(مسألة) معظم العلماء كما ذكر ابن برهان على أنه (لا يشترط في حجيته) أي الإجماع (عدد التواتر؛ لأن) الدليل (السمعي) لحجيته (لا يوجبه) أي عدد التواتر بل يتناول الأقل منهم لكونهم كل الأمة (والعقلي) لحجيته (وهو أنه) أي الإجماع (لو لم يكن عن دليل قاطع لم يحصل) الإجماع؛ لأن العادة تحكم بأن الكثير من العلماء المحققين لا يجتمعون على القطع في شرعي بمجرد تواطؤ على سبيل الظن بل لا يكون قطعهم إلا عن نص قاطع بلغهم فيه يوجب ذلك الحكم (لم يصح) مثبتا لاشتراط عدد التواتر في حجيته وهذا بناء على أن قول القاضي، وأما من استدل بالعقل وهو أنه لو لم يكن إلا عن قاطع لما حصل فلا بد من القول بعدد التواتر فإن انتفاء حكم العادة في غيره ظاهر ا هـ.
غير ظاهر بل هو في حيز المنع؛ لأن اشتراط عدد التواتر في انتهاض الإجماع حجة قطعية دون انتهاضه حجة ظنية (وإذن) أي وإذ لا يشترط عدد التواتر في المجمعين بحجية الإجماع (لا إشكال في تحققه) أي الإجماع (لو لم يكن) ذلك الإجماع (لا) اتفاق (اثنين) على حكم شرعي في عصر إذا انفردا فيه كأنه لوجود ما قيل من أن معناه لغة الاتفاق؛ لأنه أقل ما يقع عليه إذا كان من اثنين وقد تقدم ما فيه من البحث في صدر الباب على أن فيه خلافا أيضا ففي التحقيق ورأيت في بعض الحواشي أن أقل ما ينعقد به الإجماع ثلاثة من العلماء؛ لأن الإجماع مشتق من الجماعة وأقل الجمع الصحيح ثلاثة وإليه التقرير والتحبير - (5/ 72)
يشير عبارة شمس الأئمة حيث قال والأصح عندنا أنهم إذا كانوا جماعة واتفقوا قولا أو فتوى من البعض مع سكوت الباقين فإنه ينعقد الإجماع به، وإن لم يبلغوا حد التواتر (فلو اتحد) أي لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد (فقيل) قوله (حجة) جزم به ابن سريج ونقله الصفي الهندي عن الأكثرين (لتضمن السمعي) السابق في بيان حجية الإجماع (عدم خروج الحق عن الأمة) من غير تفصيل على أن الأمة تطلق على الواحد أيضا كقوله تعالى {إن إبراهيم كان أمة} فيدخل تحت النصوص الدالة على عصمة الأمة فيكون قوله حجة (وقيل لا) يكون قوله حجة (لأن المنفي عنه الخطأ الاجتماع) المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم {سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة} إلى غير ذلك كما تقدم (وسبيل المؤمنين) حيث كان المراد به في الآية الشريفة الإجماع (وهو) أي كل منهما (منتف) في الواحد إذ ليس له اجتماع وليس هو بالمؤمنين ونص في التحقيق وغيره على أنه الأظهر والسبكي على أنه المختار وإطلاق الأمة على إبراهيم مجاز للقطع بأن إطلاقها على الجماعة حقيقة والأصل عدم الاشتراك ولا يلزم من ارتكاب المجاز في حق إبراهيم عليه السلام لتعظيمه ارتكابه في حق غيره أو بمعنى المقتدى فهي فعلة بمعنى المفعول كالرحلة والنخبة،
وقال الشوكاني في إرشاد الفحول
قال الأستاذ: وإذا لم يبق في العصر إلا مجتهد واحد فقوله حجة "كالإجماع"****، ويجوز أن يقال للواحد أمة كما قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّة} 1 ونقله الصفي الهندي عن الأكثرين.
والله أعلم وصلى الله على النبي محمد وآله
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[31 - 01 - 09, 02:24 م]ـ
اوافيك بالمصادر ان شاء الله يوم السبت 31\ 1
هل من جديد
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[01 - 02 - 09, 01:59 ص]ـ
الاجماع الاصولى هو:" اتفاق المجتهدين من امة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على حكم شرعى فى عصر من الاعصار"
وضابطه هو الاتفاق ولو للحظة واحدة ولو من مجتهدان فقط هذا ما تيسر من كلام الاصوليين ودعك ممن خالفهم وناوءهم
لعل هذا من أعجب الضوابط؟؟؟
ـ[أبو محمد النورسي]ــــــــ[15 - 02 - 09, 10:20 م]ـ
الإجماع عزيز الوجود كما قال بعض الأئمة
ولكن الذي يوجد وبكثرة هو الإجماع السكوتي وهو أن يجتهد أحد المجتهدين في مسألة وينتشر اجتهاده بين الأمة دون نكير أو مخالفة أو اعتراض والله أعلم(113/81)
ما هي منهجية دراسة علم مقاصد الشريعة؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[22 - 01 - 09, 02:47 ص]ـ
هل هناك خطة معتمدة لأهل العلم يراعى فيها التدرج والشمول؟
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[25 - 01 - 09, 08:29 ص]ـ
علم مقاصد الشريعة من العلوم المهمة التي ينبغي أن تتوجه لها عناية طلاب العلم بعد أن يأخذوا بحظ وافر من التأصيل العلمي لئلا يقعوا فيما وقع فيه عدد من المؤلفين في هذا العلم من الانحراف البين فقد تجرأ على التأليف فيه بعض من لا يحسن وروجوا فيه لأصول فاسدة يعلم بعدها عن مقاصد التشريع.
فمنهج من عرفت من علمائنا أنهم كانوا يدرسون مقاصد الشريعة بعد دراستهم لعدد من المتون العلمية، وكانوا يكتفون في دراسة المقاصد بقراءة بعض المطولات والتعليق عليها ككتاب الموافقات للشاطبي، وبعض كتب صحيح البخاري، وكذلك بعض الرسائل في السياسة الشرعية والقواعد الفقهية فبين هذه العلوم قدر من التشارك.
وكذلك كتاب إعلام الموقعين إذ حوى فصولا مهمة متعلقة بمقاصد التشريع
ومنهم من يفرد المقدمات التي ذكرها الشاطبي في أول الموافقات بالدراسة ثم يقرأ هو باقي الكتاب فإن أشكل عليه شيء سأل عنه.
وللفائدة فقد شرح الشيخ يوسف الغفيص مقدمات الموافقات شرحاً قيما.
وأما علماء المغرب الإسلامي فمنهم من يعتني بنظم الموافقات لأبي المودة ماء العينين بن محمد فاضل بن مامين، وقد شرحها الناظم في كتابه (المرافق على الموافق) وحققه مشهور بن حسن آل سلمان
وكنت قد طلبت من أحد الإخوة الأفاضل نسخ النظم وإفراده فاستجاب مشكوراً ونسخه لي بخط يده
ولا زال عندي لم أنسخه إلكترونياً
وهو نظم طويل أرى أن الاشتغال بالكتاب الأصل أولى من حفظه إلا أن يختصره مختصر ويقربه ليسهل حفظه على الطلاب
وقد شرح نظم ماء العينين بعض المشايخ ذوي الاختصاص في أصول الفقه
ولليوبي نظم مختصر سماه (إتحاف القاصد بنظم أحكام وقواعد المقاصد) اطلعت عليه مؤخراً
اعتنى فيه ببيان بعض المباحث المهمة كالضروريات الخمس وأنواع المصالح
وأما الخطة العلمية التي أقترحها لدراسة مقاصد التشريع فهي كما يلي:
1: الاستماع لشرح الشيخ يوسف الغفيص لمقدمات الموافقات
وتجدها على هذا الرابط:
http://www.liveislam.net/archive.php?sid=&tid=333
2: قراءة كتاب مقاصد الشريعة لابن عاشور
3: قراءة كتاب محاسن الشريعة للقفال الكبير
4: قراءة كتاب إعلام الموقعين لابن القيم
5: قراءة كتاب الموافقات للشاطبي
وقد علق عليه الشيخ عبد الله الغديان وتجد تعليقه على هذا الرابط:
http://www.grajhi.com/inc/ListbySpeakers.asp?id=7
والقراءة العابرة تنسى غالباً فلذلك أنصح أن يعتني الطالب بالتلخيص، ويعتني في تلخيصه بضبط أصول المسائل والأدلة أكثر من عنايته بالفوائد المستلطفة
وفقك الله وسهل لك طريقاً إلى الجنة
وقد أهديتك هدية تراها في المرفقات
ـ[منير الجزائري]ــــــــ[27 - 01 - 09, 04:05 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي جهودكم
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[02 - 02 - 09, 12:10 م]ـ
منظومة الموافقات لأبي المودة ماء العينين بن محمد فاضل بن مامين،
مع شرحه
http://sharjahevents.com/muntada/spell2.pdf
دروس الشارقة
http://sharjahevents.com/muntada/sound.php?catid=101
الجانب التطبيقي
http://sharjahevents.com/muntada/sound.php?catid=103
الجانب النظري
http://sharjahevents.com/muntada/sound.php?catid=102
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[04 - 02 - 09, 03:49 م]ـ
سؤال جيد ومهم للغايه
ـ[هيثم زماعرة]ــــــــ[05 - 02 - 09, 09:35 ص]ـ
لعل أفضل ما ألف في المقاصد كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية، وهو في الأصل رسالة دكتوراة بالجامعة الإسلامية للشيخ محمد سعد اليوبي.
وقد لخص بعض مباحثها وزاد مباحث أخرى الدكتور عبد العزيز الربيعة في كتابه علم مقاصد الشارع، وهو الكتاب المقرر لطلاب الدكتوراة بالجامعة الإسلامية، وأنا أحدهم.
ومن أفضل الكتب في علم المقاصد كتب الشيخ الدكتور نور الدين الخادمي، فإن له مجموعة من المؤلفات في المقاصد من أشهرها كتاب علم المقاصد الشرعية، طبعته مكتبة العبيكان.(113/82)
الكشاف التحليلي لمسائل منظومة القواعد الفقهية
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[22 - 01 - 09, 07:04 ص]ـ
الكشاف في المرفقات
ومنظومة ابن سعدي على وجازتها من المنظومات المباركة التي اعتنى بها العلماء وانتفع بها الطلاب
ومباحث المنظومة هي:
خطبة الناظم ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=353)
أهمية القواعدالفقهية ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=354)
ق1: الأعمال بالنيات ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=355)
ق2: الدين مبني على جلب المصالح ودرء المفاسد ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=356)
ق3: عند التزاحم تقدم أعلى المصلحتين وترتكب أدنى المفسدتين ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=357)
ق4: المشقة تجلب التيسير ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=358)
ق5: الواجبات تسقط مع عدم القدرة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=359)
ق6: الضرورات تبيح المحظورات ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=360)
ق7: الضرورات تقدر بقدرها ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=361)
ق8: اليقين لا يزول بالشك ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=362)
ق9: الأصل فيما حوته الأرض الطهارة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=363)
ق10: الأصل تحريم الدماء والأموال والأبضاع واللحوم ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=364)
ق11: الأصل في العادات الإباحة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=365)
ق12: العبادات توقيفية ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=366)
ق13: الوسائل لها أحكام المقاصد ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=367)
ق14: المتممات لها أحكام المقاصد ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=368)
ق15: لا مؤاخذةَ مع الخطأ والنسيان والإكراه ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=369)
ق16: الإتلاف يوجب الضمان ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=370)
ق17: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=371)
ق18: العادة محكَّمة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=372)
ق19: من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=373)
ق20: النهي يقتضي الفساد ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=374)
ق21: من أتلف مؤذياً لم يضمن ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=375)
ق22: (أل) تفيد العموم بشروط ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=376)
ق23: النكرة في سياق النفي والنهي تفيد العموم ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=377)
ق24: (من) و (ما) تفيدان العموم بشروط ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=378)
ق25: المفرد المضاف إلى معرفة يفيد العموم ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=379)
ق26: لا يتم الحكم حتى تجتمع الشروط وتنتفي الموانع ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=380)
ق27: من وفَّى وُفِّيَله ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=381)
ق28: الميسور لا يسقط بالمعسور ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=382)
ق29: ما نشأ عن المأذون فهو غير مضمون ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=383)
ق30: الحكم يدور مع علته وجوداً وعدما ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=384)
ق31: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=385)
ق32: المساهمة عندالمزاحمة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=386)
ق33: المشغول لا يُشغل ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=387)
ق34: من أدَّى عن أخيه واجبَه له الرجوع إن نوى المطالَبة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=388)
ق35: الوازع الطبعي كالوازع الشرعي ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=389)
خاتمة المنظومة ( http://www.afaqattaiseer.com/vb/showthread.php?t=390)
وهذا المنتدى لمن أراد دراسة هذه المنظومة
http://www.afaqattaiseer.com/vb/forumdisplay.php?f=56
وفقكم الله جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح ونفع بكم أمة الإسلام
ـ[منير الجزائري]ــــــــ[27 - 01 - 09, 04:14 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي جهودكم(113/83)
قاعدة "المثبِت مقدم على النافي" ليست على إطلاقها، وذكر بعض قيودها
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[27 - 01 - 09, 03:59 م]ـ
طرد كثير ممن لم يمعن النظر في دقيق العلم هذه القاعدة وظن أنها على إطلاقها فذهب يدفع بها كثيرا من أدلة العلماء ويستدرك عليهم وليس هذا من الحزم في العلم
- ولا يخفى هنا كلام العلماء في تقرير صحة هذه القاعدة وأشهرها قول البخاري وشيخه الحميدي في قصة الصلاة في الكعبة وقصة الشاهدين وهو في مواضع من الصحيح.
والخلاف فيها معروف في كتب الأصول وغيرها:
قال الزركشي في البحر 4/ 466:
رابعها: أن يكون أحدهما مثبتا والآخر نافيا وهما شرعيان قال فالصحيح تقديم المثبت ونقله إمام الحرمين عن جمهور الفقهاء لأن معه زيادة علم ولهذا قدموا خبر بلال في صلاته عليه الصلاة والسلام داخل البيت على خبر أسامة أنه لم يصل وقيل بل يقدم النافي وقيل بل هما سواء لاحتمال وقوعها في الحالين واختاره في المستصفى بناء على أن الفعلين لا يتعارضان وهو قول القاضي عبد الجبار قال الباجي وإليه ذهب شيخه أبو جعفر وهو الصحيح وقيل إلا في الطلاق والعتاق وفصل إمام الحرمين فقال .... الخ.
وقال الزيلعي في نصب الراية1/ 360:
مع أن المسألة مختلف فيها على ثلاثة أقوال: فالأكثرون على تقديم الإثبات، قالوا: لأن المثبت معه زيادة علم، وأيضا فالنفي يفيد التأكيد لدليل الأصل، والإثبات يفيد التأسيس، والتأسيس أولى، الثاني: أنهما سواء، قالوا: لأن النافي موافق للأصل، وأيضا فالظاهر تأخير النافي عن المثبت، إذ لو قدر مقدما عليه لكانت فائدته التأكيد، لدليل الأصل، وعلى تقدير تأخيره يكون تأسيسا، فالعمل به أولى، القول الثالث: أن النافي مقدم على المثبت، وإليه ذهب الآمدي وغيره.
وعليه فقول الحافظ في الفتح 5/ 251:
وأن المثبت مقدم على النافي وهو وفاق من أهل العلم إلا من شذ. ا.هـ
فيه نظر فالخلاف ليس بشاذ.
- وينبغي قبل العمل بهذه القاعدة التأكد من صحة الإسناد إلى المثبت وهذا واضح
والتأكد من أن المَنفي هو نفس المُثبَت لا غيره أو أخص منه أو أعم منه، فكثيرا ما ينصب التعارض بينهما ويكون المنفي غير المثبت.
قال ابن فورك وإن كان النافي أخص من المثبت فالحكم للأخص. (البحر للزركشي4/ 467)
- ورأيت بعض العلماء يجمعها مع قاعدة من حفظ حجة على من لم يحفظ أو يجعلها دليلا لها فيتبعها بها
ويظهر لي أن بينهما فرق أو خصوص وعموم من وجه
وعلى كل فإن قولهم من حفظ حجة على من لم يحفظ لا يصح في علم الرواية وقوانينها بل يصار في ذلك إلى القرائن كما بسطوا الكلام عليه في زيادة الثقة والشاذ والمنكر وتعارض الوصل والوقف
وهل يصح في باقي العلوم الظاهر لا لكن هل يسلك فيها مسلك أهل الحديث في استعمال نفس القرائن التي ساروا عليها في الترجيح أم لكل علم قرائنه في الترجيح أم ثمت اشتراك بينهم في بعضها واختلاف في بعض آخر
أم يقال ما كان معتمدا على النقل حكم فيه بقرائن أهل الحديث وما كان معتمدا على العقل فلا
يحتاج إلى بحث وموضوع مستقل وقد تقدم طرف منه هنا:
أحكام العربية يقضى فيها على وفق ما ورد عن أهلها ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1136)
- والقاعدة التي نحن بصدد الكلام عليها:
إما أن يقال: تخضع للقرائن في جميع الأحوال أو مقيدة بقيود وبينهما فرق فالأول أوسع والثاني أضيق فقد يكون للقاعدة قيد أو قيدين وفي ما عدا ذلك يطرد فيها الحكم
وهذا الفرق يؤثر على استخدام القاعدة في البحث عن القرائن ابتداء قبل استعمالها.
****************************************
من القرائن أو القيود التي تمنع من العمل بها:
/// أن يصحب نفي النافي تفصيلا يكون دليلا على أن المثبت ليس معه زيادة علم أو أن النافي هو الذي معه زيادة علم:
قال ابن حجر في الفتح1/ 27:
ولا يخفى ما فيه فإن المثبت مقدم على النافي إلا أن صحب النافي دليل نفيه فيقدم والله أعلم.
وقال الزركشي في البحر 4/ 466:
وحكى ابن المنير عن إمام الحرمين أنه فصل بين إمكان الاطلاع على النفي يقينا بضبط المجلس وتحقق السكوت أو لا فإن اطلع على النفي يقينا وادعى سببا يوصل لليقين تعارضا ولا يرجح الإثبات والنفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/84)
وقال إلكيا: إذا تعارض رواية النفي والإثبات وكانا جميعا شرعيين استفسر النافي فإن أخبر عن سبب علمه بالنفي صار هو والمثبت سواء ولهذا لم يرجح الشافعي رواية نفي الصلاة على شهداء أحد على رواية الإثبات لأن النفي اعتضد بمزيد ثقة وهو أن الراوي جابر وأنس والمقتول عم أحدهما ووالد الآخر ولا يخفى ذلك عليهما وإن قال النافي لم أعلم بما يزيله فعدم العلم لا يعارض الإثبات كرواية عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وأنكرته أم سلمة لأنها أخبرت عن علمها فلا يدفع حديث عائشة وكحديث الصلاة في الكعبة.
وحاصله إن كان النافي قد استند إلى العلم فهو مقدم على المثبت وفي كلام الشيخ عز الدين نحوه وهو حينئذ كالمثبت وهو نظير النفي المحصور وقد صرح أصحابنا بقبول الشهادة فيه وكذلك لو شهد اثنان بالقتل في وقت معين وآخران أنه لم يقتل في ذلك الوقت لأنه كان معنا ولم يغب عنا تعارضا وبحث فيه الرافعي ورده النووي وقال الصواب أن النفي إن كان محصورا يحصل العلم به قبلت الشهادة وما قاله النووي صحيح والنفي المحصور والإثبات سيان.
وقال العثيمين في الشرح الممتع في الكلام على الأحاديث النافية لرفع اليدين في تكبيرات السجود والمثبتة له:
وليس هذا من باب تعارض مثبت ومنفي؛ حتى نقول بالقاعدة المشهورة: إن المثبت مقدم على النافي؛ لأن النفي هنا في قوة الإثبات، فإنه رجل يحكي عن عمل واحد فصله، قال: هذا فيه كذا وأثبته، وهذا ليس فيه كذا ونفاه، وفرق بين النفي المطلق وبين النفي المقرون بالتفصيل، فإن النفي المقرون بالتفصيل دليل على أن صاحبه قد ضبط حتى وصل إلى هذه الحال، عرف ما ثبت فيه الرفع وما لم يثبت فيه الرفع.
- أن يكون المنفي محصورا ويحيط به علم النافي:
تقدم في كلام الزركشي في البحر قريبا ومنه:
وقال (أي النووي): الصواب أن النفي إن كان محصورا يحصل العلم به قبلت الشهادة وما قاله النووي صحيح والنفي المحصور والإثبات سيان.
وقال ابن الملقن في البدر المنير2/ 248 في كلامه على نفي الصلاة على الشهيد:
فإن قيل: حديث جابر وأنس _السالفين_ في الاحتجاج بهما وقفة؛ لأنها نفي، وشهادة النفي مردودة مع ما عارضها من هذه الروايات التي فيها الإثبات، فالجواب ما قاله أصحابنا: أن شهادة النفي إنما ترد إذا لم يحط بها علم الشاهد ولم تكن محصورة، أما ما أحاط به علمه وكان محصورا فيقبل بالاتفاق، وهذه قصة معروفة أحاط بها جابر وأنس علما، وأما رواية الإثبات فضعيفة، فوجودها كالعدم.
وقال البدر الزركشي في النكت 3/ 412:
الثاني ما تمسك به في الرد من التعارض قد يعارض بأن المثبت مقدم على النافي لكن لما كان النافي هنا نفى ما يتعلق به في أمر يقرب من المحصور بمقتضى الغالب اقتضى أن يرجح النافي وكذلك في الشهادة على الشهادة كالقاضي إذا شهد عليه الشهود بحكم فأنكر حكمه خلافا لمالك ومحمد بن الحسن وغيرهما في صورة القاضي وهو الأقرب لتعلق حق الغير لا سيما مع الانتشار وكثرة الأحكام.
- إذا وقع النفي والإثبات في محل واحد وانحصرا في ذلك وقد يدخل في الأول:
قال ابن دقيق في الإحكام: ص 157
و لا يقال: إذا وقع التعارض فالذي أثبت التطويل في القيام لا يعارضه من نفاه فإن المثبت مقدم على النافي.
لأنا نقول الرواية الأخرى تقتضي بنصها عدم التطويل في القيام وخروج تلك الحالة - أعني حالة القيام والقعود - عن بقية حالات أركان الصلاة فيكون النفي والإثبات إذا انحصرا في محل واحد تعارضا إلا أن يقال باختلاف هذه الأحوال بالنسبة إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبقى فيها انحصار في محل واحد بالنسبة إلى الصلاة.
وقال الزركشي وهو يلخص كلام العلماء السابق على مستثنيات القاعدة:
وتحصل أن المثبت يقدم إلا في صور أحدهما أن ينحصر النفي فيضاف الفعل إلى مجلس واحد لا تكرار فيه فحينئذ يتعارضان.
وقال الشنقيطي في المذكرة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/85)
والظاهر أن المثبت والنافي إذا كانت رواية كل منهما في شيء معين في وقت معين واحد أنهما يتعارضان، فلو قال أحدهما: دخلت الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقت كذا ولم أفارقه ولم يغب عن عيني حتى خرج منها ولم يصل فيها، وقال الآخر رأيته في ذلك الوقت بعينه صلى فيها فانهما يتعارضان فيطلب الترجيح من جهة أخرى والله أعلم وهذا أصوب من قول من قدم المثبت مطلقا ومن قدم النافي مطلقا. ووجه تقديم رواية المثبت أن معه زيادة علم خفيت على صاحبه، وقد عرفت أن ذلك لا يلزم في جميع الصور مما ذكرناه آنفا.
- أن يكون النافي أعلم من المثبت
كأن يكون أعلم منه في المسألة المختلف فيها خاصة أو في الباب الذي تندرج تحته هذه المسألة أو في العلم الذي تنتمي له هذه المسألة
أو جلالة النافي
كما نبهوا عليه في قاعدة الجرح المفسر مقدم على التعديل المجمل
أمثلة ذلك أن ينفي البخاري سماع فلان من فلان ويثبته ابن حبان أو البيهقي أو ابن القطان مثلا
ففي الغالب يكون البخاري أعلم بالمسألة خاصة
وأعلم بهذا الباب وهو سماع الرواة من بعضهم بعضا فإنه اعتنى بهه غاية الاعتناء
وهو أجل في هذا العلم
لكن هذا الأخير وهو جلالة النافي ليس اعتماده بمطرد
ومنها أن يكون المثبت فقيه مثلا والنافي لغوي والمسألة تنتمي لعلم اللغة.
قال الزركشي وهو يلخص كلام العلماء على مستثنيات القاعدة:
أن يكون راوي النفي له عناية به فيقدم على الإثبات كما قدم حديث جابر في ترك الصلاة على قتلى أحد على حديث عقبة بن عامر أنه صلى عليهم لأن أباه كان من جملة القتلى وكما قدم حديثه في الإفراد على حديث أنس في القران لأنه صرف همته إلى صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم منذ خرج من المدينة إلى آخره.
- أن يكون النفي في معنى الإثبات وقد يدخل في الأول والثاني:
فصّل إمام الحرمين في القاعدة فقال:
النافي إن نقل لفظا معناه النفي كما إذا نقل أنه لا يحل ونقل الآخر أنه يحل فهما سواء لأن كل واحد منهما مثبت وإن لم يكن كذلك بل أثبت أحدهما فعلا أو قولا ونفاه الآخر بقوله ولم يقله أو لم يفعله فالإثبات مقدم لأن الغفلة تتطرق إلى المصغي والمستمع وإن كان محدثا، والذهول عن بعض ما يجري أقرب من تخيل شيء لم يجر له ذكر. (البرهان 2/ 780، الزركشي في البحر 4/ 466، الإبهاج للسبكي وابنه 3/ 236)
- إذا كان النافي نافيا لحد والمثبت موجبا له فيقدم النافي لأن نفيه شبهة تدرأ بها الحدود:
أنظر: المحصول 5/ 590، الإبهاج للسبكي وابنه 3/ 236، التقرير والتحبير 3/ 32.
ومثال ذلك: الأحاديث الواردة في أنه لا تقطع اليد فيما هو أقل من ربع دينار، والأدلة الدالة على القطع بمطلق السرقة، أو بما هو أقل من ربع دينار من البيضة ونحوها، فعلى قول الجمهور ترجح أدلة عدم القطع فيما هو أقل من ربع دينار
- وفي باب التراجم والتاريخ قال الذهبي في السير 4/ 5:
وقد أنكر بعضهم ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فما من لم يعلم حجة على من عنده علم، ولا المثبت كالنافي، لكن إذا كان المثبت لشئ شبه خرافة، والنافي ليس غرضه دفع الحق، فهنا النافي مقدم، وهنا تقع المكابرة وتسكب العبرة.
- ومنها أن يكون النافي من أهل الاستقراء وأمثاله:
قال السبكي في الإبهاج355/ 1: وأجاب المصنف تبعا للإمام بأن ما ذكره ابن جني شهادة على النفي فلا تقبل وهو حيد عن سبيله الإنصاف إذ الواصل في فن إلى نهايته والبالغ فيه إلى أقصى غاياته يقبل قوله فيه نفيا وإثباتا.
وقال المرداوي في التحبير 671/ 2: ورد الرازي قول ابن جني: بأنها شهادة نفي فلا تقبل.
وأجاب عنه ابن دقيق العيد: بأنه ليس بشهادة نفي وإنما هو إخبار عن ظن غالب يستند إلى الاستقراء ممن هو أهل لذلك مطلع على لسان العرب كما في سائر الاستقراءات لا يقال فيها شهادة نفي وحينئذ فيتوقف مقابله على ثبوت ذلك من كلامهم.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[27 - 01 - 09, 04:03 م]ـ
من القرائن التي تقوي العمل بهذه القاعدة وهي كثيرة لأنها الأصل
أن يصرح النافي بعدم علمه بوقوع الحادثة لا بعدم وقوعها
قال ابن فورك إن كان المثبت حكما شرعيا والنافي على حكم العادة فالمثبت أولى وإن كان الحكمان شرعيين فقد تساويا إلا أن يكون ما ورد بالنفي بين أنه لم يعلم ثبوت الحكم فيكون المثبت أولى كرواية عائشة في تقبيلها وهو صائم وأنكرته أم سلمة لأنها أخبرت عن عدم علمها وذلك لا يدفع حديث عائشة (البحر المحيط4/ 467)
وقال ابن حجر في الفتح 5/ 251:
وأن المثبت مقدم على النافي وهو وفاق من أهل العلم إلا من شذ ولا سيما إذا لم يتعرض إلا لنفي علمه.
من الأمثلة على القاعدة وهي كثيرة
حديث لم يجمع القرآن على عهد إلا .... وقول كثير من العلماء أن الخلفاء الأربعة ممن جمعه
وأحاديث لم يصل على أحد من شهداء أحد والذي يناقضه
وأحاديث الجهر بالبسملة وخلافه
وحديث الصلاة في الكعبة ونقيضه
وغيرها
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/86)
ـ[منصور مهران]ــــــــ[27 - 01 - 09, 04:15 م]ـ
أيهما الصواب؟
هكذا:
(ويظهر لي أن بينهما فرق أو خصوص وعموم من وجه)
أو هكذا:
(ويظهر لي أن بينهما فرقاً أو خصوصاً وعموماً من وجه)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[27 - 01 - 09, 05:07 م]ـ
الصواب الثاني
والتقدير:أن فرقا بينهما
جزاك الله خيرا(113/87)
بيان ما يؤاخذ عليه بالنية ..
ـ[المورسلي]ــــــــ[28 - 01 - 09, 03:10 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
و بعد:
هذه مسألةٍ جرى الخلافُ فيها بني وبين أخٍ لي, وحاصِلُها أن رجلاً أعفى لحيتهُ عادةً لا عبادةً, أي أنهُ ما أًخلصَ للهِ جلَّ و علاَ ولا نَوى الإِتّباعَ لهدي النبي عليه الصلاة و السلام ... فكان الاتفاقُ بيننا على أنهُ غيرُ مثابٍ بِهذا الفِعلِ, وزاد صاحبي على أن الرجل يلحقُه الإثمُ وإن لم يحلق, وهَذِهِ الزيادةُ كانت محلَّ نِزاعٍ بيني وبينه ... ))
فهل يكون هذا الرجل آثماً؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً
ـ[أم البراء الحنبلية]ــــــــ[17 - 02 - 09, 06:37 م]ـ
ولم يأثم؟؟
فيكفي في الخروج من عهدة المنهي عنه (وهو هناحلق اللحية) أن يتركه وإن لم يصاحبه نية.
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[17 - 02 - 09, 08:32 م]ـ
بارك الله في هذه العادات ... وما تدري لعل الله يفتح عليه ويهديه ويصلح نيته ....
ـ[أبو عبدالعزيز الحنبلي]ــــــــ[18 - 02 - 09, 10:01 م]ـ
عجيب!!
وهل يلحق الإنسان الإثم بتركه للخمر مثلا عادة لا بقصد القربة وترك الحرام؟؟
على قول صاحبك .. يلزم كل مسلم أن يسأل عن كل محرم ويعرفه لأجل أن ينوي اجتنابه وإلا أثم!!
..................
الفرق أن من فعل المأمور أو اجتنب المحظور بنية التقرب أجر على ذلك وإلا فلا.(113/88)
سِلْسِلَةُ (الأصُولُ مِنْ عِلْمِ الأصُولِ) للعَلاّمَةِ ابْنِ عُثَيْمِينَ عَلَى رَابِطٍ واحِدٍ
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[28 - 01 - 09, 06:42 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
سلسلة الأصول من علم الأصول، للشيخ العلاّمة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
قمتُ بتحميلها من موقع طريق الإسلام و رفعها في ملف واحد تسهيلا على الإخوة من طلبة العلم ممّن قد يحتاجُها.
السلسلة تقع في 22 شريطا، كل شريط عبارة عن جزأين، فيكون مجموع الملفات الصوتية 44 ملفّا، كلها بصيغة RM.
من هنا ( http://www.megaupload.com/?d=FG246RQV)
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[28 - 01 - 09, 07:26 م]ـ
الموقع محجوب
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[28 - 01 - 09, 08:49 م]ـ
الموقع محجوب
اللهُ المُستعان ..
سأنظرُ في الأمر، إن شاء الله.
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[28 - 01 - 09, 09:34 م]ـ
الموقع محجوب
هل موقع ( zupload.com) محجوب أيضا؟
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[28 - 01 - 09, 09:54 م]ـ
لو يتفضّل أحد الإخوة و يزوّدني ببرنامج جيّد لرفع الملفات يكونُ مُتوافقا مع مواقع الرفع الشهيرة و الغير محجوبة و التي تسمح برفع ملفات لا بأس بها من حيث الحجم.
فالحمد لله عندي سرعة رفع جيّدة، و أريد أن أنفع إخواني برفع السلاسل العلمية على رابط واحد، كي يسهل عليهم جمعُها.
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[31 - 01 - 09, 06:29 م]ـ
رفعتُ السلسلة على موقع Rapidshare
الجزء الأول ( http://rapidshare.com/files/192046155/______________ae___________.part1.rar.html)
الجزء الثاني ( http://rapidshare.com/files/192054387/______________ae___________.part2.rar.html)
ملحوظة: فقط يجب فكّ الضغط عن الجزء الأول، و من ثَمّ سينفكّ عن الثاني و يُدمجان في مجلّد واحد تلقائيّا.
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[13 - 02 - 09, 01:14 م]ـ
يُرْفَعُ ..
عَسى اللهُ أنْ يَنْفَعَ بِهِ.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[15 - 02 - 09, 02:55 ص]ـ
بارك الله فيك على هذا الجهد
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[16 - 02 - 09, 07:55 م]ـ
بارك الله فيك على هذا الجهد
وفيكَ بارَكَ اللهُ أخي الكريم.
إنَّما هو جهد المقلّ، والله المستعان.
ـ[أبوحمزة السيوطي]ــــــــ[16 - 02 - 09, 11:18 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب نفع الله بك
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[17 - 02 - 09, 09:44 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب نفع الله بك
آمين و إياكُم أخي الكريم.
ـ[مصطفي حمدان]ــــــــ[17 - 02 - 09, 11:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[17 - 02 - 09, 05:51 م]ـ
جزاك الله خيرا
وإيّاكُم.
ـ[جمال بسيوني]ــــــــ[24 - 02 - 09, 08:07 ص]ـ
الكتاب مصور pdf
الأصول من علم الأصول
http://www.zshare.net/download/5608842875358212/(113/89)
ما هى كتب أصول الفقه الامهات؟
ـ[أبو عبد الله الاحمد]ــــــــ[29 - 01 - 09, 12:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هى كتب أصول الفقه الامهات التى تهتم بنقاش المسائل دون التحيز إلى مذهب معين
ـ[هيثم زماعرة]ــــــــ[05 - 02 - 09, 09:46 ص]ـ
معظم كتب أصول الشافعية تهتم بنقاش المسائل دون التحيز إلى مذهب معين، لأن من ألف على طريقة الجمهور عني بمناقشة المسائل من حيث الدليل بغض النظر عن فروع المذهب.
وأشهر من ألف من كتب الأصول على طريقة الشافعية:
البرهان لإمام الحرمين الجويني.
المستصفى للغزالي.
المحصول للرازي
الإحكام للآمدي.
اللمع وشرحه والتبصرة للشيرازي.
قواطع الأدلة لابن السمعاني.
المنهاج للقاضي البيضاوي وشروحه مثل نهاية السول للإسنوي والإبهاج للتقي السبكي وأكمله ابنه تاج الدين.
مختصر ابن الحاجب وشروحه كشرح العضد وشرح ابن الحاجب (رفع الحاجب).
وكذلك كتاب الورقات لإمام الحرمين الجويني، وشروحه كشرح ابن الفركاح وشرح المحلي وشرحي العبادي على شرح المحلي، وشرح ابن قاوان المكي.
وأوسع شروحه وأجمعها - على حد بحثي واطلاعي - شرح المرابط الدلائي المسمى (المعارج المرتقاة إلى معاني الورقات)، وقد حقق مؤخرا في رسالتي ماجستير بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، نسأل الله أن ييسر طبعه.
ـ[أبو عبد الله الاحمد]ــــــــ[05 - 02 - 09, 02:14 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[هيثم زماعرة]ــــــــ[05 - 02 - 09, 02:17 م]ـ
ومن أفضل كتب الأصول كتاب شرح مختصر الروضة، فإنه امتاز بأسلوبه الممتع إضافة إلى رصانته العلمية
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
ـ[محمد العياشي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 03:10 م]ـ
و لا تنسوا جمع الجوامع لابن السبكي فلقد جمعه من زهاء مائة مصنف.
ـ[محمد قيلش]ــــــــ[19 - 02 - 09, 07:36 م]ـ
وهناك كتاب من أهم كتب أصول الفقه التي تعتمد الجمع بين الطريقتين هو كتاب التقرير والتحبير لابن أمير حاج الحلبي الحنفي شرح التحرير للكمال بن الهمام
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[19 - 02 - 09, 10:54 م]ـ
لماذا أغفلتم مختصر التحرير للفتوحي وشرحه؟
ـ[سامح رضا]ــــــــ[05 - 03 - 09, 07:50 م]ـ
لا تنسوا الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[05 - 03 - 09, 08:41 م]ـ
وأين نهاية الوصول للهندي
والبحر المحيط للزركشي؟
ـ[عبدالعزيز أبو عبدالله]ــــــــ[12 - 03 - 09, 10:14 ص]ـ
البحر المحيط للزركشي
حسبك به فإنه بحر كما رقمه صاحبه ...
ـ[أحمد راضي السلفي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 06:04 م]ـ
كتب الأصول المهمات أربعة - كما ذكرها ابن خلدون في مقدمته -:
- العُمَد للقاضي عبدالجبار
- المعتمد لأبي الحسين البصري
- البرهان لإمام الحرمين الجويني
- المستصفى للغزالي
وغالب الكتب التي جاءت بعدها فهي منها كالمحصول للرازي والإحكام للآمدي.
ـ[محمد قيلش]ــــــــ[24 - 03 - 09, 08:03 م]ـ
أيها الأحبة: السؤال الذي أورده الأخ السائل أبو عبد الله الأحمد هو عن الكتب الأمهات التي تهتم بنقاش المسائل دون التحيز إلى مذهب معين. وبعضكم يورد كتبًا فيها دفاع عن المذاهب أو الاتجاهات. فمثلاً كتاب الإحكام لابن حزم يذكر فيه أصول الاتجاه الظاهري مع تحيز واضح بل فيه من اللجهة القاسية شيء كثير. وكذلك الأخ أحمد راضي السلفي ذكر الكتب الأمهات في أصول الفقه والتي عليها مدار علم الأصول لكن كل مؤلفيها يدللون لمذاهبهم بقوة ويردون على مذاهب المخالف. فليست هي محل الجواب. ولو أن الأخ السائل سأل عن تطور علم الأصول لكان الجواب مختلفًا. وإنني عندما ذكرت كتاب التقرير والتحبير لابن أمير حاج فإنني قد راعيت حاجة السائل وذلك لأن الكمال بن الهمام رجح في عدة مواضع من كتابه التحرير رأي الشافعية مع أنه المحقق حيث أطلق في المذهب الحنفي. فالرجاء من الأخوة أن يكون جوابهم مراعيًا حاجة الأخ السائل. ولكم جميعًا التحية والتقدير.
ـ[محمد قيلش]ــــــــ[24 - 03 - 09, 08:06 م]ـ
وأما كتاب البحر المحيط فهو كتاب ماتع وهام جدًّا ولايظهر فيه على حد علمي أي انحياز لأي مذهب.(113/90)
من يتحفنا بالشمسية
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[29 - 01 - 09, 05:12 م]ـ
السلام عليكم
يا معشر الأخوة
من يرفع لنا بنظم الشمسية - ولو صور - ونحن نفرغه على ملف وورد
بالله عليكم من معه النظم فليرفعه(113/91)
القضاء يحتاج إلى أمر جديد
ـ[الترفاس رشيد]ــــــــ[31 - 01 - 09, 11:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي إشكال حول هذه القاعدة، الجمهور على أن من ترك فريضة كالعصر مثلا حتى خرج وقتها فإنه يقضيها لأنها باقية في ذمته، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يقضيها، لأن إلزامه بالقضاء يحتاج إلى دليل جديد.
فالسؤال: على ماذا اعتمد الجمهور في هذه المسألة؟؟
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[01 - 02 - 09, 12:49 ص]ـ
المسألة هي:
_ تارك الصلاة (عمداً) إذا خرج وقتها, هل يقضيها أم لا يقضي؟
الجمهور قالوا: يقضي ودليلهم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) قالوا: مادام أن الناسي والنائم يقضي, فالمتعمد من باب أولى ... والله أعلم ...
ـ[الترفاس رشيد]ــــــــ[06 - 02 - 09, 10:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا
لكني أريد المزيد من الأقوال حول هذه القاعدة
ـ[أبو أحمد الزبن]ــــــــ[26 - 03 - 10, 12:57 م]ـ
صورة القاعدة:
ما إذا أمر بصلاة الفجر في وقتها المعين لها، فلم يصلها حتى طلعت الشمس، فهل تسقط بذلك صلاة الفجر، ويتوقف وجوب قضاءها على أمر جديد؟؟ أو لا تسقط، و يجب قضاءها بالأمر الأول، الذي وجبت به صلاة الفجر في وقتها؟؟ أو يجب بقياس الشرع؟؟ انظر شرح مختصر الروضة 2\ 395
تحرير محل النزاع:
مسئلة القضاء هل هو بالامر الاول بالامر الجديد لها صورتان:
الصورة الاولى:
الامر المقيد، كما إذا قال: افعل في هذا الوقت، فلم يفعل حتى مضى.
الامر المطلق، وهو أن يقول افعل ولا يقيده بزمن.
ومحل انفراد الحنابلة هو في الصورة الاولى.
إرشاد الفحول للشوكاني 1\ 481
وقال عبدالعزيز: موضع الخلاف في القضاء بمثل معقول، فأما القضاء بمثل غير معقول فلا يمكن ايجابه إلا بنص جديد بالاتفاق. البحر المحيط2\ 404
الأقوال في المسئلة:
القول الأول: المأمور به لا يسقط بخروج الوقت، ويجب القضاء بالأمر الأول، وهو مذهب الحنابلة وأبو إسحاق الشيرازي و ابو بكر الحنفي و عبد الجبار المعتزلي انظر التحبير شرح التحرير 5\ 2260، حاشية البناني 1\ 382
القول الثاني: القضاء لا يجب إلا بأمر جديد وبه قال الجمهور.
انظر البحر المحيط 2\ 402
القول الثالث: القضاء يجب بقياس الشرع و به قال أبو زيد الدبوسي.
شرح مختصر الروضة 2\ 395
سبب الخلاف:
يرجع الخلاف إلى قاعدتين:
الاولى: هل الأمر المركب امر باجزاءه؟
الثانية: الامر بالفعل بوقت معين لا يكون إلا لمصلحة.
فمن لاحظ القاعدة الأولى قال القضاء بالامر الاول لانه اقتضى شيئين فإذا تعذر احدهما بقي الاخر، ومن لاحظ القاعدة الثانية قال القضاء بالامر الثاني لأنه إذا تعين الوقت لمصلحة فقد لا يشاركه الزمن الثاني في المصلحة.
انظر البحر المحيط 2\ 405
قال الطوفي: فتلخيص مأحذ المسالة أننا نقول الزاجب في زمن القضاء هو جزء الواجب في زمن الأداء، و الخصم يقول: هو غيره. شرح مختصر الروضة2\ 398
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول:
1 - الذمة اشتغلت بواجب للشرع ولم تبرأ منه إلا بالامتثال، وقد أجمعنا على أن الذمة مشغولة بالواجب المؤقت في وقته، و الأصل بقاء ما كان على ما كان.
ونوقش: بأن من ضروريات الفعل المعين وقته، وإلا لزم أن يجوز التقديم على ذلك الوقت المعين، واللازم باطل، فالملزوم مثله.
وأجيب: بأن الأمر المؤقت اقتضى وجود شيئين:
أحدهما: الواجب، وهو صلاة الفجر مثلا.
والثاني: إيقاع ذلك الواجب في ذلك الوقت المعين.
فإذا فات الوقت المعين بقي وجوب الإتيان بالفعل.
2 - القياس على الدين، فكما أن الدين لايسقط بترك تأديته في أجله المعين، بل يجب القضاء فيما بعد، فكذلك المأمور إذا لم يفعل في وقته المعين.
ونوقش: بالفرق بينهما بالاجماع على عدم سقوطه الدين إذا انقضى أجله، ولم يقضه من هو عليه، وبأن الدين يجوز تقديمه على أجله المعين بالاجماع، بخلاف محل النزاع فإنه لا يجوز تقديمه عليه بالإجماع.
وأجيب: بالاجماع على أن الذمة مشغولة بالواجب المؤقت، و الأصل بقاء ما كان على ما كان.
3 - قالوا: لو وجب بفعله بأمر جديد لكان أداءًا؛ لأنه أمر بفعله بعد ذلك الوقت المعين، فكان كالأمر بفعله ابتداءًا.
ونوقش: بأنه لابد في الأمر بالفعل بعد انقضاء ذلك الوقت من قرينة تدل على أنه يفعل استدراكاً لما فات، أما مع عدم القرينة الدالة على ذلك فما قالوه ملتزم ولا يضرنا و لا ينفعهم.
انظر شرح مختصر الروضة للطوفي2\ 396 - 397 وارشاد الفحول1\ 483
أدلة أصحاب القول الثاني:
1 - صيغة التأقيت تقتضي اشتراط الوقت في الاعتداد في بالمؤقت، فإذا انقضى الوقت فليس في الأمر بالقضاء أمر بالقضاء فلابد من أمر ثان.
ونوقش: بأن الأمر المؤقت اقتضى وجود شيئين:
أحدهما: الواجب، وهو صلاة الفجر مثلا.
والثاني: إيقاع ذلك الواجب في ذلك الوقت المعين.
فإذا فات الوقت المعين بقي وجوب الإتيان بالفعل.
وأجيب بأن الامر بالفعل بوقت معين لا يكون إلا لمصلحة.
2 - قالوا لو وجب القضاء بالأمر الأول لاقتضاه الامر الاول، ولو اقتضاه الامر الاول لكان أداءاً فيكونان سواءاً، فلا يأثم بالتأخير.
ونوقش: الامر المقيد بوقت أمر بايقاع الفعل في ذلك الوقت المعين، فإذا فات قبل ايقاع الفعل فيه بقي الوجوب مع نقص فيه، فكان ايقاعه فيما بعد قضاءاً.
وأجيب: بمنع بقاء الوجوب بعد انقضاء الوقت المعين.
انظر البحر المحيط2\ 402 ارشاد الفحول1\ 483
أدلة القول الثالث:
1 - الشرع لما عهد منه إيثار استدراك عموم المصالح الفائتة، علمنا من عادته بذلك أنه يؤثر استدراك الواجب الفائت في الزمن الأول بقضائه في الزمن الثاني، فكان هذا ضربا من القياس.
شرح مختصر الروضة2\ 395(113/92)
تعريف التكليف
ـ[احمد بن محمد]ــــــــ[01 - 02 - 09, 02:07 ص]ـ
قرأت أن التكليف هو:إلزام ما فيه كلفة، أي مشقة. (الشنقيطي في المذكرة).
وقد سمعت شيخا يستدرك على لفظة "مشقة" و ذلك لأن أوامر الله ليست فيها مشقة لقوله تعالى {و ما جعل عليكم في الدين من حرج}.
فهل قرأ أحدكم شيئا حول هذا في كتاب من الكتب أو سمعه من أحد الشيوخ؟
أفيدونا بارك الله فيكم.
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[01 - 02 - 09, 02:26 ص]ـ
قد اعترض شيخ الاسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم على اطلاق لفظة تكاليف على اوامر الله و نواهيه تجد ذلك عند شيخ الاسلام في الفتاوي في المجلد الاول و عند ابن القيم في شفاء العليل
و الحديث عن سبب ذلك و اصوله حديث طويل جدا فاصل المسالة ان الذين اطلقوا على الاوامر و النواهي مصطلح التكاليف هم جمهور الاشاعرة طردا لاصلهم في عدم تعليل افعال الله تعالى و زعمهم ان ما ثم الا الاراة المحضة المجردة عن اعتبار المصالح و الحكم
فاذا كانت افعال الله تعالى لا تعلل فاصل الاوامر و النواهي _على رأيهم_ ما هو الا تكليف محض عري عن النظر الى اي مصلحة او حكمة عائدة من ورائه فلذلك سموها تكاليف اي الزام ما فيه مشقة مع ان الحرج و المشقة لم ترد في الكتاب و السنة الا في مواضع النفي لا الاثبات
هذا باجمال .......... لو اردت المزيد فعليك بشفاء العليل لابن القيم لتربط المسألة بأصولها
بارك الله فيك و علمني و اياك
ـ[احمد بن محمد]ــــــــ[01 - 02 - 09, 03:28 ص]ـ
بارك الله فيك وزادك علما(113/93)
أي الصاحبيين أصوب في هذه المسالة؟
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[01 - 02 - 09, 06:29 م]ـ
قرأت هذا الحديث من مسند أحمد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -:
2317 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عُرْوَةُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى مَتَى تُضِلُّ النَّاسَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ مَا ذَاكَ يَا عُرَيَّةَ قَالَ تَأْمُرُنَا بِالْعُمْرَةِ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَد نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ عُرْوَةُ هُمَا كَانَا أَتْبَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَعْلَمَ بِهِ مِنْكَ.
وكنت قرأت في صحيح البخاري حديث عمران بن الحصين 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فأشكلت عليّ المسالة!.
فهل القول ما قال ابن عباس أم قول عروة رضي الله عنهم جميعا؟؟
ـ[معتصم المقدسي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 08:31 م]ـ
ما القول يا إخواننا؟
ـ[أبو تراب السلفى الاثري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 08:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الذى اعلمه أن المثبت يقدم على النافى *بن عباس أثبت وعروه نفى والمثبت مقدم لأن معه ذيادة علم
ـ[مؤمن محمد ناصر الدين]ــــــــ[06 - 02 - 09, 11:57 م]ـ
الأخ معتصم بارك الله فيك
لعلك تجد جوابا عليها في هذا الرابط
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/231.htm(113/94)
أريد مساعدتكم بسرعة في بحث حول الأحكام الشرعية
ـ[عبد الله المصري الأثري]ــــــــ[04 - 02 - 09, 07:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أريد مساعدتكم ببحث موضوعه (الأحكام الشرعية)
تعر يف الأحكام الشرعية وأقسامهاعند الأصوليين
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 12:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عليك بكتاب: "معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة " تأليف محمد بن حسين بن حسن الجيزاني.
وهو كتاب جيد يحوي فصلا خاصا عن الأحكام الشرعية وأقسامها عند الأصوليين سيفيدك بإذن الله تعالى.(113/95)
بحث عن كتاب في الأصول
ـ[ماجد الشيحاوي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 01:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الاخوة الكرم هل من الممكن الحصول على كتاب الحاصل و التحصيل للارموي في اصول الفقه بارك الله فيكم
وهل هو موجود على الشبكة
ـ[هيثم زماعرة]ــــــــ[05 - 02 - 09, 09:30 ص]ـ
أخي الحبيب كتابا الحاصل والتحصيل مطبوعان، الأول بتحقيق الدكتور عبد السلام محمود أبو ناجي، وقد طبعته مؤخرا دار المدار الإسلامي في ثلاث مجلدات، والثاني تحقيق الدكتور عبد الحميد علي أبو زنيد وقد طبعته مؤسسة الرسالة في مجلدين.(113/96)
أين أجد دراسة مفصلة في حكم الوضوء لمن لامس امرأة؟.
ـ[مؤمن محمد ناصر الدين]ــــــــ[05 - 02 - 09, 02:22 ص]ـ
أين أجد دراسة مفصلة في حكم الوضوء لمن لامس امرأة؟.
وحبذا لو دلني الإخوة على قول لابن تيمية أو ابن القيم رحمهما الله.
ـ[أبو عائشة اليماني]ــــــــ[08 - 02 - 09, 08:56 ص]ـ
يذكرها الشافعية في نواقض الوضوء وكلما كبر الكتاب كلما اتسع فيها البحث كالمجموع والتحفة وللعلم فالشافعية يفرقون بين اللمس والمس بثمانية فروق وأظن الذي تسأل عنه هو المس وليس اللمس فاللمس غير مختص بالمرأة عندهم
ـ[أبو عائشة اليماني]ــــــــ[08 - 02 - 09, 09:19 ص]ـ
وانظر هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19439
ـ[ليث بجيلة]ــــــــ[11 - 02 - 09, 01:54 م]ـ
ارجع للمطولات في الفقه مثل المغني والشرح الكبير والانصاف والفروع والمحلى وغيرها من المطولات في باقي المذاهب وكتب التفسير وآيات الأحكام
وإن كنت تريد رسالة مستقلة فلا أعلم أن أحدا أفردها بالتصنيف(113/97)
سؤال حول قاعدة: الأمر المطلق لا يتناول المكروه
ـ[احمد بن محمد]ــــــــ[06 - 02 - 09, 07:46 ص]ـ
أرجو من الإخوة الكرام إفادتي و التفصيل في هذه المسائل:
أولا: هل الكراهة في هذه القاعدة تشمل الكراهة التنزيهية و الكراهة التحريمية أم أنها تشمل الكراهة التحريمية فقط؟
ثانيا: إذا كانت الكراهة التنزيهية داخلة ضمن هذه القاعدة فهل من أمثلة صحيحة تبين ثمرة الخلاف؟
جزاكم الله خيرا(113/98)
من منكم وجد كلاماً للإمام الشافعي رحمه الله في المصالح المرسلة؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[09 - 02 - 09, 08:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اطلعت على ما نقله الجويني في البرهان عن الرسالة، لكنه ليس في النسخة المطبوعة، ثم إنه لم يشر إلى المصالح المرسلة في النسخة المطبوعة البتة، فهل عثر أحد منكم على كلام له في شيء من كتبه المطبوعة؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[10 - 05 - 10, 05:33 م]ـ
للرفع(113/99)
اصطلاحات الفنون في ميزان الكتاب
ـ[أبوالفضل المكي]ــــــــ[09 - 02 - 09, 11:13 م]ـ
ولايسوغ للناظر في الكتاب ان ينزل اصطلاحا جرى عليه الائمة في كتبهم
فمثلا المكروه في عرف الاصوليين له اصطلاح خاص عند ارباب النظر مايثلب فاعله ولايعاقب تركه واما في اطلاق الكتاب فهو الحرام بلامنازعة ففي سورة الاسراء (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) بعد ذكر القتل ............
وغلط من قاس هذا بهذا والله اعلم(113/100)
للمدارسة: أي التعريفين أصح في تعريف ((الأصل))؟
ـ[أبو شهاب الأزهري]ــــــــ[10 - 02 - 09, 06:07 ص]ـ
الحمد لله وحده.
عرّف بعض الأصوليين الأصل بأنه: ((المحل الثابت له الحكم الملحق به)).
وذهب بعض المعاصريين إلى أن هذا التعريف فيه حشو ويكفي أن نقول: ((المقيس عليه)).
فما رأيكم .. أي التعريفين أصح؟ أم أن كليهما صحيح؟ ولماذا؟
ـ[نجاح سلمان]ــــــــ[14 - 02 - 09, 08:43 م]ـ
ارى أن الاختلاف في تعريف الأصل هو خلاف لفظي يرجع إلى الاصطلاح فلا مشاحة فيهما، أو ان الخلاف يرجع إلى اللغة لأنه يجوز إطلاقه على كل ما ذكر والله اعلم.
ـ[الليث السكندري]ــــــــ[19 - 02 - 09, 07:19 م]ـ
الأول لتعريفه الماهية بخلاف الثاني(113/101)
هل هم من المسلمين المتعبدين؟
ـ[جلول سالمي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 12:25 م]ـ
إخوتي الكرام:
ورد إلي سؤال فكرهت أن أبادر بالإجابة عنه حتى آخذ آراءكم
ذلكم أن أحد المسلمين أوقف وقفا على المسلمين المتعبدين من طائفة معينة،
قسألني ناظر الوقف عن الصغار غير المكلفين، لكنهم مميزين مثل السن 12 و13 و14 هل يدخلون في شرط الواقف أم تنتفي عنهم صفة المتعبدين.
ساعدوني في هذا المبحث وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[12 - 02 - 09, 11:48 م]ـ
سؤالك غير واضح(113/102)
ما هو الفرق بين العادة و السنة
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 02:48 م]ـ
السلام عليكم لو رحمة الله و بركاته
إخواني في الله هل هناك عادة و سنة في الشرع
لأنه جاءنا أحد طلبة العلم فقال بأن الذي يطلق شعره إلى شحمة أذنيه أو منكبيه كما فعل رسولنا صلى الله عليه و سلم هاته ليست سنة بل عادة فقط بل في هذا الزمن هو من صفات الخوارج؟
و كذلك الخاتم نفس الشيء هو عادة ليس سنة.
أريد مكنم تفصيل لي هاته المسألة بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا
ما الفرق بين سنته و عبادته.
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 03:36 م]ـ
لعلّ هاذين المقطعين للإمام الألباني ـ رحمه الله ـ يفيدانك بإذنه سبحانه:
رقم الشريط: 176
رقم الفتوى: 02
الفتوى: 2 - الفرق بين سنة العادة وسنة العبادة. (00:06:02)
من هنا ( http://www.alalbany.name/audio/176/176_02.rm)
رقم الشريط: 367
رقم الفتوى: 02
الفتوى: 2 - ما هو الضابط الشرعي للتفريق بين سنة العادة و سنة العبادة؟ (00:10:17)
من هنا ( http://www.alalbany.name/audio/367/367_02.rm)
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 03:50 م]ـ
سلَّم الله يديك على نقلك أخي في الله
فلقد نفعتني كثيرا بهذا المرجع القيم
و لو تكرمت علي بمرجع أرجع إليه ككتب في هذا الباب حتى أجمع كل الأدلة بارك الله فيك
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[10 - 02 - 09, 04:17 م]ـ
لعل هذا يفيد أيضا:
ما الفرق بين سنة العبادات وسنة العادات؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=159486)
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 07:15 م]ـ
و لو تكرمت علي بمرجع أرجع إليه ككتب في هذا الباب حتى أجمع كل الأدلة بارك الله فيك
وقفتُ على رسالة بعنوان: (إغاثة الطالب لنيل أعلى المطالب، قواعد وتوجيهات لطلاب العلم) تأليف: أبو رائد سعود بن صالح المالكي .. (رفعتُها بالمرفقات)
تكلّم ـ فيها ـ صاحبُها عن مسالة التفريق بين العادة و العبادة في أفعال النبيّ صلى الله عليه و سلم ..
وذلك في (فصل: الحثّ على التأسّي بالنبيّ صلى الله عليه وسلم) الصّحيفة: 67
وكذا في (فصل: التّفريق بين السّنّة والبدعة) الصّحيفة: 72
وممّا جاء فيها:
يقول الله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} وأمر طالب العلم بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى تأكيد، فإن هذا الأمر من أهم المقاصد التي يُطلب العلم من أجل تحقيقها كما مر معنا.
ولكن أردت هنا التأكيد على مسألة مهمة يغفل عنها كثير من طلبة العلم، ذلك أن التأسي ينبغي أن يكون في القصد وصورة الفعل، فإذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم أمراً على وجه الوجوب فلا يجوز لنا أن نفعله على وجه الندب مثلاً، فكما أننا اشترطنا الموافقة في صورة الفعل فلا بد من اشتراط الموافقة في القصد والنية. وبهذا يظهر خطأ من قال: إن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة ولو لم يظهر فيها وجه القُربة، فإنه يثبت بها حكم الندب وأنها تكون سنَّة، مثلها مثل باقي السنن المتفق عليها.
لكن لو فرَّق بين سنَّة العادة وسنَّة العبادة حصل المطلوبكما سيأتي تحقيق ذلك.
وعدم التفريق يحصل به المحذور التالي: إن في هذا القول تهويناً لأمر السنن، فقد كان من هدي سلف الأمة الحرص على فعل السنن، فإذا وصفنا كل فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سنَّة لدخوله تحت قوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فحينئذ يندر أن تجد أحداً يستطيع أن يطبق السنَّة بهذا المعنى في كل أموره، ولا يخفى أن في هذا انتقاصاً للأمة.
ومحذور آخر يلتزمه من لم يفرق بين سنَّة العادة وسنَّة العبادة وهو أن ما داوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون حجَّة عنده في بيان أن ما خالفه يكون بدعة كما سيأتي في فصل لاحق.
فقول من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط ولم يأكل متكئاً محتجاً به على عدم دلالة المداومة منه صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور يقال له هذا من سنن العادة، وليست من سنن العبادة. ولو لم نفرق بين سنَّة العبادة وسنَّة العادة لم يكن لنا حجَّة في مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على فعل أمر ما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/103)
وهذا الذي ذكرناه من التفريق بين سنَّة العادة وسنَّة العبادة عليه جمهور العلماء من السلف والخلف وهو الذي تدل عليه الأدلة والآثار.
ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم:
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أبي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: (أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشْيَ أَرْبَعَةِ أَطْوَافٍ أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أنه سُنَّةٌ قَالَ: فَقَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ قُلْتُ مَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ إن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْركُونَ أن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لا يَسْتَطِيعُونَ أن يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزَالِ وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ قَالَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يَرْمُلُوا ثَلاثًا وَيَمْشُوا أَرْبَعًا قَالَ قُلْتُ لَه أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أنه سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ قُلْتُ وَمَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ: إن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّدٌ هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ ومَشى وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ)
وجاء عند أبي داود وقد أورده شيخنا في صحيح سنن أبي داود:
(قُلْتُ وَمَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا قَالَ صَدَقُوا قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ .... قُلْتُ مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا قَالَ صَدَقُوا قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرِهِ وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ)
والشاهد قوله ليس بسنَّة، وفي هذا بيان أن الصحابة كانوا يفرِّقون بين ما يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بقصد القربة، وما يفعله لقصد آخر. إلا أنه قد جاء عن ابن عباس ما يدل على تغَّير اجتهاده في مسألة الرمل، وهو قوله (فكانت سنَّة) كما عند أبي داود ومثله جاء عن عمر، وكان ذلك فيما يظهر بسبب أدلة أخرى، من ذلك أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في حجة الوداع، وقد زال السبب الذي من أجله رمل في عمرة القضاء. يدل على ذلك ما جاء في حديث جابر عند مسلم:
(فَرَمَلَ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ نَفَذَ إلى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ) ...
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 09:24 م]ـ
لعل هذا يفيد أيضا:
ما الفرق بين سنة العبادات وسنة العادات؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=159486)
سلمت يمناك أخي نقل مبارك مفيد
جعله الله لك في الموازين و اللهم آمين
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 09:29 م]ـ
حقا ما قصرت معي يا أبا عمر
و نفعتني كثيرا أيها الطيب
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 09:59 م]ـ
حقا ما قصرت معي يا أبا عمر
و نفعتني كثيرا أيها الطيب
العفو أخي الكريم ..
و ما أنا إلا ناقِلٌ.
وفّقَني اللهُ و إياكَ لِمَا يُحِبُّ و يَرضى.
ـ[أبو جابر]ــــــــ[01 - 03 - 09, 09:36 ص]ـ
لعلّ هاذين المقطعين للإمام الألباني ـ رحمه الله ـ يفيدانك بإذنه سبحانه:
رقم الشريط: 176
رقم الفتوى: 02
الفتوى: 2 - الفرق بين سنة العادة وسنة العبادة. (00:06:02)
من هنا ( http://www.alalbany.name/audio/176/176_02.rm)
رقم الشريط: 367
رقم الفتوى: 02
الفتوى: 2 - ما هو الضابط الشرعي للتفريق بين سنة العادة و سنة العبادة؟ (00:10:17)
من هنا ( http://www.alalbany.name/audio/367/367_02.rm)
اخي الكريم بارك الله فيك
كلام الشيخ الالباني غاية في الروعة والوضوح(113/104)
هل الأصول شرح للورقات؟
ـ[محمود عبد اللطيف]ــــــــ[16 - 02 - 09, 06:30 م]ـ
ذكر الشيخ أبو عمر العتيبي هذه المعلومة على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=983538#post983538
2- ( الأُصول من علم الأُصول) للشيخ ابن عثيمين، فإنه في الواقع شرح للورقات مختصرٌ
فهل من زيادة توتيق لهذه المعلومة وهل تتبع أحد مسائلهما وقارن بينهما.(113/105)
"النّصح المبذول لقرّاء سلّم الوصول" للشيخ محمد بن عبد الرحمن المسيلي شرح نظمه للورقات المسمّى "سلّم
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[16 - 02 - 09, 07:35 م]ـ
"النّصح المبذول لقرّاء سلّم الوصول" للشيخ محمد بن عبد الرحمن البوسعادي الجزائري شرح نظمه للورقات المسمّى "سلّم الوصول إلى الضروري من الأصول"
من يعينني في إيجاد الكتاب مخطوطا كان أم مطبوعا، وقد وضع أحد الإخوة مخطوطا له غير أنه مخروم من آخره
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?goto=newpost&t=27223
ـ[أحمد سعيد سالم]ــــــــ[06 - 03 - 09, 05:09 م]ـ
للرفع
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[17 - 03 - 09, 08:50 ص]ـ
حمل/كتاب مجموع فيه من نوادر تراث المالكية
هدية إلى إخواننا عامة وإلى المالكية خاصة وأخص بالذكر أخانا أبا عبد البر المالكي ..
مجموع فيه من نوادر الفقهالمالكي
-النصح المبذول لقراء سلم الوصول
-المناظرة بين العلموالجهل
-شرح غرامي صحيح ليحيى عبد الرحمان القرافي من علماء القرنالعاشر
-الغاية القصوى في الكلام على آي التقوى لبن الفاكهاني
-شفاء الصدربرأي المسائل العشر. للعلامة محمد بن علي السنوسي1276.
الكتاب من مطبوعات دار ابنحزم بعناية محمد بن شايب شريف الجزائري.
وللأمانة بارك الله فيكم الكتاب ليس من تصويري ولا من رفعي فقد أرسله إلي أحد الإخوة أحسن الله إليه فأحببت أن يعم به النفع ... فدعواتكم لمن تعب في تصويره ورفعه، وأرجو أن تنالني بركة تلكم الدعوات فالدال على الخير كفاعله
http://www.ziddu.com/download/3890971/ مجموع فيه من نوادر تراث
المالكية. pdf.pdf.html
__________________
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[17 - 03 - 09, 08:56 ص]ـ
تنبيه مهم:
فيما يخص النصح المبذول
ذكر الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي حفظه الله ما يلي:
لم تتجاوز العناية بهذا الكتاب سوى طبعه مَرَّتين اثنتين كُلُّ طبعة جاءت بتحقيق مختلف عن الآخر إحداهما هي:" طبعة القارئ"، والأخرى هي:" طبعة دار ابن حزم"، وكان من المؤمَّل أن تكون طبعة ابن حزم هي الخيار لأنّ محققها قد اعتمد على ثلاث نسخ خطيّة إلاّ أنّه أشبه ما يكون بمحقق أقلق النَّصَ بكثرة أخطائه،وليست القراءة السَّابرة كالقراءة العابرة، فقد كنت أظن لأول وَهْلَةً أنّ هذه النّسخة التي جاءت محققةً على ثلاث نُسَخٍ خطيّة هي أولى بأن تكون القراءة فيها فما أن فحصتها حتى تبين أنّ الرجوع إلى النّسخة القديمة التي خرجت عن نُسخة وحيدة خطيّة هي أولى، ولذلك كانت هي المعتمدة في دفعها إلى التصوير ومنها جُعلت مذكرة الدرس.
__________________
ـ[أحمد سعيد سالم]ــــــــ[17 - 03 - 09, 03:05 م]ـ
هناك مشكلة في التحميل, أرجو منك استخدام موقع آخر وجزاك الله خيرا
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[17 - 03 - 09, 03:30 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=166024(113/106)
ابحث عن تشجير لاختصار مباحث اصول الفقه
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[18 - 02 - 09, 02:14 م]ـ
السلام عليكم
ابحث عن تشجير - او شكل - لاختصار مباحث اصول الفقه حيث كانني رايت واحدة منها في هذا المنتدى لكن بحثت ولم اجد شئيا ... فهل من يساعد في ذلك. وبارك الله فيكم
ـ[سعد بن ثقل العجمي]ــــــــ[21 - 02 - 09, 11:51 م]ـ
هناك مؤلف لطيف للدكتور ياسر بن الشيخ الفقيه عجيل النشمي
فيه ما أردت من تشجير وغيره
موفق
ـ[عمر الحيدي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 03:43 م]ـ
هنا تجد مرادك نسالكم الدعاء
http://amer1404.jeeran.com/categories/ أصول_الفقه/
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[22 - 02 - 09, 06:23 م]ـ
هناك مؤلف لطيف للدكتور ياسر بن الشيخ الفقيه عجيل النشمي
فيه ما أردت من تشجير وغيره
بارك الله فيكم .. هل اجد هذا الكتاب على الانترنت؟
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[22 - 02 - 09, 06:26 م]ـ
هنا تجد مرادك نسالكم الدعاء
http://amer1404.jeeran.com/categories/ أصول_الفقه/
اثابك البارئ خير الجزاء.
الموقع المشار اليه ليس فيه الا بعض المباحث القليلة المتعلقة باصول الفقه وليس كلها .. وان كنت لازلت ابحث عى تشجير كامل.
بارك الله فيكم
ـ[عبدالله محمود الأحمد]ــــــــ[24 - 02 - 09, 09:27 م]ـ
طبع مؤخرا في دار النفائس الأردنية تشجيرا لكتاب روضة الناظر لابن قدامة رحمه الله، ومؤلف الكتاب: د. عماد علي جمعة.
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[04 - 03 - 09, 01:13 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا .. وارجو ان اوفق للحصول على مثل هذا التشجير ان شاء الله.
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[04 - 03 - 09, 09:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[صالح محمد العجمي]ــــــــ[11 - 02 - 10, 07:08 م]ـ
تشجير روضة النظر لإبن قدامة رحمه الله
د. عماد علي جمعة
دار النفائس للنشر والتوزيع
http://www.up-00.com/code.php?load=thumbinal&num=12803936.jpg (http://www.up-00.com/Feb10/12803936.jpg)
ـ[أبو عبد الرحمان القسنطيني الجزائري]ــــــــ[12 - 02 - 10, 10:37 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(113/107)
الكتاب الذي جمع فيها ابن دقيق العيد المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها
ـ[أبو صبري]ــــــــ[18 - 02 - 09, 07:01 م]ـ
السلام عليكم و رحة الله
بارك الله فيكم
أبحث عن الكتاب الذي جمع فيها ابن دقيق العيد المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها
جوزيتم خيرا(113/108)
الكتاب الذي جمع فيها ابن دقيق العيد المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها
ـ[أبو صبري]ــــــــ[18 - 02 - 09, 07:07 م]ـ
السلام عليكم و رحة الله
بارك الله فيكم
أبحث عن الكتاب الذي جمع فيها ابن دقيق العيد المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها
جوزيتم خيرا
ـ[إياد الطباع]ــــــــ[01 - 03 - 09, 05:54 م]ـ
الذي أعلمه أنّ هذا الكتاب من المخطوطات المفقودة
ـ[عبد الرحمن العدناني]ــــــــ[17 - 05 - 10, 03:50 ص]ـ
هل من جديد عن هذا الكتاب(113/109)
شرح روضة الناظر تحقيق د. حمزة الفعر
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[20 - 02 - 09, 04:40 ص]ـ
لقد بحثت عن هذا الشرح فلم أجده
ولعل اسمه نزهة الخاطر شرح روضة الناظر تحقيق د. حمزة الفعر
أين أجده؟؟(113/110)
تنبيه الفقيه وتفقيه النبيه - عرض فقهي على الباوربوينت
ـ[عمر الحيدي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 03:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك العلام، ذي الجلال والإكرام، والصلاة والسلام، على سيد الأنام، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه الكرام، أما بعد:
فإن علم الفقه من أجل العلوم، وأشرف المعارف؛ به تُعرف الأحكام، ويتميّز الحلال من الحرام. وقد تتابع الأئمة على تحصيلِه وتأصيلِه، وشرحه وتفصيله، فلا يحصى كم كتب فيه من المتون والمختصرات، والشروح والمطوّلات، وكانوا يخدمونه بكل ما أتيح من وسائل، ويقرّبونه لكل طالب وسائل، كلٌ بحسب قدرته وما يناسب عصرَه ومصرَه.
وإيمانًا منّي بأنّ لكل عصر دولتُه ورجالُه، ولغتُه وكتبُه ومقالُه، اعتزمت على كتابة في الفقه باختصار، بلغة من لغات هذه الأعصار، ألا وهي "العرض التقديمي- باوربوينت" تقريبا للصغار، وتسهيلا على من أراد شرحه من المشايخ والكبار.
وقد أسميتُ هذا المتن (العرض) بـ"تنبيه الفقيه وتفقيه النبيه".
منهجي في العرض.
ويتلخص فيما يلي:
• الإشارة والاختصار، بحيث يكون هذا العرض مقدّمة للإلمام بالخطوط العريضة في الفقه دون تفصيل في التفريع.
• الاقتصار على قول واحد، وهو المعتمد في مذهب الحنابلة المتأخرين.
• سرتُ في الترتيب الرئيسي –غالبا- على ترتيب ابن عبد الهادي في كتابه المطبوع باسم "فروع الفقه"، ولم ألتزم بهذا التزاما تاما.
• اختصرتُ أكثر في الأبواب التي تقل الحاجة إليها أو التي لا يحتاجها إلا قليل منهم.
• رتبتُ العرض على طريقة التشجير، بحيث يكون التنقل فيه سهلا وسلسا.
• حرصتُ على أن يكون البدء بالكليات قبل الدخول في الجزئيات، وبالإجمال قبل الدخول في التفاصيل.
تنابيه:
1. هذا العرض كالمتون الفقهية المختصرة التي لا تفيد آحاد الطلبة إلا بشرح من شيوخهم، فلا يظن أنه يغني عن الشيوخ البتة.
2. لا مانع من إجراء تعديلات شكلية في العرض وتطويره فخبرتي في الحاسب أقل من خبرة غيري، لكن آمل ممن أجرى أي تعديل شكلي أن يبلغني به على البريد الإلكتروني ويرسل لي نسخة من العرض المعدّل وله الدعاء.
3. لا أستغني عن ملاحظات أي متصفح للعرض، سواء كانت شكلية، أم علمية أم غيرها وذلك على الإيميل: amfb1428@ gmail. com
وأحمد الله أولا وآخرا على توفيقه وتيسيره، وأسأله أن ييسر لي إكمال بقية المشاريع العلمية في تقريب الفقه لمريديه بلغة العصر.
وأخيرًا فهذا جهد المقل، أسأل الله أن يجعله متقبّلا عنده وعند عباده وأن ينفعني به في الدارين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عامر بن بهجت
محاضر الفقه بالمعهد العالي للأئمة والخطباء-جامعة طيبة
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-2291/index.html
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 10:06 م]ـ
جزاك الله خيرًا
ـ[محمد مبروك عبدالله]ــــــــ[22 - 02 - 09, 10:46 م]ـ
أخي:
لماذا لم ترفع الملف هنا بدلا من الدخول إلى موقع آخر يتطلب التسجيل حتى يرينا الرابط؟
أحسن الظن بك.
نرجو تفضلا منك أن ترفع الملف لإخوانك في ملتقى أهل الحديث فهم في شوق لرؤية عملك
أسأل الله أن يتقبله منك.
ـ[أبو طلحة الحضرمي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 12:37 ص]ـ
أستأنك أخي الكريم برفع الملف
ولكن الخط في العرض غير واضح؟
ـ[عمر الحيدي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 01:43 ص]ـ
الاخ الفاضل العمل ليس عملي بل اسم صاحب العمل مدون في اخره وانا وضعت رابط للموضوع للامانة العلمية(113/111)
إشكال في تعريف السبب
ـ[كتبي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 04:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكل علي أمر في تعريف السبب عند أهل الأصول: فقد جعلوا عدمه لازما لعدم الحكم (ما يلزم من عدمه العدم)
لكن أليس الحكم الواحد قد تتعدد أسبابه؟ فإن عدم سبب ووجد آخر بقي الحكم ...
فإن قلنا: دخول رمضان سبب في وجوب الصوم على المكلف، لكن ولو عدم هذا السبب فقد يجب الصوم (مثل لو لزمه صيام بنذر)
فرمضان سبب، لكن ومع عدمه وجد الحكم فلم يلزم من عدمه العدم
فهل من توضيح - جزاكم الله خيرا؟
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[22 - 02 - 09, 10:32 م]ـ
السبب في المثال الأول دخول رمضان، و في الثاني النذر.
فالسببان مختلفان أصالة فأين محل الاشكال؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[22 - 02 - 09, 11:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكل علي أمر في تعريف السبب عند أهل الأصول: فقد جعلوا عدمه لازما لعدم الحكم (ما يلزم من عدمه العدم)
لكن أليس الحكم الواحد قد تتعدد أسبابه؟ فإن عدم سبب ووجد آخر بقي الحكم ...
فإن قلنا: دخول رمضان سبب في وجوب الصوم على المكلف، لكن ولو عدم هذا السبب فقد يجب الصوم (مثل لو لزمه صيام بنذر)
فرمضان سبب، لكن ومع عدمه وجد الحكم فلم يلزم من عدمه العدم
فهل من توضيح - جزاكم الله خيرا؟
انتبه:
دخول رمضان سبب لوجوب صيام رمضان.
فالحكم هو: وجوب صيام رمضان، وليس وجوب الصيام.
والفرق أن الثاني جنس والأول نوع من أنواع هذا الجنس، ومن أنواعه الأخرى صيام النذر.
فالصيام الواجب أنواع:
1 - صوم رمضان.
2 - صوم النذر.
3 - صوم الكفارة.
وما كان سبباً لأحد هذه الأنواع يلزم من وجوده وجود هذا النوع ومن عدمه عدم هذا النوع.
ـ[العنود المطيري]ــــــــ[23 - 02 - 09, 06:34 م]ـ
هل المثال هاهنا منطبق على السبب (أعني دخول رمضان)، ألا يمكن أن يقال أن دخول رمضان شرط للصيام لا سبب، وذلك أنه يلزم من عدمه العدم ولكن لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، كما لو دخل الوقت على صاحبة عذر فإنه لا يجب في حقها الصيام ..
فالسبب: هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته.
والشرط: هو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
فهل ما لحظته صحيحاً، أرجوا التوضيح بارك الله فيكم ..
ـ[حذيفة الفلسطيني]ــــــــ[23 - 02 - 09, 10:04 م]ـ
السلام عليكم:
دخول رمضان هو سبب لصيام نهار رمضان، وليس بشرط أخي العزيز، وإلى هذا ذهب أهل العلم،
أمّا أنّه هناك اشكال في مسألة صيام النذر فما شرحه الأخوة هو صحيح فلا اشكال في الموضوع والله أعلم.
ـ[أبو الشيماء]ــــــــ[01 - 03 - 09, 04:09 م]ـ
هل المثال هاهنا منطبق على السبب (أعني دخول رمضان)، ألا يمكن أن يقال أن دخول رمضان شرط للصيام لا سبب، وذلك أنه يلزم من عدمه العدم ولكن لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، كما لو دخل الوقت على صاحبة عذر فإنه لا يجب في حقها الصيام ..
فالسبب: هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته.
والشرط: هو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
فهل ما لحظته صحيحاً، أرجوا التوضيح بارك الله فيكم ..
من خلال تعريف الشرط فإنه يتعارض مع هذا القول:
((ألا يمكن أن يقال أن دخول رمضان شرط للصيام، لا سبب))
لإن الجزء الأخير من تعريف الشرط هو: ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
مثل الطهارة: شرط لصحة الصلاة فعدمها يلزم منه عدم صحة الصلاة، ووجود الطهارة لا يلزم منه وجود عبادة الصلاة، فقد يتطهر المسلم في غير وقت الصلاة وتكون طهارته صحيحة.
أما القول: ((كما لو دخل الوقت على صاحبة عذر فإنه لا يجب في حقها الصيام .. ))
فالأصل أنها مطالبة بالصيام ولكن بسبب المانع في المرأة (وهو الحيض) فإنها لا
تطالب بالصيام مع وجود المانع.
وتعريف المانع: هو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم.
فالحيض مانع من عبادة الصيام، ولا يلزم من عدم الحيض وجود الصيام ولا عدمه.
والله أعلم.
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[01 - 03 - 09, 11:49 م]ـ
والفرق أن الثاني جنس والأول نوع من أنواع هذا الجنس، ومن أنواعه الأخرى صيام النذر.
.
التعبير بالفرد مقابل الجنس أمثل.
و الله أعلم
ـ[النقاء]ــــــــ[06 - 03 - 09, 03:29 ص]ـ
و لعل هذه العبارة توضح العلاقة بين هذه المصطلحات الأصولية، و هي أن الأصوليين يقولون عن العبادة الواجبة (كصيام رمضان مثلا):
((إذا انعقد سبب وجوبها فلا يخاطب بها المكلف حتى تتوفر الشروط و تنتفي الموانع))
فدخول رمضان سبب، و البلوغ (مثلا) شرط، و الحيض (مثلا) مانع
و هذا فائدة القيد (لذاته) في تعريف السبب يعني بغض النظر عن اعتبارات أخرى، لأنه عند اعتبار انتفاء الشرط أو وجود المانع لا ينتج عن مجرد السبب الوجوب. لأنه يدخل رمضان على الصغير فلا يخاطب بوجوبه، و يدخل على الحائض فلا تخاطب بوجوب الصيام أداء أثناء العذر، و يدخل على المسافر فيمنع السفر من تحتم الطلب إلى السهولة مع أن العلة و هي (دخول رمضان) باقية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/112)
ـ[كتبي]ــــــــ[07 - 03 - 09, 06:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، وضح الأمر،
وجزاكم الله تعالى خير جزاء على هذه الفوائد الجمة(113/113)
نهى الكراهة و نهى التحريم .. للمباحثة
ـ[صلاح الدين حسين]ــــــــ[22 - 02 - 09, 07:54 م]ـ
سؤالى بارك الله فيكم هو عن تفريق الفقهاء بين نهى النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن بعض الأمور فى أبواب الآداب العامة أنه للكراهة و إن لم توجد قرينة صارفة و بين قول الظاهرية أن الأمر لوجوب فى كل الاوامر ما لم يوجد قرينة تصرفه للأستحباب.
مثال ذلك حديث النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه و لا يتمسح من الخلاء بيمينه" فقال الجمهور بكراهة مس الذكر باليمين لأنه من الآداب العامة التى لا يقتضى النهى فيها التحريم,
أما قول الظاهرية و جمهور الحنابلة على انه للتحريم و لا فرق بين النهى عن أمور هى من الآداب العامة أو من غيرها.
و الآداب العامة كآداب قضاء الحاجة و الأكل و الشرب.
فما القول الصحيح فى هذه المسألة جزاكم الله خيرا.(113/114)
إقامة الحدود في بلاد غير إسلامية
ـ[أبو محمد سيلاني]ــــــــ[22 - 02 - 09, 08:00 م]ـ
نحن نعيش في بلاد غير إسلامية ولكن لنا حرية تامة على إقامة شعائر الإسلام وهل يجوز لنا إقامة الحدود الشرعية مثل حد الزنا وحد السرقة؟ ما هي ضبوابط إقامة الحدود؟ أفيدونا تؤجروا
ـ[مدارج]ــــــــ[01 - 03 - 09, 09:57 ص]ـ
هذا الموضوع كبير ...
وعليكم بسؤال العلماء الأكابر ...(113/115)
استفسار حول رواية الصحابي وفعله وأثرهما في الأحكام
ـ[سعد بن ثقل العجمي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 11:53 ص]ـ
السلام عليكم
استفساري ـ أعزكم الله بدينه ـ هو أني قد طلب من بحث بعنوان (رواية الصحابي وفعله وأثرهما في الأحكام)
وقد ذهب ظني بي إلى أن المقصود بالبحث هو المسألة المعروفة: مخالفة الصحابي للحديث الذي رواه.
وسؤالي: هل ظني في محله؟ أم أن موضوع البحث شيء آخر غير الذي ظننت
وكذلك: هل المقصود بـ (وأثرهما في الأحكام) أن أذكر أمثلة من مخالفة بعض الصحابة لبعض ما رووه وانعكاس ذلك على آراء العلماء من حيث قبولهم لدلالة هذه الروايات أو اعتبار نسخها إن كانت من قبيل الآحاد كما هو الحال عند الحنفية
فهل فهمي لهذه الجزئية من البحث كذلك في محله؟
فإني متردد في البدء بالبحث وأخشى أن أبنيه أساس متضعضع! ويكون المقصود بالبحث أمرٌ آخر لم أتنبه له أو أعلمه؟
لا عدمنا فضلكم وبانتظار جوابكم
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[23 - 02 - 09, 02:49 م]ـ
لست على شرطك في العنوان (أهل الأصول) .. لكن المسألة واضحة جدا فبحثك الذي طلب منك هو أوسع مما ظننت فإن فعل الصحابي قد يكون فيه مخالفة وقد يكون فيه تفسير وقد يكون غير ذلك والعلم عند الله
ـ[سعد بن ثقل العجمي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 02:39 م]ـ
بارك الله فيك أخي الأثري
لم تزد ترددي إلا ترددا
فحبذا من يزيله من الكرام(113/116)
ما معنى قولهم:وأما ما تتوقف صحة فعله على نية ففيه الثواب وإم لم ينو الامتثال
ـ[الترفاس رشيد]ــــــــ[24 - 02 - 09, 12:22 ص]ـ
جاء في كتاب نثر البنود على مراقي السعود ص: 29:
وأما ما تتوقف صحة فعله على نية ففيه الثواب وإم لم ينو الامتثال.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 02:21 ص]ـ
يعني -والله أعلم- أن نية العمل كافية ولا يشترط نية الامتثال، كمن ينوي التوكل على الله عز وجل؛ فإنه يكفيه هذا في نيل الثواب، ولا يشترط أن ينوي امتثال الأمر بالتوكل.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 02:22 ص]ـ
(نشر البنود) بالشين.(113/117)
هل كتب عن آراء أبي بكر الباقلاني
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[24 - 02 - 09, 03:10 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل كتب أبي بكر الباقلاني في الأصول مطبوعة و إذا لم تكن مطبوعة هل هناك بحوث مستقلة في استخراج آرائه الأصولية.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[24 - 02 - 09, 03:49 م]ـ
طبعت له مؤسسة الرسالة الجزء الموجود من الإرشاد الصغير في ثلاث مجلدات.
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[25 - 02 - 09, 10:19 ص]ـ
طبعت له مؤسسة الرسالة الجزء الموجود من الإرشاد الصغير في ثلاث مجلدات.
جزاكم الله خيرا
هل من توضيح و بيان لموضوع الكتاب و هل و في أصول الفقه؟؟ أم في غيره من العلوم؟؟
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[25 - 02 - 09, 01:24 م]ـ
هو من أشهر كتب الباقلاني في الأصول لكنه غير كامل.(113/118)
هل يُفرض النّفل عند الشروع؟
ـ[زيد عبد القادر اْبو اْحمد]ــــــــ[25 - 02 - 09, 03:56 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سمعت هذه القاعدة من أحد المشايخ هنا في "إفريقية" فقال في ما معناه أن النفل يُفرض عند الشروع أو للشروع - إن لم أكن متوهما - واستطردَ مثالا لذلك في صيام التطوُع .. أي أنه إذا عزم الصوم نافلةً ثم شرع في صومه فقد فُرض في حقه هذا الصوم، فيَلزَمُ من نقضه عمدًا القضاء ...
فهل من ظابط لهذه القاعدة؟
وهل قال غير المالكية بها؟
أفيدونا أفادكم الله ..
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[26 - 02 - 09, 02:08 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
أقوال العلماء في قطع النفل بعد الشروع فيه:
قال رحمه الله: [ولا يلزم في النفل]. أي: إذا صام الإنسان صوم نفل فهل يلزمه بمجرد شروعه في صوم النفل أن يتمه أو لا يلزمه الإتمام؟ قولان عند العلماء رحمة الله عليهم، وتعرف هذه المسألة عند أهل العلم رحمهم الله بمسألة: الشروع في النوافل، وأوردوا عليها السؤال المشهور: هل الشروع في النوافل يصيّرها فرائض أو لا؟ فذهب طائفة من العلماء إلى أن الشروع في النوافل يصيرها فرائض. وذهب طائفة من العلماء إلى أن الشروع في النوافل لا يصيرها فرائض. ومحل الخلاف: إذا بدأ الإنسان بالنافلة. ومن أمثلة ذلك: لو أن إنساناً أحرم بنافلة في الضحى مثلاً، فإنه لا يجب عليه إتمامها، فلو أنه عرض له العارض فسلَّم منها ومضى، فإنه لا حرج عليه على القول الثاني، وأما على القول الأول فيأثم؛ لأن الشروع فيها ملزم بإتمامها، وهكذا في الصوم، فمن شرع في صوم نافلة كأن يصوم الإثنين والخميس، ثم طرأ عليه ما يوجب فطره من غير عارض لازم، فلم يكن ذلك لمرض أو عذر، فعلى القول بأن الشروع في النوافل يصيرها فرائض لا يجوز له الفطر، ويجب عليه أن يتم صوم ذلك اليوم، وعلى القول بأن الشروع في النوافل لا يصيرها فرائض، فإنه لا يجب عليك الإتمام، فإن شاء أفطر، وإن شاء أتم، وهو الصحيح. والدليل على جواز فطرك في صوم النافلة إذا شرعت فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المتطوع أمير نفسه) فدل هذا الحديث على أن الخيار لمن تطوع، ولكن الأفضل والأكمل للمسلم إذا بدأ خيراً أن لا يقفل بابه على نفسه، ولذلك ينبغي للمسلم دائماً أن يحرص على شكر نعمة الله عليه بالطاعة، فأي عمل خير يفتحه الله عليك من نافلة أو بر فلا تقطعه ما استطعت لإتمامه سبيلاً. وهذه المسألة يقع فيها بعض الأخيار خاصةً، إذا عرضت لهم أمور فيها خير ومصلحة، فتجد الإمام يتقدم بالناس ويؤمهم أو يعظهم ويخطب فيهم، فقلّ أن تجد الشيطان يترك مثل هذا، فيأتيه من باب الخير فيسوّل له ترك هذا العمل، أو الإعراض عنه بحجة الاشتغال بغيره. وهذا لا شك أنه يقفل على نفسه باب الخير، ويحرم نفسه من خير عظيم، وهكذا إذا فتح الله عليك باب خير في دعوة أو بر أو قربة ونحو ذلك مما يحتسب فيه الأجر عند الله، إياك أن تكون سبباً في قفل باب الخير عليك! فلو كنت مشتغلاً بالصدقات وتفريج كربات المسلمين وستر عوراتهم، فجاءك الشيطان وقال لك: اترك هذا، وأقبل على كذا وكذا؛ فانظر رحمك الله في أمرك؛ وارجع إلى العلماء ولا تستعجل؛ لأنه قلّ أن يوفق إنسان لباب خير فيقفله عليه ثم يوفق له ثانية؛ لأنه إذا تسبب في قفل باب الخير على نفسه كأنه أعرض عن نعمة الله، ومن أعرض عن الله أعرض الله عنه. ولذلك تجد الإنسان إذا كان مذبذباً في أموره، وكلما فتح الله عليه باب خير قفله على نفسه، قلّ أن تجده موفقاً، وقلّ أن يصيب الكمالات في أمور الطاعة والبر، فينبغي على الإنسان دائماً إذا وجد أن الله هيأ له باب خير، كالصلاة والصيام وقيام الليل أن لاّ يسعى في قفل هذا الباب على نفسه، فإن حال بينه وبين هذا الخير عذر كمرض أو شغل أو نحو ذلك مما هو آكد، فإنه يندم، ويشتكي إلى الله عز وجل أنه لو كان فارغاً لقام بهذا الخير حتى يجمع الله له بين الحسنيين، ويُبَلِّغه أجر الطاعتين، والله كريم وفضله عظيم، وكلما حسنت نية الإنسان بلغ من الخير الشيء الكثير. فهذه الجملة المقصود منها: أن الإنسان إذا بدأ بالطاعة، فإنه مخير بين أن يتمها، وهذا أفضل بإجماع العلماء، وبين أن يتركها، وهذا دون الكمال، ولا يجب عليه أن يتم؛ لأن الطاعات ليست بواجبة في أصل الشرع إلا شيئاً واحداً استثناه العلماء من النوافل فيجب إتمامه بمجرد الدخول فيه، وهو النسك، والمراد به الحج والعمرة. فمن أحرم بحج نافلة أو أحرم بعمرة نافلة فإنه يجب عليه إتمامهما، ولا يحل إلا بإتمامهما إلا في ما استثنى الله من المحصر وما في حكمه، فلو أن إنساناً أحرم بعمرة نافلة في رمضان مثلاً، ثم جاء فوجد الزحام، فقال: لا أريد أن أتمها، ولبس ثيابه ومضى، فقال: ما دامت نافلة فإني لا أتمها، ورجع إلى أهله، فإنه لا يزال محرماً حتى يتحلل من عمرته، وجميع ما يصيب من محظورات الإحرام فإنه يجب عليه أن يفتدي عنها، ولو مضت على هذه العمرة أيام وأسابيع وشهور، فإنه لا يزال مخاطباً بنص كتاب الله عز وجل بإتمامها، كما في قوله سبحانه: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]. وقد أجمع العلماء على أن الحج والعمرة إذا كانا نافلة، أنه يجب على من شرع فيهما أن يتمهما، وعلى هذا: فإن العلماء استثنوا من مسألة الشروع في النوافل الحج والعمرة إذا كانا نافلتين، فيجب على الإنسان أن يتمهما ولا يخرج منهما إلا بالتحلل، أو بالصورة التي أذن الله فيها في مسائل الإحصار، كما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية.
جزء من محاضرة:للشيخ: (محمد مختار الشنقيطي).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/119)
ـ[زيد عبد القادر اْبو اْحمد]ــــــــ[26 - 02 - 09, 06:24 ص]ـ
بارك الله فيك أخي المغربي و في الشيخ
وهذه المسألة يقع فيها بعض الأخيار خاصةً، إذا عرضت لهم أمور فيها خير ومصلحة، فتجد الإمام يتقدم بالناس ويؤمهم أو يعظهم ويخطب فيهم، فقلّ أن تجد الشيطان يترك مثل هذا، فيأتيه من باب الخير فيسوّل له ترك هذا العمل، أو الإعراض عنه بحجة الاشتغال بغيره. وهذا لا شك أنه يقفل على نفسه باب الخير، ويحرم نفسه من خير عظيم، وهكذا إذا فتح الله عليك باب خير في دعوة أو بر أو قربة ونحو ذلك مما يحتسب فيه الأجر عند الله، إياك أن تكون سبباً في قفل باب الخير عليك!
اسأل الله القدير أن يلهمنا رشدنا و تقوانا وأن يهيء لنا سبل الخير ولا يحرمنا أجره ..
ولعل أخطر مداخل الشيطان في هذا الباب - أي ترك العمل - أن يكون الترك رئاء الناس ..
كما قال الفضيل بن عياض (ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما)
ومعنى كلامه رحمه الله تعالى - كما ذكر الإمام النووي - أن من عزم على عبادة و تركها مخافة أن يراها الناس فهو مراء، لأنه ترك العمل لأجل الناس ..
أعاذنا الله و أياكم من الرياء و من السمعة
ـ[قلم]ــــــــ[27 - 02 - 09, 08:41 م]ـ
مسألة إتمام النفل بعد الشروع فيه:
- يكره عند الحنابلة والشافعية إفساد النّافلة بعد الشّروع فيها ولا إعادة إن أفسد النّافلة المطلقة، عدا الحجّ والعمرة فيحرم إفسادهما عند الشّافعيّة والحنابلة، وفي رواية أخرى عن أحمد أنّهما كسائر التّطوّعات (1)
*ذكر ابن مفلح في الفروع من دخل في صوم تطوع استحب له إتمامه ولم يجب , وإن أفسده لم يلزمه قضاء , نص عليه , وهو المذهب و قول الشافعي) لقول عائشة: يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائما (وفي أوله أنه دخل عليها يوما فقال: هل عندكم شيء؟ قلنا: لا , قال: فإني إذا صائم (رواه مسلم.) , ثم قال (إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها) وله أيضا بإسناد حسن: (إنما منزلة من صام في غير رمضان أو في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة ماله فجاد منها بما شاء فأمضاه , وبخل منها بما شاء فأمسكه). وعن أم هانئ (أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت أما إني كنت صائمة , فقال: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر) (له طرق , فيه كلام يطول , رواه أحمد وصححه , وأبو داود والنسائي وضعفه , والترمذي وقال: في إسناده مقال , وضعفه أيضا البخاري) , كصوم مسافر في رمضان له الخروج لكونه كان مخيرا حالة دخوله فيه.
- يحرم إفساد الفرض بعد التّلبّس به دون عذر شرعيّ، وكذلك النّفل عند الحنفيّة والمالكيّة، لقوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} ولهذا يجب إعادته.
"ذكر الحطاب الرعيني في فصل صلاة الجماعة فائدة: هذه إحدى الأشياء السبع التي تلزم بالشروع , وهي الصلاة والصوم والاعتكاف والحج والعمرة والائتمام والطواف ونظمها بعضهم فقال:
صلاة وصوم ثم حج وعمرة يليها طواف واعتكاف وائتمام
يعيدهم من كان للقطع عامدا يعيدهم فرضا عليه وإلزام
وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد: وأصل المذهب أن كل عبادة توقف أولها على آخرها يجب إتمامها أصله الحج فيجب إتمامه والعمرة والصلاة والصوم والاعتكاف والطواف بخلاف الوضوء والقراءة والذكر ونحوها انتهى " (2)
وقال ابن مفلح في الفروع وعن أحمد: يجب إتمام الصوم ويلزم القضاء , ذكره ابن البناء في الكافي (و لأبي حنيفة ومالك) لقوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكم} ولقوله عليه السلام لعائشة وحفصة وقد أفطرتا {لا عليكما صوما يوما مكانه (رواه أبو داود وغيره , وضعفوه) ثم هو للاستحباب , لقوله: " لا عليكما " وعن شداد مرفوعا {أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية} وفيه: والشهوة الخفية: أن يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه (رواه أحمد من رواية عبد الواحد بن زيد وهو شيخ الصوفية متروك بالاتفاق) وكالحج والعمرة , لأن نفل الحج كفرضه في الكفارة وتقرير المهر بالخلوة معه , بخلاف الصوم." (3)
(1) الموسوعة الفقهية
(2) مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل، كتاب الصلاة.
(3) الفروع في الفقه الحنبلي، كتاب الصيام.
ـ[عبد الأحد محمد الأمين ساني]ــــــــ[13 - 04 - 09, 02:08 ص]ـ
ويقول صاحب المراقي
والنفل ليس بالشروع يجب ===== في غير مانظمه مقرب
قف واستمع مسائلا قد حكموا ==== بأنها عند الشروع تلزم
صلاتنا وصومنا وحجنا ========= وعمرة لنا كذا اعتكافنا
طوافنا مع ائتمام المقتدي ======فيلزم القضا بقطع عامد
ـ[عبد الله محمد إبراهيم]ــــــــ[13 - 04 - 09, 05:41 ص]ـ
ويقول الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى:
........... وبالشروع لا ... تلزمه وقال نعمان بلى
والحجَّ ألزم بالتمام شارعا ... إذ لم يقع من أحد تطوعا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/120)
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 09:16 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أما بعد:
فهذه كلمة مختصرة فيما يتعلق بمسألة {هل يلزم المندوب بالشروع فيه} إتماما لما ذكره إخواني وفقهم الله تعالى لما يحبه و يرضاه
أولا: مندوب الحج و العمرة يلزم بالشروع فيه و يجب إتمامه لقوله تعالى {وأتموا الحج و العمرة لله}
أما أصل المندوب فوقع فيه خلاف بين الأصوليين على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية و المالكية أن المندوب يلزم بالشروع فيه لأنه يصير واجبا بمجرد الشروع فيه و من خرج منه لزمه القضاء عند الحنفية، أما عند المالكية فيلزمه القضاء إن خرج منه بغير عذر و لا يلزمه القضاء إن خرج منه بعذر و إستدل كلا الفريقين بقوله تعالى {و لا تبطلوا أعمالكم}
القول الثاني: ذهب سفيان الثوري و الشافعي و أحمد أن المندوب لا يلزم بالشروع فيه و ليس عليه قضاء و لو خرج منه من غير عذر و الدليل على ذلك قوله صلى الله عليه و سلم {الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام و إن شاء أفطر} و ثبت أيضا من فعل النبي صلى الله عليه و سلم أنه قطع مندوبا بعد أن شرع فيه فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علينا النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم فقال {هل عندكم شيىء} قلنا: لا، قال {فإني إذا صائم} ثم أتانا يوما آخر فقلنا: أهدي لنا حيس،فقال {أرنيه فلقد أصبحت صائما} فأكل.
و أجابوا على دليل الحنفية و المالكية بأن المقصود من الآية هو إبطال العمل بالرياء أو إبطاله بالكفر و الردة نسأل الله السلامة و العافية
و الله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
ـ[علي بن عبد القادر]ــــــــ[14 - 04 - 09, 10:12 م]ـ
قال الحافظ في الفتح:
قَوْله: (هَلْ عَلَيَّ غَيْرهَا؟ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع)
تَطَّوَّع بِتَشْدِيدِ الطَّاء وَالْوَاو، وَأَصْله تَتَطَوَّع بِتَاءَيْنِ فَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا، وَيَجُوز تَخْفِيف الطَّاء عَلَى حَذْف إِحْدَاهُمَا. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الشُّرُوع فِي التَّطَوُّع يُوجِب إِتْمَامه تَمَسُّكًا بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاء فِيهِ مُتَّصِل، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: لِأَنَّهُ نَفْي وُجُوب شَيْء آخَر إِلَّا مَا تَطَوَّعَ بِهِ، وَالِاسْتِثْنَاء مِنْ النَّفْي إِثْبَات، وَلَا قَائِل بِوُجُوبِ التَّطَوُّع، فَيَتَعَيَّن أَنْ يَكُون الْمُرَاد إِلَّا أَنْ تَشْرَع فِي تَطَوُّع فَيَلْزَمك إِتْمَامه. وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيّ بِأَنَّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ مُغَالَطَة؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاء هُنَا مِنْ غَيْر الْجِنْس؛ لِأَنَّ التَّطَوُّع لَا يُقَال فِيهِ " عَلَيْك " فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِب عَلَيْك شَيْء، إِلَّا إِنْ أَرَدْت أَنْ تَطَّوَّع فَذَلِكَ لَك. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ التَّطَوُّع لَيْسَ بِوَاجِبٍ. فَلَا يَجِب شَيْء آخَر أَصْلًا. كَذَا قَالَ. وَحَرْف الْمَسْأَلَة دَائِر عَلَى الِاسْتِثْنَاء، فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مُتَّصِل تَمَسَّكَ بِالْأَصْلِ، وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مُنْقَطِع اِحْتَاجَ إِلَى دَلِيل، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْره أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْيَانًا يَنْوِي صَوْم التَّطَوُّع ثُمَّ يُفْطِر، وَفِي الْبُخَارِيّ أَنَّهُ أَمَرَ جُوَيْرِيَة بِنْت الْحَارِث أَنْ تُفْطِر يَوْم الْجُمُعَة بَعْد أَنْ شَرَعَتْ فِيهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّرُوع فِي الْعِبَادَة لَا يَسْتَلْزِم الْإِتْمَام - إِذَا كَانَتْ نَافِلَة - بِهَذَا النَّصّ فِي الصَّوْم وَالْقِيَاس فِي الْبَاقِي. فَإِنْ قِيلَ: يَرِد الْحَجّ، قُلْنَا: لَا؛ لِأَنَّهُ اِمْتَازَ عَنْ غَيْره بِلُزُومِ الْمُضِيّ فِي فَاسِده فَكَيْف فِي صَحِيحه. وَكَذَلِكَ اِمْتَازَ بِلُزُومِ الْكَفَّارَة فِي نَفْله كَفَرْضِهِ. وَاَللَّه أَعْلَم.
عَلَى أَنَّ فِي اِسْتِدْلَال الْحَنَفِيَّة نَظَرًا لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِفَرْضِيَّةِ الْإِتْمَام، بَلْ بِوُجُوبِهِ. وَاسْتِثْنَاء الْوَاجِب مِنْ الْفَرْض مُنْقَطِع لِتَبَايُنِهِمَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْ النَّفْي عِنْدهمْ لَيْسَ لِلْإِثْبَاتِ بَلْ مَسْكُوت عَنْهُ. وَقَوْله " إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع " اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله لَا، أَيْ: لَا فَرْض عَلَيْك غَيْرهَا.(113/121)
(اتفقوا , أجمعوا , قول عامة أهل العلم , بلا خلاف) ومثل هذا من الألفاظ هل تعنى الإجماع أم ماذا؟
ـ[أحمد بن العبد]ــــــــ[27 - 02 - 09, 10:17 ص]ـ
وأرجو ذكر الكتب والأبحاث التى تكلمت عن هذا بالتفصيل جزاكم الله خيرا
ـ[العنود المطيري]ــــــــ[27 - 02 - 09, 09:28 م]ـ
هناك مبحث من رسالة الماجستير للأستاذة نوم الفرم ذكرت الفروق بين الإجماع و نفي الخلاف .. وقد اطلعت عليه قبل سنوات ..
عموماً رسالتها كانت بعنوان " الفروق الأصولية في الإجماع والقياس جمعاً وتوثيقاً ".
إشراف الأستاذ د. عياض بن نامي السلمي.
ـ[العنود المطيري]ــــــــ[27 - 02 - 09, 09:34 م]ـ
وجدتها قد نشرت هذا المبحث هنا:
http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=140&aid=4410
جزاها الله خيراً ..
ـ[أحمد بن العبد]ــــــــ[01 - 03 - 09, 03:44 ص]ـ
أخص بالذكر اختلاف الألفاظ فى كتب الحنابلة أولا
ثم فى بقية الكتب أرجو من يدل على ذلك
وجزى الله خيرا كل من يسهم فى نصيحتى(113/122)
استفسار عن كتاب جمع الجوامع
ـ[أبو صفي السكندري]ــــــــ[28 - 02 - 09, 11:53 ص]ـ
مشايخ المنتدى الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أريد نبذة مختصرة عن كتاب جامع الجوامع وما هي أفضل الطبعات وهل يوجد شروحات لها وما هو أفضل الشروحات وهل يوجد شرح صوتي لها وكيفية الحصول عليه وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبد المصور]ــــــــ[28 - 02 - 09, 05:23 م]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=27629
ـ[أبو صفي السكندري]ــــــــ[05 - 03 - 09, 09:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو عبد الله المصور ولكن الشرح لم يكتمل أخي فهل عندك رابط اخر او موقع به شرح هذا الكتاب للضرورة أو اي احد من الإخوة وجزاكم الله خيرا(113/123)
استفسار حول تطبيق قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب) على حديث عمرة عائشة من التنعيم؟
ـ[ظافر الخطيب]ــــــــ[01 - 03 - 09, 07:27 م]ـ
الأخوة المباركون، هل يصح ان نقول أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر في الذهاب بأخته عائشة _رضي الله عنهما-لأجل أن تحرم من التنعيم تنطبق عليه القاعدة الأصولية (العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب) فيكون الأحرام للعمرة لأهل مكة والافاقي من الحل
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[10 - 03 - 09, 02:27 م]ـ
قال الأمين رحمه الله في أضواء البيان (سورة الحج)
الفرع الثالث: اعلم أن أهل مكة يهلون من مكة، وفي حديث ابن عباس المتفق عليه المذكور آنفاً "حتى أهل مكة، يهلون منها"، وفي لفظ: "حتى أهل مكة يهلون من مكة"، وكلا اللفظين في الصحيحين من حديث ابن عباس المذكور، وهذا بالنسبة إلى الإهلال بالحج، لا خلاف فيه بين أهل العلم إلا ما ذكره بعضهم من أن المكي يجوز له أن يحرم من أي موضع من الحرم، ولو خارجاً عن مكة وهو ظاهر السقوط لمخالفته للنص الصريح، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إهلال المكي بالعمرة، فجماهير أهل العلم على أنه لا يهل بالعمرة من مكة، بل يخرج إلى الحل، ويحرم منه، وهو قول الأئمة الأربعة وأصحابهم، وحكى غير واحد عليه الإجماع.
قال صاحب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق في الفقه الحنفي: الوقت لأهل مكة الحرم في الحج، والحل في العمرة للإجماع على ذلك. انتهى منه.
وقال ابن قدامة في المغني في الكلام على ميقات المكي: وإن أراد العمرة فمن الحل، لا نعلم في هذا خلافاً. انتهى منه.
وقال ابن حجر في فتح الباري في الكلام على ميقات أهل مكة: وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل، كما سيأتي بيانه في أبواب العمرة.
قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاناً للعمرة. انتهى محل الغرض منه.
وقال ابن القيم: إن أهل مكة لا يخرجون من مكة للعمرة، وظاهر صنيع البخاري أنه يرى إحرامهم من مكة بالعمرة، حيث قال: باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، ثم ساق بسنده حديث ابن عباس المذكور، ومحل الشاهد عنده منه المطلق للترجمة هي قوله: "حتى أهل مكة من مكة" فقوله في الترجمة باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، وإيراده لذلك، حتى أهل مكة يهلون من مكة، دليل واضح على أنه يرى أن أهل مكة يهلون من مكة للعمرة والحج معاً كما هو واضح من كلامه.
وإذا علمت ذلك، فاعلم أن دليل هذا القول هو عموم حديث ابن عباس المتفق عليه. الذي فيه حتى أهل مكة يهلون من مكة، والحديث عام بلفظه في الحج والعمرة، فلا يمكن تخصيص العمرة منه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وأما القائلون: بأنه لا بد أن يخرج إلى الحل، وهم جماهير أهل العلم كما قدمنا، فاستدلوا بدليلين.
أحدهما: ما ثبت في الصحيحين، وغيرهما من: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة في عمرتها من مكة إلى التنعيم وهو أدنى الحل. قالوا: فلو كان الإهلال من مكة بالعمرة سائغاً لأمرها بالإهلال من مكة، وأجاب المخالفون عن هذا: بأن عائشة آفاقية والكلام في أهل مكة لا في الآفاقيين، وأجاب الآخرون عن هذا بأن الحديث الصحيح، دل على أن من مر ميقات لغيره كان ميقاتاً له، فيكون ميقات أهل مكة في عمرتهم هو ميقات عائشة في عمرتها. لأنها صارت معهم عند ميقاتهم.
الدليل الثاني: هو الاستقراء وقد تقرر في الأصول: أن الاستقراء من الأدلة الشرعية، ونوع الاستقراء المعروف عندهم بالاستقراء التام حجة بلا خلاف، وهو عند أكثرهم دليل قطعي، وأما الاستقراء الذي ليس بتام وهو المعروف عندهم بإلحاق الفرد بالأغلب فهو حجة ظنية عند جمهورهم. والاستقراء التام المذكور هو: أن تتبع الأفراد، فيؤخذ الحكم في كل صورة منها، ما عدا الصورة التي فيها النزاع، فيعلم أن الصورة المتنازع فيها حكمها حكم الصور الأخرى التي ليست محل نزاع.(113/124)
اشكالات علمية في اختصار وشرح الأصول من علم الأصول (للنقاش العلمي).
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[02 - 03 - 09, 11:01 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
بدأت منذ فترة في اختصار وشرح الأصول من علم الأصول للشيخ العثيمين رحمه الله وكانت تعرض لي وقفات مع الشيخ وسوف اعرضها في صورة اشكالات علمية لإثراء النقاش العلمي ... وليس الغرض من هذا إلا التعلم والاستفادة وافترض في نفسي عدم فهم وجه كلام الشيخ ...
والله المستعان ...
ولنبدأ على بركة الله ...
المسألة الأولى – تعريف الأصول:
قال الشيخ: (الأصول: جمع أصل وهو ما يبني عليه غيره).
بدأ الماتن – رحمه الله – في تعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه أي كلمة أصول وكلمة فقه، وذلك لأن معرفة المركب إنما تتأتى من معرفة أفراده، فبدأ بتعريف المضاف وهي كلمة أصول فقال: (الأصول: جمع أصل وهو ما يبني عليه غيره) ومثل لها – رحمه الله – بأصل الجدار وهو أساسه، وأصل الشجرة الذي يتفرع منه أغصانها. وهذا التعريف قاله القاضي، وأبو الخطاب، وابن عقيل من الحنابلة إلا أنه غير جامع فكما تعلمون أن من شروط الحد أو التعريف أنه يكون جامعا مانعا أي جامع لأوصاف المحدود مانع من دخول غير أفراده في حده.
بيان أن هذا التعريف لكلمة أصل غير جامع:
نلاحظ أن الوالد أصل للولد، ولا يقال: إن الولد ينبني على الوالد، قال المرداوي في التحبير (1/ 147): "الأولى أن يقال: (ما يتفرع عنه غيره) فيصح أن يقال: الولد فرع عن الوالد". وتعقب هذا التعريف بأن من أصول الشرع ما هو عقيم لا يقبل الفرع ولا يقع به التوصل إلى ما وراءه بحال كدية الجنين والقسامة، وتحمل العاقلة فهذه أصول ليست لها فروع.
قال الزركشي في البحر المحيط (1/ 11): "فالأولى أن يقال الأصل: كل ما ثبت دليلا في إيجاب حكم من الأحكام؛ ليتناول ما جلب فرعا أو لم يجلب".
وعليه فالأولى في تعريف الأصل أنه (كل ما ثبت دليلا في إيجاب حكم من الأحكام) فوجود الأغضان دليل على وجود الشجرة ووجود الجدار دليلا على وجود أساسه، ووجود الابن دليلا على وجود أبيه، وهكذا فتناول الكلام ما بني على غيره، وما لم يبن، وما له فرع أو ما ليس له فرع، وهكذا.(113/125)
إشكال في تعريف الحكم الشرعي (من إختصار وشرح الأصول من علم الأصول)
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[02 - 03 - 09, 08:37 م]ـ
ال الشيخ في تعريف الحكم الشرعي: (واصطلاحاً: ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير أو وضع).
قال الشيخ في الشرح: (والمراد بقولنا " المكلفين" ما من شأنهم التكليف فلا يشمل الصغير والمجنون ... هم مكلفون في الأصل، لكن وجد مانع وهو الجنون والصغر وإلا فإن من شأنهم أن يكلفوا ... ).
يُلزم الشيخ بهذا التخصيص حذف الحكم الوضعي من تعريف الحكم الشرعي – كما فعل الطوفي.
فالمجنون والصغير مرفوع عنهم القلم فلا عقاب ولا ثواب عليهم حال قيام العذر (خطاب تكليفي)، ولكنهم مخاطبون بالحكم الوضعي فمن أتلف شيئا وجب عليه ضمانه (من ماله والمخاطب بالإخراج الولي) وإن كان صغيرا أو مجنونا أو نائما.
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة" (1/ 254): (قوله: «وقيل: أو الوضع» أي: قال بعض الأصوليين: الحكم خطاب الله، المتعلق بأفعال المكلفين، بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع. وأراد بذلك دخول الأحكام الثابتة بأسباب وضعية، وهو المسمى خطاب الوضع والإخبار، وذلك نحو صحة العقد وفساده، وقضاء العبادة وأدائها، ونصب الأسباب والشروط والموانع علامات على أحكامها، فإن هذه كلها أحكام شرعية، وليست خطابا اقتضاء ولا تخييرا، فإذا قيل: أو الوضع، دخلت تلك الأحكام في الحد المذكور فكمل، والعذر لمن لم يقل: أو الوضع، هو أن الحكم الشرعي ضربان: خطابي، أي: ثابت بالخطاب، ووضعي إخباري، أي: ثابت بالوضع والإخبار، وغرضه بالتعريف هاهنا الحكم الخطابي لا الوضعي، إذ ذلك يعقد له باب مستقل يذكر فيه.
ومأخذ الخلاف بينهما: أن أحدهما يريد تعريف الحكم الشرعي الأصلي، وهو الخطابي. أما الوضعي، فهو على خلاف الأصل، لضرورة قد بيناها عند ذكر خطاب الوضع. ولذلك قلنا: إن الأحكام السببية على خلاف الأصل، «والأولى أن يقال: مقتضى خطاب الشرع» المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييرا).
ويوضحه ما قاله في "مختصر الروضة" (ص/12): (من شروط المكلف: العقل، وفهم الخطاب. فلا تكليف على صبي ولا مجنون، لعدم المصحح للامتثال منهما، وهو قصد الطاعة. ووجوب الزكاة والغرامات في ماليهما، غير وارد، إذ هو من قبيل ربط الأحكام بالأسباب، كوجوب الضمان ببعض أفعال البهائم).
وعليه فالأولى حذف القيد الأخير من التعريف وهو قوله: (أو وضع).(113/126)
إشكال في تعريف الحكم الشرعي (من إختصار وشرح الأصول من علم الأصول)
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[03 - 03 - 09, 10:19 ص]ـ
قال الشيخ في تعريف الحكم الشرعي: (واصطلاحاً: ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير أو وضع).
ينبغي التفريق بين طريقة الأصوليين والفقهاء في تعريف الحكم الشرعي، قال صاحب البيان المأمول: (الفقهاء وعلماء الفروع يعنون بالحكم الشرعي في لغتهم الأثر الذي يترتب على الدليل كالوجوب والحرمة والإباحة، وأما علماء الأصول فيعنون دليل الحكم الذي هو الآية أو الحديث أو نص الإجماع وهكذا، فمثلاً قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} () هذا هو الحكم نفسه عند الأصوليين، وأما عند الفقهاء فيعنون ما يترتب على هذا النص وهو وجوب الصلاة).
وسبب الاختلاف بين الطريقتين أن الأصولي يبحث في الأدلة ذاتها – التي هي موضوع علم الأصول - فيكون نظره لذات الدليل، وأما الفقيه فيبحث في متعلق الأدلة – إذ أن موضوع الفقه أفعال المكلفين – فيكون نظره لمتعلق الأدلة ومدلول الخطاب وأثره المترتب عليه.
وتعريف الشيخ للحكم بأنه ما اقتضاه خطاب الشرع إنما هو موافق لطريقة الفقهاء في تعريف الخطاب، والأولى اعتماد تعريف الأصوليين فيعرف الحكم لشرعي بأنه خطاب الله، إذ أننا نتكلم في علم الأصول لا الفروع.
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[19 - 03 - 09, 12:27 م]ـ
أخي الكريم: إن كثيرا من المسائل الأصولية الخلاف فيها لفظي فقط و هذه منها ووجه ذلك أن الخطاب و ما ترتب عنه متلازمان
و الله أعلم
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 08:13 م]ـ
يا أخي بارك الله فيك راجع المناقشات التي دارت على هذا التفريق على هذا الرابط لتعرف أن الخلاف عقدي لا لفظي
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=28180
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[24 - 03 - 09, 05:03 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو إبراهيم الحربي]ــــــــ[24 - 03 - 09, 05:27 م]ـ
يا أخي الشيخ إنما ألف هذا الكتاب لطلاب المعاهد العلمية- وهم مبتدئون - والمبتدئ لا يناسبه التقعر في العبارات(113/127)
تجنب مجلس صدر لايسوى بين الخصوم ...
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[04 - 03 - 09, 11:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .... أما بعد ...
ذكر الإمام أبي المعالي الجويني - رحمة الله عليه - كلاما رائعا في بعض ما يتجنبه المناظر.
قال
(وتجنب مجلس صدر لايسوى بين الخصوم في الإقبال و الاستماع و إنزال كل منزلته ورتبته، فإن الكلام بين يدي مثله، سخف ودناءة واحتمال الذل و الصغار إذا رضيت به، ومورث الغم و الغضب إذا لم ترضى) انتهى.
الكافية في الجدل صـ 531.
قال شيخنا الفاضل الدكتور
حمد بن إبراهيم العثمان
و إذا قدر ان المناظرة في غير مجلسك، فلا تقدم عليها إذا لم تستو مع مناظرك في أسباب القيام بالحجة ولم ينصفك القوم
أصول الجدل و المناظرة
صـ
550(113/128)
أبيات زيدت في أصل نظم المراقي فهل هي منه؟
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[05 - 03 - 09, 01:03 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
لطالما نظرت في نظم المراقي و كنت أقف على أبيات ضُمنت المتن و ليست منه إذ أني راجعت غير ما تحت يدي من طبعة للتأكد من ذلك.
و لا أدري أهي من قبيل الاحمرار أم أنها عدم عناية و سوء طبع.
من تلكم الأبيات ما ذُكر بعد قول الناظم:و جعل الفروع و الأصولا ... لمن يروم نيلها محصولا
فيه:محلوفكم مجدولكم معقول ... مصادر يزينها مفعول
كذلك المعسول و المحصول ... فأصغ ليتا أيها النبيل
كذا بعد قول الناظم:و مثله الترك لما يحرم ... من غير قصد ذا نعم مسلم
و فيه: فما نهى عنه و مالا يطلب ... لا نية فيه اتفاقا تجب
كما تمحض من الفعل لما ... ليس عبادة كاعطاء الغرما
كقرية تعينت للرب ... كنية ذكر و فعل القلب
و أوجبتها لغير ماذكر ... إما اتفاقا أو على الذي شهر
ط: دار الآثار
ـ[أمين حماد]ــــــــ[05 - 03 - 09, 11:47 ص]ـ
السلام عليكم أبا الحسن
(وجعل الفروع والأصولا .....
(ومثله الترك لما يحرم ......
هذان من متن المراقي
والبقية شواهد بعضها للمؤلف وبعض لغيره
وأوردها المؤلف في شرحه نشر البنود
ففرغها من لا خبرة له بالمتن للأسف على أنها منه
ولعلك تبحث عن المتن المطبوع في السعودية فهو متن صحيح
ـ[الدبش المكي]ــــــــ[16 - 03 - 09, 07:31 ص]ـ
اعتمد أخي على نسخة دار المنارة التي حققها الشيخ د. محمد ولد سيدي ولد الحبيب الشنقيطي الذي أكمل نثر الورود للشيخ محمد الأمين رحمه الله.
ـ[السيد زكي]ــــــــ[15 - 04 - 09, 06:56 م]ـ
جزاك اله خيرا(113/129)
استفسار عن التحسين والتقبيح
ـ[أبو صفي السكندري]ــــــــ[05 - 03 - 09, 09:33 ص]ـ
هل هناك بحث عن التحسين والتقبيح وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[05 - 03 - 09, 12:16 م]ـ
بل كتب وبحوث راجع بحثاً طبعته مكتبة لينا في مصر للشيخ محمد ربيه المدخلي بهذا الموضوع وكذلك أيضا تطرق ابن القيم رحمه الله لهذا الموضوع في رسالته مفتاح دار السعادة والله أعلم
ـ[أبو صفي السكندري]ــــــــ[05 - 03 - 09, 02:48 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي أبو الحسن الأثري ولكن هل البحث موجود على النت وكيف احصل عليه
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[05 - 03 - 09, 06:39 م]ـ
اقضل مختصر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103091&highlight=%C7%E1%CA%CD%D3%ED%E4+%E6%C7%E1%CA%DE%C8 %ED%CD
ـ[أبو عبدالله القضاعي]ــــــــ[06 - 03 - 09, 04:17 م]ـ
بحث دكتوراة في قسم الاصول في جامعة الامام
للشيخ عائض بن عبدالله الشهراني بعنوان التحسين والتقبيح العقليين
ارجع اليه
ـ[علاء شعبان]ــــــــ[23 - 03 - 09, 09:30 م]ـ
بحث دكتوراة في قسم الاصول في جامعة الامام
للشيخ عائض بن عبدالله الشهراني بعنوان التحسين والتقبيح العقليين
ارجع اليه
وهو ط. كنوز إشبيليا في 3 مجلدات، وتمام عنوانه: "التحسين والتقبيح العقليان وأثرهما في مسائل أصول الفقه مع مناقشة علمية لأصول المدرسة العقلية الحديثة"
وفي (1/ 8 - 17) بين فيها الدراسات السابقة(113/130)
معادلات أصول الفقه! بين الإفراط والتفريط
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[05 - 03 - 09, 02:44 م]ـ
معادلات أصول الفقه!
بين الإفراط والتفريط
عندما كنت صغيرا سألني صديقي عبد الرحمن فقال:
شجرة عليها 10 عصافير، رمي عصفوران منها بالبندقية فماتا، كم بقي على الشجرة؟
كان جوابي بسرعة أحسبها إذ ذاك سرعة بديهة: 8 عصافير.
فقال عبد الرحمن: خطأ. لا يبقى على الشجرة أي عصفور، لأنّها ستطير هربًا.
تذكرتُ تلك العصافير حينما جرّدتُ قلمي بل لوحة مفاتيحي لكتابة هذا الموضوع.
مهلا ...
ما علاقة العصافير بأصول الفقه؟ وما علاقتها بالمعادلات؟
الجواب بكل بساطة:
عندما تأملتُ في تعامل الناس مع هذا العلم التطبيقي، إذا بهم في طرفي نقيض ..
·فطائفة تتعامل مع قواعد أصول الفقه بنفس تعامل عامر –في صغره- مع مسألة العصافير وهو تعاملٌ سطحيٌّ غير مسدد.
·وطائفة تهمل أصول الفقه بالكلية وتتعامل مع مسائل الفقه مسألةً مسألةً بحسب ما يظهر له في كل مسألة بحسبها وحسب ما يحتف بها من الأدلة والقرائن –دون قواعد أصوليّة واضحة مطردة-.
وكلا طرفي قصدِ الأمور ذميمُ.
فليس من السداد أن نتعامل مع القواعد الأصولية على شكل معادلات رياضية لا تقبل الاستثناء إلا بنص صحيح صريح فصيح ... إلخ، ونتعامل معها كتعامل عامر مع العاصفير.
إذ لا بد من إعمال القرائن وما يحتفُّ بالمسألة ..
فمثلا عندما نقول: إنّ الأمر يفيد الوجوب إلا بدليل، لا يعني هذا أننا نحتاج لصرفه عن الوجوب إلى قول الشارع: (إن هذا الفعل ليس بواجب عليكم) أو إلى نصٍّ صريح لا يقبل الاحتمال، ففعل النبي> بخلاف الأمر يحتمل الخصوصيّة، ويحتمل تقدمه على الأمر، ويحتمل تخصيص تلك الصورة بعدم الوجوب دون غيرها، ويحتمل صرف الأمر عن الوجوب ... إلخ ... والناظر لا بدّ أن يعمل فكره في كل مسألة ليقوّي أحد تلك الاحتمالات .... وهذا النظر في كل مسألة قد يُخرجه عن حروف القاعدة والاطراد الجامد عليها.
ومثلا عندما يقول قائل: إنّ قول الصحابي ليس بحجّةٍ لا يعني أبدًا أنّ قول الصحابي = صفر. في المعادلة الأصولية ... بل قد يحتجُّ صاحب ذاك التقعيد بقول صحابي احتفت به قرائن لا تقوى آحادها على الاحتجاج.
فإذا قلنا في المعادلة الأصولية –افتراضًا-: إن الحجة لا تحصل إلا بدليل يحصل على تقدير لا يقلُّ عن 70% أو 80% في ميزان الاحتجاج؛ فإنّ هذا لا يعني بحال أنّ الدليل الي يحصل على تقدير 65% = صفر في ميزان الحجة؛ بل لا بدّ أن يكون في الاعتبار ولو لم يكن حجّة في ذاته، ولهذا أمثلة أخرى:
فمثلا: الحديث الضعيف ليس بحجّة عند جماعة، لكنّ هذا لا يعني أبدًا أبدًا أبدًا مساواته بالموضوع وإعطاؤه درجة 0%، بل –على سبيل الافتراض المحض- قد يكون الحديث الضعيف –بمفرده- مع حديث ضعيف آخر مع ثالث مع عاشر مع خمسمائة كلها محكوم عليها بالضعف في أفرادها = حديث متواتر قطعي الثبوت يفيد العلم اليقيني.
وكذلك قل في مباحث الدلالات كالمفهوم، وكذلك القياس وغيرها من الأدلة والدلالات المختلف فيها.
بل إنّ ما هو متفق على عدم الاحتجاج به كقول العالم المجتهد الواحد قد يكون جزءًا من الحجة في صورة الإجماع –لا سيّما مع قلّة المجتهدين- بل قد يكون هو الحجّة في صورة ما لو لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد –على قول-، ولستُ هنا في مقام بحث لمسألة اشتراط المستند في الإجماع.
وفي الجانب الآخر فإنّ إهمال القواعد الأصولية والاقتصار على النظر في المسائل مسألةً مسألةً مسلكٌ غير سديد يؤدي إلى اضطراب كبير وخللٍ غير يسير.
فتارة يحكم بالمفهوم، وتارة لا
وتارة يجعل الأمر للوجوب وتارة لا
وتارة يحتج بقول الصحابي وتارة لا
إلخ التنقضات التي تستند إلى "دليل ينقدح في ذهنه يعجز عن التعبير عنه".
والأمثلة لكلا الطرفين غير متناهية، وأحسب أنّ المقصود اتضح؛ فلا حاجة إلى التطويل أترككم للتأمّل.
والسلام عليكم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 09, 03:52 م]ـ
بوركتَ ...
بل الصواب في جل هذه المعادلات أنها لا تصح كمعادلات وإنما الصواب دوران الباب مع القرائن ...
ولما اهتدى نفر من المعاصرين من أهل الحديث إلى أن هذا هو الصواب الذي سار عليه المتقدمون في تصرفاتهم الحديثية،وأن الخلل إنما دخل مناهج المحدثين من محاولة المتأخرين صوغ تلك التصرفات في صورة معادلات = استقام أمرهم، واهتدوا لمناهج المتقدمين الأفذاذ ..
فالأمر للوجوب ..
والعام على عمومه ..
وقول الصحابي ليس بحجة ..
والنهي للتحريم ..
والنهي يقتضي الفساد ..
كل تلك المعادلات لم يكن الهدي في اتباعها ..
بل صيغ الأمر تكون للوجوب وغيره ..
وصيغ العموم تكون للعموم وغيره ..
وصيغ النهي تكون للتحريم وغيره ..
والنهي يقتضي الفساد وقد لا يقتضيه ..
وليس المدار على أصل يُخرج عنه بقرينة ..
وإنما المدار على مجموع القرائن وما تقتضيه في كل مسألة على حدة .. فيكون الأصل الذي لا يُخرج عنه إلا بدليل -يُبين خطأ الأصل- هو مجموع ما عقله السامع من كلام المتكلم بعد جمعه لكلام المتكلم وتفسير بعضه ببعض وفق القرائن الداخلية والخارجية.
والمعادلة هي التي تستقيم كمعادلة.
ومتى ثبت خروجها عن استقامة المعادلة في كلام العرب وكلام الله وكلام رسوله = كان عدم استقامتها دليل على عدم صلاحيتها كقانون، ويكون الهدي النظر في الباب المعين من أي الأوجه هو ..
فمتى ثبت أننا قد نخرج عن المعادلة بقرينة، صار جواز الخروج دليلاً على وجوب طلب القرائن في كل باب؛أن يكون مما يُخرج فيه وأنتم لا تشعرون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/131)
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[05 - 03 - 09, 03:56 م]ـ
وهذا تعليق كتبته في ملتقى المذاهب الفقهية أنقله هنا:
بارك الله فيكم
كلام متقن، وعرض رائع
كما أن هناك جملة من الإشكالات في فهم "الحجة" وفي فهم معنى "الدليل"
وقد أبنتم - رعاكم الله - شيئا من ذلك.
ولو تأملنا مناهج الأئمة الكبار في التعامل مع هذه الحجج لعلمنا ما أشرتم إليه ...
فقول الصحابي حجة عند جمهور الفقهاء، وقد يقال: وعند الأئمة الأربعة
ومع ذلك يستقري الشافعي ومن بعده ابن حزم أن ليس أحدٌ من أهل العلم التزم الاحتجاج به، وأنهم وجدوا الناس يأخذون به تارة ويتركونه أخرى.
وهذا وهو حجة عندهم!
ابن حزم، اعتبر هذا تناقضاً منهم.
ولا نعفيهم من أصل دعوى التناقض
لكن ننازع أن يكون من شأنهم التناقض.
وكم كنت أعجب من ترك ابن تيمية وابن القيم لقول الصحابي (ابن عمر) في احتساب التطليق في الحيض، وفي فهمه لها.
وكيف كان الاعتراض أنها رأي له في مقابل النص.
مع أنه أولى الناس بفهم النص فالقصة قصته.
وأين كلام ابن القيم في إعلام الموقعين في تمام انتصاره لحجية قول الصحابي، وأنه لا يكون إلا عن نص أو اجتهاد فالأولى فلا كلام، وفي الثانية فاجتهادهم خير من اجتهادنا ....
لكن إذا تمهلنا وجدناه منتظما في استقراء الشافعي وابن حزم، وهذا هو شأن الأدلة التبعية.
ومن هذا الباب أيضا ما حكاه ابن نصر المروزي أنه وقف على 400 مسألة للشافعي خالف فيها الإجماع.
وعند التدقيق تجد أن الأمر يدور ليس في حجية هذه الأدلة من حيث الأصل أو في حجية تلك الدلائل بقدر ما هو في حد اعتبار مقدار هذه الحجج، فلا ريب أنهم يختلفون في ذلك، وفي تحقيق هذه الحجج في أعيان المسائل.
لاسيما إذا التزمنا طريقة الشافعي [باعتباره منظر مذهب الفقهاء] في ترتيب الأدلة وجعلها طبقات، والتزام الأدلة التبعية متى ما كانت مقتضية للأدلة الأصلية، وهذا هو معنى قولهم الإجماع لا يكون إلا عن نص.
يؤكد لك هذا أن كثيرا من الخلافات في أدلة أصول الفقه يعز عليك أن تجد فيها كلاما متقدما [الإجماع، قول الصحابي، الاستحسان ... ]، وما ذاك إلا لأنها لم تكن محل إشكال، وإنما الشأن في "زمن " و"محل" الإعمال، ومتى يقتضي الحجية، ومتى لا يقتضيه، ومتى يفيد معنى الدليل الأصلي، ومتى لا يفيده.
وهذا هو شأنهم وكلاهم فيه كثير وعريض.
بينما كثير من المتأخرين فاتتهم هذه المنازلة المتقدمة، واشتغلوا في "الحجية"برأسها و"عدم الحجية"برأسها، وادعوا على السابقين بالتناقض، مهما كان قولهم.
ومنهم عامر لما كان صغيراً وقصة العصافير العشرة!!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 09, 04:12 م]ـ
فقول الصحابي حجة عند جمهور الفقهاء، وقد يقال: وعند الأئمة الأربعة
ومع ذلك يستقري الشافعي ومن بعده ابن حزم أن ليس أحدٌ من أهل العلم التزم الاحتجاج به، وأنهم وجدوا الناس يأخذون به تارة ويتركونه أخرى.
وهذا وهو حجة عندهم!
ابن حزم، اعتبر هذا تناقضاً منهم.
ولا نعفيهم من أصل دعوى التناقض
بل ليس تناقضاً بالمرة ..
وإنما عده تناقضاً من غفل عن منهج السلف في الحجيات ...
وأصل منهجهم وجوب التسليم للكتاب والسنة والإجماع متى صح وظهرت لهم دلالته ...
أما باقي الحجج كقول الصحابي وقياس العلة المستنبطة وشرع من قبلنا وسد الذرائع والإلهام وغيرها فهي عندهم أدلة بمعنى صلاحيتها للدلالة على المطلوب ولكنهم لا يلتزمون التسليم لها بمجرد صحتها وظهور دلالتها .. بل هي عندهم في رتبة أقل لا تستقل بالحجية في باب وهي تبع للأدلة الثلاثة الأولى فمتى اطمئن المجتهد لدلالة من الثلاث الأول لم يكد يلتفت لم يُعارضها من باقي باب الحجيات .. فباقي باب الحجيات شبيه في دلالته بما يسميه المتأخرون = القرائن ..
ومن هنا يزول إشكال إعراض الأئمة عن دلالة هذه الأدلة أحياناً رغم ظهورها وصحتها ... أن يكون الإمام صح لديه ما يكفي لتبين مراد الشرع .. فهو لا يُقيم تعارضاً بين الأدلة الثلاثة الأولى وغيرها إلا إن لم يقم في نفسه وثوق تام بدلالة الثلاثة الأول
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[05 - 03 - 09, 05:19 م]ـ
بل ليس تناقضاً بالمرة ..
وإنما عده تناقضاً من غفل عن منهج السلف في الحجيات ...
لعل هناك خللأً إما في صياغة العبارة من جهتي أو في تناولك لها من جهتك.
لاسيما وأنا في معرض تفنيد دعوى التناقض.
أما نفي مطلق التناقض فإنه لا يكون إلا مع العصمة ومحلها النص.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - 03 - 09, 10:28 م]ـ
هذا خطأ يا مولانا من جهتين:
الأولى أن نفي التناقض في باب الحجيات لا يكون نفياً لمطلق التناقض ..
الثانية: نفي مطلق التناقض لا يُنافي أصل عدم العصمة، وإنما الذي يُنافي عدم العصمة نفي مطلق الخطأ، والتناقض باب من أبواب الخطأ فإن نُفي لم يلزم من ذلك هدم عدم العصمة فثم أخطاء أُخر ..
والأهم: أني أرد على من نسبهم للتناقض .. لا أرد عليكم بالضرورة ..
بوركت ودمت لمحبك ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/132)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[08 - 03 - 09, 11:16 م]ـ
بارك الله في الجميع
قد يفهم مما سيق أنه ليس في الباب أصل
وهذا لا يصح لا في علم الأصول ولا في غيره من العلوم
بل هناك أصل وهناك قرائن مستثنية في أكثر الأبواب إلا بعضها يعني بعض الأبواب لا أصل فيها
وهذا بالنظر إلى الأصل الذي اتفق عليه الشرع والعقل وهو عدم الجمع بين المتناقضات والتفريق بين المتماثلات والله أعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - 03 - 09, 11:27 م]ـ
بوركتَ
متى ثبت أن هناك قرائن تخرج الأصل عن نهجه وأن هذه القرائن واردة الحدوث في كل باب = بطل كونه أصلاً ووجب طلب القرائن في كل مسألة ..
وإنما الأصل ما لا يُخرم قط ...
وتلك هي الفطرة العربية السليمة ...
وكثير من الأصول المزعومة = مراتُ الخروج عنها تعادل أو تقارب مرات البقاء عليها .. وجعلها أصولاً والحال هذه هو من التحكم المحض لا غير ..
والتمسك بالأصل الذي ثبت إمكانية النشوز عنه = هو من القعود عن طلب القرائن لا غير ... ومن تمسك به بعد بحثه الذي لم يهده لقرينة تُخرج = هو المتمسك بالعلم حقاً ..
وما وراء ذلك ظنون القعود لا غير ...
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[09 - 03 - 09, 02:14 ص]ـ
هذا خطأ يا مولانا من جهتين:
الأولى أن نفي التناقض في باب الحجيات لا يكون نفياً لمطلق التناقض ..
صياغتي كانت التسليم بـ"أصل دعوى التناقض"
وأنتم نفيتم "التناقض بالمرة"
فنفيكم هو لمطلق التناقض، ومن هنا كان الإشكال!.
الثانية: نفي مطلق التناقض لا يُنافي أصل عدم العصمة، وإنما الذي يُنافي عدم العصمة نفي مطلق الخطأ، والتناقض باب من أبواب الخطأ فإن نُفي لم يلزم من ذلك هدم عدم العصمة فثم أخطاء أُخر ..
ما ذكرته حفظكم الله لا يصلح إعماله في المناهج الكبيرة وفي الأصول المتسعة
فكلما كان المنهج أعم وكلما كانت الأصول أوسع كلما كان وقوع الخطأ في أعيانها أكثر والتناقض نوعٌ من الخطأ
وهذا في غير ما عصم، وهو الوحي
ولهذا كان من المستحيل أن ينظم أحدٌ مثل القرآن حجما ودلالة ثم لا يكون فيه شيء من الاختلاف والتناقض الكثير
"ولو كان من عند الله لوجدوافيه اختلافا كثيرأً"
وإن كان يمكن لبعض الناس أن يؤلف ورقات يسيرة ويدعي فيها عدم التناقض، ولذا كان ابن تيمية رحمه الله فطنا حينما عقد مناظراته وتحدياته وإمهاله لهم على ما أملاه عليهم من العقيدة الواسطية. وهي رسالة مختصرة في ورقات
والمهم هنا أنه يستحيل ألا يقع أحمد ومالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم من الأئمة الكبار من أصحاب المدارس المتسعة في شيء من التناقض.
هذا ما ادعوه هم لأنفسهم ولا ادعاه أحد لهم، بل وقع منهم ما يفيد إقرارهم ببعض التناقض والرجوع عن بعض الأقوال.
وما ذكرته حفظكم الله صحيح أن نفي العصمة لا يعني بالضرورة الوقوع في التناقض بل يكفي فيه مقدار الخطأ، لكن يبقى التناقض مقدار من الخطأ، لا يمكن فصله منه بالمرة، وكلما اتسعت دائرة المساحة كلما اتسع احتمال وقوع التناقض.
فيمكن لأي أحد أن يحزم أن الشافعي لم يتناقض في هذا القول، لكن لا يمكن لأحد أن يدعي أن الشافعي لم يقع منه التناقض في كتابه الأم.
يمكن لأي أحد أن يدعي أن ابن تيمية لم يتناقض في رسالته الواسطية" لكن لا يمكن لأي أحد أن يدعي أن ابن تيمية لم يتناقض في مجموع فتاواه.
فالتناقض ليس من لوازم عدم العصمة، فما كل غير معصوم يتناقض، بل وليس بالضرورة أن يخطئ، ولكن التناقض من لوازم عدم العصمة في حال الاتساع والإكثار كترتيب طبيعي للخطأ الذي لا يسلم منه غير المعصوم.
--
ويبدو لي أن مرادكم المنهج العام للأئمة الكبار لا أعيان التطبيقات،
وبهذا يكون كل واحد منا قصد معنى صحيحاً
وهذا ما قصدته من التسليم بأصل دعوى التناقض في أعيان المسائل فهذا لا بد أن يقع وإن كان هو بالنسبة للأئمة الكبار يسيرا بالنسبة لغيرهم.
والأهم: أني أرد على من نسبهم للتناقض .. لا أرد عليكم بالضرورة ..
بوركت ودمت لمحبك ..
واضح بارك الله فيكم أنه لا خلاف بيننا في هذه المسائل إنما هي مدارسة مع أمثالكم في الصياغة وتحرير العبارة، بل قد وقع في مشاركتي السابق خطأ من جهة أخرى حاولت دفعه في هذه المشاركة، بل هذه المشاركة لو قرأتها غدا لم أستبعد أن أجد فيها ما هو من الخطأ
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 - 03 - 09, 12:21 م]ـ
بوركتَ ...
ـ[الجعفري]ــــــــ[09 - 03 - 09, 05:09 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[17 - 03 - 09, 05:12 م]ـ
إعمال القرائن وملاحظة الاستثناءات من قواعد الأصول! فكيف يقال باستحسان الخروج بها عن قواعد الإصول عند الحاجة مع أنها منها؟!
فصرف الأمر إلى غير الوجوب بقرينة قاعدة أصولية.
واعتبار قول المجتهد جزءا من الحجة في الإجماع قاعدة أصولية.
واعتبار الحديث الضعيف عند تعدد طرقه قاعدة أصولية حديثية.
فلا يستقيم أن يقال إننا خرجنا بهن من القواعد الأصولية توسعا؛ لأنها أصلا من قواعد الأصول.
فهذه الأمثلة التي مثلت بها على الخروج من القواعد وعدم التعامل معها كمعادلات، لا يصلح كثير منها؛لعدم وجود الخروج فيها عن القواعد.
فقواعد الأصول لا يجوز الخروج عنها _ إذا صحت _ بأي حال من الأحوال؛ لأنها وضعت بناء على أدلة عقلية ونقلية فلا يخرج عنها إلا بأدلة ولا توجد.
ولو أردنا أن نخرج من القواعد الأصولية لأدلة ضعيفة، كفعل أحد السلف الثابت لذلك، فإننا سنعطل أحكام الشريعة إتباعا للهوى كما أننا لن نستطيع الرد على الخصوم من المبتدعة وغيرهم؛ لأننا سنكون مثلهم في عدم الاستدلال بما يصح.
ونحن أيضا لا نستطيع الحكم على عالمٍ ما بخروجه عن أصوله لمجرد ظهور ذلك لنا؛ لأنه قد يخرج عنها لأصل له لا نعلمه، وقد لا يرى صحة تطبيق القاعدة في هذه المسألة لعلةٍ ما.
فإذا كانت من أصوله الاحتجاج بالمرسل مطلقا ولم يحتج به في مسألة فلا يعني خروجه عن قاعدته؛ لأنه قد يرى فيه علة أخرى.
بارك الله فيكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/133)
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[20 - 03 - 09, 10:52 م]ـ
إعمال القرائن وملاحظة الاستثناءات من قواعد الأصول! فكيف يقال باستحسان الخروج بها عن قواعد الإصول عند الحاجة مع أنها منها؟!
فصرف الأمر إلى غير الوجوب بقرينة قاعدة أصولية.
واعتبار قول المجتهد جزءا من الحجة في الإجماع قاعدة أصولية.
واعتبار الحديث الضعيف عند تعدد طرقه قاعدة أصولية حديثية.
فلا يستقيم أن يقال إننا خرجنا بهن من القواعد الأصولية توسعا؛ لأنها أصلا من قواعد الأصول.
فهذه الأمثلة التي مثلت بها على الخروج من القواعد وعدم التعامل معها كمعادلات، لا يصلح كثير منها؛لعدم وجود الخروج فيها عن القواعد.
فقواعد الأصول لا يجوز الخروج عنها _ إذا صحت _ بأي حال من الأحوال؛ لأنها وضعت بناء على أدلة عقلية ونقلية فلا يخرج عنها إلا بأدلة ولا توجد.
ولو أردنا أن نخرج من القواعد الأصولية لأدلة ضعيفة، كفعل أحد السلف الثابت لذلك، فإننا سنعطل أحكام الشريعة إتباعا للهوى كما أننا لن نستطيع الرد على الخصوم من المبتدعة وغيرهم؛ لأننا سنكون مثلهم في عدم الاستدلال بما يصح.
ونحن أيضا لا نستطيع الحكم على عالمٍ ما بخروجه عن أصوله لمجرد ظهور ذلك لنا؛ لأنه قد يخرج عنها لأصل له لا نعلمه، وقد لا يرى صحة تطبيق القاعدة في هذه المسألة لعلةٍ ما.
فإذا كانت من أصوله الاحتجاج بالمرسل مطلقا ولم يحتج به في مسألة فلا يعني خروجه عن قاعدته؛ لأنه قد يرى فيه علة أخرى.
بارك الله فيكم.
كلام صحيح
والخلاف بيننا لفظي
لأن الاستثناءات من القاعدة هي عين ما أقصد
لكن ليس كل الاستثناءات مقعّدة في علم الأصول بالدقة التي تتصور
فمثلا صرف الأمر عن الوجوب لقرينة قاعدة
لكن تحديد القرينة لا تكاد تستطيع أن تضع لها قاعدة
فلو قال قائل بنفي الاحتجاج عن قول الصحابي أو الضعيف وقول الأكثر والقراءة الشاذة -مثلا- فلا يعني عدم صحة الاحتجاج بمجموعها، ولا يعني أيضا إطلاق الاحتجاج بمجموعها إلخ ...
وهذه المسائل والقرائن والاستثناءات -سواء سميتها خروجا عن القاعدة أو عملا بالقاعدة- لا يمكن ضبطها بتقعيد مطّرد ألبتة.
وقد كان في النية وما زال أن أفرد هذه القضية بمقال مستقل
هذا ما يظهر والله أعلم
وأشكرك على المشاركة.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[20 - 03 - 09, 11:11 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك!
ونحن في انتظار مقالك الذي أشرت إليه.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[14 - 05 - 09, 12:24 م]ـ
الإخوة الأفاضل: عامر، أبا فهر، أبا فراس، أمجد، أبا عبد الله ... كلامكم يثلج الصدر
منذ حوالي ثلاث سنوات وضعت تقييدا لطيفا لنفسي سأنقله كله، وفيه بعض ما طرح هنا، وفي الموضوع الآخر "التزهيد ... "
أصول الفقه: هو القواعد المستقرأة من كلام الشارع والمستنبطة من كلام العرب؛ التي بها تعرف أحوال الأدلة التفصيلية ووجه دلالتها على الأحكام الشرعية.
نظرة شاملة لعلم أصول الفقه: يتوضع علم أصول الفقه في مرتبة شريفة شأنه شأن علوم الآلة، ولا يزعم زاعم أن هناك علما يفوقه مرتبة؛ أما شرفه فلأنه بسببه تعرف الأحكام الشرعية النظرية والعملية التي يدين الله عز وجل بها عبادَه؛ قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} وركنا العبادة العلم والعمل، وشرطها اليقين، والإخلاص، والصواب، ولا يتأت كل هذا إلا بفقه القرآن والسنة، فتواضع الفقهاء على أصول تدرك بها معاني النصوص وتجتلب بها الأحكام من مظانها؛ فكان الاسم من المسمى أصول للفقه، أو دلائل الفهم، أو أسس العلم، أو قواعد الاجتهاد ....
أول من وضع لهذا العلم أصولا وضبطها وحقّقها وأفردها في تصنيف مستقل هو الإمام الشافعي رحمه الله في رسالته المقدمة لكتاب "الأم" في الفقه، وقيل جعفر الصادق وهو من علماء آل البيت؛ أما السبب المباشر للتأليف فيه هو سد الباب على أهل الأهواء والتشهي وأهل النفاق والزندقة؛ فهؤلاء لا يحصلون أسباب العلم الحقيقي أبدا إلا أن يتوبوا؛ فكان العلم بأصول الفقه من علامات الصلاح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/134)
ومن هنا تظهر نكتة يغفل عنها كثير من أهل العلم وهي أن المجتهد في نظرهم من حصل علوم الآلة، خاصة علم أصول الفقه، ثم يطبق ما حصله على النصوص فينتج الفقه والعلم الغزير، كسبب ونتيجة المادة، فصار العلم الشرعي فيزياء "اعرف ثم طبق ولا تلتفت" فحصلت مصائب يطول ذكر بعضها فضلا عن كلها وإلى الله المشتكى.
وحقيقة الأمر أن هذا العلم قبل هذا وذاك موهبة ربانية، وتوفيق إلهي يعطى أصله من دون سبب ابتداء وفضلا: {يؤتي الحكمة من يشاء}، ثم يزكو هذا العطاء بأسباب النماء والزيادة أولها:
- الإخلاص؛
- فالتقوى والمجاهدة؛
- ثم الشكر والثناء.
قال تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله}، وقال: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، وقال: {ولئن شكرتم لأزيدنكم}.
كما أن المداومة والملازمة سبب آخر، حتى يصير للإنسان ملكة وهذا هو غاية العلم، ألم تسمع بإخلاص الشافعي رحمه الله وهو يقول: "وددت لو علم الناس هذا العلم دون ذكر لاسمي"، ومالك رحمه الله يقول لجالب الموطآت – وقد انتشرت في زمانه -: "ما كان لله فهو يبقى"، وفيهم موطأ شيخه ابن شهاب الزهري ....
ولتعلم صحة هذا المذهب من فواصل القرآن؛ فكثيرا ما يجمع الله عز وجل – واصفا ذاته - بين العلم والحكمة: {عليم حكيم}، العلم كمال والحكمة كمال، والجمع بينهما كمال؛ فتعرف أن العلم لابد له من حكمة حتى يكتمل وهاته الأخيرة هي النادر.
هناك إشكال يرد للمتأمل في موضع هذا العلم من نصوص الشرع، وهو أن كلام الله عز وجل - الوحي المنزل - وكلام المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - –الذي هو قبس من كلام الله سبحانه - بفعل هذا العلم صار محدّدا بحدود عقلية، ومضبوطا بضوابط منطقية؛ فكان عقل الإنسان القاصر ملمًّا لكلام الله عز وجل في أصول، وصائغا له في قواعد وكأنه كلية عقلية؟!
فجوابه من وجهين: أولهما أن جزء الشريعة الأعظم وقسمها الأنجم غير معقول المعنى، جزء منه قال فيه تعالى: {وما يعلم تأويله إلى الله}، والجزء الآخر هو العبادة، وآخر هو كيفيات اتصاف الغيب بالمعاني، وقاعدة العلم فيهم التفويض والتسليم والتوقف، كما قال القاضي أبو بكر بن العربي: "قبض العنان عند عدم الاستطاعة عقيدة أهل السنة والجماعة".
الجواب الثاني: قوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} وقوله: {وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا}؛ فكلام الشارع منزّه عن العبث والعشاوة، موسوم بالصدق والعدل، فلا يُلقى كلامه جُملا ويُدرك هملا، بل جعله سعادة للعارفين، وبستانا للعالِمين، وسكينة للعاقلين، فأرشدهم لضوابطه، وبنى فهمه على معرفة لغة العرب؛ فتمت الحكمة الأزلية برفع الذكر كما قال تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك}.
ثم إنه سد عليهم باب الغرور رحمة بهم أن افتتح سوَرًا من قرآنه بما لا تعيه موسوعاتهم، وأعجزهم بجوامع كلم نبيّه، حتى فقهوا بجهلهم، وتفاخروا بضعفهم، وتعبدوا بذُلّهم؛ فقال من تمادى في فهم كلام الشرع: "لا يحيط باللغة إلا نبي".
سند وضع علم أصول الفقه متصل إلى الشافعي - رحمه الله - برواية العدول، ومن تأوّل غير ذلك فمبطل منتحل أو جاهل مرتجل، وسلفالشافعي في ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهو قدوة كل طالب وغدوة كل جالب؛ فسنن كثيرات مشهورات تروي اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وبناؤه على ما فهمه من القرآن ... ولْنقم الحجة بحديث أبي هريرة المتفق عليه: (( ... وسئل عن الحمر فقال: ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}))؛ فهذا نص في اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
يستفاد منه أحد صيغ العموم "مَن" وهي من الأسماء المبهمة الشرطية فدلت على الإطلاق دون تقييد بنصاب أو حول؛ وكذلك "خيرا" نكرة في سياق الشرط تعم كل أجناس المال، والله ربنا أعلى وأعلم.
........
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[14 - 05 - 09, 12:30 م]ـ
الإخوة الأفاضل: عامر، أبا فهر، أبا فراس، أمجد، أبا عبد الله ... كلامكم يثلج الصدر
منذ حوالي ثلاث سنوات وضعت تقييدا لطيفا لنفسي سأنقله كله، وفيه بعض ما طرح هنا، وفي الموضوع الآخر "التزهيد ... "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/135)
أصول الفقه: هو القواعد المستقرأة من كلام الشارع والمستنبطة من كلام العرب؛ التي بها تعرف أحوال الأدلة التفصيلية ووجه دلالتها على الأحكام الشرعية.
نظرة شاملة لعلم أصول الفقه: يتوضع علم أصول الفقه في مرتبة شريفة شأنه شأن علوم الآلة، ولا يزعم زاعم أن هناك علما يفوقه مرتبة؛ أما شرفه فلأنه بسببه تعرف الأحكام الشرعية النظرية والعملية التي يدين الله عز وجل بها عبادَه؛ قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} وركنا العبادة العلم والعمل، وشرطها اليقين، والإخلاص، والصواب، ولا يتأت كل هذا إلا بفقه القرآن والسنة، فتواضع الفقهاء على أصول تدرك بها معاني النصوص وتجتلب بها الأحكام من مظانها؛ فكان الاسم من المسمى أصول للفقه، أو دلائل الفهم، أو أسس العلم، أو قواعد الاجتهاد ....
أول من وضع لهذا العلم أصولا وضبطها وحقّقها وأفردها في تصنيف مستقل هو الإمام الشافعي رحمه الله في رسالته المقدمة لكتاب "الأم" في الفقه، وقيل جعفر الصادق وهو من علماء آل البيت؛ أما السبب المباشر للتأليف فيه هو سد الباب على أهل الأهواء والتشهي وأهل النفاق والزندقة؛ فهؤلاء لا يحصلون أسباب العلم الحقيقي أبدا إلا أن يتوبوا؛ فكان العلم بأصول الفقه من علامات الصلاح.
ومن هنا تظهر نكتة يغفل عنها كثير من أهل العلم وهي أن المجتهد في نظرهم من حصل علوم الآلة، خاصة علم أصول الفقه، ثم يطبق ما حصله على النصوص فينتج الفقه والعلم الغزير، كسبب ونتيجة المادة، فصار العلم الشرعي فيزياء "اعرف ثم طبق ولا تلتفت" فحصلت مصائب يطول ذكر بعضها فضلا عن كلها وإلى الله المشتكى.
وحقيقة الأمر أن هذا العلم قبل هذا وذاك موهبة ربانية، وتوفيق إلهي يعطى أصله من دون سبب ابتداء وفضلا: {يؤتي الحكمة من يشاء}، ثم يزكو هذا العطاء بأسباب النماء والزيادة أولها:
- الإخلاص؛
- فالتقوى والمجاهدة؛
- ثم الشكر والثناء.
قال تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله}، وقال: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، وقال: {ولئن شكرتم لأزيدنكم}.
كما أن المداومة والملازمة سبب آخر، حتى يصير للإنسان ملكة وهذا هو غاية العلم، ألم تسمع بإخلاص الشافعي رحمه الله وهو يقول: "وددت لو علم الناس هذا العلم دون ذكر لاسمي"، ومالك رحمه الله يقول لجالب الموطآت – وقد انتشرت في زمانه -: "ما كان لله فهو يبقى"، وفيهم موطأ شيخه ابن شهاب الزهري ....
ولتعلم صحة هذا المذهب من فواصل القرآن؛ فكثيرا ما يجمع الله عز وجل – واصفا ذاته - بين العلم والحكمة: {عليم حكيم}، العلم كمال والحكمة كمال، والجمع بينهما كمال؛ فتعرف أن العلم لابد له من حكمة حتى يكتمل وهاته الأخيرة هي النادر.
هناك إشكال يرد للمتأمل في موضع هذا العلم من نصوص الشرع، وهو أن كلام الله عز وجل - الوحي المنزل - وكلام المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - –الذي هو قبس من كلام الله سبحانه - بفعل هذا العلم صار محدّدا بحدود عقلية، ومضبوطا بضوابط منطقية؛ فكان عقل الإنسان القاصر ملمًّا لكلام الله عز وجل في أصول، وصائغا له في قواعد وكأنه كلية عقلية؟!
فجوابه من وجهين: أولهما أن جزء الشريعة الأعظم وقسمها الأنجم غير معقول المعنى، جزء منه قال فيه تعالى: {وما يعلم تأويله إلى الله}، والجزء الآخر هو العبادة، وآخر هو كيفيات اتصاف الغيب بالمعاني، وقاعدة العلم فيهم التفويض والتسليم والتوقف، كما قال القاضي أبو بكر بن العربي: "قبض العنان عند عدم الاستطاعة عقيدة أهل السنة والجماعة".
الجواب الثاني: قوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} وقوله: {وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا}؛ فكلام الشارع منزّه عن العبث والعشاوة، موسوم بالصدق والعدل، فلا يُلقى كلامه جُملا ويُدرك هملا، بل جعله سعادة للعارفين، وبستانا للعالِمين، وسكينة للعاقلين، فأرشدهم لضوابطه، وبنى فهمه على معرفة لغة العرب؛ فتمت الحكمة الأزلية برفع الذكر كما قال تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك}.
ثم إنه سد عليهم باب الغرور رحمة بهم أن افتتح سوَرًا من قرآنه بما لا تعيه موسوعاتهم، وأعجزهم بجوامع كلم نبيّه، حتى فقهوا بجهلهم، وتفاخروا بضعفهم، وتعبدوا بذُلّهم؛ فقال من تمادى في فهم كلام الشرع: "لا يحيط باللغة إلا نبي".
سند وضع علم أصول الفقه متصل إلى الشافعي - رحمه الله - برواية العدول، ومن تأوّل غير ذلك فمبطل منتحل أو جاهل مرتجل، وسلفالشافعي في ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهو قدوة كل طالب وغدوة كل جالب؛ فسنن كثيرات مشهورات تروي اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وبناؤه على ما فهمه من القرآن ... ولْنقم الحجة بحديث أبي هريرة المتفق عليه: (( ... وسئل عن الحمر فقال: ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}))؛ فهذا نص في اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
يستفاد منه أحد صيغ العموم "مَن" وهي من الأسماء المبهمة الشرطية فدلت على الإطلاق دون تقييد بنصاب أو حول؛ وكذلك "خيرا" نكرة في سياق الشرط تعم كل أجناس المال، والله ربنا أعلى وأعلم.
........
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/136)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[15 - 05 - 09, 03:08 ص]ـ
يستفاد منه أحد صيغ العموم "مَن" وهي من الأسماء المبهمة الشرطية فدلت على الإطلاق دون تقييد بنصاب أو حول
أستغفر الله، "من" هنا تدل على عموم الناس لا يخصص منه السن ولا العقل ولا الجنس
أضيف إلى طرفة العصافير ما يحكى أن الشافعي ومحمد بن الحسن كانا جالسين بفناء الكعبة، ودخل رجل على باب المسجد؛ فقال أحدهما: أراه نجّارا، وقال الآخر: بل حدّاد؛ فتبادر من حضر إلى الرجل فسألوه فقال لهم: كنت نجارا، وأنا الآن حداد.
هذان علَمان مقدَّمان في الفقه وأصوله، وكلاهما يمتاز بجودة القريحة، وحدة الخاطر، وصفاء الفكر؛ حتى قيل إن محمد بن الحسن أذكى رجالات الإسلام، وذاك الشبل من ذلك الأسد ... رحمهم الله جميعا.
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[21 - 06 - 09, 02:56 م]ـ
معادلة اشتراط أصول الفقه للوصول إلى الفقه والتفقه
ـ إذا كان المقصود بأصول الفقه الأسس والقواعد التي ينبني عليها الفقه بناء مباشرًا كما حققه من هذب ونقح مسائل هذا الفن، فأصول الفقه عندئذ شرط عادي للوصول إلى الفقه والتفقه (غير مطروح للنقاش) كاشتراط نصب السلم لصعود السطح، وكما تقول لابد من أصول التعليم لمن أراد أن يحذق التعليم، وأصول السياقة لمن أراد أن يتقن فن قيادة السيارة، وأصول البناء لمن أراد أن يحترف البناء. وإنما العلم بالتعلم، ولا يستثنى منه شخص إلا الموحى إليهم.
ـ وإذا كان المقصود بأصول الفقه ما درج عليه من التأليفات المتداولة في هذا العلم، فالمسألة فيها كلام، لأنه وقع تساهل كبير في مسائل هذا العلم لأسباب معينة يطول ذكرها، فقد أدرج فيه ما ليس منه، ونقص منه ما كان ينبغي أن يوجد فيه، وتناثر هذا الناقص بين فنون أخرى شتى.
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[14 - 08 - 09, 01:53 ص]ـ
معادلة اشتراط أصول الفقه للوصول إلى الفقه والتفقه
ـ إذا كان المقصود بأصول الفقه الأسس والقواعد التي ينبني عليها الفقه بناء مباشرًا كما حققه من هذب ونقح مسائل هذا الفن، فأصول الفقه عندئذ شرط عادي للوصول إلى الفقه والتفقه (غير مطروح للنقاش) كاشتراط نصب السلم لصعود السطح، وكما تقول لابد من أصول التعليم لمن أراد أن يحذق التعليم، وأصول السياقة لمن أراد أن يتقن فن قيادة السيارة، وأصول البناء لمن أراد أن يحترف البناء. وإنما العلم بالتعلم، ولا يستثنى منه شخص إلا الموحى إليهم.
ـ وإذا كان المقصود بأصول الفقه ما درج عليه من التأليفات المتداولة في هذا العلم، فالمسألة فيها كلام، لأنه وقع تساهل كبير في مسائل هذا العلم لأسباب معينة يطول ذكرها، فقد أدرج فيه ما ليس منه، ونقص منه ما كان ينبغي أن يوجد فيه، وتناثر هذا الناقص بين فنون أخرى شتى.
بارك الله فيك أخي خلدون كلام طيب و رائع
ـ[بنت أزد]ــــــــ[12 - 11 - 09, 01:25 م]ـ
مباحث رائعة بارك الله بكم جميعا
ـ[أبو محمد قالون]ــــــــ[28 - 01 - 10, 11:51 ص]ـ
أجدتم وأفدتم، زادكم الله علما.
ـ[أبو عبد الرحمان القسنطيني الجزائري]ــــــــ[28 - 01 - 10, 09:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 07:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,,,,,,
الشكر موصول إليكم بارك الله فيكم,,
لو أنكم طرحتم بعض الأمثلة للتطبيق , من المسائل القديمة أو من القضايا المعاصرة؟ وبارك الله فيكم
ـ[أبو عبدالله ومحمد]ــــــــ[02 - 03 - 10, 09:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أيها الإخوة أود أن أورد هنا مثالاً لقاعدتين اختلف فيهما الأصوليون كثيراً وهما "عموم اللفظ وخصوص السبب".
لو اخذنا بقاعدة عموم اللفظ بمفردها نجد أنه يعكر عليها واقعة الرجل الذي أجهده الصوم كما جاء في حديث جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ناسا مجتمعين على رجل فسأل فقالوا رجل أجهده الصوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر) صحيح النسائي. وقد صام رسول الله عليه الصلاة والسلام في السفر فعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال (لا تعب على من صام ولا من أفطر. قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السفر، وأفطر). صحيح مسلم , والرسول عليه الصلاة والسلام لا يفعل إلا البر. وعن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: يا رسول الله: أجد بي قوة على الصيام في السفر. فهل علي جناح؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن. ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه) رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان. فمنا من صام ومنا من أفطر. فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم). صحيح مسلم
ولو اخذنا بقاعدة خصوص السبب بمفردها نجد أنه يعكر عليها قصة الرجل الذي سأل عن الوضوء من ماء البحر كما جاء في حديث أبي هريرة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) , فلا يوجد ما يخصص هذا النص.
فجمع بعض العلماء بين القاعدتين وقالوا نأخد بعموم اللفظ إن لم يرد ما يخصصه فإن وجد المخصص فإن هذا التخصيص معتبر ويقاس عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/137)
ـ[عبدالرحمن الغامدي]ــــــــ[20 - 05 - 10, 04:50 م]ـ
جزيت خيرا
ـ[المصلحي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 11:53 م]ـ
معادلات أصول الفقه!
عندما تأملتُ في تعامل الناس مع هذا العلم التطبيقي، إذا بهم في طرفي نقيض ..
·فطائفة تتعامل مع قواعد أصول الفقه بنفس تعامل عامر –في صغره- مع مسألة العصافير وهو تعاملٌ سطحيٌّ غير مسدد.
·وطائفة تهمل أصول الفقه بالكلية وتتعامل مع مسائل الفقه مسألةً مسألةً بحسب ما يظهر له في كل مسألة بحسبها وحسب ما يحتف بها من الأدلة والقرائن –دون قواعد أصوليّة واضحة مطردة-.
وكلا طرفي قصدِ الأمور ذميمُ.
والأمثلة لكلا الطرفين غير متناهية، وأحسب أنّ المقصود اتضح؛ فلا حاجة إلى التطويل أترككم للتأمّل.
والسلام عليكم.
س:
لم تضع ضابطا للتفريق بين المنهجين اعلاه بحيث يرجع اليه الشخص.
اذ كيف يعرف المرء نفسه على اي منهج يسير
وكيف يعرف الاخرين على اي منهج يسيرون
لكي يحكم على نفسه اولا ثم يحكم على غيره ثانيا
فالكل يعرف ان المسائل فيها افراط وتفريط ووسط
لكن العبرة بالضابط الذي يميز بين هذه المراتب الثلاث
قد تقول انك على الوسط فاقول لك انك في جانب التفريط فياتي ثالث ويرميك بانك في جانب الافراط
اجتهادات العلماء مختلفة لاحتلاف مداركهم
فلابد من وجود قاعدة او ضابط يحتكم اليه في كل مسالة لكي نعرف من هو الوسط او المفرط او المغالي
اما الدعاوى المجردة فهذه سحسنها كل احد
المقصود:
كلامك صحيح
لكن الفائدة منه علمية ذهنية فقط
اما العمل به فهذا يحتاج الى ضابط نرجع اليه
ولاتقل اتباع الدليل فالكل يدعيه!!
ـ[سلطان عسيري]ــــــــ[15 - 08 - 10, 03:01 ص]ـ
بارك الله فيك
موضوع شيق
بالنسبة لأصول الفقه فهو علم معياري توزن به الأحكام الشرعية والقول بأن هناك استثناءات للقواعد تظهر بحسب المقام يفقد علم الأصول الهدف منه أما دراسة الفقه فإن قصد بها الاطلاع على الخلاف والترجيح بين الأقوال فلا يكون إلا وفق ما تشبع به المجتهد من أصول الفقه وما استقر لديه من قواعده وإن قصد به معرفة المسألة مجردة عن الدليل أو به دون التعمق فلا أرى لأصول الفقه حضور هنا لأن هذا عمل المقلد.
ـ[مالك الكويتي]ــــــــ[22 - 08 - 10, 12:18 ص]ـ
جزاك الله خيرا(113/138)
إلى الإخوة المالكية ... !!
ـ[النقاء]ــــــــ[07 - 03 - 09, 12:24 ص]ـ
أبحث من مدة عن قواعد المقري و لم أجد إلا الجزء المحقق للشيخ ابن حميد حفظه الله، فهل باقي القواعد مطبوع.؟؟؟؟
كما أبحث في الشبكة عن نظم الزقاق و تكملته لميارة فلم أجد إلا المخطوط و كذلك شرح المنجور لم أجد على الشبكة إلا المخطوط،
فأرجو إرشادي إلى المطبوع منها و أين أجدها، أو نسخ منها على الشبكة غير النسخ المخطوطة ...
ـ[ابن النقاش]ــــــــ[09 - 03 - 09, 05:22 م]ـ
السلام عليكم
تفضلي على هذا الرابط
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=8037
ـ[النقاء]ــــــــ[09 - 03 - 09, 09:01 م]ـ
شكر الله سعيكم و بارك فيكم(113/139)
إشكال (4) من اختصار وشرح الأصول من علم الأصول (تعريف الحكم الوضعي).
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[07 - 03 - 09, 08:09 ص]ـ
إشكال في تعريف الأحكام الوضعية:
قال الشيخ: (الأحكام الوضعية: ما وضعه الشارع من أمارات لثبوت أو انتفاء أو نفوذ أو إلغاء).
وقفات مع تعريف الشيخ:
1 - من نظر في التعريف يجد أنه ما سار على طريقة الأصوليين في تعريف الحكم الوضعي فكان الأولى أن يقول: (خطاب الله ... ).
2 - من دقق في التعريف المذكور يجد أنه غامض حيث لم يتبين منه أن هذه الأحكام الموضوعة من الشارع كعلامات لثبوت أو انتفاء أو نفوذ أو إلغاء ماذا؟! فمثلا إن قلنا أن هذه الأحكام الوضعية هي (ما وضعه الشارع من أمارات لثبوت) وسكتُ ثم قلتَ لي: لثبوت ماذا؟ لكان سؤالك متجها.
3 - ذكر الشيخ كلمة (ما وضع) في تعريف الأحكام الوضعية مما يلزم منه الدَّوْر.
4 - أن هذا التعريف على كلام المناطقة في التعريف الحقيقي للحد معيب إذ أنه يحتوي على أو التشكيكية، قال الأخضري في شرحه على السلم وهو يتكلم على شروط المعرفات: (ولا يجوز أيضاً دخول "أو" في الحقيقي) أي لا تدخل في الحد الحقيقي المحتوي على الفصل والجنس، وأما في الرسمي فجائز، مثالَه تقَوْل مَا الَانسان؟ بالْحَدّ تقَوْل: حَيَوَان ناطق مَن غَيْر (أو) التشكيكية. وبالرسم تقَوْل: حَيَوَان ضاحك أو قابَل للتعلَم أو الْكِتَابَة أو. . الخ فهذا تعريف بالخاص (رسمي) وليس بالجنس والفصل (حقيقي).
5 - والأولى في تعريفه (الرسمي) أن يقال هو: خطاب الله تعالى بجعْلِ الشيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً أو صحيحاً أو فاسداً (وهذا التعريف ذكره د. عياض السلمي في أصول الفقه الذي لا يسع الفقيهَ جهلُه).(113/140)
أريد فوائد حول موضوع:تخريج الفروع
ـ[الرميصاء]ــــــــ[09 - 03 - 09, 02:01 م]ـ
السلام عليكم
أرجو من الأخوة الأكارم أن يفيدوني عن موضوع تخريج الفروع على الأصول عند ابن رشد من خلال كتابه بدايه المجتهد (العبادات)
كيف اتناول الموضوع وما هي العناصر التي اتطرق لها
مشكورين(113/141)
ما هي ثمرة الخلاف بين الحنفية والحنابلة والشافعية في مسألة الإنشاءات التي صيغها أخبار
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[10 - 03 - 09, 10:37 م]ـ
قال ابن القيم رحمه في كتابه بدائع الفوائد
اختلف في الإنشاءات التي صيغها أخبار: كـ[بعت وأعتقت] فقالت الحنفية: هي أخبار
وقالت الحنابلة والشافعية: هي إنشاءات لا أخبار لوجوه
ثم ذكر الوجوه وقرر في الأخير أنها إنشاءات
ولكن السؤال ما هي الثمرة وماذا يترتب على ذلك سواء قلنا بقول الحنفية أو الحنابلة؟
وجزاكم الله خير
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[11 - 03 - 09, 11:10 م]ـ
أين الأخوان؟؟
اسعفونا بالرد جزاكم الله خير
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[12 - 03 - 09, 06:00 م]ـ
سبحان الله العظيم
لا يوجد جواب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!(113/142)
حمل النسخة الجديدة من نظم مرتقى الوصول
ـ[المورسلي]ــــــــ[11 - 03 - 09, 02:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه نسخة جديدة من نظم مرتقى الوصول لابن عاصم الأندلسي رحمه الله, مأخوذة من شرح الدكتور فخر الدين بن الزبير بن علي المحسي, يقع في 967 صفحة و قدم لهذا الشرح الشيخ مشهور بن الحسن السلمان ..
وهذه النسخة تمتاز بكونها مضبوطةً و مصححةً ومرقمةَ الأبياتِ.
قسَّم الشارح النظم الى أبوابٍ و فصولٍ و مباحثَ و مطالبَ و مسائلَ, ووضعها تحت عناوينَ تُبين المراد من الأبيات ..
مما جعل النظم يخرج بهذه الحلة الجديدة.
وفقنا الله وإيكم للعلم النافع و العمل الصالح
هذا رابط صفحة الكتاب:
http://www.zshare.net/image/5686646894bfe0d9/
ـ[المورسلي]ــــــــ[11 - 03 - 09, 03:21 م]ـ
من البيت 1 الى 500
http://www.zshare.net/download/568676583afa5176/
ـ[المورسلي]ــــــــ[13 - 03 - 09, 12:36 ص]ـ
الجزء الأخير: 501 - 849
http://www.zshare.net/download/568678259b2db53e
/
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[13 - 03 - 09, 02:17 ص]ـ
هل من الممكن رفع الكتاب على موقع آخر, وجزاك الله خيراً.
ـ[المورسلي]ــــــــ[13 - 03 - 09, 11:40 م]ـ
على سبيل المثال؟
فإني لا أعرف أفضلهم ...
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[15 - 03 - 09, 06:38 م]ـ
على سبيل المثال:
http://www.4shared.com
ـ[وردان السوسي]ــــــــ[01 - 04 - 09, 02:37 م]ـ
هلا رفع الشرح؟؟
بارك الله فيكم.
ـ[المورسلي]ــــــــ[01 - 04 - 09, 03:41 م]ـ
أعتذر عن تأخري, فقد كنت في سفر.
الجزء الأول:
http://www.4shared.com/file/96162103/5bbb7967/mortaka-1-500.html
ـ[المورسلي]ــــــــ[03 - 04 - 09, 03:04 م]ـ
الجزء الأخير:
http://www.4shared.com/file/96163601/84669ab/mortaka-501-849.html
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
بقي من يحولها إلى pdf.
ـ[أبوسلمة السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 01:02 ص]ـ
بقي من يحولها إلى pdf.
جزاك الله خيرا(113/143)
موضوع شاركت به في الندوة الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء في تطوان
ـ[ام صفاء]ــــــــ[11 - 03 - 09, 06:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: ضوابط المنهج المقاصدي
إعداد: الدكتورة ريحانة اليندوزي
الصفة: عضو الرابطة المحمدية للعلماء
أستاذة بكلية الشريعة ـ فاس ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
إنه بمقدار صلاح النهج وسلامة ضوابط التفكير العلمي والمعرفي تكون صلاحية البناء في أي حضارة كيفما كانت.
وإذا كانت الأمة الإسلامية اليوم تكاد تكون متخلفة في كل شيء فمرجع ذلك الى تخلفها في ضبط مناهج التفكير وقواعد المعرفة، ولا أبالغ إذا قلت إن أزمة المسلمين اليوم هي أزمة فقه ومنهاج قبل أن تكون أزمة صدق وإخلاص، والمسلم مرآة عقله وحاله انعكاس لمنهجه وفكره والعقل الإسلامي من نفسه أوتي، وعلى نفسها براقش تجني و قد حق فينا قول الشاعر:
دواؤك فيك وما تبصر * وداؤك منك وما تشعر
وتزعم أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر
إن المنهج ليس مجموعة من النصوص يقرؤها المرء ويطير بها يمينا وشمالا دون فقه مرادها، بل المنهج قواعد علمية مستفادة من ثمرات العلم بالنصوص، يدل عليها استقراء صنيع العلماء في شتى المعارف والعلوم الشرعية والكونية. وإننا اليوم بحاجة إلى ذهنيات مرتبة، وعقول مبصرة مستبصرة حتى نحقق الشهود الحضاري لهذه الامة، ولا بصر للعقول إلا بنور القرآن والسنة، مع فقه السنن الشرعية والسنن الكونية و سلامة في المنهج ورسوخ في التفكير.
وإنه مادام العلم فضلة ونافلة في حياتنا والقراءة وقت فراغ في أيامنا، ومناهج التفكير معطلة في حياتنا فلا يرجى خير لهذه الأمة إذ لا يقود الأمة إلا رعيل من العلماء الراسخين في شعب العلوم والمعرفة بمنهج أصيل، فإنه لا يقود الأعمى البصير.
أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم * لقد ضل من كانت العميان تهديه.
وإننا والأمة الإسلامية اليوم تحاول النهوض من جديد وتحاول الدخول في دورة حضارية مستأنفة لابد أن تأخذ بالعلم وأسبابه، وإعادة النظر في مناهج التفكير وضوابطه إذ هو حياتها وبه تحقق خيريتها بل هو جهادها الدائم فقد جاء في الأثر:"يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء."لأن معركة السيف جولة ومعركة القلم أعوام وقرون.
و كما قال الدكتور فريد الانصاري "لسنا في حاجة إلى تجديد قضايا العلم بقدر ما نحن في حاجة إلى تجديد مناهجه، وإنما قضاياه تَبَعٌ لمناهجه، فإذا تجددت هذه؛ تجددت تلك بالضرورة. والعكس ليس بصحيح!
وتجديد المناهج هو الكفيل بتأطير بعثة التجديد، وإسنادها على المستوى العلمي ..... ، ومناط التجديد المنهجي يكون بإحياء الصناعة الفقهية المقاصدية بضوابطها الشرعية؛ بعثاً وتجديداً" [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn1).
إن الفقه الاسلامي صناعة لا بد من إحيائها بالبحث في منهجه؛ حتى يصبح فاعلا مقوما حاكما معالجا لواقع الامة.
يقول الامام الطاهر ابن عاشور:" من أسباب انحطاط الفقه وتخلفه إهمال النظر في مقاصد الشريعة" [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn2)، فقد غابت المقاصد عن الوعي الحضاري والفكري للامة الاسلامية، فانكفأت بعد غيابه على جزئيات الاحكام الفقهية تغوص في اعماقها وتنشغل بالاتفاق والاختلاف حول الأصول التي بنيت عليها مبتعدة عن مقاصدها.
مع العلم أن إدراك المقاصد أساس في الاجتهاد وقسم من اهم اقسام علم اصول الفقه تحكمه قواعده وينضبط بضوابطه.
ثم إن علم أصول الفقه من أخص تراث الأمة والمنهج المقرر المعتمد عند علمائها سلفا وخلفا لصناعة الفقه وتنزيله، والراسخ فيه يدرك أنه صياغة راقية للنظم الشرعية بل وصياغة للعقل الإسلامي، وأنه مؤهل في الجملة للاستمرارية في هذا العصر الحضاري إذا كنا نتعامل مع هذا العلم بوعي وإدراك، ووضوح في المقاصد. وحسب التقدير الشخصي فإن هذا العلم بتكوينه التاريخي لم يواجه مشكلة حضارية أو يصطدم بها، بل هو صياغة علمية شمولية مؤهلة لاستيعاب الطارئ والنازل حسب الإملاء الشرعي الذي بني عليه هذا العلم، وليس حسب رؤية "العقل المدني المتحول" المقطوع أو المتنصل من التراث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/144)
إن المنهج المقاصدي في الاجتهاد مصطلح معاصر يقصد به:"العمل بمقاصد الشريعة، والالتفات إليها، والاعتداد بها في عملية الاجتهاد الفقهي" [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn3) والحديث عن المقاصد ومدارستها ليس بدعة جديدة معاصرة تستدعي التشنيع أو الإنكار كما يزعم البعض، فالعمل بالمقاصد منهج شرعي قديم وقع تطبيقه في العصر النبوي وعصور الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، كما كانت مقاصد الأحكام حاضرة ومؤثرة في الفهم والاستنباط والتطبيق لدى عموم المجتهدين وأغلب الفقهاء والأصوليين، مما جعل الحديث عن مقصود الشرع، ومقصود الحكم، وحكمة الشريعة ومقاصد الشريعة، حديثا مألوفا ومتداولا بل ومعتمدا عند عامة علماء المسلمين، ذلكم أن اعتبار المقاصد في الاجتهاد وسيلة لتسديده وتقويمه، وأداة لتوسيعه وتمكينه من استيعاب نوازل الحياة بكل تقلباتها وتشعباتها، ومن فاته النظر في مقاصد الشريعة وقع في التخبط والاضطراب وأتى بالأقوال الشاذة المجافية لمقاصد الشرع، حتى لتجد أحدهم كما قال الشاطبي:"آخذاً ببعض جزئياتها في هدم كلياتها حتى يصير منها إلى ما ظهر له ببادئ رأيه من غير إحاطة بمعانيها ولا رسوخ في فهم مقاصدها ولا راجع رجوع الافتقار إليها ولا مسلم لما روي عنهم في فهمها ولا راجع إلى الله ورسوله في أمرها" [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn4).
والمنهج المقاصدي وإن كان منهجا في الاجتهاد، فإنه ليس على عمومه وإطلاقه، بل هو منضبط ومقيد بعموم الأدلة والقواعد والضوابط الشرعية، وبسائر الأبعاد العقدية والأخلاقية والعقلية المقررة، حتى لا يتنصل من الأحكام الشرعية باسم المقاصد، ذلك أن مفهوم المقاصد في الشريعة ليس مطاطا، ولا ذاتيا يخضع لتقلبات الأمزجة، أو يتبع المصالح الفردية القاصرة، بل هو منضبط بضوابط محكمة، تجعل منه مفهوما واضح المعالم، متسقا على وتيرة واحدة لا تغيره ضغوط الواقع وضرورات المواقف، ولا نزوات النفس، وفورة العواطف.
وقد كان المبحث المقاصدي جزءاً من مباحث علم أصول الفقه، بل قسماً من أقسامه تحكمه قواعده، وهو إلى اليوم لا يزال كذلك على رغم دعوة الاستقلالية التي رفع لوائها الإمام ابن عاشور بداية القرن العشرين وتبعه في ذلك غير واحد.
إن مقاصد الشريعة تعد الرابط الجامع لكل فروع التشريع الإسلامي، و لا تخرج عن الكليات الشرعية الثابتة العائدة إلى حفظ الضروريات الخمس: الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وهذه الكليات الرئيسة للتشريع حاكمة للفروع وليست محكومة بها، ويسير الاجتهاد الفقهي في نسقها ووفق مآلاتها وليس وفق مقاصد المكلفين وأهوائهم، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في وجوب موافقة قصد المكلف من عمله قصد الشارع سواءً كان متعلماً أو مجتهداً: ((قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقاً لقصده في التشريع والدليل على ذلك ظاهر من وضع الشريعة .. والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله وأن لا يقصد خلاف ما قصد الشارع)) [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn5).
فالمقاصد إذن ليست كلمة تقال أو شعاراً يرفع وإنما هي مبدأ أصولي له ضوابطه ومعاييره التي تحكمه حتى لا تصبح ذريعة يُتوصل بها إلى تأريخية النص الشرعي وإلغائه وتمييعه، فتحديد مقاصد الشارع لا ينبني على ظنون وتخمينات غير مطردة [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn6)، بل هي ـ أي المقاصد ـ داخلة غير منفكة عن نطاق نصوص الشارع ذاته. بل إن النصوص جاءت لتحقيقها، فلا ينبغي أن تفهم أو تؤول بتأويل بعيد عن تلك المقاصد والأهداف العامة. إذ أن كل نص يحمل تحقيق مقصد إلهي ينبغي أن يعتبر ذلك المقصد ويجري على أساسه فهم النص.
وقد جعل العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله للمقصد المعتبر أربعة شروط لابد من توافرها وهي [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn7):
الظهور: بمعنى أن يكون المقصد واضحاً لا تختلف أنظار المجتهدين في الاتجاه إليه وتشخيصه بعيداً عن كل التباس أو مشابهة، وذلك مثل اتفاقهم على تشريع القصاص لحفظ النفوس وتشريع الحد لحفظ العقول والأعراض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/145)
الثبوت: بمعنى أن تكون تلك المعاني مجزوماً بتحققها أو مظنوناً بوجودها ظناً قريباً من الجزم.
الانضباط: أي أن يكون للمقصد الشرعي حدّ معتبر وقدر معين لا يتجاوزه، فلا يؤدي إلى وقوع الحرج المرفوع شرعاً أو نفور المكلف من التشريع أو التقصير في آداء التكاليف مما يؤدي إلى ضعف الوازع الديني في النفوس وفقدان الشريعة لهيبتها وسلطانها على الخلق.
الاطراد: بمعنى أن لا يكون المعنى مختلفاً باختلاف أحوال الأفكار والقبائل والأعصار.
وما نص عليه الطاهر بن عاشور من الشروط لاعتبار المقاصد قد سبقه إلى ذكرها الشاطبي إضافة إلى أمور أخرى عامة لازمة أيضا في الاعتبار، لعل من أبرزها مايلي:
- المقصد الشرعي من وضع الشريعة هو: إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله اختياراً كما هو عبد لله اضطراراً [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn8).
- الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني، والأصل في أحكام العادات الالتفات إلى المعاني [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn9).
- مشقة مخالفة الهوى ليست من المشقات المعتبرة في التكليف ولا رخصة فيها ألبتة [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn10).
- العزيمة أصل والرخصة استثناء، ولهذا فالعزيمة مقصودة للشارع قصداً أصلياً، أما الرخصة فمقصودة قصداً تبعياً [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn11).
– لم يقصد الشارع إلى التكليف بالشاق والإعنات فيه [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn12)، ولا نزاع في أن الشارع كلف بما يلزم فيه كلفة ومشقة ما، ولكنه لا يقصد نفس المشقة، بل يقصد ما في ذلك من المصالح العائدة على المكلف [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn13).
- إذا كانت المشقة خارجة عن المعتاد بحيث يحصل للمكلف فساد ديني أو دنيوي فمقصود الشارع فيها الرفع على الجملة [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn14).
- من سلك إلى مصلحة غير طريقها المشروع فهو ساع في ضد تلك المصلحة [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn15).
- علل الأحكام تدل على قصد الشارع فيها فحيثما وجدت اتُّبعت [16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn16).
- إذا سكت الشارع عن أمر مع وجود داعي الكلام فيه، دل سكوته على قصده إلى الوقوف عند حد ما شرع [17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn17).
- الاحتكام إلى لغة النص وقوانين خطابه وأصول المواضعة التي تعاهد عليها العرب [18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn18)، وقد أكد على هذا الضابط جميع من يعتد به في علوم الشرع من السلف والخلف.
ـ الأمر بالفعل يستلزم قصد الشارع إلى وقوع ذلك الفعل، والنهي يستلزم القصد إلى منع وقوع المنهي عنه [19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn19).
إن هذه الشروط والضوابط لاعتبار المقاصد هي لاشك ضوابط منهج النظر والاستدلال الصحيح بالخطاب الإسلامي ومدى موائمته للمتغيرات الراهنة من حيث كونه تجسيداً لتنزيل النصوص والقيم الدينية في واقع الحياة ومدى قدرتها على المعالجة والتبيين والإصلاح والتغيير. ويجدر التنبيه هنا إلى أن العمل بضوابط المقاصد هو العمل بالمقاصد نفسها، والتفويت فيها أو في ضابط منها هو عينه التفويت في ما جعله الشارع مرادًا لشرعه ودينه. فالضوابط في علاقتها مع المقاصد كالشرط مع المشروط والدليل مع المدلول، ويعلم بداهة وعقلاً أن المشروط متوقف على شرطه، وأن المدلول مبني على دليله، لذلك فإن المقصد متوقف على ضوابطه وجودًا وعدمًا، على أساس أن المقصد الذي أراده الشارع إنما قد اعتبره بوجه ما، وعلى وفق أمر ما، وذلك هو عين الضابط ونفس القيد في اعتبار المقصد من قبل الشارع الحكيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/146)
إن المنهج المقاصدي ـ إضافة إلى ما قرره علماء الشريعة من قواعد الفهم والاستدلال ـ هو المنهج الأنسب لفهم أحكام الشريعة الإسلامية واستنباطها في الوقت ذاته، إذ أنه المنهج الذي يضبط عملية الاستدلال بالنص الشرعي من حيث الفهم والتطبيق في ضوء الملاءمة بين ظروف النازلة التي يتناولها النص والمقصد الذي يستشرفه النص نفسه من تطبيقه.
ويستلزم العمل بالمنهج المقاصدي جملة أمور شرعية ولغوية وواقعية حتى يقوم بدوره على أحسن الوجوه وأتمها، وإجمالا فإن العمل بالمقصد في العملية الاجتهادية يقوم على ثلاثة عناصر أساسية، هي: النص، والواقع، والمكلف [20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn20).
فالنص هو الدليل الذي يُراد تطبيق حكمه وعلته ومقصده، والواقع هو ميدان الفعل والتصرف الذي سيكون محكومًا بذلك النص وموجهًا نحو مقاصده وغاياته، والمكلف هو المؤهل عقلاً وشرعا للملاءمة بين النص والواقع، أي هو المجتهد في تنزيل أحكام الشريعة ومقاصدها على الواقع وتقويم الواقع بها، وصولا إلى تحقيق معالجات شرعية لمشكلات ذلك الواقع وأقضيته وأحواله.
وتحيط بتلك العناصر الثلاثة (النص والواقع والمكلف) جملة من الصفات الهامة والمعطيات اللازمة والشروط الضرورية في عملية الاستنباط الفقهي في ضوء مراعاة المقاصد الشرعية، تلك المعطيات التي عبّر عنها العلماء بأنها سائر صفات وشروط المجتهد، و قواعد وضوابط كيفية الاستنباط وأدواته، وجملة شروط التأويل التي ينبغي استحضارها في الاستدلال على أي حكم شرعي للواقعة المستجدة، بغرض أن يتحقق في واقع الناس مراد الشارع على سبيل القطع واليقين أو الظن الغالب والراجح.
فالنص ـ العنصر الأول ـ يستلزم جملة من القواعد والمعلومات اللغوية والأصولية التي يستحضرها المجتهد في التعامل مع النص الشرعي، فهمًا وتطبيقًا، وكل تلك المعلومات اللغوية والأصولية وغيرها، المبثوثة في كتب الأصول، تشكل الأساس الضروري الذي لابد منه في الاجتهاد والاستنباط، وهي في علاقتها بمعانيها ومقاصدها ودلالاتها كعلاقة الشرط بمشروطه، والسقف بجدرانه، فهي أمارات وعلامات دالة على مراد الشارع الحكيم ومقاصده، وأسباب لتحققها وتطبيقها في الواقع، وباعتبار أنها النصف الثاني الذي يشكل مع المقاصد كيان النص ووجوده، (فما أطلقه الله من الأسماء، وعلّق به الأحكام، من الأمر والنهي، والتحليل والتحريم، لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله).
وفهم الواقع الذي يراد تحكيمه بالتعاليم الشرعية ـ وليس العكس ـ يعد عنصرا ثانيًا للعمل بالمنهج المقاصدي، فالنصوص الشرعية لم تأت إلا لتخاطب الواقع وتتنزل فيه على أحسن حال، وأفضل منهج، وأقوم سبيل .. ، وواجب المجتهد أن يكون مدركا لما يجري حوله، ملما بالأعراف العامة لأحوال الناس ـ الذين هم محل الحكم الشرعي ـ مستطيعا للاجتهاد من أجل بسط الدين على واقع الناس، وتقويم مسالكهم بنهجه آخذا بعين الاعتبار معطيات عصره ومشكلاته، فبمقدار فقهه للواقع وبحجم استيعابه، وبمقدار إبصار مقاصد النصوص وأبعادها ينجح ـ أي المجتهد ـ في تحقيق أغراض الدين وخدمة الدنيا، فالدين كما يقول الشاطبي ما وضع إلا لمصالح العباد في العاجل والآجل [21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn21).
[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref1) ـ مجلة البيان، العدد (192)، شعبان 1424،اكتوبر 2003.
[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref2) ـ " أليس الصبح بقريب" ص:200
[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref3) ـ تعريف للدكتور نور الدين الخادمي: الاجتهاد المقاصدي 2/ 40.
[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref4) ـ الموافقات 4/ 175.
[5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref5) ـ الموافقات 2/ 331.
[6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref6) ـ انظر ما قاله الشاطبي في الموافقات 1/ 77 الى 80.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/147)
[7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref7) ـ انظر: مقاصد الشريعة للطاهر بن عاشور ص:41، 50 - 52.
[8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref8) ـ انظر: الموافقات 2/ 168.
[9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref9) ـ انظر: الموافقات 2/ 300و390.
[10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref10) ـ انظر: الموافقات 1/ 337و 2/ 153.
[11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref11) ـ انظر: الموافقات 1/ 301 - 351.
[12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref12) ـ انظر: الموافقات 2/ 121.
[13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref13) ـ انظر: الموافقات 2/ 123 - 124.
[14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref14) ـ انظر: الموافقات 2/ 156.
[15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref15) ـ انظر: الموافقات 1/ 349.
[16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref16) ـ انظر: الموافقات 2/ 306و394.
[17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref17) ـ انظر: الموافقات 2/ 410 والاعتصام 1/ 383.
[18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref18) ـ انظر: الاعتصام 1/ 500.
[19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref19) ـ انظر الموافقات 2/ 393و / 3 119، 120، 122.
[20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref20) ـ انظر كتاب الامة عدد66 "الاجتهاد المقاصدي " للدكتور نور الدين الخادمي الذي بسط القول حول هذه العناصر.
[21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftnref21) ـ انظر الموافقات 2/ 6.
ـ[ام صفاء]ــــــــ[11 - 03 - 09, 06:40 م]ـ
وتتأكد عملية فهم الواقع في العصر الحالي، حيث استجدت الكثير من الحوادث والنوازل في مجالات شتى وبخلفيات مختلفة لا يمكن الحسم فيها من الوجهة الشرعية إلا بمعرفة أحوالها ودقائقها وخلفياتها ودوافعها مما يجلي حقيقتها ويحرر طبيعتها، ويساعد على إدراجها ضمن أصولها وإلحاقها بنظائرها وتأطيرها في كلياتها وأجناسها.
والواقع ليس إلا مجموع الوقائع الفردية والجماعية، الخاصة والعامة، ومن ثم فإن فهم ذلك الواقع هو فهم تلك الوقائع واستيعابها، وتبين طبيعتها وخصائصها، حتى يسهل تنزيل الحكم الشرعي عليها، وهذا هو الذي عبّر عنه الأصوليون بتحقيق المناط الخاص والعام، وهو من أعظم المسالك الاجتهادية الناظرة في الوقائع المختلفة التي لا تنتهي، والتي لم ينص عليها في ذواتها وأعيانها، قال الشاطبي: (إن الشريعة لم تنص على حكم كل جزئية على حدتها، وإنما أتت بأمور كلية وعبارات مطلقة تتناول أعدادًا لا تنحصر، ومع ذلك فلكل معين خصوصية ليست في غيره ولو في نفس التعيين) [22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn22).
وتحقيق المناط تتفاوت مراتبه ودرجاته بتفاوت المدارك والقرائح والملكات، علمًا وصلاحًا، ودربة وخبرة، وباختلاف الوقائع والظواهر، ومدى ظهور أو خفاء خصائصها وملابساتها ودوافعها وغير ذلك، وهو قدر كل مجتهد ومفت وقاض وحاكم، بل هو قدر المكلف نفسه الناظر في ما يتعلق به من أحكام، فهمًا وتنزيلاً .. وإذا كان تحقيق المناط ينبني أولاً على معرفة الموضوع كما هو، فإن معرفة الحوادث متوقفة على أربابها وأصحاب التخصص فيها، فلا يجوز الحكم على قضية معينة في البنوك أو الطب أو القانون أو الفن إلا بما يقوله المتخصصون في ذلك، ثم تتوضح شرعيته بما يقوله خبراء الشريعة وأرباب التخصص الاجتهادي المقاصدي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/148)
إن ذلك التنسيق بين الوحي والواقع ليس بالأمر الهين، ولا يقدر عليه إلا مَن رزقه الله عقلاً نيرا وفكرا رصينا ورأيا حصيفا، متمتعا بحظ وافر من الفهم والإدراك والتمييز والإلحاق والتقعيد والإدراج والمقارنة والترجيح والاستقراء، وغير ذلك مما يعد شروطا أساسية لفهم التكليف وفعله في الواقع.
والعنصر الثالث في إعمال المنهج المقاصدي المكلف، إذ هو محور عملية الاجتهاد ومدارها، فالنصوص ما جاءت إلا للمكلف، والواقع ما حدث إلا به، والذي يهمنا من المكلف عقله الذي يلائم بين مدلول النص وحوادث الواقع، وهو يشمل عقل المكلف العادي فيما كلف به من خطاب شرعي، أمرًا ونهيًا، يتعلق بجملة الأوامر والنواهي التي يجب عليه فهمها وفعلها وأخذها من كتب العلم وكلام الفقهاء، ويشمل كذلك المكلف بالاجتهاد والاستنباط والمأمور ببيان أحكام الشريعة في حوادث عصره ونوازل مجتمعه ..
فالشرع ما نزل إلا ليخاطب عقل المكلف، ويجعله مناطا لتكاليفه وأحكامه، تحملا وأداء، فهما وتنزيلا.
والعقل المراد والمقصود بالكلام هنا ليس عموم أي عقل، بل هو العقل الإسلامي الاجتهادي الذي هو أداة التنسيق والربط بين الوحي الثابت والواقع المتغير، والذي يتحرك في دائرة الشرع وضوابطه و يتخذ من ذلك منهجًا له في تحركه وفعله واستنتاجه وحكمه، بعيدا عن الهوى والتلذذ والتشهي لتكون عملية التنزيل لفهمه الديني قائمة بالأساس على الاستبصار بالوحي لا الانفصال عن بصائر التوجيه الرباني ..
إن العقل الإسلامي الذي يحيط بمدارك الأحكام الشرعية وأقسامها وطرق إثباتها، ويكون على بينة من اختلاف مراتبها، ويفهم معانيها ووجوه دلالات تلك المدارك على مدلولاتها، ويستنبط مراميها وأسرارها ومقاصدها، هو كذلك يباشر الوقائع والحوادث ويفهم حقيقتها وطبيعتها ويفقه ملابساتها وحيثياتها وظروفها، ويقارع صعاب النوازل ويعمل على تقويم اعوجاج ملتويات المسائل، ثم بعد ذلك يلجأ إلى موازنة الوحي بالوقائع، و يتحقق من وجود مناط الحكم الشرعي الذي تحصّل في الذهن في الواقعة المسؤول عنها لينطبق عليها الحكم، فالشريعة الإسلامية لم تنص على حكم كل جزئية بخصوصها وإنما أتت بأمور كلية وعبارات مطلقة، تتناول أعداداً لا تنحصر من الوقائع، ولكل واقعة معيّنة خصوصية ليست في غيرها [23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn23)، قال الشاطبي: "وليس ما به الامتياز معتبرا في الحكم بإطلاق ولا هو طردي بإطلاق، بل ذلك منقسم إلى الضربين وبينهما قسم ثالث يأخذ بجهة من الطرفين فلا يبقى صورة من الصور الوجودية المعينة إلا وللعالم فيها نظر سهل أو صعب حتى يحقق تحت أي دليل تدخل ... ولا يتعين ذلك إلا بنظر واجتهاد ... فإذا تعين له قسمها، تحقق له مناط الحكم فأجراه عليه ... ولو فرض ارتفاع هذا الاجتهاد لم تتنزل الأحكام الشرعية على أفعال المكلفين إلا في الذهن، لأنها مطلقات وعمومات وما يرجع إلى ذلك منزلات على أفعال مطلقات كذلك، والأفعال لا تقع في الوجود مطلقة، وإنما تقع معينة مشخصة، فلا يكون الحكم واقعا عليها إلا بعد المعرفة بأن هذا المعين يشمله ذلك المطلق أو ذلك العام، وقد يكون ذلك سهلا وقد لا يكون وكله اجتهاد" [24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn24).
والذي يتمكن من كل هذا كما قال ابن القيم هو المحصل (لنوعين من الفهم، أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما، و الثاني فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر ... فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله) [25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn25).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/149)
وواجب العلماء اليوم ـ يقول الدكتور نور الدين الخادمي [26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn26) ـ " تشكيل عقل جماعي متخصص ينظر للواقع بشمول وإحاطة واستيعاب، ويزن الأمور بميزان الجماعية التي بارك الله فيها من جهة، والتي يتوقف فهم الواقع المعاصر عليها، لما بلغته قضاياه وأحواله من تشعب وتعقيد واختلاط وتداخل في صوابه وخطئه، في حلاله وحرامه، وبخاصة في زماننا الذي انمحت فيه الحدود وزالت فيه الحواجز، وغزت العالم الإسلامي في عقر داره أعراف العالم الآخر ونظمه وقوانينه، وغدت المبادلات فيه على أسس لا توافق في أحايين كثيرة الأسس الفقهية المعروفة. وقد ازداد الأمر تعقيداً بظهور المخترعات العلمية الحديثة التي جرت معها قطاراً من المسائل العويصة التي يتوقف فهمها على ذوي الاختصاص والخبرة لطبيعتها وماهيتها، هذا فضلاً عما شاب العقل الإسلامي من اختلالات واهتزازات في الفهم والتمييز بسبب اختلاط الثقافة الإسلامية بثقافات أخرى، وليس مع ذلك الاختلاط من تحصين ووقاية .... إن التحديات الفكرية والاقتصادية والحضارية المعاصرة التي تواجه الكيان العام، وتستهدف البناء القيمي التشريعي الإسلامي لن يكون مقدورًا عليها إلا بتشكيل العقل العام والضمير الجماعي المتشبع بالروح العقدية والفكرية الأصيلة، والروح المعنوية والوجدانية العالية، والنفس الإصلاحي التعميري الشامل، والرغبة في الشهادة على العالم، وإحياء الخيرية والرحمة لكافة الناس".
إن إعمال دور المقاصد الشرعية في المساهمة في معرفة الخلل الذي أصاب منهج النظر والاستدلال في إيجاد الحلول الإسلامية لما استجد من الوقائع والأحداث آكد ومعتبر لأجل تصحيح مساره واستشراف الحلول من خلاله. فالمجتمعات الإسلامية أصبحت تنحو إلى الكماليات والإسراف في استعمالها والإغراق في تعاطيها ونشرها، بينما الردّ إلى مقاصد الشريعة يعيد الاعتبار إلى فقه الأولويات ويثبت في الذهن ميزان المنافع أو المضار بدأً بحفظ الضروريات التي لا يقوم مجتمع إلا بها في كل شؤونه الحياتية والفكرية ثم الحاجيات ثم التحسينيات، والإخلال في هذا إخلال في بنية المجتمع والأفراد.
يقول العز بن عبد السلام – رحمه الله- في كون تصرفات الناس العامة لا تخلو في ماهيتها من قبيل المصالح أو المفاسد ولضبط هذه الأفعال قال -رحمه الله-: "الأفعال ضربان: أحدهما المصالح وهي أقسام:
(احدهما) ما هو مصلحة خالصة من المفاسد السابقة واللاحقة والمقترنة و لا يكون إلا مأذوناً فيها إما إيجابا أو ندباً أو إباحة (القسم الثاني) ما هو مصلحة على مفسدة أو مفاسد وهي ما دونه. (القسم الثالث) ما هو مصلحة مساوية لمفسدته أو مفاسده. (القسم الرابع) ما هو مصلحة مساوية لمصلحة أو مصالح فإن أمكننا الجمع جمعنا وإن تعذر الجمع تخيرنا، ومهما تمحصت المصالح قدمنا الأفضل فالأفضل، والأحسن فالأحسن ولا نبالي بفوات المرجوح.
الضرب الثاني: المفاسد وهي أقسام:
(أحدها) ما هو مفسدة خالصة لا يتعلق بها مصلحة سابقة ولا لاحقة ولا مقترنة، فلا تكون إلا منهياً عنها، إما حظراً، وإما كراهة. (القسم الثاني) ما هو مفسدة راجحة على مصلحة أو مصالح وهي منهية. (القسم الثالث) ما هو مفسدة مساوية لمصلحة أو مصالح، فإن أمكن درء المفسدة وجلب المصلحة أو المصالح قلنا بذلك وتركنا المفسدة وأثبتنا المصلحة أو المصالح. وإن تعذر الجلب والدرء ففيه نظر.
(القسم الرابع) ما هو مفسدة مساوية لمفسدة أو مفاسد فإن أمكن درء الجميع درأناه وإن تعذر تخيرنا ومهما تمحصّت المفاسد درأنا الأرذل فالأرذل والأقبح فالأقبح" [27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn27).
ونظراً لصعوبة الترجيح في المصالح والمفاسد المتعارضة سطر لنا كذلك العلماء قواعد فقهية تساعد على الترجيح بين المصالح والمفاسد المتعارض، يحفظها الفقيه ليفتي بها ويحفظها غيره ليتزن على وفقها، ومن أمثال هذه القواعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/150)
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح – تفوت أدنى المصلحتين لحفظ أعلاهما – المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة- الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف- الضرر لا يزال بمثله- يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام- الضرورات تبيح المحظورات- الضرورات تقدر بقدرها- إذ تعارضت مصلحتان أمام الفرد، فعليها أن يقدم المصلحة المتعلقة بأمر ضروري على الحاجي والحاجي على التحسيني وإذا تعارضت مصلحتان في نفس الرتبة تقدم مصلحة حفظ الدين على حفظ النفس والنفس على العقل والعقل على النسل والنسل على المال. وإذا تعارضت مصلحتان في نفس المرتبة وتتعلق بنفس الأمر تقدم المصلحة العامة التي تتعلق المجموع على المصلحة الخاصة – المتعدي أفضل من القاصر والفرض أفضل من النفل_ لا عبرة بالظن البين خطؤه – ويغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد. إلى غير ذلك من القواعد المنظّمة للعقل والمؤسسّة لمنهج الاجتهاد المقاصدي الصحيح.
فالشريعة الإسلامية نظام متكامل ونسيج يكمل بعضه بعضًا، ويفسر بعضه بعضًا، ولذلك كان النظر المقاصدي قائمًا على هذا الاعتبار، إذ لا يمكن مراعاة مقصد معين ومصلحة جزئية إلا إذا كان ذلك غير عائد على ما هو أهم بالإبطال والتعطيل، وأن يكون خادمًا للنظام المقاصدي كله، وعلى هذا الأساس يتم الترجيح بين المصالح عند التعارض، فالمصلحة الخاصة لا يؤخذ بها إذا تعارضت مع المصلحة العامة، والمصلحة الظنية تتفاوت درجات ظنيتها بحسب تواتر الأدلة عليها، إذ واجب المجتهد إذا أراد الحكم على ظنية المقصد أو قطعيته، النظر في أكثر ما يمكن من الأدلة، وأن يكون نظره دائرًا ضمن فهم متكامل ومتناسق لتلك الأدلة .. والمقصد لا يعتبر إذا تركت وسيلته الشرعية المتعينة، وكذلك الوسيلة ترد إذا لم تؤد إلى مقصدها الشرعي المعلوم، وغير ذلك من المسالك الشرعية والمقاصدية، التي يتمظهر فيها بحق البعد التكاملي والطابع الشمولي لدراسة الظواهر والحوادث، وتحديد أحكامها على وفق المقاصد والضوابط الشرعية.
وإجمالا فإن المنهج المقاصدي يشكل النظام الشامل والنسيج الأصولي المتناسق الذي على المجتهد أن يستحضره ويطبقه في عملية الفهم والاستنباط، فهو منهج يسير على خطين متوازيين: الأول فهم الأحكام الشرعية فهماً كلياً مترابطاً لا فهماً تجزيئياً، والثاني مبني على الاول في استنباط أحكام الشريعة لوقائع مستجدة أو في الكشف عن الموهوم والمظنون والمردود والمرجوح من أحكام اجتهادية سابقة، قال الشاطبي:" إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين: أحدهما فهم مقاصد الشريعة على كمالها، والثاني التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها" [28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn28).
لذلك كان المنهج المقاصدي منهجا لا يقف عند ظواهر النصوص فقط، بل يتجاوزها إلى إدراك معانيها وبواطنها وعللها، دون الإخلال بقاعدة مقررة عند علماء الشرع " عدم العدول عن الظاهر بلا موجب في الاستدلال بالنصوص"، فهو منهج يحقق الوسطية في فهم النصوص من حيث المبنى والمعنى، إذ يسير بين اتجاهين: بين ظاهرية مفرطة وباطنية مغرضة، وقد أشار الشاطبي [29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn29) إلى:
الاول المتمثل في الاتجاه الظاهري الذي نفى أن تكون الشريعة معقولة المعنى معللة بمقاصدها وعللها ومصالحها، وأن ظواهر النصوص كافية لمعرفة الأحكام، وأنه لا عبرة لما وراء ذلك من أقيسة واستصلاح وعُرف واستحسان واعتبار المآل وغيره.
وإلى الثاني الذي ينفي كون مقصد الشارع في الظواهر، حتى أنه لا يبقى متمسك في أي ظاهر، ورأى رحمه الله استقامة سبيل الاستدلال لمن يقول باعتبار الأمرين جميعاً، على وجه لا يخل فيه المعنى بالنص ولا بالعكس، لتجري الشريعة على نظام واحد لا اختلاف فيه ولا تناقض [30] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn30).
إن المنهج المقاصدي في الاجتهاد موقف وسط في التعامل مع المقاصد من خلال كليات الشريعة والنصوص الجزئية، فقد تباينت آراء الباحثين حول المقاصد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/151)
بين مبالغ في اعتبارها متوسع في التماسها دون ضوابط منهجية وثوابت شرعية، متجاوز لحدود عمومها حيث جعله قطعياً وجعل شمولها مطرداً متجاهلاً ما يعتري العموم من التخصيص وما ينبري للشمول من معوقات التنصيص، فألغوا أحكام الجزئيات التي لها معان تخصها بدعوى انضوائها تحت مقصد كلي شامل، فانتهى بهم هذا السبيل إلى التحلل من أحكام الشرع أو إلى تقييد نصوصها ومحاصرتها باسم المصالح والمقاصد.
وبين مجانب للمقاصد متعلقاً بالنص الجزئي إلى حد إلغاء المقاصد والحكم الكلية للتشريع التي تعترض ذلك النص وتحد من مدى تطبيقه وتشير إلى ظرفيته فهي كالمقيد له والمخصص لمدى اعتباره.
والمنهج الصحيح وسط بين هذا وذاك، يعطى الكلي نصيبه ويضع الجزئي في نصابه. وقد انتبه لهذه المزالق الشاطبي رحمه الله تعالى حيث حذر من تغييب الجزئي عند مراعاة الكلي ومن الإعراض عن الكلي في التعامل مع الجزئي حيث قال: (فمن الواجب اعتبار تلك الجزئيات بهذه الكليات ـ يعني الضروريات والحاجيات والتحسينيات ـ عند إجراء الأدلة الخاصة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، إذ محال أن تكون الجزئيات مستغنية عن كلياتها، فمن أخذ بنص مثلا في جزئي معرضاً عن كلية فقد أخطأ، وكما أن مَنْ أخذ الجزئي مُعْرِضَاً عن كلية فهو مخطئ كذلك مَن أخذ بالكلي معرضاً عن جزئية .. ) [31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn31).
إن المنهج المقاصدي الذي ينتج فقها يشمل شؤون الحياة كلها، بحيث يستوعب الوحي كإطار مرجعي وضابط منهجي، ويستنفر العقل ويشحذ فاعليته كوسيلة لفهم الوحي وفهم المجتمع والواقع- هو القادر على إصلاح أحوال الأمة وفق أولويات معتبرة شرعا وحسب إمكانات واستطاعات كل مرحلة، بحيث يتم الاستخدام الأفضل للإمكانات، وتصبح قاصدة بعيدة عن الهدر والضياع والضلال.
خلاصة القول: إن المنهج المقاصدي بقواعده المحكمة وضوابطه الشرعية يحقق الوسطية التي تأخذ بالعزائم دون التجافي عن الرخص في مواطنها، و تطبق الثوابت دون إهمال للمتغيرات ويقام وزن للزمان والمكان دون تحكيمهما في كل الأحيان، ويتعامل مع تحقيق المناط في الأشخاص والأنواع، وتضبط قواعد الإعمال للحاجات والمصالح وعموم البلوى وعسر الاحتراز، ويتم بموجبه الربط الواصب بين النصوص وبين معتبرات المصالح في الفتاوى والاجتهاد، فلا شطط ولا وكس.
و أنبه في الأخير إلى أن الاجتهاد الآخذ بالاعتبار مقاصد الشرع أمر يحتاج إلى علم ودراية، وصبر ومثابرة، وتمحيص وتدقيق، فبغير هذا كله سيكون الأمر – لا قدر الله – تألها وتطاولا على الله من خلال نسبة القصد إليه سبحانه دون علم أو دراية.
كما أن إعمال المنهج المقاصدي لا يفضي في النهاية إلى إجابات مجمع عليها في كل المسائل لأن ذلك أمر يتعذر، لما طبع الله عليه البشر من تباين النظر. وحسبنا أن يساهم في تقريب شقة الخلاف وتضييق مجالاته، وتوجيه النظر إلى البصر بالأهداف الحقيقية من الوجود الإنساني كما أرادها الخالق سبحانه وكما أرشد إليها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وأن يسهم في تكوين العقل المقاصدي الذي يمتلك أدوات البحث والمعرفة، وإمكانية النظر في المآلات والعواقب، الذي يحقق التحول من عقلية التلقين والتلقي إلى عقلية التفكير والاستنتاج والاستدلال والاستقراء والتحليل والنقد والموازنة والاستشراف المستقبلي، وعدم القبول لأي فكر أو اجتهاد بغير سلطان أو بغير برهان تحت شعار (هاتوا برهانكم)، ويصير عقلا مستبينا يحسن التعامل مع الأسباب والمقدمات والتسخير للسنن، ويمتلك ناصية سنة المدافعة فيستطيع مدافعة قدر بقدر أحب إلى الله، كما يقول ابن القيم رحمه الله: (ليس المسلم الذي يستسلم للقدر، ولكن المسلم هو الذي يدفع القدر بقدر أحب إلى الله) [32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn32).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/152)
وحسبنا ايضا من هذا المنهج ان يسهم في إبراز أسس التعامل مع النصوص الشرعية وفهم ضوابطها وآليات الاستنباط منها، وكذا فهم الواقع وحيثياته توصلا إلى مزج فقه النص وفقه الواقع بما يحقق مقصد الشارع في حفظ نظام الأمة واستدامة صلاح الإنسان وتنمية طاقاته وقدراته الفكرية والاقتصادية والاجتماعية وكما يقول المرحوم علال الفاسي: (المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها وقيامهم بما كلفوا به من عدل واستقامة ومن صلاح في العقل وفي العمل وإصلاح في الأرض واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع الجميع) [33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn33).
والله الموفق
[22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref22) ـ الموافقات 4/ 92.
[23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref23) ـ انظر الموافقات 4/ 92.
[24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref24) ـ الموافقات 4/ 92 - 93.
[25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref25) ـ اعلام الموقعين 1/ 87 - 88.
[26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref26) ـ كتاب الأمة عدد 66:الاجتهاد المقاصدي 2/ 83 - 84 بتصرف.
[27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref27) ـ قواعد الاحكام في مصالح الانام ص 56.
[28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref28) ـ الموافقات 4/ 105 - 106.
[29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref29) ـ انظر الاعتصام 1/ 192و الموافقات 2/ 392.
[30] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref30) ـ انظر الموافقات2/ 393.
[31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref31) ـ الموافقات 1/ 24.
[32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref32) ـ عمر عبيد حسنة: مقدمة كتاب الأمة عدد 57: "عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية لمصطفى محمد حميداتو" ص7
[33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftnref33) ـ مقاصد الشريعة الاسلامية ومكارمها 45 - 46.
ـ[ام صفاء]ــــــــ[11 - 03 - 09, 06:55 م]ـ
" ضوابط المنهج المقاصدي " موضوع المداخلة التي شاركت بها في الندوة الدولية " مناهج الاستمداد من الوحي" التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء بمدينة تطوان (أقصى شمال المغرب) السنة الماضية، وقد نشرت جميع أبحاث هذه الندوة في كتاب يحمل نفس عنوانها، ولمزيد من الاطلاع يرجى زيارة موقع الرابطة www.arrabita.ma(113/153)
كل مايتعلق بالأمر ودلالته
ـ[ابوعبدالله البدارين الدوسري]ــــــــ[12 - 03 - 09, 10:54 ص]ـ
الإخوة الكرام ...
من المباحث المهمة جداً في أصول الفقه مبحث الأمر ودلالته فأمل إضافة كل مايتعلق به من كتب متقدمة أو رسائل معاصرة،وذلك لتسهيل الوصول لمن أراد النفع والفائدة ...
-لازال التوفيق رفيقكم وحليفكم-
ـ[ابو عبدالمحسن]ــــــــ[28 - 03 - 09, 12:15 ص]ـ
1 - الأمر والنهي وما يتوقف عليه المطلوب (132 صفحة) للدكتور علي مصطفى رمضان دار الهدى للطباعة 1401هـ-1981م0
2/ مباحث في الأمر بين العلماء (175 صفحة) للدكتور عبدالقادر شحاته محمد دار الهدى للطباعة 1404هـ-1984م
3 - الأمر ودلالته على الأحكام الشرعية (166 صفحة) للدكتور محمود أحمد محمد عبدالله دار المنار
4 - وهناك رسالة للدكتور محمد بن ناصر الشثري وهي عبارة عن بحث له في مرحلة البكالريوس0
هذا ما حضرني الآن0
ـ[ابوعبدالله البدارين الدوسري]ــــــــ[28 - 03 - 09, 11:58 م]ـ
أخي وفقه الله ...
في أي دار أجد الكتب المذكورة وبالأخص الر سالة العلمية.
ـ[ابو عبدالمحسن]ــــــــ[30 - 03 - 09, 02:18 ص]ـ
حياك الله أخي الكريم وشكراً لدعوتك
بالنسبة لي حصلت على الكتب الثلاثة الأولى بالتصوير من مركز الملك فيصل للبحوث، وقد صورتها عام 1415هـ ومنذ ذلك الوقت إلى الآن لم أجدها في المكتبات لأقوم بشرائها0
أما الكتاب الرابع فهو بحث صغير جداً وليس برسالة علمية كما نوهت أعلاه حيث ذكرت إنه بحث في مرحلة البكالريوس، وهو مطبوع ومتداول ربما تجده في مكتبة الرشد إذا كنت من سكان السعودية0
أتمنى لك ولجميع الإخوة التوفيق0(113/154)
الاخوة والاشقاء من أهل مصر عاجل عاجل عاجل
ـ[راشد القحطاني]ــــــــ[13 - 03 - 09, 05:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد ...
أرجوا من الاخوة الاكارم من اهل مصر ومن طلبة العلم ان يزودونا بنسخة من كتاب دراسات حول الاحماع والقياس للاستاذ شعبان محمد اسماعيل ...
لانني لم استطع الحصول على نسخة منه في بلادي
ودمتم سالمين(113/155)
أشكلت علي عبارة في كشف الأسرار
ـ[النقاء]ــــــــ[13 - 03 - 09, 05:57 م]ـ
العبارة هي:
((ثم لا خلاف أن استصحاب حكم عقلي: وهو كل حكم عرف وجوبه وامتناعه وحسنه وقبحه بمجرد العقل،
أو استصحاب حكم شرعي ثبت تأبيده أو توقيته نصا أو ثبت مطلقا وبقي بعد وفاة النبي عليه السلام واجب العمل به لقيام دليل البقاء وعدم الدليل المزيل قطعا. ولا خلاف أن استصحاب حكم ثبت بدليل مطلق غير معترض للزوال والبقاء ليس بحجة قبل الاجتهاد في طلب الدليل المزيل لا في حق غيره ولا في حق نفسه لأن جهله بالدليل المزيل بسبب تقصير منه لا يكون حجة على غيره ولا في حق نفسه أيضا إذا كان متمكنا من الطلب إلا أن لا يكون متمكنا منه.))
وجه الإشكال:
1 - ما هو التحسين و التقبيح و الوجوب و الامتناع الذي يقتضيه العقل و لا خلاف في استصحابه؟ مع التمثيل. و هل هي البراءة الأصلية؟ و إذا كانت هي البراءة الأصلية كيف خرجها السادة الحنفية على أنها من قبيل التحسين و التقبيح و الوجوب و الامتناع بمجرد العقل؟
2 - ما هو مثال الحالتين الباقيتين؟
و جزاكم الله خيرا
ـ[النقاء]ــــــــ[14 - 03 - 09, 06:23 م]ـ
أحبابي في الله، الموضوع عاجل، و لو أن ترشدوني إلى مراجع للحنفية اهتمت بهذا الجانب،،، أو مراجع أخرى توضح هذه العبارة، أو هذا المذهب للسادة الحنفية(113/156)
التزهيد في أصول الفقه!!
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[15 - 03 - 09, 02:13 م]ـ
التزهيد في أصول الفقه!!
للأسف لا زال البعض يزهد في هذا العلم الجليل
فهو علم أكثره غير نافع
وفيه حشو كثير
والاشتغال به مضيعة للزمن
وقد احتله المتكلون فأفسدوه
ويكفي فيه أحد أخصر المختصرات، ولو أمكن عصره بعد لكان أحسن!
ولستُ في مقام بيان فضل هذا العلم، ولكن أكتفي بسؤال واحدٍ، فخير الكلام ما قل ودل:
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
وقد غدت اليوم هذه المختصرات من كثرتها عيية عن الحصر
وأكثرها قائم على الحذف والاختزال بحجة أن أكثر أصول الفقه فاسد أو مفسد.
فهم حصلوا خيراً، وتركوا من ورائهم أضعافه.
أما الشروح والحواشي والردود فذاك زمنٌ ولى، له رجاله الذين قضوا
وبالمناسبة أكثر الملاحظات الوجيهة على أصول الفقه إن لم تكن كلها هي تقريباً محل اتفاق بين أهل الأصول.
ومن تقاصرت يده عن العنب فبالله عليه لا يحمِّضه علينا.
وما مثل أصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فمن تاقت نفسه له ذلَّت نفسه إليه
وهانت في سبيله كل عقبة كؤود ...
وما مثل كثير من المعاصرين وتناولهم لأصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فلعنوا الجبل!
وتركوا الكنز!
وتعلَّلوا بالنظر إليه!
لأن الجبل فيه ...
ولأن الجبل منه ...
ولأن الجبل عليه ...
ولذا فنصيبهم من أصول الفقه اسمه ولونه ولمعانه!
ورضوا بذلك عن حيازة جوهره ومعدنه!
فليشتروا بما حازوا لعلهم يدركوا النائل من الفائت!
وليخبروا المبتاع
عن الجبل ولعنته!
لعله يصدِّقهم فيحسب لهم الفرق
بين الكنز وصورته
وبين الدرهم وصوته
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:
"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
ـ[أحمد محمد بسيوني]ــــــــ[15 - 03 - 09, 03:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
الإنسان عدو ما يجهل.
وكم من علم ترك الطلبة مدارسته بحجة عدم جدوى ذلك، وعند إمعان النظر يظهر أن سبب الترك إما عدم فهم هذا العلم، وإما عد المحاولة في فهمه.
والأولى لمن كان هذا حاله أن يعين القائمين على هذا العلم الذي جهله بدل محاولة نقضه.
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[15 - 03 - 09, 04:53 م]ـ
التزهيد في أصول الفقه!!
للأسف لا زال البعض يزهد في هذا العلم الجليل
فهو علم أكثره غير نافع
وفيه حشو كثير
والاشتغال به مضيعة للزمن
وقد احتله المتكلون فأفسدوه
ويكفي فيه أحد أخصر المختصرات، ولو أمكن عصره بعد لكان أحسن!
ولستُ في مقام بيان فضل هذا العلم، ولكن أكتفي بسؤال واحدٍ، فخير الكلام ما قل ودل:
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
وقد غدت اليوم هذه المختصرات من كثرتها عيية عن الحصر
وأكثرها قائم على الحذف والاختزال بحجة أن أكثر أصول الفقه فاسد أو مفسد.
فهم حصلوا خيراً، وتركوا من ورائهم أضعافه.
أما الشروح والحواشي والردود فذاك زمنٌ ولى، له رجاله الذين قضوا
وبالمناسبة أكثر الملاحظات الوجيهة على أصول الفقه إن لم تكن كلها هي تقريباً محل اتفاق بين أهل الأصول.
ومن تقاصرت يده عن العنب فبالله عليه لا يحمِّضه علينا.
وما مثل أصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فمن تاقت نفسه له ذلَّت نفسه إليه
وهانت في سبيله كل عقبة كؤود ...
وما مثل كثير من المعاصرين وتناولهم لأصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فلعنوا الجبل!
وتركوا الكنز!
وتعلَّلوا بالنظر إليه!
لأن الجبل فيه ...
ولأن الجبل منه ...
ولأن الجبل عليه ...
ولذا فنصيبهم من أصول الفقه اسمه ولونه ولمعانه!
ورضوا بذلك عن حيازة جوهره ومعدنه!
فليشتروا بما حازوا لعلهم يدركوا النائل من الفائت!
وليخبروا المبتاع
عن الجبل ولعنته!
لعله يصدِّقهم فيحسب لهم الفرق
بين الكنز وصورته
وبين الدرهم وصوته
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:
"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
شكر الله لكم ياشيخنا أبا فراس ..
ـ[ام صفاء]ــــــــ[15 - 03 - 09, 08:37 م]ـ
سألت يوما بعض الطلبة الباحثين"لم أراكم مدبرين عن علم أصول الفقه غير مقبلين على البحث في موضوعاته، خاصة وان بضاعتكم منه ضعيفة؟ " فكان جوابهم يشبه هذا "الاشتغال به مضيعة للزمن" بل بعضهم قال:انه مما استأثر الله بعلمه، وما اوتينا منه الا قليلا ... فلا حول ولا قوة الا بالله .......
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 03 - 09, 10:39 م]ـ
بوركتَ ..
لا يُفلح من زهد في علم اشتغل به السلف الصالح ..
وفي نص قديم لمحمد بن الحسن يذم مخالفه بقوله: ((هذا قول من لا يعرف أصول الفقه))
ولكن الإشكال في هذه:
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:
"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
أي أصول تلك التي تقضي ولا يُقضى عليها (؟؟)
لا يا مولانا ..
بل كل مسألة من مسائل العلم -غير القطعية الظاهرة- قابلة لأن يُقضى عليها معروضة للبحث والنظر ..
والنقد الصحيح الموجه لعلم أصول الفقه: هو أنا لا نؤمن باتصال سنده ..
نعم. لا نؤمن أن الذي كتبه الباقلاني والجويني والسمعاني والغزالي والشيرازي والرازي = موصول النسبة وصلاً صحيحاً بالذي كان عند الصحابة والتابعين وأبو حنيفة وصاحبيه ومالك والشافعي وفقهاء أهل الحديث ..
وبحث العلاقة والنظر في تلك الحلقة المفرغة هو الذي نرى وجوب توجيه النظر له من قبل الباحثين ..
ولا يستطيع باحث أن يقوم بهذا وقد درس مختصراً أو معتصراً .. بل مالم يُخالط تاريخ هذا العلم دمه وتمس كتب الرازي عظامه = فلا يستطيع نظراً صحيحاً في ما يروم ..
والزعم كثير .. والإدعاء أكثر .. والحيل أغزر .. وما كل من هم فعل ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/157)
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[15 - 03 - 09, 11:05 م]ـ
بوركتَ ..
لا يُفلح من زهد في علم اشتغل به السلف الصالح ..
وفي نص قديم لمحمد بن الحسن يذم مخالفه بقوله: ((هذا قول من لا يعرف أصول الفقه))
ولكن الإشكال في هذه:
أي أصول تلك التي تقضي ولا يُقضى عليها (؟؟)
لا يا مولانا ..
بل كل مسألة من مسائل العلم -غير القطعية الظاهرة- قابلة لأن يُقضى عليها معروضة للبحث والنظر ..
.. [/ COLOR][/SIZE]
[/CENTER]
أخي الكريم ليس مقصود ابن دقيق العيد رحمه الله أن مسائل أصول الفقه لا يتوجه لها النقد؛ فإن هذا محل اتفاق بين أهل الأصول، ولم يخل أحد منهم من اعتبار هذا النقد.
وابن دقيق العيد نفسه له الكثير من الانتقادات والاستدراكات والاعترضات.
المقصود، هو أن هذا العلم بأدواته قاضٍ على العلوم الشرعية في تحصيل الحكم، وفي بناء الدليل.
وليست هي تقضي عليه.
إن كان هناك استدراك فهو إما على المسألة الأصولية، ومحل بحثها بين أهل الأصول
أو أن ثمة خللا في استعمال هذه القاعدة.
فعلم أصول الفقه يقضي ويحكم في صلب العلوم الشرعية حكما ودلالة، وليست هي تقضي عليه.
فموضوع أصول الفقه هو الأدلة أو الأدلة والأحكام على خلاف بين أهل الأصول.
أياً كان، فكما أن البدن هو موضوع الطب
فإن أدلة الشريعة أو أدلتها وأحكامها هي موضوع أصول الفقه.
فأصول الفقه هو الحاكم فيها.
وبهذا يكون داخل في هذا المعنى الفقيه والمحدث والمفسر المستعملين الأدوات الأصولية ...
وليس شيء من علوم الشريعة سواه يقضي عليه، نعم قد يختص بمعنىً زائد فهذا صحيح، ولم يدَّعوه.
والكلام إنما هو في أن أصول الفقه يقضي على غيره، وليس غيره يقضي عليه.
هذا باعتبار النظر إلى موضوعه.
وهو متحقق فيه تماماً، والله أعلم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 03 - 09, 11:16 م]ـ
ليس النزاع في كونه يقضي ..
النزاع في هل يقضى عليه (؟؟)
نعم يُقضى عليه بأدوات أُخر ..
وعندي: أن العربية هي القاضي الحاكم المتصرف في أغلب أصول الفقه ..
ولذا ترى بعض الأصوليين يزعم أن عندهم من التحقيق والزيادة في العربية ماليس عند أهلها ..
وبعضهم يزعم: أن العربية اللازمة للاستنباط هي بعض موضوع أصول الفقه ..
وكلامنا إنما هو عن العلم المعين الذي تضمه الكتب المعينة وأنه يقضي عليه العلم بالعربية من جهة تحقيق إصابة مؤلفي هذا العلم فيما زعموه من مسائل العربية ..
وعلم الحديث يحكم ويقضي على الذي تضمه الكتب المعينة من جهة تحقيق إصابة مؤلفي هذا العلم فيما زعموه من مسائل الحديث ..
وهكذا ..
أما أصول الفقه الصحيحة المسلمة والقطعية (بما فيها من عربية صحيحة ومنهج نقد للسنن صحيح)) = فهي التي تقضي ولا يُقضى عليها ..
وليس الكلام فيها وإنما في المكتوب في الكتب بجملته ..
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[15 - 03 - 09, 11:28 م]ـ
[
والنقد الصحيح الموجه لعلم أصول الفقه: هو أنا لا نؤمن باتصال سنده ..
نعم. لا نؤمن أن الذي كتبه الباقلاني والجويني والسمعاني والغزالي والشيرازي والرازي = موصول النسبة وصلاً صحيحاً بالذي كان عند الصحابة والتابعين وأبو حنيفة وصاحبيه ومالك والشافعي وفقهاء أهل الحديث ..
وبحث العلاقة والنظر في تلك الحلقة المفرغة هو الذي نرى وجوب توجيه النظر له من قبل الباحثين ..
ولا يستطيع باحث أن يقوم بهذا وقد درس مختصراً أو معتصراً .. بل مالم يُخالط تاريخ هذا العلم دمه وتمس كتب الرازي عظامه = فلا يستطيع نظراً صحيحاً في ما يروم ..
والزعم كثير .. والإدعاء أكثر .. والحيل أغزر .. وما كل من هم فعل ..
[/ CENTER]
أخي الكريم، هذه الفقرة من كلامك تدل على سعة اطلاعك، ودقة ملاحظتك، أسأل الله عز وجل أن يزيدك من فضله.
نعم، هناك حلقة مفرقة بين كتابة الشافعي وكتابة من بعده، إن كان ذلك بالنظر إلى الزمن أو إلى الموضوع.
فبالزمن فإن الشافعي قد توفي سنة 204 هـ.
والكتابات بعده تأخرت إلى ما بين قرن وقرنين وثلاثة.
نعم، تقدم الشافعي وعبقريته سمحت له بسبق زمنه في تسجيل "الرسالة"
لكن أن تتأخر الكتابة الأصولية بعده إلى هذه الأزمنة المتأخرة عنه فهذا لا يمكن تفسيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/158)
كما أنه لا يمكن القول إن الكتابة بدأت من التواريخ التي وصل إلينا نتاجها، لأنه ظاهرٌ جداً أن الكتابة لم تستأنف من تلك الأزمنة، فهي ليست على غرار صناعة الشافعي المبتكرة، إنما هي مبنية على ما قبلها.
إذن هناك ما كتُبِ في الأصول ولم يصل إلينا، هذا مقدار يمكن الجزم به.
أما عن النقد الموجه إلى اتصال سند أصول الفقه.
فأيضاً هو أقرب إلى التشكيك منه إلى النقد، لأنه لم يبنى على اعتبارات علمية، وكونك لا تثق لا يعني شيئا في ترتيب الحقائق.
فهناك مقدارٌ مستيقن النسبة إلى العُصُر الأولى، بل وإلى عصر التشريع.
وهناك مقدار مستيقن الغلط، ومعروف الغلط، بل وزمن الحدوث.
وهناك مقدار شاع في كتب الأصول، وفيه أرى وجاهة ما أوردته من إيرادات، ويعوزه بحثٌ ونظر.
وعموماً فالصياغة الأصولية من الباقلاني ومن بعده هي صياغة كلامية مستنيقنة، ولم تحدث إلى الساعة إعادة صياغة، وكل الواقع ما هو إلا اختصار لا أقل ولا أكثر.
فروضة ابن قدامة فمسودة ابن تيمية، فكتابات الشاطبي فالبحر المحيط وإرشاد الفحول فملخصات المعاصرين كلها ماشية على الترتيب والنسق الكلامي، حتى إن حذفوا ما حذفوا.
ولذا فعملية التجديد الأصولية الفعلية إن كانت سترى النور فلها طريق واحد فقط:
وهي إعادة الصياغة باعتبار النظر إلى تطبيقات الأئمة، فستقرى منهم، وتستقى بطريقة أو أخرى كطريقة ابن عبد البر وطريقة ابن دقيق العيد، ثم تقعَّد على الأبواب الأصولية، وهذه الطريقة مأمونة الدخل، لأن كلام أصول الفقه فيها نابع عن عمل وأثر.
وللأئمة الكبار ملاحظات أصولية لا أثر لها في كتب الأصول.
والسبب في هذا أن الفقه قد وصل إلى مرحلة من النضج، واضح الطرق، بين المعالم، مكشوف السبل.
وصياغة المتكلمين للأصول إنما كانت قراءة يغلب عليها التحليل وما غلب على علومهم.
فهي مثل طريقة ابن رشد في بداية المجتهد حين يحاول في بعض المواضع أن يتكلف سبب الخلاف، وقد يكون الأمر ليس كذلك.
وعمل ابن رشد في وقته مبرر بل ومسجل في حيز الإبداع، لكن ليس بالضرورة أن تكون هي الطريقة المثلى الآن في معرفة سبب الخلاف لانكشاف المسائل.
وقل مثل ذلك في أصول الفقه، فما كتبه الأصوليون هو ما بيدهم وهو طاقتهم.
لكن الآن فقد تغيرت المعطيات.
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[15 - 03 - 09, 11:37 م]ـ
ليس النزاع في كونه يقضي ..
النزاع في هل يقضى عليه (؟؟)
نعم يُقضى عليه بأدوات أُخر ..
وعندي: أن العربية هي القاضي الحاكم المتصرف في أغلب أصول الفقه ..
بارك الله فيكم ملاحظة وجيهة، هي بحاجة إلى نظر.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 03 - 09, 11:41 م]ـ
أخي الكريم، هذه الفقرة من كلامك تدل على سعة اطلاعك، ودقة ملاحظتك، أسأل الله عز وجل أن يزيدك من فضله.
أنت أولى بها ...
وجزيت خيراً ..
وربما كانت الحلقة المفرغة واختلاف الصياغة هما الدليل على انقطاع السند ..
تنبيه: نبهني الشيخ ابن وهب إلى أن العبارة المذكورة عن محمد بن الحسن إنما هي لأبي يوسف .. وصدق وإنما العتب على الذاكرة الكليلة .. وهي في الملحق بالأم طبعة الوفاء (9/ 182).
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[16 - 03 - 09, 03:58 ص]ـ
ليس النزاع في كونه يقضي ..
النزاع في هل يقضى عليه (؟؟)
نعم يُقضى عليه بأدوات أُخر ..
وعندي: أن العربية هي القاضي الحاكم المتصرف في أغلب أصول الفقه ..
ولذا ترى بعض الأصوليين يزعم أن عندهم من التحقيق والزيادة في العربية ماليس عند أهلها ..
وبعضهم يزعم: أن العربية اللازمة للاستنباط هي بعض موضوع أصول الفقه ..
وكلامنا إنما هو عن العلم المعين الذي تضمه الكتب المعينة وأنه يقضي عليه العلم بالعربية من جهة تحقيق إصابة مؤلفي هذا العلم فيما زعموه من مسائل العربية ..
وعلم الحديث يحكم ويقضي على الذي تضمه الكتب المعينة من جهة تحقيق إصابة مؤلفي هذا العلم فيما زعموه من مسائل الحديث ..
وهكذا ..
أما أصول الفقه الصحيحة المسلمة والقطعية (بما فيها من عربية صحيحة ومنهج نقد للسنن صحيح)) = فهي التي تقضي ولا يُقضى عليها ..
وليس الكلام فيها وإنما في المكتوب في الكتب بجملته ..
فضيلة الشيخ الكريم، يبدو أننا متفقون في نقاط كثيرة والحمد لله ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/159)
وقد تبين بعد استيضاح إيرادكم: أن اللغة العربية هي مكوّن رئيسي لا يتصور أصول الفقه بدونها، بل أكثر مباحثه هي تطبيق لقواعد اللغة العربية، وليست هي غيره حتى يمكن أن تقضي عليه.
ولذا اعتبر بعض المنحرفين من المعاصرين أن رسالة الشافعي هي انتكاسة في الفقه الإسلامي لأنها بحسب رؤية هؤلاء قد قيدت الفقه في قالب القواعد المحكمة وعلى رأسها قواعد اللغة العربية حتى جاء الشاطبي بحسب هؤلاء أيضا فصفَّى عمليات التأصيل الشافعية وحرر الفقه من القيود الوثيقة التي عقدها الشافعي ....
وهذه بعض النقولات من كتاب "الفكر الأصولي" للدكتور عبد الوهاب أبي سليمان التي تؤكد ما ذكرته، وهو معنىً شائع في كتب الأصول سواء منها القديمة أو المعاصرة، وظاهرٌ جداً تنبهكم له وفقكم الله.
أول هذه النقولات هي في تعليل الشافعي في كتابه الرسالة بدأه بوصف أالقرآن بأنه نزل بلسان العرب دون غيره:
"لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه وجماع مبانية وتفرقها، ومن علمه انتفت عنه الشبهة التي دخلت على من جهل لسانها.
فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها، وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر، ويستغنى بأول هذا منه عن آخره، وعاما ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص، فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه، وعاما ظاهرا يراد به الخاص، وظاهرا يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره، فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره". ()
قال أبو فراس:
وهذه التطبيقات الأصولية هي بلا إشكال تطبيق لقواعد اللغة العربية.
ويقول الجاحظ:
"فللعرب أمثال واشتقاقات وأبنية وموضع كلام يدل عندهم على معانيهم وإراداتهم ولتلك الألفاظ مواضع آخر، ولها حينئذ دلالات أخر، فمن لم يعرفها جهل تأويل الكتاب والسنة، والشاهد والمثل، فإذا نظر في الكلام وفي ضروب من العلم، وليس هو من أهل هذا الشأن هلك وأهلك."
يقول أبو سليمان:
فمثلاً: قاعدة: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم لها جانبان: أحدهما لغوي، والآخر شرعي.
فكون الأمر لطلب الفعل جازما والنهي لطلب الترك جازما إنما هو مأخوذ من استعمال العرب، وأساليب المتكلمين بها، لما تدل عليه من أغراض هي الإلزام والإيجاب لصيغة الأمر، والتحري والحظر لصيغة النهي.
أما الجانب الشرعي في مثل هذه القواعد فهو الثواب لممتثل الأمر الجازم، والعقوبة على الترك آجلا والذم عاجلاً ....
وهذا لا يعرف إلا من طريق الشرع ....
ويوضح شهاب الدين القرافي مدى اعتماد أصول الفقه وارتباطه باللغة العربية في قوله:
"وأصول الشريعة قسمان:
أحدهما: المسمى بأصول الفقه وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح، نحو الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم، ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة، وخبر الواحد وصفات المجتهدين.
القسم الثاني: قواعد كلية فقهية، جليلة، كثيرة .... " ()
ويقول سيف الدين الآمدي:
"وأما ما منه استمداده: فعلم الكلام، والعربية، والأحكام الشرعية ....
وأما علم العربية: فلتوقف معرفة دلالات الأدلة اللفظية من الكتاب، والسنة، وأقوال أهل الحل والعقد من الأمة على معرفة موضوعاتها لغة من جهة الحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد، والحذف والاقتضاء والإشارة والتنبيه والإيماء وغيره مما لا يعرف في علم العربية."
ثم ذهب أبو سليمان يحلل مكونات أصول الفقه الثلاثة: علم الكلام، علم اللغة العربية، الأحكام الشرعية: في فقه الصحابة، فمما ذكره مما يتعلق بموضوعنا:
"أما اللغة العربية فلم تخف أسرارها ومعانيها عليهم، لأنها لم تزل طرية على ألسنتهم حية في عقولهم وعنهم أخذها علماء اللغة ودونوها في مؤلفاتهم، واتخذوا كلامهم حجة يعرف به الفصيح ... " ()
الخلاصة: أصول الفقه في جوانب كثيرة منه ما هو إلا تطبيق لقواعد اللغة العربية، فعلاقته باللغة العربية هي علاقة تكوين.
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[16 - 03 - 09, 04:17 ص]ـ
هذا اقتباس ومشاركة من نفس الموضوع المطروح في ملتقى المذاهب الفقهية
( http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-2520/index.html)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/160)
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالب هدى
الشيخ الكريم فؤاد بارك الله فيك
دائماً في هذا المجال اتذكر مقولة " الناس أعداء ما جهلوا "
وأنا لا استغرب أن يخرج مثل هذا من المبتدئين من صغار طلبة العلم البعيدين عن حقيقة علم اصول الفقه الذين حاولوا أحيانا الدخول في غماره ففشلوا ولكني اتعجب أن يخرج هذا الكلام من كبار طلبة العلم في التخصصات الشرعية الأخرى بل ربما خرج ممن هم اقرب التخصصات لأصول الفقه وهم الفقهاء وأنا اعتقد ان هذا الأمر يعود لعدة أسباب منها:
1 - الجهل بحقيقة هذا العلم وأهميته وثمراته - كما سبق - وكون جل علوم الشريعة مرتبطة به.
2 - قلة الجانب التطبيقي لدى كثير من المهتمين بأصول الفقه بل يكتفي كثير منهم بتنظير القواعد وقليل منهم من يخرج الفروع عليها ويكثر من التطبيقات ويربط بين الأصول والفروع ولو أنه ربط بالفروع كما ربطت القواعد الفقهية بها لسهلت كثير من مسائله.
3 - الانشغال بكثير من المسائل المدرجة ضمن اصول الفقه مما لا يحتاج إليها فيه كالمسائل الكلامية والمسائل التي لا ثمرة لها وهي المسائل التي يكون الخلاف فيها لفظياً والمسائل والاقوال الشاذة وكثرة التعريفات التي لا يحتاج إليها حتى تصبه هذه التعريفات مقصدا بدل أن تكون وسيلة للتوضيح والتصور ...
4 - قلة من يتقن هذا الفن ويفهمه فهماً دقيقا ويطرحه بالشكل المقبول الذي يمكن للطلبة فهمه وذلك لأن كثيرا من المهتمين بهذا الفن هم أصلا لم يستوعبوا مسائل هذا الفن وإنما اقتصروا على نقل ما ذكر في كتب الأصوليين بدون تدقيق وتحرير هذا من جهة، ومن جهة اخرى كثير من المتخصصين في هذا المجال هم متخصصون في جزء دقيق منه وغالب هؤلاء هم في الحقيقة دارسون أكاديميون يقضون فترة طويلة من أعمارهم في مسائل محددة من هذا الفن يدرسونها في رسائل علمية ماجستير ودكتوراه.
5 - طبيعة بلاد المشرق في الجزيرة العربية البسيطة والبعيدة عن الفلسفة وعلم الكلام والمنهج التحليلي غالبا مما يجعل قراءة كتب الأصوليين لا سيما الجمهور من المتكلمين صعبة الفهم فيميل أكثرهم إلى العلوم السهلة التي تعتمد السرد غالبا وتكون سهلة الفهم.
----------------------------
وهذا تعليقي على مشاركة الشيخ الفاضل طالب هدى:
بارك الله فيكم وقد أثريتم الموضوع كعادتكم.
وهذه نقاط أخرى في مسالك وأسباب وأعراض التزهيد في أصول الفقه:
· الإعراض عن التوسع في دراسة هذا العلم.
· الإعراض عن التوسع في تدريس هذا العلم.
· صرف الأساتذة تلامذتهم عن التوسع في دراسة هذا العلم.
· الاشتغال بالتصنيف فيه على هيئة الاختصار بحافز رفع المدخول فيه، أو لأجل تسجيل بعض
الإملاءات الأصولية التي ارتضاها المصنف في الأصول، فرغب في تفريغها في مصنف مستقل،
وهي بما يعادل القول الراجح عنده في هذه المسائل.
· كثرة طرق موضوع تجديد أصول الفقه، والتعويل في ذلك على الملاحظات الواقعة في كتب الأصول،
سواء كان ذلك من المتخصصين في الأصول أو لا، من المتخصصين في الشريعة أو لا،
مما ولَّد شعوراً عاماً بانحراف هذا العلم، وأن السلامة منه أولى.
· ظهر أثر ضعف البنية الأصولية في الكتابات المعاصرة على صعد واسعة،
إن كان في التأصيل وإن كان في البناء الفقهي للمسائل، وإن كان في الردود،
وللأسف وقع جماعة من أهل العلم والدين والفضل في بعض ذلك في خضم ردودهم على الأهواء والفساد، وما نصنع مع هؤلاء؟ ما لنا إلا السكوت! ومحاولة تصحيح المسار بمثل هذه الموضوعات.
· التناولان: الظاهري والمقاصدي الغالي، طرفان كلما كانا أكثر التفاتا إلى ما ارتضياه من الوقوف على الظواهر أو الإغراق في المقاصد كلما كانا أكثر إعراضاً عن الدقائق الأصولية؛
فالتناول الظاهري، تمسك بأحرف القاعدة الأصولية،
والتناول المقاصدي الغالي تمييع للقاعدة الأصولية،
ولذا فالقاعدة الأصولية بدقائقها تفوتهما كثيراً، وهي خاصة الفقهاء من الأصوليين،
كما أن أهل الأصول أنفسهم تفوتهم معانٍ من فقه النصوص في حين تطبيق القاعدة الأصولية؛ بسبب ذهولهم عن آحاد تطبيق القواعد الأصولية في آحاد المسائل الفقهية،
نبه على هذا ابن تيمية، حينما قال إن أحمد والشافعي وإسحاق وأضرابهم كانوا أعلم من هؤلاء المتكلمين المتأخرين؛ لأن الأئمة المتقدمين علاوة على حذقهم للمسائل الأصولية فإن عندهم فضلاً في معرفة أعيانها، وما راء كمن سمع.
· آمل من جميع الإخوة تسجيل ملاحظاتهم، فهي محل اعتبار وتقدير، سواء اتفقنا أو اختلفنا.
ـ[أبو منار ضياء]ــــــــ[16 - 03 - 09, 12:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد
للذي عرف أصول " أصول الفقه " فهو في غنى عنه ولا يحتاج لهذا الفن تماما
وأما من لا يعرف ذلك فهو مبتدأ وهو حال كثير من طلبة العلم فهذا يحتاج للقراءة وتعلمه والتضلع منه وتقليب النظر في كتب الأصول
ودمتم سالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/161)
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[16 - 03 - 09, 12:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد
للذي عرف أصول " أصول الفقه " فهو في غنى عنه ولا يحتاج لهذا الفن تماما
وأما من لا يعرف ذلك فهو مبتدأ وهو حال كثير من طلبة العلم فهذا يحتاج للقراءة وتعلمه والتضلع منه وتقليب النظر في كتب الأصول
ودمتم سالمين
هذه صورة من صور التزهيد في أصول الفقه، فبحسب هذه الرؤية فيكتفى بدراسة "أصول" "أصول الفقه"
وعلى هذا فالمختصرات الأصولية المعاصرة جارية على هذا النسق، إن لم تتكن متوسعة
على أن الجملة الأخرى للطالب المبتدئ تدل على ضرورة تعلم هذا العلم وتقليب النظر في كتب الأصول.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[18 - 03 - 09, 01:15 م]ـ
[ quote= أبو فراس فؤاد;1001438] التزهيد في أصول الفقه!!
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
____________أفهم من كلامكم أن علماءنا الأجلاء المعاصرين أمثال الشيخ ابن باز والعثيمين والألباني اعتنوا بهذه المطولات دراسة وتدريسا
أرجو التوضيح والبيان
بوركت
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[18 - 03 - 09, 06:11 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين في ((شرح الورقات))
مسألة
هل ينبغي أن يقدَّم علم الأصول على الفقه أو أن يقدَّم الفقه عليه؟
قال بعض العلماء قدِّم الأصولَ حتى تبني عليه الفروع قبل أن تعرف الفقه
وقال بعض العلماء
بل يقدِّم الفقه لأن الإنسان يمكن أن يعرف الفقه دون أن يرجع الى أصول الفقه لأن علم أصول الفقه لا يبحث في الفقه وإنما يبحث في أدلة الفقه
وحينئذٍ يمكن للإنسان أن يعرف أصول الفقه
وهذا هو الذي عليه العمل الجاري من قديم الزمان حتى إن بعض المشايخ – فيما نسمع – لا يقرأون أصول الفقه إطلاقا
انتهى كلامه
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 01:55 ص]ـ
وهو كلام صحيح والذي يعرف الفقه دون درس أصوله هم فقهاء المذاهب حفاظ الفروع، أما المجتهد المستنبط فمعرفة أصول الفقه ركن يبطل اسم المجتهد وحكمه بتركه ..
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[19 - 03 - 09, 12:24 م]ـ
[ quote= أبو فراس فؤاد;1001438] التزهيد في أصول الفقه!!
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
____________أفهم من كلامكم أن علماءنا الأجلاء المعاصرين أمثال الشيخ ابن باز والعثيمين والألباني اعتنوا بهذه المطولات دراسة وتدريسا
أرجو التوضيح والبيان
بوركت
ما زلت أنتظر البيان جزاك الله خيرا
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[19 - 03 - 09, 02:20 م]ـ
[ quote= أبو فراس فؤاد;1001438] التزهيد في أصول الفقه!!
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
____________أفهم من كلامكم أن علماءنا الأجلاء المعاصرين أمثال الشيخ ابن باز والعثيمين والألباني اعتنوا بهذه المطولات دراسة وتدريسا
أرجو التوضيح والبيان
بوركت
آثرتُ ألا أجيب على هذا السؤال، أما وقد ألححتَ عليه فلك ما تريد.
وكأنك بهذا السؤال تريد تقييدي بهذه الأسماء من الوزن الثقيل، ولن آلو في الجواب.
وقد فاتك أن هؤلاء لو كانوا كما ذكرتَ قإن القاعدة ماضية لم تنخرم في سلسلة الجهابذة من عباقرة الفقهاء.
وفتش في صحائف المجتهدين.
لكن لم يكن سؤالك من حيث الأصل في محله:
ففاتك الشرط في السؤال: فهل قام هؤلاء على أحد هذه المختصرات الأصولية المعاصرة؟
الجواب: لا.
كما أنه لم يكن من شرطي أن تكون لهم عناية بتلك المطولات الأصولية دراسة وتدريساً، بل وليست هي بلازمة في تحصيل هذه المقامات الفاضلة، وإن كانت أحد طرقها المسلوكة.
فلأصول الفقه دروب ليست هي تلك فحسب.
فمثلاً ممن ذكرتَ الشيخ ابن عثمين رحمه الله وقد كان من أدق الفقهاء المعاصرين من جهة
الانطلاق من المأخذ الأصولي بناء وهدما، وله من الأحرف في هذا المقام ما لا تجري على كثير من المعاصرين في العادة.
وقد كان لدراسته على كتاب ابن دقيق العيد "إحكام الأحكام" كبير الأثر في ذلك فأنضجه إلى حد الاستواء والتمام.
ظهر أثر ذلك في التقعيد الأصولي، والاستنباط الحديثي، والإيراد والمعارضة، بل وافقه في جملة من اختياراته.
ولذا كان هذا الكتاب محل ثناء عريض عنده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/162)
وقد كان الإمام ابن دقيق العيد أبرز من استعمل الدقائق الأصولية في تفاصيل مسائل الفقهاء،
عرف فضله أهل الأصول أنفسهم، فهذا الزركشي في كتابه الموعب "البحر المحيط" قد حشاه
بالنقولات عن هذا الإمام المجدد، مع أن الزمن بينهما قريب، ليس ينقل من مثله عادة.
ولو أن المعاصرين استبدلوا بمختصراتهم أو أنه درَّجوا بعدها كتاب ابن دقيق العيد، لأوشكوا أن ينازعوا أهل الأصول في فنهم.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[23 - 03 - 09, 04:15 م]ـ
[ quote= أبو صهيب أشرف المصري;1003542]
آثرتُ ألا أجيب على هذا السؤال، أما وقد ألححتَ عليه فلك ما تريد.
وكأنك بهذا السؤال تريد تقييدي بهذه الأسماء من الوزن الثقيل، ولن آلو في الجواب.
وقد فاتك أن هؤلاء لو كانوا كما ذكرتَ قإن القاعدة ماضية لم تنخرم في سلسلة الجهابذة من عباقرة الفقهاء.
وفتش في صحائف المجتهدين.
لكن لم يكن سؤالك من حيث الأصل في محله:
ففاتك الشرط في السؤال: فهل قام هؤلاء على أحد هذه المختصرات الأصولية المعاصرة؟
الجواب: لا.
كما أنه لم يكن من شرطي أن تكون لهم عناية بتلك المطولات الأصولية دراسة وتدريساً، بل وليست هي بلازمة في تحصيل هذه المقامات الفاضلة، وإن كانت أحد طرقها المسلوكة.
فلأصول الفقه دروب ليست هي تلك فحسب.
فمثلاً ممن ذكرتَ الشيخ ابن عثمين رحمه الله وقد كان من أدق الفقهاء المعاصرين من جهة
الانطلاق من المأخذ الأصولي بناء وهدما، وله من الأحرف في هذا المقام ما لا تجري على كثير من المعاصرين في العادة.
وقد كان لدراسته على كتاب ابن دقيق العيد "إحكام الأحكام" كبير الأثر في ذلك فأنضجه إلى حد الاستواء والتمام.
ظهر أثر ذلك في التقعيد الأصولي، والاستنباط الحديثي، والإيراد والمعارضة، بل وافقه في جملة من اختياراته.
ولذا كان هذا الكتاب محل ثناء عريض عنده.
وقد كان الإمام ابن دقيق العيد أبرز من استعمل الدقائق الأصولية في تفاصيل مسائل الفقهاء،
عرف فضله أهل الأصول أنفسهم، فهذا الزركشي في كتابه الموعب "البحر المحيط" قد حشاه
بالنقولات عن هذا الإمام المجدد، مع أن الزمن بينهما قريب، ليس ينقل من مثله عادة.
ولو أن المعاصرين استبدلوا بمختصراتهم أو أنه درَّجوا بعدها كتاب ابن دقيق العيد، لأوشكوا أن ينازعوا أهل الأصول في فنهم.
قدظللتُ على بعض كلامكم باللون الأحمر ذي الخط السفلي، لأقول
أُرانا قد اتفقنا في المحصَّلة وإن اختلفنا في الصيغة أو الأولولية وليس في أصل الصحة
لاسيما أن أصول الفقه هو وسيلة ولا ينبغي أن نرفع فوق ذلك إلا لمن أراد أن يتخصص فيه
فائدة جليلة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=818635&postcount=35
ومع ذلك لي عتب عليك وهو لماذا آثرت السكوت؟
بارك الله فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - 03 - 09, 02:18 ص]ـ
لأن السؤال وذكر الأسماء غير لائق وهو يوقع صاحب الموضوع في حرج بالغ ...
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[24 - 03 - 09, 12:13 م]ـ
لأن السؤال وذكر الأسماء غير لائق وهو يوقع صاحب الموضوع في حرج بالغ ...
بارك الله فيك
لكن ربما نحتاج للتعين إذا قصد منه إثبات أمر أو نفيه بعيدا عن الناحية النظرية والتي غالبا ما تتحول إلى مراء
فذكرت الأسماء نزولا إلى الواقع هذا هو المقصد
على أية حال بارك الله في الجميع
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[24 - 03 - 09, 02:24 م]ـ
بارك الله في الجميع
- لا شك عندي في جهل من يحذر من هذا العلم ويدعوا إلى مقاطعته
- وأن هذا العلم من أفضل علوم الشرع بل من أفضل علوم الدنيا والآخرة ووضعه واعتناء علماء الإسلام به مفخرة نفتخر بها على باقي الأمم
- وأن من لم يدرس هذا العلم لا يعتد بعلمه ولا بكلامه ولا بترجيحه في المسائل وكلما كان بهذا العلم أقعد كان في غيره كذلك كيف لا وهذا العلم هو عمدة علوم الاجتهاد وبالتبحر فيه وعدمه تتفاوت منازل النقاد فهو آلة الفهم الصحيح وبدونه لا تفهم النصوص على الوجه الصحيح
- وأن غير المتخصص فيه لا يكفيه أن يقرأ الورقات وشرحها والموافقات ونحو هذه الكتب كما نصح به بعضهم بل لا بد أن يأخذ مباديء هذا العلم ويطلبه كما يطلب غيره من العلوم التي لا يريد أن يتخصص فيها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/163)
- لقد أكثر العلماء والأذكياء من التنويه بفضل هذا العلم وكلامهم مبسوط في مظانه سهل المنال لكن لا يشك من مارس هذا العلم أن ما ذكروه لا يقارن بفضائله وفوائده المكتسبة من تعلمه وممارسته والتدقيق فيه
- لا يُعلم أن أحدا ممن يعتد بعقله وعلمه حذر من هذا العلم وأبطله ولم يعده من العلوم النافعة وعلوم الإسلام
هذا لا يوجد
وإنما وقع الكلام في ذمه في هذه الأعصار ممن لا يعتد بعلمه لخواء أصوله أو تعالمه أو ضلاله عن المنهجية الصحيحة في التلقي وتحصيل العلوم
- لا شك أنه وقع لبعض العلماء كلام حول بعض مسائل هذا العلم إما في كونها لا ثمرة لها أو دخيلة على هذا العلم أو فاسدة مصادمة للحق ونحو هذا
وهذه جزئية خطيرة وكبيرة لا يحسن التكلم فيها كل أحد والناس فيها على طرفين ووسط
فطرف غلا في جانب النقد فشنع على أهل الأصول بغير حق
كالصنعاني رحمه الله لما أخذ على أهل الأصول كلامهم في مبحث الإجماع وشروطه وأن الاشتغال به لا فائدة منه
وأن تقسيم الدلائل إلى دلالة مطابقة ولزوم وتضمن باطل بدعوى أن أبا ذر وأمثاله من الصحابة لم يكونوا يعرفونها!!!
أو كأخذه عليهم هو وغيره ما لا يختصون به بل يشاركهم فيه غيرهم من أصحاب العلوم الأخرى كاختصار المتون وتعقيد العبارات والاغراق في الكلام في الحدود والرسوم ونحو هذا
أو أخذهم عليهم ذكر مسائل لا ثمرة لها مع أن بعضها عند التدقيق لها ثمار وفروع وفوائد لكن خفيت عليه لظاهرية في النقد
وقد علم المنصفون أن الكلام في تمييز الدخيل من العلوم لا يحسنه كل أحد ولا يكون إلا قليلا _أي الدخيل_ولا يكون إلا بعد فحص وبحث وتدقيق عميق
وطرف آخر رفض توجيه النقد لهذا العلم مطلقا خلودا إلى التقليد وركونا إلى المألوف
وطرف ثالث توسط بين الطرفين وتكلم بعلم وتدقيق فوفق إلى الحقيقة
والكلام في هذه المسألة يطول وهي مسألة غير مسألتنا
فما تقدم لا يعني التحذير أو التزهيد من هذا العلم الجليل ولم يخطر على بال هؤلاء العلماء بل هم أبعد الناس عنه بل لم يكن بزهم لأقرانهم وتحقيقهم في العلوم إلا عن طريقه فبه قاموا ولولاه ما قاموا فكيف يزهدون فيه
كحال أبي العباس ابن تيمية وأبي إسحاق الشاطبي وغيرهما
كيف يمكن لعاقل أن ينسب إلى الشاطبي التحذير من هذا العلم والتزهيد فيه
وهل كان للشاطبي ذكر لولا هذا العلم وأهله السابقين؟!
وهل برز الشاطبي وعرف إلا في هذا الميدان؟!
- إذا تقرر أن هذا العلم لا يستغني عنه طالب علم فأنصح كل معتن به دارس له ألا يكتفي بدراسة كتب مدرسة المتكلمين (الشوافع والموالك والحنابلة) ويزهد بكتب مدرسة الفقهاء (الأحناف)
ففي كتب أصول الأحناف من دقائق هذا العلم وتفصيلاته وتقسيم لبعض مسائله ما لا تجده عند غيرهم
والكلام في هذا يطول
- كما أنصحه ألا يلتفت إلى من يزهد في التخصص في هذا العلم مطلقا مع احترامي لهم
فلا يفوتك النظر في كتب المتقدمين كتقويم الدبوسي وأصول الكرخي والسرخسي والمعتمد لأبي الحسين المعتزلي والمنخول والمستصفى للغزالي والبرهان للجويني والتقريب للباقلاني والواضح لابن عقيل وكتاب ابن بَرهان والأبياري وغيرهم من الفحول
ولا يزهدنك فيها صعوبتها أو خلافك مع مؤلفيها في الاعتقاد
ففي هذه الكتب من أصول النظر ومراتب الدلائل ووجوها واتساع طرق الاستنباط والفهم والمعارضة وتنويعها ما يكفل لك بتكوين ملكة الاجتهاد وتفتيق الذهن و تدريبه وتهيئته لمقارعة الفحول ومنازلة الأذكياء من العلماء
ولا يعني أن كل ما في هذه الكتب صحيح لكن يغلب عليها الصحة
إن النصح بالاقتصار على الكتب الأصولية الخالصة لأهل السنة أو أهل الحديث كالاعتصام والموافقات ومذكرة الشنقيطي ونحوها لا تكفي غير المتخصص لإتقان هذا العلم
- إن فضل هذا العلم وكونه آلة الفهم الصحيح وكونه يدخل في أغلب علوم الشرع كالخادم لها يدل على أن القدر الذي ينبغي أن يتعلمه غير المتخصص منه أكبر من القدر الذي ينبغي أن يتعلمه من أي علم آخر
فطبيعة هذا العلم وعلاقته مع باقي علوم الشرع يحتم ذلك الأمر ويكسبه تلك الخاصية وما أحق علم اللغة من مشاركته له في هذه الخاصية عند من عرف قدرها وأهميتها بالنسبة لعلوم الشرع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/164)
- لا أكاد أنسى ألمي وحزني وصدمتي من ذلك الشخص الذي كان يحذر من هذا العلم مطلقا بدعوى أن أكثر ما فيه كلام لأهل الكلام من الأشاعرة والمعتزلة ولم يدرس هذا العلم ولا نظر فيه عندما قيل لي أنه جلس لشرح البخاري!!!
اللهم رحما!!
اللهم إنا نشكوا إليك هذا الغثاء!!
كيف يشرح البخاري ولما يدر مراتب الأدلة وأي الأدلة يقدم عند ظاهر التعارض بينها!!
كيف يشرح البخاري ولما يعلم الفرق بين دلالة النص وعبارته
كيف يشرح البخاري ولما يميز بين الظاهر والنص والمحكم والمفسر وأيهم أقوى في الدلالة
كيف يشرح البخاري ولما يعلم شروط العمل بمفهوم المخالفة
كيف يشرح البخاري ولما يميز بين حد الحكمة والقيد والعلة
كيف يشرح البخاري ولما يدر ألفاظ العموم والخصوص والفرق بين العام الذي أريد به الخصوص وبين الذي دخله التخصيص
كيف وكيف؟!!!!!!!!!!
لكن نحن في زمن المشهور عند السلف وأهل العلم بات غريبا والغريب عندهم بات مشهورا
- إن التحذير من هذا العلم _وقد أجمع العقلاء وأهل العلم على فضله_ بدعوى اختلاط علوم المتكلمين فيه لمن أوهى الدعاوي وأبعدها عن الصواب
ولو علم صاحب هذه الدعوى ما يلزم على قوله من لوازم باطلة لتبرأ منها غاية التبرؤ
إن اختلاط علم الكلام أو المنطق بأي علم ليس مسوغا للتحذير منه
لقد دخل هذا العلم في علوم كثيرة
كعلم العقائد وعلم المصطلح وعلم اللغة وإن كان يتفاوت فيما بينها كثرة وقلة
فماذا فعل العلماء؟
هل حذروا من هذه العلوم؟
الجواب لا ولكن عملوا على تمييز الحق من الباطل والدخيل من الأصيل
لكن بعلم عميق لا بسطحية وظاهرية في النظر والبحث
مع أنه ليس كل ما خلطه المتكلمون بهذه العلوم باطل
بل بعض المسائل التي أصاب بها المتكلمون والمناطقة الحق خدمت وساعدت في تدعيم هذا العلم (علم الأصول) وذلك لطبيعة هذا العلم وجمعه بين العقل والنقل
وأيضا فإن الخلل من ناحية هذا العلم (علم الكلام والمنطق) قليل في علم الأصول وذلك لتقيد أكثر المتكلمين فيه بأصول أئمتهم في الفروع كالأشاعرة من الشافعية بالشافعي ومن المالكية بمالك والماتردية من الحنفية بأبي حنيفة وصاحبيه
- هذا العلم لم يوضع فقط للوصول إلى درجة الاجتهاد المطلق
بل هو موضوع لضبط فهم النصوص وكلام الشارع في الدرجة الأولى
فعلى الحديثي والفقيه والمفسر وكل من أراد أن يستنبط من النصوص أن يتقن القدر المطلوب من هذا العلم وإلا فلا يقحم نفسه فيما لا يكون أهلا له وليسأل غيره
- هذا العلم هو سياج الشريعة وحامي حوزتها من:
عبث المتعالمين
وضرر المبتدعين
وخبث أعداء الإسلام من المعاصرين وغيرهم
ولولاه لما استطعنا الرد على أهل البدع
والعلمانيين والحداثيين ونحوهم
ولذلك لما أدرك أهل البدع وأعداء التراث مكانة هذا العلم سارعوا إلى الاهتمام به ودرسه والتعمق فيه
فنحن أحق به وأهله إذ هي أصول شريعتنا وأصول أئمتنا وعلمائنا
فمن زهد فيه فقد أعان أهل البدع وأعداء الإسلام
ومن نظر في ردود أهل السنة على أهل البدع وأهل الإسلام على أعدائه من اليهود والنصاري والعلمانيين وأضرابهم
لم يشك قط أنهم ما هدموا أصولهم وقواعدهم وأفحموهم إلا بالاستعانة بهذا العلم
- فلا شك من ضرورة الاعتناء بهذا العلم للمتخصص وغيره
وضرورة التخصص والتدقيق في هذا العلم
والتعمق في قراءة مطولاته ودرسها
- وعلم كهذا العلم في فضله وتمكن أصوله ومتانتها وذكاء ومكانة المشتغلين به من لدن الشافعي إلى الأمين الشنقيطي بل لن ترى عالما استحق وصف الإمامة إلا كان منه ريانا شبعانا = لا يحتاج أن تكتب هذه الكلمات القاصرة في الدفاع عنه بل لعلها تنقص من قدره
لكن لكل زمن أحكامه وغرائبه
وما من زمن إلا والذي بعده أسوأ منه للبعد عن مشكاة النبوة والله المستعان
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[25 - 03 - 09, 11:31 ص]ـ
والنقد الصحيح الموجه لعلم أصول الفقه: هو أنا لا نؤمن باتصال سنده ..
نعم. لا نؤمن أن الذي كتبه الباقلاني والجويني والسمعاني والغزالي والشيرازي والرازي = موصول النسبة وصلاً صحيحاً بالذي كان عند الصحابة والتابعين وأبو حنيفة وصاحبيه ومالك والشافعي وفقهاء أهل الحديث ..
بارك الله فيكم ونفع بكم
هل تقصد بانقطاع السند:
أنه لم تصنف كتب في تحرير هذا العلم من بعد الشافعي إلى عصر الباقلاني
أم لم يتناقله العلماء ويلقنوه تلامذتهم
أم أن أحدا لم يقم بما قرره الشافعي ويوصله إلى من بعده وعليه فجاء الباقلاني والجويني وأضرابهم فاخترعوا علما جديدا
وكل هذه الاحتمالات أظنها بعيدة عن مرادك
فماذا تقصد بارك الله فيك؟
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[26 - 03 - 09, 01:32 ص]ـ
كتب الامام الغزالي كتابا سماه الجامع العام من علم الكلام وهو آخر تصانيف الغزالي حث فيه على مذهب السلف ومن تبعهم ومما ينقل عن الفخر الرازي أنه قال: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن
أقرأ في الاثبات الرحمان على العرش استوى - اليه يصعد الكلم الطيب
وأقرأ في النفي:- ليس كمثله شيء -
ومن يجرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي
فالتأويل غير مرفوض الا أن يحتاج الى دراية وعرض المقاييس الصحيحة فيتضح التأويل الذي حججه قريبة ولكن ليست مقنعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/165)
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[26 - 03 - 09, 02:33 ص]ـ
أخي الكريم أمجد الفلسطيني حفظك الله وبارك فيك وكثر من أمثالك
لقد أدركتَ بما أنعم الله عليك من نعمة العلم خطورة هذه الدعوى.
وهي وإن كانت تنطلق من بعض أهل الفضل إلا أن الحق أحق أن يتبع.
ولذا كما أسلفت اعتبر بعض المعاصرين أن الشاطبي جاء لتصفية الشافعي
بزعمهم أن الشافعي أحدث انتكاسة في الفقه الإسلامي في تقنين الفقه وتأصيله ضمن معالم واضحة ومحددة.
فجاء الشاطبي ليحل هذه القيود ويفك تلك الآصار التي وضعها الشافعي، زعموا!
فما الشاطبي ومقاصده إلا تفصيل وبسط وشرح لقواعد الشافعي الأصولية.
ـ[عبد الله محمد إبراهيم]ــــــــ[26 - 03 - 09, 02:52 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا.
وأخص بمزيد شكر أخوينا أبا فراس وأمجد الفلسطيني.
وفقكم الله.
ـ[أبو نظيفة]ــــــــ[26 - 03 - 09, 11:31 ص]ـ
جزى الله الإخوة المشاركين خيراً. ومن التأكيد لأهمية هذا العلم يقول القرافي: «يتعين على من لا يشتغل بأصول الفقه أن لا يخرِّجَ فرعاً أو نازلة على أصول مذهبه ومنقولاته وإن كثرت منقولاته جداً، فلا تفيد كثرة المنقولات مع الجهل بما تقدم، كما أن إمامه لو كثرت محفوظاته لنصوص الشريعة من الكتاب والسنة وأقضية الصحابة رضي الله عنهم ولم يكن عالماً بأصول الفقه، حرم عليه القياس والتخريج على المنصوصات من قِبَلِ صاحب الشرع، بل حرم عليه الاستنباط من نصوص الشارع؛ لأن الاستنباط فرعُ معرفةِ أصول الفقه» الفرق 78 من فروق القرافي. ويقول أبو العباس القرطبي في كتابه المفهم 1/ 337: «أكثر مسائل علم الأصول، بل كله، فإنهم [أي الصحابة] لم ينصّوا على شيء منها، بل فرّعوا عليها وعملوا على مقتضاها من غير عبارة عنها ولا نطق بها، إلى أن جاء من بعدهم ففطنوا لذلك وعبّروا عنه حتى صنّفوا فيه التصانيف المعروفة». فمصدر قواعد الأصول فهم الصحابة وتصرفاتهم في فتاويهم وأقضيتهم. والله أعلم.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[26 - 03 - 09, 04:27 م]ـ
ولذا كما أسلفت اعتبر بعض المعاصرين أن الشاطبي جاء لتصفية الشافعي
بزعمهم أن الشافعي أحدث انتكاسة في الفقه الإسلامي في تقنين الفقه وتأصيله ضمن معالم واضحة ومحددة.
فجاء الشاطبي ليحل هذه القيود ويفك تلك الآصار التي وضعها الشافعي، زعموا!
فما الشاطبي ومقاصده إلا تفصيل وبسط وشرح لقواعد الشافعي الأصولية.
صدقت وهذا من أعجب ما قرأت
ومن ظن أن الشاطبي غير مسبوق بالكلام على مقاصد الفقه فقد أخطأ
فللشافعي رحمه الله كلام متين كثير في ذلك استفاده من إحاطته بفقه مدارس علماء الأمصار:
مدرسة أهل المدينة والحجاز (الزهري وعطاء ومالك وابن جريج والزنجي وابن عيينة وغيرهم) ومدرسة أهل الكوفة والرأي (النخعي وحماد والنعمان وصاحبيه وغيرهم) ومدرسة أهل مصر (يزيد بن أبي حبيب والليث وعمرو بن الحارث والغافقي ويحي بن حسان وغيرهم) ومدرسة أهل اليمن (طاوس وابنه وابن جريج ومعمر وهشام بن يوسف القاضي وبن مازن وغيرهم) ومدرسة أهل الشام (مكحول والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وعمرو التنيسي) واستفاد من ممثلي مدرسة أهل الحديث في عصره وهو منها (أحمد وإسحاق وغيرهما)
وقد بث ذلك في تصانيفه فأثر ذلك في أتباعه كالجويني في البرهان والنهاية والغزالي في المستصفى والمنخول وغيرها ثم أبي محمد بن عبد السلام في قواعده وغيرها وتلميذه القرافي المالكي في الفروق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما مشاركة أخي الريسوني فإن كان فهم من كلامي وكلام الإخوة الدفاع عن علم الكلام بما فيه من حق وباطل
فليس الأمر كذلك
وقد أسلفت أن علم الكلام ليس كله باطلا
وما دخل في أصول الفقه منه وأثر فيه حق كثير
حتى قال أبو العباس ابن تيمية: أصول فقه المعتزلة أصح من أصول فقه الأشاعرة
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[09 - 04 - 09, 01:45 ص]ـ
عذرا أخي أمجد على تأخير الرد
وسلامي الى كل الاخوة الكرام
قال بن خلدون في مقدمته اعلم أن أصول الفقه من أعظم العلوم الشرعية وأجلها قدرا، وأكثرها فائدة .. واعلم أن هذا الفن من الفنون المستحدثة في الملة .. ويقول فلما انقرض السلف وذهب الصدر الأول وانقلبت العلوم كلها صناعة احتاج الفقهاء والمجتهدون الى تحصيل هذه القوانين والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما بنفسه سموه أصول الفقه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/166)
ان البليغ المؤثر في الوجدان الحامل للاقناع الواجد في القلب المكان الرحب لا يجد سعته الا في لغة الضاد، وما يفعله القرآن من تأثير في النفوس جاوز ما تفعله الخوارق والمعجزات
وأحيانا يأتي القرآن مقدما لما يؤتي مؤخرا أو بالعكس لعلة بلاغية نفيسة ونكتة رائعة
والاضطلاع على كلام العرب والتفطن لخواص تركيبه لا تحصل بمعرفة القوانين العقلية التي استنبطها أهل صناعة البيان فهذه القواعد قد تفيد علما بذلك اللسان ولا تفيد حصول الملكة بالفعل في محلها.
وانما ذكرت هذا تتميما لما قاله الأخوة الكرام في ردودهم على هذا الموضوع القيم الذي يثري هذا النقاش العميق والعظيم الفائدة.
واذا كان التطور الحضاري وما واكبه وان أثرى اللغة العربية وأدخل في مفاهيمها مدلولات لم تكن معهودة عند العرب الا أنه غير من رونقها وضايقها بمقتضى سنة البقاء ونازعها في مقوماتها
فالفهم كان سليقة في العرب أو كما يقال بالسجية لا بالخزرجية، لذا يكون من الأفيد المحتم تدوين قواعد الأصول لمعرفة كيف استنبط الصدر الأول من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم والذين فهموا بعمق سعة الدلالات والعمل على استمراريتها في نهج العلماء لاستخراج الأحكام.
فالذي يسمع قول الله تعالى (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) أو قوله تعالى (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) فأي وقع جميل على الوجدان وأنت تقف عند حدود الله الآمرة أو الناهية، وآية الحكمين، ووعد الله تعالى بالتوفيق عند الاصلاح وبالاغناء من واسع فضله عند التفرق، أو تخيير الرسول صلى الله عليه وسلم: التمتيع أو السراح الجميل، أي عذوبة من هذا المنبع العذب الصافي، حكم مبثوثة تحت كل كلمة وكل جملة.
والدين كل متكامل بعقائده وفضائله وفقهه وفهم أصول الحكم التي هي خلاصة رسالة الأنبياء والرسل عليهم السلام.
ان علما عزيزا كأصول الفقه لا يجب أن يبقى عرضة للتضنن بل يمكن أن يحول الدين الى منهج حياة متكامل من الأخلاق والفضائل بدرءه للمتناقضات وتمحيص المتغيرات مع الحفاظ على التوابث.
ألم يقل أبو حنيفة نابذ التقليد كلمته المأثورة عن الفقهاء الذين سبقوه (هم رجال ونحن رجال).
ـ[أبو الأشبال الحنبلي]ــــــــ[15 - 04 - 09, 08:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا اخى و لعل ما وضحته من اهمية هذا العلم و ضحه ايضا الشيخ الحازمى فى شرحه على نظم الكوكب الساطع فى الشريط الثانى و قد وضعت الرابط على المندى لمن اراد الأستفاده.
ـ[عبيدالرحمن]ــــــــ[15 - 04 - 09, 08:28 م]ـ
ومن جملة التزهيد في هذا الفن المبارك الذي هو أصيل في موجبات الفتوى ولوازمها وفهم النصوص وأدواتها.
تقطيع أوصاله و تشويه جماله وتخريب بديعه، بدعوى تقنينه وحذف ما طاله مما لايحتاجه طلابه، وليت شعري من المنقح هنا؟! ومن الناصب نفسه لتهذيب هذا الفن الجليل؟ حتى صار علم الأصول الذي هو مفخرة المسلمين لايتجاوز الأحكام الخمسة والعام والقيد والمطلق والمخصص وتوابعها!!
وهم بهذا يزعمون أنهم يهذبون هذا العلم الجليل مما لحق به من التطويل، وهذا أمر جيد لو يقوم به أهل الفن وغواصه، لا عواديه و أغرابه.
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[16 - 04 - 09, 03:02 م]ـ
أخي عبيد الرحمان بارك الله فيك
فأنا جد متفق معك فيما قلته وأهل هذا الفن هم أهل العلم ممن يغوصون في الدقائق العميقة
والنفائس النادرة ولا يجب الاقتصار في البحث على الجانب الشرعي، بل حتى الجوانب اللغوية والعلمية، ولهذا شاهد فالفاحص المدقق قد يجد في النص اشارات كثيرة لا يعثر عليها غيره
فكما هو معروف عند الأصوليين أن دلالة الاشارة هو ما يؤخذ من اشارة اللفظ لا من اللفظ نفسه، فقد يستخرج من الكلام ما ليس مقصودا ففهم دلالة اللفظ هو ما يؤخذ من عبارته أو ما يؤخذ من مفهومه وأحيانا يأتي اللفظ مجازا ودلالته تحتاج الى تقدير كقوله تعالى: (واسأل القرية) الآية فالتقدير هنا واسأل أهل القرية والمجاز أن القرية لا تسأل
فاللغة لها استعمالات غنية وواسعة، ومن المعلوم أن الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له أما المجاز فهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له والحقيقة الشرعية والعرفية لا تعتبر من قبل المجاز، واستعمال اللغة العربية وتصريفها في عدة وجوه واقع بالفعل.
وقد نقل السيوطي أن منكر المجاز جاحد للضرورة ومبطل محاسن لغة العرب.
فالعرب استعملوا المجاز كما استعملوا التشبيه والاستعارة وحلوا اللفظ بما بلغ به قمة الجمال وروعة الحس، ولكن عندما تخرق الحقيقة بكل أبعادها وأسرارها فهي تخرج الى المجاز في اشارات لدلالات تبهر العيون وتدهش الخواطر وترتاح لها العقول وتخرجه من الجمود الى أبعاد أخرى لا حدود لها فقد تنقلك من الحقيقة الى المجاز، أو من المجاز الى الحقيقة بعمق وجمالية ووقع في النفس وعظيم الاشارة ودلالاتها، كقوله تعالى (والشمس تجري) الآية فهذه اشارة الى ظاهرة كونية ليست مقصودة في الكلام أو كقوله تعالى (كأنما يصعد في السماء) الآية، فهنا اشارة الى أن الأجواء العالية يقل فيها الاكسجين. وهذا ينقل المتفحص الى عوالم البحث والاستقصاء والتجديد وفق الضوابط الشرعية. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/167)
ـ[محمد بن جرير]ــــــــ[03 - 05 - 09, 11:11 م]ـ
أحبتي في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنصحكم بقراءة كتابين:
1 - مزالق الاصوليين وبيان القدر المحتاج اليه من علم الاصول للأمير الصنعاني
2 - معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة لمحمد حسين الجيزاني
فستجدون الجواب على جميع الاشكالات المطرورحة.
يمكنكم تحميل كتاب المعالم من موقع الوفقية www.waqfeya.com
ويمكنكم تحميل المزالق من هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=56078&d=1208174006
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 05 - 09, 12:28 ص]ـ
بارك الله فيك أخي ابن جرير
أما كتاب مزالق الأصوليين للصنعاني فلا أنصحك به
فهو كتاب يزهد في هذا العلم الجليل
وهو غريب حقا من الصنعاني
يعني غريب عن علمه وباقي كتبه
وهذه الرسالة قد ظلم فيها علماء الأصول
وحق لهذه الرسالة أن تسمى بمزالق الصنعاني وعلماء الأصول من أذكى الأمة قريحة وأقواهم عارضة فليعلم المعترض عليهم قدر نفسه
رحم الله الجميع وسامحهم
وقد قلت أعلاه:
لا شك أنه وقع لبعض العلماء كلام حول بعض مسائل هذا العلم إما في كونها لا ثمرة لها أو دخيلة على هذا العلم أو فاسدة مصادمة للحق ونحو هذا
وهذه جزئية خطيرة وكبيرة لا يحسن التكلم فيها كل أحد والناس فيها على طرفين ووسط
فطرف غلا في جانب النقد فشنع على أهل الأصول بغير حق
كالصنعاني رحمه الله لما أخذ على أهل الأصول كلامهم في مبحث الإجماع وشروطه وأن الاشتغال به لا فائدة منه
وأن تقسيم الدلائل إلى دلالة مطابقة ولزوم وتضمن باطل بدعوى أن أبا ذر وأمثاله من الصحابة لم يكونوا يعرفونها!!!
أو كأخذه عليهم هو وغيره ما لا يختصون به بل يشاركهم فيه غيرهم من أصحاب العلوم الأخرى كاختصار المتون وتعقيد العبارات والاغراق في الكلام في الحدود والرسوم ونحو هذا
أو أخذهم عليهم ذكر مسائل لا ثمرة لها مع أن بعضها عند التدقيق لها ثمار وفروع وفوائد لكن خفيت عليه لظاهرية في النقد
وقد علم المنصفون أن الكلام في تمييز الدخيل من العلوم لا يحسنه كل أحد ولا يكون إلا قليلا _أي الدخيل_ولا يكون إلا بعد فحص وبحث وتدقيق عميق
وطرف آخر رفض توجيه النقد لهذا العلم مطلقا خلودا إلى التقليد وركونا إلى المألوف
وطرف ثالث توسط بين الطرفين وتكلم بعلم وتدقيق فوفق إلى الحقيقة
والكلام في هذه المسألة يطول وهي مسألة غير مسألتنا
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[04 - 05 - 09, 04:08 م]ـ
أخي الكريم هل كلامك عن كتاب الصنعاني قال به غيرك من الأئمة المعروفين أو هو نظرتك فيه
بارك الله فيك
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 05 - 09, 05:22 م]ـ
لا أدري هل انتقده أحد من أهل العلم أم لا
إلا أنه لا يشترط السلف في مثل هذه القضايا
لكن أستطيع أن أجزم أنا وغيري أن كثيرا من مضمون الكتاب ومسائله ينتقده فيها العلماء
كإنكاره وقوع الإجماع وحجيته ونفيه القياس وحجيته وإنكاره أنواع الدلالة وغيرها
وككلامه على المتون
وأخذه على أهل الأصول مالا يختصون به دون غيرهم من أهل باقي الفنون
وبالجملة: التنبيه على الأوهام الواقعة في كتب الأصول أمر مطلوب لكن لا يكون بهذه الطريقة وهذه السطحية من النظر والاعتبار والبعد عن فهم المراد
ومثله يقال في الكلام على تمييز أصول أهل الحديث عن غيرها
وتمييز أصول الأئمة الأربعة عما ألزق فيهم
فحق الكلام في الأصول تصحيحا وتضعيفا ونسبة ليس لكل أحد
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[11 - 05 - 09, 04:47 م]ـ
أخي الكريم هل إنكار الصنعاني الإجماع يرد على المسائل المعلومة من الدين بالضورة أم على مسائل الاجتهاد؟
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[12 - 05 - 09, 12:34 م]ـ
ينكره مطلقا حجية ووقوعا فيما أعلم
راجع حاشية محقق الكتاب
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[12 - 05 - 09, 04:22 م]ـ
ينكره مطلقا حجية ووقوعا فيما أعلم
راجع حاشية محقق الكتاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/168)
أستبعد تماما أن ينكر الصنعاني الإجماع على المعلوم بالدين بالضرورة كوجوب الصلاة ونحو ذلك لا يمكن أن نحمل كلامه على هذا-وإنما يحمل على مسائل الاجتهاد وهذه فيها أخذ ورد-لاسيما أن الصنعاني نقل الإجماع في السبل-لذا ينبغي أن يحمل أو يوجه إنكاره إلى ما قصده الأئمة كأحمد بن حنبل من إنكار الإجماع القائم على عدم العلم بالمخالف أو نحو هذا وكل هذا فيه بحث
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[12 - 05 - 09, 07:07 م]ـ
وقد أسلفت أن علم الكلام ليس كله باطلا
وما دخل في أصول الفقه منه وأثر فيه حق كثير
حتى قال أبو العباس ابن تيمية: أصول فقه المعتزلة أصح من أصول فقه الأشاعرة
اتمنى من شيخنا أمجد أن يبين سلفه الذي قال أن علم الذي دخل في أصول الفقه فيه حق كثير
وأما عبارة ابن تيمية فلا يفهم منها تصحيح أصول فقه المعتزلة
قال الغزالي في (المستصفى - (ج 1 / ص 16))
(إنما أكثر فيه المتكلمون من الأصوليين لغلبة الكلام على طبائعهم فحملهم حب صناعتهم على خلطه بهذه الصنعة، كما حمل حب اللغة والنحو بعض الأصوليين على مزج جملة من النحو بالأصول فذكروا فيه من معاني الحروف ومعاني الإعراب جملا هي من علم النحو خاصة، وكما حمل حب الفقه جماعة من فقهاء ما وراء النهر كأبي زيد رحمه الله وأتباعه على مزج مسائل كثيرة من تفاريع الفقه بالأصول، فإنهم وإن أوردوها في معرض المثال وكيفية إجراء الأصل في الفروع فقد أكثروا فيه ...
وبعد أن عرفناك إسرافهم في هذا الخلط فإنا لا نرى أن نخلي هذا المجموع عن شيء منه لأن الفطام عن المألوف شديد والنفوس عن الغريب نافرة، لكنا نقتصر من ذلك على ما تظهر فائدته على العموم في جملة العلوم من تعريف مدارك العقول وكيفية تدرجها من الضروريات إلى النظريات على وجه يتبين فيه حقيقة العلم والنظر والدليل وأقسامها وحججها تبيينا بليغا تخلو عنه مصنفات الكلام)
وقال الطوفي في شرح مختصر الروضة - (ج 3 / ص 37)
(العالم بأصول الفقه دون فروعه، ككثير من الأعاجم تتوفر دواعيهم على المنطق والفلسفة والكلام، فيتسلطون به على أصول الفقه، إما عن قصد، أو استتباع لتلك العلوم العقلية، ولهذا جاء كلامهم فيه عريا عن الشواهد الفقهية المقربة للفهم على المشتغلين، ممزوجا بالفلسفة، حتى إن بعضهم تكلف إلحاق المنطق بأوائل كتب أصول الفقه، لغلبته عليه. واحتج بأنه من مواده، كما ذكر في صدر هذا الشرح، فتركوا ما ينبغي، وذكروا ما لا ينبغي)
ولي عودة إن شاء الله
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[15 - 05 - 09, 09:56 م]ـ
أستبعد تماما أن ينكر الصنعاني الإجماع على المعلوم بالدين بالضرورة كوجوب الصلاة ونحو ذلك لا يمكن أن نحمل كلامه على هذا-وإنما يحمل على مسائل الاجتهاد وهذه فيها أخذ ورد-لاسيما أن الصنعاني نقل الإجماع في السبل-لذا ينبغي أن يحمل أو يوجه إنكاره إلى ما قصده الأئمة كأحمد بن حنبل من إنكار الإجماع القائم على عدم العلم بالمخالف أو نحو هذا وكل هذا فيه بحث
بارك الله فيكم
لا يظهر لي ذلك لأمور:
الأول: أنه خلاف ظاهر كلامه
الثاني: أنه لو كان يرى حجية نوع واحد من أنواع الإجماع لما نصح الطالب بعدم الاهتمام بمبحث الإجماع وأدلته في كتب الأصول ولما عده من مزالق الأصوليين
الثالث: أنه قال في إجابة السائل:"فإن كان مما علم ضرورة كالصلوات الخمس مثلا وإن كان وجوبها علم من ضرورة الدين لا من باب الإجماع بخصوصه فمخالف هذا لا خلاف في كفره وليس من محل النزاع وإنما وقع به التمثيل لاستيفاء ما قيل وإن لم يكن مما علم من الدين ضرورة فقيل يكفر مخالفه ونسب إلى الحنفية وقال الجمهور لا يكفر لكنه يفسق ... ".
فأنت ترى أنه لا دخل للإجماع عنده بوجوب ما علم من الدين بالضرورة
وكيف برى له تأثيرا وهو لا يتصور جواز وقوعه كما سأتي
الرابع: أنه قال بعد الرد على أدلة حجية الإجماع في إجابة السائل:
"تنبيه إذا عرفت جميع ما سقناه علمت أنه لا يتم نهوض الأدلة على حجية الإجماع ولو فرض أنها دلت عليه لما قامت على وقوعه ولو قامت عليه لما قامت على نقله تواترا فلا يشتغل الناظر لدينه بالبحث عنه وعن الأدلة عليه وما قيل فيها".
الخامس: أنه قال في مزالقه:" فالمستدل بالإجماع إما جاهل بحقيقته أو علت عليه محبة الاستظهار مما بستدل له والعباذ بالله عز وجل.
فهذا يوضح أنه لا يرى حجية الإجماع مطلقا ولو سُلِّم بحجيته فلا يسلم بوقوعه
ومن قرأ رده على أدلة الإجماع اتضح له ذلك
أما ما نقلته عن السبل فيحتاج إلى النظر في السابق من اللاحق
ولا يهمني مذهبه بقدر ما يهمني من دعوته لترك النظر في مبحث الإجماع في كتب الأصول
فهذا بحد ذاته مزلق
وأيضا فإن إنكار الإجماع غير القائم على المعلوم من الدين بالضرورة مذهب شاذ
وينبغي أن يعلم أن إنكار الإجماع هدم للدين وإعانة لأعدائه على ناصريه ولأهل البدع على أهل السنة في كلام طويل ليس هذا محل بسطه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/169)
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[16 - 05 - 09, 04:58 م]ـ
بارك الله فيكم
لا يظهر لي ذلك لأمور:
الأول: أنه خلاف ظاهر كلامه
الثاني: أنه لو كان يرى حجية نوع واحد من أنواع الإجماع لما نصح الطالب بعدم الاهتمام بمبحث الإجماع وأدلته في كتب الأصول ولما عده من مزالق الأصوليين
الثالث: أنه قال في إجابة السائل:"فإن كان مما علم ضرورة كالصلوات الخمس مثلا وإن كان وجوبها علم من ضرورة الدين لا من باب الإجماع بخصوصه فمخالف هذا لا خلاف في كفره وليس من محل النزاع وإنما وقع به التمثيل لاستيفاء ما قيل وإن لم يكن مما علم من الدين ضرورة فقيل يكفر مخالفه ونسب إلى الحنفية وقال الجمهور لا يكفر لكنه يفسق ... ".
فأنت ترى أنه لا دخل للإجماع عنده بوجوب ما علم من الدين بالضرورة
وكيف برى له تأثيرا وهو لا يتصور جواز وقوعه كما سأتي
الرابع: أنه قال بعد الرد على أدلة حجية الإجماع في إجابة السائل:
"تنبيه إذا عرفت جميع ما سقناه علمت أنه لا يتم نهوض الأدلة على حجية الإجماع ولو فرض أنها دلت عليه لما قامت على وقوعه ولو قامت عليه لما قامت على نقله تواترا فلا يشتغل الناظر لدينه بالبحث عنه وعن الأدلة عليه وما قيل فيها".
الخامس: أنه قال في مزالقه:" فالمستدل بالإجماع إما جاهل بحقيقته أو علت عليه محبة الاستظهار مما بستدل له والعباذ بالله عز وجل.
فهذا يوضح أنه لا يرى حجية الإجماع مطلقا ولو سُلِّم بحجيته فلا يسلم بوقوعه
ومن قرأ رده على أدلة الإجماع اتضح له ذلك
أما ما نقلته عن السبل فيحتاج إلى النظر في السابق من اللاحق
هذا عليك لا علي، بل لو دفعتَ هذه الحجة لسلمت لك ابتداء ولربما انتهاء أيضا
ولا يهمني مذهبه بقدر ما يهمني من دعوته لترك النظر في مبحث الإجماع في كتب الأصول
فهذا بحد ذاته مزلق
هذا والله أعلم يُقصد به الاشتغال بشروط تحققه ونحو ذلك من الأمور النظرية وهي وجدلية أكثر منها تطبيقية، وأنا أقول به
وأيضا فإن إنكار الإجماع غير القائم على المعلوم من الدين بالضرورة مذهب شاذ
فيه نظر لا سيما لو طالعت قول ابن تيمية في الإجماع بعد عصر الصحابة
وينبغي أن يعلم أن إنكار الإجماع هدم للدين وإعانة لأعدائه على ناصريه ولأهل البدع على أهل السنة في كلام طويل ليس هذا محل بسطه
يحتاج إلى توضيح
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[16 - 05 - 09, 11:41 م]ـ
اتمنى من شيخنا أمجد أن يبين سلفه الذي قال أن علم الذي دخل في أصول الفقه فيه حق كثير
وأما عبارة ابن تيمية فلا يفهم منها تصحيح أصول فقه المعتزلة
قال الغزالي في (المستصفى - (ج 1 / ص 16))
(إنما أكثر فيه المتكلمون من الأصوليين لغلبة الكلام على طبائعهم فحملهم حب صناعتهم على خلطه بهذه الصنعة، كما حمل حب اللغة والنحو بعض الأصوليين على مزج جملة من النحو بالأصول فذكروا فيه من معاني الحروف ومعاني الإعراب جملا هي من علم النحو خاصة، وكما حمل حب الفقه جماعة من فقهاء ما وراء النهر كأبي زيد رحمه الله وأتباعه على مزج مسائل كثيرة من تفاريع الفقه بالأصول، فإنهم وإن أوردوها في معرض المثال وكيفية إجراء الأصل في الفروع فقد أكثروا فيه ...
وبعد أن عرفناك إسرافهم في هذا الخلط فإنا لا نرى أن نخلي هذا المجموع عن شيء منه لأن الفطام عن المألوف شديد والنفوس عن الغريب نافرة، لكنا نقتصر من ذلك على ما تظهر فائدته على العموم في جملة العلوم من تعريف مدارك العقول وكيفية تدرجها من الضروريات إلى النظريات على وجه يتبين فيه حقيقة العلم والنظر والدليل وأقسامها وحججها تبيينا بليغا تخلو عنه مصنفات الكلام)
وقال الطوفي في شرح مختصر الروضة - (ج 3 / ص 37)
(العالم بأصول الفقه دون فروعه، ككثير من الأعاجم تتوفر دواعيهم على المنطق والفلسفة والكلام، فيتسلطون به على أصول الفقه، إما عن قصد، أو استتباع لتلك العلوم العقلية، ولهذا جاء كلامهم فيه عريا عن الشواهد الفقهية المقربة للفهم على المشتغلين، ممزوجا بالفلسفة، حتى إن بعضهم تكلف إلحاق المنطق بأوائل كتب أصول الفقه، لغلبته عليه. واحتج بأنه من مواده، كما ذكر في صدر هذا الشرح، فتركوا ما ينبغي، وذكروا ما لا ينبغي)
ولي عودة إن شاء الله
بارك الله فيكم
لم أقصد ذلك
ولكن قصدت أن كلام أهل الكلام في أصول الفقه فيه صواب وخير كثير
فكون أكثر من تكلم وصنف في أصول الفقه من المعتزلة أو الأشاعرة
لا يسوغ التحذير منه أو التحذير من كتب المعتزلة والأشاعرة في أصول الفقه
ولا أتكلم عن الأمور الأجنبية عن هذا العلم أو عن المقدمة المنطقية في كتبهم
وإن كانت هذه المقدمة ليست باطلا محضا بل فيها صواب
أما الأمور الأجنبية فقد ذكرت أن الناس في الكلام على الدخيل في علم الأصول على طرفين ووسط ... الخ
ولذلك ذكرت كلام أبي العباس ابن تيمية بعده
فشيخ الإسلام لا يقصد ما أدخله المعتزلة من أمور أجنبية في هذا العلم
ولكن يقصد أن كلام المعتزلة في أبواب أصول الفقه أفضل وأقرب للصواب من كلام الأشاعرة
الخلاصة: أن علم الكلام والمنطق فيه حق وهو ما وافق علوم أهل الإسلام وإنما الخلاف في العبارة أو صياغة الدليل
فلا يمنعنا تحذير علمائنا من علم الكلام أن لا نأخذ بما فيه من حق وأكثرهذا الحق في الأدلة العقلية
كما لا يسوغ لنا أن نرفض أي علم مزج به
كما لا يسوغ لنا التحذير من أصول الفقه لأنه امتزج به
وأن اختلافنا مع المعتزلة والأشاعرة في الاعتقاد لا يمنع من الاستفادة من كتبهم وتراثهم في العلوم الإسلامية وخاصة أصول الفقه
لاحظ أن الموضوع في الرد على من يحذر من هذا العلم بدعاوى منها أن أكثر من تكلم فيه من أهل الكلام والبدع وأنه امتزج بعلم المنطق والكلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/170)
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[30 - 05 - 09, 04:57 م]ـ
فضيلة الشيخ، يقول السائل: (بعض الناس يُزهِّد في التَّمَذهُب، وحفظ متون الفقه، بحجة الاجتهاد والأخذ من الحديث، فما رأيكم)؟
ج: (هذا يريد أن يَتسوّر المباني قبل أن – لم يُكمل -، فهذا لا يجوز، ما يجوز، هو بلغ يعني شروط المُجتهد! صارت عنده المؤهلات التي صار بها مثل الإمام أحمد والإمام مالك والشافعي وأبي حنيفة، توفرت فيه شروط الاجتهاد! فإذا توفرت فيه شروط الاجتهاد فيجب عليه أن يجتهد.
أما إذا لم تكن فيه شروط الاجتهاد وإنما هو مسكين عامّي ولّا مُبتدي ولم يدرس شيئا من العلم فهذا على خطر عظيم، يجب عليه التقليد وإلا يَضيع، قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} الأنبياء (7) فهذا ليس عنده شيء من المؤهلات حتى يجتهد، فلابد أن يأخذ بمذهب من مذاهب أهل العلم وأهل السنة؛ لأن هذا مُتعين عليه، فلا يجوز له أن يجتهد وهو لا يُحسن الاجتهاد، فيَضيع ويُضيِّع غيره.
وهذه بليّة كثير من المعاصرين اليوم، أنهم ظنوا أنهم بلغوا رتبة الاجتهاد وهم مساكين لم يعرفوا أوليّات العلوم، لم يعرفوا أوليّات العلوم، لا يعرفوا النحو، لا يعرفوا الأصول، لا يعرفوا الفقه، لا يعرف قواعد الفقه، لا يعرف التفسير، لا يعرف الحديث، كيف يصير هذا مجتهد! ولم يدرس على أحد من أهل العلم، إنما يقرأ في الكتب فقط، هذا خطر على نفسه وخطر على المسلمين.
فعلى المسلم أن يتقي الله وأن يعرف قدر نفسه؛ لأن المسألة ما هي بمسألة سهلة، المسألة مسألة دين، ومسألة وقوف بين يدي الله يوم القيامة، {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} الأعراف (33) وهذا ليس من أهل العلم، هذا من المُتطفِّلين والمُبتدئين، من أين أخذ العلم! على من تعلَّم! على من درس! نعم).
من شريط: (شرح كتاب عمدة الأحكام) للشيخ: (صالح بن فوزان الفوزان)، الجزء الأول، الوجه الثاني.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[30 - 05 - 09, 08:05 م]ـ
((الخلاصة: أن علم الكلام والمنطق فيه حق وهو ما وافق علوم أهل الإسلام وإنما الخلاف في العبارة أو صياغة الدليل
فلا يمنعنا تحذير علمائنا من علم الكلام أن لا نأخذ بما فيه من حق وأكثرهذا الحق في الأدلة العقلية
كما لا يسوغ لنا أن نرفض أي علم مزج به
كما لا يسوغ لنا التحذير من أصول الفقه لأنه امتزج به
وأن اختلافنا مع المعتزلة والأشاعرة في الاعتقاد لا يمنع من الاستفادة من كتبهم وتراثهم في العلوم الإسلامية وخاصة أصول الفقه))
هذا كلام ضعيف جداً .. وبمثله تدخل الشبه على أهل الحق ..
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 06 - 09, 12:40 م]ـ
قولي:
الخلاصة: أن علم الكلام والمنطق فيه حق وهو ما وافق علوم أهل الإسلام وإنما الخلاف في العبارة أو صياغة الدليل.
قولي: وإنما الخلاف ...
يعود على ما وافق فيه أهل الكلام الحق الذي عند أهل الإسلام فقط
ولا يعود على جميع علم الكلام
ــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا كلام ضعيف جداً ...
بارك الله فيكم
لعلكم توضحون موطن الضعف وفي أي جزء من الكلام هو.
ـ[سامح رضا]ــــــــ[14 - 07 - 09, 04:21 م]ـ
بسم الله والحمد الله ...
فإنني أشكر ابتداء الشيخين الفاضلين: أبا فهر السلفي وأبا فراس ... وأقول لهما منكما يستفاد أدام الله عليكما النعم.
إنما عجبي من السيد أمجد الفلسطيني:
فإن له حلقات غير مرتبة أفسدت عليه تصور الموضوع كما يجب , ولا وقت عندي الآن لترتيبها:
1 - إن إكبار أمجد الفلسطيني لما عليه أمر المتكلمين من أهل الأصول (وهم كلهم متكلمون حتى الأحناف إلا قلة من أهل الحق) جعلته يحاكم كل من حاول عودة بالأصول إلى منهج السلف بما استقر في خاطره من كتابات الرازيين والطوسيين والأرمويين ..
2 - لذلك لما حاول الصنعاني شيئا من ذلك (ربما أخطا في شئ ما حسبما يراه من اعتقد حجية القياس وإجماع كل عصر) قلب عليه أمجد المسألة واعتبر الكتاب: من مزالق الصنعاني!
والسبب في ذلك أن الصنعاني هدم على المتكلمين بعضا -أقول بعضا- من نسيجهم الأصولي المبتدع.
3 - واعتباره لمنهج المتكلمين أدخل عليه شبهة تبريرية لبعض جزئيات المباحث الكلامية المتصفة بالسلامة حاول من خلالها إضفاء الشرعية على كتابات هؤلاء المتكلمين.
4 - لذلك ستجده يوافق الشيخ السلفي في قوله بأن العربية حاكمة على الأصول كله أو معظم مباحثه كما قال القرافي. ولكنه سيرفض اثناء المباحثة جملة من المقررات اللغوية الصولية التي لا نجد لها أصلا في اللغة ...
5 - على أن الشيخ أمجد من المحبين لمختصرات الأئمة في الأصول , وأنا ما أخال ابا فهر ولا ابا فراس ينكران فائدتها على المبتدئ لكنهما يعيبان على من جعل النظر فيها غاية أمله ومنتهاه ولا يتجاوزها لصول هذا الفن ... لذلك فصفة التزهيد في المختصرات قائمة لكن باعتدال!!
وأظن ان هذا ما يغيب عن البعض ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/171)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[14 - 07 - 09, 11:06 م]ـ
بسم الله والحمد الله ...
فإنني أشكر ابتداء الشيخين الفاضلين: أبا فهر السلفي وأبا فراس ... وأقول لهما منكما يستفاد أدام الله عليكما النعم.
إنما عجبي من السيد أمجد الفلسطيني:
فإن له حلقات غير مرتبة أفسدت عليه تصور الموضوع كما يجب , ولا وقت عندي الآن لترتيبها:
أخي أبا محمد الظاهري _سددك الله_
أنا موافق لصاحب الموضوع ومثريه ومأكد لكلامه بإجماع قراء الموضوع فكيف أكون أفسدته؟!!!
ركز قليلا في الكلام المقروء لو سمحت بارك الله فيك
-إن إكبار أمجد الفلسطيني لما عليه أمر المتكلمين من أهل الأصول (وهم كلهم متكلمون حتى الأحناف إلا قلة من أهل الحق) جعلته يحاكم كل من حاول عودة بالأصول إلى منهج السلف بما استقر في خاطره من كتابات الرازيين والطوسيين والأرمويين ..
أخي ...
لا أحب لك أن تكون من تلك الطبقة التي ليس عندها في قانون الفهم إلا أبيض أو أسود
وليس عندها إلا صفر أو ألف
ليس كل من دافع عن طائفة أو عالم ما، وردّ بغي غيرهم عليهم هو متعصب لهم ناصر لكل ما عندهم من حق وباطل
- فإذا وقعت على سلفي سني _مثلا_ يدافع عن الأشاعرة _مثلا_ يرد على طعون المعتزلة والشيعة فيهم لأن الحق معهم أي الأشاعرة في تلك الخلافات بينهم = لا تحكم عليه بأنه متعصب للأشاعرة أو يوافقهم على باطلهم أو غير ذلك من التعميمات
- وكذا من نافح عن المذاهب الأربعة وتراثهم وفقهاء الإسلام وانتصف لهم من طعن وتسفيه بعض الطوائف من أصحاب الشذوذ الفكري والفقهي والعقدي وأعداء التراث والحداثيين ونحوهم = لا يصح الحكم عليه بأنه من متعصبة المذاهب وغلاة المقلدة وأعداء التجديد الى غير ذلك من التعميمات في الأحكام
فهذا القانون المختل الجائر في الفهم ينتحله كثير من المثقفة وبعض طلبة العلم وفئام من الناس
وقد أضر بأهل العلم وطلابه كثيرا
إذا تقرر قبح هذا
فإن دفاعي عن علماء الأصول المنتسبين لأهل الكلام سواء كانوا من أحد المدرستين (مدرسة المتكلمين وهم الجمهور دون الأحناف أو مدرسة الفقهاء من الأحناف)
هو خارج على هذا المنوال وعلى هذا الضرب من الرأي
فقد كررتُ أكثر من مرة هذا المعنى وهو أن:
- علم الكلام علم مذموم
- وأن فيه حقا وهو ما وافق الكتاب والسنة
- وأن كلام المتكلمين من الأصوليين في علم الأصول فيه حق كثير ووافقهم عليه أهل السنة
- وأن الدخيل الباطل من ذلك في علم الأصول قليل بالنسبة للصواب الموجود في هذا العلم الأصيل العظيم
- وأن التزهيد والتحذير في هذا العلم من أجل أن أكثر من تكلم فيه من علماء الكلام باطل لا يصح باتفاق أهل العلم
- وأن الدعوة إلى تنخيل هذا العلم من بعض ما امتزج فيه من باطل حق ولكن من غير غلو _كما فعل الصنعاني رحمه الله وغيره من بعض أهل العصر_ ولا تفريط
- ولفت الانتباه فقلت:
لاحظ أن الموضوع في الرد على من يحذر من هذا العلم بدعاوى منها أن أكثر من تكلم فيه من أهل الكلام والبدع وأنه امتزج بعلم المنطق والكلام
فلو كان الاختلاف في العقائد مسوغ للتزهيد بالعلوم والفنون والتراث لشمل ذلك كتاب الإحكام لأبي محمد ابن حزم رحمه الله وغيره من نفائس الكتب فإن أهل السنة أجمعوا على تنكبه طريق الحق في العقائد
لكن الأمر ليس كذلك
/// ثم إنه لا خلاف في ضرورة العودة إلى تأصيلات ومذاهب السلف في هذا العلم
بل في كل الفنون والعلوم
فإن المتأخرين أدخلوا فيها ما خالف ما كان عليه متقدموهم وأسلافهم
لكن الخلاف في طريقة ومنهجية هذه العودة المباركة
فكم من رافع شعار هذه العودة قد أفسد وتجنى على الفنون والعلوم ما الله به عليم
ولما نبتت نابتة تدعوا إلى حرق كتب المذاهب والفقه وشروح البخاري ومسلم والسنن مستبدلة ذلك بالدعوة إلى النظر مباشرة في نصوص الوحيين أجمع أهل العلم على ذمهم وقبح منهجهم
وكذلك من يدعو إلى عدم الالتزام بهم السلف بدعوى أنهم اختلفوا فلا فرق بين فهمهم وفهم غيرهم = يظن نفسه داعيا إلى العودة إلى منهج السلف وهو قد وافق الطوائف المبتدعة منذ ظلام الاعتزال إلى الآن في هذا الأمر
فكم من دعوة للتجديد جناية وكم من دعوة للتسليم حماية
لكن أين من يفرق بين هذه المشتبهات؟!!
فالحاصل أن نقطة الخلاف في حقيقة وطريقة هذه العودة ومنهجها ومعالمها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/172)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[14 - 07 - 09, 11:28 م]ـ
2 - لذلك لما حاول الصنعاني شيئا من ذلك (ربما أخطا في شئ ما حسبما يراه من اعتقد حجية القياس وإجماع كل عصر) قلب عليه أمجد المسألة واعتبر الكتاب: من مزالق الصنعاني!
والسبب في ذلك أن الصنعاني هدم على المتكلمين بعضا -أقول بعضا- من نسيجهم الأصولي المبتدع.
تقدم بيان رأيي في كتاب الصنعاني رحمه الله فليراجع
فأنا لا أدافع عن باطل المتكلمين الذي أدخلوه في هذا العلم وغيره من العلوم
لكني أقول أنه قليل بالنسبة لباقي مسائل العلم
فينقى من هذا الدغل ويبقى علما كباقي العلوم
لا نجني عليه ولا نزهد فيه
وأقول أن إخراج هذا الدغل قد مارسه من ليس أهلا لذلك وأن الناس في هذا على طرفين ووسط
أما كتاب الصنعاني فلم ينتقد بعض ما أدخله المتكلمون من باطل فقط
بل انتقد جميع أهل الأصول في مسائل ليست من علم الكلام كأنواع الدلالات والإجماع ومباحثه في كتب الأصول والقياس وغير ذلك
وقد تقدم
-واعتباره لمنهج المتكلمين أدخل عليه شبهة تبريرية لبعض جزئيات المباحث الكلامية المتصفة بالسلامة حاول من خلالها إضفاء الشرعية على كتابات هؤلاء المتكلمين.
تقدم بيان الخلل فيه
4 - لذلك ستجده يوافق الشيخ السلفي في قوله بأن العربية حاكمة على الأصول كله أو معظم مباحثه كما قال القرافي. ولكنه سيرفض اثناء المباحثة جملة من المقررات اللغوية الصولية التي لا نجد لها أصلا في اللغة ...
لم يسبق لي نقاش معك ولا مع غيرك في هذه الجزئية ولا ما يحوم حولها
فلا أدري من أين نسبت لي هذا وأني لم أقع فيه ولكن إن طرح وقعت فيه!!
من أين؟!!
على أني ناقشت بعضا حول حجية اتفاق أهل الفن على غيرهم
فكان هو لا يرى أن اتفاق أهل الفن حجة وكنت أنا أرى عكس ذلك كما حكاه أبو حاتم والسمعاني والسخاوي في خلق
فمذهبي فيما ذكرت أن المرجع في كل فن لأهله فمتى لم نجد له أصلا عند أهل اللغة فغير معتبر وإلا فنعم
وللسبكي هنا كلام في تميز وتدقيق أهل الأصول في علم اللغة فلينظر
5 - على أن الشيخ أمجد من المحبين لمختصرات الأئمة في الأصول , وأنا ما أخال ابا فهر ولا ابا فراس ينكران فائدتها على المبتدئ لكنهما يعيبان على من جعل النظر فيها غاية أمله ومنتهاه ولا يتجاوزها لصول هذا الفن ... لذلك فصفة التزهيد في المختصرات قائمة لكن باعتدال!!
وأظن ان هذا ما يغيب عن البعض ...
هذا لا يسمى تزهيدا ولكن إنزالا للمختصرات منزلتها
فليست هي الغاية ولكن وسيلة له
وهذا كلام أهل العلم وهو ما أقول به
ـ[سامح رضا]ــــــــ[14 - 07 - 09, 11:28 م]ـ
ولما نبتت نابتة تدعوا إلى حرق كتب المذاهب والفقه وشروح البخاري ومسلم والسنن مستبدلة ذلك بالدعوة إلى النظر مباشرة في نصوص الوحيين أجمع أهل العلم على ذمهم وقبح منهجهم
وكذلك من يدعو إلى عدم الالتزام بهم السلف بدعوى أنهم اختلفوا فلا فرق بين فهمهم وفهم غيرهم = يظن نفسه داعيا إلى العودة إلى منهج السلف وهو قد وافق الطوائف المبتدعة منذ ظلام الاعتزال إلى الآن في هذا الأمر
ألا تحسن يا امجد أن تبقى موضوعيا إلى الآخر!!!!!!!!!!
أما قولك عن طائفة بأنها تدعو لحرق شروحات السنن (فتح الباري-معالم السنن ... ) فكذب مجرد!
وأما حاشية التنبكتي والعطار والبناني والأنصاري فنعم!!
وفرق بين الكتب العمد في العلوم والحواشي فالحواشي لا خير فيها ,
على انك تدافع عن متون المتكلمين وكتبهم بطريقة حربية ثم تعود لتؤيد فكرة العودة إلى ما كان عليه السلف!!!!!!!!!!!!!
أما لغمك الثاني: فسبحان الله!
من أراد تحرير المسائل قلبتموه موافقا للمبتدعة؟
وما هذا إلا من بركات قلة التحقيق ...
نحن نناقش مفهوم المصطلح وماذا يراد به: لأن فيه غموضا اعترف به الكثير!
على كل حال ابق في الموضوع الأصلي: ولا نخرج هنا وهناك فهذه ليست من شيم طلبة العلم -أعني القفز على الموضوعات-
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[14 - 07 - 09, 11:40 م]ـ
لم أفهم ما تريد
فأنا ذكرت ما ذكرت من دعوات لأنها تتعلق بموضوعنا
وهو التزهيد في هذا العلم بدعوى التجديد
فلا أدري لما حملته على نفسك
إلا إذا كنت منهم
على العموم كما قلت لا نريد أن ندخل في فرعيات ولنبق في صلب الموضوع فأقول ...
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[14 - 07 - 09, 11:43 م]ـ
- ثم إنه لا خلاف في ضرورة العودة إلى تأصيلات ومذاهب السلف في هذا العلم
بل في كل الفنون والعلوم
فإن المتأخرين أدخلوا فيها ما خالف ما كان عليه متقدموهم وأسلافهم
لكن الخلاف في طريقة ومنهجية هذه العودة المباركة
فكم من رافع شعار هذه العودة قد أفسد وتجنى على الفنون والعلوم ما الله به عليم
ولما نبتت نابتة تدعوا إلى حرق كتب المذاهب والفقه وشروح البخاري ومسلم والسنن مستبدلة ذلك بالدعوة إلى النظر مباشرة في نصوص الوحيين أجمع أهل العلم على ذمهم وقبح منهجهم
وكذلك من يدعو إلى عدم الالتزام بهم السلف بدعوى أنهم اختلفوا فلا فرق بين فهمهم وفهم غيرهم = يظن نفسه داعيا إلى العودة إلى منهج السلف وهو قد وافق الطوائف المبتدعة منذ ظلام الاعتزال إلى الآن في هذا الأمر
فكم من دعوة للتجديد جناية وكم من دعوة للتسليم حماية
لكن أين من يفرق بين هذه المشتبهات؟!!
فالحاصل أن نقطة الخلاف في حقيقة وطريقة هذه العودة ومنهجها ومعالمها
وفي اجتهادي أن ما وقع في الرابط التالي هو من هذه الجنايات على هذا العلم لا تزهيدا فيه فقط:
وللأمر صيغة مفيدة (بنفسها) في كلام العرب (من غير قرينة) تدل عليها خلافًا للأشعري ومن اتبعه. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=168299)
من المشاركة الخامسة عشر فما دونها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/173)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[14 - 07 - 09, 11:48 م]ـ
وفي ظني واجتهادي أن أصحاب الدعوة المشتهرة بالتفريق بين المتقدمين والمتأخرين في منهجية نقد السنة
وفقوا إلى التجديد والعودة بهذا العلم إلى مذاهب أسلافهم فيه
فلم يزهدوا في هذا العلم
ولم يجنوا عليه
ولم يطرحوا جهود المتأخرين في هذا العلم سواء كانوا من أهل الكلام أم من غيرهم
وقد تقدم في الملتقى وغيره بيان هذا الأمر غير مرة والله أعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 07 - 09, 12:20 ص]ـ
يذكرني كلام الأخ أمجد بكلام بتوع مباحث أمن الدولة!!
- انت ما بتحبش مصر؟؟
- يا جماعة والله بحبها ..
- أنا فقط.لا أحبكم أنتم ومن وراءكم ...
-لا يا شاطر .. كده بأه تبقى ما بتحبش مصر ...
فالذي يقول إن كتابات طبقة معينة وما وراءها في علم الأصول = جلها كذب وفساد وضلال = بات جانياً على علم أصول الفقه
علم أصول الفقه على العين والرأس .. المشكلة أن هذا المكتوب ليس علم أصول الفقه!!
بس خلاص ..
واحد مش عاجبه .. ماشي!!
بس لابد أن يفهم أن نقد العلم شيء ونقد كتابات من كتب في العلم شيء آخر ..
ولازم يفهم إنه إن لم تخالط كتب الذين نتكلم عنهم لحمه وعظمه ومالم يفقهها = فلا يجوز له أن يقول اجتهادي كذا وكذا ..
ـ[عبد الله محمد إبراهيم]ــــــــ[15 - 07 - 09, 01:34 ص]ـ
حفظك الله أخي أمجد، وسدد خطاك.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[10 - 08 - 09, 04:34 م]ـ
أخي الكريم هل كلامك عن كتاب الصنعاني قال به غيرك من الأئمة المعروفين أو هو نظرتك فيه
بارك الله فيك
كنت قد أجبتك أخي أشرف بأني لا أدري من انتقد هذا الكتاب قبلي من أهل العلم وأن ذلك لا يضر
ثم وقفت على كلام للشيخ الجيزاني كنت قد سألتُه منذ زمن ولم أقرأ أجوبة الشيخ نسيانا
وهذا هو الجواب:
السلام عليكم
عندى بعض الأسئلة لو تكرمتم
1_ ما رأيكم فى كتاب مزالق الأصوليين للصنعانى فإنه قد أنكر فيه الإجماع والقياس وأنواع الدلالات دلالة المطابقة والتضمن والإلتزام وقال هل كان أبو ذر يعلمها؟ وفيه غير ذلك حتى أصبح بعض الناس يحذر من علم أصول الفقه ويستدل بكلام الصنعانى
الجواب:
لقد اطلعت على هذا الكتاب، وألفيته نافعا لعلم أصول الفقه من جهة أنه لفت الأنظار إلى شيء من المآخذ والأخطاء الواقعة لدى كثير من الأصوليين.
وتوجيه النقد أمر مطلوب لا غبار عليه.
لكن الأمر المشكل هو مخالفة مذهب السلف الصالح لدى الصنعاني في هذا الكتاب، وهذا الإشكال موجود أيضا ـ من حيث الجملة ـ عند الشوكاني من بعده في إرشاد الفحول.
وهذا يظهر في مسائل عدة، فمن ذلك:
إنكار حجية الإجماع، وإنكار حجية القياس، وإنكار حجية قول الصحابي، وإيجاب الاجتهاد، وتحريم التقليد.
ولهذين الإمامين كتب نافعة، ومصنفات مسددة، لها قبول حسن ومكانة معروفة، أسأل الله أن يرحمهما رحمة واسعة، وأن يجزيهما خير الجزاء.
والذي أنصح به نفسي وعامة أهل العلم وطلابه في هذا العصر أن يقصر كل أحد نفسه ما أمكن على كتب المتقدمين من أهل العلم، وذلك في الدراسة والتدريس والبحث والتوثيق، خاصة في تلك العلوم التي نضجت مصادرها وتقررت مسائلها وضبطت أطرافها.
وأن يكون فرحه بالظفر بكلام المتقدمين وتقريراتهم أعظم من الظفر بكلام لبعض المعاصرين أو من قاربهم.
وألا يستكثر مما كتبه المتأخرون، فضلا عن أن يجعله أصلا ومعيارا للعلم.
وبهذا تكون الحاجة إلى ما كتبه المتأخرون محدودة، والرجوع إلى سابقيهم محتومة.
وهذا هو الموقف الصحيح من كتب المعاصرين:
فإن الأصل المطرد إنما هو النهل من كتب أهل العلم المتقدمين والاعتماد عليها في الاقتناء والبحث والدرس والاستغناء بها عما كتبه المعاصرون.
وهذا الأصل عام لجميع العلوم التي نضجت مسائلها وضبطت قواعدها واستقرت مادتها؛ كعلوم الشريعة وعلوم اللغة.
ويبقى جانب التجديد مفتوحا في هذا النوع من العلوم، وذلك بتصحيح الأخطاء وبيان وجوه الخلل الطارئة عليها، وإعادة تقريبه والسعي في تيسيره.
ولذلك فالذي أنصح به طلبة العلم فيما يخص الكتب المعاصرة في أصول الفقه، والتي يكثر السؤال عنها أن يصيروا إلى كتب القدامى قدر الطاقة والإمكان.
ومن تعسَّر عليه ذلك وصار إلى كتاب معاصر؛ لأنه قد وجد فيه ضالته واطمأن لطريقته فهو في ذلك فقيه نفسه.
إلا أن هذه تبقى حالة ضرورة لا يحكم بعمومها لكل أحد، وإنما تكون قضية استثنائية مؤقتة لمن عجز عن الائتمام بكتب الأقدمين.
نعم قد توجد كتب لبعض المتأخرين، تتصف بحسن الجمع والضبط، ويوفق مؤلفها لسد ثغرات وبيان مهمات، إلا أن هذا النوع من الكتب يحتاج للتعرف عليه ونعته باسمه والتوصي به إلى تزكية مستفيضة وقبول مشهود من فضلاء العصر ونبلائه.
ومن حسن التوفيق للمعاصرين أن تكون مؤلفاتهم محفزة على مراجعة كتب المتقدمين، مبينة لها، مبنية عليها.
إن كتب علمائنا السالفين تعطي ممارسها متانة في العلم وقوة في اللغة وقدرة عالية على الفهم، وهي نور وخير وبركة،
وهنا أتوجه للقائمين على الدروس العلمية من المشايخ والأساتذة الكرام بأن يوجهوا الطلبة ويحثوهم على ملازمة كتب المتقدمين وأن يغروهم بها وييسروا لهم قراءتها وضبطها والرجوع إليها واقتناءها، وحملهم على معالي الأمور.
وحذار حذار من وضع العوائق والصعوبات حول هذه الكتب، أو قصر الطلبة على كتاب معاصر.
إنها مسؤولية عظيمة وأمانة كبرى، وكم هي الجناية في حق طلاب هذا العصر أن يحرموا من خير أسلافهم وأن يضرب بينهم وبين كتب المتقدمين بسور لا باب له، ومتى حصل ذلك فإن حاضر هذه الأمة ينقطع عن ماضيها، وإنما يسعى لذلك ويفرح به أعداء الملة والدين.
اللهم وفقنا لحسن الاتباع.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93664
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/174)
ـ[البرايجي السوفي]ــــــــ[24 - 08 - 09, 09:44 م]ـ
لقد ظلم بعض العلماء الاصول بجعله مختصرات ملخصة بنمط المناطقة وبمباحث لا عمل ينتج عنها
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[27 - 08 - 09, 04:26 م]ـ
لقد ظلم بعض العلماء الاصول بجعله مختصرات ملخصة بنمط المناطقة وبمباحث لا عمل ينتج عنها
بارك الله فيك
أرى أنك أنت من قد ظلم هؤلاء العلماء
وذلك أنهم أدرى بمناهج التعليم مني ومنك
لما وضع هؤلاء العلماء تلك المختصرات إنما وضعوها لتسهيل حفظ هذا العلم بجمع معانيه الكثيرة في ألفاظ قليلة
وهذه طريقة في العلم معتمدة مجمع على حسنها عند أكثر أهل العلم
كما أنها كذلك عند جميع أهل الفنون من غير أهل الأصول
فإن قلت عيبها أنها خالية من الأدلة
قيل ليس أكثرها كذلك
ولكن الخلل في مفهوم الدليل عند المعترض هذا أولا
وثانيا فإنهم وضعوها لغرض وهو تصور المسائل وترتيبها وما تقدم ذكره
ليسهل على الطالب حفظ هذا العلم وضبط مسائلة مرتبة منظمة
وجعلوا موضع الأدلة في الشروح والمطولات
وهي مرحلة متقدمة لطالب هذا العلم
ومرحلة المتون هي المرحلة الأولى
فما أخذه الصنعاني رحمه الله على أهل هذا الفن من وضعه المتون فيه والمختصرات
غلط ثم هو ليس خاصا بأهل الأصول
بل افتعله أهل الفنون الأخرى
فلماذا يعد هذا _بعد ما تقدم_ من مزالق الأصوليين؟!!
هذا ظلم لهم وهضم لحقهم
وانظر هنا حول الرد على من يزهد في المتون والمختصرات:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=8735
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115781
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما ذكرهم مباحث لا ثمرة لها عملية
فاعلم أنها قليلة بالنسبة إلى باقي مسائل الفن فلا يصح إفرادها مع العيوب والمزالق هذا أولا
وثانيا اعلم أن بعضا من هذه المسائل_وهي قليلة_ لها ثمرة عملية ولكن خفيت على المعترض
وثالثا: وجود هذه المسائل ليس خاصا بهذا الفن وأهله
بل هي موجودة في غيره من الفنون
فيقال عليه ما قيل في سابقه
ورابعا قد قال أهل النحو لن يتقن الطالب المسائل المحتاج إليها في علم النحو حتى يعلم المسائل غير المحتاج إليها
أو نحو هذا
وكذا يقال في باقي العلوم ومنها الأصول
وخامسا بعض هذه المسائل ذكرت كتنشيط للذهن ورياضة له _ولذك تجد بعض أهل الأصول يقول هذه المسألة من رياضيات هذا العلم_ أو مدخل لمسألة أخرى لها ثمرة عملية
والله أعلم
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[08 - 09 - 09, 12:47 م]ـ
فرق بين التزهد في أصول الفقه، وبين اجتناب المؤلفات المضرة الفاحشة الغلط فيها
ثم إن المشكلة الحقيقية هي تزهد كثير من المصنفين في (أصول الفقه) من المتكلمين عن بينات العقول وصحاح المنقول.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[08 - 09 - 09, 01:42 م]ـ
---- ----- ------ ------ -----
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[08 - 09 - 09, 01:45 م]ـ
ومما قال ابن تيمية عن هذا العلم والخائضين فيه:
العلم الأعلى عندهم والفلسفة الأولى علم ما بعد الطبيعة وهو الوجود المطلق ولواحقه؛ حتى إن من له مادة فلسفية من متكلمة المسلمين - كابن الخطيب وغيره - يتكلمون في أصول الفقه الذي هو علم إسلامي محض؛ فيبنونه على تلك الأصول الفلسفية. كقول ابن الخطيب وغيره في أول أصول الفقه موافقة لابن سينا ومن قبله: العلوم الجزئية لا تقرر مبادئها فيها؛ لئلا يلزم الدور فإن مبدأ العلم أصوله وهو لا يعرف إلا بعدها. فلو عرفت أصوله بمسائله المتوقفة على أصوله: للزم الدور بل توجد أصوله مسلمة ويقدر في علم أعلى منه حتى ينتهي إلى العلم إلا على الناظر في الوجود ولواحقه
--
وقل طائفة من المتأخرين إلا وقع في كلامها نوع غلط لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع؛ ولهذا يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه وأصول الدين والفقه والزهد والتفسير والحديث؛ من يذكر في الأصل العظيم عدة أقوال ويحكي من مقالات الناس ألوانا والقول الذي بعث الله به رسوله لا يذكره؛ لعدم علمه به لا لكراهته لما عليه الرسول.
--
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/175)
وأما إذا قدرنا السواد المجرد المطلق الذي يتصوره الذهن فهذا لا يقبل الاختلاف والتفاضل لكن هذا هو في الأذهان لا في الأعيان. ومثل هذا الغلط وقع فيه كثير من الخائضين في أصول الفقه حيث أنكروا تفاضل العقل أو الإيجاب أو التحريم وإنكار التفاضل في ذلك قول القاضي أبي بكر وابن عقيل وأمثالهما لكن الجمهور على خلاف ذلك
--
ولما تكلف النحاة حد الاسم ذكروا حدودا كثيرة كلها مطعون فيها عندهم. وكذلك ما تكلف متأخروهم من حد الفاعل والمبتدأ والخبر ونحو ذلك لم يدخل فيها عندهم من هو إمام في الصناعة ولا حاذق فيها. وكذلك الحدود التي يتكلفها بعض الفقهاء للطهارة والنجاسة وغير ذلك من معاني الأسماء المتداولة بينهم وكذلك الحدود التي يتكلفها الناظرون في أصول الفقه لمثل الخبر والقياس والعلم وغير ذلك لم يدخل فيها إلا من ليس بإمام في الفن. وإلى الساعة لم يسلم لهم حد. وكذلك حدود أهل الكلام.
--
الفقه لا يكون فقها إلا من المجتهد المستدل وهو قد علم أن هذا الدليل أرجح وهذا الظن أرجح فالفقه هو علمه برجحان هذا الدليل وهذا الظن؛ ليس الفقه قطعه بوجوب العمل أي بما أدى إليه اجتهاده بل هذا القطع من أصول الفقه والأصولي يتكلم في جنس الأدلة ويتكلم كلاما كليلا فيقول: يجب إذا تعارض دليلان أن يحكم بأرجحهما ويقول أيضا: إذا تعارض العام والخاص فالخاص أرجح وإذا تعارض المسند والمرسل فالمسند أرجح ويقول أيضا: العام المجرد عن قرائن التخصيص شموله الأفراد أرجح من عدم شموله ويجب العمل بذلك. فأما الفقيه: فيتكلم في دليل معين في حكم معين مثل أن يقول قوله: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} خاص في أهل الكتاب ومتأخر عن قوله: {ولا تنكحوا المشركات} وتلك الآية لا تتناول أهل الكتاب وإن تناولتهم فهذا خاص متأخر؛ فيكون ناسخا ومخصصا فهو يعلم أن دلالة هذا النص على الحل أرجح من دلالة ذلك النص على التحريم وهذا الرجحان معلوم عنده قطعا وهذا الفقه الذي يختص به الفقيه هو علم قطعي لا ظني
--
الفرق بين مسائل الفروع والأصول إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام والمعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره. قالوا: والفرق بين ذلك في مسائل الأصول والفروع كما أنها محدثة في الإسلام لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
--
وقوم من الخائضين في " أصول الفقه " وتعليل الأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة إذا تكلموا في المناسبة وأن ترتيب الشارع للأحكام على الأوصاف المناسبة يتضمن تحصيل مصالح العباد ودفع مضارهم ورأوا أن المصلحة " نوعان " أخروية ودنيوية: جعلوا الأخروية ما في سياسة النفس وتهذيب الأخلاق من الحكم؛ وجعلوا الدنيوية ما تضمن حفظ الدماء والأموال والفروج والعقول والدين الظاهر وأعرضوا عما في العبادات الباطنة والظاهرة من أنواع المعارف بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله وأحوال القلوب وأعمالها: كمحبة الله وخشيته وإخلاص الدين له والتوكل عليه والرجا لرحمته ودعائه وغير ذلك من أنواع المصالح في الدنيا والآخرة. وكذلك فيما شرعه الشارع من الوفاء بالعهود. وصلة الأرحام؛ وحقوق المماليك والجيران وحقوق المسلمين بعضهم على بعض وغير ذلك من أنواع ما أمر به ونهى عنه حفظا للأحوال السنية وتهذيب الأخلاق. ويتبين أن هذا جزء من أجزاء ما جاءت به الشريعة من المصالح.
====
ومن أقواله المشهورة:
====
فصل قال أبو الحسن الآمدي في أحكامه: " المسألة الثانية ": اختلف الأصوليون في اشتمال اللغة على الأسماء المجازية؛ فنفاه الأستاذ أبو إسحاق ومن تابعه؛ - يعني أبا إسحاق الإسفراييني - وأثبته الباقون وهو الحق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/176)
قلت الكلام في شيئين: أحدهما: في تحرير هذا النقل؛ والثاني في النظر في أدلة القولين. أما الأول فيقال: إن أراد بالباقين من الأصوليين كل من تكلم في أصول الفقه من السلف والخلف فليس الأمر كذلك؛ فإن الكلام في أصول الفقه وتقسيمها إلى: الكتاب؛ والسنة؛ والإجماع؛ واجتهاد الرأي؛ والكلام في وجه دلالة الأدلة الشرعية على الأحكام: أمر معروف من زمن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان؛ ومن بعدهم من أئمة المسلمين وهم كانوا أقعد بهذا الفن وغيره من فنون العلم الدينية ممن بعدهم وقد كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى شريح: اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فبما اجتمع عليه الناس - وفي لفظ - فبما قضى به الصالحون؛ فإن لم تجد فإن شئت أن تجتهد رأيك. وكذلك قال ابن مسعود وابن عباس وحديث معاذ من أشهر الأحاديث عند الأصوليين. وإن كان مقصوده بالأصولي من يعرف " أصول الفقه " وهي أدلة الأحكام الشرعية على طريق الإجمال؛ بحيث يميز بين الدليل الشرعي وبين غيره؛ ويعرف مراتب الأدلة؛ فيقدم الراجح منها - وهذا هو موضوع أصول الفقه؛ فإن موضوعه معرفة الدليل الشرعي ومرتبته - فكل مجتهد في الإسلام فهو أصولي؛ إذ معرفة الدليل الشرعي ومرتبته بعض ما يعرفه المجتهد ولا يكفي في كونه مجتهدا أن يعرف جنس الأدلة بل لا بد أن يعرف أعيان الأدلة ومن عرف أعيانها وميز بين أعيان الأدلة الشرعية وبين غيرها كان بجنسها أعرف كمن يعرف أن يميز بين أشخاص الإنسان وغيرها فالتمييز بين نوعها لازم لذلك؛ إذ يمتنع تمييز الأشخاص بدون تمييز الأنواع. وأيضا فالأصوليون يذكرون في مسائل أصول الفقه مذاهب المجتهدين كمالك؛ والشافعي؛ والأوزاعي؛ وأبي حنيفة؛ وأحمد بن حنبل وداود ومذهب أتباعهم بل هؤلاء ونحوهم هم أحق الناس بمعرفة أصول الفقه؛ إذ كانوا يعرفونها بأعيانها ويستعملون الأصول في الاستدلال على الأحكام بخلاف الذين يجردون الكلام في أصول مقدرة بعضها وجد وبعضها لا يوجد من غير معرفة أعيانها فإن هؤلاء لو كان ما يقولونه حقا فهو قليل المنفعة أو عديمها؛ إذ كان تكلما في أدلة مقدرة في الأذهان لا تحقق لها في الأعيان كمن يتكلم في الفقه فيما يقدره من أفعال العباد وهو لا يعرف حكم الأفعال المحققة منه فكيف وأكثر ما يتكلمون به من هذه المقدرات فهو كلام باطل وإذا كان اسم الأصوليين يتناول المجتهدين المشهورين المتبوعين كالأئمة الأربعة؛ والثوري؛ والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه وغيرهم وإن كان مقصود الأصوليين من جرد الكلام في أصول الفقه عن الأدلة المعينة كما فعله الشافعي وأحمد بن حنبل ومن بعدهما وكما فعله عيسى بن أبان ونحوه وكما فعله المصنفون في أصول الفقه من الفقهاء والمتكلمين: فمعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي وهو لم يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز بل لا يعرف في كلامه مع كثرة استدلاله وتوسعه ومعرفته الأدلة الشرعية أنه سمى شيئا منه مجازا ولا ذكر في شيء من كتبه ذلك؛ لا في الرسالة ولا في غيرها. وحينئذ فمن اعتقد أن المجتهدين المشهورين وغيرهم من أئمة الإسلام وعلماء السلف قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز كما فعله طائفة من المتأخرين: كان ذلك من جهله وقلة معرفته بكلام أئمة الدين وسلف المسلمين كما قد يظن طائفة أخرى أن هذا مما أخذ من الكلام العربي توقيفا وأنهم قالوا: هذا حقيقة وهذا مجاز كما ظن ذلك طائفة من المتكلمين في أصول الفقه وكان هذا من جهلهم بكلام العرب كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى وكما يظن بعضهم أن ما يوجد في كلام بعض المتأخرين كالرازي والآمدي وابن الحاجب: هو مذهب الأئمة المشهورين وأتباعهم ولا يعرف ما ذكره أصحاب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم من أصول الفقه الموافق لطريق أئمتهم فهذا أيضا من جهله وقلة علمه. وإن قال الناقل عن كثير من الأصوليين: مرادي بذلك أكثر المصنفين في أصول الفقه من أهل الكلام والرأي كالمعتزلة والأشعرية وأصحاب الأئمة الأربعة فإن أكثر هؤلاء قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز. قيل له: لا ريب أن هذا التقسيم موجود في كتب المعتزلة ومن أخذ عنهم وشابههم وأكثر هؤلاء ذكروا هذا التقسيم وأما من لم يكن كذلك فليس الأمر في حقه كذلك. ثم يقال: ليس في هؤلاء إمام من أئمة المسلمين الذين اشتغلوا بتلقي الأحكام من أدلة الشرع ولهذا لا يذكر أحد من هؤلاء في الكتب التي يحكي فيها أقوال المجتهدين ممن صنف كتابا وذكر فيه اختلاف المجتهدين المشتغلين بتلقي الأحكام عن الأدلة الشرعية وهم أكمل الناس معرفة بأصول الفقه وأحق الناس بالمعنى الممدوح من اسم الأصولي فليس من هؤلاء من قسم الكلام إلى الحقيقة والمجاز. وإن أراد من عرف بهذا التقسيم من المتأخرين المعتزلة وغيرهم من أهل الكلام ومن سلك طريقتهم من ذلك من الفقهاء. قيل له: لا ريب أن أكثر هؤلاء قسموا هذا التقسيم لكن ليس فيهم إمام في فن من فنون الإسلام لا التفسير ولا الحديث ولا الفقه ولا اللغة ولا النحو بل أئمة النحاة أهل اللغة كالخليل وسيبويه والكسائي والفراء وأمثالهم وأبي عمرو بن العلاء وأبي زيد الأنصاري والأصمعي وأبي عمرو الشيباني وغيرهم: لم يقسموا تقسيم هؤلاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/177)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[09 - 09 - 09, 04:24 م]ـ
فرق بين التزهد في أصول الفقه، وبين اجتناب المؤلفات المضرة الفاحشة الغلط فيها
ثم إن المشكلة الحقيقية هي تزهد كثير من المصنفين في (أصول الفقه) من المتكلمين عن بينات العقول وصحاح المنقول.
بارك الله فيك
لم نختلف في هذا الذي ذكرتَ
فمن حذر من بعض المصنفات الأصولية أو بعض الأخطاء الواقعة في هذا الفن لم يكن مزهدا فيه ومن الظلم العلمي اتهامه بذلك
لكن من يحذر من جميع مصنفات هذا العلم بعد الشافعي ويزعم أن جميع ما فيها بعيد عن الحق وما الحق في هذا العلم إلا قليل بالنسبة للباطل الذي فيه
أو من يحذر من أغلب المصنفات في هذا الفن ويزعم أن أغلب ما في هذا العلم بعيد عن الحق
فصاحب هذا القول مرتكب جناية على هذا العلم وليس مزهدا فيه فقط
ونقد شيخ الإسلام _الذي ذكرتَه_ من الأول لا من الثاني
وأما ما يوهم ذلك من كلامه _ولا إيهام في حقيقة الأمر عندي_ فهو محمول على مسألة معينة كمسألة المجاز _وإن كان لا يُسلم عند كثير من محققي أهل العلم بأن السلف ينكرونه فيبقى كلام الآمدي في حكاية المذاهب صحيح_ لا على أغلب مسائل هذا الفن
ولا يصح حمله على ذلك
وشيخ الإسلام من أبعد الناس عن ذلك
- والمقصود أن التزهيد في هذا العلم قبحه مكشوف ظاهر لطلاب العلم
لكن الجناية عليه بهدم مسائله والتحذير من أغلب أو جميع مصنفاته بعد الشافعي بدعوى التجديد والتنقيح أشد وأخطر وأخفى على طلبة العلم
فهذه الدعوى أشد خطرا على العلم من دعوى المزهدين
فليتنبه طالب العلم لهذه الفروق
والله الموفق
ـ[أبو عبد الله القاسم]ــــــــ[10 - 09 - 09, 12:22 ص]ـ
يكفي علم الأصول شرفا وقدرا
ماقاله العلماء العارفون قدره
" من حرم الأصول منع الوصول "
فلا بناء يقام على غير أساس
ولا حكم يستنبط دون معرفة الأصول
وشكرا لكم على طرق هذا البحث الهام
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 - 09 - 09, 12:30 ص]ـ
الأخ أمجد: كم مرة قرأت المعتمد لأبي الحسين البصري؟
وكم مرة قرأت شرح العمد له؟
وما هي درجة تتبعك لمباحث الأصول في المغني للقاضي عبد الجبار؟
وكم مرة قرأت تقريب الباقلاني؟
وكم مرة قرأت البرهان؟
تنبيه: لا أريد جوابك ولا أريد إحراجك .. ولكن اعلم أن من لم يفقه هذه الكتب ويُقلبها ظهراً لبطن = ليس أهلاً لوصف الدعوة بالتحذير من المصنفات بعد الشافعي = بأنها خطيرة أو باطلة ..
ومن لم يفقه هذه الكتب فهو طالب من طلبة الأصول المتعلمين الشادين ليس له أن يدخل في تلك الأبواب .. ولا أن ينتصب لإبطال كلام غيره بمجرد الإنشاء والخطابة والترهيب الوعظي ..
هذا كلام أعظك به وغيرك .. وكل نفس بما كسبت رهينة والإنسان على نفسه بصيرة ..
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[10 - 09 - 09, 01:00 ص]ـ
يكفي علم الأصول شرفا وقدرا
ماقاله العلماء العارفون قدره
" من حرم الأصول منع الوصول "
ليس المقصود أصول الفقه
وإنما أصول العلوم الشرعية عامةً وعلى رأسها الحديث والفقه
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[10 - 09 - 09, 02:49 م]ـ
يكفي علم الأصول شرفا وقدرا
ماقاله العلماء العارفون قدره
" من حرم الأصول منع الوصول "
فلا بناء يقام على غير أساس
ولا حكم يستنبط دون معرفة الأصول
وشكرا لكم على طرق هذا البحث الهام
ويا ليتها أصول الفقه
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[10 - 09 - 09, 03:41 م]ـ
المقصود بتلك العبارة عند العلماء أصول العلوم
ومن هذه العلوم علم أصول الفقه
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[21 - 09 - 09, 03:17 م]ـ
إنما كتب القوم مشحونة بما يهدم أصول الفقه وفروعه،
بل بما يهدم أصول العلوم وفروعها. . . فاحذروها تكن على سلامة!
ويا ليتها أصول الفقه
أي: يا ليت تلك الكتب: أصولا للفقه.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[21 - 09 - 09, 03:24 م]ـ
بارك الله فيك
لم نختلف في هذا الذي ذكرتَ
فمن حذر من بعض المصنفات الأصولية أو بعض الأخطاء الواقعة في هذا الفن لم يكن مزهدا فيه ومن الظلم العلمي اتهامه بذلك
لكن من يحذر من جميع مصنفات هذا العلم بعد الشافعي ويزعم أن جميع ما فيها بعيد عن الحق وما الحق في هذا العلم إلا قليل بالنسبة للباطل الذي فيه
أو من يحذر من أغلب المصنفات في هذا الفن ويزعم أن أغلب ما في هذا العلم بعيد عن الحق
فصاحب هذا القول مرتكب جناية على هذا العلم وليس مزهدا فيه فقط
ونقد شيخ الإسلام _الذي ذكرتَه_ من الأول لا من الثاني
وأما ما يوهم ذلك من كلامه _ولا إيهام في حقيقة الأمر عندي_ فهو محمول على مسألة معينة كمسألة المجاز _وإن كان لا يُسلم عند كثير من محققي أهل العلم بأن السلف ينكرونه فيبقى كلام الآمدي في حكاية المذاهب صحيح_ لا على أغلب مسائل هذا الفن
ولا يصح حمله على ذلك
وشيخ الإسلام من أبعد الناس عن ذلك
- والمقصود أن التزهيد في هذا العلم قبحه مكشوف ظاهر لطلاب العلم
لكن الجناية عليه بهدم مسائله والتحذير من أغلب أو جميع مصنفاته بعد الشافعي بدعوى التجديد والتنقيح أشد وأخطر وأخفى على طلبة العلم
فهذه الدعوى أشد خطرا على العلم من دعوى المزهدين
فليتنبه طالب العلم لهذه الفروق
والله الموفق
كلام شيخ الإسلام واضح وضوح الشمس لا يعارض بمثل هذا الدفع بالصدور.
قال رحمه الله - وهو صادق في قوله هذا:
وقل طائفة من المتأخرين إلا وقع في كلامها نوع غلط لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع؛ ولهذا يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه وأصول الدين والفقه والزهد والتفسير والحديث؛ من يذكر في الأصل العظيم عدة أقوال ويحكي من مقالات الناس ألوانا والقول الذي بعث الله به رسوله لا يذكره؛
ومن تدبر كلام أئمة السنة المشاهير في مسائل هذا الفن، علم أنهم كانوا أدق الناس نظراً، وأعلم الناس في هذا الفن بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأن أقوالهم هي الموافقة للمنصوص والمعقول، ولهذا تأتلف ولا تختلف، وتتوافق ولا تتناقض، والذين خالفوهم لم يفهموا حقيقة أقوال السلف والأئمة، فلم يعرفوا حقيقة المنصوص والمعقول، فتشعبت بهم الطرق، وصاروا مختلفين في الكتاب، مخالفين للكتاب - والعياذ بالله العلي العظيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/178)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 05:40 ص]ـ
ما ذكره الشيخ أبو فراس ..
والشيخ أمجد في المشاركة 23 ..
وفقهما الله
يبين أن كثيراً من دعاوى المتأخرين التي تنادي بالتزهيد في هذا العلم نشأت أساساً عن جهل أو قصور في معرفة أهميته وفضله.
فأرجو أن يتأمل الإخوة تلكم المشاركات لعلها تنبه غافلاً.
ـ[أبو عبد البر الحرزلي]ــــــــ[18 - 10 - 09, 12:50 ص]ـ
معاذ الله أن يزهد طلبة العلم في علم اهتم به السلف.
ولكن لامناص من القول بأن هذا العلم على وجه الخصوص تعرض له المتكلمون بالتأليف، وأحدثوا فيه من الأقوال ما لم يعرف من قبل عند السلف ـ رضوان الله عليهم ـ فلا بد من التحقيق فيه، لذلك كانت كتب العلماء فيه، مثل الموافقات للشاطبي وإعلام الموقعين لابن القيم وغيرها، بعيدة كل البعد عن تفريعات المتكلمين وآرائهم.
وقد ابتلينا في هذه الأزمان ببعض طلبة العلم عندهم غلو في تطبيق قواعد هذا العلم مع إهمالهم الشديد للأثر وتصور السلف للمسائل العلمية، حتى إن أحدهم ليأتي بالحديث والقاعدة الأصولية ويستنبط بها حكما محدثا من الحديث، فإذا قلت له من سبقك لهذا الحكم، وهل لك سلف فيه، وتأتيه بآثار الصحابة متفقة على خلاف ما استنبطه، لا يرفع بذلك رأسا ويقول أنا لا أبالي، عندي الحديث والقاعدة، ونسي المسكين أن هذا الدين مبني على الفهم، وأينا أحق بالصواب في الفهم، نحن معشر المتأخرين، أم صحابة الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم من رب العالمين، ورضي عنهم أجمعين، أظن أنني لم آتي ببدع من القول، والله أعلم
مع العلم أنني والله لا أزهد في هذا العلم وأدعوا لتعلمه والتوسع فيه، وأقول كما ذكر المشايخ من قبلي، لا يمكن للرجل أن يصل رتبة الاجتهاد دون التبحر في هذا العلم الجليل، وأعلنها حربا شنعاء على من يزهد فيه، والله الموفق لما يحبه ويرضاه.
ـ[أبو فارس المصباحي]ــــــــ[19 - 10 - 09, 10:08 م]ـ
السلام عليكم .....
علم أصول الفقه علم محدث .. وهو وسيلة وليس غاية في ذاته .. والغرض منه تنظيم طرق استنباط الأحكام من أدلتها ..
ولا تجوز الوصاية على هذا العلم أو إلغائه أو تحديد ملامحه على هواه .. ولا يستطيع أحد ممن يسعى إلى التفقه في الدين أن يستغني عن أصول (أدوات وضوابط) ..
والدعوة إلى تجديده أو النظر في تكويناته أمر لا مانع منه إذا جرى بأساليب منهجية علمية تؤدي إلى خدمة هذا العلم وإحيائه ...
والإنكار هو فقط على من يقول برأيه في هذا العلم بلا دليل ولا حجة معتبرة ..
ـ[أبو شهيد]ــــــــ[18 - 11 - 09, 09:43 م]ـ
من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.
فتجد المحدث يلوم الفقيه ويعتبر نفسه الأوحد زمانه!
والفقيه يلوم المحدث ويعتبره مجرد حافظ ولا يفهم!
وهكذا دواليك ..
ولو كل احترم تخصص الآخر لكان أنجع!
أشكرك على موضوعك الجميل جداً .. وزداك الله علماً وفقهاً
ـ[أبو المنذر سراج الدين]ــــــــ[21 - 11 - 09, 08:06 ص]ـ
اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[29 - 11 - 09, 07:05 م]ـ
التزهيد في أصول الفقه!!
للأسف لا زال البعض يزهد في هذا العلم الجليل
فهو علم أكثره غير نافع
وفيه حشو كثير
والاشتغال به مضيعة للزمن
وقد احتله المتكلون فأفسدوه
ويكفي فيه أحد أخصر المختصرات، ولو أمكن عصره بعد لكان أحسن!
ولستُ في مقام بيان فضل هذا العلم، ولكن أكتفي بسؤال واحدٍ، فخير الكلام ما قل ودل:
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
وقد غدت اليوم هذه المختصرات من كثرتها عيية عن الحصر
وأكثرها قائم على الحذف والاختزال بحجة أن أكثر أصول الفقه فاسد أو مفسد.
فهم حصلوا خيراً، وتركوا من ورائهم أضعافه.
أما الشروح والحواشي والردود فذاك زمنٌ ولى، له رجاله الذين قضوا
وبالمناسبة أكثر الملاحظات الوجيهة على أصول الفقه إن لم تكن كلها هي تقريباً محل اتفاق بين أهل الأصول.
ومن تقاصرت يده عن العنب فبالله عليه لا يحمِّضه علينا.
وما مثل أصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فمن تاقت نفسه له ذلَّت نفسه إليه
وهانت في سبيله كل عقبة كؤود ...
وما مثل كثير من المعاصرين وتناولهم لأصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فلعنوا الجبل!
وتركوا الكنز!
وتعلَّلوا بالنظر إليه!
لأن الجبل فيه ...
ولأن الجبل منه ...
ولأن الجبل عليه ...
ولذا فنصيبهم من أصول الفقه اسمه ولونه ولمعانه!
ورضوا بذلك عن حيازة جوهره ومعدنه!
فليشتروا بما حازوا لعلهم يدركوا النائل من الفائت!
وليخبروا المبتاع
عن الجبل ولعنته!
لعله يصدِّقهم فيحسب لهم الفرق
بين الكنز وصورته
وبين الدرهم وصوته
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:
"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
اقرا الكتب الحديثة وحاول الاستفادة منها ولعل الله ييسر لك الامر اقرا شرح الورقات للفوزان والاصول من علم الاصول وشرحه للعثيمين اصول الفقه الميسر لشعبان اسماعيل ستجد انك قد حصل لك فهم لبعض المصطلحات على الاقل جرب وستجد ليس طلب العلم سهلا ميسورا ستتعب وستستفيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/179)
ـ[أبو أحمد الهمام]ــــــــ[30 - 11 - 09, 02:02 م]ـ
" أصول الفقه بين الثبات والتجديد"
البعد الفكري، والإمكان العملي
قراءة في السببية المطالبة، وأوجه الإمكان التطبيقية التجديدية
الشيخ د. يوسف بن محمد الغفيص
عضو هيئة كبار العلماء , عضو اللجنة الدائمة للإفتاء (سابقا)
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله وآله وصحبة أما بعد:
فإن تحديد رؤية علمية أمام هذه الفرضية ((تجديد أصول الفقه)) يرتبط بوجود إمكانية مؤهلة من حيث المنهج النظري، والواقعية التطبيقية لإجراء حوار يتطلع لقراءة مراجعة للكتابة الأصولية التاريخية.
هذه المبدئية أو الاتجاه على أقل تقدير يعطي مراجعة للسببية المطالبة بتجديد أصول الفقه، وربما كان من الرسم الصحيح للشكل العلمي: أن هذه الدعوة إنتاج (للعقل المنفعل حضارياً) أو (للعقل المدني المتحول) وفي تقديري: أن هذا العقل عقل ذرائعي افتراضي بدرجة ذوقية عالية!! ومقدّر: أنه يواجه أزمة تكوين، وليس أزمة تطبيق، وليس على علاقة معتدلة مع التراث الإسلامي من حيث الولاء والتصور.
من هنا فإن هذه الفرضية العلمية في شكلها الحضوري لا تحمل إلحاحاً ذاتياً من داخل علم ((أصول الفقه)) أو حتى معطيات علمية وتاريخية قادرة على ترسيم هذا الافتراض.
هذا الإنتاج لا يعني أن (علم أصول الفقه) علم متعالي على التجديد والمراجعة والتصحيح في سائر جزئيات بنيته، بل هذه مراجعة متاحة ومؤهلة علمياً وتاريخياً بل وممارسة داخل هذا العلم أو عند من قرأه من كبار علماء ونظار المسلمين الذين كتبوا في التصحيح الأصولي.
ثمت فرق بين رؤية تقع استجابة لفرضية حضارية أو أزمة تكوينية فكرية وبين الاستجابة لواقعية علمية تاريخية أو حتى حظورية طارئة. هذا الفرق لا يتمثل في القراءة السببية المجردة بل يرتبط به التكوين التطبيقي ولو بمعدل اللغة التعاملية الأولية. ومن هنا فإن الكشف عن حقيقة هذه الدعوة داخل رؤية واتجاه العقل المدنى المتحول سواء كان في اتجاه ما يسمى "اليسار الإسلامي" أو "العقلاني الحر" أو "الوسط الحداثي" يعد قيمة مهمة في تقييم هذه الدعوة التي يحاول رموزها الفكرية المتحولة إقصاء الاتجاه الوسط الإسلامي المحافظ عن الامتياز التأصيلي.
حسب التقدير الشخصي: فإن الدعوة إلى (تجديد أصول الفقه) بهذه الدرجة من العمومية، والنسق الفكري الذي ترفع فيه هذه المطالبة جاءت محاولة تجاوز للتنظيم التشريعي المذهبي القائم في القرون الإسلامية، والممتد في الواقع المعاصر، أو بعبارة أكثر تطبيقية مع الواقع الثقافي: محاولة تحييد النظامية التشريعية التي يمثلها الوسط العلمي المحافظ عن الممارسة التطبيقية المعاصرة، وإعطاء واقعية معرفية لحرية العقل المتحول في كثير من الأوساط الثقافية العربية أو حتى في اليسار الثقافي الإسلامي لتجاوز المنهج العلمي الوسطي الذي مثله الفقهاء الأوائل، وهذه التوافقية بين هذين التجمعين الذي ربما صح أن نسميهم: رواد هذه الدعوة ليست توافقية منهجية، وهذا منطق عدلي يجب أن يكون واضحاً، فمن المؤكد أن "اليسار الإسلامي" أكثر تعقلاً بل لا يمكن أن يؤهل "العقل الحداثي" لمعادلة تعاملية تجاه هذه الدعوة مع كل الأشكال الإسلامية. لكن ربما كان مهماً أن ندرك أن هذه المطالبة، أو بتصورية أكثر: الافتراض التحويلي لأصول الفقه، ليست محاولة علمية داخل التجمع العلمي التخصصي أو اعتباراً شرعياً داخل التمثيل الإسلامي التعددي القائم، وإن كنا ندرك أن هناك مناقشات وربما إيحاءات قبولية أو رفضية قائمة في هذين المسارين لكن البعد الثقافي المعاصر في أشكاله الاتجاهية الفكرية يتعامل مع هذه الفرضية كنظرية يحاول أن يسجل لها استجابة داخل التجمع العلمي التخصصي أو داخل التطبيق الإسلامي التعددي أي: خلق سببية معرفية أو شرعية، ورغم وجود مقتضيات نسبية في المحورين فإن تجسير العلاقة مع العقل الوضعي أو العقل المتحول يمثل تسرعاً ولو بمستوى التصويت الأولي لصالح تصحيح النظرية،وهنا يمكن أن نسجل رفض القبول لهذه الدعوة التي تقع تحت رؤية فكرية متحولة، وليست على علاقة مناسبة مع التراث الوسطي المحافظ بل يكون هذا ضرورة منهجية لازمة التحقيق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/180)
إن هذا العلم الذي بدأ التصنيف فيه – حسب رأي الأكثرين خلافاً لبعض الأحناف – الإمام محمد بن إدريس الشافعي، في كتابه المسمى: بالرسالة. والتي كانت محاولة وضع قاعدة توافقية بين "مدرسة المحدثين" و"مدرسة الرأي" في التداول الفقهي، حيث كان في تلك المرحلة التاريخية بعض الامتياز بين هاتين المدرستين في التحصيل الفقهي مع كثير من التوحُّد في أصول التلقي والاستدلال.
وبإمامة الشافعي العلمية المتعددة مثلت رسالته التي أرسلها إلى الإمام عبد الرحمن بن مهدي المحدث، واقعية تطبيقية تمثلت بعد عصر الشافعي في النظم العلمية المكتوبة في المذاهب الفقهية الأربعة في الفقه وأصوله.
ويدرك القاري لكبار كتب الفقه عند الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة وكذا كبار الكتب الأصولية أن ثمت توافقية في اعتبار نظم التشريع وأصول الاستدلال وكثير من نتائجه وفروعه مع امتياز حاصل نتيجة معطيات متعددة علمية ومذهبية وغيرها، وربما صح أن بعضاً من الاميتاز المسجل تاريخياً بين المذاهب لأربعة كان مرتبطاً بالطائفية التي تمثلت في التمذهب الشمولي والتعصب والتقليد عند كثير من أتباع الأئمة.
فهو إلى حد كبير لم يكن موقفاً علمياً محضاً فضلاً عن كونه ضرورة منهجية مذهبية تستلزمها الأصول المتحققة عن الإمام المتفقه على مذهبه كمالك والشافعي. بل بعض من الامتياز وإن كان له بناء ورسم علمي إلا أنه ولائي بنسبة مقدرة من حيث التكوين.
ولست ترى أن الأئمة الأربعة يمارسون هذا الامتياز بنفس الدرجة التي يمارسها كثير من أتباعهم ولا سيما متأخريهم.
ومن هنا فإن المحققين من علماء الإسلام الكبار لا يرون تفضيل أحد هذه المذاهب الأربعة في النظم الأصولية أو الفروع الفقهية المحصلة تفضيلاً عمومياً من حيث الأصل بل يرون ثمت تحقيقاً تفاضليا نسبياً بحسب الأبواب المقررة في الفقه وأصوله. كتقديم أحد هذه المذاهب في قواعد القياس والعلة و السبب، أو دلالات الألفاظ، أو ترتيب و توفيق الأدلة المختلف فيها ونحو ذلك، وكذا في الأبواب الفقهية كتقديم مذهب في مسائل الطهارة وآخر في المناسك وآخر في الأطعمة و هلم جرا. ومع هذا فلا يقع هذا التفضيل في سائر المسائل المقولة باطراد بل يكون هذا من حيث الجنس الذي يتخلف بعض أفراده. والناظر في كتب الفقه و أصوله يرى تداخلاً في كثير من الفروع والقواعد التطبيقية بين هذه المذاهب فضلاً عن التوافق في أصول الاستدلال، وجماع الفروع المتفق عليها، و بخاصة بين الشافعية والحنابلة في الفروع الفقهية، وبين الشافعية والمالكية المتأخرين في كتب الأصول هذا التداخل الثاني بفعل الجمع المنهجي الكلامي الذي انتجته مدرسة الأشعرية التي أكثر ممثليها من الشافعية ثم المالكية، حتى أطلق كثير ممن كتب في تاريخ أصول الفقه: أن ثمت طريقتين للتأليف فيه: طريقة المتكلمين الممثلة عند علماء الأصول من الشافعية و المالكية في الجملة، وطريقة الفقهاء التي تضاف للأحناف، ويذكر كثيرون وجود منهج توفيقي بين الطريقتين. وهذه القراءة التاريخية في التصنيف المنهجي لصياغة هذا العلم فيها مراجعة، وعليها سؤالات ليس هنا إمكان للحديث عنها.
لكن المهم قوله هنا: أن أكثر كتب أصول الفقه التي يجري التعامل معها في هذا العصر، بمعنى: أنها ورقة القراءة المفترضة، مكتوبة بتكوين علمي مركب إلى حد الاختلاف إذا اعتبرنا الأصول التجذيرية لهذا التركيب، حيث مثل "علم الكلام" الذي استعمله المعتزلة ثم الأشاعرة و الماتريدية في التقرير العقدي أثراً في التقرير والصياغة الأصولية، وإن كان ليس بنفس الممارسة العقدية، لكن حين تقرأ البرهان لأبي المعالي الجويني أو المستصفى لأبي حامد الغزالي أو المحصول لابن الخطيب الرازي أو الأحكام للسيف الآمدي وهم من أعيان الشافعية الأصولية، المتكلمة على الطريقة الأشعرية أو في المعتمد لأبي الحسين البصري المعتزلي الحنفي وترى رسم أصول الفقه عند هؤلاء المصنفين و أمثالهم من أعيان علماء الكلام فهنا يكون من الواضح أثر هذا العلم في صياغة أصول الفقه فضلا عن استعمال المنطق الأرسطي المترجم كآلية للتراتيب الأصولية عند كثير من المتكلمين المصنفين في الأصول، وربما صار هو قانون العقل كما هو اتجاه الغزالي. وإذا أخذنا الاتجاه المذهبي الفقهي وجدنا أنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/181)
يُشكل مع الاتجاه القانوني (الكلامي ـ المنطقي) تركيباً متمايزاً ليس أثره يختص بصنعة الحرف والكلمة،ونسق الصياغة بل يتحصل له أثر في النتائج العلمية، وانقطاع التواصل أحياناً مع المذهب الفقهي،و ربما صح أن نقول: إن هذا الترتيب المتمايز شكّل العقل الأصولي في الطور الثاني بعد الشافعي.
وهنا من الصعب أن تقرأ علاقة تمامية بين الفقه الذي قرره الشافعي وأئمة أصحابه المتقدمين، والأصول التي نظمها للمذهب أمثال الجويني والغزالي و الرازي. وهذا مطرد مع كثير من الأصولين من أصحاب مالك المتأخرين وكذا بعض الحنفية كأبي الحسين البصري صاحب المعتمد بل وجمع من الحنابلة وإن كانوا أكثر تسالماً مع فقه إمامهم وأصحابه الأوائل لأن علم الكلام لم يستعمل منهجاً عند الحنابلة كما وقع في غيرهم وإن كان هناك ممارسات كلامية لبعض الحنابلة أو ما هو من النقل الذي دخل عليهم من التحصيل من كتب الأصول التي صنفها متكلمون.
هذه قراءة طويلة بل ومعقدة لكن ربما كان مهماً أن نعرف بعض حركة التركيب التاريخي لهذا العلم.
و حينما نحاول أن نقرأ الأمور حسب مساحتها القائمة فلا يعني أننا نمارس حركة الإغلاق من الداخل لأي مشروع تجديدي، لكن من الحق أن نعي أن التراث العلمي الأصولي قيمة راقية، ومع ذلك ففيه مساحة للمراجعة والتجديد حسب قواعد الشريعة و مقاصدها المتقررة في الكتاب والسنة وليس حسب الذوق الفكري المتنصل من الولاء العلمي التاريخي.
إن التجديد فضيلة شرعية، وهو مصطلح مشرق يعني التخلص من سلطة النفس، والتقليد، والتعصب لما هو بمقتضى أصول الشريعة ليس مؤهلاً لهذا الإلحاح مما هو داخل دائرة الخلاف و الاجتهاد عند أئمة الإسلام وفقهائه إلا أن من المتحقق أن التجديد في هذا العلم ليس فضيلة معاصرة تمثلها دعوة أو اتجاه بل هو ممارسة سابقة على يد كثير من محققي علماء الإسلام، ومن أخص ذلك الإشارات التي نقد فيها الإمام ابن تيمية في موارد من كتبه كثيراً من المسائل المكتوبة في كثير من الكتب الأصولية و بخاصة ما تحصل بأثر علم الكلام. ويعد ابن حزم من أخص من كتب في هذه المراجعات في مصنفه الأصولي " الأحكام " وإن كانت مراجعته رسماً مذهبياً لأصول الظاهرية أكثر من كونها تصحيحاً بأصول متقررة عند الأئمة المتقدمين كما هو منزع الإمام ابن تيمية.
بل إنك تقرأ داخل المحور الأصولي نفسه قراءة حوارية أو جدلية بين الأصوليين حسب الإملاء المذهبي العقدي أو الفقهي. ويعد الشاطبي من كبار المراجعين في القراءة و الصياغة الأصولية. صحيح أننا قد نحاول أن نبحث عن تجديد آخر في أصول الفقه أو نستكمل هذه المراجعات هذا لا يبدو مشكلاً،والتاريخ لا يمكن أن يغلق باب الاجتهاد و التجديد في لحظة معينة، والأمة لا تزال بحاجة إلى التطوير العلمي، وحين ننتقد الدعوة المعاصرة " تجديد أصول الفقه " المطروحة في أوساط فكرية معاصرة مختلفة بل ومتناقضة أحياناً فمن "اليسار الإسلامي" إلى "الاتجاه العقلاني الحر"، إلى "الوسط الحداثي" الذي يحاول بمثل هذه الدعوة تسجيل مصداقية تصحيحية لأنموذجه المختار، و ثمت أشكال ثقافية أخرى متبنية أو متعاطفة مع هذه الدعوة فهنا يفترض أن نكون أكثر وعياً بسببية هذا النقد فليس هو إنتاجاً لرفض التجديد، أو محاولة لرسم الإغلاق الثقافي، أو مشاكسة للإبداع بل محاولة قراءة للأمور كما هي، وكما تستحق دون مزاحمة عواطف التاريخ القبلية و الحضورية.
إن نقد هذه الدعوة إلى حد الرفض في إطارها الفكري السابق يعد ضرورة منهجية ولزوماً شرعياً.
يبدو من المهم كثيراً أن نتصور مناط التجديد و محوره قبل ترتيب الحكم فحين نتحدث عن التجديد في مشروع إسلامي تعاملي، أو حركي،أو وسائلي يرتبط بالواقع الدعوي أو الاجتماعي أو التربوي فهنا ندرك أننا في مساحة واسعة حسب الاجتهاد الشرعي القائم لكن حين نتحدث عن مشروع تجديدي مقدم من دوائر فكرية متقاطعة مع المنهج الشرعي الوسطي المحافظ فهنا يفترض أن نفكر بطريقة واعية وأن ندرك أننا في مساحة ضيقة و معقدة التركيب، وأننا أمام رؤية تأسيسية،ومن الصعب أن توجد رؤية تصالحية بل نكون أمام حتمية الرفض كضمان منهجي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/182)
من المهم أن نتجاوز في هذه الورقة لغة الشعارات الحضارية قبولاً أو رفضاً و ألاّ نقرأ هذه الفرضية في التجديد قراءة ذوقية. ومن المهم تماماً أن ندرك أن هذه الدعوة تحمل بعداً فكرياً يمثله معارضون للمنهج السني المحافظ بشكل كبير.
إن هذه الدعوة " تجديد أصول الفقه " في الأوساط الثقافية الفكرية المعاصرة المتمثلة فيما يسمي اليسار الإسلامي، و الاتجاه العقلاني الحر،والوسط الحداثي يرى رموز كل اتجاه فيها محاولة لتجاوز المسار المحافظ المعتدل في الوسط الثقافي بسلطة قانونية، وهنا يمكن أن نتصور أننا نتحرك في المسار التكويني التأسيسي المنهجي، ولسنا أمام قبول أو رفض التجديد و الإبداع.
في التقدير الشخصي فإن مشروع " تجديد أصول الفقه " لا يمكن أن يكون له قاعدة أولية يفضّل المصادقة عليها كفضيلة مجردة وهي " قبولية التجديد " هذه المبدئية فرضية ذهنية كلية لا تتجاوز إلى العقل التصوري. أي: أن تجزئة المشروع لا يمكن أن يكون له وضوح في التطبيق العلمي.
إن إعطاء حكم لدعوة تجديد علمية يرتبط بتصورين:
أ ـ معرفة السببية المطالبة بهذا التجديد.
ب ـ معرفة القدر الذي تتمتع به هذه الدعوة من حيث الإدراك و التصور و الفهم، أي: نسبة الوعي بهذا العلم في العقلية المطالبة.
وهنا يكون الحكم المنتج أكثر عدلية بين التراث و التجديد.
وهنا نقول: إن القاري لكتب أصول الفقه و التراث الأصولي و لا سيما في طوره الثاني بعد الشافعي الذي يعد الأخصب من حيث سعة التصنيف يدرك أن ثمت تركيباً علمياً في التكوين والبناء يصل أحياناً إلى حد الانعقاد، وترى أنه رسم بطريقة نظرية مرتبطة بالنص، والمذهبية الفقهية، والاتجاه العقدي، والصنعة الكلامية والمنطقية واللغة العربية و مادة من اللسانيات، وهذا التكوين جعل كثيرين حتى من المثقفين لا يتمتع بقدرة كافية لقراءة هذه المصنفات بإدراكية مناسبة، وصار هذا العلم ينغلق تفصيله على الكثير أو الأكثر لضعف الامتياز العلمي و الثقافي حتى إنك ترى في الأكاديميات العلمية المتخصصة جمعاً من المختصين في دراسة الفقه المذهبي أو المقارن ليس على علاقة متناسقة مع التصنيف الأصولي المذهبي أو المقارن كنظام يطبق بصورة بنائية ترتيبية. وهذا وإن كان له سببيات أخرى إلا أن هذا المؤثر أكثر وضوحاً، و ترى في المختصين بالدراسة الأصولية من لا يتمتع بملكة فقهية تطبيقية حسب قراءته الأصولية.
هذه الإشارة ليست نقداً يوجه للواقع الأكاديمي المتخصص بشكل مقصود لكنها محاولة قياسية لتقرير: أن الوسط الثقافي المطالب يواجه أزمة في سببية المطالبة، وأيضاً في الوعي الإدراكي العلمي الذي يواجه حتى المتخصص في الدراسة الأصولية.
ومن العدل و الإنصاف أن في التجمع المتخصص والثقافي قرّاء ذوي امتياز متقدم في التصور المعرفي لهذا العلم.
لكن حينما تكون المطالبة تواجه أزمة وعي معرفي بهذا العلم فهنا يمكن أن نتصور: أنها مطالبة ذوقية ذرائعية تقع عند كثيرين محاولة استجابة لتجاوز مرحلة من التكوين الفكري.
إن الكتابة في أصول الفقه بطريقة إبداعية يحتاج لثراء علمي، وهذا ليس إنتاجاً لطبيعة التصنيف الأصولي بل هو حقيقة ذاتية يتمتع بها هذا العلم وهنا يفترض لمن يحاول رسم مشروع علمي أصولي أن يراجع قاعدته العلمية بدرجة كافية!!.
و يمكن ألا نكون مبالغين في التشكيك بوجود تأهيل معرفي داخل كثير من الأوساط الفكرية المطالبة يمكن أن يمارس مصداقية معرفية في مشروعه المقترح إلا إن كان محور مشروعه تقويض البناء الأصولي!!!؟.
وحسب التقدير الشخصي فإن قراء التراث المعرفي بصورة تكاملية في هذه الأوساط لا يمثلون عددية تستطيع أن ترفع شعارات جادة في الوسط الثقافي المتحول.
وإذا كان العقل المدني المتحول يريد أن يعي ذاته، فمن الضروري أن يعترف بهذا الحق لكل من يتمتع به حتى ولو كان تاريخياً مارس حريته في مرحلة تاريخية فربما كان مؤهلا للاستمرارية،والوعي والحرية غير مرتبطة بالتسلسل التاريخي. فمن الصعب أن يفرض العقل المتحول سلطة على مساحة الرأي كلها. والعقل الإسلامي الوسطي المحافظ هو الأساس و الصانع لهذا الانتاج فمن المهم أن يمارس سلطته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/183)
إن الصياغة لأصول الفقه تتطلب ثراء علمياً في النصوص و مقاصد الشريعة ولغة العرب وقواعد العقل الإسلامي و سعة علم بأقوال الفقهاء، و قواعد المذاهب، ومتطلبات في القدرة والعبقرية بل وإرادة صادقة متدينة.
إن علم أصول الفقه علم متدين وهذا امتياز وليس إشكالية يحاول تجاوزها باسم التجديد. ومع هذه المحاذرة والتشكيك بل رفض التعامل و القبول لهذه الدعوة التي تمثلها اتجاهات فكرية غير متواصلة مع التراث والمسار الوسطي المحافظ المعتدل فإن الفضيلة الشرعية " التجديد " تبقى امتيازاً يخاطب أهل العلم و الاختصاص بتطبيقه حتى في هذا العلم علم أصول الفقه، و ربما كان من اللغة الخطابية أن نقول: إن التجديد الفاضل هو التجديد في أصول الفقه وليس تجديد أصول الفقه.
إن هذا العلم من أخص تراث الأمة،والقارئ له يدرك أنه صياغة راقية للنظم الشرعية بل وصياغة للعقل الإسلامي، وأنه مؤهل في الجملة للاستمرارية في هذا العصر الحضاري إذا كنا نتعامل مع هذا العلم بوعي وإدراك، ووضوح في المقاصد. حسب التقدير الشخصي فإن هذا العلم بتكوينه التاريخي لم يواجه مشكلة حضارية أو يصطدم بها، بل هو صياغة علمية شمولية مؤهلة لاستيعاب الطارئ والنازل حسب الإملاء الشرعي الذي بنى عليه هذا العلم، وليس حسب رؤية "العقل المدني المتحول" المقطوع أو المتنصل من التراث، الذي يحاول تجاوز المسار المحافظ المعتدل من الداخل.
وهذا لا يعني أنه علم مغلق عن الدراسة و المراجعة والتصحيح حسب قواعد الشريعة وأصولها بل يعد هذا العلم أخصب العلوم المصنفة تصنيفاً شرعياً للمراجعة و التنقيح نظراً لتعدد مادته التكوينية وتأثره بأكثر من محور معرفي،ومن المناسب هنا أن أشير إلى موارد المراجعة والتصحيح الممكنة بل والمقترحة في كثير من كتب أصول الفقه المصنفة من قِبل كثير من أتباع الأئمة:
1 - المورد العقدي في جملة من المسائل الأصولية التي ذكرها متكلمة المعتزلة المصنفين في أصول فقه الحنفية، وذكرها متكلمة الأشعرية المصنفين في أصول فقه الشافعية و المالكية كالجوينى وأبي حامد الغزالي و الرازي وهم من الشافعية و أمثالهم.
ولعل من أخص مسائل هذا المورد كثير من المسائل المذكورة في التكليف و أحكام خطاب الشارع و حكم العقل، وهذا يغلب عليه أنه نتيجة لمقولات عقدية يذكرونها في كتب أصول الدين التي صنفوها لتقرير المذهب العقدي عند المعتزلة والأشعرية، وأكثرها يلحق بترتيب على القول في مسائل القدر والإرادة والتعديل و التجويز التي بحثها أمثال القاضي عبدالجبار بن أحمد المعتزلي في كتبه العقدية كالمغني و شرح الأصول و المحيط بالتكليف وشرحها علماء الأشاعرة المتكلمة في مثل التمهيد للقاضي الباقلاني والشامل و الإرشاد للجوينى ونهاية الإقدام للشهرستاني و أصول الدين للبغدادي والمطالب العالية ونهاية العقول و الأربعين لابن الخطيب الرازي، وغاية المرام للآمدي وغيرها. وهذه التراتيب على المقولات العقدية لا تختص بهذه المسائل بل ثمت أثر عقدي في مسائل أخرى.
وهنا إشارتان:
أ ـ أن هذه التراتيب ليست لازمة في بعض الأحوال لما اعتبرت به من المقولات العقدية، وهذا ما قرره الإمام ابن تيمية في كلامه عن جملة من مسائل التكليف الأصولية التي بنيت على الخلاف العقدي في القدر بين المعتزلة و الأشعرية وهذا المعنى أشار إليه بعض محققي نظار المتكلمين و الأصوليين، و ثمت قدر من هذه التراتيب هو معتبر بالمقولات العقدية بلا منازعة.
ب ـ أن هذه التراتيب المبنية على المقولات العقدية تصاغ كثيراً في الكتب الأصولية خلافاً بين الحنفية والشافعية و تراها من حيث المبنى أو الذكر خلافا بين المعتزلة و الأشعرية في الكتب العقدية، وعند التحقيق فإن أئمة المذاهب الفقهية كالشافعي و أبي حنيفة ليسوا على اتصال بهذا التقرير الأصولي المرتب وكذا كبار أصحابهم المتقدمين،ويقع في كثير من كتب الأصول المتأخرة مقالات مخالفة لمذهب الأئمة المتقدمين -الأئمة الأربعة وغيرهم هي عند التحقيق مقالات للمعتزلة أو نحوهم من الطوائف الكلامية المخالفة لمقالات أئمة السلف أهل السنة والجماعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/184)
2 - المورد الثاني المؤهل للمراجعة والتصحيح في الكتب الأصولية: تأثر كثير من هذه الكتب ولا سيما في الطور الثاني من تصنيفه بعلم الكلام.وهو علم أنتج من قبل جملة من النظار لتقرير رأيهم العقدي في الإلهيات من حيث الأصل ثم استعمل في مسائل القدر،واستعمله كثير من متأخري المتكلمين في تقرير مسمى الإيمان و جملة من مسائله.
وقراءة هذا العلم من التكوين ليس هذا محل يراد له إلا أن من المتحقق أن أئمة المذاهب من المحدثين والفقهاء الأوائل كانوا طاعنين في هذا العلم ومن هؤلاء الأئمة الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي و أحمد) و كبار أصحابهم المتقدمين، وطعن هؤلاء في هذا العلم محفوظ بالأسانيد التي رواها المصنفون في أصول السنة من كبار أصحاب الأئمة، وقد ذكر أبو إسماعيل الأنصاري الهروي نقلاً متواتراً عن الأئمة المتقدمين في ذم هذا العلم في مصنفه " ذم الكلام " وقد صرح بهذا التحقق كثير من حذاق متكلمة الأشعرية كالجويني و الغزالي و الشهرستاني، لكنهم يتأولون مقصد الشافعي وأمثاله في ذمهم بما لا ينافي اتخاذهم له مع انتحالهم قول الشافعي في الفقه وأصوله.
وهذا العلم " علم الكلام " قد كدّر علم أصول الفقه، كما هيأ للاضطراب والتهوك في أصول الدين عند أربابه السالكين له كما صرح بذلك الشهرستاني في مقدمة كتاب نهاية الإقدام، والرازي في كتابه أقسام اللذات، والجو يني والغزالي من قبل، فليس هذا التصور من إملاء مخالفي المتكلمين فحسب بل قد شهد به كبار رواده،بل مما يعلم أن الطعن في علم الكلام مجمع عليه بين أئمة السلف رحمهم الله.
3 - المورد الثالث: إدخال مسائل نظرية مجردة في كثير من كتب أصول الفقه ليست من المقولات العقدية أو الأصولية بل هي مسائل مجردة و الخلاف فيها جمهوره نظري بل كثير منه لا ثمرة له حتى نظراً وهذا يقع في مسائل مقولة في المقدمات الكلامية و النظرية و اللسانية، خاصة أن كثيراً من هذا النزاع المذكور يُنصب مع شذاذ في تاريخ المعرفة والفكر كالسفسطائية، والسمنية وأمثالها من أصحاب الاتجاهات الفلسفية البائدة.
وهذا المورد كثير منه إنتاج لعلم الكلام ودخوله في الصياغة الأصولية كما صرح بذلك الغزالي في مقدمة المستصفى، وذكر أنه يذكر من هذا القدر اللائق وإن كان نقد كثيراً ممن قبله من متكلمة الأصولية الذين أسرفوا في هذا الخلط حسب عبارة الغزالي ثم شرع في رسم مقدمته المنطقية.
ونقد هذه المسائل النظرية المجردة أشار إليه جمع من الأصوليين كالجويني في البرهان والغزالي في المستصفى وابن حزم في الأحكام و الشوكاني في إرشاد الفحول وغيرهم وإن كان هؤلاء حكوا ما هو من ذلك وذكروه مع انتقادهم لبعض صوره.
ويعد الشاطبي من مقدمي نقاد هذا النوع، المتباعدين عنه.
4 - المورد الرابع: المنطق الأرسطي المترجم وأثره في بناء و صياغة أصول الفقه عند كثير من متكلمة الأصولية. وفي التقدير الشخصي أن أثر المنطق الأرسطي لم يختص في كثير من المصنفات الأصولية التي كتبها النظار بنسق البناء وصورة الصياغة بل شارك في تشكيل العقل الأصولي في الطور الثاني لهذا العلم، كما تقرأ هذه الإشارة عند كثيرين ومن أخصهم الغزالي صاحب المستصفى.
و المنطق الأرسطي قد نقده كثير من النظار الإسلاميين من الأصوليين و غيرهم حتى من استعمله في بعض أطواره فإنه رجع كثير منهم إلى ذمه ونقده، وترى الغزالي حينما يكون رياضياً إشراقياً يتجاهل قيمة المنطق. والقراءة في نقد المنطق الأرسطي تعد مراجعة طويلة لكن يمكن الإشارة إلى أن هذا المنطق وضعه أرسطو آلة للمنهج العقلي التجريدي الذي هو قوام فلسفته، وهذا يعنى أنه غير مؤهل التواصل مع العقل الإسلامي.
ويعد الإمام ابن تيمية من كبار رواد هذا النقد في مصنفات أخصها " نقض المنطق ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/185)
5 - المورد الخامس: تأخر أهلية كثير من المصنفين في أصول الفقه عن التكاملية المناسبة المفترضة. ولئن كان الإمام الشافعي الذي وضع فواتح وقواعد هذا العلم كان يتمتع بأهلية علمية ربما صح أن نقول: مثالية. فإنك حين تقرأ سيرة الشافعي تجد أن ثمت ثراء علمياً متعدداً بل إمامه متعددة في الحديث والفقه و العربية و النظر الذي هو الاعتبار الشرعي المقاصدي، لكن كثيراً من الأصولية بعده مع امتيازهم العقلي و امتلاكهم قوانين نظرية و معرفتهم بالفروع الفقهية و لا سيما في المذهب الإنتمائي إلا أن تأخرهم عن سعة العلم بتفاصيل السنة والحديث النبوي الذي هو أحد معتبرات وضع قواعد المقاصد فضلاً عن الضوابط التفصيلية الإطرادية المذهبية شارك في عدم تمامية كثير من هذه المصنفات، وصار ثمت نظرية تجريدية في بناء بعض النظم الأصولية ولا سيما إذا عرف أن سببية هذا التأخر في الغالب هي مزاحمة علم الكلام و المنطق الصوري من حيث اشتغال المتكلمين به عن تفاصيل الأحاديث والآثار، ومن الحقائق التاريخية أن علماء الكلام من المعتزلة و غيرهم و حتى جمهور علماء الكلام الأشعرية ليسوا من أهل الاختصاص بمعرفة السنة والآثار و ما صح وما ورد.
وترى أن أبا حامد الغزالي وهو من أكابر أساتذة علم أصول الفقه مع ثرائه العلمي إلا أنه يذكر عن نفسه: أنه مزجي البضاعة في الحديث.
و لئن كان الأصوليون يذكرون في شروط المجتهد في الأحكام العلم بتفاصيل الأحاديث الواردة في الأحكام والتكليف فإن هذا الشرط أكثر إلحاحاً في حق من يرسم قواعد ونظم التشريع استقراء من مصادر الشريعة.
6 - المورد السادس: تطويل هذا العلم بمسائل أصولية مجردة عن الثمرة وهذا نوع أخص من المذكور في المورد الثالث، وهذا له مثالات ذكرها وأشار إليه كثير من الأصولية أنفسهم وإن كان أكثر هؤلاء أمضاها في تصانيفه.
7 - المورد السابع: تركُّب هذا العلم من غير مادة أنتج إشكالية تقاطع هذا العلم مع الفروع الفقهية و عدم وضوح التطبيق كممارسة متاحة، ولا سيما في التصانيف التي تسمى عند كثيرين: المصنفات على الطريقة الكلامية.
وإن كان يقال عند كثيرين: إن سببية هذا التقاطع أن هذه الطريقة تنتج الفروع وليس يراد أن الفروع تنتجها. لكن هذا عليه سؤلات تأخره عن رتبة الصحة والمناسبة.
8 - هنا إمكانية لأهل العلم العارفين بأصول السنة والشريعة لمراجعة بعض القواعد الأصولية الخلافية بين الأصوليين التي لها اتصال بإنتاج أحكام النوازل المعاصرة، ورسم صياغة شرعية أكثر مناسبة لهذه النوازل.
وفي التقدير الخاص: أن هذا العلم تتجه أكثر مراجعته إلى " التنقيح " وليس هناك وضوح علمي في حاجة هذا العلم إلى إعادة بناء بمعطيات جديدة كما هو ادعاء العقل المدني المتحول.
و من المقدر هنا: أن الواقع الحضاري بمعطياته و نوازله يمكن أن يستوعب داخل هذا العلم حتى في شكله التاريخي البحت إذا كان ثمت امتيازان:
أ- الثراء العلمي لقارئ كتب الأصول، فهذا العلم في تركيبه انعقاد علمي وتاريخي حتى قال بعض الناظرين فيه: إنه علم لا يحمل استقلالاً، وهذا وإن خالفه الأكثر إلا أنه إشارة إلى حقيقة تكوين وبناء هذا العلم التعددية.
ب- المصادقة على استمرار حكمية وأهلية التراث العلمي التشريعي المحصل من مصادر التشريع المعتبرة عند علماء الإسلام، وأن الواقع الحضاري يمكن أن يستوعب من حيث الجملة داخل هذا التراث مع فتح باب الاجتهاد و الترجيح و التجديد لمن يتأهل لذلك من أهل العلم والمعرفة بأصول السنة ومقاصد الشريعة.
و من الصعب أن نتصور أن النظم الأصولية كانت مجرد لحظة استجابة لمعطيات حضورية تاريخية، وأن الواقع الحضاري يملي علينا استجابة من مقدماتها تجاوز التاريخية العلمية كما هو اتجاه موجود في بعض الأوساط الثقافية الحداثية. في التقدير أن هذه رؤية ذوقية ذرائعية وليست قراءة علمية جادة في التراث.
و في ختم هذه الإدلاء السريع في تقديم رؤية حول هذا الموضوع " تجديد أصول الفقه " يمكن أن نلخص هذه المحاولة: بأن هذا الموضوع يقع في محورين:
1 - المحور الفكري المنهجي.
2 - المحور العلمي التخصصي. ونتيجة الحكم في المحورين مختلفة بصورة واضحة.
وهذا الرأي المكتوب اجتهاد محتمل في بعض جوانبه وثمت جوانب أساسية ثبوتية داخل هذه الرأي. وأحب أن أشير إلى أنه ليس توافقاً أو رداً لورقة شارك فيها بعض الباحثين في هذه الندوة فلست على اطلاع وقت كتابة هذا الموضوع على المشاركات المتدوالة، كما أشير إلى أن هذا الموضوع يعتبر الحديث عنه، فيه انعقاد ويحتاج إلى تصور متميز ومن هنا لست أميل إلى فتح الحوار في هذا الموضوع لسائر طبقات القراء كما هو الشأن في موضوعات التربية والاجتماعيات و قضايا الدعوة الواقعية التي من المهم كثيراً أن تفتح المساحة فيها.
وأخيراً هذا الحديث و المشاركة إملاء من الذهن وليس بحثاً و ملاحقة للحروف المكتوبة في التصانيف ولهذا جردته عن النقل والإحالة وقصدت أن يكون واضح التناول بلغة مقربة لإعطاء رؤية مبسطة عن حقيقة هذه الدعوة وبعده الفكري، وإمكانها العلمي،وأنهما مساران مختلفان فالرفض للأول لا يعني رفض الثاني وهذه حقيقة فاضلة الإدراك والوعي،ولم تكن هذه المشاركة محاولة رد مفصل على اتجاه فكري فهذا استقراء آخر.
والله الهادي إلى صراطه المستقيم و الصلاة والسلام على النبي محمد وآله وصحبه.
من موقع الإسلام اليوم:
http://www.islamtoday.net/articles/s...d=74&artid=772
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/186)
ـ[أبو أحمد الهمام]ــــــــ[30 - 11 - 09, 02:03 م]ـ
مكرور
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[01 - 12 - 09, 02:27 ص]ـ
اقرا الكتب الحديثة وحاول الاستفادة منها ولعل الله ييسر لك الامر اقرا شرح الورقات للفوزان والاصول من علم الاصول وشرحه للعثيمين اصول الفقه الميسر لشعبان اسماعيل ستجد انك قد حصل لك فهم لبعض المصطلحات على الاقل جرب وستجد ليس طلب العلم سهلا ميسورا ستتعب وستستفيد
ما هذا أخي مصطفى؟!
الشيخ أبو فراس يقال له هذا؟!!
فلعلك لم تفهم ما قال، أو أنك قاصر عن فهمه. هداك الله وأصلح شأنك.
ـ[أبو الحسن القرشي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 08:33 ص]ـ
علم الأصول ....................... لا يدركه إلا الفحول
ـ[هشام مشالي]ــــــــ[23 - 12 - 09, 10:07 م]ـ
غلبة صنعة الكلام على كتب أصول الفقه تحمل العلماء تبعة القيام بحق هذا العلم من التصفية على منهج الإمام الشافعي، وهذا لن يكون إلا بالغوص في بطون هذه الكتب، وقنص دررها، وطرح كدرها.
أما الزهد في هذه الكتب، وطرحها بالجملة، والبداية من الصفر، فهذا لا يقول به من يعلم تراتبية العلوم، وإنما نبدأ من حيث انتهى الآخرون.
جزى الله خيرًا الشيخ أبا فراس والمشاركين ..
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 08:04 م]ـ
بوركتم كلام يثلج الصدر
ـ[أبو مالك القاهرى]ــــــــ[04 - 02 - 10, 02:14 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ..
ـ[أبو عبدالله ومحمد]ــــــــ[02 - 03 - 10, 07:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد , قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (إن أصول الفقه علم جليل القدر , بالغ الأهمية , غزير الفائدة , فائدته: التمكن من حصول قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أسس سليمة)
وقال الشيخ عبدالوهاب خلاف رحمه الله عن علم أصول الفقه (فبقواعده وبحوثه تفهم النصوص الشرعية ويعرف ما تدل عليه من الأحكام ويعرف ما يزال به خفاء الخفي منها. وما يرجح منها عند التعارض , وبقواعده وبحوثه يستنبط الحكم بالقياس , وبقواعده وبحوثه يفهم ما استنبطه الأئمة المجتهدون ويوازن بين أقوالهم , لأن فهم الحكم على وجهه والموازنة بين حكمين مختلفين لا يكون إلا بالوقوف على دليل الحكم ووجه استمداد الحكم من دليله , ولا يكون هذا إلا بعلم اصول الفقه).
وفيما يتعلق بالمختصرات -في رأيي- إذا أن طالب العلم درس هذا العلم دراسة بتمعن وفهمه فهماً جيداً ,لا إشكال بعد ذلك بأن يقرأ في المختصرات من باب المذاكرة لهذا العلم لأن المختصرات بالنسبة له بمثابة التذكير , وأما بالنسبة للذي ليس لديه خلفية جيدة عن علم الأصول فإنه بحاجة لشرح لتلك المختصرات بالأمثلة حتى يفهمها فهماً جيداً. فمثلاً إذا قرأ (ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) فإنه لا يجد شرح لتلك العبارات في المختصرات.
وفيما يتعلق بالتأليف فكما هو معلوم أن الجمهور ألفوا أصول الفقه على طريقة "علماء الكلام" , والذي يعتمد على تقرير القواعد الأصوليّة مدعومة بالأدلّة والبراهين، مجرّداً للقواعد الأصولية عن الفروع الفقهيّة , فوجد من القواعد الأصولية ما لا ينبنى عليه مسألة فقهية , مثل الأمر للمعدوم. لكن ذلك ليس مبرراً لأن نترك هذا العلم جملة وتفصيلاً , فإذا وجدنا قاعدة أصولية لاينبنى عليها مسألة فقهية تركناها , فكان ابن عثيمين رحمه الله في شرحه لمختصر التحرير لا يشرح بعض القواعد الأصولية في ذلك الكتاب ويقول هذه لا طائل من ورائها -وهي قليلة جداً-, لكنه بالجملة أثنى على "مختصر التحرير" وقال بأنه أجمع ما ألف في أصول الفقه وهو خلاصة ما قاله الأصوليون في أصول الفقه , إلا أنه يحتاج إلى عالم يبين معناه للطالب.
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[03 - 03 - 10, 10:10 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
ليست المشكلة في "المختصرات" المشكلة في مصادرة هذا العلم الجليل واختزاله في هذه المختصرات، ثم الاكتفاء بها في التأهل للفتوى والاجتهاد المطلق.
ـ[أبو عبدالله ومحمد]ــــــــ[04 - 03 - 10, 10:39 ص]ـ
ليست المشكلة في "المختصرات" المشكلة في مصادرة هذا العلم الجليل واختزاله في هذه المختصرات، ثم الاكتفاء بها في التأهل للفتوى والاجتهاد المطلق.
أخي أبا فراس:
لا شك بأن مصادرة هذا العلم الجليل واختزاله في المختصرات يترتب عليه مفاسد كثيرة من أهما:
· تفويت فوائد علمية متعلقة بهذا الفن توجد في كتب أخرى
· قد تكون هناك قاعدة انتقدها علماء آخرون وتؤخذ على أنها قاعدة مسلم بها. فعلى سبيل المثال هناك قاعدة سمعتها من بعض شراح الأصول وهي "الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال" وكنت أأخذها على أنها قاعدة مسلم بها , وقرأت في هذا المنتدى المبارك أن الشيخ الغديان حفظه الله انتقدها وقال (قلما تجد دليلاً لا يتطرق إليه الاحتمال)
· هضم لهذا العلم الزاخر الذي ألف فيه طيلة القرون السابقة وما يزال التأليف فيه مستمراً إما شرحاً أو تعليقاً أو جمعاً لمتفرق أو تحقيقاً.
وأماالاكتفاء بالمختصرات في التأهل للفتوى والاجتهاد المطلق , فهذا خطر أكبر من الأول , فإن العلم بأصول الفقه برمته هو أحد شروط الإجتهاد فقط.
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/187)
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[04 - 03 - 10, 12:08 م]ـ
أخي الكريم أمجد الفلسطيني وفقه الله.
أي كتب من كتب المتقدمين تلك التي قصدها الشيخ الجيزاني و حث على الاعتناء بها دراسة وتدريسا؟
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 03 - 10, 01:04 م]ـ
يقصد كتب المتقدمين في كل فن
ولا يعني أنك تهمل كتب المتأخرين والمعاصرين وتضرب بها عرض الحائط
ولكن لا تجعلها هي الغاية والهدف الرئيس
بل هذا لا يكون إلا لكتب المتقدمين في كل فن لأنها أحق بذلك من غيرها لأنها الأصل وهي أكثر علما وخيرا وأقرب للصواب من غيرها
ولا يقصد الكتب بعينها بل علوم المتقدمين المبثوثة في بطون الكتب
ففي الفقه:
كتب الشافعي ومحمد بن الحسن ومسائل أحمد وغيرها
ثم كتب ابن نصر وابن المنذر والطحاوي وغيرها
وفي الحديث:
الكتب الستة والموطأ والمسانيد
وآراء الأئمة المتقدمين ومسائلهم المتفرقة في بطون الكتب خاصة القطان وأحمد وابن معين وابن المديني والذهلي والبخاري ومسلم والرازيين والنسائي وموسى بن هارون والدارقطني
وفي الأصول:
الرسالة للشافعي وآراء محمد بن الحسن وغيره
ثم آراء أحمد والبخاري وابن خزيمة وابن حبان وابن سريج والصيرفي وغيرهم
ثم آراء البيهقي والخطيب وابن عبد البر وغيرهما
وهكذا في باقي العلوم .....
وكلما تقدمت الطبقة واقتربت من علم السلف كانت أولى بالاعتناء لأنها أقرب للصواب في الأعم الأغلب
ولا يعني ذلك ترك كتب المتأخرين والمعاصرين وعدم الاستفادة منها كما أسلفت
وكذلك لا يعني ترك المنهج التدريجي السلمي في التعلم
والله أعلم
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[04 - 03 - 10, 04:01 م]ـ
وفي الأصول:
الرسالة للشافعي وآراء محمد بن الحسن وغيره
ثم آراء أحمد والبخاري وابن خزيمة وابن حبان وابن سريج والصيرفي وغيرهم
ثم آراء البيهقي والخطيب وابن عبد البر وغيرهما
والله أعلم
والمعتمد لأبي الحسين المعتزلي والمنخول والمستصفى للغزالي والبرهان للجويني والتقريب للباقلاني والواضح لابن عقيل وكتاب ابن بَرهان والأبياري وغيرهم من الفحول, فقد وصفتَ أصحابها "بالمتقدمين"؟
فما هو قدر العناية الذي ينبغي لطالب العلم أن يوليه هذه الكتب؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[04 - 03 - 10, 04:16 م]ـ
سبحان الله!!
ما أشبه المناقشات في هذا الموضوع بما وصفه شيخ الإسلام ابن تيمية في مقاله عن الخلافة المشوبة بالملك.
إذا كان يمكن فعل الحسنات بلا سيئة؛ لكن بمشقة لا تطيعه نفسه عليها أو بكراهة من طبعه بحيث لا تطيعه نفسه إلى فعل تلك الحسنات الكبار المأمور بها إيجابا أو استحبابا إن لم يبذل لنفسه ما تحبه من بعض الأمور المنهي عنها التي إثمها دون منفعة الحسنة
فهذا القسم واقع كثيرا: في أهل الإمارة والسياسة والجهاد وأهل العلم والقضاء والكلام؛ وأهل العبادة والتصوف وفي العامة. مثل من لا تطيعه نفسه إلى القيام بمصالح الإمارة - من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود وأمن السبل وجهاد العدو وقسمة المال - إلا بحظوظ منهي عنها من الاستئثار ببعض المال؛ والرياسة على الناس والمحاباة في القسم وغير ذلك من الشهوات وكذلك في الجهاد: لا تطيعه نفسه على الجهاد إلا بنوع من التهور. وفي العلم لا تطيعه نفسه على تحقيق علم الفقه وأصول الدين إلا بنوع من المنهي عنه من الرأي والكلام. ولا تطيعه نفسه على تحقيق علم العبادة المشروعة والمعرفة المأمور بها إلا بنوع من الرهبانية. فهذا القسم كثر في دول الملوك؛ إذ هو واقع فيهم وفي كثير من أمرائهم وقضاتهم وعلمائهم وعبادهم. أعني أهل زمانهم. وبسببه نشأت الفتن بين الأمة.
فأقوام نظروا إلى ما ارتكبوه من الأمور المنهي عنها؛ فذموهم وأبغضوهم. وأقوام نظروا إلى ما فعلوه من الأمور المأمور بها فأحبوهم. ثم الأولون ربما عدوا حسناتهم سيئات. والآخرون ربما جعلوا سيئاتهم حسنات.
وقد تقدم أصل هذه المسألة ... " فالتحقيق " أن الحسنات: حسنات والسيئات: سيئات وهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وحكم الشريعة أنهم لا يؤذن لهم فيما فعلوه من السيئات ولا يؤمرون به.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 03 - 10, 04:39 م]ـ
والمعتمد لأبي الحسين المعتزلي والمنخول والمستصفى للغزالي والبرهان للجويني والتقريب للباقلاني والواضح لابن عقيل وكتاب ابن بَرهان والأبياري وغيرهم من الفحول, فقد وصفتَ أصحابها "بالمتقدمين"؟
فما هو قدر العناية الذي ينبغي لطالب العلم أن يوليه هذه الكتب؟
نعم متقدمة بالنسبة للمتأخرين كالرازي وشارحوه والبيضاوي وشارحوه وابن الحاجب والسبكي ....
وهي متأخرة بالنسبة لمن قبلهم ممن ذكرنا
فالاعتناء يكون بالأقدم فالأقدم
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[04 - 03 - 10, 05:15 م]ـ
أخي الكريم أمجد وفقك ربي.
لم يتبين لي حتى اللحظة رأيك في كتب الباقلاني و الجويني و الغزالي و ابن برهان, من حيث مقدار اعتناء طالب العلم بها, فهل لك في أن توضح لي بعبارة موجزة كيف أتعامل كطالب علم مع هذه الكتب؟
وأيضا كيف أتعامل مع ما تأخر عنها, كالرازي والبيضاوي وابن الحاجب والسبكي؟
و هل هناك ضابط "لكتب المتقدمين", أم أن الأمر نسبي, فما تراه أنت متقدما قد يراه غيرك متأخرا, بل حتى في نفس الأمر -لا باعتبار الناظر- قديقال إن ابن سريج متأخر والشافعي متقدم؟
و يقال: إن الرازي متقدم والسبكي متأخر؟
ما رأيك؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/188)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 03 - 10, 09:49 م]ـ
وفقك الله
- هذه الكتب الأصولية للعلماء المذكورين
فيها حق وباطل وصواب وخطأ وحقها أكثر من باطلها وصوابها أكثر من خطئها
وبوجه عام: مادة علم الكلام ليست كلها باطلة بل منها ما وافق شريعة أهل الحق
وبوجه خاص: مادة علم الكلام المختلطة بعلم الأصول باطلها قليل بالنسبة لصوابها
وأخص من ذلك: هذه المادة قليلة بالنسبة لباقي مباحث علم الأصول فإن أكثر وجودها في مقدمات هذا العلم
- واعلم أن المعتزلي الفقيه الأصولي لما يتكلم في علم الأصول إنما يتكلم كأصولي لا كمعتزلي
وكذا الأشعري والماتريدي
وكذا شراح كتب السنة من المخالفين لاعتقاد أهل الحق
إذا تكلموا في شرح السنة ينبغي أن نتعامل معهم كشراح سنة لا كأهل بدعة
فلا نرمي بشروحهم وعلمهم في البحر
بل نستفيد منها ونتجنب باطلها
وباطلها معروف عند أهل الحق سواء كان في الأصول أو في الفروع
وكذا الماتريدي أو الأشعري الفقيه عندما يتكلم في الفقه فإنه يتكلم بلسان الفقهاء وينبغي التعامل مع كلامه كفقيه
ولا نقول هو مخالف في الاعتقاد فأغلب ما في كتبه باطل ولا ندري لعله غش ودس فلنرم بكتبه في البحر ولنقصر استفادتنا على كتب أهل الحق الخالص في الفنون والعلوم
فمن فعل ذلك من المتسرعين أفسد العلوم والفنون
وعطل أغلب كتبها وعلومها
ونادى على نفسه بالجهل
ولا يخرج ذلك إلا ممن لم يتحمل أعباء العلوم والفنون
- وأنت إذا ذهبت تنهى الطلبة عن النظر في كتب الأحناف الفقهية من أجل أن من تتابع على تأليفها وجمعها حتى وصلت إلينا بهذه الصورة أكثرهم معتزلة أو ماتريدية
وذهبت تنهى عن كتب المالكية والشافعية الفقهية من أجل أن من تتابع على تأليفها أكثرهم أشاعرة
فنهيت عن النظر في الكتب الفقهية للجصاص والقدوري والسرخسي ونحوهم
وعن النظر في كتب المازري والقاضي عياض ونحوهم
وكتب الجويني كالنهاية والغزالي كالوسيط والتعليقة لأبي الطيب والقاضي حسين وكتب الرافعي والنووي
أفسدت العلوم وأضحكت جميع الطوائف عليك ونسبت إلى أهل مذهبك وطريقتك ما يستحيون منه أمام المخالفين
وكذا إذا طردت قولك في كتب اللغة فإن كثيرا منها وضعها من ليس على الاعتقاد الصحيح
وكذا يقال في علم أصول الفقه .....
- والمنهج الحق هو الاستفادة من هذه العلوم والكتب في شتى الفنون
وتجنب ما فيها من باطل
مع جعل علم الأسلاف الأوائل هو المقصد الأكبر والمقدم في الاهتمام وقطع الأعمار في تفهمه
- وكلما بعد الزمان كلما طال طريق العلم وشق
والموفق من وفقه الله
وكما أن كثيرا ممن يدع العلم من المتأخرين لا يفقه من العلم شبرا لأنه لم يعتن بعلوم السلف واعتاض عنها بعلوم الخلف
كذلك كثير من المتأخرين ممن يدع العلم لا يفقه من العلم شبرا لأنه ادعى ما ليس فيه من فقه علوم السلف وظن أن العلم سهل المرام
ــــــــــــــــ
- وأما مسألة التقدم
فاجعل مقياسها هكذا بعد تجاوز مرحلة القرون المفضلة:
كلما اقترب العالم من تلك القرون فهو أكثر علما وأقرب للصواب في الغالب.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 02:57 ص]ـ
أكثر هذا الكلام باطل محض وهو كلام من لم يقرأ هذه الكتب أصلاً ..
والمادة الكلامية في هذه الكتب كثيرة وهي في المقدمات والتفاصيل .. وبناء صاحب المعتمد الأصولي هو بناء معتزلي ولخدمة الاعتزال وبناء الباقلاني بناء أشعري ولخدمة التمشعر ونقض الاعتزال ..
والكلام الاعتزالي والكلام الأشعري أكثره مخالف للحق ولا يقول إن أكثر الكلام الذي في كتب الأصول موافق للحق = إلا جاهل بالكلام والأصول جميعاً ..
وقد سألنا كاتب هذا الكلام من قبل هل قرأت وقرأت لنرى مدى معرفته بهذه الأصول = فحار وأبلس وصار لسانه مضغة تجوب الحنك لا يدري ما يقول ..
ومرة أخرى نسأله:
هل قرأت المعتمد وكم مرة قرأته؟
هل قرات التقريب والإرشاد وكم مرة؟
هل قرأت البرهان وكم مرة؟
هل قرأت التلخيص وكم مرة؟
هل قرأت المغني للقاضي وكم مرة؟
هل قرأت المحصول وكم مرة؟
هل قرأت المستصفى وكم مرة؟
وللزوم جهله الظاهر بالكلام نسأله ماذا قرأت من أصول كتب الكلام الاعتزالي والأشعري والماتريدي؟
ولو لم يُجب فلا يلومن إلا نفسه إن أصررنا على حكمنا بجهله وتعالمه؛إذ لم نجد ما ينقلنا عنه ..
أما التعامل مع شراح السنة كشراح سنة لا كأهل بدعة فمرة أخرى هذا كلام رجل جاهل لا يدري ما يقول ..
وليس العيب في مجرد الجهل وإنما العيب في التنفخ به وتقريره على أنه علم ..
والله المستعان هو حسبنا ونعم الوكيل ..
ـ[أبو عبدالله ومحمد]ــــــــ[05 - 03 - 10, 09:42 ص]ـ
أنا أتفق مع الأخ أمجد
فعلى سبيل المثال شرح النووي لصحيح مسلم ورياض الصالحين لم أسمع أحداً انتقدهما لدرجة الحذر من قراءتهما , مع أن النووي رحمه الله قيل بأن عنده بعض المعتقدات المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.
وكذلك المستصفي قد أشاد به الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقال عنه "أما أحسن ما يكون فيه من العبارات والسلاسة فهو: المستصفى للغزالي , وهو كتاب في مجلدين كبيرين , ولكن في الحقيقة يرتاح الإنسان لقراءته, لأنه سهل الأسلوب وجيد في عرض الآراء ومناقشتها , وهو أحسن ماقرأت من جهة التبيين والتوضيح. والروضة مأخوذ منه في الواقع , على أن مصنف الروضة الموفق رحمه الله , صار أحياناً يحذف بعض الكلمات التي توجب الإشكال والتعقيد في العبارة , وإلا لو قارنت بين الروضة والمستصفى للغزالي لوجدت أن الكلام هو نفس الكلام, لكن الموفق رحمه الله يتصرف فيه بعض التصرف أحياناً"
وفيما يتعلق بعلم الكلام فهو كما ذكر الأخ أمجد فيه فوائد , منها على سبيل المثال الحد بالأوصاف وقالوا أن الحكم على الشيء مبنى على تصوره , والحكمة ضالة المؤمن.
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/189)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 02:46 م]ـ
المسألة ليست حدية الطرفين ..
إما أن نحذر منه كله وإما أن نقرأه كشارح السنة لا كصاحب بدعة ..
فهذذه حدية لا يقبلها المنهج العلمي ولا يقبلها العدل ولا تقبلها فطرة الحرص والحذر ..
ولما تعامل أناس مع شرح كتب الحديث كشراح سنة لا كأصحاب بدعة صاروا يقررون مذهب أهل السنة في مسائل الإيمان والكفر من كتب القاضي عياض وشروح الأشاعرة على كتب السنة ..
فهذه الحدية خدعة لا تنطلي إلا على السذج،أن تصور المسألة على أن من يدعو لاستصحاب بدع هؤلاء عند النظر إنما هو يمنع القراءة لهم أصلاً،وفضلاً عن كون هذا خداعاً فهو يدل على سذاجة وجهل قائله فهو يصور أصحاب الكتب كأنما بدعتهم معطف يرتدونه إذا كتبوا في العقائد ويعلقونه على المشجب إذا كتبوا في الحديث والأصول والتفسير ..
وأدل ما يدل على جهل هذا القائل تلك التقريرات التي قررها وأكثر ما فيها إثارة للعجب والسخرية قوله إن الكلام في كتب الأصول قليل وفي المقدمات وأن الحق في هذا الكلام أكثر من الباطل، وكل ذلك عبث يعرف من قرا هذه الكتب أن قائله ماشم رائحة العلم بها ..
وكلام الشيخ العثيمين عن جهة أخرى فالروضة كتاب يدرس في المملكة والشيخ يتكلم عن سهولة الكتاب ويسر عباراته وصلته بالروضة وهذا الكلام نفسه ربما ستقرأه لي عند الكلام عن دراسة العلم،فنقد هذا العلم والوقوف على الباطل والبدع التي فيها لا يتيسر إلا لمن درس هذه الكتب دراسة متخصصة عميقة ولذلك يجهل الباطل من لم يخبره كما وقع هنا ..
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[05 - 03 - 10, 03:54 م]ـ
رزقك الله الأدب يا بياع الكتب وعلمك كيف تتعامل مع الناس وتناقش بعلم من غير جهل وظلم وافتراء.
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[05 - 03 - 10, 05:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يليق بالإخوة التنابز بهذا الشكل فهذا مراء مذموم
يوشك الموضوع أن يتحول للإنتصار لحظوظ النفس والتعصب
أريد أن أضع رأيا وسطيا لتحرير محل النزاع
بداية أنا طويلب علم صغير لا أدعى الإحاطة بعلم شرعى واحد فضلا عن العلوم جميعا
أظن أن النزاع حول كتب الأصول يتمحور حول نزاع الفرق العقائدية
فالأشعرى يرى بغيته فى كتب الباقلانى والجوينى والغزالى والزركشى والسبكى وغيرهم
ولا يبغى عنها حولا
فإقناعه أن يتركها أو يستبدلها أمر غير راجح لأنه يرى أنه على الحق
ومخالفه كذلك يرى أن تلك الكتب تحوى باطلا ويستبدلها بمجموعة منتقاة من كتب الأصول
يرى أنها تحوى الحق على نحو أغلبى
فالكلام أن تلك الكتب غير مجدية أو انها صنفت انتصارا للأشاعرة ومن ثم يجب تركها رأى غير سديد عند الأشاعرة ولن يلتفت أشعرى اليه
وأما غير الأشعرى فله اختياراته ولن ننازعه فيها أيضا
الخطأ كل الخطأ أن يرى أحدهم أنه على الحق المطلق وينطلق من هذه الناحية مجرحا ومعدلا
للعلماء
وأما جمهور المسلمين -فيما أعلم- فقد اعتمد تلك الكتب الأصولية
وأى شافعى أو حنفى أو مالكى - فيما أعلم- يستخرج أحكامه من القواعد الأصولية المبثوثة في
بطون تلك الكتب
فالقول باعدامها علميا اعدام لتلك المذاهب المتبعة التى عليها أغلب المسلمين فى شرق البلاد وغربها والتى اتبعت لأكثر من ألف عام وارتضاها جمهور المسلمين لدينهم
ومن ثم فهناك فرق ضخم بين القول أنى لا أتبع تلك المذاهب أو أصولها
وبين تبديعها أو تخطئتها
لا أحد يحتكر الحق المطلق
ولا يسمع لقول من أهدر كتب أفنى فيها جمهور علماء المسلمين حياتهم
وان كان شخص يتبع اراء الغزالى الأصولية فى المستصفى فلا يجوز أن يعيب على متبع بن تيمية مثلا والعكس بالعكس
فلا يجوز لمتبع ابن تيمية او ابن القيم أن يعيب على متبع الغزالى او الجوينى او السبكى
وان كنت - كطويلب علم- لا استطيع الموازنة بين المصنفات من ناحية الجدوى
فأمامى طريقان إما ان اتبع أو ابحث بنفسى
فان بحثت لنفسى فلن اسمع لقولك أو قول غيرك
وان اتبعت فلن اسمع لمن يقول لى اتبع فلان ولا تتبع فلان لانى ارى ان فلانا من العلماء افضل
فليكن
لك ان ترى ما تشاء ولى ايضا ان ارى ما اشاء
وان كنت اتبعت المذهب السلفى فلا تنعى على لانى اتبعت الاشاعرة مثلا
وان كنت ترى انك محقا فأنا ايضا أرى انى محقا
وان كنت لا تتمذهب فلا تنعى على فى التمذهب او اتباع من شئت من علمائنا المعتبرين
وان كنت احد العلماء فى علم الاصول يرى ان 90/ 100 من كتب الاصول لا تصلح
ومن ثم انتقى هو مجموعة خاصة
فلا تخطئنى ان اتبعت انا ال 90/ 100 من العلماء
لك رأيك ولى رأيى
وتلك الأمور خلافية من مئات السنين
ولن يزيل الاختلاف ادعاء احدهم ان هذا هو المذهب الحق
فلو كانت الأمور بمحض الدعاوى ما تجشم العقلاء فى العالم تعب البحث عن الادلة
وان كانت ادلتك ترضيك فانا ايضا ادلتى ترضينى
وكل حزب بما لديهم فرحون
ارجو ان اكون وفقت فى تجلية فكرتى عن الاختلاف
وعذرا ان اطلت
والله اعلى واعلم
راجى يوسف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/190)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 06:13 م]ـ
بارك الله فيك ..
هذا الكلام ربما يجري على أصول المذاهب النسبية في الحق والتي تلغي وجود الحق المطلق .. ولكنه لا يجري على أصول الإسلام ذلك بأن الله هو الحق،وكل سعي العالمين إنما هو لدرك هذا الحق الأول الذي اوحى به الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وعلمه النبي صحابته وكان خير الناس فيه وعليه قرنه صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم .. ثم الأمثل فالأمثل ..
وليس الكلام هاهنا عن تعليق مقصلة لكل من خالف ما نظن أنه الحق، وإنما الكلام هو عن الاجتهاد في درك هذا الحق الأول حتى إذا رأيت أنك قد أصبته = قسمت ما سواه من الباطل إلى قسمين:
القسم الأول: باطل لست على إحاطة من كونه باطلاً فأنت تترفق في نقضه وترى أن الساحة العلمية تسعكما معاً وأن ملاك الحقيقة اليقينية سيكون في دار الحق لا غير ..
القسم الثاني: باطل أنت على إحاطة من كونه باطلاً قد أفادك هذه الإحاطة نص أو إجماع قديم،فأنت تشتد في نقده ونقض قول صاحبه والتحذير من باطله شدة لا تخرجك إلى حيز الظلم والبغي ..
والله عز وجل لم يأمر عباده بهذه النسبية المضعية المضلة عن الحق، ولم يأمرهم كذلك بالظلم والبغي والعدوان ..
وإنما أمرهم أن يقيموا دولة الحق وأن يشهدوا به ولو على أنفسهم وأن يكونوا مع ذلك قوامين بالقسط فيكون الواحد منهم حافظاً للحق حافظاً لحقوق الخلق ..
والباب الذي نحن فيه هو بعض ذلك ..
فإن الله هدانا إلى أن الحق في تلك الأبواب قد خالفته تلك الجماعة الاعتزالية والأشعرية والماتريدية خلافاً لا يسعنا السكوت عنه،وقد أضلوا فئاماً من الخلق عن الحق الأول الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن نقوم على حفظ الحق الأول ودرء الباطل الآخر، ولا يعنينا أن تلك الجماعات المبتدعة تظن أنها على الحق فذلك ينفعها في أبواب الإعذار ونحوه لكنه لا يقوم حائلاً أمام وجوب التبيين والكشف عن الباطل كشفاً محوطاً ببيان الحق الأول بياناً يغني طالب الحق عن أبواب الباطل كلها ..
والله ولي التوفيق ..
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[05 - 03 - 10, 08:07 م]ـ
استخراج الاحكام من الادلة هى من اصول المذاهب النسبية فى ظنى
فحجية القران والسنة والاجماع والقياس أمور متفق عليها
وانما التفصيلات فى الفروع والدقائق التى يختلف فيها ابناء المذهب الواحد
حتى وان اتفقت المذاهب فى احدى الفروع الأصولية يجوز الاختلاف فى التطبيق عليها
وانت أدرى بذلك منى
وأرجو أن توافينى بفرع فقهى ابتنى على أصل عقدى مختلف فيه بين الأشاعرة
ومذهبكم
فلنطبق الكلام عمليا علنا نكون افقه
وأرجو أن تسود روح المحبة بيننا فى اثناء النقاش فنحن طلبة علم اولا واخيرا ونبغى الوصول للحق عل الله أن يشملنا برحمته
راجى يوسف
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[05 - 03 - 10, 08:09 م]ـ
أخي راجي يوسف بارك الله فيك ليس الأمر كما صورته
فمن الخطأ أن نساوي كتب الأصول الفقهية بكتب أصول الدين والعكس
ثم نتعامل معهما تعاملا واحد ونقول الحق في جانب أهل السنة
أو نذكر الكلام الذي ذكرته
فثمت فرق شاسع
للأسباب التي ذكرتها سابقا فتنبه ...
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[05 - 03 - 10, 08:31 م]ـ
اوافقك سيدى الفاضل
وأظن أن الكلام هنا على كتب أصول الفقه وليس أصول الدين والموضوع عن التزهيد فى أصول الفقه
أم أن الصواب جانبنى فلم أنتبه جيدا
دمتم موفقين
راجى يوسف
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 09:12 م]ـ
ومن تحدث هنا عن الفروع الفقهية؟؟!!
كلامنا هنا عن أصول النظر ومناهج الاستدلال وطرق استنباط مراد الله من نصوص الوحي،وهذا هو ما تُعنى ببحثه مصنفات علم أصول الفقه ..
وما نزعمه هو أن هذه الكتب التي كتبها المعتزلة والأشاعرة والماتريدية وقعت فيها الضلالة من وجهين:
الوجه الأول: المنهج الفاسد الأجنبي عن طرائق العرب في الفهم والاستنباط الذي اتبعوه وتأثروا فيه أحياناً بالفلسفات القديمة فأوقعهم في الرأي الفاسد والاختيار الباطل، ولا يختص باطلهم هاهنا بالمسائل الكلامية بل قد يقع لهم تقرير أصول باطلة للنظر والاستدلال من غير أن تكون هذه الأصول وثيقة الصلة -ظاهراً- بمسائل الكلام ومثاله ما وقع لهم من تقريرات باطلة في شروط وضوابط وصورة الإجماع والقياس.
الوجه الثاني: ما يقع لهم من التقريرات الباطلة في مناهج النظر والاستدلال إما لبنائهم التقرير على الأصل العقدي كما في مبحث الحاكم وإما لملاحظتهم مناهجهم واستدلالاتهم التي سبق وقرروها في الكلام كما في مباحث التكليف ودلالات الألفاظ على الأحكام والاجتهاد والتقليد .. وثم وجوه أخر ..
المهم: أن محل كلامنا ليس الفروع الفقهية وإنما هو مناهج النظر والاستنباط وهم كانوا من الفطنة بحيث علموا أن هذه ليست مجرد أصول للفقه (فأكثرهم إما لم يشتغل بالفقه أصلاً وإما لم يكن مجتهداً فيه يحتاج للاستنباط) وإنما هي قبل ذلك أصول للاعتقاد فهي الأدوات التي يستنبطون بها من الوحي رأيهم الكلامي قبل أن يستنبطوا بها رأيهم الفقهي ..
ولأجل فطنتهم هذه تحرك الباقلاني الأشعري ليدرك تقرير أبي الحسين المعتزلي لا لمجرد الكتابة في أصول الفقه ..
ولأجل فطنتهم هذه كتب عيسى بن أبان المعتزلي: ((الرد على الشافعي وبشر المريسي في الأخبار)) وليست هذه كتابة خالصة لوجه أصول الفقه ..
والغفلة عن هذه الحقيقة الناصعة إنما يصاب بها الناظر إما من الهوى وإما من التقصير في النظر ورأس التقصير في النظر هو عدم القراءة والدرس وقلة الخبرة بالباطل وأهله ومسالكه وإنما تنقض عرى الإسلام إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/191)
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[05 - 03 - 10, 09:20 م]ـ
هل من الممكن اعطائى امثلة اخى العزيز
حتى استطيع تصور الامر
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 09:45 م]ـ
بارك الله فيك ..
هذا أمر يتسع ولا أفرغ له ولذا فأنا أحيل فيه على نفس قراءة الأصول الأربعة لهذا العلم بهذا الاعتبار ِأعني:
1 - المعتمد لأبي الحسين البصري مع المقارنة بالمغني للقاضي.
2 - والتقريب والإرشاد للباقلاني مع التكميل من التلخيص للجويني.
3 - والبرهان للجويني.
4 - أصول الجصاص مع التكميل والمقارنة بأصول السرخسي.
ولا تُحصل ثمرة القراءة إلا لمن كان ذا خبرة بالكلام المعتزلي والأشعري معاً .. بالإضافة لخبرة حسنة بالفلسفات القديمة ..
أما كتب مثل المسائل المشتركة للعروسي ومسائل أصول الدين لخالد فوزي فالأول يعطيك أمثلة للظاهر الأصولي والباطن الكلامي والثاني يعطيك أمثلة لتحول الساحة الأصولية لساحة كلامية ويفيدك إذا تنبهت لم لم يتنبه له المؤلف وهو لماذا بحثوا هذه المسألة الكلامية في هذا الموضع بالذات؟؟
هذان الكتابان ربما أفاداك في بعض الأمثلة أما تصور النسيج الكلي فلا يكون سوى بالقراءة المتأنية مرة بعد مرة .. وبالشروط المذكورة ..
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[05 - 03 - 10, 10:02 م]ـ
أشكرك اخى الفاضل
وتنبيهاتك على العين والرأس وسوف اتابع البحث لأصل لتصور كامل عن حقائق الأصلين
ودون البدأ بنتائج مسبقة انما هو محض بحث وتفتيش مع الدعاء الخالص ليهدينى الله واياك الى ما يحب ويرضى
وان اردت مناقشة أمر فاعرف انك من اوائل الذين سوف اناقشهم وأرجو أن يتسع وقتك للمبتدئين امثالى
والرجاء ان توافينى بطبعات الكتابين الذين ذكرتهما لتصور القضية مع اماكن بيعهما فى الاسكندرية ان امكن
والله ولى التوفيق
راجى يوسف
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 10:08 م]ـ
بارك الله فيك يا سيدنا الشيخ ..
تجد الكتابين في مكتبة دار السلام عندكم بإذن الله ..
المسائل المشتركة طبعة مكتبة الرشد ..
ومسائل أصل الدين المبحوثة في علم أصول الفقه طبعة الدار الأثرية ..
ـ[أبو عبدالله ومحمد]ــــــــ[06 - 03 - 10, 02:34 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا فهر
لقد قلت بضلال مناهج النظر والاستدلال في:
1 - المعتمد لأبي الحسين البصري مع المقارنة بالمغني للقاضي.
2 - والتقريب والإرشاد للباقلاني مع التكميل من التلخيص للجويني.
3 - والبرهان للجويني.
4 - أصول الجصاص مع التكميل والمقارنة بأصول السرخسي
فهل هناك كتب أخرى في رأيك نهج أصحابها نفس المنهج؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 - 03 - 10, 03:08 م]ـ
بارك الله فيك ..
كل ما بعد رسالة الشافعي لا يخلو من ضلالة بدعية،ومنهج فلسفي غير عربي في النظر ..
غير أن الكتب المذكورة هي أسس العلم التي بني عليها العلم إلى يوم الناس هذا ..
وإلا فالكتب التي لم يُبن عليها العلم ككتاب الخطيب وكتاب ابن عبد البر وقواطع الأدلة واللمع وشرحها = لا تخلو من بدعة أو بناء للمسائل والتقاسيم على غير النهج العربي ولكنها توارت وغمرها سيل القاضيين وإمام الحرمين ..
ولذا فلا عجب أن ظنها بعض من لم يُحقق كتباً لأهل السنة في أصول الفقه ..
والموجود أخي الكريم من الكتب التي نجت من البدعة أو من التأثر الفلسفي والمنهج غير العربي إنما هي رسالة الشافعي وطائفة لا بأس بها من كلام شيخ الإسلام .. وإن كان يقع للشيخين الخطأ من غير جهة المنهج كما إنه يقع للكتب البدعية السابقة الصواب من غير جهة المنهج ..
والذي نقوله: إن هذا العلم يحتاج إعادة بناء وكتابة يُتمثل فيها منهج القرون المفضلة في النظر والاستدلال وتُستقرأ فيها مناهج الأئمة الأربعة في النظر والاستدلال وتُحقق فيها دلالات الألفاظ والأساليب في العربية الأولى التي نزل بها القرآن ..
وهي الخطوة الواجبة في بناء كل علم ولكن أذهل الطائفة التي كتبت هذا العلم عن هذه الخطوة = حب الانتصار للبدعة والتأسيس لها، أو اتباع المنهج غير العربي،الفلسفي المنطقي في استخراج المعرفة ..
وقد كان شيخ الإسلام حقيقاً بأن يقطع أشواطاً في هذا الباب لولا اتساع الجبهة أمامه فلم يفرغ لمسائل أصول الفقه فحقق منها بعضاً وأعرض عن بعض وتابع أولئك المصنفين في بعض ..
ـ[أبو مالك القاهرى]ــــــــ[06 - 03 - 10, 04:06 م]ـ
أخ أبو فهر ..
هل تعرف الشيخ الدكتور صالح بن محمد المصري .. ؟!!
صاحب رسالة أبي هلال العسكري في الحث علي طلب العلم، ومقال في منهاج الترجمة للأعيان؟! ..
هل سمعت به أو وقفت علي كتابه؟! ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 - 03 - 10, 04:49 م]ـ
هو شيخي وأستاذي ومعلمي مذ كنت في الثالثة عشر من عمري إلى يوم الناس هذا ...
ـ[أبو مالك القاهرى]ــــــــ[06 - 03 - 10, 08:28 م]ـ
هو شيخي وأستاذي ومعلمي مذ كنت في الثالثة عشر من عمري إلى يوم الناس هذا ...
أيه ده بجد .. !!
بسم الله ما شاء الله .. !!
الدكتور صالح البورسعيدي .. ؟!!
وأنا بقول النفس ده مش غريب عليّا .. !
أصل كنا سألناه قبل فترة عن كتب الأصول فأجاب بكلام قريب جداً لما ذكرته أنت هنا .. !
سمعنا عن هذا الرجل أعاجيب، يقال أنه أعلم الناس في هذا الزمان، هل يصح هذا .. !!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/192)
ـ[ميساء محمد]ــــــــ[06 - 03 - 10, 09:37 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 - 03 - 10, 10:09 م]ـ
أيه ده بجد .. !!
بسم الله ما شاء الله .. !!
الدكتور صالح البورسعيدي .. ؟!!
وأنا بقول النفس ده مش غريب عليّا .. !
أصل كنا سألناه قبل فترة عن كتب الأصول فأجاب بكلام قريب جداً لما ذكرته أنت هنا .. !
سمعنا عن هذا الرجل أعاجيب، يقال أنه أعلم الناس في هذا الزمان، هل يصح هذا .. !!
طبعاً لا يصح ..
ولا يوجد من يستحق هذا اللقب أصلاً،وغاية الأمر أن الساحة المعرفية عريضة جداً ويفتح الله لمن شاء من أهل العلم في ثغر منها ماقد لا يفتح لآخر، والمهم هو التعاون بين القائمين على هذه الثغور في المحكمات والحوار بينهم في المختلفات ..
أما شيخنا أبو عبيدة فهو رجل فقيه النفس فتح الله له أبواباً من العلم وأعطاه مفاتيحا من النظر لم أرها قد تهيأت لغيره على هذا الوجه الذي تهيأت له ..
وهو من هذه الطبقة من العلماء الذين يعلمون المنهج وليس يهمهم بعد ذلك مدى موافقة المتعلم لهم في التطبيق والتفريع ..
وقد هداني الله على يديه لأبواب من العلم والنظر ما أظن أني كنت سأهتدي لها مدة عمري لولا أن رزقني الله به ..
وأنا وهو نختلف في أبواب كثيرة ونتفق في ابواب أكثر إلا أنه هو من علمني كيف أتفق وكيف أختلف ..
ومنتان من منن الله علي أؤدب نفسي بتذكارهما إذا ما عصيتُ ربي،وأبوء بهاتين المنتين معترفاً مسستغفراً:
الأولى: أن رزقني الله هذا الرجل ..
والثانية: أن رزقني الله زوجي ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[07 - 03 - 10, 12:30 م]ـ
بارك الله فيك ..
كل ما بعد رسالة الشافعي لا يخلو من ضلالة بدعية،ومنهج فلسفي غير عربي في النظر ..
غير أن الكتب المذكورة هي أسس العلم التي بني عليها العلم إلى يوم الناس هذا ..
وإلا فالكتب التي لم يُبن عليها العلم ككتاب الخطيب وكتاب ابن عبد البر وقواطع الأدلة واللمع وشرحها = لا تخلو من بدعة أو بناء للمسائل والتقاسيم على غير النهج العربي ولكنها توارت وغمرها سيل القاضيين وإمام الحرمين ..
ولذا فلا عجب أن ظنها بعض من لم يُحقق كتباً لأهل السنة في أصول الفقه ..
والموجود أخي الكريم من الكتب التي نجت من البدعة أو من التأثر الفلسفي والمنهج غير العربي إنما هي رسالة الشافعي وطائفة لا بأس بها من كلام شيخ الإسلام .. وإن كان يقع للشيخين الخطأ من غير جهة المنهج كما إنه يقع للكتب البدعية السابقة الصواب من غير جهة المنهج ..
والذي نقوله: إن هذا العلم يحتاج إعادة بناء وكتابة يُتمثل فيها منهج القرون المفضلة في النظر والاستدلال وتُستقرأ فيها مناهج الأئمة الأربعة في النظر والاستدلال وتُحقق فيها دلالات الألفاظ والأساليب في العربية الأولى التي نزل بها القرآن ..
وهي الخطوة الواجبة في بناء كل علم ولكن أذهل الطائفة التي كتبت هذا العلم عن هذه الخطوة = حب الانتصار للبدعة والتأسيس لها، أو اتباع المنهج غير العربي،الفلسفي المنطقي في استخراج المعرفة ..
وقد كان شيخ الإسلام حقيقاً بأن يقطع أشواطاً في هذا الباب لولا اتساع الجبهة أمامه فلم يفرغ لمسائل أصول الفقه فحقق منها بعضاً وأعرض عن بعض وتابع أولئك المصنفين في بعض ..
من رحمة الله علينا أن ما فاتنا من كتابات وتعقيدات شيخ الإسلام - جزاه الله عن طلبة العلم خيرا كثيرا - فإننا واجده غالبا في تآليف تلميذه البار ابن قيم الجوزية. فما فاتنا من كلام الشيخ في إجاباته على الاعتراضات المصريه للفتيا الحموية من (أصول التخاطب وقواعد البيان) = نجدها بحمد الله تعالى ملخصا في (صواعق المرسلة) أو في اختصار الموصلي لها بالإضافة إلى قواعد لغوية منتشرة في (بدائع الفوائد)؛ وما فاتنا من قواعد الحكم على متون الأخبار نجدها في (المنار المنيف) و (نقد المنقول)؛ وما فاتنا من كلام الشيخ في روح التشريع ومقاصده فإننا نجد قسطا لا بأس به منه في ثنايا (الرسالة التبوكية) العجيبة؛ وما فاتنا من كلام الشيخ في أساليب القرآن وطرائق بيانه نجده في مثل (التبيان في أقسام القرآن) وكذا في (أمثال القرآن)؛ وما تبعثر من كلام الشيخ في (ترتيب الأدلة) ومسألة (القياس والحكمة) و (حقيقة الإجماع) ثم مسألة (الاستصحاب والأخذ بالعمومات) وكذا (أصول الفتيا والقضاء) نجدها قد يوفي بحقها ابن القيم في (إعلام الموقعين) و (الطرق الحكمية).
علاوة على أنه قد صدرت بعض كتب الشيخ القواعدية بعد طول انتظار الناس لها نحو رسالته القيمة في (الاستحسان). فلله الحمد في الأولى والآخرة.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[07 - 03 - 10, 12:39 م]ـ
وقد كان شيخ الإسلام حقيقاً بأن يقطع أشواطاً في هذا الباب لولا اتساع الجبهة أمامه فلم يفرغ لمسائل أصول الفقه فحقق منها بعضاً وأعرض عن بعض وتابع أولئك المصنفين في بعض ..
فمن لها يا أبا فهر؟؟
وهل لديكم خبر عن (حصول المأمول من كلام شيخ الاسلام في علم الأصول)؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/193)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 03 - 10, 01:15 م]ـ
إزيك يا سيدنا واحشني ..
نعم قرأت الكتاب منذ خمسة أعوام وهو أفضل ما كتب عن تقريرات الشيخ الأصولية ..
ولكنه مثال حسن لما نحن فيه؛فقد نقد الشيخ بدع المتكلمين في المقدمات ومعنى الفقه وبعض مسائل الحكم الشرعي المبنية على الكلام كالصلاة في الدار المغصوبة ونحو ذلك ..
ولكن الشيخ أغفل فلم ينصرف إلى نفس تقريراتهم وتقسيماتهم لهذه الأحكام الخمسة (مثلاً) هل أصابوا في التلقيب اللسان الأول الذي كان عليه النبي وأصحابه والفرون المفضلة؟
باستثناء لفتة الشيخ هو (المكروه) ليس للشيخ بيان في هذا ..
وهل نفس استقرائهم هذا للتقسيمات وتصوراتهم عن مراتب الأحكام وعن الدلالات التي تصاب بها هذه المراتب هل هذا هو نفس ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والفرون المفضلة؟
سكت الشيخ أو استعمل نفس تقريراتهم فلم يتعرض لها بنقد بل أقر باستعماله أكثرها ..
وهذا هو معنى كلامي أن الجبهة عريضة وإنه لا ينبغي لمريد الحق أن يكون عيالاً على الشيخ أو غيره،بل ينتفع بمنهج الشيخ وغيره في صوغ منهجه هو ويشتد في طلب هذا الحق الأول ولينظر أفي تلك الكتب كله أو بعضه؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[07 - 03 - 10, 03:12 م]ـ
الحمد لله يا شيخي الحبيب على كل حال. اشتقنا إليكم كثيرا.
ألا تدلنا على مكان هذا الكتاب في مكتبات العالم؟ لا أراه إلا نافعا.
مسألة التلقيب مسألة فيها وسع. . المهم فيها أن يؤدي كل مصطلح وظيفته المطلوبة منه. فما دام أن الشيخ موافقهم في أن من الأفعال والتروك ما فرضه الله علينا فرضا لازما ومنها ما رتب عليه حسنات من غير افتراض ولا إيجاب، فتسمية هذا واجب وهذا مندوب ثم هذا محرم وهذا مكروه أمر اصطلاحي لا مشاحاة فيه. وإنما النقاش في وجود فعل متساوي الطرفين سمي بـ (المباح) وقد أشاد الشيخ بتفصيل أمره كما قد علم.
قال الشيخ مقرا بهذا الاصطلاح: (فلهذا كان دين المؤمنين بالله ورسوله أن الأحكام الخمسة: الإيجاب والاستحباب والتحليل والكراهية والتحريم لا يؤخذ إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ولا حلال إلا ما أحله الله ورسوله. فمن ذلك ما اتفق عليه أئمة الدين ومنه ما تنازعوا فيه فردوه إلى الله ورسوله).
وليس شأن الشيخ في هذا الأمر بأكثر من شأن الإمام المطلبي في بلورته لمصطلح (الظاهر والباطن) و (العام والخاص) و (الخبر والقياس) و (خبر العامة وخبر الخاصة) وهلم جرا.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 03 - 10, 03:40 م]ـ
نختلف سوياً في مسألة التلقيب يا سيدنا؛فليست المسألة بهذه السهولة، وحبذا لو راجعت مقالي في سلسلة الجنايات
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144784
وخاصة المناقشات التي تحت صلب الموضوع فعرض رأيي الخاص فيها أوضح ..
ـ[سامح رضا]ــــــــ[07 - 03 - 10, 04:05 م]ـ
الشيخ الكريم أبا فهر
وماذا عن الإحكام لابن حزم
فهو يأتي بعد الرسالة في الأسلوب والنفس الحديثي والعربي
بصرف الظر عما قد تعتقده فيه من أخطاء؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 03 - 10, 04:14 م]ـ
أما العربي الذي أقصده والذي هو منهج العرب في النظر والاستدلال = فبين أبي محمد وبينه بعد المشرقين،وأبو محمد من أكثر الفقهاء ابتلاء بنظرية المعرفة الأرسطية، ولا يُبتلى بها رجل فيجمع معها فطرة العرب في إهاب واحد أبداً ..
وإنما في أبي محمد خصلة أخرى حسنة وهي حرصه على تعضيد التقعيد الأصولي بالدليل الشرعي،ولكن الخلل إذا طال منهجية المعرفة =أفسد كل شيء، ومن لم ينفعه ظنه فأنى تنفعه عينه؟؟!
ولستُ بمن يُزري على أبي محمد جهلاً بمقامه فأبو محمد من النفوس القوية والعقول الأبية على النظير في مسيرة تاريخنا كله، وللرجل سطور لو درى الناس قدرها = لصنعوا منها مجلدات ..
غير أنا هاهنا في مقام تشتبه فيه الأنظار والمفاضلة فيه إنما هي بين سادة النظار ولهذا اللون من الحديث تبعاته وأمانته ..
ـ[سامح رضا]ــــــــ[07 - 03 - 10, 07:33 م]ـ
الشيخ الفاضل أبا فهر
نظرية المعرفة عند ابن حزم ترتكز على جزئين:
1 - نظرية المعرفة البشرية وهذه تقوم على البديهيات وليست إيغالاً في المنطق الأرسطي بل تتناول بديهيات العقول التى خاطبنا الله بها
2 - نظرية المعرفة الشرعية وهذه ترتكز على النصوص
رجاء التكرم بمراجعة كتاب ظاهرية ابن حزم-نظرية المعرفة ومناهج البحث عند ابن حزم وهو من منشورات المعهد العالي للفكر الإسلامي في الأردن ...
http://www.archive.org/download/zahiriyye.ibn.hazm/zahiriyye.ibn.hazm.pdf
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 03 - 10, 08:21 م]ـ
قرأته يا مولانا .. وهو كتاب هزيل حجماً ومادة ..
وارتكاز نظرية المعرفة على البديهيات هي نفسها من مفردات نظرية أرسطو لكن ابن حزم لم يغادر أرسطو بعد البديهات بل شغف به حتى روى كتابه بالإسناد وحتى اختار أن يقرب منطقه بلغة الفقهاء؛ليفهموا هذا المنهج الذي ارتضاه أبو محمد لنفسه ..
ولذا لما جاء أبومحمد للنصوص ولنظرية المعرفة الشرعية كما تسميها=كان أرسطو قد قرر في قلبه من قبل أن غير اليقين ليس علماً وهذه وحدها تفرق بينه وبين منهج العرب في الاستدلال فرقاً لا أرى له التئاماً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/194)
ـ[سامح رضا]ــــــــ[07 - 03 - 10, 09:07 م]ـ
أختلف معك تماماً يا مولانا وعلى القراء مراجعة كلامنا وما أحلنا عليه والحكم ولكل وجهة هو موليها.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - 03 - 10, 10:04 ص]ـ
لا بأس من الاختلاف يا مولانا فكذلك الدنيا،جمعنا الله وإياك في دار الحق ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[09 - 03 - 10, 10:22 ص]ـ
نختلف سوياً في مسألة التلقيب يا سيدنا؛فليست المسألة بهذه السهولة، وحبذا لو راجعت مقالي في سلسلة الجنايات
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144784
وخاصة المناقشات التي تحت صلب الموضوع فعرض رأيي الخاص فيها أوضح ..
نعم يا شيخنا. . معك حق، لكن لا بد من التفريق بين مقام الاستنباط من نصوص الكتاب والسنة - فيراعى فيه اللسان الأول لفظا ومعنى، وبين مقام تخاطب القوم المصطلحين على عوائد عرفوها وألفاظ ضبطوها ضبطا - فلنا أن نمشي على عرفهم وعادتهم - مع التنبيه على أن هذا مخالف للغة القرآن والحديث. قال شيخ الإسلام: (وأما مخاطبة أهل الإصطلاح بإصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعانى صحيحة كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم فإن هذا جائز حسن للحاجة وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه).
ثم إننا لو قارنّا هذا الأمر - أمر التلقيب والاصطلاحات - بغيره من الضلالات والأخطاء الجوهرية المعنوية الموجودة في كتب القوم: لهان أمره جدا. فالكلام على الثاني أهم وأخطر.
تنبيه:
قلتم في موضوع التلقيب:
هذا الحكم التكليفي الشرعي بأقسامه والفصل بين هذه الأقسام والإعراض عن استعمال الأسماء الشرعية في مواردها=حادث محدث وإجماع أهله ليس حجة .. وطريقة القرآن والسنة والسلف =أجمل وأحسن
وقال شيخ الإسلام:
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَعِبَادَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَإِجْلَالَهُ هُوَ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَقُوتُهُ وَصَلَاحُهُ وَقِوَامُهُ كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ؛ لَا كَمَا يَقُولُ مَنْ يَعْتَقِدُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِمْ: أَنَّ عِبَادَتَهُ تَكْلِيفٌ وَمَشَقَّةٌ. وَخِلَافُ مَقْصُودِ الْقَلْبِ لِمُجَرَّدِ الِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ؛ أَوْ لِأَجْلِ التَّعْوِيضِ بِالْأُجْرَةِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ هَوَى النَّفْسِ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَأْجُرُ الْعَبْدَ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ} الْآيَةَ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ: {أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ} - فَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ بِالْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ضِمْنًا وَتَبَعًا لِأَسْبَابِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا، وَهَذَا يُفَسَّرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَلِهَذَا لَمْ يَجِئْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنَّهُ تَكْلِيفٌ كَمَا يُطْلِقُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ؛ وَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ التَّكْلِيفِ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ؛ كَقَوْلِهِ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا}. {لَا تُكَلَّفُ إلَّا نَفْسَكَ} {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا} أَيْ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَمْرِ تَكْلِيفٌ؛ فَلَا يُكَلَّفُ إلَّا قَدْرَ الْوُسْعِ، لَا أَنَّهُ يُسَمِّي جَمِيعَ الشَّرِيعَةِ تَكْلِيفًا، مَعَ أَنَّ غَالِبَهَا قُرَّةُ الْعُيُونِ وَسُرُورُ الْقُلُوبِ؛ وَلَذَّاتُ الْأَرْوَاحِ وَكَمَالُ النَّعِيمِ، وَذَلِكَ لِإِرَادَةِ وَجْهِ اللَّهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ، وَذِكْرِهِ وَتَوَجُّهِ الْوَجْهِ إلَيْهِ، فَهُوَ الْإِلَهُ الْحَقُّ الَّذِي تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ الْقُلُوبُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ أَبَدًا.
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[09 - 03 - 10, 09:58 م]ـ
بارك الله في كل الاخوة الكرام
لو كان العقل كافيا لمعرفة الحقائق الدينية لكان فخر الدين الرازي أكبر العارفين
وهؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعمق الناس علما وأقلهم تكلفا
ـ[أبو عبدالله ومحمد]ــــــــ[02 - 04 - 10, 10:19 ص]ـ
بارك الله فيك أخي عمر وزادك الله فقهاً
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[05 - 04 - 10, 11:31 ص]ـ
بارك الله في كل الاخوة الكرام
لو كان العقل كافيا لمعرفة الحقائق الدينية لكان فخر الدين الرازي أكبر العارفين
وهؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعمق الناس علما وأقلهم تكلفا
بل لو كان العقل كافيا، لكان سالموا الفطرة هم العارفون والناس عيال عليهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/195)
ـ[ابن الخطيب الهاشمي]ــــــــ[15 - 04 - 10, 12:11 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وبارك الله فيكم رفعتم قدرنا اكثر ما هو مرفوع
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أداها الله عنه، ومن أخذها يُريدُ إتلافها، أتلفه الله عز وجل))
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (2387) وأحمد في مسنده (8733) والبيهقي 5/ 354 فمن أخذ العلم، وأراد به وجه الله تعالى لينفع به أداه الله عنه، ومن أخذ العلم يريد به جاهًا، أو منصبًا، أو سمعتًا ... فضحه الله تعالى وسلط عليه من يفضحه.
فعلم أصول الفقه خير العلوم لاستنباط ألاحكام وأوجه دلالتها ومنها القياس.
أسأل الله العلي المتعال أن ينصر الإسلام والمسلمين ويرفع كلمة الحق والدين
وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه نعم السميع ونعم المجيب
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[19 - 04 - 10, 03:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الفضلاء
لازلت أرى أن موضوعا كهذا يحتاج لمزيد ضبط وتحرير محل النزاع
ويمكن أن نضع الاعتراضات على علم الأصول بالنسبة لمدرسة المتكلمين فى نقاط ونتناقش حول نقطة نقطة
لأننى أرى أن الموضوع قد ترهل
1 - علم العربية يغنى عن علم الأصول لأن جل مباحث استخراج الأحكام من الأدلة لغوية
2 - اختلاط المباحث الأصولية بالكلام
3 - جل المصنفين أشاعرة يخلطون أشعريتهم بأصولهم (والمعتزلة كذلك)
4 - ذلك العلم مقطوع النسب لأئمة المذاهب الفقهية
هل هناك اعتراضات أخرى؟؟؟؟؟؟؟
علما بأننى بتحريرى هذا لا أعلن موافقتى ولا رفضى على النقاط السالفة وانما وضعتها للنقاش والطرح العلمى
وأرجو من الاخوة وضع اى اعتراضات أخرى شبيهة حتى نناقشها سويا
راجى يوسف
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[19 - 04 - 10, 03:43 ص]ـ
وها انا أزيد اعتراضا خامسا
5 - اختلاط المنهج اليونانى المنطقى بذلك العلم
وفى انتظار المزيد
وها أنا أبدأ أيضا بمناقشة الإعتراض الأول
وهو غناء المجتهد عن الأصول بعلم اللغة لأن أكثر مباحث الأصول لغوية
أقول وبالله التوفيق
أولا لو كان الإجتهاد يعتمد على اللغة فقط لقرأ سيبويه النصوص وكون مذهبا
إن الجزء الأساسى المعتمد على اللغة فى علم الأصول هو الدلالات اللغوية
وهى -بحق- تمثل العمود الفقرى لعلم الأصول ولكن
هل كل علم الأصول يتمثل فى الدلالات اللغوية؟؟؟؟؟؟؟
هل مباحث الحكم الشرعى وأنواعه وأقسامه من اللغة؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل حجية السنة مثلا وقضية الناسخ والمنسوخ والقطعى والظنى والإجماع وشروطه وأنواعه وحجيته
والقياس وعلته وأنواعه والاستصحاب والإستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع وعمل أهل المدينة
والتعارض والترجيح ومباحث الإجتهاد وشرائطه الخ
تعد من مباحث اللغة لا أظن ذلك ولا أحسب أن اللغة تغنى عنها البتة
وكذلك فاستقراء الأصولى يعد زائدا عن استقراء اللغوى
فاللغويين لم يبحثوا العام والخاص أو دلالة الأمر على الوجوب أو أقتضاء النهى الفساد أو تناول مطلق الأمر للمكروه
مع أن بعض تلك المباحث تعد من دلالات الألفاظ
وما كلام السبكى فى الإبهاج منكم ببعيد
وليس ذلك معناه أن علم الأصول لم يتأثر ويختلط باللغة
بل بالعكس فالأصول مستمدة من علم اللغة بالإضافة الى علوم اخرى
فاللغة فقط لا تغنى عن الأصول لأنه مستمد منها ومن غيرها
وانتظر تعليقات السادة الأعضاء
والله أعلى وأعلم
راجى يوسف
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[20 - 04 - 10, 12:39 ص]ـ
أخي الكريم راجي يوسف:
مشاركة موفقة ومسددة واصل وصلك الله بطاعته
ما أجمل المشاركة حين تكون في صلب الموضوع.
وأنا أعد الآن موضوعاً آخر بعنوان: "حظهم من أصول الفقه العناوين"، يسر الله صناعته.
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[20 - 04 - 10, 02:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك شيخنا
ونريدك مشارك لا مجرد متابع فالحوار يثرى بأمثالكم
وعذرا ان كانت كتاباتى متقطعة فالمشاغل كثيرة والله يسر الله علينا وعليكم
وعلى الله قصد السبيل
راجى يوسف
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[22 - 04 - 10, 09:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالنسبة للإعتراض الرابع وهو (انقطاع النسب بين علم الأصول وائمة المذاهب المتبوعة)
حقيقة لا أدرى ما مقصد الأخ الفاضل بانقطاع النسب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/196)
هل المقصود تغيير المنهج حيث تداخل علم الكلام بعلم الأصول أم بعدم وجود مؤلفات أصولية بين رسالة الشافعى ومؤلفات القاضى الباقلانى والقاضى عبد الجبار؟؟؟؟؟؟
فان كان يقصد بالانقطاع تغيير المنهج والتداخل بين الأصول والكلام فهذا اعتراض لم نبحثه بعد
وان كان يقصد بانقطاع النسب عدم وجود مؤلفات اصولية فنقول وبالله التوفيق
أحصى الدكتور عبد السلام بلاجى فى رسالة الدكتوراه خاصته (تطور علم أصول الفقه وتجدده وتأثره بالمباحث الكلامية) نيف وثلاثون مصنفا أصوليا بين رسالة الشافعى ومصنفات القاضيين
تدور جلها حول الرسالة بالشرح أو الرد أو التعليق أو التصنيف الجزئى
وهذا فى قرابة قرنين فحسب
وأصحاب تلك المصنفات حنفية وشافعية ومالكية وحنبلية وظاهرية ومعتزلة و بعض المجتهدين وبل وأصحاب المذاهب الأخرى أيضا كاتباع الطبرى
فالتصنيف الأصولى لم ينقطع أبدا من أى مذهب أو فرقة فى الفترة بين الشافعى والباقلانى
يقول الزركشى فى محيطه ما نصه
(حتى جاء القاضيان قاضى السنة أبو بكر بن الطيب وقاضى المعتزلة عبد الجبار فوسعا العبارات وفكا الاشارات.
وبينا الاجمال ورفعا الاشكال)
ان القاضيين أحدثا نقلة نوعية فى هذا العلم وهذا فى ذاته ليس عيبا
والا كانت كل محاولة تجديدية تمثل انقطاع النسب بين الاولين والاخرين
ولكن هذا لا يعنى أن تلك المحاولة لا تخضع للنقد
أحسب أن تلك النقلة تتمثل فى ادخال علم الكلام فى علم الأصول ومنافحة كل مصنف عن مذهبه العقدى
فيؤول هذا الاعتراض الى الاعتراض الثانى والذى لم نبحثه بعد كما أسلفنا
أما الاعتراض الثالث والذى يتمثل فى منافحتهم عن الأشعرية والاعتزال فأظن أن هذا الاعتراض أولى أن يبحث
كمبحثا عقديا وليس مبحثا أصوليا
و على هذا يتبقى لنا اعتراضان مهمان
1 - ادخال الكلام فى علم الأصول
2 - امتزاج الكلام والأصول بالمنطق الأرسطى
يتبع باذن الله
راجى يوسف
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[25 - 04 - 10, 05:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نأتى الى الاعتراض الثانى ألا وهو امتزاج علم الكلام بعلم أصول الفقه
مقدمة موجزة عن امتزاج العلوم الشرعية
يعتبر الفصل بين العلوم واستقلال كل علم بمسائله أمرا لازما للبحث العلمى حيث تتمايز العلوم من حيث الموضوع والاستمداد ودائرة البحث الى اخره
ولكن هل كل العلوم يصح فصلها فصلا تاما عن غيرها؟؟؟؟؟؟؟؟
هل نستطيع فصل علم التفسير مثلا عن علوم اللغة؟؟؟؟؟؟؟
بالطبع فان الاجابة هى لا
بداية فان طبيعة العلم هى التى تحدد مدى تمايزها أو امتزاجها بغيرها من العلوم
ولنأخذ علم أصول الفقه كمثال حيث أنه الموضوع الرئيسى فى تلك المشاركات
هل علم الأصول غير مستمد أو ممزوج بغيره؟؟؟
من المعروف لكل دارس ان علم الاصول مستمد من علوم اخرى كعلوم اللغة كما أسلفنا
ومن ثم أضحت عدة مسائل (كحروف المعانى) مسائل مشتركة بين اللغة والأصول
وأكثر من ذلك فان ثمة مسائل اشتركت بين علم الاصول وعلوم اخرى منفصلة عنه وليس الاصول مستمد منها
كعلوم الحديث
فلو قرأت البحر المحيط للزركشى على سبيل المثال ستجد أن مباحث شروط الراوى والفاظ التحمل كالمناولة والاجازة وغيرها قد فصلت فى أكثر من مائتى صفحة
بل ووصل الامتزاج الى مسائل تعتبر مشتركة بين الطرفين اشتراكا كاملا كمسألة حجية الحديث المرسل مثلا
وهذا الاشتراك بين الاصول وعلم الحديث موجود فى جل الكتب الأصولية دون نكير
ناهيك من احتياج المفسر الى علوم أصولية كالناسخ والمنسوخ
ومن ثم اشتركت مسائل أخرى بين الأصول وعلوم القرآن بل واللغة فى بعض الأحيان
كالمجاز والحقيقة وحروف المعانى واستخداماتها فى النصوص
ولا أريد الاطالة
ولكن نخلص من مقدمتنا القصيرة أن العلوم الشرعية كالأوانى المستطرقة يمد بعضها بعضا
ولا نستطيع فصلها عن بعضها فصلا تاما
ولم نألف عالما شرعيا يعد متخصصا فى علم شرعى ما وجاهل تماما بما ورائه
بل إن عدم اطلاع العالم الشرعى المتخصص فى مادة على مادة شرعية أخرى لهى نقطة ضعف فى علمه
تجعله يأتى بالعجائب فى مصنفاته وذلك لتداخل المسائل الشرعية مع بعضها البعض على نحو يصعب تصور
انفراد علم شرعى ما بمسائل غير متداخلة مع علم شرعى أخر
يتبع بإذن الله تعالى
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[25 - 04 - 10, 01:50 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/197)
بعد أن أتممنا المقدمة الموجزة فى امتزاج العلوم لم يتبق لنا الا الشق الرئيسى فى البحث
وهى العلاقة بين علم الأصول وعلم الكلام
فلنعرف فى البداية علم الكلام نقلا عن ابن خلدون فى مقدمته
(هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الايمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين فى الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة)
ومن ثم سنبحث العلاقة الجدلية بين العلمين من ناحيتين
1 - العلاقة بين منهج علم الأصول والمنهج الكلامى
2 - طبيعة العلمين المتداخلة أو المسائل المشتركة بينهما
أولا الحديث عن علاقة العلمين من حيث المنهج
يرى د على سامى النشار- استاذ الفلسفة الاسلامية- إن المسلمين أنشأوا منهجا بحثيا خاصا بهم
وقد استخدم هذا المنهج فى علم الكلام كما استخدم فى علم أصول الفقه
وننقل عنه من رسالة الماجستير خاصته والمعنونة ب (مناهج البحث عند مفكرى الاسلام) عند الحديث عن مدرسة المتكلمين الأصولية -بعد فراغه من تعريف مدرسة الفقهاء- ما نصه
(وهم المتكلمون أشاعرة كانوا أو معتزلة وهنا نرى محاولة عقلية بحتة تقوم على تجريد القواعد العامة
من المسائل الفقهية وتستند فى هذا الى الاستدلال العقلى والبرهنة النظرية فاستخدمت طرق البحث الكلامية
أو مدارك العقول التى عرفت قبل الشافعى فى المدرسة الأصولية الكلامية ووضعت تلك الطرق وخاصة طريق القياس فى صورة عقلية مجردة ودخلت أبحاث كلامية كثيرة لما كان علم الكلام معتبرا واحدا من مصادر هذا العلم الثلاثة لا لدى المتكلمين وحدهم بل ولدى الفقهاء حتى الظاهرية منهم)
ان هذا التداخل المنهجى جعل التأثير بين العلمين متبادلا وتسبب فى ادخال مسائل كل من العلمين وطرقه ومناهجه الى العلم الاخر – كما يؤكد صاحب رسالة تطور علم أصول الفقه وتجدده
بل لم تعد هناك (طرق منفصلة لاحدى هاتين الفرقتين بل استخدمت كل منهما نفس الطرق التى استخدمها الأقران) كما يقول د النشار
ومن هذه النقول نستطيع أن نتفهم الأسباب التى دعت الباقلانى الى تلك النقلة النوعية فى منهجية دراسة الأصول
لان بعد ظهور المعتزلة وظهور فرقة الأشاعرة للرد عليهم ظهرت تلك المناهج العقلية لتعصم ذهن المتكلم ومن ثم الفقيه من الانحراف
ولما كان القائمين على تأسيس علم الأصول- فى طوره الثانى- جلهم من المتكلمين (معتزلة وأشاعرة)
فانتقلت منهجية البحث من علم الكلام الى علم الأصول وانتهجوا نفس النهج العقلى النظرى التجريدى فى بحثهم
لمدارك الأحكام الفقهية
هذا بعكس طريقة مدرسة الفقهاء (الأحناف) التى اهتمت بتأصيل فروعهم الفقهية على أصول امامهم
وهذه الطريقة وان كانت اليق بالفقه وأقرب لضبط المذهب ولكن يعيبها أنها غير منتجة
فهم يخرجون الفروع على اساس اصول مذهبهم الثابتة ومن ثم فلا جديد ولا تجديد
وهم وان لم يبحثوا علم الأصول بتلك الطريقة التجريدية ولم يمزجوه بعلم الكلام فى البداية
الا ان متأخريهم قد ساروا على درب المتكلمين ومزجوا أصولهم بالمنهج التجريدى والمباحث الكلامية
ومن الأمانة العلمية أن نذكر قيام بعض الحركات الفردية بمعارضة طريقة المتكلمين ودعت الى تجريد الأصول
من المباحث الكلامية مثل مصنفات ابن عبد البر والباجى والسمعانى والخطيب البغدادى وابن القيم وغيرهم
ولكن ظلت تلك الحركات الفردية منفصلة عن بعضها زمنيا ومكانيا لا تمثل نهجا متواصلا- كمدرسة المتكلمين-
ومن أهم هذه الحركات ظهور كتاب الموافقات للشاطبى والذى يعد نقلة نوعية أخرى لمزجه أصول الفقه بالمقاصد الشرعية وليس الشاطبى أول من تكلم فى مقاصد الشريعة ولكن المقاصد تجلت فى مصنفه هذا مما جعله علامة فريدة فى علم الأصول ولكن هذا لا يجعله ندا للمدارس الأصولية الموجودة انذاك ولا بديلا عنها
ومن الباحثين من يرى ان امتزاج أصول الفقه بالكلام بسبب هيمنة علم الكلام على جميع العلوم الشرعية
من حيث هو مبدأ لها ومن حيث أن تفسير النصوص قائم على حجيتها والتى ثبتت بعلم الكلام
وكذلك فان طريقة الاسئلة الممتدة تجعل الباحث يمتد من علم الأصول الى علم الكلام
فالأصولى مثلا يبحث عن علة تحريم الخمر فيبحث بأدواته حتى يصل الى أن العلة (الوصف الظاهر المنضبط)
هى الاسكار فيسأل نفسه مرة أخرى ولم جعل الاسكار علة مناسبة للتحريم
ويجيب بأن الاسكار يؤدى لذهاب العقل والعقل مناط التكليف والتكليف انما يكون لتحقيق مراد الله من خلقه
فيجد الباحث أن اسئلته قد انتقلت بالرتبة من علم الأصول الى علم الكلام وهكذا
(راجع علاقة أصول الفقه بالفلسفة الاسلامية د على جمعة)
وهذا الكلام وان كان يفسر لنا بعض التداخل بين العلمين على اساس ان الكلام هو أرضية مشتركة للعلوم الشرعية جميعا لكنه لا يفسر لنا المزج الحادث بين العلمين بهذه الصورة ولا يفسر وجود مسائل عقدية بحتة
تبحث فى علم الأصول
وبهذا القول نكون قد أتمننا نقطة البحث المنهجى المشترك بين العلمين
وننبه على أننا فى بحثنا هذا لا نبحث صحة الأساس العقدى للأشاعرة أو للمعتزلة انما نبحث –كما اسلفنا-
طبيعة العلاقة الجدلية بين الأصلين
ويتبقى لنا بعد بحثنا النظرى البحث العملى فى المسائل المشتركة بين العلمين
يتبع بحول الله وقوته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/198)
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[25 - 04 - 10, 04:12 م]ـ
المبحث الثالث: المسائل المشتركة بين أصول الفقه وعلم الكلام
بعد أن استعرضنا الظروف والملابسات التى تكونت فيها مدرسة المتكلمين الأصولية وكذلك الظروف التى أدت الى امتزاج المنهج النظرى التجريدى لكلا العلمين
وكذلك تعرضنا لمسألة امتزاج العلوم الشرعية عامة ولامتزاج علم الأصول بغيره خاصة
يثور السؤال الضرورى
هل هناك مسائل مشتركة بين الكلام وأصول الفقه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اطلعت على نسخة اليكترونية مصورة لكتاب (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وعلم الكلام) للعروسى
والذى نصحنى به الاخ ابو فهر
والمصنف هنا يعطى أمثلة للمسائل المشتركة بين العلمين حوالى سبعة وخمسون مسألة مشتركة
بعضها مشترك بالفعل بين العلمين والبعض الاخر كلامى بحت وهو مقحم على علم الأصول
يقول المصنف فى تمهيده
(ولما كان بعض مسائل علم أصول الفقه تشترك مع بعض مسائل أصول الدين كمسائل الأخبار وحجية المتواتر
وأخبار الاحاد ووقوع النسخ ومسائل التكليف ........ ) وعدد مسائل عدة ثم أكمل
(ولما كان الأمر كذلك استطاع كثير ممن شارك فى علم الكلام أو كتب فيه أن يكتب فى علم أصول الفقه لانه الميدان الذى ظهر فيه اراء المعتزلة ولأنه الفن الذى يمكن فيه تقرير مذهب أبى الحسن الأشعرى أو مذهب غيره)
ثم شرع المصنف فى بحث المسائل مما أعطى تصورا فعليا عن الامتزاج بين العلمين
وكيفية وجود مسائل أصولية لها أصل عقدى
واتماما للفائدة سأحاول بحث ذلك الامتزاج فعليا بطريقتين من أسفل الى أعلى ومن أعلى الى اسفل
بمعنى بحث مسألة أصولية لها أصل عقدى وأخرى عقدية نجم عنها فرع أصولى
1 - مسألة هل مطلق الأمر يتناول المكروه؟؟؟؟؟
تلك المسألةالتى اهتم بها الأصوليون من لدن الجوينى فى برهانه الى السبكى فى جمعه
وتلك المسألة يتفرع عنها فروع فقهية عدة مثل حكم الصلاة فى أوقات الكراهة وصوم يوم النحر وغيرها
وتعتبر متداخلة مع مسألة اقتضاء النهى الفساد والتى من أشهر أمثلتها مبحث الصلاة فى الدار المغصوبة
وقد بحثها المصنف (العروسى) وارجعها الى أصل عقدى وهى مسألة المنزلة بين المنزلتين التى اشتهرت بها
المعتزلة
وخالفه بعض علماء الاصول فى أصل تلك المسألة وأرجعوها الى مسألة (هل لو الشارع أمر أمرا ثم نهى عنه فى بعض أحواله هل يعد ذلك النهى شرطا فى الأداء؟؟؟؟)
والحق أنه بعد بحثى وراء تلك المسألة لم أجد من عزاها الى المنزلة بين المنزلتين غير المصنف
ولعله من قصور بحثى
وأحسب أن تلك المسألة ترجع لمسألة التحسين والتقبيح
حيث ان الأمر من قبيل المأذون فيه شرعا وهو من أقسام الحسن اما الكراهة فتعد من المنهى عنه شرعا وهو من أقسام القبيح
والحسن والقبح لا يتواردان على فعل واحد باعتبار واحد
وللأصوليين تفريعات كثيرة ليس هنا مقام ذكرها
وخلاصة القول أن تلك المسألة الأصولية ذات التفريعات الفقهية الكثيرة والمنتشرة ترجع أصلا لمبحثا عقديا كبيرا وهى تمثل للمسائل المشتركة بين الأصلين
ومن يرد الاستزادة فليرجع الى جل كتب الأصوليين ولا سيما المعتمد لابى الحسين البصرى حيث أنه لمح
بالأصل العقدى لتلك المسألة
2 - مثال لمسألة أو قاعدة عقدية نجم عنها قواعد أصولية
انقل لكم مباحث من رسالة الدكتوراه للدكتور أيمن البدارين والمعنونة ب (نظرية التقعيد الأصولى)
بداية فان الباحث قد قسم القواعد الأصولية الى كبرى ووسطى وصغرى
ولنر أمثلة للقواعد الكبرى وما يتفرع عنها من مسائل
القاعدة الأصولية الكبرى الأولى: الحسن والقبح عقلى اضافى تابع للشرع لا عقلى ذاتى منشىء له
يتفرع عن هذه القاعدة العقدية الأصل قواعد أصولية عديدة عد الباحث منها عشرون قاعدة منها
1 - مسألة الأصل فى الأشياء الاباحة أو التحريم أو الوقف
2 - لا تعليل بالمصلحة
3 - المباح حسن
4 - يجوز التخصيص بدليل العقل
5 - يجب العمل بالقياس وخبر الواحد عقلا
6 - العلة علامة على الحكم لا موجبة له
7 - للعقل أن يحكم على وفق موجهات الشرع من عمومات وأدلة تبعية ومقاصد وقواعد
القاعدة الأصولية الكبرى الثانية: الحاكم هو الله
وان كانت هذه القاعدة تخص أصول الدين أصلا الا انها تفرعت عنها العديد من القواعد الأصولية
1 - لا تخلو واقعة عن حكم الله
2 - الاباحة الاصلية هى اباحة شرعية لا عقلية
3 - المجتهد موقع عن الله
4 - القياس حجة معتبرة شرعا
5 - اجماع الامة حجة معتبرة شرعا
6 - قول الصحابى حجة معتبرة شرعا فيما ليس للرأى فيه مدخل
7 - العرف المرسل حجة معتبرة شرعا
8 - الاستحسان ليس حجة معتبرة شرعا
9 - اجماع اهل المدينة ليس حجة معتبرة شرعا
ويقول الباحث بعد شرح تلك القواعد (هذا نزر يسير من القواعد الأصولية المتفرعة على قاعدة الحاكم هو الله
والا فالقاعدة ينبنى عليها عشرات ان لم يكن مئات القواعد الأصولية المنتشرة فى ارجاء علم أصول الفقه)
القاعدة الأصولية الكبرى الرابعة (كذا فى الأصل)
لا تكليف بما لا يطاق
ويتفرع عن تلك القاعدة العقدية قواعد أصولية شتى
1 - لا يجوز تأخير البين عن وقت الحاجة
2 - يشترط فى المكلف به ان يكون معلوما للمكلف
3 - المكره المحمول كالالة غير مكلف
4 - اتفق العلماء على جواز سقوط جميع التكاليف بزوال شرط العقل
5 - المصيب فى العقليات والعقائد واحد
6 - الأمر بالشىء نهى عن أضداده
ولم نرد الاسهاب فى بحثنا هذا وان كنا أكثرنا على القارىء فلتأكيد العرى الوثيقة بين علمى الأصول والكلام
المتمثل فى الأرضية المشتركة والمسائل المشتركة بينهما
والله أعلى وأعلم
يتبع بحول الله وقوته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/199)
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[25 - 04 - 10, 05:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتمة لما ذكرناه من قبل وتلخيصا له نقول ان امتزاج علمى الأصول والكلام يرجع لسببين
الأول طبيعة الباحث الأصولى فى مدرسة المتكلمين وهو باحث غلبت عليه منهجية المنطق العقلانى التجريدى فى البحث
الثانى طبيعة العلمين المتداخلة والممزوجة فعلا من خلال هيمنة علم العقيدة على باقى العلوم الشرعية
ومن خلال المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين
وان كنا نرى أن ثمة مسائل بحثت فى علم الأصول وهى مقحمة فيه ولا ينتج عنها أى فروع عملية
وهى ليست بالكثيرة
فعشر مسائل أو عشرون أو حتى مائة مسألة ليست بالكثير فى علم يضم الألوف من المسائل
وراجع ان شئت مقدمة الزركشى فى البحر الذى ينعى على من قال ان مسائل الأصول حوالى ثمانمائة مسألة
وهى الى ثمانية الاف أقرب
وكنا قد استعرضنا الامتزاج بين الأصول وعلوم الحديث والذى بحثت فيه مئات المسائل الحديثية فى علم الأصول
وهى خارجة عن حقيقته دون نكير من العلماء
فالأمر لا يستحق الاعتراض وترك كم هائل من التراث الأصولى لتداخله مع علم الكلام
وانبه مرة أخرى اننى فى هذه النقطة لم أتعرض لنقد علم الكلام نفسه ولا للفرق المنتسبة له
وانما ابحث فى حقيقة الامتزاج الواقع واثره
وأرجو أن أكون قد وفقت فيما ذهبت اليه ولا أدعى فيه العصمة وانما هو محض بحث ونظر
وعلى هذا يتبقى لنا موضوع واحد وهو امتزاج البحث فى الأصلين بعلم المنطق الأرسطى
وللحديث بقية ان شاء الله
راجى يوسف
ـ[أبو مالك القاهرى]ــــــــ[29 - 04 - 10, 03:02 م]ـ
وان كنا نرى أن ثمة مسائل بحثت فى علم الأصول وهى مقحمة فيه ولا ينتج عنها أى فروع عملية
وهى ليست بالكثيرة
...
فالأمر لا يستحق الاعتراض وترك كم هائل من التراث الأصولى لتداخله مع علم الكلام
وانبه مرة أخرى اننى فى هذه النقطة لم أتعرض لنقد علم الكلام نفسه ولا للفرق المنتسبة له
وانما ابحث فى حقيقة الامتزاج الواقع واثره
لا يستحق الترك بالكلية - هذه مفهومة، لكن كيف لا يستحق الاعتراض .. !!
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في موافقاته:
" كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية، أو آداب شرعية، أو لا تكون عونا في ذلك؛ فوضعها في أصول الفقه عارية.
.. فليس كل ما يفتقر إليه الفقه يُعد من أصوله, وإنما اللازم أن كل أصل يُضاف إلى الفقه لا ينبني عليه فقه؛ فليس بأصل له.
وعلى هذا يخرج عن أصول الفقه كثير من المسائل التي تكلم عليها المتأخرون وأدخلوها فيها؛ كمسألة ابتداء الوضع، ومسألة الإباحة هل هي تكليف أم لا، ومسألة أمر المعدوم، ومسألة هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- متعبدا بشرع أم لا، ومسألة لا تكليف إلا بفعل .. "
ويقول رحمه الله:
"وكل مسألة في أصول الفقه ينبني عليها فقه؛ إلا أنه لا يحصل من الخلاف فيها اختلاف في فرع من فروع الفقه؛ فوضع الأدلة على صحة بعض المذاهب أو إبطاله عاريّة أيضا، كالخلاف مع المعتزلة في الواجب المخير والمحرم المخير؛ فإن كل فرقة موافقة للأخرى في نفس العمل، وإنما اختلفوا في الاعتقاد بناء على أصل محرر في علم الكلام، وفي أصول الفقه له تقرير أيضا، وهو: هل الوجوب والتحريم أو غيرهما راجعة إلى صفة الأعيان، أو إلى خطاب الشارع؟ وكمسألة تكليف الكفار بالفروع عند الفخر الرازي، وهو ظاهر؛ فإنه لا ينبني عليه عمل، وما أشبه ذلك من المسائل التي فرضوها مما لا ثمرة له في الفقه."
فإذا علمت أن الشاطبي وهو الإمام النظار المتكلم يقرر ما سبق، فليس هو إذاً بمتحامل علي المتكلمين، أو أجنبي عن بضاعتهم فيستنكرها أو يستصعب الخوض فيها، ولكن هو كما سبق بيانه.
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[29 - 04 - 10, 03:28 م]ـ
هو شيخي وأستاذي ومعلمي مذ كنت في الثالثة عشر من عمري إلى يوم الناس هذا ...
شيخنا الكريم
هلا عرفتنا على شيخك وأستاذك وأرشدتنا إلى كيفية الاستفادة منه؟
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[29 - 04 - 10, 03:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أخى العزيز
كدت أنسى الموضوع برمته مع عدم وجود تعليقات منذ أن كتبته المهم
قرأت هذه الكلمات للشاطبى وأشرت الى توجهه فى معرض الكلام هو وغيره من الأصوليين الذى صنفوا فى هذا العلم وكان توجههم جميعا فصل علم الأصول عن غيره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/200)
ولكنى قبل أن أكتب الجملة التى هى مثار اعتراضك قلت
(وان كنا نرى أن ثمة مسائل بحثت فى علم الأصول وهى مقحمة فيه ولا ينتج عنها أى فروع عملية
وهى ليست بالكثيرة
فعشر مسائل أو عشرون أو حتى مائة مسألة ليست بالكثير فى علم يضم الألوف من المسائل)
وكلمة الاعتراض مرتبطة بالترك
فعنوان الموضوع (التزهيد فى أصول الفقه)
وعلى هذا فمقصد كلماتى أن مجرد الامتزاج بين العلمين ليس مبررا لتركه
يستطيع القارىء بكل سهولة أن يترك تلك المسائل التى لا ينبنى عليها فروع فقهية
ويستطيع المصنف المعاصر ألا يكتب فيها وهذا حقه
ولكن أن تترك المصنفات الأصولية بكاملها أو تستبدل ببعض الكتب التى لا تغنى عنها فهذا مثار اعتراضى
هب أنك تقرأ كتابا فقهيا وبه بعض الاراء التى تعتبرها خطئا صريحا فهل هذا مسوغ أن تترك المصنف كله
أم الأرجح أنك تقرأ جل الكتاب وتترك ما تراه خطئا لا سيما وان كانت فائدة الكتاب جمة؟؟
المشكلة أننا نتحدث عن مصنفات وضعت بالفعل منذ قرون
وهى تعتبر قلب هذا العلم وقالبه
فلك خيار من اثنان
إما أن تتطلع عليها وإما أن تعرض عنها بالكلية فما هو الراجح فى نظرك؟؟؟؟؟؟
ألا يصح أن تتطلع عليها وتعرض عن بعض المسائل التى تشعر أنها منفصلة عن لب العلم ذاته؟؟؟؟
ولك - حين تريد التصنيف فى الأصول- أن تكتب ما شئت كيفما شئت
هل تظن أن الشاطبى نفسه -رحمه الله تعالى- لم يقرأ تلك الكتب ويهضمها قبل تصنيفه موافقاته؟؟
أنترك البحر المحيط للزركشى مثلا بمسائله التى تعد بالالوف لبضعة مسائل نرى أنها عارية
لا تقرأها سيدى الفاضل ان كان هذا يروقك ولكن لا تعترض على من يقرأ الكتاب ليحصل العلم
والامتزاج بين العلوم وارد كما أشرنا
ليس بين الأصول والكلام فقط بل بينه وبين العلوم الأخرى كمباحث علوم الحديث التى ندر أن يصنف أصولى
كتابه دون أن يتعرض لها حتى وان لم ينبنى عليها فروع فقهية
تلخيصا سيدى مثار نقاشنا الاعتراض الذى ينشأ عنه تركا
والا فالاعتراض وارد على اى مسئلة خلافية بين العلماء
دمتم بخير وأشكرك على التواصل
والله أعلى وأعلم
راجى يوسف
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[02 - 05 - 10, 08:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود من الاخوة ان يدلوننى على مسائل أصولية اختلطت بالمنطق الأرسطى لاتصور الامر تصورا صحيحا
فأنا لازلت أبحث فى النقطة الأخيرة كما أسلفت
ومن أجل ذلك قرأت فى بعض كتب المنطق وأحاول تجميع أكبر كم من المصنفات
التى عالجت مسألة موقف علماء المسلمين من المنطق الأرسطى
سواء الموافقين أو الرافضين له
وهل نقلت الحضارة الاسلامية المنطق الأرسطى بتمامه أم قام علمائها بعملية تنقيح
وتعديل منهجية
عموما لن نسبق الأحداث
ولكنى أحتاج الى مثال يوضح -عمليا- خلط المنطق الأرسطى بعملية استخراج الاحكام من أدلتها
فى انتظار ردكم الكريم
راجى يوسف
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[11 - 05 - 10, 08:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا زلنا لم نقترب من نقاط المحك وهى ما هى درجة اقتباس الأصوليين من المنطق الأرسطى
أو لو شئت ما هى طريقة تعامل المسلمون مع الحضارة اليونانية فى مجال الثقافة
وقد طلبت نقولا عن مسائل أصولية- على سبيل المثال- تأثرت بالمنطق
وأنا عن نفسى لم أجد
فعدلت الطلب لبحث مقارن عن الفرق بين القياس الأصولى والقياس الأرسطى
على أساس أن القياس هو الركن الأعظم فى الاجتهاد
يقول الغزالى (فأى تعلق لهذا بمهمات الدين حتى يجحد أو ينكر)
اى ان الغزالى رحمه الله ينفى اى تعلق بين الميتافيزقا الأرسطية وبين المنطق الذى استخدمه لترتيب الأفكار ليس الا
عموما نلخص القول فى الاتى
عند اطلاع المسلمين على الثقافات الأخرى لم يخرج موقفهم- كقسمة عقلية- عن ثلاث مواقف
1 - الاندماج التام فى تلك الثقافة والاذعان لها
2 - الرفض التام لكل ما فى تلك الثقافة من غث وسمين
3 - الموقف الانتقائى على خلاف فى بعض التفاصيل
فلنبحث الفرق بين القياس الأصولى والأرسطى
ومن نتيجة البحث نعرف اى المواقف اتخذها المسلمون تجاه ثقافة اليونان
ثم نراجع المواقف المختلفة لعلماء المسلمين الموافق والرافض والمنتقى
ونكون رأيا حول الاتجاه العام للحضارة الاسلامية
أرجو الا يخرج الحوار عن نقاط البحث حتى لا يتشتت المشارك والمتابع
يتبع بحول الله وقوته
راجى يوسف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/201)
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[11 - 05 - 10, 08:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا: القياس الأصولى
القياس لغة هو التقدير والمساواة
واصطلاحا (حمل معلوم على معلوم فى اثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما) الباقلانى
* أركان القياس
1 - أصل وهو الأمر ذو الحكم المنصوص الذى نقيس عليه
2 - فرع وهو الأمر مجهول الحكم والذى نريد الحاق حكمه بحكم الأصل
3 - حكم: هو الحكم الشرعى للأصل والذى نريد اعطائه للفرع
4 - علة: وهى الأمر الجامع بين الأصل والفرع وهى الباعث على الحكم
وهى ركن القياس الأعظم وللأصوليين مسالك عديدة لاستخراجها
فقد تكون علة منصوص عليها صراحة أو بالإشارة
أو وقع الإجماع على أنها علة حكم الأصل
أو بعدة طرق استدلالية كالسبر والتقسيم والطرد والدوران وغير ذلك
وبالجملة نستطيع القول أن القياس الأصولى هو نوع من الإستقراء العلمى الدقيق
القائم على العلية والإطراد
والقياس الأصولى ظنى الدلالة فى الأعم الأغلب
والأصوليون انما وضعوا القياس الأصولى ليجدوا حلا لبعض مسائل فى الشريعة الاسلامية حيث النصوص المحدودة والوقائع غير المحدودة
م/ تحريم المخدرات
عندما حرم الله الخمر سأل الفقيه نفسه لم حرمها الله عز وجل؟؟؟؟؟؟
فوجد نفسه يميل عقليا الى وجود علة لذلك التحريم
فأخذ يقسم صفات الخمر ويختبرها لكى يصل لعلة التحريم
فوجد عدة صفات سائل- لونه أصفر-رائحته شديدة- مسكر
فاختبر صفة صفة
فلو كانت السيولة علة التحريم لحرم الماء ولو كانت الصفرة علة التحريم لحرمت بعض الفواكه الصفراء اللون ولو كانت الرائحة لحرم الخل مثلا
فلم يجد صفة متبقية غير الاسكار الذى يصلح - مبدئيا- كعلة للتحريم
فاختبر الإسكار طردا ودورانا
فوجد عصير العنب غير المسكر حلال بالإجماع وعندما اشتد وداخله الإسكار
حرم إجماعا وعندما تخلل من تلقاء نفسه أحل ثانية
فرأى أنه كلما دخل الإسكار وجد التحريم وكلما عدم الإسكار عدم التحريم
فتأكد من علية الأسكار
وعليه فأى فرع- كالمخدرات- يسبب الإسكار يحرم لأنه فى معنى الخمر ومرتبط
معها برابط على
قد يكون هذا مثالا بسيطا جدا لعملية القياس ولكنه يعطينا تصور عن العملية العقلية
والمنهجية العلمية التى اتبعها الأصوليون
يقول د النشار
(إن النزعة العملية فى الاسلام نأت بالمسلمين عن البحث فى الشىء فى ذاته وفى الجوهر والأعيان وقد تبين لنا أن فى القرآن أقيسة فأتت على مثالها أقيسة الفقهاء والمتكلمين
فالقياس الأصولى نتاج لكل من الشريعة الاسلامية والاتجاه العملى وصور الأقيسة الموجودة فى القرآن)
يتبع بإذن الله تعالى
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[11 - 05 - 10, 08:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد أن وضحنا القياس الأصولى كفكرة مع التمثيل نريد أن نوضح نبذة يسيرة عن القياس المنطقى وهو موضوع جد كبير ويشمل العديد من الأنواع
لكنا سنكتفى بالشكل العام مع مثال بسيط للتوضيح
يقول الشيخ عبد الرحمن حبنكة فى كتابه الماتع ضوابط المعرفة
(القياس المنطقى صيغة شكلية لإثبات حقائق سبق العلم بها ولكن حصلت الغفلة عن جوانب منها اذ يأتى القياس المنطقى منبها عليها أو ملزما الخصم التسليم بها ان هو أنكرها)
وله أقسام عديدة سواء الاقترانى (حملى- شرطى) أو الاستثنائى
وهو يتألف من ثلاثة حدود مقدمتين ونتيجة كالآتى
(مقدمة صغرى- مقدمة كبرى- نتيجة)
مثال
(سقراط انسان-كل انسان فان-سقراط فان)
بما أن سقراط انسان
وبما أن كل انسان فان
اذن سقراط فان
يقول زكى نجيب محمود (ان منهج البحث عند أرسطو هو فى صميمه منهج لإقامة البرهان على حقيقة معلومة لا للكشف عن حقيقة جديدة وهو بعد ذلك منهج يراد به الإقناع, اقناع من يختلف واياك فى الرأى)
اذن فهو قياس وليد التفكير الاستنباطى الشائع فى عصره فأتى به ليكون على صورة البرهان الهندسى فيبدأ بأقوال مسلم بها ثم يمضى فى استنباط النتائج التى تترتب عليه بعكس القياس الأصولى الذى يسعى لحل المسائل الشرعية
وبالرغم من الفرق بين القياسين فى المقدمات والأركان ونوع النتائج الا أن هذا لم يمنع الفقهاء من استعمال القياس المنطقى كنوع من الاستدلال العقلى بجانب القياس الأصولى الأصيل فى الشريعة الاسلامية
يتبع بإذن الله تعالى
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[13 - 05 - 10, 03:02 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/202)
بعد أن استعرضنا الاختلاف الجوهرى بين القياس الأصولى والقياس المنطقى
لابد أن نتعرف على موقف علماء المسلمين من استخدام المنطق كاستدلال عقلى فى علوم الشريعة
1 - المؤيدون
ومن أبرزهم بالطبع الامام الغزالى القائل أن من لا يحيط بالمنطق لا ثقة بعلومه أصلا
ولكن هل هذا القول يعنى أن الغزالى يأخذ بالاستدلال المنطقى بعجره وبجره؟؟؟؟
تأمل معى ذلك النقل عن الغزالى
(اذ ربما ينظر فى المنطق من يستحسنه ويراه واضحا فيظن أن ما ينقل عنه من الكفريات
مؤيدة بتلك البراهين فاستعجل بالكفر قبل الانتهاء الى العلوم الإلهية)
وتأمل هذا أيضا
(لهو نوع من الظلم فى هذا العلم وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم أنها تورث اليقين لا محالة ولكنهم عند الانتهاء الى المقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط بل تساهلوا غاية التساهل)
انه ينقد المنطق ويقر أنه قد يوصل للكفريات ان اسىء استخدامه بل ويصفه أنه قاصر عن أن يوصل الانسان الى اليقين فى الالهيات
ولكن مادام المنطق- بالنسبة له – يحمل تلك السلبيات ما الذى دعاه الى استخدامه؟؟
يقول (لعل الناظر بالعين العوراء نظر الطعن والازدراء ينكر انحرافنا عن العادات فى تفهيم العقليات القطعية بالأمثلة الفقهية الظنية فليكف عن غلوائه فى طعنه وإزرائه وليشهد على نفسه بالجهل بصناعة التمثيل وفائدتها لم توضع الا لتفهم الأمر الخفى بما هو الأعرف عند المخاطب المسترشد ليقيس مجهوله الى ما هو معلوم عنده فيستقر المجهول فى نفسه فإن كان الخطاب مع نجار لا يحسن الا النجر وكيفية استعمال آلاته وجب على مرشده ألا يضرب له المثل إلا من صناعة النجارة ليكون ذلك أسبق الى فهمه وأقرب الى مناسبة عقله) معيار العلم
ترى هل كان يقصد الغزالى الى استخدام المنطق للرد على المعتزلة بفكرهم الشائع فى عصره
أم ترى كان يقصد الرد على الفلاسفة الذى قصم ظهرهم فى التهافت؟؟؟
سواء أكان هذا أم ذاك فان تجربة الغزالى العقلية فريدة ونادرة الحدوث وتحرير موقفه من علم المنطق- بالجمع من مصنفاته كلها- يحتاج لرسالة جامعية لا مشاركات مقتضبة كتلك
ولكنه بالإتفاق يصلح كنموذجا للعلماء الذين تأثروا بالمنطق وأثروا فيه
وبعدها ننطلق الى فئة أخرى حرمت الاشتغال بعلم المنطق وكان موقفهم موقف الرافض الذى يخشى على الإسلام والمسلمين من افساد دينهم ودنياهم بالمنطق الأرسطى
عن النووى وابن الصلاح وابن تيمية نتحدث
يتبع بإذن الله تعالى
راجى يوسف
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[14 - 05 - 10, 03:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2 - الرافضون
عندما نتكلم عن محرمى الاشتغال بالمنطق تبرز أسماء لامعة كالنووى وابن الصلاح وابن تيمية والسيوطى وغيرهم
وسننتقى منهم الامام ابن تيمية الذى عبر عن موقفه فى مصنفه (الرد على المنطقيين)
وانتقائنا للإمام ليس عشوائيا ولكن من طالع مصنفه يجد أمامه موسوعة منهجية متكاملة
وليس مجرد فتوى تحرم الإشتغال بالمنطق
ويمكن أن نقسم رد الإمام الى جانبين رئيسين
جانب سلبى ابرز فيه-بالحجج- تهافت علم المنطق – من وجهة نظره- واعتمد فيه على من نقدوا منطق أرسطو قبله كالمدرسة الرواقية والسفسطائية كما أسلفنا
وجانب ايجابى ابرز فيه منهجه الفكرى فى الاستدلال
ويمكن أن نرجع تحريمه للمنطق الى خوفه على العقلية الاسلامية من أمرين
1 - انكار المنطق الأرسطى لمنهج التواتر مما يؤدى الى انكار جملة من المتواترات
كالنص القرآنى والأحاديث المتواترة وتواتر اجماع الأمة على المعلوم من الدين بالضرورة
2 - ارتباط المنطق الأرسطى بالميتافيزيقا اليونانية كإنكارهم علم الإله بالجزئيات
لأن العلم الكلى هو الأكمل – من وجهة نظرهم-
ونحن لا نشك فى إخلاص الإمام وإشفاقه على العقلية الإسلامية من أن تصاب بتلك اللوثات
ولكن
هل فعلا أصابت تلك الأمراض الفكرية المشتغلين بالمنطق؟؟؟؟؟؟؟؟
سوف أذكر القارىء بنقطتين وله بعدها أن يحكم بما شاء
1 - أول من رد على الفلاسفة وقصم ظهورهم كان الغزالى فى التهافت بل وكفرهم
فى قولهم بعلم الإله بالكليات دون الجزئيات والغزالى هو من هو فى علم المنطق
بل ويعتبر المتهم الأول – فى نظر ابن تيمية- بمزج الشرعيات بعلم المنطق
وان كان قد سبقه الإمام ابن حزم فى ذلك
2 - لم نعرف عالما شرعيا واحدا أنكر حجية المتواتر فى إفادة العلم اليقينى
بل وأكثر أمم الأرض معترفة بحجية التواتر ولم ينكره غير بعض الشواذ فكريا
كالشكاك (السفسطائية) ومن تابعهم
قد تكون بعض الأمراض الفكرية قد تسللت فعلا الى الفلاسفة المسلمين الذين أذعنوا وانماعوا وخضعوا للفكر اليونانى بعجره وبجره ولكن أحسب أن المتشرعة قد تحصنوا بما
لديهم من عقيدة سليمة ونصوص بينة
ويمكن للقارىء أن يراجع مواقف الأشاعرة من الترهات اليونانية
مثل نقدهم للعلة الأرسطية والحد الأرسطى وقانون عدم ارتفاع النقيضين وغيرهم كثير
من حق الإمام ابن تيمية أن تكون له منهجية فى الأستدلال ومن حقه نقد المنطق الأرسطى
وهذا لا ننازع فيه أصلا
ولكن السؤال
هل كان المحرمون محقون فى تحريمهم لعلم المنطق سدا للذريعة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يتبع بإذن الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/203)
ـ[أبو هند محمد الجزائرى]ــــــــ[16 - 05 - 10, 01:33 ص]ـ
سمعت احد المدرسين في دار الحديث بدماج في مقدمة شرحه لمذكرة الشنقيطى قال انه لو اقسم رجل على طلاق امراته في انه لايصلح من هذه المذكرة الا ربعها لما طلقت منه امراته او كما قال فعلمت حينئذ السر في عدم في الاعتناء بدراسة اصول الفقه من قبل الطلبة في الدار والله المستعان
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[16 - 05 - 10, 11:40 ص]ـ
(ابتسامة)
بل تطلق البتة
كان أهل العلم قبلنا إذ عسر عليهم فهم شيء كرروه وأعدوا عليه وسئلوا عنه
أما في زمننا هذا
فمن عسر عليه فهم شيء أنكره وطرحه واتهم مؤلفه ولم يتهم فهمه وعلمه
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[17 - 05 - 10, 01:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 - الناقدون
نقصد بفئة النقاد الفئة الثالثة التى لم تحرم الإشتغال بالمنطق وكذلك لم تبيحه بغير ضوابط
وانما التفتوا لأهميته فى الترتيب الفكرى والتفتوا كذلك للعواقب المحتملة
اخذوا بكلام الغزالى ولم يعرضوا عن رأى ابن تيمية
فشرطوا شرائط للمشتغل بعلم المنطق والتى يضمنوا بها السلامة من اى أمراض عقدية تتسلل للعقل الإسلامى
أحد أولئك النقاد هو عبد الوهاب السبكى والذى أفتى بفتيا مشهورة تمثل النهج الوسطى لعلماء المسلمين
وجد السبكى أن من أصحابه الشافعية من حرم تعلم المنطق والإشتغال به كالنووى وابن الصلاح ووجد أيضا من أصحابه من ندب لتعلم علم المنطق كالغزالى
فنحا منحى وسطا واتخذ موقفا انتقائيا فأجاز تعلمه والإشتغال به لكن بضوابط
1 - أن يثق من نفسه بأنه وصل الى درجة لا تزعزعها رياح الأباطيل وأهواء الملاحدة
2 - أن لا يمزج كلامهم بكلام علماء الإسلام (أحسب أن ذلك الشرط لضمان عدم تكرار تجربة المعتزلة لأنه زكى الغزالى والرازى بعدها)
وعلى ضوابط السبكى سار المتأخرون
بل وأخذوا خطوة جديدة فانتقلوا من مرتبة الإشتغال بالمنطق الأرسطى الى مرتبة التصنيف
فى المنطق بعد صبغه بالصبغة الإسلامية وتنقيته من الفلسفات الوثنية
فصنف فيه السعد التفتازانى وشيخ الاسلام زكريا الأنصارى والشيخ العطار وغيرهم كثير
ممن أسهموا فى ذلك العلم كمتون وشروح وحواشى
فمن يريد دراسة المنطق الان لا يأخذه من أورجانون أرسطو وانما من الجهابذة الذين هذبوا
المنطق الأرسطى وأماطوا عنه الأذى ما استطاعوا
فأصبح صغار طلبة العلم وكبارهم يدرسون المنطق فى الجامعات الشرعية بلا أدنى خوف من خلل فكرى محتمل الحدوث
وعلى هذا اتفق المتأخرون
وأثبت العلماء الأفذاذ أنهم يستطيعون هضم منطق أرسطو وتهذيبه
فعندما استخدموه فى علم الأصول استخدموه كمرتب للأفكار وأداة للنظار
فلم تصتبغ أصولهم بالصبغة اليونانية وانما صبغوا هم المنطق الأرسطى بالصبغة الإسلامية
يتبع بحول الله وقوته
ـ[راجى يوسف]ــــــــ[19 - 05 - 10, 03:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خاتمة البحث
بعد أن فرغنا من الرد على الاعتراضات الموجهة لعلم الأصول نلخص أهم النتائج التى توصلنا اليها مع التنبيه على أننا تعرضنا لتلك الأعتراضات تلخيصا وإلا فهى تحتاج لردود مفصلة ليس محلها مشاركات مختصرة
1 - اللغة العربية لا تغنى البتة عن علم الأصول لوجود مباحث خارجة عن نقاط اللغة كالقياس والإجماع والتعارض والترجيح والإجتهاد وغيرها كثير
2 - الدعوى بإنقطاع النسب ليست مسلمة لوجود عشرات المصنفات الأصولية من لدن رسالة الشافعى وحتى عصر القاضيين
وهذه المصنفات لجميع المذاهب والفرق حتى المنقرضة منها وكان جلها يدور حول رسالة الشافعى ما بين ملخص وشارح أو بحث موضوع أصولى بعينه (تصنيف جزئى)
وانما قام القاضيان – كما أشار الزركشى فى البحر- بنقلة نوعية فى ذلك العلم
ولا يعقل أن أى تطور فى علم ما يعد انقطاعا فى النسب ولكن تقيم نتائج تلك النقلة سلبا وايجابا
3 - الدعوى بإن مصنفات الأصول مختلطة بالفكر الأشعرى أو الإعتزالى لا يرد عليها هاهنا
وإنما هى بحوث عقدية
4 - دعوى امتزاج الكلام بالأصول
كتبت مقدمة عن امتزاج العلوم كأمر طبيعى بل وضرورى فى بعض الأحيان وشرحنا كيفية امتزاج الكلام بالأصول من حيث طبيعة المادة البحثية أو طبيعة الباحث
وأوضحنا هيمنة الكلام (علم العقائد) على العلوم الشرعية كلها من حيث هو أصل لها
ووضحنا –بالمثال-المسائل الأصولية المبنية على قواعد عقدية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/204)
والقواعد العقدية التى يستخرج منها قواعد أصولية
ولقد خرج الأشاعرة تلك المسائل على أصولهم العقدية وكذا فعلت المعتزلة ويلزم المخالف
أن يحاكيهم على حسب أصوله العقدية
وأشرنا بإقتضاب للمحاولات الفردية التى قام بها بعض العلماء لفصل الكلام عن الأصول
ولكنها ظلت محاولات فردية لا تمثل منهجا متصلا ولا بديلا عن مدرسة المتكلمين
5 - دعوى امتزاج الأصلين بالمنطق الأرسطى
أ - يعد المنطق علما عقليا لترتيب الأفكار والبرهنة على حجية الصحيح منها
ب - قد يرتبط المنطق الأرسطى فى بعض مباحثه بالميتافيزيقا اليونانية
ت - حرم بعض العلماء تعلم المنطق للعلة السابقة (ابن تيمية- ابن الصلاح- النووى)
وبعضهم لم ير فيه غير وسيلة للإستدلال العقلى فندب اليه (الغزالى)
وتوسط فريق من العلماء بين الرأيين السابقين فأجاز تعلمه لكن بشروط معينة لضمان السلامة من تأثير العقائد اليونانية على فكر المشتغل (السبكى)
ث - نحن لا ننكر وجود عواصف فكرية من جراء الإشتغال بالمنطق (نموذج المعتزلة)
لكن الجسم القوى سرعان ما ينفى عنه الأدران
ج-الحضارة الأسلامية اتخذت موقفا وسطيا انتقائيا من الثقافات الأخرى فاخذت أفضل ما فيها ونفت عنها ما يخالف شريعتها
فهو خطا عاما وسطيا ليس بالمنغلق ولا بالمنفتح دون ضوابط
ح-لم يستبدل الأصوليون منهجهم الفكرى بالمنطق الأرسطى وانما كانت اضافة استدلالية
لما عندهم من مناهج بحثية
خ-انتقد علماء الأصلين الفكر الأرسطى فى بعض مباحثه وفى هذا دلالة على عدم قبول الآخر بقضه وقضيضه
د-المرحلة الأخيرة من تطور علم المنطق هى (أسلمته) إن جاز التعبير فصنف فيه العلماء
بين مصنف وشارح ومحشى وذلك بعدما اصطبغ بالصبغة الإسلامية
ذ -وعلى هذا نستطيع القول بكل ثقة أن علم الأصول علم اسلامى الهوية واسلامى الصبغة
لم يتجنس باليونانية ولا الرومانية ولولاه لكنا فى عماء لا ندرى الكيفية الصحيحة للتعامل
مع الأدلة الشرعية
وختاما أنقل جملا من كلام العلاء البخارى فى كشفه
(لا سيما علم أصول الفقه الذى هو أصعبها مدارك وأدقها مسالك وأعمها عوائد
وأتمها فوائد لولاه لبقيت لطائف علوم الدين كامنة الآثار ونجوم الفقه والحكمة مطموسة الأنوار لا تدخل ميامنه تحت الإحصاء ولا تدرك محاسنه بالإستقصاء)
والله أعلى وأعلم
راجى يوسف
ـ[أمين بن أبي القاسم البوجليلي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 09:42 ص]ـ
قال الذهبي في بيان زغل العلم عن علم أصول الفقه:
الأصوليون أصول الفقه لا حاجة لك به يا مقلد! ويامن يزعم أن الاجتهاد قد انقطع وما بقي مجتهد!
ولا فائدة في أصول الفقه إلا أن يصير محصله مجتهداً به
فإذا عرفه ولم يفك تقليد إمامه لم يصنع شيئا بل أتعب نفسه وركب على نفسه الحجة في مسائل
وإن كان يقرأ لتحصيل الوظائف وليقال فهذا من الوبال وهو ضرب من الخبال.
ـ[المصلحي]ــــــــ[29 - 06 - 10, 09:59 م]ـ
يوجد زغل في نسبة زغل العلم للذهبي!!!
ـ[أبي الأنوار]ــــــــ[27 - 07 - 10, 05:55 م]ـ
ويكفي فيه أحد أخصر المختصرات، ولو أمكن عصره بعد لكان أحسن!
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:
"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
صدقت أخي ولو جمع كتاب في حجم كتاب "بداية المجتهد ... " أو دونه لكفى.
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[26 - 09 - 10, 08:20 ص]ـ
التزهيد في أصول الفقه!!
للأسف لا زال البعض يزهد في هذا العلم الجليل
فهو علم أكثره غير نافع
وفيه حشو كثير
والاشتغال به مضيعة للزمن
وقد احتله المتكلون فأفسدوه
ويكفي فيه أحد أخصر المختصرات، ولو أمكن عصره بعد لكان أحسن!
ولستُ في مقام بيان فضل هذا العلم، ولكن أكتفي بسؤال واحدٍ، فخير الكلام ما قل ودل:
هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟
وقد غدت اليوم هذه المختصرات من كثرتها عيية عن الحصر
وأكثرها قائم على الحذف والاختزال بحجة أن أكثر أصول الفقه فاسد أو مفسد.
فهم حصلوا خيراً، وتركوا من ورائهم أضعافه.
أما الشروح والحواشي والردود فذاك زمنٌ ولى، له رجاله الذين قضوا
وبالمناسبة أكثر الملاحظات الوجيهة على أصول الفقه إن لم تكن كلها هي تقريباً محل اتفاق بين أهل الأصول.
ومن تقاصرت يده عن العنب فبالله عليه لا يحمِّضه علينا.
وما مثل أصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فمن تاقت نفسه له ذلَّت نفسه إليه
وهانت في سبيله كل عقبة كؤود ...
وما مثل كثير من المعاصرين وتناولهم لأصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر
فلعنوا الجبل!
وتركوا الكنز!
وتعلَّلوا بالنظر إليه!
لأن الجبل فيه ...
ولأن الجبل منه ...
ولأن الجبل عليه ...
ولذا فنصيبهم من أصول الفقه اسمه ولونه ولمعانه!
ورضوا بذلك عن حيازة جوهره ومعدنه!
فليشتروا بما حازوا لعلهم يدركوا النائل من الفائت!
وليخبروا المبتاع
عن الجبل ولعنته!
لعله يصدِّقهم فيحسب لهم الفرق
بين الكنز وصورته
وبين الدرهم وصوته
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:
"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
بارك الله فيك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/205)
ـ[سيف بن مداني بن عمر]ــــــــ[28 - 10 - 10, 10:14 م]ـ
شيخنا أبا فهر: هل لاختلاط الاصول بالمنطق و الكلام أثر على الفروع الفقية؟ مع بعض الامثلة؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[29 - 10 - 10, 12:17 ص]ـ
بارك الله فيك ..
نعم. وأي أثر ..
فإذا دخل الخلل الأصل = دخل الفرع ..
ولكن الذي حَدَّ من هذا الأثر كثيراً هو أن هذه الأصول التي كتبها المتكلمون كما أقول دائماً = لم يكتب بها فقه قط ..
وبيان ذلك باختصار:
أن البناء الأصولي الذي بنته المعتزله وتبعتهم الأشاعرة فيه ناقضين البدعة ببدعة = لم يستو على سوقه إلا في طبقة القاضيين (عبد الجبار-الباقلاني)،وكانت هذه الأصول متداولة قبلهما ولا شك، ولكن الكلام عن التدوين المؤدي للتتابع في التصنيف على نفس المنوال حتى تم بناء علم الأصول كما وصلنا عبر عشرة قرون ..
هذا البناء الأصولي الكلامي كان قد سبقه بناء فقهي محكم عبر القرون المفضلة وعصر الأئمة لم يختلط هذا البناء بلوثة يونانية أو بدعة كلامية إلا في جزئيات قليلة لا تشكل منهجاً ..
وبعد عصر الأئمة بطبقة بدأ التقليد، فكان عمل الفقهاء هو تلقي هذا البناء الفقهي فيتبنى الفقيه مذهباً في الفروع فيتمذهب به ويتعامل مع موروثه كما هو ..
وفي نفس الفترة انتشر في كلام المعتزلة والأشاعرة التقليل من شأن علم الفروع وتعظيم الأصلين علم الكلام وأصول الفقه، فتزاوج التهوين من علم الفروع مع تلقي بناءها تاماً عن الطبقات التي قبلهم واقترنا معاً بكون أصول الفقه بدأت أول أمرها من بيئة كلامية واقترن كل ذلك بغلق باب الاجتهاد بعدها بقرنين ليُنتج الجميع ضعفاً ظاهراً في الصلة بين أصول الفقه التي كتبت على يد المعتزلة والأشاعرة وبين الفقه الذي تلقاه أولئك بناء تاماً فلم يحتاجوا ولم يروا أهمية له ليعيدوا بناءه على أصولهم الجديدة ..
ومن هنا انحصر الأثر اليوناني الكلامي للأصول على الفقه في جهة واحدة،وهي حين انتشر الجدل الفقهي وبدأ الفقهاء في تعضيد مذاهبهم التي تلقوها عن الطبقات الأولى إما باستدلال جديد وإما بتعليل جديد وإما بدرء للاعتراضات عن أدلة سلفهم وإما في الطعن على أدلة مخالفيهم، فهنا فقط بدأ استغلال هذا الموروث الأصولي بما فيه من:
أصول كلامية: كبدعة المجاز وما يتعلق به من خلل منهجي في تفسير النصوص.
وأخطاء منهجية راجعة لسطوة العقلية اليونانية وأذيالها على الذين كتبوا هذه الأصول أول أمرها وإن لم يكن لهذه الأخطاء المنهجية صلة بالبدع الكلامية: كالتقسيمات الكثيرة الأجنبية عن منهج السلف قليلة النفع ذهنية التصور كتقسيماتهم في أبواب دلالات الألفاظ ..
ومن أشهر هؤلاء الفقهاء المستعملين لتلك الأخطاء المنهجية والأصول الكلامية في الجدال عن الحديث وآثار السلف = أبو محمد بن حزم ..
وإذن باختصار: الفقه القديم المنقول عن الأئمة الأربعة فمن قبلهم = لم يدخله شيء من هذا الخلل المنهجي الكلامي ..
وأما ما بعده مما زيد عليه خاصة في أبواب الاحتجاج للجدل الفقهي، وتفسير حجج الفقهاء المتقدمين وأطرها على القوانين المتأخرة للأصوليين، وكتب العلماء الذين أولعوا بتخريج الفروع على الأصول = فتجلى هذا الأثر جداً ..
خاصة مع ما حدث من المعاصرين بخلط الفقه القديم بالفقه الذي تلاه بأصول الفقه المتلقاة لا يفصلون بين طريقة القرون المفضلة وعصر الأئمة وبين منهجيات المعتزلة والأشاعرة ..
وهذ يدلك من أين دخل الخلل على الصنعاني والشوكاني وغيرهم من المعاصرين الداعين للاجتهاد ونبذ التقليد = في إيجابهم لأشياء لم يقل أحد من الأئمة الأربعة بوجوبها؛وما ذلك إلا لإطرادهم لأصول لم يكن يعرفها السلف أصلاً ..
ومن هنا تعرف جواب السؤال المشهور: الأمر في المسألة ثابت والنهي ثابت ولا صارف فكيف قال الجمهور بالاستحباب؟
والسؤال الثالث: لماذا تختلف التطبيقات الفقهية عن القواعد الأصولية؟
وهو ما نقوله كثيراً: أصول فقه المتكلمين لم يكتب السلف ولا أهل الحديث ولا الأئمة الأربعة ولا المتكلمون بها فقهاً إلا من حيث نبهتك ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[29 - 10 - 10, 01:03 ص]ـ
(2)
الآن نحن قلنا إن مما قلل الأثر هو التقليد وتهوين الفروع وأن كل مجتهد فيها مصيب و ... إلى آخر ما فصلناه ..
الآن نأتي لموطن الداء حقاً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/206)
موطن الداء حقاً وأعظم الخلل الكلامي والمنهجي الذي يدخل الفقه هو ما وقع من المعاصرين في زماننا ..
وبيان هذا:
أتى المعاصرون فدعوا للاجتهاد ونبذ التقليد، والأخذ من حيث أخذ الأئمة، والنظر المباشر في الأدلة، والاستئناس بأقوال الفقهاء من غير تقليد لهم ولا تقديم لهم بين يدي النظر في النص (وهذا حسن ولاشك)
الآن سيقبل القوم ليجتهدوا ..
ما آلة الاجتهاد والنظر في النص؟
الجواب: آلتان عظيمتان:
الأولى: النظر في ثبوته.
الثانية: النظر في دلالته.
ما حظ أكثر دعاة الاجتهاد المعاصرين من الآلتين؟
الجواب:
أما في منهجية ثبوت الأدلة وعدم ثبوتها تصحيحاً وتضعيفاً = فكانت بضاعتهم ما كتبه ابن حجر وقبله ابن الصلاح من قواعد للنظر الحديثي فيها من الأثر الكلامي المنطقي والخلل المنهجي والنقص الاستقرائي ما لا يمكن إنكاره إلا بنوع مكابرة.
وأما في دلالات النصوص = فبضاعتهم هي أصول فقه المتكلمين مخلوطة بأصول الأحناف بنسبة (4 - 1)،وهي كما قلنا أكثرها أصول فاسدة ..
فأقبل المجتهدون المعاصرون على الوحي يستنبطون منه بهاتين الآلتين الكسيحتين،وبإقبالهم هذا يعظم دخول الخلل الكلامي والمنهجي للفقه ..
والعجيب أنك ترى الواحد منهم ربما سمى هذا فقهاً سلفياً بينا هو ينتهي كثيراً إلى ما يخالف أكثر السلف والأئمة الأربعة بل وإلى ما لا يعرف قائل به أحياناً، ويوم يوافقهم فلم يوافقهم من حيث قالوا هم قولهم، ولهذا تعمى عليه أحياناً مآخذ أقوالهم حتى ربما جعل حجة لهم مالم يستدلوا به؛ليهون على نفسه ما يجد من جهل مآخذهم وحججهم ..
وتراه ربما التمس لنفسه سلفاً من عبارة مجملة هنا أو أثر كسيح السند هناك ..
ولو خالفهم من حيث قالوا هم ونظروا = لهان الأمر شيئاً ما ..
لكن البلاء أنه أقبل على الوحي بهذه الآلات التي لا يعرفها السلف ولا الأئمة الأربعة، وسمى هذا اجتهاداً ونظراً مجرداً في الوحي وفقهاً سلفياً، وفقه الدليل!!
ولذلك يفرحون بابن حزم والصنعاني والشوكاني حتى ولو لم يكن هذا الفرح من ظاهري المذهب، وترى الواحد منهم ولعاً بكل كتاب فيه تخريج للفروع على الأصول ككتاب ابن دقيق العيد ونحوه، ولو تأملوا في سبب ندرة هذه الكتب وقلة الأثر الأصولي في كتب الفقه عند الأمة = لعلموا من أين دب الوهن للبناء العلمي لهذه الأمة ..
فتدبر هذا؛ فإنه دقيق مهم ..
ـ[سيف بن مداني بن عمر]ــــــــ[29 - 10 - 10, 01:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الكلام الدقيق والبحث المعمق وارجع مرة اخرى واسال وليسعني صدرك شيخي
اذكر لنا أمثلة فقهية {قال بها الائمة الاربعة أو غيرهم قيل دخول الفلسفة وعلم الكلام} مخالفة لما هو مدون في أصول فقه المتكلمين فمثلا قولنا {كل أمر مجرد عن القرائن يفيد الوجوب} قضية كلية لا يمكن ولا تصح في نصوص الشرع وان صحت في بعض جزئياته فهل هذا ما تقصده بغض النظر عن صحة هذا المثال؟ بمعنى أنك تريد افهامنا أن تقنتن الاصول بالقواعد الكلية {المشابهة للمنطق الرياضي} غير صالحة للنصوص الشرع؟ ومن هنا دخل الخلل فنصوص الشرع و كيفية وضعه وطبيعة التشريع تختلف عن القوانين الكلية والمبادئ السببية وبارك الله فيك وجزاك خيرا ونفعنا بك وادخلك الله الجنة بلا حساب ولا عذاب محبكم سيف بن مداني الجزائري
ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[13 - 11 - 10, 04:58 م]ـ
أبا فهر، وفقكم الله وسددكم ..
وهل من إلماحة عن أثر القرائن في فقه الأئمة؟؟
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[13 - 11 - 10, 05:09 م]ـ
أبا فهر = الكتب التي خرجت على الفروع على الأصول، وهنٌ في الأصل؟!
أرجو توضيح الفكرة.
ـ[عامر احمد الاحمد]ــــــــ[15 - 11 - 10, 09:57 م]ـ
كل عام وأنتم إلى الله أقرب
محبكم عامر(113/207)
من صاحب الكبريت الأحمر؟؟
ـ[عبدالعزيز الألمعي]ــــــــ[15 - 03 - 09, 09:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أقرأ في البحر المحيط .. وكرر الزركشي: قال صاحب الكبريت الأحمر ..
فما هو هذا الكتاب؟؟ هل هو كتاب أصولي؟؟
ثم أود لو نبذة مختصرة عن مؤلف الكبريت الأحمر؟؟
ولكم الشكر
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[15 - 03 - 09, 10:09 م]ـ
إيضاح المكنون - (ج 2 / ص 260)
الكبريت الاحمر في الاصول - للسيد محمد راسم الملاطيه وى ص تحفة العاشقين اوله الحمدلله الذى بين الحرام والحلال للمسلمين الخ مرتب على خمسة فصول في مجلد.
الكبريت الاحمر في الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم - للشيخ محيى الدين عبد القادر الجيلى ص تحفة المتقين اوله اللهم اجعل افضل صلواتك عددا الخ.
الكبريت الاحمر والاكسير الافخر - في التصوف للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن التريمى المعروف بابن مخ الروس ص اعمال الفكر.
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 11:04 ص]ـ
إيضاح المكنون - (ج 2 / ص 260)
الكبريت الاحمر في الاصول - للسيد محمد راسم الملاطيه وى ص تحفة العاشقين اوله الحمدلله الذى بين الحرام والحلال للمسلمين الخ مرتب على خمسة فصول في مجلد.
الكبريت الاحمر في الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم - للشيخ محيى الدين عبد القادر الجيلى ص تحفة المتقين اوله اللهم اجعل افضل صلواتك عددا الخ.
الكبريت الاحمر والاكسير الافخر - في التصوف للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن التريمى المعروف بابن مخ الروس ص اعمال الفكر.
جزاك الله خيراً أخي الكريم على التوضيح
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 12:16 م]ـ
لعل هذا يفيدك
http://209.85.229.132/search?q=cache:a7OffFM4HDoJ:www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-1916/index.html%3Ft%3D1916+%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8% B1%D9%8A%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%B 1+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B5%D9%88%D9%84&cd=1&hl=ar&ct=clnk&gl=de
ـ[عبدالعزيز الألمعي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 12:42 م]ـ
جزيتم خيراً جميعاً ..
ـ[عبدالعزيز الألمعي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 12:50 م]ـ
ولكن الذي توصلت له ..
أن الزركشي قد أفصح عن صاحب الكتاب في بداية كتابه ..
فقال .. الكبريت الأحمر لأبي الفضل الخوارزمي .. وهو حنفي ..
وهو كتاب أصولي ..
ولكني أريد زيادة ترجمة له .. ونبذة عن كتابه ..
فبحثت في معجم المؤلفين ولم أجده .. والبحث لا زال قائماً ..
فأتمنى من الإخوة أن يترجموا للخوارزمي .. ويقدموا نبذة للكبريت الأحمر .. حسب معلوماتهم أو ما تيسر بحثه ..
وشكرا لكم ..
ـ[آبو يحيى الشآمي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 04:29 م]ـ
الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر - عبد الوهاب الشعراني
ـ[عبدالعزيز الألمعي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 06:08 م]ـ
جاء في كشف الظنون الآتي:
زين المشايخ الإمام أبي الفضل محمد بن أبي القاسم البقالي الخوارزمي الحنفي المتوفى سنة 562هـ، وقيل: 576هـ.
من تأليفاته:
أذكار الصلاة.
أسرار الكذب.
أسرار الفواتح. أي: فواتح السور.
الأسنى في شرح الأسماء الحسنى.
الإعجاب في علم الإعراب.
الإفتتاح لأرباب الصلاح.
افتخارالعرب.
تراجم الأعاجم. فارسي.
ترغيب العلم.
تقويم اللسان في النحو.
التنبيه على إعجاز القرآن.
جمع التفاريق في الفروع.
مفتاح التنزيل.
ونظمه (مفتاح التلخيص).
مفتاح التوحيد. فارسي.
منازل العرب.
----------------
فهل من مضيف .. ؟؟
ـ[عبدالعزيز الألمعي]ــــــــ[22 - 03 - 09, 05:56 م]ـ
ذكر محقق البحر المحيط .. د. محمد الدويش .. في رسالته في جامعة الإمام .. وهي رسالة دكتوراة
أنه لم يجد لأبي الفضل ترجمة، ولا ذكراً لكتابه ..
فهل هو صاحبنا؟؟
أم أننا أخطأنا .. ونسبنا السيرة لشخص يحمل نفس اسمه ..
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[23 - 03 - 09, 12:03 ص]ـ
الذي يظهر أنه أبو الفضل محمد بن أبي القاسم البقالي الخوارزمي الحنفي اللغوي النحوي الفقيه وترجمته معروفة:
ترجمه أبو محمد ابن أرسلان الخوارزمي الحافظ فى تاريخ خوارزم
وعنه الذهبي في المشتبه 78/ 1، والقرشي في طبقات الحنفية 372/ 2، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه260/ 1، وابن حجر في تبصير المنتبه 166/ 1، والسيوطي في البغية ص215، وغيرهم.
وترجمه أيضا ياقوت في إرشاد الأريب 415/ 5.
وانظر لقط العجلان لمحمد صديق خان ص207.
ولم يذكروا حال تعداد كتبه هذا الكتاب (الكبريت الأحمر).
والذي يظهر أن الصواب في تحديد وفاته هو سنة 562هـ
والله أعلم
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[24 - 03 - 09, 02:55 م]ـ
........ [الكبريت الأحمر] ....... ( http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-1916/index.html?t=1916&highlight=%C7%E1%DF%C8%D1%ED%CA+%C7%E1%C3%CD%E3%D1 )
ـ[نزار سليم]ــــــــ[29 - 03 - 09, 01:11 م]ـ
ذكره الزركلي -رحمه الله- في كتابه الأعلام 4/ 181
(الكبريت الاحمر في علوم الشيخ الاكبر)
وعزاه للإمام الشَّعْراني (ت 973هـ)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/208)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[30 - 03 - 09, 03:00 ص]ـ
بارك الله فيك
ليس المقصود كل كتاب اسمه الكبريت الأحمر
ولكن المقصود الكتاب الذي أكثر الزركشي في البحر من النقل عنه ونسبه إلى أبي الفضل الخوارزمي واسمه الكبريت الأحمر ومادته أصول الفقه لا شيء آخر(113/209)
إشكال في الفهم
ـ[أبو معاذ الراجي عفو ربه]ــــــــ[16 - 03 - 09, 10:39 ص]ـ
استدل الجمهور من علماء المسلمين على حجية الاجماع بأن ما أجمعت عليه الامة هو الحق لان الله تعالى نفى عنهم الضلالة على لسان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا تجتمع أمتي على ضلالة) وغيرها من الادلة
وخالف في ذلك النظام وبعض الخوارج والشيعة.
أليسوا هؤلاء من الامة؟
أما النظام فهناك من اتهمه بالزندقة
أما الخوارج فحسب علمي البسيط أنهم متأولون فلهذا لم يكفّروا فاذا هؤلاء من الامة واذا كانوا من الامة فلا ينعقد الاجماع بدونهم وهم يقولون أن الاجماع ليس بحجة اصلا.
فأرجوا منكم توضيح هذا الاشكال Question بارك الله لكم في علمكم
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[16 - 03 - 09, 11:15 ص]ـ
أخي الحبيب:
ليس معنى الإجماع اتفاقُ أفراد الأمة على أمرٍ , بل يرادُ به اتفاقُ المجتهدين , وهو قيدٌ يخرجُ غيرهم من العلماء غير المجتهدين ومن دونهم , ومن دونَ ذلك من أهل الابتداع كالخوارج والشيعة ..
وعليه فموافقةُ أولئك على الإجماع أو مخالفتهم له سِيَّان لا تأثير له البتة. والله أعلم.(113/210)
أفيدونا في كتاب موسوعة القواعد الفقهية
ـ[أبو همام المصري]ــــــــ[16 - 03 - 09, 02:24 م]ـ
الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فانطلاقا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استطاع أن ينفع أخاه بشيء فليفعل» أقول إن حاجتي ماسة لكتاب موسوعة القواعد الفقهية للأستاذ الدكتور محمد صدقي البورنو وعلمت أن أكثر من دار نشر تعاقبت عليه في المملكة العربية السعودية وغيرها وعلمت أن دار الكتب العلمية طبعت الكتاب عام 2003 وانتهى الأمر بمؤسسة الرسالة وقد اتصلت بكلا الدارين فأفادتاني أن الكتاب غير متوفر، ورغم توفر الكتاب بصيغة pdf إلا أني أجد حرجا في طبع الكتاب بصورة شخصية فليس من حقي ذلك كما أنني أجد إرهاقا في مطالعة الكتاب بالصيغة المذكورة
فهل إلى نسخة مطبوعة أو إذن بالنسخ سبيل.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.
ـ[بلال عزوز التطواني]ــــــــ[02 - 04 - 09, 08:07 ص]ـ
عنوان الكتاب: موسوعة القواعد الفقهية
المؤلف: محمد البورنو
نبذة عن الكتاب: موسوعة القواعد الفقهية
محمد صدقي بن أحمد البورنو أبو الحارث الغزي
13 مجلد
تم دمج بعض المجلدات للمحافظة على تسلسل الصفحات فكانت النتيجة 10 ملفات، وهي تشمل الموسوعة بالكامل
الحجم الإجمالي 83 ميجا
التحميل المباشر: مجلد 1 و 2 ( http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/14/1308/borno1-2.rar) مجلد 3 - 8 ( http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/14/1308/borno3-8.rar) مجلد 9 - 11 ( http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/14/1308/borno9-11.rar) مجلد 12 ( http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/14/1308/borno12.rar)
http://www.waqfeya.net/book.php?bid=1056
ـ[توفيق الصائغ]ــــــــ[02 - 04 - 09, 10:40 ص]ـ
بحثت عن الكتاب في معرضي القاهرة والرياض فزعموا أن الكتاب لم يعد طباعته .. الله المستعان
والكتاب كان مشروع حياة شيخنا البورنو.(113/211)
شيخ الإسلام: مسألة مبدأ اللغات نظرية لا يبنى عليها عمل
ـ[محمد براء]ــــــــ[17 - 03 - 09, 03:10 ص]ـ
قال شيخ الإسلام في مسألة حكم الأشياء المنتفع بها قبل ورود الشرع (21/ 539): " وَلَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ هِيَ جَائِزَةٌ أَمْ مُمْتَنِعَةٌ؟ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَخْلُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ إذْ كَانَ آدَمَ نَبِيًّا مُكَلَّمًا حَسَبَ اخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ خُلُوِّ الْأَقْطَارِ عَنْ حُكْمٍ مَشْرُوعٍ وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا جَوَازُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَضَهَا فِيمَنْ وُلِدَ بِجَزِيرَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يُبَيِّنُ لَك أَنْ لَا عَمَلَ بِهَا وَأَنَّهَا نَظَرٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ كَالْكَلَامِ فِي مَبْدَإِ اللُّغَاتِ "
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[19 - 03 - 09, 12:12 م]ـ
و الصواب في مثل هذه المسائل أنها ليست من أصول الفقه بل هي دخيلة عليه و ذلك أن أكثر من ألف في علم أصول الفقه هم فرسان المنطق و الفلسفة و علماء الكلام و من أوضح ما يجلي هذه المسائل المعقدة النظرية التي لا ينبني علها عمل مقولة للإمام الشاطبي حيث قال {كل مسألة لا تخدم الفقه فليست من أصول الفقه} و مما يفيد في هذا الباب كتاب العلامة الأصولي عبد القادر العروسي الجزائري ’المسائل المشتركة بين أصول الفقه و أصول الدين ’ و سمعت بعض الشيوخ يقول: الأدق لو سماه بملا ليس من أصول الفقه في علم أصول الفقه
والله أعلم(113/212)
كتاب نظرية التقعيدالاصولي
ـ[أم خالد الحازمي]ــــــــ[18 - 03 - 09, 09:24 ص]ـ
السلام عليكم
أخوتي الكرام من لديه كتاب نظرية التقعيد الأصولي ويرفعه لي في أقرب وقت
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم(113/213)
عن مراعاة الخلاف
ـ[الحراني]ــــــــ[19 - 03 - 09, 12:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اريد منكم يا طلبة العلم اهل الفضل والخير ان ترشدوني عن بعض الرسائل في مراعاة الخلاف جزاكم الله خيرا وشكرا لكل من يهتم بالعلم وينشره.
ـ[أبو نظيفة]ــــــــ[19 - 03 - 09, 08:50 ص]ـ
بحسب اطلاعي فقد كتب في الموضوع نحو ست رسائل أكثرها مطبوع
منها: مراعاة الخلاف ليحيى سعيدي مكتبة الرشد
وهناك رسالة طبعتها دار البحوث بدبي
ورسالة أخرى طبعتها دار ابن حزم للصيادي
وأخرى في جامعة الإمام لسندي غير مطبوعة
وأخرى في الأردن وأظنها غير مطبوعة(113/214)
هل هناك من جمع القواعد الاصولية وأمثلة عليها
ـ[مراد مزايدة]ــــــــ[19 - 03 - 09, 02:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله،،،
الرجاء الإفادة إن كان هناك على المنتدى أو على غيره من جمع القواعد الأصولية وذكر عليها أمثلة من الفروع (أي يذكر القاعدة الأصولية ويذكر تحتها مثال أو أكثر)؟
وكذلك، إن كان هناك من جمع القواعد الأصولية مرتبة (نثراً) ومفهرسة حسب ورودها في جمع الجوامع أو في نظم الكوكب الساطع؟
أرجو منكم إفادتي،،، ولكم الشكر ...
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[19 - 03 - 09, 04:58 م]ـ
موضوع رائع اتمنى المشاركة فيه(113/215)
موضوع تفاعلي (تطبيقات أصولية).
ـ[أحمد راضي السلفي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 06:10 م]ـ
يسرني أن أُطْلِعَ إخوتي على مشاركات رائعة تُعنى بالتطبيقات الأصولية على الأحاديث في ملتقى المذاهب الفقهية والدراسات العلمية على هذا الرابط: http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-2343/index.html
وأتمنى أن نحذو حذوهم في هذا الملتقى المبارك
ولا تخفى عليكم أهمية التطبيقات على القواعد الأصولية.
ـ[أبوالوفاء الرملي]ــــــــ[26 - 04 - 09, 08:40 م]ـ
موضوع مهم بل هو ثمرة دراسة علم الأصول(113/216)
المصالح المرسلة، تعريفها، أقسامها، ضوابطها، حكمها.
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[20 - 03 - 09, 07:34 م]ـ
المصالح المرسلة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الأطهاروصحابته الأبرار
أما بعد:
قبل التعرض لتعريف المصلحة المرسلة يستحسن التطرق إلى المقدمات الضرورية التالية لفهم حقيقته:
المقدمة الأول: التلازم بين المصلحة والشريعة:
إن التلازم بين الشريعة والمصلحة مبني على أربعة أمور متصلة بعضها ببعض:
الأمر الأول: أن هذه الشريعة مبنية على تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم في الدنيا والآخرة.
الأمر الثاني: أن هذه الشريعة لم تهمل مصلحة قط، فما من خير إلا وقد حثنا عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما من شر إلا ونهانا عنه.
الأمر الثالث: إذا علم ذلك فلا يمكن أن يقع تعارض بين الشرع والمصلحة.
الأمر الرابع: إذا علم ذلك فمن ادعّى وجود مصلحة لم يرد بها الشرع، فأحد الأمرين لازم له:
ـ إما أن الشرع دل على هذه المصلحة من حيث لا يعلم هذا المدعي.
ـ وإما أن ما اعتقده مصلحة ليست بمصلحة من حيث لا يعلم هذا المدعي، فإن بعض ما يراه الناس من الأعمال مقربا إلى الله ولم يشرعه الله فإنه لا بد أي يكون ضرره أعظم من نفعه، وإلا فلو كان نفعه أعظم لم يهمله الشرع.
المقدمة الثانية: أقسام المصلحة:
أ ـ المصلحة الملغاة شرعا: فهي المصلحة التي يراها العبد بنظره القاصر ـ مصلحة ولكن الشرع ألغاها وجاءت بالأدلة بمنعها كما لو ظاهر الملك من امرأته، فالمصلحة في تكفيره بالصوم لأنه هو الذي يردعه لخفة العتق ونحوه عليه، لكن الشرع ألغى هذه المصلحة، وأوجب العتق من غير نظر إلى وصف المكفر.
ب ـ المصلحة المعتبرة شرعا: وهي التي جاءت الأدلة الشرعية بطلبها مثلا حفظ المال شرع لها حد السرقة.
ج ـ المصلحة المسكوت عنها: وهو التي لم يرد في اعتبارها أو إبطالها دليل خاص من الكتاب أو السنّة او الإجماع أو القياس، لكنها لم تخل من دليل عام كلي يدل عليها، بل تستند إلى مقاصد الشريعة وهي التي تسمى بالمصالح المرسلة مثل المصلحة التي اقتضت أن عقد البيع الذي لا يسجل لا ينقل الملكية.
وسميت مرسلة لإرسالها أي إطلاقها عن دليل خاص يقيد ذلك الوصف بالاعتبار أو بالإهدار.
تعريف المصلحة المرسلة:
المصلحة التي لم يشرع الشارع حكما لتحقيقها، ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها، وسميت مطلقة لأنها لم تقيد بدليل اعتبار أو دليل إلغاء.
وتوضيح هذا التعريف إن تشريع الأحكام ما قصد به إلا تحقيق مصالح الناس، أي جلب نفع لهم أو دفع ضرر أو رفع حرج عنهم، وإن مصالح الناس لا تنحصر جزئياتها، ولا تتناهى أفرادها وإنها تتجدد بتجدد أحوال الناس وتتطور باختلاف البيئات، وتشريع الحكم قد يجلب نفعا في زمن وضررا في آخر، وفي الزمن الواحد قد يجلب الحكم نفعا وفي بيئة ويجلب ضررا في بيئة آخرى (علم أصول الفقه عبد الوهاب خلاّف ـ صفحة 84 وما بعد).
أقسام المصالح المرسلة:
أولا: تنقسم باعتبار الأصل الذي تعود عليه بالحفظ إلى خمسة أقسام:
ـ 1 ـ مصلحة تعود إلى حفظ الدين.
ـ 2 ـ مصلحة تعود إلى حفظ النفس.
ـ 3 ـ مصلحة تعود إلى حفظ العقل.
ـ 4 ـ مصلحة تعود إلى حفظ العرض.
ـ 5 ـ مصلحة تعود إلى حفظ المال.
وهي ما تسمى بالضروريات الخمسة أو بقاصد الشريعة.
ثانيا: باعتبار قوتها:
ـ القسم الأول: المصلحة الضرورة: وهي ما كانت المصلحة فيها في محل الضرورة بحيث يترتب على تفويت هذه المصلحة تفويت شيء من الضروريات أو كلها.
ـ القسم الثاني: المصلحة الحاجية: وهي ما كانت الصلحة فيها في محل الحاجة لا الضرورة،فيحصل بتحقيق هذه المصلحة التسهيل وتحصيل المنافع ولا يترتب على فواتها شيء من الضروريات.
ـ القسم الثالث: المصلحة التحسينية: وتسمى التتميمات وهي ما ليس ضروريا ولا حاجيا ولكنها من باب الجري على مكارم الأخلاق واتباع أحسن المناهج.
ظوابط الأخذ بالمصلحة المرسلة:
أ) ـ أن لا تكون المصلحة مصادمة لنص أو إجماع.
ب) ـ أن تعود على مقاصد الشريعة بالحفظ والصيانة.
ج) ـ ألا تكون المصلحة في الإحكام الثابتة.
د) ـ ألا تعارضها مصلحة أرجح منها أو مساوية لها، وإلا يستلزم من العمل بها مفسدة أرجح منها أو مساوية لها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/217)
هـ) ـ أن تكون مصلحة حقيقية وليست مصلحة وهمية أي أن يتحقق من أن تشريع الحكم في الواقعة يجلب نفعا أو دفع ضررا.
و) أن تكون مصلحة عامة وليست مصلحة شخصية، فلا يشرع الحكم لكي يحقق مصلحة خاصة بأمير أو عظيم، بصرف النظر عن جمهور الناس ومصالحهم.
مدى الاحتجاج بالمصالح المرسلة:
ذهب الجمهور إلى أن المصلحة المرسلة حجة شرعية يبنى عليها تشريع الأحكام، وأن الواقعة التي لا حكم فيها بنص أو إجماع أو قياس أو استحسان، يشرع فيا الحكم الذي تقتضيه المصلحة المطلقة ولا يتوقف تشريع الحكم بناء على هذه المصلحة على وجود شاهد من الشرع باعتبارها.
فأثبت بها الأحكام: مالك وأحمد، ورفض الأخذ بها الشافعي والظاهرية.
أولا: أدلة الجمهور على الاحتجاج بالمصالح المرسلة:
ـ 1 ـ أن مصالح الناس تتجدد ولا تتناهى، فلو لم تشرع الأحكام لم تتجدد مصالح الناس، فلو اقتصر التشريع على المصالح التي اعتبرها الشارع فقط، لعطلت كثير من مصالح الناس، هو ذا لا يتفق مع مقصد بالتشريع من تتحقيق مصالح الناس.
ـ 2 ـ أن من استقرأ تشريع الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، يتبين أنهم شرعوا أحكاما كثيرة لتحقيق مطلق المصلحة لا لقيام شاهد باعتبارها، كمحاربة أبو بكر الصديق لمانع الزكاة، وإمضاء عمر بن الخطاب الطلاق ثلاثا بكلمة واحدة ومنع سهم المؤلفة قلوبهم من الصدقات إلخ .......
ـ 3 ـ قد علمنا أن ذلك ـ أي المصلحة ـ من مقاصد الشرع، وكون هذه المعاني مقصودة عرف بأدلة كثيرة، لا حصر لها من الكتاب والسنة، وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات، فيسمى ذلك مصلحة مرسلة و لا نسميه قياسا، لأن القياس يرجع إلى أصل معين.
ثانيا: أدلة نفاة الاحتجاج بالمصلحة المرسلة:
: إن المصلحة المرسلة ليست بحجة لأنه ما عرف من الشارع المحافظة على الدماء بكل طريق، ولذلك لم تشرع المثلة ـ وإن كانت أبلغ في الردع والزجرـ. ولم تشرع القتل في السرقة وشرب الخمر، فإذا أثبت حكما لمصحلة من هذه المصالح لم يعلم أن الشرع حافظ على تلك.المصلحة بإثبات ذلك الحكم: كان وضعا للشرع بالرأي، وحكما بالعقل. بالعقل
ملحوظة:
الأحكام التي تبنى على مجرد المصلحة المرسلة ليست أحكام شرعية، فلا يثبت بها وجوب شرعي ولا تحريم شرعي، ولكنها أحكام وضعية، فإن كانت من إمام واجب الطاعة لكون إمامته تمت على الوجه الشرعي، فإنه يثاب من التزم بها لوجوب طاعة الإمام الحق. وكذا يجب الالتزام بها إن كان الإخلال بها يؤدي إلى الإضرار بالناس وحصول الفوضى، ومثال ذلك قوانين المرور، فهذا النوع وأمثاله يجب الالتزام به ولو صدر ممن لا تجب طاعته من أصحاب السلطان.
الفرق بين المصلحة المرسلة والبدعة المذمومة:
أولا: البدعة تكون في التعبدات والتي من شأنها أن تكون غير معقولة المعنى، أما المصلحة المرسلة فإنها تكون في المعاملات التي هي معقولة المعنى.
ثانيا: البدعة تكون في مقاصد الشريعة أما المصلحة المرسلة فهي وسيلة لتحقيق المقاصد.
والله أعلم
وكتبه أبو جابر الجزائري
المراجع
ـ علم أصول الفقه، عبد الوهاب خلاّف، الزهراء للنشر والتوزيع ـ الجزائر ط1995/ 1.
ـ مذكرة أصول الفقه، محمد الأمين الشنقيطي، الدارالسلفية ـ الجزائرـ بدون تاريخ طبع.
ـ معالم أصول الفقه عند أهل السنّة والجماعة، محمد الجيزاني، دار ابن الجوزي، ـ المملكة السعودية ـ ط 1419/ 2.
ـ مختصر علم أصول الفقه الإسلامي، محمد محده، دار الشهاب ت الجزائر بدون تاريخ طبع.
ـ الواضح في أصول الفقه للمبتدئين، د. محمد سليمان الأشقر، دار النفائس ودار مكتبة الدرر ـ الأردن ـ ط 1417/ 5.
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[21 - 03 - 09, 08:52 م]ـ
جزيت خيرا ايها الأخ الفاضل
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[21 - 03 - 09, 09:44 م]ـ
جزيت خيرا ايها الأخ الفاضل
وفيكم بارك الله أخي الحبيب - حمدان -
ـ[أبوروضة]ــــــــ[21 - 03 - 09, 10:09 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[21 - 04 - 09, 02:34 ص]ـ
جزاك الله خيرا
معذرة أخي الحبيب لم انتبه لمروركم العطر
بارك الله فيكم على الزيارة
ـ[النقاء]ــــــــ[22 - 04 - 09, 11:10 م]ـ
شكر الله سعيكم يا أبا جابر، بحث أتى على فاقة!!
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[23 - 04 - 09, 12:05 ص]ـ
شكر الله سعيكم يا أبا جابر، بحث أتى على فاقة!!
وفيكم بارك الله وجزاكم الله خيرا على المرور
ـ[سعود النجدي]ــــــــ[26 - 04 - 09, 11:17 م]ـ
ملحوظة:
الأحكام التي تبنى على مجرد المصلحة المرسلة ليست أحكام شرعية، فلا يثبت بها وجوب شرعي ولا تحريم شرعي، ولكنها أحكام وضعية، فإن كانت من إمام واجب الطاعة لكون إمامته تمت على الوجه الشرعي، فإنه يثاب من التزم بها لوجوب طاعة الإمام الحق. وكذا يجب الالتزام بها إن كان الإخلال بها يؤدي إلى الإضرار بالناس وحصول الفوضى، ومثال ذلك قوانين المرور، فهذا النوع وأمثاله يجب الالتزام به ولو صدر ممن لا تجب طاعته من أصحاب السلطان.
ليتك توضح كيف ليست أحكام شرعية هل تقصد ليست أحكام تكليفية؟ وهل قطع الإشارة مثلا ليس محرم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/218)
ـ[أبو أحمد الزبن]ــــــــ[03 - 10 - 09, 09:29 م]ـ
جزيتم خيرا على ما قدمتم .....
قولكم: الفرق بين المصلحة المرسلة والبدعة المذمومة
هل هناك بدعة محمودة؟ وما الفرق بينها وبين ما شهد الشرع بجنسه و شكرااا
ـ[عبد الملك المصرى]ــــــــ[05 - 10 - 09, 04:55 م]ـ
بارك الله فيك(113/219)
من يحرر الفرق بين النسخ الجزئي والتخصيص عند الشيخ العثيمين.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[20 - 03 - 09, 08:16 م]ـ
فالظاهر لي مما وقفت عليه من كلامه أنه يسوي بينهما.
قال في شرح الأصول (ص/386): (التخصيص في الحقيقة نسخ لأنه - أي التخصيص - رفع الحكم عن بعض أفراد العام، فهو نسخ ولكنه جزئي).
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[20 - 03 - 09, 10:04 م]ـ
أخي بارك الله فيك
كلام الشيخ ليس فيه إشكال بحد علمي , لأن التخصيص بالمفهوم العام هو نسخ
والشيخ قال هذا لأن المتقدمين من السلف يطلقون النسخ على الأمرين ـ رفع بعض العام أو رفعه بالكلية ـ فالأمر عندهم سواء , وأما المعنى الإصطلاحي للتخصيص هو فعل المتأخرين للتحرير والبسط , وأنت قد تجد من الأحكام اختلف عليها العلماء بين كونها نسخا أو تخصيصا وحقيقة الخلاف لفظي , كما اختلفوا في رفع حكم الوصية بين النسخ والتخصيص , وإذا تحققت وجدتهم متفقون على أنه رفع لبعض العام
راجع في ذلك تفسير ابن كثير لأية (كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت حين الوصية .... ) وما بعدها
والله أعلم
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[20 - 03 - 09, 10:46 م]ـ
مقصد الشيخ أنه إذا كان النسخ رفع للحكم عن كل أفراده فإن التخصيص رفع للحكم عن بعض أفراده و من ثم يكون التخصيص نسخ لكنه نسخ جزئي فهو يرفع الحكم عن بعض الافراد و ليس كليا كالنسخ الاصطلاحي و الذي يرفع الحكم عن كل الافراد و من ثم وصفه الشيخ بأنه نسخ (لأنه يشترك مع النسخ في رفع الحكم) جزئي (لأنه يختص برفع الحكم عن بعض الأفراد بخلاف النسخ الاصطلاحي)
والله أعلم
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 08:24 ص]ـ
مقصد الشيخ أنه إذا كان النسخ رفع للحكم عن كل أفراده فإن التخصيص رفع للحكم عن بعض أفراده و من ثم يكون التخصيص نسخ لكنه نسخ جزئي فهو يرفع الحكم عن بعض الافراد و ليس كليا كالنسخ الاصطلاحي و الذي يرفع الحكم عن كل الافراد و من ثم وصفه الشيخ بأنه نسخ (لأنه يشترك مع النسخ في رفع الحكم) جزئي (لأنه يختص برفع الحكم عن بعض الأفراد بخلاف النسخ الاصطلاحي)
والله أعلم
جزاكم الله خيرا ...
ليتك تقارن بين فهمك لكلام الشيخ وعبارة الشيخ هذه ...
قال الشيخ في شرح الأصول (ص/386) وهو يشرح تعريفه للنسخ: (هل يخرج بذلك التخصيص؟
نعم يخرج؛ لأن التخصيص ليس رفعا للحكم؛ بل رفعا للحكم عن فرد من الأفراد فليس بنسخ ... ).
وسبب الإشكال عندي أن تعريف الشيخ للنسخ بأنه (رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة) يدخل فيه التخصيص لأنه رفع لبعض الأفراد ويكون عند الشيخ كالنسخ الجزئي.
وعليه طلبت التفريق بين النسخ الجزئي والتخصيص عند الشيخ وهذا تتمة عبارة الشيخ السابقة لعل البعض يقوي وجه إحتمالها من أن النسخ عنده كاصطلاح المتقدمين ويدخل فيه التخصيص ...
قال - رحمه الله -: (ولكن مع ذلك عند القدماء من الصحابة والتابعين قد يسمون ذلك نسخا مثل قولهم في قوله تعالى (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) قالوا: نسختها قوله (وأن تجمعوا بين الأختين) وبعضهم عكس، ومعنى "نسختها" يعني " خصصتها" لأن التخصيص في الحقيقة نسخ لأنه - أي التخصيص - رفع الحكم عن بعض أفراد العام، فهو نسخ ولكنه جزئي).
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[22 - 03 - 09, 01:06 ص]ـ
شكر الله لكما
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[22 - 03 - 09, 01:11 ص]ـ
أخي أبا المنذر ..
لاح لي عند قراءة عنوان موضوعك أن كلام الشيخ لم يَبِن لك جيّدٍا ..
وتيقنت ذلك بعد كلامك هذا:
وسبب الإشكال عندي أن تعريف الشيخ للنسخ بأنه (رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة) يدخل فيه التخصيص لأنه رفع لبعض الأفراد ويكون عند الشيخ كالنسخ الجزئي.
وعليه طلبت التفريق بين النسخ الجزئي والتخصيص عند الشيخ
والجواب عن ذلك أن يُقال:
التخصيص هو النسخ الجزئي
وعليه فلا فرق ..
وتأمل كلام الشيخ الذي أوردتَه:
قال - رحمه الله -: (ولكن مع ذلك عند القدماء من الصحابة والتابعين قد يسمون ذلك نسخا مثل قولهم في قوله تعالى (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) قالوا: نسختها قوله (وأن تجمعوا بين الأختين) وبعضهم عكس، ومعنى "نسختها" يعني " خصصتها" لأن التخصيص في الحقيقة نسخ لأنه - أي التخصيص - رفع الحكم عن بعض أفراد العام، فهو نسخ ولكنه جزئي).
---
ملاحظة:
قال الشيخ محمد الجيزاني عند ذكره للفروق بين التخصيص والنسخ [أي: الكلي]:
(السابع: وهو خاص بالفرق بين التخصيص والنسخ الجزئي، وقد بينه الشيخ الشنقيطي فقال رحمه الله:"اعلم أن التخصيص إن لم يرد فيه المخصِّص-بالكسر-إلى بعد العمل بالعام، والتقييد إن لم يرد فيه المقيِّد-بالكسر-إلا بعد العمل بالمطلق فكلاهما حينئذ نسخ [قال الجيزاني: أي: نسخ جزئي].
ولايجوز أن يكونا تخصيصا أو تقييدا؛ لأن التخصيص والتقييد بيان، والبيان لايجوز تأخيره عن وقت العمل، فلما تأخر تعين كونه نسخا"
[انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة للجيزاني/421 - 422]
والشيخ يريد بالنسخ الجزئي هاهنا غير مانريد في هذا الموضوع وغير ماأراده العلامة ابن عثيمين رحمه الله ..
وهو اصطلاح، ولامشاحة فيه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/220)
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[22 - 03 - 09, 07:09 ص]ـ
والجواب عن ذلك أن يُقال:
التخصيص هو النسخ الجزئي
وعليه فلا فرق ..
والشيخ يريد بالنسخ الجزئي هاهنا غير مانريد في هذا الموضوع وغير ماأراده العلامة ابن عثيمين رحمه الله ..
جزاكم الله خيرا
ليتك تذكر الفرق بين النسخ الجزئي عند الشيخ العثيمين والنسخ الجزئي عند الشيخ الشنقيطي.
وهل ترى أن النسخ الجزئي عند الشيخ العثيمين بمعنى التخصيص مطلقا سواء أكان متصلا أم منفصلا.
وهل ترى أن الشيخ لا يشترط في النسخ الجزئي عدم العلم بتأخره عن الناسخ كما اشترطه في التخصيص حيث قال في (ص/274): (الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أن التأخر ليس شرطا في التخصيص).
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[23 - 03 - 09, 02:07 ص]ـ
وهل ترى أن النسخ الجزئي عند الشيخ العثيمين بمعنى التخصيص مطلقا سواء أكان متصلا أم منفصلا.
نعم ..
------
وهل ترى أن الشيخ لا يشترط في النسخ الجزئي عدم العلم بتأخره عن الناسخ كما اشترطه في التخصيص حيث قال في (ص/274): (الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أن التأخر ليس شرطا في التخصيص).
أظن أنك تقصد:
( ... وهل ترى أن الشيخ لا يشترط في النسخ الجزئي عدم العلم بتأخره [أي: الناسخ] عن المنسوخ ... )
وجواب سؤالك:
سبق وأن قلت بأن مراد الشيخ من النسخ الجزئي هو التخصيصُ ذاتُه ..
فلا فرق ..
---
ليتك تذكر الفرق بين النسخ الجزئي عند الشيخ العثيمين والنسخ الجزئي عند الشيخ الشنقيطي
بداية أحب أن أذكر أن العلامة الشنقيطي لم ينص على لفظة (جزئي) وإنما هي من تفسير الشيخ الجيزاني لكلام العلامة الشنقيطي ..
---
وحتى يبين لك الأمر جليًّا أضرب لك ثلاثة أمثلة:
1 - قال الله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)
وقال تعالى: (فمن شهد منكم الهر فليصمه)
2 - قال الله تعالى: (ولاتأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)
وقال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)
3 - قال الله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
وقال تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)
ففي (1) تجد أن الآية الثانية ناسخة للأولى.
وهذا (نسخ كلي) عند العلامتين ابن عثيمين والشنقيطي
ويصدق عليه تعريف النسخ عند الأصوليين لتأخر الناسخ.
---
وفي (2) الآية الأولى مكية والثانية مدنية، والثانية مخصصة للأولى، فإن الآية الأولى تتناول تحريم ماذبحه الكتابيٌّ لم يسم الله ولاغيره، والثانية أخرجت الكتاب من العموم، فهي مخصصة.
ولما كانت الآية المخصصة قد نزلت بعد العمل بالآية المُخَصَّصة كان ذلك نسخا.
وهذا ماسماه الشيخ الجيزاني (نسخًا جزئيًا)
ويصدق عليه تعريف النسخ عند الأصوليين لتأخر الناسخ.
وإنما أُطلق عليه نسخا (1) جزئيا (2)
لمعنى التخصيص الكائنِ فيه (2) ولأن المُخصِّص متأخرٌ (1) ..
وأما الضرب الأول من الأمثلة فليس فيه تخصيص ولذا سمي نسخا ولم يقيد بكونه جزئيا.
---
وفي (3) الآية الأولى تعم كل مطلقة، والثانية أخرجت الحوامل.
وهذا ماسماه العلامة ابن عثيمين (نسخًا جزئيًا)
ويصدق عليه تعريف الخاص عند الأصوليين لأن العموم في الآية الأولى لم يُعمل به ..
وإنما أُطلق عليه نسخا (1) جزئيا (2)
لمعنى التخصيص الكائنِ فيه (2) ولأن فيه رفعا للحكم عن بعض أفراد العموم (1) ..
------------
تأمل ماسبق جيّدًا وسيتضح لك ماتريد بإذن الله تعالى ..
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[23 - 03 - 09, 09:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
لو تأملتَ أخي الكريم مشاركتي الأولى والتي قلتُ فيها: (فالظاهر لي مما وقفت عليه من كلامه أنه يسوي بينهما).
تبين لك أن غرضي من هذه المشاركة أن أستوثق من هذا الكلام وأوثقه من كلام الشيخ.
فهل جزمك بأن النسخ الجزئي عند الشيخ كالتخصيص - سواء أكان متصلا أم منفصلا - جاء بناء على فهمك للكلام الذي سقتُه أم سمعتَ ذلك من الشيخ.
بارك الله فيك.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[23 - 03 - 09, 01:53 م]ـ
بل بناء على كلام الشيخ الذي سقته ..
وهو كالصريح في ذلك ..
ولافرق بين المخصص المنفصل والمتصل ..
وإن كان في المنفصل أوضح، لشبهه بالناسخ.
والمسألة لاتعدو أن تكون اصطلاحًا ..
وفقك الله لكل خير ..
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[24 - 03 - 09, 06:55 ص]ـ
هل ينقل لنا أحد من تلاميذ الشيخ - رحمه الله - كلامه حول هذا التفريق؟(113/221)
أريد شرح المحلي على جمع الجوامع طبعة الحلبي ( pdf)..
ـ[أبو أسيد الصالحي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 07:09 م]ـ
بارك الله فيكم ..(113/222)
ما معنى تحرير المسألة؟؟
ـ[محمود المحلي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 07:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
من فضلكم:
ما معنى "توجيه الحديث" و "توجيه الفتوى"؟؟ و ما معنى " تحرير المسألة" و "تحرير محل النزاع والخلاف"؟؟
والسلام عليكم.
ـ[محمود المحلي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 03:15 م]ـ
الحمد لله، لقد أجابني أحد الإخوة، جزاه الله خيرا، فقال:
1 - التوجيه معناه بيان الوجه، ومعنى ذلك أن الكلام يحتمل أكثر من معنى، أو يوهم معنى غير صحيح، أو يخطئ بعض الناس في فهمه، فالتوجيه معناه إظهار وجه الكلام بحيث يتحرز من هذا كله.
2 - تحرير المسألة أو تحرير محل النزاع معناه إزالة الاشتراك عن مسألة الخلاف، فمثلا لو قيل: هل البسملة آية من القرآن؟ فلا يصح أن يجاب بنعم فقط أو بلا فقط، بل يجب التحرير، فإن كان المقصود جزء آية في سورة النمل فهي جزء آية إجماعا، وإن كان المقصود من الفاتحة ففيها خلاف، وإن كان المقصود في فواتح السور ففيها خلاف أيضا، فالتحرير معناه التفصيل بحسب ما يحتمله الكلام من معانٍ.
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 10:05 م]ـ
أخي مثل هذه المصطلحات تظهر معانيها عند التمرس على كلام الفقهاء والله أعلم(113/223)
الحكم المنسوخ محدد عند الله بغاية
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[23 - 03 - 09, 03:25 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
لقد جرت عادة كثير من الأصوليين في كتبهم أن يذكروا النسخ بعد ذكر مباحث الألفاظ اللغوية الأصولية التكليفية من عام وخاص، ومطلق ومقيد، وأمر ونهي لأن بعضها تعلق به نسخ في كتاب الله وسنة رسوله.
ففي الاصطلاح يتبين من النسخ بيان أمد حكم شرعي بطريق شرعي متراخ عنه وعليه فالحكم المنسوخ كان محددا عند الله تعالى بغاية ينتهي عندها ..
(انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) سورة الجاثية، الآية 29
والحكمة أن تشريع الأحكام كثيرا ما يكون لمقتضيات وقتية، فاذا تغيرت ناسب ذلك تغير الحكم لتغيرها رحمة من الحق سبحانه.
فأمر الله مطلق، فما علم سبحانه في أزله استمرار حكمه لن يلحقه نسخ.
فهو سبحانه وتعالى يحدث أمورا ويحدد أحوالا يبديها لعباده بحسب ما يعلم من المصالح عند حلول وقتها وهي مقدرة في علمه منذ الأزل
(وعنده أم الكتاب) الآية،
ولا يقع نسخ فيما تخلد تشريعه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اذلا نسخ الابوحي على لسان نبي.
وهكذا تم نسخ نص القرآن بالقرآن، والسنة المتواترة بمثلها، وخبر الأحاد بمثله، وبالمتواتر، ويجوز عند الأغلبية نسخ المتواتر بالأحاد، ونفى الشافعي وقوعه.
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[24 - 03 - 09, 06:12 م]ـ
وسبحان الله العليم الخبير الذي أنزل كتابه بعلمه مفصلا الآيات لعباده ليفقهوه ويستنبطوا منه أحكاما بينة بما علمهم الله سبحانه وتعالى وما أوتوا من العلم درجات ..
ومن الحكم الجلية في النسخ:
فلقد أنزل الله تعالى فرضا في الصلاة قبل فرض الصلوات الخمس فقال سبحانه في محكم كتابه:
(يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا) سورة المزمل الآيات 1 - 4، ثم خفف تعالى بقوله سبحانه: (علم أن سيكون مرضى) الى قوله تعالى: (فاقرءوا ما تيسر منه) سورة المزمل الآية 20، قال الشافعي: فكان بينا في كتاب الله نسخ قيام الليل ونصفه والنقصان من النصف والزيادة عليه بقوله تعالى: (فاقرءوا ما تيسر منه) ثم نسخه قوله تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) سورة الاسراء الآية 79 فتعين على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتهجد بغير الذي فرض عليه مما تيسر منه، فكان الواجب طلب الاستدلال بالسنة النبوية، فوجدنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا واجب من الصلاة الا الخمس.(113/224)
سؤالان لأهل الأصول أرجوالإفادة
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[24 - 03 - 09, 06:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو الإفادة حفظكم الله ونفع بكم
هل الرخصة تقابل التحريم أم تقابل العزيمة
ومالفرق بين دلالة العطف ودلالة الإقتران
جزيتم خيرا(113/225)
بشرى شرح الكوكب
ـ[أبو إبراهيم الحربي]ــــــــ[25 - 03 - 09, 09:30 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد:
فإن الله قد أعان ووفق، وعزم شيخنا أبو عبد الله:
أحمد بن عمر الحازمي حفظه الله ووفقه
على شرح:
الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع
وسيكون الشرح على النحو التالي:
سيبدأ الشرح بإذن الله تعالى: 10 ربيع ثان 1430 هـ
6 إبريل 2009 مـ
تقرر للدرس يومان في الأسبوع: الاثنين والثلاثاء.
الدرس بعد صلاة العشاء
بتوقيت مكة المكرمة: 8:40 مساءً.
العنوان: مكة المكرمة// حي الزاهر // جامع بدر خلف جوازات مكة.
سينقل الدرس مباشرة من صفحة البث المباشر بالموقع:
/ articles.aspx?article_no=17 (http://www.alhazmy.net/articles.aspx?article_no=17)
نفعنا الله وإياكم به.(113/226)
بشرى شرح الكوكب
ـ[أبو إبراهيم الحربي]ــــــــ[25 - 03 - 09, 09:32 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد:
فإن الله قد أعان ووفق، وعزم شيخنا أبو عبد الله:
أحمد بن عمر الحازمي حفظه الله ووفقه
على شرح:
الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع
وسيكون الشرح على النحو التالي:
سيبدأ الشرح بإذن الله تعالى: 10 ربيع ثان 1430 هـ
6 إبريل 2009 مـ
تقرر للدرس يومان في الأسبوع: الاثنين والثلاثاء.
الدرس بعد صلاة العشاء
بتوقيت مكة المكرمة: 8:40 مساءً.
العنوان: مكة المكرمة// حي الزاهر // جامع بدر خلف جوازات مكة.
سينقل الدرس مباشرة من صفحة البث المباشر بالموقع:
/ articles.aspx?article_no=17 (http://www.alhazmy.net/articles.aspx?article_no=17)
نفعنا الله وإياكم به.
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[26 - 03 - 09, 01:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا
أبلغ مني الشيخ التحية والسلام وأني أحبه في الله
بارك الله فيه ونفع به
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[29 - 03 - 09, 06:03 م]ـ
هل هناك من يرفع لنا الشرح؟!(113/227)
هل أمر النبي بالمبالغة في شيء يدل على أنه أمر بهذا الشيء في الأصل دون مبالغة؟؟
ـ[الخطيمي]ــــــــ[26 - 03 - 09, 08:02 م]ـ
السلام عليكم
أحسن الله إليكم جميعا
لدي سؤال أرجو أن أجد جوابه عند الإخوة الأكارم
وهو: هل أمر النبي بالمبالغة في شيء يدل على أنه أمر بهذا الشيء في الأصل دون مبالغة؟؟
مثال: أمره صلى الله عليه وسلم في المبالغة في الاستنشاق إلا للصائم, وقد كان أمر أصلا بالاستنشاق دون مبالغة
فهل هذه قاعدة مضطرده؟؟
وجزيتم خيرا(113/228)
في ظلال المقاصد القرآنية والأسرار التشريعية
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[26 - 03 - 09, 08:19 م]ـ
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ووسع كل شيء حفظا، يا من هو المحيط الجامع والنور الساطع، لك الملك ولك الحمد حمدا كثيرا متواترا ونسبحك تسبيحا يليق بجلال سبحات وجهك الكريم واسمك العظيم، وصلوات منك ربي ورحمة لحبيبك ومصطفاك وآله وصحبه ومن ارتضيت من عبادك المتقين.
من المقاصد والأسرار التشريعية أن الله تعالى تفضلا منه ومنة وتكرما أقام أحكام الشريعة لجلب المصالح لهم ودفع المفاسد عنهم
والتكليف مقتضاه الطاعة والامتثال
ولا يوجد تشريع من التشريعات الالهية التي طوق بها الانسان الا جاءت من أجل العناية بل الشفقة
عليه واحلال الرأفة والرحمة به ويتضح ذلك من بعث الرسل عليهم السلام في كل عصر وزمان
(لقد جاءكم رسول من الله من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم) الآية
وقوله تعالى: (وربك الغني ذو الرحمة) الآية، وقوله تعالى: (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) الآية
فالتكاليف ما هي الا سبب في مصلحة الانسان وسعادته فهي اذن رحمة للانسان، قال الامام الغزالي في المستصفى متكلما عن علم الأصول ومراميه المتعلقة بمقاصد الشريعة:
على العالم في فتواه أن يعلم أن فتواه ليست مخالفة للاجماع اما بأن يعلم أنه موافق مذهبا من مذاهب العلماء أيهم كان أو أن هذه واقعة متولدة في العصر.
ومن أغراض القرآن: تقرير عقيدة توحيد الله تعالى ربوبية والوهية، فلا نافع الا الله ولا يعبد ولا يستعان ولا يستغاث الا به سبحانه، وتقرير كل كمال، ونفي كل نقص عن الله تعالى ثم تقرير الايمان بالمغيبات من ملائكة وآخرة وجنة ونار وبعث وحساب واثابة وعقاب، ثم اصلاح عقول الناس وضمائرهم وتهذيب نفوسهم ليصلح مجتمعهم وتستقر أحوالهم.
قال العز بن عبد السلام: ومعظم مصالح الدنيا ومفاسدها معروف بالعقل وكذا معظم الشرائع
وقال الامام الشاطبي ان الشريعة موضوعة لمصالح الناس عاجلا أم آجلا، اما لجلب نفع أو لدفع الضرر والفساد عنهم كما دل عليه الاستقراء وتتبع مواد الأحكام.
ومن وفقه الله وعصمه أطلعه على دق ذلك وجله ووفقه للعمل بمقتضى ما أطلعه عليه وتقدم الأصلح فالأصلح مركوز في طبائع العباد نظرا لهم من رب الأرباب.
وكان الامام مالك لا يبحث في علل العبادات كما بين ذلك الامام الشاطبي في كتابه الاعتصام حيث قال: ان الامام مالك التزم في العبادات عدم الالتفات الى المعاني وان ظهرت لبادئ الرأي وقوفا مع ما فهم من مقصود الشارع فيها من التسليم على ما هي عليه ودورانه في ذلك ما حد الشارع دون ما يقتضيه معنى مناسب ان تصور لقلة ذلك في العبادات ونذوره.
وقال الطوفي: يجب التعويل على النصوص والاجماع في العبادات والمقدرات، وعلى اعتبار المصالح في المعاملات وباقي الأحكام لأن العبادات حق للشارع خاص به، ولا يمكن معرفة حقه كما وكيفا وزمانا ومكانا الا من جهته، فيأتي به العبد على ما رسم له.
وهناك قاعدتين مشهورتين لدى جماهير الفقهاء ويصرحون دائما بارجاع الأحكام اليها، والمتمثلتين في رفع الضرر أو ما يعرف بقاعدة لا ضرر ولا ضرار والتي بنى العز بن عبد السلام
اجتهاده عليها، وكذلك قاعدة الأمور بمقاصدها.
فهاتان القاعدتان تبنى عليهما الأعمال و القصود في جميع ما شرعه الله تعالى.
فالتشريع الاسلامي رتب مقاصد ضرورية في الاعتبار فاعتبر الأهم وأهدر الأقل منه أهمية اذا تعارض معه.
ومن الحاجيات التحسينية والتي أعتبرها أساسا جوهريا لما له من قيمة عظيمة في الوجود هو العقل فباصلاح العقول يتم اصلاح الأفراد في المجتمع، ولا يمكن التغافل عن مقدرات العقل المخلوق بعناية ربانية اذا تم تنميته بكل نافع و تم صقل مواهبه بالتفقه والتدبر في ملكوت الله تعالى.
والعقل السليم هو الأداة الطيعة للتمكن من العبادة الحقة والخالصة لله تعالى، واصلاح عقول الناس وضمائرهم وتهذيب نفوسهم أساس لأصلاح مجتمعهم واستقرار أحوالهم وحياة لقلوبهم.
قال الامام الشافعي: فليست تنزل بأحد نازلة الا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/229)
ومن حيث القواعد الشرعية ينظر الأصولي في المقاصد التي تراد بالتشريع فينظر في المقاصد الضرورية والحاجية والتحسينية وفي جلب المصالح ودرء المفاسد، وفي عدد كثير من القواعد الأخرى التي أخذت من الأدلة واستنبطت منها - فالقواعد الأصولية اللغوية تستفاد منها الأحكام لغة، والقواعد الأصولية الشرعية مضمونا وجوهرا - وهي التي عليها مدار صلاح التعامل في المجتمع وفهم مدى صلاح الاسلام لكل زمان ومسايرة تطورات الأزمنة.
والاسلام يحمل الى العالمين رسالته الخالدة بسمو رسالته وهدي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله بدين الحق ليظهره على الدين كله، والمعارف الانساية مهما كانت نزعاتها لا يمكن بأي صورة أن تجلي حقائق الوحي ولا أن تخوض في المطلق.
والحقائق العلمية البرهانية تؤكد وجود احساس ديني عميق في الانسان لا يمكن انكاره ويكون الجزء الأكبر من تكوينه النفسي وله أثر واضح على وعيه وادراكاته الحسية.
والمعارف الاسلامية وضحت المعالم المحيطة بالنفس البشرية وأجلت بعض الحقائق المثيرة فيما يخص سمو النفس البشرية وخلقتها الربانية.
وما يحيط بالأنفس لهو عظيم حقا اذا علمنا أن علم القلب علم كبير، وهو من أسرار الله تعالى المودعة في الانسان وهو صلة الوصل بين العبد وربه والقلب من عالم الملكوت، فكل ملكة في الانسان لها مقام محدود بينما القلب له ميزة روحانية محاطة بأسرار ربانية عظيمة، وهذا العلم بعيد كل البعد عن تقييم أصحاب الجدل البرهاني ويختلف اختلافا جذريا عميقا عن كل التصانيف التجريبية في هذا الباب لأن سند هذا العلم رباني وهو فضل منه ورحمة يختص به من يشاء من عباده.
ومن ميزة هذا العلم أن صاحبه يتفقه من معين حقيقي بعد أن هذب ملكاته و كيانه ونشد التقرب الى مولاه، وهذا لأعده من أسمى المعارف لأن غايته معرفة الحق، وأن يكون الانسان عارفا ليس مخالفا للحق بل هذا بركة منه تعالى وفضائل ورحمات.
والعبد المؤمن هو من صفى سرائره وسعى الى اصلاح نفسه من آفاتها الذميمة وتوجه الى الله سبحانه وتعالى متقربا اليه بصالح الأعمال.
والعبد المؤمن التقي هو الذي أفنى حياته في معرفة ربه وسعى الى هذه المعارف بكل غال ونفيس مدركا أن الله يعلمه وهذا من كمالات النفس البشرية ان هي ارتقت في معارج الحقائق وسعت الى ربها قويمة وسديدة فطوبى لمن علمه الله من عنده علما فارتقى بمعارفه وألهم كرامات مغذيا روحه بكمالات الحق.
وهذا العلم ينشد الكمال ويسمو بالانسان التقي الموقن والمصدق بربه من مقام الى مقام وغايته معرفة الحق بالحق، وهذا لايكون الا بتهذيب الملكات والجوارح وتغذيتها بالكمالات لتتوافق وتتناغم وتتزكى لتتكامل فترى قواما وعجبا بما علمها الله تعالى.
وبلوغ هذه الكمالات ليعد شيء راق وبالغ الأهمية للنفس البشرية التي أكرمها الله من فضائله ورحمته وتفتح آفاقا معرفية كبرى في طمأنينة و سكون النفس البشرية وتهذيبها لأحق خلافة في الأرض.(113/230)
نسخ الأخبار التي تتغير، والجمع بين أقوال العلماء فيها.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[27 - 03 - 09, 10:51 ص]ـ
وأما إن كان الخبر مما يتغير كإيمان زيد - مثلا - وكفره، ففيه أقوال كثيرة منها:
القول الأول - أنه لا يجوز نسخه، وهو الأصح في المذهب وعليه الأكثر.
وقال ابن مفلح: منعه جمهور الفقهاء والأصوليين، فمن أصحابنا ابن الأنباري، وابن الجوزي، والموفق، وجزم به في ' الروضة '. ومن الشافعية وغيرهم كالصيرفي، وأبي إسحاق المروزي، والباقلاني، والجبائي، وابنه أبي هاشم، وابن السمعاني، وابن الحاجب، قال الأصفهاني: هو الحق.
القول الثاني - يجوز نسخ ذلك:
وهو قول القاضي أبو يعلى، والفخر الرازي، وأبو عبد الله، وأبو الحسين البصريان، وعبد الجبار، ونسبه ابن برهان للمعظم. واختاره الشيخ تقي الدين.
قال أبو يعلى في "العدة" (3/ 825): (وإن كان مما يصح أن يتغير، ويقع على غير الوجه المخبر عنه، فإنه يصح نسخه كالخبر عن زيد بأنه مؤمن أو كافر، أو عبد أو فاسق، فهذا يجوز نسخه، فإذا أخبر عن زيد بأنه مؤمن، جاز أن يقول بعد ذلك: هو كافر. وكذلك يجوز أن يقول: الصلاة على المكلف في المستقبل، ثم يقول بعد مدة: ليس على المكلف فعل الصلاة؛ لأن نسخ ذلك لا يفضي إلى الكذب في الخبر؛ لأنه يجوز أن تتغير صفته من حال إلى حال، كما يجوز أن يتغير حكم المكلف عن العبادة من زمان إلى زمان) (1).
القول الثالث - التفصيل بين الخبر عن الماضي فيمتنع نسخه؛ لأنه يكون تكذيبا، دون المستقبل؛ لجريانه مجرى الأمر والنهي، فيجوز أن يرفع به، وهذا القول اختيار ابن عقيل، والخطابي، وابن القطان، وسليم الرازي، والبيضاوي في ' مختصره '.
وهذا التفصيل مبني على أن الكذب لا يكون في المستقبل، بل في الماضي، ومنصوص أحمد أنه يكون في المستقبل كالماضي.
@ وقد بين الرزكشي أن الخلاف في مسألة النسخ في الأخبار بين من جوزه ومن منعه يرجع إلى الخلاف في حد النسخ عنده.
فقال في "البحر المحيط" (3/ 177): (أن الخلاف مبني على تفسير النسخ وهل هو رفع أو بيان كما صرح به القاضي فقال ذهب كل من قال بأن النسخ بيان (2) وليس برفع حقيقي إلى جواز النسخ في الأخبار على هذا التأويل قال وأما نحن إذا صرنا إلى أنه رفع لثابت حقيقي وأن المبين ليس بنسخ أصلا فلا نقول على هذا بنسخ الأخبار لأن في تجويزه حينئذ تجويز الخلف في خبر الله وهو باطل وهذا بخلاف تجويز النسخ في الأوامر والنواهي لأنه لا يدخلها صدق ولا كذب. اهـ، ومن هذا يعلم أن من وافق القاضي في تفسيره بالرفع وقال بتجويز النسخ في الأخبار فلم يتحقق ولم يقف الهندي على كلام القاضي فقال لا يتجه الخلاف إن فسرنا النسخ بالرفع لأن نسخه حينئذ يستلزم الكذب وإنما يتم إذا فسرناه بالانتهاء فإنه لا يمتنع حينئذ أن يراد من الدليل على ثبوت الحكم في كل الأزمنة لا بعضها).اهـ
@ والذي أراه في هذه المسألة أن كلا القولين بالمنع والجواز لم يتواردا على محل واحد وأن الخلاف بينهما خلافا لفظيا، فمن قال بالمنع نظر للخبر قبل وقوعه، ومن قال بالجواز نظر إليه بعد وقوعه.
وعليه فلا بد من تقييد إطلاق كلا القولين، فمن قال بالمنع يقيد قوله بأن يكون الرفع قبل وقوع الخبر، ومن قال بالجواز يقيد قوله بأن يكون البيان بعد وقوع الخبر على نحو ما أُخبر به.
ولنتوقف مع ما مثلوا به عن الخبر الذي يقبل التغيير من إيمان زيد، فلو أخبر الشارع بإيمان زيد فهو لا محالة واقع وصدق، والقول بجواز نسخ هذا الخبر يحتمل أحد أمرين أن ينسخ قبل وقوعه، أو بعد وقوعه، فإن كان الأول لزم تكذيب الخبر ويمتنع نسخه على كلا القولين، وإن كان بعد وقوعه فلا مانع من نسخه، على كلا القولين.
------------------------
(1) انظر المسودة (ص/177).
(2) وقد عرف القاضي النسخ في "العدة" (1/ 155) بقوله: (وأما النسخ فحده: بيان انقضاء مدة العبادة التي ظاهرها الإطلاق. وإن شئت قلت: بيان ما لم يرد باللفظ العام في الأزمان ... ).
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[28 - 03 - 09, 02:53 م]ـ
ما رأي الإخوة الأفاضل في هذا التوفيق بين القولين؟(113/231)
فاعتبروا يا أولي الأبصار
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[27 - 03 - 09, 06:59 م]ـ
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ووسع كل شيء حفظا، يا من هو المحيط الجامع والنور الساطع، لك الملك ولك الحمد حمدا كثيرا متواترا ونسبحك تسبيحا يليق بجلال سبحات وجهك الكريم واسمك العظيم، وصلوات منك ربي ورحمة لحبيبك ومصطفاك وآله وصحبه ومن ارتضيت من عبادك المتقين.
الاجتهاد الجماعي هو كل اجتهاد اتفق فيه المجتهدون على رأي واحد، حيث يكون هذا الاجتهاد بشكل تكاملي وآني قصد استنباط الأحكام ودرء المفسدة واعتماد المصلحة في نازلة عمت فيها البلوى
كما نجد الاجتهاد الفردي وهو كل اجتهاد لم يثبت اتفاق المجتهدين فيه على رأي واحد أو ما يقوم به صحابي أو تابعي أو فقيه من اجتهادات منفردة في موضوع ما.
والجمهور مع الاجتهادات الجماعية لأنها أكثر حجية من الفردية خوفا من السقوط في الخطأ.
ولقد حدث في صدر الاسلام في عهد عمر رضي الله عنه أنه قال لأبي موسى الأشعري: الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة كما تقدم.
وهذه الكلمات المجلجلة تنبض من قلب تقي معتبر، فالتقي مهما التزم بالعبادات والطاعات فهو في حضور قوي مع الله ويخاف أن لا يؤدي ما عليه من حقوق وتكاليف شرعية واجبة، اذن فالاعتبار لا يكون الا بتقوى وايمان ووجل من الله تعالى وأنت تؤدي ما عليك من تكاليف شرعية، وكلمة الاعتبار فيها من سعة الرحمة ما لا يمكن تقييده لأن فيها اعتبارات تلمس في معانيها الرضا والرحمة بما شرع الله تعالى.
ولقد اجتهد أبوبكر رضي الله عنه في تقسيم العطاء بين المهاجرين والأنصار فرأى أن يسوي بينهما فيه، فخالفه عمر وقال: كيف نجعل من ترك دياره وأمواله مهاجرا الى الله ورسوله كمن دخل في الاسلام كرها؟
فما كان للقلب التقي المعتبر الا أن يرفعه سبحانه درجات بما وقر فيه مظللة عدالة عمر وما استقرأه هو الآخر برؤية ايمانية نافذة، فقال أبوبكر لعمر: انما أسلموا لله وأجورهم على الله، وانما الدنيا بلاغ.
ولقد وردت أحاديث كثيرةتدل على تأييد الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه للأخذ بالاجتهاد فيما لا نص فيه
اذ تبين الرشد وأصبحت القلوب وجلة وأصبح الفكر مشبع بالنصوص
و المقاصد فالرأي المبني على الحجة والدليل والاعتبار والمقصود منه احقاق الحق يتعارض مع الرأي المبني على الهوى والغرض الدنيوي وأهواء الذين لا يعلمون.
يقول سبحانه وتعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون انهم لا يغنوا عنك من الله شيئا وان الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين) الآية
يقول الامام الشاطبي: ان كلي المقصود الشرعي انما انتظم له من التفقه الشرعي انما انتظم له من التفقه في الجزئيات والخصوصيات وبمعانيها ترقى الى ما ترقى اليه، لأن الأدلة الجزئية عاضدة له وناصرة، فقد استقصاها وتتبعها وأدرك ما تقصد له، فاذا حكم على شيء فقد حكم على ما جمعه من كل الأدلة، ومنها وصل الى الدليل القاطع.
وكما قال الامام الغزالي سابقا: فالأصولي لا ينظر الا في أدلة الأحكام الشرعية خاصة فقصده هو البحث في الدليل، والمقصود منه، وما يثبته وينفيه، وما يرجحه أو ما يجعله مرجوحا، هل الدليل عام يطبق على الجميع أو خاص لا ينصرف على الجميع، وهل هو مطلق أو مقيد.
ولقد اتفق العلماء على أهمية أصول الفقه، وأنه يعتبر قواعد أساسية وميزانا لرجل الفقه، فبواسطته يبتعد عن الزلل والخطأ.
ويصدر الأحكام طبقا لمقاصد الشريعة، ومع هذا فان الفقيه يمكن أن يؤدي مهمته الفقهية دون معرفة أصول الفقه لأنه يحكم بدليل شرعي، ولكنه لا يعرف قوة الدليل الراجحة ومقارنته بما هو شبيه له، ولا يعرف معنى المنطوق وما وراء المنطوق من مفهوم.
وهذا ما أشرت عليه بالاعتبار ومن أمعن بتقى ونظر.
وهذه التشريعات الوضعية تعتبر قوانينه صادرة عن الرأي والهوى وهي بذلك مخالفة لمقاصد الشريعة الاسلامية،لذا فعلى المجتمع الاسلامي أن يضع نصب أعينه مقاصد الشريعة، وأن يستحضر روحها الحقة معتبرا، ويترك ما هو مناقض للشريعة الاسلامية حتى يسلم المجتمع الاسلامي من الهوى والفتن ومرامي الرأي الخاطئة.(113/232)
سؤالين في الأصول عند المالكية أبحث لهما عن إجابة
ـ[عبد القادر الوهراني]ــــــــ[28 - 03 - 09, 12:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لي سؤالين بارك الله فيكم
الأول
جاء في كتاب (إيصال السالك في أصول الإمام مالك)
تأليف: العلامة الشيخ سيدي محمد يحيى بن عمر المختار بن الطالب عبد الله الولاتي الشنقيطي ـ رحمه الله ـ
وهو شرح على منظومة أحمد بن أبي كف ـ رحمه الله ـ في أصول الفقه المالكي
في باب القياس ما يلي:
" ولا يجري (أي القياس) في الرخص ولا الأسباب ولا الشروط ولا الموانع.
أما الرخص فلأنها لا يعقل معناها، ولأنها مخالفة للدليل. والقياس عليها يؤدي إلى كثرة المخالفة فوجب أنه لا يجوز. وأما الأسباب والشروط والموانع فلأن القياس عليها يستلزم نفي السببية والشرطية والمانعية من خصوص المقيس والمقيس عليه، إذ يجعل السبب أوالشرط أو المانع هو المعنى المشترك بين المقيس والمقيس عليه. وما سوى ما ذكر من الأحكام الشرعية يجري فيه القياس اتفاقاً."
فهل أجد شخصا يوضح لي العبارات المكتوبة باللون الأزرق مع ضرب الأمثلة بارك الله فيكم
الثاني
قول الصحابي حجة عند الإمام مالك
فهل فعله حجة أيضا
وجزاكم الله خيرا
ـ[حذيفة الفلسطيني]ــــــــ[29 - 03 - 09, 02:01 ص]ـ
أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أعلم رحمك الله أنّ مسألة القياس في الأسباب مسألة مختلف فيها بين العلماء والمرد منه: إثبات سببيّة وصف لحكم قياسا على وصف ثبتت سببيّته لذلك الحكم.
ومثال ذلك: كون اللواط سببا للحدّ قياسا على الزنا، وكون النبش سببا للقطع قياسا على السرقة.
الجمهور أجازوا مثل هذا القياس وخالف جمهور المالكيّة.
امّا القياس في الشروط والموانع فهي مسألة مختلف فيها كذلك ومثال المسالة:
طهارة المكان شرط لصحّة الصلاة ولكن هل طهارة المكان شرط لصحّة الوضوء. من قال بصحّة القياس في الشروط قال بشرطيّة المكان للوضوء.
جعل النيّة في الوضوء شرط قياسا على النيّ’ في التيمّم.
القياس في الموانع:
الشارع أسقط الصلاة عن الحائض لوجود الحيض فيقاس عليه النفاس في وجوب إسقاط الصلاة عنها بجامع الأذى.
راجع روضة الناظر وشروحها للزيادة في الموضوع وخاصّة شرح عبد الكريم النملة
والله أعلم
ـ[عبد القادر الوهراني]ــــــــ[29 - 03 - 09, 02:50 م]ـ
الأخ حذيفة بارك الله فيك
وزادني الله وإياك علما وحرصا(113/233)
بشرى: الشرح المختصر على قواعد الأصول للحازمي
ـ[أبوالهمام القطري]ــــــــ[28 - 03 - 09, 12:58 ص]ـ
إخواني الكرام
تم بفضل الله تعالى رفع الدروس التي شارك بها فضيلة الشيخ أحمد الحازمي في دورة الإمام ابن قدامة الربيعية لعلوم الآلة عندنا في قطر
وقد شرح "قواعد الأصول ومعاقد الفصول" شرحا مختصراً في 9 دروس
بالإضافة إلى محاضرته العلمية التي كانت بعنوان " الملتقى العلمي الأصولي" وكان موضوع المحاضرة هو علم أصول الفقه (أهميته للطالب، أبرز مصادره، كيفية دراسته، .. وغير ذلك من المحاور)
وشرح قواعد الأصول + الملتقى العلمي الأصولي تجدوهما على الرابط التالي:
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=newaudio
لكن أرجو التنبه إلى أن الإخوة في الشبكة الاسلامية قد أخطأوا في ترتيب الدروس
فالترتيب الموجود على الصفحة المذكورة هو بالعكس
بمعنى أن الدرس الأول في الدورة هو الدرس رقم 10 في الصفحة والدرس الثاني في الدورة هو الدرس رقم 9 في الصفحة وهكذا إلى الدرس رقم 2 في الصفحة
وأما الدرس رقم 1 في الصفحة فهو عبارة عن الملتقى العلمي الأصولي، فليتنبه
ـ[أبو البراء الثاني]ــــــــ[28 - 03 - 09, 06:10 ص]ـ
لو جعلت المشاركات فى محلها لأحسنت أكثر (منتدى الدروس الصوتية) وجزاك الله خيرا على الفائدة القيمة
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[15 - 05 - 09, 10:53 ص]ـ
لقد قام الأخوة في موقع الشيخ بتقليل حجم الملفات وترتيبها ثم وضعها في الموقع مفهرسة.
ـ[عبدالمنان الأثري]ــــــــ[08 - 06 - 09, 09:33 م]ـ
جزي الله الشيخ عنا خير الجزاء و ان يوفقنا ان ننتفع بعلم الشيخ وان يجعله نا فعا لنا فى الدنيا والاخرة
ـ[أبو عبد الوهاب الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 04:08 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[علي الأثري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:20 م]ـ
الرابط لايعمل ..(113/234)
الاعتبار ميزان الترجيحات
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[29 - 03 - 09, 05:51 م]ـ
سبحانك اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم بك نستعين، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
لا شك فيه أن الأحكام القطعية لا اجتهاد فيها كما قال أهل العلم فهي أركان واجبة على كل مسلم، وكتاب الله العزيز قطوفه دانية نستخلص منه ما علمناه ومنه ما لم نعلم، وهو الحق وميزان العدل والمقاصد الحميدة للوصول الى الحق المبين، وكما قال امام الحرمين: فأول شيء على الناظر أن يقصد التقرب الى الله سبحانه وطلب مرضاته في امتثال أمره سبحانه فيما أمر به من الأمر بالمعروف والنهي على المنكر، والدعوة الى الحق ودحض الباطل وعما يخير به، ويبالغ قدر طاقته في البيان والكشف عن تحقيق ذلك ويتقي الله سبحانه حتى لا يقصد بمناظرته المباهاة وطلب الجاه والتكسب والمماراة والهزء والرياء، ويحذر من عقاب الله سبحانه، ولا يكن قصده الظفر بالخصم والسرور بالغلبة والقهر.
ولم يكن القرآن حجة في البلاغة والفصاحة فحسب بل كان آية في المنهج الفكري والمنطق العقلي والحدث التاريخي العظيم والقياسات المقنعة، وهيمنته قوية جلية للعيان عملا ونزاهة وعدلا وحقا مبينا لا تمحل ولا مداراة في القصد ولا تلكؤ في الغايات، ولا محاباة حتى بين الرسل، مقاصده رشيدة هادية لا زيغ فيها.
يقول عز من قائل: (داعيا الى الله وسراجا منيرا) الآية، فلم يكن القرآن حجة على الكفار والمجاحدين والمنكرين، فلم تنفع معه فلسفة المتفلسفين ولا نظريات المناطقة، بل هو حجة بالغة على أنفسهم وسراج منير يهديهم الى بر الأمان، حتى أصبح المفكرون والعلماء باختلاف ألوانهم يتجهون الى الاسلام ويعتنقونه عن اقناع واقتناع، وكم من نظرية هدمت وكم من تأويلات خادعة انكسرت على صخرة الاسلام وصدعهم القرآن بحجته ودحض ونسخ أقوالهم بهادر الحق والبيان.
وجازى الله علماء الاسلام الذين بينوا وأفاضوا وسلكوا سبل الحق لا يلتفتون الى عرض الدنيا ولهم من الله خير الجزاء.
وقطوف القرآن دانية لمن كد واجتهد وأمعن النظر والاعتبار بفقه وتدبر، فأي عدالة باهرة هذه التي تجعلك تبحر وتغوص بقدر فطنتك ونباهتك وفهمك وعلمك ولم تحرمك من مقاصد جلية محكمة وأنت تعتبر وترجح ببصرك وبصيرتك متعلما من علم لاينضب أبدا، وهو نزل الى فهمك ومداركك برحمة الرحيم العليم لينبت في كيانك شجرة تمتد وتمتد الى بحر واسع من العلم وآفاق رحبة راقية.
فهو اذن بحر للعالم المتبحر، وبحر للعامي المبتدئ ولا يحرم أحدا من الغوص والابحار والنهل من درره.
فالذي يقرأ قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) الآية.
ثم بعدها يقرأ قوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) الآية.
ماهذا؟
انه تعارض واضح بين الآيتين فالآية الأولى ورد فيها ذم الدنيا حتى أن المرء لينفر منها وينعزل عن كل ما يبدو من ظاهرها من نعيم وجمال وزخرف، وتدفع المرء الى ذم الدنيا ولعنتها وتفتح الطريق أمامه الى الزهد والابتعاد عن الدنيا وملذاتها ونعيمها الزائل.
أما الآية الثانية تدل على ما في الحياة الدنيا من نعيم وما فيها من أرزاق مختلفة ساقها الله الى عباده لينعموا ويعيشوا في هناء.
وما من تناقض ولا تعارض بل حبكة محكمة مكينة يجب تتبعها من أصولها ومجامعها وتبقى حتى التشريعات الوضعية هزيلة أمامها وأتحدى أيا كان ممن له دراسات في المجالات التشريعية أن يفهم هذه الأبعاد الموغلة في الحكمة والطهر والعدل والرحمة وبعد القصد.
وما يسعهم الا أن يسجدوا لرب العالمين.
وكما قلت فبينهما يقرأ قوله تعالى: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) الآية.
فهو سبحانه بفضله ورحمته وهب الله عباده عقلا فاحصا وحثهم على الحفاظ على سلامته من كل آفة فهم مكلفون ويجتهدوا بايمانهم، ويدعون الله تعالى في كل صلاة أن يهديهم الى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، والذي له فكر ثاقب فالله حثه على التدبر والاستنباط يعلم أن الحياة مليئة بالتناقض المريب والتعارض ويعلم أيضا أن المكتسب للنظر الثاقب يسعى الى الاعتبار والترجيح في الاختيار السليم وأن يؤدي ما عليه من حقوق وواجبات دون زيغ أو ضلال حتى لا يسقط في المعصية وهو لا يعلم، طالبا في ذلك المغفرة والتواب ورضا الله تعالى وعونه في نهج السبيل القويم والفوز بما عند الله سبحانه.
وقد جاءت الأحاديث النبوية دالة على الأخذ بالوسط والاعتدال في أمور الدنيا وأخذ بالمعادلة الحكيمة، وهي الاعتبار وهذا ما قصدته في عنوان مقالي الاعتبار ميزان الترجيحات عملا بقوله تعالى: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) الآية، والمؤمن يعتبر بورعه وتقواه وبقلبه الوجل من الله سبحانه.
وهذا ينطبق أيضا على كثيير من الآيات كآيات الخوف والرجاء وغيرها في آفاق عدة كثيرة ونجد أمثالها في الحديث واجتهادات كبار الصحابة رضوا الله عليهم، فقلب المؤمن يجب أن يبقى معلقا بين الخوف والرجاء ويحكم ميزان الاعتبار مقتفيا أسرار التكليف والتشريع والبينة المحكمة من الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة.
فالمؤمن يرجو رحمة الله تعالى ويخاف عقابه فلا يغلب الرجاء وينسى الخوف، ولا يغلب الخوف فينسى الرجاء وهو سبحانه الغفور الرحيم، فكم هو عظيم هذا المبنى المحكم، فالانسان اذا لازمه الخوف فهو في قنوط ويأس وعليه أن يبني ميزان هذا الترجيح حتى يعيش توازنا في حياته وتغلب السكينة على نفسيته اذا لازم هذا الاعتبار المحكم.
وهذا ينطبق أيضا على المفتي البالغ ذروة الدرجة فعليه بالوسط والأخذ بميزان الاعتبار فيما يليق بالجمهور فلا يذهب بهم مذهب الشدة ولا يميل بهم الى طرق الانحلال خصوصا هذا العصر الفاضح
بمغرياته الماجنة، والله الموفق والهادي الى الخير والصواب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين أجمعين.
عمر الريسوني(113/235)
هل تعرف بحثاًً عن الأصل في الأحكام، هل هو التعبد أم التعليل؟!
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[29 - 03 - 09, 06:07 م]ـ
هل الأصل في الأحكام التعبد أم التعليل؟!
هل تجدون في هذا الموضوع بحثاً قد استوفى الكلام عليه، لأنه مهم جداً وخصوصاً أثر ذلك في الفروع الفقهية ..
ـ[بلال عزوز التطواني]ــــــــ[02 - 04 - 09, 07:41 ص]ـ
لقد تطرق العلامة الفحل أبو إسحاق الشاطبي إلى هذه المسألة في كتابه النفيس الموافقات وعقد فصلا خاصا في هذا المبحث _ إن لم تخني ذاكرتي _
كما تطرق لها العلامة العلم الطاهر بن عاشور في كتابه الماتع مقاصد الشريعة الإسلامية
كما تطرق لها غيرهما وانظر كتب المقاصد فستجد بغيتك وستعثر على مرادك إن شاء الله
ـ[وردان السوسي]ــــــــ[05 - 04 - 09, 07:48 م]ـ
تجد تحريرا جيدا للمسألة في كتاب " نظرية المقاصد عند الشاطبي " للعلامة الريسوني.
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[15 - 04 - 09, 07:10 ص]ـ
و منثورات ابن القيم سيما في الاعلم فقد وسمه الريسوني بامام المعللين
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 12:52 ص]ـ
للرفع والحاجة(113/236)
الاستدلال والاحتجاج
ـ[زينب كردي]ــــــــ[30 - 03 - 09, 02:16 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..
ما تعريف الاستدلال وما علاقته بالجدل والحِجاج عند الأصوليين؟
وما أهم الكتب التي تتحدث عنه .. ؟
وهل الحديث عن الاستدلال في القرآن بأنواعه .. يجب أن تحدد فيه المقدمات والنتائج كما هي عند الأصوليين. على ما أعرف أن ابن تيمية رد على المنطقيين حين ذكروا وجوب احتواء الدليل على مقدمتين ونتيجة .. وذكر أنه قد يقتصر على مقدمة ونتيجة ..
وما عناصر المقدمة؟
وهل النتيجة يجب أن تتضمن نفيا أو إثباتا؟؟
مثلا في قول الله تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) ..
هل يقال: المقدمة: التعريف بآيات الله وقدرته.
والنتيجة: إثبات توحيد الإلهية بالدعوة إلى إفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك ..
فتح الله عليكم وتولاكم بفضله وأعظم لكم الأجر ..(113/237)
الترجيح وبناء الأقيسة الصحيحة
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[30 - 03 - 09, 10:55 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
المقياس الصحيح للترجيح هو ما حملته الشريعة الينا أو ما كان على نهجها ومقاصدها، فالترجيح وارد بين الصفات كما هو وارد في الذوات والأشخاص بل حتى بين الرسل والأنبياء والصحابة رضوان الله عليهم.
(تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) الآية
كما أن التعارض والترجيح والتعادل وارد في الأحكام الشرعية، وهو من الأبواب التي تفتح آفاقا كبرى في السعي الى تهذيب حياة الناس والراجح السليم في خضم التناقضات الحياتية المعاصرة.
والترجيحات تعتبر من الأبواب المهمة لرجال الفقه والى كل ذي نظر في أي علم من العلوم وكل مناحي الحياة، وهي آية جلية في بناء الأقيسة الصحيحة وحث على التدبر والفهم العميق وعلم وترو واجتهاد في استنباط العلم من آيات كتاب الله العزيز.
فالقرآن جعله الله تعالى تبيانا لكل شيء ونهجا سليما ومقصدا حكيما لمن أراد وجهه سبحانه وتعالى وهو العمدة الأساسية والركن الأقوى للمحققين.
يقول عز من قائل: (انه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) الآية
فالقرآن هو القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تبيان لكل شيء وهدى ورحمة لقوم مؤمنين معجزة في لفظه ومعناه ومحتواه، وفي مبناه وفي مقاصده وحجة على الخلق، برهانه يزداد قوة وضياءا على امتداد الأزمنة والعصور، فكلما اجتهد العلماء وتعمقوا فيه بحثا ودراسة الا وأمدهم ببالغ الحجة ومنتهى البرهنة والدقة ومكنهم من اليقين في المعرفة وأعانهم على ادراك حقائق الأشياء، وكتاب الله العزيز أنزله الله تعالى بعلمه وحث عباده الى امعان النظر والتفقه والتدبر لاستخلاص واستنباط هذه الغزارة العلمية النافعة لحياة الانسان في كل العصور بما علمه الله وهي لا تتأتى الا بعد بحث واستقصاء متلازمين وقلب محب وجل يطلب الرشد والهداية من كتاب محكم المقاصد، ودعوته رشيدة هادية ونابضة بالحق والعدل، وهي دعوة سليمة مشمولة بالرحمة والهداية الحقة التي لا زيغ فيها ولا ضلال.
ولقد بين لنا القرآن الحكيم أن التعارض غير موجود في الأدلة النقلية القاطعة التي جاءت في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتواترة أو ما انعقد عليه الاجماع، والنص القاطع لا ترجيح فيه، والعالم المجتهد لا يلجأ الى الترجيح الا بعد معرفته المتقصية للنصوص الثابتة وما تم عليها الاجماع عند أهل العلم، وأنه لا يوجد تخصيص أو تقييد أو استثناء أو خبر لواحد.
يقول الامام الغزالي: فان لم يجد لفظا نصا ولا ظاهرا نظر الى قياس النصوص فان تعارض قياسان أو خبران أو عمومان طلب الترجيح فان تساويا عنده توقف على رأي وتخير على رأي آخر.
ويقول الأمدي: أما القطعي فلا ترجيح فيه لأن الترجيح لابد أن يكون دالا على تقوية أحد الطرفين المتعارضين على الآخر والمعلوم المقطوع به غير قابل للزيادة والنقصان فلا يطلب فيه الترجيح.
ولقد بين الشاطبي طرق التصحيح بعد البحث والاستقصاء بالنسبة للحديث وتتبع السند والمتن والمؤخر والمقدم لمعرفة الراجح من المرجوح.
فالترجيحات لها فسحة كبيرة في باب الأصول ونظرات موسعة لا يدركها الا من أوتي حظا وافرا من النظر والتفكير السديد.(113/238)
شروح القواعد الفقهية لابن رجب؟؟
ـ[سيد المصري]ــــــــ[31 - 03 - 09, 03:27 م]ـ
هل من شارح لها؟
أرجوا وضع كل الأسماء المسموع منها والمقروء ما أمكن ذلك.
بارك الله فيكم(113/239)
شروح القواعد الفقهية لابن رجب؟؟
ـ[سيد المصري]ــــــــ[31 - 03 - 09, 03:29 م]ـ
هل من شارح لها؟
أرجو وضع كل الأسماء المسموع منها والمقروء ما أمكن ذلك.
بارك الله فيكم
ـ[سيد المصري]ــــــــ[03 - 04 - 09, 01:36 م]ـ
هل من مجيب؟
ـ[عيسى حسين]ــــــــ[03 - 04 - 09, 02:23 م]ـ
على ما أظن أن الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله له شرح على ذلك.والسلام
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[03 - 04 - 09, 03:58 م]ـ
الشيخ ابن عثيمين له تعليق على بعض مسائل الكتاب , وهي مطبوعة مع النسخة التي حققها الشيخ أبو عبيدة مشهور آل سلمان.
وللشيخ عبد الكريم اللاحم شرح على مختصر ابن سعدي لقواعد ابن رجب وهو مطبوع في مجلد.
ـ[سيد المصري]ــــــــ[04 - 04 - 09, 02:37 ص]ـ
هل من شروح أخرى صوتية؟
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 05:02 ص]ـ
عليك بتحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب للسعدي
والسبب في ذلك أنه مخدوم بشرح ثلاثة من أفاضل العلماء وهم:
الشيخ عبد المحسن الزامل
والشيخ سعد الشثري ــ ولم يكمله وقال في آخر لقاءٍ أنه سيكمله , فلعلك تسأل
والشيخ سامي القصير وهو أحد كبار تلامذة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
ـ[سيد المصري]ــــــــ[07 - 04 - 09, 09:29 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو عبد الله الاحمد]ــــــــ[15 - 04 - 09, 03:19 م]ـ
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=311267
ـ[عيسى حسين]ــــــــ[15 - 04 - 09, 03:37 م]ـ
والله جزاك الله خيرا وبارك الله فيك أخي الحبيب، وشكر الله سعيك وجعله في ميزان حسناتك
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[15 - 04 - 09, 04:21 م]ـ
أبا عبدالله جزاك المولى خيراً على الرابط النافع
ممكن منك أو أحد الأخوة تعريفنا بالشيخ الشارح؟
ـ[أبوالوفاء الرملي]ــــــــ[26 - 04 - 09, 08:17 م]ـ
نفع الله بك أينما كنت ياأباعبدالله الأحمد
ـ[معاذ القيسي]ــــــــ[14 - 07 - 09, 01:30 م]ـ
لم يضع شرح العلامة ابن عثيمين كاملا إلا والدي إياد القيسي في طبعته في بيت الأفكار الدولية أما طبعة شيخ مشهور فقد وضع المختصر كما ذكر هو في المقدمة فوجب التنبيه
ـ[معاذ القيسي]ــــــــ[14 - 07 - 09, 01:31 م]ـ
الشرح طبعا هو لقطعة من الكتاب وليس كاملا كما وضع والدي بعض تعليقات العلامة السعدي
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[15 - 07 - 09, 11:48 م]ـ
أخي معاذ
ونعم بأبيك الشيخ إياد القيسي
ونعم بالشيخ حسن مشهور
ونعم بكل طلاب العلم
ـ[أبو أويس السلفى]ــــــــ[17 - 07 - 09, 03:26 م]ـ
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=311267
الرابط لا يعمل اخي الكريم ..
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[17 - 07 - 09, 03:58 م]ـ
لم يضع شرح العلامة ابن عثيمين كاملا إلا والدي إياد القيسي في طبعته في بيت الأفكار الدولية أما طبعة شيخ مشهور فقد وضع المختصر كما ذكر هو في المقدمة فوجب التنبيه
بارك الله فيكم وفي والدكم
هل الطبعة موجودة أو لم تنزل بعد؟(113/240)
الأمر بين الندب والارشاد
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[31 - 03 - 09, 04:20 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
الأمر يأتي لعدة معاني يفهم من خلال الصيغة التي وضعها فيها الأمر ومضمن الجملة بتمامها
وقد حصرها رجال الأصول الى خمسة عشر، لكن منهم من أوصلها الى الثلاثين، ويبقى حصرها غير متأتى نظرا لمعان كثيرة وقد يأتي الفعل الواحد مشتملا على عدة معاني ومن خلال الآية أو الحديث أو الجملة التي ورد فيها الأمر.
ولا يستكشف المعنى أو المعاني الذي يدل عليها الأمر، وقد تغيب المعاني على البعض بينما تنقشع للبعض الآخر، لذا لا يجمل التقيد بمعاني محددة فقد تجد في الأمر من معنى لا يدركه البعض، وقد لا يحصل الاتفاق فيما ذهب اليه البعض وما درج عليه، وبالتأمل والرجوع الى المصادر الصحيحة تجد حقيقة الأمر وما يدل عليه.
ومن دلالات الأمر ومعانيه الكثيرة ما يأتي للندب كقوله تعالى: (فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا) الآية، ويقرب منه ما يأتي للتأديب، فهو ارشاد وتأديب وحامل لمعنى التأديب كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (كل مما يليك) ومن معاني الارشاد (فاستشهدوا شهيدين من رجالكم) الآية.
وكما ذكر رجال الأصول أن الفرق بين الندب والارشاد أن الندب لثواب الآخرة والارشاد للفائدة الدنيوية، ولكن هذا غير واضح لأن ما يحمل التوجيه والارشاد هو للدنيا والآخرة ويحمل فائدة للخلائق، وكل ذلك يتأتى عنه الصلاح المطلوب من الوجهة الدينية.
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[17 - 04 - 09, 11:50 م]ـ
جزيتَ خيرا ..
الأمر يأتي لعدة معاني يفهم من خلال الصيغة التي وضعها فيها الأمر ومضمن الجملة بتمامها وقد حصرها رجال الأصول الى خمسة عشر، لكن منهم من أوصلها الى الثلاثين،.
هل ممكن ذكرها
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[19 - 04 - 09, 04:12 م]ـ
حفظكم الله أخي العزيز أبو فرحان
الأمر يأتي لعدة معاني يفهم من خلال الصيغة التي وضعها فيها الأمر، ومنها:
الدعاء كقوله تعالى: (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات) سورة نوح الآية 28
الاباحة كقوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) سورة البقرة الاية187
الندب كقوله تعالى: (اذا تداينتم بدين الى أجل مسمى فاكتبوه) سورة البقرة الآية 282
وقوله تعالى: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا) سورة النور الآية32
والقرينة أن الكتابة معاوضة والمعاوضة غير واجبة.
التهديد كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير) سورة فصلت الآية 40
وقوله تعالى: (واستفزز من استطعت سورة الاسراء الآية 64
التعجيز كقوله تعالى: (فأتوا بسورة من مثله) سورة البقرة الآية 23
الاهانة كقوله تعالى: (ذق انك أنت العزيز الكريم) سورة الدخان الآية49
والأمر لا يدل على أكثر من طلب ايجاد الفعل المأمور به، ولا يدل على طلب تكرار المأمور به ولا وجوب فعله فورا، فان وجدت قرينة تدل على طلب تكرار المأمور به أو المبادرة عمل بها
فمثال صيغة الأمر التي صحبتها قرينة تدل على التكرار قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) سورة البقرة الآية 185 استفيد طلب تكرار الصيام من تعليق الأمر بشرط متكرر وهو شهود الشهر (وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة) سورة البقرة الآية 83 وقوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) سورة الاسراء الآية 78.
ومن الواجبات المحددة بأوقات استفيدت المبادرة من تحديد وقت الواجب حيث تفوت بانتهائه، كما أن الأوامر بالخيرات استفيدت المبادرة فيها من قوله تعالى: (سارعوا الى مغفرة من ربكم) سورة آل عمران الآية 133 وقوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) سورة البقرة الآية 148.
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[20 - 04 - 09, 12:32 ص]ـ
جزيتَ خيرا ..
هل ممكن ذكرها
أقصد ذكر الخمسة عشر أو الثلاثين معنى ...
أو لو تستطيع أن تدلّني على كتاب ذكرها كلها، أكن لك شاكرا ..
بورك فيك
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[20 - 04 - 09, 05:56 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أما بعد:
أنظر أخي الفاضل كتاب {المهذب في علم أصول الفقه المقارن} المجلد 3 /ص1329 - 1333 للشيخ عبد الكريم النملة، فقد ذكر لصيغة الأمر ثلاثين معنى
و بارك الله فيكما
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[22 - 04 - 09, 12:57 ص]ـ
جميل جدا ..
جزاكم الله خيرا(113/241)
فهم النظائر وتربية ملكة التعليل
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[01 - 04 - 09, 05:12 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
المسلمون مكلفون بعبادة الله الواحد الأحد
والتكليف مراده الامتثال والطاعة
وإن من تدبر أسرار القرآن فى إيضاح حقيقة الإسلام ليجد الارتباط الوثيق الجوهرى بينه وبين الإحسان
ففي الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال:
بينما نحن جلوس عند النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم: فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد: أخبرنى عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
قال: صدقت.
قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه.
قال: فأخبرنى عن الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال صدقت.
قال: فأخبرنى عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فإنه يراك قال: صدقت
قال: فأخبرنى عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل.
قال: فأخبرنى عن أماراتها
قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون فى البنيان.
قال: ثم انطلق فلبثت مليا، ثم قال لى: يا عمر أتدرى من السائل؟
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).
واقول: إنه يستفاد من هذا الحديث الشريف الجامع- الذى قال عنه الإمام النووى فى شرحه" هو أصل الإسلام"جملة أمور: منها:
أولاً: أن هذا الدين الإسلامي الحنيف يشتمل على ثلاثة أركان ومقامات، فلا يكمل الدين إلا باستجماعها جميعا، وإذا اختل أحدها يكون الدين ناقصا غير تام ولا مكتمل ألا وهى: الإسلام، والإيمان، والإحسان.
وثانيا: أن الإسلام أصله الانقياد والاستسلام الظاهرى، ولايقبل شرعا إلا بالإيمان الذى هو التصديق القلبى، والإيمان من أعمال القلوب.
وثالثاً: أنه لا تتم صحة الإسلام والإيمان وجنى ثمرتهما واكتمالهما على الحقيقة إلا بمقام الإحسان الذي هو" أن تعبد الله كأنك تراه". فإنه يشتمل على روح الإسلام والإيمان من الإخلاص.
وفى تقرير مقام (الإحسان) يقول شيخ الأزهر عبد الله الشرقاوى فى شرح هذا الحديث:" والإحسان فى الأصل: إتقان العمل، أو: إيصال النفع للغير؛ يقال: أحسنت كذا إذا أتقنته، وأحسنت إلى فلان: إذا أوصلت النفع إليه، وهو فى الحديث بالمعنى الأول؛ فإنه يرجع إلى إتقان العبادة، أى الإخلاص ومراعاة الخشوع والخضوع والافتقار وأنت تلتجأ الى الله الواحد القهار، وتستحضر قلبك في جل تعبداتك.
وبقوله فى الحديث الآخر "وجعلت قرة عينى فى الصلاة" أى حصول الاستلذاذ بالطاعة؛ بسبب انسداد مسالك الالتفات إلى الغير.
ومن تعاريف الفقه أنه العلم الذي يفقهك بالأحكام الشرعية كل حكم على حدته مما يجب على المكلف تطبيقه في عبادته ومعاملاته طبقا لما ورد عن المشرع الأعظم.
ومن مقاصد الاسلام أنه يسمو بالنفوس ويهذبها من كل غائل، والملاحظ أن هناك حكم جلية في الأحكام التعبدية فقد تحفظ ألفاظها دون تحريك الفكر في التماس عللها وطلب حكمها.
ويجب الاستدلال بالسنة القولية والفعلية التي تقرن المسائل والأمور الفقهية وتبين حكمة الشارع منها.
وما كان العلم بمقاصد الشرع أعمق وأجلى الا وتعمقت المعارف ووظفت في تهذيب سلوكيات أفراده وساهم ذلك في اصلاح مجتمعهم بتتبع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم والذي هو نبراس للمؤمنين.
والجهل بمقاصد الشرع جوهرا ومعنى قد يؤدي الى الاخلال في الفهم وتدني الأخلاق كما نرى في مجتمعاتنا المليئة بالمتناقضات والمتغيرات، أما التقليد فقد حذر منه أهل العلم.
والمسلم قوي في ايمانه يحفظ الأمانة على عاتقه بما هو مكلف اعتمادا على علمه ورشده وثقة بربه راضيا مرضيا مستكينا لطاعته، ويسعى الى النهج السليم والقويم في حياته.
فهو يساهم كفرد في بناء مجتمعه بقلب لين وسليم ومعافى من كل قسوة قد تعصف به، ويكون عبدا صالحا يؤدي ما عليه من تكاليف بحب ووجل.
ويجب الاعتبار بفهم النظائر وتبين العلل والأسباب لتربية ملكة التعليل وفهم المعاني والمقاصد، لأن الغفلة عن الأسباب تعتبر أحد المهلكات وتؤدي الى الحيرة والاضطراب وموت العزم.(113/242)
ذاكروني في رأيي عن معنى المتشابه
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[02 - 04 - 09, 01:37 م]ـ
أرجو من الإخوة الأفاضل أن يذاركوني في قررته من معنى المتشابه، ليتسنى لي أن أدرجه في موضوعي (أصول الفقه .... )
أرجو منكم ألا تبخلوا علي بما عندكم من علم
بارك الله فيكم
? مَعنَى الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ: اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي مَعْنَى الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، وانْبَنَى هَذَا الِخلَافُ عَلَى أصلين:
الأصل الأول: مَعْنَى الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} هل هي استئنفاية ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn1)) فيكون Qهو المتفرد بتأويل المتشابه دون غيره أو هي عاطفة فيعلمه الراسخون أيضا.
الأصل الثاني: معنى التأويل في قوله تعالى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} فقيل هو التفسير والبيان فيكون كسائر التفاسير المنسوبة لأهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، أو هو واقع الأمر وحقيقته، فيكون Q عز وجل هو المستأثر بعلمه، أو هو صرف اللفظ عن ظاهره لقرينة موجبة لذلك، معانٍ كلها ناقشها شيخ الإسلام رسالة في تفسير قوله تعالى وما يعلم تأويله إلا الله نحو مجلد ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn2))
ومهما يكن من أمر فإنا نورد هنا ما يدخل ضمن أبواب هذا العلم الجليل، ونضرب صفحا عما لا يفيد أصلا شرعيا يعمل به، أو نشير إليه بإيجاز على سبيل الاستطراد المتمم للباب. ويمكن أن نَرُدَّ اختلاف العلماء في معنى المتشابه إلى وجهين:
الوجه الأول: أنه ما استأثر Q به من العلم وَعَلَى هَذَا يَرِدُ الْمُتَشَابِهُ عَلَى كثير من نُصُوصِ الْغَيْبِيَّاتِ وَلَاسِيَّمَا صِفَاتُ Qِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا مِنْ جِهَةِ مَعَانِيهَا -فَإِنَّهَا أَلْفَاظٌ عَرَبِيَّةٌ مُدْرَكَةُ الْمَعَانِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ-يَعْنِي مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ-وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ - وَإِنَّمَا الِاشْتِبَاهُ فِي إِدْرَاكِ كَيْفِيَّاتِهَا وَكُنْهِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} يقول ابن تيمية: وَمَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ إنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ فَقَدْ أَصَابَ أَيْضًا وَمُرَادُهُ بِالتَّأْوِيلِ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ مِثْلَ وَقْتِ السَّاعَةِ وَمَجِيءِ أَشْرَاطِهَا وَمِثْلَ كَيْفِيَّةِ نَفْسِهِ وَمَا أَعَدَّهُ فِي الْجَنَّةِ لِأَوْلِيَائِهِ. ويقول ابن القيم: فمن قال من السلف إن تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله بهذا المعنى فهو حق. ا. هـ
قلت: وَبِهَذَا الْمَعْنَى يكون الْمُتَشَابِهُ إِلَى أُصُولِ أَبْوَابِ الِاعْتِقَادِ ألصقَ منه إلى مَبَاحِثِ أُصُولِ الْفِقْهِ.
الوجه الثاني: أنه ما أباحه Q تعالى للراسخين من أهل العلم بالشريعة فيدخل فيه ما يتعلق بالمعقول و الحلال والحرام.
قلت: وهذا صواب وحجته سنة نبينا فلا نغفلها في تبيين الكتاب تلك الوظيفة التي أنيطت بها بنص كلام Q تعالى {وأنزلنا إليك الذكر} يقول e : { الحلال بين والحرام بين} فدل على أن المشابه وإن جهله كثير من الناس إلا أن أهل العلم يعلمونه برده إلى نظيره المحكم فيرتفع الاشتباه ويصير إلى الإحكام.
وأيضا ما قاله الخطيب: ولو لم يكن الأمر هكذا، لم يكن للراسخين على العامة فضيلة، لأن الجميع يقولون آمنا به؟ فإن قيل: لو كان الأمر كذلك، لقال: "ويقولون آمنا به" قلنا: قد يجوز حذف واو النسق» ا. هـ وهناك الكثير من الدلائل على معنى ذلك لا محل لبسطها في هذا المقام من الدرس.
تنبيه: قال ابن القيم: وأما من قال إن التأويل الذي هو تفسيره وبيان المراد منه لا يعلمه إلا الله فهذا غلط والصحابة والتابعون وجمهور الأمة على خلافه قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عنها وقال عبدالله بن مسعود ما في كتاب الله آية إلا وأنا أعلم فيما أنزلت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/243)
? وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنَ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَلَامِهِمْ عَنْ مَوْقِفِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ والمحكم أَنَّ الْمُتَشَابِهَ مَا أَثَارَ مَعْنَيَيْنِ -أَوْ أَكْثَرَ- أَحَدُهُمَا يَتَلَاءَمُ وَالشَّرِيعَةَ وَالْآخَرُ لَا تَشْهَدُ لَهُ الشَّرِيعَةُ، وَقَدْ يُصَادِمُهَا، وَالْآيَةُ الْمُتَشَابِهَةُ تَحْتَمِلُهُمْ جَمِيعًا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالتَّرْكِيبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْمُرَادُ. أو أنه ما ليس لنا فيه علم بحقيقته في الواقع الخارجي. لِذَلِكَ وَصَفَ Qُ تَعَالَى الْمُتَتَبِّعِينَ لِمُتَشَابِهِهِ بِالزَّيْغِ وَالضَّلَالِ، لِأَنَّهُمْ خَالَفُوا الْمُرَادَ وَعَدَلُوا عَنِ الْمَقْصُودِ إِلَى الشَّاذِّ وَالْبَعِيدِ أَوِ الضَّعِيفِ الْمَرْجُوحِ، أَوِ الْمَنْسُوخِ الْمَتْرُوكِ. أو تجرؤوا على ما حجب عنا علمه وَإِلَّا لَمَا كَانَ فِي وَصْفِهِمْ بِهَذَا مَعْنًى إِذَا كَانَتِ الْآيَةُ-أو الدليل- تَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ مِمَّا يُوَافِقُ الشَّرْعَ، أو فيها علم خفي، وَلَكَانَ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ زَائِغِينَ عَنِ الْحَقِّ لِأَنَّهُمْ -وَلَا شَكَّ- سَيَأْخُذُ بَعْضُهُمْ بِهَذَا الْمَعْنَى وَيَأْخُذُ الْآخَرُونَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى. أو يتبين لبعضهم من العلم ما توقف فيه غيرهم،
إِذَنْ لَيْسَ مُجَرَّدُ احْتِمَالِ الْآيَةِ- أَوِ الدَّلِيلِ- أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى يُدْخِلُهَا فِي دَائِرَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ المنهي عن تتبعها. حَتَّى يَكُونَ هُنَاكَ مَعْنَىً مَقْصُودٌ وَآخَرُ مَتْروكُ، فهذا الأخير هو المنهي عن تتبعه. كما أنه لا يعني خفاء ودقة العلم بوجهها أنه من المتشابهات المنهي عن تتبعها حتى يترك السلف البحث فيها وهذا صنو السالف والله تعالى أعلم. ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn3))
وَبِهَذَا يَدْخُلُ الْمَنْسُوخُ وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ وَالْمُطْلَقُ الَمْقَيَّدُ وَالظَّاهِرُ الْمُؤَوَّلُ تَحْتَ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ، وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ سَنَتَعَرَّفُ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ Qُ تَعَالَى فِي كِتَابِ دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ وَطُرُقِ اسْتِنْبَاطِهَا وَسَوْفَ نَرَى كَيْفَ يَرُدُّ أَهْلُ الْعِلْمِ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ الْمُتَشَابِهَةَ إِلَى الْأَنْوَاعِ الْمُحْكَمَةِ كَالمْخُصِّصِ وَالْمُقَيِّدِ وَالْمُبَيِّنِ وَالنَّاسِخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وبهذا التحرير يكون التقرير أنَّ: مِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ وَمِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَمِنْهُ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ. كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ التَّفْسِيرَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: تَفْسِيرٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ وَتَفْسِيرٌ تَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ مَنْ ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ. قاله ابن تيمية
([1]) مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَاوَ اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَ {وَالرَّاسِخُونَ} مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} وَالْوَقْفَ تَامٌّ عَلَى قَوْلِهِ "إِلَّا Q"، فَإِنَّهُ يُفَسِّرُ الْمُتَشَابِهَ بِأَنَّهُ مَا اسْتَأْثَرَ Qُ بِعِلْمِهِ، لِأَنَّ الضَّمِيَر فِي قَوْلِهِ " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّاQُ" رَاجِعٌ إِلَى مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
([2]) يقول شيخ افسلام: وَلَفْظُ " التَّأْوِيلِ " فِي كَلَامِ السَّلَفِ لَا يُرَادُ بِهِ إلَّا التَّفْسِيرُ أَوْ الْحَقِيقَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ الَّتِي يُؤَوَّلُ إلَيْهَا: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} الْآيَةَ. وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ التَّأْوِيلِ: بِمَعْنَى أَنَّهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلِ يَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ مُتَأَخِّرٍ أَوْ لِمُطْلَقِ الدَّلِيلِ؛ فَهَذَا اصْطِلَاحُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ وَلَمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/244)
يَكُنْ فِي لَفْظِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ مَا يُرَادُ مِنْهُ بِالتَّأْوِيلِ هَذَا الْمَعْنَى. ثُمَّ لَمَّا شَاعَ هَذَا بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: صَارُوا يَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ}. ثُمَّ طَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ. وَكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ غالطة
([3]) ومن أبين الأمثلة لهذا التقرير الآية التي نحن بصددها فالوقف فيها على أحد الموضعين من المتشابه، لكنه ليس من المنهي عن تتبعه لأن الآية تحتمل الوقفين فمن قال بأحدهما له وجهه الموافق لظواهر الشرع، ومن قال بالآخر فمثله أيضا، يقول ابن تيمية رحمه Q : فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}. أَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُهُ مَعْطُوفًا وَيَجْعَلُ الْوَاوَ لِعَطْفِ مُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ أَوْ يَكُونُ كِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقًّا وَهِيَ قِرَاءَتَانِ وَالتَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ غَيْرُ التَّأْوِيلِ الْمُثْبَتِ. ا. هـ أما من نفى العلم بالتأويل مطلقا للوصول إلى تجهيل الأنبياء وتعطيل الصفات فهذا غلط كمن أثبت العلم به مطلقا ليتوصل به إلى التمثيل، وهذا هو المتشابه الذي يتبعه يقول ابن تيمية أيضا: وَلَفْظُ " التَّأْوِيلِ " فِي كَلَامِ السَّلَفِ لَا يُرَادُ بِهِ إلَّا التَّفْسِيرُ أَوْ الْحَقِيقَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ الَّتِي يُؤَوَّلُ إلَيْهَا: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} الْآيَةَ. وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ التَّأْوِيلِ: بِمَعْنَى أَنَّهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلِ يَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ مُتَأَخِّرٍ أَوْ لِمُطْلَقِ الدَّلِيلِ؛ فَهَذَا اصْطِلَاحُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ مَا يُرَادُ مِنْهُ بِالتَّأْوِيلِ هَذَا الْمَعْنَى. ثُمَّ لَمَّا شَاعَ هَذَا بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: صَارُوا يَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ}. ثُمَّ طَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ. وَكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ غالطة. ا. هـ
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[02 - 04 - 09, 07:20 م]ـ
لا تبخلوا على أخيكم
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[02 - 04 - 09, 11:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا(113/245)
المقاصد تدعو الى التوفيق ونبذ الخلاف
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[02 - 04 - 09, 02:45 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ذهب البعض من رجال الأصول أن الغاية من علم الأصول هي الوصول الى معرفة مقاصد الشريعة، لأن البحث في الكتاب والسنة والاجماع وغيره من مصادر التشريع والتعمق في فهم الدلالات والمفاهيم وصيغ الأمر والنهي والتباين والترادف والاستثناء والتخصيص والاشتراك، وأيضا معرفة الحروف ومعانيها وبعض أسرار اللغة كل هذه المواضيع تنقل الباحث الى توجيه قويم حتى لا يضل المقاصد التشريعية التي كان يفهمها عصر الرسول عن طريق الفكرة ويفهمها من والاهم من التابعين بالاختلاط وتبادل الأسئلة والأجوبة أما العصور التي تليها فقد دعت الضرورة الى معرفة القواعد اللغوية وفهم النصوص القرآنية والحديثية ومصطلحات الفقهاء والممارسة الدؤوبة ليتمكن المرء من معرفة مقاصد الشريعة والتكاليف السماوية على وجهها الصحيح.
ومعرفة مقاصد الشريعة ليس هينا ولا يسيرا، فلقد قال الامام الشاطبي في احدى مقدماته: ان الانسان لا يستطيع أن يصل الى درجة تمكنه من معرفة المقاصد الشرعية الا بعد أن يقضي عمرا ليس باليسير في الجد والاجتهاد تاليا وحافظا ومستوعبا وباحثا ومنقبا في كتب الشريعة بل ومجادلا فيها مع هذا وذاك، ومستخلصا الحقائق من قراع الأخذ والرد بين رجال التفسير والحديث والفقه واللغة حتى يتربع المكانة المرموقة في ذلك ويشار اليه اشارة التقدير والاحترام ويسلم اليه بالحذق والمهارة في معرفة الأحكام الفقهية والنوازل الشرعية والتأويلات الموفقة ففي هذه الحالة يكون المتصدي في هذا الميدان قد بلغ درجة معرفة المقاصد الشرعية وأهدافها، ويمكن له أن يعرف الكثير من الوارد عليه منها ويتوقف في القليل منها لمراجعته في أبوابه والرجوع الى مصادره والوقوف على ما أورده العلماء المبرزون في ذلك وقليلا ما يزيغ أمثال هؤلاء عن المقاصد الشرعية وحتى ان حدث منهم خطأ فانه خطأ غير مقصود لا يأثم عليه.
وهذا ان دل على شيء فانه يدل على قصد جليل وعظيم ويحطم أقوال الدهريين والملاحدة والاباحيين وغيرهم ممن انساقوا مع أقوال بعيدة كل البعد عن المنطق والمعقول وليدركوا أن الكون لم يكن ايجاده على هذه الهيئة وبهذه الدقة التي رتب عليها لم يكن أمرا اتفاقيا انبثق من ذاته بل تضبطه غايات حكيمة ويخضع لنظام لا يختلف ترتيبه ولا يتغير تنظيمه.
كما أن هذه المقاصد تحتم على المسلمين توحيد رِؤاهم ونبذ الخلافات المذهبية والطائفية بينهم ويسددوا ويوفقوا ويقربوا ما أمكنهم من جهد وينظروا بعين مستبصرة ويعملوا على اصلاح المجتمع على بينة من هذه المقاصد التي تحمل في حقيقتها الخير والصلاح للفرد والمجتمع.
والله تعالى أعلم وأقدر على التقدير المحكم الذي يرمي الى مقاصد مقصودة ومرامي مقدرة، وهذا فيه تبصرة للذين لا يقولون بعدم العلية لوجود المعلولات، والذين لا يقفون مع الأسباب لوجود المسببات، ولا يقرنون الحكمة الداعية بالمحكوم.
وهذا العصر يفتح آفاقا شتى لمعرفة المقاصد والمناهج التشريعية، وفق مقاصد هائلة يعرفها العقل الفاحص المتدبر، ومعرفة المقاصد ناتج بالضرورة عن معرفة الأحداث كانت مادية أو كانت معنوية، كما أنه من الأجدر اذا اتجهنا الى معرفة المقاصد في التشريعات الالهية أن نعرف ما يحيط بنا والحكمة والغاية من هذا الوجود الذي أصبغ الله فيه من نعمه ظاهرة وباطنة.
فكل جزئية مهما صغرت لم تخلق عبثا بل أوجدها لحكمة وغاية مقدرة، وكل حكم من الأحكام الشرعية الا ونجد من ورائه حكمة جلية.
قال الامام الشاطبي: زعم الرازي أن أحكام الله ليست معللة بعلة، ويقول: والمعتمد أن استقراءنا للشريعة أظهر أنها وضعت لمصالح العباد، وهذا الاستقراء لا ينازع فيه الرازي ولا غيره.(113/246)
كلاما للشيخ العثيمين في شروط النسخ من يوضحه.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[02 - 04 - 09, 11:38 م]ـ
قال الشيخ وهو يتكلم عن شروط النسخ: (ثبوت الناسخ واشتراط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ فلا ينسخ المتواتر عندهم بالآحاد وإن كان ثابتاً، والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى؛ لأن محل النسخ الحكم ولا يشترط في ثبوته التواتر).اهـ
بداية أنا لا أريد أن أناقش المسألة وإنما الاستفسار عن التعليل الذي ذكره الشيخ.
الحكم عند الشيخ هو مقتضى الخطاب الشرعي أي أثره أو دلالته. وقد علل الشيخ ترجيحه بقوله: (لأن محل النسخ الحكم، ولا يشترط في ثبوته التواتر) فالمقصود من هذا التعليل أن الحكم عند الشيخ لا يشترط أن يكون قطعيا، بمعنى أنه يمكن أن يكون قطعيا أو ظنيا، وعليه فمحل الإشكال لا يزال قائما، وهو إن كان الحكم قطعيا هل ينسخ بالظني؟
وأما قوله: (لأن محل النسح الحكم)
ما موقف نسخ اللفظ من هذا الشرط فالشيخ لم يتكلم إلا على الحكم فقط. (تعريف النسخ عند الشيخ: (رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة)
وكان الأولى أن يعلل الشيخ بقوله: (لأن الكل شرع من عند الله، قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).
أو يقول: (إن الناسخ في الحقيقة إنما جاء رافعًا لاستمرار حكم المنسوخ ودوامه، وذلك ظني وإن كان دليله قطعيًا، فالمنسوخ إنما هو هذا الظني لا ذلك القطعي).
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[09 - 04 - 09, 10:12 ص]ـ
وأما قوله: (لأن محل النسح الحكم)
ما موقف نسخ اللفظ من هذا الشرط فالشيخ لم يتكلم إلا على الحكم فقط. (تعريف النسخ عند الشيخ: (رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة)
ثم وقفت على كلاما للطوفي وغيره يدفع هذا التوهم وذلك بأنه قرر أن التلاوة حكم أو في معناه، قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (2/ 274): (التلاوة حكم، والمراد بها متعلق الحكم ; فلأنه يجب تلاوتها في الصلاة، وتصح وتنعقد بها، وتستحب كتابتها، والوجوب، والصحة،والاستحباب أحكام متعلقة بالتلاوة ; فهي حكم أو في معنى الحكم).
فالحمد لله على توفيقه، بقي الكلام على الإشكال الأول ...(113/247)
طلب: كتاب مصادر التشريع فيما لا نص فيه
ـ[حفيدة العلماء]ــــــــ[03 - 04 - 09, 12:01 ص]ـ
انا بحاجة ماسة لكتاب مصادر التشريع فيما لا نص فيه للشيخ: عبد الوهاب خلاف
وجزاكم الله خيرا
ـ[صلاح الدين حسين]ــــــــ[08 - 07 - 09, 11:56 ص]ـ
http://al-mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=014822.pdf(113/248)
التضاد و المنطق العقلي الصحيح
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[03 - 04 - 09, 02:11 ص]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
هناك من اعتبر التضاد في القرآن جزءا من الاشتراك اللفظي وهو رأي كثير من الدارسين لهذه الظاهرة، وهناك من قال لا تضاد في القرآن عند التحقيق لا في ألفاظه ولا في صيغه، وانما المراد من ذلك هو اختلاف لغات القبائل للاستئناس اذ يجدون فيه من لغاتهم ألفاظا وصيغا تدفع عنهم الاستيحاش.
الا أن معظم الدراسات لم تحض بالعناية المطلوبة سواء في كتابات المتقدمين أم في كتابات المتأخرين.
واجتماع الضدين في لفظ واحد ظاهرة ليست بمنأى عن اللغات الحية.
وكتاب الله العزيز يشير الى هذه الظاهرة في أكثر من آية لحكمة جلية كما سنرى، جاء في قوله تعالى:
(وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات) الآية.
وقوله تعالى: (ومن الجبال جذذ بيض وحمر مختلف ألوانه وغرابيب سود) الآية، فلقد تم ذكر صفات مختلفة متناقضة فيما بينها فهذه أشياء مستحيلة بالنسبة لكل شئ سواءا كان حيوانا أو جمادا، وبالنسبة للانسان المكلف فالمراد: أن تكليفه بالعبادة لا يتجاوز نطاق طاقته والمنطق العقلي، كما تبينه آيات عديدة في كتاب الله عز وجل، ولا يمكن مثلا أن يجمع ما بين تضادين كالحركة والسكون أو الايمان والكفر أو أن يجمع في قلبه ما بين الحب والبغض وهذه من المتضادات التي لا يقبلها عقل ولا منطق، فالانسان مكلف بما في وسعه لا يتجاوز طاقته، وفي الحديث: (لا يقضي القاضي وهو غضبان) حتى يسلم القرار المأخوذ من كل جور، وهناك حديث: (لا تغضب) فالمكلف عليه التتبث ولزوم السكينة لتسلم عبادته خالصة لوجه الله تعالى.(113/249)
حمل نظم كراي في السدل
ـ[أحمدولفيلح]ــــــــ[03 - 04 - 09, 02:28 ص]ـ
حمل نظم العلامة كراي في السدل عن طريق الرابط التالي
حمل النظم من هنا ( http://www.chatharat.com/vb/showthread.php?t=1440)(113/250)
وللأمر صيغة مفيدة (بنفسها) في كلام العرب (من غير قرينة) تدل عليها خلافًا للأشعري ومن اتبعه.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 12:15 م]ـ
الحمد لله وحده ...
هو «الإمامُ الجليلُ العلمُ الزاهدُ الورعُ أحدُ أئمةِ الدنيا، أبو المظفر بنُ الإمامِ أبي منصورٍ ابنِ السمعاني، الرفيعُ القدرِ العظيمُ المحلِّ المشهورُ الذكرِ، أحدُ مَن طبقَ الأرضَ ذكرُه، وعبقَ الكونَ نشرُه».
هكذا استفتح ابن السبكي ترجمته في الطبقات الكبرى (5/ 335).
* وقال عنه شيخُ الإسلامِ أبو العباسِ بنُ تيميّةَ: «أحدُ أئمةِ السنةِ مِن أصحابِ الشافعيِّ» اهـ (المجموع 4/ 398).
وحلّاه بـ «الإمام»، قال: «قال الإمامُ أبو المظفرِ السَّمعانيٌّ: (والأصلُ الذي يؤسسُه المتكلمون، والأصلُ الذي يجعلونه قاعدةَ علومِهم: مسألةُ العرضِ والجوهرِ وإثباتُهما، وأنهم قالوا: إنَّ الأشياءَ لا تخلو من ثلاثةِ أوجهٍ، إما أنْ تكونَ جسمًا أو عرضًا أو جوهرًا.
فالجسمُ ما اجتَمع مِن الافتراقِ، والجوهرُ ما احتملَ الأعراضَ، والعرضُ مالا يقومُ بنفسِه وإنما يقومُ بغيرِه.
وجعلوا الروحَ مِن الأعراضِ، وردوا أخبارَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ التي لا توافقُ نظرَهم وعقولَهم، ولهذا قال بعضُ السلفِ: إنَّ أهلَ الكلامِ أعداءُ الدينِ لأنَّ اعتمادَهم على حدسِهم وظنونِهم وما يؤدي إليه نظرُهم وفكرُهم، ثم يَعرضون عليه الأحاديثَ، فما وافقَه قبِلوه وما خالفَه ردوه.
وأما أهلُ السنةِ سلمَهم اللهُ تعالى، فإنهم يَتمسكون بما نَطق به الكتابُ ووردتْ به السنةُ، ويَحتجون له بالحججِ الواضحةِ على حسَبِ ما أَذنِ فيه الشرعُ ووردَ به السمعُ ... ) وذكر تمام الكلام» اهـ.
* وقال الذهبيُّ في «التاريخ» (33/ 324): «وتعصّبَ للسنةِ والجماعةِ وأهلِ الحديثِ، وكان شوكًا في أعينِ المخالفين، وحجةً لأهلِ السنةِ» اهـ.
* أما ابنُ كثيرٍ في «البداية» (16/ 159) فقد نعته كمن سبقه بـ «الحافظ»، وقال: «كانت له يد طولى في فنون كثيرة، وصنف التفسير وكتاب الانتصار في الحديث، و «البرهان» و «القواطع» في أصول الفقه، و «الاصطلام» وغيرَ ذلك، ووعظ في مدينة نيسابور، وكان يقول: ما حفظتُ شيئًا فنسيتُه.
وسئل عن أخبار الصفات فقال: «عليكم بدين العجائز وصبيان الكتاتيب»، وسئل عن الاستواء فقال:
جئتماني لتعلما سر سعدى * تجداني بسر سعدى شحيحا
إن سعدى لمنية المتمني * جمعت عفة ووجهًا صبيحا» اهـ.
* وأما كتابه في الأصول «قواطع الأدلة» فمن أهم ما صنّفه أهل السنة والجماعة في أصول الفقه، ومع ذلك فقد اعترف المصنفون في الأصول على طريقة المتكلمين بتحريره وإتقانه وعلو كعبه.
* قال البدر الزركشي الأشعري في مطلع «البحر» عن «قواطع الأدلة»: «القواطع لأبي المظفرِ بنِ السمعانيِّ وهو أَجلُّ كتابٍ للشافعيةِ في أصولِ الفقهِ نقلًا وحجاجًا» اهـ.
* ومن عجائب طبقات التاج ابن السبكي رفْعَه لأمر الإمام أبي المظفّرِ وكتابه جدًّا بلا غمز ولا لمز، ما هو معروف به من الإغراق في التمشعرِ والحطِّ على أهل السنّة في طول كتابه وعرضِه حتى قال بعضهم كاد كتابه أن يكون طبقات الأشعرية!
نقل ابن السبكيُّ عن أبي سعدٍ حفيدِ المترجَم قولَه في جدّه: «وصنفَ في أصولِ الفقهِ القواطعَ وهو يُغني عن كلِّ ما صُنفَ في ذلك الفنّ» اهـ
نقلَه وسَكت!
بل قال التاجُ نفسُه (5/ 343): «قلتُ: ولا أعرفُ في أصولِ الفقهِ أحسنَ مِن كتابِ القواطعِ ولا أجمعَ، كما لا أَعرفُ فيه أَجلَّ ولا أَفحلَ مِن برهانِ إمامِ الحرمين، فبينهما في الحسنِ عمومٌ وخصوصٌ» اهـ.
ولعلّ هذا غايةُ ما يمكن مِن مثل ابن السبكيّ.
* وعدّ الشيخ الجيزاني أبا المظفر ثانيَ سبعةٍ هم أعلامُ منهج أهل السنة والجماعة في أصول الفقه مع إمام الدنيا محمد بن إدريس، وشيخَي الإسلام، وابن قدامة، والفتوحي، ومحمد الأمين الشنقيطي.
* ومما قاله الإمام أبو المظفر نفسه في مقدمة «قواطع الأدلة»: «وقد كانت جماعة من أصحابي - أحسن الله تعالى لهم التولي والحياطة - يطلبون مجموعًا في أصولِ الفقهِ تستحكم لهم بها معاني الفقه ويقوى أزرها ويجتمع أشدها وينسق فروعها ويرسخ أصولها، فإن مَن لم يعرف أصول معاني الفقه لمْ ينجُ من مواقع التقليد وعُدَّ من جملة العوام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/251)
وما زلتُ طول أيامي أطالع تصانيف الأصحاب في هذا الباب وتصانيف غيرهم فرأيت أكثرهم قد قنع بظاهرٍ من الكلام ورائق من العبارة، ولم يداخل حقيقة الأصول على مايوافق معاني الفقه.
ورأيت بعضهم قد أوغل وحلَّل وداخل، غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل، وسلك طريقَ المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه، بل لا قَبيل لهم فيه ولا دَبير، ولا نَقير ولا قِطمير، ومن تشبع بما لم يعطه فقد لبس ثوبي زور، وعادته السوء، وخبث النشوء، قطَّاعٌ لطريق الحق، مُعمٍ عن سبيل الرشد وإصابة الصواب.
فاستخرت الله تعالى عند ذلك وعمدت إلى مجموعٍ مختصَرٍ في أصول الفقه، أسلك فيه محض طريقة الفقهاء من غير زيغ عنه ولا حيد ولا جنف ولا ميل، ولا أُرضِي بظاهرٍ من الكلام ومتكلَّفٍ من العبارة يُهوِّل على السامعين، ويَسبي قلوب الأغتام الجاهلين، لكن أقصد لباب اللب، وصفو الفطنة وزبدة الفهم.
وأنصُّ على المعتمد عليه في كل مسألة، وأذكر من شُبه المخالفين بما عولوا عليها، وأخص ما ذكره القاضي أبو زيد الدبوسي في «تقويم الأدلة» بالإيراد، وأتكلم عليه بما تُزاحُ معه الشبهة ويَنحلُّ به الإشكال بعون الله تعالى.
وأشير عند وصولي إلى المسائل المشتهرة بين الفريقين إلى بعض المسائل التي تتفرع عنها لتكون عونا للناظر ومتعلقًا للمناظر.
وحين أصل إلى باب القياس وما يتشعب منه من وجوه الكلام ومأخذ الحجة وطريق الأسئلة والأجوبة ووجوه الاعتراض والأخذ بمخافق الخصوم وتوقيف المجادلين على سواء الصراط وطلب ملازمة حدود النظر وسلوك الجدد وترك الحيد ومجانبة الزيغ والأخذ بالتأثيرات والمبين المحكم من مخاييل الظنيات وما تعلق به الأصحاب بمحض الاشتباه في كثير من المسائل ووجه صحة ذلك وفساده؛ فسأشرح عند ذلك وأبسط زيادة بسط وشرحٍ على حسَب ما يسمح به الخاطر ويجود به الوقت والله المعين على ذلك والميسر له بمنه» اهـ.
* ثم قال رحمه الله في صدر باب الأوامر:
«القول بالوقف في الأوامر والنواهي باطلٌ.
وللأمر صيغة مفيدة بنفسها في كلام العرب من غير قرينة تنضم إليها، وكذلك النهى وهذا قول عامة أهل العلم.
* وذهب أبو الحسن الأشعري ومن تبعه إلى أنه لا صيغة للأمر والنهي.
وقالوا: لفظ (افعل) لا يفيد بنفسه شيئًا إلا بقرينة تنضم إليه ودليلٍ يتصل به.
وعندي: أن هذا قول لم يسبقهم إليه أحد من العلماء، وقد ذكر بعض أصحابنا شيئًا من ذلك عن ابنِ سريج ولا يصح.
وإذا قالوا: إن حقيقة الكلام معنى قائم في نفس المتكلم، والأمر والنهي كلام؛ فيكون قوله (افعل) و (لا تفعل) عبارة عن الأمر والنهي، ولا يكون حقيقة الأمر والنهي.
وهذا أيضا لا يعرفه الفقهاء، وإنما يعرفوا قوله (افعل) حقيقة في الأمر، وقوله (لا تفعل) حقيقة في النهي.
* أما الواقفية فتعلَّقوا بما ذهبوا إليه، وقالوا: إن صيغة قوله (افعل) تحتمل وجوهًا من المعنى، فإنه قد ورد بمعنى الإيجاب مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}.
وورد بمعنى التهديد بدليل قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}.
وورد بمعنى التكوين قال الله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.
وورد بمعنى التعجيز قال الله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ}.
وورد بمعنى السؤال والدعاء وذلك في قول العبد: (رب اغفر لى وارحمني).
وورد بمعنى الإباحة وهو قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}.
وورد بمعنى الندب في قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً}.
وإذا احتملت هذه الصيغة هذه الوجوه لم يكن البعض بأولى من بعض، فوجب التوقف حتى يُعلم المراد بقرينة.
وأشبه هذا سائر الأسماء المشتركة، وهذا لأن ما احتمل وجوهًا شتى من المعنى لا يتعين أحد وجوهه إلا بدليل.
* وشبهة القوم هي: أن قوله (افعل) ليس يختص بمحمل، أخذًا من مسالك العقول.
فإن العقول لا مجال لها في مقتضيات العبارات، فلئن اختص بمحمل فإنما يختص من جهة النقل عن العرب أو من جهة الشرع.
قالوا: فإن ادعيتم نقلًا صريحًا من جهة أهل اللسان وهم العرب فهذه مباهتة، ولا يُعلم في هذا نقل صريح من العرب.
ولأن النقل ينقسم إلى المتواتر والآحاد؛ فإن ادعيتم النقل من جهة الآحاد فلا احتفال به لأنه لا يوجب العلم، والمطلوب في هذه المسألة هو العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/252)
وان ادعيتم النقل تواترًا كان ذلك محالًا لأن النقل من جهة التواتر يوجب العلم الضروري وذلك يوجب استواء طبقات الناس فيه.
قالوا: ونحن معاشر الواقفية مصرون على أنه لم يقع لنا العلم بذلك، وقد مرت علينا الدهور والأزمان ونحن مستمرون على هذا الخلاف، فأين العلم الذي تدعونه وتزعمونه؟
قالوا: وإن نسبتم قولكم إلى الشرع فالكلام على النقل الشرعى مثل ما قلناه على من ادعى النقل من جهة العرب وقد بينا التقسيم فيه وبطلان وجهي ذلك فهذا مثله.
* هذا حجة القاضي أبى بكر محمد بن الطيب ونهاية ما قالوه.
*وأما حجتنا فنقول: أجمع أهل اللغة أن أقسام كلام العرب أربعة أقسام: أمر، ونهي، وخبر، واستخبار.
وقالوا: الأمر قوله (افعل)، والنهي قوله (لا تفعل)، والخبر قوله (زيد في الدار)، والاستخبار قوله (أزيد في الدار؟).
ومعلوم أنهم إنما ذكروا الأقسام المعنوية من كلامهم دون ما ليس له معنى.
فإذا قلنا: إن قوله (افعل) و (لا تفعل) ليس له معنى مفيد بنفسه؛ بطل هذا التقسيم.
يبينه: أن الخبر والاستخبار كلام مفيد بنفسه من غير قرينة تتصل به، فكذلك الأمر والنهي.
وهذا لحقيقة وهي: أن وضع الكلام في الأصل إنما هو للبيان والإفهام وعلم المراد من الخطاب، ولو كان بخلاف ذلك لجرى مجرى اللغز والأحاجي التى يقع القصد بها إلى المغاياة وتعمية المراد وذهبت فائدة الكلام أصلا وهذا ظاهر الفساد.
* وإذا ثبت أن القصد من الكلام هو البيان وأن نعلم المراد من الخطاب فنقول:
المعلومات متغايرة في ذواتها مختلفة في معانيها، فلا بد لها من أسماء متغايرة ليقع التمييز بتغايرها بين المعلومات فيحصل البيان عن المراد ولا يعرض فيها الإشكال.
ومن جملة المعلومات التي لابد من البيان عنها: الأمر والنهي، والعموم والخصوص، والتفريق والتخيير إلى ما سوى ذلك من المعلومات.
والعرب قد جعلت للأمر اسمًا وللنهى اسمًا، وكذلك للتخيير، والعموم، والخصوص، وغير ذلك.
وهو مثل ما وضعوا الأسامي المفردة لمعانٍ معلومة، ووضعوا الحروف التى هي أدوات لمعانٍ معلومة أيضًا.
وإذا ثبت هذا فالواجب أن يكون كل شيء منها محمولًا في الأصل على ما جعل سمةً له ودلالةً عليه وأن يكون معقولًا من ظاهره ما اقتضته صورته إلا أن يرد دليل ينقله عنه إلى غيره؛ ليصير الغرض من الكلام مصابًا والتلبيس مرتفعًا، والبيان حاصلًا، والإشكال زائلًا، ومن حاد عن هذه الطريقة فقد جهل لغة العرب ولم يعرف فائدة موضوعها.
* وقد أنزل الله تعالى القرآن بلسان العرب، وعلى أوضاع بيانها فقال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}، فعرفنا قطعا أن أوضاعهم متبعة، وأن منظوماتهم معتبرة.
يدل عليه: أنه لا خلاف أن المفردات من الأسماء والآحاد من الأجناس التي تتركب منها الجموع، والمصادر التي تصدر عنها الأفعال مستعملة على ظواهرها غير متوقَّف فيها.
وكان حق ما يبتني منها ويتركب عليها من الألفاظ الموضوعة للأمر والنهي والعموم والخصوص أن يكون كذلك، إذ كان بعضها مركبًا من بعض ومشتقًا منه، والبيان بكل منها في نوعه واقع وبه متعلق.
فإذا توقفنا مع وجود اسمه وحصول الدلالة من جهة الظاهر؛ فقد عطّلنا البيان وابطلنا فائدته.
* فان قالوا: ما ذكرتم من أصل لكلام وتقسيم أنواعه إنما هو منقول عن جماعة من أهل اللغة مثل الخليل وسيبويه وأضرابهما، والعلم لا يحصل بنقلهم بحال، وإنما يكون ذلك لكم حجة أن لو نقلتم عن العرب وهم لا يعرفون هذا التقسيم.
وأما الذي قلتم: إن الكلام في الأصل موضوع للبيان مسلّم، ولكن البيان ليس بمقصور على لفظٍ دون لفظٍ وعلى حالة دون حالة.
وإن لم يقع بيان الأمر والنهي بصيغة قوله (افعل) و (لا تفعل) فيقع عند اتصال القرائن به، ويقع أيضًا بغير هذه الألفاظ، وعلى أنا ادعينا أن هذه اللفظة من جملة الأسماء المشتركة، وللأسماء المشتركة باب عظيم منقول عن العرب، والبيان يقع بها في محتملاتها عند إرادة بعض وجوهها، فكذلك ها هنا.
والجواب: أن الذي حكيناه من أقسام كلام العرب محكي عن جميع أهل اللغة، وهم الذين عنوا بمعرفة لسان العرب، واحاطوا علمًا بحدود أوضاعه، فلما أرادوا أن يُحضِروا علمه لمن بعدهم ولمن فات داره عنهم من أهل عصرهم؛ صنفوا كلام العرب أصنافًا، وقسموا كلامهم أقسامًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/253)
وقد عدوا الأمر من أقسامه كما عدوا الخبر من أقسامه، فلما كان ظاهر الخبر والاستخبار معمولًا به؛ فكذلك ظاهر الأمر والنهي.
وهذا لأن طريق العلم في الكل واحد، والنقل إلينا في الجميع كان بجهة واحدة لغرض واحد وهو العلم بكلام العرب، فلا يجوز أن يُعلم البعض ويُجهل البعض، هذا محال.
* وأما قولهم: إن البيان يقع ولا يختل مع التوقف الذي صرنا إليه.
قلنا: إذا وضعوا للأمر قوله (افعل) وللنهى قوله (لا تفعل) ولم يفد بنفسه شيئًا اختلَّ البيان.
يبينه: أن اللغة وضعت لحاجات الناس فكل ما احتاجوا إليه وضعوا له اسما يدل عليه، ومعلوم أن الأمر والنهي من أشد ما تقع إليه الحاجة، وهما داخلان في عامة المخاطبات التي تدور بين الناس، ونقْل ذلك أكثر من الخبر والاستخبار، ويستحيل أن يخلو كلام العرب مع سعته وكثرة وجوهه من صيغة الأمر والنهي ولفظة مفردة تدل عليهما بأنفسهما.
* وأما الذي قالوا: إن هذا اسم مشترك مثل سائر الأسماء المشتركة، ويقع البيان بها عند إرادة أحد وجوهها.
قلنا: نحن لا ننكر وجود الأسماء المشتركة في اللغة، ولكن ليس هذا من جملتها، لأنه لو كان قول القائل لغيره (افعل) حقيقة في أن يفعل، وحقيقة في التهديد الذي يقتضي أن لا يفعل، أو غير ذلك مما ذكروه؛ لكان اقتضاؤه لكل واحد من هذين على سواء، لا ترجُّح لأحدهما على الآخر.
ولو كان كذلك لما سبق إلى أفهامنا عند سماعها من دون قرينة أن المتكلم بها يطلب الفعل ويدعو إليه، كما أنه لَّما كان اسم اللون مشتركًا بين البياض والسواد لم يسبق عند هذه اللفظة من دون قرينة السواد دون البياض.
ومعلوم أنا إذا سمعنا قائلا يقول لغيره (افعل) وعلمنا تجرد هذا القول عن كل قرينة؛ فإن الأسبق إلى افهامنا أنه طالب للفعل.
كما أنا إذا سمعناه يقول: رأيت حمارًا؛ فإن الأسبق إلى أفهامنا الدابة المعروفة دون الأبله الذي يُشبَّه بها.
وقد بطل بهذا الكلام دعواهم أن الاسم المشترك، وإذا بطل الاشتراك لم يبق إلا ما بينّا من تعيين وجه واحد له وهو طلب الفعل.
* وأما الجواب عن كلامهم:
أما الأول: قولهم أنه قد ورد لكذا وورد لكذا: قلنا: هذه الصيغة موضوعة بنفسها لطلب الفعل وإنما حملنا على ما سواه في المواضع التي ذكروها بقرائن دلت عليها.
* وأما الأسماء المشتركة: فقدمنا الجواب عنها، وهذا لأن اللون والعين وأشباه ذلك لم توضع لشيء معيَّن. وأما قوله (افعل) وضع لمعنى معين، ألا ترى أنَّ من أمر عبده أن يصبغ الثوب بلون لم يستحق الذم بأي صبغ صبغه؟
ولو قال لعبده (اسقني) استحق الذم بتركه السقي، ولو كان قوله (اسقني) مشتركًا بين الفعل والترك اشتراك اللون بين السواد والبياض؛ لم يجز أن يستحق الذم والتوبيخ بترك السقي.
وهذا لأن أهل اللغة لم يضعوا اسم اللون لشيءٍ بعينه، وقد وضعوا قوله (افعل) لمعنى بعينه وهو طلب الفعل على ما سبق.
* وأما كلامهم الثاني: قلنا قد بينا بطريق النقل عن العرب الذين هم أهل اللسان.
وقولهم (إنه لم يقع لنا العلم بذلك): قلنا هذه مكابرة ومباهتة.
يبينه: أن العرب صاغوا قوله (افعل)، ولا شكَّ أنهم صاغوا هذه اللفظة لمعنى، مثل ما صاغوا سائر الألفاظ لمعان، وليس ذلك إلا لطلب الفعل الذي يعرفه كل أحد من معناه.
يدل عليه: أنه إذا وجب الوقف بالأمر وجب الوقف بالنهي أيضًا، ثم حينئذ يصير الأمر والنهي واحدًا وهذا محال.
* وعلى أن مِن مذهب الواقفية أن قوله (افعل) من الأسماء المشتركة، وإذا كان عندهم هكذا؛ فجميع ما قالوه من التقسيم في ثبوت الصيغة للأمر، وأنها تثبت بالعقل أو النقل، ودعواهم أن العلم لم يقع لنا بنقل ذلك من العرب: ينقلب عليهم فيما ادعوا أنه من الأسماء المشتركة، ولا مخرج لهم عن هذا بحال.
* وكل كلام أمكن قلبه على قائله في عين ما جعله حجة فإنه يبطل من أصله.
* والله الهادى إلى الصواب وهو المعين».
انتهى ما أردتُ نقله والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 02:38 م]ـ
الفاضل الأزهري السلفي ..
هذا كلام قديم لا جديد فيه وهو عين كلام المتكلمين ..
بل ونفس حجج من يُقسم الكلام لحقيقة ومجاز ..
بل هذا الكلام من أصرح الكلام في بناء صيغة الأمر على مبحث الحقيقة والمجاز ...
ولا تنفع سلفية السمعاني هنا بشيء ... فالكلام في الحقيقة والمجاز والأسماء المشتركة = بدعة اعتزالية لا يعرفها السلف ..
والأشعري رحمه الله كان أقرب للصواب من السمعاني؛ بركة أنه واحد ممن لم تدخل عليهم شبهة المجاز على الوجه الذي يُقرره المعتزلة ..
وليس السمعاني بأول سلفي يُقرر بدعة اعتزالية خاصة في أبواب أصول الفقه ..
وجل الذي يكتبه الناس في تلك الأبواب بعد الشافعي إنما هو من كلام المعتزلة والأشاعرة ...
فلا جرم تدخل عليهم الشبهة ويتكلمون كما تكلم السمعاني هاهنا بصيغة الأمر والحقيقة والأسماء المشتركة واللغة الموضوعة والعرب التي تضع الألفاظ وسبق الفهم المرجح للمعاني ..
وكل ذلك أجنبي عن العرب والسلف جميعاً ...
وفقنا الله وإياك للحق الصريح والصدق الصريح والنقطة التي لم يكثرها الجاهلون .. ووقانا الله وإياك باطلاً يتدثر بدثار الحق .. وبدعة تستخفي بالسنة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/254)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 05:38 م]ـ
ويبقى أمران مهمان:
1 - أن ابن السمعاني يُثبت قسمة الألفاظ إلى حقيقة ومجاز وكثير من تقريراته في الباب الذي عقده لهذا = منتزع من كلام أبي الحسين البصري المعتزلي.
2 - أن مسألة المجاز والمسائل المبنية عليها كمسألة صيغة الأمر ليست هي الوحيدة التي أخطأ فيها ابن السمعاني وضل فيها عن مذهب السلف وأذكر من تلك المسائل التي زل فيها هذا الإمام وتبع فيها مذهب الأشاعرة المتدثر بدثار الشافعية = مسألة التحسين والتقبيح العقليين ..
فقد رجح فيها ابن السمعاني مذهب الأشاعرة ونسبه لأكثر أصحاب الشافعي وجماعة من المتكلمين الذين قال عنهم: ((هم الذين امتازوا عن متكلمي المعتزلة)) .. ولا أحسبه يعني غير الأشاعرة.
ويقول ابن السمعاني مقرراً هذا القول الذي اختاره: ((وأن العقل بذاته ليس بدليل على تحسين شيء ولا تقبيحه ولا حظره ولا إباحته، ولا يعرف حسن الشيء وقبحه ولا حظره ولا تحريمه حتى يرد السمع بذلك.
وإنما العقل آلة يدرك بها الأشياء، فيدرك به ما حسن وقبح وأبيح وحرم بعد أن يثبت ذلك بالسمع)).
ولا أظنه يخفى على الفاضل الأزهري قول شيخ الإسلام عن هذا القول: ((وهذا الأصل هو من الأصول المبتدعة في الإسلام، لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها أن العقل لا يحسن ولا يقبح، أو أنه لا يعلم بالعقل حسن فعل ولا قبحه، بل النزاع في ذلك حادث في حدود (في الأصل: حدوث) المائة الثالثة .. )).
وسلفية ابن السمعاني لا تمنعنا من بيان زلله هاهنا ودخول شبهة المتكلمين عليه .. وسلفيته لا تمنعه من الزلل في غير هذا وباب البحث والعلم مفتوح لمن أخلص النية واستفرغ الوسع في تحصيل أدواته .. وتخليص النور الأول الذي كان عليه أهل القرون المفضلة يحتاج إلى تكاتف الجهود والبصر النافذ والنظر الواعي .. وفقنا الله وإياك للخير كله ..
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[06 - 04 - 09, 06:35 م]ـ
الحمد لله وحده ...
هذا الكلام قديم؟!
مقطوع أن هذا الكلام قديم ..
لمْ أدّع أن الله قد بعث أبا المظفر بعد الموت حتى يكتب ورقتين من القواطع!
وقديم أيضًا ما قاله رحمه الله بخصوص التقبيح.
ولم أزد على أن نقلتُ نقلا من كتاب، ثم الله يرزق من يشاء الفهم ويحجب من يشاء.
أسأل الله الهداية لي وللجميع ..
وللموضوع صلة إن شاء الله وقدَّر.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 - 04 - 09, 09:58 م]ـ
آمين وجعلها الله صلةَ خيرٍ وسنة ...
بوركتَ ..
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[03 - 07 - 09, 08:31 م]ـ
في كلام الفاضل أبي فهر
تهويل لمسألة المجاز
ـ أوهم أنها من أكبر المسائل العقدية
ـ أوهم أنها بدعة اعتزالية وليس الأمر كذلك فجمهور علماء الأمة من أهل السنة وغيرهم بل السواد الأعظم منهم يقولون بثبوت المجاز فيا ليت شعري ما هذه البدعة الاعتزالية التي تبناها السواد الأعظم من علماء الأمة الإسلامية وعلماء أهل السنة؟!!
ـ أوهم أن المسألة محل اتفاق عند علماء أهل السنة وليس كذلك فجمهورهم على خلاف ذلك
ـ وكذا نسبة ذلك إلى السلف
ـ وأنها بدعة
ـ وكذا عد هاتين المسألتين من الزلات والبدع التي ضل فيها الإمام أبو المظفر (وهي مسألة المجاز والتقبيح والتحسين العقلي)
وليس كذلك مجردا
فكيف إذا علمنا أصول وجهود هذا الإمام في الذب عن السنن والآثار السلفية
** ليس غرضي مناقشة الراجح في هذه المسائل
إنما أردت التنبيه على أن عرض هذه المسائل بهذه الطريقة ليس من الإنصاف في الميزان العلمي
والله أعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[03 - 07 - 09, 08:47 م]ـ
بارك الله فيك ..
وكلامك أيها الأخ الكريم أمجد ..
تهوين من المجاز وهو بدعة يونانية اعتزالية وأهل القرون المفضلة ومن بعدهم إلى زمن الأئمة الأربعة =بريئون منها .. يعلمون منهجاً حقاً في فقه النصوص ويجهلون تفاصيل تلك السخيمة البدعية وتقسيماتها اليونانية،التي أدخلها على الناس المعتزلة في أواخر عصر الأئمة، وقددخلت على بعض معاصريهم وبعض من بعدهم من علماء أهل السنة كما دخلت على أولئك بعض بدع المعتزلة والأشعرية في الأصول والنحو وزاد ثباتها بعد دخولها ضعف الاجتهاد وعظم سطوة التقليد .. وتسليم الآخر للأول ..
أما الولع والتشدق بلفظ الجمهور فلا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً وأمام الأخ أمجد ألف عام يكرر فيها لفظ الجمهور كيف شاء ولكن ذلك لن يخلق نصاً جديدا يتكلم فيه واحد من الصحابة أو التابعين أو أتباعهم ببدعة المجاز ..
وكلام أبي المظفر في المجاز والتحسين = بدعة ضلالة .. وسلامة أصوله لا تمنع ذلك ..
وليس غرضي الآن مناقشة الراجح في هذه المسائل ..
وإنما أردت التنبيه على أن دخول الإنسان باباً لم يُحققه = يضر به وبالعلم وبالناس كثيراً ..
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 07 - 09, 01:30 ص]ـ
بوركت أخي الفاضل ...
- كررت كلامك الأول وهو التهويل ووضع المسألة في غير موضعها
ومقصودي أن العلماء لم ينزلوا المسألة هذه المنزلة التي أنزلت
وهذا معنى ذكري للجمهور والسواد الأعظم
وهو الاستشهاد بفهمهم لوزن المسألة
لا أن قول الجمهور حجة
وإنما فهمهم هو الحجة على من دونهم ممن لا يبلغ عشر معشار علمهم
- فكما أن عدم الإنصاف والظلم يقع على المخالف في هذه الميادين العلمية
كذلك يقع على المسائل المختلف فيها
وهذا يضر بصاحبه وبالعلم وبالناس كثيراً ..
- وأنا أنبه _في هذا المقام_ على مأخذ معتبر عند أهل العلم في وزن المسائل والأدلة والمآخذ كثيرة
وهو النظر في عادة العلم وأنواع مسائله
فإن لذلك عادة تنسحب على فهم جميع أهل العلم أو جمهورهم
فمتى وجدت كلامك يخالف هذه العادة فاعلم أنك واضع المسألة في غير موضعها وأن ثمة خلل في فهمك للمسألة تخالف فيه أهل العلم
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/255)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 09, 03:32 ص]ـ
بارك الله فيك ..
كررت كلامك الأول وهو تهوين من المسألة وضعف في تحقيقها ..
وليس فهم الجمهور بحجة ولا ميزانهم ميزان ملزم هذا إن كان هناك جمهور أصلاً ..
وإنما هو التلقي المحض والتقليد الصرف .. والجري وراء مخترعات خلوف القرون المفضلة ...
وأنا أنبه على شيء ..
وهو إن كثيراً من العادات إنما جعله عادة = اتباع الآخر لسنن الأول من غير اجتهاد ولا تقليب نظر ولا طلب لأوائل الأمور .. ويدخل بسبب ذلك فساد كبير وكذب كثير ..
وشيء آخر: أن أهل زماننا ومن قبلهم من أزمنة التقليد يكثر في كلامهم ذكر الجمهور والسواد الأعظم والفهم وحجية الفهم و .. و .... إلى آخر تلك الأبواب التي جرهم لها إيثار السلامة وحب اللصوق .. ولو فعل فعلهم وجرى جريهم أحمد أو ابن تيمية أو ابن عبد الوهاب = لكنا اليوم مع الخوالف نتمسح بالأشعري ونتبرك بالأولياء ..
والذي ينسبه غيرنا وننسبه للسلف القرون المفضلة: أنهم ما دروا ولا كانوا ليقبلوا ذاك المنهج الفاسد في فقه النصوص وتلك البدعة اليونانية في تأويل الوحي .. وأنهم مبرؤون من كل ذلك ولهم نظرهم وفقههم الذي عمي عنه من قعد وركن ثم هو يأبى إلا أن يتواصى بالباطل ويدعونا لنقعد قعوده ...
فالحمد لله الذي عافانا ونجانا ...
وبعد ..
فالمجاز بدعة يونانية وضلالة اعتزالية ومنهج فاسد في فقه النصوص جر على الاعتقاد والفقه فساد كثير جرى على ألسنة أتباع المذاهب الأربعة من غير تحرير ولا تحقيق .. وهو بعض الفساد الضارب أطنابه في جل ما وصلنا من بعد عصر الأئمة ...
يعلم هذا من يعلمه ويجهله من يجهله ويقبله من يقبله ويرده من يرده .. ومن يضلل الله فلا هادي له ..
ومن دقق حقق ومن حقق وفق ...
وليسم أخونا أمجد هذا تهويلاً أو يسمه ما يشاء .. فقد اهتدينا ولا علينا ممن أضلته صوى التلبيس الغرور وخدعته منارات التقليد المغبشة والله الهادي إلى سواء السبيل ..
ومثل تلك الردود الصحافية التي يكتبها وأرد أنا عليه بمثلها = لن تحق حقاً ولن تبطل باطلاً .. وإنما يركن لها-غالباً- من تضعف نفسه عن البحث فعاوز يخلص الليلة بكلمتين ... ومثل ذلك لا ينفع في تلك المسألة الجليلة .. ومن لم تُبلغه مؤنته أن يطلب أوائلها ويفقه مواردها = فليقبل على غيرها مما ينفعه .. فسكوته يُقلل الخلاف ويخفف الكذب ..
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 09, 06:33 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
هذه الصفحة تحتاج مني إلى مزيد عناية، لكنها المشاغل مع الرغبة في كتابة ما يفيد والإعراض عن مجرد النقش أو العودة على المكتوب بالكتابة.
فأسأل الله أن يهديني وإخواني إلى أقوم سبيل.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[04 - 07 - 09, 08:31 ص]ـ
أيش هو منهج أهل السنة والجماعة في أصول الفقه؟!! هذا الكلام غريب
ومسمى كتاب الشيخ الجيزاني -وفقه الله- منتقد.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 09, 08:44 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
بارك الله فيك.
ولعل عقلي قد قصر عن فهم معنى مشاركتك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[04 - 07 - 09, 11:01 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
قلت في مشاركتك القيمة: (وعدّ الشيخ الجيزاني أبا المظفر ثانيَ سبعةٍ هم أعلامُ منهج أهل السنة والجماعة في أصول الفقه مع إمام الدنيا محمد بن إدريس، وشيخَي الإسلام، وابن قدامة، والفتوحي، ومحمد الأمين الشنقيطي)
أقول: هل لأهل السنة والجماعة منهج متميز خاص بهم في أصول الفقه؟!!
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[04 - 07 - 09, 11:18 ص]ـ
بارك الله فيك ..
وكلامك أيها الأخ الكريم أمجد ..
تهوين من المجاز وهو بدعة يونانية اعتزالية وأهل القرون المفضلة ومن بعدهم إلى زمن الأئمة الأربعة =بريئون منها .. يعلمون منهجاً حقاً في فقه النصوص ويجهلون تفاصيل تلك السخيمة البدعية وتقسيماتها اليونانية،التي أدخلها على الناس المعتزلة في أواخر عصر الأئمة، وقددخلت على بعض معاصريهم وبعض من بعدهم من علماء أهل السنة كما دخلت على أولئك بعض بدع المعتزلة والأشعرية في الأصول والنحو وزاد ثباتها بعد دخولها ضعف الاجتهاد وعظم سطوة التقليد .. وتسليم الآخر للأول ..
أما الولع والتشدق بلفظ الجمهور فلا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً وأمام الأخ أمجد ألف عام يكرر فيها لفظ الجمهور كيف شاء ولكن ذلك لن يخلق نصاً جديدا يتكلم فيه واحد من الصحابة أو التابعين أو أتباعهم ببدعة المجاز ..
وكلام أبي المظفر في المجاز والتحسين = بدعة ضلالة .. وسلامة أصوله لا تمنع ذلك ..
وليس غرضي الآن مناقشة الراجح في هذه المسائل ..
وإنما أردت التنبيه على أن دخول الإنسان باباً لم يُحققه = يضر به وبالعلم وبالناس كثيراً ..
لا أدري إن كان الأخ الكريم أبو فهر -وفقه الله- ينكر المجاز مطلقاً أم لا؟
وأذكر أنه كان ينافح عنه ويثبته ويجادل حوله -إن لم أنسَ- في هذا الملتقى.
ثم سؤالي .. ما القول إن كان الإمام البخاري -رحمه الله- يثبت المجاز نصاً؟ أم أنها دخيلة عليه أيضاً؟
أرجو أن تعتبرها تساؤلات للإجابة عنها، وجزيت خيراً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/256)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 09, 01:48 م]ـ
1 - عمري يا سيدنا ما تلبست بالدفاع عن المجاز إلا فترة في أوائل دراستي للبلاغة في منتصف التسعينيات الميلادية وقبل أن أعرف الملتقى.
2 - الفتوحي وابن قدامة لهم وأبو المظفر لهم مسائل خالفوا فيها أهل السنة وصنيع الجيزاني جره إليه سعيه لتوفير مادة لكتابه تشمل المباحث الأصولية.
3 - ولو لم يكن لهم: فالشأن في أن هذه المباحث الأصولية المكتوبة بعد الشافعي جلها أشعرية إعتزالية،ثم يكون الاعتزال والتمشعر فيها ظاهراً ويكون خفياً ويكون الباطل فيها من قبل فروع الاعتزال والتمشعر ويكون الباطل فيها من قبل أصول الاعتزال والتمشعر .. ثم يكون الباطل فيها من جهة الأصول العقدية للاعتزال والتمشعر ويكون الباطل فيها من جهة منهج النظر الذي قرره المعتزلة والأشاعرة وهجروا به الفطرة العربية السليمة .. وذلك فساد كله .. وقد يخفى بعضه حتى على مثل شيخي الإسلام .. وما حوى رجل الحق حتى ما خرج عنه قط ..
4 - بخصوص أهل السنة والأصول يا أبا يوسف: الصواب أن يقال أصول الفقه التي تعرفها القرون المفضلة وكانت في عصر الأئمة أما ما بعدهم فجلها إعتزال وتمشعر إما في المنهج الذي عدلوا به عن منهج السلف في النظر .. وإما في الأصول العقدية وإما في الفروع ..
5 - جريان لفظة المجاز على لسان البخاري: هو من التكلم بالبدعة الذي يقع فيه الواحد من أهل السنة ويكون معذوراً مأجوراً .. ومثله مثل من نفى الصورة ونحوها من مفاريد البدع التي تقع من بعض علماء أهل السنة .. وقد كان عهد تلك البدعة قريباً فدخلت على بعض أهل السنة وربما لبست عليهم بمباحث العربية .. ومن أثبت أصل المجاز من أين جاء ومن الذي أدخله في المباحث العربية وبين فساده كمنطق للنظر ولم يجد له أثارة في كلام السلف والأئمة = لم يفرح بذكره على لسان البخاري أو غيره .. وإنما يفرح بذلك من لم يطلب أوائل الأمور ورضي من نفسه بأن يكتب في ورقة: قال البخاري وقال ابن قتيبة وقال أبو المظفر .. ثم تتسع ابتسامته ويقول: قال به بعض أهل السنة .. هذا إن لم يقل: قال جمهورهم.
والبحث في:
1 - من أين أتت فكرة المجاز؟؟
2 - من الذي أدخلها في علوم المسلمين؟؟
3 - ما مدى سلامة بناءها وهل هو صحيح من جهة النظر؟؟
4 - هل تكلم بها لفظاً أو بناءاً واحد من القرون المفضلة؟؟
5 - ما هو الفساد الذي ركب عليها وكان من نتاجها؟؟
وقد أجبنا هذه الأسئلة وانتهينا إلى أن المجاز بدعة يونانية وضلالة إعتزالية بريء منها السلف جميعاً .. فلا يضرنا بعدُ أن تجري على لسان البخاري أو غيره .. ومن شاء البحث فليعد لتلك السؤالات ويجيب عليها بغير جوابنا وينقض جوابنا ثم ليبن على جوابه رأيه ..
أما التمسك بقال البخاري وقال أبو المظفر .. أو دعاوى الجمهور .. فهو تمسك بالفروع وهجر لأصول البحث والنظر السليم .. فليس الطريق هناك .. وليس من هاهنا تؤكل الكتف ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 09, 02:10 م]ـ
ونعتذر لأخينا الأزهري إن كنا شغلنا صفحته بما ليس من مقصوده ..
وفي المقالات التي وضعتها هنا وفي الألوكة = متسع لمن أراد البحث من غير أن نعجل الأزهري عن مراده من صفحته ...
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[05 - 07 - 09, 01:34 ص]ـ
- المشكلة أن معنى ومفهوم التحقيق والتدقيق والتجديد عند العلماء يختلف ولا يتفق مع مفهومه عند أخينا أبي فهر وبعض طلبة العلم وكثير من الظاهرية ونحوهم
فليس التحقيق عند العلماء هو مخالفة السواد الأعظم من العلماء أو الجمهور
للأسف يظن من يعجب بشخصية ابن تيمية ونحوه أن تجديد الدين يكون بمخالفة ما اعتاد عليه الجمهور والسواد الأعظم من العلماء
بل قد يغلو فيتعمد الانفراد عن جماعتهم ويقول:"لا يشترط أن يكون لي سلف فيما ذهبت إليه".
فإذا أنكر عليه اتهم مخالفه بالتقليد والركون والقعود وعدم التحقيق ... الخ!!!
وهذا وضع للأمور في غير موضعها وهو الظلم بعينه
وقريب منه اتهام بعض من يدافع عن المذاهب الأربعة من طعون بعض الظاهرية وأشباههم = بالتعصب والتقليد
وهذا قصور نظر
فالدفاع عن الشيء لا يعني التعصب له إلا إذا كان دفاعا بغير حق
والمدافع هنا يقرر أن الدليل هو المقدم إذا خالف قول الأربعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/257)
- لو كان ذكر الجمهور والسواد الأعظم والتنبيه على فهم العلماء للمسائل من سمات المقلدين وعدمُه من سمات المحققين لكان أسلافنا في القرون المفضلة أبعد الناس عن التحقيق وأقربهم للتقليد المذموم
وإلا فما معنى تحذيرهم من الغرائب والشواذ؟!!!
- مرادي بعادة العلم وأهله أن نظير هذه المسائل لا ينزلونها تلك المنزلة التي أنزلت ولم أقصد تتابعهم على القول بالمجاز
وعلى فهمك لهذا المقطع من كلامي فإنه خطأ
لأنه يلزم منه_ إن لم نقل أنه صريح كلامك ولا أراك تلتزمه_ اتهام السواد الأعظم من علماء الأمة من أهل السنة وغيرهم ومن المحققين وغيرهم بقلة الفهم وعدم التحقيق وإيثار السلامة وحب اللصوق
واللازم باطل فكذا الملزوم
وبيان بطلانه واضح
- لا أريد أن أخوض في مسألة المجاز ترجيحا وأدلة
فليس غرضي من مداخلتي هنا ذلك
إنما غرضي هو وزن هذه المسألة والتنبيه على خلل يقع في فهم حقيقتها وما حولها
- لو كان إثبات المجاز يفسد فهم النصوص اعتقادا وفقها للزم عنه القول بأن السواد الأعظم من علماء أهل السنة فاسدي الفقه والاعتقاد لأنهم مثبتون للمجاز واللازم باطل اتفاقا فكذا الملزوم
فمثلا بالخاري والدارمي وعد ما شئت من أئمة الاعتقاد والفقه من مثبتي المجاز لا يقول أحد أن فقههم للنصوص فاسد
وكذا كثير ممن ضل في باب الاعتقاد والفقه ليس سبب ضلاله إثبات المجاز وإنما السبب هو أصول أخرى ذهب إليها
- الاستشهاد بالقرون المفضلة هنا هو محل النزاع
فالمثبت ينسب هذا لهم ولا يسلم للنافي بما يقول
إما بذكر بعض السلف ممن استعمل المجاز في كلامه
أو بذكر مقدمة وهي أن المجاز كاصطلاح لم يجر على لسانهم ولكن الذي جرى هو المعنى كباقي اصطلاحات العلوم المتفق على صحة معناها وحدثت بعد القرون المفضلة
وهذا ذكرني بالصنعاني رحمه الله عندما أراد أن يعدد مزالق الأصوليين فعد منها تقسيمهم للدلالة إلى دلالة التزام ودلالة تضمن ودلالة مطابقة ثم قال وهل كان أبو ذر أو أبو الدرداء يقول بهذا التقسيم أو على علم بدلالة الالتزام؟!!!!
هذا ذكرته لا لإقناع النفاة بذلك فقد قدمت أنه ليس من غرضي الخوض في مسألة المجاز ترجيحا وأدلة
وإنما ذكرته للقاريء حتى لا يظن أن المثبتين والقائلين بالمجاز يقرون النفاة بأن السلف من نفاة المجاز وأن ذلك لا يضرنا
لا
هم يقولون بالعكس ويرون أن نفي المجاز مخالف لمنهج السلف وكثير منهم يرى أن نفيه بدعة
- بعد هذا لعل القاري الفطن أدرك مدى التهويل الذي ألقاه أخونا أبو فهر على مثبتي المجاز ومسألة المجاز
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[05 - 07 - 09, 01:42 ص]ـ
3 - ولو لم يكن لهم: فالشأن في أن هذه المباحث الأصولية المكتوبة بعد الشافعي جلها أشعرية إعتزالية،ثم يكون الاعتزال والتمشعر فيها ظاهراً ويكون خفياً ويكون الباطل فيها من قبل فروع الاعتزال والتمشعر ويكون الباطل فيها من قبل أصول الاعتزال والتمشعر .. ثم يكون الباطل فيها من جهة الأصول العقدية للاعتزال والتمشعر ويكون الباطل فيها من جهة منهج النظر الذي قرره المعتزلة والأشاعرة وهجروا به الفطرة العربية السليمة .. وذلك فساد كله .. وقد يخفى بعضه حتى على مثل شيخي الإسلام .. وما حوى رجل الحق حتى ما خرج عنه قط ..
4 - بخصوص أهل السنة والأصول يا أبا يوسف: الصواب أن يقال أصول الفقه التي تعرفها القرون المفضلة وكانت في عصر الأئمة أما ما بعدهم فجلها إعتزال وتمشعر إما في المنهج الذي عدلوا به عن منهج السلف في النظر .. وإما في الأصول العقدية وإما في الفروع ..
هذا كله غلط وخطأ خطير ومبالغة في الأمر ويلزم منه هدم علم الأصول
نعم أكثر من تكلم في الأصول المعتزلة والأشاعرة
لكن ليس معنى ذلك أن جل كلامهم في علم الأصول مخالف لأصول الشافعي وغيره من السلف
نعم هناك ما هو مخالف لكن أغلبه صواب
وهذا يدل عليه الواقع
وقد وافقهم على ذلك علماء أهل السنة
ولم نسمع أحدا منهم يقول أن جل ما ذكروه في علم الأصول مخالف لمنهج السلف
وإنما قالوا بعضه لا جله
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[05 - 07 - 09, 02:36 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/258)
4 - بخصوص أهل السنة والأصول يا أبا يوسف: الصواب أن يقال أصول الفقه التي تعرفها القرون المفضلة وكانت في عصر الأئمة أما ما بعدهم فجلها إعتزال وتمشعر إما في المنهج الذي عدلوا به عن منهج السلف في النظر .. وإما في الأصول العقدية وإما في الفروع ..
دلنا -إذَن- على طريق نعرف بها أصول الفقه التي تعرفها القرون المفضلة تفضلاً؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 07 - 09, 02:19 م]ـ
هذا طريق طويل يا أبا يوسف .. وقد سده عن الناس حب اللصوق والرضى بالقعود مع الخوالف،وإرضاء النفس بالكهوف النفسية من جنس السواد الأعظم والجمهور ولو كان خيراً ما سبقونا إليه ... والمشكلة أن السابقين في وَهْم القوم جلهم أشعرية معتزلة ماتريدية ...
وأولُ هذا الطريق: طلب العربية من وجهها الصحيح التي هي عليه،بفقه سنن الكلام وموارده في الصحيح الثابت من كلام العرب.
وثانيه: استقراء فقه الصحابة والتابعين وأتباعهم ووزن جهات استدلالهم بما حصله الناظر من فقه سنن العرب في كلامها.
والثالث: استقراء فقه الأئمة الأربعة وطبقتهم من الفقهاء والتفقه في منهجهم في النظر والاستدلال ووزنه بما تقدم ..
وثم أشياء أخر .. ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ..
فالمثبت ينسب هذا لهم ولا يسلم للنافي بما يقول
إما بذكر بعض السلف ممن استعمل المجاز في كلامه
أو بذكر مقدمة وهي أن المجاز كاصطلاح لم يجر على لسانهم ولكن الذي جرى هو المعنى كباقي اصطلاحات العلوم المتفق على صحة معناها وحدثت بعد القرون المفضلة
هذه آفة المنتديات!!
وآفة حب المشاركة والتعليق برأي فطير ونظر مبتسر!!
وآفة دخول المرء فيما لم يطلب أوائله .. ويظن أنه بعدُ يسطيعُ أن يزن .. وغاية ما معهم جذاذة من هنا وأخرى من هناك ..
فيكتب الإنسان أو يعذرُ بما هو كذب محض لا أصل له!!
يا أخ أمجد ..
لم يستطع واحد من مثبتة المجاز أن يثبت عن واحد من السلف المجاز لا لفظاً ولا بناءً .. بل أكثرهم لم يشتغل بذلك أصلاً .. ومن اشتغل به فقد أتى بما يضحك الثكلى ويذهب الحزن عن قلب اليتامى ..
أما حديثك عن الجمهور والسواد الأعظم = فكلام صحافي يسهل ادعاء ضده .. وهو بحث غير محقق ..
أما كلامك عن كتابات الأصوليين فقد قرأته لك من قبل وقرأته لغيرك ممن تخف على لسانه الدعاوى ..
ولا يملك الإنسان لمن يدعي إلا الامتحان والامتحان يضعف الود ... ولا يكاد يصبر عليه من اعتاد الدعوى الخفيفة .. فأنت وشأنك أخي الكريم ...
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[05 - 07 - 09, 02:23 م]ـ
وهذا مربط الفرس .. وأقول هنا: إن الطريق ليس طويلاً فحسب، بل دون ذلك خرط القتاد .. فما الداعي لإقحام الناس فيما لا سبيل إليه؟!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 07 - 09, 02:36 م]ـ
ليس دونه خرط القتاد ولا شيء ...
والسبيل إليه قائم وإن كان طويلاً ..
والاجتهاد هو من بذل الجهد ..
وطالب الحق لا يقعده الكسل ..
وحفر الباطل قمينة أن تستنهض الهمم للخروج منها ..
ولولا المشقة ساد الناس كلهم ..
ولو قعد أحمد وابن تيمية والإمام المجدد لما كنا هنا الآن ...
والأمة تحتاج لبناة يعيدون بناء ما هدمته أزمنة التقليد والتبعية .. وتحتاج إلى مجددين يطلبون ما كان عليه الصدر الأول .. وأول طريق الإصلاح أن نعيد منهج النظر لسننه الذي كان عليه قبل أن تحتوشه أباطيل أبي الحسين وبدع الباقلاني وتخاليط الجويني ..
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[05 - 07 - 09, 07:53 م]ـ
سبحان الله .. أظن هذه جناية على علم الأصول؛ لأن من سيجتهد في جمع مثل هذا سيفوته الكثير الكثير مما كان مستقراً في نفوس أئمة السلف في تلكم القرون.
وسيخرج علينا هذا "الجامع" بما يدعي أن ما عدا "المجموع" دخيل على الأصول، وما هو بدخيل.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 07 - 09, 08:31 م]ـ
بوركتَ ...
بل الجناية حق الجناية .. هو هذا المكتوب المسمى: علم الأصول .. وكثير مما كتب فيه بعد عصر الأئمة = باطل.لا صلة له بأصول الاستدلال عند السلف ... ولا صلة له بالعربية التي نزل با القرآن ..
وما كان مستقراً سيدركه الباحث الفطن الفقيه بتصرفاتهم وما يفوت الأول يدركه الثاني وإلا لزم القول بأن هذا المستقر فات على جميع الأمة ...
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[06 - 07 - 09, 12:47 ص]ـ
بورك فيك
وأولُ هذا الطريق: طلب العربية من وجهها الصحيح التي هي عليه،بفقه سنن الكلام وموارده في الصحيح الثابت من كلام العرب.
وثانيه: استقراء فقه الصحابة والتابعين وأتباعهم ووزن جهات استدلالهم بما حصله الناظر من فقه سنن العرب في كلامها.
والثالث: استقراء فقه الأئمة الأربعة وطبقتهم من الفقهاء والتفقه في منهجهم في النظر والاستدلال ووزنه بما تقدم ..
الدعوة إلى الاستقراء مطلب كل باحث مدقق محقق
وهذا لا نخالفك فيه
لكن أوهم كلامك أن الأصوليين لم يطرقوا هذه الطرق
وهذا غلط عليهم
خاصة الثالث
والذي ينبغي أن يقال ويصحح في هذا المقام
أن من أراد التجديد والتدقيق فعليه:
- أن يبني على استقراء العلماء من قبله إن كان المستقري أهلا لذلك
- أن يستقرأ ما يظهر له أنه لم يُستقرأ من قِبلهم
- أن يحيي ما اندرس من علمهم وتحقيقاتهم
أما أن نضرب باستقراآتهم وتحقيقاتهم عرض الحائط ونبدأ باستقراء أصول هذا الفن من جديد
فهذه دعوة تماثل الدعوة إلى نبذ كتب الفقه وشروح السنة والبدأ في رسم معالم علم الفقه وشرح السنة من النصوص من جديد
وقد اتُفق على بطلان ذلك
- فتجديد العلوم لا يكون بهدم جلها وإهدار كلام أكثر علمائها وإنما يكون كما تقدم وإلا كان جناية عليها لا تجديد لها
- وعند التدقيق فيما يدعوا إليه الأخ أبو فهر نجد أنه يلزمه ذلك في جل العلوم إن لم يكن كلها خاصة علم الفقه
ولا يقتصر كلامه على هذا العلم المظلوم
- ويجدر التنبيه هنا إلى أن المحققين النابذين للركون والقعود في هذا العلم الجليل علم أصول الفقه أكثر منهم في غيره من العلوم
وهذا لطبيعة هذا العلم
ولشدة ذكاء أصحابه وأهله
- بالجملة نحن لا نختلف في ضرورة التجديد في هذا العلم وتنقيته من بعض ما دخل فيه وأفسد بعضه
لكن الخلاف في طريقة هذا التجديد
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/259)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 - 07 - 09, 01:44 ص]ـ
الحمد لله وحده ..
أما الاستقراء وغيره من أبواب المنهج الصحيح فأكثر ما كتبه الأصوليون = أجنبي عنه.
بل جمهورهم يفتخرون بأنهم يبحثون القضية الأصولية من حيث هي وما يقتضيه النظر العقلي فيها بقطع النظر عن تفاريع الفقهاء .. وهذا مشهور جداً يقرأه المبتديء في أول كتب الأصول ..
فالثالثة التي خصها أخي أمجد هي بالذات أكثر ما قصر فيه الأصوليون .. ومما يستملح ذكره = أنك لا تجد في الكتب الفقهية المذهبية للأصوليين إلا غبرات قليلة من تقريراتهم الأصولية .. فتلك الأصول لم يفقه بها فقه قط إلا قليلاً قليلاً ..
بل هم برعوا في لي أعناق ما وصلهم عن الأئمة الأربعة ليوافق باطلهم وضلالهم .. وأكثر ما ينسب لأبي حنيفة من فقه في التعامل مع السنة = كذبه عليه حنفية العراق من المعتزلة وهذا مثال فحسب ونظائره الأشعرية الشافعية قائمة يعلمها من يقرأ وكان له قلب ..
أما البناء فلا يكون أبداً على جرف هار ...
وأكثر ما كتبه أبو الحسين وأتباعه والباقلاني وأتباعه والرازي ومن تلقف عنه = بيت عنكبوت واه واه ..
وهو أجنبي عن العربية وعن فقه السلف وعن فقه الأئمة الأربعة .. وحال كتب أصول الفقه في أجنبيتها عن منهج السلف أسوأ بكثير من حال كتب المصطلح في أجنبيتها عن كتب المتقدمين بل كتب المصطلح أقرب وإرادة أهلها لاستقراء أحوال السلف أظهر .. وأكثر الفساد في المصطلح = جره إليه علم الأصول وكتاب الأصول ..
ونعم. ندعو لما ندعو إليه من وجوب العودة بالعلوم الإسلامية جميعها لما كانت عليه قبل عهود التقليد الذي نكح الاعتزال والتمشعر فأولدوا جناية وفساداً ولبئس الذرية!!(113/260)
المجمل والقرائن
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[06 - 04 - 09, 03:57 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
المتأمل والمتدبر في آيات الله عز وجل يرى ملكا وعجبا
وما ضل من التمس من كتاب الله الهدى
فلقد قرأت قول الله سبحانه في سورة المعارج
(ان الانسان خلق هلوعا) المعارج الآية، 19
فهذه آية من الآيات التي تحمل لفظا مجملا، والمجمل في اللغة هو المبهم، أما في الاصطلاح
قال الشوكاني: الأولى أن يقال فيه هو ما دل دلالة لا يتعين المراد بها الا بمعين
فغرابة لفظة الهلوع تدعو الى استقصاء معناها لتوضيحها والاقتراب ما أمكن من حقيقتها
وهذا خطاب المهيمن الذي له علم بخلقه والنشأة التي منها خلق الانسان بكافة خباياها وهو العليم بها.
والانسان ذكر في آيات عديدة تبين حقائق هذا الانسان وهي نابضة بالعلوم المحيطة بالانسان
الذي خلق من صلصال كالفخار وهذا أصل النشأة، وحقائق أخرى تحيط به حيث أنه سبحانه يعلم ما توسوس به نفسه، وهذا يرصد أعماقه النفسية، وهذا الانسان خلق ضعيفا بمكنوناته، وهو سبحانه وتعالى الذي علم القرآن خلق الانسان، وحقائق أخرى عظيمة محيطة بالنفس البشرية وخلقتها الربانية، هذا الانسان الذي كرمه الله وحمله الأمانة في الأرض، ونستخلص أن هناك آيات عديدة تجلي لك حقائق عن هذا الانسان بكل دقائقها الموغلة، لذا فالقارئ لقوله تعالى: (ان الانسان خلق هلوعا) الحجرات، الآية 19قد يدرك معناها المجمل وهي من الألفاظ الغير الواضحة بقرائن أخرى متصلة ولها علاقة من قريب أو بعيد عن هذا الانسان بكل جزئياتها ولا تستجلى الا بعلوم أخرى ذكرتها آيات تدركها مجالات علمية متخصصة فيما يتعلق بالانسان.
فالآيات لاتدرك مجزأة بل برد بعضها على بعض، فالتطورات الحاصلة في علوم مختلفة تجعلك تقترب من حقائق عميقة وأنت تبني اعتبارا دقيقا وموزونا لا تخطأ المسعى والمقصد العام بالتماسك الهدى في وحدة بنائية من الآيات العظيمة الشأن المتكاملة المقاصد في علوم لا نهائية.
وبالنسبة لهذه الآية الجليلة التي ذكرها الباري عز وجل وهي قوله تعالى: (ان الانسان خلق هلوعا) المعارج، الآية 19، قد تحير في تحصيل معناها
لكن الله تعالى قال بعدها سبحانه مستجليا بعض حقائق وخفايا هذا اللفظ هلوعا مبينا معانيها بدقة وروعة متناهية في الخطاب وعلم مهيمن بهذه النشأة التي خلقها سبحانه بعلمه فأزال اجماله وعدم وضوح مراده، فقال سبحانه وتعالى: (اذا مسه الشر جزوعا) المعارج، الآية 20، (واذا مسه الخير منوعا) المعارج، الآية 21، فيعلمنا سبحانه وتعالى بذلك كيف نتقصى الحقائق باعمال الفكر والتدبر من آيات بينات مفصلات بعلم وترو وعقل فاحص لمعرفة مراده سبحانه ونقترب بعلمنا الموهوب ما أمكن لادراك معاني الألفاظ الخفية للواهب.
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 09:28 م]ـ
بارك الله فيك(113/261)
هل شرع من قبلنا حجة أو لا؟
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[08 - 04 - 09, 10:06 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أما بعد:
إن دين جميع الأنبياء و المرسلين واحد و هو العبودية لله عز و جل و حده لا شريك له و قد بوب الإمام البخاري في صحيحه بابا فقال:باب ما جاء في أن دين الأنبياء و احد
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فصل في توحد الملة و تعدد الشرائع و تنوعها
أما الشرائع فإنها تختلف، فكل نبي إنما تعبده الله بشريعة خاصة به
و هنا يأتي السؤال: هل شرع من قبلنا شرع لنا أو لا؟
الجواب: شر ع من قبلنا على أنواع و لكل نوع حكم خاص به من جهة الحجية و عدمها
النوع الأول:ما ثبت أنه شرع لمن كان قبلنا و جاء في الكتاب و السنة أنه شرع لنا فهذا شرع لنا بالإجماع و ذلك كقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فالصيام شرع لمن كان قبلنا و هو شرع لنا كذلك و كالقصاص في قوله تعالى {و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ... } و بين سبحانه أنه شرع لنا بقوله {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر و العبد بالعبد و الأنثى و بالأنثى}
النوع الثاني:ما ثبت أنه شرع لمن كان قبلنا و جاء في الكتاب و السنة ما يدل على نسخه فهذا ليس شرعا لنا بالإجماع كقوله تعالى في تحية أهل يوسف عليه السلام {و خروا له سجدا} فهذا منسوخ في بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، و لو كان أحد ينبغي أن يسجد لأحد |لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما عظم الله عليها من حقه} و كذلك ما كان من التشديد على من كان قبلنا، فقد وضعه الله على هذه الأمة تخفيفا و رحمة، فقد إستجاب الله قول المؤمنين {ربنا و لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} ووصف الله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله {و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم}
النوع الثالث: أحكام لم يرد لها ذكر في الكتاب و لا في السنة كالأحكام المأخوذة من الإسرائيليات فهذا ليس شرعا لنا بالإجماع كما في حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - {كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية و يفسرونها بالعربية لأهل الإسلام} فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {لا تصدقوا أهل الكتاب و لا تكذبوهم و قولوا {آمنا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل إليكم}} و قال إبن عبايس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - {كيف تسألون أهل الكتاب عن شيئ و كتابكم الذي أنزل على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحدث، تقرأونه لم يشب، و قد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله و غيروه و كتبوا بأيديهم الكتاب و قالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا و الله ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم}
النوع الرابع: أحكام جاءت في نصوص الكتاب و السنة و لم يأت دليل على إعتبار هذا الحكم شرعا لنا أو ليس شرعا لنا
فهذا هو محل النزاع و موضع الخلاف بين العلماء، هل يعد من أدلة التشريع أو لا؟
و إختلفوا في ذلك على قولين مشهورين
القول الأول: أنه شرع لنا من حيث إنه وارد في كتابنا و سنة نينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا من حيث إنه كان شرعا لمن كان قبلنا و هو مذهب الحنفية و المالكية و بعض الشافعية و الأصح عن الإمام أحمد
القول الثاني:أنه ليس شرعا لنا إلا بنص يدل على أنه مشروع لنا و هو قول أكثر الشافعية و رواية عن الإمام أحمد و إليه ذهب الأشاعرة و المعتزلة
و الراجح في المسألة و الله أعلم هو القول الأول للأدلة التالية:
الدليل الأول:قوله تعالى {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} و هذا أمر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهو أمر لأمته ما لم يدل دليل على الخصوصية و الهدى يعم الأمور العلمية و الأمور العملية لما ثبت عن مجاهد أنه سأل إبن عباس - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أين أخذت سجدة ص فقال: أوما تقرأ {ومن ذريته داود و سليمان ... } إلى قوله {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ... } فكان داود ممن أمر نبيكم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يقتدي به، فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الدليل الثاني:أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى في قصة الربيع بالقصاص في السن و قال {كتاب الله القصاص} و ليس في كتاب الله نعالى السن بالسن إلا ما حكى عن التوراة في قوله تعالى {و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص}
الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه و سلم إحتج بشرع من قبلنا فقد روى البخاري و مسلم و اللفظ له عن أنس إبن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول {و أقم الصلاة لذكري}} فهذا قول الله شريعة لموسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الدليل الرابع: أن القرآن إذا قص علينا حكما شرعيا سابقا بدون نص على نسخه أفاد ضمنا أنه تشريع لنا
ومن العماء من ذهب إلى أن الخلاف في المسألة لفظي فقط، لأن القائلين بشرع من قبلنا لا يعتبرونه دليلا مستقلا و إنما هو راجع إلى الكتاب و السنة إذا ذكر فيهما من غير إنكار، و من لا يرى حجيته يعمل به لوروده في الكتاب و السنة لا أنه تشريع لنا
والله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/262)
ـ[عبد الله الطيب]ــــــــ[08 - 04 - 09, 10:54 م]ـ
أنظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=122681&highlight=%D4%D1%DA+%DE%C8%E1%E4%C7
وهنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=104815&highlight=%D4%D1%DA+%DE%C8%E1%E4%C7
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[08 - 04 - 09, 11:33 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أخي في الله بارك الله فيك، نقلان طيبان و مفيدان جدا
و في الحقيقة أن المقال الذي كتبته كان في بادئ الأمربحثا مختصرا شخصيا، ثم إرتأيت أن أنقله إلى ملتقانا المبارك ليعم به النفع و يصوب ما فيه من خطأ
و لا حرج في أن يتناول الموضوع الواحد من عدد من المشاركين في الملتقى، فلكل منهجيته و طريقته في البحث و الطرح و كم ترك الأول للآخر، مع الحرص دوما على الإستفادة ممن هو أكبر علما و سنا
أسأل الله أن يجعلنا متعاونين على البر و التقوى و الحمد لله رب لعالمين
ـ[القرافي]ــــــــ[10 - 04 - 09, 09:43 ص]ـ
مشكور أخونا
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[12 - 04 - 09, 03:47 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
بارك الله فيك أخي الفاضل ناصر الدين الجزائري تتمة لما جاء في طرحك القيم واثراءا للنقاش السمح بسماحة الاسلام فلي هذه المداخلة المتواضعة:
الله تعالى تعبد وألزم نبينا باتباع والأخذ بجميع الشرائع قبل شريعتنا الى أن بعثه الله ثم توفاه فهو ملزم بالأخذ بجميع ما شرعه الله على لسان الرسل قبله كما ألزم الرسل قبله بذلك.
فنحن تبعا لرسولنا صلى الله عليه وسلم متعبدون بجميع ما لم ينسخه القرآن ولا خصه من الشرائع قبل شريعتنا، وهذا ما ذهب اليه الشافعي ومعظم المالكية.
قال القرطبي: انه اذا بلغنا شرع من قبلنا على لسان الرسول أو لسان من أسلم كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ولم يكن منسوخا ولا مخصوصا فانه شرع لنا.
وما يجب الاشارة اليه في هذا الباب ما ذهب اليه المفسرون في قوله تعالى:
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) الآية
فالشرائع مختلفة في الأوامر والنواهي فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراما ثم يحل في الشريعة الأخرى وبالعكس وقد يكون خفيف الوطأة في شريعة وشديدا في أخرى لما تقتضيه الحكمة الالهية.
وهذه الشرائع تصدر من مشكاة واحدة داعية الى الله الواحد الأحد بدليل قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول الا يوحى اليه أنه لا اله الا أنا فاعبدون) الآية.
وجاءت الحجة الدامغة نابضة بالحق والعدل وسماحة الاسلام ورحمته في قوله تعالى:
(وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) الآية
ومعنى هيمنة القرآن على كتب الديانات قبل أنه يقر حقها ويظهر خطأ ما حرفوه منها
وبذلك لا يمكن الرجوع الى شرع من قبلنا الا عن طريق المنهج الاسلامي فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي) ولقد طالع عمر رضي الله عنه ورقة من التوراة فغضب صلى الله عليه وسلم حتى احمرت عيناه وقال: (لو كان موسى حيا ما وسعه الا اتباعي)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة).
فالقرآن بين الحجة الصادعة والدامغة حقا وعدلا في قوله تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم أقتده) الآية، وروي عن ابن عباس أنه سجد في سورة ص وقرأ هذه الآية وبقوله تعالى: (أقم الصلاة لذكري) الآية، فهذه الآية خطاب لموسى عليه السلام وقد قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها اذا ذكرها)، وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما ينزل عليه فيه وحي
واختلفت النقول في ذلك فمنها من ذكر أنه كان لا يتعبد بشريعة ومنهم من قال العكس وأقوال الفقهاء تؤيد أنه كان متعبدا ومنهم فقهاء المذهب المالكي وأيده القرطبي، والله أعلم.
ـ[احمد صفوت سلام]ــــــــ[12 - 04 - 09, 03:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا وجعلنا من عباده الصالحين المرضي عنه آمين
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[13 - 04 - 09, 05:07 م]ـ
حفظكم الله تعالى أخي العزيز أحمد صفوت سلام، وألهمنا الله تعالى طاعته وتقواه
انه نعم المولى ونعم النصير
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 06:01 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أما بعد:
فجزى الله أخانا عمر الريسوني خير الجزاء على إضافاته و إفاداته النافعة
و مقالك أخي الموفق يتفق تماما مع ما ذكرته فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
و عندي أيها الإخوة جمع مختصر لمسألة {حكم الأشياء المنتفع بها قبل ورود الشرع} فهل من روابط تفيد في هذا الموضوع، لأطلع عليها قبل أن أنقل لكم ما كتبته
و الله يحفظم و يرعاكم و يبارك فيكم و في جميع إخواننا في ملتقانا المبارك
و الحمد لله رب العالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/263)
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[16 - 04 - 09, 02:15 م]ـ
حفظكم الله تعالى أخي العزيز ناصر الدين الجزائري
وزادكم الله فضلا وعلما، خصوصا لما تودون طرحه
والمتعلق بحكم الأشياء المنتفع بها قبل ورود الشرع
فهذا سنستفيد منه غاية الافادة باذن الله تعالى
والله المعين.
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[17 - 04 - 09, 12:18 ص]ـ
.........
الدليل الثاني:أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى في قصة الربيع بالقصاص في السن و قال {كتاب الله القصاص} و ليس في كتاب الله نعالى السن بالسن إلا ما حكى عن التوراة في قوله تعالى {و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص}
...........
جزى اللهُ الإخوة خيرا.
أشكلَ عليَّ أمرٌ، بارك اللهُ فيكم:
ما وجهُ استدلال العلماء القائلين بحجّيّة شرع من قبلنا (إن كان الأمر مسكوتا عنهُ في شريعتنا) ما وجه استدلالهم ـ أقول ـ بحديث أنس والذي فيه أن الرّبيّع كسرت ثنيّة جارية ... الحديث.؟؟
لأن النبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم حكم على الربيّع بالقصاص، وهذا الحكم جاء موافقا لشرع من قبلنا وفيه قول الله تبارك وتعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) أي في التوراة.
فالذي فهِمتُه هو أن هذا الحديث يدخل في القِسم الذي وافق شرعُ من قبلنا فيه شرعَنا. لأن النبيّ صلى اللهُ عليه وسلّم لم يسكت عن الحُكم، بحيثُ نقول أن هذا الأمر مسكوت عنه في شرعنا فنأخذ به؛ النبيّ صلوات ربّي وسلامُهُ عليه حكم بالقصاص واستدلّ بالآية. فكيف يكون هذا داخلا في باب المسكوت عنه في شرعنا؟؟
أرجو من الإخوة أن يوضّحوا لي الأمر، وجزاكُم اللهُ خيرا.
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[17 - 04 - 09, 04:18 م]ـ
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته، واعذرني أخي العزيز ناصر الدين الجزائري اذ تقدمت عليكم في الرد على الأخ أبو عمر يونس بن محمد الأندلسي ..
الاسلام ذو شرعة ومنهاج لا يصح الاغتراف الا منه ولا يعتمد على غيره فما ورد مطابقا له من الشرائع الأخرى فانه يعمل به وما أتى مخالفا فلا يعمل به، لأن الشريعة أخص من الدين ان لم تكن مباينة له وانها الأحكام العملية التي تختلف باختلاف الرسل ونسخ لا حقها بسابقها.
والدين هو الأصول الثابثة التي تختلف باختلاف الأنبياء.
(وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) الآية.
ومعنى هيمنة القرآن على كتب الديانات قبل أنه يقر حقها ويظهر خطأ ما حرفوه منها
ونظرا لتعدد الأقوال، وما صححه ابن حزم .. أنه صلى الله عليه وسلم ما تعبده الله شرع من قبله بدليل قوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا سورة المائدة) الآية.
وبدليل أنه لما أرسل معاذا الى اليمن لم يرشده الا الى العمل بالكتاب والسنة ثم اجتهاد الرأي ولم يدله على شرع من قبله.
وهناك أقوال أخرى منها أنه كان متعبدا بخصوص شريعة ابراهيم عله السلام، كما أن هناك أراء عدد من العلماء في الموضوع الى القول بالوقف، وهذا ما اختاره الامام الغزالي في المستصفى: لكن القول غير معلوم بطريق قاطع كما أشار الى أن بعض العبادات الجزئية نفسها التي قام بها لم تأت متواترة عنه بنقل مقطوع ولا سبيل ذلك بالظن.
وما ثبث في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل فيه وحي وأنه رجع الى التوراة في رجم اليهودي
ولقد وردت جزئيات سبقت في الشرائع قبلنا فثبتت بالنسبة الينا كقوله تعالى: (وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس .. ) الآية.
وأيد ذلك فقهاء المالكية وأيده القرطبي كما أيده عبد الوهاب وقال أنه الذي تقتضيه أصول الامام مالك وقد وقع الاتفاق بالنسبة الى الأنبياء منهم من نسبه الى نوح ومنهم من نسبه الى ابراهيم وقوم نسبوه الى موسى وآخرون الى عيسى و هذا يجيزه العقل لكن ليست هناك حجة قاطعة ترشد الى هذا أو ذاك ولم يظهر ما يثبت تشبثه بواحد من آخر كما لم بثبت الانسلاخ عنهم سيما أن القرآن يشير الى هؤلاء الأنبياء والاقتداء بهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/264)
وهناك آيات واردة في اتباع الأنبياء عليهم السلام كقوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) الآية، وقوله تعالى: (انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيئون) الآية، وقوله تعالى: (ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا) الآية.
كما وردت أحاديث دالة على أن الشريعة الاسلامية مستقلة في التشريع ولا يمكن العمل الا بما هدت وأشارت اليه ولايمكن الرجوع الى شرع من قبلنا الا عن طريق المنهج الاسلامي. والله أعلم.
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[18 - 04 - 09, 07:23 ص]ـ
............
ولقد وردت جزئيات سبقت في الشرائع قبلنا فثبتت بالنسبة الينا كقوله تعالى: (وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس .. ) الآية.
................
أخي الكريم، عمر الريسوني، جزاك اللهُ خيرا وبارك بك.
قرأتُ كلامكَ فَلَم أجد جوابا عن سؤالي. وحيثُ أنه قد يرجع السّببُ لعدم حُسنِ تعبيري في سؤالي، سأعيدُ صياغتَهُ وبالله التوفيق:
أخي ـ سلَّمَكَ الله ـ كلامُكَ كان يدور حول الوجوه الممكنة إذا ما قارنّا شرعنا بشرع من قبلنا، والإشكال الذي عندي ليس في هذا. فكما قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في القول المُفيد (ص72):
فشريعة من قبلنا لها ثلاث حالات:
الأولى: أن تكون مخالفة لشريعتنا، فالعمل على شرعنا.
الثانية: أن تكون موافقة لشريعتنا، فنحن متبعون لشريعتنا.
الثالثة: أن يكون مسكوتا عنها في شريعتنا، وفي هذه الحال اختلف علماء الأصول: هل نعمل بها، أو ندعها؟ ... اهـ.
فالأولى والثّانية الكلام فيها واضح ولا يحتاج إلى توضيح.
والحالة الثّالثة (ما هو مسكوت عنه في شرعنا) هي التي اختلف فيها أهل العلم، بين قائل بالعمل بها وبين معارض لهذا القول وبين مفصِّلٍ مُخصِّصٍ لشريعة ابراهيم الخليل ـ عليه السّلام ـ دون غيره.
كلُّ هذا واضحٌ وضوحَ الشّمسِ في رابعةِ النّهار، والحمدُ للّه.
مِن أدلّة القائلين بعدم حُجّيّة الشرائع السّابقة ـ فيما سُكِتَ عنه في شرعنا ـ قولُ الله تبارك وتعالى: لكلّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، وغيرها من الأدلّة.
ومِن أدلّة القائلين بتخصيص شريعة ابراهيم ـ عليه السّلام ـ دون غيره، قول الله تبارك وتعالى: ثمّ أوحينا إليك أن اتبّع ملّة ابراهيم حنيفا؛ وغيرها من الأدلّة.
ومِن أدلّة القائلين بحجّيّتها (وهم الجمهور)، قولُ الله تبارك وتعالى: أولائك الذين هدى اللهُ فبهُداهم اقتده؛ وبحديث كسر الرّبيّع أخت النضر ثنيّة جارية لها؛ وغيرها من الأدلّة.
طيب؟
الآن، الإشكال ـ الذي عندي ـ يتعلّق بالاستدلال بقصّة الرّبيّع. العلماء استدلّوا بحكم النبي صلى الله عليه وسّلم على عمّة أنس بالقصاص، لقول الله تبارك وتعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص) الآية. وهذه الأحكام من أحكام التوراة، على ـ أقول استدلّوا بهذا على ـ حجّيّة شرع من قبلنا فيما هو مسكوت عنه في شرعنا! فأنا أقولُ: كيف يكون مسكوتا عنه في شرعنا، والنّبيّ صلى اللهُ عليه وسلّم تكلّمّ فَحَكَمَ بحكم الله وهو القِصاص، فكان هذا الحكم (حكم شرعنا) موافقا للآية التي في التوراة؟؟!!
ألا تدخل هذه الواقعة ـ كسر الثّنيّة والحُكم على الرّبيّع ـ في الحالة الثانية، وهي أن تكون شريعة مَن قبلنا موافقة لشريعتنا؟؟ وهذا اللذي أفهمه من الحديث؛ فكيف يكون دليلا على مسألة سُكِتَ عنها في شرعنا؟؟
هذا هو السؤال. وآمل أن أكون قد وُفِّقتُ في توضيح السؤال وطرح الإشكال الذي خطر عليّ.
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[19 - 04 - 09, 01:51 ص]ـ
سلام من الله تعالى الى كل الاخوة الكرام
أخي الفاضل
أبو عُمر يونس بن محمد الأندلسي
للاحاطة بالموضوع أكثر وردا على تساؤلك بقولك:
ألا تدخل هذه الواقعة ـ كسر الثّنيّة والحُكم على الرّبيّع ـ في الحالة الثانية، وهي أن تكون شريعة مَن قبلنا موافقة لشريعتنا؟؟ وهذا الذي أفهمه من الحديث؛ فكيف يكون دليلا على مسألة سُكِتَ عنها في شرعنا؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/265)
روى الشيخان و غيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: كَسَرت الرُّبَيِّعُ ـ و هي عمة أنس بن مالك ـ ثَنِيَّةَ جاريةٍ من الأنصار، فطلب القومُ القصاص. فأتوا النبي صلى الله عليه قضاؤه - القصاص). فرضي القوم و قبلوا الأرش (مالا بدلا). فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره).
و لا يفهَم من هذا الخبر إعراض أنس عن حكم الله و رسوله، و لا رده أو رفض النزول عليه، حاشاه - و الله - أن يصدر منه ذلك، أو يصدر هو عن موقف كهذا، بل لعلَّه أراد حث أولياء الجارية على قبول الأرش (و هو العِوَض الماديُّ عن الضرر) إذا بَلغهم قوله، أو رجاء أن يَشفَع لأخته عندهم من يرتضونه من الشفعاء، فيعفون و يصفحون.
الإقسام على الله تعالى القائم على ثقة المُقسِم بربِّه، و عِظَم رجائه فيه، و هو أمر جائزٌ مالم يفض إلى ردِّ حكم الله و رسوله، و قد وقع ذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فأقرَّه و لم يُنكره.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: (استشكل إنكار أنس بن النضر كسر سن الرُّبَيِّعِ مع سماعه من النبي صلى الله عليه و سلم الأمرَ بالقصاص، ثم قال: أتكسر سن الرُّبَيِّعِ؟ ثم أقسم أنها لا تكسر. و أجيب بأنه أشار بذلك إلى التأكيد على النبي صلى الله عليه و سلم في طلب الشفاعة إليهم أن يعفوا عنها. و قيل: كان حلِفُه قبل أن يعلم أن القصاص حتمٌ فظن أنه على التخيير بينه و بين الدية أو العفو. و قيل: لم يُرِد الإنكار المحض و الرد، بل قاله توقعاً و رجاءً من فضل الله أن يلهم الخصوم الرضا حتى يعفوا أو يقبلوا الأرش (مالا بدلا).
وبهذا جزم الطيبي فقال: لم يقله رداً للحكم بل نفى وقوعه، لما كان له عند الله من اللطف به في أموره، و الثقة بفضله أن لا يخيبه فيما حلف به، و لا يخيب ظنه فيما أراده بأن يلهمهم العفو، و قد وقع الأمر على ما أراد.
وهذا لا يغير شيئا من حكم القصاص
فثبت الحكم: (وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس .. ) الآية.وهي كانت في شرع من قبلنا
علما أن شريعتنا أحقت حقها وأبطلت باطلها وهي مهيمنة عليها
(وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) الآية.
ومعنى هيمنة القرآن على كتب الديانات قبل أنه يقر حقها ويظهر خطأ ما حرفوه منها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره).
في البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) الآية
وجاء في ردك أخي العزيز:
فكيف يكون دليلا على مسألة سُكِتَ عنها في شرعنا؟؟
لا يقوم هنا أي دليل في مسألة مسكوت عنها والأمر جلي كالنهار
وللذكر فالأصوليون يعدون المختلف فيه من الفروق والبحث فيها من مكملات العلوم، وبه يتم التمييز والتفريق في كثير من القضايا والواقعات كهذه.
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[19 - 04 - 09, 02:26 ص]ـ
عذرا أخي أبو عُمر يونس بن محمد الأندلسي
أعتذر أخي العزيز فهذا هو نص الحديث كاملا بعدما تحققت منه
روى الشيخان و غيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: كَسَرت الرُّبَيِّعُ ـ و هي عمة أنس بن مالك ـ ثَنِيَّةَ جاريةٍ من الأنصار، فطلب القومُ القصاص. فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم، فأمر بالقصاص. فقال أنس بن النضر ـ أخو الرُّبَيِّعَ ـ: لا و الله لا تكسر سنها يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (يا أنس! كتابُ الله ـ أي حكمه و قضاؤه - القصاص). فرضي القوم و قبلوا الأرش (مالا بدلا). فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) حديث صحيح(113/266)
خطاب الله للعالمين
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[09 - 04 - 09, 05:33 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ما أعظم خطاب الله للعالمين
فالله سبحانه وتعالى أنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم آيات جليلة وحكيمة فيها النور والهداية
وهي ركن منهاجي جليل عظيم القدر
مثاني تقشعر منه جلود المؤمنين المصدقين بربهم
يحمل وحدة في معناه وفي مبناه وفي مقاصده فيه تسديدات ومقاربات وأبعاد عميقة
يراد منها اصلاح العقول والمدارك وصلاح النفوس، وتبيان كل الحقائق المحيطة بالانسان
بأسلوب معجز وبيان صادع
ولا يدرك الا بمعرفة وجوهه ونظائره وأشباهه وأسرار اللغة وضوابطها
وهي دعوة ليست مجزأة بل عميقة وشاملة
تحث على اعمال الفكر والتدبر، لمعرفة الأسباب والعلل
وترابطات العلوم فيما بينها في أدق عبارة، وأحكم اشارة
لا تنتهي عجائبه في نظرية أو ما شابه
انه الرحمة المهداة للعالمين
كان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من بعده
ومن تبعهم بأحسان أعلم الناس به وبمقاصده الرحيمة
وكان يسمع لهم لقراءته في بيوتهم بين أهلهم وأبنائهم أزيز كدوي النحل
فهذه خير أمة، أمة الوسط والعدول و الشهداء على الناس
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات، الآية (13).
فكتاب الله تعالى متشابه مثاني تقشعر منه جلود المؤمنين
المصدقين بربهم
متشابه في دقته وروعته ومبانيه الحكيمة القصد
وجماله في أداءه ولفظه ومعانيه
مثاني أي يفسر بعضه بعضا
وهو ليس مجرد كتاب فيه الهداية والفضيلة بل ركن وصرح محكم
دقيق في كل الجزئيات مهما تضاءلت وصغرت، ويبني توازنات على المستوى النفسي والروحي ويشحذ العقل لتدبير محكم في كل مجريات الحياة بتقلباتها ونوازعها، ويبني علاقات محكمة متوازنة بدقة متناهية، ويؤسس علاقات الانسان على أساس قيمي وعلمية مسترشدة، وخطابه يتعدى الحدود الزمانية والمكانية ويسمو بالعقل والروح الى غايات ومقاصد رفيعة، عذب المنبع وحكم مبثوثة في كل كلمة وكل جملة فأي تشريع يمكن أن يشمل روعة وعذوبة تتخطى الحدود والفواصل مثل قوله تعالى في محكم كتابه: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الآية، فأي استمرارية في العلاقة الزوجية يمكن أن تدوم دون مودة ورحمة؟ وأي بيان يمكن أن يبنى فوق هذا البيان؟ أو كما قال الامام الغزالي: ليس بعد بيان الله بيان فالحكم مبني لكل زمان ومكان
فمن لم يلتمس من كتاب الله العزيز الهداية والرشد فقد ضل السبيل
سواء على مستوى الشرق أو الغرب
وكمثال دقيق ماذهب اليه علماء الفلك في نظريتهم المعروفة
فبعد أبحاث مستقصية تتعلق بالنشأة الكونية قالوا في نظريتهم: أن الكون تشكل من انفجار عظيم وهذا خطأ اصطلاحي عقيم
و يتبين أنهم ضلوا السبيل لأنهم اذا وعوا وأدركوا نهج الخطاب القرآني
في بنائيات الآيات بعلومها لاسترشدوا الى الصواب
وتبين لهم الرشد، لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز:
(ومن آياته خلق السماوات والأرض) الآية، فالكون آية من آيات الله
و لقد بين سبحانه وتعالى ذلك في أعظم اشارة على سبيل الهدى بأن السماوات والأرض فتقت من رتق
ولقد اعترف بعضهم بهذا الخطأ الاصطلاحي الخطير في
هذه النظرية العلمية وكيف يمكن لانفجار أن يشكل كونا بديعا متناسقا
في كل جزئياته، انه خلق وليس انفجارا، لأن الانفجار
يؤدي بك الى فهم عبثي، ولقد اعترفوا بأخطائهم في نظريات أخرى عديدة
في مجالات علمية متخصصة.
ومنها الأبحاث المتعلقة بميكانيكا الكم وهو من فروع علم الفيزياء وهذا العلم يبحث في أدق جزئيات الذرة، علما أن هذه الأبحاث بنفقاتها الهائلة تهدر حقوقا ملحة وتفقد التوازن والعدالة على المستوى الكوني.
وهو سبحانه لا يعزب عنه شيئا من مثقال ذرة ولا أدنى من ذلك وأصغر.
والله هو الهادي الى الرشد، فالاسلام هو دين الحق
والرحمة للعالمين وكل من في الأرض يجب أن تبلغه رسالة
الاسلام بعلومه المكينة والمهيمنة، وحقه الصادع، ومقاصده الرحيمة
ومبادئه السامية التي فيها الخير والصلاح والعدل للأفراد والناس والمجتمعات.
والمنهج الأصولي يبني في منهجيته الأدوات التي نستعملها لفهم خطاب الوحي والواقع لذا أرى أنه من الضروري عليه أن يستوعب الأبعاد القيمية والخلقية
لأن الغاية من الدين تهذيب الخلق بمداركه ومكنوناته، وأنسنة الانسان فلا يخطئ أو يزل ويكون المنهج بذلك قد ترقى في مباحث أوسع وضوابط بدل التعمق في مباحث قد تفضي الى التضنن، و من الأسس الدامغة التي تتراءى من الاستقراءات المحكمة هناك التباين والاختلاف والتمايز والتعدد والاختلاف وهي سنة ماضية لها غايات اثراء الحياة البشرية على بينة من الحق من خلال التفاعل والتعاون، وتقريب شقة الخلاف بين المجتهدين لاثراء الثراث وفق المشارب المختلفة والتمييز بين الثابث والمتغير، والجمع بين أصول الحكم وجوامع العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/267)
ـ[القرافي]ــــــــ[10 - 04 - 09, 09:42 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[10 - 04 - 09, 02:58 م]ـ
حفظكم الله أخي العزيز القرافي
وألهمنا الله تعالى طاعته وتقواه
ونصر الله الاسلام بعزته
محبكم: عمر الريسوني(113/268)
رمز " سم"
ـ[وردان السوسي]ــــــــ[11 - 04 - 09, 08:42 ص]ـ
كثيرا ما نجد رمز " سم " في كتب الأصولين فما المقصود به؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 04 - 09, 12:10 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=506362&postcount=6
ـ[عبد الأحد محمد الأمين ساني]ــــــــ[13 - 04 - 09, 01:49 ص]ـ
هو رمز عند بعضهم لاسم أحمد بن قاسم العبادي المتوفى سنة 994هـ صاحب الآيات البينات والشرح الكبير على الورقات. والله أعلم(113/269)
سؤال حول نظم الكوكب الساطع
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 10:06 ص]ـ
إخواني الأعزاء
بخصوص نظم جمع الجوامع للسيوطي، كم عدد الأبيات التي اختصت بأصول الفقه فقط دون أصول الدين ..
وجزاكم الله خيرا ...
ـ[عبد الله محمد إبراهيم]ــــــــ[12 - 04 - 09, 10:17 ص]ـ
عددها 1327
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 04:05 م]ـ
عددها 1327
جزاك الله عني خير الجزاء أخي الحبيب عبدالله(113/270)
هل هناك مؤلف جمع القواعد الأصولية عند الشافعية؟؟
ـ[عبدالعزيز الألمعي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 01:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك مؤلف جمع القواعد الأصولية عند الشافعية؟؟
القواعد الأصولية لا القواعد الفقهية .. في المذهب الشافعي ..
وشكر الله لكم ..
ـ[أبو ياسر الحسني]ــــــــ[12 - 04 - 09, 05:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخي الحبيب فهمت من كلامكم أنك تريد كتاب في أصول الشافعية ... فإن أردت نصيحتي فلا غنى عن اللمع للشيرازي والله أعلى وأعلم ...
ـ[نجاح سلمان]ــــــــ[12 - 04 - 09, 08:38 م]ـ
لعل كتاب التبصرة للشيرازي اكثر بسطا للقواعد الاصولية من كتابه اللمع, بالاضافة الى كتاب قواطع الادلة لابن السمعاني لأنه كان حنفيا ثم اصبح شافعيا ومن هنا كان اهتمامه بالقواعد الاصولية عند الشافعية واذا كان خلافا بينهم وبين الحنفية فإنه يبدأ بمناقشته وينتصر لمذهب الشافعية, كما ان هناك كتاب المحصول للرازي(113/271)
اصول الفقه بطريقة السؤال والجواب للمبتدئين
ـ[سامى بن صالح الجعيدي]ــــــــ[12 - 04 - 09, 02:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بشرى للاخوه الاعزاء
سوف انزل شرح لاصول الفقه مجموع من عده شروح بأسلوب السؤال والجواب ارجوا ان ينفع اخواني وان يجعله خالصا لوجهه الكريم
ـ[ياسين البشير]ــــــــ[14 - 04 - 09, 01:41 ص]ـ
بارك الله فيك اخي و نحن في الانتظار ان شاء الله.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 03:17 م]ـ
متابعون أخي سامي بارك الله فيك ....
و أهلا بكل موضوع و مشاركة في هذ الفن الشريف ...
ـ[سامى بن صالح الجعيدي]ــــــــ[20 - 04 - 09, 12:17 م]ـ
الحقيقه كنت اريد ان وضع اصول الفقه سؤال وجواب في الموقع لكن وجدت احد الاخوان وضع مثله وافضل بكثير وهو الاخ ابوسند محمد فيكتفى به والحمد لله
ـ[ياسين البشير]ــــــــ[20 - 04 - 09, 01:25 م]ـ
على كل حال بارك الله فيك اخ سامي و في الاخ ابو سند و نفع بكم.
ـ[فتاة السنة و التوحيد]ــــــــ[23 - 04 - 09, 07:39 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
بارك الله فيكم اخي الكريم
رابط الموضوع لو تكرمتم
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[23 - 04 - 09, 07:54 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=100349(113/272)
بذل الطاقات في مذاكرة الورقات!!! ـ دعوة للمشاركة
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 04 - 09, 03:51 م]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله .... أما بعد ...
فكما وعدت إخواني الأفاضل في منتدى الاستراحة بفتح مذاكرة علمية متميزة في متن متميزكذلك و مشهور و مخدوم كثيرا بحمد الله قديما و حديثا ... ألا و هو " الورقات" لإمام الحرمين الجويني رحمه الله ....
و كما أشرت و أسلفت هناك، أنني اخترت شرح الشيخ مشهور لأنني بدأت فيه من قبل، و بقي لإخواني أن يختاروا من الشروح المتبقية .... و هي معروضة في موضوع (هدية غالية لمن يبحث عن الهمة العالية) في منتدى الاستراحة ...
و إليكم الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1021672#post1021672
ستجدون قائمة الشروح في آخر الصفحة .... و كذلك طريقة العمل ...
شمروا عن سواعد الجد إخوتي الكرام .... هذه فرصة لا تضيعوها ....
وفقكم الله جميعا ...
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[13 - 04 - 09, 04:07 م]ـ
كما قلت لك أخونا الفاضل أباهمام في موضوع (هدية غالية):
هل يشترط النقل من الأشرطة .. أم من الكتب أيضاً ..
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 04 - 09, 04:11 م]ـ
و الدعوى مفتوحة للجميع ....
فمن أراد المشاركة ببعض التعليقات أحيانا فله ذلك، وهذا بعد أن يختار الإخوة الشروح المرشحة للمذاكرة، فإذا انطلقنا و بقيت شروح أخرى لم يقع الإختيار عليها، فمن أراد المشاركة منها أو من غيرها فله ذلك ...
بمعنى هناك مذاكرون دائمون، و مذاكرون ضيوف .... إن صح التعبير ....
فقط الشرط الكبير الذي نشترطه هو: الاختصار وعدم تشتيت الأذهان .... لتحصيل الفائدة ...
و الشرط الأكبر: الاخلاص لله تعالى،و رفع الجهل عن أنفسنا و إخواننا ... و إرادة النفع لهم .... لنعبد الله على بصيرة
و هدى ... لا غير ذلك!!! (و اللبيب بالاشارة يفهم) ..... و الله المستعان على أنفسنا ....
فالذي ينبغي أن نستغل هذا الملتقى في المذاكرات العلمية و نحن بالألوف ... !!!
وفقنا الله لما فيه صلاح دنيانا و آخرتنا ..... اللهم آمين ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 04 - 09, 04:19 م]ـ
كما قلت لك أخونا الفاضل أباهمام في موضوع (هدية غالية):
هل يشترط النقل من الأشرطة .. أم من الكتب أيضاً ..
أهلا و سهلا بالأخ المفضال أبي راكان .... الحمد على طلعتك هذه التي تسعد النفس و ترفع الهمة ... (ابتسامة)
لا حرج يا أخي ... فأنا ذكرت الشروح الصوتية، لأنها أقرب من الشيخ، و لكن إذا تم النقل من الكتب الموثوقة طبعا، فهذا طيب و لا إشكال فيه، المهم أن نستفيد، و نكمل ... نكمل .... ما بدأناه ..... و نفهم و نحفظ و نستوعب ..... هذاهو المهم .....
بارك الله فيك و في سائر الإخوة ..... و أقول لهم لا تترددوا .. !!!
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[13 - 04 - 09, 06:56 م]ـ
وفيك بارك ... سددك الله لكل خير ...
أعاننا الله على مرضاته ....
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[13 - 04 - 09, 08:26 م]ـ
همام
دعوا لي شرح أبي عبد الله الحازمي
..............................................
...............................................
ومتى البدء
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 02:53 م]ـ
لك ذلك أخي محمد ... وفقك الله ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 02:55 م]ـ
**بذل الطاقات في مذاكرة الورقات**
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه ....
أما بعد ...
أحبتي في الله ... رحمني الله و إياكم ...
فهذه جملة من الفوائد العلمية أضعها مع إخواني الأفاضل على متن الورقات، رجاء نفعكم و إسعادكم في هذا الملتقى المبارك، و هي مأخوذة من شروح كثيرة موثوقة، لتكون خير عون على مذاكرة هذا العلم الشريف، علم أصول الفقه .....
راجين من المولى عز و جل أن يتقبل منا هذا العمل، و أن يبارك فيه، إنه خير مسؤول ......
و سيكون بإذن الله، كل مشارك في هذه المذاكرة، بمنزلة السفير لكل شيخ في شرحه هذا الذي اختاره، و نحن حين اجتمعنا هنا في هذه المذاكرة الطيبة، بمنزلة سفراء اجتمعوا عند ملك يحب العلم و العلماء، فعقد لهم مجلسا ليتذاكروا عنده و ينقلوا لرعيته ما حُمِّلوا من علم .... فكونوا إخوتي خير سفراء لهؤلاء الشيوخ و العلماء .. !!
ثم إني أرجو من كل مشارك الانضباط بالضوابط التالية:
1ـ أن يرقم كل أخ فوائده ترقيما خاصا به.
2ـ أن يختصر الفوائد قدر الإمكان.
3ـ أن يكتب بنفس الخط المختار و بحجم واضح.
4ـ أن يكون عمله مرتبا و منسقا و بعرض جميل!
(مع التلوين المناسب) و هذا لتقوية التركيز و تيسير القراءة.
5ـ و أخيرا، أن تتبعوا إخوتي المقاطع التي نتوقف عندها، و لا يتأتى هذا إلا باتباع التعليق الأول (أقصد تعليق أخيكم الكاتب)، و لا مناص من هذا، فإن توحيد المقاطع شيء عسير، فكل شيخ يعلق على المقطع الذي يختاره هو، و لهذا فسأعلق على المقطع الذي يختاره الشيخ مشهور، فإن كان لكم تعليق من صاحب الشرح فالدور لكم، و إن لم يكن ننتقل إلى المقطع الثاني و هكذا إلى أن ننهي المتن بعون الله و توفيقه ....
6ـ خير الأعمال أدومه و إن قل، يعني أن تضع فوائد معدودة في كل مقطع، و تستمر على ذلك خير من أن تكثر منها في بضع مقاطع ثم تنقطع لا سمح الله!!.
7ـ سأضع التعليق مرة كل أسبوع للتجربة، و تأتي تعليقات إخواني تباعا بإذن الله. و سنرى ما سيحدث ثم نُعَدِّل! (ابتسامة)
و سنبدأ بعون الله و توفيقه ... يوم الخميس إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/273)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 02:57 م]ـ
للإشارة أحبتي في الله .... فقد وفقني الله لفكرة أخرى جيدة و نافعة ....
قررت أن أفتح موضوعا إضافيا في مذاكرة المتن نفسه!
و سيكون العمل بعون الله تعالى كالتالي:
1ـ موضوعنا هذا: "بذل الطاقات في مذاكرة الورقات" سيكون في المذاكرة المتأنية و سيختص بالشروح المطولة و المتوسطة.
2ـ أما موضوعنا الثاني فهو:
"أخصر الطرقات في مذاكرة الورقات" فسيختص بالشروح المختصرة و هذا بهدف دفع العجلة إلى الأمام (كما يقولون) و لتحقيق رغبة الكثيرين ممن يريدون إتمام المتن سريعا و حفظه ...
فستكون المذاكرة سريعة إذن و بتعليقات مختصرة جدا (!) و نرفع عليها المشاركات في مجلسين في كل أسبوع: الاثنين و الخميس ... بخلاف المذاكرة المتأنية التي تعقد في كل أسبوع كما اتفقنا يوم الخميس ... و هذا بغية منح الوقت الكافي للإخوة لتحضير مشاركاتهم من تلك الشروح المطولة، و أظن أن هذا هو عين العدل و الإنصاف .... أليس كذلك؟
نلتقي يوم الخميس إن شاء الله ....
هل يناسبكم هذا؟؟؟
سيكون هيكل المشاركة كالتالي:
.................................................. ..
متن الورقات
ـ لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني ـ
المصدر: شرح الشيخ ....
المقطع 1: ترجمة للمؤلف و مقدمات
الفائدة 1 ......
الفائدة 2 .....
.... و هكذا ...
.................................................. ..
و تذكروا ...
من كانت بداياته محرقة ... كانت نهاياته مشرقة
الأمر سهل جدا و يسير للغاية ... !!
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 09:07 م]ـ
السلام عليكم
أخي أبا همام
لا تضع قوانين للتفريغ إلا الترقيم، لأن هذا يجعل الأخ يركز في غير المادة العلمية،
وانا بدوري لن أترك كلمة تستحق الفائدة للشيخ أبي عبد الله الحازمي .........
والله المستعان
والسلام
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 10:05 م]ـ
السلام عليكم
أخي أبا همام
لا تضع قوانين للتفريغ إلا الترقيم، لأن هذا يجعل الأخ يركز في غير المادة العلمية،
وانا بدوري لن أترك كلمة تستحق الفائدة للشيخ أبي عبد الله الحازمي .........
والله المستعان
والسلام
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أهلا و سهلا بك أخي محمد ....
لا حرج عليك أخي الفاضل، المهم أن نبدأ .... و أن نتم ما بدأناه .... هذا هو المهم.
إنما هي اقتراحات أردت بها تنظيم العمل، و إخراجه في أحسن حلة، ليستفيد القارئ دون عناء
كبير ...... فمن استطاع منكم الاختصار قدر الإمكان .... فليفعل .....
و الاختصار المطلوب هنا .... ليس كالاختصار المطلوب في المذاكرة السريعة ..... بحمد الله.
و عموما افعلوا ما يريحكم ..... إنما هي مذاكرة، نسأل الله أن ينفعنا بها ....
وفقني الله و إياكم.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[16 - 04 - 09, 03:10 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
أهلا و سهلا بكم أحبتي في الله في مجلسنا الأول من المذاكرة العلمية المتأنية "بذل الطاقات في مذاكرة الورقات" ....
نبدأ بعون الله و توفيقه ....
(سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت السميع العليم)
بسم الله الرحمن الرحيم
... متن الورقات ...
ـ لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني رحمه الله ـ
المصدر: شرح الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان (حفظه الله)
المقطع 1: ترجمة للمؤلف و مقدمات
هيكل الدرس:
1ـ مقدمة
2ـ ترجمة الجويني
3ـ مقدمات في أصول الفقه وتطرق الشيخ إلى المباحث التالية:
ـ تعريف موجز لعلم أصول الفقه.
ـ الفرق بين الأصول و الفقه
ـ الفرق بين وظيفة الأصولي و وظيفة الفقيه.
ـ موضوع أصول الفقه.
ـ حكم تعلم علم أصول الفقه.
ـ أيهما يقدم: تعلم الفقه أم تعلم الأصول؟
ـ مادة علم الأصول.
ـ أهمية قواعد أصول الفقه.
ـ فوائد أصول الفقه
ـ مصنفات أصول الفقه.
ـ طرق التأليف في أصول الفقه.
و الآن أحبتي في الله نشرع في المقصود بعون الله و توفيقه:
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ...
(مقدمة)
الفائدة 1
ـ بدأ الشيخ بالكلام على أهمية حفظ المتون، بالإضافة إلى حفظ نصوص الوحيين: الكتاب و السنة.
ـ ثم تكلم على متن الورقات، و أن ألفاظه قليلة، و معانيه جليلة، و أنه حوى مصطلحات أصول الفقه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/274)
ـ شُرِح متنُ الورقات قديما، و اعتُنِيَ به كثيرا، و شَرْحُه لا يزال ممتدا إلى عصرنا هذا.
ـ أول من شرحه من العلماء: الإمام ابن الصلاح رحمه الله، و شرحه معروف، و هو نسخة خطية بالجامع الكبير الغربي لصنعاء اليمن.
ثم تتابع العلماء على شرح الكتاب.
(ترجمة المؤلف)
الفائدة 2
علمه و ثناء العلماء عليه:
ـ نعت الامامُ الذهبيُّ "الجُوَيْنيَّ" في السِّيَر فقال:
(إمام كبير، شيخ الشافعية، و هو إمام الحرمين، أبو المعالي، عبد الملك بن الإمام أبي عبد الله أبي محمد بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف الجويني له تصانيف عديدة، و سَمِعَ من علماء عدة)
ـ مدحه السمعاني بقوله:
"كان أبو المعالي إمام الأئمة على الاطلاق، مُجْمَعا على إمامته شرقا و غربا لم تر العيون مثله! "
ـ تفقه على والده، توفي أبوه و لأبي المعالي عشرون سنة.
فدرّس مكانه، و عمره 20 سنة!، فكان يناظر، و كان حاذقا في الشافعية، و هو من أصحاب الوجوه عندهم.
خوضه في علم الكلام:
ـ و بدأ بأن تبحر في علم الكلام، و قرأ فيه كثيرا، ثم رجع إلى ما عليه العامة من العقيدة المأخوذة من الوحي دون الخوض في علم الكلام.
ـ صرح بأمور توافق المعتزلة، حتى قال المازري و هو يشرح رسالة للشافعية: (وددت لو مسحتها بيدي).
توبته من الخوض في علم الكلام:
ـ قال رحمه الله: (قرأت 50 ألفا (أي ورقة)، ثم خلّيت على أهل الاسلام بإسلامهم، و علومهم الظاهرة، و ركبت البحر الخضم، و غصت في الذي نهى عنه أهل الاسلام، كل ذلك في طلب الحق، و كنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت إلى كلام الحق، عليكم بدين العجائز!، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره، فأموت على دين العجائز، و يختم عاقبة أمري عند الرحيم على كلمة الاخلاص (لا إله إلا الله)، فالويل لابن الجويني!!).
ـ كان رأسا من رؤوس الأشاعرة في تأويل الصفات، ثم ألف رسالة اسمها (العقيدة النظامية) رجع فيها عن التأويل إلى مذهب الحق. ذكر ذلك الذهبي في السير،و شيخ الاسلام، وابن القيم في أعلام الموقعين.
و لكن بقيت بضاعته في الحديث شحيحة.
قال الذهبي: (كان هذا الإمام مع فرط ذكائه و إمامته في الفروع و أصول المذهب و قوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به لا متنا و لا سندا)
تصانيفه:
ـله كتب كثيرةخدم بها مذهب الشافعية و علم الأصول منها:
1ـ نهاية المطلب في المذهب.
2ـ و الشامل في أصول الدين.
3ـ البرهان في أصول الفقه (مطبوع).
4ـ غياث الأمم في مسائل الإمامة ....
(أبو هَمّام: ذكره الشيخ سعيد أرسلان باسمه التام في إحدى محاضراته هكذا: غياث الأمم في التياث الظُلَم).
وفاته
ـ توفي رحمه الله سنة 478 هـ في 25 ربيع الآخر.
(مقدمات في أصول الفقه)
الفائدة 3
تعريف موجز لعلم أصول الفقه:
ـيُعَرّف باعتبار مفرديه و يعرّف باعتباره عَلَماً مركبا.
ـأصبح هذا العلم مصطلحا، رديفا لعلم الفقه و علم المصطلح .. و هذا باعتباره عَلَمًا.
ـ هو عبارة عن المناهج و الأسس التي تبين الطريق و توضحه للفقيه الذي يجب عليه أن يلتزمه في استخراج الأحكام من أدلتها.
ـ و يكون في البحث عن الأدلة الإجمالية: الكتاب و السنة و القياس، مباحث الكتاب الكلية: العام و الخاص و الناسخ و المنسوخ و المطلق و المقيد ....
ـ يبحث في أصول الأدلة.
الفائدة 4
الفرق بين الأصول و الفقه
الأصول: يكون في البحث عن الأدلة الإجمالية.
أما الفقه: فيبحث في الأحكام الشرعية العملية المأخوذة و المستنبطة من أدلتها التفصيلية.
مثال: (حكم الأكل و الشرب في نهار رمضان) حكم عملي مأخوذ من دليل كلي.
الفائدة 5
الفرق بين وظيفة الأصولي و الفقيه
هو أن الفقيه يأخذ هذه القواعد و الأدلة التي أغناه عن التوصل إليها الأصولي و يطبقها على الجزئيات.
الفائدة 6
موضوع أصول الفقه
هو الأدلة الإجمالية الموصلة إلى الأحكام الشرعية العملية و اختلاف مراتبها و كيفية استثمار الأحكام الشرعية منها على وجه كلي:
1ـ نعرف الأدلة الكلية المجملة
2ـ ثم نعرف أقسام هذه الادلة
3ـ ثم نعرف مراتب هذه الأدلة أيهما يقدم على الآخر
4ـ ثم نعرف كيف نستثمر استنباط الأحكام العملية من خلال هذه الأدلة الكلية.
الفائدة 7
حكم تعلم علم أصول الفقه
ـ فرض كفاية شأنه كشأن علم المصطلح و علم التخريج و علم اللغة و علم التفسير .....
ـ و مَثَلُ أهلِ هذه العلوم كمَثَلِ الأطباء! إذا لم يكن في البلد أطباء، كانت الأبدان عليلة، فكذلك إذا لم يكن في البلد علماء كانت الأديان عليلة.
ـ يقول أبو بكر الوراق: (الناس ثلاثة: أمراء و علماء و فقراء، فإذا فسُد الأمراء فسُدت المعيشة، و إذا فسُد الفقراء فسدت الأخلاق، و إذا فسد العلماء فسد الدين!!)
ـ قد يتعين على آحاد من الناس تعلم هذا العلم إذا وجدوا القدرة و الشوق و الرغبة في هذا العلم ليسقطوا الفرض عن غيرهم.
ـ إذا فقدت الأمة علماءها فقدت مكانتها و عزّها!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/275)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[16 - 04 - 09, 03:21 م]ـ
الفائدة 8
أيهما يقدم تعلم الفقه أم الأصول؟
1ـ يقدم الأصول على الفقه:
ذهب إليه الشيرازي في شرح اللُّمَع، و ابن برهان في الأصول، و ابن عقيل في الواضح، و ابن بكر.
لأن الفروع لا تدرك إلا بأصولها و النتائج لا تعرف إلا بمقدماتها.
2ـ يقدم الفقه على الأصول:
ـ اختيار أبي يعلى الفراء في كتابه (العُدة)، لأنه بتعلم الفروع تحْصُلُ الدُّرْبَةُ و الملكة، و تجعلك تستفيد من القواعد استفادة صحيحة، و تعرف بذلك الحاجة الحقيقية لمعرفة الأصول.
3ـ يتعلم المقدار العيني من الفروع ثم يتعلم الأصول:
و الحق و الصواب مع هذا الرأي، بأن ينشغل المكلف بالمقدار العيني من الفروع و هو الذي تقع به النجاة و تبرأ به الذمة.
و أما من طريق التحصيل و التأصيل و التقعيد فإنه بعد ذلك يبدأ بعلم الأصول.
المقدار العيني هو: ما يُصْلِحُ باطنَه و ظاهره و ما يَلْزَمُهُ في يومه و ليلته.
يصلح الظاهر: مثلا، المرأة تتعلم كيف تصلح ظاهرها بالستر و الحجاب.
يصلح الباطن: رجل فيه كبر و عجب، يتعلم كيف يتخلص من الكبر و العجب، فيه رياء ... يتعلم خطورة الرياء.
ما يلزمه في يومه: مثلا، يتعلم الزوج حقوق زوجته و العكس.
الفائدة 9
مادة علم الأصول:
احتاج الفقهاء و المجتهدون إلى هذا العلم من خلال تحصيل القوانين و القواعد التي استخدمها السلف في الاستنباط من خلال السبر فكتبها المتأخرون عنهم و جعلوها فنا قائما برأسه و أطلقوا عليه: علم أصول الفقه.
ـ و هذا هو المقدار الواجب تعلمه على وجه الفرض الكفائي على الامة من علم اصول الفقه.
فائدة 10
أهمية قواعد أصول الفقه
ـ بمعرفة القواعد تأمن الأمة بأن تبقى الأحكام الشرعية مضبوطة.
ـ لكن لا تُقَدَّمُ القواعدُ على نصوص الوحي، وفي هذا خطورة، و قد تكلم ابن القيم عليها في إعلام الموقعين، لذلك أخذ بابُ الحيل نصيبا كبيرا منه.
ـ لذلك، من أجَلِّ مباحث علم الأصول:
المباحث المتعلقة بالكتاب و السنة و تسمى بـ: (المباحث المشتركة بين الكتاب و السنة).
فائدة 11
فوائد أصول الفقه
1ـ يبين المناهجَ و الأسسَ و الطرقَ التي يستطيع الفقيه عن طريقها استنباط الأحكام الفقهية.
2ـ دراسة هذا العلم يوقِفُ صاحبَه على طرق الأئمة و أصولهم و يطمئن قلبه إلىمدارك الأئمة، و يتعرف من خلاله على أسباب اختلاف العلماء، و هذا يساعده على استخلاص القول الراجح في المسائل.
3ـ يستطيع الباحث من خلال معرفته بالأصول تخريجَ المسائل و الفروع ـ غير المنصوص عليها ـ على أصول العلماء المعتبرة.
4ـ العارف بالأصول يعلم يقينا أن الاسلام مصلح للزمان و المكان (و ليس صالحا فقط، و هذا ظلم للإسلام!)، و يستطيع من خلال معرفته الأصولية أن يرد على المشككين، و أن يدعو إلى الله على بصيرة من دينه.
فائدة 12
أدلة القياس و التعليل و الاجتهاد من كلام السلف
1ـ رسالة عمر ـ المشهورة في القضاء ـ لأبي موسى الأشعري (رضي الله عنهما و عن الصحابة أجمعين):
(اعرف الأشباه و النظائر و قس الشبيه بالشبيه و النظير بالنظير ... )
2ـ سؤال أحمد الشافعي عن القياس فكان الجواب: ( ... القياس عند الضرورة).
ـ إذن فإلغاء القياس و التعليل بالكلية مسلك غير مرضي.
ـ و التوسع في القياس على حساب النصوص مسلك غير مرضي أيضا.
ـ فإلحاق الشبيه بالشبيه و تَلَمُّسُ المعاني و العلل مع عدم تجاوز الألفاظ هذا هو الواجب.
ـ فمعرفة المسائل التي تقبل أن يلحق بها المعنى و المسائل التي ينبغي أن تقف فيها عند اللفظ و النص لا يقدر عليها إلا المُوَفَّقُ.
فائدة 13
مصنفات أصول الفقه
(المكتبة الأصولية المجملة)
1ـأول من كتب في أصول الفقه: الإمام الشافعي في رسالته المشهورة.
تكلم فيها في الأوامر و النواهي و البيان و الخبر و النسخ.
و حكم العلة المنصوصة قياسا. (كذا سمعتها من الشريط)
لم يتعرض الامام الشافعي لجميع مباحث علم الأصول.
ـ علماء المصطلح يقولون: أول من كتب في المصطلح الشافعي.
ـ و علماء الأصول يقولون: أول من كتب في الأصول الشافعي.
و لا شك هناك مباحث مشتركة بين الأصوليين و علماء المصطلح فهذا القدر المشترك: أولاه الشافعي عناية عظيمة جدا في كتابه الرسالة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/276)
ـ قال عبد الرحمن بن مهدي: قرأت الرسالة 500 مرة في كل مرة أستفيد شيئا لم أستفده من التي قبلها!!
ـ قال بعضهم: ما تركت الدعاء له بعد أن قرأت الرسالة.
ـ و كان أحمد يسأل الشافعي عن الأصول الكلية، لأنه كان يرى أن الأصول عند الشافعي مضبوطة.
ـ قال الإمام أحمد رحمه الله عن الشافعي:
(كان كالعافية للبدن، و كالشمس للدنيا!)
2ـ ثم كَتَبَ فقهاءُ الحنفية في القواعد التي يكثر تخريج الفروع من خلالها، من أمثال: أبي زيد الدبوسي.
3ـ ثم من أشهر كتب الأصول على الإطلاق:
ـ كتاب البرهان لإمام الحرمين الجويني.
ـ المستصفى للغَزّالي.
ـ المعتمد لأبي الحسين البصري و هو معتزلي.
فكانت هذه الكتب بمثابة قواعد لهذا الفن و أركانه.
يقولون: (المستصفى و البرهان في علم الأصول: كصحيحي البخاري و مسلم في علم الحديث) و بعضهم يجعل "المحصول" بدل "البرهان".
ـ ثم لخص هذه الكتب الأربعة فحلان من الأصوليين:
الأول: الرازي في كتابه المحصول.
والثاني: الآمدي في كتابه الإحكام في أصول الأحكام.
و اختلفت طرائقهما في الفن، فالرازي أميل إلى الاستكثار من الأدلة و الاحتجاج.
و الآمدي مولع بتحقيق المذاهب و تفريع المسائل.
ـ و اقتبس القرافي منهما مقدمات و قواعد في كتابه ( .... ) و كذلك فعل البيضاوي في كتابه (المنهاج).
و اعتنى المبتدئون في هذا العلم بهذين الكتابين.
(المنهاج شرحه العلماء في عشرات الكتب، أما كتاب الأحكام للآمدي فلخصه (ابن الحاجب) في المختصر الكبير ثم اختصره في كتاب آخر سماه: المختصر الصغير)
و تداول طلبة العلم في المشرق و المغرب هذا المختصر.
و مختصر ابن الحاجب و شروحاته و الحواشي عليه كثيرة و كثيرة جدا.
الفائدة 14
طرق التأليف في أصول الفقه
للعلماء طرق في التأليف هي:
1ـ طريقة الحنفية
تتميزبأمرين:
1ـ أنها تقرر القواعد الأصولية على مقتضى ما نقل من فروع أئمتهم.
(يعني يجمعوا الفروع و ينظروا فيها و يوجدوا جامعا بينها فيقرروا القاعدة).
2ـ أنها تغوص في المسائل الفقهية، فالغالب على هذه الكتب التمثيل لا التأصيل.
ولذا سميت هذه الطريقة بطريقة الفقهاء، أنها تغوص في المسائل و النكت الفقهية.
ـ أشهر الكتب التي صنفت على طريقة الحنفية:
أ ـ الفصول في الأصول و هو مطبوع لأبي بكر الجصاص. (و هو عند الشيخ مشهور الكتاب المقدم و الأول في هذه الطريقة)
كتاب عجيب، نقل منه كثيرا ابن القيم في "الإعلام" و ارتضى نقولاته و هو صاحب عقل و فحص.
ب ـ رسالة في الأصول لأبي الحكم الكَرْخي.
ج ـ أصول السرخسي.
د ـ المنار للنَّكَتي.
2ـ طريقة الجمهور
و تتميز بما يلي:
1ـالميل الشديد إلى الاستدلال العقلي و المبادئ المنطقية.
2ـ الجدل في المناظرات.
3ـ تجريد المسائل الأصولية عن الفروع الفقهية، بخلاف الأول!
أهم هذه الكتب:
أ ـ منتهى السؤل و الأمل في علمي الأصول و الجدل، و هو مختصر ابن الحاجب.
شرحه:
ـ العضد الإيجي في كتابه شرح المختصر.
ـ و ابن السُبكي في كتابه رفع الحاجب.
ـ و شمس الدين الأصفهاني في كتابه بيان المختصر.
و كلها مطبوعة.
ب ـ إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي.
ج ـ البرهان للجويني.
د ـ و الورقات للجويني، يعتني بالتصور الذهني و الأحكام الفقهية.
ه ـ شرح البرهان للمازري.
و ـ المحصول للرازي و شروحه و مختصراته.
ز ـ اللمع و شرحه.
ح ـ التبصرة لأبي اسحاق الشيرازي.
ط ـ المنهاج للبيضاوي و شروحه مثل:
ـ الابهاج لابن السُبكي.
ـ مناهج العقول للبَدْخَشي.
ـ نهاية السؤل للأسموي.
ـ شرح المنهاج للبيضاوي لشمس الدين أصفهان.
3ـ الجمع بين الطريقة الحنفية و طريقة الجمهور
تجمع بين طريقتين فيها علم كلام و فيها فروع و فقه و تخريج و ما شابه ...
و من أشهر الكتب التي صنفت:
1ـ جمع الجوامع لابن السُبكي و شروحه مثل:
ـ شرح جلال الدين المحلي.
ـ شرح الزركشي الذي يسمى: تشويف السامع (أبو همام:كذا سمعتها من الشريط و الله أعلم)
2ـ التحرير لابن الهُمام و شروحه من مثل:
ـ شرح أمير الحاج المسمى: التقرير و التحرير.
ـ شرح أمير باب شاه المسمى: تيسير التحرير.
3ـ الثبوت لمحب الدين بن عبد الشكور، و شرحه:
ـ المسمى فواتح الرحموت للأنصاري.
4ـ طريقة تخريج الفروع على الأصول
من المؤلفات في هذه الطريقة:
1ـ تخريج الفروع على الأصول للزنجاني.
2ـ التمجيد في تخريج الفروع على الأصول للأسموي.
3ـ مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول للتلمساني المالكي.
5ـ طريقة المقاصد
و الأصل في هذه الطريقة: كتاب الموافقات للشاطبي.
ثم اعتمد عليه من جاء بعده ...
و علم المقاصد علم دقيق تحتاجه الأمة كلما ابتعدت عن الطريق.
و كلما اختلف حالها عن حال السلف الصالح، و يتوسع من خلاله العقلانيون.
و لذا قال الشاطبي في مقدمة كتابه:
(لا آذن لأحد أن ينظر في كتابي هذا حتى يكون شبعانَ ريّانَ من علم الأصول)
و إلا فاعتماد المقاصد مع إهدار النصوص و قواعد الاستنباط المتبعة عند علماء الأصول فيه خطر عظيم.
و الذي يقرأ كتاب "الحريات " للمنوشي يجد مقدار هذه الخطورة!
و كذلك غيره من كتب أصحاب العقول المنعومة المستنيرة.
اهـ درس الشيخ أبي عبيدة مشهور حسن آل سلمان حفظه الله.
ـ و باقي المجلس في الأسئلة و الأجوبة بقدر 5 دقائق و نصف و الشريط مدته الكاملة 1ساعة و 12 دقيقة.
*****
تم الشريط الأول بحمد الله و منه و كرمه ...
اللهم لك الحمد الحسن و الثناء الجميل و الشكر الجزيل على ما أنعمت به علينا من إتمام الدرس الأول من هذه السلسلة المباركة.
أحبتي في الله، هنيئا لكم جميعا ... أرجو أن تستفيدوا و تفيدوا ...
و بصراحة، التفريغ و الترتيب و التنسيق يحتاج إلى جهد و صبر و همة عالية، فلنتحمل هذا إخوتي ... لنتعلم و نفهم و نغنم بإذن الله. و كما يقول الشاعر:
لأستسهلنَّ الصعْبَ أو أُدْرِكَ المُنَى .... فما انقادت الآمالُ إلا لصابرِ
اللهم سلّم سلّم ..... فالهموم و الأشغال كثيرة و الورطة كبيرة!!
اللهم لا تفضحنا .... فما زال الطريق طويلا يا إخوتي!!! (ابتسامة)
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/277)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[16 - 04 - 09, 03:35 م]ـ
و إليكم إخوتي ترجمة الشيخ مشهور كما جاءت في موقعه الرسمي ....
ـ[سليم أبو سليمان الجزائري]ــــــــ[16 - 04 - 09, 10:18 م]ـ
بداية موفقة .... في الانتظار
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[17 - 04 - 09, 12:06 ص]ـ
تبين لي إخوتي أن الصواب في تسمية كتاب الزركشي في شرح جمع الجوامع هو: تشنيف المسامع .... و ليس: تشويف السامع. فمعذرة، تعرفون يا إخوتي أن بعض الكلمات لا تظهر بوضوح عند سماعها من الشريط، و هذا معروف عند من عانى التفريغ خاصة إذا كانت جودة التسجيل ليست عالية.
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[17 - 04 - 09, 12:30 ص]ـ
كتاب الاسنوي الذي ذكرته اسمه: التمهيد، و ليس التمجيد.
و دمتم موفقين.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[17 - 04 - 09, 01:08 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل .....
ـ[سليم أبو سليمان الجزائري]ــــــــ[18 - 04 - 09, 09:52 م]ـ
بارك الله فيك ... واصل
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 04 - 09, 12:50 ص]ـ
حياكم الله أخي سليم و بارك فيكم ....
ـ[السيد زكي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 03:39 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 04:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا و اسمحوا لي بالمشاركة حسب علمي
1 - شرح ابن الصلاح على الورقات طبع منذ عام و نصف بمكتبة نزار الباز بمكة المكرمة
2 - يعتبر الامام الجويني ممن تطور المذهب الاشعري على ايديهم و تحول تحولا خطيرا إذ كان أمر الصفات الخبيرة الذاتية في الصف الأشعري قبله على الإثبات حتى ان والده ابا محمد الجويني الف رسالة في اثبات صف العلو و الاستواء لله تعالى (و ان كان عبدالقاهر بن طاهر صاحب الفرق بين الفرق قد ذهب الى التأويل و هو قبل الجويني الا ان الجويني كان أكثر تأثيرا في المذهب من عبد القاهر)
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 04:36 ص]ـ
3 - مسالة رجوع الشيخ ابي المعالي عن التاويل لا اشكال فيها لكن الام رجع هذا هو محل النظر فهل رجع الى الاثبات أم الى التفويض؟؟ الذي ذهب اليه د. احمد القاضي صاحب مذهب اهل التفويض انه رجع الى التفويص و ليس الى الاثبات
4 - بالنسبة لمؤلفاته التي ذكرها الخ ابو همام حفظه الله فهكلها مطبوعة فالبرهان في اصول الفقه حققه د. عبدالعظيم الديب (متولي تراث الجويني في الفروع في مقابل د. فوقية التي تولت تراثه في علم الكلام و الجدل) و نهاية المطلب في دراية المذهب حققه الديب ايضا و غياث الأمم في التياث الظلم حققه د. الديب هو الاخر و كان قد قام على تحقيقه قبله د. مصطفى حلمي و د. فؤاد عبدالمنعم الا انها طبعة سيئة جدا و قد اشار الديب الى مساويها في بداية تحقيقه
اما كتاب الشامل فهو كتاب في علم الكلام لا علاقة له بالفقه او اصوله و قد قام بتحقيق ما وجد منه د. علي سامي النشار و كان قد قام عليه قبله أحد المستشرقين نسيت اسمه
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 04:45 ص]ـ
5 - أدلة التعليل مبثوثة في الكتاب و السنة بكثرة فكان ينبغي االاشارة اليهما اولا قبل العروج على رسالة عمر لابي موسى في القضاء
6 - الذي قرأ الرسالة خمسمائة مرة ليس هو ابن مهدي فابن مهدي هو الذي استكتب الشافعي و كلمته عنها أثبتها الشبخ شاكر على طرة الرسالة اما الذي قرأها خمسمائة مرة فهو المزني تلميذ الامام الشافعي
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 04:58 ص]ـ
7 - الكلام على أصول الكتب في فن الأصول و أنها المعتمد و المستصفي ........ أصله لابن خلدون في المقدمة و قد قرر فيها أن اصول هذا العلم و اركانه اربعة كتب هي المذكورة
8 - صاحب شرح التحرير المسمى بتيسير التحرير اسمه أمير باد شاه وليس باب
9 - كتاب ابن عبدالشكور اسمه مُسَلَّم الثبوت
10 - تقسيم التصنيف في علم الاصول الى حنفية و جمهور الاولى فيها ان تكون حنفية و متكلمون
و جزاك الله خيرا اخي الحبيب ابا همام على هذا الجهد الكبير و نحن بانتظارك بالجديد
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 06:17 ص]ـ
إضافة: يعتبر الجويني رحمه الله أول من أفسد مذهب الأشاعرة بإدخاله اصول أهل الاعتزال فيه
ـ[ابوحمزة المسيلي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 02:42 م]ـ
إضافة: يعتبر الجويني رحمه الله أول من أفسد مذهب الأشاعرة بإدخاله اصول أهل الاعتزال فيه
بارك الله فيك يا أبا الاشبال،فقد تعقبت فأجدت، إلا في إضافتك الاخيرة، فليتك لم توردهافي هذا المقام كي لا يخرج بنا القول الى موضوع آخر.
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 06:05 م]ـ
بارك الله فيك ابا حمزة
اعتذر اليك و الى الاخوة على ان لا أعود لمثلها ان شاء الله
و سأحصر مشاركتي بعد ذلك في صلب الموضوع
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[22 - 04 - 09, 06:43 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا الأشبال .... هذا ما كنت أنتظره طيلة طيلة هذه الأيام .... جزاكم الله خيرا ....
و إياكم أن تحرمونا من مشاركاتكم و ملاحظاتكم الماتعة حقا ....
و لكن كما علق أخي أبو حمزة .... يمكن أن تدرج تلك الملاحظة في موضوع آخر يختص بالعقيدة ... و يكفي هنا
الإشارة فقط ...
وفقكم الله و جزاكم كل خير ... أحبتنا في الله ....
و غفر الله للامام الجويني و كفر عنه سيئاته و رحمه رحمة واسعة ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/278)
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 06:47 م]ـ
و لكن كما علق أخي أبو حمزة .... يمكن أن تدرج تلك الملاحظة في موضوع آخر يختص بالعقيدة ... و يكفي هنا الإشارة فقط
سمعنا و أطعنا
بارك الله فيك و شكر الله جهدك
ـ[سليم أبو سليمان الجزائري]ــــــــ[22 - 04 - 09, 06:47 م]ـ
ما شاء الله
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[23 - 04 - 09, 04:44 م]ـ
واصل أخي رعاك الله
واصل وصلك الله بأسباب العلم
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[24 - 04 - 09, 11:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده – بأبي هو وأمي –
وبعد ...... :
هذا بداية أول حلقات ذكر المستفاد مما شرحه أبو عبد الله أحمد بن عمر الحازمي من شرحه على نظم الورقات:
وهذا – معشر الأخوة – فهمي، فلا تؤاخذوني بما نسيت ولا ترهقوني من أمري عسرًا ......
قال حفظه الله:
• لا بد للطالب أن يعلم أن علوم الشريعة مترابطة لا انفكاك بينها، متلازمة، ولا يتصور انفكاك العلوم عن بعضها
• من كان مبتدئًا في علوم اللغة كان مبتدئًا في علوم الشريعة ومن كان متوسطًا كان متوسطا ومن كان منتهيا كان منتهيًا
• أصول الفقه لا يمكن أن يستغني عنها طالب علم ولاعالم
• إضافته إلى الفقه لا يعني أنه مختص بالفقه، بل كل ناظر في الكتاب والسنة بأي وجه من وجوه البحث، لأن أصول الفقه تبحث في الألفاظ،ودلالة الألفاظ
• (بسم الله الرحمن الرحيم) بدأ الناظم رحمه الله النظم بالبسملة لأربعة أمور، اقتداءً بالكتاب العزيز، اقتداءً بالسنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم، للتبرك بالسملة، اقتداءً بالأئمة المصنفين، قال القرطبي والشعبي رحمهما الله: "أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يكتب باسمك اللهم ثم أُمر بكتابة باسم الله ثم لما أنزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الحمن} كتب بسم الله الرحمن ثم لما أنزلت {وإنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} كتب بسم الله الرحمن الرحيم ". بسم الله: جار ومجرور متعلق بمحذوف، والمحذوف قدرناه فعلًا مؤخرًا خاصًا بالمقام، وحذفه واجب الحذف لأنه قد صارت البسملة تجري مجرى المثل، وكل ما حذف أصالة صار الحذف ديمومة ولا يجوز الاتيان به، وقدرناه فعلا لا اسمًا لأن الأصل في العمل الأفعال، ووجوده في سورة إقرأ وفي حديث باسمك ربي وضعت جنبي ..... وقدرناه خاصا لا عامًا لأنه ما من أحد يعمل شيئًا إلا وينوي هذا الفعل، مؤخرًا: لأن تأخير ما حقه التقديم يفيد الحصر والقصر، الله مشتق من الإله الهمزة حذفت للتخفيف وأدغمت اللام في اللام وفخمت للتعظيم،وهو بمعنى المعبود أَلِهَ يأله إلاهة فهو مألوه، الرحمن على وزن فعلان تدل على الامتلاء عند العرب والرحيم أي الفعيل وبينهما عموم وخصوص وجهي، (وأنا اختصرت هنا كثيرًا)
• قال: فعل ماضِ لفظًا، مستقبل معنىً؛ لإفادة تحقق الوقوع
• الفقير: فعيل أي المفتعل، كثير الفقر ولا زمه، ومعناه المحتاج إلى الله، وحذف الجار والمجرور
• الشرف: لقبه شرف الدين
• العمريطي: نسبة إلى بلده
• العجز: صاحب العجز، الضعف
• اسمه يحيى بن موسى بن رمضان بن عميرة العمريطي توفي: 890 هـ
• التقصير والتفريط: إذا تجاوز العبد الحد في الأمر، فقد أفرط، وإذا قصر في الأمر فقد قعد به عن رتبته التي له " قاله ابن فارس "، وهذا تواضع منه رحمه الله، وإشارة إلى الطالب: أن هذا العلم لا يُنال إلا بالتواضع
• الحمد لله: (الـ) للجنس والاستغراق، لغةً: وهو الثناء بالجميل على الجميل الاختياري على جهة التبجيل والتعظيم، وفي الاصطلاح: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث كونه منعمًا على الحامد وغيره، وهذا منتقد لأنهم قيدوا الحمد العرفي في مقابل الإنعام والصحيح ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله
• لله: اللام: للملكية والاستحقاق
• أظهر: أخرج وأوجد
• علم الأصول: (ألـ) للعهد الذهني، والمعهود علم أصول الفقه
• للورى: للخلق
• وأشهرا: معطوف على أظهر
• على لسان الشافعي:الأصل في اللسان أنه الجارحة أي آلة القول لكنه أراد المعنى المجازي وهوالقلم
• وهونا: سهل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/279)
• فهو الذي له ابتداءً دونا:أي إنه أول من كتبه في رسالة خاصة على جهة الاستقلال، وذلك في آخر القرن الثاني، أما من حيث القواعد واستنباط الأحكام فإنه نشأ مع ظهور الفقه والفقه ظهر مع ظهور الاسلام، وهو كتاب الرسالة وهو أصلًا كان قد طلب الإمام عبد الرحمن بن مهدي من الإمام الشافعي شيئًا في معاني القرآن والأمر والنهي والناسخ والمنسوخ والقياس فكتب له وأرسله له إلا أن الإمام الشافعي كان يعبر عنه: " بكتابي وكتابنا " والرسالة التي في أيدينا غير الرسالة التي كتبها لعبد الرحمن بن مهدي ثم لما دخل مصر أعاد تأليف الرسالة وهي الموجود الآن بين أيدينا
• وتابعته الناس: الناس عام، وأريد به الخاص وهم المجتهدون أي تابعوه في التأليف في أصول الفقه
• حتى: ابتدائية لأنه تلاها فعل ماض
• كتْبا: سكنت التاء، ما كان على وزن (فُعُل) سواء كان مفردًا أو جمعًا يجوز تخفيفه بتسكين الوسط، والكَتْب هو الضم
• الحجم: من الشيئ هوملمسه الناتئ تحت يدك، ولما كان هذا النظم للمبتدئين نظر الناظم، فوجد أن أحسن الكتب هو كتاب الورقات فنظمه
• الورقات: جمع قلة، جموع القلة ثلاث:- جمع المذكر السالم، جمع المؤنث السالم، وأربعة أوزان من جموع التكسير: (أفعلة، أفعُلة، فعلة، أفعال والأمثلة على الترتيب:أربطة،أرجل، فتية، أحمال.
• الورقات كثيرة المعاني قليلة المباني.
• للإمام الحرمي: مؤتم به، لأنه جلس في الحرم المكي والمدني أربعة سنين يدرس ويفتي ويعلم.
• وقد سئلت: بلسان الحال أو المقال، يحتمل أنه سأله طلاب العلم أو بعض العلماء بالمقال أو رأى في الطلاب حاجة ماسة لنوع التصنيف والتأليف، والظاهر أنه بالمقال.
• مدة: برهة من الزمن، مدة طويلة.
• في نظمه: نظم كتاب الورقات، وهي الأراجيز، مستفعلن ست مرات، والنظم أرسخ في الذهن وهو أسهل في الحفظ من النثر
• مسهلا لحفظه: أي حفظ الأصل، وهو انطباع صورة المحفوظ في الذهن، فسهل الحفظ للكتاب لسهولة نظمه
• وفهمه: ومجتهدا في تسهيل فهمه.
• فلم أجد مما سئلت: أي كرر عليه السؤال
• بدًا: مفرًا
• شرع: دخل أو خاض فيه
• مستمدًا: أي طالبًا امداد التوفيق من ربنا
• الصواب: ضد الخطأ
• والنفع: ايصال الخير إلى الغير، مستمدا من ربنا النفع بالكتاب في الدارين، والكتاب هو النظم الذي نظمه، تسهيل الورقات
• في الدارين: الدنيا والآخرة، في الدنيا بحفظه وفهمه ومدارسته، وفي الآخرة الثواب من الله عز وجل
• ونعتذر للناظم في الأمورالأربعة الواجبة وجوبًا اصطناعيًا ولم يأت بها في المقدمة وهي: البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- والتشهد، وهو قد أتى بالبسملة والحمدلة وترك الصلاة والسلام والتشهد؛ نقول قد تركها اختصارًا أو أتى بها في نفسه أو أتى بها في آخر النظم.
متأسف معشر الأخوة ... فقد كثرت الشواغل والصوارف،،،، متأسف على سوء الإخراج
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 01:18 ص]ـ
نواصل بعون الله وتوفيقه ...
ـ الشريط الثاني ـ
المصدر: شرح الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان (حفظه الله)
المقطع 2:
ـ شروح الورقات
ـ قول المصنف: (هذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه، و ذلك مؤلف من جزئين مفردين، أحدهما الأصول، والآخر الفقه، فالأصل ما ينبني عليه غيره، و الفرع ما يبنى على غيره، و الفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد)
هيكل الدرس:
ـ مقدمة.
ـ ذكر شروح الورقات.
ـ ذكر من نظمها.
ـ الشروع في شرح المتن.
ـ معنى الفصل.
ـ الفرق بين العلم و المعرفة.
ـ الفرق بين المؤلف و المركب.
ـ الفرق بين الفرع و الأصل.
ـ تعريف الأصل لغة و اصطلاحا.
ـ تعريف الفرع.
ـ تعريف الحكم لغة و اصطلاحا.
ـ أقسام الحكم (عقلي و عادي و شرعي).
ـ تعريف الحكم الشرعي و ذكر قسميه.
ـ تعريف الفقه.
ـ تعريف أصول الفقه.
و الآن أحبتي في الله نشرع في المقصود بعون الله و توفيقه:
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ...
الفائدة 15 (مقدمة)
ـ كتاب الورقات متن يسير، تتابع العلماء على حفظه، و على فهمه، و اعتنى به العلماء عناية شديدة مع وجود بعض ما يستدرك على مصنفه فيه.
ـ أتى على رؤوس المسائل في علم الأصول.
ـ و المرجو من إخواننا الحضور أن يعملوا على حفظه، و أن يحفظوا القسم الذي نشرحه.
ـ الكتاب ألفاظه جزلة، نقف عند كل كلمة منه.
ـ و اليوم رحلة استطلاعية استكشافية على الجهود التي بذلت حول هذه الرسالة!
قال الامام الماتن رحمه الله تعالى: (هذه ورقات قليلة)
الفائدة 16
قللها لأن من شأن العلماء أن يقللوا شأن ما يكتبون، و لا ينظرون إلى ما يكتبون بعين التفخيم و التعظيم.
ـ و في حقيقة الأمر، أن هذه الورقات بالنسبة إلى مصنفات إمام الحرمين و لا سيما في علم الأصول: كالبرهان، هي ورقات!، فكتاب البرهان من أُمّات كتب علم الأصول (و في العربية نقول عن جمع العاقل أُمَّهات، و عن جمع غير العاقل أُمّات بغير الهاء!!).
ـ فمثل هذه الورقات لا يفرح بها من يكتب المطولات، و من يحرر المشكلات، و يغوص في الأمور العسيرات .. و ما إلى ذلك
ـ فقلل حجمها، و أشعر بقوله ذلك أنه لم يتباه بها.
و قصد بهذا التقليل: التسهيل على الطالب، و التنشيط لحفظها، و لكي ينتفع بها المبتدي في هذا العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/280)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 07:22 ص]ـ
شروح الورقات و حواشيها
الفائدة 17
ـ ومع صغر هذه الرسالة، إلا أن العلماء اعتنوا بها و وقع بها نفع عظيم.
ـ قال الحطاب في أوائل شرحه على الورقات في كتابه قرة العينين شرح ورقات إمام الحرمين:
(كتاب صغُر حجمه و كثُر علمه، و عظُم نفعه، و ظهرت بركته!!).
ـ و هذا الكتاب شرحه جمع عديد من العلماء على اختلاف أعصارهم و أمصارهم:
1ـ أول من شرحه فيما بصرنا به (من كلام الشيخ): ابن الصلاح.
و ابن الصلاح يكون جدَّ النووي في العلم (يعني في طبقة شيخ شيخه).
و شرحه مازال خطيا فيما نعلم و هو محفوظ في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء اليمن.
(قالها الشيخ مشهور في وقته آنذاك، و قد أخبرني الأخ الفاضل أبو الأشبال الدرعمي بطبعه العام الماضي جزاه الله خيرا).
2ـ و شرَحَهُ ابن فركاح في كتاب مفرد، و هو آخر ما طبع من شروح الورقات فيما أعلم (قالها الشيخ مشهور).
3ـ ثم شرحه جلال الدين المحلي و شرحه وافي، طبع سنة 1937 م، و اعتنى به العلماء عناية كبيرة جدا، فكتبوا عليه هوامش و شروح.
4ـ و أيضا شرحه المارديني ناصر الدين محمد بن عثمان المتوفى سنة 871 هـ في كتاب سماه: (الأنجم الزاهرات على حل ألفاظ الورقات) و هو أيضا مطبوع.
5ـو شرحه أيضا ابن إمام الكمالية، له شرح مطبوع أيضا حديثا على الورقات، مطبوع في الأردن، وابن الكمالية هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن متوفى سنة 874 هـ.
6ـ و هناك شرح ابن بلبيسي (كذا سمعتها) على الورقات:
المسمى (التحقيقات) و صاحبه اسمه عمر بن أحمد متوفى سنة 878هـ.
و ذكر هذا الشرحَ السخاويُ في ترجمة مؤلفه في كتابه: الضوء اللامع (6/ 72).
7ـ و هناك شرح لابن قطون الحنفي المتوفى سنة 879 هـ.
ذكره صاحب كشف الظنون، و ذكره أيضا السخاوي في ترجمته في كتابه الضوء اللامع 6/ 190.
8ـ و شرح أيضا الورقات: الحسين بن أحمد الكِناني المعروف بابن قاوان الشافعي المتوفى سنة 889 هـ.
له كتاب اسمه: التحقيقات في شرح الورقات و هو مطبوع عن دار النسائي في الأردن.
9ـ و هنالك شرح لأبي عباس أحمد بن عمر بن زكري التلمساني المالكي المتوفى سنة 899هـ.
له كتاب اسمه: غاية المرام في شرح مقدمة الإمام.
وحقق في الجامعة الاسلامية و لا أعرفه مطبوعا.
10ـ و شرحه ابن حمزة الرملي الشافعي المتوفى سنة 957هـ في كتاب سماه:
(شرح المأمول في شرح ورقات الأصول).
و قد حقق في جامعة الأزهر.
11ـ و شرحه الحطاب ( ... ) المالكي المتوفى سنة 954هـ في كتاب سماه:
(قرة العين في شرح ورقات إمام الحرمين).
طبع بهامش لطائف الإشارات الذي سيأتي قديما ثم طبع حديثا عن دار ابن خزيمة في سنة 1413هـ.
12ـ و هنالك شرح للعبادي:
و هو أكبر شرح على كتاب الورقات سماه:
(الشرح الكبير على كتاب الورقات) و قد شرح فيه شرح المحلي على الورقات، يعني: شَرَحَ الشَّرْحَ.
و طبع هذا الكتاب أخيرا في مصر عن مؤسسة قرطبة سنة 1416 هـ / 1995م.
13ـ هنالك حاشية على المحلي للورقات للسنباطي المتوفى سنة 994 هـ و هذه الحاشية محفوظة في المكتبة الأزهرية.
14ـ و للعبادي شرح صغير على الورقات:
مطبوع قديما على هامش إرشاد الفحول للشوكاني.
15ـ و هنالك أيضا 3 شروح لبعض العلماء الحلبيين:
أـ ابراهيم بن أحمد بن المنذر الحلبي، المتوفى سنة 1030 هـ له 3 شروح مختصر و متوسط و مطول:
ـ فالمطول: اسمه جامع المتفرقات من فوائد الورقات.
ـ والمتوسط: اسمه التحارير الملحقات و التقارير المحققات.
ـ و المختصر: اسمه كفاية المرقاة إلى معرفة غرف الورقات.
و ذكر هذه الشروح الثلاثة: حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون.
16ـ و هنالك أيضا حاشية على شرح المحلي على الورقات، للقليوبي الشافعي المتوفى سنة: 1069 هـ.
ما زالت محفوظة في المكتبة الأزهرية في مصر.
17ـ و هنالك أيضا حاشية: للبرابنسي الشافعي أيضا على الورقات. ذكرها البغدادي في (إيضاح المكنون) في 2/ 704.
18ـ و هنالك حاشية للدمياطي على الورقاتو هذه الحاشية على شرح المحلي للورقات. الدمياطي متوفى سنة 1117 هـ.
و هي مطبوعة في القاهرة قديما، سنة 1884 م.
19ـ و هنالك أيضا: لطائف الإشارات إلى تسهيل الطرقات لنظم الورقات.
ـ هذا شرح على نظم للورقات.
ـ و سيأتينا هذا النظم للشيخ عبد الحميد بن محمد القُدُسي المتوفى سنة 1325.
و هي أيضا مطبوعة في مطبعة الباب الحلبي سنة 1924م.
20ـ و هنالك للمُدرّس الذي كان يدرس في المسجد الحرام: الخطيب الجاوي سنة 1036هـ. (حاشية النفحات على شرح الورقات). و هي أيضا مطبوعة بحاشية شرح المحلي في مصر قديما سنة 1938م.
21ـ و هنالك حاشية السوسي على قرة العين لمحمد بن الحسين السوسي التونسي. مطبوعة في تونس.
22ـ و هنالك شرح البخاري على شرح المحلي على الورقات لعلي بن أحمد البخاري الشعراني و هي مخطوطة في دار الكتب المصرية.
23ـ و هنالك التعليقات على متن الورقات لعبد الرحمن بن محمد الجطليلي.
طبعت حديثا عن المكتب الاسلامي.
24ـ و هنالك الثمرات على الورقات للأستاذ: خضِر بن محمد النجمي.
و هي تعليقات على شرح المحلي الورقات و هي مطبوعة في مطبعة (الدباغ) بِحَمَاه سنة 1970 م.
25ـ و أخيرا طبع بعضُ المعاصرين و هو الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: شرح الورقات و هو مطبوع.
************
ـ هذا ما وقفت عليه من شروح كتاب الورقات، و الناظر فيها يجدها كثيرة، و كثير منها طبع قديما.
ـ و قد اعتنى العلماء أيضا بنظم الورقات، نظموه شعرا، حتى يَسْهُلَ حفظُه على من يحفظ الشعر!! ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/281)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 07:23 ص]ـ
الفائدة 18 منظومات الورقات
ـ نظم الورقات خمسةٌ من العلماء:
1ـ شهاب الدين أحمد بن محمد الطوخي الشافعي المتوفى سنة 893هـ.
له نظم على الورقات لا زال مخطوطا ضمن مجموع كبير محفوظ في مكتبة شِيكْسْفَاكْبِكِي (كذا سمعته و الله أعلم فهي كلمة أعجمية) برقم 3462. هذا مجموع يحتاج إلى كشف أن ينظر فيه.
لعل شرح ابن الصلاح فيه.
ـ مخطوطات شيكسفاكبكي بتمامها و كمالها موجودة عندنا في الأردن في مركز الوثائق و المخطوطات في مكتبة الجامعة الأردنية.
و مكتبة شيكسفاكبكي مكتبة غنية، فَهْرَسَ مخطوطاتِها عالمٌ مستشرقٌ اسمه آرثر، و هي مكتبة موجودة بـ " دَبْلِن" بـ إرلاندا!!!
2ـ و النظم المطبوع الشهير للورقات الذي شرحه غير واحد المسمى: (تسهيل الطرقات لنظم الورقات) للعِمريطي يحيى بن نور الدين بن موسى الشافعي الأنصاري الأزهري المتوفى سنة 989هـ.
(أبو همام: ضبطها الشيخ الحازمي هكذا: العَمريطي، و لعله اختلاف في النُّسَخ و الله أعلم).
طبع مع شرحه: لطائف الإشارات كما أومأنا إليه.
ـ و هو نظم بديع سهل بدأه بقوله:
قال الفقير الشرف العمريطي .... ذو العجز و التقصير و التفريطِ
3ـ و نظمه أيضا محمد بن ابراهيم اليمني المتوفى سنة 1085هـ.
4ـ و نظمه أيضا محمد بن قاسم بن زاكور الفاسي المتوفى سنة 1120هـ.
5ـ و أخيرا نظمه العلوي المالكي، في نظم مطبوع.
الفائدة 19
ـ و هنالك شروح أخرى كثيرة سمعية، فلا يكاد عالم يُدَرِّس أصول الفقه إلا و يبدأ بالورقات.
ـ و على الطالب أن يحفظها، لأن هذه الورقات تحتاج إلى حفظ،
و هي اصطلاحات.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 07:24 ص]ـ
... عودة إلى متن الورقات ...
قال إمام الحرمين رحمه الله:
(هذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه)
الفائدة 20 الفرق بين العلم و المعرفة
ـ تشتمل: تحتوي.
ـ على معرفة:
المعرفة: إدراك الشيء على ما هو عليه، و هي مسبوقة بالجهل، و هذا هو الفرق بينهما و بين العلم، فالعلم لا يسبقه جهل، و المعرفة يسبقها جهل.
لذلك نقول: الله عليم و لا نقول الله عارف!.
ـ كتب المؤلف الكتاب (الورقات) للمبتدي لأنه كان يجهلها، و لذلك قال: معرفة.
الفائدة 21 معنى الفصل
فصول: منونة، و التنوين في "فصول" للتعميم، فهذه الورقات لم تشمل جميع مسائل أصول الفقه و إنما احتوت على فصول، مسائل، رؤوس المسائل.
و ذكر التنوين للتعميم أو للتفخيم!
أتى على مسائل في جميع أبواب أصول الفقه.
ـ و الفصل: قطعة من الباب، مستقلة بنفسها، منفصلة عن ما سواها.
ـ يقولون: باب ـ فصل ـ مطلب.
ـ يقسم المؤلفون الكتب إلى فصول لتنشيط النفس و بعثها على التحصيل و الاستمرار في الطلب ليحصل لها السرور في ما أتمت و في ما وصلت و بلغت.
فيُسَرُّ الطالبُ و يقول: (قرأت فصل كذا من كتاب كذا ... ).
الفائدة 22 ذكر الفصول المقصودة
و الفصول التي عناها المصنف ـ رحمه الله ـ بقوله: ( ... على معرفة فصول من أصول الفقه .... ) هي:
ـ أنواع الأحكام الشرعية.
ـ تعريف ببعض مصطلحات علم الأصول.
ـ ثم أقسام الكلام.
ـ ثم مباحث الأمر.
ـ و من يدخل في الأمر و النهي و من لا يدخل.
ـ ثم مباحث النهي.
ـ ثم العام و الخاص.
ـ ثم المجمل و المبين.
ـ ثم الظاهر و المؤول.
ـ ثم الأفعال أي أفعال النبي صلى الله عليه و سلم.
ـ ثم النسخ.
ـ ثم التعارض بين الأدلة.
ـ ثم الإجماع.
ـ ثم قول الصحابي.
ـ ثم الأخبار.
ـ ثم القياس.
ـ ثم الحظر و الإباحة.
ـ ثم الاستصحاب.
ـ ثم ترتيب الأدلة.
ـ ثم شروط المفتي.
ـ ثم شروط المستفتي.
ـ و أخيرا الاجتهاد.
قال رحمه الله: (و ذلك مؤلف من جزئين مفردين)
الفائدة 23
ـ على ما يعود "ذلك"؟ على أصول الفقه، لأن في العربية الضمير يعود على أقرب مذكور.
ـ الآن، يريد الماتن أن يشرح أصول الفقه ...
الفائدة 24 الفرق بين المؤلف و المركب
ـ مؤلف: مركب.
لا يوجد في العربية ترادف، يوجد معاني متقاربة.
ـ فالتأليف هو التركيب، و لكن التأليف أخص من التركيب.
فهو تركيب و زيادة، و هذه الزيادة وقوع الألفة بين الجزئين.
ـ فالمركب قد تقع فيه الألفة و قد لا تقع، فإن وقعت الألفة بين الأمور المركبة سمي: تأليفا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/282)
قال سبحانه (و لكن الله ألف بين قلوبهم) جمعها و وقعت بينها الألفة و في صحيح البخاري (باب تأليف أبي بكر القرآن).
ـ لذلك عمل المؤلفين هو الجمع.
الفائدة 25
(وذلك مؤلف من جزئين مفردين)
ـ فأصول الفقه مركب من جزئين بينهما ألفة و تناسق و انسجام.
ـ مفردين: أصول مفردة، و فقه مفردة.
ـ فحتى نعرف معنى أصول الفقه، لا بد أن نفرق بين هذا المركب، فنأخذ كلمة أصول و نعرف معناها، و نأخذ كلمة فقه و نعرف معناها.
ـ فإذا عرفنا معنى كل واحد منهما، نحن الآن نركب معنى!
ـ فنُعرّف الآن أصول الفقه باعتباره مركبا، لا باعتباره لقبا، و لا باعتباره عَلَمًا.
ـ إذن نُعَرّفه باعتبار مفرديه (أصول، فقه).
قال رحمه الله: (فالأصل ما ينبني عليه غيره .... )
الفائدة 26 تعريف الأصل لغة
ـ قال أصل: لأنها مفرد أصول، و التعريف يكون بالمفرد و لا يكون بالجمع.
ـ فالأصل: ما ينبني عليه غيره.
فأصل الشجرة عروقها، و لذلك أصل الشيء أسفله و ما ينبني عليه.
أصل الدار أساسه، و أصول الإسلام من الصلاة و الزكاة و الحج و غيرها تنبني عليها الأحكام الفرعية.
ـ فالأصل هو مُجَمَّعُ الفروع.
الفائدة 27 تعريف الأصل اصطلاحا
ـ يطلق العلماء الأصل على معاني عديدة:
1ـ فمن معانيه في الاصطلاح: الدليل.
يقولون: الأصل في صيام رمضان قوله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام ... ).
2ـ يطلق على المقيس عليه: القياس له 4 أركان: أصل و فرع و علة و سريان العلة من الأصل إلى الفرع.
فمعنى الأصل هنا: المقيس عليه.
3ـ و يطلق على القاعدة المستمرة: فنقول مثلا: الأصل حمل الكلام على الحقيقة الشرعية لا على الحقيقة اللغوية أو على الحقيقة العرفية.
نقول: إباحة الميتة للمضطر خلافا للأصل. (حرمة الميتة)
معنى الأصل هنا: القاعدة المستمرة.
الفائدة 28 تعريف الفرع
الفرع: ما ينبني على غيره.
ـ يذكرون في كتبهم الفقهية الفروع، أي الثمار التي لها أصول، أي الأحكام الجزئية.
ـ من كتب الفقهاء "كتاب الفروع": لابن مفلح.
الذي قال عنه ابن تيمية: و هو مفلح إن شاء الله، و يسمى عند الحنابلة كتاب الفروع "مُكْنِسَة المذهب" لأنه ما ترك صغيرة و لا كبيرة و لارواية و لا قول في المذهب إلا أتى به.
ـ و من كتبهم يقولون:
فرع على الأصل، مثل البحر المحيط للزركشي.
و تخريج الفروع على الأصول، فالفروع انبنت على أصلها، و الأصل انبنى غيره عليه.
ـ فالجويني يريد أن يقول:
" أن الفروع التي ذكرها الفقهاء لهل أصول مبنية عليها، فلم يدونها الفقهاء عبثا، و إنما لها مستند و لها قواعدها و لها ضوابط تحكمها".
قال رحمه الله: (و الفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد)
الفائدة 29 تعريف الفقه
الفقه: معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد.
ـ النصوص في الشريعة الاسلامية جاءت بأخبار و أوامر قطعية يقينية معلومة من الدين بالضرورة، لم يقع فيها خلاف، قررت بمنطوق النصوص، لم تعرف بالاجتهاد و لا بالاستنباط.
ـ فالفقه موضوعه: ليس هذه الأخبار و الأمور القطعية، و إنما هو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد.
فائدة مهمة
جميع الشرائع إما: أخبار أو أوامر و نواهي.
الأخبار: يسلم لها.
الأوامر و النواهي: تفعل.
فمن خانته إرادته فقصر في الأوامر و النواهي، هذا لا يكفر.
و أما من أنكر الأخبار مع علمه، مضادةً لله و رسوله، فهذا هو الكافر.
ـ و الشرائع جميعا أخبارها متضافرة يصدق بعضها بعضا، و السيد قد يأمر بأشياء مختلفة، لكن الأخبار واحدة.
الفائدة 30 تعريف الحكم
لغة: المنع، تقول: "حكم القاضي على فلان بكذا" أي منعه.
اصطلاحا: إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه.
تقول: "زيد قائم" أثبتَّ القيام لزيد أي حكمت على زيد بالقيام.
الفائدة 31 أقسام الحكم
الأحكام أقسام، عقلية و عادية و شرعية، فتدرك بثلاث أمور:
1ـ بالعقل: تقول النصف أقل من الكل، و هذا عرفناه بالعقل.
2ـ بالعادة (العرف): مثاله: السَّنَا يمشّي البطن، و هذا يعرف بالعادة.
3ـ بالشرع: فالأحكام الشرعية تعرف بالشرع.
الفائدة 32 مادة الفقه
ـ مادة الفقه من أي نوع من هذه الأحكام؟
الجواب:مادة الفقه من الأحكام الشرعية و ليست من الأحكام العقلية و لا العادية العرفية.
ـ فمادة الفقه كاصطلاح:
معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد، و ليس طريقها منطوق النصوص و صريح النصوص.
ـ و إلا فالفقه بالمعنى المجمل الذي كان في زمن السلف:
يشمل معرفة التوحيد و معرفة التفسير و أحوال القلوب و الفقه.
و لما دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنه (اللهم فقهه في الدين ... ) فهذا يشمل الحلال و الحرام و غيره، فالفقه هنا عام.
ـ فالفقه الذي يذكره هنا اصطلاح مذكور عند العلماء في تقسيماتهم للعلوم.
الفائدة 33 تعريف أصول الفقه باعتباره لقبا
من خلال تركيب المعنيين و مزجهما و التأليف بينهما:
هي الطرق و مسائل الاستنباط التي تبنى عليها معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد.
ـ تم الشريط الثاني بعون الله و توفيقه ـ
اللهم لك الحمد و الشكر أولا و آخرا .....
أحبتي في الله، قمت بحذف جزء يسير من الشرح في آخر الشريط و يتعلق بأنواع الأحكام الشرعية، و هذا مراعاة للانسجام بين الدروس، و سأضيفه في الدرس القادم مع الشريط الثالث، لننطلق في شرح الأحكام الشرعية .... إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيكم، و وفقني الله و إياكم لكل خير ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/283)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 09:01 ص]ـ
واصل أخي رعاك الله
واصل وصلك الله بأسباب العلم
جزاك الله خيرا أخي عبد السلام و مرحبا بك في هذه المذاكرة الطيبة و لا تحرمونا من كلماتكم الطيبة .... وفقك الله و سدد خطاك ...
جزاك الله خيرا
جزاكم الله خيرا كثيرا و منكم نستفيد .... أهلا و سهلا ...
سمعنا و أطعنا
بارك الله فيك و شكر الله جهدك
و فيك بارك الله أخي الفاضل ... أنا في خدمتكم .... و أنا بدوري أقول: سمعنا و أطعنا (ابتسامة)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 09:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده – بأبي هو وأمي –
وبعد ...... :
هذا بداية أول حلقات ذكر المستفاد مما شرحه أبو عبد الله أحمد بن عمر الحازمي من شرحه على نظم الورقات:
وهذا – معشر الأخوة – فهمي، فلا تؤاخذوني بما نسيت ولا ترهقوني من أمري عسرًا ......
متأسف معشر الأخوة ... فقد كثرت الشواغل والصوارف،،،، متأسف على سوء الإخراج
بارك الله فيك أخي محمد .... على مشاركتك المتميزة .... و نحن نشجعك بقوة .... فقط استمر و لا تنقطع .... و لو بفائدة واحدة .... وفقت أخي .....
و أقول لك: لا حرج و لا إحراج ... من ضعف الإخراج .... فالمهم الإدراج!! (ابتسامة)
ملاحظة: وقع حذف الراء في الآية {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن}
وفقك الله لما يحبه و يرضاه ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 09:18 ص]ـ
أعلم إخواني أنني حاولت رفع مشاركتي يوم الخميس و لم أفلح بسبب ضعف الشبكة عندنا ....
و لعلم إخواني كذلك .... أن في هذا الدرس الثاني من شرح الشيخ مشهور، لطيفة رائعة جدا، لا
تتعلق بأصول الفقه كتخصص، و لكن لها علاقة بتزكية النفس و الأمور الايمانية التي تهم كل مسلم
، لذلك آثرت تأخيرها إلى ما بعد الدرس .......
ترقبوها!! .....
ـ[عبدالله شفيق السرحي]ــــــــ[30 - 04 - 09, 10:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
حياكم الله يا الأخوة الأماجد
وبارك الله فى هذا الجهد المتواصل
أقول: قد حان الوقت لتثبيت هذه السلسلة فى هذا المنتدى حتى لايضيع هذا الخير على كثير من الأخوة
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[01 - 05 - 09, 01:41 ص]ـ
بارك الله فيك أخي، و أهلا و سهلا بك ..... و منكم نستفيد ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[02 - 05 - 09, 02:51 ص]ـ
ـ اللطيفة الإيمانية التي وعدتكم بها ـ
الأصل هو مجمع الفروع ....
قال تعالى: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها و يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) سورة ابراهيم.
أصلها: عروقها
و فرعها: ما انبنى عليها و ما تفرع منها.
و في هذا المثل كما يقول الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين:
( ... من الأسرار و العلوم و المعارف ما يليق به و يقتضيه علم الرب الذي تكلم به!
فمن ذلك:
1ـ أن الشجرة لا بد لها من عروق و ساق و فروع و ورق و ثمر.
و كذلك شجرة الايمان و الاسلام، ليطابق المشبه المشبه به:
ـ فعروق الشجرة: العلم و المعرفة و اليقين.
ـ و ساقها المركبة عليه: الاخلاص.
ـ و فروعها: الأعمال.
ـ و ثمرتها: ما توجبه الأعمال الصالحة، من الآثار الحميدة و الصفات الممدوحة، و الأخلاق الزكية و السمت الصالح، و الدِّل المرضي.
فيُستدل على غرس هذه الشجرة في القلب و ثبوتها فيه بهذه الأمور. (بوجود الثمرة ... )
ـ فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به و الاعتقاد مطابقا لما أخبر عن نفسه و أخبرت به عنه رسله.
و الاخلاص قائم في القلب، و الأعمال موافقة للأمر، و الهديُ و الدِّلُّ و السمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها، عُلِمَ أن شجرة الايمان في القلب أصلها ثابت و فرعُها في السماء.
ـ و إذا كان غير ذلك، عُلِمَ أن الشجرة القائمة في القلب الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
2ـ و منها أن الشجرة لا تبقى حية، إلا بمادة تسقيها و تنميها، فإذا قطع عنها السقي أوشكت أن تجذب.
فهكذا شجرة الإسلام في القلب، إن لم يتعاهدها صاحبُها يسقيها كل وقت بالعلم النافع و العمل الصالح و العود بالتذكر على التفكر، و بالتفكر على التذكر، و إلا أوشك أن تجذب!!
ـ فالشجرة نبتة تحتاج إلى معاهدة و إلى سقي.
ـ و بالجملة: الغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك!!.
ـ و هاهنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات و عظيم رحمته و تمام نعمته على عباده.
ثم قال ابن القيم:
(و الغرس و الزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لابد أن يخالطه دخل ونبت غريب ليس من جنسه فإن تعاهده ربه ونقاه و قلعه كمل الغرس و الزرع و استوى و تم نباته و كان أوفر لثمرته و أطيب و أزكى.
و إن تركه أوشك أن يغلب على الغراس و الزرع و يكون الحكم له أو يضعف الأصل أو يجعل الثمرة ذميمة، ناقصة، بحسب كثرته و قلته) اهـ كلامه رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/284)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[02 - 05 - 09, 02:57 ص]ـ
حاولت يا إخوتي أن أدرج صورة مع الكتابة ليست مرفقة و إنما مدرجة مع الكتابة .... و لم أستطع ... الرجاء المساعدة .....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 05 - 09, 08:46 ص]ـ
أحبتي في الله ...
نواصل بعون الله و توفيقه ...
ـ الشريط الثالث ـ
المصدر: شرح الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان (حفظه الله)
المقطع 3: قال رحمه الله:
(الأحكام سبعة: الواجب و المندوب و المباح و المحظور و المكروه و الصحيح و الباطل.
فالواجب ما يثاب على فعله و يعاقب على تركه ... )
هيكل الدرس:
ـ مقدمة
ـ ذكر ملحوظات على كلام المصنف.
ـ الملحوظة الأولى: 3مؤاخذات على عد المصنف للأحكام الشرعية.
ـ الملحوظة الثانية: على الاشتراك في التعريف بالثمرة.
ـ الملحوظة الثالثة:على التعاريف بالجملة المذكورة وإضافة القصد.
ـ الملحوظة الرابعة: الخلاف المطوي في صيغة العد.
ـ هل يلزم من الوجوب أن يثاب على الفعل؟
ـ أنواع القبول كما أصلها ابن القيم في المنار المنيف.
ـ هل تلزم العقوبة من ترك الواجب؟ و ذكر عقيدة الوعد و الوعيد.
ـ تقسيم الواجب باعتبارات مختلفة.
ـ تعريفها و ذكر أمثلة.
و الآن أحبتي، نشرع في المقصود بعون الله:
الفائدة 34 (مقدمة)
ـ كتاب الورقات له من اسمه كبير نصيب، حيث هو ورقات يسيرة، و لكنه غني بمباحث عديدة في علم أصول الفقه، و لذا سنقرأه قراءة تمحيص و تدقيق، من غير اسهاب ممل و لا اختصار مخل، بتوفيف من الله عز و جل.
الفائدة 35
ـ الموجود في بعض النسخ في تعريف المحظور "و لا يعاقب" هذا خطأ و الصواب: "و يعاقب فاعله".
الفائدة 36
ـ قال: (الأحكام سبعة)
قلنا الأحكام جمع حكم، و الحكم: المنع في اللغة
و في الاصطلاح: إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه.
و الأحكام 3 أقسام:
ـ أحكام عقلية.
ـ و أحكام عرفية
ـ و أحكام شرعية.
و مراده بقوله (الأحكام سبعة) الأحكام الشرعية.
فخرج منها الأحكام العقلية و الأحكام العرفية.
و الأحكام الشرعية عشرة و ليست سبعة، تقسم إلى قسمين:
1ـ أحكام تكليفية.
2ـ و أحكام وضعية.
و الأحكام التكليفية عند جماهير أهل العلم 5 و الأحكام الوضعية 5.
ـ فيؤخذ على المصنف رحمه الله، أنه جمع و ما فرق، و أنه عد سبعة و فاته ثلاثة!.
ـ الأحكام التكليفية هي الخمس المذكورة، و الأحكام الوضعية هي:
ـ الصحة
ـ و البطلان
ـ و السبب
ـ و الشرط
ـ و المانع.
الفائدة 37
ـ و قد ذكرنا في ما سبق 6 فروق بين الأحكام التكليفية و الوضعية. ـ سنذكر ملحوظات على كلام المصنف و هي أربعة.
الفائدة 38
الملحوظة الأولى: ذكر مؤاخذات على هذا العد
المؤاخذة 1
ـ أما المؤاخذات الكلية فكما أشرنا، أنه ما فرق بين الأحكام التكليفية و الوضعية، و جرت كتب الأصول على التفريق!
المؤاخذة 2
ـ أنه عد حكمين من الأحكام الوضعية، و فاته ثلاثة.
المؤاخذة 3
ـ أنه يوجد خلاف عند علماء الأصول في الأحكام التكليفية:
ـ فالأحناف: يجعلون الأحكام سبعة و ليست خمسة، فيزيدون عن الواجب و المندوب و المباح و المكروه و الحرام، يزيدون الفرض و الكراهة التحريمية.
ـ و الفرض هنا بمعنى الواجب
ـ و الحنفية يفرقون بين الواجب و الفرض:
أ ـ بأن الفرض: ما ثبت بدليل قطعي من القرآن و الحديث المتواتر.
ب ـ و الواجب: ما ثبت بالحديث الظني، المشهور أو المستفيض أو الصحيح أو الحسن أو أي حديث معتبر.
ـ و كما ذكرنا في الدرس التمهيدي، أن الحنفية ما ألفوا كتبا في الأصول إنما استخرجوا أصولهم من خلال الفروع.
و هذا التقسيم الذي عندهم إنما هو مأخوذ على وجه جُلي أغلبي لا كلي استقرائي تام.
فمثلا: لو أنك تبحث عن حكم لبس الرجل الحرير، ماذا يقولون؟ حرام.
و أنك لو بحثت عن الأحاديث التي نصّت على حرمة لبس الحرير للرجل لما وجدناها متواترة، بخلاف الأحاديث التي فيها لبس الذهب، فهي متواترة، لكن مع هذا الحنفية يقولون: لبس الحرير للرجل حرام.
لم؟ ينبغي أن يقولوا مكروه كراهة تحريمية، لأن الأحاديث ما بلغت مبلغ التواتر و لكنهم في بعض الأحايين يتجوزون و يلحقون المكروه كراهة تحريمية بالحرام.
و في بعض الأحايين يلحقون الواجب بالفرض.
لكن! من حيث الثمرة لا فرق عند الحنفية بين الواجب و الفرض، و بين الكراهة التحريمية و الحرام.
لمَ؟
ـ من ترك الواجب عندهم آثم.
و من ترك الفرض آثم.
ـ من فعل الواجب يثاب عليه.
و من فعل الفرض يثاب عليه.
ـ و من فعل المكروه كراهة تحريمية آثم.
و من فعل الحرام آثم.
تنبيه
و إنما تظهر هذه الفروق في البطلان و عدمه.
مثلا، حكم قراءة الفاتحة في الصلاة:
عند الحنفية واجب و ليس فرضا!!، فمن ترك الواجب عندهم صلاته صحيحة و هو واجب.
ـ ولذا، لما تعرض الحافظ ابن حجر لهذه المسألة في الفتح الباري قال:
(و لا ينتهي عجبي من حنفي متعصبٍ يُصِرُّ على ترك قراءة الفاتحة حتى يبرهن لخصمه أن صلاته صحيحة مع أنه في مذهبه يقع في الإثم!!)
ـ إذن يلحق أمران: الكراهة التحريمية و الفرض، و عندهم الواجب دون الفرض.
الفائدة 39
ـ يقول الحنفية عن الأمور المستجدة كشرب الحخان بالكراهة التحريمية، لكنهم مع هذا ينصصون على حرمة الحشيشة.
ـ فهم أخذوا أصولهم من استقرائهم لأحكام أئمتهم و مشايخهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/285)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 05 - 09, 12:43 م]ـ
ـ عودة إلى المتن ـ
الفائدة 40
قول المصنف (الواجب ما يثاب على فعله و يعاقب على تركه).
ـ هذا الثواب و هذا العقاب، أين هو؟ في الآخرة بلا شك.
ـ و هذا من حيث الثمرة.
ـ و الشيء إن عُرِّف من حيث الثمرة، يبقى بحاجة إلى تعريف من حيث الماهية.
الفائدة 41
الملحوظة الثانية
أن التعاريف الخمسة تشترك في أنها تعريف من حيث الثمرة.
الفائدة 42
الملحوظة الثالثة
على التعاريف بالجملة المذكورة.
ـقال: (و المندوب ما يثاب على فعله و لا يعاقب على تركه)
ـ لو أن رجلا وفق لفعل واجب دون قصد، هل يثاب عليه؟ لا
ـ الصحيح: الواجب ما يثاب على فعله قصدا. و يعاقب على تركه قصدا.
لا بد من التعريف لهذه الأشياء كلها قصدا، لأن الأحكام أخروية و ليست دنيوية.
مثال: لو أن رجلا ترك الزنا لأنه لا يقدر عليه، هل يثاب على ذلك؟ لا.
و لكن لو أن رجلا كان قريبا من الزنا و تركه حِسْبةً و قصدا!، هذا الذي يثاب!
و العمل حتى يقبل يحتاج إلى القصد و النية، و لذا قال النبي صلى الله عليه و سلم فيما صح عنه: (لا أَجْرَ لمن لا حِسْبةَ له).
الفائدة 43
الملحوظة الرابعة
في قوله (الواجب و المندوب ... )
ـ هنالك خلاف مطوي في صيغة العد:
1ـ فعند الأصوليين:
الوجوب، التحريم، الكراهة، الندب، الإباحة.
إذ هو الخطاب و عليه فهو ذات الحكم عندهم، فمذهبهم كون الحكم علما على نفس خطاب الشارع الذي يطلب من المكلف.
2ـ بينما عند الفقهاء:
الحكم الشرعي هو ما ثبت بالخطاب الشرعي أي أثره المترتب عليه، لا نفس الخطاب.
ـ فهم (أي الفقهاء) و نظروا إليه من ناحية تعلقه بفعل المكلف، لذا يقولون: الواجب، الحرام، المندوب، المكروه، المباح.
فيعتبرون الشيء المترسب على الحكم هو الحكم التكليفي.
ـالأصوليون يرون أن ذات خطاب الله المتعلق بالمكلفين هو الحكم التكليفي.
خلاصة
ـ هَمُّ الأصوليين: الأمور الكلية.
ـ و هَمُّ الفقهاء: الأمور الجزئية.
ـ لذا فرقنا في الدرس الأول: بين الأصول و الفقه.
ـ فعد المصنف (الواجب، و المندوب، و المباح ... ) على حسب عد الفقهاء لا الأصوليين.
ـ بما أن المتن في الأصول، كان ينبغي أن يقال (الوجوب، و الندب و هكذا ... ).
نأتي الآن إلى الواجب ...
الفائدة 44
قال المصنف (الواجب ما يثاب على فعله "قصدا" و يعاقب على تركه "قصدا")
ـ يمكن أن يقوم الانسان بواجب تبرأ به ذمته و لا يثاب على فعله.
مثال 1:
ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم 2830 قال:
قال صلى الله عليه و سلم: (من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما).
و لم يكن سؤال امتحان لأن العالم يجوز له امتحان العراف ليعرف حاله و يحذر منه.
ـ كما ثبت في صحيح مسلم في قصة أبي اليزيد:
أن النبي صلى الله عليه و سلم أتاه فقالت له أمه: محمد! فقال: بُخ ... إلى آخر القصة.
فاستنبط العلماء منها جواز امتحان العالم و الموحد و طالب العلم للعراف ليعرف حاله و يحذر منه.
ـ هل يلزم من الوجوب أن يثاب على الفعل؟
هل هذا الحكم مفرد، أم له نظير؟ له نظير.
مثال 2
ثبت أيضا في صحيح مسلم رقم 70 عن جابر عن جرير بن عبد الله قال:
قال صلى الله عليه و سلم: (إذا أبق العبد لا تقبل له صلاة).
و العلماء مجمعون على أن الصلاة تسقط من ذمته، و لكنه لا يثاب عليها.
مثال3
ما ثبت عند أبي عبيد في كتاب الايمان رقم 90 و البيهقي في الشعب و ابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" و غيرهم:
من حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه، و إن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه).
و العلماء مجمعون أن صلاة شارب الخمر التي أداها بعد شربه للخمر بشروطها و أركانها تسقط من ذمته و لا قضاء عليه.
و المراد هنا: لا ثواب له.
الفائدة 45
من بديع ما أصله ابن القيم قوله في المنار المنيف:
( ... و القبول له أنواع:
1ـ قبول رضا و محبة: و اعتداد و مباهاة، و ثناء على العامل بين الملأ الأعلى (أي من الله سبحانه).
2ـ و قبول جزاء و ثواب: و إن لم يقع موقع الأول. (و هذا قبول جل الناس، و همهم الثواب، و ليس قبول الرضا و المحبة، و لذا كان عمر رضي الله عنه يتمنى قبول سجدة واحدة، و المراد بها قول الرضا و المحبة و المباهاة).
3ـ قبول إسقاط للعقاب فقط: و إن لم يترتب عليه ثواب و جزاء، كقبول صلاة من لم يحضر قلبه في شيء منها، فإنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها فإنها تسقط الفرض و لا يثاب عليها، و كذلك صلاة الآبق، و صلاة من أتى عرافا فصدقه، فإن البعض قد حقق أن صلاة هؤلاء، لا تقبل و مع هذا فلا يؤمرون بالإعادة يعني أن عدم قبول صلاتهم إنما هو في حصول الثواب لا في سقوطها من ذمتهم).
ـ نأخذ موطن الشاهد، التشويش على قول الماتن رحمه الله: (الواجب ما يثاب على فعله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/286)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 05 - 09, 12:50 م]ـ
الفائدة 46
الآن نأتي على قوله: (و يعاقب على تركه)
ـ سؤال: هل يمكن أن يأتي العبد الكبيرة و المعصية و الذنب، و يترك الواجب و الله يعفو عنه؟؟ ... نعم
فيمكن أن يترك العبد الواجب و لا يقع العقاب!
الفائدة 47
عقيدة الوعد و الوعيد:
1ـ أن الله إن وعد فلا يخلف وعده.
2ـ أن الله إن أوعد فقد يخلف وعيده، و إخلاف الله لوعيده من باب فضله و كرمه.
ـ و أهل السنة و الجماعة فيها وسط بين الغالي و الجافي، بين الخوارج و المرجئة و كذلك يخالفون فيها المعتزلة.
ـ فقوله (و يعاقب على تركه) لا يلزم هذا.
الفائدة 48 قصة أبي عمرو بن العلاء مع أبي عثمان المعتزلي
هنالك عالم من رؤوس المعتزلة و هو أبو عثمان عمرو بن عبيد، ألف فيه الدارقطني جزءا، طبعه بعض المستشرقين! في المعهد الفرنسي بدمشق قديما، سماه (أخبار عمرو بن عبيد).
ـ الذي يقرأ ترجمته في لسان الميزان، يجد عجبا عنه، و له قصة مع أبي العلاء رحمه الله رائعة في هذا المعنى حيث سأله (هل يتخلف وعد الله ... ) و الفرق بين وعد الله و وعيده أنه قد يتخلف الوعيد فضلا من الله.
فكان مما قال له:عمرو بن العلاء:
(إنما أتيت من العجمة!! ...
إن العرب لا تَعُدُّ عارا و لا خُلفا أن تَعِدَ شَرّا ثم لا تفعل، ترى ذلك كرماً و فضلا.
إنما الخُلفُ أن تَعِدَ خيرا و لا تفعل ...
فقال له أبو عثمان: أوجد لي شاهدا من كلام العرب؟
فأنشد أبو عمرو بن العلاء:
و إني و إن أوعدته أو وعدته ..... لَمُخْلِفُ إيعادي و مُنجِزُ موعدي
و هذا شعر لعامر بن طفيل كما في ديوانه ص 155.
الفائدة 49
فقول الماتن عليه مؤاخذات:
1ـ على كلمة واجب.
2ـ وعلى كلمة ما يثاب على فعله.
3ـ وعلى كلمة ما يعاقب على تركه.
الفائدة 50
و أحسن من هذا ما قاله ابن قدامة في كتابه الأصولي الذي لخصه من مستصفى الغزّالي، فعرّفا الواجب بقولهما:
(ما تُوُعِّدَ على العقاب بتركه)
و لم يذكرا "ما يثاب على فعله" خوفا من المحذور السابق.
الفائدة 51
أقسام الواجب باعتبارات مختلفة:
يُقسم الواجب إلى 3 أقسام بـ3 اعتبارات:
1ـ باعتبار ذات الواجب:
أـ معين: و هذا حال أكثر الواجبات، شيء مخصص يريده الشرع.
مثل: الصلاة، الحج، عتق رقبة، أداء دين.،أداء نذر.
هذا واجب معين و سمي واجبا مخصصا أيضا.
مثلا: كفارة القتل،عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، هذا معين و ليس مخيرا، فلا يجوز للمكلف الانتقال إلى صيام شهرين متتابعين مع وجود الرقبة، فهذا واجب معين.
ب ـ مخير: علقه على مجموعة أشياء، و على المكلف إن اختار أي نوع من هذه الأنواع فإنه يسقط من ذمته.
مثال1: كفارة اليمين، إطعام 10 مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يستطع فصيام 3 أيام.
فهنا المكلف مخير بين الاطعام و الكُسوة، أيهما أفضل؟ العبرة بسد الحاجة.
مثال2: فدية الأذى في الحج، لمن كان في رأسه أذى و هو محرم و احتاج للحلق، فهذا نخير، فله أن لا يحلق، بشرط أن يأتي الكفارة و لكن على التخيير و الابهام.
الفائدة 52
ـ الواجب المخير: يسمى أيضا المبهم، و هو الفعل الذي طلبه الشارع طلبا جازما لا بعينه، بل خَيَّرَ فيه بين أفراده المحصورة المعينة.
ـ الأفراد تكون محصورة معينة، و الذي حصرها الشرع.
****************
ـ تم الشريط الثالث بعون الله و توفيقه ـ
الحمد لله أولا و آخرا .....
اللهم وفقنا لتفريغ الشريط الرابع وإتمام جميع السلسلة العلمية الطيبة في خير و عافية
هنيئا لكم إخوتي الكرام ......
أرجو أن تستفيدوا و تفيدوا ....
اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 05 - 09, 05:41 م]ـ
إخوتي هذه هي الصورة التي أردت إظهارها مع الكتابة و لم أستطع، و سأكتفي بإرفاقها هنا
، و هي مفاجأة سارة تتعلق باللطيفة الايمانية المتعلقة بمثل الكلمة الطيبة في قلب المؤمن،
و هي رسم توضيحي للمعاني التي كان يبينها العلامة ابن القيم رحمه الله و التي
استقاها من المثل الوارد في الآية الكريمة .....
و للعلم فقد قمت برسمها بتوفيق من الله متتبعا كلمات الامام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين في وصف أوجه التشابه و التطابق بين الكلمة الطيبة
أي شجرة الاسلام و الايمان في قلب المؤمن و الشجرة الحقيقية المغروسة في الأرض بأصلها الثابت و فرعها الصاعد في السماء ..... فسبحان الله .... ما
أعظم و ما أوسع علم الله تعالى و ما أعظم أمثاله في القرآن الكريم و السنة النبوية ....
و قد أعانني أخي الفاضل سليم أبو سليمان في تلوينها ... فالتلوين على الحاسوب صعب للغاية!!
- ابتسامة -
ـ[محمدزين]ــــــــ[06 - 05 - 09, 02:40 م]ـ
ما شاء الله
أخي أبا همام مواهبك متعددة , ولك في كل فن نصيب
نفع الله بك وزادك توفيقا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/287)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[09 - 05 - 09, 12:18 م]ـ
ما شاء الله
أخي أبا همام مواهبك متعددة , ولك في كل فن نصيب
نفع الله بك وزادك توفيقا
بارك الله فيك أخي الفاضل محمد زين على هذه الكلمات الطيبة و المشجعة جدا، و إن كنت لا أستحقها ...
آسف أخي محمد، فقد بعثت ردين من قبل و لم يصلا لضعف الشبكة ...
أسأل الله أن ينفع بك و أن يوفقك و سائر الإخوة الكرام ....(113/288)
أخصر الطرقات في مذاكرة الورقات ـ دعوة للمشاركة
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 03:04 م]ـ
**أخصر الطرقات في مذاكرة الورقات**
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد:
فحياكم الله إخوتي الكرام ....
أهلا بكم في موضوعكم الثاني الموسوم بـ:
"أخصرالطرقات في مذاكرة الورقات" ....
و هي فعلا طرق مختصرة للوصول إلى مبادئ علم الأصول، نسأل الله بمنه و كرمه أن يوفقنا إلى تحقيق هذه الغاية .....
إذن، فهذه المذاكرة، أحبتي في الله، ستكون سريعة، خفيفة، يسيرة ... بإذن الله.
فنكون بذلك موافقين لمراد كلا من المؤلف و الشارح، و هذا أمر مطلوب، فالماتن رحمه الله أقصد الجويني ما ألف هذه الرسالة على اختصارها و قلة ألفاظها إلا ليسهل على الطالب أخذ مبادئ هذا العلم، كذلك نوافق مراد أصحاب الشروح المختصرة لهذا المتن،
و على سبيل المثال لا الحصر:
ـ شرح الشيخ العثيمين على النظم.
ـ شرح الشيخ الحازمي المختصر.
ـ شرح الشيخ عبد الكريم النملة.
و غيرها من الشروح ....
أما شرح الشيخ صالح آل الشيخ فهو طيب و نافع جدا لكنه غير تام، و أظنه مطوّلا .. فيصلح للمذاكرة المتأنية ....
كذلكم شرح الشيخ مشهور .. و خاصة شرح الشيخ الحازمي المطول ... و هكذا ...
فالرجاء من إخواني، أن ينضبطوا بهذا الضابط المهم و الأساسي في هذه المذاكرة السريعة، بأن لا يرجعوا إلى شروح مطولة .... بارك الله فيهم.
و أن يلحقوا مشاركاتهم من الشروح المطولة بالمذاكرة الأخرى (بذل الطاقات في مذاكرة الورقات).
و للعلم، فقد اخترت لنفسي في المذاكرة السريعة شرح الشيخ العثيمين على النظم ....
و سنبدأ إن شاء الله يوم الإثنين القادم بإذن الله.
فما رأيكم؟
ـ[سليم أبو سليمان الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 07:24 م]ـ
تسجيل متابعة
بارك الله فيك سأدخل معكم بتقريرات على المتن والله الموفق
ـ[محمد المراكشي]ــــــــ[14 - 04 - 09, 07:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
استعن بالله
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[14 - 04 - 09, 08:32 م]ـ
توكّل على الله ...
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 08:54 م]ـ
توكّل على الله ... بارك الله فيك
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 10:20 م]ـ
بارك الله فيكم إخوتي على هذه المتابعة .....
وفقني الله و إياكم لإتمام هذه المذاكرة في خير و عافية .....
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[14 - 04 - 09, 10:26 م]ـ
اي اثنين تقصد هذا الذي مضى اخي،،
على ايه حال هذا تسجيل متابعة ايضا،،
وعتبي عليك،، وعلى سليم،، هداكم الله،،
لم لم ترسلوا لي على السكايب،،!!
ام انّكم لا تذكروني الا في المناسبات،، والاعياد الرسمية،،
((ابتسامة))
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 04 - 09, 02:01 ص]ـ
حاشا لله يا أخانا العزيز الجعبة .....
سبحان الله كيف ننساك .... كيف؟؟ .... و كيف ننسى أخانا الحبيب محمد زين؟؟ (ابتسامة)
.... ظننت أن الأمر لا يهمكم .... و أنكم تدرسون الآن المراقي و المرتقى و نظم الكوكب الساطع!!! (ابتسامة)
أهلا و سهلا و مرحبا بأحبتي جميعا ..... نورتم الموضوع ....
و أعتذر على تأخري في إبلاغكم و لن أعيدها يا شيخ!! .... (ابتسامة)
أحبكم جميعا في الله
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[15 - 04 - 09, 10:32 م]ـ
و أنكم تدرسون الآن المراقي و المرتقى و نظم الكوكب الساطع
طبعا اخي ولكن هذا من تواضعنا حفظنا الله وبارك فينا،،
((ابتسامات))
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[16 - 04 - 09, 03:45 م]ـ
طبعا اخي ولكن هذا من تواضعنا حفظنا الله وبارك فينا،،
((ابتسامات))
أضحك الله سنك يا محمد ... أما أنا فما بلغت المنزلة بعد!! (ابتسامة)
بارك الله فيك على توقيعك النافع .... فقد أحسنت الاختيار ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[20 - 04 - 09, 06:06 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ....
أهلا و سهلا بكم يا إخوتي من جديد في هذا المجلس الأول من المذاكرة الطيبة ....
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما و عملا و فقها في الدين ......
نبدأ بعون الله و توفيقه ....
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ....
**شرح نظم الورقات**
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/289)
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
ـ 8 أشرطة ـ
ترجمة صاحب المتن
نسبه:هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني ركن الدين، كنيته: أبو المعالي.
لقبه: إمام الحرمين.
مولده: ولد في جوين (من نواحي نيسابور)
رحلاته:
رحل إلى بغداد فمكة حيث جاور أربع سنين.
و ذهب إلى المدينة فأفتى و درس جامعا طريق المذاهب، ثم عاد إلى نيسابور فبنى له الوزير نظام الملك: المدرسة النظامية فيها و كان يحضر له أكابر العلماء.
مصنفاته:
ـ غياث الأمم في التياث الظلم.
ـ العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية.
ـ البرهان.
علمه و ثناء العلماء عليه:
ـ وصفه الباخرزي في (الدمية) فقال: الفقه فقه الشافعي و الأدب أدب الأصمعي و في الوعظ الحسن البصري.
وفاته:
توفي بنيسابور سنة 478 هـ.
جاء في الكتاب أنظر: (الأعلام للزِّرِكْلي 4/ 160، سير أعلام النبلاء 18/ 468، طبقات السُبكي 5/ 165).
ترجمة الناظم
نسبه: هو يحيى بن موسى بن رمضان بن عميرة العمريطي، شرف الدين.
علمه: فقيه من فقهاء الشافعية، أصولي، ناظم.
مولده: من قرية عمريط بشرقي مصر.
آثاره:
ـ تسهيل الطرقات في نظم الورقات.
ـ نهاية التدريب في نظم غاية التقريب لأبي شجاع.
وفاته:
توفي في حدود سنة 890 هـ.
جاء في الكتاب أنظر (معجم المؤلفين 13/ 234، هدية العارفين 2/ 529).
مقدمة
ـ ألف إمام الحرمين الجويني رسالة في أصول الفقه سماها: الورقات.
ـ شرحها علماء كثيرون، و نظمها آخرون.
ـ و ممن نظمها: العمريطي رحم الله الجميع.
... الشريط الأول ...
المقطع: يقول الناظم رحمه الله ....
1ـ قال الفقيرُ الشرفُ العمريطِي ... ذو العجزِ والتقصيِرو التفريطِ
2ـ الحمد لله الذي قد أظهرا ... علمَ الأصول للورى و أشْهََرا
3ـ على لسان الشافعِي وهَوَّنَا .... فهو الذي له ابتداءً دَوَّنَا
4ـ فالحمد لله على إتمامه .... ثم صلاةُ الله معْ سلامه
5ـ وتابعته الناسُ حتى صارا ... كُتْبا صغارَ الحجم أو كبارا
6ـ و خيرُ كُتْبه الصغارِ ما سُمِي ... بالورقات للإمام الحرمِي
7ـ و قد سُئِلْتُ مدةً في نظمه .... مسهِّلا لحفظه و فهمِه
8ـ فلم أجدْ مما سُئلتُ بُدَّا ... و قد شرعتُ فيه مستمدا
9ـ من ربنا التوفيقَ للصوابِ ... والنفعَ في الدارين بالكتاب
10ـ هاك أصولَ الفقه لفظا لقبا .... للفن من جزأين قد تركبا
11ـ الأولُ الأصولُ ثم الثاني .... الفقهُ و الجزآن مفردان
12 ـ فالأصلُ ما عليه غيرُه بُني ..... والفرعُ ما على سِواه ينبني
13ـ و الفقهُ علمُ كُلِّ حُكْمٍ شرعِي ... جاء اجتهادا دون حُكْمٍ قطعِي
14 ـ و الحكم واجبُ ومندوبٌ وما ... أبيحَ و المكروهُ معْ ما حُرِّما
15 ـ مع الصحيحِ مُطلَقا و الفاسِدِ .... من قاعدٍ هذان أو من عابدِ
16ـ و الواجبُ المحكومُ بالثوابِ .... في فعله و التركِ بالعقاب
17ـ و الندبُ ما في فعله الثوابُ ... و لم يكنْ في تركه عقابُ
18ـ و ليس في المباحِ من ثوابِ .... فعلا و تركا بل و لا عقابِ
19ـ و ضابطُ المكروهِ عكسُ ما نُدِبْ .. كذلك الحرامُ عَكْسُ ما يجب
20ـ و ضابطُ الصحيحِ ما تعَلَّقَا ... به نفوذٌ و اعتدادٌ مُطْلَقَا
21ـ و الفاسدُ الذي به لم تَعْتَدِدْ .... و لم يكُنْ بنافذٍ إذا عُقِدْ
22ـ و العلم لفظٌ للعمومِ لم يُخَصْ **للفقهِ مفهومًا بل الفقهُ أخصْ
الفائدة 1
ـ أصول الفقه: على اسمه، يعني ما ينبني عليه الفقه.
ـ هناك شيء يُسَمَّى أصولَ الفقه، و هناك شيء يُسمَّى قواعدَ الفقه.
الفائدة 2
ما الفرق بين أصول الفقه و قواعد الفقه؟
الفرق بينهما هو:
ـ أن أصول الفقه يبحث في أدلة الفقه.
ـ و قواعد الفقه تبحث في مسائل الفقه كقواعد ابن رجب مثلا.
الفائدة3
أيهما يقدم أصول الفقه أم الفقه؟
ـ قال بعض العلماء قدم الأصول حتى تبني عليها الفروع.
ـ و قال آخرون بل يقدم الفقه، لأن الإنسان يمكن أن يعرف الفقه دون الرجوع إلى أصول الفقه.
الفائدة 4
ما فائدة تعلمنا لأصول الفقه؟
ـ فأن تتمكن من استنباط الأحكام من أدلتها على وجه سليم، و هذه فائدة عظيمة.
الفائدة 5
يقول الناظم رحمه الله:
1ـ قال الفقير الشرف العمريطي ... ذو العجز و التقصير و التفريط
قالها الناظم تواضعا، و لكل مقام مقال:
1ـ فلو قام الداعية أمام العوام و قال أنا الفقير الجاهل .. لرموه بالحجارة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/290)
2ـ لكن لو تكلم بهذا الكلام مع أناس يعرفونه، لم يكن في هذا بأس.
الفائدة 6
2ـ الحمد لله الذي قد أظهرا ... علمَ الأصول للورى و أشهرا
أي: الحمد لله الذي قد أخرج للناس علم أصول الفقه و نشره.
الفائدة 7
3ـ على لسان الشافعي وهونا .... فهو الذي له ابتداء دونا
4ـ فالحمد لله على إتمامه .... ثم صلاة الله مع سلامه
ـ أي أخرج علم أصول الفقه و نشره على لسان الإمام الشافعي رحمه الله و هون هذه الأصول، فله السبق في تأليف أصول الفقه.
ـ الشافعي رحمه الله أول من جمع أصول الفقه على وجه التأليف.
ـ و إن كانت هذه الأصول معروفة فيما سبق.
الفائدة 8
استعمال النبي صلى الله عليه و سلم للعموم
كانت الأصول معروفة فيما سبق، فالرسول صلى الله عليه و سلم استعمل العموم، و بين أن للعموم صيغة:
المثال 1
قال صلى الله عليه و سلم في قول المصلي: السلام علينا و على عباد الله الصالحين. قال: (إنكم إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء و الأرض) متفق عليه.
فصيغة العموم في التشهد قوله: على عباد الله، فـ"عباد" جمع مضاف فيعم.
المثال 2
قوله تعالى: (و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) (الطلاق)
يعُم المطلقةَ و المفسوخةَ و المتوفى عنها زوجُها.
و أخذنا هذا العموم من أن سُبَيْعَةَ الأسلمية نفست بعد موت زوجها بليال، فأَذِن لها النبي صلى الله عليه و سلم أن تتزوج، و هذا إعمال للعموم.
و الحاصل:
أن أصول الفقه له أصل من القرآن و السنة.
و لكن أول من دونه الإمام الشافعي رحمه الله، و صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:
(من سن في الاسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة).
الفائدة 9
5ـ وتابعته الناس حتى صارا ... كتْبا صغارَ الحجم أو كبارا
ـ الهاء تعود على الشافعي، أي تابعه العلماء في التأليف بين كتاب صغير و كتاب متوسط و هكذا جميع فنون العلم.
ـ أو: للتنويع و ليست للشك، أي بعضها صغير و بعضها كبير.
الفائدة 10
6ـ و خير كتبه الصغار ما سُمِي ... بالورقات للإمام الحرمي
ـ أي: خير كتب أصول الفقه ما سمي بمتن الورقات للإمام أبي المعالي إمام الحرمين.
ـ و هذه الورقات، صغيرة الحجم، قليلة الكلمات، لكنها كبيرة في معناها و مغزاها.
الفائدة 11
7ـ و قد سئلت مدة في نظمه .... مسهِّلا لحفظه و فهمه
ـ أي سئلت زمنا كثيرا أن أنظم هذه الورقات لفائدتين:
1ـ تسهيل الحفظ
2ـ تسهيل الفهم
الفائدة 12
8ـ فلم أجد مما سئلت بدا ... و قد شرعت فيه مستمدا
9ـ من ربنا التوفيق للصواب ... والنفع في الدارين بالكتاب
أي لما سئلت نظم هذه الورقات لم أجد مناصا و فرارا من نظمها، و قد شرعت في نظمه مستمدا من الله عز و جل الصواب و النفع في الدارين بالكتاب أي النظم.
الفائدة 13
الصواب: موافقة الحق.
و الخطأ مخالفته:
ـ فإن كان عن عمْد فالمخالف خاطئ (لا يأكله إلا الخاطئون)
ـ وإن كان عن غير عمْد فالمخالف مخطئ (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)
الفائدة 14
ـ قال رحمه الله: باب أصول الفقه.
ـ ليُعْلَمَ أن أصول الفقه دخل فيه شيء من كلام المعتزلة ما بين مقل و مستكثر، لكن بعضه ليس فيه شيء من كلام المعتزلة إطلاقا، مثل هذا النظم المختصر.
ـ غالب ما في هذا الكتاب يكاد يكون متفق عليه بين المذاهب، أما الأخذ و الرد فيكون في الكتب المطولة.
الفائدة 15
10ـ هاك أصول الفقه لفظا لقبا .... للفن من جزأين قد تركبا
11ـ الأول الأصول ثم الثاني .... الفقه و الجزآن مفردان
ـ قوله: هاك، ها اسم فعل أمر بمعنى: خذ.
ـ قوله لقبا: يعني أنه يريد أن يعرّف أصول الفقه باعتباره لقبا و اسما لهذا الفن.
ـ تعريف أصول الفقه باعتباره لقبا:
هو عبارة عن قواعد تُمَكِّن العارفَ بها من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها على وجه سليم.
الفائدة 16
فائدة تَعَلُّمِنَا لأصول الفقه:
أن نتمكن من استنباط الأحكام من أدلتها على وجه سليم، و هذه فائدة عظيمة.
الفائدة 17
قوله: (من جزئين قد تركبا)
ـ أي أصول الفقه تركب من جزئين،مضاف و مضاف إليه، هما أصول و فقه.
قوله: (و الجزءان مفردان)
ـ يعني إذا أردنا أن نعرف الجزئين على سبيل الإفراد ... نقول:
12 ـ فالأصل ما عليه غيره بني ..... والفرع ما على سواه ينبني
الأصل: ما يبنى عليه غيره.
و الفرع: ما بني على غيره، و عرف المؤلفُ الفرعَ هنا استطرادا.
الفائدة 18
ـ يسمى الكتاب و السنة أصلا لأنه يبنى عليهما غيرهما، فتجد في الكتب المطولة يقولون مثلا: الأصل في ذلك قوله تعالى ...
ـ أساس الجدار أصل لأنه يبنى عليه غيره.
ـ جذع الشجرة أصل (أصلها ثابت و فرعها في السماء).
ـ الشهادة إذا حكم بها القاضي أصل، لأن القاضي بنى حكمه عليها.
الفائدة 19
13ـ و الفقه علم كل حكم شرعي ... جاء اجتهادا دون حكم قطعي
الفقه في اللغة: الفهم ... (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول) /هود
يعني ما نفهم.
الفقه في الاصطلاح:
يعني علم الحكم الشرعي، المبني على الاجتهاد، لا على القطع:
ـ قولنا العلم: خرج به الجهل.
ـ قولنا الحكم الشرعي: خرج به الأحكام العقلية و الأحكام العادية (العرفية) و الأحكام الحسية، فليست بفقه في الاصطلاح:
مثال العقلي: الجزء بعض الكل.
مثال الحسي: أكل السنا يستطلق البطن.
و مثال العادي: وجود سيارة الأميرعند الباب تدل على وجود الأمير.
ـ قولنا جاء اجتهادا: مصدره الاجتهاد.
فإن كان يقينيا فعلى رأي المؤلف لا يسمى فقها. (كالعلم بوجوب الصلاة)
و الصحيح:
أن الفقه في الشرع: معرفة الأحكام الشرعية العملية التكليفية.
ـ فتدخل فيه الأحكام القطعية كالعلم بوجوب الصلاة بخلاف التعريف الأول.
ـ و لا تدخل فيه الأحكام العقدية، فليست فقها في اصطلاح أصول الفقه، و لكن علم العقائد في الشريعة أعظم الفقه. (الفقه الأكبر)
الفائدة 20
تصور الشيء بدون حكم لا يسمى فقها، فالحكم أن تثبت شيئا لشيء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/291)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[20 - 04 - 09, 06:19 م]ـ
الفائدة 21
14 ـ و الحكم واجب و مندوب و ما ... أبيح و المكروه معْ ما حرما
ـ الأحكام التكليفية خمسة.
ـ طريق العلم بها التتبع و الاستقراء، فالشرع إما أن يأمر بالشيء، أو ينهى عنه، أو يسكت، هذه أقسام ثلاثة:
1ـ فإن أمر بالشيء، فإما على سبيل الإلزام أو الإختيار، فالأول واجب، و الثاني مندوب.
2ـ و ما نهى عنه إما على وجه الإلزام بالترك، أو على سبيل الاختيار، فالأول حرام و الثاني مكروه.
3ـ و إما أن يسكت فهذا مباح، كما جاء في الحديث (و ما سكت عنه فهو عفو).
الفائدة 22
15 ـ مع الصحيح مطلقا و الفاسِدِ .... من قاعد هذان أو من عابدِ
ـ أضاف المؤلف رحمه الله الصحيح و الفاسد إلى الأحكام التكليفية، و فيه نظر، لأن وصف الصحة و الفساد ليس وصفا للعمل الذي وُجِّهَ للمخاطَب، بل هو حكم وضعي وضعه الشارع علامة على النفوذ و عدمه.
ـ الصواب أن يقال، الأحكام الشرعية نوعان:
1ـ تكليفية: خمسة و هي الواجب و المندوب و المباح و المكروه و المحرم.
2ـ وضعية: متعددة منها الصحيح و الفاسد و السبب و الشرط و المانع.
ـ ترتيب الاحكام التكليفية يكون إما على الاشد و اما على الشيء مع مقابله.
الفائدة 23
16ـ و الواجب المحكوم بالثواب .... في فعله و الترك بالعقاب
عرّف المؤلف الواجب بحكمه لا بحقيقته، و هذا مسلك الفقهاء، و التعريف بالحكم جائز عندهم، معيب عند المناطقة الذين يقولون عرِّفْ الشيءَ بماهيته لا بحكمه:
و عندهم من جملة المردود ... أن تدخل الأحكامُ في الحدود
و الأولى ما ذكره الفقهاء، لأن أهم شيء أن نعرف الحكم، و أما حقيقته فإن عرفناها فمن باب الكمال، و إلا فليس بشرط.
الفائدة 24
الواجب في اللغة:
1ـ الثابت: نحو قولك: حقك واجب علي أي ثابت علي.
2ـ الساقط: في قوله تعالى: (فإذا وجبت جنوبها) يعني سقطت على الأرض، لأن الإبل تذبح، و هي قائمة، فإذا ذبحت سقطت.
الواجب في الاصطلاح:
(تعريف بالحقيقة)
ما أمر به على وجه الإلزام بالفعل.
1ـ قولنا ما أمر به: خرج به المحرم و المكروه و المباح و دخل فيه المسنون.
2ـ قولنا على وجه الالزام بالفعل: خرج به المندوب.
(تعريف بالحكم)
ما أثيب فاعله امتثالا، و استحق العقابَ تاركه
1ـ ما أثيب فاعله امتثالا: خرج به ما لو فعله عاديا.
2ـ و استحق العقاب تاركه: و لم نقل: و عوقب تاركه، لأنه قد يعاقب و قد يعفى عنه.
من أمثلة الواجب: الصلاة و الحج و الصيام و الزكاة و غير ذلك.
الفائدة 25
إذا كان الانسان مخيرا بين الفعل و الترك فهو مندوب، و إن كان مخيرا بين الفعل و بدله فهو قد يكون واجبا، مثل كفارة اليمين!
الفائدة 26
17ـ و الندب ما في فعله الثواب ... و لم يكن في تركه عقابُ
الندب في اللغة:
مصدر ندب يندب، بمعنى دعا، و لكنه مصدر بمعنى المفعول أي المندوب، كما جاء في الحديث (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردود.
الندب في الاصطلاح:
(تعريف بالحقيقة): ما أمر به لا على وجه الإلزام بالفعل.
(تعريف بالحكم): ما أثيب فاعله و لم يعاقب تاركه.
مثال ذلك:
رواتب الصلوات الخمس، رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام و عند الركوع، و الرفع منه، و القيام من التشهد الأول ...
الفائدة 27
أيهما أكثر المندوب أم الواجب؟
المندوب أكثر، و هذا من فضل الله عز وجل، لأن الواجب إلزام و قد يكون فيه مشقة و المندوب كمال.
الفائدة 28
18ـ و ليس في المباح من ثواب .... فعلا و تركا بل و لا عقابِ
المباح في اللغة: المعلَن.
المباح في الاصطلاح:
يعرف بحقيقته: بأنه ما لا يتعلق به أمر و لا نهي بذاته.
ويعرف بحكمه: بأنه ما خلا من الثواب و العقاب. (على تعريف المؤلف)
ـ و هذا باعتبار ذات المباح، و لكن باعتبار ما يكون وسيلة له:
قد يكون واجبا و مندوبا و مكروها و حراما.
مثال ذلك:
1ـ رجل باع سلعة بعد نداء الجمعة الثاني، و هو ممن تجب عليه صلاة الجمعة، ففعله هذا حرام، و الأصل في البيع الإباحة.
2ـ حضرت الصلاة و ليس عند الانسان ماء، فوجد ماء يباع، فحكم شراء هذا الماء واجب!، لأنه يتوقف عليه فعل الواجب،،ولأن الوسائل لها أحكام المقاصد، و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/292)
ـ الحاصل: أن المباح بحد ذاته ليس فيه ثواب و لا عقاب، لا فعلا و لا تركا، لكن إذا كان وسيلة لمأمور به، فهو مأمور به، و إذا كان وسيلة لمنهي عنه فهو منهي عنه.
الفائدة 29
19ـ و ضابط المكروه عكس ما ندب .. كذلك الحرام عكس ما يجب
ـ ضابط المكروه: يعني تعريف المكروه.
ـ عكس ما ندب: أي ما في تركه الثواب، و لم يكن في فعله العقاب. (هذا من حيث الحكم و الثمرة).
ـ و الحرام عكس ما يجب: أي ما عوقب فاعله، و أثيب تاركه.
الفائدة 30
ليس كل تارك للمحرم يكون مثابا، فتارك المحرم على أقسام:
1ـ ألا يطرأ على باله إطلاقا، فهذا لا يثاب على الترك لأنه لم يهم به.
2ـ رجل هم بالمحرم، فتركه لله، هذا يثاب. (إنما ترك هذا من جرائي)
3ـ رجل تمنى المحرم، لكن لم يفعل أسبابه، يعاقب على النية والدليل:
قصة الرجل الذي قال:ليت لي مثل مال فلان، فأعمل فيه عمله.و كان فلان يضيع المال و يلعب به.قال النبي صلى الله عليه و سلم: (فهو بنيته فهما في الوزر سواء).
4ـرجل هم بالمحرم، و سعى في أسبابه، لكن عجز عنه، هذا يعاقب عقوبة الفاعل و الدليل:
قول النبي صلى الله عليه و سلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار) قالوا: يارسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال صلى الله عليه و سلم: (لأنه كان حريصا على قتل صاحبه).
و الحاصل: تارك المحرم أربعة أقسام، و ينطبق كلام المؤلف على قسم واحد منها.
الفائدة 31
يسأل الشيخ العثيمين رحمه الله الطلاب بصورة مفاجئة:
هل تعرفون نبيا من الأنبياء ترك معصية لله؟
فيجيبون بسرعة: يوسف عليه السلام!
فيقص الشيخ عليهم الموقف و ما فيه من حكم و عبر ...
و هذا من حكمته ـرحمه الله ـ حيث ربط القصة بموضوع الدرس و هو ترك المحرم لله في سياق الموعظة و التعليم (فلله دره رحمه الله).
الفائدة 32
20ـ و ضابط الصحيح ما تعلقا ... به نفوذ و اعتداد مطلقا
ـ الصحيح: ما تعلق به النفوذ و الاعتداد، أي ماكان نافذا معتدا به فهو الصحيح، و ضده الفاسد ما لم يكن نافذا، و لا معتدا به.
الفائدة 33
ـ النفوذ في العقود، و الاعتداد في العبادات:
1ـ فيقال: هذه الصلاة معتد بها و لا يقال نافذة.
2ـ و يقال: هذا العقد نافذ، و لا يقال معتد به.
الفائدة 34
الصحيح من العقود ماكان نافذا تترتب عليه أحكام العقد:
مثاله:
رجل باع سلعة على آخر، على وجه تمت به الشروط، و انتفت به الموانع، هذا نافذ، و لا نصفه بأنه معتد به.
وتترتب عليه الأحكام من انتقال السلعة إلى المشتري و انتقال الثمن إلى البائع، هذا نسميه صحيحا.
الفائدة 35
الفاسد من العقود ما لم يكن نافذا و لم تترتب عليه الأحكام:
مثاله:
رجل باع شيئا مجهولا بثمن معلوم، وتم العقد، قال:بعتك عبدي الآبق أو جملي الشارد، فقال: اشتريت.
هذا بيع فاسد، ولهذا لا ينفذ و لا تترتب عليه الأحكام، و لا ينتقل به ملك المبيع إلى المشتري، و لا ملك الثمن إلى البائع.
مثال آخر:
رجل تلزمه صلاة الجمعة، باع سيارته على آخر، تلزمه صلاة الجمعة بعد ندائها الثاني، السيارة معلومة، و الثمن معلوم، و الرضا موجود.
لا يصح، هو بيع فاسد، لأنه لا ينفذ، و لا تتعلق به الأحكام، و السيارة لصاحبها البائع، و الثمن للمشتري.
مثال آخر:
رجل أوقف بيته، و هو مرهون، هذا فاسد، لأنه لا ينفذ، و المرهون لا يباع، و لا يوقف، و لا يوهب.
نقول هذا غير صحيح، لأنه ليس بنافذ.
الفائدة 36
الصحيح من العبادات ما كان معتدا به و ضده الفاسد:
مثاله:
إنسان صلى نفلا مطلقا عند طلوع الشمس، فصلاته غير صحيحة، لأنها لا يعتد بها.
مثال آخر:
إنسان صلى العصر، لكنه قد أحدث، و نسي الحدث و صلى، ثم ذكر بعد أن صلى أنه محدث، فصلاته غير صحيحة، لأنه لا يعتد بها، فلا بد أن يعيدها.
الفائدة 37
21ـ و الفاسد الذي به لم تعتدد .... و لم يكن بنافذ إذا عقد
الفاسد: هو الذي لا يعتد به من العبادات، و لا ينفذ من العقود.
ـ فكل عبادة تمت شروطها، و انتفت موانعها، فهي صحيحة، معتد بها.
ـ وكل عقد تمت شروطه، و انتفت موانعه فهو نافذ.
ـ و ما لم تتم شروطه، أو وجدت به الموانع فهو فاسد لا يعتد به، و لا ينفذ.
الفائدة 38
يطرح الشيخ بحثين لهما تعلق بالموضوع:
1ـ هل الفاسد و الباطل بمعنى واحد؟
2ـ هل يجوز تعاطي الفاسد من العبادات، و من المعاملات؟
(قمت بحذفهما و لنا عودة إليهما بعد إتمام المتن إن شاء الله).
الفائدة39
22ـ و العلم لفظ للعموم لم يخص **للفقه مفهوما بل الفقه أخص
ـ العلم لفظ للعموم و الفقه أخص.
ـ سبق أن الفقه معرفة الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بأفعال المكلفين، إذن لا بد أن نعرف ما هو العلم، و ما هو الفقه، و أيهما أعم؟
ـ العلم أعم، لأن العلم يشمل الفقه و التوحيد و الحساب و الفلك، كل شيء.
ـ أما الفقه، فيقول المؤلف "بل الفقه أخص"، و قد سبق تعريفه، فعلم العقائد لا يدخل في الفقه اصطلاحا، علم النحو كذلك و غيره ... كل هذا لا يدخل في الفقه اصطلاحا، لأنه أخص. و الله أعلم.
الفائدة 40
يطرح الشيخ سؤالا فيقول:
إذا فعل الانسان المختلف فيه معتقدا حله، هل نعامله كمعاملة من يرى أنه غير صحيح؟ .......
(سنرجع إليه بعد إتمام المتن إن شاء الله ... )
*******************
تم الشريط الأول من السلسلة العلمية المباركة لشيخنا العلامة الفقيه: محمد بن صالح العثيمين ـ عليه سحائب الرحمة و الغفران ـ.
اللهم لك الحمد و الشكر التامان الأكملان كما يليق بجلالك و كمالك ... يا رحيم يا رحمن.
أرجو أن نستفيدوا أحبتي في الله ....
و أبشركم أنه لم يبق من الأشرطة إلا سبعة فقط!!! ...
و الربع قادم، ثم النصف .... ثم الإتمام بإذن الله العزيز العلام ....
فابقوا معنا ... (ابتسامة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/293)
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[20 - 04 - 09, 09:23 م]ـ
سبحان الله،، لم لم تضع رابط الشريط اخي الفاضل،،
نتبع،، ونسمع افضل من القراءة،، وحدها،،
وهذا بعد تجربتي له انفع،،
وتخرج بفائدة اكثر،، من احدهما لوحده،،
لأنك لا شك اذا اعلمت حاستين في شيء افضل من ان تعمل واحده،،،،
فكيف اذا اعملت ثلاثة،،
السمع والبصر،، والعقل!
بارك الله فيك،،
لعلي ابحث عن رابط الشريط الاول وأضعه للأخوة،،
ولي طبعا،،
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[20 - 04 - 09, 09:39 م]ـ
بارك الله فيكم،،
رابط التحميل،، لمن يريده،،
الدرس الاول من هنااااااا ( http://sound.binothaimeen.com/sound/snd/a0069/A0069-1A.rm)
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[21 - 04 - 09, 12:24 ص]ـ
رابط الوجه الثاني من الشريط
من هناااااااا ( http://sound.binothaimeen.com/sound/snd/a0069/A0069-1B.rm)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 04 - 09, 01:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد ....
و الله كانت في نيتي رفع الدروس الصوتية .... فكفيتني المؤنة .... بارك الله فيك .... و هذا أدعى للفهم و التركيز .... و أمتع أيضا و أنفع ....
و إن كنت أظن أن أغلب إخواننا يملكون هذه الدروس لحرصهم على الأخذ من الشيخ رحمه الله و طيب ثراه ....
وفقك الله أخي محمد و لا تحرمنا من مشاركاتك المتميزة ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 04 - 09, 01:45 ص]ـ
أقول لإخواني الأفاضل .... أينكم؟؟؟
شاركونا و لو بالكلمة الطيبة (ابتسامة) ....
و لعلم إخواني ..... أنني سأرفع المشاركات كل إثنين ... بدل الاثنين و الخميس .... و هذا لأتفرغ
لموضوع المذاكرة المتأنية يوم الخميس .... فالأمر يكون أيسر علي .....
و لكن .... كما رأيتم اليوم .... فالمشاركة طويلة و قد مررنا ب 22 بيتا بحمد الله ....
و إذا وفقني الله و بارك في الوقت .... فسأزيد من قدر المشاركات .... حتى نتم السلسلة و المتن
في أقل من شهرين بإذن الله.
المهم أن نحفظ المتن أو النظم و نفهم الشرح ... ربما سآتيكم بملخص لما سبق .... إن شاء
الله ....
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[21 - 04 - 09, 01:53 ص]ـ
ايه احسنت يا أبا همّام،،
أنا ايضا،، احتاج الى وقت لأحفظ المتن،، والشرح،،
وبالمناسبة، ما تكتبه من فوائد،، إنما هو خلاصة الدرس،،
فقد تتبعته كاملا من أوله الى اخره،،
فهو تلخيص كأنه تفريغ،، على اختصاره،،
فبارك الله فيك اخي الفاضل،،
سأفتح عندي ملف ورد،،
وسأضيف فوائدك تباعا،،
وأحتفظ بها،، لعلي انتفع بها،، جزيت خيرا،،
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 04 - 09, 02:11 ص]ـ
تعمدت هذا أخي محمد .... أقصد التلخيص .... و إن كنت حافظت على أغلب ما في كلام الشيخ ... فالشيخ كما يعلم الإخوة ... يستطرد في الكلام ... و يناقش ... و يحاور الطلبة ... مما يستدعي تكرار الكلام ... و صياغته بأساليب كثيرة ... فأنا أحيانا آخذ أسلوبا واحدا شاملا فأضعه في الفوائد ... و غالبا يلخص الشيخ كلامه في آخر كل موضوع أو مبحث ... و هذا يعين الطالب على الفهم و التلخيص كذلك ....
رحم الله الشيخ ... فقد كان معلما بارعا بحق ... !!!
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 04 - 09, 02:11 ص]ـ
تعمدت هذا أخي محمد .... أقصد التلخيص .... و إن كنت حافظت على أغلب ما في كلام الشيخ ... فالشيخ كما يعلم الإخوة ... يستطرد في الكلام ... و يناقش ... و يحاور الطلبة ... مما يستدعي تكرار الكلام ... و صياغته بأساليب كثيرة ... فأنا أحيانا آخذ أسلوبا واحدا شاملا فأضعه في الفوائد ... و غالبا يلخص الشيخ كلامه في آخر كل موضوع أو مبحث ... و هذا يعين الطالب على الفهم و التلخيص كذلك ....
رحم الله الشيخ ... كان معلما بحق ... !!!
ـ[سليم أبو سليمان الجزائري]ــــــــ[21 - 04 - 09, 08:59 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[27 - 04 - 09, 06:41 م]ـ
و فيك بارك الله أخي سليم ...
نتابع بعون الله و توفيقه ....
... الشريط الثاني ...
المصدر:شرح العلاّمة محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)
المقطع:
يقول الناظم رحمه الله:
23ـ و علمُنَا معرفةُ المعلومِ ... إن طابَقَت لوَصْفِهِ المحتومِ
24ـ و الجهلُ قل تصور الشيء على ... خلاف وصفه الذي به علا
25ـ وَ قيل حدّث الجهل فقدُ العلم ... بسيطا أو مركبا قد سُمّي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/294)
26ـ بسيطه في كل ما تحت الثرى ... تركيبه في كلّ ما تُصُوِّرا
27ـ و العلم إما باضطرار يحصل ... أو باكتساب حاصل فالأول
28ـ كالمستفاد بالحواس الخمس ... بالشم أو بالذوق أو باللمس
29ـ و السمع و الإبصار ثم التالي ... ما كان موقوفا على استدلال
30ـ و حد الاستدلال قل ما يجتلب ... لنا دليلا مرشدا لما طلب
31ـ و الظن تجويز امريء أمرين ... مُرَجّحا لأحد الأمرين
32ـ فالراجح المذكور ظنا يُسْمَى ... و الطرف المرجوح يُسْمَى وَهْما
33ـ و الشك تحرير بلا رجحان ... لواحد حيث استوى الأمران
34ـ أما أصول الفقه معنى بالنظر .. .للفن في تعريفه فالمعتبر
35ـ في ذاك طرق الفقه أعني المُجْمَلَه ... كالأمر أو كالنهي لا المُفَصَّلَه
36ـ و كيف يستدل بالأصول ... و العالم الذي هو الأصولي
37ـ أبوابها عشرون بابا تسرد ... و في الكتاب كلّها ستوردُ
38ـ و تلك أقسام الكلام ثُمّا ... أمر و نهي ثم لفظ عمّا
39ـ أو خصّ أو مبين أو مجملُ ..... أو ظاهرٌ معناه أو مُؤَوَّلُ
40ـو مطلق الأفعال ثم ما نُسِخْ ..... حُكْماً سواه ثم ما به انتسخ
41ـ كذلك الإجماعُ و الأخبارُ معْ ....... حظر و مع إباحة كلٌّ وقع
42ـ كذا قياس مطلقا لعله ...... في الأصل و الترتيب للأدله
43ـ والوصف في مفت ومستفت عهد ... و هكذا أحكامُ كل مجتهد
44ـ أقل ما منه الكلام ركّبوا ... اسمان أو اسم و فعل كاركبوا
45ـ كذاك من فعل و حرف وجدا ... وجاء من اسم وحرف في النّدا
46ـ و قسم الكلام للأخبار ... و الأمر و النهي و الاستخبار
47ـ ثم الكلام ثانيا قد انقسم ... إلى تمن و لعرض و قسم
48ـ و ثالثا إلى مجاز و إلى ... حقيقة و حدّها ما استعملا
49ـ من ذاك في موضوعه و قيل ما ... يجري خطابا في اصطلاح قُدِّما
الفائدة 41 تعريف العلم
23ـ و علمُنَا معرفةُ المعلومِ ... إن طابَقَت لوَصْفِهِ المحتومِ
ـ قوله: علم مبتدأ، و معرفة خبره.
ـ و قوله: " إن طابقت لوصفه المحتوم" أي: العلم هو معرفة المعلوم المطابق لوصفه، و هذا التعريف انتقض بأن فيه دورا، لأنه تحصيل حاصل.
ـ و لهذا نقول في تعريف العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه:
1ـ خرج بقولنا إدراك الشيء: من لم يدركه فهذا ليس بعلم.
2ـ وخرج بقولنا على ما هو عليه: من أدرك الشيء على خلاف ما هو عليه.
هناك إدراكات أخرى دون العلم:
الجهل و أقسامه
الفائدة42
24ـ و الجهلُ قل تصور الشيء على ... خلاف وصفه الذي به علا
25ـ وَ قيل حدّث الجهل فقدُ العلم ... بسيطا أو مركبا قد سُمّي
26ـ بسيطه في كل ما تحت الثرى ... تركيبه في كلّ ما تُصُوِّرا
ـ ذكر الناظم رأيين في تعريف الجهل:
1ـأن الجهل تصور الشيء على خلاف ما هو عليه: و هذا هو الجهل المركب و خرج به الجهل البسيط الذي ليس فيه إدراك إطلاقا!
2ـ أن الجهل عدم العلم: أي عدم إدراك الشيء على ما هو عليه.
و ينقسم الجهل على هذا الرأي إلى بسيط و مركب:
ـ الجهل البسيط: يتعلق بالأمور الحسية.
ـ و الجهل المركب: يتعلق بالأمور الفكرية.
الفائدة 43
3ـ بقي القول الثالث المشهور الذي لم يذكره المؤلف و هو أن:
الجهل البسيط: عدم الإدراك بالكلية.
و الجهل المركب: إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه.
أمثلة:
1ـ أن يقال: متى كانت غزوة بدر؟ فيقول: لا أدري.
فهذا جهل بسيط.
2ـ أن يقال: متى كانت غزوة بدر؟ فيقول: في السنة الثالثة.
هذا جهل مركب، إذ إن غزوة بدر كانت في السنة الثانية.
الفائدة 44
لماذا كان الأول بسيطا و الثاني مركبا؟؟
ـ لأن الأول جهل واحد، لا يعلم شيئا.
ـ و الثاني مركب من جهلين، جهل بالواقع و جهل بالحال، فهو لا يدري، و لا يدري أنه لا يدري!!
الفائدة 45
أيهما أقبح الجهل البسيط أو المركب؟؟
لا شك أن المركب أقبح، فالجاهل المركب شر من الجاهل البسيط، لأن الجاهل البسيط عرف نفسه فقال: لا أدري.
و أما هذا فادعى أنه عالم، و ليس بعالم، فكان جاهلا بنفسه و جاهلا بالحكم!!
(أبو همام: نسأل الله العفو و العافية ... )
فائدة لطيفة جدا
يُذْكَرُ أن رجلا يُسمى تَوْمَة، يتعاطى الحكمة، و لكنه يفتي بغير علم، و من جملة ما يفتي به يقول: تصدقوا ببناتكم على من لم يتزوج!
يظن أن هذا خير، و في هذا قال الشاعر:
و من نال العلومَ بغير شيخ ..... يضل عن الصراط المستقيم
و تلتبس العلوم عليه حتى .... يكون أضلَّ من تومَة الحكيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/295)
تصدّق بالبنات على رجال ...... يريد بذاك جنات النعيم
و له حمار قيل فيه:
قال حمار الحكيم تومة ....... لوأنصف الدهر كنت أركبُ
لأنني جاهل بسيطُ ........ وصاحبي جاهل مركبُ
الفائدة46
27ـ و العلمُ إمّا باضطرارٍ يَحْصُلُ ... أو باكتساب حاصل فالأولُ
28ـ كالمستفاد بالحواس الخمس ... بالشم أو بالذوق أو باللمس
29ـ و السمع و الإبصار ثم التالي ... ما كان موقوفا على استدلال
ـ ينقسم العلم إلى قسمين:
علم اضطراري:ما يدرك بالحواس الخمسة، و ما يدرك بالنقل المتواتر.
فما كان حاصلا بالحواس الخمسة قد يناقش المؤلف فيه لأن الحواس قد تخطئ.
و الصحيح أن العلم الضروري ما لا يمكن دفعه، كعلمنا بأن هناك خالقا قال تعالى (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) / الطور 35.
و علم اكتسابي نظري: ما يحتاج في ثبوته إلى استدلال.
الفائدة 47
أقسام الضرورات:
الضرورات ثلاثة أقسام:
1ـ الضرورة الحسية:ما يدرك بالحواس الخمسة.
2ـ الضرورة العقلية:ما يدرك بالعقل.
3ـ الضرورة الشرعية: هو الذي يقول عنه العلماء يعلم بالضرورة من الدين، كالعلم بوجوب الصلاة و الصوم و حرمة الزنا، بين الذين يعيشون في بلاد الإسلام فلا تحتاج إلى نظر و استدلال.
الفائدة 48
ـ قوله: (ثم التالي) أي العلم النظري أو المكتسب،و هو ما يحتاج إلى نظر و استدلال.
ـ أكثر المعلومات الشرعية تحتاج إلى استدلال، و إلا لأصبح الدين الاسلامي كله ضروريا.
ـ من الناس من يؤتيه الله ملكة قوية، إذا رسخ في العلم، حتى إنه يخيل إليه أن هذا الشيء حرام أو واجب بدون أن ينظر في الأدلة، فإذا نظر في الأدلة وجد أن ما خيل إليه صحيح، لكن هذا يكون بعد الرسوخ في العلم!
ـ لكن، ليس معناه أن كل ما حكم به عقلك يكون كما حكمت، لأن الأمور الشرعية لا بد فيها من الرجوع إلى الشرع.
.................................................. ............................................. يتبع بإذن الله.
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[28 - 04 - 09, 03:15 ص]ـ
بارك الله فيكم،، تنابع معكم غداً إن شاء الله،،،
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[30 - 04 - 09, 12:14 ص]ـ
أعتذر لإخواني على التأخر الحاصل، فإن حاسوبي تعرض لهجوم الفيروسات، و الله المستعان، و هذا بسبب اتصالي عن طريق النات العام، مما جعل قرصي السريع ( usb) يثقل بالفيروسات الخطيرة، و التي لم يتحملها مضاد الفيروسات عندي و الذي يحتاج إلى تجديد كما هو معلوم، فأصيب نظام التشغيل بالعطل و في خاصية التنفيذ ( execution) فلم تعد كثير من البرامج تعمل، حتى ملفات الوورد صارت تتضاعف ....
فاستدعى الأمر، فرمتة الحاسوب بطبيعة الحال، و تنصيب وينداوز آخر، ثم إعادة تنصيب كل البرامج التي زالت بالفرمتة .....
هذا عذري إخوتي، و سآتيكم ببقية التفريغ في أقرب الآجال، أقصد غدا إن شاء الله ....
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[30 - 04 - 09, 01:57 ص]ـ
ربّ ضارة نافعة،، لله الحمد والمنّة!!
بارك الله فيك،، ويسر امورك،،
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[30 - 04 - 09, 07:37 ص]ـ
أحسنت أخونا همام ....
واصل وصلك بطاعته وبلّغك مرضاته ....
بصراحة شغل مرتب وتقسيمات طيبة ودرر مضيئة ونفائس جليلة ....
بارك الله في أخينا همام على جهده وجعله من أنصار دينه وحزبه ....
أبشر أخونا همام فالله لايضيع أجر من أحسن عملاً ....
أسأل الله أن يرزقك الإخلاص في القول والعلم والعمل ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[01 - 05 - 09, 02:17 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبا راكان .... لا حرمنا الله من كلماتكم الطيبة ....
نتابع بعون الله و توفيقه .....
الفائدة 49
30ـ و حدُّ الاستدلال قل ما يُجْتَلَبْ ... لنا دليلا مُرْشِدًا لما طُلِبْ
ـ جاء المؤلف بالاستدلال هنا استطرادا للدليل.
ـ الاستدلال هو فعل المستدِل، ثم قد يكون صحيحا و قد يكون غير صحيح.
ـ كثيرا ما يستدل الإنسان بآية أو بحديث، و لكنها لا تكون دليلا له، لأنه لم يهتد إلى مدلولها ... فما هو الاستدلال؟
ـ الاستدلال: أن يجتلب دليلا مرشدا للمطلوب.
مثاله: يسألك سائل، و يقول لك: إذا زدت في الصلاة ركعة، فهل أسجد بعد السلام أو قبل السلام؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/296)
تبحث أنت في الأدلة حتى تصل إلى المطلوب يسمى هذا البحث ثم الحكم على المسألة بدليلها يسمى استدلالا.
ـ و الاستدلال مطلوب لكل من يمكنه أن يستدل، أما العامي فإن الاستدلال في حقه غير مطلوب لأنه قد يستدل فيستعمل الأدلة على وجه غير صحيح.
ـ الخلاصة: الاستدلال طلب الدليل، و لابد أن يكون المستدل أهلا لذلك.
الفائدة 50
31ـ و الظن تجويز امريء أمرين ... مُرَجِّحا لأحد الأمرين
32ـ فالراجحُ المذكور ظنا يُسْمَى ... و الطرف المرجوح يُسْمَى وَهْما
33ـ و الشكُّ تحريرٌ بلا رُجْحَانِ ... لواحدٍ حيث اسْتَوى الأمرَانِ
ـ ذكر المؤلف رحمه الله ما يقابل العلم، و قد سبق أن العلم حكم يقيني، و هو الظن و الوهم و الشك.
الفائدة 51
عند الأصوليين:
الظن هو ترجيح أحد الأمرين على الآخر فالراجح يسمى ظنا، و المرجوح يسمى وهما، و الشك تجويز الأمرين على السواء أي يكون مترددا على السواء.
عند الفقهاء:
الغالب عندهم استعمال الشك في مقابلة اليقين، فيشمل الثلاثة: الظن و الوهم و الشك، على السواء.
مثاله: يقولون من تيقن الطهارة، و شك في الحدث، و هذه الكلمة "شك" تشمل الثلاثة.
الفائدة 52
لماذا اختلف الأصوليون و الفقهاء؟
من أدلة الفقهاء:
1ـ لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر أن يبني الانسان أموره على اليقين، فقال عليه الصلاة و السلام: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، و ليبن على ما استيقن) مسلم
2ـ و قال في الذي شك هل أحدث أو لا: (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) مسلم.
من أدلة الأصوليين:
1ـ لكن من العبادات ما يكفي فيه غلبة الظن على القول الراجح، كمسألة الشك في الصلاة، هل صليت ثلاثا أم أربعا؟ فيترجح عنده أنه صلى أربعا أو صلى ثلاثا، فإنه يعمل بالظن في هذه الحالة.
2ـ و كذلك من شك في عدد الطواف، و في عدد السعي، و في عدد الجمرات إذا رمى، كم حصاة فإنه يبني على غلبة الظن على القول الصحيح.
الفائدة 53
ملخص ما سبق:
1ـ اعلم أن العلم إدراك الشيء على ما هو عليه، و أنه ينقسم إلى قسمين: ضروري و نظري.
2ـ أن الجهل على القول الصحيح هو عدم إدراك الشيء، و أنه ينقسم إلى قسمين: بسيط و مركب.
فالبسيط عدم العلم مطلقا، و المركبُ هو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه.
3ـ و اعلم أن الادراكات تنقسم إلى يقين و ظن و وهم و شك، و هذا عند الأصوليين، أما عند الفقهاء فيقولون: إما يقين و إما شك فيدخلون الظن و الوهم في الشك.
الفائدة 54 تعريف أصول الفقه
34ـ أما أصول الفقه معنى بالنظر .. .للفن في تعريفه فالمعتبر
35ـ في ذاك طرق الفقه أعني المُجْمَلَه ... كالأمر أو كالنهي لا المُفَصَّلَه
36ـ و كيف يستدل بالأصول ... و العالم الذي هو الأصولي
ـ يقول المؤلف رحمه الله: فهو يعود إلى ثلاثة أشياء:
1ـ معرفة طرقه الإجمالية.
2ـ و كيفية الاستدلال بها.
3ـ و حال المستدل.
الفائدة 55
قولنا معرفة طرقه الإجمالية:
ـ كأن تقول: الأمر ما هو؟ و ما الذي يقتضيه؟ و النهي ما هو؟ و ما الذي يقتضيه؟ و ما أشبه ذلك.
ـ و نقول مثلا: الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء، و لا نقول: الأمر قوله تعالى (و أقيموا الصلاة) لأن هذا تفصيل، لا يدخل في أصول الفقه ..... و إنما يأتي على سبيل التمثيل!
ـ يعني مثلا:
الأمر يقتضي الوجوب و مثاله قوله تعالى: (و أقيموا الصلاة).
الفائدة 56
وقولنا كيفية الاستدلال بها:
ـ مثال ذلك: العام، يأتيك لفظ عام، إذا قلت: أكرم الطلبة، هذا عام، من الطلبة من اسمه عبد الله، هل يكرم عبد الله أم لا؟
نعم، كيف تعلم أنه يكرم؟
نعرف ذلك بأننا قرأنا أن العام يشمل جميع أفراده.
ـ فهنا نعرف ما هو العام، ثم نعرف كيف نستدل به على جزئياته أو على أفراده، وقد دل على كون العام يشمل جميع أفراده قولُ النبي صلى الله عليه و سلم:
(السلام علينا و على عباد الله الصالحين) قال: (إنكم إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء و الأرض).
الفائدة 57
و الثالث حال المستدل:
ـ يعني المجتهد: ففي أصول الفقه يبين الأصوليون من المجتهد، لأن الذي يتولى استنباط الأحكام من أدلتها هو المجتهد.
ـ أما المقلد: فإنه لا يذهب للأدلة، و لا ينظر فيها، هل تدل أو لا تدل، لأنه مقلد.
الفائدة 58
ذم التقليد و حكمه:
ـ التقليد حرام إلا عند الضرورة.
ـ يقول شيخ الاسلام رحمه الله: (التقليد كأكل الميتة)، و متى يجوز أكل الميتة؟ عند الضرورة، أما إذا وجدت ميتة لا تأكلها، لكن إذا خفت الهلاك إذا لم تأكل، فكل الميتة.
ـ يقول الشاعر:
لا فرق بين مقلد و بهيمة ****تنقاد بين دعافر و جنادب
(جامع بيان العلم و فضله/ للحافظ ابن عبد البر، باب فساد التقليد رقم 1350)
و قد بالغ هنا رحمه الله في ذم المقلد و شبهه بالبهيمة!!.
الفائدة 59
ـ قوله (فالمعتبر): يعني في تعريفه.
ـ قوله (في ذاك): أي في التعريف.
ـ قوله (طرقُ الفقه أعني المجمله): طرقه المجمله.
ـ قوله (كالأمر أو كالنهي لا المفضله): كالأمر أعرف ما هو الأمر، و ماذا يقتضيه؟ النهي ما هو؟ و ماذا يقتضيه؟ ما هو العام، و ماذا يقتضيه؟ و هلم جرا.
ـ قوله (لا المفصله): لأن طرق الفقه المفصله موضعها كتب الفقه.
ـ ثم قال (و كيف يستدل بالأصول):أي بأصول الفقه، كيف استدل بالأمر على الوجوب، بالنهي على التحريم، بالعام على العموم، و هلم جرا.
ـ قوله (و العالم الذي هو الأصولي): هذا عبّرنا عنه بقولنا: حال المستفيد أو المستدل "المجتهد".
.................................................. .............. يتبع بعون الله و توفيقه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/297)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[06 - 05 - 09, 06:05 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه .....
الفائدة 60
إنسان نظر في الأقوال التي في المسألة و أدلتها، و اختار قولا منها، فهل هذا يعتبر مقلدا لغيره؟
الجواب: أنه ليس مقلدا، لأنه اختار هذا القول لسبب، و بناء على دليل.
الفائدة 61
قد يحتاج العالم المجتهد إلى التقليد، فأحيانا تنزل به نازلة، لا تقبل أن يتأخر الحكم فيها حتى يراجع، فيقلد.
الفائدة 62
هل التقليد يكون في العقيدة؟
الجواب: نعم.
بدليل قوله تعالى: (و ما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (النحل:43).
و هذه عقيدة الايمان بالرسل.
و أما قول بعضهم: إن العقيدة لا يقلد فيها، لقول المجيب للملكين في قبره: سمعت الناس يقولون شيئا، فقلته.
فهذا استدلال في غير وجه، لأن هذا الرجل الذي يقول: سمعت الناس يقولون شيئا، فقلته، ليس عنده ايمان أصلا.
فالحديث فيه: (فأما المنافق أو المرتاب).
فالتقليد جائز للضرورة في الأصول و الفروع.
الفائدة 63
هل يقسم الدين إلى أصول و فروع؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
( ... تقسيم الدين إلى أصول و فروع بدعة، لم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم و لا أصحابه).
و لذلك يرى هؤلاء المقسمون إلى أصول و فروع أن الصلاة من الفروع!، سبحان الله!، الصلاة التي من أصل الأصول ...
ـ فالقول الراجح:
أنه ليس هناك أصول و فروع، بل فيه علميات و عمليات، يعني أن الدين ينقسم إلى عمليات و علميات:
1ـ العلميات: تكون بالايمان بها.
2ـ العمليات: بالقيام بها.
و لو أردنا أن نقسم إلى أصول و فروع، لقلنا: أركان الاسلام الخمسة كلها أصول.
ـ أبواب أصول الفقه ـ
مقدمة
المؤلف رحمه الله كتابه مختصر، و ليس متعمقا في التبويب، و لهذا جعل أبواب أصول الفقه محصورة، و يشبه من بعض الوجوه كتاب "الآجرومية" في النحو.
الفائدة 64
37ـ أبوابها عشرون بابا تسرد ... و في الكتاب كلّها ستوردُ
ـ إذن أبواب أصول الفقه عشرون بابا، كلها ستورد في الكتاب يعني النظم فأل، في قوله "الكتاب"، للعهد الحضوري، و ليست للعهد الذهني، لأنه ليس كتابا معهودا في الذهن، و لكنه كتاب حاضر بين يديه.
الفائدة 65
38ـ و تلك أقسام الكلام ثُمّا ... أمر و نهي ثم لفظ عمّا
39ـ أو خصّ أو مبين أو مجملُ ..... أو ظاهرٌ معناه أو مُؤَوَّلُ
40ـو مطلق الأفعال ثم ما نُسِخْ ..... حُكْماً سواه ثم ما به انتسخ
41ـ كذلك الإجماعُ و الأخبارُ معْ ....... حظر و مع إباحة كلٌّ وقع
42ـ كذا قياس مطلقا لعله ...... في الأصل و الترتيب للأدله
43ـ والوصف في مفت ومستفت عهد ... و هكذا أحكامُ كل مجتهد
ـ قوله: ثُم، بالضم حرف عطف.
و "ثَم" بالفتح اسم إشارة للمكان، و لهذا يغلط بعض الناس الآن، و يقول: و من ثُم حصل كذا و كذا، و الواجب أن تقول: و من ثَم حصل كذا و كذا.
ـ قوله: ثم لفظ عَمّا، يريد العام.
ـ و قوله: أو خَصَّ، يريد الخاص.
الفائدة 66
و هذه الأبيات السابقة عن تعداد أبواب أصول الفقه التي سيذكرها المؤلف، و بناء على ذلك نقول: كل واحد من هذه الأبواب له باب مستقل يشرح إن شاء الله عند ذكر بابه.
باب أقسام الكلام
الفائدة 67 تعريف الكلام
بدأ رحمه الله بباب أقسام الكلام فقال:
44ـ أَقَلُّ ما منه الكلامَ رَكَّبُوا ... اسمان أو اسمٌ و فعلٌ كارْكَُبوا
45ـ كذاك مِنْ فِعْلٍ و حَرْفٍ وُجِدَا ... وجاء من اسمٍ وحَرْفٍ في النِّدَا ـ قوله رحمه الله (الكلام).
الكلام كما قال النحويون و هم أحسن تحريرا من أهل أصول الفقه، لأن الفن فنهم يقولون: الكلام لفظ مفيد.
فكل لفظ مفيد فهو كلام:
1ـ قولنا: لفظ، خرج به الكتابة و الاشارة.
مثال:
و لهذا أشار النبي صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه أن اجلسوا و هو يصلي، و لو كانت الاشارة المفهومة كلاما لبطلت صلاته.
2ـ قولنا: مفيد، خرج به غير المفيد.
مثاله:
إذا جاء زيد .... هذا ليس بكلام، لأنه لا يفيد.
3ـ لا يشترط أن تكون الفائدة جديدة، بل كل ما كان مركبا على وجه يفيد فإنه يعتبر كلاما. (الصحيح من القولين)
مثاله:
ـ السماء فوقنا
ـ الأرض تحتنا
ـ كأننا و الماء من حولنا ... قوم جلوس حولهم ماء!
الفائدة 68
ما أقل ما يتركب منه الكلام؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/298)
ـ يقول رحمه الله: أقل ما يتركب منه الكلام اسمان أو اسم و فعل.
ـ فهم من قوله: أقل ما يتركب منه الكلام، أنه قد يتركب من أكثر من ذلك، لكن لا يمكن أن يتركب من أقل من ذلك:
1ـ اسمان: مثل: العلم نافع.
2ـ اسم و فعل كاركبوا: اركبوا فعل أمر مبني على حذف النون، و الواو فاعل، ففيه اسم و فعل.
و مثل اركبوا: ركبوا، مكونة من اسم و فعل.
الفائدة 69
هل يتركب الكلام من فعل و حرف أو من اسم و حرف؟؟
يقول رحمه الله:
كذاك مِنْ فِعْلٍ و حَرْفٍ وُجِدَا ... وجاء من اسمٍ وحَرْفٍ في النِّدَا
1ـ يعني أن الكلام يوجد من فعل و حرف، و الدليل قولك: ما قام أو لم يقم و تتم الفائدة.
2ـ أن الكلام يتركب من اسم و حرف، و ضرب مثالا لذلك بالنداء، فتقول: يا زيد! ويتم الكلام.
و لكن هذا ليس بصحيح:
1ـفلا يمكن أن يوجد كلام من فعل و حرف، لأن أقل ما يتركب منه الكلام اسمان أو اسم و فعل، و الحرف ليس له معنى في نفسه، بل معناه في غيره.
و أما المثال الذي استدلوا به "ما قام أو لم يقم":
فإنه مركب من اسم و حرف و فعل:
ـ الحرف هو: "ما" أو "لم".
ـ الفعل هو: "قام" أو "يقم"
ـ الاسم هو: الضمير المستتر في الفعلين.
2ـ لا يمكن أن يتكون الكلام من اسم و حرف، و يجاب على المثال الذي ضربوه "يا زيد" بما يلي:
أن "يا" حرف نداء، و النداء يتضمن معنى الدعاء، فإذا قلت يا زيد، فكأنما تقول: أدعو زيدا، فيا في الواقع حرف، لكنها نائبة منابَ جملة لأن الفعل "أدعو" فيه ضمير مستتر تقديره أنا و عليه فلا يمكن أن يتكون الكلام لا من اسم و حرف، و لا من فعل و حرف.
الفائدة 70
يقول الشيخ العثيمين بعد تعقيبه على كلام المصنف رحمهما الله:
و هذا الذي ذكرته هو الذي حرره النحويون، و هم أعلم من أهل أصول الفقه فيما يتعلق باللغة العربية.
......................................... يتبع بإذن الله
أحبتي في الله، سنتعرف في الحلقة القادمة، على أقسام الكلام، و أنها ثلاثة عند المصنف رحمه الله:
1ـ الأخبار و الأمر و النهي و الاستخبار
2ـ تمن و عرض و قَسَم.
3ـ إلى حقيقة و مجاز.
فهل سيوافقه الشارح على هذا التقسيم الثلاثي؟
هل الكلام ينقسم إلى حقيقة و مجاز؟
ما هي الحقيقة؟
و ما هو المجاز؟
و هل هناك فرق بين اللغة و الاصطلاح في تعريفهما؟
كل هذا و غيره من المسائل سنكتشفه في الحلقة القادمة بعون الله و توفيقه ليتم الشريط الثاني بإذن الله! ...
فابقوا معنا .....
نحبكم في الله ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[12 - 05 - 09, 06:07 م]ـ
نواصل بعون الله و توفيقه ...
الفائدة 71
ثم قال رحمه الله:
46ـ و قَسِّمِ الكلامَ للأخبارِ ... و الأمرِ و النهيِ و الاسْتِخْبَارِ
47ـ ثُمَّ الكلامُ ثانيا قد انْقَسَمْ ... إلى تَمَنٍّ و لِعَرْضٍ و قَسَمْ
48ـ و ثالثًا إلى مجازٍ و إلى ... حقيقةٍ و حَدُّهَا ما اسْتُعْمِلا
ـ يقول رحمه الله: الكلام ينقسم من عدة وجوه:
الوجه الأول:من جهة الخبر و الانشاء
الوجه الثاني: إلى تمن و عرض و قسم.
الوجه الثالث: إلى مجاز و حقيقة.
الفائدة 72
الوجه الأول: من جهة الخبر و الانشاء
فيقول، قسِّمْهُ إلى أربعة أشياء: الأخبار و الأمر و النهي و الاستخبار.
1ـ الأخبار: فالخبر ما يدخله التصديق و التكذيب، يعني: ما يصح أن يقال للناطق به: كذبت أو صدقت.
و المراد باعتبار الجملة، لا باعتبار القائل، لأن من المخبرين من لا يمكن أن يقال له: صدقت.
و منهم من لا يمكن أن يقال له: كذبت. لكن باعتبار الجملة يصح أن يقال: كذبت أو صدقت.
مثال 1: إذا قلت قام زيد، هذا خبر، لأنه يصح أن تقول للقائل: صدقت أو تقول: كذبت.
مثال 2: قال مسيلمة: إنه رسول الله. ماذا نقول له؟ نقول كذبت.
و لا يمكن أن يكون صادقا، لكن هل هو باعتبار الجملة، أم باعتبار القائل؟ الجواب: باعتبار القائل.
مثال3: قال محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي: إني رسول الله.نقول: صدقت. و لا يمكن أن يقال: كذبت.
2ـ الأمر:
مثاله:لو قال لك قائل: افهم. فهذا أمر، فهنا لا يمكن أن تقول: كذبت أو صدقت، و لكن تقول: أطعت أو عصيت.
لكن لو قال: فهمت. فهنا يصح أن تقول: صدقت أو كذبت.
إذن الأمر لا يمكن يقال لقائله: صدقت أو كذبت.
3ـ النهي:
مثاله: لا تغفل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/299)
أيضا هنا لا يمكن أن يقال: صدقت، و لا كذبت. فإذا قال لك قائل: لا تغفل. فإما أن تقول: سمعا و طاعة. و إما أن تقول: لا سمعا، و لا طاعة. إذن: النهي طلب الكف، و الأمر طلب الفعل.
4ـ الاستخبار:
الاستخبار يعني به: الاستفهام، لو قال لك قاءل: هل فخمت؟ لا يمكن أن تقول: صدقت و لا كذبت. و لكن تجيب بنعم أو لا.
الفائدة 73 تعقيب الشارح على تقسيم المؤلف
و هذا التقسيم الذي الذي ذكره المؤلف فيه شيء من القصور في الواقع، لكن الكتاب مختصر، و التقسيم الصحيح أن يقال: الكلام إما خبر أو إنشاء، فما صح أن يوصف بالتصديق أو بالتكذيب فهو خبر، و ما لا فهو إنشاء، هذا هو الضابط.
ثم الإنشاء ينقسم إلى: أمر و نهي و استفهام و تمنّ و ترج و عرض و تحضيض و دعاء و قسم، فالمؤلف رحمه الله اختصر.
الفائدة 74
الوجه الثاني: إلى تمن و عرض و قسم
و هذا هو الوجه الثاني من تقسيم الكلام، و لكنّ الحق أن هذا البيت تابع لما سبق، فالتمني و العرض و القسم من قسم الانشاء، فلا يحتاج أن نجعله من وجه آخر، فالمؤلف رحمه الله لم يحرر المقام كما ينبغي.
قوله رحمه الله (إلى تمن):
التمني داخل في الانشاء، يقول الفقير: ليت لي مالا فأتصدق منه.
هذا تمن، طلب، و يقول الجهل: ليتني عالم فأعلم الناس. هذا إنشاء، فكل تمن فهو إنشاء.
قوله (لعرض):
العرض أن تعرض على أخيك شيئا، تقول: ألا تتفضل عندي؟ هذا عرض، و قال إبراهيم للملائكة: ألا تأكلون، هذا أيضا عرض، و العرض هو ما يكون برفق و احترام، و التحضيض بالعكس يكون فيه إزعاج و قوة، فإذا قلت: هلا تدخل. فهذا يعني ما بقي علي إلا أن أضربك.
فأنت مثلا واقف عند الباب، قلت لك: الا تدخل. هذا عرض كلام لطيف.
فإذا قلت لك: هلا تدخل. فهذا تحضيض، أقوله لك، و قد احمرّت عيناي، فهو طلب بشدة و إزعاج، و كل من أقسام الانشاء.
الفائدة 75
رأي الشارح في تقسيم المصنف للكلام
1ـ قسم المؤلف الكلام إلى 4 أشياء: الخبر و الأمر و النهي و الاستخبار.
2ـ و قسمه أيضا إلى: تمن و عرض و قسم.
3ـ و قسمه إلى حقيقة و مجاز.
الحق أن البيت (ثم الكلام ثانيا قد انقسم ... إلى تمن و لعرض و قسم) تابع لما سبق، فالتمني و العرض و القسم من قسم الانشاء، فلا يحتاج أن نجعله من وجه آخر، فالمؤلف رحمه الله لم يحرر المقام كما ينبغي.
و الحق أن يقسم الكلام إلى خبر و إنشاء:
1ـ فالخبر ما يحتمل الصدق و الكذب.
2ـ بخلاف الانشاء.
الفائدة 76
الوجه الثالث: إلى مجاز و حقيقة
و ثالثًا إلى مجازٍ و إلى ... حقيقةٍ و حَدُّهَا ما اسْتُعْمِلا
ـيقول المؤلف رحمه الله: ينقسم الكلام إلى مجاز و حقيقة، فالمجاز اسم مكان من جاز يجوز، يعني: الانسان يتجوز من الحقيقة إلى المجاز.
الفائدة 77
هل الكلام ينقسم إلى حقيقة و مجاز؟
و هذا التقسيم قد نوزع فيه، و لم يكن معروفا في عهد الصحابة، و لا في عهد التابعين، و إنما برز في عهد تابعي التابعين، و اختلفت فيه الأقوال:
القول الأول
انتشر و توسع القول بالمجاز، و صاركل شيء يكون مجازا، حتى ادعى بعض علماء النحو أن كل اللغة مجاز، ليس فيها حقيقة!
و لا شك أن هذا القول قول باطل.
القول الثاني
أن جميع اللغة حقيقة، ليس فيها مجاز إطلاقا، كل الكلام حقيقة في مدلوله، و هذا هو اختيار شيخ الاسلام، وتلميذه ابن القيم، و تبعهما جماعة، و هم تبعوا جماعة سابقين.
القول الثالث
التفريق، فكلام الله ليس فيه مجاز، لأنه كله حق، و كذلك كلام الرسول صلى الله عليه و سلم إذا صح عنه باللفظ، فليس فيه مجاز، لأنه ككلام الله، و ما سوى ذلك ففيه مجاز.
الفائدة 78
حجة أصحاب القول الثالث
أن المجاز من أكبر علاماته صحة نفيه، و ليس في كلام الله و كلام رسوله صلى الله عليه و سلم الثابت عنه بلفظه احتمال للنفي، لا يمكن أن تنفي كلام الله، فقوله تعالى: (يريد أن ينقض) الكهف /77
لا يمكن أن نقول: لا يريد الجدار أن ينقض!.
فصاحب هذا القول يمنع من المجاز في القرآن، و في السنة الصحيحة، لأن من علامات المجاز البارزة صحة نفيه، و لا شيء يصح نفيه في كلام الله، و لا في كلام رسوله صلى الله عليه و سلم، الذي صح عنه بلفظه.
و إلى هذا ذهب كثير من المحققين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/300)
و منهم الشنقيطي رحمه الله صاحب كتاب "أضواء البيان"، فإنه رحمه الله له رسالة صغيرة اسمها: (منع المجاز في القرآن الكريم).
مناقشة هذا القول:
لكن حقيقة الأمر، أننا إذا قلنا بمنعه في القرآن وجب أن نقول بمنعه في اللغة العربية!
لأن القرآن نزل باللغة العربية، و إذا امتنع المجاز فيما ادعى أنه مجاز فيه فليكن ممنوعا في غيره أيضا، و تجويز الكذب على غير الله ورسوله لا يعني أنه لا يوجد المجاز في كلامهما، أي الله و رسوله إن ثبت المجاز.
الفائدة 79
الصحيح من هذه الأقوال الثلاثة:
هو ما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية من أنه لا مجاز في اللغة العربية، و أن جميع التركيبات و الكلمات في محلها حقيقة، لأنه لا يصح نفي مدلولها في محلها أبدا، و هذا هو علامة الحقيقة.
الفائدة 80
ما حد الحقيقة؟
و هل اختلف العلماء فيه؟
48ـ ....................... و إلى ... حقيقةٍ و حَدُّهَا ما اسْتُعْمِلا
49ـ من ذاك في موضوعه و قيل ما ... يجري خطابا في اصطلاح قُدِّما
قوله رحمه الله: حدُّها: أي حد الحقيقة.
و قد اختلف العلماء في تعريف الحقيقة فالذين قالوا: إن الكلام حقيقة و مجاز، اختلفوا في تعريف الحقيقة على قولين:
القول الأول
أن الحقيقة هي ما استعمل في حده، أو في موضوعه الذي جرى عليه اصطلاح المتكلم.
أي ما يجري خطابا في اصطلاح المتكلم، يعني: الحقيقة ما جرى به العرف.
القول الثاني
أنها ما استعمل في موضوعه الأصلي.
و بناء على هذا القول: فالحقيقة هي اللفظ المستعمل في مدلوله لغة بالموضوع الأصلي، و بناء عليه فهي لا تنقسم إلى حقيقة لغوية و عرفية و شرعية، و إنما الحقيقة لغوية فقط، فمااستعمل في موضوعه الأصلي فهو حقيقة، و ما استعمل في غير موضوعه الأصلي فهو مجاز، و إن كان حقيقة في عرف المتكلم، و على هذا فالحقيقة على هذا القول تنقسم إلى قسم واحد.
الفائدة 81
أثرهذا الخلاف و مثاله:
يظهر أثر هذا الخلاف في تعريف الصلاة:
فالصلاة عبادة ذات أقوال و أفعال معلومة مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
هل الصلاة حقيقة في هذا المعنى؟
إن قلنا: بالأول فنعم، و إن قلنا بالثاني فلا، الثاني الذي يقول لك: كل لفظ استعمل في غير معناه اللغوي فليس بحقيقة، هذا الثاني، و الأول يقول: كل لفظ استعمل في معناه حسب اصطلاح المتكلم فهو حقيقة، لأن الصلاة معناها في اللغة الدعاء فإذا استعملتها في الدعاء فهي حقيقة و إذا استعملتها في العبادة المعروفة كانت مجازا على القول الثاني، حقيقة على القول الأول، و على هذا تنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام، لغوية و شرعية و عرفية:
اللغوية: ما استعمل في موضوعه اللغوي.
و الشرعية: ما استعمل في موضوعه الشرعي.
و العرفية: ما استعمل في موضوعه العرفي.
الفائدة 82
ما القول الأصح في تعريف الحقيقة؟
و هذا القول أصح بلا شك (أي انقسامها إلى لغوية و شرعية و عرفية):
1ـ فإذا تكلم العربي الجاهلي بكلمة، فعلى أي شيء نحملها؟
الجواب: بلا شك نحملها على المعنى اللغوي، لأن هذا هو حقيقة الكلام.
2ـ و إذا جاء حديث عن النبي صلى الله عليه و سلم نحمله على الحقيقة الشرعية.
3ـ و إذا جاءك كلام من أهل العرف نحمله على الحقيقة العرفية.
الفائدة 73
أمثلة عن الحقيقة بأنواعها:
مثال 1
قال صلى الله عليه و سلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
فهل كلمة "صلاة" الواردة في الحديث حقيقة أو مجاز؟
الجواب: إن قلنا حقيقة، أخطأنا، و إن قلنا مجاز، أخطأنا!!
فالجواب: على الخلاف، فمن قسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام، فالصلاة في رأيه حقيقة، و من قال: هي قسم واحد، يقول: مجاز.
مثال 2
الزكاة في اللغة: النماء، فإذا قيل: زكّ مالك، فمعناه: نمّه.
فإن كنت أريد: زكه. أخرج زكاته، صار مجازا على القول بأن الحقيقة ما استعمل في معناه اللغوي، و إذا قلت: زكّه. أخرج زكاته. صار حقيقة على القول الثاني.
و القول الثاني هو المتعين، و لذلك نقول:
كل ما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يحمل على الحقيقةالشرعية، و يقال: إنه مستعمل في حقيقته.
مثال 3
الحقيقة العرفية: هي ما استعمل في معناه العرفي.
كلمة "شاة" في اللغة العامة، تطلق على ما سوى البقر و الإبل من بهيمة الأنعام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/301)
و في الشرع كذلك، فلو قلنا كذلك مثلا فيمن ترك واجبا من واجبات الحج: عليك شاة. يشمل الذكر و الأنثى من المعز و الضأن.
و هي من العرف الأنثى من الضأن، فلو أوصى الميت قال:
أوصيت لفلان بشاة.
فاشترى الورثة له تيسا، و جاءوا به إليه، و قالوا: خذ وصيتك. قال: ما أقبل. قالوا لماذا لا تقبل؟
قال: هو أوصى لي بشاة. فقالوا له: هذه شات، أليس لو وجب عليك دم في الحج، و ذبحت هذا التيس يجزئ أم لا؟ قال: يجزي.
قالوا: إذا ما دام يجزئ، لأنه شاة، فليس لك إلا هذا.
فحاكمهم عند القاضي!، فبما يحكم القاضي؟
الجواب:
يحكم بالعرف. و يقال للورثة: هاتوا أنثى من الضأن. لأن كلام كل متكلم يحمل على ما يعرفه الناس عرفا، و نحن لم نحمل كلام الأقدمين على اللغة إلا لأنهم أهل اللغة، فإذا الحقيقة العرفية مقدمة على الحقيقة اللغوية، و على الحقيقة الشرعية أيضا.
مثال 4
أنظر مثلا، هذا رجل قال: و الله لا أبيع اليوم بيعا، و الله لا أبيع اليوم شيئا، ثم ذهب، و باع خمرا، أيحنث، أم لا يحنث؟
الجواب:
أما لغة، فيحنث، لأن هذا بيع.
و أما عرفا، فالواقع أنه قد يحنث، و قد لا يحنث. فإذا كان فقيها فإنه لا يحنث، لأنه يعلم أن هذا البيع لا يصح، و إن كان عاميا فيحنث، و إن حملناه على المعنى الشرعي لا يحنث، لأن هذا البيع لا يصح.
إلا إذا أراد بكلمة "بيع" صورة العقد، فإذا أراد مجرد الصورة فهذا يسمى بيعا على كل حال.
الفائدة 83
ملخص ما سبق:
أن الكلام ينقسم تقسيما ثالثا إلى حقيقة و مجاز:
فالحقيقة: ما استعمل في موضوعه الأصلي على قول، و على القول الثاني الحقيقة ما استعمل فيما وضع له بحسب عرف المتكلم.
و على هذا القول الثاني تنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام، شرعية و لغوية و عرفية.
و يظهر أثر هذا الخلاف فيما إذا كان للفظ حقيقة شرعية، و حقيقة لغوية، فإذا تكلم الشارع بشيء حقيقته الشرعية تخالف حقيقته اللغوية فهو مجاز عند من لا يرى تقسيم الحقيقة، و هو حقيقة عند من يرى تقسيمها، و هذا هو القول الحق المتعين، و لهذا يجب علينا أن نحمل كلام الشرع على مدلوله الشرعي، لا على مدلوله اللغوي.
*************
تم بحمد الله الشريط الثاني بعون الله و توفيقه ...
هنيئا لكم أحبتي في الله .....
اللهم وفقنا لتفريغ الشريط الثالث .....
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[14 - 05 - 09, 12:48 ص]ـ
موفق يا أبا همّام،، سعيك مبارك إن شاء الله،،
نسأل الله لك التمام،،
متابعين بصمت!
ـ[أبو طه الجزائري]ــــــــ[14 - 05 - 09, 03:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم أبا همام عبد الحميد
سدد الله خطاكم و نفع بكم الاحباب ...
بارك الله فيكم و في افادتكم القيمة ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 05 - 09, 02:23 م]ـ
موفق يا أبا همّام،، سعيك مبارك إن شاء الله،،
نسأل الله لك التمام،،
متابعين بصمت!
جزاك الله خيرا أخي محمد، على هذا الكلام المسدد، و يكفيني أنني بالدعاء مؤيد!!!
بارك الله فيكم على المتابعة، و أرجو أن تكون لكم ماتعة نافعة ....
و لكن انتظروا ملحقا قادما ألخص فيه ما مضى، و أضمنه أسئلة على ما فات و انقضى، رجاء المذاكرة و
الفهم فنسعد و نرضى!!!
(ابتسامة)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 05 - 09, 02:51 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم أبا همام عبد الحميد
سدد الله خطاكم و نفع بكم الاحباب ...
بارك الله فيكم و في افادتكم القيمة ...
و فيكم بارك الله أخي العزيز أبا طه الجزائري، جزاك الله كل خير على المتابعة و نفعنا بك، مشاركتك
تسعدنا و تزيدنا همة و إرادة ...
آجركم الله أخي الفاضل ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 09, 06:16 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
... الشريط الثالث ...
المتن: تسهيل الطرقات في نظم الورقات
المصدر:شرح العلاّمة محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)
المقطع: يقول الناظم رحمه الله:
50ـ أقسامُهَا ثلاثةٌ شَرعيُّ = و اللغويُّ الوَضْعِ و العُرْفيُّ
51ـ ثم المجازُ ما به تُجُوِّزَا = في اللفظ عن موضوعه تَجَوُّزا
52ـ بنقصٍ أو زيادة أو نقلِ = أو استعارةٍ كنقصِ أهلِ
53ـ وهو المرادُ في سؤال القريةِ =كماأتى في الذِّكْرِ دونَ مريةِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/302)
54ـ و كازديادِ الكافِ في كمثلهِ =و الغائطُ المنقولُ عن محلِّه
55ـ رابعُها كقوله تعالى =يريدُ أن يَنقضَّ يعني مالا
56ـ و حَدُّهُ اسْتِدعاءُ فعلٍ واجبِ = بالقول مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطالبِ
57ـ بصيغة افعل فالواجبُ حُقِّقا= حيث القرينةُ انتَفََتْ وَ أُطلِقا
58ـ لا مع دليل دَلَّنَا شَرْعًا على= إباحةٍ في الفعل أو ندبٍ فلا
59ـ بل صرفُه عن الوجوبِ حُتِّما = بحملِه على المرادِ منهما
60ـ و لم يُفِدْ فَوْرا و لا تَكرارا = إن لم يرِدْ ما يقتضي التَّكرارا
61ـ و الأمرُ بالفعل المهِمِّ المُنْحَتِمْ = أمرٌ به و بالذي به يَتِمّ
62ـ كالأمرِ بالصلاة أمرٌ بالوُضُو = و كلّ شيء للصلاة يُفرضُ
63ـ و حيثُما إن جيءَ بالمطلوبِ = يَخْرُجْ به عن عُهْدَةِ الوجوبِ
64ـ تعريفُه استدعاءُ تركٍ قد وَجَبْ = بالقولِ مِمَّن كان دونَ مَنْ طَلَبْ
65ـ و أمرُنا بالشيء نهيٌ مانعُ = من ضده و العكسُ أيضا واقعُ
66ـ و صيغةُ الأمرِ التي مَضَتْ تَرِدْ = و القصدُ منها أن يُباحَ ما وُجِدْ
67ـ كما أتت و القصدُ منها التسويهْ = كذا لتهديدٍ و تكوينٍ هِيَهْ
68ـ و المؤمنون في خطاب اللهِ = قد دخلوا إلا الصَّبِيْ وَ السَّاهِي
69ـ و ذا الجنون كُلُّهُمْ لم يَدْخُلُوا = و الكافرون في الخطاب دَخَلُوا
70ـ في سائرِ الفُرُوعِ للشَّرِيعَهْ = و في الذي بدونِه مَمْنُوعَهْ
71ـ و ذلك الإسلامُ فالفروعُ = تصحيحُها بدونِه ممنوعُ
الفائدة 85
ثم قال المؤلف رحمه الله:
50ـ أقسامها ثلاثة شرعيُّ =و اللغويُّ الوضْعِ و العُرْفيُّ
هذا على من يرى تقسيم الحقيقة، و أنها ما يجري خطابا في الاصطلاح.
الفائدة 86
قال المؤلف رحمه الله:
51ـ ثم المجازُ ما به تُجُوِّزَا= في اللفظ عن موضوعه تَجوُّزا
يقول رحمه الله: المجاز ما تُجُوّز عن موضوعه الأصلي إلى معنى آخر.
و يعرف بطريقة أسهل بأنه ما استعمل في غير معناه الأصلي.
الفائدة 87
ثم بين المؤلف رحمه الله أنه أقسام، فقال:
52ـ بنقصٍ أو زيادة أو نقل =أو استعارةٍ كنقصِ أهلِ
بين رحمه الله أن أقسام المجاز أربعة، نقص و زيادة و نقل و استعارة.
الفائدة 88
ثم أعطى رحمه الله أمثلة على كل واحد من هذه الأربعة، فقال:
53ـ وهو المرادُ في سؤال القريةِ =كماأتى في الذِّكْرِ دونَ مريةِ
فمثال النقص قوله تعالى: (و اسأل القرية) فهذا فيه تجوز بالنقص، لأن المعنى: اسأل أهل القرية. فحذفت "أهل" للقرينة العقلية، فإنه لا يمكن أن يراد بقوله تعالى: (و اسأل القرية). اذهب إلى الجدران اسألها، إنما المراد: اسأل أهل القرية.
إذا: ففيها حذف. و هذا هو مثال النقص.
الفائدة 89
و أما مثال الزيادة و النقل، فقد قال رحمه الله:
54ـ و كازديادِ الكافِ في كمثلهِ
و الغائطُ المنقولُ عن محلِّه
ضرب المؤلف مثالا للزيادة بقول الله تبارك و تعالى: (ليس كمثله شيء و هو السميع البصير) الشورى /11.
فالكاف في قوله: (كمثله).زائدة، و الأصل ليس مثله شيء، و زيدت الكاف لتأكيد النفي، لأن تقدير الكلام بدون كاف ليس مثل مثله شيء، و نفي مثل المثل نفي للمثل من باب أولى، فيكون هذا من باب التوكيد.
و الشطر الثاني من البيت، و هو قوله: و الغائط المنقول عن محله، مجاز بالنقل، لأن الغائط اسم فاعل من: غاط يغوط إذا نزل و هبط، و هو في الأصل الغائط المكان المنخفض من الأرض.
لكن أهل اللغة نقلوه من هذا المعنى إلى الخارج من الدبر، فهذا مجاز بالنقل، و العلاقة أن الغائط مكان للخارج من الدبر، فصار بينهما نوع ارتباط، و نقل معنى هذا إلى هذا، احتشاما لذكر الغائط بلفظه، فالعرب عندهم أدب و حياء!!
فسموا الخارج من الدبر باسم المكان الذي يكون فيه الناس عند قضاء الحاجة، و هذا يسمونه مجازا بالنقل.
الفائدة 90
كيف كان الناس يقضون الحاجة فيما سبق؟؟
كان الناس فيما سبق ليس في بيوتهم كُنُف و لا مراحيض!!!
فكان الإنسان إذا أراد أن يقضي حاجته يذهب إلى الخلاء "البر"، و ينظر المكان المنخفض المطمئن، فيقضي حاجته فيه حتى لا يراه أحد، انظر كيف كان تكلف الناس في الأول، يعني: لو جاءه الغائط أو البول في نصف الليل، فإنه يخرج إلى الخلاء، و قد تنبحه الكلاب و تأكله الذئاب!!، لكن يخرج إلى البر ليقضي حاجته!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/303)
أما الآن و الحمد لله، الكُنُفُ في البيوت، و زاد على ذلك المراحيض، فنحن في نعمة كبيرة، و الحمد لله.
الفائدة 91
ثم ذكر رحمه الله النوع الرابع، و هو الاستعارة فقال:
55ـ رابعُها كقوله تعالى
يريدُ أن يَنقضَّ يعني مالا
في سورة الكهف: (حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه).
قالوا لا يمكن أن يريد الجدار، فالإرادة لا تكون إلا من ذي الشعور، و الجدار لا شعور له، فمعنى يريد أن ينقض، يعني: مال.
فيكون معنى وجدا فيها جدارا يريد أن ينقض. يعني: وجدا فيها جدارا مائلا. هذه يسمونها استعارة، و هل هي استعارة تصريحية أم مكنية؟
التفصيل في هذا له باب آخر و درس آخر.
لكن هي في هذه الآية مكنية.
و كيف إجراؤها؟ يقولون:
شُبِّهَ الجدار بذي شعور، له إرادة، و استعير المشبه به للجدار، يعني: كأنك شبهت الجدار بإنسان، ثم حذف المشبه به، و هو الإنسان، و رمز إليه بشيء من لوازمه، و هو الإرادة.هذا كلامهم.
فمعناه أننا شبهنا الجدار بإنسان له إرادة، و أين الانسان، فالذي معنا الآن المشبه الذي هو الجدار؟
قالوا: الإنسان و قد حُذف، و رُمز إليه بشيء من لوازمه، و هو الإرادة، يريد: فصار تقدير الكلام على قولهم: فوجد فيه جدارا يشبه الإنسان، يريد أن ينقض، و لا شك أنه لو عُبر بهذا التعبير لكن الكلام من أَرَكِّ ما يكون من الكلام، و مع ذلك يقولون: هذا هو أصل الكلام.
الرد على أمثلة المصنف و بيان أنه لا مجاز في اللغة العربية لا في القرآن و لا في السُنّة و لا في غيرهما:
الفائدة 92
و نحن نجيب عن كل هذه الأمثلة، فنقول: الصواب أنه لا مجاز في اللغة العربية، لا في القرآن، و لا في السنة، و لا في غيرهما، و ذلك لأن المجاز أصدق ما يكون فيه هو الذي يصح نفيه، و نفي المعنى المراد بمقتضى سياقه أو لفظه لا يمكن أبداً.
الفائدة 93
فالمثال الأول، و هو قوله: (و اسأل القرية).
من الذي يقول: إن أبناء يعقوب أرادوا أن يقولوا لأبيهم: اذهب إلى كل جدار، وقِفْ عنده واسأل، هل هذا هو المعنى المتبادر من اللفظ: (و اسأل القرية)؟ و هل يمكن لعاقل أن يقول: إن هذا هو مراده؟
الجواب: لا يمكن أبدا، فكل يعرف أن المراد ب (و اسأل القرية) يعني: أهلها، فالقرية إذن الآن مستعملة في المعنى الحقيقي، لأن المعتبر بالمعنى هو السياق كله، و ليس كل كلمة بحالها، فكل كلمة وحدها لا تفيد معنى، و قد سبق أن قلنا: إن الكلام هو اللفظ المفيد، فالكلمة وحدها لا تفيد معنى، لا يمكن أن يتم المعنى إلا بالسياق، و السياق في قوله: (و اسأل القرية) لا يمكن أن يراد به سؤال الجدران أبدا، و حينئذ لا مجاز، لأن مقتضى السياق يمنع أن يكون المراد به سوى سؤال أهل القرية، فيكون كلامه حقيقية بمقتضى السياق، فبطل أن يكون المراد التجوز، و لهذا قال الله:
(وكم من قرية أهلكناها) الأعراف:4
هل الجدران تظلم؟
الجواب: لا، فالذي يظلم أبناء القرية و أهلها، هل أحد يقول:
إن الله سبحانه و تعالى أراد بالقرية الجدران؟ لا يمكن.
فالكلام في سياقه معلوم المعنى، و لا يمكن أن يصرف عما يقتضيه السايق إطلاقا، و دلالة السياق على المعنى أقوى من دلالة اللفظ على المعنى، و الكلمة المفردة لا تفيد معنى إطلاقا، حتى نقول: التجوز في القرية. فتبين بهذا أن المثال لا يصح، و أنه يكون حقيقة في سياقه، انظر الآن القرية في قوله: (و اسأل القرية).
و قوله: (و كم من قرية أهلكناها) الأعراف/4.
المراد هنا بالقرية البناء، فصارت القرينة الآن مرة يراد بها أهلها، و مرة يراد بها المنازل و المساكن حَسَبَ السياق.
الفائدة 94
أما المثال الثاني يقول: و كازدياد الكاف.
في قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) الشورى/11.
هل الكاف زائدة بمعنى أن وجودها كالعدم؟
الجواب: كلا!، فإنك لو حذفتها نقص توكيد الكلام،فليس فيها زيادة، و هي في مكانها لازمة، لأن المراد بها توكيد نفي المثل، فإذا جاءت الكاف الدالة على التشبيه مع "مثل" صار كأن "المثل" نفي مرتين، فنحن نقول: الزائد هو الذي وجوده كالعدم، و الكاف في: (ليس كمثله) ليس وجودها كالعدم أبدا، و لو كان وجودها كالعدم لكان في كلام الله ما هو لغو لا فائدة منه، فسبحان الله لو تصور الانسان هذا القول لكان قولا شديدا أن يكون في كلام الله شيء زائد، ما له معنى فنقول: الكاف ليس فيها زيادة، هي في موضعها أصلية حقيقية تفيد معنى أبلغ مما لو حذفت.
الفائدة 95
المثال الثالث: و الغائط المنقول عن محله.
سبحان الله، الغائط أصلها الموضع المطمئن، لكن صار حقيقة بالخارج من الدبر، و لا يمكن لأحد أن يفهم من قول الرسول صلى الله عليه و سلم: (لا تستقبلوا القبلة بغائط) ـ متفق عليه ـ يعني: لا تجعلوا المنخفض من الأرض أمامكم، فهو حقيقة، إن شئت فقل: شرعية، و إن شئت فقل: عرفية في الشيء الخارج من الدبر.
و لا يمكن لأحد تقول له: أين فلان؟ قال: ذهب إلى الغائط.
أنه ذهب إلى حفرة من حفر الأرض.
لا يمكن أن يفهم أحد هذا أبدا، و لا بد أن يفهم أنه ذهب ليقضى حاجته.
حتى كلمة: يقضي حاجته استعملت في البول و الغائط، و يُعَيّن ذلك السياق:
ـ فأحيانا يكون المراد يقضي حاجته: يأتي أهله.
ـ و أحيانا يكون المراد يقضي حاجته: يبول أو يتغوط.
ـ و أحيانا يكون المراد يقضي حاجته: يشتري طعاما من السوق، و يعين ذلك كله السياق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/304)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 09, 06:36 م]ـ
الفائدة 96
المثال الرابع: قوله: يريد أن ينقض.
قالوا: الجدار لا يريد!!
1ـ فنحن نقول لهم: أأنتم أعلم بخلق الله أم الله؟
إن قالوا: نحن أعلم. كفروا، و إن قالوا: الله أعلم.
قلنا: الله أثبت إرادة للجدار، كيف أنتم تقولون: لا.
2ـ ثم نقول لهم: أو ليس الحجر قد هرب بثوب موسى!، فمن الذي أرغمه، أو هو أراد؟
الجواب: هو أراد، و لهذا جعل موسى يضربه و يناديه: ثوبي حجر.
إذن له إرادة.
3ـ و كذلك أيضا نقول لهم: إن الله عز وجل يقول: (تسبح له السماوات السبع و الأرضُ و من فيهن و إن من شيء إلا يسبح بحمده) الإسراء /44.
أيسبح بإرادة أو بغير إرادة؟، لو كان بغير إرادة فلا مدح له، و لا يُمدح من يفعل بغير إرادة.
إذا هذه المخلوقات العظيمة لها إرادة، لكن لا نفهم نحن إرادتها، يفهمها من يعلمها، وهو الله، و يخبرنا عنها.
4ـ و ها هو النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (أُحُد جبلٌ يحبنا و نحبه).
أهل المجاز يقولون في هذا الحديث: كيف؟!
لا يحبنا و لا نحبه، لأنه حجر جماد، كيف يحب؟!
و نحن لا نحبه، لأننا لا نحب إلا الذي يماثلنا، نحب الزوجة، لا بأس.
و بهذا يتبين ضعف هذه الأقوال، و أنها محدثة، فإن الصحابة و التابعين لم يتكلموا بالمجاز، و لم يقسموا الكلام إلى هذه التقسيمات، فهم يفهمون أن المتكلم مراده بمقتضى سياق الكلام.
الفائدة 97
شبهة تنسب إلى الإمام أحمد و الرد عليها؟!!
لكن إذا قال قائل: ما تقول في قول الامام أحمد، و هو ذاك الرجل، لما قيل له:
إن الله يقول: إنا نحن نزلنا. و أشباهها، و هذه تدل على الجمع، و الله واحد أحد.
قال: هذا من مجاز الكلام؟
فقد استدل الذين يقولون: إن الكلام ينقسم إلى حقيقة و مجاز بهذه الكلمة من الإمام أحمد، فقالوا: إن في الكلام مجازا و حقيقة.
و يجاب عن ذلك بأنهم لم يفهموا مراده، فمعنى قوله: مجاز الكلام.
يعني مما يجوزه الكلام، و ليس من باب المجاز الذي هو ضد الحقيقة، فالمعنى أنه يجوز في الكلام أن ينزل الانسان نفسه منزلة الجمع بناء على التعظيم، فالله تعالى لا شك أنه أعظم من كل شيء، و نزل نفسه منزلة الجماعة، لأنه عظيم عز و جل، فلذلك نقول: إنه لا دلالة في كلام الامام أحمد على تقسيم الكلام إلى حقيقة و مجاز.
الفائدة 98
و خلاصة القول:
أننا نرى أن اللغة لا تنقسم إلى مجاز و حقيقة.
لأننا نرى أن الذي يعين المعنى هو السياق، أما اللفظ المجرد و الكلمة المجردة فلا معنى لها إلا بسياقها، و لهذا تكون هذه الكلمة في سياق لها معنى، و في سياق آخر لها معنى آخر.
مثال ذلك:
رجل قال: أنا عندي عين منقودة
و قال الآخر: أنا عندي عين جارية.
و قال الثالث: أنا عندي عين ترى البعيد.
فكلها عين، و كل الأمثلة الثلاثة مختلفة، و ما الذي جعلها مختلفة؟
الجواب: السياق، و الغريب أن القائلين بالمجاز يرون أن هذه الكلمة مستعملة في حقيقتها في كل السياقات الثلاثة الماضية.
فقول الأول: أنا عندي عين منقودة. المراد الذهب، لأنه منقود.
و قول الثاني: أنا عندي عين جارية. المراد الماء.
و قول الثالث: أنا عندي عين ترى البعيد. المراد العينُ هو السياق.
فكلها مستعملة في حقيقتها، و الذي عين المعنى هو السياق.
لذلك هناك من يقول: كيف نجيب عن (و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة) و الآيات الأخرى ...
فحقيقة الكلام هو ما دل عليه الكلام في سياقه، فإذا دل الكلام على شيء في سياقه فهذا حقيقة، و لهذا إذا أردت أن تصرف المعنى الذي دلّ عليه السياق إلى معنى آخر قال لك الناس:
هذا خطأ، خالفت الظاهر.
ثم قولهم: إن المجاز هو الذي يتبادر خلافه لولا القرينة.
نقول: هذه القرينة اجعلها حقيقة.
ثم إن المجاز توصل به الآن إلى معان باطلة، فقد توصل به إلى نفي صفات الله عز و جل، و توصل به إلى إبطال أحكام شرعية فقهية حيث حملت على المجاز، فصار فتحَ باب للشر، و لذلك سماه ابن القيم رحمه الله في النونية الطاغوت!، لأنه استعمل لإبطال الحقائق الشرعية.
الفائدة 99
مبحث في المشترك والمتواطئ و المشكك (إن قيل به)
المشترك: ما دل على معاني متعددة للحقيقة (كمثال العين المنقودة و الجارية و الباصرة)، حقيقة ليس مجازا.
لكن الأسد على تقسيم الحقيقة و المجاز، الحيوان حقيقة، و الرجل الشجاع مجاز، فلو قلت:
1ـ رأيت أسدا يفترس شاتا: حيوان حقيقة.
2ـ رأيت أسدا ذبح شاتا و سمّى و كبّر!: الانسان الشجاع، ما الذي دل على هذا المعنى؟: السياق.
المتواطئ: الذي دل على جميع معانيه بدون اختلاف.
و المشكك: إن قيل به فهو الذي دل على معانيه مع الاختلاف.
ـ مثاله القوة: بالنسبة لنا ضعيفة، و بالنسبة لله قوية، و كل هذا يسمى قوة، هذا يسميه بعض الناس مشككا، لأن هل كلمة القوة مستعملة في معناها الحقيقي بالنسبة لله و بالنسبة للآدمي؟ (و ذلك لاختلاف أغراضها في معناها).
وجب أن نقول أنها كلمات متواطئة يختلف بحسب ما أضيف إليه، و هذا الذي رجّحه شيخ الاسلام رحمه الله.
ـ راجعوا إذا شئتم كلام ابن القيم في مختصر الصواعق، تكلم على هذا كلاما جيدا!.
الفائدة 100
ليُعْلَم أنّ هذه الأنواع الأربعة ليست هي كل أنواع المجاز، فالمجاز له أنواع كثيرة، ذكروها في كتب البلاغة.
و الإنسان إذا راجع كتب البلاغة قال إن الكلام قطعا ينقسم إلى حقيقة و مجاز، و لكن إذا راجع القول الآخر تبين له الحق.
.............................. يتبع بعون الله و توفيقه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/305)
ـ[سليم أبو سليمان الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 09, 06:48 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 09, 06:54 م]ـ
أسئلة المذاكرة
التعاريف
1ـ عرف أصول الفقه باعتباره لقبا؟
2ـ عرف الأصل و عرف الفرع لغة؟
3ـ ذكرنا 4 أمور يطلق عليها الأصل، ما هي؟
4ـ عرف الفقه لغة و اصطلاحا عند الناظم و عند الشارح؟
5ـ هل تعد الأحكام العقدية فقها؟ مع التوضيح.
6ـ هل تدخل الأحكام القطعية في تعريف الفقه عند الشارح؟
7ـ عرف الواجب لغة؟
8ـ عرف الواجب اصطلاحا (حقيقة وحكما)؟
9ـ عرف الندب في اللغة؟
10ـ عرف الندب في الاصطلاح؟
11ـ عرف المباح لغة و اصطلاحا؟
12ـ عرف المكروه؟
13ـ عرف الحرام حكما؟
14ـ عرف الصحيح؟
15ـ ماذا يقصد بالنفوذ؟ و ماذا يقصد بالاعتداد؟
16ـ عرف الفاسد؟
17ـ عرف العلم؟
18ـ عرف الجهل؟
19ـ عرف أنواعه؟
20ـ عرف الدليل؟
21ـ عرف الظن والوهم و الشك؟
22ـ عرف الكلام؟ ما أقل ما يتركب منه الكلام؟؟
23ـ عرف الحقيقة؟
24ـ عرف أقسام الحقيقة؟
25ـ عرف المجاز؟
التقاسيم
1ـ إلى كم تنقسم الأحكام؟ أذكرها.
2ـ إلى كم نوع تنقسم الأحكام الشرعية؟ أذكرها.
3ـ هل كل تارك للمحرم يكون مثابا؟ أذكرأقسام تارك المحرم؟
4ـ ما القسم الذي عناه المؤلف؟
5ـ أذكر أقسام الجهل؟
6ـ إلى كم قسم ينقسم العلم؟
7ـ ما أقسام الضرورات؟
8ـ ما أقسام الادراكات عند الأصوليين و عند الفقهاء؟
9ـ كم هي أبواب أصول الفقه التي عدها المصنف؟ أذكرها؟
10ـ كيف قسم المصنف الكلام؟
11ـ هل وافقه الشارح؟ و ما هو التقسيم الصحيح؟
12ـ هل ينقسم الكلام إلى حقيقة و مجاز؟
13ـ و ما الصحيح في ذلك عند الشارح؟
14ـ اذكر أقسام الحقيقة على التعريف الثاني؟
الفروق
1ـ ما الفرق بين أصول الفقه و قواعد الفقه؟
2ـ أيهما يقدم أصول الفقه أم الفقه؟
3ـ ما الفرق بين الصواب و الخطأ؟
4ـ ما الفرق بين الخاطئ و المخطئ؟
5ـ ما الفرق بين الصحيح و الفاسد من العقود؟
6ـ ما الفرق بين الصحيح و الفاسد من العبادات؟
7ـ ما الفرق بين العلم و الفقه؟
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[21 - 05 - 09, 07:09 م]ـ
طريقة الأسئلة مفيدة جدا
واصل بارك الله فيك
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 09, 07:15 م]ـ
طريقة الأسئلة مفيدة جدا
واصل بارك الله فيك
جزاك الله خيرا أخي معاذ على المتابعة و التشجيع ....
أنا متردد الآن ... هل أضع الأجوبة أم أترك لإخوتي المجال للجواب، ثم أضع الملخص؟؟؟
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 05 - 09, 05:50 م]ـ
أين أنتم يا إخوان؟؟؟
ـ[أبو محمد الجعفري]ــــــــ[25 - 05 - 09, 01:08 ص]ـ
أين أنتم يا إخوان؟؟؟
جزاك الله خيرا أخي الفاضل هل الأسئلة مفتوحة؟ أعني أن نجيب من حفظنا أم ننقل من الملخص
أسال الله لنا ولك رزقا طيبا وعلما نافعا وعملا متقبلا
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 05 - 09, 01:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل هل الأسئلة مفتوحة؟ أعني أن نجيب من حفظنا أم ننقل من الملخص
أسال الله لنا ولك رزقا طيبا وعلما نافعا وعملا متقبلا
جزاك الله كل خير أخي الكريم أبا محمد الجعفري و بارك الله فيك ....
لقد أنعشتني بردك هذا، فقد كدت أختنق من تأخر الرد، و خشيت من إخوتي الترك و الصد!!!
(ابتسامة)
نعم أخي الفاضل، الأسئلة مفتوحة، فمن أراد أن يجيب من شرح الشيخ العثيمين فهذا هو المطلوب، و من أراد أن يجيب من كيسه أقصد من مصادر أخرى موثوقة فله ذلك، و هذا سيفتح باب المذاكرة أكثر بحمد الله ....
و في كل خير و بركة إن شاء الله ....
و بارك الله فيك أخي على الدعاء الطيب ...... اللهم آمين
ـ[أبو محمد الجعفري]ــــــــ[25 - 05 - 09, 05:07 م]ـ
1 - أصول الفقه باعتباره لقبا
أي التعريف الاصطلاحي لعلم (لفن) أصول الفقه فقد عرفه الشارح تعريفين هما:
أولا: هو عبارة عن قواعد تُمَكِّن العارفَ بها من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها على وجه سليم راجع الفوائد أعلاه (الفائدة 15)
ثانيا: علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد (الأصول من علم الأصول) وهو التعريف الأشمل
2 - عرف الأصل و الفرع لغة-
ج: الأصل: ما يبنى عليه غيره و الفرع: ما بني على غيره.
3ـ ذكرنا 4 أمور يطلق عليها الأصل، ما هي؟
1 الكتاب و السنة
2 أساس الجدار
3 جذع الشجرة
4 الشهادة إذا حكم بها القاضي
وبما أن الأسئلة مفتوحة فإن مدة الإجابة هي الأخرى مفتوحة.ابتسامة
جزاك الله خيرا أخي الحبيب فقد أفدتنا
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 05 - 09, 05:43 م]ـ
1 - أصول الفقه باعتباره لقبا
أي التعريف الاصطلاحي لعلم (لفن) أصول الفقه فقد عرفه الشارح تعريفين هما:
أولا: هو عبارة عن قواعد تُمَكِّن العارفَ بها من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها على وجه سليم راجع الفوائد أعلاه (الفائدة 15)
ثانيا: علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد (الأصول من علم الأصول) وهو التعريف الأشمل
2 - عرف الأصل و الفرع لغة-
ج: الأصل: ما يبنى عليه غيره و الفرع: ما بني على غيره.
3ـ ذكرنا 4 أمور يطلق عليها الأصل، ما هي؟
1 الكتاب و السنة
2 أساس الجدار
3 جذع الشجرة
4 الشهادة إذا حكم بها القاضي
وبما أن الأسئلة مفتوحة فإن مدة الإجابة هي الأخرى مفتوحة.ابتسامة
جزاك الله خيرا أخي الحبيب فقد أفدتنا
بارك الله فيك أخي أبا محمد و سلمت شناترك (أناملك) ....
واصل أخي الحبيب، هذا يدل على متابعتك الجيدة، و تواضعك، و أتمنى أن تستمروا و تفيدونا
كذلك من كيسكم إن أمكن (ابتسامة)
وفقت أخي الفاضل ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/306)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 05 - 09, 05:57 م]ـ
للتذكير فقط إخوتي الأفاضل، هدفي من وضع هذه المذاكرة هو الاستفادة من إخواني الكرام، فلا شك أنهم أعلم مني و أفقه .....
و دوري هنا هو التحريك و التنشيط، و كشف مكنونات إخواني المجتهدين أمثال أبي راكان الوضاح و محمد زين و محمد الجعبة و سليم ابي سليمان و أبي محمد الجعفري و محمد المراكشي و أبي نصر المازري و أبي طه الجزائري و معاذ محمد عبد الله و أبي محمد الأثري الذي غاب عنا كثيرا للأسف الشديد (ابتسامة) و غيرهم كثير ....
أهلا بالجميع ....
ـ[عبدالله المقبالي]ــــــــ[27 - 05 - 09, 12:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى الطيب وأسأل الله عزوجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع وجزاكم الله خيرا ..
أخوكم عبدالله من سلطنة عمان
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[28 - 05 - 09, 03:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى الطيب وأسأل الله عزوجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع وجزاكم الله خيرا ..
أخوكم عبدالله من سلطنة عمان
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخي الفاضل عبد الله المقبالي ....
حياكم الله و بياكم و جعل الجنة مثواكم .... أهلا و سهلا بك بين أهلك و إخوانك .... تشرفنا بتسجيلك و مشاركتك الأولى في موضوعنا الأصولي هذا ....
أظن أن هناك سرا في اختيارك هذا الموضوع و الفن بالذات .... (ابتسامة)
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يفقهك في الدين و ينفعك بهذا الموضوع و غيره ...
و أن ننتفع بك و بفوائدك ....
ـ[عبدالله المقبالي]ــــــــ[30 - 05 - 09, 11:27 م]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخي الفاضل عبد الله المقبالي ....
حياكم الله و بياكم و جعل الجنة مثواكم .... أهلا و سهلا بك بين أهلك و إخوانك .... تشرفنا بتسجيلك و مشاركتك الأولى في موضوعنا الأصولي هذا ....
أظن أن هناك سرا في اختيارك هذا الموضوع و الفن بالذات .... (ابتسامة)
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يفقهك في الدين و ينفعك بهذا الموضوع و غيره ...
و أن ننتفع بك و بفوائدك ....
جزاك الله خيرا أخي العزيز ونسأل الله عزوجل أن يرزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[07 - 06 - 09, 02:26 م]ـ
بما أن أجوبة إخوتي طالت و الله المستعان ...
سأشرع في رفع الملخص على شكل سؤال و جواب ... نسأل الله التوفيق للصواب ....
ملخص الأشرطة السابقة
ـ بالسؤال و الجواب ـ
ملحق التعاريف
1ـ عرف أصول الفقه باعتباره لقبا؟
ـ هو عبارة عن قواعد تُمَكِّن العارفَ بها من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها على وجه سليم.
ـ أو نقول:
1ـ معرفة طرقه الإجمالية.
2ـ و كيفية الاستدلال بها.
3ـ و حال المستدل.
2ـ عرف الأصل و عرف الفرع لغة؟
الأصل: ما يبنى عليه غيره.
و الفرع: ما بني على غيره
3ـ ذكرنا 4 أمور يطلق عليها الأصل، ما هي؟
ـ يسمى الكتاب و السنة أصلا لأنه يبنى عليهما غيرهما، فتجد في الكتب المطولة يقولون مثلا: الأصل في ذلك قوله تعالى ...
ـ أساس الجدار أصل لأنه يبنى عليه غيره.
ـ جذع الشجرة أصل (أصلها ثابت و فرعها في السماء).
ـ الشهادة إذا حكم بها القاضي أصل، لأن القاضي بنى حكمه عليها.
4ـ عرف الفقه لغة و اصطلاحا عند الناظم و عند الشارح؟
الفقه لغة: الفهم
الفقه اصطلاحا:
عند الناظم: علم الحكم الشرعي، المبني على الاجتهاد، لا علىالقطع.
عند الشارح:معرفة الأحكام الشرعية العملية التكليفية.
5ـ هل تعد الأحكام العقدية فقها؟ مع التوضيح.
ليست الأحكام العقدية فقها في اصطلاح أصول الفقه، و لكن علم العقائد في الشريعة أعظم الفقه. (الفقه الأكبر)
6ـ هل تدخل الأحكام القطعية في تعريف الفقه عند الشارح؟
نعم، تدخل فيه الأحكام القطعية كالعلم بوجوب الصلاة بخلاف التعريف الأول.
7ـ عرف الواجب لغة؟
الواجب في اللغة:
1ـ الثابت: نحو قولك: حقك واجب علي أي ثابت علي.
2ـ الساقط: في قوله تعالى: (فإذا وجبت جنوبها) يعني سقطت على الأرض، لأن الإبل تذبح، و هي قائمة، فإذا ذبحت سقطت.
8ـ عرف الواجب اصطلاحا (حقيقة وحكما)؟
الواجب في الاصطلاح:
حقيقة:
ما أمر به على وجه الإلزام بالفعل.
حكما:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/307)
ما أثيب فاعله امتثالا، و استحق العقابَ تاركه
9ـ الندب في اللغة:
مصدر ندب يندب، بمعنى دعا.
10ـ الندب في الاصطلاح:
(تعريف بالحقيقة): ما أمر به لا على وجه الإلزام بالفعل.
(تعريف بالحكم): ما أثيب فاعله و لم يعاقب تاركه.
11ـ المباح في اللغة: المعلَن.
المباح في الاصطلاح:
يعرف بحقيقته: بأنه ما لا يتعلق به أمر و لا نهي بذاته.
ويعرف بحكمه: بأنه ما خلا من الثواب و العقاب. (على تعريف المؤلف)
12ـ عرف المكروه؟
ضابط المكروه: عكس ما ندب أي ما في تركه الثواب، و لم يكن في فعله العقاب. (هذا من حيث الحكم و الثمرة).
13ـ عرف الحرام حكما؟
الحرام عكس ما يجب: أي ما عوقب فاعله، و أثيب تاركه.
14ـ عرف الصحيح؟
الصحيح: ما تعلق به النفوذ و الاعتداد، أي ماكان نافذا معتدا به فهو الصحيح.
15ـ ماذا يقصد بالنفوذ؟ و ماذا يقصد بالاعتداد؟
النفوذ في العقود، و الاعتداد في العبادات:
1ـ فيقال: هذه الصلاة معتد بها و لا يقال نافذة.
2ـ و يقال: هذا العقد نافذ، و لا يقال معتد به.
16ـ عرف الفاسد؟
الفاسد: هو الذي لا يعتد به من العبادات، و لا ينفذ من العقود.
17ـ عرف العلم؟
هو إدراك الشيء على ما هو عليه.
18ـ عرف الجهل؟
الجهل على القول الصحيح هو عدم إدراك الشيء،
19ـ و عرف أنواعه؟
ينقسم الجهل إلى قسمين: بسيط و مركب.
فالبسيط عدم الإدراك والعلم مطلقا.
و المركبُ هو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه.
20ـ عرف الدليل؟
الاستدلال طلب الدليل
21ـ عرف الظن والوهم و الشك؟
الظن هو ترجيح أحد الأمرين على الآخر فالراجح يسمى ظنا، و المرجوح يسمى وهما، و الشك تجويز الأمرين على السواء.
22ـعرف الكلام؟ ما أقل ما يتركب منه الكلام؟؟
1ـ اسمان مثل: العلم نافع.
2ـ اسم و فعل مثل: اركبوا
23ـ عرف الحقيقة؟
الحقيقة: ما استعمل في موضوعه الأصلي على قول، و على القول
الثاني الحقيقة ما استعمل فيما وضع له بحسب عرف المتكلم.
24ـ عرف أقسام الحقيقة؟
الحقيقة اللغوية: ما استعمل في موضوعه اللغوي.
الحقيقة الشرعية: ما استعمل في موضوعه الشرعي.
الحقيقة العرفية: ما استعمل في موضوعه العرفي.
25ـ عرف المجاز؟
المجاز: اسم مكان من جاز يجوز، يعني: الانسان يتجوز من الحقيقة إلى المجاز، و يقول الجويني: ما تُجُوِّز عن موضوعه.
ملحق التقاسيم
1ـ إلى كم تنقسم الأحكام؟ أذكرها.
أربعة: الأحكام الشرعية و الأحكام العقلية و الأحكام العادية (العرفية) و الأحكام الحسية.
2ـ إلى كم نوع تنقسم الأحكام الشرعية؟ أذكرها.
تنقسم الأحكام الشرعية إلى نوعين:
1ـ تكليفية: خمسة و هي الواجب و المندوب و المباح و المكروه و المحرم.
2ـ وضعية: متعددة منها الصحيح و الفاسد و السبب و الشرط و المانع.
3ـ هل كل تارك للمحرم يكون مثابا؟ أذكرأقسام تارك المحرم؟
لا، فتارك المحرم أقسام:
1ـ ألا يطرأ على باله إطلاقا، فهذا لا يثاب على الترك لأنه لم يهم به.
2ـ رجل هم بالمحرم، فتركه لله، هذا يثاب. (إنما ترك هذا من جرائي)
3ـ رجل تمنى المحرم، لكن لم يفعل أسبابه، يعاقب على النية
4ـرجل هم بالمحرم، و سعى في أسبابه، لكن عجز عنه، هذا يعاقب عقوبة الفاعل.
4ـ ما القسم الذي عناه المؤلف؟
القسم الثاني.
5ـ أذكر أقسام الجهل؟
الجهل البسيط: عدم الإدراك بالكلية.
و الجهل المركب: إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه.
6ـ إلى كم قسم ينقسم العلم؟
ينقسم العلم إلى قسمين:
علم اضطراري:ما يدرك بالحواس الخمسة، و ما يدرك بالنقل المتواتر.
و علم اكتسابي نظري: ما يحتاج في ثبوته إلى استدلال.
7ـ ما أقسام الضرورات؟
الضرورات ثلاثة أقسام:
1ـ الضرورة الحسية:ما يدرك بالحواس الخمسة.
2ـ الضرورة العقلية:ما يدرك بالعقل.
3ـ الضرورة الشرعية: هو الذي يقول عنه العلماء يعلم بالضرورة من الدين.
8ـ ما أقسام الادراكات عند الأصوليين و عند الفقهاء؟
تنقسم الادراكات إلى يقين و ظن و وهم و شك، و هذا عند الأصوليين، أما عند الفقهاء فيقولون: إما يقين و إما شك فيدخلون الظن و الوهم في الشك.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[07 - 06 - 09, 02:35 م]ـ
9ـ كم هي أبواب أصول الفقه التي عدها المصنف؟ أذكرها؟
أبوابه عشرون و هي:
1ـ أقسام الكلام.
2ـ ثم مباحث الأمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/308)
3ـ و من يدخل في الأمر و النهي و من لا يدخل.
4ـ ثم مباحث النهي
5ـ ثم العام و الخاص.
6ـ ثم المجمل و المبين.
7ـ ثم الظاهر و المؤول.
8ـ ثم الأفعال أي أفعال النبي صلى الله عليه و سلم.
9ـ ثم النسخ.
10ـ ثم التعارض بين الأدلة.
11ـ ثم الإجماع.
12ـ ثم قول الصحابي.
13ـ ثم الأخبار.
14ـ ثم القياس.
15ـ ثم الحظر و الإباحة.
16ـ ثم الاستصحاب.
17ـ ثم ترتيب الأدلة.
18ـ ثم شروط المفتي.
19ـ ثم شروط المستفتي.
20ـ و أخيرا الاجتهاد.
10ـ كيف قسم المصنف الكلام؟
يقول رحمه الله: الكلام ينقسم من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: من جهة الخبر و الانشاء: إلى خبر و أمر و نهي و استخبار.
الوجه الثاني: إلى تمن و عرض و قسم.
الوجه الثالث: إلى مجاز و حقيقة.
11ـ هل وافقه الشارح؟ و ما هو التقسيم الصحيح؟
لا، لم يوافقه الشارح، و قال أن القسمة الصحيحة هي أن يقال: الكلام إما خبر أو إنشاء:
أـ فما صح أن يوصف بالتصديق أو بالتكذيب فهو خبر، و ما لا فهو إنشاء، هذا هو الضابط.
ب ـ ثم الإنشاء ينقسم إلى: أمر و نهي و استفهام و تمنّ و ترج و عرض و تحضيض و دعاء و قسم، فالمؤلف رحمه الله اختصر.
12ـ هل ينقسم الكلام إلى حقيقة و مجاز؟
اختلفت فيه الأقوال:
1ـ أن كل اللغة مجاز، ليس فيها حقيقة!
2ـ أن جميع اللغة حقيقة، ليس فيها مجاز إطلاقا.
3ـ التفريق:فالكتاب و السنة ليس فيهما مجاز بخلاف اللغة العربية.
13ـ و ما الصحيح في ذلك عند الشارح؟
الصحيح من الأقوال الثلاثة عند الشارح (القول الثاني):
هو ما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية من أنه لا مجاز في اللغة العربية، و أن جميع التركيبات و الكلمات في محلها حقيقة، لأنه لا يصح نفي مدلولها في محلها أبدا، و هذا هو علامة الحقيقة.
14ـ اذكر أقسام الحقيقة على التعريف الثاني؟
على القول الثاني:الحقيقة ما استعمل فيما وضع له بحسب عرف المتكلم.
و على هذا القول الثاني تنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام:
شرعية و لغوية و عرفية.
ملحق الفروق
1ـ ما الفرق بين أصول الفقه و قواعد الفقه؟
الفرق بينهما هو:
ـ أن أصول الفقه يبحث في أدلة الفقه.
ـ و قواعد الفقه تبحث في مسائل الفقه كقواعد ابن رجب مثلا.
2ـ أيهما يقدم أصول الفقه أم الفقه؟
ـ قال بعض العلماء قدم الأصول حتى تبني عليها الفروع.
ـ و قال آخرون بل يقدم الفقه، لأن الإنسان يمكن أن يعرف الفقه دون الرجوع إلى أصول الفقه.
3ـ ما الفرق بين الصواب و الخطأ؟
الصواب: موافقة الحق.
و الخطأ مخالفته.
4ـ ما الفرق بين الخاطئ و المخطئ؟
ـ فإن كان عن عمْد فالمخالف خاطئ (لا يأكله إلا الخاطئون)
ـ وإن كان عن غير عمْد فالمخالف مخطئ (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)
5ـ ما الفرق بين الصحيح و الفاسد من العقود؟
الصحيح من العقود ماكان نافذا تترتب عليه أحكام العقد.
أما الفاسد من العقود ما لم يكن نافذا و لم تترتب عليه الأحكام
6ـ ما الفرق بين الصحيح و الفاسد من العبادات؟
الصحيح من العبادات ما كان معتدا به و ضده الفاسد.
7ـ ما الفرق بين العلم و الفقه؟
العلم لفظ للعموم فهو أعم و الفقه أخص.
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[07 - 06 - 09, 05:59 م]ـ
حقا انتفعت وغيري بهذا العرض الطيب للورقات، وليتك تواصل في غيره من المتون التي تلي الورقات، أعني للطلبة المتوسطين في هذا الفن.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[07 - 06 - 09, 06:09 م]ـ
الحمد لله أخي معاذ .... لقد سررت كثيرا و الله، و أرجو أن يوفقنا الله لإتمامه هذا العمل في خير و عافية ...
و لكن أرجو مزيدا من مشاركات إخواني و فوائدهم ..
فأنا لا يريحني انفرادي بالساحة هكذا!!! .... (ابتسامة)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:23 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
الحمد لله أولا و آخرا ...
باب الأمر
الفائدة 101
ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى الباب الثاني و هو باب الأمر، و الأمر واحد الأمور، وواحد الأوامر، و المراد هنا واحد الأوامر، لا واحد الأمور، فالأمر الذي هو واحد الأمور معناه الشأن، قال الله تعالى: (و إلى الله ترجع الأمور) البقرة.
أي الشئون، شئون الخلق كلها ترجع إلى الله عز وجل.
الفائدة 102
أما الأمر الذي هو واحد الأوامر، فمعناه كما قال المؤلف رحمه الله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/309)
56ـ و حَدُّهُ اسْتِدعاءُ فعلٍ واجبِ .... بالقول مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطالبِ
قوله (استدعاء) أي: طلب. و خرج به ما لا يدل على الاستدعاء، أي: ما لا يدل على الطلب فليس بأمر.
قوله (فعل): يشمل القول و الفعل، فالأمر أن يطلب من الإنسان فعل، سواء كان قولا أو فعلا، القول هو فعل اللسان، و الفعل فعل الجوارح.
و خرج بقوله: استدعاء فعل. النهي، لأنه استدعاء ترك.
قوله (واجب): خرج به استدعاء ما ليس بواجب، كالمندوب و المباح و التمني، و ما أشبه ذلك.
الندب مثاله: صل راتبة الظهر. هذا ندب فلا يسمى أمرا.
و التمني كقول الشاعر:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل بصبح و ما الإصباح منك بأمثلِ
انجل: فعل أمر، لكن لا يصح أن توجه الأمر إلى الصبح، فمعناه التمني، يعني: أتمنى أن تنجلي بصبح.
الفائدة 103
قوله (بالقول): خرج به الاستدعاء بالاشارة و الكتابة، يعني: لا بد من القول، و هو النطق، فلا يدخل في ذلك ما اقتضى الأمر بالإشارة، و لا ما اقتضى الأمر بالكتابة.
و على ذلك لو أشرت إلى شخص أن اجلس، كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم عندما صلى قاعدا، فصلوا قياما خلفه، فأشار إليهم أن اجلسوا، فهذا ليس بأمر، لأنه ليس بقول.
و الصحيح أنه أمر بدليل أنهم امتثلوا و جلسوا.
و كذلك الكتابة: كتبت إلى رجل آمره أن يذهب إلى مكان ما، و كان عندي جماعة لا أحب أن يسمعوا كلامي، فكتبت إليه أن اذهب إلى كذا و كذا، فهذا لا يسمى أمرا، لأنه استدعاء فعل بالكتابة، و ليس بالقول.
و لكن في مسألة الكتابة أيضا نظر، و ذلك لأن الكتابة لا تحتمل سوى المكتوب بخلاف الإشارة، و يدل لهذا أن التوراة نزلت مكتوبة.
قال الله تعالى: (و كتبنا له في الألواح) الأعراف: 145.
من كل الألواح، فالله عز و جل كتب التوراة بيده،
فهل نقول: إن الأوامر التي في التوراة ليست أمرا؟
الجواب: لا، لا نقول: إنها ليست أمرا، بل نقول: هي أمر، فما كان بالكتابة فهو أمر.
الفائدة104
قوله رحمه الله (ممكن كان دون الطالب):
يعني أنه لا بد أن يكون الآمر أعلى من المأمور فخرج به من كان مساويا، و من كان أعلى، فمن كان مساويا فتوجيه الأمر إليه التماس، و من كان أعلى فتوجيه الأمر إليه دعاء.
و عبارة المؤلف هذه فيها تسامح، و ذلك لأن الأدنى قد يأمر الأعلى استدلالا له، و لهذا عبر بعضهم بقوله: على وجه الاستعلاء. و لم يقولوا: ممن هو أعلى من المطلوب منه،
بل قالوا: على وجه الاستعلاء.
ليشمل من وضع نفسه عاليا على المأمور، و ليس بعال، فلو أن الرقيق انفرد بسيده، و قال له: افعل كذا و إلا قتلتك.
و هو يقدر على هذا، نقول: هذا أمر، و لهذا السيد سوف ينقذ، لأن العبد الآن يرى نفسه فوق سيده، فلهذا نقول:
إن تحرير العبارة أن يقال: على وجه الاستعلاء.
إذن التعريف السليم أن نقول:
الأمر هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء بصيغة معلومة.
و قلنا: بصيغة معلومة. حتى تشمل القول و الكتابة و الإشارة. هذا هو تعريف الأمر.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:25 م]ـ
الفائدة 105
ثم قال المؤلف رحمه الله:
57ـ بصيغة افعل فالواجبُ حُقِّقا ... حيث القرينةُ انتَفََتْ وَ أُطلِقا
قوله (بصيغة افعل): يعني لا بد أن تكون بصيغة افعل، و هذا هو الأصل أن تكون بصيغة افعل.
يعني: بفعل الأمر سواء افعل، أو استفعل، أو تفعل، أو ما أشبه ذلك. المهم أنها بصيغة فعل الأمر، و هذا هو الأصل.
لكن قد يرد الأمر بصيغة الاستفهام، و بصيغة الخبر، قال تعالى: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن) البقرة/228.
فهذه جملة خبرية، لكن معناها الأمر، فقول المؤلف: بصيغة افعل. ليست قيدا و شرطا، بل هي بيان للأكثر و الأغلب.
الفائدة 106
قوله: (فالوجوب حققا حيث القرينة انتفت و أطلقا)
بين رحمه الله ماذا يقتضيه الأمر، هل الأمر يقتضي الندب، أو يقتضي الوجوب، أو نتوقف فيه حتى يتبين؟
القول الأول:
بين رحمه الله أن الأمر يقتضي الوجوب إذا أطلق ما لم توجد قرينة تدل على أنه لغير الوجوب، و هذا هو الذي عليه أكثر الأصوليين، أن الأمر للوجوب ما لم توجد قرينة تصرفه عن ذلك، و استدلوا على ذلك بالآتي:
1ـ قوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) النور/63.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/310)
وجه الدلالة:
أ ـ أن "أمر" مفرد مضاف، فيعم كل الأوامر.
ب ـ و أن هذه الآية تفيد الوعيد على من خالف الأمر، أي أمر كان. و الوعيد لا يكون إلا على ترك واجب، أو فعل محذور.
قال الامام أحمد: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة هي الشرك، لعله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ إذا ردّ بعض قوله، فيهلك.
2ـ قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الأنفال / 24.
3ـ قوله تعالى: (و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب/36.
و الآيات في هذا الباب كثيرة.
الفائدة 107
و القول الثاني:
أن الأصل في الأمر الاستحباب، لأن الأمر به يدل على طلبه و فعله، و الأصل عدم التأثيم بالترك، و إذا قلت بالوجوب صار التارك آثما.
نعم نقول: هذا عصى و خالف، و لكن الأصل عدم التأثيم.
ثم أجابوا عن قوله: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره).
بأن الله لم يقل: فليحذر الذين يخالفون أمره. و الفرق واضح، لأن "عن أمره"، يعني: راغبين عنه، و فرق بين من يعصي، و هو غير راغب، و لكنه هوى نفس، و بين الراغب عنه، لأن الراغب عنه هو الزاهد فيه، الذي لا يبالي فيه، ولهذا جاءت كلمة "عن" المجاوزة، كما قال ابن مالك في ألفيته:
بعن تجاوزا عنها من قد فطن
و إذا بطل الاستدلال بهذه الآية فما بعدها يتبعها، فتكون كل الأوامر بالطاعة أوامر على سبيل الاستحباب.
الفائدة 108
و القول الثالث:
هو القول بالتفريق، فقد فرق بعض العلماء، فقالوا: أما من شأنه التعبد فالأمر به على سبيل الوجوب، لأن هذا هو الذي خلقنا له لقوله تعالى: (و ما خلقت الجن و الانس إلا ليعبدون) الذاريات /56.
و ما كان سبيله الأخلاق و الآداب فهذا على سبيل الاستحباب، لأن الأخلاق و الآداب ليس على سبيل التعبد، فالانسان لا يتخلق بها تعبدا، لكنه قد يفعلها امتثالا لأمر الله تعالى، فيكون من هذه الناحية عابدا لله.
و هذا القول لا بأس به، فقد يكون هو أقرب الأقوال الثلاثة، لأن كثيرا من الأوامر الشرعية نجد أن العلماء كلهم أو جمهورهم يقولون: إنها للاستحباب، و هذا أقرب ما نتخلص به أن نقول: ما يكون من شأنه العبادة، فالأمر فيه للوجوب، و ما كان من شأنه الآداب و الأخلاق فالأمر فيه للاستحباب.
و هذا ما إذا لم يوجد قرينة تعين الوجوب، أو قرينة تعين عدم الوجوب، لأن كلامنا الآن في الأمر المطلق، أما مع وجود قرينة فالواجب العمل بها، فمثلا الأمر بالأكل باليمين هذا من باب الآداب، فعلى القاعدة يكون للاستحباب، و لكن وردت قرينة تدل على أنه للوجوب، و هي أن النبي صلى الله عليه و سلم لما نهى عن الأكل بالشمال و الشرب بالشمال قال: (إن الشيطان يأكل بشماله و يشرب بشماله)، و الشيطان أكفر الكافرين، و التشبيه بالكفار حرام، لقوله صلى الله عليه و سلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، قال ابن تيمية اسناده جيد.
و قال أيضا: أقل أحوال هذا الحديث التحريم، و إن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم. ا.هـ
الفائدة 109
خلاصة ما سبق:
فعلى هذا نقول: للعلماء في الأمرالمطلق، هل يقتضي الوجوب أو لا؟
ثلاثة أقوال، و ربما يكون هناك أقوال أخرى، و لكن هذه رؤوس الأقوال:
1ـ أنه للوجوب مطلقا.
2ـ أنه للاستحباب مطلقا.
3ـ التفصيل.
نقول هذا ما لم توجد قرينة تعين الاستحباب أو الوجوب.
الفائدة 110
قال المؤلف رحمه الله:
58ـ لا مع دليل دَلَّنَا شَرْعًا على ... إباحةٍ في الفعل أو ندبٍ فلا
معنى البيت:
أنه إذا وجد دليل يدل على الإباحة فإن الأمر يكون للإباحة، أو على الندب، فإن الأمر يكون للندب.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:30 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
الفائدة 111
59ـ بل صرفُه عن الوجوبِ حُتِّما ... بحملِه على المرادِ منهما
قوله (صرفه) أي: صرف الأمر.
قوله (عن الوجوب حتما) يعني: ألزم.
قوله (بحمله على المراد منهما) يعني: يحتمل على المراد من الإباحة أو الندب، فإذا وجد دليل يدل على الإباحة وجب حمله على الإباحة، أو على الندب وجب حمله على الندب.
مثال ذلك:
1ـ قول الله تبارك و تعالى في سورة المائدة: (غير محلي الصيد و أنتم حرم إن الله يحكم ما يريد) المائدة / 2 .... إلى قوله تعالى: (و إذا حللتم فاصطادوا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/311)
2 ـ و قال تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) الجمعة/10.
فهذا الأمر الوارد في الآيتين ليس للوجوب قطعا، و لهذا لا نقول: يجب على من حل من إحرامه أن يأخذ البندقية و يذهب ليبحث عن الطيور، لكنه للإباحة، لأنه ورد بعد النهي، و كأنه قال: إذا أحللتم ارتفع النهي، و أيضا لإجماع العلماء حيث لم يقل أحد بالوجوب.
و كذلك إذا وجد دليل يدل على الندب مثل الأوامر الدالة على صلاة سوى الصلوات الخمس، ما لم يكن لها سبب، فكل أمر بصلاة غير الصلوات الخمس إذا لم يكن لهذه الصلاة سبب فإنه محمول على الندب، لوجود قرينة، و هي قول النبي صلى الله عليه و سلم للأعرابي لما قال: هل علي غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع).
الفائدة 112
ثم قال المؤلف رحمه الله:
60ـ و لم يُفِدْ فَوْرا و لا تَكرارا ... إن لم يرِدْ ما يقتضي التَّكرارا
قوله (و لم يفد فورا): يعني أن الأمر ليس على الفور، بل هو على التراخي، و هذه المسألة اختلف فيها الأصوليون على قولين، هل الأمر المطلق يقتضي الفورية، أو هو على التراخي؟
القول الأول:
إن دل دليل على أنه للفورية فهو للفورية. و هذا واضح مثل: إذا دخلت المسجد فصل ركعتين. فهذا فيه دليل على الفورية، فقد قال صلى الله عليه و سلم: (إذا دخلت المسجد فلا تجلس حتى تصلي ركعتين).
و المسبب مقرون بسببه، فإذا وجد دليل على الفورية وجب العمل به على أنه للفور، و إذا لم يوجد فهو على التراخي.
و حجتهم أن المطلوب هو الفعل، و هو مطلق لم يقيد بفورية و لا تراخ، و الاصل عدم التأثيم بالتأخير.
و القول الثاني:
هو أن الأمر للفورية، و دليله نقلي و عقلي.
أما النقلي:
1ـ فقول الله عز وجل (فاستبقوا الخيرات) البقرة/148.
2ـ و لأن النبي صلى الله عليه و سلم لما أمر الصحابة في الحديبية أن يحلقوا رؤوسهم، فتأخروا غضب عليه الصلاة و السلام، و لا يغضب على ترك مستحب.
و أما الدليل العقلي:
فلأننا إذا قلنا: إنه للتراخي. فإلى متى إن لم نحدده بزمن، صار منتهاه حضور الأجل، و كيف يمكن أن يقوم الانسان بالأوامر التي تعد بالألوف إذا كان قد أخرها عند موته؟! هذا لا يمكن، ثم يقال: هل الموت معلوم أجله؟ الجواب: لا، إذن لا تدري، لعل الموت يأتيك بغتة، و أنت لم تتمكن من الفعل، فالصواب أن الأمر على الفور إلا إذا دل الدليل على أنه للتراخي.
الفائدة 113
هل يقتضي الأمر التكرار؟
أما التكرار فكما قال المؤلف أن الأمر لا يقتضي التكرار إذا لم يرد ما يقتضي التكرار.
يعني: إذا أمر الشارع أن نفعل، و فعلناه مرة برئت الذمة إلا إذا وجد ما يقتضي التكرار:
1ـ مثل أن يكون المأمور موقتا بوقت:
أمثلة
مثال 1: صلاة الظهر موقتة بزوال الشمس، إذن كلما زالت الشمس صلينا.
مثال 2: الزكاة مقيدة بحلول الحول، فكلما حال الحول وجبت الزكاة، فإذا أدى الزكاة في أول السنة، لا يقول: برئت ذمتي، أنا أديت زكاة مالي.
لأن الزكاة مقيدة بوقت.
حتى إذا كان لا يتصرف في ماله، و لا ينمي ماله، و هو زكوي، فإنه يجب عليه أن يزكي كل سنة، فالمال الذي أعده الانسان لشراء بيت أو للنكاح، و هو لا يزيد، و لا يتجر فيه تجب الزكاة عليه فيه كل سنة، لأن الزكاة قيدت بأن تمام الحول موجب لها.
2 ـ و يقتضي الأمر التكرار أيضا إذا كان مقيدا بسبب، فهذا يتكرر بتكرار سببه:
مثال ذلك:
الوضوء و الحدث، فإذا وجد السبب الذي هو الحدث وجب الوضوء.
و ما إذا أطلق فإنه لا يقتضي التكرار، لأن الامتثال يحصل بالفعل مرة، كما لو قلت مثلا لابنك، يا بني، اسق الفقير، فسقى الفقير، هل يلزمه أن يسقي كل فقير؟ الجواب:لا يلزمه، إلا إذا وجدت قرينة بأن يقول له: كلما أتاك فقير فاسقه. فحينئذ يقتضي التكرار.
فالصوابإذن:
أنه لا يقتضي التكرار لحصول براءة الذمة بالفعل الواحد إلا إذا وجد ما يقتضي التكرار، و ضربنا لكم مثالا بالمأمور الموقت، و الثاني المأمور المقرون بسبب.
الفائدة 114
قال المؤلف رحمه الله:
61ـ و الأمرُ بالفعل المهِمِّ المُنْحَتِمْ ... أمرٌ به و بالذي به يَتِمّ
هذه قاعدة مفيدة، و هي أن الأمر بالشيء أمر بما لا يتم إلا به، و ظاهر كلام المؤلف رحمه الله أن هذا في الواجب فقط.
و أن الأمر بالواجب أمر به، و بما لا يتم إلا به، و لكن الصحيح خلاف ذلك، و أن الأمر بالشيء أمر به، و بما لا يتم إلا به، سواء كان واجبا أو مستحبا:
1ـ فإن كان واجبا فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
2ـ و إن كان مستحبا فما لا يتم المستحب إلا به فهو مستحب.
الفائدة 115
الوسائل لها أحكام المقاصد
و هناك قاعدة أعم من هذه القاعدة عند العلماء،
و هي: الوسائل لها أحكام المقاصد.
و على هذا فنقول: ما كان وسيلة لواجب فهو واجب، و ما كان وسيلة لمستحب فهو مستحب، و ما كان وسيلة لمحرم فهو محرم، و ما كان وسيلة لمكروه فهو مكروه، و ما كان وسيلة لمباح فهو مباح.
الفائدة 116
عود إلى حديثنا، عندنا الآن 3 عبارات:
1ـ الوسائل لها أحكام المقاصد.
2ـ ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به.
3ـ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
و ترتيبها حسب عمومها: الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة.
و المؤلف تكلم عن الثالثة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/312)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:32 م]ـ
الفائدة 117
ثم قال رحمه الله:
62ـ كالأمرِ بالصلاة أمرٌ بالوُضُو ... و كلّ شيء للصلاة يُفرضُ
قوله: كالأمر بالصلاة أمر بالوضو. هذا المثال غير صحيح، لأن الوضوء مأمور به بذاته، قال تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و امسحوا برءوسكم و أرجلَكم إلى الكعبين) المائدة/6.
لكن المثال الصحيح: الأمر بالوضوء أمر بشراء الماء للوضوء، لأنه لا يتم الوضوء إلا بشراء الماء، فمثلا إذا لم يكن عند الإنسان ماء، و جاء وقت الصلاة، و الماء يباع بالأسواق فإننا نقول له: اشتر. قال: واجب علي؟ نقول: نعم، واجب ما دمت قادرا.
فهذا المثال الذي ذكره المؤلف رحمه الله فيه نظر واضح، لأن الأمر بالوضوء مستقل برأسه.
و الصحيح: الأمر بالوضوء أمر بالشراء!
الفائدة 118
و قوله (و كل شيء للصلاة يفرض)
هذا أيضا فيه نظر، لأن المفروض الذي يجب للصلاة مفروض بفرض مستقل.
فلو قال قائل: الأمر بالصلاة أمر بالسترة، نقول: السترة مأمور بها أمر مستقل، قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) الأعراف/31.
لكن لو قال قائل: أنا ليس عندي ثوب يسترني الآن، و السترة شرط لصحة الصلاة؟ نقول له: اشتر ثوبا، وجوبا.
هذان مثالان على القاعدة الأولى، و هي ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
و الخلاصة أن المؤلف رحمه الله مثل بأمثلة واجبة بذاتها قبل أن تكون مما لا يتم الواجب إلا به.
و مثال قاعدة: ما لا يتم المأمور إلابه، و هو مستحب:
رجل ليس معه سواك، و السواك للصلاة سنة، و الناس يبيعونه عند باب المسجد، نقول له: اشتر سواكا.
و الشراء هذا سنة، لأنه لا يتم المستحب إلا به، فيكون مستحبا.
مثال آخر:
إنسان ولد له ولد، و ليس عنده شاة، لكن عنده دراهم يشتري الشاة، نقول له: اشتر الشاة، و شراؤه للشاة، إن قلنا بوجوب العقيقة فالشراء واجب، و إن قلنا باستحبابها فالشراء مستحب. و هلم جرا.
{فائدة طريفة}
- كيف نجمع كلمة سواك؟
- الجواب:
نقول أعواد الآراك و لا نقول مساويك!
بمعنى ذنوبك!!
(أبو همام: لأن هذا من أدب الكلام في دين الاسلام.)
الفائدة 119
و أما قاعدة: الوسائل لها أحكام المقاصد فإنها ينطبق عليها المثل السابقة، و لها مثال غير المثل السابقة، و هو: لو أن رجلا اشترى سلاحا ليقتل به صيدا في الحرم فالبيع عليه حرام، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، لأنه إذا كان الصيد في الحرم حراما، فكذلك ما كان وسيلة له، مثل بيع السلاح.
و إن شئنا عدلنا عن هذه القاعدة، و قلنا لقوله تعالى: (و لا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة/2.
الفائدة 120
و المؤلف مثل بأمثلة واجبة بذاتها قبل أن تكون ما لا يتم الواجب إلا بها.
الفائدة 121
63ـ و حيثُما إن جيءَ بالمطلوبِ ... يَخْرُجْ به عن عُهْدَةِ الوجوبِ
معنى هذه القاعدة أنه متى جاء الانسان بما أُمر به فإنه يخرج عن عهدة الوجوب، أي: أنه يسقط عنه الوجوب.
و هذه القاعدة مفيدة جدا، لأننا لو قلنا: إنه إذا أتى بالمطلوب يجب عليه أن يأتي به مرة أخرى، فإننا نكون ألزمناه العبادة مرتين.
مثال ذلك:
رجل حضر وقت الصلاة، و ليس عنده ماء، فتيمم، و بعد أن صلى وجد الماء، فلا تلزمه الإعادة، لأنه أدى ما عليه، فمتى أتى الانسان بالواجب على الوجه الذي أمر به فإنه يسقط عنه، و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
يخرج به عن عهدة الوجوب.
و هذه قاعدة تفيدك في مواضع كثيرة، كما أن المحرم إذا تاب منه الانسان فإن له ما سلف، و أمره إلى الله.
.................................................. ........................................... يتبع
الحمد لله على إتمام باب الأمر، و في المجلس القادم سننتقل إلى باب النهي مع ما يدخل في الأمر و ما لا يدخل فيه و نتمهما إن شاء الله .... لننتهي من الشريط الثالث بحمد الله فأبشروا إخوتي ..
و بعدها ندخل في باب العام في الشريط الرابع حيث بإكماله نتم نصف شرح الورقات .....
و هناك نبدأ في العد التنازلي بإذن الله!! ..
المهم أن نقرأ و نفهم جيدا و نحفظ المتن أو النظم ...
فابقوا معنا ....
أبشروا!! .....
سننتهي قريبا من الورقات ... (ابتسامة)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 06 - 09, 03:37 م]ـ
أينكم يا إخوان؟؟؟
أين فوائدكم؟؟ .... و لو فائدة واحدة!!!! ....
أين من يدرس الورقات؟ .....
شجعونا بارك الله فيكم!!!
(و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ... )
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هل من طالب علم فيعان عليه ...
سيعيننا الله يا إخوان!!!
هيا أرسلوا مشاركاتكم .... مأجورين بإذن الله
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[15 - 06 - 09, 09:46 م]ـ
أخي الكريم أبا الهمام زادك الله من علمه وفضله
ما هو افضل شرح على متن الورقات سمعته ووجدته شاملا نافعا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/313)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[16 - 06 - 09, 06:25 م]ـ
بصراحة أخي الفاضل ابن البجلي لم أسمع شروحا أخرى بتمامها إلا تقريرات الشيخ العصيمي فقد أتممتها بحمد الله ... و كنت أنتقل من شرح لآخر ... و رجعت في الأخير إلى شرح الشيخ العثيمين رحمه الله ....
و قد بدأت رحلتي هذه مع إخوتي الكرام و المعتمدة على ضبط شرح واحد و إتمامه و فهمه و تشريحه التشريح الكامل ..... فالشيخ العثيمين رحمه الله شيخ مربي و معلم و هذا لا يخفى على من سمع الشيخ ....
و هناك شروح أخرى لكل منها مميزات بلا شك، و أنا لا أدعي الإحاطة بها و لا الحكم عليها معاذ الله، و لكن هذا لا يمنعني أن أذكر ملاحظاتي كطالب علم يباحث أخاه لا غير .....
فشرح الشيخ عبد الكريم النملة مثلا طيب و سهل و مختصر و تعليمي لا يخلو من فوائد و تعليقات مفيدة .....
و شرح الشيخ الحازمي المختصر و المطول لا شك أنه جمع فيه كل ما تفرق و هذا يعلمه كل من سمع شروحات الشيخ في الفنون الأخرى ...
و شرح الشيخ صالح آل الشيخ سمعت شريطين منه و أظن الثالث كذلك، لا أذكر جيدا، و سأكمل الباقي، و ألفيته شرحا ماتعا و مفصلا، يكرر الشيخ فيه المسألة بشتى الطرق و يكثر منها، حتى يتعجب السامع الذي فهم المسألة، و هذا يبين حرص الشيخ صالح حفظه الله على تبليغ العلم و تحصيل الفهم، و كذلك حرصه على تعليم الطالب كيفية التعبير العلمي عن المسائل الشرعية، هذا الذي نفتقر إليه و الله المستعان ....
و تمنيت و الله لو أكمل الشيخ شرحه فقد توقف في باب العام و الخاص .... !!!
كذلكم شرح الشيخ العصيمي و هو تعليقات و تقريرات على شرح المحلي للورقات، و كان الشيخ فيه بارعا في عرض الحدود و التعريفات المتينة التي تخلو من اعتراض، و كذلك التقسيمات الهامة و المفيدة، و الملاحظات و التعقيبات النافعة، و شرح الشيخ هذا جدير بالحفظ!!! ...
و لكن أنصح إخواني قبل أن يسمعوا شرح الشيخ العصيمي أن يستمعوا إلى شرح يسير يكون تعليميا كشرح الشيخ العثيمين رحمه الله ...
و أخيرا أؤكد على شرح الشيخ أحمد بن حميد على شرح المحلي، فهو شرح لا يستغنى عنه، لأن احتوى على نصائح و توجيهات هامة جدا، و تتعلق بتطبيق هذا العلم، أعني أصول الفقه، فقد ضمنه ملاحظات و تعليقات و أمثلة هي كالدرر في أعماق البحر!!!
و بإذن الله ستكون لنا محطات مع هذا الشرح المبارك أعني شرح الشيخ أحمد بن حميد حفظه الله و رعاه ...
و ما لم أذكره من الشروح فليعذرني إخوتي على جهلي بها .... و الله أعلى و أعلم.
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[17 - 06 - 09, 05:16 ص]ـ
أخي ابا الهمام
اجزل الله لك المثوبة وزادك من علمه وفضله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[17 - 06 - 09, 01:15 م]ـ
اللهم آمين ...
وإياكم أخي الفاضل و زادك الله من علمه و أفضاله ...
و ما خفي على جاهل مثلي من الشروح الطيبة الشيء العظيم كشرح الشيخ عبد الكريم الخضير و شرح الشيخ غازي العتيبي و شرح الشيخ عبد الله الفوزان و شرح الشيخ الحسن ولد الددو الشنقيطي و الذي سمعت بداياته و كان غاية في اليسر و السلاسة و التميز!!!
نسأل الله همة عالية في استماع هذه الدروس الطيبة .... فكم بخلنا على أنفسنا السنوات الطوال ....
و أقول كلمة هنا:
أننا نبيت في بيوتنا رفقة العلماء الكبار و نحن لا ندري!!!!
أتدرون من هم؟
إنها الأشرطة و الأقراص و الملفات المنسية المدفونة في أعماق الحاسوب c و d و e.....
و إني أخشى أن يحاسبنا الله على هذه النعم العظيمة!!!
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[17 - 06 - 09, 03:09 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يردنا إليه رداً جميلاً
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[17 - 06 - 09, 04:13 م]ـ
اللهم آميين ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[22 - 06 - 09, 07:02 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
باب النهي
الفائدة 122
ثم قال المؤلف رحمه الله:
64ـ تعريفُه استدعاءُ تركٍ قد وَجَبْ .... بالقولِ مِمَّن كان دونَ مَنْ طَلَبْ
قوله: من كان دون من طلب: خرج به ما إذا كان النهي ممن هو أدنى من الموجه إليه، فإنه يسمى دعاء، كقوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة / 286.
فلا نقول: نحن ننهى الله، بل ندعوه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/314)
و خرج به أيضا ما إذا كان النهي، من مماثل أو مساو فإنه يسمى التماسا، يعني: ألتمس منك، و أتحرى ألا تفعل.
فإذا قلت على سبيل المثال لزميلك: لا تزاحمني، جزاك الله خيرا. فهذا التماس.
و قوله: طلب، يعني: استدعاء.
و تعريف النهي كما يظهر من البيت ضد تعريف الواجب، فقد جعل المؤلف بدل استدعاء الفعل استدعاء الترك.
فصار النهي استدعاء الترك الواجب ممن هو دون من طلب، فالمعنى أن النهي طلب الكف عن الفعل ممن هو دونه، أي دون الطالب، على وجه الاستعلاء.
أي أن الطالب يفرض نفسه، و كأنه أعلى من المطلوب، و على هذا التعريف فإنه لا يشمل المكروه، فالمكروه ليس منهيا عنه، لأنه لا يطلب تركه على سبيل الوجوب، بخلاف المحرم.
فتبين الآن أن رأى المؤلف رحمه الله أن المستحب ليس مأمورا به، و أن المكروه ليس منهيا عنه، و هذا خلاف الصواب.
و الصواب أن المكروه منهي عنه، و أن المستحب مأمور به، و على هذا فنسقط في التعريف قوله: قد وجب.
الفائدة 123
قال المؤلف رحمه الله:
65ـ و أمرُنا بالشيء نهيٌ مانعُ ... من ضده و العكسُ أيضا واقعُ
يعنيبذلكالمؤلف رحمه الله:
أن الأمر بالشيء نهى عن ضده، و النهي عن الشيء أمر بضده.
هكذا قال المؤلف رحمه الله تعالى، و هذه مسألة فيها نزاع بين العلماء رحمهم الله تعالى، و هي قسمان:
1ـ الأمر بالشيء هل هو نهى عن ضده؟
الجواب: لا، ليس الأمر بالشيء نهيا عن ضده، إلا أن يكون ضده مفهوما من الأمر، فإذا قيل: افعل كذا، افعل كذا.
فهل هو نهي عن تركه، على كلام المؤلف يقتضي أن يكون نهيا عن تركه، و ليس كذلك.
فمثلا: لو أن رجلا ترك السواك عند الصلاة، هل نقول: إنه وقع في مكروه؟
الجواب: لا، نقول: ترك مستحبا، و لكنه لم يقع في مكروه، فلا بلزم من ترك المأمور الوقوع في ضده، فمن ترك سنة لا نقول: إنه فعل مكروها.
مثال آخر: لو قيل:ارفع يديك عند تكبيرة الإحرام، و عند الركوع، و عند الرفع منه، و عند القيام من التشهد الأول، فهل إذا لم أرفع أكون واقعا في النهي؟
المؤلف يرى أنك واقع في النهي، و هذا ليس بصحيح، بل يقال: الأمر بالشيء، يعني: الحثَّ على فعله، إما وجوبا، و إما استحبابا.
و مثال الواجب: أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالركوع، فهل هذا نهي عن ضده، نهى عن السجود؟
الجواب: لا، و لهذا نقول: الضد إذا كان هو عين النهي، فهذا صحيح أن نقول:
الأمر بالركوع نهي عن ترك الركوع، لأن ترك الركوع نفس الذي وقع فيه النهي.
الفائدة 124
ليعلم أنه كما للأمر صيغة، فكذلك للنهي صيغة، و هي لا تفعل، دون غيرها، أي: المضارع المقرون بلا الناهية.
و أما قولك: اجتنب كذا. فهذا لا شك أنه نهي.
لكنه لا يسمى نهيا اصطلاحا، بل نسميه أمرا بالاجتناب.
و يستفاد النهي أيضا من ذكر العقاب على من فعل كذا و كذا، فإن ذكر العقاب على الفعل يقتضي النهي عنه.
بل نحن نقول:
إن ذكر العقاب على الفعل يقتضي أن يكون الفعل من الكبائر، و هذا هو ما حد به شيخ الإسلام ابن تيمية الكبيرة، حيث قال رحمه الله:
إن ما رتب عليه عقوبة خاصة فهو من الكبائر، و ذلك لأن المنهيات نارة ينهي عنها، و يقال:
إنها حرام فقط، و تارة تقرن بعقوبة خاصة، إما في الدنيا، و إما في الآخرة، فهذه هي الكبيرة.
الفائدة 125
و لإكمال الفائدة فإن أهل العلم رحمهم الله نصوا على أن الكبائر هي:
1ـ كل ذنب رتب عليه الوعيد فإنه من كبائر الذنوب.
قال ابن عبد البر: كل ما أوعد الله عليه بالنار، أو رسوله صلى الله عليه و سلم فهو من الكبائر.
2ـ كل ذنب رتب عليه حد في الدنيا فإنه من كبائر الذنوب.
3ـ كل ذنب تبرأ النبي صلى الله عليه و سلم من فاعله فإنه من كبائر الذنوب.
الفائدة 126
ثم قال رحمه الله:
66ـ و صيغةُ الأمرِ التي مَضَتْ تَرِدْ .... و القصدُ منها أن يُباحَ ما وُجِدْ
1ـ ترد صيغة الأمر و يراد بها الإباحة:
يقول رحمه الله:
صيغة الأمر التي مضت في باب الأمر ـ و هي افعل ـ ترد، و يريد المتكلم بها الإباحة دون الوجوب.
و هذا معنى قوله: و القصد منها أن يباح ما وجد.
و مثاله: قوله تعالى: (و إذا حللتم فاصطادوا) المائدة/2.
فالأمر هنا ليس للوجوب، بل هو للإباحة.
فإذا قال قائل: ما هو الدليل؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/315)
قلنا: الدليل أنه ورد بعد النهي، و أجمع العلماء على أنه لا يسن لمن فكّ إحرامه أن يذهب فيصطاد، و لكنه يباح له.
الفائدة 127
67ـ كما أتت و القصدُ منها التسويهْ ... كذا لتهديدٍ و تكوينٍ هِيَهْ
يعني رحمه الله:
2ـ و تأتي صيغة الأمر للتسوية:
و مثاله قوله تعالى: (فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم) الطور/16.
يعني: صبركم و عدمه سيّان، فالأمر هنا للتسوية، و يحتمل للتنديم و التحسير، يعني: معناها يراد بها أن يتحسر هؤلاء، فيقال:
اليوم لا ينفعكم صبرتم أو لم تصبروا، لكننا نأخذها على ما مثل به العلماء للتسوية.
3ـ و تأتي صيغة الأمر للتهديد:
قوله (كذا لتهديد): يعني ترد للتهديد، كقوله تعالى: (فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر) الكهف/29.
فالتخيير هنا ليس على سبيل التشهي، لكنه على سبيل التهديد، كما تقول لابنك: افعل كذا لو كنت صادقا. يعني: تنهاه عن شيء، و يخالفك، تقول: عد إلى هذا إن كنت صادقا. و المراد التهديد.
4ـ و تأتي صيغة الأمر للتكوين:
قوله (و تكوين هيه):
يعني تكون أيضا للتكوين، و ذلك في جميع أوامر الله الكونية، مثل قوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) يس/82.
و مثل قوله تعالى (ائتيا طوعا أو كرها) فصلت/11.
الظاهر أنها للتكوين، فكل أوامر الله القدرية للتكوين.
الفائدة 128
فإن قال قائل: ما الذي يدلنا على أن الأمر لهذه الأغراض التي قال المؤلف؟
نقول: القرائن و السياق، و بهذا عرف أن القرائن و سياق الكلام له أهمية كبيرة في فهم المراد، فليس كل كلمة تأتي في موضع لمعنى تأتي في كل موضع بهذا المعنى.
فالقرائن و السياق لا شك أن لها تأثيرا في تغيير معنى الكلام.
مثال 1
أرأيت لو قال قائل:
أنا اليوم دعوت الفراشين للغداء، و كيف تتصورون أن يكون الغداء؟
الجواب: يكون غداء عاديا متواضعا.
مثال2
و آخر قال: أنا دعوت اليوم الملك للغداء.كيف يكون الغداء؟
و الجواب: يكون غداء عظيما يليق بالملك.
فكلمة الغداء في المثالين واحدة، و لكن القرائن و السياق جعلها تختلف في المعنى.
فانظر كيف القرائن و السياق توجب اختلاف المعنى.
مثال آخر:
عندما نقرأ قوله تعالى (الله الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش) السجدة/4.
و نقرأ قوله تعالى (فإذا استويت أنت و من معك على الفلك) المؤمنون/28.
فهل يمكن أن نفهم من الاستواء الأول كفهمنا من الاستواء الثاني؟
الجواب: لا، لأن المضاف إليه يختلف، فلا بد أن يختلف المعنى.
مثال آخر:
عندما نقرأ قول الله تعالى (بل يداه مبسوطتان) المائدة/64.
هل نفهم أن هاتين اليدين مثل قوله تعالى (بما كسبت أيدي الناس) الروم/41.
الجواب: لا، تختلف بحسب المضاف إليه.
إذن فالقرائن هي التي تعين المعنى، و من ثم تجد مسألة فيها أمر يختلف العلماء فيه، هل هو للوجوب أو للاستحباب؟
ربما يخرج بعضهم عن هذا كله، و يقول: هذا للإباحة، هذا للتهديد، حسب القرائن.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[22 - 06 - 09, 07:10 م]ـ
باب من يدخل في الأمر و النهي و من لا يدخل
الفائدة 129
ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى من يوجه الخطاب، الأمر و النهي، هل كل الناس يوجه إليهم الخطاب أو الناس و البهائم أو الناس و العمائر، أم إلى من؟ على سبيل التحديد؟
الفائدة 130
و للجواب على ذلك، قال المؤلف رحمه الله:
68ـ والمؤمنون في خطاب اللهِ ..... قد دخلوا إلا الصَّبِيْ وَالسَّاهِي
69ـ و ذا الجنون كُلُّهُمْ لم يَدْخُلُوا ... والكافرون في الخطاب دَخَلُوا
يعني المؤلف رحمه الله: أن خطاب الله يشمل كل مؤمن، سواء صدر الخطاب بـ (يأيها الذين آمنوا). أو بـ (يأيها الناس). أو بـ (يأيها الرسل) مثلا، المهم أن الخطاب يشمل المؤمن، و على كلامه الكافر لا يدخل، لكن سيذكره.
قوله (إلا الصبي و الساهي و ذا الجنون) بالنصب، لأنه استثناء من موجَبٍ تام، و الاستثناء من الموجب التام يكون بالنصب.
استثنى المؤلف رحمه الله ثلاثة:
1ـ الصبي: لا يدخل في الخطاب، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قد قال: (رفع القلم عن ثلاثة)، و ذكر منهم الصبي حتى يبلغ.
2ـ الساهي: يعني الناسي لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة/286.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/316)
3ـ ذا الجنون: لقوله صلى الله عليه و سلم في الحديث السابق:
(و عن المجنون حتى يُفيق).
هكذا قال المؤلف رحمه الله، لكن الصحيح أنهم كلهم داخلون، و أن الناس كلهم داخلون في خطاب الله، لأن الأصل العموم، قال تعالى (يأيها الناس كلوا مما في الأرض) البقرة/168، (يأيها الناس اتقوا ربكم) النساء/1.
(قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) الأعراف/158.
فالصواب أنهم كلهم داخلون، و أن عدم دخول الصغير لكونه ليس أهلا، و كذلك المجنون، و أما الساهي فلا شك أنه داخل في الخطاب، كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام:
(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، و إلا لكان لا صلاة عليه إذا نسى.
فكلهم داخلون، لكن منهم من لم يدخل في الخطاب، لعدم تكليفه، و منهم من لم يدخل، لوجود مانع، أرأيتم الزكاة تجب في مال الصبي، و في مال المجنون، و كذلك الصبي و المجنون يضمنان ـ ما يضمنه البالغ العاقل، فالصواب العموم.
الفائدة 131
بقي الآن الكافر، قال المؤلف رحمه الله:
ذا الجنون كلهم لم يدخلوا ... و الكافرون في الخطاب دخلوا
لما قال المؤلف: (و المؤمنون في خطاب الله قد دخلوا):
مفهومها أن الكافر لا يدخل، بين أن هذا المفهوم غير مراد، و قال:
و الكافرون في الخطاب دخلوا.
الفائدة 132
هل يدخل الكافرون في الخطاب؟؟
هذه المسألة مختلف فيها:
فمنهم من يقول: إن الكافر غير داخل في الخطاب، لأنك لا تقول للكافر: صلّ، صم، زك، توضأ.
لكن تقول له: أسلم.
فهم لم يدخلوا في الخطاب، بل يخاطبون في الأصل "الإسلام"، أما الفروع فلا يخاطبون فيها.
والصواب ما قاله المؤلف:
أنهم يدخلون فيها، و إن شئت فقل: في ذلك تفصيل.
إن أردت بدخولهم في الخطاب أنهم ملزمون بما دل عليه، و هم كفار، فهذا لا، لأن الفرع "الشرائع" لا يبنى إلا على أصل "الإسلام".
و إن أردت أنهم يلزمون بقضائه إذا أسلموا، فهذا لا.
و إن أردت أنهم يعاقبون عليها يوم القيامة، لهذا نعم.
فصار الكفار لا يدخلون في الخطاب في الفروع في الدنيا، فلا نقول للكافر:
يا كافر، لا تشرب الدخان، يا كافر توضأ، لا نقول هكذا، بل نقول له: أسلم.
و لو أنه توضأ، و لم يسلم بعد، فإنه لا يقبل لقوله تعالى:
(و ما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله) التوبة/54.
فإذا كانت النفقات مع تعدي نفعها لا تقبل، فما دونها مما ليس فيه نفع من باب أولى.
فلو أن الكافر تصدق، و بر والديه، و أعتق، و وصل رحمه فإن ذلك كله لا ينفعه يوم القيامة.
الفائدة 133
مسألة: إذا أسلم الكافر، هل نأمره بأن يقضي ما فات؟
مثال ذلك: كان هذا الكافر رجلا غنيا، عنده ملايين الدراهم، و له عشرون سنة، ثم أسلم، لا نقول له: أخرج زكاة ما مضى، و لا نقول له:
صل ما مضى.
و دليل ذلك قوله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) الأنفال: 38.
و من السنة أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأمر من أسلم أن يقضي ما فات، بل قال: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) الأنفال/38.
و لا أدل على ترغيب الانسان بالإسلام بهذه الطريقة.
فإذا قال قائل: إذا كنا لا نأمره أن يفعلها في حال كفره، و لا نأمره بقضائها إذا أسلم، فما الفائدة من قولنا: إنهم يوجه إليهم الخطاب؟
قال العلماء: الفائدة كثرة عقابهم في الآخرة!!
، بدلا من أن يعاقبه الله على أنه لم يشهد ألا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، يعاقبه بأنه لم يشهد ألا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله (فقط)، و أنه لم يقم الصلاة، و لم يصم، و لم يؤت الزكاة، و لم يحج، و لم يفعل بقية الواجبات.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[22 - 06 - 09, 07:14 م]ـ
الفائدة 134
و لو قال قائل:
إذا كان لا يؤمر في حال كفره بهذه الأشياء (الفروع) فكيف يعاقب على ما لا يؤمر به؟
قلنا:
لقول الله تعالى (إلا أصحاب اليمين. في جنات يتساءلون. عن المجرمين. ما سلككم في سقر) المدثر/39ـ42.
يعني: ما الذي أدخلكم في النار.
(قالوا لم نك من المصلين. و لم نك نطعم المسكين. و كنا نخوض مع الخائضين. و كنا نكذب بيوم الدين. حتى أتانا اليقين) المدثر / 43ـ 46.
هذه أربعة أسباب لدخولهم النار:
الأول: لم نك من المصلين.
الثاني: لم نك نطعم المسكين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/317)
الثالث: كنا نخوض مع الخائضين.
الرابع: كنا نكذب بيوم الدين.
السبب الأول و الثالث و الرابع، هذه الثلاثة قد نقول: إنها أصول، و لكن السبب الثاني: (و لم نك نطعم المسكين) فهذا ليس من الأصول، و لكن مع ذلك ذكروا أنه من أسباب دخولهم النار.
إذن فهم يعاقبون على فروع الشريعة، و هذا هو المقصود.
و هذا دليل من الأثر.
(هنا ينتهي الشريط الثالث بحمد الله و يبدأ الشريط الرابع)
الفائدة 135
فإن قال قائل:مجرد تكذيبهم بيوم الدين يوجب أن يدخلوا النار؟
فالجواب: أنه لولا أنه لعدم إطعامهم المسكين،و تركهم الصلاة، و خوضهم مع الخائضين أثر لكان قوله لغوا لا فائدة منه، لماذا يؤتى به؟
هل يؤتى بوصف، رُتِّبَ عليه العقاب، و هو لا يؤثر فيه.
و أما الدليل من النظر فهو أنه إذا كان المؤمن يعاقب على ترك الفروع، فالكافر من باب أولى.
الفائدة 136
70ـ في سائرِ الفُرُوعِ للشَّرِيعَهْ ... و في الذي بدونِه مَمْنُوعَهْ
قوله (في سائر الفروع للشريعة):
الفروع هي التي يشترط لصحتها الاسلام.
قوله (و في الذي بدونه ممنوعه):
هي شهادة ألا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله.
الفائدة 137
ثمقال رحمه الله:
71ـ و ذلك الإسلامُ فالفروعُ ... تصحيحُها بدونِه ممنوعُ
سبق أن الفروع ما لا يصح إلا بالاسلام، فيحاسب الكافر على الأصل، و هو الاسلام، و على الفروع، و هي ما لا تصح إلا بالاسلام، و هذا ضابط جيد للفروع، أن الفروع، لا تصح إلا بالاسلام، لأن الاسلام أصل، و هي فرع، و لا يوجد الفرع بدون الأصل.
***********
تم بحمد الله باب النهي و من يدخل في الخطاب و من لا يدخل فيه ....
و هكذا تم الشريط الثالث!!! بعون الله و توفيقه ...
أرجو أحبتي في الله أن تكونوا استفدتم و استمتعتم بهذه الفوائد القيمة من شرح نظم الورقات لشيخنا المبارك محمد بن صالح العثيمين تغمده الله برحمته و لطفه و عفوه ....
ترقبوا في المجالس القادمة إن شاء الله: فوائد الشريط الرابع و المتعلقة بباب العام و الخاص ...
لنتم نصف الشرح بحول الله ..... و نبدأ في العد التنازلي!! ...
فابقوا معنا و لا تغيروا المنتدى من فضلكم!!!
وفقكم الله لكل خير .....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 06 - 09, 10:56 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
... الشريط الرابع ...
المتن: تسهيل الطرقات في نظم الورقات
المصدر:شرح العلاّمة محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)
المقطع: باب العام، باب الخاص.
يقول الناظم رحمه الله:
72ـ وَحَدُّهُ لفظٌ يَعُمُّ أَكْثَرَ ... من واحدٍ من غيرِ ما حَصْرٍ يُرَى
73ـ من قولهم عمَمْتُهُمْ بما معِي .... و لْتَنْحَصِرْ ألفاظه في أربعِ
74ـ الجمع و الفرد المعرّفان .... باللام كالكافر و الإنسان
75ـ و كل مبهم من الأسماء .... من ذاك ما للشرط و الجزاء
76ـ و لفظ من في عاقل و لفظ ما ... في غيره و لفظ أي فيهما
77ـ و لفظ أين و هو للمكان ..... كذا متى الموضوع للزمان
78ـ و لفظ لا في النكرات ثم ما ... في لفظ من أتى بها مستفهما
79ـ ثم العمومُ أُبْطِلَتْ دعواه ..... في الفعل بل و ما جرى مجراه
80ـوالخاص لفظ لا يعمُّ أكثرا .... من واحدأوعمّ معْ حصرجرى
81ـ و القصد بالتخصيص حيثما حصل ..... تمييز جملة فيها دخل
82ـ و ما به التخصيص إما متصل ...... كما سيأتي آنفا أو منفصل
83ـ فالشرط والتقييد بالوصف اتصل .. كذاك الاستثنا و غيرها انفصل
84ـ و حد الاستثناء ما به خرج .... من الكلام بعضُ ما فيه اندرج
85ـ و شرطه ألا يرى منفصلا ..... و لم يكن مستغرقا لما خلا
86ـ و النطق مع إسماع من بقربه ..... و قصده من قبل نطقه به
87ـ و الأصل فيه أن مستثناه ... من جنسه و جاز من سواهُ
88ـ و جاز أن يقدم المستثنى ... و الشرط أيضا لظهور المعنى
89ـ و يحمل المطلق مهما وجدا ... على الذي بالوصف منه قيدا
90ـ فمطلق التحرير في الأيمان .... مقيد في القتل بالإيمان
91ـ فيحمل المطلق في التحرير ... على الذي قيد في التكفير
92ـ ثم الكتاب بالكتاب خصصوا ... و سنةٌ بسنة تخصصُ
93ـ و خصصوا بالسنة الكتابا .... و عكسه استعمل يكن صوابا
94ـ و الذكرُ بالاجماع مخصوص كما .. قد خُصَّ بالقياس كل منهما
باب العام
الفائدة 138
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/318)
العام أحد أبواب أصول الفقه السابقة (التي ذكرها المؤلف ضمن العشرين بابا)، و هو من أوصاف الألفاظ، و ليس من أوصاف المعاني، و لذلك يقال في المعنى: أعم، و في اللفظ: عام.
انتبهوا لهذا!!!
بعض الناس لا يفرق بينهما، و لكن بينهما فرق!:
1ـالعام من أوصاف الألفاظ فيقال: هذا لفظ عام.
2ـ و الأعم من أوصاف المعاني فيقال: هذا المعنى أعم.
الفائدة 139
و العام لابد أن يعرفه الانسان، لأنه يترتب عليه بناء الأحكام، فإذا وجدنا لفظا عاما يشمل جميع أفراده، فمعناه أن الحكم يثبت لجميع الأفراد.
الفائدة 140
و قد عرف المؤلف العام بقوله:
72ـ وَحَدُّهُ لفظٌ يَعُمُّ أَكْثَرَ ... من واحدٍ من غيرِ ما حَصْرٍ يُرَى
يعني رحمه الله:
أن العام لفظ دال على أكثر من واحد من غير حصر.
ـ فإذا قلت: زيد.
فليس بعام، لأنه يدل على واحد، و نحن نقول: على أكثر من واحد.
ـ و إذا قلت: رجلان.
فليس بعام، لأنه يدل على أكثر من واحد مع الحصر.
ـ و إذا قلت: عشرون رجلا.
فأيضا ليس بعام، لأنه يدل على أكثر من واحد مع الحصر.
ـ و إذا قلت: الناس.
فإنه عام، لأنه يدل على أكثر من واحد، من غير حصر.
الفائدة 141
ثم قال المؤلف رحمه الله:
73ـ من قولهم عمَمْتُهُمْ بما معِي .... و لْتَنْحَصِرْ ألفاظه في أربعِ
قوله: من قولهم عممتهم بما معي أي: أن العام اشتق من قولهم: عممتهم بما معي.
يعني: شملتهم بالعطاء، فلو أعطيت هذا الرجل مالا يتصدق به على هذه المجموعة و أعطاهم إلا واحدا منهم.
ثم جاء إلي و قال: عممتهم بما أعطيتني!!
فلا نقول: إنه صادق!
لأنه لم يعمهم، بقي واحد!.
فإذا قال: عممتهم، فمدلوله أن جميعهم أخذوا، و لهذا صار اللفظ العام شاملا لجميع الأفراد.
و منه أيضا: العمامة، لأنها محيطة بالرأس كله.
الفائدة 142
و قوله رحمه الله (و لتنحصر):
اللام لام الأمر، لكن ليس المراد بهذه الجملة الطلب، بل هو أمر بمعنى الخبر.
و الأمر ياتي بمعنى الخبر، كما أن الخبر يأتي بمعنى الأمر:
1ـ ففي قوله تعالى: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن) البقرة/ 228، هذا خبر بمعنى الأمر.
2ـ و في قوله تعالى: (و قال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم) العنكبوت/12.
أمر بمعنى الخبر، لأن معنى (و لنحمل): و نحن نحمل خطاياكم.
الفائدة 143
إذن قوله (و لتنحصر) أمر بمعنى الخبر، يعني تنحصر ألفاظه في أربعة أنواع.
فأنواع العموم على كلام المؤلف أربعة.
الفائدة 144
ذكر المؤلف رحمه الله هذه الأنواع بقوله:
74ـ الجمع و الفرد المعرّفان .... باللام كالكافر و الإنسان
يعني: أن النوع الأول و الثاني من أنواع العموم الأربعة هو:
1ـ كل جمع معرف باللام.
2ـ و كل مفرد معرف باللام.
فهو للعموم، إلا إذا كانت اللام لبيان الحقيقة، أو للعهد، فإنها ليست للعموم، إنما الذي يفيد العموم (أل) التي للاستغراق، أما التي للعهد فعلى حسب المعهود.
و أما التي لبيان الحقيقة، فليست عامة،
لو قلت: الرجل خير من المرأة.
ليس المعنى أن كل رجل خير من كل امرأة، و لا يستقيم هذا، لأن من النساء من هن خير من الرجال، لكن حقيقة الرجال أو جنس الرجال أفضل من النساء.
الفائدة 145
وقول المؤلف (المعرفان باللام)
هل قصده الألف و اللام، أو بأل، أو باللام وحدها؟
في هذا خلاف بين النحويين:
1ـ بعض النحويين و الأصوليين يقولون: معرف بأل. كما هو مذهب البصريين، قال ابن مالك في الألفية:
بالجر و التنوين و النِّدَا و أل ..... و مسندٍ للاسم تمييزٌ حصَل
2ـ و قد يعبرون بالألف و اللام كالكوفيين، كما قال صاحب الآجرومية: الاسم يعرف بالخفض و التنوين و دخول الألف و اللام.
3ـ و ربما يعبر بعضهم باللام فقط، لأن "أل" لم تأت الهمزة فيها على أنها من بنية الكلمة، و لكن لسهولة النطق بالساكن، لأنه لولا الهمزة ما نطقت باللام، اللام ساكنة، و الساكن لا يمكن الابتداء بالنطق به، فلذلك يقول بعضهم:
إن التعريف حصل باللام وحدها.
يقول الشيخ العثيمين رحمه الله بعد سرد الأقوال:
و على كل حال، الخلاف كما يبدو لي، ليس تحته طويل فائدة، و على كل حال المعرف ب "أل"، أو بالألف و اللام، أو باللام وحدها، نقول:
لفظ صالح للعموم إلا أن تكون لبيان الحقيقة أو للعهد، فإن كانت للعهد فحسب المعهود، و إن كانت لبيان الحقيقة فيصدق بواحد.
الفائدة 146
و قول المؤلف (كالكافر و الإنسان)
ضرب المؤلف مثالا بالكافر و الانسان، وليت المؤلف قال: كالمؤمن و الانسان، و لو قال: كالمؤمن و الانسان، لم ينكسر البيت.
لكن على كل حال مادام مثالا، ليس حكما، فلا بأس، و مثال كلمة الكافر قولنا: الكافر في النار.
فأل هنا للعموم مع أن الكافر مفرد، لكن دخلت عليه "أل" فأفادت العموم.
و علامة أل التي للعموم ـ أل الاستغراقية ـ أن يحل محلها لفظة كُلْ بالسكون.
و في هذا المثال يصح أن تقول: كل كافر في النار.
و قوله (الانسان):
مفرد محلى بأل الاستغراقية، فيكون للعموم، و مثاله قوله تعالى: (و العصر. إن الانسان لفي خسر) العصر/1ـ2
و قوله تعالى: (خلق الانسان من عجل) الأنبياء/37.
و قوله تعالى: (و خلق الانسان ضعيفا) النساء/ 28.
فأل في هذه الآيات الثلاث تفيد العموم، لأنه يمكن أن يحل محلها كلمة "كل"، والمعنى:
إن كل إنسان لفي خسر، و خلق كل إنسان ضعيفا، خلق كل إنسان من عجل.
الفائدة 147
مثال آخر عن أل الاستغراقية:
الشيطان، قال تعالى: (إن الشيطان لكم عدو) فاطر:6.
الشيطان هنا للعموم، و ليست للعهد الذهني، لصحة حلول كلمة "كل" محلها، و المعنى: إن كل شيطان لكم عدو، سواء كان الأب الكبير الذي أضل آدم، عليه الصلاة و السلام، أو أبناءه و ذريته، كلهم أعداء لنا، و شياطين الإنس كذلك أيضا أعداء لنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/319)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 06 - 09, 11:15 م]ـ
الفائدة 148
ثم قال رحمه الله:
75ـ و كل مبهم من الأسماء .... من ذاك ما للشرط و الجزاء
76ـ و لفظ من في عاقل و لفظ ما ... في غيره و لفظ أي فيهما
77ـ و لفظ أين و هو للمكان ..... كذا متى الموضوع للزمان
قوله (و كل مبهم من الأسماء .... )
المبهم هو الذي لا يتبين معناه إلا بغيره.
و مثل له رحمه الله بقوله: من ذاك ما للشرط و الجزاء ....
أشار المؤلف رحمه الله في هذه الأبيات الثلاثة إلى النوع الثالث من أنواع العموم، و هو المبهم من الأسماء، و هو يشمل:
1ـ أسماء الاستفهام: و إليها أشار المؤلف بقوله:
و لفظ أين و هو للمكان ..... كذا متى الموضوع للزمان
2ـ الأسماء الموصولة: و هي تدخل في قوله:
و لفظ من في عاقل و لفظ ما ... في غيره و لفظ أي فيهما
و ليعلم أن "من" التي للعاقل، و "ما" التي لغير العاقل، و "أي" فيهما، ليست أسماء موصولة فقط، بل هي تصلح لأن تكون أسماء استفهام و أسماء شرط أيضا.
3ـ أسماء الشرط: و إليها أشار المؤلف بقوله: من ذاك ما للشرط و الجزاء.
قوله: من ذاك ما للشرط و الجزاء.
يعني به: أن كل أسماء الشرط فهي للعموم.
أما "إن" الشرطية فإنها ليست للعموم، لأنها ليس لها معنى، فهي حرف، و الحرف لا يتم معناه إلا بغيره، فالمراد بكلام المؤلف أسماء الشرط، لا حروف الشرط.
و هذا هو النوع الأول من مبهمات الأسماء.
الفائدة 149
قوله رحمه الله:
76ـ و لفظ من في عاقل و لفظ ما ... في غيره و لفظ أي فيهما
يعني رحمه الله:
و من الأسماء المبهمة لفظ "من" و لفظة "ما" حالة كونهما عامين أو مستعملين في أفراد ما يعقل و ما لا يعقل شرطا كان ـ كما قال: للشرط و الجزاء ـ أو موصولا، أو استفهاما.
مثال ذلك: ما جاءني منك رضيت به.
فهذه تحتمل الشرطية و الموصولة.
و خرج بالشرطية و ما بعدها النكرة الموصوفة نحو:
مررت بما معجب لك، أي: بشيء معجب لك.
و التعجبية نحو: ما أحسن زيدا، فإنهما لا يعمان.
تنبيه: إنما ذكرت "ما" الاستفهامية هنا، و إن كانت سيذكرها الناظم بعد النوع الرابع بقوله:
ثم ما في لفظ من أتى بها مستفهما، لأن هنا محل ذكرها، حيث إنها من الأسماء المبهمة، فذكره لها ثمة غير مناسب.
و المراد بالعاقل هنا:
ما من شأنه أن يعقل، و ليس المراد ضد المجنون، فعلى هذا إذا قال قائل: أكرم من في البيت من المجانين، صح، لأنه لمن شأنه أن يعقل.
إذن قوله: من في عاقل، احتراز من الذي ليس بعاقل، فإنه يقال فيه: ما.
و هذا في الغالب أن "من" للعاقل، و "ما" لغير العاقل، و يأتي أحيانا بالعكس، فقوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) النساء/3.
هذا للعاقل ما هنا بمعنى "من" و قوله تعالى (فمنهم من يمشي على بطنه) النور/15.
هذا لغير العاقل، فقولنا: إن "من" للعاقل، و "ما" لغير العاقل.
هذا بناء على الغالب، لكن إذا تأملت وجدت أنه لا بد من نكتة في الخروج عن الأصل، يعني:
لا يمكن أن تأتي "ما" للعاقل إلا لسبب، و لا "من" لغير العاقل إلا لسبب، و الله أعلم.
الفائدة 150 ملخص ما سبق
تقدم بأن العام لفظ يعم أكثر من واحد بدون حصر، و تقدم أن حكمه يتناول جميع أفراده إلا بدليل، فمن ادعى خروج فرد من أفراد العموم فعليه الدليل.
و الدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
(إنكم إذا قلتم ذلك ـ يعني السلام علينا و على عباد الله الصالحين ـ فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء و الأرض)
فهذا الحديث يدل على أن العموم يعم جميع أفراده.
و بناء على ذلك لها مسائل كثيرة في الفقه:
1ـ مثلا: إذا قال قائل: إن حلي الذهب و الفضة ليس فيها زكاة، لأنه يستعمل:
قلنا: ألم يقل النبي صلى الله عليه و سلم:
(ما من صاحب ذهب، و لا فضة، لا يؤدي منها حقها ـ و في لفظ: زكاتها ـ إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمى عليها في نار جهنم). صحيح مسلم.
فحلي الذهب و حلي الفضة داخلان في قوله صلى الله عليه و سلم:
(ما من صاحب ذهب و لا فضة) فمن ادعى إخراجهما فعليه الدليل.
2ـ فإذا قال قائل: عندي دليل، قال صلى الله عليه و سلم: (ليس على المسلم في عبده، و لا في فرسه صدقة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/320)
فالجواب: أن العبد و الفرس لم يأت فيهما حديث عام، يدل على أن الزكاة تجب في العبيد، فأصل العبيد ليس فيهم زكاة، و أصل الفرس ليس فيها زكاة، فخرج منها ذلك الذي يعده الإنسان لنفسه فليس فيه زكاة، لكن الذهب و الفضة فيهما زكاة في الأصل، فمن الذي قال:
إن كون الإنسان يقتنيها لنفسه يسقط الزكاة.
ثم إن قياسها على الفرس و العبد و الثوب و ما أشبه ذلك قياس متناقض.
كما بينا ذلك في رسالتنا الصغيرة حجما الكبيرة معنى (وجوب زكاة الحلي ـ من كلام الشيخ العثيمين رحمه الله).
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 06 - 09, 11:17 م]ـ
الفائدة 151
سبق أن قلنا: إن "من" من أسماء الشرط، و هي للعاقل، و "ما" كذلك من أسماء الشرط، و هي لغير العاقل.
قال تعالى: (من يعمل سوءا يجز به) النساء/123. فـ"من" هنا شرطية للعاقل.
و قال تعالى: (و ما تفعلوا من خير يعلمه الله) البقرة/197.
فـ"ما" هنا شرطية لغير العاقل.
الفائدة 152
و قول المؤلف (و لفظ أي فيهما)
أي: في العاقل و غير العاقل، و مثاله قوله تعالى: (أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) الإسراء /110.
و "أي" هنا لا شك أنها في العالم، و يقولون: لا تقل في العاقل بالنسبة لله عز وجل، و بل قل للعالم، لأنه موصوف بالعلم، و لا يوصف بالعقل.
الفائدة 153
قوله رحمه الله:
و لفظ أين و هو للمكان ... كذا متى الموضوع للزمان
و في هذا البيت إشارة إلى النوع الثالث من المبهمات من الأسماء، و هو أسماء الاستفهام، فكل أسماء الاستفهام للعموم.
مثال ذلك:
من يقوم؟ من اسم استفهام يفيد العموم، لأنه إذا قام أي واحد صح.
و ضرب المؤلف رحمه الله مثالا بـ"أين" للمكان و "متى" للزمان، و مثال "أين" قول النبي صلى الله عليه و سلم للجارية: أين الله؟.
فهذا استفهام عن مكان الله.
قالت الجارية: في السماء.
أهل التحريف قالوا: أين الله؟ يريدون أين ملك الله؟
هذا الرسول صلى الله عليه و سلم يخاطب امرأة جارية يقول:
أين الله؟ و يريد أين ملك الله؟
على كل حال "أين" يستفهم بها عن المكان.
فإذا قلت: أين زيد؟ تقول: في المسجد، في البيت، إلى غير ذلك.
يعني أين هو من الرجال، أين هنا: بمعنى (من) و يقال أين المكان على سبيل التجوز.
الفائدة 154
و قوله رحمه الله (كذا متى الموضوع للزمان)
أي: أن متى"تأتي ليستفهم بها عن الزمان)
تقول: متى يأتي زيد؟ فتقول: غدا.
و قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم: متى الساعة؟
يسأل عن زمانها، قال صلى الله عليه و سلم:
(إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة).
و ليعلم أن (متى) أيضا تأتي اسم شرط، و مثالها: متى تقم نذهب.
و بناء على هذا فإن قول المؤلف رحمه الله:
و كل مبهم من الأسماء، يشمل أسماء الشرط و أسماء الاستفهام و الأسماء الموصولة، و هي الذي للمفرد المذكر، و التي للمفردة المؤنثة، اللتان و اللذان للمثنى المذكر و المؤنث، و الذين لجمع الذكور، و اللائي لجمع الإناث، فكل الأسماء الموصولة تفيد العموم، قال الله تعالى:
(و الذي جاء بالصدق و صدّق به أولئك هم المتقون) الزمر/33.
فقوله (الذي) مفرد، و الخبر جمع (أولئك هم المتقون).
فدل ذلك على أن الأسماء الموصولة كلها حتى المفرد منا تفيد العموم، و هذا هو النوع الثالث من أنواع العموم.
الفائدة 155
ثم بين المؤلف رحمه الله النوع الرابع بقوله:
78ـ و لفظ لا في النكرات ثم ما ... في لفظ من أتى بها مستفهما
قوله (و لفظ لا في النكرات)
هذا هو النوع الرابع من أنواع العموم، و أتى بالمثال، لأن "لا" للنفي، و "النكرات" هو المنفي، و على هذا فكل نكرة دخلها النفي فهي للعموم، و لهذا قال العلماء: النكرة بعد النفي للعموم.
ـ و مثل "لا": "ما" سواء باشر النكرة النفي نحو: ما أحد قائما، أو باشر عاملها نحو: ما قام أحد.
الفائدة 156
و قوله (ثم ما في لفظ من أتى بها مستفهما)
قد علمت مما تقدم أن "ما" الاستفهامية ليس هذا موضعها، فكان يجب على الناظم أن يذكرها قبل لا في النكرات، كما لا يخفى إذ هي من الأسماء المبهمة التي هي من القسم الثالث، فذكره لها هنا غير مناسب كما نبهنا عليه، ففي كلامه رحمه الله قصور، فلو قال:
و كل مبهم من الأسما كما ... مَنْ و أي حيث كل عمَّا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/321)
فلفظُ مَنْ في عاقل و لفظ ما ... في غيره و لفظُ أيّ فيهما
و لفظ أين و هو للمكان ... كذا متى الموضوعُ للزمان
و رابعُ الأنواع لا إذ تعملُ ... في النكراتِ إذ عليها تدخل
لكان أولى و أسبك.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[26 - 06 - 09, 07:01 م]ـ
الفائدة 157
ثم قال رحمه الله:
79ـ ثم العمومُ أُبْطِلَتْ دعواهُ ..... في الفعل بل و ما جَرَى مَجْرَاهُ
يعني رحمه الله أن الأفعال ليس فيها عموم، و لكن فيها إطلاق، 1 ـ مثاله: سها النبي صلى الله عليه و سلم فسجد، هل هذا عام في كل سهو؟
الجواب: لا، ليس عاما، حصل منه السهو و السجود فقط، و لذلك كل فعل فإنه لا يدل على العموم.
2ـ مثال آخر: سافر فقصر
، لا يدل على العموم، لا يدل على أنه في كل سفر يقصر.
و لذلك إذا قلت: قام زيد فكتب.
هل يدل على أنه كلما قام كتب؟
الجواب: لا، لكن لو قال:
كلما سها سجد.
فإنه يدل على العموم من " كلما "، فصار الفعل المجرد لا يدل على العموم، لكن يدل على الإطلاق.
الفائدة 158 ماالفرق بين الاطلاق و العموم؟
و الفرق بين الإطلاق و العموم من وجهين:
1ـ أن الإطلاق يعم جميع الأفراد على سبيل البدل، و العموم يعم جميع الأفراد على سبيل الشمول.
أمثلة المطلق:
1ـ مثال ذلك إذا قلت: أكرم طالبا.
فأخذت واحدا من الطلبة، فأكرمته فهذا يكفي عن الجمع، أخذت اليوم زيدا، و قال غدا: أكرم طالبا.
فأخذت عمرا. يصح هذا، الآن شمل زيدا و عمرا و جميع الطلبة على سبيل البدل، يعني: نأخذ واحدا بدل الجميع، لا تكرم جميع الطلبة.
2ـ مثال آخر:
لو قلت: خذ هذه عشرة دراهم أكرم بها طالبا. فجاء الرجل، و قال: أنا سوف أقسم هذه الدراهم على الجميع، هل له ذلك؟
الجواب: لا، ليس له ذلك، إذن يكرم واحدا فقط، أي واحدا يعطيه العشرة، لأن هذا مطلق.
أمثلة العام:
و إذا قلت: لا تكرم فاسقا.
فقام الرجل و أكرم فاسقا، فإنه يكون مخالفا، لأن هذا عام فيشمل كل من كان فاسقا.
ـ نحن قد قلنا في المثال الأول: أكرم طالبا. و قلنا: إنه إذا أكرم طالبا من الطلبة حصل المقصود و لكن لو قال: لا تهن طالبا. فقام، و أهان بعض الطلبة، فإنه يكون مخالفا، فإن قال:
أنا لم أهن جميع الطلبة، فيقال له: لأن هذا عام، و العموم يتناول جميع أفراده على سبيل الشمول، و الإطلاق يعم جميع الأفراد على سبيل البدل، فبينهما فرق.
2ـ الفرق الثاني بين العام و المطلق أن المطلق لا يستثنى منه، إذا قلت: أكرم طالبا إلا زيدا.
لا يصح هذا، إذا أردت أن أقول: أكرم طالبا إلا زيدا.
أقول: أكرم طالبا، و لا تكرم زيدا.
أما أن أقول: لا تكرم الطلبة إلا زيدا.
فإن هذا لا يصح، لأن الإطلاق لا يتناول إلا واحدا، و الواحد لا يستثنى منه واحد، و لكن لو قلت:
لا تكرم الطلبة إلا زيدا. فإنه يصح، لأنه استثناء من عموم.
و الخلاصة الآن أن الأفعال ليس فيها عموم، و لكن فيها إطلاق، و لكن إطلاق المؤلف ليس مرادا، فإنه إذا قام الدليل على أن الفعل للعموم أخذنا به،لكن لا نأخذه من الصيغة، نأخذه من القرينة، فإذا وجدت القرينة التي تدل على أن هذا الفعل للعموم أخذنا بها، و إلا فإن الأصل أن الفعل للإطلاق، و الإطلاق لا يشمل.
الفائدة 159
قوله (و ما جرى مجراه)
أي ما جرى مجرى الفعل، و هي قضايا الأعيان فهي لا تفيد العموم، كالأحكام مثلا، و غيرها، حكم النبي صلى الله عليه و سلم لرجل على رجل في شيء معين، هذا لا يعم كل صورة تقع، لأن هذا جار مجرى الأفعال، فهو قد يكون لمعنى اقتضاه.
و مثال ذلك: قضى النبي صلى الله عليه و سلم بالشفعة للجار، فإن هذا لا يعم كل جار، لاحتمال خصوصية في ذلك الجار.
و أيضا: استدبار النبي صلى الله عليه و سلم للكعبة في قضاء الحاجة، قال بعض أهل العلم:
هذه قضية عين، لا تقتضي العموم، من ثم قالوا: لا نستدل بها على أنه يجوز أن يستدبر الكعبة في البنيان.
الفائدة 160 الخلاصة
ألفاظ العموم هي أربعة أنواع:
1ـ المفرد المعرف بـ أل
2ـ الجمع المعرف بـ أل
3ـ الأسماء المبهمة.
4ـ النكرات في سياق النفي.
*****************************
انتهى باب العام بحمد الله
******************************
سنشرع قريبا أحبتي في الله في باب الخاص ثم المطلق و المقيد ثم أنواع التخصيص، حيث سنتم الشريط الرابع و نشرع في الخامس بإذن الله ......
فنكون قد أتممنا نصف الشرح و أشرفنا على الانتهاء بحمد الله.
اللهم بارك لنا في هذه المذاكرة الطيبة و أمدنا بعونك و توفيقك.
لا حول لنا و لا قوة إلا بك .....
اللهم وفقنا لإتمام هذا الشرح كتابة و قراءة و حفظا و فهما و عملا في صحة و خير و عافية لي ولجميع إخواني الكرام ...
اللهم وفقنا لما تحب و ترضى ....
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما نافعا و عملا صالحا متقبلا برحمتك يا أرحم الراحمين ....
اللهم ارض عنا و عن سائر إخواننا في ملتقى أهل الحديث و عن جميع إخواننا المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/322)
ـ[عبد الله الأثري الجزائري]ــــــــ[29 - 06 - 09, 02:07 ص]ـ
طريقة عرض المذاكرة موفقة للغاية فجعلت من الورقات وريقات سهلة الفهم ميسورة العبارة كثيرة الفائدة
و قد استفدت من موضوعك
بارك الله فيك
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[30 - 06 - 09, 12:22 ص]ـ
بَارَكَ اللهُ فيْكَ يَا أَبَا هَمَّامْـ،،
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يِجْعَلَكَ إِمَاْمَاً هُمَاْمْ
سائِرَاً عَلَىْ مَنْهَج خَيْرِ الأَنَامْ
مُتَّبِعَاً سَبِيْلَ صَحْبِهِ الكِرَاْمْـ
وَمَنْ سَارَ عَلَىْ نَهْجِهِمْـ كأَحْمَدَ الإِمَاْمْـ
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[30 - 06 - 09, 01:19 م]ـ
طريقة عرض المذاكرة موفقة للغاية فجعلت من الورقات وريقات سهلة الفهم ميسورة العبارة كثيرة الفائدة
و قد استفدت من موضوعك
بارك الله فيك
و فيك بارك الله يا أخانا الفاضل عبد الله الأثري الجزائري ...
جزاك الله كل خير على هذا التشجيع الكبير، و هذا هو هدفي الأساسي، أن أيسر لإخواني هذا العلم، و في الحقيقة، أنا أول المستفيدين منه، بحمد الله، نسأل الله العظيم التوفيق لإتمامه، فهذا شغلي الشاغل، و هاجسي ...
بَارَكَ اللهُ فيْكَ يَا أَبَا هَمَّامْـ،،
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يِجْعَلَكَ إِمَاْمَاً هُمَاْمْ
سائِرَاً عَلَىْ مَنْهَج خَيْرِ الأَنَامْ
مُتَّبِعَاً سَبِيْلَ صَحْبِهِ الكِرَاْمْـ
وَمَنْ سَارَ عَلَىْ نَهْجِهِمْـ كأَحْمَدَ الإِمَاْمْـ
أهلا بك من جديد أخي محمد الجعبة، لا تعلم، كم فرحت و سررت و ضحكت، حينما وجدت مشاركتك و قرأت كلماتك الالطيبة و المسجوعة على طريقة المقامات!!، أضحك الله سنك، و وفقك لكل ما تصبو إليه من العلم النافع و العمل الصالح، و أكثر كمان ... (ابتسامة)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[30 - 06 - 09, 01:20 م]ـ
طريقة عرض المذاكرة موفقة للغاية فجعلت من الورقات وريقات سهلة الفهم ميسورة العبارة كثيرة الفائدة
و قد استفدت من موضوعك
بارك الله فيك
و فيك بارك الله يا أخانا الفاضل عبد الله الأثري الجزائري ...
جزاك الله كل خير على هذا التشجيع الكبير، و هذا هو هدفي الأساسي، أن أيسر لإخواني هذا العلم، و في الحقيقة، أنا أول المستفيدين منه، بحمد الله، نسأل الله العظيم التوفيق لإتمامه، فهذا شغلي الشاغل، و هاجسي ...
بَارَكَ اللهُ فيْكَ يَا أَبَا هَمَّامْـ،،
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يِجْعَلَكَ إِمَاْمَاً هُمَاْمْ
سائِرَاً عَلَىْ مَنْهَج خَيْرِ الأَنَامْ
مُتَّبِعَاً سَبِيْلَ صَحْبِهِ الكِرَاْمْـ
وَمَنْ سَارَ عَلَىْ نَهْجِهِمْـ كأَحْمَدَ الإِمَاْمْـ
أهلا بك من جديد أخي محمد الجعبة، لا تعلم، كم فرحت و سررت و ضحكت، حينما وجدت مشاركتك و قرأت كلماتك الطيبة و المسجوعة على طريقة المقامات!!، أضحك الله سنك، و وفقك لكل ما تصبو إليه من العلم النافع و العمل الصالح، و أكثر كمان ... (ابتسامة)
و أسأل الله مثل ذلك لأخي عبد الله الأثري و كل الإخوة الكرام .....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 07 - 09, 09:16 م]ـ
باب الخاص
الفائدة 160
قال المؤلف رحمه الله:
80ـوالخاص لفظ لا يعمُّ أكثرا .... من واحدأوعمّ معْ حصرجرى
إذن الخاص ضد العام، فهو الذي لا يعم أكثر من واحد، أو يعم أكثر مع الحصر.
فالأعلام خاصة، مثل زيد، بكر، عمر، خالد، كل هذه خاصة، لأنها لا تعم أكثر من واحد.
الفائدة 161
قوله (أو مع حصر جرى):
أي أن الخاص أيضا هو ما يعم أكثر من واحد مع حصر، مثل أن نقول: أكرم عشرين رجلا، فهذا خاص.
لم أقل: أكرم جميع الرجال، قلت: أكرم عشرين رجلا، فهذا خاص.
إذن فالخاص ما دل على شيء محصور إما بعينه أو عدده:
1ـ مثال العين: الأعلام.
2ـ مثال العدد: عشرين.
الفائدة 162
81ـ و القصد بالتخصيص حيثما حصل ..... تمييز جملة فيها دخل
انتقل المؤلف في هذا البيت من ذكر الخاص إلى التخصيص، و التخصيص غير الخاص.
الفائدة 163
ما الفرق بين التخصيص و الخاص؟؟
الفرق بينهما:
1ـ أن الخاص وصف للفظ، و التخصيص وصف للفاعل.
2ـ أن التخصيص وارد على العموم، و الخاص ليس واردا على العموم، لأنه لم يدخل فيه أصلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/323)
فالخاص ليس به عموم أبدا، و التخصيص وارد على العموم، لكنه لما ذكر الخاص ذكر التخصيص استطرادا، لأن التخصيص هنا أليق من كونه في باب العام، لكن لو جعله في باب العام لكان أوضح، فيقول مثلا: باب العام، ثم يذكره، ثم يقال: و يخصص العام بكذا و كذا.
الفائدة 164
تعريف التخصيص
قوله (و القصد بالتخصيص): يعني الذي يقصد بالتخصيص.
قوله (تمييز بعض جملة فيها دخل): يعني إخراج بعض أفراد العموم من العموم، هذا هو التخصيص، و قال بعضهم: إخراج ما لولاه لدخل في العموم.
يعني: إخراج بعض الجملة التي دخل فيها هذا التخصيص.
الفائدة 165
أمثلة على التخصيص
إذن التخصيص وارد على العموم:
مثال: فإذا قلت: أعتق رقبة مثلا، ثم قلت: أعتق رقبة مؤمنة، فهذا تخصيص، لكنه يسمى بالمعنى الخاص تقييدا.
مثال: و إذا قلت: أكرم الرجال، فهذا عام، ثم قلت لك: إلا زيدا، و زيد منهم، هذا تخصيص، أخرجنا بعض أفراد العموم من الحكم.
مثال: و هذا موجود بكثرة في القرآن، قال تعالى: (و العصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا) العصر /1ـ3.
فكلمة الانسان عام، كل إنسان لفي خسر، و قوله (إلا الذين آمنوا) هذا تخصيص.
إذن التخصيص وارد على العموم، و هو إخراج بعض أفراد العام، أو إن شئت فقل: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام.
الفائدة 166
82ـ و ما به التخصيص إما متصل ...... كما سيأتي آنفا أو منفصل
يعني: التخصيص يكون على وجهين:
الوجه الأول: تخصيص متصل.
الوجه الثاني: تخصيص منفصل.
فالمخصص الذي به التخصيص إما أن يكون متصلا بالعام، أو منفصلا عنه.
الفائدة 167
أمثلة التخصيص بنوعيه
مثال التخصيص المتصل:
فقوله تعالى: (و العصر. إن الانسان لفي خسر. إلا الذين ءامنوا) هذا تخصيص بقوله تعالى (إلا الذين ءامنوا) أخرجناه من الإنسان بشيء متصل.
مثال التخصيص المنفصل:
وإذا قلت (إن الانسان خلق هلوعا) المعارج/19.و راح الكلام، ثم قلت: إن المؤمن ليس بهلوع، هذا تخصيص منفصل.
.................................................. .يتبع
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 07 - 09, 09:17 م]ـ
أحبتي في الله، بقي 12 بيتا لإكمال باب الخاص و التخصيص الذي يعد من أطول الأبواب في شرح الورقات، و الأبواب الباقية أقل منه بكثير بحمد الله فأبشروا ....
سنعرف في المجلس القادم:
1ـ أنواع التخصيص المتصل: بالشرط، و بالوصف، و بالاستثناء ....
2ـ و سنعرف أمثلتها ...
3ـ و سنكتشف شروط الاستثناء الخمسة:
أـ أن يكون ممن تكلم بالعموم! ما معنى هذا؟؟
ب ـ ألا يكون منفصلا؟
ج ـ و لم يكن مستغرقا لما خلا؟
د ـ و النطق مع إسماع من بقربه؟
ه ـ و قصده من قبل نطقه به؟
4ـ سنعرف أيضا ما يجوز في الشرط و الاستثناء.
5ـ و نعرف أيضا المطلق و المقيد، و متى يحمل المطلق على المقيد؟ و مدى تعلق ذلك بالسبب و الحكم؟
و هل اتفق العلماء في كل ذلك قولا واحدا؟؟
6ـ ثم ندلف إلى أقسام التخصيص:
ـ تخصيص الكتاب بالكتاب.
ـ تخصيص القرآن بالسنة
ـ و تخصيص السنة بالسنة
ـ و تخصيص السنة بالقرآن.
ـ هل يخصص القرآن و السنة بالإجماع؟
ـ و هل يخصصان بالقياس.
ما رأي المؤلف و ما رأي الشارح؟ في كل هذا؟
ثم نختمها إن شاء الله بفائدة طيبة جدا!!
حينها نتم باب الخاص، و ننتقل إلى باب المجمل و المبين، حيث نحاول إتمام الشريط الخامس لنشرع في السادس ....
و النهاية قريبة بإذن الله ....
فابقوا معنا إخوتي الكرام ....
وفقني الله و إياكم لكل خير ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 07 - 09, 02:37 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ...
الفائدة 168
ثم قال المؤلف رحمه الله:
83ـ فالشرط والتقييد بالوصف اتصل .. كذاك الاستثنا و غيرها انفصل
1ـ التخصيص بالشرط تخصيص بمتصل.
2ـ و التخصيص بالوصف تخصيص بمتصل.
3ـ و التخصيص بالاستثناء تخصيص متصل.
ـ هذه 3 أشياء: الشرط و الوصف و الاستثناء.
ـ التخصيص بها تخصيص بمتصل.
الفائدة 169
مثال التخصيص بالشرط
أن تقول: أكرم القوم إن أكرموك.
لو أخذنا بالجملة الأولى دون قولنا: إن أكرموك، لكان الإكرام عاما سواء أكرموك، أو لم يكرموك.
فلو قلنا: إن أكرموك، خصصنا بالشرط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/324)
قال تعالى: (و الذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) النور /33.
يعني: العبيد الذين يطلبون المكاتبة، و هي شراء أنفسهم للعتق، كاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، لو لم تأتينا: إن علمتم فيهم خيرا لكان المكاتب إذا طلب المكاتبة فإنه يجاب، سواء علمنا فيه الخير، أم لم نعلم.
فهذه الآية تخصيص بالشرط، و هذه و إن كانت "إن" الشرطية، و لكنه شرعا يسمى استثناء، و لهذا يأتي السائل فيقول:
حلفت أن أفعل كذا، فيقول: هل استثنيت، فقلت: إن شاء الله؟
الفائدة 170
مثال التخصيص بالوصف
و مثال التخصيص بالوصف: قلت َ: أكرم القوم المكرمين لك.
المكرمين، هذه صفة للقوم، فقد قيدتَ القوم، لو أن الكلام بقى هكذا: أكرم القوم، لأكرمت القوم كلهم، أكرموك أم لم يكرموك، فإذا قلت: المكرمين لك، خرج بذلك غير المكرمين.
إذن يكون التخصيص بالوصف من باب التخصيص بالمتصل.
الفائدة 171
مثال التخصيص بالاستثناء
و الاستثناء مأخوذ من الثني، لأنه استفعال، و أصوله الثاء و النون و الياء، فهو من الثني، و هو العطف، تعطف شيئا على شيء، هذا من حيث اللغة.
أما في الاصطلاح فهو إخراج ما لولاه لدخل في الكلام ب"إلا" أو إحدى أخواتها. و أخواتها مثل غير و سوى.
فالاستثناء يكون به التخصيص، و هو من أقسام المخصص المتصل.
مثاله قوله تعالى: (و العصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات)
هنا خُصص الذين آمنوا بأنهم ليسوا في خسر، و هذا تخصيص بالاستثناء، و هو تخصيص بالمتصل.
الفائدة 172
خلاصة
فصار التخصيص بالمتصل أنواعه ثلاثة:
الأول: تخصيص بالوصف.
الثاني: تخصيص بالاستثناء.
الثالث: تخصيص بالشرط.
الفائدة 173
حد الاستثناء
84ـ و حد الاستثناء ما به خرج .... من الكلام بعضُ ما فيه اندرج
قوله (حد)
يعني: تعريفه.
قوله (ما به خرج من الكلام بعض ما فيه اندرج)
يعني: ما خرج به من الكلام بعض ما اندرج فيه، لكن يشترط زيادة إلا أو إحدى أخواتها.
قال تعالى:
(و العصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا)
فالذين آمنوا من الإنسان، أخرجناهم بواسطة الاستثناء.
الفائدة 174
شروط الاستثناء
ثم شرع رحمه الله في بيان شروط الاستثناء فقال:
85ـ و شرطه ألا يرى منفصلا ..... و لم يكن مستغرقا لما خلا
86ـ و النطق مع إسماع من بقربه ..... و قصده من قبل نطقه به
هذه هي شروط الاستثناء:
1ـ الشرط الأول: أن يكونَ ممن تكلم بالعموم
يعني: أن يكون المستثنى و المستثنى منه من واحد، أي: صدرا من واحد، فلو قال قائل: زوجاتي طوالق.
و عنده أبناؤه، فقال أحد الأبناء: إلا أمي.
فإنه لا يصح الاستثناء، و لو كان قاله متصلا في الحال، لأنه يشترط أن يكون المستثنى و المستثنى منه من متكلم واحد.
2ـ الشرط الثاني: ألا يكون منفصلا
فلو قال قائل: عندي لفلان مائة درهم، ثم سكت، ثم بعدئذ، بعد ساعة أو ساعتين، قال: إلا عشرة، فإنه يلزمه مائة كاملة، لأن هذا الاستثناء لا يصح، لأنه انفصل.
و كذلك لو قال: عندي لموسى مائة درهم، ثم لما قال: عندي لموسى مائة درهم، سألته: و أيش بيعكم اليوم للأشرطة؟
هل هو جيد أو لا؟
قال: و الله بعض و بعض.
قلت: فصل.
قال: الأشرطة التي تسجيلها جيد تباع، و التي تسجيلها رديء لا تباع.
قلت له: لماذا لا تجعلونها واحدة كلها طيبة من أجل أن تباع؟
قال: هكذا قيل لنا.
ثم بعد ذلك قال: إلا عشرة. فإنه يلزمه مائة، بالرغم من كون المكان واحدا، لكنه فصل بكلام أجنبي، فلم يصح الاستثناء.
تنبيه:
أما إذا كان الفصل بغير كلام أجنبي فإنه لا بأس به، و ظاهر كلام المؤلف أنه يؤثر، و لو كان متصلا بالكلام.
و الصحيح أنه لا بأس به، و الدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم لما خطب الناس في عام الفتح، و أخبر أن مكة حرام، و أنه لا يختلى خلاها، و لا يعضد شوكها،
قال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنه لبيوتهم و قَيْنَهم.
فقال صلى الله عليه و سلم: "إلا الإذخر".
فهذا استثناء منفصل، لكنه فصل بكلام لم يخرج عن الموضوع، فالصحيح أن مثل هذا لا يضر، و على كلام المؤلف يكون ضارا، فكيف يخرج الحديث من قال يقول المؤلف؟
يخرجونه على أن هذا ليس تخصيصا، و لكنه نسخ، يعني: أن الحكم نسخ فيما استثنى، و ليس هذا من باب التخصيص، و الخلاف الآن يشبه أن يكون لفظيا، أما الحكم فثابت، لكننا نقول: هذا ليس بنسخ، لأن النسخ لا بد أن يكون بدليل منفصل، و هذا لا يمكن انفصاله، لأن هذا مستثنى، و المستثنى منه إذا قلنا: بأنه نسخ صار غير موجود،
و نقول معناه: إلا الإذخر،
ما هو المستثنى منه؟
و الصواب أن هذا استثناء، و أنه لا يضر الفصل بما يتعلق بالموضوع.
إذن: شرطه ألا يرى منفصلا، و الانفصال تبين لنا بالتقرير أنه نوعان:
الأول: السكوت مع طول الفصل.
الثاني: أن يؤتى بكلام مستقل، لا علاقة له بالاستثناء، فهذا أيضا منفصل، فلا يصح فيه الاستثناء.
الشرط الثالث: و لم يكن مستغرقا لما خلا
يعني: يشترط أيضا ألا يكون المستثنى مستغرقا لما خلا، و الذي خلا هو المستثنى منه، يعني: يشترط ألا يكون المستثنى مستغرقا منه، فإن كان مستغرقا لم يصح.
مثاله:
عندي لفلان مائة إلا مائة، لا يصح، لأن الاستثناء الآن رفع الحكمَ كله عن المستثنى منه، فهذا لا يصح، و ظاهر كلام المؤلف أنه إذا لم يستغرقه صح، و لو كان المستثنى أكثر من نصف المستثنى منه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/325)
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[13 - 07 - 09, 04:56 م]ـ
زَْادَكَـ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَرَفَعَ قَدْرَكَ فِيْ الدُّنيَاْ والآخِرَةْ، أخِيْ الحَبِيْبُ،،
ـ[محمدالصغير]ــــــــ[19 - 07 - 09, 10:24 م]ـ
اثابك الله ابوهمام ولاحرمك الله الاجر
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 09, 02:18 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا إخوتي: محمد الجعبة و محمد الصغير.
نتابع بعون الله و توفيقه ...
مثاله:
عندي له مائة درهم إلا ثمانين درهما.
الآن المستثنى ثمانين من مائة، أكثر من النصف.
فعلى كلام المؤلف يكون الاستثناء صحيحا.
و قال بعض العلماء:
يشترط ألا يزيد المستثنى على نصف المستثنى منه، فإن زاد فهو باطل.
فعلى هذا الرأي إذا قلت: عندي له مائة إلا ثمانين. يلزمني مائة، لأنه لا يمكن أن يتجاوز المستثنى أكثر من نصف المستثنى منه، و لكن الصحيح ما قاله المؤلف رحمه الله.
و الذين قالوا بالصحة قالوا:
إن هذا الاستثناء صدر من رجل عاقل، فوجب أن يعتبر، و الذين قالوا إنه لا يصح. قالوا لأن اللغة العربية لا تأتي بمثل هذا التركيب، و هو خلاف البلاغة،
تقول: عندي له مائة إلا ثمانين،
لماذا لم تقل: عندي له عشرون درهما؟
يقال: و إن كان هذا ليس فصيحا في اللغة، فإنه جائز، لأنه إذا جاز: عندي له مائة إلا عشرين. جاز: عندي له مائة إلا ثمانين، و لا فرق من حيث اللفظ، فالصواب أنه يجوز الاستثناء، و لو كان المستثنى أكثر من نصف المستثنى منه.
تنبيه مهم جدا:
(التفريق بين الاستثناء من عدد و الاستثناء من وصف)
أما لو كان كل المستثنى منه فإنه لا يجوز!!
و هذا فيما إذا كان الاستثناء من عدد أو شبهه، أما إذا كان من وصف فإنه لا بأس به، و لو زاد على النصف، أو استوعب الكل.
مثاله: أكرم الطلبة إلا المهملين.
لو نظرنا إلى الطلبة كلهم لوجدناهم مهملين.
الآن: الاستثناء رفع الحكم عن المستثنى منه، صاروا كلهم مهملين، لكن نقول:
هذا يصح، لأن كلمة: إلا المهملين.
تصلح لما إذا كان المهمل واحدا من ألف، أو كل الألف، فليس نصا في أن المستثنى أكثر من نصف المستثنى منه، و لا أن المستثنى قد استوعب المستثنى منه.
و إذا قلنا: أكرم الطلبة إلا من ينعس منهم، فصاروا كلهم ينعسون، فإنه يصح الاستثناء، لأن شمول المستثنى منه ليس عن طريق الحصر و العدد، و لكنه عن طريق الوصف، و لهذا قالوا في قوله تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك) الحجر/42.
قالوا: إن هذا استثناء صحيح، و إن كان المتبعون للشيطان أكثر من المخالفين له، لكن هذا استثناء صحيح، و إن كان المتبعون للشيطان أكثر من المخالفين له، لكن هذا استثناء بالوصف.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 09, 02:27 م]ـ
سنكمل المرة القادمة بعون الله الشروط الباقية للاستثناء:
الشرط الرابع: و النطق مع إسماع من بقربه
الشرط الخامس: و قصده من قبل نطقه به
ثم ننتقل إلى ما يجوز في الشرط و الاستثناء من التقديم و التأخير، ثم ننتقل إلى مباحث المطلق و المقيد، ثم نختمها بأنواع التخصيص ...
لننهي بإذن الله باب العام و الخاص ...
و نكون قد ختمنا نصف الشرح بحمد الله .... حيث نكون فرغنا من الشريط الرابع و دخلنا في الخامس ...
لننتقل فيما بعد إلى باب المجمل و المبين إن شاء الله ...
فابقوا معنا بارك الله فيكم ...
النهاية قريبة .... بل أقرب!!!
بحمد الله
فلا تحرمونا إخوتي من مشاركاتكم و متابعاتكم و تشجيعاتكم ...
فظروفي صعبة جدا ... و أنا أحاول قدر المستطاع إتمام هذا العمل ... لكن أنا بحاجة لتشجيعاتكم ... بعد عون الله و توفيقه أولا و آخرا ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[30 - 07 - 09, 02:04 ص]ـ
الشرط الرابع: و النطق مع إسماع من بقربه
يعني: يشترط النطق، أي: أن ينطق بالاستثناء، فإن استثنى بقلبه لم ينفعه حتى ينطق، و الشرط الثاني في هذا الشرط، أن يسمعه من بقربه.
يعني: ينطق به نطقا يسمعه غيره.
مثاله:
لو قال: عندي لك مائة. و نوى إلا عشرة، نوى نية، لم ينطق. فإنه يلزمه مائة.
و لو قال: عندي له مائة، ثم قال: إلا عشرة، بلسانه فقط، و لم يسمع أحدا فإنه لا يصح، لأنه لابد أن يسمع من بقربه.
سؤال:
هذا مبني على أنه يحصل النطقُ بدون إسماع الغير أو لا؟
و ينبني على هذا مسألة في أذكار الصلاة:
هل يشترط أن الانسان يسمع نفسه أو من بقربه إذا قرأ الفاتحة؟
فيه خلاف، بعض العلماء يقولون:
لا يشترط، مادام نطق و إن لم يسمع.
و بعضهم يقولون: لا يصح.
فالاستثناء مبني على هذا، فلو قال: أنا عندي له مائة، و إني قلت: إلا عشرة.
قالوا: ما سمعنا. قال: إني قلتها. فإنه عند القاضي: يحلف، فإذا حلف صح الاستثناء.
فالصحيح أنه ليس بشرط إسماع من بقربه، و أنه إذا نطق به اللسان، كفى.
و على رأي المؤلف لا يصح، إذ لابد أن يسمع من بقربه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/326)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 09, 05:25 م]ـ
الشرط الخامس: و قصده من قبل نطقه به
أي: يشترط أن ينوي الاستثناء قبل أن يستثنى، فإن لم ينوه إلا بعد لم يصح.
مثال ذلك:
قال رجل: كل زوجاتي طوالق، فقيل له: إلا فلانة، امرأة طيبة.
قال: إلا فلانة. أو قال: كل نسائي طوالق، ثم في أثناء الكلام نوى: إلا فلانة.
بعد أن نطق بالمستثنى منه. لا يصح.
فإنه لابد أن ينويه قبل تمام المستثنى منه، هكذا ذكر المؤلف، و الصحيح أنه لا يشترط، و أن الانسان لو استثنى و لو بعد أن انتهى الكلام مادام متصلا فإنه يصح، و يدل لهذا قصة سليمان عليه السلام حيث قال:
و الله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل واحدة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله.
فقال له الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل: إن شاء الله ـ لا استكبارا، و لكن تحقيقا لما يريد ـ فطاف على تسعين امرأة، فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة شق إنسان! ـ نصف واحد ـ إشارة إلى أن المشيئة مشيئة الله، و لذلك قال الله لرسوله:
(و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا (23) إلا أن يشاء الله) /الكهف 23 ـ 24.
ظاهر الحديث، بل سيرُ الحديث، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (لو قال: إن شاء الله. لم يحنث).
يعني لولد له تسعون غلاما، يقاتلون في سبيل الله، و كان دركا لحاجته، مع أنه لم ينو إلا بعد أن قيل له.
فالصواب إذن:
أنه إذا نوى الاستثناء بعد فراغه من المستثنى منه فهو صحيح، ما لم يطل الفصل، أو يتشاغل بغيره، مما لا علاقة له بالموضوع.
فائدة!
نحن الآن دائما نقول للناس:
هل يوجد درس غدا؟ فيقال: نعم.
فهل هذا من المنهي عنه؟
قال تعالى: (و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا (23) إلا أن يشاء الله). يعني قال: سنقرأ غدا.
و لم يقل: إن شاء الله.
نقول:
إن كان هذا خبرا عما في نفسه فليس بمنهي عنه، و إن كان يراد أنه سيفعل، يعني: سيقع الفعل، فهذا منهي عنه، و لهذا جاء في الآية: (إني فاعل ذلك غدا).
أما إذا قصدت الإخبار فقط، تخبر عما في قلبك فهذا لا بأس به، و إن لم يقل: إن شاء الله.
فأما أن يقع الفعل فلابد أن نقول: إن شاء الله.
لأنك لا تدري أيحال بينك و بين الفعل أم لا، أما ما أخبرت به عن نفسك من العزيمة فهذا وقع الآن، فانتبهوا للفرق!!!
الفائدة 184
87ـ و الأصل فيه أن مستثناه ... من جنسه و جاز من سواهُ
يقول المؤلف رحمه الله:
الأصل في الاستثناء أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، فنقول: قام القوم إلا زيدا، و زيد من القوم، و قد يجوز من غيره كأن نقول:
قدم القوم إلا حمارا "البهيمة المعروفة" يجوز هذا، و يسمى الاستثناء من غير الجنس استثناء منقطعا، و علامته أن يحل محل "إلا" لكن، و هذا يسمى استثناء صورة، و إلا في الحقيقة أنه ليس باستثناء، مثل قوله تعالى: (لست عليهم بمسيطر (22) إلا من تولى و كفر) الغاشية/22ـ23.
فهنا الاستثناء من غير المستثنى منه.
لو قلنا: إن المستثنى من جنس المستثنى منه لكان المعنى: إلا من تولى و كفر فأنت مسيطر عليهم، و ليس الأمر كذلك.
إذن: الاستثناء منقطع، و لهذا نقول: إن تقدير الآية الكريمة: لست عليهم بمسيطر، لكن من تولى و كفر، فيعذبه الله العذاب الأكبر.
و قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن باليمان) /النحل:106.
هذا متصل، لأن الكافر يكون مُكرها، و يكون غير مكره، و كلامنا الآن في هذا و هذا.
الفائدة 185
ثم قال المؤلف رحمه الله:
88ـ و جاز أن يقدم المستثنى ... و الشرط أيضا لظهور المعنى
يعني: جاز أن يقدم المستثنى على المستثنى منه، فنقول: قام إلا زيدا القومُ.
و ربما نقول منه قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فأولئك عليهم غضب)
فإن قوله: (إلا من أكره) محله إذا جاء بالترتيب بعد قوله: (فأولئك عليهم غضب).
الفائدة 186
و الخلاصة الآن:
أنه يجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، و كذلك أيضا الشرطُ لظهور المعنى، نقول: إن اجتهد الطلبة فأكرمهم، و نقول: أكرم الطلبة إن اجتهدوا فهنا إكرام مقيد بالجتهاد، سواء قدمتَ الشرط، أو أخرت الشرط، لا فرق، كله يدل على التخصيص.
الفائدة 187
أنواع التخصيص:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/327)
1ـ الشرط.
2ـ الاستثناء من شرطه أن يكون متصلا و لا مستغرقا للمستثنى منه (في العدد).
3ـ الوصف فيجوز أن يكون شاملا للمستثنى منه.
المطلق و المقيد
الفائدة 188
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
89ـ و يُحْمَلُ المُطْلَقُ مهما وُجدا ... على الذي بالوصفِ منه قُيِّدَا
90ـ فمُطْلَقُ التحريرِ في الأَيْمَان .... مُقَيَّدٌ في القتل بالإِيمَانِ
91ـ فيُحْمَلُ المطلقُ في التحريرِ ... على الذي قُيِّدَ في التكفيرِ
يعني:
يريد رحمه الله أنه إذا ورد مطلق و مقيد فإننا نقيد المطلق بالمقيد، سواء كان ذلك في محل واحد أو في محلين، فمثلا إذا قال: إذا حنثت في يمينك فأعتق رقبة.
ثم جاء نص آخر: من حنث في يمينه فليعتق رقبة مؤمنة، فإننا نقيد المطلق، لأن السبب واحد و الحكم واحد،
1ـو إذا كان السبب واحدا، و الحكم واحدا قيد المطلق بالمقيد بالاتفاق.
الفائدة 189
أما إذا لم يختلف السبب، و اختلف الحكم فهل نقيد هذا بهذا أم لا؟
مثاله:
وضوء و تيمم سببهما الحدثُ، في آية الوضوء، قال الله تعالى:
(و أيديكم إلى المرافق) المائدة:6.
و في آية التيمم قال: (و أيديكم منه) و لم يقل: إلى المرافق، فهل نقيد المطلق بالمقيد؟
الجواب:
لا، لأن الحكم مختلف، و إن كان السبب واحدا.
و لهذا كان القول الصحيح أن التيمم يكفي تطهير الكفين فقط، لا إلى المرفقين.
إذن الثاني:2ـ إذا اتفق السبب، و اختلف الحكم فلا يقيد.
و الثالث: 3ـ إذا اختلف السبب، و اتفق الحكم فهل يقيد أم لا؟ الجواب: يقيد.
مثال ذلك:
ما أشار إليه المؤلف، تقييد عتق الرقبة بالايمان ثابت في كفارة القتل حيث قال تعالى: (فدية مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة مؤمنة) النساء / 92.
و في كفارة اليمين قال تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة) المائدة / 89.
سؤال:
فهل نقيد الرقبة بالإيمان في كفارة الأيمان، كما قيدت به في كفارة القتل أم لا؟
يقول المؤلف: نعم، يقيد، لأن الحكم واحد، فإذا كان الحكم واحدا فإنه يحمل المطلق على المقيد،
فنقول: أعتق في كفارة اليمين رقبة مؤمنة.
الفائدة 190
بقي عندنا الآن القسم الرابع:
4ـ و هو إذا اختلف السبب و الحكم فإنه لا يقيد به قولا واحدا.
مثاله:
قال النبي صلى الله عليه و سلم:
(من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه).
و قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار).
هل نقيد ما أسفل من الكعبين بكونه خيلاء، أو لا نقيد؟
الجواب: لا نقيد، لأن السبب مختلف و الحكم مختلف.
أما السبب فيمن يعذب بالنار فهو تنزيل الثوب إلى أسفل من الكعبين، عقوبته أن يعذب بالنار ما كان محاذيا لما فيه المخالفة، و هو ما تحت الكعبين، و الأول:
(من جر ثوبه خيلاء).
فهنا السبب جر الثوب خيلاء، يصل إلى الأرض، و هو خيلاء أيضا، و العقوبة "الحكم" مختلفة فإن الله لا ينظر إليه، و لا يزكيه، و لا يكلمه، و له عذاب أليم.
قال صلى الله عليه و سلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، و لا يزكيهم، و لا ينظر إليهم، و لهم عذاب أليم، المسبل و المنان و المنفق سلعته بالحلف الكاذب).
هنا قال: المسبل. ولم يقل: خيلاء. هل نقيده بكونه خيلاء؟
الجواب: نعم، لأن الحكم واحد فيقيد.
(هنا ينتهي الشريط الرابع بحمد الله!!)
نشرع الآن في الشريط الخامس بعون الله:
الفائدة 191
فصار الآن المخالفة في التقييد والإطلاق تنقسم إلى أربعة أقسام:
ـ اتفق السبب و الحكم
ـ السبب دون الحكم.
ـ الحكم دون السبب.
ـ السبب و الحكم اختلفا.
1ـ فيقيد المطلق بالمقيد فيما إذا اتفق السبب و الحكم قولا واحدا.
2ـ و لا يقيد فيما إذا اختلف السبب و الحكم قولا واحدا.
3ـ فإذا اتفق السبب دون الحكم فلا يقيد به على القول الراجح، و قيل: يقيد.
4ـ و إن اختلف السبب، و اتفق الحكم فإنه يقيد به، و الأمثلة عرفتموها!!
الفائدة 192
و قوله رحمه الله: (هما وجدا).
يعني: سواء تقدم المطلق على المقيد، أو تأخر عن المقيد، كل يُقَيَّدُ به.
فإن قال قائل: نقضتم هذه القاعدة، ففي حديث عبد الله بن عمر مرفوعا، لما سئل النبي صلى الله عليه و سلم ماذا يلبس المحرم؟
قال: (من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، و ليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين) و هذا في المدينة قبل أن يسافر إلى مكة، و في خطبة عرفة قال: (من لم يجد النعلين فليلبس الخفين) و لم يذكر القطع.
فهل نحمل المطلق على المقيد، لأن الحكم واحد الآن، و السبب واحد؟
السبب الإحرام يمنع لبس الخفين، و الحكم واحد، و هو لبس الخفين لمن لم يجد النعلين.
اختلف العلماء، فقال بعضهم:
1ـ لابد من القطع حملا للمطلق على المقيد، لأن القاعدة إذا اتفق السبب و الحكم وجب حمل المطلق على المقيد.
2ـ و قال آخرون: لا يجب، و إن هذا من باب النسخ، لأن حديث ابن عباس متأخر، و لأن حديث ابن عمر قبل أن يسافر من المدينة إلى مكة، و هذا في عرفة، و أيضا الوقوف بعرفة، يسمع كلام النبي صلى الله عليه و سلم عالم لا يتصور، و حديث ابن عمر الذين سمعوه هم أهل المدينة فقط، فإذا كان النبي صلى الله عليه و سلم أطلق الإباحة بدون قطع في عرفة مع كثرة الحجيج و عدم سماعهم و تأخر الحديث، كل ذلك يدل على أن التقييد منسوخ،
ـ و هذا القول أفقه من القول الأول!!
ـ و القول الأول له مستند!، و الله الموفق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/328)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 09, 05:35 م]ـ
أقسام التخصيص
الفائدة 193
92ـ ثم الكتاب بالكتاب خصصوا ... و سنةٌ بسنة تخصصُ
الآن لما ذكر المؤلف التخصيص، و هو إخراج بعض أفراد العام، ذكر ما يحصل به التخصيص، فالتخصيص يحصل بالآتي:
1ـ تخصيص الكتاب بالكتاب:
يعني القرآن بالقرآن، تأتي آية عامة، ثم تخصص بالقرآن.
مثال ذلك:
قول الله تبارك و تعالى: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) ظاهر الآية العموم، و أنها تشمل كل مطلقة، ثم قال عز و جل: (و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)
فتكون الآية السابقة مخصصة بقوله (و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن).
تخصص الآية الأولى بالثانية، و إن كان هذا مثالا لما بينهما عموم و خصوص من وجه.
الفائدة 194
2ـ تخصيص السنة بالسنة:
قوله رحمه الله: (و سنة بسنة تخصص)
يعني: و السنة أيضا تخصصها السنة، يعني: يرد لفظ عام في السنة، ثم يأتي لفظ خاص يخصصه.
مثال ذلك:
قوله صلى الله عليه و سلم: (فيما سقت السماء العُشُر).
فهذا لفظ عام في الكمية، و في النوعية.
في الكمية: يعني قليلا كان أو كثيرا.
و في النوعية: يعني ثمرا كان، أو بطيخا، أو أي شيء.
ثم يأتي حديث آخر يخصص هذا، قال صلى الله عليه و سلم:
(ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)
خصص الآن، فأخرج ما دون الخمسة ليس فيه زكاة، و ما دون الخمسة سقته السماء، لكن ليس فيه زكاة، لأنه دون النصاب، فهذا تخصيص سنة سنة.
و كذلك في النوعية، الحديث الثاني خصص الأول، لأن قوله صلى الله عليه و سلم: (أوسق).
تفيد أنه لا زكاة إلا فيما يوسق، و التوسيق التحميل، يعني: فيما يكال، و يوسق على الإبل، و البطيخ و شبهه ليس كذلك، فيكون أيضا مخصصا للنوع.
فكما رأيتم فإن تخصيص القرآن بالقرآن واضح، و تخصيص السنة بالسنة أيضا واضح، لأنها تخصيص للدليل بمثله.
الفائدة 195
93ـ و خصصوا بالسنة الكتابا .... و عكسه استعمل يكن صوابا
3ـ تخصيص الكتاب بالسنة:
قوله (و خصصوا بالسنة الكتابَ)
المخصص هو السنة، فهي قد خصصت الكتاب، مثال ذلك: قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء/11.
و قال تعالى: (و لكم نصف ما ترك أزواجكم) النساء /12.
يعني: إذا ماتت المرأة، و لها زوج فله النصف، هذا عام، يشمل الموافق في الدين و المخالف، لكن قال النبي صلى الله عليه و سلم: (لا يرث المسلم الكافر، و لا الكافر المسلم).
إذن، هذه السنةُ خصصت القرآن.
فإن قيل: كيف خصصت السنة القرآن، و هي دونه؟
فيقال: أما قولك: و هي دونه. فهذا فيه تفصيل:
أولا: إن أردت و هي دونه في الثبوت، فهذا حق، لأن القرآن كله متواتر، و السنة فيها المتواتر و الآحاد و الصحيح و الضعيف، لكن إذا ثبتت عن النبي صلى الله عليه و سلم فإنها تكون مثل القرآن في إثبات الأحكام.
إذن قولك: و هي دونه، ليس على إطلاقه.
ثانيا: إن أردت أيضا: و هي دونه بحسب المتكلم بها، فهو صحيح، لكن من حيث الحكم الذي هو محط البحث، فهما سواء، فما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو كالذي في القرآن تماما، و لا يجوز التفريق بينهما، و قد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من هذا، أي من كون الانسان لا يعمل بما في السنة في قوله: (يوشك أن يكون أحدكم متكئا على أريكته ـ أنظر الهيئة الآن ـ متكئا على أريكته ـ يعني: سرير و عليه قبة و مفخم، و هو متكئ ـ يأتيه الأمر من أمري ـ حديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم، و هو متكئ على أريكته ـ فيقول:
لا ندري ما وجدنا في القرآن اتبعناه ـ كبرياء، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ألا و إني أوتيت القرآن و مثله معه)
فنقول إذن: ما صح في السنة فكما جاء في القرآن من حيث ثبوت الأحكام، و إذا كنت لا يمكن أن نكذب الرسول صلى الله عليه و سلم فيما أخبر به فلا يمكن أن ننكر حكمه الذي حكم به، هما سواء، إذن القرآن يخصص بالسنة، و مثاله قد سبق.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 09, 05:41 م]ـ
الفائدة 196
4ـ تخصيص السنة بالقرآن:
قوله رحمه الله (و عكسه استعمل يكن صوابا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/329)
عكسه يعني به رحمه الله: تخصيص السنة بالقرآن، و هذا قليل جدا، و قد مثلوا له بقول النبي صلى الله عليه و سلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و يقيموا الصلاة، و يؤتوا الزكاة).
هذا عام: (أن أقاتل الناس).
كل الناس، النصارى و اليهود و المشركين و الملحدين، و لكن هذا مخصص بالقرآن، لقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرّمون ما حرّم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون) التوبة /29.
و لم يقل: حتى يشهدوا ألا إله إلا الله.
إذن هذه الآية خصصت الحديث.
مثال آخر:
كان من جملة الشروط بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين قريش في الحديبية أن من جاء منهم مسلما رده الرسول صلى الله عليه و سلم إليهم.
و هذا يشمل الرجال و النساء فأنزل الله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهم فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) الممتحنة /10.
إذن الآية خصصت النساء، فالنساء لا يدخلن في الشرط.
فائدة:
و في هذا المثال دليل على أنه إذا تبين أن الشرط فاسد وجب إلغاؤه، وجهه أن الله أبطل هذا الشرط بالنسبة للنساء، فإذا قيل:
قد اتفقنا في العقد على هذا، قلنا: قضاء الله أحق، و شرط الله أوفى.
الفائدة 197
94ـ و الذكرُ بالاجماع مخصوص كما .. قد خُصَّ بالقياس كل منهما
قوله (الذكر):
المراد به القرآن، كما قال تعالى: (و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس) النحل / 44. فالذكر اسم من أسماء القرآن.
فالذكر مخصوص بالاجماع بمعنى أن الأمة إذا أجمعت على شيء فإنها تخصص عموم القرآن، و لقد مثل بعضهم لذلك بآيات المواريث، مع كون المملوك لا يرث، قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء /11.
فهذا رجل مات و له أولاد، أحدهم رقيق، هل يرث هذا الترقيق؟
على ظاهر الآية يرث، لأنه من الأولاد فيرث، لكن بالإجماع أنه لا يرث، يقول بعض العلماء: إن هذا خصص الآية.
فيقال: ليس هذا صحيح، عموم الآية، لم يدخل فيه أصلا المملوك، لأن الله قال: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).
و اللام للتمليك، و المملوك لا يملك، و الدليل أن المملوك لا يملك قول النبي صلى الله عليه و سلم:
(من باع عبدا و له مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع)
فإذا ورثنا المملوك صار الميراث لسيده، و هو أجنبي من الميت.
إذن نقول لمن ادعى أن الاجماع خصص الآية نقول:
هذا خطأ، فالآية نفسها لم تدخل المملوك، و الدليل قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين).
فاللام للتمليك.
و لم أعلم إلى ساعتي هذه أن شيئا من الكتاب و السنة خُص بالاجماع، و كما أنني لا أعلم ذلك بالتتبع، فهو أيضا هو المعقول أنه لا يمكن أن يخصص الكتاب و السنة بالإجماع، لأن الإجماع لابد له من مستند، فيكون المخصص للقرآن هو هذا المستند و ليس الإجماع، و لا يمكن أن تجمع الأمة على غير دليل، فالإجماع دليل على الدليل، و ليس دليلا بلا دليل.
فإذا ادعى مدع مثلا أنه أتى بإجماع خصص القرآن و السنة،
نقول: هذا لا يمكن، و هاتوا مثالا صحيحا، و هذا لا يمكن بالتتبع، و لا يمكن أيضا من حيث النظر، لأنه لا يمكن إجماع إلا على دليل من القرآن أو السنة لكن قد يخفى الدليل،
كيف اختفاء الدليل؟؟
يكون اختفاء الدليل من تصرف بعض الناس، يقول:
يحرم كذا بالإجماع، و الدليبل موجود، لكن لا يأتي بالدليل، ثم بعد ذلك مع طول الزمن، و تناقل العلماء بعضهم من بعض ينسى الدليل.
الفائدة 198
قوله رحمه الله (كما خص بالقياس كل منهما)
فالقياس أيضا يخصص القرآن و السنة.
مثاله:
قوله تعالى (و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثماندين جلدة) النور.
و قال الله تبارك و تعالى: (الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مِائَةَ جلدة)
قوله تعالى: (الزانية) يشمل الحرة و الأَمَة.
و قوله تعالى: (و الزاني) يشمل الحر و العبد، لكن الأول "الزانية" خُص بقوله تعالى: (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصفُ ما على المحصنات من العذاب) النساء/25.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/330)
إذن خص القرآن بالقرآن، و هذا المثال أحسن من المثال الذي ذكرنا للمطلقات الحُيَّضِ و الحواملِ.
و الزاني إذا كان عبدا فإنهم يقولون: نجلده خمسين جلدة، قياسا على الأمة التي قال الله فيها: (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)
فيقاس هذا على هذا.
و هذه المسألة قد يقال: إن القياس صحيح، يعني التخصيص، و قد يقال: إن الأولى أن يبقى العام على عمومه، و لا يخصص، لأن دلالة اللفظ على أفراده دلالة لفظية، بمقتضى لغة الشارع، و القياس دلالته عقلية، فكل القياس دلالته عقلية، و الدلالاة اللفظية من الشارع مقدمة، و حينئذ نقول:
إن الزاني إذا زنى، و إن كان عبدا، فإنه يجلد مائة جلدة.
الفائدة 199
فصار الآن أقسام التخصيص كالآتي:
أولا: تخصيص الكتاب بالكتاب.
ثانيا: القرآن يخصص بالسنة.
ثالثا: السنة تخصص بالسنة.
رابعا: السنة تخصص بالقرآن.
خامسا: القرآن و السنة يخصصان بالإجماع، و هذا على كلام المؤلف نعم، و على رأينا لا.
سادسا: القرآن و السنة يخصصان بالقياس، و هذا نعم على رأي المؤلف، و على رأينا فيه نظر، و الله أعلم.
الفائدة 200
فائدة طيبة جدا و مهمة!!
قال تعالى: (حرمت عليكم الميتة و الدم) المائدة /3.
و قال تعالى: (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) الأنعام /145.
هل هذا من باب التخصيص و التعميم، أم من باب التقييد؟
الجواب:
أن هذا من باب التخصيص و التعميم، لأن الدم مفرد محلى ب (أل)، فيكون عاما، و (أل) إذا وردت، هل تحمل على العموم، أم على الحقيقة؟
فيه خلاف، و الصحيح أنها للعموم، و على هذا فيكون من باب التخصيص، و يخصص قوله: الدم، بأن يكون مسفوحا!.
و إذا أردت أن تجعله للإطلاق، فقل:
(أل) فيه لبيان الحقيقة، و ليست للعموم.
............................................ يتبع بعون الله.
أحبتي في الله ...
أتممنا بحمد الله باب العام و الخاص و المطلق و المقيد و أنواع التخصيص ....
و خرجنا بحمد الله من الشريط الرابع!! ....
و شرعنا في الشريط الخامس!!!
ألا يجدر بنا إخوتي أن نواصل المسير، و نكمل السعي و السير ....
فقد انتصف الطريق ...
فأين ذاك الفريق؟؟؟ ....
و قد بدأ العد التنازلي، و الأبواب القادمة، ستنقضي بسرعة البرق، فكلها بإذن الله أقل بكثير من باب العام و الخاص!! ...
و كلها سهلة يسيرة إن شاء الله ...
و سأرفع قريبا بإذن الله أسئلة للمذاكرة في باب العام و الخاص، ثم أتبعها بملخص شامل على الطريقة السابقة، يعني بالسؤال و الجواب، في التعاريف و التقاسيم و الفروق ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 09, 06:12 م]ـ
فقط أرجو من إخوتي الذين فهموا فائدة الشيخ الأخيرة أعني الفائدة 200، أن يفيدوني بشرح أوضح و أيسر لها، فإنه لم يتضح لي جليا بعض كلام الشيخ؟؟
فقد قال الشيخ أن في المراد من (أل) خلاف، هل هي للحقيقة أم للعموم؟
فأما القول بالعموم فقد فهمته، و أن الآية الثانية تخصص عموم الدم بالدم المسفوح، فرفعت و أخرجت أفراده و بقي الدم المسفوح و هذا واضح.
أما على القول الثاني:
أي أن المراد من (أل) الحقيقة، يعني يقصد بها الإطلاق؟
هل يقصد الشيخ بذلك، مطلق الدم، يعني حرم علينا مطلق الدم،كيف ذلك؟ غير واضح،
لأن الذي فهمته، أن المطلق يعم أفراده على سبيل البدل، بمعنى: حرم عليكم مطلق الدم، أي دم، و هذا على سبيل البدل، إذا تعين فرد من أفراده، رفع الباقي، فهل فهمي هذا صحيح؟
و قال بأن الآية الثانية قيدت ذلك الإطلاق بالدم المسفوح؟.
أرجو من إخوتي الأفاضل مزيد توضيح؟؟
بارك الله فيكم جميعا ...
نلتقي في باب المجمل و المبين في تتمة الشريط الخامس إن شاء الله ...
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[08 - 08 - 09, 05:06 م]ـ
الفائدة 199
فصار الآن أقسام التخصيص كالآتي:
أولا: تخصيص الكتاب بالكتاب.
ثانيا: القرآن يخصص بالسنة.
ثالثا: السنة تخصص بالسنة.
رابعا: السنة تخصص بالقرآن.
خامسا: القرآن و السنة يخصصان بالإجماع، و هذا على كلام المؤلف نعم، و على رأينا لا.
سادسا: القرآن و السنة يخصصان بالقياس، و هذا نعم على رأي المؤلف، و على رأينا فيه نظر، و الله أعلم.
ذكر الشيخ عياض بن نامي السلمي في شرحه على الورقات مثالا لتخصيص القرآن بالإجماع، وهو قول الله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
أن الآية مخصصة بالإجماع على أن ذلك للأخ والأخت للأم وليس للشقيق.
فما رأي الإخوة الفضلاء؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/331)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[09 - 08 - 09, 01:57 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا بكر التونسي على المتابعة و الإضافة الطيبة ...
سأبحث لك أخي هذه المسألة ...
و إن كان واضحا من كلام الشيخ العثيمين رحمه الله، أنه ما من إجماع إلا و وراءه دليل من النص، بمعنى أن التخصيص يرجع دائما إلى النص و إلى الدليل ....
فالاجماع لا يمكن أن ينعقد إلا بالدليل الشرعي الصحيح .... و الله أعلم.
و سنبحث أكثر في المسألة ...
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[10 - 08 - 09, 01:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا بكر التونسي على المتابعة و الإضافة الطيبة ...
وإياك جاري العزيز، وأنا معكم متابع إن شاء الله وفي انتظار البقية الباقية
و إن كان واضحا من كلام الشيخ العثيمين رحمه الله، أنه ما من إجماع إلا و وراءه دليل من النص، بمعنى أن التخصيص يرجع دائما إلى النص و إلى الدليل ....
فالاجماع لا يمكن أن ينعقد إلا بالدليل الشرعي الصحيح .... و الله أعلم.
الذي فهمته، وأرجو أن أصوب، أن الإجماع في حد ذاته دليل، ومستنده دليل من الكتاب أو السنة إلا أنه قد يخفى عن أهل عصر ما بعد المجمعين لأسباب فيكون الإجماع بذلك علما على وجود نص في المسألة وإن لم نعلم به ... ومعنى ذلك أنه ليس لنا أن نرد إجماعا بدعوى أننا لا نعلم دليلا من الكتاب والسنة في المسألة.
و سنبحث أكثر في المسألة ...
جزاكم الله خيرا
بارك الله فيك وفتح عليك
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[12 - 08 - 09, 01:35 م]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ...
أولا جزاك الله كل خير أخي أبا بكر التونسي، فلقد حفزتني و شجعتني لأبحث في مسألة القول بتخصيص القرآن و السنة بالإجماع، و قد جمعت لكم هنا نقولات طيبة في المسألة من عدة كتب، كما أنني سألت أحد مشايخ الجزائر الفضلاء و هو متخرج من الجامعة الاسلامية بالمدينة ....
أولا:
أما الكتب فهي:
ـ إرشاد الفحول للمحقق الشوكاني
ـ مذكرة الامام الشنقيطي في أصول الفقه،
ـ تيسير الوصول إلى قواعد الأصول و معاقد الفصول للشيخ عبد الله الفوزان،
ـ الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول للشيخ محمد علي فركوس و أصل الكتاب للإمام القسنطيني الجزائري عبد الحميد بن باديس رحمه الله.
1ـ يقول الشوكاني رحمه الله في الباب الرابع (الخاص و التخصيص و الخصوص) في المسألة الخامسة و العشرين:
(في التخصيص بالإجماع قال الآمدي: لا أعرف فيه خلافا،و كذلك حكى الإجماع على جواز التخصيص بالإجماع الأستاذُ أبو منصور، قال: و معناه أن يعلم بالإجماع لا بنفس الإجماع، و قال ابن القشيري: إن من خالف في التخصيص بدليل العقل يخالف هنا، و قال القرافي: الإجماع أقوى من النص الخاص لأن النص يحتمل نسخه و الإجماع لا ينسخ لأنه إنما ينعقد بعد انقطاع الوحي، و جعل الصيرفي من أمثلته: قوله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) قال: و أجمعوا على أنه لا جمعة على عبد و لا امرأة، و مثله ابن حزم بقوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون) و اتفقت الأمة على أنهم لو بذلوا فلسا أو فلسين لم يجز بذلك حقن دمائهم قال و الجزية بالألف فعلمنا أنه أراد جزية معلومة، و مثله ابن الحاجب بآية حد القذف و بالإجماع على التصنيف للعبد،
و الحق أن المخصِّصَ هو دليل الإجماع لا نفس الإجماع كما تقدم.) اهـ من إرشاد الفحول / ص 240ـ دار الكتب العلمية.
2ـ و قال العلامة الشنقيطي في مذكرته في أصول الفقه، في معرض ذكره للمخصصات المنفصلة و هي ثمانية، فذكر الحس و العقل ثم الإجماع فقال:
(الإجماع: و مثل له بعضهم بإجماع المسلمين: على أن الأخت من الرضاع لا تحل بملك اليمين، فيلزم تخصيص: (أو ما ملكت أيمانكم) المؤمنون/6.
و الإجماع في الحقيقة هنا إنما يدل على مستند للتخصيص، فمستند هذا الإجماع الذي ذكرنا هو قوله تعالى "و أخواتكم من الرضاعة"النساء/23.)
اهـ كلام الشيخ في المذكرة ص 210/ دار العلوم و الحكم.
3ـ و يقول الشيخ عبد الله الفوزان في تيسير الوصول، في معرض شرحه للمخصصات التسعة، فذكر الحس و العقل ثم الإجماع فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/332)
(قوله "الإجماع" هذا الثالث، و ذلك لأنه دليل قاطع، و العام دليل ظاهر يفيد ثبوت الحكم لكل فرد من أفراد العام بطريق الظهور لا بطريق القطع، فإذا اجتمع القاطع و الظاهر كان القاطع مقدما.
قوله "و الحق أنه ليس بمخصص بل دال على وجوده" أي لأن الإجماع لابد أن يستند إلى دليل، فيكون المخصص للعام هو هذا الدليل، و الإجماع دليل على وجوده.
و من أمثلة ذلك قوله تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) الجمعة/9.
فإنهم أجمعوا على أنه لا جمعة على عبد و لا امرأة.).
اهـ كلام الشيخ في تيسير الوصول ص 200/ دار ابن الجوزي.
4ـ و يقول الشيخ الدكتور محمد علي فركوس في شرحه على كتاب مبادئ الأصول للعلامة ابن باديس رحمه الله:
(كما يجوز تخصيصه بالإجماع لوقوعه، كتخصيص قوله تعالى "أو ما ملكت أيمانهم" بتحريم المملوكة إن كانت أختا من الرضاع) اهـ من الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول ص 130/ دار الرغائب و النفائس ـ الجزائر.
و لم يتناول الشيخ فركوس هنا المسألة بالتفصيل، و لكن تناولها بلاشك في كتبه الأخرى و أشرطته، فله عناية فائقة بأصول الفقه، وشرحه هذا مختصر و هو تعليقات جيدة و نافعة جدا.
ثانيا:
أحببت أن أفيد إخوتي هنا بجواب لأحد المشايخ الفضلاء بالجزائر، و قد سألته عن اختلاف العلماء في التخصيص بالإجماع، هل هو بذاته أم بمستنده ودليله فقال فيما معناه:
(أن الخلاف لفظي، فالإجماع في الحقيقة لا يمكن أن ينعقد إلا بمستند شرعي، و الأولى أن يقال أن الإجماع دليل على وجود الدليل و ليس دليلا بنفسه، و دليل الإجماع قد يعلم و قد يخفى، و لكن الإجماع يخصص في كلا الحالتين، لأجل مستنده لا لذاته، و إلا صار كالتصويت في عصرنا الحاضر ….!!)
و أعتذر إن خانتني العبارة، فالشيخ صاغ الجواب بأحسن عبارة و تعبير علمي دقيق، و ما قرأتموه إنما هو من إنشائي و ما علق بذاكرتي.
إذن فالخلاصة:
أن الخلاف لفظي فقط، فمن العلماء من يفضل التعبير عن المسألة بتخصيص الإجماع للقرآن و السنة بنفسه و اعتباره دليلا، و يفضل آخرون التعبير عنه بتخصيص الإجماع بمستنده و ليس بذاته لأن الإجماع لا يحصل إلا بمستند، فمرد التخصيص إذن إلى المستند و ليس إلى الإجماع نفسه، و هذا ما اختاره الشيخ العثيمين رحمه الله و الإمام الشوكاني و الشنقيطي و غيرهم.
و لكن في الأخير الإجماع يخصص عند الفريقين جميعا، فالخلاف لفظي فقط.
هذه مجرد مباحثة إخوتي الكرام، و نرجو التوجيه من أساتذتنا الكرام.
و الله أعلى و أعلم ....
بارك الله فيكم جميعا ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[14 - 08 - 09, 01:59 م]ـ
فتح الله عليك أبا همام وجزاك الله خيرا على هذا المجهود الطيب
والخلاف كما ذكرت لا يعدو أن يكون لفظيا على ما يظهر والله أعلم
أرجو أن تواصل في سير هذا المذاكرة الطيبة وأنا، إن شاء الله، أنشط لإضافة بعض الفوائد والنكت التي استفدتها من الشروح الأخرى للمتن.
وفقني الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[14 - 08 - 09, 05:57 م]ـ
بارك الله فيكم أخي المفضال أبا بكر، و مرحبا بأهل تونس الخضراء، و لعل تاريخكم المجيد بجامع الزيتونة العريق، يحفزكم أكثر لاسترجاع ذلك المجد التليد ....
و من يدري؟؟؟
لعل الله يبعث فيه الروح من جديد ....
اللهم بارك في تونس و أهلها، و ارفع بهم راية الإسلام عالية .... اللهم آمين ....
بانتظار مشاركاتك النافعة أخي أبا بكر ....
و سأكمل قريبا الأبواب المتبقية بإذن الله تعالى ...
لندخل في المذاكرة و تلخيص كل ما مضى بالسؤال و الجواب و السرد كذلك إن شاء الله، و بأسلوب شيق إن شاء الله و غير ممل ....
و ننتظر تعقيب و توجيه أساتذتنا الأماجد أمثال الشيخ البوني الشنقيطي و الشيخ عصام البشير و الشيخ أبي مالك العوضي و الشيخ أبي فهر السلفي و غيرهم كثير إن شاء الله ...
وفق الله الجميع ...
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[15 - 08 - 09, 08:09 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا همام وأحسن إليك، وأسأل الله أن يتقبل دعاءك فالغربة هنا شديدة وليس الخبر كالمعيانة وإخوانكم في كرب وبلاء لا يعلمه إلا الله فأسأله تبارك وتعالى أن يعجل لنا بفرجه. آمين
وأول الفوائد: طريقتان رئيسيتان في التصنيف في أصول الفقه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/333)
الطريقة الأولى هي طريقة المتكلمين أو الشافعية: وهي طريقة تعتمد على تحرير القاعدة الأصولية ومحاولة الاستدلال عليها بالقرآن أو بالسنة أو بدليل عقلي أو بكلام العرب إذا كانت القاعدة لغوية.
ويؤخذ على هذه الطريقة أنها لا تنظر إلى الفروع فقد ترى أحيانا القاعدة الأصولية المحررة على هذه الطريقة تخالف فروع المذهب.
ومما صنف على هذه الطريقة "البرهان" لإمام الحرمين يعد من أوائل هذه الكتب وكتاب "المستصفى" للغزالي.
وأما الطريقة الثانية: فهي التي تسمى طريقة الحنفية أو طريقة الفقهاء، فهؤلاء يحررون القواعد من خلال فتاوى أئمتهم؛ لأن الذين كتبوا على هذه الطريقة وبدأوا الكتابة بهذه الطريقة هم من الحنفية, وهم ينظرون في فتاوى الأئمة الكبار منهم كأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن ثم يحاولون أن يضعوا قاعدة أصولية، ويقولون هذه القاعدة الأصولية هي الصحيحة وهي رأي أئمتنا.
وبعد أن يحرروا أن هذا هو رأي الأئمة يرجعون ويقولون نحن نستدل عليها أيضا ونبطل ما يخالفها, قد يقيمون الدليل عليها بقرآن أو بسنة أو بفعل صحابي أو بقول صحابي أو بفعل الرسول-صلى الله عليه وسلم- أو بإجماع الصحابة أو بكلام العرب. وهذا هو ما يؤخذ على هذه الطريقة لما في ذلك من تقليد الأئمة إذ قد يصادم رأي الإمام حديثا صحيحا أو سنة ثابتة ...
ومما صنف على هذه الطريقة "أصول السرخسي" وكتاب "أصول البزدوي" وكتاب "أصول الشاشي" وهو شاشي آخر غير الشاشي الشافعي، و كتاب "تأسيس النظر" لأبي زيد الدبوسي وهذه الكتب كلها مطبوعة وموجودة وبعضها عليه شروح.
بعد هذا وجد من حاول أن يجمع بين الطريقتين ومن حاول أن يتوسع ولا يقتصر على مذهب واحد ثم تتالى التأليف وتوالى, وأكثر المؤلفات فيه على الطريقة الأولى لكنهم أيضا مع تأليفهم على الطريقة الأولى لم يلبثوا أن أدخلوا مع الأصول شيئا من الفروع الفقهية التي تعد ثمرة له في بعض الأحيان، مثل الكتب المطولة الكبيرة ككتاب مثلا "البحر المحيط" للزركشي وكتاب "شرح الكوكب المنير" لابن النجار الحنبلي, هذه الكتب كتب مطولة في أصول الفقه وفيها شيء من الفروع الفقهية ...
وفي عصرنا الحاضر وما قبله في هذا القرن -قبل خمسين سنة- بدأ التأليف الحديث في هذا العلم. بدأ العلماء يكتبون في هذا العلم بأسلوب أقل صعوبة وأقرب لأذهان الطلاب وتوالى التأليف في هذا, وهناك كتب كثيرة ألفت في هذا العلم نذكر منها مثلا أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف, وأصول الفقه لأبي زهرة وهم من العلماء الكبار ...
(مستفاد من شرح الدكتور عياض بن نامي السلمي حفظه الله)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 08 - 09, 09:11 م]ـ
جزاك الله خيرا و أحسن إليك أخي أبا بكر ....
فائدة قيمة جدا في طريقة تصنيف علم أصول الفقه بين المتكلمين و الفقهاء و من حاول الجمع بينهما و أخيرا التأليف الحديث ....
بارك الله فيك أخي و جزى الله خيرا الشيخ عياض بن نامي السلمي ....
و فرج الله عنكم ما أنتم فيه، صبرا آل تونس .....
فالله معكم و لن يضيعكم ....
في انتظار بقية الفوائد ....
ترقبوا بقية الأبواب إخوتي الكرام
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[18 - 08 - 09, 04:06 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ...
مازلنا في الشريط الخامس، و بعد إكمال باب المجمل و المبين، سنمر بباب الأفعال أي أفعال النبي صلى الله عليه و سلم، ثم نشرع في باب النسخ، حينها ينتهي الشريط الخامس، يعني في أول باب النسخ! ...
و ندخل في الشريط السادس!
فما يبقى لنا إلا الشريط السابع و الثامن فقط يا إخوان!
النهاية قريبة بإذن الله ....
فأبشروا!!! ...
باب المجمل و المبين
قال المؤلف رحمه الله / باب المجمل و المبين:
95ـ ما كان محتاجا إلى بيان .... فمُجْمَلٌ و ضابطُ البيانِ
96ـ إخراجه من حالة الإشكالِ ... إلى التجلِّي و اتضاح الحالِ
الفائدة 201
بعد أن ذكر رحمه الله العام و الخاص و المطلق و المقيد ذكر المجمل و المبين.
الفائدة 202
و المجمل و المبين هما شيئان متضادان، المجمل ما ليس بمبين، و المبين ما ليس بمجمل، فإذا كان اللفظ لا يعلم المراد منه فهو المجمل، و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
(ما كان محتاجا إلى بيان فمجمل).
هذا هو الضابط: أن المجمل كل لفظ يحتاج إلى بيان.
مثال ذلك:
قول الله تعالى: (و أقيموا الصلاة) البقرة /43. هذا مجمل، لأن الله لم يبين كيفية إقامتها، فبين ذلك القرآن و السنة، القرآن في موضع آخر، و السنة كذلك في مواضع أخرى.
مثال آخر:
قال تعالى: (و آتوا الزكاة)، هذا أيضا مجمل، لأننا لا ندري من الذي يؤتي الزكاة؟
و ما الذي فيه الزكاة؟
و إلى من تصرف؟
إذن ففيه إجمال! ...
الفائدة 203 (مهمة!)
فإذا قال قائل:
ما هي الحكمة في ذكر الإجمال إذا كان يحتاج إلى بيان؟
قلنا:
الحكمة من أجل أن تتطلع النفوسُ لفهمه، و تشرئبَّ لمعناه، لأنك إذا أعطيتَ الإنسانَ الشيءَ بيِّنا صار لقمةً سائغة لا يمضغه، و لا يهتم به، لكن إذا أعطيته شيئا مجملا تَعِبَ و فكَّر ما هذا المجمل؟
و قام يبحث، فإذا جاء البيانُ، وَرَدَ على نفسٍ مشرئبةٍ، طامعةٍ في البيان!!!
اقتراح مهم جدا:
أقترح على إخوتي أمرين مفيدين في المذاكرة، نفعني بهما أحد الأساتذة الكرام في هذا الملتقى المبارك:
أولا:
حفظ هذا النظم، و السؤال عما أشكل فيه، لضبط ألفاظه و اجتناب السقط و التحريف و اللحن، و التعاون في ذلك، و سأفتح موضوعا خاصا بهذا قريبا إن شاء الله.
ثانيا:
الموازنة و المقارنة بين نظمي: العمريطي و المامي اليعقوبي،
والمقصود بالموازنة أن ينظر في كل مسألة إلى نظم كل منهما وأيهما أفضل فيالتعبير عن مقصود الجويني؟ لأن نظم العمريطي ضعف نظم المامي في عددالأبيات.
وهذه الطريقة ترسخ المعلومات وتثبتها في ذهن طالب العلم.
و لكن إخوتي، سنشرع في هذا الإقتراح الثاني حينما ننتهي من شرح نظم العمريطي إن شاء الله.
أما الحفظ فسنبدأ قريبا إن شاء الله، فهو سهل، و حفظه أثناء شرحه يسير بإذن الله، و سيكون بمنهجية متميزة بإذن الله، نعرض مجموعة من الأبيات في كل مرة، لتصحيحها جماعة ثم نحفظها ... و هكذا إلى النهاية بعون الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/334)
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[18 - 08 - 09, 04:15 م]ـ
اقتراح مهم جدا:
أقترح على إخوتي أمرين مفيدين في المذاكرة، نفعني بهما أحد الأساتذة الكرام في هذا الملتقى المبارك:
أولا:
حفظ هذا النظم، و السؤال عما أشكل فيه، لضبط ألفاظه و اجتناب السقط و التحريف و اللحن، و التعاون في ذلك، و سأفتح موضوعا خاصا بهذا قريبا إن شاء الله.
ثانيا:
الموازنة و المقارنة بين نظمي: العمريطي و المامي اليعقوبي،
والمقصود بالموازنة أن ينظر في كل مسألة إلى نظم كل منهما وأيهما أفضل فيالتعبير عن مقصود الجويني؟ لأن نظم العمريطي ضعف نظم المامي في عددالأبيات.
وهذه الطريقة ترسخ المعلومات وتثبتها في ذهن طالب العلم.
و لكن إخوتي، سنشرع في هذا الإقتراح الثاني حينما ننتهي من شرح نظم العمريطي إن شاء الله.
أما الحفظ فسنبدأ قريبا إن شاء الله، فهو سهل، و حفظه أثناء شرحه يسير بإذن الله، و سيكون بمنهجية متميزة بإذن الله، نعرض مجموعة من الأبيات في كل مرة، لتصحيحها جماعة ثم نحفظها ... و هكذا إلى النهاية بعون الله.
ما شاء الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[18 - 08 - 09, 07:19 م]ـ
بارك الله فيك أخي سليم على مرورك الطيب و تشجيعك ...
أرجو أن تكون قد استفدت من الموضوع ...
بانتظار مشاركاتك ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[19 - 08 - 09, 12:45 ص]ـ
فتح الله عليك أبا همام ورزقني وإياك والمسلمين العلم النافع والعمل الصالح
13ـ و الفقه علم كل حكم شرعي ... جاء اجتهادا دون حكم قطعي
ذكر الشيخ الحازمي حفظه الله أن الفقيه فقيهان:
- فقيه بالفعل، وهو الذي أحاط بجميع الأحكام الشرعية فيصدق عليه قول الناظم: علم كل حكم شرعي
- وفقيه بالقوة: لم يحط بالفقه إحاطة كاملة ولكن عنده ملكة بحيث يستطيع أن يصل إلى الحكم الشرعي، وإلا فقد كان مالك وأحمد والشافعي وغيرهم رحمهم الله كثيرا ما يسؤلون عن حكم شرعي فيقولون: لا أدري ...
وقال، حفظه الله:
والحكم لغة: المنع، ومنه قول الشاعر: أبني حنيفة احكموا سفهاءكم - - - إني أخاف عليكمُ أن أغضبا
وفي الاصطلاح: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث أنه مكلف به.
- قوله "خطاب الله": دخل فيه خطاب النبي صلى الله عليه وسلم وما حكم به
- و قوله "فعل المكلف": يشمل الاعتقاد والقول والفعل فهذه الثلاثة متعَلَّق لحكم الله جل وعلا
- "المكلف": البالغ العاقل الذاكر غير المكره
- وخرج بقوله "خطاب الله المتعلق بفعل المكلف" خطاب الله المتعلق بذاته وأسمائه وصفاته سبحانه في نحو قوله تعالى {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} والمتعلق بالجمادات نحو قوله تعالى {ويوم نسير الجبال} وما تعلق بفعل الإنسان لا على جهة طلب الفعل أو الترك في نحو قوله تعالى {يعلمون ما تفعلون}
- وقوله "من حيث أنه مكلف به" أي مطالب به إيجادا وتركا
والله تعالى أعلم
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[19 - 08 - 09, 01:46 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبا بكر .....
واصل وصلك الله بطاعته ....
فوائد ممتازة ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 08 - 09, 01:50 ص]ـ
جزاك الله كل خير أخي أبا بكر ....
فوائد نافعة من شيخ فاضل كالشيخ الحازمي حفظه الله ...
واصل بارك الله فيك ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[19 - 08 - 09, 12:47 م]ـ
بوركتم يا أفاضل وجزاكم الله خيرا
وشرح الشيخ الحازمي في الحقيقة يزخر بالفوائد، وأعني طبعا الشرح المختصر، وإن شاء الله تعالى أورد بعضها تباعا.
وفقني الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[19 - 08 - 09, 09:37 م]ـ
15 ـ مع الصحيح مطلقا و الفاسِدِ .... من قاعد هذان أو من عابدِ
ذكر الشيخ الحازمي حفظه الله، أنه في بعض النسخ "من عاقد" وهو أجود لذلك أثبته في النظم الذي حققه وهو موجود على موقعه.
وقال: قوله "من قاعد" ثابت في نسخ أخرى ويكون المعنى تارك للعبادة، وإذا ترك العبادة انشغل بالبيع والشراء.
16ـ فالواجب المحكوم بالثواب .... في فعله و الترك بالعقاب
- الواجب: صفة لفعل المكلف
- الوجوب: صفة لمدلول خطاب الله تعالى
- الإيجاب: وصف لخطاب الله تعالى.
18ـ و ليس في المباح من ثواب .... فعلا و تركا بل و لا عقابِ
فائدة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/335)
قولهم قد ينقلب المباح عبادة ويستدلون على ذلك بأقوال السلف نحو قولهم "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي" خطأ لأن العبادات توقيفية فلا يوصف بذلك إلا ما كان مأمورا به ابتداء، فالنوم مباح فيبقى كذلك والمدار في ذلك على النية.
مستفاد من شرح الشيخ الحازمي
والله تعالى أعلم
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 09, 07:14 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا بكر ...
في المتابعة ...
واصل وصلك الله بأسباب العلم ...
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[20 - 08 - 09, 08:51 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا بكر ...
في المتابعة ...
واصل وصلك الله بأسباب العلم ...
وفيك بارك أخي أبا همام ونفع بك
27ـ و العلمُ إمّا باضطرارٍ يَحْصُلُ ... أو باكتساب حاصل فالأولُ
28ـ كالمستفاد بالحواس الخمس ... بالشم أو بالذوق أو باللمس
29ـ و السمع و الإبصار ثم التالي ... ما كان موقوفا على استدلال
طرق العلم الضروري:
- العلم الحضوري: وهو ما يعلمه الإنسان من حال نفسه مثل الفرح والسرور ...
- ما يعلمه الإنسان على البداهة من غير تكلف مقدمات مثل العلم بأن نصف الإثنين واحد
- ما يعلمه بواسطة الحواس الخمس
- ما يعلمه بالأخبار المتواترة
44ـ أَقَلُّ ما منه الكلامَ رَكَّبُوا ... اسمان أو اسمٌ و فعلٌ كارْكَُبوا
اسمان، وهو أربعة أشياء:
1 - مبتدأ وخبر، نحو زيد قائم
2 - مبتدأ وفاعل سد مسد الخبر نحو أقائم الزيدان
3 - مبتدأ ونائب فاعل سد مسد الخبر نحو أمضروب الزيدان
4 - اسم فعل أمر وفاعله نحو هيهات العقيق
واسم وفعل وهي الجملة الفعلية وهي شيئان:
- فعل مبني للفاعل وفاعله
- فعل مبني للمفعول ونائب فاعل
فائدة: أصول الفقه والنحو قرينان وانفكاك أحدهما عن الآخر محال.
56ـ و حَدُّهُ اسْتِدعاءُ فعلٍ واجبِ = بالقول مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطالبِ
الأمر قسم من أقسام الكلام والكلام لا يكون إلا لفظا وأمر الرب جل وعلا نوع من أنواع الكلام.
والأشاعرة يقسمون الأمر إلى نفسي ولفظي فيعرفون الأمر النفسي بالإستدعاء أو الإقتضاء كما قال صاحب المراقي:
هو اقتضاء فعلِ غيرِ كَفِّ .... دُل عليه لا بنحو كُفي
وقولهم استدعاء أو اقتضاء لأنه أمر معنوي، لذلك يذكرون بعد ذلك مسألة بدعية وهي: هل للأمر صيغة أم لا؟ ...
ولذلك إذا وجدت في تعريف الأمر: "استدعاء" أو "اقتضاء" ولم يقل "بالقول" فأشعرية واضحة وإذا زاد قوله "بالقول" فأشعرية مغلفة. فتنبه.
لذلك نقول في تعريف الأمر: ما دل على استدعاء الفعل
فقولنا:
- "ما": اسم موصول بمعنى الذي يشمل القول والكتابة والإشارة
- "استدعاء": خرج التمني وطلب الترك.
مستفاد من شرح الحازمي حفظه الله.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[20 - 08 - 09, 09:04 م]ـ
جزاك الله خيرا .....
فوائد سريعة و مفيدة جدا .....
في المتابعة ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[21 - 08 - 09, 06:46 م]ـ
للرفع ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[23 - 08 - 09, 06:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يجعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهر العظيم. آمين
هذه متابعة لما كنا بدأناه من الفوائد نفعني الله وأياكم بها و إن شاء الله تعالى تأتي بقية الفوائد تباعا ...
قال الشيخ رحمه الله تعالى
الأمر هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء بصيغة معلومة.
ذكر الشيخ الحازمي حفظه الله في شرحه المختصر أن الإستعلاء مذهب الجمهور، والصحيح عدم اشتراطه قال صاحب المراقي: وليس عند جل الأذكياء ... شرط علو فيه واستعلاء
إذ لا دليل على اشتراط الإستعلاء وليس في لسان العرب من صرح من أهل اللسان بأن الأمر لا يكون أمرا إلا إذا كان من أعلى إلى من هو دونه.
وقال الدكتور عياض بن نامي السلمي أن من العلماء من قال لا نشترط علوا ولا استعلاء لأن علم أصول الفقه وضع لاستنباط الأحكام من الكتاب والسنة وهي من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمتكلم بها أعلى من المخاطبين علو مرتبة، فلا يشترط أن يستعلي النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه بصوته ليأمرهم. اهـ
قال الناظم رحمه الله تعالى
57ـ بصيغة افعل فالواجبُ حُقِّقا
صيغ الأمر أربع على المشهور:
1 - فعل الأمر: نحو قوله تعالى "أقم الصلاة"
2 - الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر: نحو قوله تعالى "ثم ليقضوا تفثهم"
3 - اسم فعل الأمر: نحو قوله تعالى "عليكم أنفسكم"
4 - المصدر النائب عن فعله: نحو قوله تعالى "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب"
وزاد بعضم على هذه الصيغ نحو قوله "وجب" و "حكم" و"كتب" وترتب العقاب على عدم الفعل أو إحباط العمل فكل ذلك دال على الوجوب.
ذكره الشيخ الحازمي
وذكر حفظه الله، أن الراجح أن الأمر للوجوب مطلقا سواء كان ذلك في العبادات أو الآداب والسلوك ولا وجه للتفريق بينهما ويدل على ذلك أمور منها:
- قوله صلى الله عليه وسلم "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فلوجود المشقة انتفى الأمر لذلك قال "لولا" وهو حرف امتناع لوجود. لكنه أمر به أمر ندب لا إيجاب
- قوله تعالى "ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك" فوبخه الله تعالى وذمه قال القرافي: "والذم لا يكون إلا في ترك واجب أو فعل محرم" وأوضح من ذلك قوله تعالى "أفعصيت أمري" والمعصية إنما تكون في ترك واجب
- إجماع الصحابة رضي الله عنهم على وجوب طاعة الله تعالى وامتثال أوامره من غير سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عمّا عنى بأوامره، فإذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام لا يقف الصحابة فيسألونه أمرك أمر استحباب أم إيجاب؟ وإنما يحملون أوامره على الإمتثال مطلقا دون تفصيل
- إجماع أهل اللغة واللسان فإنهم عقلوا من إطلاق الأمر الوجوب لأمرين الأول أن السيد لو أمر عبده فخالفه حسن عندهم ذمه ولومه وحسن العذر في عقوبته لمخالفته الأمر والثاني أن مخالفة الأمر معصية والمعصية موجبة للعقوبة قال تعالى "لا يعصون الله ما أمرهم" فدل على أن ترك امتثال الأمر معصية. اهـ
والله تعالى أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/336)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 08 - 09, 09:01 م]ـ
جزاك الله خيرا ....
في المتابعة ...
و خير ما أنفق في شهر الرمضان العلم النافع ....
اللهم تقبل منا صالح الأعمال ...
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[27 - 08 - 09, 07:13 ص]ـ
أخي الفاضل أبو الهمام واصل على هذا الخير أسأل الله لك ولنا الثبات
وأبشرك أني شرعت في جمع شرح مختصر على الورقات جمعت فيه بين شرح الورقات للشيخ عبدالله الفوزان وكتاب الأصول من علم الأصول وشرحه كلاهما للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله وأفدت من شرح الشيخ عبدالكريم النملة على الورقات
أسأل الله تعالى أن يكرمني بإنهائه وإتمامه
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[27 - 08 - 09, 02:23 م]ـ
ما شاء الله عليك أخي المفضال: ابن البجلي ...
في انتظار ملخصك الجامع النافع إن شاء الله، و الله أسعدتني كثيرا بخبرك هذا ...
أسأل الله العظيم أن يوفقك و يوفق سائر إخواني لكل خير .....
الحمد لله، فإن موضوع مذاكرة الورقات قد نجح بحمد الله، و بدأت ثماره اليانعة في الظهور مبكرا ...
الله يبارك فيكم جميعا إخوتي ...
أرجو من سائر الإخوة، ألا يدخروا جهدا في جمع الفوائد النفيسة من بطون الشروح المتميزة ....
و أجركم على الكريم المنان ...
على من يده سحاء الليل و النهار ... لا تغيضها نفقة ... !!!!
ـ[أبو أسامه]ــــــــ[30 - 08 - 09, 07:46 ص]ـ
..
رفع الله قدرك وزادك علمًا نافعًا وعملا صالحا يا أبا همَّام
وجميع الإخوة المشاركين.
تابعت معك فوائد الشريط الأول لأرى طريقتك؛ ثم قررت أن أعود للبقية في وقت آخر.
واصلوا بارك الله فيكم
..
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[30 - 08 - 09, 05:58 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل أبا أسامة الشمري و جزاك الله خيرا على هذا التشجيع و هذه المتابعة الطيبة ....
و الله يسعدني جدا أن يستفيد إخواني من هذه المذاكرة الطيبة و أن يتفاعلوا معها بقوة و أن يثروا الموضوع بإضافاتهم و مشاركاتهم و ملاحظاتهم .....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[30 - 08 - 09, 06:25 م]ـ
إخوتي الأفاضل ....
تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و صالح الأعمال ...
لازلنا في باب المجمل و المبين ...
نتابع بعون الله و توفيقه ...
الفائدة 204
(و ضابط البيان)
إذن البيان تعريفه:
إخراج المجمل عن الإجمال إلى البيان، و بناء على ذلك، على كلامه، لا يكون اللفظ البين في نفسه بيانا، لأنه ليس فيه إجمال، فالتبيين يرد على شيء مجمل، فيبينه، أما شيء بين بنفسه، فلا يسمى بيانا!، و هذا على كل حال اصطلاح!.
ففي قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين) الفاتحة /2:
هل نقول: هذا مبيِّن؟
الجواب: لا، لأنه ليس فيه إجمال أصلا، هو بين بذاته، و البيان أن يرد على شيء مجمل.
و المبهمات تعرفونها:
< b><font color="black">
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 09, 08:28 ص]ـ
و المبهمات تعرفونها:
مثل الأسماء الموصولة، الأسماء الشرطية، و إن كانت عامة فهي مثل الإبهام.
البيان: إخراج المجمل من حالة الإشكال إلى التجلي و اتضاح الحال.
إذن البيان: إخراج المجمل من الإجمال إلى البيان.
الفائدة 205
قال رحمه الله:
97ـ كالقرء و هو واحد الأقراء ..... في الحيض و الطُّهر من النساء
القَرءُ: اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله عز و جل:
1ـ فقال بعض العلماء:المراد بالقرء الحيضُ.
2ـ و قيل: المراد بالقرء الطهرُ.
الآن، لم يتبين لنا المعنى المراد، نسمي ذلك مجملا، فإذا قلنا: القرء الحيض، ثم أتينا بدليل صار الآن مبينا، و صارت الأدلة بيانا له، و كذلك لو أنا رجحنا أنه الطهر، ثم أتينا بدليل.
و الصحيح أن المراد بالقرء الحيض، فقوله تعالى: (ثلاثة قروء) يعني: ثلاث حِيَضٍ.
هذا القول هو الصحيح!
و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في المستحاضة: (اترُكي الصلاةَ قدر ما كانت تحبِسُكِ أقراؤُك). و هذا صريح في أن المراد بها الحيض.
و على هذا لو طلق الانسان امرأته في حيض، و قلنا بوقوع طلاق الحائض فإن الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب، لأنه لابد من ثلاث حيض كاملة، فلو حسبناها لكانت حيضتين و نصف الحيضة مثلا، و لو لفقنا و قلنا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/337)
تأخذ حيضتين و نصف الحيضة من أول الطلاق، و نصف الحيضة من آخر العدة، لكان في ذلك تلفيق.
و إذا قلنا: إن القرء هو الأطهار، فإنه يحسب من حين ما تطهر من الحيضة التي وقع فيها حتى يحصل لها ثلاثة أطهار كاملة.
الفائدة 206
ثم تدرج المؤلف رحمه الله إلى أمر آخر، و هو النص و الظاهر و المؤول.
هذه ثلاثة بحوث، فصار في هذا الفصل خمسة بحوث:
الأول: في المجمل.
و الثاني: في المبين.
و الثالث: في النص.
و الرابع: في الظاهر.
و الخامس: في المؤول.
و تكلمنا عن المجمل و المبين، فما هو النص؟؟
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 09, 05:02 م]ـ
إخوتي الأفاضل ....
تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و صالح الأعمال ...
لازلنا في باب المجمل و المبين ...
نتابع بعون الله و توفيقه ...
الفائدة 204
(و ضابط البيان)
إذن البيان تعريفه:
إخراج المجمل عن الإجمال إلى البيان، و بناء على ذلك، على كلامه، لا يكون اللفظ البين في نفسه بيانا، لأنه ليس فيه إجمال، فالتبيين يرد على شيء مجمل، فيبينه، أما شيء بين بنفسه، فلا يسمى بيانا!، و هذا على كل حال اصطلاح!.
ففي قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين) الفاتحة /2:
هل نقول: هذا مبيِّن؟
الجواب: لا، لأنه ليس فيه إجمال أصلا، هو بين بذاته، و البيان أن يرد على شيء مجمل.
و المبهمات تعرفونها:
مثل الأسماء الموصولة، الأسماء الشرطية، و إن كانت عامة فهي مثل الإبهام.
البيان: إخراج المجمل من حالة الإشكال إلى التجلي و اتضاح الحال.
إذن البيان: إخراج المجمل من الإجمال إلى البيان.
الفائدة 205
قال رحمه الله:
97ـ كالقرء و هو واحد الأقراء ..... في الحيض و الطُّهر من النساء
القَرءُ: اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله عز و جل:
1ـ فقال بعض العلماء:المراد بالقرء الحيضُ.
2ـ و قيل: المراد بالقرء الطهرُ.
الآن، لم يتبين لنا المعنى المراد، نسمي ذلك مجملا، فإذا قلنا: القرء الحيض، ثم أتينا بدليل صار الآن مبينا، و صارت الأدلة بيانا له، و كذلك لو أنا رجحنا أنه الطهر، ثم أتينا بدليل.
و الصحيح أن المراد بالقرء الحيض، فقوله تعالى: (ثلاثة قروء) يعني: ثلاث حِيَضٍ.
هذا القول هو الصحيح!
و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في المستحاضة: (اترُكي الصلاةَ قدر ما كانت تحبِسُكِ أقراؤُك). و هذا صريح في أن المراد بها الحيض.
و على هذا لو طلق الانسان امرأته في حيض، و قلنا بوقوع طلاق الحائض فإن الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب، لأنه لابد من ثلاث حيض كاملة، فلو حسبناها لكانت حيضتين و نصف الحيضة مثلا، و لو لفقنا و قلنا:
تأخذ حيضتين و نصف الحيضة من أول الطلاق، و نصف الحيضة من آخر العدة، لكان في ذلك تلفيق.
و إذا قلنا: إن القرء هو الأطهار، فإنه يحسب من حين ما تطهر من الحيضة التي وقع فيها حتى يحصل لها ثلاثة أطهار كاملة.
الفائدة 206
ثم تدرج المؤلف رحمه الله إلى أمر آخر، و هو النص و الظاهر و المؤول.
هذه ثلاثة بحوث، فصار في هذا الفصل خمسة بحوث:
الأول: في المجمل.
و الثاني: في المبين.
و الثالث: في النص.
و الرابع: في الظاهر.
و الخامس: في المؤول.
و تكلمنا عن المجمل و المبين، فما هو النص؟؟
ـ[الفايد]ــــــــ[25 - 09 - 09, 02:45 ص]ـ
..
رفع الله قدرك وزادك علمًا نافعًا وعملا صالحا يا أبا همَّام
وجميع الإخوة المشاركين.
واصلوا بارك الله فيكم
..
حياة العلم مدارسته
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[26 - 09 - 09, 07:58 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل الفايد، على متابعتك الطيبة ....
بانتظار مشاركاتك النافعة ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[26 - 09 - 09, 08:17 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ..........
الفائدة 207
قال المؤلف رحمه الله:
98ـ و النص عرفا كلُّ لفظٍ واردِ .... لم يحتمل إلا لمعنى واحدِ
قوله: (النصُّ عرفاً) أي اصطلاحا.
و اعلم أن النص و الصريح معناهما واحد، و هو ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، كل لفظ لا يحتمل إلا معنى واحدا فهو نص، و يسمى أيضا الصريح، لأنه خالٍ من المعاني الأخرى.
الفائدة 208
مثاله:
99ـ كقد رأيتُ جعفرا و قيل ما .... تأويله تنزيله فليُعلَماَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/338)
فهذا نص، لأنه رأى رجلا يسمى جعفرا، ما يحتمل غير هذا، يأتي إنسان يقول: لعله يحتمل، لعله رأى بابا.
فنقول: لا، هذا جنون، يقول: رأيت جعفرا، بشرا يسمى جعفرا، و تقول: رأى بابا. هذا لا يكون، لا يحتمل إلا أنه رأى رجلا يسمى جعفرا، فهذا نص.
مثال آخر:
قال قائل: أكلت تمرا، نقول:
هذا نص، لأنه لا يحتمل إلا أنه أكل تمرا، لو قال: أكلت تمرا.
يعني: باع تمرا، فإنه لا يستقيم، إذ هو نص في معناه.
الفائدة 209
قال المؤلف:
...... و قيل ما .... تأويله تنزيله فليعلما
يعني: معناه أن النص ما تاويله، أي: ما يعلم معناه بغير بحث عنه، فلا يحتاج إلى بحث في الوصول إلى معناه، فيكون تأويله تنزيله، أي: بمجرد نزوله فهمنا معناه.
هذا هو النص، لكن الأول هو المشهور، أن النص ما لا يحتمل إلا معنى واحدا.
فإن احتمل معنيين فأكثر فهو الظاهر و المؤول.
فإنه إن احتمل معنيين فأكثر فالراجح هو الظاهر، و المرجوح هو المؤول.
الفائدة 210
قال المؤلف رحمه الله:
100ـ فالظاهر هو الذي يفيد ما سمع .... معنىً سوى المعنى الذي له وُضِعْ
يعني:
الظاهر هو الذي يفيد المخاطبـ لأن ما سمع بمعنى: من سمع ـ فالظاهر هو الذي يفيد السامع معنى سوى المعنى الذي له وُضِع.
فإذا كان اللفظ يفيد معنيين، المعنى الأول ما يفهمه السامع منه، و المعنى الثاني معنىً وراء ذلك.
فالذي يفهمه السامع يسمى الظاهر، و هو بالمعنى الواضح:
كل لفظ يحتمل معنيين، هو في أحدهما أظهر، فالظاهر هو الراجح، و المرجوح هو المؤول.
فتبين بذلك أن الألفاظ تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، فيسمى النص.
و الثاني: ما احتمل معنيين، هو في أحدهما أرجح، فالراجح الظاهر، و المرجوح مؤول.
الفائدة 211
قال المؤلف رحمه الله:
101 ـ كالأسد اسمُ واحدِ السباع .... و قد يُرَى للرجل الشجاعِ
الأسد هل هو نص في أنه واحد السباع أو ظاهر؟
الجواب:
نقول: هو ظاهر، يعني: هو الأرجح، عندما يقول قائل: أقبل الأسد.
ترجح عند السامع أنه الحيوان المفترس المعروف، لكن يحتمل أنه أراد الرجل الشجاع، فحمله على الرجل الشجاع يسمى تأويلا، و حمله على الأسد يسمى أخذا بالظاهر.
الفائدة 212
قال المؤلف رحمه الله:
102 ـ و الظاهر المذكور حيث أشكلا ... مفهومه فبالدليل أُوِّلا
معنى البيت: أن الظاهر الذي هو الراجح إذا أول بالدليل فإنه يسمى مؤولا، و لنضرب لهذا مثلا:
مثال:
قال الله تبارك و تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) / النحل: 98.
الظاهر أنك بعد الفراغ من القراءة تستعيذ بالله، لكن هذا الظاهر غير مراد، بل المراد: إذا أردت أن تقرأ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، و هذا خلاف الظاهر.
و هل التأويل مقبول أو غير مقبول؟
نقول: إن دل عليه الدليل فهو مقبول، بل واجب، و حينئذ يكون من التأويل الذي بمعنى التفسير، و إن لم يدل عليه الدليل فهو غير مقبول، و نحن قد مثلنا بمثال دل عليه الدليل، و هو قوله تعالى: (فإذا قرأت).
مثال آخر:
فسر أهل التعطيل قوله تعالى: (ثم استوى على العرش) الأعراف: 54. ثم استولى عليه.
نقول: هذا التأويل غير مقبول، لأنه ليس عليه دليل، و ليس هو ظاهر اللفظ فلا يقبل.
و فسروا أيضا قول الله تعالى: (بل يداه مبسوطتان) بالنعمة، نقول: لا يصح، لأنه خلاف الظاهر، و ليس عليه دليل.
الفائدة 213
قال رحمه الله:
103 ـ و صار بعد ذلك التأويل ... مقيّدا في الاسم بالدليلِ
معنى البيت:
أنه إذا وجد دليل على التأويل فإن هذا التأويل يسمى ظاهرا بالدليل، و عليه فإن ظاهر اللفظ الذي لا يحتاج إلى دليل هو الظاهر، و ظاهر اللفظ الذي يكون ظاهره بالدليل، يكون ظاهرا، لكن قيده المؤلف رحمه الله فقال: مقيدا في الاسم بالدليل.
يعني: تقول: هو ظاهر بالدليل.
الفائدة 214
و خلاصة هذا الفصل، أن الكلام له خمسة أقسام:
1ـ مجمل
2 ـ و مبين
3ـ و نص
4ـ و ظاهر
5ـ و مؤول.
و الله أعلم.
*************
(انتهى بحمد الله باب المجمل و المبين)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[26 - 09 - 09, 08:20 م]ـ
إخوتي الكرام، انتهينا بحمد الله من باب المجمل و المبين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/339)
و سننتقل في الحلقة القادمة إلى باب الأفعال، أي أفعال النبي صلى الله عليه و سلم، إن شاء الله تعالى.
فابقوا معنا في هذه المذاكرة الطيبة بارك الله فيكم، و لا تحرمونا من مشاركاتكم النافعة.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[28 - 09 - 09, 10:26 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ......
باب الأفعال
لما فرغ المؤلف رحمه الله تعالى من الأقوال و دلالاتها شرع في الأفعال!
و هنا نسأل:
أيما أقوى دلالة القول أم الفعل؟
الفائدة 215
نقول:
القول أقوى دلالة من الفعل!
و ذلك لأن الفعل يحتمل أمورا لا يحتملها القول، يحتمل أنه فعله لعلة، أو فعله نسيانا، أو فعله على وجه الخصوصية، احتمالات كثيرة، بخلاف القول، و لهذا ذهب من ذهب من العلماء الأفاضل إلى أنه لا يخصص عموم القول بالفعل.
أما التعارض من كل وجه فلا شك أنه يقدم القول، فإذا تعارض قول الرسول صلى الله عليه و سلم و فعله فلاشك لنا أننا نغلب جانب القول، لكن إذا لم يتعارضا من كل جه، بل كان فعل يخصص القول، فإن من العلماء من يقول: لا عبرة بالفعل، و يبقى القول على عمومه.
و منهم من يقول: يخصص.
و الصحيح أنه يخصص، لأن الكل سنة.
مثال ذلك:
قال صلى الله عليه و سلم: (لا تستقبلوا القبلة بغائط و لا بول، و لا تستدبروها).
و قد رأى ابن عمر رضي لله عنهما النبي صلى الله عليه و سلم يقضي حاجته مستقبلا الشام مستدبر الكعبة، فهل نقول: إن هذا مخصص لعموم القول؟
الجواب:
على الخلاف:
الجمهور يرون أنه مُخَصِّص و هو الصحيح، و القول الثاني: لا يرونه مُخَصِّصا، و يقولون إن النهي عن استقبال القبلة و استدبارها عام في البنيان و في الفضاء.
ـ إذن نأخذ من هذا: أن دلالة القول أقوى من دلالة الفعل.
ـ و ليعلم أيضا أن دلالة الفعل أقوى من دلالة التقرير، لأن التقرير قد يقع من النبي صلى الله عليه و سلم في حين غفلة أو سهو أو اعتقاد عذر أو ما أشبه ذلك، فلهذا كان الفعل أقوى من التقرير.
انتهى الكلام عن الأقوال!!
نواصل بعون الله شرح الأبيات ....
الفائدة 216 (إعراب)
قال المؤلف رحمه الله:
104 ـ أفعالُ طه صاحبِ الشريعهْ .... جميعُها مَرْضِيَّةٌ بديعهْ
قوله:
أفعال: مبتدأ أول.
طه: مضاف إليه.
صاحب الشريعة: صفة
جميعها: مبتدأ ثان
و مرضية: خبر المبتدأ الثاني
و الجملة من المبتدأ الثاني و خبره خبر المبتدأ الأول.
الفائدة 217
(هل طه من أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم؟؟؟ ... )
و هنا نناقش المؤلف رحمه الله تعالى في قوله: طه، حيث جعل "طه" من أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم.
و نحن نقول: إن تسمية النبي صلى الله عليه و سلم ب "طه" لا يصح نظرا و لا أثرا!!.
1 ـ أما عدم صحته أثرا:
فلعدم النقل، فإنه لم يأت حديث صحيح، و لا ضعيف يثبت أن من أسماء النبي صلى الله عليه و سلم "طه" أبدا.
2 ـ و أما النظر:
فلأن "طه" مركب من حرفين مهملين هجائيا، و الحروف الهجائية ليس لها معنى، و من المعلوم أن أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم كلها تحمل معاني.
فليس له اسم صلى الله عليه و سلم هو علم محض، بل أسماء الرسول صلى الله ليه و سلم كلها أعلام و ألقاب، أما أعلامنا نحن فهي مجرد علم، و لهذا نسمى ابننا مثلا عبد الله، و هو من أفجر عباد الله، إذن صار الاسم هذا مجرد علم، كأنه حجر على رأس جبل يدل على الطريق فقط.
أما أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم كلها فهي أعلام و أوصاف، و كذلك أسماء الله تعالى، و كذلك أسماء القرآن كلها أعلام و أوصاف، و الناظر في كلمة "طه" لا يجد فيها شيئا من الوصف.
إذن لا يصح نظرا أن يكون "طه" من أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم.
فإن قال قائل: كيف تقول هذا الكلام، و قد قال الله تعالى: (طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) و هذا خطاب يقول: يا طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى.
قلنا: إذن سم الرسول المص!!!،
لأن الله تعالى قال: (المص. كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه). و هل أحد سماه المص.
و كذلك أيضا نقول: سمه الر، لأن الله يقول: (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور). هل سيسميه أم لا؟
الجواب:
لا، لن يسميه، إذن انتقضت قاعدته.
فالمهم أن "طه" ليس من أسماء الرسول صلى الله عليه و سلم، و لا يصح أن يكون اسما له، لا أثرا و لا نظرا.
الفائدة 218
قوله: صاحب الشريعة، هذا هو الوصف الحقيقي له صلى الله عليه و سلم، فلا شك أن الرسول صلى الله عليه و سلم صاحب الشريعة، و أنه مشرع، و أن ما قاله الرسول صلى الله عليه و سلم فكالذي قاله الله، إذا صح عنه.
قوله رحمه الله: مرضية. يعني: رضي الله عنها، و رضي عنها الناس.
قوله رحمه الله: بديعه. أي: مبتدعة. بمعنى: أنه أتى بشرع جديد يهدم ما كان عليه أهل الجاهلية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/340)
ـ[أسامة طارق]ــــــــ[03 - 10 - 09, 12:39 ص]ـ
واصل
الفائدة متحققة
الحمد لله
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 10 - 09, 09:05 ص]ـ
الفائدة 219
قال رحمه الله:
105 ـ و كلها إما تسمى قربه ... فطاعةٌ أولا
معنى البيت: أن أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم تنقسم إلى قسمين، إما أن يفعلا على سبيل القرب إلى الله فهي طاعة، و إما أن لا يفعلها على سبيل التقرب إلى الله فليست بطاعة.
إذن يمكن أن نقول: أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم إما للتعبد، أو للعادة، أو للجبلة.
فأفعاله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أقسام، إما عبادة، أو عادة، أو جبلة، فكونه يأكل إذا جاع جبلة، و كونه ينام إذا جاءه النوم جبلة، و العادة كاللباس و شئون البيت، و غير ذلك كثير.
و العبادة هي ما ظهر فيه قصد التعبد، أي: قد صار التعبد فيه إما يقينا، و إما راجحا، لأنه لو أخذنا بالمرجوحِ أو بالمحتمل على السواء لشرعنا في دين الله ما ليس من دين الله.
الفائدة 220
قال المؤلف رحمه الله:
106 ـ من الخصوصيات حيث قاما .... دليلها كوصله الصِّياما
فما فعله صلى الله عله و سلم على وجه القربة، يعني: على وجه التعبد، إما أن يقومَ دليلٌ على أنه خاص به فهو خاصٌّ، أو لا يقوم دليل على الخصوصية فهو عامٌ له و للأمة،
و يف لا يقوم دليلٌ؟
نقول:
يعني: بأن يقومَ دليلٌ على العموم، أو لا يقومَ دليلٌ لا على العموم و لا على الخصوص.
و الدليلُ على هذا قول الله عز و جل: (و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أرادَ النبيُّ أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) الأحزاب: 50. فهذا دليل قرآني على ثبوت الخصوصية.
و من ذلك أنه يباح له صلى الله عليه و سلم أن يتزوج تسعَ نساء.
و من الأشياء الخاصة به صلى الله عليه و سلم التي دلت عليها السنة الوِصالُ، كما أشار إليه المؤلفُ رحمه الله بقوله: كوصله الصياما.
و الوصالُ في الصيامِ هو أن يصلَ يوما بيوم، فلا يفطر بينهما، فهذا خاص بالرسول صلى الله عليه و سلم، لأن النبي صلى الله عليه و سلم نهىَ عن الوصال، بل قال: (لا يزال الناسُ بخير ما عجلوا الفطرَ). و قال: (فصلُ ما بين صيامنا و صيام أهل الكتاب أكلةُ السَّحرِ).
فحثَّ على الأكل في أول الليل، و في آخر الليل، و الصحابة لحرصهم على العبادة صار بعضهم يواصلُ، فنهاهم النبي صلى الله عليه و سلم عن الوصال، و قال: (لا تواصلوا).
و ذلك لأن الوصالَ تعذيب للنفس ِ و مشقة، لكن لحبهم للخبر واصلوا، حتى إنه صلى الله عليه و سلم لما رآهم مصممين تركهم يواصلون إلى أن ثبت دخول شوال، ثم قال:
(لو تأخر الهلالُ لزدتكم). تنكيلا لهم، المهم نهاهم عن الوصال، يا رسل الله، إنك تاصل، كيف تنهانا عن شيء تفعله.
قال: (إني لست كهيئتكم، إني أظل يطعمني ربي و يسقيني).
الفائدة 221
فإذا قال قائل:
إذا كان الله يُطعمُه و يسقيه، فهل يكون مُواصِلاً؟
الجواب:
لا يكون مواصلا، لأنه يأكل و يشرب، لكن قال بعض العلماء: إنه يأكل و يشرب من الجنة، و طعامُ الجنة لا يُفَطِّرُ الصائمَ ـ هكذا قيل ـ فيكون مواصلا.
ولكن الصحيحَ أن الأمر ليس كذلك، و أنه:
الوجه الأول: إما أن يكون الله يعطيه قوةً على تحمّلِ العطش و الجوعِ بحيث يكون كالآكلِ و الشاربِ، و هذا ليس لغيره، و هذا وجهٌ، و ليس هذا ببعيد.
الوجه الثاني: أنه لانشغال قلبه بذكرالله عز و جلو تعلقه به استغنى عن الطعام و الشراب، لأن الانسان إذا انشغل قلبه بشيء نسيَ الطعام و الشراب و كلَّ شيء.
الفائدة 223
مثال توضيحي:
أرأيتم رجلا التقى بصديق له بعدَ مدة طويلة، ثم جلسا يتحدثان من بعد صلاة الظهرِ، فإذا بأذان العصر يؤذن، و في العادة أنه يتغذى بعد الظهر، هل يجد ألم الجوع؟
الجواب:
لا يجده، لأن قلبه منشغل عن الأكل و الشرب، فيقولون: إن الرسول له حال تعلق بالله لا يبلغها الناس، و لهذا كان في مناجاة الله عز و جل، كان يقف حتى تتورم قدماه و تتفطر، و هذا لا يتحمله أحدٌ، فهذا ابن مسعود رضي الله عنه، على حرصه على الخير، صلى يوما خلف النبي صلى الله عليه و سلم، يقول: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، فجعل يقرأ و يقرأ حتى هممتُ بأمر سوء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/341)
قال: قيل: و ما هممتَ به؟
قال: هممتُ أن أجلس و أدعه!.
و روى مسلم أيضا عن حذيفة قال:
صليتُ مع النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة، فافتتح البقرةَ، فقلت: يركعُ عند المائة.
ثم مضى، فقلت: يصلى بها في ركعة.
فمضى، فقلتُ: يركع بها. ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمرانَ فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مرَّ بآية فيها تسبيحٌ سبّح، و إذا مرّ بسؤال سأل، و إذا مرّ بتعوذ تعوّذ، ثم ركع، فجعل يقول: (سبحان ربي العظيم).
فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: (سمع الله لمن حمده). ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجدَ فقال: (سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمدُ).
و هذا مع أن ابن مسعود أشبُّ من الرسول صلى الله عليه و سلم، و الشابُّ أقوى تحملا ن الشيخ، فالوصالُ خاصٌّ بالرسول صلى الله عليه و سلم، و لكن ما معنى قوله صلى الله عليه و سلم: (إني أبيتُ يطعمني ربي و يسقيني)؟
قلنا: فيه ثلاثةُ احتمالاتٍ:
الاحتمال الأول:
أنه يأكل و يشرب من الجنة، و طعام الجنة لا يفطّر الصائم.
و هذا قولٌ لولا أنه قيل لكان نقله عبثا.
الاحتمال الثاني:
أن الله لا يعطيه من تحمل الجوع و العطش ما لا يعطي غيره، و هذا و إن كان محتملا، لكنه ليس فيه ذاك المنزلة العالية للرسول صلى الله عليه و سلم.
الاحتمال الثالث:
أنه لانشغاله بالله عز و جل و تعلق قلبه به نسي الأكل و الشرب، و لم يهتم، بعدمه، و هذا عندي أقوى الاحتمالات، و عليه فإن الوصال يكون حراما علينا، و حلالا للرسول صلى الله عليه و سلم، دلَّ الدليلُ على ذلك.
فعندنا الآن مثالان من الخصوصيات:
المثال الأول: من القرآن.
و المثال اثاني: من السنة.
الفائدة 224:
قال المؤلف رحمه الله:
107 ـ وحيث لم يَقُمْ دليلُها وَجَبْ ... و قيل: موقوفٌ وقيل: مستحبْ
109 ـ في حقِّهِ وحقِّنا و أما ... ما لم يكن بقربة يُسمى
قوله: دليلها.أي: دليلُ الخصوصية.
معنى البيت:
أنه إذا لم يقم دليلٌ على الخصوصية، وفعل النبي صلى الله عليه و سلم فعلا على وجه القربة، فهنا يقول رحمه الله: في فعله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أقوال:
الأول: أنه واجب
و الثاني: أنه مستحب
و الثالث: التوقف،
لا نقولُ: هو واجب، و لا مستحبٌّ. لكن نقول: هو طاعة و قربة.
و يقولُ المؤلفُ: في حقه و حقنا.
و الصحيحُ من الأقوال الثلاثة أنه في حق الرسول صلى الله عليه و سلم واجبٌ إذا لم يحصل البلاغ بدونه، أي: بدون الفعلِ.
يعني:
الرسولُ صلى الله عليه و سلم ما بيّنَ للناس أن هذا الشيءَ مستحبٌّ، لكن فعله هو، و لا يحصلُ البلاغ للناس إلا بهذا الفعل، فهنا الفعل واجبٌ، و ذلك لوجوب التبليغ عليه صلى الله عليه و سلم، قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربِّكَ) المائدة: 67.
و إذا لم يحصل بلاغ إلا بالفعل صار الفعل واجبا.
الفائدة 225
أما بالنسبة لنا ففعله صلى الله عليه و سلم فيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنه واجب.
و الثاني: أنه مستحب.
و الثالث: التوقف.
مثال ذلك:
كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخلَ بيته بدأ بالسواك.
هذا فعلٌ لم يأمر به، فيجب عليه أن يتسوك، لأنه عبادة ما علمناها إلا عن طريق الفعل.
أما بالنسبة لنا:
قيل: إنه واجبٌ.
و قيل: مستحب.
و قيل بالتوقف.
1 ـ أما القائلون بالوجوب
فاستدلوا بقول الله تعالى: (لقدكان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر) الأحزاب:21.
و كلنا يرجو الله و اليوم الآخر!
2 ـ و القول الثاني:
أنه مستحب، لأن فعل النبي صلى الله عليه و سلم إياه على وجه القربة يقتضي أن نفعله، و الأصل عدم العقوبة على الترك و براءة الذمة.
هذا هو الأصل، فحينئذ يترجح فعله بدون عقاب على تركه.
و هذا القول الثاني أصح،أنه مستحب،ما لم يقم دليل على الوجوب.
3 ـ و أما التوقف:
فهو قول الانسان الورع الذي يقول: أنا أفعله، و لا أقول: واجب و لا غير واجب.
و هذا لا شك أنه ورع، لكن ينبغي أن أقول: إنه واجب أو مستحب، لأن الفرق بينهما عظيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/342)
فالواجب إذا تركه الانسان أثم، و أما المستحب فلا، و أيضا الواجب ثوابه أكثر، فالانسان يحتسب على الله ثوابا أكثر من ثواب المستحب، و هذه نقطة قد لا يفهمها الانسان كثيرا أو يغفل عنها.
الفائدة 226
قال رحمه الله:
108 ـ ....... و أما ........ ما لم يكن بقربة يسمى
109 ـفإنه في حقه مباحُ .... و فعله أيضا لنا يباحُ
هذان البيتان يتعلقان بالذي لم يبين لنا أنه فعله صلى الله عليه و سلم على سبيل القربة، و هو ما فعله عادة أو جبلة.
أما الجبلة فلا يمكن نصفه بحكم، لا واجب، و لا مستحب، و لا مباح، لأنه جبلة، فالانسان متى جاءه النوم نام، و لا يقدر الانسان على ترك النوم أبدا، إذن لا نصف هذا، لا نقول:واجب، و لا مباح، ولا حرام من حيث هو، لكن قد نقول: إنه واجب إذا أنهكه السهر، و قد نقول: حرام.
إذا نام عن صلاة الجماعة مثلا، لكن هو من حيث هو، النوم طبيعة و جبلة، ما يوصف بحكم.
و أما ما فعله صلى الله عليه و سلم على سبيل العادة فكلام المؤلف يقتضي أنه مباح، لكن ينبغي ألا نقتصر على الإباحة، فنقول: ما فعله على سبيل العادة، ففعله مستحب، لكن لا بالعين،بل بالجنس.
مثال ذلك:
في عهد الرسول صلى الله عيه و سلم اعتاد الناسُ أن يلبسوا إزارا و رداءً و عمامة في الغالب، فنقول: كون الناس في ذلك الوقت يلبسون هذا اللباس أفضل و أحسن، لئلا يشذ الانسان عن الناس، و لئلا يكون لباسه شهرة، لكن لو أردنا أن نطبق ذلك في عهدنا الآن، و نأتي إلى الصلاة، كلُّ واحد منا لابسٌ إزارا و رداءً و عمامة،
نقول: هذا شهرة، ليس مستحبا، فالمستحب أن يلبس ما اعتاده الناسُ عندنا، و لهذا كان الصحابةُ لما فتحوا البلادَ صاروا يلبسون لباسَ الناس، لئلا يكون الانسان متميزا، يشتهر في المجالس، يقولون: فلانٌ كذا.
أو يجعلونه نكتة ينكتون به، و لهذا نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن لباس الشهرة.
إذن ما فعله على سبيل العادة فهو مستحب بالجنس، فصار ما فعله على سبيل التعبد عرفتم أحكامه، و ما فعله على سبيل الجبلّة قلنا: لا حكم له، و ما فعله على سبيل العادة قلنا: إنه مستحب، لكن بالجنس، لا بالعين.
الفائدة 227
و هنا سؤال، و هو:
هل يمكن أن يكون فيما فعله على سبيل الجبلة شيء مشروع يتعلق بهذا الجبلي؟
الجواب:
نعم، مثل هيئة النوم على الجنب الأيمن،و أذكار النوم عنده و بعده.
الفائدة 228
ثم قال رحمه الله:
110 ـ و إن أَقَرَّ قولَ غيره جُعِلْ ... كقولِه كذاك فعلٌ قد فُعِلْ
111 ـ و ما جَرَى في عصرِه ثم اطّلع .... عليه إن أَقَرَّه فلْيُتَّبَعْ
هذه ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
إذ أقرَّ قول غيره، يقول المؤلف: فإنه كقوله لكن كقوله حكما، ليس كقوله صريحا فإقراره الجارية لما قالت: إن الله في السماء.
كقوله هو إن الله في السماء.
القسم الثاني:
إقراره الفعل كفعله حكما، لكن لا يكون مشروعا، فكونه أقرَّ الرجل على قراءة: (قل هو الله أحد) آخر كل قراءة، ليس كفعله هو، لأنه لو فعله الرسول صلى الله عليه و سلم لكان سنة و تشريعا، لكن كفعله حكما ن فلا إنكار فيه.
القسم الثالث:
و هو ما فعل في عهده صلى الله عليه و سلم و اطلع عليه، و سكت عنه، و هو عبادة فيكون غير بدعة.
و قوله: و اطلع عليه.
ظاهره أنه إذا لم يطلع فليس كذلك، و لكن الصحيح أنه يكون مشوعا أو مباحا حسب ما تقتضيه الحال، و إن لم يطلع عيه، لأن ما لم يطلع عليه الرسول صلى الله عليه و سلم فقد اطلع عليه الله عز و جل.
و بهذا انتهى هذا الفصل، و هو فصل الأفعال، و نسأل الله أن يعيننا على العلم النافع، و العمل الصالح.
***********
الحمد لله على تمام باب الأفعال .....
أحبتي في الله انتظرونا مع باب النسخ ...
أبشروا يا أصحاب ....
فالنهاية على الأبواب ...
نسأل الله التوفيق للحق و الصواب ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 10 - 09, 09:07 ص]ـ
للعلم، فإننا في نهاية الشريط الخامس، و في مطلع باب النسخ القادم ببضع أسطر فقط، نكون قد باشرنا الشريط السادس، و بهذا نكون قد أتممنا 5 أشرطة كاملة من شرح الشيخ العثيمين رحمه الله، تبقى 3 أشرطة فقط، تنقضي بسرعة البرق، و لا نشعر إلا و قد أتممنا الشرح كاملا إن شاء الله، فنكون قد درسنا شرحا من أفضل الشروح لنظم الورقات بتوفيق الله، و حينها لكل حادث حديث!! ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 10 - 09, 08:05 م]ـ
بارك الله فيك أخي أسامة طارق على التشجيع و المتابعة .....
آمل أن تستفيدوا من هذه المذاكرة الطيبة، و أن تعجبكم و تنال رضاكم ...
أبشروا فالأبواب المتبقية قليلة ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[07 - 10 - 09, 02:45 م]ـ
للرفع ...
ـ[سفيان العباسي]ــــــــ[10 - 10 - 09, 03:02 م]ـ
تسجيل متابعة
بورك فيكم
ولو تجعلها في ملف وورد منسق عند الإنتهاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/343)
ـ[علاء ابراهيم]ــــــــ[11 - 10 - 09, 11:34 ص]ـ
شرح الشيخ صالح آل الشيخ لمتن الورقات غاية في القوة فهو شرح محكم وموسع ولا يستغنى عنه من يريد التوسع في دراسة هذا العلم ويعيبه فقط عدم إكتماله أما شرح الشيخ العثيمين رحمه الله علي النظم فهو لمن يريد أن يحيط بخلاصة هذا العلم الهام.
ـ[طالبة الفقه]ــــــــ[11 - 10 - 09, 12:15 م]ـ
شكر الله لكم
لو يتم جمعها في ملف واحد لتكون الفائدة أكبر!!
كما ذكر ذلك الأخ الفاضل سفيان العباسي ..
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 10 - 09, 04:23 م]ـ
بارك الله فيكم إخوتي الأفاضل ....
و الله أثلجتم صدري بهذه الردود و التعليقات الطيبة ....
نعم، في نيتي بالتأكيد، رفع هذه الفوائد في ملف وورد، و لكن بعد التنسيق، و عنونة الفوائد و الفقرات، ليسهل على إخوتي قراءة الشرح، و التركيز بكل سهولة، في أي موضع كان ....
بإذن الله تعالى ...
و قبل ذلك ...
إذا تم رفع كل الفوائد، سأجعل أسئلة بعدها للمراجعة مع الأجوبة ....
ثم بإذن الله، سأرفع ملخصا لهذا الشرح، يكون في بضع أسطر، سردا، يعين على استذكار الشرح في وقت وجيز إن شاء الله ....
فابقوا معنا إخوتي الكرام ...
(ترقبوا موضوع حفظ نظم الورقات!! ... إن شاء الله)
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[17 - 10 - 09, 06:30 م]ـ
اللهُ أَكْبَرْ .. نسْأَلُ اللهَ أن يَزِيْدَ منْ عَدَدِ المُستَفِيْدِيْنَ .. وأنْ يَزِيْدَ منْ هِمَّةِ أَخِيْنَاْ الهُمَاْمْ أبي هَمَّاْمْ! ّ
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[18 - 10 - 09, 03:19 م]ـ
و الله سعدت بك كثيرا أخي محمد الجعبة ...... !!!!!
دائما تشجعنا و تحفزنا بكلماتك الطيبة، و بإعرابك الجيد للكلمات (ابتسامة) ....
و عسى أن ييسر الله عقد مذاكرات جماعية في النحو ..... (مع مفاجآت نحوية طيبة تسر إخوتي إن شاء الله)
بلغ سلامي الحار للأخ الفاضل محمد زين و سائر الإخوة الكرام و بخاصةعشاق اللغة العربية (ابتسامة)
ـ[مُسلم ابو يوسف]ــــــــ[18 - 10 - 09, 04:04 م]ـ
ماشاء الله لا قوة إلا بالله
جزاكم الله خيراً أخي الكريم على هذا الجهد الطيب
مُتابع معكم بإذن الله
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[18 - 10 - 09, 06:59 م]ـ
حَيَّاْكَ اللهُ يَاْ أَبَاْ هَمَّاْمْ ..
وَحَفِظَكَ اللهُ مِنْ كُلِّ سُوْءٍ
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:13 م]ـ
ماشاء الله لا قوة إلا بالله
جزاكم الله خيراً أخي الكريم على هذا الجهد الطيب
مُتابع معكم بإذن الله
أهلا و سهلا بك أخي الكريم: مسلم أبو يوسف، شرفتم الموضوع، و أنت جزاك الله خيرا على التشجيع، نسأل الله أن ينتفع الجميع ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:17 م]ـ
حَيَّاْكَ اللهُ يَاْ أَبَاْ هَمَّاْمْ ..
وَحَفِظَكَ اللهُ مِنْ كُلِّ سُوْءٍ
ممتاز يا محمد، على إعرابك المسدد، و نسأل الله أن يتقبل منك الدعاء، و يحفظك من كل بلاء، و يشفيك من كل داء، و نسأل الله مثل ذلك لسائر الأعضاء و الأصدقاء!! ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:22 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
باب النسخ
كان الذي ينبغي أن يذكر المؤلف رحمه الله بابَ النسخ بعد باب العام و الخاص، لأن التخصيص نسخ الحكم في بعض الأفراد، و النسخ رفعُ الحكم عن جميع الأفراد، لكن على كل حال المؤلف رحمه الله هكذا رتّب.
الفائدة 229
يقول له تعريفان، تعريف لغوي و تعريف شرعي.
الفائدة 230
(تعريف النسخ لغة)
أما اللغوي فقال:
112 ـ النسخُ نقلٌ أو إزالةٌ كما ... حَكَوْهُ عن أهل ِاللسان فيهما
قوله: أهل اللسان، يعني به: أهل اللغة.
فالنسخ في اللغة: نقل أو إزالة.
الفائدة 230
مثال النسخ بمعنى الإزالة قولهم:
نسخت الشمسُ الظلَّ، يعني: أزالته، لأن الشمسَ أول ما تطلع يكون لها ظل للأشياء الشاخصة، و لا يزال يتناقص حتى يزول، و يتجه الظل إلى المشرق، فهذا يسمى نسخا.
الفائدة 231
و مثال النسخ بمعنى النقل قولهم:
نسختُ الكتابَ، أي نقلته، هذا في اللغة.
و بعضهم يقول: لا يصح أن نقول: إنه النقل، لأنك لم تنقل الكتاب الأول، و لكن قل: أو ما يشبه النقل.
لكن أكثر المعرفين يقولون: إنه النقل.
ثم يقولون: نقل كل شيء بحسبه،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/344)
إذ إنني إذا قلت: نقلت الكتاب، لا أحد يفهم أنني نقلت الكلمات بيدي!، و وضعتها في الكتاب الثاني!، و الأمور لا ينبغي أن نتنطع فيها!، بل إذا فهم المعنى عن قرب، فلا حاجة إلى التنطع.
و على هذا فتبقى على ما قاله أكثر العلماء بأن النسخَ هو الإزالة أو النقلُ. هذا في اللغة.
*****************
(هنا ينتهي الشريط الخامس بحمد الله و يبدأ الشريط السادس)
*****************
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:28 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ....
الفائدة 231
و أما في الشرع فيقول المؤلف رحمه الله:
113 ـ و حَدُّهُ رفعُ الخطاب اللاحقِ ... ثبوتَ حكم بالخطاب السابقِ
قوله: (و حده).
أي تعريف النسخ في الشرع.
يعني المؤلف رحمه الله: حكم شرعي ثابتٌ بدليل شرعي يأتي دليل شرعي بعده ثم يرفعه.
هذا يسمى نسخا، و لهذا نقول في تعريفه الجامع المانع: النسخ هو رفع حكم دليل شرعي أو لفظه ـ يعني أو: رفع لفظه ـ بدليل شرعي. و لا يمكن هذا إلا عن طريق الكتاب و السنة، فالاجماع لا ينسخ، و القياس أيضا لا ينسخ، إنما الذي ينسخ هو الدليل الشرعي، الكتاب أو السنة.
الفائدة 232
و النسخ ثابت شرعا، جائز عقلا.
الفائدة 233
(دليل ثبوت النسخ شرعا من الكتاب و السنة)
أما الكتابُ:
فقد قال الله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) البقرة / 106.
و هذا واضح أن الله قد ينسخ بعض الآيات، و يأتي بخير منها، و قد وقع ذلك، فقد قال الله تبارك و تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) الأنفال / 65.
ثم قال سبحانه: (الآن خفف الله عنكم) يعني: قبل فيه تثقيل (و علم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين).
و هذا نص صريح في النسخ.
و قال تبارك و تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم و أنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم و عفا عنكم فالآن باشروهن) البقرة / 187.
و أما السنة:
فقد قال صلى الله عليه و سلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها).
الفائدة 234
إذن النسخ ثابت بالقرآن و السنة.
و هو أيضا مقتضى الحكمة!
و ذلك أن الناس قد تختلف المصالح باختلاف أوقاتهم و باختلاف أحوالهم، فتجد بعض الأشياء تصلح في وقت، و لا تصلح في وقت آخر، و لهذا جاءت الشريعة الاسلامية بالتدرج، فالخمر مثلا أحل لنا، ثم عُرِّضَ لنا بتحريمه، ثم منعنا منه عند الصلوات، ثم منعنا منه مطلقا، كل ذلك مراعاة لمصلحة العباد.
و قد نص الله تعالى على النسخ في شريعة اليهود، فقال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلّت لهم) النساء: 160.
و الغريب أن اليهود، عليهم لعائن الله، ينكرون النسخ،
و يقولون: إن النسخ يستلزم البداءة على الله!،
و البداءة يعني: أنه بدا له العلم بعد أن نسخ، فكان بالأول يجهل أن هذه الشريعة الناسخة هي الأصلح، ثم علم بعد ذلك، فيقال لهم: أنتم الآن كذبتم التوراة، لأن الله يقول: (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة) آل عمران: 93.
و لما نزلت التوراة حرم فيها ما حرم، قال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) النساء: 160.
(تنبيه مهم)
و كونه يستلزم البداءة على الله، هذا ليس بلازم:
إذ أن الله تعالى يعلم أن الحكم في هذا الزمان أصلح من الحكم الثاني، و أن الحكم الثاني في وقته أصلح من الحكم الأول، فلا بداءة، فعلم الله تعالى واحد، و المتغير هي الأحوال.
الفائدة 235
قوله رحمه لله:
(رفع الخطاب اللاحق ثبوتَ حكم).
ثبوتَ: هذه مفعول به للمصدر "رفعُ"، فهذا من باب عمل المصدر فيما بعده إذا أضيف، و منه قوله تعالى: (و لولا دفع الله الناس) الحج: 40.
و معنى البيت أن يرفع الخطاب اللاحق، و هو الثاني، ثبوت الحكم بالخطاب السابق، و هو الأول، فالمنسوخ هو السابق، و للاحق هو الناسخ.
الفائدة 236
ثم قال رحمه الله:
114 ـ رفعا على وجه أتى لولاهُ ... لكان ذاك ثابتا كما هُو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/345)
هذا البيت احترازا مما إذا رفع الحكم عن الشخص لحال تستدعي ذلك، كرفع وجوب القيام في الصلاة للعاجز، فهذا لا يقال: نسخ، لأنه وجدت حال تقتضي التخفيف، فخفف، و هنا يقول: لولاه لكان ذاك ثابتا.
و الآن وجوب القيام ثابت،و لكن رفع الحكم عن هذا العاجز لسبب.
الفائدة 237
ثم قال رحمه الله:
115 ـ إذا تراخى عنه في الزمان ... ما بعده من الخطاب الثاني
يعني: يشترط المؤلف رحمه الله أن يكون الثاني، و هو الناسخ، متأخرا عن الأول، و التراخي في كل شيء بحسبه، قد يتراخى لمدة شهر، أو شهرين، أو سنة، أوسنتين، و قد يتراخى ساعة أو ساعتين، و قد يقترن بالأول إذا أمكن تنفيذ الحكم، بل على القول الراجح يمكن النسخ قبل التمكن من فعل المنسوخ، المهم أن يثبت الحكم، ثم يأتي ما ينسخه.
الفائدة 238
(أقسام النسخ باعتبار بقاء المنسوخ و عدمه)
ثم قال رحمه الله:
116 ـ و جاز نسخُ الرسم دون الحكم ... كذاك نسخُ الحكم دون الرسم
117 ـ و نسخ كل منهما إلى بدل ... ودونه و ذاك تخفيف حصلْ
118 ـ و جاز أيضا كون ذلك البدل ... أخفَّ أو أشدَّ مما قد بطل
أفادنا المؤلف رحمه الله أن النسخ ينقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث الناسخُ و المنسوخُ:
الأول: يجوز نسخ الرسم دون الحكم
و المراد بالرسم هنا اللفظ، يعني: يجوز أن ينسخ اللفظ، و يبقى حكمه.
و منه آية الرجم، فآية الرجم نزلت، و قرأها الصحابة، و عقلوها، و وعوها، و نفذت فعلا، ثم بعد ذلك نسخ اللفظ، و بقي الحكمُ، فآية الرجم ليست موجودة، لكن نعلم أنها كانت موجودة، ثم نسخت، و ارجم لم يرفع كحكم شرعي.
إذا: هذا نسخ اللفظ دون الحكم.
فإذا قال قائل: ما الفائدة من نسخ اللفظ مع بقاء الحكم، و لماذا لم يبق اللفظ خصوصا في القرآن ليزداد تعبد الناس به، لأن تلاوة القرآن عبادة؟ فأي فائدة؟!
نقول: الفائدة، و الله أعلم، هي:
ـ بيان امتثال هذه الأمة لأمر الله و تنفيذها لحكمه،
ـ و بيان فضيلتها و ميزتها على من سبق من الأمم،
لأن اليهود أنكروا الرجم، مع أنه ثابت في الآية في التوراة ـ يعني: لفظه و حكمه باق ـ و مع ذلك استكبروا عنه، و قصة الرجل اليهودي الذي زنى بامرأة، و أتيا إلى الرسول صلى الله عليه و سلم لعله يجد حكما دون الرجم، فأمر برجمهما، فقالوا: هذا ليس عندنا. حتى أتي بالتوراة، فإذا بآية الرجم موجودة.
إذا: الفائدة بيانُ امتثال هذه الأمة لحكم الله، و لو كان منسوخَ اللفظ، و لا تستكبر عن حكم الله أبدا، و لو لم يكن أمامها.
الثاني: نسخ الحكم دون لفظه
، يعني: نسخ الحكم، و اللفظ باقٍ.
و منه ما تلوناه عليكم من آية الصيام و آية المصابرة، فالمنسوخ باقٍ لفظه. ما الفائدة؟؟
الفائدة من بقاء لفظه:
1ـ زيادة الأجر بالتلاوة، لأنه لو نسخ لفظه لم يحصل لنا أجر.
2ـ تذكير العباد بنعمة الله علينا، فيذكر العباد بهذه النعمة إذا كان من الأثقل إلى الأخف، أو يذكرون بحسن ترتيب الشريعة إذا كان من الأخف إلى الأثقل.
الثالث: نسخ اللفظ و الحكم معاً.
و مثّلوا لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها، في الرضاعة، قالت رضي الله عنها: كان فيما أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هن فيما يقرأ من القرآن.
فمن حيث اللفظ: ليس في القرآن أن الرضاع عشر رضعات.
و أما الحكم: فقد انتقل إلى الخمس.
إذا فالعشر فيها نسخ اللفظ و الحكم، و الخمس فيها نسخ اللفظ و بقاء الحكم.
إذا صار النسخ ينقسم إلى ثلاثة أقسام باعتبار بقاء المنسوخ و عدمه.
الفائدة 239
(أقسام النسخ من جهة أخرى)
و كذلك ينقسم النسخ، من جهة أخرى إلى أقسام:
1 ـ إلى بدل
2 ـ و دونه
أي: إلى بدل و إلى غير بدل،
بمعنى أنه ينتقل الناس من الحكم الأول، و يعفى عنه إلى غير بدل، أو إلى بدل، و البدل قد يكون أخف أو أثقل أو مساويا.
فيكون التقسيم أولا إلى بدل و إلى غير بدل:
1 ـ إلى بدل: بمعنى أن ينسخ الحكم الأول، و يحل محله حكم ثان.
2 ـ إلى غير بدل: ينسخ الحكم، و لا يحل محله حكم ثان.
الفائدة 240
الأول: إلى غير بدل، و مثلوا له:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/346)
1 ـبنسخ وجوب الصدقة بين يدي مناجاة الرسول صلى الله عليه و سلم، فلقد كان المؤمنون مأمورين أولا ألا يخاطِبَ الرسولَ أحدٌ منهم إلا إذا قدم صدقة، ثم نسخ بعد هذا، فيكون ها النسخ إلى غير بدل.
2 ـوكذلك مثال آخر:
نسخُ وجوب اللزوم للصائم إذا نام، فلقد كان الأمر أول ما نزل الصيام أن الانسان إذا نام امتنع عن الأكل إلى أن تغرب الشمس من اليوم التالي، ثم نسخ هذا.
و هل نسخ إلى بدل أم إلى غير بدل؟
يعني: هل نسخ على أن يفعلوا كذا بدله، أو نسخ تخفيفا، و حلَّ الحكمُ الخفيفُ؟
الجواب: الثاني.
إذا فالمثال الذي لا يرد عليه شيء هو نسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي الرسول صلى الله عليه و سلم.
الفائدة 241
الثاني: إلى بدل.
و اعلم أن البدل قد يكون أخف أو أثقل أو مساويا.
مثالُ الأخف:
آية المصابرة، كان الواجب أولا أن العشرين يغلبون مائتين ـ يعني: الرجل عن عشرة ـ ثم نسخ إلى أن المائتين يغلبون اربعمائة.
مثال أن يكون البدل أثقل:
أول ما فرض الصيام كان الانسان خيرا بين أن يصوم أو يعم عن كل يوم مسكينا، ثم تعين الصيام، أيهما أثقل على الانسان؟ الثاني!!
ليش؟؟
لأن التخيير أوسع للانسان من التعيين.
مثال أن يكون البدل مساويا:
كان الواجب أولا أن يستقبل الانسان بيت المقدس في الصلاة، ثم نسخ إلى استقبال الكعبة، أيهما أهون؟؟ كلاهما واحد، الانسان واقف، سواء اتجه إلى كذا، أو إلى كذا، أو إلى كذا، كله واحد بالنسبة للمكلف، ليس فيه فرق أن هذا أثقل أو أخف.
الفائدة 242
فإذا قال قائل: بينوا ما هي الحكمة فيما إذا نسخ الشيء من شيء أخف إلى أثقل؟
نقول: الحكمة أمران:
الأول: ابتلاء الناس بالقبول و عدمه، هل الانسان يقول: أنا لا أنتقل من الخفيف إلى الأثقل، و إذا كان الأمر إلى خفيف أهلا و سهلا، و إذا كان إلى غير خفيف لا، و هذا فيه امتحان.
الثاني:بيان حكمة الله في التدرج في التشريع أنه يقابل الناس بالأهون حتى تستقبل نفوسهم الحكم الثاني بكل سهولة.
الفائدة 243
و إذا قال قائل: ما الحكمة في نسخه من الأثقل إلى الأخف؟
نقول: الحكمة ظاهرة، و هي:
1 ـ التخفيف على العباد.
2 ـ بيان رحمة الله عز و جل بعباده حيث خفف عن العباد.
الفائدة 244
و إذا قلت: ما الفائدة من النسخ إلى مساو؟
نقول: هذا لا يمكن أن يقع مع التساوي من كل وجه، لكنه باعتبار فعل المكلف صحيح، أما باعتبار الحكم فلا، و الحكمة أن بيت الله الحرام أولى أن يستقبل من بيت المقدس، على أن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة، و إن جميع الأنبياء قبلتهم هي الكعبة، لكن استقبال بيت المقدس من تصرف أحفاد اليهود أو النصارى.
إذا نقول: إن هذا النسخ إلى بدل مماثل، هذا باعتبار المكلف، لكن بالنسبة للحكم، فلا بد أن يكون المنسوخ إليه أولى بالحكم من المنسوخ، لا شك في هذا.
و يقال: إن الرسول صلى الله عليه و سلم استقبل بيت المقدس لما وصل إلى المدينة، تأليفا لليهود، و كان أول ما قدم المدينة يحب موافقة اليهود فيما لم ينه عنه
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:33 م]ـ
الفائدة 245
... و لما ذكر المؤلف رحمه الله النسخَ و أقسامه، و أنه جائز عقلا، و واقع شرعا ذكر بماذا يكون النسخُ فقال:
119 ـ ثم الكتاب بالكتاب ينسخُ ... كسنة بسنة فتُنْسَخُ
يعني: نسخُ القرآن بالقرآن، فهذا ثابت، و منه قوله تعالى تبارك و تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا يفقهون (65) الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين بإذن الله و الله مع الصابرين)
الأنفال: 65ـ66.
فهذا نسخ قرآن بقرآن، و هذا واضح.
الفائدة 246
و قوله رحمه الله: كسنة بسنة فتنسخ.
يعني رحمه الله:
كما تنسخ السنة بالسنة، و هذا أيضا ظاهر، و مثاله قوله صلى الله عليه و سلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها).
الفائدة 247
ثم قال رحمه الله:
120 ـ و لم يجز أن ينسخ الكتابُ ... بسنة بل عكسه صوابُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/347)
يعني رحمه الله: أنه يمتنع أن ينسخ القرآن بسنة، قالوا: لأن القرآن متواتر، أما السنة فلست متواترة، و لهذا فصل بعضهم فقال:
يجوز أن ينسخ القرآن بالسنة المتواترة، و لا يجوز أن ينسخ بالآحاد، و لكن الصحيح أنه إذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم
، و كان ناسخا للقرآن أنه يعمل به،
و لكن بشرطي النسخ، و هما:
1 ـ ألا يمكن الجمع، فإن أمكن الجمع لا نسخ.
2 ـ و أن يعلم تأخر الناسخ، فإن شككنا فيه يجب التوقف.
و على ها فنقول: الصواب أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة إذا صحت عن النبي صلى الله عله و سلم، لأن النسخ محله الحكم، و الحكم يثبت بالقرآن و السنة، فإذا صحت عن الرسول صلى الله عليه و سلم نسخت، و مع هذا فإننا لا نحفظ إلا مثالا واحدا في قوله تعالى: (و اللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا و أصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما) النساء 16.
هذا في الذكرين يأتيان الفاحشة فيما بينهما، و هو اللواط، أمر الله أن نؤذيهما و أنهما إذا تابا و أصلحا فإننا نعرض عنهما.
ثم جاءت السنة: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به).
لكنّ هذا الحديث لا يتحققُ فيه الشرطُ الذي قلنا، و هو الصحة، إلا أن هذا الحديث تأيّدَ بعمل الصحابة، فقد أجمع الصحابة على قتل الفاعل و المفعول به، لكن اختلفوا كيف يكون القتل، كما نقل ذلك ابن تيمية و غيره.
الفائدة 248
و قوله رحمه الله: بل عكسه صواب.
أي: أن نسخ السنة بالكتاب هو الصواب، و الصوبُ أن النسخ يكون بالقرآن و بالسنة، بعضهما مع بعض، لكن يشترط في السنة أن تصح إلى النبي صلى الله عليه و سلم.
الفائدة 249
ثم قال رحمه الله:
121 ـ و ذو تواتر بمثله نسخ ... و غيره بغيره فلينتسخْ
قوله: و غيره، يعني: غير المتواتر.
و قوله: بغيره، يعني: بغير المتواتر.
أفادنا المؤلف رحمه الله في هذا البيت أنه يجوز نسخ المتواتر بالمتواتر، و نسخُ الآحاد بالمتواتر، و يجوز نسخُ الآحاد بالآحاد.
و لا يجوز نسخُ المتواتر بالآحاد، لأنه على كلام المؤلف لا يجوز أن يكون الناسخ أضعف، و معلم أن الآحاد أضعف من المتواتر، لكن في كلامه نظرا، و الصوابُ أن المدار على الصحة.
الفائدة 250
ثم قال رحمه الله:
122 ـ و اختار قومٌ نسخَ ما تواترا ... بغيره و عكسُه حَتْمًا يُرَى
قوله: بغيره. يعني: بغير المتواتر، يعني: ينسخ المتواتر بالآحاد.
و قوله: و عكسه حتما يرى. عكسه، أي: نسخُ الآحاد بالمتواتر.
و قوله: حتما يرى. يعني: أنه يتحتم القول به.
************
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:36 م]ـ
و الخلاصة الآن:
ـ أن النسخ ثابت شرعا و جائز عقلا.
ـ و أنه يشترط للنسخ شرطان:
الشرط 1: عدم إمكان الجمع، يعني أن يتعذر الجمع.
الشرط 2: أن يُعْلَمَ تأخرُ الناسخ.
ـ فإن لم يتعذر الجمع، و جب الجمع و لا نسخ، لأن النسخ يعني إبطال أحد النصين.
ـ و إن تعذر الجمع و لم نعلم المتأخر فإنه لا نسخ، إذا ماذا نصنع؟
يجب أن نذهب إلى الترجيح! فإن لم نجد المرجح، وجب التوقف!!
ـ و هل يشترط أن يكون الناسخ أعلى ثبوتا من المنسوخ؟
الصحيح أنه لا يشترط، إذا صحَّ (أي إذا صح الناسخ).
*****************
تم بحمد الله باب النسخ .....
أبشروا يا إخوتي الأفاضل ... بقيت سبعة أبواب فقط، و ننهي هذا الشرح المبارك!!
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:39 م]ـ
و الأبواب المتبقية هي:
1ـ باب التعارض بين الأدلة و الترجيح
2ـ باب الإجماع
3ـ باب الأخبار و حكمها
4ـ باب القياس
5ـ باب ترتيب الأدلة
6ـ باب في: المفتي و المستفتي و التقليد
7ـ فصل في الاجتهاد.
نسأل الله التوفيق و السداد .....
في القول و العمل و الاعتقاد ....
بارك الله في كل من قرأ و استفاد ....
و شارك معنا في هذا الموضوع الطيب و أفاد ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[24 - 10 - 09, 08:59 م]ـ
للرفع و النفع .....
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[29 - 10 - 09, 11:34 م]ـ
للرفع ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[02 - 11 - 09, 12:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/348)
هذا عود على بدء بعد غياب طال عن هذه المذاكرة الطيبة، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يرزقنا العمل بما علمنا. آمين
ثم الشكر موصول إلى أخينا أبي همام كفاه الله ما أهمه ورفع درجته وجزاه خيرا على هذا المجهود الطيب.
وبعد فهذه جملة من النكت والفوائد على شرح الشيخ ابن عثمينن رحمه الله تعالى ورفع درجته وجزاه عنا وعن الإسلام خيرا، جمعتها من الشروح الأخرى لهذا المتن، فأسأل الله التوفيق والسداد
الفائدة 123
قال المؤلف رحمه الله:
65ـ و أمرُنا بالشيء نهيٌ مانعُ ... من ضده و العكسُ أيضا واقعُ
يعنيبذلكالمؤلف رحمه الله:
أن الأمر بالشيء نهى عن ضده، و النهي عن الشيء أمر بضده.
هكذا قال المؤلف رحمه الله تعالى، و هذه مسألة فيها نزاع بين العلماء رحمهم الله تعالى، و هي قسمان:
1ـ الأمر بالشيء هل هو نهى عن ضده؟
الجواب: لا، ليس الأمر بالشيء نهيا عن ضده، إلا أن يكون ضده مفهوما من الأمر، فإذا قيل: افعل كذا، افعل كذا.
فهل هو نهي عن تركه، على كلام المؤلف يقتضي أن يكون نهيا عن تركه، و ليس كذلك.
فمثلا: لو أن رجلا ترك السواك عند الصلاة، هل نقول: إنه وقع في مكروه؟
الجواب: لا، نقول: ترك مستحبا، و لكنه لم يقع في مكروه، فلا بلزم من ترك المأمور الوقوع في ضده، فمن ترك سنة لا نقول: إنه فعل مكروها.
مثال آخر: لو قيل:ارفع يديك عند تكبيرة الإحرام، و عند الركوع، و عند الرفع منه، و عند القيام من التشهد الأول، فهل إذا لم أرفع أكون واقعا في النهي؟
المؤلف يرى أنك واقع في النهي، و هذا ليس بصحيح، بل يقال: الأمر بالشيء، يعني: الحثَّ على فعله، إما وجوبا، و إما استحبابا.
و مثال الواجب: أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالركوع، فهل هذا نهي عن ضده، نهى عن السجود؟
الجواب: لا، و لهذا نقول: الضد إذا كان هو عين النهي، فهذا صحيح أن نقول:
الأمر بالركوع نهي عن ترك الركوع، لأن ترك الركوع نفس الذي وقع فيه النهي.
إذا تقرر أن الأمر للوجوب فإن الأمر به لا يكون كما قال المصنف "نهي مانع من ضده" وإنما نهي عن جميع أضداده والنهي عن الشيء أمر بالتلبس بأحد أضداده، وهو ما قرره الشيخ عياض السلمي في شرحه ووافقه الشيخ أحمد بن حميد في شرحه على شرح المحلي والشيخ عبد الله الفوزان في شرحه أيضا ...
فيكون الأمر بالقيام مثلا نهي عن جميع ما يضاده من جلوس واتكاء واضطجاع ... ولا اعتراض حينئذ على المثال الذي ذكره الشيخ رحمه الله من أن الأمر بالركوع نهي عن السجود لأن الركوع إنما هو مأمور به في الصلاة وحينها لا يكون الركوع صحيحا حتى ينتهي من كل ما يضاده من سجود وقيام وجلوس ...
وما ذكره الشيخ رحمه الله من أن السواك مأمور به ومع ذلك فإن تركه لا يكون مكروها، فالجواب عن ذلك أن السواك مأمور به أمر استحباب لا إيجاب وترك المستحب لا يكون مكروها ولكنه يكون خلاف الأولى كما قرر ذلك الشيخ الفوزان في شرحه حيث قال حفظه الله: "والثالث من الاصطلاحات في لفظ المكروه: ترك الأولى. وهذا أهمله جمهور الأصوليين. وذكره الفقهاء وهو واسطة بين الكراهة والإباحة. والفرق بين المكروه وخلاف الأولى: أن ما ورد فيه نهي مقصود يقال فيه مكروه كما تقدم. وما ليس فيه نهي مقصود يقال فيه: خلاف الأولى، ولا يقال مكروه كترك سنة الظهر - مثلاً - قال في البحر المحيط بعد أن عرض أقوال العلماء (والتحقيق أن خلاف الأولى قسم من المكروه ودرجات المكروه تتفاوت كما في السنة ولا ينبغي أن يعد قسماً آخر وإلا لكانت الأحكام ستة وهو خلاف المعروف أو كان خلاف الأولى خارجاً عن الشريعة وليس كذلك." اهـ
أقر ذلك أيضا الشيخ ابن حميد في شرحه.
و أما قولنا "النهي عن الشيء أمر بالتلبس بأحد أضداده" فمثاله النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط أمر بالتلبس بأحد أضداد ذلك من تشريق وتغريب ...
والله تعالى أعلم
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[02 - 11 - 09, 03:19 م]ـ
في المتابعة بارك الله فيك أخي الكريم أبا بكر التونسي ....
واصل وصلك الله بطاعته ....
فوائدك قيمة تدل على مجهود كبير في متابعة الشروح و المقارنة بينها و تتبع المسائل و تعليق كل شارح عليها ....
جزاك الله خيرا ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/349)
سأحاول بإذن الله إتمام فوائد الشيخ قريبا و التفاعل أكثر مع هذه المذاكرة الطيبة ...
في انتظار بقية إخواننا الأفاضل .... !!!
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[02 - 11 - 09, 04:00 م]ـ
ما شاء الله عليك يا أبّا همّام .. قرأت أكثر الشرح المختصر ..
الله يحفظك على هذه الهمّة الطيبة ..
المتابع الصامت: أبو الهمام
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[02 - 11 - 09, 04:54 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا همام وفي الإخوة جميعا
نسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى
مسألة: هل النهي يقتضي الفساد؟
الفساد، كما سبق في قوله "والفاسد الذي به لم تعتدد ... " عدم الإعتداد في باب العبادات وعدم النفوذ في العقود ونحوها
وهي مسألة كبيرة اختلف فيها العلماء على أقوال، وليس المراد هاهنا أن نحفظ تفاصيل الخلاف فليس هذا موضعه حيث أننا في أول الطريق وإنما أردت أن يعلم أن المسألة خلافية وأن من أفتى على وفق أحد الأقوال منها لم يكن قوله منكرا.
فمنهم من يحكم على المنهي عنه بالفساد مطلقا، على أي جهة كان، وهذا قول ينسب للإمام أحمد، وهو قول الظاهرية، واختاره الشيخ الحازمي في شرحه واستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وأنه يكاد يكون إجماعا من الصحابة أنهم استدلوا على فساد العقود بالنهي عنها.
يقابل هؤلاء طائفة من الفقهاء والعلماء، قالوا إنّ النهي يقتضي الفساد، ويدل على فساد المنهي عنه، لكن في حال واحدة وهي إذا كان النهي لعين الشيء، أما إذا كان النهي للوصف، فلا يحكم بالفساد، يحكم بالصحة وفساد هذا الوصف، وهذا قول الحنفية.
وقال آخرون النهي إذا تعلق بعين المنهي عنه أو بوصفه الملازم فإنه يدل على فساد المنهي عنه، وهذا قول الشافعية وطائفة من الحنابلة وقول كثير من الفقهاء.
والقول الرابع في المسألة، وهو الذي رجحه الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه وهو أن النهي يقتضي الفساد، ويدل على فساد المنهي عنه إذا كان النهي راجعا لعين المنهي عنه، أو لركنه، أو لشرطه، أو لوصفه الملازم.
- وقولنا راجا لعين المنهي عنه، يعني نفس الشيء لا لصفته مثل نهي الشرك والزنا ...
- وأما ركنه فمثاله في البيع، أن البيع له أركان منها المعقود عليه وهو الثمن والمثمن فإذا كان المثمن منهيا عنه كان العقد فاسدا كأن يبيع لحم خنزير ...
- وأما الشرط فهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته كالطهارة للصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث ما لم يتوضأ) فهاهنا نهى عن الصلاة إلا بالطهارة، فصار النهي عن الصلاة لعدم توفر الشرط، فدل على فساد المنهي عنه.
- وأما الوصف الملازم فهو الذي يلازم النهي، فينهى عن الشيء لا لعينه ولكن لوصفه مثاله قول الله تعالى "لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى" فهذا نهي عن الصلاة بهذا الوصف فمن كان حال صلاته قد لزمه وصف السكر توجه له هذا النهي، فصارت صلاته فاسدة.
والله تعالى أعلم بالصواب
ـ[ابو عبد الرحمن القلموني]ــــــــ[02 - 11 - 09, 07:36 م]ـ
ما شاء الله موضوع مميز.
بارك الله بكل الاخوة الحريصين على نقل العلم.
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[03 - 11 - 09, 02:00 م]ـ
وفيك بارك أبا عبد الرحمن وحياك الله مفيدا ومستفيدا
هكذا قال المؤلف رحمه الله، لكن الصحيح أنهم كلهم داخلون، و أن الناس كلهم داخلون في خطاب الله، لأن الأصل العموم، قال تعالى (يأيها الناس كلوا مما في الأرض) البقرة/168، (يأيها الناس اتقوا ربكم) النساء/1.
(قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) الأعراف/158.
فالصواب أنهم كلهم داخلون، و أن عدم دخول الصغير لكونه ليس أهلا، و كذلك المجنون، و أما الساهي فلا شك أنه داخل في الخطاب، كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام:
(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، و إلا لكان لا صلاة عليه إذا نسى.
فكلهم داخلون، لكن منهم من لم يدخل في الخطاب، لعدم تكليفه، و منهم من لم يدخل، لوجود مانع، أرأيتم الزكاة تجب في مال الصبي، و في مال المجنون، و كذلك الصبي و المجنون يضمنان ـ ما يضمنه البالغ العاقل، فالصواب العموم.
المقصود، والله تعالى أعلم، أن الصبي غير داخل في الخطاب في حال صباه وكذلك الناسي حال نسيانه والساهي حال سهوه والمجنون حال سهوه، وهذا يقر به الشيخ رحمه الله تعالى كما ترى ...
قال الشيخ الحازمي حفظه الله بعدما ذكر أن مناط التكليف العقل والفهم: "لذلك فإن النائم إذا فاتته الصلاة لم نأثمه ولم نقل له إنك داخل في الخطاب لأنه حال نومه لا يفهم. وما جاء به النص فهو استدراك لذلك فإن المغمى عليه، وإن كان فيه خلاف، فإنه لا يؤمر بالقضاء ولو فاتته صلاة واحدة لعدم ورود النص." اهـ
وهاهنا مسألة ذكرها الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله وهي: هل كل نسيان وسهو لا يؤاخذ به العبد؟
الجواب أنّ ما خاطب الله جل وعلا به المؤمنين على أقسام:
- منه ما هو أوامر يجب امتثالها؛ صلاة يجب أن تؤدى، شرط يجب أن يؤتى به، ونحو ذلك.
- ومنه ما هو مناهي؛ متروكات يجب تركها والانتهاء عنها.
فإذا نسي ما أمر به، لم تبرأ عهدته بالنسيان، وإذا تذكر وجب عليه أن يأتي به، كما قال عليه الصلاة والسلام «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» وعليه من صلى على غير طهارة ناسيا ثم تذكر فلا تبرأ ذمته حتى يعيد صلاته بشرطها وإن كان لا إثم عليه لكن ذمته لا تبرأ إلا بذلك. وكذلك من تعدى الميقات غير محرم ناسيا وجب عليه أن يرجع ويحرم من الميقات.
والقسم الثاني منهيات طلب الشارع من المكلف أنْ يتركها، فهذه من وقع فيها ناسيا فإنه لا إثم عليه وليس عليه شيء كمن حلق شعره وهو محرم ناسيا فإنه لا كفارة عليه وكذلك من تكلم في الصلاة أو حمل النجاسة ناسيا فإنه لا يؤمر بإعادتها كما صح بذلك الدليل.
والله تعالى أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/350)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 11 - 09, 07:01 م]ـ
ما شاء الله عليك يا أبّا همّام .. قرأت أكثر الشرح المختصر ..
الله يحفظك على هذه الهمّة الطيبة ..
المتابع الصامت: أبو الهمام
أحسن الله إليك أخي الفاضل أبا الهمام البرقاوي، متابعتك تشرفنا و تزيدنا همة و غبطة، بارك الله فيك .....
و حفظك المولى عز و جل ....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 11 - 09, 07:04 م]ـ
ما شاء الله موضوع مميز.
بارك الله بكل الاخوة الحريصين على نقل العلم.
و فيك بارك الله أخانا المفضال: أبا عبد الرحمن القلموني ...
متميز بكم و بمتابعتكم الطيبة ....
نتشرف بخدمتكم و نفع الجميع .....
ترقبوا الأبواب الأخرى المتبقية بعون الله و توفيقه ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 11 - 09, 07:12 م]ـ
وفيك بارك أبا عبد الرحمن وحياك الله مفيدا ومستفيدا
المقصود، والله تعالى أعلم، أن الصبي غير داخل في الخطاب في حال صباه وكذلك الناسي حال نسيانه والساهي حال سهوه والمجنون حال سهوه، وهذا يقر به الشيخ رحمه الله تعالى كما ترى ...
قال الشيخ الحازمي حفظه الله بعدما ذكر أن مناط التكليف العقل والفهم: "لذلك فإن النائم إذا فاتته الصلاة لم نأثمه ولم نقل له إنك داخل في الخطاب لأنه حال نومه لا يفهم. وما جاء به النص فهو استدراك لذلك فإن المغمى عليه، وإن كان فيه خلاف، فإنه لا يؤمر بالقضاء ولو فاتته صلاة واحدة لعدم ورود النص." اهـ
وهاهنا مسألة ذكرها الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله وهي: هل كل نسيان وسهو لا يؤاخذ به العبد؟
الجواب أنّ ما خاطب الله جل وعلا به المؤمنين على أقسام:
- منه ما هو أوامر يجب امتثالها؛ صلاة يجب أن تؤدى، شرط يجب أن يؤتى به، ونحو ذلك.
- ومنه ما هو مناهي؛ متروكات يجب تركها والانتهاء عنها.
فإذا نسي ما أمر به، لم تبرأ عهدته بالنسيان، وإذا تذكر وجب عليه أن يأتي به، كما قال عليه الصلاة والسلام «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» وعليه من صلى على غير طهارة ناسيا ثم تذكر فلا تبرأ ذمته حتى يعيد صلاته بشرطها وإن كان لا إثم عليه لكن ذمته لا تبرأ إلا بذلك. وكذلك من تعدى الميقات غير محرم ناسيا وجب عليه أن يرجع ويحرم من الميقات.
والقسم الثاني منهيات طلب الشارع من المكلف أنْ يتركها، فهذه من وقع فيها ناسيا فإنه لا إثم عليه وليس عليه شيء كمن حلق شعره وهو محرم ناسيا فإنه لا كفارة عليه وكذلك من تكلم في الصلاة أو حمل النجاسة ناسيا فإنه لا يؤمر بإعادتها كما صح بذلك الدليل.
والله تعالى أعلم
في المتابعة بارك الله فيك ...
واصل وصلك الله بأسباب العلم يا أبا بكر .....
جزاك الله كل خير ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[04 - 11 - 09, 01:20 م]ـ
وفي بارك أخي أبا همام وجزاك خيرا
1ـالعام من أوصاف الألفاظ فيقال: هذا لفظ عام.
قال الشيخ الفوزان حفظه الله: "اعلم أن البحث في دلالات الألفاظ من حيث الشمول وعدمه من المباحث الأصولية المهمة، فإن هناك من الألفاظ ما لا يدل إلا يدل إلا على فرد معين، ومنها ما يدل على فرد غير معين، ومنها ما يدل على أفراد لا حصر لها. كل ذلك جاء في نصوص الكتاب والسنة.
وإذا كان استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة لا يتم إلا بمعرفة شروط الاستدلال كما تقدم كان لزاماً على الأصولي والفقيه أن يعني بدراسة دلالات الألفاظ، ويستفيد من قواعدها وضوابطها."
وقال حفظه الله: "فالعموم من صفات الألفاظ. فيقال: لفظ عام. لأن العام له صيغ تستعمل في العموم لا يستفاد بدونها - كما تقدم في الأمثلة - فإذا وردت الصيغة مجردة عن القرائن دلت على استغراق الجنس، فالعموم من مفهوم لسان العرب. هذا مذهب السلف من صدر هذه الأمة. ومن تابعهم ممن بعدهم. فكانوا يستدلون ويحتجون بنصوص العموم. فيوافق المخالف منهم على صحة الاستدلال. ولنذكر مثالين لذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/351)
الأول: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: وأينا لم يظلم. فنزلت {إن الشرك لظلم عظيم (13)}، ففهم الصحابة رضي الله عنهم العموم في الآية إما من الاسم الموصول {والذين آمنوا} أو من النكرة في سياق النفي {يظلم} ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الفهم. بل جاء البيان أن المراد بالظلم الشرك. قال في فتح الباري: (وفيه الحمل على العموم حتى يرد دليل الخصوص).
المثال الثاني: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. فقالت أم سلمة رضي الله عنها: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخينه شبراً. فقالت: إذن تنكشف أقدامهن: قال: فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه).
ففهمت أم سلمة رضي الله عنها من لفظ (مَنْ) تفيد العموم بدون قرينة. لأن العموم من صفات الألفاظ)." اهـ
العام لفظ دال على أكثر من واحد من غير حصر.
وقال الرازي: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد
فخرج بذلك ما لا يتناول إلا واحدا والنكرة في سياق الإثبات، وقوله "ما يصلح له" اخترازا مما لا يصلح له كقول الله تعالى "وأوتيت من كل شيء" - أي ملكة سبأ- المراد من كل شيء مما يصلح أن يؤتاه الملوك، وخرج أيضا بقوله "بحسب وضع واحد" الألفاظ المشتركة مثل "العين" فإنها تطلق على العين الباصرة وعلى الذهب وعلى عين الماء وعلى الجاسوس ...
وقيل في تعريف العام أيضا "اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله" وقال الطوفي هذا أجود التعاريف.
و لْتَنْحَصِرْ ألفاظه في أربعِ
هي أكثر من ذلك بكثير وقد أوصلها القرافي إلى مائتين وخمسين
ومما أغفله المصنف رحمه الله:
- صيغة "كل"، وهي أم الباب ويلحق بها ما دل على العموم بمادته مثل جميع ومعشر ومعاشر وعامة كافة ونحوها.
- النكرة في سياق النهي نحو قوله تعالى "فلا تدعو مع الله أحدا"
- النكرة في سياق الإستفهام الإنكاري نحو قوله تعالى "هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض"
- النكرة في سياق الشرط: نحو قوله تعالى "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره"
-النكرة في سياق الإثبات في معرض الإمتنان نحو قوله تعالى "فيها فاكهة ونخل ورمان"
- المضاف لمعرفة، سواء كان مفرداً أو جمعاً كقوله تعالى: {وإن تعدّوا نعمت الله لا تحصوها} وقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم}
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 11 - 09, 01:32 م]ـ
في المتابعة وفقك الله أخي ...
نحن متعطشون جدا لمثل هذه الدرر ....
حفظك ربي أخي أبا بكر ....
لا تحرمنا من مشاركاتك الرائعة ...
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[05 - 11 - 09, 12:58 م]ـ
في المتابعة وفقك الله أخي ...
نحن متعطشون جدا لمثل هذه الدرر ....
حفظك ربي أخي أبا بكر ....
لا تحرمنا من مشاركاتك الرائعة ...
رفع الله قدرك أخي الحبيب، أحمد فيك تشجيعك لإخوانك واستنهاضك همم الكسالى والمقصرين من أمثالي ... أسأل الله أن يحول حالي وحال إخواني إلى خير حال ...
وأسألك الدعاء لي ولإخواني هنا خاصة بالحفظ والتثبيت لا سيما هذه الأيام ...
كتب الله أجركم
79ـ ثم العمومُ أُبْطِلَتْ دعواهُ ..... في الفعل بل و ما جَرَى مَجْرَاهُ
ذكر الشيخ ابن حميد حفظه الله أن أهل العلم يفرقون بين الفعل في حال الإثبات وحال النفي
فالفعل في حال إثبات لا يدل على العموم وإنما يدل على أنه حدث مرة كما ذكر الشيخ رحمه الله تعالى.
وأما في حال النفي فإنه يدل على العموم مثاله حديث أبي أيوب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: "لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول"، فهذا فعل منفي يدل على العموم فيشمل داخل البنيان وخارجه وإنما التخصيص دخله من حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
وعلل ذلك الشيخ الفوزان حفظه الله بأن الفعل ينحل عن مصدر وزمن، فالمصدر كامن في معناه إجماعا، فإن كان مثبتا فالمصدر ومثبت، والنكرة في سياق الإثبات لا تعم، إلا في سياق الإمتنان كما أسلفنا الذكر، وإن كان الفعل منفيا فالمصدر منفي، والنكرة في سياق النفي تعم كما مضى.
والله أعلم بالصواب
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/352)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[05 - 11 - 09, 02:37 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله .....
في المتابعة يا رعاك الله ....
وفقك الباري جل و علا لإتمام هذه الفوائد المباركة في خير و عافية، و المشاركة معنا أيضا في غيرها من المذاكرات، فنحن بحاجة إلى همم عالية كهمتك بارك الله فيك ....
ثبتك الله عل طاعته و زادك من فضله ....
ـ[بنت أزد]ــــــــ[05 - 11 - 09, 05:19 م]ـ
متابعة بإذن الله
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[07 - 11 - 09, 12:42 م]ـ
فتح الله عليك أخي الحبيب
ورزقني الله وأياك الهمة العالية وأصلح حالي وحال المسلمين أجمعين ...
ونرحب بكل من ينضم إلينا ويتابعنا ونسأل الله أن ينفعنا وإياه بما نقول ...
مسألة: هل يستفاد العموم من المعاني؟
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية والشاطبي رحمهما الله تعالى أنه يمكن استفادة العموم من المعاني خلافا لما ذهب إليه الجويني رحمه الله في الورقات حيث قال: "والعموم من صفات النطق" أي من صفات الألفاظ، فما لم ينطق به نحو المضمر لا يكون عاما ...
وقد ذكر الشيخ عياض حفظه الله، أن الصحيح أن هناك عموما معنويا يمكن أن يستفاد من تعليلات الأحكام أو من كلمة محذوفة من النص في مثل قول الله تعالى "حرمت عليكم أمهاتكم" فالتحريم هنا ليس منصبا على الأم، إنما هو منصب على فعل المكلف، فلا بد من تقدير الوطء ودواعيه فلا يحرم النظر واللمس ... وهو ما يسمونه بالمقتضى والخلاف في تسميته عاما أم لا.
كذلك في قوله تعالى "حرمت عليكم الميتة" فالقائلون بالعموم المعنوي يقدرون "الإنتفاع بالميتة" والذين لا يقولون بذلك يقدرون "أكل الميتة"
وقد تكلم الشيخ صالح حفظه الله على مسألة استفادة العموم من المفاهيم، ويعني بذلك مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة والمقتضى، بكلام قصر فهمي عن إدراكه كله. فلعل أحد الإخوة يرجع إليه وينظر فيه فيفيدنا بما فهم خاصة من المثال الذي ضربه الشيخ في حديث القلتين.
لكني فهمت من مجمل كلامه أنه، حفظه الله، يرى صحة القول بإمكان استفادة العموم من المفاهيم لأنها في الحقيقة راجعة إلى النطق وأن قول المصنف "العموم من صفات النطق" إنما يخرج منه الألفاظ المشتركة كما سبق ذكره في مثال لفظ "العين" من أنه يشمل عدة معاني منها العين الباصرة وعين الماء ...
والله تعالى أعلم
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[08 - 11 - 09, 07:01 م]ـ
بارك الله فيك .... و في جميع الإخوة ... و مرحبا بالأخت الفاضلة بنت أزد و بجميع المتابعين الذين التحقوا بنا جديدا ....
في المتابعة دائما ....
ترقبوا البقية الباقية من الأبواب الأخيرة بإذن الله تعالى ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 11:49 ص]ـ
بارك الله فيك .... و في جميع الإخوة ... و مرحبا بالأخت الفاضلة بنت أزد و بجميع المتابعين الذين التحقوا بنا جديدا ....
في المتابعة دائما ....
ترقبوا البقية الباقية من الأبواب الأخيرة بإذن الله تعالى ....
وفقك الله أخي الحبيب
الفائدة 164
تعريف التخصيص
قوله (و القصد بالتخصيص): يعني الذي يقصد بالتخصيص.
قوله (تمييز بعض جملة فيها دخل): يعني إخراج بعض أفراد العموم من العموم، هذا هو التخصيص، و قال بعضهم: إخراج ما لولاه لدخل في العموم.
يعني: إخراج بعض الجملة التي دخل فيها هذا التخصيص.
وقيل: قصر العام على بعض أفراده لدليل
الفائدة 172
خلاصة
فصار التخصيص بالمتصل أنواعه ثلاثة:
الأول: تخصيص بالوصف.
الثاني: تخصيص بالاستثناء.
الثالث: تخصيص بالشرط.
المخصص نوعان: متصل ومنفصل
- المتصل: ما لا يستقل بنفسه، فهو مرتبط مع العام في كلام واحد وهو خمسة أشياء:
1 - الشرط
2 - الإستثناء
3 - الصفة
4 - الغاية
5 - بدل البعض من الكل
- والمنفصل: ما يستقل بنفسه، آية وآية أخرى أو حديث وحديث آخر.
ويرى بعض أهل العلم، وهو ما ذكره الشيخ الددو الشنقيطي في شرحه، أنه يدخل في التخصيص المنفضل:
1 - التخصيص بالحس، وذلك مثل قول الله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف:25] فالمحسوس أن السماوات ما دمرت، وأن الأرضين ما دمرت، وأن الجبال ما دمرت، فالمقصود: تدمر كل شيء أذن لها في تدميره، من أبنية عاد وأشجارهم ومنافعهم.
2 - والعقل، فإنه يخصص العموم، كقول الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62] فالعقل يقتضي أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق نفسه فهو غير مخلوق، فهذا تخصيص بالعقل.
3 - ثم بعده التخصيص بالنص، وهو الذي فصل فيه المؤلف فقال: [يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب]، أي: أن يأتي العموم في الكتاب، ثم يأتي بعده نص آخر من الكتاب يقتضي تخصيصاً، وذلك مخصص منفصل، فقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228]، فهذا اللفظ جاء عاماً في كل مطلقة سواء كانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها، ولكنه خصص بنص آخر، وهو قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب:49] فهذا اللفظ تخصيص للفظ الآخر.
والله أعلم
يتبع إن شاء الله ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/353)
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 01:27 م]ـ
الفائدة 171
مثال التخصيص بالاستثناء
و الاستثناء مأخوذ من الثني، لأنه استفعال، و أصوله الثاء و النون و الياء، فهو من الثني، و هو العطف، تعطف شيئا على شيء، هذا من حيث اللغة.
أما في الاصطلاح فهو إخراج ما لولاه لدخل في الكلام ب"إلا" أو إحدى أخواتها. و أخواتها مثل غير و سوى.
ذكر الشيخ الحازمي حفظه الله في شرح الآجرومية أن هذا التعريف للإستثناء منتقد وفيه نوع تناقض ورده بعض الأصوليين وبعض أهل اللغة وذكر أن الإمام ابن القيم رحمه الله قد تكلم في هذه المسألة وانتقد هذا التعريف في كتابه بدائع الفوائد.
والتعريف المختار للإستثناء هو قولٌ مُتَّصِلٌ يدُّلُ بإلا أو إحدى أخواتها على أنَّ المذكور معه غيرُ مرادٍ بالقول الأول.
ومن أراد التفصيل في المسألة فليرجع إلى كلام الشيخ حفظه الله في شرحه على الآجرومية المسمى بفتح رب البرية بشرح نظم الآجرومية وإلى كتاب بدائع الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله وقد ذكر هذه المسألة في فصل دعاء العبادة ودعاء المسألة وفي الفصل الذي بعده.
الشرط الرابع: و النطق مع إسماع من بقربه
يعني: يشترط النطق، أي: أن ينطق بالاستثناء، فإن استثنى بقلبه لم ينفعه حتى ينطق، و الشرط الثاني في هذا الشرط، أن يسمعه من بقربه.
يعني: ينطق به نطقا يسمعه غيره.
مثاله:
لو قال: عندي لك مائة. و نوى إلا عشرة، نوى نية، لم ينطق. فإنه يلزمه مائة.
و لو قال: عندي له مائة، ثم قال: إلا عشرة، بلسانه فقط، و لم يسمع أحدا فإنه لا يصح، لأنه لابد أن يسمع من بقربه.
سؤال:
هذا مبني على أنه يحصل النطقُ بدون إسماع الغير أو لا؟
و ينبني على هذا مسألة في أذكار الصلاة:
هل يشترط أن الانسان يسمع نفسه أو من بقربه إذا قرأ الفاتحة؟
فيه خلاف، بعض العلماء يقولون:
لا يشترط، مادام نطق و إن لم يسمع.
و بعضهم يقولون: لا يصح.
فالاستثناء مبني على هذا، فلو قال: أنا عندي له مائة، و إني قلت: إلا عشرة.
قالوا: ما سمعنا. قال: إني قلتها. فإنه عند القاضي: يحلف، فإذا حلف صح الاستثناء.
فالصحيح أنه ليس بشرط إسماع من بقربه، و أنه إذا نطق به اللسان، كفى.
و على رأي المؤلف لا يصح، إذ لابد أن يسمع من بقربه.
ذك الشيخ الحازمي أن الإسماع شرط مستفاد من الفقه وليس شرطا لغويا وهو شرط معتبر لئلا تضيع حقوق الناس.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[10 - 11 - 09, 01:43 م]ـ
مسائل في الإستثناء
- الإستثناء من الإستثناء
كأن يقال عليّ عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا أربعة، فيستثنى الإخير مما قبله مباشرة، بمعنى أنه يستثنى أربعة من ستة فيبقى اثنان فيستثنى من ثمانية اثنان فيبقى ستة فتستثنى من عشرين فيبقى أربعة عشر.
ويدل على صحة هذا الإستثناء قول الله تعالى {قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)}
فاستثني من القوم آل لوط ومن آل لوط امرأته.
- الإستثناء من الجمل
هل يعود على الأخير أم على الجميع؟
والصحيح أنه يعود على الجميع إلا إذا منه مانع.
مثاله قول اللع جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا}
فالذين تابوا مشتثنون من الجمل السابقة في الآية إلا من أقامة الحد للإجماع المنعقد على أنه لا يسقط.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[10 - 11 - 09, 01:59 م]ـ
الفائدة 170
مثال التخصيص بالوصف
و مثال التخصيص بالوصف: قلت َ: أكرم القوم المكرمين لك.
المكرمين، هذه صفة للقوم، فقد قيدتَ القوم، لو أن الكلام بقى هكذا: أكرم القوم، لأكرمت القوم كلهم، أكرموك أم لم يكرموك، فإذا قلت: المكرمين لك، خرج بذلك غير المكرمين.
إذن يكون التخصيص بالوصف من باب التخصيص بالمتصل.
ليس المراد بالوصف ما اصطلح عليه النحوين بالنعت فحسب بل المراد الصفة المعنوية وهي ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام من نعت أو بدل أو حال أو شبه جملة.
- فمثال النعت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من باع نخلاً مؤبراً فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع) فقوله (مؤبراً) صفة للنخل. ومفهومها أن النخل إن لم تؤبر فثمرتها للمشتري.
- ومثال البدل: قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} (1) فقوله {من استطاع} بدل من {الناس} فيكون وجوب الحج على المستطيع منهم.
- ومثال الحال: قوله تعالى في جزاء الصيد: {ومن قبله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم}. فقوله (متعمداً) حال من المضمر المرفوع في (قتله) وهو يدل على أن الجزاء خاص بالعامد دون المخطئ والناسي، وهذا على أحد القولين في المسألة.
- ومثال شبه الجملة كأن تقول (اقرأ الكتب كل يوم أو في كل صباح) فهذا مقيد بالصفة.
والله تعالى أعلم
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/354)
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[11 - 11 - 09, 01:16 م]ـ
فائدة
ذكر الشيخ الحازمي حفظه الله أن تخصيص العام بالخاص واجب إذا اختلف الحكم وأما إذا اتفق الحكم فلا يكون من قبيل التخصيص كقولك: أكرم الظلاب وأكرم زيدا، وزيد من الطلاب، وإنما هو من إفراد بعض أفراد العام لمزيد من الإهتمام به ونحو ذلك، ومثاله الصحيح أن تقول: أكرم الطلاب وأهن زيدا.
باب المجمل و المبين
قال المؤلف رحمه الله / باب المجمل و المبين:
95ـ ما كان محتاجا إلى بيان .... فمُجْمَلٌ و ضابطُ البيانِ
96ـ إخراجه من حالة الإشكالِ ... إلى التجلِّي و اتضاح الحالِ
الفائدة 201
بعد أن ذكر رحمه الله العام و الخاص و المطلق و المقيد ذكر المجمل و المبين.
الفائدة 202
و المجمل و المبين هما شيئان متضادان، المجمل ما ليس بمبين، و المبين ما ليس بمجمل، فإذا كان اللفظ لا يعلم المراد منه فهو المجمل، و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
(ما كان محتاجا إلى بيان فمجمل).
هذا هو الضابط: أن المجمل كل لفظ يحتاج إلى بيان.
قال الحازمي حفظه الله تعالى: هذا التعريف فيه إجنال والمشهور أن المجمل ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء
- فأخرج النص لأنه ليس له إلا معنى واحدا مثل رأيت جعفرا.
- وقوله "على السواء" أي ليس هو في أحدها أظهر، فخرج يذلك الظاهر.
حكمه: التوقف على البيان، فلا يجوز العمل بأحد محتملاته إلا بدليل خارج عن لفظه.
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 11 - 09, 03:59 م]ـ
بارك الله فيك ....
في المتابعة دائما ....
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[12 - 11 - 09, 11:46 ص]ـ
بارك الله فيك ....
في المتابعة دائما ....
وفيك بارك أخي الفاضل وجزاك الله خيرا.
فائدة: أسباب الإجمال
ذكر الشيخ الددو الشنقيطي في شرحه أن الإجمال له أسباب منها:
1 - عدم معرفة المراد بسبب الاشتراك في الدلالة، كقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة:237]، الذي بيده عقدة النكاح يمكن أن يقصد به الزوج أو الولي، كذلك في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] هل المقصود الحيض أو الطهر؟ فالقرء يطلق على الحيض، كقول الراجز: يا رب ذي ضغن على قارضي له قروء كقروء الحائض ويطلق على الطهر، ومنه قول الأعشى: أفي كل يوم أنت عازم غزوة تشد لأقصاها عزيم عزائكا مورثة مالاً وفي الحي رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا فالقروء هنا بمعنى الأطهار.
2 - وقد يكون الإجمال راجعاً إلى كون المفرد نفسه خفيَّ الدلالة: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير:17]، فيمكن أن يكون معناه: الإقبال، ويمكن أن يكون معناه: الإدبار.
3 - وقد يكون ذلك للاشتراك في دلالة الحرف، كقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة:6]، الباء هنا يمكن أن تكون للإلصاق، ويمكن أن تكون للتبعيض.
4 - ومن أسباب الإجمال كذلك عدم معرفة الصفة، كالعام إذا لم يرد له بيان، مثل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43] فهذا محتاج في معرفته إلى البيان، فبين النبي صلى الله عليه وسلم الصلواتِ الخمس، وبين الزكاة.
وذكر الشيخ عياض السلمي أنه بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يبق لفظ مجمل في القرآن ولا في السنة مما يترتب عليه عمل إلا وقد بيُن، والمجمل الذي لم يرد له بيان يسمونه متشابها من ذلك الحروف المقطعة في أوائل السور.
والله تعالى أعلم
سأحرص إن شاء الله على أن أتم اليوم ما عندي من فوائد إلى نهاية باب النسخ حتى أمشي بالتوازي مع ما يتفضل به أخي أبو همام من شرح بقية الأبواب في هذه المذاكرة الطيبة.
وفقني الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى. آمين
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[12 - 11 - 09, 02:28 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا بكر .... و لك ألف مدح و شكر ....
واصل وصلك الله بطاعته، و لا تحرمنا من دررك الأصولية ....
إليكم هذا الرابط لرفع الهمم:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=193435
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[12 - 11 - 09, 11:30 م]ـ
وفيك بارك الله أخي الهمام
وقد طالعت ما كتبت سلمت يداك
كتب الله أجرك ورفع قدرك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/355)
كنت أنوي أن أتم بقية الفوائد اليوم لكن حيل بيني وبين ذلك فالحمد لله على كل حال ...
وهذا ما يسره الله، نفعني الله وإياكم بما علمنا وعلمني وأياكم ما ينفعنا ورزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل. آمين
الفائدة 207
قال المؤلف رحمه الله:
98ـ و النص عرفا كلُّ لفظٍ واردِ .... لم يحتمل إلا لمعنى واحدِ
قوله: (النصُّ عرفاً) أي اصطلاحا.
و اعلم أن النص و الصريح معناهما واحد، و هو ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، كل لفظ لا يحتمل إلا معنى واحدا فهو نص، و يسمى أيضا الصريح، لأنه خالٍ من المعاني الأخرى.
النص:
لغة: الكشف والظهور أو رفع الشيء إلى أقصى غاية له ومنه نصت الضبية رأسها أي رفعته.
اصطلاحا: ما يفيد بنفسه من غير احتمال.
حكمه: يصار إليه وجوبا ولا يعدل عنه إلا بنسخ.
الفائدة 210
قال المؤلف رحمه الله:
100ـ فالظاهر هو الذي يفيد ما سمع .... معنىً سوى المعنى الذي له وُضِعْ
يعني:
الظاهر هو الذي يفيد المخاطبـ لأن ما سمع بمعنى: من سمع ـ فالظاهر هو الذي يفيد السامع معنى سوى المعنى الذي له وُضِع.
فإذا كان اللفظ يفيد معنيين، المعنى الأول ما يفهمه السامع منه، و المعنى الثاني معنىً وراء ذلك.
فالذي يفهمه السامع يسمى الظاهر، و هو بالمعنى الواضح:
كل لفظ يحتمل معنيين، هو في أحدهما أظهر، فالظاهر هو الراجح، و المرجوح هو المؤول.
الظاهر:
لغة: خلاف الباطن وهو الواضح المنكشف ويطلق أيضا على الشيء الشاخص المرتفع سواء كان في الأجسام أو في المعاني.
اصطلاحا: ما احتمل معنيين فأكثر هو في أحدها أظهر.
فكل أمر ظاهر في الوجوب لأنه يحتمل الندب وكل نهي ظاهر في التحريم لأنه يحتمل الكراهة.
الفائدة 212
قال المؤلف رحمه الله:
102 ـ و الظاهر المذكور حيث أشكلا ... مفهومه فبالدليل أُوِّلا
التأويل:
لغة: مصدر من آل الشيء إلى كذا أي رجع إليه. ومنه قوله تعالى "ابتغاء تأويله" أي طلب ما يؤول إليه معناه.
وفي الإصطلاح: حمل اللفظ على المعنى المرجوح بدليل
ويصار إليه بشروط منها:
- أن يكون اللفظ محتملا للمعنى الذي حمل عليه
- أن يقوم دليل على التأويل
- أن يوجد موجب للتأويل
وربما عدوا التخصيص من التأويل.
وبعدها باب الأفعال إن شاء الله
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[12 - 11 - 09, 11:35 م]ـ
الفائدة 216
قال المؤلف رحمه الله:
104 ـ أفعالُ طه صاحبِ الشريعهْ .... جميعُها مَرْضِيَّةٌ بديعهْ
الأفعال: ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم من فعل أو قول غير موجه لأحد (مثال ذلك تسبيحه عليه الصلاة والسلام)
قالوا: ويشمل التقرير أيضا.
والأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التشريع لقول الله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"، قال صاحب شرح مختصر التحرير: "أسوة: أن يفعل كما فعل لأجل أنه فعل وأن يترك كما ترك لأجل أنه ترك".
الفائدة 219
قال رحمه الله:
105 ـ و كلها إما تسمى قربه ... فطاعةٌ أولا
معنى البيت: أن أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم تنقسم إلى قسمين، إما أن يفعلا على سبيل القرب إلى الله فهي طاعة، و إما أن لا يفعلها على سبيل التقرب إلى الله فليست بطاعة.
إذن يمكن أن نقول: أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم إما للتعبد، أو للعادة، أو للجبلة.
فأفعاله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أقسام، إما عبادة، أو عادة، أو جبلة، فكونه يأكل إذا جاع جبلة، و كونه ينام إذا جاءه النوم جبلة، و العادة كاللباس و شئون البيت، و غير ذلك كثير.
وقيل بقسم رابع وهو ما احتمل الجبلي والتشريع، وهو ما تقتضيه الجبلة لكونه وقع متعلقا بعبادة بأن وقع فيها أو في وسيلتها كجلسة الإستراحة، فهو جلوس وقع في أثناء الصلاة وكذلك الركوب في الحج. والراجح في ذلك أنه محمول على التشريع لأن الأصل في فعله التشريع ويؤيده النصوص العامة نحو قوله عليه الصلاة والسلام "صلوا كما رأيتموني أصلي".
الفائدة 224:
قال المؤلف رحمه الله:
107 ـ وحيث لم يَقُمْ دليلُها وَجَبْ ... و قيل: موقوفٌ وقيل: مستحبْ
ما لم يقم عليه دليل الخصوصية فهو على قسمين: ما علم حكمه من وجوب أو استحباب أو اباحة، وما لم يعلم حكمه.
• ما علم حكمه: من ذلك ما يسمى بالأفعال البيانية التي يقصد بها بيان التشريع كصلاته عليه الصلاة والسلام وحجه، فيأخذ فعله حكم المبيت إيجابا وندبا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/356)
• ما لم يعلم حكمه: وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقع بيانا لمجمل جاء في القرآن أو في السنة ولم ينص– صلى الله عليه وسلم – على حكمه. ثلاثة أقول:
- واجب: في حقه وحقنا لقوله تعالى "فاتبعوه" ولقوله جل ذكره "وما آتاكم الرسول فخذوه" ولأنه أحوط وأبر للذمة.
- موقوف: لتعارض الأدلة في ذلك.
- مستحب: لأنه ثمة قدر مشترك بينه وبين الواجب وهو مطلوب الفعل، وإذا دل الدليل على أن فعلا مطلوب الإيجاد وتردد بين أعلى وأدنى حمل على الأدنى حتى يقوم دليل على أن المراد به الأعلى.
وقيل أنه لا فرق بين ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل القربة أو على سبيل العادة والجبلة فكله للندب وهذا القول عزاه أبو إسحاق الإسفراييني إلى أكثر المحدثين لعموم قوله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة". إلا أنه يفرق بينهما – أي الفعل على سبيل القربة والفعل على سبيل العادة والجبلة- بأن الأول يدعى إليه والثاني لا يدعى إليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع إليه. ويشهد لذلك حديث ابن عمر في البخاري أنه كان يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة فسئل عن ذلك فقال أما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها.
وورد أيضا أن الشافعي قال لبعض أصحابه اسقني فشرب قائما، والإمام أحمد تسرى واختفى في الغار ثلاثا وقال ما بلغني حديث إلا عملت به حتى أنه احتجم وأعطى الحاجم دينارا.
فالمشهور عن أهل الحديث أن التأسي عندهم مطلق وليس مقيدا. وقد جاء في حديث الثلاثة نفر قول النبي صلى الله عليه وسلم "أما و الله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له لكني أصوم و أفطر و أصلي و أرقد و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " فذكر أن ذلك كله من سنته حتى أنه عليه الصلاة والسلام لما لبس الخاتم لبسه الصحابة أيضا فلم ينكر عليهم.
والله تعالى أعلم
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[13 - 11 - 09, 09:25 ص]ـ
هذه تتمة النكت على باب الأفعال من نظم الورقات.
مسائل
الأولى: هل للفعل مفهوم؟
قالوا نعم ومثاله حديث النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد فرأى في القبلة نخامة فحكها مفهومه أن ما كان أشد قذرا من النخامة يزال من باب أولى.
وإذا دل الفعل على الإباحة فليس له مفهوم مخالفة
وأما إذا كان بيانا لمجمل فيكون له مفهوم مخالفة لأن مفهوم المخالفة يأتي من تخصيص الحكم بتلك الحالة مثل قطع يد السارق من المفصل مفهومه أنه لا يجوز في غير هذا الموضع.
وأما ما دل على الندب فمفهومه يكون خلاف الأولى، مثاله تخليل الأصابع في الوضوء سنة ومفهومه أن تركه خلاف الأولى.
الثانية: هل التروك أفعال؟
قالوا نعم ودليله قول الله تعالى: "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون" فسمى عدم نهيهم عن المنكر فعلا، ومن ذلك أيضا قول الشاعر: لئن قعدنا والنبي يعمل .... فذلك منا العمل المضلل. فسمى القعود عملا.
الثالثة: هل الترك يخصص العام؟
قالوا نعم، ومثاله أن كل مسلم أذا مات يجب تغسيله وتكفينه، فلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغسيل شهداء أحد دل ذلك على التخصيص.
ويتفرع عن ذلك مسألة رابعة وهي: ترك بيان الحكم هل يدل على عدم الوجوب؟
بمعنى أن إذا سأل أحد الصحابة النبي عليه الصلاة والسلام عن شيء فأجابه ولم يبين له أمرا آخر مما يتعلق به، فللعلماء في هذه المسألة أقوال أقواها أنه إذا كان السائل لا يعلم حكم أصل المسألة يكون عدم بيان ذلك يدل على عدم الوجوب ومثال ذلك حديث يعلى بن أمية في الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أحرم في جبة متضمخا بطيب فتركه النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءه الوحي فقال "أين الرجل؟ " فجيء به فقال " أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك " فلم يوجب عليه كفارة فدل ذلك على أنه لا تجب عليه لأنه لم يكن يعلم الحكم أصلا.
وإذا كان عنده معرفة بأصل الحكم، ومثاله الرجل الذي جاء وقال يا رسول الله هلكت وأهلكت. فقال ما صنعت؟ قال وقعت على أهلي في نهار رمضان، فقال أعتق رقبة، قال لا أستطيع ... الحديث ولم يوجب على الزوجة كفارة، فعدم الإيجاب هنا اقل درجة من حديث يعلى لأنه هنا كان يعلم حكم الأصل.
والله تعالى أعلى وأعلم
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[13 - 11 - 09, 07:06 م]ـ
باب النسخ
الفائدة 247
ثم قال رحمه الله:
120 ـ و لم يجز أن ينسخ الكتابُ ... بسنة بل عكسه صوابُ
وهو مذهب الشافعي وأحمد واختاره ابن قدامة وابن تيمية وابن باز رحم الله الجميع، فلا ينسخ القرآن عندهم إلا بقرآن مطلقا ولا تنسخه السنة ولو كانت متواترة، وحجتهم في ذلك قول الله تعالى "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا" ولا يكون مثل القرآن أو خيرا منه إلا قرآن. وذهب الجمهور إلى أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة دون الأحادية لأن الجميع وحي من الله تعالى والناسخ في الحقيقة هو الله عز وجل ومثاله تحريم الرضعات العشر بالخمس فإنه ثابت في السنة، وكذلك آية "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ" قيل أنها نسخت بحديث "لا وصية لوارث" - وهذا المثال فيه نزاع -
الفائدة 249
ثم قال رحمه الله:
121 ـ و ذو تواتر بمثله نسخ ... و غيره بغيره فلينتسخْ
122 ـ و اختار قومٌ نسخَ ما تواترا ... بغيره و عكسُه حَتْمًا يُرَى
والراجح خلاف ما ذهب إليه المصنف وذلك لأن محل النسخ هو الحكم والدلالة عليه بالمتواتر ظنية فهو في ذلك كالآحاد والكل وحي من الله تعالى ومحل النسخ إنما هو الحكم وليس اللفظ.
والتفرقة بين الآحاد والمتواتر في مثل هذه المواضع تفرقة بدعية بخلاف ما إذا كان التفريق بينهما في الإصطلاح من غير أن يترتب على ذلك أحكام من حيث القبول والرد فحينها لا مشاحة في الاصطلاح.
مستفاد من شرح الحازمي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/357)
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[14 - 11 - 09, 11:41 ص]ـ
هذا تمام ما أتيح لي أن أجمعه من نكت إلى نهاية باب النسخ وقد أعرضت عن إدراج بعض النقاط التي دونتها مخافة التطويل والتشعيب. فليتفضل أخونا أبو الهمام في إدراج بقية الشرح في هذه المذاركة الطيبة مشكورا مأجورا إن شاء الله.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى. آمين
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 11 - 09, 11:15 م]ـ
هذا تمام ما أتيح لي أن أجمعه من نكت إلى نهاية باب النسخ وقد أعرضت عن إدراج بعض النقاط التي دونتها مخافة التطويل والتشعيب. فليتفضل أخونا أبو الهمام في إدراج بقية الشرح في هذه المذاركة الطيبة مشكورا مأجورا إن شاء الله.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى. آمين
جزاك الله كل خير أخانا الفاضل: أبا بكر التونسي ....
لقد أبليت بلاء حسنا، و الله، و لم أستطع اللحاق بك، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، و هاقد أتممت باب النسخ، بارك الله فيك على تلكم الفوائد القيمة، التي قلما تتوفر لطالب إلا بعد الجهد و العناء، و سماع أكثر من شرح، و هاقد وضعتها بين أيدينا بكل يسر و سهولة، جزاك الله كل خير، و أعظم لك الأجر و المثوبة .....
سنستمر بإذن الله .....
ترقبوا الجديد و المفيد من فوائد الأبواب المتبقية .... بعون الله و توفيقه.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 11 - 09, 11:17 م]ـ
هذا تمام ما أتيح لي أن أجمعه من نكت إلى نهاية باب النسخ وقد أعرضت عن إدراج بعض النقاط التي دونتها مخافة التطويل والتشعيب. فليتفضل أخونا أبو الهمام في إدراج بقية الشرح في هذه المذاركة الطيبة مشكورا مأجورا إن شاء الله.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى. آمين
جزاك الله كل خير أخانا الفاضل: أبا بكر التونسي ....
لقد أبليت بلاء حسنا، و الله، و لم أستطع اللحاق بك (ابتسامة)، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، و هاقد أتممت باب النسخ، بارك الله فيك على تلكم الفوائد القيمة، التي قلما تتوفر لطالب إلا بعد الجهد و العناء، و سماع أكثر من شرح، و هاقد وضعتها بين أيدينا بكل يسر و سهولة، جزاك الله كل خير، و أعظم لك الأجر و المثوبة .....
سنستمر بإذن الله .....
ترقبوا الجديد و المفيد من فوائد الأبواب المتبقية .... بعون الله و توفيقه.
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[16 - 11 - 09, 12:03 م]ـ
جزاك الله كل خير أخانا الفاضل: أبا بكر التونسي ....
لقد أبليت بلاء حسنا، و الله، و لم أستطع اللحاق بك (ابتسامة)، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، و هاقد أتممت باب النسخ، بارك الله فيك على تلكم الفوائد القيمة، التي قلما تتوفر لطالب إلا بعد الجهد و العناء، و سماع أكثر من شرح، و هاقد وضعتها بين أيدينا بكل يسر و سهولة، جزاك الله كل خير، و أعظم لك الأجر و المثوبة .....
سنستمر بإذن الله .....
ترقبوا الجديد و المفيد من فوائد الأبواب المتبقية .... بعون الله و توفيقه.
وفيك بارك أخي الفاضل، قد أثنيت فبالغت، وكافأت فأجزلت، وشددت عزائما فحفزت، وباقي ما ذكرت فلستُ له بأهل، وإنما هو جهد المقل، ولا خير فيَّ إن لم أبلغه، فرُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وإنني لمحروم إن لم أُلْقه على المسامع، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى من سَامِع.
وفقني الله وإياكم إلى مرضاته، وجعلني وإياكم ممن يتقيه حق تقاته ...
في المتابعة إن شاء الله.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[12 - 12 - 09, 01:57 م]ـ
وفيك بارك أخي الفاضل، قد أثنيت فبالغت، وكافأت فأجزلت، وشددت عزائما فحفزت، وباقي ما ذكرت فلستُ له بأهل، وإنما هو جهد المقل، ولا خير فيَّ إن لم أبلغه، فرُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وإنني لمحروم إن لم أُلْقه على المسامع، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى من سَامِع.
وفقني الله وإياكم إلى مرضاته، وجعلني وإياكم ممن يتقيه حق تقاته ...
في المتابعة إن شاء الله.
بارك الله فيك أخي الفاضل: أبا بكر التونسي .....
قد أبليت بلاء حسنا .....
أعتذر على تأخري في إكمال ما بقي، و لكن سأواصل قريبا بإذن الله، فلا ييأس الإخوة، فقط هذه فترة الامتحانات و تصحيح الأوراق و غير ذلك من الشواغل، و لا يتعدى الأمر أسبوعا بإذن الله .....
ترقبوا الجديد و المفيد .... و مفاجآت أخرى بإذن الله ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/358)
(باقون على الدرب بعون الله و توفيقه!!!)
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 12:00 ص]ـ
بارك الله فيك يا أباهمام ووفقك
نحن في الإنتضار ...
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[23 - 12 - 09, 02:00 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل أبا بكر، و أعتذر مرة أخرى على التأخر، الذي كان فوق إرادتي و الله المستعان .....
حياكم الله إخوتي الأفاضل ... عود على بدء ....
نواصل بعون الله و توفيقه .....
لا زلنا في الشريط السادس و توقفنا بالضبط في الدقيقة34 و 10 ثواني، و كنا قد أكملنا باب النسخ بحمد الله، و وضعنا عليه خلاصة صغيرة .....
و الآن ....
سنشرع بعون الله في دراسة باب التعارض بين الأدلة و الترجيح ....
قال المؤلف رحمه الله:
*باب في التعارض بين الأدلة و الترجيح*
الفائدة 251
قال رحمه الله:
123 ـ تعارضُ النُّطْقينِ في الأحكام .... يأتى على أربعةِ أقسامِ
قوله رحمه الله:
تعارضُ النطقين، المرادُ به الكتابُ و السنة، لأن القرآن كلامُ الله، و قد قال الله عنه: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) الجاثية: 29. المراد بالكتاب في الآية القرآن، و السنة نطق النبي صلى الله عليه و سلم.
يقول رحمه الله في هذا البيت:
إن التعارض يأتي على أربعة أقسام، بينها بقوله:
الفائدة 252
124 ـ إما عموم أو خصوص فيهما ... أو كلُّ نطق فيه وصف منهما
125 ـ أو فيه كلٌّ منهما و يعتبر ... كلٌّ من الوصفين في وجه ظهر
بين رحمه الله في هذين البيتين الأقسامَ الأربعة و هي:
القسم الأول: التعارض بين عامين.
القسم الثاني: التعارض بين خاصين
القسم الثالث: التعارض بين عام و خاص مطلق
القسم الرابع: التعارض بين عام و خاص من وجه
هذه هي أقسام التعارض الأربعة، ثم قال رحمه الله:
الفائدة 253
126 ـ فالجمعُ بين ما تعارضا هنا ... في الأَوَّلَيْن واجبٌ إن أمكنَا
127 ـ و حيث لا إمكان فالتوقُّفُ ... ما لم يكن تاريخُ كلٍّ يعرفُ
128 ـ فإن علمنا وقت كلٍّ منهما ... فالثانِ ناسخٌ لما تقدّما
طيب!
إذا تعارض عامّان أو خاصّان وجب الجمع بينهما،
1ـ إذا تعارض عامان:
فإذا ورد في القرآن على سبيل المثال:
(ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا و الله ربّنا ما كنّا مشركين) الأنعام: 23
و ورد فيه:
(و لا يكتمون الله حديثا) النساء: 42.
يعني: المشركين، فهذان عامان، فكيف نعمل؟؟
نقول: يجب أولا الجمع، فإن لم يمكن الجمع رجعنا إلى التاريخ إن علمنا المتأخر فهو الناسخ، و إن لم نعلم فالترجيح، و إن لم يكن ترجيح وجب التوقف.
2 ـ إذا تعارض خاصان:
و خاصين مثل: أن يرد نص (أكرم زيدا) و نص آخر (لا تكرم زيدا).
هذا تعارض:
أ ـ فإذا أمكن الجمع، و قيل إن المعنى: أكرم زيدا إن اجتهد، أو: لا تكرم زيدا إن أهمل .... وجب الجمع!
ب ـ و إذا لم يمكن، عَمَلْنا بالمتأخر.
ج ـ فإذا لم يمكن فالراجح.
د ـ و إن لم يمكن فالتوقف.
و هذا معنى قوله:
و حيث لا إمكان فالتوقُّفُ ... ما لم يكن تاريخُ كلٍّ يعرفُ
فإن علمنا وقت كلٍّ منهما ... فالثانِ ناسخٌ لما تقدّما
(وقت كل منهما) أي التاريخ.
هذا الذي ذكرناه بين العامين مطلقا، و بين الخاصين مطلقا، أما القسم الثالث فقال رحمه الله:
.................................... يتبع بعون الله و توفيقه
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[23 - 12 - 09, 07:51 م]ـ
وفقك الله أبا همام وسدد خطاء
لعلي أبدأ في التنكيت على ما تتفضل به من الشرح تباعا حتى لا يبعد العهد.
الفائدة 251
قال رحمه الله:
123 ـ تعارضُ النُّطْقينِ في الأحكام .... يأتى على أربعةِ أقسامِ
قوله رحمه الله:
تعارضُ النطقين، المرادُ به الكتابُ و السنة، لأن القرآن كلامُ الله، و قد قال الله عنه: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) الجاثية: 29. المراد بالكتاب في الآية القرآن، و السنة نطق النبي صلى الله عليه و سلم.
فوائد في مطلع هذا الفصل:
- التعارض: تقابل الدليلين على سبيل الممانعة.
- الترجيح: تقوية أحد الدليلين على الآخر.
- التعارض محله الظنيات، فلا تعارض بين قطعيين سواء كانا سمعيين أو عقليين أو مختلفين وهذا محل اتفاق لأنه يلزم منه اجتماع النقيضين، ولا تعارض أيضا بين قطعي وظني لأنه متى ما وقعت المعارضة قدم القطعي فلا يرفع الظنُ اليقينَ.
د ـ و إن لم يمكن فالتوقف.
التوقف ليس مسلكا للأمة وإنما هو للأفراد فلا يلزم الأمة التوقف.
يوضح هذا المعنى أن عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - توقف في الجمع بين الأختين من الإماء لقول الله تعالى "أو ما ملكت أيمانكم" ولقوله جل وعلا "وأن تجمعوا بين الأختين" - وهذا يصلح مثالا للقسم الأول وهو التعارض بين عامين- فالآية الأولى عامة تشمل الأختين والثانية عامة تشمل الحرائر والإماء، فقال رضي الله عنه "أحلتهما آية وحرمتهما آية" ولم يقض بشيء لكن غيره رجح التحريم اعتمادا على قاعدة أن الأصل في الأبضاع التحريم ولأن المدلول عليه في مضانه مقدم على المدلول عليه في غير مضانه، فآية النساء نص في بيان المحرمات بينما الآية الأخرى جاءت في سياق الإمتنان فهي ليست مضنة للأحكام.
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/359)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[25 - 12 - 09, 05:17 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا بكر
الفائدة 254
أما القسم الثالث فقال رحمه الله:
129 ـ و خصصوا في الثالث المعلوم ... بذي الخصوص لفظَ ذي العموم
يعني:
إذا تعارض عام و خاص فإننا نخصص العامَ بالخاص، و هذا يقع كثيرا، و مثاله قوله صلى الله عليه و سلم: (فيما سقت السماءُ العشرُ).
فهذا نص عام يشمل القليل و الكثير، و قال صلى الله عليه و سلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة).
هذا يخرج القليل، هنا لا إشكال في الموضوع، نخصص العام بالخاص.
أما القسم الرابع فقال فيه رحمه الله:
الفائدة 255
130 ـ و في الأخير شطرُ كلِّ نطقِ ... من كلِّ شقٍّ حكمُ ذاك النطقِ
يعني:
معناه أنه إذا تعارض نصان من وجه، فإننا نحكم بتخصيص عموم كلٍّ منهما بخصوص الآخر.
مثال ذلك:
قال النبي صلى الله عليه و سلم: (لا صلاة بعدَ الصبح حتى تطلع الشمس)
و قال صلى الله عليه و سلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)
1) فالأول: (لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس) فيه عموم الصلاة، لأن قوله صلى الله عليه و سلم: (لا صلاة) (صلاة) نكرة في سياق النفي فتعم.
و فيه خصوص الزمن، و هو ما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس.
2) و قوله صلى الله عليه و سلم: (إذا دخل أحدكم المسجدَ فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).
فيه عموم الصلاة، وعموم النهي عن الجلوس، و لكنّ الصلاةُ هذه خاصة في تحية المسجد، فهذا رجل دخل في وقت النهي، إذا قلنا له: لاتصل.
نكون قد أخذنا بعموم النهي: (لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس).
و إذا قلنا: صَلِّ.
نكون أخذنا بعموم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).
فبأيهما نعمل؟
الجواب:
نقول، في هذه الحال يعمل بهما جميعا في الصورة التي يتفقان فيها، كما إذا دخل المسجد في غير وقت النهي، فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، و يتوقف في الصورة التي يقع فيها التعارض، إلا إذا وجد ما يؤيد عموم أحدهما، فإننا نعمل به، و هنا وجدنا أن النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح أضعف من الأمر بالصلاة إذا دخل المسجد، وجه ذلك أن النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح قد ورد تخصيصه في عدة مواضع، منها إعادة الجماعة،
يعني:
لو جئت بعد أن صليت الصبح، و وجدت الناس يصلون جماعة فصل معهم.
و منها ركعتا الطواف فإنهما يجوزان في وقت النهي، و منها سنة الوضوء، فتمزق بذلك عموم النهي عن الصلاة بعد الفجر، و لذلك نقول: إن القول الراجح في هذه المسألة أن كل صلاة لها سبب فإنه يجوز أن تفعل في وقت النهي، لأنا وجدنا أن عموم الأمر بهذه الصلاة التي لها سبب أقوى.
الفائدة 256
131 ـ فاخصص عموم كلِّ نطق منهما ... بالضدِّ من قسميه و اعرفنهما
المراد بهذا البيت:
عموم كلٍّ منهما اخصصه بخصوص الآخر حتى تسلم من معارضة النصين.
******************
تم بحمد الله باب التعارض بين الأدلة و الترجيح
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[28 - 12 - 09, 07:29 م]ـ
نواصل بعون الله و توفيقه ...
... باب الإجماع ...
الفائدة 256
الإجماع في اللغة /
يطلق على معنيين:
أحدهما العزم، و الثاني الاتفاقُ.
الفائدة 257
مثال العزم:
قوله تعالى: (فأجمعوا أمركم و شركاءكم) يونس: 71.
فقوله تعالى: (فأجمعوا أمركم): اعزموه و اعتمدوه.
الفائدة 258
مثال الاتفاق:
قولنا: أجمع العلماء على كذا، فمعنى أجمعوا هنا، أي: اتفقوا.
الفائدة 258
و لا بد في الاجماع من أن نعرف ما هو، ثم نعرف مرتبته في الأدلة، و هل هو من الأدلة أو لا؟
الفائدة 259
قال رحمه الله:
132 ـ هو اتفاقُ كلِّ أهلِ العصر .... أي علماءِ الفقهِ دُونَ نُكْرِ
133 ـ على اعتبار حكم أمرٍ قد حدثْ ... شرعاكحرمة الصلاة بالحدثْ
هذا هو تعريف الإجماع:
فالإجماع هو اتفاق مجتهدي علماء هذه الأمة على حكم شرعي.
فقولنا: (اتفاق) خرج به إذا لم يكن اتفاق.
و قولنا: (مجتهدي علماء هذه الأمة) خرج علماء غيرها، فليسوا بحجة، و خرج بذلك أهل التقليد، فإنهم لا يعدون من العلماء بالاتفاق.
و قولنا (على حكم شرعي) خرج به ما لو اتفقوا على حكم حسي، أو حكم عادي، فهذا لا عبرة به، فلا بد أن يكون الاتفاق على حكم شرعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/360)
و لقد قيد المؤلف أهل العصر بأنهم الفقهاء، فقال: (أي علماء الفقه) و هذا يغني عنه قولنا: اتفاق مجتهدي هذه الأمة.
و عليه فإنه لو اتفق علماء النحو على مسألة ما فهل تدخل في هذا التعريف؟
نقول: لا!!
فليس لنا بهم شأن يتفقون أو يختلفون.
الفائدة 260
و قوله رحمه الله:
...... قد حدث ...... شرعا كحرمة الصلاة بالحدثْ
حرمة الصلاة في الحدث ظاهرُ كلام المؤلف رحمه الله أن دليلها الإجماعُ، و ليس كذلك، بل دليلها، النص قبل الإجماع، قال الله تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و امسحوا برءوسِكم و أرجلَكم إلى الكعبين) المائدة: 6.
و الأمر بالغسل نهى عن الترك، و قال النبي صلى الله عليه و سلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) إذن هذا ثابت بالنص، و لا حاجة إلى القول بأنه ثابت بالإجماع.
الفائدة 261
134 ـ و احتُجَّ بالإجماع من ذي الأُمَّهْ .. لا غيرِها إذ خُصِّصَتْ بالعِصْمَهْ
قوله (من ذي الأمه) أي من هذه الأمة.
و معنى البيت:
أن الإجماع لا يعتبر إلا من هذه الأمه، فلو اجتمع علماء اليهود على حكم مسألة من المسائل، و علماء النصارى على هذا الحكم نفسه، فإننا لا نأخذ بقولهم، فالعبرة بإجماع علماء المسلمين فقط.
و قوله رحمه الله (إذ خصصت بالعصمه):
هذا تعليل، يعني لماذا كان إجماع هذه الأمة حجة؟
قال: لأنها مخصوصة بالعصمه!
و غيرها لم يخصص، و الدليل على التخصيص قوله صلى الله عليه و سلم فيما يروى عنه: (لا تجتمع أمتي على ضلالة).
فإن هذا نص في أن هذه الأمة معصومة من الخطأ.
الفائدة 262
و لكن هل لا بد لكل إجماع من دليل؟
نقول: نعم، لابد أن يكون لكل إجماع مستند من القرآن أو السنة أو تعليل، و لهذا أنكر بعض العلماء الإجماع دليلا رابعا، و قال: إن الإجماع لابد أن ينبني على دليل سابق.
مجلس آخر للشيخ العثيمين رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق لنا تعريف الإجماع،
و هنا نبحث هل للإجماع مستند أو لا؟
نقول: لا بد أن يكون له مستند من القرآن أو السنة!
و لكن قد يخفى على المستدل، و لا يكون أمامه إلا الإجماع، و قد لا يخفى على المستدل، لكن يأتي بالإجماع لِقَطْعِ النزاع، يعني مثلا آية من القرآن أجمعوا على أن معناها كذا و كذا، و فيه احتمال، وإذا قلنا: إن معناها كذا و كذا بالإجماع فحينئذ نقطع النزاع، فلا يستطيع أحد أن ينازع، و إلا فكل إجماع له مستندٌ إما أن يكون ظاهرا بينا، و إما ألا يكون ظاهرا.
طيب!
و إذا كان مستندُ الإجماع ظاهرا بينا، هل نعدلُ عن هذا المستند و نحتجُّ بالإجماع، أو نحتج بالمستند؟
الجواب:
الثاني، نحتج بالمستند، لأن هذا هو الأولى، فإذا كان الإجماع استند إلى سنة، فليس هناك حاجة إلى أن نحتج بالإجماع، فعندنا السنة، لكن كما قلت لكم قد نحتاج إليه الإجماع لقطع النزاع.
الفائدة 263
المسألة الثانية: هل الإجماع ممكن و منضبط؟
الجواب:
قيل بذلك، و قيل بعدمه، قيل: إن الإجماع ممكن و منضبط، و قيل: لا.
و قد نقل عن الامام أحمد: أن من ادعى الإجماع فهو كاذب، و ما يدريك لعلهم اختلفوا؟!
و صدق رحمه الله، فكانت المواصلات في ذلك الوقت صعبة، فمن الذي أدرانا أنه لم يبق عالم إلا وافق!
و العلماء منتشرون في أقطار الدنيا، لا ندري، فدعوى الإجماع غير صحيحة، و قيل الإجماع في صدر الأمة ممكن لا حين انتشرت الأمة و هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله:
و الإجماع الذي ينضبط ما كان عليه سلف الأمة ـ يعني القرون المفضلة ـ إذ بعدهم كثر الخلاف و انتشرت الأمة، و هذا القول هو الصحيح.
الفائدة 263
المسألة الثالثة: هل هناك دليلٌ على أن الإجماع دليل؟
الجواب:
فيه آيات، منها:
1 ـ قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر) النساء: 59.
و وجه الدلالة من الآية أن الله أوجب الرجوعَ إلى الكتاب و السنة عند التنازع و الاختلاف، فإذا أجمعنا على شيء فلا حاجة للرجوع إلى الكتاب و السنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/361)
2 ـ قول الله تبارك و تعالى: (و من سشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا) النساء: 115.
و من السنة:
ما يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (لا تجتمع أمتي على ضلالة).
لكن هذا الحديث ليس بصحيح،
و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
ـ و احتُجَّ بالإجماع من ذي الأُمَّهْ .. لا غيرِها إذ خُصِّصَتْ بالعِصْمَهْ
(إذ) هنا للتعليل، يعني أن الإجماع الذي يكون حجة هو إجماع هذه الأمة دون غيرها من الأمم، و علل ذلك رحمه الله بالعصمة (إذ خصصت بالعصمة) و غيرها لم يخصص ما هو الدليل ما هو الدليل على التخصيص، قوله عليه الصلاة و السلام فيما يروى عنه (لا تجتمع أمتي على ضلالة).
فإن هذا نص في أن هذه الأمة معصومة من الخطأ، و كذلك قوله تعالى: (و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) البقرة: 143.
فهم شهداء على الناس، يشمل الشهداء على أفعال الناس، و الشهداء على أحكام أفعال الناس، و هذا يدل على أن إجماع هذه الأمة حجة.
الفائدة 264
ثم قال رحمه الله:
135 ـ و كُلُّ إجماعٍ فحجةٌ علَى ... من بعدَه في كُلِّ عصرٍ أقبلاَ
يعني:
أن الإجماع حجة على من بعده إلى يوم القيامة، فلا يجوز لمن كانوا مجتهدين بعد أن حصل الإجماع أن يخالفوا الإجماع.
الفائدة 265
و هل يكون الإجماعُ حُجَّةً على من قبله؟
الجواب:
لا يمكن، لأن الذين قبله انتهوا و ماتوا و فارقوا الدنيا، لكن لو كانوا بَقُوا، و حصل الإجماع في عصرهم فهو حجة.
الفائدة 266
قال رحمه الله:
136ـ ثم انقراضُ عصره لم يشترط ... أي في انعقاده و قيل مشترط
هذه المسألة فيها خلاف، هل يشترط لثبوت الإجماع انقراضُ العصرِ أو يحصل الإجماع بأول لحظة أجمعوا عليها؟
الجواب:
هذه المسألة فيها خلاف، بعضهم يقول:
1 ـ لابد من انقراض العصر:
و ذلك لأنه يجوز لأحدهم أن يتغير رأيه، فلا إجماع حتى ينقرض عصره، فمثلا إذا كان من التابعين متى ينعقد الإجماع؟
الجواب:
إذا انقرض التابعون، و تابعوهم و هكذا، فلابد من انقراض العصر.
2 ـ و القول الثاني أنه لا يشترط انقراض عصره:
و هذا هو الصحيح، لأنه بمجرد إجماعهم ثبت الدليل، فلو نقضوا فيما بعدُ لصاروا ناقضين للدليل فلا عبرة بهم.
الفائدة 267
قال رحمه الله:
137 ـ و لم يجز لأهله أن يرجعوا ... إلا على الثاني فليس يمنعُ
قوله (لأهله) أي: أهل الإجماع.
قوله (أن يرجعوا إلا على الثاني) الثاني هو الذي يقول: يشترط انقراض العصر، و أما الأول فلا يجوز لهم الرجوع، لأنه حصل الإجماع فلا يمكن أن يرجعوا.
فلنفرض مثلا أننا هنا نحن الأمة جميعا، إذا قلنا: هذا حرام.
و قال واحدٌ منا: هذا حلالٌ.فهل هذا إجماع؟
الجواب: لا، لأنهم لم يتفقوا على القول.
و إذا قلنا: هذا حرام، وأجمعنا على ذلك،هل لأحد أن يرجع؟
الجواب:
على قولين:
إذا قلنا: يشترط انقراض العصر، فلنا أن نرجع.
و إن قلنا: لا يشترط، فليس لنا أن نرجع، و هذا هو الصحيح، و لهذا قال:
و لم يجز لأهله أن يرجعوا ... إلا على الثاني فليس يمنعُ
الفائدة 268
ثم قال رحمه الله:
138 ـ و لْيُعْتَبَرْ عليه قولُ مَن وُلِدْ ... و صار مثلَهم فقيهًا مجتهدْ
يعني:
كذلك أيضا من ولد و صار فقيها، فهل تعتبر موافقته أو لا؟
على قولين:
1 ـ إن قلنا: بانقراض العصر قلنا:
لابد أن يبلغ، و يرشد، و يحصل له علم،
2 ـ و إن قلنا بعدم ذلك قلنا: لا شرط،
و أيهما أصحُّ؟
تقدم أن الراجح أن انقراض العصر ليس بشرط.
الفائدة 269
(بماذا يحصل الإجماعُ؟)
قال رحمه الله:
139ـ و يحصل الإجماع بالأقوال ... من كُلِّ أهلِه و بالأفعالِ
140ـ و قولِ بعضٍ حيث باقيهم فَعَلْ .. و بانتشارٍ مع سكوتِهم حَصَلْ
عاد المؤلف فذكر بماذا يحصل الإجماعُ؟
فقال:
1 ـ يحصل الإجماع بالقول من أهله:
وكيف الإجماعُ بالقول؟
يعني: أن كل أهله قالوا: هذا حلال، هذا حرامٌ، هذا مشروعٌ، هذا غير مشروع.
2 ـ و الثاني مما يحصل به الإجماع "الأفعال":
يعني، إذا أجمع علماءُ العصر على فعلٍ من الأفعال، كان هذا دليلا على جوازه، لأنهم أجمعوا عليه.
3 ـ و الثالث مما يحصل به الإجماعُ "الأقوال و الأفعال":
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/362)
يعني، تكون مختلفة، أقوالا و أفعالا، يعني، بعضهم قال: هذا حلال، و بعضهم ما قال، لكن يعمل هذا العمل، يكون هذا إجماعا على جواز هذا العمل، فصار الإجماعُ يحصل بواحد من أمور ثلاثة، إما يقول الجميع، أو بفعل الجميع، أو بقول البعض و فعل البعض.
الفائدة 270
قال رحمه الله:
...................... و بانتشارٍ مع سكوتهم حصَلْ
يعني رحمه الله:
أن الإجماعَ يحصلُ بالانتشار و الاشتهار، فإذا انتشر هذا القولُ، و اشتهر أنه حلالٌ فهو إجماعٌ.
الفائدة 271
ثم قال رحمه الله:
إنه ليس بحجةٍ على الجديد.
قوله (و في القديم حجةٌ) يعني، و يرى الشافعي في القديم أن الصحابيَّ قوله حجةٌ، و هذا هو الصحيح الذي مشى عليه الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ أن قول الصحابي حجةٌ، و لكن بشرط:
1ـ أن يكون الصحابيُّ من الفقهاء المعتبرين:
فإن كان كان من الصحابة الذين ليسوا بمعتبرين، و لا ممن عهد منهم العلم فقوله ليس بحجة كقول سائر الناس، فمثلا لو أن رجلا من البادية جاء و سلم على النبي صلى الله علي و سلم، و آمن به، و أخذ منه ما أخذ فإن هذا لا يقال: إن قوله حجةً.
2 ـ ألا يخالف نصا:
ألا يعارضه قولُ صحابيِّ آخر، فإن عارضه قولُ صحابيِّ آخر طُلب المرجّحُ من الكتاب و السنة و اتُّبِع ما ترجح من القولين.
" و هذا القول الذي ذكرناه وسطٌ بين القولين، بين قولِ من يقولُ: إنه ليس بحجةٍ مطلقا، و قول من يقول: إنه حجةُ مطلقا، و الله أعلم."
الفائدة 272
و قوله رحمه الله:
و في القديم حجةٌ لما ورد ... في حقِّهم وضعَّفوه فليُرَدْ
الذي ورد في حقِّهم ما يذكر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:" إن أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، و هذا الحديث لا يصح.
الفائدة 273
المجمع الفقهي في العصر الحاضر أو هيئة كبارِ العلماء هنا، لو أجمعوا على شيء، لا يعد إجماعهم حجة، لأن وراءهم علماءَ يقولون بغير هذا القول.
الفائدة 274
إذا فعل الصحابي فعلا، و اشتهر بين الصحابة، و لم ينكر فهو قويٌّ يقوى بعدم الإنكارِ.
****تم بحمد الله باب الإجماع ****
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[31 - 12 - 09, 07:10 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ...
باب الأخبار و حكمها
الفائدة 275
قال المؤلف رحمه الله: (بابُ الأخبار و حكمها)
الأخبار جمع خبر، كالأسباب جمع سبب.
و الخبر في اللغة بمعنى النبأ، و هو في الاصطلاح ما أشار إليه المؤلف بقوله:
الفائدة 276
143 ـ والخبرُ اللفظ المفيدُ المحتمِلُ ... صِدقا و كِذبا مه نوع قد نُقل
هذا هو الخبرُ، كلُّ ما احتمل الصدق و الكذب لذاته فإنه خبر، و ما لا يقبل ذلك فليس بخبر.
و قولنا (لذاته) احترازا مما يمتنع فيه الكذب باعتبار المخبر به، أو مما يمتنع فيه الصدق باعتبار المخبِر به.
فمثلا إخبارُ محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه و سلم بخبر، لا يمكن أن نقول: إنه يحتمل الكذب باعتبار المتكلم به.
و مسيلمةُ الكذابُ الذي قال:
إنه رسولُ الله، خبره لا يحتمل الصدق، باعتبار المخبر به أيضا.
و لهذا لو قال محمد بن عبد الله:
إنه رسول الله، قلنا صدق.
و إذا قال مسيلمة قلنا: كذب، و الخبرُ واحد، إني رسول الله، نقول لهذا: كلامك حق لا يحتمل الكذب، و نقول للثاني: كلامك كذبٌ لا يحتمل الصدق، و هذا باعتبار المخبر به، إذا فالخبر ما لا يحتمل الصدق و الكذب لذاته.
و قيل: الخبر: ما يصح أن يوصف المخبر به أنه صادق، أو أنه كاذبٌ.
مثال ذلك:
العلم نافع: هذا خبر، لأنه يصح أن يقال لقائله:
صدقت أو كذبت، لكن هنا لا يصح أن نقول: كذبت، لأن الواقع أنه نافع.
و لو قلنا: رحمك الله يا فلان، فهذا ليس خبرا، لأن "رحم" فعلٌ ماض بمعنى الدعاء، بمعنى الإنشاء فلا يكون خبرا.
و إن قلت لأحد الطلبة التذي رأيته، و هو غافل القلب: انتبه.
فهذا ليس خبرا، لأنه طلبٌ، و الطلب إنشاءٌ.
و إن قلت:
غفل الطالبُ، فهو خبر، لأنه يحتمل الصدقَ و الكذبَ.
الفائدة 277
ثم قال رحمه الله:
............................. ... منه نوع قد نقل
144 ـ تواترا للعلم قد أفادا .. و ما عدا هذا اعتبر آحادا
يعني: نوّع المؤلفُ الخبرَ إلى نوعين:
الأول: ما نقل نقلا متواترا، و يسمّى المتواتر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/363)
يقولُ: للعلم قد أفادا، فالخبر المتواتر ـ على كلام المؤلف ـ هو ما أفاد العلم، و ما لا يفيد العلمَ فهو خبرٌ، و هذا تعريف الشيء بالضدّ، و تعريف الشيء بالضد مردود عند علماء المنطق، كما قال بعضهم:
و عندهم من جملة المردود .... أن تدخل الأحكام في الحدودِ
و سيذكر المؤلف رحمه الله تعريفه فيما بعدُ:
و قولهُ رحمه الله: (و ما عدا هذا اعتبر آحادا)
يعني: ما عدا المتواتر فهو آحاد، فدخل فيه المشهور و العزيز و الغريبُ.
الفائدة 277
قال رحمه الله:
145 ـ فأي النوعين ما رواه ... جمعٌ لنا عن مثله عزاهُ
146 ـ و هكذا إلى الذي عنه الخبر .... لا باجتهادٍ بل سماعٍ أو نظرٍ
قوله (فأول النوعين) يعني: المتواتر.
إذا ما رواه جمعٌ كثيرٌ يمتنعُ في العادة أن يتواطئوا على الكذب، هذا هو المتواتر.
و سُمّي متواترا من: تواتر الشيء إذا تتابع، كما يقال: تواتر القطر، يعني المطر.
فالمخبرون تواتروا على هذا الخبر، و تتابعوا عليه، فلابد من جمع، و يشترط في هذا الجمع ألا يمكن تواطؤهم على الكذب.
و لابد أيضا أن يكون هذا الجمع رواه عن جمع مثله، و لهذا قال: عن مثله عزاه.
الفائدة 278
قال رحمه الله: (و هكذا إلى الذي عنه الخبر)
قوله: (و هكذا) أي: كل جمع يعزوه إلى مثله.
و قوله (إلى الذي عنه الخبر) يعني: إلى منتهى الخبر، و منتهى الخبر إما إلى الرسول صلى الله عليه و سلم، و إما إلى الصحابة، و إما إلى من بعدهم.
الفائدة 279
ثم قال رحمه الله: (لا باجتهاد بل سماع أو نظر)
يعني:
أن هؤلاء لم ينقلوه عن مثلهم عن اجتهاد، و احترز بذلك عن نقل النصارى النقل المتواتر على أن الله ثالث ثلاثة، و نقل اليهود النقل المتواتر على أن مريم بغي!!!
و العياذ بالله!!!
فهذا نقل متواتر، لكنه ليس عن سماع، و لا عن مشاهدة، بل هو عن اعتقاد فاسد.
و عليه فخبر النصارى بأن عيسى ابن مريم ابن الله أو أنه إله خبر كاذب، و لو تواتر، هذا أيضا خبرٌ عن اجتهاد، فلا يعد متواترا، و لا يفيد العلم.
يقول: بل سماع أو نظر.
يعني: بل يكون منتهاه السماع إن كان مما يسمع، أو النظر إن كان مما يرى، لأن الحديث إما مسموع أو مرئي.
الفائدة 280
قال رحمه الله:
147 ـ و كل جمع شرطه أن يسمعوا ... و الكذبُ منهم بالتواطي يمنع
قوله: (و كلُّ جمع)
يعني، من الجمع المتواتر.
و المراد بالبيت أنه يشترط لنقلة المتواتر أن يسمعوا، و أن يمتنع تواطؤهم على الكذب.
و قوله: (أن يسمعوا)
يعني، أو يروا، اللهم إلا أن يكونَ صواب العبارة، و كلُّ جمع شرطه أن يسمعوا.
قوله: (و الكِذبُ منهم بالتواطي يمنع)
فالمتواتر ما نقله جمعٌ كثير يستحيل في العادة أن يتواطئوا على الكذب، و أسندوه إلى شيء محسوس، أي: مرئي أو مسموع.
و حكمه أنه مفيد للعلم فبمجرد ما يأتينا هذا الحديث، و هو متواتر، فإننا نقول:
إن النبي صلى الله عليه و سلم قد قاله، و لا إشكالَ.
و ليعلم أن التواتر في الأحاديث نوعان:
1 ـ لفظي: و هو قليل.
2ـ و معنويٌّ: و هو كثير.
فالمتواتر اللفظي أن يتواتر الرواة على هذا اللفظ، و مثَّلوا له بقول النبي صلى الله عليه و سلم: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
و أما التواتر المعنوي فأن يكون كلُّ حديث له معناه الخاص، لكن تتفق في شيء واحد، و مثّلوا لذلك بالمسح على الخفين فإنه قد جاءت فيه أحاديث كثيرة، لكنها ليست متفقة اللفظ، و قد نُظِم في ذلك بيتان هما قول الناظم:
مما تواتر حدث من كذب ... و من بنى لله بيتا و احتسب
و رؤية شفاعة و الحوضُ ... و مسح خفين و هذي بعضُ
الفائدة 281
أما النوع الثاني من الأخبار، فيقول رحمه الله:
148ـ ثانيهما الآحادُ يوجبُ العملْ .. لا العلمَ لكن عنده الظنُّ حصلْ
قوله (ثانيهما الآحاد) الضمير يعود على نوعي الأخبار.
و قوله: الآحاد هو كلُّ ما سوى المتواتر، و حتى و لو رواه ثلاثة أو أربعة أو خمسة.
و قوله (يوجب العمل) هذا بيان حكمه أنه يوجب العمل، فإذا روي هذا الحديثُ من طريق واحد، و فيه ثبوت حكم وجب علينا العمل به، و لا نقول: هذا خبرُ آحاد، فلا نعمل به، بل نقول:
هذا خبرٌ صحيح يجب العمل به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/364)
و قوله (لا العلمَ) أي أن خبر الآحاد لا يوجب العلمَ مطلقا، كما هو ظاهرُ كلامه، و الصحيح أن الآحاد يوجب العلمَ بالقرائن، فإذا وجدت قرينة تدلُّ على أن الرسول صلى الله عليه و سلم قاله أو فعله فإنه يوجب العلمَ.
و قوله رحمه الله (لكن عنده الظن حصلْ) يعني:
أن أخبار الآحاد تفيد الظن، هكذا قال المؤلف رحمه الله، و هو قول كثير من المتكلمين أن الآحاد لا يوجب العلمَ إطلاقا، و إنما يوجب الظنَّ، و في هذا القول نظر.
و الصواب أن الآحاد يوجب العلم بالقرائن، أرأيتم حديث عمر: (إنما الأعمالُ بالنيات، و إنما لكل امرئ ما نوى) هذا الحديث من أخبار الآحاد، بل من أخبار آحاد الآحاد، لأنه غريب في منتهى سنده، و مع ذلك نحن لا نشك أن الرسول صلى الله عليه و سلم قاله، و نعلم أنه قاله مع أنه خبرُ آحاد.
فعلى هذا نقول:
خبر الآحاد على رأي المؤلف لا يفيد إلا الظن، و الصوابُ أنه يفيد العلمَ، لكن بقرينة، و قد صرّح بذلك ابنُ حجر في "النخبة".
الفائدة 282
ثم قال رحمه الله:
149 ـ لمرسل ومسند قد قُسِّما ... و سوف يأتي ذكرُ كلِّ منهما
يعني: أن أخبار الآحاد تنقسم إلى قسمين، مرسل و مسند.
الفائدة 283
قال رحمه الله:
150 ـ فحيثما بعضُ الرواة يفقد ... فمرسل و ما عداه مسندُ
المؤلف رحمه الله يرى أن المسند ما اتصل سنده، و المرسلَ ما انقطع سنده، فانظر الفرق بين اصطلاح الفقهاء و اصطلاح المحدثين، فالمحدثون يقولون: إن المرسل ما رفعه التابعي، و يقولون: المسند مرفوع صحابي بسند ظاهره الاتصال.
أما الفقهاء فيقولون: المسند ما اتصل إسناده و المرسل ما انقطع إسناده.
و لا شك أن الفقهاء كلامهم أوضح، لكن كلام المحدثين أدق بلا شك.
الفائدة 284
قال رحمه الله:
151 ـ للاحتجاج صالح لا المرسلُ ... لكن مراسيلُ الصحابي تقبلُ
يعني:
أن الآحاد صالحة للاحتجاج، لا المرسلُ، و المرسلُ سبق أنه ما انقطع سندهُ.
و قوله (لكن مراسيلُ الصحابي تقبلُ) أي: أنها محتجٌّ بها، و مراسيُ الصحابيِّ هي ما رواه الصحابيُّ الذي لم يسمع من الرسولِ صلى الله عليه و سلم، فهذا يسمّى مرسل صحابي.
مثاله: أن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه ولد عام حجة الوداع، فإذا روى حديثا عن النبي صلى الله عليه و سلم، فإننا لا نقول:
إنه متصل، بل نقول: هذا مرسل لأنه بلا شك لم يسمع من النبي صلى الله عليه و سلم، لكن يجبُ أن نقول:
مرسل صحابي، و يكون مقبولا حجة، لأنه و إن كان هو لم يسمع من الرسول صلى الله عليه و سلم، فيحتمل أنه سمعه من صحابي آخر عن الرسول صلى الله عليه و سلم، أو سمعه من تابعي، عن الصحابي، عن الرسول صلى الله عليه و سلم، يحتمل هذا و هذا.
ـــــــــــــــ
مجلس آخر للشيخ العثيمين رحمه الله
الحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ...
خلاصة
سبق لنا بأن المؤلف رحمه الله قسم الأخبار إلى:
1 ـ متواتر يفيد العلم.
2 ـ و إلى آحاد يفيد الظن و لا يفيد العلم.
و ما ذكروه صحيح من حيث الجملة، فالمتواتر يفيد العلم و لا شك، و أما الآحاد فالأصل ألا يفيد إلا الظن، لكن قد يفيد العلم بالقرائن.
و الصواب أن الآحاد الأصل ألا يفيد إلا الظن، لكن قد يفيد العلم بالقرائن، فمثلا إذا كان الحديث في الصحيحين، البخاري و مسلم، و قد اتفق العلماء على جلالتهما، و على أنهما إماما أهل الحديث، و تلقت الأمة هذا الحديث بالقبول، و قد جاءنا بطريق الآحاد فمثل هذا يفيد العلم بلا شك،
و لذلك نحن نقول: إن علمنا بقول النبي صلى الله عليه و سلم: (إنما الأعمال بالنيات، و إنما لكل امرئ ما نوى)
كعلمنا بقوله صلى الله عليه و سلم: (من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) و الثاني متواتر، والأول آحاد.
و هذا القول هو المتعين الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و ابن الصلاح و ابن حجر و غيرهم من المحققين بأن خبر الآحاد يفيد العلم بالقرائن.
نعم!
و ذكر أيضا رحمه الله أنه ينقسم الخبر إلى مرسل و مسند، و فسر المسند بأنه متصل، و هو غير تفسير ابن حجر، يعني ابن حجر يقول: أن المسند مرفوع صحابي بسند ظاهره الاتصال،
و هذا يا إخوان!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/365)
المسند هو المتصل، المرسل أيضا فسره بالمنقطع، ما سقط منه راو، و المحدثون يقولون:
المرسل ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من الرسول صلى الله عليه و سلم، و هذا من الخلافات التي بين الفقهاء و أهل الحديث، و المرجع في هذا الفن إلى المحدثين.
الفائدة 285
طيب!
المرسل هل يحتج به؟
يقول المؤلف:
" مراسيل الصحابي محتج بها "، فلو روى ابن عباس قصة وقعت قبل ولادته، لأن الرسالة قبل ولادته، ابن عباس حين حج الرسول صلى الله عليه و سلم للوداع كان قد اهز الاحتلام، يعني له حوالي 15 سنة، و حجة الوداع كان للرسول صلى اله عليه و سلم 23 سنة (عمر البعثة!) فلو روى قصة الهجرة، فابن عباس لم يكن موجودا قطعا، لم يباشرها بنفسه، فهل نحكم أن هذا المرسل متصل أو لا؟
ــــــــــــــ
(تم بحمد الله الشريط السادس)
نشرع الآن في الشريط السابع بعون الله
ــــــــــــ
الجواب:
متصل، لماذا؟
لاحتمال أن النبي صلى الله عليه و سلم حدثه عنها بنفسه، فيُحْكَم بأنه متصل، أما إذا علمنا بأن الصحابي لم يسمع من الرسول (صلى الله عليه و سلم)، قالوا: إنه حجة، لأنه عدل ثقة، لا يروي إلا عن مثله،
الفائدة 285
طيب!
مرسل التابعي، هل هو متصل؟
لا!
لاحتمال أنه روى عن تابعي، و التابعي الثاني روى عن تابعي، و التابعي الثالث روى عن تابعي، و التابعي الرابع روى عن صحابي، و كل هؤلاء الثلاثة لا ندري عنهم، لهذا قالوا:
إن مرسل التابعي نعتبره منقطعا، لأننا لا نعلم من حدثه بذلك لكن لو علمنا أن الذي حدثه صحابي بحيث نعلم أن هذا التابعي لا يروي إلا عن الصحابة فإنه يكون متصلا،
الفائدة 286
و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
152 ـ كذا سعيدُ بن المسيِّبِ اقْبلا ... في الاحتجاجِ ما رواه مرسلاَ
و ذلك لأن أحاديثه المرسلة تتبعت فإذا هي عن أبي هريرة، فهي متصلة، و عليه فأحاديث سعيد المرسلة حجة.
الفائدة 287
قال رحمه الله:
153 ـ و ألحقوا بالمسند المعنعنا ... في حكمه له تبيّنا
قوله: (بالمسند)
أي: المتصل، لأن المؤلف يقول: المسند هو المتصل، و معنى البيت:
" أن المعنعن له حكم المسند "،
إذا المعنعن متصل، و لكن كلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه، فالمعنعن متصل ما لم يقع من معروف بالتدليس، فإن وقع من معروف بالتدليس فليس بمتصل إلا إذا صرّح بالتحديث في موضع آخر، فإنه يصير حينئذ متصلا.
الفائدة 288
ثم بدأ المؤلف رحمه الله بصيغ الأداء فقال:
154 ـ و قال من عليه شيخه قرا ... حدثني كما تقول أخبرا
إذا قرأ الشيخ على التلميذ فإنه يقول: حدثني
و يقول أيضا: أخبرني، و هل الشيخ يقرأ أم يقرأ عليه؟
الجواب:
نقول:
الأصل في الرواية أن الشيخ هو الذي يقرأ، لأنه يريد أن يخبر، أن يؤدي الحديث، فإذا أمسك الكتاب و جعل يقرأ الراوي عنه يقول: أخبرني.
و يقول أيضا: حدثني.
الفائدة 289
قال رحمه لله:
155 ـ ولم يقل في عكسه حدثني ... لكن يقولُ راويا أخبرني
قوله (في عكسه) عكسه إذا قرأ التلميذ على الشيخ فإنه لا يقول: حدّثني، لو قال: حدثني لكان كاذبا.
مثال ذلك:
تلميذ يقرأ مصنف الشيخ على الشيخ، لأجل أن يرويه عنه، لا يمكن أن يقول: حدثني.
بل يجب أن يقول: حدثني قراءة عليه.
فيبين، و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
و لم يقل في عكسه حدثني ... لكن يقول راويا أخبرني
فرّق بين حدثني و أخبرني، أخبرني لمن قرأ على الشيخ، و حدثني لمن قرأ عليه الشيخ، مع أن اللغة العربية لا تفرق بين " حدثني و أخبرني"، فمعناهما واحد، لكن الاصطلاح لا مُشَاحَّةَ فيه، ما دام أهل العلم في الحديث اصطلحوا على أنّ حدثني هو الذي قرأ، و أخبرني يعني أنا الذي قرأت، فهذا اصطلاحهم لكن يقول:
الفائدة 290
156 ـ و حيث لم يقرأ و قد أجازه ... يقول قد أخبرني إجازه
إذا كان التلميذ لم يقرأ الكتابَ على الشيخ إطلاقا، لكنَّ الشيخَ قال له:
يا محمد، أنا أروي الكتاب الذي بقلمي فاروه عني.
فهل يجوز للتلميذ حينئذ أن يقول: أخبرني؟
الجواب:
على الإطلاق لا، يجب أن يقول:
أخبرني إجازة، لأنه من المعلوم أن الإخبارَ مشافهة أبلغُ من الإخبارِ إجازة، قد يكونُ في الكتابِ خطأ، أو أن الكتابَ حرف، أو بدل، أو ما شبه ذلك، لكن اللفظ غيره.
*****************
تم بحمد الله باب الأخبار
*****************
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[31 - 12 - 09, 08:50 م]ـ
فتح الله عليك أبا همام وأجزل لك المثوبة
نقول، في هذه الحال يعمل بهما جميعا في الصورة التي يتفقان فيها، كما إذا دخل المسجد في غير وقت النهي، فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، و يتوقف في الصورة التي يقع فيها التعارض، إلا إذا وجد ما يؤيد عموم أحدهما، فإننا نعمل به، و هنا وجدنا أن النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح أضعف من الأمر بالصلاة إذا دخل المسجد، وجه ذلك أن النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح قد ورد تخصيصه في عدة مواضع، منها إعادة الجماعة،
يعني:
لو جئت بعد أن صليت الصبح، و وجدت الناس يصلون جماعة فصل معهم.
و منها ركعتا الطواف فإنهما يجوزان في وقت النهي، و منها سنة الوضوء، فتمزق بذلك عموم النهي عن الصلاة بعد الفجر، و لذلك نقول: إن القول الراجح في هذه المسألة أن كل صلاة لها سبب فإنه يجوز أن تفعل في وقت النهي، لأنا وجدنا أن عموم الأمر بهذه الصلاة التي لها سبب أقوى.
ذكر الشيخ عياض حفظه الله قاعدة في الترجيح في مثل هذه الحال، وهي قولهم إذا تعارض عامين أحدهما محفوظ - أي لا يُعلم له مخصص - والثاني ثبت تخصيصه قُدِّم المحفوظ على المخصص، فحديث النهي قد ثبت تخصيصه بالصلاة الفائتة فمن فاتته صلاة صلاها ولو في أوقات النهي لحديث "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" فهذا المخصص متفق عليه لكن حديث تحية المسجد لا يعرف له مخصص متفق عليه، فيقدم على حديث النهي.
يتبع بإذن الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/366)
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[01 - 01 - 10, 12:58 ص]ـ
مسائل في الإجماع
الأولى: أن عدم اشتراط انقراض العصر هو مذهب الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمهم الله تعالى. والحجة في ذلك أن الأدلة الدالة على حجية الإجماع لم تقيده بالإنقراض فهو إذن شرط زائد، وكل دليل جاء مطلقا من دون قيد لا يجوز تقييده لأن التقييد زيادة على الشرع.
الثانية: أنه إذا اختلف أهل عصر ثم جاء الذين بعدهم واتفقوا على أحد الأقوال لم يعد ذلك إجماعا لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها كما قال الشافعي رحمه الله تعالى.
الثالثة: أن إمكان الإجماع جائز عقلا ولا خلاف في تصوره وإمكانه في الضروريات من الدين كالصلوات الخمس. وما سوى ذلك فاختلف فيه على قولين:
- الإمكان وهو مذهب جماهير أهل العلم وهو ما دل عليه الدليل الشرعي إذ لا يمكن أن يقول الله تعالى "ويتبع غير سبيل المؤمنين" ثم لا يوجد سبيل المؤمنين فما دام أن الدليل الشرعي قد دل على حجية الإجماع لزم منه إمكان الوقوع ودليل إمكانه عند الجمهور مشاهدة الوقوع كالإجماع على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة وتحريم شحم الخنزير كلحمه.
- والقول الثاني عدم إمكانه لانتشار أهل الإجماع في الأرض ويمتنع نقل الحكم إليهم عادة فيمتنع الإتفاق وهذا يمكن أن يسلم به فيما عدا القرون المفضلة وأما بعدهم فيعسر العلم بوجود العلماء وإحصائهم فكيف بالعلم بأقوالهم.
الرابعة: الإجماع السكوتي، وهو قول بعضٍ أو فعلهم وانتشاره من غير نكير، محل خلاف بين الأصوليين ووصلت الأقوال فيه إلى ثلاثة عشر قولا. والراجح أنه حجة بشروط:
-1 - أن يكون في مسائل التكليف، فلو قال أحد أن عليا أفضل من عثمان رضي الله عنهما وسكت الباقون لم يعتبر إجماعا لأنه ليس في مسائل التكليف.
-2 - أن يعلم أنه بلغ المجتهدين جميعا.
-3 - أن لا تظهر عليهم أمارات الكراهة والتسخط.
-4 - أن يكون قبل استقرار المذاهب، فلو أن أحدا استفتى عالما بحضرة غيره من أهل العلم فأفتاه بما يوافق المذهب و سكت الآخرون لم يعتبر سكوتهم إجماعا لأنه إنما أفتاه بمذهب إمامه.
يتبع إن شاء الله تعالى
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[02 - 01 - 10, 12:42 ص]ـ
بسم الله
ما تبقى من مسائل هذا الباب:
الخامسة: إذا اختلف الصحابة على قولين فهو إجماع على أن المسألة فيها قولان فلا يجوز إحداث قول ثالث وهو مذهب جمهور الأصوليين وفي المقام تفصيل وهو:
- إذا كان إحداث قول ثالث يرفع حكم الإجماع فهو لا يجوز، مثال ذلك أن في المواريث مسألة الجد مع الإخوة فيها قولان، أحدهما أنه مثل الأب يرث المال ويسقط الإخوة والآخر أنه يقاسمهم، فلو جاء أحد فقال يسقط الجد قلنا لا لأن هذا يسقط حكما مجمعا عليه.
- وإذا كان إحداث قول ثالث لا يرفع حكم الإجماع فيجوز ومثال ذلك الكحل والقطرة للصائم، كأن يكون يكون هناك قولان أحدهما القول بأنهما يفطران والثاني أنهما لا يفطران فلو جاء أحد فقال أن القطرة تفطر دون الكحل لم يكن ذلك رفعا للإجماع وقد نقل عن الإمام أحمد تفصيل في مسألة قراءة القرآن للجنب حيث قال أحدهم لا يقرأ ولو آية وقال الآخرون يقرأ فقال الإمام يقرأ بعض آية.
السادسة: إذا قال الصحابي قولا ولم يشتهر أو لم يعلم له اشتهار فيما فيه مجال للرأي ففي حجيته خلاف والأئمة الأربعة وجمهور العلماء على أنه حجة وخالفهم المتكلمون. ونسب للشافعي في المسألة قولان واجتهد ابن القيم - رحمة الله على الجميع - في تغليط نسبة القولان له.
قال الشيخ الحازمي، ويزاد على ذلك أن لا يخالف اجتهاد الصحابي نصا وأن لا يكون معارضا بالقياس، وما خالف القياس فالأكثر على أنه موقوف عليه إذ لا يمكن أن يخالف الصحابي القياس برأيه، وعند هؤلاء قول الصحابي نص والنص مقدم على القياس، والصحيح أن القياس مقدم لأنه دليل مجمع عليه.
السابعة: إجماع أهل المدينة وهو مذهب الإمام المالك، وإنما هو مقيد بعصر الصحابة والتابعين، وهو نوعان: نقلي واجتهادي.
فأما النقلي، فقد قال ابن القيم هو على الرأس والعين، مثل طريقة الآذان من كونه يؤذن على مكان مرتفع، ومقدار الصاع والمد فهذا حجة.
وأما عملهم الإجتهادي فليس بحجة وتوسع بعضهم في ذلك فأدخل أعمال غير أهل المدينة كالبصرة ...
هذه تمام أهم المسائل في هذا الباب، وليس عندي كبير ما يزاد على كلام الشيخ رحمه الله في باب الأخبار، فموعدنا باب القياس إن شاء الله تعالى.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[02 - 01 - 10, 07:56 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل أبا بكر .......
واصل نحن في المتابعة .....
جزاك الله كل خير .....
بانتظار دررك كالعادة .... (ابتسامة أخوية)
و ستكون لي وقفات بإذن الله مع فوائدك القيمة، لأبرهن لك عن متابعتي و انتفاعي منها، لا مجرد تسلية و قراءة عابرة ....
وفقك الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/367)
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[06 - 01 - 10, 11:09 ص]ـ
وفيك بارك أخي الحبيب
وفتح الله عليك فتوح العارفين به
ويشرفني أن تكون في المتابعة وأن يحصل بذلك نفع، فلله الحمد والمنة.
والكرة أخي في ملعبك ولا زلنا في انتظار باب القياس من عندك وفقك الله.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[06 - 01 - 10, 10:28 م]ـ
بارك الله فيك أخي العزيز أبا بكر .....
لقد كشفت حيلتي (ابتسامة)، كنت أود ربح الوقت فقط، أثناء مشاركاتك النافعة جدا (والله، بدون مجاملة!)، لكن و لمّا أصررت، فليس لي إلا الموافقة.
بصراحة، باب القياس من أطول أبواب المتن شرحا، فشرحه استغرق 23 صفحة!!!، و هو يزيد على باب العام و الخاص ب 3 صفحات تقريبا، و السبب واضح كما أظن، لأن المسائل المنصوص عليها قليلة بالنسبة للمسائل و الحوادث التي لم ينص عليها الشرع و تم استنباط حكمها من خلال القياس، كإلحاق الشبيه بالشبيه و النظير بالنظير و غير ذلك مما سنراه في الشرح القادم بإذن الله .....
فكونوا معنا إخوتي ....
و ما هو قادم سيسركم جدا جدا إن شاء الله، خاصة في التلخيص بالتعاريف و التقاسيم و الفروق ......
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[09 - 01 - 10, 02:54 م]ـ
بارك الله في إخوتي جميعا ....
أبشر إخوتي بأنني انتهيت من سماع الشريط السابع و قد شرعت في الثامن!!!
يعني الشريط الأخير!!!!
يعني أتممنا السلسلة يا إخوان!!
و بتمام الشريط السابع، أكون قد أتممت تفريغ باب القياس الذي يعد أطول الأبواب على الإطلاق ..... فلله الحمد و المنة ....
و ما بقي إلا:
ـ باب ترتيب الأدلة
ـ و باب المفتي و المستفتي
ـ و باب الاجتهاد و التقليد
و تنتهي قصة متن الورقات .... بحمد الله و فضله و عونه و كرمه ......
و تبدأ قصة أخرى، و عمل آخر، هو تلخيص و مراجعة تعاريف المتن و تقاسيمه و فروقه، النظر في مسائله و مباحثه، حفظ المتن نفسه نظما و نثرا، و الذي كان ينبغي فعله أول الأمر، أعني الحفظ، و ستكون طريقتنا في المتون الأخرى حفظ المتن أولا في مستقبل الأيام و المذاكرات العلمية بإذن الله.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[09 - 01 - 10, 03:02 م]ـ
نواصل بعون الله و توفيقه .....
باب القياس
الفائدة 291
القياس مصدر قايس يقايس قياسا و مقايسة.
و أما "قيس" فهو مصدر "قاس"، و ربما نقول: إن "قياسا" مصدر لـ"قاس" على غير القاعدة المشهورة،
فما هو القياس؟ و ما هي حجيته؟
الفائدة 292
قال المؤلف رحمه الله:
157ـ أما القياس فهو رد الفرع ... للأصل في حكم صحيح شرعي
158 ـ لعلة جامعة في الحكم ... و ليعتبر ثلاثة في الرسم
159 ـ لعلة أضفه أو دلالة ... أو شبه ثم اعتبر أحواله
القياس: ردُّ الفرع إلى الأصل،
و إن شئت فقل:
إلحاق الفرع بالأصل في الحكم لعلة جامعة.
فأركانه أربعة:
أولا: فرع، و هو المقيس.
و الثاني: أصلُ، و هو المقيسُ عليه.
و الثالث: حكمُ.
و الرابع: علة، وهي الوصف الجامع بين الأصل والفرع.
و هنا نسأل:
هل القياس دليلٌ شرعي صحيحٌ أو لا؟
الجواب:
اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:
القول الأول:
قول الظاهرية رحمهم الله، أن القياس ليس دليلا شرعيا صحيحا، و عللا ذلك بأن المدار على الكتاب و السنة، أما القياس فهو ......
.............................. يتبع قريبا بإذن الله
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[10 - 01 - 10, 08:40 م]ـ
واصل يا أبا الهمام وصلك الله
في المتابعة
ـ[محمد العوض]ــــــــ[12 - 01 - 10, 10:57 ص]ـ
لعل الأنسب أن يُسمّى هذا الموضوع بـ
الدرر الجواهر في مذاكرة روضة الناضر
:)
يا أخي الموضوع طويل جداً
هلا رتبته لنا حتى نميّز أينطبق عليه العنوان الذي وضعته أم لا؟
مداعبة
:)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 01 - 10, 08:49 م]ـ
لعل الأنسب أن يُسمّى هذا الموضوع بـ
الدرر الجواهر في مذاكرة روضة الناضر
:)
يا أخي الموضوع طويل جداً
هلا رتبته لنا حتى نميّز أينطبق عليه العنوان الذي وضعته أم لا؟
مداعبة
:)
أقول لأخي الحبيب محمد العوض:
هون عليك يا أخي، صحيح ما قلته، و لكن هذه هي البدايات، و سترى كيف ستكون النهايات!!!!
ستكون أشهى من العسل، و باعثة على النشاط بعد الكسل ..........
نعم ..... كانت كذلك ..... و هذا قصدا مني و عمدا .... لأضع المادة كلها بين أيديكم أول الأمر .... فقد لاحظت غياب شرح الشيخ العثيمين رحمه الله على شكل ملف إلكتروني، فعملت على إخراجه هنا بتنسيق حسن يعين على التركيز ..... و أعتقد أنني وفقت في ذلك إن شاء الله ....
و هاقد شارف المشروع على التمام بعد بضعة شهور، رغم المعاناة و الظروف و الشواغل، بحمد الله ........
و سيبدأ العمل الجاد بعدها ....
و هو التلخيص على طريقتي المعروفة، بالتعاريف و التقاسيم و الفروق و ربما المسائل أيضا، فنعيد ترتيب الشرح بهذا الأسلوب الشيق المعين على التركيز و حفظ أهم الأمور في المتن، فيكون بمثابة الزبدة النهائية في المذاكرة .....
و سيعقبها بإذن الله تلخيص ميسر و سهل يكون سردا سريعا لما مر معنا ....
ثم ننثر هنا تعليقات نفيسة نجمعها إن شاء الله من مشاركات إخواننا الأعزاء و غيرها من الكتب و الأشرطة بقدر الإمكان، فيتوفر لدى إخواننا خلاصة ما يتعلق بمتن الورقات بعون الله و توفيقه.
وفق الله الجميع لما فيه الخير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/368)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 01 - 10, 09:17 م]ـ
بارك الله في أخي أبي بكر و في الجميع .....
نواصل بعون الله و توفيقه .......
أما القياس فهو دليل عقلي، فلا يمكن جعله دليلا شرعيا صحيحا، فأنكروا القياسَ رحمهم الله إنكارا عظيما.
و لقد وقعوا رحمهم الله في هَوَايا، و وقعوا في تناقضات عظيمة بسبب إنكارهم للقياس، يعرف هذه التناقضات من تتبع كتبهم.
و القول الثاني:
و هو قول عامة العلماء، قالوا:
إن القياسَ ثابتٌ شرعا، و هو رابعُ الأدلة الشرعية بعدَ الكتاب و السنة و الإجماع.
و استدلوا على ذلك بوقوع القياس في كتاب الله عز وجل، و في سنة النبي صلى الله عليه و سلم في الأمور الكونية، و في الأمور الشرعية:
فمثال وقوعه في الأمور الكونية:
1 ـ قال تعالى: (أو ليس الذي خلق السماوات و الأرض بقادر على أن يخلق مثلهم) يس: 81.
فهذا قياس في أمر كوني، و هو الخلق، وجهه أنه إذا كان الله قادرا على خلق السماوات و الأرض فهو من باب أولى قادر على خلق من دونهما من الناس و غيرهم، قال تعالى: (لخلق السماوات و الأرض أكبر من خلق الناس) غافر: 57.
2 ـ و قال تعالى: (و نزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات و حب الحصيد (9) و النخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد و أحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج) ق: 9ـ11.
فهذا قياس، قاس سبحانه و تعالى الخروجَ من القبور على خروج الزرع من الأرض.
فكما ينزل سبحانه الماء من السماء فينبت به الزرع، فكذلك أهل القبور ينزل عليهم مطر فينبتون في قبورهم، ثم يخرجون، قال تعالى: (يوم يخرجون من الأجداث سراعا).
و مثاله في الأمور الشرعية:
1ـ ما رواه البخاري و مسلم، رحمهما الله عز و جل، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقالت: إن أمي ماتت، و عليها صوم شهر.
فقال: "أرأيت لو كان عليها دين، أكنت تقضينه؟ "
قالت: نعم.
قال: (فدين الله أحق بالقضاء). و هذا قياس.
2 ـ و ما رواه البخاري و مسلم، رحمهما الله عز و جل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه و سلم، فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسودَ ـ كأنه يُعَرِّضُ بأن ينفيه ـ فقال النبي صلى الله عليه و سلم: هل لك من إبل؟
قال: نعم.
قال: (فما ألوانها؟)
قال: حُمْرٌ
قال: (هل فيها من أَوْرَقَ؟)
قال: إن فيها لَوُرْقا.
قال: (فأنى أتاها ذلك؟)
قال: عسى أن يكون نزعه عِرق.
قال: (و هذا عسى أن يكون نزعه عرق).
ففي هذا الحديث لم يقل له صلى الله عليه و سلم:
الولدُ لكما. لو قال: الولدُ لكما.
لقال الرجلُ: نعم، رضينا بالله و رسوله، لكن أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يقيس، فضرب له مثلا يناسبه من بيئته، و هو أعرابي لا يعرف إلا الإبل، فاقتنع الرجلُ.
ـ و العقلُ أيضا يقتضي ثبوت القياس بناء على أننا نعرف أن الشريعةَ كاملةٌ من كل وجه، مُحْكَمَةٌ من كل وجه، و الكامل المحكم لا يتناقض، و معلوم أن التفريق بين متماثلين أو الجمع بين مختلفين تناقض، فالمتفقان لا بد أن يكون حكمهما واحدا حتى تتفق الشريعة، و المختلفان لا بد أن يكون حكمهما مختلفا أيضا.
خلاصة ما سبق:
فالقياس إذا ثابت بالكتاب و السنة في الأمور الكونية و الشرعية، و كذلك دلّ عليه العقل، و عمل المسلمين عليه إلى اليوم، و إلى الغد لأنه من كمال الشريعة، و الشريعة لا يمكن أن يدخلها النقص.
الفائدة 293
(أقسام القياس عند المؤلف)
ثم بين رحمه الله أقسام القياس، فقال:
لعلة جامعةٍ في الحُكم .... و ليُعْتَبَرْ ثلاثةً في الرسم
لعلة أضفه أو دَلالَهْ ..... أو شَبَهٍ ثم اعْتَبِرْ أحوالَهْ
يعني رحمه الله:
أن القياس ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قياس عِلة، و قياس دَلالة، و قياس شَبَه.
الفائدة 294
(أقسام القياس عند غيره)
و اعلم رحمك الله أن القياس اختلف العلماء رحمهم الله في مورد التقسيم فيه، فمنهم من قسّمه على ما مشى عليه المؤلف، و منهم من قسّمه على وجه آخر،
فقال: القياس نوعان، جلي و خفي، و طرد و عكس.
فالقياس الجلي:
هو الواضح الذي ثبتت علته بالنص، أو بما لا مجال للشكِّ فيه.
مثاله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/369)
ما رواه مسلم في صحيحه، عن عبد الله، رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، فإن ذلك يحزنه)
فهنا نصَّ النبي صلى الله عليه و سلم على أن علة النص هي إحزان الأخ الثالث، فإذا وجد إحزان لأخيك في غير التناجي ثبت النهي، لوجود علة الإحزان، فكأن الرسول صلى الله عليه و سلم قال: كل ما يحزن أخاك فهو حرام. و هذا قياس جلي.
مثال آخر:
ما رواه البخاري و مسلم رحمهما الله عز و جل، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل يشوصُ فاه بالسواك.
ففي هذا الحديث رأى حذيفة النبي صلى الله عليه و سلم عند الانتباه من نوم الليل، و لا يمنع أن يكون ذلك أيضا عند الانتباه من نوم النهار، لأن العلة واحدة، و هي تغير الفم بالنوم، فعلى هذا يتأكد السواك عند الانتباه مطلقا، كما هو مذهب الحنابلة رحمهم الله، بالدليل في نوم الليل، و بالقياس في نوم النهار.
و اعلم أن القياس الواضح الجلي يعبّر عنه أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بالعموم المعنوي، لأن العموم يكون بالألفاظ، و قد يكون بالمعاني، بمعنى أننا إذا تيقنا، أو غلب على ظننا أن هذا المعنى الذي جاء به النص يشمل هذا المعنى الذي لم يدخل في النص لفظا فإننا نقول:
دخل فيه بالعموم المعنوي.
أما القياس الخفي:
فهو ذو العلة الخفية، و لذلك يختلف العلماء في تحديدها.
مثاله:
قياس الرزّ على البُر في ثبوت الربا.
الرز لم ينص عليه النبي صلى الله عليه و سلم، فهل يقاس على البُر، لأنهما في المطعوم، أو لا يقاس، لأن الرسول صلى الله عليه و سلم عيّن؟
الجواب:
فيه احتمالٌ، و لهذا نسمى مثل هذا القياس قياسا خفياً.
و أما قياس الطرد:
فهو أن يقاس النظير على نظيره.
و قياس العكسِ:
أن يقاس الشيء على ضده.
و مثاله:
ما رواه ما رواه أحمد و مسلم و النسائي رحمهم الله، عن أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (و في بضع أحدكم صدقة) قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، و يكون له فيها أجر؟
قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر).
الفائدة 295
قوله رحمه الله (لعلة أضفه): المراد قياس العلة.
و قوله رحمه الله (أو دَلاله): المراد قياس الدَّلالة.
و قوله رحمه الله (و شبهٍ): المراد قياس الشبه.
الفائدة 296
فهذه ثلاثة أنواع للقياس:
1 ـ أقواها قياسُ العلة
2 ـ ثم قياس الدلالة
3 ـ ثم قياسُ الشبه.
يتبع بعون الله و توفيقه .....................
ـ[ابو حذيفة الأثري]ــــــــ[17 - 01 - 10, 10:11 م]ـ
شيخنا الفاضل
اعتذر عن تطفلي في الموضوع و لكن من باب (لا يتعلم هذا العلم مستحي و لا مكابر)
أرجوا أن تقبلوني كتلميذ و مستفيد فأنا مبتدأ في هذا العلم
محبكم في الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[18 - 01 - 10, 09:24 م]ـ
شيخنا الفاضل
اعتذر عن تطفلي في الموضوع و لكن من باب (لا يتعلم هذا العلم مستحي و لا مكابر)
أرجوا أن تقبلوني كتلميذ و مستفيد فأنا مبتدأ في هذا العلم
محبكم في الله
أحبك الله الذي أحببتني فيه أخي الفاضل: أبا حذيفة الأثري ....
و أنا كذلك أحبك في الله ..... ثبتني الله و إياك و سائر الإخوة على طاعته .....
لكن ..... !!!
لست شيخا أخي الكريم، بل أنا أخ محب لإخوانه، يحاول الإرتقاء معهم في سماء العلم و مدارج الطلب .....
حياك الله و رعاك و وفقك و جميع الإخوة لكل خير .....
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[23 - 01 - 10, 03:09 م]ـ
نواصل بعون الله و توفيقه ....
الفائدة 297
ثم أراد أن يُفصِّلَ الأقسام الثلاثة على الترتيب، فقال رحمه الله تعالى:
159 ـ أولها ماكان فيه العِلَّّهْ ... موجبة للحكم مستقِلّهْ
160 ـ فضربه للوالدين ممتنع ... كقول أُفٍّ و هْو للإيذا مُنِعْ
يعني أن أول أقسام القياس،
و هو قياس العلة:
و هو ما كانت العلةُ فيه موجبة للحكم، أي: مقتضية له، بأن يكونَ المقيسُ "الفرعُ" أولى بالحكم من المقيس عليه "الأصل".
مثالُه:
قال تعالى في الوالدين: (فلا تقل لهما أفٍّ) الإسراء: 23.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/370)
"أف" معناها: أتضجر، و هذا محرم، فإذا حرم التأفف فالضرب من باب أولى لأن العلة الإيذاء لأن فيه إيذاءً للقلب و إيذاءً للبدن، و التضجر فيه إيذاء للقلب فقط.
فيقال: ضرب الوالدين حرام قياسا على التأفيف، و هذا قياس علة لأن الفرع أولى بالحكم من الأصل.
و هذا يسمى قياس الأولى فكل قياس أولى فهو قياس علة.
مثال آخر:
قال تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) النساء: 10.
فلو جاء إنسان فقال: نهى الله عن الأكل، و أنا لن آكلها، و لكني سأحرقها.
نقول: إحراقها أشدُّ تحريما من أكلها، لأن أكلها ليس فيه إضاعةُ مالٍ، و إحراقها فيه إضاعة للمال، و إفسادٌ له، و مع ذلك فيه أكلٌ لمالِ اليتامى.
فيكون تحريمُ الإحراق من باب أولى، و يكون هذا القياسُ قياسَ علة.
مثال ثالث:
امرأة لم تتزوج أصلا فقيل لها: أتريدين أن تتزوجي بفلان؟
قالت: نعم
فنقول هذا إذنها قياسا على السكوت و الصمت لأنه من باب أولى.
مثال رابع:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك يحزنه).
فتكلَّم رجلان، و معهما الثالثُ، و صارا يشتمان هذا الثالثَ علناً فلا شكَّ أن هذا أشدُّ إحزاناً له، لأنه في حالة التناجي يقولُ: ربما كانا يتكلمان فيَّ أو في غيري، لكن إذا سمعهما يقولان فيه قولا شنيعا فإن ذلك أشدّ إحزانا له.
فرفعُ الصوت بسبّه و شتمه حرام، لأنه يحزنه، فصار الضابط في قياس العلة ما كان المقيسُ أولى بالحكم فيه من المقيس عليه.
و قوله: (و هو) يعني قول أف (للايذا) متعلق بمنع و هو ممنوع من أجل الايذاء فالضرب أشد.
الفائدة 298
الثاني:قياسُ الدّلالةِ:
قال المؤلفُ رحمه الله:
161ـ و الثانِ ما لم يوجب التعليل ... حكما به لكنه دليلُ
162 ـ فيستدلُّ لابالنظير المعتبر ... شرعا على نظيره فيعتبر
163ـ كقولنا مالُ الصبي تلزم ... زكاته كبالغ أي للنمو
هذا هو قياس الدلالة، فقياسُ الدلالة هو أن يكون الحكم في المقيس نظير الحكم في المقيس عليه، يعني: هما سواء، فيستدل بهذا على نظيره، و عليه فيكون قياسُ الدلالة أضعف من قياس العلة، لأن العلة في قياس العلة ِ موجِبة للحكم.
و أما قياس الدلالة فإن الدليلَ مجوِّزٌ لنقل الحكم من المقيس عليهإلى المقيس، لأنه نظير بنظيره، و ليس كدلالة العلةِ إذ من الجائز أن يكون لهذا النظير معنى خاص يمنع الإلحاقَ، و هو غير معلوم لنا.
و مثاله:
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
163 ـ كقولنا مال الصبي تلزم ... زكاته كبالغ أي للنمو
الزكاةِ في مال الصبي، هل هي واجبة أو لا؟
فيه خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى فمنهم من قال بالوجوب و منهم من قال بعدم الوجوب.
و أما الزكاة في مال البالغ فواجبة بلا خلاف.
فإذا قال قائل:
أنا سأقيس مال الصبي في وجوب الزكاة على مالِ البالغ في وجوب الزكاة، و العلة الجامعة بينهما: النمو، فكل منهما مالٌ نامٍ.
فالثمار مثلا تجبُ زكاتها إذا كانت لبالغٍ، فتجبُ زكاتها إذا كانت لصبي، و العلة النمو، و كذلك الغنم و الإبل و البقر و عروض التجارة تجب فيها الزكاة، و العلة النمو، فإذا كانت هذه العلة فإنها تجب الزكاة في مال الصبي كما تجب في مال البالغ.
هذا إذا قلنا إن وجوب زكاة مال الصبي بالقياس على وجوب الزكاة في مال البالغ.
أما إذا قلنا: إنها ثابتة بالنص، و هو الصحيح فلا حاجةَ للقياس.
و الزكاةُ في مال الصبي واجبة بالنص، لأن الزكاةَ حق المال، كما قال أبو بكر رضي الله عنه استدلالا بقوله تعالى: (خُذ من أموالهم صدقة) التوبة: 103.
و لم يقل: خذ منهم فالزكاة في المال.
و لقول النبي صلى الله عليه و سلم حين بعث معاذا إلى اليمن: (أعلمهم أن اللهَ فرض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فتردُّ في فقرائهم).
و الصبي هذا غني و المالُ مالٌ فتجب الزكاة فيه، فوجوب الزكاة في مال الصبي و المجنون ثابت بالنص.
لكن لو أن أحدا ترك الاستدلال بالنص، و قال: أنا أريد أن أثبت ذلك بالقياس أيضا، فأوجب الزكاةَ في مال الصبي قياسا على وجوب الزكاة في مالِ البالغ، بجامع النمو في كل منهما.
لكان هذا يسمى قياس دلالة.
مثالٌ آخرُ على قياس الدلالة:
قال تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/371)
(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) النساء: 10.
فجاء إنسان و شرب من ماء اليتيم، أو اكتسى بثوبه ظلما، فهذا أيضا يحرم، و إن كانت الآيةُ في الأكل، فالشربُ مثله، و اللباسُ مثله، و هذا قياسُ دلالة، لأنه استدلالٌ بالنظير على نظيره.
الفائدة 299
الثالث: قياس الشبه:
قال المؤلف رحمه الله:
164 ـ و الثالث الفرع الذي ترددا .. ما بين أصلين اعتبارا وُجدا
165 ـ فليلتحق بأي ذين أكثرا .. من غيره في وصفه الذي يرى
166 ـ فليلحق الرقيق في الإتلاف ... بالمال لا بالحُرِّ في الأوصاف
هذا أضعف أنواع القياس، و هو قياس الشبه.
و قياسُ الشبه هو تردد الفرع بين أصلين مختلفين في الحكم، فيلحق بأكثرهما شبها.
فالرقيق يشبه الحرَّ في حقوقِ اللهِ عز وجل، فالتوحيدُ واجب عليه، و الشهادةُ للرسولِ صلى الله عليه و سلم بالرسالة واجبة عليه، و إقامةُ الصلاةِ واجبة عليه، و الصوم واجب عليه، أما الزكاةُ و الحجُّ فلا، لأنه ليس له مالٌ.
و يشبه البهيمة في كونه يباعُ، و يشترى، و يرهنُ، و يوهبُ، و يوقفُ.
فإذا أتلف يعني: قتله رجلٌ خطأً ـ فهل يُضمنُ بالدية قياسا على الحُرِّ، أو بالقيمة قياسا على البهيمة؟
نقول:
في ذلك تفصيل، ففي بابِ المعاوضات نجدُ أنه أكثر شبها بالبهيمة، لأن الحرَّ لا يمكن أن يباعَ، و لا يرهن، و لا يوقفُ، و في باب العبادات هو أشبه بالحُرِّ.
و المسألةُ الآن ليست مسألةَ عبادات و لكنها مسألة ضمانٍ، فإذا أتلف العبدُ، و قارنّا بين الحر و بين البهيمة وجدنا أنه أقربُ إلى البهيمة في باب الاتلاف، و على هذا فيضمن بالقيمة، فتكون ديته قيمته، سواءٌ كانت مثل دية الحرِّ أو أقل أو أكثر.
و على هذا فلو كان العبد المقتول شابا قويا ذا علم و عقل و مروءة و آخر من الأرقّاء شيخ كبير عاجزٌ أصمُّ أبكمُ عالة على الغير، فالدية ستختلف بينهما اختلافا عظيما، فدية الشابِّ قد تكون مليون ريال، و دية الشيخ العاجز قد تكون عشرة ريالات، و لو كان هذا بين حُرّين لم تختلف الدية، كلاهما مائة من الإبل.
إذا يلحق الرقيق بالبهيمة و نقول: دية القن قيمته بالغة ما بلغت.
مسألة:
و هناك مسألة أخرى تتعلق أيضا بالرقيق التالف، و هي دية أجزائه:
هل تنسبُ إلى قيمته كنسبة دية الحر، أوأنها بالقيمة أيضا؟
نقول: هذه المسألة فيها خلاف، فإذا كان العدوان على ما دون النفس في موضع له مقدر من الحر فله حكم، و إذا كان في موضع غير مقدر من الحر فله حكم، و إذا كان في جراحة البطن ـ البطن ليست عضوا مقطوعا ـ فهذا يقدر بالقيمة و لا شك، فيقوم العبد سليما من هذه الجناية، و يقدر مصابا بها، و ما بين القيمتين هو أرش الجناية، فإذا كان غير مجروح يساوي عشرة آلاف و مجروحا ثمانية آلاف فدية الجرح تكون ألفين.
أما إذا كان في موضع مقدر فقيل:
إنه يكون بالنسبة للقيمة كنسبة دية العضو إلى دية النفس في دية الحر،
و قيل: يعتبر بالقيمة و يظهر ذلك بالمثال:
" عبد جُني عليه فقطعت يده اليمنى "
1) فإذا قلنا بالقيمة باعتبار نسبة دية هذه اليد إلى دية النفس و قلنا: هذا الرقيق لو كان سليما لكان يساوي عشرة آلاف فإننا نعطيه لليد خمسة آلاف، لأن دية يدِ الحر نصف الدية، سواءٌ نقص خمسة آلاف، أو أقل، أوأكثر.
2) و إذا قلنا بالقيمة فإننا نعطيه ما نقص قيمته، و لو كان أكثر من الثلثين.
مثالُ ذلك:
هذا عبدٌ قيمته عشرة آلاف، فلما قطعت يده اليمنى صار يساوي إلا ألفين،
فعلى القولِ بأنه يقدّرُ بما نقص من قيمته عموما نعطيه ثمانيةَ آلاف، و على القولِ بأن ننسبه نسبةَ يد الحُرِّ إلى ديته نعطيه خمسةَ آلافٍ و بينهما فرق.
و لو قطعت يده اليسرى، إذا قلنا بأننا نعطيه بالنسبة، فإننا نعطيه قيمته خمسة آلاف.
و إذا قلنا:
إننا نعطيه بقدر ما نقص من قيمته نظرنا، و اليدُ اليسرى ليست في القيمة كاليد اليمنى، فهو الآن يساوي عشرةَ آلاف، و بعد قطع يده يساوي ثمانية، فنعطي لليد ألفين.
و الصحيح ُ في هذه المسألة أن ديته قيمته في نفسه، كذلك نعتبرُ ديته بالنسبةِ لأعضائه ما نقص من قيمته.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[23 - 01 - 10, 03:12 م]ـ
الفائدة 200
(شروط القياس)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/372)
ننتقل الآن إلى البحث الثاني في القياس قال رحمه الله:
167 ـ و الشرطُ في القياس كونُ الفرع ... مناسبا لأصله في الجمع
168 ـ بأن يكون جامعُ الأمرين ... مناسبا للحكم دون مين
بين رحمه الله تعالى في هذين البيتين أن الشرطَ الأولَ من شروط القياس أن يكونَ الفرعُ مناسبا للأصلِ في الأمر الذي يجمع به بينهما للحكم، فلا تفاوت بينه وبين الأصل.
و المرادُ بالأمر الذي يجمع به بينهما هو العلةُ الجامعةُ المناسبة للمقيس و المقيس عليه، فيجتمع كلٌّ من المقيس و المقيس عليه، و لا العكس.
و قد يقال: إنه يستغنى عن هذا الشرط بقوله في حدِّ القياس:
ردُّ الفرعِ إلى الأصلِ لعلة تجمعهما في الحكمِ.
و مثال ذلك:
قياس النبيذ على الخمر لعلة الإسكار، و قياس وجوب القصاص في الأطراف، على القصاص في النفس بجامع الجناية.
و قوله رحمه الله: (دون مين) أي: دون كذب.
الفائدة 201
(الشرط الثاني للقياس)
قال رحمه الله:
169 ـ و كون ذاك الأصلِ ثابتا بما ... يوافق الخصمين في رأييهما
يعني: أن الشرطَ الثانيَ من شروط القياس أن يكون حكمُ الأصلِ متفقا عليه ثبوتا و دلالة بين الخصمين المتنازعين في ثبوت ذلك الحكم للفرع، ليكون القياسُ حجة على الخصم المنكر لذلك الحكم في الفرع، فإن لم يثبت الأصلُ عند الطرفين لم يصحّ القياسُ، و هذا في باب المناظرة، لا مطلقا.
فالشرطُ في الواقع أن يكون الحكمُ ثابتا في الأصل، سواءٌ كان في نفس الإنسان إذا لم يكنْ له مخاصم، أو بينه و بينَ الخصمِ إذا كان له مخاصمٌ.
مثال ذلك:
رجل قال:
إنه لا يصح أن يُرْمَى بالحصاة في الحجِّ مرة أخرى، لأنها استعملت في أمر واجب، فلا يصح استعمالها فيه مرة أخرى قياسا على الماء الطهور إذا استعمل في طهارة واجبة، فإنه لا يكون مطهرا.
فعندنا الأصلُ الآن الماء الطهورُ استعمل في طهارة واجبة، و عندنا فرعٌ، و هو رميُ الجمرات بحصى قد رمي به، فيقول الخصمُ:
أنا لا أوافق على حكم الأصل، و هو أن الماءَ المستعملَ في طهارةٍ واجبةٍ يكونُ طاهرا غيرَ مطهرٍ.
إذا قال هذا فإن القياس يبطل، لأنه إذا بَطل الحكمُ في الأصل لزم بطلانه في الفرع.
مثال آخر:
إذا قال تجبُ التسميةُ في الغُسلِ قياساً على الوضوء، لأن كلا منهما طهارة واجبة، و خصمه مسلم بالأصل، و يقولُ: نعم، التسميةُ في الوضوء واجبةٌ.
و لكنه يقول: لكنها في الغسلِ غيرُ واجبةٍ، فهل يُلزمُ بالقياس؟
الجواب ُ:
نعم، يلزم ُ، ما دام يثبتُ وجوبَ التسميةِ في الوضوءِ.
لكن إذا عارض، و قال: أنا لا أوجيبُها في الغسل، لأن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يغتسلُ كثيرا، ولم يقُل: لا غسل لمن لم يذكر اسمَ الله عليه، فعدم ذكر التسمية في الغسل، مع توفر الدواعي على نقلها يدل على عدم الوجوب، فيقال له: و ورد أيضا أحاديثُ كثيرة في صفة الوضوء، لم يذكر فيها التسمية، فمن أوجبها في الوضوء
لزمه أن يوجبها في الغسل.
و في التيمم أيضا ربما يقيسون، فيقولون:
إن البدل له حكم المبدل.
و ربما يعارضُ الخصمُ، فيقول:
إن الرسول صلى الله عليه و سلم قال لعمارٍ رضي الله عنه: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا) و لميذكر البسملة.
الفائدة 202
والخلاصة:
أنه يشترط ثبوت حكم الأصل في نفس المستدلِّ، و في قول الخصم إذا كان هناك خصمٌ، لأنه إذا لم يثبت الحكم في الأصل لزم ألا يثبت في الفرع.
الفائدة 203
(الشرط الثالث للقياس)
قال المؤلف رحمه الله:
170 ـ و شرط كلّ علة أن تطرد .. في كلِّ معلولاتها التي ترِدْ
171 ـ لم تنتقض لفظا و لا معنى فلا ... قياسَ في ذات انتقاض مسجلا
يعني:
أن الشرطَ الثالثَ من شروط القياس أن تكونَ العلةُ مطّردة في كل معلولاتها التي تردُ، يعني:
أن تكون العلةُ موجودةً في كل المعلولات.
فإن كانت لا توجدُ في جميع المعلولات بطل القياسُ، لأنه إذا انتفت العلةُ في المقيس لم يمكن إلحاقه بالمقيس عليه، لأنها منتقضة،
فإذا قيل مثلا:
إن التأفيف للوالدين يؤذيهما، فأراد إنسان أن يقيس تبرمَ الولد من أبيه أو أمه على قوله: أفّ.
نظرنا: هل توجد الأذية في التبرمِ، كما توجد من قول: أف. أو لا؟
فإن كانت توجد فالعلة واحدة مطردة، و إن لم توجد فهي غير مطردة، فلا يصحُّ الإلحاقُ.
ـ كذلك لو قال قائل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/373)
البيع بعد نداء الجمعة الثاني محرم، لقوله تعالى: (فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع).
فلو قال قائلٌ:
الهبةُ محرمةٌ أيضا، لأنها عقدُ تمليك، كعقد البيع، فهل يصِحُّ هذا القياسُ؟
الجواب:
ننظرُ، إذا كانت العلةُ مطردة صحَّ القياسُ، و إذا كانت غيرَ مطردة لم يصحَّ القياسُ.
العلةُ في البيع أن البيع و الشراء يكثر في المجتمعات، و لهذا لو قارنت بين عقود الهبات و عقود البيع و الشراء لوجدت عقود الهبات قليلة بالنسبة لعقود البيع.
إذا نقول بأن العلة هنا غير مطردة، و ذلك لأن البيع و الشراء يكثر جدا، و النفوس تدعو إليه، بخلاف الهبة، فلا يصح قياسُ الهبة على البيع و الشراء، لعدم اطّراد العلة فيهما.
و لو قال قائل:
ما تقولون في التأجير بعد نداء الجمعة الثاني؟
قلنا:
إن الإجارة بيع عقد معاوضة مبني على المشاحة فهي في حكم البيع فلا تصح لمن تجب عليه الجمعة كالبيع.
الفائدة 203
قوله رحمه الله:
171 ـ لم تنتقض لفظا و لا معنى فلا ... قياسَ في ذات انتقاض مسجلا
قلنا:
إن من شرط العلة أن تكون العلة مطردة و معنى الاطراد: أن توجد العلة حيث يوجد الحكم، و أن يوجد الحكم حيث توجد العلة، فلو تخلفت العلة عن الحكم لم تكن علة له، و لو تخلف الحكم عن العلة لم تكن هي علة له، و لم يكن تابعا لها فيشترط في العلة أن تكون مطردة في جميع معلولاتها، فلا تنتقض لفظا بأن تصدق الأوصافُ المعبَّرُ بها عنها في صورةٍ لا يوجد الحكمُ معها، و لا معنىً بأن يوجد المعنى المعلّلُ به في صورةٍ، و لا يوجدُ الحكمُ.
فمتى انتقضت العلةُ لفظا أو معنى فلا يصحُّ القياسُ، و هذا معنى قوله: فلا قياسٌ في ذات انتقاض ٍ.
أي: فلا يصحُّ القياسُ في انتقاض العلةِ لفظا أو معنى، كما علمتَ.
و قوله (مسجلا) أي: مقتضَيا محكوما.
الفائدة 204
مثال الأول:
و هو انتقاض العلة لفظا: أن يقال: القتلُ بالمثقّل يوجبُ القصاصَ كالقتلِ بالمحدّد، و الجامع بينهما القتلُ العمدُ العدوانُ.
مثالُ المثقّلِ:
الحجرُ الذي لا يجرَحُ، أو الخشبةُ، فلو ضرب بها شخص شخصاً فمات، فهذا يقتصُّ منه عند جمهور العلماءِِِ رحمهم الله،
و قال بعضُ أهل العلم:
إنه لا يقتصُّ منه، لأنه لا قِصاصَ، إلا إذا كانت الآلةُ محدّدةً كالسكينِ مثلاً.
فعندنا الآن القتلُ بالسكينِ عمدا موجبٌ للقصاصِ، و القتلُ بالخشبةِ و نحوها مما يقتلُ بثقله مختلف فيه، منهم من قال: لا قِصاصَ، و أنه يعتبرُ شبهَ عمدٍ، و منهم من قال: إن فيه قِصاصا، و هم الجمهورُ، و عللوا بأنه عمدٌ كالمحدد تماما.
لكن إذا عللنا بأنه عمدٌ قال لنا قائلٌ:
هذه العلةُ منتقضةٌ بما لو قتل الرجلُ ابنه عمدا فإنه لا يقتلُ به على رأي الجمهورِ، مع أن العلةَ ـ و هي العمديةُ ـ موجودةٌ. هكذا مثّل في الشرح.
و هذا المثالُ فيه نظرٌ، لأن الصوابَ في إجراء القياس في هذا أن نقولَ: القتلُ بالمثقلِ موجبٌ للقصاص كالمحدّدِ، لأن كلاّ منهما يقتلُ غالباً، هذه هي العلةُ، فكما أن القتلَ بالمحدّدِ يقتلُ، فالقتلُ بالمثقّلِ الثقيلِ مع الضربِ بقوةٍ يقتلُ، و هذا هو تعليلُ الجمهورِ، و على هذا فلا ينتقضُ علينا بقتل الوالد لابنه.
لكن قد ينتقضُ علينا حتى في هذه الحال، فيقالُ: إذا قتل الوالد ابنه بمحدد فإنه لا قصاص مع وجود العمدية، و مع وجود المحدد، لكنَّ منع قتل الوالد بابنه ليس لعدم شروط القصاص، لكن لوجود مانع، و هو الأبوّةُ، و لهذا في الحقيقة لا نجد مثالا صحيحا لهذه المسألة.
و الواقع فيها أن نقول:
إن العلةَ لا بد أن تكون مطردة، توجد إذا وجد الحكم، و تنتفي إذا انتفى الحكمُ، فإن لم تكنْ مطردة فقد تبيّن أنها ليست هي العلةَ.
الفائدة 205
مثالُ الثاني، و هو انتقاضُ العلة معنىً:
أن يقالَ: تجبُ الزكاةُ في المواشي لدفع حاجةِ الفقيرِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/374)
فيقالُ: هذه العلةُ غيرُ مطردةٍ، لأن الإنسانَ الذي عنده جواهرُ تساوي قيمتها آلافا ليس عليه زكاةٌ، مع أن حاجةَ الفقير تندفعُ فيما لو زكّاه، و هذا المثالُ فيه نظرٌ أيضا، لأن المؤلفَ رحمه الله نفسهُ ذكر فيما سبق وجوبَ الزكاةِ في مالِ الصبيِّ قياسا على مالِ البالغِ، لأنه نامٍ، فالعلةُ في وجوبِ الزكاة في المواشي أنها ناميةٌ، لا مجردُ دفع حاجةِ الفقيرِ، لكانت الزكاةُ واجبةً في كل مالٍ.
على كلِّ حالٍ نحن لا نوافق كلام المؤلف رحمه الله في هذا الموضوعِ، بل نقولُ: العلةُ المطّردةُ هي التي إذا وجدت وجد الحكمُ، و إذا وجد الحكم وجدت، و ما ليس كذلك فهي علة غيرُ مطّردة، و لا يصحُّ التعليلُ بها.
الفائدة 206
(الشرط الرابع للقياس)
قال المؤلفُ رحمه الله تعالى:
172 ـ و الحكمُ من شروطه أن يتبعا ... علته نفيا و إثباتا معا
173 ـ فهي التي له حقيقاً تجلبُ ... و هو الذي لها كذاك يجلبُ
يعني: أن الشرطَ الرابعَ من شروط القياسِ أن الحكمَ من شروطه أن يكون تابعا للعلة في النفي و الإثبات، أي: في الوجود و العدمِ، فإن وجدت العلةُ وجد الحكمُ، و إن انتفت انتفى.
و هذا إن كان الحكمُ معللا بعلة واحدة، كتحريم الخمر، فإنه معلّلٌ بالاسكار، فمتى وجد الإسكار وجد الحكمُ، و متى انتفى انتفى، و أما إذا كان الحكمُ معلّلا بعللٍ فإنه لا يلزمُ من انتفاء علةٍ معينةٍ منها انتفاءُ الحكمِ، كالقتلِ فإنه يجبُ بسببِ الردّةِ، و الزنا بعد الإحصانِ، و قتل النفسِ المعصومة المماثلة، و ترك الصلاةِ، و غير ذلك.
المهمُّ أن هذا البيت قد أشار إلى قاعدة مهمة معروفة بين أهل العلمِ، و هي أن الحكمَ يدورُ مع علته وجودا و عدما، و أن الحكمَ إذا ثبت بعلة زال بزوالها، فإذا قلنا: هذا الشيءُ حرامٌ، و العلة كذا،وانتفت هذه العلةُ زال الحكمُ.
مثال ذلك:
قال الله تبارك و تعالى: (فإذا طعمتم فانتشروا و لا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي) الأحزاب: 53.
أي: لا تقعدوا مستأنسين لحديث، و العلةُ في وجوب الانتشار و الذهاب هي الأذيةُ بالجلوس، فإذا انتفت هذه العلةُ، و صار صاحبُ الدارِ يحبُّ أن نجلس عنده و نتحدث، فهل نقولُ: إننا خالفنا السنةَ في البقاء؟
الجوابُ: لا
لانتفاءِ العلةِ، فالحكمُ يدورُ مع علته وجودا و عدما.
مثال آخر:
البيعُ بعد نداء الجمعة الثاني حرامٌ، لأنه يصدُّ عن ذكر الله و عن الصلاةِ، و يقاسُ عليه اللعبُ بعد الأذان فهو حرامٌ أيضا، لأن العلةَ موجودة، و الحكم يدور مع علته وجودا و عدما، و هذه قاعدةٌ مفيدةٌ لطالب العلم.
ـ لكن أحيانا يكون النزاعُ:
هل العلةُ زالت، أو هي باقية، فحينئذ نحتاجُ إلى إثباتٍ، فما هو الإثبات في هذه المسألة؟
الجواب أن نقول:
إذا كانت العلةُ قد ثبتت فالأصلُ عدمُ زوالها، و إذا لم توجد فالأصلُ عدمُ ثبوتها، فنرجعُ للأصل في الموضعين في الثبوت أو العدمِ.
الفائدة 207
قال رحمه الله:
173 ـ فهي التي له حقيقا تجلبُ ... و هو الذي لها كذاك يجلبُ
قوله: (فهي) أي: فالعلةُ.
و قوله: (له) أي: للحكم.
و هذا البيتُ بمثابةِ التعليلِ لهذه القاعدة، و هي أن الحكمَ يدور مع علته وجودا و عدما، لأن العلةَ جالبةٌ للحكم، و الحكم مجلوبٌ، فلهذا يتتابعان، فلا ينفكُّ أحدهما عن الآخر.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[23 - 01 - 10, 03:13 م]ـ
فصل
174ـ لا حكم قبلَ بعثةِ الرسولِ .... بل بعدها بمقتضى الدليلِ
175 ـ و الأصل في الأشياء قبل الشرع ... تحريمها لا بعدَ حكمٍ شرعي
176 ـ بل ما أحلَّ الشرعُ حلّلناه ..... و ما نهانا عنه حرّمناه
177 ـ و حيث لم نجدْ دليلَ حِلّ ...... شرعا تمسّكنا بحكمِ الأصلِ
178 ـ مستصحبين الأصل لا سواه .... و قال قوم ضدَّ ما قلناه
179 ـ أي أصلها التحليل إلا ما وردْ ... تحريمها في شرعنا فلا يردّ
الفائدة 208
هذه مسألة تنازع الناسُ فيها، و هو نزاعٌ لا طائلَ تحته، و هي هل الأصلُ في الأشياءِ الإباحةُ، أو الأصلُ في الأشياءِ التحريمُ، أو نقولُ: إنه لا حكمَ للأشياء، يعني: لا نقولُ: ممنوعة، و لا نقولُ:
حلالٌ، قبل بعثةِ الرسولِ؟
الجوابُ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/375)
أقولُ: إن هذا بحثٌ لا طائلَ تحته إطلاقا، لأن المسألة قد مضت و انتهت، فالرسلُ قد بعثوا من أزمان بعيدة، لكن هو جدالٌ عقلي أوجده المتكلمون، ليشغلوا الناسَ عما هو أهمُّ، سواءٌ أرادوا ذلك، أم لم يريدوه، و لهذا لا نعلمُ أن صحابيا قال: يا رسولَ اللهِ، ما هو الأصلُ في الأشياءِ قبلَ أن تبعث الرسلُ؟
فما الفائدةُ أن نعرفَ الحكمَ قبلَ أن يخلقَ آدمُ، فنحن نعلمُ أن الناسَ لا يأثمون قبلَ إرسالِ الرسل، لقوله تعالى: (لئلا يكونَ للناس على الله حجة بعد الرُسُل) النساء: 165.
و هذا هو المهم أن الناس لا يأثمون.
لكن من الناحية العقليةِ إذا كان الله قد خلق لنا أشياءَ، و لم ينهنا عنها، فالأصلُ الإباحةُ، و هذا حكمٌ عقلي طبيعي، إذا فلا حاجة للنزاعِ.
الذين قالوا:
الأصلُ المنعُ، قالوا: لأن هذا ملكُ اللهِ، و لا يمكنُ أن تتصرف في ملكه بلا إذنه فيكون الأصل التحريم.
لكن نقول لهم: لا يمكن أن أمتنع عمّا أوجده الله بين يدي بدون منع. و هذا القول أي الأصل في الأشياء الإباحة هو الراجح، و دليله قوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) البقرة/ 29 ذكره سبحانه في معرض الامتنان، و لا يمتن إلا بجائز، فكل ما في الأرض من أشجار و أنهار و بحار و غيرها، الأصل فيها الحل.
و على هذا فلو أتانا رجل بطير، و آخر بزاحف: فقام رجل ثالث: و قال هذا كله حرام.
و قام رجل رابع، و قال: هما حلال.
فالأصل مع الرابع الذي قال:
هما حلال حتى يقوم دليل على المنع.
فالصوابُ أن نقولَ:
أولا: هذا البحثُ لا طائلَ تحته، لأن المهمّةَ فيه انتهت.
ثانياً: الأصلُ فيما خلق اللهُ لنا، و لم يمنعنا منه الحلُّ، لأنه كريمٌ عز و جل، فلكرمه لا يقدّم لعباده شيئا إلا و هو حلالٌ لهم، لا يأثمون به.
إذا (لا حكم قبل بعثة الرسول) الرسول المراد به الجنس بل بعدها، و هذا بمقتضى الدليلِ، و هو قوله تعالى: (لئلا يكون للناس على اللهِ حجة بعد الرسل) النساء / 165.
و قال تعالى: (كان الناسُ أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتابَ بالحقِّ ليحكمَ بين الناسِ فيما اختلفوا فيه) البقرة / 213.
و قوله: (لا بعدَ حكم شرعي)
معروفٌ أنه بعد الحكم الشرعي يتضحُ الأمرُ، هل هو حلالٌ أم حرامٌ؟
و لعل المؤلف رحمه الله أراد بقوله: (بعد حكم شرعي) بيان الواقع، و أن الأحكام المعتبرة هي الأحكام الشرعية، و أن الأحكامَ التي يثبتُ بها الحلُّ و الحرمةُ و الوجوبُ و الندبُ و الكراهةُ هي الأحكامُ الشرعيةُ.
الفائدة 209
قال رحمه الله:
176 ـ بل ما أحلَّ الشرعُ حلّلناه ... و ما نهانا عنه حرّمناهُ
معناه:
أن ما أحلَّ الله لنا فهو حلالٌ، و ما حرّمه فهو حرامٌ، و لكنّ المؤلفَ رحمه الله يقولُ: ما نهانا عنه، بناءً على أن الأصلَ في النهي التحريمُ.
الفائدة 210
قال رحمه الله:
177ـ و حيث لم نجد دليل حلٍّ ... شرعا تمسّكنا بحكمِ الأصلِ
يعني:
إذا لم نجد دليلَ الحلِّ تمسّكنا بحكم الأصلِ، و هو التحريم، على رأي من يرى أن الأصلَ التحريمُ، أو الحِلُّ على رأيِ من يرى أن الأصلَ الحلُّ.
الفائدة 211
قال المؤلفُ رحمه الله:
178 ـ مستصحبين الأصلَ لا سواه ... و قال قوم ضدَّ ما قلناه
179ـ أي أصلها التحليلُ إلا ما وردْ ... تحريمُها في شرعنا فلا يردّ
قوله: (مستصحبين الأصلَ)
و الأصلُ الذي قدم المؤلفُ رحمه الله هو التحريمُ.
و قوله رحمه الله: (أي أصلها التحليلُ)
هذا القول الذي أشار إليه المؤلف بقوله: (و قال قوم ضد ما قلناه) هو الصحيح أن الأصل في ذلك الحل و هذا بقطع النظر عن الدليل السمعي يدل على الحل لقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) البقرة: 29.
و على هذا الرأي إذا لم نجدْ دليلَ التحريمِ فماذا تكون الأشياء؟
تكون حلالا.
الفائدة 211
قال المؤلف رحمه الله:
180 ـ و قيل إن الأصلَ فيما ينفعُ ... جوازه و ما يضُرُّ يمنع
و هذا قولٌ مفصّلٌ، أن الأصلَ في النافع أنه حلال و في الضار أنه حرام.
و الحقيقة أن هذا أيضا قولٌ ليس به كبيرُ فائدةٍ، لأن ما يضرُّ سوف يجتنبه الانسانُ بدليل عقله، إذ إن العاقلَ لا يمكنُ أن يرتكبَ ما يضُرُّه، و هو يعلمُ أن يضُرُّه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/376)
و هناك أصلٌ ثانٍ لم يتكلمْ عنه المؤلفُ رحمه الله، و هو الأصلُ في العبادات، فالأصلُ في العبادات التحرمُ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم: (إياكم ومحدثات الأمور) و قوله صلى الله عليه و سلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ).
فأي انسان يتعبد لله بقول أو عمل أو عقيدة بدون دليلِ شرعي فِإنه مبتدعٌ، و عمله مردودٌ عليه، أما غيرُ العبادات فالأصلُ الحلُّ، سواءٌ كان في الأعيان أو المعاملاتِ أو العاداتِ.
فالأعيان ُ:
كما لو شككنا في حيوان، هل هو حلالٌ أم حرامٌ، فالأصلُ الحلُّ.
و المعاملاتُ: كما لو تعاملنا معاملةَ بيع أو تجارةٍ أو رهنٍ أو وقفٍ، و لا ندري، هل هي حلال أم حرامٌ؟
فالأصلُ الحلُّ.
و العاداتُ: كما لو اعتدنا فعلَ أشياءَ اعتادها الناسُ، و لا نعلمُ هل الشرعُ منع منها أو لا، فالأصلُ الحلُّ.
فعندنا الآن أربعةُ أشياءَ: (عبادات ـ معاملات ـ أعيان ـ عادات).
أما العبادات: فالأصلُ فيها المنعُ، إلا ما دل الدليلُ على أنه مشروعٌ، و أما الثلاثةُ الباقيةُ فالأصلُ فيها الحلُّ إلا ما دل الدليلُ على أنها محرمةٌ.
الفائدة 211
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
181 ـ و حدُّ الاستصحاب أخذ المجتهد ... بالأصل عن دليلِ حكمٍ قد فقد
الاستصحابُ يعني بذلك:
استصحابُ الحالِ أو استصحابُ الأصلِ، و هو دليلٌ إذا فقد الدليل، و معنى الاستصحاب أن نستصحب حكم الأصل.
و هذا من بقية البحوث فيما هو الأصلُ في الأشياء.
مثال ذلك:
لو قال قائلٌ: هذا الحيوان حرامٌ، و ليس هناك دليلٌ، نقولُ: هو حلال، و الدليل على أنه حلال استصحابُ الأصل.
مثال آخر:
لو قال قائلٌ:
يجبُ على فلان كذا و كذا، نقول: عندنا دليلُ الاستصحاب، و هو أن الأصلَ عدمُ الوجوب و براءة الذمة حتى يقوم دليلُ الوجوب.
*************
تم بحمد الله باب القياس و ما يلحق به من مباحث
(نحن في الشريط السابع 1:14سا)
بقي 12 دقيقة على نهاية الشريط و نشرع في الشريط الأخير الثامن مع باب المفتي و المستفتي والتقليد
*****************
موعدنا إن شاء الله مع البابين الأخيرين و فصل فقط بحمد الله:
ـ باب ترتيب الأدلة
ـ باب المفتي و المستفتي و التقليد
ـ فصل في الاجتهاد
هنيئا لنا أحبتي و إخوتي الكرام .......
ها قد أشرفنا على النهاية، و قد بدأ العد التنازلي، فلله الحمد و الفضل و المنة .....
و حينما ننتهي من شرح المتن، ستبدأ المذاكرة الحقيقية، و العمل الجاد بإذن الله.
فابقوا معنا .... بارك الله فيكم!!!
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[16 - 02 - 10, 08:30 م]ـ
للرفع .....
أبشر إخواني أننا على العهد دائما، و سنستمر في رفع فوائد باقي الأبواب، فلا تقلقوا ....
و سأرفع قريبا مواضيع جديدة، هي فوائد نافعة تصلح لتكون مقدمة للمذاكرة فترقبوها ....
بإذن الله .....(113/377)
إلى الإخوة في الإسكندرية
ـ[صالح عبد الرزاق]ــــــــ[14 - 04 - 09, 05:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود من الإخوة المقيمين في الإسكندرية أن يدلوني على المشايخ المتمكنين في علم أصول الفقه لأني أرغب في السفر إلى هناك لدراسة هذا العلم وذلك في العطلة الصيفية أفيدونا جزاكم الله خيراً
ـ[أبو تراب السلفى الاثري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 10:34 م]ـ
الله يعينك على رضاه اميييين
دروس الشيخ العلامة أحمد حطيبة فى منطقة باكوس مسجد نور الاسلام وراء طريق القطار والشيخ أعلم أهل الاسكندرية فى الفقه وأصوله
ـ[صالح عبد الرزاق]ــــــــ[15 - 04 - 09, 01:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبو تراب ولكن الشيخ أحمد كثير الانشغال وأنا سأمكث لمدة قصير قرابة الشهر
ننتظر باقي الأخوة(113/378)
الفرق بين لفظ الواجب و الفرض عند الأصوليين
ـ[ناصر الدين الجزائري]ــــــــ[14 - 04 - 09, 06:32 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أما بعد:
أيها الأحبة في الله فهذا بحث مختصر وقفت عليه في الفرق بين الفرض و الواجب للشيخ محمد بن علي البيشي أنقله لكم لتعميم الإستفادة منه
و الحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين لفظ
(الواجب) و (الفرض) عند الأصوليين.* ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn1)
محمد بن علي البيشي
اتفق الأصوليون على أن لفظ (الواجب) و (الفرض) بينهما فرق من الناحية اللغوية، إذ معنى (الواجب): الساقط يُقال "وجب الحائط وجباً " إذا سقط، واللازم يُقال " وجب الشيء يجب وجوباً " إذا لزم، و (الفرض): الواجب، يقال " فرضتُ الشيء أفرضه وفرَّضته ـ للتكثير ـ أوجبته "، وأيضا " الحزّ " وأيضا " التقدير") ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn2)1( ، والخلاف وقع فيما لو كان لهذا التفريق اللغوي؛ تأثير على وضعهما الاصطلاحي مقابل الأحكام، أم لا!!.
انقسم الأصوليون حيال هذه المسألة إلى قسمين:
الأول: أن هذين اللفظين مترادفان؛ غير مختلفين في الدلالة و في الوضع تجاه الأحكام المعلَّقة بهما، ولو اختلفا في الوضع اللغوي، و أن تعريفهما هو ((ما توعد الشارعُ المكلَّفَ بالعقاب على تركه))، وهو رأي الجمهور من المالكية، وهو الرأي المختار عند الشافعية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn3)2( ، والرواية الأصح عند الحنابلة المنقولة عن الإمام أحمد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn4)3( .
واستدلوا لقولهم بأدلة:
1. الدليل الأول: استواء حدِّهما: وذلك أن حد الفرض هو بعينه حد الواجب، فعلى اختيار ابن قدامة الواجب: "ما تُوُعِّد بالعقاب على تركه") ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn5)4( ، فالتوعد بالعقاب يصدُقُ على الفرض والواجب، وعلى ما اختاره الآمدي) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn6)5( : " أن الواجب عبارة عن خطاب الشارع بما ينتهض تركه سببا للذم شرعاً في حالةٍ ما"، وهذا المعنى بعينه متحقق في الفرض الشرعي، فالتساوي في الحد إذن؛ يوجب التساوي في الحقيقة، ويكونان اسمين حقيقةً لمسمى واحد.
# مناقشة هذا الدليل:
إن هذا الدليل مناقَضٌ؛ بواقع التفريق بين هذين المصطلحين عند الجمهور في مواضع متعددة، مثل: الصلاة ففيها الفرض وهو الركن، وتاركه لا تتم صلاته، بل تبطل مباشرة، وبين الواجب الذي يعتبر
شرطا في الصلاة، وتركه يجبره سجود السهو، ما لم يكن متعمدا، وأيضا التفريق في الحج بينهما، فالفرض ما لا يجبر بالدم، والواجب يجبره الدم، وذلك في حالة الترك، فلزم الإقرارُ بالتفريق أنه هو الأصل.
# اعتراض على المناقشة:
وذلك من وجهين:
أ. التتمييز بين هذين المصطلحين ليس لأجل فرقٍ يرجع إلى معنىً تختلف الذوات بحسبه، وإنما هي أوضاع نصبت للبيان، كما أن مقصود هذا التمييز زيادة ثواب المكلف فقط، إذ الفرض فيه إثابة أكثر من الواجب.
ب. و إن هذا الاعتراض لنا لا لكم إذ أنتم سميتم " الوتر " فرضاً، وقد ثبت بدليل ظني، و " الصلاة " واجبة، وقد ثبتت بدليل قطعي، ولا وجه لكم في ذلك) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn7)1( .
2. الدليل الثاني: أن اختلاف طريق إثبات الحكم حتى يكون هذا معلوما وذلك
مظنوناً؛ غير موجب لاختلاف ما ثبت به، وأيضا اختلاف طرق الواجبات في الظهور والخفاء، والقوة والضعف، بحيث أن المكلف يقتل بترك البعض منها دون البعض، لا يوجب اختلاف الواجب في حقيقته من حيث هو واجب، مثل اختلاف طرق الحرام بالقطع والظن، غير موجب لاختلافه في نفسه؛ من حيث هو حرام) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn8)2(.
# مناقشة هذا الدليل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/379)
إن كان المراد: غير موجب لاختلاف ما يثبت به الاختلاف في الماهية والحقيقة؛ من حيث إنه حكم شرعي، أو من حيث إنه يذم تاركه، فمسلَّمٌ به، و إن كان المراد غير هذا فممنوع، وذلك لأن المعلوم ـ أي: القطعي ـ من حيث إنه معلوم مخالف في الماهية للمظنون، من حيث إنه كذلك، بخلاف الواجبات المختلفة في الظهور والخفاء؛ فإنه لا اختلاف فيهما، من حيث إنه مظنون؛ وإن كان بينهما أيضاً من اختلاف من حيث الظهور والخفاء.
ـ وإن سلمنا لكم قولكم ـ فكلامكم ليس ذلك مما وقع النزاع فيه، وإنما النزاع في تخصيص أحد القسمين بأحد الاسمين دون الآخر، و ما ذكروه لا ينفيه) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn9)1( .
3. الدليل الثالث: وقوع الترادف في الشرع بلا نكير، وذلك مثلاً في قول الحق تبارك وتعالى ? فمن فرض فيهن الحج ? أي: أوجب، والأصل تناولُهُ حقيقةً وعدم تناول غيره؛ نفياً للمجاز والاشتراك، و أيضا في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يقول الله تعالى: ما تقرب إليَّ عبدي بمثل ما افترضته عليه)، وحديث (قال: هل عليَّ غيرها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، إلا أن تطوع) ووجهه: أنه لم يجعل بين الفرض والتطوع واسطة، بل الخارج عن الفرض داخل في التطوع) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn10)2( .
الثاني: أن " الفرض " يختلف عن " الواجب "، فهما غير مترادفين، بل مختلفان في الدلالة، و أيضا في الوضع تجاه الأحكام المعلَّقة بهما؛ موافقةً لاختلافهما في الوضع اللغوي، وهذا الرأي هو عبارة عن الرواية الثانية عند الشافعية، و هي الرواية الثانية أيضا للحنابلة اختارها ابن قدامة وابن عقيل و ابن شاقلا و الحلواني و القاضي أبو يعلى) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn11)3( ، وهو القول المعتمد عند الحنفية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn12)4( .
.. تحديد الفرق بين " الفرض " و" الواجب " من خلال تعريفهما:
· جاء في الرواية الثانية عند الشافعية، والتي حكاها القاضي حسين وابن القشيري، أن ((الفرض ما ثبت بنص القرآن، والواجب ما ثبت من غير وحي مصرح به)).
# مناقشة هذا التعريف:
أن لازم ذلك؛ أن لا يكون شيء مما ثبت وجوبه بالسنة ـ كـ نية الصلاة ـ فرضاً، وأن يكون الإشهاد عند التبايع ونحوه؛ من المندوبات الثابتة بالقرآن، فرضا ً، وهذا لا شك في بطلانه) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn13)1(.
· وجاء عن الحنفية، ووافقتها الرواية الثانية عند الحنابلة؛ أن " الفرض " اسم لما ثبت وجوبه بطريق مقطوع به، مثل: الآية التي قُطع بدلالتها على الحكم، أو الحديث المتواتر الذي قطع بدلالته على الحكم، أو الإجماع الصريح المنقول بالتواتر، و" الواجب " اسم لما ثبت من طريق غير مقطوع به، مثل: خبر الواحد، القياس، الإجماع السكوتي، دلالات الألفاظ الظنية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn14)2( .
واستدلوا على ذلك بأدلة:
1. الدليل الأول: أن الفرض في اللغة: الحزّ وينتج عنه التأثير، ومنه فُرضة النهر والقوس، والوجوب: السقوط، ومنه " وجبت الشمس والحائط " إذا سقطا، ومنه قوله تعالى ? فإذا وجبت جنوبها ? أي سقطت أبدانها، فالتأثير آكد من السقوط؛ لأن الشيء قد يسقط ولا يؤثر، فاقتضى تأكد الفرض على الواجب شرعاً؛ حملاً للمقتضيات الشرعية على مقتضياتها اللغوية، لأن الأصل عدم التغيير) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn15)3( .
# مناقشة الدليل:
هذا التقسيم والتخصيص لأحد اللفظين بمعنىً دون الآخر، تحكُّم، حيث إن الفرض في اللغة هو: التقدير مطلقا، فهو أعمّ من كونه مقطوعاً به أو مظنوناً، والواجب هو الساقط أعم من كونه مقطوعاً به أو مظنوناً، فتخصيص ذلك بأحد القسمين دون الآخر بغير دليل، لا يكون مقبولاً) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn16)1( .
# اعتراض على المناقشة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/380)
لا نسلِّم أنه تحكم محض بل تخصيصٌ؛ لزيادة ملائمته للمعنى اللغوي، وهذا لأن ما عُلم تقديره قد قُطع بوجود مسمى الفرض فيه، وهو مخصوصٌ به لا يوجد في الواجب ـ إذ هو غيرُ معلومِ التقدير ـ فخُصَّ باسم ما قطع بوجود مسماه فيه؛ تمييزاً له عما يشاركه في مطلق التقدير، وفي مطلق وجوب العمل به، وأما الواجب فلم يتحقق فيه إلا وجوب العمل به ـ دون العلم المقطوع به ـ فخصَّ باسم ما تحقق مسماه فيه ـ وهو السقوط ـ إذ لم يُعلم منه إلا كونه واجب العمل) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn17)2( .
2. الدليل الثاني: إن عدم اعتبار هذا الفرق عن طريق التفصيل في التسمية، ونسبةِ الأحكام إليهما، يكون حطَّاً للدليل القاطع إلى رتبة المظنون من جهة، ورفعاً للمظنون إلى رتبة المقطوع من جهة أخرى، قال البزدوي (فمَن رد خبر الواحد فقد ضل سواء السبيل، ومن سوَّاه بالكتاب والسنة المتواترة؛ فقد أخطأ في رفعه عن منزلته، و وضَع الأعلى عن منزله)) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn18)3( .
3. الدليل الثالث: إن اختلاف إطلاق هذين المصطلحين؛ إنما هو من قبيل أن الفرض هو الذي يُعلم من حاله أن الله قدَّره علينا، والواجب لا نعلم أن الله قدره علينا، قاله أبو زيد الدبوسي) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn19)4(.
# مناقشة هذا الدليل:
إن هذا التفريق ضعيفٌ بناءاً على هذا الدليل، وذلك لأن الفرض هو المقدَّر، لا أنه ثبت كونه مقدراً علماً أو ظناً، كما أن الواجب هو الساقط، لا أنه الذي ثبت كونه ساقطاً علماً أو ظنا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn20)1( .
4. الدليل الرابع: أن هناك فرقاً بين الفرض والواجب في عادة جمهور الناس، فيقولون مثلاً (أوجبت على نفسي) لا (فرضت على نفسي)، وأيضا (الطلاق واجب عليَّ) لا (الطلاق فرض عليَّ).
# مناقشة الدليل:
هذه التفرقةُ العُرفية ليس فيها نفيٌ للترادف، لأن العُرفَ اقتضى ذلك، وهو أمرٌ خارج عن مفهوم اللغة المهجور.
بل وقد خُصَّ هذا العُرف بأهل العراق فقط، دون غيرِهِم، وبهذا أجاب أصحابُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى عن أصحابهم، الذين استدلوا بهذا الدليل) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn21)2( .
.. أثر هذا التفريق عند الحنفية:
v أن حكم الفرض لازمٌ: علماً، وتصديقاً بالقلب، وعملاً بالبدن.
وأنه من أركان الشرائع، ويكفر جاحد الفرض، ويفسق تاركه بلا عذر.
v والواجب: لازم عملاً بالبدن؛ لا تصديقاً، ولا يكفر جاحده، ويفَّق تاركه ما لم يكن متأولاً) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn22)3( .
.. الراجح:
هو قول الحنفية بالتفريق بين " الفرض " و " الواجب " وذلك لقوة أدلتهم، وضعف المناقشة التي وجِّهت إلى أدلتهم ـ مع رجاحة بعضها ـ، ولضرورة تمييز الأحكام الشرعية على المكلفين من حيث اللازم و الألزم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
* ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref1) بحث قصير كتبه / محمد بن علي البيشي، ماجستير المعهد العالي للقضاء.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref2)1( لسان العرب 1/ 793ـ794، القاموس المحيط 1/ 136.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref3)2( نثر الورود على مراقي السعود لمحمد الأمين الشنقيطي 53، الإحكام للآمدي 1/ 99.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref4)3( مختصر الطوفي 1/ 274، الواضح لابن عقيل 1/، 125، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام 63. .
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref5)4( روضة الناظر 1/ 37.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref6)5( الإحكام 1/ 99.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/381)
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref7)1( انظر / الكوكب المنير 1/ 354، البحر المحيط 1/ 184، المحصول 1/ 100 في الحاشية الأولى.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref8)2( الإحكام للآمدي 1/ 99، ومعنى هذا الدليل باختصار: " أن اختلاف أسباب الوجوب، وقوة بعضها على بعض، لا يوجب اختلاف الشيئين في أنفسهما " المهذَّب في علم أصول الفقه المقارن لعبد الكريم النملة 1/ 153.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref9)1( نهاية الوصول في دراية الأصول لصفي الدين الهندي الشافعي 2/ 520.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref10)2( الإحكام للآمدي 1/ 99، الكوكب المنير لابن النجار 1/ 352، البحر المحيط للزركشي 1/ 181.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref11)3( البحر المحيط 1/ 183، الكوكب المنير 1/ 353، المسائل الأصولية من كتاب الروايتين الوجهين لأبي يعلى 42 ـ 43، روضة الناظر 1/ 46.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref12)4( البحر المحيط 1/ 183، أصول السرخسي 1/ 111، الإبهاج للسبكي 1/ 55، المحصول للرازي 1/ 97، روضة الناظر 1/ 46.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref13)1( البحر المحيط 1/ 183.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref14)2( روضة الناظر 1/ 46، الإحكام للآمدي 1/ 99، الإبهاج للسبكي 1/ 55.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref15)3( روضة الناظر 1/ 45ـ 46، مختصر الطوفي 1/ 275.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref16)1( الإحكام 1/ 99، البحر المحيط 1/ 182.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref17)2( نهاية الوصول في دراية الأصول لصفي الدين الهندي الشافعي 2/ 520.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref18)3( أصول البزدوي وشرحه 2/ 304.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref19)4( انظر: الإبهاج للسبكي 1/ 55.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref20)1( المحصول للرازي 1/ 97.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref21)2( انظر: البحر المحيط 1/ 184.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref22)3( انظر / أصول الشرخسي 1/ 111، فواتح الرحموت لنظام الدين 1/ 58.
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[28 - 04 - 09, 02:58 م]ـ
جزاك الله خيرا
(والفرض والواجب ذو ترادف ومال نعمان إلى التخالف)
ـ[سعود النجدي]ــــــــ[05 - 05 - 09, 08:24 م]ـ
الاختلاف لفظي وليس معنوي.
الجمهور: لايفرقون بين المصطلحين فهم بمعنى واحد
الحنفية يقولون: ما دليله قطعي فهو فرض وما دليله ظني فهو واجب.
والحنفية يرتبون على هذا. من أنكر فرضا يحكم عليه بالكفر لأنه ثابت بدليل قطعي ومن أنكر واجبا لا يحكمون عليه بالكفر لأنه ثابت بدليل ظني.
وعند الجمهور الواجبات ليست على مرتبة واحدة وأن بعضها أوجب من بعض فالجمهور يقسمون إلى واجب متأكد وواجب غير متأكد والحنفية يقولون فرض و واجب حينئذ تعلم أن الاختلاف لفظي وليس معنوي(113/382)
تطبيق أصولي في شرح حديث عثمان بن أبي العاص: (اجلعني إمام قومي)
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[15 - 04 - 09, 01:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فهذا شرح أصولي تطبيقي لحديث عثمان بن أبي العاص ألقاه فضيلة الشيخ جلال بن علي السلمي فقمت بتسجيل الدرس وتفريغه رجاء عموم النفع والفائدة. وكنت قد ميزت القواعد الأصولية بالحمرة ولكني لما نسختها من الوورد إلى المنتدى لم تظهر، فأرفقت ملف الوود وهو أحسن تنسيقا مما هنا. والخط المستعمل في الكتابة هو لوتس.
ملاحظة: بعض المواضع لم تتضع لضعف الصوت فوضعت مكانها نقاطا هكذا ....
قال حفظه الله:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جاء عند الخمسة من حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله تعالى عنه أنه جاء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي. قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا».
فنتكلم في هذه الليلة إن شاء الله تعالى عما يتعلق بهذا الحديث من ناحية اجتهادية أصولية، ونبتدئ أولا بما يتعلق بتثبيت الخبر فالقاعدة: (أن الدلالة فرع الثبوت) ومن ثم لا يصح أن يستدل بالحديث غير الثابت، فالقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن الأحاديث الضعيفة ليست حجة في إثبات الأحكام).
هذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد كلهم من طريق حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف عن عثمان بن أبي العاص به. والحديث بهذا الإسناد حديث صحيح رجاله ثقات وإسناده متصل، وفي إسناده الجريري وهو سعيد بن إياس، وهو مختلط والقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن حديث المختلط الثقة – بهذا القيد، أما المخلتط الضعيف فحديثه لا يقبل جملة وتفصيلا- فيه تفصيل)؛ الحديث المروي عنه قبل الاختلاط مقبول ويحتج به في إثبات الأحكام وأما حديث من روى عنه بعد الاختلاط فليس الأمر كذلك، وذلك لأن الاختلاط نوع من سوء الحفظ، والقاعدة في الأصول: (أن سوء حفظ الراوي مما يوجب ضعف الحديث). والراوي عن سعيد الجريري هنا هو حماد وقد روى عنه قبل الاختلاط كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة.
والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه بإسناد ومتن مختلفين، أخرجاه من طريق أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص بلفظ إن آخر ما عهد إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا. والحديث في إسناده أشعث، وقد اختلف في تعيينه لأنه ورد في الإسناد غيرَ منسوب؛ فقيل إنه أشعث بن سوار الكندي وهو ممن يروي عن الحسن، وقيل إنه أشعث بن عبد الملك الحمراني وهو ممن يروي عن الحسن أيضا، والاختلاف في هذا الراوي غير المنسوب اختلاف مؤثر لأن أحدهما ضعيف هو أشعث بن سوار الكندي ضعفه أحمد والنسائي، والآخر ثقة وهو أشعث بن عبد الملك الحمراني وهو ثقة ثبت، وبناء على ذلك فيتوقف الحكم بصحة الحديث على معرفة نسبة ذلك الراوي غير المنسوب. وقد جزم ابن عبد الهادي في التنقيح بالأول () ولا أعرف له في ذلك دليلا بينا، والصحيح أنه الثاني وهو أشعث بن عبد الملك الحمراني، والدليل على ذلك أن أبا محمد بن حزم رحمه الله في كتابه المحلى بالآثار أخرج هذا الحديث من طريق ابن أبي شيبة وفيه التصريح بنسبة أشعث بن عبد الملك الحمراني، ومن ثم فالحديث ثابت وصحيح بالطريقين.
بعد ذلك ننتقل إلى فقه الخبر ودلالته فنقول:
* في الحديث دليل على جواز طلب الإمامة في الصلاة، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: اجعلني إمام قومي، فهذا فعل من الصحابي بمحضر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسكت عنه ولم ينكر عليه فصدق عليه حد الإقرار والقاعدة في الأصول: (أن إقرار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على رفع الحرج والجواز)، وهذا تقرير الجواز في حق المقَر وهو عثمان بن أبي العاص، وأما تقريره في حق غيره فيقال فيه إذا ثبت الجواز في حق عثمان بن أبي العاص فالقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها ما لم يقم دليل على خلاف ذلك)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/383)
وقلنا: جواز طلب إمامة الصلاة من قوله: اجلني إمام قومي. والإمامة لفظ صادق على الإمامة الصغرى إمامةِ الصلاة، والإمامة الكبرى، فيكون حينئذ من قبيل المشترك اللفظي، والاشتراك سبب من أسباب الإجمال فيتعين التوقف، ولكن سياق الحديث يدل على أن المراد الإمامة الصغرى بدليل قوله بعد ذلك: «واقتد بأضعفهم» فيكون هذا فيه بيان للإجمال الواقع في لفظ الإمامة بسبب الاشتراك.
* واستدل بالحديث على جواز طلب الأذان والإقامة، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: اجعلني إمام قومي. فإذا ثبت جواز طلب إمامة الصلاة على الوجه الذي تقدم فيثبت أيضا كذلك في الأذان والإقامة من باب الإلحاق بنفي الفارق، وتقريره: أنه لا فرق بين طلب الأذان والإقامة وطلب الصلاة إلا كون هذه إمامة وهذه صلاة، وهذا لا يلتفت إليه، والنتيجة: جواز طلب الأذان والإقامة، وبناء على ذلك فالتقديم على الإمامة في الأوقاف أو التقديم على الأذان والإقامة من الأمور الجائزة بدليل هذا الخبر، وثمة دليل آخر وهو الاستصحاب فإن الأصل الجواز وعدم الحظر، ومن ادعى التحريم فإن عليه الدليل.
* واستدل بالحديث على جواز طلب القضاء وغيره من الولايات الشرعية، وطريقة إثباتهم لهذا الحكم من الحديث:
منهم من أثبته بطريق الإلحاق بنفي الفارق وأنه لا فرق بينهما إلا كذا وكذا وهذا الفارق غير مؤثر ومن ثم فالحكم الجواز واستواؤهما في الحكم.
ومنهم من قدح في هذا الإلحاق بأن ثمة فارق مؤثر باعتبار أن القضاء فيه شيء من المعاني غير المتحققة في الإمامة والأذان والإقامة.
* واستدل بالحديث على جواز طلب الإمارة وهي نوع من الولايات الشرعية والقياس على طلب الإمامة، وتقريره أنه إذا ثبت الجواز في طلب الإمامة فغيره كذلك؛ إما من باب الإلحاق بنفي الفارق، أو بإثبات الجامع من جهة كونها ولاية شرعية. وهذا الإلحاق إلحاق غير صحيح لأنه معارض لنص وهو ما يسمى بالإلحاق الفاسد الاعتبار، والقاعدة في الأصول: (أن الإلحاق الفاسد الاعتبار ليس بحجة في إثبات الأحكام) والمراد بالنص حديث جابر بن سمرة في الصحيحين أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: «لا تسأل الإمارة». وهذا نهي والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم)، والنهي موجه لجابر بن سمرة .. والقاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها مالم يرد دليل بالتخصيص) ومن ثم فالإلحاق غير صحيح.
وفي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث: «أنت إمامهم». دليل على جواز تمكين طالب الإمامة منها، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «أنت إمامهم» فهذا فعل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والقاعدة في الأصول: (أن فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على الجواز) , وهل يقال إن هذا خاص بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم إنه عام في حق سائر الأمة؟ الجواب أنه عام في حق سائر الأمة لأن القاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يثبت في حق أمته) وفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على الجواز في حقه وفي حق أمته على الصحيح من أقوال أهل الأصول.
* وفي الحديث دليل علة جواز تمكين طالب الأذان والإقامة منها، ومأخذه من الحديث من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «أنت إمامهم» فإذا تقرر جواز ذلك في الإمامة فالأذان والإقامة كذلك من باب الإلحاق بنفي الفارق أو بإثبات الجمع على الوجه الذي تقدم.
ومن ثم فإن ما تفعله الأوقاف من تمكين الأئمة والمؤذنين المتقدمين على هذه الوظائف فهو من الأمور الجائزة، ومما يدل على الجواز أيضا الاستصحاب لأن الأصل في مثل هذه الأشياء الإباحة وعدم الحظر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/384)
وهل يقال في الحديث أنه دليل على جواز تمكين كل طالب للإمامة أم أنه خاص ببعض الطالبين؟ الجواب عن ذلك أن الحديث لا يدل على جواز تمكين كل طالب للإمامة لأن هذا فعل من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .... والقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن الفعل لا عموم له)، ومن ثم لا يقال بالعموم بل يقال: يدل على الجواز في الأصل وفي حق من هو في مثل حال عثمان بن أبي العاص، ومن ثم فإنه لابد من توفر الشروط المشترطة في النصوص الشرعية في الإمامة.
وفي الحديث دليل على وجوب مراعاة حال أضعف المأمومين في صلاة الجماعة لقوله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «واقتد بأضعفهم» لأن هذا أمر، والقاعدة في الأصول: (أن الأمر المطلق للوجوب).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «اقتد بأضعفهم» هذا ما يسمى عند العلماء بالمشاكلة، وعبر عن مراعاة حال الأضعف بالاقتداء لأنهم يقتدون به في الائتمام فناسب أن يستعمل هذا اللفظ مشاكلةً، والحديث يدل على الوجوب لقوله «اقتد» فإنه أمر والقاعدة في الأصول (أن الامر المطلق للوجوب) وفي معناه أحاديث أخر منها حديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي ? قال: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف» فإنه أمر والقاعدة (أن الأمر المطلق للوجوب) وإن كان لفظ التخفيف هنا ادعي فيه الإجمال من جهة أنه غير متضح الحقيقة والتخفيف من الأمور النسبية التي تختلف باختلاف الإضافة، فقد تكون الصلاة خفيفة عند قوم وليست خفيفة عند آخرين ولكن حديث عثمان هذا فيه إزالة للإجمال الذي قد يظن وجوده في هذا الخبر لأنه رد الأمر إلى اعتبار أضعفهم.
* قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث: «اقتد بأضعفهم» هذا مطلق لأنه فعل في سياق الإثبات فيفيد الإطلاق، والفعل ينحل عن نكرة. وظاهر هذا الخبر أنه يجب الاقتداء بأضعفهم مطلقا ولو أفضى هذا الاقتداء إلى عدم صحة الصلاة كما لو كان الاقتداء بأضعفهم يفضي إلى عدم قراءة الفاتحة ولكن هذا الإطلاق مقيد بالنصوص الشرعية الدالة على ركنية بعض الأفعال في الصلاة كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» فيحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة.
* في الحديث دليل على تحريم تطويل الصلاة على المأمومين وعدم مراعاة حال أضعفهم لقوله «واقتد» فإنه أمر والقاعدة في الأصول: (أن الأمر بالشيء نهي عن ضده) والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم) وجاء في حديث أبي مسعود البدري في الصحيحين في قصة صلاة معاذ بقومه وفيه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غضب عليه، وغضب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على فعل ما قرينة تدل على التحريم كما ذكره غير واحد من الأصوليين.
* وفي الحديث دليل على بطلان صلاة من طول بالمأمومين بحيث أنه لا يراعي حال أضعفهم لقوله «واقتد» فهذا أمر والقاعدة في الأصول: (أن الأمر بالشيء نهي عن ضده) والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم) والقاعدة في الأصول: (أن النهي يقتضي الفساد) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الصحيحين من حديث عائشة: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» مصدر بمعنى اسم المفعول أي مردود على صاحبه غير مقبول منه.
* وفي الحديث وجوب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرا، لقوله اتخذ فإنه أمر والقاعدة في الأصول: (أن الأمر المطلق للوجوب).
وظاهر هذا الخبر وجوب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرا مطلقا ولو لم يكن فصيحا أو كان يلحن ونحو ذلك فإنه قال «مؤذنا» نكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق لكن هذا المطلق مقيد بالنصوص الشرعية الدالة على اشتراط بعض الشروط، فيحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة.
«اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» سواء كان الأخذ دفعة واحدة أو على سبيل أقساط شهرية أو نحو ذلك، فإنه قال: «لا يأخذ» وهذا فعل ينحل على نكرة في سياق النفي فتفيد العموم فيشمل أي أخذ.
«لا يأخذ على أذانه أجرا» أي شيء من أفراد أذانه أذان الصبح، وأذان الظهر، وأذان العصر لأنه قال: «أذانه» وهذا مفرد مضاف والقاعدة في الأصول: (أن المفرد المضاف يفيد العموم).
(أجرا) نكرة في سياق النفي تفيد العموم، أي أجر سواء كان قليلا أو كثيرا.
* وفي الحديث دليل على تحريم اتخاذ المؤذن الذي يأخذ على أذانه أجرا لقوله «اتخذ» فإنه أمر والقاعدة في الأصول: (أن الأمر بالشيء نهي عن ضده) والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم).
استدل بالحديث على تحريم أخذ الأجرة على الأذان، وهذا يذكر في كتب الفقهاء وشراح الحديث ولكنهم لا يذكرون وجه الاستدلال .... قوله اتخذ فإنه أمر والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق للوجوب)، فإذا اتُخذ مؤذن بأجرة فيكون هذا الفعل محرما على المتخذ ومحرما على الآخذ لأن الآخذ معاون له على الإثم والله جل وعلا يقول في كتابه: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وقوله (الإثم) الألف واللام للاستغراق فيشمل إثم اتخاذ المؤذن الذي يأخذ على أذانه أجرا، ولا أعرف أحدا من العلماء ذكر وجه الاستدلال من النص حتى كبار الأئمة الذين يعنون بالاستدلال، حتى ابن حزم رحمه الله اكتفى بذكر هذا الحديث دون بيان وجه الاستدلال. وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية، وخالف في ذلك الحنفية والمالكية فقالوا بجواز ذلك.
هذا ما يتعلق بشرح حديث عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي الصحابي الجليل الذي أخرجه الخمسة في كتبهم.
والحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/385)
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[15 - 04 - 09, 10:26 ص]ـ
وفي الحديث دليل على بطلان صلاة من طول بالمأمومين بحيث أنه لا يراعي حال أضعفهم لقوله «واقتد» فهذا أمر والقاعدة في الأصول: (أن الأمر بالشيء نهي عن ضده) والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم) والقاعدة في الأصول: (أن النهي يقتضي الفساد) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الصحيحين من حديث عائشة: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» مصدر بمعنى اسم المفعول أي مردود على صاحبه غير مقبول منه.
بارك الله بك
القول بالبطلان قولٌ شديدٌ
نعم قد أساء الإمام بالاطالة لظاهر حديث أبي مسعود
قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ فِيهَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ
ولو كانت الصلاة باطلةً لأمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإعادتها
* وفي الحديث دليل على تحريم اتخاذ المؤذن الذي يأخذ على أذانه أجرا لقوله «اتخذ» فإنه أمر والقاعدة في الأصول: (أن الأمر بالشيء نهي عن ضده) والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم).
يلزمه القول ببطلان أذان مَن اتخذ على آذنه أجراً كما في المسألة المتقدمة وإلاَّ حصل التناقض
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[15 - 04 - 09, 06:35 م]ـ
بارك الله فيك أبا العز!
سألت الشيخ عن إشكالاتك فأجاب بالآتي:
أما الجواب عن الإشكال الأول فهو أن عدم العلم بالشيء ليس علما بالعدم، ففيه احتمال أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالإعادة، وإذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال، وعلى فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره ففيه احتمال أنه لم يأمره صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة لخروج وقتها. والصحيح أن القضاء لا يجب بالأمر الأول بل بأمر جديد، ومن ثم فمن فعل في الصلاة مايبطلها ثم خرج وقتها فإنه لا يؤمر بقضائها لعدم دليل جديد يدل على ذلك، وإنما جاء الدليل في حال النوم والنسيان فقط في حديث أنس في الصحيحين: (من نام عن صلاة أو نسيها ... ) وهل يقول الأخ أن صلاة من ترك الطمأنينة صحيحة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المسيء في صلاته خلادا بقضاء الصلوات السابقة؟ هذا لازم تقريره السابق.
أما الإشكال الثاني:
فالشيخ يقول ببطلان أذان من يأخذ على أذانه أجرا.
ـ[أم البراء الحنبلية]ــــــــ[25 - 04 - 09, 06:05 م]ـ
* في الحديث دليل على جواز طلب الإمامة في الصلاة، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: اجعلني إمام قومي، فهذا فعل من الصحابي بمحضر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسكت عنه ولم ينكر عليه فصدق عليه حد الإقرار والقاعدة في الأصول: (أن إقرار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على رفع الحرج والجواز)، وهذا تقرير الجواز في حق المقَر وهو عثمان بن أبي العاص، وأما تقريره في حق غيره فيقال فيه إذا ثبت الجواز في حق عثمان بن أبي العاص فالقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها ما لم يقم دليل على خلاف ذلك)
.
ألا يمكن أن نستدل على جواز طلب الإمامة بشيء أقوى من هذا، فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسكت فقط وإنما أعطى الطالب للإمامة ما طلب؟؟(113/386)
اهمية اصول الفقه (هام جدا)
ـ[أبو الأشبال الحنبلي]ــــــــ[15 - 04 - 09, 08:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.alhazmy.net/articles.aspx?selected_article_no=932
هذا هو رابط المحاضره الثانيه لشرح نظم الكوكب الساطع للشيخ الحازمى و هى فعلا محاضره قيمه توضح قيمة هذا العلم و توضح اخطاء منهجيه كثيره يقع فيها الكثير من الطلبه و اعتقد انها ستغير كثير من المفهيم عند المبتدىء و المنتهى.(113/387)
بحاجة لمشورتكم
ـ[أبوالهمام القطري]ــــــــ[15 - 04 - 09, 02:40 م]ـ
إخواني الكرام
أرجو منكم المشاركة في هذا الموضوع
لأنه بحاجة إلى مشورة أهل الأصول
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=169628(113/388)
استفسار
ـ[ابوالعباس المصري]ــــــــ[15 - 04 - 09, 07:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اخواني الاحباء هذه المشاركه الاولى لي في الملتقي ويعلم الله كم انا سعيد بها
ولي سؤال نفع الله بكم
ما افضل شرح للورقات مع المقارنة
1 - الشيخ وليد ادريس
2 - الشيخ عطيه سالم
3 - الشيخ محمد الددو
4 - العلامه العثيمين
5 - الشيخ عبدالكريم الخضير
وجزاكم الله خيرا(113/389)
السلب المطلق جزء المقيد
ـ[أبو عبد الله الاحمد]ــــــــ[16 - 04 - 09, 02:22 ص]ـ
ما معنى (السلب المطلق جزء المقيد)
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[17 - 04 - 09, 04:44 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فهذه القاعدة من القواعد التي تقوم على أساس لغوي، فقولنا (السلب المطلق) تقال غالبا من جهة نسبة الأمور حيث تكون في الغالب إما إيجابا أو سلبا، وهذا من باب استعمال اللفظ فيما لا يصح استعماله فيه حقيقة، إذ ليس هناك سلب مطلق، وإنما يكون – السلب - نسبيا وذلك لأن السلب لا يمكن حصوله إلا بعد تعقل الإيجاب، وإضافة السلب إليه، إذ السلب المطلق لا تميز له ولا اختصاص، وهو محال أصلا في الحقيقة، إلا على القول بالمجاز، حينئذ ممكن لإمكانية وقوع المسلوب مسلوبا بما له من المعنى المرتكز في الذهن، فيكون كل سلب مطلقا يمكن تقييده لإمكانية وقوعه في الذهن، لأن كل سلب يقيد بعد تعقل الإيجاب، ولا يلزم من تصور الحكم الإيجابي أو السلبي حصوله، وإلا يلزم اجتماع النقيضين، فالقاعدة محققة بذلك إذ أن السلب النسبي يقيد لكونه نسبيا، والسلب المطلق يقيد لإمكانية وقوع الإيجاب في الذهن وذلك على القول بالمحاز.
والله تعالى أعلى وأعلم.
راجع في ذلك فيما يحضرني مختصر ابن الحاجب وشروحه كبيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب.
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[17 - 04 - 09, 06:11 م]ـ
تصحيح التصحيف.
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فهذه القاعدة من القواعد التي تقوم على أساس لغوي، فقولنا (السلب المطلق) تقال غالبا من جهة نسبة الأمور حيث تكون في الغالب إما إيجابا أو سلبا، وهذا من باب استعمال اللفظ فيما لا يصح استعماله فيه حقيقة، إذ ليس هناك سلب مطلق، وإنما يكون – السلب - نسبيا وذلك لأن السلب لا يمكن حصوله إلا بعد تعقل الإيجاب، وإضافة السلب إليه، إذ السلب المطلق لا تميز له ولا اختصاص، وهو محال أصلا في الحقيقة، إلا على القول بالمجاز، حينئذ ممكن لإمكانية وقوع المسلوب مسلوبا بما له من المعنى المرتكز في الذهن، فيكون كل سلب مطلقا يمكن تقييده لإمكانية وقوعه في الذهن، لأن كل سلب يقيد بعد تعقل الإيجاب، ولا يلزم من تصور الحكم الإيجابي أو السلبي حصوله، وإلا يلزم اجتماع النقيضين، فالقاعدة محققة بذلك إذ أن السلب النسبي يقيد لكونه نسبيا، والسلب المطلق يقيد لإمكانية وقوع الإيجاب في الذهن وذلك على القول بالمجاز.
والله تعالى أعلى وأعلم.
راجع في ذلك فيما يحضرني مختصر ابن الحاجب وشروحه كبيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب.
ـ[أبو عبد الله الاحمد]ــــــــ[17 - 04 - 09, 07:22 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك و رزقك الإخلاص والعلم والعمل
ـ[أبو عبد الله الاحمد]ــــــــ[19 - 04 - 09, 04:35 م]ـ
هل يمكنك أخى وضع نص كلام ابن الحاجب أو غيره(113/390)
تطبيق أصولي على حديث (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[16 - 04 - 09, 07:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
النص:
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)
التطبيق:
_البحث في ثبوت الخبر: القاعدة في الأصول (أن الأخبار الآحادية يجب البحث في ثبوتها أولا قبل البحث في دلالتها)، وذلك لأن الدلالة فرع الثبوت، وتثبيتها يكون من خلال سبر إسنادها وتحقق شروط القبول فيه،
ويشترط لقبول الخبر شرطان: قبول الرواة، واتصال الاسناد،
وفي الحقيقة أن الشرط الثاني راجع للأول لأن السبب الحامل على اشتراطه هو عدم العلم بتحقق الأول، والراوي المقبول: هو العدل الضابط، ومن ليس كذلك فخبره ضعيف، والقاعدة في الأصول (أن الأحاديث الضعيفة ليست حجة في اثبات الأحكام) إذا تقرر ذلك فإنه يتعين قبل البحث في دلالة هذا الحديث أن يبحث في اسناده لنعرف هل هو ثابت أم لا؟
فأقول:
حديث أبي سعيد أخرجه الشيخان كلاهما من طريق مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، ورجاله ثقات واسناده متصل
فتحقق بذلك شرط القبول، واختلف على ابن شهاب في إسناده فراوه عبد الرحمن بن إسحاق العامري عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه النسائي وابن ماجه، قلت: هذا الاختلاف لا يقدح في اسناده لتحقق شروط القبول فيه، لاسيما وأن الزهري أحد الأئمة الكبار المعروفين بسعة الرواية، فلا يمتنع ثبوته على الوجهين، واختلف فيه أيضا على مالك، فرواه يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أخرجه مسدد في مسنده، وقال الدارقطني في العلل بأنه خطأ، قلت: وعلى فرض صوابه فيقال فيه مثل ماقيل في سابقه. وقوله في الحديث (OالمؤذنO) ادعى ابن وضاح أن لفظة المؤذن مدرجة في الحديث، ويجاب عن هذا: بأن الادراج لا يثبت بمجرد الدعوى، واتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على اثباتها.
إذا تقرر ثبوت الخبر فهذا أوان البحث في دلالته.
_استدل بالحديث على وجوب إجابة المؤذن في الأذان (مذهب الحنفية والظاهرية)،
ومأخذ الحكم من الحديث من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول [أن الأمرالمطلق للوجوب]، وذهب الجمهور إلى أن إجابة المؤذن مستحبة وليست واجبة،
واعترض عليهم بـ: أن هذا تأويل (أي القول بالاستحباب) والتأويل على خلاف الظاهر، والقاعدة في الأصول (يجب العمل بالألفاظ على ظاهرها حتى يأتي مايصرفها)،
فأجابوا: بأنه قد جاء ما يصرف الأمر عن ظاهره وهو الوجوب إلى الاستحباب، وهو حديث أنس في صحيح مسلم وفيه
(أن النبي صلى الله عليه وسلم لماسمع الرجل قال الله أكبرقال: على الفطرة، فلماتشهدقال خرجت من النار)،
ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يقل مثل مايقول المؤذن، والقاعدة في الأصول [أن فعل النبي يدل على الجواز]، والواجب لايجوز تركه،
النتيجة: إجابةالمؤذن مستحبة،
وأجاب من قال بالوجوب بأن هذا الحديث ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل مثل ما يقول المؤذن، فيحتمل أنه قاله ولم ينقله الراوي اكتفاءا بالعادة، ونقل الزائد، والقاعدة في الأصول [إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال] قلت: ومن ثم لا يصح التأويل فيرجع إلى الظاهر،
واستعمل بعضهم الفرض الجدلي (أي على فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك) فالاحتمال المسقط للاستدلال قائم، فيحتمل أن الأمر بالإجابة حصل بعد هذا الترك وفيه بحث أصولي:
أيهما يقدم عند التعارض الاحكام أي عدم النسخ أم إبقاءالأمر على ظاهره؟
_وفي الحديث تحريم الاشتغال بمايشغل عن إجابة المؤذن، ومأخذ الحكم من قوله (فقولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (الأمر بالشئ نهي عن ضده)، والقاعدة في الأصول (النهي المطلق للتحريم)، والقاعدة في الأصول (أن وسيلة المحرم محرمة).
_وفي الحديث وجوب إجابة المؤذن على الفور، ومأخذ الحكم من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر يقتضي الفور).
_وفي الحديث أنه يجب إجابة المؤذن عند سماعه مرة واحدة، ومأخذ الحكم من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق لطلب الماهية، وهذا يحصل بالمرة، والأصل عدم وجوب الزيادة عليها استصحابا لأصل براءة الذمة)،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/391)
نعم قد يتوهم بأن هذا الأمر ليس بمطلق من جهة تقيده بالشرط (إذاسمعتم)،
فالجواب: أنه مقيد في صورة الشرط مطلق في غيرها، ومن يقول بأن الأمر للتكرار يلزمه أن يقول به هنا.
_وفي الحديث أنه يجب إجابة الأذان عند التعدد، مأخذ الوجوب تقدم بيانه، وأما مأخذ ثبوته عند التعدد فمن قوله (إذاسمعتم ... فقولوا) حيث علق الأمر بالإجابة على السماع بالشرط
فإن إذا أداة شرط، والقاعدة في الأصول [أن الأمر المعلق على شرط يقتضي التكرار بتكرر الشرط (قلت: بهذا القيد)].
_واستدل بالحديث على أن من رأى المؤذن وعلم أنه يؤذن بأمارة، ولم يسمعه لبعد أوصمم فإنه لا يجوز له إجابة المؤذن،
ومأخذ الحكم من قوله (إذاسمعتم ... فقولوا) فمفهوم المخالفة مفهوم الشرط أنكم إذا لم تسمعوا فلا تقولوا، والقاعدة في الأصول (أن مفهوم المخالفة الشرطي حجة) هذا مذهب جمهور الأصوليين، والصحيح أنه ليس بحجة، ولعلها تأتي مناسبة لتثبيت ذلك ولايلزم من القول بعدم حجية هذا المسلك الدلالي القول بمشروعية الإجابة في هذه الصورة، بل هي محرمة استصحابا للأصل،فالأصل في العبادة الحظر، لقوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
_استدل بالحديث (بعض المالكية واختاره ابن تيمية) على مشروعية إجابة المؤذن في حال الصلاة، مأخذ المشروعية تقدم بيانه، وأما مأخذ كون المشروعية ثابتة في حال الصلاة فمن قوله (إذا) فهي كما تقدم أداة شرط، (وذهب ابن يعيش كما في شرح المفصل إلى أنها اسم زمان مستقبل متضمن معنى الشرط)، والقاعدة في الأصول (أن إذا الشرطية تفيد العموم)، فتشرع الإجابة حال الصلاة، وذهب الجمهور إلى عدم مشروعية ذلك، واحتجوا على ذلك بحديث ابن مسعود في الصحيحين مرفوعا (إن في الصلاة لشغلا)، فهذا خبر بمعنى الأمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق يفيد الوجوب) أي فليشتغل بها، وإجابة المؤذن تنافي ذلك، فيخص عموم حديث أبي سعيد بحديث ابن مسعود، فالقاعدة في الأصول (إذا تعارض العام والخاص قدم الخاص لأنه أقوى حيث أنه لا يتطرق إليه الاحتمال بخلاف العام فيتطرق إليه احتمال التخصيص)،وفي الحقيقة أن هذا تعارض بين نصين عامين وليس التعارض بين عام وخاص، وجه ذلك أنه قال (الصلاة) والقاعدة في الأصول (أن الألف واللام تفيدالعموم)، فتشمل كل صلاة، ومن ثم قد يدعى أنه مخصوص بالصلاة التي لا يسمع فيها النداء، والقاعدة في الأصول (إذا حصل التعارض بين نصين عامين ولم يعلم التاريخ فإنه يسقط الاستدلال بهما ويرجع إلى الأصل) والأصل هناالحظر.
_وفي الحديث دليل على مشروعية متابعة المؤذن في الترجيع إذاسمع، (والترجيع أن يأتي المؤذن بالشهادتين مرتين بصوت منخفض ثم يرجع فيأتي بهما مرتين بصوت مرتفع، وهو مشروع عند المالكية والشافعية لحديث أبي محذورة عند أبي داود وغيره)،
ومأخذ المشروعية تقدم بيانه، وأنه من قوله (فقولوا)، وأما كون المتابعة مشروعة في الترجيع فمن قوله (مثل مايقول) فما موصولة بمعنى الذي، والقاعدة في الأصول (أن الأسماء الموصولة تفيد العموم) فيشمل كل مايقوله، ومن ذلك الترجيع، وفي رد المحتار أنه زيادة كما لو زاد في الأذان تكبير، فلا يشرع متابعته فيه، وهو قياس في مقابلة نص (فسادالاعتبار) والقاعدة في الأصول (أن القياس إذا عارض النص قدم النص)،وفيه بحث تخصيص العموم بالقياس، وهو قياس باطل من جهة عدم تحقق الجامع في الفرع فالترجيع ليس زيادة كما ادعي.
_وفي الحديث مشرعية متابعة المؤذن في التثويب بنفس اللفظ (قاله بعض المالكية وبعض الشافعية) (والتثويب قول المؤذن الصلاة خير من النوم في الفجر، حكي الاتفاق على مشرعيته، واختلف في محله هل هو في الأذان الأول أم الثاني؟ وهل هو بعد الحيعلتين أم بعد الأذان؟)
ومأخذ المشروعية تقدم بيانه، ومأخذ كون المتابعة في التثويب فتقريره بمثل ما تقدم في الترجيع،
وذهب الجمهور إلى أنه يشرع أن يقول بدله صدقت وبررت،
ودليلهم في ذلك القياس على لا حول ولا قوة إلا بالله، وأقامها الله وأدامها بجامع المناسبة، وهذا قياس معارض للنص والقاعدة في الأصول (أن القياس إذا عارض النص قدم النص)،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/392)
ثم لا يسلم بثبوت ما جاء في الاقامة فحديث أبي أمامة عند أبي داود ضعيف في اسناده (محمد بن ثابت العبدي وشهر بن حوشب وكلاهما ضعيف، والرجل الشامي بينهما مجهول)، ومن شرط صحة القياس أن يكون حكم الأصل ثابتا بالنص، وليس هو هنا كذلك،
ويمكنهم أن يجيبوا عن ذلك بأن الأصل ثابت بنص أخر، هو حديث عمر في صحيح مسلم في شأن الحوقلة ... إلخ، على أنه إذا سلم بالمناسبة في الحوقلة،وسلم قبل ذلك بكون حكم الصورة الذي ورد به النص معقول المعنى .... إلخ، على كل حال هو قياس باطل.
_وفي الحديث دليل على مشروعية متابعة المؤذن في الأذان من أوله إلى آخره كما هو مذهب الجمهور خلافا للمالكية،
ومأخذ المشروعية تقدم بيانه، وأنه مستفاد من قوله (فقولوا)، ومأخذ كون مشروعية المتابعة في الأذان من أوله إلى آخره مستفاد من قوله (ما يقول)، وتقدم أن ما اسم موصول بمعنى الذي، والقاعدة في الأصول (أن الأسماء الموصولة تفيد العموم)، فيشمل كل مايقول المؤذن من ألفاظ الأذان، واستدل المالكية كما في مواهب الجليل بحديث معاوية في البخاري وفيه أنه أجاب إلى الشهادتين فقط ثم قال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ماسمعتم من مقالتي) ووجه الاستدلال: أن النبي لم يكمل إلى آخر الأذان، بل اقتصر على صدره إلى الشهادتين، والقاعدة في الأصول: (أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الصادر بقصد القربة يدل على الاستحباب)، فيخصص عموم حديث أبي سعيد بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالقاعدة في الأصول (يخصص العموم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم)،
قلت: وهذا تقرير خاطئ من وجوه:
الأول: أن حديث معاوية ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب المؤذن إلى آخرالأذان، بل غاية ما فيه السكوت عن الباقي، فيحتمل أن النبي أجاب المؤذن ولم يذكره معاوية اختصارا، والقاعدة في الأصول (إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال) والقاعدة (أن عدم العلم بالشئ ليس علما بالعدم) ومن ثم نأخذ بظاهر حديث أبي سعيد أي عمومه،
الثاني: أنه لو قام دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب المؤذن فيما بعد الشهادتين ما صلح أن يكون مخصصا للعموم الوارد في حديث أبي سعيد بل كان دليلا على جواز هذا الوجه لأن القاعدة في الأصول (فعل النبي يدل على الجواز) إلا إذا قيل بوجوب فعل ما فعل صلى الله عليه وسلم، فيصح حينئذ القول بأن الفعل في هذه الصورة مخصص للعموم، والصحيح عدم الوجوب، ولعلها تأتي مناسبة لتثبيت ذلك.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن لأذان نفسه كما هو مذهب الحنابلة خلافا للجمهور، ومأخذ المشروعية تقدم بيانه وأنه مستفاد من قوله (فقولوا)، وأما مأخذ كون المشروعية ثابتة في حق المؤذن نفسه فمستفاد من قوله (فقولوا) ضميرالجمع الواو، والقاعدة في الأصول (أن ضمير الجمع يفيد العموم)، فيعم كل أحد ومن ذلك المؤذن لنفسه، وضمير الجمع هل يفيد العموم أم لا؟ فيه خلاف مخرج: والصحيح أنه يفيدالعموم في بعض الصور وهذه منها،.
واستدل الجمهور بالقياس على النهي عن الكلام والامام يخطب فهو لا يشمله، فكذلك هنا، ذكره ابن رجب في الفتح، وهذا قياس في مقابلة نص، والقاعدة في الأصول (أن القياس إذا عارض النص قدم النص)، على أن هذا القياس غلط محض، لأن النهي عن الكلام إنما في حال كلام الامام، فكيف يقال له اسكت في حال كلامك، فتخصيصه ثابت بالعقل لأنه غيرمتصور، والقاعدة في الأصول (يخصص العموم بالعقل)، وهذا مثل قوله (الله خالق كل شئ)، على قول بأن المخاطب يدخل في عموم خطابه، وعلى القول بأن لفظ الشيئية صادق على الرب، وهو كذلك لقوله (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله)، فيخص الرب جل وعلا لأنه لا يتصور أن يكون الشخص <يصح اطلاق الشخص على الله لحديث لا شخص أغير من الله، خلافا لبعض المبتدعة> موجد النفسه من العدم، آسف على الاستطراد أردت التنظير.
_وفي الحديث دليل على أن من سمع صوت المؤذن ولم يدرك حرفه لبعد أو انشغاله بسماع شريط أونحو ذلك فإنه يجب عليه طلب ما يحصل به إدراك الحرف ليتمكن من المتابعة،
فإن كان السبب البعد قرب، وإن كان السبب شريطا أغلقه، وهكذا، ومأخذالوجوب من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمرالمطلق للوجوب)، والقاعدة في الأصول (أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/393)
واعترض علي بعضهم وقرر أن هذا من باب ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب لا من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،
فأجبته: الوجوب معلق على السماع لا على ادراك الحرف فهذا سبب الوجوب، فإذا لم يحصل لم يجب دركه، وادراك الحرف شرط عقلي لوجود الامتثال ليتمكن من المتابعة فيجب دركه، إذا تقرر ذلك صح قولي وأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فسر بذلك _وفقه الله_.
_وفي الحديث دليل على وجوب إجابة النداء عند سماعه سواء كان السماع عن طريق المباشرة أو عن طريق مكبر الصوت أو عن طريق أثير الاذاعة غير المسجل، مأخذ الوجوب تقدم بيانه، ومأخذ ثبوت الوجوب في الصور السابقة مستفاد من قوله (إذاسمعتم) فإنه فعل ينحل على نكرة، وهو في سياق الشرط، والقاعدة في الأصول (أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم)، فيشمل كل سماع، والسماع في اللغة ادراك الصوت بالسمع، فهو صادق على الصور المتقدمة.
_واستدل بالحديث على مشروعية إجابة الاقامة كما هو مذهب الجمهور خلافا للمالكية، ومأخذ المشروعية تقدم بيانه وأما مأخذ ثوبتها في الإقامة فمن قوله (النداء)، والقاعدة في الأصول (أن الألف واللام تفيد عموم مدخولها)، فيشمل كل نداء والإقامة نداء، ونازع المالكية في كونها نداءا، فقالوا بأن لفظ النداء لا يصدق عليها، ولم يثبت الخبر في شأن متابعتها على جهة الخصوص كما تقدم، وهذا بحث مشكل متعلق بمبحث الحقائق عند الأصوليين، والحقيقة الشرعية للفظ النداء، وأيد الجمهور مذهبهم بحديث عبد الله بن عمروعند مسلم بلفظ (إذا سمعتم المؤذن)، أي يأذن، والاقامة أذان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مغفل (بين كل أذانين صلاة) فتشرع إجابتها.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في أذان الصبح الأول، المشروعية من قوله (قولوا) وتقدم بيان وجه استفادتها منه، وأما كونها ثابتة في أذان الصبح الأول فمستفاد من قوله (النداء) على الوجه الذي تقدم في الإقامة أي العموم، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعا: (إن بلالايؤذن بليل ... ) فسماه أذانا، فيدخل في عموم قوله (المؤذن) في حديث عبدالله بن عمرو.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في أذان الجمعة الذي يكون عند جلوس الامام، ومأخذ المشروعية من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، ومأخذ ثبوتها فيه من عموم قوله (النداء)، فالألف واللام للاستغراق، وقد جاء في الكتاب قوله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) فتحقق بهذه الآية مناط كونه نداءا، ومن ثم يدخل في عموم الخبر،
وهل يشرع إجابة المؤذن في أذان الجمعة الذي أحدثه عثمان؟،
فالجواب/ لا يشرع ذلك، حتى لو قيل بمشروعيته -أي الأذان-، لأنه لم يكن في زمن الوحي، وتسميته أذانا اصطلاح حادث، فلايصح حمل النصوص الواردة في الأذان عليه، لأن القاعدة في الأصول (لا يجوز حمل الألفاظ الشرعية على الاصطلاحات الحادثة)، وبناءا على ذلك فاجابته بدعة محرمة وكذلك الإتيان بالأذكار المخصوصة بعده، وكذلك صلاة ركعتين بعده على أنه هو والذي يكون عند جلوس الامام أذانان، وفي حديث (بين كل أذانين صلاة)، وهذا غلط فاحش لأنه حمل للفظ الشرعي على الاصطلاح الحادث، ولما تقدم من أن المراد بالأذان الثاني الاقامة،
قال أبوعبدالله -عفي عن تقصيره-: والتحقيق عدم جواز الأذان الأول الذي أحدثه عثمان، وأنه بدعة من البدع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرعه، وكل تقرب بما لم يشرع فهو بدعة وفي الحديث (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، وكون عثمان هوالذي أحدثه، لا يقتضي مشروعيته، فالقاعدة الأصولية (أن فعل الصحابي ليس بحجة ولو كان من الخلفاء)، على أن عثمان قد عارضه صحابي أخر هو ابن عمر فقد جاء عنه عند ابن أبي شيبة في المصنف أنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، وجاء عنه أنه قال: محدث، والقاعدة في الأصول عند جمهور من يقول بحجية مذهب الصحابي (أنه إذا عارضه صحابي آخر فليس بحجة) ومن ثم يجب الرد إلى نصوص الكتاب والسنة سواء كانت عامة أم خاصة، قال تعالى (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) وقد جاء في السنة (كل بدعة ضلالة .... ) فتعين القول بالتحريم، وعند ابن أبي شيبة عن الحسن أنه محدث، وعنده أيضا عن ابن الزبير أنه لا يؤذن للجمعة إلا أذانا واحدا، عذرا على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/394)
الاستطراد أردت النصيحة.
_وفي الحديث دليل على وجوب تحريك الفم وإخراج الحروف من مخارجها لتتحقق إجابة المؤذن، ومأخذ الوجوب من قوله (فقولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق للوجوب)، والقول في لغة العرب لا يكون إلا بحرف وصوت، والقاعدة في الأصول (أن الحقيقة اللغوية معتبرة في تفسير كلام الشارع)، وبناءا على ذلك فلو أجرى كلمات الأذان على قلبه لم يكن ممتثلا للخطاب عاملا بمقتضاه.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في الحيعلتين بلفظها، وهذا مذهب بعض الحنابلة كما في الإنصاف للمرداوي، ومأخذ المشروعية من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، ومأخذ ثبوتها في الحيعلتين بلفظها من قوله (ما يقول) ما: اسم موصول والقاعدة في الأصول (أن الاسماء الموصولة تفيد العموم) فيشمل كل مايقوله ومن ذلك الحيعلتين، وذهب الجمهور إلى عدم مشروعية ذلك، وقالوا: إن عموم حديث أبي سعيد مخصوص بحديث عمر في صحيح مسلم مرفوعا وفيه: (إذاقال المؤذن الله أكبر .. ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله .. من قلبه دخل الجنة) لأنه خاص وحديث أبي سعيد عام والقاعدة في الأصول (إذا تعارض العام والخاص قدم الخاص)
وأجاب أصحاب القول الأول: بأن حديث عمر ليس فيه دلالة على ترك الاجابة في الحيعلتين بلفظها وليس متضمنا لاقرار النبي صلى الله عليه وسلم على ترك ذلك ومن ثم يستدل به على الجواز، فيقال بالتخصيص، وهو أيضا لم يسق لبيان كيفية الاجابة، بل لبيان ترتب الفضل على الصفة غير المنافية لظاهر حديث أبي سعيد، بل لو ثبت أنه (أي حديث عمر) متضمن لترك إجابتها بنفس اللفظ، لم يكن مخصصا لعموم حديث أبي سعيدعلى هذا المعنى، بل كان دالا على جواز التخيير بينهما، وقد قال بذلك ابن المنذر في الأوسط، والصواب القول الأول.
أي أنه يشرع _عندي أنها مشروعية وجوب كماتقدم_ الاجابة في الحيعلتين بنفس اللفظ، وبهذا يحصل الامتثال للأمر الوارد في حديث أبي سعيد، ويستحب أن تزاد الحوقلة لحديث عمر، ومأخذ دلالته على الاستحباب من قوله (من قال: ... دخل الجنة) حيث رتب الثواب على الفعل، والقاعدة في الأصول (أن ترتيب الثواب على الفعل يدل على المشروعية المشتركة بين الايجاب والاستحباب والأصل عدم الأول استصحابا لأصل براءة الذمة فتعين الثاني). _وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن كلمة كلمة، ولا تؤخر الإجابة إلى أن يسكت المؤذن، أما مأخذ المشروعية فقد تقدم بيانه، وأنه مستفاد من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، وأما كون الامتثال لا يتم إلا على هذه الصفة، فمستفاد من قوله (يقول) فإنه فعل مضارع يفيد الحال، هذا الأصل فيه،
[وللفعل المضارع مخلّصات تخلصه للمضي مثل "لم" في قولنا "لم يقل"، ومخلصات تخلصه إلى الاستقبال كحروف التسويف في نحو قولنا "سوف يقول" (وهذه المخلصات قرائن لفظية تصرف المضارع عن ظاهره الذي هو الحال]، والقاعدة في الأصول (أن اللغة معتبرة في تفسير كلام الشارع)، وفي معنى هذا ماجاء عند النسائي في الكبرى وابن خزيمة في صحيحه من حديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت، إذا تقرر ذلك وأن هذا محل المشروعية، فهنا سؤال وهو:
إذافرغ المؤذن من الأذن ولم يجبه المرء فهل يشرع له القضاء أم لا؟
الجواب: لا يشرع له ذلك، لأن القاعدة في الأصول (أن القضاء لايشرع بالأمر الأول بل بأمر جديد) ومأخذ القاعدة أن ما بعد الوقت لم يتناوله اللفظ فلم يجب فيه الفعل كما قبل الوقت، وأن تخصيص الأمر بالوقت كتخصيصه بالشرط ولو علق الأمر بالشرط لم يجب مع عدمه فكذلك إذا علق على الوقت ولأن السيد من العرب إذا قال لعبده اجلس في الدار يوم الخميس لم يشمل الجمعة بدليل أنه يجوز له أن يقول اجلس يوم الخميس ولا تجلس يوم الجمعة، وهذا مذهب جمهور الأصوليين، ويخرج للمخالفين في المسألة الأصولية (الحنفية والحنابلة) مخالفة فروعية وهي: أنه يشرع القضاء في هذه الصورة.
_وفي الحديث دليل على أن من سمع بعض النداء فإنه يشرع له إجابة ذلك البعض، وقد حكي اتفاقا، ومأخذ المشروعية مستفاد من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، وأما مأخذ كونها ثابتة في هذه الصورة فمستفاد من قوله (نداء) والبعض المشروع (بهذا القيد) يصدق عليه أنه نداء (هذا بحث في الاطلاق الذي تضمنه اللفظ العام "النداء")،
واختلفوا هل يشرع قضاء مافات؟ فذهب بعض المالكية إلى عدم المشروعية وخالف في ذلك الجمهور، والصحيح مذهب بعض المالكية لما تقدم من أن القاعدة في الأصول (أن القضاء لا يشرع إلا بأمر جديد) ولا أمر في هذه الصورة.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في حال الجماع وكون المرء في الخلاء، أما مأخذ المشروعية فتقدم بيانه، وأما مأخذ كون المشروعية ثابتة في حال الجماع وكون المرء في الخلاء، فمن قوله (إذا) فهي أداة شرط كما تقدم، والقاعدة في الأصول:
(أن إذا الشرطية تفيد العموم)، فتشرع الاجابة في هذه الحال، وفي شرح مسلم للنووي القول بتخصيص هاتين الصورتين من العموم، ولاأعرف دليلا مستقيما لمن قال بالتخصيص.
أكتفي بهذا القدر في الكلام على هذا الحديث. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/395)
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[16 - 04 - 09, 07:35 ص]ـ
أرجو الحذف .. تكرر الموضوع بغير قصد.(113/396)
تطبيق أصولي على حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم النداء ... )
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[16 - 04 - 09, 07:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا شرح أصولي لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)
من إعداد شيخنا أبي عبد الله جلال بن السلمي حفظه الله وسدده، وضع من قبل على ملتقى المذاهب الفقهية فأحببت نقله لتعم الفائدة.
النص:
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)
التطبيق:
_البحث في ثبوت الخبر: القاعدة في الأصول (أن الأخبار الآحادية يجب البحث في ثبوتها أولا قبل البحث في دلالتها)، وذلك لأن الدلالة فرع الثبوت، وتثبيتها يكون من خلال سبر إسنادها وتحقق شروط القبول فيه،
ويشترط لقبول الخبر شرطان: قبول الرواة، واتصال الاسناد،
وفي الحقيقة أن الشرط الثاني راجع للأول لأن السبب الحامل على اشتراطه هو عدم العلم بتحقق الأول، والراوي المقبول: هو العدل الضابط، ومن ليس كذلك فخبره ضعيف، والقاعدة في الأصول (أن الأحاديث الضعيفة ليست حجة في اثبات الأحكام) إذا تقرر ذلك فإنه يتعين قبل البحث في دلالة هذا الحديث أن يبحث في اسناده لنعرف هل هو ثابت أم لا؟
فأقول:
حديث أبي سعيد أخرجه الشيخان كلاهما من طريق مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، ورجاله ثقات واسناده متصل
فتحقق بذلك شرط القبول، واختلف على ابن شهاب في إسناده فراوه عبد الرحمن بن إسحاق العامري عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه النسائي وابن ماجه، قلت: هذا الاختلاف لا يقدح في اسناده لتحقق شروط القبول فيه، لاسيما وأن الزهري أحد الأئمة الكبار المعروفين بسعة الرواية، فلا يمتنع ثبوته على الوجهين، واختلف فيه أيضا على مالك، فرواه يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أخرجه مسدد في مسنده، وقال الدارقطني في العلل بأنه خطأ، قلت: وعلى فرض صوابه فيقال فيه مثل ماقيل في سابقه. وقوله في الحديث (OالمؤذنO) ادعى ابن وضاح أن لفظة المؤذن مدرجة في الحديث، ويجاب عن هذا: بأن الادراج لا يثبت بمجرد الدعوى، واتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على اثباتها.
إذا تقرر ثبوت الخبر فهذا أوان البحث في دلالته.
_استدل بالحديث على وجوب إجابة المؤذن في الأذان (مذهب الحنفية والظاهرية)،
ومأخذ الحكم من الحديث من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول [أن الأمرالمطلق للوجوب]، وذهب الجمهور إلى أن إجابة المؤذن مستحبة وليست واجبة،
واعترض عليهم بـ: أن هذا تأويل (أي القول بالاستحباب) والتأويل على خلاف الظاهر، والقاعدة في الأصول (يجب العمل بالألفاظ على ظاهرها حتى يأتي مايصرفها)،
فأجابوا: بأنه قد جاء ما يصرف الأمر عن ظاهره وهو الوجوب إلى الاستحباب، وهو حديث أنس في صحيح مسلم وفيه
(أن النبي صلى الله عليه وسلم لماسمع الرجل قال الله أكبرقال: على الفطرة، فلماتشهدقال خرجت من النار)،
ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يقل مثل مايقول المؤذن، والقاعدة في الأصول [أن فعل النبي يدل على الجواز]، والواجب لايجوز تركه،
النتيجة: إجابةالمؤذن مستحبة،
وأجاب من قال بالوجوب بأن هذا الحديث ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل مثل ما يقول المؤذن، فيحتمل أنه قاله ولم ينقله الراوي اكتفاءا بالعادة، ونقل الزائد، والقاعدة في الأصول [إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال] قلت: ومن ثم لا يصح التأويل فيرجع إلى الظاهر،
واستعمل بعضهم الفرض الجدلي (أي على فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك) فالاحتمال المسقط للاستدلال قائم، فيحتمل أن الأمر بالإجابة حصل بعد هذا الترك وفيه بحث أصولي:
أيهما يقدم عند التعارض الاحكام أي عدم النسخ أم إبقاءالأمر على ظاهره؟
_وفي الحديث تحريم الاشتغال بمايشغل عن إجابة المؤذن، ومأخذ الحكم من قوله (فقولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (الأمر بالشئ نهي عن ضده)، والقاعدة في الأصول (النهي المطلق للتحريم)، والقاعدة في الأصول (أن وسيلة المحرم محرمة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/397)
_وفي الحديث وجوب إجابة المؤذن على الفور، ومأخذ الحكم من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر يقتضي الفور).
_وفي الحديث أنه يجب إجابة المؤذن عند سماعه مرة واحدة، ومأخذ الحكم من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق لطلب الماهية، وهذا يحصل بالمرة، والأصل عدم وجوب الزيادة عليها استصحابا لأصل براءة الذمة)،
نعم قد يتوهم بأن هذا الأمر ليس بمطلق من جهة تقيده بالشرط (إذاسمعتم)،
فالجواب: أنه مقيد في صورة الشرط مطلق في غيرها، ومن يقول بأن الأمر للتكرار يلزمه أن يقول به هنا.
_وفي الحديث أنه يجب إجابة الأذان عند التعدد، مأخذ الوجوب تقدم بيانه، وأما مأخذ ثبوته عند التعدد فمن قوله (إذاسمعتم ... فقولوا) حيث علق الأمر بالإجابة على السماع بالشرط
فإن إذا أداة شرط، والقاعدة في الأصول [أن الأمر المعلق على شرط يقتضي التكرار بتكرر الشرط (قلت: بهذا القيد)].
_واستدل بالحديث على أن من رأى المؤذن وعلم أنه يؤذن بأمارة، ولم يسمعه لبعد أوصمم فإنه لا يجوز له إجابة المؤذن،
ومأخذ الحكم من قوله (إذاسمعتم ... فقولوا) فمفهوم المخالفة مفهوم الشرط أنكم إذا لم تسمعوا فلا تقولوا، والقاعدة في الأصول (أن مفهوم المخالفة الشرطي حجة) هذا مذهب جمهور الأصوليين، والصحيح أنه ليس بحجة، ولعلها تأتي مناسبة لتثبيت ذلك ولايلزم من القول بعدم حجية هذا المسلك الدلالي القول بمشروعية الإجابة في هذه الصورة، بل هي محرمة استصحابا للأصل،فالأصل في العبادة الحظر، لقوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
_استدل بالحديث (بعض المالكية واختاره ابن تيمية) على مشروعية إجابة المؤذن في حال الصلاة، مأخذ المشروعية تقدم بيانه، وأما مأخذ كون المشروعية ثابتة في حال الصلاة فمن قوله (إذا) فهي كما تقدم أداة شرط، (وذهب ابن يعيش كما في شرح المفصل إلى أنها اسم زمان مستقبل متضمن معنى الشرط)، والقاعدة في الأصول (أن إذا الشرطية تفيد العموم)، فتشرع الإجابة حال الصلاة، وذهب الجمهور إلى عدم مشروعية ذلك، واحتجوا على ذلك بحديث ابن مسعود في الصحيحين مرفوعا (إن في الصلاة لشغلا)، فهذا خبر بمعنى الأمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق يفيد الوجوب) أي فليشتغل بها، وإجابة المؤذن تنافي ذلك، فيخص عموم حديث أبي سعيد بحديث ابن مسعود، فالقاعدة في الأصول (إذا تعارض العام والخاص قدم الخاص لأنه أقوى حيث أنه لا يتطرق إليه الاحتمال بخلاف العام فيتطرق إليه احتمال التخصيص)،وفي الحقيقة أن هذا تعارض بين نصين عامين وليس التعارض بين عام وخاص، وجه ذلك أنه قال (الصلاة) والقاعدة في الأصول (أن الألف واللام تفيدالعموم)، فتشمل كل صلاة، ومن ثم قد يدعى أنه مخصوص بالصلاة التي لا يسمع فيها النداء، والقاعدة في الأصول (إذا حصل التعارض بين نصين عامين ولم يعلم التاريخ فإنه يسقط الاستدلال بهما ويرجع إلى الأصل) والأصل هناالحظر.
_وفي الحديث دليل على مشروعية متابعة المؤذن في الترجيع إذاسمع، (والترجيع أن يأتي المؤذن بالشهادتين مرتين بصوت منخفض ثم يرجع فيأتي بهما مرتين بصوت مرتفع، وهو مشروع عند المالكية والشافعية لحديث أبي محذورة عند أبي داود وغيره)،
ومأخذ المشروعية تقدم بيانه، وأنه من قوله (فقولوا)، وأما كون المتابعة مشروعة في الترجيع فمن قوله (مثل مايقول) فما موصولة بمعنى الذي، والقاعدة في الأصول (أن الأسماء الموصولة تفيد العموم) فيشمل كل مايقوله، ومن ذلك الترجيع، وفي رد المحتار أنه زيادة كما لو زاد في الأذان تكبير، فلا يشرع متابعته فيه، وهو قياس في مقابلة نص (فسادالاعتبار) والقاعدة في الأصول (أن القياس إذا عارض النص قدم النص)،وفيه بحث تخصيص العموم بالقياس، وهو قياس باطل من جهة عدم تحقق الجامع في الفرع فالترجيع ليس زيادة كما ادعي.
_وفي الحديث مشرعية متابعة المؤذن في التثويب بنفس اللفظ (قاله بعض المالكية وبعض الشافعية) (والتثويب قول المؤذن الصلاة خير من النوم في الفجر، حكي الاتفاق على مشرعيته، واختلف في محله هل هو في الأذان الأول أم الثاني؟ وهل هو بعد الحيعلتين أم بعد الأذان؟)
ومأخذ المشروعية تقدم بيانه، ومأخذ كون المتابعة في التثويب فتقريره بمثل ما تقدم في الترجيع،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/398)
وذهب الجمهور إلى أنه يشرع أن يقول بدله صدقت وبررت،
ودليلهم في ذلك القياس على لا حول ولا قوة إلا بالله، وأقامها الله وأدامها بجامع المناسبة، وهذا قياس معارض للنص والقاعدة في الأصول (أن القياس إذا عارض النص قدم النص)،
ثم لا يسلم بثبوت ما جاء في الاقامة فحديث أبي أمامة عند أبي داود ضعيف في اسناده (محمد بن ثابت العبدي وشهر بن حوشب وكلاهما ضعيف، والرجل الشامي بينهما مجهول)، ومن شرط صحة القياس أن يكون حكم الأصل ثابتا بالنص، وليس هو هنا كذلك،
ويمكنهم أن يجيبوا عن ذلك بأن الأصل ثابت بنص أخر، هو حديث عمر في صحيح مسلم في شأن الحوقلة ... إلخ، على أنه إذا سلم بالمناسبة في الحوقلة،وسلم قبل ذلك بكون حكم الصورة الذي ورد به النص معقول المعنى .... إلخ، على كل حال هو قياس باطل.
_وفي الحديث دليل على مشروعية متابعة المؤذن في الأذان من أوله إلى آخره كما هو مذهب الجمهور خلافا للمالكية،
ومأخذ المشروعية تقدم بيانه، وأنه مستفاد من قوله (فقولوا)، ومأخذ كون مشروعية المتابعة في الأذان من أوله إلى آخره مستفاد من قوله (ما يقول)، وتقدم أن ما اسم موصول بمعنى الذي، والقاعدة في الأصول (أن الأسماء الموصولة تفيد العموم)، فيشمل كل مايقول المؤذن من ألفاظ الأذان، واستدل المالكية كما في مواهب الجليل بحديث معاوية في البخاري وفيه أنه أجاب إلى الشهادتين فقط ثم قال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ماسمعتم من مقالتي) ووجه الاستدلال: أن النبي لم يكمل إلى آخر الأذان، بل اقتصر على صدره إلى الشهادتين، والقاعدة في الأصول: (أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الصادر بقصد القربة يدل على الاستحباب)، فيخصص عموم حديث أبي سعيد بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالقاعدة في الأصول (يخصص العموم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم)،
قلت: وهذا تقرير خاطئ من وجوه:
الأول: أن حديث معاوية ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب المؤذن إلى آخرالأذان، بل غاية ما فيه السكوت عن الباقي، فيحتمل أن النبي أجاب المؤذن ولم يذكره معاوية اختصارا، والقاعدة في الأصول (إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال) والقاعدة (أن عدم العلم بالشئ ليس علما بالعدم) ومن ثم نأخذ بظاهر حديث أبي سعيد أي عمومه،
الثاني: أنه لو قام دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب المؤذن فيما بعد الشهادتين ما صلح أن يكون مخصصا للعموم الوارد في حديث أبي سعيد بل كان دليلا على جواز هذا الوجه لأن القاعدة في الأصول (فعل النبي يدل على الجواز) إلا إذا قيل بوجوب فعل ما فعل صلى الله عليه وسلم، فيصح حينئذ القول بأن الفعل في هذه الصورة مخصص للعموم، والصحيح عدم الوجوب، ولعلها تأتي مناسبة لتثبيت ذلك.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن لأذان نفسه كما هو مذهب الحنابلة خلافا للجمهور، ومأخذ المشروعية تقدم بيانه وأنه مستفاد من قوله (فقولوا)، وأما مأخذ كون المشروعية ثابتة في حق المؤذن نفسه فمستفاد من قوله (فقولوا) ضميرالجمع الواو، والقاعدة في الأصول (أن ضمير الجمع يفيد العموم)، فيعم كل أحد ومن ذلك المؤذن لنفسه، وضمير الجمع هل يفيد العموم أم لا؟ فيه خلاف مخرج: والصحيح أنه يفيدالعموم في بعض الصور وهذه منها،.
واستدل الجمهور بالقياس على النهي عن الكلام والامام يخطب فهو لا يشمله، فكذلك هنا، ذكره ابن رجب في الفتح، وهذا قياس في مقابلة نص، والقاعدة في الأصول (أن القياس إذا عارض النص قدم النص)، على أن هذا القياس غلط محض، لأن النهي عن الكلام إنما في حال كلام الامام، فكيف يقال له اسكت في حال كلامك، فتخصيصه ثابت بالعقل لأنه غيرمتصور، والقاعدة في الأصول (يخصص العموم بالعقل)، وهذا مثل قوله (الله خالق كل شئ)، على قول بأن المخاطب يدخل في عموم خطابه، وعلى القول بأن لفظ الشيئية صادق على الرب، وهو كذلك لقوله (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله)، فيخص الرب جل وعلا لأنه لا يتصور أن يكون الشخص <يصح اطلاق الشخص على الله لحديث لا شخص أغير من الله، خلافا لبعض المبتدعة> موجد النفسه من العدم، آسف على الاستطراد أردت التنظير.
_وفي الحديث دليل على أن من سمع صوت المؤذن ولم يدرك حرفه لبعد أو انشغاله بسماع شريط أونحو ذلك فإنه يجب عليه طلب ما يحصل به إدراك الحرف ليتمكن من المتابعة،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/399)
فإن كان السبب البعد قرب، وإن كان السبب شريطا أغلقه، وهكذا، ومأخذالوجوب من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمرالمطلق للوجوب)، والقاعدة في الأصول (أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)،
واعترض علي بعضهم وقرر أن هذا من باب ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب لا من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،
فأجبته: الوجوب معلق على السماع لا على ادراك الحرف فهذا سبب الوجوب، فإذا لم يحصل لم يجب دركه، وادراك الحرف شرط عقلي لوجود الامتثال ليتمكن من المتابعة فيجب دركه، إذا تقرر ذلك صح قولي وأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فسر بذلك _وفقه الله_.
_وفي الحديث دليل على وجوب إجابة النداء عند سماعه سواء كان السماع عن طريق المباشرة أو عن طريق مكبر الصوت أو عن طريق أثير الاذاعة غير المسجل، مأخذ الوجوب تقدم بيانه، ومأخذ ثبوت الوجوب في الصور السابقة مستفاد من قوله (إذاسمعتم) فإنه فعل ينحل على نكرة، وهو في سياق الشرط، والقاعدة في الأصول (أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم)، فيشمل كل سماع، والسماع في اللغة ادراك الصوت بالسمع، فهو صادق على الصور المتقدمة.
_واستدل بالحديث على مشروعية إجابة الاقامة كما هو مذهب الجمهور خلافا للمالكية، ومأخذ المشروعية تقدم بيانه وأما مأخذ ثوبتها في الإقامة فمن قوله (النداء)، والقاعدة في الأصول (أن الألف واللام تفيد عموم مدخولها)، فيشمل كل نداء والإقامة نداء، ونازع المالكية في كونها نداءا، فقالوا بأن لفظ النداء لا يصدق عليها، ولم يثبت الخبر في شأن متابعتها على جهة الخصوص كما تقدم، وهذا بحث مشكل متعلق بمبحث الحقائق عند الأصوليين، والحقيقة الشرعية للفظ النداء، وأيد الجمهور مذهبهم بحديث عبد الله بن عمروعند مسلم بلفظ (إذا سمعتم المؤذن)، أي يأذن، والاقامة أذان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مغفل (بين كل أذانين صلاة) فتشرع إجابتها.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في أذان الصبح الأول، المشروعية من قوله (قولوا) وتقدم بيان وجه استفادتها منه، وأما كونها ثابتة في أذان الصبح الأول فمستفاد من قوله (النداء) على الوجه الذي تقدم في الإقامة أي العموم، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعا: (إن بلالايؤذن بليل ... ) فسماه أذانا، فيدخل في عموم قوله (المؤذن) في حديث عبدالله بن عمرو.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في أذان الجمعة الذي يكون عند جلوس الامام، ومأخذ المشروعية من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، ومأخذ ثبوتها فيه من عموم قوله (النداء)، فالألف واللام للاستغراق، وقد جاء في الكتاب قوله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) فتحقق بهذه الآية مناط كونه نداءا، ومن ثم يدخل في عموم الخبر،
وهل يشرع إجابة المؤذن في أذان الجمعة الذي أحدثه عثمان؟،
فالجواب/ لا يشرع ذلك، حتى لو قيل بمشروعيته -أي الأذان-، لأنه لم يكن في زمن الوحي، وتسميته أذانا اصطلاح حادث، فلايصح حمل النصوص الواردة في الأذان عليه، لأن القاعدة في الأصول (لا يجوز حمل الألفاظ الشرعية على الاصطلاحات الحادثة)، وبناءا على ذلك فاجابته بدعة محرمة وكذلك الإتيان بالأذكار المخصوصة بعده، وكذلك صلاة ركعتين بعده على أنه هو والذي يكون عند جلوس الامام أذانان، وفي حديث (بين كل أذانين صلاة)، وهذا غلط فاحش لأنه حمل للفظ الشرعي على الاصطلاح الحادث، ولما تقدم من أن المراد بالأذان الثاني الاقامة،
قال أبوعبدالله -عفي عن تقصيره-: والتحقيق عدم جواز الأذان الأول الذي أحدثه عثمان، وأنه بدعة من البدع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرعه، وكل تقرب بما لم يشرع فهو بدعة وفي الحديث (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، وكون عثمان هوالذي أحدثه، لا يقتضي مشروعيته، فالقاعدة الأصولية (أن فعل الصحابي ليس بحجة ولو كان من الخلفاء)، على أن عثمان قد عارضه صحابي أخر هو ابن عمر فقد جاء عنه عند ابن أبي شيبة في المصنف أنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، وجاء عنه أنه قال: محدث، والقاعدة في الأصول عند جمهور من يقول بحجية مذهب الصحابي (أنه إذا عارضه صحابي آخر فليس بحجة) ومن ثم يجب الرد إلى نصوص الكتاب والسنة سواء كانت عامة أم خاصة، قال تعالى (فإن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/400)
تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) وقد جاء في السنة (كل بدعة ضلالة .... ) فتعين القول بالتحريم، وعند ابن أبي شيبة عن الحسن أنه محدث، وعنده أيضا عن ابن الزبير أنه لا يؤذن للجمعة إلا أذانا واحدا، عذرا على الاستطراد أردت النصيحة.
_وفي الحديث دليل على وجوب تحريك الفم وإخراج الحروف من مخارجها لتتحقق إجابة المؤذن، ومأخذ الوجوب من قوله (فقولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق للوجوب)، والقول في لغة العرب لا يكون إلا بحرف وصوت، والقاعدة في الأصول (أن الحقيقة اللغوية معتبرة في تفسير كلام الشارع)، وبناءا على ذلك فلو أجرى كلمات الأذان على قلبه لم يكن ممتثلا للخطاب عاملا بمقتضاه.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في الحيعلتين بلفظها، وهذا مذهب بعض الحنابلة كما في الإنصاف للمرداوي، ومأخذ المشروعية من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، ومأخذ ثبوتها في الحيعلتين بلفظها من قوله (ما يقول) ما: اسم موصول والقاعدة في الأصول (أن الاسماء الموصولة تفيد العموم) فيشمل كل مايقوله ومن ذلك الحيعلتين، وذهب الجمهور إلى عدم مشروعية ذلك، وقالوا: إن عموم حديث أبي سعيد مخصوص بحديث عمر في صحيح مسلم مرفوعا وفيه: (إذاقال المؤذن الله أكبر .. ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله .. من قلبه دخل الجنة) لأنه خاص وحديث أبي سعيد عام والقاعدة في الأصول (إذا تعارض العام والخاص قدم الخاص)
وأجاب أصحاب القول الأول: بأن حديث عمر ليس فيه دلالة على ترك الاجابة في الحيعلتين بلفظها وليس متضمنا لاقرار النبي صلى الله عليه وسلم على ترك ذلك ومن ثم يستدل به على الجواز، فيقال بالتخصيص، وهو أيضا لم يسق لبيان كيفية الاجابة، بل لبيان ترتب الفضل على الصفة غير المنافية لظاهر حديث أبي سعيد، بل لو ثبت أنه (أي حديث عمر) متضمن لترك إجابتها بنفس اللفظ، لم يكن مخصصا لعموم حديث أبي سعيدعلى هذا المعنى، بل كان دالا على جواز التخيير بينهما، وقد قال بذلك ابن المنذر في الأوسط، والصواب القول الأول.
أي أنه يشرع _عندي أنها مشروعية وجوب كماتقدم_ الاجابة في الحيعلتين بنفس اللفظ، وبهذا يحصل الامتثال للأمر الوارد في حديث أبي سعيد، ويستحب أن تزاد الحوقلة لحديث عمر، ومأخذ دلالته على الاستحباب من قوله (من قال: ... دخل الجنة) حيث رتب الثواب على الفعل، والقاعدة في الأصول (أن ترتيب الثواب على الفعل يدل على المشروعية المشتركة بين الايجاب والاستحباب والأصل عدم الأول استصحابا لأصل براءة الذمة فتعين الثاني). _وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن كلمة كلمة، ولا تؤخر الإجابة إلى أن يسكت المؤذن، أما مأخذ المشروعية فقد تقدم بيانه، وأنه مستفاد من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، وأما كون الامتثال لا يتم إلا على هذه الصفة، فمستفاد من قوله (يقول) فإنه فعل مضارع يفيد الحال، هذا الأصل فيه،
[وللفعل المضارع مخلّصات تخلصه للمضي مثل "لم" في قولنا "لم يقل"، ومخلصات تخلصه إلى الاستقبال كحروف التسويف في نحو قولنا "سوف يقول" (وهذه المخلصات قرائن لفظية تصرف المضارع عن ظاهره الذي هو الحال]، والقاعدة في الأصول (أن اللغة معتبرة في تفسير كلام الشارع)، وفي معنى هذا ماجاء عند النسائي في الكبرى وابن خزيمة في صحيحه من حديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت، إذا تقرر ذلك وأن هذا محل المشروعية، فهنا سؤال وهو:
إذافرغ المؤذن من الأذن ولم يجبه المرء فهل يشرع له القضاء أم لا؟
الجواب: لا يشرع له ذلك، لأن القاعدة في الأصول (أن القضاء لايشرع بالأمر الأول بل بأمر جديد) ومأخذ القاعدة أن ما بعد الوقت لم يتناوله اللفظ فلم يجب فيه الفعل كما قبل الوقت، وأن تخصيص الأمر بالوقت كتخصيصه بالشرط ولو علق الأمر بالشرط لم يجب مع عدمه فكذلك إذا علق على الوقت ولأن السيد من العرب إذا قال لعبده اجلس في الدار يوم الخميس لم يشمل الجمعة بدليل أنه يجوز له أن يقول اجلس يوم الخميس ولا تجلس يوم الجمعة، وهذا مذهب جمهور الأصوليين، ويخرج للمخالفين في المسألة الأصولية (الحنفية والحنابلة) مخالفة فروعية وهي: أنه يشرع القضاء في هذه الصورة.
_وفي الحديث دليل على أن من سمع بعض النداء فإنه يشرع له إجابة ذلك البعض، وقد حكي اتفاقا، ومأخذ المشروعية مستفاد من قوله (قولوا) على الوجه الذي تقدم، وأما مأخذ كونها ثابتة في هذه الصورة فمستفاد من قوله (نداء) والبعض المشروع (بهذا القيد) يصدق عليه أنه نداء (هذا بحث في الاطلاق الذي تضمنه اللفظ العام "النداء")،
واختلفوا هل يشرع قضاء مافات؟ فذهب بعض المالكية إلى عدم المشروعية وخالف في ذلك الجمهور، والصحيح مذهب بعض المالكية لما تقدم من أن القاعدة في الأصول (أن القضاء لا يشرع إلا بأمر جديد) ولا أمر في هذه الصورة.
_وفي الحديث دليل على مشروعية إجابة المؤذن في حال الجماع وكون المرء في الخلاء، أما مأخذ المشروعية فتقدم بيانه، وأما مأخذ كون المشروعية ثابتة في حال الجماع وكون المرء في الخلاء، فمن قوله (إذا) فهي أداة شرط كما تقدم، والقاعدة في الأصول:
(أن إذا الشرطية تفيد العموم)، فتشرع الاجابة في هذه الحال، وفي شرح مسلم للنووي القول بتخصيص هاتين الصورتين من العموم، ولاأعرف دليلا مستقيما لمن قال بالتخصيص.
أكتفي بهذا القدر في الكلام على هذا الحديث. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(113/401)
ـ[أبا محمد المكي]ــــــــ[13 - 06 - 09, 11:43 م]ـ
جزاك الله خيرا
شرح أصولي دقيق تظهر فيه ملكة الشارح ودقة الحكم
أخي الكريم .. من هو الشارح وهل له المزيد من الشروح الأصولية؟(113/402)
أَبْحَثُ عَنْ مَخْطُوطَةٍ فِي عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ لَمْ تُحَقَّقْ مِن قبل لتحقيقها كرسالة جامعية؟
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[16 - 04 - 09, 07:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة وبركاته
طلب مني أحد الاخوة المتميزين والمتفوقين وهو الآن يحضر لرسالة الماجستير في الجامعة الاسلامية أن أبحث له عبر الملتقى عن مخطوطة في الأصول لم تحقق من قبل حتى يتسنى له تحقيقها كرسالة علمية فأتمنى من الاخوة الأكارم أصحاب الخبرة والباع إرشادنا لهذه المخطوطة ولهم منا الدعاء بالتوفيق والسداد، وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[18 - 04 - 09, 06:16 ص]ـ
هل من مفيد؟
ـ[العوضي]ــــــــ[18 - 04 - 09, 09:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أنصحك بمراسلة مركز جمعة للماجد للتراث والثقافة وستجد من عندهم الرد
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[28 - 04 - 09, 11:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أمين حماد]ــــــــ[16 - 05 - 09, 02:14 ص]ـ
نصف ألفية البرماوي الأول وشرحه لم يحقق فلعله يبحث عنها في مراكز المخطوطات بالمملكة
وغيرها والنصف الثاني نال به الدكتور حسن المرزوقي الدكتوا من جامعة الإمام
وعندي منه القسم المحقق لكن للأسف قسم الدراسة ليس عندي وسأبحث عنه إن شاء الله
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[16 - 05 - 09, 09:08 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم
ـ[عبدالله محمود الأحمد]ــــــــ[22 - 06 - 09, 06:36 ص]ـ
النصف الأول من ألفية البرماوي حقق في جامعة أم القرى في رسالة دكتوراه.
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[22 - 06 - 09, 01:10 م]ـ
موقع مخطوطات جامعة الملك سعود بالرياض http://makhtota.ksu.edu.sa ( بارك الله في القائمين على هذا المشروع) مليء بالمخطوطات في أصول الفقه على المذاهب الأربع، وغالب ظني أنه يوجد العديد منها بلا تحقيق وخاصة في أصول الفقه الحنفي، فلابد من إتعاب النفس وتصفح الموقع وعدم الاكتفاء بالتصنيف الحالي في الموقع فالكثير من المخطوطات لم يصنف بعد ..
ـ[العجوري]ــــــــ[29 - 06 - 09, 09:48 م]ـ
جل المخطوطات عبر الإنترنت أخي أبو عمر محققة.
حاول أن تبحث من خلال المواقع التي دونها الأخوة الكرام عن مخطوطات غير محققة أو غير منشورة، وإن رغبت في أي من المخطوطات في الأردن فأنا مستعد
ـ[أبو الرجاء الأصفهاني]ــــــــ[30 - 06 - 09, 08:48 م]ـ
سلام
أنصح الأخ بمراسلة دار نجيبويه للمخطوطات(113/403)
هل الحنابلة فقط هم الذين يفرقون بين الركن والواجب؟
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[17 - 04 - 09, 08:50 ص]ـ
هل الحنابلة فقط هم الذين يفرقون بين الركن والواجب؟
وهل هذا التفريق عندهم فى الصلاة فقط أم فى غيرها؟
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[18 - 04 - 09, 04:36 ص]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[18 - 04 - 09, 10:16 ص]ـ
أجيبونى يا إخوان
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[19 - 04 - 09, 12:42 ص]ـ
أسأل الله أن يفرج عنى وأجد من يجيبنى
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - 04 - 09, 01:31 م]ـ
المسألة دقيقة .. وليس الأمر مطلقاً أخي الكريم
ففي الصلاة؛ يفرق الأحناف بين الأركان والواجبات، وحكموا بأن الواجب ما يجبر بسجود السهو بخلاف الركن .. وهذا مبني على أصلهم العام في التفريق بين الفرض والواجب.
وفي الحج؛ تجد أن المالكية والشافعية أيضاً يجعلون أفعال الحج أركاناً وواجبات وسنناً .. وحكموا بأن الواجب يجبر بدم بخلاف الركن الذي لا يتم الحج إلا به.
وينص بعضهم على أن الفرض والواجب بمعنى واحد إلا في الحج.
قال الطوفي: الذي نصره كثير من الأصوليين أن الواجب مرادف للفرض، لكن أحكام الفروع قد بنيت على الفرق بينهما، فإن الفقهاء ذكروا أن الصلاة مشتملة على فروض وواجبات ومسنونات، وأرادوا بالفروض الأركان، وحكمهما مختلف من وجهين:
الأول: أن طريق الفرض منها أقوى من طريق الواجب.
الثاني: أن الواجب يجبر إذا ترك نسيانا بسجود السهو، والفرض لا يقبل الجبر، وكذا الكلام في فروض الحج وواجباته، حيث جبرت بالدم دون الأركان.أهـ
قال الزركشي في البحر المحيط: وَقَدْ فَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فَسَمَّوْا الْفَرْضَ رُكْنًا , وَالْوَاجِبَ شَرْطًا مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ , وَفِي بَابِ الْحَجِّ حَيْثُ قَالُوا: الْوَاجِبُ مَا يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ , وَالرُّكْنُ مَا لَا يُجْبَرُ , وَهَذَا لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ فَرْقًا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى تَخْتَلِفُ الذَّوَاتُ بِحَسَبِهِ , وَإِنَّمَا هِيَ أَوْضَاعٌ نُصِبَتْ لِلْبَيَانِ. أهـ
ـ[عبد العزيز كرعد الصومالي]ــــــــ[25 - 04 - 09, 11:01 م]ـ
الشافعية فرقو بين الأركان والوجبات في الحج وأن الأركان يتوقف وجود النسك عليها ولا تنجبر بدم والواجبات لا يتوقف عليها وجوده وتنجبر بدم وهذا خاص بكتاب الحج لأن الواجبات في غيره تشمل الأركان والشروط فكل ركن واجب ولا عكس فبينهما العموم والخصوص المطلق وإن وقع في بعض العبارات أنهما مترادفان(113/404)