(21) الطبري: تاريخ الرسل، ج6، ص 25.
(22) الهلابي: المرجع السابق، ص16.
(23) أعشى همدان: ديوان، ص148.
(24) أبو عمر العدني: كتاب الإيمان، ص249.
(25) ابن سعد: المصدر السابق، ج4، ص39.
(26) انظر: الأشعري: مقالات الإسلاميين ج1، ص86، والقمي: المقالات والفرق ص119، وابن حبان: المجروحين، ج4 ص253، والمقدسي: البدء والتاريخ ج3، ص129.
(27) ابن حبيب: المحبر، ص308.
(28) ابن تيمية: منهاج السنة، ج1، ص7.
(29) الجاحظ: البيان والتبيين، ج3، ص81.
(30) الجوزجاني: أحوال الرجال، ص38.
(31) ابن قتيبة: المعارف، ص267.
(32) البلاذري: أنساب الأشراف، ج3 ص382.
(33) الناشيء الأكبر: مسائل الإمامة، ص22.
(34) الهلابي: المرجع السابق، ص48.
(35) المرجع نفسه، ص 47.
(36) الفرزدق، ديوان، ص242.
(37) القمي: المصدر السابق، ص20.
(38) الطبري: تاريخ الرسل، ج4، ص283، 326، 331، 340 ..
(39) التوبختي: فرق الشيعة، ص 23.
(40) أبو حاتم الرازي (أحمد بن حمدان): الزينة في الكلمات الإسلامية، ص 305.
(41) ابن عبد ربه: العقد الفريد، ج2 ص405.
(42) أبو الحسن الأشعري: المصدر السابق ج1، ص85.
(43) أبو عمر الكشي: الرجال، ص98.
(44) المصدر نفسه، ص 100.
(45) ابن حبان: المجروحين، ج2، ص253.
(46) المقعسي: المصدر السابق، ج5، ص129.
(47) الملطي: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، ص18.
(48) ابن بابويه القمي: من لا يحضره الفقيه ج1، ص213.
(49) الخوارزمي: مفاتيح العلوم، ص22.
(50) البغدادي: الفرق بين الفرق ص15، 225.
(51) أبو جعفر الطوسي: تهذيب الأحكام ج2، ص322.
(52) الاسفراييني: التبصير في الدين، ص108.
(53) الشهرستاني: الملل والنحل، ج2 ص116.
(54) المصدر نفسه، ج1، ص 155.
(55) السمعاني: الأنساب، ج7، ص24.
(56) ابن عساكر: المصدر السابق، ج9 ص328.
(57) ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب ج2، ص98.
(58) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج2 ص99.
(59) السكسكي: البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان، ص50.
(60) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، ج4 ص435.
(61) المجلسي: الرجال، ج2، ص71.
(62) الذهبي: المغني في الضعفاء، ج1 ص339.
(63) الصفدي: الوافي بالوفيات، ج17 ص20.
(64) الشاطبي: الاعتصام، ج2، ص197.
(65) الجرجاني: التعريفات، ص79.
(66) المقريزي: المواعظ والاعتبار، ج 2ص356.
(67) ابن حجر: لسان الميزان، ج3، ص290.
(68) العيني: عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان،9/ 1/168.
(69) السيوطي: لب الألباب في تحرير الأنساب ج1،ص132.
ـ[أبو عبد الله فهد]ــــــــ[03 - 05 - 09, 06:12 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 02 - 10, 07:42 م]ـ
بارك الله بك(140/157)
علماء وأعلام من أسرة آل عيسى الكرام
ـ[أبو معطي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 02:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد، هذا الموضوع محاولة لجمع تراجم مختصرة وتعريف بعلماء من أسرة آل عيسى، وربما أترجم لبعض الأعلام ممن لا يوصفون بأنهم علماء وذلك إذا ذكروا في مصادر نجديّة مثلاً أو تُرجم لهم
مع ملاحظة أن هناك أكثر من أسرة في نجد اسمها (آل عيسى) وأسرة آل عيسى المقصودين في هذا الموضوع هم الذين يرجعون لقبيلة بني زيد، القبيلة النجديّة القحطانيّة النسب، وهذه الأسرة الكريمة أنجبت العديد من العلماء الكرام، وأصلها ومركزها من شقراء بالوشم ومنهم فروع انتقلت إلى القصيم والأحساء والزبير والكويت والحجاز، ومن كان منهم في الزبير انتقلوا منها مؤخراً فمنهم من سكن الرياض ومنهم من سكن الكويت
وقبل أن أبدأ بالتراجم والوثائق سأذكر نبذة مختصرة في نسب هذه الأسرة وفروعها والأسر التي تفرّعت منها فأقول وبالله التوفيق:
الجد الجامع لهذه الأسرة هو عبدالله بن عيسى بن علي بن عطيّة من فخذ آل علي من عطيّة من قبيلة بني زيد النجديّة القضاعية القحطانية، فعيسى لا يُعرف له إلا ابن واحد وهو عبدالله وهو الجد الجامع لهذه الأسرة، وعبدالله أعقب: عثمان وحمد
و عثمان بن عبدالله أعقب: فوزان وخلف
و حمد بن عبدالله أعقب: عبدالرحمن ومحمد
فهذه الفروع الأربعة الرئيسيّة لآل عيسى، مع العلم أن أفراد هذه الأسرة حالياً أغلبهم اسمهم في الهويّات الرسميّة (آل عيسى) ومنهم من استقل باسم آخر، والأسماء الموجودة بالهويات الرسميّة لأبناء هذه الأسرة أربعة:
1 - أسرة العيسى أهل شقراء والقصيم والأحساء والكويت وغيرها.
2 - أسرة البيز أهل شقراء والشعراء، وهم أبناء محمد الملقب بيز بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن عيسى.
3 - أسرة الضرّاب أهل عنيزة، وهم أبناء عبدالله بن عثمان بن فوزان بن عثمان بن عبدالله بن عيسى.
4 - أسرة الفوزان أهل شقراء، وهم أبناء فوزان بن عثمان بن عبدالله بن عيسى.
أما ذريّة غير هؤلاء الثلاثة (البيز، والضرّاب، وفوزان) فكلهم يدخلون في القسم الأول باسم العيسى في شقراء والقصيم والأحساء والكويت وغيرها
وتوجد ألقاب أخرى إلا أنها ألقاب ليست مسجلة في الهويات الرسمية وإنما تعارف عليها أبناء أسرة آل عيسى
وعيسى الذي تنسب له هذه الأسرة الكريمة - على حسب عدد أجداد وأجيال هذه الأسرة الآن - الغالب أنه عاش في أواسط وأواخر القرن الحادي عشر، أو أواخر الحادي عشر وأوائل الثاني عشر
وأخوة عيسى: محمد الملقب الضعيّف، جد الضعفان وهم أسر كثيرة بأسماء مختلفة في الشعراء والقويعيّة والسر وشقراء وغيرها، وعبدالله جد أسر: المسعود في الشعراء، والصعب ومن تفرّع منهم في الشعراء والقويعيّة، والعجاجي في الشعراء، وهؤلاء الأخوة الثلاثة: عيسى، ومحمد، وعبدالله يشكّلون فخذ آل علي من عطيّة من قبيلة بني زيد
مصادري في هذه النبذة عن نسب أسرة (آل عيسى):
1 - أوراق مخطوطة في تفريع آل عيسى، وأوراق أخرى في نسب فخذ آل علي من عطيّة من بني زيد، بخط الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى المتوفى سنة 1343، وهي موجودة في مجموعه المخطوط
2 - شجرة آل عيسى المطبوعة سنة 1404 ثم أعيد طبعها سنة 1420
وللموضوع بقيّة بمشيئة الله تعالى ...
ـ[أبو معطي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 09:37 ص]ـ
من أعلام وعلماء آل عيسى:
1 - الشيخ علي بن حمد بن عيسى، لايوجد له ترجمة، ولا يعرف زمن وفاته، وهو أخ للشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى الذي سيأتي عند الرقم 2، وللشيخ علي وثائق مكاتبات ومبايعات كتبت سنة 1220 وسنة 1222هـ في شقراء.
2 - الشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى، قاضي الوشم، وهو الشيخ إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى، وهو عم الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى قاضي الوشم (ستأتي ترجمته لاحقاً بمشيئة الله)
ولد سنة 1200هـ في شقراء، وطلب العلم على علماء بلده ومنهم الشيخ عبدالعزيز الحصيّن، والشيخ عبدالله أبابطين، ثم رحل للرياض لطلب العلم فأخذ عن الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
قال عنه الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى: وكتب كثيراً من الكتب الجليلة بخطه المتوسط في الحسن، الفائق في الضبط، وحصّل كتباً كثيرة نفيسة في كل فن، وعلى كل كتاب منها خطه بتهميش وتصحيح وإلحاق وفوائد وتنبيهات، فأجاب على مسائل عديدة في الفقه بجوابات سديدة بديعة، منها كتابات على شرح المنتهى، وقد نقل عنها الشيخ عبدالله العنقري في حاشية شرح الزاد في السّلم.
أخذ عنه العلم جماعة من العلماء أشهرهم ابنه الشيخ أحمد، وقد ولاه الأمام فيصل القضاء في بلدة شقراء وعلى جميع بلدان الوشم، ومازال في القضاء حتى توفي آخر ليلة عرفة سنة 1281هـ في شقراء
وله من الأبناء الشيخ أحمد (ستأتي ترجمته لا حقاً بمشيئة الله) و محمد، وأمهم حفصة بنت حمد آل غيهب من بني زيد، فأما الشيخ أحمد فله ابن واحد وهو حمد، وأما محمد فله ابن واحد وهو إبراهيم، وذريّة الشيخ موجودة حتى الآن
وقد حصل سقط في اسم الشيخ في الترجمة التي كتبت عنه في كتاب (علماء نجد) 1/ 296 للشيخ عبدالله البسام فقد ذكر أنه: إبراهيم بن حمد بن محمد بن عبدالله بن عيسى، والصحيح أنه: إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى
وهذا نموذج من الشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى (صاحب الترجمة رقم 2) وهي وصيّة كتبها سنة 1278 نسخها من خط سعد البواردي وهي وصيّة سارة بنت إبراهيم البواردي من البواريد أهل شقراء من بني زيد
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa01.jpg
ومازال للموضوع بقيّة بمشيئة الله تعالى ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/158)
ـ[أبو معطي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 12:43 م]ـ
وهذا نموذج من الشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى
أعتذر عن هذا السقط والعبارة الصحيحة هي: (وهذا نموذج من خط الشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى)
ـ[أبو معطي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 12:50 م]ـ
هذه صورة من ورقة من كتاب زاد المعاد لابن قيم الجوزيّة، من نسخ وخط الشيخ إبراهيم بن حمد بن عيسى قاضي الوشم، وهي آخر ورقة في المخطوط وهو غير كامل، والمخطوط من ضمن مخطوطات مكتبة شقراء
http://www.mkalat.com/upload/files/1/nask/zad1.jpg
ـ[أبو عيسى الإلغي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 12:55 م]ـ
بارك الله فيك أيها الأخ الكريم، على هذا الاهتمام بتاريخ الرجال، لأن لإهمال هذا التاريخ أوخم العواقب على العلم وأهله وانظر مثلا إلى النقاش المستفيض حول بعض الأسانيد ومن ورد فيها من أسماء بعض العلماء، فقد ذهب بعض المتناقشين إلى حد نفي وجود شيخ مسند مع أنه قريب العهد، فلا حول ولا قوة إلا بالله ويا ضيعة العلم بضياع أخبار أهله،
والسلام
ـ[أبو معطي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 12:56 م]ـ
3 - الشيخ أحمد بن إبراهيم بن حمد بن عيسى:
هو الشيخ أحمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى، وهو ابن الشيخ إبراهيم المذكور في الترجمة رقم 2، وابن أخ الشيخ علي بن حمد المذكور عند الرقم 1
ولد في شقراء في الخامس عشر من ربيع الأول عام 1253، ونشأ وتعلم على يد والده قاضي الوشم الشيخ ابراهيم بن حمد بن عيسى، وهو المذكور في الترجمة رقم 2 من هذا الموضوع، فتعلم عليه القراءة والكتابة وحفظ القرآن كاملاً، ودرس على يد والده التوحيد والفقه والحديث وسائر العلوم، كما درس على يد الشيخ عبدالله أبابطين
ثم سافر للرياض ودرس على يد علمائها ومنهم، الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ وابنه الشيخ عبداللطيف ولازمهما، وفارق أقرانه لا سيّما بالتوحيد والفقه على مذهب الأمام أحمد
ثم سافر الى مكة المكرمة للحج، فأقام فيها للعبادة والعلم تعلماً وتعليماً، ودرس على علماء المسجد الحرام، ومنهم الشيخ عبدالله بن سليمان حسب الله الشافعي المكي، والشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي وغيرهما، وأصبح مع اشتغاله بالعلم يتعاطى التجارة هناك مع تحري صحة العقود والوفاء بالعهود
وكان له حوارات عدة في البلد الحرام مع بعض العلماء هناك اعتنق بعدها بعض العلماء هناك مذهب السلف في الاعتقاد بفضل الله ثم بفضل الشيخ أحمد بن عيسى، بل وصلت دعوته الى شريف مكة وهدمت بعض القباب التي على الأضرحة هناك بسبب دعوته للشريف
حمله الأمام فيصل بن تركي على القضاء فاعتذر بشدة، ووعده خلال سنين أن يتهيأ للقضاء ثم يستلمه
ثم عاد الى شقراء، فولاه الأمير عبدالعزيز بن رشيد قضاء المجمعة وبلدان سدير، وذلك عام 1317 هـ وبقي في قضائها حتى عام 1326 هـ، ثم بقي في المجمعة حتى توفي رحمه الله في الرابع من جمادي الثانية سنة 1329
من تلاميذه:
الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، الشيخ عبدالقادر التلمساني، الشيخ عبدالستار الدهلوي، الشيخ صالح بن عثمان القاضي، الشيخ أبو بكر بن محمد عارف خوقير، الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، الشيخ عبدالله الرواف، الشيخ عبدالله بن علي بن حميد، الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى، الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ، الشيخ محمد نصيف، الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع .... وغيرهم
ومن مؤلفاته:
شرح على نونيّة ابن القيّم في العقيدة، تنبيه النبيه والغبي في الرد على المدراسي، رد على زيني دحلان، رد على داود بن جرجيس، تهديم المباني في الرد على النبهاني، مجموعة كبيرة من الفتاوى ..... وغيرها من المؤلفات
جمع رحمه الله بين العلم الوافر والقضاء والدعوة والزهد وكان مضرب المثل في الزهد والبعد عن الدنيا كما حباه الله خطاً رائعاً جميلاً رأيت صوراً للكثير من الوثائق بخطه رحمه الله ورفع قدره
وقد أعقب الشيخ أحمد ابناً واحداً وهو حمد، ولحمد ستة أبناء وهم: أحمد، بدر، بندر، صالح،عبدالرحمن، نايف، وعقبه موجودون الآن
للإستزادة حول ترجمته أنظر كتاب علماء نجد خلال ثمانية قرون للشيخ عبدالله البسام 1/ 436
ولرؤية نموذج من خطه فهذه وثيقة وقف أوقفه عبدالله بن عثمان بن صالح من بني زيد في شقراء، والوكيل على ذلك ابنه عثمان الملقب الهاجري، والكاتب هو إبراهيم بن محمد بن سدحان، والناسخ هو الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى، سنة 1310، وبعدها وصيّة من الوكيل على هذا الوقف في نفس تاريخ النسخ
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa02.jpg
رحمه الله رحمة واسعة، وللموضوع بقيّة بمشيئة الواحد الأحد
ـ[أبو معطي]ــــــــ[05 - 12 - 06, 01:00 م]ـ
الأخ الفاضل أبو عيسى الألغي سلمك الله
وبارك الله فيك يا أخي على هذه الاضافة القيّمة، وصدقت فعلم التراجم والرجال علم مهم يُحفظ به الكثير من حقوق هؤلاء الأعلام، ويحصل في فقد ذلك عجائب وغرائب
جزاك الله خيراً ورفع قدرك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/159)
ـ[أبو معطي]ــــــــ[06 - 12 - 06, 04:34 ص]ـ
4 - الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى:
هو الشيخ علي بن عبدالله بن ابراهيم بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى، وهو ابن أخ الشيخ علي بن حمد المذكور عند رقم 1، والشيخ إبراهيم بن حمد صاحب الترجمة رقم 2، وابن عم للشيخ أحمد صاحب الترجمة رقم 3
تحدث عنه الشيخ عبدالله البسام في كتابه (علماء نجد) فقال (بتصرف):
ولد في شقراء في شهر شوال سنة 1249هـ، ونشأ فيها وطلب العلم على علماء بلده وبالأخص الشيخ (عبدالله أبابطين)
ثم سافر الى الرياض للتزود من العلم فطلب العلم على علمائها ومنهم الشيخ (عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ)، ونجله الشيخ عبداللطيف، وعلى غيرهما من العلماء وتميّز في طلبه لعلم الفقه الحنبلي.
ثم عيّنه الإمام (عبدالله الفيصل) قاضياً في شقراء وسائر الوشم سنة 1290 تقريباً، ثم جاء حكم الأمير (محمد بن رشيد) فأقره على عمله
وفي مدة القضاء كان مرجع أهل الوشم في الفتوى والتدريس والقضاء والإمامة والخطابة وكانت تأتيه الأسئلة العديدة من مناطق مختلفة فيجيب عليها
تتلمذ عليه الكثير منهم: الشيخ علي بن محمد بن عيسى، الملقب البيز (جد أسرة البيز من آل عيسى)، والشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى، والشيخ إبراهيم بن عبداللطيف الباهلي، والشيخ محمد أبو عباة، والشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن فوزان، والشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحصيّن.
توفي في اليوم الثاني من رمضان سنة 1331هـ في شقراء
كان رحمه الله كثير نسخ الكتب وقد رأيت بخطه في مخطوطات مكتبة شقراء أكثر من كتاب وخطه غاية في الجمال والاتقان، كما أن الكثير من علماء نجد فضلاً عن عوامهم يستفتونه في كثير من المسائل، وخير دليل على ذلك ما نقله الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى في مجموعه المخطوط من فتاوى الشيخ علي بن عيسى وربما هناك نقولات أخرى لم نعلم عنها، كما كان صاحب طرائف معروفة عنه يتناقلونها أهل شقراء ويتداولونها بينهم، رحمه الله رحمة واسعة ورفع قدره
وللشيخ علي بن عبدالله بن عيسى ابن واحد وهو عمر ولعمر ابن واحد وهو عبدالله وذريّته موجودون الآن
وهناك ملاحظة وهي أن الشيخ عبدالله البسام رحمه الله في كتابه علماء نجد 5/ 223، حصل عنده خطأ في نسب الشيخ فذكر آخر ثلاثة أسماء (أحمد بن عبدالله بن عيسى) والصحيح (حمد بن عبدالله بن عيسى)
ولرؤية نموذج من خطه فهذه وثيقة فيها شهادة لزيد بن محمد تتعلق بحويّطة ال علي في شقراء، وكتبها عبدالعزيز بن محمد ثم نسخها الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى وعليها ختمه
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa03.jpg
وللحديث بقيّة إن شاء الله تعالى ....
ـ[أبو معطي]ــــــــ[06 - 12 - 06, 04:48 ص]ـ
6 - الشيخ المؤرخ النسّابة إبراهيم بن صالح بن عيسى:
هو الشيخ إبراهيم ين صالح بن ابراهيم بن محمد بن عبدالرحمن بن حمد بن عبدالله بن عيسى، وذريّة الشيخ من العيسى أهل عنيزة.
قدم والد جده (محمد بن عبدالرحمن) من شقراء لأشيقر في نهاية القرن الثاني عشر تقريبا أو في بداية الثالث عشر، واستقر بها، وولد جده إبراهيم ووالده صالح أيضا في أشيقر.توفي والده صالح في أشيقر سنة 1322، وأخوال الشيخ هم أسرة الفريح من العناقر من بني تميم، وهم من أهل أشيقر.
ولد الشيخ إبراهيم سنة 1270هـ، في أشيقر، ونشأ في جو ديني وعلمي، وحفظ القرأن الكريم صغيراً عن ظهر قلب، وأخذ ينهل من العلوم وهو في صغره، وتتلمذ على العديد من العلماء منهم: الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى قاضي المجمعة، الشيخ صالح بن حمد المبيض قاضي الزبير، الشيخ عيسى بن عكاس قاضي الأحساء، الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى قاضي شقراء، الشيخ محمد بن عبدالله بن فنتوخ من كبار علماء أشيقر، قرأ على هؤلاء العلماء في التوحيد والفقه وعلوم الحديث، وفي الفرائض والنحو وعلوم الشعر وغيرها، وله إجازة برواية الكتب الستة وغيرها من الكتب.
وله رحمه الله رحلات في طلب العلم فقد رحل الى المجمعة، والزبير، والأحساء، وعنيزة، والعراق، والهند، وغيرها من البلدان لمجالسة العلماء والتتلمذ على أيديهم والأستفادة من علمهم، واشتهر رحمه الله بعلمه في التاريخ والنسب وكثرة كتابته في هذين العلمين، وقد ورّث تراثاً ضخماً من الوثائق والكراريس المدوّنة
وقد تتلمذ عليه الكثير من العلماء، من بينهم:
1 - الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن جاسر، رئيس محكمة التمييز بالمنطقة الغربية.
2 - الشيخ عبدالله بن عبدالوهاب بن زاحم رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة.
3 - الشيخ محمد بن علي البيز رئيس محاكم منطقة الطائف.
4 - الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعد.
5 - الشيخ سليمان بن صالح البسام.
6 - الشيخ عمر بن محمد الفنتوخ.
7 - الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان من علماء الكويت.
وغيرهم من العلماء.
توفي رحمه الله في عنيزة سنة 1343هـ. وصلي عليه في جامع عنيزة.
أعقب: عبدالعزيز و عبدالرحمن، وذريتهما موجودون الآن
وقد كتبت موضوعاً عن الشيخ فيه توسع أكثر في هذا الموضوع
http://www.fatabanyzaid.com/abn3isaa.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/160)
ـ[أبو معطي]ــــــــ[06 - 12 - 06, 04:55 ص]ـ
لرؤية نماذج من خط الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى، هذه صورة من أول كتاب في مسائل الفقه، وهو مقتطف من عدة كتب ومن عدة علماء، بخطه رحمه الله، تاريخ نسخه في رمضان سنة 1307
http://www.mkalat.com/upload/files/1/nask/msaael.jpg
وهذه صورة من آخر صفحة من كتاب في الطب بخطه نسخه في يوم السبت 27 من ذي الحجة سنة 1292، وكان عمره حينها 22 سنة، وخطه هنا فيه قليل من الاختلاف
http://www.mkalat.com/upload/files/1/nask/tebb.jpg
وهذه صورة من أول أوراق له في تفصيل نسب آل عيسى بخطه رحمه الله لا يوجد لها تاريخ، وهي من ضمن مجموعه المخطوط
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa04.jpg
وللموضوع بقية بمشيئة الله تعالى ...
ـ[أبو معطي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 01:48 م]ـ
حصل خطأ في الترقيم فرقم الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى 5 وليس 6
ـ[أبو معطي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 01:58 م]ـ
ومن أعلام آل عيسى:
3 - الشيخ ناصر بن سعود بن عيسى الملقب شويمي:
هو الشيخ ناصر بن سعود بن عبدالعزيز بن ابراهيم بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى
(ولد في شقراء في حدود سنة 1285، ونشأ فيها وقرأ على علمائها، وأشهر مشايخه فيها ابن عم أبيه الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى قاضي شقراء (صاحب الترجمة رقم 4)، والشيخ أحمد بن عيسى (صاحب الترجمة رقم 3)
أما عن رحلاته في طلب العلم فقد رحل إلى الرياض فأخذ عن علامتها الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، والشيخ سعد بن عتيق، والشيخ محمد بن محمود، ثم سافر الى الحجاز فقرأ على علماء المسجد الحرام زمناً
ثم رحل الى صنعاء في اليمن، وكانت تموج بالعلماء، فأقام فيها مدة طويلة، وأخذ عنهم التفسير والحديث وأصولهما وعلوم العربية.
ثم رحل الى العراق وأقام في بغداد، وأشهر مشائخه هناك الشيخ محمود شكري الآلوسي، كما أخذ عن غيره، ورحل الى الشام وطلب العلم على علمائها
ثم رجع الى بلده شقراء وجلس للتدريس في جامع شقراء، وولي إمامته وخطابته، فصار عالم البلد والمرجع اليه في الأفتاء والتدريس، فعكف عليه الطلب وأخذوا العلم منه.
وكان من تلاميذه:
الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الحصيّن، والشيخ محمد البيز، والشيخ عبدالله أبابطين، والشيخ عمر أبابطين، والشيخ محمد البصيري، والشيخ محمد البواردي، والشيخ إبراهيم الهويش، وسعد بن سدحان، والشيخ عبدالرحمن بن علي بن عودان قاضي عنيزة، وغيرهم كثير.
وكان رحمه الله من أشد المناصرين للدعوة السلفيّة، وله فيها رسائل ومؤلفات نفيسة تدل على تمكنه من هذا العلم وبروزه فيه، كما أنه ضرب المثل في الرحلة في طلب العلم وتحصيله.
توفي رحمه الله سنة 1349 وقيل سنة 1350
أما عن ذريته فقد أعقب ابناً واحداً وهو سعود وسعود توفي وليس له عقب فليس للشيخ ذريّة الآن، ومن أراد التوسع في ترجمة الشيخ فلينظر ترجمته في كتاب علماء نجد للبسام 6/ 458
مع ملاحظة أمر هام وهو أن الشيخ ليس له علاقة بأسرة الشويمي أهل شقراء فهم من ذريّة عبدالرحمن بن سليمان بن جماز الملقب شويمي، وأسرة الشويمي من أسرة الجماز أهل شقراء من فخذ آل سلمان من قبيلة بني زيد، بينما الشيخ له ابن واحد اسمه سعود وابنه لم يعقب فهو ليس له عقب الان.
وهذا نموضج من خط الشيخ رحمه الله وكان صاحب خط جميل، وهي صورة من وكالة كتبها الشيخ عثمان بن منصور سنة 1244 وغيرها أيضاً نسخها الشيخ ناصر بن عيسى بخطه
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa05.jpg
ـ[أبو معطي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 02:11 م]ـ
وهذا مقال سبق أن كتبته بصفحة الوراق بصحيفة الجزيرة بعنوان (من نماذج الرحلة في طلب العلم .. الشيخ ناصر بن سعود بن عيسى):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/161)
سطر العلماء النجديون صفحات رائعة في الرحلة في طلب العلم، جابوا الديار وشرقوا وغربوا اجتهاداً في طلب العلم وتحصيله، ونجد في كتب التراجم والتاريخ النجدي نماذج من ذلك، ومن هذه النماذج الرائعة الشيخ (ناصر بن سعود بن عيسى) الملقب (شويمي)، وهو صاحب بحث وتحقيق، انتصر لعقيدة السلف - رضوان الله عليهم - في شعره وقلمه ونافح عنها، وقد اعتمدت في هذه الترجمة على كتاب (علماء نجد خلال ثمانية قرون) للشيخ عبد الله البسام 6 - 458، مع إضافات أخرى وجدتها في بعض الوثائق أو في كتب أخرى .. أما عن اسمه فهو: ناصر بن سعود بن عبد العزيز بن إبراهيم بن محمد بن حمد بن عبد الله بن عيسى، وعيسى هو عيسى بن علي بن عطيّة وهو جد أسرة آل عيسى أهل شقراء، ومن شقراء انتقل بعضهم إلى القصيم والأحساء والزبير والكويت وغيرها من البلدان، وهم من فخذ آل علي من عطيّة من قبيلة بني زيد وهو - رحمه الله - من بيت إمارة وعلم، فأخوه محمد الملقب (العوسي) هو أمير شقراء بعد إمارة (محمد بن إبراهيم بن شريم) سنة 1325ه حتى توفي سنة 1340ه، ثم تولى الإمارة بعده (عبد الرحمن البواردي) ولقب الشيخ (شويمي) تصغير شامي، ولا علاقة لهذا اللقب بأسرة (الشويمي) أهل شقراء من الجماز من بني زيد، فجد تلك الأسرة الكريمة هو (عبد الرحمن بن سليمان الجماز) الملقب شويمي، وقد ذكره المؤرخ الشيخ إبراهيم بن عيسى في تاريخه المخطوط، وأيضاً الشيخ عبد الله بن محمد البسام في (تحفة المشتاق) في أحداث سنة 1328ه .. ولد الشيخ ناصر في شقراء في حدود سنة 1285ه، ونشأ فيها وقرأ على علمائها، وأشهر مشايخه فيها ابن عم أبيه الشيخ (علي بن عبد الله بن عيسى) قاضي شقراء، والشيخ القاضي (أحمد بن إبراهيم بن عيسى) ثم سافر إلى الرياض فأخذ عن علامتها الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، والشيخ سعد بن عتيق، والشيخ محمد بن محمود، وذكر الشيخ عثمان القاضي في ترجمته له في كتابه (منهاج الطلب) أن من شيوخه: الشيخ سليمان بن سحمان، والشيخ حمد بن فارس.
ثم سافر إلى الحجاز فقرأ على علماء المسجد الحرام، وجلس فيها مدةً للتعلم والاستفادة ثم رحل إلى صنعاء في اليمن، وكانت تزدهر ذلك الوقت بالعلماء، فأقام فيها مدة طويلة، وأخذ عنهم التفسير والحديث وأصولهما وعلوم العربية.
ثم رحل إلى العراق وأقام في بغداد، وأشهر مشائخه هناك الشيخ (محمود شكري الآلوسي)، كما أخذ عن غيره من علماء بغداد، ورحل إلى الشام وطلب العلم على علمائها ثم رجع إلى بلده (شقراء) وجلس للتدريس في جامع شقراء، وولي إمامته وخطابته، فصار عالم البلد والمرجع إليه في الإفتاء والتدريس، فعكف عليه طلاب العلم وأخذوا العلم منه، وقد كان له اطلاعاً واسعاً في كل من التوحيد والفقه والتفسير والحديث والعروض والعلوم العربيّة بأنواعها.
وكان من تلاميذه: الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الحصيّن، والشيخ محمد بن علي البيز، والشيخ عبد الله أبا بطين، والشيخ عمر أبا بطين، والشيخ محمد البصيري، والشيخ محمد البواردي، والشيخ إبراهيم الهويش، والشيخ سعد بن سدحان، والشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان قاضي عنيزة، وغيرهم كثير. وقد ذكر الشيخ عبد الله البسام في كتابه (علماء نجد) أن الشيخ عبد الرحمن السعدي لما شرع في تصنيف كتابه في تفسير القرآن صار يراجعه ويعرض عليه ليأخذ رأيه فيه وقال الشيخ عبد الله البسام: قال لي الشيخ الفقيه عبد الله بن جاسر رئيس محكمة تمييز الأحكام الشرعيّة: (إن في استطاعة الشيخ ناصر بن سعود أن يشرح النونيّة لابن القيّم، مع أن شرح هذا الكتاب هابه وأحجم عنه كبار العلماء) وكان له بصر بعلمي الكيمياء والجغرافيا، وقد أعجب به أمين الريحاني لما زار شقراء، وقد قال عنه المؤرخ محمد بن بليهد (له اليد الطولى في اللغة وأشعار العرب)، فقد كان أديباً شاعراً، وقد ذكر الشيخ عبد الله البسام شيئاً من شعره، من ذلك قصيدة يمدح بها قبيلته بني زيد قال من ضمن أبياتها:
ما لعينيك دمعها كالغزال
إذ تمر على الديار الخوالي
من حبيب حتى فؤادك أشقى
فهو كالموثق بصدق الكبال
أحور العين أهيف البطن طفل
ذات جيد شبيه جيد الغزال
قد كساه غريب فرع أثيث
وسقى الأقحوان منه بالسلسال
حازت الحسن والكمال جميعاً
كبني زيد حائزين المعالي
يوم ساروا إلى الوغى في لهام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/162)
وبجرد عوابس صهال
معهم البيض ودلاصي سباغ
وسيوف هنديّة وعوال
وعفاة قد انتحونا بشقراء
وجدونا بها غيوث الليالي
ذاك دأب لنا عليه نشأنا
كرم طائل وصدق قتال
ورثى الشيخ العلامة (عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ) بأبيات قال فيها:
نعى النعاة لنا شيخ الوجود
يشع الدهر شمس الهدى عالي السجيّات
إنسان عين زمان الدهر خير مؤتمن
فينا على الدين حقاً والولايات
كان الضياء وكان النور نتبعه
على الذي يرتضي رب السموات
علماً وحلماً وجوداً لا نظير له
يا لهف نفسي عليه بين أموات
ريعت به من ذوي الإسلام أفئدة
فأذهبت عنهم كل المسرات
كانت مجالسه بالعلم عامرة
أكرم بها من بهيات منيرات
يحيي بها السنة الغراء من شبه
ويطمس الشرك مع تلك الجهالات
وقد اطلعت على رد للشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى على رسالة من قاضي شقراء الشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن عثمان يعرض فيها أبياتاً للشيخ ناصر بن سعود بن عيسى ويطلب فيها من الشيخ إبراهيم تقويماً لتلك الأبيات، وكان ذلك سنة 1305هـ، أي كان عمر الشيخ ناصر بن سعود بن عيسى 20 عاماً تقريباً مما يدل على نبوغه المبكر في مجال الشعر والأدب وقد أرسل لي الأخ الفاضل عبد الله بن بسّام البسيمي صورة من وثيقة فيها قصيدة للشيخ ناصر بن سعود بن عيسى أرسلها إلى الشيخ النسّابة إبراهيم بن صالح بن عيسى، وهي بخط (عبد الله بن سليمان بن مطر) بتاريخ 20 صفر سنة 1333هـ، وموضوعها هو الرد على (يوسف النبهاني) والانتصار لعقيدة السلف الصالح، من ضمن أبياتها:
جحدت الإله العلي الكبي
ر سبحانه بارئ العالمينا
جحدت الرسول ودين الرسول
بما جحدك الله جحداً مبينا
فماذا التلاعب ماذا السفاه
لهذا مقال يضاهي الجنونا
فيا للعقول من المسلمين
أترضون ما قال في الله دينا
أما منكموا غائرٌ للإله
فيبتر بالغضب منه الوتينا
فتب يابن نبهان مما اجترح
ت من أمر توبة الصادقينا
وكن سالكاً منهج المصطفى
وأصحابه بعدُ والتابعينا
وأربعة شُهروا في الأنام
أئمةً حق بهم يقتدونا
وُصف - رحمه الله - بأنه عاقل ذكي يتوقد ذكاء وفطنة وحفظاً، مع جد واجتهاد في الطلب، وحرص على حفظ الوقت والاستفادة منه، وبأنه حلو المفاكهة، لا يمل جليسه حديثه وعلى جانب عظيم من كرم الأخلاق والسخاء المفرط. وقد ذكر د. محمد الشويعر في كتابه (شقراء) ط1، 145 أنه كان يأكل من عمل يده من عمل بعض التركيبات والمواد الكيميائية والكحل وغير ذلك، وقد ذكر الشيخ عبد الله البسّام أنه عُرض عليه القضاء في إحدى بلدان الحجاز في عهد الملك عبد العزيز فرفض، وظل على حاله في الإمامة والخطابة والوعظ والتدريس في بلده شقراء حتى وافاه الأجل - رحمه الله تعالى -، كما ذكر الأستاذ محمد بن سعد الشويعر في كتابه (شقراء) ط1، ص 145 أنه عُرض عليه القضاء في (الحفيّرة) قرب الدوادمي فطلب الإعفاء من الملك عبد العزيز - رحمه الله - وقد تميّز - رحمه الله - بخطه الجميل الواضح، ويتضح ذلك في أوراقه ووثائقه، وقد أخذت من الأخ الفاضل خالد بن عبد العزيز المقرن صورا من بعض وثائق الشيخ، وهي عبارة عن مبايعات ومداينات وأحكام، بعضها من كتابة الشيخ ناصر وتحريره، وبعضها نسخها من قضاة وعلماء ونُسّاخ قبله .. وقد استعرضت هذه الوثائق فوجدت أن أغلب من نسخ عنهم من منطقة الوشم في القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر مثل: إبراهيم بن حمد بن عيسى، إبراهيم بن عبد اللطيف، إبراهيم بن محمّد بن سدحان، سليمان بن عبد الرحمن بن عثمان، عبد الرحمن بن حسن بن رشيد، عبد الرحمن بن عبد العزيز الحصيّن، عبد الرحمن بن فوزان، عبد الرحمن بن محمد أبا حسين، عبد العزيز بن محمد، عبد الله بن إبراهيم بن عمّار، عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، عبد الله بن عبد الرحمن بن عمّار، عبد الله بن محمد بن عوشن، عثمان بن محمد أبا حسين، عثمان بن منصور، علي بن عبد الله بن عيسى، فهد بن عبد الرحمن الصّميت، محمد بن إبراهيم الفريح، محمد بن عبد الله بن فنتوخ ... هذا ما رأيته من الوثائق التي قام بنسخها وهذه الوثائق، بالإضافة إلى الوثائق التي كتبها الشيخ حوت الكثير من أسماء الإعلام وبالذات من شقراء أو ما حولها من البلدان، وهي إما مبايعات أو مداينات أو قسمة أو تخاصم أو شهادة أو وصايا أو أوقاف أو غير ذلك .. توفي الشيخ - رحمه الله - سنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/163)
1349هـ وقيل سنة 1350هـ، عن ولد واحد وهو سعود، وتوفى سعود منذ بضع سنوات - رحمه الله - وليس له ذريّة، فليس للشيخ الآن عقب من الذكور، وابنته - رحمها الله - هي زوجة الشيخ القاضي محمد بن علي البيز، المتوفى سنة 1392هـ، رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جناته.
أنظر رابط المقال هنا http://213.136.192.26/2006jaz/mar/26/wo1.htm
ـ[أبو معطي]ــــــــ[08 - 12 - 06, 02:05 م]ـ
7 - الشيخ صالح بن عبدالرحمن بن عيسى:
هو صالح بن عبدالرحمن بن حمد بن عبدالله بن عيسى
ولد في شقراء ونشأ فيها، وأخذ العلم عن علمائها، ومنهم الشيخ عبدالله أبابطين، ولما انتقل الشيخ عبدالله أبابطين إلى عنيزة قاضياً هناك انتقل معه تلميذه الشيخ صالح العيسى بأهله وأولاده
ولما رجع الشيخ أبابطين إلى شقراء بقي الشيخ صالح في عنيزة وسكن فيها، ودرس العلم هناك كما اتخذ الزراعة مهنة له
وأسرة العيسى أهل عنيزة هم ذريّته، توفي في آخر القرن الثالث عشر، وله ترجمة في كتاب علماء نجد للبسام 2/ 480
أما عن ذريته فقد أعقب: عبدالرحمن و عبدالله، أما عبدالرحمن فلم يعقّب، وأما عبدالله فله: عبدالعزيز و محمد و صالح، ولهم ذريّة إلى الآن
8 - الشيخ عبدالرحمن بن محمد آل عيسى:
ولد في شقراء سنة 1340، ودرس على علمائها، وقد كُف بصره صغيراً، فصار يتلقى العلم بحفظه، ثم التحق بدار التوحيد بالطائف ثم كليّة الشريعة بمكة المكرمة.
ثم وُلي القضاء، فصار قاضياً في ميسان من قرى بني الحارث جنوب الطائف، ثم أصبح قاضياً في مرات، ثم قاضياً في الدرعيّة، فمكث فيها الى وفاته، وقد حصل على مكتبة الشيخ محمد بن علي البيز وهي تحتوي على مخطوطات نادرة ونفيسة
توفي في الدرعيّة سنة 1399، وله ترجمة في كتاب علماء نجد للبسام 3/ 148
ومازال للموضوع بقيّة بمشيئة الله تعالى،،،،،
ـ[أبو معطي]ــــــــ[08 - 12 - 06, 02:12 م]ـ
9 - الشيخ محمد بن عبدالله بن صالح بن عيسى:
هو محمد بن عبدالله بن صالح بن عبدالرحمن بن حمد بن عبدالله بن عيسى
قدم جد المترجم (وهو صاحب الترجمة رقم 7) من شقراء إلى عنيزة مع الشيخ عبدالله أبابطين حينما عيّن قاضياً في عنيزة سنة 1251، فجعل عنيزة موطناً له
ولد الشيخ محمد في عنيزة، وطلب العلم في شبابه، فقرأ على الشيخ علي المحمد، وعلى الشيخ عبدالعزيز بن مانع
غادر عنيزة، وسكن الرياض حتى توفي سنة 1348، رحمه الله تعالى
أما عن ذريته فقد أعقب: إبراهيم و عبدالله، فأما إبراهيم فقد أعقب: عبدالله و مساعد ولهم ذريّة إلى الآن، وأما عبدالله فقد أعقب: محمد و صالح و عبدالرحمن ولهم ذريّة إلى الآن
له ترجمة في كتاب علماء نجد للشيخ البسام 6/ 173
وللحديث بقيّة بمشيئة الله تعالى ....
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[09 - 12 - 06, 12:22 ص]ـ
موضوع رائع يا شيخنا العزيز.
و ليتك عرَّجت على ذكر مؤلفات الشيخ ابراهيم بن صالح بن عيسى
ـ[أبو معطي]ــــــــ[09 - 12 - 06, 07:42 م]ـ
شرفني مرورك العطر شيخنا الفاضل
ولعلي أرجع مرة أخرى للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى وفعلاً هو يستحق الرجوع للكلام عن مؤلفاته
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
ـ[أبو معطي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 01:48 م]ـ
10 - الشيخ علي البيز:
وهو علي بن محمد (الملقب البيز) بن عبدالله بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى، تتلمذ على قاضي الوشم الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى، وعلى قاضي الوشم إبراهيم بن حمد بن عيسى، وعلى القاضي الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى، وعلى الشيخ إبراهيم بن عبداللطيف الباهلي
كان كفيف البصر منذ طفولته، فطناً ذكيّاً مدركاً في العلم، ذكره البسام في كتابه (علماء نجد) أثناء ذكره لتلاميذ الشيخ علي بن عيسى 5/ 226، كما تحدث عنه أثناء ترجمته لابنه الشيخ محمد 6/ 326
11 - ابنه الشيخ محمد بن علي البيز:
هو محمد بن علي بن محمد (البيز) بن عبدالله بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى
ولد في شقراء سنة 1310، وقيل 1313، وتعلم على والده وحفظ على يديه القران الكريم، وأخذ عن غيره من علماء الوشم، منهم الشيخ ابراهيم بن عبداللطيف الباهلي قاضي شقراء، والشيخ المؤرخ ابراهيم بن صالح بن عيسى، هؤلاء مشائخه في الوشم
ثم انتقل الى الرياض وقرأ على علمائه في التوحيد والفرائض والفقه والنحو وغيرها من العلوم، منهم الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، والشيخ محمد بن محمود، والشيخ عبدالله بن راشد بن جلعود، والشيخ حمد بن فارس
وفي سنة 1341 ولي قضاء مليح في سدير، ثم عينه الملك عبدالعزيز إماماً وقاضياً في نفس المكان
وفي عام 1349 أصبح مدرساً في المعهد العلمي السعودي بمكة، وفي عام 1351 عيّن قاضياً في مستعجلة جدة، وفي عام 1353 عيّن قاضياً في محكمة جدة حتى عام 1372
وفي عام 1372 عيّن رئيساً للمحكمة الكبرى بالطائف واستمر فيها حتى أحيل إلى التقاعد بنهاية عام 1387، ثم خلفه في رئاسة المحكمة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام رحمه الله
وبقي الشيخ ساكناً في الطائف حتى توفي إلا أن وفاته كانت بالرياض حيث مرض أثناء زيارته لبعض أقاربه بالرياض وتوفي هناك في يوم الأحد 7/ 4 / 1392
وقد كان رحمه الله له مجلس في بيته بالطائف يرتاده أهل العلم والأدب، وقد أعد شجرة نسب آل عيسى قبل وفاته.
له ترجمه في كتاب علماء نجد للبسام 6/ 326
وللموضوع بقيّة بمشيئة الله تعالى .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/164)
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[12 - 12 - 06, 06:54 م]ـ
واصل بارك الله فيك
وجيد أنك عنونت بعنوان يجمع بين العلماء والأعلام
فما كل علم يكون عالماً.
جزاك الله خيراً على هذه الجهود.
ـ[أبو معطي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 11:04 م]ـ
أخي الكريم أبو أسامة القحطاني حياك الله
وبارك الله فيك على مرورك الكريم وتشجيعك سلمك الله
وسأكمل الموضوع بمشيئة الله، جزاك الله خيراً ورفع قدرك
ـ[أبو معطي]ــــــــ[04 - 01 - 07, 09:31 م]ـ
هذه نماذج من الشيخ محمد بن علي البيز صاحب الترجمة رقم 11
هذه صورة من وثيقة نسخها من شيخه المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (صاحب الترجمة رقم 5) وهي عن مولد بعض علماء العيسى
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa06.jpg
وهذه وثيقة نسخها أيضاً من خط شيخه المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (صاحب الترجمة رقم 5) وهي عن أنساب بعض الأسر من قبيلته (بني زيد)
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa07.jpg
ـ[أبو معطي]ــــــــ[13 - 01 - 07, 01:49 م]ـ
12 - عبدالعزيز بن إبراهيم بن عيسى:
وهو عبدالعزيز بن إبراهيم بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى
أحد وجهاء شقراء أثناء حرب الأتراك لنجد، وهو أحد الرجلين الذين انتدبوهما أهل شقراء لمصالحة إبراهيم باشا أثناء حصاره لشقراء سنة 1233 (أنظر هامش عنوان المجد طبعة الدارة 1/ 392)، لا يُعرف زمن ولادته أو وفاته
له من الأبناء: علي، وسعود، ومحمد، وعبدالله، وعبدالرحمن
فأما علي فله: إبراهيم، وعبدالله ولهما ذرية إلى الآن
وأما سعود فله: الشيخ ناصر الملقب شويمي (انقطع)، ومحمد وله ذريّة إلى الآن
وأما محمد فله: سعود وله ذريّة إلى الآن
وأما عبدالله فله: إبراهيم (انقطع)، وعبدالعزيز، ومحمد، ولهما ذريّة إلى الآن
وأما عبدالرحمن فله: عبدالعزيز (انقطع)، وإبراهيم (انقطع)، وعبدالله وسعود ومحمد ولهم ذريّة إلى الآن
13 - حمد بن عبدالعزيز بن حمد بن عيسى:
وهو حمد بن عبدالعزيز بن حمد بن محمد بن حمد بن عبدالله بن عيسى
أمير حاج أهل الوشم، وكان من وجهاء بلدته (شقراء) وله دور في بعض الأحداث التي وقعت فيها، توفي سنة 1298
أرخ لوفاته المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى في تاريخه المخطوط (الموجود في خزانة التواريخ النجديّة الجزء الثاني) في أحداث سنة 1298 فقال:
(وفيها وقع وباء شديد في مكة هلك فيه خلق كثير، وممن مات فيه حمد بن عبدالعزيز بن حمد بن عيسى أمير حاج أهل الوشم رحمه الله)
له من الأبناء: عبدالله، وعبدالرحمن، وعبدالعزيز، وأحمد، ومحمد، وفهد، وصالح، ومساعد
كلهم انقطعوا ماعدا: عبدالعزيز، ومحمد، وصالح لهم ذريّة إلى الآن
وللموضوع بقيّة بمشيئة الله تعالى ...
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[11 - 03 - 07, 01:00 ص]ـ
نحن بالانتظار يا شيخنا " أبو معطي "
ـ[أبو معطي]ــــــــ[19 - 03 - 07, 01:13 ص]ـ
شيخنا الفاضل محمد المبارك سلمك الله
أعتذر على التأخر، ولي عودة للموضوع بمشيئة الله
بارك الله فيك وجزاك خيراً
ـ[أبو روابي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 12:30 ص]ـ
شكر الله لك يا أباسعد هذه الدرر وعندي من خطوط بعض أولئك الأعلام ما لم ينشر
ـ[أبو روابي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 04:25 م]ـ
أبومعطي ماذا تعرف عن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن حمد بن سلطان بن غهيب وعمه عبدالرحمن بن عبدالله في القرن الثالث عشر وأيضا عبالرحمن بن محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله أبوعبات بن حسين في القرن الرابع عشر
ـ[أبو روابي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 04:38 م]ـ
أبومعطي ماذا تعرف عن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن حمد بن سلطان بن غهيب وعمه عبدالرحمن بن عبدالله في القرن الثالث عشر وأيضا عبالرحمن بن محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله أبوعبات بن حسين في القرن الرابع عشر
ـ[أبو معطي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 01:18 ص]ـ
العفو أخي أبو روابي
وأعتذر يا أخي عن تأخري بالرد
ـ[أبو معطي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 01:43 ص]ـ
أبومعطي ماذا تعرف عن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن حمد بن سلطان بن غهيب وعمه عبدالرحمن بن عبدالله في القرن الثالث عشر وأيضا عبالرحمن بن محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله أبوعبات بن حسين في القرن الرابع عشر
أخي الكريم أبو روابي حياك الله وسلمك من كل شر
عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن حمد بن سلطان بن حمد بن غهيب من آل غيهب من بني زيد، هو جد أسرة المطوّع أهل الكهفة (بمنطقة حائل حالياً) والذي انتثقل من شقراء و سكن الكهفة هو ابنه عمر، وجميع ذرية عبدالعزيز من نسل حفيده عبدالله بن عمر بن عبدالعزيز، وهم أسرة المطوّع أهل الكهفة، ووالد عبدالعزيز هو الشيخ محمد بن الأمير (توفي في معركة الماوية سنة 1232) رحمه الله طالب علم معروف وأحد من قابلوا الشيخ محمد الشوكاني رحمه الله وكتب عنه
وعمه الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن حمد بن سلطان بن حمد بن غيهب، طالب علم معروف نسخ بعض الكتب رأيت واحدة منها سنة 1228 سلسل فيها نسبه الى غيهب، وهو جد أسرة المترك أهل شقراء الذين منهم الشيخ عمر المترك رحمه الله، ومن هذه الأسرة الكريمة باحث فاضل استفدت منه كثيراً في نسب هذه الأسر الكريمة وفي نسب غيرها من الأسر وهو الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عمر المترك حفظه الله، أفادني كثيراً وأعتبره أستاذ لي جزاه الله كل خير
عبدالرحمن بن محمد بن عبدالعزيز أبوعباة من أبوعباة أهل شقراء من آل سلمان من عطية من بني زيد، طالب علم رأيت له ورقة في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً (ما من بيت الا وملك الموت يقف على بابه كل يوم خمس مرات .... ) كتبها في 7 رجب سنة 1318
ومنكم نستفيد أخي المبارك وجزاك الله كل خير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/165)
ـ[أبو روابي]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:19 ص]ـ
عندي لابن غهيب وعمه خط عام 1221هـ وختم محمد بن عبدالله الأمير وخطوط لبوعباة
ـ[أبو معطي]ــــــــ[08 - 04 - 07, 02:10 ص]ـ
عندي لابن غهيب وعمه خط عام 1221هـ وختم محمد بن عبدالله الأمير وخطوط لبوعباة
منكم نستفيد شيخنا الفاضل، ولا تحرمنا من هذه الوثائق والخطوط فلاشك أنها قيّمة ونفيسة خصوصاً وأنها بهذا الزمن
وبارك الله فيك وجزاك خيراً
ـ[أبو روابي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 12:10 ص]ـ
هي عند أحد أصدقائك الباحثين وهو تميمي ولكن منذ مدة لم يكن هناك اتصال بينكما والحمدلله القلوب سليمة والمحبة باقية وهو يريد تشويقكم
ـ[أبو معطي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 06:42 م]ـ
حياك الله أخي الفاضل أبو روابي
وجزاك الله كل خير وبارك فيك
ـ[أبو معطي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 10:02 ص]ـ
أخي الفاضل أبو روابي أرسلت لك رسالة خاصة أحببت أن أنبهك عليها
وجزاك الله كل خير
ـ[أبو معطي]ــــــــ[25 - 02 - 08, 11:52 م]ـ
للرفع
ولعلي ألحق بعض صور الوثائق الإضافية كنماذج من الخطوط
كما سيشمل البحث صور لبعض أختام هؤلاء الأعلام
والله المستعان
ـ[أبو معطي]ــــــــ[03 - 04 - 08, 09:37 م]ـ
أختام لبعض علماء آل عيسى
هذه صورة من ختم الشيخ القاضي علي بن عبدالله بن عيسى المتوفى سنة 1331 - صاحب الترجمة رقم 4 - ومن يركز في الختم يجد في الأسفل تاريخ 1303 يبدو أنه تاريخ عمل الختم
http://www.mkalat.com/upload/files/1/seals/seal-alibneesa.jpg
ـ[أبو معطي]ــــــــ[03 - 04 - 08, 09:42 م]ـ
صورة من ختم الشيخ القاضي أحمد بن إبراهيم بن عيسى المتوفى سنة 1329، وهو موجود على وثيقة كتبها الشيخ بتاريخ سنة 1310 وربما موجود على وثائق قبل هذا التاريخ
http://www.mkalat.com/upload/files/1/seals/seal-ahmadbneesa.JPG
ختم آخر للشيخ أحمد مكتوب عليه (أحمد بن إبراهيم بن عيسى) ومكتوب عليه تاريخ سنة 1313 هو عمل صنع الختم، وجدته على وثيقة بتاريخ سنة 1316 وأخرى في سنة 1318
http://www.mkalat.com/upload/files/1/seals/seal-ahmadbneesa2.JPG
ختم ثالث للشيخ أحمد أيضاً كتب فيه (أحمد بن إبراهيم بن عيسى) وجدته على وثيقة بتاريخ سنة 1315
http://www.mkalat.com/upload/files/1/seals/seal-ahmadbneesa3.jpg
ـ[أبو معطي]ــــــــ[03 - 04 - 08, 09:45 م]ـ
صورة من ختم للشيخ ناصر بن سعود بن عيسى (شويمي) المتوفى سنة 1349 وقيل 1350، وجدت الختم على صورة وثيقة مؤرخة بسنة 1334، كتب في الختم (ناصر ابن سعود ابن عيسى)
http://www.mkalat.com/upload/files/1/seals/seal-naserbneesa.jpg
ـ[أبو معطي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 08:23 م]ـ
كتاب له علاقة بالموضوع
أصدرت دارة الملك عبدالعزيز في عام 1427 - 2006 كتاباً من تأليف الدكتور الفاضل أحمد بن عبدالعزيز بن محمد البسام الوهبي التميمي، وهو الباحث المعروف والدكتور في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالقصيم، وعنوان الكتاب هو: قراءة في بعض المذكرات والرسائل الشخصيّة للشيخ المؤرخ والنسابة إبراهيم بن عيسى
الكتاب من القطع العادي (المتوسط) ويقع في 210 صفحات، في أوله مقدمة الكتاب ثم القسم الأول: الكتابات الخاصة بالشيخ ابن عيسى وأسرته، القسم الثاني: اتصالات الشيخ ابن عيسى بالعلماء وطلبة العلم، القسم الثالث: أنشطة الشيخ ابن عيسى وآثاره العلمية، القسم الرابع: إنتقال الشيخ ابن عيسى الى عنيزة وإقامته فيها إلى وفاته رحمه الله، ثم الخاتمة، وبعدها الفهرس والمحتويات، ثم ملحق بإصدارات دارة الملك عبدالعزيز، كما حرص المؤلف على الحاق الكثير من صور الوثائق كمصادر للمعلومات التي يذكرها في هذه الأقسام
http://www.mkalat.com/upload/files/1/al%20eesa/eesa14.jpg
ـ[أبو معطي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 08:08 م]ـ
6 - الشيخ المؤرخ النسّابة إبراهيم بن صالح بن عيسى:
وقد كتبت موضوعاً عن الشيخ فيه توسع أكثر في هذا الموضوع
http://www.fatabanyzaid.com/abn3isaa.htm
تغير الرابط الى التالي
http://www.mkalat.com/wordpress/?p=18
مع الاعتذار لكم جميعاً
ـ[أبو معطي]ــــــــ[02 - 11 - 09, 12:52 ص]ـ
لعلاقته بهذا الموضوع: كتاب (الدرر النفيسة عن العلماء والفقهاء والقضاة من أسرة آل عيسى) تأليف الأديب (علي بن محمد العيسى) الطبعة الأولى سنة 1407هـ، عن تراجم آل عيسى وهو مقتبس من عدة كتب أهمها كتاب (علماء نجد خلال ستة قرون) للشيخ عبدالله البسام رحمه الله، وكتاب (روضة الناظرين) للشيخ محمد القاضي، وكتاب (شقراء) للدكتور محمد الشويعر ... وغيرها من المصادر
http://www7.0zz0.com/2009/11/01/21/329461584.jpg
....(140/166)
نحو توثيق السيرة
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 01:16 م]ـ
نحو توثيق السيرة النبوية المباركة:
أحداث في السيرة بين القبول والرد===================================
تكمن أهمية دراسة السيرة المباركة في تقديم صورة صادقة وأمنية عن حياة سيد الأنبياء ?، وهذا الهدف ليس بالأمر السهل، فمنذ بداية تدوين السيرة والعلماء يضعونه نصب أعينهم، فيتوقفون أمام المدونات والأخبار التي تصل إليهم وينظرون إليها بعين التمحيص والنقد إلا إن هذا المجهود لم يكن ليقف أمام تسرب عناصر إخبارية غير مرضى عنها عملياً إلى كراسي الوعظ والقصص – وهم الذين تسموا باسم " القصاص " وتحملوا تبعة ترويج البضاعة الإحبارية التي رفضت – عمليا – بين طبقات الناس المختلفة. ومن ثم تحصل محصول من الأخبار في السيرة والشمائل المحمدية يحتاج إلى إبراز الموقف الحديثى باعتباره الموقف النقدي المعتبر منها، وهذا هو ما ستحاول هذه السطور تقديم نماذج منها – تنبيها إلى أهمية توثيق السيرة المباركة والرجوع إلى المصادر الاإحبارية والنقدية الموثوق بها حين دراستها.
قصة بحيرا الراهب:
من أشهر القصص في كتب السيرة والدلائل قصة اصطحاب أبى طالب للنبي ? إلى الشام، وتعرف الراهب (بحيرا) عليه، ومعرفته نبوته، وذكره ذلك لأبى طالب في طفولة النبي ? وتحذيره إياه من استمرار اصطحابه إلى الشام خوفا عليه من اليهود، الأمر الذي حدا بأبي طالب إن يرجع بمحمد ? إلى مكة – في قصة طويلة مختلفة في سياقها وتفاصيلها بين أصحاب السير ():
1. فقد ذكر الحديث ابن إسحاق في سيرته – بدون إسناد.
2. ورواه أحمد بن حنبل والترمذي والخرائطي وغيرهم – من حديث قراد – أبى نوح – وزاد فيه إن أبا بكر كان معهم في هذا السفر وإنه لما رجع أبو طالب به إلى مكة بعث معه بلالاً.
3. ورواه معتمر بن سليمان والزهري بدون ذكر اسم الراهب. وهذه الرواية اقتصر عليها المقريزي في (إمتاع الأسماع).
وهذه الروايات أثارت مناقشة كبيرة بين علماء النقد من المحدثين:
• فقد استغرب هذا الحديث جماعة من المحدثين، منهم الإمام الترمذي، فقد قال بعد سياقته: " هذا الحديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه " يقصد بذلك طريق قراد – المشار إليه.
• وضعفه جماعة واستنكروه جداً منهم الحافظ الذهبي الذي ذكره في (تاريخ الإسلام) تحت عنوان: " سفره مع عمه – إن صح " ثم قال: وهو حديث منكر، جداً بل لقد تعقب الحاكم في تصحيحه إياه بقوله: أظنه موضوعاً. وكذلك الظاهر من صنيع الحافظ ابن كثير إنه يستغربه جداً.
• ومن النقاد من صححه بشواهده المختلفة، ومنهم الحاكم في (المستدرك). والحافظ جلال الدين السيوطي في (الخصائص الكبرى) قال " ولها شواهد عدة سأوردها تقضى بصحتها ". ومال الحافظ ابن حجر في (الإصابة) إلى قبولها جملة، وإنكار الزيادة التي تروى وجود أبى بكر وبلال قال " الحديث رجاله ثقات، وليس فيه منكر إلا هذه اللفظة " بل قد قطع في (الفتح) بقبوله، قال: " إسناده قوى "
تدقيق الروايات ههنا والجزم بصحة القصة:
إلا إن المدقق في روايات الخبر وفي صنيع هؤلاء المحدثين والنقاد يلاحظ مجموعة من الملاحظات.
أولها:إن الخبر قد جاء من طرق مختلفة،وأوجه متباينة تؤكد إن له أصلا صحيحاً:
• فقد خرجه ابن سعد من طريق أبى المليح عن عبد الله بن محمد بن عقيل – مرسلا.
• وابن عساكر من طريق محمد بن سعد بإسناده إلى أبى مجلز.
• والواقدي بإسناده إلى داود بن الحصين.
• والطبري بإسناده عن هشام بن محمد – مرسلاً، أو معضلاً.
• وعبد الرزاق من حديث الزهري – مرسلاً.
• وابن عائد من حديث الوليد بن مسلم عن سليمان بن موسى – مرسلاً هكذا.
• غيرهم من طرق أخرى، أضربنا عنها اكتفاء بما ذكرنا.
والملاحظة الثانية: إن العلماء لا يختلفون في تقوية أمر الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة، أو كانت له شواهد أخرى – كما هو مشهور في مصطلح الحديث ().
والثالثة: إن الحديث المرسل مقبول عند مالك والحنابلة، وقد قبله الشافعي إذا جاء من طريقين مرسلين كل منهما مشتهر أخذ الحديث عن غير الذي يأخذ عنه الأخر – وهذا هو حال مرسلات هذه القصة ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/167)
أما الرابعة فهي: إن النكارة إنما جاءت لهذه الحديث من قبيل الزيادة التي قراد أبو نوح، وهي ذكر أبى بكر وبلال في الحديث، مع إن عمر أبى بكر في هذا الوقت لم يكن يزيد على عشر سنوات، وإنه لم يكن قد اشترى بلالاً بعد، وهي زيادة منكرة حقا، إلا إنها تدل على خطأ قراد – رواى الحديث – أو يونس بن أبى إسحاق – الذي رواه قراد عنه، لكنها لا تفدح في أصل الحديث الذي رواه جماعة كثيرة من الرواه.
من هنا نميل إلى صحة الرواية وقبولها – على النحو الذي رواه نعيم في " دلائل النبوة " من حديث على، وهي أخصر الروايات، وقد ذكرها السيوطي في الخصائص ولم أجدها في نسختي من دلائل النبوة لأبى نعيم.
خيانة استشراقية:
فإذا ما عدلنا عم هذا الجو العلمي – الذي أشاعه البحث في خبر " بحيرا " الراهب – إلى النظرة الاستشراقية لهذا الخبر – فسنشعر بغير قليل من رائحة التدني المنهجي والزيف العلمي، فتحت اسم " بحيرا " من دائرة المعارف الإسلامية () كتب المستشرق " فنسنك " بحثاً لخص فيه القصة، ثم قال:
" وهذه القصص قسم خاص من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي ?، ولها نظائر كثيرة من النوع نفسه وكلها ترمى إلى أن أهل الكتاب عرفوا من كتبهم من قبل بعثة النبي ?.
وهذا " الصنيع من (فنسنك) يحاول أن يسجل حكما عاماً على كل الأخبار التي تواترت بتعرف الأحبار والرهبان والكهان على النبي ? قبل مولده، وقبل مبعثه، وبعد مبعثه، وهو صنيع يضرب ببديهيات المنهج العلمي عرض الحائط، إذ لا يدخل في غمار البحث المنهجي حول رواية القصة ونقلتها، والدراسات التي صيغت حولها، وإنما يبادر إلى القول الفج غير المعلل بأنها أسطورة، ويلحق هذا اللهاث الجري بلهاث آخر ينهى فيه القضية من أساسها، فيرى إن (نظائرها) من هذا النوع الأسطوري نفسه ومن هنا يقوض – بأمنيته – مبدأ إن أهل الكتاب قد تعرفوا على بعثة محمد من خلال كتبهم، على الرغم من إنه مبدأ موجود في القرآن الكريم أصلاً وليس مستقى من هذا القصص، وإن كانت هذه القصص تعد تأكيدا وتطبيقاً لهذا المبدأ القرآني.
أما أن المجال مجال مناقشة هذه النتيجة فلا وإنما المراد هو إطلاع القارئ على صورة البحث العلمي عند المسلمين وصورة هذا البحث العلمي عند رؤوس الاستشراق، وطريقتهم في الاستنتاج. ولكن مضرب المثل في الوقاحة الدراسية – إن صح التعبير – هو ما اكتشفه فنسنك حول شخصية بحيرا، والذي حرص على ذكره، وهو إن " الروايات الإسلامية حول شخصية بحيرا قد جمعت كلها بالتفصيل في (سفر بحيرا) لكاتب مسيحي في حوالي القرن الحادي عشر أو الثاني عشر – يدعى " إشو عيب " وقد ورد في الكتاب كيف لقن سرجيوس (وهو الاسم الحقيقي لبحيرا) محمداً ? عقيدته وشرائعه وأجزاء من القرأن، وذلك بقصد إن يجعل العرب يعترفون بإله واحد.
ولم يعلق الأستاذ العالم المنهجي (فنسنك) بحرف واحد يدل على القيمة التاريخية لهذه المقولة، وكأن الروايات إذا أريد بها إظهار معرفة أحبار أهل الكتاب برسول الله صلوات الله عليه قبل مبعثه فهي أساطير كلها، وإذا أريد بواحدة منها إن " محمداً نبي كاذب كان يتلقى توجيهه من راهب ملحد " فهاهنا لا تعليق. وهذا هو نتاج المنهج العلمي والأمانة العلمية عند المستشرقين.
أول الخلق:
إلا إن قصة " بحيرا " لم تسجل في الضمير الشعبي للأمة مثلما سجلت مجموعة من التصورات والمواقف حول النبي المبارك الكريم، وهذه التصورات والمواقف محتاجة إلى عرضها على ميزان النقد العلمي الذي رأيناه آنفاً عند المسلمين، فكثير من المآذن في (مصر) مثلاً تردد – بعد الأذان – الصلاة على (أول خلق الله)، ومع ذلك لم يتبادر إلى ذهن أحد من المصلين إن المقصود هنا هو (آدم) عليه السلام، وإنما المستقر في ضميرهم جميعاً – سواء أقره بعضهم أو رفضه البعض الآخر – هو إن أول خلق الله هو محمد ?، وقد تضافرت على صنع هذا التصور مجموعة من الأحاديث لمشتهرة على اللسنة، مثل:
• كنت أول الناس في الخلق وأخرهم في البعث ".
• كنت أول النبيين في الخلق وأخرهم في البعث ".
وهذه الأحاديث وما في معناها ليس مما يتوقف عندما لوهاء أسانيدها ():
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/168)
- فقد رواه (أبو نعيم) في دلائل النبوة، وابن أبى حاتم في تفسيره، وتمام في فوائده، كل هؤلاء من طرق عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبى هريرة مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف فيه شذوذ يزيده ضعفا وسبب الضعف هو سعيد بن بشير، ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي، وحسبك هؤلاء ()، وضعفه غيرهم، قال ابن حبان في المجروحين. " وكأن ردئ الحفظ، فاحش الخطأ، يروي عن قتادة مالا يتابع.
قلت: وهذا الحديث من طاماته وغرائبه فقد أوردة الذهبي في (الميزان) مثالاً على غرائبه ().
والذي يدل على شذوذ هذا الإسناد أن غير سعيد بن بشير قد رواه عن قتادة مرسلاً، ومنهم من رواه عنه موقوفاً. فهذا اضطراب في الإسناد إلى جانب ضعف سعيد.
فإن صح المرسل كان ضعيفاً لإرساله، ولأنه مخالف للفظ أصح منه، وهو الحديث الذي رواه أحمد في (السنة) والطبراني في المعجم الكبير عن ميسرة الفجر - ? - قال: " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد ".
وذكره الحافظ بن حجر في (الإصابة) في ترجمة ميسرة الفجر، قال " وهذا سند قوى، ثم ذكر إسناد الإمام أحمد وقال: " وسنده صحيح " ().
قلت وهذا اللفظ هو الذي رواه الأئمة، وصححه من صححه منهم مثل ابن حبان والحاكم، ورواه الترمذي عن أبى هريرة إنه قال للنبي ? " متي كتبت نبياً؟ " قال " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد ".
واللفظ هنا يدل على أن النبي صلوات الله عليه كتبت نبوته قبل خلق آدم، لا أنه خلق قبل آدم، وهو من شريف قضاء الله الذي قضاه في الأزل. فوقع سوء الفهم من الناس، ثم حملوا قتادة رحمة الله – احتملها. ومن ثمة قال الشيخ الألباني بعد تضعيفة للحديث الأول، وذكره لهذا اللفظ.
وسنده صحيح لكن لا دلالة فيه على إن النبي ? أول خلق الله تعالى – خلاقاً لما يظن البعض – وهذا ظاهر بأدنى تأمل " ().
هذا ولا بد من إشارة إلى وهم وقع بعض جامعي الحديث، أوقعهم فيه عدم الدربة الكافية في نقد الأسانيد أو التعجل في الحكم أو التقليد، فقد قال السخاوي في (المقاصد الحسنة)، وتابعه العجلوني في (كشف الخفا) عن الحديث الأول:
" وله شاهد من حديث الفجر ".
وقال الشوكاني – بعد أن ذكره في (الفوائد المجموعة) ():
" وله شاهد صححه الحاكم بلفظ: كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد ".
وهذا من الوهم، لأنه هذا اللفظ لا يصلح شاهداً للفظ الأول، فالأول يزعم إن رسول الله ? قضى نبوته قبل خلق آدم وشتان بين المعنيين فليس تشابه الحروف المتراصة دليلا على تشابه المعاني. ومن هنا أرى إن تضعف لفظ هذا الحديث – الذي نحن بصدده – فيه قدر من التسامح وقد حكم جماعة من العلماء بأنه موضوع منهم (الصنعاني)، و (ابن تيميه) () وتابعهما الشيخ التليدي في مقدمته لكتابة (تهذيب الخصائص الكبرى) ().
وعموماً فمنزله النبي ? ومكانته عند ربه – سبحانه – أعلى من إن تحتاج إلى الأحاديث الواهية لإثباتها أو تأكيدها، وقد صحت الأحاديث الصريحة بأنه سيد ولد آدم يوم القيامة، وإن أول من يفتح باب الجنة، وأنه أكثر الأنبياء تابعاً يوم القيامة، وإنه أوتى من الفضل في الدنيا ما لم يؤته نبي قبله، وإنه صاحب الشريعة الحاكمة المهيمنة على الشرائع السابقة، والمبطلة للتشريعات اللاحقة () إلى مالا يحصى من الفضائل الصحيحة. والمناقب الواضحة الصريحة، التي لا مزيد بعدها بأحاديث ساقطة، فيها غلو في قدر بما لا يحاج قدرة إليه / وهو - ? - القائل " لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم ()
والإطراء: الزيادة في المدح، والغلوفي الوصف.
الحمامة والعنكبوت:
ومن القصص التي تسللت إلى العقل الجمعي للأمة، وساهم الخيال الشعبي في رواجها بصورة لم يسلم منها بعض المتخصصين ما رواه أصحاب الأخبار من إنه لما هاجر النبي ? واختبأ في الغار بعث الله العنكبوت فضربت نسجها نحو باب الغار. وأمر حمامتين وحشيتين فوقعتا بجوار نسج العنكبوت، فلما كان الكفار ينظرون إلى الغار بحثاً عنه ?، كان يردهم عن ذلك ما يرون من الحمامة والعنكبوت ().
وقد اتخذت هذه الحادثة ألوانا متعددة من القص، ودخلت في إطار الإنشاد الشعبي، وطالت مكوناته وقصرت حسب حاجة الراوي إلى ذلك، وسنختار الوجوه المسندة لهذه القصة لنعلق عليها بملاحظات النقاد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/169)
1. فقد رواها الطبراني في المعجم الكبير وابن سعد في الطبقات والبزار في مسنده كلهم من طريق عون بن عمرو القيسى، عن أبى مصعب المكي عن المغير بن شعبة وأنس وزيد بن أرقم، هذا سياق يذكر الحمامتين والعنكبوت.
2. ورواها الإمام أحمد في المسند وعبد الرزاق في المصنف من طريق عثمان الجزري إن مقسماً مولى ابن عباس رواه عن ابن عباس، وهذا سياق يذكر العنكبوت وحده.
3. رواه الديلمي من حديث أبى بكر الصديق بلفظ: " جزى الله عز وجل العنكبوت عنا خيراً، فأنها نسجت على وعليك يا أبا بكر في الغار … "
وهو حديث مسلسل بقول كل راو: " إنا أحبها (يعنى العنكبوت) منذ سمعت فلاناً ..
وهذه الروايات روايات ضعاف، فاللفظ الأخير – كما هو مسلسل بهذه اللفظة – وهو مسلسل بجماعة من المجاهيل، منهم إبراهيم بن محمد شيخ عبد الله بن موسى السلامي، وعبد الله بن موسى هذا موسى هذا أيضاً ضعيف، فقد قال عنه أبو سعيد الادريسي الحافظ:
" كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا " وهذا يدل على إنه حاطب، دليل يحدث عمن يعرف ومن لا يعرف من القصاص والمتحدثين في الزوايا، والذي يؤكد ذلك جهالة شيخه إبراهيم بن محمد. فالحديث في غاية الضعف.
أما اللفظ الأول المروي عن ثلاثة من الصحابة فلا يغنك لأن الافة من رواية عنهم، ومن تلميذه الرواي عنه.
• وأما شيخه أبو مصعب المكي هذا فهو مجهول لا يعرف، قال العقيلى: " وأبو مصعب رجل مجهول " ().
ولذلك قال ابن كثير عقب سياقته له: هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه.
قلت: وهذا الاستغراب لا يحمل إلا على الضعف الشديد، لما علمت من حال عون بن عمرو وشيخه.
ولعل حال اللفظ الثاني لهذه الروايات أحسن قليلاً من هذين، فقد حسنه الحافظ بن كثير قال: " وهو أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار " وتعقبه العلامة الألباني بقوله: " كذا قال. وليس بحسن في نقدي ".
ودلل على ذلك بضعف عثمان الجزري، وساق تحقيقاً لاسمه، وحاله، أما الإمام المحدث الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند فإنه اكتفى بقوله: " في إسناده نظر " ().
إلا إن الشيخ الألباني استشهد بقوله تعالى ? وأيده بجنود لم تروها ? -[التوبة / 40]
وهو القول الذي ورد في سياق هجرته ?، استشهد به على إن هذه الجنود لابد إن تكون خافية عن العين لا ظاهرة لها، كالحمائم والعناكب والأشجار. ثم قال:
" والأشبة بالآية إن الجنود فيها إنما هم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن الرؤية ".
وقال في موضع آخر:
" وأعلم إنه لا يصح شيء في عنكبوت الغار والحمامتين، على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته ? إلى المدينة، فكن من ذلك على علم " ().
وإذا كان كاتب هذه السطور يميل إلى رأى الشيخ، فهو لا يستبعد إن يكون هناك أصل لحديث العنكبوت – إلا إن الصحيح الواضح في مثل هذه المناقب يغنى عن الضعيف الذي تحوم حوله الشبهات العلمية.
خواتيم، وضوابط:
ونكتفي بهذا القدر – خشية الإطالة، وفراراً من الملالة – وقد يكون هناك مجال أرحب لذكر المزيد، مشيرين إلى أمور نرى أهميتها ك منها: إن كتابة السيرة النبوية تحتاج في عصرنا هذا إلى علماء محدثين واعين ينفقون عن هذا الموروث خبثه، ويكتفون بالصحيح منه. ولعل كتاب الأستاذ رزق الطرهوني خطوة جادة على هذا الطريق ().
ومنها كان هناك دراسات حول فقه السيرة والمناحي التربوية فيها ككتاب الأستاذ محمد الغزالي – رحمة الله، وكتاب الأستاذ الدكتور البوطي، وكتاب الأستاذ الغضبان، وكتاب الشيخ أحمد فريد، وهي كتب فيها من البحث في موضوعها الكثير من الفائدة، إلا إن هذا اللون من الكتابة يحتاج إلى التسلح أيضاً بسلاح النقد للمرويات التي ينبني عليها حكمهم العلمي واتجاههم التعليمي، كما إن بعضها قد تجاوز في أمور ينبغي إن تناقش في صياغة الدراسات المستقبلة للسيرة.
ومنها: إنه حبذا لو شكلت لجنة من العلماء لعمل الأمرين السابقين معاً – أعنى الإفادة من الجهود المخلصة للمحدثين في كتابة كتاب موثق في السيرة النبوية يتتبع كل جزئياتها بالبحث، فلا يترك صحيحاً إلا سجله، ولا ضعيفاً إلا أشار إليه، حسب الطاقة – وأظن إن طاقة جماعة تتعاون على هذا الأمر سيبارك الله فيها – هذا إلى جانب إن تضم هذه اللجنة ما يصفون من فقه السيرة وجوانبها العملية والتربوية إلى كا باب من أبوابها أو موقف من مواقفها.
والحديث في سيرة المصطفى ? ذو شجون، و (تطويل أخبار الهوى لذة أخرى) – كما يقول الشبراوى – إلا إن المكان وطبيعة المجال عموماً تستحث القلم على الراحة والإراحة راجياً الله إن ينفع بما كتب، إن ولى قدير.
وكتب: محمد القاضي
أرجو ان تسامحوني في عدم مجيء الحواشي مع البحث .....
وأرجو أن تعذروني في الأخطاء الطباعية .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/170)
ـ[عزت المصرى]ــــــــ[25 - 12 - 06, 08:57 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[11 - 01 - 07, 08:54 ص]ـ
حفظك الله أبا عبد الله
ـ[أبو وسام الأزهرى]ــــــــ[12 - 01 - 07, 01:21 ص]ـ
بارك الله فى شيخنا وأمد فى عمره
ـ[حسن تقي الدين]ــــــــ[24 - 01 - 07, 02:35 م]ـ
السلام عليكم يا أهل الملتقى أفيدةني جزاكم الله خيرا في موضوع بحثي "أسباب النزول مصدرا للسيرة النبوية" وقد جمعت ولله الحمد مرويات أسباب النزول الواردة في بعض المصادر اللأوللا في السيرة العقبة عندي الان منهج الدراسة فيا أهل الاختصاص أكرموني بما أكرمتم به إرشادا إلى منهج أو مصدر أو مرجع ولكم واجب الدعاء حسن أبو المعالي almojid@hotmail.com
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[29 - 01 - 07, 08:14 م]ـ
حفظك الله أبا وسام وبارك فيك
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[29 - 01 - 07, 08:16 م]ـ
السلام عليكم يا أهل الملتقى أفيدةني جزاكم الله خيرا في موضوع بحثي "أسباب النزول مصدرا للسيرة النبوية" وقد جمعت ولله الحمد مرويات أسباب النزول الواردة في بعض المصادر اللأوللا في السيرة العقبة عندي الان منهج الدراسة فيا أهل الاختصاص أكرموني بما أكرمتم به إرشادا إلى منهج أو مصدر أو مرجع ولكم واجب الدعاء حسن أبو المعالي almojid@hotmail.com
أخي حسن
أضفني إلى الماسنجر وأبلغنب أنك أضفتني
ونلتقي عسى ان أستفيد منك وتفيد مني
==========
ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[17 - 03 - 07, 07:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[18 - 03 - 07, 12:50 ص]ـ
جزاك الله خيرا على مرورك وارجوالله ان ينفعنا
ـ[أبو وسام الأزهرى]ــــــــ[18 - 03 - 07, 01:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل وبارك فيك ونفع الله بك
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[21 - 03 - 07, 11:05 ص]ـ
بارك الله فيك
أبا وسام
وعلمنا ونفعنا.
ـ[أبوعمر وصهيب]ــــــــ[21 - 03 - 07, 03:27 م]ـ
نحو توثيق السيرة النبوية المباركة:
أحداث في السيرة بين القبول والرد===================================
تكمن أهمية دراسة السيرة المباركة في تقديم صورة صادقة وأمنية عن حياة سيد الأنبياء ?، وهذا الهدف ليس بالأمر السهل، فمنذ بداية تدوين السيرة والعلماء يضعونه نصب أعينهم، فيتوقفون أمام المدونات والأخبار التي تصل إليهم وينظرون إليها بعين التمحيص والنقد إلا إن هذا المجهود لم يكن ليقف أمام تسرب عناصر إخبارية غير مرضى عنها عملياً إلى كراسي الوعظ والقصص – وهم الذين تسموا باسم " القصاص " وتحملوا تبعة ترويج البضاعة الإحبارية التي رفضت – عمليا – بين طبقات الناس المختلفة. ومن ثم تحصل محصول من الأخبار في السيرة والشمائل المحمدية يحتاج إلى إبراز الموقف الحديثى باعتباره الموقف النقدي المعتبر منها، وهذا هو ما ستحاول هذه السطور تقديم نماذج منها – تنبيها إلى أهمية توثيق السيرة المباركة والرجوع إلى المصادر الاإحبارية والنقدية الموثوق بها حين دراستها.
قصة بحيرا الراهب:
من أشهر القصص في كتب السيرة والدلائل قصة اصطحاب أبى طالب للنبي ? إلى الشام، وتعرف الراهب (بحيرا) عليه، ومعرفته نبوته، وذكره ذلك لأبى طالب في طفولة النبي ? وتحذيره إياه من استمرار اصطحابه إلى الشام خوفا عليه من اليهود، الأمر الذي حدا بأبي طالب إن يرجع بمحمد ? إلى مكة – في قصة طويلة مختلفة في سياقها وتفاصيلها بين أصحاب السير ():
1. فقد ذكر الحديث ابن إسحاق في سيرته – بدون إسناد.
2. ورواه أحمد بن حنبل والترمذي والخرائطي وغيرهم – من حديث قراد – أبى نوح – وزاد فيه إن أبا بكر كان معهم في هذا السفر وإنه لما رجع أبو طالب به إلى مكة بعث معه بلالاً.
3. ورواه معتمر بن سليمان والزهري بدون ذكر اسم الراهب. وهذه الرواية اقتصر عليها المقريزي في (إمتاع الأسماع).
وهذه الروايات أثارت مناقشة كبيرة بين علماء النقد من المحدثين:
• فقد استغرب هذا الحديث جماعة من المحدثين، منهم الإمام الترمذي، فقد قال بعد سياقته: " هذا الحديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه " يقصد بذلك طريق قراد – المشار إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/171)
• وضعفه جماعة واستنكروه جداً منهم الحافظ الذهبي الذي ذكره في (تاريخ الإسلام) تحت عنوان: " سفره مع عمه – إن صح " ثم قال: وهو حديث منكر، جداً بل لقد تعقب الحاكم في تصحيحه إياه بقوله: أظنه موضوعاً. وكذلك الظاهر من صنيع الحافظ ابن كثير إنه يستغربه جداً.
• ومن النقاد من صححه بشواهده المختلفة، ومنهم الحاكم في (المستدرك). والحافظ جلال الدين السيوطي في (الخصائص الكبرى) قال " ولها شواهد عدة سأوردها تقضى بصحتها ". ومال الحافظ ابن حجر في (الإصابة) إلى قبولها جملة، وإنكار الزيادة التي تروى وجود أبى بكر وبلال قال " الحديث رجاله ثقات، وليس فيه منكر إلا هذه اللفظة " بل قد قطع في (الفتح) بقبوله، قال: " إسناده قوى "
تدقيق الروايات ههنا والجزم بصحة القصة:
إلا إن المدقق في روايات الخبر وفي صنيع هؤلاء المحدثين والنقاد يلاحظ مجموعة من الملاحظات.
أولها:إن الخبر قد جاء من طرق مختلفة،وأوجه متباينة تؤكد إن له أصلا صحيحاً:
• فقد خرجه ابن سعد من طريق أبى المليح عن عبد الله بن محمد بن عقيل – مرسلا.
• وابن عساكر من طريق محمد بن سعد بإسناده إلى أبى مجلز.
• والواقدي بإسناده إلى داود بن الحصين.
• والطبري بإسناده عن هشام بن محمد – مرسلاً، أو معضلاً.
• وعبد الرزاق من حديث الزهري – مرسلاً.
• وابن عائد من حديث الوليد بن مسلم عن سليمان بن موسى – مرسلاً هكذا.
• غيرهم من طرق أخرى، أضربنا عنها اكتفاء بما ذكرنا.
والملاحظة الثانية: إن العلماء لا يختلفون في تقوية أمر الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة، أو كانت له شواهد أخرى – كما هو مشهور في مصطلح الحديث ().
والثالثة: إن الحديث المرسل مقبول عند مالك والحنابلة، وقد قبله الشافعي إذا جاء من طريقين مرسلين كل منهما مشتهر أخذ الحديث عن غير الذي يأخذ عنه الأخر – وهذا هو حال مرسلات هذه القصة ().
أما الرابعة فهي: إن النكارة إنما جاءت لهذه الحديث من قبيل الزيادة التي قراد أبو نوح، وهي ذكر أبى بكر وبلال في الحديث، مع إن عمر أبى بكر في هذا الوقت لم يكن يزيد على عشر سنوات، وإنه لم يكن قد اشترى بلالاً بعد، وهي زيادة منكرة حقا، إلا إنها تدل على خطأ قراد – رواى الحديث – أو يونس بن أبى إسحاق – الذي رواه قراد عنه، لكنها لا تفدح في أصل الحديث الذي رواه جماعة كثيرة من الرواه.
من هنا نميل إلى صحة الرواية وقبولها – على النحو الذي رواه نعيم في " دلائل النبوة " من حديث على، وهي أخصر الروايات، وقد ذكرها السيوطي في الخصائص ولم أجدها في نسختي من دلائل النبوة لأبى نعيم.
خيانة استشراقية:
فإذا ما عدلنا عم هذا الجو العلمي – الذي أشاعه البحث في خبر " بحيرا " الراهب – إلى النظرة الاستشراقية لهذا الخبر – فسنشعر بغير قليل من رائحة التدني المنهجي والزيف العلمي، فتحت اسم " بحيرا " من دائرة المعارف الإسلامية () كتب المستشرق " فنسنك " بحثاً لخص فيه القصة، ثم قال:
" وهذه القصص قسم خاص من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي ?، ولها نظائر كثيرة من النوع نفسه وكلها ترمى إلى أن أهل الكتاب عرفوا من كتبهم من قبل بعثة النبي ?.
وهذا " الصنيع من (فنسنك) يحاول أن يسجل حكما عاماً على كل الأخبار التي تواترت بتعرف الأحبار والرهبان والكهان على النبي ? قبل مولده، وقبل مبعثه، وبعد مبعثه، وهو صنيع يضرب ببديهيات المنهج العلمي عرض الحائط، إذ لا يدخل في غمار البحث المنهجي حول رواية القصة ونقلتها، والدراسات التي صيغت حولها، وإنما يبادر إلى القول الفج غير المعلل بأنها أسطورة، ويلحق هذا اللهاث الجري بلهاث آخر ينهى فيه القضية من أساسها، فيرى إن (نظائرها) من هذا النوع الأسطوري نفسه ومن هنا يقوض – بأمنيته – مبدأ إن أهل الكتاب قد تعرفوا على بعثة محمد من خلال كتبهم، على الرغم من إنه مبدأ موجود في القرآن الكريم أصلاً وليس مستقى من هذا القصص، وإن كانت هذه القصص تعد تأكيدا وتطبيقاً لهذا المبدأ القرآني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/172)
أما أن المجال مجال مناقشة هذه النتيجة فلا وإنما المراد هو إطلاع القارئ على صورة البحث العلمي عند المسلمين وصورة هذا البحث العلمي عند رؤوس الاستشراق، وطريقتهم في الاستنتاج. ولكن مضرب المثل في الوقاحة الدراسية – إن صح التعبير – هو ما اكتشفه فنسنك حول شخصية بحيرا، والذي حرص على ذكره، وهو إن " الروايات الإسلامية حول شخصية بحيرا قد جمعت كلها بالتفصيل في (سفر بحيرا) لكاتب مسيحي في حوالي القرن الحادي عشر أو الثاني عشر – يدعى " إشو عيب " وقد ورد في الكتاب كيف لقن سرجيوس (وهو الاسم الحقيقي لبحيرا) محمداً ? عقيدته وشرائعه وأجزاء من القرأن، وذلك بقصد إن يجعل العرب يعترفون بإله واحد.
ولم يعلق الأستاذ العالم المنهجي (فنسنك) بحرف واحد يدل على القيمة التاريخية لهذه المقولة، وكأن الروايات إذا أريد بها إظهار معرفة أحبار أهل الكتاب برسول الله صلوات الله عليه قبل مبعثه فهي أساطير كلها، وإذا أريد بواحدة منها إن " محمداً نبي كاذب كان يتلقى توجيهه من راهب ملحد " فهاهنا لا تعليق. وهذا هو نتاج المنهج العلمي والأمانة العلمية عند المستشرقين.
أول الخلق:
إلا إن قصة " بحيرا " لم تسجل في الضمير الشعبي للأمة مثلما سجلت مجموعة من التصورات والمواقف حول النبي المبارك الكريم، وهذه التصورات والمواقف محتاجة إلى عرضها على ميزان النقد العلمي الذي رأيناه آنفاً عند المسلمين، فكثير من المآذن في (مصر) مثلاً تردد – بعد الأذان – الصلاة على (أول خلق الله)، ومع ذلك لم يتبادر إلى ذهن أحد من المصلين إن المقصود هنا هو (آدم) عليه السلام، وإنما المستقر في ضميرهم جميعاً – سواء أقره بعضهم أو رفضه البعض الآخر – هو إن أول خلق الله هو محمد ?، وقد تضافرت على صنع هذا التصور مجموعة من الأحاديث لمشتهرة على اللسنة، مثل:
• كنت أول الناس في الخلق وأخرهم في البعث ".
• كنت أول النبيين في الخلق وأخرهم في البعث ".
وهذه الأحاديث وما في معناها ليس مما يتوقف عندما لوهاء أسانيدها ():
- فقد رواه (أبو نعيم) في دلائل النبوة، وابن أبى حاتم في تفسيره، وتمام في فوائده، كل هؤلاء من طرق عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبى هريرة مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف فيه شذوذ يزيده ضعفا وسبب الضعف هو سعيد بن بشير، ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي، وحسبك هؤلاء ()، وضعفه غيرهم، قال ابن حبان في المجروحين. " وكأن ردئ الحفظ، فاحش الخطأ، يروي عن قتادة مالا يتابع.
قلت: وهذا الحديث من طاماته وغرائبه فقد أوردة الذهبي في (الميزان) مثالاً على غرائبه ().
والذي يدل على شذوذ هذا الإسناد أن غير سعيد بن بشير قد رواه عن قتادة مرسلاً، ومنهم من رواه عنه موقوفاً. فهذا اضطراب في الإسناد إلى جانب ضعف سعيد.
فإن صح المرسل كان ضعيفاً لإرساله، ولأنه مخالف للفظ أصح منه، وهو الحديث الذي رواه أحمد في (السنة) والطبراني في المعجم الكبير عن ميسرة الفجر - ? - قال: " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد ".
وذكره الحافظ بن حجر في (الإصابة) في ترجمة ميسرة الفجر، قال " وهذا سند قوى، ثم ذكر إسناد الإمام أحمد وقال: " وسنده صحيح " ().
قلت وهذا اللفظ هو الذي رواه الأئمة، وصححه من صححه منهم مثل ابن حبان والحاكم، ورواه الترمذي عن أبى هريرة إنه قال للنبي ? " متي كتبت نبياً؟ " قال " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد ".
واللفظ هنا يدل على أن النبي صلوات الله عليه كتبت نبوته قبل خلق آدم، لا أنه خلق قبل آدم، وهو من شريف قضاء الله الذي قضاه في الأزل. فوقع سوء الفهم من الناس، ثم حملوا قتادة رحمة الله – احتملها. ومن ثمة قال الشيخ الألباني بعد تضعيفة للحديث الأول، وذكره لهذا اللفظ.
وسنده صحيح لكن لا دلالة فيه على إن النبي ? أول خلق الله تعالى – خلاقاً لما يظن البعض – وهذا ظاهر بأدنى تأمل " ().
هذا ولا بد من إشارة إلى وهم وقع بعض جامعي الحديث، أوقعهم فيه عدم الدربة الكافية في نقد الأسانيد أو التعجل في الحكم أو التقليد، فقد قال السخاوي في (المقاصد الحسنة)، وتابعه العجلوني في (كشف الخفا) عن الحديث الأول:
" وله شاهد من حديث الفجر ".
وقال الشوكاني – بعد أن ذكره في (الفوائد المجموعة) ():
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/173)
" وله شاهد صححه الحاكم بلفظ: كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد ".
وهذا من الوهم، لأنه هذا اللفظ لا يصلح شاهداً للفظ الأول، فالأول يزعم إن رسول الله ? قضى نبوته قبل خلق آدم وشتان بين المعنيين فليس تشابه الحروف المتراصة دليلا على تشابه المعاني. ومن هنا أرى إن تضعف لفظ هذا الحديث – الذي نحن بصدده – فيه قدر من التسامح وقد حكم جماعة من العلماء بأنه موضوع منهم (الصنعاني)، و (ابن تيميه) () وتابعهما الشيخ التليدي في مقدمته لكتابة (تهذيب الخصائص الكبرى) ().
وعموماً فمنزله النبي ? ومكانته عند ربه – سبحانه – أعلى من إن تحتاج إلى الأحاديث الواهية لإثباتها أو تأكيدها، وقد صحت الأحاديث الصريحة بأنه سيد ولد آدم يوم القيامة، وإن أول من يفتح باب الجنة، وأنه أكثر الأنبياء تابعاً يوم القيامة، وإنه أوتى من الفضل في الدنيا ما لم يؤته نبي قبله، وإنه صاحب الشريعة الحاكمة المهيمنة على الشرائع السابقة، والمبطلة للتشريعات اللاحقة () إلى مالا يحصى من الفضائل الصحيحة. والمناقب الواضحة الصريحة، التي لا مزيد بعدها بأحاديث ساقطة، فيها غلو في قدر بما لا يحاج قدرة إليه / وهو - ? - القائل " لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم ()
والإطراء: الزيادة في المدح، والغلوفي الوصف.
الحمامة والعنكبوت:
ومن القصص التي تسللت إلى العقل الجمعي للأمة، وساهم الخيال الشعبي في رواجها بصورة لم يسلم منها بعض المتخصصين ما رواه أصحاب الأخبار من إنه لما هاجر النبي ? واختبأ في الغار بعث الله العنكبوت فضربت نسجها نحو باب الغار. وأمر حمامتين وحشيتين فوقعتا بجوار نسج العنكبوت، فلما كان الكفار ينظرون إلى الغار بحثاً عنه ?، كان يردهم عن ذلك ما يرون من الحمامة والعنكبوت ().
وقد اتخذت هذه الحادثة ألوانا متعددة من القص، ودخلت في إطار الإنشاد الشعبي، وطالت مكوناته وقصرت حسب حاجة الراوي إلى ذلك، وسنختار الوجوه المسندة لهذه القصة لنعلق عليها بملاحظات النقاد:
1. فقد رواها الطبراني في المعجم الكبير وابن سعد في الطبقات والبزار في مسنده كلهم من طريق عون بن عمرو القيسى، عن أبى مصعب المكي عن المغير بن شعبة وأنس وزيد بن أرقم، هذا سياق يذكر الحمامتين والعنكبوت.
2. ورواها الإمام أحمد في المسند وعبد الرزاق في المصنف من طريق عثمان الجزري إن مقسماً مولى ابن عباس رواه عن ابن عباس، وهذا سياق يذكر العنكبوت وحده.
3. رواه الديلمي من حديث أبى بكر الصديق بلفظ: " جزى الله عز وجل العنكبوت عنا خيراً، فأنها نسجت على وعليك يا أبا بكر في الغار … "
وهو حديث مسلسل بقول كل راو: " إنا أحبها (يعنى العنكبوت) منذ سمعت فلاناً ..
وهذه الروايات روايات ضعاف، فاللفظ الأخير – كما هو مسلسل بهذه اللفظة – وهو مسلسل بجماعة من المجاهيل، منهم إبراهيم بن محمد شيخ عبد الله بن موسى السلامي، وعبد الله بن موسى هذا موسى هذا أيضاً ضعيف، فقد قال عنه أبو سعيد الادريسي الحافظ:
" كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا " وهذا يدل على إنه حاطب، دليل يحدث عمن يعرف ومن لا يعرف من القصاص والمتحدثين في الزوايا، والذي يؤكد ذلك جهالة شيخه إبراهيم بن محمد. فالحديث في غاية الضعف.
أما اللفظ الأول المروي عن ثلاثة من الصحابة فلا يغنك لأن الافة من رواية عنهم، ومن تلميذه الرواي عنه.
• وأما شيخه أبو مصعب المكي هذا فهو مجهول لا يعرف، قال العقيلى: " وأبو مصعب رجل مجهول " ().
ولذلك قال ابن كثير عقب سياقته له: هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه.
قلت: وهذا الاستغراب لا يحمل إلا على الضعف الشديد، لما علمت من حال عون بن عمرو وشيخه.
ولعل حال اللفظ الثاني لهذه الروايات أحسن قليلاً من هذين، فقد حسنه الحافظ بن كثير قال: " وهو أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار " وتعقبه العلامة الألباني بقوله: " كذا قال. وليس بحسن في نقدي ".
ودلل على ذلك بضعف عثمان الجزري، وساق تحقيقاً لاسمه، وحاله، أما الإمام المحدث الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند فإنه اكتفى بقوله: " في إسناده نظر " ().
إلا إن الشيخ الألباني استشهد بقوله تعالى ? وأيده بجنود لم تروها ? -[التوبة / 40]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/174)
وهو القول الذي ورد في سياق هجرته ?، استشهد به على إن هذه الجنود لابد إن تكون خافية عن العين لا ظاهرة لها، كالحمائم والعناكب والأشجار. ثم قال:
" والأشبة بالآية إن الجنود فيها إنما هم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن الرؤية ".
وقال في موضع آخر:
" وأعلم إنه لا يصح شيء في عنكبوت الغار والحمامتين، على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته ? إلى المدينة، فكن من ذلك على علم " ().
وإذا كان كاتب هذه السطور يميل إلى رأى الشيخ، فهو لا يستبعد إن يكون هناك أصل لحديث العنكبوت – إلا إن الصحيح الواضح في مثل هذه المناقب يغنى عن الضعيف الذي تحوم حوله الشبهات العلمية.
خواتيم، وضوابط:
ونكتفي بهذا القدر – خشية الإطالة، وفراراً من الملالة – وقد يكون هناك مجال أرحب لذكر المزيد، مشيرين إلى أمور نرى أهميتها ك منها: إن كتابة السيرة النبوية تحتاج في عصرنا هذا إلى علماء محدثين واعين ينفقون عن هذا الموروث خبثه، ويكتفون بالصحيح منه. ولعل كتاب الأستاذ رزق الطرهوني خطوة جادة على هذا الطريق ().
ومنها كان هناك دراسات حول فقه السيرة والمناحي التربوية فيها ككتاب الأستاذ محمد الغزالي – رحمة الله، وكتاب الأستاذ الدكتور البوطي، وكتاب الأستاذ الغضبان، وكتاب الشيخ أحمد فريد، وهي كتب فيها من البحث في موضوعها الكثير من الفائدة، إلا إن هذا اللون من الكتابة يحتاج إلى التسلح أيضاً بسلاح النقد للمرويات التي ينبني عليها حكمهم العلمي واتجاههم التعليمي، كما إن بعضها قد تجاوز في أمور ينبغي إن تناقش في صياغة الدراسات المستقبلة للسيرة.
ومنها: إنه حبذا لو شكلت لجنة من العلماء لعمل الأمرين السابقين معاً – أعنى الإفادة من الجهود المخلصة للمحدثين في كتابة كتاب موثق في السيرة النبوية يتتبع كل جزئياتها بالبحث، فلا يترك صحيحاً إلا سجله، ولا ضعيفاً إلا أشار إليه، حسب الطاقة – وأظن إن طاقة جماعة تتعاون على هذا الأمر سيبارك الله فيها – هذا إلى جانب إن تضم هذه اللجنة ما يصفون من فقه السيرة وجوانبها العملية والتربوية إلى كا باب من أبوابها أو موقف من مواقفها.
والحديث في سيرة المصطفى ? ذو شجون، و (تطويل أخبار الهوى لذة أخرى) – كما يقول الشبراوى – إلا إن المكان وطبيعة المجال عموماً تستحث القلم على الراحة والإراحة راجياً الله إن ينفع بما كتب، إن ولى قدير.
وكتب: محمد القاضي
أرجو ان تسامحوني في عدم مجيء الحواشي مع البحث .....
وأرجو أن تعذروني في الأخطاء الطباعية .....
موضوع جميل يا فضيلة الشيخ. ومفيد جدا
ولكن لى سؤال .................................
ألا يكفى فى هذا المجال من قام بتحقيق سيرة النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والحكم على مجموع الأحاديث؟
ما رأى فضيلتك لو كان هذا الموضوع فى الذب عن صحابة النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المفترى عليهم {كثعلبة} وغيره ممن نُُسب إليهم ما لم يفعلوه؟
وربنا يتقبل
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[19 - 10 - 08, 12:53 م]ـ
موضوع جميل يا فضيلة الشيخ. ومفيد جدا
ولكن لى سؤال .................................
ألا يكفى فى هذا المجال من قام بتحقيق سيرة النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والحكم على مجموع الأحاديث؟
ما رأى فضيلتك لو كان هذا الموضوع فى الذب عن صحابة النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المفترى عليهم {كثعلبة} وغيره ممن نُُسب إليهم ما لم يفعلوه؟
وربنا يتقبل
بارك الله فيك أخي أبا عمر وصهيب على تعطيرك صفحتي بكريم تعليقك ... ولا شك أن هناك جهودا بذلت لا تنكر في هذا المجال لكن بقي أن توضع في عين الاعتبار ولا تترك ثمرتها بل تتابع وتكمل ..
وموضوع الذب عن صحابة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أيضا هناك جهود تحتاج لما تحتاج إليه اختها .. وفقك الله أخي وبارك فيك
ـ[أبو معتصم الأندلسى]ــــــــ[29 - 12 - 08, 02:15 ص]ـ
أسأل الله أن يبارك فيك ويحفظك لنا.
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[24 - 06 - 09, 09:58 ص]ـ
أسأل الله أن يبارك فيك ويحفظك لنا.
وفيك أخي الحبيب أبا المعتصم كيف أخبارك الآن وكيف أتواصل معك بمصر؟؟؟
ـ[فتحى حسين طه محمد]ــــــــ[09 - 07 - 09, 12:11 ص]ـ
جزيت الخير شيخنا الجليل
لا نزال نتعلم منك (شلقام)
بارك الله لنا فيك ونفعنا بعلمك ونراك على خير.
ـ[احمد المزني المدني]ــــــــ[09 - 07 - 09, 08:11 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وان خير ما صرف فيه الانسان جهده هو سيرة خير البشر
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 12:52 م]ـ
جزيت الخير شيخنا الجليل
لا نزال نتعلم منك (شلقام)
بارك الله لنا فيك ونفعنا بعلمك ونراك على خير.
وفيك بارك اخي فتحي
وفي شلقام وأهل شلقام إني إلى شلقام بالأشواق
===
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/175)
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 01:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وان خير ما صرف فيه الانسان جهده هو سيرة خير البشر
وجزاكم الله خيرا أخي أحمد المزني ونسأل الله أن يوفقنا لخدمة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم(140/176)
عبدالرحمن الناصر وعهد الخلافة فى الأندلس
ـ[أم حنان]ــــــــ[07 - 12 - 06, 03:45 م]ـ
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
عين الأمير عبدالله بن محمد الأول اخر الأمراء فى الأندلس حفيده عبدالرحمن الناصر بن محمد بن الأمير عبدالله ليرثه فى الحكم، وكان عمر عبدالرحمن الناصر ثلاثة أسابيع، وقد أولى الأمير عبدالله حفيده عبدالرحمن عناية خاصة وجعله أمينا على بعض أعماله، وكان يسند إليه بعض المهام ليرثه فى حكم الأندلس من بعده، ولم يخب ظن جده به، فقد حقق اماله وامال الناس فيه.
تلقى عبدالرحمن الناصر من جده الأمير عبدالله العناية وولاه العهد من بعده، وربما كان ذلك تعويضا لفقدان ابنه محمد، فما أن شب عبدالرحمن الناصر حتى ظهرت عليه علامات النجابة والذكاء، وكان عند حسن ظن جده الذى توسم فيه الخير، ولما توفى الأمير عبدالله تولى حفيده الناصر الحكم وكانت الأندلس يومها تحتاج إلى الهمة العالية والسياسة الحكيمة لحل مشاكلها وتوفير الإستقرار المطلوب والإستمرار فى دفع موكب الحضارة الخيرة والإنتاج الفكرى المترعرع فى ربوعها.
كانت الأندلس قد أزعجها القلق بسبب بعض المخالفات الكائنة فيها، كانت مهمته خطرة وصعبة، وكان سنه يوم تولى الحكم ثلاثا وعشرين سنة لذلك بايعه كل أصحاب المكانة ولم ينافسه أحد.
كان الناصر أميرا حازما، وذكيا عادلا، وعاقلا شجاعا، محبا للإصلاح وحريصا عليه قاد الجيوش بنفسه، فأنزل العصاة من حصونهم لشجاعته وسياسته الحكيمة بالسيف أو بالسياسة الرشيدة التى اتبعها، عفا عمن طلب الأمان وعاد إلى الطاعة، حتى أنه عين بعض المخالفين- بعد عودتهم إلى الطاعة - فى مناصب مهمة إذ كانوا من أصحاب الكفاءات، أحبه الشعب وأخلص له، وكان هو قدوة له، لذلك استطاع أن يقضى على العصاة ويعيد للأندلس وحدتها ومكانتها
أدب المتمردين من حكام الشمال الأسبانى وجعلهم يدركون قوة الأندلس حتى انقلب تحرشهم إلى خضوع تام لرغباته، رضخوا للشروط التى يضعا لهم ويمليها عليهم، بلغت الأندلس- أيامه -
فى هذه المدة من القوة بحيث أن حكام أسبانيا الشمالية طلبوا أحيانا إلى السلطات الأندلسية التدخل فى حل مشاكلهم ...... وتأكيدا لقوة الأندلس-مع أسباب أخرى- أعلن عبدالرحمن الثالث الخلافة الأندلسية فأنهى بذلك عهد الإمارة سنة 316 ه (929) م واستمر حكمه نصف قرن من الزمان .... يروى المقرى فى نفح الطيب (أنه وجد بخط الناصر -رحمه الله-: أيام السرور التى صفت له دون تكدير يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويوم كذا من كذا .... ، وعدت تلك الأيام فكانت أربعة عشر يوما) .... من كتاب التاريخ الأندلسى / تأليف عبدالرحمن على الحجى
ـ[أم حنان]ــــــــ[08 - 12 - 06, 01:08 م]ـ
استمر عهد الخلافة فى الأندلس منذ سنة 316 إلى 400 هجرية، حين توفى الناصر تولى الخلافة ابنه الحكم الثانى المستنصر بالله (350 - 366هجرية) كانت الأندلس مستقرة على أسس ثابته موحدة، حدودها امنة ومتمتعة بالتقدم والعمران الباهر، وكان الحكم قد أعده أبوه لمثل هذا المنصب، فأسند إليه أمورا مهمة فى حياته، واستمر الحكم راعيا لهذا الموكب أكمل مشاريعا بدأت قبله وأنشأ غيرها، عرف بصفات كثيرة يبرز منها حبه للعلم، وزادت العلوم ازدهارا وزهت الأندلس بمجالس العلم والجامعات والمكتبات العامة، وكان الحكم نفسه عالما كبيرا، جلب الكتب من البلاد الإسلامية كافة وبذل فيها الأموال الكثيرة، كان الحكم ميالا إلى السلم مماجعل حكام الشمال الإسبانى يتصورونه ضعيفا، فبدأوا ببعض الهجومات فجهز جيشا لتأديبهم، وقاده بنفسه ورد المعتدين وأمن حدود بلاده، ولما توفى- بعد حكم دام ست عشرة سنة - تولى وليده البالغ من العمر إحدى عشر سنة وهو هشام المؤيد بالله الحكم، وبموت الحكم تتبدل الأحوال فى الأندلس وتأخذ الأمور والأحداث مجرى جديدا، إذ لم يكن باستطاعة هذا الوليد النهوظ بأمور الأمة،وهو غير قادر لصغر سنه على رعاية شؤون الدولة، ونهض بعض الرجال لتولية غيره، كما رغب اخرون أن يبقى هو،ارتأت جماعة الصقالبة تولية المغيرة بن عبدالرحمن الناصر وكان عمره يومها سبعا وعشرين سنة، وانتهى الأمر بقتل المغيرة والإبقاء على هشام المؤيد بالله ...... كان الرجل القوى وراء هذه الأحداث محمد بن أبى عامر عرف بالحاجب المنصور حيث استطاع أن يأخذ السلطة لنفسه ويحكم باسم هشام ولما توفى ابن أبى عامر حكم بعده ابنه عبدالملك المظفر ثم ابنه الاخر عبدالرحمن (شنجول) وبمقتل الأخير تنتهى الخلافة فى الأندلس.
ويرى بعض المؤرخين أن الخلافة تنتهى بموت الحكم المستنصر ولكن الدولة العامرية كانت امتدادا للخلافة إذ كانت تحكم باسمها وتحتمى بظلها.
ـ[أم حنان]ــــــــ[12 - 12 - 06, 10:37 م]ـ
عهد الطوائف
بعد انتهاء الخلافة فى الأندلس عاشت الأندلس سنوات من الفرقة والتنافس، حاول عدد من المخلصين حتى سنة 422 هجرية استمرار وحدته وإعادة خلافته وبذلوا فى ذلك الجهود الكبيرة دون جدوى، فانتابت الأندلس حالة مريعة تبعث على الأسى، عندها يبدأ قيام الطوائف، حين تصدع بنيان ذلك الصرح الشامخ أعلن أهل قرطبة وعلى رأسهم أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور إلغاء الخلافة، أسند القرطبيون أمرهم إلى شيخ الجماعة الوزير أبى حزم بن جهور قال ابن بسام فى الذخيرة (نقلا عن ابن حيان): (فأعطوا منه قوس السياسة باريها،وولوا من الجماعة أمينها، فاخترع لهم - لأول وقته - نوعا من التدبير حملهم عليه فاقترن صلاحهم به، وأجاد السياسة فانسدل به الستر على أهل قرطبة مدته)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/177)
ـ[أم حنان]ــــــــ[14 - 12 - 06, 11:49 م]ـ
أدار ابن الحزم بن جهور حكومة قرطبة ببراعة ونباهة أثنى عليها المؤرخون عاونه فى ذلك صفوة من الرجال، كذلك كان ابنه الوليد بن جهور، ضمت هذه الحكومة عدة مدن مثل جيان وبياسة من جبل الشارات شمال قرطبة حتى حدود ولاية غرناطة،بعدها قامت ممالك أو دويلات مستقلة يحكم كلا منها أمير مستقل عن غيره من الأمراء، قسمت الأندلس إلى ست مناطق رئيسية تضم كل منها إمارة أو أكثر.، هكذا وجدت فى الأندلس أوضاع يحكمها أمراء، اتصف عدد منهم بصفات الأثرة والغدر، هانت لديهم مصالح الأمة وتركت دون مصالحهم الذاتية، باعوا خلقهم وبلادهم للعدو المتربص ثمنا لبقائهم فى السلطة، أصاب الأمة الضياع بقدر ماضيعوا من الخط الخلقى المسلم، يقول ابن بسام فى الذخيرة (فتمخضت عن الفاقة الكبرى، والت بمن اتى بعدها إلى ماكان أعضل وأدنى، مما طوى بساط الدنيا، وعفى رسمها، وأهلك أهلها)
ـ[أم حنان]ــــــــ[14 - 12 - 06, 11:52 م]ـ
أدار ابن الحزم بن جهور حكومة قرطبة ببراعة ونباهة أثنى عليها المؤرخون عاونه فى ذلك صفوة من الرجال، كذلك كان ابنه الوليد بن جهور، ضمت هذه الحكومة عدة مدن مثل جيان وبياسة من جبل الشارات شمال قرطبة حتى حدود ولاية غرناطة،بعدها قامت ممالك أو دويلات مستقلة يحكم كلا منها أمير مستقل عن غيره من الأمراء، قسمت الأندلس إلى ست مناطق رئيسية تضم كل منها إمارة أو أكثر.، هكذا وجدت فى الأندلس أوضاع يحكمها أمراء، اتصف عدد منهم بصفات الأثرة والغدر، هانت لديهم مصالح الأمة وتركت دون مصالحهم الذاتية، باعوا خلقهم وبلادهم للعدو المتربص ثمنا لبقائهم فى السلطة، أصاب الأمة الضياع بقدر ماضيعوا من الخط الخلقى المسلم، يقول ابن بسام فى الذخيرة (فتمخضت عن الفاقة الكبرى، والت بمن اتى بعدها إلى ماكان أعضل وأدنى، مما طوى بساط الدنيا، وعفى رسمها، وأهلك أهلها)
ـ[أم حنان]ــــــــ[15 - 12 - 06, 12:00 ص]ـ
أدار ابن الحزم بن جهور حكومة قرطبة ببراعة ونباهة أثنى عليها المؤرخون عاونه فى ذلك صفوة من الرجال، كذلك كان ابنه الوليد بن جهور، ضمت هذه الحكومة عدة مدن مثل جيان وبياسة من جبل الشارات شمال قرطبة حتى حدود ولاية غرناطة،بعدها قامت ممالك أو دويلات مستقلة يحكم كلا منها أمير مستقل عن غيره من الأمراء، قسمت الأندلس إلى ست مناطق رئيسية تضم كل منها إمارة أو أكثر.، هكذا وجدت فى الأندلس أوضاع يحكمها أمراء، اتصف عدد منهم بصفات الأثرة والغدر، هانت لديهم مصالح الأمة وتركت دون مصالحهم الذاتية، باعوا خلقهم وبلادهم للعدو المتربص ثمنا لبقائهم فى السلطة، أصاب الأمة الضياع بقدر ماضيعوا من الخط الخلقى المسلم، يقول ابن بسام فى الذخيرة (فتمخضت عن الفاقة الكبرى، والت بمن اتى بعدها إلى ماكان أعضل وأدنى، مما طوى بساط الدنيا، وعفى رسمها، وأهلك أهلها)
ـ[أم حنان]ــــــــ[15 - 12 - 06, 02:25 م]ـ
ليت المشاركات المتكررة تحذف
سقوط طليطلة
كان يحكم قشتالة فردلند، وكان ملك أسبانيا شانجه الثالث قد عين ابنه فرلند ملكا على قشتالة،
وفى تلك الأثناء كانت ممالك أسبانيا النصرانية تتحد فى الشمال، بينما كانت ملوك الطوائف تتنازع،
وحين توفي شانجه،توحدت قشتالة وليون فى مملكة واحدة حكمها فردلند، وقبل وفاة فردلند قسم المملكة بين أولاده الثلاثة: وضع شانجه ولده الأكبر على قشتالة، والفونش على ليون وأشتوريس،وغرسيه على جليقة والبرتغال، وثارت الحرب بين الإخوة، وجرت معارك بين شانجه وأخيه الفونش، انتصر فيها شانجه الذى قبض على الفونش، فأقام فى دير ساهاجون، ثم هرب منه إلى طليطلة لاجئا عند ملكها يحيى بن اسماعيل بن ذي النون الملقب بالمأمون، رحب به المأمون غاية الترحاب وبالغ فى إكرامه وأنزله دارا مجاورا لقصره، وجعل له دارا أخرى خارج المدينة ذات حدائق، تكون منتزها له ولمرافقيه، قضى الفونش بطليطلة تسعة أشهر، درس فيها أحوال المدينة، تنفيذا لاستيلائه عليها، جزاء حسن المعاملة والمبالغة فيها، الذي يعتبر نوعا من الغفلة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/178)
، ثم ان شانجه بعد أن ضم إليه ليون انتصر على غرسيه وضم إليه جليقة والبرتغال، لجأ غرسيه إلى أشبيلية عند بني عباد، وحينما ذهب شانجه سنة 465 هجرية للاستيلاء على سمورة التي كانت تحت إدارة أخته أوراكه اغتاله أحد الفرسان، ربما بتدبير أخته، ثم يستدعى الفونش لتولي الحكم مكان أخيه شانجه، فرحل عن طليطلة بالغبطة لما ناله وبالتكريم، ولم يطلب المأمون منه إلا الصداقة، وقطع له الفونش ماشاء من العهود ولم يكن -كما يظهر مسلكه- ينوي الوفاء بها، أصبح الفونش ملك لقشتالة وليون وجليقة وأصبحت اسبانيا النصرانية موحدة.
ـ[أم حنان]ــــــــ[16 - 12 - 06, 07:39 م]ـ
لما توفي المأمون بن ذي النون سنة 476 هجرية، خلفه حفيده الملقب بالقادر فى حكم طليطلة، أصبح الإستيلاء على طليطلة شغل الفونش الشاغل، فقام بالإغارة على أراضي طليطلة وعاث فيها سفكا وتخريبا ونسفا لمزارعها واستمر على ذلك سنوات لينهك قواها حتى سقطت طليطلة في شهر محرم سنة 478 هجرية، ينقل المقري في نفح الطيب قول بعض المؤرخين: (أخذ الأذفونش طليطلة من صاحبها القادر بالله بن المأمون يحيى بن ذي النون بعد أن حاصرها سبع سنين، وكان أخذه لها في منتصف محرم سنة 478 هجرية)
كان إيواء طليطلة للأدفونش (الفونسو السادس بن فردلند) -أيام نفيه- نقمة عليها وسببا للتعجيل بسقوط المدينة ... يشير إلى ذلك ابن الخطيب بقوله (وسكناه بطليطلة واطلاعه على عوراتها هو الذي أوجب تملك النصارى بها) بل إنه فضلا عن انتفاعه - حين إقامته في طليطلة- من معرفة دروبها وخططها، تذكر بعض الروايات (أن الفونسو استمع ذات يوم، -وهو متظاهر بالنوم - إلى حديث المأمون مع وزرائه في كيفية الدفاع عن طليطلة، واحتمال مهاجمة النصارى لها، واستيلائهم عليها، وكيف يمكن ذلك وبأي وسيلة، وقد أجاب بعضهم أن النصارى لايستطيعون الإستيلاء على مدينة بمثل هذه الحصانة، إلا إذا أنفقوا سبعة أعوام على الأقل، في تخريب أحوازها وانتساف مؤنها)
العجيب أن بعض ملوك الطائف وقفوا جامدين لايتحركون لنجدة طليطلة، وكأن الأمر لايخصهم، بل إن عددا منهم كان يرتمي على أعتاب الفونش، بذلة تأباها النفس المسلمة، قام حاكم بطليوس عمر بن محمد بن الأفطس الملقب المتوكل على الله ببعض واجبه تجاه طليطلة في محنتها التي لو أدى بقية ملوك الطوائف مايجب عليهم لما لاقت هذا المصير، وكان بعضهم لاهم له إلا تحقيق مصلحته، انتحلوا الأوصاف واقتسموا ألقاب الخلافة فتلقبوا بالناصر والمنصور والمعتمد والمظفر
..... وقال في ذلك الشاعر:
مما يزهدني في أرض أندلس ***** أسماء معتمد فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها ***** كالهر يحكي انتفاخا صورة الأسد
وان كان لااتفاق مع الشاعر في هذا النوع من الزهد، فان هذا الأمر يزهد في التخلف عن نصرتها
من كتاب: التاريخ الأندلسي
ـ[أم حنان]ــــــــ[17 - 12 - 06, 11:11 م]ـ
دخل الفونسو السادس طليطلة بعد أن أعطى أهلها الأمان، بضمان حرياتهم واحترام شعائر دينهم وحقوقهم وحرمة مساجدهم، لكن بعد شهرين فقط نقض هذه العهود وحول مسجد مدينة طليطلة الجامع إلى كنيسة بقوة السلاح، وحطم المحراب ليقام الهيكل مكانه، علما بأنه نص في شروط تسليم المدينة إلى الفونش بأن يحتفظ المسلمون بمسجدهم الجامع، بعد شهرين فقط شرع فى تغيير المسجد الجامع بها، خاتمة النوائب، ونكبة الشاهد والغائب، فقال له (ششنند):
إنك ان فعلت أوغرت الصدور وأبطلت التدبير، وسكنت من نشط، وقبضت من انبسط، فشمخ ادفونش بأنفه وثنى من عطفه وأصغى إلى طنانة جنونه وسخفه، وأمر بتغيير المسجد في شهر ربيع الأول سنة 478 هجرية، (قال ابن بسام في الذخيرة):وحدثني من شهد طواغيته تبتدره، في يوم أعمى البصائر والأبصار منظره، وليس فيه إلا الشيخ الأستاذ المغامي اخر من صدر عنه، واعتمده في ذلك اليوم ليتزود منه، وقد أطاف به مردة عفاريته، وسرعان طواغيته، وبين يديه أحد التلامذة يقرأ، فكلما قالوا له عجل، أشار هو إلى تلميذه بأن أكمل، ثم قام ما طاش ولاتهيب، فسجد به واقترب، وبكى عليه مليا وانتحب، والنصارى يعظمون شأنه، ويهابون مكانه، لم تمتد إليه يد، ولاعرض له بمكروه أحد.
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[19 - 12 - 06, 11:40 ص]ـ
يمكنك الاستفادة من هذا الرابط في هذا الموضوع:
http://www.islamstory.com/Article.aspx?ArticleID=8.6&SectionID=0
وهذه كل مجموعة الأندلس من الفتح إلى السقوط مزودة بخرائط فلاشية
http://www.islamstory.com/Category.aspx?ID=8
ولسماع هذه المجموعة اضغط على الرابط أدناه:
http://www.islamstory.com/AVSeries.aspx?ScholarID=1&SeriesID=A.1.1
ولسماع قصة عبد الرحمن الناصر فقط اضغط على الرابط:
http://www.islamstory.com/LectureA.aspx?ID=A.1.1.6
ويمكن تنزيل كل المجموعة مجانا من على الموقع
وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/179)
ـ[أم حنان]ــــــــ[19 - 12 - 06, 07:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا
لما حصل الطاغية ادفونش -لعنه الله- بطليطلة شمخ بأنفه، ورأى أن زمام الأندلس قد حصل في كفه، فشن غاراته على جميع أعمالها، حتى فاز باستخلاص جميع أقطار ابن ذي النون واستئصالها، وذلك ثمانون منبرا سوى البنيات، والقرى المعمورات، وحاز من وادي الحجارة إلى طلبيرة وفحص اللج وأعمال شنتمرية كلها)
بعد نزول النكبة بالأندلس بسقوط طليطلة وما حولها، تصور ملك قشتالة أن أمراء الطوائف كافة غدوا رهن اشارته وطوع بنانه، وأنه سيقضي عليهم الواحد بعد الاخر، لذلك علت مكانته بين ملوك النصرانية وتسمى بالأمبراطور ذي الملتين (الإسلامية والنصرانية) .... لكن الأمور لم تجر على هواه لما عصفت به رياح الأخوة في المغرب، كاسحة إثمه ومطاردة جيشه، يقول ابن بسام فى الذخيرة (فالحمد لله موهن أيده، ومبطل كيده، وجزى الله أمير المسلمين، وناصر الدين، أبا يعقوب يوسف ابن تاشفين، أفضل جزاء المحسنين، بما بل من رماق، ونفس من خناق، ووصل هذه الجزيرة من حبل، وتجشم إلى تلبية دعائها واستنقاذ ما بها، من حزن وسهل، حتى ثل عروش المشركين، وظهر أمر الله وهم كارهون والحمد لله رب العالمين)
نظمت فى سقوط طليطلة القصائد منها:
لثكلك كيف تبتسم الثغور *****سرورا بعد ما سبيت ثغور
لقد قصمت ظهور حين قالوا ***** أمير الكافرين له ظهور
طليطلة أباح الكفر منها ***** حماها إن ذا نبأ كبير
مساجدها كنائس أى قلب ***** على هذا يقر ولا يطير
فيا أسفاه يا أسفاه حزنا ***** يكرر ما تكررت الدهور
يطول على ليلي رب خطب ***** يطول لهوله الليل القصير
وقيل تجمعوا لفراق شمل ***** طليطلة تملكها الكفور
ولاتجنح إلى سلم وحارب ***** عسى أن يجبر العظم الكسير
ونرجو أن يتيح الله نصرا ***** عليهم إنه نعم النصير
ـ[أم حنان]ــــــــ[22 - 12 - 06, 10:57 ص]ـ
المأساة البربشترية
بربشتر هي احدى مدن مملكة سرقسطة، حكمها بنو هود أيام الطوائف، وغدت من أعمال أبي عامر يوسف حسام الدولة الملقب بالمظفر، الذي شارك أخاه المقتدر بالله حكم إمارة سرقسطة بعد وفاة أبيهما المستعين بالله، وفي أيام المظفر حلت بهذه المدينة نكبة اهتزت لها الأندلس، ارتكبت فيها أعمال وحشية وجرائم مذهلة ولم ينجدها المظفر ولا أخوه المقتدر، هذه الحادثة هي مهاجمة النورمانيين او النورمانديين للمدينة وفتكهم بأهلها اتصفت هذه الحملة بطابعها الصليبي، فأعظمت في المسلمين النكاية.،والنورمانديين هم جماعة من الوثنيين، الذين دخلوا النصرانية،واحتلوا منطقة في شمالي غربي فرنسا وسكنوها في بداية القرن الرابع الهجري، حملت اسمهم نورماندي، وهناك بعض المصادر الأوربية التي تؤكد أن البابا اسكندر الثاني هو الذي أشار على النورمان بحرب المسلمين في الأندلس.
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 11:03 ص]ـ
هذا مختصر مفيد بوركت
ـ[أم حنان]ــــــــ[22 - 12 - 06, 05:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[أم حنان]ــــــــ[23 - 12 - 06, 05:04 م]ـ
احتشدت القوات في ولاية نورماندي مكونة من النورمانديين وجموع كبيرة من الفرنسيين بقيادة جيوم أو روبرت كرسبن، وسارت الحملة إلى جنوبي فرنسا متجهة نحو الأندلس، حاصروا أولا مدينة وشقة إحدى مدن سرقسطة، ولما فشلوا في اقتحامها تركوها متوجهين إلى بربشتر، من القواعد الأندلسية المنيعة، فحاصروها سنة 456 هجرية، ويقدر عدد أفراد الحملة بأربعين ألفا أو يزيدون، واستمر الحصار أربعين يوما وجرت معارك عديدة خارج المدينة، ولما قلت الأقوات واشتد الضيق بالمدينة، استطاع النورمانديين بعد قتال عنيف اقتحام المدينة الخارجية، وجرت معارك أخرى وتحصن المسلمون بالقصبة والمدينة الداخلية، مصممين على الثبات حتى اخر رمق، لكن حدث أن تعرض المهاجمون إلى مكان مجرى الماء - أو دلهم عليه خائن- فقطعوه، واشتد بالمدافعين العطش، فعرضوا عى النورمانديين التسليم بشروط فرفضوا، ثم دخلوا المدينة عنوة، واستباحوا المدينة بكل مافيها ومن فيها، وقدر عدد القتلى والأسرى بين أربعين ومئة ألف! ثم أعطى قائد الحملة الأمان، لكنه -حين رأى كثرة أهل المدينة -أمر جنده أن تقلل أعدادهم، حصادا بالسيف،فأطيح أرضا بستة الاف من الرؤوس! ثم انهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/180)
انتهبوا المدينة واحتلوا دورها لأنفسهم وارتكبوا أبشع الجرائم قتلا وهتكا للأعراض، وكان الخطب أعظم من أن يوصف أو يتقصى كما قال ابن حيان.
ـ[أم حنان]ــــــــ[23 - 12 - 06, 06:17 م]ـ
يقول ابن حيان فيما ينقله عنه ابن بسام في الذخيرة واصفا المأساة البربشترية:إن جيش الأردمانيين طلبوا عليها ووالوا حصرها وجدوا في قتالها طامعين فيها، وقد أسلمهم أميرهم يوسف بن سليمان بن هود لخطبهم ووكلهم إلى أنفسهم وقعد على النفير نحوهم، فأقام عليهم العدو منازلا لأربعين يوما، ووقع بين أهلها تنازع على القوت لقلته، ولما علم العدو بذلك جد في القتال فدخل الكفرة المدينة البرانية نحو خمسة الاف دارع، فبهت الناس وتحصنوا بمدينتهم الداخلة ودارت بينهم حرب شديدة قتل فيها من النصارى خمس مئة، ثم اتفق - من قدر الله - أن قناة من عمل الأوائل سربا تحت الأرض بتقدير موزون إلى أن أفضت إلى شط النهر فانهارت في نفس ذلك السرب صخرة عظيمة الجرم من حجارة بناية الأول سدت السرب بأسره، فعدموا الماء وايسوا الحياة ودعوا إلى تأمينهم على النزول بأنفسهم خاصة دون مال وعيال، فأعطاهم أعداء الله ذلك، فلما خرجوا نكثوا بهم وقتلوا معا، ولم يطلقوا منهم غير قائدهم ابن الطويل وقاضيهم ابن عيسى في نفر من الوجوه قليل عديدهم، فحصلوا على غنائم بربشتر على مالا يقدر كثرة زعموا أنه صار لأكبر رؤسائهم قائد خيل رومة في حصته نحو ألفا وخمس مئة جارية أبكارا كلهن، ومن أوقار الأمتعة من الحلي والكسوة والوطاء خمس مئة حمل، ويحدث أيضا أنه أصيب في هذا القتل والسبي مئة ألف نسمة، وشد الكفار أيدهم بمدينة بربشتر واستوطنوها وهلك من نساء بربشتر جملة يكثر عدها عند افلاتهن من عطش القصبة لتطارحهن على الماء يكرعن فيه بغير مهل، فكبهم للأذقان موتى، وكان الخطب في هذه النازلة أعظم من أن يوصف أو يتقصى.
ـ[أم حنان]ــــــــ[25 - 12 - 06, 07:15 م]ـ
علق ابن حيان على هذه الأحداث وعلل أسبابها، وأنحى باللائمة على الناس والحكام قائلا:
(أركستهم الذنوب، ووصمتهم العيوب، فليسوا في سبيل الرشد بأتقياء، ولا على معاني الغي بأقوياء، نشىء من الناس هامل، يعللون نفوسهم بالباطل، من أدل الدلائل على فرط جهلهم بشأنهم واغترارهم بزمانهم وبعادهم عن طاعة خالقهم ورفضهم وصية رسوله نبيهم عليه السلام، وهو وهم عن النظر في عاقبة أمرهم وغفلتهم عن سد ثغرهم، حتى لظل عدوهم الساعي لإطفاء نورهم يتبجح عراض ديارهم ويستقري بسائط بقاعهم، يقطع كل يوم طرقا منهم وسرامة، ومن لدينا وحوالينا من أهل كلمتنا صموت عن ذكرهم، لهات عن بثهم، ما أن يسمع عندنا في مسجد من مساجدنا ومحفل من محافلنا مذكر بهم أو داع لهم فضلا عن نافر إليهم أو مواس لهم، حتى كأن ليسوا منا وكأن فتقهم ليس بمفض إلينا، قد بخلنا عليهم بالدعاء بخلنا بالغناء، عجائب مغربة فاتت التقدير وعرضت للتغيير، ولله عاقبة الأمور وإليه المصير)
فعل ابن حزم الأندلسي -معاصر الطوائف - مثل ابن حيان في تعرية حال الطوائف وبيان استهتار ملوكهم وما أورثوا الأمة من الوهن والإنحدار، ولولا دعوة العلماء الأفاضل إلى توحيد الأندلس ونجدة الأخوة المسلمين بعدوة المغرب والعمل على استثارة الروح الاسلامية، لضاعت الأندلس قبل ضياعها بقرون.
استعادة بربشتر:
قامت دعوة إلى الجهاد ورفعت راية الإسلام فهب الناس مستجيبين نحو بربشتر فحازوا في جهادهم من الله النصر، يحدثنا ابن حيان عن ذلك فيقول:
(فلما كان عقب جمادى الأولى من سنة سبع وخمسين شاع الخبر بقرطبة بارتجاع المسلمين لبربشتر، وذلك أن أحمد بن هود الملقب بالمقتدر المفرط فيها والمتهم على أهليها لانحرافهم إلى أخيه، صمد لها مع مدد عباد حليفه، وسعى لإصمات سوء القالة عنه، وقد كتب الله عليه منها مالا يمحوه إلا عفوه، فتأهب لقصد بربشتر فسار نحوها ورجال ابن عباد نحو من خمس مئة فارس مقدمته من سراة البرابرة وغيرهم من أبطال الأندلس، فنزل عليها بجمعه، فجالدوا بباب المدينة جلادا ارتاب منه كل جبان، وأعز الله أهل الحفيظة والشجعان، حمى الوسيط بينهم إلى
أن أعز الله أولياءه وزلزل أعداءه وولوا الأدبار مقتحمين أبواب المدينة، فاقتحم المسلمون عليهم وملكوهم أجمعين الا من فر من مكان الوقعة ولم يأت المدينة، فأجيل في الكافرين واستؤصلوا أجمعين، إلا من استرق من أصاغرهم وانتقوا للفداء من أعاظمهم، وسبوا جميع من كان فيها من عيالهم وبناتهم وأبنائهم وملكوا المدينة بقدرة الخالق، وأصيب على منحة النصر المتاح طائفة من حماة المسلمين الجادين في نصر الدين نحو الخمسين، كتب الله شهادتهم وقتل فيها من أعداء الله الكافرين نحو ألف فارس وخمس مئة راجل، فاستولى المسلمون بحمد الله عليها وغسلوها من رجس الشرك وجلوها من صدأ الإفك، ثبت الله فيها قدم الإسلام وجبر صدع من تولى من إخوانهم بمنه)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/181)
ـ[أم حنان]ــــــــ[02 - 02 - 07, 12:57 ص]ـ
مملكة بلنسية:
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
لعله من المناسب ذكر بعض ممالك الطوائف عند الحديث عن مملكة بلنسية، فممالك الطوائف المهمة هي: مملكة طليطلة - مملكة سرقسطة - مملكة قرطبة - مملكة بطليوس - مملكة أشبيلية - مملكة بلنسية - مملكة غرناطة.
حكم الصقالبة (كلمة الصقالبة تعني جميع الأسرى من الأجناس الصقلبية السلافية ثم أصبحت تطلق على جميع الأجانب الذين يضمهم القصر من جلاقة وألمان وفرنسيين ولومبارديين وايطاليين من جنوة وصقلية، وكان معظمهم يحملون صغارا بواسطة تجار الرقيق ويختارون من الجنسين، ويربون منذ الحداثة تربية عربية حسنة ويلقنون مبادىء الاسلام) بلنسية مدة من الزمن ثم حكمها بنوعامر أبناء الحاجب المنصور، ولما توفي عبدالعزيز المنصور خلفه ابنه عبدالملك المظفر الذي تزوج ابنة حاكم طليطلة وجرت بينهما أحداث انتهت بضم بلنسية إلى طليطلة، وعهد حاكم طليطلة المأمون بأمور بلنسية إلى أبي بكر محمد بن عبدالعزيز وجعله وزيرا، فأحسن إدارتها وسار فيها سيرة حسنة.
ـ[أم حنان]ــــــــ[02 - 02 - 07, 11:37 م]ـ
توفي المأمون حاكم طليطلة سنة 467ه، وخلفه حفيده القادر، واستقل أبو بكر محمد بن عبدالعزيز في حكم بلنسية، حاول صاحب سرقسطة الإستيلاء على بلنسية وضمها إليه حتى تصبح سرقسطة مملكة قوية، وكانت بينهما مصاهرة، وبعد وفاة أبي بكر خلفه في حكم بلنسية ابنه أبوعمرو عثمان، وبعد سقوط طليطلة سنة 478ه وعد (ادفونش) القادر بأن يحكم بلنسية إذا ساعده في الإستيلاء عليها، وسار القادر وجنوده إلى بلنسية برفقة الجنود القشتاليين أمده بها ادفونش، وكان أدفونش يعلم أن تمكين القادر من الإستيلاء على بلنسية سيجعلها واقعة تحت حمايته، وصل القادر وجنوده إلى بلنسية وجرت مراسلات بينه وبين أهلها انتهت بالموافقة على مطالب القادر وخلع حاكمها أبو عمر عثمان.
ساءت أحوال بلنسية بسوء السياسة وإرهاق أهلها بالضرائب لسداد مطالب القشتاليين الذين غدت لهم السيادة الحقيقية على المدينة، وغادرها الكثير من أعيانها نتيجة لهذه السياسة الطائشة التي اتبعها القادر ارضاء لأنانيته ورغبة في البقاء بمركزه.
استعان ادفونش برذريق في عملياته ضد ملوك الطوائف، ولذريق هذا يصفه ابن بسام في الذخيرة قائلا: (ولما أحس أحمد بن يوسف بن هود بعساكرأمير المسلمين تقبل من كل حدب وتطلع على أطرافه من كل مرقب، اسد كلبا من أكلب الجلالقة يسمى (رذريق) ويدعى بالكنبيطور، وكان عقالا وداء عضالا، له في الجزيرة وقائع)، وكان الأدفونش غير مرتاحا إليه فقضى بإبعاده، وبدأ رذريق يؤجر نفسه للأمراء المسلمين أو النصارى فالتحق بخدمة المقتدر الذي قسم المملكة بين ولديه المؤتمن والمنذر قبل وفاته والتحق رذريق بخدمة المؤتمن ثم من بعده بخدمة ابنه أحمد المستعين، وعندما طلب القادر النجدة من المستعين لدفع خطر المنذر، سار المستعين ورذريق صوب بلنسية لنجدة القادر، كان المستعين يطمع بالاستيلاء عليها، وكانت قوة الجيش بيد الطاغية رذريق حيث كان معه ثلاثة الاف فارس ومع المستعين أربع مئة فارس!، وجرت مفاوضات بينهم وبين القادر، الذي بعث خفية الى رذريق يطلب إليه عقد التحالف سرا دون علم المستعين، وبعث إليه بالتحف والهدايا، ولما كانت خدمات رذريق تباع وتستأجر فإن المستعين دفع له المبالغ الكبيرة وطلب منه مساعدته في الاستيلاء على بلنسية فتحجج رذريق بحماية أدفونش للقادر ولابد من استئذانه، وأخذ رذريق ينصح القادر سرا بعدم تسليم المدينة، ويعد القادر والمستعين كلا على حدة أنه سوف يساعده، وفي نفس الوقت يرسل إلى المنذر ليعقد معه المودة والتحالف، ثم يبعث إلى الادفونش بأنه (تابع له وأن أولئك الفرسان الذين يقودهم في أراضي المسلمين، دون أية نفقة من الملك،إنما هم تحت تصرف الملك، ينزلون ضرباتهم بالكفرة وفي وسعهم أن يحصلوا على شرقي الأندلس بسهولة)
وافقه الأدفونش، ثم ذهب رذريق إلى الأدفونش بنفسه وحصل منه على وثيقة يؤكد له فيها بأن المناطق التي ينتزعها من المسلمين تكون ملكا له ولأولاده من بعده.
ـ[أم حنان]ــــــــ[08 - 02 - 07, 09:25 م]ـ
إن الحديث عن التاريخ الإسلامي يجعل المسلم يشعر بعزة المسلمين وقوتهم، فيزداد قوة وعزة وفخرا بإسلامه (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)، وماهو إلا جزء من هذه الحضارة العظيمة المجيدة التي قامت على الإسلام، واستمدت قوتها من العقيدة الإسلامية، فكانت نورا استضاءت به البشرية، ونعمت به حينا من الزمن، فما أحوجنا -في هذا الزمان- إلى غرس الهوية الإسلامية في نفوس المسلمين، بعد أن ضعفت وحل محلها الهوية الأوربية أو الأمريكية، وأصبح التحدث باللغة الإنجليزية فخرا، والتشبه بالغربيين عزة وتقدما، وأشد مايؤلم النفس حين ترى ابناء المسلمين يرتدون أزياء الأوربيين (البنطال) وأصبح هذا اللبس هو السائد عند الكبار أيضا، وللأسف فقد وصل هذا الأمر إلى بعض الملتحين الذين لايرون بأسا أن يلبس الأولاد البنطال، وناهيك عن قصات الشعر الغريبة (القزع) التي انتشرت منذ زمن عندنا (عندالأطفال والكبار) أو يجعلون الشعر منفوشا (سبايكي)
فيصبح الطفل كأنه شيطان،،أصبحت الثقافة المنتشرة ثقافة الغرب، تدخل الجمعية التعاونية فترى الاطفال تكلمهم أمهم باللغة الإنكليزية فيردون عليها بنفس اللغة فترى علامات السعادة والفخر على وجهها , فهذا عندها رمز الفخر والعزة! رحم الله أبناء المسلمين وأصلح امهاتهم،فما ظنك بأبناء تربوا على ذلك! وللأسف تتخرج إحدانا من المدرسة وقد حفظت تاريخ أوروبا والثورة الفرنسية ومارتن لوثر و كلومبس واكتشاف الأمريكتين الخ،،، وحين نسأل عن تاريخنا الإسلامي نجد اننا لانعرف عنه إلا القليل،،، فما أحوجنا إلى دراسة تاريخ الإسلام وتدريسه إلى أبنائنا وبناتنا، فهو لايدرس كماينبغي في المدارس، وماأحوجنا إلى غرس الهوية الإسلامية في نفوسهم،،نسأل الله ان يصلح أحوال المسلمين، وأن يردهم إلى الإسلام ردا جميلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/182)
ـ[أم حنان]ــــــــ[09 - 02 - 07, 03:15 م]ـ
عاد لذريق من قشتالة يقود سبعة الاف مقاتل (مرتزقة)، وغدا زعيم عصابة يفرض بالقوة مايريد من الاموال، واتجه صوب بلنسية،وفرض أموالا طائلة تدفع له سنويا من صاحب شنتمرية ومن صاحب مربيطر وغيرهما، ونزل في الكدية شمال بلنسية، فأرسل إليه القادر بالاموال ن واضعا نفسه تحت حمايته، ثم تغير ادفونش على لذريق، فأمر بإخلاء سائر الحصون والدور الخاصة به، وبالقبض على زوجه وأولاده الصغار.
عقد المستعين حلفا مع لذريق المتحالف مع ملكي ارغون ونبارة،،،،وأراد ادفونش الإستيلاء على بلنسية فعقد حلفا مع جمهوريتي جنوة وبيزا في إيطاليا، ليتم التعاون بينهم بالأساطيل، وسار ادفونش بقواته الى بلنسية، وتهيأ لذريق لذلك وأرسل إليه، علم ادفونش صعوبة موقفه فرفع الحصار عن بلنسية راجعا إلى قشتالة، وانتقم لذريق لنفسه بالعيث في أراضي قشتالة وقتال أهلها، فأصدر ادفونش عفوه عن لذريق وكتب إليه بذلك في سنة 485 هجرية.
سرت في بلنسية رغبة شديدة للتخلص من النير المرهق الذي فرضه رذريق على المدينة، وتزعم هذا الإتجاه قاضي بلنسية أبو أحمد جعفر بن عبدالله بن جعفر بن جحاف بن يمن، وكان هذا الإتجاه ضد رذريق والقشتاليين وضد القادر، فاوض ابن جحاف ابن عائشة قائد المرابطين (أحد كبار قادة تاشفين) ليعينه في ذلك، فبعث له سريه من جند المرابطين، قاد ابن جحاف الثورة وقبض على القادر، الذي وجد مختفيا في حمام القصر ومعه صندوق الحلي والجواهر، فكانت نهايته.
اختير القاضي ابن جحاف رئيسا للجماعة، وتولى زمام السلطة، وأخذ ينظم الأمور ويستعد لحماية المدينة والدفاع عنها، ولعل أهل بلنسية فعلوا ذلك تخوفا من أن يملك القادر بلنسية لأدفونش كما ملكه طليطلة، على حد تعبير ابن عذارى في (البيان المغرب).
ـ[أم حنان]ــــــــ[18 - 02 - 07, 08:10 م]ـ
قصة القاضي ابن جحاف-رحمه الله- مع لذريق
القاضي ابن جحاف من أهل بلنسية وقاضيها ورئيسها في الفتنة-رحمه الله- وهو المحرق،،،ابتلاه الله عزوجل بالقنبيطور (لذريق)، فاستولى على أمواله ثم أحرقه بالنار سنة 488 هجرية،،،وتبدأ الأحداث حين سار لذريق نحو بلنسية وضرب حولها الحصار، بعد احراق ماحولها من المروج والزروع، وأعد ابن جحاف مع المرابطين قوة من 300 فارس لمقاومة لذريق، كتب لذريق إلى ابن جحاف أن يترك بلنسية وإخراج المرابطين منها (على أن يعطيه الأمان)، وكانت تلك خديعة منه، وجرت مفاوضات انتهت بان تدفع للطاغية لذريق أموال سنوية ويخرج المرابطين، ولكن لذريق نقض العهد وبدأ تحرك بالقرب من بلنسية وزادت مطالبه المالية، وطلب ان ينزل مع جيشه في مناطق حول بلنسية ليحكم الطوق حولها ويحاصرها، ثم طلب من ابن جحاف ان يسلمه موارد المدينة ويقدم ابنه رهينة، عند ذلك رفض ابن جحاف ذلك وأغلق أبواب المدينة وبعث الى قائد المرابطين والى المستعين صاحب سرقسطة طالبا العون، كما كتب الى أدفونش، وشدد الطاغية الحصار على بلنسية وقطع الأقوات عنها، وقرر ابن جحاف المقاومة حتى النهاية، لم يصل للمدينة مدد خارجي واستمر الحصار عشرين شهرا، وضيق الطاغية لذريق على المسلمين الخناق وقطع عنها المرافق، وعدم الناس الطعام وأكلوا الفئران والكلاب والجياف حتى وصل بهم الحال أن يأكلوا من مات منهم
وبلغ الجهد منهم مبلغه! رحمهم الله جميعا وغفر لهم.
ـ[أم حنان]ــــــــ[07 - 03 - 07, 09:11 م]ـ
استسلام بلنسية وسقوطها
طلب أعيان المدينة إلى ابن جحاف الموافقة على المفاوضة والتسليم، فاضطر ابن جحاف الى الإذعان وترك لهم المفاوضة، وسار وفد منهم لمفاوضة الطاغية وسلمت بلنسية حسب الشروط التالية: أن يبقى ابن جحاف قاضيا للمدينة وحاكما لها، وأن يؤمن في نفسه وماله وأهله، ويؤمن السكان في انفسهم واموالهم، وأن يتولى مندوب السيد الإشراف على تحصيل الضرائب، وأن تحتل المدينة حامية من النصارى المعاهدين الذين يعيشون بين المسلمين، وأن يرابط السيد بجيشه في جباله، وألا يغير شيئا من شرائع المدينة وأحكامها.
فتحت ابواب المدينة للطاغية وجنده في جمادى الأولى سنة 487 هجرية بعد حصار دام عشرين شهرا، فاحتلوا المدينة ونقضوا العهود ونزل الطاغية في القصر واحتلت أكثر دور المدينة وضياعها.
نكل الطاغية بأهل بلنسية تنكيلا شديدا و أصدر أمرا (من وجد عنده شىء من الات الحديد فماله ودمه حلال) فبرىء الناس منه حتى من الابر والمسامير ووضعوا ذلك بباب القصر،،يقول ابن عذارى في البيان المغرب (مشى بريحه باجتماع المسلمين إلى القصر، ثم خرج عليهم ونظر إليهم وعرض بذكر المرابطين وكثرتهم وأن ذلك ما اغنى عنهم، وجعل ينظر في عطفه، ويشمخ بأنفه ثم قال: انظروا إلي في سبع مئة ألف مثقال، وإلا هلكتم، وأحلت السيوف عليكم،،،،ثم خرج وبقي المسلمون في القصر، وأغلق عليهم الباب، فصاروا في سجن، والروم تحفهم بالأسلحة، فرأوا الموت، ووقع البهت وخرست الالسنة)،،رحمهم الله وغفر لهم جميعا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/183)
ـ[أم حنان]ــــــــ[09 - 03 - 07, 12:04 م]ـ
تسلم رذريق أموال القادر من القاضي جحاف الذي بقي في منصبه قاضيا للمدينة، لكنه أخذ يشدد عليه في السؤال عما إذا كان لديه بقية من هذه الاموال،ثم طلب منه أن يقسم على ذلك وأنه ان وجد شيئا منها فيما بعد فسيسفك دمه، أقسم القاضي أمام شهود من المسلمين والنصارى، ثم اتهمه لذريق بإخفاء بعض المال فأصدر حكمه بإعدام القاضي حرقا في ساحة المدينة، ساق لذريق قاضي بلنسية ابن جحاف أبا المطرف وهو في قيوده يرسف، دافعا به إلى الموت حرقا في ساحة رحبة القاضي البلنسية، أضرم هناك النارواحتفر له حفرة، حاشدا الناس للمشاهدة والعبرة، أحضر أهله وبنيه حوله وقرر عليهم الحرق مثله، في جمادى الأولى سنة 488هجرية،فاجتلبه على هذه الحال،يقول ابن عذارى (وأمر به وبجملته إلى ذلك الضرم، وقد لفح الوجوه على المسافة البعيدة، فضج المسلمون والروم، وتضرعوا إليه في ترك الأطفال والعيال، إذ لاذنب لهم، ولاعلم بتلك الأمور عندهم، فأسعف الرعية في رغبتهم بعد جهد ومدة، وترك النساء والصبية، وحفر للقاضي حفرة وأدخل فيها إلى حجزته، وسوي التراب حوله، وضمت النار إليه فلما دنت منه ولفحت وجهه، قال بسم الله الرحمن الرحيم ثم ضمها إلى جسده فاحترق، رحمه الله تعالى.
وعمد الطاغية لعنه الله بعد إحراق القاضي رحمه الله إلى الجلة من أهل بلنسية فثقفهم، وأغرمهم حتى استأصل جميع ماعندهم، وجعل الناس في المحنة أسوة، يأخذهم على طبقاتهم حتى عمتهم المحنة، وهلك في ذلك الثقاف كثير منهم، رحمهم الله وجعلها كفارة لهم.)
ـ[أم حنان]ــــــــ[13 - 03 - 07, 08:05 م]ـ
استعادة بلنسية
اهتزت الأندلس لسقوط بلنسية، فلما وصلت أخبارها إلى يوسف بن تاشفين سير جيشا نحو الأندلس، فلما وصل سبته تولى قيادته ابن أخيه محمد بن تاشفين الذي توجه نحو بلنسية وضرب الحصار حولها، وجرت مناوشات أصيب فيها المسلمون، كانت جيوش المرابطين أنذاك تقود معارك أخرى قرب طليطلة مع جيوش أدفونش والذي هزم في هذه المعارك، كما قتل ديجو ابن لذريق الوحيد سنة 491، سار محمد بن تاشفين إلى كنكه فالتقى مع القشتالييين وانتصر عليهم، ثم سار نحو جزيرة شقر، فالتقى بجنود لذريق فأوقع بهم وقتلهم شر قتلة، أثر ذلك في نفس لذريق فتوفي سنة493 هجريه
في عام 495 هجرية توجهت قوات المرابطين بقيادة أبي محمد مزدلي ابن عم يوسف بن تاشفين
إلى بلنسية، فقام جيش لذريق بالإتصال بأدفونش للمساعدة، قدم أدفونش إليها وأقام نحو شهر
وكان الروم يهونون عليه أمر جيوش المسلمين، نصح أدفونش زوجة لذريق الهالك بترك المدينة، واضطروا جميعا لترك المدينة وخرجت زوجة لذريق ومعها رفات زوجها والأموال التي انتهبها، وأحرق أدفونش المدينة ودخلها المرابطون سنة 495هجرية.وبذلك عاد ثغر بلنسية إلى الإسلام وبرحيل الطاغية وأعوانه رات تلك الربوع وجه الطمأنينة.
ـ[أبو حُذيفة النجدي]ــــــــ[25 - 03 - 07, 10:44 ص]ـ
ممكن سؤال يإخوة
كم أسعار هذه الكتب
تاريخ الإسلام
البداية والنهاية
الكامل في التاريخ
مع طبعاتها طبعاً
الله يجزاكم خير.
ـ[أبو حُذيفة النجدي]ــــــــ[26 - 03 - 07, 10:48 ص]ـ
عفواً أخطئت مكان إنزال الرد.
ـ[أم حنان]ــــــــ[30 - 03 - 07, 01:02 م]ـ
وقعة الزلاقة
اتخذ أمير المسلمين يوسف بن تاشفين قرارا بعد استشارة الفقهاء والأعيان في نجدة الاندلس، فبدأت الجيوش المرابطية تعبر مضيق جبل طارق من سبته إلى الجزيرة الخضراء، فاجتمع له سبعة الاف فارس فعبرت الجيوش تباعا أولها بقيادة داود بن عائشة، واخرها موكب يوسف بن تاشفين، في يوم الخميس منتصف ربيع الأول 479هجرية،وأثناء ذلك هبت ريح عاصف أثارت أمواجا عالية، فرفع الأمير يوسف يديه إلى السماء يدعو الله عزوجل (اللهم إن كنت تعلم أن في جوازنا هذا خيرة للمسلمين، فسهل علينا جواز هذا البحر، وان كان غير ذلك فصعبه حتى لاأجوزه) استجاب الله القدير سبحانه دعاءه حتى سهل الله المركب وقرب المطلب.
يقول ابن الأبار في الحلة السيراء (ثم تحركت العساكر إلى أشبيلية، وردفهم ابن تاشفين ونزل بظاهرها، وبلغه أثناء ذلك موت ابنه أبي بكر، فحيره حتى لهم بالإنصراف عن وجهه، ثم اثر الجهاد، وأنفذ (مزدلي) إلى مراكش).
ـ[أم حنان]ــــــــ[28 - 05 - 07, 12:54 ص]ـ
سرت ف الأندلس أنذاك روح جديدة، ذكرت الناس بأيام النصر الإسلامي يوم كان الإسلام واضحا في حياتهم، وسارع أمراء الطوائف للإشتراك بقواتهم وأعدوا ماأمكن للمشاركة في البذل والتضحية، يقول عبدالله بن بلقين في كتابه التبيان: (ولقينا أمير المسلمين في طريقه إلى بطليوس بجريشة، ورأينا من إكرامه لنا وتحفيه بنا مازادنا في ذلك رغبة، لواستطعنا أن نمنحه لحومنا، فضلا على اموالنا، ولقينا المتوكل بن الأفطس محتفلا بعسكره، كل يعمل في الجهاد، قد أعمل جهده، ووطن على الموت نفسه).
لما اقترب يوسف بن تاشفين والجيش المرابطي من اشبيلية خرج المعتمد وجماعته من الفرسان لتلقيه وتعانقا ودعوا الله تعالى أن يجعل جهادهما خالصا لوجهه الكريم.
استقر الجيش أياما في أشبيلية، ثم اتجه إلى بطليوس، وكانت قوات من ملوك الطوائف تلحق بهم، وتلقاهم المتوكل أمير بطليوس، ثم انتظمت القوات بقيادة المعتمد بن عباد، وجعلت الجيوش المرابطية في المؤخرة.
سار الجيش الإسلامي إلى موضع سهل من بطليوس، يقع على بعد 12 كيلومتر شمالها الشرقي، يسمى هذا السهل الزلاقة.
حينما سمع ادفونش أنباء هذا الجيش ترك فك حصار سرقسطة وبدأ يستعد، كتب إلى ملك أرغون وأمراء ماوراء البرت يطلب النجدة، تجمعت الجيوش من جليقة واشتوريش ونبارة مع جيوش قشتالة، ولحق بهم الفرسان المتطوعين من جنوبي فرنسا وايطاليا، سار ادفونش بجيشه وقال مزهوا:
بهؤلاء أقاتل الجن والإنس وملائكة السماء.
يقول صاحب الروض المعطار (واتفق الكل أن عدة المسلمين كانت أقل من عدة المشركين).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/184)
ـ[أم حنان]ــــــــ[01 - 06 - 07, 06:11 م]ـ
جرت مراسلت بين الطرفين، أرسل يوسف بن تاشفين إلى الفونس يعرض عليه الدخول في الإسلام أو الجزية أو الحرب، فغضب الفونش لهذه الرسالة ورد بكتاب عنيف مملوء بالوعيد، اكتفى ابن تاشفين بعبارة كتبها في ظهر الرسالة (الذي يكون ستراه).
جرت الإستعدادات في المسكرين، وقامت الأساقفة والرهبان برفع الصليب، ونشر الإنجيل، ووعظ يوسف وابن عباد أصحابهما، وأخذ الفقهاء والعباد يعظون الناس ويحثونهم على الصبر.
أراد الفونش أن يخدع المسلمين، فكتب إليهم يوم الخميس يخبرهم أن المعركة ستكون يوم الإثنين، لكن ابن عباد وابن تاشفين أدركا تلك الخديعة، وتأكد المسلمون من استعداد النصارى للحرب فاتخذوا الحذر، وبعد مضي جزء من الليل جاء الى ابن عباد الفقيه الناسك أبو العباس أحمد بن رميلة القرطبي فرحا مسرور، وبشره بالنصر لرؤيا راّها في النبي صلى الله عليه وسلم يبشره
فيها بالفتح والشهادة في سبيله.
ولما كان صباح الجمعة الثاني عشر من رجب سنة 479هجرية، زحف الفونش بجيشه على المسلمين، ودارت المعركة حامية الوطيس، شديدة الضراب، وفي بداية المعركة كان ابن عباد يقاتل مع أصحابه العدو وتأخر يوسف، حتى إذا اشتدت المعركة وقتل عدد كبير من أصحاب ابن عباد، وتكسر سيفه، ومات فرسه، فاستل سيفا اخر وركب فرسا ثانيا، واستأنف الهجوم والقتال،
ثم تحرك جيش ابن تاشفين وأشعلوا النيران، وهاجموا الأعداء من الخلف، وزحف باقي الجيش في صفوف منتظمة في أيديهم السيوف والحراب، فزلزلت الأرض، وأظلم النهار من كثرة الغبار،
وما أن حل المغرب حتى اضطر الفونش إلى الإنسحاب، بعد أن أصيب وأصيب من معه، وطورد الفارون في كل مكان حتى دخل الظلام، واستمرت المعركة يوما واحدا لاغير.
تسلل في الظلام مع الفونشو حوالي خمس مئة فارس مثخنين بالجراح، متجهين إلى طليطلة
حيث توفي أكثرهم في الطريق ولم يدخل معه طليطلة إلا حوالي مئة فارس.
ـ[أم حنان]ــــــــ[11 - 06 - 07, 12:28 ص]ـ
عهد المرابطين 484 - 540 هجرية
يرجع تأسيس الدعوة والدولة المرابطية إلى قبيلة لمتونة، احدى بطون صنهاجة من البرانس (البربر)
، وكانوا يتلثمون فسموا بالملثمين.
وتعود أوليتها إلى يحيى بن ابراهيم الجدالي أمير جدالة (كدالة، بطن أخرى لصنهاجة)، توجه يحيى في جماعة إلى الحج مستخلفا ابنه ابراهيم، وعرجوا في عودتهم على القيروان للإستماع إلى بعض علمائها سنة 440 هجرية، واتصلوا هناك بأبي عمران موسى الفاسي شيخ المذهب المالكي وطلبوا أن يرسل معهم عالما يفقههم في الدين، لإنقطاعهم في الصحراء، فأرسل معهم عبدالله بن ياسين الجزولي، وصحبهم إلى ديارهم وبدأ يفقه الناس في دينهم ويعلمهم شريعة ربهم، أقام بن ياسين رباطا، والتف حوله جماعة انقادت له، مستوعبة هذا الفهم ومخلصة له، وبلغ عددهم حوالي ألف رجل، فأطلق عليهم اسم (المرابطون)
نتوقف قليلا هنا للتعليق: لو تأملنا قيام الدولة المرابطية وكيف كانت بدايتها بتعليم ابن ياسين
للناس دينهم، لأدركنا مدى تاثير العلم والعلماء على الناس، نحن - في هذا الزمان- بحاجة إلى العلماء الربانيين القياديين الذين يقودون الامة روحيا، ودورنا نحن كطلبة علم أن نكون خير قدوة للناس، وان نحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والإقتداء بسنته حتى يكون لنا تاثير
ودور في دعوة الناس إلى الخير، وتوجيه أفراد الامة إلى مافيه صلاحهم، وان نقرن العلم بالعمل
فبهما يكون الفلاح لنا ولأمتنا، ولتكن ثقتنا في انفسنا كبيرة، فنحن بإذن الله منتصرون على أعدائنا مهما طال الزمن (وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لايشركون بي شيئا)
ـ[أم حنان]ــــــــ[16 - 06 - 07, 11:17 م]ـ
كان ممن التف حول عبدالله بن ياسين زعيم قبيلة لمتونة"يحيى بن عمر بن إبراهيم "، وخلفه بعد وفاته أخوه أبوبكر بن عمر، وكان -كأخيه- مثال الإخلاص والتضحية.
حدث خلاف بين بعض قبائل صنهاجة سنة 463هجرية، دعي أبو بكر عمر للتوجه من أجل حسمه، وأوكل إدارة الدولة لابن عمه يوسف بن تاشفين، فأدارها بمقدرة ومهارة، الأمر الذي أكسبه مكانة عالية، وعرف كرجل دولة، بجانب شهرته العسكرية التي ظهرت في مهام كلفه بها أبوبكر بن عمر.
وحين عاد أبوبكر ورأى حال الدولة ومايتمتع به يوسف من مكانة، تنازل ليوسف، الذي استمر حكمه حتى وفاته سنة 500 هجرية.
قلت: كان موقف أبي بكر عظيما حين تنازل ليوسف بن تاشفين عن الحكم؛ حين تتشرب القلوب عقيدة التوحيد تختفي المصالح الشخصية وتؤثر مصلحة الجماعة على المصالح الفردية؛ فكانت النتيجة ظهور قائد عظيم أحرز للمسلمين انتصارات عظيمة.
إذن لنتعلم التضحية من اجل الدين، فماأضعفنا إلا الفردية وحب الذات، ولو أردنا النجاح لاعتبرنا من أحداث التاريخ، فليسع كل منا إلى التوحد ونبذ التفرق (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/185)
ـ[أم حنان]ــــــــ[29 - 09 - 07, 01:17 ص]ـ
قامت دولة المرابطين على أسس إسلامية، وكان أمير المسلمين يوسف بن تاشفين من أبرز أمراؤها، عاصمتها أغمات تقع على بعد خمس وثلاثين كيلو مترا جنوب شرقي مدينة مراكش، ثم اختط يوسف مدينة مراكش سنة 454 هجرية متخذا إياها عاصمة الدولة.
انتصر يوسف بن تاشفين على ادفونش (السادس) في معركة الزلاقة الشهيرة عام 479هجرية، ولقب بعدها بأمير المسلمين.
ـ[أم حنان]ــــــــ[19 - 10 - 07, 09:28 م]ـ
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
دخل الأمير يوسف ابن تاشفين الأندلس فكانت موقعة الزلاقة عام 479هجرية، وقبل عودة يوسف إلى المغرب جمع رؤساء الأندلس فنصحهم ووعظهم كما جاء في كتاب التبيان، حيث يقول مؤلفه -وهو عبدالله بن بلقين بن باديس وهو ثالث واّخر أمير لغرناطة في أيام الطوائف (وأمرنا بالإتفاق والإئتلاف،وأن تكون الكلمة واحدة،وأن النصارى لم تفرصنا إلا للذي كان من تشتتنا وااستعانة البعض بهم على البعض،فأجابه الكل ان وصيته مقبولة،وأن ظهوره مما يجمع الكل على الطاعة).
أرسل الفونش السادس -بعد استيلائه على طليطلة- قوات للإغارة على بعض مناطق شرقي الأندلس، ثم ابتنى حصنا في مكان اسمه (لييط) وأودع فيه ثلاثة عشر ألف مقاتل، ذهب المعتمد بن عباد بنفسه إلى المغرب وطلب من يوسف المساعدة، ودخل يوسف الاندس المرة الثانية عام 481هجرية.
توجه يوسف مع قواته وقوات المعتمد ولحق به عدد من قوات ملوك الطوائف إلى حصن (لييط) وضربوا حوله الحصار، لكنهم لم يتمكنوا من فتحه، واّثر يوسف الإنسحاب حين علم بمجيء الفونش بجيشه، وفضل الفونش إخلاء الحصن بعد هدمه وذلك في عام 482هجرية.
ـ[علي احمد الصريمي]ــــــــ[03 - 07 - 08, 11:37 ص]ـ
بارك الله فيك على المعلومات المهم عن الاندلس
وجزاك الله خير(140/186)
هل يلزم تطبيق منهج المحدثين في الحكم على أسانيد كتب الأدب والتاريخ والقصص
ـ[حميد الهلالي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 06:49 م]ـ
المسألة خلافية بين الأءمة ولكل وجهة، والموضوع يحتاج إلى مناقشة وبحث، والذي عنده فائدة لا يبخل علينا، وأنقل لكم كلاما للشيخ الشريف حاتم العوني:
لقد كثرت في الدراسات الحديثة في علم السيرة والتاريخ والتراجم المطالبات بتصفيتها وتنقيتها، وجاءت هذه المطالبات على مناح شتى وتوجهات مختلفة. فكانت أصفى تلك المناحي، وأخلصها نيّة، وأصدقها سريرة، وآمنها على هذه العلوم المطالبة بتطبيق منهج المحدثين عليها، بدراسة أسانيدها وقبول ما قبلته الصنعة الحديثية، ورد ما ردته. وظهرت ثمرات هذه المطالبة في بحوث ومؤلفات عديدة، وكانت جهوداً مباركة، وفيها خير كثير، صوبت كثيراً من الأخطاء العلمية، ونقت بعض أهم المصادر مما كنا في حاجة إلى تنقيته فعلاً. لكن تبقى تلك الجهود جهوداً بشرية، معرضة للخطأ. والخطأ الجزئي فيها أمره يسير، وتداركه هين، لكنه إذا كان منهجيّاً، فإن أمره سيكون فيه خطورة، واستدراك نتائجه صعب.
وهنا أنبه أن المحدثين قد دلت أقوالهم وتصرفاتهم أنهم كانوا يفرقون بين ما يضاف من الأخبار إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وما يضاف إلى غيره، وما يضاف إلى غيره مما له علاقة بالدين وما لا علاقة له بالدين، بل لقد بلغ كمال علمهم إلى درجة التفريق بين ما يضاف إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- بعضه عن بعض، فلأحاديث الأحكام والعقائد منهج فيه اختلاف عن منهج التعامل مع أحاديث الفضائل والرقائق ونحوها، بل أحاديث الأحكام نفسها لهم منهج في التعامل مع الحديث الذي يكون أصلاً في بابه، والحديث الذي يعتبر من شواهد الباب، ولهم في جميع ذلك إبداعات تخضع لها العقول، ونفحات إلهام تشهد بأن علمهم علم مؤيد من الباري –سبحانه-.
فمن عيوب بعض الدراسات التي نوهت ببعضها آنفاً أنها كانت بحوثاً من غير المتخصصين في علم الحديث (ولا أقصد بذلك الشهادات والألقاب وإنما أقصد الحقائق)، فجاءت في بعض الأحيان غير مراعية لتلك الفروق في منهج التعامل التي كان المحدثون يراعونها، فخالفوا بذلك منهج الذين أرادوا تطبيق منهجهم!
ومن أصرح العبارات التي تدل على ذلك المنهج الحديثي، الباب الذي عقده الخطيب البغدادي في كتابه (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 316 - 320) بعنوان: (ما لا يفتقر كتبه إلى إسناد) وقول الخطيب: (وأما أخبار الصالحين وحكايات الزهاد والمتعبدين، ومواعظ البلغاء، وحكم الأدباء فالأسانيد زينة لها، وليست شرطاً في تأديتها).
ثم أسند الخطيب إلى يوسف الرازي أنه قال: "إسناد الحكمة وجودها".
وأسند عن ابن المبارك أنه سئل: "نجد المواعظ في الكتب، فننظر فيها؟ قال: لا بأس، وإن وجدت على الحائط موعظة فانظر فيها تتعظ، قيل له: فالفقه؟ قال: لا يستقيم إلا بسماع".
ثم أسند الخطيب قصة رجل خرساني كان يجلس عند يزيد بن هارون فيكتب الكلام ولا يكتب الإسناد، فلما لاموه على ذلك قال: "أنا للبيت أريده لا للسوق"، فعلق الخطيب على ذلك بقوله: "إن كان الذي كتبه الخرساني من أخبار الزهد والرقائق وحكايات الترغيب والمواعظ فلا بأس بما فعل، وإن كان من أحاديث الأحكام وله تعلق بالحلال والحرام فقد أخطأ في إسقاط إسناده؛ لأنها هي الطريق إلى تثبته، فكان يلزمه السؤال عن أمره والبحث عن صحته".
وفي هذا السياق أشير إلى قضية مهمة، ربما غفل عنها كثيرون، وهي أن لعلماء كل علم طريقتهم الخاصة في نقد علمهم، وفي الفحص عن صحة منقولهم ومعقولهم. ومن الخطأ الفادح أن نخلط بين معايير النقد المختلفة بين كل علم وآخر؛ لأن ذلك سيؤدي إلى هدم كل تلك العلوم!
وأضرب على ذلك مثلاً:
لو جئنا إلى الشعر الجاهلي وشعر صدر الإسلام، بل عموم دواوين الشعراء، خاصة في عصر الاحتجاج اللغوي، وأردنا أن نطبق عليها منهج المحدثين في نقد السنة هل سنزيد إلا أن نهدم لغة العرب، بأعظم مما أراد أن يهدمها به طه حسين!
ذلك أن لأئمة اللغة معاييرهم الصحيحة الكافية لنقد علمهم، ولهم طرائقهم لفحص المنقول من اللغة، وقد بذلوا في ذلك جهوداً عظيمةً، أدّوا بها الأمانة العظمى الملقاة على عواتقهم، خدمة للغة القرآن والسنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/187)
وفي هذا المجال أذكّر بضرورة تعظيم أئمة كل علم في علمهم، واحترام تخصصات أصحاب التخصصات، فلا نزاحمهم ما دمنا لسنا من أصحاب ذلك العلم، وخاصة أولئك الأعلام، ومن علماء علوم الإسلام، على اختلاف فنونها.
أقصد من ذلك كلّه أن أبين: أن منهج المحدثين لئن كان هو المنهج الوحيد الذي يصح به نقد المنقول المتعلق بالدين، فإنه لا يلزم أن يصح في نقد بقية العلوم، وإن شابهته من جهة إبراز أسانيد لبعض منقولاته، فليس كل إسناد نراه يعني أنه وسيلة نقد ذلك المنقول بتطبيق منهج المحدثين الذي ينقدون به أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الإسناد كان سمة من سمات علوم الإسلام كلها، فإبرازه لم يكن دائماً لأجل الاعتماد الكلّي عليه في نقد ذلك المنقول.
وبناء على ما سبق ذكر، من أن المحدثين قد فرقوا بين منهج نقد السنة ومنهج نقد الأخبار، فإني أجد هذه مناسبة حسنة للتأكيد على معنى معين يعين على معرفة الصواب في هذه المسألة المنهجية، وهو: أن منهج المحدثين في نقد السنة تميز بشدة الاحتياط والمبالغة في التحرّي والريبة من كل شيء ولولا أن عناية الأمة في تلك الحقبة بالسنة من جهة نقلها وتعلمها وتعليمها وحفظها وكتابتها كانت عناية عظيمة تفوق الوصف، حيث كانت هي همّهم الأكبر وشغلهم الشاغل لكان ذلك المنهج المتشدد المبالغ المرتاب سبباً لإخراج شيء من صحيح السنة منها، لكن تلك العناية البالغة بالنقل وفرت للمحدثين فرصة ذلك التشديد في النقد، دون أن يضيّع ذلك شيئاً من السنة. وتلك حكمة بالغة!
ومن هذا الملحظ تعلم أن تطبيق هذا المنهج المتشدّد على غير السنّة فيه جور على ذلك العلم المنتقد به؛ لأن التثبت من صحة المنقول فيه لا يحتاج إلى كل ذلك التشديد في النقد، ولن نجد من عناية الأمة بمنقول ذلك العلم ما يُكوِّن رصيداً كبيراً صالحاً لذلك التشديد دون أن يؤدّي ذلك إلى تضييع بعض الثابت من ذلك المنقول.
وأقصد من ذلك كله بيان أن التخفف من نقد المنقولات من غير السنة لا يعني أننا سنثبت بذلك غير الثابت، ولكن يعني أنّنا سنضع كل منقول في ميزانه الكافي لتمييز ثابته من غير الثابت منه.
ولكي أنزل من هذا التنظير الجاف، إلى التمثيل الحيّ القريب إلى كلّ ذهن؛ أقول: هب أنك سمعت أحد أجلّه العلماء ممن تعظّمهم النفوس تقوىً وعلماً يحكي لك خبراً عن أحد أشهر شيوخ شيوخه وأعلمهم، يتضمن هذا الخبر أمراً غير مستنكر عن علم ذلك الشيخ، ويقول في ذكره لهذا الخبر: سمعت جماعة من شيوخي يحكونه عن ذلك الشيخ، هل ستشك في صحة هذا الخبر، بحجّة الجهالة بحال شيوخ هذا العالم الذي سمعته؟!
وزيادة في التقريب: لو سمعت الشيخ ابن باز –عليه رحمة الله- يقول: سمعت جماعة من شيوخي يقولون: إن العالم الفلاني كان كذا وكذا، هل سنجد في نفوسنا ريبة من ذلك الخبر؟!
فما بالنا لمّا قال ابن عدي –وهو الإمام الفحل-: "سمعت عدّة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري –رحمه الله- قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ... " إلى آخر الخبر المشهور، انبرى أحد المعاصرين لنقد هذه القصّة، بحجة الجهالة بحال شيوخ ابن عدي! والحال أن علم البخاري أعظم من هذه القصة، وأن ابن عدي يروي عن جماعة من تلامذة البخاري! ولو أراد ابن عدي –وهو الحافظ المسند- أن يسند هذا الخبر عن بعضهم لفعل، لكنه كان يظن أن مثل هذا السياق: "سمعت عدّة مشايخ يحكون" أقوى ثبوتاً لمثل هذا الخبر من مثل أن يسنده عن واحد أو آحاد منهم؛ لأن منهج نقده غير منهج نقد السنة!
وبعد هذا البيان كلّه، أصل إلى بيان الضابط الذي يمكن من خلاله التشديد في نقد الأخبار والقصص بمنهج المحدثين، أو عدم التشديد والاكتفاء بمناهج نقد أخرى تكفي في مثلها للتوثّق والتحرّي.
فالضابط هو: كل خبر سأبني عليه –مباشرة أو بغير مباشرة- حكماً دينياً، فالأصل فيه أنه لا يقبل إلا بذلك المنهج المتشدّد للمحدثين، الذي ينقدون به السنة ومالا فلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/188)
وشرح هذا الضابط قد يطول، لكني سأكتفي بأمثلة تبين بعض جوانبه: إذا جئت للسيرة النبوية، أجد أن أخبارها منها ما يمكن أن يستنبط منه حكم شرعي: فهذا من السنة التي تنتقد بذلك المنهج المحتاط لها، ومنها ما لا يستنبط منه حكم شرعي، كتاريخ سريّة من السرايا، وعدد من كان فيها، وتحديد موقعها بدقّة، ونحو ذلك: فهذه لا نطبق عليها منهج المحدثين؛ إلا إن كان بعض ذلك له علاقة غير مباشرة باستنباط حكم، كمعرفة تقدم خبر أو تأخره ليفيدنا ذلك في الناسخ والمنسوخ، أو غير ذلك: فيمكن حينها أن أعود إلى احتياط المحدثين مع السنة في نقدي لهذا الخبر.
وإذا جئت للآثار الموقوفة على الصحابة –رضي الله عنهم-:
-فإن منها ما يكون له علاقة بالأحكام كفتواهم وأقضيتهم، فإذا كنت سأعتمد على قول صحابي في مسألة لا نص فيها –على سبيل المثال-: فسأحتاط في نقدها وفق منهج نقد أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم-، ولا بد من ذلك فيها، أما إذا كانت المسألة فيها نصٌ صحيح، فإن إيراد أقوال الصحابة بعد ذلك يكون استئناساً وتأكيداً لصحة فهمنا لذلك النص، فإن نقدنا ذلك الخبر بالاحتياط المذكور آنفاً فهو حسن، وإن لم نفعل ذلك فالأمر واسع، ولن نضر المسألة العلمية شيئاً، لورود النص فيها.
ومنها ما يكون من باب الأخبار التاريخية: كأخبار الفتوح والغزوات ونحوها، وهذه حكمهما حكم السيرة النبوية، فإذا جئنا لأخبار ما وقع بينهم في الفتنة، فواجب حينها أن تنقد بالاحتياط المذكور لأحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز غير ذلك، وذلك اتّساقاً مع الضابط الكلّي الذي وضعناه آنفاً، وليس استثناءً –خارجاً عن القانون-، حيث إن أخبار الفتنة ليست أخباراً مجربةً لا ينبني عليها أحكام على أشخاص، بل هي أخبار إذا ذكرت لا بد أن تترك في النفوس أحكاماً على الأشخاص بالصواب أو الخطأ وربما بالعدالة أو الفسق عند بعض الأقوام، وهؤلاء الأشخاص الذين ستصدر عليهم تلك الأحكام هم أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين-، وهم من سبق لهم من الله –تعالى- ورسوله –صلى الله عليه وسلم- الثناء والحكم بالعدالة، فلا بد من تمحيص تلك الأخبار، خاصة أنها أيضاً كانت مجالاً رحباً لأصحاب الأهواء وأمراض النفوس من أهل الغلّ والحقد على دين الله –تعالى-، وعلى أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- للتقوّل والافتراء.
على أنه يمكن أن نعامل الأخبار المتعلقة بالفتنة أو ما كان بنحوها بمنهج وسط، وهو أنه إذا ثبت عندنا بالمنهج الحديثي المحتاط أصل خبر من الأخبار أن نتمّم جوانب هذا الخبر بتفاصيل من بقية الأخبار، بشرط أن لا يكون في تفاصيل تلك الأخبار شيء يعارض الحكم الثابت لأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- من الخيرية والعدالة والفضل، وأن لا يعارض أصل الخبر الثابت أيضاً.
والمثال الواقعي لذلك: أنني كنت من سنوات كثيرة قد درست الأخبار الواردة في قصة خالد بن الوليد –رضي الله عنه- مع مالك بن نويرة في حروب الردّة، وهي قصة شهيرة، نسج عليها الأفّاكون وأذنابهم من المستشرقين قصصاً شنيعة، فوجدت أن أحد الباحثين ردّ القصة بالكلية، وخرج بنتيجة، وهي: أن مالك بن نويرة كان مرتداً كافراً، وأنه قتل بسيف الشرع، مع أن مالك بن نويرة –رضي الله عنه- لم يتخلف أحد عن ذكره في الصحابة، وهذا هو الظاهر من شأنه.
وبعد دراسة أسانيد الخبر، تبين لي أنه لا يصح منها إلا إسناد واحد، أخرجه خليفة ابن خياط في تاريخه (105)، يقول فيه ابن عمر –رضي الله عنهما-: "قدم أبو قتادة على أبي بكر، فأخبره بمقتل مالك وأصحابه، فجزع من ذلك جزعاً شديداً، فكتب أبو بكر إلى خالد، فقدم عليه، فقال أبو بكر: هل يزيد خالد على أن يكون تأوّل فأخطأ؟ وردّ أبو بكر خالداً، وودى مالك بن نويرة، وردّ السبي والمال".
فهذا الخبر على وجازته: أثبت أصل القصّة ووضع كل أمر في نصابه، واعتذر لخالد –رضي الله عنه- ونفى تلك التهمة القبيحة عن مالك بن نويرة بدفع أبي بكر ديته إلى أوليائه.
يبقى أن في بقية الأخبار تفاصيل أخرى لا يمكن أن نفهم الخبر السابق بغير الاطلاع عليها، فما العمل تجاهها؟
فالعمل، هو: أن نأخذ من تلك الأخبار ما يوافق هذا الخبر الثابت من جهة، وما لا يقدح في عدالة الصحابة الثابتة بالنصوص القطعيّة من جهة أخرى؛ لأنها أخبار لا تثبت أسانيدها أولاً، وثانياً: لأن ما عارض تلك الثوابت سيعد منها منكراً، ليس من العدل والإنصاف أن نجعله متساوياً لتلك الثوابت، فضلاً عن أن نعتمده، فنكون قد قدّمنا ما حقه الإبعاد، ونستحق بذلك –عياذاً بالله- أن نعد من أهل الهوى والظلم في الأحكام.
فإذا جئنا لأخبار تاريخية بعد ذلك، مما وقع في القرن الهجري الثاني أو الثالث، فالأصل فيها إمرارها والاستفادة منها دون نقد حديثي محتاط، إلا إذا أراد أحد أن يصدر حكماً دينياً على شخص من الأشخاص له حرمة دينية، وهو أن يكون مسلماً –كبعض الملوك والسلاطين- فإننا لا نقبل ذلك إلا بنقد يثبت بمثله الحكم الديني، هذا إن كان لمثل هذا البحث ثمرة علمية، أما إن لم يكن له ثمرة، أو كان له ثمرة خبيثة؛ فينهى عن مثل هذا البحث، وعن إضاعة الوقت فيه.
وإذا جئنا إلى سير العلماء وأخبارهم، فالضابط الكلي سائر على تراجمهم، فإن ما يرد في تراجمهم إذا كان سيصدر عنه حكم ديني، وضعناه في معياره المحتاط، وأوضح صور هذا الحكم الديني عبارات الجرح والتعديل في رواة السنة، وإن كان بخلاف ذلك، كقصة البخاري السابقة، أو كعبارات في الوعظ والحكمة، أو كذكر مؤلفاتهم، أو وصف مكتباتهم، ونحو ذلك من الأخبار، فهذه لا تنقد بذلك النقد المحتاط، ولكن تنقد لمعايير أخرى، تراعي المعقول وغير المعقول، والثقة بناقل الخبر أي: المصدر ومؤلفه، وغير ذلك من القرائن المحتفّة بكل خبر منها، وللمصلحة الحاصلة من نقده أيضاً.
هذا ملخّص ما ترجح لدي في شأن نقد القصص والأخبار التاريخيّة، والله أعلم.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
المرجع: http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=7106
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/189)
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[09 - 12 - 06, 01:51 م]ـ
كلام الدكتور الشريف حاتم مميز وشامل بارك الله فيه
وخلاصة القول فيها التالي
إذا كانت هذه الأخبار تحكي ما وقع بين القرون المفضلة من الفنن خاصة فيما يتعلق بالصحابة رضي الله عنهم، أو في هذه الأخبار والآثار قدح لهم أو هو مما يخالف أصول الشريعة العامة وتمجه العقول السليمة وتأباه الفطر السوية، فهذا يدرس وينظر في سنده لأن التساهل فيه باب خطير يلج منه أهل البدع ومن يريد القدح في عظماء هذه الأمة.
أما إذا كانت هذه الآثار والأخبار تحكي طيب سجاياهم وحسن أخبارهم من كرم وشجاعة، وكان مما لا يخالف أصول الشريعة العامة ولا تمجه العقول السليمة فلا بأس من التاسهل في روايته مع الإشارة بعبارة " ذكر " "ويروى " "وقيل " خاصة إن كان في ذكر القصص والأشعار والمواقف والمواعظ.
والله اعلم(140/190)
حدود قبيلة مضر و موقعها
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[08 - 12 - 06, 05:09 م]ـ
السلام عليكم
أريد هذه المعلومة بدقة في أرض الواقع الان
ـ[أبو معطي]ــــــــ[08 - 12 - 06, 06:55 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم مختار الديرة سلمك الله
من الصعب الاحاطة بكل مواقع مضر، فمضر يدخل فيها قبائل كبار مثل: قريش وكنانة وبني تميم وقبائل هوازن و عامر بن صعصعة وبني سليم وغطفان وثقيف وغيرها الكثير من القبائل الكبيرة وربما كل واحدة منها لها أفخاذ وبطون في مناطق شتى من بلاد العرب، فلو خصصت أحدها أو بعضها لكان الأمر أسهل وأهون
وجزاك الله كل خير
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[09 - 12 - 06, 08:31 ص]ـ
السلام عليكم
بارك اله فيك فما المقصود هنا؟
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمين: (الإيمان هاهنا - مرتين - ألا وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين - حيث يطلع قرنا الشيطان - ربيعة ومضر).
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 06, 09:23 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المقصود بهم (في قول بعض أهل العلم) أهل نجد
يدلك على ذلك قول وفد عبد قيس
(وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر)
وهم يقصدون أهل نجد - الذين هم من مضر -
وهناك من أهل العلم من فسر الحديث بالعراق
وقد كان هناك من مضر وربيعة في العراق
ولهم مواطن هناك
فديار ربيعة
وديار مضر
وهكذا
ووما استدل به أصحاب القول الثاني
أن في رواية (العراق) وأفضل تفسير للحديث هو بألفاظ الحديث
والمسألة أشبعت بحثا
والله أعلم بالصواب
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[10 - 03 - 07, 07:50 م]ـ
السلام عليكم
حياك الله وبياك و نفع بك و سددك
ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[26 - 03 - 07, 04:04 م]ـ
بارك اله فيك
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[05 - 04 - 07, 05:59 م]ـ
جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، وبارك فيكم.
ـ[أبو علي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 09:40 ص]ـ
المقصود بهم (في قول بعض أهل العلم) أهل نجد
يدلك على ذلك قول وفد عبد قيس
(وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر)
وهم يقصدون أهل نجد - الذين هم من مضر -
أخي المكرَّم
هذا الكلام الَّذي نقلته غير دقيقٍ أبدًا،
وأهل نجد قديمًا وحديثًا ليسوا من مضر فقط، وإليك الأدلَّة:
كان سُكَّانُها في عهد الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم:
1 - بنو تميم بن مر وهم من مضر، قال في العبر: (وكانت منازلهم بأرض نجد دائرة من هنالك على البصرة واليمامة وامتدت إلى العذيب من أرض الكوفة ثم تفرقوا بعد ذلك في الحواضر ولم يبق منهم بادية وورث مساكنهم غزية من طيىء وخفاجة من بني عقيل بن كعب)
1 - بنو حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة رهط مسيلمة الكذاب.
2 - بنو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل قال في العبر: (وكانت منازلهم من اليمامة إلى البصرة، قال ثم خلفهم الآن في تلك البلاد بنو عامر المنتفق بن عقيل بن عامر بن صعصعة)
3 - بنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن من مضر، وقد نزلوا إلى نجد قديمًا ومنهم الصحَّابي الشَّاعر لبيد بن ربيعة.
أمَّا عبد القيس فهم بنو عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة من أسد، قال في العبر: (وكانت ديارهم بتهامة حتى خرجوا إلى البحرين وزاحموا من بها من بكر بن وائل وتميم وقاسموهم المواطن)
وليت تذكر لي من استدلَّ بهذا الدليل الّذي ذكرتَهُ، فإنّي لم أجد من ذكره؛ فضلاً عن غرابته
أمَّا الموضوع الأصليّ:
يدلُّ على أنَّ الحديثَ قُصِدَ به العراق أنَّ العربَ تسمِّي العراق المشرق والشَّام المغرب، ففي الحديث الَّذي رواهُ مسلمٌ عن ابن عمر: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول ألا إن الفتنة ههنا ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان)
ولا حظ معي دقَّة التَّعبير بـ (ـالمشرق) و_المغرب)، فهم لا يقولون الشَّرق، ولا الغرب.
وروى مسلمٌ أيضًا عن سالم بن عبدالله بن عمر قال:
يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة سمعت أبي عبدالله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الفتنة تجئ من ههنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض ... ) الحديثَ.
فانظر إلى فهم هذا التَّابعيّ الجليل
قال الخطابي: (نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة وأصل النجد ما ارتفع من الأرض)
ومن هذه الأحاديث تعلم عظم مبلغ العلم بالأنساب وقبائل العرب، والمساكن والمياه والأيَّام والمعارك، وما كان عليه النَّاس قديمًا من عادات وأخلاقٍ.
ومن عرف تاريخ نجد قبل 300 سنة إلى عصرنا هذا تفتَّحت له أبوابٌ عظيمةٌ من حِكَمِ الله سبحانه وتعالى، وعرف عظم النَّعمة الَّتي يعيش فيها الآن.
ولا ينقضي عجبي من الَّذين يشكِّكون في وقوع الشِّرك في نجد زمان دعوة الإمام محمَّد بن عبدالوهَّاب، وعندما أقرأ لهم يتَّضح لي جهلهم العميق بالتَّاريخ.
ومن أراد معرفة حقائق التَّاريخ النَّجدي فعله بالشِّعر النَّبطي
*المصادر: فتح الباري، وصبح الأعشى للقلقشنْديّ
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/191)
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[14 - 08 - 08, 04:58 م]ـ
السلام عليكم
حياك الله وبياك و نفع بك و سددك
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[15 - 08 - 08, 01:00 ص]ـ
بعد انتشار الإسلام توزعت القبائل العربية.
مضر، كانت كنانة، وكانت القيسية، وكانت باقي قبائل خندف غير كنانة والقيسية (تميم وأسد و .. الخ)، وبعد الفتح الإسلامي انتشر الناس في كل مكان، ومما هو مشهور معروف أن سليم حطت رحالها في مصر، وبنو هلال (من بني عامر بن صعصعة من هوازن من قيس عيلان) حطوا رحالهم في المغرب الأدنى (أفريقيا) أو تونس وليبيا اليوم.
ومعلوم أن بالسودان (الرشيدي) وهم عبس (غطفان من قيس عيلان من مضر).
وفي الأندلس كانت اليمانية (قحطان) (المنصور بن أبي عامر)، وحين تقرأ تاريخ الأندلس وكأنها عرب كلها. لم يكن هناك ذكر للأعاجم إلا قليلا. ثم عاد هؤلاء بعد طردهم واستقر معظمهم في المغرب العربي.
وكذا قريش (أمية بن عبد شمس تحديداً) بعد انهيار دولتهم لجئوا للمغرب العربي.
لم يعد أخي يقال أين مضر؟
تفرقت.
العجيب أن القبلية عادت، حتى في مصر، ألحظ أن كثيراً منهم يتكلمون عن أنسابهم.
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[15 - 08 - 08, 01:13 ص]ـ
السلام عليكم
حياك الله وبياك و نفع بك و سددك
ـ[عبدالله ناصر]ــــــــ[10 - 09 - 08, 08:33 ص]ـ
طالع الرابط ادناه
كانت ديار ربيعة بين الموصل ورأس العين وماردين ودنيسر والخابور، وديار مضر هي السهول القريبة من شرقيّ الفرات كحرّان
والرقّة وشميشاط وسروج والرها، سكنها بنو تميم وبنو سليم وأخلاط مضر.
الدليل على ان العراق قرن الشيطان و ليس نجد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=148071
ـ[عبدالله ناصر]ــــــــ[18 - 09 - 08, 02:45 م]ـ
هذا الرابط يعمل ان شاء الله
الدليل على ان العراق قرن الشيطان و ليس نجد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=148113(140/192)
أين أجد كتاب السيرة النبوية الصحيحة
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[10 - 12 - 06, 03:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من أحد يدلني على كتاب الدكتور أكرم العمري "السيرة النبوية الصحيحة" وجزاكم الله خيرًا ...
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[10 - 12 - 06, 05:15 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
طبع الكتاب في مكتة العبيكان
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[12 - 12 - 06, 09:02 م]ـ
الأخ الكريم /
بارك الله فيك وجعل ذلك في ميزان حسناتك
ـ[محمد السعيدي]ــــــــ[14 - 12 - 06, 07:25 م]ـ
هناك كتاب للدكتور إبراهيم العلي اسمه السيرة النبوية الصحيحة وهو كتاب جيد في تصوري ومنهجه أوسع من منهج الدكتور أكرم فهو يقبل المرسل في السيرة ويقبل أحاديث من لم يكن ضعفه شديدا كما أن طريقته في سياق السيرة رواية الحديث بنصه أما الدكتور أكرم فهو يسرد الرواية بأسلوبه الجميل
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[15 - 12 - 06, 10:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا يا دكتور، لدي بالفعل كتاب الدكتور إبراهيم العلي، وهو من الفائدة بمكان، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم، ونسألكم الدعاء بظهر الغيب ...
ـ[محمد الباعمراني]ــــــــ[12 - 02 - 07, 01:08 ص]ـ
كلا الكتابين مهم مفيد في بابه وكتاب أكرم ضياء العمري - السيرة النبوية الصحيحية - يستفاد منه في دراسة مرويات السيرة وطريقة الطالب في التعامل مع ملرويات السيرة النبوية. وهو مطبوع في مكتبة العبيكان.
ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[05 - 04 - 07, 12:39 م]ـ
الكتاب مطبوع مؤخرًا بمكتبة أضواء البيان (طبعه خاصة بمصر) -هكذا كما رأيت على طرته- في مجلد 720 صفحة مصور عن مكتبة العبيكان وسعره زهيد جدًا بالمقارنة بمكتبة العبيكان - أقل من نصف سعره تقريبًا-
ـ[أبي الحسن]ــــــــ[05 - 04 - 07, 01:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من أحد يدلني على كتاب الدكتور أكرم العمري "السيرة النبوية الصحيحة" وجزاكم الله خيرًا ...
http://ia340916.us.archive.org/2/items/hamaj6/14.pdf
ـ[فتح القدير]ــــــــ[05 - 04 - 07, 02:11 م]ـ
ربما تجده عند مكتبة الصميعي أو الكوثر أو التدمرية
ـ[أبو دجانة المصري]ــــــــ[06 - 04 - 07, 10:16 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
جاري التحميل
ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[12 - 05 - 07, 05:16 ص]ـ
الكتاب مطبوع مؤخرًا بمكتبة أضواء البيان (طبعه خاصة بمصر) -هكذا كما رأيت على طرته- في مجلد 720 صفحة مصور عن مكتبة العبيكان وسعره زهيد جدًا بالمقارنة بمكتبة العبيكان - أقل من نصف سعره تقريبًا-
وجدت الكتاب الآن بدار الحرمين بدرب الأتراك بالقاهرة، خلف جامع لأزهر
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[22 - 05 - 07, 12:44 م]ـ
الأخوة الكرام جزاكم الله خيرا لتفاعلكم، وقد وجدت الكتاب بالفعل وقد أضيف حديثًا إلى مكتبة قصة الإسلام ( http://www.islamstory.com/Books.aspx)، ويستطيع الجميع تحميله بسرعة فائقة من هنا ( http://www.islamstory.com/BookDetails.aspx?ID=258)
ـ[محمد المصراتي]ــــــــ[22 - 05 - 07, 07:17 م]ـ
هذا رابط الكتاب في الوقفية للتحميل
http://waqfeya.net/open.php?cat=47&book=1573
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[02 - 07 - 07, 02:41 م]ـ
هذا رابط الكتاب في الوقفية للتحميل
http://waqfeya.net/open.php?cat=47&book=1573
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ـ[هاني يوسف الجليس]ــــــــ[21 - 11 - 07, 01:09 م]ـ
مشكلةالمكتبة الوقفية انك لما تحمل الكتاب ما بيفتح
ـ[هاني يوسف الجليس]ــــــــ[21 - 11 - 07, 01:15 م]ـ
http://www.islamstory.com/BookDetails.aspx?ID=258
ـ[ماجد العتيبي]ــــــــ[23 - 11 - 07, 06:22 م]ـ
طيب ومارأيكم في كتاب " الرحيق المختوم " أليس اسهل عباره وتنظيماً
وجزاكم الله خيراً
ـ[ابراهيم العنزي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 01:46 م]ـ
طيب ومارأيكم في كتاب " الرحيق المختوم " أليس اسهل عباره وتنظيماً
وجزاكم الله خيراً
فيه روايات مضعفه
اما السيرة الصحيحه لمؤلفه أ. د أكرم لم أقرأ مثله
والسيرة النبويه من فتح الباري رساله للشنقيطي موسعه لدرجة أن الشيخ الشنقيطي حفظه الله يقول بعض المراجع التي يعزو اليها ابن حجر طيب الله ثراه لم يجدها لامخطوطة ولامطبوعه هذا ونحن متيسرلنا كل سبل البحث فلله درك ياخاتمة الحفاظ ياأخوان القارئ لهذا الكتاب يشعر بالارتواء من السيره على صاحبها أفضل الصلاة والسلام مالن تجده في كثير من الكتب والمراجع وهذا الكتاب يوزع مجانا في الكويت3 مجلدات يقول الامام الالباني رحمه الله اذا رأيتم ابن حجر ضعف الحديث وقد صححته فاضربوا بقولي الحائط والعكس
ـ[غادة حمزة]ــــــــ[25 - 02 - 09, 03:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قيل إن امرأة يهودية وضعت سماً للنبي صلى الله عليه وسلم. هل من يرشدني إلى اسم تلك المرأة؟ ولكم الأجر والثواب.
ـ[حسن أبوجنى]ــــــــ[12 - 04 - 09, 05:17 ص]ـ
اسم المرأة زينب بت الحارث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/193)
ـ[ابو عمر الهلالي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 07:51 ص]ـ
مباشر:
http://www.islamstory.com/uploads/books/AseeraSaheehaAlomary.rar
ـ[غادة حمزة]ــــــــ[12 - 04 - 09, 09:46 ص]ـ
بارك الله فيكم. هل أجد اسمها في السيرة النبوية لابن هشام او في الروض الأنف(140/194)
بحثت عن هذا الرجل فلم أجد له ترجمة؟؟ ((هل من مساعدة))
ـ[صالح الديحاني]ــــــــ[11 - 12 - 06, 11:18 م]ـ
بحثت عن عالم أظنه شافعي: له شرح حديثي وهو في القرن التاسع أو العاشر .. لم أجد له ترجمة
اسمه:- عمر بن عبدالله بن عمر المروزي ((أبو بكر))
أرجو المساعدة
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[14 - 12 - 06, 12:44 ص]ـ
ابحث في معجم المؤلفين لكحالة أو الأعلام للزركلي(140/195)
ماهو أفضل كتاب استوفى سيرة إبن حزم رحمه الله.
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[12 - 12 - 06, 01:43 م]ـ
السلام عليكم ,, وبعد
ماهو أفضل كتاب استوفى سيرة الامام إبن حزم الاندلسى رحمه الله مع الدار الناشره له.
وجزاكم الله خيراً
ـ[محمدحجازي]ــــــــ[17 - 12 - 06, 12:31 ص]ـ
ابن حزم خلال ألف عام لابن عقيل الظاهرى نشر دار الغرب الاسلامي.
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[22 - 12 - 06, 12:41 ص]ـ
جزاك الله خير اخى الكريم ,وقفت على الكتاب الذى ذكرت ومن خلال تصفحى السريع له اعتقد انه جمع لقول العلماء في ابن حزم , أضف الى ذلك ان المؤلف ظاهرى بمعنى انه سيتحز لابن حزم.
فهل من مؤلفات اخرى لسيرة هذا العلم؟
ـ[محمدحجازي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 01:10 ص]ـ
هناك ابن حزم لأبي زهرة.
ـ[ابونايف المزني]ــــــــ[30 - 01 - 07, 01:32 ص]ـ
خلال تصفحى السريع له اعتقد انه جمع لقول العلماء في ابن حزم , أضف الى ذلك ان المؤلف ظاهرى بمعنى انه سيتحز لابن حزم.
يا اخي الفاضل كيف يتحيز؟ هل التحيز بأن يتعصب تعصباً اعمى يجعله يقدس ابن حزم ويراه معصوماً، ويقلب اخطاء ابن حزم ويرى خطأه صواباً ويسفه من يخالفه.
مع العلم ان ابن عقيل الظاهري خالف ابن حزم في عدد من المسائل ورد عليه.
فالتقليد والتعصب والغلو في المشائخ لا تبحثها عند الظاهريين، فهم ابعد الناس عن هذه الصفات لأنهم اشد الناس محاربة وكراهية للتقليد .... ولووجدت ظاهريا يتعصب لشيخه ويقلده فليس ظاهرياً حقيقةً.
وكتابه انما هو جمع لسيرة ابن حزم من الكتب التي ترجمت لابن حزم وله فيها ذكر،وعمله فيه الجمع والترتيب، وليس كتابه كتاب لجمع اقوال ابن حزم والرد على من خالف ابن حزم. يظهر فيه اثر التحيز.
وحق لمن احب ابن حزم فهو غرة في جبين الدهر.
ولو بحثت عن امثاله عبر التاريخ لوجدتهم قليل، واثره فيمن بعده من العلماء كبير.
ـ[أبوعبدالعزيز الأثري]ــــــــ[30 - 01 - 07, 07:52 ص]ـ
سألتك أفادك الله بقولك " ماهو أفضل كتاب استوفى سيرة الامام إبن حزم الاندلسى رحمه الله مع الدار الناشره له "
وسؤلك يا أخي واسع لو حددت جانبا من سيرته لأمكن رمي النبل في موضعه ..
عموما يترجم لابن حزم في المؤلفات المعاصرة المستقلة ضمن عدد من الكتب وسأرتبها لك بحسب تسلسل القراءة الذي اقترحه عليك:
1 - ابن حزم الكبير. لعمر فروخ
2 - ابن حزم. لأبي زهرة
3 - ابن حزم خلال ألف عام. للظاهري
4 - نوادر بن حزم. للظاهري
5 - الأمام بن حزم. لأبي الصعاليك
6 - - ابن حزم الأندلسي. لعويس
7 - الأخلاق والسياسة عند ابن حزم. لرسلان
8 - ابن حزم ومنهجه في دراسة الأديان. لحماية
وأما ما أفرد له جزءا من منشور فهو كثير لا يمكن حصره ..
ويمكنك السؤال ولعل الجواب حاضر لك في مائدة الملتقى عن شيخ الأسلام وأستاذ زمانه قدس الله سره ونور مرقده
مع تحياتي ..
ـ[صخر]ــــــــ[05 - 02 - 07, 08:26 ص]ـ
هناك ترجمة مختصرة للعلامة أبي أويس بوخبزة توجد في مقدمة كتاب للشيخ بدر العمراني "منهج ابن حزم في تعليل الاخبار"
ـ[عبدالله بن حسين الراجحي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 01:19 ص]ـ
[ quote=
6-- ابن حزم الأندلسي. لعويس
.. [/ quote]
عنوانه الصحيح: (ابن حزم الأندلسي ومنهجه او دوره في البحث التاريخي والاجتماعي)
تأليف الدكتور: عبدالحليم عويس , نشر دار الاعتصام , وفي وجهة نظر كثير من الباحثين والمهتمين أن هذا الكتاب من أفضل ما ألف عن سيرته حيث جمع بين الاستقراء والتتبع لحياة ابن حزم وآراؤه ونشئته .... الخ مع كتاب أبي عبدالرحمن الظاهري بشهادة الدكتور عويس عن كتاب الظاهري , ومن المهتمين بتراثه في العصر الحاضر الأستاذ عبدالحق التركماني , حيث ذكر في تحقيقه لإحدى مؤلفات ابن حزم أظن الألفة والألآف أو غيره عدد من المترجمين له وذكر أنه يعد لترجمة كبيرة له رحمه الله ...
والله الموفق.
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[07 - 02 - 07, 04:03 ص]ـ
ابن حزم الأندلسي: عصره و منهجه و فكره التربوي
المؤلف: حسان محمد حسان
الناشر: دار الفكر العربي
هذا رابطه مصورا و بصيغة pdf :.......... هنا ( http://www.lisaanularab.com/washnan/books/history/ibn-hazem.rar)
و أنا أتفق مع الأخ: عبدالله بن حسين الراجحي
في كون دراسة الدكتور: عبدالحليم عويس لحياة الامام ابن حزم و منهجه التاريخي تعد من أفضل ما كتب عنه في حدود اطلاعي ...
و الجدير بالذكر أن أصل هذا الكتاب: أطروحة دكتوراه بعنوان: ابن حزم مؤرخا ثم طبعت بعد ذلك بعنوان مغاير شيئا ما ...
و الكتاب موجود في موقع الظاهرية مصورا و بصيغة: pdf
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 02 - 07, 01:27 م]ـ
فالتقليد والتعصب والغلو في المشائخ لا تبحثها عند الظاهريين، فهم ابعد الناس عن هذه الصفات لأنهم اشد الناس محاربة وكراهية للتقليد .... ولووجدت ظاهريا يتعصب لشيخه ويقلده فليس ظاهرياً حقيقةً.
بارك الله فيك
لا أحد يسلم من هذه وإن كانوا أكثر الناس دعوى لمفارقتها؛ لكن عند التحقيق، فالتعصب فيهم ظاهر.
وفي كتاب ابن حزم خلال ألف عام شيء من ذلك، وكون الإنسان يخالف مذهبه في مسائل لا يعني = براءته من التعصب، وهذا ظاهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/196)
ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 02:53 م]ـ
هناك كتاب مؤلف عن ابن حزم نسيت مؤلفه لكن هو من سلسلة دار القلم ..
ـ[أبو معاذ الأثري]ــــــــ[07 - 03 - 07, 10:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ترجمة ابن حزم كاملة لفضيلة الشيخ صلاح الدين علي عبد الموجود وهي مطبوعة بدار السلام بالرياض بعدة لغات.
ـ[محمدحجازي]ــــــــ[08 - 03 - 07, 11:23 م]ـ
و هناك رسائل الامام ابن حزم نشر دار الآفاق الجديدة.(140/197)
هل كان ورقة بن نوفل على دين سيدنا عيسى عليه السلام قبل البعثة؟
ـ[ابن صادق المصري]ــــــــ[13 - 12 - 06, 01:07 ص]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم, أما بعد:
السلام عليكم إخوتي في الإسلام , لقد دخلت في مناقشة مع أحد إخوتي في حال ورقة بن نوفل قبل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم , و كنت لا أعلم دليلا قطعيا على أن ورقة بن نوفل كان على دين سيدنا عيسى عليه السلام أو أنه كان مع أهل الباطل من النصارى , و لكن أخي إستشهد بقول سمعه من الشيخ محمد حسان و أسمعني إياه و هو أن ورقة بن نوفل كان على دين سيدنا عيسى عليه السلام. و لكني لم أجد دليلا على ذلك , فإن كان من أهل العلم من يعلم الدليل فلا يبخل علينا من علمه. و جزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[13 - 12 - 06, 05:02 ص]ـ
هذا الكلام من: (الرد على القس أبى موسى الحريري و الآب يوسف الحداد ( http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=3331) )
جاء في البداية والنهاية لابن كثير: 2/ 340:
" أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله بن جحش بن رئاب وعثمان بن الحويرث كانوا ثم صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور ثم يأكلون ويشربون الخمر ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك فقال عثمان بن الحويرث ماله قد أكثر التنكس إن هذا لأمر قد حدث وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول أيا صنم العيد الذي صف حوله صناديد وفد من بعيد ومن قرب تنكست مغلوبا فما ذاك قل لنا أذاك سفيه أم تنكست للعتب ... ".
إذن ورقة ظل يعبد الأصنام طيلة 60 سنة و لم يكن نصرانيًا قبل ذلك!
بعد هذه الفترة خرج ورقة بن نوفل يطلب الدين الأصح بعد أن استمر في عبادة الأصنام 60 سنة، فما الدين الذي اتبعه بعد ذلك؟
جاء في " الاستيعاب " في أثناء الحديث عن زيد بن عمرو 2/ 616 " ومن خبره في ذلك خرج في الجاهلية يطلب الدين هو وورقة بن نوفل فلقيا اليهود فعرضت عليهما يهود دينهم فتهود ورقة.ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهما دينهم فترك ورقة اليهودية وتنصر وأبى زيد بن عمرو أن يأتي شيئا من ذلك وقال: ما هذا إلا كدين قومنا نشرك ويشركون"!
ثم لقى ورقة بعض الرهبان الذين كانوا على دين عيسى عليه السلام الذى لم يتبدل فأمن به و صار نصرانيًا حنيفيًا موحدًا لا نصرانيًا بولسيًا مثلثًا , يعبد الله و يؤمن برسالة المسيح عليه السلام الحقة من أنه ليس إلا عبد جاء ليبين لبنى اسرائيل بعض الذى فيه يختلفون و جاء ليبشر بالنبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم.
قال الحافظ ابن حجر: (وكان (ورقة) قد لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل، ولهذا أخبر بشأن النبي صلى الله عليه وسلم والبشارة به، إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل .... وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدل) (فتح البارى فى شرح صحيح البخارى – كتاب بدء الوحي -).
و قد سألت الأخ صاحب الموضوع:
كلام ابن حجر لم أجد مثله لغيره ... فهل كتب ذلك مترجم، أن ورقة كان على النصرانية السليمة (التوحيد) بأن قابل بعض الرهبان الصالحين أو: هل أسند ابن حجر هذا الخبر؟
فأجاب:
بالنسبة لسؤالك , فاعلم أن الحافظ إبن حجر ما كان ليروي الخبر إلا و عنده علم واسع بصحة الخبر و تواتره , فهو من فحول علماء الحديث على مر العصور.
و أذكرك أخي الحبيب برواية لأبي نعيم بإسناد حسن إلى هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة أن خديجة أولاً أتت ابن عمها ورقة فأخبرته الخبر فقال: (لئن كنت صدقتني إنه ليأتيه ناموس عيسى الذي لا يُعَلِمُه بنو إسرائيل أبناءهم) أى النصرانية التى لا يعتقدها النصارى و لا التي يُعلمها النصارى أبناءهم , بل النصرانية الحنيفية التى جاء بها المسيح عليه السلام , و هذه الرواية ذكرها الحافظ في فتح الباري , و هذا يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن ورقة كان على التوحيد العيسوي لا على الشرك البولسي!
كما أن الناظر إلى روايات بدء الوحي يجد أن ورقة قد شهد للنبي صلى الله عليه و سلم بأنه نبي أخر الزمان , و أنه المبشر به في أسفار السابقين , و أنه لو أدركه حين يخرجه قومه لكان ناصره , و إلى غير ذلك مما يبين بجلاء إعتقاد ورقة و دينه , و حسبنا شهادة النبي صلى الله عليه و سلم لورقة بأنه من أهل الجنة و هو الذي قال في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم: ما من يهودي و لا نصراني يسمع بالذى أرسلت به و يعرض إلا كان من أهل النار.
و أختم بمقولة الحافظ إبن حجر:
(وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدل) (فتح البارى فى شرح صحيح البخارى – كتاب بدء الوحي -).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/198)
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[13 - 12 - 06, 02:17 م]ـ
هل اطلعت على ما كتبة الأستاذ الدكتور عويد المطرفي في كتابه: ورقة بن نوفل في بطنان الجنة مطبوع في مطابع رابطة العالم الإسلامي(140/199)
هارون الرشيد ... لماذا اختلف المؤرخون فيه؟
ـ[نوح الحمداني]ــــــــ[13 - 12 - 06, 04:37 م]ـ
وهل ورد في أحد كتب التاريخ المعتبرة أنه هو من أشار بقتل سيدنا موسى الكاظم رضي الله عنه؟(140/200)
من ابو عبدالله المروزي
ـ[فهد الجرمان]ــــــــ[14 - 12 - 06, 02:11 ص]ـ
قال ابن عبدالبر قال ابو عبدالله المروزي اتفق ابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ان الهبة لا تجوز الا مقبوضة
السؤال من المقصود بالمروزي حيث وجدت ثلاث علماء بهذه الكنية والنسب فمن المقصود بذلك وان كنت اظن ان المقصود محمد بن نصر ولكن اريد اليقين فهل من مفيد؟
ـ[ابن السائح]ــــــــ[14 - 12 - 06, 02:51 ص]ـ
نعم لقد صدق ظنك
هو الإمام الفقيه الجهبذ محمد بن نصر المروزي
كان من أعلم أهل زمانه بمواقع الإجماع وضروب الاختلاف
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[14 - 12 - 06, 08:08 ص]ـ
أولاً: قال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (7/ 239):
[قال محمد بن نصر أبو عبدالله المروزي: وقد اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة]. انتهى.
قلتُ: فقد ذكر ابن عبد البر اسمه صريحاً.
ثانياً: هذا الكلام موجود في كتاب محمد بن نصر المروزي، ولكن مع وجود بعض الاختلاف، وقد تساهل بعض أهل العلم في نقل نص عبارته ومنهم (ابن عبد البر، وابن قدامة).
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي في كتاب ((اختلاف العلماء)) (ص275 - ط. عالم الكتب):
[واختلفوا في الهبة هل تجوز غير مقبوضة أم لا:
فقال سفيان والكوفيون ومالك وأهل المدينة والشافعي وإسحاق: لا تجوز الهبة إلا مقبوضة.
واحتجوا بعمر بن الخطاب أنه قال: ما بال أقوام ينحلون أولادهم نحلاً ثم يسلمون له، فإن مات أحدهم قال: مالي وفي يدي، لا نحل إلا نحل يجوزه الولد دون الوالد.
وإن ذلك شكي إلى عثمان فرأى عثمان أن الولد إذا كان صغيراً فإن الوالد يقبض له.
فقالوا: اتفق أبو بكر وعمر وعثمان على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة.
وقالت طائفة أخرى: الهبة جائزة وإن لم تقبض إذا كانت معلومة وممن قال ذلك أحمد بن حنبل وأبو ثور وجعلوا ذلك قياساً على البيع.
وقالوا: كما يصح البيع بالكلام دون القبض فكذلك الهبة تصح بالكلام دون القبض.
ويروى نحو هذا القول عن علي بإسناد غير قوي]. انتهى.
ـ[فهد الجرمان]ــــــــ[14 - 12 - 06, 01:42 م]ـ
اشكركم ياأخوان على افادتي واسأل الله ان يجعل ذلك في ميزان حسناتكم
وبالفعل الأخ ابن السائح عضو نشيط والاخ احمد المصري عضو مميز والسلام(140/201)
هل تعرفون كتاب بتحدث عن عبدالله بن سبأ
ـ[خالدمحمدالحربي]ــــــــ[14 - 12 - 06, 05:34 م]ـ
يوجد بحث عن هذا المنافق فهل تعرفون وفقكم الله
ـ[محمد السعيدي]ــــــــ[14 - 12 - 06, 09:26 م]ـ
كتاب عبد الله بن سبأ للدكتور سليمان العودة وعليه تعقيبات لحسن المالكي نشرت في كتاب نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي للمذكور
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[14 - 12 - 06, 11:35 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24124
ـ[أبو المعتز القرشي]ــــــــ[15 - 12 - 06, 12:23 ص]ـ
كتاب توضيح النبأ عن مؤسس الشيعة عبد الله بن سبأ بين أقلام أهل السنة والشيعة وغيرهم.
تأليف أبي الحسن علي بن أحمد الرازحي
ط. دار الإيمان - الإسكندرية
ويقع في 230 صفحة
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - 12 - 06, 10:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق النبأ في بيان حقيقة عبد الله بن سبأ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
أحبتي في الله نزولاً عند رغبة أحد الأخوة الأعزاء، أعيد نشر ما كتبته منذ سنة تقريباً من سلسة حلقات عبد الله بن سبأ، و ما سببه من فرقة للأمة الإسلامية، فهاأنذا ألبي هذا الطلب بكل رحابة صدر، و أحب أن أنبه الأخوة الأفاضل عن وجود مجموعة من الكتب والتي أنصح باقتنائها للفائدة، و هي: كتاب (عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان بن حمد العودة)، و كتاب: (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، للدكتور: محمد أمحزون)، و كتاب: (عبد الله بن سبأ حقيقة لا خيال، للدكتور: سعدي مهدي الهاشمي) و كتاب: (بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود، عبد الله الجميلي)، و كتاب: (العنصرية اليهودية و آثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، للدكتور: أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي)، فهي من أفضل الكتب التي تناولت الحديث عن عبد الله بن سبأ، بشيء من التفصيل أو الإيجاز الغير مخل، كما وأني لم آلوا جهداً في البحث و الحديث عن أشياء لم يتطرق إليها الأساتذة، حتى تعم الفائدة و يعم النفع، و الله أسأل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، و أن يهدي بها من ضل عن الصراط المستقيم.
و الآن إلى الموضوع ..
إن من أكبر الفِرَق التي كانت و ما تزال وبالاً و شراً على المسلمين على طول تاريخهم و في جميع مراحل حياتهم، هي فرقة الشيعة على تعدد طوائفها و اختلاف نحلها، بدءاً بالسبئية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي كان رأساً في إذكاء نار الفتنة والدس بين صفوف المسلمين، و الذي وصل الأمر بهم إلى تأليه علي رضي الله عنه، و قبل أن أبدأ بالموضوع لابد من مقدمة توضح الموضوع و تشرح المضمون.
أصل ابن سبأ و منشأه:-
اختلف أصحاب المقالات والتاريخ في هوية عبد الله بن سبأ، و من ذلك اختلفوا في بلده و قبيلته، يذكر القلقشندي في قلائد الجمان (ص 39): أن يعرب بن قحطان ولد يشجب، و ولد ليشجب (سبأ) و اسم سبأ هذا عبد شمس، و قد ملك اليمن بعد أبيه، و أكثر من الغزو والسبي، فسمي (سبأ) وغلب عليه حتى لم يسم به غيره، ثم أطلق الاسم على بنيه .. و هم الوارد ذكرهم في القرآن.
على أن المصادر التاريخية لا تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين، و الذي ينتسب إليهم عبد الله بن سبأ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي (800 ق م)، و هي عادة العرب في التجوال، أو نتيجة ضغط الآشوريين عليهم من الشمال، واستقروا أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع. راجع: محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي (1/ 21).
و منهم من ينسب ابن سبأ إلى (حمير)، و هي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب هو حمير الأكبر، و حمير الغوث هو حمير الأدنى و منازلهم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء. أنظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 306).
ومن الذين قالوا بذلك: ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء (5/ 46)، حيث يقول: والقسم الثاني من فرق الغالية يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل، فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/202)
أما البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20)، والفرزدق في ديوانه (ص 242 - 243) فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة (همدان)، و همدان بطن من كهلان من القحطانية و هم بنو همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، و كانت ديارهم باليمن من شرقيه. معجم قبائل العرب لرضا كحالة (3/ 1225). فهو (عبد الله بن سبأ بن وهب الهمداني) كما عند البلاذري، و (عبد الله بن سبأ بن وهب الراسبي الهمداني) كما عند الأشعري القمي، أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى همدان في قصيدته التي هجا فيها أشراف العراق و من انضم إلى ثورة ابن الأشعث في معركة دير الجماجم سنة (82هـ) و يصفهم بالسبئية حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم ... حصائد أو أعجاز نخل تقعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية ... و تُكره عينيها على ما تنكّرا. الخ.
و يروي عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235)، أن ابن سبأ من أهل (الحيرة)، قال: إن عبدالله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها، و كان أصله من يهود الحيرة، فأظهر الإسلام.
و يروي ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 190)، أن أصل ابن سبأ من الروم، فيقول: و كان أصله رومياً فأظهر الإسلام و أحدث بدعاً قولية و فعلية قبحه الله.
أما الطبري و ابن عساكر، فيرويان أن ابن سبأ من اليمن. قال الطبري في تاريخه (4/ 340): كان عبدالله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء. و قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3): عبد الله بن سبأ الذي ينسب إليه السبئية وهم الغلاة من الرافضة أصله من أهل اليمن كان يهودياً.
و الذي أميل إليه و أرجحه هو: أن ابن سبأ من اليمن؛ و ذلك أن هذا القول يجمع بين معظم أقوال العلماء في بلد ابن سبأ، و لو نظرنا في الأقوال السابقة لم نجد تعارضاً بين هذا القول و بين القول الأول الذي ينسب ابن سبأ إلى قبيلة (حمير)، و القول الثاني الذي ينسبه إلى قبيلة (همدان)، إذ القبيلتان من اليمن، و لم يخالف في أن أصل ابن سبأ من اليمن إلا البغدادي الذي ينسبه إلى (الحيرة)،و ابن كثير الذي ذكر أنه (رومي) الأصل.
أما البغدادي فقد اختلط عليه ابن السوداء بابن سبأ، فظن أنهما شخصان، يقول: و قد ذكر الشعبي أن عبد الله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها .. ثم تحدث عن ابن السوداء و مقالته في علي رضي الله عنه، إلى أن قال: فلما خشي – أي علي رضي الله عنه – من قتله – أي ابن السوداء – و من قتل ابن سبأ الفتنة التي خافها ابن عباس، نفاهما إلى المدائن، فافتتن بهما الرعاع. الفرق بين الفرق (ص 235).
والذي ذكر أنه من أهل الحيرة هو عبد الله بن السوداء و لم يتعرض لابن سبأ بشيء، لهذا لا يمكننا أن نجزم بأن البغدادي نسب ابن سبأ المشهور في كتب الفرق و مؤسس فرقة السبأية إلى الحيرة، فلعله قصد شخصاً آخر غيره، و مما يدل على أنه لا يعني ابن سبأ، أنه قال عند حديثه عن عبد الله بن السوداء: (كان يعين السبأية على قولها)، فدل على أنه غير مؤسس السبأية.
أما ابن كثير فلا أعلم أحداً من المؤرخين وأصحاب المقالات وافقه في نسبة ابن سبأ إلى (الروم)، و قد جاء في بعض النسخ المطبوعة من البداية والنهاية كلمة (ذمياً) بدل (رومياً) انظر الطبعة الثانية (7/ 173) مكتبة المعارف، فلعل أصل الكلمة ذمياً و لكن حدث في الكلمة تصحيف من قبل النساخ، وكون ابن سبأ ذمياً لا ينافي ما تناقله العلماء من كونه يهودياً. و لهذا لا يعارض قوله هذا ما اشتهر نقله في كتب التاريخ والفرق من أن أصل ابن سبأ من اليمن.
فترجح بهذا أن ابن سبأ من اليمن و نحن لا نقطع بنسبته إلى قبيلة معينة لعدم توفر الأدلة على ذلك. و الله أعلم.
و قد اختلف المؤرخون وأصحاب المقالات أيضاً في نسبة ابن سبأ لأبيه، فمنهم من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه إلى (وهب) كما عند البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) والذهبي في المشتبه في الرجال (1/ 346) و المقريزي في الخطط (2/ 356).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/203)
أما من قال أنه: (عبد الله بن وهب الراسبي) كما هو عند الأشعري القمي في المقالات (ص 20)، فلعل ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدالله بن سبأ هذا و بين عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج، و هناك فرق بين الشخصيتين ما لا يخفى على مطلع، فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و الممات، نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم، فهو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 172)، و هو المقتول في وقعة النهروان، العبر في خبر من غبر للذهبي (1/ 44)، و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ، فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً. أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي (ص 94).
و مما يؤكد الفرق بين الاسمين ما نص عليه السمعاني في الأنساب (7/ 24) بقوله: (عبدالله بن وهب السبئي رئيس الخوارج، و ظني أن ابن وهب هذا منسوب إلى عبد الله بن سبأ).
و هناك من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه أيضاً إلى حرب، كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين (3/ 81)، و هو ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال: (قدمت المدائن بعد ما ضرب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فلقيني ابن السوداء و هو ابن حرب .. ).
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلى سبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزان (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).
أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...
وكما وقع الخلط والإشكال في نسبة ابن سبأ لأبيه، وقع الخلط و تصور من غفلوا عن هذه النسبة لأمه، أن هناك شخصين: ابن سبأ، وابن السوداء، ففي العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 241): ( .. منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، و عبد الله بن السوداء نفاه إلى الخازر).
و يقول الاسفرايني في التبصرة (ص 108): (و وافق ابن السوداء عبد الله بن سبأ بعد وفاة علي في مقالته هذه).
ومثل هذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235): (فلما خشي علي من قتل ابن السوداء وابن سبأ الفتنة نفاهما إلى المدائن).
والذي يترجح من مناقشة الروايات: أن ابن سبأ غير ابن وهب الراسبي، وأنه هو نفسه ابن السوداء، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/204)
و مما يحسن ذكره هنا أيضاً أن ابن سبأ كان أسود اللون، و هذا يرجح كون أمه من الحبشيات، ذكر ابن عساكر في تاريخه (29/ 7 - 8): عن عمار الدهني قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و من طريق سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي، قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و جاء أيضاً من طريق زيد قال: قال علي بن أبي طالب: ما لي ولهذا الحميت الأسود، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر.
و يبقى بعد ذلك الأصل اليهودي لابن سبأ، هل هو محل اتفاق أم تتنازعه الآراء؟
يفترض المستشرق Hodgeson أن ابن سبأ ليس يهودياً في أغلب الاحتمالات، مشايعاً في ذلك للمستشرق الإيطالي Levi Della Vida الذي يرى أن انتساب ابن سبأ إلى قبيلة عربية هي (همدان) كما في نص البلاذري الذي وقف عنده (ليفي ديلا فيدا) يمنع من أن يكون يهودياً. و هو كما يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مذاهب الإسلاميين (2/ 30): (استنتاج لا مبرر له، فليس هناك من تناقض بين أن يكون المرء يهودياً وأن يكون من قبيلة عربية.
وابن قتيبة رحمه الله أشار إلى يهودية بعض القبائل كما في المعارف (ص 266) حيث يقول: (كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة.
و فوق ذلك فإن الاتجاه الغالب في يهود اليمن أن أكثرهم من أصل عربي، كما قال الدكتور جواد علي في تاريخ العرب قبل الإسلام (6/ 26).
و مع ذلك فليس مقطوعاً بانتساب ابن سبأ إلى همدان – كما مر معنا – و حتى لو قطع بذلك، فهل هذا الانتساب لهمدان، انتساب على الحقيقة أم بالولاء؟!
و لئن كان هذا الشك في يهودية ابن سبأ عند بعض المستشرقين، إنما جاء نتيجة اعتراض يقيني بأن ابن سبأ في تصوراته عن المهدي كان متأثراً بالإنجيل أكثر من تأثره بالتوراة، و هو اعتراض قد يقلل من يهودية ابن سبأ، إلا أن هذا الاعتراض يضعف حينما نتبين رأي بعض الباحثين في طبيعة اليهودية في بلاد اليمن – في تلك الفترة – وأنها امتزجت فيها المسيحية بالموسوية، و كانت يهودية سطحية، وأن يهودية ابن سبأ ربما كانت أقرب إلى يهودية (الفلاشا) و هم يهود الحبشة، و هذه اليهودية شديدة التأثر بالمسيحية الحبشية. مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/ 28).
و هذا الأصل اليهودي لابن سبأ لم يكن محل خلاف في الروايات التاريخية، أو لدى كتب الفرق، و في آراء المتقدمين، أمثال: الطبري وابن عساكر وابن الأثير والبغدادي وابن حزم، وأمثال شيخ الإسلام، عليم رحمه الله.
سبب الاختلاف في تحديد هوية ابن سبأ:-
لا غرابة أن يحدث هذا الاختلاف الكبير بين أهل العلم في تحديد هوية و نسب ابن سبأ، فعبد الله بن سبأ قد أحاط نفسه بإطار من الغموض والسرية التامة حتى على معاصريه، فهو لا يكاد يعرف له اسم ولا بلد، لأنه لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له، و حياكة المؤامرات والفتن بين صفوف المسلمين، و لهذا لما سأله عبد الله بن عامر والي البصرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه، قال له: ما أنت؟ لم يخبره ابن سبأ باسمه و اسم أبيه، و إنما قال له: إنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام و رغب في جوارك. تاريخ الطبري (4/ 326 - 327).
و في رأيي أن تلك السرية التامة التي أطبقها ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختلاف المؤرخين والمحققين في نسبة ابن سبأ، و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض هذه الأسماء التي ذكرها المؤرخون، بل واستعمل بعض الأسماء الأخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر الدولة الإسلامية.
نشأة ابن سبأ:-
على ضوء ما تقدم من المعلومات السابقة – في المقال السابق -، أمكننا الوقوف على الأجواء التي نشأ فيها ابن سبأ، و نستطيع أن نحدد عدد من النقاط:-
1 - بتغليب الروايات السابقة نجد أن ابن سبأ نشأ في اليمن، سواء كان من قبيلة حمير أو همدان، ولا نستطيع الجزم بأيهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/205)
2 – كان لليهود وجود في اليمن، غير أنه لا نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة، و قد رجح بعض الأساتذة أنه يرجع إلى سنة (70م) و ذلك حينما نزح اليهود من فلسطين بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني (تيتوس) و حطم هيكل (أورشليم) وعلى إثر ذلك تفرق اليهود في الأمصار و وجد بعضهم في اليمن بلداً آمناً فالتجأوا إليه، و بعد أن استولى الأحباش على اليمن سنة (525م) بدأت النصرانية تدخل اليمن. اليمن عبر التاريخ لأحمد حسين (ص 158 - 159).
3 – على إثر هذا امتزجت تعاليم (التوراة) مع تعاليم (الإنجيل) و كانت اليهودية في اليمن يهودية سطحية. مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/ 28).
4 – و لكن اليهودية و إن ضعفت في اليمن بدخول الأحباش فيها، فإنها بقيت مع ذلك محافظة على كيانها، فلم تنهزم و لم تجتث من أصولها. تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي (6/ 34).
و لعلنا من خلال تلك الإشارات، نستطيع أن نحدد المحيط الذي نشأ فيه عبد الله بن سبأ، والبيئة التي صاغت أفكاره، خاصة في عقيدة (الرجعة) و (الوصية) حينما قال: (لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و يكذب بأن محمداً يرجع، و قد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، و إنه كان ألف نبي و وصي و كان على وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء .. ). تاريخ الطبري (4/ 340).
على كل حال فهي معلومات ضئيلة لا تروي غليلاً، ولا تهدي سبيلاً، و لعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين أيدينا، فهي لا تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ، كما أن المعلومات عن فتوة ابن سبأ قبل ظهوره غير موجودة، و نحن هنا مضطرون للصمت عما سكت عنه الأولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش و تكشف المكنون.
ظهور ابن سبأ بين المسلمين:-
جاء في تاريخ الطبري (4/ 340) و الكامل لابن الأثير (3/ 77) و البداية والنهاية لابن كثير (7/ 167) و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7 - 8) و غيرهم من كتب التاريخ ضمن أحداث سنة (35هـ): أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء وأنه أسلم زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، و أخذ يتنقل في بلاد المسلمين يريد ضلالتهم، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم بالشام، فلم يقدر على شيء فيها، فأتى مصر واستقر بها و وضع لهم عقيدتي الوصية و الرجعة، فقبلوها منه و كوّن له في مصر أنصاراً ممن استهواهم بآرائه الفاسدة.
لكن أين و متى كان أول ظهور لعبد الله بن سبأ بين المسلمين؟
جاء في البداية والنهاية لابن كثير (7/ 183) ضمن أحداث سنة (34هـ)، أن عبد الله بن سبأ كان سبب تألب الأحزاب على عثمان. ثم أورده في أحداث سنة (35هـ) مع الأحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى خلع عثمان. البداية والنهاية (7/ 190).
أما الطبري (4/ 331) وابن الأثير (3/ 147) فنجد عندهما ذكر لابن سبأ بين المسلمين قبل سنة (34هـ) في الكوفة، (فيزيد بن قيس) ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عامل عثمان (سعيد ابن العاص) إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبهم.
و هذا يعني ظهور ابن سبأ قبل هذا التاريخ، و تكوين الأعوان الذين اجتمعوا إلى يزيد بن قيس، و تأكيد ذلك عند الطبري (4/ 326) وابن الأثير (3/ 144)، ففي سنة (33هـ) و بعد مضي ثلاث سنين من إمارة عبد الله بن عامر على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على (حكيم بن جبلة) و تكون المقابلة بين ابن عامر وابن السوداء والتي ذكرتها في بداية الموضوع.
ونستمر في الاستقراء فنجد ظهوراً لابن سبأ بين المسلمين قبل هذا التاريخ، ففي الطبري (4/ 283) و ابن الأثير (3/ 114)، و ضمن حوادث سنة (30هـ) يرد ابن السوداء الشام، و يلتقي بأبي ذر و يهيجه على معاوية – و سنأتي على تحقيق القول في قضية تأثير ابن سبأ على أبي ذر فيما بعد -.
ابن سبأ في الحجاز:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/206)
لما كان ظهور ابن سبأ في الحجاز قبل ظهوره في البصرة والشام، فلابد أن يكون قد ظهر في الحجاز قبل سنة (30هـ)، لأن ظهوره في الشام كان في هذا التاريخ، و في الحجاز لا تكاد تطالعنا الروايات التاريخية على مزيد من التفصيل، و لعل في هذا دلالة على عدم استقرار أو مكث لابن سبأ في الحجاز، عدا ذلك المرور في طريقه التخريبي، لكنه كما يبدو لم يستطع شيئاً من ذلك فتجاوز الحجاز إلى البصرة. تاريخ الطبري (4/ 340 - 341).
ظهوره في البصرة:-
و في البصرة كان نزول ابن سبأ على (حكيم بن جبلة العبدي)، و خبره كما ورد في الطبري (4/ 326): (لما مضى من إمارة ابن عامر ثلاث سنين بلغه أن في عبد القيس رجلاً نازلاً على حكيم بن جبلة، و كان حكيم رجلاً لصاً إذا قفلت الجيوش خنس عنهم، فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة، و يتنكر لهم و يفسد في الأرض و يصيب ما يشاء ثم يرجع، فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب إلى عبد الله بن عامر أن احبسه و من كان مثله فلا يخرج من البصرة حتى تأنسوا منه رشداً، فحبسه فكان لا يستطيع أن يخرج منها، فلما قدم ابن السوداء نزل عليه، و اجتمع إليه نفر فطرح لهم ابن السوداء ولم يصرح، فقبلوا منه واستعظموه.
و بقية خبر الطبري يفيدنا أنه لقي آذاناً صاغية في البصرة، و إن كان لم يصرح لهم بكل شيء، فقد قبلوا منه واستعظموه، و شاء الله أن تحجم هذه الفتنة و يتفادى المسلمون بقية شرها و ذلك حينما بلغ والي البصرة ابن عامر خبر ابن سبأ، فأرسل إليه و دار بينهما هذا الحوار: (ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام والجوار، فقال ابن عامر: ما يبلغني ذلك! اخرج عني، فأخرجه حتى أتى الكوفة. تاريخ الطبري (4/ 326 - 327).
ظهوره في الكوفة:-
الذي يبدو أن ابن سبأ بعد إخراجه من البصرة وإتيانه الكوفة، لم يمكث بها طويلاً حتى أخرجه أهلها منها، كما في بقية خبر الطبري (4/ 327): (فخرج حتى أتى الكوفة، فأخرج منها فاستقر بمصر و جعل يكاتبهم و يكاتبونه، و يختلف الرجال بينهم).
لكنه وإن كان قد دخل الكوفة ثم أخرج منها سنة (33هـ)، إلا أن صلته بالكوفة لم تنته بإخراجه، فلقد بقيت ذيول الفتنة في الرجال الذين بقي يكاتبهم و يكاتبونه. الطبري (4/ 327) وابن الأثير (3/ 144).
ظهوره في الشام:-
في ظهور ابن سبأ في الشام يقابلنا الطبري في تاريخه نصان، يعطي كل واحد منهما مفهوماً معيناً، فيفيد النص الأول أن ابن سبأ لقي أبا ذر بالشام سنة (30هـ) و أنه هو الذي هيجه على معاوية حينما قال له: (ألا تعجب إلى معاوية! يقول المال مال الله، كأنه يريد أن يحتجزه لنفسه دون المسلمين؟ وأن أبا ذر ذهب إلى معاوية وأنكر عليه ذلك). تاريخ الطبري (4/ 283).
بينما يفهم من النص الآخر: أن ابن سبأ لم يكن له دور يذكر في الشام، وإنما أخرجه أهلها حتى أتى مصر، بقوله: (أنه لم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام) تاريخ الطبري (4/ 340).
و يمكننا الجمع بين النصين في كون ابن سبأ دخل الشام مرتين، كانت الأولى سنة (30هـ)، و هي التي التقى فيها بأبي ذر، و كانت الثانية بعد إخراجه من الكوفة سنة (33هـ)، و هي التي لم يستطع التأثير فيها مطلقاً، و لعلها هي المعنية بالنص الثاني عند الطبري.
كما و يمكننا الجمع أيضاً بين كون ابن سبأ قد التقى بأبي ذر سنة (30هـ)، و لكن لم يكن هو الذي أثر عليه و هيجه على معاوية، و يرجح هذا ما يلي:-
1 - لم تكن مواجهة أبي ذر رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه وحده بهذه الآراء، و إنما كان ينكر على كل من يقتني مالاً من الأغنياء، و يمنع أن يدخر فوق القوت متأولاً قول الله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة} [التوبة/34].
2 - حينما أرسل معاوية إلى عثمان رضي الله عنه يشكو إليه أمر أبي ذر، لم تكن منه إشارة إلى تأثير ابن سبأ عليه، و اكتفى بقوله: (إن أبا ذر قد أعضل بي و قد كان من أمره كيت و كيت .. ). الطبري (4/ 283).
3 - ذكر ابن كثير في البداية (7/ 170، 180) الخلاف بين أبي ذر ومعاوية بالشام في أكثر من موضع في كتابه السابق، و لم يرد ذكر ابن سبأ في واحد منها، و إنما ذكر تأول أبي ذر للآية السابقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/207)
4 - ورد في صحيح البخاري (2/ 111) الحديث الذي يشير إلى أصل الخلاف بين أبي ذر و معاوية، و ليس فيه أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى ابن سبأ، فعن زيد بن وهب قال: (مررت بالربذة، فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه، فقلت له ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا و فيهم، فكان بيني و بينه في ذلك، و كتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً فذاك الذي أنزلني هذا المنزل .. ).
5 - و في أشهر الكتب التي ترجمت للصحابة، أوردت المحاورة التي دارت بين معاوية وأبي ذر ثم نزوله الربذة، و لكن شيئاً من تأثير ابن سبأ على أبي ذر لا يذكر. الاستيعاب لابن عبد البر (1/ 214) و أسد الغابة لابن الأثير (1/ 357) والإصابة لابن حجر (4/ 62).
6 - وأخيراً فإنه يبقى في النفس شيء من تلك الحادثة؛ إذ كيف يستطيع يهودي خبيث حتى و لو تستر بالإسلام أن يؤثر على صحابي جليل كان له من فضل الصحبة ما هو مشهود.
ظهور ابن سبأ في مصر:-
على ضوء استقراء النصوص السابقة، يكون ظهور ابن سبأ في مصر بعد خروجه من الكوفة، و إذا كان ظهوره في البصرة سنة (33هـ)، ثم أخرج منها إلى الكوفة، و من الكوفة استقر بمصر، فإن أقرب توقيت لظهور ابن سبأ في مصر يكون في سنة (34هـ)، لأن دخوله البصرة و طرحه لأفكاره فيها و تعريجه على الكوفة ثم طرده منها، واتجاهه بعد ذلك إلى مصر .. كل هذا يحتاج إلى سنة على الأقل، و يؤكد هذا ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 284)، فيضع ظهور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة (34هـ)، و تابعه في ذلك السيوطي أيضاً في حسن المحاضرة (2/ 164)، حيث أشار إلى دخول ابن سبأ مصر في هذا التاريخ.
أحبتي في الله استكمالاً لما بدأناه من هذه الحلقات، سنقف إن شاء الله و على حلقتين متتاليتين، على ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد الله بن سبأ أو السبئية – طائفته - في الكتب والمصادر المتقدمة (السنية والشيعية، المتقدمة منها والمعاصرة)؛ لأن ورود أي ذكر للسبئية دليل على انتسابها له، و هذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة، مع الرد على محاولات التشكيك في وجود عبد الله بن سبأ، و ما ينسب إليه من أعمال، و سأتّبع فيه الترتيب الزمني للأحداث:-
أولاً: من أثبت وجود عبد الله بن سبأ من الفرقين ..
أ – عبد الله بن سبأ عند أهل السنة:-
1 - جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان (ت 84هـ) في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية وأني بكم يا شرطة الكفر عارف.
2 - و جاء ذكر السبئية في كتاب الإرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية (ت95هـ) – راجع كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (1/ 345 - 361)، حيث تحدث عن معنى الإرجاء المنسوب للحسن، و ذكر كلام أهل العلم في ذلك فليراجع للأهمية – ما يلي: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان (ص 249).
3 - و هناك رواية عن الشعبي (ت 103هـ) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (29/ 7)، تفيد أن: (أول من كذب عبد الله بن سبأ).
4 - و هذا الفرزدق (ت 116هـ) يهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشراف العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها عليها تراب في دم قد تعفّرا
و يمكن الاستنتاج من هذا النص أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معنية و مذهب عقائدي محدد بانتمائها إلى عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف، صاحب المذهب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/208)
5 - و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري (ت 117هـ)، في النص التالي: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمران/7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
6 - وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230هـ) ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمها وإن لم يشر إلى ابن سبأ بالاسم. الطبقات (3/ 39).
7 – و جاء عند ابن حبيب البغدادي (ت 245هـ) في المحبر (ص 308)، ذكر لعبد الله بن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات.
8 - كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم (ت 253هـ)، خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة. أنظر: منهاج السنة لابن تيمية (1/ 7).
9 - و جاء في البيان والتبيين (3/ 81) للجاحظ (ت 255هـ)، إشارة إلى عبد الله بن سبأ.
10 - فقد ذكر الإمام البخاري (ت 256هـ) في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه (8/ 50) عن عكرمة قال: (أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تعذبوا بعذاب الله)، و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه).
ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقهم علي رضي الله عنه هم أتباع عبد الله بن سبأ حينما قالوا بأنه الإله.
و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن و المساند. أنظر على سبيل المثال: سن أبي داود (4/ 126) والنسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538).
11 - ذكر الجوزجاني (ت 259هـ) في أحوال الرجال (ص 38) أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا.
12 - و يقول ابن قتيبة (276هـ) في المعارف (ص 267): (السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ). و في تأويل مختلف الحديث (ص 73) يقول: (أن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
13 - و يذكر البلاذري (ت 279هـ) ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي الله عنه يسألونه من رأيه في أبي بكر و عمر، فقال: أو تفرغتم لهذا. أنساب الأشراف (3/ 382).
14 – و يعتبر الإمام الطبري (ت 310هـ) من الذين أفاضوا في تاريخهم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في ذلك على الإخباري سيف بن عمر. تاريخ الطبري (4/ 283، 326، 331، 340، 349، 398، 493 – 494، 505).
15 - وأكد ابن عبد ربه (ت 328هـ) أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/ 405).
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري (ت 330هـ) في مقالات الإسلاميين (1/ 85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
17 - و يذكر ابن حبان (ت 354هـ) في كتاب المجروحين (2/ 253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة).
18 – يقول المقدسي (ت 355هـ) في كتابه البدء والتاريخ (5/ 129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
19 - و يذكر الملطي (ت 377هـ) في كتابه التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 18) فيقول: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم.
20 - و ذكر أبو حفص ابن شاهين (ت 385هـ) أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 7).
21 - و يذكر الخوارزمي (ت 387هـ) في كتابه مفاتيح العلوم (ص 22)، أن السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/209)
22 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند الهمذاني (ت 415هـ) في كتابه تثبيت دلائل النبوة (3/ 548).
23 - و ذكر البغدادي (ت 429هـ) في الفرق بين الفرق (ص 15 و ما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
24 - و نقل ابن حزم (ت 456هـ) في الفصل في الملل والنحل (4/ 186): (و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
25 - يقول الأسفرايني (ت 471هـ) في التبصرة في الدين (ص 108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلى ألوهيته، و دعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي).
26 - و يتحدث الشهرستاني (ت548هـ) في الملل والنحل (2/ 116، 155) عن ابن سبأ فيقول: (و منه انشعبت أصناف الغلاة)، و يقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
27 – و ينسب السمعاني (ت 562هـ) في كتابه الأنساب (7/ 24) السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
28 - و ترجم ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/ 3) لأبن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي ينسب إلى السبئية، و هم الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، و كان يهودياً وأظهر الإسلام.
29 - و يقول نشوان الحميري (ت 573هـ) في كتابه الحور العين (ص 154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
30 - و يؤكد فخر الدين الرازي (ت 606هـ) في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
31 - و يذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص 2/ 98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/ 114، 144، 147، 147، 154 إلى غيرها من الصفحات).
32 - و ذكر السّكْسَكي (ت 683هـ) في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: (أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت).
33 - و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. أنظر مجموع الفتاوى (4/ 435) و (28/ 483) و في كثير من الصفحات في كتابه: منهاج السنة النبوية.
34 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان (ص 54)، بقوله: (و في سنة ثلاث و ثلاثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي الله عنه .. و كانوا جماعة منهم، مالك الأشتر، و الأسود بن يزيد .. و عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء.
35 - و عند الذهبي (ت 748هـ) في كتابه المغني في الضعفاء (1/ 339) و في الميزان (2/ 426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، و ذكره أيضاً في تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123).
36 - وذكر الصفدي (ت 764هـ) في كتبه الوافي بالوفيات (17/ 20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته، و البرق سوطه، وأنه سينزل إلى الأرض).
37 - و ذكر ابن كثير (ت 774هـ) في البداية و النهاية (7/ 183) أن من أسباب تألب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ و صيرورته إلى مصر، و إذاعته على الملأ كلاماً اخترعه من عند نفسه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/210)
38 - و جاء في الفرق الإسلامية (ص 34) للكرماني (ت 786هـ) أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت، وأن فيه الجزء الإلهي.
39 - و يشير الشاطبي (ت 790هـ) في كتابه الاعتصام (2/ 197) إلى أن بدعة السبئية من البدع الاعتقادية المتعلقة بوجود إله مع الله، و هي بدعة تختلف عن غيرها من المقالات.
40 - و ذكر ابن أبي العز الحنفي (ت 792هـ) في شرح العقيدة الطحاوية (ص 578) أن عبد الله بن سبأ أظهر الإسلام و أراد أن يفسد دين الإسلام كما فعل بولص بدين النصرانية.
41 - و يعرف الجُرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأنه رأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
42 - و يقول المقريزي (ت 845هـ) في الخطط (2/ 356 - 357): (أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ).
43 - و قد سرد الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) في كتابه لسان الميزان (3/ 290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، و ليس له رواية و الحمد لله).
44 - و ذكر العيني (ت 855هـ) في كتابه عقد الجمان (9/ 168): (أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، و أظهر الأمر بالمعروف، و تكلم في الرجعة، و قررها في قلوب المصريين.
45 - و أكد السيوطي (ت 911هـ) في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/ 132) نسبة السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
46 - و ذكر السفارني (ت 1188هـ) في كتابه لوامع الأنوار (1/ 80) ضمن فرق الشيعة فرقة السبأية و قال: (و هم أتباع عبد الله بن سبأ الذي قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنت الإله حقاً، فأحرق من أصحاب هذه المقالة من قدر عليه منهم فخدّ لهم أخاديد وأحرقهم بالنار.
47 - و يروي الزُّبيدي (ت 1205هـ) أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مُسيك المرادي هو والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة. تاج العروس (1/ 75 - 76)، و كلام الزبيدي هذا غير مقبول و يرده حديث فروة بن مسيك، راجع صحيح سنن أبي داود (برقم (3373) و الترمذي (برقم 3220) كتاب تفسير سورة سبأ، و في الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من الأنبناء: سكن منهم ستة في اليمن و أربعة في الشام، و هم أصول القبائل العربية: لخم و جذام و غسان .. الخ، مما يدل على أن سبأ رجل متقدم جداً من أصول العرب، فما علاقة ذلك بسبأ والد عبد الله صاحب السبئية؟!
48 - و تحدث عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي (ت 1239هـ) في كتابه مختصر التحفة الاثنى عشرية (ص 317) عن ابن سبأ بقوله: (و من أكبر المصائب في الإسلام في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة اليهود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاهر لهم بالإسلام وادعى الغيرة على الدين والمحبة لأهله .. و إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء، و كان يسمى ابن السوداء، و كان يبث دعوته بخبث و تدرج و دهاء.
49 - و محمد صديق حسن خان (ت 1307هـ) في خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان (ص 8، 33، 44).
هذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء، و من سلف الأمة، و هناك الكثير غيرهم، و كلها تأكد و تجمع على ثبوت شخصية عبد الله بن سبأ اليهودي بكونه حقيقة لا خيال، و كوني آثرت ذكر المتقدمين، لأنه إذا ثبت عندهم؛ فهم أعرف منا، لأنه تسنى لهم الاطلاع على الكثير من الكتب التي تعد في زمننا هذا في عداد المفقود، فهم الأصل الذي نحن عيال عليه، نقتبس منه و نثبت، كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية كتاب: العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/ 530 - 531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
ب – المثبتين لشخصية ابن سبأ من الشيعة:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/211)
1 - ورد في تاريخ الطبري (5/ 193) على لسان أبي مخنف – لوط بن يحيى – (ت 157هـ) و هو يصف معقل بن قيس الرياحي والذي كلفه المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة بقتال المستورد بن علفة الخارجي و أصحابه، فيصفه بأنه من السبئية المفترين الكذابين.
2 - الأصفهاني (ت 283هـ) ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليهودية (2/ 528).
3 - أورد الناشئ الأكبر (ت 293هـ) في كتابه مسائل الإمامة (ص 22 - 23) ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، و أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ).
4 – و نقل القمي (ت 301هـ) في كتابه المقالات و الفرق (ص 20) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة، و تبرأ منهم، وادّعى أن علياً أمره بذلك.
5 - و يتحدث النوبختي (ت 310هـ) في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض.
6 - و يقول أبو حاتم الرازي (ت 322هـ) في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305): (أن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، و أنه يحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته.
7 - و روى الكشي (ت 340هـ) في الرجال (ص 98 - 99) بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله: أن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً. و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص 70، 100) من نفس الكتاب.
8 - و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي (ت 381هـ) في كتاب من لا يحضره الفقه (1/ 213)، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء.
9 - و جاء عند الشيخ المفيد (ت 413هـ) في كتاب شرح عقائد الصدور (ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
10 - و قال أبو جعفر الطوسي (ت 460هـ) في كتبه تهذيب الأحكام (2/ 322) أن ابن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو.
11 - و ابن شهر آشوب (ت 588هـ) في مناقب آل أبي طالب (1/ 227 - 228).
12 - و ذكر ابن أبي الحديد (ت 655هـ) في شرح نهج البلاغة (2/ 99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه.
13 - و أشار الحسن بن علي الحلّي (ت 726هـ) في كتابه الرجال (2/ 71) إلى ابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
14 - و يرى ابن المرتضى (ت 840هـ) – و هو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6).
15 - و يرى الأردبيلي (ت 1100هـ) في كتاب جامع الرواة (1/ 485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته.
16 - والمجلسي (ت 1110هـ) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/ 286 - 287).
17 - يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/ 234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن و قيل إنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي.
18 - طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص62).
19 - و عند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/ 183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/212)
20 - أما محمد حسين المظفري (ت 1369هـ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص 10).
21 - أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (3/ 141).
ثانياً: المنكرون وجود عبد الله بن سبأ من الفريقين ..
أ – المنكرون لوجود ابن سبأ من أهل السنة ومن حسب عليهم:-
1 – الدكتور: طه حسين، يقف طه حسين عل رأس الكتّاب المحدثين الذين شككوا في وجود ابن سبأ بل و أنكروه. أنظر كتاب الفتنة الكبرى – عثمان – (ص 132)، و علي و بنوه (ص 90).
2 - الدكتور: علي سامي النشار، و هو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارها شخصية وهمية. راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام (2/ 38 – 39).
3 - الدكتور: حامد حنفي داود، و هو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودها، و ذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب (عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى) و من ضمن ما قال: (و أخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بهذا السفر الجليل لصاحبه العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري)، أما رأيه في عبد الله بن سبأ فأوضحه بقوله: (و لعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغمّ عليهم أمرها فلم يفقهوها و يفطنوا إليها هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة حين لفقوا عليهم قصة عبد الله بن سبأ فيما لفقوه من قصص. (1/ 18، 21).
و ضمن كتابه: التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص 18).
4 – و هناك أيضاً الدكتور: محمد كامل حسين في كتابه: أدب مصر الفاطمية (ص 7).
5 – و أيضاً: عبد العزيز الهلابي في كتابه عبد الله بن سبأ (ص 73)، حيث حجب هذا الشخص الغموض الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فلازم الإنكار.
6 – و الشيء بالشيء يذكر يعتبر الأستاذ حسن بن فرحان المالكي تلميذ المذكور أعلاه من المنكرين لوجود ابن سبأ، و في أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة. راجع كلامه في جريدة المسلمون الأعداد (657، 658).
7 - ومن المنكرين و المتشكيين والمترددين في إثبات و نفي شخصية عبد الله بن سبأ، الدكتور: جواد علي في مقال له بعنوان (عبد الله بن سبأ) منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس (ص 84، 100) و أيضاً في مجلة الرسالة العدد (778) (ص 609 - 610).
8 - و أيضاً الدكتور: محمد عمارة في كتابه الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية (ص 154 - 155)، فيقول: (وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر الإسلامي إلى ابن السوداء هذا نشاط عظيماً و جهداً خرافياً)، و يقول: (فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده) إلى غيرها من النقولات.
9 - و الدكتور: عبد الله السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية (ص 86)، إلا أنه يثبت وجود الأفكار التي تنسب إلى عبد الله بن سبأ، من غير جزم بوجود صاحبها.
ب - المنكرون لوجود ابن سبأ من الشيعة:-
1 - محمد الحسين كاشف الغطاء، في كتابه أصل الشيعة و أصولها (ص 61) يقول: (على أنه لا يستبعد أن يكون هو – أي عبد الله بن سبأ – و مجنون بني عامر و أبو هلال .. وأمثالهم أحاديث خرافية وضعها القصاص لتزجية الفراغ و شغل أوقات الناس).
2 - مرتضى العسكري و له كتابان في هذا الموضوع، ينفي فيهما وجود ابن سبأ من الأصل، و يعتبر مرتضى هذا من أكثر الشيعة المحدثين اهتماماً بمسألة عبد الله بن سبأ. الكتاب الأول بعنوان: (عبد الله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري). و رمز له بالجزء الأول. الكتاب الثاني بعنوان: (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى).
3 - محمد جواد مغنيه، و قد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى لمرتضى العسكري (1/ 12). و كتاب التشيع (ص 18).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/213)
4 - الدكتور علي الوردي، في كتاب و عاظ السلاطين (ص273 - 276)، يقول: (يخيل إلى أن حكاية ابن سبأ من أولها إلى آخرها كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير)، و يعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول بأن ابن السوداء و هو عمار بن ياسر رضي الله عنه، (ص 278).
5 – عبد الله الفياض في كتابه تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة (ص 95)، يقول: (يبدوا أن ابن سبأ كان شخصية إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة).
6 - الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع (ص 41)، و قد تابع الدكتور علي الوردي في كلامه حول كون عمار بن ياسر هو ابن السوداء، (ص 88).
7 – طالب الرفاعي في التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص 20).
و لعل هذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد الله بن سبأ، هو بغرض نفي التأثير اليهودي في عقائد الشيعة، و تبرئة ساحتهم من عبد الله بن سبأ، و لكن أنى لهم ذلك.
و قد أعجبتني مقولة للدكتور سعدي الهاشمي يقول فيها: (و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي (ابن سبأ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص 76).
جـ – المثبتون لوجود ابن سبأ من المستشرقين:-
اهتم المستشرقون بمسألة عبد الله بن سبأ و درسوا ما جاء عنه، و نحن لسنا بحاجة إلى قيام أمثال هؤلاء الحاقدين لإثبات شخصية ابن سبأ لنثبت شخصيته بدورنا، لكن تطرقت لذكرهم فقط من باب بيان أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، كما فعل أبي هريرة رضي الله عنه عندما تعلم فضل سورة آية الكرسي من إبليس لعنه الله. البخاري مع الفتح (4/ 487 - 488).
1 - المستشرق الألماني: يوليوس فلهاوزن (1844 - 1918م)، يقول: (ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي و الحسن، و تنسب إلى عبد الله بن سبأ و كما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً و الواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أنه كان يهودياً). في كتابه: الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
2 - المستشرق: فان فلوتن (1866 - 1903م)، يرى أن فرقة السبأية ينتسبون إلى عبد الله بن سبأ فيقول: (وأما السبأية أنصار عبد الله بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخلافة منذ أيام عثمان، فكان يعتقدون أن جزءاً إلهياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده. السيادة العربية والشيعية و الإسرائيليات في عهد بني أمية (ص 80).
3 - المستشرق الإيطالي: كايتاني (1869 - 1926م)، يخلص هذا المستشرق في بحثه الذي نشره في حوليات الإسلام الجزء الثامن من سنة (33 - 35هـ) إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية، كما وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلهة لعلي قد حدثت في أيامه، و ينتهي إلى القول بأن هذه الآراء وليدة تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة.
4 - المستشرق: ليفي ديلافيدا (المولود عام 1886م)، حيث مرّ بعبد الله بن سبأ و هو يتحدث عن خلافة علي من خلال كتاب أنساب الأشراف للبلاذري.
5 - المستشرق الألماني: إسرائيل فريد لندر، وقد كتب مقالاً عن عبد الله بن سبأ في المجلة الآشورية العددين من سنة (1909م، ص 322) و (1910م، ص 23) بعنوان: (عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله اليهودي) و قد خلص في بحثه هذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه لا يتشكك مطلقاً في شخصية ابن سبأ.
6 – المستشرق المجري: جولد تسيهر (1921م)، يقول: (كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ). في كتابه: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/214)
7 - رينولد نكلس (1945م)، يقول في كتابه تاريخ الأدب العربي (ص215): (فعبد الله بن سبأ الذي أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن، و قد قيل إنه كان من اليهود و قد أسلم في عهد عثمان و أصبح مبشراً متجولاً).
8 - داويت. م. رونلدسن، يقول: (فقد ظهر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد الله بن سبأ قطع البلاد الإسلامية طولاً و عرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري). عقيدة الشيعة (ص 85).
9 - المستشرق الإنجليزي: برنارد لويس، فهو يرى أن عبد الله بن سبأ هو أصل التشيع. راجع كلامه في كتابه: أصول الإسماعيلية (ص 86).
هذه أهم الكتابات الاستشراقية في موضوع عبد الله بن سبأ، و هناك غير هؤلاء الكثير، راجع للأهمية كتاب: عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص 73).
أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين، فهم فئة قليلة و الذين وقفوا في شخصية ابن سبأ و أصبحت عندهم مجرد خرافة و محل شك، و ليس هناك من داع لذكرهم، لعدم انتشار أفكارهم بخلاف المثبتين فهم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليهم الكثير ممن تأثر بفكر الاستشراق، و كان هدف هؤلاء المستشرقين من ذلك التشكيك أو الإنكار هو ادعاء أن الفتن إنما هي من عمل الصحابة أنفسهم، و أن نسبتها إلى اليهود أو الزنادقة هو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليها الإخباريون والمؤرخون المسلمون ليعلقوا أخطاء هؤلاء الصحابة على عناصر أخرى، على أن إنكار بعضهم لشخصية ابن سبأ إنما يرجع إلى رغبتهم في الانتهاء إلى النتيجة التالية: لا حاجة لمخّرب يمشي بين الصحابة، فقد كانت نوازع الطمع و حب الدنيا والسلطة مستحوذة عليهم، فراحوا يقاتلون بعضهم عن قصد و تصميم، و القصد من ذلك الإساءة إلى الإسلام و أهله، و إلقاء في روع الناس أن الإسلام إذا عجز عن تقويم أخلاق الصحابة و سلوكهم وإصلاح جماعتهم بعد أن فارقهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمدة وجيزة، فهو أعجز أن يكون منهجاً للإصلاح في هذا العصر. أنظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور: محمد أمحزون (1/ 314).
أدلة من أنكر شخصية عبدالله بن سبأ والرد عليهم
يمكن أن أحصر أدلتهم فيما يلي، ثم أتبع كل شبهة من أدلتهم بالإجابة عنها:-
أولاً: قالوا: إعراض المؤرخين عن ذكر ابن سبأ أو ابن السوداء في حرب صفين، و كونه غاب عنها، و كيف له أن يغيب عن هذا المعركة و هو الذي كان يصول و يجول في حرب الجمل، لهذا لم يستطع المؤرخون الإجابة على هذا السؤال المحير! و هذا مما يدل على أنه غير موجود.
الرد عليه: إن المؤرخين عند حديثهم عن موضوع معين لا يلتزمون بذكر كل تفاصيل ما جرى في الأحداث والوقائع التي ذكروها في كتبهم، هذا على افتراض مشاركة ابن سبأ في حرب صفين، و على افتراض عدم مشاركته في حرب صفين، هل يعد ذلك دليلاً على عدم وجوده، فيعارض به ما أثبته المؤرخون من وجود ابن سبأ و ما كان له من دور؟! و في اعتقادي أن هذه الشبهة لا تقوى على ما أثبته المؤرخون والمحققون من سنة و شيعة من وجود ابن سبأ.
ثانياً: قالوا: إن أخبار ابن سبأ إنما انتشرت بين الناس عن طريق الطبري، والطبري أخذها عن سيف بن عمر، إذاً فسيف هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، و سيف هذا كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل.
الرد عليه و سيكون على ثلاثة فروع:-
أ – كون الطبري هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، و هذه الأخبار جميعها جاءت من طريق سيف بن عمر.
الرد: هذه شبهة باطلة إذ لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف، بل هناك روايات لسيف تتحدث عن ابن سبأ لا توجد عند الطبري، و مثاله:
1 - من طريق ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/ 9)، وقد أورد رواية من طريق سيف بن عمر ليست عند الطبري.
2 - من طريق المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد و البيان (ص 54) و قد أورد رواية ليست عند الطبري من طريق سيف بن عمر.
3 - من طريق الذهبي (ت 748هـ) في كتابه تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123) و هذه الرواية أيضاً غير موجودة في الطبري.
فهذه الطرق الثلاثة تدلنا على أن الطبري لم ينفرد بروايات سيف بن عمر عن ابن سبأ، و أنه ليس المصدر الوحيد لهذه الأخبار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/215)
ب – كون سيف بن عمر هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ.
الرد: هذه الشبهة أيضاً غير صحيحة، فقد ثبتت روايات ذكر فيها ابن سبأ لم يكن سيف في سندها، و إن الذي يتبين لنا من خلال البحث والتنقيب أن سيف بن عمر ليس هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ، و سأورد هنا عدد من النصوص لابن عساكر تذكر ابن سبأ لا ينتهي سندها إلى سيف بن عمر، و قد اخترت تاريخ ابن عساكر بالذات لأنه يعتمد في روايته للأخبار على السند كما هو حال الطبري في تاريخه.
الرواية الأولى: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى الشعبي، قال: أول من كذب عبد الله بن سبأ.
الرواية الثانية: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى عمار الدهني، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به يلببة - يعني ابن السوداء -، و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله.
الرواية الثالثة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى زيد بن وهب عن علي قال: ما لي و ما لهذا الحميت الأسود؟.
الرواية الرابعة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة قال: قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال: ما لي وما لهذا الحميت الأسود؟.
الرواية الخامسة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة بن كهيل عن زيد قال: قال علي بن أبي طالب ما لي ولهذا الحميت الأسود؟ - يعني عبد الله بن سبأ – وكان يقع في أبي بكر وعمر.
الرواية السادسة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال: رأيت علياً كرم الله وجهه وهو على المنبر، وهو يقول: من يعذرني من هذا الحميت الأسود، الذي يكذب على الله ورسوله؟ - يعني ابن السوداء – لولا أن لا يزال يخرج عليّ عصابة تنعى عليّ دمه كما أدّعيت عليّ دماء أهل النهر، لجعلت منهم ركاماً.
الرواية السابعة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى أبو الأحوص عن مغيرة عن سماك قال: بلغ عليا أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر، فدعا به، ودعا بالسيف - أو قال: فهمّ بقتله - فكُلّم فيه، فقال: لا يساكني ببلد أنا فيه. قال: فسيره إلى المدائن. تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7 - 10).
للمزيد حول ورود روايات عبد الله بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر راجع الحلقة (3 و 4) من سلسلة مقالات عبد الله بن سبأ.
جـ – كون سيف بن عمر (ت 180هـ) كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل.
الرد: مكانة سيف بن عمر (ت 180هـ) بين الجرح والتعديل، حتى تكون الصورة واضحة للقارئ.
أولاً: سيف بن عمر محدثاً:-
يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين (ص 14): (سيف بن عمر الضبي ضعيف). وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 278) أن سيف بن عمر: (متروك الحديث، يشبه حديثه حديث الواقدي). و عند ابن معين في نفس المصدر (2/ 278) أن سيفاً ضعيف الحديث. و ذكره الذهبي فيمن له رواية في الكتب الستة، واكتفى بالقول: (ضعفه ابن معين و غيره).الكاشف (1/ 416). و في المغني في الضعفاء (ص 292) قال الذهبي: (سيف بن عمر التميمي الأسدي له تواليف متروك باتفاق). و عند ابن حجر في التقريب (1/ 344): (سيف ضعيف الحديث). و يقول ابن حبان في المجروحين (1/ 345): (سيف بن عمر الضبي الأسدي من أهل البصرة اتهم بالزندقة .. يروي الموضوعات عن الأثبات).
هذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً، لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً؟!
هنا لا بد و قبل أن أذكر أقوال أهل العلم فيه أن أنبه أنه لا بد من التفريق بين رواية (الحديث) و رواية الأخبار الأخرى، فعلى الأولى تبنى الأحكام و تقام الحدود، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع، و من هنا تحرز العلماء –رحمهم الله – في شروط من تأخذ عنه الرواية، لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار، فهي وإن كانت مهمة – لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة – إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث، و من هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس و تطبيقه على (سيف) بكونه محدثاً، و إخبارياً. راجع للأهمية كتاب: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون (1/ 82 - 143) فقد تحدث عن هذا الموضوع فأجاد.
نعود إلى كتب الرجال نفسها فنجد الآتي:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/216)
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان إخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أما اتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه). ولا يصح اتهام سيف بالزندقة دون دليل، إذ كيف نفسر رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة، فأسلوبه الذي روى به تلك الأحداث أبعد ما يكون عن أسلوب الزنادقة، و هو الذي فضح و هتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ!!
و بعد هذا لا يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من الإخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن الكلبي، و غيرهم الكثير، فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات، علاوة على أنها صادرة و مأخوذة عمن شاهد تلك الحوادث أو كان قريباً منها. للمزيد حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)، و عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور:سليمان العودة (ص 104 - 110).
ثالثاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود، و إنما هو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر، ثم ساقوا عدد من الدعائم التي تؤيد هذا القول، منها:-
1 - كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء، و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً.
2 - كلاهما من أب يماني، و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أهل اليمن.
3 - كلاهما كان شديد الحب لعلي، و من محرضي الناس على بيعته.
4 - ذهاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان، و مثل هذا ينسب إلى ابن سبأ.
5 - ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، و هذا نفسه كان يقول به عمار.
6 - و يشترك الاثنان في عرقلة مساعي الصلح في معركة الجمل.
7 - قالوا عن ابن سبأ أنه هو المحرك لأبي ذر في دعوته الاشتراكية! و صلة عمار بأبي ذر وثيقة جداً.
الرد: هذا الرأي الذي خلصوا إليه، إنما يدل على جهل صاحبه، و هذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب الرجال الموثقة عند الشيعة، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه، و هو أحد الأركان الأربعة عندهم، ثم هي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد الله بن سبأ في معرض السب واللعنة. أنظر: رجال الطوسي (ص 46، 51) و رجال الحلي (ص 255، 469). فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد ذلك؟!
كما وأن عوامل توافق الشخصيتين ذهاب كل منهما إلى مصر زمن عثمان، فإن استقراء النصوص ومعرفة تاريخها يعطي مفهوماً غير الذي فهمه النافين لوجود ابن سبأ، و بالتالي ينتصب هذا العامل دليلاً على استقلال كل من الشخصيتين، فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة (35هـ)، بينما كان ظهور ابن سبأ سنة (30هـ) كما في الطبري (4/ 241)، و هو الذي ساق الخبرين، و شيء آخر و هو أن الطبري نفسه أورد أن من الذين استمالوا عماراً في مصر قوم منهم عبد الله بن سبأ. الطبري (4/ 341)، وانظر أيضاً: البداية والنهاية لابن كثير (7/ 167) و الكامل في التاريخ لابن الأثير (3/ 77) و تاريخ ابن خلدون (2/ 1034) فهؤلاء هو كبار المؤرخين و هم جميعاً أثبتوا الشخصيتين؛ شخصية ابن سبأ و شخصية عمار بن ياسر، فكيف لعاقل بعد ذلك أن يقول إنهما شخص واحد؟!
و أما قولهم بأن عمار كان يمانياً، فكل يماني يصح أن يقال له ابن سبأ، فهذا غير صحيح، فليست سبأ إلا جزءاً من بلاد اليمن الواسعة كما قال بذلك ياقوت في معجم البلدان (3/ 181).
وأما قولهم بأن عمار كان يقول بأن عثمان قد أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، فإن هذه المقولة زَعْم يحتاج إلى دليل، بل الثابت أن عثمان رضي الله عنه كان يثق بعمار و هو الذي أرسله إلى مصر لضبط أمورها. راجع الطبري (4/ 341).
كما وأن التشابه في الكنى لا يجعل من الرجلين شخصية واحدة، كما وأن الظروف التاريخية وطابع كل من الشخصيتين لا تسمحان لنا بقبول هذا الرأي. وإن نظرة واحدة إلى كتب التراجم والرجال لتعطي القارئ فكرة واسعة في سبب قيام علماء الجرح والتعديل بتأليف الكتب التي تحتوي على المتشابه من الأسماء والكنى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/217)
و شيء مهم آخر و هو أن عمار قتل يوم صفين، في حين بقي ابن سبأ إلى بعد مقتل علي رضي الله عنه، فهل بعد هذا يكون عمار بن ياسر هو عبد الله بن سبأ؟!
رابعاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود في الحقيقة، و إنما هو شخصية وهمية انتحلها أعداء الشيعة بهدف الطعن في مذهبهم و نسبته إلى رجل يهودي.
الرد: إن هذه دعوى لا تقوم عليها حجة، فكما أنكم ادعيتم هذا، فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء، لكن العبرة بالحجة والدليل، فزعمكم أن هذه القصة قد اختلقها أهل السنة للتشنيع على الشيعة، ليس لها دليل، و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظلال الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على الأقل من أن هذه القصة لم ينفرد بها أهل السنة فقط، فهذا الزعم باطل لأن مصادر الشيعة هي الأخرى أثبتت – كما سلف – وجود ابن سبأ. و بهذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنها من مفتريات أهل السنة.
و بعد هذا الذي ذكرت و هذه الشبهات التي أبطلت، أستطيع أن أقول: إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن سبأ إلى عقيدتهم التي بثها و تسربت إلى فرق الشيعة، و هي عقيدة تتنافى مع أصول الإسلام، و تضع القوم موضع الاتهام والشبهة، هذا من جهة، و من جهة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو الصحابة، و رغبة لإظهارهم بأنهم هم الذين أثاروا الفتنة بينهم.
و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد الله بن سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية، و تفيض فيه كتب العقائد، و ذكرته كتب الحديث والرجال والأنساب والطبقات و الأدب واللغة، و سار على هذا النهج كثير من المحققين والباحثين المحدثين
دور هذا اليهودي في إشعال نار الفتنة على عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأحب أن أنبه أنه وأثناء الحديث قد لا نتطرق لذكر ابن سبأ في بعض الأحيان، و هذا لا يعني أنه غير موجود أو أنه ليس له دور، بل ثبت بالدليل الصحيح الصريح أن اليد الخفية التي كانت تدير المؤامرة و تحرك الفتنة، هي يد ذلك اليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ، كما وأننا لن نتطرق أيضاً لذكر المآخذ التي أخذت على عثمان بزعم مثيري الفتنة، و ذلك لأنه ليس هذا مجال ذكرها، و لعل الله ييسر لنا كتابتها في مقال مستقل مع التعليق عليها إن شاء الله.
بذور الفتنة: السبب الرئيسي، رجل يقال له عبد الله بن سبأ: و شهرته ابن السوداء لأن أمه كانت سوداء من الحبشيات. و هو من صنعاء و كان يهودياً من يهود اليمن. أظهر الإسلام و باطنه الكفر، ثم انتهج التشيع لعلي رضي الله عنه، و هو الذي تنسب إليه فرقة السبئية الذين قالوا بألوهية علي و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة منهم تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. انظر: المحبَّر لابن حبيب (ص308). تاريخ الطبري (4/ 340). و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 3) و كتاب: ابن سبأ حقيقة لا خيال لسعدي مهدي الهاشمي، و كتاب عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة، و مقال حقيقة ابن السوداء في جريدة المسلمون للدكتور سليمان العودة، العدد (652 - 653). و خبر إحراقهم عند: أبي داود في سننه (4/ 520) و النسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).
فلما رأى هذا الرجل أن أمر الإسلام بدأ ينتشر بهذه الصورة و بدأ يظهر، رأى أن هذا الأمر ليس له إلا فتنة من داخله، و كان بمنتهى الخبث، فأول ما بدأ، بدأ بالمدينة، و كانت المدينة يومها ملأى بالعلماء، فدُحر بالعلم، كلما رمى شبهة رُد عليها، فمن شبهه أنه أظهر بعض العقائد اليهودية، مثل القول بالرجعة؛ أي رجعة الرسول صلى الله عليه وسلم و استدل بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص/85]، و ذكر تعجبه للناس ممن يصدق برجعة عيسى عليه السلام و يكذب برجعة محمد صلى الله عليه وسلم، و ما كان قوله هذا إلا وسيلة للوصول إلى ما هو أكبر من ذلك، حيث قال بعد ذلك برجعة علي رضي الله عنه و أنه سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و هكذا. انظر: عبد الله بن سبأ و دوره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة (ص208)، واستشهاد عثمان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/218)
و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص 70 - 86).
و للرد عليهم أشير إلى أن الآية التي استدل بها السبئية دليل عليهم، و قد نقل ابن كثير في تفسيره (3/ 345)، أقوال العلماء في ذلك، فمنهم من يقول: رادك يوم القيامة فيسألك عما استرعاه من أعيان أعباء النبوة. و منهم من يقول: رادك إلى الجنة، أو إلى الموت، أو إلى مكة. و قد أورد البخاري عن ابن عباس القول بالرد إلى مكة. البخاري مع الفتح (8/ 369) و الطبري في التفسير (10/ 80 - 81).
و قد سأل عاصم بن ضمرة (ت74هـ) الحسن بن علي فيما يزعمه الشيعة بأن علياً رضي الله عنه سيرجع، فقال: كذب أولئك الكذّابون، لو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه و لا قسمنا ميراثه. المسند (1/ 148).
و في الطبقات لابن سعد (3/ 39). ورد ذكر السبئية و أفكار زعيمها و إن كان لا يشر إلى ابن سبأ بالاسم، فعن عمرو بن الأصم قال: (قيل للحسن بن علي: إن ناساً من شيعة أبي الحسن علي رضي الله عنه يزعمون أنه دابة الأرض و أنه سيبعث قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا ليس أولئك شيعته، أولئك أعداؤه لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه و لا أنكحنا نساءه.
ومن أقوال ابن سبأ أيضاً القول بالوصية و الإمامة. يقول الشهرستاني في الملل و النحل (1/ 174): إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي.
ويذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4/ 435): أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة و النص عليه، و ادّعى العصمة له.
و في خطط المقريزي (2/ 356 - 357): أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية و الرجعة و التناسخ.
و من المحدثين الشيعة الذين ذكروا فكرة الوصي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ) في كتابه الكافي في الأصول، حيث أورد النص التالي: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه و آله، و وصية علي عليه السلام. أنظر: السنة و الشيعة لإحسان إلهي ظهير (ص54).
و هذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعد مصداقاً لما جاء في كتاب السنة لابن أبي عاصم بسند صحيح على شرط الشيخين (2/ 476 - 477)، حيث أخرج من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ليحبني قوم حتى يدخلوا النار فيِّ، و ليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي.
وقد علق الشيخ الألباني على هذا الحديث قائلاً: و اعلم أن هذا الحديث موقوف على علي بن أبي طالب، و لكنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من الغيب الذي لا يعرف بالرأي.
و خلاصة ما جاء به ابن سبأ، أنه أتى بمقدمات صادقة و بنى عليها مبادئ فاسدة راجت لدى السذّج
و الغلاة و أصحاب الأهواء من الناس، و قد طرق باب القرآن يتأوّله على زعمه الفاسد، كما سلك طريق القياس الفاسد في ادعاء إثبات الوصية لعلي رضي الله عنه بقوله: إنه كان ألف نبي، و لكل نبي وصي، و كان علي وصي محمد ثم قال: محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء. تاريخ الطبري (4/ 340) من طريق سيف بن عمر.
هنا ابن سبأ لما لم يستطع أن يكسب شخصاً واحداً توجه نحو الشام، و كانت الشام وقتها يحكمها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فلما توجه إليها لم يستطع أن يكسب و لو رجلاً واحداً إلى صفه، فترك الشام و توجه نحو الكوفة و إذ هي تموج بالفتن، و مكاناً خصباً لبث شبهاته. لذلك كان عمر رضي الله عنه ولى عليها المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، حيث كان من أشد الناس ففي أيام عمر ما استطاعت أن تبرز في الكوفة فتنة، و لما تولى عثمان الخلافة عزل المغيرة و عين بدلاً عنه سعيد بن العاص رضي الله عنه وكان من بني أمية، فأهل الكوفة اعتبروا ذلك استغلالاً للمنصب؛ فكثرت الفتن فيها، فعبد الله بن سبأ وجد أرضاً خصبة للفتن، فاستطاع أن يجمع حوله جماعة، ثم انتقل إلى البصرة فجمع فيها جماعة أخرى، و كان عددهم على أقل تقدير عند المؤرخين ستمائة رجل، و أقصاها ألف رجل، ثم انتقل إلى مصر و استطاع أن يجمع ما بين ستمائة إلى الألف من الرجال. انظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل من مرويات سيف بن عمر لخالد الغيث (ص72 - 86)، حيث أجاد الباحث في تحليل الموقف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/219)
و استخدم ابن سبأ كذلك الأعراب، فذهب إليهم و بدأ يثير عندهم الأكاذيب حول عثمان و يستدل على قوله بكتب مزيفة كتبها هو و أعوانه على ألسنة طلحة و الزبير و عائشة، فيها التذمر على سياسة عثمان في الحكم، فصار الأعراب و هم الذين لا يفقهون من دين الله الشيء الكثير، يتأثرون بهذه الأكاذيب و يصدقونها فملئت قلوبهم على عثمان رضي الله عنه. استشهاد عثمان (ص 87 - 99).
بعد ذلك اتجه ابن سبأ إلى هدفه المرسوم، و هو خروج الناس على الخليفة عثمان رضي الله عنه، فصادف ذلك هوى في نفوس بعض القوم فقال لهم: إن عثمان أخذ الأمر بغير حق و هذا وصي الرسول صلى الله عليه وسلم، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، و ابدؤوا بالطعن في أمرائكم و أظهروا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تستميلوا الناس، و ادعوهم إلى هذا الأمر. تاريخ الطبري (4/ 341)، من طريق سيف بن عمر.
و يظهر من هذا النص الأسلوب الذي اتبعه ابن سبأ، فهو أراد أن يوقع في أعين الناس بين اثنين من الصحابة حيث جعل أحدهما مهضوم الحق و هو علي، و جعل الثاني مغتصباً و هو عثمان.
ثم إنه أخذ يحضّ أتباعه على إرسال الكتب بأخبار سيئة مفجعة عن مِصرهم إلى بقية الأمصار، فيتخيل أهل البصرة مثلاً أن حال أهل مصر أسوأ ما يكون من قبل واليهم، و يتخيل أهل مصر أن حال أهل الكوفة أسوأ ما يكون من قبل واليهم، و كان أهل المدينة يتلقّون الكتب من الأمصار بحالها و سوئها من أتباع ابن سبأ، وهكذا يتخيل الناس في جميع الأمصار أن الحال من السوء مالا مزيد عليه، و المستفيد من هذه الحال هم السبئية، لأن تصديق ذلك من الناس يفيدهم في إشعال شرارة الفتنة داخل المجتمع الإسلامي.
هذا و قد شعر عثمان رضي الله عنه بأن شيئاً ما يحاك في الأمصار و أن الأمة تمخض بشرّ فقال: والله إن رحى الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات و لم يحركها. تاريخ الطبري (4/ 343)، من طريق سيف بن عمر.
روى الترمذي عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال: يقتل هذا فيها مظلوماً - لعثمان بن عفان - صحيح سنن الترمذي (3/ 210) و أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 451).
و روى الترمذي في سننه (5/ 628) و ابن ماجة عن كعب بن عجرة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها، فمر رجل مقنع رأسه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يومئذ على الحق، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: هذا. المسند (4/ 242) و صحيح ابن ماجة (1/ 24 - 25) و صحيح سنن الترمذي (3/ 210) و فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 450).
و الذي حصل أن أهل الفتنة أخذوا يتراسلون فيما بينهم، فلما رأوا أن عددهم قد كثر تواعدوا على أن يلتقوا عند المدينة في شوال من سنة (35هـ) في صفة الحجاج، فخرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء المقلّل يقول ستمائة و المكثر يقول ألف .. و لم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، و إنما خرجوا كالحجاج و معهم ابن السوداء .. و خرج أهل الكوفة في عدد كعدد أهل مصر، و كذا أهل البصرة، و لما اقتربوا من المدينة شرعوا في تنفيذ مرحلة أخرى من خطتهم، فقد اتفق أمرهم أن يبعثوا اثنين منهم ليطلعا على أخبار المدينة و يعرفا أحوال أهلها، ذهب الرجلان فلقيا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و علياً و طلحة و الزبير، و قالا: إنما جئنا نستعفي عثمان من بعض عمالنا، و استأذنا لرفاقهم بالدخول، فأبى الصحابة، و قال علي رضي الله عنه: لا آمركم بالإقدام على عثمان فإن أبيتم فبيض سيفرخ. الطبري (4/ 349 - 350)، من طريق سيف بن عمر.
تظاهر القوم بالرجوع و هم يبطنون أمراً لا يعلمه الناس، فوصلت الأنباء إلى أهل المدينة بانصراف أهل الفتنة فهدأ الناس، و في الليل فوجئ أهل المدينة بأهل الفتنة يدخلون المدينة من كل مكان فتجمعوا في الشوارع و هم يكبرون، فجاء علي بن أبي طالب و قال: ما شأنكم؟ لماذا عدتم؟ فرد عليه الغافقي بأن عثمان غدر بهم، قال كيف؟ قال: قبضنا على رسول و معه كتاب من عثمان يأمر فيه الأمراء بقتلنا، فقال علي لأهل الكوفة و البصرة: و كيف علمتم بما لقي أهل مصر و قد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا، هذا والله أمر أبرم بالمدينة، و كان أمر الكتاب الذي زوّر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/220)
على لسان عثمان رضي الله عنه اتخذوه ذريعة ليستحلوا دمه و يحاصروه في داره إلى أن قتلوه رضي الله عنه.
و فوق هذا كله فالثائرون يفصحون عن هدفهم ويقولون: ضعوه على ما شئتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا و نحن نعتزله. الطبري (4/ 351)، من طريق سيف بن عمر.
و علاوة على ذلك هناك ما يؤكد تزوير هذا الكتاب، إذ ليس هو الكتاب الوحيد الذي يزوّر على لسان الصحابة، فهذه عائشة رضي الله عنها، تُتهم بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان فتنفي
و تقول: لا والذي آمن به المؤمنون و كفر به الكافرون ما كتبت لهم سواداً في بياض حتى جلست مجلسي هذا. البداية والنهاية (7/ 195) و انظر ما رواه الطبري من استنكار كبار الصحابة أنفسهم لهذه الكتب في أصح الروايات (4/ 355).
و ما تلك اليد الخفية التي كانت تخط وراء الستار لتوقع الفرقة بين المسلمين، و تضع في سبيل ذلك الكتب على لسان الصحابة و تدبر مكيدة الكتاب المرسل إلى عامل عثمان على مصر، و تستغل الأمور لتقع الفتنة بالفعل إلا يد ذلك اليهودي الخبيث و أتباعه، فهم المحركون للفتنة.
توقفنا في المرة السابقة عند رجوع الوفد المصري بعد أن زعم أنه قبض على رسول من عثمان إلى عامله في مصر يأمره بقتلهم، و عرفنا أن هذا الكتاب ليس هو الوحيد الذي زور على عثمان، و ظهرت حقيقة اليد التي زورت و خططت، واليوم إن شاء الله نكمل الموضوع الذي بدأناه.
هنا استشار عثمان كبار الصحابة في أمر التخلي عن الخلافة لتهدأ الفتنة، و كان المغيرة بن الأخنس قد أشار عليه بالخلع لئلا يقتله الخارجون عليه، و قد سأل عثمان ابن عمر عن رأي المغيرة فنصحه بأن لا يخلع نفسه و قال له: فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه. طبقات ابن سعد (3/ 66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن.
و هناك بعض الروايات تفيد أن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى الأمصار يطلب منهم العون بعد أن اشتد عليه التضييق و الحصار، و هذا الخبر لا يصح منه شيء، لأن منهج عثمان رضي الله عنه كان الصبر و الكف عن القتال امتثالاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له، و ذلك لحديث عائشة رضي الله عنها كما عند ابن أبي عاصم في السنة (2/ 561) قالت: لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد سأصبر عليه، قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليه فيما يكون من أمره.
لهذا وضع مصلحة الرعية في المقام الأول، فعندما عرض عليه معاوية أن يبعث إليه بجيش يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياه قال رضي الله عنه: أنا لا أقتر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق بجند يساكنهم، و أضيّق على أهل الهجرة و النصرة، فقال له معاوية: والله يا أمير المؤمنين لتغتالنّ أو لتغزينّ، فقال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل. الطبري (4/ 345). و حوصر عثمان بعدها في داره.
يقول ابن خلدون: إن الأمر في أوله خلافة، و وازع كل أحد فيها من نفسه هو الدين و كانوا يؤثرونه على أمور دنياهم وإن أفضت إلى هلاكهم وحدهم دون الكافة، فهذا عثمان لما حصر في داره جاءه الحسن
و الحسين و عبد الله بن عمر و ابن جعفر و أمثالهم يريدون المدافعة عنه، فأبى و منع سلّ السيوف بين المسلمين مخافة الفرقة، و حفظاً للألفة التي بها حفظ الكلمة و لو أدّى إلى هلاكه. مقدمة ابن خلدون (ص207 - 208).
و إلى جانب صبره و احتسابه و حفظاً لكيان الأمة من التمزق و الضياع وقف عثمان رضي الله عنه موقفاً آخر أشد صلابة، و هو عدم إجابته الخارجين إلى خلع نفسه من الخلافة؛ فلو أجابهم إلى ما يريدون لسنّ بذلك سنّة، و هي كلما كره قوم أميرهم خلعوه، و مما لاشك فيه أن هذا الصنيع من عثمان كان أعظم
و أقوى ما يستطيع أن يفعله، إذ لجأ إلى أهون الشرين و أخف الضررين ليدعم بهذا الفداء نظام الخلافة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/221)
كان الخارجون عليه يطلبون منه ثلاثة أمور كما جاء ذلك عند ابن سعد في الطبقات (3/ 72 - 73)، قال عثمان للأشتر: يا أشتر ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاث ليس لك من إحداهن بدّ، قال: ما هن؟ قال: يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول هذا أمركم فاختاروا من شئتم، و بين أن تقصّ من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك. قال: أما ما من إحداهن بدّ؟ قال: لا، ما من إحداهن بدّ. قال: أما أن أخلع لهم أمرهم، والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إليّ من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض، و أما أن أقص من نفسي فوالله لقد علمت أن صاحبي بين يديّ قد كان يعاقبان و ما يقوم بدّ من القصاص، و أما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني لا تحابّون بعدي أبداً و لا تصلون بعدي جميعاً أبداً و لا تقاتلون بعدي عدواً جميعاً أبداً.
و لهذا احتج عثمان رضي الله عنه على المحاصرين بقوله: إن وجدتم في كتاب الله - و في رواية - في الحق أن تضعوا رجليَّ في قيد فضعوها. تاريخ خليفة (ص171) و أحمد في فضائل الصحابة (1/ 492) قال المحقق: إسناده صحيح، و انظر: الطبقات (3/ 69 - 70) بلفظ قريب.
و أخرج أحمد في فضائل الصحابة (1/ 464) و في المسند (1/ 63) و الترمذي في السنن (4/ 460 - 461) و ابن ماجة في السنن (2/ 847) و أبو داود في سننه (4/ 640 - 641) بإسناد حسن أن عثمان رضي الله عنه أشرف على الذين حصروه فقال: علام تقتلوني! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل زنى بعد إحصانه فعليه الرجم، أو قتل عمداً فعليه القود، أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل. فوالله ما زنيت في جاهلية و لا إسلام، ولا قتلت أحداً فأقيد نفسي منه، ولا ارتدت منذ أسلمت و إني اشهد ألا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله ففيما تقتلوني؟!.
و ثبت أن عثمان اتخذ موقفاً واضحاً حاسماً يتمثل في عدم المقاومة، وأنه ألزم به الصحابة فقال: أعزم على كل من رأى عليه سمعاً و طاعة إلا كفّ يده و سلاحه، فخرج كل من الحسن و الحسين و عبد الله بن عمر و أصر عبد الله بن الزبير على البقاء و معه مروان بن الحكم، فلما طلب منه ابن الزبير أن يقاتل الخارجين، قال عثمان: لا والله لا أقاتلهم أبداً. تاريخ خليفة (ص173 - 174) و مصنف ابن أبي شيبة (15/ 204) و طبقات ابن سعد (3/ 70) و كلهم بأسانيد صحيحة.
و ممن أراد القتال دفاعاً عن عثمان الصحابي أبو هريرة و كان متقلداً سيفه، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً. قال أبو هريرة: فرجعت و لم أقاتل. الطبقات لابن سعد (3/ 70) و تاريخ خليفة (ص173) و إسنادهما صحيح.
و استمر الحصار عليه رضي الله عنه حتى أنهم منعوا عنه الماء، فوصل الخبر إلى أمهات المؤمنين فتحركت أم حبيبة رضي الله عنها و كانت من أقارب عثمان، فأخذت الماء و جعلته تحت ثوبها، و ركبت البغل و اتجهت نحو دار عثمان، فدار بينها وبين أهل الفتنة كلام فقال الأشتر كذبت بل معك الماء و رفع الثوب فرأى الماء فغضب و شق الماء، قال كنانة مولى صفية: كنت أقود بصفية لتردَّ عن عثمان فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت فقالت: ردوني و لا يفضحني هذا الكلب. التاريخ الكبير للبخاري (7/ 237) و ابن سعد في الطبقات (8/ 128) بإسناد صحيح. و كذلك الطبري (4/ 385 - 386).
و في رواية عند الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق الحسن البصري قال: لما اشتد أمرهم يوم الدار، قال: قالوا فمن، فمن؟ قال: فبعثوا إلى أم حبيبة فجاؤوا بها على بغلة بيضاء و ملحفة قد سترت، فلما دنت من الباب قالوا: ما هذا؟ قالوا: أم حبيبة، قالوا: والله لا تدخل، فردوها. فضائل الصحابة (1/ 492).و قال المحقق إسناده صحيح.
و حدثت بعض المناوشات بين شباب الصحابة و الثوار فجرح خلالها بعض الصحابة أمثال الحسن بن علي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/222)
و غيره، و هذا الخبر يؤيده ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1387)، و البخاري في التاريخ الكبير (7/ 237)، عن كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب قال: شهدت مقتل عثمان، فأخرج من الدار أمامي أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان رضي الله عنه: الحسن بن علي، و عبد الله بن الزبير، و محمد بن حاطب، و مروان بن الحكم.
و تتضافر روايات ضعيفة للدلالة على أن عثمان و هو محصور في الدار بعث إلى علي يطلبه، و أن علياً استجاب لأمره لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الدار التي كان المعارضون يطوقونها، فقال علي للثّوار: يأيها الناس إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين فلا تمنعوا عن هذا الرجل الماء و لا الطعام فإن الروم و فارس لتأسر و تطعم و تسقي، و لكن لم يستطع أن يفعل شيئاً، فحل عمامته السوداء التي كان يرتديها و رمى بها إلى رسول عثمان، فحملها الرسول إلى عثمان فعلم عثمان أن علي حاول المساعدة لكنه لم يستطع. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 209) بسند منقطع، و طبقات ابن سعد (3/ 68 - 69) بسند منقطع، و سند آخر منقطع مع تدليس حبيب بن أبي ثابت، و الطبري (4/ 386)، انظر: عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص427).
يوم الدار .. و استمر الحصار على عثمان رضي الله عنه أياماً عديدة قدرها بعض المؤرخين بأنه من أواخر ذي القعدة إلى الثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، و كان خلالها في غاية الشجاعة و ضبط النفس رغم قسوة الظروف و رغم الحصار، و لطالما كان يطل على المحاصرين و يخطب فيهم و يذكرهم بمواقفه لعلهم يلينون، لكنهم لم يفعلوا.
و في يومٍ أشرف عثمان على القوم بعد أن طلبهم للاجتماع حول داره للحديث معهم، روى الترمذي،
و النسائي من طريق ثمامة بن حَزْن القشيري قال: شهدت الدار حيث أشرف عليهم عثمان فقال: أنشدكم بالله و الإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينة و ليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة يجعل دلوه فيها كدلاء المسلمين بخير له في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي؟ قالوا: اللهم نعم. و زاد البخاري، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزته قالوا: اللهم نعم. و زاد الترمذي عن أبي إسحاق، هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ قالوا: نعم، و هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها؟ قالوا: نعم. و عند الدارقطني، و هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنتيه واحدة بعد أخرى رضي بي و رضي عني؟ قالوا: نعم. و عند الحاكم، قال لطلحة: أتذكر إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أن عثمان رفيقي في الجنة؟ قال: نعم. سنن الترمذي (5/ 627) و النسائي (6/ 233 - 236) و الدارقطني (4/ 197) و المستدرك (3/ 97) و الفتح (5/ 477 - 479).
و قال أبو هريرة رضي الله عنه للذين حاصروا عثمان رضي الله عنه يوم الدار: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم تلقون بعدي فتنة و اختلافاً، أو قال: اختلافاً و فتنة، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟ فقال: عليكم بالأمين و أصحابه، و هو يشير إلى عثمان بذلك. أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (450 - 451) و قال المحقق إسناده صحيح.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: وددت أن عندي بعض أصحابي، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال نعم. فجاء فخلا به، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه، و وجه عثمان
يتغير. أنظر: صحيح سنن ابن ماجة (1/ 25) و قال الألباني إسناده صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/223)
و عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد سأصبر عليه. قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليه فيما يكون من أمره. أنظر: كتاب السنة لابن أبي عاصم (2/ 561) و قال الألباني إسناده صحيح.
و كان أهل الفتنة أثناء حصارهم لعثمان في داره و منعه من الصلاة بالناس، هم الذين يصلون بهم، و كان الذي يصلي بالناس الغافقي بن حرب.
أخرج البخاري في صحيحه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن خيار: أنه دخل على عثمان و هو محصور فقال: إنك إمام عامة، و نزل بك ما نرى و يصلي لنا إمام فتنة و نتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، و إذا أساءوا فاجتنب إساءتهم. البخاري مع الفتح (2/ 221).
ليلة مقتل عثمان ..
و قبيل مقتله يرى عثمان رضي الله عنه في المنام اقتراب أجله فيستسلم لأمر الله؛ روى الحاكم بإسناد صحيح إلى ابن عمر رضي الله عنهما أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: يا عثمان! أفطر عندنا، فأصبح صائماً و قتل من يومه. المستدرك (3/ 99) و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي و رواه أحمد في فضائل الصحابة من طريق آخر (1/ 497) قال المحقق: إسناده حسن، و ورد بلفظ آخر عند ابن حجر في المطالب العالية (4/ 291) قال المحقق: قال البوصيري رواه البزار و أبو يعلى و الحاكم و قال: صحيح الإسناد، و ذكره الهيثمي في المجمع (7/ 232) و صححه الحاكم في المستدرك (3/ 103) و ذكره ابن سعد في الطبقات (3/ 75).
أخرج خليفة بن خياط في تاريخه (ص 174) بسند رجاله ثقات إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: فتح عثمان الباب و وضع المصحف بين يديه، فدخل عليه رجل فقال: بيني و بينك كتاب الله، فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر فقال: بيني و بينك كتاب الله، فأهوى إليه بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أم قطعها و لم يبنها، فقال والله إنها لأول كف خطت المفصّل.
هذا ما ورد عن كيفية دخول الثوار على عثمان رضي الله عنه، و تتوزع سيوفهم دماءه الطاهرة، فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان رضي الله عنه فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: {فسيكفيكهم الله} [البقرة /138]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان فوضعت يدها فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: ثلاث لله و ست لما في الصدور، ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه، هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه و استطاعوا أن يقتلوا كل من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلوا الغلمان جميعاً و تركوا جثثهم داخل الدار، ثم قام جماعة من الصحابة و ذهبوا إلى داره و خرجوا به و دفنوه رضي الله عنه بليل في حش كوكب، وكانت مقبرة لليهود فاشتراها عثمان، و هي في ظهر البقيع فدفن فيها و لم يدفن في البقيع لعدم إذن أهل الفتنة، ثم إنه في عهد معاوية وسع البقيع و أدخل فيه المكان فصار قبر عثمان داخل البقيع. معجم البلدان (2/ 262)، انظر هذا الخبر في الطبري (4/ 412). و انظر خبر دمه على المصحف في فضائل الصحابة عند أحمد (1/ 470 - 473) بإسناد صحيح و تاريخ خليفة (ص188 - 190) و المطالب العالية (4/ 286) و موارد الظمآن (7/ 128).
و يكشف أيضاً عن مقاصد القوم ما ذكره ابن كثير في البداية (7/ 189): من أن الخوارج نادى بعضهم بعضاً بعد مقتل عثمان بالسطو على بيت المال، فسمعهم خزنة بيت المال فقالوا يا قوم النجا! النجا فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و غير ذلك مما ادّعوا أنهم قاموا لأجله، و كذبوا إنما قصدهم الدنيا. فأخذوا ما به من أموال ثم سطوا على دار عثمان و أخذوا ما به حتى إن أحدهم أخذ العباءة التي كانت على نائلة. تاريخ الطبري (4/ 391).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/224)
فكانت هذه هي البلوى التي بشره النبي صلى الله عليه وسلم و التي يقتل فيها مظلوماً، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة، فإذا هو أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة فإذا هو عمر، ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا هو عثمان. و يعقب ابن حجر على ذلك بقوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بالبلوى المذكورة إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار. الفتح (7/ 38) و (13/ 55). و الحديث موجود في البخاري (7/ 65) و رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم (6162) و (6164).
فائدة .. قال ابن بطال: إنما خص عثمان بذكر البلاء مع أن عمر قتل أيضاً لكون عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور و الظلم مع تنصله من ذلك، و اعتذاره عن كل ما أوردوه عليه، ثم هجومهم عليه في داره و هتكهم ستر أهله،
و كل ذلك زيادة على قتله. فتح الباري: (13/ 55).
و قد اختلفت الروايات في تعيين قاتله على الصحيح، لكن هذا ليس مهماً لأن المشارك كالقاتل و المتسبب كالمباشر، و إنما المهم هو التعرّف على هوية قاتليه، فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير رضي الله عنه، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة، انظر: الطبري (4/ 461 - 462). و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد في طبقاته (3/ 71). و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 297).
هذا بالنسبة لمن شارك في الفتنة، أما بالنسبة لمن تولى قتل عثمان بنفسه فإني أشارك أخي الدكتور خالد الغيث فيما ذهب إليه من كون ابن سبأ هو الذي تولى قتل عثمان رضي الله عنه، و إليكم تفصيل ذلك: فحسب ما توفرت لدي من روايات، جاء نعت قاتله بالموت الأسود و حمار، كما عند خليفة بن خياط (ص174 - 175)، أو جبلة - الغليظ - كما عند ابن سعد (3/ 83 - 84)، أو جبلة بن الأيهم كما عند ابن عبد البر. الاستيعاب (3/ 1046) ضمن ترجمة عثمان بن عفان، و أورده كذلك بنفس للفظ ضمن ترجمة محمد بن أبي بكر (3/ 1367). و كلمة الأيهم ما هي إلا زيادة غير مقصودة من ناسخ المخطوطة
و سببها هو اشتهار اسم جبلة بن الأيهم ذلك الأمير الغساني الذي ارتد زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و يؤيد ذلك أن راوي الخبر و هو كنانة مولى صفية هو نفسه راوي الروايتين، أنظر: جمهرة أنساب العرب لابن حزم (372).
و بدراسة الروايات السابقة اتضح ما يلي:-
أ- أن تلك الروايات لم تسم قاتل عثمان، بل تذكر اللقب الذي أطلق عليه.
ب- ذكرت إحدى الروايات أن قاتل عثمان يقال له: حمار. و كلمة حمار لعلها تحريف لكلمة جبلة.
و يؤيد ذلك ما قيل بخصوص زيادة كلمة - الأيهم - على اسم جبلة عند راوي الخبر، و هو كنانة مولى صفية، لأن راوي خبر لفظة حمار هو كنانة أيضاً. هذا بالإضافة إلى التشابه الموجود في متون تلك الروايات.
و مما سبق يلاحظ أن الذي قتل عثمان رضي الله عنه يعد شخصاً واحداً ذا ألقاب عدة، فهو الموت الأسود، و هو رجل أسود من أهل مصر يقال له جبلة، و هو عبد الله بن سبأ - ابن السوداء - الذي جاء إلى المدينة مع وفد مصر. لمزيد من التفصيل في ذلك راجع: استشهاد عثمان و وقعة الجمل في مرويات سيف بن عمر في تاريخ الطبري، للدكتور: خالد بن محمد الغيث (ص128 - 130).
قال محب الدين الخطيب في حاشيته على العواصم (ص73): الذين شاركوا في الجناية على الإسلام يوم الدار طوائف على مراتب، فيهم الذين غلب عليهم الغلو في الدين فأكبروا الهنات و ارتكبوا في إنكارها الموبقات، و فيهم الذين ينزعون إلى عصبية يمنية على شيوخ الصحابة من قريش، و لم تكن لهم في الإسلام سابقة، فحسدوا أهل السابقة من قريش على ما أصابوا من مغانم شرعية جزاء جهادهم و فتوحهم، فأرادوا أن يكون لهم مثلها بلا سابقة ولا جهاد. و فيهم الموتورون من حدود شرعية أقيمت على بعض ذويهم فاضطغنوا في قلوبهم الإحنة و الغل لأجلها، و فيهم الحمقى الذين استغل السبأيون ضعف قلوبهم فدفعوهم إلى الفتنة و الفساد و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/225)
العقائد الضالة، و فيهم من أثقل كاهله خير عثمان و معروفه نحوه، فكفر معروف عثمان عندما طمع منه بما لا يستحقه من الرئاسة و التقدم بسبب نشأته في أحضانه، و فيهم من أصابهم من عثمان شيء من التعزير لبوادر بدرت منهم تخالف أدب الإسلام، فأغضبهم التعزير الشرعي من عثمان، و لو أنهم قد نالهم من عمر أشد منه لرضوا به طائعين، و فيهم المتعجلون بالرياسة قبل أن يتأهلوا لها اغتراراً بما لهم من ذكاء خلاب أو فصاحة لا تغذيها الحكمة، فثاروا متعجلين بالأمر قبل إبانه، و بالإجمال فإن الرحمة التي جبل عليها عثمان رضي الله عنه وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثيرين فيه، و أرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم.
و لعله بعد هذا لا يبقى مكان و لا مصداقية للروايات التي تشرك الصحابة رضوان الله عليهم في قتل عثمان و التآمر عليه، فقد اجتهدوا في نصرته و الذبّ عنه، و بذلوا أنفسهم دونه، فأمرهم بالكف عن القتال و قال إنه يحب أن يلقى الله سالماً ولوا أذن لهم لقاتلوا عنه، فثبتت براءتهم من دمه رضوان الله عليهم كبراءة الذئب من دم يوسف.
و ظهرت حقيقة الأيدي التي كانت تحرك الفتنة، و التي لطالما دندن الإخباريون الشيعة حولها بأنها أيدي الصحابة، و الحمد لله فقد حفظت لنا كتب المحِّدثين الروايات الصحيحة و التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان و المنافحين عنه المتبرئين من قتله، و المطالبين بدمه بعد قتله، و بذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة أو إثارتها.
و قد يتساءل قارئ أو يقول قائل: كيف قتل عثمان رضي الله عنه و بالمدينة جماعة من كبار الصحابة رضوان الله عليهم؟ و هو سؤال وضعه ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 197 - 198) ثم أجاب عنه و قد شاركه المالقي في التمهيد والبيان (ص 131 - 132) في الإجابة، موضحين ما يلي:-
أولاً: إن كثيراً من الصحابة أو كلهم لم يكونوا يظنون أن يبلغ الأمر إلى قتله، فإن أولئك الخوارج لم
يكونوا يحاولون قتله عيناً بل طلبوا من أحد أمور ثلاثة: إما أن يعزل نفسه أو يسلم إليهم مروان بن
الحكم أو يقتلوه. و كانوا يرجون أن يسلم إليهم مروان – لأتهم يتهمونه بأنه هو الذي كتب الكتاب
على لسان عثمان يأمر فيه والي مصر بقتلهم، و هذا لم يثبت و ليس هناك دليل صحيح - أو أن
يعزل نفسه و يستريح من هذه الضائقة الشديدة. و أما القتل فما كان يظن أحد أنه يقع، و لا أن
هؤلاء يجرؤن عليه إلى هذا الحدّ.
ثانياً: إن الصحابة دافعوا عنه، لكن لما وقع التضييق الشديد عزم عثمان على الناس أن يكفوا أيديهم حقناً
لدماء المسلمين ففعلوا، فتمكن المحاصرون مما أرادوا.
ثالثاً: أن هؤلاء الخوارج اغتنموا غيبة كثير من أهل المدينة في موسم الحج و غيبتهم في الثغور و الأمصار،
و ربما لم يكن في المتبقين من أهل الدينة ما يقابل عدد الخوارج الذين كانوا قريباً من ألفي مقاتل.
رابعاً: إن كبار الصحابة قد بعثوا أولادهم إلى الدار لحماية عثمان رضي الله عنه، لكن عثمان علم أن في
الصحابة قلة عدد و أن الذين يريدون قتله كثير عددهم، فلو أذن لهم بالقتال لم يأمن أن يتلف من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه كثير، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم لأنه راع
عليهم، و الراعي يجب عليه أن يحفظ رعيته بكل ما أمكنه، و مع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم
بنفسه - حقناً لدماء المسلمين-.
خامساً: أنه لما علم أنها فتنة، و أن الفتنة إذا سلّ فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق القتل،
فلم يختر لأصحابه أن يسلوا السيف في الفتنة إشفاقاً عليهم، و حتى لا تذهب فيها الأموال و يهتك
فيها الحريم فصانهم عن جميع هذا.
سادساً: يحتمل أن يكون عثمان رضي الله عنه صبر عن الانتصار ليكون الصحابة شهوداً على من ظلمه،
و خالف أمره و سفك دمه بغير حق، لأن المؤمنين شهداء الله في أرضه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/226)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 286): و من المعلوم بالتواتر أن عثمان كان من أكف الناس عن الدماء و أصبر الناس على من نال من عرضه و على من سعى في دمه، فحاصروه و سعوا في قتله و قد عرف إرادتهم لقتله، و قد جاءه المسلمون ينصرونه و يشيرون عليه بقتالهم، و هو يأمر الناس بالكف عن القتال، و يأمر من يطيعه أن لا يقاتلهم .. و قيل له تذهب إلى مكة فقال: لا أكون ممن الحد في الحرم فقيل له تذهب إلى الشام فقال: لا أفارق دار هجرتي، فقيل له: فقاتلهم، فقال: لا أكون أول من خلف محمداً في أمته بالسيف.
فكان صبر عثمان حتى قتل من أعظم فضائله عند المسلمين.
و مما يناسب هذا المقام ذكر كلام الإمام الآجري في كتاب الشريعة (4/ 1981 - 1983) عن موقف الصحابة في المدينة من حصار المنافقين لعثمان رضي الله عنه.
قال الآجري: فإن قال قائل: فقد علموا أنه مظلوم وقد أشرف على القتل فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه،
و إن كان قد منعهم. قيل له: ما أحسنت القول، لأنك تكلمت بغير تمييز. فإن قال: ولم؟ قيل: لأن القوم كانوا أصحاب طاعة، وفقهم الله تعالى للصواب من القول و العمل، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقولهم و ألسنتهم و عرضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم، فلما منعهم عثمان رضي الله عنه من نصرته علموا أن الواجب عليهم السمع و الطاعة له، و إنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك، و كان الحق عندهم فيما رآه عثمان رضي الله عنه و عنهم. فإن قال: فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم، و قد علم أن قتالهم عنه نهي عن منكر، و إقامة حق يقيمونه؟ قيل له: وهذا أيضاً غفلة منك. فإن قال: وكيف؟ قيل له: مَنْعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوهاً كلها محمودة:-
أحدها: علمه بأنه مقتول مظلوم، لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه: إنك تقتل مظلوماً فاصبر، فقال: أصبر. فلما أحاطوا به علم أنه مقتول و أن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم له حق كما قال لا بد من أن يكون، ثم علم أنه قد وعده من نفسه الصبر فصبر كما وعد، وكان عنده أن من طلب الانتصار لنفسه و الذب عنها فليس هذا بصابر إذ وعد من نفسه الصبر، فهذا وجه.
و وجه آخر: و هو أنه قد علم أن في الصحابة رضي الله عنهم قلة عدد، و أن الذين يريدون قتله كثير عددهم، فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم؛ لأنه راع و الراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه، ومع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه، و هذا وجه.
و وجه آخر: هو أنه لما علم أنها فتنة و أن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق، فلم يختر لأصحابه أن يسلوا في الفتنة السيف، و هذا إنما إشفاقاً منه عليهم هم، فصانهم عن جميع هذا.
و وجه آخر: يحتمل أن يصبر عن الانتصار ليكون الصحابة رضي الله عنهم شهوداً على من ظلمه و خالف أمره و سفك دمه بغير حق، لأن المؤمنين شهداء الله عز وجل في أرضه، و مع ذلك فلم يحب أن يهرق بسببه دم مسلم ولا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه دم مسلم، و كذا قال رضي الله عنه. فكان عثمان رضي الله عنه بهذا الفعل موفقاً معذوراً رشيداً، و كان الصحابة رضي الله عنهم في عذر، و شقي قاتله.
و مما سبق نعلم أن منهج عثمان رضي الله عنه أثناء الفتنة و مسلكه مع المنافقين - هذا مصطلح نبوي أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم على الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه، لحديث (… فأرادك المنافقون أن تخلع .. الخ، تقدم تخريجه -، الذين خرجوا عليه لم تفرضه عليه مجريات الأحداث، ولا ضغط الواقع، بل كان منهجاً نابعاً من مشكاة النبوة، حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر و الاحتساب و عدم القتال حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وقد وفىّ ذو النورين رضي الله عنه بوعده و عهده لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال أيام خلافته، حتى خرّ شهيداً مضجراً بدمائه الطاهرة الزكية، ملبياً لدعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإفطار عنده. انظر: استشهاد عثمان لخالد الغيث (ص116) بتصرف يسير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/227)
أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 496 - 497) بإسناد حسن، من طريق مسلم أبو سعيد مولى عثمان رضي الله عنه: أن عثمان بن عفان أعتق عشرين مملوكاً، و دعا سراويل فشدها عليه - حتى لا تظهر عورته عند قتله - و لم يلبسها في جاهلية ولا في إسلام، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في النوم و رأيت أبا بكر و عمر و أنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه.
و اعتبرت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه من أخطر الأحداث التي مرّت بها الدولة الإسلامية في عصر الخلافة الراشدة، و قد تركت من الاختلاف و الانقسام في صفوف الأمة ما كاد يودي بها، و قد أعقبها فتن داخلية أخرى تتصل بها و تتفرع عنها و هي موقعة الجمل و صفين و النهروان، كما استمرت آثارها متمثلة في الخوارج و الشيعة المعارضين للدولة الأموية و العصر الأول من الدولة العباسية خاصة، بل يمكن أن نعتبر الانقسامات الكبرى الناجمة عن الفتنة مؤثرة في الأمة حتى الوقت الحاضر.
و كان مقتل عثمان رضي الله عنه صباحاً، في يوم الجمعة، الثاني عشر من ذي الحجة، سنة خمس
و ثلاثين من الهجرة، و دفن ليلة السبت بين المغرب و العشاء، بحش كوكب شرقي البقيع، و هو ابن
اثنتين و ثمانين سنة، على الصحيح المشهور. رحم الله عثمان و رضي عنه. انظر: ابن سعد (3/ 77 - 78) و خليفة بن خياط (ص176) و الطبري (4/ 415 - 416) و المسند (2/ 10) و الذهبي في تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين (ص481) و البداية و النهاية لابن كثير (7/ 190) والاستيعاب لابن عبد البر (3/ 1044).
(الموقف مما شجر بين الصحابة).
أقول و بالله التوفيق: اعلم رحمني الله وإياك؛ أن البحث فيما شجر بين الصحابة، لا يقرب العبد إلى الله زلفى، فهم قد لقوا ربهم و هو أعلم بما شجر بينهم، فإن كان الأمر لا يقربك إلى الله زلفى و إنما قد يقودك إلى النار و أنت لا تعلم، فتجنبه أولى؛ إلا في حالة واحدة و سيأتي بيان هذه الحالة.
و معنى الإمساك عما شجر بين الصحابة، هو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب و الخلافات على سبيل التوسع و تتبع التفصيلات، و نشر ذلك بين العامة، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة و الانتصار لأخرى.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/ 406): و كذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم، و نعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب و هم كانوا مجتهدين، إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم، و ما كان لهم من السيئات، و قد سبق لهم من الله الحسنى، فإن الله يغفر لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة.
و ما شجر بينهم من خلاف فقد كانوا رضي الله عنهم يطلبون فيه الحق و يدافعون فيه عن الحق، فاختلفت فيه اجتهاداتهم، و لكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم، و من هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم، فلا نقول عنهم إلا خيراً و نتأول و نحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم و لا نطعن في نيّاتهم فهي عند الله، و قد أفضوا إلى ما قدموا، فنترضى عنهم جميعاً و نترحم عليهم و نحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم.
قال ابن قدامة المقدسي في اللمعة (ص175): و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و محبتهم و ذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الاستغفار لهم، و الكف عن ذكر مساوئهم و ما شجر بينهم، و اعتقاد فضلهم و معرفة سابقتهم، قال الله تعالى {و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} [الحشر/10] و قال تعالى {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح/29] و قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. البخاري مع الفتح (7/ 25) و مسلم برقم (6435).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/228)
و يقول الإمام الذهبي رحمه الله في السير (10/ 92 - 93): كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بينهم، و قتالهم رضي الله عنهم أجمعين و ما زال يمر بنا ذلك في الدواوين و الكتب و الأجزاء، و لكن أكثر ذلك منقطع و ضعيف و بعضه كذب .. فينبغي طيه و إخفاؤه بل إعدامه لتصفوا القلوب، و تتوفر على حب الصحابة و الترضي عنهم، و كتمان ذلك متعين عن العامة و آحاد العلماء .. إلى أن قال: فأما ما نقله أهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه، ولا كرامة فأكثره باطل و كذب و افتراء.
و فضيلة الصحبة و لو للحظة، لا يوازيها عملٌ ولا تنال درجتها بشيء، و الفضائل لا تؤخذ بالقياس.
و قد أخرج ابن عساكر في تاريخه (59/ 141) في ترجمة معاوية رضي الله عنه من طريق ابن منده ثم من طريق أبي القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي قال: جاء رجل إلى عمي فقال له: إني أبغض معاوية، فقال له: لم؟ قال: لأنه قاتل علياً بغير حق، فقال له أبو زرعة: رب معاوية ربٌ رحيم و خصم معاوية خصمٌ كريم فما دخولك بينهما؟.
و قال الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة (5/ 2485 - 2491)، باب ذكر الكف عما شجر بين أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و رحمة الله عليهم أجمعين: ينبغي لمن تدبر ما رسمنا من فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و فضائل أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين، أن يحبهم و يترحم عليهم و يستغفر لهم، ويتوسل إلى الله الكريم لهم – أي بالدعاء و الترحم والاستغفار و الترضي – ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا، ولا يذكر ما شجر بينهم، ولا ينقّر عنه ولا يبحث. فإن عارضنا جاهل مفتون قد خطي به عن طريق الرشاد فقال: لم قاتل فلان لفلان، ولم قتل فلان لفلان وفلان؟!.
قيل له: ما بنا و بك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها.
فإن قال قائل: و لم؟
قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة رضي الله عنهم، فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، و كانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، و كانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم، لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، و شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، و جاهدوا معه، و شهد لهم الله عز وجل بالرضوان والمغفرة و الأجر العظيم، و شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، فكانوا بالله عز وجل أعرف و برسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبالسنة، و منهم يؤخذ العلم، و في قولهم نعيش و بأحكامهم نحكم، و بأدبهم نتأدب و لهم نتبع و بهذا أمرنا.
فإن قال قائل: و أيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم و البحث عنه؟
قيل له: لاشك فيه؛ و ذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، و عقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق و نتخلف عما أمرنا فيهم.
فإن قال قائل: و بم أمرنا فيهم؟
قيل: أمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم و الاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة و قول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، و صاهرهم، و صاهروه، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم، و قد ضمن الله عز وجل لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحداً، و قد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة و الإنجيل؛ فوصفهم بأجمل الوصف، و نعتهم بأحسن النعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم، و إذا تاب عليهم لم يعذب واحداً منهم أبداً رضي الله عنهم و رضوا عنه {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة/22].
فإن قال قائل: إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم، فأكون لم يذهب عليّ ما كانوا فيه لأني أحب ذلك ولا أجهله.
قيل له: أنت طالب فتنة، لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، و لو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه و اجتناب محارمه كان أولى بك. و قيل له: ولا سيّما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة – فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث و يقال في زمننا هذا -.
و قيل له: اشتغالك بمطعمك، و ملبسك من أين؟ هو أولى بك، و تمسكك بدرهمك من أين هو؟ و فيم تنفقه؟ أولى بك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/229)
و قيل: لا نأمن أن تكون بتنقيرك و بحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما يصلح لك أن تهواه، و يلعب بك الشيطان فتسب و تبغض من أمرك الله بمحبته و الاستغفار له و باتباعه، فتزل عن طريق الحق، و تسك طريق الباطل.
فإن قال: فاذكر لنا من الكتاب و السنة و عمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت، لنرد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.
قيل له: قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ و حجة لمن عقل، و نعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق. قال الله عز وجل {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل، كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار .. } [الفتح:29]. ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم. و قال الله عز وجل {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة .. } [التوبة/117]. الآية. و قال عز وجل {و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم .. } [التوبة/100]. إلى آخر الآية. و قال عز وجل {يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم .. .. } [التحريم/8]. الآية. و قال عز وجل {كنتم خير أمة .. .. } [آل عمران/110]. الآية. و قال عز وجل {لقد رضي الله عن المؤمنين .. .. } [الفتح/18]. إلى آخر الآية. ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء من بعد الصحابة فاستغفر للصحابة و سأل مولاه الكريم ألا يجعل في قلبه غلاً لهم، فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء فقال عز وجل {و الذين جاءوا من بعدهم .. إلى قوله .. رءوف رحيم} [الحشر/10]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. أخرجه البخاري مع الفتح (7/ 5) و مسلم برقم (6419) و أحمد في المسند (1/ 438). وقال ابن مسعود: إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و بعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد - يعني من غير الأنبياء و المرسلين كما هو معلوم - فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه. رواه أحمد في المسند (1/ 379) و البغوي في شرح السنة (1/ 214 - 215) و هو حدث حسن.
ثم قال الآجري رحمه الله: يقال: لمن سمع هذا من الله عز وجل و من رسوله صلى الله عليه وسلم: إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به، و إن كنت متبعاً لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل فيهم {و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} [القصص/50]، و كنت ممن قال الله عز وجل {و لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو اسمعهم لتولوا و هم معرضون} [الأنفال/23].
و يقال له: من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم و يهوى بعضهم، و يذم بعضاً و يمدح بعضاً؛ فهذا رجل طالب فتنة، و في الفتنة وقع، لأنه واجب عليه محبة الجميع، و الاستغفار للجميع رضي الله عنهم، و نفعنا بحبهم، و نحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع، و يدع البحث و التنقير عما شجر بينهم.
ثم ساق رحمه الله مجموعة من الآثار في بيان الواجب عمله تجاه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: ما رواه عن شهاب بن خراش عن العوام بن حوشب قال: اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم، ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم. أخرجه الخلال في السنة (ص 513) و إسناده حسن. و أيضاً ما رواه أبي ميسرة قال: رأيت في المنام قباباً في رياض مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكلاع و أصحابه – و كان مع من قتل مع معاوية رضي الله عنه -، و رأيت قباباً في رياض فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لعمار و أصحابه، فقلت: و كيف و قد قتل بعضهم بعضاً؟ قال: إنهم وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة. إسناده صحيح إلى أبي ميسرة، و لم يخرجه غير الإمام الآجري. كما قال ذلك المحقق، أنظر كتاب الشريعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/230)
(5/ 2493). و أيضاً ما ذكر عن الحسن رحمه الله، أنه كان في مجلس فذكر كلاماً و ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً و أعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فتشبهوا بأخلاقهم و طرائقهم، فإنهم و رب الكعبة على الهدى المستقيم. أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 305 - 306) عن الحسن عن ابن عمر، و البغوي في شرح السنة (1/ 214) عن ابن مسعود.
و الذي يظهر من كلام هؤلاء الأئمة التأكيد على هذا الضابط المهم و هو: عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، على سبيل التسلية و تأليف الأشرطة والمحاضرات و عرضها بين الناس بمختلف مستوياتهم، و هو الخطأ الذي وقع فيه الدكتور: طارق سويدان حفظه الله.
غير أن بعضهم أجاز الخوض في ذلك في حالة واحدة فقط؛ و هي إن ظهر مبتدع مبطل يقدح فيهم بالباطل، فيجب الدفاع عنهم بحق و عدل مع التنبيه إلى أنه لا يدافع عن بعضهم فيقع في سب آخرين منهم، إنما يكون الدفاع عنهم رضي الله عنهم جميعاً، و إلا فيجب الصمت و ترك الخوض فيما شجر بينهم. ضوابط إنقاذ التاريخ الإسلامي، مقال من جريدة المسلمون للدكتور: محمد بن عبد الله الغبان. العدد (656ص 8).
إن موضوع النزاع و الخلاف بين الصحابة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه يجب أن ينظر إليه من زاويتين:-
الأولى: إن اللوم في تلك الفتنة على العموم يلقى على قتلة عثمان، لأن كل من قتل من المسلمين بأيدي
إخوانهم منذ قتل عثمان رضي الله عنه إنما يقع إثمه عليهم، فهم الذين فتحوا باب الفتنة و كل ما وقع بعد ذلك فإثمه و وزره عليهم، إذ كانوا هم السبب المباشر فيها، و هم الفئة المعتدية الظالمة الباغية التي قتل بسببها كل مقتول في الجمل و صفين و ما تفرق عنها من أحداث و آراء و مواقف فتحت باب الخلاف و الفرقة بين المسلمين.
الثانية: إن ما حدث من جانب الصحابة رضي الله عنهم في هذه الفتنة يحمل على حسن النية و الاختلاف في التقدير و الاجتهاد، كما يحمل على وقوع الخطأ و الإصابة، و لكنهم على كل حال كانوا مجتهدين و هم لإخلاصهم في اجتهادهم مثابون عليه في حالتي الإصابة و الخطأ، و إن كان ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ؛ لأن كل فئة كانت لها وجهة نظر تدافع عنها بحسن نية، حيث إن الخلاف بينهم لم يكن بسبب التنافس على الدنيا، و إنما كان اجتهاداً من كل منهم في تطبيق شرائع الإسلام. تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (2/ 340 - 342) بتصرف.
و قد سئل ابن المبارك عن الفتنة التي وقعت بين علي و معاوية رضي الله عنهما فقال: فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا - يعني في التحرز من الوقوع في الخطأ و الحكم على بعضهم بما لا يكون مصيباً
فيه -. و سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و غبنا،
و علموا و جهلنا، و اجتمعوا فاتبعنا، و اختلفوا فوقفنا. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 322) في تفسير سورة الحجرات.
و يقول النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم (18/ 219 - 220): و اعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد - يعني قوله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار - و مذهب أهل السنة و الحق إحسان الظن بهم، و الإمساك عما شجر بينهم، و تأويل قتالهم و أنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا، بل اعتقد كل فريق أنه المحق و مخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى الله، و كان بعضهم مصيباً و بعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ لأنه اجتهاد و المجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/231)
و يورد شيخ الإسلام في مواضع متفرقة من مجموع الفتاوى (35/ 50 و 54 و 56 و 69) رأي أهل السنة في هذه المسألة مستبعداً رأي أهل البدع من الخوارج و الرافضة و المعتزلة الذين جعلوا القتال موجباً للكفر أو الفسق، فيقول: و أهل السنة و الجماعة و أئمة الدين لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة بل يمكن أن يقع الذنب منهم، والله يغفر لهم بالتوبة و يرفع بها درجاتهم، و إن الأنبياء هم المعصومون فقط، أما الصديقون و الشهداء و الصالحون فليسوا معصومين، و هذا في الذنوب المحققة، و أما اجتهادهم فقد يصيبون فيه أو يخطئون، فإذا اجتهدوا و أصابوا فلهم أجران، و إذا اجتهدوا و أخطأوا فلهم أجر واحد على اجتهادهم، و جمهور أهل العلم يفرقون بين الخوارج المارقين و بين أصحاب الجمل و صفين ممن يعد من البغاة المتأولين، و هذا مأثور عن الصحابة و عامة أهل الحديث، و الفقهاء و الأئمة.
يقول ابن حجر في الفتح (13/ 37): و اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، و لو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد و قد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً، و أن المصيب يؤجر أجرين.
و هكذا نأخذ من مجموع كلام هؤلاء الأئمة، أن الموقف مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم هو الإمساك و عدم الخوض، و هذا هو الذي دل عليه الحديث الثابت كما عند الطبراني و غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا. أنظر: السلسة الصحيحة (1/ 75).
و قد فسر المناوي في فيض القدير (2/ 676) الحديث بأن معناه: ما شجر بينهم - أي الصحابة - من الحروب والمنازعات.
يقول الحافظ الذهبي في السير (3/ 128): فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غالياً في الحب، مفرطاً في البغض، و من أين يقع له الإنصاف و الاعتدال؟! فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق و اتضح من الطرفين و عرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، و تبصرنا فعذرنا و استغفرنا و أحببنا باقتصاد، و ترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ إن شاء الله مغفور، و قلنا كما علمنا الله {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} و ترضينا أيضاً عمن اعتزل الفريقين كسعد ين أبي وقاص و ابن عمر و محمد بن مسلمة و سعيد بن زيد و خلق، و تبرأنا من الخوارج الذين حاربوا علياً و كفروا الفريقين.
فهذه مقتطفات عاجلة من معتقد أهل السنة و الجماعة في الصحابة، و تلك قناعات و منطلقات شرعية لا تهتز بإرجاف المرجفين ولا تتأثر بتشكيك المشككين.
و إذا كانت أعراض المسلمين بشكل عام مصونة في الإسلام، فأعراض الصحابة و هم أهل الفضل و السابقة و الجهاد أولى بالصيانة، و الدفاع عنهم قربة لله عز وجل و تقديراً لمآثرهم و جهادهم.
و أخيراً لماذا هذه العناية بأعراض الصحابة و لماذا الدفاع عنهم؟
أقول: إن هناك مكمن خطر في سبهم أو التعريض بهم و بعدالتهم، فهم نقلة الدين و الطعن فيهم وسيلة للطعن في الدين.
وإن من أسوأ الأخطاء المنهجية والتربوية معاً، تدريس الحروب والخلافات التي وقعت بين الصحابة لتلاميذ المدارس، مع ما يصاحب ذلك من تشويه في العرض، و تقصير في تعريف التلاميذ بمنزلة الصحابة و فضلهم و حقهم على الأمة، حيث ينشأ عن ذلك تعارض في أذهانهم بين الصورة الفطرية التي تصوروها عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و ما ينبغي أن يكونوا عليه من الاستقامة، و بين الصورة التي تلقوها من المدرسة، فلا يستطيعون معرفة الحق من ذلك ولا يستوعبونه نظراً لصغر سنهم، و لقلة ثقافتهم، حتى لو حاولت أن توضح لهم الصورة الصحيحة فإنهم لا يكادون يقتنعون لأن الشبهة التي أثيرت قد انقدحت في أذهانهم.
و هذه المسارعة في عرض مثل هذه المادة التاريخية على صغار التلاميذ أو عوام الناس مخالف للقواعد الأصولية مثل قاعدة: (سد الذرائع). و قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). و مخالف أيضاً للقواعد التربوية التي تقتضي أن لا يعرض على الناس أكثر مما لا تحتمله عقولهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/232)
و قد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد هذا؛ فقال عبد الله بن مسعود كما في مقدمة صحيح مسلم برقم (14): (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة). و قد بوب البخاري في صحيحه: (باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا). و أورد قول علي بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله و رسوله). البخاري مع الفتح (1/ 272)، قال ابن حجر معلقاً عليه: (فيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة).
فهذه الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على صحة هذه القاعدة التربوية، و أنه لا ينبغي أن يدرّس مثل هذا لتلاميذ المدارس، لأنه مما لا تبلغه عقولهم، و مما يؤدي إلى فتنة بعضهم، و هو اعتقاد ما لا ينبغي اعتقاده في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. و للمزيد حول هذا الموضوع أنظر كتاب: منهج كتابة التاريخ الإسلامي للدكتور: محمد بن صامل (ص252). و مقال: فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة: زياد سعد الغامدي في مجلة البيان الإسلامية العدد (134).
و إذا قدر لهذه القضايا أن تبحث فينبغي أن يسند الأمر إلى أهله، و أن يتوفر على ذلك علماء متمكنون في علمهم، صادقين في توجههم، برآء من أي تهمة في معتقدهم، و أن يكونوا على مستوى الخاصة، و ألا تفتن بهم العامة، و ألا تكون قضية مطروحة للمزاد يهرف فيها من لا يعرف، و يظن الجاهل أن من حقه أن يوافق أو يخالف .. و ليت شعري كم تنطق الرويبضة و يتصدر السفهاء إذا غاب عن الساحة صوت العلماء، أو توارى خلف الحجب رأي النبلاء .. و مع ذلك فالزبد سيذهب جفاء و يمكث في الأرض ما ينفع الناس، و كذلك اقتضت حكمة الله في الصراع بين الحق و الباطل قديماً و حديثاً، ليميز الله الخبيث من الطيب و ينحاز الصادقون و ينكشف و لو بعد حين الكاذبون. خير القرون، مقال للدكتور سليمان العودة. انظر مجلة الدعوة العدد (1610).
وما أحسن ما قيل عن التاريخ الإسلامي: فهو تاريخ ناصع مشرق، و هو مفخرة على مر الزمن، و درة على جبين الدهر، لا يدانيه تاريخ أمة من الأمم في قديم الزمان و حديثه، و مع ذلك فقد وقعت فيه بعض الحوادث التي تلقي بعض الظلال القاتمة على إشراقه، بدأت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ظهرت بعض الخلافات في وجهات النظر بين بعض الصحابة، أدت إلى وقوع بعض الحروب، مثل: وقعة صفين، و وقعة الجمل و يوم الحرة و أمثالها، و الطالب المسلم يمر بها في بعض مراحل حياته الدراسية، و نحن نريد أن نلفت نظر المعلم أو المدرس إلى وجوب التزام جانب اليقظة و الحكمة و الحذر عند عرض هذه الوقائع على طلابه، فالصحابة رضي الله عنهم شموس لامعة براقة أشرقت في تاريخ الإنسانية فغمرته بالنور، و هي شموس تتفاوت أقدارها و تتباين في أنواع فضائلها، و لكنها تبقى دائماً في أعلى درجات الفضل، و في ذروة العزة و المجد، و لو ميز المشتغلون بتاريخ الإسلام، بين الأصيل و الدخيل من الحوادث التي وقعت بين الصحابة، لأخذتهم الدهشة لما اخترعه أعداء الإسلام من يهود و مجوس و منافقين و ملحدين و حاقدين، من أخبار ملفقة كاذبة، ألصقوها بالصحابة الكرام ظلماً و عدواناً و كيداً، فصورت أخبارهم الوضع عن غير حقيقته، و أدخلت التشويه على الصورة الحقيقية الناصعة للصحابة رضي الله عنهم، الذين يعتبرون بحق سادة البشر و خلاصة الإنسانية، كيف لا؟ و هم تلامذة أشرف المخلوقين و سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. مقتبس من كتاب: كلمات نافعة لناجي الطنطاوي (ص79) بتصرف.
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتمسك بقوله تعالى: {و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم} [الحشر/10].
و بعد هذا الذي ذكرت، فإنه قد ظهر و خاصة على صفحات الإنترنت من يطعن في الصحابة الكرام و يثير هذه الأحداث من جديد لكن بشكل مشوّه مزرٍ، لذا آثرت الحديث في هذا الموضوع، دفاعاً عن الحق و عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر الأحداث التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه، حتى قبيل معركة الجمل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/233)
أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرّوا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و بعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة و نجم عن ذلك مقتل الخليفة، و بقاء المنصب شاغراً، و سعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة و عبد الله بن عمر، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، و هم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، و قد أدرك المعارضون ذلك بعد فشل محاولاتهم. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573 - 574).
قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا: لا والله! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد:فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، و أبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. و هناك رواية عن أبي بشير العابدي يقول فيها: إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، و قد طال الأمر. فقال لهم: إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، و إلا فلا حاجة لي فيه، فقالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فبايعوه في المسجد.
و هناك رواية أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا: يا علي ابسط يدك، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة. و هناك رواية أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال: أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول: إن علياً جاء فقال لطلحة: ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة: أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه. كلها عند الطبري في تاريخه (4/ 427 - 428) و (4/ 434). و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573).
و قد ذكر ابن سعد في الطبقات (3/ 31) بيعة علي رضي الله عنه يوم الجمعة بالخلافة سنة خمس و ثلاثين و ذكر من جملة الصحابة الذين بايعوا طلحة و الزبير و جمع من الصحابة ممن كان في المدينة.
ذكر المسعودي في مروج الذهب (ص358): أن علياً بويع في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه يعني البيعة الخاصة، ثم قال إنه بويع البيعة العامة بعد مقتل عثمان بأربعة أيام.
و ذكر اليعقوبي في تاريخه (1/ 178): أن طلحة و الزبير بايعا علياً وكان أول من بايعه و صفق على يده يد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
يقول الحافظ الذهبي دول الإسلام (1/ 28) في شأن البيعة: لما قتل عثمان سعى الناس إلى علي و قالوا: لابد للناس من إمام فحضر طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و الأعيان، و كان أول من بايعه طلحة ثم سائر الناس.
و أما الروايات المخالفة التي نقلها الإمام الطبري في تاريخه (4/ 429) و (4/ 431) و (4/ 435): منها من يقول بأن طلحة و الزبير بايعا كرها، حيث روى من طريق الزهري قال: بايع الناس علي ابن أبي طالب فأرسل إلى الزبير و طلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكّأ طلحة فقام الأشتر و سل سيفه و قال: والله لتبايعن أو لأضربن بهما بين عينيك فقال طلحة: و أين المهرب عنه! فبايعه و بايعه الزبير و الناس. و هناك روايات أخرى تبين أنهما بايعا و السيف فوق عنقيهما. هذه كلها لا تصح لأنها من روايات الواقدي و أبي مخنف الكذاب.
يقول ابن العربي في العواصم من القواصم (ص148) عنها: فإن قال طلحة: بايعته و اللج على عنقي، قلنا اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في القفا لغة قفي، كما يجعل في الهوى هوي، و تلك لغة هذيل لا قريش فكانت كذبة لم تدبر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/234)
و قول من قال: بايع علياً يد شلاّء – أي يد طلحة - والله لا يتم هذا الأمر. قال ابن العربي في العواصم (ص148 - 149) عن ذلك: و أما من قال يد شلاء و أمر لا يتم، فإن يداً شلت في وقاية رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم لها كل أمر و يتوقى بها من كل مكروه. و قد تم الأمر على وجهه، و نفذ القدر بعد ذلك على حكمه و جهلَ المبتدع ذلك فاخترع ما هو حجة عليه.
و في رواية ابن شبة كما رواها الطبري في تاريخه (4/ 429) عن محمد بن الحنفية قال: بايعت الأنصار علياً إلا نفير يسير.
و ذكر منهم: سعد بن أبي وقاص و ابن عمر و أسامة بن زيد و محمد بن مسلمة و غيرهم، قلت: هذا غير صحيح فإن حضورهم لعلي و اعتذارهم عن الوقوف معه في حرب أهل الشام أو فيما يدور بينه وبين المسلمين من القتال في العراق، لدليل واضح على أن في أعناقهم بيعة تلزمهم بطاعته حين اعتذروا، و لو كان الأمر خلاف ذلك لتركوه يخرج دون أن يذهبوا إليه و يعتذروا له، فهم حينئذ غير ملزمين بطاعته.
و يبرر الباقلاني في التمهيد في الرد على الملحدة (ص233 - 234) موقف الصحابة الذين تأخروا عن نصرة علي فيقول في هذا الصدد: فإن قال قائل: فإن كانت إمامة علي من الصحة و الثبوت بحيث وصفتم، فما تقولون في تأخر سعد و ابن عمر و ابن مسلمة و أسامة و غيرهم عن نصرته و الدخول في طاعته؟ قيل له: ليس في جميع القاعدين ممن أسمينا أو ضربنا عن ذكره من طعن في إمامته و اعتقد فسادها، و إنما قعدوا عن نصرته على حرب المسلمين لتخوفهم من ذلك و تجنب الإثم فيه.
و يذكر ابن العربي في العواصم (ص 150): أن قوماً قالوا تخلف عنه من الصحابة جماعة منهم سعد و ابن مسلمة و ابن عمر و أسامة، فيرد عليهم بقوله: قلنا أما بيعته فلم يتخلف عنها، و أما نصرته فتخلف عنها قوم؛ منهم من ذكرتم؛ لأنها كانت مسألة اجتهادية فاجتهد كل واحد و أعمل نظره و أصاب قدره.
و خلاصة القول لئن كانت بعض الروايات تستثني من البيعة بعض الصحابة فإن ذلك لا يقدح في خلافة علي رضي الله عنه.
و إن ثبت امتناع معاوية عن مبايعته فإن ذلك لا يقدح في إجماع أهل الحل و العقد على خلافته، كما لا يقدح في الإجماع على خلافة الصديق امتناع سعد بن عبادة عن مبايعته، على أن معاوية معترف بأن علي أحق بالإمامة منه و إنما حجّته في الامتناع هو طلبه تسليم الموجودين من قتلة عثمان فيقتص منم.
و يخلص الماوردي في الأحكام السلطانية (ص30) إلى القول: بأن فرض الإمامة أو البيعة يكون فرض كفاية كالجهاد و طلب العلم، حيث إذا قام بها من هو أهلها سقط فرضها عن كافة الناس.
بعد أن تولى علي الخلافة قام بعزل بعض الولاة و تعيين آخرين بدلاً عنهم، فعزل والي مكة خالد بن العاص، و عين بدله أبا قتادة الأنصاري مدة شهرين، ثم عزله و عين قثم بن العباس، و يبدو أن الرأي العام بمكة كان غاضباً لعثمان و تصاعد الغضب لكثرة النازحين من المدينة إلى مكة على إثر سيطرة الثوار على المدينة. تاريخ خليفة (ص178،201) و عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص139 - 146)
و أرسل عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة والياً عليها بدلاً من عبد الله بن عامر واليها لعثمان، و كان قد ترك البصرة متجهاً إلى مكة. و قد انقسمت البصرة على الوالي الجديد، فمنهم من بايع و منهم من اعتزل و منهم من رفض البيعة حتى يقتل قتلة عثمان. سير أعلام النبلاء (2/ 322).
و أما مصر فكان واليها عبد الله بن سعد بن أبي السرح قد تركها متجهاً إلى عسقلان، فاستولى عليها محمد بن أبي حذيفة مدة عام كامل و واجه معارضة تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، فلما قتل ولي عليها قيس بن سعد بن عبادة فتمكن من أخذ البيعة لعلي و هادن أهلها. مصنف عبد الرزاق (5/ 458) بسند صحيح إلى الزهري.
و أرسل علي إلى معاوية يطلب منه البيعة فرد عليه قائلاً: فإن كنت صادقاً فأمكنا من قتلة عثمان نقتلهم به ونحن أسرع الناس إليك. الأخبار الطوال للدينوري (ص162 - 163).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/235)
فإن قال قائل: إن علياً قد أخطأ في عزل جميع ولاة عثمان قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار. فالجواب: إن علياً رضي الله عنه إمام مجتهد له أن يعزل عمال عثمان إذا رأى المصلحة في ذلك، و قد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو المعصوم خالد بن سعيد بن أبي العاص على صنعاء و عمرو بن العاص على عمان، فعزلهما الصديق من بعده، و ولى الصديق خالد بن الوليد و المثنى بن حارثة، فعزلهما الفاروق من بعده،
و ولى الفاروق عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة فعزلهما عثمان من بعده. تاريخ خليفة (ص97،102،122 - 123،155،178) و تاريخ الطبري (3/ 343) (4/ 241).
و هكذا فعل علي لما رأى المصلحة في ذلك؛ فهل ينتقد عاقل الصديق و الفاروق و ذا النورين في عزلهم هؤلاء العمال الأكفاء!.
أما القول بأنه عزل جميع عمال عثمان، هذا غير صحيح فالعزل لم يتحقق إلا في معاوية في الشام و خالد بن أبي العاص في مكة، و أبي موسى الأشعري في الكوفة، على أنه أقره بعد ذلك. تاريخ الطبري (4/ 442) و تاريخ خليفة (ص201).
و أما البصرة فإن واليها خرج من نفسه، و في اليمن أخذ أميرها يعلي بن مُنية مال جباية اليمن و قدم مكة بعد مقتل عثمان و انضم إلى طلحة و الزبير و حضر معهم موقعة الجمل، و ابن أبي السرح خرج إلى فلسطين و مكث هناك حتى مات بعد أن تغلب ابن أبي حذيفة على مصر. تاريخ الطبري (4/ 421) و (4/ 450).
و هكذا فإن أميري اليمن و البصرة عزلا أنفسهما و أمير مصر عزله المتغلب عليها و أمير الكوفة أقره على منصبه فلم يرد العزل إلا في حق معاوية والي الشام و خالد والي مكة. و أما القول بأنه عزلهم قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار، قلت: إن تولية الإمام للعمال على الأمصار غير مشروط بوصول بيعة أهلها له، فمتى بايع أهل الحل و العقد، لزمت بيعته جميع البلدان النائية عن مركز الخلافة. و لو كانت تولية الخليفة العمال على الأمصار متوقفة على وصول بيعة أهلها له ما تمت بيعة أبي بكر رضي الله عنه، لأنه تصرف بإرسال جيش أسامة و محاربة المرتدين قبل وصول بيعة أهل مكة و الطائف و غيرها من البلاد، و كذلك فعل الفاروق و ذي النورين فإنهما تصرفا في أمور المسلمين أيضاً قبل وصول بيعة الأمصار إليهما.
مقدمات معركة الجمل و ما سبقها من أحداث.
لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي رضي الله عنه، خرج كل من طلحة و الزبير من المدينة بقصد العمرة، و كذلك خرج عبد الله بن عامر من البصرة و يعلي بن مُنْية من اليمن إلى مكة في أوقات مختلفة، و أما عن طلب الزبير و طلحة من علي السماح لهما بالذهاب إلى البصرة و الكوفة لإحضار جند يقاتلون بهم قتلة عثمان رضي الله عنه، فهذا خبر لا يصح منه شيء؛ لأن طلحة و الزبير رضي الله عنهما كانا حريصين على إصلاح ذات البين و إطفاء نار الفتنة و منع إراقة المزيد من دماء المسلمين، كما سيأتي.
اجتمع طلحة والزبير و يعلي و عبد الله بن عامر و عائشة رضي الله عنهم أجمعين بعد نظر طويل على الشخوص إلى البصرة من أجل الإصلاح بين الناس حين اضطرب أمرهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، و ليس من أجل المطالبة بدم عثمان، و دليل ذلك حديث الحوأب، - هو موضع قريب من البصرة، و هو من مياه العرب في الجاهلية و يقع على طريق القادم من مكة إلى البصرة، و سمي بالحوأب؛ نسبة لأبي بكر بن كلاب الحوأب، أو نسبة للحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية، انظر: معجم البلدان (2/ 314) – ففي أثناء الطريق إلى البصرة مر الجيش على منطقة يقال لها الحوأب، فنبحت كلابها فلما سمعت عائشة هذا النباح، طرأ عليها حديثاً فقالت ما هذه المنطقة؟ قالوا هذه الحوأب، فتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث روى أحمد و ابن حبان و الحاكم عن قيس بن حازم أن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحواب. فقال لها الزبير: ترجعين؟! - أي لا ترجعي لأنهم يحترمونك - عسى الله أن يصلح بك بين الناس. هذا لفظ شعبة، أما لفظ يحيى فقال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً، فنبحت الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/236)
فيصلح الله ذات بينهم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. السلسلة الصحيحة (1/ 846).
و قد أشكل حديث الحوأب على بعض الناس فردوه - منهم الإمام ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم (ص162)، و تابعه الشيخ محب الدين الخطيب في حاشيته على هذا الكتاب القيم (ص152) -، و هو حديث صحيح و لسان حالهم يقول: كان على عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب أن ترجع، و الحديث يدل على أنها لم ترجع و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين.
و قد أجاب الشيخ الألباني رحمه الله على هذا الإشكال فقال: ليس كل ما يقع من الكمّل يكون لائقاً بهم، إذ المعصوم من عصم الله و السنّي لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه، حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين، و لا شك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذا همّت بالرجوع حين علمت بتحقيق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب، و لكن الزبير رضي الله عنه، قد أقنعها بترك الرجوع بقوله: عسى الله أن يصلح بك بين الناس، و لاشك انه كان مخطئاً في ذلك أيضاً. السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855)، و قال ابن حجر عن الحديث: سنده على شرط الشيخين، انظر فتح الباري (13/ 59 - 60) و قال الهيثمي: رواه أحمد و أبو يعلى و البزار و رجال أحمد رجال الصحيح، مجمع الزوائد (7/ 234) و صححه الألباني في الصحيحة ورد على من طعن في صحته و بين من أخرجه من الأئمة، انظر: الصحيحة (1/ 846 - 855).
هنا أدرك علي رضي الله عنه خطورة الموقف، و ما يمكن أن يجر إليه الخلاف من تمزيق الدولة الإسلامية،
فاستنفر أهل المدينة للخروج معه فاجتمع معه حوالي سبعمائة رجل، و اعتزل الكثير من الصحابة هذه الفتنة، فخرج علي من المدينة متجهاً إلى العراق و قد عسكر في الربذة حيث أضيف إلى جنده مائتا رجل فبلغوا تسعمائة رجل. تاريخ دمشق لابن عساكر (42/ 456).
و قد حاول الحسن بن علي ثني أبيه عن الذهاب إلى العراق و هو يبكي لما أصاب المسلمين من الفرقة و الاختلاف، لكن علياً رفض ذلك و أصر على الخروج. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 99 - 100) بإسناد حسن، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 456 - 457).
و قد جاءت روايات لتبين أن علي رضي الله عنه خرج من المدينة في إثر أصحاب الجمل، و هذا الأمر لم يحدث، بل الصحيح أنه خرج من المدينة عاقداً العزم على التوجه إلى الكوفة ليكون قريباً من أهل الشام، و لم يخرج في أعقاب أصحاب الجمل.
و في ما يلي بيان هذا الأمر:-
أ- ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من المدينة أقام في - الربذة - عدة أيام، و هذا الصنيع من علي رضي الله عنه لا يشبه صنيع من خرج يطلب قوماً. هذا فضلاً عن أن - الربذة - تقع على طريق الكوفة بينما أصحاب الجمل كانوا يسلكون طريق البصرة.
ب- كذلك ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من - الربذة - توجه إلى – فَيْد، انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق البلادي (ص239). - ثم - الثعلبية، انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 78) - و هذه الأماكن من منازل طريق الكوفة، و هذا يعني أن علياً لم يكن يتعقب أصحاب الجمل، وإلا لترك طريق الكوفة و قصد طريق البصرة. خاصة أن من أراد البصرة و كان خارجاً من المدينة فإنه يتجه إلى – النَّقِرَة، انظر: معجم البلدان (5/ 298) - التي تقع على طريق الكوفة، و منها يتيامن حتى يصل – النِّباج، انظر: معجم البلدان (5/ 255) - التي تقع على طريق البصرة. انظر: كتاب المناسك للحربي (322،587).
لكن علياً رضي الله عنه لم يفعل ذلك بل تعدى النقرة و واصل سيره إلى فيد ثم الثعلبية. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص183 - 184).
هنا و بعد أن عسكر علي رضي الله عنه في الربذة، أرسل رسولين لاستنفار الكوفيين، و هما محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر، فأخفقا في مهمتهما لأن أباموسى الأشعري والي الكوفة لعلي التزم موقف اعتزال الفتنة و حذر الناس من المشاركة فيها. سنن أبي داود (4/ 459 - 460) بإسناد حسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/237)
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 58) من طريق أبي وائل قال: دخل أبو موسى و أبو مسعود على عمار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمت أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، و كساهما حلة ثم راحوا إلى المسجد.
فاتجه علي إلى - ذي قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة. معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 293 - 294) - قرب الكوفة و عسكر بها، و منها أرسل عبد الله بن عباس و أتبعه ابنه الحسن و عمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين. تاريخ الطبري (4/ 482) بسند صحيح إلى الزهري مرسلاً، و الفتح (13/ 63). و كان السبب في تغير وجهة السير، هو أن علي رضي الله عنه سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة و أدت إلى خروج عامله عنها.
روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بعث علي عماراً و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا و الآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. و روى كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة و الزبير و عائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر و الحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه و قام عمار أسفل الحسن. فاجتمعنا إليه فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، و لكن الله تبارك و تعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي. قال الحافظ في الفتح: و مراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، و أن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام و لا أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار و شدة تحريه قول الحق. و قال أيضاً: قال ابن هبيرة: في هذا الحديث أن عماراً كان صادق اللهجة و كان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب. انظر: الفتح (13/ 63).
و هنا يجدر التنبيه إلى أن كلام عمار رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها مبني على عدم معرفة عمار بحقيقة خروج أصحاب الجمل، و هو أنهم قد خرجوا للإصلاح بين الناس. أنظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص185).
فقدم على علي وفد الكوفه بذي قار فقال لهم: يا أهل الكوفة أنتم لقيتم ملوك العجم فعضضتم جموعهم،
و قد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن رجعوا فذاك الذي نريده، و إن أبو داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بالظلم، و لن ندع أمراً فيه الإصلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى. البداية و النهاية لابن كثير (7/ 237).
و تذكر بعض الروايات أن أصحاب الجمل بعد أن خرجوا من مكة و اقتربوا من أوطاس: و هو سهل يقع على طريق الحاج العراقي إذا أقبل من نجد، و تبعد عن مكة (143كم) باتجاه الشمال الشرقي، انظر: معجم البلدان (1/ 281)، تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته حتى وصلوا البصرة.
و هذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه يصور أصحاب الجمل الذين خرجوا للإصلاح
بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، و أن خوفهم من علي رضي الله عنه قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم. و بدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة، اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات.
و بيان ذلك كما يلي:-
أ- ذكرت الروايات أن أصحاب الجمل حين وصلوا - أوطاس - تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته.
و هذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة، بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة و كان خارجاً من مكة تيامن من عند - أوطاس - كما فعل أصحاب الجمل، و من أراد الكوفة تياسر عنها، حيث إن طريقي البصرة و الكوفة يأخذان بالتفرع يميناً و يساراً من بعد - أوطاس -.
ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد أن كلاب الحوأب نبحت على عائشة رضي الله عنها حين بلغت ديار بني عامر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/238)
و بنو عامر هؤلاء بنو عامر بن صعصعة، و الحوأب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة و هو من مياه بني بكر بن كلاب، و بنو كلاب هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة، انظر: معجم البلدان (1/ 314). و حيث إن بني كلاب كانوا يسكنون – ضَرِيَّة، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص612)، و معجم البلدان (3/ 457) -، فإن هذا يعني أن الحوأب تقع في - ضرية -، و حيث إن - ضرية - تقع على طريق الحاج البصري، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص594)، فإن ذلك يعني أن أصحاب الجمل قد سلكوا الطريق المعتاد بين مكة و البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك: كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص166 - 168).
معركة الجمل، و دور السبئية في إشعالها.
كان جيش مكة قد وصل خلال تلك الفترة إلى البصرة فأرسل عثمان بن حنيف رضي الله عنه و هو والي البصرة من قبل علي إليهم يستفسر عن سبب خروجهم فكان الجواب: إن الغوغاء من أهل الأمصار و نزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم و أحدثوا فيه الأحداث و آووا فيه المحدِثين و استوجبوا فيه لعنة الله و لعنة رسوله، مع ما نالوا من قتل أمير المسلمين بلا ترة و لا عذر فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه و انتهبوا المال الحرام و أحلوا البلد الحرام و الشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم و ما فيه الناس وراءنا، و ما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، و قرأت {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} [النساء /114]، ننهج في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل و أمر رسوله صلى الله عليه وسلم الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به و نحضكم عليه، و منكر ننهاكم عنه و نحثكم على تغييره. تاريخ الطبري (4/ 462)، من طريق سيف بن عمر.
اتجه بعدها جيش مكة نحو بيت المال و دار الرزق فاعترضهم حكيم بن جبلة أحد الثوار المشاركين في حصار الدار بالمدينة و معه سبعمائة من قومه و جرت معركة قتل فيها حكيم بن جبلة، و خرج عثمان بن حنيف من البصرة و لحق بعلي رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 468،471).
ولم يثبت من طريق صحيح يمكن أن يعول عليه، أنهم ضربوه و نتفوا شعر وجهه رضي الله عنه، و الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتنزهون عن مثل هذه المثلة القبيحة. و هذه من روايات أبي مخنف الكذاب. انظر: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري (ص258).
و حين عسكر جيش على بذي قار أرسل عبد الله بن عباس إلى طلحة و الزبير يسألهما: هل أحدث ما يوجد السخط على خلافته، كحيف في حكم أو استئثار بفيء؟ أو في كذا؟ فقال الزبير: ولا في واحدة منها. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 596) بسند صحيح و ابن أبي شيبة: المصنف (15/ 267) بتصرف يسير.
و بالجملة فعائشة و طلحة و الزبير رضي الله عنهم إنما خرجوا قاصدين الإصلاح، و جمع كلمة المسلمين
و ما رافق ذلك من قتال و حروب فلم يكن بمحض إرادتهم و لا قصداً منهم، و إنما أثير من قبل السبئية
و أعوانهم من الغوغاء، و لم يكن الإصلاح هدف طلحة و الزبير و عائشة وحدهم، بل إن علياً أيضاً لم ير في مسيره إليهم إلا الإصلاح و جمع الكلمة، و على العموم لم ير علي و طلحة و الزبير و عائشة رضوان الله عليهم أمراً أمثل من الصلح و ترك الحرب، فافترقوا على ذلك، و إنه لموقف رائع من طلحة و الزبير رضي الله عنهما، و هو لا يقل روعة عن موقف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فكل منهم قبل الصلح و وافق عليه، و كل منهم كان يتورع أن يسفك دماً أو يقتل مسلماً.
و لا يمكن أن يفهم عاقل يقف على النصوص السابقة أن زعماء الفريقين هم الذين حركوا المعركة و أوقدوا نارها، و كيف يتأتى ذلك و كلا الطرفين كانت كلمة الصلح قد نزلت من نفوسهم و قلوبهم منزلاً حسناً، و لكنهم قتلة عثمان أصحاب ابن سبأ عليهم من الله ما يستحقون هم الذين أشعلوا فتيلها و أججوا نيرانها حتى يفلتوا من حد القصاص.
و قد يسأل سائل لماذا سمح علي رضي الله عنه لأهل الفتنة بالبقاء معه في جيشه و لم يعاقبهم على فعلتهم الشنيعة؟!
كان سبب إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه أنهم كانوا سادات في أقوامهم، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/239)
وقد أجاب عن ذلك الإمام الطحاوي في شرح العقيدة شرح الطحاوية (ص483) بقوله: و كان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان، من لم يُعرف بعينه و من تنتصر له قبيلته، و من لم تقم عليه حجة بما فعله، و من في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله.
و على كل حال كان موقف علي رضي الله عنه، موقف المحتاط منهم، المتبرئ من فعلهم، و هو و إن كان لم يخرجهم من عسكره فقد كان يعاملهم بحذر و ينظر إليهم بشزر، حتى قال الإمام الطبري في تاريخه (4/ 445): بأنه لم يول أحد منهم أثناء استعداده للمسير إلى الشام – يقصد مسيره لحرب صفين -، حيث دعا ولده محمد بن الحنفية و سلمه اللواء و جعل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائد الميمنة و عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه على الميسرة و جعل على مقدمة الجيش أبا ليلى بن عمر بن الجراح و استخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهم.
و هذه بادرة منه رضي الله عنه ليعلن تبرؤه من أولئك المارقين، و يثبت قدرته على السيطرة على أمر المسلمين من غير عون منهم، فقد كان له في المسلمين الموالين له و المؤيدين لخلافته ما يغنيه عن الاستعانة بهم و التودد إليهم؛ و هذا أقصى ما يمكنه فعله بتلك الطائفة إذ ذاك، و هو كافٍ في عذره لأنهم مئات و لهم قرابة و عشائر في جيشه، فما يأمن لو عاملهم بأكثر من هذا من الشدة أن يمتد حبل الفتنة في الأمة، كما حصل ذلك لطلحة و الزبير و عائشة بالبصرة حين قتلوا بعضاً منهم، فغضب لهم قبائلهم و اعتزلوهم. إفادة الأخيار ببراءة الأبرار للتباني (2/ 52).
فلما نزل الناس منازلهم و اطمأنوا خرج علي و خرج طلحة و الزبير فتوافقوا و تكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمراً هو أمثل من الصلح، فافترقوا على ذلك، رجع علي إلى عسكره و رجع طلحة و الزبير إلى عسكرهما و أرسل طلحة و الزبير إلى رؤساء أصحابهما، و أرسل علي إلى رؤساء أصحابه ما عدا أولئك الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه فبات الناس على نية الصلح و العافية، و هم لا يشكون في الصلح فكان بعضهم بحيال بعض، و بعضهم يخرج إلى بعض لا يذكرون و لا ينوون إلا الصلح فباتوا بخير ليلة باتوها منذ مقتل عثمان، و بات الذين أثاروا الفتنة بشرّ ليلة باتوها قط، إذ أشرفوا على الهلاك و جعلوا يتشاورون ليلتهم كلها. انظر: تاريخ الطبري (4/ 506 - 507) من طريق سيف بن عمر.
فاجتمعوا على إنشاب الحرب في السر، فغدوا في الغلس و عليهم ظلمة و ما يشعر بهم جيرانهم، فوضعوا فيهم السيوف، فثار أهل البصرة و ثار كل قوم في وجوه الذين باغتوهم، فقام طلحة ينادي و هو على دابته - وقد غشيه الناس - فيقول: يا أيها الناس أتنصتون؟ فجعلوا يركبونه و لا ينصتونه، فما زاد أن قال: أف، أف، فراش نار و ذبان طمع. تاريخ خليفة (ص 182). وهل يكون فراش النار و ذبان الطمع غير أولئك السبئية؟!
التحم القتال من الغوغاء و خرج الأمر عن علي و طلحة و الزبير. و كان طلحة يقول – و السهام تناوشه -: اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى. تاريخ خليفة (ص 185)، دول الإسلام للذهبي (1/ 28).
و يصور لنا الحسن بن علي حال والده فيقول: لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذ بي و يقول: يا حسن لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة - أو سنة -، فقال له الحسن: يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني لم أر الأمر يبلغ هذا. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 288) بإسناد صحيح، و السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 566، 589).
و روى ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 275). بإسناده إلى حبيب بن أبي ثابت أن علياً قال يوم الجمل: اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت.
أما الروايات التي جاءت تفيد بأن طلحة رضي الله عنه قام بتحريض الناس على القتال ثم إصابته و موته، هي روايات مردودة بما ثبت من عدالة الصحابة رضوان الله عليهم، وقام طلحة و رجع خلف الجيش، فجاءه سهم غرب لا يعرف من أين أتى فنزل في المفصل من ركبته فصادف جرحاً في ساقه كان أصابه يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ ينزف فحمله غلامه إلى البصرة و ألجأه إلى دار خربة لا أحد فيها و مات هناك رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 512، 514) من طريق سيف بن عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/240)
و قيل أن الذي ضربه بالسهم مروان بن الحكم، لكن ليس هناك دليل على هذا، و بدراسة تلك الروايات، اتضح براءة مروان بن الحكم من تلك التهمة، و ذلك للأسباب التالية:-
أ- وجود رواية لمروان بن الحكم في صحيح البخاري، مع ما عرف من البخاري رحمه الله من الدقة و شدة التحري في أمر من تقبل روايته، فلو صح قيام مروان بقتل طلحة رضي الله عنه لكان هذا سبباً كافياً لرد روايته و القدح في عدالته. و الرواية في صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (3/ 493).
ب- استبعاد ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (7/ 248) لهذا الأمر و تشكيكه فيه بقوله: و يقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم. و قد قيل: إن الذي رماه بهذا السهم غيره، و هذا عندي أقرب، و إن كان الأول مشهوراً، والله أعلم.
جـ- ثناء الأئمة عليه كالإمام أحمد، و الحافظ ابن حجر. سير أعلام النبلاء للذهبي (3/ 477) و الإصابة لابن حجر (6/ 257 - 259).
د- بطلان السبب الذي قيل إن مروان قتل طلحة رضي الله عنه من أجله، و هو اتهام مروان لطلحة بأنه أعان على قتل عثمان رضي الله عنه. و هذا السبب المزعوم غير صحيح حيث إنه لم يثبت من طريق صحيح أن أحداً من الصحابة قد أعان على قتل عثمان رضي الله عنه.
هـ - كون مروان و طلحة رضي الله عنهما، في صف واحد يوم الجمل، و هو صف المنادين بالإصلاح بين الناس.
و - أن معاوية رضي الله عنه قد ولى مروان على المدينة و مكة، انظر خبر توليته في: تاريخ الطبري (5/ 293)، فلو صح ما بدر من مروان لما ولاه معاوية رضي الله عنه على رقاب المسلمين و في أقدس البقاع عند الله. لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص202 - 203).
و في أثناء المعركة قال علي للزبير: أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: يا زبير أما والله لتقاتلنه و أنت ظالم له. تاريخ دمشق لابن عساكر (18/ 408 - 410).
روى الحاكم في المستدرك (3/ 365 - 366) من طرق متعددة أن علياً ذكرّ الزبير بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لتقاتلن علياً و أنت ظالم له، فلذلك رجع.
و أخرج إسحاق من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام - رجل من حيه - قال: خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول و أنت لاوي يدي: لتقاتلنه و أنت ظالم له ثم لينتصرن عليك. قال: قد سمعت، لا جرم لا أقاتلك. ذكره الحافظ في الفتح (13/ 60) و انظر المطالب العالية (4/ 301).
و روى ابن عساكر في تاريخه (18/ 410) وابن كثير في البداية (7/ 242) أن الزبير رضي الله عنه لما عزم عل الرجوع إلى المدينة عرض له ابنه عبد الله فقال: مالك؟ قال: ذكرّني علي حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم و إني راجع، فقال له ابنه: و هل جئت للقتال؟ إنما جئت تصلح بين الناس، و يصلح الله هذا الأمر.
و بالفعل فإن موقف الزبير رضي الله عنه كان السعي في الإصلاح حتى آخر لحظة، و هذا ما أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 366) من طريق أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، و فيه أن الزبير رضي الله عنه سعى في الصلح بين الناس و لكن لما قامت المعركة واختلف أمر الناس مضى الزبير و ترك القتال.
و هذا الفعل من الزبير رضي الله عنه هو الذي ينسجم مع مقصده الذي قدم البصرة من أجله، لا كما تصوره بعض الروايات من أنه كان من المحرضين على القتال.
و أثناء انسحابه رضي الله عنه رآه ابن جرموز فتبعه فأدركه و هو نائم في القائلة، بوادي السباع، فهجم عليه فقتله رضي الله عنه، ثم سلب سيفه و درعه. الفصل في الملل و النحل لابن حزم (4/ 239). و قال ابن كثير أن هذا القول هو الأشهر. أنظر: البداية و النهاية (7/ 250).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/241)
ذكر الحافظ في الفتح (6/ 264 - 265) و (7/ 102): أن ابن جرموز جاء إلى علي متقرباً إليه بذلك، فأمسك علي السيف بيده و قال: طالما جلى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. أنظر: المسند (1/ 89، 102) و صححه الحاكم في المستدرك (4/ 367) و و ذكره أحمد في كتاب فضائل الصحابة بإسناد حسن (2/ 736 - 737) بلفظ قريب و فيه: جاء قاتل الزبير يستأذن، فجاء الغلام فقال: هذا قاتل الزبير فقال: ليدخل قاتل الزبير النار، و جاء قاتل طلحة يستأذن فقال الغلام: هذا قاتل طلحة يستأذن، فقال: ليدخل قاتل طلحة النار.
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/ 737) بإسناده حسن، و فيه أن ابن جرموز استأذن على علي رضي الله عنه فقال: من هذا؟ فقال: ابن جرموز يستأذن. فقال: ائذنوا له ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل نبي حواريّ و إن حوارييّ الزبير.
و في تعليل هذه الجرأة من ابن جرموز على قتل الزبير رضي الله عنه يقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (ص322): و كثر في أيامه - أيام عثمان رضي الله عنه - من لم يصحب الرسول، و فُقد من عَرَفَ فضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
هنا ذهب كعب بن سَور بالخبر إلى أم المؤمنين فقال لها: أدركي الناس قد تقاتلوا. و كانت المعركة قريبة من البصرة، فوضع لها الهودج فوق البعير – ورد أن اسم البعير عسكر - فجلست فيه و غطي بالدروع، و ذهبت إلى أرض المعركة لعل أن يوقف الناس القتال عندما يشاهدونها، فلما وصلت، أعطت عائشة المصحف لكعب و قالت له: خلِّ البعير و تقدم و ارفع كتاب الله و ادعهم إليه، فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركوا كعباً يفعل ما طُلب منه، فلما قام كعب و رفع المصحف و أخذ ينادي تناولته النبال فقتلوه، كما جاء في رواية الطبري (4/ 513) من طريق سيف بن عمر، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 88).
ثم أخذوا بالضرب نحو الجمل، بغية قتل عائشة لكن الله نجاها، فأخذت تنادي: أوقفوا القتال، و أخذ علي ينادي و هو من خلف الجيش: أن أو قفوا القتال، و قادة الفتنة مستمرين، فقامت أم المؤمنين بالدعاء على قتلة عثمان قائلة: اللهم العن قتلة عثمان، فبدأ الجيش ينادي معها، و حين سمع علي رضي الله عنه أثناء المعركة أهل البصرة يضجون بالدعاء، قال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: عائشة تدعو و يدعون معاً على قتلة عثمان و أشياعهم، فأقبل علي يدعو و يقول: اللهم العن قتلة عثمان و أشياعهم. الطبري (4/ 513).
و روى ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 277) و البيهقي في السنن الكبرى (8/ 181) أن علياً سمع يوم الجمل صوتاً تلقاء أم المؤمنين فقال: انظروا ما يقولون، فرجعوا فقالوا: يهتفون بقتلة عثمان، فقال: اللهم أحلل بقتلة عثمان خزياً.
و يؤيد هذا الخبر ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 455) بإسناد صحيح، من طريق محمد بن الحنفية قال: بلغ علياً أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال: و أنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل، قال مرتين أو ثلاثاً. و ارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين ..
يقول الحارث بن سويد الكوفي - شاهد عيان ثقة ثبت - لقد رأيتُنا يوم الجمل، و إن رماحنا و رماحهم لمتشاجرة و لو شاءت الرجال لمشت عليه، يقولون الله أكبر، سبحان الله، الله أكبر. تاريخ خليفة (ص 198) بإسناد صحيح.
ثم إن أهل الفتنة أخذوا يرشقون جمل أم المؤمنين بالنبال و علي يصرخ فيهم أن كفوا عن الجمل، لكنهم لا يطيعونه فصار الجمل كالقنفذ من كثرة النبال التي علقت به. تاريخ الطبري (4/ 513، 533) من طريق سيف بن عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/242)
و يقدم الأشتر نحو الجمل فوقف له ابن الزبير فتقاتلا، و لهذا شاهد من حديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (11/ 108) و (15/ 257) بإسناد رجاله ثقاة: أن الأشتر و ابن الزبير التقيا فقال ابن الزبير: فما ضربته ضربة حتى ضربني خمساً أو ستاً، ثم قال: فألقاني برجلي ثم قال: والله لولا قرابتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت منك عضواً مع صاحبه، قال: و قالت عائشة: واثكل أسماء، قال: فلما كان بعد أعطت الذي بشرها به أنه حي عشرة آلاف.
أما قصة صراع ابن الزبير مع الأشتر و قول ابن الزبير اقتلوني و مالكاً، تعارضها الروايات الصحيحة، فقد أخرج الطبري (4/ 520) بسند صحيح عن علقمة أن الأشتر لقي ابن الزبير في الجمل فقال: فما رضيت بشدة ساعدي أن قمت في الركاب فضربته على رأسه فصرعته. قلنا فهو القائل اقتلوني و مالكاً؟ قال: لا، ما تركته و في نفسي منه شيء، ذاك عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، لقيني فاختلفنا ضربتين، فصرعني و صرعته، فجعل يقول اقتلوني و مالكاً، و لا يعلمون من مالك فلو يعلمون لقتلوني. و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 228).
هنا وصل القعقاع إلى الجمل فخاف على أم المؤمنين أن تصاب فبدأ ينادي بالانسحاب فأخذ الجمل محمد بن طلحة بن عبيد الله فقتل رضي الله عنه فأخذ القعقاع الجمل و سحبه خارج المعركة.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 285) بسند صحيح أن عبد الله بن بديل قال لعائشة: يا أم المؤمنين أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلتُ ما تأمريني، فقلتِ الزم علياً؟ فسكتت فقال: اعقروا الجمل فعقروه قال: فنزلت أنا و أخوها محمد و احتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي، فأمر به علي فأدخل في بيت عبد الله بن بديل. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
هنا علي رضي الله عنه أصدر الأوامر بأن لا تلحقوا هارباً و لا تأخذوا سبياً فثار أهل الفتنة و قالوا: تحل لنا دمائهم و لا تحل لنا نسائهم و أموالهم؟ فقال علي: أيكم يريد عائشة في سهمه، فسكتوا، فنادى لا تقتلوا جريحاً و لا تقتلوا مدبراً، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.البيهقي في السنن الكبرى (8/ 182) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 257) و (15/ 286) بإسناد صحيح.
و أخرج الشافعي في الأم (4/ 308) من رواية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: دخلت على مروان بن الحكم، فقال: ما رأيت أحداً أكرم من أبيك، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه لا يقتل مدبراً و لا يذفف على جريح. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
و كان علي رضي الله عنه يطوف على القتلى و هم يدفنون، ثم سار حتى دخل البصرة فمر على طلحة
و رآه مقتولاً فجعل يمسح التراب عن وجهه و يقول: عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري و بجري - أي همومي وأحزاني - و بكى عليه و على أصحابه. تاريخ دمشق (25/ 115) و أسد الغابة لابن الأثير (3/ 88 - 89).
بعدها ذهب إلى بيت عبد الله بن بديل الخزاعي لزيارة عائشة و الاطمئنان عليها فقال لها: غفر الله لكِ، قالت: ولك ما أردت إلا الإصلاح بين الناس. شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 206). و نقل الزهري في المغازي (ص154) قولها: إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، و لم أحسب أن يكون بين الناس قتال، و لو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً. و هذا هو الصحيح بخلاف من قال بأن عائشة نزلت في بيت عبد الله بن خلف الخزاعي.
ثم قام علي بتجهيز عائشة و إرسالها إلى مكة معززة مكرمة، و هذا الفعل من علي رضي الله عنه يعد امتثالاً لما أوصاه به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج الإمام أحمد في المسند (6/ 393) بسند حسن من حديث أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنه سيكون بينك و بين عائشة أمر، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها.
و أخرج الحاكم في المستدرك (3/ 119) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة رضي الله عنها فقال: انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت، ثم التفت إلى علي فقال: إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/243)
و كان خروج عائشة رضي الله عنها يوم الجمل يعتبر زلة عن قصد حسن و هو الإصلاح، و قد ندمت على ذلك، و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجته في الجنة كما في المستدرك و قال عمار: والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، كما في الصحيح بهذا المعنى. و بهذين الدليلين و بوصف الله لها في القرآن بأنها طيبة، تنقطع ألسنة الروافض الطاعنين في صحابة رسول الله و منهم أم المؤمنين رضي الله عنها. الصحيح المسند من دلائل النبوة للشيخ مقبل الوادعي (ص417) في الهامش.
و كانت رضي الله عنها إذا قرأت {و قرن في بيوتكن} [الأحزاب/33] بكت حتى يبتل خمارها، و كانت حينما تذكر الجمل تقول: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، و في رواية ابن أبي شيبة: وددت أني كنت غصناً رطباً و لم أسر مسيري هذا. سير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 177) و مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 238) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 281).
و العقل يقطع بأنه لامناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى،
و لاشك أن عائشة رضي الله عنها هي المخطئة؛ لأسباب كثيرة و أدلة واضحة، منها ندمها على خروجها، و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها، و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور، بل المأجور.
قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: و قد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن أبي عتيق - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً غلب عليك – يعني ابن الزبير – فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة: و لهذا الأثر طرق أخرى، فقال الذهبي في السير: عن قيس قال: قالت عائشة، و كانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها. قلت – أي الذهبي -: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية و تابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة و الزبير و جماعة من كبار الصحابة رضي الله عن الجميع. انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855).
يقول شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/ 316 - 317، 321 - 322) و (6/ 208، 363): إن عائشة لم تخرج للقتال، و إنما خرجت بقصد الإصلاح بين الناس و ظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، و هكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة و الزبير رضي الله عنهم أجمعين.
و يقول الإمام القرطبي في تفسيره (8/ 321 - 322) في تفسير سورة الحجرات ما نصه: لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه و أرادوا الله عز وجل .. هذا مع ما قد ورد من الأخبار من طرق مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض - يشير إلى حديث أبي هريرة عند مسلم (4/ 1880) و نصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. والترمذي (5/ 644) و انظر: كتاب فضائل الصحابة للنسائي (ص113) بتحقيق فاروق حمادة، و ابن ماجة في فضائل طلحة (1/ 46) و الأصفهاني في الإمامة (ص371 - 372) -، فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصياناً لم يكن بالقتل فيه شهيداً .. و مما يدل على ذلك ما قد صح و انتشر من إخبار عليّ بأن قاتل الزبير في النار، و قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار – تقدم تخريجه -، و إذا كان كذلك فقد ثبت أن طلحة و الزبير غير عاصيين و لا آثمين بالقتال - أي أنهما معذوران باجتهادهما - لأن ذلك لو كان كذلك، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في طلحة شهيد، و لم يخبر أن قاتل الزبير في النار، و إذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم، و البراءة منهم، و تفسيقهم و إبطال فضائلهم و جهادهم، رضي الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/244)
عنهم.
و على ذلك إذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يجوز عليهم الخطأ كما يجوز على كل بشر، فحينئذ نستطيع أن نقبل ما يحدث في تصرفاتهم من أخطاء غير مقصودة، و إنما وقعت نتيجة اجتهاد لم يوفقوا فيه إلى الصواب، لكنهم مثابون على الإخلاص في اجتهادهم إن شاء الله.
و لقد أخطأ من قال بأن الباعث لخروج طلحة والزبير هو ما كانا عليه من الطمع في الخلافة والتآمر على الناس بذلك.
فينفي ابن شبّة في كتابه أخبار البصرة هذا الزعم بقوله: إن أحداً لم ينقل أن عائشة و من معها نازعوا علياً في الخلافة، و لا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة، و إنما أنكروا على علي منعه - أي تأخيره - من قتل قتلة عثمان و ترك الاقتصاص منهم. أورده الحافظ في الفتح (13/ 60 - 61).
و يقول ابن حزم في الفصل في الملل (4/ 238 - 239): فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها، أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي و لا خلافاً عليه، و لا نقضاً لبيعته و لو أرادوا ذلك لأحدثوا بيعة غير بيعته، و هذا ما لا يشك فيه أحد و لا ينكره أحد، فصح أنهم إنما نهضوا إلى البصرة لسد الفتق الحادث في الإسلام من قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ظلماً.
وقد كان التقاء الفريقين في الجمل يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة سنة ست و ثلاثين، تاريخ خليفة (ص184 - 185) - و هي أصح الروايات في تحديد تاريخ وقعة الجمل - و كان القتال بعد صلاة الظهر فما غربت الشمس و حول الجمل أحد ممن كان يذب عنه. أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
و أما عن عدد قتلى معركة الجمل فقد بالغ المؤرخون في ذكرهم فمن مقلل و من مكثر على حسب ميل الناس و أهوائهم؛ لكن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل فقد كان ضئيلاً جداً للأسباب التالية:-
1 - قصر مدة القتال، حيث أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن القتال نشب بعد الظهر، فما غربت
الشمس و حول الجمل أحد ممن كان يذب عنه.
2 - الطبيعة الدفاعية للقتال، حيث كان كل فريق يدافع عن نفسه ليس إلا.
3 - تحرج كل فريق من القتال لما يعلمون من عظم حرمة دم المسلم.
4 - قياساً بعدد شهداء المسلمين في معركة اليرموك - ثلاثة آلاف شهيد، تاريخ الطبري (3/ 402) - و معركة القادسية - ثمانية آلاف و خمسمائة شهيد، تاريخ الطبري (3/ 564) - و هي التي استمرت عدة أيام، فإن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل يعد ضئيلاً جداً. هذا مع الأخذ بالاعتبار شراسة تلك المعارك و حدتها لكونها من المعارك الفاصلة في تاريخ الأمم.
5 - أورد خليفة بن خياط في تاريخه (ص187 - 190) بياناً بأسماء من حفظ من قتلى يوم الجمل، فكانوا قريباً من المائة. فلو فرضنا أن عددهم كان مائتين و ليس مائة، فإن هذا يعني أن قتلى معركة الجمل لا يتجاوز المائتين. و هذا هو الراجح للأسباب و الحيثيات السابقة و الله أعلم بالصواب. أنظر حول هذا الموضوع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص214 - 215).
و هذا العدد مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فتنبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها و عن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعد ما كادت. السلسلة الصحيحة (1/ 853).
حال ابن سبأ و مصيره بعد هذه الأحداث.
تعددت الروايات في ذكر مصير عبد الله بن سبأ، هل أحرق مع أصحابه؟
أم أنه نفي مع من نفي إلى سباط في المدائن؟
أقول: الراجح والله أعلم و هو الذي أعتقده، أنه نفي إلى سباط، و مات هناك؛ و الأدلة على ذلك كثيرة جداً، و هاك مختصرها:-
أولاً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، دون ذكر لحرق ابن سبأ معهم:-
إن خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة السبئية، تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. أنظر خبره معهم عند البخاري في صحيحه (4/ 21)، (8/ 50)، و أبو داود في سننه (4/ 520)، و النسائي (7/ 104)، و الترمذي (4/ 59) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/245)
فقد ذكر الإمام البخاري عن عكرمة مولى ابن عباس قال أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله) و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه). البخاري مع الفتح (12/ 279).
ذكر الجُوزَجَاني في أحوال الرجال (ص37 - 38)، و ابن حجر في الفتح (12/ 270) بإسناد حسن: أن السبئية غلت في الكفر، فزعمت أن علياً إلهاً، حتى حرّقهم بالنار إنكاراً عليهم، و استبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري و دعوت قنبرا.
يقول ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص78 - 79)، و في المعارف (ص 267): إن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
قال ابن حجر في لسان الميزان (3/ 389 - 390): عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ... ، و يقول عن طائفته: وله أتباع يقال لهم السبئية، معتقدون الألوهية في علي بن أبي طالب، و قد أحرقهم علي بالنار في خلافته.
يقول ابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186): و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ ... إلى أن قال: فقالوا مشافهة أنت هو، فقال لهم و من هو؟ قال: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت و أحرقهم بالنار.
و يؤكد الفخر الرازي كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية. انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57).
ثانياً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، و أحرق ابن سبأ معهم:-
ذكر المامقاني في تنقيح المقال (2/ 184): أن علياً حرّق عبد الله بن سبأ في جملة سبعين رجلاً ادعوا فيه الإلهية والنبوة.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 426): أحسب أن علياً حرّقه – يقصد عبد الله بن سبأ – بالنار. و هو هنا لا يجزم بذلك بل وضعه موضع الشك.
أما الكشي فقد جزم بأن علياً رضي الله عنه قد أحرق عبد الله بن سبأ مع جملة أصحابه، و قد نقل أكثر من رواية تنص على أن علياً حينما بلغه غلو ابن سبأ و دعواه الألوهية فيه، دعاه و سأله فأقر بذلك، و طلب إليه أن يرجع عن ذلك، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار. انظر هذا النص عند الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22).
ثالثاً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، ومن ثم نفى ابن سبأ إلى سباط.
ذكر ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 23، 30) و (3/ 459) و ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 10) و الملطي في التنبيه والرد على أهل الأهواء و البدع للملطي (ص 29 - 30): أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة و نفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ.
و ذكر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص223): أن السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنه عن قتله حينما بلغه غلوه فيه و أشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
و قال الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 155): السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه: أنت أنت، يعني الإله، فنفاه إلى المدائن.
و قال الجوزجاني في أحوال الرجال (ص 38): أن من مزاعم عبد الله بن سبأ ادعاءه أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، و علمه عند علي، و أن علياً نفاه بعدما كان هم به.
والراجح في هذه المسألة أن ابن سبأ لم يحرق بل نفي إلى سباط في المدائن، كما قال بذلك الكثير من أهل العلم، والأدلة على كونه نفي ولم يحرق، ما ذكرته قبل قليل من كونه لم يحرق بل نفي إلى سباط، و ما سيأتي من كون ابن سبأ له ظهور بعد مقتل علي رضي الله عنه، و يكفي الباحث أن يقف على هذه العبارات التي تجدها في كثير من المصادر ليتبين له أن ابن سبأ لم يحرق مع طائفته:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/246)
قال ابن سبأ لمن جاءه بنعي علي رضي الله عنه: (لو أتيتنا بدماغه في سبعين صرة ما صدقناك، و لعلمنا أنه لم يمت، و إنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه. مسائل الإمامة للناشئ الأكبر (ص 22) و كذلك أنظر إلى دلالة العبارة في الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 234)، و البدء والتاريخ لابن طاهر المقدسي (5/ 129)، والمقالات والفرق للقمي (ص20 - 21) والبيان والتبيين للجاحظ (3/ 81) و المجروحين لابن حبان (1/ 298) و تثبيت دلائل النبوة للهمذاني (2/ 549) و فرق الشيعة للنوبختي (ص 43).
ذكر الصفدي في ترجمة ابن سبأ: ابن سبأ رأس الطائفة السبئية ... ، قال لعلي رضي الله عنه أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قُتل علي، زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً و أنّ ابن ملجم قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته و البرق سوطه، و أنه سينزل إلى الأرض. الوافي بالوفيات (17/ 190).
و جاء في الفرق الإسلامية للكرماني (ص 34): أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت وأن فيه الجزء الإلهي.
و يذكر أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 85)، عبد الله بن سبأ و طائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أنّ علياً لم يمت و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
و هذا الذي ذكرت لا يعني أنه لم يقتل بيد غيره، لكن و حسب علمي القاصر واطلاعي على الكثير من الكتب التي تحدثت عن هذا الموضوع، فإنه لم يرد فيها ذكر شيء من هذا القبيل.
و لكن: هذا لا يمنع بأن جميع من شارك أو أعان في قتل عثمان رضي الله عنه قد قتل أو أصابه الله بعقاب من عنده، و إن الله عز وجل لم يهمل الظالمين بل أذلهم و أخزاهم و انتقم منهم فلم ينج منهم أحد، و هاكم بعض الأمثلة على ذلك:-
روى خليفة في تاريخه (ص175). بإسناد صحيح: أن أول قطرة قطرت من دمه - أي عثمان - على المصحف، ما حكت.
و أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت:خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قتل و هو في حجره، فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية {فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم} قالت عمرة: فما مات منهم رجل سوياً. انظر: فضائل الصحابة (1/ 501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127 - 128).
روى ابن عساكر في تاريخه (39/ 446 - 447) عن ابن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي و ما أظن أن تغفر لي! قلت: يا عبد الله! ما سمعت أحداً يقول ما تقول! قال: كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قتل و وضع على سريره في البيت، و الناس يجيئون فيصلون عليه فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه و سجيته و قد يبست يميني، قال محمد بن سيرين: رأيتها يابسة كأنها عود.
و عن قتادة أن رجلاً من بني سدوس قال: كنت فيمن قتل عثمان فما منهم رجل إلا أصابته عقوبة غيري، قال قتادة: فما مات حتى عمي. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 102).
و روى مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن البصري يقول: ما علمت أحداً أشرِك في دم عثمان رضي الله
عنه و لا أعان عليه إلا قُتل. و في رواية أخرى: لم يدع الله الفسقة - قتلة عثمان - حتى قتلهم بكل أرض. تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/ 1252).
دور هذا اليهودي في نشأة الرافضة، وسيكون الحديث فيها عن الجانب الديني الذي قام به عبد الله بن سبأ في تلك الفتنة لإبعاد المسلمين عن دينهم.
قام هذا اليهودي الخبيث بدعوة من اغتر به من عوام المسلمين إلى بعض المبادئ اليهودية وغلف دعوته هذه بالتظاهر بحب آل البيت والدعوة إلى ولايتهم والبراءة من أعدائهم، فاغتر به جماعة ممن لم يتمكن الإسلام في قلوبهم من الأعراب و حديثي العهد بالإسلام، حتى غدوا يكونون فرقة دينية تخالف في عقيدتها العقيدة الإسلامية وتستمد أفكارها ومبادئها من الديانة اليهودية.
فانتسبت هذه الفرقة إلى مؤسسها ومبتدعها ابن سبأ، فأطلق عليها السبأية ومن السبأية استمدت الرافضة عقيدتها وأصولها فتأثرت بتلك المبادئ اليهودية المغلفة التي دعا إليها ابن سبأ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/247)
ولهذا اشتهر بن العلماء أن عبد الله بن سبأ هو أول من ابتدع الرفض وأن الرفض مأخوذ من اليهودية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483): و قد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ، فإنه أظهر الإسلام وأبطن اليهودية و طلب أن يفسد الإسلام، كما فعل بولص النصراني – الذي كان يهودياً – في إفساد دين النصارى.
و قال في موضع آخر من الفتاوى (4/ 428): إن الذي ابتدع الرفض كان يهودياً أظهر الإسلام نفاقاً، و دس إلى الجهال دسائس يقدح بها في أصل الإيمان، و لهذا كان الرفض أعظم أبواب النفاق والزندقة.
ويقول أيضاً في موضع آخر من الفتاوى (4/ 435): وأصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له و لهذا لما كان مبدأه من النفاق قال بعض السلف: حب أبي بكر وعمر إيمان و بغضهما نفاق، و حب بني هاشم إيمان و بغضهم نفاق.
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (ص 578): إن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق، قصد إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر العلماء، فإن عبد الله بن سبأ لما أظهر الإسلام، أراد أن يفسد دين الإسلام بمكره و خبثه، كما فعل بولص بدين النصرانية، فأظهر التنسك ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سعى في الفتنة عثمان و قتله.
و قد أكدت كذلك الدراسات الحديثة أن أصل الرفض يهودي و واضعه يهودي ماكر أراد أن يفسد على المسلمين عقيدتهم وينحرف بهم عن الدين الصحيح، يقول عبد الله القصيمي في كتاب الصراع بين الإسلام والوثنية (1/ 11) بعد أن تحدث عن ظاهرة الغلو في علي بن أبي طالب: أما واضع بذور هذه الضلالة ومتولي كبرها عبد الله بن سبأ، فطلبه علي ليوقع به أشد العذاب ولكنه كان أحذر من الغراب، فهرب وترك البلاد و ما كان هروبه وضعاً لأوزار هذه الفتنة المدمرة وتسليماً بالهزيمة، بل كان هروباً بهذه الآراء ضناً عليها بالقبر والقتل ليضل بها المسلمين ويفتن بها المفتونين وتبقى عاراً و ناراً إلى يوم الدين، تطايرت دعاوى هذا الرجل ومبتدعاته في كل جانب، و رن صداها في أركان المملكة الإسلامية رنيناً مراً مزعجاً واهتزت لها قلوب ومسامع و طربت لها قلوب و مسامع، و رددت صداها أفواه خلقت لهذا، و رددتها أفواه أخرى، و طال الترديد والترجيع حتى نفذت إلى قلوب رخوة لا تتماسك فحلتها حلول العقيدة، ثم تفاعلت حتى صارت عقيدة ثابتة تراق الدماء في سبيلها و يعادى الأهل والصحب غضباً لها و صارت فيما بعد معروفة بالمذهب الشيعي والعقيدة الشيعية.
أما إحسان إلهي ظهير رحمه الله فيؤكد بعد طول بحث في كتب القوم والذي أكسبه مزيداً من الخبرة بالرافضة وعقائدهم أن عقيدتهم قد بنيت على أسس يهودية بواسطة عبد الله بن سبأ. فيقول: وأما دين الإمامية و مذهب الاثنى عشرية ليس إلا مبني على تلك الأسس التي وضعتها اليهودية الأثيمة بواسطة عبد الله بن سبأ الصنعاني اليمني الشهير بابن السوداء. انظر: الشيعة والسنة (ص 29).
فتأكد بهذه النقولات التي جاءت في كتب أهل السنة أن أصل الرفض إنما أحدثه عبد الله بن سبأ اليهودي، وأن الرافضة ليست من الإسلام في شيء.
وقد اعترف بذلك كبار علماء الشيعة ومؤرخوهم، فها هو الكشي - أحد كبار علماء التراجم عندهم في القرن الرابع (ت340هـ) – ينقل هذا النص عن بعض علمائهم فيقول: ذكر بعض أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم و والى علياً عليه السلام وكان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون وضي موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي عليه السلام مثل ذلك، و كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه، و كاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن ههنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية. انظر: رجال الكشي (ص 71).
و هذا النص مشهور عند علماء الرافضة و قد تناقله علماؤهم و جاء ذكره في أكثر من كتاب من كتبهم المعتمدة والموثقة.
فقد ذكره الأشعري القمي (ت301هـ) في المقالات والفرق (ص 20)، حين يقول: فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/248)
و ذكره النوبختي (ت 310هـ) في فرق الشيعة (ص 44)، حين يقول: فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و ذكره المامقاني (ت 1351هـ) في تنقيح المقال (2/ 184).
فهؤلاء كبار مؤرخي الرافضة و محققيهم يعترفون بيهودية ابن سبأ وأنه كان يقول بوصية موسى بيوشع في يهوديته فقال بهذه العقيدة في إسلامه في علي بن أبي طالب وأنه وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أول من نادى بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتبرأ من مخالفيه، ثم يقرون بأنه إنما نسبت الرافضة لليهودية لذلك.
ففي هذا الاعتراف الذي نسجله على كبار علماء الرافضة أعظم دليل على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية وهو ملزم لكل من يشكك في هذه الحقيقة من علماء الرافضة المعاصرين ومن تأثر بأقوالهم من الكتاب المحدثين.
وكما دلت كتب السنة والشيعة على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية بواسطة عبد الله بن سبأ، فكذلك كتب المستشرقين تشهد بذلك.
يقول المستشرق الألماني يوليوس فلهاوزن: ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي والحسن وتنسب إلى عبد الله بن سبأ وكما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً، والواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أيضاً إنه كان يهودياً، و هذا يقود إلى القول بأصل يهودي لفرقة السبأية، و المسلمون يطلقون اليهودي على ما ليس في الواقع، بيد أن يلوح أن مذهب الشيعة الذي ينسب إلى عبد الله بن سبأ أنه مؤسسه إنما يرجع إلى اليهود أقرب من أن يرجع إلى الإيرانيين. الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
أما المستشرق المجري أجناس جولد تسيهر، فهو يرى أن فكرة المهدي و عقيدة الرجعة عند الرافضة قد تأثرت بالديانة اليهودية والنصرانية، و أن الغلو في علي إنما صاغه عبد الله بن سبأ اليهودي، فيقول: إن الفكرة المهدية التي أدت إلى نظرية الإمامة والتي تجلت معالمها في الاعتقاد بالرجعة ينبغي أن نرجعها كلها – كما رأينا – إلى المؤثرات اليهودية والمسيحية، كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ، حدث ذلك في بيئة سامية عذراء لم تكن قد تسربت إليها بعد الأفكار الآرية. انظر: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
فهذه أقوال العلماء من سنة وشيعة و مستشرقين، كلها تؤكد أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، وأن واضعه و مبتدعه في الإسلام هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد دل أيضاً على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، و لهذا عدد من الأدلة:-
الأول: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الفرق الإسلامية كعقيدة الوصية والرجعة والبداءة والتقية و ما يدعونه في أئمتهم من الغلو ليس لها أصل في الإسلام، و لا يوجد نص واحد لا من كتاب ولا من سنة يدل على هذه العقائد، بل إن الكتاب والسنة وإجماع الأمة تشهد ببطلان هذه العقائد وبراءة الإسلام منها.
أما ما يستدل به الرافضة لصحة هذه العقائد من أدلة لا يخلو من حالين؛ إما أن يكون هذا الدليل الذي يستدلون به صحيحاً و لكن لا حاجة لهم فيه، وإما أن يكون موضوعاً لا يصح الاستدلال به، و هذه حال غالب أدلتهم، فإنهم لما لم يجدوا ما يستدلون به من الشرع لعقائدهم أخذوا يضعون الروايات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى لسان علي بن أبي طالب وبنيه ليحتجوا بها على ما ذهبوا إليه من عقائد فاسدة، و لهذا اشتهر بين أهل العلم أن الرافضة أكذب الفرق المنتسبة للإسلام، فهم لا يروون عنهم و حذوا الناس من كذبهم.
الثاني: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الطوائف الإسلامية قد انتقلت إليهم من اليهودية، و قد تتبعت هذه العقائد فوجدتها لا تخلوا من: إما أن تكون عقيدة يهودية خالصة، وإما أن يكون لها أصل عند اليهود.
الثالث: تصريح العلماء من سنة و شيعة بأن أول من أحدث الغلو في علي رضي الله عنه وأحدث عقيدتي الوصية والرجعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد نقلنا سابقاً النص الذي ذكره الأشعري القمي والكشي والنوبختي والمامقاني و فيه اعترافهم بأن عبد الله بن سبأ أول من أحدث القول بالوصية لعلي بن أبي طالب والقول بفرض إمامته، وأظهر فيه البراءة من مخالفيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/249)
يذكر الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، أن ابن سبأ أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه، و منه انشعبت أصناف الغلاة، و يتحدث عن السبأية فيقول: و هم أول من قال بالتوقف والغيبة والرجعة و قالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه.
و يذكر المقريزي في الخطط (2/ 356 - 357): أن ابن سبأ أحدث في زمن علي رضي الله عنه القول بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي، وأحدث القول برجعته بعد موته إلى الحياة الدنيا.
ونحن إذا عرفنا ما لهذه العقائد – التي أكد العلماء أن أول من أحدثها في الإسلام ابن سبأ اليهودي – من ثقل في ميزان عقيدة الرافضة بل إنها تعد الأساس الذي أنبتت عليه عقائد الرافضة الأخرى، ندرك دور اليهود الكبير في نشأة الرافضة.
رابعاً: تصريح عبد الله بن سبأ نفسه بأنه أخذ عقيدة الوصية من التوراة، فقد نقل البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235) عن الشعبي، أن ابن السوداء ذكر لأهل الكوفة: أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصياً وأن علياً رضي الله عنه وصي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خير الأوصياء و كما أن محمداً خير الأنبياء.
وإذا أجرينا مقارنة سريعة بين بعض معتقدات الشيعة، نرى أنها توافق بعض معتقدات السبئية، كما توضحها المقارنة التالية:-
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
1 – الرجعة: أي رجعة علي رضي الله عنه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، و هي فكرة مأخوذة من العهد القديم – المحرّف -. انظر: إصحاح (4) فقرة: 5.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
1 – جاء في (أوائل المقالات في المذاهب المختارات) لشيخهم المفيد (ص 51): واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة خلاف.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
2 – الوصية: أي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالخلافة من بعده، و هي فكرة مأخوذة من العهد القديم – المحرّف -. انظر: إصحاح (34) فقرة: 9.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
2 – جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 294): فكان علي عليه السلام و كان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، و ميراث العلم، وآثار علم النبوة.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
3 – الألوهية: ومن لوازمها علم علي رضي الله عنه للغيب. راجع الضعفاء والمتروكين لابن حبان (3/ 8) و ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 161) و المقالات والفرق للقمي (ص 21). حيث ذكروا جميعاً ما تعمه السبئية من أن علياً رضي الله عنه قادر على إحياء الموتى وأنه كان راضياً عن ألوهيته و لكنه حرقهم بالنار لأنهم أفشوا السر، ثم أحياهم بعد ذلك، و أنه يعلم الغيب.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
3 – من لوازم الألوهية كما جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 258): إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم. و قد عقد بعد ذلك باباً عنوانه: (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم). كما يقول زعيمهم الخميني في الحكومة الإسلامية (ص 47): إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها و سيطرتها جميع ذرات هذا الكون.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
4 – علم علي رضي الله عنه لتسعة أعشار القرآن الكريم، والتي كتمها الرسول صلى الله عليه وسلم! راجع: عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص 207).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
4 – جاء في الأصول من الكافي (1/ 239) رواية منسوبة إلى جعفر الصادق يقول فيها: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال – أي الراوي -: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
5 – سب الصحابة، ولاسيما الخلفاء الثلاثة الذين تولوا الخلافة قبل علي رضي الله عنه، و هم أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم. راجع فرق الشيعة للنوبختي (ص 43 - 44) و المقالات والفرق للقمي (ص 20).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/250)
5 – جاء في الأصول من الكافي (1/ 32): عندما يزعمونه من قول الله تعالى {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} – لاحظ أن هذا النص دمج بين آيتين مختلفتين من القرآن الكريم من سورة [النساء /137] و [آل عمران/90]-: إنها نزلت في فلان وفلان و فلان، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، و كفروا حيث عرضت عليهم الولاية. – و المقصود من فلان وفلان وفلان: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كما أبان ذلك شارح الكافي! نقلاً عن الشيعة والسنة لإحسان إلهي ظهير (ص 42). وجاء عن المفيد في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات (ص 48): واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين عليه السلام، وأنهم بذلك في النار مخلدون! – و بعد هذا يظهر من يقول أن الزيدية هم أقرب فرق الشيعة لأهل السنة!! -.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
6 – البداء: و هو نشأة رأي جديد لم يك موجوداً من قبل، وهو من معتقدان السبئية، الذي يلزم منه ظهور ما كان خافياً على الله. راجع: التنبيه والرد للملطي (ص19) والفرق بين الفرق (ص 36).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
6 – جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 146 - 148) بعد أن عقد فيه كتاب التوحيد باب البداء: لو يعلم الناس ما في القول بالبدأ من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.
و بعد: فقد دلت هذه الأدلة مضافاً إلى ما أوردناه من النقولات السابقة عن بعض العلماء من سنة وشيعة، و شهادة بعض المستشرقين من إثبات دور عبد الله بن سبأ في نشأة الرافضة وإثبات أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
و في ختام هذه المقالة نكون قد وصلنا إلى نهاية سلسلة حلقات عبد الله بن سبأ، و إلى أن نلتقي أستودعكم الله والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و الحمد لله على فضلة و توفيقه.
وتقبلوا تحيات: أخوكم: أبو عبد الله الذهبي ..
mujahidhuzaimAyahoo.com
الأخ السريلنكي
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - 12 - 06, 10:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق النبأ في بيان حقيقة عبد الله بن سبأ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
أحبتي في الله نزولاً عند رغبة أحد الأخوة الأعزاء، أعيد نشر ما كتبته منذ سنة تقريباً من سلسة حلقات عبد الله بن سبأ، و ما سببه من فرقة للأمة الإسلامية، فهاأنذا ألبي هذا الطلب بكل رحابة صدر، و أحب أن أنبه الأخوة الأفاضل عن وجود مجموعة من الكتب والتي أنصح باقتنائها للفائدة، و هي: كتاب (عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان بن حمد العودة)، و كتاب: (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، للدكتور: محمد أمحزون)، و كتاب: (عبد الله بن سبأ حقيقة لا خيال، للدكتور: سعدي مهدي الهاشمي) و كتاب: (بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود، عبد الله الجميلي)، و كتاب: (العنصرية اليهودية و آثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، للدكتور: أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي)، فهي من أفضل الكتب التي تناولت الحديث عن عبد الله بن سبأ، بشيء من التفصيل أو الإيجاز الغير مخل، كما وأني لم آلوا جهداً في البحث و الحديث عن أشياء لم يتطرق إليها الأساتذة، حتى تعم الفائدة و يعم النفع، و الله أسأل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، و أن يهدي بها من ضل عن الصراط المستقيم.
و الآن إلى الموضوع ..
إن من أكبر الفِرَق التي كانت و ما تزال وبالاً و شراً على المسلمين على طول تاريخهم و في جميع مراحل حياتهم، هي فرقة الشيعة على تعدد طوائفها و اختلاف نحلها، بدءاً بالسبئية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي كان رأساً في إذكاء نار الفتنة والدس بين صفوف المسلمين، و الذي وصل الأمر بهم إلى تأليه علي رضي الله عنه، و قبل أن أبدأ بالموضوع لابد من مقدمة توضح الموضوع و تشرح المضمون.
أصل ابن سبأ و منشأه:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/251)
اختلف أصحاب المقالات والتاريخ في هوية عبد الله بن سبأ، و من ذلك اختلفوا في بلده و قبيلته، يذكر القلقشندي في قلائد الجمان (ص 39): أن يعرب بن قحطان ولد يشجب، و ولد ليشجب (سبأ) و اسم سبأ هذا عبد شمس، و قد ملك اليمن بعد أبيه، و أكثر من الغزو والسبي، فسمي (سبأ) وغلب عليه حتى لم يسم به غيره، ثم أطلق الاسم على بنيه .. و هم الوارد ذكرهم في القرآن.
على أن المصادر التاريخية لا تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين، و الذي ينتسب إليهم عبد الله بن سبأ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي (800 ق م)، و هي عادة العرب في التجوال، أو نتيجة ضغط الآشوريين عليهم من الشمال، واستقروا أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع. راجع: محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي (1/ 21).
و منهم من ينسب ابن سبأ إلى (حمير)، و هي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب هو حمير الأكبر، و حمير الغوث هو حمير الأدنى و منازلهم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء. أنظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 306).
ومن الذين قالوا بذلك: ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء (5/ 46)، حيث يقول: والقسم الثاني من فرق الغالية يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل، فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري.
أما البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20)، والفرزدق في ديوانه (ص 242 - 243) فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة (همدان)، و همدان بطن من كهلان من القحطانية و هم بنو همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، و كانت ديارهم باليمن من شرقيه. معجم قبائل العرب لرضا كحالة (3/ 1225). فهو (عبد الله بن سبأ بن وهب الهمداني) كما عند البلاذري، و (عبد الله بن سبأ بن وهب الراسبي الهمداني) كما عند الأشعري القمي، أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى همدان في قصيدته التي هجا فيها أشراف العراق و من انضم إلى ثورة ابن الأشعث في معركة دير الجماجم سنة (82هـ) و يصفهم بالسبئية حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم ... حصائد أو أعجاز نخل تقعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية ... و تُكره عينيها على ما تنكّرا. الخ.
و يروي عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235)، أن ابن سبأ من أهل (الحيرة)، قال: إن عبدالله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها، و كان أصله من يهود الحيرة، فأظهر الإسلام.
و يروي ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 190)، أن أصل ابن سبأ من الروم، فيقول: و كان أصله رومياً فأظهر الإسلام و أحدث بدعاً قولية و فعلية قبحه الله.
أما الطبري و ابن عساكر، فيرويان أن ابن سبأ من اليمن. قال الطبري في تاريخه (4/ 340): كان عبدالله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء. و قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3): عبد الله بن سبأ الذي ينسب إليه السبئية وهم الغلاة من الرافضة أصله من أهل اليمن كان يهودياً.
و الذي أميل إليه و أرجحه هو: أن ابن سبأ من اليمن؛ و ذلك أن هذا القول يجمع بين معظم أقوال العلماء في بلد ابن سبأ، و لو نظرنا في الأقوال السابقة لم نجد تعارضاً بين هذا القول و بين القول الأول الذي ينسب ابن سبأ إلى قبيلة (حمير)، و القول الثاني الذي ينسبه إلى قبيلة (همدان)، إذ القبيلتان من اليمن، و لم يخالف في أن أصل ابن سبأ من اليمن إلا البغدادي الذي ينسبه إلى (الحيرة)،و ابن كثير الذي ذكر أنه (رومي) الأصل.
أما البغدادي فقد اختلط عليه ابن السوداء بابن سبأ، فظن أنهما شخصان، يقول: و قد ذكر الشعبي أن عبد الله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها .. ثم تحدث عن ابن السوداء و مقالته في علي رضي الله عنه، إلى أن قال: فلما خشي – أي علي رضي الله عنه – من قتله – أي ابن السوداء – و من قتل ابن سبأ الفتنة التي خافها ابن عباس، نفاهما إلى المدائن، فافتتن بهما الرعاع. الفرق بين الفرق (ص 235).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/252)
والذي ذكر أنه من أهل الحيرة هو عبد الله بن السوداء و لم يتعرض لابن سبأ بشيء، لهذا لا يمكننا أن نجزم بأن البغدادي نسب ابن سبأ المشهور في كتب الفرق و مؤسس فرقة السبأية إلى الحيرة، فلعله قصد شخصاً آخر غيره، و مما يدل على أنه لا يعني ابن سبأ، أنه قال عند حديثه عن عبد الله بن السوداء: (كان يعين السبأية على قولها)، فدل على أنه غير مؤسس السبأية.
أما ابن كثير فلا أعلم أحداً من المؤرخين وأصحاب المقالات وافقه في نسبة ابن سبأ إلى (الروم)، و قد جاء في بعض النسخ المطبوعة من البداية والنهاية كلمة (ذمياً) بدل (رومياً) انظر الطبعة الثانية (7/ 173) مكتبة المعارف، فلعل أصل الكلمة ذمياً و لكن حدث في الكلمة تصحيف من قبل النساخ، وكون ابن سبأ ذمياً لا ينافي ما تناقله العلماء من كونه يهودياً. و لهذا لا يعارض قوله هذا ما اشتهر نقله في كتب التاريخ والفرق من أن أصل ابن سبأ من اليمن.
فترجح بهذا أن ابن سبأ من اليمن و نحن لا نقطع بنسبته إلى قبيلة معينة لعدم توفر الأدلة على ذلك. و الله أعلم.
و قد اختلف المؤرخون وأصحاب المقالات أيضاً في نسبة ابن سبأ لأبيه، فمنهم من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه إلى (وهب) كما عند البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) والذهبي في المشتبه في الرجال (1/ 346) و المقريزي في الخطط (2/ 356).
أما من قال أنه: (عبد الله بن وهب الراسبي) كما هو عند الأشعري القمي في المقالات (ص 20)، فلعل ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدالله بن سبأ هذا و بين عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج، و هناك فرق بين الشخصيتين ما لا يخفى على مطلع، فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و الممات، نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم، فهو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 172)، و هو المقتول في وقعة النهروان، العبر في خبر من غبر للذهبي (1/ 44)، و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ، فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً. أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي (ص 94).
و مما يؤكد الفرق بين الاسمين ما نص عليه السمعاني في الأنساب (7/ 24) بقوله: (عبدالله بن وهب السبئي رئيس الخوارج، و ظني أن ابن وهب هذا منسوب إلى عبد الله بن سبأ).
و هناك من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه أيضاً إلى حرب، كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين (3/ 81)، و هو ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال: (قدمت المدائن بعد ما ضرب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فلقيني ابن السوداء و هو ابن حرب .. ).
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلى سبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزان (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/253)
أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...
وكما وقع الخلط والإشكال في نسبة ابن سبأ لأبيه، وقع الخلط و تصور من غفلوا عن هذه النسبة لأمه، أن هناك شخصين: ابن سبأ، وابن السوداء، ففي العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 241): ( .. منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، و عبد الله بن السوداء نفاه إلى الخازر).
و يقول الاسفرايني في التبصرة (ص 108): (و وافق ابن السوداء عبد الله بن سبأ بعد وفاة علي في مقالته هذه).
ومثل هذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235): (فلما خشي علي من قتل ابن السوداء وابن سبأ الفتنة نفاهما إلى المدائن).
والذي يترجح من مناقشة الروايات: أن ابن سبأ غير ابن وهب الراسبي، وأنه هو نفسه ابن السوداء، والله أعلم.
و مما يحسن ذكره هنا أيضاً أن ابن سبأ كان أسود اللون، و هذا يرجح كون أمه من الحبشيات، ذكر ابن عساكر في تاريخه (29/ 7 - 8): عن عمار الدهني قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و من طريق سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي، قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و جاء أيضاً من طريق زيد قال: قال علي بن أبي طالب: ما لي ولهذا الحميت الأسود، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر.
و يبقى بعد ذلك الأصل اليهودي لابن سبأ، هل هو محل اتفاق أم تتنازعه الآراء؟
يفترض المستشرق Hodgeson أن ابن سبأ ليس يهودياً في أغلب الاحتمالات، مشايعاً في ذلك للمستشرق الإيطالي Levi Della Vida الذي يرى أن انتساب ابن سبأ إلى قبيلة عربية هي (همدان) كما في نص البلاذري الذي وقف عنده (ليفي ديلا فيدا) يمنع من أن يكون يهودياً. و هو كما يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مذاهب الإسلاميين (2/ 30): (استنتاج لا مبرر له، فليس هناك من تناقض بين أن يكون المرء يهودياً وأن يكون من قبيلة عربية.
وابن قتيبة رحمه الله أشار إلى يهودية بعض القبائل كما في المعارف (ص 266) حيث يقول: (كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة.
و فوق ذلك فإن الاتجاه الغالب في يهود اليمن أن أكثرهم من أصل عربي، كما قال الدكتور جواد علي في تاريخ العرب قبل الإسلام (6/ 26).
و مع ذلك فليس مقطوعاً بانتساب ابن سبأ إلى همدان – كما مر معنا – و حتى لو قطع بذلك، فهل هذا الانتساب لهمدان، انتساب على الحقيقة أم بالولاء؟!
و لئن كان هذا الشك في يهودية ابن سبأ عند بعض المستشرقين، إنما جاء نتيجة اعتراض يقيني بأن ابن سبأ في تصوراته عن المهدي كان متأثراً بالإنجيل أكثر من تأثره بالتوراة، و هو اعتراض قد يقلل من يهودية ابن سبأ، إلا أن هذا الاعتراض يضعف حينما نتبين رأي بعض الباحثين في طبيعة اليهودية في بلاد اليمن – في تلك الفترة – وأنها امتزجت فيها المسيحية بالموسوية، و كانت يهودية سطحية، وأن يهودية ابن سبأ ربما كانت أقرب إلى يهودية (الفلاشا) و هم يهود الحبشة، و هذه اليهودية شديدة التأثر بالمسيحية الحبشية. مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/ 28).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/254)
و هذا الأصل اليهودي لابن سبأ لم يكن محل خلاف في الروايات التاريخية، أو لدى كتب الفرق، و في آراء المتقدمين، أمثال: الطبري وابن عساكر وابن الأثير والبغدادي وابن حزم، وأمثال شيخ الإسلام، عليم رحمه الله.
سبب الاختلاف في تحديد هوية ابن سبأ:-
لا غرابة أن يحدث هذا الاختلاف الكبير بين أهل العلم في تحديد هوية و نسب ابن سبأ، فعبد الله بن سبأ قد أحاط نفسه بإطار من الغموض والسرية التامة حتى على معاصريه، فهو لا يكاد يعرف له اسم ولا بلد، لأنه لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له، و حياكة المؤامرات والفتن بين صفوف المسلمين، و لهذا لما سأله عبد الله بن عامر والي البصرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه، قال له: ما أنت؟ لم يخبره ابن سبأ باسمه و اسم أبيه، و إنما قال له: إنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام و رغب في جوارك. تاريخ الطبري (4/ 326 - 327).
و في رأيي أن تلك السرية التامة التي أطبقها ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختلاف المؤرخين والمحققين في نسبة ابن سبأ، و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض هذه الأسماء التي ذكرها المؤرخون، بل واستعمل بعض الأسماء الأخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر الدولة الإسلامية.
نشأة ابن سبأ:-
على ضوء ما تقدم من المعلومات السابقة – في المقال السابق -، أمكننا الوقوف على الأجواء التي نشأ فيها ابن سبأ، و نستطيع أن نحدد عدد من النقاط:-
1 - بتغليب الروايات السابقة نجد أن ابن سبأ نشأ في اليمن، سواء كان من قبيلة حمير أو همدان، ولا نستطيع الجزم بأيهما.
2 – كان لليهود وجود في اليمن، غير أنه لا نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة، و قد رجح بعض الأساتذة أنه يرجع إلى سنة (70م) و ذلك حينما نزح اليهود من فلسطين بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني (تيتوس) و حطم هيكل (أورشليم) وعلى إثر ذلك تفرق اليهود في الأمصار و وجد بعضهم في اليمن بلداً آمناً فالتجأوا إليه، و بعد أن استولى الأحباش على اليمن سنة (525م) بدأت النصرانية تدخل اليمن. اليمن عبر التاريخ لأحمد حسين (ص 158 - 159).
3 – على إثر هذا امتزجت تعاليم (التوراة) مع تعاليم (الإنجيل) و كانت اليهودية في اليمن يهودية سطحية. مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/ 28).
4 – و لكن اليهودية و إن ضعفت في اليمن بدخول الأحباش فيها، فإنها بقيت مع ذلك محافظة على كيانها، فلم تنهزم و لم تجتث من أصولها. تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي (6/ 34).
و لعلنا من خلال تلك الإشارات، نستطيع أن نحدد المحيط الذي نشأ فيه عبد الله بن سبأ، والبيئة التي صاغت أفكاره، خاصة في عقيدة (الرجعة) و (الوصية) حينما قال: (لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و يكذب بأن محمداً يرجع، و قد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، و إنه كان ألف نبي و وصي و كان على وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء .. ). تاريخ الطبري (4/ 340).
على كل حال فهي معلومات ضئيلة لا تروي غليلاً، ولا تهدي سبيلاً، و لعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين أيدينا، فهي لا تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ، كما أن المعلومات عن فتوة ابن سبأ قبل ظهوره غير موجودة، و نحن هنا مضطرون للصمت عما سكت عنه الأولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش و تكشف المكنون.
ظهور ابن سبأ بين المسلمين:-
جاء في تاريخ الطبري (4/ 340) و الكامل لابن الأثير (3/ 77) و البداية والنهاية لابن كثير (7/ 167) و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7 - 8) و غيرهم من كتب التاريخ ضمن أحداث سنة (35هـ): أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء وأنه أسلم زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، و أخذ يتنقل في بلاد المسلمين يريد ضلالتهم، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم بالشام، فلم يقدر على شيء فيها، فأتى مصر واستقر بها و وضع لهم عقيدتي الوصية و الرجعة، فقبلوها منه و كوّن له في مصر أنصاراً ممن استهواهم بآرائه الفاسدة.
لكن أين و متى كان أول ظهور لعبد الله بن سبأ بين المسلمين؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/255)
جاء في البداية والنهاية لابن كثير (7/ 183) ضمن أحداث سنة (34هـ)، أن عبد الله بن سبأ كان سبب تألب الأحزاب على عثمان. ثم أورده في أحداث سنة (35هـ) مع الأحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى خلع عثمان. البداية والنهاية (7/ 190).
أما الطبري (4/ 331) وابن الأثير (3/ 147) فنجد عندهما ذكر لابن سبأ بين المسلمين قبل سنة (34هـ) في الكوفة، (فيزيد بن قيس) ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عامل عثمان (سعيد ابن العاص) إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبهم.
و هذا يعني ظهور ابن سبأ قبل هذا التاريخ، و تكوين الأعوان الذين اجتمعوا إلى يزيد بن قيس، و تأكيد ذلك عند الطبري (4/ 326) وابن الأثير (3/ 144)، ففي سنة (33هـ) و بعد مضي ثلاث سنين من إمارة عبد الله بن عامر على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على (حكيم بن جبلة) و تكون المقابلة بين ابن عامر وابن السوداء والتي ذكرتها في بداية الموضوع.
ونستمر في الاستقراء فنجد ظهوراً لابن سبأ بين المسلمين قبل هذا التاريخ، ففي الطبري (4/ 283) و ابن الأثير (3/ 114)، و ضمن حوادث سنة (30هـ) يرد ابن السوداء الشام، و يلتقي بأبي ذر و يهيجه على معاوية – و سنأتي على تحقيق القول في قضية تأثير ابن سبأ على أبي ذر فيما بعد -.
ابن سبأ في الحجاز:-
لما كان ظهور ابن سبأ في الحجاز قبل ظهوره في البصرة والشام، فلابد أن يكون قد ظهر في الحجاز قبل سنة (30هـ)، لأن ظهوره في الشام كان في هذا التاريخ، و في الحجاز لا تكاد تطالعنا الروايات التاريخية على مزيد من التفصيل، و لعل في هذا دلالة على عدم استقرار أو مكث لابن سبأ في الحجاز، عدا ذلك المرور في طريقه التخريبي، لكنه كما يبدو لم يستطع شيئاً من ذلك فتجاوز الحجاز إلى البصرة. تاريخ الطبري (4/ 340 - 341).
ظهوره في البصرة:-
و في البصرة كان نزول ابن سبأ على (حكيم بن جبلة العبدي)، و خبره كما ورد في الطبري (4/ 326): (لما مضى من إمارة ابن عامر ثلاث سنين بلغه أن في عبد القيس رجلاً نازلاً على حكيم بن جبلة، و كان حكيم رجلاً لصاً إذا قفلت الجيوش خنس عنهم، فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة، و يتنكر لهم و يفسد في الأرض و يصيب ما يشاء ثم يرجع، فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب إلى عبد الله بن عامر أن احبسه و من كان مثله فلا يخرج من البصرة حتى تأنسوا منه رشداً، فحبسه فكان لا يستطيع أن يخرج منها، فلما قدم ابن السوداء نزل عليه، و اجتمع إليه نفر فطرح لهم ابن السوداء ولم يصرح، فقبلوا منه واستعظموه.
و بقية خبر الطبري يفيدنا أنه لقي آذاناً صاغية في البصرة، و إن كان لم يصرح لهم بكل شيء، فقد قبلوا منه واستعظموه، و شاء الله أن تحجم هذه الفتنة و يتفادى المسلمون بقية شرها و ذلك حينما بلغ والي البصرة ابن عامر خبر ابن سبأ، فأرسل إليه و دار بينهما هذا الحوار: (ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام والجوار، فقال ابن عامر: ما يبلغني ذلك! اخرج عني، فأخرجه حتى أتى الكوفة. تاريخ الطبري (4/ 326 - 327).
ظهوره في الكوفة:-
الذي يبدو أن ابن سبأ بعد إخراجه من البصرة وإتيانه الكوفة، لم يمكث بها طويلاً حتى أخرجه أهلها منها، كما في بقية خبر الطبري (4/ 327): (فخرج حتى أتى الكوفة، فأخرج منها فاستقر بمصر و جعل يكاتبهم و يكاتبونه، و يختلف الرجال بينهم).
لكنه وإن كان قد دخل الكوفة ثم أخرج منها سنة (33هـ)، إلا أن صلته بالكوفة لم تنته بإخراجه، فلقد بقيت ذيول الفتنة في الرجال الذين بقي يكاتبهم و يكاتبونه. الطبري (4/ 327) وابن الأثير (3/ 144).
ظهوره في الشام:-
في ظهور ابن سبأ في الشام يقابلنا الطبري في تاريخه نصان، يعطي كل واحد منهما مفهوماً معيناً، فيفيد النص الأول أن ابن سبأ لقي أبا ذر بالشام سنة (30هـ) و أنه هو الذي هيجه على معاوية حينما قال له: (ألا تعجب إلى معاوية! يقول المال مال الله، كأنه يريد أن يحتجزه لنفسه دون المسلمين؟ وأن أبا ذر ذهب إلى معاوية وأنكر عليه ذلك). تاريخ الطبري (4/ 283).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/256)
بينما يفهم من النص الآخر: أن ابن سبأ لم يكن له دور يذكر في الشام، وإنما أخرجه أهلها حتى أتى مصر، بقوله: (أنه لم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام) تاريخ الطبري (4/ 340).
و يمكننا الجمع بين النصين في كون ابن سبأ دخل الشام مرتين، كانت الأولى سنة (30هـ)، و هي التي التقى فيها بأبي ذر، و كانت الثانية بعد إخراجه من الكوفة سنة (33هـ)، و هي التي لم يستطع التأثير فيها مطلقاً، و لعلها هي المعنية بالنص الثاني عند الطبري.
كما و يمكننا الجمع أيضاً بين كون ابن سبأ قد التقى بأبي ذر سنة (30هـ)، و لكن لم يكن هو الذي أثر عليه و هيجه على معاوية، و يرجح هذا ما يلي:-
1 - لم تكن مواجهة أبي ذر رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه وحده بهذه الآراء، و إنما كان ينكر على كل من يقتني مالاً من الأغنياء، و يمنع أن يدخر فوق القوت متأولاً قول الله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة} [التوبة/34].
2 - حينما أرسل معاوية إلى عثمان رضي الله عنه يشكو إليه أمر أبي ذر، لم تكن منه إشارة إلى تأثير ابن سبأ عليه، و اكتفى بقوله: (إن أبا ذر قد أعضل بي و قد كان من أمره كيت و كيت .. ). الطبري (4/ 283).
3 - ذكر ابن كثير في البداية (7/ 170، 180) الخلاف بين أبي ذر ومعاوية بالشام في أكثر من موضع في كتابه السابق، و لم يرد ذكر ابن سبأ في واحد منها، و إنما ذكر تأول أبي ذر للآية السابقة.
4 - ورد في صحيح البخاري (2/ 111) الحديث الذي يشير إلى أصل الخلاف بين أبي ذر و معاوية، و ليس فيه أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى ابن سبأ، فعن زيد بن وهب قال: (مررت بالربذة، فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه، فقلت له ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا و فيهم، فكان بيني و بينه في ذلك، و كتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً فذاك الذي أنزلني هذا المنزل .. ).
5 - و في أشهر الكتب التي ترجمت للصحابة، أوردت المحاورة التي دارت بين معاوية وأبي ذر ثم نزوله الربذة، و لكن شيئاً من تأثير ابن سبأ على أبي ذر لا يذكر. الاستيعاب لابن عبد البر (1/ 214) و أسد الغابة لابن الأثير (1/ 357) والإصابة لابن حجر (4/ 62).
6 - وأخيراً فإنه يبقى في النفس شيء من تلك الحادثة؛ إذ كيف يستطيع يهودي خبيث حتى و لو تستر بالإسلام أن يؤثر على صحابي جليل كان له من فضل الصحبة ما هو مشهود.
ظهور ابن سبأ في مصر:-
على ضوء استقراء النصوص السابقة، يكون ظهور ابن سبأ في مصر بعد خروجه من الكوفة، و إذا كان ظهوره في البصرة سنة (33هـ)، ثم أخرج منها إلى الكوفة، و من الكوفة استقر بمصر، فإن أقرب توقيت لظهور ابن سبأ في مصر يكون في سنة (34هـ)، لأن دخوله البصرة و طرحه لأفكاره فيها و تعريجه على الكوفة ثم طرده منها، واتجاهه بعد ذلك إلى مصر .. كل هذا يحتاج إلى سنة على الأقل، و يؤكد هذا ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 284)، فيضع ظهور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة (34هـ)، و تابعه في ذلك السيوطي أيضاً في حسن المحاضرة (2/ 164)، حيث أشار إلى دخول ابن سبأ مصر في هذا التاريخ.
أحبتي في الله استكمالاً لما بدأناه من هذه الحلقات، سنقف إن شاء الله و على حلقتين متتاليتين، على ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد الله بن سبأ أو السبئية – طائفته - في الكتب والمصادر المتقدمة (السنية والشيعية، المتقدمة منها والمعاصرة)؛ لأن ورود أي ذكر للسبئية دليل على انتسابها له، و هذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة، مع الرد على محاولات التشكيك في وجود عبد الله بن سبأ، و ما ينسب إليه من أعمال، و سأتّبع فيه الترتيب الزمني للأحداث:-
أولاً: من أثبت وجود عبد الله بن سبأ من الفرقين ..
أ – عبد الله بن سبأ عند أهل السنة:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/257)
1 - جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان (ت 84هـ) في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية وأني بكم يا شرطة الكفر عارف.
2 - و جاء ذكر السبئية في كتاب الإرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية (ت95هـ) – راجع كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (1/ 345 - 361)، حيث تحدث عن معنى الإرجاء المنسوب للحسن، و ذكر كلام أهل العلم في ذلك فليراجع للأهمية – ما يلي: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان (ص 249).
3 - و هناك رواية عن الشعبي (ت 103هـ) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (29/ 7)، تفيد أن: (أول من كذب عبد الله بن سبأ).
4 - و هذا الفرزدق (ت 116هـ) يهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشراف العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها عليها تراب في دم قد تعفّرا
و يمكن الاستنتاج من هذا النص أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معنية و مذهب عقائدي محدد بانتمائها إلى عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف، صاحب المذهب.
5 - و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري (ت 117هـ)، في النص التالي: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمران/7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
6 - وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230هـ) ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمها وإن لم يشر إلى ابن سبأ بالاسم. الطبقات (3/ 39).
7 – و جاء عند ابن حبيب البغدادي (ت 245هـ) في المحبر (ص 308)، ذكر لعبد الله بن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات.
8 - كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم (ت 253هـ)، خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة. أنظر: منهاج السنة لابن تيمية (1/ 7).
9 - و جاء في البيان والتبيين (3/ 81) للجاحظ (ت 255هـ)، إشارة إلى عبد الله بن سبأ.
10 - فقد ذكر الإمام البخاري (ت 256هـ) في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه (8/ 50) عن عكرمة قال: (أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تعذبوا بعذاب الله)، و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه).
ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقهم علي رضي الله عنه هم أتباع عبد الله بن سبأ حينما قالوا بأنه الإله.
و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن و المساند. أنظر على سبيل المثال: سن أبي داود (4/ 126) والنسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538).
11 - ذكر الجوزجاني (ت 259هـ) في أحوال الرجال (ص 38) أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا.
12 - و يقول ابن قتيبة (276هـ) في المعارف (ص 267): (السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ). و في تأويل مختلف الحديث (ص 73) يقول: (أن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
13 - و يذكر البلاذري (ت 279هـ) ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي الله عنه يسألونه من رأيه في أبي بكر و عمر، فقال: أو تفرغتم لهذا. أنساب الأشراف (3/ 382).
14 – و يعتبر الإمام الطبري (ت 310هـ) من الذين أفاضوا في تاريخهم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في ذلك على الإخباري سيف بن عمر. تاريخ الطبري (4/ 283، 326، 331، 340، 349، 398، 493 – 494، 505).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/258)
15 - وأكد ابن عبد ربه (ت 328هـ) أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/ 405).
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري (ت 330هـ) في مقالات الإسلاميين (1/ 85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
17 - و يذكر ابن حبان (ت 354هـ) في كتاب المجروحين (2/ 253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة).
18 – يقول المقدسي (ت 355هـ) في كتابه البدء والتاريخ (5/ 129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
19 - و يذكر الملطي (ت 377هـ) في كتابه التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 18) فيقول: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم.
20 - و ذكر أبو حفص ابن شاهين (ت 385هـ) أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 7).
21 - و يذكر الخوارزمي (ت 387هـ) في كتابه مفاتيح العلوم (ص 22)، أن السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ.
22 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند الهمذاني (ت 415هـ) في كتابه تثبيت دلائل النبوة (3/ 548).
23 - و ذكر البغدادي (ت 429هـ) في الفرق بين الفرق (ص 15 و ما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
24 - و نقل ابن حزم (ت 456هـ) في الفصل في الملل والنحل (4/ 186): (و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
25 - يقول الأسفرايني (ت 471هـ) في التبصرة في الدين (ص 108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلى ألوهيته، و دعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي).
26 - و يتحدث الشهرستاني (ت548هـ) في الملل والنحل (2/ 116، 155) عن ابن سبأ فيقول: (و منه انشعبت أصناف الغلاة)، و يقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
27 – و ينسب السمعاني (ت 562هـ) في كتابه الأنساب (7/ 24) السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
28 - و ترجم ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/ 3) لأبن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي ينسب إلى السبئية، و هم الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، و كان يهودياً وأظهر الإسلام.
29 - و يقول نشوان الحميري (ت 573هـ) في كتابه الحور العين (ص 154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
30 - و يؤكد فخر الدين الرازي (ت 606هـ) في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
31 - و يذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص 2/ 98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/ 114، 144، 147، 147، 154 إلى غيرها من الصفحات).
32 - و ذكر السّكْسَكي (ت 683هـ) في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: (أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/259)
33 - و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. أنظر مجموع الفتاوى (4/ 435) و (28/ 483) و في كثير من الصفحات في كتابه: منهاج السنة النبوية.
34 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان (ص 54)، بقوله: (و في سنة ثلاث و ثلاثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي الله عنه .. و كانوا جماعة منهم، مالك الأشتر، و الأسود بن يزيد .. و عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء.
35 - و عند الذهبي (ت 748هـ) في كتابه المغني في الضعفاء (1/ 339) و في الميزان (2/ 426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، و ذكره أيضاً في تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123).
36 - وذكر الصفدي (ت 764هـ) في كتبه الوافي بالوفيات (17/ 20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته، و البرق سوطه، وأنه سينزل إلى الأرض).
37 - و ذكر ابن كثير (ت 774هـ) في البداية و النهاية (7/ 183) أن من أسباب تألب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ و صيرورته إلى مصر، و إذاعته على الملأ كلاماً اخترعه من عند نفسه.
38 - و جاء في الفرق الإسلامية (ص 34) للكرماني (ت 786هـ) أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت، وأن فيه الجزء الإلهي.
39 - و يشير الشاطبي (ت 790هـ) في كتابه الاعتصام (2/ 197) إلى أن بدعة السبئية من البدع الاعتقادية المتعلقة بوجود إله مع الله، و هي بدعة تختلف عن غيرها من المقالات.
40 - و ذكر ابن أبي العز الحنفي (ت 792هـ) في شرح العقيدة الطحاوية (ص 578) أن عبد الله بن سبأ أظهر الإسلام و أراد أن يفسد دين الإسلام كما فعل بولص بدين النصرانية.
41 - و يعرف الجُرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأنه رأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
42 - و يقول المقريزي (ت 845هـ) في الخطط (2/ 356 - 357): (أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ).
43 - و قد سرد الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) في كتابه لسان الميزان (3/ 290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، و ليس له رواية و الحمد لله).
44 - و ذكر العيني (ت 855هـ) في كتابه عقد الجمان (9/ 168): (أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، و أظهر الأمر بالمعروف، و تكلم في الرجعة، و قررها في قلوب المصريين.
45 - و أكد السيوطي (ت 911هـ) في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/ 132) نسبة السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
46 - و ذكر السفارني (ت 1188هـ) في كتابه لوامع الأنوار (1/ 80) ضمن فرق الشيعة فرقة السبأية و قال: (و هم أتباع عبد الله بن سبأ الذي قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنت الإله حقاً، فأحرق من أصحاب هذه المقالة من قدر عليه منهم فخدّ لهم أخاديد وأحرقهم بالنار.
47 - و يروي الزُّبيدي (ت 1205هـ) أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مُسيك المرادي هو والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة. تاج العروس (1/ 75 - 76)، و كلام الزبيدي هذا غير مقبول و يرده حديث فروة بن مسيك، راجع صحيح سنن أبي داود (برقم (3373) و الترمذي (برقم 3220) كتاب تفسير سورة سبأ، و في الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من الأنبناء: سكن منهم ستة في اليمن و أربعة في الشام، و هم أصول القبائل العربية: لخم و جذام و غسان .. الخ، مما يدل على أن سبأ رجل متقدم جداً من أصول العرب، فما علاقة ذلك بسبأ والد عبد الله صاحب السبئية؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/260)
48 - و تحدث عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي (ت 1239هـ) في كتابه مختصر التحفة الاثنى عشرية (ص 317) عن ابن سبأ بقوله: (و من أكبر المصائب في الإسلام في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة اليهود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاهر لهم بالإسلام وادعى الغيرة على الدين والمحبة لأهله .. و إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء، و كان يسمى ابن السوداء، و كان يبث دعوته بخبث و تدرج و دهاء.
49 - و محمد صديق حسن خان (ت 1307هـ) في خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان (ص 8، 33، 44).
هذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء، و من سلف الأمة، و هناك الكثير غيرهم، و كلها تأكد و تجمع على ثبوت شخصية عبد الله بن سبأ اليهودي بكونه حقيقة لا خيال، و كوني آثرت ذكر المتقدمين، لأنه إذا ثبت عندهم؛ فهم أعرف منا، لأنه تسنى لهم الاطلاع على الكثير من الكتب التي تعد في زمننا هذا في عداد المفقود، فهم الأصل الذي نحن عيال عليه، نقتبس منه و نثبت، كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية كتاب: العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/ 530 - 531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
ب – المثبتين لشخصية ابن سبأ من الشيعة:-
1 - ورد في تاريخ الطبري (5/ 193) على لسان أبي مخنف – لوط بن يحيى – (ت 157هـ) و هو يصف معقل بن قيس الرياحي والذي كلفه المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة بقتال المستورد بن علفة الخارجي و أصحابه، فيصفه بأنه من السبئية المفترين الكذابين.
2 - الأصفهاني (ت 283هـ) ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليهودية (2/ 528).
3 - أورد الناشئ الأكبر (ت 293هـ) في كتابه مسائل الإمامة (ص 22 - 23) ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، و أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ).
4 – و نقل القمي (ت 301هـ) في كتابه المقالات و الفرق (ص 20) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة، و تبرأ منهم، وادّعى أن علياً أمره بذلك.
5 - و يتحدث النوبختي (ت 310هـ) في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض.
6 - و يقول أبو حاتم الرازي (ت 322هـ) في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305): (أن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، و أنه يحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته.
7 - و روى الكشي (ت 340هـ) في الرجال (ص 98 - 99) بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله: أن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً. و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص 70، 100) من نفس الكتاب.
8 - و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي (ت 381هـ) في كتاب من لا يحضره الفقه (1/ 213)، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء.
9 - و جاء عند الشيخ المفيد (ت 413هـ) في كتاب شرح عقائد الصدور (ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
10 - و قال أبو جعفر الطوسي (ت 460هـ) في كتبه تهذيب الأحكام (2/ 322) أن ابن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو.
11 - و ابن شهر آشوب (ت 588هـ) في مناقب آل أبي طالب (1/ 227 - 228).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/261)
12 - و ذكر ابن أبي الحديد (ت 655هـ) في شرح نهج البلاغة (2/ 99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه.
13 - و أشار الحسن بن علي الحلّي (ت 726هـ) في كتابه الرجال (2/ 71) إلى ابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
14 - و يرى ابن المرتضى (ت 840هـ) – و هو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6).
15 - و يرى الأردبيلي (ت 1100هـ) في كتاب جامع الرواة (1/ 485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته.
16 - والمجلسي (ت 1110هـ) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/ 286 - 287).
17 - يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/ 234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن و قيل إنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي.
18 - طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص62).
19 - و عند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/ 183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
20 - أما محمد حسين المظفري (ت 1369هـ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص 10).
21 - أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (3/ 141).
ثانياً: المنكرون وجود عبد الله بن سبأ من الفريقين ..
أ – المنكرون لوجود ابن سبأ من أهل السنة ومن حسب عليهم:-
1 – الدكتور: طه حسين، يقف طه حسين عل رأس الكتّاب المحدثين الذين شككوا في وجود ابن سبأ بل و أنكروه. أنظر كتاب الفتنة الكبرى – عثمان – (ص 132)، و علي و بنوه (ص 90).
2 - الدكتور: علي سامي النشار، و هو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارها شخصية وهمية. راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام (2/ 38 – 39).
3 - الدكتور: حامد حنفي داود، و هو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودها، و ذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب (عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى) و من ضمن ما قال: (و أخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بهذا السفر الجليل لصاحبه العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري)، أما رأيه في عبد الله بن سبأ فأوضحه بقوله: (و لعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغمّ عليهم أمرها فلم يفقهوها و يفطنوا إليها هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة حين لفقوا عليهم قصة عبد الله بن سبأ فيما لفقوه من قصص. (1/ 18، 21).
و ضمن كتابه: التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص 18).
4 – و هناك أيضاً الدكتور: محمد كامل حسين في كتابه: أدب مصر الفاطمية (ص 7).
5 – و أيضاً: عبد العزيز الهلابي في كتابه عبد الله بن سبأ (ص 73)، حيث حجب هذا الشخص الغموض الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فلازم الإنكار.
6 – و الشيء بالشيء يذكر يعتبر الأستاذ حسن بن فرحان المالكي تلميذ المذكور أعلاه من المنكرين لوجود ابن سبأ، و في أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة. راجع كلامه في جريدة المسلمون الأعداد (657، 658).
7 - ومن المنكرين و المتشكيين والمترددين في إثبات و نفي شخصية عبد الله بن سبأ، الدكتور: جواد علي في مقال له بعنوان (عبد الله بن سبأ) منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس (ص 84، 100) و أيضاً في مجلة الرسالة العدد (778) (ص 609 - 610).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/262)
8 - و أيضاً الدكتور: محمد عمارة في كتابه الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية (ص 154 - 155)، فيقول: (وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر الإسلامي إلى ابن السوداء هذا نشاط عظيماً و جهداً خرافياً)، و يقول: (فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده) إلى غيرها من النقولات.
9 - و الدكتور: عبد الله السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية (ص 86)، إلا أنه يثبت وجود الأفكار التي تنسب إلى عبد الله بن سبأ، من غير جزم بوجود صاحبها.
ب - المنكرون لوجود ابن سبأ من الشيعة:-
1 - محمد الحسين كاشف الغطاء، في كتابه أصل الشيعة و أصولها (ص 61) يقول: (على أنه لا يستبعد أن يكون هو – أي عبد الله بن سبأ – و مجنون بني عامر و أبو هلال .. وأمثالهم أحاديث خرافية وضعها القصاص لتزجية الفراغ و شغل أوقات الناس).
2 - مرتضى العسكري و له كتابان في هذا الموضوع، ينفي فيهما وجود ابن سبأ من الأصل، و يعتبر مرتضى هذا من أكثر الشيعة المحدثين اهتماماً بمسألة عبد الله بن سبأ. الكتاب الأول بعنوان: (عبد الله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري). و رمز له بالجزء الأول. الكتاب الثاني بعنوان: (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى).
3 - محمد جواد مغنيه، و قد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى لمرتضى العسكري (1/ 12). و كتاب التشيع (ص 18).
4 - الدكتور علي الوردي، في كتاب و عاظ السلاطين (ص273 - 276)، يقول: (يخيل إلى أن حكاية ابن سبأ من أولها إلى آخرها كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير)، و يعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول بأن ابن السوداء و هو عمار بن ياسر رضي الله عنه، (ص 278).
5 – عبد الله الفياض في كتابه تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة (ص 95)، يقول: (يبدوا أن ابن سبأ كان شخصية إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة).
6 - الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع (ص 41)، و قد تابع الدكتور علي الوردي في كلامه حول كون عمار بن ياسر هو ابن السوداء، (ص 88).
7 – طالب الرفاعي في التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص 20).
و لعل هذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد الله بن سبأ، هو بغرض نفي التأثير اليهودي في عقائد الشيعة، و تبرئة ساحتهم من عبد الله بن سبأ، و لكن أنى لهم ذلك.
و قد أعجبتني مقولة للدكتور سعدي الهاشمي يقول فيها: (و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي (ابن سبأ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص 76).
جـ – المثبتون لوجود ابن سبأ من المستشرقين:-
اهتم المستشرقون بمسألة عبد الله بن سبأ و درسوا ما جاء عنه، و نحن لسنا بحاجة إلى قيام أمثال هؤلاء الحاقدين لإثبات شخصية ابن سبأ لنثبت شخصيته بدورنا، لكن تطرقت لذكرهم فقط من باب بيان أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، كما فعل أبي هريرة رضي الله عنه عندما تعلم فضل سورة آية الكرسي من إبليس لعنه الله. البخاري مع الفتح (4/ 487 - 488).
1 - المستشرق الألماني: يوليوس فلهاوزن (1844 - 1918م)، يقول: (ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي و الحسن، و تنسب إلى عبد الله بن سبأ و كما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً و الواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أنه كان يهودياً). في كتابه: الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
2 - المستشرق: فان فلوتن (1866 - 1903م)، يرى أن فرقة السبأية ينتسبون إلى عبد الله بن سبأ فيقول: (وأما السبأية أنصار عبد الله بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخلافة منذ أيام عثمان، فكان يعتقدون أن جزءاً إلهياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده. السيادة العربية والشيعية و الإسرائيليات في عهد بني أمية (ص 80).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/263)
3 - المستشرق الإيطالي: كايتاني (1869 - 1926م)، يخلص هذا المستشرق في بحثه الذي نشره في حوليات الإسلام الجزء الثامن من سنة (33 - 35هـ) إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية، كما وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلهة لعلي قد حدثت في أيامه، و ينتهي إلى القول بأن هذه الآراء وليدة تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة.
4 - المستشرق: ليفي ديلافيدا (المولود عام 1886م)، حيث مرّ بعبد الله بن سبأ و هو يتحدث عن خلافة علي من خلال كتاب أنساب الأشراف للبلاذري.
5 - المستشرق الألماني: إسرائيل فريد لندر، وقد كتب مقالاً عن عبد الله بن سبأ في المجلة الآشورية العددين من سنة (1909م، ص 322) و (1910م، ص 23) بعنوان: (عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله اليهودي) و قد خلص في بحثه هذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه لا يتشكك مطلقاً في شخصية ابن سبأ.
6 – المستشرق المجري: جولد تسيهر (1921م)، يقول: (كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ). في كتابه: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
7 - رينولد نكلس (1945م)، يقول في كتابه تاريخ الأدب العربي (ص215): (فعبد الله بن سبأ الذي أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن، و قد قيل إنه كان من اليهود و قد أسلم في عهد عثمان و أصبح مبشراً متجولاً).
8 - داويت. م. رونلدسن، يقول: (فقد ظهر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد الله بن سبأ قطع البلاد الإسلامية طولاً و عرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري). عقيدة الشيعة (ص 85).
9 - المستشرق الإنجليزي: برنارد لويس، فهو يرى أن عبد الله بن سبأ هو أصل التشيع. راجع كلامه في كتابه: أصول الإسماعيلية (ص 86).
هذه أهم الكتابات الاستشراقية في موضوع عبد الله بن سبأ، و هناك غير هؤلاء الكثير، راجع للأهمية كتاب: عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص 73).
أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين، فهم فئة قليلة و الذين وقفوا في شخصية ابن سبأ و أصبحت عندهم مجرد خرافة و محل شك، و ليس هناك من داع لذكرهم، لعدم انتشار أفكارهم بخلاف المثبتين فهم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليهم الكثير ممن تأثر بفكر الاستشراق، و كان هدف هؤلاء المستشرقين من ذلك التشكيك أو الإنكار هو ادعاء أن الفتن إنما هي من عمل الصحابة أنفسهم، و أن نسبتها إلى اليهود أو الزنادقة هو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليها الإخباريون والمؤرخون المسلمون ليعلقوا أخطاء هؤلاء الصحابة على عناصر أخرى، على أن إنكار بعضهم لشخصية ابن سبأ إنما يرجع إلى رغبتهم في الانتهاء إلى النتيجة التالية: لا حاجة لمخّرب يمشي بين الصحابة، فقد كانت نوازع الطمع و حب الدنيا والسلطة مستحوذة عليهم، فراحوا يقاتلون بعضهم عن قصد و تصميم، و القصد من ذلك الإساءة إلى الإسلام و أهله، و إلقاء في روع الناس أن الإسلام إذا عجز عن تقويم أخلاق الصحابة و سلوكهم وإصلاح جماعتهم بعد أن فارقهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمدة وجيزة، فهو أعجز أن يكون منهجاً للإصلاح في هذا العصر. أنظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور: محمد أمحزون (1/ 314).
أدلة من أنكر شخصية عبدالله بن سبأ والرد عليهم
يمكن أن أحصر أدلتهم فيما يلي، ثم أتبع كل شبهة من أدلتهم بالإجابة عنها:-
أولاً: قالوا: إعراض المؤرخين عن ذكر ابن سبأ أو ابن السوداء في حرب صفين، و كونه غاب عنها، و كيف له أن يغيب عن هذا المعركة و هو الذي كان يصول و يجول في حرب الجمل، لهذا لم يستطع المؤرخون الإجابة على هذا السؤال المحير! و هذا مما يدل على أنه غير موجود.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/264)
الرد عليه: إن المؤرخين عند حديثهم عن موضوع معين لا يلتزمون بذكر كل تفاصيل ما جرى في الأحداث والوقائع التي ذكروها في كتبهم، هذا على افتراض مشاركة ابن سبأ في حرب صفين، و على افتراض عدم مشاركته في حرب صفين، هل يعد ذلك دليلاً على عدم وجوده، فيعارض به ما أثبته المؤرخون من وجود ابن سبأ و ما كان له من دور؟! و في اعتقادي أن هذه الشبهة لا تقوى على ما أثبته المؤرخون والمحققون من سنة و شيعة من وجود ابن سبأ.
ثانياً: قالوا: إن أخبار ابن سبأ إنما انتشرت بين الناس عن طريق الطبري، والطبري أخذها عن سيف بن عمر، إذاً فسيف هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، و سيف هذا كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل.
الرد عليه و سيكون على ثلاثة فروع:-
أ – كون الطبري هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، و هذه الأخبار جميعها جاءت من طريق سيف بن عمر.
الرد: هذه شبهة باطلة إذ لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف، بل هناك روايات لسيف تتحدث عن ابن سبأ لا توجد عند الطبري، و مثاله:
1 - من طريق ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/ 9)، وقد أورد رواية من طريق سيف بن عمر ليست عند الطبري.
2 - من طريق المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد و البيان (ص 54) و قد أورد رواية ليست عند الطبري من طريق سيف بن عمر.
3 - من طريق الذهبي (ت 748هـ) في كتابه تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123) و هذه الرواية أيضاً غير موجودة في الطبري.
فهذه الطرق الثلاثة تدلنا على أن الطبري لم ينفرد بروايات سيف بن عمر عن ابن سبأ، و أنه ليس المصدر الوحيد لهذه الأخبار.
ب – كون سيف بن عمر هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ.
الرد: هذه الشبهة أيضاً غير صحيحة، فقد ثبتت روايات ذكر فيها ابن سبأ لم يكن سيف في سندها، و إن الذي يتبين لنا من خلال البحث والتنقيب أن سيف بن عمر ليس هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ، و سأورد هنا عدد من النصوص لابن عساكر تذكر ابن سبأ لا ينتهي سندها إلى سيف بن عمر، و قد اخترت تاريخ ابن عساكر بالذات لأنه يعتمد في روايته للأخبار على السند كما هو حال الطبري في تاريخه.
الرواية الأولى: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى الشعبي، قال: أول من كذب عبد الله بن سبأ.
الرواية الثانية: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى عمار الدهني، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به يلببة - يعني ابن السوداء -، و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله.
الرواية الثالثة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى زيد بن وهب عن علي قال: ما لي و ما لهذا الحميت الأسود؟.
الرواية الرابعة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة قال: قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال: ما لي وما لهذا الحميت الأسود؟.
الرواية الخامسة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة بن كهيل عن زيد قال: قال علي بن أبي طالب ما لي ولهذا الحميت الأسود؟ - يعني عبد الله بن سبأ – وكان يقع في أبي بكر وعمر.
الرواية السادسة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال: رأيت علياً كرم الله وجهه وهو على المنبر، وهو يقول: من يعذرني من هذا الحميت الأسود، الذي يكذب على الله ورسوله؟ - يعني ابن السوداء – لولا أن لا يزال يخرج عليّ عصابة تنعى عليّ دمه كما أدّعيت عليّ دماء أهل النهر، لجعلت منهم ركاماً.
الرواية السابعة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى أبو الأحوص عن مغيرة عن سماك قال: بلغ عليا أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر، فدعا به، ودعا بالسيف - أو قال: فهمّ بقتله - فكُلّم فيه، فقال: لا يساكني ببلد أنا فيه. قال: فسيره إلى المدائن. تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7 - 10).
للمزيد حول ورود روايات عبد الله بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر راجع الحلقة (3 و 4) من سلسلة مقالات عبد الله بن سبأ.
جـ – كون سيف بن عمر (ت 180هـ) كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل.
الرد: مكانة سيف بن عمر (ت 180هـ) بين الجرح والتعديل، حتى تكون الصورة واضحة للقارئ.
أولاً: سيف بن عمر محدثاً:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/265)
يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين (ص 14): (سيف بن عمر الضبي ضعيف). وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 278) أن سيف بن عمر: (متروك الحديث، يشبه حديثه حديث الواقدي). و عند ابن معين في نفس المصدر (2/ 278) أن سيفاً ضعيف الحديث. و ذكره الذهبي فيمن له رواية في الكتب الستة، واكتفى بالقول: (ضعفه ابن معين و غيره).الكاشف (1/ 416). و في المغني في الضعفاء (ص 292) قال الذهبي: (سيف بن عمر التميمي الأسدي له تواليف متروك باتفاق). و عند ابن حجر في التقريب (1/ 344): (سيف ضعيف الحديث). و يقول ابن حبان في المجروحين (1/ 345): (سيف بن عمر الضبي الأسدي من أهل البصرة اتهم بالزندقة .. يروي الموضوعات عن الأثبات).
هذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً، لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً؟!
هنا لا بد و قبل أن أذكر أقوال أهل العلم فيه أن أنبه أنه لا بد من التفريق بين رواية (الحديث) و رواية الأخبار الأخرى، فعلى الأولى تبنى الأحكام و تقام الحدود، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع، و من هنا تحرز العلماء –رحمهم الله – في شروط من تأخذ عنه الرواية، لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار، فهي وإن كانت مهمة – لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة – إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث، و من هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس و تطبيقه على (سيف) بكونه محدثاً، و إخبارياً. راجع للأهمية كتاب: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون (1/ 82 - 143) فقد تحدث عن هذا الموضوع فأجاد.
نعود إلى كتب الرجال نفسها فنجد الآتي:-
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان إخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أما اتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه). ولا يصح اتهام سيف بالزندقة دون دليل، إذ كيف نفسر رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة، فأسلوبه الذي روى به تلك الأحداث أبعد ما يكون عن أسلوب الزنادقة، و هو الذي فضح و هتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ!!
و بعد هذا لا يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من الإخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن الكلبي، و غيرهم الكثير، فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات، علاوة على أنها صادرة و مأخوذة عمن شاهد تلك الحوادث أو كان قريباً منها. للمزيد حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)، و عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور:سليمان العودة (ص 104 - 110).
ثالثاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود، و إنما هو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر، ثم ساقوا عدد من الدعائم التي تؤيد هذا القول، منها:-
1 - كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء، و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً.
2 - كلاهما من أب يماني، و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أهل اليمن.
3 - كلاهما كان شديد الحب لعلي، و من محرضي الناس على بيعته.
4 - ذهاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان، و مثل هذا ينسب إلى ابن سبأ.
5 - ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، و هذا نفسه كان يقول به عمار.
6 - و يشترك الاثنان في عرقلة مساعي الصلح في معركة الجمل.
7 - قالوا عن ابن سبأ أنه هو المحرك لأبي ذر في دعوته الاشتراكية! و صلة عمار بأبي ذر وثيقة جداً.
الرد: هذا الرأي الذي خلصوا إليه، إنما يدل على جهل صاحبه، و هذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب الرجال الموثقة عند الشيعة، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه، و هو أحد الأركان الأربعة عندهم، ثم هي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد الله بن سبأ في معرض السب واللعنة. أنظر: رجال الطوسي (ص 46، 51) و رجال الحلي (ص 255، 469). فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد ذلك؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/266)
كما وأن عوامل توافق الشخصيتين ذهاب كل منهما إلى مصر زمن عثمان، فإن استقراء النصوص ومعرفة تاريخها يعطي مفهوماً غير الذي فهمه النافين لوجود ابن سبأ، و بالتالي ينتصب هذا العامل دليلاً على استقلال كل من الشخصيتين، فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة (35هـ)، بينما كان ظهور ابن سبأ سنة (30هـ) كما في الطبري (4/ 241)، و هو الذي ساق الخبرين، و شيء آخر و هو أن الطبري نفسه أورد أن من الذين استمالوا عماراً في مصر قوم منهم عبد الله بن سبأ. الطبري (4/ 341)، وانظر أيضاً: البداية والنهاية لابن كثير (7/ 167) و الكامل في التاريخ لابن الأثير (3/ 77) و تاريخ ابن خلدون (2/ 1034) فهؤلاء هو كبار المؤرخين و هم جميعاً أثبتوا الشخصيتين؛ شخصية ابن سبأ و شخصية عمار بن ياسر، فكيف لعاقل بعد ذلك أن يقول إنهما شخص واحد؟!
و أما قولهم بأن عمار كان يمانياً، فكل يماني يصح أن يقال له ابن سبأ، فهذا غير صحيح، فليست سبأ إلا جزءاً من بلاد اليمن الواسعة كما قال بذلك ياقوت في معجم البلدان (3/ 181).
وأما قولهم بأن عمار كان يقول بأن عثمان قد أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، فإن هذه المقولة زَعْم يحتاج إلى دليل، بل الثابت أن عثمان رضي الله عنه كان يثق بعمار و هو الذي أرسله إلى مصر لضبط أمورها. راجع الطبري (4/ 341).
كما وأن التشابه في الكنى لا يجعل من الرجلين شخصية واحدة، كما وأن الظروف التاريخية وطابع كل من الشخصيتين لا تسمحان لنا بقبول هذا الرأي. وإن نظرة واحدة إلى كتب التراجم والرجال لتعطي القارئ فكرة واسعة في سبب قيام علماء الجرح والتعديل بتأليف الكتب التي تحتوي على المتشابه من الأسماء والكنى.
و شيء مهم آخر و هو أن عمار قتل يوم صفين، في حين بقي ابن سبأ إلى بعد مقتل علي رضي الله عنه، فهل بعد هذا يكون عمار بن ياسر هو عبد الله بن سبأ؟!
رابعاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود في الحقيقة، و إنما هو شخصية وهمية انتحلها أعداء الشيعة بهدف الطعن في مذهبهم و نسبته إلى رجل يهودي.
الرد: إن هذه دعوى لا تقوم عليها حجة، فكما أنكم ادعيتم هذا، فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء، لكن العبرة بالحجة والدليل، فزعمكم أن هذه القصة قد اختلقها أهل السنة للتشنيع على الشيعة، ليس لها دليل، و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظلال الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على الأقل من أن هذه القصة لم ينفرد بها أهل السنة فقط، فهذا الزعم باطل لأن مصادر الشيعة هي الأخرى أثبتت – كما سلف – وجود ابن سبأ. و بهذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنها من مفتريات أهل السنة.
و بعد هذا الذي ذكرت و هذه الشبهات التي أبطلت، أستطيع أن أقول: إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن سبأ إلى عقيدتهم التي بثها و تسربت إلى فرق الشيعة، و هي عقيدة تتنافى مع أصول الإسلام، و تضع القوم موضع الاتهام والشبهة، هذا من جهة، و من جهة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو الصحابة، و رغبة لإظهارهم بأنهم هم الذين أثاروا الفتنة بينهم.
و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد الله بن سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية، و تفيض فيه كتب العقائد، و ذكرته كتب الحديث والرجال والأنساب والطبقات و الأدب واللغة، و سار على هذا النهج كثير من المحققين والباحثين المحدثين
دور هذا اليهودي في إشعال نار الفتنة على عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأحب أن أنبه أنه وأثناء الحديث قد لا نتطرق لذكر ابن سبأ في بعض الأحيان، و هذا لا يعني أنه غير موجود أو أنه ليس له دور، بل ثبت بالدليل الصحيح الصريح أن اليد الخفية التي كانت تدير المؤامرة و تحرك الفتنة، هي يد ذلك اليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ، كما وأننا لن نتطرق أيضاً لذكر المآخذ التي أخذت على عثمان بزعم مثيري الفتنة، و ذلك لأنه ليس هذا مجال ذكرها، و لعل الله ييسر لنا كتابتها في مقال مستقل مع التعليق عليها إن شاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/267)
بذور الفتنة: السبب الرئيسي، رجل يقال له عبد الله بن سبأ: و شهرته ابن السوداء لأن أمه كانت سوداء من الحبشيات. و هو من صنعاء و كان يهودياً من يهود اليمن. أظهر الإسلام و باطنه الكفر، ثم انتهج التشيع لعلي رضي الله عنه، و هو الذي تنسب إليه فرقة السبئية الذين قالوا بألوهية علي و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة منهم تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. انظر: المحبَّر لابن حبيب (ص308). تاريخ الطبري (4/ 340). و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 3) و كتاب: ابن سبأ حقيقة لا خيال لسعدي مهدي الهاشمي، و كتاب عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة، و مقال حقيقة ابن السوداء في جريدة المسلمون للدكتور سليمان العودة، العدد (652 - 653). و خبر إحراقهم عند: أبي داود في سننه (4/ 520) و النسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).
فلما رأى هذا الرجل أن أمر الإسلام بدأ ينتشر بهذه الصورة و بدأ يظهر، رأى أن هذا الأمر ليس له إلا فتنة من داخله، و كان بمنتهى الخبث، فأول ما بدأ، بدأ بالمدينة، و كانت المدينة يومها ملأى بالعلماء، فدُحر بالعلم، كلما رمى شبهة رُد عليها، فمن شبهه أنه أظهر بعض العقائد اليهودية، مثل القول بالرجعة؛ أي رجعة الرسول صلى الله عليه وسلم و استدل بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص/85]، و ذكر تعجبه للناس ممن يصدق برجعة عيسى عليه السلام و يكذب برجعة محمد صلى الله عليه وسلم، و ما كان قوله هذا إلا وسيلة للوصول إلى ما هو أكبر من ذلك، حيث قال بعد ذلك برجعة علي رضي الله عنه و أنه سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و هكذا. انظر: عبد الله بن سبأ و دوره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة (ص208)، واستشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص 70 - 86).
و للرد عليهم أشير إلى أن الآية التي استدل بها السبئية دليل عليهم، و قد نقل ابن كثير في تفسيره (3/ 345)، أقوال العلماء في ذلك، فمنهم من يقول: رادك يوم القيامة فيسألك عما استرعاه من أعيان أعباء النبوة. و منهم من يقول: رادك إلى الجنة، أو إلى الموت، أو إلى مكة. و قد أورد البخاري عن ابن عباس القول بالرد إلى مكة. البخاري مع الفتح (8/ 369) و الطبري في التفسير (10/ 80 - 81).
و قد سأل عاصم بن ضمرة (ت74هـ) الحسن بن علي فيما يزعمه الشيعة بأن علياً رضي الله عنه سيرجع، فقال: كذب أولئك الكذّابون، لو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه و لا قسمنا ميراثه. المسند (1/ 148).
و في الطبقات لابن سعد (3/ 39). ورد ذكر السبئية و أفكار زعيمها و إن كان لا يشر إلى ابن سبأ بالاسم، فعن عمرو بن الأصم قال: (قيل للحسن بن علي: إن ناساً من شيعة أبي الحسن علي رضي الله عنه يزعمون أنه دابة الأرض و أنه سيبعث قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا ليس أولئك شيعته، أولئك أعداؤه لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه و لا أنكحنا نساءه.
ومن أقوال ابن سبأ أيضاً القول بالوصية و الإمامة. يقول الشهرستاني في الملل و النحل (1/ 174): إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي.
ويذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4/ 435): أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة و النص عليه، و ادّعى العصمة له.
و في خطط المقريزي (2/ 356 - 357): أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية و الرجعة و التناسخ.
و من المحدثين الشيعة الذين ذكروا فكرة الوصي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ) في كتابه الكافي في الأصول، حيث أورد النص التالي: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه و آله، و وصية علي عليه السلام. أنظر: السنة و الشيعة لإحسان إلهي ظهير (ص54).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/268)
و هذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعد مصداقاً لما جاء في كتاب السنة لابن أبي عاصم بسند صحيح على شرط الشيخين (2/ 476 - 477)، حيث أخرج من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ليحبني قوم حتى يدخلوا النار فيِّ، و ليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي.
وقد علق الشيخ الألباني على هذا الحديث قائلاً: و اعلم أن هذا الحديث موقوف على علي بن أبي طالب، و لكنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من الغيب الذي لا يعرف بالرأي.
و خلاصة ما جاء به ابن سبأ، أنه أتى بمقدمات صادقة و بنى عليها مبادئ فاسدة راجت لدى السذّج
و الغلاة و أصحاب الأهواء من الناس، و قد طرق باب القرآن يتأوّله على زعمه الفاسد، كما سلك طريق القياس الفاسد في ادعاء إثبات الوصية لعلي رضي الله عنه بقوله: إنه كان ألف نبي، و لكل نبي وصي، و كان علي وصي محمد ثم قال: محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء. تاريخ الطبري (4/ 340) من طريق سيف بن عمر.
هنا ابن سبأ لما لم يستطع أن يكسب شخصاً واحداً توجه نحو الشام، و كانت الشام وقتها يحكمها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فلما توجه إليها لم يستطع أن يكسب و لو رجلاً واحداً إلى صفه، فترك الشام و توجه نحو الكوفة و إذ هي تموج بالفتن، و مكاناً خصباً لبث شبهاته. لذلك كان عمر رضي الله عنه ولى عليها المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، حيث كان من أشد الناس ففي أيام عمر ما استطاعت أن تبرز في الكوفة فتنة، و لما تولى عثمان الخلافة عزل المغيرة و عين بدلاً عنه سعيد بن العاص رضي الله عنه وكان من بني أمية، فأهل الكوفة اعتبروا ذلك استغلالاً للمنصب؛ فكثرت الفتن فيها، فعبد الله بن سبأ وجد أرضاً خصبة للفتن، فاستطاع أن يجمع حوله جماعة، ثم انتقل إلى البصرة فجمع فيها جماعة أخرى، و كان عددهم على أقل تقدير عند المؤرخين ستمائة رجل، و أقصاها ألف رجل، ثم انتقل إلى مصر و استطاع أن يجمع ما بين ستمائة إلى الألف من الرجال. انظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل من مرويات سيف بن عمر لخالد الغيث (ص72 - 86)، حيث أجاد الباحث في تحليل الموقف.
و استخدم ابن سبأ كذلك الأعراب، فذهب إليهم و بدأ يثير عندهم الأكاذيب حول عثمان و يستدل على قوله بكتب مزيفة كتبها هو و أعوانه على ألسنة طلحة و الزبير و عائشة، فيها التذمر على سياسة عثمان في الحكم، فصار الأعراب و هم الذين لا يفقهون من دين الله الشيء الكثير، يتأثرون بهذه الأكاذيب و يصدقونها فملئت قلوبهم على عثمان رضي الله عنه. استشهاد عثمان (ص 87 - 99).
بعد ذلك اتجه ابن سبأ إلى هدفه المرسوم، و هو خروج الناس على الخليفة عثمان رضي الله عنه، فصادف ذلك هوى في نفوس بعض القوم فقال لهم: إن عثمان أخذ الأمر بغير حق و هذا وصي الرسول صلى الله عليه وسلم، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، و ابدؤوا بالطعن في أمرائكم و أظهروا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تستميلوا الناس، و ادعوهم إلى هذا الأمر. تاريخ الطبري (4/ 341)، من طريق سيف بن عمر.
و يظهر من هذا النص الأسلوب الذي اتبعه ابن سبأ، فهو أراد أن يوقع في أعين الناس بين اثنين من الصحابة حيث جعل أحدهما مهضوم الحق و هو علي، و جعل الثاني مغتصباً و هو عثمان.
ثم إنه أخذ يحضّ أتباعه على إرسال الكتب بأخبار سيئة مفجعة عن مِصرهم إلى بقية الأمصار، فيتخيل أهل البصرة مثلاً أن حال أهل مصر أسوأ ما يكون من قبل واليهم، و يتخيل أهل مصر أن حال أهل الكوفة أسوأ ما يكون من قبل واليهم، و كان أهل المدينة يتلقّون الكتب من الأمصار بحالها و سوئها من أتباع ابن سبأ، وهكذا يتخيل الناس في جميع الأمصار أن الحال من السوء مالا مزيد عليه، و المستفيد من هذه الحال هم السبئية، لأن تصديق ذلك من الناس يفيدهم في إشعال شرارة الفتنة داخل المجتمع الإسلامي.
هذا و قد شعر عثمان رضي الله عنه بأن شيئاً ما يحاك في الأمصار و أن الأمة تمخض بشرّ فقال: والله إن رحى الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات و لم يحركها. تاريخ الطبري (4/ 343)، من طريق سيف بن عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/269)
روى الترمذي عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال: يقتل هذا فيها مظلوماً - لعثمان بن عفان - صحيح سنن الترمذي (3/ 210) و أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 451).
و روى الترمذي في سننه (5/ 628) و ابن ماجة عن كعب بن عجرة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها، فمر رجل مقنع رأسه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يومئذ على الحق، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: هذا. المسند (4/ 242) و صحيح ابن ماجة (1/ 24 - 25) و صحيح سنن الترمذي (3/ 210) و فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 450).
و الذي حصل أن أهل الفتنة أخذوا يتراسلون فيما بينهم، فلما رأوا أن عددهم قد كثر تواعدوا على أن يلتقوا عند المدينة في شوال من سنة (35هـ) في صفة الحجاج، فخرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء المقلّل يقول ستمائة و المكثر يقول ألف .. و لم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، و إنما خرجوا كالحجاج و معهم ابن السوداء .. و خرج أهل الكوفة في عدد كعدد أهل مصر، و كذا أهل البصرة، و لما اقتربوا من المدينة شرعوا في تنفيذ مرحلة أخرى من خطتهم، فقد اتفق أمرهم أن يبعثوا اثنين منهم ليطلعا على أخبار المدينة و يعرفا أحوال أهلها، ذهب الرجلان فلقيا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و علياً و طلحة و الزبير، و قالا: إنما جئنا نستعفي عثمان من بعض عمالنا، و استأذنا لرفاقهم بالدخول، فأبى الصحابة، و قال علي رضي الله عنه: لا آمركم بالإقدام على عثمان فإن أبيتم فبيض سيفرخ. الطبري (4/ 349 - 350)، من طريق سيف بن عمر.
تظاهر القوم بالرجوع و هم يبطنون أمراً لا يعلمه الناس، فوصلت الأنباء إلى أهل المدينة بانصراف أهل الفتنة فهدأ الناس، و في الليل فوجئ أهل المدينة بأهل الفتنة يدخلون المدينة من كل مكان فتجمعوا في الشوارع و هم يكبرون، فجاء علي بن أبي طالب و قال: ما شأنكم؟ لماذا عدتم؟ فرد عليه الغافقي بأن عثمان غدر بهم، قال كيف؟ قال: قبضنا على رسول و معه كتاب من عثمان يأمر فيه الأمراء بقتلنا، فقال علي لأهل الكوفة و البصرة: و كيف علمتم بما لقي أهل مصر و قد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا، هذا والله أمر أبرم بالمدينة، و كان أمر الكتاب الذي زوّر على لسان عثمان رضي الله عنه اتخذوه ذريعة ليستحلوا دمه و يحاصروه في داره إلى أن قتلوه رضي الله عنه.
و فوق هذا كله فالثائرون يفصحون عن هدفهم ويقولون: ضعوه على ما شئتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا و نحن نعتزله. الطبري (4/ 351)، من طريق سيف بن عمر.
و علاوة على ذلك هناك ما يؤكد تزوير هذا الكتاب، إذ ليس هو الكتاب الوحيد الذي يزوّر على لسان الصحابة، فهذه عائشة رضي الله عنها، تُتهم بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان فتنفي
و تقول: لا والذي آمن به المؤمنون و كفر به الكافرون ما كتبت لهم سواداً في بياض حتى جلست مجلسي هذا. البداية والنهاية (7/ 195) و انظر ما رواه الطبري من استنكار كبار الصحابة أنفسهم لهذه الكتب في أصح الروايات (4/ 355).
و ما تلك اليد الخفية التي كانت تخط وراء الستار لتوقع الفرقة بين المسلمين، و تضع في سبيل ذلك الكتب على لسان الصحابة و تدبر مكيدة الكتاب المرسل إلى عامل عثمان على مصر، و تستغل الأمور لتقع الفتنة بالفعل إلا يد ذلك اليهودي الخبيث و أتباعه، فهم المحركون للفتنة.
توقفنا في المرة السابقة عند رجوع الوفد المصري بعد أن زعم أنه قبض على رسول من عثمان إلى عامله في مصر يأمره بقتلهم، و عرفنا أن هذا الكتاب ليس هو الوحيد الذي زور على عثمان، و ظهرت حقيقة اليد التي زورت و خططت، واليوم إن شاء الله نكمل الموضوع الذي بدأناه.
هنا استشار عثمان كبار الصحابة في أمر التخلي عن الخلافة لتهدأ الفتنة، و كان المغيرة بن الأخنس قد أشار عليه بالخلع لئلا يقتله الخارجون عليه، و قد سأل عثمان ابن عمر عن رأي المغيرة فنصحه بأن لا يخلع نفسه و قال له: فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه. طبقات ابن سعد (3/ 66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/270)
و هناك بعض الروايات تفيد أن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى الأمصار يطلب منهم العون بعد أن اشتد عليه التضييق و الحصار، و هذا الخبر لا يصح منه شيء، لأن منهج عثمان رضي الله عنه كان الصبر و الكف عن القتال امتثالاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له، و ذلك لحديث عائشة رضي الله عنها كما عند ابن أبي عاصم في السنة (2/ 561) قالت: لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد سأصبر عليه، قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليه فيما يكون من أمره.
لهذا وضع مصلحة الرعية في المقام الأول، فعندما عرض عليه معاوية أن يبعث إليه بجيش يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياه قال رضي الله عنه: أنا لا أقتر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق بجند يساكنهم، و أضيّق على أهل الهجرة و النصرة، فقال له معاوية: والله يا أمير المؤمنين لتغتالنّ أو لتغزينّ، فقال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل. الطبري (4/ 345). و حوصر عثمان بعدها في داره.
يقول ابن خلدون: إن الأمر في أوله خلافة، و وازع كل أحد فيها من نفسه هو الدين و كانوا يؤثرونه على أمور دنياهم وإن أفضت إلى هلاكهم وحدهم دون الكافة، فهذا عثمان لما حصر في داره جاءه الحسن
و الحسين و عبد الله بن عمر و ابن جعفر و أمثالهم يريدون المدافعة عنه، فأبى و منع سلّ السيوف بين المسلمين مخافة الفرقة، و حفظاً للألفة التي بها حفظ الكلمة و لو أدّى إلى هلاكه. مقدمة ابن خلدون (ص207 - 208).
و إلى جانب صبره و احتسابه و حفظاً لكيان الأمة من التمزق و الضياع وقف عثمان رضي الله عنه موقفاً آخر أشد صلابة، و هو عدم إجابته الخارجين إلى خلع نفسه من الخلافة؛ فلو أجابهم إلى ما يريدون لسنّ بذلك سنّة، و هي كلما كره قوم أميرهم خلعوه، و مما لاشك فيه أن هذا الصنيع من عثمان كان أعظم
و أقوى ما يستطيع أن يفعله، إذ لجأ إلى أهون الشرين و أخف الضررين ليدعم بهذا الفداء نظام الخلافة.
كان الخارجون عليه يطلبون منه ثلاثة أمور كما جاء ذلك عند ابن سعد في الطبقات (3/ 72 - 73)، قال عثمان للأشتر: يا أشتر ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاث ليس لك من إحداهن بدّ، قال: ما هن؟ قال: يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول هذا أمركم فاختاروا من شئتم، و بين أن تقصّ من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك. قال: أما ما من إحداهن بدّ؟ قال: لا، ما من إحداهن بدّ. قال: أما أن أخلع لهم أمرهم، والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إليّ من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض، و أما أن أقص من نفسي فوالله لقد علمت أن صاحبي بين يديّ قد كان يعاقبان و ما يقوم بدّ من القصاص، و أما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني لا تحابّون بعدي أبداً و لا تصلون بعدي جميعاً أبداً و لا تقاتلون بعدي عدواً جميعاً أبداً.
و لهذا احتج عثمان رضي الله عنه على المحاصرين بقوله: إن وجدتم في كتاب الله - و في رواية - في الحق أن تضعوا رجليَّ في قيد فضعوها. تاريخ خليفة (ص171) و أحمد في فضائل الصحابة (1/ 492) قال المحقق: إسناده صحيح، و انظر: الطبقات (3/ 69 - 70) بلفظ قريب.
و أخرج أحمد في فضائل الصحابة (1/ 464) و في المسند (1/ 63) و الترمذي في السنن (4/ 460 - 461) و ابن ماجة في السنن (2/ 847) و أبو داود في سننه (4/ 640 - 641) بإسناد حسن أن عثمان رضي الله عنه أشرف على الذين حصروه فقال: علام تقتلوني! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل زنى بعد إحصانه فعليه الرجم، أو قتل عمداً فعليه القود، أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل. فوالله ما زنيت في جاهلية و لا إسلام، ولا قتلت أحداً فأقيد نفسي منه، ولا ارتدت منذ أسلمت و إني اشهد ألا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله ففيما تقتلوني؟!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/271)
و ثبت أن عثمان اتخذ موقفاً واضحاً حاسماً يتمثل في عدم المقاومة، وأنه ألزم به الصحابة فقال: أعزم على كل من رأى عليه سمعاً و طاعة إلا كفّ يده و سلاحه، فخرج كل من الحسن و الحسين و عبد الله بن عمر و أصر عبد الله بن الزبير على البقاء و معه مروان بن الحكم، فلما طلب منه ابن الزبير أن يقاتل الخارجين، قال عثمان: لا والله لا أقاتلهم أبداً. تاريخ خليفة (ص173 - 174) و مصنف ابن أبي شيبة (15/ 204) و طبقات ابن سعد (3/ 70) و كلهم بأسانيد صحيحة.
و ممن أراد القتال دفاعاً عن عثمان الصحابي أبو هريرة و كان متقلداً سيفه، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً. قال أبو هريرة: فرجعت و لم أقاتل. الطبقات لابن سعد (3/ 70) و تاريخ خليفة (ص173) و إسنادهما صحيح.
و استمر الحصار عليه رضي الله عنه حتى أنهم منعوا عنه الماء، فوصل الخبر إلى أمهات المؤمنين فتحركت أم حبيبة رضي الله عنها و كانت من أقارب عثمان، فأخذت الماء و جعلته تحت ثوبها، و ركبت البغل و اتجهت نحو دار عثمان، فدار بينها وبين أهل الفتنة كلام فقال الأشتر كذبت بل معك الماء و رفع الثوب فرأى الماء فغضب و شق الماء، قال كنانة مولى صفية: كنت أقود بصفية لتردَّ عن عثمان فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت فقالت: ردوني و لا يفضحني هذا الكلب. التاريخ الكبير للبخاري (7/ 237) و ابن سعد في الطبقات (8/ 128) بإسناد صحيح. و كذلك الطبري (4/ 385 - 386).
و في رواية عند الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق الحسن البصري قال: لما اشتد أمرهم يوم الدار، قال: قالوا فمن، فمن؟ قال: فبعثوا إلى أم حبيبة فجاؤوا بها على بغلة بيضاء و ملحفة قد سترت، فلما دنت من الباب قالوا: ما هذا؟ قالوا: أم حبيبة، قالوا: والله لا تدخل، فردوها. فضائل الصحابة (1/ 492).و قال المحقق إسناده صحيح.
و حدثت بعض المناوشات بين شباب الصحابة و الثوار فجرح خلالها بعض الصحابة أمثال الحسن بن علي
و غيره، و هذا الخبر يؤيده ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1387)، و البخاري في التاريخ الكبير (7/ 237)، عن كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب قال: شهدت مقتل عثمان، فأخرج من الدار أمامي أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان رضي الله عنه: الحسن بن علي، و عبد الله بن الزبير، و محمد بن حاطب، و مروان بن الحكم.
و تتضافر روايات ضعيفة للدلالة على أن عثمان و هو محصور في الدار بعث إلى علي يطلبه، و أن علياً استجاب لأمره لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الدار التي كان المعارضون يطوقونها، فقال علي للثّوار: يأيها الناس إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين فلا تمنعوا عن هذا الرجل الماء و لا الطعام فإن الروم و فارس لتأسر و تطعم و تسقي، و لكن لم يستطع أن يفعل شيئاً، فحل عمامته السوداء التي كان يرتديها و رمى بها إلى رسول عثمان، فحملها الرسول إلى عثمان فعلم عثمان أن علي حاول المساعدة لكنه لم يستطع. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 209) بسند منقطع، و طبقات ابن سعد (3/ 68 - 69) بسند منقطع، و سند آخر منقطع مع تدليس حبيب بن أبي ثابت، و الطبري (4/ 386)، انظر: عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص427).
يوم الدار .. و استمر الحصار على عثمان رضي الله عنه أياماً عديدة قدرها بعض المؤرخين بأنه من أواخر ذي القعدة إلى الثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، و كان خلالها في غاية الشجاعة و ضبط النفس رغم قسوة الظروف و رغم الحصار، و لطالما كان يطل على المحاصرين و يخطب فيهم و يذكرهم بمواقفه لعلهم يلينون، لكنهم لم يفعلوا.
و في يومٍ أشرف عثمان على القوم بعد أن طلبهم للاجتماع حول داره للحديث معهم، روى الترمذي،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/272)
و النسائي من طريق ثمامة بن حَزْن القشيري قال: شهدت الدار حيث أشرف عليهم عثمان فقال: أنشدكم بالله و الإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينة و ليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة يجعل دلوه فيها كدلاء المسلمين بخير له في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي؟ قالوا: اللهم نعم. و زاد البخاري، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزته قالوا: اللهم نعم. و زاد الترمذي عن أبي إسحاق، هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ قالوا: نعم، و هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها؟ قالوا: نعم. و عند الدارقطني، و هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنتيه واحدة بعد أخرى رضي بي و رضي عني؟ قالوا: نعم. و عند الحاكم، قال لطلحة: أتذكر إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أن عثمان رفيقي في الجنة؟ قال: نعم. سنن الترمذي (5/ 627) و النسائي (6/ 233 - 236) و الدارقطني (4/ 197) و المستدرك (3/ 97) و الفتح (5/ 477 - 479).
و قال أبو هريرة رضي الله عنه للذين حاصروا عثمان رضي الله عنه يوم الدار: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم تلقون بعدي فتنة و اختلافاً، أو قال: اختلافاً و فتنة، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟ فقال: عليكم بالأمين و أصحابه، و هو يشير إلى عثمان بذلك. أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (450 - 451) و قال المحقق إسناده صحيح.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: وددت أن عندي بعض أصحابي، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال نعم. فجاء فخلا به، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه، و وجه عثمان
يتغير. أنظر: صحيح سنن ابن ماجة (1/ 25) و قال الألباني إسناده صحيح.
و عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد سأصبر عليه. قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليه فيما يكون من أمره. أنظر: كتاب السنة لابن أبي عاصم (2/ 561) و قال الألباني إسناده صحيح.
و كان أهل الفتنة أثناء حصارهم لعثمان في داره و منعه من الصلاة بالناس، هم الذين يصلون بهم، و كان الذي يصلي بالناس الغافقي بن حرب.
أخرج البخاري في صحيحه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن خيار: أنه دخل على عثمان و هو محصور فقال: إنك إمام عامة، و نزل بك ما نرى و يصلي لنا إمام فتنة و نتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، و إذا أساءوا فاجتنب إساءتهم. البخاري مع الفتح (2/ 221).
ليلة مقتل عثمان ..
و قبيل مقتله يرى عثمان رضي الله عنه في المنام اقتراب أجله فيستسلم لأمر الله؛ روى الحاكم بإسناد صحيح إلى ابن عمر رضي الله عنهما أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: يا عثمان! أفطر عندنا، فأصبح صائماً و قتل من يومه. المستدرك (3/ 99) و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي و رواه أحمد في فضائل الصحابة من طريق آخر (1/ 497) قال المحقق: إسناده حسن، و ورد بلفظ آخر عند ابن حجر في المطالب العالية (4/ 291) قال المحقق: قال البوصيري رواه البزار و أبو يعلى و الحاكم و قال: صحيح الإسناد، و ذكره الهيثمي في المجمع (7/ 232) و صححه الحاكم في المستدرك (3/ 103) و ذكره ابن سعد في الطبقات (3/ 75).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/273)
أخرج خليفة بن خياط في تاريخه (ص 174) بسند رجاله ثقات إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: فتح عثمان الباب و وضع المصحف بين يديه، فدخل عليه رجل فقال: بيني و بينك كتاب الله، فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر فقال: بيني و بينك كتاب الله، فأهوى إليه بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أم قطعها و لم يبنها، فقال والله إنها لأول كف خطت المفصّل.
هذا ما ورد عن كيفية دخول الثوار على عثمان رضي الله عنه، و تتوزع سيوفهم دماءه الطاهرة، فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان رضي الله عنه فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: {فسيكفيكهم الله} [البقرة /138]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان فوضعت يدها فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: ثلاث لله و ست لما في الصدور، ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه، هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه و استطاعوا أن يقتلوا كل من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلوا الغلمان جميعاً و تركوا جثثهم داخل الدار، ثم قام جماعة من الصحابة و ذهبوا إلى داره و خرجوا به و دفنوه رضي الله عنه بليل في حش كوكب، وكانت مقبرة لليهود فاشتراها عثمان، و هي في ظهر البقيع فدفن فيها و لم يدفن في البقيع لعدم إذن أهل الفتنة، ثم إنه في عهد معاوية وسع البقيع و أدخل فيه المكان فصار قبر عثمان داخل البقيع. معجم البلدان (2/ 262)، انظر هذا الخبر في الطبري (4/ 412). و انظر خبر دمه على المصحف في فضائل الصحابة عند أحمد (1/ 470 - 473) بإسناد صحيح و تاريخ خليفة (ص188 - 190) و المطالب العالية (4/ 286) و موارد الظمآن (7/ 128).
و يكشف أيضاً عن مقاصد القوم ما ذكره ابن كثير في البداية (7/ 189): من أن الخوارج نادى بعضهم بعضاً بعد مقتل عثمان بالسطو على بيت المال، فسمعهم خزنة بيت المال فقالوا يا قوم النجا! النجا فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و غير ذلك مما ادّعوا أنهم قاموا لأجله، و كذبوا إنما قصدهم الدنيا. فأخذوا ما به من أموال ثم سطوا على دار عثمان و أخذوا ما به حتى إن أحدهم أخذ العباءة التي كانت على نائلة. تاريخ الطبري (4/ 391).
فكانت هذه هي البلوى التي بشره النبي صلى الله عليه وسلم و التي يقتل فيها مظلوماً، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة، فإذا هو أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة فإذا هو عمر، ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا هو عثمان. و يعقب ابن حجر على ذلك بقوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بالبلوى المذكورة إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار. الفتح (7/ 38) و (13/ 55). و الحديث موجود في البخاري (7/ 65) و رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم (6162) و (6164).
فائدة .. قال ابن بطال: إنما خص عثمان بذكر البلاء مع أن عمر قتل أيضاً لكون عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور و الظلم مع تنصله من ذلك، و اعتذاره عن كل ما أوردوه عليه، ثم هجومهم عليه في داره و هتكهم ستر أهله،
و كل ذلك زيادة على قتله. فتح الباري: (13/ 55).
و قد اختلفت الروايات في تعيين قاتله على الصحيح، لكن هذا ليس مهماً لأن المشارك كالقاتل و المتسبب كالمباشر، و إنما المهم هو التعرّف على هوية قاتليه، فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير رضي الله عنه، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة، انظر: الطبري (4/ 461 - 462). و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد في طبقاته (3/ 71). و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 297).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/274)
هذا بالنسبة لمن شارك في الفتنة، أما بالنسبة لمن تولى قتل عثمان بنفسه فإني أشارك أخي الدكتور خالد الغيث فيما ذهب إليه من كون ابن سبأ هو الذي تولى قتل عثمان رضي الله عنه، و إليكم تفصيل ذلك: فحسب ما توفرت لدي من روايات، جاء نعت قاتله بالموت الأسود و حمار، كما عند خليفة بن خياط (ص174 - 175)، أو جبلة - الغليظ - كما عند ابن سعد (3/ 83 - 84)، أو جبلة بن الأيهم كما عند ابن عبد البر. الاستيعاب (3/ 1046) ضمن ترجمة عثمان بن عفان، و أورده كذلك بنفس للفظ ضمن ترجمة محمد بن أبي بكر (3/ 1367). و كلمة الأيهم ما هي إلا زيادة غير مقصودة من ناسخ المخطوطة
و سببها هو اشتهار اسم جبلة بن الأيهم ذلك الأمير الغساني الذي ارتد زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و يؤيد ذلك أن راوي الخبر و هو كنانة مولى صفية هو نفسه راوي الروايتين، أنظر: جمهرة أنساب العرب لابن حزم (372).
و بدراسة الروايات السابقة اتضح ما يلي:-
أ- أن تلك الروايات لم تسم قاتل عثمان، بل تذكر اللقب الذي أطلق عليه.
ب- ذكرت إحدى الروايات أن قاتل عثمان يقال له: حمار. و كلمة حمار لعلها تحريف لكلمة جبلة.
و يؤيد ذلك ما قيل بخصوص زيادة كلمة - الأيهم - على اسم جبلة عند راوي الخبر، و هو كنانة مولى صفية، لأن راوي خبر لفظة حمار هو كنانة أيضاً. هذا بالإضافة إلى التشابه الموجود في متون تلك الروايات.
و مما سبق يلاحظ أن الذي قتل عثمان رضي الله عنه يعد شخصاً واحداً ذا ألقاب عدة، فهو الموت الأسود، و هو رجل أسود من أهل مصر يقال له جبلة، و هو عبد الله بن سبأ - ابن السوداء - الذي جاء إلى المدينة مع وفد مصر. لمزيد من التفصيل في ذلك راجع: استشهاد عثمان و وقعة الجمل في مرويات سيف بن عمر في تاريخ الطبري، للدكتور: خالد بن محمد الغيث (ص128 - 130).
قال محب الدين الخطيب في حاشيته على العواصم (ص73): الذين شاركوا في الجناية على الإسلام يوم الدار طوائف على مراتب، فيهم الذين غلب عليهم الغلو في الدين فأكبروا الهنات و ارتكبوا في إنكارها الموبقات، و فيهم الذين ينزعون إلى عصبية يمنية على شيوخ الصحابة من قريش، و لم تكن لهم في الإسلام سابقة، فحسدوا أهل السابقة من قريش على ما أصابوا من مغانم شرعية جزاء جهادهم و فتوحهم، فأرادوا أن يكون لهم مثلها بلا سابقة ولا جهاد. و فيهم الموتورون من حدود شرعية أقيمت على بعض ذويهم فاضطغنوا في قلوبهم الإحنة و الغل لأجلها، و فيهم الحمقى الذين استغل السبأيون ضعف قلوبهم فدفعوهم إلى الفتنة و الفساد و العقائد الضالة، و فيهم من أثقل كاهله خير عثمان و معروفه نحوه، فكفر معروف عثمان عندما طمع منه بما لا يستحقه من الرئاسة و التقدم بسبب نشأته في أحضانه، و فيهم من أصابهم من عثمان شيء من التعزير لبوادر بدرت منهم تخالف أدب الإسلام، فأغضبهم التعزير الشرعي من عثمان، و لو أنهم قد نالهم من عمر أشد منه لرضوا به طائعين، و فيهم المتعجلون بالرياسة قبل أن يتأهلوا لها اغتراراً بما لهم من ذكاء خلاب أو فصاحة لا تغذيها الحكمة، فثاروا متعجلين بالأمر قبل إبانه، و بالإجمال فإن الرحمة التي جبل عليها عثمان رضي الله عنه وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثيرين فيه، و أرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم.
و لعله بعد هذا لا يبقى مكان و لا مصداقية للروايات التي تشرك الصحابة رضوان الله عليهم في قتل عثمان و التآمر عليه، فقد اجتهدوا في نصرته و الذبّ عنه، و بذلوا أنفسهم دونه، فأمرهم بالكف عن القتال و قال إنه يحب أن يلقى الله سالماً ولوا أذن لهم لقاتلوا عنه، فثبتت براءتهم من دمه رضوان الله عليهم كبراءة الذئب من دم يوسف.
و ظهرت حقيقة الأيدي التي كانت تحرك الفتنة، و التي لطالما دندن الإخباريون الشيعة حولها بأنها أيدي الصحابة، و الحمد لله فقد حفظت لنا كتب المحِّدثين الروايات الصحيحة و التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان و المنافحين عنه المتبرئين من قتله، و المطالبين بدمه بعد قتله، و بذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة أو إثارتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/275)
و قد يتساءل قارئ أو يقول قائل: كيف قتل عثمان رضي الله عنه و بالمدينة جماعة من كبار الصحابة رضوان الله عليهم؟ و هو سؤال وضعه ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 197 - 198) ثم أجاب عنه و قد شاركه المالقي في التمهيد والبيان (ص 131 - 132) في الإجابة، موضحين ما يلي:-
أولاً: إن كثيراً من الصحابة أو كلهم لم يكونوا يظنون أن يبلغ الأمر إلى قتله، فإن أولئك الخوارج لم
يكونوا يحاولون قتله عيناً بل طلبوا من أحد أمور ثلاثة: إما أن يعزل نفسه أو يسلم إليهم مروان بن
الحكم أو يقتلوه. و كانوا يرجون أن يسلم إليهم مروان – لأتهم يتهمونه بأنه هو الذي كتب الكتاب
على لسان عثمان يأمر فيه والي مصر بقتلهم، و هذا لم يثبت و ليس هناك دليل صحيح - أو أن
يعزل نفسه و يستريح من هذه الضائقة الشديدة. و أما القتل فما كان يظن أحد أنه يقع، و لا أن
هؤلاء يجرؤن عليه إلى هذا الحدّ.
ثانياً: إن الصحابة دافعوا عنه، لكن لما وقع التضييق الشديد عزم عثمان على الناس أن يكفوا أيديهم حقناً
لدماء المسلمين ففعلوا، فتمكن المحاصرون مما أرادوا.
ثالثاً: أن هؤلاء الخوارج اغتنموا غيبة كثير من أهل المدينة في موسم الحج و غيبتهم في الثغور و الأمصار،
و ربما لم يكن في المتبقين من أهل الدينة ما يقابل عدد الخوارج الذين كانوا قريباً من ألفي مقاتل.
رابعاً: إن كبار الصحابة قد بعثوا أولادهم إلى الدار لحماية عثمان رضي الله عنه، لكن عثمان علم أن في
الصحابة قلة عدد و أن الذين يريدون قتله كثير عددهم، فلو أذن لهم بالقتال لم يأمن أن يتلف من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه كثير، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم لأنه راع
عليهم، و الراعي يجب عليه أن يحفظ رعيته بكل ما أمكنه، و مع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم
بنفسه - حقناً لدماء المسلمين-.
خامساً: أنه لما علم أنها فتنة، و أن الفتنة إذا سلّ فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق القتل،
فلم يختر لأصحابه أن يسلوا السيف في الفتنة إشفاقاً عليهم، و حتى لا تذهب فيها الأموال و يهتك
فيها الحريم فصانهم عن جميع هذا.
سادساً: يحتمل أن يكون عثمان رضي الله عنه صبر عن الانتصار ليكون الصحابة شهوداً على من ظلمه،
و خالف أمره و سفك دمه بغير حق، لأن المؤمنين شهداء الله في أرضه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 286): و من المعلوم بالتواتر أن عثمان كان من أكف الناس عن الدماء و أصبر الناس على من نال من عرضه و على من سعى في دمه، فحاصروه و سعوا في قتله و قد عرف إرادتهم لقتله، و قد جاءه المسلمون ينصرونه و يشيرون عليه بقتالهم، و هو يأمر الناس بالكف عن القتال، و يأمر من يطيعه أن لا يقاتلهم .. و قيل له تذهب إلى مكة فقال: لا أكون ممن الحد في الحرم فقيل له تذهب إلى الشام فقال: لا أفارق دار هجرتي، فقيل له: فقاتلهم، فقال: لا أكون أول من خلف محمداً في أمته بالسيف.
فكان صبر عثمان حتى قتل من أعظم فضائله عند المسلمين.
و مما يناسب هذا المقام ذكر كلام الإمام الآجري في كتاب الشريعة (4/ 1981 - 1983) عن موقف الصحابة في المدينة من حصار المنافقين لعثمان رضي الله عنه.
قال الآجري: فإن قال قائل: فقد علموا أنه مظلوم وقد أشرف على القتل فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه،
و إن كان قد منعهم. قيل له: ما أحسنت القول، لأنك تكلمت بغير تمييز. فإن قال: ولم؟ قيل: لأن القوم كانوا أصحاب طاعة، وفقهم الله تعالى للصواب من القول و العمل، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقولهم و ألسنتهم و عرضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم، فلما منعهم عثمان رضي الله عنه من نصرته علموا أن الواجب عليهم السمع و الطاعة له، و إنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك، و كان الحق عندهم فيما رآه عثمان رضي الله عنه و عنهم. فإن قال: فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم، و قد علم أن قتالهم عنه نهي عن منكر، و إقامة حق يقيمونه؟ قيل له: وهذا أيضاً غفلة منك. فإن قال: وكيف؟ قيل له: مَنْعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوهاً كلها محمودة:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/276)
أحدها: علمه بأنه مقتول مظلوم، لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه: إنك تقتل مظلوماً فاصبر، فقال: أصبر. فلما أحاطوا به علم أنه مقتول و أن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم له حق كما قال لا بد من أن يكون، ثم علم أنه قد وعده من نفسه الصبر فصبر كما وعد، وكان عنده أن من طلب الانتصار لنفسه و الذب عنها فليس هذا بصابر إذ وعد من نفسه الصبر، فهذا وجه.
و وجه آخر: و هو أنه قد علم أن في الصحابة رضي الله عنهم قلة عدد، و أن الذين يريدون قتله كثير عددهم، فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم؛ لأنه راع و الراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه، ومع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه، و هذا وجه.
و وجه آخر: هو أنه لما علم أنها فتنة و أن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق، فلم يختر لأصحابه أن يسلوا في الفتنة السيف، و هذا إنما إشفاقاً منه عليهم هم، فصانهم عن جميع هذا.
و وجه آخر: يحتمل أن يصبر عن الانتصار ليكون الصحابة رضي الله عنهم شهوداً على من ظلمه و خالف أمره و سفك دمه بغير حق، لأن المؤمنين شهداء الله عز وجل في أرضه، و مع ذلك فلم يحب أن يهرق بسببه دم مسلم ولا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه دم مسلم، و كذا قال رضي الله عنه. فكان عثمان رضي الله عنه بهذا الفعل موفقاً معذوراً رشيداً، و كان الصحابة رضي الله عنهم في عذر، و شقي قاتله.
و مما سبق نعلم أن منهج عثمان رضي الله عنه أثناء الفتنة و مسلكه مع المنافقين - هذا مصطلح نبوي أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم على الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه، لحديث (… فأرادك المنافقون أن تخلع .. الخ، تقدم تخريجه -، الذين خرجوا عليه لم تفرضه عليه مجريات الأحداث، ولا ضغط الواقع، بل كان منهجاً نابعاً من مشكاة النبوة، حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر و الاحتساب و عدم القتال حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وقد وفىّ ذو النورين رضي الله عنه بوعده و عهده لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال أيام خلافته، حتى خرّ شهيداً مضجراً بدمائه الطاهرة الزكية، ملبياً لدعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإفطار عنده. انظر: استشهاد عثمان لخالد الغيث (ص116) بتصرف يسير.
أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 496 - 497) بإسناد حسن، من طريق مسلم أبو سعيد مولى عثمان رضي الله عنه: أن عثمان بن عفان أعتق عشرين مملوكاً، و دعا سراويل فشدها عليه - حتى لا تظهر عورته عند قتله - و لم يلبسها في جاهلية ولا في إسلام، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في النوم و رأيت أبا بكر و عمر و أنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه.
و اعتبرت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه من أخطر الأحداث التي مرّت بها الدولة الإسلامية في عصر الخلافة الراشدة، و قد تركت من الاختلاف و الانقسام في صفوف الأمة ما كاد يودي بها، و قد أعقبها فتن داخلية أخرى تتصل بها و تتفرع عنها و هي موقعة الجمل و صفين و النهروان، كما استمرت آثارها متمثلة في الخوارج و الشيعة المعارضين للدولة الأموية و العصر الأول من الدولة العباسية خاصة، بل يمكن أن نعتبر الانقسامات الكبرى الناجمة عن الفتنة مؤثرة في الأمة حتى الوقت الحاضر.
و كان مقتل عثمان رضي الله عنه صباحاً، في يوم الجمعة، الثاني عشر من ذي الحجة، سنة خمس
و ثلاثين من الهجرة، و دفن ليلة السبت بين المغرب و العشاء، بحش كوكب شرقي البقيع، و هو ابن
اثنتين و ثمانين سنة، على الصحيح المشهور. رحم الله عثمان و رضي عنه. انظر: ابن سعد (3/ 77 - 78) و خليفة بن خياط (ص176) و الطبري (4/ 415 - 416) و المسند (2/ 10) و الذهبي في تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين (ص481) و البداية و النهاية لابن كثير (7/ 190) والاستيعاب لابن عبد البر (3/ 1044).
(الموقف مما شجر بين الصحابة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/277)
أقول و بالله التوفيق: اعلم رحمني الله وإياك؛ أن البحث فيما شجر بين الصحابة، لا يقرب العبد إلى الله زلفى، فهم قد لقوا ربهم و هو أعلم بما شجر بينهم، فإن كان الأمر لا يقربك إلى الله زلفى و إنما قد يقودك إلى النار و أنت لا تعلم، فتجنبه أولى؛ إلا في حالة واحدة و سيأتي بيان هذه الحالة.
و معنى الإمساك عما شجر بين الصحابة، هو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب و الخلافات على سبيل التوسع و تتبع التفصيلات، و نشر ذلك بين العامة، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة و الانتصار لأخرى.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/ 406): و كذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم، و نعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب و هم كانوا مجتهدين، إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم، و ما كان لهم من السيئات، و قد سبق لهم من الله الحسنى، فإن الله يغفر لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة.
و ما شجر بينهم من خلاف فقد كانوا رضي الله عنهم يطلبون فيه الحق و يدافعون فيه عن الحق، فاختلفت فيه اجتهاداتهم، و لكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم، و من هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم، فلا نقول عنهم إلا خيراً و نتأول و نحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم و لا نطعن في نيّاتهم فهي عند الله، و قد أفضوا إلى ما قدموا، فنترضى عنهم جميعاً و نترحم عليهم و نحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم.
قال ابن قدامة المقدسي في اللمعة (ص175): و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و محبتهم و ذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الاستغفار لهم، و الكف عن ذكر مساوئهم و ما شجر بينهم، و اعتقاد فضلهم و معرفة سابقتهم، قال الله تعالى {و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} [الحشر/10] و قال تعالى {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح/29] و قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. البخاري مع الفتح (7/ 25) و مسلم برقم (6435).
و يقول الإمام الذهبي رحمه الله في السير (10/ 92 - 93): كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بينهم، و قتالهم رضي الله عنهم أجمعين و ما زال يمر بنا ذلك في الدواوين و الكتب و الأجزاء، و لكن أكثر ذلك منقطع و ضعيف و بعضه كذب .. فينبغي طيه و إخفاؤه بل إعدامه لتصفوا القلوب، و تتوفر على حب الصحابة و الترضي عنهم، و كتمان ذلك متعين عن العامة و آحاد العلماء .. إلى أن قال: فأما ما نقله أهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه، ولا كرامة فأكثره باطل و كذب و افتراء.
و فضيلة الصحبة و لو للحظة، لا يوازيها عملٌ ولا تنال درجتها بشيء، و الفضائل لا تؤخذ بالقياس.
و قد أخرج ابن عساكر في تاريخه (59/ 141) في ترجمة معاوية رضي الله عنه من طريق ابن منده ثم من طريق أبي القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي قال: جاء رجل إلى عمي فقال له: إني أبغض معاوية، فقال له: لم؟ قال: لأنه قاتل علياً بغير حق، فقال له أبو زرعة: رب معاوية ربٌ رحيم و خصم معاوية خصمٌ كريم فما دخولك بينهما؟.
و قال الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة (5/ 2485 - 2491)، باب ذكر الكف عما شجر بين أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و رحمة الله عليهم أجمعين: ينبغي لمن تدبر ما رسمنا من فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و فضائل أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين، أن يحبهم و يترحم عليهم و يستغفر لهم، ويتوسل إلى الله الكريم لهم – أي بالدعاء و الترحم والاستغفار و الترضي – ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا، ولا يذكر ما شجر بينهم، ولا ينقّر عنه ولا يبحث. فإن عارضنا جاهل مفتون قد خطي به عن طريق الرشاد فقال: لم قاتل فلان لفلان، ولم قتل فلان لفلان وفلان؟!.
قيل له: ما بنا و بك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها.
فإن قال قائل: و لم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/278)
قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة رضي الله عنهم، فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، و كانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، و كانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم، لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، و شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، و جاهدوا معه، و شهد لهم الله عز وجل بالرضوان والمغفرة و الأجر العظيم، و شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، فكانوا بالله عز وجل أعرف و برسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبالسنة، و منهم يؤخذ العلم، و في قولهم نعيش و بأحكامهم نحكم، و بأدبهم نتأدب و لهم نتبع و بهذا أمرنا.
فإن قال قائل: و أيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم و البحث عنه؟
قيل له: لاشك فيه؛ و ذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، و عقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق و نتخلف عما أمرنا فيهم.
فإن قال قائل: و بم أمرنا فيهم؟
قيل: أمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم و الاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة و قول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، و صاهرهم، و صاهروه، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم، و قد ضمن الله عز وجل لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحداً، و قد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة و الإنجيل؛ فوصفهم بأجمل الوصف، و نعتهم بأحسن النعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم، و إذا تاب عليهم لم يعذب واحداً منهم أبداً رضي الله عنهم و رضوا عنه {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة/22].
فإن قال قائل: إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم، فأكون لم يذهب عليّ ما كانوا فيه لأني أحب ذلك ولا أجهله.
قيل له: أنت طالب فتنة، لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، و لو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه و اجتناب محارمه كان أولى بك. و قيل له: ولا سيّما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة – فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث و يقال في زمننا هذا -.
و قيل له: اشتغالك بمطعمك، و ملبسك من أين؟ هو أولى بك، و تمسكك بدرهمك من أين هو؟ و فيم تنفقه؟ أولى بك.
و قيل: لا نأمن أن تكون بتنقيرك و بحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما يصلح لك أن تهواه، و يلعب بك الشيطان فتسب و تبغض من أمرك الله بمحبته و الاستغفار له و باتباعه، فتزل عن طريق الحق، و تسك طريق الباطل.
فإن قال: فاذكر لنا من الكتاب و السنة و عمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت، لنرد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.
قيل له: قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ و حجة لمن عقل، و نعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق. قال الله عز وجل {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل، كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار .. } [الفتح:29]. ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم. و قال الله عز وجل {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة .. } [التوبة/117]. الآية. و قال عز وجل {و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم .. } [التوبة/100]. إلى آخر الآية. و قال عز وجل {يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم .. .. } [التحريم/8]. الآية. و قال عز وجل {كنتم خير أمة .. .. } [آل عمران/110]. الآية. و قال عز وجل {لقد رضي الله عن المؤمنين .. .. } [الفتح/18]. إلى آخر الآية. ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء من بعد الصحابة فاستغفر للصحابة و سأل مولاه الكريم ألا يجعل في قلبه غلاً لهم، فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء فقال عز وجل {و الذين جاءوا من بعدهم .. إلى قوله .. رءوف رحيم} [الحشر/10]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/279)
يلونهم، ثم الذين يلونهم. أخرجه البخاري مع الفتح (7/ 5) و مسلم برقم (6419) و أحمد في المسند (1/ 438). وقال ابن مسعود: إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و بعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد - يعني من غير الأنبياء و المرسلين كما هو معلوم - فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه. رواه أحمد في المسند (1/ 379) و البغوي في شرح السنة (1/ 214 - 215) و هو حدث حسن.
ثم قال الآجري رحمه الله: يقال: لمن سمع هذا من الله عز وجل و من رسوله صلى الله عليه وسلم: إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به، و إن كنت متبعاً لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل فيهم {و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} [القصص/50]، و كنت ممن قال الله عز وجل {و لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو اسمعهم لتولوا و هم معرضون} [الأنفال/23].
و يقال له: من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم و يهوى بعضهم، و يذم بعضاً و يمدح بعضاً؛ فهذا رجل طالب فتنة، و في الفتنة وقع، لأنه واجب عليه محبة الجميع، و الاستغفار للجميع رضي الله عنهم، و نفعنا بحبهم، و نحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع، و يدع البحث و التنقير عما شجر بينهم.
ثم ساق رحمه الله مجموعة من الآثار في بيان الواجب عمله تجاه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: ما رواه عن شهاب بن خراش عن العوام بن حوشب قال: اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم، ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم. أخرجه الخلال في السنة (ص 513) و إسناده حسن. و أيضاً ما رواه أبي ميسرة قال: رأيت في المنام قباباً في رياض مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكلاع و أصحابه – و كان مع من قتل مع معاوية رضي الله عنه -، و رأيت قباباً في رياض فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لعمار و أصحابه، فقلت: و كيف و قد قتل بعضهم بعضاً؟ قال: إنهم وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة. إسناده صحيح إلى أبي ميسرة، و لم يخرجه غير الإمام الآجري. كما قال ذلك المحقق، أنظر كتاب الشريعة (5/ 2493). و أيضاً ما ذكر عن الحسن رحمه الله، أنه كان في مجلس فذكر كلاماً و ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً و أعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فتشبهوا بأخلاقهم و طرائقهم، فإنهم و رب الكعبة على الهدى المستقيم. أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 305 - 306) عن الحسن عن ابن عمر، و البغوي في شرح السنة (1/ 214) عن ابن مسعود.
و الذي يظهر من كلام هؤلاء الأئمة التأكيد على هذا الضابط المهم و هو: عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، على سبيل التسلية و تأليف الأشرطة والمحاضرات و عرضها بين الناس بمختلف مستوياتهم، و هو الخطأ الذي وقع فيه الدكتور: طارق سويدان حفظه الله.
غير أن بعضهم أجاز الخوض في ذلك في حالة واحدة فقط؛ و هي إن ظهر مبتدع مبطل يقدح فيهم بالباطل، فيجب الدفاع عنهم بحق و عدل مع التنبيه إلى أنه لا يدافع عن بعضهم فيقع في سب آخرين منهم، إنما يكون الدفاع عنهم رضي الله عنهم جميعاً، و إلا فيجب الصمت و ترك الخوض فيما شجر بينهم. ضوابط إنقاذ التاريخ الإسلامي، مقال من جريدة المسلمون للدكتور: محمد بن عبد الله الغبان. العدد (656ص 8).
إن موضوع النزاع و الخلاف بين الصحابة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه يجب أن ينظر إليه من زاويتين:-
الأولى: إن اللوم في تلك الفتنة على العموم يلقى على قتلة عثمان، لأن كل من قتل من المسلمين بأيدي
إخوانهم منذ قتل عثمان رضي الله عنه إنما يقع إثمه عليهم، فهم الذين فتحوا باب الفتنة و كل ما وقع بعد ذلك فإثمه و وزره عليهم، إذ كانوا هم السبب المباشر فيها، و هم الفئة المعتدية الظالمة الباغية التي قتل بسببها كل مقتول في الجمل و صفين و ما تفرق عنها من أحداث و آراء و مواقف فتحت باب الخلاف و الفرقة بين المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/280)
الثانية: إن ما حدث من جانب الصحابة رضي الله عنهم في هذه الفتنة يحمل على حسن النية و الاختلاف في التقدير و الاجتهاد، كما يحمل على وقوع الخطأ و الإصابة، و لكنهم على كل حال كانوا مجتهدين و هم لإخلاصهم في اجتهادهم مثابون عليه في حالتي الإصابة و الخطأ، و إن كان ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ؛ لأن كل فئة كانت لها وجهة نظر تدافع عنها بحسن نية، حيث إن الخلاف بينهم لم يكن بسبب التنافس على الدنيا، و إنما كان اجتهاداً من كل منهم في تطبيق شرائع الإسلام. تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (2/ 340 - 342) بتصرف.
و قد سئل ابن المبارك عن الفتنة التي وقعت بين علي و معاوية رضي الله عنهما فقال: فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا - يعني في التحرز من الوقوع في الخطأ و الحكم على بعضهم بما لا يكون مصيباً
فيه -. و سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و غبنا،
و علموا و جهلنا، و اجتمعوا فاتبعنا، و اختلفوا فوقفنا. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 322) في تفسير سورة الحجرات.
و يقول النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم (18/ 219 - 220): و اعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد - يعني قوله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار - و مذهب أهل السنة و الحق إحسان الظن بهم، و الإمساك عما شجر بينهم، و تأويل قتالهم و أنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا، بل اعتقد كل فريق أنه المحق و مخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى الله، و كان بعضهم مصيباً و بعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ لأنه اجتهاد و المجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه.
و يورد شيخ الإسلام في مواضع متفرقة من مجموع الفتاوى (35/ 50 و 54 و 56 و 69) رأي أهل السنة في هذه المسألة مستبعداً رأي أهل البدع من الخوارج و الرافضة و المعتزلة الذين جعلوا القتال موجباً للكفر أو الفسق، فيقول: و أهل السنة و الجماعة و أئمة الدين لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة بل يمكن أن يقع الذنب منهم، والله يغفر لهم بالتوبة و يرفع بها درجاتهم، و إن الأنبياء هم المعصومون فقط، أما الصديقون و الشهداء و الصالحون فليسوا معصومين، و هذا في الذنوب المحققة، و أما اجتهادهم فقد يصيبون فيه أو يخطئون، فإذا اجتهدوا و أصابوا فلهم أجران، و إذا اجتهدوا و أخطأوا فلهم أجر واحد على اجتهادهم، و جمهور أهل العلم يفرقون بين الخوارج المارقين و بين أصحاب الجمل و صفين ممن يعد من البغاة المتأولين، و هذا مأثور عن الصحابة و عامة أهل الحديث، و الفقهاء و الأئمة.
يقول ابن حجر في الفتح (13/ 37): و اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، و لو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد و قد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً، و أن المصيب يؤجر أجرين.
و هكذا نأخذ من مجموع كلام هؤلاء الأئمة، أن الموقف مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم هو الإمساك و عدم الخوض، و هذا هو الذي دل عليه الحديث الثابت كما عند الطبراني و غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا. أنظر: السلسة الصحيحة (1/ 75).
و قد فسر المناوي في فيض القدير (2/ 676) الحديث بأن معناه: ما شجر بينهم - أي الصحابة - من الحروب والمنازعات.
يقول الحافظ الذهبي في السير (3/ 128): فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غالياً في الحب، مفرطاً في البغض، و من أين يقع له الإنصاف و الاعتدال؟! فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق و اتضح من الطرفين و عرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، و تبصرنا فعذرنا و استغفرنا و أحببنا باقتصاد، و ترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ إن شاء الله مغفور، و قلنا كما علمنا الله {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} و ترضينا أيضاً عمن اعتزل الفريقين كسعد ين أبي وقاص و ابن عمر و محمد بن مسلمة و سعيد بن زيد و خلق، و تبرأنا من الخوارج الذين حاربوا علياً و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/281)
كفروا الفريقين.
فهذه مقتطفات عاجلة من معتقد أهل السنة و الجماعة في الصحابة، و تلك قناعات و منطلقات شرعية لا تهتز بإرجاف المرجفين ولا تتأثر بتشكيك المشككين.
و إذا كانت أعراض المسلمين بشكل عام مصونة في الإسلام، فأعراض الصحابة و هم أهل الفضل و السابقة و الجهاد أولى بالصيانة، و الدفاع عنهم قربة لله عز وجل و تقديراً لمآثرهم و جهادهم.
و أخيراً لماذا هذه العناية بأعراض الصحابة و لماذا الدفاع عنهم؟
أقول: إن هناك مكمن خطر في سبهم أو التعريض بهم و بعدالتهم، فهم نقلة الدين و الطعن فيهم وسيلة للطعن في الدين.
وإن من أسوأ الأخطاء المنهجية والتربوية معاً، تدريس الحروب والخلافات التي وقعت بين الصحابة لتلاميذ المدارس، مع ما يصاحب ذلك من تشويه في العرض، و تقصير في تعريف التلاميذ بمنزلة الصحابة و فضلهم و حقهم على الأمة، حيث ينشأ عن ذلك تعارض في أذهانهم بين الصورة الفطرية التي تصوروها عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و ما ينبغي أن يكونوا عليه من الاستقامة، و بين الصورة التي تلقوها من المدرسة، فلا يستطيعون معرفة الحق من ذلك ولا يستوعبونه نظراً لصغر سنهم، و لقلة ثقافتهم، حتى لو حاولت أن توضح لهم الصورة الصحيحة فإنهم لا يكادون يقتنعون لأن الشبهة التي أثيرت قد انقدحت في أذهانهم.
و هذه المسارعة في عرض مثل هذه المادة التاريخية على صغار التلاميذ أو عوام الناس مخالف للقواعد الأصولية مثل قاعدة: (سد الذرائع). و قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). و مخالف أيضاً للقواعد التربوية التي تقتضي أن لا يعرض على الناس أكثر مما لا تحتمله عقولهم.
و قد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد هذا؛ فقال عبد الله بن مسعود كما في مقدمة صحيح مسلم برقم (14): (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة). و قد بوب البخاري في صحيحه: (باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا). و أورد قول علي بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله و رسوله). البخاري مع الفتح (1/ 272)، قال ابن حجر معلقاً عليه: (فيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة).
فهذه الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على صحة هذه القاعدة التربوية، و أنه لا ينبغي أن يدرّس مثل هذا لتلاميذ المدارس، لأنه مما لا تبلغه عقولهم، و مما يؤدي إلى فتنة بعضهم، و هو اعتقاد ما لا ينبغي اعتقاده في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. و للمزيد حول هذا الموضوع أنظر كتاب: منهج كتابة التاريخ الإسلامي للدكتور: محمد بن صامل (ص252). و مقال: فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة: زياد سعد الغامدي في مجلة البيان الإسلامية العدد (134).
و إذا قدر لهذه القضايا أن تبحث فينبغي أن يسند الأمر إلى أهله، و أن يتوفر على ذلك علماء متمكنون في علمهم، صادقين في توجههم، برآء من أي تهمة في معتقدهم، و أن يكونوا على مستوى الخاصة، و ألا تفتن بهم العامة، و ألا تكون قضية مطروحة للمزاد يهرف فيها من لا يعرف، و يظن الجاهل أن من حقه أن يوافق أو يخالف .. و ليت شعري كم تنطق الرويبضة و يتصدر السفهاء إذا غاب عن الساحة صوت العلماء، أو توارى خلف الحجب رأي النبلاء .. و مع ذلك فالزبد سيذهب جفاء و يمكث في الأرض ما ينفع الناس، و كذلك اقتضت حكمة الله في الصراع بين الحق و الباطل قديماً و حديثاً، ليميز الله الخبيث من الطيب و ينحاز الصادقون و ينكشف و لو بعد حين الكاذبون. خير القرون، مقال للدكتور سليمان العودة. انظر مجلة الدعوة العدد (1610).
وما أحسن ما قيل عن التاريخ الإسلامي: فهو تاريخ ناصع مشرق، و هو مفخرة على مر الزمن، و درة على جبين الدهر، لا يدانيه تاريخ أمة من الأمم في قديم الزمان و حديثه، و مع ذلك فقد وقعت فيه بعض الحوادث التي تلقي بعض الظلال القاتمة على إشراقه، بدأت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ظهرت بعض الخلافات في وجهات النظر بين بعض الصحابة، أدت إلى وقوع بعض الحروب، مثل: وقعة صفين، و وقعة الجمل و يوم الحرة و أمثالها، و الطالب المسلم يمر بها في بعض مراحل حياته الدراسية، و نحن نريد أن نلفت نظر المعلم أو المدرس إلى وجوب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/282)
التزام جانب اليقظة و الحكمة و الحذر عند عرض هذه الوقائع على طلابه، فالصحابة رضي الله عنهم شموس لامعة براقة أشرقت في تاريخ الإنسانية فغمرته بالنور، و هي شموس تتفاوت أقدارها و تتباين في أنواع فضائلها، و لكنها تبقى دائماً في أعلى درجات الفضل، و في ذروة العزة و المجد، و لو ميز المشتغلون بتاريخ الإسلام، بين الأصيل و الدخيل من الحوادث التي وقعت بين الصحابة، لأخذتهم الدهشة لما اخترعه أعداء الإسلام من يهود و مجوس و منافقين و ملحدين و حاقدين، من أخبار ملفقة كاذبة، ألصقوها بالصحابة الكرام ظلماً و عدواناً و كيداً، فصورت أخبارهم الوضع عن غير حقيقته، و أدخلت التشويه على الصورة الحقيقية الناصعة للصحابة رضي الله عنهم، الذين يعتبرون بحق سادة البشر و خلاصة الإنسانية، كيف لا؟ و هم تلامذة أشرف المخلوقين و سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. مقتبس من كتاب: كلمات نافعة لناجي الطنطاوي (ص79) بتصرف.
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتمسك بقوله تعالى: {و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم} [الحشر/10].
و بعد هذا الذي ذكرت، فإنه قد ظهر و خاصة على صفحات الإنترنت من يطعن في الصحابة الكرام و يثير هذه الأحداث من جديد لكن بشكل مشوّه مزرٍ، لذا آثرت الحديث في هذا الموضوع، دفاعاً عن الحق و عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر الأحداث التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه، حتى قبيل معركة الجمل
أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرّوا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و بعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة و نجم عن ذلك مقتل الخليفة، و بقاء المنصب شاغراً، و سعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة و عبد الله بن عمر، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، و هم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، و قد أدرك المعارضون ذلك بعد فشل محاولاتهم. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573 - 574).
قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا: لا والله! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد:فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، و أبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. و هناك رواية عن أبي بشير العابدي يقول فيها: إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، و قد طال الأمر. فقال لهم: إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، و إلا فلا حاجة لي فيه، فقالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فبايعوه في المسجد.
و هناك رواية أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا: يا علي ابسط يدك، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة. و هناك رواية أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال: أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول: إن علياً جاء فقال لطلحة: ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة: أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه. كلها عند الطبري في تاريخه (4/ 427 - 428) و (4/ 434). و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/283)
و قد ذكر ابن سعد في الطبقات (3/ 31) بيعة علي رضي الله عنه يوم الجمعة بالخلافة سنة خمس و ثلاثين و ذكر من جملة الصحابة الذين بايعوا طلحة و الزبير و جمع من الصحابة ممن كان في المدينة.
ذكر المسعودي في مروج الذهب (ص358): أن علياً بويع في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه يعني البيعة الخاصة، ثم قال إنه بويع البيعة العامة بعد مقتل عثمان بأربعة أيام.
و ذكر اليعقوبي في تاريخه (1/ 178): أن طلحة و الزبير بايعا علياً وكان أول من بايعه و صفق على يده يد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
يقول الحافظ الذهبي دول الإسلام (1/ 28) في شأن البيعة: لما قتل عثمان سعى الناس إلى علي و قالوا: لابد للناس من إمام فحضر طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و الأعيان، و كان أول من بايعه طلحة ثم سائر الناس.
و أما الروايات المخالفة التي نقلها الإمام الطبري في تاريخه (4/ 429) و (4/ 431) و (4/ 435): منها من يقول بأن طلحة و الزبير بايعا كرها، حيث روى من طريق الزهري قال: بايع الناس علي ابن أبي طالب فأرسل إلى الزبير و طلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكّأ طلحة فقام الأشتر و سل سيفه و قال: والله لتبايعن أو لأضربن بهما بين عينيك فقال طلحة: و أين المهرب عنه! فبايعه و بايعه الزبير و الناس. و هناك روايات أخرى تبين أنهما بايعا و السيف فوق عنقيهما. هذه كلها لا تصح لأنها من روايات الواقدي و أبي مخنف الكذاب.
يقول ابن العربي في العواصم من القواصم (ص148) عنها: فإن قال طلحة: بايعته و اللج على عنقي، قلنا اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في القفا لغة قفي، كما يجعل في الهوى هوي، و تلك لغة هذيل لا قريش فكانت كذبة لم تدبر.
و قول من قال: بايع علياً يد شلاّء – أي يد طلحة - والله لا يتم هذا الأمر. قال ابن العربي في العواصم (ص148 - 149) عن ذلك: و أما من قال يد شلاء و أمر لا يتم، فإن يداً شلت في وقاية رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم لها كل أمر و يتوقى بها من كل مكروه. و قد تم الأمر على وجهه، و نفذ القدر بعد ذلك على حكمه و جهلَ المبتدع ذلك فاخترع ما هو حجة عليه.
و في رواية ابن شبة كما رواها الطبري في تاريخه (4/ 429) عن محمد بن الحنفية قال: بايعت الأنصار علياً إلا نفير يسير.
و ذكر منهم: سعد بن أبي وقاص و ابن عمر و أسامة بن زيد و محمد بن مسلمة و غيرهم، قلت: هذا غير صحيح فإن حضورهم لعلي و اعتذارهم عن الوقوف معه في حرب أهل الشام أو فيما يدور بينه وبين المسلمين من القتال في العراق، لدليل واضح على أن في أعناقهم بيعة تلزمهم بطاعته حين اعتذروا، و لو كان الأمر خلاف ذلك لتركوه يخرج دون أن يذهبوا إليه و يعتذروا له، فهم حينئذ غير ملزمين بطاعته.
و يبرر الباقلاني في التمهيد في الرد على الملحدة (ص233 - 234) موقف الصحابة الذين تأخروا عن نصرة علي فيقول في هذا الصدد: فإن قال قائل: فإن كانت إمامة علي من الصحة و الثبوت بحيث وصفتم، فما تقولون في تأخر سعد و ابن عمر و ابن مسلمة و أسامة و غيرهم عن نصرته و الدخول في طاعته؟ قيل له: ليس في جميع القاعدين ممن أسمينا أو ضربنا عن ذكره من طعن في إمامته و اعتقد فسادها، و إنما قعدوا عن نصرته على حرب المسلمين لتخوفهم من ذلك و تجنب الإثم فيه.
و يذكر ابن العربي في العواصم (ص 150): أن قوماً قالوا تخلف عنه من الصحابة جماعة منهم سعد و ابن مسلمة و ابن عمر و أسامة، فيرد عليهم بقوله: قلنا أما بيعته فلم يتخلف عنها، و أما نصرته فتخلف عنها قوم؛ منهم من ذكرتم؛ لأنها كانت مسألة اجتهادية فاجتهد كل واحد و أعمل نظره و أصاب قدره.
و خلاصة القول لئن كانت بعض الروايات تستثني من البيعة بعض الصحابة فإن ذلك لا يقدح في خلافة علي رضي الله عنه.
و إن ثبت امتناع معاوية عن مبايعته فإن ذلك لا يقدح في إجماع أهل الحل و العقد على خلافته، كما لا يقدح في الإجماع على خلافة الصديق امتناع سعد بن عبادة عن مبايعته، على أن معاوية معترف بأن علي أحق بالإمامة منه و إنما حجّته في الامتناع هو طلبه تسليم الموجودين من قتلة عثمان فيقتص منم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/284)
و يخلص الماوردي في الأحكام السلطانية (ص30) إلى القول: بأن فرض الإمامة أو البيعة يكون فرض كفاية كالجهاد و طلب العلم، حيث إذا قام بها من هو أهلها سقط فرضها عن كافة الناس.
بعد أن تولى علي الخلافة قام بعزل بعض الولاة و تعيين آخرين بدلاً عنهم، فعزل والي مكة خالد بن العاص، و عين بدله أبا قتادة الأنصاري مدة شهرين، ثم عزله و عين قثم بن العباس، و يبدو أن الرأي العام بمكة كان غاضباً لعثمان و تصاعد الغضب لكثرة النازحين من المدينة إلى مكة على إثر سيطرة الثوار على المدينة. تاريخ خليفة (ص178،201) و عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص139 - 146)
و أرسل عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة والياً عليها بدلاً من عبد الله بن عامر واليها لعثمان، و كان قد ترك البصرة متجهاً إلى مكة. و قد انقسمت البصرة على الوالي الجديد، فمنهم من بايع و منهم من اعتزل و منهم من رفض البيعة حتى يقتل قتلة عثمان. سير أعلام النبلاء (2/ 322).
و أما مصر فكان واليها عبد الله بن سعد بن أبي السرح قد تركها متجهاً إلى عسقلان، فاستولى عليها محمد بن أبي حذيفة مدة عام كامل و واجه معارضة تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، فلما قتل ولي عليها قيس بن سعد بن عبادة فتمكن من أخذ البيعة لعلي و هادن أهلها. مصنف عبد الرزاق (5/ 458) بسند صحيح إلى الزهري.
و أرسل علي إلى معاوية يطلب منه البيعة فرد عليه قائلاً: فإن كنت صادقاً فأمكنا من قتلة عثمان نقتلهم به ونحن أسرع الناس إليك. الأخبار الطوال للدينوري (ص162 - 163).
فإن قال قائل: إن علياً قد أخطأ في عزل جميع ولاة عثمان قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار. فالجواب: إن علياً رضي الله عنه إمام مجتهد له أن يعزل عمال عثمان إذا رأى المصلحة في ذلك، و قد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو المعصوم خالد بن سعيد بن أبي العاص على صنعاء و عمرو بن العاص على عمان، فعزلهما الصديق من بعده، و ولى الصديق خالد بن الوليد و المثنى بن حارثة، فعزلهما الفاروق من بعده،
و ولى الفاروق عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة فعزلهما عثمان من بعده. تاريخ خليفة (ص97،102،122 - 123،155،178) و تاريخ الطبري (3/ 343) (4/ 241).
و هكذا فعل علي لما رأى المصلحة في ذلك؛ فهل ينتقد عاقل الصديق و الفاروق و ذا النورين في عزلهم هؤلاء العمال الأكفاء!.
أما القول بأنه عزل جميع عمال عثمان، هذا غير صحيح فالعزل لم يتحقق إلا في معاوية في الشام و خالد بن أبي العاص في مكة، و أبي موسى الأشعري في الكوفة، على أنه أقره بعد ذلك. تاريخ الطبري (4/ 442) و تاريخ خليفة (ص201).
و أما البصرة فإن واليها خرج من نفسه، و في اليمن أخذ أميرها يعلي بن مُنية مال جباية اليمن و قدم مكة بعد مقتل عثمان و انضم إلى طلحة و الزبير و حضر معهم موقعة الجمل، و ابن أبي السرح خرج إلى فلسطين و مكث هناك حتى مات بعد أن تغلب ابن أبي حذيفة على مصر. تاريخ الطبري (4/ 421) و (4/ 450).
و هكذا فإن أميري اليمن و البصرة عزلا أنفسهما و أمير مصر عزله المتغلب عليها و أمير الكوفة أقره على منصبه فلم يرد العزل إلا في حق معاوية والي الشام و خالد والي مكة. و أما القول بأنه عزلهم قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار، قلت: إن تولية الإمام للعمال على الأمصار غير مشروط بوصول بيعة أهلها له، فمتى بايع أهل الحل و العقد، لزمت بيعته جميع البلدان النائية عن مركز الخلافة. و لو كانت تولية الخليفة العمال على الأمصار متوقفة على وصول بيعة أهلها له ما تمت بيعة أبي بكر رضي الله عنه، لأنه تصرف بإرسال جيش أسامة و محاربة المرتدين قبل وصول بيعة أهل مكة و الطائف و غيرها من البلاد، و كذلك فعل الفاروق و ذي النورين فإنهما تصرفا في أمور المسلمين أيضاً قبل وصول بيعة الأمصار إليهما.
مقدمات معركة الجمل و ما سبقها من أحداث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/285)
لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي رضي الله عنه، خرج كل من طلحة و الزبير من المدينة بقصد العمرة، و كذلك خرج عبد الله بن عامر من البصرة و يعلي بن مُنْية من اليمن إلى مكة في أوقات مختلفة، و أما عن طلب الزبير و طلحة من علي السماح لهما بالذهاب إلى البصرة و الكوفة لإحضار جند يقاتلون بهم قتلة عثمان رضي الله عنه، فهذا خبر لا يصح منه شيء؛ لأن طلحة و الزبير رضي الله عنهما كانا حريصين على إصلاح ذات البين و إطفاء نار الفتنة و منع إراقة المزيد من دماء المسلمين، كما سيأتي.
اجتمع طلحة والزبير و يعلي و عبد الله بن عامر و عائشة رضي الله عنهم أجمعين بعد نظر طويل على الشخوص إلى البصرة من أجل الإصلاح بين الناس حين اضطرب أمرهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، و ليس من أجل المطالبة بدم عثمان، و دليل ذلك حديث الحوأب، - هو موضع قريب من البصرة، و هو من مياه العرب في الجاهلية و يقع على طريق القادم من مكة إلى البصرة، و سمي بالحوأب؛ نسبة لأبي بكر بن كلاب الحوأب، أو نسبة للحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية، انظر: معجم البلدان (2/ 314) – ففي أثناء الطريق إلى البصرة مر الجيش على منطقة يقال لها الحوأب، فنبحت كلابها فلما سمعت عائشة هذا النباح، طرأ عليها حديثاً فقالت ما هذه المنطقة؟ قالوا هذه الحوأب، فتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث روى أحمد و ابن حبان و الحاكم عن قيس بن حازم أن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحواب. فقال لها الزبير: ترجعين؟! - أي لا ترجعي لأنهم يحترمونك - عسى الله أن يصلح بك بين الناس. هذا لفظ شعبة، أما لفظ يحيى فقال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً، فنبحت الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. السلسلة الصحيحة (1/ 846).
و قد أشكل حديث الحوأب على بعض الناس فردوه - منهم الإمام ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم (ص162)، و تابعه الشيخ محب الدين الخطيب في حاشيته على هذا الكتاب القيم (ص152) -، و هو حديث صحيح و لسان حالهم يقول: كان على عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب أن ترجع، و الحديث يدل على أنها لم ترجع و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين.
و قد أجاب الشيخ الألباني رحمه الله على هذا الإشكال فقال: ليس كل ما يقع من الكمّل يكون لائقاً بهم، إذ المعصوم من عصم الله و السنّي لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه، حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين، و لا شك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذا همّت بالرجوع حين علمت بتحقيق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب، و لكن الزبير رضي الله عنه، قد أقنعها بترك الرجوع بقوله: عسى الله أن يصلح بك بين الناس، و لاشك انه كان مخطئاً في ذلك أيضاً. السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855)، و قال ابن حجر عن الحديث: سنده على شرط الشيخين، انظر فتح الباري (13/ 59 - 60) و قال الهيثمي: رواه أحمد و أبو يعلى و البزار و رجال أحمد رجال الصحيح، مجمع الزوائد (7/ 234) و صححه الألباني في الصحيحة ورد على من طعن في صحته و بين من أخرجه من الأئمة، انظر: الصحيحة (1/ 846 - 855).
هنا أدرك علي رضي الله عنه خطورة الموقف، و ما يمكن أن يجر إليه الخلاف من تمزيق الدولة الإسلامية،
فاستنفر أهل المدينة للخروج معه فاجتمع معه حوالي سبعمائة رجل، و اعتزل الكثير من الصحابة هذه الفتنة، فخرج علي من المدينة متجهاً إلى العراق و قد عسكر في الربذة حيث أضيف إلى جنده مائتا رجل فبلغوا تسعمائة رجل. تاريخ دمشق لابن عساكر (42/ 456).
و قد حاول الحسن بن علي ثني أبيه عن الذهاب إلى العراق و هو يبكي لما أصاب المسلمين من الفرقة و الاختلاف، لكن علياً رفض ذلك و أصر على الخروج. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 99 - 100) بإسناد حسن، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 456 - 457).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/286)
و قد جاءت روايات لتبين أن علي رضي الله عنه خرج من المدينة في إثر أصحاب الجمل، و هذا الأمر لم يحدث، بل الصحيح أنه خرج من المدينة عاقداً العزم على التوجه إلى الكوفة ليكون قريباً من أهل الشام، و لم يخرج في أعقاب أصحاب الجمل.
و في ما يلي بيان هذا الأمر:-
أ- ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من المدينة أقام في - الربذة - عدة أيام، و هذا الصنيع من علي رضي الله عنه لا يشبه صنيع من خرج يطلب قوماً. هذا فضلاً عن أن - الربذة - تقع على طريق الكوفة بينما أصحاب الجمل كانوا يسلكون طريق البصرة.
ب- كذلك ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من - الربذة - توجه إلى – فَيْد، انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق البلادي (ص239). - ثم - الثعلبية، انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 78) - و هذه الأماكن من منازل طريق الكوفة، و هذا يعني أن علياً لم يكن يتعقب أصحاب الجمل، وإلا لترك طريق الكوفة و قصد طريق البصرة. خاصة أن من أراد البصرة و كان خارجاً من المدينة فإنه يتجه إلى – النَّقِرَة، انظر: معجم البلدان (5/ 298) - التي تقع على طريق الكوفة، و منها يتيامن حتى يصل – النِّباج، انظر: معجم البلدان (5/ 255) - التي تقع على طريق البصرة. انظر: كتاب المناسك للحربي (322،587).
لكن علياً رضي الله عنه لم يفعل ذلك بل تعدى النقرة و واصل سيره إلى فيد ثم الثعلبية. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص183 - 184).
هنا و بعد أن عسكر علي رضي الله عنه في الربذة، أرسل رسولين لاستنفار الكوفيين، و هما محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر، فأخفقا في مهمتهما لأن أباموسى الأشعري والي الكوفة لعلي التزم موقف اعتزال الفتنة و حذر الناس من المشاركة فيها. سنن أبي داود (4/ 459 - 460) بإسناد حسن.
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 58) من طريق أبي وائل قال: دخل أبو موسى و أبو مسعود على عمار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمت أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، و كساهما حلة ثم راحوا إلى المسجد.
فاتجه علي إلى - ذي قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة. معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 293 - 294) - قرب الكوفة و عسكر بها، و منها أرسل عبد الله بن عباس و أتبعه ابنه الحسن و عمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين. تاريخ الطبري (4/ 482) بسند صحيح إلى الزهري مرسلاً، و الفتح (13/ 63). و كان السبب في تغير وجهة السير، هو أن علي رضي الله عنه سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة و أدت إلى خروج عامله عنها.
روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بعث علي عماراً و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا و الآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. و روى كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة و الزبير و عائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر و الحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه و قام عمار أسفل الحسن. فاجتمعنا إليه فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، و لكن الله تبارك و تعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي. قال الحافظ في الفتح: و مراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، و أن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام و لا أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار و شدة تحريه قول الحق. و قال أيضاً: قال ابن هبيرة: في هذا الحديث أن عماراً كان صادق اللهجة و كان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب. انظر: الفتح (13/ 63).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/287)
و هنا يجدر التنبيه إلى أن كلام عمار رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها مبني على عدم معرفة عمار بحقيقة خروج أصحاب الجمل، و هو أنهم قد خرجوا للإصلاح بين الناس. أنظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص185).
فقدم على علي وفد الكوفه بذي قار فقال لهم: يا أهل الكوفة أنتم لقيتم ملوك العجم فعضضتم جموعهم،
و قد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن رجعوا فذاك الذي نريده، و إن أبو داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بالظلم، و لن ندع أمراً فيه الإصلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى. البداية و النهاية لابن كثير (7/ 237).
و تذكر بعض الروايات أن أصحاب الجمل بعد أن خرجوا من مكة و اقتربوا من أوطاس: و هو سهل يقع على طريق الحاج العراقي إذا أقبل من نجد، و تبعد عن مكة (143كم) باتجاه الشمال الشرقي، انظر: معجم البلدان (1/ 281)، تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته حتى وصلوا البصرة.
و هذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه يصور أصحاب الجمل الذين خرجوا للإصلاح
بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، و أن خوفهم من علي رضي الله عنه قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم. و بدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة، اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات.
و بيان ذلك كما يلي:-
أ- ذكرت الروايات أن أصحاب الجمل حين وصلوا - أوطاس - تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته.
و هذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة، بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة و كان خارجاً من مكة تيامن من عند - أوطاس - كما فعل أصحاب الجمل، و من أراد الكوفة تياسر عنها، حيث إن طريقي البصرة و الكوفة يأخذان بالتفرع يميناً و يساراً من بعد - أوطاس -.
ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد أن كلاب الحوأب نبحت على عائشة رضي الله عنها حين بلغت ديار بني عامر.
و بنو عامر هؤلاء بنو عامر بن صعصعة، و الحوأب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة و هو من مياه بني بكر بن كلاب، و بنو كلاب هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة، انظر: معجم البلدان (1/ 314). و حيث إن بني كلاب كانوا يسكنون – ضَرِيَّة، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص612)، و معجم البلدان (3/ 457) -، فإن هذا يعني أن الحوأب تقع في - ضرية -، و حيث إن - ضرية - تقع على طريق الحاج البصري، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص594)، فإن ذلك يعني أن أصحاب الجمل قد سلكوا الطريق المعتاد بين مكة و البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك: كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص166 - 168).
معركة الجمل، و دور السبئية في إشعالها.
كان جيش مكة قد وصل خلال تلك الفترة إلى البصرة فأرسل عثمان بن حنيف رضي الله عنه و هو والي البصرة من قبل علي إليهم يستفسر عن سبب خروجهم فكان الجواب: إن الغوغاء من أهل الأمصار و نزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم و أحدثوا فيه الأحداث و آووا فيه المحدِثين و استوجبوا فيه لعنة الله و لعنة رسوله، مع ما نالوا من قتل أمير المسلمين بلا ترة و لا عذر فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه و انتهبوا المال الحرام و أحلوا البلد الحرام و الشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم و ما فيه الناس وراءنا، و ما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، و قرأت {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} [النساء /114]، ننهج في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل و أمر رسوله صلى الله عليه وسلم الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به و نحضكم عليه، و منكر ننهاكم عنه و نحثكم على تغييره. تاريخ الطبري (4/ 462)، من طريق سيف بن عمر.
اتجه بعدها جيش مكة نحو بيت المال و دار الرزق فاعترضهم حكيم بن جبلة أحد الثوار المشاركين في حصار الدار بالمدينة و معه سبعمائة من قومه و جرت معركة قتل فيها حكيم بن جبلة، و خرج عثمان بن حنيف من البصرة و لحق بعلي رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 468،471).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/288)
ولم يثبت من طريق صحيح يمكن أن يعول عليه، أنهم ضربوه و نتفوا شعر وجهه رضي الله عنه، و الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتنزهون عن مثل هذه المثلة القبيحة. و هذه من روايات أبي مخنف الكذاب. انظر: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري (ص258).
و حين عسكر جيش على بذي قار أرسل عبد الله بن عباس إلى طلحة و الزبير يسألهما: هل أحدث ما يوجد السخط على خلافته، كحيف في حكم أو استئثار بفيء؟ أو في كذا؟ فقال الزبير: ولا في واحدة منها. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 596) بسند صحيح و ابن أبي شيبة: المصنف (15/ 267) بتصرف يسير.
و بالجملة فعائشة و طلحة و الزبير رضي الله عنهم إنما خرجوا قاصدين الإصلاح، و جمع كلمة المسلمين
و ما رافق ذلك من قتال و حروب فلم يكن بمحض إرادتهم و لا قصداً منهم، و إنما أثير من قبل السبئية
و أعوانهم من الغوغاء، و لم يكن الإصلاح هدف طلحة و الزبير و عائشة وحدهم، بل إن علياً أيضاً لم ير في مسيره إليهم إلا الإصلاح و جمع الكلمة، و على العموم لم ير علي و طلحة و الزبير و عائشة رضوان الله عليهم أمراً أمثل من الصلح و ترك الحرب، فافترقوا على ذلك، و إنه لموقف رائع من طلحة و الزبير رضي الله عنهما، و هو لا يقل روعة عن موقف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فكل منهم قبل الصلح و وافق عليه، و كل منهم كان يتورع أن يسفك دماً أو يقتل مسلماً.
و لا يمكن أن يفهم عاقل يقف على النصوص السابقة أن زعماء الفريقين هم الذين حركوا المعركة و أوقدوا نارها، و كيف يتأتى ذلك و كلا الطرفين كانت كلمة الصلح قد نزلت من نفوسهم و قلوبهم منزلاً حسناً، و لكنهم قتلة عثمان أصحاب ابن سبأ عليهم من الله ما يستحقون هم الذين أشعلوا فتيلها و أججوا نيرانها حتى يفلتوا من حد القصاص.
و قد يسأل سائل لماذا سمح علي رضي الله عنه لأهل الفتنة بالبقاء معه في جيشه و لم يعاقبهم على فعلتهم الشنيعة؟!
كان سبب إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه أنهم كانوا سادات في أقوامهم، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور.
وقد أجاب عن ذلك الإمام الطحاوي في شرح العقيدة شرح الطحاوية (ص483) بقوله: و كان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان، من لم يُعرف بعينه و من تنتصر له قبيلته، و من لم تقم عليه حجة بما فعله، و من في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله.
و على كل حال كان موقف علي رضي الله عنه، موقف المحتاط منهم، المتبرئ من فعلهم، و هو و إن كان لم يخرجهم من عسكره فقد كان يعاملهم بحذر و ينظر إليهم بشزر، حتى قال الإمام الطبري في تاريخه (4/ 445): بأنه لم يول أحد منهم أثناء استعداده للمسير إلى الشام – يقصد مسيره لحرب صفين -، حيث دعا ولده محمد بن الحنفية و سلمه اللواء و جعل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائد الميمنة و عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه على الميسرة و جعل على مقدمة الجيش أبا ليلى بن عمر بن الجراح و استخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهم.
و هذه بادرة منه رضي الله عنه ليعلن تبرؤه من أولئك المارقين، و يثبت قدرته على السيطرة على أمر المسلمين من غير عون منهم، فقد كان له في المسلمين الموالين له و المؤيدين لخلافته ما يغنيه عن الاستعانة بهم و التودد إليهم؛ و هذا أقصى ما يمكنه فعله بتلك الطائفة إذ ذاك، و هو كافٍ في عذره لأنهم مئات و لهم قرابة و عشائر في جيشه، فما يأمن لو عاملهم بأكثر من هذا من الشدة أن يمتد حبل الفتنة في الأمة، كما حصل ذلك لطلحة و الزبير و عائشة بالبصرة حين قتلوا بعضاً منهم، فغضب لهم قبائلهم و اعتزلوهم. إفادة الأخيار ببراءة الأبرار للتباني (2/ 52).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/289)
فلما نزل الناس منازلهم و اطمأنوا خرج علي و خرج طلحة و الزبير فتوافقوا و تكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمراً هو أمثل من الصلح، فافترقوا على ذلك، رجع علي إلى عسكره و رجع طلحة و الزبير إلى عسكرهما و أرسل طلحة و الزبير إلى رؤساء أصحابهما، و أرسل علي إلى رؤساء أصحابه ما عدا أولئك الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه فبات الناس على نية الصلح و العافية، و هم لا يشكون في الصلح فكان بعضهم بحيال بعض، و بعضهم يخرج إلى بعض لا يذكرون و لا ينوون إلا الصلح فباتوا بخير ليلة باتوها منذ مقتل عثمان، و بات الذين أثاروا الفتنة بشرّ ليلة باتوها قط، إذ أشرفوا على الهلاك و جعلوا يتشاورون ليلتهم كلها. انظر: تاريخ الطبري (4/ 506 - 507) من طريق سيف بن عمر.
فاجتمعوا على إنشاب الحرب في السر، فغدوا في الغلس و عليهم ظلمة و ما يشعر بهم جيرانهم، فوضعوا فيهم السيوف، فثار أهل البصرة و ثار كل قوم في وجوه الذين باغتوهم، فقام طلحة ينادي و هو على دابته - وقد غشيه الناس - فيقول: يا أيها الناس أتنصتون؟ فجعلوا يركبونه و لا ينصتونه، فما زاد أن قال: أف، أف، فراش نار و ذبان طمع. تاريخ خليفة (ص 182). وهل يكون فراش النار و ذبان الطمع غير أولئك السبئية؟!
التحم القتال من الغوغاء و خرج الأمر عن علي و طلحة و الزبير. و كان طلحة يقول – و السهام تناوشه -: اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى. تاريخ خليفة (ص 185)، دول الإسلام للذهبي (1/ 28).
و يصور لنا الحسن بن علي حال والده فيقول: لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذ بي و يقول: يا حسن لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة - أو سنة -، فقال له الحسن: يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني لم أر الأمر يبلغ هذا. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 288) بإسناد صحيح، و السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 566، 589).
و روى ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 275). بإسناده إلى حبيب بن أبي ثابت أن علياً قال يوم الجمل: اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت.
أما الروايات التي جاءت تفيد بأن طلحة رضي الله عنه قام بتحريض الناس على القتال ثم إصابته و موته، هي روايات مردودة بما ثبت من عدالة الصحابة رضوان الله عليهم، وقام طلحة و رجع خلف الجيش، فجاءه سهم غرب لا يعرف من أين أتى فنزل في المفصل من ركبته فصادف جرحاً في ساقه كان أصابه يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ ينزف فحمله غلامه إلى البصرة و ألجأه إلى دار خربة لا أحد فيها و مات هناك رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 512، 514) من طريق سيف بن عمر.
و قيل أن الذي ضربه بالسهم مروان بن الحكم، لكن ليس هناك دليل على هذا، و بدراسة تلك الروايات، اتضح براءة مروان بن الحكم من تلك التهمة، و ذلك للأسباب التالية:-
أ- وجود رواية لمروان بن الحكم في صحيح البخاري، مع ما عرف من البخاري رحمه الله من الدقة و شدة التحري في أمر من تقبل روايته، فلو صح قيام مروان بقتل طلحة رضي الله عنه لكان هذا سبباً كافياً لرد روايته و القدح في عدالته. و الرواية في صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (3/ 493).
ب- استبعاد ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (7/ 248) لهذا الأمر و تشكيكه فيه بقوله: و يقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم. و قد قيل: إن الذي رماه بهذا السهم غيره، و هذا عندي أقرب، و إن كان الأول مشهوراً، والله أعلم.
جـ- ثناء الأئمة عليه كالإمام أحمد، و الحافظ ابن حجر. سير أعلام النبلاء للذهبي (3/ 477) و الإصابة لابن حجر (6/ 257 - 259).
د- بطلان السبب الذي قيل إن مروان قتل طلحة رضي الله عنه من أجله، و هو اتهام مروان لطلحة بأنه أعان على قتل عثمان رضي الله عنه. و هذا السبب المزعوم غير صحيح حيث إنه لم يثبت من طريق صحيح أن أحداً من الصحابة قد أعان على قتل عثمان رضي الله عنه.
هـ - كون مروان و طلحة رضي الله عنهما، في صف واحد يوم الجمل، و هو صف المنادين بالإصلاح بين الناس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/290)
و - أن معاوية رضي الله عنه قد ولى مروان على المدينة و مكة، انظر خبر توليته في: تاريخ الطبري (5/ 293)، فلو صح ما بدر من مروان لما ولاه معاوية رضي الله عنه على رقاب المسلمين و في أقدس البقاع عند الله. لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص202 - 203).
و في أثناء المعركة قال علي للزبير: أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: يا زبير أما والله لتقاتلنه و أنت ظالم له. تاريخ دمشق لابن عساكر (18/ 408 - 410).
روى الحاكم في المستدرك (3/ 365 - 366) من طرق متعددة أن علياً ذكرّ الزبير بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لتقاتلن علياً و أنت ظالم له، فلذلك رجع.
و أخرج إسحاق من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام - رجل من حيه - قال: خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول و أنت لاوي يدي: لتقاتلنه و أنت ظالم له ثم لينتصرن عليك. قال: قد سمعت، لا جرم لا أقاتلك. ذكره الحافظ في الفتح (13/ 60) و انظر المطالب العالية (4/ 301).
و روى ابن عساكر في تاريخه (18/ 410) وابن كثير في البداية (7/ 242) أن الزبير رضي الله عنه لما عزم عل الرجوع إلى المدينة عرض له ابنه عبد الله فقال: مالك؟ قال: ذكرّني علي حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم و إني راجع، فقال له ابنه: و هل جئت للقتال؟ إنما جئت تصلح بين الناس، و يصلح الله هذا الأمر.
و بالفعل فإن موقف الزبير رضي الله عنه كان السعي في الإصلاح حتى آخر لحظة، و هذا ما أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 366) من طريق أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، و فيه أن الزبير رضي الله عنه سعى في الصلح بين الناس و لكن لما قامت المعركة واختلف أمر الناس مضى الزبير و ترك القتال.
و هذا الفعل من الزبير رضي الله عنه هو الذي ينسجم مع مقصده الذي قدم البصرة من أجله، لا كما تصوره بعض الروايات من أنه كان من المحرضين على القتال.
و أثناء انسحابه رضي الله عنه رآه ابن جرموز فتبعه فأدركه و هو نائم في القائلة، بوادي السباع، فهجم عليه فقتله رضي الله عنه، ثم سلب سيفه و درعه. الفصل في الملل و النحل لابن حزم (4/ 239). و قال ابن كثير أن هذا القول هو الأشهر. أنظر: البداية و النهاية (7/ 250).
ذكر الحافظ في الفتح (6/ 264 - 265) و (7/ 102): أن ابن جرموز جاء إلى علي متقرباً إليه بذلك، فأمسك علي السيف بيده و قال: طالما جلى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. أنظر: المسند (1/ 89، 102) و صححه الحاكم في المستدرك (4/ 367) و و ذكره أحمد في كتاب فضائل الصحابة بإسناد حسن (2/ 736 - 737) بلفظ قريب و فيه: جاء قاتل الزبير يستأذن، فجاء الغلام فقال: هذا قاتل الزبير فقال: ليدخل قاتل الزبير النار، و جاء قاتل طلحة يستأذن فقال الغلام: هذا قاتل طلحة يستأذن، فقال: ليدخل قاتل طلحة النار.
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/ 737) بإسناده حسن، و فيه أن ابن جرموز استأذن على علي رضي الله عنه فقال: من هذا؟ فقال: ابن جرموز يستأذن. فقال: ائذنوا له ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل نبي حواريّ و إن حوارييّ الزبير.
و في تعليل هذه الجرأة من ابن جرموز على قتل الزبير رضي الله عنه يقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (ص322): و كثر في أيامه - أيام عثمان رضي الله عنه - من لم يصحب الرسول، و فُقد من عَرَفَ فضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
هنا ذهب كعب بن سَور بالخبر إلى أم المؤمنين فقال لها: أدركي الناس قد تقاتلوا. و كانت المعركة قريبة من البصرة، فوضع لها الهودج فوق البعير – ورد أن اسم البعير عسكر - فجلست فيه و غطي بالدروع، و ذهبت إلى أرض المعركة لعل أن يوقف الناس القتال عندما يشاهدونها، فلما وصلت، أعطت عائشة المصحف لكعب و قالت له: خلِّ البعير و تقدم و ارفع كتاب الله و ادعهم إليه، فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركوا كعباً يفعل ما طُلب منه، فلما قام كعب و رفع المصحف و أخذ ينادي تناولته النبال فقتلوه، كما جاء في رواية الطبري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/291)
(4/ 513) من طريق سيف بن عمر، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 88).
ثم أخذوا بالضرب نحو الجمل، بغية قتل عائشة لكن الله نجاها، فأخذت تنادي: أوقفوا القتال، و أخذ علي ينادي و هو من خلف الجيش: أن أو قفوا القتال، و قادة الفتنة مستمرين، فقامت أم المؤمنين بالدعاء على قتلة عثمان قائلة: اللهم العن قتلة عثمان، فبدأ الجيش ينادي معها، و حين سمع علي رضي الله عنه أثناء المعركة أهل البصرة يضجون بالدعاء، قال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: عائشة تدعو و يدعون معاً على قتلة عثمان و أشياعهم، فأقبل علي يدعو و يقول: اللهم العن قتلة عثمان و أشياعهم. الطبري (4/ 513).
و روى ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 277) و البيهقي في السنن الكبرى (8/ 181) أن علياً سمع يوم الجمل صوتاً تلقاء أم المؤمنين فقال: انظروا ما يقولون، فرجعوا فقالوا: يهتفون بقتلة عثمان، فقال: اللهم أحلل بقتلة عثمان خزياً.
و يؤيد هذا الخبر ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 455) بإسناد صحيح، من طريق محمد بن الحنفية قال: بلغ علياً أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال: و أنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل، قال مرتين أو ثلاثاً. و ارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين ..
يقول الحارث بن سويد الكوفي - شاهد عيان ثقة ثبت - لقد رأيتُنا يوم الجمل، و إن رماحنا و رماحهم لمتشاجرة و لو شاءت الرجال لمشت عليه، يقولون الله أكبر، سبحان الله، الله أكبر. تاريخ خليفة (ص 198) بإسناد صحيح.
ثم إن أهل الفتنة أخذوا يرشقون جمل أم المؤمنين بالنبال و علي يصرخ فيهم أن كفوا عن الجمل، لكنهم لا يطيعونه فصار الجمل كالقنفذ من كثرة النبال التي علقت به. تاريخ الطبري (4/ 513، 533) من طريق سيف بن عمر.
و يقدم الأشتر نحو الجمل فوقف له ابن الزبير فتقاتلا، و لهذا شاهد من حديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (11/ 108) و (15/ 257) بإسناد رجاله ثقاة: أن الأشتر و ابن الزبير التقيا فقال ابن الزبير: فما ضربته ضربة حتى ضربني خمساً أو ستاً، ثم قال: فألقاني برجلي ثم قال: والله لولا قرابتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت منك عضواً مع صاحبه، قال: و قالت عائشة: واثكل أسماء، قال: فلما كان بعد أعطت الذي بشرها به أنه حي عشرة آلاف.
أما قصة صراع ابن الزبير مع الأشتر و قول ابن الزبير اقتلوني و مالكاً، تعارضها الروايات الصحيحة، فقد أخرج الطبري (4/ 520) بسند صحيح عن علقمة أن الأشتر لقي ابن الزبير في الجمل فقال: فما رضيت بشدة ساعدي أن قمت في الركاب فضربته على رأسه فصرعته. قلنا فهو القائل اقتلوني و مالكاً؟ قال: لا، ما تركته و في نفسي منه شيء، ذاك عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، لقيني فاختلفنا ضربتين، فصرعني و صرعته، فجعل يقول اقتلوني و مالكاً، و لا يعلمون من مالك فلو يعلمون لقتلوني. و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 228).
هنا وصل القعقاع إلى الجمل فخاف على أم المؤمنين أن تصاب فبدأ ينادي بالانسحاب فأخذ الجمل محمد بن طلحة بن عبيد الله فقتل رضي الله عنه فأخذ القعقاع الجمل و سحبه خارج المعركة.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 285) بسند صحيح أن عبد الله بن بديل قال لعائشة: يا أم المؤمنين أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلتُ ما تأمريني، فقلتِ الزم علياً؟ فسكتت فقال: اعقروا الجمل فعقروه قال: فنزلت أنا و أخوها محمد و احتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي، فأمر به علي فأدخل في بيت عبد الله بن بديل. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
هنا علي رضي الله عنه أصدر الأوامر بأن لا تلحقوا هارباً و لا تأخذوا سبياً فثار أهل الفتنة و قالوا: تحل لنا دمائهم و لا تحل لنا نسائهم و أموالهم؟ فقال علي: أيكم يريد عائشة في سهمه، فسكتوا، فنادى لا تقتلوا جريحاً و لا تقتلوا مدبراً، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.البيهقي في السنن الكبرى (8/ 182) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 257) و (15/ 286) بإسناد صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/292)
و أخرج الشافعي في الأم (4/ 308) من رواية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: دخلت على مروان بن الحكم، فقال: ما رأيت أحداً أكرم من أبيك، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه لا يقتل مدبراً و لا يذفف على جريح. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
و كان علي رضي الله عنه يطوف على القتلى و هم يدفنون، ثم سار حتى دخل البصرة فمر على طلحة
و رآه مقتولاً فجعل يمسح التراب عن وجهه و يقول: عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري و بجري - أي همومي وأحزاني - و بكى عليه و على أصحابه. تاريخ دمشق (25/ 115) و أسد الغابة لابن الأثير (3/ 88 - 89).
بعدها ذهب إلى بيت عبد الله بن بديل الخزاعي لزيارة عائشة و الاطمئنان عليها فقال لها: غفر الله لكِ، قالت: ولك ما أردت إلا الإصلاح بين الناس. شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 206). و نقل الزهري في المغازي (ص154) قولها: إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، و لم أحسب أن يكون بين الناس قتال، و لو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً. و هذا هو الصحيح بخلاف من قال بأن عائشة نزلت في بيت عبد الله بن خلف الخزاعي.
ثم قام علي بتجهيز عائشة و إرسالها إلى مكة معززة مكرمة، و هذا الفعل من علي رضي الله عنه يعد امتثالاً لما أوصاه به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج الإمام أحمد في المسند (6/ 393) بسند حسن من حديث أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنه سيكون بينك و بين عائشة أمر، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها.
و أخرج الحاكم في المستدرك (3/ 119) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة رضي الله عنها فقال: انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت، ثم التفت إلى علي فقال: إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها.
و كان خروج عائشة رضي الله عنها يوم الجمل يعتبر زلة عن قصد حسن و هو الإصلاح، و قد ندمت على ذلك، و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجته في الجنة كما في المستدرك و قال عمار: والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، كما في الصحيح بهذا المعنى. و بهذين الدليلين و بوصف الله لها في القرآن بأنها طيبة، تنقطع ألسنة الروافض الطاعنين في صحابة رسول الله و منهم أم المؤمنين رضي الله عنها. الصحيح المسند من دلائل النبوة للشيخ مقبل الوادعي (ص417) في الهامش.
و كانت رضي الله عنها إذا قرأت {و قرن في بيوتكن} [الأحزاب/33] بكت حتى يبتل خمارها، و كانت حينما تذكر الجمل تقول: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، و في رواية ابن أبي شيبة: وددت أني كنت غصناً رطباً و لم أسر مسيري هذا. سير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 177) و مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 238) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 281).
و العقل يقطع بأنه لامناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى،
و لاشك أن عائشة رضي الله عنها هي المخطئة؛ لأسباب كثيرة و أدلة واضحة، منها ندمها على خروجها، و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها، و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور، بل المأجور.
قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: و قد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن أبي عتيق - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً غلب عليك – يعني ابن الزبير – فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة: و لهذا الأثر طرق أخرى، فقال الذهبي في السير: عن قيس قال: قالت عائشة، و كانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها. قلت – أي الذهبي -: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية و تابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة و الزبير و جماعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/293)
من كبار الصحابة رضي الله عن الجميع. انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855).
يقول شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/ 316 - 317، 321 - 322) و (6/ 208، 363): إن عائشة لم تخرج للقتال، و إنما خرجت بقصد الإصلاح بين الناس و ظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، و هكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة و الزبير رضي الله عنهم أجمعين.
و يقول الإمام القرطبي في تفسيره (8/ 321 - 322) في تفسير سورة الحجرات ما نصه: لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه و أرادوا الله عز وجل .. هذا مع ما قد ورد من الأخبار من طرق مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض - يشير إلى حديث أبي هريرة عند مسلم (4/ 1880) و نصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. والترمذي (5/ 644) و انظر: كتاب فضائل الصحابة للنسائي (ص113) بتحقيق فاروق حمادة، و ابن ماجة في فضائل طلحة (1/ 46) و الأصفهاني في الإمامة (ص371 - 372) -، فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصياناً لم يكن بالقتل فيه شهيداً .. و مما يدل على ذلك ما قد صح و انتشر من إخبار عليّ بأن قاتل الزبير في النار، و قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار – تقدم تخريجه -، و إذا كان كذلك فقد ثبت أن طلحة و الزبير غير عاصيين و لا آثمين بالقتال - أي أنهما معذوران باجتهادهما - لأن ذلك لو كان كذلك، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في طلحة شهيد، و لم يخبر أن قاتل الزبير في النار، و إذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم، و البراءة منهم، و تفسيقهم و إبطال فضائلهم و جهادهم، رضي الله تعالى عنهم.
و على ذلك إذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يجوز عليهم الخطأ كما يجوز على كل بشر، فحينئذ نستطيع أن نقبل ما يحدث في تصرفاتهم من أخطاء غير مقصودة، و إنما وقعت نتيجة اجتهاد لم يوفقوا فيه إلى الصواب، لكنهم مثابون على الإخلاص في اجتهادهم إن شاء الله.
و لقد أخطأ من قال بأن الباعث لخروج طلحة والزبير هو ما كانا عليه من الطمع في الخلافة والتآمر على الناس بذلك.
فينفي ابن شبّة في كتابه أخبار البصرة هذا الزعم بقوله: إن أحداً لم ينقل أن عائشة و من معها نازعوا علياً في الخلافة، و لا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة، و إنما أنكروا على علي منعه - أي تأخيره - من قتل قتلة عثمان و ترك الاقتصاص منهم. أورده الحافظ في الفتح (13/ 60 - 61).
و يقول ابن حزم في الفصل في الملل (4/ 238 - 239): فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها، أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي و لا خلافاً عليه، و لا نقضاً لبيعته و لو أرادوا ذلك لأحدثوا بيعة غير بيعته، و هذا ما لا يشك فيه أحد و لا ينكره أحد، فصح أنهم إنما نهضوا إلى البصرة لسد الفتق الحادث في الإسلام من قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ظلماً.
وقد كان التقاء الفريقين في الجمل يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة سنة ست و ثلاثين، تاريخ خليفة (ص184 - 185) - و هي أصح الروايات في تحديد تاريخ وقعة الجمل - و كان القتال بعد صلاة الظهر فما غربت الشمس و حول الجمل أحد ممن كان يذب عنه. أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
و أما عن عدد قتلى معركة الجمل فقد بالغ المؤرخون في ذكرهم فمن مقلل و من مكثر على حسب ميل الناس و أهوائهم؛ لكن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل فقد كان ضئيلاً جداً للأسباب التالية:-
1 - قصر مدة القتال، حيث أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن القتال نشب بعد الظهر، فما غربت
الشمس و حول الجمل أحد ممن كان يذب عنه.
2 - الطبيعة الدفاعية للقتال، حيث كان كل فريق يدافع عن نفسه ليس إلا.
3 - تحرج كل فريق من القتال لما يعلمون من عظم حرمة دم المسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/294)
4 - قياساً بعدد شهداء المسلمين في معركة اليرموك - ثلاثة آلاف شهيد، تاريخ الطبري (3/ 402) - و معركة القادسية - ثمانية آلاف و خمسمائة شهيد، تاريخ الطبري (3/ 564) - و هي التي استمرت عدة أيام، فإن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل يعد ضئيلاً جداً. هذا مع الأخذ بالاعتبار شراسة تلك المعارك و حدتها لكونها من المعارك الفاصلة في تاريخ الأمم.
5 - أورد خليفة بن خياط في تاريخه (ص187 - 190) بياناً بأسماء من حفظ من قتلى يوم الجمل، فكانوا قريباً من المائة. فلو فرضنا أن عددهم كان مائتين و ليس مائة، فإن هذا يعني أن قتلى معركة الجمل لا يتجاوز المائتين. و هذا هو الراجح للأسباب و الحيثيات السابقة و الله أعلم بالصواب. أنظر حول هذا الموضوع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص214 - 215).
و هذا العدد مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فتنبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها و عن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعد ما كادت. السلسلة الصحيحة (1/ 853).
حال ابن سبأ و مصيره بعد هذه الأحداث.
تعددت الروايات في ذكر مصير عبد الله بن سبأ، هل أحرق مع أصحابه؟
أم أنه نفي مع من نفي إلى سباط في المدائن؟
أقول: الراجح والله أعلم و هو الذي أعتقده، أنه نفي إلى سباط، و مات هناك؛ و الأدلة على ذلك كثيرة جداً، و هاك مختصرها:-
أولاً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، دون ذكر لحرق ابن سبأ معهم:-
إن خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة السبئية، تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. أنظر خبره معهم عند البخاري في صحيحه (4/ 21)، (8/ 50)، و أبو داود في سننه (4/ 520)، و النسائي (7/ 104)، و الترمذي (4/ 59) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).
فقد ذكر الإمام البخاري عن عكرمة مولى ابن عباس قال أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله) و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه). البخاري مع الفتح (12/ 279).
ذكر الجُوزَجَاني في أحوال الرجال (ص37 - 38)، و ابن حجر في الفتح (12/ 270) بإسناد حسن: أن السبئية غلت في الكفر، فزعمت أن علياً إلهاً، حتى حرّقهم بالنار إنكاراً عليهم، و استبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري و دعوت قنبرا.
يقول ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص78 - 79)، و في المعارف (ص 267): إن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
قال ابن حجر في لسان الميزان (3/ 389 - 390): عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ... ، و يقول عن طائفته: وله أتباع يقال لهم السبئية، معتقدون الألوهية في علي بن أبي طالب، و قد أحرقهم علي بالنار في خلافته.
يقول ابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186): و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ ... إلى أن قال: فقالوا مشافهة أنت هو، فقال لهم و من هو؟ قال: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت و أحرقهم بالنار.
و يؤكد الفخر الرازي كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية. انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57).
ثانياً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، و أحرق ابن سبأ معهم:-
ذكر المامقاني في تنقيح المقال (2/ 184): أن علياً حرّق عبد الله بن سبأ في جملة سبعين رجلاً ادعوا فيه الإلهية والنبوة.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 426): أحسب أن علياً حرّقه – يقصد عبد الله بن سبأ – بالنار. و هو هنا لا يجزم بذلك بل وضعه موضع الشك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/295)
أما الكشي فقد جزم بأن علياً رضي الله عنه قد أحرق عبد الله بن سبأ مع جملة أصحابه، و قد نقل أكثر من رواية تنص على أن علياً حينما بلغه غلو ابن سبأ و دعواه الألوهية فيه، دعاه و سأله فأقر بذلك، و طلب إليه أن يرجع عن ذلك، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار. انظر هذا النص عند الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22).
ثالثاً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، ومن ثم نفى ابن سبأ إلى سباط.
ذكر ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 23، 30) و (3/ 459) و ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 10) و الملطي في التنبيه والرد على أهل الأهواء و البدع للملطي (ص 29 - 30): أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة و نفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ.
و ذكر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص223): أن السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنه عن قتله حينما بلغه غلوه فيه و أشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
و قال الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 155): السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه: أنت أنت، يعني الإله، فنفاه إلى المدائن.
و قال الجوزجاني في أحوال الرجال (ص 38): أن من مزاعم عبد الله بن سبأ ادعاءه أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، و علمه عند علي، و أن علياً نفاه بعدما كان هم به.
والراجح في هذه المسألة أن ابن سبأ لم يحرق بل نفي إلى سباط في المدائن، كما قال بذلك الكثير من أهل العلم، والأدلة على كونه نفي ولم يحرق، ما ذكرته قبل قليل من كونه لم يحرق بل نفي إلى سباط، و ما سيأتي من كون ابن سبأ له ظهور بعد مقتل علي رضي الله عنه، و يكفي الباحث أن يقف على هذه العبارات التي تجدها في كثير من المصادر ليتبين له أن ابن سبأ لم يحرق مع طائفته:-
قال ابن سبأ لمن جاءه بنعي علي رضي الله عنه: (لو أتيتنا بدماغه في سبعين صرة ما صدقناك، و لعلمنا أنه لم يمت، و إنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه. مسائل الإمامة للناشئ الأكبر (ص 22) و كذلك أنظر إلى دلالة العبارة في الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 234)، و البدء والتاريخ لابن طاهر المقدسي (5/ 129)، والمقالات والفرق للقمي (ص20 - 21) والبيان والتبيين للجاحظ (3/ 81) و المجروحين لابن حبان (1/ 298) و تثبيت دلائل النبوة للهمذاني (2/ 549) و فرق الشيعة للنوبختي (ص 43).
ذكر الصفدي في ترجمة ابن سبأ: ابن سبأ رأس الطائفة السبئية ... ، قال لعلي رضي الله عنه أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قُتل علي، زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً و أنّ ابن ملجم قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته و البرق سوطه، و أنه سينزل إلى الأرض. الوافي بالوفيات (17/ 190).
و جاء في الفرق الإسلامية للكرماني (ص 34): أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت وأن فيه الجزء الإلهي.
و يذكر أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 85)، عبد الله بن سبأ و طائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أنّ علياً لم يمت و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
و هذا الذي ذكرت لا يعني أنه لم يقتل بيد غيره، لكن و حسب علمي القاصر واطلاعي على الكثير من الكتب التي تحدثت عن هذا الموضوع، فإنه لم يرد فيها ذكر شيء من هذا القبيل.
و لكن: هذا لا يمنع بأن جميع من شارك أو أعان في قتل عثمان رضي الله عنه قد قتل أو أصابه الله بعقاب من عنده، و إن الله عز وجل لم يهمل الظالمين بل أذلهم و أخزاهم و انتقم منهم فلم ينج منهم أحد، و هاكم بعض الأمثلة على ذلك:-
روى خليفة في تاريخه (ص175). بإسناد صحيح: أن أول قطرة قطرت من دمه - أي عثمان - على المصحف، ما حكت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/296)
و أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت:خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قتل و هو في حجره، فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية {فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم} قالت عمرة: فما مات منهم رجل سوياً. انظر: فضائل الصحابة (1/ 501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127 - 128).
روى ابن عساكر في تاريخه (39/ 446 - 447) عن ابن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي و ما أظن أن تغفر لي! قلت: يا عبد الله! ما سمعت أحداً يقول ما تقول! قال: كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قتل و وضع على سريره في البيت، و الناس يجيئون فيصلون عليه فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه و سجيته و قد يبست يميني، قال محمد بن سيرين: رأيتها يابسة كأنها عود.
و عن قتادة أن رجلاً من بني سدوس قال: كنت فيمن قتل عثمان فما منهم رجل إلا أصابته عقوبة غيري، قال قتادة: فما مات حتى عمي. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 102).
و روى مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن البصري يقول: ما علمت أحداً أشرِك في دم عثمان رضي الله
عنه و لا أعان عليه إلا قُتل. و في رواية أخرى: لم يدع الله الفسقة - قتلة عثمان - حتى قتلهم بكل أرض. تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/ 1252).
دور هذا اليهودي في نشأة الرافضة، وسيكون الحديث فيها عن الجانب الديني الذي قام به عبد الله بن سبأ في تلك الفتنة لإبعاد المسلمين عن دينهم.
قام هذا اليهودي الخبيث بدعوة من اغتر به من عوام المسلمين إلى بعض المبادئ اليهودية وغلف دعوته هذه بالتظاهر بحب آل البيت والدعوة إلى ولايتهم والبراءة من أعدائهم، فاغتر به جماعة ممن لم يتمكن الإسلام في قلوبهم من الأعراب و حديثي العهد بالإسلام، حتى غدوا يكونون فرقة دينية تخالف في عقيدتها العقيدة الإسلامية وتستمد أفكارها ومبادئها من الديانة اليهودية.
فانتسبت هذه الفرقة إلى مؤسسها ومبتدعها ابن سبأ، فأطلق عليها السبأية ومن السبأية استمدت الرافضة عقيدتها وأصولها فتأثرت بتلك المبادئ اليهودية المغلفة التي دعا إليها ابن سبأ.
ولهذا اشتهر بن العلماء أن عبد الله بن سبأ هو أول من ابتدع الرفض وأن الرفض مأخوذ من اليهودية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483): و قد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ، فإنه أظهر الإسلام وأبطن اليهودية و طلب أن يفسد الإسلام، كما فعل بولص النصراني – الذي كان يهودياً – في إفساد دين النصارى.
و قال في موضع آخر من الفتاوى (4/ 428): إن الذي ابتدع الرفض كان يهودياً أظهر الإسلام نفاقاً، و دس إلى الجهال دسائس يقدح بها في أصل الإيمان، و لهذا كان الرفض أعظم أبواب النفاق والزندقة.
ويقول أيضاً في موضع آخر من الفتاوى (4/ 435): وأصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له و لهذا لما كان مبدأه من النفاق قال بعض السلف: حب أبي بكر وعمر إيمان و بغضهما نفاق، و حب بني هاشم إيمان و بغضهم نفاق.
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (ص 578): إن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق، قصد إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر العلماء، فإن عبد الله بن سبأ لما أظهر الإسلام، أراد أن يفسد دين الإسلام بمكره و خبثه، كما فعل بولص بدين النصرانية، فأظهر التنسك ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سعى في الفتنة عثمان و قتله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/297)
و قد أكدت كذلك الدراسات الحديثة أن أصل الرفض يهودي و واضعه يهودي ماكر أراد أن يفسد على المسلمين عقيدتهم وينحرف بهم عن الدين الصحيح، يقول عبد الله القصيمي في كتاب الصراع بين الإسلام والوثنية (1/ 11) بعد أن تحدث عن ظاهرة الغلو في علي بن أبي طالب: أما واضع بذور هذه الضلالة ومتولي كبرها عبد الله بن سبأ، فطلبه علي ليوقع به أشد العذاب ولكنه كان أحذر من الغراب، فهرب وترك البلاد و ما كان هروبه وضعاً لأوزار هذه الفتنة المدمرة وتسليماً بالهزيمة، بل كان هروباً بهذه الآراء ضناً عليها بالقبر والقتل ليضل بها المسلمين ويفتن بها المفتونين وتبقى عاراً و ناراً إلى يوم الدين، تطايرت دعاوى هذا الرجل ومبتدعاته في كل جانب، و رن صداها في أركان المملكة الإسلامية رنيناً مراً مزعجاً واهتزت لها قلوب ومسامع و طربت لها قلوب و مسامع، و رددت صداها أفواه خلقت لهذا، و رددتها أفواه أخرى، و طال الترديد والترجيع حتى نفذت إلى قلوب رخوة لا تتماسك فحلتها حلول العقيدة، ثم تفاعلت حتى صارت عقيدة ثابتة تراق الدماء في سبيلها و يعادى الأهل والصحب غضباً لها و صارت فيما بعد معروفة بالمذهب الشيعي والعقيدة الشيعية.
أما إحسان إلهي ظهير رحمه الله فيؤكد بعد طول بحث في كتب القوم والذي أكسبه مزيداً من الخبرة بالرافضة وعقائدهم أن عقيدتهم قد بنيت على أسس يهودية بواسطة عبد الله بن سبأ. فيقول: وأما دين الإمامية و مذهب الاثنى عشرية ليس إلا مبني على تلك الأسس التي وضعتها اليهودية الأثيمة بواسطة عبد الله بن سبأ الصنعاني اليمني الشهير بابن السوداء. انظر: الشيعة والسنة (ص 29).
فتأكد بهذه النقولات التي جاءت في كتب أهل السنة أن أصل الرفض إنما أحدثه عبد الله بن سبأ اليهودي، وأن الرافضة ليست من الإسلام في شيء.
وقد اعترف بذلك كبار علماء الشيعة ومؤرخوهم، فها هو الكشي - أحد كبار علماء التراجم عندهم في القرن الرابع (ت340هـ) – ينقل هذا النص عن بعض علمائهم فيقول: ذكر بعض أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم و والى علياً عليه السلام وكان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون وضي موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي عليه السلام مثل ذلك، و كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه، و كاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن ههنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية. انظر: رجال الكشي (ص 71).
و هذا النص مشهور عند علماء الرافضة و قد تناقله علماؤهم و جاء ذكره في أكثر من كتاب من كتبهم المعتمدة والموثقة.
فقد ذكره الأشعري القمي (ت301هـ) في المقالات والفرق (ص 20)، حين يقول: فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
و ذكره النوبختي (ت 310هـ) في فرق الشيعة (ص 44)، حين يقول: فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و ذكره المامقاني (ت 1351هـ) في تنقيح المقال (2/ 184).
فهؤلاء كبار مؤرخي الرافضة و محققيهم يعترفون بيهودية ابن سبأ وأنه كان يقول بوصية موسى بيوشع في يهوديته فقال بهذه العقيدة في إسلامه في علي بن أبي طالب وأنه وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أول من نادى بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتبرأ من مخالفيه، ثم يقرون بأنه إنما نسبت الرافضة لليهودية لذلك.
ففي هذا الاعتراف الذي نسجله على كبار علماء الرافضة أعظم دليل على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية وهو ملزم لكل من يشكك في هذه الحقيقة من علماء الرافضة المعاصرين ومن تأثر بأقوالهم من الكتاب المحدثين.
وكما دلت كتب السنة والشيعة على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية بواسطة عبد الله بن سبأ، فكذلك كتب المستشرقين تشهد بذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/298)
يقول المستشرق الألماني يوليوس فلهاوزن: ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي والحسن وتنسب إلى عبد الله بن سبأ وكما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً، والواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أيضاً إنه كان يهودياً، و هذا يقود إلى القول بأصل يهودي لفرقة السبأية، و المسلمون يطلقون اليهودي على ما ليس في الواقع، بيد أن يلوح أن مذهب الشيعة الذي ينسب إلى عبد الله بن سبأ أنه مؤسسه إنما يرجع إلى اليهود أقرب من أن يرجع إلى الإيرانيين. الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
أما المستشرق المجري أجناس جولد تسيهر، فهو يرى أن فكرة المهدي و عقيدة الرجعة عند الرافضة قد تأثرت بالديانة اليهودية والنصرانية، و أن الغلو في علي إنما صاغه عبد الله بن سبأ اليهودي، فيقول: إن الفكرة المهدية التي أدت إلى نظرية الإمامة والتي تجلت معالمها في الاعتقاد بالرجعة ينبغي أن نرجعها كلها – كما رأينا – إلى المؤثرات اليهودية والمسيحية، كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ، حدث ذلك في بيئة سامية عذراء لم تكن قد تسربت إليها بعد الأفكار الآرية. انظر: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
فهذه أقوال العلماء من سنة وشيعة و مستشرقين، كلها تؤكد أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، وأن واضعه و مبتدعه في الإسلام هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد دل أيضاً على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، و لهذا عدد من الأدلة:-
الأول: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الفرق الإسلامية كعقيدة الوصية والرجعة والبداءة والتقية و ما يدعونه في أئمتهم من الغلو ليس لها أصل في الإسلام، و لا يوجد نص واحد لا من كتاب ولا من سنة يدل على هذه العقائد، بل إن الكتاب والسنة وإجماع الأمة تشهد ببطلان هذه العقائد وبراءة الإسلام منها.
أما ما يستدل به الرافضة لصحة هذه العقائد من أدلة لا يخلو من حالين؛ إما أن يكون هذا الدليل الذي يستدلون به صحيحاً و لكن لا حاجة لهم فيه، وإما أن يكون موضوعاً لا يصح الاستدلال به، و هذه حال غالب أدلتهم، فإنهم لما لم يجدوا ما يستدلون به من الشرع لعقائدهم أخذوا يضعون الروايات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى لسان علي بن أبي طالب وبنيه ليحتجوا بها على ما ذهبوا إليه من عقائد فاسدة، و لهذا اشتهر بين أهل العلم أن الرافضة أكذب الفرق المنتسبة للإسلام، فهم لا يروون عنهم و حذوا الناس من كذبهم.
الثاني: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الطوائف الإسلامية قد انتقلت إليهم من اليهودية، و قد تتبعت هذه العقائد فوجدتها لا تخلوا من: إما أن تكون عقيدة يهودية خالصة، وإما أن يكون لها أصل عند اليهود.
الثالث: تصريح العلماء من سنة و شيعة بأن أول من أحدث الغلو في علي رضي الله عنه وأحدث عقيدتي الوصية والرجعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد نقلنا سابقاً النص الذي ذكره الأشعري القمي والكشي والنوبختي والمامقاني و فيه اعترافهم بأن عبد الله بن سبأ أول من أحدث القول بالوصية لعلي بن أبي طالب والقول بفرض إمامته، وأظهر فيه البراءة من مخالفيه.
يذكر الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، أن ابن سبأ أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه، و منه انشعبت أصناف الغلاة، و يتحدث عن السبأية فيقول: و هم أول من قال بالتوقف والغيبة والرجعة و قالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه.
و يذكر المقريزي في الخطط (2/ 356 - 357): أن ابن سبأ أحدث في زمن علي رضي الله عنه القول بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي، وأحدث القول برجعته بعد موته إلى الحياة الدنيا.
ونحن إذا عرفنا ما لهذه العقائد – التي أكد العلماء أن أول من أحدثها في الإسلام ابن سبأ اليهودي – من ثقل في ميزان عقيدة الرافضة بل إنها تعد الأساس الذي أنبتت عليه عقائد الرافضة الأخرى، ندرك دور اليهود الكبير في نشأة الرافضة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/299)
رابعاً: تصريح عبد الله بن سبأ نفسه بأنه أخذ عقيدة الوصية من التوراة، فقد نقل البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235) عن الشعبي، أن ابن السوداء ذكر لأهل الكوفة: أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصياً وأن علياً رضي الله عنه وصي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خير الأوصياء و كما أن محمداً خير الأنبياء.
وإذا أجرينا مقارنة سريعة بين بعض معتقدات الشيعة، نرى أنها توافق بعض معتقدات السبئية، كما توضحها المقارنة التالية:-
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
1 – الرجعة: أي رجعة علي رضي الله عنه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، و هي فكرة مأخوذة من العهد القديم – المحرّف -. انظر: إصحاح (4) فقرة: 5.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
1 – جاء في (أوائل المقالات في المذاهب المختارات) لشيخهم المفيد (ص 51): واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة خلاف.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
2 – الوصية: أي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالخلافة من بعده، و هي فكرة مأخوذة من العهد القديم – المحرّف -. انظر: إصحاح (34) فقرة: 9.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
2 – جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 294): فكان علي عليه السلام و كان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، و ميراث العلم، وآثار علم النبوة.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
3 – الألوهية: ومن لوازمها علم علي رضي الله عنه للغيب. راجع الضعفاء والمتروكين لابن حبان (3/ 8) و ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 161) و المقالات والفرق للقمي (ص 21). حيث ذكروا جميعاً ما تعمه السبئية من أن علياً رضي الله عنه قادر على إحياء الموتى وأنه كان راضياً عن ألوهيته و لكنه حرقهم بالنار لأنهم أفشوا السر، ثم أحياهم بعد ذلك، و أنه يعلم الغيب.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
3 – من لوازم الألوهية كما جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 258): إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم. و قد عقد بعد ذلك باباً عنوانه: (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم). كما يقول زعيمهم الخميني في الحكومة الإسلامية (ص 47): إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها و سيطرتها جميع ذرات هذا الكون.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
4 – علم علي رضي الله عنه لتسعة أعشار القرآن الكريم، والتي كتمها الرسول صلى الله عليه وسلم! راجع: عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص 207).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
4 – جاء في الأصول من الكافي (1/ 239) رواية منسوبة إلى جعفر الصادق يقول فيها: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال – أي الراوي -: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
5 – سب الصحابة، ولاسيما الخلفاء الثلاثة الذين تولوا الخلافة قبل علي رضي الله عنه، و هم أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم. راجع فرق الشيعة للنوبختي (ص 43 - 44) و المقالات والفرق للقمي (ص 20).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
5 – جاء في الأصول من الكافي (1/ 32): عندما يزعمونه من قول الله تعالى {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} – لاحظ أن هذا النص دمج بين آيتين مختلفتين من القرآن الكريم من سورة [النساء /137] و [آل عمران/90]-: إنها نزلت في فلان وفلان و فلان، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، و كفروا حيث عرضت عليهم الولاية. – و المقصود من فلان وفلان وفلان: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كما أبان ذلك شارح الكافي! نقلاً عن الشيعة والسنة لإحسان إلهي ظهير (ص 42). وجاء عن المفيد في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات (ص 48): واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين عليه السلام، وأنهم بذلك في النار مخلدون! – و بعد هذا يظهر من يقول أن الزيدية هم أقرب فرق الشيعة لأهل السنة!! -.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
6 – البداء: و هو نشأة رأي جديد لم يك موجوداً من قبل، وهو من معتقدان السبئية، الذي يلزم منه ظهور ما كان خافياً على الله. راجع: التنبيه والرد للملطي (ص19) والفرق بين الفرق (ص 36).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
6 – جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 146 - 148) بعد أن عقد فيه كتاب التوحيد باب البداء: لو يعلم الناس ما في القول بالبدأ من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.
و بعد: فقد دلت هذه الأدلة مضافاً إلى ما أوردناه من النقولات السابقة عن بعض العلماء من سنة وشيعة، و شهادة بعض المستشرقين من إثبات دور عبد الله بن سبأ في نشأة الرافضة وإثبات أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
و في ختام هذه المقالة نكون قد وصلنا إلى نهاية سلسلة حلقات عبد الله بن سبأ، و إلى أن نلتقي أستودعكم الله والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و الحمد لله على فضلة و توفيقه.
وتقبلوا تحيات: أخوكم: أبو عبد الله الذهبي ..
mujahidhuzaimAyahoo.com
الأخ السريلنكي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/300)
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - 12 - 06, 11:26 ص]ـ
صدق النبأ في بيان حقيقة عبد الله بن سبأ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق النبأ في بيان حقيقة عبد الله بن سبأ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
أحبتي في الله نزولاً عند رغبة أحد الأخوة الأعزاء، أعيد نشر ما كتبته منذ سنة تقريباً من سلسة حلقات عبد الله بن سبأ، و ما سببه من فرقة للأمة الإسلامية، فهاأنذا ألبي هذا الطلب بكل رحابة صدر، و أحب أن أنبه الأخوة الأفاضل عن وجود مجموعة من الكتب والتي أنصح باقتنائها للفائدة، و هي: كتاب (عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان بن حمد العودة)، و كتاب: (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين، للدكتور: محمد أمحزون)، و كتاب: (عبد الله بن سبأ حقيقة لا خيال، للدكتور: سعدي مهدي الهاشمي) و كتاب: (بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود، عبد الله الجميلي)، و كتاب: (العنصرية اليهودية و آثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها، للدكتور: أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي)، فهي من أفضل الكتب التي تناولت الحديث عن عبد الله بن سبأ، بشيء من التفصيل أو الإيجاز الغير مخل، كما وأني لم آلوا جهداً في البحث و الحديث عن أشياء لم يتطرق إليها الأساتذة، حتى تعم الفائدة و يعم النفع، و الله أسأل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، و أن يهدي بها من ضل عن الصراط المستقيم.
و الآن إلى الموضوع ..
إن من أكبر الفِرَق التي كانت و ما تزال وبالاً و شراً على المسلمين على طول تاريخهم و في جميع مراحل حياتهم، هي فرقة الشيعة على تعدد طوائفها و اختلاف نحلها، بدءاً بالسبئية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي كان رأساً في إذكاء نار الفتنة والدس بين صفوف المسلمين، و الذي وصل الأمر بهم إلى تأليه علي رضي الله عنه، و قبل أن أبدأ بالموضوع لابد من مقدمة توضح الموضوع و تشرح المضمون.
أصل ابن سبأ و منشأه:-
اختلف أصحاب المقالات والتاريخ في هوية عبد الله بن سبأ، و من ذلك اختلفوا في بلده و قبيلته، يذكر القلقشندي في قلائد الجمان (ص 39): أن يعرب بن قحطان ولد يشجب، و ولد ليشجب (سبأ) و اسم سبأ هذا عبد شمس، و قد ملك اليمن بعد أبيه، و أكثر من الغزو والسبي، فسمي (سبأ) وغلب عليه حتى لم يسم به غيره، ثم أطلق الاسم على بنيه .. و هم الوارد ذكرهم في القرآن.
على أن المصادر التاريخية لا تذكر شيئاً واضحاً عن أصل السبأيين، و الذي ينتسب إليهم عبد الله بن سبأ، و من المحتمل أنهم كانوا في الأصل قبائل بدوية تتجول في الشمال ثم انحدرت نحو الجنوب إلى اليمن حوالي (800 ق م)، و هي عادة العرب في التجوال، أو نتيجة ضغط الآشوريين عليهم من الشمال، واستقروا أخيراً في اليمن وأخذوا في التوسع. راجع: محاضرات في تاريخ العرب للدكتور صالح العلي (1/ 21).
و منهم من ينسب ابن سبأ إلى (حمير)، و هي قبيلة تنسب إلى حمير بن الغوث بن سعد بن عوف بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ الأصغر بن لهيعة بن حمير بن سبأ بن يشجب هو حمير الأكبر، و حمير الغوث هو حمير الأدنى و منازلهم باليمن بموضع يقال له حمير غربي صنعاء. أنظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 306).
ومن الذين قالوا بذلك: ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء (5/ 46)، حيث يقول: والقسم الثاني من فرق الغالية يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل، فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري.
أما البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20)، والفرزدق في ديوانه (ص 242 - 243) فينسبون ابن سبأ إلى قبيلة (همدان)، و همدان بطن من كهلان من القحطانية و هم بنو همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، و كانت ديارهم باليمن من شرقيه. معجم قبائل العرب لرضا كحالة (3/ 1225). فهو (عبد الله بن سبأ بن وهب الهمداني) كما عند البلاذري، و (عبد الله بن سبأ بن وهب الراسبي الهمداني) كما عند الأشعري القمي، أما عن الفرزدق فقد ذكر نسبة ابن سبأ إلى همدان في قصيدته التي هجا فيها أشراف العراق و من انضم إلى ثورة ابن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/301)
الأشعث في معركة دير الجماجم سنة (82هـ) و يصفهم بالسبئية حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم ... حصائد أو أعجاز نخل تقعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية ... و تُكره عينيها على ما تنكّرا. الخ.
و يروي عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235)، أن ابن سبأ من أهل (الحيرة)، قال: إن عبدالله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها، و كان أصله من يهود الحيرة، فأظهر الإسلام.
و يروي ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 190)، أن أصل ابن سبأ من الروم، فيقول: و كان أصله رومياً فأظهر الإسلام و أحدث بدعاً قولية و فعلية قبحه الله.
أما الطبري و ابن عساكر، فيرويان أن ابن سبأ من اليمن. قال الطبري في تاريخه (4/ 340): كان عبدالله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء. و قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3): عبد الله بن سبأ الذي ينسب إليه السبئية وهم الغلاة من الرافضة أصله من أهل اليمن كان يهودياً.
و الذي أميل إليه و أرجحه هو: أن ابن سبأ من اليمن؛ و ذلك أن هذا القول يجمع بين معظم أقوال العلماء في بلد ابن سبأ، و لو نظرنا في الأقوال السابقة لم نجد تعارضاً بين هذا القول و بين القول الأول الذي ينسب ابن سبأ إلى قبيلة (حمير)، و القول الثاني الذي ينسبه إلى قبيلة (همدان)، إذ القبيلتان من اليمن، و لم يخالف في أن أصل ابن سبأ من اليمن إلا البغدادي الذي ينسبه إلى (الحيرة)،و ابن كثير الذي ذكر أنه (رومي) الأصل.
أما البغدادي فقد اختلط عليه ابن السوداء بابن سبأ، فظن أنهما شخصان، يقول: و قد ذكر الشعبي أن عبد الله بن السوداء كان يعين السبأية على قولها .. ثم تحدث عن ابن السوداء و مقالته في علي رضي الله عنه، إلى أن قال: فلما خشي – أي علي رضي الله عنه – من قتله – أي ابن السوداء – و من قتل ابن سبأ الفتنة التي خافها ابن عباس، نفاهما إلى المدائن، فافتتن بهما الرعاع. الفرق بين الفرق (ص 235).
والذي ذكر أنه من أهل الحيرة هو عبد الله بن السوداء و لم يتعرض لابن سبأ بشيء، لهذا لا يمكننا أن نجزم بأن البغدادي نسب ابن سبأ المشهور في كتب الفرق و مؤسس فرقة السبأية إلى الحيرة، فلعله قصد شخصاً آخر غيره، و مما يدل على أنه لا يعني ابن سبأ، أنه قال عند حديثه عن عبد الله بن السوداء: (كان يعين السبأية على قولها)، فدل على أنه غير مؤسس السبأية.
أما ابن كثير فلا أعلم أحداً من المؤرخين وأصحاب المقالات وافقه في نسبة ابن سبأ إلى (الروم)، و قد جاء في بعض النسخ المطبوعة من البداية والنهاية كلمة (ذمياً) بدل (رومياً) انظر الطبعة الثانية (7/ 173) مكتبة المعارف، فلعل أصل الكلمة ذمياً و لكن حدث في الكلمة تصحيف من قبل النساخ، وكون ابن سبأ ذمياً لا ينافي ما تناقله العلماء من كونه يهودياً. و لهذا لا يعارض قوله هذا ما اشتهر نقله في كتب التاريخ والفرق من أن أصل ابن سبأ من اليمن.
فترجح بهذا أن ابن سبأ من اليمن و نحن لا نقطع بنسبته إلى قبيلة معينة لعدم توفر الأدلة على ذلك. و الله أعلم.
و قد اختلف المؤرخون وأصحاب المقالات أيضاً في نسبة ابن سبأ لأبيه، فمنهم من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه إلى (وهب) كما عند البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) والذهبي في المشتبه في الرجال (1/ 346) و المقريزي في الخطط (2/ 356).
أما من قال أنه: (عبد الله بن وهب الراسبي) كما هو عند الأشعري القمي في المقالات (ص 20)، فلعل ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدالله بن سبأ هذا و بين عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج، و هناك فرق بين الشخصيتين ما لا يخفى على مطلع، فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و الممات، نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم، فهو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 172)، و هو المقتول في وقعة النهروان، العبر في خبر من غبر للذهبي (1/ 44)، و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ، فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً. أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي (ص 94).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/302)
و مما يؤكد الفرق بين الاسمين ما نص عليه السمعاني في الأنساب (7/ 24) بقوله: (عبدالله بن وهب السبئي رئيس الخوارج، و ظني أن ابن وهب هذا منسوب إلى عبد الله بن سبأ).
و هناك من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه أيضاً إلى حرب، كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين (3/ 81)، و هو ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال: (قدمت المدائن بعد ما ضرب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فلقيني ابن السوداء و هو ابن حرب .. ).
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلى سبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزان (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).
أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...
وكما وقع الخلط والإشكال في نسبة ابن سبأ لأبيه، وقع الخلط و تصور من غفلوا عن هذه النسبة لأمه، أن هناك شخصين: ابن سبأ، وابن السوداء، ففي العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 241): ( .. منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، و عبد الله بن السوداء نفاه إلى الخازر).
و يقول الاسفرايني في التبصرة (ص 108): (و وافق ابن السوداء عبد الله بن سبأ بعد وفاة علي في مقالته هذه).
ومثل هذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235): (فلما خشي علي من قتل ابن السوداء وابن سبأ الفتنة نفاهما إلى المدائن).
والذي يترجح من مناقشة الروايات: أن ابن سبأ غير ابن وهب الراسبي، وأنه هو نفسه ابن السوداء، والله أعلم.
و مما يحسن ذكره هنا أيضاً أن ابن سبأ كان أسود اللون، و هذا يرجح كون أمه من الحبشيات، ذكر ابن عساكر في تاريخه (29/ 7 - 8): عن عمار الدهني قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و من طريق سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي، قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و جاء أيضاً من طريق زيد قال: قال علي بن أبي طالب: ما لي ولهذا الحميت الأسود، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر.
و يبقى بعد ذلك الأصل اليهودي لابن سبأ، هل هو محل اتفاق أم تتنازعه الآراء؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/303)
يفترض المستشرق Hodgeson أن ابن سبأ ليس يهودياً في أغلب الاحتمالات، مشايعاً في ذلك للمستشرق الإيطالي Levi Della Vida الذي يرى أن انتساب ابن سبأ إلى قبيلة عربية هي (همدان) كما في نص البلاذري الذي وقف عنده (ليفي ديلا فيدا) يمنع من أن يكون يهودياً. و هو كما يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مذاهب الإسلاميين (2/ 30): (استنتاج لا مبرر له، فليس هناك من تناقض بين أن يكون المرء يهودياً وأن يكون من قبيلة عربية.
وابن قتيبة رحمه الله أشار إلى يهودية بعض القبائل كما في المعارف (ص 266) حيث يقول: (كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة.
و فوق ذلك فإن الاتجاه الغالب في يهود اليمن أن أكثرهم من أصل عربي، كما قال الدكتور جواد علي في تاريخ العرب قبل الإسلام (6/ 26).
و مع ذلك فليس مقطوعاً بانتساب ابن سبأ إلى همدان – كما مر معنا – و حتى لو قطع بذلك، فهل هذا الانتساب لهمدان، انتساب على الحقيقة أم بالولاء؟!
و لئن كان هذا الشك في يهودية ابن سبأ عند بعض المستشرقين، إنما جاء نتيجة اعتراض يقيني بأن ابن سبأ في تصوراته عن المهدي كان متأثراً بالإنجيل أكثر من تأثره بالتوراة، و هو اعتراض قد يقلل من يهودية ابن سبأ، إلا أن هذا الاعتراض يضعف حينما نتبين رأي بعض الباحثين في طبيعة اليهودية في بلاد اليمن – في تلك الفترة – وأنها امتزجت فيها المسيحية بالموسوية، و كانت يهودية سطحية، وأن يهودية ابن سبأ ربما كانت أقرب إلى يهودية (الفلاشا) و هم يهود الحبشة، و هذه اليهودية شديدة التأثر بالمسيحية الحبشية. مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/ 28).
و هذا الأصل اليهودي لابن سبأ لم يكن محل خلاف في الروايات التاريخية، أو لدى كتب الفرق، و في آراء المتقدمين، أمثال: الطبري وابن عساكر وابن الأثير والبغدادي وابن حزم، وأمثال شيخ الإسلام، عليم رحمه الله.
سبب الاختلاف في تحديد هوية ابن سبأ:-
لا غرابة أن يحدث هذا الاختلاف الكبير بين أهل العلم في تحديد هوية و نسب ابن سبأ، فعبد الله بن سبأ قد أحاط نفسه بإطار من الغموض والسرية التامة حتى على معاصريه، فهو لا يكاد يعرف له اسم ولا بلد، لأنه لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له، و حياكة المؤامرات والفتن بين صفوف المسلمين، و لهذا لما سأله عبد الله بن عامر والي البصرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه، قال له: ما أنت؟ لم يخبره ابن سبأ باسمه و اسم أبيه، و إنما قال له: إنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام و رغب في جوارك. تاريخ الطبري (4/ 326 - 327).
و في رأيي أن تلك السرية التامة التي أطبقها ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختلاف المؤرخين والمحققين في نسبة ابن سبأ، و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض هذه الأسماء التي ذكرها المؤرخون، بل واستعمل بعض الأسماء الأخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر الدولة الإسلامية.
نشأة ابن سبأ:-
على ضوء ما تقدم من المعلومات السابقة – في المقال السابق -، أمكننا الوقوف على الأجواء التي نشأ فيها ابن سبأ، و نستطيع أن نحدد عدد من النقاط:-
1 - بتغليب الروايات السابقة نجد أن ابن سبأ نشأ في اليمن، سواء كان من قبيلة حمير أو همدان، ولا نستطيع الجزم بأيهما.
2 – كان لليهود وجود في اليمن، غير أنه لا نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة، و قد رجح بعض الأساتذة أنه يرجع إلى سنة (70م) و ذلك حينما نزح اليهود من فلسطين بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني (تيتوس) و حطم هيكل (أورشليم) وعلى إثر ذلك تفرق اليهود في الأمصار و وجد بعضهم في اليمن بلداً آمناً فالتجأوا إليه، و بعد أن استولى الأحباش على اليمن سنة (525م) بدأت النصرانية تدخل اليمن. اليمن عبر التاريخ لأحمد حسين (ص 158 - 159).
3 – على إثر هذا امتزجت تعاليم (التوراة) مع تعاليم (الإنجيل) و كانت اليهودية في اليمن يهودية سطحية. مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمن بدوي (2/ 28).
4 – و لكن اليهودية و إن ضعفت في اليمن بدخول الأحباش فيها، فإنها بقيت مع ذلك محافظة على كيانها، فلم تنهزم و لم تجتث من أصولها. تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي (6/ 34).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/304)
و لعلنا من خلال تلك الإشارات، نستطيع أن نحدد المحيط الذي نشأ فيه عبد الله بن سبأ، والبيئة التي صاغت أفكاره، خاصة في عقيدة (الرجعة) و (الوصية) حينما قال: (لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و يكذب بأن محمداً يرجع، و قد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، و إنه كان ألف نبي و وصي و كان على وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء .. ). تاريخ الطبري (4/ 340).
على كل حال فهي معلومات ضئيلة لا تروي غليلاً، ولا تهدي سبيلاً، و لعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين أيدينا، فهي لا تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ، كما أن المعلومات عن فتوة ابن سبأ قبل ظهوره غير موجودة، و نحن هنا مضطرون للصمت عما سكت عنه الأولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش و تكشف المكنون.
ظهور ابن سبأ بين المسلمين:-
جاء في تاريخ الطبري (4/ 340) و الكامل لابن الأثير (3/ 77) و البداية والنهاية لابن كثير (7/ 167) و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7 - 8) و غيرهم من كتب التاريخ ضمن أحداث سنة (35هـ): أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً من أهل صنعاء وأنه أسلم زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، و أخذ يتنقل في بلاد المسلمين يريد ضلالتهم، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم بالشام، فلم يقدر على شيء فيها، فأتى مصر واستقر بها و وضع لهم عقيدتي الوصية و الرجعة، فقبلوها منه و كوّن له في مصر أنصاراً ممن استهواهم بآرائه الفاسدة.
لكن أين و متى كان أول ظهور لعبد الله بن سبأ بين المسلمين؟
جاء في البداية والنهاية لابن كثير (7/ 183) ضمن أحداث سنة (34هـ)، أن عبد الله بن سبأ كان سبب تألب الأحزاب على عثمان. ثم أورده في أحداث سنة (35هـ) مع الأحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى خلع عثمان. البداية والنهاية (7/ 190).
أما الطبري (4/ 331) وابن الأثير (3/ 147) فنجد عندهما ذكر لابن سبأ بين المسلمين قبل سنة (34هـ) في الكوفة، (فيزيد بن قيس) ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عامل عثمان (سعيد ابن العاص) إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبهم.
و هذا يعني ظهور ابن سبأ قبل هذا التاريخ، و تكوين الأعوان الذين اجتمعوا إلى يزيد بن قيس، و تأكيد ذلك عند الطبري (4/ 326) وابن الأثير (3/ 144)، ففي سنة (33هـ) و بعد مضي ثلاث سنين من إمارة عبد الله بن عامر على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على (حكيم بن جبلة) و تكون المقابلة بين ابن عامر وابن السوداء والتي ذكرتها في بداية الموضوع.
ونستمر في الاستقراء فنجد ظهوراً لابن سبأ بين المسلمين قبل هذا التاريخ، ففي الطبري (4/ 283) و ابن الأثير (3/ 114)، و ضمن حوادث سنة (30هـ) يرد ابن السوداء الشام، و يلتقي بأبي ذر و يهيجه على معاوية – و سنأتي على تحقيق القول في قضية تأثير ابن سبأ على أبي ذر فيما بعد -.
ابن سبأ في الحجاز:-
لما كان ظهور ابن سبأ في الحجاز قبل ظهوره في البصرة والشام، فلابد أن يكون قد ظهر في الحجاز قبل سنة (30هـ)، لأن ظهوره في الشام كان في هذا التاريخ، و في الحجاز لا تكاد تطالعنا الروايات التاريخية على مزيد من التفصيل، و لعل في هذا دلالة على عدم استقرار أو مكث لابن سبأ في الحجاز، عدا ذلك المرور في طريقه التخريبي، لكنه كما يبدو لم يستطع شيئاً من ذلك فتجاوز الحجاز إلى البصرة. تاريخ الطبري (4/ 340 - 341).
ظهوره في البصرة:-
و في البصرة كان نزول ابن سبأ على (حكيم بن جبلة العبدي)، و خبره كما ورد في الطبري (4/ 326): (لما مضى من إمارة ابن عامر ثلاث سنين بلغه أن في عبد القيس رجلاً نازلاً على حكيم بن جبلة، و كان حكيم رجلاً لصاً إذا قفلت الجيوش خنس عنهم، فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة، و يتنكر لهم و يفسد في الأرض و يصيب ما يشاء ثم يرجع، فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب إلى عبد الله بن عامر أن احبسه و من كان مثله فلا يخرج من البصرة حتى تأنسوا منه رشداً، فحبسه فكان لا يستطيع أن يخرج منها، فلما قدم ابن السوداء نزل عليه، و اجتمع إليه نفر فطرح لهم ابن السوداء ولم يصرح، فقبلوا منه واستعظموه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/305)
و بقية خبر الطبري يفيدنا أنه لقي آذاناً صاغية في البصرة، و إن كان لم يصرح لهم بكل شيء، فقد قبلوا منه واستعظموه، و شاء الله أن تحجم هذه الفتنة و يتفادى المسلمون بقية شرها و ذلك حينما بلغ والي البصرة ابن عامر خبر ابن سبأ، فأرسل إليه و دار بينهما هذا الحوار: (ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام والجوار، فقال ابن عامر: ما يبلغني ذلك! اخرج عني، فأخرجه حتى أتى الكوفة. تاريخ الطبري (4/ 326 - 327).
ظهوره في الكوفة:-
الذي يبدو أن ابن سبأ بعد إخراجه من البصرة وإتيانه الكوفة، لم يمكث بها طويلاً حتى أخرجه أهلها منها، كما في بقية خبر الطبري (4/ 327): (فخرج حتى أتى الكوفة، فأخرج منها فاستقر بمصر و جعل يكاتبهم و يكاتبونه، و يختلف الرجال بينهم).
لكنه وإن كان قد دخل الكوفة ثم أخرج منها سنة (33هـ)، إلا أن صلته بالكوفة لم تنته بإخراجه، فلقد بقيت ذيول الفتنة في الرجال الذين بقي يكاتبهم و يكاتبونه. الطبري (4/ 327) وابن الأثير (3/ 144).
ظهوره في الشام:-
في ظهور ابن سبأ في الشام يقابلنا الطبري في تاريخه نصان، يعطي كل واحد منهما مفهوماً معيناً، فيفيد النص الأول أن ابن سبأ لقي أبا ذر بالشام سنة (30هـ) و أنه هو الذي هيجه على معاوية حينما قال له: (ألا تعجب إلى معاوية! يقول المال مال الله، كأنه يريد أن يحتجزه لنفسه دون المسلمين؟ وأن أبا ذر ذهب إلى معاوية وأنكر عليه ذلك). تاريخ الطبري (4/ 283).
بينما يفهم من النص الآخر: أن ابن سبأ لم يكن له دور يذكر في الشام، وإنما أخرجه أهلها حتى أتى مصر، بقوله: (أنه لم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام) تاريخ الطبري (4/ 340).
و يمكننا الجمع بين النصين في كون ابن سبأ دخل الشام مرتين، كانت الأولى سنة (30هـ)، و هي التي التقى فيها بأبي ذر، و كانت الثانية بعد إخراجه من الكوفة سنة (33هـ)، و هي التي لم يستطع التأثير فيها مطلقاً، و لعلها هي المعنية بالنص الثاني عند الطبري.
كما و يمكننا الجمع أيضاً بين كون ابن سبأ قد التقى بأبي ذر سنة (30هـ)، و لكن لم يكن هو الذي أثر عليه و هيجه على معاوية، و يرجح هذا ما يلي:-
1 - لم تكن مواجهة أبي ذر رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه وحده بهذه الآراء، و إنما كان ينكر على كل من يقتني مالاً من الأغنياء، و يمنع أن يدخر فوق القوت متأولاً قول الله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة} [التوبة/34].
2 - حينما أرسل معاوية إلى عثمان رضي الله عنه يشكو إليه أمر أبي ذر، لم تكن منه إشارة إلى تأثير ابن سبأ عليه، و اكتفى بقوله: (إن أبا ذر قد أعضل بي و قد كان من أمره كيت و كيت .. ). الطبري (4/ 283).
3 - ذكر ابن كثير في البداية (7/ 170، 180) الخلاف بين أبي ذر ومعاوية بالشام في أكثر من موضع في كتابه السابق، و لم يرد ذكر ابن سبأ في واحد منها، و إنما ذكر تأول أبي ذر للآية السابقة.
4 - ورد في صحيح البخاري (2/ 111) الحديث الذي يشير إلى أصل الخلاف بين أبي ذر و معاوية، و ليس فيه أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى ابن سبأ، فعن زيد بن وهب قال: (مررت بالربذة، فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه، فقلت له ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا و فيهم، فكان بيني و بينه في ذلك، و كتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً فذاك الذي أنزلني هذا المنزل .. ).
5 - و في أشهر الكتب التي ترجمت للصحابة، أوردت المحاورة التي دارت بين معاوية وأبي ذر ثم نزوله الربذة، و لكن شيئاً من تأثير ابن سبأ على أبي ذر لا يذكر. الاستيعاب لابن عبد البر (1/ 214) و أسد الغابة لابن الأثير (1/ 357) والإصابة لابن حجر (4/ 62).
6 - وأخيراً فإنه يبقى في النفس شيء من تلك الحادثة؛ إذ كيف يستطيع يهودي خبيث حتى و لو تستر بالإسلام أن يؤثر على صحابي جليل كان له من فضل الصحبة ما هو مشهود.
ظهور ابن سبأ في مصر:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/306)
على ضوء استقراء النصوص السابقة، يكون ظهور ابن سبأ في مصر بعد خروجه من الكوفة، و إذا كان ظهوره في البصرة سنة (33هـ)، ثم أخرج منها إلى الكوفة، و من الكوفة استقر بمصر، فإن أقرب توقيت لظهور ابن سبأ في مصر يكون في سنة (34هـ)، لأن دخوله البصرة و طرحه لأفكاره فيها و تعريجه على الكوفة ثم طرده منها، واتجاهه بعد ذلك إلى مصر .. كل هذا يحتاج إلى سنة على الأقل، و يؤكد هذا ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 284)، فيضع ظهور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة (34هـ)، و تابعه في ذلك السيوطي أيضاً في حسن المحاضرة (2/ 164)، حيث أشار إلى دخول ابن سبأ مصر في هذا التاريخ.
أحبتي في الله استكمالاً لما بدأناه من هذه الحلقات، سنقف إن شاء الله و على حلقتين متتاليتين، على ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد الله بن سبأ أو السبئية – طائفته - في الكتب والمصادر المتقدمة (السنية والشيعية، المتقدمة منها والمعاصرة)؛ لأن ورود أي ذكر للسبئية دليل على انتسابها له، و هذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة، مع الرد على محاولات التشكيك في وجود عبد الله بن سبأ، و ما ينسب إليه من أعمال، و سأتّبع فيه الترتيب الزمني للأحداث:-
أولاً: من أثبت وجود عبد الله بن سبأ من الفرقين ..
أ – عبد الله بن سبأ عند أهل السنة:-
1 - جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان (ت 84هـ) في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية وأني بكم يا شرطة الكفر عارف.
2 - و جاء ذكر السبئية في كتاب الإرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية (ت95هـ) – راجع كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (1/ 345 - 361)، حيث تحدث عن معنى الإرجاء المنسوب للحسن، و ذكر كلام أهل العلم في ذلك فليراجع للأهمية – ما يلي: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان (ص 249).
3 - و هناك رواية عن الشعبي (ت 103هـ) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (29/ 7)، تفيد أن: (أول من كذب عبد الله بن سبأ).
4 - و هذا الفرزدق (ت 116هـ) يهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشراف العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها عليها تراب في دم قد تعفّرا
و يمكن الاستنتاج من هذا النص أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معنية و مذهب عقائدي محدد بانتمائها إلى عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف، صاحب المذهب.
5 - و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري (ت 117هـ)، في النص التالي: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمران/7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
6 - وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230هـ) ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمها وإن لم يشر إلى ابن سبأ بالاسم. الطبقات (3/ 39).
7 – و جاء عند ابن حبيب البغدادي (ت 245هـ) في المحبر (ص 308)، ذكر لعبد الله بن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات.
8 - كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم (ت 253هـ)، خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة. أنظر: منهاج السنة لابن تيمية (1/ 7).
9 - و جاء في البيان والتبيين (3/ 81) للجاحظ (ت 255هـ)، إشارة إلى عبد الله بن سبأ.
10 - فقد ذكر الإمام البخاري (ت 256هـ) في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه (8/ 50) عن عكرمة قال: (أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تعذبوا بعذاب الله)، و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/307)
ومن الثابت تاريخياً أن الذين حرقهم علي رضي الله عنه هم أتباع عبد الله بن سبأ حينما قالوا بأنه الإله.
و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة من الزنادقة تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن و المساند. أنظر على سبيل المثال: سن أبي داود (4/ 126) والنسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538).
11 - ذكر الجوزجاني (ت 259هـ) في أحوال الرجال (ص 38) أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا.
12 - و يقول ابن قتيبة (276هـ) في المعارف (ص 267): (السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ). و في تأويل مختلف الحديث (ص 73) يقول: (أن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
13 - و يذكر البلاذري (ت 279هـ) ابن سبأ من جملة من أتوا إلى علي رضي الله عنه يسألونه من رأيه في أبي بكر و عمر، فقال: أو تفرغتم لهذا. أنساب الأشراف (3/ 382).
14 – و يعتبر الإمام الطبري (ت 310هـ) من الذين أفاضوا في تاريخهم من ذكر أخبار ابن سبأ معتمداً في ذلك على الإخباري سيف بن عمر. تاريخ الطبري (4/ 283، 326، 331، 340، 349، 398، 493 – 494، 505).
15 - وأكد ابن عبد ربه (ت 328هـ) أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/ 405).
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري (ت 330هـ) في مقالات الإسلاميين (1/ 85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
17 - و يذكر ابن حبان (ت 354هـ) في كتاب المجروحين (2/ 253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة).
18 – يقول المقدسي (ت 355هـ) في كتابه البدء والتاريخ (5/ 129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
19 - و يذكر الملطي (ت 377هـ) في كتابه التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 18) فيقول: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم.
20 - و ذكر أبو حفص ابن شاهين (ت 385هـ) أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 7).
21 - و يذكر الخوارزمي (ت 387هـ) في كتابه مفاتيح العلوم (ص 22)، أن السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ.
22 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند الهمذاني (ت 415هـ) في كتابه تثبيت دلائل النبوة (3/ 548).
23 - و ذكر البغدادي (ت 429هـ) في الفرق بين الفرق (ص 15 و ما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
24 - و نقل ابن حزم (ت 456هـ) في الفصل في الملل والنحل (4/ 186): (و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
25 - يقول الأسفرايني (ت 471هـ) في التبصرة في الدين (ص 108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلى ألوهيته، و دعا الخلق إلى ذلك فأجابته جماعة إلى ذلك في وقت علي).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/308)
26 - و يتحدث الشهرستاني (ت548هـ) في الملل والنحل (2/ 116، 155) عن ابن سبأ فيقول: (و منه انشعبت أصناف الغلاة)، و يقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
27 – و ينسب السمعاني (ت 562هـ) في كتابه الأنساب (7/ 24) السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
28 - و ترجم ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/ 3) لأبن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي ينسب إلى السبئية، و هم الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، و كان يهودياً وأظهر الإسلام.
29 - و يقول نشوان الحميري (ت 573هـ) في كتابه الحور العين (ص 154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
30 - و يؤكد فخر الدين الرازي (ت 606هـ) في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
31 - و يذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص 2/ 98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأنه أورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/ 114، 144، 147، 147، 154 إلى غيرها من الصفحات).
32 - و ذكر السّكْسَكي (ت 683هـ) في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: (أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت).
33 - و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. أنظر مجموع الفتاوى (4/ 435) و (28/ 483) و في كثير من الصفحات في كتابه: منهاج السنة النبوية.
34 - و يرد ذكر عبد الله بن سبأ عند المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان (ص 54)، بقوله: (و في سنة ثلاث و ثلاثين تحرك جماعة في شأن عثمان رضي الله عنه .. و كانوا جماعة منهم، مالك الأشتر، و الأسود بن يزيد .. و عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء.
35 - و عند الذهبي (ت 748هـ) في كتابه المغني في الضعفاء (1/ 339) و في الميزان (2/ 426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، و ذكره أيضاً في تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123).
36 - وذكر الصفدي (ت 764هـ) في كتبه الوافي بالوفيات (17/ 20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته، و البرق سوطه، وأنه سينزل إلى الأرض).
37 - و ذكر ابن كثير (ت 774هـ) في البداية و النهاية (7/ 183) أن من أسباب تألب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ و صيرورته إلى مصر، و إذاعته على الملأ كلاماً اخترعه من عند نفسه.
38 - و جاء في الفرق الإسلامية (ص 34) للكرماني (ت 786هـ) أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت، وأن فيه الجزء الإلهي.
39 - و يشير الشاطبي (ت 790هـ) في كتابه الاعتصام (2/ 197) إلى أن بدعة السبئية من البدع الاعتقادية المتعلقة بوجود إله مع الله، و هي بدعة تختلف عن غيرها من المقالات.
40 - و ذكر ابن أبي العز الحنفي (ت 792هـ) في شرح العقيدة الطحاوية (ص 578) أن عبد الله بن سبأ أظهر الإسلام و أراد أن يفسد دين الإسلام كما فعل بولص بدين النصرانية.
41 - و يعرف الجُرجاني (ت 816هـ) في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأنه رأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
42 - و يقول المقريزي (ت 845هـ) في الخطط (2/ 356 - 357): (أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية والرجعة والتناسخ).
43 - و قد سرد الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) في كتابه لسان الميزان (3/ 290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، و ليس له رواية و الحمد لله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/309)
44 - و ذكر العيني (ت 855هـ) في كتابه عقد الجمان (9/ 168): (أن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، و أظهر الأمر بالمعروف، و تكلم في الرجعة، و قررها في قلوب المصريين.
45 - و أكد السيوطي (ت 911هـ) في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/ 132) نسبة السبئية إلى عبد الله بن سبأ.
46 - و ذكر السفارني (ت 1188هـ) في كتابه لوامع الأنوار (1/ 80) ضمن فرق الشيعة فرقة السبأية و قال: (و هم أتباع عبد الله بن سبأ الذي قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنت الإله حقاً، فأحرق من أصحاب هذه المقالة من قدر عليه منهم فخدّ لهم أخاديد وأحرقهم بالنار.
47 - و يروي الزُّبيدي (ت 1205هـ) أن سبأ الوارد في حديث فروة بن مُسيك المرادي هو والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة. تاج العروس (1/ 75 - 76)، و كلام الزبيدي هذا غير مقبول و يرده حديث فروة بن مسيك، راجع صحيح سنن أبي داود (برقم (3373) و الترمذي (برقم 3220) كتاب تفسير سورة سبأ، و في الحديث زيادة تفصيل أن سبأ رجل من العرب ولد له عشرة من الأنبناء: سكن منهم ستة في اليمن و أربعة في الشام، و هم أصول القبائل العربية: لخم و جذام و غسان .. الخ، مما يدل على أن سبأ رجل متقدم جداً من أصول العرب، فما علاقة ذلك بسبأ والد عبد الله صاحب السبئية؟!
48 - و تحدث عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي (ت 1239هـ) في كتابه مختصر التحفة الاثنى عشرية (ص 317) عن ابن سبأ بقوله: (و من أكبر المصائب في الإسلام في ذلك الحين تسليط إبليس من أبالسة اليهود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاهر لهم بالإسلام وادعى الغيرة على الدين والمحبة لأهله .. و إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء، و كان يسمى ابن السوداء، و كان يبث دعوته بخبث و تدرج و دهاء.
49 - و محمد صديق حسن خان (ت 1307هـ) في خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان (ص 8، 33، 44).
هذا ما تيسر جمعه من أقوال العلماء، و من سلف الأمة، و هناك الكثير غيرهم، و كلها تأكد و تجمع على ثبوت شخصية عبد الله بن سبأ اليهودي بكونه حقيقة لا خيال، و كوني آثرت ذكر المتقدمين، لأنه إذا ثبت عندهم؛ فهم أعرف منا، لأنه تسنى لهم الاطلاع على الكثير من الكتب التي تعد في زمننا هذا في عداد المفقود، فهم الأصل الذي نحن عيال عليه، نقتبس منه و نثبت، كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية كتاب: العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/ 530 - 531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
ب – المثبتين لشخصية ابن سبأ من الشيعة:-
1 - ورد في تاريخ الطبري (5/ 193) على لسان أبي مخنف – لوط بن يحيى – (ت 157هـ) و هو يصف معقل بن قيس الرياحي والذي كلفه المغيرة بن شعبة والي معاوية على الكوفة بقتال المستورد بن علفة الخارجي و أصحابه، فيصفه بأنه من السبئية المفترين الكذابين.
2 - الأصفهاني (ت 283هـ) ذكره الدكتور أحمد الزغيبي في كتابه العنصرية اليهودية (2/ 528).
3 - أورد الناشئ الأكبر (ت 293هـ) في كتابه مسائل الإمامة (ص 22 - 23) ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، و أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ).
4 – و نقل القمي (ت 301هـ) في كتابه المقالات و الفرق (ص 20) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة، و تبرأ منهم، وادّعى أن علياً أمره بذلك.
5 - و يتحدث النوبختي (ت 310هـ) في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/310)
6 - و يقول أبو حاتم الرازي (ت 322هـ) في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305): (أن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، و أنه يحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته.
7 - و روى الكشي (ت 340هـ) في الرجال (ص 98 - 99) بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله: أن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً. و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص 70، 100) من نفس الكتاب.
8 - و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي (ت 381هـ) في كتاب من لا يحضره الفقه (1/ 213)، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء.
9 - و جاء عند الشيخ المفيد (ت 413هـ) في كتاب شرح عقائد الصدور (ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
10 - و قال أبو جعفر الطوسي (ت 460هـ) في كتبه تهذيب الأحكام (2/ 322) أن ابن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو.
11 - و ابن شهر آشوب (ت 588هـ) في مناقب آل أبي طالب (1/ 227 - 228).
12 - و ذكر ابن أبي الحديد (ت 655هـ) في شرح نهج البلاغة (2/ 99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه.
13 - و أشار الحسن بن علي الحلّي (ت 726هـ) في كتابه الرجال (2/ 71) إلى ابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
14 - و يرى ابن المرتضى (ت 840هـ) – و هو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6).
15 - و يرى الأردبيلي (ت 1100هـ) في كتاب جامع الرواة (1/ 485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته.
16 - والمجلسي (ت 1110هـ) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/ 286 - 287).
17 - يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/ 234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن و قيل إنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي.
18 - طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص62).
19 - و عند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/ 183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
20 - أما محمد حسين المظفري (ت 1369هـ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص 10).
21 - أما الخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (3/ 141).
ثانياً: المنكرون وجود عبد الله بن سبأ من الفريقين ..
أ – المنكرون لوجود ابن سبأ من أهل السنة ومن حسب عليهم:-
1 – الدكتور: طه حسين، يقف طه حسين عل رأس الكتّاب المحدثين الذين شككوا في وجود ابن سبأ بل و أنكروه. أنظر كتاب الفتنة الكبرى – عثمان – (ص 132)، و علي و بنوه (ص 90).
2 - الدكتور: علي سامي النشار، و هو يأتي بعد طه حسين في إنكاره لشخصية ابن سبأ واعتبارها شخصية وهمية. راجع كتاب نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام (2/ 38 – 39).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/311)
3 - الدكتور: حامد حنفي داود، و هو من الذين تأثروا بكتابات الشيعة حول شخصية ابن سبأ فأنكر وجودها، و ذلك عندما قام بكتابة المقدمة المتعلقة بكتاب (عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى) و من ضمن ما قال: (و أخيراً يسرني أن أعلن إعجابي بهذا السفر الجليل لصاحبه العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري)، أما رأيه في عبد الله بن سبأ فأوضحه بقوله: (و لعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغمّ عليهم أمرها فلم يفقهوها و يفطنوا إليها هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة حين لفقوا عليهم قصة عبد الله بن سبأ فيما لفقوه من قصص. (1/ 18، 21).
و ضمن كتابه: التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص 18).
4 – و هناك أيضاً الدكتور: محمد كامل حسين في كتابه: أدب مصر الفاطمية (ص 7).
5 – و أيضاً: عبد العزيز الهلابي في كتابه عبد الله بن سبأ (ص 73)، حيث حجب هذا الشخص الغموض الذي أثاره غيره من المشككين في وجود ابن سبأ فلازم الإنكار.
6 – و الشيء بالشيء يذكر يعتبر الأستاذ حسن بن فرحان المالكي تلميذ المذكور أعلاه من المنكرين لوجود ابن سبأ، و في أحيان أخرى ينكر دور ابن سبأ في الفتنة. راجع كلامه في جريدة المسلمون الأعداد (657، 658).
7 - ومن المنكرين و المتشكيين والمترددين في إثبات و نفي شخصية عبد الله بن سبأ، الدكتور: جواد علي في مقال له بعنوان (عبد الله بن سبأ) منشور في مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السادس (ص 84، 100) و أيضاً في مجلة الرسالة العدد (778) (ص 609 - 610).
8 - و أيضاً الدكتور: محمد عمارة في كتابه الخلافة و نشأة الأحزاب الإسلامية (ص 154 - 155)، فيقول: (وتنسب أغلب مصادر التاريخ والفكر الإسلامي إلى ابن السوداء هذا نشاط عظيماً و جهداً خرافياً)، و يقول: (فإن وجود ابن سبأ على فرض التسليم بوجوده) إلى غيرها من النقولات.
9 - و الدكتور: عبد الله السامرائي في كتابه الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية (ص 86)، إلا أنه يثبت وجود الأفكار التي تنسب إلى عبد الله بن سبأ، من غير جزم بوجود صاحبها.
ب - المنكرون لوجود ابن سبأ من الشيعة:-
1 - محمد الحسين كاشف الغطاء، في كتابه أصل الشيعة و أصولها (ص 61) يقول: (على أنه لا يستبعد أن يكون هو – أي عبد الله بن سبأ – و مجنون بني عامر و أبو هلال .. وأمثالهم أحاديث خرافية وضعها القصاص لتزجية الفراغ و شغل أوقات الناس).
2 - مرتضى العسكري و له كتابان في هذا الموضوع، ينفي فيهما وجود ابن سبأ من الأصل، و يعتبر مرتضى هذا من أكثر الشيعة المحدثين اهتماماً بمسألة عبد الله بن سبأ. الكتاب الأول بعنوان: (عبد الله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري). و رمز له بالجزء الأول. الكتاب الثاني بعنوان: (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى).
3 - محمد جواد مغنيه، و قد ذكر ذلك في تقديمه لكتاب عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى لمرتضى العسكري (1/ 12). و كتاب التشيع (ص 18).
4 - الدكتور علي الوردي، في كتاب و عاظ السلاطين (ص273 - 276)، يقول: (يخيل إلى أن حكاية ابن سبأ من أولها إلى آخرها كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير)، و يعتبر علي الوردي صاحب بدعة القول بأن ابن السوداء و هو عمار بن ياسر رضي الله عنه، (ص 278).
5 – عبد الله الفياض في كتابه تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة (ص 95)، يقول: (يبدوا أن ابن سبأ كان شخصية إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة).
6 - الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتاب الصلة بين التصوف والتشيع (ص 41)، و قد تابع الدكتور علي الوردي في كلامه حول كون عمار بن ياسر هو ابن السوداء، (ص 88).
7 – طالب الرفاعي في التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية (ص 20).
و لعل هذا النفي شبه الجماعي من قبل أولئك الباحثين الشيعة لشخصية عبد الله بن سبأ، هو بغرض نفي التأثير اليهودي في عقائد الشيعة، و تبرئة ساحتهم من عبد الله بن سبأ، و لكن أنى لهم ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/312)
و قد أعجبتني مقولة للدكتور سعدي الهاشمي يقول فيها: (و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي (ابن سبأ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص 76).
جـ – المثبتون لوجود ابن سبأ من المستشرقين:-
اهتم المستشرقون بمسألة عبد الله بن سبأ و درسوا ما جاء عنه، و نحن لسنا بحاجة إلى قيام أمثال هؤلاء الحاقدين لإثبات شخصية ابن سبأ لنثبت شخصيته بدورنا، لكن تطرقت لذكرهم فقط من باب بيان أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، كما فعل أبي هريرة رضي الله عنه عندما تعلم فضل سورة آية الكرسي من إبليس لعنه الله. البخاري مع الفتح (4/ 487 - 488).
1 - المستشرق الألماني: يوليوس فلهاوزن (1844 - 1918م)، يقول: (ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي و الحسن، و تنسب إلى عبد الله بن سبأ و كما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً و الواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أنه كان يهودياً). في كتابه: الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
2 - المستشرق: فان فلوتن (1866 - 1903م)، يرى أن فرقة السبأية ينتسبون إلى عبد الله بن سبأ فيقول: (وأما السبأية أنصار عبد الله بن سبأ الذي كان يرى أحقية علي بالخلافة منذ أيام عثمان، فكان يعتقدون أن جزءاً إلهياً تجسد في علي ثم في خلفائه من بعده. السيادة العربية والشيعية و الإسرائيليات في عهد بني أمية (ص 80).
3 - المستشرق الإيطالي: كايتاني (1869 - 1926م)، يخلص هذا المستشرق في بحثه الذي نشره في حوليات الإسلام الجزء الثامن من سنة (33 - 35هـ) إلى أن ابن سبأ موجود في الحقيقة لكنه ينكر روايات سيف بن عمر في تاريخ الطبري والتي تشير إلى أن المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية، كما وأنه ينكر أن تكون آراء ابن سبأ المؤلهة لعلي قد حدثت في أيامه، و ينتهي إلى القول بأن هذه الآراء وليدة تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة.
4 - المستشرق: ليفي ديلافيدا (المولود عام 1886م)، حيث مرّ بعبد الله بن سبأ و هو يتحدث عن خلافة علي من خلال كتاب أنساب الأشراف للبلاذري.
5 - المستشرق الألماني: إسرائيل فريد لندر، وقد كتب مقالاً عن عبد الله بن سبأ في المجلة الآشورية العددين من سنة (1909م، ص 322) و (1910م، ص 23) بعنوان: (عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة وأصله اليهودي) و قد خلص في بحثه هذا الذي يربوا على الثمانين صفحة إلى القول بأنه لا يتشكك مطلقاً في شخصية ابن سبأ.
6 – المستشرق المجري: جولد تسيهر (1921م)، يقول: (كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ). في كتابه: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
7 - رينولد نكلس (1945م)، يقول في كتابه تاريخ الأدب العربي (ص215): (فعبد الله بن سبأ الذي أسس طائفة السبأيين كان من سكان صنعاء اليمن، و قد قيل إنه كان من اليهود و قد أسلم في عهد عثمان و أصبح مبشراً متجولاً).
8 - داويت. م. رونلدسن، يقول: (فقد ظهر منذ زمن عثمان داعية متنقل اسمه عبد الله بن سبأ قطع البلاد الإسلامية طولاً و عرضاً يريد إفساد المسلمين كما يقول الطبري). عقيدة الشيعة (ص 85).
9 - المستشرق الإنجليزي: برنارد لويس، فهو يرى أن عبد الله بن سبأ هو أصل التشيع. راجع كلامه في كتابه: أصول الإسماعيلية (ص 86).
هذه أهم الكتابات الاستشراقية في موضوع عبد الله بن سبأ، و هناك غير هؤلاء الكثير، راجع للأهمية كتاب: عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص 73).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/313)
أما المنكرون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين، فهم فئة قليلة و الذين وقفوا في شخصية ابن سبأ و أصبحت عندهم مجرد خرافة و محل شك، و ليس هناك من داع لذكرهم، لعدم انتشار أفكارهم بخلاف المثبتين فهم من المستشرقين المعروفين والذين يعتمد عليهم الكثير ممن تأثر بفكر الاستشراق، و كان هدف هؤلاء المستشرقين من ذلك التشكيك أو الإنكار هو ادعاء أن الفتن إنما هي من عمل الصحابة أنفسهم، و أن نسبتها إلى اليهود أو الزنادقة هو نوع من الدفاع عن الصحابة لجأ إليها الإخباريون والمؤرخون المسلمون ليعلقوا أخطاء هؤلاء الصحابة على عناصر أخرى، على أن إنكار بعضهم لشخصية ابن سبأ إنما يرجع إلى رغبتهم في الانتهاء إلى النتيجة التالية: لا حاجة لمخّرب يمشي بين الصحابة، فقد كانت نوازع الطمع و حب الدنيا والسلطة مستحوذة عليهم، فراحوا يقاتلون بعضهم عن قصد و تصميم، و القصد من ذلك الإساءة إلى الإسلام و أهله، و إلقاء في روع الناس أن الإسلام إذا عجز عن تقويم أخلاق الصحابة و سلوكهم وإصلاح جماعتهم بعد أن فارقهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمدة وجيزة، فهو أعجز أن يكون منهجاً للإصلاح في هذا العصر. أنظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور: محمد أمحزون (1/ 314).
أدلة من أنكر شخصية عبدالله بن سبأ والرد عليهم
يمكن أن أحصر أدلتهم فيما يلي، ثم أتبع كل شبهة من أدلتهم بالإجابة عنها:-
أولاً: قالوا: إعراض المؤرخين عن ذكر ابن سبأ أو ابن السوداء في حرب صفين، و كونه غاب عنها، و كيف له أن يغيب عن هذا المعركة و هو الذي كان يصول و يجول في حرب الجمل، لهذا لم يستطع المؤرخون الإجابة على هذا السؤال المحير! و هذا مما يدل على أنه غير موجود.
الرد عليه: إن المؤرخين عند حديثهم عن موضوع معين لا يلتزمون بذكر كل تفاصيل ما جرى في الأحداث والوقائع التي ذكروها في كتبهم، هذا على افتراض مشاركة ابن سبأ في حرب صفين، و على افتراض عدم مشاركته في حرب صفين، هل يعد ذلك دليلاً على عدم وجوده، فيعارض به ما أثبته المؤرخون من وجود ابن سبأ و ما كان له من دور؟! و في اعتقادي أن هذه الشبهة لا تقوى على ما أثبته المؤرخون والمحققون من سنة و شيعة من وجود ابن سبأ.
ثانياً: قالوا: إن أخبار ابن سبأ إنما انتشرت بين الناس عن طريق الطبري، والطبري أخذها عن سيف بن عمر، إذاً فسيف هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، و سيف هذا كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل.
الرد عليه و سيكون على ثلاثة فروع:-
أ – كون الطبري هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، و هذه الأخبار جميعها جاءت من طريق سيف بن عمر.
الرد: هذه شبهة باطلة إذ لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف، بل هناك روايات لسيف تتحدث عن ابن سبأ لا توجد عند الطبري، و مثاله:
1 - من طريق ابن عساكر (ت 571هـ) في تاريخه (29/ 9)، وقد أورد رواية من طريق سيف بن عمر ليست عند الطبري.
2 - من طريق المالقي (ت 741هـ) في كتابه التمهيد و البيان (ص 54) و قد أورد رواية ليست عند الطبري من طريق سيف بن عمر.
3 - من طريق الذهبي (ت 748هـ) في كتابه تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123) و هذه الرواية أيضاً غير موجودة في الطبري.
فهذه الطرق الثلاثة تدلنا على أن الطبري لم ينفرد بروايات سيف بن عمر عن ابن سبأ، و أنه ليس المصدر الوحيد لهذه الأخبار.
ب – كون سيف بن عمر هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ.
الرد: هذه الشبهة أيضاً غير صحيحة، فقد ثبتت روايات ذكر فيها ابن سبأ لم يكن سيف في سندها، و إن الذي يتبين لنا من خلال البحث والتنقيب أن سيف بن عمر ليس هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ، و سأورد هنا عدد من النصوص لابن عساكر تذكر ابن سبأ لا ينتهي سندها إلى سيف بن عمر، و قد اخترت تاريخ ابن عساكر بالذات لأنه يعتمد في روايته للأخبار على السند كما هو حال الطبري في تاريخه.
الرواية الأولى: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى الشعبي، قال: أول من كذب عبد الله بن سبأ.
الرواية الثانية: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى عمار الدهني، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به يلببة - يعني ابن السوداء -، و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/314)
الرواية الثالثة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى زيد بن وهب عن علي قال: ما لي و ما لهذا الحميت الأسود؟.
الرواية الرابعة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة قال: قال سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال: ما لي وما لهذا الحميت الأسود؟.
الرواية الخامسة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى شعبة عن سلمة بن كهيل عن زيد قال: قال علي بن أبي طالب ما لي ولهذا الحميت الأسود؟ - يعني عبد الله بن سبأ – وكان يقع في أبي بكر وعمر.
الرواية السادسة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال: رأيت علياً كرم الله وجهه وهو على المنبر، وهو يقول: من يعذرني من هذا الحميت الأسود، الذي يكذب على الله ورسوله؟ - يعني ابن السوداء – لولا أن لا يزال يخرج عليّ عصابة تنعى عليّ دمه كما أدّعيت عليّ دماء أهل النهر، لجعلت منهم ركاماً.
الرواية السابعة: ذكرها ابن عساكر بسنده إلى أبو الأحوص عن مغيرة عن سماك قال: بلغ عليا أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر، فدعا به، ودعا بالسيف - أو قال: فهمّ بقتله - فكُلّم فيه، فقال: لا يساكني ببلد أنا فيه. قال: فسيره إلى المدائن. تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 7 - 10).
للمزيد حول ورود روايات عبد الله بن سبأ من غير طريق سيف بن عمر راجع الحلقة (3 و 4) من سلسلة مقالات عبد الله بن سبأ.
جـ – كون سيف بن عمر (ت 180هـ) كذاب ضعفه علماء الجرح والتعديل.
الرد: مكانة سيف بن عمر (ت 180هـ) بين الجرح والتعديل، حتى تكون الصورة واضحة للقارئ.
أولاً: سيف بن عمر محدثاً:-
يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين (ص 14): (سيف بن عمر الضبي ضعيف). وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 278) أن سيف بن عمر: (متروك الحديث، يشبه حديثه حديث الواقدي). و عند ابن معين في نفس المصدر (2/ 278) أن سيفاً ضعيف الحديث. و ذكره الذهبي فيمن له رواية في الكتب الستة، واكتفى بالقول: (ضعفه ابن معين و غيره).الكاشف (1/ 416). و في المغني في الضعفاء (ص 292) قال الذهبي: (سيف بن عمر التميمي الأسدي له تواليف متروك باتفاق). و عند ابن حجر في التقريب (1/ 344): (سيف ضعيف الحديث). و يقول ابن حبان في المجروحين (1/ 345): (سيف بن عمر الضبي الأسدي من أهل البصرة اتهم بالزندقة .. يروي الموضوعات عن الأثبات).
هذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً، لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً؟!
هنا لا بد و قبل أن أذكر أقوال أهل العلم فيه أن أنبه أنه لا بد من التفريق بين رواية (الحديث) و رواية الأخبار الأخرى، فعلى الأولى تبنى الأحكام و تقام الحدود، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع، و من هنا تحرز العلماء –رحمهم الله – في شروط من تأخذ عنه الرواية، لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار، فهي وإن كانت مهمة – لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة – إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث، و من هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس و تطبيقه على (سيف) بكونه محدثاً، و إخبارياً. راجع للأهمية كتاب: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون (1/ 82 - 143) فقد تحدث عن هذا الموضوع فأجاد.
نعود إلى كتب الرجال نفسها فنجد الآتي:-
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان إخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أما اتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه). ولا يصح اتهام سيف بالزندقة دون دليل، إذ كيف نفسر رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة، فأسلوبه الذي روى به تلك الأحداث أبعد ما يكون عن أسلوب الزنادقة، و هو الذي فضح و هتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/315)
و بعد هذا لا يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من الإخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن الكلبي، و غيرهم الكثير، فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات، علاوة على أنها صادرة و مأخوذة عمن شاهد تلك الحوادث أو كان قريباً منها. للمزيد حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)، و عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور:سليمان العودة (ص 104 - 110).
ثالثاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود، و إنما هو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر، ثم ساقوا عدد من الدعائم التي تؤيد هذا القول، منها:-
1 - كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء، و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً.
2 - كلاهما من أب يماني، و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أهل اليمن.
3 - كلاهما كان شديد الحب لعلي، و من محرضي الناس على بيعته.
4 - ذهاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان، و مثل هذا ينسب إلى ابن سبأ.
5 - ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، و هذا نفسه كان يقول به عمار.
6 - و يشترك الاثنان في عرقلة مساعي الصلح في معركة الجمل.
7 - قالوا عن ابن سبأ أنه هو المحرك لأبي ذر في دعوته الاشتراكية! و صلة عمار بأبي ذر وثيقة جداً.
الرد: هذا الرأي الذي خلصوا إليه، إنما يدل على جهل صاحبه، و هذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب الرجال الموثقة عند الشيعة، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه، و هو أحد الأركان الأربعة عندهم، ثم هي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد الله بن سبأ في معرض السب واللعنة. أنظر: رجال الطوسي (ص 46، 51) و رجال الحلي (ص 255، 469). فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد ذلك؟!
كما وأن عوامل توافق الشخصيتين ذهاب كل منهما إلى مصر زمن عثمان، فإن استقراء النصوص ومعرفة تاريخها يعطي مفهوماً غير الذي فهمه النافين لوجود ابن سبأ، و بالتالي ينتصب هذا العامل دليلاً على استقلال كل من الشخصيتين، فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة (35هـ)، بينما كان ظهور ابن سبأ سنة (30هـ) كما في الطبري (4/ 241)، و هو الذي ساق الخبرين، و شيء آخر و هو أن الطبري نفسه أورد أن من الذين استمالوا عماراً في مصر قوم منهم عبد الله بن سبأ. الطبري (4/ 341)، وانظر أيضاً: البداية والنهاية لابن كثير (7/ 167) و الكامل في التاريخ لابن الأثير (3/ 77) و تاريخ ابن خلدون (2/ 1034) فهؤلاء هو كبار المؤرخين و هم جميعاً أثبتوا الشخصيتين؛ شخصية ابن سبأ و شخصية عمار بن ياسر، فكيف لعاقل بعد ذلك أن يقول إنهما شخص واحد؟!
و أما قولهم بأن عمار كان يمانياً، فكل يماني يصح أن يقال له ابن سبأ، فهذا غير صحيح، فليست سبأ إلا جزءاً من بلاد اليمن الواسعة كما قال بذلك ياقوت في معجم البلدان (3/ 181).
وأما قولهم بأن عمار كان يقول بأن عثمان قد أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، فإن هذه المقولة زَعْم يحتاج إلى دليل، بل الثابت أن عثمان رضي الله عنه كان يثق بعمار و هو الذي أرسله إلى مصر لضبط أمورها. راجع الطبري (4/ 341).
كما وأن التشابه في الكنى لا يجعل من الرجلين شخصية واحدة، كما وأن الظروف التاريخية وطابع كل من الشخصيتين لا تسمحان لنا بقبول هذا الرأي. وإن نظرة واحدة إلى كتب التراجم والرجال لتعطي القارئ فكرة واسعة في سبب قيام علماء الجرح والتعديل بتأليف الكتب التي تحتوي على المتشابه من الأسماء والكنى.
و شيء مهم آخر و هو أن عمار قتل يوم صفين، في حين بقي ابن سبأ إلى بعد مقتل علي رضي الله عنه، فهل بعد هذا يكون عمار بن ياسر هو عبد الله بن سبأ؟!
رابعاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود في الحقيقة، و إنما هو شخصية وهمية انتحلها أعداء الشيعة بهدف الطعن في مذهبهم و نسبته إلى رجل يهودي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/316)
الرد: إن هذه دعوى لا تقوم عليها حجة، فكما أنكم ادعيتم هذا، فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء، لكن العبرة بالحجة والدليل، فزعمكم أن هذه القصة قد اختلقها أهل السنة للتشنيع على الشيعة، ليس لها دليل، و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظلال الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على الأقل من أن هذه القصة لم ينفرد بها أهل السنة فقط، فهذا الزعم باطل لأن مصادر الشيعة هي الأخرى أثبتت – كما سلف – وجود ابن سبأ. و بهذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنها من مفتريات أهل السنة.
و بعد هذا الذي ذكرت و هذه الشبهات التي أبطلت، أستطيع أن أقول: إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن سبأ إلى عقيدتهم التي بثها و تسربت إلى فرق الشيعة، و هي عقيدة تتنافى مع أصول الإسلام، و تضع القوم موضع الاتهام والشبهة، هذا من جهة، و من جهة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو الصحابة، و رغبة لإظهارهم بأنهم هم الذين أثاروا الفتنة بينهم.
و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد الله بن سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية، و تفيض فيه كتب العقائد، و ذكرته كتب الحديث والرجال والأنساب والطبقات و الأدب واللغة، و سار على هذا النهج كثير من المحققين والباحثين المحدثين
دور هذا اليهودي في إشعال نار الفتنة على عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأحب أن أنبه أنه وأثناء الحديث قد لا نتطرق لذكر ابن سبأ في بعض الأحيان، و هذا لا يعني أنه غير موجود أو أنه ليس له دور، بل ثبت بالدليل الصحيح الصريح أن اليد الخفية التي كانت تدير المؤامرة و تحرك الفتنة، هي يد ذلك اليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ، كما وأننا لن نتطرق أيضاً لذكر المآخذ التي أخذت على عثمان بزعم مثيري الفتنة، و ذلك لأنه ليس هذا مجال ذكرها، و لعل الله ييسر لنا كتابتها في مقال مستقل مع التعليق عليها إن شاء الله.
بذور الفتنة: السبب الرئيسي، رجل يقال له عبد الله بن سبأ: و شهرته ابن السوداء لأن أمه كانت سوداء من الحبشيات. و هو من صنعاء و كان يهودياً من يهود اليمن. أظهر الإسلام و باطنه الكفر، ثم انتهج التشيع لعلي رضي الله عنه، و هو الذي تنسب إليه فرقة السبئية الذين قالوا بألوهية علي و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة منهم تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. انظر: المحبَّر لابن حبيب (ص308). تاريخ الطبري (4/ 340). و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 3) و كتاب: ابن سبأ حقيقة لا خيال لسعدي مهدي الهاشمي، و كتاب عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة، و مقال حقيقة ابن السوداء في جريدة المسلمون للدكتور سليمان العودة، العدد (652 - 653). و خبر إحراقهم عند: أبي داود في سننه (4/ 520) و النسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).
فلما رأى هذا الرجل أن أمر الإسلام بدأ ينتشر بهذه الصورة و بدأ يظهر، رأى أن هذا الأمر ليس له إلا فتنة من داخله، و كان بمنتهى الخبث، فأول ما بدأ، بدأ بالمدينة، و كانت المدينة يومها ملأى بالعلماء، فدُحر بالعلم، كلما رمى شبهة رُد عليها، فمن شبهه أنه أظهر بعض العقائد اليهودية، مثل القول بالرجعة؛ أي رجعة الرسول صلى الله عليه وسلم و استدل بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص/85]، و ذكر تعجبه للناس ممن يصدق برجعة عيسى عليه السلام و يكذب برجعة محمد صلى الله عليه وسلم، و ما كان قوله هذا إلا وسيلة للوصول إلى ما هو أكبر من ذلك، حيث قال بعد ذلك برجعة علي رضي الله عنه و أنه سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و هكذا. انظر: عبد الله بن سبأ و دوره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة (ص208)، واستشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص 70 - 86).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/317)
و للرد عليهم أشير إلى أن الآية التي استدل بها السبئية دليل عليهم، و قد نقل ابن كثير في تفسيره (3/ 345)، أقوال العلماء في ذلك، فمنهم من يقول: رادك يوم القيامة فيسألك عما استرعاه من أعيان أعباء النبوة. و منهم من يقول: رادك إلى الجنة، أو إلى الموت، أو إلى مكة. و قد أورد البخاري عن ابن عباس القول بالرد إلى مكة. البخاري مع الفتح (8/ 369) و الطبري في التفسير (10/ 80 - 81).
و قد سأل عاصم بن ضمرة (ت74هـ) الحسن بن علي فيما يزعمه الشيعة بأن علياً رضي الله عنه سيرجع، فقال: كذب أولئك الكذّابون، لو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه و لا قسمنا ميراثه. المسند (1/ 148).
و في الطبقات لابن سعد (3/ 39). ورد ذكر السبئية و أفكار زعيمها و إن كان لا يشر إلى ابن سبأ بالاسم، فعن عمرو بن الأصم قال: (قيل للحسن بن علي: إن ناساً من شيعة أبي الحسن علي رضي الله عنه يزعمون أنه دابة الأرض و أنه سيبعث قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا ليس أولئك شيعته، أولئك أعداؤه لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه و لا أنكحنا نساءه.
ومن أقوال ابن سبأ أيضاً القول بالوصية و الإمامة. يقول الشهرستاني في الملل و النحل (1/ 174): إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي.
ويذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4/ 435): أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة و النص عليه، و ادّعى العصمة له.
و في خطط المقريزي (2/ 356 - 357): أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية و الرجعة و التناسخ.
و من المحدثين الشيعة الذين ذكروا فكرة الوصي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ) في كتابه الكافي في الأصول، حيث أورد النص التالي: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه و آله، و وصية علي عليه السلام. أنظر: السنة و الشيعة لإحسان إلهي ظهير (ص54).
و هذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعد مصداقاً لما جاء في كتاب السنة لابن أبي عاصم بسند صحيح على شرط الشيخين (2/ 476 - 477)، حيث أخرج من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ليحبني قوم حتى يدخلوا النار فيِّ، و ليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي.
وقد علق الشيخ الألباني على هذا الحديث قائلاً: و اعلم أن هذا الحديث موقوف على علي بن أبي طالب، و لكنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من الغيب الذي لا يعرف بالرأي.
و خلاصة ما جاء به ابن سبأ، أنه أتى بمقدمات صادقة و بنى عليها مبادئ فاسدة راجت لدى السذّج
و الغلاة و أصحاب الأهواء من الناس، و قد طرق باب القرآن يتأوّله على زعمه الفاسد، كما سلك طريق القياس الفاسد في ادعاء إثبات الوصية لعلي رضي الله عنه بقوله: إنه كان ألف نبي، و لكل نبي وصي، و كان علي وصي محمد ثم قال: محمد خاتم الأنبياء و علي خاتم الأوصياء. تاريخ الطبري (4/ 340) من طريق سيف بن عمر.
هنا ابن سبأ لما لم يستطع أن يكسب شخصاً واحداً توجه نحو الشام، و كانت الشام وقتها يحكمها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فلما توجه إليها لم يستطع أن يكسب و لو رجلاً واحداً إلى صفه، فترك الشام و توجه نحو الكوفة و إذ هي تموج بالفتن، و مكاناً خصباً لبث شبهاته. لذلك كان عمر رضي الله عنه ولى عليها المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، حيث كان من أشد الناس ففي أيام عمر ما استطاعت أن تبرز في الكوفة فتنة، و لما تولى عثمان الخلافة عزل المغيرة و عين بدلاً عنه سعيد بن العاص رضي الله عنه وكان من بني أمية، فأهل الكوفة اعتبروا ذلك استغلالاً للمنصب؛ فكثرت الفتن فيها، فعبد الله بن سبأ وجد أرضاً خصبة للفتن، فاستطاع أن يجمع حوله جماعة، ثم انتقل إلى البصرة فجمع فيها جماعة أخرى، و كان عددهم على أقل تقدير عند المؤرخين ستمائة رجل، و أقصاها ألف رجل، ثم انتقل إلى مصر و استطاع أن يجمع ما بين ستمائة إلى الألف من الرجال. انظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل من مرويات سيف بن عمر لخالد الغيث (ص72 - 86)، حيث أجاد الباحث في تحليل الموقف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/318)
و استخدم ابن سبأ كذلك الأعراب، فذهب إليهم و بدأ يثير عندهم الأكاذيب حول عثمان و يستدل على قوله بكتب مزيفة كتبها هو و أعوانه على ألسنة طلحة و الزبير و عائشة، فيها التذمر على سياسة عثمان في الحكم، فصار الأعراب و هم الذين لا يفقهون من دين الله الشيء الكثير، يتأثرون بهذه الأكاذيب و يصدقونها فملئت قلوبهم على عثمان رضي الله عنه. استشهاد عثمان (ص 87 - 99).
بعد ذلك اتجه ابن سبأ إلى هدفه المرسوم، و هو خروج الناس على الخليفة عثمان رضي الله عنه، فصادف ذلك هوى في نفوس بعض القوم فقال لهم: إن عثمان أخذ الأمر بغير حق و هذا وصي الرسول صلى الله عليه وسلم، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، و ابدؤوا بالطعن في أمرائكم و أظهروا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تستميلوا الناس، و ادعوهم إلى هذا الأمر. تاريخ الطبري (4/ 341)، من طريق سيف بن عمر.
و يظهر من هذا النص الأسلوب الذي اتبعه ابن سبأ، فهو أراد أن يوقع في أعين الناس بين اثنين من الصحابة حيث جعل أحدهما مهضوم الحق و هو علي، و جعل الثاني مغتصباً و هو عثمان.
ثم إنه أخذ يحضّ أتباعه على إرسال الكتب بأخبار سيئة مفجعة عن مِصرهم إلى بقية الأمصار، فيتخيل أهل البصرة مثلاً أن حال أهل مصر أسوأ ما يكون من قبل واليهم، و يتخيل أهل مصر أن حال أهل الكوفة أسوأ ما يكون من قبل واليهم، و كان أهل المدينة يتلقّون الكتب من الأمصار بحالها و سوئها من أتباع ابن سبأ، وهكذا يتخيل الناس في جميع الأمصار أن الحال من السوء مالا مزيد عليه، و المستفيد من هذه الحال هم السبئية، لأن تصديق ذلك من الناس يفيدهم في إشعال شرارة الفتنة داخل المجتمع الإسلامي.
هذا و قد شعر عثمان رضي الله عنه بأن شيئاً ما يحاك في الأمصار و أن الأمة تمخض بشرّ فقال: والله إن رحى الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات و لم يحركها. تاريخ الطبري (4/ 343)، من طريق سيف بن عمر.
روى الترمذي عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال: يقتل هذا فيها مظلوماً - لعثمان بن عفان - صحيح سنن الترمذي (3/ 210) و أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 451).
و روى الترمذي في سننه (5/ 628) و ابن ماجة عن كعب بن عجرة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها، فمر رجل مقنع رأسه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يومئذ على الحق، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: هذا. المسند (4/ 242) و صحيح ابن ماجة (1/ 24 - 25) و صحيح سنن الترمذي (3/ 210) و فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 450).
و الذي حصل أن أهل الفتنة أخذوا يتراسلون فيما بينهم، فلما رأوا أن عددهم قد كثر تواعدوا على أن يلتقوا عند المدينة في شوال من سنة (35هـ) في صفة الحجاج، فخرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء المقلّل يقول ستمائة و المكثر يقول ألف .. و لم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، و إنما خرجوا كالحجاج و معهم ابن السوداء .. و خرج أهل الكوفة في عدد كعدد أهل مصر، و كذا أهل البصرة، و لما اقتربوا من المدينة شرعوا في تنفيذ مرحلة أخرى من خطتهم، فقد اتفق أمرهم أن يبعثوا اثنين منهم ليطلعا على أخبار المدينة و يعرفا أحوال أهلها، ذهب الرجلان فلقيا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و علياً و طلحة و الزبير، و قالا: إنما جئنا نستعفي عثمان من بعض عمالنا، و استأذنا لرفاقهم بالدخول، فأبى الصحابة، و قال علي رضي الله عنه: لا آمركم بالإقدام على عثمان فإن أبيتم فبيض سيفرخ. الطبري (4/ 349 - 350)، من طريق سيف بن عمر.
تظاهر القوم بالرجوع و هم يبطنون أمراً لا يعلمه الناس، فوصلت الأنباء إلى أهل المدينة بانصراف أهل الفتنة فهدأ الناس، و في الليل فوجئ أهل المدينة بأهل الفتنة يدخلون المدينة من كل مكان فتجمعوا في الشوارع و هم يكبرون، فجاء علي بن أبي طالب و قال: ما شأنكم؟ لماذا عدتم؟ فرد عليه الغافقي بأن عثمان غدر بهم، قال كيف؟ قال: قبضنا على رسول و معه كتاب من عثمان يأمر فيه الأمراء بقتلنا، فقال علي لأهل الكوفة و البصرة: و كيف علمتم بما لقي أهل مصر و قد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا، هذا والله أمر أبرم بالمدينة، و كان أمر الكتاب الذي زوّر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/319)
على لسان عثمان رضي الله عنه اتخذوه ذريعة ليستحلوا دمه و يحاصروه في داره إلى أن قتلوه رضي الله عنه.
و فوق هذا كله فالثائرون يفصحون عن هدفهم ويقولون: ضعوه على ما شئتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا و نحن نعتزله. الطبري (4/ 351)، من طريق سيف بن عمر.
و علاوة على ذلك هناك ما يؤكد تزوير هذا الكتاب، إذ ليس هو الكتاب الوحيد الذي يزوّر على لسان الصحابة، فهذه عائشة رضي الله عنها، تُتهم بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان فتنفي
و تقول: لا والذي آمن به المؤمنون و كفر به الكافرون ما كتبت لهم سواداً في بياض حتى جلست مجلسي هذا. البداية والنهاية (7/ 195) و انظر ما رواه الطبري من استنكار كبار الصحابة أنفسهم لهذه الكتب في أصح الروايات (4/ 355).
و ما تلك اليد الخفية التي كانت تخط وراء الستار لتوقع الفرقة بين المسلمين، و تضع في سبيل ذلك الكتب على لسان الصحابة و تدبر مكيدة الكتاب المرسل إلى عامل عثمان على مصر، و تستغل الأمور لتقع الفتنة بالفعل إلا يد ذلك اليهودي الخبيث و أتباعه، فهم المحركون للفتنة.
توقفنا في المرة السابقة عند رجوع الوفد المصري بعد أن زعم أنه قبض على رسول من عثمان إلى عامله في مصر يأمره بقتلهم، و عرفنا أن هذا الكتاب ليس هو الوحيد الذي زور على عثمان، و ظهرت حقيقة اليد التي زورت و خططت، واليوم إن شاء الله نكمل الموضوع الذي بدأناه.
هنا استشار عثمان كبار الصحابة في أمر التخلي عن الخلافة لتهدأ الفتنة، و كان المغيرة بن الأخنس قد أشار عليه بالخلع لئلا يقتله الخارجون عليه، و قد سأل عثمان ابن عمر عن رأي المغيرة فنصحه بأن لا يخلع نفسه و قال له: فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه. طبقات ابن سعد (3/ 66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن.
و هناك بعض الروايات تفيد أن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى الأمصار يطلب منهم العون بعد أن اشتد عليه التضييق و الحصار، و هذا الخبر لا يصح منه شيء، لأن منهج عثمان رضي الله عنه كان الصبر و الكف عن القتال امتثالاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له، و ذلك لحديث عائشة رضي الله عنها كما عند ابن أبي عاصم في السنة (2/ 561) قالت: لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد سأصبر عليه، قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليه فيما يكون من أمره.
لهذا وضع مصلحة الرعية في المقام الأول، فعندما عرض عليه معاوية أن يبعث إليه بجيش يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياه قال رضي الله عنه: أنا لا أقتر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق بجند يساكنهم، و أضيّق على أهل الهجرة و النصرة، فقال له معاوية: والله يا أمير المؤمنين لتغتالنّ أو لتغزينّ، فقال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل. الطبري (4/ 345). و حوصر عثمان بعدها في داره.
يقول ابن خلدون: إن الأمر في أوله خلافة، و وازع كل أحد فيها من نفسه هو الدين و كانوا يؤثرونه على أمور دنياهم وإن أفضت إلى هلاكهم وحدهم دون الكافة، فهذا عثمان لما حصر في داره جاءه الحسن
و الحسين و عبد الله بن عمر و ابن جعفر و أمثالهم يريدون المدافعة عنه، فأبى و منع سلّ السيوف بين المسلمين مخافة الفرقة، و حفظاً للألفة التي بها حفظ الكلمة و لو أدّى إلى هلاكه. مقدمة ابن خلدون (ص207 - 208).
و إلى جانب صبره و احتسابه و حفظاً لكيان الأمة من التمزق و الضياع وقف عثمان رضي الله عنه موقفاً آخر أشد صلابة، و هو عدم إجابته الخارجين إلى خلع نفسه من الخلافة؛ فلو أجابهم إلى ما يريدون لسنّ بذلك سنّة، و هي كلما كره قوم أميرهم خلعوه، و مما لاشك فيه أن هذا الصنيع من عثمان كان أعظم
و أقوى ما يستطيع أن يفعله، إذ لجأ إلى أهون الشرين و أخف الضررين ليدعم بهذا الفداء نظام الخلافة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/320)
كان الخارجون عليه يطلبون منه ثلاثة أمور كما جاء ذلك عند ابن سعد في الطبقات (3/ 72 - 73)، قال عثمان للأشتر: يا أشتر ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاث ليس لك من إحداهن بدّ، قال: ما هن؟ قال: يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم، فتقول هذا أمركم فاختاروا من شئتم، و بين أن تقصّ من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك. قال: أما ما من إحداهن بدّ؟ قال: لا، ما من إحداهن بدّ. قال: أما أن أخلع لهم أمرهم، والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إليّ من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض، و أما أن أقص من نفسي فوالله لقد علمت أن صاحبي بين يديّ قد كان يعاقبان و ما يقوم بدّ من القصاص، و أما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني لا تحابّون بعدي أبداً و لا تصلون بعدي جميعاً أبداً و لا تقاتلون بعدي عدواً جميعاً أبداً.
و لهذا احتج عثمان رضي الله عنه على المحاصرين بقوله: إن وجدتم في كتاب الله - و في رواية - في الحق أن تضعوا رجليَّ في قيد فضعوها. تاريخ خليفة (ص171) و أحمد في فضائل الصحابة (1/ 492) قال المحقق: إسناده صحيح، و انظر: الطبقات (3/ 69 - 70) بلفظ قريب.
و أخرج أحمد في فضائل الصحابة (1/ 464) و في المسند (1/ 63) و الترمذي في السنن (4/ 460 - 461) و ابن ماجة في السنن (2/ 847) و أبو داود في سننه (4/ 640 - 641) بإسناد حسن أن عثمان رضي الله عنه أشرف على الذين حصروه فقال: علام تقتلوني! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل زنى بعد إحصانه فعليه الرجم، أو قتل عمداً فعليه القود، أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل. فوالله ما زنيت في جاهلية و لا إسلام، ولا قتلت أحداً فأقيد نفسي منه، ولا ارتدت منذ أسلمت و إني اشهد ألا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله ففيما تقتلوني؟!.
و ثبت أن عثمان اتخذ موقفاً واضحاً حاسماً يتمثل في عدم المقاومة، وأنه ألزم به الصحابة فقال: أعزم على كل من رأى عليه سمعاً و طاعة إلا كفّ يده و سلاحه، فخرج كل من الحسن و الحسين و عبد الله بن عمر و أصر عبد الله بن الزبير على البقاء و معه مروان بن الحكم، فلما طلب منه ابن الزبير أن يقاتل الخارجين، قال عثمان: لا والله لا أقاتلهم أبداً. تاريخ خليفة (ص173 - 174) و مصنف ابن أبي شيبة (15/ 204) و طبقات ابن سعد (3/ 70) و كلهم بأسانيد صحيحة.
و ممن أراد القتال دفاعاً عن عثمان الصحابي أبو هريرة و كان متقلداً سيفه، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً. قال أبو هريرة: فرجعت و لم أقاتل. الطبقات لابن سعد (3/ 70) و تاريخ خليفة (ص173) و إسنادهما صحيح.
و استمر الحصار عليه رضي الله عنه حتى أنهم منعوا عنه الماء، فوصل الخبر إلى أمهات المؤمنين فتحركت أم حبيبة رضي الله عنها و كانت من أقارب عثمان، فأخذت الماء و جعلته تحت ثوبها، و ركبت البغل و اتجهت نحو دار عثمان، فدار بينها وبين أهل الفتنة كلام فقال الأشتر كذبت بل معك الماء و رفع الثوب فرأى الماء فغضب و شق الماء، قال كنانة مولى صفية: كنت أقود بصفية لتردَّ عن عثمان فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت فقالت: ردوني و لا يفضحني هذا الكلب. التاريخ الكبير للبخاري (7/ 237) و ابن سعد في الطبقات (8/ 128) بإسناد صحيح. و كذلك الطبري (4/ 385 - 386).
و في رواية عند الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق الحسن البصري قال: لما اشتد أمرهم يوم الدار، قال: قالوا فمن، فمن؟ قال: فبعثوا إلى أم حبيبة فجاؤوا بها على بغلة بيضاء و ملحفة قد سترت، فلما دنت من الباب قالوا: ما هذا؟ قالوا: أم حبيبة، قالوا: والله لا تدخل، فردوها. فضائل الصحابة (1/ 492).و قال المحقق إسناده صحيح.
و حدثت بعض المناوشات بين شباب الصحابة و الثوار فجرح خلالها بعض الصحابة أمثال الحسن بن علي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/321)
و غيره، و هذا الخبر يؤيده ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1387)، و البخاري في التاريخ الكبير (7/ 237)، عن كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب قال: شهدت مقتل عثمان، فأخرج من الدار أمامي أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان رضي الله عنه: الحسن بن علي، و عبد الله بن الزبير، و محمد بن حاطب، و مروان بن الحكم.
و تتضافر روايات ضعيفة للدلالة على أن عثمان و هو محصور في الدار بعث إلى علي يطلبه، و أن علياً استجاب لأمره لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الدار التي كان المعارضون يطوقونها، فقال علي للثّوار: يأيها الناس إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين فلا تمنعوا عن هذا الرجل الماء و لا الطعام فإن الروم و فارس لتأسر و تطعم و تسقي، و لكن لم يستطع أن يفعل شيئاً، فحل عمامته السوداء التي كان يرتديها و رمى بها إلى رسول عثمان، فحملها الرسول إلى عثمان فعلم عثمان أن علي حاول المساعدة لكنه لم يستطع. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 209) بسند منقطع، و طبقات ابن سعد (3/ 68 - 69) بسند منقطع، و سند آخر منقطع مع تدليس حبيب بن أبي ثابت، و الطبري (4/ 386)، انظر: عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص427).
يوم الدار .. و استمر الحصار على عثمان رضي الله عنه أياماً عديدة قدرها بعض المؤرخين بأنه من أواخر ذي القعدة إلى الثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، و كان خلالها في غاية الشجاعة و ضبط النفس رغم قسوة الظروف و رغم الحصار، و لطالما كان يطل على المحاصرين و يخطب فيهم و يذكرهم بمواقفه لعلهم يلينون، لكنهم لم يفعلوا.
و في يومٍ أشرف عثمان على القوم بعد أن طلبهم للاجتماع حول داره للحديث معهم، روى الترمذي،
و النسائي من طريق ثمامة بن حَزْن القشيري قال: شهدت الدار حيث أشرف عليهم عثمان فقال: أنشدكم بالله و الإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينة و ليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة يجعل دلوه فيها كدلاء المسلمين بخير له في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي؟ قالوا: اللهم نعم. و زاد البخاري، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزته قالوا: اللهم نعم. و زاد الترمذي عن أبي إسحاق، هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ قالوا: نعم، و هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها؟ قالوا: نعم. و عند الدارقطني، و هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنتيه واحدة بعد أخرى رضي بي و رضي عني؟ قالوا: نعم. و عند الحاكم، قال لطلحة: أتذكر إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أن عثمان رفيقي في الجنة؟ قال: نعم. سنن الترمذي (5/ 627) و النسائي (6/ 233 - 236) و الدارقطني (4/ 197) و المستدرك (3/ 97) و الفتح (5/ 477 - 479).
و قال أبو هريرة رضي الله عنه للذين حاصروا عثمان رضي الله عنه يوم الدار: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم تلقون بعدي فتنة و اختلافاً، أو قال: اختلافاً و فتنة، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟ فقال: عليكم بالأمين و أصحابه، و هو يشير إلى عثمان بذلك. أنظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (450 - 451) و قال المحقق إسناده صحيح.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: وددت أن عندي بعض أصحابي، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا: ألا ندعو لك عثمان؟ قال نعم. فجاء فخلا به، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه، و وجه عثمان
يتغير. أنظر: صحيح سنن ابن ماجة (1/ 25) و قال الألباني إسناده صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/322)
و عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم الدار قيل لعثمان: ألا تقاتل؟ قال: قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد سأصبر عليه. قالت عائشة: فكنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليه فيما يكون من أمره. أنظر: كتاب السنة لابن أبي عاصم (2/ 561) و قال الألباني إسناده صحيح.
و كان أهل الفتنة أثناء حصارهم لعثمان في داره و منعه من الصلاة بالناس، هم الذين يصلون بهم، و كان الذي يصلي بالناس الغافقي بن حرب.
أخرج البخاري في صحيحه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن خيار: أنه دخل على عثمان و هو محصور فقال: إنك إمام عامة، و نزل بك ما نرى و يصلي لنا إمام فتنة و نتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، و إذا أساءوا فاجتنب إساءتهم. البخاري مع الفتح (2/ 221).
ليلة مقتل عثمان ..
و قبيل مقتله يرى عثمان رضي الله عنه في المنام اقتراب أجله فيستسلم لأمر الله؛ روى الحاكم بإسناد صحيح إلى ابن عمر رضي الله عنهما أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: يا عثمان! أفطر عندنا، فأصبح صائماً و قتل من يومه. المستدرك (3/ 99) و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، و وافقه الذهبي و رواه أحمد في فضائل الصحابة من طريق آخر (1/ 497) قال المحقق: إسناده حسن، و ورد بلفظ آخر عند ابن حجر في المطالب العالية (4/ 291) قال المحقق: قال البوصيري رواه البزار و أبو يعلى و الحاكم و قال: صحيح الإسناد، و ذكره الهيثمي في المجمع (7/ 232) و صححه الحاكم في المستدرك (3/ 103) و ذكره ابن سعد في الطبقات (3/ 75).
أخرج خليفة بن خياط في تاريخه (ص 174) بسند رجاله ثقات إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: فتح عثمان الباب و وضع المصحف بين يديه، فدخل عليه رجل فقال: بيني و بينك كتاب الله، فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر فقال: بيني و بينك كتاب الله، فأهوى إليه بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أم قطعها و لم يبنها، فقال والله إنها لأول كف خطت المفصّل.
هذا ما ورد عن كيفية دخول الثوار على عثمان رضي الله عنه، و تتوزع سيوفهم دماءه الطاهرة، فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان رضي الله عنه فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: {فسيكفيكهم الله} [البقرة /138]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان فوضعت يدها فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: ثلاث لله و ست لما في الصدور، ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه، هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه و استطاعوا أن يقتلوا كل من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلوا الغلمان جميعاً و تركوا جثثهم داخل الدار، ثم قام جماعة من الصحابة و ذهبوا إلى داره و خرجوا به و دفنوه رضي الله عنه بليل في حش كوكب، وكانت مقبرة لليهود فاشتراها عثمان، و هي في ظهر البقيع فدفن فيها و لم يدفن في البقيع لعدم إذن أهل الفتنة، ثم إنه في عهد معاوية وسع البقيع و أدخل فيه المكان فصار قبر عثمان داخل البقيع. معجم البلدان (2/ 262)، انظر هذا الخبر في الطبري (4/ 412). و انظر خبر دمه على المصحف في فضائل الصحابة عند أحمد (1/ 470 - 473) بإسناد صحيح و تاريخ خليفة (ص188 - 190) و المطالب العالية (4/ 286) و موارد الظمآن (7/ 128).
و يكشف أيضاً عن مقاصد القوم ما ذكره ابن كثير في البداية (7/ 189): من أن الخوارج نادى بعضهم بعضاً بعد مقتل عثمان بالسطو على بيت المال، فسمعهم خزنة بيت المال فقالوا يا قوم النجا! النجا فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و غير ذلك مما ادّعوا أنهم قاموا لأجله، و كذبوا إنما قصدهم الدنيا. فأخذوا ما به من أموال ثم سطوا على دار عثمان و أخذوا ما به حتى إن أحدهم أخذ العباءة التي كانت على نائلة. تاريخ الطبري (4/ 391).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/323)
فكانت هذه هي البلوى التي بشره النبي صلى الله عليه وسلم و التي يقتل فيها مظلوماً، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة، فإذا هو أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة فإذا هو عمر، ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا هو عثمان. و يعقب ابن حجر على ذلك بقوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بالبلوى المذكورة إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار. الفتح (7/ 38) و (13/ 55). و الحديث موجود في البخاري (7/ 65) و رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم (6162) و (6164).
فائدة .. قال ابن بطال: إنما خص عثمان بذكر البلاء مع أن عمر قتل أيضاً لكون عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور و الظلم مع تنصله من ذلك، و اعتذاره عن كل ما أوردوه عليه، ثم هجومهم عليه في داره و هتكهم ستر أهله،
و كل ذلك زيادة على قتله. فتح الباري: (13/ 55).
و قد اختلفت الروايات في تعيين قاتله على الصحيح، لكن هذا ليس مهماً لأن المشارك كالقاتل و المتسبب كالمباشر، و إنما المهم هو التعرّف على هوية قاتليه، فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير رضي الله عنه، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة، انظر: الطبري (4/ 461 - 462). و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد في طبقاته (3/ 71). و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 297).
هذا بالنسبة لمن شارك في الفتنة، أما بالنسبة لمن تولى قتل عثمان بنفسه فإني أشارك أخي الدكتور خالد الغيث فيما ذهب إليه من كون ابن سبأ هو الذي تولى قتل عثمان رضي الله عنه، و إليكم تفصيل ذلك: فحسب ما توفرت لدي من روايات، جاء نعت قاتله بالموت الأسود و حمار، كما عند خليفة بن خياط (ص174 - 175)، أو جبلة - الغليظ - كما عند ابن سعد (3/ 83 - 84)، أو جبلة بن الأيهم كما عند ابن عبد البر. الاستيعاب (3/ 1046) ضمن ترجمة عثمان بن عفان، و أورده كذلك بنفس للفظ ضمن ترجمة محمد بن أبي بكر (3/ 1367). و كلمة الأيهم ما هي إلا زيادة غير مقصودة من ناسخ المخطوطة
و سببها هو اشتهار اسم جبلة بن الأيهم ذلك الأمير الغساني الذي ارتد زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و يؤيد ذلك أن راوي الخبر و هو كنانة مولى صفية هو نفسه راوي الروايتين، أنظر: جمهرة أنساب العرب لابن حزم (372).
و بدراسة الروايات السابقة اتضح ما يلي:-
أ- أن تلك الروايات لم تسم قاتل عثمان، بل تذكر اللقب الذي أطلق عليه.
ب- ذكرت إحدى الروايات أن قاتل عثمان يقال له: حمار. و كلمة حمار لعلها تحريف لكلمة جبلة.
و يؤيد ذلك ما قيل بخصوص زيادة كلمة - الأيهم - على اسم جبلة عند راوي الخبر، و هو كنانة مولى صفية، لأن راوي خبر لفظة حمار هو كنانة أيضاً. هذا بالإضافة إلى التشابه الموجود في متون تلك الروايات.
و مما سبق يلاحظ أن الذي قتل عثمان رضي الله عنه يعد شخصاً واحداً ذا ألقاب عدة، فهو الموت الأسود، و هو رجل أسود من أهل مصر يقال له جبلة، و هو عبد الله بن سبأ - ابن السوداء - الذي جاء إلى المدينة مع وفد مصر. لمزيد من التفصيل في ذلك راجع: استشهاد عثمان و وقعة الجمل في مرويات سيف بن عمر في تاريخ الطبري، للدكتور: خالد بن محمد الغيث (ص128 - 130).
قال محب الدين الخطيب في حاشيته على العواصم (ص73): الذين شاركوا في الجناية على الإسلام يوم الدار طوائف على مراتب، فيهم الذين غلب عليهم الغلو في الدين فأكبروا الهنات و ارتكبوا في إنكارها الموبقات، و فيهم الذين ينزعون إلى عصبية يمنية على شيوخ الصحابة من قريش، و لم تكن لهم في الإسلام سابقة، فحسدوا أهل السابقة من قريش على ما أصابوا من مغانم شرعية جزاء جهادهم و فتوحهم، فأرادوا أن يكون لهم مثلها بلا سابقة ولا جهاد. و فيهم الموتورون من حدود شرعية أقيمت على بعض ذويهم فاضطغنوا في قلوبهم الإحنة و الغل لأجلها، و فيهم الحمقى الذين استغل السبأيون ضعف قلوبهم فدفعوهم إلى الفتنة و الفساد و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/324)
العقائد الضالة، و فيهم من أثقل كاهله خير عثمان و معروفه نحوه، فكفر معروف عثمان عندما طمع منه بما لا يستحقه من الرئاسة و التقدم بسبب نشأته في أحضانه، و فيهم من أصابهم من عثمان شيء من التعزير لبوادر بدرت منهم تخالف أدب الإسلام، فأغضبهم التعزير الشرعي من عثمان، و لو أنهم قد نالهم من عمر أشد منه لرضوا به طائعين، و فيهم المتعجلون بالرياسة قبل أن يتأهلوا لها اغتراراً بما لهم من ذكاء خلاب أو فصاحة لا تغذيها الحكمة، فثاروا متعجلين بالأمر قبل إبانه، و بالإجمال فإن الرحمة التي جبل عليها عثمان رضي الله عنه وامتلأ بها قلبه أطمعت الكثيرين فيه، و أرادوا أن يتخذوا من رحمته مطية لأهوائهم.
و لعله بعد هذا لا يبقى مكان و لا مصداقية للروايات التي تشرك الصحابة رضوان الله عليهم في قتل عثمان و التآمر عليه، فقد اجتهدوا في نصرته و الذبّ عنه، و بذلوا أنفسهم دونه، فأمرهم بالكف عن القتال و قال إنه يحب أن يلقى الله سالماً ولوا أذن لهم لقاتلوا عنه، فثبتت براءتهم من دمه رضوان الله عليهم كبراءة الذئب من دم يوسف.
و ظهرت حقيقة الأيدي التي كانت تحرك الفتنة، و التي لطالما دندن الإخباريون الشيعة حولها بأنها أيدي الصحابة، و الحمد لله فقد حفظت لنا كتب المحِّدثين الروايات الصحيحة و التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان و المنافحين عنه المتبرئين من قتله، و المطالبين بدمه بعد قتله، و بذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة أو إثارتها.
و قد يتساءل قارئ أو يقول قائل: كيف قتل عثمان رضي الله عنه و بالمدينة جماعة من كبار الصحابة رضوان الله عليهم؟ و هو سؤال وضعه ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 197 - 198) ثم أجاب عنه و قد شاركه المالقي في التمهيد والبيان (ص 131 - 132) في الإجابة، موضحين ما يلي:-
أولاً: إن كثيراً من الصحابة أو كلهم لم يكونوا يظنون أن يبلغ الأمر إلى قتله، فإن أولئك الخوارج لم
يكونوا يحاولون قتله عيناً بل طلبوا من أحد أمور ثلاثة: إما أن يعزل نفسه أو يسلم إليهم مروان بن
الحكم أو يقتلوه. و كانوا يرجون أن يسلم إليهم مروان – لأتهم يتهمونه بأنه هو الذي كتب الكتاب
على لسان عثمان يأمر فيه والي مصر بقتلهم، و هذا لم يثبت و ليس هناك دليل صحيح - أو أن
يعزل نفسه و يستريح من هذه الضائقة الشديدة. و أما القتل فما كان يظن أحد أنه يقع، و لا أن
هؤلاء يجرؤن عليه إلى هذا الحدّ.
ثانياً: إن الصحابة دافعوا عنه، لكن لما وقع التضييق الشديد عزم عثمان على الناس أن يكفوا أيديهم حقناً
لدماء المسلمين ففعلوا، فتمكن المحاصرون مما أرادوا.
ثالثاً: أن هؤلاء الخوارج اغتنموا غيبة كثير من أهل المدينة في موسم الحج و غيبتهم في الثغور و الأمصار،
و ربما لم يكن في المتبقين من أهل الدينة ما يقابل عدد الخوارج الذين كانوا قريباً من ألفي مقاتل.
رابعاً: إن كبار الصحابة قد بعثوا أولادهم إلى الدار لحماية عثمان رضي الله عنه، لكن عثمان علم أن في
الصحابة قلة عدد و أن الذين يريدون قتله كثير عددهم، فلو أذن لهم بالقتال لم يأمن أن يتلف من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه كثير، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم لأنه راع
عليهم، و الراعي يجب عليه أن يحفظ رعيته بكل ما أمكنه، و مع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم
بنفسه - حقناً لدماء المسلمين-.
خامساً: أنه لما علم أنها فتنة، و أن الفتنة إذا سلّ فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق القتل،
فلم يختر لأصحابه أن يسلوا السيف في الفتنة إشفاقاً عليهم، و حتى لا تذهب فيها الأموال و يهتك
فيها الحريم فصانهم عن جميع هذا.
سادساً: يحتمل أن يكون عثمان رضي الله عنه صبر عن الانتصار ليكون الصحابة شهوداً على من ظلمه،
و خالف أمره و سفك دمه بغير حق، لأن المؤمنين شهداء الله في أرضه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/325)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 286): و من المعلوم بالتواتر أن عثمان كان من أكف الناس عن الدماء و أصبر الناس على من نال من عرضه و على من سعى في دمه، فحاصروه و سعوا في قتله و قد عرف إرادتهم لقتله، و قد جاءه المسلمون ينصرونه و يشيرون عليه بقتالهم، و هو يأمر الناس بالكف عن القتال، و يأمر من يطيعه أن لا يقاتلهم .. و قيل له تذهب إلى مكة فقال: لا أكون ممن الحد في الحرم فقيل له تذهب إلى الشام فقال: لا أفارق دار هجرتي، فقيل له: فقاتلهم، فقال: لا أكون أول من خلف محمداً في أمته بالسيف.
فكان صبر عثمان حتى قتل من أعظم فضائله عند المسلمين.
و مما يناسب هذا المقام ذكر كلام الإمام الآجري في كتاب الشريعة (4/ 1981 - 1983) عن موقف الصحابة في المدينة من حصار المنافقين لعثمان رضي الله عنه.
قال الآجري: فإن قال قائل: فقد علموا أنه مظلوم وقد أشرف على القتل فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه،
و إن كان قد منعهم. قيل له: ما أحسنت القول، لأنك تكلمت بغير تمييز. فإن قال: ولم؟ قيل: لأن القوم كانوا أصحاب طاعة، وفقهم الله تعالى للصواب من القول و العمل، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقولهم و ألسنتهم و عرضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم، فلما منعهم عثمان رضي الله عنه من نصرته علموا أن الواجب عليهم السمع و الطاعة له، و إنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك، و كان الحق عندهم فيما رآه عثمان رضي الله عنه و عنهم. فإن قال: فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم، و قد علم أن قتالهم عنه نهي عن منكر، و إقامة حق يقيمونه؟ قيل له: وهذا أيضاً غفلة منك. فإن قال: وكيف؟ قيل له: مَنْعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوهاً كلها محمودة:-
أحدها: علمه بأنه مقتول مظلوم، لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه: إنك تقتل مظلوماً فاصبر، فقال: أصبر. فلما أحاطوا به علم أنه مقتول و أن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم له حق كما قال لا بد من أن يكون، ثم علم أنه قد وعده من نفسه الصبر فصبر كما وعد، وكان عنده أن من طلب الانتصار لنفسه و الذب عنها فليس هذا بصابر إذ وعد من نفسه الصبر، فهذا وجه.
و وجه آخر: و هو أنه قد علم أن في الصحابة رضي الله عنهم قلة عدد، و أن الذين يريدون قتله كثير عددهم، فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم؛ لأنه راع و الراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه، ومع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه، و هذا وجه.
و وجه آخر: هو أنه لما علم أنها فتنة و أن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق، فلم يختر لأصحابه أن يسلوا في الفتنة السيف، و هذا إنما إشفاقاً منه عليهم هم، فصانهم عن جميع هذا.
و وجه آخر: يحتمل أن يصبر عن الانتصار ليكون الصحابة رضي الله عنهم شهوداً على من ظلمه و خالف أمره و سفك دمه بغير حق، لأن المؤمنين شهداء الله عز وجل في أرضه، و مع ذلك فلم يحب أن يهرق بسببه دم مسلم ولا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه دم مسلم، و كذا قال رضي الله عنه. فكان عثمان رضي الله عنه بهذا الفعل موفقاً معذوراً رشيداً، و كان الصحابة رضي الله عنهم في عذر، و شقي قاتله.
و مما سبق نعلم أن منهج عثمان رضي الله عنه أثناء الفتنة و مسلكه مع المنافقين - هذا مصطلح نبوي أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم على الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه، لحديث (… فأرادك المنافقون أن تخلع .. الخ، تقدم تخريجه -، الذين خرجوا عليه لم تفرضه عليه مجريات الأحداث، ولا ضغط الواقع، بل كان منهجاً نابعاً من مشكاة النبوة، حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر و الاحتساب و عدم القتال حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وقد وفىّ ذو النورين رضي الله عنه بوعده و عهده لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال أيام خلافته، حتى خرّ شهيداً مضجراً بدمائه الطاهرة الزكية، ملبياً لدعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإفطار عنده. انظر: استشهاد عثمان لخالد الغيث (ص116) بتصرف يسير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/326)
أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 496 - 497) بإسناد حسن، من طريق مسلم أبو سعيد مولى عثمان رضي الله عنه: أن عثمان بن عفان أعتق عشرين مملوكاً، و دعا سراويل فشدها عليه - حتى لا تظهر عورته عند قتله - و لم يلبسها في جاهلية ولا في إسلام، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في النوم و رأيت أبا بكر و عمر و أنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه، فقتل وهو بين يديه.
و اعتبرت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه من أخطر الأحداث التي مرّت بها الدولة الإسلامية في عصر الخلافة الراشدة، و قد تركت من الاختلاف و الانقسام في صفوف الأمة ما كاد يودي بها، و قد أعقبها فتن داخلية أخرى تتصل بها و تتفرع عنها و هي موقعة الجمل و صفين و النهروان، كما استمرت آثارها متمثلة في الخوارج و الشيعة المعارضين للدولة الأموية و العصر الأول من الدولة العباسية خاصة، بل يمكن أن نعتبر الانقسامات الكبرى الناجمة عن الفتنة مؤثرة في الأمة حتى الوقت الحاضر.
و كان مقتل عثمان رضي الله عنه صباحاً، في يوم الجمعة، الثاني عشر من ذي الحجة، سنة خمس
و ثلاثين من الهجرة، و دفن ليلة السبت بين المغرب و العشاء، بحش كوكب شرقي البقيع، و هو ابن
اثنتين و ثمانين سنة، على الصحيح المشهور. رحم الله عثمان و رضي عنه. انظر: ابن سعد (3/ 77 - 78) و خليفة بن خياط (ص176) و الطبري (4/ 415 - 416) و المسند (2/ 10) و الذهبي في تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين (ص481) و البداية و النهاية لابن كثير (7/ 190) والاستيعاب لابن عبد البر (3/ 1044).
(الموقف مما شجر بين الصحابة).
أقول و بالله التوفيق: اعلم رحمني الله وإياك؛ أن البحث فيما شجر بين الصحابة، لا يقرب العبد إلى الله زلفى، فهم قد لقوا ربهم و هو أعلم بما شجر بينهم، فإن كان الأمر لا يقربك إلى الله زلفى و إنما قد يقودك إلى النار و أنت لا تعلم، فتجنبه أولى؛ إلا في حالة واحدة و سيأتي بيان هذه الحالة.
و معنى الإمساك عما شجر بين الصحابة، هو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب و الخلافات على سبيل التوسع و تتبع التفصيلات، و نشر ذلك بين العامة، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة و الانتصار لأخرى.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/ 406): و كذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم، و نعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب و هم كانوا مجتهدين، إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم، و ما كان لهم من السيئات، و قد سبق لهم من الله الحسنى، فإن الله يغفر لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة.
و ما شجر بينهم من خلاف فقد كانوا رضي الله عنهم يطلبون فيه الحق و يدافعون فيه عن الحق، فاختلفت فيه اجتهاداتهم، و لكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم، و من هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم، فلا نقول عنهم إلا خيراً و نتأول و نحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم و لا نطعن في نيّاتهم فهي عند الله، و قد أفضوا إلى ما قدموا، فنترضى عنهم جميعاً و نترحم عليهم و نحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم.
قال ابن قدامة المقدسي في اللمعة (ص175): و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و محبتهم و ذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الاستغفار لهم، و الكف عن ذكر مساوئهم و ما شجر بينهم، و اعتقاد فضلهم و معرفة سابقتهم، قال الله تعالى {و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} [الحشر/10] و قال تعالى {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح/29] و قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. البخاري مع الفتح (7/ 25) و مسلم برقم (6435).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/327)
و يقول الإمام الذهبي رحمه الله في السير (10/ 92 - 93): كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بينهم، و قتالهم رضي الله عنهم أجمعين و ما زال يمر بنا ذلك في الدواوين و الكتب و الأجزاء، و لكن أكثر ذلك منقطع و ضعيف و بعضه كذب .. فينبغي طيه و إخفاؤه بل إعدامه لتصفوا القلوب، و تتوفر على حب الصحابة و الترضي عنهم، و كتمان ذلك متعين عن العامة و آحاد العلماء .. إلى أن قال: فأما ما نقله أهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه، ولا كرامة فأكثره باطل و كذب و افتراء.
و فضيلة الصحبة و لو للحظة، لا يوازيها عملٌ ولا تنال درجتها بشيء، و الفضائل لا تؤخذ بالقياس.
و قد أخرج ابن عساكر في تاريخه (59/ 141) في ترجمة معاوية رضي الله عنه من طريق ابن منده ثم من طريق أبي القاسم ابن أخي أبي زرعة الرازي قال: جاء رجل إلى عمي فقال له: إني أبغض معاوية، فقال له: لم؟ قال: لأنه قاتل علياً بغير حق، فقال له أبو زرعة: رب معاوية ربٌ رحيم و خصم معاوية خصمٌ كريم فما دخولك بينهما؟.
و قال الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة (5/ 2485 - 2491)، باب ذكر الكف عما شجر بين أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و رحمة الله عليهم أجمعين: ينبغي لمن تدبر ما رسمنا من فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و فضائل أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين، أن يحبهم و يترحم عليهم و يستغفر لهم، ويتوسل إلى الله الكريم لهم – أي بالدعاء و الترحم والاستغفار و الترضي – ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا، ولا يذكر ما شجر بينهم، ولا ينقّر عنه ولا يبحث. فإن عارضنا جاهل مفتون قد خطي به عن طريق الرشاد فقال: لم قاتل فلان لفلان، ولم قتل فلان لفلان وفلان؟!.
قيل له: ما بنا و بك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها.
فإن قال قائل: و لم؟
قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة رضي الله عنهم، فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، و كانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، و كانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم، لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، و شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، و جاهدوا معه، و شهد لهم الله عز وجل بالرضوان والمغفرة و الأجر العظيم، و شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، فكانوا بالله عز وجل أعرف و برسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبالسنة، و منهم يؤخذ العلم، و في قولهم نعيش و بأحكامهم نحكم، و بأدبهم نتأدب و لهم نتبع و بهذا أمرنا.
فإن قال قائل: و أيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم و البحث عنه؟
قيل له: لاشك فيه؛ و ذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، و عقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق و نتخلف عما أمرنا فيهم.
فإن قال قائل: و بم أمرنا فيهم؟
قيل: أمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم و الاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة و قول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، و صاهرهم، و صاهروه، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم، و قد ضمن الله عز وجل لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحداً، و قد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة و الإنجيل؛ فوصفهم بأجمل الوصف، و نعتهم بأحسن النعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم، و إذا تاب عليهم لم يعذب واحداً منهم أبداً رضي الله عنهم و رضوا عنه {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة/22].
فإن قال قائل: إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم، فأكون لم يذهب عليّ ما كانوا فيه لأني أحب ذلك ولا أجهله.
قيل له: أنت طالب فتنة، لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، و لو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه و اجتناب محارمه كان أولى بك. و قيل له: ولا سيّما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة – فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث و يقال في زمننا هذا -.
و قيل له: اشتغالك بمطعمك، و ملبسك من أين؟ هو أولى بك، و تمسكك بدرهمك من أين هو؟ و فيم تنفقه؟ أولى بك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/328)
و قيل: لا نأمن أن تكون بتنقيرك و بحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما يصلح لك أن تهواه، و يلعب بك الشيطان فتسب و تبغض من أمرك الله بمحبته و الاستغفار له و باتباعه، فتزل عن طريق الحق، و تسك طريق الباطل.
فإن قال: فاذكر لنا من الكتاب و السنة و عمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت، لنرد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.
قيل له: قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ و حجة لمن عقل، و نعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق. قال الله عز وجل {محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل، كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار .. } [الفتح:29]. ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم. و قال الله عز وجل {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة .. } [التوبة/117]. الآية. و قال عز وجل {و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم .. } [التوبة/100]. إلى آخر الآية. و قال عز وجل {يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم .. .. } [التحريم/8]. الآية. و قال عز وجل {كنتم خير أمة .. .. } [آل عمران/110]. الآية. و قال عز وجل {لقد رضي الله عن المؤمنين .. .. } [الفتح/18]. إلى آخر الآية. ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء من بعد الصحابة فاستغفر للصحابة و سأل مولاه الكريم ألا يجعل في قلبه غلاً لهم، فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء فقال عز وجل {و الذين جاءوا من بعدهم .. إلى قوله .. رءوف رحيم} [الحشر/10]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. أخرجه البخاري مع الفتح (7/ 5) و مسلم برقم (6419) و أحمد في المسند (1/ 438). وقال ابن مسعود: إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و بعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد - يعني من غير الأنبياء و المرسلين كما هو معلوم - فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه. رواه أحمد في المسند (1/ 379) و البغوي في شرح السنة (1/ 214 - 215) و هو حدث حسن.
ثم قال الآجري رحمه الله: يقال: لمن سمع هذا من الله عز وجل و من رسوله صلى الله عليه وسلم: إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به، و إن كنت متبعاً لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل فيهم {و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} [القصص/50]، و كنت ممن قال الله عز وجل {و لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو اسمعهم لتولوا و هم معرضون} [الأنفال/23].
و يقال له: من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم و يهوى بعضهم، و يذم بعضاً و يمدح بعضاً؛ فهذا رجل طالب فتنة، و في الفتنة وقع، لأنه واجب عليه محبة الجميع، و الاستغفار للجميع رضي الله عنهم، و نفعنا بحبهم، و نحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع، و يدع البحث و التنقير عما شجر بينهم.
ثم ساق رحمه الله مجموعة من الآثار في بيان الواجب عمله تجاه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: ما رواه عن شهاب بن خراش عن العوام بن حوشب قال: اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم، ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم. أخرجه الخلال في السنة (ص 513) و إسناده حسن. و أيضاً ما رواه أبي ميسرة قال: رأيت في المنام قباباً في رياض مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لذي الكلاع و أصحابه – و كان مع من قتل مع معاوية رضي الله عنه -، و رأيت قباباً في رياض فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لعمار و أصحابه، فقلت: و كيف و قد قتل بعضهم بعضاً؟ قال: إنهم وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة. إسناده صحيح إلى أبي ميسرة، و لم يخرجه غير الإمام الآجري. كما قال ذلك المحقق، أنظر كتاب الشريعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/329)
(5/ 2493). و أيضاً ما ذكر عن الحسن رحمه الله، أنه كان في مجلس فذكر كلاماً و ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً و أعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فتشبهوا بأخلاقهم و طرائقهم، فإنهم و رب الكعبة على الهدى المستقيم. أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 305 - 306) عن الحسن عن ابن عمر، و البغوي في شرح السنة (1/ 214) عن ابن مسعود.
و الذي يظهر من كلام هؤلاء الأئمة التأكيد على هذا الضابط المهم و هو: عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، على سبيل التسلية و تأليف الأشرطة والمحاضرات و عرضها بين الناس بمختلف مستوياتهم، و هو الخطأ الذي وقع فيه الدكتور: طارق سويدان حفظه الله.
غير أن بعضهم أجاز الخوض في ذلك في حالة واحدة فقط؛ و هي إن ظهر مبتدع مبطل يقدح فيهم بالباطل، فيجب الدفاع عنهم بحق و عدل مع التنبيه إلى أنه لا يدافع عن بعضهم فيقع في سب آخرين منهم، إنما يكون الدفاع عنهم رضي الله عنهم جميعاً، و إلا فيجب الصمت و ترك الخوض فيما شجر بينهم. ضوابط إنقاذ التاريخ الإسلامي، مقال من جريدة المسلمون للدكتور: محمد بن عبد الله الغبان. العدد (656ص 8).
إن موضوع النزاع و الخلاف بين الصحابة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه يجب أن ينظر إليه من زاويتين:-
الأولى: إن اللوم في تلك الفتنة على العموم يلقى على قتلة عثمان، لأن كل من قتل من المسلمين بأيدي
إخوانهم منذ قتل عثمان رضي الله عنه إنما يقع إثمه عليهم، فهم الذين فتحوا باب الفتنة و كل ما وقع بعد ذلك فإثمه و وزره عليهم، إذ كانوا هم السبب المباشر فيها، و هم الفئة المعتدية الظالمة الباغية التي قتل بسببها كل مقتول في الجمل و صفين و ما تفرق عنها من أحداث و آراء و مواقف فتحت باب الخلاف و الفرقة بين المسلمين.
الثانية: إن ما حدث من جانب الصحابة رضي الله عنهم في هذه الفتنة يحمل على حسن النية و الاختلاف في التقدير و الاجتهاد، كما يحمل على وقوع الخطأ و الإصابة، و لكنهم على كل حال كانوا مجتهدين و هم لإخلاصهم في اجتهادهم مثابون عليه في حالتي الإصابة و الخطأ، و إن كان ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ؛ لأن كل فئة كانت لها وجهة نظر تدافع عنها بحسن نية، حيث إن الخلاف بينهم لم يكن بسبب التنافس على الدنيا، و إنما كان اجتهاداً من كل منهم في تطبيق شرائع الإسلام. تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (2/ 340 - 342) بتصرف.
و قد سئل ابن المبارك عن الفتنة التي وقعت بين علي و معاوية رضي الله عنهما فقال: فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا - يعني في التحرز من الوقوع في الخطأ و الحكم على بعضهم بما لا يكون مصيباً
فيه -. و سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و غبنا،
و علموا و جهلنا، و اجتمعوا فاتبعنا، و اختلفوا فوقفنا. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 322) في تفسير سورة الحجرات.
و يقول النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم (18/ 219 - 220): و اعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد - يعني قوله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار - و مذهب أهل السنة و الحق إحسان الظن بهم، و الإمساك عما شجر بينهم، و تأويل قتالهم و أنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا، بل اعتقد كل فريق أنه المحق و مخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى الله، و كان بعضهم مصيباً و بعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ لأنه اجتهاد و المجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/330)
و يورد شيخ الإسلام في مواضع متفرقة من مجموع الفتاوى (35/ 50 و 54 و 56 و 69) رأي أهل السنة في هذه المسألة مستبعداً رأي أهل البدع من الخوارج و الرافضة و المعتزلة الذين جعلوا القتال موجباً للكفر أو الفسق، فيقول: و أهل السنة و الجماعة و أئمة الدين لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة بل يمكن أن يقع الذنب منهم، والله يغفر لهم بالتوبة و يرفع بها درجاتهم، و إن الأنبياء هم المعصومون فقط، أما الصديقون و الشهداء و الصالحون فليسوا معصومين، و هذا في الذنوب المحققة، و أما اجتهادهم فقد يصيبون فيه أو يخطئون، فإذا اجتهدوا و أصابوا فلهم أجران، و إذا اجتهدوا و أخطأوا فلهم أجر واحد على اجتهادهم، و جمهور أهل العلم يفرقون بين الخوارج المارقين و بين أصحاب الجمل و صفين ممن يعد من البغاة المتأولين، و هذا مأثور عن الصحابة و عامة أهل الحديث، و الفقهاء و الأئمة.
يقول ابن حجر في الفتح (13/ 37): و اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، و لو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد و قد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً، و أن المصيب يؤجر أجرين.
و هكذا نأخذ من مجموع كلام هؤلاء الأئمة، أن الموقف مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم هو الإمساك و عدم الخوض، و هذا هو الذي دل عليه الحديث الثابت كما عند الطبراني و غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا. أنظر: السلسة الصحيحة (1/ 75).
و قد فسر المناوي في فيض القدير (2/ 676) الحديث بأن معناه: ما شجر بينهم - أي الصحابة - من الحروب والمنازعات.
يقول الحافظ الذهبي في السير (3/ 128): فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غالياً في الحب، مفرطاً في البغض، و من أين يقع له الإنصاف و الاعتدال؟! فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق و اتضح من الطرفين و عرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين، و تبصرنا فعذرنا و استغفرنا و أحببنا باقتصاد، و ترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ إن شاء الله مغفور، و قلنا كما علمنا الله {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} و ترضينا أيضاً عمن اعتزل الفريقين كسعد ين أبي وقاص و ابن عمر و محمد بن مسلمة و سعيد بن زيد و خلق، و تبرأنا من الخوارج الذين حاربوا علياً و كفروا الفريقين.
فهذه مقتطفات عاجلة من معتقد أهل السنة و الجماعة في الصحابة، و تلك قناعات و منطلقات شرعية لا تهتز بإرجاف المرجفين ولا تتأثر بتشكيك المشككين.
و إذا كانت أعراض المسلمين بشكل عام مصونة في الإسلام، فأعراض الصحابة و هم أهل الفضل و السابقة و الجهاد أولى بالصيانة، و الدفاع عنهم قربة لله عز وجل و تقديراً لمآثرهم و جهادهم.
و أخيراً لماذا هذه العناية بأعراض الصحابة و لماذا الدفاع عنهم؟
أقول: إن هناك مكمن خطر في سبهم أو التعريض بهم و بعدالتهم، فهم نقلة الدين و الطعن فيهم وسيلة للطعن في الدين.
وإن من أسوأ الأخطاء المنهجية والتربوية معاً، تدريس الحروب والخلافات التي وقعت بين الصحابة لتلاميذ المدارس، مع ما يصاحب ذلك من تشويه في العرض، و تقصير في تعريف التلاميذ بمنزلة الصحابة و فضلهم و حقهم على الأمة، حيث ينشأ عن ذلك تعارض في أذهانهم بين الصورة الفطرية التي تصوروها عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، و ما ينبغي أن يكونوا عليه من الاستقامة، و بين الصورة التي تلقوها من المدرسة، فلا يستطيعون معرفة الحق من ذلك ولا يستوعبونه نظراً لصغر سنهم، و لقلة ثقافتهم، حتى لو حاولت أن توضح لهم الصورة الصحيحة فإنهم لا يكادون يقتنعون لأن الشبهة التي أثيرت قد انقدحت في أذهانهم.
و هذه المسارعة في عرض مثل هذه المادة التاريخية على صغار التلاميذ أو عوام الناس مخالف للقواعد الأصولية مثل قاعدة: (سد الذرائع). و قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). و مخالف أيضاً للقواعد التربوية التي تقتضي أن لا يعرض على الناس أكثر مما لا تحتمله عقولهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/331)
و قد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد هذا؛ فقال عبد الله بن مسعود كما في مقدمة صحيح مسلم برقم (14): (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة). و قد بوب البخاري في صحيحه: (باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا). و أورد قول علي بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله و رسوله). البخاري مع الفتح (1/ 272)، قال ابن حجر معلقاً عليه: (فيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة).
فهذه الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على صحة هذه القاعدة التربوية، و أنه لا ينبغي أن يدرّس مثل هذا لتلاميذ المدارس، لأنه مما لا تبلغه عقولهم، و مما يؤدي إلى فتنة بعضهم، و هو اعتقاد ما لا ينبغي اعتقاده في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. و للمزيد حول هذا الموضوع أنظر كتاب: منهج كتابة التاريخ الإسلامي للدكتور: محمد بن صامل (ص252). و مقال: فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة: زياد سعد الغامدي في مجلة البيان الإسلامية العدد (134).
و إذا قدر لهذه القضايا أن تبحث فينبغي أن يسند الأمر إلى أهله، و أن يتوفر على ذلك علماء متمكنون في علمهم، صادقين في توجههم، برآء من أي تهمة في معتقدهم، و أن يكونوا على مستوى الخاصة، و ألا تفتن بهم العامة، و ألا تكون قضية مطروحة للمزاد يهرف فيها من لا يعرف، و يظن الجاهل أن من حقه أن يوافق أو يخالف .. و ليت شعري كم تنطق الرويبضة و يتصدر السفهاء إذا غاب عن الساحة صوت العلماء، أو توارى خلف الحجب رأي النبلاء .. و مع ذلك فالزبد سيذهب جفاء و يمكث في الأرض ما ينفع الناس، و كذلك اقتضت حكمة الله في الصراع بين الحق و الباطل قديماً و حديثاً، ليميز الله الخبيث من الطيب و ينحاز الصادقون و ينكشف و لو بعد حين الكاذبون. خير القرون، مقال للدكتور سليمان العودة. انظر مجلة الدعوة العدد (1610).
وما أحسن ما قيل عن التاريخ الإسلامي: فهو تاريخ ناصع مشرق، و هو مفخرة على مر الزمن، و درة على جبين الدهر، لا يدانيه تاريخ أمة من الأمم في قديم الزمان و حديثه، و مع ذلك فقد وقعت فيه بعض الحوادث التي تلقي بعض الظلال القاتمة على إشراقه، بدأت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ظهرت بعض الخلافات في وجهات النظر بين بعض الصحابة، أدت إلى وقوع بعض الحروب، مثل: وقعة صفين، و وقعة الجمل و يوم الحرة و أمثالها، و الطالب المسلم يمر بها في بعض مراحل حياته الدراسية، و نحن نريد أن نلفت نظر المعلم أو المدرس إلى وجوب التزام جانب اليقظة و الحكمة و الحذر عند عرض هذه الوقائع على طلابه، فالصحابة رضي الله عنهم شموس لامعة براقة أشرقت في تاريخ الإنسانية فغمرته بالنور، و هي شموس تتفاوت أقدارها و تتباين في أنواع فضائلها، و لكنها تبقى دائماً في أعلى درجات الفضل، و في ذروة العزة و المجد، و لو ميز المشتغلون بتاريخ الإسلام، بين الأصيل و الدخيل من الحوادث التي وقعت بين الصحابة، لأخذتهم الدهشة لما اخترعه أعداء الإسلام من يهود و مجوس و منافقين و ملحدين و حاقدين، من أخبار ملفقة كاذبة، ألصقوها بالصحابة الكرام ظلماً و عدواناً و كيداً، فصورت أخبارهم الوضع عن غير حقيقته، و أدخلت التشويه على الصورة الحقيقية الناصعة للصحابة رضي الله عنهم، الذين يعتبرون بحق سادة البشر و خلاصة الإنسانية، كيف لا؟ و هم تلامذة أشرف المخلوقين و سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. مقتبس من كتاب: كلمات نافعة لناجي الطنطاوي (ص79) بتصرف.
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتمسك بقوله تعالى: {و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم} [الحشر/10].
و بعد هذا الذي ذكرت، فإنه قد ظهر و خاصة على صفحات الإنترنت من يطعن في الصحابة الكرام و يثير هذه الأحداث من جديد لكن بشكل مشوّه مزرٍ، لذا آثرت الحديث في هذا الموضوع، دفاعاً عن الحق و عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر الأحداث التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه، حتى قبيل معركة الجمل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/332)
أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرّوا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و بعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة و نجم عن ذلك مقتل الخليفة، و بقاء المنصب شاغراً، و سعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة و عبد الله بن عمر، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، و هم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، و قد أدرك المعارضون ذلك بعد فشل محاولاتهم. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573 - 574).
قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا: لا والله! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد:فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، و أبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. و هناك رواية عن أبي بشير العابدي يقول فيها: إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، و قد طال الأمر. فقال لهم: إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، و إلا فلا حاجة لي فيه، فقالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فبايعوه في المسجد.
و هناك رواية أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا: يا علي ابسط يدك، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة. و هناك رواية أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال: أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول: إن علياً جاء فقال لطلحة: ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة: أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه. كلها عند الطبري في تاريخه (4/ 427 - 428) و (4/ 434). و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573).
و قد ذكر ابن سعد في الطبقات (3/ 31) بيعة علي رضي الله عنه يوم الجمعة بالخلافة سنة خمس و ثلاثين و ذكر من جملة الصحابة الذين بايعوا طلحة و الزبير و جمع من الصحابة ممن كان في المدينة.
ذكر المسعودي في مروج الذهب (ص358): أن علياً بويع في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه يعني البيعة الخاصة، ثم قال إنه بويع البيعة العامة بعد مقتل عثمان بأربعة أيام.
و ذكر اليعقوبي في تاريخه (1/ 178): أن طلحة و الزبير بايعا علياً وكان أول من بايعه و صفق على يده يد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
يقول الحافظ الذهبي دول الإسلام (1/ 28) في شأن البيعة: لما قتل عثمان سعى الناس إلى علي و قالوا: لابد للناس من إمام فحضر طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و الأعيان، و كان أول من بايعه طلحة ثم سائر الناس.
و أما الروايات المخالفة التي نقلها الإمام الطبري في تاريخه (4/ 429) و (4/ 431) و (4/ 435): منها من يقول بأن طلحة و الزبير بايعا كرها، حيث روى من طريق الزهري قال: بايع الناس علي ابن أبي طالب فأرسل إلى الزبير و طلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكّأ طلحة فقام الأشتر و سل سيفه و قال: والله لتبايعن أو لأضربن بهما بين عينيك فقال طلحة: و أين المهرب عنه! فبايعه و بايعه الزبير و الناس. و هناك روايات أخرى تبين أنهما بايعا و السيف فوق عنقيهما. هذه كلها لا تصح لأنها من روايات الواقدي و أبي مخنف الكذاب.
يقول ابن العربي في العواصم من القواصم (ص148) عنها: فإن قال طلحة: بايعته و اللج على عنقي، قلنا اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في القفا لغة قفي، كما يجعل في الهوى هوي، و تلك لغة هذيل لا قريش فكانت كذبة لم تدبر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/333)
و قول من قال: بايع علياً يد شلاّء – أي يد طلحة - والله لا يتم هذا الأمر. قال ابن العربي في العواصم (ص148 - 149) عن ذلك: و أما من قال يد شلاء و أمر لا يتم، فإن يداً شلت في وقاية رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم لها كل أمر و يتوقى بها من كل مكروه. و قد تم الأمر على وجهه، و نفذ القدر بعد ذلك على حكمه و جهلَ المبتدع ذلك فاخترع ما هو حجة عليه.
و في رواية ابن شبة كما رواها الطبري في تاريخه (4/ 429) عن محمد بن الحنفية قال: بايعت الأنصار علياً إلا نفير يسير.
و ذكر منهم: سعد بن أبي وقاص و ابن عمر و أسامة بن زيد و محمد بن مسلمة و غيرهم، قلت: هذا غير صحيح فإن حضورهم لعلي و اعتذارهم عن الوقوف معه في حرب أهل الشام أو فيما يدور بينه وبين المسلمين من القتال في العراق، لدليل واضح على أن في أعناقهم بيعة تلزمهم بطاعته حين اعتذروا، و لو كان الأمر خلاف ذلك لتركوه يخرج دون أن يذهبوا إليه و يعتذروا له، فهم حينئذ غير ملزمين بطاعته.
و يبرر الباقلاني في التمهيد في الرد على الملحدة (ص233 - 234) موقف الصحابة الذين تأخروا عن نصرة علي فيقول في هذا الصدد: فإن قال قائل: فإن كانت إمامة علي من الصحة و الثبوت بحيث وصفتم، فما تقولون في تأخر سعد و ابن عمر و ابن مسلمة و أسامة و غيرهم عن نصرته و الدخول في طاعته؟ قيل له: ليس في جميع القاعدين ممن أسمينا أو ضربنا عن ذكره من طعن في إمامته و اعتقد فسادها، و إنما قعدوا عن نصرته على حرب المسلمين لتخوفهم من ذلك و تجنب الإثم فيه.
و يذكر ابن العربي في العواصم (ص 150): أن قوماً قالوا تخلف عنه من الصحابة جماعة منهم سعد و ابن مسلمة و ابن عمر و أسامة، فيرد عليهم بقوله: قلنا أما بيعته فلم يتخلف عنها، و أما نصرته فتخلف عنها قوم؛ منهم من ذكرتم؛ لأنها كانت مسألة اجتهادية فاجتهد كل واحد و أعمل نظره و أصاب قدره.
و خلاصة القول لئن كانت بعض الروايات تستثني من البيعة بعض الصحابة فإن ذلك لا يقدح في خلافة علي رضي الله عنه.
و إن ثبت امتناع معاوية عن مبايعته فإن ذلك لا يقدح في إجماع أهل الحل و العقد على خلافته، كما لا يقدح في الإجماع على خلافة الصديق امتناع سعد بن عبادة عن مبايعته، على أن معاوية معترف بأن علي أحق بالإمامة منه و إنما حجّته في الامتناع هو طلبه تسليم الموجودين من قتلة عثمان فيقتص منم.
و يخلص الماوردي في الأحكام السلطانية (ص30) إلى القول: بأن فرض الإمامة أو البيعة يكون فرض كفاية كالجهاد و طلب العلم، حيث إذا قام بها من هو أهلها سقط فرضها عن كافة الناس.
بعد أن تولى علي الخلافة قام بعزل بعض الولاة و تعيين آخرين بدلاً عنهم، فعزل والي مكة خالد بن العاص، و عين بدله أبا قتادة الأنصاري مدة شهرين، ثم عزله و عين قثم بن العباس، و يبدو أن الرأي العام بمكة كان غاضباً لعثمان و تصاعد الغضب لكثرة النازحين من المدينة إلى مكة على إثر سيطرة الثوار على المدينة. تاريخ خليفة (ص178،201) و عصر الخلافة الراشدة لأكرم العمري (ص139 - 146)
و أرسل عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة والياً عليها بدلاً من عبد الله بن عامر واليها لعثمان، و كان قد ترك البصرة متجهاً إلى مكة. و قد انقسمت البصرة على الوالي الجديد، فمنهم من بايع و منهم من اعتزل و منهم من رفض البيعة حتى يقتل قتلة عثمان. سير أعلام النبلاء (2/ 322).
و أما مصر فكان واليها عبد الله بن سعد بن أبي السرح قد تركها متجهاً إلى عسقلان، فاستولى عليها محمد بن أبي حذيفة مدة عام كامل و واجه معارضة تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، فلما قتل ولي عليها قيس بن سعد بن عبادة فتمكن من أخذ البيعة لعلي و هادن أهلها. مصنف عبد الرزاق (5/ 458) بسند صحيح إلى الزهري.
و أرسل علي إلى معاوية يطلب منه البيعة فرد عليه قائلاً: فإن كنت صادقاً فأمكنا من قتلة عثمان نقتلهم به ونحن أسرع الناس إليك. الأخبار الطوال للدينوري (ص162 - 163).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/334)
فإن قال قائل: إن علياً قد أخطأ في عزل جميع ولاة عثمان قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار. فالجواب: إن علياً رضي الله عنه إمام مجتهد له أن يعزل عمال عثمان إذا رأى المصلحة في ذلك، و قد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو المعصوم خالد بن سعيد بن أبي العاص على صنعاء و عمرو بن العاص على عمان، فعزلهما الصديق من بعده، و ولى الصديق خالد بن الوليد و المثنى بن حارثة، فعزلهما الفاروق من بعده،
و ولى الفاروق عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة فعزلهما عثمان من بعده. تاريخ خليفة (ص97،102،122 - 123،155،178) و تاريخ الطبري (3/ 343) (4/ 241).
و هكذا فعل علي لما رأى المصلحة في ذلك؛ فهل ينتقد عاقل الصديق و الفاروق و ذا النورين في عزلهم هؤلاء العمال الأكفاء!.
أما القول بأنه عزل جميع عمال عثمان، هذا غير صحيح فالعزل لم يتحقق إلا في معاوية في الشام و خالد بن أبي العاص في مكة، و أبي موسى الأشعري في الكوفة، على أنه أقره بعد ذلك. تاريخ الطبري (4/ 442) و تاريخ خليفة (ص201).
و أما البصرة فإن واليها خرج من نفسه، و في اليمن أخذ أميرها يعلي بن مُنية مال جباية اليمن و قدم مكة بعد مقتل عثمان و انضم إلى طلحة و الزبير و حضر معهم موقعة الجمل، و ابن أبي السرح خرج إلى فلسطين و مكث هناك حتى مات بعد أن تغلب ابن أبي حذيفة على مصر. تاريخ الطبري (4/ 421) و (4/ 450).
و هكذا فإن أميري اليمن و البصرة عزلا أنفسهما و أمير مصر عزله المتغلب عليها و أمير الكوفة أقره على منصبه فلم يرد العزل إلا في حق معاوية والي الشام و خالد والي مكة. و أما القول بأنه عزلهم قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار، قلت: إن تولية الإمام للعمال على الأمصار غير مشروط بوصول بيعة أهلها له، فمتى بايع أهل الحل و العقد، لزمت بيعته جميع البلدان النائية عن مركز الخلافة. و لو كانت تولية الخليفة العمال على الأمصار متوقفة على وصول بيعة أهلها له ما تمت بيعة أبي بكر رضي الله عنه، لأنه تصرف بإرسال جيش أسامة و محاربة المرتدين قبل وصول بيعة أهل مكة و الطائف و غيرها من البلاد، و كذلك فعل الفاروق و ذي النورين فإنهما تصرفا في أمور المسلمين أيضاً قبل وصول بيعة الأمصار إليهما.
مقدمات معركة الجمل و ما سبقها من أحداث.
لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي رضي الله عنه، خرج كل من طلحة و الزبير من المدينة بقصد العمرة، و كذلك خرج عبد الله بن عامر من البصرة و يعلي بن مُنْية من اليمن إلى مكة في أوقات مختلفة، و أما عن طلب الزبير و طلحة من علي السماح لهما بالذهاب إلى البصرة و الكوفة لإحضار جند يقاتلون بهم قتلة عثمان رضي الله عنه، فهذا خبر لا يصح منه شيء؛ لأن طلحة و الزبير رضي الله عنهما كانا حريصين على إصلاح ذات البين و إطفاء نار الفتنة و منع إراقة المزيد من دماء المسلمين، كما سيأتي.
اجتمع طلحة والزبير و يعلي و عبد الله بن عامر و عائشة رضي الله عنهم أجمعين بعد نظر طويل على الشخوص إلى البصرة من أجل الإصلاح بين الناس حين اضطرب أمرهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، و ليس من أجل المطالبة بدم عثمان، و دليل ذلك حديث الحوأب، - هو موضع قريب من البصرة، و هو من مياه العرب في الجاهلية و يقع على طريق القادم من مكة إلى البصرة، و سمي بالحوأب؛ نسبة لأبي بكر بن كلاب الحوأب، أو نسبة للحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية، انظر: معجم البلدان (2/ 314) – ففي أثناء الطريق إلى البصرة مر الجيش على منطقة يقال لها الحوأب، فنبحت كلابها فلما سمعت عائشة هذا النباح، طرأ عليها حديثاً فقالت ما هذه المنطقة؟ قالوا هذه الحوأب، فتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث روى أحمد و ابن حبان و الحاكم عن قيس بن حازم أن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحواب. فقال لها الزبير: ترجعين؟! - أي لا ترجعي لأنهم يحترمونك - عسى الله أن يصلح بك بين الناس. هذا لفظ شعبة، أما لفظ يحيى فقال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلاً، فنبحت الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/335)
فيصلح الله ذات بينهم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. السلسلة الصحيحة (1/ 846).
و قد أشكل حديث الحوأب على بعض الناس فردوه - منهم الإمام ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم (ص162)، و تابعه الشيخ محب الدين الخطيب في حاشيته على هذا الكتاب القيم (ص152) -، و هو حديث صحيح و لسان حالهم يقول: كان على عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب أن ترجع، و الحديث يدل على أنها لم ترجع و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين.
و قد أجاب الشيخ الألباني رحمه الله على هذا الإشكال فقال: ليس كل ما يقع من الكمّل يكون لائقاً بهم، إذ المعصوم من عصم الله و السنّي لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه، حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين، و لا شك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذا همّت بالرجوع حين علمت بتحقيق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب، و لكن الزبير رضي الله عنه، قد أقنعها بترك الرجوع بقوله: عسى الله أن يصلح بك بين الناس، و لاشك انه كان مخطئاً في ذلك أيضاً. السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855)، و قال ابن حجر عن الحديث: سنده على شرط الشيخين، انظر فتح الباري (13/ 59 - 60) و قال الهيثمي: رواه أحمد و أبو يعلى و البزار و رجال أحمد رجال الصحيح، مجمع الزوائد (7/ 234) و صححه الألباني في الصحيحة ورد على من طعن في صحته و بين من أخرجه من الأئمة، انظر: الصحيحة (1/ 846 - 855).
هنا أدرك علي رضي الله عنه خطورة الموقف، و ما يمكن أن يجر إليه الخلاف من تمزيق الدولة الإسلامية،
فاستنفر أهل المدينة للخروج معه فاجتمع معه حوالي سبعمائة رجل، و اعتزل الكثير من الصحابة هذه الفتنة، فخرج علي من المدينة متجهاً إلى العراق و قد عسكر في الربذة حيث أضيف إلى جنده مائتا رجل فبلغوا تسعمائة رجل. تاريخ دمشق لابن عساكر (42/ 456).
و قد حاول الحسن بن علي ثني أبيه عن الذهاب إلى العراق و هو يبكي لما أصاب المسلمين من الفرقة و الاختلاف، لكن علياً رفض ذلك و أصر على الخروج. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 99 - 100) بإسناد حسن، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 456 - 457).
و قد جاءت روايات لتبين أن علي رضي الله عنه خرج من المدينة في إثر أصحاب الجمل، و هذا الأمر لم يحدث، بل الصحيح أنه خرج من المدينة عاقداً العزم على التوجه إلى الكوفة ليكون قريباً من أهل الشام، و لم يخرج في أعقاب أصحاب الجمل.
و في ما يلي بيان هذا الأمر:-
أ- ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من المدينة أقام في - الربذة - عدة أيام، و هذا الصنيع من علي رضي الله عنه لا يشبه صنيع من خرج يطلب قوماً. هذا فضلاً عن أن - الربذة - تقع على طريق الكوفة بينما أصحاب الجمل كانوا يسلكون طريق البصرة.
ب- كذلك ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من - الربذة - توجه إلى – فَيْد، انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق البلادي (ص239). - ثم - الثعلبية، انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 78) - و هذه الأماكن من منازل طريق الكوفة، و هذا يعني أن علياً لم يكن يتعقب أصحاب الجمل، وإلا لترك طريق الكوفة و قصد طريق البصرة. خاصة أن من أراد البصرة و كان خارجاً من المدينة فإنه يتجه إلى – النَّقِرَة، انظر: معجم البلدان (5/ 298) - التي تقع على طريق الكوفة، و منها يتيامن حتى يصل – النِّباج، انظر: معجم البلدان (5/ 255) - التي تقع على طريق البصرة. انظر: كتاب المناسك للحربي (322،587).
لكن علياً رضي الله عنه لم يفعل ذلك بل تعدى النقرة و واصل سيره إلى فيد ثم الثعلبية. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص183 - 184).
هنا و بعد أن عسكر علي رضي الله عنه في الربذة، أرسل رسولين لاستنفار الكوفيين، و هما محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر، فأخفقا في مهمتهما لأن أباموسى الأشعري والي الكوفة لعلي التزم موقف اعتزال الفتنة و حذر الناس من المشاركة فيها. سنن أبي داود (4/ 459 - 460) بإسناد حسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/336)
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 58) من طريق أبي وائل قال: دخل أبو موسى و أبو مسعود على عمار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمت أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، و كساهما حلة ثم راحوا إلى المسجد.
فاتجه علي إلى - ذي قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة. معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 293 - 294) - قرب الكوفة و عسكر بها، و منها أرسل عبد الله بن عباس و أتبعه ابنه الحسن و عمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين. تاريخ الطبري (4/ 482) بسند صحيح إلى الزهري مرسلاً، و الفتح (13/ 63). و كان السبب في تغير وجهة السير، هو أن علي رضي الله عنه سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة و أدت إلى خروج عامله عنها.
روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بعث علي عماراً و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا و الآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. و روى كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة و الزبير و عائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر و الحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه و قام عمار أسفل الحسن. فاجتمعنا إليه فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، و لكن الله تبارك و تعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي. قال الحافظ في الفتح: و مراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، و أن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام و لا أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار و شدة تحريه قول الحق. و قال أيضاً: قال ابن هبيرة: في هذا الحديث أن عماراً كان صادق اللهجة و كان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب. انظر: الفتح (13/ 63).
و هنا يجدر التنبيه إلى أن كلام عمار رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها مبني على عدم معرفة عمار بحقيقة خروج أصحاب الجمل، و هو أنهم قد خرجوا للإصلاح بين الناس. أنظر: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص185).
فقدم على علي وفد الكوفه بذي قار فقال لهم: يا أهل الكوفة أنتم لقيتم ملوك العجم فعضضتم جموعهم،
و قد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن رجعوا فذاك الذي نريده، و إن أبو داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بالظلم، و لن ندع أمراً فيه الإصلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى. البداية و النهاية لابن كثير (7/ 237).
و تذكر بعض الروايات أن أصحاب الجمل بعد أن خرجوا من مكة و اقتربوا من أوطاس: و هو سهل يقع على طريق الحاج العراقي إذا أقبل من نجد، و تبعد عن مكة (143كم) باتجاه الشمال الشرقي، انظر: معجم البلدان (1/ 281)، تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته حتى وصلوا البصرة.
و هذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه يصور أصحاب الجمل الذين خرجوا للإصلاح
بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، و أن خوفهم من علي رضي الله عنه قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم. و بدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة، اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات.
و بيان ذلك كما يلي:-
أ- ذكرت الروايات أن أصحاب الجمل حين وصلوا - أوطاس - تيامنوا عنها و تركوا طريق البصرة و ساروا بمحاذاته.
و هذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة، بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة و كان خارجاً من مكة تيامن من عند - أوطاس - كما فعل أصحاب الجمل، و من أراد الكوفة تياسر عنها، حيث إن طريقي البصرة و الكوفة يأخذان بالتفرع يميناً و يساراً من بعد - أوطاس -.
ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد أن كلاب الحوأب نبحت على عائشة رضي الله عنها حين بلغت ديار بني عامر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/337)
و بنو عامر هؤلاء بنو عامر بن صعصعة، و الحوأب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة و هو من مياه بني بكر بن كلاب، و بنو كلاب هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة، انظر: معجم البلدان (1/ 314). و حيث إن بني كلاب كانوا يسكنون – ضَرِيَّة، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص612)، و معجم البلدان (3/ 457) -، فإن هذا يعني أن الحوأب تقع في - ضرية -، و حيث إن - ضرية - تقع على طريق الحاج البصري، انظر: كتاب المناسك للحربي (ص594)، فإن ذلك يعني أن أصحاب الجمل قد سلكوا الطريق المعتاد بين مكة و البصرة و لم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك: كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص166 - 168).
معركة الجمل، و دور السبئية في إشعالها.
كان جيش مكة قد وصل خلال تلك الفترة إلى البصرة فأرسل عثمان بن حنيف رضي الله عنه و هو والي البصرة من قبل علي إليهم يستفسر عن سبب خروجهم فكان الجواب: إن الغوغاء من أهل الأمصار و نزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم و أحدثوا فيه الأحداث و آووا فيه المحدِثين و استوجبوا فيه لعنة الله و لعنة رسوله، مع ما نالوا من قتل أمير المسلمين بلا ترة و لا عذر فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه و انتهبوا المال الحرام و أحلوا البلد الحرام و الشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم و ما فيه الناس وراءنا، و ما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، و قرأت {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} [النساء /114]، ننهج في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل و أمر رسوله صلى الله عليه وسلم الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به و نحضكم عليه، و منكر ننهاكم عنه و نحثكم على تغييره. تاريخ الطبري (4/ 462)، من طريق سيف بن عمر.
اتجه بعدها جيش مكة نحو بيت المال و دار الرزق فاعترضهم حكيم بن جبلة أحد الثوار المشاركين في حصار الدار بالمدينة و معه سبعمائة من قومه و جرت معركة قتل فيها حكيم بن جبلة، و خرج عثمان بن حنيف من البصرة و لحق بعلي رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 468،471).
ولم يثبت من طريق صحيح يمكن أن يعول عليه، أنهم ضربوه و نتفوا شعر وجهه رضي الله عنه، و الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتنزهون عن مثل هذه المثلة القبيحة. و هذه من روايات أبي مخنف الكذاب. انظر: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري (ص258).
و حين عسكر جيش على بذي قار أرسل عبد الله بن عباس إلى طلحة و الزبير يسألهما: هل أحدث ما يوجد السخط على خلافته، كحيف في حكم أو استئثار بفيء؟ أو في كذا؟ فقال الزبير: ولا في واحدة منها. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 596) بسند صحيح و ابن أبي شيبة: المصنف (15/ 267) بتصرف يسير.
و بالجملة فعائشة و طلحة و الزبير رضي الله عنهم إنما خرجوا قاصدين الإصلاح، و جمع كلمة المسلمين
و ما رافق ذلك من قتال و حروب فلم يكن بمحض إرادتهم و لا قصداً منهم، و إنما أثير من قبل السبئية
و أعوانهم من الغوغاء، و لم يكن الإصلاح هدف طلحة و الزبير و عائشة وحدهم، بل إن علياً أيضاً لم ير في مسيره إليهم إلا الإصلاح و جمع الكلمة، و على العموم لم ير علي و طلحة و الزبير و عائشة رضوان الله عليهم أمراً أمثل من الصلح و ترك الحرب، فافترقوا على ذلك، و إنه لموقف رائع من طلحة و الزبير رضي الله عنهما، و هو لا يقل روعة عن موقف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فكل منهم قبل الصلح و وافق عليه، و كل منهم كان يتورع أن يسفك دماً أو يقتل مسلماً.
و لا يمكن أن يفهم عاقل يقف على النصوص السابقة أن زعماء الفريقين هم الذين حركوا المعركة و أوقدوا نارها، و كيف يتأتى ذلك و كلا الطرفين كانت كلمة الصلح قد نزلت من نفوسهم و قلوبهم منزلاً حسناً، و لكنهم قتلة عثمان أصحاب ابن سبأ عليهم من الله ما يستحقون هم الذين أشعلوا فتيلها و أججوا نيرانها حتى يفلتوا من حد القصاص.
و قد يسأل سائل لماذا سمح علي رضي الله عنه لأهل الفتنة بالبقاء معه في جيشه و لم يعاقبهم على فعلتهم الشنيعة؟!
كان سبب إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه أنهم كانوا سادات في أقوامهم، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/338)
وقد أجاب عن ذلك الإمام الطحاوي في شرح العقيدة شرح الطحاوية (ص483) بقوله: و كان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان، من لم يُعرف بعينه و من تنتصر له قبيلته، و من لم تقم عليه حجة بما فعله، و من في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله.
و على كل حال كان موقف علي رضي الله عنه، موقف المحتاط منهم، المتبرئ من فعلهم، و هو و إن كان لم يخرجهم من عسكره فقد كان يعاملهم بحذر و ينظر إليهم بشزر، حتى قال الإمام الطبري في تاريخه (4/ 445): بأنه لم يول أحد منهم أثناء استعداده للمسير إلى الشام – يقصد مسيره لحرب صفين -، حيث دعا ولده محمد بن الحنفية و سلمه اللواء و جعل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائد الميمنة و عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه على الميسرة و جعل على مقدمة الجيش أبا ليلى بن عمر بن الجراح و استخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهم.
و هذه بادرة منه رضي الله عنه ليعلن تبرؤه من أولئك المارقين، و يثبت قدرته على السيطرة على أمر المسلمين من غير عون منهم، فقد كان له في المسلمين الموالين له و المؤيدين لخلافته ما يغنيه عن الاستعانة بهم و التودد إليهم؛ و هذا أقصى ما يمكنه فعله بتلك الطائفة إذ ذاك، و هو كافٍ في عذره لأنهم مئات و لهم قرابة و عشائر في جيشه، فما يأمن لو عاملهم بأكثر من هذا من الشدة أن يمتد حبل الفتنة في الأمة، كما حصل ذلك لطلحة و الزبير و عائشة بالبصرة حين قتلوا بعضاً منهم، فغضب لهم قبائلهم و اعتزلوهم. إفادة الأخيار ببراءة الأبرار للتباني (2/ 52).
فلما نزل الناس منازلهم و اطمأنوا خرج علي و خرج طلحة و الزبير فتوافقوا و تكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمراً هو أمثل من الصلح، فافترقوا على ذلك، رجع علي إلى عسكره و رجع طلحة و الزبير إلى عسكرهما و أرسل طلحة و الزبير إلى رؤساء أصحابهما، و أرسل علي إلى رؤساء أصحابه ما عدا أولئك الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه فبات الناس على نية الصلح و العافية، و هم لا يشكون في الصلح فكان بعضهم بحيال بعض، و بعضهم يخرج إلى بعض لا يذكرون و لا ينوون إلا الصلح فباتوا بخير ليلة باتوها منذ مقتل عثمان، و بات الذين أثاروا الفتنة بشرّ ليلة باتوها قط، إذ أشرفوا على الهلاك و جعلوا يتشاورون ليلتهم كلها. انظر: تاريخ الطبري (4/ 506 - 507) من طريق سيف بن عمر.
فاجتمعوا على إنشاب الحرب في السر، فغدوا في الغلس و عليهم ظلمة و ما يشعر بهم جيرانهم، فوضعوا فيهم السيوف، فثار أهل البصرة و ثار كل قوم في وجوه الذين باغتوهم، فقام طلحة ينادي و هو على دابته - وقد غشيه الناس - فيقول: يا أيها الناس أتنصتون؟ فجعلوا يركبونه و لا ينصتونه، فما زاد أن قال: أف، أف، فراش نار و ذبان طمع. تاريخ خليفة (ص 182). وهل يكون فراش النار و ذبان الطمع غير أولئك السبئية؟!
التحم القتال من الغوغاء و خرج الأمر عن علي و طلحة و الزبير. و كان طلحة يقول – و السهام تناوشه -: اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى. تاريخ خليفة (ص 185)، دول الإسلام للذهبي (1/ 28).
و يصور لنا الحسن بن علي حال والده فيقول: لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذ بي و يقول: يا حسن لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة - أو سنة -، فقال له الحسن: يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني لم أر الأمر يبلغ هذا. مصنف ابن أبي شيبة (15/ 288) بإسناد صحيح، و السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 566، 589).
و روى ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 275). بإسناده إلى حبيب بن أبي ثابت أن علياً قال يوم الجمل: اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت.
أما الروايات التي جاءت تفيد بأن طلحة رضي الله عنه قام بتحريض الناس على القتال ثم إصابته و موته، هي روايات مردودة بما ثبت من عدالة الصحابة رضوان الله عليهم، وقام طلحة و رجع خلف الجيش، فجاءه سهم غرب لا يعرف من أين أتى فنزل في المفصل من ركبته فصادف جرحاً في ساقه كان أصابه يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ ينزف فحمله غلامه إلى البصرة و ألجأه إلى دار خربة لا أحد فيها و مات هناك رضي الله عنه. تاريخ الطبري (4/ 512، 514) من طريق سيف بن عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/339)
و قيل أن الذي ضربه بالسهم مروان بن الحكم، لكن ليس هناك دليل على هذا، و بدراسة تلك الروايات، اتضح براءة مروان بن الحكم من تلك التهمة، و ذلك للأسباب التالية:-
أ- وجود رواية لمروان بن الحكم في صحيح البخاري، مع ما عرف من البخاري رحمه الله من الدقة و شدة التحري في أمر من تقبل روايته، فلو صح قيام مروان بقتل طلحة رضي الله عنه لكان هذا سبباً كافياً لرد روايته و القدح في عدالته. و الرواية في صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (3/ 493).
ب- استبعاد ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (7/ 248) لهذا الأمر و تشكيكه فيه بقوله: و يقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم. و قد قيل: إن الذي رماه بهذا السهم غيره، و هذا عندي أقرب، و إن كان الأول مشهوراً، والله أعلم.
جـ- ثناء الأئمة عليه كالإمام أحمد، و الحافظ ابن حجر. سير أعلام النبلاء للذهبي (3/ 477) و الإصابة لابن حجر (6/ 257 - 259).
د- بطلان السبب الذي قيل إن مروان قتل طلحة رضي الله عنه من أجله، و هو اتهام مروان لطلحة بأنه أعان على قتل عثمان رضي الله عنه. و هذا السبب المزعوم غير صحيح حيث إنه لم يثبت من طريق صحيح أن أحداً من الصحابة قد أعان على قتل عثمان رضي الله عنه.
هـ - كون مروان و طلحة رضي الله عنهما، في صف واحد يوم الجمل، و هو صف المنادين بالإصلاح بين الناس.
و - أن معاوية رضي الله عنه قد ولى مروان على المدينة و مكة، انظر خبر توليته في: تاريخ الطبري (5/ 293)، فلو صح ما بدر من مروان لما ولاه معاوية رضي الله عنه على رقاب المسلمين و في أقدس البقاع عند الله. لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص202 - 203).
و في أثناء المعركة قال علي للزبير: أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: يا زبير أما والله لتقاتلنه و أنت ظالم له. تاريخ دمشق لابن عساكر (18/ 408 - 410).
روى الحاكم في المستدرك (3/ 365 - 366) من طرق متعددة أن علياً ذكرّ الزبير بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لتقاتلن علياً و أنت ظالم له، فلذلك رجع.
و أخرج إسحاق من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام - رجل من حيه - قال: خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول و أنت لاوي يدي: لتقاتلنه و أنت ظالم له ثم لينتصرن عليك. قال: قد سمعت، لا جرم لا أقاتلك. ذكره الحافظ في الفتح (13/ 60) و انظر المطالب العالية (4/ 301).
و روى ابن عساكر في تاريخه (18/ 410) وابن كثير في البداية (7/ 242) أن الزبير رضي الله عنه لما عزم عل الرجوع إلى المدينة عرض له ابنه عبد الله فقال: مالك؟ قال: ذكرّني علي حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم و إني راجع، فقال له ابنه: و هل جئت للقتال؟ إنما جئت تصلح بين الناس، و يصلح الله هذا الأمر.
و بالفعل فإن موقف الزبير رضي الله عنه كان السعي في الإصلاح حتى آخر لحظة، و هذا ما أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 366) من طريق أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، و فيه أن الزبير رضي الله عنه سعى في الصلح بين الناس و لكن لما قامت المعركة واختلف أمر الناس مضى الزبير و ترك القتال.
و هذا الفعل من الزبير رضي الله عنه هو الذي ينسجم مع مقصده الذي قدم البصرة من أجله، لا كما تصوره بعض الروايات من أنه كان من المحرضين على القتال.
و أثناء انسحابه رضي الله عنه رآه ابن جرموز فتبعه فأدركه و هو نائم في القائلة، بوادي السباع، فهجم عليه فقتله رضي الله عنه، ثم سلب سيفه و درعه. الفصل في الملل و النحل لابن حزم (4/ 239). و قال ابن كثير أن هذا القول هو الأشهر. أنظر: البداية و النهاية (7/ 250).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/340)
ذكر الحافظ في الفتح (6/ 264 - 265) و (7/ 102): أن ابن جرموز جاء إلى علي متقرباً إليه بذلك، فأمسك علي السيف بيده و قال: طالما جلى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. أنظر: المسند (1/ 89، 102) و صححه الحاكم في المستدرك (4/ 367) و و ذكره أحمد في كتاب فضائل الصحابة بإسناد حسن (2/ 736 - 737) بلفظ قريب و فيه: جاء قاتل الزبير يستأذن، فجاء الغلام فقال: هذا قاتل الزبير فقال: ليدخل قاتل الزبير النار، و جاء قاتل طلحة يستأذن فقال الغلام: هذا قاتل طلحة يستأذن، فقال: ليدخل قاتل طلحة النار.
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/ 737) بإسناده حسن، و فيه أن ابن جرموز استأذن على علي رضي الله عنه فقال: من هذا؟ فقال: ابن جرموز يستأذن. فقال: ائذنوا له ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل نبي حواريّ و إن حوارييّ الزبير.
و في تعليل هذه الجرأة من ابن جرموز على قتل الزبير رضي الله عنه يقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (ص322): و كثر في أيامه - أيام عثمان رضي الله عنه - من لم يصحب الرسول، و فُقد من عَرَفَ فضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
هنا ذهب كعب بن سَور بالخبر إلى أم المؤمنين فقال لها: أدركي الناس قد تقاتلوا. و كانت المعركة قريبة من البصرة، فوضع لها الهودج فوق البعير – ورد أن اسم البعير عسكر - فجلست فيه و غطي بالدروع، و ذهبت إلى أرض المعركة لعل أن يوقف الناس القتال عندما يشاهدونها، فلما وصلت، أعطت عائشة المصحف لكعب و قالت له: خلِّ البعير و تقدم و ارفع كتاب الله و ادعهم إليه، فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركوا كعباً يفعل ما طُلب منه، فلما قام كعب و رفع المصحف و أخذ ينادي تناولته النبال فقتلوه، كما جاء في رواية الطبري (4/ 513) من طريق سيف بن عمر، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 88).
ثم أخذوا بالضرب نحو الجمل، بغية قتل عائشة لكن الله نجاها، فأخذت تنادي: أوقفوا القتال، و أخذ علي ينادي و هو من خلف الجيش: أن أو قفوا القتال، و قادة الفتنة مستمرين، فقامت أم المؤمنين بالدعاء على قتلة عثمان قائلة: اللهم العن قتلة عثمان، فبدأ الجيش ينادي معها، و حين سمع علي رضي الله عنه أثناء المعركة أهل البصرة يضجون بالدعاء، قال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: عائشة تدعو و يدعون معاً على قتلة عثمان و أشياعهم، فأقبل علي يدعو و يقول: اللهم العن قتلة عثمان و أشياعهم. الطبري (4/ 513).
و روى ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 277) و البيهقي في السنن الكبرى (8/ 181) أن علياً سمع يوم الجمل صوتاً تلقاء أم المؤمنين فقال: انظروا ما يقولون، فرجعوا فقالوا: يهتفون بقتلة عثمان، فقال: اللهم أحلل بقتلة عثمان خزياً.
و يؤيد هذا الخبر ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 455) بإسناد صحيح، من طريق محمد بن الحنفية قال: بلغ علياً أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال: و أنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل، قال مرتين أو ثلاثاً. و ارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين ..
يقول الحارث بن سويد الكوفي - شاهد عيان ثقة ثبت - لقد رأيتُنا يوم الجمل، و إن رماحنا و رماحهم لمتشاجرة و لو شاءت الرجال لمشت عليه، يقولون الله أكبر، سبحان الله، الله أكبر. تاريخ خليفة (ص 198) بإسناد صحيح.
ثم إن أهل الفتنة أخذوا يرشقون جمل أم المؤمنين بالنبال و علي يصرخ فيهم أن كفوا عن الجمل، لكنهم لا يطيعونه فصار الجمل كالقنفذ من كثرة النبال التي علقت به. تاريخ الطبري (4/ 513، 533) من طريق سيف بن عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/341)
و يقدم الأشتر نحو الجمل فوقف له ابن الزبير فتقاتلا، و لهذا شاهد من حديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (11/ 108) و (15/ 257) بإسناد رجاله ثقاة: أن الأشتر و ابن الزبير التقيا فقال ابن الزبير: فما ضربته ضربة حتى ضربني خمساً أو ستاً، ثم قال: فألقاني برجلي ثم قال: والله لولا قرابتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت منك عضواً مع صاحبه، قال: و قالت عائشة: واثكل أسماء، قال: فلما كان بعد أعطت الذي بشرها به أنه حي عشرة آلاف.
أما قصة صراع ابن الزبير مع الأشتر و قول ابن الزبير اقتلوني و مالكاً، تعارضها الروايات الصحيحة، فقد أخرج الطبري (4/ 520) بسند صحيح عن علقمة أن الأشتر لقي ابن الزبير في الجمل فقال: فما رضيت بشدة ساعدي أن قمت في الركاب فضربته على رأسه فصرعته. قلنا فهو القائل اقتلوني و مالكاً؟ قال: لا، ما تركته و في نفسي منه شيء، ذاك عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، لقيني فاختلفنا ضربتين، فصرعني و صرعته، فجعل يقول اقتلوني و مالكاً، و لا يعلمون من مالك فلو يعلمون لقتلوني. و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 228).
هنا وصل القعقاع إلى الجمل فخاف على أم المؤمنين أن تصاب فبدأ ينادي بالانسحاب فأخذ الجمل محمد بن طلحة بن عبيد الله فقتل رضي الله عنه فأخذ القعقاع الجمل و سحبه خارج المعركة.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 285) بسند صحيح أن عبد الله بن بديل قال لعائشة: يا أم المؤمنين أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلتُ ما تأمريني، فقلتِ الزم علياً؟ فسكتت فقال: اعقروا الجمل فعقروه قال: فنزلت أنا و أخوها محمد و احتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي، فأمر به علي فأدخل في بيت عبد الله بن بديل. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
هنا علي رضي الله عنه أصدر الأوامر بأن لا تلحقوا هارباً و لا تأخذوا سبياً فثار أهل الفتنة و قالوا: تحل لنا دمائهم و لا تحل لنا نسائهم و أموالهم؟ فقال علي: أيكم يريد عائشة في سهمه، فسكتوا، فنادى لا تقتلوا جريحاً و لا تقتلوا مدبراً، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.البيهقي في السنن الكبرى (8/ 182) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 257) و (15/ 286) بإسناد صحيح.
و أخرج الشافعي في الأم (4/ 308) من رواية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: دخلت على مروان بن الحكم، فقال: ما رأيت أحداً أكرم من أبيك، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه لا يقتل مدبراً و لا يذفف على جريح. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
و كان علي رضي الله عنه يطوف على القتلى و هم يدفنون، ثم سار حتى دخل البصرة فمر على طلحة
و رآه مقتولاً فجعل يمسح التراب عن وجهه و يقول: عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري و بجري - أي همومي وأحزاني - و بكى عليه و على أصحابه. تاريخ دمشق (25/ 115) و أسد الغابة لابن الأثير (3/ 88 - 89).
بعدها ذهب إلى بيت عبد الله بن بديل الخزاعي لزيارة عائشة و الاطمئنان عليها فقال لها: غفر الله لكِ، قالت: ولك ما أردت إلا الإصلاح بين الناس. شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 206). و نقل الزهري في المغازي (ص154) قولها: إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، و لم أحسب أن يكون بين الناس قتال، و لو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً. و هذا هو الصحيح بخلاف من قال بأن عائشة نزلت في بيت عبد الله بن خلف الخزاعي.
ثم قام علي بتجهيز عائشة و إرسالها إلى مكة معززة مكرمة، و هذا الفعل من علي رضي الله عنه يعد امتثالاً لما أوصاه به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج الإمام أحمد في المسند (6/ 393) بسند حسن من حديث أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنه سيكون بينك و بين عائشة أمر، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها.
و أخرج الحاكم في المستدرك (3/ 119) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة رضي الله عنها فقال: انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت، ثم التفت إلى علي فقال: إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/342)
و كان خروج عائشة رضي الله عنها يوم الجمل يعتبر زلة عن قصد حسن و هو الإصلاح، و قد ندمت على ذلك، و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجته في الجنة كما في المستدرك و قال عمار: والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، كما في الصحيح بهذا المعنى. و بهذين الدليلين و بوصف الله لها في القرآن بأنها طيبة، تنقطع ألسنة الروافض الطاعنين في صحابة رسول الله و منهم أم المؤمنين رضي الله عنها. الصحيح المسند من دلائل النبوة للشيخ مقبل الوادعي (ص417) في الهامش.
و كانت رضي الله عنها إذا قرأت {و قرن في بيوتكن} [الأحزاب/33] بكت حتى يبتل خمارها، و كانت حينما تذكر الجمل تقول: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، و في رواية ابن أبي شيبة: وددت أني كنت غصناً رطباً و لم أسر مسيري هذا. سير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 177) و مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 238) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 281).
و العقل يقطع بأنه لامناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى،
و لاشك أن عائشة رضي الله عنها هي المخطئة؛ لأسباب كثيرة و أدلة واضحة، منها ندمها على خروجها، و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها، و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور، بل المأجور.
قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: و قد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن أبي عتيق - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً غلب عليك – يعني ابن الزبير – فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة: و لهذا الأثر طرق أخرى، فقال الذهبي في السير: عن قيس قال: قالت عائشة، و كانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها. قلت – أي الذهبي -: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية و تابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة و الزبير و جماعة من كبار الصحابة رضي الله عن الجميع. انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855).
يقول شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/ 316 - 317، 321 - 322) و (6/ 208، 363): إن عائشة لم تخرج للقتال، و إنما خرجت بقصد الإصلاح بين الناس و ظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، و هكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة و الزبير رضي الله عنهم أجمعين.
و يقول الإمام القرطبي في تفسيره (8/ 321 - 322) في تفسير سورة الحجرات ما نصه: لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه و أرادوا الله عز وجل .. هذا مع ما قد ورد من الأخبار من طرق مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض - يشير إلى حديث أبي هريرة عند مسلم (4/ 1880) و نصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. والترمذي (5/ 644) و انظر: كتاب فضائل الصحابة للنسائي (ص113) بتحقيق فاروق حمادة، و ابن ماجة في فضائل طلحة (1/ 46) و الأصفهاني في الإمامة (ص371 - 372) -، فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصياناً لم يكن بالقتل فيه شهيداً .. و مما يدل على ذلك ما قد صح و انتشر من إخبار عليّ بأن قاتل الزبير في النار، و قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار – تقدم تخريجه -، و إذا كان كذلك فقد ثبت أن طلحة و الزبير غير عاصيين و لا آثمين بالقتال - أي أنهما معذوران باجتهادهما - لأن ذلك لو كان كذلك، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في طلحة شهيد، و لم يخبر أن قاتل الزبير في النار، و إذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم، و البراءة منهم، و تفسيقهم و إبطال فضائلهم و جهادهم، رضي الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/343)
عنهم.
و على ذلك إذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يجوز عليهم الخطأ كما يجوز على كل بشر، فحينئذ نستطيع أن نقبل ما يحدث في تصرفاتهم من أخطاء غير مقصودة، و إنما وقعت نتيجة اجتهاد لم يوفقوا فيه إلى الصواب، لكنهم مثابون على الإخلاص في اجتهادهم إن شاء الله.
و لقد أخطأ من قال بأن الباعث لخروج طلحة والزبير هو ما كانا عليه من الطمع في الخلافة والتآمر على الناس بذلك.
فينفي ابن شبّة في كتابه أخبار البصرة هذا الزعم بقوله: إن أحداً لم ينقل أن عائشة و من معها نازعوا علياً في الخلافة، و لا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة، و إنما أنكروا على علي منعه - أي تأخيره - من قتل قتلة عثمان و ترك الاقتصاص منهم. أورده الحافظ في الفتح (13/ 60 - 61).
و يقول ابن حزم في الفصل في الملل (4/ 238 - 239): فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها، أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي و لا خلافاً عليه، و لا نقضاً لبيعته و لو أرادوا ذلك لأحدثوا بيعة غير بيعته، و هذا ما لا يشك فيه أحد و لا ينكره أحد، فصح أنهم إنما نهضوا إلى البصرة لسد الفتق الحادث في الإسلام من قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ظلماً.
وقد كان التقاء الفريقين في الجمل يوم الخميس في النصف من جمادى الآخرة سنة ست و ثلاثين، تاريخ خليفة (ص184 - 185) - و هي أصح الروايات في تحديد تاريخ وقعة الجمل - و كان القتال بعد صلاة الظهر فما غربت الشمس و حول الجمل أحد ممن كان يذب عنه. أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
و أما عن عدد قتلى معركة الجمل فقد بالغ المؤرخون في ذكرهم فمن مقلل و من مكثر على حسب ميل الناس و أهوائهم؛ لكن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل فقد كان ضئيلاً جداً للأسباب التالية:-
1 - قصر مدة القتال، حيث أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن القتال نشب بعد الظهر، فما غربت
الشمس و حول الجمل أحد ممن كان يذب عنه.
2 - الطبيعة الدفاعية للقتال، حيث كان كل فريق يدافع عن نفسه ليس إلا.
3 - تحرج كل فريق من القتال لما يعلمون من عظم حرمة دم المسلم.
4 - قياساً بعدد شهداء المسلمين في معركة اليرموك - ثلاثة آلاف شهيد، تاريخ الطبري (3/ 402) - و معركة القادسية - ثمانية آلاف و خمسمائة شهيد، تاريخ الطبري (3/ 564) - و هي التي استمرت عدة أيام، فإن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل يعد ضئيلاً جداً. هذا مع الأخذ بالاعتبار شراسة تلك المعارك و حدتها لكونها من المعارك الفاصلة في تاريخ الأمم.
5 - أورد خليفة بن خياط في تاريخه (ص187 - 190) بياناً بأسماء من حفظ من قتلى يوم الجمل، فكانوا قريباً من المائة. فلو فرضنا أن عددهم كان مائتين و ليس مائة، فإن هذا يعني أن قتلى معركة الجمل لا يتجاوز المائتين. و هذا هو الراجح للأسباب و الحيثيات السابقة و الله أعلم بالصواب. أنظر حول هذا الموضوع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص214 - 215).
و هذا العدد مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فتنبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها و عن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعد ما كادت. السلسلة الصحيحة (1/ 853).
حال ابن سبأ و مصيره بعد هذه الأحداث.
تعددت الروايات في ذكر مصير عبد الله بن سبأ، هل أحرق مع أصحابه؟
أم أنه نفي مع من نفي إلى سباط في المدائن؟
أقول: الراجح والله أعلم و هو الذي أعتقده، أنه نفي إلى سباط، و مات هناك؛ و الأدلة على ذلك كثيرة جداً، و هاك مختصرها:-
أولاً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، دون ذكر لحرق ابن سبأ معهم:-
إن خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة السبئية، تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. أنظر خبره معهم عند البخاري في صحيحه (4/ 21)، (8/ 50)، و أبو داود في سننه (4/ 520)، و النسائي (7/ 104)، و الترمذي (4/ 59) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/344)
فقد ذكر الإمام البخاري عن عكرمة مولى ابن عباس قال أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله) و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه). البخاري مع الفتح (12/ 279).
ذكر الجُوزَجَاني في أحوال الرجال (ص37 - 38)، و ابن حجر في الفتح (12/ 270) بإسناد حسن: أن السبئية غلت في الكفر، فزعمت أن علياً إلهاً، حتى حرّقهم بالنار إنكاراً عليهم، و استبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري و دعوت قنبرا.
يقول ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص78 - 79)، و في المعارف (ص 267): إن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
قال ابن حجر في لسان الميزان (3/ 389 - 390): عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ... ، و يقول عن طائفته: وله أتباع يقال لهم السبئية، معتقدون الألوهية في علي بن أبي طالب، و قد أحرقهم علي بالنار في خلافته.
يقول ابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186): و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ ... إلى أن قال: فقالوا مشافهة أنت هو، فقال لهم و من هو؟ قال: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت و أحرقهم بالنار.
و يؤكد الفخر الرازي كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية. انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57).
ثانياً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، و أحرق ابن سبأ معهم:-
ذكر المامقاني في تنقيح المقال (2/ 184): أن علياً حرّق عبد الله بن سبأ في جملة سبعين رجلاً ادعوا فيه الإلهية والنبوة.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 426): أحسب أن علياً حرّقه – يقصد عبد الله بن سبأ – بالنار. و هو هنا لا يجزم بذلك بل وضعه موضع الشك.
أما الكشي فقد جزم بأن علياً رضي الله عنه قد أحرق عبد الله بن سبأ مع جملة أصحابه، و قد نقل أكثر من رواية تنص على أن علياً حينما بلغه غلو ابن سبأ و دعواه الألوهية فيه، دعاه و سأله فأقر بذلك، و طلب إليه أن يرجع عن ذلك، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار. انظر هذا النص عند الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22).
ثالثاً: الأدلة على كون علي أحرق جماعته، ومن ثم نفى ابن سبأ إلى سباط.
ذكر ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 23، 30) و (3/ 459) و ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 10) و الملطي في التنبيه والرد على أهل الأهواء و البدع للملطي (ص 29 - 30): أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة و نفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ.
و ذكر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص223): أن السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنه عن قتله حينما بلغه غلوه فيه و أشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام.
و قال الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 155): السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه: أنت أنت، يعني الإله، فنفاه إلى المدائن.
و قال الجوزجاني في أحوال الرجال (ص 38): أن من مزاعم عبد الله بن سبأ ادعاءه أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، و علمه عند علي، و أن علياً نفاه بعدما كان هم به.
والراجح في هذه المسألة أن ابن سبأ لم يحرق بل نفي إلى سباط في المدائن، كما قال بذلك الكثير من أهل العلم، والأدلة على كونه نفي ولم يحرق، ما ذكرته قبل قليل من كونه لم يحرق بل نفي إلى سباط، و ما سيأتي من كون ابن سبأ له ظهور بعد مقتل علي رضي الله عنه، و يكفي الباحث أن يقف على هذه العبارات التي تجدها في كثير من المصادر ليتبين له أن ابن سبأ لم يحرق مع طائفته:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/345)
قال ابن سبأ لمن جاءه بنعي علي رضي الله عنه: (لو أتيتنا بدماغه في سبعين صرة ما صدقناك، و لعلمنا أنه لم يمت، و إنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه. مسائل الإمامة للناشئ الأكبر (ص 22) و كذلك أنظر إلى دلالة العبارة في الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 234)، و البدء والتاريخ لابن طاهر المقدسي (5/ 129)، والمقالات والفرق للقمي (ص20 - 21) والبيان والتبيين للجاحظ (3/ 81) و المجروحين لابن حبان (1/ 298) و تثبيت دلائل النبوة للهمذاني (2/ 549) و فرق الشيعة للنوبختي (ص 43).
ذكر الصفدي في ترجمة ابن سبأ: ابن سبأ رأس الطائفة السبئية ... ، قال لعلي رضي الله عنه أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، فلما قُتل علي، زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءاً إلهياً و أنّ ابن ملجم قتل شيطاناً تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته و البرق سوطه، و أنه سينزل إلى الأرض. الوافي بالوفيات (17/ 190).
و جاء في الفرق الإسلامية للكرماني (ص 34): أن علياً رضي الله عنه لما قتل زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت وأن فيه الجزء الإلهي.
و يذكر أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 85)، عبد الله بن سبأ و طائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أنّ علياً لم يمت و أنه سيرجع إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
و هذا الذي ذكرت لا يعني أنه لم يقتل بيد غيره، لكن و حسب علمي القاصر واطلاعي على الكثير من الكتب التي تحدثت عن هذا الموضوع، فإنه لم يرد فيها ذكر شيء من هذا القبيل.
و لكن: هذا لا يمنع بأن جميع من شارك أو أعان في قتل عثمان رضي الله عنه قد قتل أو أصابه الله بعقاب من عنده، و إن الله عز وجل لم يهمل الظالمين بل أذلهم و أخزاهم و انتقم منهم فلم ينج منهم أحد، و هاكم بعض الأمثلة على ذلك:-
روى خليفة في تاريخه (ص175). بإسناد صحيح: أن أول قطرة قطرت من دمه - أي عثمان - على المصحف، ما حكت.
و أخرج أحمد بإسناد صحيح عن عَمْرة بنت أرطأة العدوية قالت:خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة، فمررنا بالمدينة و رأينا المصحف الذي قتل و هو في حجره، فكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية {فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم} قالت عمرة: فما مات منهم رجل سوياً. انظر: فضائل الصحابة (1/ 501) بإسناد صحيح. و أخرجه أيضاً في الزهد (ص127 - 128).
روى ابن عساكر في تاريخه (39/ 446 - 447) عن ابن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة فإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي و ما أظن أن تغفر لي! قلت: يا عبد الله! ما سمعت أحداً يقول ما تقول! قال: كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قتل و وضع على سريره في البيت، و الناس يجيئون فيصلون عليه فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه فلطمت وجهه و سجيته و قد يبست يميني، قال محمد بن سيرين: رأيتها يابسة كأنها عود.
و عن قتادة أن رجلاً من بني سدوس قال: كنت فيمن قتل عثمان فما منهم رجل إلا أصابته عقوبة غيري، قال قتادة: فما مات حتى عمي. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 102).
و روى مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن البصري يقول: ما علمت أحداً أشرِك في دم عثمان رضي الله
عنه و لا أعان عليه إلا قُتل. و في رواية أخرى: لم يدع الله الفسقة - قتلة عثمان - حتى قتلهم بكل أرض. تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة (4/ 1252).
دور هذا اليهودي في نشأة الرافضة، وسيكون الحديث فيها عن الجانب الديني الذي قام به عبد الله بن سبأ في تلك الفتنة لإبعاد المسلمين عن دينهم.
قام هذا اليهودي الخبيث بدعوة من اغتر به من عوام المسلمين إلى بعض المبادئ اليهودية وغلف دعوته هذه بالتظاهر بحب آل البيت والدعوة إلى ولايتهم والبراءة من أعدائهم، فاغتر به جماعة ممن لم يتمكن الإسلام في قلوبهم من الأعراب و حديثي العهد بالإسلام، حتى غدوا يكونون فرقة دينية تخالف في عقيدتها العقيدة الإسلامية وتستمد أفكارها ومبادئها من الديانة اليهودية.
فانتسبت هذه الفرقة إلى مؤسسها ومبتدعها ابن سبأ، فأطلق عليها السبأية ومن السبأية استمدت الرافضة عقيدتها وأصولها فتأثرت بتلك المبادئ اليهودية المغلفة التي دعا إليها ابن سبأ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/346)
ولهذا اشتهر بن العلماء أن عبد الله بن سبأ هو أول من ابتدع الرفض وأن الرفض مأخوذ من اليهودية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483): و قد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ، فإنه أظهر الإسلام وأبطن اليهودية و طلب أن يفسد الإسلام، كما فعل بولص النصراني – الذي كان يهودياً – في إفساد دين النصارى.
و قال في موضع آخر من الفتاوى (4/ 428): إن الذي ابتدع الرفض كان يهودياً أظهر الإسلام نفاقاً، و دس إلى الجهال دسائس يقدح بها في أصل الإيمان، و لهذا كان الرفض أعظم أبواب النفاق والزندقة.
ويقول أيضاً في موضع آخر من الفتاوى (4/ 435): وأصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له و لهذا لما كان مبدأه من النفاق قال بعض السلف: حب أبي بكر وعمر إيمان و بغضهما نفاق، و حب بني هاشم إيمان و بغضهم نفاق.
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (ص 578): إن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق، قصد إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر العلماء، فإن عبد الله بن سبأ لما أظهر الإسلام، أراد أن يفسد دين الإسلام بمكره و خبثه، كما فعل بولص بدين النصرانية، فأظهر التنسك ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سعى في الفتنة عثمان و قتله.
و قد أكدت كذلك الدراسات الحديثة أن أصل الرفض يهودي و واضعه يهودي ماكر أراد أن يفسد على المسلمين عقيدتهم وينحرف بهم عن الدين الصحيح، يقول عبد الله القصيمي في كتاب الصراع بين الإسلام والوثنية (1/ 11) بعد أن تحدث عن ظاهرة الغلو في علي بن أبي طالب: أما واضع بذور هذه الضلالة ومتولي كبرها عبد الله بن سبأ، فطلبه علي ليوقع به أشد العذاب ولكنه كان أحذر من الغراب، فهرب وترك البلاد و ما كان هروبه وضعاً لأوزار هذه الفتنة المدمرة وتسليماً بالهزيمة، بل كان هروباً بهذه الآراء ضناً عليها بالقبر والقتل ليضل بها المسلمين ويفتن بها المفتونين وتبقى عاراً و ناراً إلى يوم الدين، تطايرت دعاوى هذا الرجل ومبتدعاته في كل جانب، و رن صداها في أركان المملكة الإسلامية رنيناً مراً مزعجاً واهتزت لها قلوب ومسامع و طربت لها قلوب و مسامع، و رددت صداها أفواه خلقت لهذا، و رددتها أفواه أخرى، و طال الترديد والترجيع حتى نفذت إلى قلوب رخوة لا تتماسك فحلتها حلول العقيدة، ثم تفاعلت حتى صارت عقيدة ثابتة تراق الدماء في سبيلها و يعادى الأهل والصحب غضباً لها و صارت فيما بعد معروفة بالمذهب الشيعي والعقيدة الشيعية.
أما إحسان إلهي ظهير رحمه الله فيؤكد بعد طول بحث في كتب القوم والذي أكسبه مزيداً من الخبرة بالرافضة وعقائدهم أن عقيدتهم قد بنيت على أسس يهودية بواسطة عبد الله بن سبأ. فيقول: وأما دين الإمامية و مذهب الاثنى عشرية ليس إلا مبني على تلك الأسس التي وضعتها اليهودية الأثيمة بواسطة عبد الله بن سبأ الصنعاني اليمني الشهير بابن السوداء. انظر: الشيعة والسنة (ص 29).
فتأكد بهذه النقولات التي جاءت في كتب أهل السنة أن أصل الرفض إنما أحدثه عبد الله بن سبأ اليهودي، وأن الرافضة ليست من الإسلام في شيء.
وقد اعترف بذلك كبار علماء الشيعة ومؤرخوهم، فها هو الكشي - أحد كبار علماء التراجم عندهم في القرن الرابع (ت340هـ) – ينقل هذا النص عن بعض علمائهم فيقول: ذكر بعض أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم و والى علياً عليه السلام وكان يقول و هو على يهوديته في يوشع بن نون وضي موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي عليه السلام مثل ذلك، و كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه، و كاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن ههنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية. انظر: رجال الكشي (ص 71).
و هذا النص مشهور عند علماء الرافضة و قد تناقله علماؤهم و جاء ذكره في أكثر من كتاب من كتبهم المعتمدة والموثقة.
فقد ذكره الأشعري القمي (ت301هـ) في المقالات والفرق (ص 20)، حين يقول: فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/347)
و ذكره النوبختي (ت 310هـ) في فرق الشيعة (ص 44)، حين يقول: فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و ذكره المامقاني (ت 1351هـ) في تنقيح المقال (2/ 184).
فهؤلاء كبار مؤرخي الرافضة و محققيهم يعترفون بيهودية ابن سبأ وأنه كان يقول بوصية موسى بيوشع في يهوديته فقال بهذه العقيدة في إسلامه في علي بن أبي طالب وأنه وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أول من نادى بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتبرأ من مخالفيه، ثم يقرون بأنه إنما نسبت الرافضة لليهودية لذلك.
ففي هذا الاعتراف الذي نسجله على كبار علماء الرافضة أعظم دليل على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية وهو ملزم لكل من يشكك في هذه الحقيقة من علماء الرافضة المعاصرين ومن تأثر بأقوالهم من الكتاب المحدثين.
وكما دلت كتب السنة والشيعة على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية بواسطة عبد الله بن سبأ، فكذلك كتب المستشرقين تشهد بذلك.
يقول المستشرق الألماني يوليوس فلهاوزن: ومنشأ السبأية يرجع إلى زمان علي والحسن وتنسب إلى عبد الله بن سبأ وكما يتضح من اسمه الغريب فإنه كان أيضاً يمنياً، والواقع أنه من العاصمة صنعاء، و يقال أيضاً إنه كان يهودياً، و هذا يقود إلى القول بأصل يهودي لفرقة السبأية، و المسلمون يطلقون اليهودي على ما ليس في الواقع، بيد أن يلوح أن مذهب الشيعة الذي ينسب إلى عبد الله بن سبأ أنه مؤسسه إنما يرجع إلى اليهود أقرب من أن يرجع إلى الإيرانيين. الخوارج والشيعة (ص 170 - 171).
أما المستشرق المجري أجناس جولد تسيهر، فهو يرى أن فكرة المهدي و عقيدة الرجعة عند الرافضة قد تأثرت بالديانة اليهودية والنصرانية، و أن الغلو في علي إنما صاغه عبد الله بن سبأ اليهودي، فيقول: إن الفكرة المهدية التي أدت إلى نظرية الإمامة والتي تجلت معالمها في الاعتقاد بالرجعة ينبغي أن نرجعها كلها – كما رأينا – إلى المؤثرات اليهودية والمسيحية، كما أن الإغراق في تأليه علي الذي صاغه في مبدأ الأمر عبد الله بن سبأ، حدث ذلك في بيئة سامية عذراء لم تكن قد تسربت إليها بعد الأفكار الآرية. انظر: العقيدة والشريعة في الإسلام (ص 205).
فهذه أقوال العلماء من سنة وشيعة و مستشرقين، كلها تؤكد أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، وأن واضعه و مبتدعه في الإسلام هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد دل أيضاً على أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية، و لهذا عدد من الأدلة:-
الأول: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الفرق الإسلامية كعقيدة الوصية والرجعة والبداءة والتقية و ما يدعونه في أئمتهم من الغلو ليس لها أصل في الإسلام، و لا يوجد نص واحد لا من كتاب ولا من سنة يدل على هذه العقائد، بل إن الكتاب والسنة وإجماع الأمة تشهد ببطلان هذه العقائد وبراءة الإسلام منها.
أما ما يستدل به الرافضة لصحة هذه العقائد من أدلة لا يخلو من حالين؛ إما أن يكون هذا الدليل الذي يستدلون به صحيحاً و لكن لا حاجة لهم فيه، وإما أن يكون موضوعاً لا يصح الاستدلال به، و هذه حال غالب أدلتهم، فإنهم لما لم يجدوا ما يستدلون به من الشرع لعقائدهم أخذوا يضعون الروايات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى لسان علي بن أبي طالب وبنيه ليحتجوا بها على ما ذهبوا إليه من عقائد فاسدة، و لهذا اشتهر بين أهل العلم أن الرافضة أكذب الفرق المنتسبة للإسلام، فهم لا يروون عنهم و حذوا الناس من كذبهم.
الثاني: أن عقائد الرافضة التي انفردوا بها عن سائر الطوائف الإسلامية قد انتقلت إليهم من اليهودية، و قد تتبعت هذه العقائد فوجدتها لا تخلوا من: إما أن تكون عقيدة يهودية خالصة، وإما أن يكون لها أصل عند اليهود.
الثالث: تصريح العلماء من سنة و شيعة بأن أول من أحدث الغلو في علي رضي الله عنه وأحدث عقيدتي الوصية والرجعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي، و قد نقلنا سابقاً النص الذي ذكره الأشعري القمي والكشي والنوبختي والمامقاني و فيه اعترافهم بأن عبد الله بن سبأ أول من أحدث القول بالوصية لعلي بن أبي طالب والقول بفرض إمامته، وأظهر فيه البراءة من مخالفيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/348)
يذكر الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، أن ابن سبأ أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه، و منه انشعبت أصناف الغلاة، و يتحدث عن السبأية فيقول: و هم أول من قال بالتوقف والغيبة والرجعة و قالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه.
و يذكر المقريزي في الخطط (2/ 356 - 357): أن ابن سبأ أحدث في زمن علي رضي الله عنه القول بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي، وأحدث القول برجعته بعد موته إلى الحياة الدنيا.
ونحن إذا عرفنا ما لهذه العقائد – التي أكد العلماء أن أول من أحدثها في الإسلام ابن سبأ اليهودي – من ثقل في ميزان عقيدة الرافضة بل إنها تعد الأساس الذي أنبتت عليه عقائد الرافضة الأخرى، ندرك دور اليهود الكبير في نشأة الرافضة.
رابعاً: تصريح عبد الله بن سبأ نفسه بأنه أخذ عقيدة الوصية من التوراة، فقد نقل البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235) عن الشعبي، أن ابن السوداء ذكر لأهل الكوفة: أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصياً وأن علياً رضي الله عنه وصي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خير الأوصياء و كما أن محمداً خير الأنبياء.
وإذا أجرينا مقارنة سريعة بين بعض معتقدات الشيعة، نرى أنها توافق بعض معتقدات السبئية، كما توضحها المقارنة التالية:-
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
1 – الرجعة: أي رجعة علي رضي الله عنه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، و هي فكرة مأخوذة من العهد القديم – المحرّف -. انظر: إصحاح (4) فقرة: 5.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
1 – جاء في (أوائل المقالات في المذاهب المختارات) لشيخهم المفيد (ص 51): واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة خلاف.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
2 – الوصية: أي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالخلافة من بعده، و هي فكرة مأخوذة من العهد القديم – المحرّف -. انظر: إصحاح (34) فقرة: 9.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
2 – جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 294): فكان علي عليه السلام و كان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، و ميراث العلم، وآثار علم النبوة.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
3 – الألوهية: ومن لوازمها علم علي رضي الله عنه للغيب. راجع الضعفاء والمتروكين لابن حبان (3/ 8) و ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 161) و المقالات والفرق للقمي (ص 21). حيث ذكروا جميعاً ما تعمه السبئية من أن علياً رضي الله عنه قادر على إحياء الموتى وأنه كان راضياً عن ألوهيته و لكنه حرقهم بالنار لأنهم أفشوا السر، ثم أحياهم بعد ذلك، و أنه يعلم الغيب.
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
3 – من لوازم الألوهية كما جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 258): إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم. و قد عقد بعد ذلك باباً عنوانه: (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم). كما يقول زعيمهم الخميني في الحكومة الإسلامية (ص 47): إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها و سيطرتها جميع ذرات هذا الكون.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
4 – علم علي رضي الله عنه لتسعة أعشار القرآن الكريم، والتي كتمها الرسول صلى الله عليه وسلم! راجع: عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة (ص 207).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
4 – جاء في الأصول من الكافي (1/ 239) رواية منسوبة إلى جعفر الصادق يقول فيها: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال – أي الراوي -: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
5 – سب الصحابة، ولاسيما الخلفاء الثلاثة الذين تولوا الخلافة قبل علي رضي الله عنه، و هم أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم. راجع فرق الشيعة للنوبختي (ص 43 - 44) و المقالات والفرق للقمي (ص 20).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/349)
5 – جاء في الأصول من الكافي (1/ 32): عندما يزعمونه من قول الله تعالى {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} – لاحظ أن هذا النص دمج بين آيتين مختلفتين من القرآن الكريم من سورة [النساء /137] و [آل عمران/90]-: إنها نزلت في فلان وفلان و فلان، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، و كفروا حيث عرضت عليهم الولاية. – و المقصود من فلان وفلان وفلان: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كما أبان ذلك شارح الكافي! نقلاً عن الشيعة والسنة لإحسان إلهي ظهير (ص 42). وجاء عن المفيد في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات (ص 48): واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين عليه السلام، وأنهم بذلك في النار مخلدون! – و بعد هذا يظهر من يقول أن الزيدية هم أقرب فرق الشيعة لأهل السنة!! -.
المعتقدات السبئية (اليهودية) ..
6 – البداء: و هو نشأة رأي جديد لم يك موجوداً من قبل، وهو من معتقدان السبئية، الذي يلزم منه ظهور ما كان خافياً على الله. راجع: التنبيه والرد للملطي (ص19) والفرق بين الفرق (ص 36).
المعتقدات الشيعية (الرافضية) ..
6 – جاء في الأصول من الكافي للكليني (1/ 146 - 148) بعد أن عقد فيه كتاب التوحيد باب البداء: لو يعلم الناس ما في القول بالبدأ من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.
و بعد: فقد دلت هذه الأدلة مضافاً إلى ما أوردناه من النقولات السابقة عن بعض العلماء من سنة وشيعة، و شهادة بعض المستشرقين من إثبات دور عبد الله بن سبأ في نشأة الرافضة وإثبات أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
و في ختام هذه المقالة نكون قد وصلنا إلى نهاية سلسلة حلقات عبد الله بن سبأ، و إلى أن نلتقي أستودعكم الله والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و الحمد لله على فضلة و توفيقه.
وتقبلوا تحيات: أخوكم: أبو عبد الله الذهبي ..
mujahidhuzaim@yahoo.com
الأخ السريلنكي(140/350)
اسم الصحابي الذي غيره النبي صلى الله عليه وسلم من حرب إلى اسم آخر
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[15 - 12 - 06, 10:01 م]ـ
الأخوة الأحبة في الله
ما هو اسم الصحابي الذي غيره النبي صلى الله عليه وسلم من حرب إلى اسم آخر؟ وجزاكم الله خير الجزاء وبارك الله فيكم
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[18 - 12 - 06, 06:00 ص]ـ
الحمد لله
صحابيان هما الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهما.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ "قَالَ: قُلْتُ:حَرْبًا، قَالَ:" بَلْ هُوَ حَسَنٌ"، فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ"، قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا قَالَ:" بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ " فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ " قُلْتُ: حَرْبًا قَالَ "بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ " ثُمَّ قَالَ:"سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَّرُ وَشَبِيرُ وَمُشَبِّرٌ".
أخرجه أحمد 1/ 98 و 118، والطبراني (2713) و (2774) و (2775) و (2776) وأورده الهيثمي في " المجمع " 8/ 52، وزاد نسبته للبزار، وقال: ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ، وهو ثقة، وصححه ابن حبان (2227).
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[18 - 12 - 06, 10:07 ص]ـ
و هذه رسالة خاصة في موضوع سؤالك:
حصول المامول بذكر من غير اسماءهم الرسول (صلى الله عليه و سلم)
للشيخ أبي يعلى البيضاوي
هنا ( http://www.saaid.net/book/6/957.zip)
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[18 - 12 - 06, 10:19 ص]ـ
الأخ الكريم صلاح الدين الشريف جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم، وجزى الله اخانا الكريم الطيب وشنان على الكتاب الرائع "حصول المامول بذكر من غير اسماءهم الرسول (صلى الله عليه و سلم)
للشيخ أبي يعلى البيضاوي" خير الجزاء ...
ـ[عادل المامون]ــــــــ[31 - 01 - 07, 03:16 ص]ـ
ممكن يااخوة جزاكم الله خير تدكروا لنا مدي صحة الحديث الدي نقله لنا الاخ الشريف
للاهمية القصوي؟
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[31 - 01 - 07, 04:54 ص]ـ
عادل المامون
ممكن يااخوة جزاكم الله خير تدكروا لنا مدي صحة الحديث
الأخ / عادل المامون
راجع بريد الخاص(140/351)
الحالة السياسية والعلمية في المغرب في القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر!
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[16 - 12 - 06, 04:29 م]ـ
أبحث عن كتاب أو مذكرات - على النت - تتكلم عن الحالة الساسية والحركة العلمية في بلاد المغرب في القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر .....................
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 12 - 06, 04:48 م]ـ
راجع كتاب "من أعلام المغرب العربي في القرن الرابع عشر وجهودهم من أجل الصحوة الإسلامية" .. لجدنا العلامة عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني، بتحقيقنا، طبع بدار البيارق ويعاد طبعه بدار الكتب العلمية ببيروت ... وانظر مقدمتنا للكتاب فهي زبدة في الموضوع. ولكن لا تكاد تجد بحثا مستقلا في الموضوع ...
كما وانظر مقدمتنا لكتاب "الشرب المحتضر من معين تراجم القرن الثالث عشر" لجدنا الخامس شيخ الإسلام جعفر بن إدريس الكتاني، وهي زبدة في تاريخ الثالث عشر والثلث الأول من الرابع عشر، من عدة جوانب ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[16 - 12 - 06, 05:00 م]ـ
راجع كتاب "من أعلام المغرب العربي في القرن الرابع عشر وجهودهم من أجل الصحوة الإسلامية" .. لجدنا العلامة عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني، بتحقيقنا، طبع بدار البيارق ويعاد طبعه بدار الكتب العلمية ببيروت ... وانظر مقدمتنا للكتاب فهي زبدة في الموضوع. ولكن لا تكاد تجد بحثا مستقلا في الموضوع ...
كما وانظر مقدمتنا لكتاب "الشرب المحتضر من معين تراجم القرن الثالث عشر" لجدنا الخامس شيخ الإسلام جعفر بن إدريس الكتاني، وهي زبدة في تاريخ الثالث عشر والثلث الأول من الرابع عشر، من عدة جوانب ...
جزاكم الله خيرا
هل يوجدان على النت.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 12 - 06, 06:15 م]ـ
الثانية قد أنزلها، والأولى لا .............
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 12 - 06, 12:30 ص]ـ
لقد بحثت عن الشرب المحتضر فلم أجده، فليتكم تضعون رابطه ..........
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[18 - 12 - 06, 03:10 ص]ـ
أخي الفاضل، ها هي مقدمتنا للشرب المحتضر، لخصت منها ما قد تحتاج إليه ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[29 - 12 - 06, 10:30 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[ربيع ابوعليتن]ــــــــ[30 - 12 - 06, 01:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى للشيخ محمد مكي الناصري
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[13 - 01 - 07, 10:35 ص]ـ
أخي الفاضل، ها هي مقدمتنا للشرب المحتضر، لخصت منها ما قد تحتاج إليه ...
تلخيص ممتاز للغاية ...... ولكن ليس لأواخر القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر ...... أرجو أن أجد عندكم تلخيصا كالتلخيص الأول لهذه الفترة الزمنية (أواخر ق 14 - بداية ق 15).
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[13 - 01 - 07, 03:50 م]ـ
هي فترة ضنكة، ولكن تجدها في مقدمة كتاب "من أعلام المغرب العربي في القرن الرابع عشر" لجدنا لوالدتنا العلامة عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني رحمه الله تعالى، بتحقيقنا وتقديمنا، فقد استوفينا ذلك، والكتاب طبع قديما بدار البيارق، وهو تحت الطباعة مرة أخرى وقد يصدر قريبا بإذنه تعالى ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[16 - 01 - 07, 12:04 ص]ـ
هي فترة ضنكة، ولكن تجدها في مقدمة كتاب "من أعلام المغرب العربي في القرن الرابع عشر" لجدنا لوالدتنا العلامة عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني رحمه الله تعالى، بتحقيقنا وتقديمنا، فقد استوفينا ذلك، والكتاب طبع قديما بدار البيارق، وهو تحت الطباعة مرة أخرى وقد يصدر قريبا بإذنه تعالى ...
جزاكم الله خيرا
هل لي بتلخيصٍ كالتلخيص السابق؟ إذا لم يحرجكم هذا ...
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 01 - 07, 02:39 ص]ـ
نرسلها لكم بريدا إن شاء الله تعالى ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[21 - 01 - 07, 09:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[22 - 05 - 07, 09:51 م]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[22 - 10 - 07, 02:54 م]ـ
للرفع
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[31 - 10 - 07, 07:30 م]ـ
للرفع
ـ[محمدالمرنيسي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 07:27 م]ـ
رجاء
كتاب الاستقصاء ليس للشيخ محمد مكي الناصري، فليراجع.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[15 - 12 - 07, 10:21 ص]ـ
للرفع
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[17 - 12 - 07, 12:59 م]ـ
أبحث عن كتاب أو مذكرات - على النت - تتكلم عن الحالة الساسية والحركة العلمية في بلاد المغرب في القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر .....................
للتذكير.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[21 - 12 - 07, 09:08 م]ـ
للرفع(140/352)
إبطال قصة التحكيم الشهيرة بين أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - 12 - 06, 09:42 ص]ـ
إبطال قصة التحكيم الشهيرة بين أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما
سليمان بن صالح الخراشي
</ TD< tr>
قصة تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص في الخلاف الذي كان بين علي ومعاوية – رضي الله عن الجميع – مشهورة ذائعة في كتب الإخباريين وأهل الأدب، وفيها ما فيها من لمز الصحابة رضي الله عنهم بما ليس من أخلاقهم. وقد فند هذه القصة الباطلة: ابن العربي في العواصم، والدكتور يحيى اليحيى في " مرويات أبي مخنف ". وقد وجدتُ الشيخ محمد العربي التباني قد أجاد في إبطالها في رده على الخضري المؤرخ؛ فأحببتُ نشر رده باختصار ليطلع عليه القراء، وينتشر بينهم؛ لاسيما وهو في كتاب شبه مفقود.
قال الشيخ التباني:
لا صحة لما اشتهر في التاريخ من خديعة
عمرو بن العاص لأبي موسى في قضية التحكيم
(قال – أي الخضري - في ص 72: (فتقدم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر قد أجمع عليه رأيي ورأي عمرو وهو أن نخلع علياً ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر؛ فيولوا منهم من أحبوا عليهم وأني قد خلعت علياً ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رآيتموه لهذا الأمر أهلاً ثم تنحى وأقبل عمرو فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه، فتنابزا، ويروي المسعودي أنهما لم يحصل منهما خطبة وإنما كتبا صحيفة فيها خلع علي ومعاوية وأن المسلمين يولون عليهم من أحبوا، وهذا القول أقرب في نظرنا إلى المعقول وإن لهج كثير من المؤرخين بذكر الأول اهـ).
أقول: هذه الأسطورة الموضوعة في خديعة عمرو لأبي موسى في التحكيم شبيهة بالأسطورة الموضوعة على علي وابن عباس والمغيرة بن شعبة في إشارة هذا على أمير المؤمنين بإبقاء عمال عثمان، فإن المقصود من وضعها الطعن في حيدرة ببعده عن الدهاء والسياسة وتبريز المغيرة وابن عباس فيهما عليه، وقد تقدم إبطالها، والمقصود من هذه إظهار بلاهة حكمه وتبريز حكم معاوية عليه فيهما.
فهذه الأسطورة باطلة بثمانية أوجه.
الأول: رواها أبو مخنف المتفق أئمة الرواية على أنه أخباري هالك ليس بثقة.
الثاني: الطعن في أبي موسى بأنه مغفل طعن في النبي صلى الله عليه وسلم الذي ولاه على تهائم اليمن زبيد وعدن وغيرهما وهو مغفل.
الثالث: الطعنُ فيه بما ذكر طعنٌ في الفاروق الذي ولاه أميراً على البصرة وقائداً على جيشها فافتتح الأهواز وأصبهان، وكتب في وصيته لا يقر لي عامل أكثر من سنة وأقروا الأشعري أربع سنين وهو مغفل، فأقره عثمان عليها قليلاً ثم عزله عنها فانتقل إلى الكوفة وسكنها وتفقه به أهلها كما تفقه بها أهل البصرة وقرأوا عليه. ثم ولاه عثمان على الكوفة بطلب أهلها ذلك لما طردوا عاملهم سعيد بن العاص. قال الشعبي: انتهى العلم إلى ستة فذكره فيهم، وقال ابن المديني: قضاة الأمة أربعة عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت، وقال الحسن البصري فيه: ما أتاها –يعني البصرة- راكب خير لأهلها منه، فهؤلاء الوضاعون الكائدون للإسلام ورجاله مغفلون لا يحسنون وضع الأباطيل؛ لأنهم يأتون فيها بما يظهر بطلانها في بادئ الفهم الصحيح لكل مسلم.
الرابع: ذكر ابن جرير في فاتحة هذه الأسطورة أن عمراً قال لأبي موسى ألست تعلم أن معاوية وآله أولياء عثمان؟ قال: بلى، قال: فإن الله عز وجل قال (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً) وكلاماً كثيراً بعده في استحقاق معاوية للخلافة، فأجابه أبو موسى عن جله جواباً شافياً ولم يجبه عن احتجاجه بالآية، وكأنه سلمه، والاحتجاج بها على خلافة معاوية فاسد من أوجه كثيرة لا حاجة لذكرها كلها؛ منها أنه تعالى قال (فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً) فأي إسراف ونصر حصلا له في جيش أمير المؤمنين وقد قتل من جيشه الطالب بدم عثمان البريء منه خمسة وأربعون ألفاً على أقل تقدير، ومن جيش حيدرة خمسة وعشرون ألفاً؟ وأي إسراف ونصر حصلا له وقد أشرف على الهزيمة الكبرى ولولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/353)
المصاحف لهلك جل جيشه؟ وجهل فادح ممن يحتج بها على ذلك،فمحال صدوره من عمرو وهو من علماء الصحابة ومحال تسليمه ولو صدر منه من أبي موسى الأعلم منه.
الخامس: ما نقصت هذه الخديعة لو صحت مما كان لأمير المؤمنين عند أتباعه شيئاً وما أفادت معاوية شيئاً جديداً زائداً عما كان له حتى يصح أن يقال فيها إن فلاناً داهية كاد أمة من المسلمين بكيد مقدمها ومحكمها، وغاية أمرها أنها أشبه بعبث الأطفال لا تتجاوز العابث والمعبوث به، وبرَّأ الله تعالى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا العبث.
السادس: لو صحت هذه الأسطورة لم يلزم منها غفلة أبي موسى ودهاء عمرو، بل تدل على مدح أبي موسى بالصدق والوفاء بالوعد والعهد وهي من صفات الأخيار من بني آدم فضلاً عن المؤمنين فضلاً عن الصحابة، ووصم عمرو بالخيانة والكذب والغدر وهي من صفات الأشرار من بني آدم، وكان العرب في جاهليتهم ينفرون منها أشد النفور ولا قيمة لمن اتصف بواحدة منها عندهم، وقد ذم ورهب دين الإسلام مرتكبيها، وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه وينادى على رؤوس الخلائق هذه غدرة فلان فلان".
السابع: لا يخلو قول عمرو فيما زعموا عليه (وأثبت صاحبي معاوية) من أمرين: الأول ثبته في الخلافة كما كان أولاً، وهذا هو المتبادر من لفظ التثبيت، وهو باطل قطعاً؛فإنه لم يقل أحد ينتسب إلى الإسلام إن معاوية كان خليفة قبل التحكيم حتى يثبته حَكمه فيها بعده، ولم يدعها هو لا قبله ولا بعده، ولم ينازع حيدرة فيها.
الثاني ثبته على إمارة الشام كما كان قبل، وهذا هو المتعين دراية وإن لم يصح رواية، وهو تحصيل الحاصل، وأي دهاء امتاز به على أبي موسى في تحصيل الحاصل؟ وأي تغفيل يوصم به أبو موسى مع هذا العبث؟ فهل زاد به معاوية شيئاً جديداً لم يكن له من قبل؟ وهل نقص به علي عما كان له قبل؟
الثامن: قال القاضي أبو بكر بن العربي في القواصم والعواصم: قد تحكم الناس في التحكيم فقالوا فيه مالا يرضاه الله، وإذا لحظتموه بعين المروءة دون الديانة رأيتم أنها سخافة حمل على تسطيرها في الكتب في الأكثر عدم الدين، وفي الأقل جهل متين، ثم قال: وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أن أبا موسى كان أبله ضعيف الرأي مخدوعاً في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيداً لما أرادت من الفساد، اتبع في ذلك بعضُ الجهال بعضاً وصنفوا فيه حكايات، وغيره من الصحابة كان أحذق منه وأدهى، وإنما بنوا ذلك على أن عمراً لما غدر أبا موسى في قصة التحكيم صار له الذكر في الدهاء والمكر، ثم ذكر الأسطورة باختصار ثم قال: هذا كله كذب صراح ما جرى منه حرف قط، وإنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة ووضعته التاريخية للملوك؛ فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع .. ثم ذكر أن الذي رواه الأئمة الثقات الأثبات كخليفة بن خياط والدارقطني أنهما لما اجتمعا للنظر في الأمر عزل عمرو معاوية اهـ ملخصاً).
(تحذير العبقري من محاضرات الخضري، 2/ 86 - 91).
الأخ السريلنكي
mujahidhuzaim@yahoo.com
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[17 - 12 - 06, 12:23 م]ـ
فنَّد العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله في تعليقه على العواصم من القواصم لابن العربي المالكي، و أوضح ذلك بما لامزيد عليه و استدل بأبيات لبعض الشعراء في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ـ لا تحضرني الآن ـ يذكر فيها أن الله عز وجل جلَّى الفتنة عن الأمَّة بموقف جدِّ الأمير بلال، أبي موسى رضي الله عنه في التحكيم، خلافاً لما يذكره بعض الأخباريين.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - 12 - 06, 01:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا لإفادتكم وبارك في علمك
ـ[محمد صبحي]ــــــــ[18 - 12 - 06, 08:27 ص]ـ
رائع زادك الله علماً(140/354)
شيخ الازهر في عهد الاحتلال الفرنسي " محمد المهتدي"؟؟؟؟
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[18 - 12 - 06, 10:07 م]ـ
هناك شخصية في عهد الاحتلال الفرنسي لمصر، تتمثل أمامها أكثر من علامة استفهام، ألا و هو محمد المهتدي، ففي شخصيته كثير من المتناقضات.
فهذا الرجل الذي قدم من أوروبا شاباً، و أظهر الاسلام، و درس في الأزهر و نبغ، حتى صار من شيوخه، نجدْه عند قدوم نابليون يكون هو الذي يتولَّى كتابة مناشير القمع و الاحتلال لنابليون بدعوى الإكراه طبعاً.
و لكن العجيب أن نابليون كان يوليه ثقته الكبيرة دون بقية شيوخ الأزهر، و كان يستشيره في كثيرٍ من الأمور.
فهل الخطة كانت مبيَّتةً لاحتلال مصر قبل نابليون بعدة عقود من الزمن، أم ماذا؟
نعم نعلم ذلك على المدى البعيد، و لكامل العالم الاسلامي،و لا تزال الصليبية الحاقدة تكرر المحاولة تلو الأخرى،
وقصة ملك فرنسا الذي اعتقل في دار ابن لقمان معروفة، و الأبيات فيه مشهورة، و هي قول الشاعر:
قل للفرنسي إذا جئته .................. إن كان قد همَّ بفعلٍ قبيح.
دار ابن لقمان على حالها .............. و القيد باقٍ و الطواشي صبيح.
و لكن قدوم مثل المهتدي ـ إن صحَّ ما استنتجته ـ يدلُّ على أنَّّّّّ المخطط كان دقيقاً و لأعوامٍ مقبلة قريبة.
فهل من الاخوة من بحث عن هذه الشخصية؟(140/355)
كتب جلال كشك من ينقلها للمنتدى؟
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[18 - 12 - 06, 10:24 م]ـ
كتب المؤرخ الاسلامي للقرن العشرين ـ لا سيما للقطري المصري حرسه الله ـ محمد جلال كشك
تتميز بعمق الفكرة و موسوعية المعرفة و الذوق الأدبي و الفني الرفيع.
و من أهمها:
"و دخلت الخيل الأزهر "
و " السعوديون و الحل الإسلامي ".
و غيرها كثير.
و هي موجودة على موقع "محمد جلال كشك " على الشبكة، فمن يتصدَّى لنقلها للمنتدى مشكوراً؟، لا حرمه الله الأجر.(140/356)
مؤلفات المؤرخ جلال كشك من ينقلها للمنتدى؟
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[18 - 12 - 06, 10:26 م]ـ
كتب المؤرخ الاسلامي للقرن العشرين ـ لا سيما للقطري المصري حرسه الله ـ محمد جلال كشك
تتميز بعمق الفكرة و موسوعية المعرفة و الذوق الأدبي و الفني الرفيع.
و من أهمها:
"و دخلت الخيل الأزهر "
و " السعوديون و الحل الإسلامي ".
و غيرها كثير.
و هي موجودة على موقع "محمد جلال كشك " على الشبكة، فمن يتصدَّى لنقلها للمنتدى مشكوراً؟، لا حرمه الله الأجر.(140/357)
القاعدون في الفتنة ... وقعودهم لا يعني تخلفهم عن بيعة علي رضي الله عنه
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[18 - 12 - 06, 11:48 م]ـ
بسم الله والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
القاعدون في الفتنة ... وقعودهم لا يعني تخلفهم عن بيعة علي رضي الله عنه
فقد كانت لي مشاركة سابقة رداً على إستفسار طرحه أحد الإخوة الفضلاء بالمنتدى حول تخلف بعض الصحابة رضوان الله عليهم عن بيعة أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب، وبينت فيه موقف الصحابة من بيعتهم لعليّ وأنه لم يتخلف عن البيعة أحد من السابقين من المهاجرين أو الأنصار، وأن التخلف أو القعود عن القتال مع عليّ رضي الله عنه لا يعني التخلف عن البيعة.
وها أنا أُعيد ما ذكرته من موقف كل صحابي ممن توهم البعض أنه تخلف عن بيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب
من القاعدين فى الفتنة سعد بن أبى وقاص، أسامة بن زيد، عبد الله بن عمر، محمد بن مسلمة، أبو بكرة، الأحنف بن قيس رضى الله عنهم جميعا، وآخرين.
أولا: سبب تخلف أسامة بن زيد وسعد بن أبي وقاص عن القتال مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم
أخرج البخاري في الصحيح (7110):
حدثنا على بن عبد الله حدثنا سفيان قال: قال عمرو اخبرني محمد بن على لن حرملة مولى اسامه اخبره قال عمرو وقد رأيت حرملة قال: " أرسلنى أسامة إلى علىّ وقال: إنه سيسألك الآن فيقول: ما خلف صاحبك؟ فقل له: يقول لك لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره، فلم يعطني شيئا، فذهبت إلى حسن وحسين وابن جعفر فأوقروا لي راحلتي."
قال الحافظ فى الفتح (13/ 83):
قوله: (وقال انه سيسألك الآن فيقول:ما خلف صاحبك ... الخ) هذا هيأه أسامة اعتذارا عن تخلفه عن عليّ لعلمه أن عليا كان ينكر على من تخلف عنه ولا سيما مثل أسامه الذي هو من أهل البيت، فاعتذر انه لم يتخلف ضنا منه بنفسه عن علىّ ولا كراهة له، وأنه لو كان في أشد الأماكن هَوْلاً لأحب أن يكون معه فيه ويواسيه بنفسه، ولكنه إنما تخلف لأجل كراهيته فى قتال المسلمين وهذا معنى قوله " ولكن هذا أمر لم أره ".
قوله (لو كنت فى شدق الأسد) بكسر المعجمة .......................... ،
وهو كناية عن الموافقة حتى فى حالة الموت، لان الذى يفترسه الأسد فى شدقة فى عداد من هلك.
قال ابن بطال: أرسل أسامة إلى عليّ يعتذر عن تخلفه عن حروبه، ويعلمه أنه من أحب الناس إليه،وأنه يحب مشاركته فى السراء والضراء، إلا أنه لا يرى قتال المسلم،قال:والسبب فى ذلك انه لما قتل ذلك الرجل ـ يعنى الماضي ذكره فى " باب ومن أحياها " في أوئل الديات ولامه النبى صلى الله عليه وسلم بسبب ذلك، وآلى على نفسه أن لا يقاتل مسلما، فذلك سبب تخلفه عن عليّ فى الجمل وصفين. انتهى ملخصا.
وأخرج البخاري فى صحيح (6872):
حدثنا عمرو بن زرارة حدثنا هشيم حدثنا أبو ظبيان " قال سمعت أسامة بن زيد بن حارثة رضى الله عنه يحدث قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحرقة من جهينة، قال فصحبنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، قال فلما غشيناها قال: لا اله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصارى فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لي: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا الله إلا الله؟ قال قلت: يا رسول الله إنه إنما كان متعوذا، قال: قتلته بعد ما قال لا الله إلا الله؟ قال: فما زال يكررها على حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك".
قال ابن حجر في الفتح (12/ 235):
قال ابن بطال: كانت هذه القصة سبب حلف أسامة أن لا يقاتل مسلماً بعد ذلك، ومن ثم تخلف عن عليّ فى الجمل وصفين.
قلت (أى ابن حجر): وكذا وقع فى رواية الأعمش المذكورة
" إن سعد بن أبى وقاص كان يقول لا أقاتل مسلماً حتى يقاتله أسامة " اهـ
قلت صلاح الدين:
الشاهد مما سبق أن أسامة وسعد رضي الله عنهما امتنعا عن المشاركة في القتال، ولا يعنى هذا امتناعهما من البيعة،إذ أنه لا يتصور أن يرسل عليّ إلى أسامة مطالباً له بمناصرته دون أن يكون أسامة بايعه على الخلافة! كما سيتبين ذلك في توقف الأحنف بن قيس في قتال الجمل.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[19 - 12 - 06, 12:02 ص]ـ
الحمد لله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/358)
موقف الأحنف بن قيس رضي الله عنه من البيعة والقتال
أخرج البخاري فى صحيحه (7083)
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا حماد عن رجل لم يسمه عن الحسن قال: " خرجت بسلاحي ليالي الفتنه، فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار، قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: انه أراد قتل صاحبه "
قال حماد بن زيد، فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس بن عبيد وأنا أريد إن يحادثني، به فقالا: إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبى بكرة، حدثنا سليمان حدثنا حماد بهذا، وقال مؤمل حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس وهشام ومعلى بن زياد عن الحسن عن الأحنف عن أبى بكرة عن النبى صلى الله عليه وسلم، ورواه معمر عن أيوب، ورواه بكار بن عبد العزيز عن أبيه عن أبى بكرة، قال غندرحدثنا شعبه عن منصور عن ربعي بن حشاش عن أبى بكرة عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعه سفيان عن منصور.
الشاهد من الحديث قول الأحنف رضى الله عنه: " خرجت بسلاحي ليالي الفتنة ".
قال الحافظ فى الفتح (13/ 40): المراد بالفتنة الحرب التى وقعت بين عليّ ومن معه وعائشة ومن معها، وقوله: " خرجت بسلاحي " فى رواية عمر بن شبة عن خالد بن خداش عن حماد بن زيد عن أيوب ويونس عن الحسن" عن الأحنف قال: التحفت علىّ بسيفيِ لأتى عليا لأنصره "، .......... ،
وقوله: " نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم " فى رواية مسلم " يريد نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعنى عليا " قال فقال لى: يا أحنف ارجع ". اهـ
ومن المعلوم أن الأحنف اعتزل القتال فى وقعة الجمل رغم انه كان قد بايع لعلى، فدل ذلك على أن التخلف عن القتال لا يعنى عدم المبايعة، كما انه قاتل بعد ذلك فى صفين مع علىّ.
قال الحافظ فى الفتح (13/ 43):
تنبيه: ورد فى اعتزال الأحنف القتال فى وقعة الجمل سبب آخر، فاخرج الطبرى بسند صحيح عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو عن جاوان قال: " قلت له أرأيت اعتزال الأحنف ما كان؟ قال: سمعت الأحنف قال: حججنا فإذا بالناس مجتمعون فى وسط المسجد ـ يعنى النبوي ـ وفيهم على والزبير وطلحة وسعد إذا جاء عثمان " فذكر قصة مناشدته لهم فى ذكر مناقبه، قال الأحنف: فلقيت طلحة والزبير فقلت: أنى لأرى هذا الرجل ـ يعنى عثمان ـ إلا مقتولا، فمن تامرانى به؟ قالا: على، فقدمنا مكة فلقيت عائشة وقد بلغنا قتل عثمان فقلت لها: من تأمريني به؟ قالت: على، قال: فرجعنا الى المدينة فبايعت عليا ورجعت الى البصرة فبينما نحن كذلك إذ أتاني آت فقال: هذه عائشة وطلحة والزبير نزلوا بجانب الخريبة يستنصرون بك، فأتيت عائشة فذكرتها بما قالت لى، ثم أتيت طلحة والزبير فذكرتهما " فذكر القصة وفيها " قال فقلت والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أقاتل رجلا أمرتمونى ببيعته، فاعتزل القتال مع الفريقين. اهـ
وهذا يؤكد ما ذهبتُ إليه من أن التخلف عن القتال مع علىّ رضى الله عنه لا يعنى التخلف عن مبايعته.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[19 - 12 - 06, 12:14 ص]ـ
الحمد لله
موقف الصحابي عبد الله بن بديل بن ورقاء الخز اعي رضي الله عنه
وهناك موقف مغاير لموقف الأحنف وقفه الصحابي عبد الله بن بديل بن ورقاء الخز اعي
ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (13/ 71) حيث قال:
وأخرج ابن أبي شيبة بسند جيد عن عبد الرحمن بن أبزي قال: انتهى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى إلى عائشة يوم الجمل وهى في الهودج فقال يا أم المؤمنين أتعلمين أنى أتيتك عندما قتل عثمان فقلت ما تأمريني، فقلت إلزم عليا؟ فسكتت، فقال: اعقروا الجمل فعقروه، فنزلت أنا وأخوها محمد فاحتملنا هودجها فوضعناه بين يدي علىّ فأمر بها فأدخلت بيتا.
قلت (صلاح الدين):
أي أن الأحنف امتنع عن القتال يوم الجمل، في حين أنه شارك مع عليّ في صفين! بينما شارك ابن بديل بن ورقاء في الجمل وصفين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/359)
وذلك يرجع إلى أن هذا الأمر لم يعهده الصحابة من قبل، ثم إنه قتال بين المسلمين، أي قتال فتنة فلم يستطع البعض منهم تمييزها، فمن استطاع منهم معرفة الحق ناصره دون تأخير،
وليس أدل من ذلك ترقب بعض الصحابة لمقتل عمار بن ياسر لعلمهم بأنه" تقتله الفئة الباغية"، ومن هؤلاء خزيمة بن ثابت "ذو الشهادتين" الذي حضر صفين ولم يقاتل حتى قتل عمار، عندها شارك مع عليّ.
فدل ذلك أيضا على أن التخلف عن القتال مع عليّ ونصرته ليس دليلاً على الإمتناع عن بيعته،وذلك على نحو ماسنذكره في موقف أبي بكرة رضي الله عنه.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[19 - 12 - 06, 12:22 ص]ـ
الحمد لله
موقف أبي بكرة رضى الله عنه من الفتنة
أخرج البخارى فى صحيحه (7099):
حدثنا عثمان بن الهثيم حدثنا عوف عن الحسن " عن أبى بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل، لما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال:" لن يفلح قوما ولو أمرهم امرأة "
قال الحافظ فى الفتح (13/ 67":
قوله: (لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل) في رواية حميد " عصمني الله بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم "وقد أخرج عمر بن شبة في:"كتاب أخبار البصرة " ......... ، فاخرج من طريق عطية بن سفيان الثقفي عن أبيه قال: لما كان الغد من قتل عثمان أقبلت مع علىّ فدخل المسجد فإذا جماعة علىّ وطلحة فخرج أبو جهم بن حذيفة فقال: يا علىّ ألا ترى؟ فلم يتكلم، ودخل بيته فأتى بثريد فأكل ثم قال: يقتل ابن عمى ونغلب على ملكه؟ فخرج إلى بيت المال ففتحه، فلما تسامع الناس تركوا طلحة، ومن طريق مغيرة عن إبراهيم عن علقمة قال: قال الأشتر رأيت طلحة والزبير بايعا عليا طائعين غير مكرهين، ومن طريق ابن نضرة قال: كان طلحة يقول إنه بايع وهو مكره، ومن طريق داود بن أبى هند عن الشعبى قال: لما قتل عثمان أتى الناس عليا وهو في سوق المدينة فقالوا له ابسط يدك نبايعك، فقال: حتى يتشاور الناس، فقال بعضهم: لئن رجع الناس إلى أمصارهم بقتل عثمان ولم يقم بعده قائم لم يؤمن الاختلاف وفساد الأمة، فاخذ الأشتر بيده فبايعوه، ومن طريق ابن شهاب قال: لما قتل عثمان وكان علي خلا بينهم، فلما خشي أنهم يبايعون طلحة دعا الناس إلى بيعته فلم يعدلوا به طلحة ولا غيره، ثم أرسل إلى طلحة والزبير فبايعاه، ومن طريق ابن شهاب أن طلحة والزبير استأذنا عليا فى العمرة، ثم خرجا إلى مكة فلقيا عائشة فاتفقوا على الطلب بدم عثمان حتى يقتلوا قتلته.
ونقل الحافظ رحمه الله قول ابن التين:
كلام أبى بكرة (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة) يدل على انه لولا عائشة لكان مع طلحة والزبير لأنه لو تبين له خطؤهما لكان مع علىّ، كذا قال وأغفل قسما ثالثا وهو أنه كان يرى الكف عن القتال في الفتنه كما تقدم تقريره، وهذا هو المعتمد، ولا يلزم من كونه ترك القتال مع أهل بلده للحديث المذكور أن لا يكون مانعه من القتال سبب أخر وهو ما تقدم من نهيه الأحنف عن القتال واحتجاجه بحديث " إذا التقى المسلمان بسيفيهما " كما تقدم قريبا.اهـ
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[19 - 12 - 06, 12:34 ص]ـ
الحمد لله
موقف أبي موسى الأشعرى وأبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهما من الفتنة
أخرج البخار في صحيحه (7104،7103،7102):
حدثنا بدل بن المحبر حدثتا شعبة أخبرني عمرو سمعت أبا وائل يقول:
" دخل أبى موسى وأبو مسعود على عمار حيث بعثه على إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما ريناك أتيت أمرا أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، وكساهما حلة، ثم راحو إلى المسجد".
وأخرج أيضا (7107،7106،7105):
حدثنا عبدان عن أبى حمزة عن الأعمش عن شقيق بن سلمة قال: " كنت جالسا مع أبى مسعود وأبى موسى وعمار، فقال أبو مسعود: ما من أصاحبك أحدا إلا لو شئت لقلت فيه غيرك، وما رأيت فيك شي منذ صحبت النبى صلى الله عليه وسلم أعيب عندي من استسراعك فى هذا الأمر، قال عمار: يا أبا مسعود وما رأيت منك ولا من صاحبك هذا منذ صحبتما النبى صلى الله عليه وسلم أعيب عندي من إبطائكما في هذا الأمر، فقال أبو مسعود ـ وكان موسرا ـ يا غلام هات حلتين، فأعطى أحداهما أبا موسى والأخرى عمار وقال: روحا فيه إلى الجمعة".
قال الحافظ في الفتح (13/ 73):
قوله: (ما رأيناك أتيت أمرا اكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أن أسلمت) زاد فى الرواية الثانيه أن الذي تولى خطاب عمار هو أبو مسعود وهو أبو عقبة بن عمرو الانصارى، وكان يومئذ يلي لعلىّ بالكوفة كما كان أبو موسى يلي لعثمان.
قال ابن بطال:فيما دار بينهم دلالة على أن كلا من الطائفتين كان مجتهدا ويرى أن الصواب معه.
وقوله (أعيب): أفعل تفضيل من العيب، وجعل كل منهم الإبطاء والإسراع عيبا بالنسبة لما يعتقده، فعمار لما في الإبطاء من مخالفة الإمام وترك امتثال (فقاتلوا التي تبغي) والآخران لما ظهر لهمامن ترك مباشرة القتال في الفتنة،وكان أبو مسعود على رأي أبي موسى في الكف عن القتال تمسكا بالأحاديث الواردة في ذلك وما في حمل السلاح على المسلم من الوعيد،وكان عمار على رأى عليّ في قتال الباغين والناكثين والتمسك بقوله تعالى (فقاتلوا التي تبغي) وحمل الوعيد الوارد في القتال على من كان متعديا على صاحبه.اهـ
وأخرج الحاكم فى المستدرك (3/ 117) من حديث الشعبى: قال: لما قتل عثمان وبويع عليّ رضى الله عنهما خطب أبى موسى وهو على الكوفة فنهى الناس عن القتال والدخول فى الفتنة فعزله عليّ عن الكوفة من ذي قار وبعث إليه عمار بن ياسر والحسن بن على فعزل فاستعمل قرظة بن كعب فلم يزل عاملا حتى قدم علىّ من البصرة بعد أشهر فعزله حيث قدم فلما سار إلى صفين استخلف عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصارى حيث قدم من صفين.
=== يتبع بإذن الله تعالى ===
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/360)
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[22 - 12 - 06, 03:38 م]ـ
الحمد لله
قول عمار 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ في حديث البخاري ـ لأبي موسى وأبي مسعود رضي الله عنهما:
ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر.
فيه دلالة على دعوة عمار لأبي موسى وأبي مسعود لنصرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وعدم التخلف عن القتال معه
و لا يتصور أن يعاتبهما عمّار في التخلف عن القتال مع عليّ إلّا وهو يعلم أنهما قد بايعا.
كما أنه يستحيل أن يُفْهَم من قولهما لعمّار:
ما ريناك أتيت أمرا أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت.
الإسراع في البيعة لعليّ!
وذلك ما أكده ابن حجر في قوله:
وكان أبو مسعود على رأي أبي موسى في الكف عن القتال تمسكا بالأحاديث الواردة في ذلك وما في حمل السلاح على المسلم من الوعيد.
* وأيضاً في رواية الحاكم فإن إقرار عليّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لأبي موسى الأشعري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - على الكوفة وكان عاملا عليها لعثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، فيه دلالةعلى معرفة علي ّ بأن أبا موسى لم يكن ممن يمتنع عن بيعة عليّ
وكذلك فإن عليّاً لم يعزله حتى خطب الناس ونهاهم عن الدخول في الفتنة، ولو كان أبو موسى امتنع عن البيعة لعلي لتنحى من تلقاء نفسه وترك الإمارة، إذ لا يعقل أن أميراً ـ للكوفةوهي من أهم الأمصارـ يرفض الدخول في البيعة ويظل واليا على المصر حتى يعزله الخليفة.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[16 - 01 - 07, 05:24 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
موقف عبد الله بن عمر من البيعة لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم
الذهبي في سير الأعلام (3/ 231):
حبيب بن أبي ثابت: عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال:
ما آسى على شئ إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية.
هكذا رواه الثوري عنه، وقد تقدم نحوه مفسرا.
وأما عبد العزيز بن سياه، فرواه عنه ثقتان، عن حبيب بن أبي ثابت، أن ابن عمر قال:
ما آسى على شئ فاتني إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية. فهذا منقطع.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه: قال ابن عمر حين احتضر: ما أجد في نفسي شيئا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب.
وروى أبو أحمد الزبيري، حدثنا عبد الجبار بن العباس، عن أبي العنبس، عن أبي بكر بن أبي الجهم، عن ابن عمر، فذكر نحوه.
* الإستيعاب لابن عبد البر (3/ 83 ـ ت1630):
ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
وكان رضي الله عنه من أهل الورع والعلم، وكان كثير الإتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم. شديد التحري والإحتياط والتوقي في فتواه، وكل ما يأخذ به نفسه وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعد موته مولعاً بالحج قبل الفتنة وفي الفتنة إلى أن مات، ..... وكان رضي الله عنه لورعه قد أُشْكِلَت عليه حروب عليّ رضي الله عنه، وَقَعَدَ عنه، وندم على ذلك حين حضرته الوفاة .....
وذكر عمر بن شبة، قال: حدثنا عمر بن قسيط حدثنا أبو المليح الرقي، عن ميمون بن مهران عن ابن عمر أنه دخل عليه رجل فسأله عن تلك المشاهد فقال:
كففت يدي، فلم أقدم، والمقاتل على الحق أفضل.
وحدّثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن الورد حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا أسد بن موسى حدثنا أسباط بن محمد عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب ابن أبي ثابت قال: قال ابن عمر: ما أجدني آسي على شيء فاتني من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي.
وذكر أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا أبو القاسم الفضل بن دكين وأبو أحمد الزبيري قالا: حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه عن ابن عمر أنه قال حين حضرته الوفاة:
ما أجِد في نفسي من أمْرِ الدّنيا شيئاً، إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب.
وقال: حدثنا أبو أحمد، حدثنا عبد الجبار بن العباس عن أبي العنبس عن أبي بكر بن أبي الجهم قال: سمعت ابن عمر يقول:
ما آسىَ على شيء إلا ترْكي قتالَ الفئة الباغية مع عليّ.
قلت (صلاح الدين):
نَدِمَ ابن عمر رضي الله وأَسِفَ لتخلفه عن القتال مع عليّ، ولو كان تخلف عن البيعة ـ كما زعم بعضهم ـ لكان الندم والأسف أولى وأظهر.
* الذهبي في سير الأعلام (3/ 224):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/361)
ليث بن أبي سليم: عن نافعٍ، قال: لَمَّا قُتِلَ عثمان، جاء عليٌّ إلى ابن عمر، فقال: إنك محبوب إلى الناس، فَسِرْ إلى الشام، فقال: بقرابتي وصحبتي والرحم التي بيننا. قال: فلم يعاوده.
* ابن عُيَيْنة: عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: بعث إليَّ عليٌّ، فقال: يا أبا عبدالرحمن! إنك رجل مطاع في أهل الشام، فَسِرْ فقد أمَّرتُك عليهم. فقلتُ: أُذَكِّرك الله، وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه، إلا ما أعفيتني، فأبى عليّ. فاستعنت عليه بحفصة، فأبى. فخرجتُ ليلا إلى مكة، فقيل له: إنه قد خرج إلى الشام. فبعث في أثري، فجعل الرجلُ يأتي المربد، فيخطم بعيره بعمامته ليدركني. قال: فأرسلت حفصةُ: إنه لم يخرج إلى الشام، إنما خرج إلى مكة. فسكن.
* الأسود بن شيبان: عن خالد بن سمير، قال: هرب موسى بن طلحة من المختار، فقال: رحم الله ابن عمر! إني لأحسبه على العهد الأول لم يتغير، والله ما استفزته قريش. فقلت في نفسي: هذا يزري على أبيه في مقتله. وكان عليّ غدا على ابن عمر، فقال: هذه كُتُبنا، فاركب بها إلى الشام، قال: أنشدك الله والإسلام. قال: والله لتركبن. قال: أذكرك الله واليوم الآخر. قال: لتركبن والله طائعا أو كارها.
قال: فهرب إلى مكة.
قلت (صلاح الدين):
وفي تولية عليّ لابن عمر الشام دلالة على دخوله في البيعة وعدم المعارضة، فقد كان رضي الله عنه كارهاً الإمارة ولو على إثنين، وهذا ما حدث مع عثمان رضي الله عنه،فقد امتنع ابن عمر عن تولي القضاء لعثمان، فقد أخرج أحمد في المسند (1/ 66رقم 477):
حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا أبو سنان عن يزيد بن موْهَب:أن عثمان رضي الله عنه قال لابن عمر رضي الله عنه:اقض بين الناس، فقال لا أقضي بين اثنين ولا أؤمّ رجلين، أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"مَنْ عاذَ بالله فقد عاذَ بمعاذٍ؟ "
قال عثمان رضي الله عنه: بلى، قال: فإني أعوذ بالله أن تستعملني، فأعفاه وقال؛ لا تخبر بهذا أحداً. (قال الشيخ شاكر: في إسناده بحث ... )
وفي ذلك يقول الذهبي في السير (3/ 235):
فرضي الله عن ابن عمر وأبيه. وأين مثلُ ابن عمر في دينه، وورعه وعلمه، وتألُّهِهِ وخوفه، من رجلٍ تُعْرَضُ عليه الخلافةُ، فيأباها، والقضاءُ من مثل عثمان، فيردُّه، ونيابةُ الشام لعليٍّ، فيهربُ منه.
* ابن حبان في كتاب الثقات (1/ 215):
قال أبو حاتم: لما كان من أمر من عثمان ما كان قعد عليّ في بيته وأتاه الناس يهرعون إليه كلهم يقولون: أمير المؤمنين عليّ، حتى دخلوا عليه داره وقالوا: نبايعك، فإنه لا بد من أمير وأنت أحق، فقال عليّ: ليس ذلك إليكم، إنما ذلك لأهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى علياً يطلبون البيعة وهو يأبى عليهم، فجاء الأشتر مالك بن الحارث النخعي إلى عليّ فقال له: ما يمنعك أن تجيب هؤلاء إلى البيعة؟ فقال: لا أفعل إلا عن ملأ وشورى، وجاء أهل مصر فقالوا: ابسط يدك نبايعك، فوالله! لقد قتل عثمان، وكان قتله لله رضى! فقال عليّ: كذبتم، والله ما كان قتله لله رضى! لقد قتلتموه بلا قود ولا حد ولا غيره؛ وهرب مروان فطلب فلم يقدر عليه، فلما رأى ذلك عليّ منهم خرج إلى المسجد وصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: يا أيها الناس! رضيتم منى أن أكون عليكم أميراً؟
فكان أول من صعد إليه المنبر طلحة فبايعه بيده وكان إصبع طلحة شلاء فرآه أعرابي يبايع فقال: يد شلاء وأمر لا يتم فتطير عليّ منها وقال: ما أخلفه أن يكون كذلك، ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم بلغ عليا أن سعدا وابن عمر ومحمد بن مسلمة يذكرون هنات فقام عليّ خطيبا فحمد الله وأثنى عليه فقال: أيها الناس! إنكم بايعتموني على ما بايعتم عليه أصحابي، فإذا بايعتموني فلا خيار لكم عليّ وعلى الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم، وهذه بيعة عامة، فمن ردها رغب عن دين المسلمين واتبع غير سبيلهم، ولم تكن بيعته إياى فلتة، وليس أمرى وأمركم واحداً، أريد الله وتريدونني لأنفسكم، وأيم الله لأنصحن الخصم ولأنصفن المظلوم ...
** قال أبو بكر ابن العربي في " العواصم من القواصم " ص146::
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/362)
قالت العثمانية: تخلَّف عنه ـ أي عليّ بن أبي طالب ـ من الصحابة جماعة، منهم سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن مسلمة، وابن عمر، وأسامة بن زيد وسواهم من نظرائهم.
قلنا (ابن العربي):أما بيعته فلم يتخلف عنها. وأما نُصرته فتخلف عنها قوم، منهم من ذكرتم، لأنها كانت مسألة اجتهادية، فاجتهد كل واحد وأعمل نظره وأصاب قدره.
** قال النووي في شرحه لصحيح مسلم ـ كتاب: فضائل الصحابة:
وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَب تِلْكَ الْحُرُوب أَنَّ الْقَضَايَا كَانَتْ مُشْتَبِهَة، فَلِشِدَّةِ اِشْتِبَاههَا اِخْتَلَفَ اِجْتِهَادهمْ، وَصَارُوا ثَلَاثَة أَقْسَام:
قِسْم ظَهَرَ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي هَذَا الطَّرَف، وَأَنَّ مُخَالِفه بَاغٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ نُصْرَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ التَّأَخُّرُ عَنْ مُسَاعَدَة إِمَام الْعَدْل فِي قِتَال الْبُغَاة فِي اِعْتِقَادٍ. وَقِسْم عَكْس هَؤُلَاءِ، ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي الطَّرَف الْآخَر، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ. وَقِسْم ثَالِث اِشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقَضِيَّة، وَتَحَيَّرُوا فِيهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ تَرْجِيح أَحَد الطَّرَفَيْنِ، فَاعْتَزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ هَذَا الِاعْتِزَال هُوَ الْوَاجِب فِي حَقِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِقْدَام عَلَى قِتَال مُسْلِم حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ لِهَؤُلَاءِ رُجْحَان أَحَد الطَّرَفَيْنِ، وَأَنَّ الْحَقّ مَعَهُ، لَمَا جَازَ لَهُمْ التَّأَخُّر عَنْ نُصْرَته فِي قِتَال الْبُغَاة عَلَيْهِ. فَكُلّهمْ مَعْذُورُونَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَلِهَذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْحَقّ وَمَنْ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع عَلَى قَبُول شَهَادَاتهمْ وَرِوَايَاتهمْ، وَكَمَال عَدَالَتهمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.اهـ
** قال ابن حجر في الفتح في كتاب المناقب ـ مناقب علي بن أبي طالب القرشي:
وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعدما كان ..
... قال الحاكم في المستدرك (3/ 115):
«هذه الأخبار الواردة في بيعة أمير المؤمنين كلها صحيحة مجمع عليها، فأما قول من زعم أن عبد الله بن عمر،و أبا مسعود الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وأبا موسى الأشعري، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وأسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإن هذا قول من يجحد حقيقة تلك الأحوال ... ».
** قلت (صلاح الدين):
يستفاد مما سبق:
*حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المودة والحب المتبادل رغم إختلافهم حيال هذه الفتنة.
* أنَّ عليّا رضي الله عنه لم ينزع كل عمال عثمان رضي الله عنه كما زعمت ذلك بعض المصادر.
*أنَّ عليّا لم يول أحداً من أهل بيته على الكوفة أو الشام أو مصر ـ وهي البلدان التي تتوفر بها القوة والأموال ـ كذلك لم يستعمل أحداً من آل البيت على المدينة عند خروجه منها، وهي عاصمة الخلافة.
*أنَّ من آثر اعتزال الفتنة لا يعني بالضرورة امتناعه عن البيعة.
* خطأ من ادّعى أن بيعة عليّ تخلف عنها الصحابة من السابقين الأولين من المهاجرين أو الأنصار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 01 - 07, 09:06 ص]ـ
حبيب ابن أبي ثابت عن ابن عمر منقطع
والصواب أنه قصد ابن الزبير بالفئة الباغية
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[22 - 01 - 07, 06:24 م]ـ
بسم الله والحمد لله
محمد الأمين
حبيب ابن أبي ثابت عن ابن عمر منقطع
والصواب أنه قصد ابن الزبير بالفئة الباغية
الأخ الأمين
الفئة الباغية هي التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها التي تقتل عمار، وهي بلا خلاف بين أهل العلم هي التي قاتلها علي رضي الله عنه.
أما ابن الزبير ـ رضي الله عنه وعن أمه وخالته وأبيه ـ لم يكن هو الفئة الباغية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/363)
حتى لو صح سند هذا القول، لأن ابن الزبير عارض معاوية حين عهد لابنه يزيد من بعده، كما عارضه الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر، ولم يبايع ليزيد، ولم يخرج عليه، ولا سار إليه بجيش!
بل لما أصرّ يزيد ـ عصبية وكبرا ـ أن يطلبه للبيعة وهدده وتوعده، عاذ ابن الزبير بحرم الله تعالى، ولو سكت عنه يزيد ما حدث انتهاك لبلد الله الحرام.
هذا؛
ولم يدعو ابن الزبير لبيعته ولم يدِّعي الخلافة في حياة يزيد.
فكيف يقال عنه أنه خارجي!
وأنه هو المقصود بالفئة الباغية!
إلا أن يكون من يأبى الدخول في البيعة باغياً وخارجياً!
قال ابن كثير في البداية والنهاية (8/ 217):
إمارة عبد الله بن الزبير
وعند ابن حزم وطائفة أنه أمير المؤمنين آنذاك
قد قدمنا أنه لما مات يزيد أقلع الجيش عن مكة وهم الذين كانوا يحاصرون ابن الزبير وهو عائذ بالبيت فلما رجع حصين بن نمير السكونى بالجيش إلى الشام استقل ابن الزبير بالحجاز وما والاها وبايعه الناس بعد يزيد بيعة هناك ..... ثم بعث أهل البصرة إلى ابن الزبير بعد حروب جرت ....... يخطبونه لأنفسهم فكتب إلى انس بن مالك ليصلى بهم .... وبويع في رجب بعد أن أقام الناس نحو ثلاثة أشهر بلا إمام .....
... وقال أيضاً: ذكر بيعة مروان بن الحكم
وكان سبب ذلك أن حصين بن نمير لما رجع من أرض الحجاز وارتحل عبيد الله بن زياد من البصرة إلى الشام وانتقلت بنو أمية من المدينة إلى الشام اجتمعوا إلى مروان بن الحكم بعد موت معاوية بن يزيد وقد كان معاوية بن يزيد قد عزم على أن يبايع لابن الزبير بدمشق،وقد بايع أهلها الضحاك بن قيس على أن يصلح بينهم ويقيم لهم أمرهم حتى يجتمع الناس على إمام، والضحاك يريد أن يبايع لابن الزبير،وقد بايع لابن الزبير النعمان بن بشير بحمص، وبايع له زفر بن عبد الله الكلابى بقنسرين، وبايع له نائل بن قيس .... اهـ
** قلت (صلاح الدين):
وقول ابن كثير رحمه الله: (وبويع ـ أي ابن الزبير ـ في رجب بعد أن أقام الناس نحو ثلاثة أشهر بلا إمام ..... ) دليل على أن ابن الزبيرلم ينازع يزيد في أمر الخلافة، ولم يدّعي الخلافة،أو حتى الإمارة على مكة التي كان عائذاً بها، ولم يدعو لنفسه إلاّ بعد موت يزيد.
مما يبين فساد القول بندم ابن عمر على عدم قتاله لابن الزبير ووصفه بالفئة الباغية.
ثُمَّ؛
كيف يصرح ابن عمر بندمه " عند الموت! " على عدم مقاتلته ـ مع أهل الشام ـ وهم الذين قتلوه؟!!!
والرواية في صحيح البخاري:
* حدثنا أحمد بن يعقوب قال حدثني إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه قال
دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده فقال كيف هو؟ فقال: صالح فقال: من أصابك؟ قال: أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله يعني الحجاج.
* حدثنا زكرياء بن يحيى أبو السكين قال حدثنا المحاربي قال حدثنا محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير قال:كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه ن فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت فنزعتها، وذلك بمنى فبلغ الحجاج فجعل يعوده ن فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: أنت أصبتني، قال:وكيف؟ قال:حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم.
قال ابن حجر في الفتح:
قوله: (أنت أصبتني)
فيه نسبة الفعل إلى الآمر بشيء يتسبب منه ذلك الفعل وإن لم يعن الآمر ذلك، لكن حكى الزبير في الأنساب أن عبد الملك لما كتب إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر شق عليه فأَمَرَ رجلا معه حربة يقال إنها كانت مسمومة فلصق ذلك الرجل به فأمَرَّ الحربة على قدمه فمرض منها أياما ثم مات، وذلك في سنة أربع وسبعين.اهـ
وأخيراً
أي فضيلة لابن عمر على ندمه لعدم مقاتلته مع أهل الشام لابن الزبير (الباغي! زعموا) وقد هُزِمَ من معه وقُتِلَ و صُلِبَ ابن الزبير نفسه رضي الله عنه؟!!!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 01 - 07, 08:02 م]ـ
الفئة الباغية هي التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها التي تقتل عمار، وهي بلا خلاف بين أهل العلم هي التي قاتلها علي رضي الله عنه. [/ COLOR]
بل الخلاف في تعيين تلك الفرقة (إن صح الحديث) معروف عند أهل العلم. والصواب أن السبئية هم الفرقة الباغية وأنهم مسؤولون عن كل دم سفك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/364)
وحتى لا ينحرف الموضوع عن مساره ويستمر تزوير التاريخ السني، نقول:
لم يكن ابن عمر –و هو أفضل و أفقه أهل زمانه– راضياً عن معارضة ابن الزبير لخلافة يزيد. حيث إن يزيد بن معاوية –في نظره– يمثِّل الخليفة الشرعيّ للمسلمين، و أنه قد أعطى البيعة، و لذا لا يجوّز الخروج عليه. و قد كان رضي الله عنه يعْلم نتائج معارضة ابن الزبير، حيث سيكون هناك حربٌ و قتالٌ بين المسلمين، و يُقتل الناس و تبتلى الأمة، و تُعَطّل الثغور و يتوقف الجهاد في سبيل الله، إلى غير ذلك من المفاسد التي يعتقد ابن عمر أنها ستحدث لا محالة إذا استمر ابن الزبير في معارضته.
فأعلن بأن قتال ابن الزبير إنما هو لأجل الدنيا و أخذ يخبر الناس و يحذرهم أن قتالهم و مناصرتهم لابن الزبير إنما هو قتال على الملك فقط. و كان ينظر لابن الزبير و من معه على أنهم بغاة، و تمنى مقاتلتهم لبغيهم على بني أمية. و لم يكتف ابن عمر بذلك، بل كان دائم المناصحة لابن الزبير و يحذِّره من عواقب الفتن، و كان يعرّفه بأن نهاية هذه المعارضة ستكون بائسة له. وليت ابن الزبير رضي الله عنه استجاب له ولباقي فقهاء الصحابة.
و ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يتمنى –قبل وفاته– قتال الفئة الباغية، و حين سئل عن الفئة الباغية قال: «ابن الزبير بغى على بني أمية فأخرجهم من ديارهم و نكث عهدهم». الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة 61 - 80هـ) (ص465). و ذكر ابن عساكر في تاريخه (31/ 193): عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر، إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال له: «يا أبا عبد الرحمن. إني و الله لو حرصت على أن أسمت سمتك و أقتدي بك في أمر فرقة الناس، فأعتزل الشر ما استطعت، و إني أقرأ آية من كتاب الله محكمة فقد أخذت بقلبي، فأخبرني عنها. أرأيت قول الله عز وجل {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلو .. الآية} اخبرني عن هذه الآية».، فقال له عبد الله بن عمر: «ما لك و لذلك؟ إنصرف عني». فقام الرجل و انطلق حتى توارى منا سواده. فأقبل علينا عبد الله بن عمر فقال: «ما وجدت في نفسي شيء من أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي، من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله». فقال حمزة: فقلنا له: «و من ترى الفئة الباغية؟». قال ابن عمر: «ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم فأخرجهم من ديارهم و نكث عهدهم».
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[23 - 01 - 07, 01:21 م]ـ
الحمد لله
محمد الأمين
بل الخلاف في تعيين تلك الفرقة (إن صح الحديث) معروف عند أهل العلم.
الأخ الأمين ... هداني الله وإياك إلى الحق
لا أدري لماذا تشكك في الأحاديث الصحيحة! وتتجاهل الحقائق التي عليها السلف في تعيين الفئة الباغية!
فقول النبي عليه الصلاة والسلام لعمار:" تقتله الفئة الباغية" من الأحاديث الصحيحة
قال الحافظ ابن عبد البر:
وتواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تقتل عمار الفئة الباغية ". وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو من أصح الأحاديث.
قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى:
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق} وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال عن الحسن: " {إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين}. وفي الصحيحين عن عمار أنه قال: " {تقتله الفئة الباغية} وقد قال تعالى في القرآن: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}.
فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون وأن علي بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له والله أعلم.اهـ
وقال أيضاً:
ولهذا كان علي وأصحابه أولى بالحق وأقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه كما في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " {تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين فتقتلهم أولى الطائفتين بالحق}. وروي في الصحيح أيضا: " {أدنى الطائفتين إلى الحق}. وكان سب علي ولعنه من البغي الذي استحقت به الطائفة أن يقال لها: الطائفة الباغية؛ كما رواه البخاري في صحيحه عن خالد الحذاء {عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد واسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى به ثم أنشأ يحدثنا حتى إذا أتى علي ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن}. ورواه مسلم عن أبي سعيد أيضا قال: أخبرني من هو خير مني أبو قتادة {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار - حين جعل يحفر الخندق - جعل يمسح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية تقتله فئة باغية}. ورواه مسلم أيضا عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {تقتل عمارا الفئة الباغية}. وهذا أيضا يدل على صحة إمامة علي ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار - وإن كان متأولا - وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي وعلى هذا فمقاتله مخطئ وإن كان متأولا أو باغ بلا تأويل وهو أصح القولين لأصحابنا وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليّاً وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين.اهـ
وهناك الكثير في هذا الشأن.
ولعلني أُبين بعض الأمور التي ذكرها الأخ الأمين (وجانبه فيها الصواب) في مداخلته السابقة بشأن ابن الزبير رضي الله عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/365)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 01 - 07, 05:42 م]ـ
هذا الحديث من أهل العلم من طعن فيه ويروى هذا عن الإمام أحمد وإن كان آخر الأمرين عنه أنه صححه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في «الفتاوى» (35/ 76):
«وأما الحديث الذي فيه إن عماراً تقتله الفئة الباغية، فهذا الحديث طعن فيه طائفة من أهل العلم، لكن رواه مسلم في «صحيحه» وهو في بعض نسخ البخاري» (2).
في «المنتخب من علل الخلال» (ص222):
«أخبرنا إسماعيل الصفار قال: سمعت أبا أمية محمد بن إبراهيم يقول: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبي خيثمة والمعيطي ذكروا: «تقتل عماراً الفئة الباغية».
فقالوا: ما فيه حديث صحيح (3).
سمعت عبدالله بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روي في عمار: «تقتله الفئة الباغية» ثمانية وعشرون حديثاً، ليس فيها حديث صحيح.
قال ابن رجب في «فتح الباري» (2/ 494):
«وهذا الإسناد غير معروف وقد روي عن أحمد خلاف هذا.
قال يعقوب بن شيبة السدوسي في مسند عمار من «مسنده» (4): «سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث النبي r في عمار: «تقتله الفئة الباغية»؟ فقال أحمد: كما قال رسول الله r « تقتله الفئة الباغية». وقال: في هذا غير حديث صحيح عن النبي r وكره أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا» (5).
2 - أغلب نسخ البخاري لم تذكر هذه الزيادة «تقتله الفئة الباغية» فلم يذكرها الحميدي في الجمع بين الصحيحين وقال: أن البخاري لم يذكرها أصلاً. قال: ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمداً (6). وممن نفى هذه الزيادة المزي في «تحفة الإشراف» (3/ 427) قال: وليس فيه «تقتل عماراً الفئة الباغية» وأثبتها جمع من أهل العلم فذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» (1/ 646) أنها وقعت في رواية ابن السكن وكريمة وغيرهما وفي نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري.
وأخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث (7).
3 - أعلة هذه الزيادة أيضاً بالإدراج. قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (1/ 646): «ويظهر لي أن البخاري حذفها عمداً وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري أعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي r ، فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله أنه قال: «يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية» وبن سمية هو عمار وسمية أسم أمه، وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الإطلاع على علل الأحاديث».
http://saaid.net/Doat/saad/42.htm
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[31 - 01 - 07, 09:11 م]ـ
الحديث في الصحيحين وقد جاوز القنطرة!!
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[01 - 02 - 07, 10:00 ص]ـ
وهذه مشاركة نفيسة للأخ ابن معين (ما أظن أن الأخ الفاضل (هيثم) سيحذفها!
قال الأخ الفاضل ابن معين:
وهذا جواب كنت كتبته في بحثي حول رواية من روايات هذا الحديث:
هذا النقل من كتاب المنتخب من علل الخلال موجود أيضاً في كتاب (السنة) له أيضاً (2/ 463رقم721).
لكن وقع بدل قول الخلال: (أخبرني إسماعيل بن الفضل) قوله: (أخبرني إسماعيل الصفار).
وبدل قول الخلال أيضاً: (سمعت عبدالله بن إبراهيم) قوله: (سمعت محمد بن عبدالله بن إبراهيم)
قلت: والإسنادان السابقان ضعيفان.
الأول فيه: إسماعيل بن الفضل لم أقف له على ترجمة!
والثاني فيه: محمد بن عبدالله بن إبراهيم وأبيه لم أقف لهما على ترجمة!
وكذا قال محقق كتاب السنة للخلال عن الإسنادين السابقين أيضاً.
ولذا قال ابن رجب في فتح الباري له (3/ 310): (وهذا الإسناد غير معروف).
فلايصح هذا النقل عن أئمة الحديث أنهم ضعفوا الحديث.
بل الذي صح عن أحمد وغيره كيحيى بن معين وعلي بن المديني (1) والبخاري (2) ومسلم (3) وابن حبان (4) والحاكم (5) هو تصحيح الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/366)
وهذا مما يدل على ضعف هذا النقل عن أحمد وغيره.
قال يعقوب بن شيبة _ كما في السنة للخلال (2/ 463_464) وتاريخ دمشق (43/ 436) وسير أعلام النبلاء (1/ 421) وفتح الباري لابن رجب (3/ 310) _: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن هذا (يعني هذا الحديث)، فقال: (فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكره أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا).
_ وقال ابن عبدالبر في الاستيعاب (3/ 1140): (تواترت الآثار عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تقتل عمار الفئة الباغية) وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو من أصح الأحاديث).
_ وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/ 421): (وفي الباب عن عدة من الصحابة فهو متواتر).
_ وقال ابن حجر في فتح الباري (1/ 543): (روى حديث تقتل عماراً الفئة الباغية جماعةٌ من الصحابة، منهم: قتادة بن النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة).
(1) انظر تصحيح ابن معين وابن المديني للحديث من رواية أم سلمة في: فتح الباري لابن رجب (3/ 310).
(2) الصحيح (2/ 541رقم447، 6/ 30رقم2812_الفتح) من حديث أبي سعيد. وانظر: فتح الباري (1/ 542).
(3) الصحيح (18/ 41_النووي) من حديث أم سلمة.
(4) الصحيح (15/ 131رقم6736،15/ 553رقم7077) من حديث أم سلمة، (15/ 553رقم7078، 15/ 554رقم7079) من حديث أبي سعيد.
(5) حيث قال بعد أن أخرجه من حديث حذيفة: (هذا حديث له طرق بأسانيد صحيحة أخرجا بعضها ولم يخرجاه بهذا اللفظ). المستدرك (2/ 162_ط: عطا) وقد أخرجه عن جمع من الصحابة.
__________________
اللهم انفعنا بما علمتنا
كنت أكتب سابقا بهذا الاسم (ابن معين)
والآن أكتب باسم هشام الحلاّف
قال أحمد العجلي دحيم ثقة كان يختلف إلى بغداد فذكروا الفئةالباغية هم (أهل الشام)
فقال من قال هذا فهو ابن الفاعلة!
فنكب عنه الناس ثم سمعوا منه
قلت (الذهبي) هذه هوة من نصب أو لعله قصد الكف عن التشغيب بتشغيب!
سير أعلام النبلاء ج11/ص516
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[07 - 02 - 07, 06:32 م]ـ
الحمد لله
الأخ الكريم أبوحاتم
جزاكم الله خيرا
رغم أنّ الحديث في الصحيحين، إلا أن بعضهم يحاول الطعن عليه لحاجة في نفسه!
وهذا البعض!
وعندما يتحدث عن ابن الزبير رضي الله عنه، وخلافه مع بني أمية، يستشهد بتاريخ الإسلام للذهبي، وتاريخ ابن عساكر، وهو يعلم أن روياتهم لا تصح إلا بصحة السند وعدم معارضته للصحيح.
ففي صحيح البخاري ـ كتاب التفسير (4664):
عن ابن عباس رضي الله عنهما
أنه قال ـ حين وقع بينه وبين ابن الزبير ـ قلتُ: أبوه الزبير وأمه أسماء وخالته عائشة وجده أبو بكر وجدته صفية.
قال ابن حجر في الفتح (8/ 405):
قوله: (حين وقع بينه وبين ابن الزبير)
أي بسبب البيعة، وذلك أن ابن الزبير حين مات معاوية امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية وأصر على ذلك حتى أغرى يزيد بن معاوية مسلم بن نبتل بالمدينة فكانت وقعة وحدثناه، ثم توجه الجيش إلى مكة فمات أميرهم مسلم بن عقبة وقام بأمر الجيش الشامي أبان بن نمير فحصر ابن الزبير بمكة، ورموا الكعبة بالمنجنيق حتى احترقت. ففجأهم الخبر بموت يزيد بن معاوية فرجعوا إلى الشام، وقام ابن الزبير في بناء الكعبة، ثم دعا إلى نفسه فبويع بالخلافة وأطاعه أهل الحجاز ومصر والعراق وخراسان وكثير من أهل الشام، ثم غلب مروان على الشام وقتل الضحاك بن قيس الأمير من قبل ابن الزبير بمرج راهط، ومضى مروان إلى مصر وغلب عليها، وذلك كله في سنة أربع وستين، وكمل بناء الكعبة في سنة خمس، ثم مات مروان في سنة خمس وستين وقام عبد الملك ابنه مقامه، ....
وإنما لخصت ما ذكرته من طبقات ابن سعد وتاريخ الطبري وغيره لبيان المراد بقول ابن أبي أبان " حين وقع بينه وبين ابن الزبير "، ولقوله في الطريق الأخرى " فغدوت على ابن عباس فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير؟ وقول ابن عباس: قال الناس بايع لابن الزبير، فقلت: وأين بهذا الأمر عنه " أي أنه مستحق لذلك لما له من المناقب المذكورة. اهـ
وهناك غير ذلك الكثير.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[16 - 07 - 08, 03:11 ص]ـ
للفائدة
ـ[ابوالبراءاليمني]ــــــــ[03 - 02 - 09, 07:03 م]ـ
الحديث في الصحيحين وقد جاوز القنطرة!!
لما العدول عن ما في الصحيحين إلى غيره وفيه ما فيه من أقوال أهل العلم!(140/367)
من دروس التاريخ الفكري لبغداد في القرن الثاني
ـ[محمد السعيدي]ــــــــ[20 - 12 - 06, 12:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من دروس التاريخ الفكري لبغداد في القرن الثاني
وقفة في التعامل مع المخالف *
لو أن أحدا من إخواننا المعنيين بالتأريخ للحضارة الإسلامية أخذ على عاتقه التأريخ الفكري لبغداد في الحقبة ما بين حكم هرون الرشيد حتى نهاية أيام الخليفة المتوكل لقدم لنا خدمة عظيمة في محاولتنا الاستفادة العملية من تجارب أمتنا الرائدة.
وذلك أن بغداد في تلك الفترة كانت من أكبر عواصم العالم من حيث تعداد السكان فقد رووا أن نفوس أهلها تقارب ألفي ألف نفس (مليونان) وهو تعداد بالنظر إلى العواصم القديمة يكاد يكون خياليا , والعجب ليس في ضخامة هذا الرقم وحسب بل في كونه يمثل مجتمعا متباينا في أفكاره وأصوله , فقد عاش في تلك الحقبة أهل الحديث وأهل الرأي والشيعة والراوندية والمعتزلة والمرجئة والقدرية بل يمكن القول أن أكثر الفرق التي ذكرها من كتبوا في الملل والنحل من أمثال عبد القاهر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق والرازي في كتابه المحصل
كانت ممثلة في بغداد في تلك الحقبة مضافا إليهم الفلاسفة والنصارى.
وحاولت بعض الآراء التغلب بسطوة السلطان كمذهب المعتزلة في عهود المأمون والمعتصم والواثق إلا أن هذا الفرض للفكر الاعتزالي لم يقدم له أية مكاسب على عكس المذهب المستهدف من الحملة الاعتزالية وهو مذهب أهل الحديث.
وهذه تجربة لنا ولا تأخذ منزلتها لكونها واقعة تاريخية وحسب بل مكانتها العظيمة آتية من منزلة من صنعوا هذه التجربة في تراثنا الإسلامي كالإمامين الشافعي وأحمد ويحي بن معين والبخاري ومسلم وأبي داود وغيرهم من أعلام أعلام السلف رحمهم الله تعالى.
وهي تاريخ نأنس به حينما نقرأ أو نسمع أفكارا لم تكن مألوفة لنا في مجتمعنا الذي عاش سنوات رائعة لا نسمع فيها إلا ما نحب بعضها جديد وحسب وبعضها الآخر جديد وبعيد, فنقول في أنفسنا ماذا ستصنع هذه الأفكار التي يفرضها على أسماعنا إعلام القرية الواحدة أكثر من أنها سترى النهاية نفسها التي لقيتها تلك المذاهب البائدة في بغداد وخرج الحق من ذلك الصراع أصعب مراسا وأقدر على كسب المعركة.
أسوق هذا الكلام لأقول لكل من يتشنج أو يحتدم غضبا عند سماع رأي يسوءه إربع على نفسك ولا تجعل غضبك لما ترى أنه الحق ينسيك أن للحق سلطانا سوف يغلب لا محالة واجعل همك أن تتحرى ألا تكون يوما ما مع الكوكب الآفل وإن كان جماله يأخذ بالألباب وتمتلئ منه الأعين.
وأسوقه لنفكر منذ اليوم في أسلوب أمثل للتعامل مع الأفكار التي لا يمكن بحال أن نمنعها عن أسماعنا أو نمنع أسماعنا منها و لا أن نمنعها عن أسماع أبنائنا بل ولا عن أذهانهم فليس نجنب ذكرها خوف الفتنة مجديا في يوم يمكن القول أن تجنب ذكرها أصبح هو الفتنة , نعم يمكن السيطرة بطريقة أو بأخرى على إعلامنا وصحافتنا ولكن هل ما زال إعلامنا وصحافتنا هما إعلامنا وصحافتنا بمعنى أنهما هما مصدرنا الوحيد لتلقي الأفكار والآداب كما كنا قبل سنوات.
إن التأخر في دراسة أسلوب أمثل معتبر شرعا للتعامل مع الأفكار الطارئة سوف يؤدي حتما إلى كارثة فكرية وأخلاقية لا يحتملها مجتمعنا الذي نفخر ببقائه حتى اليوم متميزا بتمسكه وتماسكه عن سائر المجتمعات الإسلامية التي أودت بتميزها كوارث فكرية حلت بها قبل سنين طويلة.
وأقول أسلوب معتبر شرعا لأنني أعزو وبقوة ما تميز به مجتمعنا من التمسك والتماسك إلى كون الالتفات إلى ما يقوله الشرع ظل هو المعول عليه في التعامل مع كل جديد من مبتكرات أو مفتكرات , وسواء أصبنا أم أخطأنا في الحكم برأي الشرع فيما حل بنا من نوازل إلا أن مرجعية الشريعة في حياتنا بقيت عاصما لهذا المجتمع من الانزلاق نحو الذوبان في الاستغراب ذلك الداء الذي نحاول اليوم تجنبه ويحاول غيرنا جاهدا الانفكاك منه وشتان بين المنزلتين.(140/368)
ما رأي الأخوة الكرام في هذا الكتاب إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر؟!
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[21 - 12 - 06, 01:43 ص]ـ
إخواني الكرام قرأت في كتاب (إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر) لمؤلفه شعيب عبد الحميد الدوسري ... ومحتوى الكتاب عن تاريخ آل عائض حكام عسير سابقا ولفت نظري في الكتاب تعليق محققين من مؤرخي نجد يردون على كثير من محتوى الكتاب والرد الرئيس على ما أدعى مؤلف الكتاب أن آل عائض يعود نسبهم إلى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
أرجو إفادتي ممن لديه شيء عن ذلك وجزاكم الله خيرا.
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[21 - 12 - 06, 10:10 ص]ـ
الكتاب واتضحة عليه دلائل الوضع لا تحتاج إلى كثير نظر، و من اطلع على الجزء الثاني منه و الذي مخطوط الآن جزم بذلك، مع العلم أنه وصل الآن إلى الجزء الرابع أو الخامس أعني المخطوط ... ؟
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[21 - 12 - 06, 11:56 ص]ـ
مر علي هذا الموضوع هنا
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=16421&highlight=%C7%E1%D3%C7%E3%D1
http://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=7557&highlight=%C7%E1%D3%C7%E3%D1
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 04:16 م]ـ
الشكر لك أخي محمد ولك أخي أبا أسامة/
قد تكون المراجع التي رجع لها المؤلف مخطوطات غير ظاهرة للعيان وأعرف أناس لديهم مخطوطات جليلة في منطقة عسير ومع ذلك لا يظهرونها لكل أحد فليس شرطا أن يكون الكتاب موضوعا كما قال المعلقان اللذان علقا على الكتاب كما أننا لانجزم بصحة كل ما ورد في الكتاب .........
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[22 - 12 - 06, 04:27 م]ـ
أخي الكريم القحطاني والأزدي وبقية الإخوة الكرام نقول إن انتساب آل عايض إلى بني أمية يحتاج إلى أدلة وبراهين ساطعة ولايكفي ما أورده الدوسري
فالمنطقة منطقة يمانية وليست عدنانية
ولابد لهذا الأمر من استفاضة وشهرة فهل الاستفاضة هذه موجودة؟!
والموضوع يحتاج إلى أدلة وبراهين
والكتاب قرأته قديما وأستغرب من يصنف هذا الكتاب كيف يكون جهولاً؟
ولي عودة مرة أُخرى
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[02 - 03 - 07, 10:39 م]ـ
الأخ أبا حاتم الشريف
أما قولك إن المنطقة منطقة يمانية فصحيح ولكن لا يمنع ذلك من وجود بعض القبائل المهاجرة بسبب أو بآخر.
فبنو أمية كما لا يخفاك قد تفرقوا أثناء الحكم العباسي فلعل بعض ذرية يزيد انتقلوا إلى عسير.
ثم إن أهل النسب اختلفوا فيهم هل هم من آل يزيد أو من عنز بن وائل وكلها عدنانية.
وعنز بن وائل لها وجود في عسير.
وبعض علماء النسب يرى أن المعلقين على كتاب امتاع السامر قد تحاموا على الكتاب ومؤلفه كثيراً وقللوا من شأن حكومة آل عايض ومن القبائل في تلك المنطقة الجنوبية.
ـ[فهد أبو سارة]ــــــــ[03 - 03 - 07, 02:30 ص]ـ
الكتاب مجهول المؤلّف إذا صحت دعوى بطلان نسبته إلى شعيب الدوسري حسب إفادة المحققَّين.
الأمر المثير في الكتاب أنه تفرد بأخبار كثيرة لم تسند ولم تحال إلى مصدر أو مرجع معروف، وهذه معضلة الكتاب الكبرى.
يضاف أن المحققين الذين قاما بنقض الكتاب، لايقلان جهلا عن شعيب المنسوب إليه الكتاب زورا وبهتانا حسب دعواهما! من جهة علميتهما في هذا الفن، أعني التاريخ والنسب.
وعلى هذا فلو أخذنا الكتاب ككتاب قصصي أسطوري فلا بأس، أما كحقائق مسندة،فلا.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[03 - 03 - 07, 07:51 ص]ـ
الأخ فهد
الكتاب يحتاج إلى دارسة وتحقيق وتوثيق في أخباره ومصادره
أما كونه انفرد بأخبار لم تسند أو تُحَلْ إلى مصادر , فمن أين تأتي المصادر والمنطقة في تلك الحقبة مجهولة , فلا مصادر ولا مراجع إلا نُتَفاً.
أما نسف الكتاب بالكامل فأظنها حيلة العاجز.
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[10 - 03 - 07, 12:25 ص]ـ
بالنسبة لمعضلة الكتاب فليس كونه "لا يستند إلى مصادر منطقة في حقبة مجهولة" فقط.
بل كونه يخالف المتواتر و الثابت في كتب و تواريخ بقية المناطق و البلدان، أو كونه يذكر ما لم تذكره
تلك المصادر.
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[11 - 03 - 07, 01:00 م]ـ
سبحان الله
الكذب في التاريخ سهل، و زاد الطين بلة قلة المقمشين و المحققين في الاخبار.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[25 - 03 - 07, 01:25 ص]ـ
اقل احواله الا يحكم بكذبه ولا صدقه
وينظر محتواه: فان وافق حقا صدقناه ومالا فلا
واما المعلقون عليه اخيرا فهم اجرا ء وربما مستعملون جبرا ولعل بعضهم المح لذلك من خلال مناقضته لنفسه في مواضع متفرقة من الكتاب وهي مناقضة متعمدة شبه خفية لا تحتاج الى مزيد فطنة حتى تدرك
ولقد قرأته مع والدي فأثنى عليه ونبه الى ما ذكرت
وبما انكم لستم ملزمين بقبول خبري فلست مظطرا لاثباته
ولكن عليكم بكبار السن فهم المرجع في مثل هذا سيما اذا كانوا متعلمين
ودمتم بخير
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[25 - 03 - 07, 08:41 ص]ـ
الأخ أبا عبد الله
كلامك جيد
وإنني لأعجب من نفيهم لهذا الكتاب برمته وزعمهم أن جميع القصائد قائلها واحد!!!
والكتاب لا يخلو من فوائد في التاريخ والنسب وإن كان عليه ملاحظات كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/369)
ـ[أبو روابي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 12:17 ص]ـ
يعمد صاحب الإمتاع إلى ترجمة علماء وشعراء وبا لأخص من نجد غير مشهورين والمعلومات عنهم ضئيلة وقد اطلعت على مخطوطات ووثائق عنهم تخالف ماذكره من معلومات
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:12 ص]ـ
كتاب " إمتاع السامر " منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أبحث في المعلومات التي احتوى عليها، والأخبار التي وردت فيه.
وأجد من السهل على بعض الناس إطلاق التزوير عليه والكذب والوضع لمجرد نظرة!!!
وليت الذين أصدروا الحكم عليه يأتوا ببيان واحد على صدق ما يقولون، ومن ثم أقول: أي واحد يأتي بمعلومة منه كاذبة أو باطلة أشكره على ذلك واقره على ما يقول.
مع أنه مجرد كتاب تاريخ وأنساب؟!
وقد اعتمد عليه باحثون من قديم وتم الفسح عن كتبهم إعلاميا، وذكروه في قائمة المصادر والمراجع.
أتمنى أن يتمهل إخواني وفقهم الله في إصدار الأحكام، حتى ولو فرضنا وجود معلومات فيه خاطئة، فهذا لا يسلم منه أي كتاب تاريخي.
الجزء الأول هو ما أقصد.
أما الجزء المطبوع بدارة الملك عبدالعزيز فقرأته ولكنه ليس كالجزء الأول في قوة العبارة ودقة المعلومات واتساع الذاكرة، وسلامتها من الأخطاء المطبعية الكثيرة.
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[13 - 05 - 08, 12:51 م]ـ
لقد قابلت الشيخ/محمد بن ناشع الشهري وهو أحد المهتمين بتاريخ المنطقة وسألته عن الكتاب فأثنى عليه وعلى صحته
والرجل متمرس في التاريخ والأنساب في المنطقة ومطلع على مراجع ومخطوطات في المنطقة ومن الإخباريين الموثوقين ...
وتاريخ المنطقة الجنوبية مر بفترة ركود غيبت كثيراً من الحقائق ...
بل هناك من الناس من لديه مخطوطات يرفض وبشدة إخراجها لأحد البتة ...
ـ[لؤي]ــــــــ[12 - 10 - 08, 06:13 م]ـ
أشكر الإخوة المهتمين بتاريخ الجزيرة وعلم الأنساب
باختصار الكتاب من تأليف الشيخ العلامة النسابة المؤرخ / شعيب الدوسري رحمه الله المتوفى سنة 1367هـ وهو من بيت مشهور بالعلم والفقه والقضاء ودراية خاصة بعلم (الأنساب) وسبب الحملة على الكتاب ووصفه بالكذب والتزوير والتلفيق إنما ذلك لأسباب (سياسية) والذين علقوا على الكتاب ووصفوه بالأوصاف السابقة إنما هم (أقلام مستأجرة) لا يخافون الله عزوجل في كتاباتهم حيث همهم (الكسب المادي) وراء التعليق عليه وكل سيلقى ربه يوم القيامة ويحاسب على ما كتب والكتاب غني عن التعريف وقد حاولت دارة الملك عبدالعزيز من سنين طويلة تشويه صورة الكتاب ووصف المؤلف بأنه عامي ومن قرأ تعليقاتهم تبين له التناقض وعدم الدراية بعلم الأنساب ومازادته إلا شهرة وقبولاً وانتشاراً والبحث عنه كاملا في أقطار الدنيا ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره (المنافقون والحاسدون والحاقدون والمشوهون للتاريخ والمزورون والملفقون والذين يرمون الناس بالبهتان والكذب والتزوير والتلفيق) وعند الله تجتمع الخصوم
رحم الله العلامة النسابة المؤرخ/ شعيباً الدوسري وأسكنه فسيح جنته آمين
ـ[أبو عزان]ــــــــ[17 - 10 - 08, 03:08 م]ـ
لا بد من عرض ما جاء به المؤلف على أهل التحقيق والإختصاص من علماء التاريخ والأنساب، وخصوصا علماء الجنوب فهم أدرى بتاريخهم ونسبهم وأحوالهم.
ولا أرى رد الكتاب جملة وتفصيلا لأنه خالف ما لدى البعض.
ـ[أبو عزان]ــــــــ[17 - 10 - 08, 03:09 م]ـ
أشكر الإخوة المهتمين بتاريخ الجزيرة وعلم الأنساب
باختصار الكتاب من تأليف الشيخ العلامة النسابة المؤرخ / شعيب الدوسري رحمه الله المتوفى سنة 1367هـ وهو من بيت مشهور بالعلم والفقه والقضاء ودراية خاصة بعلم (الأنساب) وسبب الحملة على الكتاب ووصفه بالكذب والتزوير والتلفيق إنما ذلك لأسباب (سياسية) والذين علقوا على الكتاب ووصفوه بالأوصاف السابقة إنما هم (أقلام مستأجرة) لا يخافون الله عزوجل في كتاباتهم حيث همهم (الكسب المادي) وراء التعليق عليه وكل سيلقى ربه يوم القيامة ويحاسب على ما كتب والكتاب غني عن التعريف وقد حاولت دارة الملك عبدالعزيز من سنين طويلة تشويه صورة الكتاب ووصف المؤلف بأنه عامي ومن قرأ تعليقاتهم تبين له التناقض وعدم الدراية بعلم الأنساب ومازادته إلا شهرة وقبولاً وانتشاراً والبحث عنه كاملا في أقطار الدنيا ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره (المنافقون والحاسدون والحاقدون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/370)
والمشوهون للتاريخ والمزورون والملفقون والذين يرمون الناس بالبهتان والكذب والتزوير والتلفيق) وعند الله تجتمع الخصوم
رحم الله العلامة النسابة المؤرخ/ شعيباً الدوسري وأسكنه فسيح جنته آمين
أخي لؤي
يا ليت تذكر لنا نبذة مختصرة عن الشيخ شعيب الدوسري
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[17 - 10 - 08, 04:16 م]ـ
الموضوع قُتل بحثاً في الألوكة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13467
وقد قلتُ هناك:
قرأت الكتاب وعندي منه نسختان، وتأكد لي أنه كتاب مزوَّر قبل سنين غير بعيدة (حوالي سنة 1400 هجرية)، وهو مطبوع ومصفوف آلياً بحروف الطباعة المعاصرة، وأسلوبه وعبارته مطابقة لأسلوب الجرائد المعاصرة، كتسمية الإقليم (منطقة!!)، وطريقة ترتيب الكتاب هي طريقة المعاصرين، كوضع اسم المترجم له متوسطاً في أعلى الصفحة ووضع تاريخ ميلاده ووفاته في سطر آخر مفصولاً بينهما بشرطة. وكتابة الحواشي بأرقام مسلسلة كما نفعل نحن اليوم في (المايكروسوفت وورد!!). ويكتب الحوار بين الرجلين كما في حوار المسرحيات المطبوعة!! ومع ذلك وضعوا عليه تاريخ الطباعة سنة 1365 هجرية، ونسبوه إلى رجل لم يُعرف بالتصنيف، بل زعموا أن هناك طبعة سابقة على هذا التاريخ!
وقد صُنِّفت عشرات التواريخ لجزيرة العرب من عام 1365 إلى عام 1400، ولا يُعرف أن أحداً من مصنِّفيها ـ وهم أئمة هذا الفن ـ وقف على هذا الكتاب المزعوم أنه مطبوع سنة 1365!!
ولم يَرُقْ ذلك للقائلين بصحة الكتاب، ولا سيما الأخ صقر بن حسن، ودخلتُ معه في مناظرة ظويلة، ولم يستطع الإجابة على شيء من الاعتراضات الموجَّهة إلى الكتاب.
ولعلك تلاحظ مما كُتب ههنا وما كُتب هناك: أن المدافعين عن الكتاب يلجأون إلى تغيير الموضوع، من مناقشة مضمون الكتاب إلى مناقشة تعليقات المعلقين على الكتاب. وأنهم يقولون بلسان الحال أو المقال: إن الدولة السعودية بلغ بها الحقد على عسير أن جنَّدت هؤلاء المرتزقة وأجبرتهم على نقض الكتاب!!
وإن كنتَ ممن يطلب الحق فأنقل لك لك من هناك مثالاً من مئات الأمثلة على تزييف الكتاب، وهو من عندي لم أقلِّد فيه أحداً، ولعلك تطلب من الطرف الآخر أن يجيب عليه:
ترجم مزوِّر الكتاب لسعيد بن عائض رحمه الله، فذكر أنه عاد من الأسر قبل سنة 1297 (الموافقة لسنة 1879)، وقال قصيدته النونية الطويلة بعد عودته، ومات بمكة سنة 1317 (الموافقة لسنة 1899). فتأمل هداك الله قوله في تلك القصيدة:
هُبُّوا انظرو كيف ألقى (الغرب) أخيته (؟) * شَرْكاً يشيد به في الأرض صهيونا
أتركُ الكلام على الركاكة والأخطاء اللغوية والضرورات الشعرية في هذا البيت (علماً بأنها سِمَة جميع الكتاب نثرِه وشعره، وأن فيها دلالة ظاهرة على أن الناظم والمصنِّف واحد!!)، وأتركُ لوائح الانتحال الأخرى التي تلوح على القصيدة وسائر قصائد الكتاب!! كما أتجاوزُ استخدام الناظم لكلمة (الغرب) بمعنى النصارى (وهو استخدام صحفي معاصر مترجم عن الإفرنج، كما قال روديارد كبلينغ (الشرق شرق والغرب غرب)، ولا يُتصوَّر أن يقول هذه الكلمة بهذا المعنى رجلٌ من جزيرة العرب في القرن الثالث عشر الهجري). والشاهد على أي حال هو تحذيره لقومه من شروع (الغرب) بتشييد الدولة الصهيونية على الأرض! وقوله (هُبُّوا) معناه أن المشروع الصهيوني خرج من الفكرة إلى التطبيق ويحتاج إلى هبَّة لمقاومته.
السؤال هو: هل خرج المشروع الصهيوني من الفكرة إلى التطبيق، وبلغ مبلغاً من الخطورة، وصارت كلمة (صهيون) شعاراً عليه بحيث يدرك أهل عسير وغيرهم معناه لأول وهلة، واستطار خبر ذلك في عسير قبل وفاة سعيد بن عائض في سنة 1899؟!
يعلم شُداة التاريخ أن المؤتمر الصهيوني الأول عُقد في بازل سنة 1897، وكانت قراراته سريَّة بطبيعة الحال، وكتب هرتزل رسالته إلى السلطان عبدالحميد في 17 يونية سنة 1901، وكان الكتاب سرِّياً بطبيعة الحال. ولم يأبه الناس لهذا المشروع آنذاك، لأن الدولة العثمانية كانت لا تزال على حال من القوة والسيطرة على الأمور، ولأن بريطانيا كانت حليفاً لها رسمياً ضد الروس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/371)
ويدل على ذلك أننا لا نجد في قرارات قرارات المؤتمر العربي الأول (باريس 18 - 23/ 1913) أي إشارة إلى القضية الفلسطينية، وإليك تلك القرارات (راجع كتاب المشاريع الوحدوية العربية د. يوسف خوري مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت):
1. إن الإصلاحات الحقيقية واجبة وضرورية للدولة العثمانية فيجب أن تنفذ بوجه السرعة.
2. من المهم أن يكون مضموناً للعرب التمتع بحقوقهم السياسية، وذلك بأن يشاركوا في الإدارة المركزية للدولة اشتراكاً فعلياً.
3. يجب أن تنشأ في كل ولاية عربية إدارة لا مركزية تنظر في حاجتها وعاداتها.
4. كانت ولاية بيروت قدمت مطالبها بلائحة خاصة صودق عليها في 31 كانون الثاني/ يناير 1913 بإجماع الآراء وهي قائمة على مبدأين هما: توسيع سلطة المجالس العمومية، وتعيين مستشارين أجانب. فالمؤتمر يطلب تنفيذ وتطبيق هذين المبدأين.
5. اللغة العربية يجب أن تكون معتبرة في مجلس النواب العثماني، ويجب أن يقرر هذا المجلس كون اللغة العربية لغة رسمية في الولايات العربية.
6. تكون الخدمة العسكرية محلية في الولايات العربية إلا في الظروف والأحيان التي تدعو للاستثناء الأقصى.
7. يتمنى المؤتمر من الحكومة السنية العثمانية أن تكفل لمتصرفية لبنان وسائل تحسين ماليتها.
8. يصادق المؤتمر ويظهر ميله لمطالب الأرمن العثمانيين القائمة على اللامركزية.
9. سيجري تبليغ هذه القرارات للحكومة العثمانية السنية. وتبلغ هذه القرارات أيضا للحكومات المتحابة مع الدولة العثمانية.
10. يشكر المؤتمر الحكومة الفرنساوية شكرا جزيلا لترحابها الكريم بضيوفها.
وقد اتخذ المؤتمر ثلاثة قرارات إضافية اعتبرها ملحقة بقراراته وهي:
1. إذا لم تنفذ القرارات التي صادق عليها هذا المؤتمر فالأعضاء المنتمون إلى لجان الإصلاح العربية يمتنعون عن قبول أي منصب كان في الحكومة العثمانية إلا بموافقة خاصة من الجمعيات المنتمين إليها.
2. ستكون هذه القرارات برنامجا سياسيا للعرب العثمانيين ولا يمكن مساعدة أي مرشح في الانتخابات التشريعية إلا إذا تعهد من قبل بتأييد هذا البرنامج وطلب تنفيذه.
3. المؤتمر يشكر مهاجري العرب على وطنيتهم في مؤازرتهم له ويرسل لهم تحياته بواسطة مندوبيهم.
فلما وقعت الحرب العالمية سنة 1914، وانضمت تركيا إلى ألمانيا، استطاع اليهود إقناع الحلفاء بالفكرة الصهيونية، وبقي ذلك سرًّا أيضاً، بدليل أن الشريف حسين كان يتفاوض مع الإنجليز لإقامة دولة عربية تشمل فلسطين، ولم يشعر بالمؤامرة السرِّية التي تُحاك من وراء ظهره إلا عندما صدر وعد بلفور سنة 1917. ولم تنكشف حقيقة المؤامرة الصليبية-الصهيونية وخطورتها لعامَّة الناس إلا بعد صدور قرار الانتداب سنة 1920، ووصول المؤامرة إلى مرحلة التنفيذ بفتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
فمن المستحيل تاريخياً أن يطَّلع إنسان مات سنة 1899، سواء في عسير أو في غيرها، على خبر المؤامرة الصهيونية، فضلاً عن أن يدرك أبعادها وتحالف (الغرب) معها، فضلاً عن أن يحذِّر قومه من شروع (الغرب) في تنفيذها على الأرض، لا تقليلاً من شأن عسير وأهلها كما قد يدندن بذلك المتعصِّبون للكتاب، بل لأن الرجل مات قبل أن تقع هذه الأحداث كلها.
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[20 - 05 - 09, 01:19 ص]ـ
أشكر الجميع على هذا التفاعل .........
ـ[ابو ابراهيم النجدي]ــــــــ[13 - 07 - 09, 10:51 م]ـ
الكتاب حورب وشن عليه حملة منظمة لأسباب سياسية فهو يستند ومأخوذ مافيه من مخطوطات
ووثائق لم يكتب لها الظهور او الاشارة اليها في مراجع الكتاب فهذه هي الثغرة التي تم استغلالها
للقول بأنه مزور وايضا الكتاب المتوفر هنا ليس الاصلي فمن اراده سيجده نسخته الاصل بالخارج
قبل تحريفه وتشويه مافيه ويسرني نقل ماكتبه الاخ نايف الفقير باحث قبيلة عنزة حول الكتاب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/372)
زودني أحد الأصدقاء القريبين بنسخة أصلية من كتاب (إمتاع السامر وتكملة متعة الناظر) لمؤلفه / شعيب بن عبدالحميد الدوسري كان قد قدم بها من مصر مؤخرا وحيث أن هذا الكتاب كان مثار جدل بيني وبين أخي العزيز محمد عبدالله الرويلي (المهلب الوريلي) الذي ذكر لي أن هذا الكتاب فيه معلومات مغلوطة عن قبيلة عنزة والرولة غير أني لم أجد لها أثرا في النسخة التي بين يدي وكان مصدر الأخ محمد هو القسم الثاني من هذا الكتاب الذي أصدرته دارة الملك عبدالعزيز بتاريخ 1427هـ.
أوضح لي الأخ محمد أن النسخة التي حصلت عليها هي الجزء الأول وإن لهذا الكتاب جزئين إثنين ولكن بقرائتي للنسخة التي بحوزتي لم يتضح من السياق ولا الطبعة أي شيء يوحي بأن لكتاب الإمتاع جزء غير هذا الذي بين يدي.
وبقرائتي للقسمين الذين أصدرتهما الدارة عن كتاب الإمتاع استنتجت الحقائق التالية:-
أولا - كتاب إمتاع السامر ليس إلا كتاب واحد يحمل الاسم (امتاع السامر بتكلمة متعة الناظر) لمؤلفه / شعيب بن عبدالحميد الدوسري وهو الذي أصدرته الدارة سنة 1419هـ محققاً ونسخة الكتاب معروفة للجميع وقد كانت ضمن مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة وهي معروفة للجميع.
ثانيا - إن الدارة أصدرت تحقيقا عن هذا الكتاب سنة 1419هـ ولم توضح في تلك الطبعة وتلك السنة أن للكتاب نسخة أو قسم آخر ثم فجأة أصدرت سنة 1427 ما أسمته القسم الثاني وتم تبرير ذلك بالقول أن هناك مصورات A4 ظهرت سنة 1423 ونُسبت لكتاب الإمتاع وكان على الدارة أن لا تعترف بتلك المصورات أصلا طالما أن النسخة الأصلية من الكتاب موجودة وواضحة ومتداولة وتم تحقيقها سنة 1419.
ثالثا - كانت النسخة الصادرة سنة 1419هـ (وهي النسخة الحقيقية) بتحقيق كل من / محمد عبدالله الحميد عبدالرحمن الرويشد ولاحظت حديث المعلقين عن قبيلة عنزة منطقياً جداً وإن كان مستندا لآراء / حمد الجاسر وعن نسب آل سعود إلى عنزة كذلك لكن بدخول الأستاذ / فايز البدراني إلى تحقيق القسم الثاني (المزعوم) الصادر سنة 1427هـ تغير الحديث عن نسب آل سعود إلى عنزة إلى النفي بل أن هذه الطبعة احتوت على محاولة تسويق آراء / راشد بن عساكر عن نسب قبيلة عنزة وهي آراء لا تخفى على أحد.
وبناء على ما سبق ثبت لدي أن لكتاب إمتاع السامر جزء واحد فقط مطبوع بالمطبعة الحلبية ومطبعة دار النصر الإسلامية وهو الجزء الذي فيه ترجمات لأمراء من قبيلة عسير وغيرها من حكام نجد يتخلل ذلك حديث عن قبائل الجزيرة البارزة ورد ذكرها في سياق الترجمات ويحتوي على قصائد في نهاية كل ترجمة تكون غالبا في مدح المُترجم له أما المصورات التي ظهرت سنة 1423هـ كما قيل فهي مصنوعة ومزعومة أعني من حيث نسبتها لكتاب الإمتاع إبتداء وشعيب الدوسري لا من حيث محتواها وكان الأوجب تجاهلها بدلا من إظهارها بكتاب أوحى بأمور كثيرة وأثار اللبس بل وفي هذه المصورات أكاذيب خطيرة ملفقة على قبيلة عنزة وغيرها ونشر هذه الأراجيف تحت دعوى التحقيق أساء لتاريخنا المحلي كثيراً والغرض منه التشويش وتضليل القراء وإقناعهم أن كتاب إمتاع السامر كتاب كاذب جملة وهو في حقيقته (أعني الكتاب الأصلي وليس المصورات) ليس إلا مصدر من مصادر التاريخ المحلي ليس كله صواب ولكن ليس كله خطأ أيضا!
معلومات عن كتاب إمتاع السامر الحقيقي
كان هذا الكتاب منذ عدة عقود من أهم المصادر عن شبه الجزيرة العربية وهو منسوب لشعيب بن عبدالحميد الدوسري الذي نقله من والده ومن جده وأضاف إليه تعليقات كثيرة وشعيب هذا أحد الجنود الذين كانو يعلمون في خدمة آل عائض حكام عسير قبل فتح المنطقة على يد الملك عبدالعزيز رحمه سنة 1341هـ. وقد عمل شعيب بعد ذلك في خدمة قصر الملك في الرياض حتى وفاته ولهذا فقد وجدت نبذته التاريخية (إمتاع السامر في تكلمة متعة الناظر) طريقها إلى مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة وفي مؤلفات مستشاري الملك عبدالعزيز ومن اختلط به من المستشرقين مثل أمين الريحاني ما يشير إلى اطلاعهم على كتاب إمتاع السامر وربما نقلوا بعض المعلومات منه رغم ذلك نستطيع أن نؤكد أن الشيخ الجاسر رحمه الله الذي بدأ نشاطه البحثي سنة 1372هـ قد اطلع على الكتاب وكان يتعامل معه كأي كتاب ومصدر محلي من حيث الأخذ منه أو الرد بل إن الجاسر سرب الكثير من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/373)
نظرياته نقلا من كتاب إمتاع السامر ومنها على سبيل المثال: نسب تغالبة الدواسر والجميلات إلى تغلب بن حلوان بن قضاعة وتفسير الإمتاع لمصطلح قبيلة هتيم وغير ذلك من الآراء التي نُسبت للجاسر وهي في حقيقتها منقولة - بعد تعديل طفيف - من الإمتاع. وبالرغم من زعم محققي الدارة الذين تولوا التعليق على الكتاب بأن الكتاب مصنوع ومؤلف حديثاُ ومنسوب لشعيب الدوسري الذي يرونه أمياً عامياً لا يرقى أن يكون مؤلفاً فلدي ما يثبت أن هذا الكتاب قديم فعلا ومتداول في نجد في القرنين الماضيين وربما يكون شعيب عاميا لكنه ورثه من والده وجده فمن الواضح عندي أن ابن لعبون العنزي الوائلي (ت سنة 1255هـ) قد نقل من هذا الكتاب بعض أحداثه ومنها نقله عن أمير الدواسر واسمه / عتبة بن عيسى التغلبي (تغلب بن حلوان) وناهض الجميلي (وجميلة من جرم من قضاعة) ضمن أحداث سنة 780هـ وهي حادثة تفرد فيها كتاب إمتاع السامر ولا ريب أنها تسربت إلى كتاب ابن لعبون منه. ويفسر بوضوح السبب الذي جعل ابن لعبون يُشكك بوائلية تغالبة الدواسر التي أشار إليها عند ذكره لقبائل عنزة وتفرعاتها فنحن إذا أمام مصدر قديم وليس مصنوع في العصور الحديثة كما يزعم محققي الكتاب المعاصرين. والحقيقة كما قلنا كان يجب على الدارة التعامل مع الكتاب بشكل طبيعي وتحقيقه وفق المتعارف عليه أي نفي ما يُنفى وإثبات ما يُثبت دون المبالغة في تهويل شأن الكتاب وتصويره وكأنه كتاب سحر وشعوذة مع أن غيره من الكتب النجدية أولى منه بهذه الصورة القاتمة.
الكيل بمكيالين عند محققي الدارة:-
إن كتاب إمتاع السامر في طريقة سرده لا يختلف كثيرا عن الكتب المُسماه (مصادر التاريخ النجدي) بل إنه يفضلها في غزارة المعلومات والأسلوب وكم القصائد المذكورة به. يقول الشيخ أبو عبدالرحمن العقيل أحد الذين تولو التعليق (بشكل منفصل) عن كتاب إمتاع السامر مانصه: " يبدأ التاريخ سنة 132هـ بقلم مؤرخ يزعم أنه ألفه في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري فلا تجد احالة لمصدر معروف وتجد أحداثاً وشعراً فلا تطمع أن تجد لهم ذكرا في مؤلفات بين 130هـ إلى 1350هـ لأنه لا وجود لهم إلا في خيال ابن القرن الرابع عشر الذي يتلقى عن القرن الثاني الهجري مباشرة بلا واسطة!! " أ. هـ
وأقول: فات على شيخنا أبن عقيل أن مصادر التاريخ النجدي طافحة بأحداث سابقة لكاتبيها ودون إحالة لمصدر بل إن معظمها روايات عامية فهذا الفاخري ينقل لنا في منتصف القرن التاسع الهجري (سنة 850هـ) أن مانع المريدي قدم من بلد الدروع قرب القطيف رغم أن الفاخري عاش في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ولم يحلنا لمصدر أو ترجمة عن مانع المذكور!!!
بل ولقد أثبتنا في السطور السابقة أن ابن لعبون نفسه قد نقل عن الإمتاع فلماذا لا يُعامل كتاب ابن لعبون والفاخري ينفس الأسلوب الذي عُومل به كتاب الإمتاع؟! أليس هذا كيل بمكيالين؟
كذلك لم نجد تعامل محققي الدارة مع كتاب (مثير الوجد في أنساب ملوك نجد) الذي تولى التعليق عليه ابن عقيل ومعلوم أن صاحب الكتاب ابن جريس قد صنع سلسلة وهمية عن نسب آل سعود وعلق عليها تعليقات مصنوعة ومع ذلك لم يًُعامل الكتاب بمثل ما عُومل به كتاب إمتاع السامر!!
أما الدعوى بأن كتاب إمتاع السامر قد نقل أحداثا مجهولة وترجم لشخصيات خرافية وادعى أنساباً لكثير من الأرومة الشريفة لجعلها تُنسب إلى قحطان فهو لا يعدوا أن يكون انحيازا لمؤلف أجزم أن الكثير لم يسلم منه وأولهم مؤلفي التاريخ النجدي وأنسابه فهناك من نسب آل سعود إلى تميم وهناك من صنع الأنساب مثل المغيري بل إن القاريْ لكتاب المغيري يهوله هذا التجني على الأنساب والتاريخ ومع ذلك كتبهم تتعبر مراجع مباحة في المكتبات يُؤخذ منها وُيرد.
بل إن محققي الدارة مثل الرويشد والحميد لم يلتزموا بنصوصهم التي كتبوها سنة 1419هـ حيث تغيرت تعليقاتهم على الكتاب سنة 1427هـ فعند إشارة كتاب الإمتاع عن نسب آل سعود إلى عنزة حلفاً وأن أصلهم يعود إلى مذحج قام المحققون بنقل نص الشيخ / حمد الجاسر الذي نسب آل سعود إلى المصاليخ من عنزة
لكن في القسم الثاني تجاهل المحققون نسب آل سعود وردوهم إلى حنيفة رأسا دون الإشارة إلى المصاليخ وقبيلة عنزة الوائلية بل ألمحوا في إحدى تعليقاتهم إلى احتمالية وجود وائل آخر لقبيلة عنزة غير وائل ربيعة المعروف وهي نظرية تم إنشائها حديثا لأهداف ليست خافية على أحد.
فتفسير ذلك أن التعليق الصادر سنة 1419هـ كان مقتصراً على كل: عبدالرحمن الرويشد ومحمد الحميد لكن دخول كل من الأخوين فايز البدراني وراشد بن عساكر (بشكل غير مباشر) إلى الطبعة الثانية 1427هـ أحدث ما أحدث!! ليثبت أن بعض مفكرينا وباحثينا للأسف تأخذهم العاطفة الإقليمية والقبلية وتجعلهم يحاولون تحوير نسب بني وائل الذي لم ولن يُعرف أحد غيرهم بهذا النسب على الإطلاق. منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/374)
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[15 - 07 - 09, 07:30 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبا إبراهيم النجدي على هذا الرد العلمي الرائع ...
وكذلك أشكر جميع الإخوة الذين شاركوا في الموضوع ..
و نتمنى ممن يستطيع إنزال الكتاب الأصلي أن يفعل مشكوراً حتى تتضح الرؤية أكثر ..
ـ[أبو عزان]ــــــــ[17 - 07 - 09, 02:36 م]ـ
كيف يمكن الحصول على نسخة الكتاب التي طبعت في مصر؟
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[15 - 08 - 09, 12:41 م]ـ
الكتاب حورب وشن عليه حملة منظمة لأسباب سياسية فهو يستند ومأخوذ مافيه من مخطوطات
ووثائق لم يكتب لها الظهور او الاشارة اليها في مراجع الكتاب فهذه هي الثغرة التي تم استغلالها
للقول بأنه مزور وايضا الكتاب المتوفر هنا ليس الاصلي فمن اراده سيجده نسخته الاصل بالخارج
قبل تحريفه وتشويه مافيه ويسرني نقل ماكتبه الاخ نايف الفقير باحث قبيلة عنزة حول الكتاب:
زودني أحد الأصدقاء القريبين بنسخة أصلية من كتاب (إمتاع السامر وتكملة متعة الناظر) لمؤلفه / شعيب بن عبدالحميد الدوسري كان قد قدم بها من مصر مؤخرا وحيث أن هذا الكتاب كان مثار جدل بيني وبين أخي العزيز محمد عبدالله الرويلي (المهلب الوريلي) الذي ذكر لي أن هذا الكتاب فيه معلومات مغلوطة عن قبيلة عنزة والرولة غير أني لم أجد لها أثرا في النسخة التي بين يدي وكان مصدر الأخ محمد هو القسم الثاني من هذا الكتاب الذي أصدرته دارة الملك عبدالعزيز بتاريخ 1427هـ.
أوضح لي الأخ محمد أن النسخة التي حصلت عليها هي الجزء الأول وإن لهذا الكتاب جزئين إثنين ولكن بقرائتي للنسخة التي بحوزتي لم يتضح من السياق ولا الطبعة أي شيء يوحي بأن لكتاب الإمتاع جزء غير هذا الذي بين يدي.
وبقرائتي للقسمين الذين أصدرتهما الدارة عن كتاب الإمتاع استنتجت الحقائق التالية:-
أولا - كتاب إمتاع السامر ليس إلا كتاب واحد يحمل الاسم (امتاع السامر بتكلمة متعة الناظر) لمؤلفه / شعيب بن عبدالحميد الدوسري وهو الذي أصدرته الدارة سنة 1419هـ محققاً ونسخة الكتاب معروفة للجميع وقد كانت ضمن مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة وهي معروفة للجميع.
ثانيا - إن الدارة أصدرت تحقيقا عن هذا الكتاب سنة 1419هـ ولم توضح في تلك الطبعة وتلك السنة أن للكتاب نسخة أو قسم آخر ثم فجأة أصدرت سنة 1427 ما أسمته القسم الثاني وتم تبرير ذلك بالقول أن هناك مصورات A4 ظهرت سنة 1423 ونُسبت لكتاب الإمتاع وكان على الدارة أن لا تعترف بتلك المصورات أصلا طالما أن النسخة الأصلية من الكتاب موجودة وواضحة ومتداولة وتم تحقيقها سنة 1419.
ثالثا - كانت النسخة الصادرة سنة 1419هـ (وهي النسخة الحقيقية) بتحقيق كل من / محمد عبدالله الحميد عبدالرحمن الرويشد ولاحظت حديث المعلقين عن قبيلة عنزة منطقياً جداً وإن كان مستندا لآراء / حمد الجاسر وعن نسب آل سعود إلى عنزة كذلك لكن بدخول الأستاذ / فايز البدراني إلى تحقيق القسم الثاني (المزعوم) الصادر سنة 1427هـ تغير الحديث عن نسب آل سعود إلى عنزة إلى النفي بل أن هذه الطبعة احتوت على محاولة تسويق آراء / راشد بن عساكر عن نسب قبيلة عنزة وهي آراء لا تخفى على أحد.
وبناء على ما سبق ثبت لدي أن لكتاب إمتاع السامر جزء واحد فقط مطبوع بالمطبعة الحلبية ومطبعة دار النصر الإسلامية وهو الجزء الذي فيه ترجمات لأمراء من قبيلة عسير وغيرها من حكام نجد يتخلل ذلك حديث عن قبائل الجزيرة البارزة ورد ذكرها في سياق الترجمات ويحتوي على قصائد في نهاية كل ترجمة تكون غالبا في مدح المُترجم له أما المصورات التي ظهرت سنة 1423هـ كما قيل فهي مصنوعة ومزعومة أعني من حيث نسبتها لكتاب الإمتاع إبتداء وشعيب الدوسري لا من حيث محتواها وكان الأوجب تجاهلها بدلا من إظهارها بكتاب أوحى بأمور كثيرة وأثار اللبس بل وفي هذه المصورات أكاذيب خطيرة ملفقة على قبيلة عنزة وغيرها ونشر هذه الأراجيف تحت دعوى التحقيق أساء لتاريخنا المحلي كثيراً والغرض منه التشويش وتضليل القراء وإقناعهم أن كتاب إمتاع السامر كتاب كاذب جملة وهو في حقيقته (أعني الكتاب الأصلي وليس المصورات) ليس إلا مصدر من مصادر التاريخ المحلي ليس كله صواب ولكن ليس كله خطأ أيضا!
معلومات عن كتاب إمتاع السامر الحقيقي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/375)
كان هذا الكتاب منذ عدة عقود من أهم المصادر عن شبه الجزيرة العربية وهو منسوب لشعيب بن عبدالحميد الدوسري الذي نقله من والده ومن جده وأضاف إليه تعليقات كثيرة وشعيب هذا أحد الجنود الذين كانو يعلمون في خدمة آل عائض حكام عسير قبل فتح المنطقة على يد الملك عبدالعزيز رحمه سنة 1341هـ. وقد عمل شعيب بعد ذلك في خدمة قصر الملك في الرياض حتى وفاته ولهذا فقد وجدت نبذته التاريخية (إمتاع السامر في تكلمة متعة الناظر) طريقها إلى مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة وفي مؤلفات مستشاري الملك عبدالعزيز ومن اختلط به من المستشرقين مثل أمين الريحاني ما يشير إلى اطلاعهم على كتاب إمتاع السامر وربما نقلوا بعض المعلومات منه رغم ذلك نستطيع أن نؤكد أن الشيخ الجاسر رحمه الله الذي بدأ نشاطه البحثي سنة 1372هـ قد اطلع على الكتاب وكان يتعامل معه كأي كتاب ومصدر محلي من حيث الأخذ منه أو الرد بل إن الجاسر سرب الكثير من نظرياته نقلا من كتاب إمتاع السامر ومنها على سبيل المثال: نسب تغالبة الدواسر والجميلات إلى تغلب بن حلوان بن قضاعة وتفسير الإمتاع لمصطلح قبيلة هتيم وغير ذلك من الآراء التي نُسبت للجاسر وهي في حقيقتها منقولة - بعد تعديل طفيف - من الإمتاع. وبالرغم من زعم محققي الدارة الذين تولوا التعليق على الكتاب بأن الكتاب مصنوع ومؤلف حديثاُ ومنسوب لشعيب الدوسري الذي يرونه أمياً عامياً لا يرقى أن يكون مؤلفاً فلدي ما يثبت أن هذا الكتاب قديم فعلا ومتداول في نجد في القرنين الماضيين وربما يكون شعيب عاميا لكنه ورثه من والده وجده فمن الواضح عندي أن ابن لعبون العنزي الوائلي (ت سنة 1255هـ) قد نقل من هذا الكتاب بعض أحداثه ومنها نقله عن أمير الدواسر واسمه / عتبة بن عيسى التغلبي (تغلب بن حلوان) وناهض الجميلي (وجميلة من جرم من قضاعة) ضمن أحداث سنة 780هـ وهي حادثة تفرد فيها كتاب إمتاع السامر ولا ريب أنها تسربت إلى كتاب ابن لعبون منه. ويفسر بوضوح السبب الذي جعل ابن لعبون يُشكك بوائلية تغالبة الدواسر التي أشار إليها عند ذكره لقبائل عنزة وتفرعاتها فنحن إذا أمام مصدر قديم وليس مصنوع في العصور الحديثة كما يزعم محققي الكتاب المعاصرين. والحقيقة كما قلنا كان يجب على الدارة التعامل مع الكتاب بشكل طبيعي وتحقيقه وفق المتعارف عليه أي نفي ما يُنفى وإثبات ما يُثبت دون المبالغة في تهويل شأن الكتاب وتصويره وكأنه كتاب سحر وشعوذة مع أن غيره من الكتب النجدية أولى منه بهذه الصورة القاتمة.
الكيل بمكيالين عند محققي الدارة:-
إن كتاب إمتاع السامر في طريقة سرده لا يختلف كثيرا عن الكتب المُسماه (مصادر التاريخ النجدي) بل إنه يفضلها في غزارة المعلومات والأسلوب وكم القصائد المذكورة به. يقول الشيخ أبو عبدالرحمن العقيل أحد الذين تولو التعليق (بشكل منفصل) عن كتاب إمتاع السامر مانصه: " يبدأ التاريخ سنة 132هـ بقلم مؤرخ يزعم أنه ألفه في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري فلا تجد احالة لمصدر معروف وتجد أحداثاً وشعراً فلا تطمع أن تجد لهم ذكرا في مؤلفات بين 130هـ إلى 1350هـ لأنه لا وجود لهم إلا في خيال ابن القرن الرابع عشر الذي يتلقى عن القرن الثاني الهجري مباشرة بلا واسطة!! " أ. هـ
وأقول: فات على شيخنا أبن عقيل أن مصادر التاريخ النجدي طافحة بأحداث سابقة لكاتبيها ودون إحالة لمصدر بل إن معظمها روايات عامية فهذا الفاخري ينقل لنا في منتصف القرن التاسع الهجري (سنة 850هـ) أن مانع المريدي قدم من بلد الدروع قرب القطيف رغم أن الفاخري عاش في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ولم يحلنا لمصدر أو ترجمة عن مانع المذكور!!!
بل ولقد أثبتنا في السطور السابقة أن ابن لعبون نفسه قد نقل عن الإمتاع فلماذا لا يُعامل كتاب ابن لعبون والفاخري ينفس الأسلوب الذي عُومل به كتاب الإمتاع؟! أليس هذا كيل بمكيالين؟
كذلك لم نجد تعامل محققي الدارة مع كتاب (مثير الوجد في أنساب ملوك نجد) الذي تولى التعليق عليه ابن عقيل ومعلوم أن صاحب الكتاب ابن جريس قد صنع سلسلة وهمية عن نسب آل سعود وعلق عليها تعليقات مصنوعة ومع ذلك لم يًُعامل الكتاب بمثل ما عُومل به كتاب إمتاع السامر!!
أما الدعوى بأن كتاب إمتاع السامر قد نقل أحداثا مجهولة وترجم لشخصيات خرافية وادعى أنساباً لكثير من الأرومة الشريفة لجعلها تُنسب إلى قحطان فهو لا يعدوا أن يكون انحيازا لمؤلف أجزم أن الكثير لم يسلم منه وأولهم مؤلفي التاريخ النجدي وأنسابه فهناك من نسب آل سعود إلى تميم وهناك من صنع الأنساب مثل المغيري بل إن القاريْ لكتاب المغيري يهوله هذا التجني على الأنساب والتاريخ ومع ذلك كتبهم تتعبر مراجع مباحة في المكتبات يُؤخذ منها وُيرد.
بل إن محققي الدارة مثل الرويشد والحميد لم يلتزموا بنصوصهم التي كتبوها سنة 1419هـ حيث تغيرت تعليقاتهم على الكتاب سنة 1427هـ فعند إشارة كتاب الإمتاع عن نسب آل سعود إلى عنزة حلفاً وأن أصلهم يعود إلى مذحج قام المحققون بنقل نص الشيخ / حمد الجاسر الذي نسب آل سعود إلى المصاليخ من عنزة
لكن في القسم الثاني تجاهل المحققون نسب آل سعود وردوهم إلى حنيفة رأسا دون الإشارة إلى المصاليخ وقبيلة عنزة الوائلية بل ألمحوا في إحدى تعليقاتهم إلى احتمالية وجود وائل آخر لقبيلة عنزة غير وائل ربيعة المعروف وهي نظرية تم إنشائها حديثا لأهداف ليست خافية على أحد.
فتفسير ذلك أن التعليق الصادر سنة 1419هـ كان مقتصراً على كل: عبدالرحمن الرويشد ومحمد الحميد لكن دخول كل من الأخوين فايز البدراني وراشد بن عساكر (بشكل غير مباشر) إلى الطبعة الثانية 1427هـ أحدث ما أحدث!! ليثبت أن بعض مفكرينا وباحثينا للأسف تأخذهم العاطفة الإقليمية والقبلية وتجعلهم يحاولون تحوير نسب بني وائل الذي لم ولن يُعرف أحد غيرهم بهذا النسب على الإطلاق. منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام.
من هو صاحب هذا الرد؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/376)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[15 - 08 - 09, 01:28 م]ـ
ولم يَرُقْ ذلك للقائلين بصحة الكتاب، ولا سيما الأخ صقر بن حسن، ودخلتُ معه في مناظرة ظويلة، ولم يستطع الإجابة على شيء من الاعتراضات الموجَّهة إلى الكتاب.
ولعلك تلاحظ مما كُتب ههنا وما كُتب هناك: أن المدافعين عن الكتاب يلجأون إلى تغيير الموضوع، من مناقشة مضمون الكتاب إلى مناقشة تعليقات المعلقين على الكتاب. وأنهم يقولون بلسان الحال أو المقال: إن الدولة السعودية بلغ بها الحقد على عسير أن جنَّدت هؤلاء المرتزقة وأجبرتهم على نقض الكتاب!!
.
أعوذ بالله من هذا الاتهام الكاذب
أتمنى أن تسمي نفسك حتى نعرف من أنت
ـ[أبو البركات]ــــــــ[17 - 08 - 09, 04:12 ص]ـ
فمن الواضح عندي أن ابن لعبون العنزي الوائلي (ت سنة 1255هـ) قد نقل من هذا الكتاب بعض أحداثه ومنها نقله عن أمير الدواسر واسمه / عتبة بن عيسى التغلبي (تغلب بن حلوان) وناهض الجميلي (وجميلة من جرم من قضاعة) ضمن أحداث سنة 780هـ وهي حادثة تفرد فيها كتاب إمتاع السامر ولا ريب أنها تسربت إلى كتاب ابن لعبون منه
لماذا لا يكون العكس ...
إمتاع السامر ينقل من ابن لعبون؟؟!!
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[21 - 08 - 09, 07:16 م]ـ
ابن لعبون متقدم.
فهو متوفي في بلدة (التويم) في سدير من نجد بعد عام 1257هـ.
و صاحب إمتاع السامر من اهل القرن الرابع عشر.
ـ[ابو ابراهيم النجدي]ــــــــ[01 - 09 - 09, 01:05 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبا إبراهيم النجدي على هذا الرد العلمي الرائع ...
وكذلك أشكر جميع الإخوة الذين شاركوا في الموضوع ..
و نتمنى ممن يستطيع إنزال الكتاب الأصلي أن يفعل مشكوراً حتى تتضح الرؤية أكثر ..
واياك اخوي ابو اسامة
وبالنسبة للنسخة الأصلية راح اخصص موضوع وانزل لكم صور للكتاب قريبا ان شاء الله
من هو صاحب هذا الرد؟
ذكرت اسم صاحب الرد في بدايته ويبدو انك اطلعت على عجاله
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[05 - 09 - 09, 12:53 ص]ـ
وبالنسبة للنسخة الأصلية راح اخصص موضوع وانزل لكم صور للكتاب قريبا ان شاء الله
نحن بالانتظار
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[05 - 09 - 09, 04:57 ص]ـ
أعوذ بالله من هذا الاتهام الكاذب
أتمنى أن تسمي نفسك حتى نعرف من أنت
كيف يكون الاتهام كاذباً، وهذا أخونا أبو إبراهيم يقول أعلاه: الكتاب حورب وشن عليه حملة منظمة لأسباب سياسية
ولا أزال منذ نحو عام بانتظار إجابتك على حكاية المؤامرة الصهيونية المذكورة أعلاه!
وأما اسمي فلا يقدم ولا يؤخر في الموضوع!
وبالنسبة للأخ الذي يتكلم عن نسخة أصلية موجودة في الخارج أقول له: النسخة (الأصلية!) هي التي كانت مصوراتها بين يدي الباحثين إلى أن صدرت طبعة الدارة. وهي هي النسخة المزورة التي صدرت طبعة الدارة من أجلها. ودليل التزوير الدامغ: أنها مطبوعة بتقنية الطباعة الإلكترونية ومكتوب عليها (مطبعة الحلبي 1365)، وهذه المطبعة خرافة هي الأخرى، ومهما بحثت فلن تجد كتاباً آخر من تلك الفترة مكتوب عليه (مطبعة الحلبي)!
وأغرب من ذلك أن الكتاب بقي مجهولاً أربعين سنة، إذ لم يعرف إلا في حدود سنة 1407
فمثلاً: العقيلي أصدر كتاب المخلاف السليماني في ثلاثة أجزاء سنة 1380 تقريباً ولم يسمع بهذا الكتاب العظيم المطبوع سنة 1365!
ومحلة العرب صدرت سنة 1386، ولا أعرف أن اسم الكتاب قد ورد في أي جزء من أجزائها القديمة
وقد صدرت عشرات الكتب والرسائل عن منطقة الجنوب فلم يشر أصحابها في مراجعهم إلى إمتاع السامر!
وهناك الكثير الكثير من الببليوغرافيات الصادرة قبل عام 1400، إما عن المملكة عامة، أو عن الجنوب خاصة، أو فهارس المكتبات، ولا أعرف أن في شيء منها إشارة إلى الكتاب!
التفسير واضح طبعاً، وهو أن الكتاب طُبع في حدود سنة 1407 بإسلوب الطباعة الإلكترونية وكُتب عليه زوراً (مطبعة الحلبي 1365)
فبدلاً من تكذيبي والسؤال عن اسمي! لعل الأخ صقر بن خسن يجيب على هذا السؤال: هل لديك دليل مؤكد منشور قبل عام 1400 على وجود الكتاب المطبوع آنذاك؟
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[05 - 09 - 09, 01:47 م]ـ
كيف يكون الاتهام كاذباً، وهذا أخونا أبو إبراهيم يقول أعلاه: الكتاب حورب وشن عليه حملة منظمة لأسباب سياسية
ولا أزال منذ نحو عام بانتظار إجابتك على حكاية المؤامرة الصهيونية المذكورة أعلاه!
وأما اسمي فلا يقدم ولا يؤخر في الموضوع!
وأنا منذ عام أقول لك اتق الله اتق الله ولا تكذب في كلامك!!
ما أجرأك!!، وكأنك اطلعت على ما في قلوب الناس وميزتها!!
طبعا أصبح اتهامك الكاذب موجه إلي تبعا للكتاب ..... !!
فلذلك من البلايا: النقاش مع مجهولين يتخذون مسميات وألقاب يتوارون ويختبؤن خلفها، ويوجهون تهمهم الكاذبة لمن يخالفونهم.
وما دام أن اسمك لا يقدم ولايؤخر ولا يدخل جنة ولا نار ولا يصحح ولا يضعف فلا ينفع الحوار معك ولا مع أمثالك ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/377)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[05 - 09 - 09, 03:07 م]ـ
ما دام أنك تتهرب من الأسئلة غير المريحة، مثل إثبات وجود الكتاب قبل عام 1407، وتفسير البيان الرسمي السعودي الذي يحذِّر من الكتاب ويصرح بتزويره، وجعل شغلك الشاغل تكذيبي والبحث عن اسمي وشتم المعلِّقين على الكتاب فلا فا ئدة من الجدال معك!
والذي يقرأ كلامك يظن بأنني انفردت من بين جميع الناس بالحكم على الكتاب!
وأما تشخيصك للموضوع وشتمك لي بالجرأة على الكذب وأنت صائم فقد كُتب في ميزان أعمالك!
ـ[أبو البركات]ــــــــ[05 - 09 - 09, 10:39 م]ـ
ياخوان طولوا بالكم ... ووسعوا صدوركم ... الأمور كلها مباحثات ومناقشات ليس إلا
:)
ـ[ابوسعيد النجدي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 03:48 ص]ـ
اخواني الاعزاء
الكتاب مزور حيث ان مزوره لينال كتابه القبول عمد الى بعض الاسر النجدية المعروفة فدبج لها مجدا عريقا ومنهم اسرتنا التي جعل منها عالما كبيرا وفد على الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الدرعية وبنو عمه الذين كانت لهم امارة قوية قبل الدعوة الاصلاحية وذكر ذلك في القسم الثاني من الجزء الاول ونعلم جميعا انه لم يكن من عالم او شيخ في ذلك الزمان كما لم تكن لنا امرة مذكورة
ووجدته ذكر بعض الاسر المعروفة ممن في منطقتنا النجدية وهو بذلك يحاول ان يخلق المؤيدين لهذا الكتاب المزور
كما وجدت الاخ صقر ومن شايعه لم يردوا على الاسئلة التي اوردت عليهم من قبل الاخ خزانة الادب ولم يردوا على ماكتبه اهل الاختصاص في نقدهم لهذا الكتاب
لماذا يتهم هذا الكتاب وحده بالتزوير؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هناك كتب كثيرة تعرضت بالقدح للدعوة الوهابية ولحكام الدول السعودية ورغم ذلك طبعت ولم يقدح فيها احد مثل لمع الشهاب للريكي وخلاصة الكلام لزيني دحلان ومؤلف عثمان بن سند البصري فلماذا اتهم هذا الكتاب؟؟؟؟؟
لانه يحمل في داخله علامات التزوير والتي كشفها المختصون من اول وهلة
اما كثرة المحاجة حول صحة هذا الكتاب فقد عفا عليها الزمن واصبح جميع الباحثين ينأون عنه في دراساتهم وتأصيلهم اما من يريد ان يعتمد على هذا الكتاب في بناء مجد له ولاسرته فكثيرون سيجدون ذلك سهلا ميسرا ومنهم بعض ابناء عمي الذين فرحوا بالكتاب لما رأوا مصوراته
ـ[ابوسعيد النجدي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 03:57 ص]ـ
اخي صقر بن حسين وفقك الله
لم ار ردا لك سواء هنا او في الالوكة على الاسئلة التي تخص متن الكتاب انت هناك وهنا تنقد المحققين فهب ان الكتاب لم يحقق فماذا تقول في الاسئلة التي طرحها عليك الاخ خزانة الادب؟؟؟؟؟؟
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[06 - 09 - 09, 05:28 م]ـ
الأخ أبا عبد الله
وإنني لأعجب من نفيهم لهذا الكتاب برمته وزعمهم أن جميع القصائد قائلها واحد!!!
يا أيها الأخ الكريم
القصائد كثيرة جداً، وهي منسوبة إلى رجال تعاقبوا على هذه الدنيا أربعة عشر قرناً!
فهل يعقل أن تكون جميع هذه القصائد مطويَّة، لا يوجد شيء منها في أي كتاب، إلى أن طُبع إمتاع السامر؟!
وأهل المعرفة بالشعر يستغربون أن هذه القصائد الركيكة كلها على نمط واحد ومستوى، كأنها من نظم رجل واحد! وفيها عبارات معاصرة تدل على أن ناظمها يعيش في عصرنا هذا!
والغرض من هذه القصائد هو إثبات دعاوى خطيرة تتعلَّق بالتاريخ والأنساب والأنساب والسياسة
حلّ هذا الإشكال سهل ومنطقي!
أن يأتي الطرف الآخر بدليل مادي على أن بعض تلك القصائد - ثلاثاً منها مثلاً - كانت موجودة قبل إمتاع السامر!
أليس هذا هو منهج البحث التاريخي الصحيح؟!
وإذا قالوا: مخطوطات سريَّة! نقول لهم: هاتوها ليفحص أهل الاختصاص خطوطها وأوراقها وأحبارها!
بل حل الإشكال أسهل من ذلك!
هاتوا دليلاً مادياً واحداً على أن الكتاب كله - بقصائده وأخباره وأنسابه - وُجد في هذه الدنيا قبل عام 1400 هجرية، مع أنهم كتبوا على غلافه (مطبعة الحلبي 1365)
معقول! كتاب بهذا الموضوع يُطبع في سنة 1365 ولا يعرف أهل الاختصاص بوجوده إلا سنة 1407؟!
نحن لا نتكلم عن صحة الكتاب، بل عن وجوده!
مع العلم بأن الكتاب مصفوف بمطابع كمبيوتر لم تكن موجودة سنة 1365!
وهذه المطبعة المزعومة لم تطبع إلا هذا الكتاب!
وأين نسخة الكتاب بخط شعيب؟!
إلخ إلخ
بل لقد أثبت باحث جاد بالوثائق الرسمية أن شعيباً كان قد مات بالرياض بتاريخ 25/ 7 / 1364، وبيعت تركته في حراج ابن قاسم بتاريخ 17/ 8 / 1364 وبلغ ثمنها 1622 ريالاً، وطبعاً لم يعرف ذلك المزوِّرون فزعموا أن شعيباً كتب مقدِّمة الكتاب سنة 1365!! أي بعد موته بحوالي سنة!
وإليك هذا المثال:
قلتُ في رابط الألوكة أعلاه (المشاركة #20):
الذي يصدِّق بأن رجلاً نشأ في العصر العثماني يقول (نادي نسائي أدبي - مظاهرة نسائية - الخليج العربي)، ويصدِّق بأنه طبع كتابه بحروف إلكترونية سنة 1365، في (مطبعة الحلبي) التي لم يسمع بها أحد ... إلخ، لن يقتنع بأي حجة مهما كانت!!
فقال الأخ الذي يتهمني بالكذب والافتراء (المشاركة #30):
وسيأتي إن شاء الله بيان أكثر لكل الأخطاء التي وقعوا فيها في تعليقهم ذلك، ومنها كلمة (الخليج العربي) وغيرها، فدعك من الاستعجال الذي يمنع الإنسان من الاستفادة
وقد أعرض الأخ عن (نادي نسائي أدبي - مظاهرة نسائية) وركز على (الخليج العربي) لأن إثباتها أسهل عليه!
وتاريخ هذا الوعد 26/ 3/2008
فقلتُ (المشاركة #70):
علماً بأن الأخ وعد بالإجابة على عبارة (الخليج العربي)، وهي أسهل شبهة وجِّهت للكتاب، ولم يفعل! وما أكثر الشبهات الدامغة التي لم تخطر على بال الأخ!!
ولا نزال بانتظار الإجابة إلى يومنا هذا 6/ 9/2009، وتعست العجلة!
إذا كان القوم لا يستطيعون إثبات أن هذه العبارات (نادي نسائي أدبي - مظاهرة نسائية - الخليج العربي) كانت شائعة في بيئة شعيب، وأن الكتاب والمطبعة وُجدا فعلاً في سنة 1365، فهل يستطيعون إثبات أشعار الكتاب وأخباره؟!
وموضوع القصائد جزء من موضوع الكتاب كله، الجميع مزوَّر قريباً من سنة 1407!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/378)
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[08 - 09 - 09, 09:09 م]ـ
اظن أن من يثبت صحة نسبة كتاب "إمتاع السامر" لم يقرأه جيدا.
فالكتاب مكتوب على طُرَّتِه: مزوَّر.
يقرأه الكاتب والأمِّي
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[09 - 09 - 09, 03:52 ص]ـ
هذه كلمة عن الكتاب من منتدى عسير:
محاولات مشبوهه لمصادره تاريخ عسير
يشكّل «التاريخ» الماده الاساسيه للهويه الثقافيه و الحضاريه لأيه مجموعه بشريه، و بقدر ما يكون للتاريخ ـ بما يكتنزه من قيم و رموز ـ امتداد حيوي في الواقع المعاصر، تتجذر مكونات «الهويه» في البنيه الاجتماعيه.
من هذا المنطلق تكتسب طبيعه الرؤيه للتاريخ و الصله به، اهميه كبري في اي مشروع نهضوي، اذ لا يمكن تصور حدوث تقدم اجتماعي حقيقي بدون معرفه «الذات» التي تشكلت عبر مراحل و اطوار التاريخ، ذلك ان هذه المعرفه، التي تعد بذاتها احدي دلالات التحضّر و الرقي، هي التي تحدد توجهات و مضامين «مشروع النهضه» و امكانيات نجاحه علي ارض الواقع.
و لعلنا لا نجانب الحقيقه اذا قلنا ان الانتكاسات التاريخيه والطعن في تاريخ منطقه عسير. منذ ظهور «كتاب امتاع السامر» يعود بشكل رئيسي الي المحاولات المحمومه لتزييف وعي السذج من اهل عسير واغتيال «ضميرها التاريخي». و هذا النتيجه تقودنا للحديث عن الكتابات للتاريخ التي تعيد انتاج الخطابات المؤدلجه و تعمل بشكل او بآخر علي احياء النزعات و قهر «الاقليات»،
و تبرير الحروب الهزائم التاريخيه وتوريط عسير واهل عسير فيها, و ما دعوات اعاده كتابه التاريخ التي تنطلق بين حين و آخر عبر قنوات عده سوي التجسيد الواقعي لمحاولات تفصيل الخطاب التاريخي علي مقاسات مزوري التاريخ.
في هذا السياق، نشير ـ علي سبيل المثال ـ الي الآثار الخطيره المترتبه علي محاولات عدد من المستفيدين الراميه الي تمجيد العصور الماضيه و عدّ ثقافاتها البائده و الاشاده و التمجيد بحقب التسلط والتخلف التي مرّت علي عسير و كانت سبباً مباشراً لكل الويلات و المحن التي ألمّت بها، و اعاده الاعتبار لشخصيات تاريخيه و اذا شئنا الدقه اكثر، نشير في هذه المجاله الي مشروع خطير يندرج في اطار «اعاده كتابه التاريخ» وفقاً لاهواء الموهومين بالتاريخ المكذوب.
امتاع السامر صوره حيه لتشويه تاريخ عسير ومحاوله مستميته لقتل الحقائق
ان امتاع السامر تدعمه و تقوده قوي معروفه تهدف الي اختلاق شرعيه تاريخيه ـ اذا جاز التعبير و الترويج لتاريخ مكذوب تحت بند ((اكذب اكذب حتي يصدقك الاخرون))
و في العقود الماضيه صدر اكثر من كتاب على شاكله امتاع السامر تضمن الدعوه لاعاده تقويم و تقديم قراءه كاذبه للتاريخ «حقائق عن امير المؤمنين يزيد بن معاويه» و «جاء دور المجوس» و غيرها.
و في الآونه الاخيره دخل علينا ((امتاع السامر)) من اجل تطويع الاقلام الاكاديميه، و لأضفاء نوع من «الموضوعيه» الظاهريه علي دعوات اعاده كتابه التاريخ. ومحاوله ذكر اكبر عدد ممكن من الفخوذ القبليه والاسر في عسير وغير عسير مستخدما فيه اسلوب الغلبه ولو بالصوت من خلال اكبر عدد ممن يرغب التفاخر بذكر اسمه اواسم قبيلتة او اسرتة في عرض التاريخ داسا راسه في التراب ومتعاميا عن ابسط مقومات الحق ز
و «امتاع السامر» يتجاهل ابسط مقومات البحث العلمي، و منها عدم استسهال اصدار الاحكام المطلقه، و التعامل مع مواد و رموز البحث التاريخي بحياديه و بدون مواقف مسبقه، و تقديم الادله العلميه الكفيله باثبات مقدمات البحث، و قبل كل ذلك حرص الباحث علي التجرد قدر الامكان عن المؤثرات و الاهواء الشخصيه التي تجعله يتعاطف لأسباب غير موضوعيه مع الاحداث او الشخصيات موضع الكتاب.
و من خلال مراجعه كتاب «امتاع السامر» يتضح ان الكاتب المفترى عليه كان ابعد ما يكون عن الموضوعيه لأنه تعاطف الي حد كبير مع شخصيات الكتاب في خطوات البحث الاولي و بدا و كأنه علي يقين تام بان ما قيل في هذا الكتاب رغم ولاده الكاتب بعد قرون من كتابته للكتاب صحيح بحكم هذا التعاطف، و ليس لاكتشاف ادله قاطعه حول ذلك، اي انه لم ينظلق حتي من «التشكيك» كما يفترض. فهو علي سبيل المثال يكذب كل الروايات التاريخيه المتواتره بطرق غير مباشره بدون اي دليل علمي يسند هذا التكذب وبدون اي وثيقه لدوله ذكر انها حكمت القطر العسيري لاكثر من 900 سنه ((هل يعقل هذا))
ثم انه خلص في كتابه الى نتيجه وسرد تاريخي لمده تزيد عن ال 900 سنه بدون ان يقدم اي دليل علمي يسند نتيجه هذا «الاثبات»، مثلما عجز عن تقديم دليل علمي مقنع يؤكد «النفي» لاثبات صحته
علي ان القضيه الاخطر، تمكن في ان مثل هذه الدراسات و الكتابات تروج لقيم الخنوع و الطاعه العمياء، و تصادر التاريخ الحقيقي المشرق لعسير و تبعد الاجيال الجديده عن الحقيقيه لاهداف لا تنطلي على اصحاب العقول النيره المتعلمه، و تثقفها علي التسليم لخطابات بائعي التاريخ في سوق النخاسه و قراءتها المتعسفه للتاريخ العسيري، و تدعوهم بشكل مباشر و غير مباشر لتقديم فروض الولاء و الطاعه للحكام قبل عام 338 1 هـ بعسير وتصديق ما يرد عنهم. باعتبارهم امتداداً طبيعياً لسلاطين بني اميه .. و الوجه الآخر ليزيد ابن معاويه وهم من ذلك بريئون براءه مطلقه.
و اختيار الكاتب «امتاع السامر» لشخصيه يزيد بن معاويه دون غيره من الحكام الامويين لاعاده الاعتبار، لم يكن امراً اعتباطياً، فهو اختيار له دلالاته السياسيه التي لا تخفي عن ذهن القاريء اللبيب…
و ازاء هذا الوضع «العلمي» البائس، ألا يحق لنا ان نعتبر هذه الدراسات و امثالها بمثابه اغتيال للتاريخ و اعلان حرب دنيئه على وحده المملكه العربيه السعوديه
الرابط:
http://www.asir1.com/as/showthread.php?t=3879
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/379)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[09 - 09 - 09, 12:30 م]ـ
كلامي هنا موجهٌ لأبي أسامة القحطاني، وأبي عبدالله السبيعي، وأبي أسامة الأزدي
أما من كان مجهولا فلا حوار لي معه أبداً ...
أنا أتكلم عن هذه النسخة المطبوعة بمكتبة العبيكان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70523&stc=1&d=1252397086
لنفترض جدلاً أنَّ شخصاً خاليَ الذهنِ لا يعرفُ عن تاريخِ المنطقةِ شيئاً ولا عن علمائِها وأُدبائِها.
ثم وقع نظرهُ على القسم الأول من " إمتاع السامر " المحقق من قبل الدارة، وقرأهُ مع التعليقاتِ، والتي حكمت بأن الكتابَ خرافةٌ وكذبٌ وأن كلَّ ما فيهِ من منظومٍ أو منثورٍ من تأليفِ رجلٍ واحدٍ مَجهول.
من الثابت المؤكد أنه سيخرجُ بنتيجةٍ حتميةٍ وهي أن هذا الكتابَ كله تزويرٌ وكذبٌ واختلاقٌ لا حقيقةَ لهُ.
بعد ذلكَ لو وقعَ نظرُهُ على كُتُبٍ أخرى مَوجودةٍ مَفسوحةٍ وفيها موافقةٌ وذكرٌ لأشياءَ عديدةٍ ورَدَتْ في " إمتاع السامر " وهذه الكتبُ من تأليفِ علماء كبار معاصرين، وباحثين محققين، بعضهم كان عميداً لكليات علمية بجامعاتنا.
ليس هناك أدنى شك في أن نظرته ستتغير، وسيشكك في أمانة ومصداقية ذلك التعليق على " إمتاع السامر " ....
الأخ فهد
الكتاب يحتاج إلى دارسة وتحقيق وتوثيق في أخباره ومصادره
أما كونه انفرد بأخبار لم تسند أو تُحَلْ إلى مصادر , فمن أين تأتي المصادر والمنطقة في تلك الحقبة مجهولة , فلا مصادر ولا مراجع إلا نُتَفاً.
أما نسف الكتاب بالكامل فأظنها حيلة العاجز.
أوافقك في أن الكتاب يحتاج إلى دراسة فاحصة وتحقيق علمي، بعيداً عن السخرية والاستهزاء والاتهامات الكاذبة.
وإنني لأعجب من نفيهم لهذا الكتاب برمته وزعمهم أن جميع القصائد قائلها واحد!!!
وكذلك أنا أعجب من هذا الزعم الذي لا يقوله إلا جاهل بالشعر وقائليه
قالوا: القصائد قائلها واحد
وقالوا: الناظم والناثر واحد
وقالوا: ركيكة وعلى نمط واحد
وقالوا: القصائد جزء من موضوع الكتاب كله، الجميع مزوَّر قريباً من سنة 1407
وأقول: حسناً سأضرب أمثلة لعدد من القصائد وننظر ونرى، حتى يتبين الحق المبين من الكذب والمَيْن:
سنأخذ خمسا من القصائد على أقل تقدير ونقسمها إلى أربعة أمثلة:
فإن كان قائلها واحداً – والناظم هو الناثر – فبَروا وصدقوا ....
وإن كان قائلها أناساً متعددين فكذبوا وافتروا ....
وحينئذٍ ينطبق عليهم قول القائل:
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ... وآفتهُ من الفَهمِ السَّقِيمِ
المثال الأول:
قصيدة الشيخ عبدالخالق بن إبراهيم الحفظي التي قالها في مدح محمد بن عائض والتي يقول في أولها:
هُنيتَ بالنصرِ في عَيشٍ عليكَ هَنِيْ ... وبُوئتَ بالنصرِ في شَامٍ وفي يَمنِ
وهي موجودة في كل من:
1 - كتاب " إمتاع السامر " كاملة.
2 – حاشية كتاب " الدر الثمين " للعلامة الحسن بن أحمد عاكش المطبوع عام 1398 هـ
3 - كتاب " نفحات من عسير قصائد أسلاف آل الحفظي " المطبوع عام 1392 هـ وهي ناقصة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70524&stc=1&d=1252397086
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70525&stc=1&d=1252397086
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70526&stc=1&d=1252397086
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70527&stc=1&d=1252397086
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70528&stc=1&d=1252397086
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70529&stc=1&d=1252397086
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70530&stc=1&d=1252397086
المثال الثاني:
قصيدة العلامة الشيخ سليمان بن سحمان، والتي عارضَ بها قصيدة والد شعيب العلامة عبدالحميد الدوسري والتي يقول فيها:
فأشرِفْ على أبها حنانيكَ قائلاً ... ودمعُكَ سفاحٌ على الخدِّ والنَّحْرِ
سلامٌ على من حَلَّها من ذوي الهُدى ... بقيةِ أهلِ الدينِ في غابرِ الدهرِ
وهي موجودة في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " كاملة بدون نقص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/380)
2 – كتاب " مشاهير علماء نجد " للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ المطبوع عام 1392 هـ وعام 1394 هـ ولكنها ناقصة كثيراً.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70532&stc=1&d=1252396947
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70531&stc=1&d=1252396947
يتبع
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[09 - 09 - 09, 12:52 م]ـ
يتبع المثال الثاني:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70535&stc=1&d=1252485199
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70538&stc=1&d=1252485199
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70539&stc=1&d=1252485819
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70540&stc=1&d=1252485819
المثال الثالث::
قصيدتان:
الأولى قصيدة الشيخ علي بن الحسين الحفظي التي أرسلها إلى الإمام فيصل بن تركي والتي يقول فيها:
أيا أم عبدٍ مالكِ والتشردِ ... ومسراكِ بالليلِ البَهيمِ لتبعُدي
ومأواكِ أوصادَ الكُهوفِ توحُّشاً ... ومثواكِ أفياءَ النصوبِ وغرقدِ
والثانية قصيدة الشيخ أحمد بن علي بن مشرف الأحسائي رداً عليها حيث يقول فيها:
بَشيرُ سُعادٍ جاءَ نحوكِ فاسعدِ ... وقد وعدتْ وصلاً فأوفتْ بمَوعدِ
وكلتا القصيدتين موجودتان في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " بكمالهما.
2 – كتاب " عنوان المجد في تاريخ نجد " بتحقيق الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، المطبوع عام 1494 هـ، أما القصيدة الأولى فكاملة، وأما الثانية فناقصة كثيرا.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70542&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70543&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70544&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70545&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70546&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70547&stc=1&d=1252486222
يتبع
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[09 - 09 - 09, 01:15 م]ـ
المثال الرابع:
قصيدة الشاعر الكبير محمد بن عثيمين التي قالها في عام 1342 هـ وأولها:
بلوغ ُ الأماني في شفار القواضبِ ... ونيل المعالي في مَجَرِّ السَّلاهبِ
1 – موجودة في كتاب " إمتاع السامر " كاملة.
2 – موجود في ديوان الشاعر ابن عثيمين " العقد الثمين من شعر محمد بن عثيمين " المطبوع قديماً طبعة راقية على نفقة الوزير ابن سليمان.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70548&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70549&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70550&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70551&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70552&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70553&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70554&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70555&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70556&stc=1&d=1252400680
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70557&stc=1&d=1252400680
يتبع
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[10 - 09 - 09, 02:29 ص]ـ
تصحيح النقص والخطأ في المثال الثاني، وفي المثال الثالث
يتبع المثال الثاني:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70569&stc=1&d=1252534851
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70570&stc=1&d=1252534681
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70571&stc=1&d=1252534851
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70539&stc=1&d=1252485819
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70540&stc=1&d=1252485819
المثال الثالث::
قصيدتان:
الأولى قصيدة الشيخ علي بن الحسين الحفظي التي أرسلها إلى الإمام فيصل بن تركي والتي يقول فيها:
أيا أم عبدٍ مالكِ والتشردِ ... ومسراكِ بالليلِ البَهيمِ لتبعُدي
ومأواكِ أوصادَ الكُهوفِ توحُّشاً ... ومثواكِ أفياءَ النصوبِ وغرقدِ
والثانية قصيدة الشيخ أحمد بن علي بن مشرف الأحسائي رداً عليها حيث يقول فيها:
بَشيرُ سُعادٍ جاءَ نحوكِ فاسعدِ ... وقد وعدتْ وصلاً فأوفتْ بمَوعدِ
وكلتا القصيدتين موجودتان في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " بكمالهما.
2 – كتاب " عنوان المجد في تاريخ نجد " بتحقيق الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، المطبوع عام 1394 هـ، أما القصيدة الأولى فكاملة، وأما الثانية فناقصة كثيرا.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70542&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70543&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70544&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70545&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70546&stc=1&d=1252399515
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70547&stc=1&d=1252486222
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/381)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[10 - 09 - 09, 03:23 ص]ـ
تابع المثال الرابع:
بعض صور ديوان الشاعر الكبير محمد بن عثيمين رحمه الله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70572&stc=1&d=1252537434
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70573&stc=1&d=1252537434
للفائدة:
هذه الطبعة لديوان محمد بن عثيمين رحمه الله قديمة حوالي الثلث الأخير من القرن الماضي.
وحينما اشتريته وجدت في الصفحة الأولى منه إهداء في تاريخ 1372 هـ تقريباً.
ويُلاحظ حسن الطباعة والترتيب وترقيم الحواشي ..... !!!
وأقول ختاماً لمشاركتي في هذا الموضوع:
هذه القصائد التي أمامكم، فيها رد دامغ على من جَهِلَ وكَذَّبَ جميعَ قصائدِ الكتاب وزعم أنها جميعاً مزورة، وأنها على نمط واحد، وأن قائلها واحد، وأنه مجهول .... إلخ
وأحب أن أنبه إخواني المعروفين بأسمائهم الذين يطلبون الحق بدون تعصب واتهامات، أنه بالبحث العلمي الدؤوب والصدق ودعاء الله تعالى يُوفقُ المرء لنيل العلم النافع.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم إنا نسألك كلمة الحق في الرضى والغضب
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[10 - 09 - 09, 09:14 م]ـ
وهذه نبذة عن الكتاب من منتدى العجمان
http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?p=968968
اسم الكتاب " إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر "
اسم المؤلف " شعيب بن عبدالحميد الدوسري "
اسم الناشر " دارة الملك عبد العزيز "
الطبعة الأولى 1427 هـ / 2006 م
لماذا تقوم الدارة بتحقيقه ونشره؟؟
قامت الدارة بذلك لأن الكتاب مزور مثله مثل ماسبقه من مؤلفات مثل: تاريخ عسير في مذكرات الحفظي / ومذكرات سليمان الكمالي بتحقيق النعمي ولتفنيد مزاعم أصحاب هذه المؤلفات وغيرهم ممن يزورون تاريخ المملكة وقبائل الجزيرة أشرفت الدارة على إخراجه والرد على مزاعمه سواء عن الأحداث أو عن الأنساب.
أسماء المحققين للقسم الثاني من الجزء الأول:
1_ عبدالرحمن بن سليمان الروشيد
2_ محمد بن عبدالله الحميد
3_ فايز بن موسى البدراني الحربي
من هو شعيب؟؟
هو شعيب بن عبدالحميد بن سالم
الدوسري شهرة
العسيري مولدا ونشأة
الهاجري صلبا.
(لاحظ معي حتى نسبه الشخصي شكك فيه)
توفي عام 1364 هـ
مستواه العلمي:
هو رجل يجيد القراءة والكتابة وخطه جميل لكنه ليس عالما ولاكاتبا ولم يشتهر عنه شيء من ذلك كماذكر أحفاده ومعاصريه ولم يكن له اهتمام بالتاريخ ولا بالكتب وتفيد وثيقة حصر مخلفات شعيب أن تركته تنحصر في:
بندقيه
زوالي
أباريق شاي
دلال
فوانيس
صندوق خشبي
كوت بالطو
شنطة فيها أدوية
ولم يرد الإشارة إلى أوراق أو مخطوطات أو كتب.
ماهي أبرز الانتقادات الموجهة للكتاب؟؟
يتضح مماتقدم عن شعيب انه رجل بسيط
لايهتم بالتاريخ ولايعرف تاريخ الفرس والتتار
والمغول والحبشة والصومال والجزيرة العربية و .. و ..
ولذلك الانتقادات للكتاب كثيرة ومنها:
1_ المدلولات الشكليه:
النسخة المتداولة من هذا الكتاب عبارة عن مئتين وستين صفحه مصوره يبدأ ترقيمها من رقم 333 إلى رقم 493 ومكتوبة بخط نسخ حديث بواسطة الحاسب الآلي وتحمل عنوان الكتاب واسم المؤلف واسم المطبعة وهي عناوين وأسماء وهمية باستثناء اسم شعيب المعروف شخصية والمجهول مؤلفا ...
وهذا يثير أول تساؤل فالكتاب صورة وليس أصلاً
إذ كيف يكون الكتاب مطبوع 3 مرات ولايوجد له أصل؟؟
والتساؤل الثاني:
سنة الطبع 1394 هـ
غريب أمر هذا الكتاب لم يظهر إلا في سنة 1423 هـ
أين ذهب خلال هذه السنين الطوال؟؟
ولما أحس المؤلف بهذه السقطة نزع الغلاف وانتشر تصويره بدون غلاف
فأصبح هناك نسختان متداولتان: إحداهما بغلاف والأخرى بدون غلاف.
سأكتفي بهذا مع العلم أن هناك كلام كثير عن المطبعه والناشر وترقيم الصفحات والمقدمة والحواشي ...
2_ لغة الكتاب:
الكتاب مكتوب بلغة معاصرة تتضمن ألفاظا واصطلاحات حديثة
لم تكن شائعة الاستعمال في زمن شعيب ومن ذلك:
أ_ منوا بهزائم كبحت جماحهم ..
ب_ حاولوا دعمهم عسكريا ..
ج_ حرية الحوار الفكري ..
د_ تسويق البضائع ..
هـ_ مجلس الشورى ومجلس الشيوخ ..
و_ كوّنوا معارضة ..
ز_ تنفيذ المخططات الاستعمارية ..
ح_ الرأي العام ..
ط_ الشظايا والمتفجرات والعبوات ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/382)
إلى آخر تلك الألفاظ الكثيرة الحديثة جدا والسؤال:
شعيب توفي عام 1364 هـ
فمتى عرف هذه المصطلحات: الحوار الفكري ومجلس الشيوخ وتسويق البضائع؟؟؟
3_ مصادر الكتاب ومراجعه:
يحيل المؤلف على مؤرخين مجهولين غير معروفين أمثال:
ابن مياس / وابن غيهب / والبطالي / والدحناني / والمخضوبي / والخنيزي / وابن صويري / وابن حقان / وابن المطهر/ وابن المهشوري .... وغيرهم
والمصيبه حتى هؤلاء استغل أسماءهم الوهمية
فهو ينسبهم إلى قبيلة معروفة ثم ينسب هذه القبيلة إلى قبيلة أخرى
مثال:
من الرواة عنده الذين ينقل عنهم (عبدالله بن غشيان القباني)
ويعلق على اسمه فيقول:
(هومن قبان وقبان بطن من بني الشميس من جرم)
والصحيح:
أن القبابنه من الشميسات من السهول وقد دخلوا في سبيع
وليسوا من جرم
والصحيح أيضا:
ال غشيان أسرة ذات شهرة في تاريخ الدولة السعودية
ولكنهم ليسوا من القبابنه ولكن صاحب الامتاع تفضل عليهم بهذا النسب.
4_ المصادر التاريخية:
من الغريب أن المؤلف يحيلك إلى مراجع مجهوله أوبشكل أدق معدومة مثل:
كتاب " شذا الزهر "
كتاب " المقتضب في أخبار من ذهب "
كتاب " الخمائل النضيرة في حوادث وأخبار إمارات الجزيرة "
كتاب " الحلل السنية في تاريخ أمراء نجد والدرعية "
كتاب " المتعه " وقد نسبه إلى جده
كتاب " نزهة اللطايف في تراجم الملوك والخلايف "
كتاب " الشامل النقي والوافي الصفي في أخبار وأنساب بلدان نجد وقرى وادي الفقي والمحبر الشفي في أخبار بلدة أوشي "
واضح انه يحب السجع
ويخترع أسماء كتب مسجوعه
نكتفي بهذا وهذا غيض من فيض ونقول:
هذه مصادر مجهوله
لمؤلفين مجهولين
ولايمكن للمؤرخين أن يجهلوا 20 مصدر ينقل عنها شعيب
ولايعرفها أحد غيره؟؟
5_ أهداف الكتاب وغاياته:
الكتاب يسعى إلى تمجيد أسرة " ال عايض " خصوصا ً
وتمجيد منطقة عسير عموما
ولذلك تضمن الكتاب معلومات غير موثقه تتعلق بتاريخ " ال عايض "
وال عايض لهم تاريخ حافل وهم شيوخ عسير في الفترة من 1250 هـ إلى 1340 هـ
ولكن شعيب صنع لهم تاريخا آخر ويظهر ذلك في عدة أمور:
أ_ ربط نسبهم بيزيد بن معاوية وهذا قول حديث لم يقل به أحد من تلك الأسرة.
ب_ جعل حكمهم لعسير يمتد لأكثر من ألف سنة بدلا من 90 سنة.
ج_ جعل حكمهم يمتد جغرافيا ليشمل: جميع الجزيرة العربية + السودان + بلاد فارس
د_ جعل لهم مجلس شورى وأحيانا يسميه مجلس الشيوخ.
هـ _اختلق لهم أمراء وحكام بلغوا أكثر من 20 أمير.
و_ أوجد لهم أدوار وبطولات في مقاومة الهجمات الصليبيه والأوروبية
ز_ اختلق لهم ولاه وقضاه وقاده وهميين بلغوا أكثر من 40 شخص ... وصنع لكل شخص منهم سلسلة نسب وأمجاد وبطولات.
ح _ اختلق أحداثا غير معروفه تظهر قوة السلطة العسيرية حيث مد نفوذهم إلى أفريقيا فالسودان فيها والي يتبع أمارة عسير وكذلك آسيا فبلاد فارس وهرمز والبحرين والعراق تتبع أمارة عسير ... كما ادعى لهم نقود تسك في المنطقه تعرف باسم: الهجيري والحيفي والقاهري والرجالي والعثري ...
نكتفي بهذه الأمثلة من دجله وكذبه
والقارئ يستطيع الحصول على الكتاب لقراءة المزيد.
6_ موقفه من قبائل الجزيره:
هذا المبحث هو عندي أهم المباحث التي تكشف دجله وزيفه
فقد دأب على تشويه أنساب القبائل ودمج كل عائلة في قبيلة أخرى
لماذا؟؟
الله أعلم
لكن يظهر لي أن المؤلف الحقيقي للكتاب ليس من أبناء القبائل
ولذلك يسعى من جهه أولى إلى تشتيت الناس وادخال كل قبيلة بالأخرى
لإضاعة الأنساب كماتسول له نفسه
ومن جهة ثانية يسعى لإثبات نسب من لا أصل له
من العوائل المستفيض أمرها بالجزيرة
المهم هناك عدة وقفات:
أ_يحاول المؤلف ربط كل أسرة معروفة إلى قبيلة مذحج يعني إلى قبيلة قحطان ومن الأمثلة:
1_ مطير: نسبهم إلى مطير بن عبدالله بن الحكم بن سعد العشيره من مذحج والصحيح أنهم قبيلة مستقلة.
2_ المرده والدروع: نسبهم إلى المراديه من مذحج والصحيح أنهم من بني حنيفه
3_ الشثور: نسبهم إلى مذحج والصحيح أنهم من بني زياد من بني عامربن صعصعه
4_ الدعاجين: نسبهم إلى مذحج والصحيح أنهم من عتيبه
5_ الروقه: نسبهم إلى مذحج والصحيح أنهم من عتيبه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/383)
6_ الرمال: نسبهم إلى مذحج وفي مواضع أخرى نسبهم إلى رمال بن سفيان بن أوس بن شهران .. والصحيح أنهم ليسوا من مذحج وليسوا من شهران بل من شمر
والمصيبه ليس في كذبه وإنما هناك من ينقل عنه ويتحمس لرأيه
ب_ يحاول نسبة العائلة أو القبيلة إلى قبيلة أخرى ومن الأمثلة:
1_ الشيابين: نسبهم إلى شيبان من ربيعه والصحيح أنهم من عتيبه
2_ السهول: نسبهم إلى الأزد والصحيح أنهم من بني عامر
3_ الحروب: نسبهم إلى حرب بن سعد العشيره من مذحج والصحيح أنهم من حرب بن سعد بن خولان
4_ آل مخالد: وهم من رجال ألمع اختلق لهم نسبا فذكر أنهم من ذرية خالد بن الوليد والواقع هذه الأسرة معروفة ولا تحتاج إلى جد حسيب وخالد بن الوليد قد ثبت انقطاع نسبه.
5_ آل يزيد أهل اليمامه: ينسبهم إلى عائذ والصحيح أنهم من بني حنيفه
6_ آل صباح حكام الكويت: يستغل شهرة اسم الحلف الذي دخلوا فيه وهو حلف العتوب فينسبهم إلى بني عتبه من جرم والصحيح أنهم من جميله من عنزه
7_ بني خالد القبيلة المشهورة: لم يقل أحد من علماء الأنساب المحققين بصلة بني خالد بخالد بن الوليد ولكن شعيبا اختلق لهم نسبا إلى خالد بن الوليد وقد سبق أن أشرنا إلى انقطاع نسب خالد رضي الله عنه.
8_ المخاريم: نسبهم إلى مخرمة بن خريم الحارثي الجنبي والصحيح أنهم من قبيلة الدواسر.
9_ النتيفات: نسبهم إلى نتيف وهو لقب لنائل بن عميره النائلي الحريش من بني الحريش والصحيح أنهم من جميله من تغلب وائل ودخلوا في الدواسر بالحلف.
أكتفي بهذه الأمثله ولعل فيها إفادة وافيه شافيه.
ج _ أسلوبه ومنهجه في التحريف:
أولا: يحاول تحريف النصوص والأسماء: فمقرن بن مرخان هو عنده مقرن بن غصيب وسعد بن خولان هو عنده سعد العشيره والدروع من المرده من بني حنيفه جعلهم من المرادية من مذحج وهكذا
ثانيا: اختلاق الأشعار:
يأتي بقصائد مطولة ذات نفس واحد على لسان كل شخصية يترجم لها بل لقد أنطق العوام بالشعر الفصيح
ثالثا: التكرار فالمعلومة تكرر عشرات المرات لأن التكرار في ذهنه يعني المصداقية.
رابعا: صناعة سلاسل النسب المطوله:
خامسا: تزييف الأنساب واختلاق الأمجاد لبعض الأسر:
مثل أسرة التويجري نسبهم إلى: التويجر وهو حماد بن صالح بن عمرو بن ابراهيم بن علي بن صعب بن موسى بن محمد بن علي بن عبدالله بن عثمان بن سعد بن عبدالله بن محمد بن جبارة بن عمرو القراري.
وماقيل فيهم يقال في أسر عديده مثل أسرة: البدر / وآل مديرس/ والرويشد / وآل عفيصان ... وغيرهم
سادسا: تزييف الأنساب لبعض القبائل:
مثل:
1_ تزييف نسب بني رشيد:
فقد نسبهم إلى عبس وهذه المسألة أصبح لها صدى وأنتم تعرفون
2_ تزييف نسب الصلب والنور:
فقد سماهم الصلايب للتمويه ونسبهم إلى قبيلة عبدالقيس
وقال في أحد المواضع:
" ويطلق على هؤلاء الجماعات المتآلفة نتيجة الاضطهاد والتشرد اسم الصلايب وتارة اسم الصلب وتارة بالحساوية ... ثم قال ودخل فيهم بالحلف بني النور ثم ذكر سلسلة نسب للنور فقال هم أبناء: نور بن سليم بن الهميم بن مذكر من بطن من عنزة بن أسد "
لاحظ معي يصفهم بالتشرد
ثم يذكر لهم أنسابا معروفه
والمصيبة لايعرفها في الجزيرة إلا شعيب وحده
عجيب أمرك عجيب حتى النور والصلب ياشعيب ...
والله انك خطير وعالم فذ بالأنساب المعروفه والمجهوله
منذ فجر التاريخ إلى يوم الدين.
3_ تزييف نسب الشرارات:
فقد نسبهم إلى شرار بن عمرو بن الزئل بن مضبر بن ... إلى قبيلة عبس وجعلهم في سلسلة النسب المصنوعه إخوان لبني رشيد
4_ تزييف نسب السهول:
وسبقت الإشارة إلى ذلك فقد نسبهم إلى الأزد والصحيح أنهم من بني عامر
5_ تزييف نسب بني عطية:
فقد نسبهم إلى ربيعه
6_ تزييف نسب هتيم والشدن:
فقد نسبهم إلى عمرو بن كلاب
والواقع أنهم صلب مجهولوا النسب
6_ تزييف نسب العوازم:
فقد نسبهم إلى عازم بن زيد من بني عقيل بن كعب بن ربيعه بن عامر بن صعصعه
والواقع يقول بخلاف ذلك.
6_ تزييف نسب الروله:
فقد نسبهم إلى رالان بن زيد اللاة بن كلب بن وبرة القضاعي
فأخرجهم من عنزة ومن وائل إلى قضاعة
نكتفي بهذا وننتقل لمحور آخر:
موقف الباحثين والمؤرخين من كتاب " إمتاع السامر "
أولا: حمد الجاسر:
تنبه إلى أكاذيب شعيب وفند كثيرا منها ونكتفي بقوله " ... أما امتاع السامر ومايتصل به من معلومات فأرى الرجل متأخرا وأنا لا أطمئن إلى مايكتبه المتأخرون فقد يكون بدوافع لاتخفى .. "
ثانيا:أبوعبدالرحمن الظاهري:
يعتبر الظاهري من أول المتصدين لأكاذيب شعيب
وقد كتب بحوثا مطولة في ذلك
ثالثا: شيخ مؤرخي عسير / هاشم النعمي:
يقول ليس عند ال الحفظي شيء مماذكر شعيب من الكتب التاريخية والمخطوطات فهم علماء فقه شافعي وليس لهم مؤلفات تاريخيه
كما أن تحقيق مذكرات الكمالي باسم النعمي أيضا غير صحيح
الخاتمه:
باختصار الكتاب مزور
ولم يترك قطرا أو أسرة في جزيرة العرب
إلا ودس عليها ولفق وأدخل في أنسابها الكثير من الخرافات
كما أن نسبة الكتاب لشعيب قد ثبت بطلانها
بشهادة أحفاده ومعارفه ومعاصريه ومن خلال وثائقه وتركته
وإلى هنا ونقف
وللقارئ حرية الرأي فيما يطمئن إليه ومالا يطمئئن إليه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أخيكم / راس غليص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/384)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 09 - 09, 01:21 ص]ـ
ولفت نظري في الكتاب تعليق محققين من مؤرخي نجد يردون على كثير من محتوى الكتاب والرد الرئيس على ما أدعى مؤلف الكتاب أن آل عائض يعود نسبهم إلى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
أرجو إفادتي ممن لديه شيء عن ذلك وجزاكم الله خيرا.
نعم أخي أبو أسامة عندي جواب لسؤالك المهم هذا
و أحب كذلك أن أُبين أمراً مهما جداً يتعلق بالأمانة العلمية لكل من علق على " إمتاع السامر " القسم الأول المطبوع من قبل العبيكان عام 1419 هـ.
وهو: أن هناك كتب تكلمت بإسهاب عن تاريخ عسير وعن نسب آل عائض.
ولكن أين الأمانة العلمية؟! أين التحقيق العلمي؟!
وسأذكر بعضا من هذه الكتب، وهي:
1 - كتاب تاريخ عسير المسمى " السراج المنير في سيرة أمراء عسير " تأليف عبدالله بن علي بن مسفر رحمه الله، طبع المكتب الإسلامي.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70618&d=1253393862
وقد عَرضَ المؤلفُ كتَابَهُ على الشيخ حمد الجاسر .... فشجعه على طبع الكتاب وخاطبهُ عبرَ مجلة العرب يستحثه ويشجعه على الإسراع بطبع الكتاب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70619&d=1253393862
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70620&d=1253393862
وأما نسب آل عائض فهو ثابت وقد بينه المؤلف في كتابه الذي عرضه على الشيخ العلامة حمد الجاسر ..... :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70621&d=1253393862
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70622&d=1253393862
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70623&d=1253394253
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70624&d=1253394253
يتبع ...
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 09 - 09, 01:36 ص]ـ
2 - كتاب " شبه جزيرة العرب عسير " تأليف الشيخ المؤرخ محمود شاكر حفظه الله
طبع المكتب الإسلامي، وقد تم توزيعه قديما على المكتبات المدرسية بأمر وزارة المعارف
وقد ذكر فيه كثيرا من أحداث عسير، وذكر فيه نسب آل عائض ....
فأين الأمانة العلمية؟! أين التحقيق العلمي؟!
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70625&stc=1&d=1253395837
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70628&stc=1&d=1253396028
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70627&stc=1&d=1253395837
يتبع ...
ـ[أبو أسامة الأزدي]ــــــــ[20 - 09 - 09, 01:43 ص]ـ
بيض الله وجهك أخي .... أيها الصقر
على الرد العلمي المؤصل ..
وكل عام وأنتم بخير جميعاً ... وخاصة من شارك في هذا الموضوع وأثراه بالمادة العلمية ..
تقبل الله منا ومنكم ....
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 09 - 09, 01:52 ص]ـ
3 - كتاب " الدر الثمين في ذكر المناقب والوقائع لأمير المسلمين محمد بن عائض " للعلامة الحسن بن أحمد عاكش.
تحقيق عبدالله بن علي بن حميِّد رحمه الله.
وقد شجعَ محققَ الكتاب على عملِهِ ذلك كل مِن الشيخ العلامة حمد الجاسر، الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس!!!
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70632&stc=1&d=1253396659
ولكن أين الأمانة العلمية؟! أين التحقيق العلمي؟!
والعَجَب أن محقق " الدر الثمين " عبدالله بن علي بن حميِّد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70629&stc=1&d=1253396659
هو والد محمد بن عبدالله الحميِّد أحد المعلقين على " إمتاع السامر "
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70630&stc=1&d=1253396659
وشتان شتان بين التعليقين ...
وأما عن نسب آل عائض فقد بينه أيضا محقق الكتاب:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70631&stc=1&d=1253396659
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70633&stc=1&d=1253396659
والله الموفق
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[20 - 09 - 09, 02:43 ص]ـ
يا أهل الحديث يا أصحاب الإسناد وميزان الجرح والتعديل /
اقولها بصراحه وعلى بلاطه؛ هذا الكتاب (ضحكة في ضحكه)!
وأنا ليس من عادتي اقتناء الكتب التي لا تهتم بأرض الحجاز؛ لكنني اشتريته ويا للعجب فليتني لم افعل؛ فوالله للخمسة عشر ريالاً التي دفعتها ثمناً لهُ خسارة؛ فهو لا يساوي ريالاً مقطوع!
لا حول ولا قوة إلا بالله؛ كتاب مزور ملفق موضوعٍ منسوب كذباً لرجل متوفى قبل مائة عام وأحفاده يعيشون اليوم بيننا؛ ويتبرئون من نسبة الكتاب لجدهم؛ ونحن نقول: قد يكون صحيح!!
وهنا أسأل سؤال لكل من يشك طرفة عين في تزوير الكتاب:
ما رأيك بمن نقل (جهينة بحملها وزملها من أرضها) ووضعها في عسير لها صولةٌ وجولةٌ قبل 150 عاماً فقط؟؟ - وهنا وقفة للتأمل قليلاً -
وهذا الطائر المزعوم قد يكون فيه أشعار صحيحة وأنساب ووقائع كذلك؛ ولكنها بالحقيقة مأخوذة من بطون الكتب ومجموعة مركومة بعضها على بعض؛ فلا يفرح كثيراً من وجد فيه نص صحيح! فأكثر ما فيه باطل؛ والعرب تقول: (يَدُس السَّم بالعسل)
وهذا المؤلف الكذاب من المعاصرين ووجهته معروفة إلى أين!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/385)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 09 - 09, 08:51 ص]ـ
نعم أخي أبو أسامة عندي جواب لسؤالك المهم هذا
و أحب كذلك أن أُبين أمراً مهما جداً يتعلق بالأمانة العلمية لكل من علق على " إمتاع السامر " القسم الأول المطبوع من قبل العبيكان عام 1419 هـ.
وهو: أن هناك كتب تكلمت بإسهاب عن تاريخ عسير وعن نسب آل عائض.
ولكن أين الأمانة العلمية؟! أين التحقيق العلمي؟!
وسأذكر بعضا من هذه الكتب، وهي:
1 - كتاب تاريخ عسير المسمى " السراج المنير في سيرة أمراء عسير " تأليف عبدالله بن علي بن مسفر رحمه الله، طبع المكتب الإسلامي.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70635&stc=1&d=1253422008
وقد عَرضَ المؤلفُ كتَابَهُ على الشيخ حمد الجاسر .... فشجعه على طبع الكتاب وخاطبهُ عبرَ مجلة العرب يستحثه ويشجعه على الإسراع بطبع الكتاب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70636&stc=1&d=1253422008
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70637&stc=1&d=1253422008
وأما نسب آل عائض فهو ثابت وقد بينه المؤلف في كتابه الذي عرضه على الشيخ العلامة حمد الجاسر ..... :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70638&stc=1&d=1253422008
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70639&stc=1&d=1253422008
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70640&stc=1&d=1253422162
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70641&stc=1&d=1253422162
...
لمن لم تظهر له صور الكتب سابقاً
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[20 - 09 - 09, 12:22 م]ـ
سيأتي تفنيد هذه المزاعم (الموثَّقة!!!!)، إن شاء الله. ولكنني أعجِّل للإخوة الكرام فصولاً من هذا الكتاب نشرها شخص يدعى (صقر!!)، مع روابطها.
وأدعو الإخوة الكرام - ولا سيما المتذوِّقين للشعر - إلى قراءة هذه الفصول، ولا سيما القصيدة الركيكة الأولى التي نظمها أحدهم في حدود سنة 1407 ونسبها إلى شخص خرافي معاصر لجرير والفرزدق، وخلع عليه لقب (صقر قريش الثاني)!
وقد صدَّرها بهذه الخطبة الحماسية العصماء:
إمتاعُ السَّامِر بتكملة متعة النَّاظر))
أخواني أخواتي أبناء عسير الطاهرين الشرفاء أيُها العظماء أني لقد وقعت يدي على كتاب إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر والذي قام بتأليفه الملازم شعيب بن عبد الحميد بن سالم ألد وسري رعاه الله ان كان حياء ويرحمه الله أن كان ميتاً وعندما قريت هذا الكتاب العظيم الشيق صعب على نفسي بأن أنفرد به لوحدي وقلت يا أبن ماء السماء أمطر به على أبناء العمومة والشامخين في ارض العروبة عسير فاهم بحاجة ماسة الى ماكان عليه إبائهم وأجدادهم ومعرفتهم لما كان يدور في زمن نحته العطار ثم قم بإعادة ترميم ما أفسده الدهر وسوف اجعل من هذا الكتاب ايضاً حلقات كثيرة وإلى الله المستعان.
1
http://www.t3as.com/vb/t31453.html
(( مقدمة الكتاب))
الحمد لله رب العالمين الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم والصلاة والسلام على رسول الله الذي لا نبي بعده وعلى آله ومن سار على دربه إلى يوم الدين وبعد:
فإن أحمد فيضي باشا الذي جاء متصرفاً لعسير عام 1291 هجرية أراد أن يتعرف على تاريخ المنطقة ورجال قبائلها وأدبائها وشعرائها ليستطيع إدارة المنطقة ويعرف حق أهلها فطلب من والدي رحمه الله تعالى أن يعمل على تدوين ذلك وقد قبل بهذه المهمة وباشر العمل تلبية لهذه الرغبة وكان أبوه سالم قد ضم في كتابه
((الحلل السنية في تاريخ أمراء نجد والدرعية))
ما وصل إلى يده من مخطوطات إذ كان أحد رجال الحسبة أيام الامام محمد بن عبد العزيز فتناول تاريخ نجد وقبائله والإمارات التي توالت عليه وحروبها مع غيرها ومنها عسير وبخاصة أيام القرامطة وذكر فيها القبائل التي دعمت العيونيين ضد القرامطة وجاءت هذه القبائل من عسير في عهد الأمير موسى بن محمد بن عبد الله اليزيدي الأموي عام 466 هجري والتي يُطلق عليها ((قبائل اليمن)) ولا زالت بقاياها في الإحساء وهم قليل من قبائل عسير وقحطان وشهران ورجال الحجر وبيشة كال خالد وآل جروان وآل جابر (الجبرة) وآل قريش (القرشة) من آل الصقر وآل مشهور من وقشة وغيرهم من أسر بني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/386)
نهد وبني زيد وسبيع بن صعب وآل عامر وآل سعد من بيشة وصار لهذه القبائل مجد في الإحساء ونجد وأسسوا إمارات لهم نافست بني لام وجمع والدي كتابه المسمى ..
((متعة الناظر ومسرح الخاطر))
الذي بدأ العمل به في أيام إمارة الأمير محمد بن عائض يرحمه الله تعالى ولكن العمل به قد طال إذ جمعه من أشتات المخطوطات فانتقل أحمد فيضي باشا والياً على اليمن ثم غادرها إلى أستا نبول واستمر والدي بما بدأ فأنتهى من كتابه عام 1332 هجري وكان متصرف عسير يومذاك محيي الدين باشا فقدمه إليه مع نسختين من كتب والده فسر بها وأرسلها إلى أستا نبول مع فؤاد بك الذي كان مزمعاً على السفر فطبعت في مطبعة البحرية عام 1333 هجرية وكانت الحرب العالمية الأولى قد اشتعلت نيرانها , ووصلت من الكتب عدة نسخ إلى محيي الدين باشا فقدّمها لوالدي واحتفظ بنسخة منها وحالت الحرب وما تلاها من أحداث على وصول كميات من الكتب ويقع المتعة في ثلاث مجلدات ضمنها خلاصة ما كُتب عن المنطقة حتى وقته أما الحلل فكانت مجلدين وأخبار بني أمية في مجلدِ واحدِ وقد استعان والدي رحمه الله بعلماء الحفاظية الذين لديهم إلمام بتاريخ المنطقة وأنساب قبائلها وأسرها ومن العلماء الذين استعان بهم والدي:
1ـ العلامة حسن بن عبد الرحمن الحفظي 2ـ الشيخ علي بن مسفر بن صالح القاضي 3 ـ حسن بن عبد الله النعمي 4 ـ سعيد بن على النعمي
5 ـ حسن بن عبد الرحمن النعمي 6 ـ ابن مثيب الرشيدي
7 ـ الشيخ علي بن عبد الله آل حميد 8 ـ عبد الله بن مسفر بن عبد الرحمن بن سليمان بن جعيلان الدوسري 9 ـ الشيخ محمد محاسن الأزهري الشامي
10 _ ابن سبيل 11 ـ عبد السلام بن خضرة 12 ـ محمد بن عبد الله بن خضرة آل الزميلي وغيرهم حيث كانت مكتباتهم تضم المخطوطات القيمة عن تاريخ المنطقة وغيرها هذا بالإضافة إلى مكتبات ((شدا)) و ((ريدة)) حيث بقي قسم منها بأيدي الناس بعد نهبها عند دخول الترك عسير ومكتبة والده التي من ضمن محتوياتها كتاب ((الحلل السنية في تاريخ أمراء نجد والدرعية)) فللجميع الفضل والشكر بعد الله تعالى في الحياة ولهم المغفرة من الله في الدار الأخيرة.
ومرّت الأيام وتوالت الأحداث وجدت أمور وظهرت رجالات فرأيت وضع تكملةٍ إلى ما انتهى إليه والدي وسميتها ((إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر))
سجلت فيها بعض ما وصل إلى يدي من تراجم الأمراء الشعراء وأخبارهم وبعض نظمهم مما عثرت عليه اخترته ولم يُدوّنه والدي أثناء الترجمة لهم كما ضممت إليها بعض شعر الأدباء الذين عاصروا أولئك الأمراء فكان شعرهم سجل المنطقة إذ ذكروا أحداثها وما وقع فيها بل كانت حوادثها المريرة وخطوبها , وحروبها سبباً في استجاشة شعر بعض أمراء آل عائض وقمت ببعض الشروح اللازمة لما جاء في تلك القصائد مع اقتضابي بالتراجم عما سجله والدي في كتابه المذكور وشرحه لها وما تطرق له والدي وما خرج زيادة عما سجلته في مذكراتي وتركت الشعر المحلي غير الفصيح إذ اهتم به محمد بن مشعي الدوسري أثناء وجوده في أبها عام 1330 هجرية وهو شعر سجل تاريخ المنطقة من شعراء بني هلال وآل ضيغم
وقد بدأت هذه التكملة أيام إمارة الأمير ((حسن بن علي آل عائض)) بأبها يرحمه الله فلما زالت دولتهم وزال سلطانهم ونقل ساداتهم إلى الرياض كنت معهم فحملت في جعبتي ما كتبت وأتممت بالرياض ما كنت قد بدأت وأضفت إلى هذه التكملة ما استحسنت وضعه من كتب ((المتعة)) و ((الحلل)) و ((أخبار بني أمية)).
نسأل لوالدي الرحمة , ولنا العون والهداية ولأولئك الرجال الأفذاذ المغفرة فأنهم قد خدموا البلاد وأعطوا صورة مشرفةً بما قدّموا ولتاريخها بما بذلوا والله عنده حسن الثواب.
ولعلي استدرك في الطبعة الثانية إن أبقاني الله على قيد الحياة من إضافة ما أحصل عليه حيث أن مكتبة والدي في أبها كانت مبعثرة غير منظمةٍ ويحتاج تنظيمها إلى وقتٍ , هذا إن لم أضع ذلك في مذكراتي إذ استعجلني الأخ الكريم أحمد بن مسلط الوصال البشري حيث كان مزمعاً على السفر إلى مصر وهذا ما دفعني إلى أن أتعجل في جميع هذه الحصيلة التي بين أيدي القارئ الكريم.
الرياض 1365 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
((علي بن محمد))
علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/387)
بعد معركة الزاب التي انتصر فيها العباسيون على الأمويين عام (132 هجري)
بدأ الأمويون يفرون نحو الغرب وانطلق جند بني العباس يتابعونهم كي يقضوا عليهم خوفاً من التفاف بعض الناس حولهم ومنازعة العباسيين ثانية لذا كلما وجدوا أن بعضهم كاد يفلت من قبضتهم أعطوه الأمان وأغروه بالاستسلام فيقبل الخائف الطامع في الدنيا ويأبى ذو النفس العالية والهمة القوية. وقد لاحقوا عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك (عبد الرحمن الداخل) وكادوا يمسكون به لولا أن ألقى بنفسه وأخيه في نهر الفرات ولم يمكنهم ذلك لأنه يعمل لنفسه خائفاً من السيف وهم يعملون لغيرهم ولا يهابون ما يهابه فأعطوه وأخاه الأمان وكان أخوه قد أنهكه التعب في السباحة فأستسلم ورفض عبد الرحمن فلما وصل إلى الضفة الثانية وشمر للهرب قتلوا أخاه أمام عينه فما زاده إلا حقداً عليهم وتصميماً بالنجاة وتمكن في النهاية من الوصول إلى الأندلس حيث أقام دولته هناك
وتابع بقية الأمويين مع من بقي معهم السير باتجاه جنوب بلاد الشام وحشدوا جمعهم والتقوا مع العباسيين في معركة ثانية قرب مدينة الرملة بفلسطين على نهر أبي فطرس فدارت الدائرة عليهم وشتت شملهم وفر بعض كبارهم فأعطاهم العباسيون الأمان كعادتهم ولكن أين الثقة بالأقوال؟
فقد أعطوا ونكثوا عدة مرات ووجد كل رجل منهم طريقاً له ويمم وجهه شطر جهة قصدها منهم من سار إلى إفريقية باتجاه الأندلس ومنهم من انطلق الى جنوب جزيرة العرب ودخل قسم منهم السودان أما من استسلم وخدع بالأمان فقد جمعهم قائد العباسيين عبد الله بن علي عم الخليفة السفاح وقتلهم جميعاً.
كان علي بن محمد اليزيدي الأموي في نفر من أخواله بني غياث إحدى عشائر بني زيد بن عمرو الأزدية فدخلوا منازل أخوال جده بني كلب التي كانت تنزل جنوب بلاد الشام فحموهم وانطلقوا بهم نحو عسير برئاسة دغفل بن دحل بن بدر بن فضل الشامي الكلبي واخيه حنتوش ولما وصلوا إلى عسير استقروا بها ودخلوا في بني وازع من قبائل الأزد والتي أصبحت في عداد بني مغيد وأصبحت مشيختها لهم ثم انتقلت مشيختهم على البقوم بعد إخماد ثورتهم مع بني هلال وخلع طاعتهم للأمير عبد الله بن علي بن محمد عام (173) إذ كانوا قد انضموا إلى قوات الغامدي فجهز الأمير عبد الله قوات من عسير برئاسة حنتوش بن دحل وعينه أميراً على تربة وبيشة والقبائل المحيطة بهما وأبقى لديه قسماً من بني وازع مع الكلبيين أحتياطاً له وفي عام 1329 ه أثناء وجود الشريف الحسين بن علي في أبها لفك الحصار عن الاتراك وقد كان معه من القبائل قبيلة عتيبة فسأل والدي شيخ الحناتيش عقاب بن محيا عن نسبهم في حديث طويل ذكره والدي في المتعة خلاصته أن الخناتيش ينتسبون إلى كلب بن وبره من بني فضل دخلوا في عتيبة بالحلف بعد أن انتقلوا من البقوم واخوتهم في عتيبة بنو دغفل دخلوا في روق بن جحدر بن عبد الله بن سنحان بن عامر الأزدي ثم انتقلوا إلى الوادي نجدة إلى عامر بن زياد مع بني شيبان بن جحدر في عهد الأمير غانم وقد ذكر والدي في كتابه البطون القحطانية التي انضوت تحت مسمى عتيبة.
بايع العسيريون علي بن محمد وقوي امره ودخل في سلطانه قبائل الأزد وكنانة ومذحج (الذين عرفوا فيما بعد بولد روح بن مدرك والحارث بن كعب ويطلق عليهم الآن عبيدة نسبة إلى امهم عبيدة بنت عدي بن ربيعة الملقب بالهلهل)
وقبائل نهد وبنو زيد وبنو النخع في بيشة وبنو قضاعة وأراشة بن عمرو وعنز بن وائل ورفيدة بن عامر وخثعم وعقيل بن كعب الحارثي.
كانت قبائل الأزد (عسير) في صراع مع من جاورها من القبائل حينذاك فاستطاع علي بن محمد أن يجمع صفها وأن يوحد كلمتها وأن يزيل مابينها من خلافات حيث حدد لكل قبيلة حدودها والزمها بالحفاظ عليها وحماية من يمر بارضها من القتل أو السلب والتعدي ثم رتب هذه القبائل في الحرب فجعل بني أسلم بن عمرو بن عوف (ثمالة) والذين تفرع منهم قبيلتا (مغيد) و (علكم) في المقدمة ثم ربيعة ورفيدة أبناء عمرو بن عامر ثم بني مالك بن نصر بن الأزد ويطلق على هؤلاء عسير السراة. ثم قسم عليهم قبائل تهامة عسير (رجال ألمع) و (رجال الصيق بن عمرو بن عامر) و (بارق بن عدي بن عامر) ومن حالفهم من كنانة وخزاعة ثم رجال الحجر (بالأسمر , بالأحمر, بنو شهر , بنو قرن)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/388)
وشمران وغامد وزهران ثم قبائل مذحج (قحطان) وخثعم (ناهس شهران) وقسم فيهم بقايا قبائل قضاعة واستمر هذا الترتيب يتعاقب عليه الأمراء من ال يزيد حتى أيام الأمير (حسن بن علي آل عائض) ووضع مجلس شورى يضم مشايخ عسير السراة وتهامة فقط وجعل (السقا) مركز إمارته بعد (أبها) وبنى في جبل (جلب) قصره المشهور الذي سماه (القرن).
وتفرعت أصول هذه القبائل بعد القرن السادس إلى فروع أصبحت أصولاً لقبائل تضم عشائر عديدة , وتطرق لها والدي في كتابه (المتعة) , وذكر منازلها القديمة في جنوب الجزيرة.
خشي العباسيون أتساع نفوذ علي بن محمد على تلك المنطقة وخافوا من امتداده الى الحجازين وسير بني أمية وانصارهم نحوه فوجهوا له الجيش إثر الاخر غير أن هذه الجيوش كانت تفشل في مهمتها حتى جهز له المهدي قبل وفاته جيشاً كثيفاً بإمرة (عبدالله بن عبد الرحمن بن النعمان الغامدي الأزدي فالتقى به في بلاد غامد وجرت معارك بين الجانبين انتهت بمقتل الأمير علي بن محمد عام 169 فبايع العسيريون مكانه أبنه عبد الله فتابع القتال وتمكن من قتل قائد الغزاة عبد الله بن عبد الرحمن بن النعمان الغامدي وشجعه موت الخليفة المهدي وتولي ابنه موسى الهادي مكانه وكان ضعيفاً وبقي عبد الله أمير عسير حتى قتل ايام الرشيد فخلفه في الامارة ابنه خالد واستمرت الإمارة في أحفاده (واستوفى في متعته أخبار المنطقة وأحداثها وحروبها ورجالها في هذه الحقبة)
جاء في وصف الأمير علي (معتدل القامة , ممتلئ الوجه أبيض اللون واسع العينين كبير الرأس بدين الجسم ضخم الكف أخنس الأنف طموحاً جلداً عالي الهمة ذا قوة وشجاعة وله شعر يدل على طموحه وصبره وجلده وعزة نفسه)
ودون شعره السيد المطهر الجد الأعلى لآل الأهدل حيث كان من رجال الأمير خالد وكانوا بالرهوة ودخل بعضهم في رفيدة بن عامر الأزدي ويعرفون الآن بال الشريف وبقية آل المطهر دخلوا اليمن في مطلع القرن الرابع وتفرقوا فيها وقد أرخ المطهر للمنطقة وسمي كتابه.
((مزيل الشجن في أخبار دول اليمن))
وقد وصف الأمير علي بن محمد رحلته الشاقة في قصيدة جاء فيها:
نَجَوْنا كِراماً مِنْ مَهالِك تَغْتلي * بخدنٍ لَهُ في عُنُقِ شَانِئنا فِعْلُ
وقد أوغلوا فتكاً وغَطَّتْ دِمَاؤنا * بريقَ سُيوفٍ واشتدَّ بِهِمْ غِلُ
أَشاحَتْ ولم تَضْربْ كما أزورتِ القنا * عليهم كأنَّ المرهفاتِ بها نَبْلُ
ولم يُرْعِنَا ما حلَّ نحن بنو الوغى * صَمَدْنا ولم نَأْبَهْ وإن كثر القتلُ
وأحْنَقَهُمْ مِنَّا ابتسامُ ثغورِنا * وأضحكنا إذْ صار حِقْدُهُمْ يَغْلو
علونا خفافاً كل صهوةِ ضامرٍ * وفي كلَّ نجد نحو غايتنا نعلو
على لاجبٍ صِنْوِ العقاب ِ إذا عَدتْ * لتفتكَ في أفراخهِ الصُّقُرُ الصعلُ
وحولي من آلِ الغِياثِ ترافَلَتْ * ليوثٌ غِضابٌ كلٌ شيمتها نبلُ
يواكبنا من آل كلب فوارسٌ * حماة أباةٌ لا يُفارقُها الجذلُ
أجازوا بنا بيداءَ عز سلوكها * ولم يثنهم وعر بنجد ولا سهلُ
نجونا من آل فطرس إِنَّهمْ * ذئابٌ أرادوا الغدر وانتصَب النَّصْلُ
يريدون بالإسلام والعربِ غيلةً * فيا لؤم ما خطُّوا ويا لؤمَ ما غلُّوا
وأزْروا بنَا أَنَّا عنابسةٌ إذا * غضبنا ففي أَعقابِ غضبتنا حَلُّ
فغضبتُهمْ في رَهْجِها أعجَميَّةٌ * يَقُومُ بها علجٌ ويسمو بها نَغْلُ
وأعطوا أماناً يرتجون توَصُّلاً * لغايتهم كما يحلُّ بنا الوَيلُ
ولم يكفِهمْ ذاكَ الذي ثارَ وانبَرى * يُطاوِلُهُ منا الخليفةُ لا يَأ لُو
ونادى ارجعُوا فالأهلُ نحنُ يشُدُّنا * لعبدِ مَنافٍ في عَراقتِهِ أصْلُ
أرادَ بنا غدراً أنُصغِي لقولِهِ * وسَفْكُ دِمانا ما يودُّ ويَسْتَلُّ
فأيُّ أمانٍ بات يُعطيه ثائِرٌ * وسلْطَتُهُ بغيٌ وبيعتُهُ بُطْلُ
سأغدو شجيً في نحرِهِمْ بتَوَثبِي * ويأخُذُهُ عني الغَطَارِفَةُ الشُبلُ
أُمَيَّةُ فلننأى كراماً أَعِزَّةً * لنا في فجاجِ الأرضِ منتجعٌ يَحْلُو
فذلِكَ طوْدُ الحزِّ أصبح مَرْيضاً * لأبطالِنا يأوي له السادةُ الجُلُّ
ونحنُ بِهِ نحميه من كلَّ ظالِمِ * ودون ذراه في مقابضِنا صُقْلُ
نخوضُ غِمارَ الحربِ لا نرهبُ الرَّدى * وتلك شُباةُ السيف في حُكمِها الفَصْلُ
ولم أُلْقِ بالاً للمطيِّ تلاحقَتْ * لتغدِرَ بي والغدرُ من طبعِهِ العَِّلُّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/389)
فأوقرتُ سمعي عن سماعِ جَفَوْتُهْ * أيخلُبُنيِ صوتٌ وصاحِبُهُ ثِعْلُ
أقولُ لذاتِ الدلّ صبراً وحكمةً * فقد حالَ دون الوصلِ مُعْتَرِكٌ وَحْلُ
فلا تنكحي يا ربَّة الدلَّ فُوهَةَّ * ستبدو مساوِيه ويَرْدَى بك الشَّكْلُ
كَأَنَّ الحَيَا ألْقَى على الوَرْدِ لُؤلُؤاً * وخلف الدُّجَى غابتْ أزاهرُهُ العُبْلُ
وَغَابَ عَنِ الأعداءِ لَوْنُ دِمائِنا * فطابَتْ نفوسٌ واستَبَلَّ بِها العَقْلُ
فَإِنَّ دِمانا يا نوارُ وَدِيعَةٌ * لَدَيْكِ ومن عينيكِ أَهْدَرَها النُبْلُ
فلا تَخْضُبِي منها البنانَ فَإنَّها * شِفَاءٌ لِغِلٍّ في صُدُورِهِمُ يَحْلُو
فيا بلدِي أهواك مذ كنت يافِعاً * وزاد حنيني , كم يطيبُ بكَ الوصْلُ
سقاك إله العرش يا خيرَ مربعٍ * وصانك لا يرقى حماك فتى نذل
ويا طيبَ غادي الُمزْنِ يروِيك عِلَّةً * ليمرع ما كنا بأرباضه نسلو
لَدَيكَ لُبَانَاتُ الصَّبا تَحْفظينَها * فَقَدْ نَبَغتْ فينا مطامُحِنا الجُلُّ
يظل هوانا في رباك معلقاً * فأنتِ لَهُ قلبُ ونَحْنُ لَهُ أَهْلُ
2
http://www.t3as.com/vb/t31458.html
عامر بن زياد العبدلي الزيدي الشريفي (1)
اختلف شرفاء مكة فيما بينهم على الحكم ثم استأثر به أحدهم ويُدعى أبا الغيث وفر من مكة الى عسير ((حميضة)) و ((رميثة)) ابنا أبي نمي وجهز أبو الغيث عام 713 جيشاً لمطاردتهما فاتجه الجيش نحو بيشة حيث بلغه أنهما قد سارا نحوها فاحتل بيشة وتوغل في بلاد ناهس وشهران وتمكن ((حميضة)) و ((رميثة)) من الهرب منه وفرا إلى ابها واستجارا بأميرها غانم بن صقر بن حسان.
ألف أبو غيث جيشاً ضخماً وسار به عن طريق الطائف واحتل بلاد غامد وزهران وهو في طريقه الى ابها على درب السراة فتصدى الأمير غانم لهذا الجيش بقبائل عسير وقحطان وكان معه من رؤساء قحطان سعد بن نجيبه وعاطف بن علي الهرمس واستطاع الأمير غانم أن يدحر الجيش الغازي عن طريق السراة كما استطاع قائده في الحرجة عامر بن زياد أن يوقع بالجيش القادم من بيشة هزيمة منكرة في البصرة شرق الحرجة وفي المراغة شرق جبل شكر والتي سبق أن
حصلت فيها المعركة بين صرد بن عبد الله الأزدي رضي الله عنه وبين المشركين من قومه وعرفت بهذا الاسم بعدها ولصرد الآن نسل يعرفون بتلادة عبدل أي أولاد عبد الله وهم أحد بطون قبائل علكم.واثر هذه المعارك قال عامر بن زياد هذه القصيدة مندداً بفعل شرفاء مكة وخاصة أبي الغوث.
تمكن ((حميضة)) و ((رميثة)) بعد هزيمة أبي الغوث من العودة الى مكة وتسلم مقاليدها غير أن أبا الغوث قد استنجد بجيش من بني رسول في اليمن فأنجدوه وعاد إلى أمرة مكة وهرب ((حميضة)) و ((رميثة)) ثانية إلى بيشة وأحتلاها وقتلا أميرها من قبل الأمير غانم وهو محمد بن سعيد بن زيد الخالدي المخزومي القريشي وذلك في بلدة ((المراغة)) فوق الثنية التي كان قد أعاد بناء بنو خالد قبل استقرارهم في وادي (ترج) في حوران والمسمى , ودخلوا الآن في أعداد بني الحارث بن عجل بن الحارث بن سعد بن عمرو النخع مع بني عائذ بن نهد ويطلق عليهم ((العيذ)) وهي الآن في قبيلة (كود)
1 ـ عامر بن زياد بن عراد بن جابر بن عاصم بن سعد بن مناع بن حسن بن مجهر بن رافع بن جبر بن هايف بن حمد بن زيدان بن مقرح بن منيع بن مطرود بن رويعي بن علي بن هيف بن عبدل الزيدي.
وزيد بطن من بني الملك من وداعة وكان مقرهم وادي ((حسوة)) أحد روافد وادي ((مربة)) ولا زالت بلدتهم تعرف بقرية ((الرويعي)) ودخل في بني زيد بن عمرو بن عامر أخي وداعة ومن بطون وداعة بن عمرو الصواعقة في وادي ((ريم)) وبني قطبة ودخلت هاتان القبيلتان في بني عمومتهم المع اليمن وهو ألمع بن عمرو بن عامر وألمع اليمن غير ألمع الشام إذ ينتسب ألمع الشام إلى ألمع بن عدي بن عمرو بن عامر وعمرو هو خزاعة كما مر ـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/390)
وخلت عشيرة بني زيدان في همدان ولم تزل مع بني صائد في حاشد عدا بني هيف (الهيفة) فقد انتقلت إلى شريف بن جنب بن سعد العشيرة , واسقرت في موقع يدعى (الرس) وترأس هايف بن حمد الجد الأعلى لعامر علي شريف ولا زالت المشيخة في عقبه حتى آلت إلى الأمير عامر بن زياد في عهد الأمير غانم بن صقر فضم إليها قبيلة سنحان بن عامر وبطونها وأعطى مشيخة الجميع إلى عامر بن زياد وأبعد عن سنحان محسن بن زيد بن غرم بن نملان الشهابي الكندي (جد الراسيين) لميوله إلى بني رسول والرأسيون هم الذين آلت إليهم فيما بعد مشيخة سنحان أيام الأمير عائض بن علي بن وهاس حيث ولي سعد بن إبراهيم بن ناصر بن مفلح الشهابي المشيخة وهو جد آل رأسي حالياً.
برز الأمير عامر لشخصيته وثقة آل يزيد به حيث بز بقية قادتهم فأوكل الأمير غانم بن صقر إليه المشاركة في مشيخة قحطان وسنحان مع ماعز الطيار المسردي (الوهابي الحارثي) الجد الأعلى لآل شري بن سالم بن سيف ومع محمد بن علي العلاطي النهاري اليوسفي الروحي الجنبي شيخ عموم بني عائذ ومع علي بن مفلح الضيغمي الجد الأعلى لآل شفلوت وآل جليغم وآل جحيش وآل منيف مشايخ آل الهندي وانتقل جدهم جابر بن صالح بن ابراهيم بن مفلح من بني شاس بن منيف من رفيدة أميراً على آل الهندي من يام من قبل الأمير عبد الله بن ابراهيم بن عائض عام 989 وكلفه الأمير غانم ببناء قلعة فقام بالأمر وأطلق عليه أسم ((الحوطة)) وتقع في راحة شريف جنوب قلعة ((القاهرة)) بالحرجة لمرابطة قواته فيها لمجابهة بني رسول وتعدياتهم دخلت قبائل بني عقيل وادي الدواسر (العقيق) عام 780 أيام الأمير عبد الرحمن بن عبد الوهاب ابن غانم بن صقر وكانت بقيادة سعد بن مبارك العصفوري العامري وذلك من اجل السيطرة على جنوبي نجد وإلحاقها بدولة بني جروان العامريين بالحلف في الاحساء وإلا فهم بطن من بني معاوية في بيشة كما مر ـ. وانضم الى سعد المذكور قبائل متعدده اهمها بنو خالد المخزومية الذين منهم بنو جبر أمراء نجد والاحساء فيما بعد وتمركز بقواته ب ((البدع)) في الوادي فاستنجد أمير الدواسر عتبة بن عيسى بن علي التغلبي (تغلب بن حلوان بن لحاف) وناهض بن مسافر بن عيد بن مدار الجميلي (وجميلة من جرم من قضاعة) بالأمير عبد الرحمن أمير عسير فأنجده بعامر بن زياد وماعز الطيار المسردي ومحمد بن علي الملاطي فتوجه هؤلاء القادة بمن معهم من قبائل لدعم التغلبي القضاعي والتحموا بقوات بني جروان في (نجد الجماد) اسفل وادي العرين وتمكن عامر ومن معه من القضاء على العصفوري قتلا وأسراً حتى أمتلا ميدان المعركة بالدماء وسميت هذه الحادثة بحادثة (نجد الدم) وتمركز عامر في وادي الدواسر وأوكل إليه الأمير عبد الرحمن إمارتها مع عجلان بن محمد بن فاضل السعدي الجحدري (جد العجالين) أمراء الافلاج حالياً وأفرز قوة أكثرها من باهلة مع ابنه
(سدير) لمطارة فلول العامريين والسيطرة على اليمامة والعرض للأمير عبد الرحمن فتوجه سدير بمن معه حتى استقر في وادي الفقي وتغلب على بني عائذ بن سعد العشيرة حيث كانوا يسيطرون على المنطقة والذين منهم بنو عطية (العطيان) وتفرقوا في قرى نجد بعد ذلك وبنو مزيد وبنو يزيد والتي تفرع منها أسر كثيرة في نجد وتغلب سدير على ما حوله من قرى باسم الأمير عبد الرحمن بن غانم وسمي الوادي باسمه (سدير)
وسكن في أعلاه وابتنى قلعة سماها الحوطة نسبة الى مقرهم الاصلي.
وفي هذه الاثناء استمال والي الحجاز الشريف أحمد بن عجلان والي الدواسر الأمير عامر ومناه بولاية نجد وذلك عام 783 وشجع الأمير للميل الى الشريف أن ابنه سدير يسيطر على شمالي اليمامة والتخلي عن الأمير عبد الرحمن الذي تعرض للهجوم من عدة نواح إحداها من جهة اليمن من قبل الاشرف الثاني إسماعيل بن العباس الرسولي من اجل السيطرة على نجران وظهران الجنوب وصعدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/391)
وانطلق من الناحية الثانية من جهة منطقة حلي بن يعقوب عطية بن علي بن موسى اليعقوبي السهمي الكناني واستولى على اللؤلؤة قرب الشقيق وهي التي يستوطنها بنو شعبة بن أعيصر ومن ثم ارتقى مع وادي (عتود) بعد مقاومة من بني حبيب بن مالك وبني ربيعة وبني أنمار وقد مر نسبهم وهذا ما جعل عامر بن زياد يفكر في قرب نهاية الأمير عبد الرحمن ويتوجه نحو الشريف أحمد بن عجلان وكذلك حاول بنو رسول استمالة ابن زياد إليهم.
تمكن الأمير عبد الرحمن بن عبد الوهاب من واليه على وادي الدواسر عامر بن زياد نجدته بالقبائل التي تحت يده لطرد بقايا بني رسول في ظهران الجنوب وأشراف مكة في تربة غير أن عامراً قد تباطا في دعم أميره وهذا ما جعل عبد الرحمن يشك في إخلاصه فارسل اليه قوة من قبائل عسير لاخراجه من الوادي ولكن عبد الرحمن كان قد توفي في هذه الاثناء بمرض اصابه وبايع العسيريون ابنه يزيداً مكانه فبعث يزيد قصيدة لعامر بن زياد وكان يزيد زوجاً لابنة عامر (الميساء) غير أن عامراً قد تصلب في موقفه وطلب دعماً من الشريف أحمد بن عجلان وليكون على استعداد لنجدته فيما إذا داهمته قوات الأمير يزيد لأنها ستكون معركة حاسمه بين الطرفين وكان عامر يطمع في تاسيس إمارة لنفسه ورأى أبن عجلان في طلب عامر بغية للاستيلاء على مناطق يريدها وبعث قوة تمكنت من الوصول إلى بيشة بعد معركة حامية في ابيده أعلى وادي تربة (قامت مكانها تربة) غير أن أمير البقوم حنش بن مدرك بن محيي الحنتوشي الكلبي قد تصدى له ودعمه ماعز الطيار بمن انضم اليه من قبائل بيشة وتمكن ما تجمع من قوات على رد جيش الشريف وإلحاق الهزيمة به وسار بعدها حنش دعماً للامير يزيد.
3
http://www.t3as.com/vb/t31460.html
ربما تكون هذه الحلقة كلها قصيدة ومن اجل هذا سوف أضع نسخة منها في عسير الشعر ارجوا بان تنال إعجاب الجميع
((وحالفت بني أسامة الأزدية))
قل للتي ضاق مما نابها النفس * وشردوها وما من حولها جُلُسُ
وأفزعتها كروبٌ قد تداعى لها * من قد تمثل فيه الأنسُ والحنسُ
وهزها الذعرُ مما قد ترامى لها * كمدلهٍ تتجافاه الظبا الخنسُ
هامت وثارت ولم يطفىءْ تحُبُبهُ * مما عراها وإن طالت بِهِ النفسُ
وشمرت عن لجين الساق مازجها * تبرٌ تبدد من أضوائهِ الغلسُ
وصوتت بعسير الهولِ ويحكمُ * أتُؤخذُ الدارُ في أكنافها العُبُسُ
من علكم ومغيدٍ , من ربيعةَ من * سنحان من غامد والعزم ما غرسوا
ومن رفيدة من حجر ومالكَ من * زهران , من خثعم في زحفهم قبسُ
رُوحٌ وناهِسُ , شهرانٌ ويتبعهُمُ * شمْرانُ مع حارِثٍ في طبعِهم شُمُسُ
فألمعٍ وبني قرنٍ كأنهُمُ * أسْدٌ عمالِقَةٌ وهم في يقظةٍ عُسُسُ
قبائل الأزد كا لأمواج هادرة * إن أرقلت بالفنا والخيل تفترسُ
كأنَّهُم والتماعُ البيضِ يعرِضُهُم * في الليل شُهْبٌ بَدَتْ أو أنجم نُحُسُ
ويحجبون شُعاعَ الشمس إن برزت * من غيرُهُم بالظبا والسمر يلتمسُ
كم صدعوا قلب مختال ِ يطاوِلُهُم * بجيشهِ فغزاهُ القادةُ والشمسُ
بالضرب بالطعنِ مِثلَ البرقِ سرعتُهُ * ويصعقُ الروح لا يبقى بها نفسُ
جاءَ الشريف إليه قبله ومضى * لم يغنِهِ في الوغى جيشٌ ولا حَرَسُ
ثوى بمحميةٍ في العرض فأنتزعت * منه وتشهد في خذلانهِ ((نفسُ))
ولم ينل قصده عاد الشريد وكم * هوت بفرسانهِ من ضربةٍ فرَسُ
جاءُوا بغطرسةٍ والمجدُ غايتهُمْ * فراعهم وثبةٌ زلت بها البُهُسُ
والسلمُ راموا وقد خارت عزائمهم * وذاك شأن الذي في الحربِ ينتكِسُ
وكم حمتها عسير قبلهم ورمت * لا ماً واحلافُ لا مٍ في ((سنا)) تعسوا
صانت رباها وقد هم الشريف بها * فضم مصرعهُ في الحومةِ ((البلسُ))
وكم أتاها رسوليون قبلهم * بنو زيادٍ فشامت ذلَّهُمْ طُرُسُ
وقاسميون أثنى من عزائمِهم * طغيان تُركٍ وكان الشاهدُ اللبسُ
شنُوءَةٌ هتفت في نخوةٍ وعُلا * هُبلتِ عُودي فإنّ اللأمة العُنُسُ
قبائِلُ الأزد مثل البحر غصبتها * يموجُ يهدُرُ فهو العاصفُ الشرسُ
وكلهم لحمى رمحٌ يُسابقهم * وفي أكفهم الصمصامةُ الُعبُسُ
عسير حلفٌ تسامت حولهُ شرفاً * والبيضُ تحرِسُهُ والذبلُ والدُّمُسُ
ضرباتهم أوهنت بالعزم جحفلهم * خارت قواه فولى وهو منتكِسُ
بنو يزيد سماَ من بينهم بطلٌ * أسلافه عزز الإسلام ما غرسوا
يقودهم ويرد الخصم مُنتصراً * وهو العريقُ مدى الأيام يلتمسُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/392)
معدٌ ويعربُ أعطتهُ مقالِدَها * وهو الأشم وهم الوشيُ والطُرُسُ
سليلُ صِيدٍ وكم أدواحهم بسقت * فلا يُطاوِلهم في فخرهم أنسُ
علت بهم راية الإسلام خافقةً * في الصين والهند ما خطوا وما غرسوا
إفريقية قد أجابتهم بها أمم * ترى الفرنجةَ في أرجائها عنسوا
وتلك آباؤُهُ يعلو بهم شرفاً * العُرْبُ والعجمُ لا يبدو بهم غبسُ
بقومِهِ انتصرَ الإسلامُ في عُلَنٍ * ولم يعُدْ غيرهُم في حِفظِهِ ترُسُ
أمَيَّةٌ أنجبت للدين من نذروا * نفوسهم وهم في طبعِهِم شُمُسُ
لم يُثنهم عن طِلاب الحق مُلْكُهُمُ * مهما تسامى وما خافوا وما ارتكسوا
أذلَّهُم وعظيم ُ الجيش ِذو يمنِ * صرعى كأنَّهُمْ في ذُلِّهم نُمسُ
هذا وليدُهُمُ لا تبتغي شططاً * يلقاكَ في الساحِ مِنْهُمْ عارِمٌ خلِسُ
أمثالها قرعت آذانكم صمماً * لم ترعووا فعراكَ اللازِبُ النحِسُ
هم حُماتُكِ ما دامت بمربعنا * صيدٌ يهابُ عُلاها الجائحُ البسسُ
عزت بنصرتها الأطوار وانتصبت * طوداً منيعاً فلا يرتادُهُ لَغِسُ
قوم كماة بأعناق الجياد زهوا * وبالقنا وبهم تستأسِدُ الخُرُسُ
فدونهُ الأسْدُ قد أبدَتْ نواجِذَها * لخصمِهِ وهُمُ للقائِمِ التُرُسُ
لا تغترر بأمانٍ كالسرابِ مَضَتْ * وسوَّفتْ فتردى الواهِمُ التعِسُ
وَهَبّ قبلهُم حَشدٌ وَعِدَّتُهُ * البيض والسُّمْرُ والأعلامُ تنعكِسُ
شدُوا على ضمّرٍ والذّكرُ مُنطلقٌ * ينداحُ في القفرِ والأصداءُ تنبجسُ
وخلفوا الأهل والأموال واندفعوا * لنصرة القبلة الأولى بما التمسوا
دوى الجهادُ فلبوه على عجلٍ * مِن كُل حَدبٍ وصوبٍ رَكبُهُم يلِسُ
وانساب تكبيرهم في كل منعطفٍ * وفي الوهادِ وفي الأنجادِ ينجرسُ
لنصرةٍ تجعل الإسلام في شممٍ * ضد البغاة ومن عُدْوانهم شرسُ
في القدس كان لقاء المسلمين على * نصر مبين وخاب الظالم النجسُ
يقودُهُم بطلٌ أعلامهُ خفقت * يدعَّمُ الدين فهو الفارسُ الحَمِسُ
أسلافُنا مع صلاح الدين قد نزلوا * واستوطنُوا القدس عزت فيهم القُدُسُ
ألوفٌ سارت تلبيهِ وغايَتُها * رضى المهيمنِ تلقى أجر ما غرسوا
نادى الجهادُ ولم يقعدهُم نشبٌ * ولا ثنَت ركبهُم الخُرُّدُ العُنُسُ
هبوا سراعاً رأوا فيما يهيب بهم * هذا الصلاح صلاحاً فيه يُلتمسُ
أحبابي أخواني أخواتي الأعضاء هذه القصيدة عظيمة جداً فلقد شاهد لها تعليقاً هز مشاعري وعواطفي ورأيت بان لنا أهل بفلسطين وعلمت بان قد سير الأمير سليمان بن موسى بن محمد بن عبد الله الأموي عام 583 هجري جيشاً وكان قوام هذا الجيش مايزيد على أربعة عشر ألفاً من الرجال المقاتلين من عسير وذلك تلبية لطلب صلاح الدين الأيوبي لإخراج الصليبيين من بيت المقدس علماً بإنهُ يوجد لنا أقارب هناك وهم من بطون رفيدة بن عامر القضاعية وحليفتها عنز بن وائل وسكنت فلسطين وتعرف الان بالعنوز ومن بني مراد ومنهم آل علي إحدى عشائر آل سلمان
وقد رأيت أن عسير يأتي اليها بأمر الله تعالى قائداً يعيد المجد اليها ويخرج منها جيشاً جلهمياً لتحرير الأراضي المغتصبة ولله في ذلك حكمة.
نسأل الله تعالى بأن يرينا هذا القائد الذي يفخر به أجيالنا وأن يمدنا بالعمر حتى نستطيع هزيمة الكافرين وهذا الأمر الذي نسأله كأبناء قيادة جهادية لإتحاف في الله لومه لائم.
بسم الله وعلى بركة الله تعليق لماورد في القصيدة!!
1 ـ الضمير يعود إلى عروس شعرة , وكنى بها عن عسير نابها = اصابها النفس = ضيق التنفس وهو علامة على شدة الكرب.
شردوها = الجؤوها إلى الهرب: جلس الجلساء ويقصد بهم الحماة:
2 ـ أفزع = خوف. تداعى = توافد واستقر: تمثل = ظهر. الحنس = الاطمئنان
3ـ هزها =أرعبها. المدله = المضطرب الذي لا يدري أين يسير تتجافاه = تبتعد عنه. الظبا = النساء. الخنس = انوفهم فيها خنس وهي صفه محببه ومستحسنه
4ـ هامت = تاهت من شدة الخوف على عرضها. لم يطفيء تحببه = لم يفده تلطفه لماحل بها من ثورة.
5ـ شمرت = كشفت. اللجين = الفضة مازجها = خالطها. الغلس = الظلام
6ـ صوتت = صرخت. عسير الهول = حماتها الأكناف = المعاقل. العبس = الفرسان الغضبى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/393)
8 ـ رفيدة يقصد بها رفيدة بن عامر. قحطان ومعظم قبائلها هم من أراشة بن عمرو بن نبت بن الغوث وتجاور بني بره وبأراشة هذا سمي وادي بيشة حيث تسكن قبائله أعلى هذا الوادي (المعروف الان بيشة ابن سالم) المشهور بغشام بن سالم شيخ قبائل رفيدة في عهد الأمير محمد بن أحمد بن محمد الذي قتل في عام 1215 هجري على يد قوات الأمير عبد العزيز بن محمد آل سعود.
ورفيدة الآن في شعف أراشة المعروف. وبنو وبره من عنز بن وائل وقد نسبوا خطأ إلى برة خالتهم أما أمهم فهي هند أخت وبرة بنت مر بن أد بن طابخة ومن قبائل عنز من انضم أيام بني زياد إليهم نجدة من قبل أمير عسير علي بن سعيد بن هشام عام 391 هجري مع بعض القبائل المجاورة واستقر في إقليم جند في اليمن وبقية عنز دخلت في شهران ولا يزالون يعرفون ب العنزة وانتسب بعضهم الآن إلى رفيدة وسكنوا بشف أراشة وهو بين القرعاء وتمنية ثم يليه شعف قضاعة الذي يعرف الآن بشعف (ليوان) وليوان بن النمر ودخلت ليوان في بني بشر بن سعد العشيرة ومن بقي من عنز فقد دخل في أعداد سرحان بن السبع بن حلوان القضاعي ويعرفون ب (آل فروان) ومن بقي بين عسير ورفيدة فقد تحالف مع شهران ويطلق عليهم بني بره ومنهم (عضاضة) ودخلت في علكم وآل الأزهر في بني سرحان كما دخل بعضهم في بني معاوية في بيشة وآل ميهوم وبني وهيبه وبني شيبان بالقرعاء وآل رمضان وآل أبي العلا وبني جابرة وبني ماجور وبني مالك بن شيبان وبني عثمان وآل ينفع وسواهم مثل بني الأزهر في دلغان وقد تفرقت القبائل الاخيرة بين القبائل المجاورة بعد خراب صقر آل يزيد لقريتهم الجشرة بدلغان وكان الأمير علي بن ابراهيم بن سليمان قد اتخذ الملحاء مركزاً له وعمر فيها السربة والجداير وجعلها قاعدة لحكمه عندما ثار على ابن عمه صقر بن حسان وتقع الملحاء بين عضاضة والقرعاء ولها عقبه تسمى (راعية) وكانت فيها قلعة تسمى (خزام) جعل فيها الأمير صقر حراسة العقبة فاستولى عليها علي بن ابراهيم وانصاره من عنز وبعد هزيمته وقتله عين الأمير صقر على هذه القلعة وما جاورها من قبائل قحطان وشهران أحمد بن يزيد بن أسعد بن منيف بن رافع من آل وهيبه أميراً عليها وتعرف الملحاء بشعف ابن اليزيدي وقد تناسلت فيه ذرية أحمد بن يزيد ويعرف أولاده الآن بآل ماشي وآل مجاهر وآل دويح.
22 ـ رمت = ضربت بنو لام = قبائل طي وكانت لهم السيطرة على نجد وكانت قد حاولت دخول عسير عن طريق بيشة فهزمت هي وأحلافها من قبائل نجد التي انضوت تحت سيطرتها سنا شمال شبراق وشبراق أحد أودية تثليث جنوب جبل عيس وغرب جبل الكلاب وفي جبل عيس جرت معركة عام 650 هجري بين عبيدة (عبده) بقيادة نهار بن يوسف الصقري وبين سبيع بن صعب وبني عقيل بن كعب الحارثي وانتصرت في هذه المعركة عبيدة ودخلت نجداً بعد أن دعمتها قوة من عسير وقد بسط والدي في متعته أحداث هذه المعركة.
23 ـ حاول شريف مكة بسط نفوذه على عسير فهزم وقتل عام 689 هجري الحومة بطن المعركة البلس أسم جبال بين بلاد غامد وزهران من جهة الشرق
24ـ رسوليون = حكام اليمن من بني رسول وقد حكموا من 626 هجري الى 858 هجري وقد شرح والدي في متعته حروبهم في عسير.
بنو زياد حكام زبيدة عام 205 الى 402 هجري وهم من بني أمية من ولد زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية.
شامت = نظرت وروت. الطرس = الكتب أي تحدثت الكتب باخبار هزائمهم في عسير.
31 ـ يقصد بالبطل الأمير غانم بن حسان اليزيدي الأموي وقد مرت ترجمة جده حسان في شرح قصيدة الأمير عبد الرحمن بن عائض بن مرعي
33 ـ معد ويعرب = أصل العرب
49 ـ يشير إلى القوات التي توجهت من عسير إلى بيت المقدس لدعم صلاح الدين الأيوبي لإخراج الصليبيين منها عام 583 هجري بناء على طلبه ويزيد عدد القوات العسيرية على اربعة عشر ألفاً وذلك في عهد الأمير سليمان بن موسى بن محمد بن عبد الله الأموي ومن ضمن هذه القبائل بطون من رفيدة بن عامر القضاعية والتي حالفتها عنز بن وائل ومنها أيضاً بعض بطون عنز بن وائل وسكنت فلسطين وتعرف هناك ب العنوز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/394)
كما انضم اليهم بطون من بني مراد منهم علي إحدى عشائر آل سلمان وقد انتقل آل علي من بلدتهم الدرعية بين حمضة والجعيفرة بتثليث وسكنوا خان يونس في فلسطين مع بطون عنز ورفيدة على حين من بقي من آل سلمان في مقرهم الأصلي قد دخلوا في آل معمر
ومن آل علي الجد الاعلى لآل سعود وهو مالك بن سنان بن مريد الذي عينه صلاح الدين الأيوبي بعد انتصار المسلمين على الصليبيين أميراً على مدينة أوضاخ.
فاصطحب معه رهطه آل علي وعدداً من عنز بن وائل ليتقوى بهم على زعب وبني رياح وخفاجة من بني عامر وغيرهم من قبائل نجد التي كثر شرها على الحجاج.
وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي وضعف الدولة من بعد استقل مالك بأوضاخ وما جاورها وعند ما أراد التوسع قاومه العيونيون في عهد الأمير محمد بن ابي الحسين ودعمت بنو لام العيونيين ولما شعر بالخطر يحدق به اضطر الى الانتقال مع رهطه ومن ثبت معه من بطون عنز بن وائل التي دخلت فيما بعد في عنزة بن أسد بن ربيعة ولم يتوان في شن الغارات على بطون بني لام كآل الظفير ووصل في تنقله الى القطيف وقوي امره وبدأ الضعف يدب في الدولة العيونية فتمكن من التغلب على القطيف عام 612 هجري وسكن الناحية الجنوبية الغربية من القطيف واختط له ولمن معه مدينه اطلق عليها اسم (الدرعية) محافظة على اسم بلدته التي خرج منها في فلسطين والقائمة قرب خان يونس والتي سميت كذلك نسبة الى بلدة الدرعية التي خرج منها أسلافه في وادي تثليث وانطلقوا الى الشام لنصرة صلاح الدين الايوبي وقوي ملك بني عصفور في الإحساء فوجد مالك في مصلحته الانضمام اليهم ضد العيونيين خصومه
توفي مالك بعد أن طعن في السن وخلفه على القطيف حفيده يوسف بن صلاح بن مالك الذي حركه بنو لام ضد العصفوريين فثار عليهم غير أنه هُزم فتوجه بفلوله الى حجر اليمامة وكانت قد سيطرت عليها بنو عائذ فانضم اليهم برجاله وبقيت أسرته ذات مكانه عند بني عائذ حتى دخل سدير ابن عامر نجداً بقوات أمير عسير عبد الرحمن بن عبد الوهاب عام 873 هجري فانضم اليه آل علي بقيادة زعيمهم علي بن ابراهيم بن طاهر بن عبد المحسن بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن يوسف بن صلاح بن مالك ابن سنان بن مريد المرادي واصبح من رجاله.
وعند ما سيطر بنو جبر على نجد انضم آل علي برئاسة مانع بن ربيعة بن موسى بن علي بن ابراهيم اليهم أيام سيف بن زامل الذي قضى على دولة بني جروان فولاه حجر اليمامة وبقي فيها حتى تولى الأمير اجود مكان اخيه سيف فنحى مانعاً عن حجر اليمامة وأعطاها لا بنه مقرن فجعلها قاعدة قصبة نجد وحمى رياضها لخيله وابله فسميت رياض مقرن ثم اختصرت فيما بعد على كلمة رياض بعد استيلاء بني لام على نجد وأزالوا سلطان بني جبر عن نجد قبيل منتصف القرن التاسع عام 935 هجري وتفرق آل علي في قرى نجد وبعد ذلك استوطن ابراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع في وادي حنيفة مع أخواله آل فاضل من عرينه بن نذير البجلي والذي من بقاياهم آل سويلم باختصار من كتاب الحلل.
4
http://www.t3as.com/vb/t31461.html
يزيد بن عبد الرحمن
لما أحس يزيد بعد توليه الحكم إثر وفاة أبيه أطماع عامر ونيته بعث له هذه القصيدة ليجس نبض عامر بشكل جيد ويستجلي الأمر.
إلى ابن زيادٍ من يبثُّ جريدةً * بها رادِعٌ للمُدركينَ وزاجرٌ
بها للذي يرجو السلامَ سلامةٌ * وفيها الأهل الشر تصلى ألبوا ترُ
وقولوا لهُ لا تصبحن كنملةٍ * إذا ما دنت من حتفها تتطايرُ
ولا تغترر بالحشد تثني زمامهُ * وأنت لهُ ركنٌ قويٌ وناصِرُ
لتمضي تقودُ الجيشَ نحو حظيرةٍ * وجزّارُها يقظانُ بالفتكِ ماهِرُ
فأين الحجى قد كنتْم من رُعاتِهِ * نماكَ إليه ابنُ عمروٍ وعامِرُ
فوارسُ مِنْ أهْلِ الوفا تصونُهُمْ * كرامَةُ نفسٍ أن تسودَ المحاذِرُ
فيالهم من معشرٍ بعد معشرٍ * وفاؤهم والجود فيهم مآثر
وكانوا لنا أهلاً وصحباً وجيرةً * يُقِرُّ لهم بالفضلِ بادٍ وحاضِرُ
وكم طامعٍ أغراهُمُ بمكيدةٍ * فخابَ وخابَ السعيُ والكيدُ خاسِرُ
فلا تخدعنَّكَ المغرياتُ فقد هوى * بأمثالهِا من قبلُ غُنْمٌ وجابِرُ
تمادى ولم يظفرْ بغير عقابِهِ * وقد فاجأتْهُ من لدُّنا البواتِرُ
فأودى ولم ينجدْهُ حتى الذي سعى * لإغرائِهِ بل قال: مغرورٌ عاثِرُ
أَلا فاعتبرْ كي لا تكونَ مثيلَهُ * وتلقى مصيراً تحتويه الحوافِرُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/395)
وما الحربُ إلاّ ما علمتَ رهيبةٌ * إذا التهبتْ بالحقدِ واشتدَّ ثائِرُ
ومن يُذكِها قد يحترقْ بأوارِها * وهيهاتَ تُنجيهِ لديها الحواذِرُ
فيا ابن زيادٍ تلكَ مني نصيحةٌ * وأنت لنا بالأمسِ وافٍ وناصِرُ
فلا تستجبْ للنفسِ إن بان طيشُها * وصنها فإنَّ الطهرَ للسوءِ قاهِرُ
ودعْ عنك أمراً قد جَهِلتَ مصيرَهُ * ولن تُدركَ الآمال َ إلاَّ البصائِرُ
وشمَّرُ بجيشٍ قد حباكَ قيادَهُ * إذا ما تصدَّى للوقيعة ثائِرُ
ولم تزلِ الآمالُ فيكَ وطيدةً * ونحن على دربِ الوفاءِ نُثابِرُ
وآسادُنا أَضحتْ توَثّبُ إنّها * تتوقُ لخوضِ الهولِ والصيْد عامرُ
وفي الطورِ أسدٌ تشرئبُّ ضراوَةً * وعدّتهُا أنيابها والأظافرُ
وكم واجبٍ يبدو مريراً وإنّما * يقودُ إلى حلمِ وتصفو السرائِرُ
فلا يفزعن أصداء ماشاع من نبأ * وسار به الركبان بادٍ وحاضر
فدونهم منا الصناديد ألمعٍ * وكعب وأسد مذحج ويحابر
ولما وصلت هذه القصيدة إلى الأمير عامر مازادته إلا تعنتاً فرد عليها بقصيدةٍ يتحدى فيها يزيد ومن معه من أهل عسير ويقول فيها:
ألا أيها اللاحي فجدُّكَ عاثرُ * رماك قريعُ الدّهر والرأسُ حاسِرُ
وأنشب من باينت ناباً ومخلَباً * ينالُ السها فيها وتندى المفاخرُ
فأصبحت من بعد التبسم عابساً * ويسقيكَ صرفُ الدهرِ صيدٌ عباقرُ
وشتت من أملت يوماً سلاحهُ * بكل اتجاهٍ لم يُعدْ من تُؤازِرُ
فخفف سُعارَ اللومِ واللومُ لم يُخف * وإن شئتَ قرماً وهو بالعزمِ عامِرُ
أتجترُّ هذْراً لا هديرَ مُباركٍ * يجاريه إن أقعى وأضناهُ دابرُ
كفاكَ نذيرُ الدهر فاسمع نداءهُ * وكلُ الذي أملتهُ عنكَ بُِها يقظانُ بالفتكِ ماهِرُ
فأين الحجى قد كنتْم من رُعاتِهِ * نماكَ إليه ابنُ عمروٍ وعامِرُ
فوارسُ مِنْ أهْلِ الوفا تصونُهُمْ * كرامَةُ نفسٍ أن تسودَ المحاذِرُ
فيالهم من معشرٍ بعد معشرٍ * وفاؤهم والجود فيهم مآثر
وكانوا لنا أهلاً وصحباً وجيرةً * يُقِرُّ لهم بالفضلِ بادٍ وحاضِرُ
وكم طامعٍ أغراهُمُ بمكيدةٍ * فخابَ وخابَ السعيُ والكيدُ خاسِرُ
فلا تخدعنَّكَ المغرياتُ فقد هوى * بأمثالهِا من قبلُ غُنْمٌ وجابِرُ
تمادى ولم يظفرْ بغير عقابِهِ * وقد فاجأتْهُ من لدُّنا البواتِرُ
فأودى ولم ينجدْهُ حتى الذي سعى * لإغرائِهِ بل قال: مغرورٌ عاثِرُ
أَلا فاعتبرْ كي لا تكونَ مثيلَهُ * وتلقى مصيراً تحتويه الحوافِرُ
وما الحربُ إلاّ ما علمتَ رهيبةٌ * إذا التهبتْ بالحقدِ واشتدَّ ثائِرُ
ومن يُذكِها قد يحترقْ بأوارِها * وهيهاتَ تُنجيهِ لديها الحواذِرُ
فيا ابن زيادٍ تلكَ مني نصيحةٌ * وأنت لنا بالأمسِ وافٍ وناصِرُ
فلا تستجبْ للنفسِ إن بان طيشُها * وصنها فإنَّ الطهرَ للسوءِ قاهِرُ
ودعْ عنك أمراً قد جَهِلتَ مصيرَهُ * ولن تُدركَ الآمال َ إلاَّ البصائِرُ
وشمَّرُ بجيشٍ قد حباكَ من تغلبٍ جاءَتكَ منهم عِصابَةٌ * لها في قراعِ صولةٌ وتَكابُرُ
قبائلُ من حلوانَ من هبّ خصمُها * تقارِعُهُ حتى كستهُ المعايرُ
وتلك عقيلٌ تلك جرمٌ تهيأت * بها كم أباري في الوغى وأفاخِرُ
تصدُّوا وزادوا بالعقيقِ مُكابِراً * أتاها بجندٍ أثقلتها البواتِرُ
فعادَ يجُرُّ الخزيَ من هولِ ضربةٍ * وكلله تاجٌ من العارِ صاغِرُ
وأصبح من بعد التطاول مخلفاً * كخلفِ هُتيمٍ جانبتها المفاخرُ
أرادت قديماً أن تُطاوِلَ مرتقى * على مثلِها هيهات ترقى الشناظرُ
ومال بها التسويف من آل قرمُطٍ * وأقعدها حتى احتوتها الحظائرُ
فدونكها ما عشتَ صعقة مُنذرٍ * فلا تغترر إني لقهرِكِ قادِرُ
وإن كان يوماً قد تفادى عمارها * بنو عبدِ مدان وداروا وحاذروا
فلا تحسب البيضاء شحمة مشتهٍ * ولا لين صل فهو بالسم قاهرُ
تحركَ من أرض اليمامة مُنجدٌ * بوادي الفقي في راحتيه البواترُ
يجيبُ نداهُ آل حماد عنوة * وينصرُهُ في التشابُكِ ناصِرُ
ومن عائذٍ تلقى ((يزيداً)) و ((مزيداً)) * قبيلةُ ((عطيان)) تنادت تناصِرُ
وفي ((خالد) 9 قد يستقبلُ الوغى * سدير يضم السيفَ والسيفُ باتِرُ
و ((باهلة)) ثارت و (لام) توثبت * يذبلُ لديها في الصراع الأكابرُولما وصلت قصيدة عامر إلى يزيد علم أنها الحرب حشد جنده وأرسل إلى عامر ابنته ((الميساء)) في حراسةٍ إشارة إلى قطع العلاقات بينهما وكان له منها ولدان هما خالد وعمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/396)
توجه الأمير يزيد بمن معه لمقابلة عامر والتقيا في وادي ((ثفن)) وكانت الميساء تندد بفعل أبيها وتحذره من مباينة أميره وأقنعته بأن القبائل التي معه تميل إلى الأمير يزيد وسوف تتركه في الميدان وحده وتأثر عامر من كلام ابنته ولمس في صفوف قواته صدق قولها إذ كانت من عاقلات النساء ومن أهل الشجاعة بين العرب وبدأ عامر يفكر في المخرج فطلبت منه أن يترك لها تدبير حسن المخرج فأعطاها ذلك ,
فلما تراءت الفئتان برزت ممتطية جواد أبيها ويسمى ((عمواس)) واختارت أربعةً من إخوتها وقد لبسوا لامة حربهم وتقدمت بين الصفوف وطلبت مبارزة الأمير يزيد الذي لم ير بداً من الموافقة ظاناً أن الفارس أحد أبناء عامر وعندما جالت فرساهما والناس لا يشكون أنهم في معركة غير أنهم قد شاهدوا أن الفارسين قد ترجلا وانطلقا نحو عامر الذي استقبل الأمير يزيداً معانقاً له وصفا الجو بينهما.
وكان في قوات الأمير يزيد شقيقه الأمير حرب بن عبد الرحمن وحوله فتيان آل يزيد فلما رأى حرب المنظر قال ((لقد كفتكم الميساء الحرب)) فأصبحت هذه العبارة معروفة في عسير والوادي.
كانت قوات بني رسول قد منيت بهزيمة فتأثر الاشرف الثاني وهو يعد نفسه ملك اليمن والحجاز فجهز قوة ضخمة ضمت الشجعان المعدودين عنده وجعل القيادة لا بنه أحمد الذي توغل في صعدة ونجران وظهران الجنوب واستولى عليها وتمركز في (الحرجة) ووصلت الأخبار الى الأمير يزيد فتوجه وعامر بن زياد ووضع والياً على وادي الدواسر حنش الحنتوشي وجرت معارك في الحرجة بين الطرفين وتراجع بنو رسول إلى (الحمرة) ولحقتهم قوات عسير وعادت المعارك التي انتهت بمقتل الأمير يزيد وعامر وتراجعت قواتهم الى الحرجة حيث تمركزت هناك بقيادة ماعز الطيار وعاطف بن الهرمس اللذين طلبا نجدة من (السقا) فجاءهم الأمير حرب بن عبد الرحمن على رأس قوة وكان قد بويع عندما وصل اليهم نبأ مقتل أخيه يزيد وتجمعت قوات عسير غير أن جيش بني رسول قد أنسحب من الميدان لأن قائده أصيب بجرحٍ بليغ واستعاد حرب بن عبد الرحمن منطقة صعدة ونجران وظهران الجنوب.
بعد أن وجد عطية اليعقوبي هزيمة بني رسول وهزيمته أيضاً على يد العسيريين وجد من الافضل له الانضمام الى عسير والعودة الى صفوف الأمير الحكم وأعلن عن موقفه الجديد واتجه بقواته نحو الجنوب في تهامة حيث داهم قوات بني رسول في العرش (أبو عريسن) وتغلب عليها ودخل جيزان واتجه الى حرض إلا أنه قوبل بقوةٍ تمكنت من قتله وهزيمة قواته اختصاراً من تاريخ الحرجي والناشري ,
كان لعامر من الأولاد: تليد وله ذرية في جبال الحشر في بلدة القهبة وسويد وله ذرية في آل سواد برفيده وصهيب وذريته في الوادي. زمنيع ورجب وخميس ومقرن وبدر وهيف في حوطة شريف.
وحسن وموسى وتركي وبريك وسليمان وودعان وسدير وذريته في الغاط وحوطة سدير (وذكر والدي أنه التقى في عهد فيصل بن تركي وكان مرسلاً من الأمير محمد بن عائض التقى بمحمد بن أحمد السديري بالرياض عام 1281 وجرى الحديث في نسبهم فذكر أن جدهم الأعلى هو سدير.
والنسب كالآتي: أحمد بن محمد بن سليمان بن فوزان بن تركي بن عبد المحسن ابن علي بن خالد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن سليمان بن زيد بن محسن بن سدير بن شاكر بن هجال بن مشجع بن حمدان بن بدر بن خميس بن عامر بن بدران ابن سالم بن زيد بن سالم بن زياد بن سالم بن سدير ابن الأمير عامر بن زياد بن عراد بن جابر وزياد بن عامر هو صاحب الترجمة ـ مختصراً من المتعة.
5
http://www.t3as.com/vb/t31462.html
عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن غانم آل يزيد الأموي.
في نهاية عام 785 ه دخلت قبائل من نجد بقيادة ربيعة بن الفضل أمير قبائل بني لام أطراف عسير واحتلت بلدة بيشة , وتوغلت في بلاد شهران وكان أمير عسير يومذاك عبد الرحمن بن عبد الوهاب وقد ذكر نسبه في ترجمة حفيد عائض بن مرعي فتصدى لهذه القوات وتمكن من دحرها وكان ربيعة بن الفضل قد تمركز في بيشة وجعلها قاعدة له ومركزاً لانطلاق جنده ومنها بعث قوات من أحلافه للتوغل في بلاد شهران وكانت بيشة من ضمن أملاك عبد الرحمن بن عبد الوهاب وواليها من قبله محمد بن ناصر بن مبارك من آل فليته من الاشراف وقد قتل أثناء مقاومته للقبائل النجدية وكانت لفيفاً من قبائل عنزة ومطير وتميم وعقيل وغيرها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/397)
وكانت سيادة بني لام نجد كلها.
ثم أستطاع عبد الرحمن بن عبد الوهاب من استرجاع بيشة واستقر في بلدة الحيفة التي كانت حاضرة قبائل بيشة حينذاك ولمت القبائل النجدية شملها ووحدت صفوفها لمعاودة الهجوم على بيشة ومحاربة عبد الرحمن بن عبد الوهاب فأسرع اليهم وهم بأطراف ضلفع في مكان يسمى الأجزاع وكانت معركة فاصلة تمكن عبد الرحمن من إحراز النصر ودحر خصومه فتجمعت فلولهم في بطن (الرشا) و (الوسيل) بقيادة مناحي بن سالم الهيض المغيري ليعيدوا الهجوم ويأخذوا بالثأر مما لحق بهم فسار إليهم عبد الرحمن بن عبد الوهاب بمن معه فشتت جمعهم وفرز قوة من جيشه من آل خالد وآل جبر وآل سرحان وآل داود وبني زيد ومن أكلب وخثعم لقارب الثلاثة آلاف بقيادة سعد بن نمران الرمثي ورمث لقب ل (عوف) بن حسر بن سعد بن مالك بن النخع وسمي بنو عوف الرمثيين ومشيختهم في آل شكبان.
ولم يعد من هذه القبائل إلى موطنها في بيشة إلا القليل وأما الباقي فقد استوطن نجداً.
فقال عبد الرحمن قصيدةً مفتخراً بقوته وشجاعة القبائل التي كانت بجانبه ومندداً بفعل تلك القبائل المعتدية.
أرى ماذا أرى؟ أني نظرتُ * غبارٌ مائجٌ يَحْدُوهُ صَوْتُ
تحدَّرَ هلْ رأيتَ السَّيْلَ يمضي * كأَنَّ الصخرَ من جبلٍ؟ يُفَتُّ
وغطى الأفْقَ إقْتَارٌ كثيفٌ * وفيه روعةٌ تَدْوي وبَغْتُ
كأنَّ الليلَ أظلَمَ لا نجومٌ * وفي ظلماتِهِ يَشْتَدُّ مَقْتُ
وحدَّقَتِ العيونُ فبانَ حَشدٌ * وأوضَحَ بَرْقُهُ ما قد شَهِدْتُ
فيا للهولِ جيشٌ لا يُجارى * فدعْ لومي فإنّي قد بُهِتُّ
تراءى كالسَّرابِ لكلَّ ظامٍ * لَهُ في القلبِ هَمْهَمَةٌ وخَفْتُ
وَأقبل كلُّ مافي الأفق أضحى * يدُلُّ على الضراوةِ أو يَمُتُّ
دَنَا من أرضنا يُبْدي اندفاعاً * كأنَّ الغيثَ شُؤْبُوبٌ يَصُتُّ
وزمجرَ رعدُهُ فازدادَ خوفٌ * طواه في حنايا النفس كَبْتُّ
أصخْ تسمعْ هديراً في هديرٍ * كأنَّ صداهُ في طورٍ يَعُتُّ
وصيحاتُ الرجال ِ بكلّ حدبٍ * وقعقعةٍ يصَدّرُها المِرنتُ
سنابكُ جلجلت وعلا صهيلٌ * وأضراسٌ تضرُّ وزادَ كتُّ
أتى من شرقِ مربضنا مغيراً * وفي وثباتهِ حنقٌ وحَرْتُ
بكلكلهِ ترامى في اندفاعٍ * كما تشتدُّ في الإقبالِ نعتُ
ويهدمَ كلّ رُكْنٍ من حِمانا * وما لفعالِهِ في القولِ نَعْتُ
التقيناهُ بجمعٍ مثل سيلٍ * وطوَّقْناهُ حتى انهارَ مَحْتُ
وفي قبضاتنا بيضٌ تبارت * بقطف الهام حتى حُمَّ شختُ
أعارضٌ ممطرٌ شوباً وصتماً * أم الفرسانُ: مقدامٌ وصلتُ
وقد عرُمَ الصراعُ كأنّ حشداً * تشابكَ صيدُهُ واشتدّ هرْتُ
صليناهُمْ مُثقفَةً طِوالاً * ورُدِيناتٍ في صَخبٍ تصُتُّ
بنو خلفٍ تنادوا واستعانوا * بخالقِهِمْ وخصمهم يشتُ
ومثل الشهبِ ينقضون عزماً * وقد شدُّوا بما عزمُواوعتوا
وسنحانٌ حميتُهُم دليلٌ * على أقدامِهمْ إن طابَ نَعتُ
وصيحاتٌ لنا أخذَتْ تُدوَّي * وآلُ شنوءةٍ هبُّوا وبتُّوا
وقحطانٌ وَيَامٌ قد تَنادَوْا * لحِلفٍ فيه قُوَّةُ ما رجوتُ
تَحَزّبَ من بني حِجْرٍ رِجالٌ * وفي قبضاتِهِمْ سيفٌ وحَرْتُ
وزهرانٌ وغامِدٌ قد رجونا * بِهِمْ كَشْفَ الكُروب كما عَهِدْتُ
وفي سُمْرِ اللدان حمت دِياراً * بها في الخَصمِ تبكِيتٌ وهتُّ
ندافعُ فيهم خصماً تحدى * فعادَ بخزيِه وعَرَاهُ سبتُ
فخاطب من يُعادينا تعقل * إذا جيشٌ تحدانا نشتُ
وقل لبني عقيل قُل للامٍ * أتحسبُوا كل بارقةٍ تلتُّ
وأنذر وائلاً ومن اصطفاها * سنصليهم مُغلغلةً تأتُّ
وفرسانٌ على الصهواتِ تزهو * بأسيافٍ لها فريٌ وشتُّ
ومن نجدٍ مغيرٌ قد تَمَدَّى * فأجْلوهُ ولفتهُ السبرتُ
وفي أعراضِ بِيشةَ عيريهُ * رِماحٌ لم تفد واشتد كبتُ
وكانت قبلها تهتزُّ عُجباً * وتزهُو بالفخَارِ بمن فريتُ
فآب بمصرعٍ وثوى بعيداً * فلا أهلٌ هناكَ فما عَرَيتُّ
جيادُهُم تمارت في سُرُوجٍ * وما لبت مطالِبَ من يَرُتُّ
ومِن صَهَواتِها مالت كُماةٌ * تَضُمُّ التراب أو فيهِ تلتُ
إذا ما استنجدتْ لاقت رُغاماً * فما أجدى وللحسراتِ صوتُ
وبيضُ الهندِ في أنفٍ جفتهم * وحالَفتِ الكرامَ وَمَن حَبوْتُ
إذا ما ذلَّ قومي كما رَفَأتُ * لهم صِدْعاً وإن عزُّوا عَزَزْتُ
أطاحتْ زيدُنا هامَ المغيري * ونهدٌ كم لها في الحَربِ صَمتُّ
وفي يوم الوسيل سقتهُ صاباً * رماحٌ من مقابضنا تَبُتُ
وفي بطنِ الرشا قد مَزَّقتهُ * جموعٌ في قيادتِها نَهَدْتُ
أما يكفي كنانةَ ما أصيبُوا * بأرضِ حُباشةٍ واشتدَّ سأتُ
فكنتُ لهم بِمرصادٍ بقومِي * أقارعُهُمْ وجمعُهُم سحَقتُ
فإن يطمع حَرامي بأمرٍ * لهُ في مَكّةٍ عونٌ يمُتُّ
فلن تلقى بقومي أي ذُلَّ * إذا هبوا بنخوتهم نهدتُ
وفي الشعراء كم خلفتُ صَرعَى * لباهِلةٍ وناب القوم مقتُ
وخفَّ الشارِدُون لكل أرضٍ * وكل خريمةٍ واشتدَّ كتُ
ونادى الأهلُ قد كُنتم حُمَاةُ * لنجدٍ والسُّيوفُ لهن بتُ
فما لكم خنعتم واستطبتم * فراراً كلهُ جُبنٌ وشتُّ
عسيرُ هذهِ خطمُ العوادي * إذا ما البذلُ قد هاجت هَلَبتُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/398)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 09 - 09, 02:20 م]ـ
بيض الله وجهك أخي .... أيها الصقر
على الرد العلمي المؤصل ..
وكل عام وأنتم بخير جميعاً ... وخاصة من شارك في هذا الموضوع وأثراه بالمادة العلمية ..
تقبل الله منا ومنكم ....
وإياك أخي الفاضل أبو أسامة الأزدي
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وتقبل تحيات أخيك صقر بن حسن الغامدي
هذه أخي الفاضل مجرد توضيحات للبس الذي قد يحصل بسبب التهم الموجهة لجميع ما في الكتاب " القسم الأول " من تزوير وتكذيب، منظوماً كان أو منثوراً!!!
وإليك شيئا مما يزيد الأمر وضوحاً:
يقول أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في ملاحقه التي طبعت آخر كتاب " إمتاع السامر " في صفحة 533: " ورغم هذا الذي قاله الشيخ حمد الجاسر عن الكتاب فقد جعله من مراجعه في الطبعة الثانية من كتابه أنساب الأسر المتحضرة، ولم يعلل إلا بتقليده بعض الوجهاء ".
يعني حتى الشيخ حمد الجاسر جعل إمتاع السامر - المزور المكذوب - من مراجعه في كتابه " جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد "!!!
تناقضات ... يحكمون على جميع ما في الكتاب بأنه مكذوب ثم يستشهدون به في مؤلفاتهم؟؟!!
تنبيه: من يجعل خزانته وثقافته " قص ولصق " فليبحث عن مجال آخر يحسنه غير القص واللصق، فإنما هذه حيلة العاجز المُفلس ....
قال ايش: قال كل قصائد الكتاب مزورة مكذوبة ...
ليته يرد على قصيدة واحدة فقط من القصائد التي ذكرتُها سابقا ....
ولكن هيهات هيهات
ولو كان ذا جَهلٍ بَسيطٍ عَذرتُهُ ... ولكنهُ مُدْلٍ بجَهلٍ مُركَّبِ
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[20 - 09 - 09, 07:48 م]ـ
تنبيه: من يجعل خزانته وثقافته " قص ولصق " فليبحث عن مجال آخر يحسنه غير القص واللصق، فإنما هذه حيلة العاجز المُفلس ....
قال ايش: قال كل قصائد الكتاب مزورة مكذوبة ...
ليته يرد على قصيدة واحدة فقط من القصائد التي ذكرتُها سابقا ....
ولكن هيهات هيهات
ولو كان ذا جَهلٍ بَسيطٍ عَذرتُهُ ... ولكنهُ مُدْلٍ بجَهلٍ مُركَّبِ
لا تقلق فالرد قيد الإعداد!
ولكن، يا أيها العفّ اللسان!
الكلام التالي أهو قص ولزق؟!
وقد وجَّهته إليك بتاريخ 31/ 3/2008 ولم تُحر جواباً إلى اليوم!
إلا إن كان بصرك قد ندَّ عنه، فحاول الإجابة، ولك بعد ذلك أن تقول لي: هيهات هيهات، وأن تتهمني بالعجز والإفلاس والقص واللزق والجهل المركَّب!
الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13467
ولكنني أستحسن أن أهدي إليك وإلى القراء هذه التحفة الطريفة من أساطير (إمتاع السامر)، راجياً أن تتأمل فيها إن كنت تأنف لنفسك أن تنخدع بهذا الكتاب المزوَّر!!
ترجم مزوِّر الكتاب لسعيد بن عائض رحمه الله، فذكر أنه عاد من الأسر قبل سنة 1297 (الموافقة لسنة 1879)، وقال قصيدته النونية الطويلة بعد عودته، ومات بمكة سنة 1317 (الموافقة لسنة 1899). فتأمل هداك الله قوله في تلك القصيدة:
هُبُّوا انظرو كيف ألقى (الغرب) أخيته (؟) * شَرْكاً يشيد به في الأرض صهيونا
أتركُ الكلام على الركاكة والأخطاء اللغوية والضرورات الشعرية في هذا البيت (علماً بأنها سِمَة جميع الكتاب نثرِه وشعره، وأن فيها دلالة ظاهرة على أن الناظم والمصنِّف واحد!!)، وأتركُ لوائح الانتحال الأخرى التي تلوح على القصيدة وسائر قصائد الكتاب!! كما أتجاوزُ استخدام الناظم لكلمة (الغرب) بمعنى النصارى (وهو استخدام صحفي معاصر مترجم عن الإفرنج، كما قال روديارد كبلينغ (الشرق شرق والغرب غرب)، ولا يُتصوَّر أن يقول هذه الكلمة بهذا المعنى رجلٌ من جزيرة العرب في القرن الثالث عشر الهجري). والشاهد على أي حال هو تحذيره لقومه من شروع (الغرب) بتشييد الدولة الصهيونية على الأرض! وقوله (هُبُّوا) معناه أن المشروع الصهيوني خرج من الفكرة إلى التطبيق ويحتاج إلى هبَّة لمقاومته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/399)
السؤال هو: هل خرج المشروع الصهيوني من الفكرة إلى التطبيق، وبلغ مبلغاً من الخطورة، وصارت كلمة (صهيون) شعاراً عليه بحيث يدرك أهل عسير وغيرهم معناه لأول وهلة، واستطار خبر ذلك في عسير قبل وفاة سعيد بن عائض في سنة 1899؟! يعلم شُداة التاريخ أن المؤتمر الصهيوني الأول عُقد في بازل سنة 1897، وكانت قراراته سريَّة بطبيعة الحال، وكتب هرتزل رسالته إلى السلطان عبدالحميد في 17 يونية سنة 1901، وكان الكتاب سرِّياً بطبيعة الحال. ولم يأبه الناس لهذا المشروع آنذاك، لأن الدولة العثمانية كانت لا تزال على حال من القوة والسيطرة على الأمور، ولأن بريطانيا كانت حليفاً لها رسمياً ضد الروس.
ويدل على ذلك أننا لا نجد في قرارات قرارات المؤتمر العربي الأول (باريس 18 - 23/ 1913) أي إشارة إلى القضية الفلسطينية، وإليك تلك القرارات (راجع كتاب المشاريع الوحدوية العربية د. يوسف خوري مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت):
1. إن الإصلاحات الحقيقية واجبة وضرورية للدولة العثمانية فيجب أن تنفذ بوجه السرعة.
2. من المهم أن يكون مضموناً للعرب التمتع بحقوقهم السياسية، وذلك بأن يشاركوا في الإدارة المركزية للدولة اشتراكاً فعلياً.
3. يجب أن تنشأ في كل ولاية عربية إدارة لا مركزية تنظر في حاجتها وعاداتها.
4. كانت ولاية بيروت قدمت مطالبها بلائحة خاصة صودق عليها في 31 كانون الثاني/ يناير 1913 بإجماع الآراء وهي قائمة على مبدأين هما: توسيع سلطة المجالس العمومية، وتعيين مستشارين أجانب. فالمؤتمر يطلب تنفيذ وتطبيق هذين المبدأين.
5. اللغة العربية يجب أن تكون معتبرة في مجلس النواب العثماني، ويجب أن يقرر هذا المجلس كون اللغة العربية لغة رسمية في الولايات العربية.
6. تكون الخدمة العسكرية محلية في الولايات العربية إلا في الظروف والأحيان التي تدعو للاستثناء الأقصى.
7. يتمنى المؤتمر من الحكومة السنية العثمانية أن تكفل لمتصرفية لبنان وسائل تحسين ماليتها.
8. يصادق المؤتمر ويظهر ميله لمطالب الأرمن العثمانيين القائمة على اللامركزية.
9. سيجري تبليغ هذه القرارات للحكومة العثمانية السنية. وتبلغ هذه القرارات أيضا للحكومات المتحابة مع الدولة العثمانية.
10. يشكر المؤتمر الحكومة الفرنساوية شكرا جزيلا لترحابها الكريم بضيوفها.
وقد اتخذ المؤتمر ثلاثة قرارات إضافية اعتبرها ملحقة بقراراته وهي:
1. إذا لم تنفذ القرارات التي صادق عليها هذا المؤتمر فالأعضاء المنتمون إلى لجان الإصلاح العربية يمتنعون عن قبول أي منصب كان في الحكومة العثمانية إلا بموافقة خاصة من الجمعيات المنتمين إليها.
2. ستكون هذه القرارات برنامجا سياسيا للعرب العثمانيين ولا يمكن مساعدة أي مرشح في الانتخابات التشريعية إلا إذا تعهد من قبل بتأييد هذا البرنامج وطلب تنفيذه.
3. المؤتمر يشكر مهاجري العرب على وطنيتهم في مؤازرتهم له ويرسل لهم تحياته بواسطة مندوبيهم.
فلما وقعت الحرب العالمية سنة 1914، وانضمت تركيا إلى ألمانيا، استطاع اليهود إقناع الحلفاء بالفكرة الصهيونية، وبقي ذلك سرًّا أيضاً، بدليل أن الشريف حسين كان يتفاوض مع الإنجليز لإقامة دولة عربية تشمل فلسطين، ولم يشعر بالمؤامرة السرِّية التي تُحاك من وراء ظهره إلا عندما صدر وعد بلفور سنة 1917. ولم تنكشف حقيقة المؤامرة الصليبية-الصهيونية وخطورتها لعامَّة الناس إلا بعد صدور قرار الانتداب سنة 1920، ووصول المؤامرة إلى مرحلة التنفيذ بفتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
فمن المستحيل تاريخياً أن يطَّلع إنسان مات سنة 1899، سواء في عسير أو في غيرها، على خبر المؤامرة الصهيونية، فضلاً عن أن يدرك أبعادها وتحالف (الغرب) معها، فضلاً عن أن يحذِّر قومه من شروع (الغرب) في تنفيذها على الأرض، لا تقليلاً من شأن عسير وأهلها كما قد يدندن بذلك المتعصِّبون للكتاب، بل لأن الرجل مات قبل أن تقع هذه الأحداث كلها.
وأزيد الآن: ثار الشريف حسين مع الإنجليز على الدولة العثمانية سنة 1336، بعد موت سعيد بنحو عشرين عاماً، وجاءت جيوش الإنجليز لتنفيذ الوعد الصهيوني في فلسطين، ولم يعلم بحقيقة أهدافهم حتى الخليفة العثماني، وبلاغات العثمانيين ومنشوراتهم موجودة في كتب التاريخ!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/400)
قال سعيد بن عايض سنة 1899 قال! وليس هذا تهويناً لقدره رحمه الله، ولكن المزوِّرين كذبوا عليه!
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[28 - 09 - 09, 05:59 م]ـ
هناك علماء ومحققون اعتمدوا على كتاب " إمتاع السامر " وجعلوه ضمن مراجعهم في التحقيق نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
1 - الدكتور المؤرخ عبدالله بن محمد أبو داهش أستاذ الأدب المشارك في كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعة بجامعة الإمام محمد بن سعود سابقا بأبها
فقد أحال عليه في عدة مواضع في تحقيقة " لخطبة العلامة الشيخ أحمد بن عبدالخالق الحفظي " أمام السلطان العثماني عبدالعزيز بن محمود
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70821&stc=1&d=1254144927
2 - الباحث الدكتور علي بن حسين الصميلي بكلية المعلمين بجازان، فقد أحال عليه في عدة مواضع من رسالته " العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير ".
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70822&stc=1&d=1254144927
3 - الدكتور الجميعي أستاذ التاريخ بالجنوب أبها في رسالته المختصرة " ارتباط عسير بالدعوة الاصلاحية منذ الدولة السعودية الاولى من 1215 - 1289هـ "
فقد أحال عليه في حواشي رسالته.
4 - حمد الجاسر في كتابه: " أنساب الأسر المتحضرة في نجد " الطبعة الثانية، رغم تشكيكه في نسبته لمؤلفه وإتهامه له.
قال تلميذه الظاهري: " ورغم هذا الذي قاله الشيخ حمد الجاسر عن الكتاب فقد جعله من مراجعه في الطبعة الثانية من كتابه أنساب الأسر المتحضرة، ولم يعلل إلا بتقليده بعض الوجهاء ".
5 - الشيخ الفقيه محمد بن عبدالرحمن آل إسماعيل حيث قال في كتابه " انجاز الوعد بذكر الاضافات والاستدراكات على من كتب عن علماء نجد " ما يلي:
6 في ترجمة الشيخ احمد بن علي بن مشرف فقد ذكر صاحب (إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر) شعيب بن عبد الحميد بن سالم الدوسري المطبوع عام 1365ه بمطبعة الحلبي القاهرة انه ولد عام 1202ه لأن ولادته لم يذكرها الا صاحب الإمتاع، فهذه فائدة مهمة لمن كتب او سيكتب عن ابن مشرف.
هذا موقع المقال:
http://www.alismaeil.com/wp/?p=9
وهذا تعريف بالشيخ من موقعه الآنف:
http://www.alismaeil.com/wp/?page_id=2
موقع أسرة آل حامد فقد أشاروا إلى رجوعهم له:
http://www.midad.me/arts/view/sub/1487
هذا للفائدة.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[28 - 09 - 09, 06:56 م]ـ
للفائدة
هذا كتاب " الدر الثمين " للعلامة الشيخ الحسن بن أحمد عاكش الضمدي وهو من كبار تلامذة القاضي العلامة الشوكاني
وقد حققه الشيخ عبدالله بن علي بن حميِّد رحمه الله بإشارة وتشجيع من الشيخ حمد الجاسر والأديب عبدالله بن محمد بن خميس.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=70825&stc=1&d=1254149688
وهو موجود بالمرفقات، وضعته ليستفيد منه طلبة العلم.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 02:13 ص]ـ
تعليقاً على الدر الثمين أقول:
الأستاذ محمد الحميّد رئيس النادي الأدبي بأبها، وأحد المعلِّقين على إمتاع السامر الكاشفين لتزويره، ينكر أن يكون أبوه هو محقّق الدر الثمين، وأن يكون الكتاب قد ظهر سنة 1398، ويؤكد أنه ما ظهر إلا بعد وفاة أبيه!
فلا عجب أن يكرهه المتعصبون لإمتاع السامر ويتعجّبون من الاختلاف بينه وبين أبيه! (انظر مثلاً المشاركة #49 أعلاه)!
وقد قالوا في مواطن أخرى بأنه أجير للدولة السعودية!
فما أكثر ظلمات هذا الكتاب العجيب!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 02:44 ص]ـ
الكتب المزعوم أنها تشهد لصحة الكتاب وصحة مضمونه!
أقول لكم نكتة!
الأخ يقول أعلاه (وأما نسب آل عائض فهو ثابت)، وهذه هي أم مسائل الكتاب، ويدور كله عليها!
أقول: ثابت عند من؟
لقد صوَّر نسب آل عائض الأموي المزعوم من كتاب محمود شاكر الرجل الشامي الذي لا يزال حيًّا يرزق في الرياض، ولعله أول من يعترف بأنه ليس حجَّة في أنساب قبائل الجزيرة المعاصرة!
يا لله! ضعف الطالب والمطلوب!
بنو أمية الذين أقاموا (المملكة العسيرية)! من عام 132 إلى عام 1341! لا يوجد نسبهم إلا في كتاب محمود شاكر وأمثاله!
أين العلماء والنسابون والرحَّالة طيلة 12 قرناً؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/401)
لقد كان علماء اليمن مثلاً يمرّون بهذه (المملكة العسيرية الأموية المزعومة) بالعشرات والمئات، كل سنة ذاهبين إلى الحجاز وعائدين، فلماذا لم يقل أحد منهم (مررت بديار الدولة الأموية)؟ مع العلم بأن أكثرهم لهم موقف من بني أمية لأنهم شيعة زيدية، ولا بدَّ أن يقع لهم في ديار أعدائهم ما يوجب الإشارة إلى أصلهم الأموى؟!
وهل يوجد في الأدبيات اليمنية أي إشارة إلى دولة أموية على حدودهم الشمالية؟
وهل تخفى هذه الدولة الأموية على أهل الحجاز ومصر والشام والعراق والمغرب والأندلس طيلة تلك القرون؟!
وهل ... وهل ... ؟
هذه الأسئلة الدامغة لا يبالي بها الأخ المستميت للكتاب، وأمثاله من المتعصبين للكتاب وللأسرة العائضية الكريمة! بل يطير فرحاً لأن اليد التي تشتغل في الخفاء بتزوير إمتاع السامر وأولاده وأحفاده، تدسّ أوراقاً إلى محمود شاكر وأمثاله من الغافلين فيغترّون بها وينقلون مضمونها بحسن نية!
فلو بعث الشاعر العباسي لقال عن نسب هذه أسانيده (أموي من قوارير!)
كما يعجبني من هذا المستميت لتمرير الكتاب: أنه يتمسَّح بحمد الجاسر وعبدالله بن خميس، ويضع خطوطاً تحت أسمائهم، ويشير إلى أن الكتاب الفلاني كانت توزّعه وزارة المعارف ... إلخ
يقول أديب عسيري لحمد الجاسر: سأكتب كذا وكذا، فيشجِّعه على سبيل المجاملة الأبوية، فيكتب ذلك في صدر الكتاب، ثم يؤول الأمر - عند المتعصّبين لإمتاع السامر - إلى أن يصير حمد الجاسر شريكاً في الأكاذيب التي تظهر في كتاب ذلك الأديب ومسؤولاً عنها! ويقولون: يشهد لصحة إمتاع السامر أن حمد الجاسر شجَّع مؤلف الكتاب الفلاني الذي يوجد فيه ما يشهد لصحة إمتاع السامر!
ضعف الطالب والمطلوب!
يا إخوان: حتى الغرفة التجارية تضع ختمها على الأوراق ولا تكون مسؤولة عن مضمونها!
أما أن يأتوا بنسخة الكتاب بخط شعيب، أو يثبتوا وجود مطبعة الحلبي، أو الحروف التي طبع بها الكتاب في التاريخ المزعوم، أو نسخ من الجرائد العسيرية قبل مائة عام، أو خبراً قديماً عن مجلس الشورى العائضي، أو خبراً قديماً عن شعيب وأبيه وجده، أو ... أو ...
فالجواب حاضر: قال المعلقون ... أخطأ المعلقون!
وبعد!
فالسؤال الجوهري لا يزال قائماً: أين كان الناس - من الطرفين - عن الكتاب، أم أين كان الكتاب عن الناس، طيلة 42 سنة (1365 - 1407)؟
لماذا رجع الناس إليه - مؤيدين ومعارضين - بعد سنة 1407 فقط؟
ولا أظنّ أن عاقلاً في الدنيا سيقول بأن هذه أسئلة غير مشروعة!
لقد طرحتها على نفس هذا الأخ في الألوكة، فما زاد على القول بأن المعلقين على الكتاب سبقوني إليها!
إن مما يلفت النظر ويثير الريبة: أن الكتب التي يتفاخرون بوجود معلومات مشتركة فيها (حواشي الدر الثمين - كتاب ابن مسفر - حواشي تاريخ الحفظي - مذكرات الكمالي - كتاب شاكر)، كلها صدر إما بعد سنة 1407، وإما قبلها بسنوات قليلة عندما كانت الأيدي المجهوله تعمل على تزويره. وبعضها عليه علامات استفهام، وتواريخ صدورها غير مؤكدة!
وأغرب من ذلك أن لا يوجد فيها أي إشارة إلى إمتاع السامر المزعوم أنه طُبع سنة 1365!
وكذلك ألوف الكتب والرسائل الجامعية والمقالات العلمية والصحفية التي نشرت قبل ظهور إمتاع السامر!
ومنهم طبعاً: الجاسر وابن خميس والعقيلي وهاشم النعمي، وأساطين تاريخ الجزيرة، ونظراؤهم في العالم العربي وبلاد الغرب! كلهم لم يسمع بالكتاب رغم وجود المقتضى وانتفاء المانع!
وأغرب من ذلك: أن الأستاذ عبدالله بن حميد - الذي يُنسب إليه تحقيق الدر الثمين - ذكر في مجلة العرب 9/ 866 (1395) أنه اطّلع على ورقتين لا يُعرف كاتبهما، أن عائض بن مرعي يتصل نسبه بالأمير (على بن محمد بن عبدالرحمن بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان) "، ولم يذكر أن هناك كتاباً كبيراً يسمّى إمتاع السامر يدور كله شعراً ونثراً على هذا النسب، فضلاً عن أن يقول بأن النسب الأموي ثابت مشهور! وأغرب من ذلك أن ناشر الدر الثمين - سواء أكان هو أو غيره - يعلِّق عليه بحواش مطوَّلة من جنس حواشي إمتاع السامر، وتدور في نفس الفلك، ومع لا يشير إلى وجود كتاب اسمه إمتاع السامر!
لماذا جهل الجميع - على اختلاف بلادهم وأهوائهم ومشاربهم - وجود إمتاع السامر؟
الجواب تعرفه جدَّتي رحمها الله: لم يكن قد وُجد بعد!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/402)
ملاحظة: تعبير (المملكة العسيرية) تكرَّر في إمتاع السامر!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 03:37 ص]ـ
عداوة مزوِّر الكتاب - أو لجنة التزوير - لنجد وأهلها وحكَّامها:
هذه العاطفة الإقليمية المقيتة تفوح من أوله إلى آخره، ولا تكاد تخلو بضع صفحات من همز ولمز!
وإليك بعض النصوص، وهي غيض من فيض:
1هذه العاطفة الإقليمية المقيتة تفوح من أوله إلى آخره، ولا تكاد تخلو بضع صفحات من همز ولمز!
وإليك بعض النصوص، وهي غيض من فيض:
1 - يقول في ص 221:
فيصل بن تركي وقد أراد أن يستعيد مجده غير أنه هُزم في وادي الدواسر عام 1250 على يد قوات عايض بن مرعي
يعني: العداوة بين الطرفين قديمة!
2 - ويقول في ص 226:
محمد بن سعود وإخوته ... ولم يكن لهم شأن يذكر قبل ذلك، إذ كانوا من رعايا بني يزيد ... وقد مر معنا سبب تسمية الدرعية، وكانت تعرف بـ (غبرا)!
انظر إلى التحقير لآل سعود والدرعية!
3 - ويقول في ص 255:
بعد زوال دولة آل سعود في نجد، ودولة آل عائض في عسير.
يعني 1 = 1 وما أحد أحسن من أحد!
4 - ويزعم في ص 418 وص 437 وغيرهما: أن عسيراً سقطت بيد القوات السعودية بتواطئ بين ابن سعود والإدريسي، وأن ابن إبراهيم جمع آل عايض للمفاوضة فغدر بهم أثناء وليمة الغداء وساقهم أسرى إلى الرياض! ثم يقول (وجرت معركة عنيفة استبسلت فيها قبائل عسير، ولم ينبلج الفجر حتى دخلت قوات ابن إبراهيم أبها، وقُتل فيها بعض القادة من آل عايض)
أقول: إذا لم يكن هذا احتلالاً فماذا يكون؟!
ولكنهم يقولون: واضعو الكتاب ليسوا أعداء للدولة السعودية!
5 - ويقول في ص 435:
وكانت مهمة هذه الاجتماعات النظر في أوضاع الحجاز وعسير أمام أطماع اليمن ونجد ... ويبدو أن ذلك [فشل المفاوضات] كان بسبب قبض طرفي الحبل بيد إنكليزية، أحدهما في الرياض والآخر في مكة.
يعني كلهم عملاء إلا آل عايض! ويعرف ناشئة التاريخ أن الشريف حسين كان يرى نفسه ملكاً لجميع العرب، ولكن ها هو يتفاوض مع آل عايض لصدّ ابن سعود! ولو اعترف بابن سعود أميراً على نجد لانفض السامر!
6 - ويزعم في نفس الصفحة أن ابن عايض اجتمع مع عبدالعزيز بالرياض (لتحديد الحدود بشكل رسمي. ولم تكن أوضاع آل سعود مواتية لهم ... رغم دعم إنجلترا لنجد إذ تعد سلطانَها رجلَ الجزيرة والجواد الذي تجاري به الشريف حسين وتمتطيه إذا حاول الشريف التفلت).
يعني: دولتان مستقلتان لم يبق بينهما إلا (تحديد الحدود بشكل رسمي)! واعجب لأن شعيباً يتكلم بهذه المصطلحات!
وأهم من ذلك أن مزوِّر الكتاب - أو لجنة التزوير - يصوِّرون الملك عبدالعزيز صقر الجزيرة بأنه دابَّة لإنجلترا!
7 - والكتاب يمور بتُهمة عمالة آل سعود للإنجليز والكفار، وأن آل عايض وحدهم هم المخلصون للعروبة والإسلام!
9 - وينظم المزوِّر أو لجنة التزوير قصيدة رائية ركيكة في 189 بيتاً في هجاء آل سعود، وينسبها إلى محمد بن علي بن عائض (ص 446 - 463)، وهذه بعض أبياتها:
45 ويح العروبة ما أصاب رجالها * ما بالها في كل يوم تصغرُ
46 ما غاب عن أرجائها مستعمر * إلا ليأتي آخر مستعمرُ
47 ويظل بالإسلام يستر قصده * وقميص عثمان مثال يؤثرُ
50 حتى إذا بلغت مناها واتكت * ظهرت وجوه كالحات تقذرُ
71 أيريد حكماً غير شرع محمد * ما بالها بخداعه تتنمرُ
72 وكأن سدنته تعود لخبثها * لتضم عجماً تستشير وتخذرُ
75 ما لي أرى شبه الضباع تكشرت * أنيابها وبكل غدر تنذرُ
95 ما كان أجدرهم بحفظ أصولهم * وولائهم والأصل فينا يعمرُ
96 تلك النزيعة كيف تنسى ربعها * وتقر في نجد وفيها تؤجرُ
97 تركي بن عبدالله يطلب نجدة * فأتت إليه تستجيب وتفخرُ
98 لكنه سرعان ما أودى به * من أهله الأدنين كف أقذرُ
110 وحفيد تركي يعود إليكم * يدعوكم وبكم يجول ويقهرُ
111 حتى إذا نال المرام يدوسكم * دوس الرحى بثفالها ويزمجرُ
112 ولربما قطع البنان تجبراً * هيهات تسلم من يديه أظفرُ
130 [يسمي صاحب اليمن "عدوًّا آخر"، والعدوّ الأول هو طبعاً عبدالعزيز!]
179 وغدا الرجال وهمهم أن يلجأوا * للأجنبي وذاك طبع منكرُ
180 قد يبذل الدعم الذي يرجونه * لكنه عات أتى يستعمرُ
181 والإنكليز هم الذئاب فهل غدوا * كالشنفرى لاذوا بهم واستنفروا
فانظر إلى هذه الألفاظ والمعاني الشريفة، التي لا يقصد بها الملك عبدالعزيز ودولته!
ولو سألنا أي منصف في الدنيا: هل مجَّ هذه السموم قلمٌ محبّ للمملكة أم قلمٌ حاقد عليها؟ فالجواب بديهي، ومن يكابر فهو يجعل نفسه مسخرة للناس!
10 - ويقول في ص 473:
وما هي إلا أيام حتى دب الخلاف بين آل عايض وآل سعود في نجد بتحريض من الإدريسي الذي خشي على تهامة من أن تسقط بيد آل عايض. وجرد آل سعود الحملة إثر الحملة لدخول عسير. فتمكنوا بكثرتهم بعد معارك دامية ضحى فيها آل عايض كثيراً لحماية بلادهم، واستمات العسيريون للدفاع عنها. ودخل السعوديون أخيراً المنطقة، واشترك الأمير الشاعر مع قومه في الدفاع عن موطنه.
أقول: أليس كاتب هذا الكلام يرى أن آل سعود احتلّوا عسيراً؟
12 - كما نظموا أطول قصائد الكتاب، وجعلوها خاتمة له، وهي قصيدة بائية في 334 بيتاً (ص 477 - 501)، وزعم أن محمد بن ناصر بن عائض قالها ارتجالاً في مجلس الملك عبدالعزيز بالرياض، بعد دخول عسير في مملكته، لإجابة قصيدة ابن عثيمين على نفس الوزن والقافية! وملأها كسابقتها بهجاء ابن سعود، وهجاء شاعره ابن عثيمين وجيوشه وقادته ورجاله، وأنهم كالحمير (البيت 98)، والاعتزاز بآل عائض وبني أمية، وأنهم هم وحدهم المخلصون للعروبة للإسلام! كما مدح أعداءه آل الرشيد (الأبيات 124 - 157)، ووصف عبدالعزيز بالشريد الطريد (البيت 128)، ووصفه بالكفر وتمزيق وحدة الأمة والكيد للإسلام والعمالة للأجانب (الأبيات 139 - 142)، ... إلخ
فهذه بعض الأدلة على فحيح العداوة للدولة السعودية الذي يتردد في جميع أرجاء الكتاب، وحسبك من شر سمتعه!
وسيأتي الكلام على قصائد الكتاب إن شاء الله!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/403)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[29 - 09 - 09, 09:12 ص]ـ
ورغم ما قيل في كتاب " إمتاع السامر "
فلقد أثنى الشيخ حمد الجاسر رحمه الله على كتاب " إمتاع السامر " وأثنى أيضا على أسلوب كاتبه وعلمه، وأثنى على القصائد الفصيحة التي أوردها فيه.
فقال رحمه الله كما في طبعة العبيكان صفحة 534: " وإن كُنت أُعجِبتُ بخيال مؤلفه الخصب؛ لتمكنه من إيراد أشعار كثيرة شواهد على ما يورده من أخبار أو يؤرخ من رجال ويذكر من حوادث، فقد يتبع ذلك بقصيدة قد تتجاوز العشرات بل قد تبلغ المئات من الأبيات على درجة قوية من حُسن السبك وسلاسة النظم، مع احتوائها على كثير من أسماء المواضع والقبائل التي لها صلة بالخبر، مما يدل على سعة إطلاع الناظم ومعرفته بالمواضع والقبائل التي يتحدث عنها ".
وقال أيضا في صفحة 535: ": " وأما ما يورده من أصول أنساب القبائل ويفرعه من ذكر أسر بصلتها بتلك الأنساب فمن الأمور التي تستدعي الحيرة وتُثير الدهشة لاتساع ذاكرته لأنساب القبائل ولمساكنها ولصلات بعضها ببعض ".
وهذه في الحقيقة كلمة حق من الشيخ حمد الجاسر رحمه الله، ولم يقل هذا إلا عن معرفة يقينية وسبر للكتاب من أوله لآخره.
والله الموفق.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 02:07 م]ـ
عندما يصف الجاسر - مع العمر الطويل والاطلاع الهائل والعلاقات الاجتماعية الواسعة والمعرفة التامة بجميع معاصريه ممن لهم اهتمام بتاريخ الجزيرة - كتاباً بالخيال الخصيب وأنه يثير الدهشة، فمعنى ذلك أنه أساطير وأكاذيب!
خيال خصيب = كذب!
تثير الدهشة = كذب!
وقد صرح الجاسر بذلك في كلمات أخرى
(1) فقال "ينبغي أن ننظر إلى جميع الحوادث التي ذكرها بل إلى جميع الآراء الواردة في كتابه بتلك النظرة أعني الاختلاق"
(2) وقال "والكتاب ذو غايات ذات حيل".
(3) وقال " أما الأسماء التي طلب الابن الحبيب ترجمة أصحابها فلا أعرف عنهم شيئا، ولا أعتقد إلا أنهم من قبيل الأسماء الواردة في كتاب لمع الشهاب ومثير الوجد"
وأشياء أخرى قالها الجاسر بلسان الحال لا بلسان المقال:
(1) أنه لم يسمع بهذا الكتاب المزعوم طباعته سنة 1365 إلا في سنة 1407!
(2) أنه لم يسمع بشعيب ولا بأبيه ولا بجدّه!
(3) أنه لم يسمع بالكتب الكثيرة التي تنسب إلى هؤلاء: الحلل ومتعة الناظر ... إلخ
(4) أنه لم يسمع بالمصادر المجهولة التي ينفرد بها هذا الكتاب العجيب!
(5) أنه لم يسمع بالنسب الأموي لآل عايض، ولا بصقر قريش الثاني، ولا بالدولة العسيرية الأموية التي قامت منذ عام 132 إلى عام 1341
وأما رأي الجاسر في أشعار الكتاب وأنها على درجة من حسن السبك فالمسألة نسبية، ومعنى ذلك أن ناظمها كان على درجة من الموهبة الشعرية! وهذا تحصيل حاصل! لأن لجنة التزوير لا بدّ أن تكل اختلاق الأشعار إلى شاعر!
فمن يحتج بحسن سبك الأشعار على صحة الكتاب فقد أقام الحجَّة على إفلاسه من الحجج!
وإليك رأي الجاسر في أشعار الكتاب (المجلة العربية، ذو القعدة 1408):
وإن كان أسلوب القصائد التي يوردها في كتابه أسلوباً واحداً، سواء منها ما قاله على لسان أناس قال إنهم عاشوا في القرن الثاني الهجري، أو آخرين عاشوا في القرن الرابع عشر، ما يدل على أن الناظم واحد.
أما إشارات الجاسر إليه في جمهرة الأنساب فالمسألة لا تعني بالضرورة أن الكتاب صحيح ولا أن الجاسر متناقض، بل لا بد من دراسة الإشارات بدقة، وهذه أمانة ينوء بحملها من يطيرون فرحاً بعبارة (حسن السبك) وأمثالها. وإن ثبت بعد الدراسة الدقيقة أنه متناقض فهذا أمر يُحسب عليه ولا عصمة إلا لمن عصمه الله.
وأكرر مرة أخرى: ما أولع الجماعة بالتمسَّح بالجاسر وأمثاله!
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[29 - 09 - 09, 02:20 م]ـ
فوائد منوعة ....
في عام 1311 هـ عندما طغى الأتراك وزاد ظلمهم وتعسفهم على أهل عسير، حصلت مراسلات بين إمام اليمن المنصور وأمير عسير علي بن محمد بن عائض حول ذلك.
يقول القاضي المؤرخ على الإرياني الذي عاصر تلك الأحداث: " وفي هذه المدة وصل رسول الأمير علي بن محمد بن عائض العسيري إلى الإمام، رجل يسمى الحاج حسن العسيري، فكان صورة ما كتبه الإمام، إلى الأمير علي بن محمد ما لفظه: بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/404)
تاج ذوي المعالي ويعسوبها، وبغية الرائدين ومطلوبها، من كشفت له العناية ستورها، وقابلته مطالع السعد بنورها، وأينعت له ثمار المحاسن، وتعطرت بنشر رائحته المجالس والمساكن الأمير بن الأمير بن الأمير علي بن محمد بن عائض، أفاض الله عليه أمزان الرعاية العامرة، وخصه من الخيرات بالسهام الغامرة، وجعله للمجاهدين حرزاً مكيناً، وحصناً حصيناً، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد الذي انتشر دينه القويم، ومشى على الصراط المستقيم، وعلى آله، وعترته الذين صرفت بهم المحن، وثبتت أقدامهم عند موجان الفتن ... وبعد،
فلما ركبت أيها الرئيس جواد العز المبين، ولبست قميص المجد الرصين، وجانبت مركز الباطل المهين، أدركت درجة، وقد تفاوتت فيها الرتب، وتحاكت في إدراكها الركب، فأصبحت مخيماً في قلب اليقين، وقوضت خيامك عن أوهاد الأسفلين:
فأنت اليوم لم تُعرفْ بعيبٍ ,,, ولا دَنَّستْ ثوبكَ إذ نشأتَ
ولا سَابقتَ في الميدانِ زوراً ,,, ولا أهل الغوايةِ قد صَحبتَ
لذلك صِرتَ عيناً ناظرة، وذاتا فاخرة، وأنه قد بلغنا تشميرك للساق، والعزم للجهاد الشاق: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} متعمم بالسحاب، ومتمنطق آلة الطعن والضراب، وقد ذللنا لكم العدى، وجرعناهم كؤوس الردى، وحفرنا في عرصة العز ما يبنى عليه أساس ما وعدنا الله بقوله: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا}.
وقد علمت أنهم خرجوا علينا في العام الماضي بسبعين ألفاً كالجراد المنتشر، فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين، بعد تقليل أعدادهم، وذهاب أمدادهم، وحيث وقد ألهمك الله بالغارة على الدين والدنيا، فأبشر بالبلوغ إلى الغاية القصوى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} ومع مكانتك في سرح المحاربة، لا يخشى إلا من المخادعة والمجاذبة، فقد عرفت عمّك الطريد المسمى غير سعيد، وعرفت دليم الذي هو أغشم من غشيم، ونحن نثق بعد الله في جهودكم، فقطعوا قلوبهم بقطع المسالك، حتى يكونوا ما بين مأخوذ وهالك.
أسمعاني تحمحم الصافنات ,,, وارتجاز الكلمات فوق الكلمات
اسمعاني الولوال تحت العجاج ,,, وضجيج النسا على الأزواج
أسمعنا الله عنكم خيراً، ورفع عن المجاهدين بؤساً وضيراً، وهذا مع الأبيات معروض على الأماجد الكماة، وعلى من صدق وأناب إبراهيم بن عبد الوهاب، وهذه الأبيات:
إذا صدق المخبرُ عن عليٍّ،،، نصيرِ الدين فابشرْ بالفلاحِ
فإن عسيرَ ترمقه بخيرٍ ,,, لكشفِ لثامِ مبيض الصباحِ
فقد طمسَ الأعاجمُ دينَ طهَ ,,, بجُنح ظلامِ مُسودِّ الفتاحِ
وقد أخذوا نساءً محصناتٍ ,,, فأينَ رجالهنَّ أولوا الكفاحِ
وقد أخذوا الرجالَ وعند سوء،،، وأرباب الحمية في نياحِ
فمن يلد الذكور فهو نظام،،، ومن يلد الإناث فاللسفاحِ
ومن يكسب من الأموال شيئا،،، فللخمار يعلم كل صاحِ
فشَمِّرْ سَاقَ عَزمكَ ثم أذِّن ,,, بقحطان وألمع بالفلاحِ
وكرر في النداءِ على عسيرٍ ,,, أولي الراياتِ في روسِ الرماحِ
وإنا نُشغلُ الأعداءَ عنكم ,,, ونَعضُدكم بمصقولِ الصفاحِ
ونحيي دين خالقنا جميعا ,,, ونصر الله يأتي كالرياحِ ".
انظر كتاب " الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور " للعلامة المؤرخ علي بن عبد الله الإرياني 2/ 167
وذكر ذلك أيضا مؤرخ اليمن الكبير العلامة محمد بن محمد زبارة الحسني في كتابه " أئمة اليمن " حيث قال: " في أول شهر رمضان من هذا العام وصل إلى الإمام المنصور بالله الحاج حسن العسيري مندوب أمير بلاد عسير الأمير الشهير علي بن محمد بن عائض بن مرعي العسيري بمكتوب منه، يتضمن البشرى بالوقعة التي طارت بها الركبان، وعلا صوتها جميع البلدان، وكانت في آخر شعبان من هذا العام، وكان السبب الباعث لها أنه لما تناهى الظلم من العجم، وانضرمت منهم نيران الفتك بالعرب، وتطاولوا إلى الأعراض، وأخذ الأموال العراض، وكان الأمير علي بن محمد بن عائض لما أخذ أباه العجم فقتلوه في سنة 1288هـ ثمان وثمانين ومائتين وألف، واستولوا على مملكتهم، فرحل فسكن الطور في بلاد عسير وهو غلام فلم يزل هنالك، وقد طالبته العجم فلم يتعلق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/405)
بحبالهم، ولا ترقى في جبالهم، ثم لم يزل يحفر الآبار، وينصب شباك المضار، وكاتب الإمام الهادي ثم الإمام المنصور بالله، ولما اشتد البلاء من العجم، كان مما هيج ذلك أن ابناً لإبراهيم بن عبد الوهاب كبير رجال ألمع، طلبه متصرف عسير محمد أمين باشا، وكان عليه وعلى من تحت ولايته خمسمائة ريال، فأغلظ عليه الباشا وطلب منه ألفاً، فقال: إن القطع على كذا، فقال المتصرف: لا بد أن تسلم ألفي ريال، ثم أخذوه، وحلق لحيته، فأظهر الرضا بالألفين، وخرج إلى قومه، وكانوا أمنع رجال عسير، فأراهم حلق لحيته، وما لحقه من الضيم والعار، وهتك العرض، فشمرت القبائل، واجتمعت كبار رجال عسير، وتحالفوا على الفتك بالأتراك، وتقدموا إلى محل الشعبين، فخرجت عليهم العجم إلى خارج البلد، ومعهم المتصرف والقومندان وزهاء ثمانمائة مقاتل من الأتراك، وما زالت ترمي بمدافعها وبنادقها، ولما مالت الشمس كبر أهل عسير، وقصدوا الأتراك بالطعن من الأكف بخناجرهم، فرموهم فلم يؤثر فيهم، وقصد الشيخ المحلوقة لحيته صاحبه المتصرف فقتله، فانهزمت العجم، ووقع القتل فيهم إلى قريب المائة، وأخذ رجال عسير مدفعين للأتراك، وجملة من بنادقهم وقتلوا مع المتصرف قومندان الأتراك وأحمد آغا وخير الدين رئيس الخيالة وغيرهم من أعوانهم من العرب، وانحازت الأتراك لمركزهم الشعبين، ولما علم الناس بهذه الفتكة والغنيمة أوقدوا النيران على رؤوس الجبال لإعلان البشرى، فما زالت تأتي الأقوام من تلك البلدان، وقد علموا أن للعجم مالاً عظيماً مما جمعوه من بلاد عسير، وخافوا فرار العجم ليلاً بالمال، فرتبوا الطريق باثنتي عشرة مائة مقاتل ومختفين، فخرجت العجم ليلاً خشية أن يحال بينهم وبين أبها مركز البلاد العسيرية ومن فيه من الأتراك، قال القاضي حسين العرشي راوياً كلام الحاج حسن العسيري المذكور:
حتى إذا توسط الأتراك العقبة أخذ الكمين من العرب في أسفلها، واستقبلهم الجم الغفير من العرب أعلاها، فعركوهم هنالك عرك الأديم، وأخذوا ما أجلبوا به جميعاً من الخيل والمتاع والكراع والسلاح، حتى بلغت الغنيمة من الريالات إلى خمسين حملاً مما تحمل على الجمال، وانجلت المعركة عن قتل نحو أربعمائة من العجم، وقتل في اليومين من رجال عسير سبعة عشر رجلاً فيهم إبراهيم بن عبد الوهاب، وانحصر من بقي من الأتراك في أبها في حصن السقا فيها، فتهافتت عليهم القبائل، وكانت تلك الحرب يوم الأحد سابع وعشرين ويوم الإثنين ثامن وعشرين شعبان، ثم طلب من انحاز في حصن السقا من العجم وهم إلى تسعين رجلاً الأمان من الأمير علي بن محمد بن مرعي، مشروطاً بخروج من في أبها، فقبل منهم على أن يأدوا إليه السلاح عند خروجهم.
قال: وأما من في أبها فدبت إليهم الأبطال، وأحاطت بهم الرجال، إلى قدر خمسين ومائة مقاتل، وحضرت بعض النساء تعين الرجال.
قال: ورحلت بكتاب الأمير إلى الإمام بهذه البشرى يوم الثلاثاء 29 الشهر وسمعت الحرب خلفي، ثم كتب الإمام المنصور جوابه على أمير عسير المذكور، وجعل في رأس كل مكتوب منه آل عقال بلاد عسير هذه الأبيات:
كذا تؤخذ الثارات بعد التمانعِ ,,, وتظهر أرض بالحداد القوالعِ
صدى ضربات صوتت بلغاتها ,,, ونادت بأفواه الرماح الشوارعِ
قطعن بها يافوخ بغي مضاعفٍ ,,, أكف طعن بينات القواطعِ
بأيدي رجالٍ من عسيرٍ ثوابت ,,, أسودهم عند اللقا والزعازعِ
بنوا من بيوت العز والمجد شامخاً ,,, منيعاً فلا يلقى له من مُضارعِ
رجالُ عَسيرٍ شَرَّفَ اللهُ قدرهمْ ,,, وأعطاهمُ الأجرَ الذي للمقارعِ
أبادوا بغاةَ التركِ قتلاً وأشبعوا ,,, طيورَ السما والوحش حتى الجوائعِ
لصبر قليل بعدَه كل راحةٍ ,,, هو المجد يا قحطانُ بعد التمانعِ
يقودكمُ قِرمٌ إذا الموت حلقتْ ,,, عجَاجَتُهُ ما بينَ تالٍ وسَامعِ
علي بنُ مرعي الذي شق عزمه ,,, قتامَ علوجِ الرومِ بعد التنازعِ
بثوبٍ نظيفٍ لم يدنسهُ ظالمُ ,,, ولم يكُ في إخوانهِ بالمبايعِ
فقد نلتمُ المجدَ الذي طارَ ذكرهُ ,,, مَطارَ رياحٍ فوقَ عنقِ الوقائعِ
غنمتمْ من الأموالِ ما طابَ غُنمهُ ,,, وسُقتم بغاةَ الرومِ سَوقَ المسارعِ
وفيما أفاءَ اللهُ أن رؤوسَهمْ ,,, أبتْ أن ترى أبدانَهم في المجامعِ
فإيهٍ بني قحطانَ شبوا ضِرامها ,,, ولظوهمُ بالضربِ خير القوارعِ
وحَاموا على الإسلامِ مِنْ قبلِ هدمهِ ,,, لذريةٍ من بعدكمْ ومُتابعِ
ولا تتوانوا قبلَ تطهيرِ أرضكمْ ,,, ولا تقبلوا منهم أمام المخادعِ
فلوا ظفروا من بعدِ قتلِ كِبارهمْ ,,, لأفنوكمُ واللهُ عَون المطاوعِ
وطاعتُكم آل النبي محمدٍ ,,, زِمامُ يقينٍ جَالبٌ للمنافعِ
وكتب إليهم أنه لا بد بفتح الأعمال، وأنه قد أمر بإعلاق النيران، وأنهم لا ينخدعون بأمانات الأتراك الكاذبة، وكتب في أعلا المكتوب منه إلى الأمير علي بن محمد بن مرعي بخطه:
فلا تتوانى أيها الماجدُ الأغَرْ ,,, فأنتَ المُرَجَّى للأمانِي والظَّفَرْ
ومَنْ خَالطَ الأتراكَ من ظُلُمَاتِها ,,, فلا يَركَنَنْ بالغُنْمِ إلا كَمَنْ غَبَرْ ".
انظر كتاب " أئمة اليمن " للعلامة المؤرخ زبارة ص 316
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/406)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 04:17 م]ـ
ما وجه الشاهد وفقك الله
هل هذه الفوائد والقصائد موجودة في إمتاع السامر؟
أم أن المقصود إثبات أن آل عايض شجعان وأبطال ولهم صولات وجولات في مقاومة الأتراك، فهذا نبصم عليه بالعشرة
المسألة أن آل عايض وعسير العزيزة الغالية في غنى عن البطولات المزيفة!
ولا أدري كيف غفل المزوِّرون عن هذه البطولات الحقيقية!
وتأمل لغة هذه النصوص والأشعار وقارنها بلغة إمتاع السامر أعلاه!
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[01 - 10 - 09, 01:02 م]ـ
أحب أن أنبه إلى أمر مهم للإخوة الذين يتابعون هذا الموضوع وهو أنني هنا أبين أن المعلقين على " إمتاع السامر " وقعوا في أخطاء متعددة في تعليقاتهم تلك، وكان الواجب عليهم أن يسألوا من هو أعلم منهم عما جهلوه من أخبار وأحداث وأنساب وقصائد فصيحة وغيرها.
ولذلك ذكرت في المشاركة السابقة قصة الأمير علي بن محمد بن عائض؛ لأن المعلقين أنكروا أي دور لأبناء عائض بن مرعي في تولي زمام الأمور في مجابهة الأتراك، بحجة أنه لا يوجد كتب تاريخية تتكلم عن تلك الأحداث!!
فائدة أخرى:
في عام 1257 هـ حصل خلاف بين الحسين بن علي بن حيدر الخيراتي أمير أبي عريش وبين حاكم باجل الشيخ علي بن يحيى بن حميدة، فزحف الحسين بن علي الخيراتي إليه بجنوده، مما حدا بحاكم باجل الشيخ علي بن يحيى بن حميدة أن يرسل رسالة إلى عائض بن مرعي يطلب منه النجدة ومساعدته في صد زحف الأمير الحسين الخيراتي، وفي رسالته تلك ذكَّرَ عائض بن مرعي بالعهود السابقة التي بين علي بن يحيى حميدة وبين أمير عسير السابق علي بن مجثل رحمهم الله، وضمن رسالته قصيدة موجهة للأمير عائض بن مرعي وقبائل عسير.
قال في قصيدته تلك:
صبوت لثغر البرق لما تبسما=فلاح على نجد وأبكى متيما
وذكرني ماض من العيش لم أزل=بذكراه أبكي كلما بكت السما
سقى الله أكناف السراة وابل الحيا=وطرزها زهراً ربيعياً منظما
وحيا عسيراً بالتحيات كلها=مصابيح نجد من مغيد وعلكما
وألمع كم حرب أقاموا صفوفها=فقامت وكم أروت سيوفهم ظما
وخص أبا المجد المؤثل عايضا=أخا البدر إن ليل الحوادث دلهما
هو العلم الفرد الذي يهتدي به=سراة الدجى إن حندس الليل أظلما
نز العز من عليا أسيراً أمامه= .... لأم عند النائبات تنجما
قيام إليه ناظرين كأنهم=يرون به قوس الهلال إذا غما
هم الناصرون الدين والدين عاثر=هم المطعمون الناس إن تمسك السما
هم الناس إن قالوا أصابوا وإن دعُوا=أجابوا وإن أعطوا رأوا الجود مغنما
هم القوم إن لاحت بروق سيوفهم=على قرية .... أمطرت الدما
أخي إن لي منهم عهوداً حملتها=وعهد علي (1) قط لن يتصرما
فنلت الذي قد نلت من أجل حبهم=ولست بحمد الله أنقض مبرما
فبلغ أمير المسلمين تحية=أرق من [النسيم] البهي وأنسما
ويستمر في قصيدته إلى أن يقول:
ولكن لي نفس ... أظهرت= لحب عسير في زمان تقدما
وأني عليه ما بقيت وما بقوا= ولو شب نار للحروب وأضرما
فليت علياً برد الله ثوبه= يراني فما أرعى علياً وأرحما
فلو كان حياً ما أنيخت ركائب= الحسين ولا قاد الجيوش وخيما
فإن قمتموا في حقه بعد موته=فأنتم لها أهل وأني لها سما
مقيم ببيتي يعلم الله فاقتي= نزلت حما الرحمن أكرم به حما
فإن مت في أهلي شهيداً موحداً=فلست أبالي حين أقتل مسلما
ولكنني أرجو من الله غارة=يزول بها كربي ويجلو بها العما
بجيش كموج البحر تجري سيوله=على اليمن الميمون تلطم مكلما
يقوم بها عسراً عسير يقودها=أمير كمثل الغيث والبحر إن طما
انظر كتاب العلامة الشيخ المؤرخ الحسن بن أحمد عاكش الضمدي المسمى بـ " المخلاف السليماني " وهو مخطوط بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة رقم 329 في 473 ورقة.
ونقلها الباحث الصميلي في رسالته " العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير "
وتوجد الرسالة مع القصيدة مخطوطة عند المؤرخ الدكتور / عبدالله بن محمد أبو داهش.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[01 - 10 - 09, 09:05 م]ـ
تذكرت المثل الشعبي:
قالوا وين أذنك يا حبشي؟!
طريق الأخ إلى تأصيل الكتاب أن يثبت أمجاداً لعسير وأهلها الكرام، بحجَّة أن المعلّقين على الكتاب يجرّدونهم من الأمجاد، وإذا ثبت وجود أمجاد فالكتاب صحيح!
1 - المعلقون ينكرون أمجاد عسير
2 - المعلقون ينكرون الكتاب
3 - إثبات أمجاد لعسير = إثبات الكتاب
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[01 - 10 - 09, 09:08 م]ـ
تذكرت المثل الشعبي:
قالوا وين أذنك يا حبشي؟!
طريق الأخ إلى تأصيل الكتاب أن يثبت أمجاداً لعسير وأهلها الكرام، بحجَّة أن المعلّقين على الكتاب يجرّدونهم من الأمجاد، وإذا ثبت وجود أمجاد فالكتاب صحيح!
1 - المعلقون ينكرون أمجاد عسير
2 - المعلقون ينكرون الكتاب
3 - إثبات أمجاد لعسير = إثبات الكتاب
فلو اشتغل الأخ بتاريخ عسير الحقيقي الصحيح لأسدى إلى قومه ووطنه يداً جليلة، بدلا من الاشتغال بترّهات إمتاع السامر!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/407)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[02 - 10 - 09, 01:52 ص]ـ
وهناك فوائد أخرى تتعلق بكتاب " إمتاع السامر " سأرفقها قريبا إن شاء الله تعالى.
فإخواني من طلبة العلم من ينتظر هذه الفوائد بفارغ الصبر.
# فائدة عن متصرف عسير العُثماني سليمان شفيق باشا كمالي:
كان سليمان باشا متصرفا لعسير منذ عام 1908م وبقي في منصبه ذلك مدة أربع سنوات ونصف السنة تقريبا، وقد مذكرات قيمة إبان فترة هذه الفترة.
وقد نشرت هذه المذكرات في الأهرام القاهرية على حلقات، ابتداء من 6 نوفمبر 1924م بترجمة محب الدين الخطيب.
وقد أعاد حمد الجاسر نشرها بمجلة العرب عدد ربيع الأول 1391هـ، ثم أعاد جمعها و التعليق عليها محمد بن أحمد العقيلي و نشرها نادي أبها الأدبي عام 1405 هـ
و أصدر نادي أبها الأدبي كذلك فيما بعد دراسةً وتحليلاً لهذه المذكرات قام بها يوسف عارف.
# يقول المتصرف العثماني في صفحة 231: " ولما كنت أتنقل في صحراء ذهبان قرب خميس مشيط لفت نظري أمر في منتهى الأهمية، فقد رأيت مرسوما على أرض الصحراء خطوطاً منتظمة طويلة جدا على امتداد بضعة أكيال وكل خط مواز للآخر موازاة تامة , فنزلت في الحال عن جوادي وأخذت أتأمل في هذه الخطوط فرأيتها عبارة عن أسس حجرية منتظمة مما يدل على انه كان فوقها جدران، فأخذت أقيس المسافات بين كل جدار وآخر فوجدتها مسافات متساوية وهي أربعون مترا بين الجدارين, والمرجح عندي في تعليل ذلك أن هذه البلاد لما كانت بلاد حضارة عظيمة في الأزمنة القديمة كانت مكتظة بالناس، وكان للأراضي الزراعية أهمية كبرى عندهم، فكانوا يفرقون بين المزارع والحدائق بجدران تهدمت وبقيت أسسها، وأنا لا يخامرني شك في أن حضارة عسير أقدم جدا من حضارة اليمن ".
# ويصف في موقع آخر أثراً لرسوم تاريخية على بعض الصخور فيذكر في صفحة 232: " فالرسم ذو لون قاتم ولون الصخرة مشرق، ومعنى ذلك ان الرسم كان ناتئا في الأزمنة القديمة ثم ذهبت عوارض الذبيعة بنتوئه فصار بمستوى الصخرة وللقارىء ان يقدر في كم الفا من السنين يمكن لنتوء حجر الجرانيت ان يزول, وان دقة الصناعة في هذا الرسم تدل على مبلغ عراقة السكان الأقدمين في الحضارة ".
هناك من تُغيظهم هذه الحقائق فأقول لهم كما قال رب العزة والجلال: «قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور»
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[02 - 10 - 09, 02:50 ص]ـ
أنعم وأكرم بعسير وأهلها الأماجد الكرام
المضحك أن الأمجاد الصحيحة الموثَّقة لا وجود لها في إمتاع السامر!
وإما الإغاظة فهذا ديدن الأخ منذ البداية!
عسير = إمتاع السامر
إمتاع السامر = عسير
وهذه نهاية التعصب
ـ[أبو الأشعث الجنبي]ــــــــ[02 - 10 - 09, 12:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله، أما بعد:
فأسجل متابعتي لجميع التعليقات، ومن قبل ذلك لمنهج كتاب إمتاع السامر وطريقة أسلوبه، ومناقشة محققيه،،
وأرى أن الكتاب ما زال بحاجة إلى مناقشة منصفة ونقد دقيق، فأما كثيرٌ من تعليقات محققيه المنشورة فلا أشك أنها تزيد المتشككين فيه ظناً بصدقه.
صحيحٌ أن الكتاب عليه ملاحظاتٌ كثيرة، أوردَ بعضها الأخ الكريم خزانة الأدب، وبعضها ملاحظات عامة كالأسلوب العصريّ، والمصطلحات الحديثة، وهذه العامة هي أظهر مثالبه، وبعضها ملاحظات مختصة بتاريخ شخص أو بلد، وهذه تعم كل كتاب.
وقد كان مما يريبني فيه قصائده المتشابهةُ أسلوباً ونظماً وبحراً، مع أنها منسوبة لشعراء متباعدين في أزمانهم، ولكني صرت إلى استضعاف ذلك دليلاً؛ لأن العصور المتأخرة تتشابه فيها قصائد الشعراء في نجد والحجاز واليمن إلى حد التماثل أحياناً، في أسلوب نظمها واختيار بحورها، فإنها غالباً قصائد لعلماء أو مؤرخين، فلها سمتها المعروفة الخاصة.
وختاماً أشكر الأخ الفاضل صقر بن حسن، وأدعوه أن يستمر في عرض ما لديه، فقد استفدت كثيراً، وخاصةً نقله عن محقق الدر الثمين الأستاذ عبد الله بن حميد، فيما يتعلق بنسب آل عايض، ولكن ما يزال الإمتاع بحاجة إلى بحث أوسع.
وأشكر كذلك الأخ الكريم خزانة الأدب وآمل منه أن يبدي أبرز ملاحظاته على الإمتاع،،
وأرجو أن يتحلى الجميع، وأخص الأخوين الكريمين، بالحوار الأخوي الهادف، فما قصدنا إلا الحق، ولا غايتنا سوى الحقيقة.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[02 - 10 - 09, 10:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله، أما بعد:
فأسجل متابعتي لجميع التعليقات، ومن قبل ذلك لمنهج كتاب إمتاع السامر وطريقة أسلوبه، ومناقشة محققيه،،
وأرى أن الكتاب ما زال بحاجة إلى مناقشة منصفة ونقد دقيق، فأما كثيرٌ من تعليقات محققيه المنشورة فلا أشك أنها تزيد المتشككين فيه ظناً بصدقه.
صحيحٌ أن الكتاب عليه ملاحظاتٌ كثيرة، أوردَ بعضها الأخ الكريم خزانة الأدب، وبعضها ملاحظات عامة كالأسلوب العصريّ، والمصطلحات الحديثة، وهذه العامة هي أظهر مثالبه، وبعضها ملاحظات مختصة بتاريخ شخص أو بلد، وهذه تعم كل كتاب.
وقد كان مما يريبني فيه قصائده المتشابهةُ أسلوباً ونظماً وبحراً، مع أنها منسوبة لشعراء متباعدين في أزمانهم، ولكني صرت إلى استضعاف ذلك دليلاً؛ لأن العصور المتأخرة تتشابه فيها قصائد الشعراء في نجد والحجاز واليمن إلى حد التماثل أحياناً، في أسلوب نظمها واختيار بحورها، فإنها غالباً قصائد لعلماء أو مؤرخين، فلها سمتها المعروفة الخاصة.
وختاماً أشكر الأخ الفاضل صقر بن حسن، وأدعوه أن يستمر في عرض ما لديه، فقد استفدت كثيراً، وخاصةً نقله عن محقق الدر الثمين الأستاذ عبد الله بن حميد، فيما يتعلق بنسب آل عايض، ولكن ما يزال الإمتاع بحاجة إلى بحث أوسع.
وأشكر كذلك الأخ الكريم خزانة الأدب وآمل منه أن يبدي أبرز ملاحظاته على الإمتاع،،
وأرجو أن يتحلى الجميع، وأخص الأخوين الكريمين، بالحوار الأخوي الهادف، فما قصدنا إلا الحق، ولا غايتنا سوى الحقيقة.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا ومرحبا بأخي أبو الأشعث الجنبي
أتحفتنا بمشاركتك الطيبة، جعلها الله في موازين حسناتك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/408)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[02 - 10 - 09, 11:49 م]ـ
قال الأخ الكريم أبو الأشعث:
وأرى أن الكتاب ما زال بحاجة إلى مناقشة منصفة ونقد دقيق، فأما كثيرٌ من تعليقات محققيه المنشورة فلا أشك أنها تزيد المتشككين فيه ظناً بصدقه.
لن تجد إن شاء الله في جميع ما أكتبه نقداً غير دقيق، أو غير منصف!
والمشكلة أنه لا يوجد رُبع كذاب ونصف كذاب وثلاثة أرباع كذاب، فإما أن يصح الكتاب لشعيب وإما أن يكون مزيَّفاً
وبالنسبة للتعليقات فإن الهدف من الاشتغال بها هو عجزهم عن الدفاع عن الكتاب، وقد طبع الكتاب مرتين أو ثلاثاً بدون تعليقات!
وها أنت ترى أنهم سلكوا طريقاً جديدة، وهي تعداد مآثر عسير وأمجادها من المصادر الأخرى، يظنون أن ذلك يشهد لكتابهم الأثير!
وأنعم وأكرم بعسير ورجالها ومآثرها، ولكن لا علاقة لذلك بالكتاب، وحتى لو لم يخلق شعيب فالأمجاد هي هي!
وبعضها ملاحظات عامة كالأسلوب العصريّ، والمصطلحات الحديثة، وهذه العامة هي أظهر مثالبه
تصور بارك الله فيك رجلاً لعله ولد في زمن جدّ جدّك، في قرية من قرى عسير أو القصيم أو غيرها، يقول (سجلته في مذكراتي) ويقول (الشعر المحلّي)، كما نسبوا إلى شعيب في المقدمة 19
وقد كان مما يريبني فيه قصائده المتشابهةُ أسلوباً ونظماً وبحراً، مع أنها منسوبة لشعراء متباعدين في أزمانهم، ولكني صرت إلى استضعاف ذلك دليلاً؛ لأن العصور المتأخرة تتشابه فيها قصائد الشعراء في نجد والحجاز واليمن إلى حد التماثل أحياناً، في أسلوب نظمها واختيار بحورها، فإنها غالباً قصائد لعلماء أو مؤرخين، فلها سمتها المعروفة الخاصة.
المشكلة بارك الله فيك أن القصيدة الأولى لرجل من القرن الثاني معاصر لجرير والفرزدق!
وأكثرها أشعار أمراء لا أشعار علماء، وليس عليها طابع أشعار العلماء، بل تحمل طابع الأدب المعاصر ومفرداته!
وإن شئت فضع كتاب المغيري الذي مات قريباً من شعيب، أو أي كتاب لأي عالم نجدي أو عسيري لم يتعلم في المدارس العصرية، وقارن مفرداتهم بقاموس شعيب، وستنتهي إلى أن الإمتاع كتبه شخص معاصر لنا مثقف بالثقافة العصرية!
وخاصةً نقله عن محقق الدر الثمين الأستاذ عبد الله بن حميد، فيما يتعلق بنسب آل عايض، ولكن ما يزال الإمتاع بحاجة إلى بحث أوسع.
الإشكال أن الأستاذ عبد الله بن حميد نشر في مجلة العرب عام 1395 أنه وقف على ورقتين فيهما نسب آل عايض المذكور، ولما نشر الدر الثمين وضع هذه الأسماء في حواشيه، ولم يذكر إمتاع السامر أيضاً، ثم عندما ظهر الإمتاع سنة 1407 نشر مقالا بجريدة البلاد ليلفت الأنظار إليه!
يعني سمع بالنسب السفياني قبل غيره، ولكنه سمع بإمتاع السامر مع الناس!
معنى هذا أن طبعة 1365 أكذوبة كبرى! وأنت تعلم أن المطبعة بمصر ستضع التاريخ الذي تختاره أنت بشرط الإكرامية!
وأشكر كذلك الأخ الكريم خزانة الأدب وآمل منه أن يبدي أبرز ملاحظاته على الإمتاع
عسى الله ييسِّر، وقد أبديت ما فيه الكفاية، وسترى المزيد إن شاء الله
المهم: هل يستطيع الطرف الآخر الإجابة عليها؟
أم سيقول كما قال: هذا سبقك إليه المعلقون، وأنت كذاب مفترٍ حاقد على عسير، تغيظك أمجادها ... إلخ هذه الشعارات!
مع تحياتي
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[03 - 10 - 09, 04:52 ص]ـ
الكلام على قصائد إمتاع السامر
إن مما يلفت النظر في هذا الكتاب العجيب اشتماله على عشرات القصائد من ثلاثة عشر قرناً، وكلها تقريباً لا يوجد في أي مصدر آخر!
وعندما نظر الناقدون فيها أدركوا أنها ذات نفس شعري واحد، وأسلوب واحد، ومعجم واحد، حتى الأخطاء العروضية متَّفقة فيها!
ومن هؤلاء: المعلقون الثلاثة على الكتاب، وكلهم أديب معروف.
والأستاذ حمد الجاسر
وغيرهم وغيرهم
حتى المعلقون في المنتديات صرح كثير منهم بهذا المعنى، كالأخ أبو الأشعث أعلاه وغيرهم.
والفقير كاتب هذه الأسطر له باع في الدراسة الأدبية، وهو لا يرتاب البتة بأن هذه القصائد مصنوعة.
فماذا فعل الأخ المجادل عن الكتاب، الأستاذ (صقر بن حسن)؟!
لقد ترك القصائد الأساسية، وذهب يوثِّق القصائد التي لم تكن أصلاً موضع شكٍّ أو نقاش!
واعتبر - بناء على ذلك - من يشكك في قصائد الكتاب - كحمد الجاسر - كذابين مفترين سقيمي الفهم جاهلين بالشعر!
فقال:
وكذلك أنا أعجب من هذا الزعم الذي لا يقوله إلا جاهل بالشعر وقائليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/409)
قالوا: القصائد قائلها واحد
وقالوا: الناظم والناثر واحد
وقالوا: ركيكة وعلى نمط واحد
وقالوا: القصائد جزء من موضوع الكتاب كله، الجميع مزوَّر قريباً من سنة 1407
وأقول: حسناً سأضرب أمثلة لعدد من القصائد وننظر ونرى، حتى يتبين الحق المبين من الكذب والمَيْن:
سنأخذ خمسا من القصائد على أقل تقدير ونقسمها إلى أربعة أمثلة:
فإن كان قائلها واحداً – والناظم هو الناثر – فبَروا وصدقوا ....
وإن كان قائلها أناساً متعددين فكذبوا وافتروا ....
وحينئذٍ ينطبق عليهم قول القائل:
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ... وآفتهُ من الفَهمِ السَّقِيمِ
أقول مستعيناً بالله:
لا حاجة بنا إلى عبارت الجهل والكذب والافتراء والفهم السقيم، بل نضع الحقائق أم القراء!
لقد أحصيتُ قصائد الكتاب فوجدتها 44 قصيدة، على النحو التالي:
25 قصيدة لآل عائض وأسلافهم، أولها قصيدة علي بن محمد (صقر قريش!) في منتصف القرن الثاني، وآخرها قصيدة محمد بن ناصر التي زعموا أنه ارتجلها في مجلس الملك عبدالعزيز! ردًّا على قصيدة ابن عثيمين، وعدد أبياتها 334 بيتاً! وقد شتم فيها الملك وابن عثيمين وأهل نجد، وافتخر بأمجاد آل عايض وآل الرشيد!
4 قصائد يمنية للحريبي والإبي وشيبان والحشري
7 قصائد عسيرية لثابت بن سعيد وآل الحفظي وابن راشد والنعمي وفايع وعبدالحميد
8 قصائد نجدية لابن جعيلان ورشود والشتري وابن مشرف وسليمان بن سحمان وابن عثيمين وقصيدة لمجهول في حلف عتيبة.
فلا يخفى على من مارس البحث التاريخي أن لُبَّ أشعار الكتاب هي قصائد آل عائض وأسلافهم، ولا سيما أن فيها إشارات كثيرة إلى أمجادهم القديمة ونسبهم السفياني المزعوم، وإلى أنساب وحوادث لا دليل عليها إلا هذا الكتاب، كمعارضة ابن عثيمين! بل إن بعض هؤلاء الشعراء - كصقر قريش الثاني! - لا يوجد دليل تاريخي على وجودهم، فضلاً عن أشعارهم، إلا إمتاع السامر وقصائده!
كم وثَّق المجادل عن الكتاب من هذه المطولات الخمس والعشرين؟!
الجواب: لا شيء! صِفْر!
فلو شئنا أن نقول كما يقولون في المسلسلات المصرية: رُفعت الجلسة وتحال الأوراق لفضيلة المفتي لإعدام الكتاب!
واستغبى القراء فتجاهل القصائد العائضية بالمرَّة، ليظنُّوا أن جميع القصائد صحيحة موثَّقة!
وأما القصائد اليمنية فتلوح عليها لوائح التزييف أيضاً، ولم يتمكَّن المُنْبري لتوثيق الكتاب من توثيق شيء منها، ولا سيما من المصادر اليمنية وهي كثيرة ميسورة.
وأما القصائد العسيرية والنجدية، ففيها تفصيل:
فالقصيدتان الحفظيَّتان معروفتان منشورتان من قبل أن ينشر إمتاع السامر، وكذلك قصيدة ابن مشرَّف النجدية الجوابية لإحداهما، وقصيدة سليمان بن سحمان، وقصيدة ابن عثيمين. كلها معروف، وإن كان ذلك لا يمنع المفترين من دسّ أبيات هنا وهناك للغرض المعلوم كما سيأتي بيانه!
وللعلم: المعلِّق على الكتاب عبدالرحمن الرويشد هو ناشر ديوان سليمان بن سحمان، وابن عمه سعد بن عبدالعزيز الرويشد هو ناشر ديوان ابن عثيمين! وهم أعرف بهذه الأشعار مني ومن المجادل عن الكتاب!
فالذي يتعالم عليه بهذه القصائد هو كناقل الثلج إلى أبها، أو التمر إلى هجر!
وبقية القصائد العسيرية والنجدية تلوح عليها لوائح التزييف، وهي من جنس القصائد العائضية لغة وأسلوباً وأهدافاً، وبالطبع لم يستطع المجادل عن الكتاب توثيق شيئ منها.
والمعيار في الحكم على القصائد بالزيف هو التشابه بينها في الأسلوب واللغة والأفكار والضرورات الشعرية.
فالحاصل: أن كل قصيدة في الكتاب تخدم غرض الكتاب لا توجد إلا في هذا الكتاب!
وقد نثر الأستاذ كنانته وسأل المصادر والدواوين، فوجد القصائد النجدية الثلاث وقصيدتي آل الحفظي! وهذه القصائد الخمس ليست من عمود الكتاب، ولا علاقة لها بأفكاره الرئيسة.
وواقع الحال أنهم جاؤوا بقصيدة ابن سحمان وقصيدة ابن عثيمين تمهيداً لتزييف الإجابة عليهما، فاكتفى المجادل عن الكتاب بتوثيق القصيدتين عن توثيق الردّ عليهما!
الشأن كلّ الشأن بما ينفرد به الكتاب من الأخبار والأنساب والأشعار، ولا سيما الأشعار العائضية. وقد فشل المجادل عن الكتاب في توثيقها فشلاً ذريعاً!
وارتكب أموراً غير مستحسنة عند أهل العلم!
وإليك التفاصيل:
قال المجادل عن الكتاب، الأستاذ (صقر بن حسن):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/410)
المثال الأول: قصيدة الشيخ عبدالخالق بن إبراهيم الحفظي التي قالها في مدح محمد بن عائض والتي يقول في أولها:
هُنيتَ بالنصرِ في عَيشٍ عليكَ هَنِيْ ... وبُوئتَ بالنصرِ في شَامٍ وفي يَمنِ
وهي موجودة في كل من:
1 - كتاب " إمتاع السامر " كاملة.
2 – حاشية كتاب " الدر الثمين " للعلامة الحسن بن أحمد عاكش المطبوع عام 1398 هـ
3 - كتاب " نفحات من عسير قصائد أسلاف آل الحفظي " المطبوع عام 1392 هـ وهي ناقصة.
وكان قد استشهد في موضع آخر بخمسة أبيات من القصيدة على مسألة النسب السفياني، وعقب عليها بنفس هذا التوثيق، فقال (انظر كتاب الدر الثمين للعلامة الحسن بن أحمد عاكش. وانظر كتاب نفحات من عسير للشيخ محمد بن إبراهيم الحفظي ص 136 وعنده في القصيدة نقص)! والأبيات الخمسة هي:
بَنو أُمَيَّةَ قد عَزُّوا بِمُلكِهِمُ ... وغيرُهُم في فسادٍ عاثِرٍ عَفِنِ
أحفادُهُم في رِحابِ الأرضِ ما بَرِحوا ... وإن نأى مجدُ ما شادُوهُ فاستَبِنِ
أمَا دَرى أنهُ الضِّرغامُ من نَفَرٍ ... شُمُّ الأنوفِ بُنَاةُ المَجدِ خَيرُ بَني
أرُومَةٌ مِنْ قُريشٍ طابَ مَعدِنُها ... نَسلُ اليزيدِنَ أهل الفضلِ والمِنَنِ
الطاعِنونَ العِدا والنَّاقِلونَ لهُم ... مِنَ البلادِ إلى أخرى مِنَ المُدُنِ
أقول مستعيناً بالله:
أولاً:
انظروا - ابتداء - إلى الإفلاس والتناقض العظيم! نقول لهم: إمتاع السامر لم يظهر إلا في حدود سنة 1407! فيأبون التسليم بذلك، ويتهرَّبون من مناقشته، لأنهم يدركون أن ثبوت الكذب في التاريخ واسم المطبعة يعصف بالكتاب كله!
ولكنهم إذا أرادوا توثيق شيء من الكتاب طفقوا إلى النفحات المطبوع سنة 1393، والدر الثمين المؤرخ بسنة 1398، وكتاب ابن مسفر المطبوع سنة 100 تقريباً، وكتاب محمود شاكر الشامي الصادر سنة 1402، وكتاب الصميلي المطبوع سنة 1319 ... إلخ.
لقد أقاموا بذلك الحجَّة على أنفسهم بأن الكتاب لم يطبع بمطبعة الحلبي سنة 1365!
بل حتى هذه الكتب التي يتعلَّقون بها لم يسمع أصحابها بإمتاع السامر - وإن دُسَّت إليهم بعض مادَّته - لأنه لم يظهر إلا سنة 1407!
ومن زاغ عن الحقّ ضاقت عليه المسالك، والحمد لله رب العالمين!
ثانياً:
لقد كان ينبغي أن لا يستكثر الكاتب بحاشية الدر الثمين، ولا أن يردّد (العلامة عاكش ... العلامة عاكش)، لأن الحاشية ليست لعاكش، بل لناشر الكتاب الأستاذ عبدالله بن حميّد، وتاريخ النشر سنة 1398 (ويقال بعد ذلك!). ولكنه يكرر المرّة بعد المرّة (الدر الثمين - العلامة عاكش) ليحصل الخلط المطلوب في ذهن القارئ فيظن أن العلامة عاكش تلميذ الشوكاني يشهد لصحَّة إمتاع السامر!
ولو صدق الأخ مع نفسه ومع قرائه لصرَّح لهم بأن ابن حميّد نقل القصيدة من النفحات، وأن النفحات كتاب أصيل جمعه آل الحفظي من أوراقهم، ولا علاقة له بإمتاع السامر، ولم يذكروه في مصادرهم.
بل لا يشكك الناظر المدقِّق بأن أصحاب إمتاع السامر قد نقلوها من النفحات أيضاً!
ثالثاً:
قد يقول القارئ الكريم: وجود القصيدة - وما تنطوي عليه من معلومات تاريخية - في النفحات يشهد لمضمون إمتاع السامر، وإن لم يشهد لصدور في عام 1365!
فأقول للقارئ: لا تستعجل، بارك الله فيك! وافطن إلى التدليس الماكر في قوله (وهي ناقصة - وعنده في القصيدة نقص)، كما سيأتي بيانه إن شاء الله!
رابعاً:
الغريب أن هذا الكاتب - على عادته في الانتقاء - لم يجد في متن الدر الثمين شيئاً له علاقة بإمتاع السامر، إلا حواشي ناشره ابن حميِّد!
وهو يعلم يقيناً أن متن الكتابين ليس بينهما أي شيء مشترك، لا في المعلومات ولا في الأسلوب، مع أن موضوعهما واحد وهو تاريخ الأسرة العائضية بعسير!
فمثلاً: النقطة الجوهرية التي يدور عليها إمتاع السامر هي نسبة آل عائض إلى آل سفيان، تمهيداً لتزوير تاريخ وأمجاد لهم على مستوى العالم العربي! ولكن ها هو المؤرخ (الحقيقي) عاكش الضمدي يصنِّف كتاباً لمفاخر محمد بن عائض ولا يشير إلى النسب السفياني من قريب ولا بعيد!
وفي المقابل لم يورد مزوِّرو إمتاع السامر شيئاً من الأخبار والأشعار الصحيحة التي أوردها عاكش، فلعلهم لم يعلموا بوجود الكتاب! إلا أن يكون القوم قد أرجأوا الكلام على ولاية محمد بن عائض إلى جزء لاحق!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/411)
وفي حواشي الشيخ عبدالله بن حميِّد ومقدَّمته مفارقة أخرى غريبة! ففيها ما هو مشترك مع إمتاع السامر، كمسألة النسب السفياني، ولكنه لم يسمع بإمتاع السامر المزعوم أنه طُبع سنة 1365! وكان قد كتب في مجلة العرب سنة 1395 أنه اطلع على ورقتين فيهما نسبة آل عايض إلى بني أمية، من غير أن يشير إلى أن هناك كتاباً كبيراً اسمه إمتاع السامر يدور على هذا المعنى! وعندما ظهر الإمتاع سنة 1407 كتب مقالة بجريدة البلاد بتاريخ 14/ 4 / 1407، يلفت فيها نظر الشيخ حمد الجاسر إليه، ويظهر منها أنه فوجئ به كما فوجئ به الناس، مع أنه (يعكف الآن لوضع تاريخ شامل عن المنطقة)، كما هو مكتوب على غلاف الدر الثمين!
التفسير المعقول لذلك أن إمتاع السامر كان في طور التزوير سنة 1398 ولم يوضع له اسم إمتاع السامر بعد! ولا يخفى أنَّ تزويره يحتاج إلى سنوات، فلا يُستغرب أن تُدَسَّ بعض موادّه في سنة 1398 إلى المشتغلين بتاريخ عسير، كابن حميِّد وابن مسفر ومحمود شاكر، لينقلوا منها فتصير نقولهم كالتوثيق للكتاب الذي يضربونه في دار الضرب!
وكذلك فإن ابنه الأستاذ محمد بن عبدالله بن حميِّد، رئيس النادي الأدبي بأبها، هو أحد المعلِّقين على إمتاع السامر، الذي. فهو يحذِّر منه ويشهد بأنه كتاب منحول، وينكر أن يكون أبوه ناشر الدر الثمين، ويؤكّد أن الدر الثمين ظهر بعد موته! والله أعلم بحقيقة الحال!
خامساً:
واقع الحال الذي سعى المجادل عن الكتاب ليصرف نظر القارئ عنه، ويستطيع القارئ أن يتأكد منه بنفسه، أن الأبيات التي تتَّفق مع أغراض إمتاع السامر لا توجد إلا في إمتاع السامر! بل إن هذا التزييف بعينه يصبح دليلاً ملموساً على تزييف الكتاب!
فالإشكال ليس في وجود القصيدة في إمتاع السامر، بل في هذه الأبيات الثلاثة (حسب ترقيم إمتاع السامر):
32 بنو أمية قد عزوا بملكهم * وغيرهم في فساد ظاهر عفنِ
33 أحفادهم في رحاب الأرض ما برحوا * وإن نأى مجد ما شادوه فاستبنِ
42 أرومة من قريش طاب معدنها * نسل اليزيدين أهل الفضل والمننِ
وهي نفس الأبيات التي يوردها الأستاذ (صقر بن حسن) متفاخراً بها ومستدلاً على صحة الكتاب وصحة النسب السفياني!
احذف هذه الثلاثة، فتؤول القصيدة إلى قصيدة عادية يقولها شاعر في مدح أميره، كقصائد متن الدر الثمين مثلاً!
ولم ينكر أحد أن شعراء عسير كانوا يمدحون أمراءهم منذ الجاهلية إلى اليوم!
فكل الصيد في جوف هذه الأبيات الثلاثة!
هذه الأبيات الثلاثة - على مسؤوليتي - لا توجد في النفحات التي هي مصدر الجميع، كما لا يوجد الأول والثاني منهما في حاشية ابن حميِّد، مع أنه ينقل من النفحات بلا أدنى شكّ، ولكن يوجد عنده الثالث فقط (رقم 42)! فالظاهر أن يد التزوير كانت تدسّ البيت بعد البيت في القصيدة كلما جادت القريحة بشيء، وعندما دسُّوها إليه لم كانوا قد صنعوا ذلك البيت وحده!
وهذا طبعاً من باب إحسان الظن به رحمه الله، وتنزيهه عن أن يكون شريكاً في الاختلاق وتزوير التاريخ والأنساب والأشعار، كما هو حقه علينا!
لقد أورد الأستاذ (صقر بن حسن) هذه الأبيات، وزعم أنها موجودة في الدر الثمين أو في حاشيته، وأنها موجودة في النفحات، ثم ألقى بهذه العبارة الغامضة الخطيرة (وعنده في القصيدة نقص ... وهي ناقصة)، ليظن القارئ أن النقص واقع في مقدَّمة القصيدة أو خاتمتها أو بعض أبياتها الروتينية! وليس في نفس هذه الأبيات التي فرغ لتوَّه من إيرادها! لئلا يفطن القارئ إلى طبيعة النقص المزعوم وتأثيره على وجه الاستشهاد! وليحتاط لنفسه، ويحتفظ بخط الرجعة إذا انكشف الأمر!
ولعل القارئ يفطن إلى أنه صوَّر كثيراً من صحائف الدر الثمين وديوان ابن عثيمين وغيرهما، فلما وصل إلى (نفحات من عسير) نشر صورة الغلاف وحدها! ولم ينشر صورة القصيدة! لئلا يعرف القراء أين النقص وأين الكمال!
فسبحان الله! يظنون أنهم أذكياء وأن القراء أغبياء!
أتدرون ما معنى هذا الكلام الذي يسوِّق له الأستاذ (صقر بن حسن)؟!
معناه: الادِّعاء بأن آل عائض كانوا ينتسبون إلى يزيد بن أبي سفيان في القرن الثالث عشر، وأن ذلك اشتهر ذلك عنهم بحيث يمدحهم به الشيخ الجليل عبدالخالق بن إبراهيم الحفظي وأمثاله من العلماء والشعراء، وطبعاً سيقول القارئ: إذا شهد ذلك الشيخ بنسبهم قبل 160 عاماً فقد قُضي الأمر!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/412)
فنحن إذن بين احتمالين: أن يكون الأستاذ محمد الحفظي قد طمس الأبيات الدالة على النسب السفياني من النفحات سنة 1393! وهذا غير معقول، ولا يوجد ما يدعوه إلى ذلك، ولا سيما إذا كان أسلافه يقرِّرون النسب السفياني لآل عايض! وليس بينه وبين آل عايض أي عداوة! والدولة السعودية - التي قد يقال إنه ربما طمس الأبيات مجاملة لها - لا يعنيها نسب الأشراف والأدارسة وآل الرشيد وآل مهنا وآل عايض وسائر خصومها الذين دخلوا في طاعتها، بدليل أنها لم تكترث بحاشية ابن حميِّد ولا بكتاب محمود شاكر الشامي، والذي يعنيها هو الطاعة والولاء والوفاء بالعهد والبيعة!
والاحتمال الآخر: أن تكون القصيدة صحيحة كاملة في النفحات، وأُفسدت بالدسّ عليها في إمتاع السامر للغرض المعلوم الذي زوِّر من أجله الكتاب! وهذا هو الاحتمال المعقول الذي لا يوجد غيره، ولا سيما مع تراكم الظلمات على إمتاع السامر.
وإن صحَّ ذلك، وهو صحيح إن شاء الله، فيكون أصحاب إمتاع السامر - من مزوِّرين ومطبِّلين - قد افتروا شعراً لأجل التلاعب بالأنساب وألصقوه بشيخ عسير الجليل عبدالخالق بن إبراهيم الحفظي!
وللإحماض أسوق لكم نكتة!
كان الشيخ حمد الجاسر قد كذَّب قول شعيب بأن أباه لقي الأمير محمد السديري بالرياض عام 1281، بناء على أن السديري مات وهو أمير على الأحساء سنة 1277 تقريباً. فانتصر أبو عبدالرحمن الظاهري لشعيب، ووضع رقماً عند هذه الجملة، وقال في الحاشية (إنما ذلك والده أحمد وأما محمد فقتل سنة 1291). وهذه هي الأمانة العلمية، لأن التصدِّي للباطل لا يكون إلا بالحقّ.
لقد كان من الواجب على الأستاذ (صقر بن حسن) أن يشكر الخصم على صدقه وأمانته ولو في هذا الموضع، أو يتجاهل المسألة كما يتجاهل غيرها! ولكنَّه اعتبر خطأ الجاسر من باب (التدليس والتلبيس)، واعتدى بأن جعل كلام الظاهري (زيادة في التدليس والتلبيس)!
لماذا يا مولانا؟! لأن التصحيح لم يرد في نفس الصفحة (رقم 528)، بل في قسم الحواشي (ص 540).
يا سبحان الله! أبو عبدالرحمن ينتصر لإمتاع السامر في مسألة معيَّنة، فيُتَّهم (بزيادة التدليس والتلبيس)، مع أنه لم يفعل إلا ما يفعله جمهور الباحثين من وضع الحواشي في آخر البحث! علماً بأنه لا يتدخَّل في التفاصيل الشكلية والطباعية!
أما الأستاذ (صقر بن حسن) - وقد بلغ هذه المنزلة الرفيعة من أخلاقيات البحث العلمي - فقد رضى لنفسه وللقراء بأن يستشهد لصحة إمتاع السامر بثلاثة أبيات يعلم علم اليقين أنها لا توجد إلا في إمتاع السامر، ويؤكد أن القصيدة موجودة في مصدرين آخرين، ويوظِّف الحيل اللفظية والتصويرية لصرف القارئ عن اكتشاف الحقيقة، وهي أن الأبيات الثلاثة لا توجد إلا في إمتاع السامر!
ورحم الله الإنصاف، والإنصاف عزيز!
ثم قال الأستاذ (صقر بن حسن):
المثال الثاني:
قصيدة العلامة الشيخ سليمان بن سحمان، والتي عارضَ بها قصيدة والد شعيب العلامة عبدالحميد الدوسري والتي يقول فيها:
فأشرِفْ على أبها حنانيكَ قائلاً ... ودمعُكَ سفاحٌ على الخدِّ والنَّحْرِ
سلامٌ على من حَلَّها من ذوي الهُدى ... بقيةِ أهلِ الدينِ في غابرِ الدهرِ
وهي موجودة في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " كاملة بدون نقص.
2 – كتاب " مشاهير علماء نجد " للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ المطبوع عام 1392 وعام 1394 ولكنها ناقصة كثيراً.
فنقول:
أولاً:
القصيدة بتمامها في ديوان ابن سحمان بتحقيق عبدالرحمن الرويشد (ما غيره!) ص 398 - 408
وقد ذكر أنه طرح مناسبات القصائد، ولم يتيسر بعدُ مراجعة الطبعة القديمة للتأكد من ورود جواب عليها، وتعيين عبد الحميد المخاطب بها.
مع العلم أنه لم يتأكد بعد أنه والد شعيب، ولا أنه ابن خالة سليمان.
والواجب على من يدافع عن الكتاب أن يوثق هذه الدعاوى بالوثائق.
ثانياً:
الاشتغال بهذه القصيدة، وتصويرها من الكتب، إضاعة للوقت وتلبيس على القراء؛ لأن القصيدة سعودية الهوى والتوجّه 100% وتعكس إخلاص أهل عسير لدولتهم السعودية.
والواقع أن مزوِّر الكتاب إنما أوردها تمهيداً لإنشاد الجواب المزعوم عليها منسوباً إلى (الشيخ العلامة عبدالحميد بن سالم الدوسري) والد شعيب!
فالإشكال إنما ينحصر في قصيدة الدوسري الجوابية المزعومة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/413)
وطبعاً لم يستطع المجادل عن الكتاب توثيقها! ولم يملك الشجاعة ليصارح القارئ بأنها لا توجد إلا في إمتاع السامر، بل صرف القارئ عن التفكير فيها بصور القصيدة الأولى!
فلا عجب أن تتضمن القصيدة الجوابية المزعومة إشارة أخرى إلى النسب السفياني:
49 بنو عائض فرع اليزيد محمد * وأهل العلا من نسل حرب ومن صخرِ
وهي ما زُيِّفت إلا لهذا الغرض!
فكأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا!
أصحاب إمتاع السامر يستشهدون على النسب السفياني بأشعار لا توجد إلا في إمتاع السامر!
كقاضي البصرة الذي تنكَّر وجاء إلى المأمون ليثني على قاضي البصرة!
ثم قال المجادل عن الكتاب:
المثال الثالث: قصيدتان:
الأولى قصيدة الشيخ علي بن الحسين الحفظي التي أرسلها إلى الإمام فيصل بن تركي والتي يقول فيها:
أيا أم عبدٍ مالكِ والتشردِ ... ومسراكِ بالليلِ البَهيمِ لتبعُدي
ومأواكِ أوصادَ الكُهوفِ توحُّشاً ... ومثواكِ أفياءَ النصوبِ وغرقدِ
والثانية قصيدة الشيخ أحمد بن علي بن مشرف الأحسائي رداً عليها حيث يقول فيها:
بَشيرُ سُعادٍ جاءَ نحوكِ فاسعدِ ... وقد وعدتْ وصلاً فأوفتْ بمَوعدِ
وكلتا القصيدتين موجودتان في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " بكمالهما.
2 – كتاب " عنوان المجد في تاريخ نجد " بتحقيق الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، المطبوع عام 1494، أما القصيدة الأولى فكاملة، وأما الثانية فناقصة كثيرا.
أقول:
في هذه صدق الأستاذ (صقر بن حسن)، فالقصيدة ثابتة وجوابها ثابت.
وقد قلَّبتُهما فلم أجد مسوِّغاً لإثباتهما في إمتاع السامر!
وليس فيهما أي إشارة إلى النسب السفياني!
فقصيدة الحفظي سعودية الهوى والعاطفة 100%، وكذلك قصيدة ابن مشرف، وكلتاهما صريحة بأن عسير ولاية سعودية.
يقول الحفظي:
16 وفيها رئيس (عائض) حول وجهه * حياض المنايا أصدرت كل موردِ
17 خليفة عصر للحنيفي مثقف * لما اعوجّ منه في حجاز وأنجدِ
57 وناد بأعلى الصوت (بشرى لفيصل) * ومن نسل سادات الملوك مسددِ
58 إليك نظاماً نشره في وقائع * على جحفل المصري قد شيد باليدِ
والحنيفي: فيصل بن تركي، لأنهم من بني حنيفة.
ويتردد نفس المعنى في القصيدة الجوابية:
23 حنيفية في دينها حنفية * فأنسابهم تعزى لأفخر محتدِ
52 سما للعلا حقاً عليٌّ ولم يزال * يروح بأسباب الجهاد ويغتدي
57 فلما تولّى عاضنا منه عائضٌ * إمام همام كالحسام المجردِ
ويلاحظ أن الضرورة ألجأت الحفظي إلى (حنيفي) بدلاً من (حنفي)، فتلطف ابن مشرف إلى التصحيح بقوله (حنيفية في دينها حنفية)!
والغريب أن يوردهما مزوِّر إمتاع السامر وهو يزعم أن بني سعود يمنيون من مراد، وأنهم من أحفاد الجند الذي بعث صاحب عسير السفياني لنصرة صلاح الدين!
والشاهد على كل حال أن وجود القصيدتين ليس فيه أي دليل على صحة إمتاع السامر!
ثم قال المجادل عن الكتاب:
المثال الرابع:
قصيدة الشاعر الكبير محمد بن عثيمين التي قالها في عام 1342 ه وأولها:
بلوغ ُ الأماني في شفار القواضبِ ... ونيل المعالي في مَجَرِّ السَّلاهبِ
1 – موجودة في كتاب " إمتاع السامر " كاملة.
2 – موجود في ديوان الشاعر ابن عثيمين " العقد الثمين من شعر محمد بن عثيمين " المطبوع قديماً طبعة راقية على نفقة الوزير ابن سليمان.
أقول مرّة أخرى: شعر ابن عثيمين محفوظ، لا حاجة للأستاذ أن يشتغل بتصويره، والإشكال في قصيدة العائضي الجوابية المزعومة!
لقد زعم مزوِّر إمتاع السامر: أن محمد بن ناصر بن عبدالرحمن بن عائض (ردَّ عليها على مسمع من الأمراء والأعيان بقصر الحكم بالصفاة)، وبعد أن أثنى على محمد بما لعله أهله قال (ويظهر ذلك من خلال القصيدة التي ألقاها أمام الملك عبدالعزيز وأعيان البلاد بعد سماعه لقصيدة ابن عثيمين ... فاندفع يتكلم وكأنه وسط خضمّ المعركة ... إلخ).
وقد افتخر فيها بآل عائض وإخلاصهم للدين والعروبة والخلافة والوحدة العربية والإسلامية، وأمجادهم القومية، ونسبهم الأموي! وشتم ابن عثيمين شاعر الملك بأنه (مولى بني تميم)، ووصف الملك عبدالعزيز بالطريد الشريد، واتَّهمه بالكفر والعمالة للإنجليز، وافتخر عليه بآل الرشيد، وبانتصارات آل عائض عليه، وشبَّه أحد قادته بالحمار، ومدح الأتراك لأنهم دولة الخلافة التي خرج عليها آل سعود وأمثالهم، ... إلخ
وعدد الأبيات المرتجلة 336 بيتاً! وهذه نماذج منها:
20 رويدك يا مولى تميم فلم تكن * لتدرك درب الحق عند التخاطبِ
22 ولم يك من أصفيته الود راغباً * سوى الملك يرجوه رفيع المناصبِ
139 وليسوا كأنت من غدوتم بكفركم * عتاةً دهاةً في افتراء المقالبِ
140 تريدون تمزيق الصفوف ودأبكم * تكيدون للإسلام في كل جانبِ
141 وكم من أمين قد دفعتم لغزوه * فيا ذُلَّ من أمسى عميل الأجانبِ
142 ألم تجعلوه دميةً في أكفكم * فإن حاد فالتهديد شأن المعاقبِ
145 فلاذا مثل بازين دربخا * إذا ما بدا نسر رهيف المخالبِ
153 ولو ابنة الحمّاد فاهت بآهة * لهبوا إليه بالسيوف النواصبِ
يزعم أنه قال للسلطان عبدالعزيز في وجهه وفي مجلسه: أنت كافر عميل تكيد للإسلام، وأغريت ابن الصباح بالمال والتهديد ليغزو معك ابن رشيد، ففررتما فرار البزاة من وجه النسر، ولو ساعد المقدور لصرخت المرأة وفشلت في استعادة الرياض!
ومن ظرائفها قوله في تفسير هزيمتهم:
93 ثلاث قوى قد جابهتنا بزحفها * وكنا لها سدًّا منيع الجوانبِ
فظاهر أن العدوان الثلاثي على مصر كان يجول في ذهن الناظم!
ولعل القارئ الكريم ينظر في مفردات هذه الأبيات، لأنها نموذج لمفردات الكتاب كله (من خلال - المقالب - دفعتم - عميل - دمية)، فهي خير دليل على عصر الكاتب وثقافته الأدبية المعاصرة!
فأقول باختصار:
من صدَّق هذه الأسطورة والكتاب الذي يرويها فعلى عقله السلام!
هذه حكاية القصائد الخمس!
وقد أحسن إلينا الأستاذ (صقر بن حسن)، من حيث لا يقصد، بهذه الصور، فلفت نظرنا إلى دقائق كانت غائبة عنا وهي تثيت التزوير في إمتاع السامر!
ولكنها تحتاج إلى تحرير ليس هذا مكانه
سبحانك اللهم وبحمدك، نستغفرك ونتوب إليك
اللهم اغفر لي ولأخي
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/414)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[03 - 10 - 09, 09:36 ص]ـ
لن أتكلم عما اشتمل عليه مقال الأخ " خزانة " من إغراق في التحليلات الكاذبة لكل جزئية تحليلا تعجز عنها استخبارات السي آي إيه.
خلاصة كلامي
يقول " خزانة " في كلامه سابقا:
جميع القصائد مطوية
لايوجد شيء منها في أي كتاب
أن هذه القصائد الركيكة كلها على نمط واحد ومستوى
كأنها نظم رجل واحد
موضوع القصائد جزء من موضوع الكتاب
الجميع مزور قريبا من سنة 1407!
ويذكر قول الشيخ حمد الجاسر عن القصائد:
أسلوب القصائد التي يوردها في كتابه أسلوباً واحدا سواء منها ما قاله على لسان أناس قال إنهم عاشوا في القرن الثاني الهجري، أو آخرين عاشوا في القرن الرابع عشر، ما يدل على أن الناظم واحد.
يا أيها الأخ الكريم
القصائد كثيرة جداً، وهي منسوبة إلى رجال تعاقبوا على هذه الدنيا أربعة عشر قرناً!
فهل يعقل أن تكون جميع هذه القصائد مطويَّة، لا يوجد شيء منها في أي كتاب، إلى أن طُبع إمتاع السامر؟!
وأهل المعرفة بالشعر يستغربون أن هذه القصائد الركيكة كلها على نمط واحد ومستوى، كأنها من نظم رجل واحد! وفيها عبارات معاصرة تدل على أن ناظمها يعيش في عصرنا هذا!
والغرض من هذه القصائد هو إثبات دعاوى خطيرة تتعلَّق بالتاريخ والأنساب والأنساب والسياسة
وموضوع القصائد جزء من موضوع الكتاب كله، الجميع مزوَّر قريباً من سنة 1407!
وأما رأي الجاسر في أشعار الكتاب وأنها على درجة من حسن السبك فالمسألة نسبية، ومعنى ذلك أن ناظمها كان على درجة من الموهبة الشعرية! وهذا تحصيل حاصل! لأن لجنة التزوير لا بدّ أن تكل اختلاق الأشعار إلى شاعر!
فمن يحتج بحسن سبك الأشعار على صحة الكتاب فقد أقام الحجَّة على إفلاسه من الحجج!
وإليك رأي الجاسر في أشعار الكتاب (المجلة العربية، ذو القعدة 1408):
وإن كان أسلوب القصائد التي يوردها في كتابه أسلوباً واحداً، سواء منها ما قاله على لسان أناس قال إنهم عاشوا في القرن الثاني الهجري، أو آخرين عاشوا في القرن الرابع عشر، ما يدل على أن الناظم واحد.
النتيجة الحتيمة لما سبق والتي لا تقبل النقاش أبدا هي: أن جميع القصائد كذب تزوير، من نظم شخص واحد خصب الخيال و ... و .... إلخ
ومن يشكك في هذا فهو شخص لها غايات سياسية، وأمور مُبطنة، ودُست إليه نُسخ وأبيات ليُضيفها، وله تدليس مكر، ويريد أن يلفت نظر القارئ، ليوهمه .... إلخ
وحينما أثبتُّ وبينتُ - معترضا على هذا الحكم العام الجائر - أن هناك قصائد وردت في كتب أخرى وأن قائليها أناس مشهورون متعددون وأنها وردت في حاشية " عنوان المجد " و " ديوان ابن عثيمين " وغيرها، بدأ حكم " خزانة " يتغير عن السابق 180 درجة - رأساً على عقب - ويأخذ شكلا آخر وطريقة تحليل أخرى تعجز عنها السي آي إيه أيضاً.
فقال:
فالقصيدتان الحفظيَّتان معروفتان منشورتان من قبل أن ينشر إمتاع السامر
قصيدة ابن مشرَّف النجدية الجوابية لإحداهما، وقصيدة سليمان بن سحمان، وقصيدة ابن عثيمين. كلها معروف
وأما القصائد العسيرية والنجدية، ففيها تفصيل:
فالقصيدتان الحفظيَّتان معروفتان منشورتان من قبل أن ينشر إمتاع السامر، وكذلك قصيدة ابن مشرَّف النجدية الجوابية لإحداهما، وقصيدة سليمان بن سحمان، وقصيدة ابن عثيمين. كلها معروف، وإن كان ذلك لا يمنع المفترين من دسّ أبيات هنا وهناك للغرض المعلوم كما سيأتي بيانه!
وأصبح يقول الأخ " خزانة " عن قصيدة الحفظي في محمد بن عائض:
أنه لا إشكال فيها وإنما في ثلاثة من أبياتها
احذف هذه الثلاثة، فتؤول القصيدة إلى قصيدة عادية يقولها شاعر في مدح أميره، كقصائد متن الدر الثمين مثلاً!
فالإشكال ليس في وجود القصيدة في إمتاع السامر، بل في هذه الأبيات الثلاثة (حسب ترقيم إمتاع السامر):
32 بنو أمية قد عزوا بملكهم * وغيرهم في فساد ظاهر عفنِ
33 أحفادهم في رحاب الأرض ما برحوا * وإن نأى مجد ما شادوه فاستبنِ
42 أرومة من قريش طاب معدنها * نسل اليزيدين أهل الفضل والمننِ
احذف هذه الثلاثة، فتؤول القصيدة إلى قصيدة عادية يقولها شاعر في مدح أميره، كقصائد متن الدر الثمين مثلاً!
الآن قصيدة الحفظي عادية لا إشكال فيها - غير مزورة طبعاً - إلا ثلاثة أبيات منها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/415)
وأيضا يقول الأخ " خزانة " الآن عن قصيدة علي الحفظي وقصيدة ابن مشرف أنهما ثابتتان، ومن قبل كانتا عنده مزورة تبعا للكتاب المزور فالجميع مزور!؟
أقول:
في هذه صدق الأستاذ (صقر بن حسن)، فالقصيدة ثابتة وجوابها ثابت.
وقد قلَّبتُهما فلم أجد مسوِّغاً لإثباتهما في إمتاع السامر!
وليس فيهما أي إشارة إلى النسب السفياني!
فقصيدة الحفظي سعودية الهوى والعاطفة 100%، وكذلك قصيدة ابن مشرف، وكلتاهما صريحة بأن عسير ولاية سعودية.
أصبحت القصيدتان الآن ثابتتا، بعد أن كانتا ضمن الكتاب المزور نظمه ونثره. ويؤيد ثبوتهما - عند الأخ خزانة - الهوى والعاطفة الثابتة في القصيدتين للدولة فليس فيها خلل سياسي أو معارضة سياسية.
و بعد هذا الموجز من التناقضات أصبحت قصائد الكتاب قسمين:
قسم أساسية مزور من صلب الكتاب
وقسم غير مزور وليس موضع شك أو نقاش
لقد ترك القصائد الأساسية، وذهب يوثِّق القصائد التي لم تكن أصلاً موضع شكٍّ أو نقاش!
طبعا هذه التناقضات كنت أتمنى أن الأخ " خزانة " لم يقع فيها، وتمنيت أنه لم يتسرع ويصدر سابقاً أحكاما نهائية جزماً وقطعاً، ثم يخالف ما التزمه سابقاً.
وكنت أطلب منه عدم الاستعجال، ولكنه أصر على موقفه ذلك، فضربت صفحا عن النقاش معه بسبب ذلك.
بعد ذلك قام يكيل لي التهم السياسية ضد الدولة ظنا منه أنه سيخيفني بذلك، وبدأ يربط كلامي بذلك، يحلل ويستنتج، ويزيد ويعيد.
وختم كلامه بقوله:
هذه حكاية القصائد الخمس!
وقد أحسن إلينا الأستاذ (صقر بن حسن)، من حيث لا يقصد، بهذه الصور، فلفت نظرنا إلى دقائق كانت غائبة عنا وهي تثيت التزوير في إمتاع السامر!
ولكنها تحتاج إلى تحرير ليس هذا مكانه
وأقول للأخ " خزانة ":
إن كنتُ أحسنت فمن الله تعالى وحده، فله الحمد والشكر، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وأما ما غاب عنك من الدقائق فهو دليل على أشياء:
استعجالك في النقد والتكذيب لأدنى شك
كيل التهم لغيرك وافتراض العدواة للدولة
قلة معرفتك وإحاطتك
اعتمادك على مقولة خاطئة وهي: " أن ما لم يكن مشهورا بين الناس " فهو مردود
اختراع معيار من عند نفسك تزن به القصائد المزورة من غيرها!
بقولك: والمعيار في الحكم على القصائد بالزيف هو التشابه بينها في الأسلوب واللغة والأفكار والضرورات الشعرية.
فلفت نظرنا إلى دقائق كانت غائبة عنا وهي تثيت التزوير في إمتاع السامر!
ولكنها تحتاج إلى تحرير ليس هذا مكانه
والدقائق الغائبة عنك، تحتاج منك إلى مزيد تحليلاتك، وليس تحرير.
يكفني هنا أنني بينت أن هناك قصائد ثابتة غير مزورة، لا كما يزعمه من علق على إمتاع السامر، ولا كما يزعمه من أخذ بقولهم كالأخ " خزانة "
والله الموفق.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[03 - 10 - 09, 06:19 م]ـ
نفس الاستراتيجية!
ليس المهم عند الأخ أن يدحض الاعتراضات على الكتاب، بل المهم عنده - وعند أمثاله من المروِّجين للكتاب - التنقيب في كلام المعترض عن لفظة أو معلومة لتغيير الموضوع والاشتغال عن توثيق الكتاب!
وهذا الاعتراض أعلاه لا وجه له؛ لأن من أساليب العربية التعبير عن الكثير بالكلّ، وأقرب شواهده قوله تعالى (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ).
قال الزمخشري (وعبر عن الكثرة بالكلية). وقال أبو حيان (كل شيئ: عام مخصوص، أي من نفوسهم وأموالهم، أو أُمرت بتدميره). وهكذا في سائر التفاسير.
فعبارة (جميع قصائد الكتاب) معناها قصائده التي تتفق مع غرضه!
وعلى أي حال ما غلطنا في البخاري!
وعبارتي لا تغيِّر من واقع الأمر شيئاً!
المهم هو توثيق قصائد الكتاب!
وأنا أسأله سؤالين واضحين أمام القراء:
1 - بقية القصائد - وعددها في إحصائي تسع وثلاثون، هل استطعت توثيق شيء منها؟
كن شجاعاً وواضحاً وصريحاً!
أنا أقول: لم تستطع توثيق شيء منها، وأنت تجحد وتتهرب!
فكذبني وسوف أعتذر إليك!
2 - الأبيات المدسوسة في نونية الحفظي:
هل توجد في النفحات؟
وهل تملك الشجاعة للاعتذار للقراء عن التلبيس عليهم بوجودها في النفحات
والمسألة لا سي آي أي ولا يحزنون!
عباراتك ومصوَّراتك موجودة أعلاه!
وقد طويت منها ما لا يناسب غرضك!
وعندما نظرنا في نفس المصادر انكشف المستور!
ولا تفرح بالدقائق التي فطنتُ إليها من مصوَّراتك، فهي كما ورد في الحديث أو الأثر (رب حامل علم إلي من هو أعلم منه , ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه)!
ولا بدّ من الإشارة إلى قوله أعلاه:
بعد ذلك قام يكيل لي التهم السياسية ضد الدولة ظنا منه أنه سيخيفني بذلك، وبدأ يربط كلامي بذلك، يحلل ويستنتج، ويزيد ويعيد
يظن أن (صقر بن حسن) هو المقصود بهذه المعاني!
وأن الدولة السعودية أصدرت البيان الرسمي لتخويف (صقر بن حسن)!
مجرد تغيير للموضوع كالعادة، واتهام الطرف الآخر بالعداوة الشخصية!!
المقصود من جميع ما يقال عن الأغراض السياسية للكتاب:
هو مزوِّرو الكتاب، أو لجنة التزوير التي تخرج علينا كل فترة بكتاب جديد، وليس المصفِّقون في المدرجات!
إلا أن يكون (صقر بن حسن) واحداً منهم، فهو أعلم بنفسه!
وأما إساءتك للخطاب فلا تعليق عليه ولا فائدة من الأجابة عنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/416)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[03 - 10 - 09, 10:54 م]ـ
شرق " خزانة " بما أوردته عليه رغم تحديه وولولته وطنطنته، طلب فقط مثالا على ثلاث قصائد فأتيت له بخمس قصائد.
حلّ هذا الإشكال سهل ومنطقي!
أن يأتي الطرف الآخر بدليل مادي على أن بعض تلك القصائد - ثلاثاً منها مثلاً - كانت موجودة قبل إمتاع السامر!
أليس هذا هو منهج البحث التاريخي الصحيح؟!
بل حل الإشكال أسهل من ذلك!
هاتوا دليلاً مادياً واحداً على أن الكتاب كله - بقصائده وأخباره وأنسابه - وُجد في هذه الدنيا قبل عام 1400 هجرية،
بعد أن ذكرت أمثلة لخمس قصائد فقط، يعني بزيادة قصيدتين على الثلاث التي طلبها، قام بتحليلاته - المنكوسة - المعتادة منه، في فك رموز تلك القصائد الخطيرة - بزعمه - وبدأ يُصحح ويضعف، ويفتش عَلَّه يجد مخرجا من الورطة التي وقع فيها، والفضيحة التي تسبب فيها لنفسه.
وصدق حسان بن ثابت 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
ولا تكُ كالشاةِ التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا
فلو شئنا أن نقول كما يقولون في المسلسلات المصرية: رُفعت الجلسة وتحال الأوراق لفضيلة المفتي لإعدام الكتاب!
ما دام أن هذه ثقافتك فخلك في مسلسلاتك المصرية التي لا تحسن إلا إياها.
ولن أناقشك بعد هذه الفضيحة التي فضحك الله يا مجهول.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[04 - 10 - 09, 02:14 ص]ـ
كما قال المثل:
أريها السها وتريني القمر!
يوثق لنا قصائد الحفظي وابن عثمين وابن سحمان!
وثق لنا قصائد آل عايض!
وتدليسك أنت واصحابك في أبيات الحفظي مكشوف موثَّق أعلاه
وتقول:
لا تجيد غير المسلسلات المصرية!
أنا بحمد الله أجيد القراءة والكتابة وتصفح الإنترنت على الأقل!
فعلى طريقتك في الاستدلال والجدال يكون كلامك خلاف الحقيقة!
والسباب أترفع عنه، والقراء الكرام يعلمون أن الصراخ لا يسمن ولا يغني من جوع!
ولكنني أكرر السؤالين:
1 - بقية القصائد - وعددها في إحصائي تسع وثلاثون، هل استطعت توثيق شيء منها؟
كن شجاعاً وواضحاً وصريحاً!
أنا أقول: لم تستطع توثيق شيء منها، وأنت تجحد وتتهرب!
فكذبني وسوف أعتذر إليك!
2 - الأبيات المدسوسة في نونية الحفظي:
هل توجد في النفحات؟
وهل تملك الشجاعة للاعتذار للقراء عن التلبيس عليهم بوجودها في النفحات
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[04 - 10 - 09, 02:35 ص]ـ
عرض للقصيدة الأولى
هذا عرض للقصيدة الأولى المنسوبة إلى علي بن محمد اليزيدي، صقر قريش الذي فرَّ من وجه العباسيين وأقام دولتهم في عسير فيما زعموا!
أي إنه معاصر لجرير والفرزدق وذي الرمة والكميت وبشار بن برد، وممن يستشهد بشعرهم على مسائل النحو واللغة والتفسير، والعروض أيضاً
والقصيدة منسوخة من مشاركة (صقر) المشار إليها أعلاه:
1 نَجَوْنا كِراماً مِنْ مَهالِك تَغْتلي * بخدنٍ لَهُ في عُنُقِ شَانِئنا فِعْلُ
تَغْتلي: تسرع (كما في القاموس)، ولا معنى لوصف المهالك بالإسراع.
بخدنٍ لَهُ في عُنُقِ شَانِئنا فِعْلُ: كلام ركيك، وهو طبعاً يريد السيف، ولكن المقام يستدعي أن يعتذر عن فراره، لا أن يفاخر بانتصاراته على الذين ألجأوه لى الفرار!
والعجز أضعف من الصدر.
2 وقد أوغلوا فتكاً وغَطَّتْ دِمَاؤنا * بريقَ سُيوفٍ واشتدَّ بِهِمْ غِلُ
أوغلوا: ضعيفة في السياق بعد قوله (تغتلي).
فتكاً: لا يوصف العدو الغادر بالفتك.
بريقَ سُيوفٍ: يظهر أن المراد سيوف الأعداء المذكورين، فقطعَ الإضافة لأجل الضرورة
واشتدَّ بِهِمْ غِلُ: منكسر
وحق الوزن (استبدَّ)، ولكن استبداد الغلّ عبارة ركيكة
3 أَشاحَتْ ولم تَضْربْ كما أزورّتِ القنا * عليهم كأنَّ المرهفاتِ بها نَبْلُ
ما دام أن السيوف مصبوغة بدمائهم فكيف أَشاحَتْ ولم تَضْربْ وأزورّتِ القنا؟!
كأنَّ المرهفاتِ بها نَبْلُ: يُستغرب وصف السيوف بأنها نبال أو فيها نبال!
4 ولم يُرْعِنَا ما حلَّ نحن بنو الوغى * صَمَدْنا ولم نَأْبَهْ وإن كثر القتلُ
يُرْعي مضارع أرعى!
والمضارع المجزوم من أراع: يُرِعْ!
فأين أهل النحو والصرف!
صَمَدْنا: لا معنى للصمود بعد كل هذا القتل الذي ألجأه إلى الهرب!
5 وأحْنَقَهُمْ مِنَّا ابتسامُ ثغورِنا * وأضحكنا إذْ صار حِقْدُهُمْ يَغْلو
لم نسمع بابتسام المقتول المهزوم، والمعروف في هذا السياق (طاب الموت ولذَّ الموت).
يَغْلو: كرر المادة للمرة الثالثة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/417)
والمناسب للمقام (يغلي) ولكن الروي مضموم!
6 علونا خفافاً كل صهوةِ ضامرٍ * وفي كلَّ نجد نحو غايتنا نعلو
7 على لاجبٍ صِنْوِ العقاب ِ إذا عَدتْ * لتفتكَ في أفراخهِ الصُّقُرُ الصعلُ
لاحب: هكذا بالحاء في الإمتاع، وفسره شعيب (!) بالفرس المضمَّر، ولكن اللاحب في اللغة هو الطريق!
وكتبها (صقر) بالجيم! وليس لها معنى يليق بالسياق!
لتفتكَ في أفراخهِ الصُّقُرُ الصعلُ: هل تفتك الصقور بأفراخ العقبان؟! الشاعر أبخص!
8 وحولي من آلِ الغِياثِ ترافَلَتْ * ليوثٌ غِضابٌ كلٌ شيمتها نبلُ
كلٌ شيمتها نبلُ: عبارة ضعيفة بعد (ليوثٌ غِضابٌ)
فالعجز أضعف من الصدر، كالعادة.
9 يواكبنا من آل كلب فوارسٌ * حماة أباةٌ لا يُفارقُها الجذلُ
لا يُفارقُها الجذلُ: عبارة ضعيفة بعد (فوارسٌ حماة أباةٌ). والجذَل: الفرح
فالعجز أضعف من الصدر.
ويلاحظ على الشاعر، في مواضع كثيرة من قصائد كثيرة: تكرار معاني الفرح والابتسام في مواطن الهزيمة!
10 أجازوا بنا بيداءَ عز سلوكها * ولم يثنهم وعر بنجد ولا سهلُ
11 نجونا من آل فطرس إِنَّهمْ * ذئابٌ أرادوا الغدر وانتصَب النَّصْلُ
الصدر منكسر، ولعل الصواب: نجونا [بهم]
انتصَب النَّصْلُ: السيوف تُسَلُّ أو تُشهر!
12 يريدون بالإسلام والعربِ غيلةً * فيا لؤم ما خطُّوا ويا لؤمَ ما غلُّوا
أن يتَّهم العباسيون بعداوة العرب فهذا مفهوم، ولكن بإرادة اغتيال دين الإسلام - وهم من بيت النبوَّة - فلا!
خطُّوا: يريد (خطَّطوا)، مع كلمة التخطيط محدثة.
غلُّوا: كرر الغين واللام للمرة الرابعة!
13 وأزْروا بنَا أَنَّا عنابسةٌ إذا * غضبنا ففي أَعقابِ غضبتنا حَلُّ
انظر إلى شدة العبارة (إذا غضبنا)، ثم الليونة والميوعة (ففي أَعقابِ غضبتنا حَلُّ).
فالعجز أضعف من الصدر.
والعرب تقول: إذا غضب فلان غضب لغضبه مائة ألف لا يسألونه لم غضب!
ولا معنى للحلّ من غير عُقدة!
14 فغضبتُهمْ في رَهْجِها أعجَميَّةٌ * يَقُومُ بها علجٌ ويسمو بها نَغْلُ
يقول عن النغل: يسمو!
15 وأعطوا أماناً يرتجون توَصُّلاً * لغايتهم كما يحلُّ بنا الوَيلُ
التوَصُّل: شائعة في زماننا، ولا أراها من لغة الصدر الأول، ولا توجد في القاموس.
الوَيلُ: سناد قبيح
والعجز أضعف من الصدر.
16 ولم يكفِهمْ ذاكَ الذي ثارَ وانبَرى * يُطاوِلُهُ منا الخليفةُ لا يَألُو
يقول فيما يظهر من هذا الكلام الركيك: كان ينبغي أن يكتفي بنو العباس بصاحبهم عبدالله بن علي الذي ثار فانبرى له الخليفة مروان بن محمد!
والواقع أنهم قد اكتفوا به فقتل بني أمية، وهو صاحب أبي فطرس المذكور أعلاه!
ومن تمام بلاغته نزل بالخليفة إلى منزلة المطاول لمن هو دونه!
17 ونادى ارجعُوا فالأهلُ نحنُ يشُدُّنا * لعبدِ مَنافٍ في عَراقتِهِ أصْلُ
المعنى مفهوم، ولكن العبارة ركيكة!
18 أرادَ بنا غدراً أنُصغِي لقولِهِ * وسَفْكُ دِمانا ما يودُّ ويَسْتَلُّ
كذلك!
وذكر الاستلال دون السيوف!
وحذف عائد الصلة، ولعله يريد أن يقول: ويستل السيوف لأجله!
19 فأيُّ أمانٍ بات يُعطيه ثائِرٌ * وسلْطَتُهُ بغيٌ وبيعتُهُ بُطْلُ
التعبير بالسلطة عن السلطان من مفردات عصرنا، ولا توجد في القاموس.
20 سأغدو شجيً في نحرِهِمْ بتَوَثبِي * ويأخُذُهُ عني الغَطَارِفَةُ الشُبلُ
التوثَّب في القاموس: الاستيلاء على الشيء ظلماً
وأبلغ في صناعة الشعر تأخير هذا البيت إلى ما بعد الوصول إلى عسير!
21 أُمَيَّةُ فلننأى كراماً أَعِزَّةً * لنا في فجاجِ الأرضِ منتجعٌ يَحْلُو
الحلاوة ههنا من جنس الابتسام والجذل أعلاه!
22 فذلِكَ طوْدُ الخرّ أصبح مَرْيضاً * لأبطالِنا يأوي له السادةُ الجُلُّ
أصبح: لا معنى لها وهو يطالبهم بالرحيل إلى الطود، ولو قال (يصلح) لاستقام المعنى.
22 ونحنُ بِهِ نحميه من كلَّ ظالِمِ * ودون ذراه في مقابضِنا صُقْلُ
العجز أضعف من الصدر.
24 نخوضُ غِمارَ الحربِ لا نرهبُ الرَّدى * وتلك شُباةُ السيف في حُكمِها الفَصْلُ
العجز أضعف من الصدر.
25 ولم أُلْقِ بالاً للمطيِّ تلاحقَتْ * لتغدِرَ بي والغدرُ من طبعِهِ العَِّلُّ
26 فأوقرتُ سمعي عن سماعٍ جَفَوْتُهْ * أيخلُبُنيِ صوتٌ وصاحِبُهُ ثِعْلُ
عاد إلى حديث الفرار وهو قد تمكَّن من جبال عسير!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/418)
سماعٍ: الظاهر أنه يشير إلى صوت المنادي له بالاستسلام (كما في حكاية عبدالرحمن الداخل!)، وهو لا يسمى سماعاً، ولا يقال في مثله: نزَّهت سمعي عنه.
وليس في القاموس أوقر بهذا المعنى.
27 أقولُ لذاتِ الدلّ صبراً وحكمةً * فقد حالَ دون الوصلِ مُعْتَرِكٌ وَحْلُ
لا بأس بالصبر، ولكنَّ الحكمة!
28 فلا تنكحي يا ربَّة الدلَّ فُوهَةَّ * ستبدو مساوِيه ويَرْدَى بك الشَّكْلُ
الفوهة: شرحها الشارح باللئيم، والذي في المعاجم أنها الفم
وما جرت عادة السلاطين والأبطال الخارجين إلى الحرب بإيصاء النساء بأمر النكاح، وقد فعلها شاعر ذاهب إلى القصاص!
وقوله (ويَرْدَى بك الشَّكْلُ): ركيك، على عادته في أعجاز الأبيات
29 كَأَنَّ الحَيَا ألْقَى على الوَرْدِ لُؤلُؤاً * وخلف الدُّجَى غابتْ أزاهرُهُ العُبْلُ
الحياء يصبغ الخد بالحمرة، ولكنه لا يرسل الدموع!
وعجز البيت ركيك غير مفهوم، كالعادة، فما أزاهر الحياء العُبْل التي غابت خلف الدجى؟!
والمعروف: أزهار وأزاهير. والعُبْل جمع عبلاء، وهي الصخرة! وإن أراد جمع عبلة فهي الضخمة!
فوصف الأزاهر بالعُبل هم من تمام التوفيق لهذا الشاعر!
والقافية تحتاج إلى لام!
30 وَغَابَ عَنِ الأعداءِ لَوْنُ دِمائِنا * فطابَتْ نفوسٌ واستَبَلَّ بِها العَقْلُ
هل يقول الذاهب للقتال لامرأته: غَابَ عَنِ الأعداءِ لَوْنُ دِمائِنا؟
ومعنى العجز أنه كان مريض العقل!
31 فَإِنَّ دِمانا يا نوارُ وَدِيعَةٌ * لَدَيْكِ ومن عينيكِ أَهْدَرَها النُبْلُ
عجيبٌ إيداع الدماء لدى المرأة التي يوصيها بمن تنكح من بعده!
ومعنى الإهدار يناقض معنى الأمانة!
وقتلُ الأعداء له يتعارض مع قتل عينيها له!
ويظهر أنه سمع بالأهداب القاتلة!
29 فلا تَخْضُبِي منها البنانَ فَإنَّها * شِفَاءٌ لِغِلٍّ في صُدُورِهِمُ يَحْلُو
ينهى المرأة أن تخضب بنانها من دمه الذي استودعه أمانة عندها!
ويعلّل ذلك بأن دمه شفاء لغلّ صدور الأعداء! (أو الأصدقاء!!)
ولم يُطق صبراً عن الحلاوة، فوصف بها أحقاد الصدور!
حلوة! أحقاد حلوة!
لعله كان يحب الآيسكريم (ابتسامة!!)
30 فيا بلدِي أهواك مذ كنت يافِعاً * وزاد حنيني , كم يطيبُ بكَ الوصْلُ
31 سقاك إله العرش يا خيرَ مربعٍ * وصانك لا يرقى حماك فتى نذل
32 ويا طيبَ غادي الُمزْنِ يروِيك عِلَّةً * ليمرع ما كنا بأرباضه نسلو
33 لَدَيكَ لُبَانَاتُ الصَّبا تَحْفظينَها * فَقَدْ نَبَغتْ فينا مطامُحِنا الجُلُّ
34 يظل هوانا في رباك معلقاً * فأنتِ لَهُ قلبُ ونَحْنُ لَهُ أَهْلُ
يشير إلى الشام، كما أشار عبدالرحمن الداخل!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[05 - 10 - 09, 11:14 م]ـ
استدراك:
6 علونا خفافاً كل صهوةِ ضامرٍ * وفي كلَّ نجد نحو غايتنا نعلو
لا معنى (لكل) ههنا، والغريب أنها تكررت في قصائد أخرى منسوبة إلى شعراء آخرين، فإذا احتاج الشاعر إلى حرفين لإقامة الوزن أقحم (كل)!
8 وحولي من آلِ الغِياثِ ترافَلَتْ * ليوثٌ غِضابٌ كلٌ شيمتها نبلُ
لاحظ (كلّ) مرة ثانية!
ـ[أبو عبدالله الدعمي]ــــــــ[06 - 10 - 09, 07:07 ص]ـ
الأخ خزانة الأدب، جزاك الله خيراً على طرحك، واصل بارك الله فيك ..
ـ[أبو سليمان الأسعدي]ــــــــ[06 - 10 - 09, 01:58 م]ـ
تابعت الموضوع منذ أن عرض في منتدى الألوكة وإلى آخر مشاركة هنا وأقول:
الأخ الكريم خزانة الأدب، بل خزانة التاريخ والنسب، لله درك ..
أرجو أن لا يضيع هذا المجهود دون ترتيب وتهذيب، وأن تجمعوه في بحث تتحفون إخوانكم به.
الأخ الكريم صقر بن حسن .. ما كتبته يدل على سعة اطلاعك وفقك الله ..
لكنك تشطح ذات اليمين وذات الشمال، وتخرج عن موضوع النقاش، وتبحث عن خطأ أو زلة ثم تحشد لها صفحات طويلة ..
الموضوع هو في صحة إثبات الكتاب، وليس في دراسة تاريخ عسير الكريمة،
وأدعو الأخوين الكريمين إلى التصافي وترك الانتصار للنفس والجدل المذموم.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[09 - 10 - 09, 03:05 ص]ـ
من عجائب إمتاع السامر!!
قال مزوِّروه في ص 161
وقد كتب جعفر الحفظي كتاباً أسماه (الروض النضير في تاريخ أمراء عسير) ... وهو الذي لخصه ابنه موسى في كتاب أسماه (المستفيد).
ولم يذكر اسم والد جعفر ولا زمنه.
ما شاء الله! ما أكثر الكتب المسجوعة التي لا يعرفها إلا شلَّة إمتاع السامر!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/419)
فمن العجيب أن آل الحفظي لم يذكروا جعفراً ولا الروض النضير ولا موسى بن جعفر ولا المستفيد في كتابهم (نفحات من عسير)!
وأعجب من ذلك: أن هذا الكتاب المجهول سمِّي باسم (مذكرات الشيخ جعفر الحفظي)، ولم يقف عليه - أو يزعم أنه وقف عليه - إلا الأستاذ محمود شاكر الشامي السليم الصدر، المقيم بالرياض، البعيد عن عسير!
فقد عزا إليه في ص 182 هذا النص (يقول جعفر الحفظي: أن الأمير سالم بن عبدالله استقدم جدنا موسى بن جغثم بن عجيل بن عيسى بن محمد بن أسعد بن عبدالله بن أحمد بن موسى بن عجيل بن عبدالله العمري، وولديه محمد وأحمد اللذان انحدر منهم البيت الحِفظي في عسير، وذلك بعد قتلِ الأمير سالم بن عبدالله هذا الأميرَ علي بن إبراهيم بن عيسى الذؤيبي عام 998 هـ ".
ولم يذكر شاكر وهو يسوق النص اسم الكتاب ولا رقم الصفحة. ولكنه ذكره في جريدة المصادر ص 274 باسم (مذكرات جعفر الحفظي - جعفر الحفظي)، ولم يذكر مخطوطة ولا مطبوعة!
ولم يُنشر من الكتاب غير هذا النص فيما أعلم
وفي النص تعابير تذكرنا بعبارات إمتاع السامر، وظاهر الحال أن الذين دسّوا سلسلة النسب السفياني دسّوا إلى شاكر هذا الكتاب من مخترعاتهم!
وقد كتب شاكر تاريخ آل عائض بنفس عبارات وأفكار إمتاع السامر، ومن الواضح أنه كان ينقل كلاماً مكتوباً له من غير الإحالة على مصدره.
وأكد (صقر بن حسن) وجود الكتاب، كالعادة! واستعان به لتوثيق إمتاع السامر.
ولم يصارح القارئ بأن الكتاب يبدأ وينتهي عند محمود شاكر، بل جعل محمود شاكر شاهداً ثانياً على وجوده! فقال:
وكذلك ما ورد في " مذكرات " الشيخ العلامة جعفر الحفظي رحمه الله عن أحد أمراء آل يزيد في عسير عام 998هـ حيث ذكر: " إن الأمير سالم بن عبدالله استقدم جدنا ... إلخ. وانظر تاريخ عسير للشيخ محمود شاكر طبع عام 1402 هـ ص 181 - 182
وقد سأل الناس عن هذا الكتاب الذي لم يقف عليه إلا محمود شاكر الشامي الذي ليس من أهل عسير!
فأفاد أحدهم بما يلي:
قبل حوالي ثلاثة أعوام ذهبت الى الرياض ... وكان من ضمن برنامجي زيارة المؤرخ محمود شاكر ... تطرقت الى جعفر الحفظي وسألته عن مذكراته واخبرته بأنه كان يستند عليها في اخبار ما قبل الدعوة الوهابية فأكد لي انها موجودة ولكن ليست في حوزته فسألته عند من اجدها فتهرب من الاجابة ولم يذكر شخصا بعينه. أوجس مني الشيخ خيفة بعد هذه الاسئلة ... شعرت بعدها بأني قد ضايقت هذا العالم الكهل فقررت الذهاب
http://www.asir1.com/as/showthread.php?t=17110
فمن الواضح أن محمود شاكر أدرك أنه قد دخل في أمر لا ناقة له فيه ولا جمل!
وانظر إلى الغموض والسرية في كل ما يتعلق بإمتاع السامر!
والغرض من كل ذلك: تمرير الأكاذيب والتهرب من مواجهة شمس الحقيقة الساطع!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[11 - 10 - 09, 04:39 م]ـ
طرفة الأصحاب
طرفة الأصحاب كتاب مشهور في الأنساب، للملك الأشرف الرسولي ملك اليمن في القرن السابع، وقد ركَّز فيه على أنساب اليمن وأمرائها
وهذا فهرس الكتاب:
ذكر قحطان وقبائلها 106
قبائل كهلان 108
قبائل قضاعة 114
نسب عدنان 115
قبائل قيس عيلان 116
قبائل ربيعة وقبائل إياد بن نزار 117
قبائل علك بن عدنان ونسب قحطان 118
نسب سبأ من قحطان 119
نسب جفنة من غسان من الأزد ونسب جبلة بن الأيهم 121
نسب غسان من الأزد 124
نسب همدان من كهلان 130
نسب الهان 131
نسب خثعم وبجيلة من كهلان 132
نسب لخم وجذام من كهلان 133
نسب كندة 134
نسب مذحج 135
نسب طيء 136
نسب الأشعر 137
نسب حمير 150
نسب أولاد سبأ الأصغر 153
نسب مضر بن نزار 157
نسب قيس بن عيلان 161
نسب ربيعة بن مضر 162
نسب أنمار بن نزار ونسب عك بن عدنان 163
نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم 166
نسب أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما 168
نسب عثمان بن عفان رضي الله عنه 169
نسب علي بن أبي طالب 170
نسب أبي محمد طلحة وأبي عبد الله الزبير 171
نسب أبي عبد الله عبد الرحمن بن عوف 172
نسب أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص 173
نسب أبي الأعور 174
نسب أبي عبيدة والحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما 175
ذكر الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونسب الخلفاء الأمويين 176
نسب الخلفاء العباسيين 180
نسب الملوك العظماء بني الرسول 188
نسب الأشراف باليمين 193
نسب الأشراف بني حمزة 195
نسب الأمراض بني وهاس 199
نسب الأشراف أهل ذي بين 200
نسب الأشراف أهل سيد ونسب الإمام أحمد بن الحسين 201
نسب الإمام المهدي والإمام المتوكل على الله 202
نسب الأمراء بني القاسم 203
نسب السيد السراجي والأشراف العباسيين باليمين 204
نسب الأشراف القتادات 205
ذكر الأشراف بني سليمان 208
ذكر الأمراء الذرويين أهل صبياء 210
ذكر الأمراء القاسميين والأشراف الهضاميين والشرفاء القلوبين 211
ذكر الأشراف الحثاثة والشرفاء بني داود 212
نسب الوزير الكبير الصحاب بهاء الدين 213
نسب الأمراء الصلتجيين 214
نسب الأمراء الهمدانيين 217
نسب آل منيف 220
نسب آل دغام 223
نسب آل ربيع بن جحاف أهل السوق 224
نسب آل جبير من بني شهاب 229
ذكر الأمراء السبائيين 230
ذكر المشايخ التباعيين بني ناجي 233
ذكر المشايخ الحميريين 234
نسب المشايخ الحرازيين 235
ذكر المشايخ بني عبيد 236
ذكر المشايخ الأشعوب 237
ذكر مشايخ حضرموت 238
بنو خيثمة 239
ذكر مذحيج والجحافل 240
ذكر أهل حصي 245
ذكر العجالم 246
فقد ذكر نسب بني أمية كما ترى، ومنهم يزيد بن معاوية، ولكنه لم يذكر أصحاب دولة عسير (بني يزيد بن معاوية!!)، الذين يزعم أصحاب إمتاع السامر أن دولتهم العظيمة كانت تجاور دولة الأشرف وتجاوز عمرها في عصره الخمسة قرون!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/420)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[13 - 10 - 09, 02:28 م]ـ
أحد آل عائض يقول
(لنترك إمتاع السامر جانباً ... آل عائض طبعا من قبيلة عسير)
حسن اّل عايض
30 - 09 - 2004, 02:15 AM
http://209.85.229.132/search?q=cache:JFfdRukNpPoJ:www.shahran1.net/vb/archive/index.php/t-4734.html+%22%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%82+ %D8%B4%D8%B1%D8%B9%D9%8A%D9%87+%D8%AA%D8%A7%D8%B1% D9%8A%D8%AE%D9%8A%D9%87%22&cd=2&hl=ar&ct=clnk&gl=sa&lr=lang_de|lang_es|lang_en|lang_ar|lang_fa|lang_fr
لن اتحدث عن امتاع السامر الان .. وسأسهب عنه فيما بعد وستؤيدونني ان شاء الله فيما ذهبت اليه ...
لكن يجب ان ندرك ان لكل زمان دولة ورجال وشعيب الدوسري منهم , والتاريخ يكتبه المنتصر في اي زمان ولكل دوله وحتى الان ..
وأرجو الاطلاع على الكتب التي سأوردها عن تاريخ المنطقه بنهاية ردي ففيها الكثير عن تاريخ المنطقه رغم ماذكرته اعلاه.
نقطه اخرى وهو ان ال عائض او المتاحمه او غيرهم لم يحكمو المنطقه لوحدهم ولا بقبيلتهم عسير وحدها فالتاريخ يذكر القاده فقط الا ان الانجازات تحقق بايادي الشعب وتجمعهم و " وقفاتهم " ..
كل قبائل المنطقه ساهمت في تاريخها بلا استثناء ولا انتقاص لاحد. عندما يذكر المؤرخون انتصارات ال عائض فانه يذكر قبائل عسير ورجال الحجر وقحطان وشهران وبلقرن وشمران وغامد وزهران وبني مالك (بجيله) , حتى ان المؤرخين يذكرون اسماء بذاتها من زعماء القبائل كالعسبلي وابن رقوش وابن فاضل وابن مشيط وابن شكبان وابن دليم وان معدي وابن مفرح والمتحمي وابن حامد وووو وغيرهم .. فالتاريخ قاده ال عائض لكنهم لم يكونو شيئا بدون القبائل الاخرى التي وقفت معهم وساندتهم .. لن نتحدث عن ال عائض بمدح او ذم فمنهم الطيب العادل ومنهم الظالم وهم كأي اسرة حكمت في التاريخ ..
طبعا القبائل وثقلها ساهمت في صناعة الاحداث وقلب الموازين , ولا ادل من ذلك على تغير ولاءات بعض القبائل مما ساهم بشكل كبير في ضم المنطقه للحكم السعودي ادامه الله وارف الظلال على الجميع ..
بالنسبه لاتساع دولة ال عائض فلنترك امتاع السامر جانبا وكلام ابائنا لانهم عاصرو فقط الحقبه التي سبقت الحكم السعودي واتساع الدوله وكأي دولة في التاريخ فالاتساع والنفوذ يتأرجح حسب قوتها وحسب ظروف المناطق المحيطه بها. واوج اتساع دولة ال عائض لم يكن بتلك الحقبه فقبل الحكم السعودي كان يضم المنطقه الحاليه وأجزاء كبيره من نجران وحتى ماقبل وادي الدواسر وبيشه (ولا اختلاف في بيشه) وحتى الليث وبلاد غامد وزهران , الا ان غامد وزهران لم يدعمو ال عائض لانشغالهم بالاشراف ..
عموما اوج اتساع دولة ال عائض ذكره المؤرخون ويسعدني ان اقدم اليكم الشرح التالي المنقول و القوائم التاليه من مراجع تاريخ المنطقه وفيها ذكر اتساع الدوله وهي طبعا تتفق على امور كثيره جدا عن تاريخ المنطقه:-
بالنسبه لال عائض فهم كما يعرف الجميع كانو امراء للمنطقه قبل الحكم السعودي ادامه الله وكانت المعارك بين جيشهم الاخير بقيادة الامير حسن بن عائض وجيش الملك عبدالعزيز بقيادة الامير فيصل (الملك فيصل فيمابعد) والمعركة الفاصله هي معركة حجلا , آل عائض طبعا من قبيلة عسير وكانو يحكمون المنطقه التي تضم قبائل اخرى ذات شان ومنعه كرجال الحجر (بني شهر وبللسمر وبللحمر وبني عمرو) وقحطان وشهران وبلقرن وشمران وغامد وزهران .. وغيرهم ..
وقد التزم ال عائض بالدعوه الوهابيه المباركه التي نشرها ال المتحمي قبلهم حيث كانت المنطقه شافعية المذهب , وقرب ال عائض العلماء والقضاة ومايشاع عنهم غير صحيح وفيه تجن كبير ولم يذكره اي مؤرخ , وخلافهم مع الدوله السعوديه انذاك كان خلافا سياسيا محضا شأنهم في ذلك شأن ال رشيد والاشراف وغيرهم من حكام الجزيره , فمن كان يعلم بمقصد ابن سعود وجدوى الانضمام اليه ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/421)
عموما ال عائض الان مجرد مواطنون سعوديون , كان مشائخ وابناء قبيلة عسير قبل عقود يريدون تنصيب احد ال عائض امير مثل القبائل الاخرى "قبليا لاسياسيا , وفي الجنوب يسمى شيخ مشائخ الشمل وليس الامير كحال المناطق الاخرى" الا ان الدوله رفضت ذلك جملة وتفصيلا ورشحت المتحمي (شيخ قبائل ربيعه ورفيده-فرع من قبيلة عسير, حيث سبق لهم حكم المنطقه قبل ال سعود وبدعم وولاء سعودي ايام الدوله الاولى او الثانيه" , الا ان ابناء عسير رفضو ليس لعدم جدارة المتحمي بل للعرف القبلي والاحقيه , وبقيت قبيلة عسير الى الان بدون شيخ مشائخ ..
" حدود عسير التاريخيه اختلفت حسب الامارات والدول التي تعاقبت على حكمها ..
الا ان اقصى واكبر الحدود كانت في عهد الامير عائض بن مرعي (1249 - 1273هـ) وسلفه ابنه الامير محمد (1273 - 1289هـ):- كانت شمالا من تخوم القويعيه وعفيف (طريق الرياض الطائف حاليا) بمافيها الدواسر والافلاج وحتى الهياثم (تابعه للخرج حاليا) وجنوبا المخا وزبيد من ارض اليمن بالقرب من باب المندب (وكان هناك سيطره على جزء بسيط من اريتيريا: ميناء مصوع) وشرقا شروره بما فيها الوديعه ونجران وشمالا حتى الليث ويلملم وبلاد بني سعد وبني مالك (الطائف) وبلحارث ... هذه طبعا اقصى الحدود في اوج عظمة دولة ال عائض ..
الا ان الحدود تتناقص وتزيد حسب قوة الاماره .. فامارة الامير بن حسن عائض التي سبقت الحكم السعودي كانت تشمل الباحه وعسير ونجران اما تهامه فلم تكن تسيطر الا على منطقة رجال المع حتى الشعبين , ومحائل ..
المصدر: شبه جزيرة العرب-عسير لمحمود شاكر, واقصى اتساع حدود تجده بالخريطه ص 205 ومذكور بالشرح .. ""
...
حسن اّل عايض
تعليق:
الاقتباس لا يعني الموافقة على جميع ما ورد، بل لأجل الإشارة إلى ما يلي:
أولاً: لاحظوا إقراره بالنسب العسيري، وتجاهله للنسب السفياني
ثانياً: لاحظوا تجاهله لإمتاع السامر!
وعلى حد علمي لم يف بوعده في قوله (وسأسهب عنه فيما بعد)
وهو في هاتين النقطتين اكثر اتّزاناً من (صقر بن حسن)، الذي لم يعترف إلى الآن بإن إمتاع السامر يوجد فيه خطأ واحد يسمِّيه باسمه، ولا بأن تعليقات المعلِّقين عليه وتشكيكات غيرهم يوجد فيها صواب واحد! ولا بأن عايض يحتمل أن يكونوا عسيريين صليبة!
ثالثا: قوله (ال عائض الان مجرد مواطنون سعوديون , كان مشائخ وابناء قبيلة عسير قبل عقود يريدون تنصيب احد ال عائض امير مثل القبائل الاخرى ... الا ان الدوله رفضت ذلك جملة وتفصيلا ورشحت المتحمي ... الا ان ابناء عسير رفضو ... وبقيت قبيلة عسير الى الان بدون شيخ مشائخ)
هذا القول قد يفسر حاجة القوم إلى تزوير إمتاع السامر وإخوانه!
رابعاًً: لاحظوا التناقض بين الإقرار بتبعيَّة آل عايض وأسلافهم (المتحمي وطامي وشكبان وحمود وأبو مسمار وابن مسلط وابن مجثل) للدولة السعودية، وبين الإدعاء بأن حدود (المملكة العسيرية) وصلت إلى ضواحي الرياض! وأن حدود (المملكة العسيرية) بلغت عدن وجزءاً من إفريقيا!
والواقع أنه عندما استولى الأتراك على عسير سنة 1288 كانت الدولة السعودية قائمة، وكان آل عائض بمثابة الولاة لها، بينما يزعم هؤلاء الكذابون أن (المملكة العسيرية) قد زحفت على (الدولة السعودية) وانتزعت منها نصف نجد!
خامساً: المهم! ما المصدر لهذه المعلومات الهائلة؟! الجواب:
المصدر: شبه جزيرة العرب - عسير لمحمود شاكر, واقصى اتساع حدود تجده بالخريطه ص 205 ومذكور بالشرح .. ""
هزلت!
لقد ذكر هذا الرجل الشامي مصادره في ص 273 - 274 وهذه الخزعبلات لا توجد في أي كتاب معروف منها، ولكنه أشار إلى كتاب مجهول اسمه (مذكرات جعفر الحفظي)، وهو بلا شكّ من إنتاج نفس لجنة التزوير التي أخرجت إمتاع السامر، دسُّوه إلى هذا السليم الصدر فنقل منه عشرات الأكاذيب والتحليلات السياسة المتعلِّقة بمناطق وقبائل ووقائع لا يعرف عنها شيئاً!
والعجب أنه ذكر في مقدمة الكتاب: أنه كان يجهل الخضرة وبرودة الجو في عسير!
فآل الأمر إلى أن صار كتابه سنداً لأنساب آل عايض وتاريخهم!!
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[13 - 10 - 09, 04:11 م]ـ
كتاب " إتحاف اللبيب في سيرة الشيخ عبدالعزيز أبو حبيب " الطبعة الأولى عام 1410 هـ
ثم طبع باسم " نفح الطيب في سير الشيخ أبو حبيب " الطبعة الثانية عام 1420 هـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71125&stc=1&d=1255435394
وقد اعتمد فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري على " إمتاع السامر " في أمرين:
1 - في ذكره لنسب الشثور، فقد ذكر قول " إمتاع السامر " ورجحه على غيره من الأقوال، حيث قال: " وهذا النسب هو المشهور عند العارفين بالأنساب من قبائل قحطان، وعند الشثور، وعند نسابة نجد ".
ورد على ما ذكره الحقيل في كنز الأنساب عن انتسابهم إلى قبيلة زعب فقال: " كما أن متقدمي الشثور أخوالهم وأصهارهم آل بدر المعني أمراء زعب في الماضي، فربما التبس الأمر بسبب ذلك ".
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71126&stc=1&d=1255435394
2 - في ذكره لقصيدة الشيخ العلامة إبراهيم بن حمد الشثري، فقد نقل جزءاً من قصيدته التي أوردها " إمتاع السامر " الأبيات رقم 48 - 53.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71127&stc=1&d=1255435394
وقد أهدى مؤلفه الشيخ الدكتور / محمد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري حفظه الله نسخةً من هذا الكتاب القيم مع كتب أخرى إلى صاحب السمو الملكي الأمير " سلمان بن عبدالعزيز آل سعود " حفظه الله، فأُ عجب بهذا الكتاب القيم، وأرسل لمؤلفه رسالة شكر وثناء بتاريخ 11/ 12 / 1411 هـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71128&stc=1&d=1255435394
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/422)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[13 - 10 - 09, 05:25 م]ـ
لا بأس أن نحاسب (صقر بن حسن) على بعض عباراته، ما دام يحاسبنا على عباراتنا، لأننا ظننا أن عنده من الإدراك لسياق الكلام، ومن الإنصاف للمناظر، بحيث يدرك أن القصائد المطلوب توثيق طائفة منها هي القصائد العائضية التي ينفرد بها الكتاب، وليست القصائد الحفظية أو النجدية الموجودة في دواوين أصحابها المطبوعة!
يقول (صقر بن حسن) في المشاركة #14 أعلاه
كتاب " إمتاع السامر " منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أبحث في المعلومات التي احتوى عليها، والأخبار التي وردت فيه.
انظروا إلى المبالغة الهائلة!
يقلِّبه أكثر من عشر سنوات فلم يجد فيه ولا خطأً واحداً!
حتى صحيح البخاري ما قالوا فيه هذا الكلام!
حتى ولو فرضنا وجود معلومات فيه خاطئة
معاذ الله!
النحاة يقولون: لو حرف امتناع!
وقد خشي (صقر بن حسن) أن يكون فيها تفريط في حقِّ الكتاب - لا قدَّر الله! - فأحاطها من الجانبين بكلمتين (حتى ولو فرضنا)!
وأجد من السهل على بعض الناس إطلاق التزوير عليه والكذب والوضع لمجرد نظرة!!!
انظروا إلى التهوَّر العظيم!
####
وليت الذين أصدروا الحكم عليه يأتوا ببيان واحد على صدق ما يقولون، ومن ثم أقول: أي واحد يأتي بمعلومة منه كاذبة أو باطلة أشكره على ذلك واقره على ما يقول.
انظروا إلى العناد والمكابرة!
جميع ما ذكروه - وقد تجاوز العشرات إلى المئات - ليس فيه شيء صحيح، ولا واحد!
والكتاب لا توجد فيه ولا معلومة منه كاذبة أو باطلة!
ماذا عن مطبعة الحلبي الخيالية؟!
ماذا عن طبعة 1365 التي لم يسمع بها أحد لمدة 42 سنة؟!
ماذا عن الصف الإلكتروني لتلك الطبعة؟!
ماذا عن كتابة شعيب للمقدمة سنة 1365 وهو قد مات سنة 1364؟! بالوثائق الرسمية!
ماذا عن النسب السفياني الذي جهله الناس 13 قرناً، إلى أن أشار إليه كاتب بمجلة العرب سنة 1395 اعتماداً على ورقتين اطلع عليهما لم ينشرهما ولا يدري عن حقيقتهما إلا هو؟!
ماذا عن جهل العلماء الكبار والشعراء الفحول الذي مدحوا آل عايض في القرن الثالث عشر وصنفوا لهم الكتب، بنسبهم السفياني؟!
ماذا عن انفراد الكتاب بالعشرات - بل المئات - من الوقائع والأسماء والأشعار التي لا توجد في أي كتاب آخر؟!
لقد حاول (صقر بن حسن) الإجابة على هذه الاعتراضات، فماذا قال؟!
لقد شَرِقَ - حقًّا لا مبالغة - بهذه الأسئلة الدامغة، وتهرَّب من الإجابة عليها، ولم يجد مخرجاً إلا أن يقول: هذه الأشياء سبقك إليها المعلقون على الكتاب!
سمعاً وطاعة! فما جوابك على كلام المعلقين؟! لا شيء!
ماذا عن أكذوبة تحذير صاحب عسير في قصيدته من المؤامرة الصهيونية قبل أن توجد المؤامرة الصهيونية؟! (وهي من إضافات الفقير إلى ربه كاتب هذه الأسطر). فالكذب في هذه (المعلومة!!) مكشوف، إلى الحدّ الذي لا أظن أنه يوجد في الدنيا من يتهوَّر فيزعم أنها صحيحة، فضلاً عن توثيقها، ولو كان (صقر بن حسن)!!
ومثاله لو زعم أن ذلك الرجل كان عنده (لاب توب)!!
هل شكر؟! هل أقرَّ؟! هل وفى بوعده؟!
لقد ازداد عناداً على عناده، وخرج عن حدود الأدب واللياقة في الخطاب!
كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون!
وسيأتي إن شاء الله بيان أكثر لكل الأخطاء التي وقعوا فيها في تعليقهم ذلك، ومنها كلمة (الخليج العربي) وغيرها، فدعك من الاستعجال الذي يمنع الإنسان من الاستفادة
وقد أعرض الأخ عن (نادي نسائي أدبي - مظاهرة نسائية) وركز على (الخليج العربي) لأن إثباتها أسهل عليه!
مواعيد عرقوب!
وتاريخ هذا الوعد 26/ 3/2008
لقد ذكرتُ سابقًا أنني أتكلم عن (إمتاع السامر) القسم المطبوع بمطبعة الحلبي بمصر عام 1365 ه.
...
أقسم بالله العظيم أنني رأيت طبعة كتاب " إمتاع السامر " المطبوعة بمصر بمطبعة الحلبي عام 1365 ه كما هي، وليس صورة منها، وليس في قلبي أدنى شك فيها أنها طبعت بتلك المطبعة، وكذلك ليس لدي أي شك في أن شعيب هو الذي ألفها
انظروا إلى التناقض العظيم! والاحتقار للقارئ!
يتباهي علينا بطبعة الحلبي (المزعومة)، مع أن موضوع جميع كلامه ومصوراته طبعة الدارة وتعليقات المعلقين عليها!
ولم يجرؤ على تصوير صفحة من الطبعة (الأصلية!!) ليرى القارئ اسم المطبعة ونوع الحروف!
الجزء الأول هو ما أقصد. أما الجزء المطبوع بدارة الملك عبدالعزيز فقرأته ولكنه ليس كالجزء الأول في قوة العبارة ودقة المعلومات واتساع الذاكرة، وسلامتها من الأخطاء المطبعية الكثيرة.
أيها الناس، اسمعوا وعُوا!
(1) قوة العبارة
(2) دقة المعلومات
(3) اتساع الذاكرة
(4) وسلامتها من الأخطاء المطبعية الكثيرة
أما وجود الأخطاء المطبعية في الطبعتين فجائز، ولكن القول بأن الأولى سلمت منها وأنها كثيرة في الثانية فمن مبالغات (صقر بن حسن)
وأما (قوة العبارة ودقة المعلومات) فهذه أعظم من كونها مبالغة، ويمنعني أدب الحوار من وصفها بالصفة التي تستحقها، مع أنه يكرر وصفي بالكذب والافتراء!
لقد نثر (صقر بن حسن) كنانته، وبحث عن كل نقيصة ليصم بها طبعة الدارة، ولكنه لم يزعم هو ولا غيره أن طبعة الدارة قد حُرِّف فيها حرفٌ واحد، فضلاً عن كلمة، فضلاً عن سطر!
وأترك التعليق على (اتساع الذاكرة)، لأن هذا الكلام الجليل عن اتساع ذاكرة الطبعة الأولى عن الثانية يجلّ عن أفهام أمثالي، وقد يحتاج إلى مثل شامبليون لفكّ شفرته!
وكنت أظن - لسذاجتي وعجلتي! - أن (ذاكرة الطبعة الثانية!!) أوسع لأنها تشتمل على (متن الأولى وحواشيها + مقدمة المعلقين وحواشيهم وملاحقهم)!
وبمناسبة تهمة الاستعجال!!
انظر المشاركتين #24 و #28
صقر بن حسن: من هو صاحب هذا الرد؟
ابو ابراهيم النجدي: وفقه الله ذكرت اسم صاحب الرد في بدايته ويبدو انك اطلعت على عجاله
وطبعاً صاحب الرد مذكور بالخط العريض تحت رقم#21، بعبارة (الاخ نايف الفقير باحث قبيلة عنزة)
فأقول: تعست العجلة!!
وهذا غيض من فيض!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/423)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:03 ص]ـ
الكتاب " ارتباط عسير بالدعوة الاصلاحية منذ الدولة السعودية الاولى من 1215 - 1289 هـ / 1800 - 1872 م "
تأليف الدكتور / عبدالمنعم ابراهيم الجميعي.
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية بأبها
طبع دار جرش للنشر والتوزيع
خميس مشيط
سنة الطبع تقريبا 1401 هـ حسب موقع مكتبة الملك فهد الوطنية رحمه الله تعالى:
http://www.kfnl.gov.sa:88/ipac20/ipac.jsp?session=1255E669H810L.3140564&profile=ekfnl&uri=full=3100001@!68123@!39&ri=1&aspect=advanced&menu=search&source=172.16.16.74@!kfnl1256&ipp=20&staffonly=&term=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9+%D8%A7%D 9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9+-+%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE&index=.SW&uindex=&aspect=advanced&menu=search&ri=1#focus
هذا الكتاب القيم يتحدث عن ارتباط عسير بالدعوة الإصلاحية السلفية وارتباطها مباشرة بالدولة السعودية حفظها الله
وقد رجع مؤلفه إلى كتاب " إمتاع السامر " وكان من ضمن مصادر رسالته القيمة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71142&stc=1&d=1255468270
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71143&stc=1&d=1255468270
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71144&stc=1&d=1255468270
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71141&stc=1&d=1255467636
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:33 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71149&stc=1&d=1255469506
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71150&stc=1&d=1255469506
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:51 ص]ـ
الافتراء على فضيلة الشّيخ محمّد بن ناصر بن عبد العزيز الشّثري
ماكنت أظن أن الجرأة تبلغ بالمدعو (صقر بن حسن) إلى أن ينشر صورة صفحات من كتاب الشّثري ثمّ يقول:
وقد اعتمد فضيلة الشّيخ الدّكتور / محمّد بن ناصر بن عبد العزيز الشّثري على «إمتاع السّامر» في أمرين:
1 - في ذكره لنسب الشّثور، فقد ذكر قول «إمتاع السّامر» ورجحه على غيره من الأقوال، حيث قال: «وهذا النّسب هو المشهور عند العارفين بالأنساب من قبائل قحطان، وعند الشّثور، وعند نسابة نجد». ورد على ما ذكره الحقيل في كنز الأنساب عن انتسابهم إلى قبيلة زعب فقال: «كما أن متقدّمي الشّثور أخوالهم وأصهارهم آل بدر المعني أمراء زعب في الماضي، فربما التّبس الأمر بسبب ذلك».
2 - في ذكره لقصيدة الشّيخ العلامة إبراهيم بن حمد الشّثري، فقد نقل جزءًا من قصيدته التّي أوردها «إمتاع السّامر» الأبيات رقم 48 - 53.
معنى هذا الكلام عند أهل العربية: أن الشّثري جعل كلام صاحب إمتاع السّامر عمودًا لكلامه وأساسًا لرأيه وحجَّته، وأنه ردَّ الأقوال الأخرى إليه!
ويظهر أن (صقر بن حسن) طار فرحًا لما قرأ عنوان كتابه الأثير (إمتاع السّامر) مسطورًا في كتاب نجدي!
ونحن نهنِّئه على ذلك، وننتهزها فرصة لنرى مبلغه من العلم والصّدق والأمانة، ولا سيّما أنّه صوَّر كلام الشّثري!
وسيتضح للقارئ الكريم أنه رسب بتفوق يحسد عليه!
لقد ترجم صاحب إمتاع السّامر لإبراهيم الشّثري، فنسب الشّثور إلى آل سليمان من الحرقان من بني الحارث بن كعب المذحجي، ولم يذكر حلفًا ولا عصبية ولا نسبًا عامريًا ولو مرجوحًا، فهم - كما يزعم مزوِّر الإمتاع - من الحرقان صليبة.
وأضاف مزوِّر الإمتاع - على عادته - خزعبلات وتواريخ محدَّدة لا يوجد أي دليل عليها!
وقد انزعج علماء الشّثور من هذا الكلام، مع علمهم وإقرارهم بواقع حالهم وعلاقتهم بالحرقان، وأن عامَّتهم درجوا على الانتساب إليهم. والسّبب أن بأيديهم وثائق في غاية الوضوح تثبت أينتسبون نّهم - منذ مائتي سنة على الأقل - إلى زياد بن عامر بن صعصعة.
هل سكتوا عن صاحب إمتاع السّامر؟!
لم يسكتوا، والذي تصدى للكتاب منهم هو فضيلة الشّيخ محمّد بن ناصر الشّثري!
الذي يصور (صقر بن حسن) كتابه بدعوى أنه يشهد لإمتاع السّامر!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/424)
على إثر ظهور الكتاب سنة 1407، كتب الشّيخ محمّد رسالة نشرت خلاصتها في مجلّة العرب (24/ 136، رجب 1409)، وحاصلها أنّهم من بني زياد بن عامر بن صعصعة، نقلًا عن وثيقة نشرت صورتها في المجلة بخطّ الشّيخ صالح بن محمّد الشّثري سنة 1309، نقلًا عن شجرتهم التّي صنفها مفتي الأفلاج في زمانه الشّيخ صالح بن غانم الشّثري. و في أسفل الوثيقة شهادة أخرى لعالم لم أقرأ اسمه وفيها نفس النّقل من مشجرة ابن غانم.
ولم يتطرق الشّيخ محمّد بن ناصر في رسالته إلى إمتاع السّامر، ولم يذكره بخير ولا شر، مع أن الغرض من رسالته واضح، وهو الرّد على أراجيف إمتاع السّامر! ويظهر أنه رأى في تسمية الكتاب شرفاً لا يستحقّه الكتاب الذي لم يشتهر آنذاك.
فعقب عليه الشّيخ حمد الجاسر في نفس الموضع بأنّه سبق أن نشر نسبهم هذا في جمهرة الأسر اعتمادًا على مضمون هذه الوثيقة، بخطّ ابن محمود قاضي قطر (أي إن ثلاثة من العلماء رووا مضمونها: ابن صالح، والرجل الآخر في أسفل الورقة، وابن محمود).
وهذا تكذيب عملي من الجاسر للكتاب! وبعد أن فرغ الجاسر من التكذيب العملي، أشار - الجاسر وليس الشّثري! - إلى إمتاع السّامر وما ورد فيه بهذه العبارة:
وبعد ذلك اطلعت على نسب لهذه الأسرة الكريمة في كتاب مؤلّف حديث هذا ملخصه … [وأورد نحو ثلاث صفحات من إمتاع السّامر]
فأنت ترى أن الشّيخ محمّد بن ناصر إنما تجشَّم الكتابة لدحض ما ورد في إمتاع السّامر، ولم يسمّ الكتاب ولا صاحبه، فضلًا عن أن يعتمد عليه، فضلًا عن أن يرجِّح كلامه، وأن الجاسر هو الذّي أقحم الكتاب في سياق الكلام على نسبهم، من غير تسميته أيضًا، بل قال (في كتاب مؤلّف حديث)، أي منحول!
وقد عبّر الجاسر عن رأيه في الكتاب مرارًا: أنّه منحول لا يُطمأن إليه، ولكنّه يورد ما فيه لأنه اعتاد على إيراد الآراء المختلفة في الموضوع، ولو علم أن شلَّة إمتاع السّامر سيعتبرون ذلك توثيقًا له لأضرب عن الإحالة إليه بالمرة!
فلمّا نشر الشّيخ محمّد بن ناصر الطّبعة الثّانية من كتابه، قرَّر فيها وكرَّر ما ذكره في المجلة من أنّهم من بني زياد بن عامر بن صعصعة، مشيرًا إلى وثيقة الشّيخ صالح ومشجرة ابن غانم (انظر الصورة أعلاه). ثمّ اضطر إلى مواجهة إمتاع السّامر باسمه، ولا سيّما بعد إصدار الدّارة له وانتشاره بأيدي النّاس. فمهَّد لذلك بقوله:
وينتسب شيخنا بالعصبية إلى قبيلة الحرقان من عبيدة من جنب من قحطان. قال صاحب إمتاع السّامر … إلخ).
ولم يقل: قال شعيب الدّوسري! ولا صحَّح النّسب القحطاني، بل ردَّ آخر الكلام على معنى العصبية كما في بدايته، فقال (وهذه الطّريقة في انتساب العصبية معروفة بين قبائل نجد)، وضرب لها أمثلة من عشائر موجودة في غير قبائلها.
وأمّا قوله (وهذا النّسب هو المشهور عند العارفين بالأنساب من قبائل قحطان، وعند الشّثور، وعند نسَّابة أهل نجد)، فإنّ كان المراد به النّسب القحطاني فتخريجه واضح كالشّمس، يفهمه أدنى الناس حظًّا من العربية، وهو أن المشهور شيء والحقيقة شيء آخر! وما كتب الشّيخ إلى مجلّة العرب إلا لتصحيح هذا المشهور وترجيح غيره عليه!
وقد صنَّف العلماء في الأحاديث المشهورة على الألسنة مع أنها باطلة!
وإذا كان (صقر بن حسن) لا يفرِّق بين الرّاجح والمشهور فليس أهلاً لأن يخوض في علم التّاريخ!
فثبت بالدّليل القاطع أن (صقر بن حسن) قد افترى على الشّيخ محمّد الشّثري بقوله (ذكر قول إمتاع السّامر، ورجحه على غيره من الأقوال)!
فصار كلام الشيخ لدحض إمتاع السّامر دليلاً على صحة إمتاع السّامر!!
وهكذا يكون تصحيح التاريخ!
ولا عجب أن يكون الدفاع عن الزيف بزيف مثله!
والقارئ يرى أنّ الشيخ ذكر قول صاحب إمتاع السّامر بعد أن فرغ من إيراد النّسب الصّحيح في نظره وتوثيقه بتلك الوثيقة، ولم يسمِّ القائل لأن الكتاب في نظره مكذوب على شعيب، ثمّ كرَّ عليه بالتّخريج البديهي وهو أنّه انتساب بالعصبية!
وهذا التّناقض بين كلام الشّيخ محمّد وتحريف (صقر بن حسن) يدركه القارئ بكل وضوح، وقد صوَّره للقارئ بنفسه! واللّه الموعد!
ولعلي أستشهد بالبيت الذي استشهد هو به من قبل:
ولا تكُ كالشاةِ التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا
وقول (صقر بن حسن):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/425)
ورد على ما ذكره الحقيل في كنز الأنساب عن انتسابهم إلى قبيلة زعب فقال: «كما أن متقدّمي الشّثور أخوالهم وأصهارهم آل بدر المعني أمراء زعب في الماضي، فربما التّبس الأمر بسبب ذلك»
فأحسن أحوال هذا الكلام أنّه يدلّ - مرة أخرى - على أن (صقر بن حسن) ليس من أهل التّاريخ، لئلا نقول إنّه تعمَّد التّحريف والكذب!
فهذا الرّدّ من الشّتري على الحقيل - مع أن كليهما يقول بالنّسب العامري - يدلّ بوضوح ما بعده وضوح على أن الشّثري متمسّك بما ورد في مشجرتهم، ولا يقبل غيره ولو كان نسبًا عامريًا آخر! بل لقد أورد كلام الحقيل في سياق الرّد على صاحب إمتاع السّامر!
ولكن (صقر بن حسن) يزعم أن الشّثري يرجَّح النّسب الذّي سطَّره صاحب إمتاع السّامر!
ثمّ قال (صقر بن حسن):
2 - في ذكره لقصيدة الشّيخ العلامة إبراهيم بن حمد الشّثري، فقد نقل جزءًا من قصيدته التّي أوردها «إمتاع السّامر»
والقارئ الكريم يرى أن الشّثري قد أورد الأبيات بعد ما فرغ من إيراد كلام صاحب إمتاع السّامر والرّد عليه، وقد نقل الأبيات نقلًا صامتًا، من غير أن يشهد بصحة القصيدة!
ولم يقل مثلاً (هذه القصيدة معروفة عندنا)
والذي أوقع الشيخ في هذا المطبّ: أنه فرغ من الاحتجاج بالخؤولة لدفع كلام الحقيل فساق الأبيات لما فيها من ذكر الخؤولة!
ولو تريَّث لأدرك أن الناظم قد جمع المعلومات عن الشتور لإدخالها في هذه القصيدة الركيكة!
والمهم أن اتخاذ هذا النّقل الصامت دليلًا على توثيق الكتاب إنّما يدلّ على الإفلاس العلمي!
وقد ثبت لنا أن (صقر بن حسن) لا يؤمن على النقل!
وسوف ننظر في كتاب الشثري إن شاء، فلعلنا نجد أشياء لم ينقلها لئلا يفسد المقصود!!
وبعد ذلك كله:
لنفرض جدلاً أن الشتري شهد بصحة الكتاب، وصدَّق بكل حرف ورد فيه، فماذا يكون؟
هل يصح الكتاب لأن فلاناً من الناس يرى أنه صحيح؟!
أم أن مدار الصحة والزيف على الحجج والبراهين، وليس على شهادات التزكية؟!
الجواب يعرفه شداة علم التاريخ، ويظهر أن هناك من المجادلين عن الكتاب لم يصل إلى هذه المنزلة!!
مع التأكيد على أن الشيخ استقذر الكتاب، فأعرض عن مجرد الإشارة إليه، ثم لما اضطر إلى ذلك أشار إليه بلفظ (قال صاحب إمتاع السّامر)، ولم ينسب الكتاب إلى شعيب!!
وهذا ما ندندن عليه منذ عامين: فإمتاع السّامر كتاب لقيط، له أب ولكنه مجهول!
وأما كتاب سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، فلا علاقة له بالموضوع، ولكنها عقدة (النجدية) عند القوم، يتمسَّحون بحمد الجاسر وعبدالله بن خميس وفسح وزارة الإعلام وتوزيع وزارة المعارف لكتاب شاكر، والآن كتاب سلمان بن عبد العزيز!
مع العلم بأن سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز هو القائم على الدارة، وهو الخصم الأول لإمتاع السامر!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:21 ص]ـ
(1) الجميعي مصري، وكان (صقر بن حسن) يقول لي أنا السعودي (أترك هذه المنطقة ... أهل مكة أدرى بشعابها!)
(2) مكتبة الملك فهد الوطنية لم تكن موجودة في عام 1401، وقد تم افتتاحها رسمياً في عام 1418،مع أنها كانت موجودة على أرض الواقع منذ عام 1412 تقريباً
(3) قد جرت عادة المفهرسين أن يضعوا تاريخاً افتراضياً للكتاب الذي لا يوجد عليه تاريخ، وهذا ما وقع لكتاب الجميعي، إذا كتبوا في البطاقة الموجودة في الرابط أعلاه (قص ولزق):
[-141هـ، -198م]
ومعنى هذا الكلام أن الكتاب منشور على وجه التخمين بين العامين (1410 - 1419)، وأنهم لا يعرفون التاريخ الصحيح، وإنما هو تاريخ تقديري على أساس العقود وليس السنة.
ولما كان عام 1410 يوافق 1989 فقد كتبوا بإزائه -198
ولا يخفى أن التقويم الرسمي هجري لا ميلادي
ولو كانوا يقدرون تاريخ النشر بالثمانينات الميلادية لكتبوا ـــ 140 هـ
فقول (صقر بن حسن):
سنة الطبع تقريبا 1401 هـ حسب موقع مكتبة الملك فهد الوطنية رحمه الله تعالى
غير صحيح، بل تضليل للقارئ!
ومن غير المعقول أن يطلع الجميعي على الكتاب سنة 1401، ولا يطلع عليه ابن حميد وحمد الجاسر والظاهري والمعلمي إلا سنة 1407!
ولعلي أنظر في الكتاب إن شاء الله، وسوف أجد بإذنه تعالى دليلاً على تايخ الكتاب!
فانظروا إلى عجز هذا (الباحث!!) عن توثيق أي شيء على وجهه الصحيح!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/426)
نطالبه بدليل على ظهور الكتاب فبل سنة 1407، فيأتي بكتاب مجهول التاريخ لرجل مصري!
وأنني لأشفق عليه لكثرة ما بحث إلى أن عثر على بطاقة مكتبة الملك فهد!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:47 ص]ـ
وقد يشهد لذلك أن الجميعي أصدر كتابه الآخر (عسير خلال قرنين) عن نادي أبها الأدبي، سنة 1411هـ-1990م.
والعادة أن الأساتذة غير السعوديين يعارون إلى الجامعة في أبها لسنوات معينة
فالظاهر أنه كان في أبها في حدود عام 1411 وأنه أصدر كتابه الأول آنذاك
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[14 - 10 - 09, 06:04 ص]ـ
تصحيح النقص في المشاركة:
الكتاب " ارتباط عسير بالدعوة الاصلاحية منذ الدولة السعودية الاولى من 1215 - 1289 هـ / 1800 - 1872 م "
تأليف الدكتور / عبدالمنعم ابراهيم الجميعي.
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية بأبها
طبع دار جرش للنشر والتوزيع
خميس مشيط
سنة الطبع تقريبا 1401 هـ حسب موقع مكتبة الملك فهد الوطنية رحمه الله تعالى:
http://www.kfnl.gov.sa:88/ipac20/ipac.jsp?session=1255E669H810L.3140564&profile=ekfnl&uri=full=3100001@!68123@!39&ri=1&aspect=advanced&menu=search&source=172.16.16.74@!kfnl1256&ipp=20&staffonly=&term=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9+%D8%A7%D 9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9+-+%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE&index=.SW&uindex=&aspect=advanced&menu=search&ri=1#focus
هذا الكتاب القيم يتحدث عن ارتباط عسير بالدعوة الإصلاحية السلفية وارتباطها مباشرة بالدولة السعودية حفظها الله
وقد رجع مؤلفه إلى كتاب " إمتاع السامر " وكان من ضمن مصادر رسالته القيمة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71153&stc=1&d=1255485594
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71155&stc=1&d=1255485594
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71154&stc=1&d=1255485594
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71141&stc=1&d=1255467636
ـ[أبو البركات]ــــــــ[14 - 10 - 09, 10:48 ص]ـ
نقاش علمي موسّع حول هذا الكتاب ولن تجده إلا هنا بهذا الملتقى.
جزاكم الله خير الاخوة الأساتذة على هذه المناقشة ونحن من المتابعين.
تحياتي لكم.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:19 م]ـ
نقاش علمي موسّع حول هذا الكتاب ولن تجده إلا هنا بهذا الملتقى.
جزاكم الله خير الاخوة الأساتذة على هذه المناقشة ونحن من المتابعين.
تحياتي لكم.
وأنت أيضا يا أخي
جزاك الله خيرا على أدبك ودعائك وزادك من فضله.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:44 م]ـ
الاخوين صقر بن حسن - وخزانة الأدب::
كتاب (ارتباط عسير بالدعوة الإصلاحية) مطبوع سنة 1410هـ؛ فمن أراد الدليل احضرناه!
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[14 - 10 - 09, 03:22 م]ـ
تنبيه للفائدة:
كتاب " إتحاف اللبيب في سيرة الشيخ عبدالعزيز أبو حبيب " الطبعة الأولى عام 1410 هـ
ثم طبع باسم " نفح الطيب في سير الشيخ أبو حبيب " الطبعة الثانية عام 1420 هـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71126&stc=1&d=1255435394
2 - في ذكره لقصيدة الشيخ العلامة إبراهيم بن حمد الشثري، فقد نقل جزءاً من قصيدته التي أوردها " إمتاع السامر " الأبيات رقم 48 - 53.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71127&stc=1&d=1255435394
هذا التنبيه يتعلق بالشيخ " إبراهيم بن حمد الشثري " الذي ترجم له شعيب في " إمتاع السامر " وأورد له قصيدة فصيحة.
وهو أن الشيخ إبراهيم بن حمد الشثري جد مؤلف كتاب " نفح الطيب " الدكتور / محمد الشثري.
فهو: محمد بن ناصر بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم بن حمد الشثري ...
فكان الواجب على المعلقين على " إمتاع السامر " قبل الإنكار أن يسألوا أحد أحفاد الشيخ إبراهيم بن حمد الشثري ويستفصلوا منهم - على الأقل - فإن شفاء العي السؤال.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[14 - 10 - 09, 10:10 م]ـ
بحث " جنب: فروعها وبلادها "
للباحث: علي بن سعد آل حصوصة
نشر مجلة " العرب " ج 11، 12 س 28 الجماديان سنة 1414 هـ
رئيس التحرير: الشيخ حمد الجاسر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71178&stc=1&d=1255542558
كان كتاب " إمتاع السامر " من مصادر الباحث، ورجع إليه في ثلاثة مواطن:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71182&stc=1&d=1255543426
وتفصيل هذه المواطن كالتالي:
1 - عند ذكره لأبيات من قصيدة كريسيع " مانع بن علي الحمالي " التي ذكرها شعيب في " إمتاع السامر " فقد أورد ثلاثة أبيات منها 19، 20، 21
وقام الباحث بتشكيلها، مع أنها مذكورة في " إمتاع السامر " بدون تشكيل.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71179&stc=1&d=1255542869
2 - عند كلامه عن الخلاف في نسب قبيلة " سنحان " فقد أورد ما ذكره " سليمان الكمالي " في مذكرراته بتحقيق أحمد النعمي، وما أورده شعيب في " إمتاع السامر " عن نسبتهم إلى الأزد.
ورد الباحث على هذا القول بأدب علمي دون تجريح أو طعن:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71180&stc=1&d=1255543232
3 - عن ذكره لنسب " سلطان " جد آل صقر من عَبِيْدَة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71181&stc=1&d=1255543471
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/427)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[14 - 10 - 09, 10:14 م]ـ
قلت أعلاه
وقد ثبت لنا أن (صقر بن حسن) لا يؤمن على النقل!
وسوف ننظر في كتاب الشثري إن شاء، فلعلنا نجد أشياء لم ينقلها لئلا يفسد المقصود!!
طالعت كتاب الشثري عصر هذا اليوم، بحمد الله، فلفت نظري أمران:
1 - تصوير (صقر بن حسن) لرسالة الأمير سلمان الموجودة على رأس الكتاب، وتجاهله المطلق لوثيقة نسبهم الموجودة على رأس الكتاب أيضاً
وسرّ هذا التمييز في المعاملة:
أن رسالة سلمان فيها ثناء على كتاب الشثري المذكور فيه إمتاع السامر! فهو يظن أنها تنفع في مواجهة الحملة الرسمية على الكتاب (نفس عقلية: وين أذنك يا حبشي!)
البيانات الرسمية الصريحة، وجهود الدارة التي يرأسلها سلمان، لا تعني شيئاً!
وأما ثناء سلمان على كتاب الشثري فيستحق التصوير في سياق الدفاع عن إمتاع السامر!!
وأما وثيقة نسب الشثور فقد تجاهلها (صقر بن حسن)، لأنها تفضح قوله: (اعتمد على إمتاع السامر ... رجَّح قوله)!!
وهي نفس الوثيقة التي نشرها الشثري في مجلة العرب سنة 1409
ولا يخفى أن تكرار نشر الشثري لها، ووضعه إياها في مقدمة الكتاب، معناه: الاعتماد عليها!
وهذا التجاهل هو دليل آخر على مصداقية (صقر بن حسن) وأمانته وموضوعيته وبعده عن الهوى وإخلاصه المطلق للحقيقة وإتقانه لأساليب البحث العلمي، ونصيحته لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامَّتهم، ورغبته العميقة في إيصال المعلومات الوافية إلى القارئ ليعرف الكتب الصحيحة من المزيَّفة!!
2 - أنه نشر صفحة مراجع الجميعي لأن إمتاع السامر مكتوب فيها!
وطبعاً نظر في صفحة مراجع الشثري فلم يجد إمتاع السامر مكتوباً فيها!
ويظهر أن الشتري أورده في المتن لأن يستطيع أن يقول (قال صاحب إمتاع السامر)، وأما في قائمة المراجع فلا بدّ أن يسمي صاحبه، وهو في نظره كاللقيط لا يُعرف له صاحب!
ولا يخفى معنى حذف الكتاب من قائمة المصادر!
فمن تمام صدق (صقر بن حسن) وأمانته وموضوعيته وبعده عن الهوى وإخلاصه للحقيقة وإتقانه لأساليب البحث العلمي: جحد ذلك عن القارئ!
وأما قول (صقر بن حسن):
فكان الواجب على المعلقين على " إمتاع السامر " قبل الإنكار أن يسألوا أحد أحفاد الشيخ إبراهيم بن حمد الشثري ويستفصلوا منهم - على الأقل - فإن شفاء العي السؤال
فهو من اللغو! كالعادة!
فلا الشيخ محمد الشثري صحَّح القصيدة، أو وثَّقها من أوراق لدى أسرته، بل نقلها نقلاً صامتاً من إمتاع السامر!
ولا المعلِّقون على إمتاع السامر أنكروا وجود الشيخ إبراهيم!
بلى، أنكروا أشياء كثيرة في تعليقاتهم على ترجمة الشيخ إبراهيم، وهي تتعلق بتاريخ المنطقة لا بسيرة الشيخ إبراهيم، ولم يخالفهم الشثري في شيء منها، ولا تطرَّق إليها أصلاً، لأنها ليست من شرط كتابه!
####
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[15 - 10 - 09, 12:06 ص]ـ
كتاب " خطبة الشيخ أحمد بن عبدالقادر الحفظي " أمام السلطان العثماني عبدالعزيز بن محمود 1289 هـ"
هذه الخطبة العصماء ألقاها هذا العلامة الحفظي حينما وصل هو ومن معه من الأسرى الكثيرون الذين يربون على 600 أسير تقريبا إلى تركيا
حققها الشيخ المؤرخ المشهور الدكتور / عبدالله بن محمد بن حسين أبو داهش حفظه الله
استاذ الأدب المشارك في كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية بالجنوب
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71188&stc=1&d=1255550310
اعتمد المؤرخ الدكتور / أبو داهش في تحقيقه على مصادر عديدة - مخطوطة ومطبوعة - ومن ضمنها كتاب " إمتاع السامر "
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71191&stc=1&d=1255550236
وقد ذكره في موضِعَيْنِ اثنين وهما:
1 - عند ذكره لوالد صاحب الخطبة العلامة " عبدالخالق بن إبراهيم بن أحمد الحفظي "رحمه الله.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71189&stc=1&d=1255550236
2 - عند ذكره لأحد شيوخ صاحب الخطبة وهو الشيخ العلامة المحدث " مسفر بن عبدالرحمن بن جعيلان الدوسري الحنبلي " المتوفي عام 1318 هـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71190&stc=1&d=1255550938
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 10 - 09, 12:14 ص]ـ
أبشروا!
إمتاع السامر مذكور في كتاب آخر!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/428)
باقي الجرائد!
ومواقع الإنترنت!
وللعلم
أبو داهش سألوه عن الكتاب سنة 1407 فرفض الإجابة!
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[15 - 10 - 09, 12:25 ص]ـ
للفائدة:
من أراد من إخواني طلبة العلم الاطلاع على الخطبة فهي في المرفقات ملف Pdf ضمن ملف ضغط winrar
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 10 - 09, 02:26 ص]ـ
من غرائب شلَّة إمتاع السامر
أخبار عسير، كتاب منسوب إلى عبدالله بن علي بن مسفر
وهو من جنس إمتاع السامر
النسب السفياني
الدولة الأموية بعسير 12 قرناً
الروح الإقليمية
استقلال عسير عن الدولة السعودية الثانية
... إلخ
والظاهر أنه مضروب في نفس دار الضرب!
ولكنه لم يذكر إمتاع السامر لأن إمتاع السامر لم يُخلق بعد!
إليكم هذه الأعجوبة!!
صدر هذا الكتاب في بيروت عن المكتب الإسلامي (دار زهير الشاويش المعروفة)
باسم (أخبار عسير)، في عام 1399
انظر المشاركة #50 أعلاه
الغريب أنه صدرت منه طبعة سابقة في نفس الفترة!
وفي نفس المدينة (بيروت)!
ولكن عن دار الرسالة!
باسم آخر (السراج المنير في سيرة أمراء عسير)!
والتاريخ المكتوب على هذه الطبعة 1398/ 1978
وهو فارق صغير، لأن طباعة الكتاب في الدار الأخرى تحتاج إلى بعض الوقت
ومن الجائز أن يكون المؤلف قد طبعه مرتين في رحلة واحدة إلى بيروت!
والطبعتان متقاربتان تقريباً في كل شيء،
إلا في شيء واحد!!
حزِّروا! فزِّروا!
إنه سلسلة الأنساب الأموية التي نشر صورها (صقر بن حسن)!!
في المشاركة #50 أعلاه!
تصوَّروا!
مصنِّف يطبع كتابه مرتين في آن واحد، فيثبت سلسلة الأنساب في إحداهما ويحذفها من الأخرى!
وقد أشار في المقدمة إلى أنه اكتشف في الطبعة السابقة (نقصاً وخطأ في بعض البحوث وتوزيعها)، وأن (الإخوة الذين عاشوا بعض أحداث المنطقة) رأوا تغيير العنوان!
يا سلام! بهذه السرعة الصاروخية!!
وطبعاً (صقر بن حسن) يعرف الطبعتين!!
فهل أخبركم بأن مصوّراته توجد في إحداهما دون الأخرى.!
حزِّروا! فزِّروا! مرة أخرى!
سأخبركم بالجواب!
ولعلكم قد اعتدتم الآن على طريقة (شلَّة إمتاع السامر) في المخاتلة والمخادعة والتدليس!
لقد قال في المشاركة #45 أعلاه
1 - كتاب تاريخ عسير المسمى " السراج المنير في سيرة أمراء عسير " تأليف عبدالله بن علي بن مسفر رحمه الله، طبع المكتب الإسلامي
لقد رجع إلى طبعة المكتب الإسلامي وسماها بالاسمين معاً!
لماذا لم يقل (أخبار عسير وكفى)؟
وجميع الذين أحالوا على الكتاب أحالوا عليه باسم (أخبار عسير) الموجود على غلافه!
ولا سيما أن المصنف صرح بانصرافه عن الاسم الآخر!
إلا (صقر بن حسن)، الذي يعلم بإن إحالته تتعلق بشيء لا يوجد في (السراج المنير)!
الهدف واضح، وهو الإيهام بأن الاسمين هما لنفس الطبعة!!
من أجل أن تنصرف أنظاركم عن الطبعة التي لا توجد فيها تلك الصفحات!
أما أن يقول:
المطبوع في مكتبة الرسالة باسم "السراج المنير في سيرة أمراء عسير"، وفي المكتب الإسلامي باسم "تاريخ عسير"، ولصور موجودة في الثانية فقط!
####
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[18 - 10 - 09, 01:09 ص]ـ
للفائدة:
خبرٌ
نشرت جريدة الجزيرة في عددها رقم 7611 بتاريخ السبت 12 صفر عام 1371 هـ
مقال لأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري عن كتاب " إمتاع السامر " قال فيه: " كتبت كثيرا عن اساطير " إكتاع السامر " المطبوع منسوبا إلى شعيب بن عبدالحميد الدوسري، وكنتُ ضمن لجنة تقصت حقائق هذا الكتاب المزور المزعوم أنه طبع عام 1365 هـ بمطبعة الحلبي بالقاهرة، رغم أنه لا يوجد ضمن قوائم مطبوعات الحلبي، بل اتضح أن حرف الطباعة حديث جداً لم يكن معروفاً طباعياً عام 1365 هـ ". انتهى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71278&stc=1&d=1255812496
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71279&stc=1&d=1255812496
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71285&stc=1&d=1255813265
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71286&stc=1&d=1255813265
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71287&stc=1&d=1255813265
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[18 - 10 - 09, 03:24 م]ـ
الاخوين صقر بن حسن - وخزانة الأدب::
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/429)
كتاب (ارتباط عسير بالدعوة الإصلاحية) مطبوع سنة 1410هـ؛ فمن أراد الدليل احضرناه!
شكر الله لك وزادك فضلاً وتوفيقاً
لقد حملت عني عبء البحث عن الكتاب، إذ لم أجده في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض
وبقي أن يعتذر (صقر بن حسن) عن الكذب غير المتعمَّد - أو المتعمَّد! - على القراء، وعلى مكتبة الملك فهد الوطنية، عندما قال:
سنة الطبع تقريبا 1401 هـ حسب موقع مكتبة الملك فهد الوطنية رحمه الله تعالى:
http://www.kfnl.gov.sa:88/ipac20/ipa...rch&ri=1#focus
بينما الموجود في ذلك الرابط:
[-141هـ، -198م]
أي على وجه التقدير، ابتداء من سنة 1410 إلى سنة 1419 (لأن الطبعة غير مؤرخة)، بدليل الأقواس المربعة []، ومعناها أن تاريخ النشر اجتهاد من المفهرس! والمفهرس طبعاً ينظر في جملة الكتاب وتاريخ المقدمة إن وجدت وتواريخ مصادر المؤلف، لا كما ينظر أصحاب الأهواء والعابثون بالتاريخ!!
ويستطيع القارئ الكريم أن يراجع الرابط ليعرف الصادق من الكاذب
وإذا شكَّ في تفسيري لهذا الرمز [-141هـ، -198م] فليطبع الشاشة المذكورة، ويسأل المختصين في الفهرسة والمكتبات عن معنى الكلام (وطبعاً أكثر الموظفين في المكتبات متخصصون).
فإن تعجب فاعجب لفرح (شلة إمتاع السامر) بكتاب الجميعي غير المؤرخ، ثم شدَّة تنقيرهم في المصادر وشبكة الإنترنت لتأريخه بأي سنة قبل سنة 1407!
فلما عادوا بخفّي حنين، عمدوا إلى الكذب والتزوير!
ولمزيد من التدليس، وضعوا رابط مكتبة الملك فهد، لأنهم يظنون أن القارئ لن يرجع إليه، وإن رجع إليه فلن يعرف الفرق بين (-141) و (1401)!!
وسيأتيك ما هو أعجب وأغرب، إن شاء الله!!
وهذا التزوير (الصغير!) مهم جداً:
فقد (لطش!) صقر بن حسن هذه السنوات التسع أو العشر، لأنني أكرِّر من نحو عامين: أن إمتاع السامر لم يظهر إلا في حدود سنة 1407، وأن تأريخه بسنة 1365 هو أكذوبة كبرى!
وهو يريد إثبات كذب هذه الدعوى!!
فلما عجز عن إبراز دليل تخضع له العقول والأفهام لجأ - هو أو الذين يمدُّونه بهذه المعلومات المكذوبة - إلى التدليس والكذب، من أجل الإدعاء بأن الكتاب كان موجوداً قبل سنة 1407!
فالحمد لله رب العالمين!
لقد أقامت (شلة إمتاع السامر) الدليل تلو الدليل على عجزها المطلق عن مقارعة الحجة الصحيحة بالحجة الصحيحة!
تنبيه:
إذا لم يعتذر (صقر بن حسن) عن تفسير هذه الدوامغ والقوارع، فأنا أعتبر نفسي في حلٍّ من نسبتها إليه، وسأعتبره مجرَّد واجهة إعلامية لـ (شلة إمتاع السامر)!!
ولا أظن هذه الشلَّة من النوع الذي يعتذر، مع الأسف!!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[18 - 10 - 09, 07:40 م]ـ
فضيحة بجلاجل!!
لقد بلغ (صقر بن حسن) قمَّة التدليس بقوله:
للفائدة:
خبرٌ
نشرت جريدة الجزيرة في عددها رقم 7611 بتاريخ السبت 12 صفر عام 1371 هـ
مقال لأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري عن كتاب " إمتاع السامر " قال فيه: " كتبت كثيرا عن اساطير " إكتاع السامر " المطبوع منسوبا إلى شعيب بن عبدالحميد الدوسري، وكنتُ ضمن لجنة تقصت حقائق هذا الكتاب المزور المزعوم أنه طبع عام 1365 هـ بمطبعة الحلبي بالقاهرة، رغم أنه لا يوجد ضمن قوائم مطبوعات الحلبي، بل اتضح أن حرف الطباعة حديث جداً لم يكن معروفاً طباعياً عام 1365 هـ ". انتهى
بالخط العريض وبالألوان!!
هذا الخبر من أين جاء به (صقر بن حسن)؟
الجواب:
بالتأكيد ليس من (وكالة الأنباء السعودية)!!
ولعله من (وكالة أنباء إمتاع السامر)!!
لقد وجدت هذه الوكالة خطأً مطبعياً أو سبق قلم في مجلة العرب، فصاغته على شكل خبر، بطريقة مثيرة، وأوردت صورة صفحة المجلة لتوثيق الخير!!
والخبر هو سطر المجلة وسطر المجلة هو الخبر!
فجُعلا شيئان يشهد أحدهما للآخر!
وهو أسلوب ممجوج مكشوف من أساليب الاحتيال والكذب والتدليس!
وكاتب المقال (مسفر بن محمد الدوسري) يصرِّح في المتن بأن إمتاع السامر (كثير الخلط والغلط)، ويدحض كلامه، ويعيب الاستشهاد به على صاحب كتاب (قبائل إقليم عسير في الجاهلية والإسلام)، وينقل كلام أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري بأنه مزوَّر، على سبيل الإقرار والتأييد!
وقد كرر ذلك في عشر مقالات بجريدة الرياض، وإليك الرابط:
http://www.shehr.net/vb/f54-71901.html
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/430)
فتتجاهل (وكالة أنباء إمتاع السامر) ذلك الإنكار كله، ولا تجد في مقالة الدوسري إلا الرقم (5) الوارد بعد كلمة (الظاهري)، فتضع تحته خطًّا أحمر، من أجل أن يجد القارئ الحاشية في صفحة أخرى، ونصُّها:
جريدة الجزيرة السبت 12 صفر 1371 هـ العدد 7611
أي إن مقالة الظاهري منشورة سنة 1371
والهدف بالطبع هو الإيهام بأن الكتاب قديم
وهو نفس الغرض الذي جعل (صقر بن حسن) يزوّر تاريخ كتاب الجميعي ويسند التاريخ المفترى إلى مكتبة الملك فهد!
ويظهر أن هذا الداء قديم لدى الجماعة!
مهازل ومضاحك!! لا تُستغرب من الشلَّة التي أخرجت المهزلة الكبرى المسماة (إمتاع السامر)
فإن قرأ أبو عبدالرحمن الظاهري هذا الكلام فسوف يستلقي من الضحك!! وحُقَّ له!!
فإذا كان عدد جريدة الجزيرة رقم 7611 قد صدر في عام 1371، فمعنى ذلك أن الجريدة قد صدرت سنة 1350، على افتراض أنها كانت جريدة يومية!
وإذا كانت افترضنا أنها كانت أسبوعية في عام 1371 - كما هي حال الجرائد السعودية آنذاك - فتكون الجزيرة قد صدرت قبل عصر الدولة السعودية الأولى!!
والواقع أن الجريدة صدرت بانتظام سنة 1385!
وأنا أذكر وصولها إلى بلدي لأول مرة! ويغلب على ظني أنها كانت أسبوعية أول الأمر.
وعددها الصادر هذا اليوم 29 شوال 1430 رقمه 13534، وقد كتبوا عليه (السنة 50)، فلعلهم اعتبروا سنة صدور الترخيص أو العدد التجريبي أو أي اعتبار آخر لتكبير عدد السنين
وطالب الإبتدائي يستطيع أن يأخذ عدد اليوم ويحسب الأعداد والأيام طرحاً وقسمة ليعرف أن العدد 7611 صدر يوم السبت 12 صفر 1414 هـ، وليس يوم السبت 12 صفر 1371 هـ
وهذا تاريخ المقالة الثانية من مقالات أبي عبدالرحمن!
وهو بالمناسبة: ينشر مقالته الأسبوعية بالجريدة في أيام السبت!
وكلامه هذا (كتبت كثيرا عن أساطير "إمتاع السامر" ... إلخ)، الذي أحيط في الصورة بدائرة زرقاء -- موجود في ملاحق طبعة الدارة من إمتاع السامر، ويعرفه جميع المهتمِّين بالموضوع، ويعلمون أنه جزء من حملته المشهورة على الكتاب، وليس من حملة قديمة في عام 1371!!
ومن المستحيل أن يكتب عن الكتاب في سنة 1371 ثم تبلغ به الجرأة أن يزعم في عام 1414 - ثم في ملاحق الكتاب سنة 1419 - بأن الكتاب ظهر لأول مرة سنة 1407!
ولعله كان في عام 1371 شابًّا صغيراً يدرس في المدرسة الإبتدائية في شقراء، فجعلوه (أبا عبدالرحمن)، و (ظاهرياً)، وعضواً في لجنة رسمية!!
مهازل ومضاحك لا تُستغرب من (صقر بن حسن) وإخوانه (شلَّة إمتاع السامر)
وللتوثيق فهذا بيان تاريخ المقالات الثلاث الملحقة بالإمتاع:
«خرافات امتناع السامر»، جريدة الجزيرة، العدد 7604، السبت 5/ 2 / 1414 هـ).
«شعيب المفترى عليه»، جريدة الجزيرة، العدد 7611، السبت 12/ 2 / 1414 هـ
«بلادنا والتاريخ المصنوع»، جريدة الجزيرة، العدد 7618، السبت 19/ 2 / 1414 هـ
وقد نشرت هذه المقالات ملحقة بطبعة الدارة ص 505 - 541.
وطبعاً (صقر بن حسن) يعرف متى انبرى أبو عبدالرحمن لإمتاع السامر، كما يعرف نفسه!!
ويعلم أن (1414) تصحفت في المجلة إلى (1371)، أو أخطأ الكاتب!
وأن هذا كل ما في الأمر!!
لقد طار (صقر بن حسن) - أو (وكالة أنباء إمتاع السامر) - فرحاً بخطأ تافه في مجلة العرب، ونفخوا فيه، ليصير دليلاً على أن إمتاع السامر كتاب قديم!
كما طاروا بصدور كتاب الجميعي غُفلاً من التاريخ!
والحمد لله! ما ضرُّوا إلا أنفسهم!!
وما كشفوا إلا إفلاسهم وتلاعبهم وعبثهم وتدليسهم!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[19 - 10 - 09, 02:59 ص]ـ
وزن إمتاع السامر في الأوساط العلمية
يصوِّر (صقر بن حسن) الصفحات المتعدِّدة من كتب ومجلات تُعَدُّ على أصابع اليدين، لإيهام القارئ أن إمتاع السامر قد تجاوز القنطرة، وحظي بالقبول، وأصبح عمدة لأهل العلم والتاريخ والجغرافيا والأدب والأنساب!
وقد علَّمتنا التجارب أنه يجب الاحتراس من كل حرف تكتبه (شلة إمتاع السامر)!
فهذا الأسلوب في الطرح - كما لا يخفى - هو خلط في البحث وتغيير للموضوع، لأن مدار النقاش على صحَّة (إمتاع السامر) من حيث هو، وصحة نسبته إلى شعيب، ومدى صدق الذين زعموا أن شعيباً صنفه في سنة 1365 وأرسله مع البشري لطباعته بمصر، فطُبع في نفس تلك السنة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/431)
ولا يخفى أن اغترار بعض الناس بكتاب ما - مهما بلغ عددهم - لا يعني بالضرورة أن الكتاب صحيح، بل الكتاب المزوَّر مزوَّر مهما بلغ عدد الذين يذكرونه في مصادرهم.
وقد أورد الطاعنون في إمتاع السامر عشرات الحقائق الدامغة القاطعة بتزوير الكتاب!
فمن العجز أن يتهرَّب (صقر بن حسن)، وإخوانه من (شلة إمتاع السامر)، من مناقشة جوهر الموضوع إلى تصوير أوراق الذين ذكروا إمتاع السامر في كتبهم ومقالاتهم! مع الإيهام بأن العدد كبير جداً!!
والواقع هو العكس تماماً!
فالكتاب منبوذ عند كل باحث يحترم نفسه وقلمه!
لقد استشهد (صقر بن حسن) حتى الآن بثمانية أبحاث:
1 - كتاب الشتري
2 - مقال مسفر الدوسري في مجلة العرب
3 - إشارات حمد الجاسر في جمهرة الأنساب
4 - كتاب الجميعي
5 - كتاب الصميلي
6 - تحقيق أبي داهش لخطبة الحفظي
7 - مقال ابن حصوصة في مجلة العرب
8 - إشارات العمروي في قبائل عسير
وإليكم (العلم اللي يجمد على الشارب)، لا كدعاوى (شلة إمتاع السامر):
أولاً:
الشتري والدوسري ذكرا إمتاع السامر لأجل مخالفته! وكلامهما معروض أعلاه!
والجاسر ذكره أحياناً لأن طريقته أن يذكر الأقوال المختلفة في نسب الأسرة أو القبيلة، وقد صرح مراراً وتكراراً بأنه مزوَّر!
والخمسة الباقون - بالإضافة إلى الشتري في القصيدة الكافيَّة - أحالوا على الكتاب بإحالات صامتة، على قاعدة (العهدة على الراوي)
وهذا ينطبق على آخرين، سواء أذكرهم (صقر بن حسن) أم لم يذكرهم.
وبعض الباحثين يظنّ أن تزوير الكتاب لا يمنع من الانتفاع بمعلوماته (وهي نظرة خاطئة 100%)
ولم أقف إلى الآن على أي باحث معتبر، سواء من أهل عسير أو من غيرها، يضع مصداقيته على المحكّ، ويصرِّح بأن إمتاع السامر كتاب صحيح معتبر!
وجميع هؤلاء ذكروا (إمتاع السامر) بعد ظهوره من دار التزوير سنة 1407وعندما طالبناهم بإشارات سابقة على هذا التاريخ لجأوا إلى التدليس والتزوير (أنظر ما مرَّ أعلاه)
ثانياً:
تعداد (صقر بن حسن) لهذه الأبحاث إنما يدل على العكس تماماً، أي إن الأغلبية الساحقة من الباحثين لم تسمع بإمتاع السامر، أو لم تقم له وزناً!!
وإليك طائفة من مصادر تاريخ عسير، منسوخة من بعض المواقع، ولعل (إمتاع السامر) لم يذكر إلا في واحد أو اثنين منها:
1 - الأسمري، أبو محمد سعيد بن عوض آل رداد، تاريخ رجال الحجر المسمى نافذة الفكر على وطن ونسب رجال الحجر، مكتبة السوادي- جدة، ط1 (1417هـ).
2 - الأسمري، محمد بن عوضة بن رداد، كتاب الأواس بن حجر (باللسمر حالياً): ديارهم وتاريخهم وأخبارهم في الجاهلية والإسلام، ط1، 1421هـ/2001م.
3 - الأشعري، محمد بن أحمد بن إبراهيم، كتاب التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب ومنها أنساب عسير، تحقيق سعد عبد المقصود ظلام، نادي أبها الأدبي، 1409هـ-1989م.
4 - الأفغاني، سعيد، أسواق العرب في الجاهلية والإسلام، دار الفكر – بيروت، الطبعة الثالثة (1394هـ-1974م).
5 - الأكلبي، محمد بن جرمان العواجي، تاريخ بني خثعم وبلادهم في الماضي والحاضر، دار الحارثي للطباعة والنشر- الطائف، ط1 (1418هـ-1997م).
6 - الألمعي، إبراهيم طالع، الشعر الشعبي نبض حياة: محمد بن مانع الهازمي أنموذجاً، جمعية الثقافة والفنون- عسير، ط1، 2001م.
7 - الألمعي، يحيى إبراهيم، رحلات في عسير: نصوص، وانطباعات، ووصف، ومشاهدات، ج1، مطابع دار الأصفهاني- جدة، د. ط، د. ت.
8 - ابن بشر، عثمان، عنوان المجد في تاريخ نجد، مكتبة الرياض الحديثة- الرياض، د. ط، د. ت.
9 - البشري، إسماعيل بن محمد، إقليم عسير في عهد الملك عبد العزيز آل سعود (1338هـ - 1373هـ) (1919م – 1953م): دراسة في التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، رسالة ماجستير مقدمة لقسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، 1403هـ/ 1983م.
10 - البشري، إسماعيل بن محمد، حملة خليل باشا على إمارة (أبو عريش): دراسة وثائقية (6 صفر 1234هـ/ 4 ديسمبر 1818م)، مكتبة العبيكان- الرياض، ط1، 1423هـ/2002م.
11 - البشري، إسماعيل بن محمد، الحملة العثمانية على إمارة أبو عريش والسواحل اليمنية (1265هـ-1849م)، مكتبة العبيكان، ط1، 1423هـ-2002م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/432)
12 - البشري، إسماعيل محمد، السياسة العثمانية تجاه إمارة (أبو عريش) والسواحل اليمنية (1259 - 1264هـ/ 1843 - 1847م): دراسة وثائقية، مكتبة العبيكان-الرياض، ط1، 1423هـ/2002م.
13 - ابن بطوطة، محمد بن عبد الله، رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق محمد عبد المنعم العريان، دار إحياء العلوم- بيروت، ط3، 1417هـ/1996م.
14 - البهكلي، عبد الرحمن بن أحمد، نفح العود في سيرة دولة الشريف حمود، تكملة الحسن بن أحمد عاكش، تحقيق: محمد بن أحمد العقيلي، مطبوعات دارة الملك عبد العزيز، مطابع دار الهلال للأفست، الرياض، د. ط، 1402هـ/1982م.
15 - بيدول، روبين، الشخصيات العربية في مطلع القرن العشرين: شخصيات وقبائل عسير والمخلاف السليماني، جامعه كامبردج، ترجمة خطية باللغة العربية غير منشورة.
16 - تاميزيه، موريس، رحلة في بلاد العرب: الحملة المصرية على عسير (1249هـ/ 1834م)، ترجمة وتعليق د. محمد بن عبد الله آل زلفة، مطابع وإعلانات الشريف- الرياض، ط1 (1414هـ/1993م).
17 - ابن ثقفان، عبد الله بن علي، سراة عبيدة، الناشر: الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ط1، 1413هـ/1993م.
18 - الجاسر، حمد، في سراة غامد وزهران: نصوص، مشاهدات، وانطباعات، منشورات دار اليمامة-الرياض، 1391هـ-1971م.
19 - ابن جبير، محمد بن أحمد، رحلة ابن جبير، دار صادر- بيروت، د. ط، د. ت.
20 - ابن جريس، غيثان بن علي، (ابن الياس) ورسالته في تاريخ عسير في عهد الملك عبد العزيز، بحوث مؤتمر المملكة العربية السعودية في مائة عام، 7 - 11 شوال 1419هـ/ 24 - 28 يناير 1999م، مطابع الناشر العربي- الرياض.
21 - جريس، غيثان بن علي، أبها حاضرة عسير: دراسة وثائقية، مطابع الفرزدق التجارية- الرياض، ط1، 1417هـ-1997م.
22 - ابن جريس، غيثان بن علي، بحوث في تاريخ عسير الحديث والمعاصر، د. ن، جدة، ط1، 1423/ 2002م.
23 - جريس، غيثان بن علي، بلاد بني شهر وبني عمرو خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، مازن للطباعة- أبها، ط1 (1413هـ).
24 - ابن جريس، غيثان بن علي، تاريخ التعليم في منطقة عسير (1354 - 1386هـ/1934 - 1966م)، الجزء الأول، دار البلاد للطباعة والنشر- جدة، ط1، 1416هـ-1995م.
25 - جريس، غيثان بن علي، دراسات في تاريخ وحضارة جنوبي البلاد السعودية، د. ن، ط1، 1421هـ-2000م.
26 - جريس، غيثان بن علي، صفحات من تاريخ عسير، الجزء الأول، جدة، دار البلاد للطباعة والنشر، ط2، 1414هـ-1994م.
27 - جريس، غيثان بن علي، عسير: دراسة تاريخية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية (1100 - 1400هـ/ 1688 - 1980م)، د. ن، ط1 (1415هـ- 1994م).
28 - جريس، غيثان بن علي، عسير في عصر الملك عبد العزيز: دراسة تاريخية للحياة الإدارية والاقتصادية، د. ن، ط1 (1420هـ- 1999م).
29 - الجميعي، عبد المنعم إبراهيم، ارتباط عسير بالدعوة الإصلاحية، خميس مشيط- جرش للنشر والتوزيع، د. ت.
30 - الجميعي، عبد المنعم إبراهيم الدسوقي، عسير خلال قرنين: 1215هـ-1408هـ/ 1800م-1988م: دراسة في ضوء الوثائق والنصوص التاريخية العسيرية والمصرية وغيرها، مطبوعات نادي أبها الأدبي، ط1، 1411هـ-1990م.
31 - الجهني، عيد مسعود، الحدود والعلاقات السعودية اليمنية، دار المعارف السعودية- الرياض، 1994م.
32 - آل حامد، عبد الرحمن بن عبد الله، شخصية الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز وتأثيرها على أسلوب التنمية في منطقة عسير، مطابع الجنوب- أبها، 1424هـ.
33 - آل حامد، عبد الرحمن بن عبد الله، العادات والتقاليد والأعراف في إقليم عسير: دراسة وثائقية موازنة، مطابع المستقبل- أبها، الطبعة الأولى، 1425هـ.
34 - حبيب، محمد بن عبد الكريم، الأسواق الدورية في منطقة جازان: دراسة تحليلية عن التنظيم المكاني والدور الاقتصادي، الجمعية الجغرافية السعودية- جامعة الملك سعود- الرياض، د. ط، 1419هـ/ 1999م.
35 - الحربي، علي بن إبراهيم بن ناصر، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية: منطقة عسير، ثلاثة أجزاء،
قال الشيخ الألباني :
halife Printing- Beirut، أبها، د. ط، 1417هـ.
36 - الحسيل، إبراهيم بن أحمد، غامد وزهران وانتشار الأزد في البلدان، مطابع شركة دار العلم للطباعة والنشر- جدة، د. ط، 1406هـ- 1986م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/433)
37 - الحفظي، إبراهيم بن علي زين العابدين، تاريخ عسير: رؤية تاريخية خلال خمسة قرون في رسالة إبراهيم بن علي زين العابدين الحفظي المتوفى سنة 1372هـ، تحقيق وتعليق محمد بن مسلط بن عيسى الوصال البشري، د. ن، ط5، 1413هـ.
38 - الحفظي، محمد بن أحمد بن عبد القادر، اللجام المكين والزمام المتين: من مصادر الدولة السعودية الأولى وحول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في جنوبي الجزيرة العربية، تحقيق عبد الله بن محمد بن حسين أبو داهش، مازن للطباعة-أبها، ط1، 1405هـ- 1985م.
الحفظي، محمد بن إبراهيم. نفحات من عسير قصائد أسلاف آل الحفظي (أبها 1393)
39 - حلاوة، مصطفى مقبول، خالد الفيصل بن عبد العزيز: نبذة مختصرة عن تاريخ حياته مصحوبة بقائمة ببليوجرافيا مختارة، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1416هـ.
40 - حمزة، فؤاد، في بلاد عسير، مكتبة النصر الحديثة- الرياض، ط2 (1388هـ / 1968م).
41 - ابن حموض، سعيد بن عبد الله بن علي، دور العمد في خدمة المجتمع المحلي: دراسة مسحية خاصة بمنطقة عسير، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة للمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض، 1414هـ/1993م.
42 - حيدر، أحمد محمد حيدر، الجغرافيا الزراعية لمنطقة عسير، نادي أبها الأدبي، 1407هـ/1987م.
43 - الخالدي، إبراهيم، الجامع المختصر للألقاب والعزاوي عند البدو والحضر، شركة المختلف للطباعة والنشر- الكويت، ط1، 1423هـ-2003م.
44 - الخثعمي، مسفر بن سعد، الأثر السياسي والحضاري لدرب البخور في عصور ما قبل الإسلام، كتاب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي عبر العصور، مداولات اللقاء العلمي السنوي الثالث لجمعية التاريخ والآثار، المنعقد بجامعة السلطان قابوس بمسقط، محرم- صفر 1422هـ/إبريل 2001م.
45 - الخريجي، صالح بن ناصر بن سعد، شاعرنا: الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، مطابع المخطوط- الرياض، ط1 - 1419هـ1999م.
46 - أبو داهش، عبد الله بن محمد، أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الفكر والأدب بجنوبي الجزيرة العربية، جزأين، الناشر الأمانة العامة للاحتفالات بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، د. ط، 1419هـ-1999م.
47 - أبو داهش، عبد الله بن محمد، أهل السراة في القرون الإسلامية الوسيطة (400 - 1200هـ)، مطابع الجنوب- أبها، ط2 (1422هـ-2001م).
48 - أبو داهش، عبد الله بن محمد، الحركة العلمية والأدبية بمنطقة عسير في عهد الملك عبد العزيز (1338 - 1373هـ/1919 - 1953م)، مطابع الجنوب- أبها، ط1، 1420هـ- 2000م.
49 - أبو داهش، عبد الله بن محمد، الحياة الفكرية والأدبية في جنوب البلاد السعودية (1200 - 1351هـ/1785 - 1932م)، نادي أبها الأدبي، ط2 (1406هـ- 1986م).
50 - دوستال، والتر، ملامح من الثقافة التقليدية لمنطقة عسير: دراسة إثنوغرافية، ترجمة، يوسف مختار الأمين وسعد بن عبد العزيز الراشد، الناشر مؤسسة التراث- الرياض، مطبعة مؤسسة مرينا لخدمات الطباعة، ط1، 1422هـ/ 2002م.
51 - دوستال، وولتر، ملامح التغيير الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة، بحوث المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مدينة الرياض في الفترة من (19 إلى 23) ربيع الأول عام 1406هـ المصادف (1 إلى 5) ديسمبر 1985م، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مج 2، د. ط، 1419هـ.
52 - الدوسري، شعيب بن عبد الحميد بن سالم، إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر، تقديم وتعليق محمد بن عبد الله الحميد وعبد الرحمن بن سليمان الرويشد، إصدارات دارة الملك عبد العزيز- الرياض، مطابع دار الشبل للنشر والتوزيع- الرياض، د. ط، 1419هـ- 1998م.
53 - دلول، عبد الواحد محمد راغب، البيان في تاريخ جازان وعسير ونجران، الجزء الأول: العصر الجاهلي حتى الدولة العثمانية، مطابع دار التعاون للطبع والنشر- القاهرة، ط1 (1416هـ- 1995م).
54 - دلول، عبد الواحد محمد راغب، مطالعات في المؤلفات التاريخية اليمنية (دراسة نقدية)، مطابع دار التعاون للطبع والنشر- القاهرة، الطبعة الأولى 1417هـ- 1996م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/434)
55 - الرشود، عبد المحسن بن محمد، الإدارة المحلية في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام 1319 - 1419هـ، دارة الملك عبد العزيز-الرياض، د. ط، 1419هـ-1999م.
56 - رفيع، محمد عمر، في ربوع عسير: ذكريات وتاريخ، دار العهد الجديد للطباعة- القاهرة، د. ط، 1373هـ-1954م.
57 - الزامل، عبد الرحمن، الأمثال العامية والكنايات في بلاد عسير ورجال ألمع، مطابع الابتكار- الدمام، ط1، 1423هـ- 2002م.
58 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، تطور الأوضاع السياسية في جنوب غرب الجزيرة العربية: إمارة أبي عريش وعلاقتها بالدولة العثمانية (1254 - 1265هـ/1838 - 1849م): دراسة وثائقية، مطابع الفرزدق التجارية- الرياض، د. ط، 1417هـ.
59 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، دراسات من تاريخ عسير الحديث، د. ن، ط1، 1412هـ-1991م.
60 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، دعوة ابن عبد الوهاب وتأثيرها على مقاومة بلاد عسير ضد الحكمين التركي والمصري من عام 1811م- 1840م، رسالة ماجستير مقدمة لقسم الدراسات التاريخية وكلية الدراسات العليا في جامعة كنساس- الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1979م.
61 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، دعوة الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب وتأثيرها على مقاومة بلاد عسير ضد الحكم العثماني- المصري من عام 1226 - 1255هـ / 1811 - 1840م، دار بلاد العرب للنشر والطباعة بالتعاون مع مركز آل زلفة الثقافي والحضاري- الرياض، الطبعة الأولى (1424هـ 2003م.
62 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، عسير في عهد الملك عبد العزيز: دورها السياسي والاقتصادي والعسكري في بناء الدولة السعودية الحديثة (دراسة وثائقية)، مطابع الفرزدق التجارية-الرياض، ط1 (1415هـ، 1995م).
63 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، لمحات عن العمارة التقليدية في منطقة عسير، الرياض، مطابع الفرزدق، د. ط، 1415هـ.
64 - آل زلفة، محمد بن عبد الله، المراغة: السكان وقصر النائب، دار بلاد العرب للنشر والتوزيع- الرياض، ط1، 1423هـ/2002م.
65 - آل زلفة، محمد، معرض وثائق تاريخ عسير، 1410هـ/1989م.
66 - الزهراني، علي بن صالح السلوك، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية: بلاد غامد وزهران، منشورات دار اليمامة- الرياض، ط1، 391هـ- 1971م.
67 - الزهراني، قينان جمعان سعيد، دراسة شاملة عن قبيلة زهران: تاريخية، اجتماعية، أدبية، جغرافية، طبيعية، د. ن، ط1 (1392هـ).
68 - الزهراني، محمد مسفر حسين، بلاد زهران في ماضيها وحاضرها: دراسة واقعية شاملة، د. ن، ط1 (1390هـ).
69 - الزيد، إبراهيم بن محمد، الرئاسة في قبيلة زهران منذ القرن الثالث عشر الهجري: دراسة وثائقية، د. ن، ط1، 1419هـ/1998م.
70 - السبيت، عبد الرحمن بن سبيت وآخرون، رجال وذكريات مع عبد العزيز، ج2، إصدارات المهرجان الوطني للتراث والثقافة، مطابع الحرس الوطني، د. ط، 1410هـ/1990م.
71 - السبيت، عبد الرحمن بن سبيت وآخرون، كنت مع عبد العزيز، دار مبين للنشر والتوزيع- الرياض، ط2، 1415هـ- 1994م.
72 - آل سعود، خالد الفيصل بن عبد العزيز، مسافة التنمية وشاهد عيان، مطابع مازن أبها، الطبعة الأولى 1420هـ.
73 - السلوك، علي بن صالح، غامد وزهران: السكان والمكان، شركة المدينة للطباعة والنشر- جدة، ط1 (1422هـ-2002م).
74 - السلوك، علي بن صالح، وثائق من التاريخ، د. ن، ط1 (1423هـ/ 2002م).
75 - سليمان، حسن حسن، الأمير عبد العزيز بن مساعد: حياته ومآثره، د. ن، د. ط، د. ت.
76 - السياري، أحمد بن صالح، الباحة، مطابع مؤسسة دار المدينة (دار العلوم) - جده، د. ط، د. ت.
77 - السيد، عصام الدين، عسير في العلاقات السعودية اليمنية، القاهرة- دار الزهراء للنشر، 1989م.
78 - شاكر، محمود، شبه جزيرة العرب: عسير، المكتب الإسلامي- بيروت، ط3، 1401هـ-1981م.
79 - آل شبيلي، محمود بن محمد، الشارق في تاريخ وجغرافية بلاد بارق، دار البلاد للطباعة والنشر-جدة، ط1 (1422هـ-2001م).
80 - شتا، السيد علي، دراسات في المجتمع السعودي، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع- الرياض، د. ط، 1405هـ/1985م.
81 - الشريعى، أحمد البدوي محمد، أشكال القرى في سراة عسير: دراسة في الأنماط والسمات، منشورات معهد البحوث والدراسات العربية، د. ط، 1997م.
82 - الشريفي، إبراهيم جار الله بن دخنة، الموسوعة الذهبية في أنساب قبائل وأسر شبه الجزيرة العربية، تسعة أجزاء، د. ن، د. ط، 1419هـ-1998م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/435)
83 - الشهري، صالح بن علي أبو عراد، تنومة بني شهر، الناشر: الرئاسة العامة لرعاية الشباب- الرياض، د. ط، 1414هـ-1994م.
84 - الشهري، فائز بن سالم آل زاحم العميري، الوجيز في تاريخ وجغرافية بلاد بني شهر، د. ن، ط1 (1418هـ-1997م).
85 - صبري باشا، أيوب، مرآة جزيرة العرب، ترجمة وتعليق أحمد فؤاد متولي و الصفصافي أحمد المرسي، دار الآفاق العربية- القاهرة، ط1، 1419هـ 1999م.
86 - الصميلي، علي بن حسين علي، العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير في القرن الثالث عشر الهجري 1217/ 1264هـ - 1802/ 1847م، د. ن، د. ط، 1419هـ.
87 - آل طالع، عبد الكريم عائض سعيد، قبيلة شهران بين الماضي والحاضر: بحوث تاريخية وجغرافية واجتماعية، المطابع الأهلية للأوفست- الرياض، د. ط، 1404هـ / 1984م.
88 - العارف، يوسف حسن محمد، أضواء على مذكرات سليمان شفيق كمالي باشا متصرف عسير (1326هـ-1330هـ/1908م-1912م): دراسة، تحليل، وتعليق، نادي أبها الأدبي، ط1، 1411هـ-1990م.
89 - العارف، يوسف حسن محمد، العثمانيون وحكومة الأدارسة في عسير (1325 - 1337/ 1907 - 1918)، دار أبو المجد للطباعة، جدة، ط1، 1415هـ/1995م.
90 - عامر، أحمد فتحي، سياحة في فكر الأمير، مطابع مازن- أبها، الطبعة الأولى 1424هـ/ 2003م.
91 - ابن عبد الرحمن، نورة بنت محمد بن سعود والجوهرة محمد بن عبد العزيز العنقري ومديحة محمد العجروش، بلاد عسير (أبها): المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية، د. ن، المملكة المتحدة، ط1، 1989م.
92 - ابن عبد العزيز، مشاري بن سعود، العلاقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية اليمنية في عهد الملك عبد العزيز. منشورات جامعة الملك سعود، 1419هـ-1999م.
93 - ابن عبده، عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن علي، من تاريخ برك الغماد (بين الحاضر والماضي)، د. ن، ط1، 1420هـ.
94 - عبد الرحيم، عبد الرحيم عبد الرحمن، الدولة السعودية الأولى 1158هـ-1233هـ، القاهرة- دار الكتاب العربي، 1982م.
95 - آل عبد المتعال، محمد بن علي ومحمد أبو هداية، ألمع: دوحة العلم والأدب، جمعية الثقافة والفنون بمنطقة عسير، ط1، 1423هـ.
96 - آل عبد المتعالي، محمد بن علي، عسير .. ومضات على الدرب، دار العلم للطباعة والنشر- جدة، د. ط، 1420هـ.
97 - العثيمين، عبد الله بن صالح، معارك الملك عبد العزيز المشهورة لتوحيد البلاد، مكتبة العبيكان، ط2، 1416هـ/1995م.
98 - العثيمين، عبد الله بن صالح، تاريخ المملكة العربية السعودية، ج2: عهد الملك عبد العزيز، مكتبة العبيكان، ط،1 1416هـ-1995م.
99 - العجيلي، محمد بن هادي بن بكري، الظل الممدود في الوقائع الحاصلة في عهد ملوك آل سعود الأولين: تاريخ العجيلي من مصادر تاريخ عسير، وحول حياتها السياسية، والفكرية والأدبية عبر العقد الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، تحقيق عبد الله بن محمد بن حسين أبو داهش، مازن للطباعة- أبها، ط1 (1408هـ/ 1988م).
100 - عسيري، علي أحمد عمر، أبها في التاريخ والأدب، نادي أبها الأدبي، ط1 (1403هـ / 1983م).
101 - عسيري، علي أحمد عيسى، عسير من 1249هـ/1833م إلى 1289هـ/1872م: دراسة تاريخية، إصدارات نادي أبها الأدبي، شركة العبيكان للطباعة والنشر- الرياض، د. ط، 1407هـ / 1987م.
102 - عسيري، علي بن محمد بن شاهر، قال ابن عشقة، الجزء الثاني، إصدارات جمعية الثقافة والفنون بأبها، مطابع الجنوب- أبها، د. ط، 1423هـ.
103 - عريشي، علي محمد شيبان ومجدي عبد الحميد الرسي، جغرافية الزراعة في منطقة جازان جنوبي غربي المملكة العربية السعودية، مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة، د. ط، 1416هـ / 1995م.
104 - عريشي، محمد حاسر إبراهيم، أبو عريش، منشورات الرئاسة العامة لرعاية الشباب- الرياض، مطابع جامعة الملك سعود، ط2 1409هـ-1989م.
105 - ابن عفتان، عبد الله بن علي، بنو رزام: تاريخ وحضارة، إصدارات نادي أبها الأدبي، مطابع الجنوب- أبها، د. ط، 1424هـ.
106 - العقيلي، محمد بن أحمد، الأدب الشعبي في الجنوب، الجزء الأول، منشورات دار اليمامة- الرياض، د. ط، 1392هـ- 1972م.
107 - العقيلي، محمد بن أحمد، التاريخ الأدبي لمنطقة جازان، ثلاثة أجزاء، نادي جازان الأدبي، ط1 (1413هـ / 1992م).
108 - العقيلي، محمد بن أحمد، تاريخ الجزيرة العربية الحديث، جدة- دار العلوم، 1992م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/436)
109 - العقيلي، محمد بن أحمد، تاريخ المخلاف السليماني، جزأين، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط2 (1402هـ- 1982م).
110 - العقيلي، محمد بن أحمد، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية: مقاطعة جازان (المخلاف السليماني)، منشورات دار اليمامة- الرياض، ط2 (1399هـ / 1979م).
111 - علاقي، عبد اللطيف طاهر، نجران: الواحة والإنسان، مطابع الصلاح- جدة، ط1 (1419هـ / 1998م).
112 - علي، صلاح أحمد هريدي، عسير تحت الحكم العثماني (1289 - 1336هـ/1872 - 1914م)، دار المعرفة الجامعية - مصر، د. ط، 1995م.
113 - ابن علي، عايض بن رزقان، ذكريات قروي، مطابع مازن- أبها، د. ط، 1420هـ.
114 - العلياني، ظافر زاهر مشخص وآخرون، بلاد عليان، دار المآثر- المدينة المنورة، ط1 (1419هـ/ 1998م).
115 - العلياني، عبد الله بن فطيس الواسي، ديوان (طير المهامل)، مطابع الغربي، ط1 (1422هـ).
116 - أبوعليّة، عبد الفتاح حسن، تطور المجتمع السعودي في عهد الملك عبد العزيز آل سعود: من سنة 1901م- 1953م، بحث غير منشور لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث مقدم لقسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة.
117 - العمروي، عمر بن غرامة، قبائل عسير في الجاهلية والإسلام: من 1500ق. م.-1200هـ، الجزء الأول من القسم الأول، نادي أبها الأدبي، دار الشبل للنشر والتوزيع والطباعة- الرياض، ط1 (1411هـ- 1991م).
118 - العمروي، عمر بن غرامة، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية: بلاد رجال الحجر، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، المطابع الأهلية للأوفست- الرياض، ط1 (97 - 1398هـ).
119 - العواجي، محمد بن جرمان، بيشة، دار الحارثي للطباعة والنشر- الطائف، ط1 (1418هـ / 1997م).
120 - عوض، محمد مؤنس أحمد، رحلتي إلى أبها، دار الزهراء- القاهرة، د. ط، 1420هـ/1999م.
121 - الغامدي، أحمد بن عبد الله، قضية الحدود السعودية اليمنية (نحو الحل)، شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر- جدة، 1420هـ.
122 - الغامدي، سعيد فالح، البناء القبلي والتحضر في المملكة العربية السعودية، المكتب الجامعي الحديث- الإسكندرية، ط5 (1410هـ / 1990م).
123 - الغامدي، سعيد فالح، التراث الشعبي في القرية والمدينة: منطقة الباحة – مدينة جدة، د. ن، ط1، 1405هـ/1985م.
124 - الغامدي، صالح بن عون بن هاشم بن عدنان، الباحة، الرئاسة العامة لرعاية الشباب- الرياض، ط1 (1408هـ/1988م).
125 - الغزواني، أحمد بن يحيى آل غازي، نافذة على بلاد بني الغازي من الماضي والحاضر في العهد السعودي الزاهر إقليم جنوب غرب المملكة العربية السعودية، مطابع جاد للأوفست – الرياض، ط1 (1422هـ).
126 - الفقيه، حسن بن إبراهيم، مخلاف عشم، مطابع الفرزدق التجارية – الرياض، ط1 (1413هـ / 1992م).
127 - القاسمي، خالد بن محمد، عالم خالد الفيصل الشعري، الشارقة- دار الثقافة العربية للنشر والتوزيع، 1417هـ.
128 - القباع، عبد الله، العلاقات السعودية اليمنية، مطبعة الفرزدق التجارية- الرياض، 1992م.
129 - القحطاني، دليل مطلق شافي، الحلي النسائية التقليدية بمنطقة عسير، مطابع التكنولوجيان- الرياض، ط1، د. ت.
130 - القحطاني، عبد الله بن سالم بن موسى آل فائع، معجم العادات والتقاليد واللهجات المحلية في منطقة عسير، د. ن، ط1 (1414هـ/1994م).
131 - القحطاني، عبد الله سالم موسى، موجز تاريخ وأحوال منطقة عسير: 1215هـ-1341هـ، د. ن، د. ط، 1413هـ/ 1992م.
132 - القحطاني، محمد بن قبلان العاطفي، ديوان فيض من شاعر لركز المشاعر، مطابع الخالد للأوفست-الرياض، ط1 1419هـ.
133 - القرني، سعيد بن عبد الله آل زايد، المعجم الجغرافي لبلاد بالقرن، الدار السعودية للنشر والتوزيع- جدة، ط1 (1423هـ/2002م).
134 - القرني، عبد الله محمد عبد الرحمن، سبت العلاية، منشورات الرئاسة العامة لرعاية الشباب- الرياض، ط1 1415هـ / 1995م.
135 - كحالة، عمر رضا، معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، ثلاثة أجزاء، دار العلم للملايين- بيروت، ط2 1388هـ/1968م.
134 - الماحي، سيد، نجران: الأرض والناس والتاريخ، المطابع الأهلية للأوفست- الرياض، د. ط، د. ت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/437)
135 - الماضي، تركي بن محمد، من مذكرات تركي بن محمد بن تركي الماضي عن العلاقات السعودية اليمنية: 1342هـ-1371هـ/1924م-1954م، دار الشبل للنشر والتوزيع والطباعة- الرياض، ط1، 1417هـ/1997م.
136 - آل مريح، صالح بن محمد بن جابر، نجران، الناشر: الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ط1، 1412هـ-1992م.
137 - المداح، أميرة على، المخلاف السليماني تحت حكم الأدارسة، رسالة للحصول على درجة الدكتوراه من جامعه أم القرى: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية: قسم التاريخ الإسلامي، 1406هـ- 1985م.
138 - ابن مسفر، عبد الله بن علي، أخبار عسير، المكتب الإسلامي- بيروت، ط2 (1399هـ / 1979م).
139 - ابن مسفر، عبد الله بن علي، السراج المنير في سيرة أمراء عسير، مؤسسة الرسالة- بيروت، ط1 1398هـ-1978م.
140 - معبر، محمد أحمد، مدينة جرش: من المراكز الحضارية القديمة، دار جرش للنشر والتوزيع- خميس مشيط، ط1 1408هـ/1988م.
141 - مغاوي، علي إبراهيم، حاضرة رُجال: النسق الاجتماعي وثقافة الأثر، د. ن، د. ط، 1422هـ.
142 - مفتاح، إبراهيم عبد الله، فرسان: جزائر اللؤلؤ والأسماك المهاجرة، سلسلة هذه بلادنا، إصدار الرئاسة العامة لرعاية الشباب، د. ط، 1404هـ.
143 - مفرح، سعيد محمد، الإدارة العثمانية في متصرفية عسير (1388هـ-1336هـ/1872 - 1918م)، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى كلية الدراسات العليا بجامعة الملك سعود (قسم التاريخ)، 1417هـ/1418هـ.
144 - النعمي، أحمد بن حسن بن عبد الله، عسير في مذكرات سليمان الكمالي، المطبعة الحديثة- القاهرة، د. ط، د. ت.
145 - النعمي، هاشم بن سعيد، أبها، منشورات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ط1 1416هـ/ 1996م.
146 - النعمي، هاشم، تاريخ عسير في الماضي والحاضر، د. ن، د. ط، د. ت.
147 - النعمي، هاشم بن سعيد، تاريخ عسير في الماضي والحاضر، منشورات الأمانة العامة للاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية (ط2)، 1419هـ/1999م.
148 - النعمي، هاشم بن سعيد، شذا العبير من تراجم علماء وأدباء ومثقفي منطقة عسير في الفترة ما بين 1215 - 1415هـ، نادي أبها الأدبي، د. ط 1416هـ-1995م.
149 - النهاري، محمد بن سعد، العرين بلاد قحطان ماضٍ وحضارة، د. ن، ط1 (1418هـ-1997م).
150 - الهمداني، الحسن بن أحمد بن يعقوب، صفة جزيرة العرب، تحقيق محمد بن علي الأكوع، منشورات دار اليمامة-الرياض، د. ط، (1397هـ-1977م).
151 - الوادعي، محمد مهاوش مسفر، ظهران الجنوب: أصالة الماضي وروعة الحاضر، الناشر إمارة ظهران الجنوب، مطابع مازن-أبها، د. ط، د. ت.
152 - اصدار محافظة رجال المع، اللجنة الفرعية للنشاط السياحي، منابت ثلاثة، أسبوع ألمع الثقافي الثاني، 1423هـ.
153 - إعداد جمعية بني رزام التعاونية، بنو رزام: الأرض .. الإنسان .. السوق، مطابع الثغر- خميس مشيط، د. ت.
154 - إعداد جمعية بني رزام التعاونية، بنو رزام: الأرض .. الإنسان .. السوق، مطابع الثغر- خميس مشيط، د. ت.
155 - إعداد المجمع القروي بالمجاردة، المجاردة، تلفاز الدولية للإعلان- الرياض، د. ت.
156 - إعداد لجنة التنشيط السياحي بعسير، دليل عسير السياحي، 1423هـ.
157 - Cornwallis, Sir
قال الشيخ الألباني :
inahan, Asir Before World War I: a handbook, Oleander-Falcon Press, Maria la Bruna, New York, Cambridge.
158-Al- Odadi, Mohammed S., Fires of Love & Mirages of Time: Vernacular Poetry of Saudi Arabia, Poems By:
قال الشيخ الألباني :
halid Al Faisal, Barzan publishing Ltd.- Lebanon, second edition, 2005.
159-Mauger, Thierry, “Arabia: The Painters` Garden: The Architecture and Murals of Asir, ASBAR for Studies, Research and Communication- Riyadh, 2002.
160- R. Bayly; Saudi Arabia in the Nineteenth Century; London: Wacmillan,1965.
ثالثاً: تتضح الصورة إذا اعتبرنا أن مجلة العرب - التي يقلِّب أعدادها (صقر بن حسن) و (شلة إمتاع السامر)، ويطلقون الألعاب النارية إذا وجدوا إمتاع السامر مذكوراً في صفحة منها ولو على سبيل التكذيب!! - هذه المجلة عمرها الآن 35 سنة، وعدد أجزائها يقارب الثلاثمائة، وعدد موادها لعله يفوق الثلاثة آلاف!
وقد وجد (صقر بن حسن) إمتاع السامر مذكوراً في ثلاثة أبحاث أو نحوها!
رايعاً:
أضف إلى ذلك الكتب العامة عن التاريخ السعودي والعربي، ومقالات المجلات والصحف السعودية والعربية، والرسائل الجامعية، والمحاضرات، وأبحاث الندوات والمؤتمرات، وفهارس المكتبات، والببليوغرافيات، ... إلخ
وأضف إلى ذلك نظائره في الدول غير العربية
لا شكّ أن العدد الإجمالي لهذه المواد منذ عام 1365 - التاريخ المزعوم لنشر إمتاع السامر - يبلغ مئات الألوف، بل قد يُعَدُّ بالملايين
ولكن الواقع أن (شلة إمتاع السامر) تكرر (الجميعي والصميلي ... إلخ)، كالإسطوانة المشروخة!
وحسبك بهذا دليلاً على سقوط الكتاب!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/438)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 10 - 09, 12:09 ص]ـ
كتاب " العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير في القرن الثالث عشر الهجري "
1217 - 1264 هـ
المؤلف: علي بن حسين بن علي الصميلي
أطروحة للماجستير
بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة
نوقشت بتاريخ 22/ 2 / 1417 هـ
وتم إجازة الرسالة من قبل لجنة المناقشة
وكان كتاب " إمتاع السامر " من مراجع المؤلف المعتمدة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71345&stc=1&d=1255982748
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71346&stc=1&d=1255982748
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71347&stc=1&d=1255982748
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[20 - 10 - 09, 01:19 ص]ـ
عثرت في مشاركات (صقر بن حسن) على بحثين ذُكر فيهما إمتاع السامر:
** الفريق يحيى المعلمي كتب مقالا في (المجلة العربية) العدد رقم 130 في ذي القعدة عام 1407 ه عنوانه: (أحياء الرياض القديمة وماذا وراء أسمائها).
** الدكتور الذكير عضو رابطة المؤرخين، حيث كتب مقالا في (جريدة اليوم) وكان من مراجعه.
التعليق:
ما شاء الله!
وصل العدد إلى عشرة بعد ثلاثين عاماً على حسابنا (أو 65 عاماً على حسابهم!)
نتيجة بائسة لكتاب بائس!!
ومن جهة أخرى:
كم عدد مقالات (المجلة العربية) و (جريدة اليوم)؟
الجواب: بالألوف!!
وطبعاً يتجاهلون 999 ويذكرون الواحد!
تصوَّروا!
مصنِّف يطبع كتابه مرتين في آن واحد، فيثبت سلسلة الأنساب في إحداهما ويحذفها من الأخرى!
وقد أشار في المقدمة إلى أنه اكتشف في الطبعة السابقة (نقصاً وخطأ في بعض البحوث وتوزيعها)، وأن (الإخوة الذين عاشوا بعض أحداث المنطقة) رأوا تغيير العنوان!
يا سلام! بهذه السرعة الصاروخية!!
لتوضيح الفكرة:
المدعو (عبدالله بن علي بن مسفر) له كتابان من جنس إمتاع السامر:
صدر الأول منهما عن دار الرسالة في بيروت سنة 1398، باسم (السراج المنير في سيرة أمراء عسير)
وصدر الثاني عن المكتب الإسلامي في بيروت أيضاً، سنة 1399، باسم (أخبار عسير)
والثاني هو الأول بعينه، ولكنه ذكر في المقدمة أنه اكتشف في الكتاب (نقصاً وخطأ في بعض البحوث وتوزيعها)، وأن (الإخوة الذين عاشوا بعض أحداث المنطقة) رأوا تغيير العنوان!
ولم يذكر أنه عثر على مخطوطات أو وثائق جديدة تقلب تاريخ عسير رأساً على عقب!
الإشكال العظيم هو:
الرجل مؤرخ عسيري متخصص في تاريخ عسير، وقد عاصر هو وآباؤه الأقربون أعظم الأحداث التي يتحدث عنها
وقد أشار في السراج المنير إلى أن آل عائض أمويون، في رُبع سطر!
ثم في بضعة أشهر اكتشف أن عسير كانت فيها دولة عائضية أموية لمدة اثني عشر قرناً (132 هـ - 1342)!
وسلسلة أمرائها واحداً فواحداً طيلة هذه القرون!
وأسماء الآباء بين عايض بن مرعي ويزيد بن معاوية!
فأثبت ذلك كله في (أخبار عسير)!!
جهل مطلق في عام 1398، ومعرفة تامة في سنة 1399!
وأقرب مثال يمكن أن يقاس عليه هذه الاكتشافات الباهرة!!: اكتشاف تاريخ الفراعنة في القرن التاسع عشر!
ولكن مع الفارق العظيم!
فقد حلَّ (شامبيليون) شفرة اللغة الهيروغليفية فقط، ثم بدأ علماء الآثار بدراسة النقوش عبر سنوات طويلة، ولا يزالون.
وأما المدعو (عبدالله بن علي بن مسفر) فقد حقق هذه الاكتشافات العظيمة جملة واحدة في بضعة أشهر!
تصوروا لو اكتشف الطبري بعد الفراغ من تاريخه دولة اسمها الدولة الأموية!!
ويا ليت المدعو (عبدالله بن علي بن مسفر) قدَّم تفسيراً وشرحاً لهذه المنعطف التاريخية الحادّة)!!
ولكنه ما زاد على هذه الجملة (ثم وجدت فيه نقصاً، وخطأ في بعض البحوث وتوزيعها)
وصورة كلامه ماثلة أعلاه!
وهناك بالطبع تفسير آخر:
أن الشلة وضعت تصورها للتاريخ الجديد المزوَّر، وعرفه (عبدالله بن علي بن مسفر)، إما لأنه واحد منهم، وإما لأنهم أرسلوا إليه أوراقهم كما أرسلوها إلى محمود شاكر، فزع إلى بيروت لإصدار طبعة جديدة!
غريبة أخرى!
زعم المدعو (عبدالله بن علي بن مسفر) في مقدمة الكتابين:
(1) أنه عرض (السراج المنير في سيرة أمراء عسير) على الشيخ حمد الجاسر سنة 1371 فرغَّبه في طباعته
(2) أنه تقدَّم به إلى مديرية المطبوعات، فضاع الكتاب عندهم إلى سنة 1396
(3) بعد العثور عليه وجَّه إليه الشيخ حمد الجاسر نداء في مجلة العرب (يحثّني فيه على طباعة الكتاب ويشجّعني على ذلك)
(4) وعلى إثر هذا النداء اشتغل به من أجل (تقديمه إلى القرّاء بصورته الحالية)
فأقول تعليقاً على ذلك:
إن صدق في تأليفه للكتاب عام 1371 وحكاية الضياع ... إلخ -- فهي تفاصيل لا علاقة لها بما نحن فيه،
إلا إذا ثبت أن رُبع السطر المنسوب فيه آل عائض إلى بني أمية قد كُتب عام 1376!
ودون إثبات ذلك خرط القتاد!
ولا سيما أنه يصرح بأنه اشتغل بالكتاب بعد العثور عليه من أجل (تقديمه إلى القرّاء بصورته الحالية)، ولا توجد جملة هي أولى بالإضافة من تلك الجملة!
كما أن إصداره للطبعة الثانية المتضمنة لتلك الاكتشافات الهائلة تمنع أي باحث يحترم نفسه ورأيه من الادّعاء بأن ابن مسفر نسبهم إلى بني أمية في عام 1371!
والغريب أن (عبدالله بن علي بن مسفر)، الذي يدعي هذه الصلة الوثيقة المتطاولة بحمد الجاسر لم يكتب ولا حرفاً واحداً في مجلة العرب!
ولم يُذكر فيها كتابه (أخبار عسير)، وقد طُبع الكتاب في بيروت حيث يقيم الجاسر!
بلى، ذُكر السراج المنير في الجزء 13/ 160 (وهو صادر غبَّ صدور الكتاب، فلعله مجرد إشارة إليه، وسأنظر في ذلك إن شاء الله)
وعمدتنا في ذلك على كشاف المجلة الرسمي الصادر عن المجلة!
و (شلة إمتاع السامر) تكرر أن الجاسر اطلع على الكتاب وشجع مؤلفه ... إلخ
ولكنهم ينقلون المسطور في مقدمته!
وهم يفتِّشون في المجلة بحثاً عن عن حرف أو رقم يشهد لكتابهم المأفوك!
كالرقم (5) أعلاه!
ولكنهم لم يستطيعوا العثور على النداء!
وسأنظر في المجلة إن شاء الله، فإن وجدته فسأعلن عنه على الفور!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/439)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[22 - 10 - 09, 01:57 ص]ـ
غرائبهم تترى!
كما وعدتكم
نظرت في مجلدات مجلة العرب للسنوات 1395 - 1400، بعد مطالعتي الدقيقة لفهرس المجلة الصادر سنة 1410
وكانت النتيجة ما يلي:
1 - لا يوجد نداء من حمد الجاسر لابن مسفر، ولا إشارة إلى كتابه (أخبار عسير)!
2 - توجد إشارة سريعة إلى كتابه (السراج المنير) في 13/ 160 (رجب 1398)، في باب (مكتبة العرب)،
وهو باب إخباري عن الكتب التي تُهدى إلى المجلة!
وطول هذه الإشارة ستة أسطر، أو خمسة عند حذف البياض!
ويبدأ بقوله (هذا مؤلف جديد يحوي معلومات مفيده ألفه الأستاذ عبدالله بن علي بن مسفر ... إلخ)، وأشار إلى عدد الصفحات وأن الطباعة حسنة!
إشارة روتينية تماماً!
وقد أشار الجاسر بمثلها - وبما هو أطول منها - عن كل كتاب أُهدى إليه!
ولم يذكر الجاسر - إن كان هو كاتب هذه النبذة - أنه يعرف ابن مسفر!
فضلاً عن أنه (ناداه) لنشر كتابه!!
فضلاً عن أن الكتاب عُرض عليه في سنة 1371!
3 - أجاب الجاسر عن سؤال يتعلق بغموض تاريخ عسير قبل إمارة ابن مجثِّل، فأجاب بتعداد التواريخ المطبوعة ثم قال (ومع ذلك فكثير من جوانب تاريخ الجزيرة العربية - لا بلاد عسير وحدها - لا زال يكتنفه الغموض)، ولم يقل إنه ينادي أحداً باسمه لإزالة الغموض! (العرب 10/ 797 الربيعان 1396)
تحقيق (الدر الثمين) الظاهر أنه مكذوب على ابن حميِّد:
لا توجد أي إشارة في تلك الأجزاء من مجلة العرب إلى كتاب (الدر الثمين)، المنسوب نشره إلى عبدالله بن حميِّد في سنة 1398!
ومن غير المعقول أن لا يُهدي منه نسخة إلى صديقه الجاسر!
وهما صديقان بكل تأكيد!
والغريب أنهم نسبوا إلى ابن حميِّد كالذي نسبوه إلى ابن مسفر، وهو قوله في المقدمة ص 18 (شجعني حمد الجاسر وعبدالله بن خميس، وكان لا بدَّ لي من أن ألبِّي نداءهما)!
جعلوا حمد الجاسر كالمؤذِّن!!
يسمع نداءه كل من يصنِّف في تاريخ عسير، ولكن لا يسمعه إلا (شلَّة إمتاع السامر)!
فهذه أدلة تضاف إلى أمثال لها غير قليلة، وكلها يشير إلى أن تحقيق (الدر الثمين) مكذوب أيضاً على ابن حميِّد، وأنه من مفتريات الشلَّة إياها!
وطبعاً بعد موته!
كالعادة!
والواقع أن تاريخ صدور هذين الكتابين (أخبار عسير والدر الثمين) يحتاج إلى بحث، ولا يحسن بالباحث تصديق تلك التواريخ ولا الأسماء المكتوبة عليهما!
كتاب (مذكرات الكمالي) مكذوب على أحمد النعمي:
كنت أستغرب أن كتاب (عسير في مذكرات الكمالي) منسوب إلى (أحمد بن حسن النعمي)، باسمه الصريح؛ بينما يحيط الظلام بغيره من أعضاء (شلَّة إمتاع السامر)!
وانحلّ هذا الإشكال بما ذكره المؤرخ الشيخ الجليل (هاشم بن سعيد النعمي)، من أن (أحمد بن حسن النعمي) رحمه الله موظف عادي وليس له اهتمام بالتاريخ!!
وشهادة هذا الرجل كقول جهيزة!
فاتضح أنه ألصقوا الكتاب به بعد وفاته!
كما فعلوا بشعيب
وربما بابن حميِّد!
وربما بابن مسفر!
من هو ابن مسفر؟
أقول الآن، بناءً على ما مضى:
أخشى أن يكون (عبدالله بن علي بن مسفر):
إما اسماً مستعاراً، وإما شخصاً حقيقياً استعاروا اسمه بعد موته!!
وقد بحثت عنه في قوقل فلم أجد ما يعوَّل عليه في ترجمته!
وعدَّد أحدهم أعلام عسير، فقال:
26. عبدالله بن على بن مسفر كاتب ومؤرخ قديم رحمه الله
27. على بن عبدالله مسفر رحمه الله اول ممثل للخطوط السعوديه في الجنوب والمطار كان ترابي
http://www.asir1.com/as/showthread.php?t=15498&page=3
فالابن (علي) معاصر للملك عبدالعزيز والملك سعود، بدليل قوله (أول ممثل للخطوط السعودية عندما كان المطار ترابياً).
أي قبل جيلين تقريباً
وأبوه أقدم منه طبعاً، بدليل قوله (كاتب ومؤرخ قديم رحمه الله)
المشكلة أن هذا (المؤرخ القديم) ينسب إليه أنه حرَّر كتابه مرتين وطبعهما في بيروت سنة 1399!
والغريب أن مؤرخاً له كتابان ويكتشف هذه الاكتشافات العظمى، ويوجِّه إليه النداء أمثال حمد الجاسر، ومع ذلك فهو كالمجهول!
ومما يزيد الارتياب: أن صاحب (تاريخ الحفظي) سرد مراجعه فقال في ص 400:
السراج المنير للحفظي
ومعلوم أن (تاريخ الحفظي) خرج من نفس دار الضرب التي لفَّقت إمتاع السامر!!
فشهادته على تسمية صاحبهم مصنِّف السراج المنير معتبرة!
ولا سيما أنهم يعوِّلون في جميع إصداراتهم على (علماء الحفاظية!!)
إلا أن يكون لدى القراء الكرام علم آخر (يجمد على الشارب)!!
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[24 - 10 - 09, 03:02 م]ـ
بطاقة مكتبة الكونغرس
لكتاب إمتاع السامر!
ينظر التاريخ!
1987!!
أي عام 1407!!
وهو نفس التاريخ الذي ذكرناه مراراً وتكراراً!
وليس عام 1365 الذي يزعمه الدجّالون!!
وللعلم:
مكتبة الكونغرس لديها مكاتب في القاهرة وغيرها منذ عام 1950 تقريباً
وظيفتها اقتناء الكتب الجديدة والقديمة وإرسالها إلى واشنطن أولاً بأول
انظر المرفقات
أو الرابط:
[تم حذف الرابط لأنه يعمل لفترة قصيرة فقط]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/440)
ـ[أبو البركات]ــــــــ[27 - 10 - 09, 07:47 ص]ـ
اشكر الآخوان الساتذه على هذا النقاش الماتع
بالنسبه لي فقد سمعت بكتاب امتاع السامر من خلال ماصدر من البيان الرسمي حول هذا الكتاب، لكن من اجل احقاق الحق ولكي يكون لدينا المنهج مطرد في جميع امورنا
عندما نحقق كتاب ما لمؤلف ما لابد لنا من عدة امور:
1 - إذا كان المؤلف قديم جدا فلا بد لنا من مخطوط منسوب له وفق المتعارف عليه لدى المحققين
2 - إذا كان المؤلف حي يرزق فالامر سهل بالامكان سؤاله والتحقق من كلامه
مع كتاب امتاع السامر فيما يبدو لي من النقاش
ان المؤلف متوفى وله كتاب وهو محل النزاع هنا
فنقول:
الأول:
هل المؤلف معروف لدى أهل العلم من النسابة من معاصرين، مع العلم فسنة 1360 هـ ومافوق ليست بالبعيده جدا [نحتاج لترجمه موثوقه معاصره أو قريبه قبل عام 1400 هـ إن وجدت تثبت لنا شخصيه شعيب بانه صاحب الكتاب]
الثاني:
هل للكتاب نسخ مخطوطه تم اعتمادها وفق المعايير المتبعه والتثبت من نسبتها لشعيب وعليها تم اخراج الكتاب؟ واين هذه النسخ؟ [لم أجد من تكلم واثبت وجود نسخ خطية موثوقه وليس لها اثر في المكتبات العامه]
الثالث: (يعتمد على ماسبق):
هل من علماء النسب من اعتمد على الكتب مثلا خلال الاعوام من 1370 هـ الى 1400 هـ. مع ان هذا السؤال له قيمة لكن بعد التحقق من السؤل الأول والثاني [هذا مادار في آخر النقاش، فنريد اعتماد قبل عام 1400 هـ لهذا الكتاب إن وجد؟!]
انا لا أناقش محتوى الكتاب فربما وجدنا مافي المحتوى في مصادر أخرى، لكن من باب تحرير النزاع والتثبت من اصل الكتاب ونسبته لصاحبه
وشكرا لكم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[27 - 10 - 09, 02:16 م]ـ
الأخ الكريم أبا البركات
حياك الله وأهلا وسهلاً بل إلى هذا الحوار
والجواب على أسئلتك الدقيقة الفاصلة تجده ظاهراً في نكول (صقر بن حسن) عن الجواب على أي سؤال منها!
وأنت ترى أن جميع كلامه تقريباً يدور على جانبين:
1 - نقد التعليقات على طبعة الدارة الصادرة سنة 1419، والإعراض عن النسخة الأصلية الموجود صورها عند كثير من الناس (مع أنه يشنع على لطبعة الدارة ويفاخر باطلاعه على نفس الطبعة الأصلية وليس على صورة منها فقط!)
2 - التفاخر بأن فلاناً وفلاناً أشاروا إلى الكتاب في كتب صادرة بعد سنة 1407!
بل لقد زعم (صقر بن حسن) عندما زعم أن كتاب الجميعي صادر سنة 1401، وأحال على رابط مكتبة الملك فهد، مع أن الموجود هناك (-141)، أي ابتداء من سنة 1410
يزعمون أن الإمتاع مطبوع سنة 1365، ويضطرون إلى الكذب لإثبات أنه موجود سنة 1401!
أما قبل سنة 1400 فقد ارتكب (صقر بن حسن) شيئاً هو أقرب إلى الكذب الصريح، عندما نشر خبراً بالألوان، فحواه أن أبا عبدالرحمن الظاهري كتب عنه في جريدة الجزيرة السبت 12 صفر 1371 هـ العدد 7611
معتمداً على خطأ مطبعي تافه في سطر صغير بمجلة العرب!
والواقع أن هذا العدد صدر في يوم السبت 12 صفر 1414 هـ
فبالله عليك!
إنسان يدلّس على أعضاء هذا المنتدى المحترم وعلمائه بهذه المضاحك والمهازل!
ويعجز عن مواجهة البلاوي المنسوبة إلى الكتاب! كتاريخ النشر المزعوم سنة 1365!
هل له أي مصداقية؟!
وأعود إلى أسئلتك:
الأول:
بعد كل هذا التفتيش والتنقيب لم تستطع جماعة (إمتاع السامر) إبراز أي نص معتبر سابق على سنة 1400 يدل - ولو من بعيد - على أن شعيباً من أهل العلم والتصنيف ورواية التاريخ، فضلاً عن أبيه وجده!
كأن يقول الريحاني أو الزركلي أو فؤاد حمزة: أفادني بهذه المعلومة شعيب الدوسري
أو يتحدث شعيب في مجلس بحكاية تتعلق بتاريخ عسير فينقلها أحد طلبة العلم
وعلى حد علمي لم يعثر الطرفان على اسم شعيب في نص مطبوع - كتاب أو جريدة أو مجلة - ولو لمجرد الإشارة إلى موته!
وجميع المعلومات الموثقة عنه إنما جمعها وحررها خصوم الكتاب!
الثاني:
لا يوجد للكتاب أي نسخ مخطوطه!
وقد أرخوا طبعة الكتاب بسنة 1365، بدلا من التاريخ الصحيح سنة 1407، لئلا يطالبهم الناس بالمخطوطة!
وزعموا أن الذي أخذه إلى مصر للطباعة اسمه أحمد بن مسلط الوصال البشري، لأن الرجل قد مات بيقين، إن لم يكن رجلاً من نسج الخيال!
الثالث:
علماء النسب - كغيرهم - لم يعرفوا الكتاب إلا منذ عام 1407
وأزيدك شيئاً هو أعظم من جميع ما سبق:
معظم مادة الكتاب، والحوادث التاريخية العظمى التي ينفرد بها، لا توجد في أي كتاب ولا جريدة ولا مجلة قبل عام 1395!
ثم بدأت تظهر شيئاً فشيئاً، في كتب ومنشورات تحيط بها الغرائب وعلامات الاستفهام!
فبعضها بأسماء مستعارة!
وبعضها بتواريخ مزورة!
وأكثرها منسوب إلى الأموات بعد موتهم!
وأكثرها لا يُدرى أين طُبع، إلا على وجه الحدس والتخمين!
وبعضها زعموا أنه طُبع أربع مرات سابقة، وهي طبعات من نسج خيالهم!
وبعضها يزعمون أنه مطبوع، وربما ذكروه في قائمة المصادر، كمتعة الناظر والحلل السندسية، وهي أشبه بخبر العنقاء!
وفي أثناء يذكرون عشرات الكتب بعناوين مسجوعة، وأجزاء وتكملات للكتب السابقة، من غير الإشارة إلى طباعتها، فلعلها لم تخرج من المصنع حتى الآن!
وعلى حد علمي:
الكتاب الوحيد المؤكد اسم مؤلفه وتاريخ نشره هو كتاب عسير لمحمود شاكر الصادر سنة 1402
والغريب أنه لم يذكر شيئاً من الكتب المزعوم صدورها قبل تلك السنة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/441)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[27 - 10 - 09, 11:37 م]ـ
الأخ أبو البركات
الأسئلة التي سألت عنها مهمة لمن أراد أن يقوم بتحقيق كتاب " إمتاع السامر " تحقيقا علميا سليما، بعيدا عن التعصب المقيت والاتهام الكاذب لمن اعتمد عليه أو أحال إليه.
ولذلك لو نظر أي و احد من الأعضاء الكرام - أهل الأدب والعلم والعقل السليم - إلى اتهامات " خزانة .. " الكاذبة الساقطة والتي تفوه بها لوجد أنها بعيدة كل البعد عن الأدب الإسلامي، والتحقيق العلمي السليم.
1 - أن " خزانة ... " أولا اتهم - كعادته - كل ما في الكتاب نظما ونثرا بالتزوير، ثم تراجع عن ذلك فصحح بعض المنظومات وأيدها وأنكر بعضها.
2 - تشكيكه وطعنه - بدون تحقيق علمي - لعدد من الكتب التي توافق " إمتاع السامر " في إيراد بعض الأحداث التاريخية ككتاب " تاريخ عسير " للشيخ المؤرخ محمود شاكر حفظه الله، وكتاب " أخبار عسير " للشيخ عبدالله بن علي مسفر رحمه الله، وتحقيق " الدر الثمين " لابن حميد رحمه الله وغيرها.
3 - تطاوله القبيح على الشيخ المؤرخ محمود شاكر حفظه الله، ونبزه بألفاظ ساقطة كاذبة مثل:
# الغفلة
# وعدم الثقة
# وأنه مساهم في نقل الأراجيف
# وأنه مخدوع 100%
# وأنه لم تواته شجاعة للإعلان عن ظروف تأليف كتابه، حتى الآن! (مفهومه: يعني جبان)
# وأنه ينقل الأكاذيب والتحليلات الخيالية المضحكة وينسبه لنفسه! (يعني كذاب وسارق)
# وأنه أساء - من غير أن يشعر - إلى البلاد التي آوته وأكرمته (يعني لئيم)
# وأنه حاطب ليل، مع الأسف! (يعني لا يميز بين الصدق والكذب)
# وأنه أنه قد دخل في أمر لا ناقة له فيه ولا جمل
# وأنه يأخذ الدسائس ويضعها في كتابه " تاريخ عسير "
# وأنه كتب تاريخ آل عائض بنفس عبارات وأفكار " إمتاع السامر "
# وأن ينقل التزوير في كتابه " تاريخ عسير " (يعني أنه مزور أيضا تبعا لهم)
وأقول للإخوة العقلاء طلبة العلم أصحاب العقلول السليمة هذه أقوال " خزانة ... " شاهدة عليه وهذا غمزه وطعنه واستهزاءه واتهامه للشيخ الكريم محمود شاكر حفظه الله:
لقد صوَّر نسب آل عائض الأموي المزعوم من كتاب محمود شاكر الرجل الشامي الذي لا يزال حيًّا يرزق في الرياض، ولعله أول من يعترف بأنه ليس حجَّة في أنساب قبائل الجزيرة المعاصرة! يا لله! ضعف الطالب والمطلوب!
يعترف بماذا؟!!!! هو فيه مشكلة حتى يعترف!!!!!
....
وأعجب من ذلك: أن هذا الكتاب المجهول سمِّي باسم (مذكرات الشيخ جعفر الحفظي)، ولم يقف عليه - أو يزعم أنه وقف عليه - إلا الأستاذ محمود شاكر الشامي السليم الصدر، المقيم بالرياض، البعيد عن عسير!
الحمد لله الطائرة تقرب البعيد.
....
وفي النص تعابير تذكرنا بعبارات إمتاع السامر، وظاهر الحال أن الذين دسّوا سلسلة النسب السفياني دسّوا إلى شاكر هذا الكتاب من مخترعاتهم!
وقد كتب شاكر تاريخ آل عائض بنفس عبارات وأفكار إمتاع السامر، ومن الواضح أنه كان ينقل كلاماً مكتوباً له من غير الإحالة على مصدره.
لا يكون قص ولصق من مواقع الانترنت!!!!
....
ولم يصارح القارئ بأن الكتاب يبدأ وينتهي عند محمود شاكر، بل جعل محمود شاكر شاهداً ثانياً على وجوده
أنا أعرف كتاب البداية والنهاية لابن كثير.
....
وقد سأل الناس عن هذا الكتاب الذي لم يقف عليه إلا محمود شاكر الشامي الذي ليس من أهل عسير! فأفاد أحدهم بما يلي:
قبل حوالي ثلاثة أعوام ذهبت الى الرياض ... وكان من ضمن برنامجي زيارة المؤرخ محمود شاكر ... تطرقت الى جعفر الحفظي وسألته عن مذكراته واخبرته بأنه كان يستند عليها في اخبار ما قبل الدعوة الوهابية فأكد لي انها موجودة ولكن ليست في حوزته فسألته عند من اجدها فتهرب من الاجابة ولم يذكر شخصا بعينه. أوجس مني الشيخ خيفة بعد هذه الاسئلة ... شعرت بعدها بأني قد ضايقت هذا العالم الكهل فقررت الذهاب
http://www.asir1.com/as/showthread.php?t=17110
فمن الواضح أن محمود شاكر أدرك أنه قد دخل في أمر لا ناقة له فيه ولا جمل!
لو يحاول مرة ثانية ويروح له يمكن يفتح الله عليه.
....
وكلامكم عن الاستاذ محمود شاكر غير صحيح، مع الأسف!
لقد قرأت كتابه عن عسير - وهو من منشوراتكم! - فوجدته مخدوعاً 100%
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/442)
فقد أدرك المفترون حبَّ الأستاذ لبني أمية، فدسُّوا إليه شيئاً يتعلق بتاريخ عسير اسمه (مذكرات جعفر الحفظي)
فنقل ما فيها من الأكاذيب والتحليلات الخيالية المضحكة ونسب ذلك كله إلى نفسه!
ما بقي إلا تحليل الحمض النووي.
....
فكتابه هذا نسخة من إمتاع السامر قبل أن يظهر إمتاع السامر بخمس سنوات!
وقد أساء - من غير أن يشعر - إلى البلاد التي آوته وأكرمته
فالرجل حاطب ليل، مع الأسف!
عملية حسابية جمع وطرح.
....
ومع الأسف لم تواته الشجاعة للإعلان عن ظروف تأليف كتابه، حتى الآن!
لا تأسفن على غدر الزمان فربما ... قامت على جُثث الأسودِ كلابُ
....
ومن هؤلاء (صقر بن حسن) صاحب المشاركة أعلاه!
وهو يمدح محمود شاكر لأنه أسهم في ترويج أراجيف كتابهم (إمتاع السامر)
هو فيه مساهمات!!!
....
والحقيقة أنني لا أجد عذراً للأستاذ محمود شاكر إلا غفلة الصالحين بإزاء مكر الماكرين!
علموا منه الحب الزائد لبني أمية (كما ترى في مقالته بمجلة كلية العلوم الاجتماعية بالرياض عدد 1402، ص 43 - 85) فدسُّوا إليه أوراقهم!
إخواني طلبة العلم أهل الأدب
هذه نماذج من طعن الكاذب المجهول " خزانة ... " في الشيخ المؤرخ محمود شاكر حفظه الله.
وبالتأكيد أن هذه الطعون الكاذبة ساقطة لا تعتمد لا على الأدب الإسلامي ولا على التحقيق العلمي.
فإذا كانت هذه الطعون في الشيخ الجليل محمود شاكر حفظه الله فلن يسلم منها أحد بعده!!!
هذا رد موجز مختصر جدا على الاتهامات الساقطة الكاذبة من " خزانة ... " وهو:
أخي الكريم أبا سليمان: صدقني أنا هادئ الروع تماماً بل والابتسامة تملأ محياي .. ولا تحسس عادي فكيف بالمفرط؟؟؟
ولكنك حكمتَ على كتاب للشيخ محمود بدون ان تطّلع عليه وقلتَ (فلن يكون مرجعاً هاماً) ارجو تكرماً ان تراجعَ ما قلتَه.
ثم قلتَ: (لأنه قد يعتمد مراجع لا يوثق بمؤلفيها)!!! أتحكم على كتاب من خلال قد ولعل وربما ...
أما ما ذكرته عن الأعداء والمشوهين وأهل البدع وأعداء الوحدة وال .... فأقول: إقرأ كتب الاستاذ محمود حفظه الله وسترى أنه منتبه تماماً لكل اولئك الذين ذكرتهم .. وخاصة في رسائله الصغيرة وقد
كان لنا شرف نشرها. وقد زادت عن العشرين رسالة .. وارجو ان تقبلها هدية من أخيك ان لم تكن عندك.
أما ما ذكرته عن ان ما ننشره هو فوق النقد؟ فيا سيدي من قال بهذا .. إننا في المكتب الاسلامي ندعو -شاكرين ومقدرين- الجميع أن يعلمونا عن أي نقص أو خطأ في أي من منشوراتنا.
جزى الله الشيخ محمود شاكر خيرا على ما قدمه لدينه وأمته وجزاه خيرا على سماحته وتواضعه وجزاه خيرا على وفائه وإخلاصه وجزاه خيرا على حُسن صلته وتواصله بالرغم من أمراضه وأوجاعه التي يعانيها منذ سنوات.
سبحان الله
لم أكن أتوقع أن هناك عضو مجهول بملتقى أهل الحديث بهذه الجرأة والكذب والسب والسخرية والاستهزاء والطعن لأهل العلم.
والعجيب أن تلك الاتهامات الكاذبة مبنية على ظنون كاذبة وعلى تخريق بدون تحقيق.
قال تعالى: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}
وقال تعالى: {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}
وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ... )
.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[28 - 10 - 09, 02:05 ص]ـ
الصراخ والزعيق والتعليقات الباردة لا تغني عن الحق شيئاً!
ولا تغيير الموضوع!
ولا سيما من أرباب الكذب والتدليس!
وقد أثبتنا على (صقر بن حسن) الكذب الذي لا مثنوية فيه في مسألة تاريخ كتاب الجميعي!
انظر #88 أعلاه!
وقد طالبناه بالاعتذار فلم يعتذر!
بل جعل يطالب المنتدى بإلغاء عضويتي!!
أما بعد:
فلقد طرح الأخ الكريم أبو البركات ثلاثة أسئلة مهمة!
فأجاب (صقر بن حسن):
الأسئلة التي سألت عنها مهمة لمن أراد أن يقوم بتحقيق كتاب " إمتاع السامر " تحقيقا علميا سليما، بعيدا عن التعصب المقيت والاتهام الكاذب لمن اعتمد عليه أو أحال إليه.
عظيم! رائع!
شكل الإجابة على طرف لسانه!
اقرأ يا أبا البركات جوابه الشافي على أسئلتك المهمة، في الجملة التالية لتلك الجملة مباشرة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/443)
ولذلك لو نظر أي و احد من الأعضاء الكرام - أهل الأدب والعلم والعقل السليم - إلى اتهامات " خزانة .. " الكاذبة الساقطة والتي تفوه بها لوجد أنها بعيدة كل البعد عن الأدب الإسلامي، والتحقيق العلمي السليم.
وبقية الكلام كله حاشية على هذه الجملة!
أهذا كلام؟! أهذا جواب؟!
أم هروب عن الجواب؟!
هذه هي طريقة هذا الرجل منذ بداية الحوار قبل عامين!
الهروب من مناقشة جوهر الموضوع إلى بُنَيَّات الطريق!
أو كما يقول المثل (لاق الصياح بصياح تسلم)!
يعني لئيم
يَكْرَم الشيخ، واللئيم هو من استغل طيبة الشيخ فدس إليه (مذكرات جعفر الحفظي)!
وإليك الدليل:
اللجنة الرسمية المكلفة بتحقيق إمتاع السامر واتعليق على أراجيفه وأباطيله، سألت الأستاد محمود شاكر عن هذا الموضوع!
أفاد الشيخ محمود شاكر عند سؤاله عن مصدر سلسلة النسب التي اوردها في كتابه عسير، والتي تربط آل عائض بيزيد بن معاوية:
بأنه أخذها من بعض الأشخاص في عسير دون مصدر
وأنه يأسف على تسرعه في إثباتها
وأنا أضيف، على مسؤوليتي:
أن قوله (دون مصدر) غير صحيح، مع الأسف!
لأنه كان ينقل عشرات الصفحات من مصدر مكتوب من غير شك!
والدليل القاطع موجود!
ولعل له عذر!
والحمد لله، لقد اعتذرت للشيخ بقولي:
من حيث لا يشعر
وللمقارنة، فهذه عبارة (صقر بن حسن) في شيخ مؤرخي عسير، القاضي الجليل، سليل بيت النبوة، الذي لعله تجاوز التسعين:
المدعو هاشم النعمي
فلا تزايد علينا في تقدير العلماء وإجلالهم!
عذر البليد مسح السبّورة!
صار (صقر بن حسن) يردِّد في الآونة الأخيرة:
أنني (مجهول) وأنه يترفَّع عن الحوار مع المجاهيل!
نقول:
الميَّة تكذِّب الغطَّاس!
أولاً: معظم الذين يتحاور معهم (صقر بن حسن) حول إمتاع السامر يكتبون بأسماء مستعارة!
ولم يترفَّع عن الحوار معهم!
وهذه بعض أسمائهم المستعارة، حفظهم الله:
أبوعبدالرحمن الغامدي
أبو أسامة الأزدي
أبو أسامة القحطاني
أبو عبدالله السبيعي
ابو ابراهيم النجدي
أبو البركات
ابو سعيد النجدي
.......... إلخ
فالذي يزعم أنه لا يحاور إلا الذين يكتبون بأسمائهم الصريحة (وجهه مغسول بمرق!!)!
ثانياً:
(صقر بن حسن) هو الذي وجَّه الخطاب إلى صاحب الاسم المستعار (خزانة الأدب)، وليس العكس!
انظر رابط الألوكة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13467
فقد سأل الأخ الكريم، صاحب الاسم المستعار (أبوعبدالرحمن الغامدي) عن إمتاع السامر بتاريخ 6 ربيع الأول 1429هـ
فأجاب (خزانة الأدب) بتاريخ 7 ربيع الأول 1429هـ، في الساعة 01:23 صباحاً، بأنه كتاب مزوَّر.
وأجاب (صقر بن حسن) في نفس اليوم، في الساعة 07:24 مساءً، بأنه كتاب قيِّم، وأنه رأى النسخة المطبوعة عام 1365 (بمطبعة البابي الحلبي)
فصحَّح له (خزانة الأدب) كلمة (البابي)، لأن المكتوب على تلك الطبعة المكذوبة (مطبعة الحلبي) لاغير!
[وهذه الكلمة مضلِّلة، لأن هناك مطبعتين في مصر باسم ( ... البابي الحلبي)، أما (مطبعة الحلبي) فهي مطبعة خيالية من مخترعات إمتاع السامر!]
فوجَّه (صقر بن حسن) الخطاب إلى صاحب الاسم المستعار (خزانة الأدب) بقوله:
الأخ خزانة الأدب تحية طيبة
أنت تعيد نفس كلام (المعلقين) على امتاع السامر، ولم تأت بجديد ... إلخ
ولم يقل مجهول ولا مستعار!
طيِّب! سبقوني إليها! ما الجواب عليها؟
لا شيء!
ولم يشكره على تصحيح كلمة (البابي)، بل تجاهل الموضوع!
وهو في الحقيقة لم يخطئ كما ظن (خزانة الأدب)، بل تعمد إقحام اللفظة لأنها نفيد في غسيل الكتاب (على وزن: غسيل الأموال!)
وعندما امتد النقاش، وعجز (صقر بن حسن) عن الإجابة على الأسئلة، ونكل عن الوفاء بوعده بخصوص عبار (الخليج العربي) وأخواتها، وأدرك أن (خزانة الأدب) لا يرضى بالحيدة عن جوهر الموضوع إلى شتم المعلقين على الطبعة الثانية، قال:
فأقول لك ما دمتَ تكيل التهم يا أخي، فالنقاش معك لا ولن يفيد
وأيضاً لم يقل مجهول ولا مستعار!
ثم لما توالت عليه قذائف الحقيقة، وهو يردد كالآلة الخربة (الصميلي الجميعي إلخ!)، خرج عن طوره، وصار يصرخ ويزعق (مجهول، مجهول، لا كلام لي معه أبداً)
لقد اكتشف بعد شهور طويلة أن مناظره يأكتب باسم مستعار، فجعل ذلك شمَّاعة يعلِّق عليها عجزه عن الإجابة على دوامغ الأسئلة!
أو كما قيل: عذر البليد مسح السبّورة!
المضحك أنه لما تصور أنه وجد ثغرة في كلامي بشأن (جميع) قصائد الكتاب، نسي حكاية المجهول وصور عشرات الصفحات لتوثيق القصائد النجدية والحفظية التي لم تكن موضوع نزاع ولم يشكك فيها أحد!
صحيح اللي اختشوا ماتوا!
ثالثاً:
(صقر بن حسن) هو الذي انحرف بالحوار إلى الجوانب الشخصية
* زعم أنني أحتقره
* وانني أحرِّض الدولة عليه!
* ثم انحط إلى لغة الشوارع، أكرمكم الله!
وقد كذب وافترى، على عادته الذميمة
لأنني بحمد الله لم أحتقر أحداً
والذي قلته أن (إمتاع السامر) كتاب معادي للدولة السعودية!
والذي قال ذلك هو الدولة السعودية نفسها، والبيان الرسمي لا يترك مجالاً للشك في ذلك!
وإيضاح هذا الجانب مبسوط في الألوكة
رابعاً:
بالنسبة للاسم المستعار:
يستطيع من يشاء أن يتأكد من تسجيلي في الملتقى بهذا الاسم بتاريخ 24/ 10 / 2004، وأن مشاركاتي بلغت إلى هذه اللحظة 1450 مشاركة، والحمد لله!
وإذن لا علاقة للاسم المستعار بموضوع إمتاع السامر!
والحمد لله رب العالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/444)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[28 - 10 - 09, 06:31 ص]ـ
أذكر إخواني طلبة العلم أهل الأدب:
أن هذا الكذاب المجهول " خزانة " لم يأت بجديد، وإنما تكرار لكذبه واتهاماته وسخريته.
فإذا كانت هذه الطعون في الشيخ الجليل محمود شاكر حفظه الله فلن يسلم منها أحد بعده!!!
ليت هذا الكذاب المجهول يعتذر للشيخ الجليل محمود شاكر عن سخريته واستهزائه وكذبه واتهامه
ولكن نفسه الأمارة بالسوء تأبى من ذلك.
جميع من شارك في هذا الموضوع لم يتجرأ على الشيخ الجليل محمود شاكر أو يتهم ويكذب ويُدلس ويستهزئ سوى هذا المجهول الكذاب " خزانة "
فلا غرابة في أن يَصدر منه أي تهمة وكذب
يصدق عليه قول القائل:
فكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ
ـ[أبو البركات]ــــــــ[28 - 10 - 09, 11:25 ص]ـ
شكرا لكم أساتذتي على التعقيب وسوف اطرح وجهت نظري على بعض تعليقاتكم
يقول الاستاذ خزانة الأدب
بعد كل هذا التفتيش والتنقيب لم تستطع جماعة (إمتاع السامر) إبراز أي نص معتبر سابق على سنة 1400 يدل - ولو من بعيد - على أن شعيباً من أهل العلم والتصنيف ورواية التاريخ، فضلاً عن أبيه وجده!
هذا أمر مهم في معرفه صاحب المصنف وكذلك مفيدة لنا في حال وجدنا نسخة خطية بها كلام علمي في الآنساب أو التاريخ منسوبة لعالم معروف عند اهل العلم، فمثل هذه الشهادة تنفع في تعزيز نسبة النسخة لصاحبها
لكن في حال تعذر معرفة حال المصنف أو من ينسب له كتاب علمي فهنا الأمر محل نظر في نسبة الكلام العلمي لشخص لا يعرف عنه تخصصه بهذا الفن أو لا يعرف عن حياته شيء
يقول الاستاذ خزانة الأدب
وعلى حد علمي لم يعثر الطرفان على اسم شعيب في نص مطبوع - كتاب أو جريدة أو مجلة - ولو لمجرد الإشارة إلى موته!
وجميع المعلومات الموثقة عنه إنما جمعها وحررها خصوم الكتاب!
إذا لم يذكر شيء قبل 1400 هـ فلا يمكن قبول هذا الأمر منطقيا.
يقول الأستاذ خزانة الأدب
لا يوجد للكتاب أي نسخ مخطوطه!
هنا نقطة مصيريه في المسألة فعدم وجود نسخه خطية معتبرة للكتاب مع العلم أنه طبع في هذا العصر اي بعد 1360 هـ وهذا التاريخ (القرن الرابع عشر هجري) ليس بالتاريخ القديم جدا فهذا أمر مريب جدا ومثير لعدة تساءلات من اهمها:
- كيف طبع الكتاب وعلى أي أساس تمت طباعته؟
ولذلك المحققين من أهل العلم عندما يخرج يطبع كتاب لعالم معين وفي هذا الكتاب مخالفات وصاحب الكتاب معروف بالعلم وسلامة العقيدة
فلابد من الرجوع للمصدر والتحقق من النسخ الخطية التي عليها طبع الكتاب ومقارنتها بنسخ اخرى ان وجدت وهكذا لكي نتحقق بشكل علمي واضح
أما في حال عدم توفر نسخ خطية معتبرة فبإمكان أي شخص أن يدس مايريد ويحذف مايريد بلا رقيب ولا حسيب
واذكر بخصوص النسخ الخطية ما انكره السبكي الشافعي من وجود كتاب للرازي عن السحر
لكن العلماء اثبتوه عليه لطلاعهم على نسخ خطية لهذا الكتاب الثابت عليه وآخرهم المعاصر الزركان في كلامه عن الرازي
فالأمر مهم من الناحية العلمية
ولابد من وجود اصل بني عليه الكتاب.
حتى دار النشر لابد لها من التدخل والتصريح بمالديها أن وجد.
والله أعلم
ـ[أبو البركات]ــــــــ[28 - 10 - 09, 11:40 ص]ـ
الأخ أبو البركات
الأسئلة التي سألت عنها مهمة لمن أراد أن يقوم بتحقيق كتاب " إمتاع السامر " تحقيقا علميا سليما، بعيدا عن التعصب المقيت والاتهام الكاذب لمن اعتمد عليه أو أحال إليه.
.
استاذي صقر بن حسن
كلامك صحيح لابد من تحقيق علمي لهذا الكتاب لكي يتم الفصل فيما هو حاصل
حتى ولو كان الأمر له علاقة من الناحية السياسية فاعتقد أنه بالإمكان تحقيقه في بلد خارج السعودية
لكن لابد ممن يملك حقوق نشر هذا الكتاب أن يبين للناس أصل الكتاب وصور المخطوطات أو النسخ الخطية التي بنيت عليها الطبعات السابقة وكذلك ماسوف يبني عليه في طبعاته الجديدة
ولا أخفيك استاذي في أن وضع الكتاب الحالي واخراجه بهذا الطريقة لاتنفع بل تضر أكثر وأكثر بان تكون الدار محل اتهامات بالتزوير والتدليس وغيرها من الطعون لا نهاية لها
الآن اهل البدع يتحينون الفرص لرمي اي محقق سلفي بالتحريف والكذب لاجل انه عمل على تغير كلمه واحدة في مصنف او كتاب لعالم معين ربما لأجل عدم وضوحها في المخطوطة او لاجتهاد من المحقق او لمخالفتها في العقيدة
طالما والحال هذه فسوف يوصف الكتاب بأنه منحول وانه مدسوس فيه وأن من يروج له أنما يروج لكلام غير علمي ومكذوب وهكذا من هذه الأوصاف الغير منتهية
فالآمر سوف يتسمر على هذا المنوال حتى يحصل تغيير
والله أعلم
وشكرا لكم جميعا
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[28 - 10 - 09, 01:28 م]ـ
الجميعي الذي طار (صقر بن حسن) بكتابه كل مطار، لمجرد أنه أحال على إمتاع السامر في حواشيه!!
رأى النسب السفياني في إمتاع السامر، وخرافة الدولة الأموية العسيرية، فأعرض عن ذلك، وقال عن الأمير عائض بن مرعي رحمه الله:
(2) من آل يزيد من بني مغيد الذين يرتفع نسبهم إلى عنز بن وائل.
انظر صورة كلامه تحت رقم #86 أعلاه (السطر الثالث من تحت)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(140/445)