من مسرحيات ساخرة وقصص مضحكة و .. و ... من المتقرر لنا أنها من نسج خيال المؤلف أو القاص،،والاسم فقط مستعار،،لكن للاسم أصل ما ..
ـ[محبة القرآن والعربية]ــــــــ[05 - 01 - 09, 12:21 م]ـ
بسمِ اللهِ والحمدُ لله
وصلى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ على النبي المُصطفى، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وتابعيه ومن والاه وبأثرِهِ اقتفى
السَّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
**********************
جزاكُم الله خيرًا
سبحان الله معلومة صدقًا لم أكن أعلم عنها أدنى شيء قَبلاً ..
لكن أستأذنكم في سؤال: هل حكايات جحا المنتشرة الآن في قصص الأطفال والأفلام الكارتونية وغيرها .. هل تعتبر رمزًا مباشرًا لهذا التابعي ّ الجليل؟؟
يعني هل مجرد استخدام الاسم كشخصية فكاهية - وهو كنية وليس الاسم الحقيقي لهذا التابعي الجليل - يجعله عَلَمًا له ورمزًا له بحيث يصبح التندر بهذه الشخصية هو سخرية واستهزاء بأحد التابعين؟؟
أرجو تحرير هذا الأمر بدقة، فلو كان الأمر فعلاً سخرية بأحد التابعين فلا يمكن أبدًا السكوت عنه، ولابد من نشر هذا الأمر على أوسع نطاق ممكن وتعريف العالم كله به .. فشرف التابعين لا ينفك عن شرف الصحابة الأطهار - رضوان الله عليهم أجمعين - كما هو معلوم .. سبحان الله " خير الناس قرني ثم الذي يلونهم ... "
لذا فأرجو بشدة تحرير هذا الأمر تحريرًا دقيقًا واضحًا حتى نتحرك على أساس ما عرفناه وننشره بوضوح .. ولا تكون معلومة سريعة تمر علينا وتمضي ... والله المُستعان.
والحمدُ لله رب العالمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/210)
ـ[محمد الاسلام]ــــــــ[05 - 01 - 09, 09:06 م]ـ
وهذان كتابان عن جحا
جحا العربي
http://www.archive.org/download/aalam_almaarifa/010.pdf
( جحا ... الضاحك المضحك) للعقاد
http://www.megaupload.com/?d=LQD3
قال الشيخ الألباني :
GIR
ـ[كريم محمدعدلى]ــــــــ[08 - 01 - 09, 11:53 ص]ـ
بارك الله فيك اخى فى الله
وجعله فى موازين حسناتك
واظلك بظله يوم لاظل الا ظله
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[08 - 01 - 09, 05:59 م]ـ
بارك الله فيك اخى فى الله
وجعله فى موازين حسناتك
واظلك بظله يوم لاظل الا ظله
اللهم آمين وإياك أخي الكريم وأشكرك على دعواتك الطيبة
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[09 - 01 - 09, 04:53 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، و أضيف ما قاله الزِّرِكْلِي في [الأعلام] (2/ 112):
جحا
(000 - نحو 130 هـ = 000 - نحو 747 م)
جحا الكوفي الفزاري، أبو الغصن: صاحب النوادر. يضرب به المثل في الحمق والغفلة.
كانت أمه خادمة لام (أنس بن مالك) ويقال: كان في الكوفة إبان ثورة أبي مسلم الخراساني، وأدخله عليه مولاه يقطين فقال: يا يقطين أيكما أبو مسلم؟ وعلى هامش مخطوطتي من (المستقصى) للزمخشري: وفيه يقول عمر بن أبي ربيعة:
(دلهت عقلي، وتلعبت بي ... حتى كأني من جنوني جحا)
فان صحت نسبة البيت إلى ابن أبي ربيعة دلت على اشتهار جحا قبل أيام أبي مسلم بأكثر من أربعين سنة. وسماه الجوهري في الصحاح (جحا) فتعقبه صاحب القاموس بأن (جحا) لقبه وان اسمه (دجين بن ثابت) وأورد ابن حجر في (لسان الميزان) ترجمة لمحدث من أهل البصرة اسمه (دجين بن ثابت) اليربوعي وكنيته (أبو الغصن) ونفى رواية من قال إنه هو جحا.
وقال شارل بلا: إن الجاحظ كان أول مؤلف عربي ذكر جحا في مؤلفاته، ذكره في رسالة عن علي والحكمين، وذكره في كتاب البغال. وفي فهرست (ابن النديم) من الكتب المصنفة في أخبار المغفلين (نوادر حجا)) وهذا حتما غير كتاب (نوادر جحا) المطبوع بمصر وبيروت المترجم عن التركية، المنسوبة أخباره إلى جحا الرومي المعروف بخوجه نصر الدين، وقد دخلت فيه حكايات من نوادر جحا (العربي) في جملة ما ترجم إلى التركية من كتب العرب. قال الزمخشري: والحكايات عنه لا تضبط كثرة. وفي ديوان أبي العتاهية (المتوفى سنة 211) قوله: دلهني حبها وصيرني مثل جحا شهرة ومشخلة
وفي مخطوطة حديثة سميت (قطعة من تراجم أعيان الدنيا الحسان) في المكتبة الشرقية اليسوعية ببيروت: كان أبو الغصن جحا البغدادي صاحب مداعبة ومزاح ونوادر توفي في خلافة المهدي العباسي (1).
---------------------------------------------------------------------------
(1) المستقصى، للزمخشري - خ - والتاج 10: 68 ومجمع الامثال 2: 150 وابن النديم طبعة فولجل 313 والصحاح 2: 455 وديوان أبي العتاهية تحقيق الدكتور شكري فيصل 488 ولسان الميزان 2: 428 و عبد الوهاب عزام في مجلة الرسالة: السنة الاولى، العدد 20 قلت: أما الخوجه نصر الدين المذكور في نهاية هذه الترجمة فقد نحله الترك أخبار جحا وزادوا فيها أضعاف أضعافها، ويظن أنه صاحب الضريح الكبير في بلدة (آق شهر) وقد مر به مؤلف رحلة الشتاء والصيف، ونعته بصاحب التفسير وأرخ وفاته سنة 386 كما فظي مخطوطتي منه ولم أراجع المطبوعة ولعل الصواب 683 وقال: والعامة تزعم أنه جحى الذي يضرب به المثل في الغفلة، وليس هو.
ثم تحدث عن جحى الكوفي الفزاري أبي الغصن وقال: (ورأيت في بعض التعاليق أنه كان فاضلا ماجنا وقد عمل الناس على لسانه كثيرا من النوادر كما عملوا على لسان المجنون.
ولابن أبي اليمن الغفاري مؤلف في ذلك يشتمل على ألف ورقة).
وانظر كتاب (جحا في ليبيا) لعلي مصطفى المصراتي.
والتراتيب الادارية 2: 261 ومحاضرة شارل بلا في جريدة الحياة البيروتية
21/ 3 / 65 قلت: ونشأ عن أختلاط حكايات جحا العربي بجحا الرومي أن ذهب بعض الكتاب إلى أن (جحا) أسطورة خيالية، اقرأ مقال محمد فريد أبي حديد في مجلة (العربي) العدد 41 ص 66 ونقلت جريدة الحياة (بيروت 9/ 1 / 1971) عن إحدى الصحف الاجنبية أن بعض الشعوب عرفت جحا (أو نصر الدين خجا) بأسماء متشابهة فهو في آسيا الوسطى (هو دجا) وفي مالطة (جيهان) وفي بلاد السكسون (جوكا).
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[09 - 01 - 09, 09:37 ص]ـ
جزاك الله خيراً على الإضافة أخي عمرو وشكر الله لك
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[09 - 01 - 09, 09:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي، وأثابك خيرا على ذلك البحث المفيد
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[15 - 01 - 09, 05:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
جزاكم الله خيرا.
إضافة
سافرنا وأنا صغير إلى تركيا، وكنت على صغر سني مولعا بالكتب،
وشاء الله تعالى أن نمر على قرية جميلة هادئة رائعة الجمال، بينها وبين مدينة اسنطبول يمر البحر،
وهي مدينة تاريخية، فهي المكان الذي وقف فيها محمد الفاتح قبل أن يفتح القسطنطينية (اسنطبول) حاليا، وإذا بي أرى متجرا يبيع كتبا بالعربية، فاشتريت كتابا وهو:
من نوادر جحا.
المصنف: محمد علي برانت
المترجم: توران خالد مصور.
الرسام: بورداكون كوكار.
التنضيد: وقف الديانة – أنقرة.
الطبع: مطبعة اند.
والكتاب حوى مقدمة مهمة عن جحا التركي في (صفحات) سأضعها لكم بإذن الله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/211)
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[15 - 01 - 09, 11:34 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم أبو الأشبال على الإضافة وعلى الكتاب وفي انتظاركم حفظكم الله
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[16 - 01 - 09, 06:41 م]ـ
أخي الفاضل مجاهد جزاك الله خيرا، وهذا ما بقي من المقدمة.
أما ما بقي من الكتاب فهو طفولي فيه رسومات ونوادر.
ـ[سعد الحقباني]ــــــــ[11 - 09 - 10, 01:03 م]ـ
للتاريخ
ـ[عبد الرحمن الطويل]ــــــــ[12 - 09 - 10, 07:36 ص]ـ
بارك الله فيك، و في كاتبة المقال، و رحم اللهُ الجُحَويْن.
مقال ماتع، و غوص رائع في بطون الكتب بحثاً عن ترجمة اسم لم نعره إلا استخفافنا.
لفت نظري في المقال
أمّا الشخصيّة الأخرى فهي نصر الدين خُوجة المعروف بجُحا الأتراك؛ فلقد كان معلّماً وفقيهاً وقاضياً (9) ولد في قرية صغيرة تدعى خورتوعام 605هـ، وتلقّى علومه فيها، ووليَ القضاء في بعض النواحي المتاخمة لها، كما ولي الخطابة في (سيوري مصار)، عُيّن مدرِّساً وإماماً في بعض المدن.
ومن المعروف عنه أنّه كانت له جُرأة على الحكّام والأمراء والقضاة الذين كان يدعوهم إلى السير بمقتضى الشرع الحنيف، ويحضّهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبفضل علمه الغزير الذي اعترف به علماء الأناضول استطاع الوقوف في وجه (تيمورلنك) والتصدي له في العديد من المواقف، فأَنقذ بذلك العديد من الناس من بعض مظالمه.
توفي عام 683هـ وضريح الشيخ موجود في مقْبرة آق شهر الكبرى (11).
كيف ولد عام 605 و مات عام 683 و لقي تيمورلنك الذي عاصر ابن خلدون؟؟
لعله لقي أحداً من قادة التتار من رجال هولاكو فإنه معاصره من ملوك التتار، أو لقي تيموراً آخر.
ـ[حنفى شعبان]ــــــــ[12 - 09 - 10, 08:24 ص]ـ
جحا المحدث من رجال أحمد بن حنبل فى المسند وترجمه الشيخ احمد محمد شاكر رحمه الله
ـ[أبو شذا محمود النحال البيهقي]ــــــــ[12 - 09 - 10, 03:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
أحببت أن أضيف ترجمته من كتاب الألقاب لابن الفرضي وقد تفرد بنقل نصوص نفيسة لا توجد في كتاب اخر:
85 - جُحَا: هُوَ: إِسْحَاقُ، وَيُكْنَى أَبَا الْغُصْنِ ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1358649#_ftn1)).
قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ: كَتَبَ إِلَيَّ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَبُو الْغُصْنِ إِسْحَاقُ. عَنْ شُرَيْحٍ وَيُقَالُ: هُوَ جُحَا. رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ امْتَنَعَ عَنِ التَّحْدِيثِ عَنْهُ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ ثَبَتًا، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ يَذْكُرُهُ.
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ الْكُوفَةَ أَطْلُبُ الْحَكَمَ، فَمَرَرْتُ بِشَيْخٍ جَالِسٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ، مَنْزِلُ الْحَكَمِ. فَقَالَ لِي: وَرَاءَكَ. فَرَجَعْتُ وَرَائِي، فَقَالَ: يَا هَذَا، أَقُولُ وَرَاءَكَ وَتَرْجِعُ إِلَى خَلْفِكَ؟! قَالَ: فَقُلْتُ: (ق10/ب) أَلَيْسَ وَرَائِي خَلْفِي؟ فَقَالَ: يَا هَذَا، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1358649#_ftn2)) غَصْبًا إِنَّمَا كَانَ أَمَامَهُمْ. قُلْتُ: أَبُو مَنْ؟ قَالَ: أَبُو الْغُصْنِ. قُلْتُ: الِاسْمُ. قَالَ: أَنَا جُحَا ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1358649#_ftn3)).
وَعْن عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَجِيءَ بِجُحَا قَدْ شَجَّ رَجُلًا، فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَكُمْ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ جُحَا: وَأَيْشٍ تَنْفَعُ بَيِّنَتُهُمْإِذَا لَمْ أُقِرَّ أَنَا؟ قَالَ: فَضَحِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهُمْ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ جُحَا جَارِيَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِأَبِيهِ: تَزَوَّجْتَ أُمِّي عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَوَلَدَتْ لَكَ أُخْتِي وَأَنَا، فَزَوَّجْتَ أُخْتِي عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَبَقِيتُ أَنَا رِبْحًا.
[قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: نَا وَاللَّهِ أَبِي، قَالَ: دَخَلَ جُحَا عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَعِنْدَهُ يَقْطِينٌ، فَقَالَ: يَا يَقْطِينُ، أَيُّكُمْ أَبُو مُسْلِمٍ؟ ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1358649#_ftn4)). قَالَ: وَرَأَيْتُ قَبْرًا بِسُوقِ أُسَيدٍ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَقُلْتُ: قَبْرُ مَنْ ذَا؟ قَالُوا: قَبْرُ جُحَا، مَاتَ فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْعَطَشِ] ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1358649#_ftn5)).
([1]) منتخب معرفة الألقاب لابن طاهر المقدسي (ص51)، كشف النقاب عن الأسماء والألقاب لابن الجوزي (1/ 133)، ذات النقاب في الألقاب للذهبي (ص39)، نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر (1/ 163).
([2]) ضبب عليها الناسخ وكتب فوقها كلمة: كذا، وأشار أنه في (خ) –نسخة أخرى لدى الناسخ-: صالحة.
([3]) ذكره ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين (ص41).
([4]) مجمع الأمثال للميداني (1/ 223)، المستقصى في أمثال العرب (1/ 76).
([5]) ما بين المعكوفتين معلم عليه في الأصل بدارة في البداية، وأخرى في النهاية، وكتب عليه ناسخ الأصل: المعلم عليه كما تقدم.(144/212)
الحافظ ابن حجر العسقلاني: ابن الجوزي حاطب ليل لا ينقد ما يحدث به
ـ[الباحث]ــــــــ[01 - 01 - 08, 03:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خلال تنقلي بين الكتب المصورة ( pdf ) تصفحتُ كتاب (لسان الميزان) للحافظ ابن حجر رحمه الله باعتناء أبي غدة!
فوجدتُ فائدة تاريخية مهمة في (2/ 400)، وهي رأي الحافظ ابن حجر في الحافظ ابن الجوزي رحمهما الله تعالى.
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
(ودلت هذه القصة على أن ابن الجوزي حاطب ليل لا ينقد ما يحدث به).
والقصة التي أوردها ابن الجوزي في تاريخه قصة متناقضة تقول أن ثمامة بن أشرس المعتزلي الخبيث كان من الذين سعوا في قتل أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله حين قتله الخليفة العباسي الخبيث الواثق في فتنة خلق القرآن.
فقال الحافظ ابن حجر بأن القصة فيها تناقض، وهو أن الواثق قتل أحمد بن نصر الخزاعي سنة بضع وعشرين ومائتين، وثمامة بن أشرس سنة 213 هـ، فكيف يُقتل قاتل أحمد بن نصر الخزاعي قبله؟
هذا معنى كلام ابن حجر رحمه الله!(144/213)
السيرة النبوية من القرآن الكريم ,الفترة النبوية الجزء الاول: نبذة عن المؤلّف المقدّمة
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[01 - 01 - 08, 07:28 م]ـ
السلام عليكم
http://staff.uqu.edu.sa/mypage/bajoda/book/sirah/info.pdf
http://staff.uqu.edu.sa/mypage/bajoda/book/sirah/1.pdf
http://staff.uqu.edu.sa/mypage/bajoda/book/sirah/2.pdf
http://staff.uqu.edu.sa/mypage/bajoda/book/sirah/3.pdf
http://staff.uqu.edu.sa/mypage/bajoda/book/sirah/4.pdf
http://staff.uqu.edu.sa/mypage/bajoda/book/sirah/5.pdf(144/214)
" البحر من ورائنا، والعدو من خلفنا " .. ما صحّة هذه القوله؟؟
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[01 - 01 - 08, 11:04 م]ـ
سمعت من أحد الإخوة أنها لم تثبت عن " طارق بن زياد "!
فهل كلامه صحيح؟؟
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[04 - 01 - 08, 12:20 ص]ـ
قد تكون نسبة هذه العبارة إلى طارق بن زياد غير صحيحة، بالنظر إلى أنه كان من البربر ولم يكن باستطاعته إلقاء خطبة بالعربية الفصحى
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[20 - 09 - 10, 02:09 ص]ـ
حولها كلام كثير, وكذلك سيرته المكتوبة والمشهورة محل شك, وربما كتبتها أياد خفية حقودة بثت السم فيها وفي سيرة موسى بن نصير, وعجبت كيف يخلد الله ذكرا جميلا لرجل وهو يعمل للدنيا كما يتضح من سيرته
فمن لها يا إخوان؟ من ينشر سيرة الرجل الصحيحة؟
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[20 - 09 - 10, 02:59 ص]ـ
للفائدة
الكاتب/بليل عبدالكريم
قام قائد الجيش الفاتح للأندلس في معركة وادي "برباط" أو "لُكَّة" بحرْق السفن، وقال للجيش البالغ تعداده "12" ألفًا، غالبه رجّالة، والفرسان قلّة: "البحرُ من ورائكم، والعدوُّ من أمامكم، فأين المفرُّ؟! "
يزعمون أنه فعل ذلك؛ لإرغام الجند على القتال أمام عدو قُدِّر بِـ"100" ألف من الفرسان.
هكذا رُويت القصة؛ لكن أكثر علماء التاريخ الموثوقين لم يوردوا هذه القصة، برغم انتشارها على يد الأدباء والمفكرين غير المحققين لما يرْوُون.
دراسة القصة:
من الناحية العلمية: هذه القصة لا تصح؛ بل لا يسلم اعتمادها؛ لفقدانها لشروط التوثيق التاريخية العلمية، فهي تسقط علميًّا.
المسلمون امتازوا بعلم "الإسناد" في الرواية، وهو ما حفظ وحافظ على الصحيح، وميَّزه عن الضعيف والمدخول من الروايات، كما أسسوا علم "الجرح والتعديل"، وعلم "الرجال"، وعلم "العلل"، كلها لضبط المرويات في الحديث النبوي، أو الآثار عن الصحابة، أو أقوال الأئمة والعلماء، والتاريخ والتدوين.
هذه الرواية إذا أخضعناها للتمحيص العلمي، نجدها فاقدة للمعايير العلمية؛ بل التحقيق يثبت ضعفها، وأنها أُدخلتْ في تاريخ المسلمين إدخالاً؛ فلا وجود لها عند كل العلماء المؤرخين للأندلس ممن عاش تلك الحقبة، أو من تلاهم من علماء الأندلس، فلا حَسيس لها ولا رِكْز، فهم لم يعلموا بها، ولم يجدوا لها كلامًا في زمانهم؛ أي: لم يتداولها أحد، لا في مقام الإشاعات ولا القصص، لا كذبًا ولا صدقًا.
غير أن من نشرها لم يكن من زمان الأندلس؛ بل من العصر الحديث، وهم المستشرقون، وذاك لحاجة في أنفسهم، ثم نقلها ونشرها أذنابُهم، وتلقَّفها من لا علم له بالتاريخ ولا بالتحقيق؛ بل هو كحاطب ليل بَهَته الذي كفر، فآمن بكل ما ورد عن الأوربيين، معتقدًا وموقنًا بالعصمة، والعلمية، والموضوعية! ثم مرَّت على أقوام أفاضل نَقصهم التحقيقُ العلمي، فقبلوها مع حسن نية، وتكَلفوا لها تفسيرات لتجميل الرواية.
من ناحية التخطيط العسكري: هي خطأ كبير، ومغامرة ليس وقتها، ومقامرة في أرض عدو؛ لأسباب هي:
1 - لم يثب قط أن قائد المعركة - وهو طارق - استشار قائدَه الأعلى منه، وهو موسى بن نصير، فلا مراسلات أثبتت، لا عند المسلمين، ولا حتى الأوربيين. هذه وحدها مخالفة عسكرية، ليس طارق ممن يقع فيها.
2 - الجيش قد يخسر المعركة، وهذا وارد؛ لقِلَّته والفارق بينه وبين عدوِّه، والأرض ليست أرضه، والخسارة قد تقع، فأين المفر؟! وأين مجال إعادة الترتيب إن هُزم ولم يُدمَّر؟! وكيف يطلب التعزيزات؟! بكل المعايير الإستراتيجية هذا انتحار، فأقوى الجيوش يجعل قادتُها مخارجَ للانسحاب كخطة، أو تفاديًا للتدمير الكلي.
3 - المسلمون الفاتحون ليسوا بحاجة إلى تحفيزٍ من هذا النوع (الإكراه) على القتال؛ ففيه تلويث للنية، وتحويل للإخلاص والجهاد لوجه الله، إلى القتال فرارًا من الموت المحتم، مما يدل على خلل في الفهم لدى الأوربيين حول عقيدة الفاتحين المسلمين.
4 - بعد حرق السفن، كيف يكون طريق الرجعة لو هزم الجيش؟
5 - غالب السفن ليست للمسلمين؛ بل استعاروها من حاكم (سبتة)، فهي أمانة يجب أن تعاد لصاحبها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/215)
6 - قال أحد الباحثين: هذا الحرق فيه تجاوز شرعي، لا يقدم عليه رجل في تقوى وورع طارق بن زياد، وما كان العلماء وقادة الجيش ليسكتوا لو فرضْنا وقوع ذلك، كما في الرواية تهوين لقوة وعزيمة الفاتحين، حيث تُصوِّر فقدان العزيمة على الجهاد، والهروب من الموت كان المُجبر على البسالة في القتال والانتصار؛ أي: هم طالبو دنيا.
هذا قد يفهم من عقلية أهل الدنيا والغزاة المحتلين كالأوربيين؛ لذا قاسوا ما في أنفسهم على المسلمين المجاهدين الطامحين في الشهادة، فنقبوا في التاريخ ليتلقفوا تلك الرواية في غزو الفرس لليمن قبل الإسلام، ثم لفقوها لفاتح الأندلس بأنه أرغم جنوده على القتال، وإلا لفرَّ الكل وتركوه وحيدًا.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[20 - 09 - 10, 03:00 ص]ـ
للفائدة
هل أحرق طارق بن زياد سفنه؟ ( http://www.alukah.net/Culture/0/6909/)
الكاتب/بليل عبدالكريم
قام قائد الجيش الفاتح للأندلس في معركة وادي "برباط" أو "لُكَّة" بحرْق السفن، وقال للجيش البالغ تعداده "12" ألفًا، غالبه رجّالة، والفرسان قلّة: "البحرُ من ورائكم، والعدوُّ من أمامكم، فأين المفرُّ؟! "
يزعمون أنه فعل ذلك؛ لإرغام الجند على القتال أمام عدو قُدِّر بِـ"100" ألف من الفرسان.
هكذا رُويت القصة؛ لكن أكثر علماء التاريخ الموثوقين لم يوردوا هذه القصة، برغم انتشارها على يد الأدباء والمفكرين غير المحققين لما يرْوُون.
دراسة القصة:
من الناحية العلمية: هذه القصة لا تصح؛ بل لا يسلم اعتمادها؛ لفقدانها لشروط التوثيق التاريخية العلمية، فهي تسقط علميًّا.
المسلمون امتازوا بعلم "الإسناد" في الرواية، وهو ما حفظ وحافظ على الصحيح، وميَّزه عن الضعيف والمدخول من الروايات، كما أسسوا علم "الجرح والتعديل"، وعلم "الرجال"، وعلم "العلل"، كلها لضبط المرويات في الحديث النبوي، أو الآثار عن الصحابة، أو أقوال الأئمة والعلماء، والتاريخ والتدوين.
هذه الرواية إذا أخضعناها للتمحيص العلمي، نجدها فاقدة للمعايير العلمية؛ بل التحقيق يثبت ضعفها، وأنها أُدخلتْ في تاريخ المسلمين إدخالاً؛ فلا وجود لها عند كل العلماء المؤرخين للأندلس ممن عاش تلك الحقبة، أو من تلاهم من علماء الأندلس، فلا حَسيس لها ولا رِكْز، فهم لم يعلموا بها، ولم يجدوا لها كلامًا في زمانهم؛ أي: لم يتداولها أحد، لا في مقام الإشاعات ولا القصص، لا كذبًا ولا صدقًا.
غير أن من نشرها لم يكن من زمان الأندلس؛ بل من العصر الحديث، وهم المستشرقون، وذاك لحاجة في أنفسهم، ثم نقلها ونشرها أذنابُهم، وتلقَّفها من لا علم له بالتاريخ ولا بالتحقيق؛ بل هو كحاطب ليل بَهَته الذي كفر، فآمن بكل ما ورد عن الأوربيين، معتقدًا وموقنًا بالعصمة، والعلمية، والموضوعية! ثم مرَّت على أقوام أفاضل نَقصهم التحقيقُ العلمي، فقبلوها مع حسن نية، وتكَلفوا لها تفسيرات لتجميل الرواية.
من ناحية التخطيط العسكري: هي خطأ كبير، ومغامرة ليس وقتها، ومقامرة في أرض عدو؛ لأسباب هي:
1 - لم يثب قط أن قائد المعركة - وهو طارق - استشار قائدَه الأعلى منه، وهو موسى بن نصير، فلا مراسلات أثبتت، لا عند المسلمين، ولا حتى الأوربيين. هذه وحدها مخالفة عسكرية، ليس طارق ممن يقع فيها.
2 - الجيش قد يخسر المعركة، وهذا وارد؛ لقِلَّته والفارق بينه وبين عدوِّه، والأرض ليست أرضه، والخسارة قد تقع، فأين المفر؟! وأين مجال إعادة الترتيب إن هُزم ولم يُدمَّر؟! وكيف يطلب التعزيزات؟! بكل المعايير الإستراتيجية هذا انتحار، فأقوى الجيوش يجعل قادتُها مخارجَ للانسحاب كخطة، أو تفاديًا للتدمير الكلي.
3 - المسلمون الفاتحون ليسوا بحاجة إلى تحفيزٍ من هذا النوع (الإكراه) على القتال؛ ففيه تلويث للنية، وتحويل للإخلاص والجهاد لوجه الله، إلى القتال فرارًا من الموت المحتم، مما يدل على خلل في الفهم لدى الأوربيين حول عقيدة الفاتحين المسلمين.
4 - بعد حرق السفن، كيف يكون طريق الرجعة لو هزم الجيش؟
5 - غالب السفن ليست للمسلمين؛ بل استعاروها من حاكم (سبتة)، فهي أمانة يجب أن تعاد لصاحبها.
6 - قال أحد الباحثين: هذا الحرق فيه تجاوز شرعي، لا يقدم عليه رجل في تقوى وورع طارق بن زياد، وما كان العلماء وقادة الجيش ليسكتوا لو فرضْنا وقوع ذلك، كما في الرواية تهوين لقوة وعزيمة الفاتحين، حيث تُصوِّر فقدان العزيمة على الجهاد، والهروب من الموت كان المُجبر على البسالة في القتال والانتصار؛ أي: هم طالبو دنيا.
هذا قد يفهم من عقلية أهل الدنيا والغزاة المحتلين كالأوربيين؛ لذا قاسوا ما في أنفسهم على المسلمين المجاهدين الطامحين في الشهادة، فنقبوا في التاريخ ليتلقفوا تلك الرواية في غزو الفرس لليمن قبل الإسلام، ثم لفقوها لفاتح الأندلس بأنه أرغم جنوده على القتال، وإلا لفرَّ الكل وتركوه وحيدًا.
http://www.alukah.net/Culture/0/6909/
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/216)
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[20 - 09 - 10, 03:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو مالك
ومما زعموا كذلك أنه اختلف هو وموسى بن نصير حول إمارة ما فتحوه
وزعموا أن الخليفة حبس طارق بن زياد ومات طارق فقيرا متسولا!
فنتمنى أن نجد سير هؤلاء المحققة
ـ[عبيد الله الجزائري]ــــــــ[20 - 09 - 10, 08:27 ص]ـ
الذي يقول أن طارق بن زياد كان من البربر فكيف يكون قد قال كلاما فصيحا مثل هذا هو مخطىء فالبربر (الأمازيغ) بعد خمسين سنة من إسلامهم فقط كان أغلبهم رجالا ونساء وأطفالا يُتقنون العربية ويتكلمونها بطلاقة، ولا ننسى أن علماء أوروبيين في اللغات و مؤرخين أثبتوا أن اللهجات البربرية هي لغات عربية قديمة جدا جدا و موغلة في القدم أقدم من العربية الحالية، وقالوا بأنها تشبه اللغة الحميرية الموجودة في اليمن بل أن حروف التيفناغ الأمازيغية مطابقة لحروف اللغة الحميرية من حيث الكتابة وحتى نطق بعض الحروف، و قالوا بأن هذا هو السبب الذي جعل اللعربية تسهل على الأمازيغ (الكلام فيه نقاش).
أما عن طارق بن زياد فقرأت في كتاب عنوانه حياة طارق بن زياد فاتح الأندلس أظن مؤلفه محمود شلبي ذكر أن والد طارق أسلم على يد عقبة بن نافع و هكذا تربى طارق تربية دينية وجمع بين العربية و الأمازيغية، والله أعلم.(144/217)
منهج ابن كثير في كتابه البداية والنهاية
ـ[ام الخطاب رشا]ــــــــ[04 - 01 - 08, 08:00 م]ـ
منقول من صفحة الشيخ ابوعبدالله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
سألني مرة أحد الإخوة الكرام عن كتاب البداية والنهاية، وكان سؤاله (ما هي الكتب التي تنصحني بقراءتها لأكون مطلعاً جيداً على أحداث التاريخ، يضيق صدري كثيراً إذا قرأت البداية والنهاية حيث إني لا أميز الصحيح من الضعيف وما هو الخبر الذي يعتمده ابن كثير).
وكان الجواب كما يلي:-
أما بخصوص استفسارك .. فإني أود أولاً أن أعطيك فكرة عن منهج ابن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية .. و عن نوعية الأخبار التي يعتمدها في سرده للأحداث و بالأخص عصر الرسالة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم .. والعصر الراشدي – العصر الذهبي –.
يتمثل منهج ابن كثير باختصار كما بينه رحمه الله في مقدمة تاريخه، ثم أعاده مراراً وتكراراً في شتى فصول كتابه، بمناسبات فحص الروايات، و كشف زيف الأخبار الإسرائيلية ونقدها.
ولكنه منهج يدور حول الإسرائيليات، فلا يمكن تطبيقه إلا في قسم المبتدأ، حيث كثرت فيه الروايات الإسرائيلية والأخبار الموضوعة، لجهل الناس بأحوال الأمم الماضية، و دخول أهل الكتاب في الإسلام .. فكانوا سبباً في نشر ما توارثوه من أخبار تشبه الأساطير الخرافية والقصص الشعبية.
لكن ابن كثير رحمه الله شغل في هذا الموضوع – الإسرائيليات -، فنسي في بيان منهجه ذكر سواها، ووضع كل ثقله على هذه النقطة الحساسة، فبسط في بيان منهجه فيها وأكثر من تطبيقه في تاريخه، كما طبقه أولاً في تفسيره. انظر منهجه هذا في: البداية والنهاية (1/ 6 – 7) و تفسير ابن كثير (1/ 3 – 5).
هذا بالنسبة لقسم المبتدأ من البداية والنهاية، أما بعد ذلك فلم يحدد لنا ابن كثير رحمه الله منهجاً سار عليه، واتبعه منذ السيرة النبوية إلى نهاية كتابه، و لكن من يتتبع تاريخ ابن كثير يجد أن مؤرخنا اتبع في كل قسم من أقسام كتابه منهج و ترتيب المؤرخين القدامى الذين استقى منهم مواد تاريخه، وقد اختار مصادر كتابه التاريخي من بين المؤرخين وأهل السير الذين اتصفوا مثله برسوخهم وعلو كعبهم في العلوم الدينية وخاصة علم الحديث.
ففي قسم السيرة النبوية اهتدى ابن كثير بطريقة ابن إسحاق وابن هشام والسهيلي، كما تأثر في ذكر حوادث القرون الأولى من تاريخ الإسلام بتاريخ الطبري وابن الأثير اللذين جعلهما مثلاً له و نموذجاً سار عليه.
واتبع طريقة ابن الجوزي ومن يمثل مدرسته مثل سبط ابن الجوزي و غيرهما في تاريخ القرون المتأخرة، كما تأثر بهم تأثيراً بالغاً في تفصيل التراجم والتوسع فيها وتطويلها وفي ذكر الأخبار العلمية والثقافية والاهتمام بالظواهر الخارقة والغرائب النادرة.
أما في تاريخ عصره فقد سجل ما رآه بعينه، وما سمعه بأذنه وما اطلع عليه من الوثائق الرسمية والرسائل الشخصية وما تلقاه شفهياً من المعلومات.
وقد غلب على ابن كثير منذ أول كتابه إلى نهاية السيرة النبوية أثر الحديث وأسلوبه ومنهجه، فالتزم بالرواية بالأسانيد ونقدها، أو بيان درجة الحديث دون نقد السند للحكم على الأحاديث والروايات على طريقة علماء عصره، وقام بمجهود كبير وسعي مشكور في تحقيق الأخبار وتمحيص الروايات ونقد الأسانيد وفحص بعض المتون وكشف زيف الغرائب والمناكير.
ولكن الاعتماد الأول على سلامة السند في نقد الأحاديث والأخبار – وهو الغالب عليه كمحدث حافظ – سمح أن يدخل في تاريخه بعض الروايات الضعيفة وأخبار واهية، وخاصة في أخبار الماضين،
و حوادث الجاهلية و هواتف الجان و ما جاء في دلائل النبوة ومن بعض الأخبار التي تناقض العقل والسنن الكونية وليست لها قيمة تاريخية أو سند علمي أو اعتبار ديني في الشريعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/218)
والحقيقة أن ابن كثير كان يشعر في كثر من الأحيان أن ما يرويه هو من هذيانات المؤرخين وخرافاتهم .. لكنه يذكره اتباعاً للمؤرخين السابقين للرد والتنبيه عليه .. و يقدم ابن كثير عذره في مثل هذه الأماكن قائلاً: (لولا أنها مسطرة في كثير من كتب التفسير و غيرها من التواريخ وأيام الناس، لما تعرضنا لسقاطتها وركاكتها ومخالفتها للمعقول والمنقول). البداية والنهاية (1/ 114) و (5/ 96 – 97).
وهذا يدل على حبه للجمع والاستقصاء، فيجمع في كل موضوع يطرقه جميع ما عثر عليه بوسائله، فكان هذا هو السبب في تجاوز حدود السيرة في البداية والنهاية، حيث وقف له ابن كثير نحو ثلث كتابه التاريخي.
وقد اعتمد ابن كثير في عرض المادة التاريخية على التلخيص والاختصار والنقل بالمعنى عن مصادره، وخاصة في القسم الخاص بتاريخ الإسلام، و ذلك لأنه لم يكن أمامه مجال في إرخاء العنان لقلمه، ونظراً لطول الحقبة التي كان عليه أن يجمع تاريخها، وتعدد الموضوعات التي اهتم بذكرها، وتنوع المصادر وكثرتها، فاستوعب ابن كثير ما جاء في الحوادث عند المؤرخين قبله، ثم سردها ملخصاً على لسانه في سياق واحد متماسك مع الإشارة والإحالة على مصادره التي استقى منها معلوماته، و ذلك عند الخلاف والرد والإنكار أو التأييد والاستشهاد والاعتضاد.
وإذا أتينا إلى تقييم تاريخ ابن كثير رحمه الله – ولسنا أهل لذلك – نقول وبالله التوفيق:
بذل ابن كثير جهداً كبيراً في إبعاد الإسرائيليات والموضوعات والأساطير الخرافية والقصص الشعبية القديمة التي دخلت عند المؤرخين المسلمين في قسم المبتدأ وقصص الأنبياء من تاريخه .. وقد نجح في ذلك إلى أبعد الحدود حين عرض المادة التاريخية القديمة عن عصور ما قبل الإسلام على القرآن والحديث و حققها، فأقر ما وجد منها موافقاً في نظر العلم الإسلامي ورد ما رآه مخالفاً، مبيناً ما فيه من ضعف أو نكارة أو غرابة أو شذوذ.
وهذه ميزة تفرد ابن كثير على من سبقه وخلفه من المؤرخين، فإننا لا نعرف أحداً منهم درس التاريخ القديم في مكان واحد مثل دراسته، ووقف له مثل موقفه، حتى إن المؤرخين الذين جاؤوا بعده لم يقوموا عمله ولم يسدوا الثغرات التي بقيت عند ابن كثير غير مدروسة باعتباره أول من قام بمثل هذه الدراسة، فلا غرابة أن تبقى في كتابه أخبار إسرائيلية وأحاديث موضوعة تحتاج إلى نظر جديد ودراسة أوفى من ابن كثير.
واتسمت السيرة النبوية عند ابن كثير بالطول والإحاطة الشاملة لجميع نواحي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من ولادته إلى وفاته. وقد ألحقت بها أول مرة في التاريخ العام موضوعات أفردها العلماء المصنفون من قبل بالتأليف، وهي: الشمائل والدلائل والفضائل والخصائص التي ذكرها ابن كثير باعتبارها من متعلقات السيرة النبوية الشريفة. وقد جمع ابن كثير في السيرة أكبر قدر ممكن من المواد – لا مجال للمزيد عليها – من كتب السير والمغازي والتواريخ القديمة ودواوين المحدثين الكثيرة، مما زاد من قيمة هذا القسم كثيراً في تاريخه.
أما تاريخ الإسلام، فقد دون فيه ابن كثير تاريخ نحو ثمانية قرون، تعرض فيه للكلام على أحداث إسلامية كبرى واختلفت فيها الآراء وتشعبت فيها مناهج التفكير، فأدلى فيها بآرائه، بناها على العلم والتحقيق والدليل.
وقد أبرز ابن كثير في تاريخ الإسلام نواحي مشرقة زاهرة، حثاً للمسلمين على عمل الخير واتباع الحق، كما أشار إلى ما طرأ على المسلمين من ضعف وانحطاط في بعض العصور، وبين سبب ذلك للنصيحة والعبرة والدرس، وقد كان لجمعه بين الحوادث والتراجم أثر في احتواء تاريخه على أخبار علمية وثقافية إلى جانب الحوادث السياسية والفتن والحروب.
وكان ابن كثير في تاريخه قوي الملاحظة، دقيق الربط بين أجزاء الحوادث ولو تباعدت أيامها، فلم يترك شاردة ولا واردة إلا أحصاها .. وعلى هذا فإن كتابه سجل قيم للتاريخ السياسي والاجتماعي والعلمي والأدبي والثقافي للبلاد الإسلامية عامة ولدمشق والبلاد الشامية خاصة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/219)
وقد اتصف ابن كثير بتحري الصدق والتزم التثبت من الحقيقة واجتنب التحيز والميل مع الهوى، إلا أننا نرى عنده أحياناً لوناً من الجدل والمناظرة في مسائل خلافية، مثل الخلاف بين المسلمين وأهل الكتاب، والخلاف بين أهل السنة و بين الشيعة، و في ذكر الفرق المنحرفة الخارجة على الإسلام، فإنه في مثل هذه المواضع يناظر ويجادل ويقرع الحجة بالبرهان ليثبت لما يعتقده صحيحاً في نظره، فهو هنا ليس مؤرخاً بل هو منا عالم ديني شديد التمسك بموقف أهل السنة، يلسع بالنقد اللاذع من يخالفه ويجاهر بالعداء من ينابذه، و لا يتحرز من تخطئتهم وتكذيبهم وتجهيلهم ولعنهم على طريقة أهل الجدل والمناظرة.
تميز ابن كثير بجرأته في الحق وصراحته في النقد حتى في حوادث عصره، لا يحاكي أحداً ولا يجامل ولا يخاف في الحق لومة لائم.
لهذا كله ولهذه الدقة والنزاهة والنقد والصراحة .. كانت سبباً في إثارة إعجاب المؤرخين والعلماء به بعده، كما كانت سبباً في تقدير الدارسين له في عصرنا.
للمزيد حول اهتمام العلماء بالبداية والنهاية في القديم والحديث انظر: الإمام ابن كثير، سيرته و مؤلفاته و منهجه في كتابة التاريخ للدكتور: مسعود الرحمن خان الندوي، (ص 330 – 333) من منشورات دار ابن كثير، دمشق - بيروت.
أما بخصوص الكتب التي أنصح باقتنائها و قراءتها لكي يكون الواحد منا مطلعاً على أهم الأحداث التاريخية الصحيحة في كما يلي: -
1 - أثر التشيع على الروايات التاريخية، عبدالعزيز محمد نور ولي. دار الخضيري للنشر والتوزيع، المدينة النبوية.
2 - عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام، سليمان بن حمد العودة. دار طيبة، الرياض.
3– موقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية، محمد بن عبد الهادي الشيباني. دار البياق والمكتبة المكية.
4 - عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام، ناصر بن علي عائض حسن الشيخ. مكتبة الرشد، الرياض.
5 - استشهاد عثمان و وقعة الجمل من روايات سيف بن عمر في تاريخ الطبري، خالد الغيث. دار الأندلس الخضراء، جدة.
6– مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري، يحيى بن إبراهيم اليحيى. دار العاصمة، الرياض.
7– تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، محمد أمحزون. دار طيبة و كتبة الكوثر، الرياض.
8– الخلافة الراشدة والدولة الأموية من فتح الباري، يحيى بن إبراهيم اليحيى، دار الهجرة، الرياض.
9– مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري، خالد بن محمد الغيث، دار الأندلس الخضراء، جدة.
10– فقه التاريخ، عبد الحميد بن عبد الرحمن السحيباني، دار القاسم، الرياض.
11– صورة يزيد بن معاوية في الروايات الأدبية، دارسة نقدية، فريال بنت عبد الله بن محمود الهديب، دار اجا، الرياض.
12– الثابتون على الإسلام أيام فتنة الردة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ودورهم في إخمادها، مهدي رزق الله أحمد، دار طيبة، الرياض.
13– منهج كتابة التاريخ الإسلامي، محمد بن صامل السلمي، دار الرسالة العلمية، مكة المكرمة.
14– نظرات في التاريخ والحضارة والتراث، حمد بن ناصر الدخيل، دار إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض.
15– حقبة من التاريخ، عثمان الخميس، مركز الثقافة الإسلامية، الكويت.
16– دفع الكذب المبين المفترى من الرافضة على أمهات المؤمنين، عبد الله عبد القادر بن محمد عطا صوفي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة النبوية.
17– ترتيب و تهذيب كتاب البداية والنهاية، (خلافة أبوبكر الصديق – عمر بن الخطاب – عثمان بن عفان)، محمد بن صامل السلمي، دار الوطن للنشر، الرياض.
18– عصر الخلافة الراشدة، أكرم ضياء العمري، مكتبة العبيكان، الرياض.
19– صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة، عيادة أيوب الكبيسي، دار القلم، دمشق، المنارة، بيروت.
20– في أصول تاريخ العرب الإسلامي، محمد محمد حسن شراب، دار القلم، دمشق، دار الشامية، بيروت.
21– فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، محمد بن عبد الله الغبان، مكتبة العبيكان، الرياض.
22 - دور المرأة السياسي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، وبها تحقيق تاريخي وفقهي وتشريعي لفهم دور السيدة عائشة في أحداث الفتنة، تأليف: أسماء محمد أحمد زيادة، دار السلام، القاهرة.
إلى غيرها من الكتب الكثيرة ..
اخوكم ابوعبدالله الذهبي
http://saaid.net/Doat/Althahabi/36.htm(144/220)
الموريسكيون فى المغرب. عرض كتاب مترجم إلى اللغة العربية
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 01 - 08, 12:32 ص]ـ
الموريسكيون فى المغرب
بعد سقوط دولة الإسلام فى الأندلس –بل وقبيل السقوط- كانت الهجرة إلى بلد إسلامى تعد فى كثير من الأحوال هى الحل الأنسب، فقد رأى نبلاء غرناطة أن الأمور فى بلدهم تسير من سئ إلى أسوأ وأن دولة الإسلام منهارة لا محالة، ولم يكن من الممكن آنذاك عمل أى شئ يوقف زحف الملك الكاثوليكى.
بدأ الناس فى الهجرة، وكانت لتلك الهجرة –كغيرها من الحركات الكبرى فى التاريخ- تنائج ملموسة، سواء على الذين هاجروا، او على بعض البلاد التى هاجروا إليها. رحل الأندلسيون إلى تركيا ومصر وشمال إفريقيا وأوربا، بل وأمريكا التى كانت قد تم اكتشافها منذ قليل.
لم تكن هجرة الأندلسيين ذات أثر بارز فى بلد كمصر، فالمهاجرون قد استقروا فيها وصاهروا أهلها، وبعد فترة قصيرة لم يعد من الممكن التمييز بين المصرى والأندلسى (راجع كتاب عبد الرحيم عبد الرحمن عن الأندلسيين فى مصر من واقع ملفات المحاكم الشرعية، إصدرات مؤسسة التميمى للبحث العلمىبزغوان، تونس) ونظن أن الوضع لم يكن يختلف كثير فى بقية البلاد الإسلامية مثل تركيا.
لكن الوضع فى شمال إفريقيا كان مختلفا تماما، فقد أقام المهاجرون فى قرى ومدن خاصة، شيدوها على غرار المدن التى جاءوا منها، وظلوا يتحدثون الإسبانية فيما بينهم، ولم يندمجوا فى المجتمعات المغربية التى هاجروا إليها إلا بعد زمن طويل.
كان لهجرة الأندلسيين نتائج ملموسة على المغرب العربى، فقد نقل الأندلسيون إلى شمال إفريقيا ثقافتهم الخاصة، بإيجابياتها وسلبياتها، كما سنعرض فيما يلى.
كانت إعادة تأسيس مدينة تطوان على يد المنظرى، وهو نبيل غرناطى، هى أولى ثمار الهجرة الأندلسية إلى المغرب، والكتاب الذى بين يدينا يبرز الطابع الغرناطى الخالص الذى تمتعت به مدينة تطوان عند إعادة تأسيسها.
وصل الغرناطيون إلى شمال إفريقيا فأعادوا هيكلة الجهاد البحرى الذى تحول فى بعض الأحيان إلى وسيلة لكسب العيش. إن الجهاد –بشقيه: البرى والبحرى- قد جعل من تطوان قبلة للمسلمين المضطهدين فى أوربا.
كانت هجرة نبلاء غرناطة المسلمين إلى شمال إفريقيا سببا فى وضع حد للتوسع البرتغالى على حساب بلاد المغرب العربى، وقد استطاع المغاربة –بمعاونة الغرناطيين المنفيين- تحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه بمفردهم. إن النصر على البرتغال فى معركة القصر الكبير عام 1578 إنما ترجع أسبابه الرئيسية إلى معاونة الأندلسيين الذين وقفوا إلى جانب السلطان المغربى
على أن ثمار الوجود الموريسكى فى المغرب لم تقتصر على الجانب الجهادى، فيكفى أن نتذكر أن الأندلسيين –بالإضافة إلى تقديم المحاربين الشجعان للجيوش المغربية- كان من بينهم الوزراء ذوى الرأى، وكان منهم المستشارون والصناع المهرة والجنود والتجار، هذا إلى جانب المسائل الفقهية التى أثارها الوافدون الجدد إلى المغرب، وإلى جهود الأندلسيين أنفسهم فى ترجمة العلوم الدينية. كل ذلك أسهم فى أن يلمع بريق الأندلس فى الشمال المغربى. والكتاب الذى نقدم له يبين الآثار المعمارية التى خلفها الموريسكيون فى المغرب والتى انعكست –دون شك- على الطراز المعمارى المغربى فيما بعد.
لا نستطيع أن نؤكد أن ترحيب أهل المغرب العربى بأولئك المسلمين المهاجرين كان ترحيبا بلا تحفظ، فقد كان القادمون الجدد يمثلون –فى نظر البعض- تهديدا للقمة العيش من ناحية، وكان المغاربة ينظرون إليهم بعين الشك أحيانا حين يرون أنهم يمارسون إسلاما مختلفا فى شكله عن الإسلام الذى عرفه الناس فى المغرب. وعليه فقد تعين على الموريسكيين أن يدافعوا عن أنفسهم ضد سكان البلاد الأصليين وضد البرتغاليين فى آن واحد.
وقد أدى انهماك المسلمين الغرناطيين فى المغرب على توفير متطلبات حياتهم والدفاع عن أنفسهم، ضد البرتغاليين من ناحية وضد سكان البلاد الأصليين من ناحية أخرى، إلى نتائج منها اتجاه الوافدين الجدد إلى الجهاد البحرى (ومن هنا أهملوا بقية الأنشطة الاقتصادية كالزراعة والصناعة)، كما انحصر النشاط الأدبى فى كتابات دينية ضرورية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/221)
ذكرنا أن الأندلسيين قد نقلوا إلى المغرب الطراز المعمارى للمدن والبيوت التى كانوا يقيمون فيها فى إسبانيا، وهذا أثر إيجابى. لكن الهجرة الموريسكية إلى المغرب كانت لها أيضا جوانب سلبية ترتبت عليها.
يشير المؤلف إلى تفكك دولة الخلافة فى الأندلس وما ترتب عليه من ضعف أدى فى النهاية إلى سقوط غرناطة الإسلامية، ويذكر كيف أن الصراعات الأهلية بين الغرناطيين أدت إلى ضياع نفوذهم فى الشمال المغربى، كما أدت فى السابق إلى ضياع دولتهم فى إسبانيا.
يتحدث المؤلف عن طبقة العامة فى غرناطة والتى ظنت أن خلاصها من الظلم يكمن فى تغيير الحاكم، وثبت أن الأمر لم يكن بهذه البساطة. هل يعيد التاريخ نفسه؟ انهارت المؤسسات فى غرناطة الإسلامية فسقطت الدولة فى نهاية الأمر. هل يكفّ المؤرخون العرب الحاليون عن اتهام أبى عبد الله الصغير بالخيانة؟
لماذا يتخصص باحث أسبانى مثل صديقنا الراحل غوثالبيس بوستو فى تاريخ المغرب العربى؟ المؤلف نفسه يجيب على هذا التساؤل فى أكثر من مناسبة: إن قراءة تاريخ ضفتى مضيق جبل طارق فى القرن السادس عشر يدل على أن تاريخهما لا يمكن فصله، وعليه فإن دراسة تاريخ المغرب العربى –من قبل الباحث الإسبانى- ليست من باب التعرف على الآخر، بل هى ضرورة للتعرف على الذات.
نلحظ فى الكتاب نقد الذات: يعيب المؤلف على المؤرخين الإسبان فى القرن السادس عشر عدم الاهتمام بمشكلة الإسبان المسلمين الذين عبروا المضيق واستقروا فى شمال إفريقيا. ونذكر هنا أن المستعرب الإسبانى سيرافين كالديرون فى القرن التاسع عشر كان قد نادى بدراسة الثقافة الموريسكية فى الشمال المغربى للتعرف على تاريخ إسبانيا بشكل كامل، وللتعرف على الجار المغربى. (ذكر المصدر إن أمكن)
يلفت النظر فى كتابات المؤرخين الإسبان رجوعهم إلى المصادر العربية كابن الخطيب وابن خلدون، بالإضافة إلى ما خلّفه الكتّاب الإسبان المعاصرون لهما. وقد اعتمد صديقنا الراحل غونثاليث بوستو على وثائق كتبها مؤرخون عرب، لكنه اعتمد كذلك على بعض ما كتبه مؤرخون إسبان فى القرن السادس عشر، وهو يعلم أنها كتابات دعائية لا يمكن الاعتداد بها كثيرا، ومن ثم كان عليه أن يوضح ذلك للقارئ غير المتخصص. على أننا لانعفى المؤرخ العربى المعاصر للأحداث من المسئولية، فمؤلف الكتاب يلجأ إلى المصادر الإسبانية وحدها عندما لا يجد بديلا عربيا. إن تقصيرنا –فى الماضى والحاضر- فى كتابة التاريخ جعل الرؤية الغربية هى السائدة. هل من حقنا أن نلوم الآخرين إن هم اعتمدوا على كتابات أوربية فى حالة عدم وجود مصادر عربية؟
الكتاب يتضمن فصلا عن اليهود الذين طردوا من إسبانيا وأقاموا فى المغرب. من الطبيعى أن تنشأ علاقة طيبة بين المسلمين واليهود فى المنفى، فالمجموعتان تربطهما علاقة الوطن المفقود وعلاقة اللغة الإسبانية التى كانوا يتحدثونها. إن الدور البارز الذى لعبه اليهود كتجار ووسطاء فى المفاوضات التى كانت تجرى بين المسلمين والمسيحيين لابد أن يدرس بعناية. مبلغ علمنا أن عدد اليهود الذين رحلوا إلى المغرب كان ضئيلا إذا ما قورن بأعداد المسلمين الذين اختاروا نفس المكان كوطن بديل. ورغم قلة عدد اليهود إلا أنهم قاموا بدور بالغ الأهمية فى المجال الاقتصادى وفى مجال السياسة فى حوض البحر المتوسط. إن أهمية أمة ما لا تكمن فى عددها وإنما فى إيجابية مواطنيها واجتهادهم فى تحقيق أهدافها.
يتبين من الكتاب أيضا الدور البارز الذى لعبه اليهود –على قلة عددهم- فى مفاوضات تحرير الأسرى الإسبان، وربما يكون من المناسب أن تخصص دراسة مستقلة للدور الذى لعبه اليهود فى عالمنا العربى الإسلامى بعد طردهم من إسبانيا عام 1492.
قام اليهود فى بعض الأحيان بدور بارز فى الترجمة، ولعلهم بذلك عرفوا كثيرا من الأسرار واستغلوها لصالحهم، ونتساءل الآن- بعد مرور خمسة قرون على تلك الأحداث- هل عجز حكام المغرب آنذاك عن العثور على مترجم كفء من بين الموريسكيين؟
الأمر الذى يعنينا فيما يتعلق باليهود أن مؤلف الكتاب يعترف أنهم عاشوا فى المغرب فى جو من الحرية والتسامح لم يتمتعوا بهما فى إسبانيا الكاثوليكية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/222)
على أن اليهود لم يصلوا إلى المغرب ابتداء من عام 1492 حين طردتهم أسبانيا منها، بل تدل الوثائق على تواجدهم فى بلاد المسلمين قبل ذلك التاريخ بكثير وتوليهم مناصب مهمة وإساءتهم إلى من أحسن إليهم. أشير هنا إلى ما يذكره الدكتور عيسى الحريرى -نقلا عن السلاوى: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى- فى كتابه عن دولة بنى مرين (ص. 186) وكيف أن يهوديا تولى الوزارة وكان سببا رئيسيا فى انهيار دولة بنى مرين:
واضطرم حقد السلطان على رعيته، فسولت له نفسه تعيين اثنين من اليهود هما هارون وشاويل فى منصب الوزارة تأديبا لرعيته وتشفيا منهم. وأثار هذا التصرف كافة طوائف الشعب، لأنه تصرف يمس عواطفه الدينية، وفقد السلطان عبد الحق تأييد شعبه خاصة وعامة، ومما أزكى حقد الشعب على السلطان أن الوزيرين اليهوديين شرعا فى "أخذ أهل فاس بالضرب والمصادرة على الأموال واعتز اليهود بالمدينة وتحكموا فى الأشراف والفقهاء فمن دونهم، وكان اليهودى هارون قد ولى على شرطته رجلا يقال لع الحسين لا يألو جهدا فى العسف واستلاب الأموال، واستمر الحال على ذلك والناس فى شدة" ..... واقتربت نهاية السلطان ومعه نهاية الدولة (المرينية)، ففى أحد الأيام قبض الوزير اليهودى على امرأة شريفة من البليدة –من أحياء فاس- "فأنحى عليها بالضرب ولما ألهبتها السياط جعلت تتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمى اليهودى وكاد يتميز غيظا من سماع ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بالإبلاغ فى عقابها" وانتشر الخبر فى المدينة فأسرع الناس إلى الاجتماع عند خطيب مسجد القرويين واتفقوا على خلع السلطان عبد الحق والبيعة للشريف أبى عبد الله الحفيد، وهو محمد بن على عمران الإدريسى من أهل البيت وبايعوه فى السابع عشر من رمضان (869ه/1465م) , وهكذا انتهت آخر صفحة من صفحات الدولة المرينية المشرقة بعد أن عاشت فى بلاد المغرب بعطائها السياسى والحضارى الغزير زهاء مائتى عام.
يتضمن الكتاب عددا لا بأس به من الوثائق، وربما كان أهم ما تعرضه الوثائق فى هذا الكتاب هو سعى حاكم مغربى إلى غزو أمريكا الجنوبية بمساعدة الانجليز، وقد جاء رد الملكة إيزابيل بالموافقة واشترطت تحمل المغاربة مبلغ مائة ألف جنيه كمساهمة فى نفقات الاسطول الانجليزى. وتعرض الوثائق أيضا محاولة جزائرية لغزو أمريكا بالتعاون مع الهولنديين. وهكذا نرى أن سعى أمتنا لاحتلال مكان لائق بين الأمم لم يتوقف عند سقوط غرناطة كما يحلو للبعض أن يردد.
الكتب مفيد بلا شك، ونحسب أنه يمثل إضافة إلى مكتبتنا العربية الخاصة بتاريخ المغرب العربى وبالتنائج التى ترتبت على سقوط غرناطة الإسلامية، وقد اجتهدنا فى أن تصل المعلومات الواردة فيه كاملة إلى القارئ العربى وحاولنا التغلب على بعض المشاكل التى صادفناها.
كانت هناك مشكلة فى كتابة الأسماء العربية للشخصيات والعائلات المذكورة فى الكتاب لأن تسجيل بعض هذه الأسماء –كما أشار المؤلف- كان يتبع نظام اللهجة المغربية، وبالتالى لم نتمكن فى بعض الأحيان من رصد الاسم العربى. كان الحل الأمثل هو الرجوع إلى الزملاء المغاربة، لكننا ندرك أن الكتابة إليهم وانتظار الرد قد يستغرق وقتا غير قصير. لذلك اجتهدنا فى التوصل إلى النطق العربى لبعض الأسماء المذكورة، ويبقى أمام الباحث المتخصص أن يكمل الطريق، فهو –دون شك- أقدر منا على القيام بهذه المهمة.
على أن الأسماء ذات الأصل الإسبانى- وهى كثيرة- والأسماء المشتقة من اللغة العربية الفصحى –وهى كثيرة كذلك- لم تشكل أمامنا عائقا، ونحسب أننا قد كتبناها بشكل صحيح.
أما أسماء البلاد الصغيرة فهى تمثل مشكلة أخرى، فالوثائق التى نطالعها كتبت فى القرن السادس عشر، ولم يتبع الكتاب نهجا واحدا فى كتابة أسماء المدن. لذلك رأينا أن نعالج المشكلة بوضع الاسم كما هو بالإسبانية وأن نجتهد فى كل حالة. نعلم أننا أصبنا فى بعض الأحيان وأن الصواب جانبنا فى أحيان أخرى، ونظن أن الباحث المتخصص سيمكنه تصحيح الأخطاء التى وقعنا فيها دون قصد.
لنا ملاحظة على الأرقام الموجودة فى الكتاب. إن المؤلف – أثناء حساب تكاليف عمليات الافتداء- يستخدم عند ذكر المعلومة أكثر من رقم: مرة يذكر التكاليف بعملة معينة، ومرة يذكر ما يقابل ذلك بالعملات الأخرى. ندرك أن كثرة هذه الأرقام قد تشوش أفكار القارئ العادى، أما الباحث المتخصص فسيجد فيها معلومات مهمة عن قيمة العملات آنذاك.
سيلاحظ القارئ عدم انسيابية النص أحيانا، ومبلغ علمنا أن ذلك لا يعود إلى قصور فى طريقة عرض الموضوع، وإنما لأن المؤلف يعتمد على وثائق متفرقة، مختلفة المصدر والتاريخ، ويحاول أن يرسم من كل ذلك صورة للوضع آنذاك.
يبقى أمامنا أن نقدم مؤلف الكتاب،وهو أحد أبرز المتخصصين فى تاريخ المغرب، وقد التقيت به فى مؤتمر علمى بتونس، وكان قد تجاوز السبعين إلا أنه كان أكثر المشاركين حرصا على حضور جميع المحاضرات، ولم يكن يدع محاضرة تلقى دون التعليق على ما جاء بها. استمرت العلاقة بيننا عن طريق المراسلة والهاتف، وكنت أتلقى منه الكتب والمقالات التى ينشرها فى المجلات العلمية، وكانت فى مجملها تدور خول تاريخ المغرب العربى فى القرنين السادس عشر والسابع عشر.
يبقى كذلك أن أعبر عن جزيل الشكر والامتنان لكل من أرملة المؤلف وابنه الدكتور إنريكى غوثالبيس أستاذ التاريخ بجامعة غرناطة على تعاونهما فى إصدار هذا الكتاب
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
جمال عبد الرحمن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/223)
ـ[أبو العباس السوسي]ــــــــ[06 - 01 - 08, 01:54 ص]ـ
شكرا أستاذنا الفاضل، وأرجو منك توثيقا للكتاب المترجم بلغته الاصلية (عنوان الكتاب، عدد الصفحات، الطبعة، البلد ... )
ـ[عبدالحميد الشريف]ــــــــ[06 - 01 - 08, 02:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا
هل هو متوفر على النت؟
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 01 - 08, 09:23 م]ـ
السلام عليكم
الكتاب مؤلف باللغة الإسبانية، وبياناته كالتالى:
GOZALBES BUSTO, Guillermo: Los Moriscos en Marruecos. Edición del autor. Granada 1992.
وهو موجود بمكتبة معهد ثيربانتيس فى تطوان. أما الترجمة العربية للكتاب فهى -كغيرها من دراسات أخرى حول مسلمى الأندلس بعد سقوط غرناطة- تباع بسعر زهيد بالمجلس الأعلى للثقافة -القاهرة، لكنها لم توضع على شبكة الانترنيت بعد.
ـ[أبو العباس السوسي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:56 ص]ـ
بارك الله فيك وبالمناسبة ستنظم مؤسسة التميمي مؤتمرا عن الموريسكيين وهذه ورقته:
الذكرى المئوية الرابعة على طرد الموريسكي: 2009 - 05 - 20 حتى2009 - 05 - 23
المؤتمر الدولي الرابع عشر والاستثنائي للدراسات الموريسكية الأندلسية حول:
الذكرى المئوية الرابعة على طرد الموريسكيين من الأندلس (1609 - 2009)
مؤسسة التميمي -تونس، 23.22.21.20 ماي/آيار 2009
في نطاق الاهتمام بالدراسات الموريسكية-الأندلسية، كانت مؤستتنا منذ سنة 1983 قد نظمت ثلاثة عشر مؤتمرا دوليا. وكان أهمها هو المؤتمر الذي نظم سنة 1992, بمناسبة ذكرى مرور خمسمائة سنة على سقوط غرناطة، آخر معاقل العرب المسلمين بالأندلس (1492 - 1992). وقد استطاعت المؤسسة بهذه المناسبة أن تستقبل مائة من المؤرخين من أوربا وأمريكا وبعض البلاد العربية. وتوفقت في نشر أعمال ذلك المؤتمر في مجلدين بعدة لغات, يشكلان اليوم مرجعا علميا بالنسبة للمهتمين بالملف الموريسكي الأندلسي. مع العلم أن المؤسسة نشرت حتى اليوم أكثر من ستمائة (600) دراسة أكاديمية حول هذا الحقل من الدراسات.
وفي نفس الإطار، تعتزم المؤسسة تنظيم مؤتمر دولي استثنائي بمناسبة الذكرى المئوية الرابعة على طرد الموريسكيين من بلادهم الأندلس (1609 - 2009). ولا شك أن لهذا المؤتمر أبعاده التاريخية والحضارية الأكيدة إلى جانب راهنيته، حيث يندرج ضمن ظرفية عالمية, ركزت على حوار الحضارات والثقافات والتعايش السلمي والاعتراف بالآخر وحق الاختلاف والتنوع الثقافي, وهي من القيم التي لم يتمتع بها الموريسكيون في بلادهم الأندلس خلال القرن السادس عشر, نتيجة سياسة محاكم التفتيش الرهيبة تجاههم, إلا أنهم حظوا بها بنسب مختلفة, في بلدان الاستقبال بالمغرب العربي أساسا وكذا بالسواحل المتوسطية وفي العالم الجديد.
ولهذا المؤتمر حينئذ محوران أساسيان هما:
أولا- الانعكاسات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لطرد الموريسكيين الأندلسيين (1609 - 2009):
أ*- عمليات الطرد القسرية واللاإنسانية وملابساتها الرهيبة ,
ب*- الوزن الديمغرافي والاقتصادي للموريسكيين الأندلسيين بالنسبة لإسبانيا وتداعيات الطرد ,
ت*- الإسهامات المهنية والحضارية للموريسكيين في بلدان الاستقبال.
ثانيا: استخلاص الدروس من مأساة طرد الموريسكيين الأندلسيين:
أ*- القطع تماما مع محاكم التفتيش القديمة والحديثة.
ب*- تنمية قيم التسامح والتعايش والاعتراف بالآخر.
ت*- مواجهة الأزمات الإنسانية مستقبلا وتبني منظومة جديدة من الأنسنة والتعايش والشراكة الحضارية.
لا شك أن المحور الأول سيكون مفتوحا أساسا للمختصين في الدراسات الموريسكية الأندلسية, ممن عملوا على الوثائق والأرشيفات الإسبانية والأوربية والعثمانية والعربية وكذا المخطوطات الألخميادية والنصوص الأدبية وغيرها من المصادر الجديدة ... أما المحور الثاني فهو أكثر انفتاحا على اختصاصات متنوعة مهتمة بالقضايا الفكرية والثقافية والحضارية للزمن الحاضر. ذلك أن طرد الموريسكيين الأندلسيين, لم يكن حدثا عاديا في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب، وبقدر مساسه بمصير نصف مليون شخص, هجروا أشنع هجرة آنذاك, وهذا ما سيشكل مادة للبحث المتجدد للجيل الجديد من الباحثين والمؤرخين وللاعتبار بالنسبة لغيرهم من السياسيين والمهتمين بمصير الإنسانية، حتى نجنبها حدوث مأساة إنسانية مماثلة بسبب التطاحن والصراعات المفتوحة عبر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/224)
العالم.
سينعقد هذا المؤتمر خلال ربيع 2009 بمدينة تونس التي استقبلت قبل أربعة قرون, مائة ألف من اللاجئين الموريسكيين الأندلسيين. كما استقبل المغرب الأقصى خمسين ألفا منهم (50.000) والجزائر 25 ألفا. وقد لجأت مجموعات أخرى إلى كل من ليبيا ومصر وجنوب فرنسا والقرنة ( Livourne) بإيطاليا وعلى الأخص إلى مركز الدولة العثمانية أي الباب العالي والأناضول, حيث احتضنتهم الدولة العثمانية. كما وجدنا أثرهم بأمريكا اللاتينية من خلال تأثيراتهم المعمارية الماثلة إلى اليوم, وكذا بالهند وتمبكتو, كما حلوا ببعض الفضاءات الدولية الأخرى. ويدل هذا التوزيع على حجم المأساة التي كان الموريسكيون الأندلسيون عرضة لها، وأنه من واجبنا, منظمات ومؤسسات عربية وإسلامية ومؤرخين وساسة ونخبا، أن تتضافر جهودنا جميعا لإبلاغ رسالتنا والتي نوجهها:
أولا: إلى السلطات الإسبانية العليا من أجل تعزيز وتعميق الحوار بين إسبانيا والعالم العربي, على قواعد وأسس جديدة تقضي بتعزيز روح الأنسنة والإخاء والتعاون الصادق والمثمر ومطالبتها بإعداد وثيقة ذات أبعاد تاريخية وثقافية على شكل اعتذار حضاري على هذه المأساة الإنسانية الفاجعة, مثلما قامت به هي نفسها إزاء أحفاد المطرودين من اليهود سنة 1492 معبرة عن اعتذارها بصفة علنية. وهو الأمر الذي نطالب باتخاذه كذلك بالنسبة للموريسكيين الأندلسيين والذين هم أحفاد بناة هذه الحضارة الأندلسية الخالدة. وللعلم فإن رئيس جمهورية البرتغال قام بمثل هذا الاعتذار إزاء الموريسكيين، وفعل غيرها من البلدان شرقا وغربا إزاء ما تسببت فيه من مآسي بعيدة أو قريبة ..
ثانيا: إلى جميع المسؤولين العرب وكذا الخيرين منهم وبقية المؤسسات البحثية الأكاديمية الجادة والرصينة, للاهتمام بهذا التراث الذي خلفه العرب بالأندلس ووجوب إنجاز مختبر معرفي جديد, يعمل من أجل تعريب آلاف الدراسات ومئات الرسائل الجامعية حول هذا الملف, والعمل على إنشاء فضاء بحثي جديد يخطط لتوفير قاعدة بيانات ووضعها على ذمة جمهور الباحثين في الوطن العربي-الإسلامي والعالم أيضا والذي مازال يجهل حجم المأساة الموريسكية.
ثالثا: إلى المؤرخين الغربيين والأمريكيين حتى يكونوا أكثر إنصافا وعدلا في مقارباتهم عند تناول هذا الملف, وأننا لنحيي بالمناسبة مدرسة بورتو ريكو ( Perto-Rico) التي يوجد بها اليوم أكثر من 20 باحثا وباحثة مختصين بالأدب الألخميادو الموريسكي.
تجدون طي هذا بطاقة مشاركة, فالرجاء التفضل بملئها وإرجاعها إلينا مع الشكر على اهتمامكم وتواصلكم العلمي.
* * *
ودعوتنا مفتوحة لكل المتخصصين العرب-المسلمين والدوليين للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي الاستثنائي, وسيبلغ الجميع بأي معلومات في هذا الصدد. فالرجاء الاتصال بالمؤسسة المشرفة على تنظيم المؤتمر ومراسلتها لاستلام آخر المعلومات حول المؤتمر.
والسلام.
أ. د. عبد الجليل التميمي
-------------------------------------
المؤتمر الرابع عشر الدولي والاستثنائي للدراسات الموريسكية الأندلسية حول:
ذكرى مرور أربعمائة سنة على طرد الموريسكيين من الأندلس (1609 - 2009)
مؤسسة التميمي -تونس، 23.22.21.20 ماي/آيار 2009
* * *
استمارة مشاركة
الاسم واللقب: ................................................. ................................... .................................................. .................................................. ....
.................................................. .................................................. .......
المؤسسة التي يعمل فيها المدعو: .................................................. .....................
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .............. .................................................. .................................................. .......
عنوانها ورقم الهاتف والفاكس: ورقم بريدها الإلكتروني: ..............................................
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .....................
العنوان الشخصي للمدعو ورقم هاتفه ورقم بريده الالكتروني خلال كامل السنة: ...............................
.................................................. .................................................. .......
.................................................. .................................................. .......
عنوان البحث: .................................................. ........................................
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..............
لغة البحث: .................................................. ..........................................
التاريخ:
الإمضاء
المصدر:
http://www.temimi.refer.org/index.php?module=congre&opt=1
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/225)
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[07 - 01 - 08, 10:10 م]ـ
بارك الله فيكم(144/226)
الأنساب المضرية
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[06 - 01 - 08, 10:06 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على النبي المضري الأمين وعلى آله الميامين وزوجاته أمهات المسلمين وعلى الخلفاء الراشدين القرشيين وبقية صحابة سيد المرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلُّف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العُجب بما نُحسن.
فقد سبق أن تكلمنا عن الضوابط المهمة في علم الأنساب وكانت في ستين ضابطا ولقيت بحمد الله وفضله رواجا كثيرا لدى كثير من الباحثين والمهتمين في علم الأنساب ومواقع الأنساب المتناثرة على شبكة الأنترنت ومنهم من يحيل لصاحبه ومنهم من لا يحيل!
راجع هذا الرابط:
http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?t=3
وإكمالا لهذا الموضوع أحببت أن أتكلم بشيء من التوسع عن الأنساب المضرية العدنانية وبيان الأحاديث التي تناولت الأنساب المضرية وتخريجها تخريجا مختصرا وهو جهد المقل وعمل المقصر الذي يحاول أن يقرب هذا العلم لدى طلابه والله الموفق
قال ابن رجب الحنبلي (ت795): ((المنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه)) ().
وقيل أيضًا: ((السعيد من عُدّت غلطاته وما اشتدت سقطاته)) ().
قال أبوعبد الله (أحمد بن حنبل ت241):ما رأيت أحدا أقل خطأ من يحيى بن سعيد (القطان) ولقد أخطا في أحاديث ثم قال أبو عبد الله:ومن يعرى من الخطا والتصحيف؟!
: قال ابن عبد البر (ت463):مالك بن أنس حافظ الدنيا والغلط لايسلم منه أحد
مقدمة في طرق التأليف والتصنيف
قال أبو محمد بن حزم (ت456): ((وإنما ذكرنا التآليف المستحقة الذكر والتي تدخل تحت الأقسام السبعة التي لا يؤلّف عاقل إلاّ في أحدها وهي: إما شيء لم يسبق إليه يخترعه،
أو شيء ناقص يتمّه، أو شيء مستغلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره دون أن يخلّ
بشيءٍ من معانيه، أو شيء متفرّق يجمعه، أو شيء مختلط يرتّبه، أو شيء أخطأ مؤلّفه يصلحه)) ().
قال الجاحظ (ت250): ينبغي لمن كتب كتابا ألا يكتبه إلا على أن الناس كلهم له أعداء وكلهم عالم بالأمور وكلهم متفرغ له.
قال يحيى بن خالد البرمكي (ت190): ((ثلاثة أشياء تدلّ على عقول أربابها: الهدية، والكتاب، والرسول)) ().
قال الخطيب البغدادي (463: ((من صنّف فقد جعل عقلَه على طبق يعرضه للناس)) ().
قال ابن المقفّع (ت144): ((مَن وضع كتابًا فقد استُهدِف فإن أجاد فقد استُشرِف، وإن أساء فقد استُقذِف)) ().
قال يعقوب الأديب:كم من كتاب قد تصفحته ... وقلت في نفسي صححته
... ... ثم إذا طالعته ثانيا ... رأيت تصحيفا فأصلحته
وأخيرًا: أسأل كلّ من وقف على هذا الكتاب المسامحة عما فيه من التقصير، وإصلاح ما فيه من الغلط بعد التحرير؛ وسبب الغلط في الغالب النسيان، وقد جُبل عليه كل إنسان.
وأقول كما قال الحريري (515):
وإن تجد عيبًا فَسُدَّ الخللا فجلَّ من لاعيب فيه وعلا ()
أسباب كتابة هذا البحث:
1 - رغبتي في خدمة نسب النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذا البحث
2 ـ بيان منزلة المضريين أجداد النبي صلى الله عليه وسلم عند بني قومهم
3 ـ قلّة مَن كتب عن هذا العلم من حيث التوثيق والتحقيق والتدقيق.
4 ـالرد على بعض الأخطاء التي وقعت عند بعض النسابين والمؤرخين
5 - إيراد الأحاديث التي تبين مدى معرفة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم بأنساب بني قومه
6 - تخريج بعض الأحاديث الواردة في الأنساب بشيء من الاختصار
7 - تقريب هذا العلم وتبسيطه لدى العامة وطلاب العلم
8 - معرفة الأنساب المتفقة والمفترقة
طريقتي في هذا البحث:
1 ـ اعتمدت في هذا البحث على المصادر الأصليّة؛ فلا أرجعُ إلى كتب المعاصرين إلاّ عند الضرورة القصوى.وخاصة في الأنساب المعاصرة
2 ـ عزوتُ كلّ قولٍ لقائله، ونسبتُه إلى ناقله أداءً لشكر نعمته، وبراءة من دركه وعهدته.
3 ـ المصادر التي اعتمدت عليها هي كتب الحديث، والرجال، والتاريخ، والأنساب، فكلّ هذه المصادر رجعتُ إليها ـ والحمد لله ـ
4 - أصدر أحيانا كلامي بقولي قال أبو حاتم الشريف أو قال الشريف ناجي للتوضيح والتمييز بين كلام المؤلف وكلام غيره ولا أقصد به غير ذلك!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/227)
5 - لا أتوسع في تخريج الأحاديث وإنما أذكر من خرجه وأكتفي بالصحييحن أو أحدهما إن وجدته عندهما وإن لم أجده عندهما أذهب إلى غيرهما من كب السنة وقد أتوسع إن لزم الأمر
أقسام هذا البحث
وقسمت هذا البحث إلى مقدمة و عدة مباحث وخاتمة:
راجع هذا الرابط
http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?p=25#post25
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[08 - 01 - 08, 09:08 ص]ـ
المبحث الأول: القبائل العدنانية.
من المعلوم أن القبائل العربية تنقسم إلى عدنانية وقحطانية
قال أبو عمر (ت463): لا خلاف بين أهل العلم بالنسب أن العرب كلها يجمعها جذمان والجذم الأصل فأحدهما عدنان والآخر قحطان فإلى هذين الجذمين ينتهي كل عربي في الأرض ولا يخلو أحد من العرب من أن ينتمي إلى أحدهما ولا بد أن يقال عدناني أو قحطاني
قال ابن حجر (ت 852) في الفتح: عَدْنَان
بِوَزْنِ فَعْلَان مِنْ الْعَدْن تَقُول عَدَنَ أَقَامَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَر بْن حَبِيب فِي تَارِيخه " الْمُحَبَّر " مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ عَدْنَان وَمَعَدّ وَرَبِيعَة وَمُضَر وَخُزَيْمَة وَأَسَد عَلَى مِلَّة إِبْرَاهِيم، فَلَا تَذْكُرُوهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ " وَرَوَى الزُّبَيْر بْن بَكَّار مِنْ وَجْه آخَر مَرْفُوعًا " لَا تَسُبُّوا مُضَر وَلَا رَبِيعَة فَإِنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ " وَلَهُ شَاهِد عِنْد اِبْن حَبِيب مِنْ مُرْسَل سَعِيد بْن الْمُسَيِّب.فتح الباري
قال الشريف:وقد وردت أحاديث في التوقف عن عد الأنساب بعد عدنان من ذلك:
ما رواه هشام الكلبي قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أدد ثم يمسك ويقول كذب النسابون قال الله عز وجل {وقرونا بين ذلك كثير}
ا قال بن عباس لو شاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه لعلمه.
أخرجه ابن سعد في الطبقات وخليفة في الطبقات وابن عساكر
في تاريخ دمشق وهذا الحديث ضعيف جدا بل موضوع وفي إسناده
هشام الكلبي ووالده محمد بن السائب وهما متروكان في الحديث قويان في الأنساب وحكم عليه بالوضع الألباني في السلسلة الضعيفة (1/ 228)
وقد تكلمت عن هشام الكلبي في بحثي السابق بعنوان ضوابط مهمة في علم الأنساب على هذا الرابط: http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?t=3
وأصح منه ماروي عن عبد الله بن (مسعود) رضي الله عنه أنه كان يقرأ {وعادا وثمودا والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} كذب النسابون.
قال الشريف ناجي:وهذا إسناده جيد إن سلمنا من تدليس أبي إسحاق السبيعي ولي بحث مفصل عن حال أبي إسحاق السبيعي عند علماء الجرح والتعديل يسر الله نشره
قال ابن عبد البر:ومعنى هذا عندنا على غير ما ذهبوا إليه وإنما المعنى فيها والله أعلم تكذيب من ادعى احصاء بني آدم فإنه لا يحصيهم إلا الذي خلقهم فإنه هو الذي أحصاهم وحده لا شريك له والله أعلم وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها واختلفوا في بعض فروع ذلك وسترى في كتابنا هذا ما أجمعوا عليه وكثيرا مما اختلفوا فيه إن شاء الله
والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان قالوا عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن
وفي فيض القديرقال: (كذب النسابون) قال في الكشاف: يعني أنهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله علمها عن العباد (قال الله تعالى {وقرونا بين ذلك كثيرا}) يعني هم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله قال ابن دحية: أجمع العلماء والإجماع حجة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا انتسب لا يجاوز عدنان.
وفي نهاية الأرب: بنو عدنان - قبيلة من ولد اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام، وهما بنو عدنان المنسوب اليه العرب العدنانية من قريش وكنانة ومن في معناهم، وقد اختلف في نسبهم إلى ابراهيم عليه السلام اختلاف كثير،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/228)
لكن قد تقدم في الكلام على عمود النسب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجاوزوا معد بن عدنان كذب النسابون، ثم تلا قوله تعالى " وقرونا بين ذلك كثيراً " وقال السهيلي: وقد اتفق الناس من بعد هذه المدة بين عدنان واسماعيل على ما يتخيل معه ان يكون بينهما أربعة آباء أو خمسة أو عشرة اذ المدة أطول من ذلك كله بكثير، قال الزهري: كان لعدنان ستة أولاد:
1) معد وهو الذي على عمود النسب،
2) وعبل واسمه الديب،
3) وعدن وبه سميت عدن من اليمن،
4) وأد،
5) وأبي الضحاك،
6) والعني، وأمهم مهدد.
قال هشام بن الكلبي (ت204) وهو من جديس، وقيل من طسم، وقيل التواسم من ولد لفشان بن ابراهيم. قال في العبر: وجميع الموجودين من ولد اسماعيل عليه السلام من بنيه. قال: ومواطن بني عدنان مختصة بنجد وكلها بادية رحالة، الا قريشا بمكة ونجد. قال السهيلي: ولا يشارك بني عدنان من العرب في أرض نجد أحد من القحطانية الا طي من كهلان، فيما بين جبلي سلمى واجا، ثم افترق بنو عدنان في تهامة الحجاز، ثم في العراق والجزيرة، ثم تفرقوا بعد الاسلام في الاقطار.
وفي أنساب الأشراف: وولد عدنان: معد - وبه كان يكنى - والديث، وأبي، والعي. وهو الثبت. وبعضهم يقول: العي، وعدين درج. هؤلاء الثلاثة، وأمهم مهدد بنت اللهم بن جلحب، من جديس. وقال بعضهم: هي من طسم. والأول أثبت.
فولد الديث بن عدنان: عك. ويقال: إنه عك بن عدنان نفسه. ويعضهم يقول: عك بن عدنان بن عبد الله بن الأزد بن الغوث. وبعض الناس يقول: عك بن عدثان بن عبد الله بن الأزد. وذلك تصحيف؛ ليس في الأزد عدثان " مضموم العين تعجم بثلاث " إلا عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، وهو أبو دوس.
وولد معد بن عدنان: نزار بن معد، وبه كان يكنى، ويقال إنه يكنى أبا حيدة، وبعضهم يقول إنه كان يكنى أبا قضاعة - وقنص بن معد، وقناصة، وسنام. والعرف، وعوف، وشك، وحيدان، وحيدة، وعبيد الرماح - في بني كنانة بن خزيمة - وجنيد في عك، وجنادة، والقحم. وأمهم معانة بنت جشم بن جلهة بن عمرو بن جرهم. وبعضهم يقول جلهمة. والأول أثبت. وقال بعضهم: اسمها عنة بنت جوشن بن جرهم. وقال ابن مزروع: اسمها ناعمة. والأول قول ابن الكلبي. وقال هشام بن محمد: يقال إن معانة كانت عند مالك بن عمرو بن مرة بن مالك بن عمرو، ثم خلف عليها بعده معد بن عدنان فجاءت معها بقضاعة بن مالك بن حمير. فكان يقال له قضاعة بن معد. فولدت. قال: ويقال إن معانة كانت بدياً عند معد، فولدت له قضاعة، ثم خلف عليها مالك بن عمرو، وتبنى قضاعة فنسب إليه، وأن قضاعة كان يسمى عمرا. فلما تقضع عن قومه، أي بعد، سمى قضاعة. والله أعلم. وقال هشام. كان عمرو بن مرة الجهني أول من ألحق قضاعة باليمن. فقال بعض البلويين:
أيا إخوتي لا ترغبوا عن أبيكم ... ولا تهلكوا في لجة لجها عمرو.
قال ابن حزم في الجمهرة: جميع العرب يرجعون إلى ولد ثلاث رجال: وهم عدنان، وقحطان، وقضاعة.
فعدنان من ولد إسماعيل بلا شك في ذلك، إلا أن تسمية الآباء بينه وبين إسماعيل قد جهلت جملة. وتكلم في ذلك قوم بما لا يصح؛ فلم نتعرض لذكر ما لا يقين فيه؛ وأما كل من تناسل من ولد إسماعيل - عليه السلام - فقد غبروا ودثروا، ولا نعرف أحد منهم على أديم الأرض أصلاً، حاشا ما ذكرنا من أن بني عدنان من ولده فقط.
وأما قحطان، فمختلف فيه من ولد من هو؟ فقوم قالوا: هو من ولد إسماعيل - عليه السلام -. وهذا باطل بلا شك، إذ لو كانوا من ولد إسماعيل، لما خص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني العنبر بن عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بأن تعتق منهم عائشة. وإذا كان عليها نذر عتق رقبة من بني إسماعيل، فصح بهذا أن في العرب من ليس من ولد إسماعيل. وإذ بنو العنبر من ولد إسماعيل، فآباؤه بلا شك من ولد إسماعيل؛ فلم يبق إلا قحطان وقضاعة.
وقد قيل إن قحطان من ولد سام بن نوح؛ والله أعلم؛ وقيل: من ولد هود عليه السلام؛ وهذا باطل أيضاً بيقين قول الله تعالى: " وإلى عاد أخاهم هوداً " وقال تعالى: " وأما عاد فأهلكوا بريحٍ صرصر عاتيةٍ. سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية. فهل ترى لهم من باقية ". وهود، عليه السلام، من عاد، ولا ترى باقية لعاد. والذي في التوراة من أنه قحطان بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السلام فقد بينا في كتابنا الموسوم بالفصل يقين فساد نقل التوراة، عند ذكرنا ما فيها من الكذب الظاهر، الذي لا مخرج منه، وأنها مصنوعة مولدةٌ، ليست التي أنزل الله تعالى على موسى - عليه السلام - ألتبة.
وأما قضاعة فمختلف فيه: فقوم يقولون: هو قضاعة بن معد بن عدنان، وقوم يقولون: هو قضاعة بن مالك بن حمير؛ فالله أعلم.
وقال أيضا: ولد عدنان: معد بن عدنان: وعك بن عدنان، قيل: اسمه الحارث، وقد قيل: عك بن الديث " بالدال غير منقوط، والثاء التي عليها ثلاث نقط " ابن عدنان.
فولد معد بن عدنان: نزار بن معد، وإياد بن معد؛ وقنص بن معد. وقد قيل إن ملوك الحيرة من المناذرة وآلهم من ولد قنص، والله أعلم؛ وقيل وعبيد الرماح بن معد؛ ذكر أنهم دخلوا في بني مالك بن كنانة، والله أعلم. والضحاك بن معد؛ هو الذي أغار على بني إسرائيل في أربعين فارساً من تهامة.
راجع هذا الرابط http://alhijariyah.com/vb/forumdisplay.php?f=2
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/229)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[09 - 01 - 08, 08:47 ص]ـ
المبحث الثاني:ولد معد بن عدنان
ولد معد بن عدنان ثمانية يذكر منهم أربعة تعرف أعقابهم:
1) قضاعة
2) وأياد
3) وقنص
4) ونزار.
وأما قنص بالتحريك فيزعم قوم أن آل المنذر ملك الحيرة منهم
وأما أياد فينسبون إلى القبيل الأكبر ليست منهم قبيلة مشهورة ويذكر قوم أن ثقيفا منهم ويذكر قوم أن ثقيفا من قيس عيلان
قال ابن حزم: فولد معد بن عدنان:
1) نزار بن معد،
2) وإياد بن معد؛
3) وقنص بن معد. وقد قيل إن ملوك الحيرة من المناذرة وآلهم من ولد قنص، والله أعلم؛ وقيل وعبيد الرماح بن معد؛ ذكر أنهم دخلوا في بني مالك بن كنانة، والله أعلم. والضحاك بن معد؛ هو الذي أغار على بني إسرائيل في أربعين فارساً من تهامة. جمهرة أنساب العرب
قال أبو عبيد: قال الكسائي: من أمثالهم في هذا (أَنْ تَسْمَعَ بالمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ)
قال أبو عبيد: كان الكسائي يدخل فيه (أن) والعامة لا تذكر فيه (أن) ووجه الكلام ما قال الكسائي
ال: وأخبرني ابن الكلبي أنّ هذا المثل إنما ضربوه للصقعب بن عمرو النهدي قاله فيه النعمان بن المنذر وهذا على معنى من قال: قضاعة من معد لأنّ نهداً من قضاعة
ع: حذف (أن) من المثل أشهر عند العلماء فيقولون: تسمعُ بالمُعَيْديّ بضم العين وتسمعَ بنصبها على إضمار أن وأكثرهم أيضاً يقول: لا أن تراه
والصقعب لقب واسمه جشم بن عمرو والصقعب: الطويل
وقول أبي عبيد: وهذا على معنى من قال قضاعة من معدّ يريد لقولهم أن تسمع المُعَيْديّ وضرب مثلاً أول ما نطق به النهديّ ونهد من قضاعة وأهل العلم بالنسب مجمعونَ على أن معدّ بن عدنان ولد من المعقبين أربعة: قضاعة وقنصاً وإياداً ونزاراً
فصارت قضاعة إلى اليمن وقالوا:
(نَحْنُ بَنُو الشَّيْخِ الهجانِ الأَزْهَرْ ... نَحْنُ بَنُو قُضَاعَةَ بنِ حِمْيَرْ)
(النَّسَبِ المشْهُورِ غَيْرِ المُنْكَر ... )
والصقعب هذا هو الذي يضرب به المثل فيقال (أَقْتلُ مِنْ صَيْحَةِ الصَّقْعَبِ) وزعم ابن النحاس فيما رواه عن رجاله أنه صاح في بطن أمه صيحة سمعت وأنه صاح بقوم فهلكوا عن آخرهم
قال أبو عبيد: وأما المفضل فحكي عنه أن المثل للمنذر بن ماء السماء قاله لشقة بن ضمرة التميمي وكان سمع بذكره فلما رآه اقتحمته عينه فقال (أنْ تَسْمَعَ بالمُعَيْديّ خَيرٌ مِنْ أنْ تَراهُ) كتاب الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام
الأحاديث التي جاء فيها ذكر معد بن عدنان
1 - عن رجل من أسلم يقال له ابن الادرع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا وامشوا حفاة).
أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني والطبراني في الكبير
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال: "تمعددوا" بدل "انتضلوا".
وفيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ضعيف، ورواه في الكبير أيضاً وقال فيه: "تمعددوا". مجمع الزوائد
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 7/ 426:
/ ضعيف جداً/
رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "الأدب" (1/ 136/ 2) وفي "المسند" أيضاً (2/ 12/ 2)، وعنه الرامهرمزي في "الأمثال" (124/ 1): حدثنا عبدالرحيم بن سليمان عن عبدالله بن سعيد عن أبيه عن رجل من أسلم يقال له: ابن أدرع مرفوعاً.
ومعنى الحديث: أي خذوا بعادات معد في اللبس الخشن وعيش الكفاف والعرب من معد
وفي مختار الصححاح: ومَعَدٌّ أَبُو العَرَب وهو مَعَدّ بن عَدْنَانَ. وتَمَعْدَدَ الرَّجُلُ تَزَيَّا بِزِيِّهِمْ. أو انْتَسَبَ إِلِيهم. أو تَصَبَّر على عَيْشهم. وقال عُمَر رضي الله عنه اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا. قال أبو عبيد فيه قولان أَحَدُهُما أَنّه من الغِلَظ ومنه قيل للغُلاَم إذا شَبّ وغَلُظَ قد تَمَعْدَدَ. والثاني أنه من التَّشْبيه يقال تَمَعْدَدُوا أي تَشَبَّهُوا بعَيش مَعَدّ. وكانوا أهلَ قَشَفٍ وغِلَظٍ في المَعَاش. يقول كُونُوا مثْلَهُم ودَعُوا التَّنَعُّم وزِيِّ العَجَم قال وهكذا هو في حديث له آخر (عليكم بالِلَبْسَة المَعَدِيَّة) وعَادَّتْه الملَّسْعَة إذا أَتَتْه لعدَادٍ بالكسر أي لوَقْتٍ. وفي الحديث (ما زَالَتْ أُكْلَة خَيْبَرَ تُعَادُّنِي فهذا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهرِي) وفلانٌ في عِدَاد أهْلِ الخَيْر بالكسر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/230)
أي يُعَدُّ منهم.
قال ابن القيم في الفروسية: قوله وتمعددوا أي الزموا المعدية وهي عادة معد بن عدنان في أخلاقه وزيه وفروسيته وأفعاله
وقوله واخشوشنوا أي تعاطوا ما يوجب الخشونة ويصلب الجسم ويصبره على الحر والبرد والتعب والمشاق فإن الرجل قد يحتاج إلى نفسه فيجد عنده خشونة وقوة وصبرا ما لا يجدها صاحب التنعم والترفه بل يكون العطب إليه أسرع
قال ابن حجر في الفتح: (مَعَدّ)
بِفَتْحِ الْمِيم وَالْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الدَّال، قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُفْعِلًا مِنْ الْعَدّ، أَوْ هُوَ مَنْ مَعَدَ فِي الْأَرْض إِذَا أَفْسَدَ، قَالَ الشَّاعِر: وَخَارِبِينَ خَرَبًا فَمَعَدَا وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ.
2 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «معد بن عدنان بن آدد بن زند بن بري بن أعراق الثرى» قالت: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهلك عادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا لا يعلمهم إلا الله»، قالت أم سلمة: وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيم وزند: ابن هميسع وبري: نبت
قال «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»
تعليق الذهبي قي التلخيص: صحيح
. قال الهيثمى (1/ 193): رواه الطبرانى فى الصغير وفيه عبد العزيز بن عمران من ذرية عبد الرحمن بن عوف وقد ضعفه البخارى وجماعة وذكره ابن حبان فى الثقات.
...
قال الشريف: وقد تكلمت عن حال عبد العزيز في كتابنا (الجواهر الثمينة)
3 - عن عائشة بنت سعد، عن أبيها سعد بن أبي وقاص أنه قال: «ألا أنبئ رسول الله أني حميت صحابتي بصدور نبلي (1) أذود (2) بها عدوهم ذيادا بكل حزونة، وبكل سهل فما يعتد رام من معد بسهم مع رسول الله قبلي»
4 - عَنِ الرَّبِيعِ بن سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَضَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، يَقُولُ:"مَنْ كَانَ هَهُنَا مِنْ مَعَدٍّ فَلْيَقُمْ"، فَقَامَ عَمْرُو بن مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اجْلِسْ". حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"قُضَاعَةُ بن مَالِكِ بن حِمْيَرٍ".
سيأتي تخريجه في المبحث القادم عن قضاعة
5 - عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ لْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، يَقُولُ:"لَمَّا بَلَغَ وَلَدُ مَعْدِ بن عَدْنَانَ أَرْبَعِينَ رَجُلا، وَقَفُوا عَلَى عَسْكَرِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ وَانْتَهَبُوهُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ مُوسَى بن عِمْرَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، قَالَ: يَا رَبِّ هَؤُلاءِ وَلَدُ مَعْدٍ قَدْ أَغَارُوا عَلَى عَسْكَرِي، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا مُوسَى بن عِمْرَانَ، لا تَدْعُوا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مِنْهُمِ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ النَّذِيرَ الْبَشِيرَ بِجَنَّتِي، وَمِنْهُمِ الأُمَّةَ الْمَرْحُومَةَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، الَّذِينَ يَرْضَوْنَ مِنَ اللَّهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ، وَيَرْضَى اللَّهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ، فَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، بِقَوْلِ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، لأَنَّ نَبِيَّهُمْ مُحَمَّدَ بن عَبْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمُتَوَاضِعَ فِي هَيْئَتِهِ، الْمُجْتَمِعَ لَهُ اللُّبُّ فِي سُكُوتِهِ، يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ، وَيَسْتَعْمِلُ الْحِلْمَ، أَخْرَجْتُهُ مِنْ خَيْرِ جِيلٍ مِنْ أُمَّتِهِ قُرَيْشًا، ثُمَّ أَخْرَجْتُهُ مِنْ هَاشِمٍ صَفْوَةِ قُرَيْشٍ، فَهُمْ خَيْرٌ مِنْ خَيْرٍ إِلَى خَيْرٍ يَصِيرُ، وَأُمَّتُهُ إِلَى خَيْرٍ يَصِيرُونَ"
.أخرجه الطبراني في الكبير
قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه حسن بن فرقد وهو ضعيف.
6 - عن يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: «استقام نسب الناس إلى معد بن عدنان» «لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن رومان إلا محمد بن إسحاق، تفرد به: عبد الله بن يزيد» أخرجه الطبراني في الأوسط
. ... رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن إسحاق وهو مدلس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/231)
7 - عن أبي الأسود، قال: سمعت عروة بن الزبير، يقول: «ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان» أ
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره وإسناد صحيح إلى عروة
8 - في شعر حسان بن ثابت قال:
لنا في كل يوم من معد ... سباب أو قتال أو هجاء
فمن يهجو رسول الله منك ... ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء
. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الليث بن سعد
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[10 - 01 - 08, 02:55 م]ـ
قالَ ابن حجر نقلا عن غيره: وَسَمِعْت مَنْ يَقُول: إِنَّ مَعْد بْن عَدْنَان كَانَ عَلَى عَهْد عِيسَى اِبْن مَرْيَم، كَذَا قَالَ،
وَحَكَى الْهَمْدَانِيُّ فِي الْأَنْسَاب مَا حَكَاهُ اِبْن الْكَلْبِيّ ثُمَّ سَاقَ الْأَسْمَاء سِيَاقَة أُخْرَى بِأَكْثَر مِنْ هَذَا الْعَدَد بِاثْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ، وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْقَل وَلَا يُذْكَر وَلَا يُسْتَعْمَل بِمُخَالَفَتِهَا لِمَا هُوَ الْمَشْهُور بَيْن النَّاس، كَذَا قَالَ،
وَالَّذِي تَرَجَّحَ فِي نَظَرِي أَنَّ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا قَالَهُ اِبْن إِسْحَاق أَوْلَى، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيُّ، مِنْ حَدِيث أُمّ سَلَمَة قَالَتْ: عَدْنَان هُوَ اِبْن أَدّ بْن زَيْد بْن بَرِيّ اِبْن أَعْرَاق الثَّرَى.
، وَأَعْرَاق الثَّرَى هُوَ إِسْمَاعِيل، وَهُوَ مُوَافِق لِمَا ذَكَرْته آنِفًا عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان، وَهُوَ مُوَافِق مَنْ يَقُول إِنَّ قَحْطَان مِنْ ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل لِأَنَّهُ وَالْحَالَة هَذِهِ يَتَقَارَب عَدَد الْآبَاء بَيْن كُلّ مِنْ قَحْطَان وَعَدْنَان وَبَيْن إِسْمَاعِيل، وَعَلَى هَذَا فَيَكُون مَعْد بْن عَدْنَان كَمَا قَالَ بَعْضهمْ فِي عَهْد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا فِي عَهْد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ عَدَد الْآبَاء بَيْن نَبِيّنَا وَبَيْن عَدْنَان نَحْو الْعِشْرِينَ، فَيَبْعُد مَعَ كَوْن الْمُدَّة الَّتِي بَيْن نَبِيّنَا وَبَيْن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَتْ سِتّمِائَةِ سَنَة كَمَا سَيَأْتِي فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مَعَ مَا عُرِفَ مِنْ طُول أَعْمَارهمْ أَنْ يَكُون مَعْد فِي زَمَن عِيسَى، وَإِنَّمَا رَجَّحَ مَنْ رَجَّحَ كَوْن بَيْن عَدْنَان وَإِسْمَاعِيل الْعَدَد الْكَثِير الَّذِي تَقَدَّمَ مَعَ الِاضْطِرَاب فِيهِ اِسْتِبْعَادهمْ أَنْ يَكُون بَيْن مَعْد وَهُوَ فِي عَصْر عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَبَيْن إِسْمَاعِيل أَرْبَعَة آبَاء أَوْ خَمْسَة مَعَ طُول الْمُدَّة، وَمَا فَرُّوا مِنْهُ وَقَعُوا فِي نَظِيره كَمَا أَشَرْت إِلَيْهِ، فَالْأَقْرَب مَا حَرَّرْته وَهُوَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ مَعْد بْن عَدْنَان كَانَ فِي زَمَن عِيسَى فَالْمُعْتَمَد أَنْ يَكُون بَيْنه وَبَيْن إِسْمَاعِيل الْعَدَد الْكَثِير مِنْ الْآبَاء وَإِنْ كَانَ فِي زَمَن مُوسَى فَالْمُعْتَمَد أَنَّ بَيْنهمَا الْعَدَد الْقَلِيل، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فتح الباري
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المبحث الثالث:نسب قضاعة:
معنى قضاعة لغة: (قضع) القَضْعُ القهر قَضَعَه قَضْعاً والقَضْعُ والقُضاعُ تقطيع في البطن شديد وفي بطنه تَقْضِيعٌ أَي تقطيع وانْقَضَعَ القومُ وتقضَّعوا تفرّقوا وتَقضَّع عن قومه تباعَدَ وقُضاعةُ اسم كلب الماء وفي التهذيب والصحاح القُضاعةُ اسم كَلْبةِ الماءِ وقُضاعةُ أَبو قبيلة سمي بذلك لانْقِضاعِه مع أُمّه وقيل هو من القهر وقيل هو أَبو حَيّ من اليمن قُضاعةُ بن مالكِ بنِ حِمْيَر بن سَبَإٍ وتزعم نُسّابُ مُضَرَ أَنه قُضاعةُ بن مَعَدِّ بن عَدْنانَ قال وكانوا أَشِدَّاءَ كَلِبِينَ في الحروب ونحو ذلك. لسان العرب
وحصل خلاف في نسب قضاعة كما ذكر ذلك ابن عبد البر وغيره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/232)
قال الزبيري:: فولد معد بن عدنان: نزاراً، وقضاعة، وأمهما: معانة بنت جوشم بن جلهمة بن عامر بن عوف بن عدي بن دب بن جرهم. وقد انتسب. قضاعة إلى حمير؛ فقالوا قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ، وأمه: عكبرة، امرأة من سبأ خلف عليها معد؛ فولدت قضاعة على فراش معد. وزوروا في ذلك شعراً، فقالوا:
يا أيها الداعي ادعنا وأبشر ... وكن قضاعيا ولا تنزر
قضاعة بن مالك بن حمير ... النسب المعروف غير المنكر
قال: وأشعار قضاعة في الجاهلية وبعد الجاهلية تدل على أن نسبهم في معد. نسب قريش
قال: أبو عمر فأما قضاعة فالاختلاف فيها كثير والأكثر على أنها من معد بن عدنان وأن قضاعة بكر ولد معد وبه كان يكنى
وروي هذا من حديث هشام بن عروة عن عائشة أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قضاعة من معد كان بكر ولده وأكبرهم وبه كان يكنى.
قال أبو عمر:وليس دون هشام بن عروة من يحتج به في هذا الحديث
قال الشريف:أخرجه ابن السني عن عائشة وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير
قال أبو عمر:قد روي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وجُبير بن مطعم، مثل ذلك، وهو قول عبد الملك بن هشام، ومصعب بن الزبير، والزبير بن بكار.
ومما آحتج به من قال هذه المقالة قولُ زهير:
إذا لَقحت حَربٌ عوان مُضرِّةٌ ... ضَروسّ تُهِرُ الناسَ أنيابُها عُصْلُ
قُضاعّية أو أختها مُضِرِيّة ... يُحرق في حافاتها الحَطب الجَزْلُ
فجعل قُضاعة من معد بن عدنان، اخا لمُضر بن نزار بن معد بن عدنان.
قال:ومثل حديث عَمرو بن مُرة الجهني حديثُ عقبة بن عامر الجهني، رواه جرير بن حازم، عن ابن لهيعة، عن معروف بن سويد، عن أبي عُشًّانَة المَعافري، عن عُقبة بن عامر الجهني، في حديث ذكره، قال: قلت: يا رسول الله، أمَا نحن من معد؟ قال: لا. قلت: مَن نحن؟ قال: أنتم قضاعة بن مالك بن حمير.
فعلى هذا قضاعة في اليمن، في حمير بن سبا.
ولا يختلفون أن جُهينة بن زيد بن سَود بن اسلم بن عمران بن الحاف بن قضاعة، قَبِيل عُقبة بن عامر الجهني.
قال الشرقي: فإن يكن رسول الله (قال: فقد صدق رسول الله (.
الانباه
وعن أبي عشانة قال: سمعت عقبة بن عامر يقول وهو على المنبر: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا في غنم لي أرعاها فتركتها ثم ذهبت إليه فقلت: تبايعني يا رسول الله؟ فقال: "ممن أنت؟ " فأخبرته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما أحب إليك أبيعة هجرة أو بيعة أعرابية؟ " فقلت: بيعة هجرة فبايعني ثم قال يوماً رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ههنا من معد فليقم" فقمت فقال: "اقعد" ثم
قال: "من ههنا من معد فليقم" فقمت فقال: "اقعد" ثم قالها الثالثة فقمت فقال: "اقعد" فقلت: ممن نحن يا رسول الله؟ فقال: "أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير".
قال الهيثمي:رواه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف وشيخه معروف بن سويد لم أر من ترجمه.
قال الشريف:حديث عقبة بن عامرأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 205) و الطبرانى في الكبير (17/ 304، رقم 839). وأخرجه أيضًا: فى الأوسط (1/ 111، رقم 345) وابن سعد (4/ 343) وويرويه عن ابن لهيعة أكثر من رجل وإسناده قابل للتحسين والخلاف في ابن لهيعة مشهور مظنته كتب الجرح والتعديل
قال الشريف: وذكر ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (ج46/ص347)
عن كلثوم بن جبر قال قال معاوية بن أبي سفيان يوما لعمرو بن مرة الجهني
هل لك أن تقوم مقاما تقول إن قضاعة من معد وأطعمك مصر والعراق سنة قال إذا شئت فتقدم معاوية إلى أصحابه أن يكونوا حول المنبر وجاء عمرو بن مرة يرفل في حلله حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال
يا أيها السائل يوم المعجر حيث التقينا في العجاج الأكبر
قضاعة بن مالك بن حمير النسب المعروف غير المنكر.
قال الهيثمي:: رواه الطبراني في الكبير وفيه دلهاث بن داود قال الأزدي حديثه عن آبائه لا يصح وهذا من حديثه عن آبائه.
قال الشريف: هذه القصة تفيد أن جهينة من حمير من قحطان
إن صح إسنادها وحصل خلاف لمن تنسب هذه القصيدة ذكر ذلك ابن عساكر
قال ابن حزم:قال قوم: هو قضاعة بن عدنان. وقال قوم: هو قضاعة بن مالك بن حمير. وقال قوم، منهم الكلبي، هو قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/233)
فولد قضاعة: الحافي، لم يعقب لقضاعة ولد غيره. فولد الحافي بن قضاعة عمران، وعمرو، وأسلم " بضم اللام ": أمهم بنت غافق بن الشاهد بن عك.
بنو عمرو بن الحافي
بن قضاعة
ولد عمرو بن الحافي: حيدان، وبهراء، وبلي.
بنو حيدان بن عمرو
بن الحافي بن قضاعة
ولد حيدان بن عمرو: مهرة بن حيدان، وتزيد بن حيدان، وعريب، وعريد، وجنادة. منهم: زهير بن قرضم بن العجيل بن قباث بن قمومي بن نقلل بن العيدي بن ندغي بن مهرة بن حيدان، وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وبلاد مهرة في ناحية الشحر من اليمن، ببلاد العنبر، على ساحل البحر.
مضت مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحافي.
بنو بهراء بن عمرو
بن الحافي بن قضاعة. جمهرة أنساب العرب
قال ابن ماكولا: أما قضاعة فقبيلة عظيمة يقال هو ابن معد بن عدنان ويقال هو من حمير وهو الأكثر والأصح واسمه عمرو بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ وإليه تنسب قبائل كثيرة فمنها كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ومنها جماعة من الصحابة والتابعين والشعراء والفرسان. الإكمال
قال ابن خلدون:وفي كتب الحكماء الأقدمين من يونان مثل بطليموس وهروشيوش ذكر القضاعيين والخبر عن حروبهم فلا يعلم أهم أوائل قضاعة هؤلاء وأسلافهم أو غيرهم وربما يشهد للقول بأنهم من عدنان وأن بلادهم لا تتصل ببلاد اليمن وإنما هي ببلاد الشام وبلاد بني عدنان والنسب البعيد يحيل الظنون ولا يرجع فيه إلى يقين
قال الشريف: ولابن حزم كلام قريب من هذا في كتابه الجمهرة.
القبائل القضاعية:كلب بن وبرة وجهينة وبلي ونهد
ومن كلب الصحابي الجليل:زَيْدُ بن حَارِثَةَ بن شَرَاحِيلَ بن كَعْبِ بن عَبْدِ الْعُزَّى بن امْرِئِ الْقَيْسِ بن عَامِرِ بن النُّعْمَانِ بن عَامِرِ بن عَبْدُودِ بن عَوْفِ بن كِنَانَةَ بن بَكْرِ بن عَوْفِ بن عُذْرَةَ بن زَيْدِ اللَّهِ بن رُفَيْدَةَ بن ثَوْرِ بن كَلْبِ بن وَبَرَةَ بن الْحَارِثِ بن قُضَاعَةَ، وَيُقَالُ: إِنَّ أُمَّ زَيْدٍ سُعَادُ بنتُ زَيْدٍ مِنْ طَيْءٍ
ومن قضاعة:: المقداد بن الأسود وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد [بن زهير] بن ثور بن ثعلبة بن مالك بن هزل بن قابس بن رويم بن القين بن الهون بن بهز بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. وإنما نسب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة لأنه تبناه وحالفه. وكان أبطن آدم (شديد السمرة) يصفر لحيته، أقنى، طويل الأنف. مات بالمدينة وهو ابن سبعين سنة، وصلى عليه عثمان بن عوف رضي الله عنه.
ومن كلب: النسابة المشهور هشام الكلبي بن أبي النضر محمد بن السائب بن بشر، وقيل مبشر، بن عمرو الكلبي [وقال محمد بن سعد: هو محمد بن السائب الكلبي بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر ابن عبدون بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن عبد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب
ومنهم إمام المحدثين جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف القضاعي ثم الكلبي الحلبي، ثم الدمشقي المزي الشافعي صاحب تهذيب الكمال، وكتاب الأطراف.
قال السمعاني:النهدي
بفتح النون وسكون الهاء وفي اخرها الدال المهملة
هذه النسبة إلى بني نهد وهو نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة إليه ينتسب النهديون ومنهم باليمن والشام كلهم من ولد خزيمة بن نهد وهم في تنوخ في نهد اليمن.
وفي قصة مشهورة:قال من نهد
قالت أفتعرف القائل
(نهد لئام إذا ما حل ضيفهم ... سود وجوههم كالزفت والقار)
(والمستغيث بنهد عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار)
قال لا والله ما أنا من نهد
قالت فممن
قال من قضاعة
قالت أفتعرف القائل
(لا يفخرن قضاعي بأسرته ... فليس من يمن محضا ولا مضر)
(مذبذبين فلا قحطان والدهم ... ولا نزار فسيبهم إلى سقر)
قال لا والله ما أنا من قضاعة
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[28 - 01 - 08, 10:26 م]ـ
قال أبو عمر: نسل مضر كلها المنتسبون إليه جذمان أحدهما خندف وهم ولد إلياس بن مضر ويعرفون بأمهم والثاني قيس (بن عيلان)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/234)
قال السمعاني: (المضري) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وفي اخرها الراء هذه النسبة إلى مضر وهي القبيلة المعروفة التي ينسب إليها قريش وهو مضر بن نزار بن معد بن عدنان أخو ربيعة بن نزار وهما القبيلتان العظيمتان اللتان يقال فيهما أكثر من ربيعة ومضر وجماعة من العلماء والمحدثين من المتقدمين والمتأخرين منهم
قال ابن خلدون: أما مضر بن نزار وكانوا أهل الكثرة والغلب بالحجاز من سائر بني عدنان وكانت لهم رياسة بمكة فيجمعهم فخذان عظيمان وهما خندف وقيس
المبحث السابع:نسب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى مضر.
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال وجدت في كتاب أبي نا محمد بن إدريس الشافعي قال: اسم عبد المطلب شيبة بن هاشم ,واسم هاشم عمرو بن عبد مناف ,واسم عبد مناف المغيرة بن قصي ,واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر
هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي قال علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم محمد الطيب المبارك بن عبد الله بن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وإلى فهر جماع قريش وما كان فوق فهر فليس يقال له قرشي يقال له كناني وهو فهر بن مالك بن النضر واسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسمه عمرو بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدن.
قال ابن عبد البر:لم يختلف أهل العلم والأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصار أنه (صلى الله عليه وسلم) محمد بن عبد الله
1) بن عبد المطلب
2) بن هاشم
3) ابن عبد مناف
4) بن قصي بن
5) كلاب
6) بن مرة
7) بن كعب
8) بن لؤي
9) بن غالب
10) بن فهر
11) ابن مالك
12) بن النضر
13) بن كنانة
14) بن خزيمة
15) بن مدركة
16) بن إلياس
17) بن مضر
18) بن نزار
19) بن معد
20) بن عدنان.
وقال أبو عمر: هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نسب نفسه كذلك إلى نزار بن معد بن عدنان وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغني عما سواه والحمد لله.
واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أر لذكره هاهنا وجها لكثرة الاضطراب فيه وأنه لا يوقف منه على شيء متتابع متفق عليه وهم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون على أن نزارا بأسرها هي ربيعة ومضر هي الصريح الصحيح ومن ولد إسمعيل على ما ذكرنا أصح ما قيل في نسبه إلى آدم صلى الله عليه وسلم.
والعلم بنسب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي لاينبغي الجهل بها
وأنه النبي القرشي الهاشمي الذي كان بمكة وهاجر منها إلى المدينة وتوفي ودفن بها، فإنه لا بد لصحة الإيمان من معرفة ذلك، ولا يعذر مسلم في الجهل به وناهيك بذلك.
قال ابن حزم الظاهري:فأما الفرض من علم النسب، فهو أن يعلم المرء أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- الذي بعثه الله تعالى إلى الجن والإنس بدين الإسلام، هو محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي، الذي كان بمكة، ورحل منها إلى المدينة. فمن شك في محمد -صلى الله عليه وسلم- أهو قرشي، أم يماني، أم تميمي، أم أعجمي، فهو كافر، غير عارف بدينه، إلا أن يعذر بشدة ظلمة الجهل؛ ويلزمه أن يتعلم ذلك ويلزم من صحبه تعليمه أيضاً. جمهرة أنساب العرب
قال ابن القيم في زاد المعاد: وهو خير أهل الأرض نسبا على الإطلاق فلنسبه من الشرف أعلى ذروة وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم فأشرف القوم قومه وأشرف القبائل قبيله وأشرف الأفخاذ فخذه
فهو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
إلى هاهنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان مختلف فيه ولا خلاف بينهم أن
عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام وإسماعيل: هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/235)
وأما القول بأن إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب مع أنه باطل بنص كتابهم. انتهى
قال الشريف ناجي:وحديث نسب النبي (صلى الله عليه وسلم) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ج3/ص49
من طريق الزهري عن أنس وعن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجالا من كندة يزعمون أنهم منه وأنه منهم فقال إنما كان يقول ذلك العباس وأبو سفيان بن حرب فيأمنا بذلك وإنا لن ننتفي من آبائنا نحن بنو النضر بن كنانة قال وخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نذار وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرها فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهر الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا.
قال ابن كثير:وهذا حديث غريب جدا من حديث مالك تفرد به القدامى وهو ضعيف ولكن سنذكر له شواهد من وجوه أخر فمن ذلك قوله خرجت من نكاح لا من سفاح.
وقال الألباني: ضعيف جدا. السلسة الضعيفة
عن يحيى بن جعدة قال لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبا فقال ممن القوم فقالوا من مضر فقال وأنا من مضر قالوا يا رسول الله إنا رداف وليس معنا زاد إلا الأسودان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رداف ما لنا زاد إلا الأسودان التمر والماء. أخرجه ابن سعد في الطبقات
عن حذيفة أنه ذكر مضر في كلام له فقال إن منكم سيد ولد آدم يعني النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن سعد في الطبقات وإسناده صحيح إلى حذيفة
المبحث الثامن:خصائص المضريين
وكان التقدم في مضر كلها: لكنانة ,ثم لقريش, والتقدم في قريش لبني لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر, وكان سيدهم قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ,كان له فيهم شرف وقرابة وثروة وولد.
وكان لمضر ثلاث خصال:
1) الإجازة بالناس يوم عرفة لبني الغوث بن مر ابن أخي تميم بن مر وهو صوفة فكان الناس لا يرمون الجمار حتى يرموا ولا ينفرون من منى حتى ينفروا فلم يزل كذلك فيهم حتى انقرضوا فورثهم ذلك بالقعدد بنو سعد بن زيد مناة بن تميم فكان أولهم صفوان بن الحارث
قال أبو عبيدة: صوفة وصوفان يقال لكل من ولي البيت من غير أهله أو أقام بشيء من خدمة البيت أو بشيء من أمر المناسك
2) والإفاضة بالناس غداة النحر من جمع إلى منى لبني زيد بن عدوان وانتهى ذلك منهم إلى أبي سيارة عميلة بن الأعزل العدواني فدفع من مزدلفة أربعين سنة على حمار
عن جابر قال: كانت العرب يفيض بهم الرجل يقال له أبو سيارة على حمار فلما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفت قريش مواقفها فكانت تقول: نحن الحمس فخرج حتى وقف بعرفات فهو قوله: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [البقرة: 199] أخرجه أبو يعلى في مسنده وأصله في مسلم من نفس الطريق
3) ونسء الشهور الحرم كان لبني مالك بن كنانة وانتهى إلى القلمس وكان إذا أراد الناس الصدور من مكة. قال: اللهم إني أحللت أحد الصغرين ونسأت الآخر للعام المقبل.
قال عمرو بن قيس من بني فراس:
ونحن الناسئون على معد شهور الحل نجعلها حراما
1) قال ابن منظور: قلمس القلمس البحر وأنشد: فصبحت قلمسا هموما وبحر قلمس بتشديد الميم أي زاخر
2) القلمس أيضا السيد العظيم
3) و القلمس البئر الكثيرة الماء من الركايا كالقلنس يقال إنها لقلمسة الماء أي كثيرة الماء لا تنزح ورجل قلمس إذا كان كثير الخير والعطية
4) ورجل قلمس واسع الخلق
5) و القلمس الداهية من الرجال وقيل القلمس الرجل الداهية المنكر البعيد الغور.
و القلمس الكناني أحد نسأة الشهور على العرب في الجاهلية فأبطل الله النسيء بقوله {إنما النسيء زيادة في الكفر} ر
وقال السهيلي وأما نسؤهم للشهر الحرام فكان على ضربين:
1) أحدهما هذا الذي ذكره ابن إسحاق من تأخير المحرم إلى صفر لحاجتهم إلى شن الغارات وطلب الثارات
2) والثاني تأخير الحج عن وقته تحريا منهم للسنة الشمسية فكانوا يؤخرونه في كل عام أحد عشر يوما أو اكثر قليلا حتى يدور الدور إلى ثلاث وثلاثين سنة فيعود إلى وقته
ولذلك قال في عام حجة الوداع (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)
فكانت حجة الوداع في السنة التي عاد فيها الحج إلى وقته الأصلي ولم يحج رسول الله من المدينة إلى مكة غير تلك الحجة وذلك لإخراج الكفار الحج عن وقته ولطوافهم بالبيت عراة والله أعلم إذ كانت مكة في حكمهم حتى فتحها الله على نبيه عليه الصلاة والسلام
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[03 - 09 - 09, 04:38 م]ـ
للحديث بقية ونسأل الله التوفيق والسداد(144/236)
أبحث عن كتاب ((أعلام العراق)) للشيخ العلامة الأديب "محمد بهجة الأثري" رحمه الله تعالى
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أبحث عن كتاب ((أعلام العراق)) للشّيخ العلاّمة الأديب " محمد بهجة الأثري " تلميذ علاّمة العراق محمود شكري الآلوسي رحم الله الجميع
فيا ليت من كان يملكه أو يستطيع نقل فهرسه إلى هنا أن يقوم بذلك مشكورا سلفا
أخوكم مالك
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[30 - 01 - 08, 12:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وإنا لله وإنا إليه راجعون
ستّ وسبعون اطلاعا على الموضوع ولا مجيب
حسبي الله ونعم الوكيل
نسأل الله أن يرفع الغمة ويكشف الكربة عن المنتدى وعن الأمة
أخوكم مالك
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 01 - 08, 03:39 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وفقك الله.
الكتاب يتضمن سيرة الإمام الألوسي الكبير ... وتراجم نوابغ الألوسيين ... وشيئا من تآبين العلماء والأدباء ... وقد أعاد نشره خالد العاني صاحب الدار العربية للموسوعات ... فإن كنت ترغب في مراجعة أمر مخصوص فحيهلا ... أما تصوير الكتاب أو نقل فهرسته كاملا هنا فيصعب علي الآن.
ـ[مالك عبد المجيد الصّالح]ــــــــ[07 - 02 - 08, 12:57 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي الفاضل يا ليتكم تراجعوا - مشكورين غير مأمورين - دام فضلكم المشاركة إياها
أدناه
http://ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=119536
ودمتم سالمين وفي طاعة الله من الغانمين
أخوكم مالك
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 02 - 08, 02:32 م]ـ
أدام الله عز العراق وأهلها من أهل السنة والجماعة ... وفك أسرها عن قريب من براثن الشيعة الشنيعة ... قطع الله أدبارهم ... ومزقهم شر ممزق ... ... فإن القلب ليتقطع أسىً ولوعة على تلك الديار العامرة بالخير والفضل، وعلى كل ديار الإسلام ...
بغدادُ جرحك في الأحشاء يلتهب ............... ولم يزل يتساقى دمعَك العربُ
جاءوا إليك قرارات مزمجرةً ............... أوراقها في مهب الريح تضطرب
جاءوا إليكِ نداءات سيسمعهاالأعداء ............... ينضحُ منها المجد والحسب
جاءوا إليك وما للموت أغنية ٌ ............... إلا وكان لهم من لحنها طربٌ
جاءوا إليك بأسيافٍ ملمعةٍ ............... سهامهم فوق صدر الليل تنتصب
أتنكرين؟ ومازف العدو إلى ............... عينيك من أرق ٍ إلاله شجبوا
أتنكرين؟ ومانالتك قنبلة ٌ ............... إلا وثارت لها الأشعار والخطبُ
السامعون وفي آذانهم ثِقلٌ ............... والصامتون وفي أفواههم شَغَبُ
والمصلحون وفي إيمانهم دَخَلٌ ............... والصابرون وفي أعماقهم رَهَبُ
والرافعون لواء الحق غايتهم ............... تضليل عينيكِ يابغداد والكَذِب
أنى تُريد ين منهم صد مغتصبٍ ............... وقد أغاروا على نهديكِ واغتصبوا
القوم بعدك حاروا في شؤونهمُ ............... لم يصعدوا جبلاً لكنهم تعبوا
يبكون فيك زماناً كله طرَبٌ ............... لو أنهم علموا بالخَطْبِ ماطربوا
لوأنهم علموا عُقْبَى لذائذهم ............... ما غازلوا فيك حانوتاً وماشربوا
بغدادُ هذا زمان الدمعِ فانتحبي ............... فأرضنا منذ طاش السهمُ تنتحب
لاتعجبي من ضياع المجدِ واحتسبي ............... بعض الموازين لو تدرين تنقلبُ
بالأمس كنا نوازي الشهْبَ منزلة ً ............... واليومَ تسخر من إغضائنا الشهُبُ
بالأمسِِ كنا بدين الله أوسمة ً ............... للمجد واليومَ ماذا قدم العَرَبُ؟
غنوا بألحان قومياتهم زمناً ............... وجهزوا ألفَ مركوبٍ وماركبوا
ألقابُ مجدٍ وأسماءٌ لها رُتَبٌ ............... لو أنها تنفع الألقاب والرتَبُ
أعَزهُم ربهم بالدين لو طلبوا ............... في غَيره العز ما فازوا وماغلبوا
انظر هنا وفقك الله:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=754875&postcount=9
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[29 - 01 - 10, 05:38 ص]ـ
وأنا أبحث عنه وإن تم لي شراء الكتاب سأمسحه ضوئياً وأوفره لكم ـ إن شاء الله ـ.(144/237)
أريد ترجمة أحمد شقير النواوي
ـ[أبو عبدالله القضاعي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:34 ص]ـ
السلام عليكم
أيها الاخوة أريد ترجمة لهذ العالم وبحثت ولم أجد
فهل أظفر بها عند إخواني في هذا الملتقى المبارك
العالم من أهل مصر وهو من أهل القرن الثالث عشر
ولكم الشكر على التعاون،،،،،،،،،(144/238)
أحتاج كتاباً فيه نسب النبي-صلى الله عليه وسلم- وأسماء أعمامه وعماته واخواله وخالاته.
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحتاج كتاباً فيه نسب النبي-صلى الله عليه وسلم- وأسماء أعمامه وعماته واخواله وخالاته .. واسماء كل متعلقاته وكذلك صفاته الشريفة صلى الله عليه وسلم .........
جزاكم الله الجنة
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 01 - 08, 02:09 ص]ـ
يكفيك: مختصر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم للإمام ابن قدامة
أو نور العيون لابن سيد الناس.
وهما مختصران جيدان حتى للدراسة .. وبالله التوفيق
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 02:28 ص]ـ
إضافةً لما ذكر الشيخ أبو يوسف
1 - (السيرة النبوية) للحافظ ابن كثير
حمله من هنا ( http://www.shamela.ws/books/009/0930.rar)
2 - مختصر الشمائل للإمام الترمذي - اختصار الشيخ الألباني
حمله من هنا ( http://www.shamela.ws/books/007/0700.rar)
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:04 م]ـ
أظن أن أخاكم يعرف هذه الكتب وغيرها من كتب السيرة!
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أبا عبدالله
أنا فهمت أنك تريد جمع علاقات النسب بين النبي صلى الله عليه وسلم وأقربائه، ويدخل في ذلك كثير من الصحابة
وقد كنتُ نويتُ جمع علاقات النسب والمصاهرة بين الصحابة، ولكني لم أنشط لجمع ذلك، وتجد ذلك مبثوثًا في كتب التراجم والتاريخ والسيرة، وهي فكرة رائعة ولا أعلم أنها مجموعة في كتاب مفرد
وعلى كل، ربما يفيدك في ذلك كتاب "نسب قريش" للزبيري، وأظن أنه موجود على الشبكة
وأيضًا ابن أبي خيثمة في تاريخه يهتم بالتنبيه على ذلك، وإن لم تجد نسب قريش فيكفيك تاريخ ابن أبي خيثمة، فإنه من رواة كتاب "نسب قريش" المعروفين، وكذلك كتاب "الإصابة" لابن حجر
ـ[أبو المعتز القرشي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 06:27 م]ـ
كتاب " استجلاب ارتقاء الغرف بحُب أقراباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف" للسخاوي (ت 902 هـ)
فقد ذكر مقدمة وقعت في اثنين وعشرين صفحة بعنوان " من حضرني من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم المنسوبين إلى جده الأقرب عبد المطلب" وذكر أبناءه وأعمامه وعماته وأبناءهم مع ذكر شيء من سيرتهم.
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[07 - 01 - 08, 08:55 م]ـ
الأساتذة الأفاضل/ أبا يوسف، أبا أنس، أبا المعتز بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير .......
الاستاذ الكريم / أبا حفص لقد " أصبت المَحَزّ "، واشتقنا إليك وإلى مواضيعك، ولعل الله قد جعل مع العسر يسرا .....
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 09:35 م]ـ
أمَّا أنا، أخي الحبيب الطحاويّ، دعني أدعوكَ لكتاب الإمام جمال الدِّين يوسف بن حسن بن عبد الهادي المَقْدِسِيّ المشهور بـ "ابن المبرد" (840 - 909هـ) فأحسب أنَّه عينُ ما تبحثُ عنه فهو سهلٌ لفهمِهِ بديعٌ في ترتيبِهِ حلوٌ لاختصارِهِ بل مليحٌ لحِفْظِهِ و هو وثيقٌ بحليتِهِ الَّتي حلاَّه بها الأستاذُ محي الدِّين ديب مستو، أبدعَ الأستاذ بتصويرهِ للَّوحاتٍ (المخطوطات) إذا رأيتَها تردَّدتَ في غِناكَ، أبها أم بالمطبوع من الكتاب!، عُنْوانُهُ:
كِتَابُ الشَّجَرَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي نَسَبِ خَيْرِ البَرِيَّةِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ وَ سَلَّمَ.
هذا و اللَّوحات التي هي أصل الكتابِ أُعيدَ رسمُها و ألحَقَها المحقِّقُ كذيْلٍ للكتَابِ.
.
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[08 - 01 - 08, 12:52 ص]ـ
أمَّا أنا، أخي الحبيب الطحاويّ، دعني أدعوكَ لكتاب الإمام جمال الدِّين يوسف بن حسن بن عبد الهادي المَقْدِسِيّ المشهور بـ "ابن المبرد" (840 - 909هـ) فأحسب أنَّه عينُ ما تبحثُ عنه فهو سهلٌ لفهمِهِ بديعٌ في ترتيبِهِ حلوٌ لاختصارِهِ بل مليحٌ لحِفْظِهِ و هو وثيقٌ بحليتِهِ الَّتي حلاَّه بها الأستاذُ محي الدِّين ديب مستو، أبدعَ الأستاذ بتصويرهِ للَّوحاتٍ (المخطوطات) إذا رأيتَها تردَّدتَ في غِناكَ، أبها أم بالمطبوع من الكتاب!، عُنْوانُهُ:
كِتَابُ الشَّجَرَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي نَسَبِ خَيْرِ البَرِيَّةِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ وَ سَلَّمَ.
هذا و اللَّوحات التي هي أصل الكتابِ أُعيدَ رسمُها و ألحَقَها المحقِّقُ كذيْلٍ للكتَابِ.
.
الله أكبر
بارك الله فيك اخي الحبيب، وكأنك تقرأ أفكاري، وكما تفضلت "فأحسب أنَّه عينُ ما تبحثُ عنه فهو سهلٌ لفهمِهِ بديعٌ في ترتيبِهِ حلوٌ لاختصارِهِ بل مليحٌ لحِفْظِهِ "" .............. كتاب أكثر من رائع
وهذا هو رابط الكتاب لمحقق آخر
ftp://ia331326.us.archive.org/1/items/alshjrh-alnbweh-fy-nsb-kher-alm-ar/alshjrh-alnbweh-fy-nsb-kher-alm-ar_PTIFF.zip
ـ[سالم عدود]ــــــــ[08 - 01 - 08, 02:56 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[محمد هاشم السندي]ــــــــ[12 - 05 - 10, 01:53 م]ـ
كتاب الامام محمد هاشم السندي جيد في هذالموضوع واسمه فتح القوي في نسب النبي وهو مخطوط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/239)
ـ[محمد أبو سعد]ــــــــ[12 - 05 - 10, 03:12 م]ـ
من أفضل الكتب في هذا الموضوع: كتاب (بحث مختصر في الشجرة النبوية على طريقة علم الأنساب الحديث) من تأليف الأستاذ: محمد نبيل القوتلي، وهذه نبذة عن الكتاب:
نبذة الناشر:
هذا الكتاب بحث مختصر في الشجرة النبوية يظهر خصائص أسلوب علم الأنساب الحديث في تقييم علاقة القرابة بين كل فرد من أفراد المجموعة موضوع الدراسة و هذا البحث ليس تحقيقاً, بل إيراد عينة وردت أسمؤها و درجة قرابتها و مدار البحث أصول و سلالة النبي صلى الله عليه و سلم الأقربون. و العينة موضوع البحث اقتصرت على خمسمائة فرد. و على القارئ أن يعلم أن الأسس التالية التي وضع البحث في نطاقها: تم اعتماد التاريخ الميلادي, عدد الأولاد الوارد في البحث يعكس تطور العينة, إن ترتيب الأزواج والأولاد ليس بالضرورة يتوافق مع الترتيب الزمني الصحيح, و يحتوي الكتاب: دليل مختصر يبين كيفية المراجعة لمختلف أقسام الكتاب. التقرير النسبي للسلالة بحسب الأجيال. تقرير عن سلالة فهر جد قريش 40جيل, كاشف لسلالة فهر, مسلسلة بسلالة فهر جد قريش و 16 جيل , مسلسلة بسلالة هاشم بن عبد مناف و 16 جيل. مشجرة لسلالة فهر لأجيال 10. مشجرة لسلالة تميم بن مرة ل 10 أجيال. مشجرة لسلالة عبد العزى بن رباح لأجيال ثمانية, مشجرة لسلالة عبد شمس بن عبد مناف لأجيال ستة, مشجرة لسلالة العباس بن عبد المطلب, مشجرة نسب محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم لأجيال سبعة, مشجرة هندسية لسلالة الخلافة الأموية في الشام, مشجرة هندسية لسلالة الخلافة العباسية في بغداد, مشجرة هندسية لسلالة الأمارة الأموية في الأندلس, مشجرة لسلالة هاشم بن عبد مناف, مشجرة لسلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb116806-76969&search=books
.................................................. .......
تحميل كتاب: الشجرة النبوية في نسب خير البرية، لابن المبرد
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=009460.pdf
http://ia311235.us.archive.org/0/items/sira02/012.pdf
.................................................. .........
كتاب: الشجرة النبوية والجوهرة المصطفوية، للجواني
http://makhtota.ksu.edu.sa/makhtota/848/1(144/240)
ميزات عام 2008
ـ[ابو عبيدة الوديع]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه السنة فيها مميزتان:
الاولى وهي تميزها عن السنوات الثلاث الماضية وهي أن عام 2008 سنة كبيسة أي أن شهر شباط 2 فيها فيه تسعة وعشرون يوما.
الثانية وهي مميزة لها عن الاعوام السابقة واللاحقة وهي أنها تحتوي ثلاث سنوات هجرية// ففي أولها نهاية لعام 1428 وفيها تبدأ وتنتهي سنة 1429 وفي أخرها تبدأ سنة 1430. فسبحان الذي يسير الليل والنهار والشمس والقمر كل بقدر. نسأل الله العظيم أن تمر علينا وعلى الامة الاسلامية هذه السنوات ونحن في أحسن حال وأهدأ بال.(144/241)
أين جبل أبي قبيس؟
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[07 - 01 - 08, 05:24 م]ـ
السلام عليكم
أين مكانه الآن بالتحديد و هل من صورة بجوجل إيرث
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[08 - 01 - 08, 04:13 م]ـ
المجاور للصفا وعليه الآن الديوان والقصر الملكي
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:32 م]ـ
سلمكم الله
وعافاكم
و سددكم و نفع بكم
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 05:43 م]ـ
الجبل سمي بذلك نسبة إلى قبُيس رجلٌ من جرهم البائده.
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[14 - 08 - 08, 05:11 م]ـ
السلام عليكم
حياك الله وبياك و نفع بك و سددك
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[14 - 08 - 08, 06:03 م]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
جبل أبي قبيس
http://alansar.cc/up/index.php?action=getfile&id=588
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[14 - 08 - 08, 06:05 م]ـ
انظر الصورتين في المرفقات [من أطلس الحديث الشريف - للدكتور شوقي أبي خليل].
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[14 - 08 - 08, 07:10 م]ـ
السلام عليكم
حياكما الله وبياكما و نفع بكما و سددكما
ـ[محمود محمود]ــــــــ[14 - 10 - 08, 07:00 م]ـ
هل من صورة أخرى للجبل من جهة الصفا حتى نتبين الفرق بين الجبلين؟(144/242)
هزيمة الصفويين المنكرة في معركة جالدران أمام السلطان سليم الأول "منقول"
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[10 - 01 - 08, 10:22 ص]ـ
هزيمة الصفويين المنكرة في معركة جالدران أما السلطان سليم الأول
د. محمود السيد الدغيم
استولى الصفويون على العديد من بلدان منطقة الجزيرة التي كانت تشمل ديارَ ربيعة، وتمتدُّ من الحَضَر إلى المَوصل إلى نُصيبين إلى ماردين وجبل الجودي. كما تمتدّ إلى ديار مُضر، وحرّان وسُميساط، وسُروج وآمُد ومنابعِ دجلة وميافارقين وأرزن وحصن كيفا وإسعرد وديار بكر. وقد نظر العثمانيون إلى التوسُّعِ الصفوي نظرةَ ارتياب، واعتبروها خطراً يهدِّد مستقبلَ وجودِهم الديني والسياسي والقومي والوطني، وشكَّلَ ذلك الصراعُ شِبهَ امتدادٍ للصراع (الذي استمرّ قروناً قبل الإسلام بين الأناضول الرومية النصرانية، وإيران الفارسية المجوسية)، ورُغم خضوع المنطقتين لسلطةِ الخلافة الأموية ثم العباسيةِ، وقبولِ الأكثريةِ السكانية لِلإسلام، فإنّ الصِّراعَ تجدّدَ ولكنَّهُ كان صِراعا مذهبياً بين السلطنةِ العثمانية المسلمة السُّنية والصفويين، ولم يقتصر الصراعُ على الخلافِ الجدلي بل امتدَّ إلى ميادينِ القتال، وتصفيةِ العسكريين والمدنيين في بعض الأوقات
وأثناء تأزمِ العلاقات بين العثمانيين والصفويين اشتدت التحالفاتُ العالمية ضدَّ السلطنةِ العثمانية، فطَلَبَ الصفويون من المماليك التحالُفَ معهم ضِدَّ العثمانيين، وتآمروا مع الأمير أحمد ضدَّ والدِه السلطان أبايزيد الثاني، ثم ضدَّ أخيهِ السلطان سليم، وحركوا أتباعَهم لتدمير السلطنة العثمانية من الداخل كُلَّمَا لاحت لهم بوادِرُ ضَعْفِ السلطنة العثمانية، وتآمروا مع الدول الأوروبية ضدّ العثمانيين، ومرّتْ وفودُهم التي قابلت البابوية في الأراضي المملوكية، وعلِم العثمانيون بكل تلك المؤامرات فلما تمكَّن السلطانُ سليم من ترتيب جبهتِه الداخلية طهَّرها ورتَّبَ هدنةَ الجبهةِ الغربية ثمَّ قرَّر القضاءَ على الخطر الصفوي.
فأرسل السلطان سليم طلائعَ قواتِ الاستطلاع السري نحو الأناضول، وألبسَهم ثياب دراويشِ البكتاشية وقزل باش، واخترقوا التنظيمات السرية، فاكتشفوا الخلايا الكثيرة التي أعدّها الصفويون لِلفتكِ بالجيش العثماني، وقَطْعِ خطوطِ الإمداداتِ بعد عبور الجيش من مناطقِهم، وقام عناصرُ المخابراتِ العثمانية وقواتِ الاستطلاع السري بحصرِ أعدادِ وأماكنِ عملاءِ الصفويين والمماليكِ والأوروبين، وقُدِّمت المخابراتُ العثمانيةُ كافةَ المعلومات للسلطان سليم الأول، فوضع خطَّةً مُحكمة لتصفيتهم أثناءَ عبوره في مناطقِهم، وأوكلَ تلك المهمةَ للقوات الخاصة التي عُرفت منذ فتنةِ تيمورلنك بالصولاغية: ومفردها: صولاغ، وهي الحرسُ الخاصُّ المرتبطُ بالسلطان مباشرةً. وقد نفذ الصولاغيةُ مهمتهم بإبادة الذين ثبتت علاقاتهم بأعداء السلطنة العثمانية،
وعَرَضَ السلطانُ أوضاعَ العلاقاتِ العثمانية الصفوية السيئة على شيخ الإسلام علاء الدين بن أحمد (الأقسرايي الرومي القره ماني)، المشهور بزنبيلي أفندي، وقدم له كافة المعلومات حول تآمر الصفويين مع الأوروبيين واستباحتِم للحرمات، ونشرهم للبدع المخالفة للشريعة الإسلامية، وطلب السلطانُ الفتوى الشرعيةَ من شيخ الإسلام لكي يتصرّفَ تصرفاً شرعياً بناءً عليها، وقد وجَّهَ السلطانُ إلى شيخ الإسلام السؤالَ التالي: "إذا أراد قائدٌ مُسلِمٌ أنْ يستأصِلَ كافَّةَ الْمُلحدين بِمُساعدَةٍ جماعةٍ هُم أيضاً يُعانون من طاغيةٍ، ومَنَعَ هذا القائدُ مِنْ ذلك، فهَل يكونُ مُباحاً قتلُ هذا الطاغية، واستباحةُ أملاكِهِ؟ "
وكان جوابُ شيخ الإسلام: "نعم يجوز قتلُ الطاغيةِ المتآمر مع الملحدين". وارتاح السلطانُ سليم للفتوى، واتخذ كافةَ الاستعدادتِ للمعركة المصيرية مع الصفويين، وانطلق في الثاني والعشرين من محرم سنة تسعِ مئةٍ وعشرين للهجرةِ الموافقة لسنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد، وكان انطلاقُ السلطان سليم من مدينة أدرنة على رأسٍ جيش جرار، ومسلَّح بأحدثِ الأسلحة النارية بما فيها البواريدُ والمدفعية بصنوفِها الخفيفةِ والثقيلة، واتجه من مدينة أدرنة شرقاً على طريق جده محمد الفاتح، فوصل وتجاوز القسمَ الأوروبي من العاصمة إسطنبول، وعَسْكَرَ في القسم الآسيوي بمنطقة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/243)
أُسْكُدَار، فاستكمَلَ قواته البرية والبحرية، وانطلقَ الأسطولُ البحريُّ المشحون بالأسلحة والعتاد والتموين شمالاً عابراً مضيقَ البوسفور، فدَخَلَ البحرَ الأسود، واتجه شرقاً نحو مدينة طرابزون، وتابع السلطانُ مسيرتَه شرقاً على طريق جده محمد الفاتح الذي اتجه شرقا وانتصر على حسن أوزون جد الشاه إسماعيل الصفوي، وعلى خُطا الأجداد سار الأحفادُ،
وغادر السلطان أسكدارَ مع القوات البرية في الثالث والعشرين من شهر نيسان/ إبريل سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد، فوصل إلى مدينة قونيا التركيةِ في أول حزيران/ يونيو، فاستراح السلطان والقوات مدة ثلاثة أيام، ثم تابع المسيرَ إلى مدينة سيواس التي تكثُرُ فيها الخلايا السريةُ؛ فترك فيها قوّةً مُكونة من أربعين ألفَ مقاتلٍ لحمايةِ المنطقة، وتأمين خطوطِ الإمداداتِ، وتطهيرِ المنطقة من القوى الموالية للصفويين، وواصلِ السلطانُ مسيرَه شرقاً، ومعه مئةُ ألفِ مقاتل، فوصل إلى مدينة أرزنجان التركية في الرابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو، ووصلتْ إليه بَراًّ المهماتُ التي نُقلت بحراً من إسطنبول إلى طرابزون، وبعدَ ترتيبِ أمورِ الجيش، تابع المسيرَ، فوصلَ إلى مدينةِ أرض روم في الخامس من شهر آب/ أغسطس،
ووجدَ السلطانُ سليم أن عملاءَ الصفويين قد حرقوا جميعَ المحاصيلِ الزراعية والقرى على الطريق التي يسلِكُها الجيشُ العثماني من أرزنجانَ إلى تبريز لحرمانه من أية إستفادةِ من الموارد المحلية، وقد تمّ تنفيذُ تلك الحرائق بإشراف التركماني الأناضولي الباطني "محمد خان أُسطا جالو" الموالي للشاه إسماعيل الصفوي، وانسحب الصفويون شرقاً لاستدراجِ الجيش العثماني وإنهاكِه ثم الانقضاضِ عليه.
ورُغم المشقّة أمرَ السلطانُ سليم الجيش بمتابعة المسير، فبدأ تذمُّرُ الإنكشاريينَ البكتاشيين بدعوى طولِ مدّة الحملةِ، وازداد التذمُّرُ في المنطقةِ الواقعة بين أرزنجان وأرضروم حيث يكثرُ الباطنيون، وتطوَّر التذمُّرُ إلى محاولة اغتيالِ السلطان سليم حيث أطلقَ الإنكشاريون البكتاشيون النارَ على خيمة السلطان، فأصابوها لكن السلطانَ نجا، وامتطى صهوة جواده المسمى: قره بولوت، أي: الغيم الأسود، وابتعد به الجوادُ عن الخيمة، ثم قامت الحراسةُ الخاصة "الصولاغية" بإلقاءِ القبضِ على الْجُناةِ الخونة، وشكَّل السلطانُ سليم محكمةً ميدانة حكمت بإعدامِ الخونة، وصدّق السلطانُ سليم على حكم الإعدام فأُعدِم الإنكشاريون الخونة إعداماً شرعياً، ولم يمثلِ المسلمون بأجسادهم، وقامت قواتُ "الصولاغ" بملاحقةِ العناصرِ الموالية للصفويين وتصفيتِها وتطهيرِ المنطقة منها لتأمينِ حماية القوات الخلفية للجيش العثماني.
ثم غادر الجيشُ العثماني مدينةَ أرض روم، و تقدَّم باتجاه مدينةِ تبريز الإيرانية عاصمةِ التركمانِ الصفويين، وسار عدَّة أيام دون أن يَجِدَ أثراً للصفويين الذين أرادوا خديعتَه بالتراجُع المخطَّطِ له بانتظار أنهاكِ الجيش العثماني، ثم الانقضاضِ عليه، ولكن السلطانَ قرَّرَ الالتفافَ على تبريزَ عاصمةِ الصفويين التركمان، فاستمرَّ في تقدُّمِهِ، ووصلَ قصَبة "بيازيد الشرقية: دوغو بايزيد" ثم تجاوزها إلى آذربيجان، واتَّجَهَ نحو الجنوب الغربي، ورافق ضفافَ نهر زنكما حتى وصل في الثاني والعشرين من شهر آب/ أغسطس سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد إلى صحراء جالدران إلى الشرقِ من تبريزَ بين بحيرة إرمية وتبريز؛ قرب ماكو الواقعة إلى الجنوب الشرقي من جبل آغري مسافةَ خمسين كيلو متراً.
وهنالك عقد السلطانُ سليم مجلساً حربياً مساء الثاني والعشرين من شهر آب / أغسطس، وقرَّر مباشرةَ القتال في صباح اليوم الثالث والعشرين منه، ونُفِّذت الخِطةُ التعبوية للجيش العثماني الخُماسي، فكان موقعُ السلطان في القلب، ومعه الصدرُ الأعظم الداماد أحمد باشا هرسك زادة، وقاد الجناح الأيمن والي الأناضول سنان باشا، ومعه والي قره مان زينل باشا، والخيالة "سُباهيو التيمار الأناضولي" وقاد الجناح الأيمن والي رومللي البيلربك حسن باشا ومعه الخيالة "سُباهيو تيمار رومللي" وكانت فرقةُ مشاةِ الإنكشارية الثقيلة المجهزة بالبنادق مع المدفعية في المؤخرة، وكانت فرقة صاعقةِ رومللي الخيالةِ المسلحةِ في المقدمة. وكانت وحداتُ المشاة العثمانية الخفيفة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/244)
"العُزب" مسلحةً بالبنادق أيضاً وموزعةً ضِمن الجيش توزيعاً متناسقاً.
وكان الجيشُ الصفوي مُعَسْكِراً بشكل تعبوي في جالديران قبلَ وصولِ الجيش العثماني، وبذلك يكون هو الذي اختارَ ميدان المعركة السهلي ليتيحَ فرصةَ المناورةِ والمباغتة لقواتِ الفرسان التركمان الذين يعتمِدُ عليهم الشاه إسماعيل. ولم يكن تشكيلُ الجيش الصفوي خُماسياًّ، بل يتكون من جناحين فقط، وكان الشاهُ في الجناح الأيمن من جيشه، وكان قائدُ الجناح الأيسر والي ديار بكر التركماني محمد خان أُسطا جالو، وكان عددُ الجيش الصفوي نحو مائة ألف مقاتل أكثرهم من الخيالة التركمان.
والتقى الجيش العثماني بالجيش الصفوي في جالديران في الثاني من رجب سنة تسعِ مئةٍ وعشرين للهجرة الموافقة لسنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد، وبدأ هجومُ صاعقةِ رومللي العثمانيين الخيالةِ بشكل أدهشَ الصفويين، ثم أمرَ السلطانُ بفتح الجناحين على شكلِ هلالٍ مُقلداً بذلك جدَّه السلطان محمد الفاتح يرحمه الله، ثم فتحت المدفعيةُ العثمانية نيرانَها على الصفويين فبدأ تساقطُهم بالآلاف، ثم أمرَ السلطانُ بإغلاقِ الجناحين، وقدَّم فرقةَ الاحتياطِ إلى الأمام، وأمرَ بالهجومِ على مركز الجناح الصفوي الأيمن للقضاءِ على الشاه إسماعيل الذي قتلَ أمَّه بالسيف لأنه لم تتبع نحلتَه، فجُرحت يدُ الشاه ورِجلُه، فخاف الوقوعَ بيد السلطان سليم الذي كان يتوعدُهُ بقصاصةِ وألبس الشاهُ ثيابَهُ لشبيهٍ له من أتباعهِ الصولاغيين الصفويين وولى هارباً من ميدان المعركة، ولما وصلَ العثمانيون إلى مكانهِ صرخ شبيهُهُ: أنا الشاهُ، فانشغل العساكرُ العثمانيون باعتقاله ثم تبيَّن أنه شبيهٌ مزيفٌ للشاه إسماعيل الصفوي، وقُتِل قائدُ الجناح الصفوي الأيسرِ محمد خان، والصدرُ الأعظم الصفوي الباقي بك، وقاضي العسكر الصفوي سيد حيدر ووالي بغداد الصفوي خلفاء بك تركمان أوغلى، ووالي عراقِ العجم وإنطالية وهمدان يكان بك،
واستشهدَ من العثمانيين واحدٌ برتبة باشا وتسعةُ قادةِ سناجقَ برتبة قائد لواء، وقُتِل عشراتُ الآلاف من عساكر الطرفين، ولكنَّ العثمانيين انتصروا وهربَ الصفويون، فأسروا منهم الآلافَ، ودخل السلطان سليم عاصمتَهم تبريز في الرابع عشر من رجب سنة تسع مئة وعشرين للهجرة في الخامس من أيلول/ سبتمبر سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمسَ عشرةَ للميلاد، وفي اليوم الثامن من أيلول أقيمتْ صلاةُ الجمعة في تبريز حسبَ الشعائر الإسلاميةِ السُّنية وتمّ الدعاء بالنصر للسلطان سليم، واستولى السلطانُ على الخزائن الصفوية، وجلب إلى إسطنبول تختَ الشاه إسماعيل المصنوعَ من الذهب الخالص، ومازالَ ذلك التحتُ موجوداً في مُتحف طوب قابي حتى الآن، وأمر السلطانُ بنقل الخزائن الصفوية مع مئاتِ الفنانيين والشعراءِ والعلماءِ والصناع والحرفيين من تبريز إلى اسطنبول، فألحق صُناعِ الخزف بمصانعِ إزنيك المشهورة،
وبقي السلطانُ في تبريز تسعةَ أيامٍ لتنظيم أمورٍها، ثم تعقَّب الشاهَ حتى ضفافِ نهر الرسّ، ولكنه لم يتمكّنْ من القبضِ عليه، وأقبلَ فصلُ الشتاء ببرده القارس، فتذمر بعضُ الإنكشاريين البكتاشيين، فاستراحَ السلطانُ سليم الأول ثمانيةُ أيام، وعزلُ بيقلي من الصدارة العظمى، ونصَّبَ مكانه خادم سنان باشا في تشرين الأول/ أكتوبر، ثم عاد السلطان إلى مدينة أماسيا فشتّى فيها، وفي الربيع رجع السلطان إلى بلاد العجم ففتح قلعة "كوماش: كُماخ" في أيار/ مايس سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمسَ عشرةَ للميلاد، ثم عاد إلى سيواس. وترك السلطانُ سليم قادةَ الجيوش العثمانية لتنفذِ مُهمات الفتوحات التي أعطاها لهم، وعلِمَ بالتحركات الأوروبية على جبهةِ البلقان تنفيذاً لاتفاقِهم مع الشاه إسماعيل على فتحِ الجبهتين معاً، فغادرَ السلطانُ سيواسَ عائداً إلى اسطنبول ليكونَ قريباً من الجبهة الغربية، وأخذَ معه الإنكشاريةَ المتذمرين ثم اعتقلَ كبارَ ضباطِهم وحقَّقَ معهم، ولما تبَيَّنَ له تآمرُهم مع الصفويين نفَّذَ بهم حُكمَ الإعدام كي لا تتكررَ الحادثةُ، كما أعدَم قاضي عسكر الإنكشارية جعفر الجلبي لأنه كان المحرِّكَ الأساسيّ لتذمُّر الإنكشارية بسبب ارتباطاتهِ الخيانيةِ السِّرِّيَّةِ بالصفويين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/245)
ولم تحصل تلك الأمورُ من فراغٍ محليٍّ أو عالمي، فقد تولى البابوية "بولص: يوليوس الثاني" من سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وثلاثٍ للميلاد، واستمرّ حتى سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وثلاثَ عشرةَ للميلاد، وفي عهد بابويته عقدَ المجمعَ البابوي وشكلَ "العُصبة المقدسة" سنة تسع مئة وسبع عشرة للهجرة الموافقة لسنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وإحدى عشرةَ للميلاد، وضمّت تلك العصبةُ البابا وفرديناندو ملكَ إسبانيا وهنري الثامن ملكَ الإنكليز، وتعصبت البابوية وبريطانيا وإسبانيا والمانيا ضدَّ ملكِ فرنسا لويس الثاني عشر، وبدأتِ الحربُ بين الفريقين مما خفَّفَ الضغطَ الأوروبيَّ على الجبهة العثمانية الغربية، ولكنَّ البابا رحلَ، وانتخب مجمعُ الكرادلةِ البابا لاون العاشر، فتولى البابوية حتى سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وإحدى وعشرين للميلاد، واتفق البابا مع الصفويين، ودعا الدول الأوروبيةَ إلى عقدِ الهدنة فتمت اتفاقيةُ لندن بين الملك الفرنسي وأعدائه سنة تسع مئة وعشرين للهجرة الموافقة لسنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد، وبذلك طُويت صفحةُ حروبِ الخمسَ عشرةَ سنةً بين الفريقين الأوروبيين، ودعا البابا الجميعَ إلى محاربة العثمانيين، وطلب من الملك الفرنسي لويس الثاني عشر"الملقب بأبي المِلة الكاثوليكية" أن يقودَ الحملة، ولكن دعوتَه لم تلقَ التلبيةَ المناسِبة بسببِ موتِ الملك الفرنسي لويس الثاني عشر آخرِ ملوكِ فرع أورليان، وانتقلَ مِلكُ فرنسا إلى صهرِهِ فرنسوا الأول "السمين"، فنقض الهدنةَ وحاربَ السويسريين وانتصرَ عليهم في معركةِ "مارنيان" التي استمرت من الثالث عشر حتى الرابع عشر من أيلول/ سبتمبر سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمسَ عشرةَ للميلاد، وخسر السويسريون خمسة عشرَ ألف قتيلاً، ثم توسَّط البابا بالصلح، وعُقدت معاهدةُ صلحِ "كونكودات؛ أي: المعاهدة الكنسية" وحَلّت محلَّ معاهدةِ "العصبة المقدسة" ثم كرَّر البابا لاون العاشر دعوةَ الدول الأوربية إلى حربِ العثمانيين واستغلال فرصة انشغالهم بحروب الصفويين على الجبهة الشرقية سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمسَ عشرةَ للميلاد، فراسَلَ ملكُ المجر لاديسلاس، فاستجاب لطلب البابا وقبضَ منه مبلغَ خمسين ألف دوكا ذهبية، وهاجم مدينة بلغراد عاصمة صربيا، ولكنه هُزم عسكرياًّ حيث تصدّى له سنجق بك سمندرة العثماني وردّ المجريين على أعقابهم. ثم قابل البابا ملكَ فرنسا فرانسوا الأول في مدينة بولونية الإيطالية وحرَّضه على قتالِ العثمانيين دونَ جدوى، ثم راسلَ ملكَ البرتغال ودعاه لحربهم أيضاً، ولكن دعوتَه لم تلقَ التعاون المطلوبَ بسبب الخلافاتِ الأوروبية بين أتباعِ "الإمبراطور كارلوس الخامس: شارلكان وريثِ تاجِ مكسيم ليانوس الألماني وتاجِ فرديناندو الإسباني" وفرانسوا الأول مما أوقع بينهما أربعَ حروبٍ دموية على الأراضي الإيطاليةِ وغيرِها، وتلك الحروبُ ضيعت فرصَ التعامُل الصفوي – الأوروبي المشترك، وخدمتِ العثمانيين خدمةً جليلة، وأسفرتْ بعد ذلك عن تحسُّن العلاقاتِ الفِرنسية العثمانية ضدَّ إسبانيا وأتباعِها بعقد معاهدة سنة تسع مئة وتسعٍ وثلاثين للهجرة، الموافقة لسنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ واثنتين وثلاثين للميلاد، في عهد السلطان سليمان القانوني بن السلطان سليم الثاني.
ولما ازداد الخطرُ الأوروبي على الجبهة الغربية والجبهة الإفريقية ترَك السلطانُ سليم مُهمَّة الفتوحات الشرقية لِقادة القوات العثمانية الميدانية، وأرسلَ حملةً بقيادة الصدر الأعظم سنان باشا إلى إمارةِ ذي القدرية فألحقها بالحكم المباشر وأصبحت إيالةً عثمانية، ولكنه ولّى عليها ابنَ عَمِّ أُمِّهِ علي باشا ذي القدرية برتبة بيلربيك، واستردّ والي أرزنجان محمد باشا بيقلي مدينة آمُد من الصفويين وقُتل واليَها التركماني – الصفوي قره خان أُسطا جالو، وأباد بيقلي محمد باشا وأغواتُ الأكرادِ الشافعية الجيشَ الصفويَ الذي كان في ديار بكر وقتلوا قائدَه "قره خان أسطا جالو" في معركة قوجه حصار سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وستَّ عشرةَ للميلاد، وأصبح بيقلي محمد باشا أولَ والٍ على إيالة ديار بكر العثمانية التي رحَّبت بالعثمانيين الذين أنقذوها من جرائم الصفويين، وتمَّ تعيينُ المؤرخ الكردي إدريس البدليسي معاوناً للوالي ومندوباً سامياً للشؤون المدنية في المناطق الكردية. وفي السابع من نيسان/ إبريل فتح بيقلي محمد باشا مدينة ماردين وهَرَبَ الصفويون شرقاً، ثم ضمَّ ميناء "بيره جك" على نهر الفرات، وفتح حصن كيفا "قلعة حسن كيف" الأيوبية لكنَّ السلطان سليم أمرَ بتركِها للأيوبيين إكراماً للبطل صلاح الدين الأيوبي، وفتح بيقلي أورفة، والرقة، والموصل، فأصبحت القوات العثمانية على حدود المماليك الشمالية مباشرةً وبدأت المناوشات الحربيةُ بين العثمانيين والمماليك الذين كان متحالفين مع الصفويين وأوروبا ضد المسلمين العثمانيين
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/246)
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[01 - 02 - 09, 12:14 ص]ـ
...............(144/247)
هل هناك إحصائيات حول حروب الردة؟
ـ[الباريكي]ــــــــ[10 - 01 - 08, 03:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء من الإخوة الكرام من لديه إحصائيات حول حروب الردة
أن يدلني عليها أو الكتاب الذي أجدها فيه
وهل هناك كتب إلكترونية لمعاصرين تتحدث عن الردة
مثل كتاب الدكتور: شوقي أبو خليل(144/248)
الفسطاط (المجلة التاريخية)
ـ[العوضي]ــــــــ[10 - 01 - 08, 09:34 م]ـ
http://www.fustat.com/
ـ[الخريبكي]ــــــــ[17 - 01 - 08, 06:07 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[العوضي]ــــــــ[11 - 04 - 08, 08:08 م]ـ
وإياك - حفظك الله -(144/249)
إحراق طارق بن زياد للسفن أسطورة – لا تاريخ! ?
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[11 - 01 - 08, 10:31 م]ـ
إحراق طارق بن زياد للسفن أسطورة – لا تاريخ! ?
الدكتور: عبد الحليم عويس
- قضية إحراق طارق للسفن في المصادر التاريخية.
لم تحض قضية من قضايا التاريخ الإسلامي الأندلسي باهتمام المؤرخين واختلافهم , وجنوح بعضهم - في ثقة واطمئنان – إلى الرّأي المثبت , وجنوح آخرين – في ثقة مماثلة – إلى الرّأي المنفي , مثلما حظيت قضية إحراق طارق بن زياد للسفن , التي عبر عليها جنوده إبان فتحه إسبانيا (رجب –رمضان 92هجرية /يونيو 711 ميلادية).
فبعض المؤرخين الذين ينتمون إلى أزمنة مختلفة وأماكن مختلفة يتجاهلون قصة إحراق طارق للسفن , ويتحدثون عن الفتح دون أدنى إشارة إليها – على ما سنفصله فيما بعد - وكأن شيئ لا أصل له , وبعضهم في المقابل يتناولون قصة (إحراق طارق للسفن) وكأنها حقيقة ثابتة لا تحتاج إلى الوقوف عندها ولا إلى ذكر إدلة على وقوعها , وبالتالي فهم يعرضونها بطريقة تقريرية , ويعتبرونها مفخرة من مفاخر الفتوحات الإسلامية , وعملاً بطولياً شجاعاً يدل على روح الفداء والا ستشهاد التي عرف بها المسلمون والعرب في عصر الفتوحات الإسلامية الأولى!.
ولقد ذاع الرّأي (المثبت) القصة إحراق السفن , وشق طريقه في الفكر التاريخي , وكأنه حقيقة مسلّم بها , مع أنّه لم يظهر إلاّ بعد مرور أربعة قرون ونصف القرن من تاريخ الفتح الإسلامي لأسبانيا , إذ لم يشر إلى قصة إحراق السفن هذه أحد من المؤرخين القدماء , سواء من المدرسة التاريخية المصرية التي أرخت للأندلس خلال القرن الثالث الهجري وهي مدرسة ابن عبد الحكم المؤرخ المصري , صاحب كتاب " فتوح مصر والمغرب والأندلس " وعبد الملك بن حبيب الذي عاش في مصر , وإن كان أندلسي الأصل , وصاحب كتاب " مبتدأ خلق الدنيا " المغرب بتاريخ عبد الملك بن حبيب - أم من المدرسة التاريخية الأندلسية التي ظهرت في القرن الرابع , وهي مدرسة أبي بكر محمد القرطبي المعروف بابن القوطية (ت 376هجرية) وصاحب كتاب "تاريخ افتتاح الأندلسي " ... ولم ترد عند آل الرازي - أحمد بن محمد وعيسى ابنه - وابن الفرضي _ (403هجرية) صاحب " تاريخ علماء الأندلس " والخشني صاحب كتاب " قضاة قرطبة " فكل مؤرخي القرن الرابع هؤلاء لم يظهر أثر للقضية في كتابا تهم!!
وحتى مع ظهور المدرسة التاريخية المغربية والأندلسية المتألقة في القرن الخامس الهجري , تلك التي قدمت لنا عدداً كبيراً من أعلام المؤرخي الأندلسيين من أمثال شيخ مؤرخي الأندلس أبي مروان بن حيان القرطبي صاحب المقتبس " ... , وابن حزم الأندلسي صاحب " نقط العروس " و " طوق الحمامة " و " جمهرة أنساب العرب " و " كتاب المفصل " وعدد كبير من الرسائل , وكلها مطبوعة موجودة , والحميدي صاحب " جذوة المقتبس " وصاعد صاحب " طبقات الأمم " و الطرطوشي صاحب " سراج الملوك " والرقيق القيرواني صاحب " تاريخ إفريقية والمغرب " وغيرهم.
حتى مع ظهور هذه المدرسة المغربية والأندلسية المتميزة والمستوعبة فإنه لم يظهر في تراثها أثر القصة إحراق السفن التي نسبت إلى طارق بن زياد في فتحه للأندلس.
ومن الجدير بالذكر أن مصادر القرن السادس للهجرة – المعاصرة - للإدريسي وابن الكردبوس القائلين بقصة لإحراق - لم تورد هذه القصة أيضاً – فلم تظهر القصة عند ابن بسّام الشنتريني صاحب " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة " ولا عند ابن بشكوال صاحب " الفهرست "
كما أن القصة لم تظهر عند لا حقيهم من مؤرخي القرن السابع , فليس لها أثر في موسوعة ابن عذاري المراكشي " البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب " و " المعجب في تلخيص أخبار المغرب " لعبد الواحد المراكشي و " الذيل والتكملة " لمحمد بن عبد الملك المراكشي , و " التكملة والحلة والسيراء " لابن الأبار , ومحمد بن علي الشباط المصري التوزي صاحب " صلة السمط وسمة المرط " وهي لم تظهر كذلك عند مؤرخي القرن الثامن الهجري وعلى رأسهم علامة المغرب عبد الرحمن بن خلدون , ولسان الدين بن الخطيب.
فهل يمكن أن يتجاهل جميع هؤلاء المؤرخين المغاربة الأندلسيين - خلال هذه القرون - قصة هذا شأنها في تاريخهم ??.
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[14 - 01 - 08, 05:07 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/250)
من هو أقدم من ذكر هذه الحادثة (سواء أصحت أم لا)؟
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[14 - 01 - 08, 10:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الدكتور: عويس:
ظهور رواية إحراق السفن:
ليس من المعقول –كما يقول الدكتور محمود مكي – أن يخفى هذا الخبر الهام على كل
المؤرخين السابقين , فلا يعرفه إلاّ الإدريسي أبو عبد الله محمد , الذي توفي سنة 560
هجرية , وألف كتابه " نزهة المشتاق " سنة 548 هجرية , ومعاصره أبو مروان عبد
الملك بن الكردبوس الذي لم تعرف سنة وفاته , على خلاف في أيهما سبق الآخر وأخذ
عنه , وهو خلاف لا طائل وراءه فهما متعاصران , وإن كنّا نميل إلى سبق الإدريسي ,
لأنه أكثر تفصيلاً , وعنه أخذ الحميري محمد بن عبد الله صاحب " الروض المعطار "
وهو الثالث الذي تبعهما في ترديد هذه الرواية , كما أن من المرجح أن يكون ابن
الكردبوس قد توفي نهاية القرن السادس الهجري , ويكون ثمّة احتمال بسبق الإدريسي
عنه في الزمان حتى وإن تعاصرا يقول الإدريسي: (كما جاوز طارق بمن معه من
البرابر وتحصّنوا بهذا الجبل , أحسّ في نفسه أن العرب لا تثق به , فأراد أن يزيح ذلك
عنه فأمر بإحراق المراكب التي جاز عليها فتبرأ بذلك عمّا اتهم به).
وعن الإدريسي - كما سنرى – أخذ الحميري ... فأورد في " الروض المعطار " قوله:
(وإنما سمي بجبل طارق لأن طارق بن عبد الله لما جاء بالبربر الذين معه تحصّن بهذا
الجبل , وقدّر أن العرب لا ينزلونه فأراد أن ينفي عن نفسه التهمة فأمر بإحراق المراكب
التي جاز فيها فتبرأ بذلك مما اتهم به).
والتشابه بين النصين واضح لا يحتاج إلى تعليق , أما ابن الكردبوس فقد جاءت عبارته
مقتضبة في كتابه " الإكتفاء في أخبار الخلفاء " وذلك عندما عقّب على المعركة التي
خاضها المسلمون بقيادة طارق في فتح الأندلس: (معركة شذونة أو وادي لكة أو
وادي البيرباط) بقوله: (ثم رحل طارق إلى قرطبة بعد أن أحرق المراكب وقال
لأصحابه: قاتلوا أو موتوا).
وتعتبر هذه النصوص الثلاثة التي وردت عند الشريف الإدريسي والحميري – الناقل عن
الإدريسي – وابن الكردبوس , هي الأصل الذي اعتمدت عليه كل المصادر التاريخية
والأدبية التي أشارت إلى قصة الإحراق.
ولا أثر للقصة – كما يثبت رصدنا هذا الذي حاولنا أن يصل إلى درجة الحصر – في
بقية المصادر الأندلسية الأصلية - سواء تلك التي سبقت هذه المصادر أو التي لحقتها
حتى نهاية القرن الثامن الهجري.
ـ[ابن زياد الأثري]ــــــــ[20 - 01 - 08, 02:50 م]ـ
السلام عليكم.
و مما يثير الشكوك حول رواية إحراق طارق رحمه الله للسفن النقاط التالية:
- طارق رحمه الله كان قائد الجيش الفاتح للأندلس و هو تحت إمرة موسى بن نصير والي شمال أفريقيا انذاك. فكيف لطارق أن يُقدم على إحراق السفن دون استشارة قائده موسى و هو أمر فيه تهلكة للجيش. و كيف لم يُعلق الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين على هذه الحادثة و لم يطلب توضيحا من موسى. و لماذا لم يعلق العلماء على هذه الحادثة و يبينوا حكم الإسلام فيها.
- رواية إحراق السفن عمل الأروبيون على نشرها و ذلك لتفسير انتصار 12 ألفا من المسلمين المشاة على 100 ألف من الفرسان النصارى في عقر دارهم. و كأنهم يريدون القول أن المسلمين ما كان طلب الشهادة هدفهم و إنما وجدوا أنفسهم محاصرين بين البحر و العدو فاستماتوا في الدفاع عن أنفسهم حتى انتصروا , و إلا فلو كانت السفن لركبوها و عادوا. و في هذا نفي للعامل الإيماني الذي كان وراء نصر الله للمسلمين و إثبات للعوامل المادية.
- طارق هو قائد محنك و بارع. فماذا يحدث لو قام فعلا بإحراق السفن ثم انهزم الجيش المسلم و هو بهذا قد قطع خط الرجوع و الإنسحاب لجيشه إلى المغرب. إن هذا فيه تهلكة للمسلمين و مغامرة لا يرتكبها رجل في ورع و تقوى و علم طارق ابن زياد.
- بعض السفن التي ركبها جيش طارق كانت لحاكم سبتة يوليان الذي أجّرها للمسلمين حتى يعبروا للأندلس ثم يرجعوها له. فكيف يحرق طارق ما لا يملك؟
ـ[حسن العبيدي]ــــــــ[31 - 01 - 08, 11:58 ص]ـ
من المعروف ان طارق ابن زياد قائد بارع في فنون الحرب والتي من اهم مبادئها تامين خطوط امداد وانسحاب الجند من والى ساحة العمليات ,وعليه لا يعقل ان يقوم بحرق المراكب التي تعتبر وسيلة الامداد والانسحاب الوحيدة من وجهة نظر فن الحرب
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[09 - 01 - 09, 05:30 م]ـ
للشيخ مشهور سلمان حفظه الله بحث حول عدم صحّة هذه القصة أودعه في " قصص لا تثبت " (الجزء الثالث).
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[10 - 01 - 09, 12:40 ص]ـ
الله المستعان
أحرقها أم لم يحرقها
ماذا يستفيد المسلمون الآن من ذلك؟
وهل يدخل تحت هذا كبير عمل؟
وأين الأندلس الآن ذهبت في خبر كان [كأن لم تغن بالأمس]
والله الهادي لا غيره ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/251)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[10 - 01 - 09, 03:01 ص]ـ
رابط مشابه للموضوع
القائد المجاهد طارق بن زياد بين الروايات المتناقضة؟! ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=158635)(144/252)
القبائل الربعية (ربيعة بن نزار)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[13 - 01 - 08, 10:39 ص]ـ
الحمد لله وكفى وسلام على النبي العدناني المصطفى وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
أما بعد: فهذا جزء من بحثي عن الأنساب العدنانية وهذا الجزء مخصص للقبائل الربعية العدنانية
(كتبه: ناجي بن تركي الهجاري)
قبائل ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان
قال القلقشندي: بنو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، والنسبة إليهم: ربعي، ويقال له: ربيعة الفرس، لأن الذي أصابه من ميراث أبيه بوصية أبيه الخيل.
كان له من الولد: أسد، وضبيعة، وعمرو، وأكلب، وخلف، وخثعم.
قال في العبر: وديارهم بين اليمامة والبحرين والعراق.
قال في مسالك الأبصار: وبالرحبة قوم من ربيعة.
قلت: وببلاد أسوان من الديار المصرية قوم منهم.
ومن ربيعة هذا: أسد، بالضبط المعروف.
وهم: بنو أسد بن ربيعة.
وكان لأسد من الولد: جديلة، وعنزة، وعميرة.
قال أبو عبيد: وقد دخلوا في عبد القيس.
ومن أسد هذه: عنزة، بفتح العين المهملة والنون والزاي المعجمة وهاء في الآخر وهم بنو عنزة المقدم ذكره. قلائد الجمان
قال الحازمي: ومن ينسب إلى أسد بن ربيعة فأكثر ما يقال فيه الربعي.
كتاب عجالة المبتدي
وقال غيره:أسد بن ربيعة بن نزار وهو الجد الأكبر ولا ينسب إليه وإنما يقتصر في النسبة على أولاد مثل عنزة وضبيعة الأضجم وعبد القيس والنمر بن قاسط وبكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار
قال أبو عمرو بن العلاء: جاء الإسلام وأربعة أحياء قد غلبوا على الناس كثرة: شيبان بن ثعلبة، وجشم بن بكر بن تغلب، وعامر بن صعصعة، وحنظلة بن مالك، فلما جاء الإسلام خمد حيان وطما حيان، طما بنو شيبان وعامر بن صعصعة، وخمد جشم وحنظلة. الانباه
قال هشام بن محمد الكلبي: أول بيت كان في ربيعة بن نزار كانت فيه الرياسة والحكومة واللواء والمرباع يكون ذلك كابرا عن كابر، ويتوارثونه لا ينازعون فيه: ضبيعة بن ربيعة بن نزار، فذكر من كان يلي ذلك منهم، وقال: ثم تحولت الرياسة والحكومة من ضبيعة بن ربيعة إلى عنزة بن أسد بن ربيعة، واسم عنزة: عامر بن أسد، ثم تحولت إلى عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
قال: ثم خرج ذلك كله عنهم إلى النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، فكانت فيهم الرياسة واللواء والحكومة والمرباع.
قال: فلما تحولت الرياسة إلى النمر بن قاسط وليها منهم الضحيان، واسمه عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط، فكان صاحب مرباعهم، فذكر القصة في أخذهم المرباع، ثم قال: وإنما سمي الضحيان، لأنه كان يقعد للقوم في الضحاء ويحكم بينهم. الانباه لابن عبد البر
معاني بعض الأسماء في نسب ربيعة واشتقاقتها:
1) فأمَّا ربيعةَ بن نِزار فالرَّبيعة: الصَّخرة التي تُربَع وتُحمَل باليد. والرَّبيعة: البيضة من حديد. والربيعة: الهواء الذي بين أُثفِيِّتَي القِدر. والرَّبيع من الزمان معروف. والمَربَع: الموضع الذي يَنزِله القومُ. وناقةٌ مِرباعٌ: تُنْتج في الرَّبيع، فولدها رُبّع. ورَبَع في المكان، إذا أقامَ به. وخيلٌ مَرَابيعُ من قولهم: رجل مربوعٌ ورَبْعةٌ. والرَّبْعة: حَيٌّ من الأزْد. ورجلٌ مربوع: نأخذُه حُمَّى الرِّبع.
2) من قبائل بني ربيعة: ضُبَيعة بن أسَد بن ربيعة. وضُبَيعة: تصغير ضَبْع. والضَّبْع: ضربٌ من سير الإبل. ضبَعَ البعيرُ يضبَعُ ضبعةً شديدة، إذا عَدَا. وأضْبَعه صاحبُه. وضَبْعَا الرجلِ: مَنكِباه. أخذَ بضَبْعيه، إذا أخذَ بمَنكِبَيه. ويقال: أصابنا مطرٌ جارُّ الضَّبع، إذا كان شديداً. والضَّبُعُ: السنة المُجْدِبة. قال الشّاعر، العبَّاس بن مرداس:
أبا خُراشةَ أَمَّا كُنتَ ذا نفرٍ ... فإِنَّ قوميَ لم تأكُلْهم الضَّبُعُ
والضِّبْعان: ذكَر الضَّبُع. ويجمع ضباعٌ على غير القياس. ولا يقال ضَبَاعِين.
3) قبائل ضُبَيعة: أحْمَس. والحَمْسَ: الشدَّة. يقال: حَمِست الحربُ، إذا اشتدَّت. وقد سمَّت العرب أحْمَسَ وحُمَيسا.
فمن قبائل أحمس: نَذِيرٌ وجُلَيّ، وبَلٌّ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/253)
4) فجُلَيٌّ: تصغير جلّ. والجَلّ والجُلُّ واحد. ويقال: جَلَّى القومُ عن موضعِ كذا وكذا، وجَلاَ إذا انتقلوا عنه ويقال: وَلِيَ فلانٌ الجالَّة والجالِيَة. وجُلُّ المتاعِ معروف. وكلُّ مُنْكشفٍ جَلاً، وبه سمِّيَ الصُّبح جَلاً. قال الشاعر:
أنا ابنُ جَلا وطَلاَّعُ الثَّنايا
أي أنا ابنُ الظاهر المكشوف.
5) جَدِيلة بن أسَد بن ربيعة فولد دُعْميَّاً. ودُعميٌّ: فُعْلِيّ من كلِّ شيءٍ دعمتَه به، أي أسندتَه. ودِعَام الكَرْم: الخشَب الذي تُسنَد به الأغصان.
6) فولد دُعْمِيٌ: أَفْصَى. وأفْصَى أفعَلُ من التفصِّي، وهو مبايَنةُ الشَّيء للشيء. تفصَّيت من الشَّيء وتفصَّي منِّي.
فولد أفْصى: هِنْباً، وعبدَ القيس.
7) وأمَّا عَنَزَة فاسمُه عامر، وسمِّي عَنَزة لأنَّه طعَن رجلاً بعَنَزة. والعَنَزة: خشبة في رأسها زُجٌّ. وفي الحديث " صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عَنَزة ". العَنَزة: دُويْبَّةٌ تكون أصغرَ من الكلب. والعَنْز من الغَنَم معروفة، والجمع عِنازٌ وعُنوز. العَنْز: أُكَيمَةٌ سوداءُ.
بنو وائل بن قاسط
بكرٌ، وتَغْلبُ، وعَنْزٌ، وشُخَيْص.
دَرَج شُخَيص.
8) فمن بني عَنْزٍ: إراشَة، ورُفَيْدَةُ. واشتقاق إراشَةَ من أرَّشْتُ بينَ القومِ تَأريشَاً، إذا حَرَّشْتَ بينهم. ويمكن أن يكونَ من أرشِ الجِراحة، أي ديتها، ورُفَيدة: تصغير رَفْدةٍ، وهي العطيَّة. رفَدْتُه أرفِدُه رَفداً، إذا أعطيتَه. و الرَّفْد المصدر، والرِّفد: القَعْب الذي يُرفَد فيه، وهو المِرفَد. وكلُّ شيءٍ وطَّدْتَ له فقد رفَّدتَه ترفيداً.
ومنهم: عامر بن ربيعة، شهد بدراً، عِدادُه في بني عَديّ بن كعب.
بنو تغلب، من رجالهم: القَرْثَع الشَّاعر. والقَرْثَع من قولهم: تقرثَعَت الضَّائنةُ، إذا اجتمع.
9) ومنهم: ومنهم: الأرقم، وهم جُشَمُ، ومالكٌ وعَمرو، وثَعلبة، والحارث، ومُعاوية، وإنَّما سُمُّوا الأراقمَ لأنّهم شُبِّهت عيونُهم بعيون الأراقم. والأراقم: ضَربٌ من الحيَّات. ولهم حديث.
10) بنو عِكَبٍّ، وعِكَبٌّ: فِعَلٌّ إمَّا من الغُبار، وهو العَكُوب، ومنه اشتقاقُ عُكابة، أو من قولهم: أمَةٌ عَكْباء غليظةُ الشَّفَتين.
منهم: كُلَيب بن ربيعةَ، الذي يُضَرب به المثلُ فيقال: " أعزُّ من كُليبِ وائلٍ ". وله حديثٌ قتَلَه جسَّاسُ بن مُرَّة الشَّيبانيُّ، فكان سببَ الحربِ بين بكرٍ وتغلبَ أربعين سنةً. وأخُوه مُهلهِل بن ربيعة، وهو الذي قام بحربهم، وكان شاعراً وهو الذي يقول:
11) فلو نُبِشَ المقابرُ عن كُليبٍ ... لخُبِّر بالذَّنائبِ أيُّ زيرِ
وذاك أنَّ كليباً كان يسمِّيه زِيراً. والزِّير: الذي يُعجِبه حديثُ النِّساء. وهو الذي يقول لجسَّاس.
كُليبٌ لَعمرِي كانَ أكثَر ناصراً ... وأيسَرَ جُرْماً منكَ ضُرِّج بالدَّمِ
رمَى ضَرعَ نابٍ فاستمرَّ بطعنةٍ ... كحاشية الُبْردِ اليَمانِي المسهَّمِ
12) اشتقاق مُهلهِل من قولهم: ثوبٌ هَلَهالٌ، إذا كان رقيقاً. وذكر الأصمعيُّ أنَه إنّما سُمِّي مهلهلاً لأنَّه كان يُهلهِل الشِّعر، أي يرقِّقه ولا يُحكِمه.
ومنهم: عمرو بن كُلثومٍ الشاعر، الذي قتل عَمرَو بن هندٍ الملك، وإيَّاه عنَى الأخطل:
13) أبنِي كُليبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللذا ... قَتَلاَ الملوكَ وفكَّكا الأغلالا
يعني عَمراً ومُرّة ابنَيْ كُلْثوم.
رجال بني ثَعلبة بن عُكابة منهم: بنو شيبان بن ثَعلبة، وبنو ذُهْل بن ثعلبة.
14) فأمَّا ذُهْلٌ فاشتقاقه من قولهم: ذهَلَتْ نفسي عن كذا وكذا، أي سَلَتْ عنه، فأنا ذاهلٌ. وقال قومٌ: ذهَبَ ذًهلٌ من اللِّيل. فإنْ كان محفوظاً فهو من هذا. وذُهول العقل من هذا، كأنَّه ذَهابُه.
15) بنو سَدُوس بن شَيْبان. والسَّدوس: الطَّيلسان
16) والجَديلة: شريجة الحمام.
والجَدّال: الذي يحصر الحمام في الجديلة.
وحمام جَدَلىّ: صغير ثقيل الطيران لصغره.
وجَدِيلة الرجل، وجَدْلاؤه: ناحيته.
والقوم على جَدِيلة امرهم: أي على حالهم.
وما زال على جَدِيلة واحدة: أي على حال واحدة وطريقة واحدة.
والجَدِيلة: الرهط، وهي من أدم كانت تصنع في الجاهلية يأتزر بها الصبيان والنساء الحيض
17) والقَيْس: التَبَخْتُر. والقَيْس: الشِّدَّة،
18) دعمى - بضم الدال وسكون المهملة وكسر الميم وتشديد الياء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/254)
عن خراش قال: خرجَ وائلُ بن قاسطٍ وامرأتُه تَمخَّضُ وهو يريد أن يرى شيئاً يسمِّي به، فإذا هو ببَكْرٍ قد عَرضَ له فرجَعَ وقد ولدت غلاماً، فسمَّاه بكراً، ثم خرج خَرجةً أخرى وهي تمخّض فرأى عنزاً من الظباء فرجع وقد ولدَتْ غلاماً، فسماه عَنْزا وهو مع خَثعَم بالسَّراة وبالكوفةِ وفِلَسطين، ثم خرج خرجة أخرى فإذا هو بشُخَيصٍ قد ارتفَعَ له ولم يتبيَّنْه نظراً فسماه الشُّخَيص، وهم أبياتٌ مع بني ثعلبة بن بكرٍ بالكوفة، ومنهم بقيةٌ بالجزيرة. ثم خرج خرجةً أخرى وهي تمّخض فغَلبَه أن يَرَى شيئاً فسمّاه تَغلِب.
قال أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي: ولد ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان:
1) أسدا
2) وضبيعة فيهم كان البيت
3) وعمرا
4) وعامرا
5) وأكلب دخل في خثعهم وهم رهط أنس بن مدرك الشاعر.
وكلاب درج وعامرا درج وعائشة وهم باليمن أمهم أم الأصبع نبت الحاف بن قضاعة.
فولد أسد بن ربيعة:
1) جديلة أمه مزينة بنت عمران بن الحاف بن قضاعة
2) وعمرا وهم عنزة
3) وعميرة دخلت في عبد القيس أمهم وبرة بنت قيس بن عيلان بن مضر بن معد بن عدنان.
فولد جديلة بن أسد دعميا
فولد أفصى بن دعمي بن جديلة:هنبا ولكيزا وشنا، لا عقب لهما وعبد القيس، وجشم، فدخل جشم في عبد القيس. وناشم بن أفصى دخلوا في بني زهير من بني تغلب،
فولد هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة:
قاسطا ودهنا امهما بنت قاسط بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
فولد قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة:
وائلا، ومعاوية فدخل معاوية في عاملة فيما يقال والله أعلم.
فولد وائل بن قسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بكرا ودثارا وهو تغلب، وعبد الله وهو عنز
فولد بكر بن وائل بن قسط
عليا ويشكر.
فولد علي بن بكر بن وائل: صعبا ودهرا وخالدا درجوا غير صعب.
فولد صعب بن علي بن بكر:
عكابة ولجيما ومعاوية درج والشاهد درج ونجما درج وعمرا درج أمهم ريطة بنت دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة.
فولد عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل:
ثعلبة وهو الحضن
وقيس بطن
بنو قيس بن عكابة
فولد قيس بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل:
مالكا والحارث وعمرا.
نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي
قال ابن حزم: بنو ضبيعة بن ربيعة بن نزار
ولد ضبيعة بن ربيعة: أحمس؛ والحارث، وإليه ينتمي سعد، الذي يقال له سعد بن لؤي بن غالب؛ فيقولون: سعد بن الحارث بن ضبيعة بن ربيعة، وهم بنانة، رهط ثابت بن أسلم البناني الفقيه الزاهد.
بنو أسد بن ربيعة بن نزار
ولد أسد بن ربيعة: جديلة؛ وعنزة؛ وعميرة. فمن بني عميرة بن أسد ابن ربيعة بن نزار: طريف بن أبان.
بنو عنزة بن أسد
بن ربيعة بن نزار
لعنزة بقية بالبصرة، منهم: أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي المحدث؛ ومنهم: محمد بن المثنى أبو موسى الزمن المحدث.
مضت عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
بنو جديلة بن أسد
ولد جديلة بن أسد: دعمي، وفيه البيت والعدد؛ وجدي، دخل بنوه في بني شيبان؛ وجدان، دخل بنوه في بني زهير بن جشم من بني النمر بن قاسط. فولد دعمي بن جديلة: أفصى؛ فولد أفصى بن دعمي بن جديلة: هنب، وفيه البيت والعدد؛ وعبد القيس، وفيهم أيضاً شرف وعدد؛ وجشم، دخل بنوه في عبد القيس؛ وناشم، دخل بنوه في بني تغلب، وهم أبداً لا يزيدون على أربعة.
ولد عبد القيس بن أفصى
ولد عبد القيس بن أفصى: أفصى؛ فولد أفصى بن عبد القيس: شن ولكيز، وهما قبيلا عبد القيس
ومنهم: بنو عصر بن عوف بن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن أنمار ابن عمرو بن وديعة بن لكيز،
و عجل بن عمرو
بن وديعة بن لكيز
ولد عجل بن عمرو: ذهل، وذاهل.
فمن بني ذهل بن عجل: ليث، وثعلبة،
بنو النمر بن قاسط بن أفصى
بن دعمي بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار
ولد النمر: تيم الله؛ وأوس مناة؛ وعبد مناة؛ وقاسط. منهم: صهيب ابن سنان بن مالك بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر بن جندلة بن جذيمة بن كعب ابن سعد بن أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشهور؛ وكان له بالمدينة عقب كثير؛
بنو وائل بن قاسط بن هنب
بن أفصى بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/255)
ولد وائل بن قاسط: بكر؛ ودثار، وهو تغلب؛ وعبد الله، وهو عنز؛ والشخيص، دخل في بني تغلب؛ والحارث، دخل في بني عائش بن مالك بن تيم الله، بني ثعلبة بن بكر بن وائل: أمهم كلهم هند بنت مر بن أد بن طابخة ابن إلياس بن مضر.
بنو عنزة بن وائل بن قاسط منهم: عامر بن ربيعة، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كان حليفا لآل الخطاب؛ وهو عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة بن عامر ابن ربيعة بن حجير بن سلامان بن مالك بن ربيعة بن رفيدة بن عنز بن وائل ابن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، كان الخطاب قد تبناه؛ فلما نزل: " ادعوهم لآبائهم " الآية، رجع إلى نسبه. وبنو عنز بن وائل بجهة الجند من اليمن، ذوو عدد عظيم، يبلغون عشرات الألوف.
مضى عنز بن وائل بن قاسط بن هنب.
بنو تغلب بن وائل
بن قاسط بن هنب بن أفصى بن عدي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار
ولد تغلب بن وائل: غنم؛ والأوس؛ وعمران.
هم: الوليد بن طريف بن عامر الخارجي، وهو من بني صيفي بن حيي بن عمرو بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب؛ وأخته ليلى، القائلة:
أيا شجر الخابور مالك مورقا ... كأنك لم تجزع على ابن طريف
نو بكر بن وائل بن قاسط
ولد بكر بن وائل: علي؛ ويشكر؛ وبدن، دخل بنوه في بني يشكر.
بنو يشكر بن بكر
بن وائل بن قاسط
بنو لجيم بن صعب بن بن علي بن بكر بن وائل ولد لجيم بن صعب بن علي بن بكر: حنيفة؛ وعجل.
وهؤلاء بنو حنيفة بن لجيم بن صعب وهم أهل اليمامة، وهم أصحاب نخل وزرع. قال الزبير بن بكار: حنيفة امرأة نسب إليها ولدها وهى حنيفة بنت كاهل بن أسد، قال كان لحنيفة من الولد سعد وعدي وعابس وعامر والدول
فولد حنيفة بن لجيم: الدول، وفيه الثروة من بني حنيفة والعدد؛ وعدي؛ وعامر.
ومنهم؛ مسيلمة الكذاب بن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن عدي بن حنيفة، يكنى أبا ثمامة؛
ونجدة بن عويمر بن عبد الله بن سيار بن المطرح بن ربيعة بن الحارث بن عبد الحارث بن عدي بن حنيفة الخارجي؛
قال الشريف: ولي بحث مفصل عن حال نجدة وفرقته النجدات يسر الله نشره
بنو ذهل بن الدول بن حنيفة
منهم: أبو راشد نافع بن الأزرق ابن قيس بن نهار بن إنسان بن أسد بن صبرة بن ذهل بن الدول بن حنيفة، الذي تنسب إليه الأزارقة من الخوارج؛ وكان في أول أمره من أصحاب ابن عباس - رضي الله عنه - ثم غلب عليه الشقاء، فاستعرض المسلمين بسيفه، وقتل النساء والأطفال، وعطل الرحم، وفارق الإسلام.
بنو ثعلبة بن الدول
بن حنيفة
منهم: ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلةب بن الدول بن حنيفة، أسلم، وله صحبة؛
قال الشريف: وسيأتينا كيف أسلم في المبحث التالي:
بنو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر
بنو عكابة بن صعب
ولد عكابة بن صعب: ثعلبة، وهو الحضن؛ وقيس، دخل بنوه في بني ذهل بن ثعلبة. فولد ثعلبة بن عكابة: شيبان؛ وذهل، وقيس؛ والحارث دخل بنوه في بني أنمار
بنو شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب ولد شيبان بن ذهل بن ثعلبة: سدوس " بفتح السين؛ وكذلك هي في جميع العرب حاشا في طيء وحدها: فإنهم سدوس بالضم "؛ ومازن؛ وعلي؛ وعامر؛ وعمرو، وأم هؤلاء الخمسة من بني تغلب، ومالك؛ وزيد مناة: أمهما رقاش بنت ضبيعة بن قيس بن ثعلبة؛ فنسبوا إليها، فهم الرقاشيون. فمنهم: الحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن المجالد بن اليثربي بن الريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، صاحب راية ربيعة كلها لعلي - رضي الله عنه - يوم صفين؛ وفيه يقول علي - رضي الله عنه:
لمن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل: " قدمها حضين " تقدما
من بني سدوس: أبو فيد مؤرخ، صاحب الخليل بن أحمد، واسمه مرثد بن الحارث بن ثور بن حرملة بن علقمة بن عمرو بن سدوس، وهو القائل:
روعت بالبين حتى ما أراع به ... وبالمصائب في أهلي وإخواني
لم يترك الدهر لي علقا أضن به ... إلا اصطفاه بنأي أو بهجران
ذكر الكلبي أن عمران بن حطان من بني سدوس؛ والذي رويناه في نسبه أن عمران بن حطان بن عبد الله الرقاشي كان أبوه من أصحاب أبي موسى الأشعري وعبادة بن الصامت.
من بني عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة: دغفل النسابة، وهو دغفل بن حنظلة بن يزيد بن عبدة ابن عبد الله بن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة؛
ولد قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب: ضبيعة: وتيم؛ وثعلبة؛ وسعد.
بنو مرة بن ذهل
بن شيبان بن ثعلبة
ولد مرة بن ذهل بن شيبان؛ همام: أمه أسدية؛ وجساس، قاتل كليب التغلبي: أمه تميمية من بني عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم؛ ونضلة: أمه من بني أبي مالك بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان؛ وسعد؛ ودب؛ وكسر؛ وبجير؛ وجندب؛ وسيار؛ والحارث، يعرفون ببني هند، وهي أمهم، وهي من بني تغلب.
فمن بني سعد بن مرة بن ذهل المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعد بن مرة بن ذهل، أول من حارب الفرس أيام أبي بكر - رضي الله عنه - وهو قاتل مهران؛ وحوشب بن زيد بن الحارث بن يزيد بن رويم بن عبد الله بن سعد بن مرة بن ذهل، ولي شرطة الحجاج؛ وابنه العوام بن حوشب المحدث؛
من قبائل ربيعة بكر وتغلب ابنا وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، ومن قبائل بكر بنو الحصن وهو الأغر وهو ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر. وبنو ثعلبة أربعة شيبان وذهل وعائذ وهو تيم الله وقيس،
راجع هذا الرابط: http://alhijariyah.com/vb/forumdisplay.php?f=2
يتبع:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/256)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[13 - 01 - 08, 01:40 م]ـ
تنصر بعض قبائل ربيعة قبل الإسلام
قال ابن عبد البر: إلا أن من العرب جماعة دانوا بدين أهل الكتاب من قبل الإسلام فكانت النصرانية في ربيعة بن نزار في بني تغلب والنمر بن قاسط وبني عجل وخواص من بني شيبان
و كذلك كانت النصرانية أيضا في لخم وجذام وغسان وقضاعة وبني الحارث بن كعب وطوائف من مذحج
وكانت اليهودية في خيبر وفي الأنصار الأوس والخزرج وطوائف ممن ساكن يهود خيبر من وطء وغيرها
وكانت المجوسية في طوائف من بني تميم ومن عدا هؤلاء من العرب فأهل أوثان وعبدة أصنام
وربما شذ من القبيل واحد أو اثنان فتنصر أو تهود. التمهيد (223)
قبائل ربيعة التي ارتدت
قال العيني:توفي رسول الله يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول من سنة إحدى عشرة من الهجرة ودفن يوم الثلاثاء وفيه أقوال أخر قوله وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه أي خليفة وفي رواية أبي داود استخلف أبو بكر بعده قوله وكفر من كفر من العرب كلمة من الأولى بفتح الميم في محل الرفع لأنه فاعل لقوله وكفر ومن الثانية بكسر الميم حرف جر للبيان وهؤلاء كانوا صنفين صنف ارتدوا عن الدين ونابدوا الملة وعادوا إلى كفرهم وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله وكفر من كفر من العرب وهذه الفرقة طائفتان إحداهما أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في النبوة وأصحاب الأسود العنسي ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة سيدنا محمد مدعية للنبوة لغيره فقاتلهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه حتى قتل الله مسيلمة باليمامة والعنسي بالصنعاء وانقضت جموعهم وهلك أكثرهم والطائفة الثانية ارتدوا عن الدين فأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة وغيرهما من أمور الدين وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية فلم يكن مسجد لله تعالى في بسيط الأرض إلا ثلاثة مساجد مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد عبد القيس في البحرين في قرية يقال لها جواثى. عمدة القاري
: قال الواقدي في كتاب الردة تأليفه لما توفي رسول الله ارتدت العرب فارتد من جماعة الناس أسد وغطفان إلا بني عبس فأما بنو عامر فتربصت مع قادتها وكانت فزارة قد ارتدت وبنو حنيفة باليمامة وارتد أهل البحرين وبكر بن وائل وأهل دباء وأزد عمان والنمرين قاسط وكلب ومن قاربهم من قضاعة وارتدت عامة بني تميم وارتد من بني سليم عصية وعميرة وخفاف وبنو عوف بن امرؤ القيس وذكوان حارثة وثبت على الإسلام أسلم وغفار وجهينة ومزينة وأشجع وكعب بن عمرو بن خزاعة وثقيف وهذيل والدئل وكنانة وأهل السراة وبجيلة وخثعم وطي ومن قارب تهامة من هوازن وجشم وسعد بن بكر وعبد القيس وتجيب ومذحج إلا بنو زيد وهمدان وأهل صنعاء. عمدة القاري
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[13 - 01 - 08, 01:43 م]ـ
أشهر القبائل الربعية باختصار أغلبها من الأنساب للسمعاني:
1) البكري: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الكاف وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى جماعة ممن اسمهم أبو بكر وبكر، فأما الاول فجماعة انتسبوا إلى أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه، وفيهم كثرة من أولاده وأولاد أولاده.
والثاني منسوب إلى بكر بن وائل،.الأنساب للسمعاني
2) التغلبي: بفتح التاء المنقوطة باثنتين وسكون الغين المعجمة وكسر اللام والباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى تغلب وهي قبيلة معروفة، وهي تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وقيل إن بعض العرب نزل على رجل فقال للمضيف: من تكون؟ قال: رجل من تغلب، فبعد ساعة تمثل الضيف بهذا البيت وكان غافلا: والتغلبي إذا تنحنح للقرى * حك استه وتمثل الامثالا فلما تنبه أن مضيفه من تغلب سقط في يده، فقال له التغلبي يا أخي لا تحزن، قد قلت كلمة مقولة
3) الجريري: بضم الجيم وفتح الراء الاولى وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها بعدها راء أخرى، هذه النسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، والمشهور بهذه النسبة أبو مسعود سعيد بن إياس الجريري من أهل البصرة، وإنما قيل له هذا لانه من ولد جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/257)
4) الحنفي: بفتح الحاء المهملة والنون وفي آخرها الفاء، هذه النسبة إلى بني حنيفة، وهم قوم أكثرهم نزلوا اليمامة وكانوا قد تبعوا مسيلمة الكذاب المتنبي ثم أسلموا زمن أبي بكر رضي الله عنه وقتل مسيلمة، فالمشهور بالنسبة إليها جماعة كثيرة
5) الذهلي: بضم الذال المعجمة وسكون الهاء وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى قبيلة معروفة وهو ذهل بن ثعلبة، وإلى ذهل بن شيبان كان منها جماعة كثيرة من العلماء والكبراء،
6) الربعي: بفتح الراء والباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى ربيعة بن نزار، وقلما يستعمل ذلك لانه ربيعة بن نزار شعب واسع فيه قبائل عظام وبطون وأفخاذ استغنى بالنسب إليها عن النسب إلى ربيعة، وينسب إليه بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربعية بن نزار.
7) ويقال الربعي أيضا لمن ينتسب إلى ربيعة الازد، منهم أبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي من تابعي البصرة،
8) السدوسي: بضم الدال المهملة والواو بين السينين المهملتين أولاهما مفتوحة.
هذه النسبة إلى جماعة قبائل، منها: سدوس بن شيبان وهو في ربيعة، وهو سدوس بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن
علي بن بكر بن وائل.
قال ابن حبيب: كل سدوس في العرب فهو مفتوح، إلا سدوس بن أصمع بن أبي عبيد بن ربيعة بن نصر بن سعد بن نبهان.
وقال ابن الكلبي: كل سدوس في العرب فهو مفتوح السين، إلا سدوس بن أصمع بن طئ، فهو مضموم السين، قاله الدارقطني. الأنساب للسمعاني
9) الشيباني: بفتح الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها والباء الموحدة بعدها، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى " شيبان " وهي قبيلة معروفة في بكر بن وائل، وهو شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن (1) هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
قال ابن خلكان: والشيباني بفتح الشين المثلثة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون نسبة إلى شيبان حي من بكر بن وائل وهما شيبانان أحدهما شيبان بن ثعلبة بن عكابة والآخر شيبان بن ذهل بن ثعلبة ابن عكابة وشيبان الأعلى عم شيبان الأسفل
10) الضُبَعي بضاد معجمة مضمومة وباء مفتوحة وعين مهملة نسبة إلى ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان،
11) العبدي " منسوب إلى عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، أَفَصَى بِسُكُونِ الْفَاء بَعْدهَا مُهْمَلَة بِوَزْنِ أَعْمَى اِبْن دُعْمِيّ بِضَمِّ ثُمَّ سُكُون الْمُهْمَلَة وَكَسْر الْمِيم بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثَقِيلَة اِبْن جَدِيلَة بِالْجِيمِ وَزْن كَبِيرَة اِبْن أَسَد بْن رَبِيعَة بْن نِزَار. فتح الباري
12) العجلي: بكسر العين المهملة، وسكون الجيم.
هذه النسبة إلى " بني عجل " بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
13) العنزي " بفتح النون منسوب إلى عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، واسم عنزة عامر، قبيل منهم نبيح العنزي وجماعة سواه.
14) " العنزي " بسكون النون، منسوب إلى عنز بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، بطن منهم عامر بن ربيعة العنزي حليف عمر بن الخطاب ونفر سواه. عجالة المبتدي
15) العوقي " منسوب إلى العوقة بطن من عبد القيس، العوقي بفتح الواو وبالقاف
16) القيسي: بفتح القاف وسكون الياء وكسر السين.
هذه النسبة إلى جماعة اسمهم منهم:قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل
17) النمري من النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد أبن عدنان وفيهم كثرة
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[13 - 01 - 08, 01:45 م]ـ
أشهر الرجال من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من ربيعة
1) صهيب بن سنان (الرومي) أبويحيى مولى ابن جدعان التيمى القرشى وهو من النمر بن قاسط من ربيعة بن نزار. البخاري في الكبير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/258)
وساق ابن سعد نسب صهيب بن سنان إلى النمر بن قاسط وقال هو:ابن مالك بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر بن جندلة بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وأمه سلمى بنت قعيد بن مهيض بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وكان أبوه سنان بن مالك، أو عمه، عاملا لكسرى على الأبلة، وكانت منازلهم بأرض الموصل، ويقال كانوا في قرية على شط الفرات مما يلي الجزيرة والموصل فأغارت الروم على تلك الناحية فسبت صهيبا وهو غلام صغير. طبقات ابن سعد
2) الأشج، وهو المنذر بن عائذ بن المنذر ابن الحارث بن نعمان بن زياد بن عمرو، له صحبة ومكانة من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان حليماً فاضلاً
3) أحمد بن حنبل الشيباني وفي طبقات الحنابلة نسب الإمام أحمد بن حنبل الربعي وهذا هو نسبه أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى ابن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
قال الخطيب البغدادي: وقول عباس الدوري وأبي بكر بن أبي داود أن أحمد من بني ذهل بن شيبان غلط إنما كان من بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة وذهل بن ثعلبة هذا هو عم ذهل بن شيبان حدثني من أثق به من العلماء بالنسب قال مازن بن ذهل بن ثعلبة الحصن هو ابن عكابة بن صعب بن علي ثم ساق النسب إلى ربيعة بن نزار كما ذكرناه عن ابن أبي داود قال وهذه قبيلة أبي عبد الله.
وهذا هو ذهل المسن الذي منه دغفل ابن حنظلة والقعقاع بن شور وابن أخيه عبد الملك بن نافع بن شور الذي يروى حديث الأشربة عن ابن عمرو ومنه محارب بن دثار ومنه عمران بن حطان وهو بطن كثير العلماء والخطباء والشعراء والنسابين قال وذهل الأكبر هو ابن أخي هذا وسمي الأكبر لأن العدد في ولده وهو ذهل بن شيبان بن ثعلبة الحصن ومنه المثنى بن حارثة وفي ولده العدد والشرف والفخر وله قيل إذا كنت في قيس فكاثر بعامر بن صعصعة وحارب بسليم بن منصور وفاخر بغطفان بن سعد وإذا كنت من خندف فكاثر بتميم وفاخر بكنانة وحارب بأسد وإذا كنت في ربيعة فكاثر بشيبان وفاخر بشيبان وحارب بشيبان قال فإذا قلت الشيباني لم يفد المطلق من هذا إلا ولد شيبان بن ثعلبة الحصن وإذا قلت الذهلي لم يفد مطلق هذا إلا ولد ذهل بن ثعلبة الحصن فينبغي أن يقال أحمد بن حنبل الذهلي على الإطلاق قلت وقد ساق عبد الله بن أحمد بن حنبل نسب أبيه إلى شيبان بن ذهل بن ثعلبة كما ذكرناه تاريخ بغداد
قال ابن خلكان: وقيل: إنه من بني مازن بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة، وهو غلط، لأنه من بني شيبان بن ذهل لا من بني ذهل بن شيبان، وذهل بن ثعلبة المذكور هو عم ذهل بن شيبان، فليعلم ذلك والله أعلم. وفيات الأعيان
4) ومن مشاهير ربيعة أيضا: المحدث قتادة بن دعامة بن عزيز بن كريم بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس بن شيبان، الفقيه البصري الأعمى
قال الشريف: يلتقي مع أحمد بن حنبل في شيبان بن ثعلبة بن عكابة
وقال أبو بكر بن أبي داود:كان في ربيعة رجلان لم يكن في زمانهما مثلهما لم يكن في زمان قتادة مثل قتادة ولم يكن في زمان أحمد بن حنبل مثله.
5) أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة العوقي من العوقة من عبد القيس، روى عن أبي سعيد الخدري
6): عطية العوفي، المحدث، وهو من بني عوف بن سعد، فخذ من بني عمرو بن عباد بن يشكر بن بكر بن وائل.
7) ابو جمرة نصر بن عمران الضبعي، سمع عبد الله بن عباس
8) أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، من أهل البصرة، يروي عن حماد بن زيد
9) وأبو عمرو سعد بن أياس البكري الشيباني
10) وسماك بن حرب بن أوس الذهلي البكري
وأخير ا أرجو أن يكون ما كتبته فيه فائدة لطلاب العلم وحرصت على أن يكون هذا البحث مختصرا لكي تعم الفائدة منه وصلى الله على محمد وآله وسلم
وللحديث تتمة سوف نعرضها فيما بعد إن شاء الله ولكن على هذا الرابط والله الموفق http://alhijariyah.com/vb/forumdisplay.php?f=2
كتبه: حامدا مصليا: ناجي بن تركي الهجاري
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[28 - 01 - 08, 10:40 م]ـ
"] الأحاديث التي فيها ذكر بعض قبائل ربيعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/259)
1) شعبة عن أبي جمرة قال
كنت أقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره فقال أقم عندي حتى أجعل لك سهما من مالي فأقمت معه شهرين ثم قال إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال (من القوم) أو من الوفد)؟ قالوا ربيعة. قال (مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى) فقالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة. وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله وحده قال (أتدرون ما الإيمان بالله وحده). قالوا الله ورسوله أعلم قال (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغن الخمس). ونهاهم عن أربع عن الحنتم والدباء والنقير والمزقت. وربما قال (المقير. وقال (احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم) أخرجه البخاري [87، 500، 1334، 2928، 3319، 4119، 4111،ومسلم
2) عن أبي جمرة الضبعي عن ابن عباس أنه قال
إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين. أخرجه البخاري
3) شعبة عن سعد عن أبيه: قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ه لصهيب اتق الله ولا تدع إلى غير أبيك. فقال صهيب ما يسرني أن لي كذا وكذا وأني قلت ذلك ولكني سرقت وأنا صبي. أخرجه البخاري
4) قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة. أخرجه مسلم
5) عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ماذا عندك؟ يا ثمامة) فقال عندي يا محمد خير إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال (ما عندك؟ يا ثمامة) قال ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد فقال (ما عندك؟ يا ثمامة) فقال عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أطلقوا ثمامة) فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح يبدك أحب البلاد كلها إلي وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل أصبوت؟ فقال لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجه البخاري ومسلم
6) عن قيس بن طلق عن أبيه قال: خرجنا ستة وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة من نبي حنيفة ورجل من بني ضبيعة بن ربيعة حتى قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ منه وتمضمض وصب لنا في إداوة ثم قال: (اذهبوا بهذا الماء فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم ثم انضحوا مكانها من هذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا) فقلنا: يا رسول الله البلد بعيد والماء ينشف قال: (فأمدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا) فخرجنا فتشاححنا على حمل الإداوة أينا يحملها فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم نوبا لكل رجل منا يوما وليلة فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي أمرنا وراهب ذلك القوم رجل من طيء فنادينا بالصلاة فقال الراهب: دعوة حق ثم هرب فلم ير بعد.صححه ابن حبان
قال أبو حاتم رضي الله عنه ه: في هذا الخبر بيان واضح أن طلق بن علي رجع إلى بلده بعد القدمة التي ذكرنا وقتها ثم لا يعلم له رجوع إلى المدينة بعد ذلك فمن ادعى رجوعه بعد ذلك فعليه أن يأتي بسنة مصرحة ولا سبيل له إلى ذلك.
7) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ:
كَانَ أَبْغَضَ النَّاسِ، أَوْ أَبْغَضَ الأَحْيَاءِ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَقِيفٌ، وَبَنُو حَنِيفَةَ.
- لفظ أحمد بن إبراهيم: كَانَ أَبْغَضَ الأَحْيَاءِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَنُو أُمَيَّةَ، وَثَقِيفٌ، وَبَنُو حَنِيفَةَ.
8) عن حجاج بن محمد، أنبأنا شعبة، عن أبي حمزة جارهم، قال: سمعت حميد بن هلال، يُحدِّث عن عبد الله بن مطرف، فذكره. أخرجه أحمد وأبو يعلى والحاكم
* *قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال الذهبي:على شرط البخاري ومسلم
قال الشريف وإسناده محتمل للتصحيح: وشعبة بن الحجاج ينتقي في الرواية ولا يروي إلا عن ثقة فإذا روى عن راو فالأصل أنه ثقة إلا إن تبين لنا خلاف ذلك
9) عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا: منهم مسيلمة والعنسي والمختار وشر قبائل العرب بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف
قال الشيخ الألباني :
أخرجه أبو يعلى في مسنده و إسناده ضعيف من أجل التل محمد بن الحسن وتكلمت عليه في بحثي (الجواهر الثمينة) [/ SIZE]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/260)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[15 - 03 - 10, 09:44 ص]ـ
للحديث بقية إن شاء الله وسوف نتكلم عن قبائل ربيعة المعاصرة بإذن الله(144/261)
عالم فقدناه .. الشيخ العلامة الفقيه المربي الأستاذ الدكتور صالح بن عبدالرحمن الأطرم.
ـ[أبو مهند الشمري]ــــــــ[14 - 01 - 08, 12:03 ص]ـ
بقلم تلميذه الشيخ الأستاذ الدكتور فالح الصغير.
من أصعب الكتابات على الكاتب أن يعبر عما يختلج في الصدر من المشاعر وخاصة إذا صاحبتها آلام الفراق، وحزن الفقد، وبالأخص إذا كانت نحو قريب من أقرب الأقرباء، فكيف إذا كانت هذه المشاعر نحو عالم من علماء الشريعة نذر حياته في التعليم والتربية والإفتاء والخطابة والوعظ والإرشاد والشفاعة ونفع الآخرين؟
كيف يكتب القلم عمن كان كذلك طوال حياته مع ما مرّ عليه من شغف العيش، وقلة ذات اليد، في أول حياته؟ كيف يكون الحديث في تاريخ يمتد أكثر من أربعين سنة ملازماً متعلماً متربياً مرشداً في حنان أبوة، ورعاية أستاذ، وحزم مرب؟! أنى له أن يستطيع قلمه أن يفي بمجال من مجالات التعليم والتربية فما بالك إذا كان الحديث في مجالات عديدة؟ وهل يستطيع الدمع أن يعبر عما في القلب؟ أو أن يبث الشجون؟ وهل يستطيع الذهن استجماع مواد تعليمية أكثر من أربعين سنة؟! إنه الموقف الصعب الذي أحسب أن يستعصى على كبار الأدباء، ومن هنا أختار أن يسترسل قلمي على سجيته بما أظنه مفيداً لشباب الأمة وفتياتها لأنقل لهم رموزاً مما تعلمته، وإشارات عابرة عن هذه المدرسة الشامخة والجامعة التطبيقية ليكون منارة هدى إنه الحديث عن الخال الشيخ العلامة الفقيه المربي الأستاذ الدكتور صالح بن عبدالرحمن بن عبدالله الأطرم الذي ولد في محافظة الزلفي عام 1352هـ من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، كف بصره من عام 1359هـ لما أصابه مرض الجدري وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، ودخل الكتاتيب وحفظ القرآن الكريم صغيراً وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره وتعلم مبادئ الدين وخاصة مبادئ العقيدة في المحافظة نفسها، ثم انتقل إلى مدينة الرياض - مركز العلم - فأتقن القرآن الكريم على يد الشيخ المقرئ محمد بن سنان - رحمه الله - ثم التحق بحلق العلم فدرس على شيخه وأستاذه الكبير العلامة مفتي الديار السعودية محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - فحفظ عليه مجموعة من المتون الذي تخرج على يديه جل مشايخنا - رحمهم الله جميعاً - وكذا فضيلة الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله.
ولما افتتح معهد الرياض العلمي عام 1371هـ التحق فيه شيخنا، وواصل تعليمه حتى تخرج من كلية الشريعة عام 1378هـ، وعمل بعدها مدرساً في معهد الرياض العملي بعد أن قبل سماحة المفتي عذره في عدم التحاقه بالسلك القضائي.
واستمر كذلك حتى افتتاح المعهد العالي للقضاء فالتحق فيه وكانت الدراسة فيه ثلاث سنوات ثم الرسالة وليس البحث فكانت دراسة جادة أتذكرها جيداً عندما كنت أصحبه مع زميلي ورفيق دربي ابنه الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن صالح الأطرم عضو مجلس الشورى فإذا دخل القاعة ذهبنا إلى حديقة المعهد لنذاكر دروسنا وكنا في المرحلة المتوسطة، ونال - رحمه الله - شهادة الماجستير عام1390هـ وكانت أطروحته في (حد جريمة الحرابة).
وواصل المشوار حتى نال درجة الدكتوراه في المعهد نفسه عام 1404هـ وكانت أطروحته في دوافع الإيمان وموجباتها، وبعد نيله شهادة الماجستير التحق أستاذاً في كلية الشريعة حتى عيّن عضواً في هيئة كبار العلماء عام 1413هـ واشتغل بالإفتاء والتدريس في المسجد والبيت ومتعاوناً مع كليات البنات في الدراسات العليا والإشراف على الرسائل، واستمر كذلك حتى أصيب بمرضه الأخير في 2 - 2 - 1420هـ بعد وفاة شيخه الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - بثلاثة أيام. واستمر مع المرض يخف تارة ويشتد تارة حتى دخل المستشفى دخوله الأخير في 17 - 10 - 1428هـ، وتوفي في تمام الساعة العاشرة صباح يوم الجمعة 25 - 12 - 1428هـ، وصليّ عليه في جامع الراجحي في الرياض وصلى عليه جمع غفير لم يشهد له مثيل وتبع جنازته خلق كثير، وأمَّ المصلين سماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ متعه الله بالصحة والعافية وأبقاه ذخراً للإسلام والمسلمين.
وكان من أبرز شيوخه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/262)
سماحة الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وفضيلة الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وفضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - وسماحة الشيخ عبدالله بن حميد - رحمه الله.
سماحة شيخنا الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وكان من أبرز مشايخه الذين لا يفتر لسانه عن الثناء عليه وإجلاله فضيلة شيخنا العلامة المربي عبدالرزاق عفيفي - رحمه الله.
وكان من أبرز زملائه شيخنا معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان رفيق دربه - متعه الله بالصحة والعافية وأبقاه ذخراً للإسلام والمسلمين - وكذلك فضيلة شيخنا الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين وفضيلة شيخنا العلامة عبدالرحمن البراك ومعالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وكانت بينهما مذكرات ونقاشات مفيدة، وفضيلة الشيخ سليمان العطيوي وفضيلة الشيخ محمد بن ردن البداح وغيرهم كثير - متعهم الله جميعاً بالصحة والعافية ونفع بهم أمة الإسلام - وتعلم على يديه عدد كبير من طلاب العلم وطالباته فجل من درس في المعهد العلمي في الرياض وفي كلية الشريعة وفي كلية أصول الدين بعد افتتاحها عام 1396هـ درسوا عليه وخاصة: الفقه، والعقيدة الذي تميز بتدريسه لهما وطريقته الخاصة الدقيقة.
ومن أبرز طلابه:
- معالي وزير العدل الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل شيخ.
- معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل شيخ وفقه الله وأعانه.
- معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالله العجلان.
- فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالرزاق الدويش أستاذ الفقه بجامعة الإمام.
- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالله بن موسى العمار أستاذ الفقه بجامعة الإمام.
- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام.
بالإضافة إلى أبنائه وأقاربه وغيرهم كثير. وللشيخ - رحمه الله - عدد من المؤلفات منها:
حد جريمة الحرابة، والوصية، أسئلة وأجوبة في العقيدة. وحقق - رحمه الله - مناسك النووي، وكتب عن سيرة شيخه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بمساعدة تلميذه الأستاذ الدكتور عبدالله العمار، وكتاب حديث الصيام والقيام وغيرها.
= = =
وبعد هذا الاستعراض لعلّي أقف وقفات موجزة مع محطات من حياته - رحمه الله - لعلها تكون نبراساً لطلاب وطالبات العلم ومنارات هدى تستفيد منها الأجيال معالم لحياتها وهي تفتقد العالم تلو العالم.
الوقفة الأولى: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين). هكذا قال عليه الصلاة والسلام، أحسب أن شيخنا من هؤلاء الفقهاء الذين تشربوا العلم منذ طفولته في قريته إلى آخر حياته وقد كان يقرأ عليه تلميذه البار الشيخ مخلد المطيري في شرح السنة للإمام البغوي وكتاب البداية والنهاية، وقد حضرته مرات وهو في فترات من نشاطه أثناء مرضه الأخير، وقد كانت تعجبه بعض اللطائف ويطلب ترديدها. فهل نعي أهمية العلم، ونحن في عصر تفتق المعلومة وسرعة انتشارها؟ أزعم أننا بحاجة أكثر للعلم الشرعي، بل وللتأصيل الشرعي للأحداث والوقائع التي تصيب بالأمة، فبالعلم تسعد الأمة، وتنجو من الهلاك، وتصل إلى بر الأمان، كما أني أعتقد أن المسؤولية عظيمة على تلاميذ هؤلاء العلماء لنقل العلم والحرص عليه.
الوقفة الثانية: مما اتصف به شيخنا - رحمه الله - المنهجية العلمية، والدقة والحرص على فهم المعلومة، ومن معالم هذه المنهجية:
1 - حرصه على القرآن الكريم وحفظه وتشجيع أبنائه وأقاربه وتلاميذه على ذلك.
2 - حرصه على حفظ المتون وأخص فيها متون العقيدة والتوحيد وخاصة كتاب ثلاثة الأصول، وكتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ومتون الفقه وخاصة كتاب زاد المستنقع للشيخ الحجاوي الذي درسه سنين عدة في المعهد العلمي.
3 - حرصه على دقة الألفاظ، والتفريق بينها، وكل من درس على يده يدرك ذلك حتى إنه كان يقرأ كتاب الروض المربع في كلية الشريعة وفي كلية أصول الدين في تدريسه للطلاب، ويسألهم عن بعض العبارات والجمل، بل ذكر لي شيخنا العلامة عبدالله بن جبرين أن زملاءه كانوا يرجعون إليه في مثل هذه المسائل ويوضحها لهم.
4 - حرص على التدرج وعدم استعجال طلاب العلم وتشجيعه على ذلك. وكان يذكر شيئاً من وصايا شيخه الإمام محمد بن إبراهيم - رحمه الله - على ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/263)
5 - تشجيعه طلابه عندما يستخرج الطلاب الجواب الصحيح للسؤال الذي يطرحه.
الوقفة الثالثة: انطلاقه - رحمه الله - في حرصه على المسلمين بعامة والسؤال عن قضاياهم، والتألم لآلامهم، ويشتد هذا الحرص في مسألة من أعظم المسائل وهي التأكيد على جمع الكلمة، واتحاد الوجهة والانطلاقة من المرجعية العلمية، وعدم اتباع العواطف، والعواصف والهوى والحماس غير المنضبط بضوابط الشريعة، والتأكيد على الاجتماع على ولي الأمر. وتقريره أن هذه المسألة من أعظم المسائل وعاصم من أعظم العواصم من القواصم.
الوقفة الرابعة: منهجيته الدعوية المتميزة، فقد تشبع الشيخ - رحمه الله - بمنهجية أسلافه ومشايخه في التقعيد لمسائل النصح والتوجيه والدعوية وله منهج متميز يعرف به ومن معالم منهجه:
1 - الحرص على توجيه العامة بما يناسبهم، والتبسط معهم في حديثه إليهم، وإجابته عن أسئلتهم من خلال واقعهم.
2 - الحرص على توجيه طلابه بما يصلح لحالهم، وتشجيعهم على المواصلة في العلم، وسلوك مسلك سلفهم.
3 - تركيزه على مواطن الخلل عند بعض الطلاب ومحاولة علاجه ذلك بما يراه مناسباً.
4 - اهتمامه بمسألة خصوصية هذا البلد ومراعاته الفوارق البيئية.
5 - رعايته - رحمه الله - في دعوته لجمع الكلمة وعدم ما يثير الخلاف والشفاعة، وقد اجتهد في ذلك غاية الاجتهاد في فتنة دخول العراق إلى الكويت عام 1411هـ.
6 - انطلاقه في أحاديثه من الدليل مع استفادته من كلام أهل العلم.
7 - اهتمامه بالتأصيل لمسائل العقيدة التي ينطلق منها الداعية.
8 - أسلوبه المبسط المفهوم من جميع الطبقات.
9 - تفريقه في خطابه بين العامة والخاصة فكان يسر في موضع الأسرار وخاصة في كتاباته للمسؤولين.
الوقفة الخامسة: من أبرز ما يتميز به شيخنا، واستفدت منه في ذلك أيما فائدة: اتسامه بالتأني والتثبت سواء فيما ينقل إليه من أخبار، أو المسائل العلمية، أو الفتاوى بل كان يحثنا على ذلك، ويرجع كثيراً من الاضطراب لما يجري في الواقع من تناقل الأخبار والعجلة في ذلك.
الوقفة السادسة: حرصه على حفظ الوقت وأذكر لذلك نموذجين:
1 - استغلاله للمجالس الخاصة حتى إن وقت اجتماع العائلة الشهري يستغله في طرح الأسئلة على الصغير والكبير كل فيما يناسبه، وكانت تعجبه بعض الأجوبة الطريفة وخاصة من حفيدة وسمية صالح بن عبدالرحمن بن صالح الأطرم. وكنا نستفيد من هذه المطارحات العلمية، ومن تشجيعه.
2 - توجيهه في المجالس العامة وقراءته لبعض الكتب، وكذلك حال الزيارات الفردية، بطرح سؤال عن الجديد من الكتب، أو ما جد من المسائل وغيرها.
الوقفة السابعة: أحسب شيخنا من العلماء العباد الذين لهم أورادهم وصلواتهم فهو من أهل القيام والحرص عليه، وعلى صيام النوافل، وأخص الإسرار في الصدقات والمعونات بما لا يعلمه إلا خاصة الخاصة لديه.
الوقفة الثامنة: حرصه الشديد على الاستفادة من مشايخه وخاصة بعد وفاتهم، فقد قرأت عليه بعض فتاوى سماحة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم، وفتاوى سماحة الشيخ الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمهما الله تعالى - وكيف يقف مع عباراتهم، ودائماً ما يعقب بتبجيلهما، والحديث عن مناهجهما في الفتوى.
الوقفة التاسعة: محاولة حرصه على تلمس الأعذار عندما تقع المسألة، وتشديده قبل وقوعها لتقع وفق السنة، لكن يبحث عن المخرج بعد وقوع المسألة أو يحيل إلى شيخه أو إلى غيره وخاصة في مسائل الطلاق.
الوقفة العاشرة: أحسب أن شيخنا ممن رزق خلق العالم بابتسامته المشرقة، ولطافة عبارته، وتسامحه حتى على من أخطأ عليه، وأخص عدم دخوله في أعراض الناس، والكلام فيها، وغضبه الشديد عندما يذكر أحد بسوء في مجلسه، وحضرت مجالس من ذلك. ومن أوضحها صبره وجلده أثناء مرضه ورضاه - فيما أحسب - بقضاء الله وقدره في مرحلة مرضه الأخير الذي استمر تسع سنين إلا شهراً وبضعة أيام.
رحم الله خالي الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وجمعنا به في الفردوس الأعلى ووالدينا ومشايخنا وجميع المسلمين والمسلمات، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إنه سميع مجيب.
ـ[أبوفاطمه الأثري]ــــــــ[14 - 01 - 08, 12:08 ص]ـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[14 - 01 - 08, 12:56 ص]ـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
آمين
ـ[أبو أنس الشهري]ــــــــ[14 - 01 - 08, 01:04 ص]ـ
رحمه الله رحمة واسعة.
ـ[محمد بن مبروك ال شعلان]ــــــــ[14 - 01 - 08, 02:29 ص]ـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة ونسأل الله أن يجمعنا به في جنته
ـ[أبو هاشم]ــــــــ[14 - 01 - 08, 10:17 م]ـ
رحم الله الشيخ وغفر له وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:11 م]ـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
ـ[أبو المعتز القرشي]ــــــــ[16 - 01 - 08, 05:39 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/264)
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[16 - 01 - 08, 08:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
رحمه الله.
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 01 - 08, 09:07 م]ـ
رحم الله الشيخ الأطرم وبارك الله فيك على النقل
ـ[مازن الخضيري]ــــــــ[21 - 01 - 08, 02:55 م]ـ
رحمه الله نتمنى ان يتبنى ابنه د- عبدالرحمن وتلاميذ الشيخ تأليف كتاب عن سيرته
ـ[سليمان إبراهيم الأسعدي]ــــــــ[22 - 01 - 08, 02:12 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.(144/265)
أجتماع اليهود في فلسطين ـ من علامات قرب قيام الساعة
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[14 - 01 - 08, 10:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أرسل الله سبحانه وتعالى رسله إلى بني إسرائيل منذرين ومبشرين وأمرهم بأتباعهم فما كان ردهم إلا الصد عنهم والكفر بدينهم وتحريف كلام الله ومحاربة رسله وجدالهم قتلهم.
قال الله تعالى: (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 46].
قال الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 155].
فكان مصيرهم أن لعنهم الله وغضب عليهم وسلط عليهم من يذيقهم أشد العذاب فسلط عليهم الرومان ومن بعدهم البابليين بقيادة بختنصر فخربوا ديارهم وشردوهم في الآفاق.
قال الله تعالى: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 168].
ولكن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز أن من علامات قرب قيام الساعة اجتماعهم في فلسطين بعد التشريد قال الله تعالى: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) (الإسراء:104).
وكلمة لفيف تعني الشيء المجتمع والملتف من كل مكان و اللفيف؛ القوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم واحدا، واللفيف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، واللفيف الجَمْع العظيم من أخلاط شتى فيهم الشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضعيف [لسان العرب].
ولقد تحقق ما أخبر به الله سبحانه في القرآن الكريم وإليكم كيف بدأت هجرات اليهود واجتماعهم في فلسطين.
كانت الموجة الأولى بين عامي [1299 هـ - 1882 م] و [1321 هـ - 1903م]، وكان عدد المهاجرين خلال هذه المدة نحو (28) ألف يهودي، وتعدُّ هذه الموجة بمثابة النواة التي قامت عليها حركات الاستيطان فيما بعد، وقد حظي هؤلاء المهاجرين بدعم ومساعدات من الجمعيات اليهودية في "أوربا" و"الجمعية اليهودية للاستعمار "في "فلسطين"، وخلال (20) عامًا تمكّن هؤلاء اليهود المهاجرين من بناء (22) مستوطنة.
أما الموجة الثانية فكانت بين عامي [1322 هـ - 1904 م] و [1332 هـ - 1914 م] وبلغ عدد المهاجرين خلال تلك الفترة نحو (40) ألف مهاجر، كان معظمهم من اليهود الروس، ومن بين هؤلاء خرج الجيل الأول من قادة الصهاينة مثل: "ديفيد بن جوريون" و"ليفي أشكول" و"حاييم وايزمان" و"إسحق بن زفي"، وخلال هذه الحقبة تمكن هؤلاء المهاجرين من بناء (59) مستوطنة.
وبعد اندلاع " الحرب العالمية الأولى" سنة [1332 هـ = 1914 م] بدأ اهتمام "بريطانيا" بفلسطين وبموضوع الاستيطان اليهودي يتزايد، ولذلك فقد طلب "هربرت صمويل"ـ وهو يهودي في الحكومة البريطانية ـ من وزير خارجية "بريطانيا" بحث إقامة دولة يهودية في "فلسطين" بمساعدة "بريطانيا" و"الولايات المتحدة الأمريكية"، فبعث "صمويل" بمذكرة اقترح فيها إقامة محمية بريطانية في "فلسطين" يسمح لليهود بالهجرة إليها على أن يتمتع هؤلاء اليهود بحكم ذاتي في "فلسطين"، ثُمَّ تطور الأمر ـ بعد ذلك ـ لتصبح دولة موالية لبريطانيا، وفي أواخر سنة [1334 هـ = 1916 م]، قامت "المنظمة الصهيونية" بإرسال مذكرة إلى الحكومة البريطانية تطالب فيها بإنشاء دولة قومية لليهود في "فلسطين"، نظير خدمات جليلة سوف تقدمها لها بعد ذلك، فاستجابت "بريطانيا" وسعت إلى إصدار "وعد بلفور" بعد أن وجدت أن إنشاء تلك الدولة يحقق أهداف "بريطانيا" ويرعى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/266)
مصالحها في المنطقة، ويمكنها من بسط نفوذها على "فلسطين" والتحكم في "قناة السويس" وتأمينها من الشرق، مما يعزز من موقفها ويحكم قبضتها على البلاد العربية التي استعمرتها.
وفي [4 من المحرم 1336هـ = 20 من أكتوبر 1917م] اقتحمت القوات البريطانية "فلسطين" في الوقت الذي أصدر وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور" وعده الشهير الذي يمنح اليهود بموجبه الحق في إنشاء وطن قومي لهم في "فلسطين"، وكان ذلك أول اعتراف دولي بالصهيونية وبمشاريعها الاستيطانية، ومع ما قدمه هذا الوعد من امتيازات بالغة للصهاينة، فقد تجاهل تمامًا العرب أصحاب تلك الأرض التي منحتها "بريطانيا" لليهود.
وفي ظل الرعاية البريطانية للصهاينة وتأييدها المحموم للاستيطان اليهودي في "فلسطين"، تضاعف عدد المهاجرين من اليهود إلى "فلسطين" بعد هذا الوعد، من (55) ألفًا بعد "الحرب العالمية الأولى" ليصبح (108) آلاف في عام [1344 هـ = 1925 م]، ثُمَّ قفز إلى (300) ألف في عام [1354 هـ = 1935 م]،ليصبح (650) ألفًا في عام [1367 هـ = 1948 م].
لم يكن وقوف "بريطانيا" إلى جانب الصهاينة وتشجيعهم على إنشاء دولة لهم في "فلسطين" مجرد تأييد أو حتى انحياز مطلق، وإنما هو جزء من مخطط استعماري ضخم يهدف إلى استمرار احتلال البلاد الإسلامية واستنزاف ثرواتها، وهو ما عبَّر عنه "تشرشل" في مذكراته. حين قال: " إذا أُتِيحَ لنا أن نشهد مولد دولة يهودية لا في فلسطين وحدها بل على ضفتي الأردن معًا تقوم تحت التاج البريطاني؛ فإننا سوف نشهد وقوع حادث يتفق تمام الاتفاق مع أهداف واستمرارية الامبراطورية البريطانية".
ثم جاء قرار تقسيم "فلسطين" الذي أصدرته "الجمعية العامة للأمم المتحدة" سنة [1366هـ = 1947 م] مُحبطًا ومُخيِّبًا لآمال الشعوب العربية التي كانت تتطلع إلى عدالة تلك المؤسسة الدولية أو حتى حيادها، فقد كشف بجلاء عن ازدواجية المعايير التي تضبط أحكام وقرارات تلك المؤسسة، وعن خضوعها لنفوذ الدول الكبرى، واستسلامها لإرادة تلك الدول ومصالحها.
وقد شجع ذلك المزيد من اليهود على الهجرة إلى "فلسطين"، وتزايدت الهجرات بشكل ملحوظ في أعقاب النكبة العربية سنة [1367 هـ = 1948 م] بعد الهزيمة المريرة التي لحقت بالجيوش العربية على أرض "فلسطين" نتيجة العمالة والخيانة من جانب ونقص الكفاءة والإمكانات والتدريب من جانب آخر.
وقد أصبحت الهجرات إلى "فلسطين" سهلة نظرًا لتردِّي الأوضاع العربية، وتزايد عدد المستوطنات التي أُقِيمت في الفترة بين عامي [1367 هـ = 1948 م] و [1372 هـ = 1953 م] لتبلغ (370) مستوطنة، وخلال الفترة من عام [1367 هـ = 1948 م] إلى عام [1387 هـ = 1967 م] تحولت أكثر من (400) قرية فلسطينية إلى مستوطنات ومستعمرات إسرائيلية بعد أن تَمَّ طرد سكانها منها.
وطوال تلك السنوات لم يقف أبناء "فلسطين" مكتوفي الأيدي أمام هذا الغزو والاستيطان الصهيوني، فقد تصدّوا لتلك الهجرات، وقاوموها بكل السبل، وبرغم الحصار الصهيوني والبريطاني لأبناء "فلسطين" وسياسات التجويع والبطش والإبعاد، فإن حركة المقاومة لم تتوقف يومًا على أرض "فلسطين" ولم تخبُ نيران الغضب الفلسطيني ساعة، فقد تصدوا لموجات الاستيطان وعمليات التهويد ومحو الهوية لتلك الأرض العربية بكل ما يملكون من قوة وشجاعة وإيمان قوي، وقدموا آلاف الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملحمة البطولة والصمود.
وجه الإعجاز:
أخبار الله تعالى باجتماع اليهود في فلسطين وهذا الحدث ما كان لأحد أن يتخيله في أيام النبي صلى الله عليه وسلم لما كان عليه حالهم من ضعف وذل ولكن تحقق ليكون هذا دليلاً واضحاً من آلاف الأدلة على أن هذا القرآن هو منزل ما عالم الغيب الله سبحانه وتعالى.
إعداد فراس نور الحق
مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=mix&select_page=admin)
nouralhak@hotmail.com
المراجع:
لسان العرب
الاستيطان .. التطبيق العملي للصهيونية: عبد الرحمن أبو عرفة.
الناشر: دار الجليل للنشر ـ عمان: [1406 هـ = 1986 م].
على رابط /
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=1586&select_page=1
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[25 - 01 - 08, 11:55 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ أبو زارع ..
تتمة لكلامك؛ آية أخرى لها نفس المعنى الذي أسلفت وهي قوله تعالى: " وإن تعودوا نعد "
ويقال كذلك أن طائفة يهودية تقطن أمريكا تفهم المسألة جيدا من القرآن الكريم وغيره، وتحرم على نفسها القدوم إلى أرص فلسطين خوفا من الوعيد
فسبحان مجري السحاب، يؤمنون بالكتاب، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولكن سبقت كلمة العذاب
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[09 - 01 - 09, 03:04 ص]ـ
لمناسبته في هذه الظروف التي نمر بها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/267)
ـ[أبو عبدالرحمن المقدسي]ــــــــ[13 - 01 - 09, 12:16 ص]ـ
ويقال كذلك أن طائفة يهودية تقطن أمريكا تفهم المسألة جيدا من القرآن الكريم وغيره، وتحرم على نفسها القدوم إلى أرص فلسطين خوفا من الوعيد
فسبحان مجري السحاب، يؤمنون بالكتاب، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولكن سبقت كلمة العذاب
هل هي جماعة ناطوري كارتا؟
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[24 - 01 - 09, 06:35 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا(144/268)
هل كان هارون عليه السلام نبياً؟
ـ[ابو عبدالله الشيباني]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يا أخوان بارك الله فيكم
هل كان هارون عليه السلام أخ كليم الله موسى عليه السلام نبياً؟؟
افيدونا مأجورين وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:43 ص]ـ
قال الله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبوراً - ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك}
وكل رسول فهو نبي.
وقال تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم - ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين - إلى أن قال: {أولائك الذين آيتناهم الكتاب والحكم والنبوة}
وقال تعالى: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً}
وقال تعالى: {فأتياه فقولا إنا رسولا ربك}
والأدلة على نبوته ورسالته كثيرة وهذه الآيات واضحة الدلالة.
ومن السنة حديث مصعب ابن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليا فقال أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه ليس نبي بعدي) رواه البخاري ومسلم.
والاستثناء يدل على نبوة هارون عليه السلام.
وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه "ثم عرج به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة " والحديث في البخاري ومسلم.
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:49 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
قال الله تبارك وتعالى: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا}.
وقال جلّ وعزّ: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذِكْرا للمتقين}.
والأدلة على ذلك كثيرة، لكن حسبك هاتان الآيتان الكريمتان.
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[14 - 01 - 08, 02:09 م]ـ
لعلك تقصد " هل كان رسولا "؟!
هو عليه السلام كان نبيا ولم يكن رسولا.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[14 - 01 - 08, 02:32 م]ـ
لا بل إن هارون عليه السلام رسول من عند الله و لقد بين الأخ الكريم أبوأسامة القحطاني ذلك، إضافة إلى ما نقل قوله سبحانه و تعالى:" ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ" المؤمنون 45.
ـ[ابو عبدالله الشيباني]ــــــــ[14 - 01 - 08, 08:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاتة:_
أخواني فالله جزاكم الله خير الجزاء
واسئل العلي القدير ان يجزل لكم العطاء
نعم كانت الإجابات وافيه وشافيه
واسئله الله العلي القدير ان ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وان يزيدنا علماً(144/269)
المؤرخ عبدالرحمن الرافعي ... سؤال عن القيمة
ـ[وائل عاشور]ــــــــ[15 - 01 - 08, 01:58 ص]ـ
الحمد لله،
أفيدونا يا مشايخنا الكرام عن القيمة العلمية لمؤلفات عبد الرحمن الرافعي،
هل تأريخه محايد أم منحاز، وبماذا تنصحون لمن يريد الاطلاع على تاريخ مصر الحديث؛ أي منذ عهد محمد علي مرورا بفترة الثورة إلى الآن؟!
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو يوسف السلفى]ــــــــ[19 - 01 - 08, 05:09 م]ـ
يرفع للأهمية الشديدة
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[19 - 01 - 08, 09:31 م]ـ
قال العلامة أبو فهر محمود شاكر - رحمه الله - في مقدمة كتابه "المتنبي" المسماة "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا":
- ص93: " فاقرأ الآن معي تاريخك بعين عربية بصيرة لا تغفل، لا بعين أوربية تخالطها نخوة وطنية، كما فعل أستاذنا عبد الرحمن الرافعي، غفر الله له ذنوبه، في كتابه "تاريخ الحركة القومية، وتطور نظام الحكم في مصر". "
- وانظر كذلك: ص95، 102، 105، 108، 109، 111، 124
- ووصفه في ص139، 143، 145 بـ (المؤرخ المُدَجَّن)
جميع كلام أبي فهر يدور حول كتاب عبد الرحمن الرافعي "تاريخ الحركة القومية"
فلا أدري هل ينسحب كلام أبي فهر على جميع كتب عبد الرحمن الرافعي أم لا؟
ـ[أبو يوسف السلفى]ــــــــ[24 - 01 - 08, 09:40 ص]ـ
جزاك الله خيرًا وبارك فيك(144/270)
ما الفرق بين الفيء و الغنيمة؟
ـ[ابو اسحاق]ــــــــ[17 - 01 - 08, 12:06 ص]ـ
ما الفرق بين الفيء و الغنيمة؟
جزاكم الله خيراً
ـ[السني]ــــــــ[17 - 01 - 08, 07:26 م]ـ
الفيء ما حازه المسلمون من أموال الكفار من غير قتال.
والغنيمة ما حازه المسلمون من أموال الكفار نتيجة القتال.
ـ[أبو محمد الرقي]ــــــــ[01 - 02 - 08, 12:44 م]ـ
وتشريع ذلك في سورتي الأنفال والحشر(144/271)
المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر (مقدمة الترجمة العربية)
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 01 - 08, 12:25 ص]ـ
المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر
تقديم المترجم
قرأت هذا الكتاب لأول مرة منذ ما يقرب من عشرين عاما وقلت حينها إنه واحد من الكتب المتميزة التى لا يصح أن تخلو منها مكتبة أحدنا، ثم مرت السنوات و جرفني تيار البحث العلمي إلى ميدان العلاقة بين إسبانيا والحضارة العربية الإسلامية وصورة المسلم كما يقدمها الأدب الإسلامى القديم والحديث. عندها فطنت إلى أن هذا الكتاب ليس مجرد عمل متميز وإنما له أهمية قصوى بالنسبة للمهتمين بهذه المجالات.
هذا الكتاب – وإن كان عنوانه المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر – يعالج مسيرة الاستعراب الإسبانى منذ بدايتها وحتى السنوات الأولى من القرن العشرين ويمهد الطريق أمام الباحثين الذين يريدون التصدي لموضوع الدراسات العربية فى إسبانيا طوال القرن العشرين و خلال السنوات الحالية وأظن أننا فى حاجة إلى أن يقوم احدنا بمثل هذه الدراسات، فمما لاشك فيه أن جهود المستعربين تؤثر تأثيرا واضحا فى تقديم صورة المسلم فى الأدب.
كتاب مانويلا مانثاناريس يحدثنا عما يمكن أن نسميه ملحمة الاستعراب فى القرن التاسع عشر فقد بذل مستعربوا ذلك القرن - كوندى وغايانغوس و سيرافين كالديرون على وجه التحديد - جهودا جبارة من أجل تأسيس حركة الاستعراب العلمي فى بلدهم. لقد ضحى هؤلاء الرجال بالجهد و المال من اجل هذه المهمة الجليلة: مهمة التعرف على ثقافة الآخر التى كانت – ولا تزال – تشكل جزءا من مكونات الثقافة الإسبانية.
والكتاب يلقى الضوء على قضية مهمة هى قضية الأدب الألخميادو وهو الأدب الذى كتبه مسلمو الأندلس كتبوه بالإسبانية لكن بحروف عربية مما جعل دراسته تستحيل على من لا يجيد العربية والإسبانية معا. كانت الريادة فى مجال دراسة الأدب الألخميادو من نصيب مستعربى القرن التاسع عشر فهم الذين انفقوا من وقتهم وجهدهم ومالهم الكثير من أجل الحصول على مخطوطات ذلك الأدب ثم على نشره ودراسته. كل ذلك مهد الطريق أمام المهتمين بهذه الدراسات فى الوقت الحاضر من أمثال غالميس دي فوينتيس وغيره.
لقد تابع المهتمون بالحضارة العربية الإسلامية و أثرها فى إسبانيا ذلك الجدل الذى دار فى أوائل القرن العشرين بين أميريكو كاسترو وسانشيث البورنوث، فالأول يرى أن إسبانيا مدينة لحضارتنا من عدة جوانب، والثانى يرى أن المسلمين هم السبب الذى أدى إلى تخلف إسبانيا عن بقية بلدان أوروبا. والمطالع لكتاب مانويلا مانثاناريس يكتشف أن الجدل الفكرى لم ينشأ فى القرن العشرين بل فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ولنا أن نضيف هنا أن الجدل لم ينته حتى الآن، فمنذ أقل من ثلاثة أعوام نشر أحدهم كتابا يحاول فيه أن ينفى أى اثر للحضارة الإسلامية فى إسبانيا، ولا نظن أن يقف الأمر عند هذا الحد بل نتوقع صدور المزيد والمزيد من الدراسات حول هذا الموضوع الحيوى بالنسبة لتاريخ إسبانيا وثقافتها. هذا يعنى ببساطة أننا لسنا إزاء كتاب قديم عفا عليه الزمن بل كتاب يعالج – بين أمور أخرى- قضية متجددة.
والكتاب يعالج قضية أخرى معاصرة: إن الجميع يتحدثون الآن عن صورة المسلم كما يراها الأدب الغربى، ومن يتصدى لدراسة صورة المسلم فى الأدب الإسبانى على وجه التحديد سيدرك على الفور ذلك التحول الهائل الذى طرأ عليها. لقد صور أدب العصور الوسطى وأدب العصر الذهبى فى إسبانيا المسلم على أنه يتصف بكل نقيصة. كان المسلم آنذاك بالنسبة لبعض الكتاب شخصا مجهولا، ولم يعرفه الإسبان فى القرنين السادس عشر والسابع عشر إلا فى ميدان الحروب فوصموه – عمدا أو جهلا بحقيقته – بكل الرذائل التى يمكن أن يتصف بها البشر, أما عندما بدأ المستعربون فى دراسة التراث العربى الاسلامى فقد أدركوا أن المسلم – وان كان عدوا فى تلك السنوات- صانع حضارة وصاحب فضل على أوروبا وذو حس مرهف. هذا الاكتشاف انعكس بشكل أو بآخر على صورة المسلم التى تظهر فى الأدب، فقد رأينا فى السنوات الأخيرة من القرن العشرين – وما زلنا نرى – أدبا يقدم وجهة النظر الأخرى: و جهة نظر المسلم فى الأحداث التى عاشتها شبه جزيرة ايبريا. هذا الأدب يظهر فيه المسلم بشكل موضوعى، و هذا اتجاه جديد ومحمود فى أدب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/272)
إسبانيا.
هناك قصة صغيرة تعلق بهذا الجانب الأخير، فحين وقعت حوادث الحادى عشر من سبتمبر 2001 فى أمريكا كنت فى مهمة عمل فى مدريد، ولمست بنفسى ذلك التغيير الهائل فى طريقة التعامل مع العربى أو المسلم أو الشرقى فى دول أوروبا. فى أعقاب ذلك الحادث لم يكن أحد فى وسائل الإعلام الغربية يجرؤ على معارضة الاتجاه العام السائد هناك: المسلم والإرهابى مترادفان. لم يخرج عن الإجماع فى إسبانيا إلا أديب عاش بين العرب والمسلمين وعرف عنهم الكثير. خرج خوان غويتيسولو عن الإجماع، وسبح ضد التيار، وقال فى شجاعة إنه من الخطأ الفادح أن تتخذ أمريكا ما حدث ذريعة للتغاضى عما يحدث للشعبين الفاسطينى والشيشانى، وإنه من الخطأ الفادح كذلك أن يقارن ياسر عرفات بأسامة بن لادن، وأن يستمر حصار الشعب العراقى، وقال إن الإرهاب ليس حكرا على من يعتنقون الدين الإسلامى، وإن هناك إرهابيين ليسوا مسلمين، وحذر أمريكا من الانتقام من دولة ما قد يثبت بعد ذلك أنها لا علاقة لها بما حدث. قال غويتيسولو كل ذلك بعد أسبوع واحد من حادثة سبتمبر. نعم لقد ردد هذا الكلام كثيرون فيما بعد، لكن البوح بذلك فى أوروبا وبعد أسبوع واحد كان شجاعة بكل المقاييس إن لم يكن تهورا.
أعود مرة أخرى إلى أحداث سبتمبر، فقد أسهمت بشكل أو بآخر فى تأخر ظهور هذا الكتاب. لقد أصبح الرعب يسيطر على الجميع فى أمريكا مما عرف باسم الجمرة الخبيثة، وكان كل خطاب صادر من دولة عربية أو إسلامية يفحص جيدا، وكان ذلك يؤدى إلى تأخر وصول الرسائل. لهذا كانت مراسلتى مع المؤلفة –التى كانت ولا تزال تقيم فى أمريكا- تمر عبر إسبانيا حتى لا تستغرق وقتا أطول.
أظن أن الجهد المبذول فى الترجمة ضئيل إذا ما قورن بأهمية الكتاب، خاصة وأن المؤلفة واحدة من أبرز المهتمين بالدراسات العربية فى إسبانيا، فقد نشرت –بالإضافة إلى هذا الكتاب- دراسات عن الأدب الألخميادو وعن الأشعار ذات الطابع الدينى التى كتبها مسلمو الأندلس، وعن كتاب السمرقندى، وعن مقدمة ابن خلدون، كما كتبت تعليقات حول كتابى ابن قزمان والموشحة وعروض الشعر الإسبانى لغارثيا غوميث، وحول كتاب ملحمة المغازى لغالميس دى فوينتيس، وحول دراسات عن الموريسكيين فى تونس لميكيل دى إيبالثا.
وفى النهاية أشكر المؤلفة على تعاونها الصادق وحرصها على أن يخرج هذا العمل فى أحسن صورة ومتابعتها المستمرة لمراحل نشر الكتاب، فبرغم بلوغها الثالثة والتسعين فهى تبارى الشباب من الباحثين من حيث المثابرة والرغبة فى الوصول إلى المعرفة. لا يفوتنى كذلك أن أتوجه بالشكر العميق إلى الصديق الكريم فيرناندو دى أغريدا الذى بذل من وقته وجهده الكثير حتى يخرج هذا العمل إلى حيز الوجود.
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.
جمال عبد الرحمن
مدريد-القاهرة سبتمبر 2001
ـ[نواف البيضاني العمري]ــــــــ[24 - 01 - 08, 05:00 م]ـ
ما شاء الله جهد جبار و أشكرك أخي على تصديك لترجمة هذا الكتاب الذي من مقدمتك أحسست بمدى قيمته العلمية لكل مهتم بأمر التارخ الأندلسي العريق، وقد شوقتني للبحث هن لقراءته ..
تحية اجلال وعرفان لك أخي الكريم ..(144/273)
جهود علماء العراق في الردّ على الشيعة
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[17 - 01 - 08, 08:51 ص]ـ
جهود علماء العراق
في الردّ على الشيعة
مع مقدمة مختصرة في تاريخ تشيع العشائر العراقية
عبد العزيز بن صالح المحمود
(القسم الأول)
مقدمة مختصرة في تاريخ تشيع العشائر العراقية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين [1].
مقدمة:
فهذا هو القسم الأول من بحث مختصر حول جهود علماء العراق في الرد على الشيعة في الفترة الممتدة من نشوء الدولة الصفوية في إيران وحتى سقوط الدولة العثمانية، حاولت فيها أن أوضح جهود علماء العراق في مقارعة التشيع كدين وفرقة منحرفة.
وما ذكرناه من جهود هو ما تمكنا من الوصول إليه، وإلا فهناك جهود لا تزال حبيسة المخطوطات في بطون المكتبات العامة والخاصة لا يعلم عنها شيء.
وهذه الجهود ليست مقصورة على مذهب أو جماعة من أهل السنة كلا بل هي عامة لكل أهل السنة بمختلف مذاهبهم الفقهية أو مناهجهم العقائدية، فتكوين العراق السُني المذهبي في تلك الأيام هو:
*حنفي المذهب (وهو المذهب الغالب في العراق بين العرب والتركمان).
*الشافعي (وهو مذهب بعض العرب السُنة والأكراد) [2].
*المالكية (وهذا مذهب بعض أهالي سنة جنوب العراق إلى أن اختفى وتبدل بالمذهب الحنفي ولا يزال بعض كبار السن من أهل السنة في الجنوب العراقي يقولون نحن موالج باللهجة العامية العراقية بتبديل الكاف جيما؛ أي موالك)، وليس هذا غريبا فالمالكية كانوا بالعراق لغاية القرن السادس للهجرة ثم انحسر وجودهم وبقي قسم منهم على شواطئ الخليج والإمارات المتحدة أهلها أكثرهم مالكية.
*وقليل من أهل الجنوب حنابلة في قصبة الزبير في محافظة البصرة.
أما العقائد السُنية في العراق في يومها: فهي الماتريدية والأشعرية، وقليل من السلفية من بقايا أهل الحديث، و ازداد عددهم مع تأثر العراقيين بحركة محمد بن عبد الوهاب في بلاد نجد.
والطرق الصوفية المعروفة في العراق هي القادرية والنقشبندية والرفاعية، وكانت غالبة على العراقيين في ذلك الوقت.
كل هؤلاء ـ بكل مذاهبهم وعقائدهم وطرقهم ـ ساهم في رد التتشيع والدعاية ضده. وثمّة جهد غير منظور، ألا وهو التدريس والدعوة وثقافة مقاومة التشيع ومقارعته واعتبار مواجهته جهاداً.
ولقد كان لأهالي بغداد خصوصا والعراق عموماً وقفات شجاعة في مواجهة الغزو الصفوي الشيعي، فقد نقل المحقق عماد عبد السلام رؤوف في تحقيقه لكتاب (زبدة الآثار الجلية في الحوادث الأرضية) لداود جلبي في هامش (ص62 - 63) وصفا لأهالي بغداد ومقاومتهم الجيش الصفوي الذي أرسله الشاه عباس لاحتلال بغداد وقتل سُنتها وذلك سنة 1032م بعد حصار أكل الناس فيه لحوم الحيوانات والآدميين: ( ... يصف المؤرخ محيي الدين العباسي قاضي تكريت المعاصر للأحداث كفاح أهل بغداد في تلك الأيام العصيبة فيقول: (أن أهل بغداد قاموا بأعمال عظيمة قلما أمة قامت بها، بأن حاربوا الشاه وقتلوا منه كثيراً .... وقد شحنوا أبواب السور بكثرتهم وصعدوا الأبراج يرمون من مزاغلها العدو بالنشاب وليس من يعينهم ويدير حركاتهم، ومع هذا قاموا بحرب دامية استظهروا بها على العجم، وفتحوا باب السور الوسطانية وخرجوا عليهم بالسيوف والخناجر وصارت ملحمة في الباب وعلى قناطر الباب، دامت ثلث النهار حتى ملئ الخندق بأشلاء العجم، ولما تراجع عسكر العجم من أطراف المدينة وقوي ساعدهم أوصدت الباب العالي ودام القتال إلى الليل ثم رجع العجم إلى مضاربه وخيامه، وتركوا قتلاهم وجرحاهم في الخنادق لا يحصون، ولما كان الغد أخذ أهل بغداد يقوون أخوانهم في الأبواب ويشحنونها بالمقاتلة، والنساء ينقلن إليهم الطعام و يزغردن فرحاً وتشجيعاً وكل هذا والمدينة خالية من الجند .. ) نقلا من مخطوط نشر قسم منه في جريدة العراق 27 حزيران 1930 م) ا. هـ ([3]).
وما كان الناس في يومها ليدافعوا لولا ثقافة سُنية أصيلة غرست فيهم ترفض التشيع، ولولا ثقافة أودعها فيهم أهل العلم والدعاة.
ولما رفض الأكراد السُنة قبول التشيع وفضلوا النفي على التشيع، حدث هذا في زمن الشاه عباس الصفوي فشرد (15000) عائلة كردية إلى خراسان، كما ذكره محمد أمين زكي في كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) (207،208، 211).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/274)
والدارس لأحوال العراق يجد هذه الجهود والأعمال متذبذبة بحكم الوضع السياسي فتارة تنشط وتارة تفتر. ومرد ذلك الوعي بحقيقة التشيع وخطره سواء عند العرب والتركمان والأكراد هو جهود علمائه ودعاته في هذا المجال، ولهذا وقف أهل العراق مع كل وال أو حاكم أو خليفة يخلّصهم من التشيع وأهله.
ولأهمية هذا الوعي في وقاية بلادنا ومجتمعاتنا من أخطار التشيع القادمة أذكر قصة ذكرها لي أحد الأخوة الباحثين الأفاضل حول سفر أحد فضلاء بغداد بعد دخول الصفويين بها إلى استانبول عاصمة الدولة العثمانية واحتياله لدخول قصر السلطان والأذان فيه بـ "حي على خير العمل" (أذان الشيعة) فأمر الخليفة العثماني بإحضاره وسأله عن سبب صنيعه هذا؟ فأجابه قائلا: هذا الأذان سيصل لقصرك وسيشيع في بلدك هذا إن لم تنقذ بغداد من الصفويين؛ فهبّ السلطان لنجدة بغداد و تحريرها و تمّ له ذلك.
وهكذا يفعل فضلاء العراق اليوم يؤذنون في كل عواصم الدول العربية؛ في الأردن ومصر والسعودية ودول الخليج والسودان واليمن وغيرها من بلاد الله، منذرين شعوبها وحكامها علّها تلامس أسماعهم مثلما لامست صرخة تلك المرأة أذن المعتصم أوعلها تفعل ما فعله أذان العراقي الذي أذن في بلاط الخليفة العثماني، فيهبوا جميعاً بكل الوسائل والحيل والفرص كي ينقذوا اليوم سُنة العراق بل العراق أجمعه، فلا يحفظ العراق إلا سُنته، وأهل السُنة أحن على الشيعة من أنفسهم، وليذكر الشيعة أيام حكم السُنة خير لهم أم أيام حكمهم بعد الاحتلال (عهد الجعفري والمالكي)!!؟؟.
وأرجو من المولى عزّ وجل أن لا يصدق في العرب والمسلمين قول الشاعر عمر أبو ريشة رحمه الله:
ربّ وا معتصماه انطلقت ...... ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهملكنّها ...... ... لم تلامس نخوة المعتصم
ولعل في ذلك تحفيزا وإيقاظاً لنفر من أهل جلدتي من السُنة، سواء كانوا من أهل بلدي العراق الجريح، أو من بلد من بلدان العالم الإسلامي يحمل عقيدة أهل السُنة والجماعة، أو شريك في الدم والعرق تدفعه عروبته لشيء من الغيرة، ويدفعه قول الشاعر يوم رأى الشعوبية تعمل عملها في أيام حضارتنا الأولى (نهاية الدولة الأموية) فقال يصف الشعوبيين الفرس:
يدينون ديناً ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ
فمن يكن سائلاً عنأصل دينـ ـهم فإنّ دينهم أن تُقتل العربُ
والله ولي التوفيق
نبذة عن العراق وشيعته وتشيّع قسم من أهله وعشائره
أعتقد أنه من المهم بداية أن ألقي بعض الضوء على تاريخ الشيعة بالعراق وأسباب تشيع بعض العشائر في الجنوب، لتتضح للقارئ قيمة هذه الجهود العراقية في الرد على الشيعة، فهي ليست جهود مبعثها الفراغ وحب النزاع أو الترف الفكري، ولكنها جهود دافعها التصدي للعدوان والطغيان الشيعي الصفوي.
فمن المعروف للباحثين في الشأن العراقي أنّ بلاد العراق هو منشأ التشيّع الأول، ومدينة الكوفة- التي بناها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- كانت ملاذا للشيعة الأوائل [4]، وفي العراق قبور من يقدسهم الشيعة ويعتبرونهم – حسب زعمهم – أئمة معصومين؛ حيث قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مدينة النجف، وفيه استشهد الحسين على أرض كربلاء، ومعه أخوه العباس وجميع شهداء معركة كربلاء، وفي بغداد قبر موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد، وفي سامراء قبر علي الهادي وولده الحسن العسكري رضي الله عنهم أجمعين، وفي العراق أيضاً خرافة الشيعة ومحل غيبة المهدي المنتظر وغير ذلك كثير من القبور الصحيحة والمفتراة.
فالعراق بلد مقدس عند الشيعة، ورغم كلّ ذلك لم يكن العراق في يوم من الأيام بلدا شيعيا، لا شعباً ولا حكومة، بل كان العراق سُنيا منذ عهد الأمويين ثم العباسيين ثم إبان حكم المغول وبروز دولة اللإلخانيين ثم دولة الجلائريين ثم دول التركمان (الآق قونيلو، والقرة قونيلو) ثم من بعدهم العثمانيين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/275)
فعلى مرّ هذه الحقب والعراق [5] بشماله وجنوبه وشرقه وغربه بلد سُني حاكما ومحكوما، ويؤيد ذلك أن كل الرحالة والمؤرخين العرب والأجانب عندما مرّوا بالعراق أو بغداد ووصفوهما فإن كل هؤلاء ذكروا معالمه الأثرية سواء كانت المساجد أو المقابر أو التكايا أو الزوايا الصوفية أو دور العلم أو المدارس والربط والقصور كلها تدل على أصالة الوجود السُني، وأنه هو الأصل في كل تاريخ العراق وحضارته.
فقد مرّ بالعراق ابن بطوطة، والرحالة الإيطالي ماركو بولو، ومن ثم حمد الله الفارسي المتوفى سنة (740 هـ/1339م) ومن ثم التركي نصوح السلاحي المطراقي الذي رافق السلطان سليمان القانوني في فتحه بغداد (944 هـ/1536م) ورسم صورة لمدينة بغداد، والرحالة الفرنسي جزبز تافرنيه (1632 - 1652م)،ومصطفى بن كمال الدين محمد الصديقي الدمشقي (1162هـ/1749م) والدانماركي كرستين ينبور (1766م)،وصموئيل إيف (1779م) وكي لسترانج، وفيلكس جونس وكولينكوود (1853 - 1854م) ثم رشيد خواجة (1908م) كل هؤلاء الشهود الرحالة والجغرافيين شاهدوا العراق ووصفوه ورسموا خرائط للعراق ولبغداد، ولا تكاد تجد بغداد أو العراق إلا بلدا سنيا إلا يسيرا أو قليلا من المواطن الشيعية هنا وهناك.
نعم في العراق شيعة في بؤر ومناطق متفرقة؛ فالشيعة كانوا أول الأمر في الكوفة وهناك كان مركز التشيّع العلمي ثم ضعفت الكوفة، و تحول مركز العلم الشيعي من الكوفة إلى مدينة النجف – كان هذا في القرن الرابع الهجري – وبرزت بعد ذلك الحلّة المزيدية، وأصبحت الحلة ومن ثم النجف مراكز التشيع في العراق؛ بها مدارسهم وعلماؤهم [6]، و في العهد العثماني برزت مدينة كربلاء بعد أن كانت قرية صغيرة، ولا ننسى أن في غرب بغداد وفي الكرخ [7] كانت هناك محلات للشيعة في زمن الدولة العباسية. كما كان في بغداد قبر موسى الكاظم وحفيده وجامع براثا، وبقية بغداد كلها سني بجانبيه الرصافة والكرخ.
وكذا العراق فكلّه بلد سُني سواء في عاصمته بغداد وفي جنوبه البصرة وفي شماله الموصل أو ولاية شهرزور ([8]). واستمر هذا الحال في كل العهود التي تلت سقوط بغداد:
ففي عهد الإليخانيين (656 - 738هـ / 1258 - 1338م) وهم المغول وبعد أن خربوا بغداد وقتلوا أهلها:
- جاء إلى بغداد من سكنها من العشائر من حولها وأصبحت بغداد أكثر سنية فقد اندثرت حتى مدينة الكرخ الشيعية.
- ثم من بعدهم جاء الجلايريون (738 - 795 هـ) (1338 - 1392 م).
- ثم حكم تيمورلنك المغولي (795 - 808 هـ) (1392 - 1411م).
- ثم حكم الجلائريون [9] (808 - 874 هـ) (1411 - 1469م)
- ثم حكم التركمان الآق قوينلو والقرة قوينلو (874 - 914 هـ) (1469 - 1508م)
في كل هذه الفترات كان الحكم سنيا [10] بحتا لمدينة بغداد والعراق.
- ثم احتل الصفويون بغداد وجزءا من العراق سنة (914 - 930هـ /1508 - 1523 م) ونصروا الشيعة وقتلوا السنة، لكن بغداد والعراق بقيا بلدا سنيا.
- ثم طرد أمير كردي هو (ذو الفقار) الصفويين واحتل بغداد (930 - 936هـ /1523 - 1529م).
- وعاد الشاه طهماسب الصفوي واحتل بغداد (936 - 941هـ /1529 - 1534م).
- لكن العثمانيين الأتراك السُنة أنقذوا بغداد في يوم 24 جمادى الآخرة سنة (941هـ /1534م) [11] وعاد العراق سُنيا من جديد كما كان دائما.
- ثم في سنة (1030 هـ/1621 م) احتلت بغداد وبعض العراق من قبل الصفويين الذين بقوا إلى سنة (1048هـ /1633م) بيد أن العثمانيين السُنة أنقذوا بغداد والعراق من جديد بتاريخ 18 شعبان وظل العثمانيون إلى سقوط العراق بيد الأنكليز سنة 1917م. لذلك يقول كل المؤرخين الفتح العثماني بينما يقولوا الغزو الصفوي.
محاولات الشيعة لحكم العراق:
وقد حاول الشيعة قديما حكم البلاد إبان سيطرة البويهيون [12] على الحكم العباسي (320 - 447 هـ) إلا أنه ومع نصرة البويهيين للتشيع بقي العراق وأهله سُنة، وبقي حكام العراق هم العباسيين السُنة وإن كان حكمهم شكليا للبلاد، ولم يكن بوسع البويهيين إعلان التشيع؛ لأن أهل العراق السُنة يومها كانوا سيرفضون هذا الخيار، فعلماء العراق ومدارسهم كلها سُنية ولا تعرف في بغداد أي مدرسة شيعية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/276)
وكانت مساعي الشيعة مستمرة لنصرة مذهبهم فتأسست دولة المشعشعين في بلاد الأحواز ([13]) بين سنتي (840 - 914 هـ) وقد حاولت نشر التشيّع في الجنوب فنجحت في ذلك في مناطق البطائح (الأهوار) وهي الآن في محافظة ميسان ومركزها العمارة ([14])؛ وسبب ذلك يعود إلى أن أهل هذه المناطق غير تابعين لسلطة الدولة، ويثورون على كل حاكم، ويعيشون معيشة متخلفة بعيدة عن الحضارة والمدنية، وحياتهم قائمة على تربية الجاموس وصيد الأسماك والتنقل بين الأهوار، ومساكنهم من قصب [15]؛ لذا لم تستقر عندهم حضارة ولا مدارس علم ولا مساجد، وكان تشيعهم مردّه عدم وجود محصّن لهم ثقافي أو حضاري يحميهم.
وكان هَمُ المشعشعين الغزو والسطو على البلاد، فناسب أهل البطائح عقلية المشعشعين وأفعالهم لذلك كان هذا أحد أسباب قبولهم للتشيع؛ فهذا مؤسسهم محمد بن فلاح عندما ظهر سنة 840 هـ في الكوفة وأدعى المهدية وكان قد خلط التصوف المنحرف بالتشيع، وادّعى ألهوية علي، فأفتى شيخه الشيعي أحمد بن فهد الحلي (ت:841هـ) بقتله، فهرب إلى الأهوار وحماه سكان الأهوار المعدان (المعادي) والتفوا حوله، وهم أول جماعة حمته وكون معهم دولته، والعشائر المتأثرة به وقتها هم: بنو سلامة والسودان وبنو أسد وبنو طي وبنو حطيط،وهؤلاء تأثروا بتشيعه الغالي وشرعوا بالإغارة على المدن السُنية كمدينة واسط (قبل أن تندرس) ومدينة جصّان [16] فقاتله أهلها السُنة وذلك في سنة 844 هـ وبعد مرور عام سيطر على مدينة الحويزة وانضم إليه من القبائل العربية: عبادة وبنو ليث وبنو سعد، وهذا يعني أن بواكير انتشار التشيع في الجنوب بدأت من محمد بن فلاح المشعشعي [17].
وكذا كان لبروز الدولة الصفوية [18] في بلاد إيران على يد الشاه إسماعيل الصفوي دور آخر في نشر التشيع في العراق، بعد أن شيّع أهالي إيران السُنة عنوة ثم غزا العراق واحتل بغداد وقتل كثيرا من أهل السنة، وحاول تشييع العراق كله ولم يفلح، إلا أن التشيع أخذ بالازدياد في جنوب العراق لعدة أسباب فصلناها في بحثنا (تاريخ تشيّع العشائر العراقية) يسر الله نشره.
ونستطيع تلخيص بعض هذه الأسباب الرئيسة لتشيّع الجنوب والوسط:
الجنوب والوسط عبارة عن قبائل غير مستقرة، ثائرة باستمرار على الدولة المركزية في بغداد، وأصول هذه القبائل بدوية قادمة من جزيرة العرب إما لطلب الماء والكلأ، وإما هربا من عدو قوي أو دم و ثأر، أو فرارا من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه بعد أن جرى القتال بينهم وبينه.
عدم الاستقرار هذا أدى إلى انعدام الحضارة فيه؛ فلا مدن رئيسية فيه؛ فالسائر في تلك الأيام من مدينة بغداد إلى البصرة بمحاذاة نهر دجلة لا يلاحظ وجود أي مدينة هناك سوى واسط وهي مدينة انتهت في القرن التاسع للهجرة، أما إذا سرت مع الفرات فلا توجد سوى مدينتي الحلة والنجف (وهما مدن شيعية منذ القدم) ثم تأتي بعد ذلك مدن وقرى صغيرة إلى أن تصل للبصرة.
ولا تكاد ترى في كتب التراجم والتاريخ أي مؤلّف أو عالم أو أديب سُني ينتمي لتلك المناطق، فهي مناطق مهملة حضاريا وغير منتجة لأي جهد مبدع أو حتى جهد عادي، فلا تتوفر فيها مدارس للعلم و ليس فيها إلا القليل من المساجد، ولا زالت هذه المناطق إلى عهد قريب تعيش في جهل مبين، ومبادئ الدين وأصوله مغيبة عن معظمهم. هذه النقطة كانت مرتكز دعوة الشيعة في الجنوب وبعض الوسط.
والحقيقة إن التشيع لم يدخل للجنوب بعد تكوين الدولة الصفوية بل بقي الجنوب سنيا و في القرن الحادي عشر وبعد استقرار التشيع في إيران وشعور علماء الشيعة في لبنان والبحرين و العراق (النجف والحلة) أن ثمّة دولة شيعية (الصفوية) تدعوهم لدعم التشيع، وذهاب عدد من العلماء للشاه الصفوي وتأليفهم كتبا عديدة له، يومها بدأ التخطيط لتشييع جنوب العراق لقلة العلماء السُنة بينهم وندرتهم باستخدام عدة وسائل منها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/277)
* مجالس التعزية الحسينية في شهري محرم وصفر؛ وهي عبارة عن قصائد حزينة تحكي مقتل الحسين رضي الله عنه وتحمّل أعداءه السُنة (على حد تعبير الشيعة) دمه إلى يوم القيامة، ويجري فيها البكاء واللطم، وقد كانت عشائر الجنوب تؤثر عليها النظرة المقدسة لآل البيت ومن ينتسب لهم، فقد كان للأحداث الدامية الأليمة التي مرت بمقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما الأثر البالغ في انحياز العديد من القبائل العربية في العراق إلى آل بيت النبي الكريم والتعاطف معهم، بل والقتال وبذل الدماء لنصرتهم رضي الله عنهم هذا قديما وبقيت جذوره موجودة فيهم [19].
* المواكب الحسينية، وهي مسيرات يتم فيها ضرب الظهور واللطم وجرح الرؤوس بالطبر (آلة حادة مثل السكين، لكنها أكبر) وتستخدم فيها أصوات الطبول والبوق مع قصائد حزينة.
هذان الأمران أحدثتهما الدولة الصفوية واستخدمتهما في العراق والهند لنشر التشيع، علما أن في بداية الأمر لم يكن العربي يقبل هذه الأفعال وإنما ينظر لها ويشاهدها دون أن يمارسها أما من يقوم بها فهم الفرس والهنود والأذريون القادمين للزيارة وإحياء ذكرى مقتل الحسين في عاشوراء، ومع مرور الزمن أصبح أهالي الجنوب والوسط من العشائر العربية هم من يفعل ذلك.
* زيارة المراقد المقدسة عند الشيعة وترتيب أجور على هذه الزيارة، وقد زخرف الصفويون مقامات وأضرحة الأئمة الشيعة بالذهب والزخارف كي تسلب لب هؤلاء الأعراب.
* استخدام الفرس زواج المتعة بجلب نساء من إيران لممارسة المتعة بين قبائل وعشائر العراق الجنوبية والوسطى العربية، التي تأبى هذا الفعل مع نسائهم العربيات لأنه عار، بينما يرتضيه شيخ العشيرة أو الوجيه مع نساء من غير العرب يهبن أنفسهن بدراهم معدودة أو مجانا؛ فهي دعارة حلال أو شرعية (كما يسميها بعض الشيعة).
* انتقال مركز التشيع من إيران إلى العراق في كربلاء والنجف، فحين قضى الأفغان على الدولة الصفوية واستولوا على إيران وأرادوا إعادتها كما كانت دولة سنية سنة 1722 م، هربت مئات العوائل الفارسية للعراق وممن هرب كبار علماء الفرس الشيعة وذلك خلال الفترة ما بين (1722 - 1763 م) و.
*محاولات بعض حكام إيران تطبيق ونشر التشيع أثناء إحتلاله بعض المناطق العراقية فعندما احتل كريم خان زند الإيراني الشيعي مدينة البصرة سنة 1766م طبق الصلاة على الطريقة الشيعية ونشر خطب الجمعة، وسك عملات عليها أسماء الأئمة الأثني عشر، وزامن هذا ضعف العثمانيين وصعود دور المماليك في العراق سنة 1747م والذي شهد فيه العراق فوضى عارمة استغلها الشيعة العجم مع الفرس ودخلوا العراق بشكل كبير.
* الأعمال الخيرية لدولة أوذه الشيعية في شمال الهند (1720 - 1856م) حيث حوَّل حكام أوذة ووزراؤها ووجهاؤها أكثر من مليون روبيّة للأغراض الخيرية والمشاريع الاقتصادية والوظائف الدينية، فساهمت كثيراً في دعم المجتهدين الفرس في النجف وكربلاء، الذين كانت لهم صلة بدولة أوذة، وابتداءً من تشرين أول سنة 1852م أصبحت تبرعات أوذة الخيرية تدفع عن طريق الوكيل السياسي البريطاني في العراق، الذي منحت له سلطة قانونية للإشراف على إنفاق المال، وكان يقوم باختيار المجتهدين الشيعة الذين يتولون التصرف والتقسيم لهذه الأموال، منهم خمسة هنود، معادلة للهيمنة الإيرانية.
وبحلول عام 1908م أشيع أن القسم الأعظم في هذه الأموال يدفع للمجتهدين الإيرانيين؛ لأن البريطانيين يفكرون بالاستيلاء على إيران ويحتاجون لمساعدة علماءهم لتسهيل هذا الاحتلال [20] [21]. . حتى عبّرت الدولة العثمانية عن ذلك بقولها " الدفعات السرية للأماكن المقدسة من السلطات الهندية البريطانية"
* مجيء كم كبير من تجار الفرس الشيعة واستقرارهم في المدن المقدسة الشيعية ككربلاء والنجف وفي بغداد في محلة الكاظمية ومدينة سامراء.
* تطوير النظام العشائري الذي تحول من بداوة إلى استقرار في الريف، والذي أدى إلى تقليص سلطة الشيوخ (شيوخ القبائل) وظهور سلطات جديدة مثل:
- السراكيل الذين كان دورهم كمراقبي عمل وكانوا وسطاء بين مالك الأرض والفلاحين وكانت وظيفتهم بالدرجة الأولى تنحصر في إبقاء الأرض مزروعة ليتسنى تحصيل الفوائد للملاك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/278)
- فئة أخرى يطلق عليها اسم السادة (جمع سيد) [22] ينتشرون في المناطق العشائرية، لهم منزلة دينية مرموقة كون أن نسبهم يرجع إلى أسرة النبي الكريم على حسب قولهم. وقد تعزز موقعهم عندما عملوا كأولياء، وكان بعضهم يدعي امتلاك قوى خارقة لعلاج الأمراض، وكان لدعائهم وزن معنوي عند سكان الأهوار، وقد حظي هؤلاء بقدسية عند رجال العشائر الذين كانوا يقسمون الأيمان بأسمائهم، وكانت منزلتهم العليا تتجلى في حقيقة إنّ دية السيد القتيل هي ضعف دية الشخص الاعتيادي.
وكان السادة يمنحون موافقتهم ومباركتهم في الأعراس والختان ومراسيم الجنازة، وهم الوحيدون الذين يقرؤون ويكتبون حينذاك وكانوا بمثابة همزة وصل لأهل العشائر مع العالم الخارجي.
كما أعطيت للأشراف (السادة) في الجنوب (قبل التشيع) منزلة تعززت بسبب عقدة عشائر الجنوب تجاه قضية مقتل الحسين، هذا الأمر الذي بقي متأصلاً فيهم، ولا يقدم على الأشراف سواهم حيث كان الشريف يُفضّل في ترؤس الحلف المبرم بين القبائل المتعددة كما هو معروف في (حلف المنتفق أو المنتفج).
- كما كانت هناك فئة ثالثة تدعى بـ (المؤامنة) أو (العالم) وهؤلاء ليسوا بالضرورة من آل البيت ولهم منزلة أدنى من السيد، تدخل في الهيكل التشكيلي للمجتمع العشائري، وكانوا يُرسلون عادة من قبل الحوزة العلمية في النجف، وهم من خريجي المعاهد الفقهية ومفوضون في تسوية أمور الزواج والطلاق والميراث، وكانوا يقيمون المراسيم الدينية ويقودون المواكب الحسينية، و يعتقد أنهم من ادخلوا زواج المتعة إلى الجنوب العراقي، وبذلك أتيحت الفرصة لشيوخ العشائر الاقتران بعدد من الزيجات ولو كانت مؤقتة.
* وقد هاجر العديد من أسر الأشراف السُنية من الحرمين وغيرها إلى بلاد الرافدين كأسرة أبي طبيخ التي هاجرت من الإحساء بحدود 1214 ه، وأسرة السعدون من الحجاز قبل أربعة قرون، و (البو محمد) من الحجاز سنة 1213 ه، والسادة العذارية - نسبة إلى زيد بن علي بن أبي طالب - من المدينة النبوية، وكذا آل زوين قبل عدة قرون، وكما سبق ذكره فإن التشيع أعطى هذه الفئة ميزات لا تعطى للسيد السني؛ وإذا ما نزل شريف من الأشراف أو السيد بما هو المصطلح عليه في العراق فله المكانة العالية وينظر له بقدسية كبيرة، وإذا كان متواضع الحال أو معدماً منحه شيخ القبيلة أرضاً خصبة، ويوثق تلك المنحة بصك شرعي كما فعل شيخ الخزاعل لأسرة آل أبي طبيخ بحدود عام 1214 ه.
وكذلك ما فعلته قبيلة (العنافجة) إحدى فروع قبيلة آل كثير مع السيد أحمد الجابري الذي هاجر من العمارة على أثر خلاف بينه وبين والده، حيث أنزلوه منزل إجلال وإكرام وأعطوه أرضاً مزروعة.
لأن القبائل المتواجدة في وسط وجنوب العراق يعتبرون أن للسادة حقاً في أملاكهم الخاصة وكذا في وارداتهم السنوية فيقدمون ذلك مع الطاعة. يقول عبد الجبار فارس (شاهد عيان): " ويندر أن نجد قرية خلت منهم أو عشيرة لا يحط معها بعضهم، وهم أينما حلوا كانوا من المقربين عند الشيوخ ولهذا صاروا يقطعونهم قسماً من أراضيهم ويخصصونها ملكاً لهم ... ".
بل نجد (التجمع القبلي) المكون من قبائل شتى يسمى أحياناً باسم الأسرة التي تنتمي إلى الرسول وحلت بينهم كـ (آل سيد نعمة)، حتى بلغ الأمر بأمير المحمرة (من مقاطعة الأحواز - خوزستان - عربستان) خزعل بن جابر الكعبي العامري (ت 1355 ه / 1936 م) قوله المشهور لما طلب منه أحد أفراد أسرة السيد هاشم النزاري أن يسمح له بقتله وذلك لتحريضه القبائل ضد خزعل: " لو أعطيت ملك الدنيا لما رضيت أن ألاقي ربي ويداي ملطخة بدم علوي ".
وبناء على هذا التصور وهذه القدسية والهالة التي تحيط بأي أسرة علوية تنتسب إلى رسول الله. ونظراً لما يتمتع به السيد وسط القبيلة من مميزات ومكانة المذكور بعضها آنفاً، أكثر الادعاء بالسيادة، وقل من هو مقطوع بنسبه كما يقول العزاوي.
ولكثرة السادة وازدياد نفوذهم تنبه فريق من الناس لتلك الظاهرة وأخذوا يتساءلون عنهم مما اضطر مدعي السيادة أحياناً إلى تغيير محلات سكنهم لتفادي تدقيق رجال العشائر تدقيقاً شاملاً في موقعهم. وحاول رؤوساء بعض العشائر لتعزيز مكانتهم وهيمنتهم على عشائرهم وقبائلهم تزويج بناتهم لبعض السادة [23].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/279)
* ولقد كان رد فعل القبائل والعشائر العربية وخاصة في منطقة الفرات الأوسط التي تتكون من (كربلاء، الحلة، الديوانية) - والنجف تعتبر أحد أقضية لواء كربلاء - على هجمات الوهابيين (أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب) لأكثر من مرة منها ودخولهم كربلاء عام 1801 م، أن حفز علماء الشيعة وعلماء النجف بالذات إلى تكثيف عملية تشيُّع قبائل العراق، وواكب ذلك سياسة العثمانيين الملحة في توطين العشائر التي بدأت في عام 1831 م. فتواكب العاملان على بناء جيش من أبناء القبائل لحماية المدينتين من الخطر الوهابي القائم كما سموه [24].
وأخذ علماء الشيعة يعمقون قوة ربط أبناء القبائل بحب المدينتين (كربلاء والنجف) وتنظيم الزيارات المستمرة على مدار العام. إما أن يكون تاريخ ولادة النبي أو وفاة إمام أو زيارة أحد الأئمة وهذه أهمها: (يزار قبر الحسين رضي الله عنه يوم عاشوراء، وفي العشرين من صفر، وفي غرة رجب ومنتصفه، وفي منتصف شعبان، وأول أيام عيد الفطر، ويوم عرفة، وأول أيام عيد الأضحى. كما يزار قبر الإمام علي رضي الله عنه في ذكرى المولد النبوي في الـ17 من ربيع الأول، وفي الـ17 من رجب (ذكرى الإسراء والمعراج)، وفي الـ18 من ذي الحجة) [25].
* فسّر بعض المحللين للمجتمع العراقي دوافع اعتناق بعض الأفراد للتشيع طوعاً هو تهربهم من تبعات قانون التجنيد العثماني الذي كان يعرف بـ (السفربر) الذي كان المجند حينذاك إذا شارك في حملة عسكرية نادراً جداً ما يعود إلى أهله، وتخلصا من تداعياته لجأ عدد كبير من العراقيين إلى القنصليات الإيرانية واكتسبوا جنسيتها وتشيعوا هرباً من التجنيد العثماني.
* يذكر الكاتب علاء الدين المدرس في كتابه (ثقافة الوسط) ص370، أنه في منتصف القرن التاسع عشر اتفقت انكلترا وإيران (في عهد القاجاريين) على ضرورة وضع خطة محكمة لنشر التشيع بين العشائر العربية الجنوبية والخليج، وتتعهد الحكومة الإنكليزية بتسهيل مهمة الوافدين الإيرانيين والحصول على موافقة والي بغداد والباب العالي، ويتعهد الجانب الإيراني بالمقابل بإرسال رجال دين وأموال كافية لتنفيذ المهمة، وغرض الخطة هو زعزعة قبضة والي بغداد على جنوب العراق والخليج وتسهيل وتأمين طريق شركة الهند البريطانية من خلال السيطرة على الطريق البحري بين الشام وبغداد والبصرة والبحرين ورأس الخيمة ومسقط وموانئ إيران الجنوبية والهند.
وهذا الأمر يؤكده ما يلي:
- إن سياسة الاستعمار البريطاني واعتماده على مبدأ (فرق تسد) جعل بريطانيا تعتمد في استعمارها للعراق على كم كبير من التقارير التي كتبها فريق من السواح منذ أكثر من خمسة قرون وكانوا يتلقون الدعم المادي وغيره من عدة مؤسسات منها: الجمعية الملكية الجغرافية، شركة الهند الشرقية، المتحف الوطني، مصلحة الاستخبارات العسكرية.
ومن أشهر هذه الرحلات الخاصة بالعراق وأقدمها رحلة الهولندي د. ليونهارت راوسلف عام (1573م)، وجاكسون الذي زار العراق سنة 1767م وهو من موظفي (شركة الهند الشرقية)، ورحلة كلوديوس جيمس ريج (1787 - 1820م) وما دوّنه عن العشائر الكردية والعربية وعن اليزيدية يعتبر على جانب كبير من النفاسة [26]. ورحلة جيمس بيلي فريزر (1783 - 1856م) الذي كان كثير الاهتمام بوصف الحالة الاجتماعية ولاسيّما في ذكر عادات وطباع العشائر العربية والكردية التي مر بها [27]. ورحلة الليدي دراور التي وصفت في رحلتها النجف والكوفة وكربلاء والكاظمَية وسامراء وبغداد والموصل والبصرة، والمرأة، والعشائر، واليهود، واليزيدية، والصابئة، والأهوار، والعادات والتقاليد [28]، وتسيكر الذي زار منطقة الأهوار ودرس أحوالها الاجتماعية والاقتصادية [29].وقبائل بدو الفرات عام 1878م لـ (اللّيدي آن بلنت) [30]، وهنري ليارد زار بدو دجلة والفرات عام 1841م وعاش بين الجبور فترة من الزمن [31]. ومذكرات عن القبائل العربية البدوية للميجر ف. ل ايدي عام 1919م، ومذكرات عن عشائر وشيوخ عانه ومنطقة البو كمال ومذكرة عن مدينة عانه للكابتن سي. سي. مايللز عام 1919م، ومذكرات عن عشائر وشيوخ الشطرة للكابتن س. أس. أف. بركلي عام 1919م [32] ... حتى أن بعض المسؤولين المعتمدين كان يطلب من العارفين بأصول العرب وقبائلهم أن يكتب له ما يعرفه عنهم لدرجة أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/280)
كلوديس جيمز ريتش (ريك) المقيم البريطاني بالبصرة وفي بغداد عام 1808م، كان داود باشا والي بغداد يعتقد بأنه متآمر مع الأكراد والإيرانيين [33]
وهكذا مع قلة الوازع الديني وقلة العلماء سرى التشيّع في الجنوب، وحصل هذا بالتحديد في القرن الحادي عشر والثاني عشر للهجرة، أي بعد سنة 1750 م تقريبا، وأصبح التشيع سمة غالبة على الجنوب العراقي وجزءا من وسطه.
و من الملاحظ أنه بحلول القرن العشرين كانت العشائر المستقرة ما زالت منقسمة على أسس طائفية، فعشائر المنتفك قد تشيعت، بينما بقيت عشائر الشحيم والسعدون على أصلها السُني، أما عشائر الفراعنة والزوابع وتميم فقد تفرقت بين شيعية وسنية، أما عشائر الجبور في حوض الفرات فقد تشيعت، بينما عشائر جبور دجلة احتفظت بمذهبها السني وهكذا
والسؤال المهم كيف أثر التشيع على عرب الجنوب فيما يتعلق بمحبتهم للعراق وروحهم الوطنية؟
وجوابه: إن قيادة عرب الجنوب – مع الأسف – هي بيد علماء الدين الشيعة، وهؤلاء أصبحت السيطرة عليهم سهلة من قبل المستعمر فإنّ الإنكليز و بناء على تلك المعلومات والتقارير والرحلات السابقة استطاعوا معرفة أغلب ما يتعلق بالقبائل وشيوخهم وتفرعاتهم ومدى ولائهم للدولة العثمانية وتسلحهم بل وحتى نوع السلاح ومصدره، وتمكن الإنكليز شيئاً فشيئاً باستخدام الترغيب بالأموال والأراضي والمناصب الإدارية، والترهيب بالحرمان والسجن والإبعاد عن البلد.
وفي نهاية المطاف تم لهم السيطرة على البلاد والتمكن في نهاية سنة 1917م، من تأسيس قوات عسكرية قوامها أفراد العشائر سموها (شَبَانة) وتذكر (المس بيل) في مذكراتها سنة 1919م أن ما يقرب من (400 شيخ ورئيس) من العشائر الفراتية في الحلة والهندية والناصرية والديوانية قد نظموا عرائض ومضابط يطلبون فيها استمرار الإدارة البريطانية المحتلة [34]. وهكذا انخرط الكثير من رؤساء القبائل والعشائر ذات الأصول الرفيعة في خدمة المستعمر.
كذلك تمكنوا من الهيمنة على كثير من شيوخ النجف وكربلاء ووجهائهم، فقد تمكن السيد هادي الرُّفيعي - وهو سادن الروضة العَلَوية - من تنظيم مذكرة تحمل تواقيع 21 شخصية من وجهاء المدينة وتجارها يطلبون الحكم البريطاني المباشر [35].
ومع هؤلاء ستة من المجتهدين في النجف كانوا على استعداد لتأييد إدارة بريطانيا حتى يتمكن أهل البلد من الحكم بأنفسهم، وإذا ما بحثنا عن هؤلاء نجدهم: ثلاثة هنود كانوا رعايا بريطانيين: السيد (هاشم) الهندي النجفي، (محمود) الهندي النجفي، ومحمد مهدي الكشميري، ومجتهد واحد من أصل فارسي هو جعفر بحر العلوم، وحسن بن صاحب الجواهري (يحمل الجنسية الإيرانية)، وعلي بن محمد رضا كاشف الغطاء، وكان على صلة وثيقة بكاظم اليزدي الإيراني أكبر المجتهدين علماً وصاحب النفوذ الكبير بين العشائر العربية الشيعية [36].
لذلك فإن الوجود الشيعي العربي في العراق أصبح مرتبطا بسبب ولاء القبيلة لرجال الدين إما بإيران أو بأي مستعمر دخيل، حصل هذا سابقا ويحصل اليوم بتعاونهم مرة مع الأمريكان ومرة مع إيران، وأصبح التشيع خطرا على البلاد والعباد، وضعف الولاء للقبيلة والوطن والعروبة وثمة نظرية لابد أن يدركها أهل الجنوب بوعي تام وهي:
كلما ضعف التدين الشيعي في الجنوب قوي ولاء القبيلة والعشيرة للوطن والعروبة.
وكلما قوي التدين الشيعي في الجنوب ضعف ولاء العشيرة للوطن؛ لأن بوصلة التشيع تحولت منذ نشأة الدولة الصفوية إلى إيران، وإيران تعمل لخدمة بلدها في تقوية آصرة الشيعة بهم باستخدام المرجعية، أي تستخدم المذهب في خدمة إيران.
ومهما حاول بعض المخلصين من أبناء الجنوب التمرد على سلطان علماء الدين لم يفلحوا لأن التشيع قام على تقديس رجل الدين الشيعي المستخدم من قبل إيران.
وفتوى العالم عند الشيعة مقدسة حتى يقول المثل العراقي الشهير (ذبها براس عالم واطلع منها سالم) ومعنى (ذبها) أي إرميها أو علقها.
وأي مستعمر يغزو البلاد ينتظر الشيعة في الجنوب فتوى العالم، وهذا بدوره مرتبط بالحوزة في إيران- إلا ما ندر- لذا فإن شيعة العراق لن يستقلوا بقرارهم، ومهما حاول البعض تفسير غير ذلك سيتعب؛ لأن قرار الفرد في الجنوب صودر لحساب رجل الدين الشيعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/281)
وحتى لو أفتى العالم بالقتال والجهاد فهو قرار لمصلحة إيران.
بينما لا تجد هذا عند السُنة، فهم أحرار في قراراتهم حتى لو أفتى عالم لهم بغير ما أرادوا، فالسُنة وحدهم هم من يحمي العراق ووحدته وأصالته وهويته، وهم أصلح لكل العراق من غيرهم، وأصلح حتى للشيعة في بقاء أرض العراق مستقرة وقراره مستقل.
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني بإذن الله
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- هذا البحث ثلاث أجزاء:
الجزء الأول: مقدمة مختصرة في تاريخ تشيع العشائر العراقية.
الجزء الثاني: جهود العلماء في الفترة الواقعة بين ظهور الدولة الصفوية ولغاية سقوط العراق بيد الأنكليز.
الجزء الثالث: جهود علماء ودعاة العراق منذ سقوط العراق لغاية يومنا هذا.
[2]- بعض الباحثين يعكس الأمر ويقول إن المذهب في العراق السائد قبل العثمانيين هو الشافعي وإنما أزداد انتشار المذهب الحنفي بعد مجيء الدولة العثمانية، وتحتاج المسألة الى تحرير.
([3]) - هذا كان بالأمس واليوم بعد أن تمكنت أمريكا من احتلال العراق وتمكنت إيران من السيطرة على قطاعات كثيرة من البلاد،مكّنت للشيعة كي يحتلوا بغداد وقف كل سُنة بغداد والعراق ينافحون ويذودون عن عراقهم السني واستطاعوا حماية بغداد من السيطرة الإيرانية الشيعية، مستخدمين كل الوسائل السلاح والرأي، لدفع هذا الاحتلال وقد نجحوا في إرجاع جزء منها، وإن شاء الله تعود بغداد مدينة لأهل السنة كما كانت في جميع العصور، وفي هذا عبرة لأربع أصناف من أهل السنة:
الأولى: لبعض أهل السنة والذي مكث خارج البلاد ولا يفقه المخطط التي تريده إيران؛ ألا وهو تغيير هوية العراق.
الثاني: من يقارع الأمريكان من أهل السنة ويتعاون مع إيران ويقتل بعض أهل السنة بحجج كثيرة، وهؤلاء نفر ابتلي بهم أهل العراق، كما ابتلي علي بن أبي طالب بأهل النهروان.
الثالث: وهم السنة العرب الذين لا هم لهم إلا مشاكل أوطانهم وتركوا سُنة العراق وراءهم ظهريا، ولم يعرفوا أن خطر التشيّع قادم على الجميع، وأن العراق بوابتهم الشرقية فإذا انكسرت اندلق التشيع على الجميع.
الرابع: ممن لم يفقهوا خطر التشيع من العرب بل طبلوا وزمروا لإيران وحزب الله سواء كانوا تيارات قومية أو إسلامية أو شيوعية.
[4]- مع العلم أن التشيع في بداية نشوءه لم يكن كالتشيع اليوم.
[5]- حاول اليهود اليوم أن يشيعوا أن ليس هناك بلد اسمه العراق وإنما هذا الكيان وجد سنة 1921م عند تولد الحكومة العراقية الحديثة وهذه مغالطة لبداية تقسيم العراق، يعزف على وترها بعض القيادات الشيعية الدينية والقيادات الكردية.
[6]- برز في بغداد في القرن الرابع للهجرة الى القرن الخامس وبعد تولي البويهيين للحكم مجموعة من العلماء الشيعة المهمين كالكليني والطوسي والرضي والمرتضى، وقد عاش الشيعة بين كنف أهل السنة شعبا وحكومة آمنين ومارسوا أفكارهم بكل حرية (وبدون تقية) ولم يُضطهدوا بل كان الرضي والمرتضى لهم نقابة الطالبيين في بغداد ولهم قربة من الوالي وصلوا مع أهل السنة في مساجدهم، وهذا يعطي للقاريء فكرة عن السني عندما يحكم والشيعي عندما يحكم!! انظر مقال للكاتب الإيراني الشيعي جعفر سبحاني بعنوان: المراكز الثقافية الشيعية.
[7]- ليست محلة الكرخ الشيعية هي التي في جانب الكرخ حاليا، بل هي محلة قريبة من مدينة المنصور في جانب الكرخ اليوم وقد انقرض الشيعة هناك وأصبح الكرخ كله منطقة سنية إلا قليلا، حرر ذلك الباحث الشيعي المؤرخ مصطفى جواد في كتابه (دليل خارطة بغداد المفصّل في خطط بغداد قديما وحديثا).
[8]- هي مدينة السليمانية حاليا وأهلها أكراد سنة منذ تأسيسها إلى يومنا هذا. مع العلم أن العراق كان يقسم إلى خمس إيالات أو ولايات هي: بغداد، الموصل، البصرة، شهرزور،الإحساء، هذا في زمن سليمان القانوني و بقي هكذا إلى سقوطه بيد الإنكليز فأصبح العراق بين أربع أو ثلاثة ولايات: بغداد والبصرة ثابتتان والموصل وشهرزور متغيرتان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/282)
[9]- يذكر بعض الباحثين أن لبعض الحكام الجلائريين ميولاً للتشيع، وهو كذلك عند عدد من حكام المغول، وكان أول من تأثر منهم بالتشيع (أولجايتو محمد خربندة أو خدا بندة) الذي حكم العراق وإيران خلال الفترة (703 - 716هـ). وقد تأثر خدا بندة هذا بابن مطهر الحلي الذي رد عليه ابن تيمية في (منهاج السنة)، والفيروز أبادي في (القضاب المشهر في الرد على ابن المطهر) (تحت الطبع بتحقيقي في دار البخاري بمصر)
[10]- من حكام دولة القرة قونيلو الذي تأثر بالتشيع آسبان (اسبند) بن قره يوسف والذي حكم بغداد من (836 - 848هـ). ولكنه في الوقت نفسه حارب المشعشعين.
[11]- ينبغي لأهل السنة اليوم أن يحيوا ذكرى هذا اليوم وأن تكتب فيه المقالات، وأن يعيدوا لذاكرة العراقيين ذكرى يوم الإنقاذ، حتى و يتجدد الأمل لإنقاذ بغداد من مخالب الصفويين الجدد.
[12]- هم شيعة زيدية جارودية؛ أي زيدية متعصبة.
[13]-الأحواز جنوب شرقي العراق هي اليوم تابعة لإيران.
[14]- يرجح الكاتب العراقي علي الوردي (كاتب شيعي) في كتابه البديع (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي) طبعة الوراق (173 - 175) أن سكان الأهوار هم خليط من بقايا الأمم القديمة التي كانت بالعراق مع قبائل عربية مثل: البو محمد، والبو نصر، وبنو اسد، وبنو خيقان، وعشيرة الفرطوس وهؤلاء كلهم يسمّون معدان بلهجة العراقيين ويسمونهم أهل الفرات الأوسط (الشروق وبالهجة العراقية الشروك) والحقيقة أن أهل الجنوب يحتقرون أهل الأهوار بسبب أصولهم، وبسبب تريبتهم للجاموس وصيدهم الأسماك فهذه أعمال في نظر أهالي الجنوب معيبة، وكذا بسبب غدرهم.
وقد أشار لهذه الدراسات عدة كتاب منهم المستشرق ولفرد ثيسغر في كتابه (المعدان أو سكان الأهوار) ترجمة باقر الدجيلي (ص 15 - 16)، وشاكر سليم في كتابه (الجبايش) (1/ 26 - 137 - 138) (2/ 562 - 565) وكاتب مجهول عراقي اسمه (أ. س. ح) (آل فتلة كما عرفتهم) (ص113) ويرجح الوردي أن مؤلف الكتاب هو الكاتب الشيعي جعفر الخليلي.
[15]- ويسمون المعدان.
[16]- هي مدينة ما تزال موجودة في العراق على الحدود مع إيران تابعة لمحافظة واسط أهلها اليوم شيعة اقحاح.
[17]- انظر العراق بين احتلالين (3/ 109 - 213)، دائرة المعارف الإسلامية الشيعية (10/ 191 - 205).
[18]- كتبنا رسالة في هذه الدولة وتأثيرها وبيان خطرها بعنوان (عودة الصفويين) نشرتها مجلة الراصد الألكترونية لأول مرة، ثم نشرتها مجلة القبلة الصادرة عن جمعية الكتاب والسنة في الأردن، ثم اشتهرت على المواقع الألكترونية، ونشرت في الأردن كرسالة ووزعت مجانا الآف النسخ منها، واليوم تنشر في مصر.
[19]- مقال قيم بعنوان (لمحات في دراسة قبائل العراق) للأستاذ الدكتور أبي محمد الهاشمي.
[20]- دليل الخليج، للوريمر (4/ 1963)
[21]- المصدر السابق (4/ 2048،2075،2081)
[22]- ويسمون في البلاد الأخرى (الشرفاء) انظر كتاب (مسيرة الى قبائل الأحواز) ص 118، لمحات اجتماعية لعلي الوردي (ج5/ق1/ص115)
[23]- مقال (لمحات في دراسة القبائل العراقية)
[24]- انظر (دوحة الوزراء) رسول كركولي،ص212، (ماضي النجف وحاضرها) جعفر محبوبة (كاتب شيعي) (1/ 324 - 226)
[25]- انظر (عامان في الفرات الأوسط) ص58.
[26]- الذخائر الشرقية، كوركيس عواد، (1/ 496).
[27]- المصدر السابق (1/ 498).
[28]- مصدر السابق (1/ 503).
[29]-مصدر السابق (1/ 504).، ورحلته طبعت في لندن سنة 1823م.
[30]- طبعت في مطبعة الملاح في سوريا سنة 1991م.
[31]- المصدر السابق ص24.
[32]-تقرير لدائرة الاستخبارات البريطانية عن العشائر العراقية، ترجمة الدكتور عبد الجليل الطاهر.،ص4.
[33]- دليل الخليج (4/ 1953).
[34]- مقدمة التقرير السري لدئرة الاستخبارات، ص10، وانظر لمعرفة حقيقة ثورة العشرين (الحقائق الناصعة) للفريق مزهر الفرعون (78).
[35]- لمحات اجتماعية (5/ 1/72)
[36]- شيعة العراق، إسحاق النقاش، ص115.
http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=855
ـ[العوضي]ــــــــ[18 - 01 - 08, 02:30 م]ـ
بارك الله فيك وفي الشيخ المحمود
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[19 - 01 - 08, 01:06 ص]ـ
جزاك الله خير على مرورك
ـ[معاذ القيسي]ــــــــ[21 - 01 - 08, 08:30 ص]ـ
هذا من المقالات النادرة التي تؤرخ وتوثق تاريخ التشيع وخاصة العراق ويبدو لي ان الشيخ المحمود من العراق لأن معلوماته مليئة بالوزثائق، والحقيقة أن أهل السنة بحاجة لباحثين جادين، فأنظر لهذا البحث الملئ بالوثائق النادرة كيف أن الكاتب رجع إليها ووثق موضوع من الصعب الولوج فيه مثل هذه المقالات تعتبر مراجعا علمية فاحرصوا على نشرها والإهتمام بها وأذكر لهذا الكاتب رسالة عودة الصفويين وكانت قيمة كذلك اللهم كثر من أمثال عبد العزيز وأحفظه ... آمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/283)
ـ[معاذ القيسي]ــــــــ[21 - 01 - 08, 08:33 ص]ـ
هذا من المقالات النادرة التي تؤرخ وتوثق تاريخ التشيع وخاصة في العراق، ويبدو لي ان الشيخ المحمود من العراق؛ لأن معلوماته مليئة بالوثائق، والحقيقة أن أهل السنة بحاجة لباحثين جادين مثله أكثر من حاجتنا لباحثين يكررون ما يكتب سابقا، فأنظر لهذا البحث الملئ بالوثائق والمراجع النادرة كيف أن الكاتب رجع إليها ووثق موضوع من الصعب الولوج فيه، ومثل هذه المقالات تعتبر مراجعا علمية فاحرصوا على نشرها والإهتمام بها سيما إذا اكتملت الحلقات الثلاث، وجزيل الشكر للراصد فهي متمزة في ما تنشر.
وأذكر لهذا الكاتب رسالة عودة الصفويين وكانت قيمة كذلك اللهم كثر من أمثال عبد العزيز وأحفظه ... آمين
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[21 - 01 - 08, 09:55 م]ـ
بارك الله فيك أخي معاذ على هذه الفوائد ..
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[03 - 04 - 08, 12:58 ص]ـ
جزاك الله خير
على هذا الموضوع
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[04 - 04 - 08, 04:52 ص]ـ
بارك الله فيكم على التثبيت
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[18 - 04 - 08, 08:12 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المهم ولكن أين الجزء الثانى للموضوع؟
أرجو الأستمرار بارك الله فيك
سؤال آخر عن عدد أهل السنة فى العراق
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[22 - 04 - 08, 02:50 ص]ـ
أنا ناقل
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[28 - 07 - 08, 05:11 ص]ـ
لقية السلسلة تجدونها على هذا الرابط
http://www.alrased.net/topic_archive.php?topic_type_id=3
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[28 - 07 - 08, 05:12 ص]ـ
بقية السلسلة تجدونها هنا ..
http://www.alrased.net/topic_archive.php?topic_type_id=3
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[29 - 07 - 08, 01:52 ص]ـ
بارك الله فيك أخى
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[29 - 07 - 08, 04:39 ص]ـ
وفيك بارك(144/284)
من هو السائب بن جبير
ـ[ابو عمير بن الفضيل]ــــــــ[17 - 01 - 08, 12:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي اريد ترجمة عن السائب بن جبير(144/285)
هل من مرشد لتراجم مختصرة
ـ[أبومحمد سالم]ــــــــ[18 - 01 - 08, 01:47 م]ـ
الأخوة الكرام
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
أرجومنكم إرشادي لموقع على النت أو برنامج، يعطيني ترجمة مختصرة، يمكن أن تكون في حاشية الرسائل العلمية عند التعريف بعلم من الأعلام؟
أرجوأن يكون طلبي واضحا!!
سبق أن وضعت الموضوع في منتدى طلب العلم
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[18 - 01 - 08, 05:39 م]ـ
كتاب (شذرات الذهب) لابن العماد الحنبلي، تراجم مختصرة - في أغلب الأحيان - حتى سنة 1000هـ
وكتاب (الأعلام) للزركلي
كتابان مفيدان، ويلجأ إليهما الكثير من الباحثين وخاصة الأخير منهما
ولا أظنك ستجد موقعا يشمل كافة التراجم لكافة الأعلام!
ـ[أبومحمد سالم]ــــــــ[19 - 01 - 08, 07:49 ص]ـ
أثابك الله وأحسن إليك
ـ[الجهشياري]ــــــــ[19 - 01 - 08, 09:26 ص]ـ
الحمد لله وحده.
هناك أيضا "معجم الأعلام"، للأستاذ: بسام عبد الوهاب الجابي، صدر سنة 1987 عن "دار الجفان والجابي". وهو عبارة عن اختصار لأعلام الزركلي، يقتصر على ذكر اسم ولقب وكنية الذين ترجم لهم الزركلي، إضافة إلى تاريخ الولادة والوفاة، وكذا صفة المترجم له (كأن يقول: فقيه، أو نحوي ... إلخ). وهو في هذا الباب مفيد، لكن فيه ما في "الأعلام" من ثغرات، وعليه ما على الكتاب الأصل من ملاحظات. وهو من هذه الجهة مفيد كمصدر أولي للباحث الذي يود التأكد من الاسم الكامل لعلم من الأعلام، أو التدقيق في تاريخ وفاته. أي: هو أداة بحث أولية، تسمح لك من التأكد إذا ما كان الزركلي (رحمه الله) تعرض بالترجمة لعلم معيَّن أو لا. بيد أنه ليس بالمصدر الذي يعتمد في البحوث أو الدراسات العلمية الجادة، ولو أشرت إليه مثلا في رسالة جامعية، فإن الأساتذة المناقشين سيؤاخذون حتما على عدم عودتك إلى المصدر الأصل.
فهو إن شئت: يستفاد منه، لكن لا يشار إليه!(144/286)
قبائل أنمار (بجيلة وخثعم)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[18 - 01 - 08, 07:22 م]ـ
تتمة لما سبق أن تكلمناه عن القبائل العدنانية نتكلم هنا عن نسب قييلة مشهورة ولها أعقاب غي عصرنا الحاضر
وهي قبيلة أنمار خثعم وبجيلة
حصل خلاف في أنمار (خثعم وبجيلة) هل هي قحطانية أو عدنانية؟ على قولين ,وورد في ذلك حديث مشهور إن صح يحسم النزاع وهو ما أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد عن فروة بن مسيك المرادي قال رجل:يا رسول الله! وما سبأ أرض أو امرأة؟ قال ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب, فتيامن منهم ستة ,وتشاءم منهم أربعة ,قأما الذين تشاءموا: فلخم, وجذام, وغسان ,وعاملة ,
وأما الذين تيامنوا: فالأزد, والأشعريون, وحمير, ومذحج ,وأنمار, وكندة. فقال رجل يا رسول الله وما أنمار؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة.
قال الترمذي: وروي هذا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب.
وصححه الألباني في صحيح الترمذي
ففي هذا الحديث إفادة بأن أنمار من سبأ من قحطان والله أعلم.
في تحفة الأحوذي: [1] أُنْزِلَ فِي سَبَأٍ)
بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِالْهَمْزَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْقَبِيلَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ أَوْلَادِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ بْنِ هُودٍ
(مَا أُنْزِلَ)
أَيْ مِنْ الْآيَاتِ
(وَلَدَ عَشْرَةً)
بِالنَّصْبِ إِذَا كَانَ وَلَدَ بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ وَبِالرَّفْعِ إِذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ وُلِدَ لَهُ عَشْرَةٌ وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ
(فَتَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ)
أَيْ أَخَذُوا نَاحِيَةَ الْيَمَنِ وَسَكَنُوا بِهَا
(وَتَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ)
أَيْ قَصَدُوا جِهَةَ الشَّامِ
(فَلَخْمٌ)
بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ
(وَجُذَامُ)
بِضَمِّ الْجِيمِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِوَزْنِ غُرَابٍ
(وَغَسَّانُ)
بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِوَزْنِ شَدَّادٍ
(وَعَامِلَةُ)
بِكَسْرِ الْمِيمِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ بَنُو عَامِلَةَ بْنِ سَبَأٍ حَيٌّ بِالْيَمَنِ
(وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالْأَزْدُ)
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّاي وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
(وَالْأَشْعَرُونَ)
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْأَشْعَرُ أَبُو قَبِيلَةٍ بِالْيَمَنِ مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَيَقُولُونَ جَاءَتْك الْأَشْعَرُونَ بِحَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ
(وَحِمْيَرٌ)
بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بِوَزْنِ دِرْهَمٍ
(وَكِنْدَةُ)
بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ
(وَمَذْحِجٌ)
بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَكَسْرِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَبِجِيمٍ
(وَأَنْمَارٌ)
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ
(الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ)
بِوَزْنِ جَعْفَرٍ
(وَبَجِيلَةُ)
بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ كَسَفِينَةٍ.
قَوْلُهُ: (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ)
قال الزبيري في نسب قريش: وأما أنمار بن نزار، فمنهم: بجيلة، انتسبوا إلى اليمن، إلا من كان منهم بالشأم والمغرب؛ فإنهم على نسبهم إلى أنمار بن نزار. وقد قال جرير بن عبد الله، حين نافر الفرافصة الكلبي إلى الأقرع بن حابس:
يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إن يصرع اليوم أخوك تصرع
وقال أيضا:
يا ابني نزار انصرا أخاكما ... إن أبي وجدته أباكما
لن يخذل اليوم أخ والاكما
فنفره الأقرع على الفرافصة بن الأحوص. ومنهم: خزيمة، وهم يشكر؛ وقد انتسبوا في الأزد. ومنهم: خثعم، وهو أقبل بن أنمار بن نزار؛ وإنما خثعم جبل تحالفوا عنده؛ فنسبوا إليه؛ وهم بالسراة على أنسابهم إلى أنمار بن نزار. وإذا كانت بين اليمن فيما هنالك وبين مضر حرب، كانت خثعم مع اليمن على مضر. اانتهى
وقال أيضا: قال أبو عبد الله: ولد جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب: عبد الله؛ ومحمداً؛ وعوناً؛ أمهم: أسماء بنت عميس بن معبد بن تيم بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية بن زيد بن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل، وهم جماع خثعم بن أنمار. قال مصعب: خثعم جبل، ليس بنسب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/287)
قال الكلبي في نسب معد: وَلَدَ الغَوْث بن نَبْت بن مَالِك بن زَيْد بن كَهْلان: عَمْراً، والأزْدِ، وقُدَاراً، ومُقَطٍّعاً.
فَوَلَدَ عَمْرو بن الغَوْث؟ إِرَشاً.
فَوَلَدَ إِرَاشُ بن عَمْرو بن الغَوْث بن نَبْت بن مَالِك: أَنْماراً.
فَوَلَدَ أَنْمار بن إِرَاشُ:اقْيَلَ، وَهو خَثْعَم، أُمَّهُ: هِنْدُ بِنْت مَالِك بن الغَافِق بن الشّاهد بن عَكٍ.
وعَبْقُراً، وصُهَيْبَةَ؛ وخُزَيمَةَ، دَخَلَ في الأزْدِ؛ ووَادِعَةَ، بَطن، مَعَ بَني عَمْرو بن يَشْكُر، وأَسْهَلَ وشَهْلً، وطَرِيفاً، وسُنَيَةَ، وجُدَاعةَ، والحَارِثَ، والغَوْث، أُمَّهُم:بَجِيلَةَ بِنْت صَعْب بن سَعْد العَشِيرَةِ بها يُعرَفون.
وإِنَّما سُمَّي خَثْعَمٌ خَثْعَماً بجَمَلُ لَهُ يُقالُ خَثْعَم، فَقِيلَ يحَمِلُ الى خَثْعَم، نَزَل الى خَثْعَم، هكذا كانَ الكَلْبيُّ يقولُ.
ويُقالُ إِنَّ أَقْيَل بن أَنْمار لَمَّا تَحَالَفَ وَلَدِه على سَائِرِ إِخَوِتِهم نَحَروا بَعِيرا ثُمَّ تَخَثْعَموا بِدَمِهِ، أي تَلَطَّخوا بهِ في لُغَتِهم.
وهَؤُلاءِ بَنو بَجِيلَةَ
فَوَلَدَعَبْقُر بن أَنْمار: مَالِكا، وَهو قَسْر، بَطن، وعَلْقَمَةَ، بَطن، أُمَّهُما:نُعم بِنْت خُنَيْس بن سَعْد بن فِطْرَة بن طيَّيء.
وهَؤُلاءِ بَنو قَسْر بن عَبْقُر.
قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب
بنو كهلان بن سبأ
فولد كهلان بن سبأ: زيد. فولد زيد بن كهلان بن عامر، وهو سبأ، بن يشجب بن يعرب بن قطحان: عريب، ومالك.
ولد مالك بن زيد
بن كهلان بن سبأ
ولد مالك بن زيد بن كهلان: الخيار؛ ونبت.
ولد نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ولد نبت بن مالك: الغوث. فولد الغوث: أدد، وهو الأزد؛ وعمرو. فمن ولد عمرو: خثعم، وبجيلة.
وقال أيضا: بنو الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ولد الأزد:
1) مازن
2)، ونصر،
3) وعمرو،
4) وعبد الله
5)، والهنو،
6) وقدار.
7) والأهيوب.
بنو عمرو بن الغوث
بن نبت بن مالك
بن زيد بن كهلان بن سبأ، أخي الأزد ولد عمرو بن الغوث: إراش. فولد إراش بن عمرو: أنمار بن إراش - وقد قيل: إن أنماراً هذا، هو أنمار بن نزار بن معد بن عدنان؛ والله أعلم - فولد أنمار:
أقيل؛ وفي الناس من يقول أفتل " بالفاء منقوطة من أسفل وبالتاء منقوطة بنقتطين من فوق "؛ وهو خثعم، سمي خثعماً بجمل كان له اسمه خثعم؛ وأمه هند بن مالك بن الغافق بن الشاهد بن عك. وولد أنمار أيضاً:
خزيمة، دخل في الأزد،
ووادعة، بطن مع بني عمرو بن يشكر؛
وعبقر؛
والغوث؛
وصهيبة؛ و
أشهل؛
وشهل
وطريف؛
وسنية؛
والحارث؛
وجدعة: أمهم كلهم بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة؛ فإليها ينسب أولاد كل من ذكرنا؛ وكانوا كلهم متحالفين على ولد أخيهم خثعم.
بنو بجيلة المذكورون
ولد عبقر بن أنمار: مالك، وهو قسر، بطن، وعلقة.
فمن قسر بطون جمة؛ منهم: بنو عرينة بن نذير بن قسر بن عبقر وغيرهم. ومنهم: جرير بن عبد الله بن جابر، وهو الشليل، بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عويف بن خزيمة بن حرب بن علي بن مالك بن سعد بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي جمع بجيلة بعد أن كانوا متفرقين في أحياء العرب؛
ومن بني عرينة بن نذير بن قسر بن عبقر: حبة بن جوين بن علي بن " عبد " نهم بن مالك بن غانم بن هوازن بن عرينة بن نذير بن قسر، روى عن ابن عباس، وهو أبو حبة العرني.
ومن ولد الغوث بن أنمار: أحمس بن الغوث، بطن لهم سوابق في الإسلام، نهض منهم مائة وخمسون فارساً مع جرير بن عبد الله إلى حرق ذي الخلصة، صنم كان لهم يعبدونه، فبارك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خيل أحمس ورجالها. منهم: بنو نقر بن عمرو بن لؤي بن رهم بن معاوية بن أسلم بن أحمس، بطن؛ ومنهم: طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة بن هلال بن عوف بن جشم بن النقر بن عمرو، له صحبة؛ وقيس بن أبي حازم الفقيه، واسم أبي حازم عوف، بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش بن هلال بن عوف بن جشم بن النقر؛ ولأبيه صحبة.
ولد خثعم: حلف بن خثعم " بالحاء غير منقوطة مضمومة، ولام ساكنة "؛ وفي الناس من يقول حلف " بالحاء مفتوحة غير منقوطة، ولام مكسورة ". فولد حلف: عفرس. فولد عفرس: ناهس؛ وشهران، إليهما العدد والشرف من خثعم؛ و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(144/288)
ومنهم: أسماء، وسلمى، وعون، بنو عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعد بن مالك بن بشر بن وهب بن شهران بن عفرس، تزوج أسماء جعفر بن أبي طالب؛ فولدت له عبد الله، ومحمداً، وعوناً؛ ثم تزوجها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فولدت له محمداً؛ ثم تزوجها علي بن أبي طالب، فولدت له يحيى؛ قتل عون يوم الحرة. وتزوج سلمى حمزة بن عبد المطلب. بطون بجيلة المشهورة
بنو قسر، وهو مالك بن عبقر بن أنمار؛ ولقسر هؤلاء بطون، منها: بنو عرينة بن نذير بن قسر بن عبقر. ومن بطون بجيلة بنو أحمس بن الغوث بن أنمار؛ ولأحمس بطون، منها: بنو دهن بن معاوية بن أسلم بن أحمس. ومن بطون بجيلة أيضاً: بنو فتيان بن ثعلبة بن معاوية بن زيد بن الغوث بن أنمار؛ وبنو أخيه قداد بن ثعلبة.
مضت بطون بجيلة.
وهذه بطون خثعم
بنو ناهس؛ وبنو شهران بن عفرس بن حلف بن خثعم " وفي بعض أقوال الرواة: حلف، بحاء مضمومة غير منقوطة ولام مجزومة ". ومن بطون ناهس: بنو رشد، وحام، ابني ناهس. ومن بطون شهران: بنو قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعد بن مالك بن بشر بن وهب بن شهران.
مضت خثعم.
البلاذري في أنساب الأشراف: ولد نزار بن معد: مضر بن نزار؛ وإياد بن نزار، وبه كان يكنى نزار، وأمهما سودة بنت عك؛ وربيعة؛ وأنمار، وأمهما الحذالة بنت وعلان بن جوشم بن جلهة بن عمرو، من جرهم. فذكر بعضهم أن أنمار هذا درج بعد موت أبيه نزار ولم يعقب. وقال بعض الرواة: بل غاضب إخوته وانتفى منهم، وأتى اليمن فحالف الأزد وانتسب إلى أراش بن عمرو بن الغوث، أخي الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان؛ وتزوج بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة، فنسب ولده منها إليها؛ وتزوج هند بنت مالك بن الغافق من عك أيضاً. فأما بجيلة فولدت له عبقر بن أنمار، والغوث بن أنمار وإخوة لهما. وأما هند فولدت له أفتل وهو خثعم. وقال آخرون: تزوج أنمار هاتين الامرأتين وولدتا له؛ ثم إن ولده أدعو بعد موته بحين أنهم من ولد أنمار بن أراش. وقال ابن الكلبي: سمعت من يذكر أن نزارا وهب لأنمار جارية يقال لها بجيلة فحضنت ولده. وذلك باطل؛ وأنما وهب لإياد جاريةً اسمها ناعمة. وقال عمرو بن الخثارم البجلي، وهو ينتمي إلى معد:
ابني نزارٍ انصروا أخاكما ... لن يغلب اليوم أخٌ والا كما
إن أبي وجدته أباكما
وقال أيضاً:
لقد فرقتم في كل قوم ... كتفريق الإله بني معد
وكنتم حول مروان حلولا ... جميعاً أهل مأثرة ومجد
ففرق بينكم يومٌ عبوس ... من الأيام نحسٌ غير سعد
وقال الكميت بن زيد:
وليسوا من القوم الذين تبدلوا ... أراشا بإسماعيل من جدل
وفي نهاية الأرب: بنو أنمار - بفتح الهمزة حي من معد بن عدنان، وهم بنو أنمار بن نزار، ونزار قد مر ذكره في عمود النسب ويأتي نسبه عند ذكره في حرف النون. قال في العبر: ولما تكاثر بنو إسماعيل وصارت رئاسة الحرم لمضر مضى انمار إلى اليمن قأقام بالسروات وتناسل بنوه بها فقعدوا باليمانة، وكلام مسالك الأبصار يوافقه على ذلك، وذكر ابن الكلبي: إن أنمار هذا لا عقب له إلا ما يقال في بجيلة وخثعم فإنه يقال إنهم أبناء إنمار هذا، قال في العبر: وبجيلة تنكر هذا وتقول إنما تزوج أراش بن عمرو بسلامة بنت انمار هذا فولدت له انمار بن أراش الآتي ذكره.
218 - بنو انمار - أيضاً - حي من كهلان من القحطانية، وهم بنو انمار بن أراش بنعمرو بن غوث بن نبيت بن مالك بن زيد بن كهلان، وكهلان يأتي نسبه عند ذكره في حرف الكاف. قال أبو عبيدة: وولد انمار هذا خثعم وأمه هند بنت مالك بن العاص بن الشاهد بن عك، وعبقر والغوث وهنية وخزيمة وأمهم بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة وبها يعرفون.
http://alhijariyah.com/vb/forumdisplay.php?f=8
http://alhijariyah.com/vb/forumdisplay.php?f=8
راجع هذا الرابط http://alhijariyah.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=71
يتبع
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[31 - 08 - 09, 01:20 ص]ـ
للمتابعة والإستفادة(144/289)