وكنت أكثر من مرة أحاول أن أنشط لتتبع كتاباته، والوقوف على ذلك، إلا أن نفسي لا تقوى على ذلك، وذلك لانشغالي ببعض البرامج العلمية الخاصة، ثم رأيت أنه لو ذكرت بعض المسائل على جهة التمثيل، فلعل ما أذكره يجعل بعض الأخوة ينشط لتتبع ما في كتبه، فيبينها لطلبة العلم، أو أن ييسر الله لي فراغا من الوقت لإكمال هذا الموضوع المهم.
وحتى لا تطول المقدمة أذكر بعض ما وقت عليه من المسائل.
1 - حين تقرأ في كتب الدكتور النملة تلاحظ خلو عامة كتبه من ذكرٍ للأشاعرة، وكأنها فرقة لم تكن!!، بينما تجد ردوده على المعتزلة واستدلالاتهم كثيراً، وهذا من العجب العجاب، بل أعجب منه أنه يرد علي المعتزلة بأقوال الأشاعرة!!
وإليكم المثال:
لما ذكر مسألة حكم الأشياء قبل ورود الشرع في تحقيقه لروضة الناظر (197: 1)، قال: هذه المسألة متفرعة عن قاعدة المعتزلة المشهورة (التحسين والتقبيح العقليين)، حيث إنه لما أبطل الجمهور قاعدة المعتزلة تلك: لزم من إبطالها: إبطال حكم الأفعال قبل ورود السمع والشرع، فالجمهور (؟؟) يبحثون هذه المسألة على سبيل التسليم الجدلي بما قاله المعتزلة، لذلك يسمونها مع مسألة (شكر المنعم عقلاً) بمسائل التّنَزل.اهـ
لاحظ أنه أدخل الأشاعرة في الجمهور، ولم يميز بينهم وبين مذهب اهل السنة والجماعة!!
ثم لما ذكر ابن قدامة القول الثالث في مسألة " حكم الأشياء قبل ورود الشرع "، وهو القول بالتوقف علق بقوله (1:200) الحاشية رقم (3) بعد أن ذكر أن الغزالي ذهب إلى الوقف، وكذلك (الإمام) الرازي، والآمدي قال: وبعض الحنفية وأهل السنة والجماعة وكثير من أهل العلم ".
وانظر رعاك الله كيف نسب القول بالوقف لأهل السنة، ولم يذكر في إحالاته إلا كتب الأصول الأشعرية، ولم يذكر ما انبنى عليه قول الأشاعرة فضلا أن ينكره، بل يقرر في كتبه أن التحسين والتقبيح بالشرع.
وهذه المسألة، وهي «حكم الأشياء قبل ورود الشرع» مبنية على مسألة " التحسين والتقبيح "، ولما كان الأشاعرة يرون أن التحسين والتقبيح بالشرع فقط = كان قياس قولهم أنه يتوقف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع، ولما رجح ابن النجار الفتوحي في شرح الكوكب المنير أن حكمها الإباحة مع أنه قرر سايقاً طريقة الأشاعرة في التحسين والتقبيح = أورد على نفسه إيراداً، فقال:
«إذا تقرر هذا: فقد نقل عن بعض العلماء أنه قال: من لم يوافق المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين , وقال بالإباحة أو الحظر: فقد ناقض. فاحتاج من قال بأحد القولين إلى استناد إلى سبب غير ما استندت إليه المعتزلة , وهو ما أشير إليه بقوله (بإلهام) قال الحلواني وغيره: عرفنا الحظر والإباحة بالإلهام , كما ألهم أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما أشياء ورد الشرع بموافقتهما (وهو ما يحرك القلب بعلم يطمئن) القلب (به) أي بذلك العلم حتى (يدعو إلى العمل به) أي بالعلم الذي اطمأن به (وهو) أي الإلهام (في قول: طريق شرعي) حكى القاضي أبو يعلى في الإلهام: هل هو طريق شرعي؟ على قولين. وحكي في جمع الجوامع: أن بعض الصوفية قال به. وقال ابن السمعاني نقلا عن أبي زيد الدبوسي وحده أبو زيد بأنه ما حرك القلب بعلم يدعوك إلى العمل به من غير استدلال ولا نظر في حجة. وقال بعض الحنفية: هو حجة بمنزلة الوحي المسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. واحتج له بقوله تعالى (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) أي عرفها بالإيقاع في القلب , وبقوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) وبقوله صلى الله عليه وسلم (الإثم ما حاك في الصدر , وإن أفتاك الناس وأفتوك (فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة قلبه بلا حجة أولى من الفتوى. والقول الثاني: أنه خيال لا يجوز العمل به إلا عند فقد الحجج كلها , ولا حجة في شيء مما تقدم ; لأنه ليس المراد الإيقاع في القلب بلا دليل , بل الهداية إلى الحق بالدليل , كما قال علي رضي الله تعالى عنه: إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه.» انتهى كلامه.
2 - وانظر إلى بحثه لمسألة " تكليف ما لا يطاق شرعاً " فلا ينكر إلا أقوال المعتزلة فقط!!
3 - وفي كتاب المهذب لما تكلم عن عصمة الأنبياء، عرف العصمة بقوله:
(هي سلب قدرة المكلف عن المعصية)، وهذا تعريف أشعري جبري، ولكن الشيخ لا يميز حقيقة الفرق بين المذهبين.
وقبل أن يرفع القلم أُشهِد الله أني ما أردت إلا النصح للمسلمين، وبيان ما يمكن أن يلتبس عليهم، ولا أزعم أن الدكتور عبد الكريم النملة أشعري، لا، بل هو غير مميز لحقيقة الفرق بين أهل السنة والجماعة واشاعرة، ولهذا فهو يتابع الأصوليين فيها، وإلا فهو في الأصول الكبار لأهل السنة كالقول في صفات الرب وأسمائه، والقول في مسمى الإيمان موافق لأهل الحق والحديث.
وإني أطلب من الأخوة ممن له ملاحظة على ما ذكرت أن ينبه عليه، ومن كان قريباً من الدكتور فليبلغه ما كتبت، والله أعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
قال الحسن البصري: ما لي أرى زمانا إلا بكيت منه، فإذا ذهب بكيت عليه.
الإبانة (الإيمان) 1/ 186 (21)
ssrr31@hotmail.com
--------------------------------------------------------------------------------
آخر تعديل بواسطة ابن أبي حاتم، 28 - 06 - 2003 الساعة 09:52 AM.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/48)
ـ[الدريبي]ــــــــ[13 - 09 - 05, 11:16 ص]ـ
يأخوان اتقوا الله في الرجل ولا تساهموا في نشر الأقاويل حوله، فمن لا يعرفه أرجو أن لا يتهمه لأن الأصل في الإنسان البراءة، إلا من وازاه في العلم ورأى خطأه وأراد أن يناقشة، فأرجو منكم عدم نشر الرابط إلي مقالة "الأخطاء العقائدية في كتب الدكتور عبد الكريم النملة" ومن باب أولى عدم نشر هذا المقال.
حتى يناقش فيها الشيخ ويثبت-إن كان ثم خطأ أصلاً-،وهذا الموضوع أحسبه أكثر المواضيع انتشاراً، فيا طلاب العلم إن كنتم حريصين على تنقية مصادر العلم لكم ولغيركم، وتظنون أنكم بنشر هذه المواضيع مأجورون،فأعلموا أن عليكم أولاً تعلم التثبت من الأخبار قبل نقلها أليست هذه طريقة السلف في أخذ العلوم عامة، والأحاديث خاصة؟؟)، لا سيما إن كان كاتب الموضوع من صغار طلا ب العلم، ولم يؤتي من العلم إلا قليلا إذ ما قرناه بالشيخ عبد الكريم النملة-حفظه الله-.
سؤؤؤؤؤال: هل كانت طريقة السلف الصالح في الجرح والتعديل تشبه طريقتكم هذه.
ـ[السهيلي]ــــــــ[16 - 02 - 07, 08:34 م]ـ
أيهذا الذي يتكلم في عقائد أهل العلم، اتق الله.
ـ[العيدان]ــــــــ[16 - 02 - 07, 09:37 م]ـ
بسم الله
لقد عرفت الشيخ و جلست معه عن قرب، و لم أر فيه إلا الجد و الاجتهاد، و التواضع، و الحرص على الأفادة، و الرجوع إلى الحق، و كم من مسألة بين فيها القول الذي رجع إليه بعد أن تأمل و دقق، كما في المهذب ..
و لا أظن أنه من العدل أو الإنصاف رمي الشيخ بهذه التهمة جزافاً فربما غفل عن القول أو لازمه، فهلا كلم و روجع، و الحمد لله مكتبه في كلية الشريعة مفتوح، و جلقاته معروفة منتشرة ..
و لو كان الشيخ يتعامل مع الحاسب لقلت لا بد أن يدافع عن نفسه، لكن الشيخ لا يستخدمه إلا نادراً ..
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[19 - 02 - 07, 07:41 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا عبد الملك على نيتك الطيبة في الذب عن الأعراض
موفق مسددأ
ولا ريب في اجتهاد الدكتور النملة المنقطع النظير في أصول الفقه وخدمته وله من الإضافات فيه وتوجيه طلاب الدراسات العليا ما يذكر فيشكر وفقه الله وأعانه
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[25 - 03 - 07, 01:34 ص]ـ
نعم بارك الله فيك أخي ابو مهند النجدي فالحق لابد من تبينه للناس لكيلا ينحرف الناس عن منهج السلف الصالح ونسأل الله الهداية للشيخ عبد الكريم ولجميع المسلمين.
ـ[فلاح عمر القرعان]ــــــــ[25 - 03 - 07, 01:47 ص]ـ
الأخ يسأل عن كتب الشيخ وفقه الله وهناك من يصل الروابط لما يريده هو .. وفيها أن الشيخ أشعري!! فمن سلم من الإتهامات ولا حول ولا قوة إلا بالل
ـ[أبو منار ضياء]ــــــــ[25 - 03 - 07, 08:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد
النظر العلمي في فن من الفنون لا يلزمني ان أقحم كل شيء فيه ما لم أبين أنه منهجي وطريقتي
وإلا فحسبي أن أذكر ما يجب الاقتصار عليه
ثم ماذا لو كان أشعري!!!
هل لا خير فيه، أو هو في النار، أو، أو
خذ ما نفع واحذر أن ينطحك بقرنه
وليبقى حبه واحترامه تقديرا لما صنعه من خدمة العلم وأصول الفقه خاصة
ولله هو من رجل " ولو كان أشعريا " أو معتزليا "
" يغلق الملف "
ودمتم سالمين(106/49)
شرح كتابِ (قواعد الأصول ومعاقد الفصول) لصفي الدين عبدالمؤمن البغدادي -رحمه الله-
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[22 - 02 - 05, 01:01 ص]ـ
الحمدلله رب العالمين و أصلى وأسلم على أشرف الرسل والخلق أجمعين نبينا محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين و بعد.
فإن العلوم مدارك، والفهوم مسالك، والفقه منازل ومدارج.
وطبائع العلوم مركبة كما هي تراكيب الجسوم فمنها بعيد القعر شديد القر، ومنها سهل الأخذ يسير الدرك، ومنها متوسط الحال بين الصفين ومفترق أمره بين الصنفين.
ومنها ما يحصل من تركه فوت لشرط الاجتهاد والفقه في دين الله ومنها ما هو مكمل محسن لايضر تفويته وينفع صاحبه تحصيله.
وإن علم الأصول منها بمنزلة الرأس فبه يثقب الفقيه نظره في المسائل وبطريقه يستنبط لطيف العبارات والدلائل، ومن خلاله يضبط المتفقه فهمه فلا يطيش، و على أرضه يتراجع المتناظرون واليه يحتكم المتنازعون.
ولما كان هذا حاله وجب ضبطه وإتقانه، ومن مسالك تحصيله ودرجات تكميله، مراجعة متونه ومعاينة كتبه و أصوله.
وهذا مختصر من مختصرات هذا الفن دقيق الاشارة رشيق العبارة وهو الموسوم بقواعد الأصول ومعاقد الفصول.
أما المُصنف:
فهو (عبدالمؤمن بن عبدالحق بن عبدالله بن علي بن مسعود) المتففن الفقيه الحنبلي، قال عنه ابن رجب في الذيل: (كان ذا ذهن حاد وذكاء وفطنة وكتب الكثير بخطه الحسن الحلو المليح وكان عنده خميرة جيدة من أول عمره في العلم).
ولد رحمه الله سنة 658هـ وتوفى سنة 739 هـ.
ومن مصنفاته كتاب تحقيق الأمل في علم الأصول والجدل وأختصر منه كتابه هذا، و كتاب شرح المحرر وقد ارسله الى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يسأله عن مسائل فيه.
و اختصر جملة من الكتب: قال في الشذارت: (واختصر الرد على الرافضي للشيخ تقي الدين بن تيمية في مجلدين لطيفين واختصر معجم البلدان لياقوت وله غير ذلك وخرج لنفسه معجماً لشيوخه بالسماع والإجازة نحواً من ثلثمائة شيخ وسمع منه خلق كثيرون وله شعر رائق منه:
لا ترج غير اللّه سبحانه * واقطع عرى الآمال من خلقه
لا تطلبن الفضل من غيره * واضنن بماء الوجه واستبقه).
أما المصنَف: فهو مختصر في علم أصول الفقه و من سمات هذا المختصر:
1 - أنه يشبه ان يكون مختصرا لروضة الناظر لابن قدامة وهذا بين جلي و ليس من حرج أن يعد من مختصرات الروضة.
2 - حسن سبك الكتاب عدا بعض المواضع (وسيأتي الاشارة اليها) وجريانه في الترتيب والتبويب على طريقة ابن قدامة حتى انه تبعه رحمه الله في بعض الوهم كما سيأتي بيانه بأذن الله.
3 - دقة عباراته رحمه الله وجودة تعاريفه المنتقاة.
أما الشرح:
فهو على طريقة التوسط قدر الامكان ومن سماته التى قدر الاستطاعة سوف اسلكها:
1 - زيادة البسط في المواضع التى يحتاجها المتفقه بخلاف المواضع التى لايحتاجها.
2 - كل مسألة يذكرها فسوف أذكر ثمرتها في الاحكام، وهذا وإن كان غير مرضى عند أهل الأًصول لأنهم ينظرون الى علم الأصول من حيث هو دون علاقته بعلم الفروع. الا اني احسب ان نفع الشرح يكون أعم اذا احسن المتفقه تطبيق الاصول على الفروع. وسوف اذكر ثمرة واحدة من الفروع لكل مسألة. وهذا يحرك العقل ويربط بين الأصل والفرع.
3 - سوف أشير الى بعض الأوهام التى تبع فيها المصنف ابن قدامة رحمهم الله.
4 - سيكون شرحا وتحقيق نسخة إذ ان الأصل المعتمد عليه في الشرح هو النسخة الخطية وسيأتي تفصيله.
النسخ المعتمدة في الشرح:
النسخ المطبوعة لهذا الكتاب كثيرة منها نسخة الشيخ احمد شاكر ونسخة الشيخ القاسمي.
ثم طبعة الشيخ على عباس الحكمي.
ثم طبعة دار الفضيلة (وليست معتمدة على نسخة خطية).
وقد قارنت بين هذه الطبعات في مجالس صيف العام الماضي مع بعض الأخوة إبان قرائتنا للكتاب ومدارسته. فوجدنا ان كل واحدة منها غير سالمة غير ان طبعة الشيخ الحكمي اسلمها.
أما طبعة دار الفضيلة ففيها أكثر من سقط سيتم الاشارة اليه في موضعه وسيتم الاشارة الى الاخطاء الموجودة في نسخة الشيخ الحكمي حتى يصحح من عنده نسخة نسخته.
وأما الأصل الذي سوف اعتمد عليه في الشرح فهي النسخة الخطية الوحيدة المعروفة للكتاب (وهي التى اعتمدها ايضا الشيخ الحكمي).
هي نسخة المكتبة الظاهرية ورقمها (2873) و مكتوب على طرتها (المحل مدرسة ابي عمر الصالحية) انتهى.
وهي المدرسة االشهيرة والتى يحسن ان تكون جامعة الحنابلة في ذلك العصر.
وهذا و الاعتذار أقدمه بين يدي هذا المزبور، و إرفقه أمام هذا المكتوب، ويعلم الله ان من بواعث كتابة هذا الشرح تلقى النصح، و التصحيح لما قد يزل به الفهم ويذهل عنه القلب.
ثم السؤال للحكيم الحميد بأن يتتم نعمه، ويعن العبد على شكره، فهو محتاج الى الاعانة أشد الحاجة، مفتقر الى رحمة مولاه أشد الافتقار، منطرح بين يديه شديد الانكسار، راجيا ان تغفر زلاته، وتمحى حوباته وتقبل أوباته.
والله الموفق ولارب سواه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/50)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[26 - 02 - 05, 12:17 ص]ـ
قال المصنف رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله على إحسانه و إفضاله كما ينبغى لكرم وجهه وعز جلاله وأصلى وأسلم على نبيه المكمل بإرساله المؤيد في أقواله وأفعاله وعلى جميع صحبه وآله.
هذه (قواعد الأصول ومعاقد الفصول) من كتابي المسمى بتحقيق الأمل مجردة عن الدلائل من غير إخلال بشئ من المسائل تذكرة للطالب المستبين وتبصرة للطالب المستعين وبالله أستعين وعليه اتوكل وحسبي ونعم المعين.
أصول الفقه: معرفة دلائل الفقة اجمالا، وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد، وهو المجتهد.
والفقه لغة: الفهم.
واصطلاحا: معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد.
والأصل: مايبنى عليه غيره فأصول الفقه أدلته التى يبنى عليها.
والغرض منه: معرفة كيفية اقتباس الاحكام (من) و الأدلة وحال المقتبس وذلك ثلاثة أبواب:
__________________________
قال رحمه الله: (هذه قواعد الأصول ومعاقد الفصول من كتابي المسمى بتحقيق الأمل) وهذا من لطيف عبارة الشيخ - رحمه الله - حيث أنه جعل أسم الكتاب بمعنى الوصف له، في إشارة الى ان هذا الكتاب هو قواعد الأصول من كتابه - تحقيق الأمل - ومعاقد فصوله، فجعل الأسم لقبا على الكتاب ووصف له.
(مجردة عن الدلائل من غير إخلال بشئ من المسائل) بين فيه نهجه وسبيله في هذا الكتاب وهو ان يجعله مجردا عن الدلائل ثم بين العلة في هذا الفعل بقوله: (تذكرة للطالب المستبين وتبصرة للطالب المستعين) أي تذكرة للطالب المتقدم المستبين المنتهي و بداية وتبصرة للطالب المبتدي المستعين.
وهذه وظيفة المختصرات:
1 - ان تكون أول ما يدرس الطالب المبتدي لانه يعسر عليه الخوض في الطوال من التصانيف لتشعب مسائلها وكثرة استطراداتها والمبتدي في غالب حاله جاهل بأصل المسائل غير متصور لمواطن النزاع فيها فيحتاج الى مختصر يجنبه شقائق الاختلاف ومواطن النزاع، ويعرض له أصول العلم ومجامعه.
2 - تذكرة للطالب المنتهى يراجع فيها ضبطه ويكمل فهمه فأن المسائل اذا تشعبت شتت الذهن وشغلت القلب فيراجع المختصر تذكرة وربطا للاصول مع ما حصل من المسائل فيكون كالتكميل والترسيخ لما في ذهنه من المسائل.
(أصول الفقه: معرفة دلائل الفقة اجمالا، وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد، وهو المجتهد).
ابتدء بتعريف هذا الفن ومعنى هذا العلم حتى يكون الطالب على بصيرة بما يطلب ومعرفة لمعنى ما يدرس ويحفظ.
جرى غالب أهل الأصول على ذكر نوعين من تعريف علم الأصول:
الاول: أن يعرفوه باعتباره مركب من جزئين: (أصول) و (فقه) فيذكروا معنى الأصول وهي أصل الشئ كأصل الشجرة وأصل النسب، ثم يذكروا معنى الفقه على الاصطلاح (كما سيأتي).
الثاني:أن يعرّفوه بأعتباره (لقبا) و - علَماً - على هذا العلم.
ثم بدأ تعريف (أصول الفقه) على انه علَم ولقب فعرفها باعتبارها مفردا وهذا التعريف هو الذي ينبغى للطالب ضبطه وفهمه في كل الحدود، لأنه انفع للطالب فالطالب محتاج الى معرفة معنى (أصول الفقه) اللقبي أكثر من معرفته لأفراد التركيب.
فلو قيل له ما (أصول النحو) وهو عالم بمعنى (أصول) و (نحو) لم يحصل له معرفة معنى اللقب بخصوصه عند أهل الفن، وأنما يحصل له تصور كلي تحصله من معرفة معنى (أصول) و (نحو).
ولذلك أكتفى بعض المصنفين في هذا الفن بذكر تعريف أصول الفقه باعتباره لقبا دون ذكر معنى أفراده على اعتبار استقلاله بكونه علما لاينظر الى أجزاءه ومن هؤلاء البيضاوي، ومن حججهم في ذلك ان مصطلح أصول الفقه لما صار علما على هذا الفن وجب تعريفه من هذه الجهة دون النظر الى أجزاءه باعتباره لفظ مفرد لايدل جزءه على جزء معناه، وهذا الاطلاق فيه نظر إذا لايتساوى المركب وان كان علما ولقبا مع اللفظ المفرد الذي لايدل جزءه على جزء معناه.
(معرفة دلائل الفقه إجمالا) قوله إجمالا يخرج الادلة التفصيلية لأن ادلة الاحكام على قسمين:
إجمالية و تفصيلية. أما التفصيلية فهي كقول الله تعالى: (أقيموا الصلاة)، وكقوله تعالى: (ولا تلقوا ايديكم الى التهلكة) وغيرها من الادلة التى تدل على أحكام خاصة (معينة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/51)
أما الادلة الاجمالية فهي التى لاتتعلق بحكم معين بل يقرر الدليل دون النظر الى الحكم الذي يندرج تحته.
فالأصولي يبحث في الدليل وصورته وطريقة الاستدلال به واحكامه كبحثهم في أول الأدلة وأعظمها وهو: الكتاب محكمه ومتشابهه و حكم آيه وسوره، ودليل القياس حجيته واحكامه وشروطه وطرائقه وعلله، والبرهان واحكامه واشكاله، وكذلك دقائق الادلة ومتعلقاتها كالناسخ والمنسوخ وكيفية معرفة الناسخ من المنسوخ .. الخ
فيأتي الفقيه ويحتج بالقياس على مقتضى القواعد التى أصلها أهل الأصول فوظيفة الفقيه تطبيق هذا الدليل أما بحثه وحجيته فوظيفة الأصولي.
والأصولي يبحث ايضا في الأحكام الكلية دون الجزئية، كالصحة والبطلان و والوجوب والتحريم.
أما تطبيقها على المسائل والفروع وعلى حوادث الناس فوظيفة الفقيه ايضا.
(وكيفية الاستفادة منها) أي أن علم الأصول يبحث الادلة من حيث هي ثبوتا وعدما، ثم كيفية الحكم بها فيبحث حكم القياس وحجيته واركانه ثم كيفية المقايسة به. وليس المقصود به تطبيقه على الفرع بل المقصود استنباط الحكم الكلي من الدليل الشرعي. لآن تطبيقه على الفروع من وظائف الفقهاء.
(وحال المقتبس وهو المجتهد) أي حال المستدل وقوله (وهو المجتهد) يخرج المقلد لأنه لايطالع الأدلة ولايستنبط منها وقد نقل الاجماع غير واحدا من أهل العلم على أن المقلد لايستحق لقب فقيه.
ولو وقف وقف على الفقهاء فأن أرجح الاقوال ان المقلد لاينتفع بهذا الوقف.
(والفقه لغة: الفهم) والعلم بالشئ والفطنة له.
قال ربنا: (فما لهؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا) وقال سبحانه وتقدس حكاية قوم شعيب (ما نفقه كثيرا مما تقول).
وقيل معرفة مراد المتكلم ومنه قولك: (فقهت كلامك) - ذكره السمعاني واختاره الرازي -، وقيل الفهم الدقيق.
والتحقيق أن الفقه يطلق على هذه المعاني وليس واحد منها مختص بحقيقته دون الآخر، فمطلق الفهم هو: (فقه لمعنى الكلام) وهذا الفقه على درجات كما ان الفهم على درجات وقد يقال للرجل فَهِمٌ أي سريع الفهم على سبيل التمدح.
(واصطلاحا: معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد)
هذا التعريف الاصطلاحي للفقه: فقوله احكام الشرع خرج بها أحكام العقل كأن الواحد نصف الأثنين، و أحكام الحس كمعرفة ان النار محرقة، وقوله معرفة ما يتعلق بافعال العباد من الاحكام وهذا يخرج ما يتعلق باعتقادات العباد لأن محلها علوم العقيدة.
ومثاله معرفة حكم الصلاة أو معرفة حكم مسألة في البيع.
(والأصل: مايبنى عليه غيره فأصول الفقه أدلته) الأصل في اللغة يطلق على معاني منها ما ذكره المصنف من أنه الشئ الذي يبنى عليه غيره ويسمى (الفرع).
كأصل الشجرة وفرعها. قال ربنا: (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء). وأصل الدار أي أساسه.
ويدخل فيه البناء المعنوى كأصل الحكم أي دليله، وقيل من ظهر منه الشئ كالأب (أصل) والولد (فرع) ومنه أصل النسب (وقد يجتمعان كما في الآية السالفة) وهذا الذي عرّف به البزدوي الأصول كما في الحجج الشرعية إذ قال: (فأن أصول الفقه هذه الاشياء الثلاثة (1) سميت أصول فقه لأن الفقه فيها).
ويراد به منشأ الشئ كقولهم أصله من كذا للمصنوع او الغريب.
والغرض منه: معرفة كيفية اقتباس الاحكام (من الأدلة وحال المقتبس (2).
الغرض من أصول الفقه معرفة كيفية أقتباس الأحكام و استنباطها من الأدلة وهو المقام العظيم الذي شرف به هذا العلم، لأن أصول الفقه ميزان الفهم و ضابط الاستنباط.
والفقه علم تتجدد مسائله و تتكاثر فروعه فهو محتاج الى أصول تضبط فهم الفقيه فلا يزل، و تعرفه مواطن الخطل فلا يضل، والفقه ايضا محتاج الى أصول يتراجع اليها المتخالفون ويتحاكم اليها المتنازعون.
قال السمعاني رحمه الله: (ولأن علم الفقه علم على منهج الازدياد لأنه العلم بأحكام الحوادث و لاحصر ولاحد للحوادث ولا حصر ولاحد للعلم بأحكامها ومواجبها .... وما يشبه الفقيه إلا بغواص في بحر فكلما غاص في بحر فطنته استخرج درا وغيره يستخرج آجرا) (3) انتهى.
وفي علم الأصول وزن للكلام الصحيح من المدخول، و فيه إعانة للفقيه على دقة الاستباط و أستلال دقائق المعاني و لطيف الاحكام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/52)
* هل معرفة أصول الفقه شرط للاجتهاد؟
ذهب أكثر أهل العلم الى هذا وقد نص الشافعي على ان بعض مباحثه من شروط الاجتهاد كما في الرسالة وابطال الاستحسان ومعرفة اختلاف الحديث وغيرها وقد ذكر منها معرفة الناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد وغيرها من مباحث علم الأصول.
وقد كانت أصول الفقه سجية عند اصحاب رسول الله ومن تابعهم من فقهاء التابعين ثم تقدم الدهر وظهرت الحاجة الى صناعة مبسوط في الأصول يضبط كلياته ويعين على معرفته أساسته فصنف الشافعي رسالته.
والتحقيق في هذا المقام أن من مباحث أصول الفقه ما هو من شروط الاجتهاد كمعرفة الناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد والعام والخاص ... وغيرها.
ومنها ما هو مكمل ليس بواجب ان يعرف، و لا بلازم ان يبحث، غير ان فيه نفعا وتقرير أفهام.
ومنها ما هو دخيل ليس من علم الأصول وبعضها نشأ من ظهور بعض الاعتقادات كالحسن والقبح وشكر المنعم وغيرها مما الحق بعلم الأصول، وسنبين بأذن الله تعالى كل مسألة وموقعها من هذه الاقسام الثلاث و ما كان أصله من كلام أهل الزيغ والضلال من بعض الفرق والمذاهب الشذاذ.
(وحال المقتبس) أي حال المستدل وهو المجتهد كما تقدم، فيبحث علم الأصول في أحكامه وشرائطه وصفاته. وانما بحث حاله لتعلق علم الأصول به إذ هو المقتبس وهو المقرر لهذه الادلة الكلية، ثم بحثت بالتبع احكام الاجتهاد والتقليد فيما ستراه مفصلا في بابه بأذن الله.
___________________________________________
(1) أي الكتاب والسنة والاجماع.
(2) هكذا هو في طبعة الحكمي ودار الفضيلة (كيفية أقتباس الأحكام و الأدلة) وكذلك هو في النسخة الخطية باثبات الواو وفي النفس من هذا شئ إذ أن فائدة أصول الفقه هي أقتباس الأحكام (من) الأدلة، وليس من فائدة اقتباس الادلة.
ومما يقوى هذا أنه هكذا في روضة ناظر و أصله (المستصفى) باثبات (من) والروضة هي أصل هذا المختصر.
على أن الأصل الخطي صحيح وقد صححه المصنف وقرئ عليه وفيه إثبات الواو.
(3) قواطع الادلة.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[27 - 02 - 05, 01:35 ص]ـ
الباب الأول
في الحكم ولوازمه: الحكم قيل فيه حدود أسلمها من النقض والاضطراب أنه قضاء الشارع على المعلوم بأمرما نطقا أو استنباطا.
_____________________________
أصول الفقه تدور على أربعة أمور أو (أقطاب) كما سماها الغزالي، قال رحمه الله في أول المستصفى: (الأحكام ثمرات وكل ثمرة فلها صفة وحقيقة .. ولها مستثمر وطريق في الاستثمار فالثمرة هي الأحكام والمثمر هي الادلة وطرق الاستثمار هي وجوه الدلالة والمستثمر هو المجتهد).
لكن المصنف رحمه الله جعل كتابه يدور على ثلاثة منها وهي الحكم، و الادلة، والمستدل كما قدم في أول مختصره.
فالأول: الحكم (كالوجوب والاستحباب والتحريم والكراهة) فيبحثها علم الأصول ويبين انواعها واقسامها وحكم كل واحد منها وحده.
و الثاني: الأدلة كالكتاب والسنة والاجماع والقياس وتوابعها.
والثالث: حال المقتبس وهو (باب الاجتهاد والتقليد واحكامها).
ابتدء رحمه الله بالباب الأول وهو الحكم فقال:
(في الحكم ولوازمه) قوله ولوازمه أي لوازم الحكم لأن أي حكم كان يلزمه ثلاثة أمور:
1 - حاكم.
2 - ومحكوم عليه.
3 - ومحكوم به أو فيه.
وسيأتي ذكر كل واحد من هذه المتعلقات والمصنف رحمه الله لم يذكر الأمر الثالث وهو المحكوم به وسياتي ذكره ان شاء الله.
الحكم
الحكم في اللغة بمعنى المنع وقيل هو القضاء وهو عائد الى المنع وهو مقتضى أحرف (ح ك م) والتى تفيد المنع في تصاريفها فحكم القاضي يمنع من تمام التصرف، ومنه حكمت أمري أي منعته مما يضره وضبطته، ومنه الحكمة وهي احكام العقل و وضع الامور في نصابها، وقيل لموضع اللجام من الفرس حكمة لانها تمنع الفرس وتحكمه وتجريه على مراد صاحبه.
أما في الفقه فالحكم عند الفقهاء هو (المحكوم به) كالوجوب هو حكم الصلاة و التحريم حكم الربا والاباحة حكم الطيبات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/53)
ولتوضيح الفرق بين معنى الحكم عند الفقهاء ومعناه عند أهل الأصول (كما يأتي) ففي مثل قوله تعالى: (أقيموا الصلاة) فهذا الخطاب (أقيموا) هو الحكم عند أهل الاصول، و وجوب إقامة الصلاة هو الحكم عند الفقهاء فالحكم عند الفقهاء (هو أثر الحكم عند أهل الأصول لا ذات الحكم).
وعند المناطقة الحكم هو إثبات النسبة في التصديق كقولك: (الأسد مفترس) فاثبات النسبة بين الأسد والأفتراس هو الحكم عند المناطقة، ويأتي تفصيلة في باب البرهان على مقتضى الصناعة المنطقية بأذن الله تعالى.
(فيه حدود) الحد في في اللغة بمنعى المنع ومنه سمى الحداد حداد لانه يصنع ما يمنع كالابواب والدروع وسمى حارس الباب حداد لانه يمنع من في خارجه من الدخول فيه، وسمى حد الارض اي موضع الملك منها.
والحدود على تناويع وأقسام يأتي ذكرها بأذن الله في باب البرهان، وهو هنا بمعنى الرسم، أي التعريف.
(أسلمها من النقض والاضطراب أنه قضاء الشارع على المعلوم بأمرما نطقا أو استنباطا) تعاريف الحكم الشرعي من جهة الاصطلاح كثيرة جدا غير ان هذا التعريف في ظاهره ليس بسالم و لادقيق، فقوله قضاء الشارع على المعلوم يشمل الجماد وغيره كقوله تعالى: (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) فهذا قضاء على معلوم بأمر ما نطقا، ومعلوم ان هذا غير داخل في معنى الحكم عند أهل الاصطلاح، وهذا على اعتبار ان مقصوده بقضاء الشارع اي طلبه، أما لو قلنا انه مطلق القضاء أي الحكم لصار الأمر اوسع وضعف معنى الحد جدا.
غير ان هذا التعريف فيه متحرزات لطيفة فقوله (نطقا أو استنباطا) ليشمل غير المنصوص عليه من الاحكام المستنبطة والتى تؤخذ بطريق باقي الادلة كالقياس و والاجماع أو الاستصحاب.
وقوله (على المعلوم) يخرج المجهول لأن من شروط التكليف العلم.
أما التعريف المختار فهو تعريف جمهرة اهل الأصول وهو أن الحكم: (خطاب الشارع المتعلق بالمكلف من حيث أنه مكلف به) أو (خطاب الشارع المتلعق بالمكلف بالاقتضاء والتخيير والوضع).
وقلنا أنه خطاب الشارع تحرزا من الخلاف في حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم هل هو مشرع او مبلغ مبين.
أما المتعلقات الاعتقادية:
فهو التنبيه على ان كثير من أهل الأصول اذا شرح المعنى، عرّف الخطاب بأنه الكلام الازلي، ومنهم القرافي والسبكي كما في جمع الجوامع والاسنوي.
وهذا مخالف لاعتقاد أهل السنة والجماعة في معنى الكلام وان الكلام (آحاده) من الصفات الفعلية (الحادثة) أما أصل الصفة فهي ازلية وهي من الصفات الذاتية التى لاتنفك عن الباري سبحانه.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[27 - 02 - 05, 03:01 م]ـ
الحاكم الحاكم هو الله سبحانه لاحاكم سواه.
______________________
(الحاكم هو الله سبحانه لا حاكم سواه) قال سبحانه: (إن الحكم الا لله يقص الحق) وقال سبحانه: (له الحكم واليه ترجعون).
فالحاكم هو الله سبحانه لاحاكم الا هو عليه وقع إجماع المسلمين.
المتعلقات الاعتقادية:
يبحث أكثر أهل الاصول مسألة التحسين والتقبيح عند الكلام على هذا الباب وهو الحاكم وبعضهم يجعله في باب الحكم على اعتبار عدم افراد باب الحاكم، وأكثر الحنفيه يجعلون المسألة في باب المأمور به.
وينقلون خلاف المعتزلة مع الاشاعرة وأهل السنة مع الطائفتين في هذا الباب، وينسب كثير من الناس الى المعتزلة قولهم بأن العقل (حاكم) وهذه النسبة فيها نظر وقد يقال ان من مقتضى قولهم بمطلق التحسين والتقبيح هذا القول، فبعض المعتزلة قد يلزم من قوله جعل العقل حاكما كما قول النظام بجواز نسخ حكم العقل للخبر، غير ان لازم القول لايستوى مع صريحه.
قال في مسلم الثبوت: (لاحكم الا من الله بإجماع الأمة لا كما في كتب بعض المشايخ أن هذا عندنا، وعند المعتزلة أن الحاكم هو العقل، فإن هذا مما لايجترئ عليه أحد ممن يدعي الاسلام بل أنما يقولون: إن العقل معرف لبعض الاحكام الالهية سواء ورد به الشرع أم لا، وهذا مأثور عن أكابر شيوخنا أيضا ثم أنه لابد لحكم الله تعالى من صفة حسن أو قبح في فعل لكن النزاع في أنهما عقليان أو شرعيان) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/54)
وذكر الزركشي (أن أهل الاصول الناقلين لهذه المسألة قد أحالوا المعنى ونقولا عن المعتزلة ما لاينبغى لقائل أن يقول به).
تحرير المسألة بين المعتزلة (وبعض الحنفية) والاشاعرة:
أكثر المتقدمين من الطائفتين على أن محل النزاع بينهما في (هل الحسن والقبح صفات ذاتية للفعل؟).
فالشرع عند المعتزلة كاشف لها، أم انها لم تصبح حسنة او قبيحة الا بحكم الشارع وهذا مقتضى قول الاشاعرة.
وذهب كثير من المتأخرين الى ان النزاع هو في اقتضاء الافعال الحسنة والقبيحة الثواب والعقاب (أو المدح شرعا والذم شرعا).
قال الشوكاني رحمه الله في الارشاد: (ومحل النزاع كما أطبق عليه جمهور المتأخرين وإن كان مخالفا لكا كان عند كثير من المتقدمين هو كون الفعل متعلق المدح والثواب والذم والعقاب آجلا ام عاجلا).
والاظهر ان النزاع واقع في المسألتين.
والمسألة ذكر لها بعض أهل العلم ثمار في الفروع غير ان هذه الثمار قليلة غير ظاهر أثر الخلف فيها.
ولذلك نكتفى بذكر مذهب محققي أهل السنة والجماعة في هذه المسألة وقد وافقهم بعض المتأخرين من الاشاعرة والحنفية مع اختلاف في ذكر القول، فأن جبر الاشاعرة جعلم يضطربون في هذه المسألة، ولذلك تعددت اقوالهم حتى صار قول الاشاعرة اضعف من قول المعتزلة ولاعليك ان اردت ان ترد على الرازي في مسلكه في المحصول الا ان تقرأ نقض الامدي لهم وكلاهما اشاعرة وان اردت ان ترد على الامدي فتنقضه بقول الجويني الذي تابعه فيه ابن الحاجب وجماعة ويقال ان اصله قول الباقلاني.
تنبيه:
يكثر كثير من أهل الاصول ذكر تقسيم الاقوال (في مسألة الحسن) الى ثلاثة ويذكرون الوفاق على اثنين منها بين المختلفين وينصون على اعتبار الثالث محل النزاع وعند التأمل تجد ان لا الاول ولا الثاني خارج عن محل النزاع.
والاثنان هما:
1 - الحسن بمعنى ملاءمة الطبع والقبح بمعنى عدم ملائمته.
2 - الحسن بمعنى صفة الكمال فيوجب المدح في الدنيا والقبح خلافه.
وقد وقع في هذا الامر كثير من الناس ومن أول من ذكره الغزالي وذكره ابو النور زهير والشوكاني بل حتى بعض أهل السنة المعاصرين ممن كتب في هذا الموضوع (وبعضها رسائل عالمية عالية!).
وهذا الأمر ليس بدقيق.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض صحيفة رقم 22 من المجلد الثامن:
(فأن الطائفتين اتفقوا على أن الحسن والقبح باعتبار الملائمة والمنافرة قد يعلم بالعقل والملائمة تتضمن حصول المحبوب المطلوب المفروح به والمنافرة تتضمن حصول المكروه المحذور المتأذى به.
وهذا الذي اتفقوا عليه حق لكن توهموا بعد هذا أن الحسن والقبح (الشرعي) خارج عن ذلك وليس الأمر كذلك بل هو في الحقيقة يعود الي ذلك لكن الشارع عرف بالموجود وأثبت المفقود فتحسينه اما كشف وبيان وإما اثبات لأمور في الأفعال والاعيان ........ الخ كلامه النفيس يرحمه الله).
وبالجملة فمذهب أهل السنة والجماعة أن الحسن والقبح من الصفات الذاتية في الافعال غير ان ما يظهر حسنة وقبحه للعقل والفطرة فأن علته معلوم وما يثبت حسنة وقبحة بطريق الشرع قد تجهل الحكمة منه، وأن ثبوت الحسن والقبح لايلزم منه ثبوت الثواب والعقاب.
والمسألة طويلة الذيول والكلام فيها عريض والمصيب فيها قليل والسبب دواخل الاعتقاد الباطلة من نفى التعليل والحكمة عن افعال الله سبحانه والقول بالحبر في افعال العبد ولو سلمت عقول الناس وتلقوا دينهم على فهم خير الناس اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما ظهر النزاع اصلا، ولله لأمر من قبل ومن بعد.
ومن المسائل الاعتقادية التى يذكرها أهل الاصول في هذا الباب مسألة شكر المنعم وهي فرع من هذا الاصل وهو التحسين والتقبيح ونعرض صفحا عن ذكرها لان فيما ذكر آنفا كفاية بأذن الله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[27 - 02 - 05, 10:53 م]ـ
ورسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ ومبين لما حكم به.
______________________________
(رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ ومبين لما حكم به) وهل يحكم عليه الصلاة والسلام هذه المسألة وقع فيها الخلاف بين أهل العلم وهي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/55)
هل رسول الله صلى الله عليه وسلم (مشرّع) أم مبلغ ومبين؟ أما جوازه عقلا فقد نقل الاجماع عليه وهو غير ممتنع وانما وقع الخلف في جوازه من جهة الشرع فأذا قيل (الشارع) فهل يشمل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قولان لأهل العلم أختار المصنف أنه مبلغ وهو مروي عن الامام أحمد وهو قول الجمهور ومن حججهم قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى) وروى عنه القول بجوازه وهو القول الثاني في انه مشرّع. (راجع مسودة ال تيمية صحيفة رقم 914).
والقول الثالث وهو فرع عن الثاني أنه عليه الصلاة والسلام له أن يجتهد ويشرع ولكن لايقر على بعض الاجتهاد لانه قد عوتب عليه الصلاة و السلام في بعض المواطن كما في الكتاب، فما أقر عليه من الاجتهاد فهو تشريع ودليل ه الاقرار، وأختار هذا القول الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله.
وأحتج رحمه الله بأدلة منها حديث عبد الله بن جحش عند أحمد: (أن رجلا قال يا رسول الله ما لي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: الجنة. فلما ولى قال: إلا الدين سارني به جبريل آنفا).
فجبريل عليه السلام أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا القيد والرسول ابتداء بذكر الحكم من عنده إذ لو كان بوحي لما ساره جبريل علهي السلام بعد حكمه، في رد على احتجاج من احتج بقوله عليه الصلاة والسلام إن روح القدس القى في روعي)، والحقيقة ان هذا الاستدلال يحتاج الى تأمل لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بما شرعه الله ثم اتاه تقييد من الشارع وهو بمثابة النسخ وهذا لايفيد جواز الاجتهاد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بحكم الله الذي ذكره الله في كتابة ثم جاءه التقييد.
لكن قد يستقيم الاستدلال باجتهاده عليه الصلاة والسلام في غيرما واقعة كما في آسارى بدر.
ثم وقع الخلاف في وقوع هذا منه عليه الصلاة والسلام، و الخلاف في المسألة ثمرته ضعيفة وقد ذكر بعض أهل العلم له ثمارا لا نذكرها لان شرطنا ذكر ما ينتفع به الفقيه على التحقيق لاما يدخله التكلف، ولهذا لما تكلم الشافعي عليها غي الرسالة قال رحمه الله: (وأي هذا كان فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله ولم يجعل لاحد من خلقه عذر بخلاف أمر عرفه من أمر رسول الله .... فهي كذلك أين كانت ولايختلف حكم الله ثم حكم رسوله بل هو لازم بكل حال) انتهى.
* وقد يقول البعض ان كلام الشافعي رحمه الله انما هو واقع على ما كان من سنته عليه الصلاة والسلام مبينا في الكتاب وبين ما ليس في كتاب الله من سنته وهذا يختلف عن اجتهاده فنقول الأمر فيه على جادة واحدة و الكلام شامل لهذا وهذا.
والخلف السالف ذكره انما هو فيما كان من أمر الشرع أما ما كان من أمر الدنيا فلا وقد نقل الاجماع على جوازه والسنة والكتاب ناطق به.
قال في شرح الكوكب المنير: (ويجوز اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في أمر الدنيا قال ابن ملفح إجماعا ويجوز اجتهاده ايضا في أمر الشرع عقلا وشرعا عند اصحابنا والأكثر وعزاه الواحدي الى سائر الانبياء قال: ولاحجة للمانع في قوله تعالى: (إن اتبع ما يوحى الى فأن القياس على المنصوص بالوحي: اتباع للوحي ومنعه الأكثر من الاشعرية والمعتزلة وقال القاضي: أنه ظاهر كلام احمد في رواية ابنه عبدالله).
وهذه المسألة متعلقها بمبحث الاجتهاد أكثر و بسطها في موضعها احكم. وللمصنف كلام هناك يذكر ويبحث ان شالله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[03 - 03 - 05, 05:10 م]ـ
المحكوم عليه
والمحكوم عليه الانسان المكلف
_______________________________
(والمحكوم عليه الانسان المكلف) اي المحكوم عليه بالحكم الشرعي فيخرج غير الانسان كالملائكة في تكليف الله تعالى لهم بالسجود (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا) وغيرهم كالجمادات فهي ليست مكلفة وان وقع عليها الأمر (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) فالمكلف عند الفقهاء وأهل الاصول هو الانسان، وليس هو كل انسان بل نوع مخصوص منه كما سيأتي تفصيله بأذن الله.
ولصحة التكليف شروط بعضها متعلق بالمكلف، وبعضها متعلق بالمكلف به، وبعضها متعلق بالتكليف نفسه.
أما الشروط المتعلقة بالمكلف وهو الواقع عليه الامر (الانسان) فهي:
اولا: أن يكون عاقلا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/56)
فيخرج المجنون فليس بمكلف فقد ارتفع عقله، والصبي غير المميز فعقله ناقص جدا، فيلحق بالفاقد (المجنون) ولأن المجنون قد يكون معه أصل عقل ونوع تمييز (بمعنى الفطرة) يعلم فيه بجوعه وعطشه ويطلب ويظهر بعض الذي يرغب ولكنه لايصل الى درجة المغفل،وليس المقصود مطلق التمييز إذ هذا حاصل للبهائم فأنها تفرق بين ما يضرها وما ينفعها بالتجربة وهي تشتهى اكلا معينا وتعاف آخر، وانما المقصود خصوص التمييز بمعنى فهم الخطاب ورد الجواب.
فيستوى الصبي غير المميز والمجنون في ارتفاع العقل مع وجود أصله والنائم فقد غيب عقله فيلحق المغيب عقله بالمرتفع عنه عند بعض أهل العلم كما يأتي رده.
ثانيا: أن يكون بالغا:
والبلوغ معلوم فيخرج الصبي المميز غير البالغ ويشبه الصبي المميز المغفل شديد الغفلة وهذا يجري فيه خلاف يأتي ذكره بأذن الله.
* وذهب بعض أهل العلم الى أن شرط العقل لايصح الا اذا قرن بفهم الخطاب، وهو مذهب اصحابنا والجمهور قال الطوفي في شرح المختصر: (أي أن يكون عاقلا يفهم الخطاب ولابد منهما جميعا إذ لايلزم من العقل فهم الخطاب لجواز أن يكون عاقلا لايفهم الخطاب كالصبي والناسي والسكران والمغمى عليه فإنهم في حكم العقلاء مطلقا أو من بعض الوجوه وهم لايفهمون). اهـ
وذهب أكثر أهل (الكلام) الى ان المرفوع عنه عقله والمغيب عنه ليس بمكلف والحجة عندهم في العقل والنقل، أما العقل فأنهم قالوا هذا الذي وصفتموه بانه مكلف كالمغمي عليه لاتوجبون عليه الفعل والكف في حاله تلك، ولايملكه أصلا حال غياب العقل! وانما اوجبتم عليه القضاء بعد عود عقله وهذا ليس بمعنى التكليف بل هو بمعنى تجدد الامر فكأنه وقع عليه التكليف بعد الافاقة، واما النقل فقوله عليه الصلاة والسلام: (رفع القلم عن ثلاث وذكر منهم النائم حتى يستيقظ .. الحديث).
فجعل النائم مرفوع عنه التكليف غير مؤاخذ بفوات الامر او وقوع النهي.
قلت: أصوب الاقوال في هذا قول الاصحاب وهو ان النائم والمغمى عليه مكلف.
أما تحرير الامر والتدليل عليه ففي مسائل:
اولها: أن بعض المخالفين لنا خلافنا معهم لفظي فهم يعنون بعدم التكليف سقوط الاثم ونحن نعنى تحقق الايجاب وتعلقه بالمكلف ودليلنا انه يأتي بما فاته وليس قولهم انه يقضى بأمر سابق بالمسلم به، إذ انه لو كان غير مكلف لما لزمه قضاء الفائته بعد الافاقة لان الفائتة قد ذهب زمن وجوبها.
ونحن نحجهم في هذا، اليس المحنون الذي استفاق بعد فوات وقت الصلاة ليس مأمورا عندنا ولا عندكم بقضاء الصلاة!
فما الذي فارق بين المجنون والمغمى عليه الا ان الاول ليس بمكلف والاخر مكلف وانما عفى عنه الاداء لحاله وقت وجوب الاداء، ولذلك لم يسقط عنه التكليف بعد افاقته.
قال ابن اللحام: (يحمل قول من قال (ليس بمكلف حال نسيانه) على أنه لاإثم عليه في تلك الحال في عفل او ترك وأن الخطاب لم توجه اليه، وما ثبت له من الاحكام فبدليل خارجي وحتمل قول من قال (هو مكلف) على أن الخطاب توجه اليه وتناوله وتأخر الفعل الى حال ذكره وامتنع تأثميه لعدم ترك قصده لهذا) اهـ.
قال في المسودة: (قال والد شيخنا: النائم والناسي غير مكلفين، ذكره المقدسي وذكر قوله (لاتقروبا الصلاةوانتم سكارى) وأجاب عنه.
قال شيخنا: وكذا ذكره ابن عقيل وهو قول أكثر المتكلمين، وكذا المغمى عليه، و الذي عليه أكثر الفقهاء أنهم مكلفون وهو ظاهر كلام أحمد رحمه الله ..... قال المجنون غير المغمى عليه، فقيل له: لأن المجنون رفع عنه القلم؟ قال نعم. وهذا أشبه بأصلنا حيث أوجبنا الصوم على الحائض مع استحالة الفعل منها: بمعنى ثبوت الوجوب بالذمة).
أما القسم الثاني ممن خلافنا معهم خلاف لفظي فانهم لما جعلوا الاحكام الوضعيه (يأتي تفصيلها) واقعة على تصرفات هؤلاء (المغمى عليه والصبي والمجنون) كضمان المتلفات و غرم الديات، قالوا هذا تكليف، ونحن نقول بهذا، غير ان التكليف هنا وضعي وليس تكليفي ومحل البحث انما هو في التكليف لافي خطاب الوضع.
قال ابن اللحام: (قلت: من اختار تكليفهما - يعنى الصبي والمجنون - إن اراد أنه يترتب على أفعالهما ما هومن خطاب الوضع فلا نزاع في ترتبه وإن اراد خطاب التكليف: فإنه لايلزمهما بلا نزاع، وإن اختلف في مسائل هل هي من خطاب الوضع او من خطاب التكليف).
والبقية خلافنا معهم معنوى إذ يتعلق التكليف عندهم بالقدرة حال الأمر بخلاف قولنا. ويأتي ذكره في المتعلقات الاعتقادية.
الفروع الفقهيه لمسألة تكليف المغمى عليه:
* لزوم قضاءه للصلاة إن افاق على قولين فمن الحقه بالنائم اوجبه ومن الحق بالمجنون لم يوجبه وهما قولان في المذهب.
أما السكران فالكلام عليه يتضمن مسألتين:
الاولى: حكم تصرفاته وهذا بحث جرى ذكره في الأوصول وهو متعلق بالفروع فلا نعرض لذكره غير ان خلاصته: عدم صحة عباداته و عقوده وبطلانها، مع وقوعه في الأثم لتصرفه تصرفيا يفضى به الى مثل هذا.
الثاني: وهو متعلق بعلم الأصول وهو تكليف السكران والاظهر في مساواته بمن تقم ذكرهم ممن غيب عقله.
الفرو ع الفقهية المتعلق بتكليف السكران:
وأشهرها طلاق السكران والمختار فيه قياسه على الغضبان فأن كان الغصب او السكر مغيبا كالسكر الطافح والغضب المغلق فلا يقع وان كان دون ذلك وقع.
يتبع بأذن الله في حكم تكليف الصبي المميز والمكره وبقية شروط المكلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/57)
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[13 - 03 - 05, 02:17 ص]ـ
بارك الله فيكم
اخي المتمسك بالحق
اتمنى منكم المواصلة فانا متابعكم حرفا حرفا
وفقكم الله
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 03 - 05, 10:32 م]ـ
هل الصبي المميز مكلف!
تقدم معنا أن من شروط التكليف (البلوغ) فالصبي المميز غير مكلف وهذا هو قول جماهير أهل العلم والرواية المشهورة في المذهب وعن الأمام أحمد.
وقد ذكروا رواية أخرى وهي أنه مكلف لأن له نوع تمييز وذكروا رواية أخرى أنه مكلف بالصلاة فقط والحجة فيه أنه عليه الصلاة و السلام أمر ولي الصبي المميز أن يأمره بالصلاة فدل على انه مكلف.
وهذا ليس فيه دليل ظاهر لأن الأمر هنا من قبيل التأديب وقالوا لو كان تأديبا لما أمر بضربه عليها قلنا بل الضرب عليها من جنس التأديب أيضا وليس بدليل على تكليف الصبي، ورد هذه المسألة وبيانها داخل في مسألة سوف نعرض لها بأذن الله وهي هل الأمر بالأمر بالشئ أمر به أم لا؟
والصبي المميز هو في درجة بين التكليف وعدمه فليس هو يستوى بغير المكلف مطلقا كالمجنون او الصبي غير المميز لأنه تصح منه بعض العقود كالبيوع اليسيرة ويصح تعزيره وتأديبه أذا فعل فاحشة، وسر ذلك أنه في إقبال من التكليف فالمييز يعرف الحلال والحرام غير انه لنقص تمام العقل عنده لم يؤاخذ على فعله من جهة الاحكام التكليفية.
قال في شرح مختصر الروضة: (ولعل الخلاف في وجوب الصلاة والصوم عليه وصحة وصيته وعتقه ... مبنى على هذا الأَصل - أي انه مكلف أم لا - وكل هذه الأحكام مختلف فيها بين أهل العلم في حق الصبي على تفاصيل ذكرت في الفقه فأن ثبت بالاستقراء أو غيره أن الخلاف فيها مبنى على الأصل المذكور فقد تبعت الفروع أصلها ولا كلام، وأن ثبت في حقه شئ منها، مع القول بأنه غير مكلف كان ذلك من باب ربط الحكم بالسبب) انتهى.
تكليف المكره:
والعلماء يقصدون المكره الذي له قدرة على الفعل أو الترك لا الذي كون كالآلة مثل ان يرفع انسان ويقذفه على آخر فيموت أو يضجع المرأة ويزني بها، أو يدخل الخمر في فيه بالقوة.
وعليه فالمكره ينقسم الى قسمين:
من أكره أكراه ملجئ.
من لم يكره أكراها ملجأ.
أما الأول فليس عليه تكليف وهذا يشبه الاجماع عند أهل الأصول.
أما الثاني فقد وقع الخلاف فيه.
فذهب الجمهور الى انه مكلف والدليل على ذلك انه يمكنه ان يفعل و أن يترك فأذا قال له رجل تشرب الخمر أو أقتلك يمكنه ان لايشرب الخمر والتكليف مناطه القدرة وقد حصلت.
وذهب المعتزلة الى انه غير مكلف.
وأصل المسألة عند المعتزلة مرتبطة بأمرين: أصولي وأعتقادي.
أما الأصولي فهو ان التكليف انما يكون لقصد الآثابة وهي معدومة في مسألة المكره.
وأما الاعتقادي:فهو وقوع التكليف بما لايطاق وهذا نذكره في المتعلقات الاعتقادية بأذن الله.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[14 - 03 - 05, 12:22 ص]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا وبارك في علمكم. شيخنا الفاضل:أليس ظاهر كلام ابن قدامة في الروضة تكليف المكره مطلقا فيفهم من إطلاقه دخول الملجأ فلايكون إجماعا؟
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[14 - 03 - 05, 01:11 ص]ـ
أخي الكريم الحنبلي السلفي.
قال ابن قدامة: (فأما المكره فيدخل تحت التكليف لأنه يفهم ويسمع ويقدر على تحقيق ما أمر به وتركه).
فابن قدامة رحمه الله يتكلم عن المكره الذي له اختيار وهو غير الملجئ. والدليل قوله (ويقدر على تحقيق ما أمر به وتركه) ومعلوم أن الملجئ لايستطيع ذلك.
قال ابن النجار في الكوكب: (ومحل الخلاف في تكليف المكره: إذا كان الاكراه بضرب او تهديد بحق او غيره وكون المكره على هذه الصفة مكلفا عند أكثر العلماء خلافا للمعتزلة والطوفي لصحة الفعل والترك منه) اهـ.
أما كلام الطوفي في شرح المختصر ونسبته القول بتكليف المكره مطلقا الى اصحابنا فمحل بحث ونظر ولذا فقد أعرضت عنه.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[14 - 03 - 05, 02:37 م]ـ
الشروط العائدة الى المكلف به:
الشرط الأول أن يكون معلوما:
ويشرط العلم به من جهتين:
1 - أن يعلم حقيقة المأمور به حتى يتصور ان يحصل منه قصد اليه، لأنه لايتصور منه قصد مجهول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/58)
2 - أن يكون معلوما أنه من أمر الله. فلا يكفى ان يعرف معنى الزكاة وتفاصيلها وهو لايعلم انه أمر من الله حتى يحصل منه قصد الامتثال أو الترك وهو معنى التكليف.
الشرط الثاني أن يكون معدوما:
حتى يتصور منه إيجاد الفعل، لان مقتضى التكليف أن إيجاد معدوم، فأذا صار موجودا صار إيجاد موجود وهذا ممتنع لان الايجاد انما يكون للمعدوم.
وجوزه بعض اهل العلم وأرجع ابن عقيل الخلاف فيه الى مسألة: الامر بالمستحيل (وهذه يأتي تفصيلها بأذن الله في المتعلقات الاعتقادية).
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[18 - 03 - 05, 01:54 ص]ـ
الشرط الثالث: أن يكون الفعل مقدورا للمكلف (غير محال).
وهذا من الشروط التى تتعلق تعلقا كبيرا بمسائل الاعتقاد وأكثر ارتباطها انما هو بمسائل التعليل والحكمة والقضاء والقدر.
وهي ملازمة لمسائل أخرى كمسألة القدرة هل تكون قبل الفعل او بعده او مقارنة له؟
ومسألة الفعل حال حدوثه هل هو مأمور به أم لا؟
ومسائل الاستطاعة القدرية والشرعية وهي أصلها.
و لن نذكر هذه المسائل من باب الاختصار.
هذا الشرط (التكليف بالمحال) وقع فيه اختلاف عريض بين أهل العلم منشأه كما تقدم أصول الاعتقاد وتفاصيله. و وقع الخلاف في هذه المسألة بين المعتزلة القدرية و الاشاعرة الجبرية وبعض أهل الكلام و بين أهل السنة والجماعة. ونحن نختصر لك الأمر اختصار بأذن الله ونذكر لك مذهب أهل الحق دون غيرهم لان هذه المسألة ليست من مسائل الأصول وانما ذكرناها لآنه لايخلوا من كتاب أصولي ولان بعض أهل السنة الدارسين للاصول تابعوا فيها الاشاعرة الجبرية! دون ان يشعروا
وقد ذكر الشهرستاني أن أول من قال بتكليف مالا يطاق الجهم بن صفوان وهذا فرع من قوله بالجبر.
وقال في ترجمة الاشعري: وتكليف مالايطاق جائز على مذهبه للعلة التى ذكرناها ولأن الاستطاعة عنده عرض والعرض لايبقى زمانين.
و المحال قسمه أهل العلم الى قسمين:
محال لذاته.
ومحال لغيره.
اما المحال لذاته فكالجمع بين السواد والبياض والليل والنهار. فهذا لايجوز التكليف به وهو غير واقع.
وأما المحال لغيره فمثاله الأمر بأيمان من يعلم عدم أيمانه كفرعون ومن أخبر بانه يموت على الكفر كابي لهب.
وقد نقل الأجماع على صحة التكليف به غير واحد من أهل العلم.
(فائدة: فرق بعض أهل العلم بين التكليف بالمحال والتكليف المحال كما ذكر ذلك العطار في حاشيته على شرح المحلي على جمع الجوامع فجعل التكليف المحال يرجع الى المأمور به والاخر يرجع الى المكلف) صحيفة - 269 - .
قال شيخ الأسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض: (هذه العبارة - أي التكليف بما لايطاق - وإن كثر تنازع الناس فيها نفيا وأثباتا، فينبغى أن يعرف أن الخلاف المحقق فيها نوعان:
أحدهما: ما أتفق الناس على جوازه و وقوعه، وانما تنازعوا في إطلاق القول عليه بأنه لايطاق.
والثاني: ما أتفقوا على انه لايطاق ولكن تنازعوا في جواز الأمر به ولم يتنازعوا في عدم وقوعه.
فأما أن يكون أمر اتفق أهل العلم والايمان على انه لايطاق وتنازعوا في وقوع الأمر به - فليس كذلك) اهـ صحيفة - 60 - .
وقال رحمه الله: (والمقصود هنا التنبيه على أن النزاع في هذا الأصل يتنوع: تارة على الفعل المأمور به وتارة الى جواز الأمر، ومن هنا شبه من المتكلمين على الناس حيث جعل القسمين قسم واحدا وادعي تكليف ما لايطاق مطلقا لوقوع بعض الاقسام التى لايجعلها عامة الناس من باب مالايطاق والنزاع فيها لايتعلق بمسائل الأمر والنهي وأنما يتعلق بمسائل القضاء والقدر ................ أذا عرف هذا فأطلاق القول بتكليف مالايطاق من البدع الحادثة في الاسلام) اهـ صحيفة- 64 - من درء التعارض.
قال ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل: (وتقرير ذلك أن القدرة نوعان قدرة مصححة وهي قدرة الأسباب والشروط وسلامة الآله وهي مناط التكليف وهذه متقدمة على الفعل غير موجبة له وقدرة مقارنة للفعل مستلزمة له لا يتخلف الفعل عنها وهذه ليست شرطا في التكليف فلا يتوقف صحته وحسنه عليها فايمان من لم يشأ الله إيمانه وطاعة من لم يشأ طاعته مقدور بالاعتبار الأول غير مقدور بالاعتبار الثاني وبهذا التحقيق تزول الشبهة في تكليف ما لا يطاق).
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[18 - 03 - 05, 08:46 م]ـ
والأحكام قسمان تكليفية
___________________
الأحكام قسمان وهي خطاب الشارع كما تقدم تنقسم الى قسمين:
* تكليفية و * وضعية.
وجه القسمة أن الشارع إما أن يأمر بالفعل - والكف فعل - أو يخير بينهما أو يضع أسبابا وأمارات وشروط على الفعل المأمور به.
فالأول تكليف لانه فرع الفعل، والفعل فيه مشقة والزام وكلفة و الثاني أشياء ومقدرات كطلوع الشمس وغروبها وزوالها والحيض و بلوغ النصاب و حولان الحول في الزكاة وغيرها جعلها الشارع شروط و موانع للتكاليف فصارت من وضع الشارع.
فهذه قسمة عقلية لاتجد حكما يخرج عنها فهو إما أمر او نهي او اباحة او أسباب وشروط وموانع وغيرها كما يأتي بيانه بأذن الله في خطاب الوضع.
وقد تجتمع الأحكام التكليفية والوضعية في الحكم الواحد وهو كثير كالزنا.
فالزنا (حرام) آثم فاعله وهذا خطاب تكليف، وهو سبب لحكم آخر وهو (الحد) فأجتمع فيه الحكم التكليفي والحكم الوضعي فهو محرم، وسبب للحد.
وقيل أنه لاحكم تكليفي الا وله حكم وضعي، فلا حكم تكليفي الا وله شرط او سبب او مانع. ولم يتيسر لي أختباره والله أعلم.
وبعض أهل الأصول جعل الأحكام ثلاثة وضعي وتكليفي وثالث متعلق بالندب لانه ليس فيه الزام بالفعل او الترك.
وبعضهم خالف في الاباحة كما سيأتي. في الكلام على تقسيم الاحكام التكليفية الى خمسة أقسام بأذن الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/59)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[19 - 03 - 05, 06:38 ص]ـ
وهي خمسة
أي الأحكام التكليفية خمسة وهذا هول قول جمهور اهل الأصول والأظهر من حيث التعليل.
وذهب بعض أهل العلم الى أخراج بعض أفراد الخمسة عن الحكم التكليفي فذهب بعضهم الى أن الندب والكراهة والاباحة ليست حكما تكليفيا، لأنه ليس فيها الزام.
وكثيرمن أهل العلم منع من كون الاباحة قسما في الاحكام التكليفية وبعضهم جعل عده من قبيل التسامح والقسمة وليس من قبيل الصحة - ويأتي تفصيلة بأذن الله في باب الأباحة -.
وذهب أكثر الحنفية الى تقسيم الحكم التلكيفي الى سبعة أقسام وأضافوا الكراهة التحريمية والفرض ويأتي بيان كل واحد منها في محله بأذن لله.
وذهب بعض العلماء الى جعله سبعة أيضا ولكنهم أضافوا الى الخمسة الفساد والصحة.
وغير ذلك من التقسيمات.
و وجه كونها خمسة هو أن خطاب الشارع أما أن يأتي:
1 - بطلب الفعل طلبا جازما.
2 - او طلبه طلبا غير جازما.
3 - طلب الترك طلبا جازما.
4 - او طلبه طلبا غير جازم.
5 - أو التخيير بين الفعل او الترك.
ولايخرج عن هذه الأقسام الخمسة.
فالأول هو الايجاب والثاني الندب والثالث النهي والرابع الكراهة والخامس الاباحة.
وهذه القسمة تفيدك في حفظ حد كل واحد من الاحكام الخمسة. لأن بعض أهل الأصول يكتفى بذكر التعريف دون الحد.
وقد يصعب حفظ (حد) كل واحدا من الأحكام الخمسة على البعض فحتى يسهل عليك حفظ (الحد) لكل واحد من الأحكام الخمسة فخطاب الشارع: طلب أو تخيير.
والطلب: أما طلب فعل أو طلب ترك.
وطلب الفعل اما ان يكون طلبا جازما او يكون غير جازم و طلب الترك أما أن يكون جازما أو غير جازم.
وهذا بالطبع على الحد الذي عليه الكثر بالنسبة للاحكام الخمسة والا فقد حد بغير هذا ولعله يأتي كل في موضعه أن شاء الله.
فطلب العفل طلبا جازما ايجاب وطلب الفعل طلبا غير جازم مندوب و طلب الترك طلبا جازما محرم وطلب الترك طلبا غير جازم مكروه.
فيصير حد الواجب: هو طلب الفعل طلبا جازما وحد المندوب طلب الفعل طلبا غير جازم .... الخ.
فتحفظ بهذا حد كل واحد من الأحكام التكليفية وهذا يسير لايعزب عن ذهنك ان شاء الله أذا فهمته.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[20 - 03 - 05, 11:59 م]ـ
واجب يقتضى الثواب على الفعل والعقاب على الترك
الكلام على هذه الفقرة في مسائل:
الاولى: أن بعض أهل العلم كالاسنوي والعضد وغيرهم قد انتقد تسمية هذا الحكم (بالواجب) وذكر ان الصواب ان يسمى (إيجاب) وليس واجبا وقوله قوي.
وحجته في ذلك ان خطاب الله تعالى هو الايجاب لانه مصدر أوجب. فتقول أوجب إيجابا.
وأما الوجب فمصد وجب يوجب وجوبا.
وأيضا فالواجب هو متعلق الايجاب وليس هو الايجاب نفسه والكلام هنا انما هو عن الحكم وهو الايجاب.
ولسنا نود نخوض في هذه الجزئية لان الوجوب يصح ان يكون مصدرا للإيجاب تقول وجب يجب وجوبا و أوجبه واستوجبه.
فيكون وصف الحكم بالايجاب أدق غير انه وصفه بالواجب صحيح أيضا.
ـ[عمر ابن أبي عمر]ــــــــ[22 - 03 - 05, 06:31 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[24 - 12 - 05, 09:26 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[السويفي]ــــــــ[30 - 12 - 05, 08:22 ص]ـ
جزاك الله خيرا ...
الأخ زياد:
الرجاء مراجعة الرسائل الخاصة.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[15 - 11 - 06, 03:09 م]ـ
بارك الله فيك .. واصل ..
وأحب أن أذكر بأنه قد خرج شرح الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان -حفظه الله- على هذا الكتاب بعنوان [تيسير الوصول] .. وقد خرج بطبعته الثانية الأشهر الماضية من طريق دار ابن الجوزي
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[15 - 11 - 06, 03:40 م]ـ
قال الأستاذ الفاضل زياد:
[أنه يشبه ان يكون مختصرا لروضة الناظر لابن قدامة وهذا بين جلي و ليس من حرج أن يعد من مختصرات الروضة]
يقول الشيخ عبدالله الفوزان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/60)
(وأما ما ذكره بعض المعاصرين* من أن مؤلِّفه تابع فيه كتاب "روضة الناظر" وأنه نسخة مصغرة عنه، إلا أنه حذف الأدلة وخالفه في الترتيب، فهو كلام من لم يتأمل الكتاب، وإلا فالحق أنه لا يعتبر نسخة مصغّرة من "الروضة" لاختلاف الكتابين في المنهج والعبارة؛ صحيح أن معظم المباحث الأصولية تتفق فيها كتب الحنابلة خصوصاً، وغيرها عموماً، وأن ابن قدامة كان متقدماً فيمكن متابعة المؤلف له، لكن في "قواعد الأصول" مباحث وتقسيمات وتعريفات لا وجود لها في "روضة الناظر". فانظر على سبيل المثال "من طبعة جامعة أم القرى" ما يلي:
1 - "تعريف الحكم الشرعي" ص23.
2 - "أسماء المندوب" ص 26.
3 - "تقسيم الأحكام الوضعية إلى أربعة أقسام" ص30.
4 - الكلام على أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم" ص38.
5 - "ألقاب الجامع في باب القياس"، وتفسير كل واحد منهما، ص82.
6 - "الاستدلال" ص94.
7 - لم يذكر في "القواعد" قوادح القياس.
8 - لم يذكر المقدمة المنطقية التي في أول "الروضة".
وقد ذكر مؤلفه أنه مختصر من كتابه: "تحقيق الأمل" فكيف يكون مختصراً من "الروضة"؟!
ثم إن المؤلف رحمه الله له عبارات في مختصره لم أجدها في معظم كتب الأصول، مما يدل على أنه متقن لهذا الفن، قادر على التصرف في التعبير عن مسائله). ص9 - 10.
* يعني به صاحب كتاب معالم في أصول الفقه ص85.
فائدة من شرح الشيخ الفوزان:
يقول ابن بدران -عن هذا الكتاب- في المدخل: (إنه مختصر مفيد) ص440.
ونوَّه جمال الدين القاسمي القاسمي حيث يقول: (وما وقفنا عليه حتى رأيناه من أنفس الآثار الأصولية، وأعجبها سبكاً وألطفها جمعاً للأقوال، وإيجاز في المقال .. ).
ويقول عن هذا المتن الشيخ عبدالله الفوزان:
(فهو يمتاز عن غيره من المختصرات بما يلي:
1 - وضوح العبارة، وسلامتها من التعقيد الذي قد لا يخلو منه معظم المتون في هذا الفن.
2 - أنّه مع إيجازه فقد عُني بالمسائل الأصولية التي يحتاجها الفقيه، وأغفل ما لا تعلق للأصول به من مباحث علم الكلام، وآراء المتكلمين.
3 - جرى في ترتيبه وأُسلوبه على منهج فريد، يختلف عن غيره من كتب الحنابلة خاصة، وغيرها عامة؛ ففيه من التعريفات والتقسيمات ما لا يوجد في غالب المتون) ص9.
وأخيراً:
أتقدم بالإعتذار للأخ الفاضل زياد على هذه المداخلة التي قد تكون عكرت تسلسل شرحكم؛ لكني آثرت نشرها هنا لتعلقها الشديد بالموضوع.
مُحبكم
أبو عمر
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[15 - 11 - 06, 06:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا ... بانتظار إكمال الشرح نفع الله بكم(106/61)
أسئلة وتعليقات على شرح كتابِ (قواعد الأصول ومعاقد الفصول)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 02 - 05, 12:23 ص]ـ
يمكن للإخوة الكرام إضافة أو طرح مايشكل عليهم من شرح الأخ زياد بن منيف العضيلة على كتاب (قواعد الأصول ومعاقد الفصول) لصفي الدين عبدالمؤمن البغدادي -رحمه الله-
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[27 - 02 - 05, 04:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم واحسن اليكم
ما معنى ما ذكرتموه - وفقكم الله - عن الاستصحاب وهل ممكن مثال توضيحي
اسال الله ان يعينكم واني متابع لكم ولشرحكم
ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[27 - 02 - 05, 02:51 م]ـ
أحسن الله إليكم ,, وجزاكم الله خيراً
بإنتظار إكمال الشرح الممتع ,, نفع الله بكم.
أرجو أن ينسخ إلى مكتبة صيد الفوائد أو مشكاة حتى تعم الفائدة.
ـ[أبو علي]ــــــــ[01 - 03 - 05, 02:20 ص]ـ
فائدتان:
الأولى: أنَّ الكتاب قد شرحه ابن عثيمين، والشَّيخ عبدالله الفوزان، وهذا الثُّالث للأخ زياد. أسأل الله لك التَّوفيقَ.
الثَّانية: قال الشَّيخ عبدالله الفوزان في كتابه: (تيسير الوصول إلى قواعد الأصول) وهو شرح لهذا الكتاب أعني (قواعد الأصول ومعاقد الفصول) صفحة (11):
(وأمَّا ماذكره بعض المعاصرين (كتب في الحاشية: انظر معالم أصول الفقه ص 58) من أنَّ مؤلِّفَهُ تابع فيه كتاب (روضة النَّاظر) وأنَّهُ نسخة مصغَّرةٌ عنه؛ إلا أنَّه حذف الأدلَّةَ وخالفه في التَّرتيب= فهو كلام من لم يتأمَّل الكتابَ. وإلا فالحقُّ أنَّهُ لا يعتبر نسخة مصغَّرة من الرَّوضةِ؛ لاختلاف الكتابين في المنهج والعبارة.
صحيحٌ أنَّ معظم المباحث الأصوليَّةِ تتَّفقُ فيها كتب الحنابلة خصوصًا، وغيرها عمومًا؛ وأنَّ ابن قدامةَ كان متقدِّمًا فيمكن متابعةُ المؤلِّفِ له؛ لكن في (قواعد الأصول) مباحث وتقسيمات وتعريفات لا وجود لها في (روضةِ النَّاظرِ).
فانظر على سبيل المثال [من طبعة جامعة أمِّ القرى] ما يلي:
1 - تعريف الحكم الشَّرعيِّ ص23.
2 - أسماء المندوب ص26.
3 - تقسيم الأحكام الوضعيَّة إلى أربعة أقسامٍ ص30.
4 - الكلام على أفعال الرسول صلَّى الله عليه وسلَّمَ ص 38.
5 - ألقاب الجامع في باب القياس، وتفسير كلِّ واحدٍ منها ص82.
6 - الاستدلال ص 94.
7 - لم يذكر في القواعد قوادح القياس.
8 - لم يذكر المقدِّمة المنطقيَّة الَّتي في أوَّل الرَّوضةِ ..
وقد ذكر مؤلِّفهُ أنّهُ مختصر من كتابه (تحقيق الأمل) فكيف يكون مختصرًا من الرَّوضةِ؟! ثمَّ إنَّ المؤلِّفَ -رحمه الله- له عبارات في مختصره لم أجدها في معظم كتب الأصول، ممَّا يدلُّ على أنَّهُ متقن لهذا الفنِّ، قادرٌ على التَّصرُّف في التَّعبير عن مسائلهِ) انتهى.
وقال صفحة (12): (وقد اعتمدت في شرحي على طبعة جامعة أمِّ القرى، لأنَّها أكمل الطَّبعات مع الاستفادة من النُّسخِ الأُخرى وكتب الحنابلة في تصحيح بعض الأغلاط.
وقد رجعت إلى مخطوطةِ الكتاب الَّتي حصلت عليها من المحقِّقِ -أثابه الله- ... وأثبت ذلك في الحاشية)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[01 - 03 - 05, 09:20 م]ـ
أخي الحبيب العولقي وفقه الله، باب الاستصحاب باب سيفرد بالبحث أن شاء الله فبسطه في موضعه انفع واحصف واحفظ للوقت، وجزاك الله خيرا على فوائدك.
**********
أخي الفاضل محب ابن تيمية جزاك الله خيرا.
**********
أخي الحبيب (أبو علي) أما شرح الشيخ بن عثيمين رحمه الله فقد سمعته قديما وأما شرح الشيخ الفوزان فقد سمعت عنه ولم أطلع عليه ولم أعلم به قبل ان يخبرني عنه الشيخ الحمادي حفظه الله، والأمر يسير واختيار هذا الكتاب جاء لعدة بواعث منها انا قد تدارسناه قديما وقد فرغ بعض الاحبة هذه المدارسة فصار امر شرحه هينا يسيرا بخلاف شرح مصنف جديد أخر والوقت يضيق عن ذلك جدا.
ثانيا: قد نقلتم عن الشيخ الفوزان حفظه الله قوله هذا: (وأمَّا ماذكره بعض المعاصرين (كتب في الحاشية: انظر معالم أصول الفقه ص 58) من أنَّ مؤلِّفَهُ تابع فيه كتاب (روضة النَّاظر) وأنَّهُ نسخة مصغَّرةٌ عنه؛ إلا أنَّه حذف الأدلَّةَ وخالفه في التَّرتيب= فهو كلام من لم يتأمَّل الكتابَ. وإلا فالحقُّ أنَّهُ لا يعتبر نسخة مصغَّرة من الرَّوضةِ؛ لاختلاف الكتابين في المنهج والعبارة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/62)
فأقول الكتاب مختصر من الروضة وهذا بين جلي ولست ادعوك الا الى المقارنة بين الكتابين ليكن حكمك دقيقا مستقلا.
وأما المواضع التى ذكرها الشيخ فهي ثمان مواضع والكتاب فيه أكثر من مائتي مسألة فيصير منها ثمانية مخالفة!
والثمانية فيها ما لايسلم.
وصفي الدين تابع ابن قدامة حتى في الوهم وفي بعض العزو كما سيأتي بيانه في موضعه.
ولعلي اتكلف في نقل موضع واحد هو انموذج لأكثر الكتاب، ويعلم الله الذي لا اله الاهو ما تعمدت انتقاءه بل فتحته هكذا لاني قد تأملت هذا الأمر من قديم وتيقنت منه، واخترته عرضا حتى ابين لك ان هذا الكتاب اختصار من الروضة وافعل مثله أخي الكريم وافتح على اي موضع وتأمل الكتابين.
تأمل في مبحث المتواتر:
قال ابن قدامة رحمه الله: (وللتواتر ثلاثة شروط: الأول ان يخبروا عن علم ضروري مستند الى محسوس ...... الثاني: ان يستوي طرفا الخبر ووسطه في هذه الصفة ..... الشرط الثالث في العدد الذي يحصل به التواتر).
قال صفي الدين: (وشروطه ثلاثة: استناد الى محسوس كسمعت ورأيت لا الي اعتقاد، واستواء الطرفين والواسطة في شرطه، والعدد ... ).
ثم قال ابن قدامة عن العدد:
(واختلف الناس فيه فمنهم من قال يحصل بأثنين .. ، واربعة، وقا لقوم بخمسة وقال قوم بعشرين وقال اخرون بسبعين وقيل غير ذلك والصحيح أنه ليس له عدد محصور).
قال صفي الدين: (فقيل اثنان، واربعة، وخمسة، وعشرون، وقيل سبعون وقيل غير ذلك، والصحيح لاينحصر في عدد).
تأمل هذا التطابق ومعلوم ان الاقوال في عدد المتواتر كثيرة فقيل سبعة وقيل اثني عشر وقيل اربعون وقيل غير ذلك فانظر الى امثلة هذا المختصر والروضة، وكل الكتاب يجرى مجرى هذا الاختصار والاختزال للروضة.
والكتابان حاضران بين يديك اخي الكريم وليس عليك ان تسمع لقول أحد بل قارن بين الكتابين وستخرج بما تتيقن منه. و المسألة احسبها يسيرة ولم اتعمد المقارنة بينهما اصلا وانما جزمت بهذا فور قراءتي لقواعد الاصول فالروضة حاضرة لاتخفى على احد.
أما نقلكم: (وقال صفحة (12): (وقد اعتمدت في شرحي على طبعة جامعة أمِّ القرى، لأنَّها أكمل الطَّبعات مع الاستفادة من النُّسخِ الأُخرى وكتب الحنابلة في تصحيح بعض الأغلاط.
وقد رجعت إلى مخطوطةِ الكتاب الَّتي حصلت عليها من المحقِّقِ -أثابه الله- ... وأثبت ذلك في الحاشية).
فلم أفهم المراد من ايرادكم له وطبعة جامعة ام القرى هي عينها: طبعة الشيخ الحكمي!
ـ[أبو علي]ــــــــ[02 - 03 - 05, 12:04 م]ـ
أخي الفاضل زياد زاده الله بصيرةً وعلمًا. آمين.
لم أقصد بذكر شُرَّاح الكتاب أنَّ شرحكم لا معنى له؛ لكنَّما أردت إفادةَ من أراد متابعة شرحكم بحيث يحضِّرُ من هذين الشِّرحين قبل درسكم -وفَّقكم الله-.
ولا أشكُّ أنَّ كثرةَ الشُّروحِ لمتنٍ ما ممَّا يجعله أكثر وضوحًا، ويُرغِّبُ الطُّلاَّب في درسه.
قولكم رعاكم اللطيف: (فلم أفهم المراد من ايرادكم له وطبعة جامعة ام القرى هي عينها: طبعة الشيخ الحكمي!)؛ قصدت بذلك إعانتكم على تصحيح الأخطاء في طبعة الشّيخ الحكميِّ؛ حيث حصل الشَّيخ الفوزان على نفس المخطوطة، وقد ظننت أنَّ معكم مخطوطةً غير الَّتي اعتمدها الشَّيخ الحكميُّ.
وننتظر منكم المتابعة، أعانكم الله وسدَّدكم.
والله أعلم
**تم تحريره من قبل المشرف **
ـ[أبو المنذر الأثري]ــــــــ[03 - 03 - 05, 02:05 ص]ـ
السلام عليكم: قد يكون سؤالي متأخرا ولكنه للحاجه،،
ليت الشيخ زياد وفقه الله يقدم لو مقدمة بسيطه عن مصنف الكتاب وطريقته في ذكر مباحث الكتاب
ولو على سبيل
الإيجاز فإنه أتم لمادة الشرح،، ونرجوا منه ان لاينقطع عن إكمال الشرح فنحن في شوق الى أن يكمل لنا
شرحه،، وجزاكم الله خيرا
ـ[المقرئ.]ــــــــ[03 - 03 - 05, 12:22 م]ـ
جزى الله شيخنا زيادا على هذا الشرح العذب الجميل وهو حري أن تقطع له أكباد الإبل
عبارة سهلة ووضوح في السبك فهنيئا لنا هذا الشرح الجميل وجزى الله الشيخ وضاعف أجره مع استشعارنا لهذا الوقت الثمين الذي يقضيه في كتابة الشرح وتنميقه وتحسينه ولكن لا يدري العالم في أي مكان يكون قبوله عند الله
ولعل الملتقى أن يتولى إصدار هذا الشرح في كتاب مطبوع فمثل هذا لا ينبري له إلا القلة ومنهم شيخنا والله المستعان
المقرئ
محبك: المقرئ
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 03 - 05, 02:02 م]ـ
الأخ المبارك / زياد العضيلة لديه أشغال يسيرة في هذه الأيام، وسيكمل الشرح بعد انهاءها بإذن الله.
شيخنا الموفق /المقرئ حفظك الله وبارك فيك وزادك من فضله.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[13 - 03 - 05, 02:27 ص]ـ
بارك الله فيكم يا اخي المتمسك بالحق واجزل لكم المثوبة والاجر
الكلام في شروط المكلف الانسان فهمت بدايته لكني بعد ذلك دار رأسي فكان هذا الاشكال والله المستعان
لو ان سكرانا قتل شخص فهل نقيم عليه الحد لقتله هذا الشخص?
اسال الله ان يحفظك فلقد اتى هذا الشرح في وقت كنت في امس الحاجة اليه
السلام عليكم
اخوكم
طلال العولقي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/63)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 03 - 05, 06:51 ص]ـ
أخي الحبيب طلال العولقي وفقه الله وبارك فيه.
اولا نفرق بين الاحكام الوضعية والاحكام التكليفية كما مر معنا في الشرح.
فالاحكام الوضعية لايشترط فيها التكليف فكل ما أتلفه السكران يضمنه سواء قلنا انه مكلف ام غير مكلف وقد نقل الاجماع على الضمان غير واحد من أهل العلم.
أما الاحكام التكليفية فكما تقدم معنا أيضا أن الصحيح ان السكران مكلف، ومن شروط أقامة الحد و القود في القتل أن يكون القاتل (مكلفا) ومن شورط التكليف ان يكون عاقلا على ما تقدم في الشرح.
وأما السكران فينظر فإن كان هذا السكران غير طافح (أي يدري ما يقول ويعلم ما يفعل) فهذا فيه القود ولاشك.
وأما أن كان طافحا لايعلم ما يفعل فذهب جماهير أهل العلم الى أنه يقتل والسبب أنه تعاطى ما أتلف عقله فهو ضامن لما يحصل.
ومن تعاطي السبب فعليه تحمل المسبَبَ، وأيضا قد يتوصل بهذا الى التعدى على دماء الناس بدعوى السكر.
وذهب بعض أهل العلم الى سقوط القود عنه لغياب العقل.
بقي أن أنبه الى بعض أهل العلم حتى ممن لم يرى صحة عقود السكران وتصرفاته استثنى الحدود بسبب ما قدمنا.
والله الموفق.
ـ[متسائل1]ــــــــ[19 - 03 - 05, 07:31 م]ـ
أخي الفاضل المستمسك بالحق
بارك الله فيك وفي علمك على هذا الشرح العميق المفيد ..
عندي الكثير من الاسئلة في شأن هذا العلم وأرجو أن أجد عندكم إجابة.
أبدأ بتعريف علم الأصول:
التعريف الشائع في كتبنا الأصولية أن الحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد.
وشبيه بهذا التعريف قوله "خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين.
سؤالي الأول:
أي التعريفين أصوب هل القائل بتعلق الحكم الشرعي بالعباد - ليدخل فيه الصبي والمجنون - أم القائل بالمكلفين؟
سؤالي الثاني:
نلاحظ ان حكم الشارع لا يتعلق دائما بأفعال المكلفين،بل أيضا يتعلق بذواتهم وبالأشياء ... ألا يجعل هذا التعريف الشائع قاصرا عندما ينحصر في الأفعال؟
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[19 - 03 - 05, 11:39 م]ـ
أخي الحبيب بارك الله فيك.
كلا التعريفين صواب.
غير ان التعريف الثاني أدق وهو المختار: (خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين).
لأن غير المكلف غير مخاطب كالصبي (غير المميز) والمجنون.
ولا يقال ان المكلف هو من تعلق به التكليف بل يقال ان المكلف: هو البالغ العاقل، لاننا لو قلنا المكلف من تعلق به التكليف لصار من تعلق به التكليف هو المكلف وهذا دور والدور ممتنع.
والصبي المميز يتعلق به التكليف تعلقا معنويا ولكنه ليس منجزا ولذا صار فيه فرق بين الصبي المميز وغير المميز كما ذكرنا في الشرح.
لكن لعلك تقصد بترجيح التعريف الآخر: (المتعلق بافعال العباد) وهو الذي رجحه أكثر الحنفية كما في التلويح وفواتح الرحموت وغيرها.
أي الافعال التى لاتتعلق بفعل المكلف كالصبي ((المميز)) أذا حج مثلا أو بيعه لان البيع والحج حكما شرعيا.
ومما احتجوا قوله تعالى: (ليستئذنكم) فهذا خطاب يدخل تحته الصبيان.
فالجواب ان نقول: أن الخطاب انما هو متعلق بالمكلفين (أولياء) الصبيان وليس بالصبيان، وحجهم وبيعهم انما هو من باب التيسير والدربة و لذلك جاء امرهم بالصلاة وهم غير مكلفين به والمقصود أمر أرشاد. فالأمر متوجه الى المكلفين (أولياء) هؤلاء بأمرهم.
وبعض أهل العلم ذكر ان خطاب الوضع متعلق بالصبي والمميز كضمان المتلف فقال ان هذا التعريف (التعليق بافعال المكلفين) يصدق على الحكم التكليفي لا على الحكم الوضعي. راجع حاشية العطار صحيفة
72
وهذا أيضا يقال فيه ما قيل في الأول من ان الحكم الوضعي وان كان في ظاهره متعلق بافعال المجنون والصبي مميزا كان او غير مميز الا انه في حقيقته متوجه الى المكلف فالذي يضمن هو ولي الصبي او المجنون او القائم عليه وإن كان من مال الصبي او المجنون إن كان ذا مال، لأن الاثم ان وقع بالتفريط في اداء هذه المتلفات انما يقع على الولي ولا يقع على المجنون او الصبي فدل على ان خطاب الشارع غير متعلق به.
والمسألة تبقى اجتهاد ونظر والله أعلم.
سؤالي الثاني:
نلاحظ ان حكم الشارع لا يتعلق دائما بأفعال المكلفين،بل أيضا يتعلق بذواتهم وبالأشياء ... ألا يجعل هذا التعريف الشائع قاصرا عندما ينحصر في الأفعال؟
أما ما يتعلق بذوات المكلفين فليس حكما شرعيا كقوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون).
و ان كنت تقصد ان الحكم الشرعي قد يتعلق بالاعتقادات وغيرها فهي داخلة في الافعال.
أما تعلقه بالاشياء من حيث الاباحة او المنع فهو متعلق ايضا بفعل المكلف لان الاباحة والمنع انما هي متسلطة على انتفاع المكلف بهذا المباح او المنع منه. وليس تعلقه مركبا في في ذات الشئ.
ـ[متسائل1]ــــــــ[20 - 03 - 05, 12:29 ص]ـ
جزاك الله الجنة أخي المتمسك بالحق على هذا الجواب العلمي.
سأتابع، إن شاء الله تعالى، شرحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/64)
ـ[عبدالرحمن العامر]ــــــــ[22 - 03 - 05, 01:19 م]ـ
أخي الفاضل/ أبو عمر
جزاك الله خيراً ولا حرمك الأجر.
وللفائدة:
في مسألة تسمية الإيجاب بالواجب:
رأي الشيخ صالح آل الشيخ: أنه قد يطلق عليه واجب مجازاً.
والله أعلم
ـ[محمد بن سعد المالكى]ــــــــ[29 - 06 - 10, 11:45 م]ـ
للرفع رفع الله قدركم
ـ[الديولي]ــــــــ[03 - 07 - 10, 04:05 م]ـ
لكن لعلك تقصد بترجيح التعريف الآخر: (المتعلق بافعال العباد) وهو الذي رجحه أكثر الحنفية كما في التلويح وفواتح الرحموت وغيرها.
أي الافعال التى لاتتعلق بفعل المكلف كالصبي ((المميز)) أذا حج مثلا أو بيعه لان البيع والحج حكما شرعيا.
ومما احتجوا قوله تعالى: (ليستئذنكم) فهذا خطاب يدخل تحته الصبيان.
فالجواب ان نقول: أن الخطاب انما هو متعلق بالمكلفين (أولياء) الصبيان وليس بالصبيان، وحجهم وبيعهم انما هو من باب التيسير والدربة و لذلك جاء امرهم بالصلاة وهم غير مكلفين به والمقصود أمر أرشاد. فالأمر متوجه الى المكلفين (أولياء) هؤلاء بأمرهم.
وبعض أهل العلم ذكر ان خطاب الوضع متعلق بالصبي والمميز كضمان المتلف فقال ان هذا التعريف (التعليق بافعال المكلفين) يصدق على الحكم التكليفي لا على الحكم الوضعي. راجع حاشية العطار صحيفة
72
وهذا أيضا يقال فيه ما قيل في الأول من ان الحكم الوضعي وان كان في ظاهره متعلق بافعال المجنون والصبي مميزا كان او غير مميز الا انه في حقيقته متوجه الى المكلف فالذي يضمن هو ولي الصبي او المجنون او القائم عليه وإن كان من مال الصبي او المجنون إن كان ذا مال، لأن الاثم ان وقع بالتفريط في اداء هذه المتلفات انما يقع على الولي ولا يقع على المجنون او الصبي فدل على ان خطاب الشارع غير متعلق به.
.
ألس وجيه ياشيخ زياد قيد (أفعال العباد) بدل (أفعال المكلفين)
لأن توجيه بعض الخطابات للصبيان يشعر بان الخطاب موجه لهم مباشرة لا لأوليائهم، كما قال عمر بن أبي سلمة –رضي الله عنه – كنت غلاما في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم – وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: ياغلام، سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك. وكذلك زجره صلى الله عليه وسلم للحسن- رضي الله عنه – على أكل تمر الصدقة. فتوجيه الخطاب للغلمان غير البالغين ممكن، فيؤمرون وينهون في حدود وعيهم وفهمهم، كما يعاقبون ويؤدبون في حدود ما يعقلون، ولا يلزم من عدم ترتب العقاب عليهم في الآخرة أن لا يكونوا مأمورين، ولذلك قال بعض العلماء أن تعلق الخطاب بفعل الصبي للندب، فيثابون على فعله، ومن جاز أن يتعلق بفعله الثواب جاز أن يتوجه إليه الخطاب وإن لم يكن لازما له. هذا بالنسبة لخطاب التكليف، أما خطاب الوضع فواضح تعلقه به في ضمان المتلفات(106/65)
هل يلزم ذكر الدليل عند الأصوليين ومن قال ذلك من الأئمة
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[26 - 02 - 05, 03:16 م]ـ
من قال من الأئمة والعلماء بأن ليس بضروري على الفقية أو الفقهاء ذكر الدليل من الكتاب والسنة .. ؟
ـ[عبدالرحمن العامر]ــــــــ[26 - 02 - 05, 05:01 م]ـ
الحمد لله.
ليست إجابة.
لكن ذكر أهل اعلم أنه لا يلزم المجتهد بذكر الدليل للمقلد بشتى أنواعه.
والمتأمل يجد أنَّ هذا هو مسلك الصحابة في فتاواهم, وكذلك الأئمة كمالك في المدونة والشافعي في مسائله والإمام أحمد كذلك في مسائله وعلى هذا جروا.
وأذكر أن ابن نجيم في البحر الرائق تطرق للمسألة, ورجح ماذكرتُ ونقل بعض الآراء في ذلك.
والله أعلم
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[01 - 03 - 05, 05:45 م]ـ
بارك الله فيك يا اخ عبد الرحمن(106/66)
سؤال مهم في أصول الفقه هل من مبين للفرق بين تنقيح المناط والسبر من يتكرم بالجواب عليه
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 05, 04:08 م]ـ
إخواني في الله: هل من مبين للفرق بين تنقيح المناط والسبر والتقسيم فإني لم أستطع التفرقة بينهما؟
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[05 - 03 - 05, 04:32 م]ـ
سبق الحديث عليه قبل سنتين تقريبا على هذا الرابط الرد رقم 11.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5364&highlight=%C7%E1%D3%C8%D1
لكن هناك زيادة اذكرها لك لاحقا بأذن الله وهذه المواضيع القديمة الانسان يجد فيها بعض المواضع تحتاج الى تحرير و لايرضى عنها.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[05 - 03 - 05, 06:52 م]ـ
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في كتابه المذكرة (الضرب الثاني: تنقيح المناط، والتنقيح في اللغة التهذيب والتصفية، فمعنى تنقيح المناط تهذيب العلة وتصفيتها بالغاء ما لا يصلح للتعليل واعتبار الصالح له. ومثاله: قصة الأعرابي المجامع في نهار رمضان. ففي بعض رواياتها أنه جاء يضرب صدره وينتف شعره ويقول: هلكت، وأقعت أهلي في نهار رمضان. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعتق رقبة. فكونه إعرابياً، وكونه يضرب صدره، وينتف شعره، وكون الموطوءة زوجته مثلا، كلها أوصاف لا تصلح للعلية فتلغي تنقيحاً للعلة أي تصفية لها عند الاختلاط بما ليس بصالح.
واعلم أن تنقيح المناط تارة يكون بحذف بعض الأوصاف لأنها لا تصلح، وتارة بزيادة بعض الأوصاف لأنها صالحة للتعليل. وقد اجتمع مثالهما في قصة الأعرابي المذكورة. فقد نقح فيها المناط الشافعي وأحمد مرة واحدة وهي تنقيحه بحذف بعض الأوصاف كما قلنا. ونقحه مالك وأبو حنيفة مرتين: الأولى هي هذه التي ذكرنا، والثانية هي تنقيحه بزيادة بعض الأوصاف وهي: أن سالكا وأبا حنيفة ألفيا خصوص الوقاع وأناطا الحكم بانتهاك حرمة رمضان فأوجبا الكفارة في الأكل والشرب عمداً فزادا الأكل والشرب على الوقاع تنقيحاً بزيادة بعض الأوصاف.
(تنبيه)
هذه الصورة التي فسر بها المؤلف تنقيح المناط وهي تنقيحة النقص هي السير والتقسيم بعينه وتنقيحة الزيادة هي مفهوم الموافقة بعينه وهو المعروف عند الشافعي رحمه الله بالقياس في معنى الأصل.).
فالسبر و التقسيم طريقه من طرق تنقيح المناط أي قسم منه لا قسيم له.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[05 - 03 - 05, 07:09 م]ـ
فالسبر و التقسيم في الأصل عملية عقلية و لما كان معرفة العلة في الإحكام الشرعية يحتاج إلى هذه العملية استعملها أهل العلم في إثبات العلة قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله (النوع الثاني في اثبات العلة (السبر ... الخ .. )
اعلم أولا أن هذا المسلك من مسالك العلة، يسمى بالسبر فقط، وبالتقسيم فقط، وبهما معاً، وهو الأكثر، والسبر بالفتح لغة: الاختبار، ومنه يسمى ما يعرف به طول الجرح وعرضه سباراً ومسباراً، وأصل هذا الدليل من حيث هو مبني على أمرين:
أحدهما: حصر أوصاف المحل، وهو المعبر عنه بالتقسيم.
ثانيهما: ابطال ما ليس صالحاً للتعليل بطريق من طرق الأبطال الآتية. . فيتعين الوصف الباقي وهو المعبر عنه بالسبر.).
فالسبر و التقسيم يستعمل عند تعارض الأدلة و عند تعارض العلل و عند إثبات العلة و يستخدم في تنقيح المناط و في تحقيقه و في تخريجه.(106/67)
سؤال حول الأحكام الشرعية في اصطلاح الأصوليين
ـ[عمر بن إبراهيم]ــــــــ[07 - 03 - 05, 10:05 ص]ـ
أقرأ في شرح للورقات ولم أفهم جزئية، فأرجوا المساعدة في فهمها.
هناك خمسة شروط يجب توافرها في النص لكي يُستنتج أنه يمكن استخدامه كحكم شرعي. ومنها أن يكون متعلقًا بأفعال المكلفين، فالأحكام الشرعية لا تكون في الذوات. مثال: حكم اللاقط ومكبر الصوت.
فالذي فهمته أنك لا تستطيع الحكم على الذات بأحد الأحكام الشرعية التكليفية من واجب ومندوب ومباح ومحظور ومكروه، لكنَّ حكمك عوضًا يكون موجها إلى ما تنتجه تلك الذات وما قد تستعمل فيه؟ فالعبرة في الأثر
فوددت أن أعرف إذا ما كان فهمي صحيح، فهل هو كذلك؟
وإذا كان فهمي صحيح فما القول في الخمرة أهي محرمة لذاتها أم بسبب ما ينتج منها؟ ولحم الخنزير كذلك؟
جزاكم الله خيرا(106/68)
" مصطلحات الألقاب عند فقهاء المذاهب الأربعة "
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[11 - 03 - 05, 12:19 ص]ـ
بحث " مصطلحات الألقاب عند فقهاء المذاهب الأربعة "
د. عبد الحق حميش
أستاذ مشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – في جامعة الشارقة.
نُشر بمجلة " الشريعة والدراسات الإسلامية "
عدد 60 - السنة 20
محرم 1426ه – مارس 2005 م.
من ص271 إلى ص 355
سوف نقوم بمشيئة الله بكتابته في " متندى العلوم الشرعية " بملتقى أهل الحديث "
على فترات متقاربة، حتى إذا ما انتهينا منه نقوم برفعه عل هيئة ملف " وورد "
وسنراعي في الكتابة:
1 - ذكر رقم الصفحة حت يسهل العزو إليه.
2 - إثبات الهوامش
3 - إنْ كانت هناك فائدة ليست في الأصل أثبتناها بين معكوفتين []
" مصطلحات الألقاب عند فقهاء المذاهب الأربعة "
ص273
ملخص البحث:
إن الفقهاء في مصنفاتهم كثيراً ما يستعملون الألقاب والأسماء المبهمة
ويريدون عدداً من كبار أعلامهم؛ وذلك عوضاً عن ذكر اسم العَلَم كاملاً
بقصد الاختصار، فيبقى ذلك غامضاً خفياً على طلاب العلم، وهذه الدراسة
تتناول الموضوع بالبيان والتحليل:
ففي الجزء الأول من البحث تم تعريف اللقب، وبيان أهمية ألقاب الفقهاء، وما هي أسباب
ودواعي التلقيب، تاريخ ونشأة الألقاب، ثم بيان الحكم الشرعي للألقاب بالتفصيل، وقدم البحث
إحصاء لأهم المؤلفات في الألقاب.
أما الجزء الثاني من البحث فتناول أهم ألقاب الفقهاء في كل مذهب من المذاهب الأربعة، مثل:
-الأئمة الثلاثة، الأستاذ، الأقطع، الجصاص، برهان الأئمة، برهان الإسلام وغيرها عند الحنفية.
-الأئمة، والأخوان، والأستاذ، والإمام، والشيخ، وغيرها، عند المالكية.
-الأستاذ، والأصحاب، والإمام، وإمام الحرمين، والخرسانيون، وغيرها عند الشافعية.
-الأثرم، والآجري، والحربي، والخرقي، والخلال، وغيرها عند الحنابلة [في الأصل " الشافعية "
وهو خطأ مطبعي، وأثْبَتَ الصواب ص332 عند تفصيله لما أجمله في " ملخص البحث "]
وفي الأخير تمت المقارنة بين أهم الألقاب المتشابهة في المذاهب الفقهية الأربعة.
يتبع.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[11 - 03 - 05, 12:33 ص]ـ
أحسن الله إليك أخانا أشرف وجعل ذلك في ميزان حسناتك
وهو موضوع في غاية من الأهمية.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[11 - 03 - 05, 07:11 ص]ـ
جزاك الله خيراً على تشجيعك للموضوع، وهو كما تفضلت " موضوع في غاية من الأهمية "
اللهم اكتب لنا التمام.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[11 - 03 - 05, 07:18 ص]ـ
ص274
المقدمة:
إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله [صلى الله عليه وسلم] القائل:
" من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " (1)، وعلى آله وصحبه الأبرار الطيبين، وعلى من تبعهم وسلك طريقهم إلى يوم الدين.
أما بعد
فإن الفقهاء- في مصنفاتهم – كثيراً ما يستعملون المُبهمات من الأسماء والكتب، فيبقى ذلك مغلقاً على من لا اطلاع له على كتب الطبقات والتاريخ، ومن ليس له دراية أو ممارسة بمصطلحات الفقهاء والمختصين في ذلك، وإنَّ في الفقهاء جماعة لا يُعرفون إلا بألقابهم.
من ثم خطر لي أن أكتب في هذا الموضوع: حيث أجمع شتاته وألمُّ متفرقه؛ كي أقدم لطالب العلم والباحث في المسائل الفقهية نبذة أتمنى أن تكون كافية حول الألقاب التي اشتهر بها الفقهاء في مذاهبهم، وأُمهد قبل ذلك بمبحث مختصر عن اللقب: من حيث تعريفه، وأهميته، وأسباب ودواعي التلقيب، والأحكام الشرعية المتعلقة باللقب، خاصة وأنني لم أعثر على من أفرد هذا الموضوع ببحث أو تأليف، وإنما هي ألقاب وتعريفات منثورة في كتب الفقه وبعض كتب التراجم والأعلام.
المؤلفات السابقة في الموضوع:
في الحقيقة على الرغم من وجود مؤلفات قديمة وحديثة في ألقاب الصحابة والمحدثين والرواة والشعراء والألقاب الخاصة برتب الجيش، لكني لم أعثر على مؤلف يخص ألقاب الفقهاء:
(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين (71) 1/ 39،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/69)
ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة (6037) 2/ 718
ص275
إنما هناك بعض الكتب القليلة التي أَفردت لألقاب الفقهاء باباً خاصاً أو قسماً منها لهذا الموضوع، وفيما يلي الإشارة إلى بعضها:
1 - طبقات الحنفية: لعبد القادر ابن أبي الوفاء القرشي (375ه): قسَّمه مصنفه إلى كتب عنون لواحد منها: ب" الألقاب "، قال فيه: هذا كتاب أذكر فيه من اشتهر بلقبه من أصحابنا. (1)
2 - -كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب: الشيخ إبراهيم بن علي بن فرحون (779ه): خصَّ الفصل التاسع عشر من كتابه هذا: في بيان أسماء مُبهمة: حيث كشف النقاب في هذا الفصل عن العديد من الألقاب والأسماء المبهمة في الفقه المالكي بعامة، وفي كتابه " تسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات " بخاصة (2) [أنظر بحث " نبذة في اصطلاحات المالكية " لفضيلة الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر الجبرتى الزيلعى من علماء التخصص بكلية الشريعة بالأزهر الشريف، وقد تم رفع هذا البحث على هذا الموقع المبارك - وهذه النبذة استلها الشيخ من رسالته " بغية الطالبين فى اصطلاحات الفقهاء والفسرين " -.]
3 - - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: للعلامة الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي (1346ه)، قَسَّم كتابه إلى ثمانية عقود: جعل العقد السادس منها: فيما اصطلح عليه المؤلفون في فقه الإمام أحمد، مما يحتاج إليه المبتدئ، وقال فيه:
"قد غلب على الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: أنهم يكتفون في الألقاب بالنسبة إلى محلة أو قبيلة أو قرية، فيقولون - مثلاً-: الخرقي، نسبة إلى بيع الخرق، والخلال والطيالسي، والحربي، نسبة إلى باب حرب (محلة في بغداد)، وكالزهري والتميمي، وكاليونيني والبعلي والصاغاني والحراني وأمثال ذلك ... " (3).
فلقلة من اعتنى بهذا الموضوع من حيث إفراده ببحث خاص، ولأهميته لطلاب الفقه بالوقوف على ألقاب الفقهاء، ومعرفة الاسم الحقيقي لصاحب اللقب والتعرف على ترجمته، ونسبة الأقوال إلى أصحابها بدقة وأمانة – كان اختياري لهذا الموضوع.
(1) طبقات الفقهاء: لابن أبي الوفاء 1/ 360
(2) كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب: الشيخ ابن فرحون ص172
(3) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ابن حنبل: لابن بدران ص405.
ص276
خطة البحث: قسمت الموضوع على مبحثين.
المبحث الأول: في اللقب:
وتناولت فيه المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف " ألقاب الفقهاء "
1 - تعريف اللقب لغة.
2 - تعريف اللقب اصطلاحاً.
3 - الفرق بين الاسم واللقب والكنية.
4 - تعريف " ألقاب الفقهاء "
المطلب الثاني: أهمية موضوع " ألقاب الفقهاء ".
المطلب الثالث: العلوم والفنون التي دخلتها الألقاب.
المطلب الرابع: تاريخ ونشأة الألقاب.
المطلب الخامس: أسباب ودواعي التلقيب.
المطلب السادس: في حكم الألقاب.
-متى يكون اللقب محرماً؟
-متى يكون اللقب مستحباً؟
-متى يكون اللقب مباحاً؟
-شروط اللقب المباح.
-التعجيل بكنية الصبي.
فرع – تواضع العلماء عن الألقاب ورفض بعضهم لها.
المطلب السابع: أهم المؤلفات في الألقاب.
ص277
المبحث الثاني:
-الألقاب والأسماء المبهمة عند الفقهاء وقَسَّمته إلى خمسة مطالب.
المطلب الأول: ألقاب فقهاء المذهب الحنفي.
المطلب الثاني: ألقاب فقهاء المذهب المالكي.
المطلب الثالث: ألقاب فقهاء المذهب الشافعي.
المطلب الرابع: ألقاب فقهاء المذهب الحنبلي.
المطلب الخامس: مقارنة بين ألقاب الفقهاء في المذاهب الأربعة.
الخاتمة: وفيها أهم نتائج البحث.
مع ملاحظة أنني رتبت ألقاب كل مذهب حسب حسب الترتيب الألف بائي، واقتصرت على المذاهب الأربعة لشهرتها، ولأنني لو حاولت تتبع كل الألقاب لأصبح البحث طويلاً جداً، كما أنني ذكرت سبب اختصاص كل فقيه بلقبه متى عثرت على مَنْ نصَّ على ذلك، ولم أجتهد في تفسير الألقاب التي لم أقف على سببها.
فإِنْ وُفِّقتُ في إتمام هذا البحث على الوجه المطلوب فلله الشكر والمنة، وإن كان هناك تقصير أو خطأ فأسأله تعالى العفو عن كل خطأ وسهو ونسيان
وصلى الله على خاتم الأنبياء والمرسلين. [صلى الله عليه وسلم]
يتبع
ـ[عصمت الله]ــــــــ[11 - 03 - 05, 07:53 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد
شكرا لك جزيلا أخانا الكريم أشرف شرفك الله تعالى على قيامك بتزويدنا هذا البحث المهم والقيم
لزميلي و حبيبي الذي عثرت على أثر له بعد مدة مديدة ن، بلغه سلاماتي و تحياتي إذا كنت على اتصال به
ـ[حسيني]ــــــــ[11 - 03 - 05, 12:32 م]ـ
أحسن الله إليك أخانا أشرف نحن في إنتظار الملف
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[11 - 03 - 05, 10:39 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته أخي الفاضل " عصمت الله "، وأُعلمك أنني لست على إتصال بصاحب البحث " جزاه الله خيراً ".
أخي " حسيني " ملف " الوورد " بعد الإنتهاء من البحث كاملاُ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/70)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[11 - 03 - 05, 10:45 م]ـ
ص278
المبحث الأول
يتناول هذا المبحث تعريف اللقب والألقاب الفقهية، وأهمية الألقاب الفقهية، والعلوم والفنون التي دخلتها الألقاب، وتاريخ ونشأة الألقاب، وأسباب ودواعي التلقيب، وحكم الألقاب، مع أهم المؤلفات والكتب في الألقاب:
المطلب الأول
تعريف ألقاب الفقهاء
تعريف اللقب لغةً:
اللقب واحد الألقاب، وهي الإنباذ (1)، فاللقب: هو النبذ (2)، ويقال: لقَّبه بكذا فتلقب به.
وقال غير واحد من علماء اللغة: هو اسم غير مسمى به (3).
قال ابن الجوزي: الألقاب جمع لقب: وهو اسم يُدعى به الإنسان، سوى الاسم الذي سمي به (4).
وقيل: هو ما يسمى به الإنسان بعد اسمه الأول (العَلَم) من لفظ يدل على المدح أو الذم لمعنىً فيه (5).
لكن العامة استعملت اللقب في موضع النعت الحَسن، وأوقعوه موقعه لكثرة استعمالهم إياه، حتى وقع الإتفاق والاصطلاح على استعماله في التشريف والإجلال والتعظيم والزيادة في النباهة والتكرمة (6).
(1) الصحاح: الجوهري، مادة لقب 1/ 220.
(2) لسان العرب: ابن منظور، مادة لقب 1/ 743.
(3) تاج العروس: الزبيدي، مادة لقب 1/ 473.
(4) زاد المسير: ابن الجوزي 7/ 467.
(5) التعريفات: الجرجاني ص247.
(6) صبح الأعشى: القلقشندي 1/ 42.
ص279
2 - تعريف اللقب اصطلاحاً:
ولا يخرج التعريف الاصطلاحي للقب عن التعريف اللغوي: وهو ما أشعر بخسة أو شَرف، سواء أكان ملقباً به صاحبه أم اخترعه له النابز.
يقول الخطيب الشربيني في تعريف اللقب: هو" اسم ما يدعى الاسم به يشعر بضعَة المسمى أورفعته، والمقصود به الشهرة" (1)، والعمدة فيه الاستعمال.
3 - الفرق بين اللقب والاسم والكنية:
ينقسم الاسم العَلَم عند علماء العربية إلى ثلاثة أقسام (2): اسم، كنية، لقب:
-أما الاسم فهو لغةً: ما وضع لشيء من الأشياء ودل على معنى من المعاني، جوهراً كان أو عَرَضاً.
والاسم اصطلاحاً: هو ما يعرف به الشيء ويُستدل به عليه، وهو ينقسم إلى (اسم عين)، وهو: الذي يدل على معنى يقوم بذاته كزيد وعمرو وأحمد ومحمد، وإلى (اسم معنى)، وهو: ما لا يقع بذاته، سواء أكان معنى وجودياً كالعلم أم علمياً كالجهل (3).
-أما الكنية: فتطلق في اللغة على الشخص للتعظيم، وهي ما صُدِّر بأب وأم، كأبي بكر، وأبي حفص، وأم الحَسن، وأم عمرو (4).
وتستعمل الكنية مع الاسم ومع اللقب، أو بدونهما؛ تفخيماً لشأن صاحبها أن يذكر اسمه مجرداً (5)، قال العَيني: الكنية للعرب كاللقب للعجم (6).
(1) مغني المحتاج: الشربيني، الخطيب 4/ 295.
(2) شرح قطر الندى: ابن هشام ص96، شرح شذور الذهب: ابن هشام 1/ 180، تحفة الأحوذي: المباركفوري 8/ 106.
(3) لسان العرب: مادة سما 6/ 381 - 382، الموسوعة الفقهية 36/ 288.
(4) شرح قطر الندى ص97، تحفة الأحوذي: 8/ 106.
(5) انظر المراجع السابقة.
(6) عمدة القاري: العيني 22/ 213.
ص280
والفرق بين اللقب والاسم: أنَّ ما قُصد به التعظيم أو التحقير فهو لقب، وإلا فهواسم (1).
والفرق بين اللقب والكنية: أن الكنية غالباً تكون للتفخيم، وتكون لأشراف الناس وأما اللقب يكون للمدح وللإشعار برِفعة المسمى، وقد يكون للذم (2).
4 - تعريف ألقاب الفقهاء:
هذا مركب إضافي من كلمتين "ألقاب" و"الفقهاء"، والألقاب قد سبق تعريفها، أما الفقهاء: فهي جمع للفقيه، وهو اسم فاعل مِنْ فَقُهَ:
والفقه لغةً: مطلق الفهم، وقيل: فهم الأشياء الدقيقة، وقيل: فهم غرض المتكلم من كلامه (3).
أما اصطلاحاً: فهو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب [أي العلم] من أدلتها التفصيلية (4)، والفقيه كما قال ابن عابدين: هو من بلغ من الفقه الغاية القصوى (5).
وألقاب الفقهاء التي نقصدها في بحثنا هذا: هي تلك الألقاب العلمية التي عرف بها الفقهاء واشتهروا بها دون أسمائهم الحقيقية.
(1) الفروق اللغوية: العسكري ص17.
(2) الفروق اللغوية ص17
(3) القاموس المحيط: الفيروز آبادي، مادة فقه 1/ 1714.
(4) الإبهاج للسبكي، عبد الكافي 1/ 28، البحر المحيط: الزركشي 2/ 21.
(5) حاشية ابن عابدين 6/ 690.
يتبع
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[14 - 03 - 05, 11:58 م]ـ
المطلب الثاني
أهمية ألقاب الفقهاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/71)
إن موضوع ألقاب الفقهاء العلمية وغيرها من الألقاب الفخرية والآداب في الألفاظ: هو من مسائل العلم التي عني بها العلماء – قديماًوحديثاً- بالبحث
ص281
والتوجيه تبعاً واستقلالاً، على اختلاف مشاربهم: مفسرين ومحدثين وفقهاء ومؤرخين وأدباء (1).
فمن علوم الحديث والإسناد الذي أولاه العلماء اهتمامهم: معرفة ألقاب الرواة والمحدثين التي يشتهرون بها، وذلك أنهم كثيراً ما يُذْكَرُون في الأسانيد بألقابهم دون أسماءهم، فيصعب معرفة حال السند لمن لا يدري لقب الراوي، ويتوقف العمل بحديثه حتى يُعرف حاله: من الثقة والضبط، والإتقان والحفظ، ولذلك ألَّف العلماء المتقدمون والمتأخرون كتباً في معرفة الأنساب والألقاب، وما يتصل بكشف الأسماء المبهمة أو المشتركة بين العلماء؛ ليتم لأهل العلم الحكم على الراوي بقبول روايته أو ردها؛ استناداً إلى معرفته وتبيينه على سبيل العلم واليقين (2).
... [حذفت جملة مكررة المضمون].
وتكمن أهمية كتب الأبحاث التي ألفت في الألفاب كما قال الخوانساري:
"كتاب الألقاب يُذكر فيه منشأ تلقب المتلقبين بما لقبوا به ... (4).
ونلخص أهمية الوقوف على ألقاب الفقهاء في النقاط التالية:
-الوقوف على الاسم الحقيقي لصاحب اللقب؛ وذلك لأن كثيراً من ألقاب العلماء أشهر من أسمائهم، ولا يعرف شيء عنهم.
-لتنزيل الناس منازلهم (5).
-نسبة الأقوال إلى أصحابها بدقة وأمانة، وعدم اختلاط الألقاب والأسماء بغير أصحابها.
- لمعرفة سبب التلقيب قدر الإمكان.
(1) تغريب الألقاب العلمية: بكر أبو زيد، ص5.
(2) مقدمة تحقيق كتاب " نزهة الألباب في الألقاب ": عبد العزيز السديري، ص1.
(4) روضات الجنات: الخوانساري، ص411.
(5) جواهر العقود: السيوطي، 2/ 477.
ص282
-إن معرفة الألقاب – ومنها ألقاب الفقهاء – من الأمور النفيسة والعلوم الجليلة (1)، كما أشار إلى ذلك كثير من العلماء.
-لأهمية موضوع ألقاب الفقهاء عقد له العالم الحنبلي ابن بدران فصلاً كاملاً من كتابه المدخل إلى الفقه الحنبلي حيث قال: " العقد السادس: فيما اصطلح عليه المؤلفون في فقه الإمام أحمد مما يحتاج إليه المبتديء وأبرز الأسماء التي تُذكر في مصنفاتهم " (2).
(1) مقدمة كتاب " الألقاب " للجياني: د. محمد أبو الفضل، ص9.
(2) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد: ابن بدران، ص405.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[15 - 03 - 05, 10:19 ص]ـ
المطلب الثالث
العلوم والفنون التي دخلتها الألقاب
لقد دخلت الألقاب علوماً وفنوناً مختلفة: كالتفسير ومصطلح الحديث والفقه والتاريخ والأدب والشعر ورتب الجيش والسلطان.
-فمن المفسرين من يبحثها في تفسير آية الحجرات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11]
-وفي تفسير قوله تعالى: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم/7]، وقوله تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه/44].
-والمحدثون يعقدون لها أبواباً في كتب الأدب والرقاق من مؤلفاتهم الحديثية، ففي تراجم النووي على صحيح مسلم قال: (كتاب الألقاب)، و في مصنفات أهل الاصطلاح، وآداب العالم والمتعلم: تبيان ألقاب المحدثين، وما يلحق بذلك استطراداً عند بعضهم.
-وفقهاء الشريعة يذكرونها – عرضاً- في مباحث تسمية المولود، وأخريات الجهاد، وباب الردة، ونحو ذلك في مناسبات فقهية، كمباحث القضاء والفتيا (3).
(3) تغريب الألقاب العلمية ص7
ص283
وفي كتب المذاهب اشتهرت ألقاب بعض الفقهاء، لصقت بهم،و قد لا تُعرف أسماؤهم الحقيقية، وقد تكون مشتركة بين أكثر من عالم في المذهب الواحد، أو بين المذاهب الفقهية الأربعة، مما يستوجب بيانها،وبخاصة الأسماء المبهمة منها، ومع الأسف – وكما سبق أن نبهت في مقدمة البحث – فإن ألقاب الفقهاء لم تفرد بالدراسة كما كان الأمر في ألقاب المحدثين، أو ألقاب الشعراء.
- وقد اهتم علماء الأدب والشعر بالألقاب؛ لأهميتها، ولأن كثيراً من الأدباء والشعراء اشتهروا بألقابهم، وهناك شعراء لقبوا بأشعارهم، والحقيقة أن الشعراء استأثروا بالكثير من ألقاب الرجال، إذ قلما نعثر عل شاعر لم يحظ بلقب اختاره لنفسه، أو اختاره له غيره، وقد فطن لهذا الأقدمون، فوضعوا العديد من المصنفات، واستقصوا بها ما وصل إليهم من تلك الألقاب (1)، مثل ما صنع ابن حبيب (245هجرية) في كتابه " ألقاب الشعراء "، أو ابن الفوطي (723هج) في " مجمع الآداب في معجم الألقاب " (2).
-كما كان لرتب الجيش والسلطان وأرباب الوظائف نصيب في موضوع الألقاب، فمن ألقاب السلطان: الخليفة، الملك، الأمير، الإمام.
-وهناك ألقاب أرباب الأقلام (3)، منها: القاضي، والمحتسب (4)، والكاتب (5)، وصاحب المظالم (6).
(1) معجم ألقاب الشعراء: العاني، د. سامي مكي ص5.
(2) وسوف نذكر في ختام هذا المبحث إحصاء لمعظم المصنفات التي أُلفت في موضوع الألقاب في جميع الفنون والتخصصات.
(3) أرباب القلم: هم أكابر الدولة والمسؤولون، وأصحاب الوظائف المهمة في البلد (جواهر العقود 2/ 478).
(4) المحتسب: وهو من يأمر بواجبات الشرع، وينهى عن محرماته (روضة الطالبين 10/ 217).
(5) الكاتب: وهو الذي يكتب كتاب الدعوى وأسماء الشهود وشهاداتهم (حاشية البيجرمي 2/ 169، تحفة الفقهاء 3/ 373).
(6) صاحب المظالم: هو المتولي لولاية المظالم، وهي ولاية متخصصة تنظر في القضايا التي عجز القاضي أن ينظر فيها، فينظر فيها [في الأصل: فيه] من كان أقوى منه يداً (الطرق الحكمية ص344، أحكام القرآن –لابن العربي 4/ 61).
يتبع
المطلب الرابع
في تاريخ ونشأة الألقاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/72)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[16 - 03 - 05, 01:14 ص]ـ
ص284
المطلب الرابع
في تاريخ ونشأة الألقاب
لقد وُجدت الأسماء والألقاب مع وجود الإنسان، وذلك باعتبار المدنية الطبيعية المقتضية للتعامل مع الأشخاص والأشياء المختلفة الموجبة للتمييز فيما بينها، وتاريخ الألقاب عند العرب والمسلمين واسع الميدان بعيد المدى.
ولقد أولع العرب منذ القدم بالألقاب، فتفننوا بها، وتنابزوا ببعض منها، وتفاخروا ببعضا الآخر، وتعدوا الرجال إلى الخيول، فوضعوا لها الألقاب، وأبدعوا الأسماء، وصنعوا الشيء نفسه للسيوف والرماح، وغيرهما من عدة الحرب.
اهتم العرب بالألقاب، وشغلت حيزاً كبيراً من اهتماماتهم، فتفننوا في ابتكارها، وتندروا بها في اجتماعاتهم مجالسهم الأدبية وحلقاتهم العلمية.
هذا وقد اشتهرت الألقاب بين الرسل عليهم السلام: فمن أشرف من اشتهر باللقب الجميل:
- إبراهيم الخليل: في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء /125].
- موسى الكليم: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء/164].
- عيسى المسيح: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران/ 45].
- ولقب يونس بذي النون: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء /87].
قال الزمخشري: لم تكن الكنى لشيء في الأمم إلا للعرب خاصة، وهي من فخارها (1)، والكنية إعظام، وما كان يؤهل لها إلا ذو شرف من قومه، والذي
(1) الفخار: التمدح بالخصال، والافتخار، وعد القديم (لسان العرب: مادة فخر 5/ 48)
ص285
دعاهم إلى التكنية: الإجلال عن التصريح بالاسم بالكناية عنه، ثم ترقوا عن الكنى إلى الألقاب الحسنة.
وأما اللقب فهو غير خاص بالعرب، قال صاحب المدخل: إنها بدعة ممنوعة التجاوز في الألقاب، ووصف الإنسان بغير ما هو فيه (1).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلقب قبل البعثة بالأمين (2).
ووردت التواريخ بذكر ألقاب جماعة من العرب في الجاهلية: كذي يزن، وذي المنار، وذي نواس، وذي رعين، وذي جذن، وغيرهم، مما هو مشهور وشائع (3).
- وأغرب مافي تطور الألقاب: استعمالها للمدح والتعظيم، بعد أن كان للذم والاحتقار، قال تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11]
وقال فزارة:
الكنية حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه فالسَّوْأة اللقب (4)
فعن أبي جبيرة بن الضحاك قال: فينا نزلت معشر الأنصار {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11] قدم علينا النبي صلى الله عليه وسلم والرجل منا له الاسمان والثلاثة (5)، قال: فدعى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً باسم من تلك الأسماء فقالوا: يارسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنه يغضب من هذا، فأنزل الله تعالى {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (6).
ولقد لقب رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، منهم: (7)
(1) المدخل: ابن الحاج 2/ 127.
(2) راجع الحديث في مصنف عبد الرزاق: 5/ 313، والطبراني: المعجم الأوسط (2442) 3/ 50.
(3) صبح الأعشى 4/ 414.
(4) المزهر في علوم اللغة 1/ 273.
(5) يعني يلقبونه بألقاب كثيرة.
(6) أخرجه أحمد (18314) 4/ 260، وأبو داود عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن داود به، في الأدب، باب في الألقاب (4962) 4/ 290، وابن ماجة في كتاب الأدب، باب الألقاب عن أبي بكر (3741) 2/ 1231، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح 7/ 111.
(7) نزهة الألباب في الألقاب: ابن حجر 1/ 42.
ص286
1 - خالد بن الوليد: سيف الله، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم (1)، قال ابن حجر: " قوله: حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله يعني به خالد بن الوليد " (2).
2 - أبو عبيدة بن الجراح: أمين هذه الأمة، فعن أنس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لكل أمة أمين، وإن أميننا – أيتها الأمة -: أبو عبيدة بن الجراح " (3).
3 - أبو بكر: بالصديق، روى ابن سعد أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليلة أُسري بي: قلت لجبريل: إن قومي لا يصدقونني، فقال له جبريل: يصدقك أبو بكر، وهو الصديق " (4).
وقال ابن حجر: ولقب الصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم (5)، وروى الطبراني من حديث علي: إنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق (6).
4 - عمر ابن الخطاب: بالفاروق، فعن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟ قالت النبي الله صلى الله عليه وسلم (7).
5 - وعثمان ابن عفان بذي النورين: كان يلقب بذي النورين؛ لأنه جمع بين ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عثمان بن عفان أشبه
(1) صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة من أرض الشام (4262) 5/ 86.
(2) فتح الباري: العسقلاني، ابن حجر 7/ 513.
(3) صحيح البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح (3745) 4/ 216.
(4) الطبقات الكبرى: ابن سعد 3/ 170.
(5) فتح الباري 7/ 9.
(6) الرياض النضرة: الطبري، أبو جعفر: 1/ 252.
(7) الطبقات الكبرى 3/ 270، تاريخ مدينة دمشق 44/ 50
ص287
الناس بي خلقاً وخلقاً وديناً وسمتاً، وهو ذو النورين، زوجته ابنتي، وهو معي في الجنة كهاتين) وحرَّك السبابة والوسطى (1)
يتبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/73)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[16 - 03 - 05, 01:17 ص]ـ
ص284
المطلب الرابع
في تاريخ ونشأة الألقاب
لقد وُجدت الأسماء والألقاب مع وجود الإنسان، وذلك باعتبار المدنية الطبيعية المقتضية للتعامل مع الأشخاص والأشياء المختلفة الموجبة للتمييز فيما بينها، وتاريخ الألقاب عند العرب والمسلمين واسع الميدان بعيد المدى.
ولقد أولع العرب منذ القدم بالألقاب، فتفننوا بها، وتنابزوا ببعض منها، وتفاخروا ببعضا الآخر، وتعدوا الرجال إلى الخيول، فوضعوا لها الألقاب، وأبدعوا الأسماء، وصنعوا الشيء نفسه للسيوف والرماح، وغيرهما من عدة الحرب.
اهتم العرب بالألقاب، وشغلت حيزاً كبيراً من اهتماماتهم، فتفننوا في ابتكارها، وتندروا بها في اجتماعاتهم مجالسهم الأدبية وحلقاتهم العلمية.
هذا وقد اشتهرت الألقاب بين الرسل عليهم السلام: فمن أشرف من اشتهر باللقب الجميل:
- إبراهيم الخليل: في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء /125].
- موسى الكليم: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء/164].
- عيسى المسيح: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران/ 45].
- ولقب يونس بذي النون: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء /87].
قال الزمخشري: لم تكن الكنى لشيء في الأمم إلا للعرب خاصة، وهي من فخارها (1)، والكنية إعظام، وما كان يؤهل لها إلا ذو شرف من قومه، والذي
(1) الفخار: التمدح بالخصال، والافتخار، وعد القديم (لسان العرب: مادة فخر 5/ 48)
ص285
دعاهم إلى التكنية: الإجلال عن التصريح بالاسم بالكناية عنه، ثم ترقوا عن الكنى إلى الألقاب الحسنة.
وأما اللقب فهو غير خاص بالعرب، قال صاحب المدخل: إنها بدعة ممنوعة التجاوز في الألقاب، ووصف الإنسان بغير ما هو فيه (1).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلقب قبل البعثة بالأمين (2).
ووردت التواريخ بذكر ألقاب جماعة من العرب في الجاهلية: كذي يزن، وذي المنار، وذي نواس، وذي رعين، وذي جذن، وغيرهم، مما هو مشهور وشائع (3).
-وأغرب مافي تطور الألقاب: استعمالها للمدح والتعظيم، بعد أن كان للذم والاحتقار، قال تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11]
وقال فزارة:
الكنية حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه فالسَّوْأة اللقب (4)
فعن أبي جبيرة بن الضحاك قال: فينا نزلت معشر الأنصار {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11] قدم علينا النبي صلى الله عليه وسلم والرجل منا له الاسمان والثلاثة (5)، قال: فدعى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً باسم من تلك الأسماء فقالوا: يارسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنه يغضب من هذا، فأنزل الله تعالى {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (6).
ولقد لقب رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، منهم: (7)
(1) المدخل: ابن الحاج 2/ 127.
(2) راجع الحديث في مصنف عبد الرزاق: 5/ 313، والطبراني: المعجم الأوسط (2442) 3/ 50.
(3) صبح الأعشى 4/ 414.
(4) المزهر في علوم اللغة 1/ 273.
(5) يعني يلقبونه بألقاب كثيرة.
(6) أخرجه أحمد (18314) 4/ 260، وأبو داود عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن داود به، في الأدب، باب في الألقاب (4962) 4/ 290، وابن ماجة في كتاب الأدب، باب الألقاب عن أبي بكر (3741) 2/ 1231، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح 7/ 111.
(7) نزهة الألباب في الألقاب: ابن حجر 1/ 42.
ص286
1 - خالد بن الوليد: سيف الله، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم (1)، قال ابن حجر: " قوله: حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله يعني به خالد بن الوليد " (2).
2 - أبو عبيدة بن الجراح: أمين هذه الأمة، فعن أنس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لكل أمة أمين، وإن أميننا – أيتها الأمة -: أبو عبيدة بن الجراح " (3).
3 - أبو بكر: بالصديق، روى ابن سعد أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليلة أُسري بي: قلت لجبريل: إن قومي لا يصدقونني، فقال له جبريل: يصدقك أبو بكر، وهو الصديق " (4).
وقال ابن حجر: ولقب الصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم (5)، وروى الطبراني من حديث علي: إنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق (6).
4 - عمر ابن الخطاب: بالفاروق، فعن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟ قالت النبي الله صلى الله عليه وسلم (7).
5 - وعثمان ابن عفان بذي النورين: كان يلقب بذي النورين؛ لأنه جمع بين ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عثمان بن عفان أشبه
(1) صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة من أرض الشام (4262) 5/ 86.
(2) فتح الباري: العسقلاني، ابن حجر 7/ 513.
(3) صحيح البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح (3745) 4/ 216.
(4) الطبقات الكبرى: ابن سعد 3/ 170.
(5) فتح الباري 7/ 9.
(6) الرياض النضرة: الطبري، أبو جعفر: 1/ 252.
(7) الطبقات الكبرى 3/ 270، تاريخ مدينة دمشق 44/ 50
ص287
الناس بي خلقاً وخلقاً وديناً وسمتاً، وهو ذو النورين، زوجته ابنتي، وهو معي في الجنة كهاتين) وحرَّك السبابة والوسطى (1)
يتبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/74)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[16 - 03 - 05, 09:35 ص]ـ
6 - ولقَّب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (بأبي تراب) (2).
7 - وحمزة: بأسد الله، فعن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده قال: قال صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده إنه مكتوب عند الله عزوجل في السماء السابعة حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله) وقال ابن هشام: قال صلى الله عليه وسلم: " جاءني جبريل فأخبرني أن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في أهل السموات السبع أسد الله ورسوله " (3).
8 - وسمى قبيلتي الأوس والخزرج: الأنصار، فعن غيلان بن جرير قال: قلت لأنس: " أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله؟ قال: بل سمانا الله " (4).
وقال ابن حجر: هو اسم سمى به النبي صلى الله عليه وسلم الأوس والخزرج وحلفائهم (5)
ثم انتقلت الألقاب إلى التابعين، فكان الحسن البصري يسمي محمد بن واسع: زين القراء (6).
وسفيان الثوري يدعو المعافى بن عمران: ياقوتة العلماء (7).
وعبد الله بن المبارك يلقب محمد بن يوسف الأصبهاني، عروس الزهاد، أو عروس العباد (8).
ولم يتلقب أحد من خلفاء بني أمية، ولكن لما صارت الخلافة إلى بني
(1) سمط النجوم العوالي: المكي 2/ 537، تاريخ مدينة دمشق 39/ 47.
(2) معرفة علوم الحديث: الحاكم النيسابوري 1/ 211.
(3) أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 9/ 268).
(4) صحيح البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب الأنصار (3776) 4/ 221.
(5) فتح الباري: 7/ 110.
(6) الحلية: الأصفهاني، أبو نعيم 2/ 346.
(7) تذكرة الحفاظ: الذهبي 1/ 287.
(8) الحلية: 8/ 226.
ص288
العباس، وأخذت البيعة لإبراهيم بن محمد لقب بالإمام، وأصبح للألقاب شأن عظيم في الدولة.
ثم تلقب من بعدهم من وخلفائهم: محمد بن علي بالسفاح؛ لكثرة ما سفح من دماء بني أمية
واستقرت الألقاب جاريةً على خلفائهم – كذلك – إلى أن ولي الخلافة أبو إسحاق إبراهيم بن الرشيد – بعد أخيه المأمون – فتلقب بالمعتصم بالله، فكان أول من أضيف في لقبه من الخلفاء اسم الله.
وجرى الأمر على ذلك فيمن بعده من الخلفاء: كالواثق بالله، والمتوكل على الله، والطائع لله، والقائم بأمر الله، والناصر لدين الله، وما أشبه ذلك من الألقاب.
ثم وقع التلقيب بالإضافة إالى الدولة في أيام المكتفي بالله: فلقب المكتفي أبا الحسين بن القاسم بن عبيد الله وليَّ الدولة، وهو أول من لقب بالإضافة إلى الدولة.
وكان الكُتَّاب في أواخر الدولة الفاطمية إلى أثناء الدولة الأيوبية يُلقبون بالفاضل والرشيد والعماد، وما أشبه ذلك، ثم دخلوا في عموم التلقيب بالإضافة إلى الدين.
ففي أول القرن الخامس ظهرت الألقاب المضافة إلى الدين، وإن أول لقب حدث هو " علاء الدين " (1).
أما ملوك الطوائف بالأندلس فاقتسموا ألقاب الخلافة وتوزعوها لقوة استبدادهم عليها، بما كانوا من قبيلها وعصبيتها، فتلقبوا بالناصر والمنصور والمعتمد والمظفر وأمثالها، كما قال ابن أبي شرف ينعي عليهم:
مما يزهدني في أرض أندلسٍ أسماء معتمد فيها ومعتضدِ
ألقاب مملكةٍ في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد (2).
(1) الجواهر والدرر: السخاوي 1/ 48.
(2) المقدمة: لابن خلدون ص229.
ص289
ولما جاءت دولة الموحدين لم تستمكن فيها الحضارة الداعية إلى انتحال الألقاب وتمييز الخطط وتعيينها بالأسماء (1)، وهكذا كان انتشار الألقاب واضمحلالها بين العصور الإسلامية المختلفة.
•قلة الألقاب في هذا العصر، وانتشار الألقاب الغربية:
وفي عصرنا -هذا- دخلت المنطقة العربية ألقاباً غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا، يقول الشيخ بكر أبو زيد: " فواقعة الألقاب –إذاً- قديمة في أصل وجودها، واتساع دائرة التلقيب، وحديثه بحدوث بعض الألقاب وتجددها، وذلك بانتقال الغربي منها إلى الصعيد الشرقي؛ لكثافة عوامل الاتصال بين المشارق والمغارب، وسرعة تأثر بني جلدتنا بكل وافد غربي، حتى في ألفاظ مولدة تلوكها ألسنة الوافدين منهم، يقذفون بها في آذان المجتمع، فما تلبث تلكم الألفاظ المؤذية لأهل اللسان العربي –جملة وتفصيلاً، والمرفوضة من حيث المبدأ لدى حملة الشريعة المطهرة – أن تصبح سمة من السمات في درج الكلام شفاهاً أو تحريراً، فازدادت المحنة في هًجْنَة اللسان العربي، وطغت مولدات الغريب على لغة القرآن، فعظم العدوان على بنت عدنان (2)، وندر الآخذون بالثأر، الموقظون لأمتهم من تغريب اللسان، فاشتدت الأزمة وأصبح سراج الأمل يضيء إضاءة خافتة، تناكدها رياح الخوف واليأس، لتضافر عوامل التغريب في سائر مقومات الأمة الإسلامية: في بنيتها، وأخلاقها وخططها الإنمائية (3).
ويلاحظ في العقود الأخيرة قلة الألقاب أو انعدامها، فلم يبق في الأمر على ما كان عليه في الزمن الأول، حيث أن الألقاب كانت مشتهرة بين العلماء، وفي مختلف الفنون والتخصصات وكانت من مفاخر العرب التي تتوارثها وتحفظها ..
والسبب في قلة التلقيب أو انعدامه في هذا الزمان: هو دخول ألقاب غربية عن مجتمعاتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية.
(1) المرجع السابق ص231.
(2) يعني بذلك اللغة العربية.
(3) تغريب الألقاب العلمية ص11.
ص290
من ذلك انتشار مصطلح: الدكتور، والأستاذ المساعد، أو المشارك، أو الأستاذ الدكتور –بروفيسور-، وغيرها من المصطلحات والألقاب الغربية التي حلت محل الشيخ أو الأستاذ، أو القاضي التي كانت تعبر عن السمت الإسلامي النقي من الشوائب والمعاني الدخيلة.
لذا وجد من العلماء من يدعو إلى تعريب طائفة من تلك المصطلحات الدخيلة، فمثلاً الليسانس يكون بديلها: العالِميَّة، والماجيستير: العالية، والدكتوراه: الأستاذية أو العالمية العالية، وهكذا (1).
يتبع
المطلب الخامس
أسباب ودواعي التلقيب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/75)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[17 - 03 - 05, 02:29 ص]ـ
المطلب الخامس
أسباب ودواعي التلقيب
لو تتبعنا الألقاب لوجدنا أن أسبابها ودواعيها متعددة ومتنوعة.
يقول ابن حجر " ... تنقسم الألقاب إلى أسماء وكنى، وأنساب إلى قبائل، وبلدان، ومواطن، وصنائع، وإلى صفات في الملقب " (2):
- فمنها: ما كان بسبب عاهة جسدية، أو عيب جسمي: كالأعشى والأحوص (4) ...
- أو صفة خلقية: كالأشعث (5) والعتاهية (6) والحجر ...
- وبعضها مما يدل على الاستخفاف، ويشير إلى الإستهانة بالملقب: كابن عاهة الدار، والحطيئة (7).
(1) تغريب الألقاب العلمية ص49 - 50
(2) نزهة الألباب في الألقاب 1/ 36.
(3) الأعشى: هو الذي لا يبصر بالليل، ويبصر بالنهار (مختار الصحاح: مادة عشى 1/ 183).
(4) الأحوص: الذي إحدى عينيه أصغر أو أضيق من الأخرى (لسان العرب: مادة حوص 7/ 18).
(5) الأشعث: وهو المغبر الرأس (مختار الصحاح: مادة شعث 1/ 143).
(6) العتاهية: من التعته وهو التنوق والمبالغة، وأبو العتاهية، لقب بذلك؛ لأنه متعتهاً بجارية للمهدي، واعتقل بسببها (لسان العرب: مادة عته 13/ 513).
(7) الحطيئة: الرجل القصير، وسمي الحطيئة لدمامته (لسان العرب: مادة حطأ 1/ 57).
ص291
- ومنها: ما ينم عن التعظيم كشيخ الإسلام، وشرف الدين ومحيي الدين.
- ومنها: من نسب إلى أمه: كابن أم مكتوم، وابن بحينة، والحارث البرصاء (1) ..
- وبعضها مشتق من حرفة الملقب ومهنته: كالبزاز (2) والماوردي (3) والحطاب (4) ..
- وطائفة أخرى من الألقاب اقترنت بحادثة أو قصة طريفة وقعت لصاحبها فارتبط لقبه بها (5): كتأبط شراً (6).
أقسام الألقاب:
بالنظر إلى أسباب ودواعي الألقاب يمكننا تقسيم الألقاب إلى ثلاثة أقسام:
1 - لقب تشريف: وهو اللقب الذي يقصد به تشريف صاحبه.
2 - لقب تعريف: والذي يقصد به تعريف صاحبه.
3 - لقب تسخيف: وهو الذي يراد به ضعة وتسخيف صاحبه.
ترتيب آخر للألقاب:
ورتب ابن حجر الألقاب في كتابه نزهة الألباب في الألقاب على ثلاثة أبواب:
الأول: في الألقاب بألفاظ الأسماء، وألحق به الصنائع والحرف كالبقال، والصفات كالأعمش (7).
الثاني: في الألقاب بألفظ الكنى.
(1) فتح المغيث: السخاوي 2/ 343.
(2) البزاز: بائع البَزّ –وهو الثياب- وحِرفته البزازة (لسان العرب: مادة حطب 1/ 322).
(3) الماوردي: وهو من يبيع ماء الورد.
(4) الحطاب: من يجمع الحطب (لسان العرب: مادة حطب 1/ 322)
(5) معجم ألقاب الشعراء ص7.
(6) يزعمون أن الغول تعرضت له فقتلها وأتى قومه يحمل رأسها متأبطاً له حتى أرسله بين أيديهم، فبذلك سُمي تأبط شراً (معجم ما استعجم 1/ 257).
(7) الأعمش: الفاسد العين الذي تغسق عيناه (لسان العرب: مادة غمش 6/ 320).
ص292
الثالث: في الألقاب بألفاظ الأنساب إلى القبائل والبلدان وغيرها (1).
فرع: ألقاب أصحاب البدع:
ولأصحاب البدع ألقاب وأسماء لا تشبه أسماء الصالحين ولا العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أسمائهم المرجئة، ومو الذين يزعمون أن الإيمان قول، والأعمال شرائع.
والقدرية: وهم الذين يزعمون أن إليهم الاستطالة والمشيئة والقدرة، وأنهم يملكون لأنفسهم الخير والشر، والنفعىوالطاعة.
والمعتزلة: وهم يقولون قول القدرية، ويدينون بدينهم، ويُكذِّبون بعذاب القبر والشفاعة والحوض.
والرافضة: وهم الذين يتبرأون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويسبونهم وينتقصونهم.
وغيرها من ألقابهم (2).
يتبع
المطلب السادس
في حكم الألقاب
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[17 - 03 - 05, 11:41 ص]ـ
المطلب السادس
في حكم الألقاب
قسَّم الفقهاء الأحكام المتعلقة في التنابز بالألقاب إلى حرام ومكروه ومباح (3): وفيما يلي
تفصيل ذلك:
متى يكون اللقب محرماً؟:
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11]
(1) نزهة الألباب في الألقاب 1/ 39.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/76)
(2) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص97، طبقات الحنابلة: أبي يعلى 1/ 32.
(3) أنظر: أحكام القرآن: الجصاص 5/ 287، تفسير الطبري: الطبري 5/ 287 [كذا، يبدو أن الرقم تكرر، وعليه أنظر: 2/ 270، 26/ 133]، الجامع في أحكام القرآن: القرطبي 16/ 330، فتح الباري: 10/ 468، سبل السلام: الصنعاني 4/ 99، مغني المحتاج 4/ 295، حواشي الشرواني: الشرواني 9/ 374، المجموع: النووي 8/ 333، كشاف القناع: البهوتي 3/ 27، فتاوى ابن تيمية: ابن تيمية 26/ 311، المبدع: ابن مفلح 3/ 303.
ص293
قال النووي بعد ذكره هذه الآية: " اتفق العلماء على تحريم تلقيب الإنسان بما يكره سواء أكان صفة كالأعمش والأعمى والأعرج (1) والأحول والأصم والأبرص (2) والأصفر (3) والأحدب (4) والأزرق (5) والأفطس (6) والأشتر (7) والأثرم (8) والأقطع (9) والزَّمِن (10) والمُقعد (11) والأشكل (12) ... أم كان صفة لأبيه، لأن ذلك مما يكرهه " (13).
- وقال ابن كثير (14) في تفسيرقوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات /11]: " أي لا تداعوا بالألقاب، وهي التي يسوء الشخص سماعها، أخرج الإمام أحمد في المسند، قال: أبو جبيرة ابن الضحاك،قال: فينا نزلت في بني سلمة {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} قال: قدم عرسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا أحداً منهم باسم من تلك
(1) الأعرج: العرج والعرجة: الظلع (لسان العرب: مادة عرج 2/ 321).
(2) الأبرص: ما كان به الداء المعروف بالبرص: بياض يقع في الجسد (المعجم الوجيز: مادة برص ص45)
(3) الأصفر: يعني الروم، لأن أباهم الأول كان أصفر اللون (لسان العرب: مادة حدب 1/ 302).
(4) الأحدب: الحدب: الأثر في الجلد، والأحدب: الشدة (لسان العرب: مادة حدب 1/ 302). [لسان العرب: الأَحدب الذي في ظهره عُجْرة عظيمة، وهو المَفْزور أَيضاً 5/ 45، المعجم الوجيز: حدبت الأرض حدباً: ارتفع بعضها. و- الرجل: ارتفع ظهره فصار ذا حَدَبة، ويقال: حَدِبَ ظهره. فهو أحدب، وهي حدباء. (ج) حُدُب. ص138]
(5) الأزرق: الشديد الزرق (لسان العرب: مادة زرق 1/ 139).
(6) الأفطس: هو القصير الأنف العريضة (غريب الحديث 3/ 165).
(7) الأشتر: من انقلب جفن عينه (المعجم الوجيز: مادة شتر ص335).
(8) الأثرم: هو من كُسرت بعض ثنيته (لسان العرب: مادة ثرم 12/ 76).
(9) الأقطع: المقطوع اليد (مختار الصحاح: مادة قطع 1/ 226).
(10) الزمن: هو المبتلى بيِّنُ الزمانة، والزمانة العاهة (لسان العرب: مادة زمن 13/ 360).
(11) المقعد: هو الأعرج (لسان العرب: مادة قعد 3/ 362).
(12) الأشكل: الذي في شعره معج المرامي (لسان العرب: مادة شكل 11/ 360). [المعجم الوجيز: يقال شَكِلَت العين: خالط بياضها حمرة، فهو شَكِل وأَشْكَل.ص348، وانظر إن شئت: لسان العرب 11/ 357]
(13) النووي: المجموع 9/ 359.
(14) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير 4/ 213.
ص294
الأسماء قالوا: يا رسول الله، إنه يغضب من هذا فنزلت: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} .. (1).
وروى أن أبا ذر كان عند النبي صلى الله عليه وسلم (وبينه وبين رجل منازعة، فقال له أبو ذر: يا ابن اليهودية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" ما ترى أحمر ولا أسود ما أنت أفضل منه إلا بالتقوى " ونزلت هذه الآية: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (2).
وقال ابن عباس: التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل السيئات ثم تاب فنهى الله أن يعير بما سلف (3).
يدل عليه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من عيَّر مؤمناً بذنب تاب منه كان حقاً على الله أن يبتليه ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة " (4).
وعن عكرمة: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}، وهو قول الرجل للرجل: يا فاسق يا كافر (5).
وعن قتادة: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}، لا تقل لأخيك المسلم: يا فاسق، يا منافق (6).
وعن مجاهد في تفسيرها: لا تدعوا الرجل بالكفر وهو مسلم (7).
وعن مقاتل بن سليمان أن كعب بن مالك كان بينه وبين عبد الله ابن أبي حدرد الأسلمي كلام، فقال له: يا أعرابي، فقال له عبد الله: يا يهودي فنزلت فيهما: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات /11] (8).
(1) سبق تخريج الحديث.
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (21445) 5/ 158، وقال الهيثمي: رجاله ثقات (مجمع الزوائد 8/ 84).
(3) الجامع في أحكام القرآن 16/ 329.
(4) أخرجه الترمذي عن ابن عمر في كتاب صفة القيامة (2505) بلفظ قريب منه، وقال: حديث غريب 4/ 661. [قال الإمام الترمذي: هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: موضوع]
(5) الاستذكار: ابن عبد البر 8/ 541، شعب الإيمان: البيهقي 5/ 308.
(6) تفسير الصنعاني: الصنعاني 3/ 231، الدر المنثور: السيوطي 6/ 91.
(7) تفسير مجاهد: مجاهد 607.
(8) نزهة الألباب في الألقاب 1/ 41.
ص295
والعلة في تحريم ذلك: أن فيه انتقاصاً، وغيبة لصاحب اللقب (1)، ولأنه بمنزلة السباب والشتيمة والتعيير (2)، والسخرية باللمز والتنابز (3).
يتبع
متى يكون اللقب مكروهاً؟:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/77)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[18 - 03 - 05, 04:29 ص]ـ
هذا وقد ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة تلقيب السفلة والفساق والعصاة والظلمة بالألقاب العلية التي تدل على التعظيم والتشريف، كصلاح الدين وضياء الدين وما يشابهها (4).
وعدوا هذا من الألقاب القبيحة، قال الزمخشري:" ... إلا ما أحد الناس في زماننا هذا من التوسع، حتى لقبوا السفلة بالألقاب العلية، وهب العذر مبسوطاًفي تلقيب من ليس من الدين في قبيل ولا دبير بفلان الدين فإنها لعمري الله الغصة التي لا تساغ .. " (5).
واستدلوا على هذا بما ورد عن بريدة أنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه أن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عزوجل " (6).
قال [أبو الطيب شمس الحق] العظيم أبادي: فقد أسخطتم ربكم: (أي أغضبتموه لأنه يكون تعظيماً له، وهو ممن لا يستحق التعظيم ... " (7).
وقال الزرقاني: كان بعض العلماء يكره أن يخاطبه أحد أو يكتب لفظ سيد، ويتأكد إذا كان المخاطب غير تقي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تقولوا للمنافق .. " (8): فأكد كراهةذلك.
(1) فتح الباري 10/ 468.
(2) أحكام القرآن 5/ 286.
(3) عون المعبود: [شمس الحق] العظيم أبادي 13/ 221.
(4) انظر: إعانة الطالبين: الدمياطي 2/ 338، المدخل: 1/ 117.
(5) مغني المحتاج 4/ 295، الإقناع: الشربيني 2/ 594، سبل السلام 4/ 99.
(6) أخرجه أبو داود في الأدب باب: لا يقول المملوك ربي (4977) 4/ 395.
(7) عون المعبود 13/ 221.
(8) شرح الزرقاني على الخليل: الزرقاني 4/ 510.
ص296
والعلة في تأكيد كراهية ذلك: أن في هذا تعظيم من أهان الله بسبب معصيته، ولأنه كذب ظاهر (1)، بل من أقبح الكذب (2)، ولأن التلقيب عادة يكون للتكرمة، وهم ليسوا من أهلها (3).
وقال ابن بدران:" [وقال أحمد ابن النحاس الدمياطي الحنفي ثم الشافعي في كتابه " تنبيه الغافلين " عند ذكر المنكرات: فمنها: ما عمت به البلوى في الدين من الكذب الجاري على الألسن] وهو ما ابتدعوه من الألقاب: كمحيي الدين ونور الدين وعضد الدين وغياث الدين ومعين الدين وناصر الدين ونحوها من الكذب الذي يتكرر على الألسنة حال النداء والتعريف والحكاية، وكل هذا بدعة في الدين ومنكر. اه " (4).
متى يكون اللقب مستحباً؟:
اتفق العلماء على استحباب اللقب الذي يحبه صاحبه (5)، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه كان يعجبه أن يدعو الرجل بأحب أسمائه إليه وأحب كناه " (6).
ومن ذلك تلقيب النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق بعتيق (7)، وعلي بن أبي طالب بأبي تراب (8)، ولقد كان علي يحب هذا الاسم بل كان أحب الأسماء إليه على الإطلاق.
ولقد ذكرنا - سابقاً – أن النبي صلى الله عليه وسلم لقب مجموعة من الصحابة بألقاب عُرفوا بها واستحبوها.
(1) كشاف القناع 3/ 27.
(2) حواشي الشرواني 9/ 347.
(3) مغني المحتاج 4/ 295.
(4) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص407.
(5) المجموع 9/ 359، الجامع في أحكام القرآن 16/ 330.
(6) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 4/ 13، وقال الهيثمي: رجاله ثقات (مجمع الزوائد 8/ 56).
(7) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب في مناقب أبي بكر (3679) 5/ 616 [عن عائشة أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنت عتيق الله من النار فيومئذ سمي عتيقا] وقال: هذا حديث غريب [أنظر غيرمأمور: مجمع الزوائد 9/ 40، و الحدبث صححه الألباني رحمه الله]
(8) سبق تخريج الحديث.
يتبع
ص297
متى يكون اللقب مباحاً؟:
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[19 - 03 - 05, 12:28 م]ـ
وقال الإمام النووي أيضاً: واتفقوا على جواز (1) ذكره بذلك (يعني باللقب) على جهة التعريف بمن لا يُعرَف إلا بذلك (2).
وقال ابن حجر في بيان حكم الألقاب " ... وحاصله: أن اللقب إن كان مما يُعجب الملقب ولا إطراء فيه مما يدخل في نهي الشرع فهو جائز أو مستحب ... " (3).
وقال القرطبي في تفسيره قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات /11] (8): المسألة الثالثة: وقع ذلك مسثنى مَن غلب عليه الاستعمال كالأعرج والأحدب، ولم يكن له فيه كسب يجد [من الوجد = يحزن] في نفسه عليه فجوَّزته الأمة واتفق على قوله أهل الملة (4).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/78)
فإذا عُرف الشخص باللقب واشتهر به كالأعمش والأشتر والأصم والأعرج: فقد اطرد استعماله على ألسنة أهل العلم قديماً وحديثاً.
وسهَّل فيه الإمام أحمد، قال أبو داود في مسائله: سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن الرجل يكون له اللقب ولا يُعرف إلا به ولا يكرهه، قال أليس يُقال: سليمان الأعمش، وحميد الطويل؟ كأنه لا يرى به بأساً، قال أبو داود: سألت أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه (5).
وقال أبو حاتم الرازي: حدثنا عبدة بن عبد الرحيم سألت عبد الله بن المبارك عن الرجل يقول: حُميد الطويل، وحُميد الأعرج؟ فقال: إذا أراد صفته ولم يُرِد عيبه فلا بأس به (6).
(1) يريد إباحةذلك.
(2) المجموع 8/ 333.
(3) فتح الباري 10/ 469.
(4) الجامع في أحكام القرآن 16/ 329.
(5) نزهة الألباب 1/ 45.
(6) المرجع السابق 1/ 45.
ص298
وسُئل عبد الرحمن بن مهدي: هل فيه عيبة لأهل العلم؟ قال: لا، وربما سمعت شعبة يقول ليحيى بن سعيد: يا أحول، ما تقول في كذا؟ (1).
أما الأدلة على ذلك:
أولاً من القرآن الكريم: في قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات /11] (8).
قال أبو عبد الله خويز منداد: تضمنت الآية المنع من تلقيب الإنسان بما يكره، ويجوز تلقيبه بما يحب (2).
ثانياً كما استدلوا بالسنة: ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لقب جماعة من صحابته منهم: أبو بكر بالصديق، وعمر بالفاروق، وحمزة بأسد الله، وخالد بسيف اله (3).
وثبت في الصحيح أن رسو الله صلى الله عليه وسلم (قال للخرباق لما سلم في ركعتين من صلاة الظهر فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ (4).
ثالثاًومما استدلوا به: قولهم: بأنه قل من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لقب، ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلها من العرب والعجم، تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من دونكير (5).
شروط اللقب المباح:
بناء على ما ذكرناه في حكم اللقب يمكننا وضع بعض الشروط في للقب المباح، وهذه الشروط هي:
(1) المرجع السابق 1/ 45.
(2) الجامع في أحكام القرآن 16/ 329.
(3) سبق تخريج هذه الآثار.
(4) أخرجه البخاري في الجماعة والإمامة، باب هل يأخذ الإمام إذاشك [بقول الناس]؟ (268) 1/ 182، ومسام في المساجد، باب السهو في الصلاة (572) 1/ 403.
(5) الجامع في أحكام القرآن 16/ 330.
ص299
1 - أن يكون اللقب من مستحب الألقاب ومستحسنها، إلا إذا تعين اللقب غير المستحسن.
2 - أن يكون ما لقب به الشخص ما يصدقه فعله، يقول صاحب الفروع: ومن لقب بما يصدقه فعله جاز، وويحرم ما لم يقع على مخرج صحيح (1).
فلقد نُهي عن الأسماء التي فيها تزكية، كما غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسم (برة)، فسماها زينب؛ لئلا تُزكي نفسها (2).
3 – أن لا يكون اللقب فيه إفراط تعظيم أو إطراء، مما يدخل في النهي، فإنه حرام (
4 - أن يكون الملقب به راضياً به لايكرهه، كابن عُليَّة – بضم المهملة مصغر – فلقد نهى الإمام أحمد ابن معين أن يقول: حدثنا إسماعيل بن علية وقال له: قل: إسماعيل بن إبراهيم، فإنه بلغني أنه كان يكره أن يُنسب إلى أمه، ولم يخالفه ابن معين، بل قال: قبلناه منك يامُعلم الخير (4).
5 - أن لا يكون فيه وصف لا يستحقه الملقب به، كمناداة الزبال بأستاذ، أوزعيم عصابة للسطو على أموال الناس بباشا، ونحو ذلك.
6 – أن لا يُقصد به ذم أو تنقيص: أما إن كان مستقبحاً ولا يرضى عنه الملقب إلا أنه تعين طريقاً إلى التعريف إلى التعريف حيث يغلب عليه الاستعمال ويشتهر به ولا يتميز عن غيره إلا بذكر هذا اللقب فهذا جائز عند جمهور الفقهاء، لكن بشرط أن لا يكون إلقاء اللقب على وجه التعيير والتنقيص.
تنبيه: قال ابن حجر العسقلاني:
(1) الفروع: ابن مفلح 3/ 412.
(2) أخرجه البخاري في الأدب، باب تحويل الاسم (5839) 5/ 2289، ومسلم في الآداب باب استحباب تغيير الاسم القبيح (2141) 3/ 1687.
(3) فتح المغيث: السخاوي 2/ 343.
(4) فتح المغيث 2/ 343.
ص300
" هذا لايدل على جواز دعاء من به عاهة بذلك، وأحسنُ أحوالِ هذا أن يُقال: لعله كان يرى جوازه إذا رَضِي مَنْ به ذلك.
ومتى لم يكن التعريف بعين اللقب فهو أولى، إذا أمكن بغيره – وهو يكره ذلك – حَرُم، وسلك فيه الشافعي مسلكاً حسناً، فكان يقول: أخبرني إسماعيل الذي يُقال له: ابن علية، فجمع بين التعريف والتبري من التلقيب رحمه الله تعالى " (1).
وكان هناك بعض العلماء الآخرين يكرهون ذلك ويشددون في منعه: قال ابن العربي: وقد ورد لَعَمر الله من ذلك في كتبهم ما لا أرضاه في صالح جزرة لأنه صَحَّف خرزة، فَلُقِّبَ بها، وكذلك قولهم في محمد بن سليمان الحضرمي: مًطيَّن؛ لآنه وقع في طين، ونحو ذلك، مما غلب على المتأخرين سائغاً في الدين، وقد كان موسى بن عُلَيّ بن رباح المصري يقول: لا أجعل أحداً صَغَّر اسمي في حِل، وكان الغالب على اسمه التصغير بضم العين (2).
ونُقل عن الحسن البصري أنه كان يقول: أخاف أن يكون قولنا حميداً الطويل غيبة.
(1) نزهة الألباب في الألقاب 1/ 46.
(2) أحكام القرآن 4/ 171
(3) فتح الباري 10/ 469.
(4) كما عرفنا ذلك قبل قليل.
يتبع إن شاء الله ...
سبب الخلاف بين المجيز لذلك والمانع له:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/79)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[19 - 03 - 05, 01:12 م]ـ
استطراد
فائدة:
يقول الشيخ بكر أبو زيد: (هل تعلم أن لقب " الباشا "، بمعنى " نعل السلطان "، أنظر " مجلة الدارة " لعام 1420، وهذا غير مستغرب على الأعاجم؛ لغلوهم وإسرافهم في الألقاب. انتهى حراسة الفضيلة ص139/هامش1.
ويقول الدكتور حلمي خليل: (وكان الوالي [التركي] يُلقب ب " الباشا " وهو لقب تركي من " باش" أي الرأس أو من " با " بمعنى قدم، و" شاه " أي ملك. انتهى المُوَلَّد دراسة في نمو وتطور اللغة العربية في العصر الحديث ص10 - 11.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[19 - 03 - 05, 02:39 م]ـ
تنبيه: ص300/هامش3 خاص بفقرة (ونقل عن الحسن ......... قولنا حميداً الطويل غيبة).
ص300 /هامش4 خاص بفقرة (" أكما يقول ذو اليدين ") عند الكلام عن (سبب الخلاف بين المجيز لذلك والمانع له)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[19 - 03 - 05, 02:41 م]ـ
سبب الخلاف بين المجيز لذلك والمانع له:
أن من قال بالجواز يرى أن ذلك مستثنى من النهي الوارد في قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات /11] (8)، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم استعماله حيث قال: " أكما يقول ذو اليدين " (4)، ولأنه لا يراد به التعيير، وإنما القصد منه التعريف، وداعية التعريف مصلحة يفتقر إليها، وكذلك ما ورد عن كبار العلماء في إباحته [!]: كأحمد بن حنبل، وابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، رحمهم الله جميعاً.
(4) كما عرفنا ذلك قبل قليل.
ص301
أما من قال بالمنع فيستند إلى تحريم التلقيب الوارد في النصوص الشرعية، ولأن فيه انتقاصاً وتعييراً وسخرية وغيبة لصاحب اللقب.
وأُرجح: الرأي الثاني القائل بالمنع، خاصة إذا كان الشخص لم يشتهر بهذا اللقب [يبقى السؤال، فإذا اشتهر به؟]، أو كان يتميز عن غيره بغير هذا اللقب من الأسماء والألقاب والكنى [يبق السؤال أيضاً، فإن لم يتميز إلا باللقب؟]، فهذا أسلم وأحوط من الوقوع في الناس وانتقاصهم [الأئمة كالإمام أحمد وابن المبارك .... يقصدون التعريف لا الإنتقاص – حاشاهم -، وعليه فالراجح (الأول) والله أعلم (أش)]، والله أعلم.
التعجيل بكنية الصبي:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: عجلوا بكنى أولادكم لا تسرع إليهم ألقاب السوء (1).
وروى الدارقطني من حديث ابن عمر أنه رفعه: " بادروا أولادكم بالكنى قبل أن تغلب عليهم الألقاب " (2).
فيفضل كنية الصبي قبل أن يلتصق به لقب سيء لا يستطيع الإنفكاك منه.
والعلة في أنهم كانوا يكنون الصبي: تفاؤلاً بأنه سيعيش حتى يولد له، وللأمن من التلقيب، لأن الغالب أن من يذكر شخصاً فيعظمه أن لا يذكره باسمه الخاص به، فإن كانت له كنية أمن من تلقيبه (3).
فرع: تواضع العلماء عن الألقاب ورفض بعضهم لها:
بالرغم من جواز تلقيب العلماء واشتهار ذلك بين الكثير منهم، إلا أن بعضهم كان يرفض هذه الألقاب ويتواضع عنها: يقول فضيلة الشيخ بكر أبو زيد: " ويستطيع الناظر في كتب التراجم عندما ينعم [يُمعن] النظر في السير والرجال أن يتجلى له بوضوح مظهر الانطباع بروح التواضع والافتقار
(1) عمدة القاري 22/ 213.
(2) وإسناده ضعيف: الجامع الصغير: السيوطي 1/ 125.
(3) عمدة القاري 22/ 213.
ص302
ونتيجة لهذا فلن يرى من يلقب نفسه بما كان يستحقه من لقب علمي، أو لقب تزكية في حياته وزمانه، بل سيرى مواقف الأنفة من ذلك، وهذا منتشر في كتب النقلة للسير والرجال .. " (1).
- فهذا الإمام المحدث أبو إسحاق السَّبيعي: عمرو بن عبد الله المتوفى سنة 129 هج لما قال له شخص: أأنت الشيخ أبو إسحاق، قال، لا، أنا أبو إسحاق (2).
- وفي الشذرات قال: قال التقي السبكي: كان ابن دقيق العيد لا يخاطب أحداً إلا بقوله: يا إنسان، غير اثنين، الباجي، وابن الرفعة، يقول للباجي: يا إمام، ولابن الرفعة: يا فقيه. انتهى (3).
- وفي ترجمة الهكاري – الملقب بشيخ الإسلام، المتوفى سنة 486 هج – قال:
" وسمعت أن بعض الأكابر قال له: أنت شيخ الإسلام. فقال: بل أنا شيخ في الإسلام " (4). [فائدة: لمعرفة معنى شيخ الإسلام: أنظر: " الرد الوافر "].
- وقال ابن الحاج في معرض بحثه النفيس في ذلك:" ألا ترى إلى الإمام النووي - رحمه الله تعالى من المتأخرين – لم يرض قط بهذا الاسم [محيي الدين] وكان يكرهه كراهة شديدة على ما نقل عنه وصح، وقد وقع في بعض الكتب المنسوبة إليه رحمه الله تعالى: أنه قال: إني لا أجعل أحداً في حِل ممن يسميني بمحيي الدين (5)، وكذلك غيره من العلماء العاملين بعلمهم ..
ثم يقول العلامة ابن الحاج المالكي:" .. وقد رأيت بعض الفضلاء من الشافعية من أهل الخير والصلاح إذا حكى شيئاً عن النووي رحمه الله يقول: قال يحيى النووي؛ فسألته عن ذلك فقال: إنا نكره أن نسميه باسم كان يكرهه في حياته.
فعلى هذا، هذه الأسماء إنما وضعت عليهم تفعلاً وهم براء من ذلك " (6) انتهى.
(1) تغريب الألقاب العلمية ص20 – 21.
(2) المرجع السابق ص21.
(3) شذرات الذهب: ابن العماد6/ 34.
(4) وفيات الأعيان: ابن خَلِّكان 3/ 345.
(5) المدخل 1/ 127.
(6) المدخل 1/ 127.
يتبع إن شاء الله .......
المطلب السابع
أهم المؤلفات في الألقاب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/80)
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[20 - 03 - 05, 05:26 م]ـ
ص303
المطلب السابع
أهم المؤلفات في الألقاب
ألَّفَ في الألقاب المتقدمون والمتأخرون مما هو مذكور في فهارس الكتب وتراجم العلماء في مختلف الفنون التي دخلتها – كما سبق أن أشرنا في المطلب الثالث – وتعتبر كتب الألقاب من كتب التراث الهامة في حياة المسلمين وثقافتهم وحضارتهم، فهي تعد من التراث العربي الأصيل، ومجد المسلم الأثيل؛ لأنها جزء من حضارته وثقافته ومقوماته.
وهي كتب تحتاج إلى جهد كبير عند وضعها، فإن كتاب " نزهة الألباب في الألقاب ": لابن حجر العسقلاني، قد استغرق في تأليفه أكثر من عشرين سنة، وهذا عمر طويل عند المقارنة بكتب ابن حجر الأخرى (1)، وفيما يلي جمع لأهم الكتب والمؤلفات في الألقاب، مرتبة على حسب الفنون التي دخلتها الألقاب:
أولاً – في علوم الحديث:
1 – الألقاب: لابن خالويه حسين بن أحمد النحوي (370 هج) (2).
2 – الألقاب: عبد الله بن محمد بن الفرضي (403هج) (3).
[3 - الكنى والالقاب: لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري (405هج) (4)]
4 – ألقاب الرواة: أبو بكر أحمد بن بن عبد الرحمن الشيرازي (407هج) (5).
5 – ألقاب المحدثين: أبو الفضل على بن حسين الفلكي (427هج) (6)، ويقال: إن اسم الكتاب:" منتهى الكمال في معرفة ألقاب الرجال " (7).
(1) كتاب الألقاب: لابن الفرضي الأندلسي ص5.
(2) كشف الظنون: القسطنطيني الرومي 2/ 1397.
(3) تحقيق: محمد زينهم محمد عزب، دار الجبل بيروت 1992.
(5) كشف الظنون 1/ 157، [الرسالة المستطرفة 1/ 120].
(4) [الرسالة المستطرفة: 1/ 120]
(6) كشف الظنون 1/ 157.
(7) الرسالة المستطرفة: الكتاني 1/ 121.
ص304
5 – ألقاب الصحابة والتابعين: أبو على الحسين بن محمد بن أحمد الجياني الأندلسي (498) (1).
6 – كشف النقاب عن الأسماء والألقاب: عبد الرحمن بن على بن أحمد الجياني الجوزي (597هج) (2).
7 – ذات النقاب في الألقاب: محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (هج748) (3).
8 – توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم: محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن ناصر الدين (هج842) (4).
9 – نزهة ألباب في الألقاب: أحمد بن حجر العسقلاني (852هج) (5).
10 – عمدة الأصحاب في معرفة الألقاب: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عثمان السخاوي (902) (6).
11 – كشف النقاب عن الألقاب: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (911 هج) (7).
12 – السراج المنير في ألقاب المحدثين: سعد فهمي أحمد بلال (8).
ثانياً – في ألقاب الشعراء والأدباء:
1 – ألقاب الشعراء: محمد بن السائب الكلبي (190 هج أو 146 هج) (9).
2 – من قال بيتاً (شعراً) فسُمي به: على بن محمد المدائني (225هج) (10).
(1) توجد نسخة منه بعمومية استانبول 12211 ق 16.
(2) تحقيق: محمد رياض المالح، علو القرآن، الشارقة 1993م.
(3) تحقيق: محمد رياض المالح، علو القرآن، الشارقة 1993م.
(4) تحقيق: محمد نعيم العرقسوس: مؤسسة الرسالة، بيروت 1993م.
(5) تحقيق: عبد العزيز محمد بن صالح: مكتبة الرشد، الرياض 1989م.
(6) الرسالة المستطرفة 1/ 121.
(7) تدريب الراوي: السيوطي 2/ 290، كشف الظنون 2/ 1496.
(8) وهو كتاب حديث، نشرته دار ابن حزم، بيروت.
(9) معجم الأدباء: ياقوت الحموي 19/ 289.
(10) معجم الأدباء 14/ 137، الفهرست: ابن النديم ص104.
ص305
3 – ألقاب الشعراء: الحسن بن عثمان الزيادي (243 هج) (1).
4 – ألقاب الشعراء: محمد بن حبيب (245 هج) (2). وحققه الدكتور محمد صالح الشناوي وكان كتابه بعنوان: كنى الشعراء وألقابهم (3).
5 – كتاب من قال بيتاً فلقب به: أبوسعيد الحسن بن الحسين السكري (275) (4).
6 – ألقاب الشعراء ومن عرف بالكنى ومن عرف بالاسم: أبو الفضل أحمد بن طيفور الخراساني (280هج) (5).
7 – ألقاب الشعراء: أبو عبد الله محمد بن خلف المرزبان (309 هج) (6).
8 – المذاكرة في ألقاب الشعراء: مجد الدين أسعد بن إبراهيم النشابي (657هج) (7).
9 – مجمع الآداب في معجم الألقاب:: عبد الرزاق بن أحمد الفوطي (723هج): ويقال: إنه في خمسين مجلداً (8).: وهو من أعظم كتب الألقاب في تاريخ العرب قاطبة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/81)
ومن الكتب الحديثة:
1 – الكنى والألقاب: للمحقق الشهير الشيخ عباس القمي، يقول في مقدمته " ... هذا كتاب الكنى والألقاب، جمعتُ فيه المشهورين بالكنى والألقاب
1) الفهرست ص110.
(2) حققه عبد السلام هارون مع عدة رسائل ضمن: نوادر المخطوطات (المجموعة الخامسة المجلد الثاني).
(3) دار الكتب العلمية، بيروت ط الأولى 1410هج/1990م.
(4) الأغاني: الأصفهاني 17/ 107.
(5) معجم البلدان 3/ 90، الفهرست ص209
(6) الفهرست ص214.
(7) ذكره ابن الفوطي في كتابه تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب5/ 89، هذا وقد نشرته دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد 1989 بتحقيق: شاكر العاشور.
(8) ولقد نشر الدكتور مصطفى جواد خمسة أقسام من المجلد الرابع تحت اسم: تلخيص مجمع الآداب (طبع وزارة الثقافة السورية: دمشق) وحققه: محمد الكاظم (مؤسسة الطباعة والنشر: وزارة الأوقاف والإرشاد الإسلامية طهران الأولى 1416 هج).
ص306
والأنساب من مشاهير علماء الفريقين وكثير من الشعراء والأدباء والأمراء المعروفين واقتصرت في تراجمهم على المهم من أحوالهم " (1).
2 – إتمام الوفاء في معجم ألقاب الشعراء: سامي مكي العاني (2)
3 – ألقاب الشعراء فيما عرفوا من أبيات قالوها أو قيلت: بشار بكور (3)
4 – معجم الألقاب والأسماء المستعارة: فؤاد صالح السيد (4).
ثالثاً – كتب أخرى في الألقاب:
1 – الرتب والألقاب المصرية لرجال الجيش والهيئات العلمية والقلمية منذ عهد أمير المؤمنين الفاروق: للعلامة أحمد تيمور باشا (5).
2 – الألقاب المصرية: الدكتور حسن الباشا (6).
3 – معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول الإسلامية من العصر الراشدي حتى بدايات القرن العشرين: د. قتيبة الشهابي (7).
4 – الألقاب والوظائف العثمانية: مصطفى بركات.
سؤال: هل كانت هناك ألقاب خاصة بألقاب الفقهاء؟
على حسب ما اطلعت عليه في مكتبتنا العربية والإسلامية،- وبعد أن بحثت في فهارس الكتب، والمصنفات الخاصة بذلك – فإنني لم أعثر على كتاب مستقل يبحث في ألقاب الفقهاء خاصة، وإنما هناك بعض الكتب التي أفردت باباً أو قسماً خاصاً منها لهذا الموضوع، ولقد سبقت لها الإشارة في مقدمة البحث.
(1) الكنى والألقاب: القمي 1/ 3 (المطبعة الحيدرية، النجف – 1376 هج/1956م)، ونشرته – أيضاً – مكتبة الصدر، طهران 1988.
. (2) طبع بمطبعة النعمان – النجف الأشرف، ونشرته – أيضاً- مكتبة لبنان، بيروت.
. (3) دار الفكر دمشق 1999.
(4) دار العلم للملايين بيروت 1990.
(5) طبع دار الكتاب العربي (لجنة نشر المؤلفات التيمورية) الطبعة الأولى 1369هج/1950م.
(6) مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1957م.
(7) منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية، دمشق 1995.
يتبع إن شاء الله ....
المبحث الثاني
الألقاب والأسماء المبهمة عند فقهاء المذاهب الأربعة
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[21 - 03 - 05, 01:55 م]ـ
نعرض في هذا المبحث لألقاب الفقهاء في المذهب الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، ثم نقارن بين أهم الألقاب المشتركة في أكثر من مذهب.
المطلب الأول:
ألقاب فقهاء المذهب الحنفي:
جاء في كتاب الفوائد البهية:" الغالب على فقهاء العراق: السذاجة عن الألقاب والاكتفاء
بالنسبة إلى صناعة أو محلّة أو نحوها، كالجصاص والقدوري والطحاوي والكرخي وغيرهم، والغالب على أهل خراسان، وما وراء النهر: المغالاة في الترفع على غيرهم، كشمس الأئمة، وفخر الإسلام، وصدر الإسلام، وصدر الشريعة ونحوها، وهذا حصل في الأزمنة المتأخرة، وأما في الأزمنة المتقدمة فكلهم بريئون من أمثال ذلك " (1).
وفيما يلي ذكر لأهم الألقاب والمصطلحات في الفقه الحنفي:
1 - الأئمة الأربعة:
في كتب الفقه الحنفي يريدون بهم:أ ئمة المذاهب الذين لهم أتباع وهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد (2).
وشهرة الأئمة الأربعة تغنينا عن الترجمة لهم.
(1) الفوائد البهية: اللكنوي، عبد الحي: ص239.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/82)
(2) كما في البحر الرائق 1/ 293، و3/ 100، 105، 110، 113، 4/ 27، 369، وحاشية ابن عابدين 1/ 108، 523، 475، 2/ 484، 544، 3/ 46، 532 وغيرها. وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 12/ 441، شرح فتح القدير 3/ 218، 239، 455، 4/ 197، 202، 204، 285، 329، 340، وغيرها.
ص308
2 – الأئمة الثلاثة:
وإذا قالوا الأئمة الثلاثة، أرادوا بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمد (1).
فمما جاء في لسان الحكام:" ... يبرأ عند الأئمة الثلاثة: أبي حنيفة وصاحبيه، رحمهم الله أجمعين " (2).
أبو يوسُف:
هو الإمام المجتهد العلامة المحدث قاضي القضاة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي، ولد 113 هج، سمع هشام بن عروة، وعطاء بن السائب، ويحيى بن سعيد الأنصاري،و أبا حنيفة، ولزمه وتفقه به، وهو أنبل تلامذته وأعلمهم، تخرج به أئمة: كمحمد بن الحسن، ومعلى بن منصور، وحدث عنه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأسد بن الفرات، وهو صاحب حديث وصاحب سُنَّة. تُوُفِّيَ سنة 182 هج (3).
ومحمد:
هو أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني، ولد 131 هج، سمع مالكاً والأوزاعي والثوري، حضر مجلس أبي حنيفة سنين، ثم تفقه على أبي يوسف، كان أعلم الناس في كتاب الله، ماهراً في العربية والنحو، صنف الكتب الكثيرة ونشر علم أبي حنيفة رحمه الله، له تصانيف كثيرة منها:" المبسوط"، و"الجامع الصغير"، و"الكبير"، و"السير الصغير"،و"الكبير"، و"الزيادات"، وهي المسماة بظاهر الرواية والأصول، كان الشافعي يقول: كتبت عنه وقر بعير من علم (4)، وما ناظرتُ سميناً أذكى منه، تُوفي 187 هج (5).
(1) ولقد استخدم هذا اللقب في البحر الرائق 1/ 44، 160، 312 وغيرها، والدر المختار 2/ 198، 468، 3/ 501 وغيرها، حاشية ابن عابدين 1/ 165، 361، 389، حاشية الطحطاوي 1/ 147، 186، 376، وشرح فتح القدير 1/ 77، 134، 490، وغيرها.
(2) لسان الحكام: ابن الشحنة 1/ 259.
(3) سير أعلام النبلاء 8/ 535، طبقات الحنفية 1/ 220.
(4) وقر بعير: يعني الحِمل الثقيل، دلالة على الكثرة.
(5) طبقات الحنفية 1/ 142، سير أعلام النبلاء 9/ 134.
ص309
3 – الأستاذ:
وإذا أطلقوا الأستاذ أرادوا به عبد الله بن محمد بن يعقوب السبذموني، فمما جاء في طبقات الحنفية:" الأستاذ لقب عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث بن الخليل السبذموني، نسبة إلى قرية من قرى بخارى، رحل إلى العراق والحجاز، وروى عن الفضل بن محمد الشعراني، ولد 285 هج ومات في شوال 340 هج، له كتاب كشف الأثار في مناقب أبي حنبفة، وقال السمعاني: الفقيه المعروف بالأستاذ (1).
4 – الأقطع:
لقب اشتهر به أبو نصر أحمد بن محمد بن محمد أبو نصر، درس الفقه على القدوري، حتى برع فيه، وشرح مختصره، سُمي الأقطع، لأن يده قُطعت في حرب التتار ت 474 هج (2).
5 – الجصاص:
لقب أحمد بن علي أبو بكر الرازي الإمام الكبير، وكتب الأصحاب والتواريخ مشحونة بذلك، وُلد سنة 305 هج، سكن بغداد، وعنه أخذ فقهاؤها، وإليه انتهت رئاسة الأصحاب، قال الخطيب: كان إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، تفقه على أبي سهل الزجاج، وأبي الحسن الكرخي، تفقه عليه أبو بكر الخوارزمي، والفقيه الجرجاني شيخ القدوري، وله من المصنفات: أحكام القرآن، وكتاب مفيد في أصول الفقه [الفصول في أحكام الأصول] 370 هج (3).
6 – برهان الأئمة: ويطلقون على عبد العزيز بن عمر بن مازه برهان الأئمة، وأحياناً، يطلقون
(1) طبقات الحنفية 1/ 289 و 360، الأنساب 3/ 213.
(2) طبقات الحنفية 1/ 361.
(3) طبقات الحنفية 1/ 85 و 366.
ص310
ـ[سند1]ــــــــ[22 - 03 - 05, 09:49 ص]ـ
وهذه مشاركة عن مصطلحات في المذهب المالكي أنقلها من كتاب الدكتور حمزة أبو فارس: بحوث ودراسات في بعض مصنفات الفقه المالكي.
1) الأخوان: تثنية أخ يراد بهما مطرف وابن الماجشون، وقد أطلق عليهما ذلك لكثرة ما يتفقان فيه من الأحكام
2) الأستاذ: إذا أطلق المالكية هذا اللفظ فإنهم يعنون الشيخ أبا بكر الطرطوشي صاحب التعليقة في الخلاف، والبدع، وسراج الملوك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/83)
3) أبو إسحاق: ويكنى بذلك من أسمه إبراهيم لكنها إذا أطلقت عند المالكية فالمقصود بها محمد بن القاسم بن شعبان المصري، صاحب كتاب الزاهي.
4) أبو الحسن: يكنى بها في الغالب من اسمه علي لكنها إذا أطلقت في المذهب بعد القرن الرابع يراد بها علي بن أحمد البغدادي المعروف بابن القصار المتوفى سنة 398 هـ صاحب عيون الأدلة في مسائل الخلاف.
5) الشارح) هذا اللفظ يدل على كل من شرح أحد المتون الفقهية أو غيرها لكن إذا أطلق هذا اللفظ أحد شراح خليل أو محشيه، فإنه ينصرف لتلميذ الشيخ خليل بهرام صاحب الشروح الثلاثة. أما شراح العاصمية فإنهم يعنون بالشارح ابن الناظم في شرحه لتحفة والده.
5) الشيخ: إذا أطلق عند المالكية منذ أواخر القرن الرابع فإنه ينصرف إلى الشيخ عبد الله بن أبي زيد القيرواني صاحب النوادر والزيادات والرسالة.
6) الشيخ أبو القاسم: هو أبو القاسم عبيد الله بن الجلاب صاحب التفريع.
7) الشيخان: عند متأخري المالكية ابن أبي زيد القيرواني وعلي بن محمد المعافري المعروف بالقابسي وبابن القابسي.
8) العراقيون: يشار بهم إلى القاضي إسماعيل وابن القصار وابن الجلاب والقاضي عبد الوهاب والقاضي أبي الفرج والشيخ الأبهري ونظرائهم.
9) أهل العراق: يقصد به الإمام أبو حنيفة وتلاميذه وأتباعهم ويستعمل هذا المصطله عادة في المسائل الخلافية خارج المذهب.
10) أبو عمر: تنصرف الكنية عند الإطلاق إلى فقيه الأندلس ومحدثها مفخرة المالكية الحافظ ابن عبد البر.
11) أبو الفرج: هو القاضي أبو الفرج عمرو بن عمر البغدادي أحد فقهاء المالكية المشهورين ت 330 هـ.
12) القاضي: إذا أطلق فإنهم يعنون به القاضي أبابكر بن الطيب الباقلاني ناصر مذهب أهل السنة.
13) القاضي أبو الفضل: يعنون به القاضي عياض بن موسى اليحصبي صاحب إكمال المعلم، والتنبيهات.
14) القاضي أبو الوليد: إما الباجي أو ابن رشد والمراد به الجدّ بحسب القرينة، وبسبب ذلك أخطأ بن الحاجب في سبعة مواضع من مختصره نسب فيها مالابن رشد للباجي، وقد بين كثير من شراح جامع الأمهات هذا الوهم.
وللكلام صلة إن شاء الله فلا يزال عدد من الألقاب فضلا عن المصطلحات التي تخص المذهب وقد يقع من لا يعرفها في بعض الخلط.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[22 - 03 - 05, 10:18 ص]ـ
الأخ الفاضل (سند1) جزاك الله خيراً، البحث لم ينتهي بعد، ويأتي إن شاء الله بقية ألقاب الحنفية ثم بقية
ألقاب (المالكية والشافعية والحنابلة)، ثم عمل (مقارنة بين ألقاب الفقهاء في المذاهب الأربعة).
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[22 - 03 - 05, 10:20 ص]ـ
وأنا أدعوك للمشاركة ب (المصطلحات) حتى يتوزع العمل ولا يتكرر.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[22 - 03 - 05, 12:06 م]ـ
نبذ من اصطلاحات المالكية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=27226
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[23 - 03 - 05, 04:25 م]ـ
ص310
عليه الصدر الكبير (1): أبو محمد، ويُعرف – أيضاً – بالصدر الماضي، والد عمر الملقب بالصدر الشهيد (2).
7 – برهان الإسلام:
وهو رضى الدين السرخسي: محمد بن محمد العلامة رضى الدين برهان الإسلام السرخسي، صاحب المحيط، كان إماماً كبيراً (3).
8 – الخصاف:
لقب أحمد بن عمرو، وقيل عمرو بن مهير، وقيل: مهران الشيباني، الإمام أبو بكر، مؤلف الشروط، روى عن أبيه، وعن أبي داود الطيالسي، والقعنبي، كان فاضلاً فارضاً حاسباً عارفاً بمذهب أصحابه، له من المصنفات: كتاب " الحيل " في مجلدين، مات ببغداد سنة 261 هج (4).
9 – الخَلَفُ:
ومرادهم بالخلف: من بعد محمد بن الحسن إلى شمس الأئمة الحلواني كما قال ابن عابدين " (5).
وشمس الأئمة الحلواني هو: عبد العزيز بن بن نصر بن صالح الحلواني، الملقب " شمس الأئمة "، من أهل بخارى، إمام أصحاب أبي حنيفة بها.
تفقه على القاضي أبي علي النسفي، من تصانيفه: المبسوط ت 449 هج، والحلواني منسوب إلى عمل الحلوى وبيعها، رحمه الله تعالى (6).
(1) تبيين الحقائق: الزيلعي 5/ 87، حاشية ابن عابدين 8/ 390.
(2) طبقات الحنفية 1/ 320، ولم أعثر على سنة ولادته أو سنة أو وفاته.
(3) طبقات الحنفية 1/ 130، ولم أعثر على تاريخ ولادته أو سنة أو وفاته.
(4) طبقات الحنفية 1/ 88 و 369.
(5) حاشية ابن عابدين 7/ 163.
(6) طبقات الحنفية 1/ 318، الأنساب 2/ 248.
ص311
10– السلف:
والسلف عند فقهاء الحنفية إلى محمد بن الحسن، ففي حاشية ابن عابدين: " وفي اصطلاح الفقهاء – كما قال الشيخ عبد العال في فتاويه – السلف الصدر الأول إلى محمد بن الحسن، والخلف: من محمد بن الحسن إلى شمس الأئمة الحلواني، والمتأخرون: منه إلى الإمام حافظ الدين البخاري " (1).
والإمام حافظ الدين البخاري هو: محمد بن محمد بن نصر، الإمام حافظ الدين البخاري أبو الفضل، ولد 615 هج ببخارى، تفقه على شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردي، وسمع منه ومن أبي الفضل المحبوبي، كان إماماً عالماً ربانياً صمدانياً زاهداً عابداً مفتياً مدرساً نحريراً فقيهاً قاضياً محققاً مدققاً جامعاً لأنواع العلوم، توفي ببخارى سنة 693 هج (2).
11 – شمس الأئمة:
شمس الأئمة لُقب به جماعة، منهم: السرخسي والحلواني والأوزجندي والكردي، وعند الإطلاق يقصد: شمس الأئمة الإمام السرخسي. " (4).
كما جاء في البحر الرائق:" ... ذكر الاتفاق شمس الأئمة السرخسي " (3).
والسرخسي هو: محمد بن أحمد بن أبي سهل أبو بكر السرخسي، الإمام الكبير شمس الأئمة، صاحب المبسوط وغيره، أحد الفحول الأئمة الكبار أصحاب الفنون، كان إماماً علامة، حجة متكلماً، فقيهاً أصولياً نظاراً، تفقه عليه أبو بكر الحصيري والبيكندي وأبو حفص عمر بن حبيب جد صاحب الهداية لأمه، توفي في حدود 490 هج (5).
(1) حاشية ابن عابدين 7/ 162 – 163.
(2) طبقات الحنفية 1/ 121 – 122.
(3) طبقات الحنفية 1/ 375.
(4) البحر الرائق 1/ 16.
(5) طبقات الحنفية 1/ 28 – 29.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/84)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[11 - 01 - 08, 03:00 م]ـ
هل انتهى البحث؟
وهل تم رفعه كما وعدتم في أول مشاركة على وورد؟ لأني لم ألاحظه في الرابط؟
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وأورثكم الفردوس الأعلى
ـ[سالم عدود]ــــــــ[11 - 01 - 08, 07:00 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[28 - 10 - 09, 01:14 م]ـ
بارك الله فيكم
ننتظر الباقي(106/85)
ما بالنا لانخوض البحر الخضم؟ علم أصول الفقه
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[16 - 03 - 05, 03:14 ص]ـ
إخواني في الله إن المتأمل في حال أهل السنة في هذا العصر ليجد أنهم فرطوا في كثير من علوم الآلة إلا من رحم الله منهم وقليل ما هم ومن هذه العلوم المظلومة بيننا والتي يعيرنا أهل البدع من الجهمية والرافضة وغيرهم بجهل أكثرنا بها ,علم أصول الفقه ذاك البحر الخضم الذي أستطيع أن أقولها بملء في إن طالب العلم مالم يتضلع من هذا الفن فلن يتقن الفقه حتى يلج الجمل في سم الخياط ومع هذا ففينا من يزهد فيه وفينا من يحرم تعلمه وكم رأينا من هؤلاء المتعالمين العجب العجاب والصد عن خوض العباب حتى تفطر قلب الغيور على سلفيته من أحوال هؤلاء المساكين ومن تسلط المبتدعة علينا من جراء جهل أولئك النفر ولعمر الله لو نظروا في مسودة آل تيمية أو في روضة ابن قدامة لما استطاعوا حل أكثر ما فيهما مع أن مؤلفيها من أئمة السنة رجمهم الله فيا لله لماذا يعادي المرء ما يجهله
ورب العزة يقول "ولاتقف ما ليس لك به علم "؟!
لقد رأينا الجهود المباركة_ التي نسأل الله أن يسدد أهلها _في علم الحديث الشريف حتى أيقن المرء أن أهل البدع دحضوا بهذه الصحوة الحديثية المباركة وأعطوا القوس باريها وسلموا لنا بهذا العلم ومن جادل في هذا فهو أعمي البصيرة والبصر فلماذا لاتقوم صحوة مماثلة في علم الأصول ونحوه من علوم الآلات التي هي من فروض الكفايات وما أظن أن الكفاية حاصلة؟! ومن نظر في كتب المعاصرين من أهل السنة المتكلمين في هذا الفن وجد أكثرها ضعيفة السبك لاتعطي الملكة بل منهم من تأثر بلوثة المتكلمين فزل في مسائل عقدية بحسن نية فيما نحسب كالدكتور النملة وفقه الله والشيخ الولوي غفر الله له بل ومن نظر في شرح ابن بدران للروضة وجد من ذلك أمثلة والعصمة لله وحده فهل يعجز الغيورون من أهل السنة والجماعة عن خوض غمار هذا الفن مستعينين بالله ليسدوا تلك الثغرة؟ إنني أوجه النداء إليكم يا أهل الحديث بل إلى نفسي أولا أن نجد ونقوم بحق الله علينا ولاندع الحلبة لأهل البدع يلبسون على الناس ويتهموننا بالجهل وفينا من يصدق كلامهم بحاله عسى الله أن يمن علينا بالعلم النافع والعمل الصالح والذب عن حياض السنة إن ربي ولي ذلك والقادر عليه. وفي الملتقى بحمد الله جملة من المشايخ الفضلاء وطلاب العلم النبلاء ممن أتقنوا هذا العلم ويظهر هذا في تأصيلاتهم ولعل فيما يكتبه الفاضل المتمسك بالحق من شرح قواعد الاصول لبنة في هذا البناء وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[16 - 03 - 05, 03:44 ص]ـ
لعلنابحاجه للمتضلعين في كتب الفقهاء الممارسين لها على الذاهب الاربعه المهتمين بالدليل والتعليل الفقهي اكثر من المشتغلين بلم اصول الفقه و لا تبالغ كثيرا باهمية اصول الفقه لان اكثر ما كتب في هذا الفن ليس له ارتباط بالفقه واكثر الاصول ارتباطا بالفقه تجده في كتب الفقهاء التي تعتني بالدليل والتعليل والردود باوضح عبارة والله اعلم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 - 03 - 05, 04:25 ص]ـ
المسألة ليست مسألة خوض بحر خضم، فالمشاهد من طلاب الصحوة أن عندهم استعدادا لخوض مثل ذلك، بل المشكلة هي تخوف الطلبة السلفيين المعاصرين من علم الأصول لكون جمهور كاتبيه أشاعرة و ماتريدية، و لكنني أقول / لو ظللنا على هذا الحال لظلوا يفخرون بماضيهم في هذا لاعلم، و هم اليوم أغبى من حمار جحا، وانا لا أقول هذا الكلام عن تخمين أو ظن، بل جالست هؤلاء فترة عند المفتي و تعاملت معهم، فو الله لطلبة صحوتنا أحد ذهنا و أثقب نظرا و أرجح فهما، فلا ينبغي لنا أن نقصر هذه العقول على الخلاف في الحسن لغيره و الحسن لذاته، و زيادة الثقة، و التصحيح بكثرة الطرق ... بل علينا كسر ذلك الحاجز، و الله الموفق
و جزى الله تعالى خيرا أخانا الحنبلي السلفي على فتحه لهذا الموضوع، و لكن يا محمد قطعا جد جديد، أو ترى شيئا تريد فعله و دفعك لكتابة هذه الكلمات، فلو نعرفه
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[16 - 03 - 05, 11:14 ص]ـ
الحنبلي السلفي وفقه الله للخير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/86)
لعلي أخالفك في هذا أخي الكريم، فالتوسع في هذا العلم لم يكن من هدي السلف الصالح رحمهم الله تعالى وغفر لنا ولهم، ومن نظر في مصنفات وأقوال أئمة السنة والجماعة كالإمام أحمد والسفيانين والحمادين والرازيين، ومالك وغيرهم من إخوانهم وأشياخهم وطلابهم من أهل السنة والجماعة لم يكن لديهم هذا التوسع الحاصل في أصول الفقه، وما يرتبط به من مباحث وأصول كلامية لا تمت إلى علم السلف وعلم الآثار من قريب أو بعيد.
وحتى الشافعي رحمه الله تعالى الذي يُعد أول من صنف في الأصول وعلمه، لم يكن كتابه ككتب من أتى من بعده، ومن نظر في كتابه [الرسالة] بان ذلك جلياً له.
سبب إعراض كثير من أهل السنة عن هذا العلم هو المباحث الكلامية التي لا طائل من ورائها.
وأذكر أن مبحثاً درسناه إبان دراستي في كلية الشريعة قبل عشر سنوات، كان عنوانه،
[هل الأمر بالأمر يعد أمراً به]!
وأخذ الدكتور يلت ويعجن ويذكر الأقوال في هذه المسألة، ولما سألته عن ثمرة الخلاف قال لي: الخلاف عقيم ولا ثمرة له!
وعليه قس المباحث الأخرى، وإن كانت في بعض المباحث نوع فائدة، كمبحث الآحاد وخبره، ولكن في العموم هو علم كلام ومنطق في مجمله
لذلك كما قلتُ لم يبحث فيه السلف ولم يتكلموا كما تكلم المتأخرون به. وحتى من صنف فيه من الحنابلة كابن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، فإنه كتاب مختصر من المستصفى في علم الأصول للغزالي ليس إلا.
واذكر أن الدكتور في الجامعة آنذاك قد قال لنا إن ابن قدامة لم يصنف هذا المصنف إلا ليرفع من شأن الحنابلة الذين لم يُعرفوا بهذا العلم، فكان مختصره من الغزالي الشافعي
فالخلاصة أخي الكريم
إن التوسع في هذا العلم والتمنطق به، ليس من سما السلف في طلبهم، ولعلك تعرف موقف أحمد بن حنبل إمام أهل السنة لما كانوا يحتجون عليه بالكلام في خلق القرآن وكانوا بين يدي الخليفة فكان يقول: لا أدري ما تقولون لا أدري ما تقولون أعطوني آية أو حديث!
ومضى على ذلك مجمل أهل السنة من الحنابلة، حتى في عهد الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ومن أتى من أحفادهم من أئمة الدعوة النجدية لا تجد عندهم شيئاً من هذا العلم البتة ولم يحرصوا على طلبه ولا الرحلة إليه
وهكذا كان أئمة العلم في زماننا كالشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وقبله المفتي عبدالله بن عبداللطيف، ومن أتى بعدهم كالشيخ ابن باز رحمه الله، كل أولئك لا تجد عندهم شيئاً من هذا، ولم ينقص ذلك من قدرهم شيئاً، إن لم يكن العكس!
آمل أن يقع كلامي في الموقع الذذي أريده
والله يرعاك
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 - 03 - 05, 12:05 م]ـ
((لا تجد عندهم شيئاً من هذا العلم البتة))؟؟!!!!!
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 - 03 - 05, 12:11 م]ـ
الأخ الحنبلي السلفي يتكلم عن تجربة و ممارسة
وهو شبه رفيق أو أنيس لي منذ سنوات في الطلب لولا حنفيتي و حنبليته
و أعلم تماما من أي منطلق يتكلم، و هو ابعد الناس عن علم الكلام و الحشو و التطويل الخالي من الفائدة و الذي لا تعلق له بعلم الأصول، و مع هذا فهو يصر على موقفه من علم الأصول
دعنا يا ناصر من كتب المتكلمين أو الذين قد حشو كتبهم بما لا يفيد، و دعني أسألك / هل ترى كثيرا أو قليلا من الطلبة المعاصرين يفهم ـ و لا أقول يتقن ـ مسودة آل تيمية؟
ثم قولك بأن أكثر ما في هذا العلم لا فائدة فيه في علم الأصول! دعنا نتدارس و نتناقش هذه العبارة و لكن بالتطبيق العملي، فتأتي و آتي بكتب أصولية مشهورة و نتصفحها أنا و أنت و نرى كيف أن معظمها لا يتعلق بالفقه
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[16 - 03 - 05, 12:33 م]ـ
أخي الحبيب أبو عمر الناصر لي على كلامك تعقبات:
أولها: قولك: (واذكر أن الدكتور في الجامعة آنذاك قد قال لنا إن ابن قدامة لم يصنف هذا المصنف إلا ليرفع من شأن الحنابلة الذين لم يُعرفوا بهذا العلم، فكان مختصره من الغزالي الشافعي).
قلت هذا كلام لايصح ولايقوله الا ذاهل. الم يقرأ هذا الدكتور
كتاب التمهيد لابي الخطاب الكلوذاني!!
ألم يقرأ العدة لابي يعلي!!
ألم يقرأ الواضح لابن عقيل!!
هذا المطبوع فقط فكيف بالمفقود وهو كنوز ككتب غلام الخلال عبدالعزيز وغيرها من المصنفات المطبوعة والمفقودة من مصنفات الحنابلة الأصولية، فهل هم في حاجة الى من يختصر لهم كتاب الغزالي!
سبحان الله! هذا كلام من لم يعرف شيئا عن مصنفات الحنابلة الأصولية المشهورة ((المطبوعة)) السابقة لكتب الغزالي.
و قولك: (هل الأمر بالأمر يعد أمراً به) من ثمرات هذه المسألة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصبيان بالصلاة لسبع.
أما عن كلامك حول مشايحنا وأئمة الدعوة، فمن الذي قال انه ليس لهم كبير اهتمام في هذا الباب الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله قد قرر الكثيرمن كتب الأصول على تلاميذه منها الروضة ومنها قواعد الأصول وغيرها، كيف يقرر الشيخ هذا وهو لايهتم به! بل وأستجلب من اقطار الدنيا من يعلمهم هذا العلم.
أما عن مشايخنا المعاصرين فالعلامة الشيخ محمد بن عثيمين لايخفاك اهتمامه بهذا العلم.
وشيخنا الشيخ عبدالله بن غديان - عضو هيئة كبار العلماء - يقرأ عليه في الأسبوع عشرات الكتب الأصولية ككتاب الغيث الهامع على جمع الجوامع للعراقي ومنثور الزركشي وتقويم الأدلة للدبوسي ومراقي السعود بشرحها نشر البنود وغيرها من الكتب الأصولية.
وغيرهم كثير، فكيف بارك الله فيك يقال انه ليس لهم اهتمام بهذا العلم! بل كانوا مهتمين به مرشدين اليه مقرين بفضله.
الخلاصة ان هذا العلم بعضه من شروط الأجتهاد وبعضه من مكملات العلم ومقويات الملكة.
أما عن أحمد و مالك وغيرهم فهو أعجب من هذا كله.
وللفائدة أخي الحبيب لاتعتمد كلام الدكاترة كثيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/87)
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[16 - 03 - 05, 02:15 م]ـ
جزى الله الأخ الحنبلي خير الجزاء على هذا الموضوع.
الحقيقة: أن كلام أخينا أبي عمر الناصر: كلام من لا خبرة له بأصول الفقه وفوائده، ومن جهل شيئا عاداه ولهذا جعل عمدته على قول دكتور لا على تحقيق ودراسة، والمثال الذي ذكره (هل الأمر .... ) أوضح دليل على أنه لم يحرر بنفسه وإلا لعلم أن المسألة ترجع لمسألة أخرى هي (دلالة الأمر على الوجوب) وأن الأمر لغير المكلف: هل يكون للندب أم للوجوب، وهي مسألة ذات أطراف متعددة.
ومبحث بعض الدكاترة وفهمهم للفقه والأصول وبقية العلوم التي يقومون بتديسها في الجامعات ذو غرائب لا أريد صرف الهمم إليها غير أنني كنت أهتم بأصول الفقه في المرحلة الجامعية، وكنت أرى من دكاترة أصول الفقه من لا يفهم أصول الفقه.
فأقترح بداية البحث والمناقشة في المسائل الأصولية وآثارها الفقهية حتى نتجاوز مرحلة تجاذب الآراء.
أخوكم / أبو عبد الباري
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[16 - 03 - 05, 02:23 م]ـ
مع أن مؤلفيها من أئمة السنة رجمهم الله. بعض الأخطاء المطبعية غير المقصودة لاتحتمل. يإخواني ياحبذا أن نقرأ الرد بعد إضافته بنية الكشف عن الأخطاء الكتابية.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 - 03 - 05, 02:23 م]ـ
أركز على الكلام الأخير لأخينا أبي عبد الباري ((فأقترح بداية البحث والمناقشة في المسائل الأصولية وآثارها الفقهية حتى نتجاوز مرحلة تجاذب الآراء))
اطلاعة سريعة من أخينا الناصر على كتاب (أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء) للدكتور مصطفى سعيد الخن، يعلم منها ماذا تكون الدراسة الأصولية للفقهية
و حسبكم قول المتقدمين (من حرم الأصول حرم الوصول)
و حسبكم ايضا قول ابن بدران الدمشقي بعد ان ذكر الكتب ـ الأصولية ـ التي ينبغي على طالب العلم دراستها ((و اعلم أنه لا يمكن للطالب أن يصير متفقها ما لم تكن له دراية بالأصول، ولو قرأ الفقه سنينا و أعواما، و من ادعى غير ذلك كان كلامه إما جهلا و إما مكابرة))
المدخل لمذهب الإمام أحمد ص 333 دار العقيدة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 - 03 - 05, 02:25 م]ـ
((ولو قرأ الفقه سنينا وأعواما))
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[16 - 03 - 05, 02:38 م]ـ
للنزول إلى المناقشة أطرح مسألة أصولية خلافية للمناقشة والمدارسة والاستفادة من مشايخنا المتقنين لهذا الفن وهي من ضمن مسألة طرحها أخونا أبو عمر الناصر:
((هل توجيه الأمر لغير المكلف قرينة على عدم الوجوب))؟
مثلا: حديث " يا غلام سمّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك " أمر مباشر لصبي لم يبلغ التكليف، واختلف العلماء في دلالة الحديث على الوجوب أو الاستحباب.
فما هو تحرير المسألة؟ وما هو الصواب فيها؟
أخوكم/ أبو عبد الباري
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[16 - 03 - 05, 02:49 م]ـ
الشيخ صالح آل الشيخ, يقول أنه من الأاساسيات أن يكون لدى الإنسان على الأقل حفظ الأربعين النووية, وذكر, في كتيب صغير له, أن الدعاة يواجهون هذه المشكلة, أي أن بعضهم فقط يجيد الوعظ, ولكن عندما يسأل من قبل أحد عوام الناس في أمور فقهية بسيطة فإنه لايستطيع الإجابة.
تنبيه من المشرف
الأخ محمد سفر العتيبي وفقه الله
قولك
الأاساسيات؟؟ خطأ
ثانيا أنت في واد والموضوع في واد آخر
فما الذي أدخل الأربعيين النووية وحفظها في هذا الموضوع؟
وقد طلبنا منك سابقا عدم الخوض فيما لاتحسن
وإن تكررت هذه المشاركات منك هداك الله فسنضطر لإيقافك عن الكتابة في الملتقى حفاظا على وقت المشرفين وصيانة للعلم الشرعي من التعالم.
ـ[محمد السلفي]ــــــــ[16 - 03 - 05, 03:04 م]ـ
جزاك الله خيرا الأخ الحنبلي السلفي
وبالفعل فهذا العلم مهم جدا , وقد اتضح ذلك لي بصورة أكثر بعدما درست بعض الكتب فيه فأحسست بفارق كبير جدا قبل وبعد دراسته
وبالنسبة للإخوة الأفاضل الذين تختلف وجهة نظرهم في ذلك أقول: ألا توجد مستجدات في أمور كثيرة جدا في عصرنا تحتاج لدراسة وتحقيق؟
إذا فمن الذي سيقوم بهذا الدور إن لم يكن متبحرا في هذا العلم؟!!!
ـ[حاج]ــــــــ[16 - 03 - 05, 08:10 م]ـ
أخي الحنبلي السلفي لو توضح لنا أهمية العلم وملامسته للواقع لأن كلامك كلام من أدرك أهميته فرجاء حار أن توضح لنا ذلك خاصة لأني بصدد التخصص وأمامي عدة خيارات من ضمنها أصول الفقه لكن من خلال دراستي الجامعية كنت أرى أنه علم بعيد كل البعد عن الممارسة الواقعية إلا في امور يكننا معرفة الحكم فيعا ولو لم نعلم هذا العلم .. هذا أمر الأمر الآخر ليس كون السلف لم يتكلموا فيه مانع لنا من الكلام فيه فما كان مكروها ذلك الوقت قد يكون مطلوبا هذا الوقت فالغاية الدفاع عن الدين والدفاع يختلف بااختلاف مكايد الخصم ..
بوركتم
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[16 - 03 - 05, 08:23 م]ـ
أيها المشايخ الفضلاء:
بعيداً عن المقدمات التي تبيِّن أهمية علم الأصول ... أريد أن أضع هذا المقترح:
لا يخفى عليكم ما في كتبِ الأصول من مباحث ليست منه كالمسائل المتعلقة بعلوم القرآن، وعلوم الحديث، واللغة ... فأقترح أن يستعرض كتابٌ من مطولات هذا الفن، وتستعرض مسائله واحدةً واحدةً،
1 – فما كان من هذه المسائل يتعلق بعلومٍ أخرى فيُعْرَضُ عنها لأنها ليست من صميم هذا الفن، وكل أهل فنٍ أدرى به (مع اعترافي بأهمية هذه المسائل للفقيه والأصولي، لكن هذه المسائل تقرأ وتبحث عند أهل التخصص فهم أدرى بها).
2 – وإذا كانت هذه المسألة من صميم الفن، نبحث قبل الخوض فيها والترجيح ... هل لهذه المسألة ثمرة أم لا؟
وفي ظني بالسير على هذا المنهج: ستقل المسائل وتنحصر، ويمكن ضبطها وتحريرها، ولا يكون هناك تعدي على أهل التخصصات الأخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/88)
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[16 - 03 - 05, 11:19 م]ـ
شكرا للشيخ عبد الله المزروع، اثني باقتراحك وأزيد فيه:
أنني أقترح أن نفوضك اختيار الكتاب وبداية عرضه ولك منا جزيل الشكر
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[17 - 03 - 05, 06:11 ص]ـ
شكرا للشيخ عبد الله المزروع، اثني باقتراحك وأزيد فيه:
أنني أقترح أن نفوضك اختيار الكتاب وبداية عرضه ولك منا جزيل الشكر
ما يكون لي أنْ أتقدم بين يدي المشايخ الكرام، وإن كان في الذهن كتابٌ معيَّن.
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[17 - 03 - 05, 08:03 ص]ـ
(من لم يعرف أصول معاني الفقه لم يَنْجُ من مواقع التقليد وعُدَّ من جملة العوام) قواطع الأدلة/ السمعاني.
الأخ محمد رشيد كتاب (أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء) للدكتور مصطفى سعيد
الخن)، أنا في حاجة شديدة إلى هذا الكتاب، كيف أحصل عليه؟
أرجو التفاعل.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 - 03 - 05, 09:33 ص]ـ
الكتاب أخ أشرف مطبوع بمؤسسة الرسالة البيروتية، و تجده في فرعها بشارع الجمهورية، و هو مطبوع و متوفر جدا، و إن لم تتمكن من الحصول عليه لأي سبب راسلني على الخاص أقابلك و أعطيك نسختي تقرؤها، و هو جيد جدا في النقطة التي نتحاور فيها، حيث إنه مشحون بالأمثلة الحية على أثر الأصول في الفقه، بل هو موضوع الكتاب، و الله الموفق
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 03 - 05, 01:40 م]ـ
من المهم كما قد فهمته مما ألمح له بعض الفضلاء تحرير محل النزاع، ما المراد ذمه في علم الأصول، وما المراد مدحه .. الخ
وإلي أن يتم ذلك أنقل هذه الفوائد:
وقال ابن رجب في كتاب فضل علم السلف: (57): ومن ذلك أعنى محدثات العلوم ما أحدثه فقهاء أهل الرأي من ضوابط وقواعد عقلية، ورد فروع الفقه إليها سواء خالفت السنة أم وافقتها، طرداً لتلك القواعد المتقررة، وإن كان أصلها مما تأولوه على نصوص الكتاب والسنة لكن بتأويلان يخالفهم غيرهم فيها، وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام. انتهى.
وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/ 362): فمن بنى الكلام في علم الأصول والفروع على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة. انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 368): أما أن نقعد قاعدة ونقول هذا هو الأصل، ثم ترد السنة لأجل مخالفة تلك القاعدة، فلعمر الله، لهدم ألف قاعدة لم يؤصلها الله ورسوله أفرض علينا من ردَّ حديث واحد. انتهى
التنبيه على المسائل الدخيلة في أصول الفقه
أول من صنف في أصول الفقه هو الإمام الشافعي في كتابه الرسالة وهو من أنفع الكتب وأحسنها فقد بنى كتابه على الأدلة الشرعية والآثار السلفية، ثم كثرت التصانيف بعد ذلك، وكانت أكثر الكتب الأصولية أصحابها من الأشاعرة أو من المعتزلة فأفسدوا علم أصول الفقه فأدخلوا فيه علم الكلام، ومسائل لا ثمرة من ذكرها، ومسائل لا تعلق لها بأصول الفقه، وعقدوا العبارات وجعلوا اللغة هي الأصل، فانصرف الناس عن دراسة أصول الفقه بسبب هذه الأمور والتعقيدات التي دخلت في مسائل الأصول، قال العلامة طاهر الجزائري في كتاب توجيه النظر إلى أصول الأثر (237): وقد وقع في كتب أصول الفقه مسائل كثيرة مبنية على مجرد الفرض وهي ليست داخلة فيه وكثيراً ما أوجب ذلك حيرة المطالع النبيه حيث يطلب لها أمثلة فيرجع بعد الجد والإجتهاد ولم يحظ بمثال واحد فينبغي الإنتباه لهذا الأمر ولما ذكره بعض العلماء وهو: أن كل مسألة تذكر في أصول الفقه ولا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أولا تكون عوناً في ذلك فهي غير داخلة في أصول الفقه، وذلك أن هذا العلم لم يختص بإضافته إلى الفقه إلا لكونه مفيداً له، ومحققاً للإجتهاد فيه فإذا لم يفد ذلك لم يكن أصلا له ويخرج على هذا كثير من المسائل التي تكلم عليها المتأخرون وأدخلوها فيه كمسائل ابتداء وضع اللغات ومسألة الإباحة هل هي تكليف أم لا؟ ومسألة أمر المعدوم؟ وكذلك كل مسألة ينبني عليها فقه إلا أنه لا يحصل من الخلاف فيها خلاف في فرع من فروع الفقه مثل مسألة الأمر بواحد مبهم من أشياء معينة كما في كفارة اليمين، فقيل: إن الأمر بذلك يوجب واحداً منها لا بعينه وقيل إنه يوجب الكل ويسقط الكل بفعل واحد منها، وقيل: إنه يوجب ما يختاره المكلف فإن فعل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/89)
الكل فقيل الواجب أعلاها، وإن تركها فقيل يعاقب على أدناه فهذه المسألة وما أشبهها من المسائل التي فرضوها مما لا ثمرة له في الفقه غير داخله في أصوله. انتهى.
وقال الشوكاني في منتهى الأرب في أدب الطلب (174): ومن أسباب التعصب الحائلة بين من أصيب بها وبين المتمسك بالإنصاف: التباس ما هو من الرأي البحت بشيء من العلوم التي هي مواد الاجتهاد. وكثيراً ما يقع ذلك في أصول الفقه فإنه قد اختلط فيها المعروف بالمنكر والصحيح بالفاسد والجيد بالرديء، فربما يتكلم أهل هذا العلم على مسائل من مسائل الرأي ويحررونها ويقررونها، وليست منه في شيء ولا تعلق لها به بوجه. فيأتي الطالب لهذا العلم إلى تلك المسائل فيعتقد أنها منه فير إليها المسائل الفروعية، ويرجع إليها عند تعارض الأدلة. ويعمل بها في كثير من المباحث، زاعماً أنها من أصول الفقه. ذاهلاً عن كونها من علم الرأي. ولو علم بذلك لم يقع فيه ولا ركن إليه. فيكون هذا وأمثاله قد وقعوا في التعصب وفارقوا مسلك الانصاف، ورجعوا إلى علم الرأي وهم لا يشعرون بشيء من ذلك ولا يفطنون به، بل يعتقدون أنهم متشبثون بالحق متمسكون بالدليل واقفون على الانصاف خارجون عن التعصب. وقلَّ من يسلم من هذه الدقيقة وينجو من غبار هذه الأعاصير. بل هم أقل من القليل. وما أخطر ذلك وأعظم ضرره وأشد تأثيره وأكثر وقوعه وأسرع نفاقه على أهل الانصاف وأرباب الاجتهاد.
فإن قلتَ: إذا كان هذا السبب كما زعمت من الغموض والدقة ووقوع كثير من المنصفين فيه وهم لا يشعرون فما أحقه بالبيان وأولاه بالإيضاح وأجدره بالكشف حتى يتخلص عنه الواقعون فيه وينجوا منه المتهافتون إليه؟
قلتُ: اعلم أن ما كان من أصول الفقه راجعاً إلى لغة العرب رجوعاً ظاهراً مكشوفاً كبناء العام على الخاص. وحمل المطلق على المقيد ورد المجمل إلى المبيَّن. وما يقتضيه الأمر والنهي ونحو هذه الأمور. فالواجب على المجتهد أن يبحث عن مواقع الألفاظ العربية. وموارد كلام أهلها وما كانوا عليه في مثل ذلك. فما وافقه فهو الأحق بالقبول والأولى بالرجوع إليه. فإذا اختلف أهل الأصول في شيء من هذه المباحث كان الحق بيد من هو أسعد بلغة العرب. هذا على فرض عدم وجود دليل شرعي يدل على ذلك. فإن وجد فهو المقدم على كل شيء وإذا أردت الزيادة في البيان والكثير من الإيضاح بضرب من التمثيل وطرف من التصوير: فاعلم، أنه قد وقع الخلاف في أنه هل يُبنى العام على الخاص مطلقاً أو مشروطاً بشرط أن يكون الخاص متأخراً. ووقع الخلاف في أنه هل يُحمل المطلق على المقيّد مع اختلاف السبب أم لا. ووقع الخلاف في معنى الأمر الحقيقي هل هو الوجوب أو غيره. ووقع الخلاف في معنى النهي الحقيقي هل هو التحريم أو غيره. فإذا أردت الوقوف على الحق في بحث من هذه الأبحاث، فانظر في اللغة العربية واعمل على ما هو موافق لها مطابق لما كان عليه أهلها. واجتنب ما خالفها، فإن وجدت ما يدل على ذلك من أدلة الشرع كما ستقف عليه في الأدلة الشرعية من كون الأمر يفيد الوجوب والنهي يفيد التحريم فالمسألة أصولية لكونها قاعدة كلية شرعية لكون دليلها شرعياً كما أن ما يستفاد من اللغة من القواعد الكلية أصولية لغوية. فهذه المباحث وما يشابهها من مسائل النسخ ومسائل المفهوم والمنطوق الراجعة إلى لغة العرب المستفادة منها على وجه يكون قاعدة كلية هي مسائل الأصول. والمرجع لها الذي يعرف به راجحها من مرجوحها هو العلم الذي هي مستفادة منه مأخوذة من موارده ومصادره. وأما مباحث القياس فغالبها من بحث الرأي الذي لا يرجع إلى شيء مما تقوم به الحجة، وبيان ذلك أنهم جعلوا للعلة مسالك عشرة لا تقوم الحجة بشيء منها إلا ما كان راجعاً إلى الشرع. كمسلك النص على العلة. أو ما كان معلوماً من لغة العرب كالإلحاق بمسك إلغاء الفارق. وكذلك قياس الأولى المسمى عند البعض بفحوى الخطاب. وأما المباحث التي يذكرها أهل الأصول في مقاصده كما فعلوه في مقصد الكتاب ومقصد السنة والإجماع. فما كان من تلك المباحث الكلية مستفاداً من أدلة الشرع فهو أصولي شرعي , وما كان مستفاداً من مباحث اللغة فهو أصولي لغوي. وما كان مستفاداً من غير هذين فهو من علم الرأي الذين كررنا عليك التحذير منه. ومن المقاصد المذكورة في الكتب الأصولية التي هي من محض الرأي الاستحسان والاستصحاب والتلازم.
وأما المباحث المتعلقة بالاجتهاد والتقليد وشرع من قبلنا والكلام على أقوال الصحابة، فهي شرعية فما انتهض عليه دليل الشرع منها فهو حق. وما خالفه فباطل.
وأما المباحث المتعلقة بالترجيح، فإن كان المرجح مستفاداً من الشرع فهو شرعي. وإن كان مستفاداً من علم من العلوم المدونة فالاعتبار بذلك العلم فإن كان له مدخل في الترجيح كعلم اللغة فإنه مقبول وإن كان لا مدخل له إلا لمجرد الدعوى كعلم الرأي فإنه مردود. انتهى.
نقلته من كتاب "أصول الفقه على منهج أهل الحديث" تصنيف /زكريا بن غلام قادر الباكستاني.
89ـ سئل فضيلة الشيخ [العثيمين كما في كتاب العلم]ـ حفظه الله تعالى ـ: إذا أراد طالب العلم الفقه فهل له الاستغناء عن أصول الفقه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أراد طالب العلم أن يكون عالماً في الفقه فلابد أن يجمع بين الفقه وأصول الفقه ليكون متبحراً متخصصاً فيه، وإلا فيمكن أن تعرف الفقه بدون علم الأصول، ولكن لا يمكن أن تعرف أصول الفقه، وتكون فقيهاً بدون علم الفقه، أي أنه يمكن أن يستغني الفقيه عن أصول الفقه، ولا يمكن أن يستغني الأصولي عن الفقه إذا كان يريد الفقه، ولهذا اختلف علماء الأصول هل الأولى لطالب العلم أن يبدأ بأصول الفقه حتى يبني الفقه عليها، أو بالفقه لدعاء الحاجة إليه، حيث إن الإنسان يحتاج إليه في عمله، في عبادته ومعاملاته قبل أن يتقن أصول الفقه، والثاني هو الأولى وهو المتبع غالباً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/90)
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[17 - 03 - 05, 01:41 م]ـ
الأخ الكريم الحنبلي السلفي ..
جوابا على سؤالكم: ما لنا لا نخوض البحر الخضم: اصول الفقه؟ أقول:
البعض يخشى المغامرة.
والبعض يخاف الغرق.
والبعض لا يحسن السباحة أصلا.
كما أن أصول الفقه أشبه ما يكون ببحر الظلمات (المحيط الأطلسي)
في بعض مناطقه تيه، وفي بعض مساربه تضليل وتمويه.
وعلم أصول الفقه كثير من أبوابه عقيم لا ينتج، هذا يعرفه من
يتقن السباحة ولا يخاف الغرق وخاض في لجج ذلك البحر الخضم.
نعم الأصوليون عباقرة، لهم لفتات يحار فيها المرء، ولكنها في
ميزان الشرع لا تغني عن الحق فتيلا.
وأعراض الانبهار بالأصول تخف حدتها حينما يقرأ المرء كلام الله وحديث
النبي صلى الله عليه وسلم وينظر في استدلالات من جعل أصول الفقه
بمباحثه ودقائقه وحروفه مطية للفهم عن الله والرسول صلى الله عليه وسلم،
فإذا به يرى هذا العلم أمثولة الانحراف.
اصولي بارع شهير سئل عن حكم اللحية، فقال يجب إعفاء ما يطلق عليه
لحية عرفا! هذا رجل خاض البحر الخضم يا أخي الحنبلي ... ولكنه غرق فيه وما
رجع ...
إن بعض هذا العلم من حيث هو علم لا ينبغي أن يكون هناك خلاف في
أهميته، ولا ينبغي أن يكون خلاف في اشتراط تعلمه لطالب العلم فضلا
عن المجتهد المفتي، ولكن ليس بالضروري البتة أن نخوض بحره الخضم،
وليس بالواجب المتحتم أن نتضلع منه ونتعبقر فيه حتى نحصل فيه
على الحوزة وكرسي الأستاذية فنصول في حلبات الأشاعرة والمعتزلة
ونغلبهم! ليس ضروريا ألبتة.
وحتى لا نضل عن محل النزاع (كالعادة) أركز مداخلتي في الاعتراض
على فحوى العنوان، ومضمون الموضوع، فأنا لا أخالف في أهمية علم
أصول الفقه، ولا أخالف في ضرورة تعلمه، ولكن أخالف في ضرورة
التعمق فيه والتخصص الشديد ومغالبة الخصوم من أرباب المذاهب
المخالفة للسنة.
ولمداخلتي بقية، نرجئها إلى حين إن كان لنا في العمر بقية ...
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[17 - 03 - 05, 02:23 م]ـ
ما رأيكم في كتاب (أصول الفقه على منهج أهل الحديث)
تصنيف
زكريا بن غلام قادر الباكستاني.
ـ[عمر بياتي]ــــــــ[17 - 03 - 05, 02:24 م]ـ
بارك الله في الأخوة الافاضل على هذا الموضوع، الذي أرى أن منتدانا هذا لا يزال يحتاج إلى بحثه. فلو نظرنا في مسائل الحديث نجد ولله الحمد قد بلغ المنتدى فيه مبلغا عاليا من التدقيق والبسط، لكن القضايا الأصولية لا تزال تحتاج إلى جد وتعاون لتمحيصها وبحثها.
فحبذا لو تفضل أحد الأخوة باقتراح كتاب لنتدارسه معا، وإذا لم يكن كتابا، يمكن اقتراح موضوعات أصولية مرتبة بطريقة منتظمة تبدأ من حد أصول الفقه، ومفهوم الأدلة الإجمالية، والحكم الشرعي وطرق استنباطه، وشروط المجتهد والمقلد ... الخ
وجزاكم الله خيرا
ـ[عمر بياتي]ــــــــ[17 - 03 - 05, 02:26 م]ـ
أخ أشرف هل كتاب (أصول الفقه على منهج أهل الحديث)
موجود على الأنترنت؟
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[17 - 03 - 05, 02:29 م]ـ
نعم ....
ابحث عنه في موقع (المشكاة، صيد الفوائد، أو في خزانة الكتب والأبحاث بملتقانا)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[17 - 03 - 05, 08:28 م]ـ
حيقة اخواني ان مما يحيرني منذ الصغر الجفاء الذي بين اهل الفقه واهل الحديث , وزاد الطين بلة كتاب كتاب الغزالي , والذي اراه انه تقصير منا الا يسعنا ما وسع الشافعي واحمد ومالك الم يكونوا محدثين وفقهاء , اليس اول ما وصلنا من اصول الفقه كتاب الرسالة للشافعي. اذا لماذا يروج لاصول الفقه انه من علم الكلام!
بالنسبة لغير اهل السنة فعلا يكون الامر صحيحا لانهم اصلا لا يعتمدوا على كتب السنة النبوية. لذلك نجدهم يبحثوا بالاستدلال بطرق نحن في غنا عنها ولكن:
ما الفرق بين قول الشافعي من استحسن فقد شرع , وبين ما يقوله احمد ومالك وابوحنيفة في مدح الاستحسان.
وما الكلام عن نفي الامام احمد عن وقوع الاجماع وما نراه عن منعه احداث راي ثالث في قضية لها رايين عند الصحابة (الان الاجماع داخل على هذين الرأيين)
وكلام كثير لو بحث بجد فان الكثير من الخلافات سنرجعها الى اختلاف الالفاظ اكثر من ارجاعها الى الخلاف.
والله اعلم
ـ[عمر بياتي]ــــــــ[17 - 03 - 05, 11:21 م]ـ
فليتوكل على الله أحد الأخوة ويبدأ مبحثا من مباحث الأصول ليتم تناوله بالشرح والمناقشة.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[20 - 03 - 05, 12:41 ص]ـ
وماتت الفكرة - رحمها الله -؛ فأحسن الله عزائكم!
ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[20 - 03 - 05, 11:49 ص]ـ
وماتت الفكرة - رحمها الله -؛ فأحسن الله عزائكم!
ظننت أن شرح كتابِ (قواعد الأصول ومعاقد الفصول)، للشيخ المبارك (المتمسك بالحق)،
تطبيق لهذه الفكرة، أليس كذلك؟
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[21 - 03 - 05, 02:24 م]ـ
بل منهم من تأثر بلوثة المتكلمين فزل في مسائل عقدية بحسن نية فيما نحسب كالدكتور النملة وفقه الله والشيخ الولوي غفر الله له بل ومن نظر في شرح ابن بدران للروضة وجد من ذلك أمثلة والعصمة لله وحده
الشيخ الفاضل الحنبلي
هل من أمثلة على مخالفات الشيخ ابن بدران والولوي
أم اعتبرت سكوتهما إقراراً؟
فهذا فيه ما فيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/91)
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[23 - 03 - 05, 04:46 م]ـ
لم أفهم المقصود من نقل الشيخ السديس وفقه الله ولكن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من أكثر الناس اعتناء بأصول الفقه وقدأكد في شرح الأصول من علم الأصول وهو أول ما قرأناه في الأصول أكد على أهمية هذا العلم وقال إنه مهم جدا وغزير الفائدة وينبغي لطالب العلم أن يعتني به.
وأما كلام الشيخ الفاضل رضا صمدي فأنا أعجب أن يصدر من مثله هذا الكلام الذي قد يوهم التزهيد في كتب هذا العلم والشيخ رضا ممن له من هذا العلم نصيب وله فيه مشاركة ومذكرته التي كتبها وشرحها لبعض الإخوة في مصر شاهدة بذلك.
وأما كلام الشيخ حامد وفقه الله فإن ابن بدران لم يسكت فقط بل أحيانا يكرر بعض العبارات في سياق الرد على المعتزلة وهي من كلام الأشاعرة كمثل أن الأمر لايستلزم الإرادة وقد صرح ابن قدامة في مبحث الأمر بذلك ووافقة ابن بدران وهذا خلل مبني على عدم التفريق بين الإرادة الكونية والشرعية وهناك أمثلة متعددة وليس الغرض الحصر وكذلك الولوي في شرح منظومة السيوطي يكرر عبارات المتكلمين ولايعقب فلتنظر أمثلة لذلك في مباحث التكليف بالمحال وفي مباحث الأمر والكلام النفسي ونحو ذلك مع أنه وفقه الله نقل في أواخر الكتاب كلام السلف في ذم علم الكلام وأقرهم ونحن لانشك في حسن نيته ولانرميه بالبدعة قط لمجرد هذا الكلاه فلعله دخل عليه ما دخل من كلامهم ولكن المحكم من كلامه يبين عدم موافقته لهم في الجملة ,وأما النملة فكلامه في شرح الروضة يطول ذكره ومن طالعه تيبن له هذا جيدا لأول وهلة ,والمقصود بارك الله فيكم اننا بحاجة ماسة لأن يتقن أهل السنة تلك الصنعة المهمة وينقحوا ما فيها من دخل المتكلمين بما حباهم الله به من إتقان في مسائل العقيدة لاأن ينفروا منه ويزهدوا الناس فيه ويبقى الكلام فيه قاصرا على المبتدعة ونعير بالجهل به ونضطرب في فهم النصوص نتيجة لعدم إتقاننا هذا العلم وهذا لازم لامحالة لمن لم يتقن الأصول ووالله إننا لنسمع من بعض كبار المشايخ عندنا كلاما في فهم النصوص يحزن المرء أن يصدر من أمثاله مما يدل على الخلط وضيق العطن وما ذاك غلا لجهلهم بهذا العلم الشريف الذي هو من أهم الآلات لفهم النصوص فلا جرم أن كان تعلمه فرض كفاية ونسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.
وأما تزهيد بعض المشاركين في ذا العلم فلا يعبأبه إذ أنه لم يصدر إلا من جاهل به.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[23 - 03 - 05, 05:44 م]ـ
لم أفهم المقصود من نقل الشيخ السديس وفقه الله ولكن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من أكثر الناس اعتناء بأصول الفقه وقدأكد في شرح الأصول من علم الأصول وهو أول ما قرأناه في الأصول أكد على أهمية هذا العلم وقال إنه مهم جدا وغزير الفائدة وينبغي لطالب العلم أن يعتني به.
وأما كلام الشيخ الفاضل رضا صمدي فأنا أعجب أن يصدر من مثله هذا الكلام الذي قد يوهم التزهيد في كتب هذا العلم والشيخ رضا ممن له من هذا العلم نصيب وله فيه مشاركة ومذكرته التي كتبها وشرحها لبعض الإخوة في مصر شاهدة بذلك.
وأما كلام الشيخ حامد وفقه الله فإن ابن بدران لم يسكت فقط بل أحيانا يكرر بعض العبارات في سياق الرد على المعتزلة وهي من كلام الأشاعرة كمثل أن الأمر لايستلزم الإرادة وقد صرح ابن قدامة في مبحث الأمر بذلك ووافقة ابن بدران وهذا خلل مبني على عدم التفريق بين الإرادة الكونية والشرعية وهناك أمثلة متعددة وليس الغرض الحصر وكذلك الولوي في شرح منظومة السيوطي يكرر عبارات المتكلمين ولايعقب فلتنظر أمثلة لذلك في مباحث التكليف بالمحال وفي مباحث الأمر والكلام النفسي ونحو ذلك مع أنه وفقه الله نقل في أواخر الكتاب كلام السلف في ذم علم الكلام وأقرهم ونحن لانشك في حسن نيته ولانرميه بالبدعة قط لمجرد هذا الكلاه فلعله دخل عليه ما دخل من كلامهم ولكن المحكم من كلامه يبين عدم موافقته لهم في الجملة ,وأما النملة فكلامه في شرح الروضة يطول ذكره ومن طالعه تيبن له هذا جيدا لأول وهلة ,والمقصود بارك الله فيكم اننا بحاجة ماسة لأن يتقن أهل السنة تلك الصنعة المهمة وينقحوا ما فيها من دخل المتكلمين بما حباهم الله به من إتقان في مسائل العقيدة لاأن ينفروا منه ويزهدوا الناس فيه ويبقى الكلام فيه قاصرا على المبتدعة ونعير بالجهل به
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/92)
ونضطرب في فهم النصوص نتيجة لعدم إتقاننا هذا العلم وهذا لازم لامحالة لمن لم يتقن الأصول ووالله إننا لنسمع من بعض كبار المشايخ عندنا كلاما في فهم النصوص يحزن المرء أن يصدر من أمثاله مما يدل على الخلط وضيق العطن وما ذاك غلا لجهلهم بهذا العلم الشريف الذي هو من أهم الآلات لفهم النصوص فلا جرم أن كان تعلمه فرض كفاية ونسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.
وأما تزهيد بعض المشاركين في ذا العلم فلا يعبأبه إذ أنه لم يصدر إلا من جاهل به.
وحتى نكون عمليين فإني أضع ما عندي من منهج في علم الأصول للحنابلة عسى الله أن ينفع به فأقول: يحسن بالطالب ان يبدأ بالورقات مع شرح المحلي ليحصل له التصور لأبواب هذا العلم الشريف في الجملة ويكون قد مر على ابوابه سريعا.ثم يتبعه بقواعد الأصول لعبد المؤمن القطيعي ثم شرح مختصر التحرير للفتوحي وحبذا لو يحفظ المتن ومما حفظته من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ونفعني الله بهذا كثيرا قوله: من حفظ هذا المتن وفهمه صار أصوليا بالمعنى الحقيقي. والحق أن هذا الكتاب فيه زبدة هذا الفن ولو وصل الطالب غير المتخصص إلى هذه المرحلة واكتفى فقد حصل خيرا كثيرا وهذا أقوله عن تجربة.ثم يقرأ التحبير للمرداوي وهو أصل كتاب ابن النجار متنا وشرحا وما كتاب ابن النجار إلا ملخص له ولايكاد يخرج عن كلامه بحروفه فهو نسخة أخرى مع اختصار وهو مما يفيدك في تصحيح الأخطاء المطبعية.ثم يقرأ الروضة القدامية وقد قال ابن بدران في المدخل إنها بالنسبة لكتب الأصول بمنزلة المقنع في الفقه عند أصحابنا وليستأنس بحاشية ابن بدران عليها ففيها فوائد وغن كان جلها مأخوذا من شرح البلبل للطوفي. ثم يقرأ شرح البلبل للطوفي ثم يطالع كتب المتوسطين كأبي يعلى وأبي الخطاب وابن عقيل وكذلك يقرأ المسودة لآل تيمية رحمهم الله أجمعين ولاينبغي ان يقصر نفسه على كتب الأصحاب فقط فليخض البحر الخضم وليقرأ جمع الجوامع مع شروحه وحواشيه وكذا المختصر لابن الحاجب وشروحه واللمع للشبرازي والقواطع للسمعاني والإحكام للآمدي ولينظر في أصول الحنفية ومن كتبهم التنقيح وشرحه التوضيح وكذا المنار للنسفي وشروحه كشرحه هو وشرح ابن نجيم وكذا التحرير للكمال ابن الهمام هذا لمن أراد التوسع والتخصص وإلا فيكفيه ما اشرت إليه سابقا ثم ليقرأ في الموافقات للشاطبي وليدمن النظر فيه وليستعن بالله ولايعجز والله المستعان.(106/93)
سؤال عن أصول الفقه المقارن للنملة
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[18 - 03 - 05, 10:06 ص]ـ
من حيث قيمته العلمية ومنهجه في الترجيح في القضايا الخلافية.
كنت قد سألت من قبل قريبا من هذا السؤال ووضع الاخوة نفع الله بهم روابط لا تعلق مباشر لها بالسؤال.
ـ[أحمد الفاضل]ــــــــ[20 - 03 - 05, 10:52 ص]ـ
اسم الكتاب (المهذب في أصول الفقه المقارن).
وقد استوفى المؤلف كافة المسائل التي ذكرها ابن قدامة في (روضة الناظر).
والشيخ عبد الكريم النملة يحمد له قدرته الكبيرة على جمع آراء الأصوليين، وصياغتها صياغة عصرية.
وأما قضية الترجيح ومنهجه فيها .. فلا أعلم عنها شيئاً لأني لم استوفى قراءة الكتاب كاملاً.
ـ[أبو يحي زكرياء]ــــــــ[20 - 09 - 07, 01:27 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
من يستطيع امدادي بكتاب المهذب هذا للشيخ عبد الكريم النملة مصورا
جزى اله اخواني خيرا ......
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[20 - 09 - 07, 02:32 م]ـ
http://www2.0zz0.com/2006/12/18/20/50497171.gif
كتاب المهذب للشيخ عبد الكريم النملة
مصورا
اظن انه غير موجود لاني قد بحثت عنه ......
يا ليت ان يضعه احد الاخوة ان كان موجود ...
واما شرحه للروضه موجود
ـ[باحثة **]ــــــــ[29 - 09 - 07, 08:30 ص]ـ
الكتاب (مهذب) كما سماه الدكتور، وهو مبسط، وأحيانا يختصر الأقوال ولا يذكرها جميعا، وقد وقفت على مسألة واحده منه بحثتها فوجدت فيها اقوال أخرى
وقد درسنا الشيخ -النملة - الكتاب في الدراسات العليا فكان متميزا
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[17 - 10 - 07, 04:44 م]ـ
سلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد.
كتاب المهذب في علم أصول الفقه المقارن للدكتور النملة قرأت بعضه فوجدته جيد في بابه يذكر المسألة ثم يعقبها بذكر الخلاف المتعلق بجملتها مع ذكر أراء المذاهب فيها مع مناقشتها ثم يرجح مايراه حقا في نظره بعبارة *و الحق *.
لكن سمعت من بعض الإخوان أن بعض المشايخ في المملكة السعودية حرسها الله إعترض عليه إطنابه و توسعه في ذكر الخلاف الأصولي و كأنه جعل اصول الفقه غاية و ليست و سيلة مما ينتهي بالطالب إلى الحيرة إحيانا.
لكن الكتاب في الجملة مفيد للغاية يساعد الطلبة الجامعيين و الباحثين كذلك.
لكن لا ينسا الطالب الأصولي أن علم أصول الفقه و سيلة لتحصيل مصلحة وليس غاية يرجى منها.
و لإتمام الفائدة يرجع إلى مقدمة شرح كتاب ورقات الأصول للشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير حفظه الله الشريط الأول.
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
ـ[محمد السلفي المكي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 11:35 م]ـ
الكتاب مفيد بالفعل وخاصة لطلبة العلم
لكن ينقصه عوز الأقوال إلى مصادرها في كتب المذاهب
فهذا الأمر يكاد يكون معدوما في الكتاب للأسف
ـ[هيثم زماعرة]ــــــــ[06 - 02 - 09, 07:32 ص]ـ
أيها الإخوة الأحبة،
كتب أصول الفقه المقارن، سواء المعاصرة منها ككتاب المهذب للشيخ عبد الكريم النملة، أو المتقدمة كالبحر المحيط وشرح الكوكب المنير لا تصلح إلا للمتخصصين، ولأغراض البحث العلمي لا لغرض التعلم منها، لأنها تعنى بجمع الأقوال المختلفة وذكر التقسيمات المتنوعة، بل قد يحصل التداخل بين بعض التقاسيم، وقد يكثر الاختلاف في نسبة الأقوال أيضا، وهذا في البحر المحيط كثير، يعرفه من عايش الكتاب.
أما إذا كان الغرض هو تعلم مسائل هذا العلم، وتوضيحها، فيرجع في ذلك إلى الكتب التي عنيت بهذا الأمر، وأفضلها في نظري كتاب شرح مختصر الروضة للطوفي.
ـ[أبو عبدالعزيز الحنبلي]ــــــــ[08 - 02 - 09, 07:04 م]ـ
غاية ما فيه الجمع ومع ذلك في نظري هو ليس بجيد. . ولا تحقيق فيه.
كان قد قرره علينا في الدراسات العليا وفي أثناء قراءته عليه يقول: هذا تكرار وهذا ما له داعي .. إلخ.
ومن يريد أن يدرك ذلك فليطالع شروح المحققين من الأصوليين.
الأسنوي - الآمدي - المحلي - البيضاوي .. وغيرهم.
ـ[ليث بجيلة]ــــــــ[11 - 02 - 09, 01:48 م]ـ
كتاب الدكتور عبد الله التركي أصول الإمام أحمد من الكتب النافعة(106/94)
هل تعلم كيف يحكم علم الأصول في مسألة المسح على الجوربين؟
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[28 - 03 - 05, 08:11 م]ـ
أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد كنتُ نشرتُ في هذا المنتدى الطيب رسالة تبحث في مسألة المسح على الجوربين، وبعد أن تلقيتُ الأسئلة والاستفسارات عن بعض المسائل ضمن الرسالة من بعض الإخوة المشاركين،
قمتُ بتوضيح تلك المسائل، وإعادة صياغتها، وزيادة أدلة وآثار تغني البحث. فصار البحث معالجاً من الناحية الحديثية واللغوية والفقهية والأصولية (وبخاصة مسألة القياس على الخفّين ولماذا مسح الصحابة على الجورب والنعل، وتعريف العلة وكذلك الرخصة والعزيمة، مع ذكر مذهب بعض الصحابة في تفضيل الغسل) فأرجو من كل المشاركين الذين اطلعوا على الرسالة السابقة واحتفظوا بها، أن يعيدوا النظر في الرسالة الجديدة، والاعتماد عليها، وإلغاء الأولى، والسلام عليكم.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[29 - 03 - 05, 04:52 م]ـ
الحمد لله ربِّ العالمين، اللهم صلِّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وأزواجه أجمعين أما بعد:
فقد أصبح من الملاحظ على بعض النّاس إذا قاموا للصلاة، أنهم يمسَحون على الجوارب بدلاً مِنْ غسْل القدمين، ويتكرّرُ ذلك الفعلُ منهم في حال الصحّة، صيفاً وشتاءً، وفي البيت أو مكان العمل، وأكثر ما يكون ذلك في الفتيان منهم! فإذا سأَلْتَ أحَدَهم لم لا تنزع جوربيك لتغسلَ قدميك؟ أجابَك مُسْرِعاً: إنّها السنّة، أو قال: هي رخصةٌ لمن شاءَ الأخذَ بها، أو قال: إنَّ نزعَ الجوربين لغسل القدمين هو من التنطّعِ و التشدُّد في الدّين والأَوْلَى المسحُ عليهما.
لذلك تجِدُهم اعتَادوا المسحَ على الجوربين، حتى أصبحَ المسحُ عند بعضهم هو الأصل، أو بديلاً مكافئاً للغسل، أو كما يقولون هي رخصةٌ مطلقة لا قيدَ لها. وانتشرَ هذا الفعل حتى أصبح ظاهرةً تَلْفِتُ النظر. وكنتُ قرأتُ رسالةً في المسح على الجوربين للشيخ العلاّمة جمال الدّين القاسمي بتحقيق الشيخ المحدّث ناصر الدّين الألباني و تقديم العلاّمة أحمد شاكر، رحمة الله عليهم، واتفقَ ثلاثَتُهم على تصحيح حديث المغيرة بن شعبة (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضّأ ومسحَ على الجوربين و النعلين) وكذلك قرأتُ بحثاً حديثياً للشيخ المحدث أحمد الغماري، في تخريجه لأحاديث بداية المجتهد، جنحَ فيه أيضاً إلى تصحيح الحديث؛ فاستقرَّ في ذهني أن الرّاجحَ هو كونُ حديث المسح على الجوربين من قسم الصحيح، و الذي فهمته أيضاً أن المسح رخصةٌ عند الحاجة.
ثمّ قرأتُ بحثاً لأخينا الشيخ محمد أمجد البيطار حفظه الله، بعنوان " الحديث الشاذ وأثره في الفقه " وضربَ لذلك أمثلةً، منها حديث المغيرة في المسح على الجوربين، ونَقَلَ كلامَ العُلماء فيه واتّفاقَ الأئمّةِ منهم على تضعيفه وأنّه مخالفٌ لجميع الروايات عن المغيرة والتي فيها المسح على الخُفَّيْن. مما دفعني إلى البحث في علّة هذا الحديث، والتّدبّرِ في أصول هذه المسألة واستقصاء كلام العلماء فيها فكانت هذه الرّسالة.
أوّلاًـ وقبلَ الشّروعِ في بيان علّة الحديث، لابدَّ من التنبيه على أن مسألة المسحِ على الجوربين قد وَرَدَتْ عن بعض الصّحابة الكرام*، وهم العُمْدَة عند من رخّص بالمسح على الجوربين، مع حكمه على حديث المغيرة بالضعف؛ لذلك أجد أنّه من المفيد أن أَشْرَعَ في بيانِ معنى الجورب عند السّلف.
00000000000000000000000000000000000000000000
* ـــ ذكر الشيخ القاسمي في رسالته أنهم ستة عشر صحابياً. وعند البحث تبيّن أنّ الذين صحّت الرّواية عنهم هم أربعة فقط: علي بن أبي طالب، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، و أبو مسعود عقبة بن عمرو. وهناك الصحابيان سهل بن سعد، وأبو أمامة الباهلي جاءت الرّواية عنهما بأسانيد قد تصل إلى رتبة الحسن. وأمّا الباقون فالرّوايات عنهم ضعيفة لاتصح. انظر رسالة الشيخ أمجد البيطار.
00000000000000000000000000000000000000000000000000 0000
فأقول مستعيناً بالله القوي:
· جاء في شرح منتهى الإرادات للبهوتي ج 1: " .. الجوربُ ... ولعله اسمٌ لكلِّ ما يلبس في الرِّجل على هيئة الخُفِّ [1] من غير الجلد. انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/95)
00000000000000000000000000000000000
[1]ـ قال في اللسان: والخفُّ أغلظ من النعل.
00000000000000000000000000000000000000
· و جاء في كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود للعظيم آبادي مع تعليقات ابن القيم ج1 صـ180:
" باب المسح على الجَوْرَبَيْنِ: .. تثنية الجورب. قال في القاموس: الجورب لِفَافة الرجل. وفي الصحاح: الجورب معرّب .. انتهى. وقال الطيبي: الجورب لِفافة الجلد وهو خفّ معروفٌ من نحو الساق. قال أبو بكر ابن العربي في عارضة الأحوذي: الجورب غشاء للقدم من صوف يتخذ للدفاء، وهو التسخان. ومثله في قوت المغتذي للسيوطي. وقال القاضي الشوكاني في شرح المنتقى: الخفّ نعلٌ من أَدَم يغطّي الكعبين.والجرموق أكبر منه يُلبس فوقه، والجوربُ أكبر من الجرموق. وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في اللمعات: الجورب خفٌّ يلبس على الخف إلى الكعب للبرد ولصيانة الأسفل من الدرن والغسالة. وقال في شرح كتاب الخرقي:الجرموق خف واسع يلبس فوق الخف في البلاد الباردة. وقال المطرّزي: الموق خفٌّ قصير يلبس فوق الخف .. انتهى كلام الشيخ. وقال العلامة العيني من الأئمة الحنفية: الجورب هو الذي يلبسه أهل البلاد الشاميّة الشديدة البرد وهو يتخذ من غزل الصوف المفتول يلبس في القدم إلى ما فوق الكعب .. انتهى. وقد ذكر نجم الدين الزاهدي عن إمام الحنفية شمس الأئمة الحلواني أنّ الجورب خمسة أنواع: من المرعزي [2] ومن الغزل والشعر والجلد الرقيق والكرباس [3]. قال: وذكر التفاصيل في الأربعة من الثخين والرقيق والمنعّل وغير المنعّل والمبطن وغير المبطن وأمّا الخامسة فلا يجوز المسح عليه .. انتهى.
0000000000000000000000000000000000000
2 ـ المرعزي: الزغب الذي تحت شعر العنز
3 ـ الكرباس: ما نسج من مغزول القطن
00000000000000000000000000000000000000000
فَعُلِمَ من هذه الأقوال أن الجورب هو نوع من الخفّ إلا أنه أكبر منه، فبعضهم يقول هو إلى نحو الساق، وبعضهم يقول: هو خفّ يلبس على الخف إلى الكعب، ثم اختلفوا فيه: هل هو من جلد وأديم، أو ما هو أعمّ منه من صوف وقطن. ففسره صاحب القاموس بلِفافة الرِّجل. وهذا التفسير بعمومه يدل على لفافة الرجل من الجلد والصوف والقطن. وأما الطيبي والشوكاني فقيّداه بالجلد. وهذا مآل كلام الشيخ الدهلوي أيضاً. وأمّا الإمام أبو بكر ابن العربي ثم العلامة العيني فصرّحا بكونه من صوف. وأما شمس الأئمة الحلواني فقسمه إلى خمسة أنواع. فهذا الاختلاف _ والله أعلم _ إمّا لأنّ أهل اللغة اختلفوا في تفسيره وإما لكون الجورب مختلف الهيئة والصنعة في البلاد المتفرقة، ففي بعض الأماكن كان يتخذ من أديم، وفي بعضها من كل الأنواع، فكلُّ من فسّره إنما فسَّره على هيئة بلاده، ومنهم من فسَّره بكل ما يوجد في البلاد بأي نوع كان. انتهى.
· قال الشوكاني في نيل الأوطار ج1 صـ228:
" .. والحديث بجميع رواياته يدل على جواز المسح على الموقين وهما ضَرْبٌ من الخفاف.قاله ابن سِيْدَه والأزهري وهو مقطوع الساقين قاله في الضياء. وقال الجوهري: الموق: الذي يلبس فوق الخف، قيل: وهو عربي، وقيل: فارسي معرّب. ويدل على جواز المسح على الجورب وهو لِفافة الرجل قاله في الضياء والقاموس وقد تقدّم أنه الخف الكبير ".
· وقال الإمامُ الشافعي رحمه الله، وهو حجةٌ في اللغة باتفاق العلماء، في كتابه " الأم "
ج 1 صـ 49
" .. والخفُّ الذي يُمْسَحُ عليه، الخفُّ المعلوم، ساذجاً كان أو منعلاً. فإن تخفَّفَ واحداً غيره فكان في معناه مسح عليه، وذلك أن يكون كله من جلود بقر أو إبل أو خشب فهذا أكثر من أن يكون من جلود الغنم. فإذا كان الخفّان من لُبُود [4] أو ثياب أو طُفي فلا يكونان في معنى الخف حتى ينعّلا جلداً أو خشباً أو ما يبقى إذا توبع المشي عليه. ويكون كل ما على مواضع الوضوء منها صفيقاً (كثيفاً) لا يشفّ فإذا كان هكذا مسحَ عليه، وإذا لم يكن هكذا لم يمسح عليه وذلك أن يكون صفيقاً لا يشف وغير منعّل فهذا جورب. .. فإذا كان عليه جوربان يقومان مقام الخفين يَمْسَحُ عليهما. انتهى
0000000000000000000000000000000000000000000
4 ـ اللبود: الصوف المتلبّد أي الملتصق ببعضه بشدة، مثل البُسُط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/96)
0000000000000000000000000000000000000000000
· جاء في كتاب (مواهب الجليل) للحطّاب المالكي ج1 صـ340
قال في " التوضيح ":الجورب ما كان على شكل الخف من كَتان أو قطن أو غير ذلك.
· وقال الزَبيدي في " تاج العروس ": الجوربُ: لِفافة الرِّجل، وهو بالفارسيّة كورب و أصله كوربا ومعناه: قبرُ الرِّجل. انتهى
ـــ وبعد:
فهذه نقولٌ مختصرة جمعتُها من بعض الكتب الموجودة بين يدي ولا أريد الإطالة في النقل لأني أظن أنه أصبح واضحاً في الأذهان أن الجورب ليس له في كتب اللغة أو شروح الفقه والحديث تعريفٌ أو وصفٌ ثابت ومنضبط يمكن حَمْلُ اللفظِ عليه كلّما ورد في الكلام؛ ولعلّ السبب في ذلك أنّ هذه اللفظة فارسيّة. ولذلك لا يصح أن نعرِّف الجورب الذي مسحَ الصحابة عليه بما نصطَلِحُ عليه اليوم، بل إذا أراد أحدٌ أن يقلّدهم في المسح على الجورب، وَجَبَ عليه أن يتحقق من صفة الجورب الذي مسحوا عليه. لأن أوصاف الجورب التي سقناها في البداية تشعرنا بقوّة أنّ الجوارب الموجودة الآن لا تشبه أبداً الجوارب التي مسح عليها السلف [5].
000000000000000000000
5ـ ولا تشبه الجوارب التي كانت موجودة في القرن الماضي
000000000000000000000
ولكي أوضح الأمر أكثر أقول:
ــ قال العظيم آبادي في عون المعبود ج1 صـ182: " .. فالإمام أحمد ابن حنبل وإسحاق بن راهويه والثوري وعبد الله بن المبارك ومحمد بن الحسن وأبو يوسف ذهبوا إلى جواز مسح الجوربين سواء كانا مجلّدين أو منعّلين أو لم يكونا بهذا الوصف بل يكونان ثخينين فقط بغير نعل ٍوبلا تجليد، وبه قال أبو حنيفة في أحد الروايات عنه، واضطربت أقوال علماء الشافعية في هذا الباب؛ وأنت خبير أن الجورب يتخذ من الأديم، وكذا من الصوف وكذا من القطن ويقال لكل من هذا: إنه جورب. ومن المعلوم أن هذه الرخصة، بهذا العموم، التي ذهبت إليها تلك الجماعة لا تثبت إلا بعد أن يثبت أن الجوربين اللذَين مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم كانا من صوف سواء كانا منعّلين أو ثخينين فقط، ولم يثبت هذا قط. فمن أين عُلِمَ جواز المسح على الجوربين غير المجلّدين؟ بل يُقال: إن المسح يتعيّن على الجوربين المجلّدين لا غيرهما؛ لأنهما في معنى الخف، و الخف لا يكون إلا من أديم. نعم لو كان الحديث قولياً بأن قال النبي صلى الله عليه وسلم (امسحوا على الجوربين) لكان يمكن الاستدلال بعمومه على كل أنواع الجورب، وإذ ليس فليس.
فإن قلتَ: لمّا كان الجورب من الصوف أيضاً احتمل أن الجوربين اللَذين مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم كانا من صوف أو قطن إذ لم يبيّن الراوي؟ قلت: نعم الاحتمال في كل جانب سواء يحتمل كونهما من صوف وكذا من أديم وكذا من قطن، ولكن ترجّح الجانب الواحد وهو كونه من أديم؛ لأنه يكون حينئذٍ في معنى الخف، ويجوز المسح عليه قطعاً، وأمّا المسح على غير الأديم فثبت بالاحتمالات التي لم تطمئن النفس بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لايريبك). انتهى
ــ جاء في " المغني " لابن قدامة الحنبلي ج1 صـ 373:
مسألة: قال: (وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه) إنما يجوز المسح على الجورب بالشرطين اللذين ذكرناهما في الخف , أحدهما أن يكون صفيقاً , لا يبدو منه شيء من القدم. الثاني أن يمكن متابعة المشي فيه. هذا ظاهر كلام الخرقي. قال أحمد في المسح على الجوربين بغير نعل: إذا كان يمشي عليهما , ويثبتان في رجليه , فلا بأس. وفي موضع قال: يمسح عليهما إذا ثبتا في العقب. وفي موضع قال: إن كان يمشي فيه فلا ينثني , فلا بأس بالمسح عليه , فإنه إذا انثنى ظهر موضع الوضوء. ولا يعتبر أن يكونا مجلدين. انتهى وجاء فيه أيضاً ج 1 صـ 374
فصلٌ: وقد سئل أحمد عن جورب الخِرَق , يُمْسَحُ عليه؟ فكره الخرق. ولعل أحمد كرهها ; لأن الغالب عليها الخفة , وأنها لا تثبت بأنفسها. فإن كانت مثل جورب الصوف في الصفاقة والثبوت , فلا فرق. وقد قال أحمد , في موضع: لا يجزئه المسح على الجورب حتى يكون جورباً صفيقاً , يقوم قائماً في رجله لا ينكسر مثل الخفين ,إنما مَسَحَ القومُ على الجوربين أنه كان عندهم بمنزلة الخف , يقوم مقام الخف في رِجل الرَّجل , يذهب فيه الرجل و يجيء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/97)
وجاء فيه أيضاً ج1 صـ376
فصل: ولا يجوز المسح على اللفائف و الخِرَق. نصَّ عليه أحمد. وقيل له: إن أهل الجبل يلُفُّون على أرجلهم لفائف إلى نصف الساق؟ قال: لا يجزِئُه المسح على ذلك، إلا أن يكون جورباً. وذلك أن اللفافة لا تثبت بنفسها، إنما تثبت بشدّها، ولا نعلم في هذا خلافاً. انتهى
ـ فكما ترى، المجوِّزون للمسح على الجوربين يتحدّثون عن جوارب مختلفة تماماً عن الجوارب التي يلبسها الناس في أيّامنا هذه، فالجورب قديماً كان مما يذهب فيه الرجل ويجيء، أي هو نوع من الأحذية يشبه الخفّ.
ــ وقد يستشهدُ بعضهم بحديث ثوبان في مسند الإمام أحمد قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين)، ويقولون إن التساخين كل ما تسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما [6].
00000000000000000000000000000000000000000000000000 000000000000000000000000000000
6 ـ ويعزون هذا الشرح للعلاّمة ابن الأثير في " النهاية في غريب الحديث " ولم أجده! والذي وجدته أنها الخفاف، وذَكَرَ ذلك في موضعين , وكذلك صرّح به في جامع الأصول.
00000000000000000000000000000000000000000000000000 000000000000000000000000000000
فأقول: إنَّ معظم الأئمة المحدِّثين قد ضعّفوا هذا الحديث , قال الإمام ابن حجر العسقلاني عقب ذكر هذا الحديث: " ... أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم , وإسنادُه منقطع وضعّفه البيهقي , وقال البخاريُّ لا يصحّ , ولفظ أحمد (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم توضّأ ومسح على خفّيه وعلى الخمار والعمامة) ". انتهى اُنظر الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 صـ 72
ومع ذلك فإنَّ العلماء يذكرون هذا الحديث في معرِض الاستدلال على جواز المسح على العمامة أو المسح على الخفّ , لأنَّ العصائب هي العمائم، و التساخين هي الخفاف " كما نصَّ على ذلك كلٌ من:
ــــ الإمام أبي عبيد في " غريب الحديث " ج1 صـ187
ــــ الإمام ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" ج 1صـ189، ج 2 صـ352
ــــ الإمام ابن حزم في " المُحلّى " ج 2 صـ 51
ــــ الإمام ابن تيمية في الفتاوى ج 21 صـ173.
ــــ ابن منظور في " اللسان " مادة (سخن).
بل إنّ الإمام ابن الأثير زاد فقال: قال حمزة الأصفهاني في كتاب "الموازنة": التّسخان تعريب تَشْكَن، وهو اسم غِطاءٍ من أغطية الرَّأس، كان العلماء والقُضاةُ يأخُذُونه على رُؤُوسهم خاصّة دون غيرهم. قال: وجاء ذكر التّساخين في الحديث فقال مَنْ تعاطى تفْسيرَه: هو الخُفّ، حيثُ لم يَعْرِف فارسيّته. انتهى
إذاً فمن الممكن أن يكون الحديث خاصّاً بالمسح على أغطية الرأس فقط مِنْ عمائم وغيرها، أو يشمل الخفاف لأنّ التساخين عند أهل اللغة والغريب هي الخفاف، ولكن يَبعُدُ جدّاً أن يشمل الجوربين.
ثانياً ـــ وأما استشهادهم بحديث المغيرة بن شعبة:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضّأ ومسح على الجوربين والنعلين "
فهذا هو سببُ الإشكال كلّه، فإن بعض الذين جوّزوا المسح على الجوربين اعتمدوا على هذا الحديث ومِنْ ثَمَّ أطلقوا الجواز على جميع أنواع الجوارب ولم يتقيّدوا بالقياس على الخف. وهذا الحديث لم يصح وقد حَكَمَ بضعفه ونكارته كل من الإمام أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن معين وسفيان الثوري وعلي بن المديني و البخاري و مسلم و أبو داود والنسائي و الدارقطني و البيهقي والنووي …………وأظن أن ذكر هؤلاء يُغني عن ذكر آخرين هم دونهم في الرتبة، وأحب أن أنبّه لأمرٍ وهو أن كل مَنْ روى الحديث إنّما يرويه عن سفيان الثوري وهو، كما رأيت، يحكم بضعف الحديث، فقد ذكر البيهقي في سننه أنّ أبا محمد يحيى بن منصور قال رأيت مسلم بن الحجاج (صاحب الصحيح) ضعّف هذا الخبر وقال أبو قيس الأودي وهذيل بن شرحبيل لا يحتملان وخصوصاً مع مخالفتهما الأجلَّة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا: مسح على الخفين، وقال: لا نترك ظاهر القرآن بمثل أبي قيس وهذيل، قال: فذكرت هذه الحكاية عن مسلم لأبي العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي فسمعته يقول سمعت علي بن محمد بن شيبان يقول سمعت أبا قدامة السرخسي يقول قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/98)
عبد الرحمن بن مهدي قلت لسفيان الثوري لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هذيل ما قبلته منك فقال سفيان: الحديث ضعيف، ثم أسند البيهقي عن أحمد بن حنبل قال: ليس يُروى هذا الحديث إلا من رواية أبي قيس الأودي، وأَبَى عبدُ الرحمن بن مهدي أن يُحدِّث بهذا الحديث وقال: هو منكر.
وأسند البيهقي أيضاً عن علي بن المديني قال: حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة ورواه هذيل بن شرحبيل عن المغيرة إلا انه قال ومسح على الجوربين فخالف الناس، وأسند أيضاً عن يحيى بن معين قال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس.
· ولكي أقرِّبَ لك الأمر أخي القارئ أقول: إن الذي دفع بعض العلماء لتصحيح
حديث المغيرة بن شعبة في المسح على الجوربين هو ظنهم أن المغيرة رضي الله عنه قد رافق النبَّي صلى الله عليه وسلم في أسفارٍ متعددة و شاهده في أحوال مختلفة، و مِنْ ثَمَّ فهو يروي كل ما رآه من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم حال وضوئه، و لأجل ذلك تعدَّدت الرِّوايات عنه، فمرَّةً روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، ومرَّةً روى عنه أنّه مسح على العمامة، ومرَّةً روى عنه أنّه مسح على الخمار، وفي أخرى أنه مسح على ناصيته وعمامته، ومرّة قال كان يغسل ثلاثاً، فمن المقبول جداً أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين والنعلين، وكل هذه الروايات إنما هي حكاية ما رآه المغيرة في وقائعَ مُتَعدِّدة. فلماذا إنكارُ روايةِ المسح على الجوربين من بين كلِّ تلك الرِّوايات؟ والذي ساعدهم على هذا الفهم ـ في رأيي ـ أن ألفاظ الروايات عن المغيرة جاءت مختلفة، فمرّة يقول في أحد أسفاره، ومرّة يقول في غزوة تبوك، وفي رواية يقول ثم صلى الصبح، وفي أخرى يقول فأدركنا الناسَ يصلي بهم عبدُ الرحمن بن عوف .... وهكذا.
وعند البحث والتدقيق واستقصاء معظم تلك الرِّوايات تبيّنَ لي أنّ القصَّةَ واحدة وما يرويه المغيرة رضي الله عنه إنما هو حادثةٌ جرتْ معه في غزوة تبوك فقط ولم تتكرر. والرُّواة الذين سمعوها منه إنما يروونها مجزّأةً، أو أنه كان يحدِّث بها في بعض الأحيان كاملةً وفي أحيان يحدث بها مختصرة، وهذا الأمر معروف عند علماء الحديث، فالراوي قد ينشط فيحدّث بكامل الرواية، وقد يكون متعباً فيختصرها ويقتصر على ذكر موضع الشاهد.
و صيغة حديث المغيرة بن شعبة كما رواها الإمام مالك في الموطّأ والإمام أحمد في مسنده هي: (أنّ رسول صلى الله عليه وسلم ذهبَ لحاجته في غزوة تبوك، قال المغيرة: فذَهَبْتُ معه بماءٍ، فجاء النّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَكَبْتُ عَليه، فَغَسَل وجهه، ثُمَّ ذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَديه مِنْ كُمِّ جُبَّته، فلم يستطعْ مِنْ ضِيق كُمِّ جبّته، فأخرَجَهما مِنْ تحت الجبّة، فغَسَل يدَه، ومسح برأسه، ومَسَح على الخُفّين، فجاءَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وعبدُ الرحمن يؤُمُّهم، وقد صلّى لهم ركعة، فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم مَعَهم الرَّكعة التي بقيَت عليْهم، فَفَزِعَ النّاس، فلمّا فَرَغَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أحسنتم). انتهى
و " تبوك " مكانٌ بينه وبين المدينة من جهة الشّام أربع عشْرَة مرحلة (800كم تقريباً)، وبينه وبين دمشق إحدى عشْرة مرحلة، إذاً المسافة ما بين تبوك والمدينة كبيرة والسّفر فيها يستغرق أياماً ولياليَ عِدّة، والحادثة التي جَرَتْ مع المغيرة كانت في إحدى هذه الليالي، لذلك كان يقول مرّةً: خرجْتُ مع النّبي في بعض أسفاره، ومرّة في سفَرٍ، ومرّة يسمي الرّحلة فيقول في غزوة تبوك.
وكما مرَّ آنفاً فإن المغيرة تعلَّمَ المسحَ على الخفّين في طريق السفر لهذه الغزوة، وغزوة تبوك كانت في آخر السّنة التاسعة للهجرة، ولم يخرج بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لحجّة الوداع قبل وفاته في السّنة العاشرة، وهذا أوضح دليل على أن قول المغيرة: " خرجْتُ مع النّبي في بعض أسفاره " يعني غزوة تبوك لا غيرها، لأنه من غير المقبول أن يَتَعلَّم المغيرة ـ وهو من أذكى الناس بل من دهاة العرب ـ حُكْمَ المسحِ على الخفّين من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ من الأسفار ثمّ كلما رآه في أسفارٍ أخرى يمسح عليهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/99)
يقول له: لم تنزعْ خفيك يا رسول الله؟ أو لقد نسيت يا رسول الله؟ أو يهوي لينزع له خفيه؛ وإنما مَرَدُّ كلِّ تلك الرّوايات هو إلى هذه الواقعة، وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم. ولمّا كان هذا الأمر واضحاً في أذهان أئمة الحديث الكبار، ثمّ جاءتهم رواية المسح على الجوربين عن المغيرة رفضوها وقالوا عنها: إنها معلولة والمحفوظ عن شعبة المسح على الخفّين. وإليك المزيد من الأدلة على أنّ الواقعة واحدة ــ باختصار ــ:
1 ًـ إنّ في جميع تلك الرّوايات المختلفة، على كثرتها، قولَ المغيرة وهو يصف النبي صلى الله عليه وسلم: " و عليه يومئذٍ جُبَّةٌ شاميّة، فذهب يغسل ذراعيه، فضاق عليه كمُّ الجُبّة، فأخرجهما من تحت جُبَّته "
2 ًـ إنّ هناك حدثاً مميَّزاً جاء في بعض الرّوايات، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما توضّأ ومسح على خفّيه، لحق بالناس فإذا بهم أقاموا الصّلاة وأمّهم عبد الرحمن بن عوف، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه.
وهذه القصّة لا يمكن أن تتكرر وهي فريدة. و المهم في الموضوع أننا نجد هذه القصة كاملة في بعض الروايات، و مختصرة في روايات أخرى، وفي بعض الروايات يأتي ذكر أطرافها التي تشير إليها، وهذه الروايات التي أتحدّث عنها هي نفسها التي ظنّها مَنْ صحّحَ الحديث منفصلةً عن بعضها ــ لأن في بعضها مسح الخفّين فقط وفي بعضها مسح الناصية والعمامة، وفي بعضها كان يتوضّأ ثلاثاً ــ مما يدلنا على أن كل هذه الأوصاف إنّما كانت في واقعة واحدة.
3ـًـ إنّ الروايات ــ التي جاء فيها مرةً أن المغيرة أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليه السلام: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، ومرّة قال المغيرة للنبي صلى الله عليه وسلم أنسيتَ لم تنزع الخفّين فقال له صلى الله عليه وسلم لم أَنْسَ .. ، ومرّة قال المغيرة فمسح صلى الله عليه وسلم على الخفّين، هكذا ومن دون استفهام بل حكاية حال ــ تنتهي دائماً بذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خَلْفَ ابن عوف، مما يدل على أنّها قصّة واحدة وإنْ كانت ألفاظها المختلفة خَيَّلَت للبعض أنها قصص مختلفة.
4 ًـ لو كانت تلك الرِّوايات لحوادِثَ متعددة، لفُهِمَ منها أنّ مسحَ النبي صلى الله عليه وسلم على الخفّين كان مشهوراً ومعروفاً، وخاصّة عند الصحابة المتقدِّمين والمتتبّعين لسنّة النبي صلى الله عليه وسلم أمثال الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ولكننا نجد العكس فقد كان ابن عمر وغيره من الصّحابة ينكرون المسحَ على الخفّين [7] حتى ثبت لهم أنه كان من فعله صلى الله عليه وسلم وذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. فقد روى الإمام مالك في الموطّأ عن نافع وعبد الله بن دينار، أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقّاص، وهو أميرها، فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفّين، فأنكر ذلك عليه، فقال له سعدٌ: سلْ أباك إذا قدمت عليه؛ فقدم عبد الله بن عمر، فنسي أن يسأل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حتى قدم سعد، فقال: أسألت أباك؟ فقال: لا، فسأله عبدُ الله، فقال عمر: إذا أدخلْتَ رِجْلَيْكَ في الخفين، وهما طاهرتان، فامسح عليهما، قال عبد الله: وإنْ جاء أحدُنا مِنَ الغائط؟ قال عمر: وإن جاء أحدُكم من الغائط. [8]
0000000000000000000000000000000000000000000
7 ـ الثّابت والمتواتر عندنا الآن، فما بالك بالمسح على الجوربين؟
8 ـ ورواه أحمد في مسنده، والبخاري مختصراً.
000000000000000000000000000000000000000000
ــ وقد قال الإمام ابن تيمية: " .. إن أصلَ المسحِ على الخفّين خَفِي على كثير من السلف و الخلف، حتّى إن طائفة من الصحابة أنكروه، وطائفة من فقهاء أهل المدينة وأهل البيت أنكروه مطلقاً، وهو رواية عن مالك، والمشهور عنه جوازه في السفر دون الحضر. وقد صنّف الإمام أحمد كتاباً كبيراً في (الأشربة) في تحريم المسكر ولم يذكر فيه خلافاً عن الصحابة، فقيل له في ذلك (أي في المسح على الخفّين) فقال: هذا صحّ فيه الخلاف عن الصحابة بخلاف المُسكر. انتهى الفتاوى ج 21 صـ185
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/100)
6 ًـ وقد رُوِيَ هذا الحديث، في المسح على الخفّين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، مِنْ نحو ستّين طريقاً، (كما قال الإمام ابن عبد البرّ في " التمهيد" ج 11 صـ127). كلّهم يقول فمسح على الخفّين، إلا أبا قيس ـ عبد الرحمن بن ثَرْوان ـ قال: ومسح على الجوربين والنعلين. فخالف الجميع. وقد وثّقه العجلي و ابن معين، ومع ذلك قال ابن معين: الناسُ كلُّهم يروونه على الخفّين، غيرَ أبي قيس. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، هو قليل الحديث، وليس بحافظ، قيل له: كيف حديثه؟ فقال: صالح، هو ليّن الحديث. وقال الدّارقطني في (العلل) 7/ 112 عند الكلام على هذا الحديث: لم يرْوه غير أبي قيس، وهو مما يُغْمَزُ عليه به، لأنّ المحفوظ عن المغيرة المسحُ على الخفين. وقال عبدُ الله بنُ أحمد ـ فيما نقلَه العُقَيلي ـ: سألتُ أبي عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، فقال: هو كذا وكذا ـ وحرَّك يده ـ وهو يُخالِفُ في أحاديث. وقال الحافظ ابن حجر عنه:صدوق ربّما خالف.
ورحم الله عمر بن الخطاب القائل: (السنّةُ ما سَنّهُ اللهُ ورسولُه صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا خطأَ الرأي سنّةً للأمّة)
ــ فإذا تبَيَّن لك الأمرُ وعلمتَ أن الحديث غير صحيح، أدْرَكتَ أنه ليس للقائلين بجواز المسح على الجوربين مستندٌ شرعي إلا القياس، والمعروف أن القياس في العبادات ضعيف، وإذا كان بعض العلماء يُجيز القياس في العبادات، فإنهم لا يجيزونه في الرُّخَص باتفاق [9]. لكن لمّا ثبت عن بعض الصحابة أنهم مسحوا على الجوربين والنعلين علمنا أنهم أنزلوا الجوربَ مع النعل منزِلَةَ الخُفِّ، وهذا ما يسمّيه علماء الأصول (تحقيق المناط) [10] أي أن الجورب الذي مسحوا عليه هو في معنى الخف فيأخذ حكمه. وأمّا الذين اعتمدوا على القياس في تجويزهم المسح على الجوربين، فإنّ قياسهم كان جليّاً، أي يجب أن يكون الجورب مشابهاً للخف في أهمِّ صفاته من إمكان المشي وتغطية الكعبين ومشقّة النزع [11].
00000000000000000000000000000000000000000000000000 0000000000000000000000000000000000000000000000
9ــ القياس كما يعرّفه علماء الأصول: هو بيانُ حكم أمرٍ غير منصوصٍ على حُكمِه بإلحاقه بأمرٍ معلوم حكمه بالنصَّ عليه في الكتاب أو السنّة. أو هو إلحاقُ أمر غير منصوصٍ على حكمه بأمرٍ آخر منصوص على حكمه للاشتراك بينهما في علّة الحكم. فهو إذاً من باب الخضوع لحكم التماثل بين الأمور الذي يوجب التماثلَ في أحكامها، إذ أساسه ربط ما بين الأشياء بالمماثلة إن توافرت أسبابها، ووُجدت الصفات المتّحدة المكونة لها، وإذا تمَّ التماثل في الصفات فلا بدّ أن يقترن به حتماً التساوي في الحكم على قدر ما توجبه المماثلة. وأما أركان القياس فهي:
1ـ الأصلُ: وهو المصدرُ مِنَ النصوصِ الذي بيَّنَ الحُكمَ.
2ـ الفرعُ: وهو الموضوع الذي لم يُنَصّ على حُكمِه.
3ـ الحكمُ: وهو الذي اتجه القياس إلى تعدّيه من الأصل إلى الفرع.
4ـ و العلّة: المشتركة بينهما.
فلا يُقاسُ على حُكمٍ ثَبَتَ بالقياس.!
إنّ الركن الثالث من أركان القياس وهو الحكم له عدة شروط: أوّلها: أن يكون حكماً شرعيّاً عملياً.
ثانيها: أن يكون الحكم معقول المعنى، بحيث يُدرِك العقل السبب في شرعيّته، كتحريم الخمر والميسر، وتحريم الميتة، وتحريم الغش والرشوة، فإنّ هذه الأحكام يدرك العقل سبب شرعيتها، وأمّا إذا كان الحكم غير معقول المعنى في ذاته كالتيمم مثلاً، أو كعدد الركعات في الصلاة، فإن هذه كلها أحكام لا يدرك العقل حكمتها. ولهذا يقسم العلماء الأحكام إلى قسمين: أحكام تعبّدية، وهذه لا يجري فيها القياس. والقسم الثاني أحكام معقولة المعنى وهذه يجري فيها القياس، لأنه يمكن العقل البشري أن يدرك علّتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/101)
ثالثها: ألا يكونَ الأصلُ معدولاً به عن القياس، كالسفر في إباحته للإفطار فلا يصح أن تُقاس عليه الأعمال الشّاقة، وكالمسح على الخفّين، فإنه لا يصح أن يُقاس عليه المسح على الجوارب، فإن هذه الأحكام ثابتةٌ على وجه استثنائي على خلاف القياس، وما جاء على خلاف القياس فلا يُقاس عليه غيره، ومثل ذلك الأكل ناسياً و الشرب ناسياً، فإنه جاء على خلاف القياس فلا يُقاس عليه الخطأ أو الجهل وهكذا.
رابعها: ألا يكون الحكم الذي جاء به الأصل ثَبَتتَ خصوصيّته: كشهادة خزيمة إذ جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة اثنين، وكتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أربع. انتهى
والعلماء يقسمون الأحكام التي جاءت مخالفة للقياس إلى أربعة أقسام: 1ـ أحكام ثبت خصوصها كعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم. 2ـ الأمور التعبّدية التي ثبت أنها غير معللة وغير معقولة المعنى في ذاتها، وإن كان لها أغراضها السامية ومقاصدها العالية. 3ـ الأحكام التي تثبُتُ رُخَصَاً منْ حكم عام، ولا يُعَارِضُ الحُكْمَ إلا ما يكونُ في قوَّته وليس القياسُ في قوّة الحكم العام المثبت للعزيمة. 4ـ ما استثني من قاعدة عامة، وكان للاستثناء معنى قائم بذاته استوجب ذلك الاستثناء. انتهى
بتصرّف من أصول الفقه لمحمد أبو زهرة
10ـ ناط الشيء بغيره: علّقه. وعند علماء الأصول مناط الحكم: علّته. وهناك ثلاثة ألفاظ له عندهم وهي تخريج المناط و تنقيح المناط وتحقيق المناط، ولكل واحدة مدلولها الخاص.
11 ـ ولكي يكون القياس جلياً لابدّ من معرفة العلّة. وكما هو معروف عند العلماء فإنّ العلّة هي الأصل الذي قام عليه القياس وقد عرّفها بعض العلماء بأنها: الوصفُ الظاهر المنضبط المناسب للحكم. وعرّفها آخرون بأنها: الوصف المتميّز الذي يشهد له أصل شرعي بأنه نيط به الحكم. والتعريفان متفقان. وعلى ذلك فإن شروط العلة التي يمكن القياس عليها هي:
1ـ أن تكون وصفاً ظاهراً، فإذا كانت العلة أمراً باطناً نفسياً أقام الشارع أمراً ظاهراً يدلُّ عليه.
2ـ أن تكون وصفاً منضبطاً، لا يختلف باختلاف الأحوال ولا باختلاف البيئات.
3ـ أن تقوم سمةٌ مناسبة أو ملائمة بين الحكم والوصف الذي اعتبر علّة.
4ـ أن تكون العلّة متعدية غير مقصورة على موضع الحكم. (كالسفر فإنه مقصور على الصيام من حيث أن يرخص الإفطار والقضاء من أيام أخر، فلا يصلح علَّةً لعدم أداء الصلاة).
5ـ ألا يكون الوصف قد قام الدليل على عدم اعتباره، وذلك إذا كان مخالفاً لنص ديني.
00000000000000000000000000000000000000000000000000 000000000000000000000000000
وإليك بيان أقوالهم: قال الحافظ ابن القيّم في تعليقاته على سنن أبي داود، بعد أن قرّر ضعفَ حديث المسح على الجوربين، وثبوته (أي المسح) عن بعض الصحابة: " .. والعمدةُ في الجواز على هؤلاء _ رضي الله عنهم _ لا على حديث أبي قيس. .. ثم قال: و قد نص الإمام أحمد على جواز المسح على الجوربين و علّل رواية أبي قيس. وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة و صريحُ القياس، فإنه لايظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه) انتهى.
ـــ وقال الجصّاص في كتابه أحكام القرآن ج 2 سورة المائدة باب غسل الرِّجلين:
" فإن قيل: روى المغيرة بن شعبة وأبو موسى: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه). قيل له: يحتمل أنهما كانا مجلَّدين، فلا دلالة فيه على موضع الخلاف ; إذ ليس بعموم لفظ وإنما هو حكاية فعلٍ لا نعلم (أي وَصْفَه). ومن جهة النظر اتفاق الجميع على امتناع جواز المسح على اللفافة ; إذ ليس في العادة المشي فيها، كذلك الجوربان. وأما إذا كانا مجلَّدين فهما بمنزلة الخفين ويمشي فيهما وبمنزلة الجرموقين، ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه إذا كان كله مجلداً جاز المسح؟ ولا فرق بين أن يكون جميعه مجلداً أو بعضه بعد أن يكون بمنزلة الخفين في المشي والتصرف. انتهى والجصاص هو من علماء الحنفية وهم أهل القياس كما لايخفى.
ــ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما سُئِلَ عن المسح على الجوربين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/102)
" نعم يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما، سواءٌ كانت مجلّدة، أو لم تكن، في أصح قولي العلماء. ففي السنن: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه) وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك، فإن الفرق بين الجوربين والخفّين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود، ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة، فلا فرق بين أن يكون جلوداً أو قطناً، أو كتاناً , أو صوفاً كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه، ومحظوره ومباحه، وغايته أن الجلد أبقى من الصوف فهذا لا تأثير له، كما لا تأثير لكون الجلد قوياً، بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى ". انتهى اُنظرالفتاوى ج21 صـ 214
ـــ و قال الإمام النووي في كتابه المجموع شرح المهذّب ج 1 صـ 564:
" .. هذه المسألة مشهورة وفيها كلام مضطربٌ للأصحاب ونصَّ الشافعي رضي الله عنه عليها في الأم كما قاله المصنف، وهو أنه يجوز المسح على الجورب بشرط أن يكون صفيقاً منعّلاً، وهكذا قطع به جماعة منهم الشيخ أبو حامد والمحاملي وابن الصباغ والمتولي وغيرهم، ونقل المزني أنه لا يمسح على الجوربين إلا أن يكونا مجلدي القدمين، وقال القاضي أبو الطيب: لا يجوز المسح على الجورب إلا أن يكون ساتراً لمحل الفرض، ويمكن متابعة المشي عليه. قال: وما نقله المزني من قوله إلا أن يكونا مجلدي القدمين ليس بشرطٍ وإنما ذكره الشافعي رضي الله عنه لأن الغالب أن الجورب لا يمكن متابعة المشي عليه إلا إذا كان مجلد القدمين، هذا كلام القاضي أبي الطيب وذكر جماعات من المحققين مثله، ونقل صاحبا الحاوي والبحر وغيرهما وجهاً أنه لا يجوز المسح وإن كان صفيقاً يمكن متابعة المشي عليه حتى يكون مجلد القدمين والصحيح بل الصواب ما ذكره القاضي أبو الطيب والقفال وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان و إلا فلا، وهكذا نقله الفوراني في الإبانة عن الأصحاب أجمعين فقال: قال أصحابنا: إن أمكن متابعة المشي على الجوربين جاز المسح وإلا فلا، والجورب بفتح الجيم. والله أعلم. (فرعٌ) في مذاهب العلماء في الجورب قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أن الجورب إن كان صفيقاً يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإلا فلا ..... واحتج من منعه مطلقاً بأنه لا يسمى خفاً فلم يجز المسح عليه كالنعل. واحتج أصحابنا بأنه ملبوس يمكن متابعة المشي عليه ساتر لمحل الفرض فأشبه الخف، ولا بأس بكونه من جلد أو غيره بخلاف النعل فإنه لا يستر محل الفرض، واحتج من أباحه وإن كان رقيقاً بحديث المغيرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه) وعن أبي موسى مثله مرفوعاً. واحتج أصحابنا بأنه لا يمكن متابعة المشي عليه فلم يجز كالخرقة. والجواب عن حديث المغيرة من أوجه: (أحدها) أنه ضعيف ضعفه الحفّاظ، وقد ضعفه البيهقي ونقل تضعيفه عن سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين ومسلم بن الحجاج وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن فهؤلاء مقدمون عليه بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة.
(الثاني) لو صحَّ لحُمِلَ على الذي يمكن متابعة المشي عليه جمعاً بين الأدلَّة وليس في اللفظ عموم يتعلق به. (الثالث) حكاه البيهقي رحمه الله عن الأستاذ أبي الوليد النيسابوري أنه حمله على أنه مسح على جوربين منعلين لا أنه جورب منفرد ونعل منفردة، فكأنه قال: مسح جوربيه المنعلين، وروى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما يدل على ذلك*. والجواب عن حديث أبي موسى من الأوجه الثلاثة فإن في بعض رواته ضعفاً، وفيه أيضاً إرسال، قال أبو داود في سننه: هذا الحديث ليس بالمتصل ولا بالقوي والله أعلم. انتهى
000000000000000000000000000000
* سيأتي ذكره فيما بعد
000000000000000000000000000000
وقال الكاساني في كتابه " بدائع الصّنائع " ج 1
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/103)
: ...... ولأبي حنيفة أنّ جواز المسح على الخفين ثبتَ نصاً، بخلاف القياس، فكل ما كان في معنى الخف في إدمان المشي عليه، وإمكان قطع السفر به، يلحق به، وما لا فلا، ومعلوم أن غير المجلد، والمنعّل، من الجوارب لا يشارك الخف في هذا المعنى، فتعذر الإلحاق ... وأمّا الحديث فيحتمل أنهما كانا مجلّدين، أو منعّلين، وبه نقول: ولا عموم له، لأنه حكاية حال، ألا يرى أنه لم يتناول الرقيق من الجوارب؟ وأما الخف المتخذ من اللبد، فلم يذكره في ظاهر الرواية، وقيل: " إنه على التفصيل، والاختلاف الذي ذكرنا "، وقيل: " إن كان يطيق السفر جاز المسح عليه، وإلا فلا " وهذا هو الأصح. انتهى
· و لمزيد التوضيح إليك هذا البيان:
فبعد أن علمتَ أن المستندَ الشرعي للمجوِّزين المسحَ على الجوربين _ من الصحابة وغيرهم _ هو تحقيق المناط أو صريحُ القياس لا مطلق القياس ـ كما يظنّ البعض أنّ كلّ ما يستر القدم جاز المسح عليه قياساً على الخف [12]ـ بقي أن تعلم أن معظم من صحَّ عنه المسح على الجوربين من الصحابة إنّما جاءت الرواية عنه بأنه مسح على الجوربين والنعلين هكذا معاً، وإليك بعضها:
1_ عن كعب بن عبد الله قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه بال فمسح علىجوربيه و نعليه.
2_ عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال: رأيت البراء بن عازب يمسح على جوربيه ونعليه.
3_ و عن همام بن الحارث عن أبي مسعود البدري أنه كان يمسح على جوربيه ونعليه
وحتى في حديث المغيرة بن شعبة (الذي حكم الحفّاظ بضعفه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضّأ ومسح على الجوربين والنعلين.
ـ إذاً فالترخيص بالمسح على الجوربين عند هؤلاء إنما جاء مقروناً بلبسهما مع النعلين، ويكون المسح عليهما معاً، لا على واحد منهما دون الآخر. والدليل على ذلك أن المسح على النّعلين فقط لم يجوِّزه أحدٌ من الفقهاء الذين رخّصوا بالمسح على الجوربين فيما أعلم. واشتراطُ النعلين مع الجوربين هو عند الجميع، وإليك كلام العلماء:
_ قال العظيم آبادي عند شرح حديث المغيرة: " ... ومعناه: أن النعلين لبسهما فوق الجوربين كما قاله الخطّابي. فمسح على الجوربين و النعلين معاً، فلا يستدل به على جواز مسح النعلين فقط، قال الطّحاوي: مسحَ على نعلين تحتهما جوربان، وكان قاصداً بمسحه ذلك إلى جوربيه لا إلى نعليه ... فكان مَسْحُهُ على الجوربين هو الذي تَطَهّرَ به، ومَسْحُهُ على النعلين فضلٌ .. انتهى
عون المعبود ج1 صـ182ـ184
00000000000000000000000000000
12ـ روي عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه قال: (إنّ المُغرقَ في القياس يكاد يفارق السنة)
0000000000000000000000000000000000
_ وقال الإمام النووي في المجموع ج1 صـ 565: " .. واحتجّ من منعه مطلقاً بأنه لا يسمى خفاً فلم يجز المسح عليه كالنعل. انتهى
ــ وتَرْجَمَ الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الوضوء):
بابُ غسل الرِّجلَين في النّعلين، ولا يمسحُ على النعلين. انتهى
ــ و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج21 صـ184:
" .. بل المنصوص عن أحمد في غير موضع أنه يجوز المسح على الجوربين و إن لم يثبتا بأنفسهما، بل بنعلين تحتهما، وأنه يمسح على الجوربين ما لم يخلع النعلين. انتهى
ــ وقال أيضاً في الفتاوى ج21 صـ192:
" ... فأمَرَهم بالقطع حينئذٍ لأن المقطوع يصير كالنعلين، فإنه ليس بخف. ولهذا لا يجوز المسح عليه باتفاق المسلمين، فلم يدخل في إذنه في المسح على الخفّين ". انتهى
_ فإذا كان الأمر كذلك فما الدليل على جواز المسح على الجوربين وهما خارج النعلين؟
أمّا الأئمة الذين ذكرناهم في المجوّزين للمسح على الجوربين فقد اشترطوا النعلين أو ما يقوم مقامهما (بمعنى أن يكون الجورب مما يُمشى فيه)؛ وقد مرّ معنا كلامهم فيما سبق، فمن ذلك قول الإمام أحمد السابق الذي رواه ابن تيمية، وكذلك ما حكاه البيهقي رحمه الله عن الأستاذ أبي الوليد النيسابوري أنه حمله على أنه مسحَ على جوربين منعلين لا أنه جورب منفرد ونعل منفردة، فكأنه قال: مسح جوربيه المنعّلين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/104)
وروى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما يدل على ذلك. وروايةُ البيهقي هي: عن راشد بن نجيح (الحماني) قال: (رأيت أنس بن مالك دخلَ الخلاء وعليه جوربان أسفلهما جلود وأعلاهما خزٌّ [13] فمسح عليهما). (البيهقي: 1/ 273) وسندها حسن.
0000000000000000000000000000000000000
13ـ الخزُّ من الثياب: ما يُنسج من صوف وإبريسم.
000000000000000000000000000000000000
وهذا وصفٌ واضحٌ للجورب الذي مسح عليه أنسٌ رضي الله عنه، فمن أراد أن يُقلِّده في المسح وَجَبَ عليه أن يمسحَ على جورب مثل جوربه.
ــ وقد علّق الإمام ابن القيّم على كلام الأستاذ أبي الوليد فقال: " والظّاهر أنه مسح على الجوربين الملبُوسِ عليهما نعلان منفصلان. هذا المفهوم منه ..... وأيضاً فالمنقول عن عمر بن الخطّاب في ذلك أنه مسح على سيور النّعل التي على ظاهر القدم مع الجورب، فأمّا أسفله وعقبه، فلا. انتهى عون المعبود ج 1 صـ184
أقول: إنّ معنى كلام ابن القيّم أنه لا يمكنُ أن نستفيد من الحديث جوازَ المسح على النعلين فقط لأن النّعل تكون أسفل القدم، وهي من جلدٍ غليظ أو رقيق، وتُثَبّتُ النعلُ في القدم بواسطة سيورٍ وأربطة، ومن المعلوم أنّ السنّة في مسح الخف هي مسحُ ظاهِرِه لا أسفله؛ وأسفلُ الخف هو كالنعل؛ فلا يعقل أن لا يمسح أسفل الخف ثُمّّ هو يمسح النعل!
وقد ذكر هذا المعنى أيضاً العلاّمة ابن قدامة المقدسي في المغني ج1 صـ 375
ـــــ وقد يستشهد البعض بأثر يرويه الدولابي عن سهل بن زياد أبو زياد الطحان عن الأزرق بن قيس قال: " رأيت أنس بن مالك أحدث فغسل وجهه ويديه ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ فقال: إنهما خفان، ولكنهما من صوف ".
وقد صحح الشيخ أحمد شاكر هذا الأثر مع أنّه لا يصح، لأنّ راوِيه سهل بن زياد الطحان لم يَرِدْ فيه تعديل، وإنّما قال الأزدي عنه: " منكر الحديث " ومعنى هذا الكلام أنه سَبَرَ أحاديثه وتقصّى حاله، فيكون هذا الوصف منه جرحاً مفسَّراً. بخلاف ما لو قال عنه: " ضعيف "، فقط ولم يزد على ذلك، فإنه يكون جرحاً غير مفسر. والمعروف عند أهل الحديث أنّهم يشترطون تفسيرَ الجرح عند وجود تعديلٍ للرَّاوي لا عند غياب التعديل كما هي الحالة هنا. وسكوت البخاري عنه في تاريخه لا يعني أبداً أنه ثقةٌ عنده، وإنما يعني أنه لا يعرف حاله، فيُقدّمُ كلام الأزدي. وكيف يكون ثقةً وهو إنّما ذُكر في تراجم ميزان الاعتدال أو لسان الميزان، وكما هو معروف عند أهل الحديث أن هذين الكتابين يُترجمان للمجروحين!
ومع ذلك فإن هذا الأثر لا يصلح حجّة لهم، لأنّ أنساً رضي الله عنه قال إنهما خفّان. أي إنه ما ترخّص في المسح عليهما إلا لأنّهما عنده في معنى الخفّ، يمشي عليهما، ومرّ معنا آنفاً ما رواه البيهقي عن أنسٍ مما يدل على أن الجوربين كانا منعّلين.
· وأمّا مسألة رخصة المسح وضوابطها، فلا بد قبل كلّ شيء من توضيح معنى
الرخصة ومعنى العزيمة. قال علماءُ الأصول إنّ العزيمة: هي الحكم الأصلي الذي شُرِع ابتداءً ويشمل الناس جميعاً، والكل مخاطبٌ به.
والرّخصة: هي حكمٌ جاء مانعاً من استمرار الإلزام في الحكم الأصلي بسبب قيام مسوِّغ لتخلّف الحكم الأصلي. وللرخصة أسباب: منها الضّرورة، كمن يخشى على نفسه الموت ولا يجد ما يأكله إلا الميتة فإنه يكون له أكلها. ومنها دفع الحرج والمشقّة كرخصة الإفطار في رمضان. وفي حال الضرورة قد يكون الرّجل مخيّراً بين الأخذ بالرّخصة والأخذ بالعزيمة وذلك كمن أكره على النطق بالكفر تحت التهديد بالقتل، فإنه يجوز له النطق بالكفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، ويجوز له أن يمتنع فيُقْتَل.
وقد يكون غير مخيّرٍ بين الأخذ بالرخصة والأخذ بالعزيمة وذلك إذا خشي على نفسه الموت من الجوع وليس أمامه إلا الأكل من المحرّمات كالميتة أو لحم الخنزير فإنه في هذه الحال يجب عليه أن يتناول هذه المحرّمات للحفاظ على حياته، وبذلك الوجوب يخرُج الأمر عن أنه رخصة لأنّ الترخيص يقتضي الجواز بأن يكون هناك حكمان في المسألة: حكم العزيمة، وحكم الرخصة، وبإيجاب التناول خرج الأمر عن أنه رخصة إذا سقط الحكم الأول. بخلاف ما لو كان ليس أمامه إلا الأكل من مال الغير فإن حكم العزيمة باقٍ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/105)
ولذلك يقسم بعض العلماء الرخصة إلى قسمين: رخصة إسقاط، ورخصة ترفيه. فالأولى تكون عندما يكون الأخذ بالرّخصة واجباً، إذا سقط حكم العزيمة، والثانية تكون عندما يكون الحكمان ثابتين.
وحكم الرّخصة هو: جواز العمل بها في مواضع الجواز، ففي هذا الحال يكون المكلّف مخيّراً بين الأخذ بالعزيمة والأخذ بالرخصة، فالمسافر في رمضان مخيَّرٌ بين الأخذ بالعزيمة وهو الصوم، وبين الأخذ بالرخصة وهي الإفطار؛ وذلك لأنّ النصوص الواردة في القرآن والحديث النّبوي جعَلَت الرّخصة في موضع الإباحة والتّخيير بعد طلب الفعل اللازم أو طلب التّكليف اللازم، لأنّ اليسر من مقاصد الشرع الإسلامي، كما قال تعالى {وما جعل عليكم في الدِّين مِنْ حَرَج} وكما قال سبحانه وتعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.انتهى
من أصول الفقه لمحمد أبو زهرة.
وبعد أن أوضحتُ معنى الرخصة وأحكامها باختصار، أوردُ أقوال العلماء في رخصة المسح على الخفّين:
_ قال الإمام ابن تيمية: " .. أمّا طهارة المسح على الخفّين فليست واجبة، بل هو مخيّر بين المسح وبين الخلع والغسل؛ ولهذا وقّتها الشارع، ولم يوقتها بدخول وقت صلاة، ولا خروجها، ولكن لمّا كانت رخصةً ليست بعزيمة حدّ لها وقتاً محدوداً في الزمن، ثلاثاً للمسافر ويوماً وليلة للمقيم؛ ولهذا لم يجز المسح في الطهارة الكبرى. انتهى الفتاوى ج 21 صـ 361
_ وقال أيضاً: إنّ سبب الرّخصة الحاجة. انتهى الفتاوى ج 21 صـ 175
_ و إذا نظرتَ في الحديث الذي استشْهدوا به وهو أن الصحابة كانوا في سريّة فشكَوا إلى رسول الله ما أصابهم من شدّة البرد فأمرهم أن يمسحوا على التساخين والعصائب.
وجدتَ أن الصحابة كانوا يعانون من شدّة البرد فرخّص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على العصائب وهي العمائم، والتساخين وهي الخفاف. وهذا هو اليسر في الدّين.
ــ وانظر إلى تعليق شيخ الإسلام على هذا الحديث حيث قال:
" .. ومعلوم أن البلاد الباردة يحتاج فيها مَنْ يمسح التساخين والعصائب ما لا يحتاج إليه في أرض الحجاز، فأهل الشام والرّوم ونحو هذه البلاد أحق بالرخصة في هذا وهذا من أهل الحجاز، والماشون في الأرض الحزْنة والوعرة أحقّ بجواز المسح على الخف من الماشين في الأرض السهلة .. " انتهى الفتاوى ج 21 صـ 188
ـ كما روى البيهقي من طريق عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" أنا عند عمر حين اختصم إليه سعد وابن عمر في المسح على الخفّين، فقضى لسعد، فقلتُ: لو قلتم بهذا في السّفر البعيد والبرد الشّديد ".
وهذا سندٌ صحيحٌ جداً وعلى شرط الشيخين.
_ وقال الإمام ابن تيمية: " ولا يُشرعُ له أن يلبس الخفّين لأجل المسح. انتهى الفتاوى ج 26 صـ 94
_ ولذلك قال الإمام الكاساني في " بدائع الصنائع " ج 1
: .. ولأن الجواز في الخف لدفع الحرج لما يلحقه من المشقة بالنزع، وهذا المعنى موجود في الجورب، بخلاف اللفافة، والمكعب ; لأنه لا مشقة في نزعهما. انتهى
_ فكما ترى إن مفهوم الرّخصة عند العلماء مقرون بالأسباب التي لأجلها كانت الرّخصة، وليس بمعزل عنها، ألا ترى كيف وقّت النبي صلى الله عليه وسلم، لمّا رخّص بالمسح على الخفّين، للمقيم يوماً وليلة، وزاد المدّة إلى ثلاثة أيّام للمسافر، وما ذلك إلا لأنّ المشقّة , في نزع الخفّين للمسافر , قد زادت!
ــــ ونحن نعلم أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد قال:" إنّ الله يحبُّ أن تُؤتى رُخَصُه، كما يَكْرَهُ أن تُؤتَى معصيَتُه " رواه أحمد بسند صحيح
وفي رواية ابن حبّان والبيهقي " كما يحب أن تؤتى عزائمه " وسندها حسن.
ولكن يجب علينا أوّلاً أن نتيقّن من أن هذه الرخصة هي من عند الله. ثمّ لا نخرجها عن مفهوم الرّخصة في الشرع. وكما رأيتَ فإنّ رخصة المسح على الجوربين لم تثبت أبداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يصحُّ لنا إطلاقُ العمل بها دون شروط المرخّصين بها، ودون دواعي الحاجة التي ذكروها. وقد مرّتْ معنا أقوالهم في شروط و ضوابط المسح على الخفّين الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بالك في المسحِِِِِ على الجوربين الذي لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/106)
ـــ أمّا مسألة أيّهما أفضل المسحُ على الخفّين أو ما يقوم مقامهما أم غسل القدمين؟
فإنّ الجمهور على أنّ الغسل أفضل. وقال الحنابلة في أحد أقوالهم المسحُ أفضل. وأَعْدَلُ أقوالهم هو قول الإمام ابن تيمية: ". . ولا يشرع له أن يلبس الخفّين لأجل المسح، بل صورة المسألة إذا لبسهما لحاجته، فهل الأفضل أن يمسح عليهما، أو يخلعهما، أوكلاهما سواء؟ على ثلاثة أقوال: والصّواب أنّ المسح أفضل، اتّباعاً للسنّة. انتهى الفتاوى ج26 صـ94
والحق أنّ كلام شيخ الإسلام جميلٌ جدّاً، لأنّه وَضَعَ النّقاط على الحروف كما يقولون، فبيّن أوّلاً أنّه لا يشرع لبسهما لأجل المسح، وهذا أمرٌ مهم جدّاً يجب أن يكون واضحاً في أذهان الذين يأخذون بكلام شيخ الإسلام و لكن من آخره! ثُمَّ بيّنَ رحمه الله أن مَنْ لبسهما لحاجة؛ وانْتَبِه لدقّة الكلام؛ فالأفضل له أن يمسح عليهما اتّباعاً للسنّة.
ـــ إننا إذا أنعمنا النّظر وجدنا الأمر واضحاً. أليس الغسل عزيمة، أليس المسح رخصة؟ فكيف يصحّ أن نقول إن الرّخصة أفضل من العزيمة؟! وقد مرّ معنا آنفاً أن حكم العزيمة يبقى سارياً مع وجود الرخصة، وأن المرءَ مخيّرٌ. و لذلك كان الصحابة يفتون الناس بالمسح على الخفّين وهم في خاصّة أنفسهم لا يمسحون بل يَنزعون أخفافهم و يتوضّؤون، كما روى ابن المنذر في الأوسط عن أم كلثوم ابنة أبي بكر أنّ عُمَرَ نزل بوادٍ يقال له وادي العقارب فأمرهم أن يمسحوا على خفافهم وخلع هو خفيه وتوضأ وقال: (إنما خَلعت لأنه حبب إليَّ الطهور).
وعن أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب أنه كان يأمر بالمسح على الخفين ويغسل قدميه فقيل له كيف تأمرنا بالمسح وأنت تغسل فقال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ويأمر به ولكن حُبِّبَ إليَّ الوضوء).
وعن صدقة بن يسار قال: سمعت ابن عمر يقول: (إني لمولَعٌ بغسل قدمي فلا تقتدوا بي). الأوسط لابن المنذر (1ـ 439) وهذه الرّوايات رجال أسانيدها كلّهم ثقات.
فلو كان المسح أفضل لما تركه هؤلاء الصّحابة الكبار وعدلوا عنه إلى الغسل. وقد بيّن القائلون بأفضلية المسح أنهم استحبّوا ذلك لأنّ فيه مخالفة أهل البدع الذين يرفضون هذه الرخصة النّبويّة.
وقد روى حنبَلٌ عن أحمدَ أنه قال: " كُلُّهُ جائزٌ، المسح والغسْل، ما في قلبي مِنَ المسح شيء، ولا من الغسل ".
والحديث كما مرّ معنا " إن الله يحبّ أن تؤتى رخصه كما يحبّ أن تؤتى عزائمه "
والمقصودُ من البحث في مسألة رخصة المسح وأيهما أفضل الغسل أم المسح، هو بيان حقيقة هذه الرخصة، لأنّ غياب حقيقتها عن أذهان الكثير من الناس جعلهم يُسيؤون استخدامها، فهم يلبسون الخف لأجل أن يمسحوا عليه، هروباً من الغسل ويظننون أن ذلك هو الأفضل! ولأوضّح الأمر أكثر سأضرب مثالاً: إن رخصة الإفطار للمسافر ثابتةٌ بنصِّ القرآن، فهل يُشرَعُ للمسلم إذا حلَّ شهر رمضان وكان في الصيف، أن يُنشئ سفراً ليفطر ولا يصوم، أخذاً بالرّخصة، ثم يقول العمل بالرخصة أفضل، وسأقضيه في الشّتاء! هل يكون الأخذُ بالرّخص في الشّرع هكذا؟
ـــ بقيت مسألة أحبّ أن أشير إليها وهي المسح على الجوارب التي يلبسها النّاس في أيّامنا هذه، وهي كما علمتَ لا يجوزُ المسحُ عليها عند كل من أجاز المسح على الجوربين الثخينين اللذين يمكن المشي فيهما، إذ لا نصَّ يُجيزُها و لا يمكن قياسها على ما رُخّص فيه، فهي رقيقة ولا يمكن المشي فيها.
ــ فإنْ قال أحدهم يمكنني المشيُ في هذه الجوارب، قلنا له: فما هي الجوارب التي لا يمكن المشي فيها؟
ولذلك فإن شرط إمكانِ المشي فيها إنما المقصود منه أن تكون في معنى الخفّ.
ــ ولكن وانطلاقاً من القاعدة الشرعيّة في رفعِ الحرج عن الأمّة المسلمة، وقياساً على جواز المسح على الجبائر، يمكننا القول: إن الرّجُلَ المُسِنّ ــ مثلاً ــ إذا لبس هذه الجوارب على طهارة وكان يصعُب عليه أن ينزعها للوضوء؛ وذلك إمّا لألم في ظهره أو رقبته أو لضعفٍ في ذراعيه أو خشي الإصابة بالبرد والتّأذّي منه؛ فله أن يمسح عليها.وكذلك إذا توضّأ رجلٌ ثمّ لبس جوربيه وحِذَاءَه ثمّ أدركَتْهُ الصّلاة و هو في مكان يصعب عليه الوضوء فيه على وجهٍ كامل وضاق عليه الوقت، فله أن يمسح على جوربيه ونعليه (الحذاء) ثمّ يصلّي فيهما والله أعلم.
وخلاصة القول:
1ــ المسحُ على الخُفّين سُنّةٌ ثابتة ومتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2ــ المسحُ على الجوربين لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3ــ المسحُ على الجوربين والنّعلين صحّ عن بعض الصّحابة.
4ــ حجّةُ القائلين بالمسح على الجوربين صريحُ القياس على الخفّين.
5ــ الجَوْرَب يكون من جلد أو صوف أو قطن، ويلبس وحده، أو مع النّعلين.
6ــ شرط المسح على الجوربين أن يكونا ثخينين و يمكن المشي فيهما.
7ــ المسحُ يكونُ على الجوربين والنعلين معاً.
8ــ لا يجوزُ المسح على النعلين وحدهما.
9ــ المسحُ على الجوربين رخصةٌ عند الحاجة.
10ــ الجواربُ التي رُخّصَ المسحُ عليها هي غيرُ الجوارب التي يلبسها الناس في أيّامنا هذه.
11ــ الرخصةُ في المسح هي لرفع الحرج و المشقَّة. ولا مشقة في نَزْعِ الجوارب
المعروفة اليوم، إذ بحركة بسيطة يمكن نزعها.
12ــ يجوزُ للمريض المُسِنّ أو لِمَنْ يَصْعُب عليه نزعُ الجوارب لمرضٍ أن يمسح عليها.
كما يجوزُ للمضطر أن يمسح على جوربيه وحذائه ويصلّي فيهما.
والحمدُ لله ربّ العالمين.
كتبه: د. خلدون مكيّ الحسني دمشق في 16 من ذي الحجّة 1425
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/107)
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[30 - 03 - 05, 09:58 ص]ـ
وإذا كان بعض العلماء يُجيز القياس في العبادات، فإنهم لا يجيزونه في الرُّخَص باتفاق [9]
في هذه نظر
والخللاف مشهور
وفروعهم تدل عليه
وقد أشرت إلى هذا في مكان سابق ولم أتمه لأمر أراده الله
ولعل الذي أوقعكم في هذا
أبو زهرة رحمه الله تعالى
فهو حنفي مشهور
ولعله حكى اتفاق الحنفية
وكتابه ليس عندي لأنظر فيه
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[30 - 03 - 05, 01:12 م]ـ
مذهب جمهور أهل العلم (جواز القياس في الرخص).
وخالف في ذلك الحنفيه في المشهور عنهم.
والادلة متظاهرة على جواز القياس في الرخص.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[30 - 03 - 05, 06:34 م]ـ
فائدة
(مسألة يجوز إثبات الحدود والكفارات والمقدرات التي لا نص فيها ولا إجماع بالقياس عندنا خلافا للحنفية قاله القاضي أبو الطيب وسليم وابن السمعاني والأستاذ أبو منصور. قال: فأما الاستدلال على المنصوص عليها بالقياس فجائز وفاقا وحكى الباجي عن أصحابهم كقولنا، وحكاه القاضي في " التقريب " عن الجمهور من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما وقال: إنه الصحيح المختار. وقد قال الشافعي رحمه الله في الأم: ولا يقطع من قطاع الطريق إلا من أخذ منهم ربع دينار فصاعدا، قياسا على السنة في السارق ويتجه أن يخرج له في هذه قولان من اختلاف قوله في تحمل العاقلة الأطراف وأروش الجراحات والحكومات، فإنه قال في القديم: لا يضرب على العاقلة لأن الضرب على خلاف القياس، لكن ورد الشرع به في النفس فيقتصر عليها، ولهذا لا قسامة ولا كفارة في الأطراف. والمشهور أنها تضرب عليهم كدية النفس قياسا بل أولى لأنه أقل. وقال الماوردي والروياني: الذي يثبت به القياس في الشرع هو الأحكام المستنبطة من النصوص، فأما الأسماء والحدود في المقادير ففي جواز استخراجها بالقياس وجهان: أحدهما: يجوز إذا تعلق بأسماء الأحكام كتسمية النبيذ خمرا لوجود معنى الخمر فيه ويجوز أن يثبت المقادير قياسا كما قدرنا أقل الحيض وأكثره، وهذا اختيار ابن أبي هريرة، لأن جميعها أحكام والثاني: لا يجوز لأن الأسماء مأخوذة من اللغة دون الشرع، ومعاني الحدود غير معقولة والمقادير مشروعة انتهى. وفي بعض النسخ أن الأول هو الصحيح لكن نقل في كتاب الصيام عن علي بن أبي هريرة أنه أوجب بالأكل والشرب كفارة فوق كفارة المرضع والحامل ودون كفارة المجامع: قال: وهذا مذهب لا يستند إلى خبر ولا إلى أثر ولا قياس، حكاه عنه الرافعي، قال صاحب " الذخائر " وقد حكى أنه لا وقص في النقدين فيجب فيما زاد على النصاب بحسابه خلافا لأبي حنيفة وأنه اعتبره بالماشية. قال: وهو فاسد؛ لأنه قياس في غير محله سيما على رأيهم فإن القياس في المقدرات ممنوع. انتهى. وقال الأصحاب فيما إذا قلنا: يمسح على الجبيرة بالماء، هل يتقدر مدة المسح بيوم وليلة للمقيم وثلاثة للمسافر؟ وجهان، أصحهما: لا، لأن التقدير إنما يعرف بنقل وتوقيف ولم يرد، ونقل القاضي في " التقريب " والشيخ في " اللمع " عن الجبائي مثل قول الحنفية. قالا: وقيل: يجوز إثبات ذلك بالاستدلال دون القياس. وقال آخرون: لا يجوز مطلقا. وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: منع بعض أهل الكوفة جريان القياس في الزكاة والحدود والمقادير، وربما ألحق بها الكفارات قال: وما من باب إلا ولهم فيه ضرب من القياس ولا تعلق لهم بغيره، والظاهر أنهم استعملوه في الوصف إذا ثبت بغير الأصل، ومنعوه في الإيجاب، وجوزوه في الترك. انتهى وذكر أبو عبد الله الصيمري من الحنفية في كتابه في الأصول أنه روي عن أبي يوسف إثبات الحدود بخبر الواحد، قال: فيجوز على قوله إثباته بالقياس ويجوز أن يقال خبر الواحد مقدم على القياس واحتج الشيخ في " اللمع " بأن هذه الأحكام يجوز إثباتها بخبر الواحد فجاز إثباتها بالقياس كسائر الأحكام وهذه العلة تبطل بالنسخ وقد صار المزني إلى أن أقل النفاس أربعة أيام لأن أكثر النفاس مثل أكثر الحيض أربع مرات فليكن أقله مع أقله كذلك، وخالفه الأصحاب وقالوا أقله ساعة فقد خالفوا الأصل. وقال ابن السمعاني: منع أصحاب أبي حنيفة جريان القياس فيما ذكرناه وقال أبو الحسن الكرخي لا يجوز تعليل الحدود والكفارات والعبادات، ولهذا منع من قطع النباش بالقياس، ومنع من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/108)
إيجاب الحد على اللواط بالقياس، ومنع من الصلاة بإيماء الحاجب بالقياس، ومنع من إيجاب الكفارة في قتل العمد بالقياس قال: ولا فرق في الكفارات الجارية مجرى العقوبات وبين ما لا يجري مجرى العقوبات، ومنع أيضا من إثبات النصب بالقياس. قال: ولهذا الأصل لا تجب الزكاة في الفصلان وصغار الغنم. والأصح على مذهبنا جواز القياس في المقادير. ومنع الكرخي أيضا أن يعلل ما رخص فيه لنوع مساهلة كأجرة الحمام، وقطع السارق، والاستصناع على أصولهم فيما جرت العادة فيه مثل الخفاف والأواني وغير ذلك. وقد تتبع الشافعي مذهبهم وأبان أنهم لم يفوا بشيء مما ذكروه فقال الشافعي: أما الحدود فقد كثرت أقيستكم فيها تعديتموها إلى الاستحسان وهو في مسألة شهود الزنى فإنهم أوجبوا الحد في تلك المسألة ونصوا أنه استحسان. وأما الكفارات فقد قاسوا الإفطار بالأكل على الإفطار بالوقاع، وقاسوا قتل الصيد ناسيا على قتله عامدا مع تقييد النص بالعمد في قوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا} وأما المقدرات فقاسوا فيها ومما أفحشوا في ذلك تقدير عدد الدلاء عند وقوع الفأرة ثم أدخلوا تقديرا على تقدير فقدروا للحمام غير تقدير العصفور والفأرة، وقدروا الدجاجة على تقدير الحمامة وقدروا الخرص بالقلتين في العشر. وأما الرخص فقد قاسوا فيها وتناهوا في القصد فإن الاقتصار على الأحجار في الاستجمار من أظهر الرخص ثم اعتقدوا أن كل نجاسة نادرة أو معتادة مقيسة على الأثر اللاصق بمحل النجو، وانتهوا في ذلك إلى نحو نفي إيجاب استكمال الأحجار مع قطع كل منصف بأن الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم فهموا هذا التخفيف منه في هذا الموضع لشدة البلوى. ثم قال الشافعي رحمه الله تعالى: ومن شنيع ما قالوا في الرخص، إثباتهم لها على خلاف وضع الشرع فيها فإنها شرعت تخفيفا وإعانة على ما يعانيه المرء في سفره من كثرة أشغال قاسوها في سفر المعصية. فهذا الذي ذكروه يزيد على القياس إذ القياس تقدير المنصوص عليه قراره، وإلحاق غيره به، وهذا قلب الموضوع المنصوص في الرخص الكلية قال ابن السمعاني: وليس كل من هذه المذكورات يجوز القياس فيها بل الضابط أن كل حكم جاز أن يستنبط منه معنى مخيل من كتاب أو سنة فإنه معلل، وما لا يصح منه مثل هذا لا يعلل سواء كان من الحدود أو الكفارات. ثم قد تنقسم العلل أقساما، فقسم يعلل جملته لا تفصيله وهو كل ما يمكن إبداء معنى من أصله وفرعه، وقسم يعلل جملته وتفصيله لعدم اطراد التعليل في التفاصيل، وقسم آخر لا تعلل جملته، لكن بعد ثبوت جملته تعلل تفاصيله، كالكتابة والإجازة وفروع تحمل العاقلة. وقد يوجد قسم لا يجري التعليل في جملته وتفاصيله، كالصلاة وما تشتمل عليه من القيام والسجود وغيره وربما يدخل فيه الزكاة ومقادير الأنصبة والأوقاص انتهى. وقال إلكيا: نقل عن زعماء الحنفية امتناع القياس في التقديرات والحدود والكفارات والرخص، ولذلك منعوا إثبات حد السارق في المختلس. وحكي عن أبي حنيفة ما يدل على ذلك، فإنه لم يثبت لهذا المحصر بدلا عن الصوم وقال: إنه يقتضي إثبات عبادة مبتدأة وكان يقول: إن النصب لا يصح أن تبتدأ بقياس ولا بخبر الواحد ولذلك اعتد في إسقاط الزكاة في الفصيل، وكان يجوز أن يعمل القياس في نصب ما قد يثبت الزكاة فيها، كما يجوز أن يعمل القياس في صفة العبادة من وجوب وغيره، ولذلك قبلوا خبر الواحد في إثبات النصاب فيمن زاد على المائتين، وفي وجوب الوتر. فقيل لهم: تكلم الناس في الحدود والأيمان بالقياس، فأجابوا أنه ليس لأجل إثبات حد به، وإنما تكلموا لبيان الشبه المسقطة له مع تحقق إثباتها، وسقوط الحد ليس بحد فيصح القياس. وأوجبوا الكفارة على القتل قياسا على المجامع، وعلى المرأة كالرجل، وعلى المجامع ناسيا في الإحرام، كما لو قتل الصيد خطأ وليس في ذلك شيء من نص ولا عموم ولا إجماع. فأجابوا بأن هذا لم نعلمه قياسا بل استدلالا بالأصول على الأحكام مغاير للقياس لنحو السر. وهذا كله مردود لأنه لا شيء فيها غير القياس. ثم بين ذلك وأطال، وقال: الذي يستقيم مذهبا للمحصل على ما يراه أن أبا حنيفة إنما قال ذلك في إجراء القياس في أصول الكفارات وأصول الحدود كإلحاق الردة، والقذف بالقتل في الكفارة وكإلحاق من يكاتب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/109)
ويطلعهم على عوراتنا بالسارق من حيث إن ذلك يقتضي التصرف في علائق غيب لا يهتدى إليه فانعدم طريق القياس. فامتنع القياس من حيث إن الذي يكاتب الكفار وإن زاد ضرر فعله على ضرر السارق الواحد فهو بالإضافة إلى سارق واحد، أما بالإضافة إلى الجنس فلا من حيث إن السرقة مما يتشوف إليها الرعاع بخلاف مكاتبة المسلم فإنها لا تكاد توجد، أو لا يظهر استواء السبب، فكل ما كان من هذا الجنس فلا يجري فيه القياس لفقد الشرط. تنبيهات الأول: أشار الغزالي رحمه الله إلى أن الجاري في الحدود والكفارات ليس قياسا بل هو تنقيح المناط وكذلك في الأسباب، ونازعه العبدري في الأسباب، وقال: هي تخريج، لا تنقيح. الثاني: قال بعضهم: المراد بجريانه في الحدود زيادة عقوبة في الحد، لوجود علة تقتضي الزيادة، كزيادة التعزير في حق الشرب وتبليغه إلى ثمانين، قياسا على حد القذف. أما إنشاء حد بالقياس على حد فلا يجوز بالاتفاق. الثالث: ذكر في " المحصول " تبعا للشيخ في " اللمع " أن العادات لا يجوز القياس فيها ومثله بأقل الحيض وأكثره، وهذا مخالف لتمثيل الماوردي رحمه الله السابق، لأنه مثل به للمقادير وقد خطأ من قاس في العبادات بأن هذه أمر وجودي، فإما أن يكون القياس لإثبات ذلك الموجود في محل آخر ففاسد، لأن الأمور الوجودية لا تطرد على نظام واحد، لأنه ليس حكما شرعيا حينئذ، وإما أن يكون لإثبات الحكم: فإن كانت العادة موجودة في هذا الفرع أثبتنا الحكم فيها فلا حاجة إلى الأصل لأنه مساو للفرع حينئذ في سبب الحكم، وإن لم يبين وجوده فالحكم مثبت لانتفاء علته. الرابع: أن سبب وضع هذه المسألة فيما ذكره ابن المنير أن أبا حنيفة قد اشتهر عنه القول بالقياس والإقبال على الرأي والتقليل من التوقيف والأحاديث، فتبرأ أصحابه من ذلك فأظهروا أنهم امتنعوا من الرأي والقياس في كثير من القواعد التي قاس فيها أصحاب الحديث. قلت: وكذلك منعهم من التعليل بالعلة القاصرة فهم يدعون أنا أقول بالقياس منهم. الخامس: سبق أن أبا حنيفة منع القياس في الكفارات ثم أوجب الكفارة على المفطر بغير الجماع، والشافعي مع أنه حكي عنه جواز القياس فيها فإنه لا يوجب الكفارة في غير الوقاع. ولهذا قال بعض الفقهاء: ما أجدر كلا من الإمامين أن ينتحل في هذه المسألة مذهب صاحبه، يعني: أن قياس القول بالقياس في الكفارات عدم تخصيصها بالوقاع دون سائر المفطرات، وقياس عدم القياس عدم إيجاب الكفارة في غير الوقاع. وهذا القول جهل بمدارك الأئمة، فإنهم وإن أثبتوا بالحديث المأمور به بالكفارة بمطلق الإفطار فهذا المطلق هو المقيد بالجماع، وقد يمكن أن يبنى الخلاف في القياس في الكفارات على أنه هل يجب على المجتهد البحث عن كل مسألة هل يجري القياس فيها أم لا؟ وهل قام الدليل على أن أدلة القياس عامة بالنسبة إلى آحاد المسائل؟ وأن العلة الجامعة بين الأصل والفرع في صورة الخلاف الخاصة صحيحة معتبرة في نظر الشرع وخلية عن الاعتبار؟ وقد أشار ابن السمعاني إلى هذا البناء المذكور.
مسألة قال في " المحصول: مذهب الشافعي جواز القياس في الرخص، وهو ظاهر كلام ابن السمعاني فيما سبق. وليس كذلك، فقد نص الشافعي في " البويطي " على امتناع القياس، فقال في أوائله: لا يتعدى بالرخصة مواضعها وقال في " الأم ": لا يقاس عليه. وكذلك إن حرم جملة وأحل بعضها. وكذلك إن فرض شيئا رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف في بعضه. ثم قال: وما كان له حكم منصوص ثم كانت لرسوله سنة بتخفيف في بعض الفرض دون بعض عمل بالرخصة فيما رخص فيه دون ما سواها ولم نقس ما سواها عليها. وهكذا ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حكم عام لشيء ثم سن فيه سنة تفارق حكم العام، كمسح الخفين والعرايا " هذا لفظه، وذكر في " الرسالة " مثله، وقال في موضع آخر من " الأم ": ولا يقاس إلا ما عقلنا معناه، ولهذا قلنا في المسح على الخفين لا يقاس عليهما عمامة ولا برقع ولا قفازان وكذلك القسامة. وفي موضع آخر: إن المحرم لا يتحلل بالمرض، والتحلل رخصة فلا يتعدى بها مواضعها. كما أن المسح على الخف رخصة فلم يقس عليه مسح العمامة. انتهى. وجرى على ذلك جماعة من أصحابنا منهم الأستاذ أبو منصور البغدادي فقال: لا يجوز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/110)
القياس عندنا على الرخص وعللوه بأنها تكون معدولا بها عن الأصل وما عدا محل الرخصة يبقى على الأصل، وقال القاضي الحسين في تعليقه ": لا يجوز القياس في الرخص، ولهذا لما كان الأصل غسل الرجلين ثم رخص في محل الخف المسح للضرورة فلا يقاس عليه مسح القلنسوة والعمامة. والأصل أن من تلبس بالإحرام لا ينقضي عنه إلا بالإتمام، ورخص للمحصر بالعدو في التحلل، ثم لا يقاس عليه المصدود بالمرض. والأصل أن لا يضمن الميت. فأوجب الغرة في الجنين لا على القياس ثم لا يقاس عليه سائر الرخص. والأصل أن الجناية توجب على الجاني فاستثنى منه جناية الخطأ ثم لا يقاس عليها غيرها. وقال إلكيا: إنما نمنع القياس على الرخص إذا كانت مبنية على حاجات خاصة لا توجد في غير محل الرخصة فيمتنع القياس لعدم الجامع كغير المسافر يعتبر بالمسافر في رخص السفر إذ يتضمن إبطال تخصيص الشرع. وقد يمتنع أيضا مع شمول الحاجة إذا لم يبن عندنا استواء السببين في الحاجة الداعية إلى شرع القصر مع أن المريض خفف عنه في بعض الجهات ذلك في الرخصة سدا لحاجته، كالقعود في الصلاة، وذلك تخفيف في الأركان مقابل للتخفيف في عدد الركعات. انتهى. وألحق القاضي عبد الوهاب القياس على الرخص بالقياس على المخصوص وسيأتي فيه التفصيل الآتي قال: ويحتمل أن يكون المنع عنه لأن علته قاصرة عليه، لا من حيث كونه رخصة. وقال القرطبي: يحتمل التفصيل بين أن لا يظهر للرخصة معنى فلا يقاس عليها وبين أن يظهر فيقاس، وينزل الخلاف على هاتين الحالتين. ورأيت في كلام بعض المالكية التفصيل بين أن يكون الأصل المقيس عليه منصوصا فيجوز، وبين أن يكون اجتهادا فلا. فحصل مذاهب.
أمثلة للقياس في الرخص] وقد استعمل أصحابنا القياس في الرخص فيما سبق فلنشر إلى ذلك أدنى إشارة، فإنه يعز استحضاره: ومنها: أن السلم رخصة ورد مقيدا بالأجل وجوزه أصحابنا حالا، لأنه إذا جاز مؤجلا مع الغرر فلأن يجوز حالا أولى لقلة الغرر وقد ينازع في كونه هذا قياسا، وإنما هو من باب دلالة الفحوى، أي مفهوم الموافقة، وفي كونها قياسا خلاف. على أن الغزالي في المستصفى أبدى في كون السلم رخصة احتمالين له. ومنها: ثبت في صحيح مسلم النهي عن المزابنة وهي بيع الرطب على النخل بالتمر ثم ورد الترخيص في " العرايا " وهي بيع الرطب على النخل بتمر في الأرض كذلك مفسرا من طريق زيد بن ثابت وغيره، وألحق أصحابنا به العنب بجامع أنه زكوي يمكن خرصه ويدخر بالسنة، فكان كالرطب وإن لم يشمله الاسم. قال ابن الرفعة: وكلام الشافعي في " الأم " يدل على أن الأصل الرطب، والعنب مقيس عليه، ولكن الماوردي في " الحاوي " حكى خلافا فقال: اختلف أصحابنا، هل جازت الرخصة في الكرم نصا أو قياسا؟ على وجهين: أحدهما: وهو قول البصريين إنها نص فرووا عن زيد بن ثابت {أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في العرايا} والعرايا: بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب. والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة من البغداديين إنها جازت قياسا على النخل لبروز ثمرتها وإمكان الخرص فيهما وتعلق الزكاة بهما. قلت: والظاهر ترجيح الثاني وهو الذي يدل عليه كلام الشافعي. وما ذكره الأولون عن زيد بن ثابت غير ثابت بل المعروف عنه خلافه. وقد روى البخاري عنه في صحيحه {أنه عليه الصلاة والسلام رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غيره}، ومن توابع ذلك أنه هل يلتحق بهما ما سواهما من الأشجار؟ قولان، مدركهما جواز القياس في الرخص، والأصح أنه لا يلحق. ومنها: أن الصلاة تحرم عند الاستواء، واستثني يوم الجمعة لحديث أبي هريرة فيه، يستثنى باقي الأوقات في يوم الجمعة؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم كوقت الاستواء تخصيصا ليوم الجمعة وتفضيلا له، " وأصحهما " المنع، لأن الرخصة قد وردت في وقت الاستواء خاصة، فلا يلحق به غيره لقوة عموم النهي. ومنها: الرخصة في مسح الخف وردت وهي مقصورة على الضرورة فلا يلحق بها الجرموق على الجديد - لأن الحاجة لا تدعو إليه فلا تتعلق الرخصة به. واستشكل هذا بتجويز المسح على الخف الزجاج والخشب والحديد. ومنها: لو مسح أعلى الخف وأسفله كفى وهو الأكمل، لوروده في معجم الطبراني من حديث جابر، وفي الاقتصار على الأسفل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/111)
قولان، أصحهما: المنع، لأنه رخصة فيقتصر على الوارد. ومنها: التيمم للفرض رخصة للضرورة، وفي جوازه للنافلة خلاف. ومنها: النيابة في حج الفرض عن المعضوب رخصة، كما صرح به القاضي الحسين وغيره. ولو استناب في حج التطوع جاز في الأصح. ومنها: أن الرخصة وردت فيمن أقام ببلد لحاجة يتوقعها كل وقت فله أن يقصر ثمانية عشر يوما، ولا يجوز له الترخص بغير ذلك. لكن هل يتعدى هذا الحكم لباقي الرخص من الجمع والفطر والمسح وغيرها؟ لم يتعرض له الجمهور، ويحتمل إلحاقه بناء على جواز القياس في الرخصة. وقد نص عليه الشافعي رحمه الله بالنسبة إلى عدم وجوب الجمعة. ويحتمل منعه من جهة أنا منعنا الزيادة على هذه المدة بالنسبة إلى القصر مع ورود أصله فلأن يمتنع رخص ما لم يرد أصله أولى. ومنها: أن الرخصة وردت بالجمع بين الصلاتين بالمطر وألحقوا به الثلج والبرد إن كانا يذوبان، وقيل: لا يرخصان اتباعا للفظ المطر. ومنها: قال الروياني: لا يجوز الجمع بين الجمعة والعصر بعذر المطر تأخيرا، وكذا تقديما في أصح الوجهين، لأن الجمعة رخصة في وقت مخصوص فلا يقاس عليه. والمشهور الجواز. ومنها: أن صلاة شدة الخوف لا تختص بالقتال، بل لو ركب الإنسان سيلا يخاف الغرق وغيره من أسباب الهلاك فإنه يصلي ولا يعيد قياسا على الصلاة في القتال. وأجاب إمام الحرمين في " النهاية " إذ قال: من أصلكم أن الرخص لا تتعدى مواضعها ولذلك لم يثبتوا رخصا في حق المريض بوجهين: أحدهما: أن هذا بالنص وهو عموم قوله تعالى: {فإن خفتم} والثاني: أنا نجوز القياس في الرخص إذا لم يمنع مانع، والإجماع يمنع من إجراء رخص السفر في المرض. ومنها: أن صوم أيام التشريق لا يجوز في الجديد، ويجوز في القديم للمتمتع إذا عدم الهدي، وفي جوازه لغيره وجهان، أصحهما المنع، لأن النهي عام والرخصة في حق المتمتع. ومنها: قال الرافعي وردت السنة بالمساقاة على النخل، والكرم في معناه. وفي " الكفاية " قيل: إن الشافعي قاس على النخل وقيل: أخذه من النص. ومنها: المبيت بمنى للحاج واجب وقد رخص في تركه للرعاة وأهل سقاية العباس، فهل يلتحق بهم المعذور كأن يكون عنده مريض منزول به محتاج لتعهده، أو كان به مرض يشق عليه المبيت، أو له بمكة مال يخاف ضياعه؟ فيه وجهان: (أصحهما): نعم قياسا على العذر، والثاني: المنع، والرخصة وردت لهم خاصة. قال في " البحر ": فلو عمل أهل العباس أو غيرهم في غير سقايته هل يجوز لهم ترك المبيت والرمي؟ فيه وجهان: أحدهما: لا، والثاني: نعم، قياسا عليهم وهكذا ذكره أبو حامد، ونص الشافعي في " الأوسط " على أنه لا يشركه باقي السقايات وبهذا يعترض على تصحيحه في الروضة الجواز
)
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[30 - 03 - 05, 07:28 م]ـ
شيخنا أبا عمر
في حفظي أن المالكية يخالفون فيه أيضا
فهل أنا واهم جزاكم الله تعالى خيرا.
شيخنا ابن وهب جزاكم الله خيرا
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[31 - 03 - 05, 01:11 ص]ـ
والله أخي الحبيب لا أعرف ان المالكية يخالفون في هذا نعم الشافعية بعضهم خالف ومنع من ذلك والسبب ان هناك نصين من الشافعي رحمه الله يفهم من احدهما المنع و من الاخر الجواز.
أما المالكية فلا اعرف انهم خالفوا في ذلك ربما بعضهم الله أعلم؟
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[31 - 03 - 05, 03:30 ص]ـ
جاء في في منح الجليل ما نصه:
"و) جاز (ل) شخص (متنفل جلوس) مع قدرته على القيام في ابتداء الصلاة بل (ولو في أثنائها) عقب إيقاع بعضها من قيام، واستلزم هذا جواز الاستناد به وهو قائم بالأولى، والمراد بالجواز خلاف الأولى إن حمل النفل على غير السنن إذ الجلوس فيها مكروه، وإن أريد به مقابل الفرض فالمراد به مقابل المنع فيصدق بالكراهة، هذا مذهب المدونة. وأشار بولو إلى قول أشهب بمنع الجلوس اختيارا لمن ابتدأه قائما ومحل جواز الجلوس به. (إن لم يدخل) المتنفل (على الإتمام) أي صلاته قائما أي لم ينذره ولو نواه حين شروعه فيه فإن نذره وجب لأنه مندوب (لا) يجوز لمتنفل (اضطجاع) مع قدرته على أعلى منه وإن مستندا إن اضطجع في أثنائه بل. (وإن) اضطجع (أولا) بفتح الواو مشددا أي ابتداء من حين إحرامه وظاهره صحيحا كان أو مريضا وهو كذلك على المعتمد ابن الحاجب، ولا يتنفل قادر على القعود مضطجعا على الأصح. قال في التوضيح ظاهره سواء كان مريضا أو صحيحا وحكى اللخمي فيها ثلاثة أقوال أجازه ابن الجلاب للمريض خاصة وهو ظاهر المدونة. وفي النوادر المنع وإن كان مريضا وأجازه الأبهري حتى للصحيح ومنشأ الخلاف القياس على الرخصة، هل يجوز أو يمنع ومفهوم قوله مع القدرة على أعلى منه أنه إذا كان لا يقدر إلا على الاضطجاع جاز له التنفل من اضطجاع اتفاقا، وحكاية عبق الخلاف فيه وجعل الأول كالمتفق عليه غير صواب، أفاده البناني.
وجاء في التاج والإكليل:
(والميد) روى علي: لمريد طلوع البحر بعد الزوال ويخاف عجزه عن القيام في العصر لعلمه ميده جمعه بينهما بالبر قائما. ابن بشير: من علم من حاله أنه يميد إن ركب البحر حتى تفوته الصلاة في أوقاتها فالمنصوص أنه لا ينبغي له ركوبه ولا إلى حج، أو جهاد، فإن علم من حاله أنه لا يقدر على الأداء بإخلال فرض من الفرائض والانتقال عنه إلى بدل كمن يعلم أنه لا يصلي قائما فهذا إن وجد مندوحة فلا يركبه، وإلا فيختلف فيه في القياس على الرخص. فمن أقاس أجاز ركوبه كما له أن ينتقل عن طهارة الماء إلى طهارة التراب في القفار إن حمله على ذلك مجرد طلب الدنيا، ومن لم يقس منع ركوبه إن كان يؤديه إلى الإخلال بفرض من الفروض، وإن شك هل يسلم من الميد أم لا؟ فقالوا: يكره ولا يمنع؛ لأن الأصل السلامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/112)
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[31 - 03 - 05, 03:33 ص]ـ
الموسوعة الفقهية:
القياس على الرخص: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الرخص المنصوص عليها إذا كانت مما يعقل معناه يمكن أن يقاس عليها غيرها من الجزئيات التي تشاركها في علة الحكم. فقد قاس بعض الفقهاء صحة بيع العنب بالزبيب على بيع العرايا المرخص فيه بالنص لاتحادهما في العلة. كما حكموا بصحة صوم من أفطر مخطئا أو مكرها قياسا على من أفطر ناسيا الذي ثبتت صحة صومه بالنص النبوي. وزاد الشافعي فقاس عليه كلام الناسي في صلاته. وقاسوا الإفطار في العين في رمضان على الاكتحال المرخص فيه نصا. وذهب أبو حنيفة وأصحابه - باستثناء أبي يوسف - إلى منع القياس على الرخص لأدلة مبسوطة في كتب الأصول.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[31 - 03 - 05, 09:52 ص]ـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما سُئِلَ عن المسح على الجوربين:
" نعم يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما، سواءٌ كانت مجلّدة، أو لم تكن، في أصح قولي العلماء. ففي السنن: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه) وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك، فإن الفرق بين الجوربين والخفّين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود، ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة، فلا فرق بين أن يكون جلوداً أو قطناً، أو كتاناً , أو صوفاً كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه، ومحظوره ومباحه، وغايته أن الجلد أبقى من الصوف فهذا لا تأثير له، كما لا تأثير لكون الجلد قوياً، بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى ". انتهى اُنظرالفتاوى ج21 صـ 214
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 06:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا
الخلاف موجود عند الحنابلة أيضا
وكذا عند المالكية
ومنن روي عنه هذا المذهب أعنيالمنع من القياس على الرخص
الزهري - رحمه الله -
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 06:41 م]ـ
في مواهب الجليل
في أبواب الحج
((الرابع:) اعترض ابن بشير على الشيخ عبد الحميد في قوله: تصلي كصلاة المسايف بأنه قياس مع عدم تحقق وجود الجامع؛ لأن المشقة في الأصل خوف إتلاف النفس، وفي الفرع خوف إتلاف المال وبأنه قياس على الرخص، وأجاب ابن عبد السلام عن الأول بأن الأسفار الشاقة مع بعد المسافة يخشى معها على النفس مع ضميمة إتلاف المال ففي الفرع ما في الأصل وزيادة فيعود إلى قياس الأحرى، وعن الثاني: بأن القياس على الرخص المختلف في قبوله إنما هو إذا كان الأصل المقيس عليه منصوصا عليه في الشريعة أما إذا كان اجتهاديا فلا نسلم انتهى. (قلت:). وذكر ابن عرفة اعتراض ابن بشير، ولم يرده، ولا ذكر أنها تصلى عند الخوف على المال، ولا ذكر كلام ابن عبد السلام، وهذا تسليم منهم أن صلاة المسايفة إنما تصلى عند الخوف على النفس، والذي يفهم من كلامهم في كتاب الصلاة أنها تصلى عند الخوف على المال؛ لأنهم قالوا: إنها تصلى عند الخوف من اللصوص، واللص إنما يطلب المال غالبا، والله أعلم.)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 06:50 م]ـ
وفي مواهب الجليل
(والمعنى أن إجالة الخاتم أي تحريكه لا تجب في الوضوء يريد ولا في الغسل كما صرح به في النوادر وغيرها، ونقله في التوضيح وظاهره سواء كان ضيقا أو واسعا وهذا القول رواه ابن القاسم عن مالك في العتبية والمجموعة عن مالك وفي بعض الروايات أنه قد عض في أصبعه قال في النوادر: قال ابن القاسم في العتبية والمجموعة عن مالك: وليس عليه تحريك خاتمه في الوضوء. قال ابن المواز: ولا في الغسل وهو في العتبية في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة. قال: لا أرى على أحد أن يحرك خاتمه قال ابن رشد: ومثله في بعض الروايات لأبي زيد في الذي يكون في أصبعه خاتم قد عض وهو كما قال؛ لأنه إن كان سلسا فالماء يصل إلى ما تحته ويغسله، وإن كان قد عض بأصبعه صار كالجبيرة لما أباح الشارع له من لباسه فلا ينبغي أن يدخل في هذا الاختلاف الذي فيمن لصق بذراعه شيء من العجين انتهى. وقال الباجي: كلام مالك يحتمل تعليلين: أحدهما: أن الخاتم لما كان لباسه عادة مستمرة لم يجب غسل ما تحته كالخف، والثاني: أن الماء لرقته يصل إلى ما تحته. قال ابن فرحون: والتعليلان ضعيفان (أما الثاني) فلأن الإجالة مطلوبة لتحصيل الدلك لا لوصول الماء فإنه حينئذ مسح والأصل الغسل. وأما القياس على الخف فباطل؛ لأن الرخص لا يقاس عليها، وعلى صحته فيلزم أن لا يلبسه إلا على طهارة ولم يقل به أحد انتهى. (قلت) والظاهر أن يقال: إنه عفي عنه لكون لبسه مطلوبا وليسارة محله، وفي كلام ابن رشد في المسألة المذكورة تقوية لهذا القول وكذا في كلام غيره فلذلك اقتصر عليه المصنف)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 06:52 م]ـ
وفي مواهب الجليل
(لا تيمم) هو المشهور ومقابله يتيمم إن لم يجد الماء وعليه قال ابن فرحون في شرحه. تنبيه وفي هذه المسألة لا يتيمم على الحجر بل على التراب وقد ذكر ذلك أبو عبد الملك مروان بن علي البوني في شرح الموطإ قال: فإن عجز الجنب عن الوضوء فليتيمم ولا يتيمم إلا من جدار تراب يعلق ترابه بالكفين فأما الجدار يكون حجرا فلا يتيمم به وكذلك فسر لي أصبغ بن الفرج وأخبرني عيسى عن ابن القاسم بنحو هذا التفسير انتهى ولعل ذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام تيمم على الحائط فكان رخصة لا يتعدى بها محلها والرخص لا يقاس عليها، والله أعلم. وعلى القولين بأن الوضوء للنشاط إذا كان معه من الماء ما لا يكفيه للغسل لم يتوضأ، انتهى كلام ابن فرحون.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/113)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 06:57 م]ـ
قال الشافعي في الأم
(وقلنا افترض الله عز وجل الوضوء فسن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين أيكون لنا إذا دلت السنة على أن المسح يجزئ من الوضوء أن نمسح على البرقع، والقفازين، والعمامة؟ قال لا قلنا ولم؟ أتعم الجملة على ما فرض الله تبارك وتعالى وتخص ما خصت السنة؟ قال نعم قلنا فهذا كله حجة عليك وقلنا أرأيت حين حرم الله تعالى المشركات جملة، ثم استثنى نكاح الحرائر من أهل الكتاب فقلت يحل نكاح الإماء منهن؛ لأنه ناسخ للتحريم جملة وإباحته حرائرهن تدل على إباحة إمائهن؟ فإن قال لك قائل نعم وحرائر وإماء المشركات غير أهل الكتاب؟ قال ليس ذلك له قلنا ولم؟ قال؛ لأن المستثنيات بشرط أنهن من أهل الكتاب قلنا ولا يكن من غيرهن؟ قال نعم قلنا وهو يشرط أنهن حرائر فكيف جاز أن يكن إماء، والأمة غير الحرة كما الكتابية غير المشركة؟ التي ليست بكتابية وهذا كله حجة عليه أيضا في إماء المؤمنين يلزمه فيه أن لا يحل نكاحهن إلا بشرط الله عز وجل فإن الله تبارك وتعالى إنما أباحه بأن لا يجد طولا ويخاف العنت والله تعالى أعلم)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 07:01 م]ـ
قال الشافعي في الأم
(فقلت: أرأيت إذ حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة قلنا وقلت قيمتها خمسون دينارا وهو لو كان حيا كانت فيه ألف دينار أو ميتا لم يكن فيه شيء وهو لا يخلو أن يكون ميتا أو حيا فكان مغيب المعنى يحتمل الحياة والموت إذا جنى عليه فهل قسنا عليه ملففا أو رجلا في بيت يمكن فيهما الموت والحياة وهما مغيبا المعنى؟ قال: لا، قلت ولا قسنا عليه شيئا من الدماء؟ قال: لا قلت ولم؟ قال: لأنا تعبدنا بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيه ولم نعرف سبب ما حكم له به قلت فهكذا قلنا في المسح على الخفين لا يقاس عليهما عمامة ولا برقع ولا قفازان قال وهكذا قلنا فيه؛ لأن فيه فرض وضوء وخص منه الخفان خاصة فهو تعبد لا قياس عليه قلت وقسنا نحن وأنت إذ قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الخراج بالضمان أن الخدمة كالخراج قال: نعم قلت: لأنا عرفنا أن الخراج حادث في ملك المشتري وضمنه منه ولم تقع عليه صفقة البيع قال: نعم، وفي هذا كفاية من جملة ما أردت ودلالة عليه من أن سنة مقيس عليها وأخرى غير مقيس عليها، وكذلك القسامة لا يقاس عليها غيرها)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 05, 07:07 م]ـ
وفي أحكام القرآن لابن العربي
(وهذه كانت فائدة الاستثناء دخلت في اليمين بالله رخصة، وبقيت سائر الالتزامات على الأصل؛ ولهذا يروى عن بعض المتقدمين أنه إذا قال لعبده: أنت حر إن شاء الله، فهو حر؛ لأنه قربة. ولو قالها في الطلاق لم تلزم؛ لأنه أبغض الحلال إلى الله. وهذا ضعيف؛ لأنه إن كان الاستثناء يرفع العقد الملتزم في اليمين بالله والطلاق فليرفعه في العتق، وإن كانت رخصة في اليمين بالله لكثرة ترددها فلا يقاس على الرخص.وهذه كانت فائدة الاستثناء دخلت في اليمين بالله رخصة، وبقيت سائر الالتزامات على الأصل؛ ولهذا يروى عن بعض المتقدمين أنه إذا قال لعبده: أنت حر إن شاء الله، فهو حر؛ لأنه قربة. ولو قالها في الطلاق لم تلزم؛ لأنه أبغض الحلال إلى الله. وهذا ضعيف؛ لأنه إن كان الاستثناء يرفع العقد الملتزم في اليمين بالله والطلاق فليرفعه في العتق، وإن كانت رخصة في اليمين بالله لكثرة ترددها فلا يقاس على الرخص.)
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[01 - 04 - 05, 02:51 ص]ـ
الحمد لله
جزاكم الله تعالى خيرا على هذه النقولات الطيبة
قال إمام الحرمين في البرهان 2/ 901
878 وأما الرخص فقد قالوا فيها إنها منح من الله تعالى وعطايا فلا نتعدى بها مواضعها فإن [في] قياس غير المنصوص على المنصوص في الأحكام الاحتكام على المُعطِي في غير محل إرادته.
وهذا هذيان فإن كل ما يتقلب فيه العباد من المنافع فهي منح من الله تعالى ولا يختص بها الرخص فإن قيل فما الذي ترون؟
قلنا قد وضح بما قدمناه ما يعلل وما لا يعلل ونحن نتخذ تلك الأصول معتبَرَنا في النفي والإثبات فإن جرت مسالك التعليل في النفي والإثبات أجريناها وإن انسدت حكمنا بنفي التعليل ولا يختص ذلك بهذه الأبواب
879 ومما نختتم القول به أن التعليل قد يمتنع بنص الشارع على وجوب الاقتصار وإن كان لولا النص أمكن التعليل وهو كقوله تعالى ((إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)) وقال عليه الصلاة والسلام ((وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها كيوم خلق الله السموات والأرض)) وقال لأبي بردة بن نيار وقد جاء بعناق وكان لا يملك غيرها فأراد التضحية بها رغبة في مساهمة المسلمين ((تجزىء عنك ولن تجزىء عن أحد بعدك)) فمهما منعنا نص من القياس امتنعنا وكذلك لو فُرض إجماع على هذا النحو وهو كالاتفاق على أن المريض لا يقصر وإن ساوى المسافر في الفطر.
فإذا لم يكن منعٌ من هذه الجهات فالمتبع في جواز القياس إمكانه عند الشرائط المضبوطة فيه والمتبع في منعه امتناعه وعدم تأتيه على ما يشترط فيه.
وذكر المنع عن المالكية العلامة الشنقيطي عليه شآبيب الرحمة والرضوان ص 338 حيث قال:
.......... ومنهم المالكية كما هو ممنوع عندهم أيضا في الرخص .......
وقال القليوبي في حاشيته 1/ 43
(قوله وفي معنى الحجر) أي قياسا عليه بجامع إزالة النجاسة وفيه القياس على الرخص وهو صحيح حيث استنبط لها معنى كما هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/114)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[01 - 04 - 05, 05:45 ص]ـ
أرى أن الحوار قد صار بعيداً عن الموضوع. وأقترح نقل تلك المشاركات إلى موضوع بعنوان "هل يجوز القياس في الرخص".
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[01 - 04 - 05, 12:48 م]ـ
هل هذه المسألة من لوازم القائلين بجواز القياس على الرخص:
لقد عد ابن حجر والدمياطي الدف من المعازف، واستثناه الشارع من المعازف عند الأفراح والأعياد،
ولدا يلزم من القول بجواز القياس على الرخص القول بجواز باقي المعازف عند الأفراح والأعياد لجامع اللهو والترفيه. وكذلك قياس جواز ذلك للرجل كما هو جائز للمرأة.
والذي تعلمته من مشايخي أن الرخصة لا تتعدى موجبها وموضعها وخلاصة هذه أن جواز استعمال الدف لا يقاس عليه جواز استعمال باقي المعازف، ولا الرجل على المرأة
فما قولكم رحمكم الله
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[03 - 04 - 05, 12:37 ص]ـ
للأهمية
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 04 - 05, 06:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا
في مجموع الفتاوى لابن تيمية
(فصل
والاحكام التى يقال إنها على خلاف القياس نوعان نوع مجمع عليه ونوع متنازع فيه
فما لا نزاع فى حكمه تبين أنه على وفق القياس الصحيح وينبنى على هذا ان مثل هذا هل يقاس عليه أم لا فذهب طائفة من الفقهاء الى أن ما ثبت على خلاف القياس لا يقاس عليه ويحكى هذا عن اصحاب أبى حنيفة والجمهور انه يقاس عليه وهذا هو الذى ذكره أصحاب الشافعى واحمد وغيرهما
وقالوا انما ينظر الى شروط القياس فما علمت علته الحقنا به ما شاركه فى العلة سواء قيل انه على خلاف القياس او لم يقل وكذلك ما علم انتفاء الفارق فيه بين الأصل والفرع والجمع بدليل العلة كالجمع بالعلة واما اذا لم يقم دليل على ان الفرع كالاصل فهذا لا يجوز فيه القياس سواء قيل انه على وفق القياس او خلافه ولهذا كان الصحيح أن العرايا يلحق بها ما كان فى معناها)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 04 - 05, 06:19 م]ـ
وفي المنتقى للباجي (قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها مطلق الرخصة عند الفقهاء يقتضي أن يخص بعض الجملة المحظورة بالإباحة ومنع أبو حنيفة وقوم من أصحابنا القياس عليه وجعلوا له بإطلاق اسم الرخصة عليه حكما مفردا ولا يجوز أن يعدى إلى غيره حتى أنهم يسمون بذلك كل حكم لا يعدونه وليس هذا بصحيح والصواب أن ينظر إلى علة ذلك الحكم الذي علق عليها في الشرع فإن كانت علته واقعة قصر الحكم على موضعها وإن كانت متعدية عداه وأثبت الحكم المعلق بها حيث وجدت وبالله التوفيق)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 04 - 05, 06:54 م]ـ
وقول امام الحرمين رحمه الله
(وكذلك لو فُرض إجماع على هذا النحو وهو كالاتفاق على أن المريض لا يقصر وإن ساوى المسافر في الفطر.
)
انتهى
فهل المانع من اباحة القصر للمريض هو الاجماع فلولا هذا الاجماع جاز لنا ان نجيز له القصر
المسألة للبحث
وفي الحقيقة هذا الموضوع يحتاج الى بحث موسع
لان هناك تداخل في بعض ما ذكر
فان القياس على الرخص مثلا غير مرفوض مطلقا عند الحنفية مثلا
فهم يجيزون بعض ما يراه غيرهم من القياس على الرخص
ويستدلون له بدليل آخر
فكون المسألة دخلت في تعريف القياس على الرخص لايلزم منه أن يرفضه من يقول بعدم جواز القياس على الرخص
لان تعريفهم له مختلف
ومثله مسائل الاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع ونحو ذلك
فهي مسائل دقيقة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 04 - 05, 07:23 م]ـ
أنه لابد من معرفة الضابط والا وقع اشكالات كثيرة
وهذا الضابط ذكره الباجي وابن تيمية - رحمهما الله -
ولو أغلقنا هذا الباب لو قعنا في حرج شديد
وكذا لو فتحنا الباب بدون ضابط فهو يفتح الباب امام (من يسمون بالعقلانيين)
فتحديد الضابط مهم جدا
وكلامي الأخير عن مسائل أهم من مسألة المسح على الجوربين ونحو ذلك
فلينظر اليه من هذا الجانب(106/115)
ما أقوال القاضي أبي الوليد الباجي المالكي في مسائل الإعتقاد؟ الرجاء مشاركةجميع الأخوة
ـ[بدران]ــــــــ[31 - 03 - 05, 01:58 ص]ـ
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى
أخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشرفني الإنتساب إلى هذا المنتدى المتميزبأعضائه ومواضيعه
ولكم الشكر على إثرائه بالمعلومات المفيدة فجزاكم الله خير
بداية أخوتي لدي عدة أسئلة عن القاضي أبي الوليد الباجي –رحمه الله - المالكي الأندلسي المشهور صاحب
المنتقى فقد عرف عنه أنه أشعري العقيدة وأنه ساهم في نشرها في أهل الأندلس بعد مناظرات مع ابن حزم –
رحمه الله- تمخضت بانحسار مذهبه وانتشار المذهب الأشعري.
والاسئلة هي كالتالي:
ما مسائل العقيدة التي تطرق لها الإمام الباجي – رحمه الله – وذكرها في كتبه ولو عرضا؟ (في غيركتابه
الموسوم بالمنتقى)؟
وهل خالف الأشعرية في بعض مسائل الإعتقاد؟ وما هي تلك المسائل؟
وكما هو معروف أن له مناظرات في العقيدة مع ابن حزم فأين ذكرت؟ وأين ذكرت مناظراته في العقيدة مع باقي
علماء عصره؟
ومن من العلماء سواء من عاصره أو أتى بعده الذين كتبوا في عقيدته بالتأييد أم بالرد عليه؟.
لتكن أخوتي المشاركات موثقه بشكل علمي بكتابة المصدر مشفوعا بذكر رقم الصفحة ليسهل الرجوع إليها
والفائدة العلمية للجميع.
وما المراكز التي لديها أهتمام بعلماء المالكية والمغرب العربي وعملت دراسات عنهم؟ و ما الرسائل الأكادمية
التي عملت عن هذه الشخصية سواء في الجانب العقدى أم في فنون أخرى؟ وهل هناك مجلات علمية متخصصة
(حولية- فصلية) تهتم بعلماء المغرب أو الأندلس أو تطرقت لذكر هذا الإمام ولو بشكل موجز؟
هل هناك منتديات تهتم وتناقش آراء هذا الإمام وتهتم بعلماء المالكية والأندلس؟ الرجاء الدلالة عليها –
مشكورين –
وبالنسبه لمحققي كتب الباجي ما هي عناوينهم الحالية وكيفيه مراسلتهم؟ وهل هناك من المشائخ أو طلبة العلم
الذين ممكن نجد عندهم علم بمسائل العقيدة التي ذكرها الباجي أو ذكرت له؟
نرجو للجميع الفائدة والتوفيق والمشاركة النافعة المتميزة
مع ملاحظة: أنه أخوتي لا يلزم تغطية جميع جوانب هذا الموضوع بل كل بما من الله عليه بما يعلم وبما يستطيع
فمن مهتم بهذا الإمام وعلماء المالكية والأندلس إلى مطلع على كتب الباجي ومن متبحر في المنتديات ومن
صاحب خبرة في المراكز والمحققين والمشائخ ومن متضلع في العقيدة ومهتم بالمناظرات ... الخ.
فدعوة للجميع بالتوفيق والسداد والفائدة
ودمتم بحفظ الله ورعايته
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 04 - 05, 08:53 ص]ـ
المراكز المهتمة بالمالكية
دار البحوث والدراسات الإسلامية بدبي فتخصصهم مالكي بحت , ولديهم عدة مطبوعات في الفقه المالكي (1)
موقع الدار ( http://www.bhothdxb.org.ae/mainpage.htm)
والدار يصدر عنها مجلة الأحمدية تجد رابط المجلة على نفس رابط الدار
ودار الغرب اللبنانية قد قامت بطباعة أغلب كتب الفقه المالكية وخاصة الأمهات منها.
ومجلة جامعة الجزائر مهتمة بالفقه المالكي.
هذا والله أعلم
________________
1) أخي الكريم الدار مع اهتمامها بالمالكية لكن عليها ملاحظات ومن أهمها طباعتهم لكتاب (التعريف بأوهام من قسّم السنن إلى صحيح وضعيف).
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[17 - 04 - 05, 10:24 م]ـ
أخي الفضل بدران: السلام عليكم ورحمة الله.
فالمعذرة على تأخر جواب بعض سؤالك حول الإمام الباجي – رحمه الله – وأسباب ذلك كثيرة؛ أهمها: أن ما تسأل عنه – خاصة – لم أر في بحثي القاصر جدا من تعرض له.
أيها الكريم: بالنسبة للمراكز المهتمة بالمذهب المالكي؛ فقد ذكر الأخ العوضي – أحسن الله إليه – أهمها، ولك أن تضيف كل الجامعات الإسلامية في كافة الدول، وكليات الآداب ... فمعظمها كتبت بها دراسات كثيرة عن المذهب وأعلامه، وكتب في بعضها دراسات علمية عن الباجي – خاصة – سأذكر لك بعضها لاحقا – إن شاء الله -.
ومن الدوريات – غير ما ذكر الأخ العوضي – مجلة دار الحديث الحسنية؛ واسمها الآن: (الواضحة) صدر منها بالاسم الجديد عدد أو اثنان، وبالاسم القديم أعداد كثيرة.
والباجي – رحمه الله – أشعري المعتقد نعم كما علمتَه، أخذ ذلك من رافدين اثنين الإمام أبي ذر الهروي بمكة – أعزها الله – وأبي جعفر السمناني – رحمهما الله – بالموصل، وهذان؛ شيخهما القاضي أبوبكر الباقلاني – رحمه الله – وهو من هو في هذا المذهب الكلامي، وقد عده بعضهم المؤسس الثاني لهذا المذهب، وأظن الذهبي – رحمه الله – عده من نظراء أبي الحسن الأشعري – رحمه الله -.
وقد صرح الباجي – رحمه الله – في نص وجدته في كتاب [روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام] لأبي عبد الله محمد ابن الأزرق الغرناطي 2/ 551 أنه على مذهب الباقلاني، وذلك لمّا سئل من طرف بعض مناظريه من الشيعة الشنيعة – أذلهم الله – بحلب الشهباء سنة 437ه: مذهب مَن تنصر في الأصول؟
وللقاضي أبي الوليد في العقيدة كتاب بعنوان: [التسديد إلى معرفة طرق التوحيد] نسبه له غير واحد من المتقدمين والمتأخرين، ولا يدري الباحثون عنه شيئا اليوم، وبحثت سراعا في بعض المصادر فلم أجد من نقل عنه.
فلم يبق – أخي في ما أظن - لمعرفة شئ من طريقة الباجي في الجانب العقدي إلا طريقان.
أحدثك عنهما باختصار لاحقا – إن شاء الله – فاعذرني فالصوارف ومعوقات الطلب كثيرة، ومهما تركت السعي إليها سعت إليك، فالله المستعان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/116)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[18 - 04 - 05, 10:49 ص]ـ
أخي الفاضل بدران: أرغب في مشاركتك وسماع ما عندك في هذا الأمر؛ فلي به بعض عناية، فلا تبخل عليّ.
وتميما لما تقدم، أقول:
الطريقة الأولى: النظر في مصنفات الإمام – رحمه الله – والكتاب الذي قد يكون قد حوى شيئا مما ترصده هو (المنتقى) شرحه لموطأ الإمام مالك – رحمه الله -، وذلك أن تنظر في كلامه عن الأحاديث النبوية التي تضمنت ذكر أسماء ربنا سبحانه وصفاته مما أثبته الإمام مالك في الموطأ، مثال ذلك: حديث: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا .... ) ذكره الإمام مالك في [ما جاء الدعاء] من الموطأ، وكلام الباجي في شرحه مشهور معروف، وقد أبان من خلاله عن شئ من منهجه في الكلام على أحاديث الأسماء والصفات.
ومثل ذلك قوله في صفة العلو، وصفة الغضب والضحك، والوجه والكف ... وغير ذلك مما جاء ذكره في الأحاديث الصحيحة في الموطأ.
ثم تنظر بمثل ذلك في كتابه الآخر (إحكام الفصول) فقد تعرض بعض الأصوليين لمباحث عقدية في كتاباتهم الأصولية.
ومما يساعد في ذلك الرجوع إلى رسالته المطبوعة (تحقيق المذهب) في مسألة نسبة الكتابة للرسول الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم – يوم الحديبية، وقد أثارت خلافات قوية حولها في عصر الباجي، وكتب بعض أهل العلم في ذلك بين مؤيد ومعارض، ثم ألف الباجي بعد ذلك كله رسالته السابق ذكرها، وقد تضمنت الكلام - أيضا – عن تعريف المعجزة .. وهذه من المسائل العقدية.
الطريقة الثانية: تتبع النقول عن الإمام الباجي في هذا الباب في بعض مظان ذلك.
من ذلك بعض كتب الأندلسيين والمغاربة ممن كتبوا في مسائل المعتقد، فهم أهله وجيرانه، وأتباع مذهبه العقدي والفرعي، من مثل كتب القرطبي أبي عبد الله المفسر، والقرطبي أبي العباس صاحب المفهم، وكتب القاضي أبي بكر ابن العربي، والقاضي عياض ... وبعض كتب المتأخرين ممن كتب في المعتقد من شراح أم البراهين للسنوسي محمد بن يوسف، أو شراح مقدمة ابن عاشر في عقد الأشعري، أو بعض شروح جوهرة اللقاني ... وهذا كله طبعا على طريقة المتأخرين ممن انتسب للأشعري.
ثم بعض الكتب العامة مثل نفح الطيب للمقري، أو بعض كتب الرحالات أو التراجم ... فبسرد المطولات من الممكن أن يتحصل الطالب على فوائد كثيرة ماكان يحسب أنه يقف عليها.
ومن أهم ذلك كله كثرة النظر والإطلاع على كتب فخر الأندلس – صاحب الباجي – وعلامته ابن حزم – رحمه الله – وخاصة كتابه [الفصل] فما أظنه يخلو من الإشارة لذكر بعض آراء الباجي العقدية تصريحا أو تلميحا، أما آراء من كان الباجي على طريقته، وأعني أبا الطيب الباقلاني فقد أكثر من ذكرها ودحضها في الفصل، ولعل هذا هو الرد غير المباشر على آراء الباجي العقدية من طرف ابن حزم على الباجي، ومن الممكن أن يستخلص الباحث منها صورة للمناظرات بينهما في الجانب العقدي مثلما فعل الدكتور عبد المجيد تركي والوضيفي في المناظرات في أصول الفقه، ويؤكد هذا أيضا ذكر ابن حزم لبعض آراء أبي جعفر السمناني شيخ الباجي المباشر، والذي أخذ عن طريقه مذهب الأشعري والباقلاني، وقد رأيته يذكر في الفصل: أنه سمع بعض متقدميهم – يعني الأشاعرة – يقول ... فمن الممكن أن يكون القائل الباجي، وغير ذلك من العبارات المحتملة.
أما كتابات شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فكان الظن أن تكون من مصادر ذكر آراء الباجي العقدية، ولكن للأسف فإني لم أجد بعد التتبع – المحدود - شيئا من ذلك، نعم ورد ذكر الباجي في كتابات شيخ الإسلام مرارا – مجموع الفتاوي، ودرء التعارض، ومنهاج السنة مثلا - ولكن يقع ذلك منه: إما لبيان أثر أبي ذر الهروي في نشر مذهب الأشعري لدى المغاربة، أو عند ذكر شيخ الباجي أبي جعفر السمناني وطريقته، وأكثر ذكره له مع حكاية بعض أقوال الأشعرية من أمثال أبي المعالي وابن العربي وأضرابهم ... ولم أره خصه بمناقشة مسألة أو رأي عقدي محدد، والله أعلم.
يتبع – إن شاء الله -.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[19 - 04 - 05, 11:18 م]ـ
أين أنت أخي بدران؟ أسمعني صوتك، وأتحفني بفوائدك عن الباجي.
ذكر ابن حزم – رحمه الله – الباجي باسمه الصريح في (الفصل) في 4/ 208 قال: (ولقد حاورني سليمان بن خلف الباجي كبيرهم في هذه المسألة في مجلس حافل ... ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/117)
ومرة أخرى عند حديثه عن الكرامية 4/ 205 قال: (وذكر لي سليمان بن خلف الباجي وهو من رؤوس الأشعرية .... ).
_________________________
ومن رسائل الباجي في المعتقد = رسالة الرد على الراهب الفرنسي، الذي كاتب المقتدر بن هود أمير سرقسطة يدعوه إلى اعتناق الديانة المسيحية، فرد عليه الإمام الباجي على لسان الأمير ردا أبطل فيه كل دعاوى الضال، وأعاد الداعي مدعوا، وحافظت إمارة ابن هود على إسلامها بحمد الله.
وقد طبعت الرسالة طبعتين، إحداها بتحقيق المستشرق (دنلوب) والأخرى بتحقيق عبد المجيد تركي. أصلهما محفوظ بدير الأسكريال قرب مدريد.
كتابات علمية عن الباجي:
أهمها الرسائل الجامعية، وجلها عن أرائه الأصولية وكتابه [إحكام الفصول ... ] من ذلك:
بالمغرب:
أبو الوليد الباجي وأثره في الدراسات الأصولية / محماد رفيع - كلية الآداب
وجدة.
المصطلحات الأصولية في كتاب إحكام الفصول ... / لرحال بلعادل – كلية الآداب – الدار البيضاء.
أبو الوليد الباجي وشرحه للموطأ (المنتقى) منهجا وموضوعا / محمد الزباخ – كلية الآداب محمد الخامس – الرباط.
الجزائر:
أبو الوليد الباجي وآرؤه الأصولية / صالح بو بشيش – المعهد الوطني.
ليبيا:
الباجي وكتابه المنتقى / فرحات محمد الغزال – كلية التربية – طرابلس.
مصر:
أبو الوليد الباجي وأثره في أصول الفقه وفروعه/ صلاح الدين شلبي – دار العلوم – القاهرة.
السودان:
التعريفات الأصولية بين أبي الوليد الباجي وبعض الأصوليين / غالب حسين – جامعة أم درمان.
السعودية:
آراء أبي الوليد الباجي الأصولية في معقول الأصل والأدلة المختلف فيها / محمد الصديق محمد – جامعة أم القرى – مكة المكرمة.
أبو الوليد الباجي وآراؤه الأصولية من خلال كتابه إحكام الفصول / نور الدين صغيري – جامعة أم القرى.
ثم هناك مقدمات تحقيق كتبه المطبوعة، مثل: مقدمة إحكام الفصول لعبد المجيد تركي.
ومقدمته بتحقيق الدكتور عمران العربي من ليبيا ويعد للطبع قريبا – إن شاء الله – حسب ما بلغني من بعض الأحباب بطرابلس الغرب.
ومقدمة كتابه [التعديل والتجريح] الذي صدر بتحقيق الأستاذ أبو لبابة حسين من تونس، وطبع بالحجاز.
ونسخة الأستاذ أحمد لبزار من المغرب. طبع وزارة الأوقاف.
ومقدمة كتابه [فصول الأحكام ... ] من عمل الدكتور محمد أبو الأجفان.
ومقدمة الأستاذة البتول .. لنفس الكتاب السابق.
ثم الدراسة التي كتبها الدكتور عبد المجيد تركي [مناظرات في أصول الفقه] بين الباجي وابن حزم – رحمهما الله -.
وكذا شبيهتها التي كتبها الأستاذ المصطفى الوضيفي بعنوان [المناظرة في أصول التشريع] طبعت بالمغرب عن طريق وزارة الأوقاف.
وأخيرا وليس آخرا ما وصلك خبره – بملتقى أهل التفسير – من قيام مجموعة من الطلبة بليبيا بتحقيق كتاب المنتقى ودراسته، لنيل درجة الماجستير.
هذا ما عندي مما منّ الله به عليّ، فإن نفع فهذا ما أردت – والفضل لله - وإن كان تكرارا فحسبي أني اجتهدت في الجواب، وأفيدوني بما عندكم نفع الله بكم.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[20 - 04 - 05, 10:24 ص]ـ
السلام عليكم
عندي سؤال هل هناك باجيان
لان هناك باجي قرأت ان لم تخني ذاكرتي
جاء ليباحث ويناظر شيخ الاسلام أبن تيمية
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[20 - 04 - 05, 09:50 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله.
نعم أيها الفاضل - سددك الله - هناك أكثر من واحد عرف بالباجي.
والذي قرأت عنه هو علاء الدين الباجي كان من كبار علماء الشافعية في زمن شيخ الإسلام - رحمه الله - توفي 714ه.
ترجمه التاج السبكي في طبقاته 10/ 339 - 366. وأثنى عليه، وكان مما ذكره: أن العلامة ابن دقيق العيد - رحمه الله - كان يقول له - خاصة -: يا إمام. ويقول لباقي الناس يا إنسان.
وأما الباجي الذي نتحدث عنه هنا فهو أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي صاحب كتاب (المنتقى) في شرح الموطأ، توفي 474ه، فهو متقدم كثيرا عن ميلاد شيخ الإسلام.
ـ[بدران]ــــــــ[22 - 04 - 05, 08:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية .. أقول سبحان الله فبعدما كنت أدخل بالعشرات على هذا المنتدى وغيره لأرى من شارك أو قام بالرد فأجد
الأرض بواقع وأرى الموضوع لم يثمر وهكذا حتى إنتهى إشتراكي لأفاجيء بأخي الفهم الصحيح وغيره من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/118)
الأخوة الكرام يثيرون الموضوع ويحركونه فجزاهم الله خير الجزاء ولهم مني كل الشكر والعرفان
أخي الفهم الصحيح وعدت فلم تخلف وعدك وشاركت فتميزت فلك مني الشكر وجزاك الله كل خير
وإن شاء الله أعيد إشتراكي لأنضم معكم فانتظروني قريبا
والشكر موصول لأخي العوضي على مروره الكريم ومشاركته النافعه
وأرجو من باقي الأعضاء الكرام مشاركتنا في موضوعنا كل بما يعرف ويستطيع
شكرا لكم قريبا ولي مشاركات معكم بعد إعادة إشتراكي من جديد في خدمة الأنترنت
ـ[بدران]ــــــــ[16 - 06 - 09, 11:31 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
الامام الحافظ أبو الوليد الباجي يناظر الشيعة ..
الامام الحافظ ابو الوليد الباجي يقهر الشيعة ويفتتح بلادهم بالمذهب المالكي في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
ورد الامام أبو الوليد الباجي المالكي مدينة حلب صادراً من العراق وكان قصده أن ينصرف منها بعد يومين، وقد غلب على أهل البلد ومعظمهم التشيع، وناظر بعض علمائها من الشيعة على مذاهب أهل السنة، فأفحمهم.
قال أبو الوليد الباجي في كتابه فرق الفقهاء: (ورغب إلى اهل العلم والحال في المقام بها وقالوا لى: أنت مستقبل الشتاء وليس بوقت سفر وأنت تقيم بصور أو غيرها إلى وقت السفر، فاجعل مقامك عندنا، وظهر من قلق المتشيعين فيها ما شاع، وبلغ السيدة بنت ابن رباب وكانت من اهل السنة و، وقصدت مجلسي وبلغ الامر الامير معز الدولة ثمال أبي علوان بن صالح الكلابي وهو صاحب حلب في ذلك الوقت. وكان قد أفسد مذهبه معلم قرأ عليه، فكانت زوجه السدة بنت ابن رباب أنمري تروم صرفه عن ذلك فلا تقدر عليه، فوجدت السيبل بي إليه، ورغب في إن يلقاني، فلقيته مرارا. وانصرف عن ذلك الرأي الفاسد على ما أظهر، وكلمت بين يديه المخالفين، وبلغ به الميل إلى ضرب بعض الشيعة المتعصبين وأخرجهم من البلد، وظهرت كلمة السنة. وقعدت لاقراء كتاب البخاري وحضرت السيدة المذكورة قراءة جميعه، وحضر الجم الغفير من الناس بعد منافرتهم لى، وأنسوا بما فيه من فضائل الصحابة، وبقيت عندهم بقية عام سبعة وثلاثين وعام ثمانية وثلاثين، وقد قرأ علي جماعة من أهل تلك الجهة، وفشت فيهم السنة، وكانت الفتوى فيها على مذهب مالك رحمه الله مدة مقامي بها.
وبلغ ذلك القاضي أبا جعفر السمناني شيخنا - رضي الله عنه - فكاتبني يقول لي: (استفتحت بلدا ما استفتح القاضي أبو بكر مثله) ... إلى أن استدعاني وبلغ ذلك القاضي أبا جعفر السمناني شيخنا - رضي الله عنه - فكاتبني يقول لي: (استفتحت بلدا ما استفتح القاضي أبو بكر مثله) ... إلى أن استدعاني إلى المغرب من كان بها من الوالدة والاخوة والاهل، فخرجت منها في صدر تسع وثلاثين وأربعمائة) ولعله عرج على صقلية حينما كان مشرقا أو مغربا، ولقي أبا العباس أحمد بن محمد الجزار الحراني الصقلي بها، أو بغيرها.
وهكذا مرت رحلته التي استغرقت ثلاثة عشر عاما، يجالس الشيوخ ويلازم الحفاظ، ويبحث عن حلقات الدرس والتدريس حيثما حل وارتحل. وينافح عن السنة ويروم الائمة الاعلام، لا فرق في ذلك بين الشافعية والحنفية والحنابلة والاشاعرة والمعتزلة، مع تمسكه بالمذهب المالكي، فتبرز في الحديث أيما تبرز، وأصبح من كبار الحفاظ وأئمة المسلمين.
أشهر مناظراته: كانت حياته حافلة بالدفاع عن السنة على مذهب مالك، وعقيدة الاشعري، فجادل وناظر حيثما حل وارتحل بايمان قوي، وشجاعة ادبية احتسابا لوجه الله تعالى.
ومن ذلك: اولا: ناظر الشيعة في حلقات مساجد حلب وبين يدي أميرها معز الدولة فانتصر عليهم وبقيت الفتوى تدور بها على مذهب الامام مالك طيلة الفترة التي قضاها الباجي بحلب من أواخر إلى اوائل (439هـ).
ثانياً: وتو عودته إلى الاندلس، وجد المذهب الظاهري يكاد ينتشر على يد ابن حزم بجزيرة ميورقة، فاستدعى لمناظرته بين يدي اميرها أبي العباس أحمد إبن رشيق فافحمه وفل من وجهه وأحرقت كتبه.
ثالثاً: كما ناظر بدانية أبا بكر بن الصائغ، وابن سهل بين يدي أميرها اقبال الدولة علي بن مجاهد.
رابعاً: وقعت بينه وبين أبي حفص الهوزني منازعات بمرسية، ذكر كل ذلك وغيره في كتابة (فرق الفقهاء)، ومع الأسف لم نعثر منه الا على نصوص وإشارات يسيرة متفرقة في مختلف المؤلفات التي ترجمت له.
__________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/119)
أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب التجيبي الأندلسي الباجي الفقيه المالكي
له:أحكام الفصول في أحكام الأصول , وطبع حديثا.
نقولات مختارة من كتاب: وصية أبي الوليد الباجي الأندلسي لولديه:
http://www.toislam.net/files.asp?ord...m=1934&per=835
ليس استطرادا القول إن المتأمل في تراث العرب في الاندلس والمغرب ينتابه شعور بالفخر والاعتزاز بما خلفه أجدادنا في تلك الديار في حقبة تاريخية، كان لهم فيها شأن عظيم، تركوا فيها بصمات واضحة على الحياة العملية والفكرية في عصرهم وفي لحظات لاحقة، والمتصفح لكتب تراجم العلماء المغاربة يكتشف ذلك دون كثير عناء ونعرض في هذه الالمامة المتواضعة لحياة وعطاءات واحد من هؤلاء الاعلام المتميزين، وهو ابو الوليد الباجي ...
وهو أبو الوليد سليمان بن خلف بن يعد بن أيوب بن وارث الباجي،
وأصل أجداده من بطليوس، ثم انتقلوا الى مدينة باجة الاندلسية.
ولد أبو الوليد الباجي سنة 403 هـ، كما ذكرت المصادر التي ترجمت له، وكذا كتبت أمه تاريخ مولده بخطها، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر الذي يتحدث عن أسرته بقوله: «انها أسرة علم واصلاح، وانهم أهل بيت لم يخل بفضل الله ما انتهى اليهم منه من صلاح وتدين وعفاف وتصاون». ثم يذكر أباه وأعمامه وإخوانه، وانهم مشهورون بالعبادة والصلاح والتدين والورع والعفاف. وتجد في بعض المصادر الموثقة نتفا من الحديث عن أسرته، حيث تذكر بعضها: أن أباه كان من تجار القيروان، وكان ذا جاه ومال، ولكنه مع جاهه وحاله واتساع دنياه منقبض عنها، متقلل منها، ثم أقبل على العبادة والاعتكاف الى ان توفي. وكان قد اخذ العلم في بداية حياته عن فقيه اندلسي شهير يدعى «ابو بكر بن شماخ» وكان معجباً به، ويتمنى ان يرزق بولد مثله، وهكذا أشار عليه ان يسكن قرطبة ويلزم أبا بكر القبري، ويتزوج ابنته، عساه يرزق منها ولداً مثل شيخه ... وهكذا عمل بوصية شيخه فكان له ما اراد، أما أمه فكانت فقيهة قارئة، ولا غرابة ان تكون كذلك، فهي بنت فقيه عالم وهو ابو بكر محمد بن موهب بن محمد القبري (ت سنة 406هـ) وهي ايضاً أخت الفقيه المحدث الأديب الخطيب الشاعر أبي شاكر عبد الواحد بن محمد (377 - 456 هـ)، قال عنه ابن بشكوال في الصلة 2/ 378: كان حسن الهيئة والخلق، حسن الهدي والسمت، وكان أشبه الناس بالسلف الصالح. اما إخوته فيذكر عنهم انه لم يكن منهم الا مشهور بالحج والجهاد والصلاح والعفاف. ويقول عنهم القاضي عياض في ترتيب المدارك 4/ 808: وكان له أخوة فضلاء، ويذكرهم ابن عساكر في تاريخه فيقول: ان احدهم كان صاحب الصلاة بسرقسطة، وآخر كان من أدل الناس ببلاد العدو في الغزو، حتى أنه كان يعرف الارض بالليل بشم التراب.
ولقد عرفنا من اولاد ابي الوليد الباجي غلامين نجيبين، هما ابو الحسن محمد، وأبو القاسم أحمد، وقد اعتنى بهما ابوهما عناية فائقة وعمل على تربيتها التربية القويمة، وكتب لهما وصية جامعة مانعة، اوصاهما فيها بالتمسك بالعقيدة الصحيحة وشرائع الاسلام ومعالي الاخلاق ومحاسنها، وطبعت هذه الوصية عدة مرات
إلا ان فرحة الباجي بولديه لم تتم، إذ فجع بوفاة اكبرهما، وهو ابو الحسن محمد، وكان نبيلاً ذكياً،فرثاه ابوه مراثي عدة، من ذلك قوله:
أمحمد ان كنت بعدك صابرا صبر السليم لما به لا يسلم
أما الآخر، وهو ابو القاسم أحمد، فقد نشأ نشأة صالحة، وأخذ العلم عن ابيه، وروى عنه كثيراً وخلفه في حلقته التي كان يدرس فيها وكان زاهداً، دينا ورعا، من افهم الناس واعلمهم، وله مؤلفات عديدة تدل على حذقه ونبله، منها البرهان على ان اول الواجبات الايمان، ومعيار النظر، والعقيدة في المذاهب السديدة، وقد توفي في مدينة جدة بعد الحج من سنة اربعمئة وثلاث وتسعين.
علمه: إذا، فقد نشأ ابو الوليد في بيئة علم واصلاح، فأبوه عالم، وأمه فقيهة، وجده لأمه فقيه، وخاله فقيه محدث، واخوته صالحون مجاهدون، فلا غرابة ان يأخذ من علم هؤلاء جميعاً وصلاحهم، وان يبرز في مختلف العلوم حيث برع في علم الحديث وعلله ورجاله، والفقه وغوامضه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/120)
شيوخه: كما اخذ هذا العلم عن أكابر عصره في الاندلس وغيرها من البلاد التي رحل اليها، واستمرت رحلته فيها ثلاثة عشر عاماً، مثل الحجاز وبغداد والموصل ودمشق ومصر. ومن مشايخه: يونس بن مغيث، ومكي بن ابي طالب، وأبو ذر الهروي، والحسن بن محمد بن جميع، والقاضيان أبو الطيب الطبري، وأبو جعفر السمناني.
تلاميذه: كما أخذ عنه العلم الكثير من اعلام عصره من العلماء، منهم: ابنه أحمد والخطيب البغدادي، وابو بكر الطرطوشي، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو علي الصدفي، وأبو عبد الله الحميدي.
مؤلفاته: ونلاحظ ان علم ابي الوليد لم يبق حبيس صدره، بل بثه في كتبه، فنجده ألف مختلف العلوم والفنون، وبعضها ألف فيه اكثر من كتاب،
فألف في العقيدة: التسديد الى معرفة طريق التوحيد،
وفي الفقه: المقتبس من علم مالك بن انس،
وفي اصوله: إحكام الفصول في أحكام الفصول،
وفي التفسير: له كتاب لم يتمه،
وفي الحديث: المنتفى في شرح الموطأ،
وفي رجاله: التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الصحيح،
وفي الزهد: السنن في الرقائق والزهد والمواعظ،
وفي علم الكلام: السراج في علم الحجاج
وفي الفرق: فرق الفقهاء، وغيرها من الكتب.
شعره: وفوق كل ذلك، كان ابو الوليد شاعراً مجيداً، له النظم الرائق في المديح والرقائق والوعظ ... ويقول الفتح بن خاقان في قلائد العقيان ص216: وكان له نظم يوقفه على ذاته، ولا يصرفه في رفث القول وبذاءاته، فمن قوله في معنى الزهد:
إن كنت أعلم علما يقينا بأن جميع حياتي كساعة
فلم لا اكون ضنيناً بها وأجعلها في صرح وطاعة
وقد جمع ابنه أبو القاسم شعره في ديوان
وفاته: وبعد حياة حافلة بالعلم والعطاء، توفي أبو الوليد الباجي - رحمه الله- سنة اربع وسبعين واربعمئة في المرية.
أبو الوليد الباجي ... حياته ومناظراته العلمية
http://www.najah.edu/arabic/articles/53.htm
حياته ومناظراته العلمية:
إن دارس حياة أبي الوليد الباجي، تقفز إلى ذاكرته عدة تساؤلات منها: لماذا هضم حق الباجي في وطنه من قبل أولي الامر في عصره؟ ولماذا شنّع عليه من علماء وطنه واتهموه بالزندقة وهو العالم المؤمن؟ ولماذا كانت تلك المناظرات العلمية الحامية بينه وبين ابن حزم الأندلسي؟
أولاً:حياته: 1 - اسمه ومولده: ولد يوم الثلاثاء النصف من شهر ذي القعدة من العام 403هـ" في مدينة بطليوس، مسقط رأس عائلته، ثم انتقل جده إلى باجة الأندلس قرب إشبيلية، لذا عرف بالباجي، وعندما كبر سليمان وذاع صيته تنقل بين المدن الأندلسية متخذا من قرطبة العاصمة دار إقامه له، فعرف بعدها عند بعضهم "بالقرطبي". تتلمذ على عدد من علماء الأندلس، كانوا أصحاب حلقات في المسجد الجامع بقرطبة.
2 - رحلته في طلب العلم: 426 - 439هـ، فدخل الحجاز سنة ست وعشرين وأربعماية، وأقام في مكة، يدرس الفقه ويسمع الحديث من عدد من الفقهاء كأبي الفضل بن عمروس أمام المالكية، وأبي الطيب الطبري، وأبي إسحق الشيرازي الشافعي، وأبي عبدالله الدامغاني، والصّوري، ودخل الشام وسمع بها من ابن السمسار ثم دخل الموصل يدرس على السمناني الأصول، وسمع بمصر من أبي محمد بن الوليد.
وبانتهاء رحلته التي دامت ثلاثة عشر عاماً، قفل عائداً إلى الأندلس، وقد برع في الحديث وعلله ورجاله، وفي علم الفقه وغوامضه وخلافه، وفي علم الكلام، وقال ابن العربي صاحب الفتوحات المكية: "كل من رحل لم يأت بمثل ما أتيت به من العلم إلا الباجي".
حياته لم تكن سهلة ميسرة، فقد كان مقلا في دنياه، حتى احتاج في سيره إلى القصد بشعره، وأجر نفسه ببغداد مدة إقامته لحراسة درب، كان يتولى ضرب ورق الذهب للغزل والأنزال، ويعقد الوثائق، وقد عبّر الباجي نفسه عن هذا، عندما ناظر ابن حزم الأندلسي فقال: أنا أعظم منك همة في طلب العلم، لأنك طلبت وأنت معان عليه تسهر بمشكاة الذهب، وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/121)
الباجي في بداية رحلته إلى المشرق كان مقلاً، لأنه لا يزال طالباً للعلم، إضافة إلى هذا أنه نشأ في أسرة فقيرة في الأندلس، لذا لجأ إلى العمل أثناء فترة طلبه، وبخاصة في مكة وبغداد، ولكنه بعد أن قطع شوطاً في العلم وانتقل إلى حلب واتصل بأميرها أبي العلوان ثمال بن صالح الملقب بمعز الدولة وأصبح قاضياً وله حلقة درس، يقرئ فيها صحيح الإمام البخاري، صلح حاله، وعمت شهرته حقاً بعد أحد عشر عاماً من رحلته، وعاد إلى الأندلس في العام 439هـ أي بعد سنتين من دخوله حلب.
3 - اتصاله بأولي الأمر:
لقد بدأ اتصاله بأولي الأمر بعد فترة قصيرة من عودته من رحلته، حيث سمع بذكره حكام الأندلس من ملوك الطوائف، إذ كان التنافس بينهم في كل مرافق الحياة على أشده، ومن صنوف تنافسهم هذا اجتذابهم للعلماء مقلدين خلفاء بني أمية في الأندلس، وخلفاء بني العباس في المشرق، وقد دفعته الفرقة والكراهية التي كانت تخيم على ملوك الطوائف في الأندلس، كي يقوم بينهم مصلحاً، ولكن جهوده الخيرة تلك، كانت أشبه بصرخات في مقبرة أو في واد سحيق، فما أوقد شمعة واحدة في هذا السبيل الا وتوافر من يطفئها، فنفض يده منهم، لأنهم عظام ناخرة، وأطلال بالية داثرة، لا فائدة ترجى منهم. ويبدو أن صداقته لملوك الطوائف قد جرّت عليه الاموال، إذ قبل جوائزهم وصلاتهم، فمات عن مال وفير.
ولنا الآن أن نتساءل عن تلك النزعة التي كانت سبباً في كراهية ملوك الطوائف في الاندلس للباجي؟
لقد مشى الباجي بين ملوك الطوائف وهدفه الاول والاخير توحيد هؤلاء الملوك حتى يتمكنوا وبمساعدة إخوانهم المرابطين في المغرب من الوقوف في وجه أعدائهم في مملكة قشتاله، وقد تحمل في سبيل هذا المبدأ الكثير، ولا أستبعد أن يكون لبعض ملوك الطوائف دور في تشويه صورة الباجي، لأن دعوته إلى وحدتهم تكشف حقيقة المتخاذلين منهم والرافضين للجهاد، فقد كانوا يقدمون له الهدايا ويضخمون خبرها بين الرعية حتى يكثر حوله الكلام والشبهات فينثني عن مقصده، وقد كانت تمر بالباجي لحظات فيندم على إضاعة هذا الوقت بين هذه العظام الناخرة، فينصح ولديه بتجنب صحبة الرؤساء ما أمكنهما ذلك، فان البعد عنهم أفضل من العزّ بقربهم، فصاحب السلطان خائف لايأمن، وقد كاد في نهاية المطاف أن يقنع عددا من ملوك الطوائف بضرورة الوحدة مع زعيم المرابطين، إلا أن يد المنون سارعت في اختطافه قبل تحقيق مأربه.
4 - المهن التي امتهنها:
* التدريس: حاز الرئاسة بالأندلس من خلال مهنة التدريس، وتفقه عليه خلق كثير، وممن تفقه عليه أبو بكر الطرطوشي والقاضي ابن شبرين، والحافظان أبو بكر اليابري، والصدفي، وكذلك أحمد بن سعيد بن خالد اللخمي، وابن خيره، ويحيى بن عيسى بن خلف، وابنه أحمد، وغيرهم.ومما يحق للباجي أن يفتخر به، أنه روى عنه حافظا المغرب والمشرق أبو عمر ابن عبد البر، والخطيب أبو بكر بن ثابت البغدادي، وناهيك بهما، وهما أسن منه وأكبر.
كان يدرس عدداً من الكتب التي ألفها، ومن هذه الكتب الآتي:
1 - كتاب المنتقى، شرح الموطأ انتقاه ولخص به كتابه الكبير الجامع "الاستيفاء شرح الموطّأ.
2 - كتاب المعاني شرح الموطّأ.
3 - الإشارات في أصول الفقه.
4 - الحدود في الأصول.
5 - الإيماء في الفقه.
6 - مختصر المختصر في مسائل المدونة.
7 - اختلاف الموطآت.
8 - التعديل والتجريح فيمن روى عنه البخاري في الصحيح.
9 - التسديد إلى معرفة التوحيد.
10 - أحكام الفصول في أحكام الأصول.
11 - شرح المنهاج.
12 - سنن الصالحين وسنن العابدين.
13 - سبيل المهتدين.
14 - فرق الفقهاء.
* القضاء: كان يتولى قضاء مدن صغيرة في الأندلس كقضاء مدينة أريوله.تولى قضاء حلب لمدة عام في المشرق.
هناك مهناً أخرى امتهنها الباجي، كمهنة كتابة الرقاع للمحتاجين، وحراسة الدروب ليلاً في بغداد.
5 - محنة الباجي:
أساء أبناء عصر فهمه لمسالة فقهية، فاتهم بالزندقة والإلحاد، وهو الإنسان المؤمن، واتهم بالجهل وهو الإنسان العالم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/122)
والباجي عندما الصقت به هذه التهم اجتهد وعبر عن وجهة نظر كانت قد عرفت لدى فريق من العلماء، وكان اجتهاده حول حديث البخاري المروي في عمرة القضاء والكتابة إلى قريش، فعندما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، أبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على ان يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا بينهم الكتاب المعروف "بعمرة القضاء في الحديبية" -وكان مما جاء فيه: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله - قالوا: لا نقر لك بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئاً، ولكن أنت محمد بن عبدالله، فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبدالله، ثم قال لعلي: امح رسول الله. قال علي: لا والله لا أمحوك أبداً، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، وليس يحسن الكتب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله، لا يدخل مكة السلاح الا السيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحداً إن أراد أن يقيم بها.
والاجتهاد في هذا الحديث تركز حول العبارة التالية: "فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، وليس يحسن الكتب فكتب:" هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله " حيث تمسك الباجي بظاهر هذه الرواية، وادعى أن النبي صلى الله ليه وسلم كتب بيده، بعد أن لم يكن يحسن الكتابة، فكانت النتيجة أن شنّع عليه علماء الأندلس، ورموه بالكفر والزندقة، وأن الذي قاله يخالف القرآن، وقد تزعم هذه الحملة التي تكلم فيها؛ الزاهد أبو بكر ابن الصائغ ولم يقف الباجي أمام هذه الحملة عاجزاً، بل ألف رسالته المسماة "بتحقيق المذهب"، بيّن فيها المسألة لمن لم يفهمها، وأنها لا تقدح في المعجزة، كما لا تقدح القراءة في ذلك، فوافقه أهل التحقيق بإسرار العلم، وكتب بها لشيوخ صقلية فأنكروا على ابن الصائغ، ووافقوا أبا الوليد على ما ذكره.
كما استظهر الباجي على معارضيه ومخالفيه الرأي عندما جمعهم أمير دانية وطلب إلى كل فريق أن يأتي بما لديه من المعرفة كما وافق الباجي جماعة من العلماء منهم شيخه أبو ذر الهروي وأبو الفتح النيسابوري، وآخرون من علماء افريقية وغيرها.
واستكمالاً للفائدة نورد قول الباجي الذي سبب له هذه المحنة:" هذا لا ينافي القرآن، بل يؤخذ من مفهوم القرآن، لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن فقال:
(وَمَا كُنْتَ تتلُوا مِن قَبْلهِ مِنْ كِتابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذاً لارتْاَبَ الُمبْطِلُونَ) وبعد أن تحققت أمنيته، وتقررت بذلك معجزته، وأمن الارتياب في ذلك، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم، فتكون معجزة اخرى.
وبعد، فلا أعتقد أن هذه الحادثة في حياة الباجي مرت مرورا عابرا وسريعا، بل جثمت على صدره ثقيلة لفترة طويلة من الوقت، وقد أقضت مضاجعه ليالي طوالا، فسهر إلى جانب قنديله يبحث وينقب حتى يخرج منها ظافرا، وقد كان له ما أراد، على الرغم مما صادف في هذه المحنة من ألم إلا أن قلم الباجي لم يكل، ولم يتوقف عن الكتابة فظل كما وصفه أبو بكر ابن العربي " لولا أن الله تعالى منّ بطائفه تفرقت في ديار العلم، وجاءت بلباب منه كالقاضي أبي وليد الباجي وأبي محمد الأصيلي، فرشّوا من ماء العلم على هذه القلوب الميتة، وعطّروا أنفاس الأمة الذفرة، لكان الدين قد ذهب، ولكن تدارك الباري سبحانه بقدرته ضررهؤلاء بنفع هؤلاء وتماسكت الحال قليلا، والحمد لله تعالى.
6 - مذهبه الفقهي:
كان الباجي على مذهب الامام مالك بن أنس، ذلك المذهب الفقهي الذي انتشر في الأندلس في القرن الثاني الهجري على يد الفقيه الأندلسي؛ زياد بن عبد الرحمن بن زياد اللخمي المعروف بشبطون ت 204 هـ، وذلك زمن الأمير هشام بن عبد الرحمن (173 - 180 هـ) إلا أن أبا وليد الباجي لم يكن مجرد عالم ينتمي إلى هذا المذهب، بل كان عالماً متميزاً بين الذين ينتسبون إلى هذا المذهب؛ فله على مذهب الامام مالك عدد كبير من المؤلفات، وهو أيضاً في مقدمة المدافعين عنه، والمرغبين الناس فيه، فكلما كثر اتباع المذهب الظاهري جاء إليهم الباجي وردهم إلى المذهب المالكي، لهذا يمكننا القول: إذا كان المذهب الظاهري قد اقترن في القرن الخامس الهجري باْبن حزم الأندلسي، بالمقابل فقد اقترن المذهب المالكي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/123)
وفي تلك الفترة باسم أبي الوليد الباجي، فقد نصّب نفسه للدفاع عنه، ووقف في وجه ابن حزم الأندلسي، إذ كانت بين العالمين مناظرات حامية ومشهورة، الباجي على رأس المتعصبين للمذهب المالكي، وابن حزم على رأس المتعصبين للمذهب الظاهري، وقد ظل هذا التعصب الفقهي قائماً في الأندلس حتى أخذ نجمها يخبو، وبدأت مدنها تتساقط على يد الإسبان، حيث تفرق أبناء الشعب الأندلسي في الأقطار الإسلامية يتجرعون كاسات حسرتهم على فردوسهم الضائع، ويمنون النفس بالعودة إليه.
7 - مؤلفاته:
*الناسخ والمنسوخ.
*سنن الصالحين في الرقائق والزهد.
*كتاب التفسير (لم يتم).
*النصيحة لولده.
*شرح المدونة (لم يتم).
*المقتبس في علم مالك بن أنس (لم يتم).
*مسألة اختلاف الزوجين في الصداق.
*الانتصار لاعراض الائمة الاخيار.
*تهذيب الزاهر لابن الانباري.
*رسالة تحقيق المذهب.
*المهذب في اختصار المدونة.
*مسألة الجنائز.
*رفع الالتباس في صحة التعبد.
*مسح الرأس.
*غسل الرجلين.
*الاستيفاء شرح الموطأ.
*شرح حديث (البيّنة على المدعي واليمين المدعى عليه).
*اختصار كتاب مشكل الآثار لابي جعفر أحمد الطحاوي.
*منهاج الاحكام.
*الرد على رسائل راهب فرنسي.
*السراج في الخلاف أو السراج في عمل الحجاج في مسائل الخلاف (لم يتم).
8 - وفاته: توفي في التاسع عشر من رجب سنة 474هـ
ثانياً: مناظراته العلمية:
1 - تعريفها ودوافعها لدى الباجي:
المناظرة " تردد الكلام بين شخصين بقصد كل واحد منهما تصحيح قوله، وإبطال قول صاحبه مع رغبة كل منهما في ظهور الحق "، وموضوعات المناظرة أما أن تكون سياسية أو دينية أو لغوية أو أدبية، والمناظرة السياسية أقدم أنواع المناظرات التي وصلت إلينا، ولعل المناظرات التي تمت بين الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- وأصحابه من طرف والذين خرجوا على سلطته الشرعية فسمّوا الخوارج لذلك من الطرف الآخر، في قضية التحكيم هي أولى المناظرات التي وصلت إلينا.
المناظرات لا تخرج عن قسمين هما:
أ- بين المؤدب والطالب.
ب- بين عالم وآخر.
الباجي اشتهر أمره مناظراً عندما كان عالماً.
أما بالنسبة لدوافعها، فهو الدفاع عن المذهب المالكي، والوقوف بحزم في وجه المذهب الظاهري، والحيلولة دون انتشاره في الأندلس، فأئمة المذهب الظاهري بإغلاقهم لبابي الاجتهاد والقياس وأخذهم بظاهر النص القرآني، والحديث النبوي الشريف، كأنهم أعلنوا حربا لا هوادة فيها ضد بقية المذاهب الفقهية السنية، التي تعتمد بالاضافة إلى النص القرآني والحديث النبوي، الاجتهاد والقياس في أحكامها الشرعية، من هنا نهض فقهاء كل مذهب للدفاع عنه، معتمدين أسلوب المناظرة، بما يتخللها من حجج وبراهين.
وكان حامل لواء المذهب الظاهري ورأس المدافعين عنه في القرن الخامس الهجري ابن حزم الأندلسي، الذي ألّف على هذا المذهب الكتب الطوال، وكان يتنقل بين المدن الأندلسية محاولا إقناع الناس بمذهبه، واحل بجزيرة ميورقة، فرأس بها، واتبعه أهلها، فلما وصل أبو الوليد الباجي الأندلس، كلّموه في ذلك، فرحل ألى ابن حزم، وناظره وابطل كلامه، فجرت له معه مجالس كانت سبب فضيحة ابن حزم وخروجه من ميورقة، وقد كان رأس أهلها ثم لم يزل أمره في سفال، هذه المناظرات أورد ابن حزم عددا منها في كتابة الاحكام في أصول الاحكام.
ورغب الباجي في تعليم علماء الاندلس سنن المناظرة اذ كانوا يتهيبون خوض غمارها، وفي هذا يقول: لما رأيت بعض أهل عصرنا عن سبل المناظرة ناكبين، وعن سنن المجادلة عادلين، خائضين فيما لم يبلغهم علمه، ولم يحصل لهم فهمه، مرتبكين ارتباك الطالب لأمر لا يدري تحقيقه، والقاصد الى نهج لا يهتدي طريقه. أزمعت على أن أجمع كتاباً في الجدل يشتمل على جمل أبوابه وفروع أقسامه وضروب أسئلته وأنواع أجوبته.
2 - أركانها وآدابها:
1 - الموضوع: والموضوع هو الفقه المالكي، فقد حاول الدفاع عنه ونشره في الوقت نفسه.
2 - طرفي المناظرة: مثّل الباجي الطرف الأول، أما الطرف الثاني فكان يمثله في الأندلس محمد بن حزم، وفي المشرق مجموعة من العلماء على المذهب الشيعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/124)
3 - المجلس والجمهور: يبدو جلياً أن مناظرات الباجي كانت تتم على مرأى من الجمهور ومسمعه سواء أكان من الخاصة أم من عامة الناس.
أما بالنسبة لآدابها:
أولاً: تقوى الله عز وجل، فهو يرى أن الغاية من الجدل هو طلب الحق وتوفيقه لادراكه، وليس المباهاة والمفاخرة.
ثانياً: الجد والاجتهاد في تحصيل العلوم الضرورية.
ثالثاً: التوقر في الجلوس وعدم العبث باليد او اللحية، فان ذلك يذهب بالوقار، وعدم الاكثار من الصياح او اخضاع الصوت.
رابعاً: الاقبال على الخصم تأدباً وحسن الاستماع اليه، للافادة من كلامه في ترتيب البراهين.
خامساً: عدم الكلام فيما لم يقع العلم به، او الاستدلال بما لم يمعن فيه النظر.
سادساً: الاختصار وسهولة اللفظ، والبعد عن التكلف والتنميق ووضوح العبارة.
سابعاً: عدم الكلام في حال الجوع او العطش أو الخوف أو الغضب "148 ".
قال غريمه ابن حزم فيه: " لو لم يكن لاصحاب المذهب المالكي بعد عبد الوهاب الا مثل أبي الوليد الباجي لكفاهم.
3 - فوائدها:
تعد المناظرة صورة من صور تلقي العلوم.
وتكمن الافادة من هذه المناظرات العلمية كونها تتم على مرآى من الشهود والحضور المهتمين ومسمعهم، وفائدة عظيمة بالنسبة للعالم المناظر والجمهور المستمع، فهي تعود العالم المناظر طلاقة اللسان والجرأة الأدبية، وحتى يتجنب المناظر الوقوع في الحرج لا بد له من سعة اطلاع وذاكرة فياضة، وذلك كون الموضوعات التي يتم نقاشها ومعالجتها في غاية الدقة واللطف , كما أن الاجابة عن الاسئلة التي يطرحها كل عالم على مناظره تكون وافية شاملة مدعمة بالحجج والبراهين التي من شأنها افحام المناظر السائل واسكاته.
ومن فوائد هذه المناظرات أيضاً أن كل مناظرة تجرى يمكن أن تشكل بحثاً قائماً بذاته، ويمكن للعالم المناظر أن يجمع آراءه وآراء منافسه في كتاب ويجعل منه مادة تدرس في حلقة الدرس، تماماً كما فعل الباجي في كتابه " فرق الفرق " فهو عبارة عن مجموعة من المجالس التي ناظر فيها ابن حزم وغيره.
4 - مضارها:
المناظرة لا تخلو من أخطار ومحاذير فهي تتم بين شهود وأمام جمع من الناس، لذا فان العالم المنقطع يشعر بضيق وحرج شديدين، وقد يحقد على خصمه ويبغضه، ويحاول ايقاع الاذى به، وقد تنتقل هذه العداوة إلى الجمهور المستمع، فتتعصب مجموعة إلى هذا العالم وأخرى إلى ذاك، وقد تتسع شقة الخلاف فيتدخل في الأمر الحاكم نفسه، فيصدر حكماً من شأنه أنْ يخفف من تأجج ثورة، تماماً كما فعل المعتضد بن عباد إرضاءً للشعب، حيث قام بنفي ابن حزم وإحراق مكتبته
5 - نموذج على تلك المناظرات:
وحتى تكتمل صورة المناظرات لدى الباجي، فسوف أعرض لنموذجين اثنين من نماذج تلك المناظرات، الأول يتعلق بمسألة شخصية، والثاني يتعلق بقضية علمية، وهدفي من إيراد النموذج الأول هو التدليل على أن مناظرات الباجي لم تكن كلها مناظرات علمية، فهناك ماهو شخصي، وقد تمت المناظرة على النحو الآتي:
قال الباجي لابن حزم: أنا أعظم منك همّة في طلب العلم، لأنك طلبته وأنت معان عليه، تسهر بمشكاة الذهب، وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق.
فرد عليه ابن حزم قائلاً: هذا الكلام عليك لا لك، لأنك إنّما طلبت العلم وأنت في تلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبته في حين ما تعلمه وما ذكرته، لم أرجُ به إلا علو القدر العلمي في الدنيا والآخرة .. "154".
ويعلق المقّري على هذه المناظرة قائلاً: "فأفحمه" وهو يقصد إفحام ابن حزم للباجي وكأني بالمقري قد حكم على الباجي بالهزيمة والانقطاع، والذي أراه خلاف ذلك، إذ لا يوجد في هذه المناظرة غالب أو مغلوب، فكلاهما يعبرعن واقعه الشخصي، ومن حق كل واحد منهما أن يفخر بنفسه وبإنجازاته، وقد نجد من يؤيدالباجي في طرحه، وقد نجد من يؤيد ابن حزم فيما ذهب إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/125)
أما النموذج الثاني، فهو عبارة عن مناظرة جرت بينه وبين مجموعة من فقهاء المالكية بمدينة "دانية" في الأندلس، حول حديث المقاضاة في صلح الحديبية، ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال:" لما اعتمر النبيّ- صلى الله عليه وسلم- في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم، على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب، كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا: لا نقرُّ لك بهذا، لو نعلمُ أنك رسول الله ما منعناك شيئاً، ولكن أنت محمد بن عبد الله، فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبدالله، ثم قال لعليّ: امحُ رسول الله، قال علي: لا واللهِ لا أمحوك أبداً، فأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الكتاب- وليس يُحسنُ يكتب – فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبدالله.
وقد جرت هذه المناظرة على النحو الآتي:
* أخذ الباجي في هذه المناظرة بظاهر لفظ الحديث بأن النبي- صلى الله عليه وسلم- كتب بيده: هذا ما قاضى محمد بن عبدالله ... ".
* فرد عليه فقهاء المالكية وعلى رأسهم أبو بكر ابن الصائغ بعد أن أظهروا استياءهم: إن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان أمياً: لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب، إذ لو كان ممن يقرأ كتاباً، ويحفظ حروفاً لارتاب المبطلون من أهل الكتاب، لأن في كتبهم أنّه أمي؛ لا يكتب ولا يقرأ، وللتدليل على ما ذهبوا إليه، وحتى يكون ردهم دامغاً شافياً قاطعاً احتجوا بقوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تتلُوا مِن قَبْلهِ مِنْ كِتابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذاً لارتْاَبَ الُمبْطِلُونَ) كما احتجوا عليه بما رواه عبدالله بن عمر أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم - قال:" إنّا أمَةُ أميةٌ لا نكتبُ ولا نحسُبُ".
* فردَّ عليهم الباجي محاولاً دحض آرائهم والاتيان بحجج دامغة حتى يتمكن من قطعهم فقال: لا منافاة ولا تعارض بين ما ذكره القرآن الكريم وما قدرته من إجازة كتابة النبي الأمي، انطلاقاً من مفهوم الآية السابقة ذلك لأن الله تعالى نفى عنه التلاوة والكتابة بما قبل نزول القرآن الكريم، وتقيّد النفي بذلك، وأما بعد تحقق اميّته، وتقرر معجزته وأمن ارتياب أهل الكتاب، فليس فيه ما يحول دون معرفته الكتابة من غير تعليم أو معلّم، فيصير عند ذلك معجزة ثانية.
وحتى يتمكن الباجي من قطع مناظريه استشهد بمجموعة من الأخبار والأحاديث النبوية الشريفة التي أوضح من خلالها أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يحسن الكتابة منها؛: قوله لمعاوية بن أبي سفيان:" ألق الدواة، وحرّف القلم، وأقم الباء، وفرّق السين، ولا تعور الميم " وكذلك ما أخرجة ابن أبي شيبة، وعمر بن شَمّة من طريق مجاهد عن عون بن عبد الله قال:"ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم –حتى كتب وقرأ" قال مجاهد: فذكرته للشعبي فقال: صدق، سمعت من يذكر ذلك" وغيرها من الأحاديث والأخبار التي لا يسمح المكان بذكرها، والتي في الوقت نفسه لم تكن بالنسبة لمناظريه دليلاً قاطعاً من شأنه أن يبدل ما استقر في أذهانهم، فظلت القضية قائمة لفترة من الوقت.
ولعل المطلع على مجريات هذه المناظرة يلاحظ أنه تحقق فيها كل عناصر المناظرات وذلك من توجه المتخاصمين - إن جاز التعبير - في النسبة بين الشيئين إظهاراً للصواب، فمطلب الباجي هنا مغاير لمطلب فقهاء المالكية، وقد حاول كل فريق منهما إثبات مطلبه من طريق النقل الصحيح عمن لا يرد عليه، أو بإقامة الأدلة الدامغة التي من شأنها إظهار الصواب، فهاهم فقهاء المالكية يردون على الباجي بآية قرآنية وبحديث نبوي شريف وها هو الباجي من ناحيته يلجأ إلى المنطق محاولاً إثبات مراده، ويأتي بمجموعة من الأدلة والبراهين التي يعتقد أنها ستفحم مناظريه. كما تحقق فيها عنصرا الفائدة والمضار، فبالنسبة للفائدة فأعتقد أن مثل هذه القضية لا تُناقش بين المدرس والطالب في حلقة المسجد، كما أن المعلومات الواردة في هذه المناظرة بحاجة إلى بحث وتنقيب والرجوع إلى مجموعة من الكتب المتخصصة، وكذلك بالنسبة للجمهور المستمع فقد حصل على معلومات قيمة بسهولة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/126)
أما بالنسبة لمضارها فقد بدت واضحة في حياة الباجي، إذ كفّره خصومه بتكذيب القرآن الكريم. وهّولوا أمره، وأخذت هذه المسألة طابع الفتنة وقبحوا عند العامة ما أتى به، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، حيث أجازوا لأنفسهم إطلاق اللعنة عليه والتبرؤ منه ولولا تدخل أمير "دانية" واستحسانه فكرة الباجي والتي تتلخص في إرسال هذه المسألة إلى جماعة من علماء الأمصار ليطلع على رأيهم ويتعرف إلى المزيد فيها لوقعت فتنة بين أبناء الشعب الواحد، والمذهب الفقهي الواحد.
وباختصار شديد، فإن نجابة الباجي في الدفاع عن مذهبه الفقهي ضد المخالفين له أو الدفاع عن اجتهاده ووجهة نظره، لم تظهر في الأندلس فحسب، بل بدأ مناظراته مذ كان طالباً في بغداد، ويبدو أن قدرته الفائقة على قطع المناظرين له وإفحامهم، كانت في مقدمة الأسباب التي دفعت الأمير معز الدولة إلى ترك المذهب الشيعي، والتحول إلى مذهب أهل السنة، وهذا الكتاب هو " المنهاج في ترتيب الحجاج ".
----------------------------------
قال أبو الوليد الباجي: " لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث فهو أحفظ أهل المغرب".
وأبو بكر الاَندلسي الطرطوشي، المعروف بابن أبي رندقة نزيل الاسكندرية، وشيخ المالكية بها. لازم أبا الوليد الباجي بسَرَقُسْطة، ودَرَس عليه مسائل الخلاف.
------
«المنتقى»
ألّف أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف التميمي (403 ـ 474 هـ) كتباً كثيرةً منها «شرح الموطأ» وهي نسختان إحداهما «الاستيفاء» ثم انتقى منها فوائد سمّاها «المنتقى» في سبع مجلدات، وهو أحسن كتاب أُلّف في مذهب مالك، وله «الاِملاء» مختصر المنتقى.
ويقول الإمام الفقيه أبو الوليد الباجي رحمه الله في كتابه إحكام الفصول ص (473):
(فصل: قول الصحابي أو الإمام إذا ظهر وانتشر بحيث يعلم أن يعم سماعه المسلمين واستقر على ذلك ولم يعلم له مخالف ولا سمع له بمنكر فإنه إجماع وحجة)
ويقول في ص (489):
(استدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أصحابي كالنجوم فبإيهم اقتديتم اهتديتم، ولم يقل ذلك فيمن بعدهم ففارقت حالهم حال من سواهم.)
ففي هذا القول دلالة واضحة بأن إجماع الصحابة حجة وعلى إنه دليل شرعي ومصدر من المصادر التشريعية المعتبرة والمعتمدة.
---------
الجانب العقدي من أقوال الإمام الباجي رحمه الله ...
عقيدة القاضي أبو الوليد الباجي
------------
هل كان أبو الوليد الباجي المالكي سنيا أشعريا - من الاشاعرة - - كما يقولون -أو ممن يوافقون الأشاعرة في كثير من المسائل.
وهل كان الباجي يعتقد أن الله موجود بلا مكان ويحب الصوفية ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
--------
ليس كل من وافق الأشاعرة بقول يعد منهم.
-------
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في شرح الاصفهانية: (والاشعرية أقرب الى السلف والائمة وأهل الحديث. ـ وقال: فان كثيرا من متأخري أصحاب الاشعري خرجوا عن قوله الى قول المعتزلة او الجهمية او الفلاسفة)
وقال أيضا: (والاشعرية الاغلب عليهم انهم مرجئة في الأسماء والاحكام جبرية في باب القدر واما في الصفات فليسوا جهمية محضة بل فيهم نوع من التجهم.ثم قال: وهم في الجملة اقرب المتكلمين الى مذهب أهل السنة والحديث.) مجموع الفتاوى 6\ 55.
أخذ أبو الحسن الأشعري (324 هـ) علم الكلام من زوج أمه أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة. وبعد أن تبحر في كلام الاعتزال وبلغ فيه الغاية، كثر شكه فيه، ثم إنه تاب عنه ورجع عن الاعتزال إلى مذهب هجين بين عقيدة السلف وبين عقيدة الفلاسفة، وبقي معتمداً على علم الكلام. ثم رجع عن ذلك كله إلى مذهب السلف
-----------
وكان سلاطنة السلاجقة في بدايتها يلعنون الأشاعرة والرافضة على المنابر، كما في زمن عميد الملك (منصور بن محمد الكندري) وزير طغرلبك (تاريخ ابن خلدون 3|468 وشذرات الذهب 3|302). وكان السلطان طغرلبك رجل صالح مجاهد صاحب عقيدة صحيحة. وقد أمر بلعن كل الطوائف المخالفة للسنة على المنابر، ومنها المعتزلة والأشعرية. فغضب علماء الأشعرية –ومنهم القشيري وغيره– من ذلك، وتركوا بلاده، وهاجروا منها. فأرسل طغرلبك وجمعهم عنده، واستفسر عن سبب خروجهم. فقالوا له: إن الأشعري لم يقل هذا الكلام الذي تلعنونه بسببه! فقال لهم طغرلبك: «نحن نلعن من يقول ذلك،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/127)
بغض النظر عن صاحبه». حتى أتى الأشعري المتعصب"نظام الملك" وزير السلطان ألب أرسلان فرفعهم ونصر الأشعرية.
عن الشيخ المحدث محمد بن الأمين
http://www.ibnamin.com/ashari.htm
-----
وسلك طريقة ابن كُلاب ـ في الفرق بين [الصفات اللازمة] كالحياة و [الصفات الاختيارية] وأن الرب يقوم به الأول دون الثاني- ومن يقول: إن الحروف مخلوقة، كثير من المتأخرين، من أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد، مثل [السالمية]، والقاضي أبو يعلى وأتباعه، كابن عقيل، وأبي الحسن بن الزاغوني، وهي طريقة أبي المعالي الجويني، وأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم، لكنهم افترقوا في القرآن، وفي بعض المسائل على قولين ـ بعد اشتراكهم في الفرق الذي قرره ابن كلاب.
والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب، ويحذرون عن أصحابه، وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية، وقال: هؤلاء يدورون على التعطيل، وروى الآثار في أن الله يتكلم بصوت، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب [السنة]: قلت لأبي: إن هاهنا من يقول: إن الله لا يتكلم بصوت، فقال: يابني، هؤلاء جهمية زنادقة، إنما يدورون على التعطيل. وذكر الآثار في خلاف قولهم.
وكذلك البخاري صاحب [الصحيح] وسائر الأئمة، أنكروا ذلك أيضًا، وروى البخاري في آخر [الصحيح]، وفي كتاب [خلق الأفعال] ما جاء في ذلك من الآثار، وبين الفرق بين صوت الله الذي يتكلم به وبين أصوات العباد بالقرآن؛ موافقة منه للإمام أحمد وغيره من الأئمة
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الثاني عشر
-----------------
وهذا نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل: (2|101): يستفاد منه أن أول من أدخل الأشعرية إلى الحجاز هو الإمام أبو ذر الهروي المتوفى سنة 435هـ، وأن أول من أدخل الأشعرية إلى بلاد المغرب والأندلس هم تلاميذ أبي ذر وعلى رأسهم القاضيان أبو الوليد الباجي وأبو بكر بن العربي. وهما أخذا الأشعرية عن أبي ذر الهروي أولاً، ثم رحلا إلى بغداد بمشورة من أبي ذر، فأخذا الأشعرية عن شيوخه، فنشراها في المغرب. ثم إنه ما من هؤلاء إلا له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من السنة والدين، ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وعدل وإنصاف».
وهذا يفسر كيف وصل المذهب الأشعري إلى إفريقيا والأندلس، نسأل الله تعالى أن يغفر لهم أجمعين بمنه وكرمه.
وأما أبو الوليد الباجي فقد تكلم في ابن خويز منداد وقال:
ولم يكن بالجيد النظر ولا بالقوي في الفقه ولم يسمع له في علماء العراق بذكر! انظر ترتيب المدارك للقاضي عياض.
وقد ذكر أبو الوليد الباجي أن أبا ذر الهروي كان يميل إلى الأشاعرة، فسُئِل، فقال: كنت ماشيا مع أبي الحسن الدرقطني، فلقينا أبا بكر بن الطيب (الباقلاني)، فالتزمه الدارقطني وقبل وجهه وعينيه، فلما افترقا، قلت: من هذا؟، قال: هذا امام المسلمين والذاب عن الدين القاضي أبو بكر، قال أبو ذر: فمن ذلك الوقت تكررت إليه مع أبي فاقتديت بمذهبه.
----------
الجانب العقدي من أقوال الإمام الباجي رحمه الله ...
عقيدة القاضي أبو الوليد الباجي
------------------------------
الانتماء السياسي ..
الانتماء للاسلام ولدولة الاسلام أمر مجمع عليه ومتفق عليه عند سائر وجميع علماء المسلمين ..
فالباجي وابن حزم وابن عبد البر وابن حيان وابن رشد وابن العربي , والطلاعي والجذامي والسبتي عملوا على ازالة الخلاف بين ملوك الطوائف وبينوا خطر ذلك على الدولة والاسلام , والخطر المحدق بهم بسبب النصارى المهددين للوجود الاسلامي هناك , وقد اثمرت جهودهم , واتفق امراء الاندلس كلهم على ذلك , وجمعهم المعتمد بن عباد واتفقوا على بيان الخطر المحدق بهم وطلب النصرة من زعيم المرابطين البطل يوسف بن تاشفين , فنحقق المطاوب وتمت النصرة لمسلمي الاندلس وانتصر الاسلام على النصارى وعلى النصرانية في معركة الزلاقة , رغم مساندة الكنيسة لهم بزج كل نصارى اوروبا في هذه المعركة الحاسمة ضد المسلمين , التي دعوها حرب الاسترداد. فهزم الله جموعهم ومزق احلافهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/128)
-----------------------------------------------
الانتماء الى العقيدة
وكذلك الامر بالنسبة الى الانتماء الى العقيدة والايمان بجميع اركانها وفروعها , من دون تحريف او تبديل او تاويل او تلفيق ..
ولكن ظهور بعض الحركات الفلسفية والباطنية والكلامية والمنطقية , والتي قالت باقوال خارجة عن نطاق هذه العقيدة وهذه الشريعة - كالمعتزلة والصوفية واخوان الصفا وخلان الوفا والقرامطة والحشاشين والاسماعيلية والدهرية والجهمية والمعطلة , وقولهم بخلق القران او تعطيل صفات الله او التفلسف في معاني الجنة والنار والخلود والايمان والكفر , مما جعل بعض علماء المسلمين يردون عليهم ويبينون باطل اقوالهم بالكتاب والسنة , بل ان بعض هؤلاء العلماء قاموا بدراسة الفلسفة والمنطق ليردوا على باطل هؤلاء بنفس علومهم , فوقع بعض هؤلاء العلماء رغم اخلاصهم للدين في نفس الخطأ , وصاروا متاثرين ببعض هذا الباطل ....
فالامام ابو حامد الغزالي كان من كبار علماء الشافعية وكتابه المستصفى من اهم كتب الاصول في الفقه الشافعي , درس الفلسفة ورد على الفلاسفة في كتابه القيم تهافت الفلاسفة , ثم ماذا حصل؟! تاثر بالفلسفة وصار يدعو الى التصوف!
وكما مر معنا سابقا , تاثر أبو ذر الهروي بالأشاعرة، حتى صار يميل إلى الأشاعرة.
وهكذا الامر مع الماتريدية والمعتزلة - ومنهم الجاحظ الاديب المشهور - وسائر فرق علم الكلام.
والسؤال هنا , هل تاثر الإمام الفقيه أبو الوليد الباجي رحمه الله بمثل هذه الاراء , ام انه كان خارج هذا التناظر الكلامي والذي يمس في بعضه امور العقيدة؟
انا ارجح ان الباجي , لم يهتم الا بامرين:
1 - الامر السياسي .. كسائر علماء الاندلس.
2 - الامر الفقهي , وهو مواجهة المذهب الظاهري , وفقيهه الوحيد ابن حزم الظاهري تلميذ ابي داود الظاهري , لان الفقه الظاهري ينكر الاخذ باحد مصادر الشريعة المعتمدة في الاجتهاد وهي القياس.
ولذلك كانت بين هذين الفقيهين المناظرات الفقهية , كل منهما يؤيد مذهبه.
ولذلك اهتم الباجي بعلم الفقه وعلم اصول الفقه وعلم الحديث الشريف.
ولم يهتم بالفلسفة التي كانت لها انصارها ممن اطلعوا على الفلسفة اليونانية , وتاثروا بها.
ولذلك ارى ان عقيدة الباجي لم تخرج عن عقيدة اهل السنّة والجماعة.
وقد نتساءل , فهل تاثر الباجي ببعض الدعوات الصوفية التي خلت من الغلو , مثل عقيدة الاتحاد والحلول , او ادعاء الكرامات التي لا تحدث الا للانبياء او لا تحدث الا في عهد نبي من انبياء الله , وتنتهي بعد ذلك.
- على سبيل المثال سيدتنا مريم بنت عمران , {كلما دخل عليها زكريا وجد عندها رزقا} , وهكذا , فهناك الكثير من كرامات الصحابة التي ظهرت في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم قد نتساءل: ما حقيقة المناظرة التي جرت بينه وبين مجموعة من فقهاء المالكية بمدينة "دانية" في الأندلس، حول حديث المقاضاة في صلح الحديبية؟ وهل هذه المناظرة تدخل في باب العقيدة ام الفقه الشرعي ام السيرة؟
-----
تساؤلات تحتاج الى الاجابات ...
لنعرف منها أقوال الإمام الباجي رحمه الله ... في الجانب العقدي.
قال ابو الوليد الباجي: وقال ابن حبيب: يستتاب سائر الخوارج والإباضية والصفرية والقدرية والمعتزلة، ويستتاب المرجئة الذين يقولون إنَّ الإيمان قول بلا عمل» ([المنتقى شرح الموطَّأ؛ دار الكتاب الإسلامي؛ نسخة جامع الفقه، 1999م؛ ج6/ ص205.])
{الخوارج والإباضية والصفرية , والقدرية , والمعتزلة، والمرجئة}
---------
علم ابي الوليد لم يبق حبيس صدره، بل بثه في كتبه،
فألف في العقيدة: التسديد الى معرفة طريق التوحيد،
وفي الزهد: السنن في الرقائق والزهد والمواعظ،
وفي علم الكلام: السراج في علم الحجاج ,
وفي الفرق: فرق الفقهاء،
وفوق كل ذلك، كان ابو الوليد شاعراً مجيداً، له النظم الرائق في المديح والرقائق والوعظ.
-----
ابو الوليد عالم كبير وابرز علماء الاندلس في زمانه
فهو بحر في - الحديث الشريف - حافظ وشارح ومصنف وعالم باحوال ومراتب الرجال.
وهو فقيه - مرجع للفقه المالكي -
وهو اصولي - علم اصول الفقه -
فله مقدرته الواسعة وقدره العظيم عند المسلمين
افاد كثيرا بكتبه
افاد كثيرا بكتبه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/129)
ودافع كثيرا عن اصول الدين في الفقه واصوله وفي العقيدة والتفسير والحديث
وتصدى لاهل الاهواء وكشف اباطيل اقوالهم
ودافع عن كتب الصحاح وعن مؤلفيها ورواتها
رحمه الله رحمة واسعة , فقد عمل كثيرا وطوال حياته لاجل الاسلام وفي كثير من الميادين والمجالات
قَالَ أبو الوليد الباجي:
إِذَا كُنْتُ أَعْلَمُ عِِِلْمًا يَقِينًا بِأَنَّ جَمِيعَ حَيَاتِي كَسَاعَهْ
فَلِمَ لا أَكُونُ ضَنِنًا بِها وأَجْعَلُها فِي صَلاحٍ وَطَاعَهْ
وقد صدق في قوله هذا علما وعملا واخلاصا.
---------
بداية يجب حصر مسائل العقيدة عند الاشاعرة:
مثل تاويل صفات الله والعرش وصفة الجلوس على العرش .... الخ ..
والحكم على كلام الاشاعرة فيما ذهبوا اليه من اقوال واراء فيها , يكون بالدليل الذي استندوا اليه , فإن كان من القران الكريم او السنة الشريقة اخذنا به ..
وان كان تكلم فلسفي منطقي كلامي فلا نلتفت اليه
والإمام أبوالوليد الباجي هو مالكي , والمالكية احد مذاهب اهل السنة المشهورة والمتبعة عند كثير من المسلمين , كبقية مذاهب اهل السنة المعروفة
وهنا بيت القصيد ...
فالامام ابو الوليد يتبع قول امامه الامام مالك في هذه المسائل ....
ومنها مسالة الاستواء على العرش
ونحن نعرف راي الامام مالك رحمه الله فيها حيث قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول - والكيفُ غير معقولٍ - والإيمان به واجب)
فالكيف المجهول هو من التأويل الذي لا يعلمه إلاّ الله، فلا يمكن الخوض فيه ويستحيل الوصول الى الراي الذي يكون متاكدا منه بدون وجود النص الذي هو الدليل ..
وأما ما يُعلم من الاستواء - وغيره - فهو من التفسير الذي بيَّنه الله ورسوله.
وهكذا نفهم وندرك تماما ان الامام أبوالوليد الباجي يقول بمثل هذا الكلام تماما
اما رفضي للاجتهاد في بعض المسائل وخاصة العقيدية منها فلأن من شروط الاجتهاد وجود الدليل الشرعي النصّي او معرفة العلة للحكم واتحادها في واقعتين لنستعمل القياس وهو احد مصادر التشريع.
لكن الخوض في هذه المسائل بطريق فلسفي او منطقي او كلامي فلا نلتفت اليه ولا نحترمه ,
ومن هنا قال الاشاعرة انفسهم ان مذهب السلف اسلم , وهذا صحيح وهذا الواجب بالاتباع
وانا قبل ان ابحث عن اجابة سؤالك هل وافق الإمام أبوالوليد الباجي المالكي عقيدة الاشاعرة في جميع مسائل الإعتقاد أم هناك مسائل قد خالفهم فيها؟ انا اقول: عقيدة الاشاعرة بشكل عام واساسي هي العقيدة الاسلامية المعروفة بجميع اركانها المعروفة .. فهذه من الطبيعي ان الإمام أبوالوليد الباجي المالكي وافق فيها عقيدة الاشاعرة فيها لانها عقيدة كل المسلمين , ولاتها كلها جاءت بالدليل الشرعي والمعتبر ...
اذن هو وافقهم بها بشكل عام في هذه العقيدة الاساسية
وبذلك نات الى سؤالك الثاني وهو: أم هناك مسائل قد خالفهم فيها؟ ما هي تلك المسائل؟
نعم .. هناك مسائل قد خالفهم فيها , ولا شك في ذلك , فالذي يتبع امام ومؤسس المذهب في الفروع , من المؤكد انه سيتبعه في الاصول والتي اهمها العقيدة ومسائلها
في كتاب مجموع فتاوى ابن تيمية / المجلد الرابع
قال شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية:
فالأشعري نفسه لما كان أقرب إلى قول الإمام أحمد ومن قبله من أئمة السنة كان عندهم أعظم من أتباعه والقاضي [أبو بكر بن الباقلاني] لما كان أقربهم إلى ذلك كان أعظم عندهم من غيره. وكان في وقتهم من الوزراء مثل: [نظام الملك] ومن العلماء مثل: [أبي المعالي الجويني] فصاروا بما يقيمونه من السنة ويردونه من بدعة هؤلاء ونحوهم لهم من المكانة عند الأمة بحسب ذلك. وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقوه: [كأبي الوليد الباجي] والقاضي [أبي بكر بن العربي] ونحوهما لا يعظمون إلا بموافقة السنة والحديث.
والشاهد هنا هو قوله / فصاروا بما يقيمونه من السنة ويردونه من بدعة هؤلاء ونحوهم لهم من المكانة عند الأمة بحسب ذلك. وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقوه: [كأبي الوليد الباجي] ...
اذن .. .. هناك مسائل قد خالفهم فيها , ولا شك في ذلك , فالذي يتبع امام ومؤسس المذهب في الفروع , من المؤكد انه سيتبعه في الاصول والتي اهمها العقيدة ومسائلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/130)
لا شك بان العلماء هم محط الانظار لعلو مكانتهم , ولذلك قد يتم رمي بعضهم باتهامات باطلة وذلك لغرضين: اما من باب الحسد - والعياذ بالله سبحانه - واما من باب التشهير والانتقاص.
ولمنزلة الباجي ولنشاطه الفقهي والعملي , فقد تعرض لمثل ذلك ..
اقول:
لم يتأثر الباجي بابن كلاب (240هـ) , وابن كلاب هو أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه، حيث إنه لم يثبت لهما لقاء، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده - ولد أبو الوليد الباجي سنة 403 هـ -. وليس من بين شيوخ الباجي من كان ياخذ بقول ابن كلاب.
قال ابن أبي جمرة: ونقل الباجي عن شيخه السمناني: (أن القول بأن القول أول الواجبات النظر، والاستدلال مسألة من الاعتزال، على من اعتقدها).
والشاهد هنا قوله: على من اعتقدها , فانه لا يعتقد بها , والا لاثبتها كحقيقة لا كمقولة او نسب الى نفسه الموافقع عليها , بل ذكرها لبيان ما يقوله اهل الفرق في بعض المسائل
----
نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن أول من أدخل الأشعرية إلى الحجاز هو الإمام أبو ذر الهروي المتوفى سنة 435هـ، وأن أول من أدخل الأشعرية إلى بلاد المغرب والأندلس هم تلاميذ أبي ذر وعلى رأسهم القاضيان أبو الوليد الباجي وأبو بكر بن العربي. وهما أخذا الأشعرية عن أبي ذر الهروي أولاً، ثم رحلا إلى بغداد بمشورة من أبي ذر، فأخذا الأشعرية عن شيوخه، فنشراها في المغرب.
قال الامام ابن تيمية في "درء تعارض العقل والنقل: (2|101):
«عن الحسين بن أبي أمامة المالكي قال: سمعت أبي يقول: "لعن الله أبا ذر الهروي، فإنّه أول من حمل الكلام إلى الحرم، وأول من بثه في المغاربة". قلت: أبو ذر فيه من العلم والدين والمعرفة بالحديث والسنة، وانتصابه لرواية البخاري عن شيوخه الثلاثة، وغير ذلك من المحاسن والفضائل ما هو معروف به، وقد كان قدم إلى بغداد من هراة، فأخذ طريقة ابن الباقلاني وحملها إلى الحرم، فتكلم فيه وفي طريقته من تكلم، كأبي نصر السجزي، وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني، وأمثالهما من أكابر أهل العلم والدين بما ليس هذا موضعه. وهو ممن يرجح طريقة الصبغي والثقفي، على طريقة ابن خزيمة وأمثاله من أهل الحديث. وأهل المغرب كانوا يحجون، فيجتمعون به، ويأخذون عنه الحديث وهذه الطريقة ويدلهم على أصلها. فيرحل منهم من يرحل إلى المشرق، كما رحل أبو الوليد الباجي، فأخذ طريق أبي جعفر السمناني الحنفي صاحب القاضي أبي بكر. ورحل بعده القاضي أبو بكر بن العربي، فاخذ طريقة أبي المعالي في الإرشاد. ثم إنه ما من هؤلاء إلا له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من السنة والدين، ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وعدل وإنصاف». اهـ
(عن كتاب أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية - د. أحمد بن عبدالعزيز الحليبي - كتاب الأمة -العدد: 55 - رمضان 1417 هـ - السنة السادسة عشرة)
فهذه شهاة لابن تيمية بفضل الباجي , ولو كان الباجي يقول بقول مبتدع لما مدحه ابن تيمية المعروف بتهجمه على اهل البدع والاهواء وعلى اهل الفلسفة والكلام والمنطق لانها اشياء جاءت من اليونان وليست شرعية ولا يستند اليها في علوم الاسلام بانواعها.
ثم يقول ابن تيمية: فلما كان من أصل ابن كلاب ومن وافقه، كالحارث المحاسبي، وأبي الحسن الأشعري، وأبي يعلى بن الفراء، وأبي جعفر السماني، وأبي الوليد الباجي وغيرهم من الأعيان: ----
أن الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته، ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث، ووافقوا في ذلك للجهم ابن صفوان، وأتباعه من الجهمية -الإرجاء والتعطيل - والمعتزلة - نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها -
وهي طريقة أبي المعالي الجويني، وأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم، لكنهم افترقوا في القرآن، وفي بعض المسائل على قولين ـ بعد اشتراكهم في الفرق الذي قرره ابن كلاب ـ كما قد بسط كلام هؤلاء في مواضع أخر.
--------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/131)
والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب، ويحذرون عن أصحابه، وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية. ولما ظهر هؤلاء ظهر حينئذ من المنتسبين إلى إثبات الصفات من يقول: إن الله لم يتكلم بصوت، فأنكر أحمد ذلك، وجَهَّمَ من يقوله، وقال: هؤلاء الزنادقة إنما يدورون على التعطيل، وروى الآثار في أن الله يتكلم بصوت، وكذلك أنكر على من يقول: إن الحروف مخلوقة، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب [السنة]: قلت لأبي: إن هاهنا من يقول: إن الله لا يتكلم بصوت، فقال: يابني، هؤلاء جهمية زنادقة، إنما يدورون على التعطيل. وذكر الآثار في خلاف قولهم.
------
ومن طرق دعم الشبهات اتهام عالم مشهور بانه كان على طريقة فلان او تابع لمذهب فلان , او ينسبون هذا الكلام كذبا على لسان احد العلماء , وذلك ليس حسدا لهذا العالم ولا للانتقاص منه وانما لدعم هذه الطريقة او هذا المذهب ...
فتراهم يقولون: ان الباجي وجل العلماء كانوا على مذهب الاشاعرة .....
يقول الكوثرى:
مذهب الحشوية في اثبات الجهة مذهب واه ساقط يظهر فساده من مجرد تصوره، حتى قالت الائمة لولا اغترار العامة بهم لما صرف إليهم عنان الفكر ولا خط القلم في الرد عليهم. ..... وأما ما حكي عن ابي عمر بن عبد البر فقد علم الخاص والعام مخالفة الناس للجهمي ونكير المالكية عليه أولا وآخرا مشهور ومخالفته الامام المغرب أبي الوليد الباجي معروفة حتى أن فضلاء المغرب يقولون: لم يكن أحد بالمغرب يرى هذه المقالة غيره وغير ابن أبي زيد غير أن العلماء منهم من قد اعتذر عن ابن أبي زيد بما هو موجود في كلام القاضي الاجل أبي محمد عبد الوهاب البغدادي المالكي رحمه الله.
------
مذهب الحشوية في اثبات الجهة مذهب واه ساقط يظهر فساده من مجرد تصوره، حتى قالت الائمة لولا اغترار العامة بهم لما صرف إليهم عنان الفكر ولا خط القلم في الرد عليهم. وفي هذا الفريق من يكذب على السابقين الاولين من المهاجرين والانصار ويزعم أنهم يقولون بمقالته ولو أنفق مل ء الارض ذهبا ما استطاع أن يروج عليهم كلمة تصدق دعواه،ولقد كانت الصحابة رضي الله عنهم لا يخوضون في شئ من هذه الاشياء لعلمهم ان حفظ الدهماء أهم الامور مع أن سيوف حججهم مرهفة ورماحهم مشحونة ولذلك لما نبغت الخوارج راجعهم حبر الامة وعالمها وابنا عم رسولها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس فاهتدى البعض بالمناظرة وأصر الباقون عنادا فتسلط عليهم السيف. ثم الحشوية إذا بحثوا في مسائل أصول الدين مع المخالفين تكلموا بالعقول وتصرفوا في المنقول. وابليس ليس له دأب الا خذلان أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك لا يجمع قلوب العامة إلا على بدعة وضلالة يهدم بها الدين ويفسد بها اليقين فلم يسمع في التواريخ أنه خزاه الله جمع غير خوارج أو رافضة أو ملاحدة أو قرامطة وأما السنة والجماعة فلا تجتمع إلا على كتاب الله المبين وحبله المتين واكتفى بما نقل عن الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه حيث قال: لا يوصف الله تعالى الا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاج، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه وهو مع ذلك ليس كمثله شئ في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله فكان ينبغي أن الله سبحانه له ذات حقيقية وأفعال حقيقية وكذلك له صفات حقيقية وهو ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله عزوجل منزه عنه حقيقة فانه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه وممتنع عليه الحدوث لامتناع العدم عليه واستلزام الحدوث سابقا لعدم وافتقار الحدث إلى المحدث وجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى.وسئل الشافعي رضي الله تعالى عنه عن صفات الله فقال حرام على العقول ان تمثل الله تعالى وعلى الاوهام ان تحدوا على الظنون وعلى النفوس أن تفكر وعلى الضمائر ان تعمق وعلى الخواطر أن تحيط إلا ما وصف به نفسه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.ومن تقصى وفتش وبحث وجد ان الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والصدر الاول لم يكن دأبهم غير الامساك عن الخوض في هذه الامور وترك ذكرها في المشاهد ولم يكونوا يدسونها إلى العوام ولا يتكلمون بها على المنابر ولا يوقعون في قلوب الناس منها هواجس كالحريق المشعل وهذا معلوم بالضرورة من سيرهم وعلى ذلك بنينا عقيدتنا وأثبتنا نحلتنا ومخالفة المخالف طريقتهم وان ادعى الاتباع فما سالك غير الابتداع.
وعندما نبحث في ترجمة ابن كلاب نجده نصرانياً (تهذيب التهذيب)
فهل نصراني فعلا؟
وهل اسلم؟
فكيف يمكن ان ياخذ باقواله علماء المسلمين وهو نصراني , بالاضافة الى انه رأس الكلابية وهي فرقة من الفرق الكلامية؟؟
لا يمكن التعمق في اجابة الاسئلة المطروحة بطريقة صائبة وصحيحة الا بـ:
1 - الرجوع فقط الى كتب الباجي نفسه , وعدم الارتكان الى ما ينسب اليه من اقوا لفي كتب ليست له.
2 - الرجوع الى الكتب التي تنقل اقواله وتتكلم عنه بشرط ان تذكر المرجع الذي استقت منه هذا النسب من القول.
3 - اشتهار الكاتب بالتقوى والصدق والثقة , اذا لم يذكر المرجع.
وغير ذلك , اذا استندنا الى قول هذا او ذاك وبدون دليل او مرجعية, فقد نظلم من لا يستحق بان ننسب اليه ما ليس فيه ..
منقول: مشاركة الأخ المكرم علوش22 من منتديات شبكة التبيان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/132)
ـ[بدران]ــــــــ[16 - 06 - 09, 11:34 ص]ـ
وجدنا أن الباجي رحمه الله يوافق بعض أهل الكلام في أسماء الله وصفاته فقط كما سأبين لك من خلال الروابط ولكن ماعدا ذلك وبعد قراءتي لكتبه أعتقد أنه صافي المعتقد أو أنه كان أشعري ورجع لطريق الحق قبل وفاته لأنه يعتمد على النقولات لا العقل كما ظهر في كتبه بينما الأشاعرة يعتمدون على الكتاب والسنه وما يختلفون فيه يأولونه حسب عقولهم ويضربون بكلام السلف الصالح عرض الحائط تحت شعار التجديد ولكني أعتقد أن الدين واحد بكل مافيه في كل زمان ومكان منذ زمن أبينا آدم إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ألا وهو التوحيد وأخذ الشرائع من الله سبحانه وتعالى لا من عقولنا وأن أختلفت الشرائع من نبي لنبي عليهم الصلاة والسلام يقول أبن تيميه رحمه الله: (وَبِحُسْنِ الْأَفْعَالِ وَقُبْحِهَا " فَأَكْثَرُ النَّاسِ يَقُولُونَ: إنَّهُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ مَعَ السَّمْعِ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَقْلَ يُعْلَمُ بِهِ الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ أَكْثَرَ مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَعَادَ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ والمتكلمين وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمَعَادُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْل الْأَشْعَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الْمَعَالِي الجويني وَأَبِي الْوَلِيدِ الباجي وَغَيْرِهِمْ وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مِنْ الْعُلُومِ مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ الْخَبَرِ مِثْلَ كَوْنِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةً لِلَّهِ) ويقول رحمه الله في موضع آخر (وَأَنَا كُنْت مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ تَأْلِيفًا لِقُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبًا لِاتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ وَاتِّبَاعًا لِمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ وَأَزَلْت عَامَّةَ مَا كَانَ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَبَيَّنْت لَهُمْ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ مِنْ أَجَلِّ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَحْوِهِ الْمُنْتَصِرِينَ لِطَرِيقِهِ كَمَا يَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ. وَكَمَا قَالَ أَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: إنَّمَا نَفَقَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ عِنْدَ النَّاسِ بِانْتِسَابِهِمْ إلَى الْحَنَابِلَةِ وَكَانَ أَئِمَّةُ الْحَنَابِلَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَنَحْوِهِمَا يَذْكُرُونَ كَلَامَهُ فِي كُتُبِهِمْ بَلْ كَانَ عِنْدَ مُتَقَدِّمِيهِمْ كَابْنِ عَقِيلٍ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَكِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِمَعْرِفَةِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى أُصُولِ أَحْمَدَ مِنْ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَتْبَعُ لَهَا فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَانَ عَهْدُ الْإِنْسَانِ بِالسَّلَفِ أَقْرَبَ كَانَ أَعْلَمَ بِالْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ. وَكُنْت أُقَرِّرُ هَذَا لِلْحَنْبَلِيَّةِ - وَأُبَيِّنُ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ تَلَامِذَةِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ تَابَ) فذكر أبن تيميه رحمه الله للأشعري وأبو المعالي الجويني بأنهم وافقوا أحد ما في تأويل الأسماء والصفات هذا لاينفي أنهم رجعوا للحق ومذهب السلف قبل وفاتهم كما بين أبن تيميه رجوع الأشعري وتوبته قبل وفاته في المقطع الثاني وكما هو معرف أن أبو المعالي الجويني رجع عن مذهب الأشاعرة وتاب قبل وفاته يرحمهم الله كما أن الباجي رحمه الله أمتدحه كثير من علماء السلف الصالح من أهل السنة والجماعه أمثال ابن عساكر وابن بشكوال والقاضي عياض كما أن كتبه يستدل به الكثير من العلماء مثل الذهبي على سبيل المثال لا الحصر ولو أن الباجي معتقده باطل لما نقل وأستدل من كتبه ولا أن يمتدحه كبار العلماء أمثال القاضي عياض وابن عساكر وابن بشكوال وهو مايوافق كلامي على أن ذكر أبن تيميه له لايدل على أنه ذو عقيدة باطله كما ذكر آنفاً لأبو الحسن الأشعري في موضع وذكر توبته قبل وفاته في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/133)
موضع آخر وهذا مايجعلني شبه متأكد من عقيدة الباجي رحمه الله بالإضافة إلى ماورد في كتبه مثال وصية الباجي رحمه الله لولديه قال (التصديق بأركان الإيمان فالإيمانُ باللهِ عزَّ وجلَّ وملائكته وكتبه ورسله، والتصديق بشرائعه؛ فإنه لا ينفع مع الإخلال بشيء من ذلك عمل، والتمسكُ بكتاب الله تعالى جدُّه. حفظ القرآن والعمل به والمثابرةُ على حفظه وتلاوته، والمواظبة على التفكر في معانيه وآياته، والامتثال لأوامره، والانتهاء عن نواهيه وزواجره. التمسك بالكتاب والسنة رُوِيَ عن النبي ? أن قال: "تركتُ فيكم ما إنْ تَمسَّكتُم به لن تضِلُّوا بعدي: كتابَ الله تعالى وسنتي، عَضُّوا عليها بالنواجذ" (). طاعة الرسول ومحبته وقد نصح لنا النبي ? وكان بالمؤمنين رحيماً، وعليهم مشفقاً، ولهم ناصحاً، فاعملا بوصيته، واقبلا مِنْ نصحه، وأَثبِتَا في أنفسكما المحبةَ له، والرضا بما جاء به، والاقتداءَ بسنته، والانقيادَ له، والطاعةَ لحكمه، والحرصَ على معرفة سنتِه، وسلوكَ سبيلِه، فإنَّ محبَّتَه تقود إلى الخيْر، وتُنجي مِنَ الهَلَكَةِ والشرِّ. محبة الصحابة وأشْرِبا قلوبَكما محبةَ أصحابه أجمعين، وتفضيلَ الأئمةِ منهم الطاهرين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ونفعنا بمحبتهم، وألزِما أنفسَكما حُسْنَ التأويلِ لما شَجَرَ بينهم، واعتقادَ الجميلِ فيما نُقِلَ عنهم؛ فقد رُوِيَ عن النبي ? أنه قال: "لا تسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مِثْلَ أُحُدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه" (). فمن لا يُبلَغُ نَصِيفُ مُدِّهِ مثلُ أُحُدٍ ذهباً، فكيف يُوازَنُ فضلُه، أو يُدْركُ شأوُه?! وليس منهم رضي الله عنهم إلا من أنفق الكثير. توقير العلماء والاقتداء بهم ثم تفضيلُ التابعين ومَنْ بعدَهم مِنَ الأئمة والعلماء ـ رحمهم الله ـ والتعظيمُ لحقهم، والاقتداءُ بهم، والأخذُ بهديهم، والاقتفاءُ لآثارهم، والتحفُّظُ لأقوالِهم، واعتقادُ إصابتهم.)
ـ[بدران]ــــــــ[16 - 06 - 09, 11:36 ص]ـ
من الأخ جمال الشربيني:
قد تكون فائدة في هذا النقل عن المرحوم إبن تيمية
(("درء تعارض العقل والنقل: (2|101): «عن الحسين بن أبي أمامة المالكي قال: سمعت أبي يقول: "لعن الله أبا ذر الهروي، فإنّه أول من حمل الكلام إلى الحرم، وأول من بثه في المغاربة". قلت: أبو ذر فيه من العلم والدين والمعرفة بالحديث والسنة، وانتصابه لرواية البخاري عن شيوخه الثلاثة، وغير ذلك من المحاسن والفضائل ما هو معروف به، وقد كان قدم إلى بغداد من هراة، فأخذ طريقة ابن الباقلاني وحملها إلى الحرم، فتكلم فيه وفي طريقته من تكلم، كأبي نصر السجزي، وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني، وأمثالهما من أكابر أهل العلم والدين بما ليس هذا موضعه. وهو ممن يرجح طريقة الصبغي والثقفي، على طريقة ابن خزيمة وأمثاله من أهل الحديث. وأهل المغرب كانوا يحجون، فيجتمعون به، ويأخذون عنه الحديث وهذه الطريقة ويدلهم على أصلها. فيرحل منهم من يرحل إلى المشرق، كما رحل أبو الوليد الباجي، فأخذ طريق أبي جعفر السمناني الحنفي صاحب القاضي أبي بكر. ورحل بعده القاضي أبو بكر بن العربي، فاخذ طريقة أبي المعالي في الإرشاد. ثم إنه ما من هؤلاء إلا له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من السنة والدين، ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وعدل وإنصاف». اهـ.(106/134)
الاستحسان
ـ[المغناوي]ــــــــ[10 - 04 - 05, 07:43 م]ـ
السلام عليكم
ان هدا الموضوع لم اجده في هذا القسم واطلب من الاخوة ان يشاركوا فيه لتعم الفائدة
ـ[المغناوي]ــــــــ[10 - 04 - 05, 11:49 م]ـ
السلام عليكم
ان الاستحسان من الابواب المشكلة في اصول الفقه وهطا لكثرة الخلاف فيه بين اعلام هذه الامة
وقد احببنا ان نجعله حديتا بيننا لكي نعلم ما كنا نجهل فيه
اعلموا اخوتي الكرام ان الاستحسان كغيره له تعريفين تعريف لغوي وتعريف شرعي
اما اللغوي فهوا مأخوذ من الحسن ومصدره: استحسن، أي: الشيء عده حسناً سواء كان الشيء من الأمور الحسية أو المعنوية. يقال: استحسن الطعام، ويقال: هذا ما استحسنه المسلمون، أي: رأوه حسناً.
واما الشرعي وهذا ما فيه اختلافا نوعا ما كبير
وقالت الاحناف ترك القياس إلى ما هو أولى منه
وعرفه الكرخي: أنّه العدول عن حكم في مسألة بمثل حكمه في نظائرها إلى خلافه لوجه أقوى منه|||
وعرفه أبو الحسين: (وهو ترك وجهٍ من وجوه الاجتهاد غير شامل شمول الألفاظ لوجه هو أقوى منه، وهو حكم طارئ على الأول
وعلق محمّد بن السحن على ذلك قائلاً: (تركت الاستحسان للقياس، كما لو قرأ آية سجدةٍ في آخر سورة فالقياس الاكتفاء بالركوع، والاستحسان: أن يسجد ثم يركع؛ لأن سماه استحساناً؛ لأن الاستحسان وحده وإن كان أقوى من القياس لكن أنضم إلى القياس شيء آخر، وترجيح المجموع عليه، فإنه تعالى أقام الركوع مقام السجود في قوله تعالى: (وخر راكعاً وأناب).
وذكر السرخسي عدة تعاريف في مبسوطه منها:
1 ـ القياس والاستحسان في الحقيقة قياسان:
أحدهما: جلي ضعيف أثره، فسمي "قياساً".
والآخر: قوي أثره، فسمي "استحساناً"، أي: قياساً مستحسناً.
2 ـ الاستحسان: ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس.
3 ـ الاستحسان: طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى به الخاص والعام.
4 ـ الاستحسان: الأخذ بالسعة وابتغاء الدعة.
5 ـ الاستحسان: الأخذ بالسماحة وانتقاء ما فيه الراحة
وضرب ابو بكر الرازي امثالًا كثيرة، مما يكون فيه لقولها حكمان من الوجهين، واجاد في ذكر النظائر، الى ان اتى دور الكلام في القسم الآخر من الاستحسان، وهو تخصيص الحكم مع وجود العلة، وشرحه شرحاُ ينثلج به الصدر، ولا يدع شكًا لمرتاب، في ان هذا القسم من الاستحسان، مقرون ايضًا في جميع الفروع، بدلالة ناهضة، من نص. او اجماع. او قياس اخر يوجب حكمًا سواه في الحادثة، وهذا القدر يكفي في لفت النظر، الى ان قول الخصوم في الاستحسان بعيد عن الوجاهة.
واما عند الحنابل وهو أن بعض الأمارات قد تكون أقوى من القياس فيعدل إليها)).
وعرفه الغزالي بقوله: للاستحسان ثلاثة معان:
1 ـ إنه الذي يسبق إلى الفهم، أي: ما يستحسنه المجتهد بعقله.
2 ـ إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعده العبارة، ولا يقدر على إبرازه وإظهاره. ولعل ما يقابل ذلك في اصطلاح الفقهاء الإمامية بـ "الذوق الفقهي"، إلاّ أن
حجيته تتوقف على حجية المنقدح منه، فلا معنى لجعله أصلاً قائماً بنفسه##
ونقل عن الكرخي، وبعض أصحاب أبي حنيفة ك أنّه قول بدليل يندرج تحته أجناس:
منها: العدول بحكم مسألة عن نظائرها بدليل خاص من القرآن،
ومنها: أن يعدل بها عن نظائرها بدليل السنة)
واما عند المالكية هو ليس كما نقل عنهم (الإلتفات إلى المصلحة والعدول<<<
فهذا كذبه امامهم شخصي في قوله: (الاستحسان: هو العمل بأقوى الدليلين، أو الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي، فهو إذا تقديم الاستدلال المرسل على القياس)
وقال ابن العربي: (الاستحسان: إيثار ترك مقتضى الدليل، والترخيص على طريق الاستثناء لمعارضة ما يعارض به في بعض مقتضياته ثم قسمه إلى أربعة أقسام: (وهي ترك الدليل للعرف، وتركه للإجماع، وتركه للمصلحة، وتركه للتيسير ودفع المشقة وإيثار التوسعة)
وعرفه ابن رشد (الاستحسان الذي يكثر استعماله هو: طرح لقياس يؤدي إلى غلو في الحكم ومبالغة فيه، فيعدل عنه في بعض المواضع لمعنى يؤثر في الحكم يختص به ذلك الموضع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/135)
وقال كذلك واما تفريق مالك بين ما يغاب عليه وبين ما لا يغاب عليه فهو استحسان، ومعنى ذلك ان التهمة تلحق فيما يغاب عليه، ولا تلحق فيما لا يغاب عليه. وقد اختلفوا في معنى الاستحسان الذي يذهب اليه مالك كثيرا، فضعفه قوم وقالوا: انه مثل استحسان ابي حنيفة، وحدوا الاستحسان بانه قول بغير دليل. ومعنى الاستحسان عند مالك هو جمع بين الأدلة المتعارضة،
والخلاف ليس في التعريف باكثر ماهو في انه حجة ام لا
وقد قال الشاطبي في هذه التعريف قال: (وهذه تعريفات قريب بعضها من بعض، وإذا كان هذا معناه عن مالك وابي حنيفة فليس بخارج عن الأدلة البتة؛ لأن الأدلة تقيد بعضها بعضاً، ويخصص بعضها بعضاً، كما في أدلة السنة مع أدلة القرآن، ولا يريد الشافعي مثل هذا أصلاً، فلا حجة في تسميته استحساناً لمبتدع على حال#
وقد اختلفوا العلماء الي فريقن وعلي راس من يقول بالجواز العمل بالاستحسان و هم ابي حنيفة ومالك
فاما عند مالك فمن بعض اهل العلم من قال ليس الذي عنذ مالك استحسان بل مصلحة المرسلة
وقال ابن رشد ومعنى الاستحسان في اكثر الأحوال هو التفات الى المصلحة #
واجاب عليهم بان اصل المصلحة المرسلة وهو الاستحسان وهي متطورة منه
وقالوا فيما بدل علي قول مالك باستحسان قوله فمالك يروى عنه أنّه كان يقول: (الاستحسان تسعة أعشار العلم#
واما عند الاحناف فقد قال محمّد بن الحسن ـوهو تلميذ أبي حنيفة ت 186 هـ ـ عن أبي حنيفة: (إنّ أصحابه كانوا ينازعونه المقاييس، فإذا قال: أستحسن لم يلحق به أحد، ولقد كان يقيس ما استقام له القياس، فإذا قبح القياس استحسن#
ولم يوافق ابي حنيفة مالك فقط بل حتي احمد ابن حمبل في كثير من مسائله
وإن كان البناني نقل بأن الحنابلة أنكروه
واما الفرق الثاني فقد كان علي راسهم الشافعي مجدد زمانه
وقدنقل عنه قول المشهور من استحسن فقد شرع).
وجاء في الرسالة للشافعي: (أن حراماً على أحد أن يقول بالاستحسان إذا خالف الاستحسان الخبر). وفي مقام آخر يقول: (إنّ حلال الله وحرامه أولى أن لا يقال فيه بالتعسف ولا الاستحسان أبداً، إنّما الاستحسان تلذذ، ولا يقول فيه إلاّ عالم بالأخبار، عاقل بالتشبيه عليها)
وقد خصص الشافعي فصلاً من كتابه"الأم" لإبطال الاستحسان، وقال: (الاستحسان باطل).وقال في الرسالة: (وإنّما الاستحسان تلذذ، ولو جاز لأحد الاستحسان في الدين لجاز ذلك لأهل العقول من غير أهل العلم، ولجاز أن يشرع في الدين في كلّ باب، وأن يخرج كلّ أحد لنفسه شرعاً)
أبو المعإلي عبدالملك الجوينيّ الشافعيّ في موضوع الاستحسان:
القول بالاستحسان: وذلك عمل بلا دليل، فإنّ حاصله يرجع إلي أنّ الدليل معكم من الخبر والقياس ولكنّي أَسْتَحْسِن مخالفته وهذا إثبات للشرع من تلقاء نفسه. وقال الشافعيّ رضي الله عنه حين ناظر محمّد بن الحسن في هذه المسألة: مَن استحسن فقد شرع
وان شاء الله نكمل البقية
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[10 - 07 - 09, 10:02 م]ـ
مضى على هذا الموضوع الهام أعوام.
ونرجو من صاحبه مع ذلك إكماله.
جزاه الله خيرا.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[30 - 10 - 10, 10:05 م]ـ
الرجاء إثراء الموضوع(106/136)
هل لكتاب الرسالة الذي ألفه الامام الشافعي رحمه الله تعالى شرح؟؟
ـ[شجرة الدر]ــــــــ[15 - 04 - 05, 06:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أيها الإخوة الفضلاء لدي استفسار!! هل لكتاب الرسالة الذي ألفه الامام الشافعي رحمه الله تعالى شرح؟؟
أرجو إفادتي بذلك لمن لديه معلومات عن ذلك؟؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[15 - 04 - 05, 06:23 م]ـ
له عدة شروح ولكن جميعها مفقود وقد ذكرها العلامة أحمد شاكر في مقدمة تحقيقه للرسالة.
ولعل أهم هذه الشروح شرح الصيرفي الذي ينقل منه الزركشي في البحر.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 04 - 05, 07:39 م]ـ
رأيت منذ فترة كتابا عصريا فيه تقريب للرسالة، أظنه لعبد الصبور شاهين، إن لم تخني الذاكرة.
وهو شرح وتبسيط لمباحث الرسالة.
ـ[شجرة الدر]ــــــــ[15 - 04 - 05, 09:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه المعلومات وبارك الله فيكم
ـ[أبو محمد]ــــــــ[15 - 04 - 05, 11:41 م]ـ
نقل الشيخ محمد أديب الصالح في كتابه تفسير النصوص نقلا عن أحد الأصوليين وأظنه غلي عبد الرازق في كتاب اسمه فلسفة التشريع الإسلامي - على ما أذكر - نقلا من شرح الجويني - والد أبي المعالي - على الرسالة ثم رجعت إلى هذا الكتاب فذكر أن المخطوطة محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس - وكذلك ذكر الصالح نقلا عن ذاك المؤلف واتصلت بالشيخ الصالح فأخبر أنه لا شيء عنده في هذه المسألة - .. فأرسلت أحد الإخوة الفرنسيين إليها فكانت النتيجة .. لا يوجد الكتاب فيها!
ـ[الأجهوري]ــــــــ[16 - 04 - 05, 04:22 ص]ـ
رأيت منذ فترة كتابا عصريا فيه تقريب للرسالة، أظنه لعبد الصبور شاهين، إن لم تخني الذاكرة.
وهو شرح وتبسيط لمباحث الرسالة.
نعم الكتاب متوفر ومؤلفه هو أحد أساتذة الأزهر لا أذكر اسمه ولكن قدم له الدكتور عبد الصبور شاهين.
والكتاب من طبع وتوزيع مؤسسة الأهرام.
أضف إلى ذلك تعليقات الشيخ أحمد شاكر في طبعته ففيها بعض شرح.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[16 - 04 - 05, 04:35 ص]ـ
ولعل أهم هذه الشروح شرح الصيرفي الذي ينقل منه الزركشي في البحر.
كذلك ينقل عنه الحافظ ابن رجب في (شرح العلل).
ـ[شجرة الدر]ــــــــ[16 - 04 - 05, 09:01 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي علمكم
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[16 - 04 - 05, 12:15 م]ـ
شرح أبي المعالي الجويني -أخي أبا محمد-أحال عليه الشيخ مصطفى عبد الرازق في كتابه النفيس تمهيد في تاريخ الفلسفة الاسلامية.
ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[14 - 12 - 06, 09:31 م]ـ
ويبقى بقية
وهي ان كتاب الرسالة يحتاج إلى تدريس وشرح
ولا انا غلطان؟؟
ـ[أبو إسحاق الفواخري]ــــــــ[20 - 12 - 06, 05:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبابي في الله أهل الأصول
كتاب الرسالة صوتي بشرح الدكتور أحمد النقيب في هذا الرابط
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=2794
ـ[بشير يوسف]ــــــــ[08 - 02 - 07, 06:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر الزركشي في مقدمة البحر المحيط أربعة شروح للرسالة:
1 - للصيرفي
2 - للقفال الشاشي
3 - لأبي محمد الجويني
4 - لأبي الوليد النيسابوري
ـ[ابن السائح]ــــــــ[08 - 02 - 07, 10:13 م]ـ
نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه التسعينية ص877 عن كتاب الشيخ أبي حامد الإسفراييني في أصول الفقه الذي شرح فيه رسالة الشافعي
وتجد ما يفيدك هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=77228&highlight=%C7%E1%DD%C7%DF%E5%C7%E4%ED
ـ[صخر]ــــــــ[09 - 02 - 07, 03:56 ص]ـ
أين وصل النقيب في شرح الرسالة.؟
ـ[ابويونس]ــــــــ[27 - 02 - 07, 05:51 م]ـ
جميع الشروح مفقودة تقريبا وانما هناك نوقلات بسيطة للصيرفي
ـ[أبو أسامة الرشيدي]ــــــــ[07 - 07 - 10, 07:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأخ الفاضل أبو يونس:
هلا وافيتنا بمصدر ذكر أن شرح أبي الوليد النيسابوري لرسالة الشافعي مفقود ....
وفق الله الجميع لما يحب.(106/137)
هل هناك مؤاخذات على كتاب الواضح في اصول الفقه للدكتور الاشقر
ـ[داود البلجيكي]ــــــــ[20 - 04 - 05, 07:00 م]ـ
اتذكر انني قرات يوما ما في احدى المنتديات ان الكتاب عليه مؤاخذات و لكن صاحب المقال لم يبينها
احببت ان اعرف ما هي ان و جدت لانني ادرسه حاليا
جزاكم الله عني خير الجزاء
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 12:16 ص]ـ
لا أدري ماذا يقصد هذا المعترض؟
ولكن كلام الشيخ الاشقر على أحاديث الآحاد غير جيد
وللأسف أنا على عجل فلن أتمكن من التفصيل
ولكن الكتاب في مجمله جيد
وقد وصفه الشيخ بكر في المدخل بأنه ((هام))
ونسأل الله الهداية لمؤلفه على ما قاله في الصحابي الجليل أبي بكرة رضي الله عنه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 04 - 05, 06:41 ص]ـ
ومما يؤخذ عليه ميل المؤلف إلى إنكار الإجماع وإن لم يصرح بذلك
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[22 - 04 - 05, 03:32 ص]ـ
رأي الشيخ عمر الأشقر - حفظه الله - في الإجماع:
قال الدكتور عمر الأشقر في خاتمة رسالته [نظرة في الإجماع الأصولي] ص 89: (يمكننا أن نوجز أهم النتائج التي خلصت إليها هذه الدراسة في النقاط التالية:
1 - الإجماع الممكن الوقوع الذي احتج به علماؤنا يطلق بإطلاقين:
الأول: المعلوم من الدين بالضرورة، الذي لا يكون مسلما من أنكره.
الثاني: اتفاق من حفظ قوله من أهل العلم على حكم من الأحكام، بحيث لا يعرف لهم مخالف فيما ذهبوا إليه).
ثم ذكر - حفظه الله - رتبة النوع الأول والثاني من الأدلة الشرعية، وصرح بحجية النوع الثاني، وأنه دليل يجب المصير إليه، ثم أردفه بذكر حكم منكر أحد النوعين.
ثم قال ص 90:
4 - (الإجماع الذي يعتد به بعض علماء الأصول، والذي هو: إجماع جميع علماء الأمة في عصر من العصور على حكم من الأحكام = حجة ودليل لو أمكن وقوعه، لا يخالف في ذلك أحد من أهل العلم، ولكن وقوعه غير ممكن بحال، للأسباب التي عرضنا لها في هذه الدراسة.
5 - بينت الدراسة: أن الإجماع الذي ارتضاه بعض أهل الأصول ليس هو الإجماع المعتمد عند علمائنا الأوائل، وأن الذين ابتدعوا القول به ليسوا هم علماء أهل السنة، وأن القول به أدى إلى عدم الاحتجاج بالإجماع، لأن هذا النوع من الإجماع لا وجود له حتى يحتج به في واقع الأمر.
6 - فتح القول بهذا النوع من الإجماع باب شر على المسلمين، فبعض ضعاف النفوس الذين يريدون أن يلبسوا على المسلمين دينهم؛ يجادلون وينازعون في قضايا مسلّمة عند جمهور الأمة، وعندما يواجهون و يحاورون؛ يقولون: إن هذه المسائل خلافية ليس فيه إجماع، اثبتوا لي أن جميع علماء الأمة ذهبت هذا المذهب، أو قالت بهذا القول، فإذا لم نستطع إثبات ذلك جعل هذا الرجل عدم قدرتنا على تلبية طلبه ذريعة لمخالفته ما سار عليه جمهور علماء الأمة، كما يحدث هذه الأيام).
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[22 - 04 - 05, 03:28 م]ـ
الشيخ الفهم الصحيح
لعله حصل لبس عندكم فصاحب الواضح في أصول الفقه هو الشيخ محمد لا عمر الأشقر
والله الموفق
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[22 - 04 - 05, 04:32 م]ـ
أخي حامد الحنبلي
نقلكم عن الشيخ بكر أنه وصف كتاب الواضح بأنه هام.هل المقصود الواضح في أصول الفقه للأشقر الذي هو محل السؤال ام الواضح في أصول الفقه لابن عقيل الحنبلي.
مجرد سؤال وفقكم الله.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[22 - 04 - 05, 06:07 م]ـ
الشيخ الفهم الصحيح
لعله حصل لبس عندكم فصاحب الواضح في أصول الفقه هو الشيخ محمد لا عمر الأشقر
والله الموفق
بارك الله فيك شيخي أبو مشاري على هذا التنبيه، والكتاب ليس عندي للأسف، وإلا كنت نقلت منه مباشرة، والذي أوقعني في هذا الخطأ أمران: أني نظرت - سراعا - في محرك البحث؛ فرأيت في مكانين نسبته للشيخ عمر.
و ساعد على ذلك: أني قدرت أن الشيخ عمر ألصق بمثل هذه الكتابات من الشيخ محمد.
ثم لا يخفى عليك - أيها الفاضل - أن القصد من المشاركة: بيان أن الميل لإنكار الإجماع، أو القول بإنكاره إنما هو للإجماع الأصولي كما تقدم نقله في مشاركتي السابقة.
أو أن الميل ... إنما هولعدم إمكان وقوعه وتحققه.
وليس الميل .. لإنكار الإجماع واقع على الإجماع من حيث هو كما يفهم من إطلاقات كثرت هذه المدة.
وأحسن الله إليك مرة أخرى وبارك فيك ونفع بك، ولا تبخل عليّ دائما بنصحك وتوجيهك سرا وعلنا، مع مراعاة أني - والله - لست بشيخ ولا طالب علم حتى، والدليل أمامك.
دمت بخير وسلام - أيها الفاضل -.
ـ[الحمادي]ــــــــ[22 - 04 - 05, 06:49 م]ـ
بارك الله في جميع الإخوة على ما تفضَّلوا به.
وجزى الله خيراً الشيخ الكريم (الفهم الصحيح) على تواضعه وجميل أخلاقه، وكم أفدنا منه حفظه الله! خاصة في موضوع المالكية.
فأتمنى منه ألا يحرمنا من فوائده حول الموضوع، فالإمام مالك من أئمة أهل الحديث والفقه؛ وممن جمع بين العلم والعمل،،، فرحمه الله ورفع درجته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/138)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[23 - 04 - 05, 03:37 ص]ـ
أحسن الله إليك أيها الماجد الفاضل أبو محمد، فوالله ما يقوم بما قمتَ به إلا الكرام الأماجد، الذين يحفظون المودة، ويراعون المحبة، وما يفطن إلى عمل ما صنعتَ إلا اللبيب الأديب، وهذا ما عهدتُه فيك، فجزاك الله خيرا، وشد أزرك، ورفع قدرك، وأعلى ذكرك ...
أما التواضع فهيهات هيهات فهو من خصال الأتقياء، كما قيل:
إن التواضع من خصال المتقي - - وبه التقي إلى المعالي يرتقي
فأين أنا من ذلك الخلق؟ أسأل الله لي ولك التوفيق.
والفائدة منك ومن بقية الأحباب في الملتقي استفادتُها، وما أخوك إلا كناقل تمر إلى هجر.
ـ[الحمادي]ــــــــ[23 - 04 - 05, 11:18 ص]ـ
نفعَ الله بكم يا أبا عبدالله.
وأحبُّ التذكير بأنه ليس العيب أن يخطيء المرءُ في معلومة ينقلها أو نتيجةٍ يتوصَّل إليها؛ فهذا شأنُ بني آدم، إنما العيبُ الذي يجب أن يتحرَّز منه كلُّ مسلم -خاصةً طلاب العلم- هو المكابرة والإصرار على الخطأ.
ـ[ابن منسيّة]ــــــــ[23 - 04 - 05, 12:21 م]ـ
يا اخوة لا يحصل عندكم خلط الشيخ عمر غير الشيخ محمد وكتابه جيد وينصح به بعض اهل العلم ومنهم الشيخ سلمان العودة والشيخ علي الحضير على ما اذكر
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[23 - 04 - 05, 09:11 م]ـ
أخي حامد الحنبلي
نقلكم عن الشيخ بكر أنه وصف كتاب الواضح بأنه هام.هل المقصود الواضح في أصول الفقه للأشقر الذي هو محل السؤال ام الواضح في أصول الفقه لابن عقيل الحنبلي.
مجرد سؤال وفقكم الله.
قال الشيخ بكر في المدخل المفصل (2/ 958):
الواضح في أصول الفقه لمحمد بن سليمان الأشقر
مطبوع وهو مهم. ا.هـ
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[19 - 11 - 06, 09:47 م]ـ
الأخوة الكرام: جزاكم الله خيرا.
اسمحوا لى أن أذكر بأن دعوى عدم إمكانية الإجماع قديمة ولم يبتدئها الدكتور الأشقر (محمد أو عمر) وأساسها: هل يعد الساكت من أهل العلم موافقا لما قيل فى المسألة أم لآ؟ وهل يفترض علم جميع علماء أهل العصر بالمسألة، أم أن افتراض ذلك مجرد احتمال لا يكفى لحصول الظن الراجح ببلوغ الخبر إلى الجميع؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[23 - 11 - 06, 12:16 م]ـ
نعم، عليه مؤاخذات، قال ص 10 الطبعة الخامسة 1417:
(بل إنه ينبغي أن لا تثبت القاعدة الأصولية بدليل فيه ضعف، كالحديث الحسن ونحوه)
وقال ص 100:
[وقد اختلف في الاحتجاج في الشريعة بخبر الراوي الواحد، فأنكره عدد كبير من العلماء. فسمَّوْهُ ((الغريب)) وجعله بعضهم شاذًّا، وبعضهم منكرًا، ونقلوا عن الإمام أحمد أنه قال: اتقوا هذه الغرائب، فإن عامتها مناكير. قال ابن حجر رحمه الله: ((أحمد وغيره يطلقون (المناكير) على الأفراد المطلقة)).]
ولا يخفى ما في هذا الكلام من فهم غير صحيح لكلام أهل العلم.
ثمَّ قال مرجِّحًا ص 101:
[ونحن نرى أنه يقبل مع الحذر الشديد والتيقظ والتثبت، مع اعتبار أن يكون المتفرِّد به إمامًا ضابطًا، كمالك والشافعي وأحمد، فيكون حديثه صحيحًا، أو قريبًا من تمام الضبط، فيقبل ويكون حديثه حسنًا، فإن كان عاديّ الضبط رد حديثه وكان شاذًّا. وهاهنا مزلة أقدام، وكثير من المحدثين يغفلون عن هذا الأصل، ويتساهلون فينسبون بسبب ذلك إلى الدين من الغرائب في الأعمال والاعتقادات ما لاتصح نسبته إليه.
وما ذكرناه هو الصواب المعتمد إن شاء الله.]
وقال كلامًا مجملا في ص 102 عن الاحتجاج بأخبار الآحاد في العقائد، لا أدري ما ذا يريد به!!؟؟
وهذه بعض الملاحظات كتبتها على عجل.
ـ[حسين فايز محمد الدردساوي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 09:49 ص]ـ
ايها الشيخ الفاضل ما اجمل اعتذارك وما الطفه ياريت اخواني في بلدي يعترف الواحد منهم بخطئه والله يحفظكم ويبارك في علمكم ..... وزدنا بارك الله فيك وفي علمك (لكن استغرب ان بعض الاخوة يعلقون على بعض ما جاء في كتاب الشيخ (الاشقر) وبعضهم لم يعر الشيخ أو اسمه
انا شخصي اعرف الدكتور عمر اسليمان الاشقر من الاردن من سكان مدينة عمان وسمعنا عنه كلام طيب من اهل العلم
والله اعلم
والسلام
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[05 - 01 - 07, 09:16 م]ـ
اريد منكم نقل مقاطع من الكتاب ونقدها علميا
ـ[أبوفاطمة الجداوي]ــــــــ[07 - 01 - 07, 11:33 م]ـ
أبو علي يبدو أن لك فهم غير صحيح لعلم أصول الفقه ومصطلحاته
هذا ردي عليك على عجل!
ـ[اسمير]ــــــــ[22 - 03 - 07, 09:09 م]ـ
محمد سليمان عبد الله الاشقر هوصاحب كتاب الواضح
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - 03 - 07, 12:38 ص]ـ
المواضع الت نقلها الفاضل أبو علي هي مواضع الانتقاد على الكتاب بالضبط ...
أما الإجماع فرأيه فيه هو رأي الشيخ أحمد شاكر وجماعة ..
ورأيي القديم - ولا زلت عليه- أن الكتاب لا يصلح للمبتدئين ...
ـ[همام العضياني]ــــــــ[23 - 03 - 07, 06:39 م]ـ
أتمنى أن أحصل على الكتاب لأن شيخنا
في كلية الشريعة نصحنا به ...
و الطبعات نفذت من عندنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/139)
ـ[أبو ذر المصري]ــــــــ[23 - 03 - 07, 10:19 م]ـ
حمل كتاب الواضح في أصول الفقه للمبتدئين مع أسئلة للمناقشة وتمرينات pdf
افتح الصفحة واضغط على download
http://media2.filewind.com/g.php?filepath=5170
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[11 - 09 - 07, 04:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
جزاكم الله خيرا، وكان الأولى كتابة اسم صاحب الكتاب كاملة حتى لا يقع اللبس، وإن كان الكتاب يعرف عن صاحبه.
ـ[محمد نائل]ــــــــ[11 - 09 - 07, 06:55 م]ـ
السلام عليكم
الأخ أبا ذر - يرحمك الله - الرابط لا يفتح؟
فأرجو إعادة وضعه بشكل صحيح أو وضع رابط لموقع آخر
وجزى الله الجميع خير الجزاء.
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 - 09 - 07, 12:35 ص]ـ
أبو علي يبدو أن لك فهم غير صحيح لعلم أصول الفقه ومصطلحاته
بيِّنْ ذلك؛ فإنَّ الدَّعاوى سهلة
ـ[صالح التعزي]ــــــــ[27 - 09 - 07, 05:42 م]ـ
ومما يؤخذ عليه ميل المؤلف إلى إنكار الإجماع وإن لم يصرح بذلك
أخي العزيز
إنكار دلالة الإجماع في غير القطعيات أمر لا يشتد فيه الإنكار.
وتذكر أن بعض القائلين بالإجماع يقولون إنه لا بد للإجماع من مستند، فيا أخي اذكر لنا مسائل أجمع عليها ولا مستند لها، حتى ينظر: هل كان الإجماع حجة مستقلة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد نائل]ــــــــ[27 - 09 - 07, 05:52 م]ـ
الاجماع حجة مستقلة، وإدا لم يكن كذلك فلماذا عدّ أحدَ مصادر الأحكام.
ولكتفي بالكتاب والسنة، وإن كان في حقيقة الأمر لابد أن يكون له مستند علمه من علمه وجهله من جهله
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[27 - 09 - 07, 11:00 م]ـ
للرفع - بارك الله فيكم!
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 07, 12:57 ص]ـ
السلام عليكم.
أما بعد.
كتاب الواضح في أصول الفقه للدكتور محمد الأشقر سمعت من أقربائي ان العلامة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله كان يدرسه لهم في إحدى دروسه العلمية.
و الله أعلم.
ـ[أبوفاطمة الجداوي]ــــــــ[21 - 10 - 07, 12:26 ص]ـ
بيِّنْ ذلك؛ فإنَّ الدَّعاوى سهلة
بل البيان سهل والدعاوى صعبة وحسابها عسير
أنظر بارك الله فيك إلى ما أخذته كمنقصة على كتاب الأشقر, فجلي أنك خلطت في التعريفات بين علمي المصطلح والأصول!
فمصطلحات الفنين فيهما اختلاف فلا تخلط بينهما.
هذا من جانب ...
أما الجانب الآخر وهو ما عاب ردك أن الأمور التي ذكرتها كلها أمور لم يتفق أهل هذا الفن على قول واحد فيها, فلا تغرنك مصادرة فلان أو فلان من العلماء السابقين أو المعاصرين لآراء بعضهم بعضاً في ضوابط يدعي كل منهم أنه هو ضابطها!
بل نقول هذه ضوابط هو قد رجحها (أي العالم)
فالعلماء في الحقيقة لم يصادروا بل تجيء هذه الردود والكلمات ويشيرون إلى درجة الخلاف المبسوط في أماكنه كل حسب ما اطلع من أقوال الخصوم وما فقهه من أدلتهم!
ثم تذكر لا تُصادر!
فأهل العلم يقولون ويشيرون إلى وجود الخلاف
أما عن الاجماع فهو دليل ثابت ولا يُنكره الأشقر, ولكنه يستبعد أن ينضبط بمقولة يرددها كثير من السلف وهي " وما يدريك أن الجميع قد أجمع على هذه المسألة, فهل تعلم أنها قد بلغت كل أهل العلم في زمان (المعاصرة) , ثم هل بلغك ردّ كل من بلغته هذه المسألة"
هذا أو ما في معناه مروي عن الإمام أحمد
ثم يفرعون عن هذه الاجماع السكوتي وغيره
ثم همسة في أذن الشيخ أبي فهر " كيف تقر أن من المآخذ عدم بناء الأدلة الأصولية على الحديث الحسن وغيره " لو قالها غيرك يا أبا فهر!!
ـ[أبو علي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 07:38 م]ـ
الأخ أبا فاطمة المكرَّم ما علاقة الاحتجاج بالإجماع بما ذكرتُهُ أنا من الانتقادات؟
أنا انتقدت كلامه على الحديث الحسن، وأحاديث الآحادِ عامَّةً.
وهذه الانتقادات الَّتي ذكرتُها (أنا) من قبل، أعيدها:
نعم، عليه مؤاخذات، قال ص 10 الطبعة الخامسة 1417:
(بل إنه ينبغي أن لا تثبت القاعدة الأصولية بدليل فيه ضعف، كالحديث الحسن ونحوه)
وقال ص 100:
[وقد اختلف في الاحتجاج في الشريعة بخبر الراوي الواحد، فأنكره عدد كبير من العلماء. فسمَّوْهُ ((الغريب)) وجعله بعضهم شاذًّا، وبعضهم منكرًا، ونقلوا عن الإمام أحمد أنه قال: اتقوا هذه الغرائب، فإن عامتها مناكير. قال ابن حجر رحمه الله: ((أحمد وغيره يطلقون (المناكير) على الأفراد المطلقة)).]
ولا يخفى ما في هذا الكلام من فهم غير صحيح لكلام أهل العلم.
ثمَّ قال مرجِّحًا ص 101:
[ونحن نرى أنه يقبل مع الحذر الشديد والتيقظ والتثبت، مع اعتبار أن يكون المتفرِّد به إمامًا ضابطًا، كمالك والشافعي وأحمد، فيكون حديثه صحيحًا، أو قريبًا من تمام الضبط، فيقبل ويكون حديثه حسنًا، فإن كان عاديّ الضبط رد حديثه وكان شاذًّا. وهاهنا مزلة أقدام، وكثير من المحدثين يغفلون عن هذا الأصل، ويتساهلون فينسبون بسبب ذلك إلى الدين من الغرائب في الأعمال والاعتقادات ما لاتصح نسبته إليه.
وما ذكرناه هو الصواب المعتمد إن شاء الله.]
وقال كلامًا مجملا في ص 102 عن الاحتجاج بأخبار الآحاد في العقائد، لا أدري ما ذا يريد به!!؟؟
وهذه بعض الملاحظات كتبتها على عجل.
والَّذي أريد منك إثباته ونقل كلام أهل السُّنَّة تأييدًا له، قولك هذا:
[/ QUOTE] أنظر بارك الله فيك إلى ما أخذته كمنقصة على كتاب الأشقر, فجلي أنك خلطت في التعريفات بين علمي المصطلح والأصول! [/ QUOTE]
فليتنا لا نخرج عن الموضوع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/140)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[08 - 11 - 07, 05:20 م]ـ
الأجماع ثابت وموجود في مسائل عقدية وفقهية أيضا، فمسائل العقيدة معروفة ثابتة واما الفقهية، فقال ابن عبد البر: أجمع العلماء في كل زمان على تحريم نكاح الشغار ,,, التمهيد.
ولا يلزم الإجماع حتى تكون مسئلة ما غير جائزة فيكفي أن تكون قول جمهور العلماء على حكم معين - ...........
وقال ابن عبد البر: الجهمور أشبه بالإجماع ...............
فمثلا: صوم السبت نافلة، أقول أن الجمهور الأكبر على جواز صوم السبت إن لم يكن منفردا أو مخصوصا لأدلة كثيرة في الصحيحين أو في أحدهما أو على شرطهما ................
ولتردد الأئمة واستغرابهم لحديث تحريم صوم السبت، حتى أن الأمام أحمد انتظر عاما كاملا قبل أن يحدث بالحديث ...
فالحق مع الجمهور دائما إلا نادرا جدا (ولو تفحصنا كثيرا من المسائل التي يقال إن الحق لم يكن مع الجمهور لوجدنا العكس تماما ولوجدنا غير من نظن وهو أن الجمهور مع القول الآخر - لشيخ الإسلام مقالات طويلة حول هذا ...
وهناك مسائل ربما تون الأقوال فيها متساوية أو متقاربة من عهد الصحابة إلى يومنا هذا = مثل قراءة المأموم للفاتحة خلف الأمام في الجهرية .........
ألمهم أن الأجماع موجود ونص عليه الأئمة، وهو إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان في القرون الخيرية في المسائل الموجودة في أزمانهم وما خرج فيما بعد من مسائل، إجماع التابعين لهم والسائرين على نهجهمج في كل زمان .......
فمثلا في زماننا ظهر الدخان والماضين على منهج السلف الأول كلهم (على حد علمي) = بن باز وبن عثيمين والألباني رحمه الله والفوزان والجبيرين و و و كلهم يحرم الدخان - فيمكن القول أن هناك الآن إجماع على تحريم الدخان
ولا عبرة لمن لا يحرم إذا لم يكن على منهج السلف الصالح (مثل الحزبيين وأصحاب الرأي والصوفية و الهرري - فهؤلاء جميعا لا يعتد بهم أبدا لأنهم خارج الحق وهو اتباع الصحابة في الفهم. قال تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى وصله جهنم وساءت مصيرا) النساء.
والله الموفق والله أعلم(106/141)
المستفتي احكام و آداب
ـ[خالدالرويتع]ــــــــ[14 - 05 - 05, 04:00 م]ـ
المستفتي أحكام وآداب
بقلم / خالد بن مساعد الرويتع
المحاضر بقسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وبعد:
فإن الله سبحانه وتعالى شرع هذا الدين، وبلغه رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ثم قام علماء المسلمين بوظيفة نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم بتبليغ الدين وتعليمه وإرشاد الناس وتوجيههم؛ لذا كان الناس إما عامياً أو متعلماً يطلبا العلم أو عالماً ينفع الناس.
والناس ـ كما هو معلوم ـ تعرض لهم أمور، لابد من معرفة الحكم الشرعي فيها؛ وكان ذلك من الأمور اللازمة عليهم، لكن الشارع الحكيم لم يوجب على العامي النظر في الأدلة الشرعية ليتوصل إلى الحكم الشرعي؛ لأن هذا غير مقدور له ولو حاول التوصل إلى الحكم الشرعي؛ لكان الحكم الذي توصل إليه خاطئاً؛ لفقده الأدلة التي من خلالها يستطيع استنباط الأحكام الشرعية قال تعالى:] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [. (النحل: 43)
على ما سبق، فإذا وقع أمر، وأراد العامي معرفة الحكم الشرعي فيه، فإنه يتوجه إلى العالم، ليسأله عن الحكم.
ومن هنا، فالعالم يسمى (المفتي)، والعامي (المستفتي) والأمر المسؤول عنه (مستفتى فيه).
ويتعلق بالمستفتي أحكام، وآداب ينبغي للناس العلم بها والعمل بها، وسأورد تلك الأحكام والآداب على هيئة مسائل:
المسألة الأولى [1]:
تقدم المراد بالمستفتي، وأن العامي عندما يسأل المفتي فهو مستفتي.
وأنبه هنا إلى أمر:
لا يقتصر المراد بالعامي على غير المتعلم، بل يشمل أيضاً من عدا العالم الشرعي وطالب العلم الشرعي، فالعالم في فن النحو أو الفلك أو الطب أو الهندسة
" هؤلاء عوام بالنسبة للعلوم الشرعية ".
المسألة الثانية [2]:
سؤال العامي للعالم، مقرر في الشريعة الإسلامية. كما قال تعالى:] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [(النحل: 43).
ويقول صلى الله عليه وسلم: " ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال " [3].
وهذا أمر بالسؤال، والأمر للوجوب، وكما في الحديث " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " [4]. ومفهوم هذا الحديث أن الفتوى بعلم، منهج صحيح متبع.
المسألة الثالثة [5]:
معرفة العامي بمن يستفتيه ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
أن يغلب على ظنه أن هذا الشخص من أهل الفتوى. فهذا هو الذي يسأله الناس، ويأخذون بقوله وفتواه، وسيأتي في المسألة التاسعة كيفية معرفة أهلية المفتي.
القسم الثاني:
أن يعلم أن هذا الشخص ليس أهلاً للفتوى، إما لجهله أو لفسقه فهذا لا يجوز سؤاله ولا يجوز العمل بفتواه اتفاقاً.
القسم الثالث:
أن يجهل حال هذا الشخص، فلا يدري أهو من أهل الفتوى أم لا؟ هنا اختلف العلماء في سؤاله.
والأقرب ـ والله أعلم ـ أنه لا يجوز سؤاله حتى يغلب على ظنه أنه من أهل الفتوى. لاسيما في وقتنا الحاضر الذي عرف فيه العلماء الناصحون، ووجد من ينتسب إلى العلم وهو براء منه!!
وليس هذا الحكم هنا من باب إساءة الظن بعلماء المسلمين، كلا وحاشا إنما هو من باب حفظ دين المستفتي، فلا يعقل أن يسأل أي شخص يراه منتسباً للعلم! بل لا يسأل إلا من عرف كونه من أهل الفتوى.
المسألة الرابعة [6]:
إذا كان في بلد المستفتي أكثر من عالم أو كان المستفتي يستطيع أن يسأل أكثر من عالم ويعتقد أن كلاً منهم يفتيه بشرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالمستفتي هنا مخير في سؤال أي واحد من العلماء فإذا ذهب للمفضول مع وجود الفاضل، ساغ ذلك وعمل بفتوى المفتي. وهذا التخيير للمستفتي قبل السؤال.
المسألة الخامسة [7]:
إذا سأل المستفتي المفتي، فأفتاه، فهنا المستفتي يعمل بالفتوى ويكتفي بذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/142)
أما ما لو سأل مفتياً آخر ـ كما يفعل كثير من الناس ـ ليعمل بأيسر الفتويين فهذا عمل خاطئ. إذ الواجب ابتداءً الاكتفاء بفتوى العالم الموثوق بعلمه، فإذا سأل آخر وأفتاه فتوى تخالف الفتوى الأولى فهنا يلزم المستفتي الأخذ بقول وفتوى الأفضل.
وطريق معرفة الأفضل: تواتر الأخبار بفضله، وتقديم المفضول له، وغير ذلك من الأمارات الدالة على الأفضلية.
ويجدر التنبيه إلى أن اتباع الأفضل لا يخضع لمذهب العالم في الفروع، فلا يقدم مفتٍ على مفت لأن الأول حنفي والآخر شافعي أو العكس.
المسألة السادسة [8]:
إذا سأل المستفتي مفتياً فأفتاه، ثم وقعت مثل الواقعة الأولى، فهل يلزم المستفتي أن يسأل المفتي مرة أخرى؟ أم يبني الحكم على الفتوى الأولى. اختلف العلماء هنا، والأقرب والله أعلم، أن لا يلزمه السؤال مرة أخرى لأنه عرف حكم الواقعة عندما سأل أولاً.
المسألة السابعة:
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله: " أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي؛ ليسأله عن حكم نازلته، فإن لم يكن في محلته، وجب عليه أن يمضي إلى الوضع الذي يجده فيه، فإن لم يكن ببلده، لزمه الرحيل إليه وإن بعدت داره، فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة " [9] أ. هـ.
وكلام الخطيب رحمه الله نستطيع تطبيقه في عصرنا هذا ـ حيث توفر في عصرنا ما لم يتوفر فيما مضى ـ فأقول: أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي ـ الذي يعلم ويستطيع أن يجيبه بشرع الله ـ ليسأله عن حكم نازلته، فإن لم يكن في المكان الذي يعيش فيه مفت، أو كان هناك من يفتي لكنه يعلم أنه غير أهل للفتوى، أو وجد عالماً لا يدري ما حاله؟ ولا سبيل له لمعرفة حاله؟ لزم المستفتي السعي إلى المفتي، وهذا السعي يكون بطرق منها:
1ـ الاتصال الهاتفي بالمفتي، وسؤاله عن طريق الهاتف، سواء كان هذا المفتي في الدولة التي هو فيها أو في دولة أخرى.
2ـ الاتصال بالمفتي عن طريق الهاتف المصور ـ الفاكس ـ ثم إجابة المفتي عليه وإرساله الإجابة إلى المستفتي.
3ـ الاتصال بالمفتي عن طريق التلفاز، حيث إنه يوجد في بعض القنوات الفضائية مفت يتلقى أسئلة المتصلين مباشرة ويجيب عليها، فهذا يحقق المقصود وأنبه هنا على أنه لابد أن يكون المفتي أهلاً للفتوى، لأن بعض القنوات الفضائية ليس لديها حرص على استضافة من هو أهل للفتوى للإجابة على أسئلة المستفتين المتصلين وإنما مقصودها برنامج يبث فحسب، فمثل هذا لا يحل سؤاله ولا الأخذ بفتواه. أما ما لو وجد المفتي الأهل، فهنا يسوغ سؤاله، وهذا التفصيل سبق في المسألة الثالثة، لكني نبهت عليه هنا لخطورته.
4ـ الاتصال بالمفتي عن طريق المذياع وسؤاله وسماع إجابته.
5ـ الانترنيت، فلو كان لأحد المفتين موقع يتولى من خلاله الإجابة على أسئلة المستفتين، فإن ذلك من طرق السعي إلى المفتي، فإن لم يتمكن المستفتي من الاتصال بالمفتي، لزمه الرحيل إلى المفتي وسؤاله والله أعلم.
المسألة الثامنة:
مقام الإفتاء مقام عظيم، لا يتصدى له إلا من كان أهلاً له، ولقد كان علماء السلف يقدرون هذا المقام قدره، فلا يتحرجون من قول: لا أدري. . وهكذا سار العلماء الربانيون على هذه الجادة، ولقد ظهر في العصور المتأخرة ـ منذ عهد السلطان سليم العثماني تنصيب عالم للفتوى، ولا شك أن هذا العمل فيه خيرٌ كثير للمسلمين، إذا كان المنصب فيه أهلاً لذلك.
وبناءً على ما سبق، أقول:
إذا كان العالم المنصب للفتوى أهلاً لذلك، كما هو الحال في بلادنا بحمد الله وفضله وكثير من الدول الإسلامية فهذا ينطبق عليه القسم الأول من المسألة الثالثة.
أما إذا كان هذا العالم غير أهل لهذا المنصب ـ وقد يقع ذلك ـ أو لم يعلم السائل أهلية هذا المفتي ولا يجد لديه سبيلاً لمعرفة أهليته، فهذا لا يصح استفتاؤه ولا سؤاله ولا يصح الاعتماد على فتواه. وعلى المستفتي سؤال غيره ممن هو أهل ٌ للفتوى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/143)
يقول ابن بدران: ". . . وإنما كان الإفتاء موكولاً إلى العلماء الأعلام، واستمر ذلك إلى أن دخل السلطان سليم العثماني دمشق سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة من الهجرة، وامتلكها، فرأى كثرة المشاغبات بين المدعين للعلم، فخصص إفتاء كل مذهب برجل من علمائه الأفاضل قطعاً للمشاغبات، ثم طال الزمن، فتولى هذا المنصب الجليل كثير ممن لا يدري ما هي الأصول؟! وما هي الفروع؟! فوسد الأمر إلى غير أهله، وأعطي القوس غير باريها " [10] أ هـ.
المسألة التاسعة [11]:
كثيراً ما مر معنا في المسائل السابقة أن لابد أن يكون المفتي أهلاً للفتوى، ولا تتأتى معرفة أهلية المفتي للإفتاء، إلا بمعرفة الشروط الواجب توافرها فيه، ولقد تكلم العلماء عن تلك الشروط، وليس هذا مجال بحثه؛ لأنه مما يتعذر على عامة الناس الخوض في تلك الشروط وتطبيقها على من يريدون استفتاءه. ولذا فسوف أبين بعض الدلائل التي من خلالها يعرف العامي أهلية هذا العالم للفتوى. من تلك الدلائل:
1ـ أن ينصَّب العالم للفتوى، بمشهد من أعيان العلماء دون أن ينكروا عليه.
2ـ أن يرى الناس يأخذون عنه ويستفتونه في كل ما يعرض لهم.
3ـ أن يخبره من يثق به أن هذا العالم من أهل الفتوى.
4ـ أن يسمع عالماً من علماء المسلمين يثني على علم هذا العالم.
5ـ أن يستفيض بين الناس أن هذا العالم أهل للفتوى.
فإذا توفر دليل من هذه الدلائل فإنه يدل على أهلية المفتي للفتوى.
المسألة العاشرة [12]:
على المستفتي أن يعلم أن المفتي عالم من علماء المسلمين، فقد يتوقف في بعض المسائل فلا يقول فيها بحكم، وقد يجهل حكم بعض المسائل. وكل ذلك لا يحط من قدره فكم من إمام عالم سئل عن مسألة فقال: لا أدري. يقول أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يستفتى فيكثر أن يقول: " لا أدري " ومع ذلك الناس مقبلون على سؤاله وقبول فتاواه.
وهذا الإمام مالك رحمه الله يقول: " إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن ".
فإذا سأل المستفتي المفتي وقال: لا أدري فيجب أن لا ينقدح في ذهن المستفتي أن هذا الجواب ينقص من قدر المفتي بل على العكس من ذلك حيث إن هذا مما يزيده ويرفع من منزلته؛ إذ بسبب مخافته من ربه لم يتكلم فيما لا يعلم.
المسألة الحادية عشرة [13]:
يسوغ الاعتماد على الفتوى المكتوبة، وإن لم يسمع المستفتي الفتوى من المفتي مباشرة، وذلك بشرط أن تثبت نسبة الفتوى إلى المفتي إما لوجود ختمه أو بمعرفة خطه. .
يقول ابن القيم رحمه الله: " يجوز العمل بخط المفتي، وإن لم يسمع الفتوى من لفظه؟ إذا عرف خطه أو أعلمه به من يسكن إلى قوله " [14] أ. هـ.
المسألة الثانية عشرة [15]:
للمستفتي أن يسأل المفتي بنفسه، ويسوغ له أن يرسل ثقة ليسأله ويبلغه الفتوى.
المسألة الثالثة عشرة [16]:
مما يتعلق بالمفتي، وينبغي للمستفتي العلم به:
1ـ لا بأس أن يكون المفتي كفيف البصر.
2ـ لا تصح فتيا الفاسق؛ إذ من الشروط الواجب توافرها في المفتي "العدالة" يقول ابن القيم رحمه الله: " وأما فتيا الفاسق، فإن أفتى غيره لم تقبل فتواه وليس للمستفتي أن يستفتيه " [17] أ. هـ.
المسألة الرابعة عشرة [18]:
ذكر العلماء جملة من الآداب المتعلقة بالمستفتي ينبغي أن يتحلى بها عند سؤاله المفتي، وما ذاك إلا تعظيماً للعلم الذي يحمله المفتي، وتوقيراً لقدره.
من تلك الآداب:
1ـ ينبغي للمستفتي أن يتأدب مع المفتي ويجله في سؤاله.
2ـ ينبغي للمستفتي أن يسأل المفتي في حالة تناسبه، فلا يسأله وهو ـ أي المفتي ـ في حالة غضب أو ضجر أو هم ونحو ذلك مما يشغل القلب.
3ـ ينبغي للمستفتي أن يوضح سؤاله توضيحاً تاماً سواء مسألة مشافهة أو عن طريق الكتابة، مع الحرص على اختصاره واختصاراً غير مخل.
4ـ ينبغي للمستفتي أن يدعو للمفتي في بداية سؤاله، وفي نهايته مثل
(أحسن الله إليكم، جزاكم الله خيراً، نفع الله بعلمكم).
5ـ إذا أجاب المفتي المستفتي، وكان المستفتي على علم بفتوى لأحد العلماء تخالف الفتوى التي سمعها، لا ينبغي له أن يقول له: أفتاني فلان أو غيرك بكذا.
6ـ ينبغي للمستفتي أن لا يطالب المفتي بالحجة على ما يفتي به، أو يقول له لِمَ؟ أو كيف؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/144)
كل ذلك من باب الأدب مع العالم، فإن أحب معرفة الحجة سأل عنها في مجلس آخر، أو في نفس المجلس بعد قبوله الفتوى.
وذهب السمعاني إلى أن لا يمنع المستفتي من أن يطالب المفتي بالدليل، لأجل احتياطه لنفسه.
ما تقدم بعض المسائل التي ينبغي للمستفتي العلم بها ومعرفتها.
أسأل الله العلي العظيم التوفيق والسداد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
________________________
(1) ينظر: العدة لأبي يعلى (5 - 1601) الإحكام للآمدي (4 - 222) أصول الفقه لابن مفلح (4 - 1532).
(2) ينظر: التمهيد لأبي الخطاب (4 - 399) روضة الناظر لابن قدامة (3 - 1018) شرح مختصر الروضة (3 - 652).
(3) أخرجه أبو داود برقم (340 ـ 341).
(4) أخرجه البخاري برقم (100) مسلم برقم (2673).
(5) ينظر روضة الناظر لابن قدامة (3 - 1021) التمهيد لأبي الخطاب (4 - 403) المسورة (464) الإحكام للآمدي (4 - 232) البحر المحيط (6 - 309).
(6) ينظر العدة لأبي يعلى (4 - 1226) روضة الناظر (3 - 1024) أصول الفقه لابن مفلح (4 - 1559) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (20 - 208)، آداب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (159 ـ 160) آداب الفقيه والمتفقه للبغدادي (2 - 375).
(7) ينظر: روضة الناظر (3 - 1025) شرح مختصر الروضة (3 - 666).
(8) ينظر: العدة لأبي يعلى (4 - 1228) المجموع للنووي (1 - 57) إعلام الموقعين لابن القيم (4 - 261) آداب المفتي والمستفتي (167).
(9) الفقيه والمتفقه (2 - 375).
(10) المدخل (391).
(11) ينظر آداب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (158)، أصول الفقه لابن مفلح (4 - 1542) روضة الناظر لابن قدامة (3 - 1021).
(12) ينظر: الموافقات للشاطبي (5 - 323) آداب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (79)، صفة الفتوى لابن حمدان - ترتيب المدارك للقاضي عياض (1 - 178).
(13) ينظر: آداب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (168).
(14) إعلام الموقعين (4 - 264).
(15) ينظر: آداب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (168).
(16) ينظر: المرجع السابق (107).
(17) إعلام الموقعين (4 - 220).
(18) ينظر المجموع للنووي (1 - 57). الفقيه والمتفقه للخطيب (2 - 375) البحر المحيط للزركشي (6 - 311) أصول الفقه لابن مفلح (4 - 1576) المسودة (554) آداب المفتي والمستفتي لابن الصلاح (168) شرح الكوكب المنير للفتوحي (4 - 593).
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 - 03 - 07, 02:30 م]ـ
الشيخ الكريم / خالد الرويتع
جزاك الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
مسائل مهمة لا حرمك الله أجر نشرها، والنتبيه عليها.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[23 - 03 - 07, 04:06 م]ـ
الشيخ خالد بارك الله فيك على هذا البحث النافع والمفيد ونسأل الله لنا ولك العلم النافع والعمل الصالح
ـ[فلاح عمر القرعان]ــــــــ[25 - 03 - 07, 01:46 ص]ـ
الشيخ خالد بارك الله فيك على هذا البحث النافع والمفيد ونسأل الله لنا ولك العلم النافع والعمل الصالح
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - 03 - 07, 05:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ودمتم ذخرا للملتقى
ـ[وائل النوري]ــــــــ[31 - 03 - 07, 10:21 م]ـ
أحسن الله إليك أيها الفاضل.
هذه بعض الإيضاحات على ما تفضلت به:
1 ـ المسألة الثاني.
ـ فيه دليل على جواز اجتهاد العامي في أعيان المجتهدين وأن ذلك ينزل منزلة الدليل للمجتهد.
ـ فيه دليل على المنع من سؤال من يلقاه بل لابد من النظر.
2 ـ المسألة الرابعة.
ـ الأقرب اعتبار الأعلم.
3 ـ المسألة الخامسة.
هذا يعد تلفيقا وهو ممنوع في حق العامي إذا كان في نفس المسألة.
4 ـ المسألة السادسة.
هذا إذا كانت المسألة بعينها ولا إشكال فيها.
لكن يقال: معرفة العامي لذات المسألة صعب من جهتين:
الأولى: العامي ليس من أهل النظر ومعرفة وجه الشبه قد يكون متعسرا.
الثانية: معرفة القرائن والأحوال المؤثرة في المسألة ليس للعامي غالبا سبيل إليه.
ويمكن النظر في المسألة باعتبارين:
الأول: درجات المسألة.
فما كان معلوما مشهورا منتشرا لا إشكال فيه على أحد قد لا يلزمه إعادة السؤال للمشقة.
وما كان مشكلا فالأقرب الإعادة، وهو الاعتبار الثاني.
الثاني: اجتهاد العالم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/145)
تغير اجتهاد العالم في المسألة الواحدة وارد ولا يلزمه إخبار الناس بذلك. ومذهب العامي مذهب مستفتيه، فما أشكل على العامي يحتاج إلى إعادة السؤال عنه لأنه لا يعمل إلا بنظر العالم.
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو عبدالله البلوشي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 09:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[فخر الدين المغربي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 02:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا
لدي ملاحظة, هي هل إدا أخد المستفتي-العامي- من المفتي فتوى بدون مطالبته بالدليل يكون مقلدا, كما جاء عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال لا يأخد أحد بكلامي حتى يعلم دليلي من الكتاب أو السنة, أو كما قال, فإن للعلماء زلل, كما جاء عن أحمد رحمه الله أنه من أخد برخص العلماء فهو فاسق وبعضهم يكفر من فعل هدا, وقال بعضهم من أخد بكل رخص العلماء إجتمع فيه الشر كله. وخصوصا ونحن في زمن كثر فيه المفتين, حتى أفتى بعضهم في مصر على جواز إعادة غشاء البكارة ,أليس هدا تغريرا بالزوج, من خدعنا فليس منا, وكما تبث في الأثر أن الصدق يهدي الى البر , أن البر يهدي الى الجنة, أنا أقول وبالله التوفيق أنه من شروط المفتي أن يكون واسع الإطلاع لا يتعصب الى مدهبه, يدندن حول أهل القرون الثلاثة الأولى المشهود لهم بالخيرية, يدور مع الحق أينما دار, فالحق لا يستر, ودكر الشوكاني رحمه الله في كتابه الماتع إرشاد الفحول في باب نسخ القرآن الكريم بالسنة المتواثرة, فدهب الجمهور الى جواز دلك إلا الشافعي رحمه الله خالفهم في دلك, ودكر أن الكيا رحمه الله دكر أن القاضي عبد الجبار كان يراجع أصول الفقه للشافعي وعندما وقف على هدا الباب قال هدا الرجل عظيم-يريد الشافعي رحمه الله- ولكن الحق أعظم منه, وإلا فمن يرد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ولم وهو الدي أوتي مثل القرآن, إنه إلا وحي يوحى, فسبحان الله كم أحوجنا الى مثل هدا اليوم. لقد قلت ماقلت فإن أصبت فبتوفيق من الله وإن أخطاءت فمن نفسي ومن الشيطان, والله ورسوله منه بريئان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرء مع من أحب
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[22 - 04 - 07, 05:45 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ خالد .......
2 ـ المسألة الرابعة.
ـ الأقرب اعتبار الأعلم.
الأخ الكريم وائل: ما الدليل على هذا ـ رعاك الله ـ؟
ـ[وائل النوري]ــــــــ[24 - 04 - 07, 01:37 ص]ـ
الحمد لله
أحسن الله إليك
الأقرب اعتبار الأعلم
هذا على جهة التساوي والإمكان.
فبغض النظر عن صفة المستفتي فالجواب من جهتين:
الأولى: جهة النظر
قيل: "لأن هذا أوثق لدينه وأحوط لما يقدم عليه من أمر شريعته" كما في مقدمة ابن القصار (26 ـ 27)
وقيل: لأنه بمنزلة الدليلين للعالم فيرجح الأقوى. ينظر مقدمة ابن القصار (27)
وقيل:" لأنه المستطاع من تقوى الله تعالى المأمور بها كل أحد" كما في الإعلام (4/ 201)
وقيل: "لأنه ينبغي أن يقدم في كل موطن من مواطن الشرع من هو أقوم بمصالح ذلك الموطن" كما في نثر الورود (1/ 674)
وقيل::لأنه أغلب على الظن، وأهدى إلى أسرار الشرع"، والأقرب إصابة للحق.
كما في الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد (16)
قلت: لاشك أن الأعلم أبصر بمواطن الأدلة، وأجمع لأدوات العلم، وأهدى إلى معرفة وجه الدليل ودلالته على مقصود المستفتي، غير أنه لا يلزم معرفته لجميع المسائل المسؤول عنها، فقد يعزب البعض عنه ويعلمه من دونه، فالعبرة بالغالب.
الثانية: جهة السمع
1 ـ عموم قول الله تعالى:" (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل: من الآية43)
فيه دليل على شمول البحث عن الأعلم وتقديمه في الفتوى، وهو أولى بالخطاب من غيره.
2 ـ حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش بعدي يرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ" رواه أبو داود وغيره بسند صحيح
فيه دليل على جواز التفريق بين المستفتين، وسؤال الأعلم.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[25 - 04 - 07, 01:38 ص]ـ
حفظكم الله وبارك فيكم على هذا الجمع المفيد ...
لقد تأملت المسألة منذ زمن، وظهر لي أن المرء تبرأ ذمته باستفتاء المفضول مع وجود الفاضل في العلم وفي الدين.
وأما الأدلة المذكورة وغيرها مما ذكره بعض الأصوليين فلا تنهض ـ في نظري القاصر ـ إلى الإيجاب.
على أنه لم يظهر لي وجه استدلالكم بالحديث الأخير،،،،
رعاكم الله(106/146)
هل الإجماع مستنده الدليل فقط ..... للمناقشة
ـ[أبو حاتم المصري]ــــــــ[30 - 05 - 05, 12:03 ص]ـ
هل الإجماع مستنده الدليل أو هناك إجماع على مسأة منغيردليل
ـ[ماجد الودعاني]ــــــــ[30 - 05 - 05, 12:14 ص]ـ
في المسألة عدة أقوال، والصحيح أنه لابدًّ من مستند للإجماع (أما هل يصح وقوع المستند ظنيا كالقياس فهذه مسألة أخرى والصحيح الجواز) وهذا رأي الجمهور.
أما من قال بأن الاجماع يقع من دون مستند فهو قول طائفة شاذة كما يقول الآمدي، ويسمون أهل التبخيت والتخمين.
والله أعلم.
ـ[أبو عبدالملك]ــــــــ[31 - 05 - 05, 11:25 م]ـ
الإجماع لا يكون إلا عن مستند من الكتاب والسنة، والأدلة الأخرى كالقياس مثلا راجعة في حقيقتها إلى الكتاب والسنة، ولذا فالتحقيق أن الأدلة الأخرى كاشفة عن نصوص الوحي، ولكن قد يعتمد عليها تسهيلا للاستدلال، وعند المحاققة في الجدل لابد من الرجوع إلى ما هي كاشفة عنه، والإجماع من هذا القبيل فهو دليل كاشف، يستند إلى الوحي، يعتمد عليه ويكون قاطعا للنزاع في المسألة.
وحينئذ تتبين فائدة هذه المسألة، وهي أن الإجماع إن كان لابد له من مستند فإنه يكتفى به ولا حاجة إلى الرجوع إلى مستنده كما ينص عليه الأصوليون.
ـ[أبو ناصر الحنبلي]ــــــــ[03 - 06 - 05, 08:10 م]ـ
االأصل أن الإجماع لايكون إلا عن دليل من الكتاب أولسنة أو الاجتهاد - المبني عليهما - أو القياس وهذا عند الأئمة الأربعة وغيرهم لأن الإجماع لايكون إلا من المجتهدين والمجتهد لا يقول في الدين بغير دليل فإن القول بغير دليل خطأ.
ولكن هل البحث في هذه المسألة له ثمرة لأن الإجماع دليل مستقل بذاته فلا يجب علينا البحث عن مستنده إذا ثبت وإلا ما فائدة كونه دليلا وحجة؟
يقول الشيخ سعد الشثري: من ثمرات هذه المسألة أن بعض العلماء قد يقدح في الإجماع لكونه غير مبني على دليل وإذا كان كذلك فيكون إجماعا باطلا.
قال ابن النجار الكوكب 2|259: وخالف بعض المتكلمين في ذلك فقال: يجوز أن يحصل- أي الإجماع - بالبحث والمصادفة والمعنى أن الإجماع قد يكون عن توفيق من الله تعالى من غير مستند.
واما الشيخ محمد ابن عثيمين فكلامه محتمل للقولين:
قال في شرحه للقواعد والأصول الجامعة للسعدي 71 في القاعدة الخامسة مانصه: الأصول الأربعة اثنان متفق عليهما: الكتاب والسنة أما الإجماع فمختلف فيه لأن كثيرا من العلماء يقول: لاطريق لنا إلى الإجماع والذي ثبت فيه الإجماع فعلا قد دل عليه الكتاب والسنة فنكون معتمدين فيه على الكتاب والسنة وما ليس فيه نص فإنه لايوجد فيه إجماع لتعذر الوقوف على الإجماع .......... فإذا كان لايمكن وجود الإجماع الذي لايستند إلى النص فكيف يقال بأنه حجة وقد أكد الشوكاني رحمه الله ذلك في كتاب إرشاد الفحول لكن الصحيح أن الإجماع يمكن أن يقع في شيء ليس فيه نص ..........
وقال في شرحه لمعاقد الفصول وقواعد الأصول لصفي الدين البغدادي الحنبلي- وهو من آخر شروح الشيخ في أصول الفقه - شريط رقم 12 الوجه الثاني: عند قول المؤلف (ويجوز ان ينعقد عن اجتهاد) قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى مانصه: يعني لا عن دليل من الكتاب والسنة وهذا أمر قد يعارض فيه ودائما يحكى الإجماع وإذا تأملت فيه وجدت دليلا من القرآن أو السنة أو منهما إما ظاهرا أو خفيا.
والأقرب أنه لايوجد إجماع إلا على أساس من الكتاب أو السنة وهذا الأساس قد يكون ظاهرا معلوما لكل أحد وقد يكون خفيا.
أما إجماع لا نص فهذا بعيد جدا وتدبر الإجماعات تجد أنك إذا تأملت وجدت أن هناك نص ولكن على فرض أني لم أبحث في الكتاب والسنة هل يكون إجماعهم المعلوم عندي حجة عليّ؟ الجواب: نعم هذا هو الأصل اهـ بحروفه.
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[11 - 06 - 05, 06:21 م]ـ
اود ان اطرح قضيتين
الاولى يروى الاجماع ولا يروى الدليل؟ هل بالامكان ان اخواني الاجلاء بعض الامثلة على اجماع مع رواية الدليل خفيا كان ام ظاهرا
الثانية: قضية للمناقشة وهي الاجماع فما هو الاجماع المعتبر؟ اجماع الصحابة؟ اجماع العلماء؟ اجماع الامة؟ قضية نناقشها معا ان شاء الله
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[12 - 06 - 05, 02:35 ص]ـ
قال الإمام ابن رجب الحنبلي في [الفتح 6/ 124]:
اتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام - يعني أيام منى-
في الجملة، وليس فيه حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيه آثار عن الصحابة ومن بعدهم،
وعمل المسلمين عليه؛ وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت
الأمة عليه لم ينقل إلينا فيه نص صريح عن النبي صلى الله
عليه وسلم، بل يكتفى بالعمل به. أنتهى.
ـ[محمد مصطفى عزت]ــــــــ[26 - 05 - 07, 02:02 م]ـ
هناك اجماع على أمور لا يوجد فيها نص و أمثلة على ذلك: جمع القرآن في مصحف واحد (بالتأكيد لا يجوز الرجوع عن هذا بأن نعود الى السور منفصلة ونلغي المصاحف) , مثال آخر: قتال مانعي الزكاة فقد أجمع الصحابة عليه واقتنعوا برأي أو تفسير سيدنا أبوبكر وأصبح بعد اقتناعهم اجماعا (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/147)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 - 05 - 07, 03:06 م]ـ
هناك خلط يحدث كثيرا في هذه المسألة، وهو عدم التفريق بين قولنا (الإجماع بغير نص)، وقولنا (الإجماع بغير مستند)، والفرق واضح بينهما لمن تأمل.
فلو كان الإجماع لا يصح إلا بنص في خصوص المسألة المجمع عليها لكان الإجماع بلا فائدة إلا قليلا
أما المقصود بـ (المستند) فهو الدليل أو السبب أو المرجع الذي رجع إليه أهل العلم في هذا الإجماع، وهذا المستند قد يكون قول صحابي، وقد يكون قياسا، وقد يكون عملا بقواعد الشريعة العامة، وقد يكون مراعاة للعرف، وقد يكون غير ذلك من الأمور التي هي أعم من النصوص.
ولو أجمع العلماء على مسألة واستدل كل واحد منهم بدليل مغاير للآخر فإن هذا الإجماع صحيح لم يقدح فيه أحد، فلو كان النص شرطا في صحة الإجماع لقدح ذلك في هذا الإجماع المذكور.
والقول المشهور عند أهل العلم أنه لا يلزم البحث عن مستند الإجماع، ولذلك فالخلاف في هذه المسألة خلاف نظري لا فائدة فيه؛ لأن مجرد ثبوت الإجماع يكفي في الاحتجاج، ولا يلزم معرفة الدليل الذي استندوا إليه، ولا يصح أن يقال: هذا إجماع بغير دليل؛ لأن عدم معرفتك لدليل أهل الإجماع لا يلزم منه عدمه كما هو واضح.
ـ[أبو مريم أحمد]ــــــــ[26 - 05 - 07, 04:27 م]ـ
والقول المشهور عند أهل العلم أنه لا يلزم البحث عن مستند الإجماع، ولذلك فالخلاف في هذه المسألة خلاف نظري لا فائدة فيه؛ لأن مجرد ثبوت الإجماع يكفي في الاحتجاج، ولا يلزم معرفة الدليل الذي استندوا إليه، ولا يصح أن يقال: هذا إجماع بغير دليل؛ لأن عدم معرفتك لدليل أهل الإجماع لا يلزم منه عدمه كما هو واضح. [/ quote]
ماقلته اخي ابومالك العوضي صحيح ودقيق .. الا العبارة الاخيرة ففيها نظر ..(106/148)
درر وقواعد من تعليقات ابن عثيمين على -الاصول والقواعد البديعة النافعة -
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[30 - 05 - 05, 09:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى وصلاة وسلاما على خير عباده النبي المصطفى وعلى الال والصحب ومن سار على النهج واقتفى
فهذه درر وقواعد جمعتها من تعليقات الامام ابن عثيمين - رحمه الله - على كتاب شيخه السعدي - رحمه الله - الموسوم بالاصول والقواعد البديعة النافعة
اسال الله ان يبارك فيها وينفع بها ويرزقنا الاخلاص في القول والعمل
1 - الشارع لا يامر الا بما هو مصلحة راجحة
2 - الامر بالعدل واجب والامر بالاحسان سنة
3 - اذا كان النص يحتمل اكثر من معنى لا حرج لاحد منهما على الاخر ولا منافاة بينهما وجب حمل النص عليهما جميعا
4 - الحيلة تابعة للمقصود حسنها وقبحها
5 - كل مال حصل من الانسان باذن من الشارع او باذن من المالك فهو امانة
مثاله: ولي اليتيم له اذن من الشارع
الوكيل له اذن من المالك
6 - كل وفاء بواجب فهو وفاء بنذر وهو المراد في قول الله تعالى - يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا-
7 - عند شيخ الاسلام: يعفى عن جميع النجاسات عن مشقة التحرز منها والصحيح خلافه لان الشارع امر المراة ان تغسل دم الحيض ولو كان يسيرا
8 - الاصل في الاشياء الطهارة والحل
9 - المصالح المرسلة ان شهد لها الكتاب والسنة فهي ثابتة وان لم يشهد لها فهي ليست مصالح وان لم يدل على هذا ولا هذا فان هناك قاعدة ان الشريعة جاءت لتحقيق المصالح
10 - الاصل في العبادات الحظر والاصل في غيرها الاباحة وقد - غيرها - اولى من قيد العادات لدخول الاعيان والمخلوقات من اشجار وحيوان وغير ذلك في قيد - غيرها -
11 - التكليف - العقل والبلوغ - شرط لوجود العبادات
والتمييز شرط لصحة العبادات الا الحج والعمرة
12 - الزكاة لا يجب فيها تكليف لانها حق مالي وبالتالي كان على مال اليتيم زكاة13 - المنهي عنه عموما لا يفسد العبادة مثاله: رجل في صلاته رأى امراة فلا تفسد صلاته
14 - الحرز يختلف باختلاف الاموال
فحرز الغنم والماشية يختلف عن حرز البطيخ وهكذا
15 - الفرق بين التعدي والتفريط
ان الاول فعل ما لايجوز
والاخر ترك ما يجب
16 - الاصل بقاء الشيء كما كان عليه ولا يزول اليقين بالشك
والشك هنا يشمل:
1 - الشك في وقوع الشيء مثاله: لو وشك في طلاق امراته فانها لا تطلق
2 - الشك في ثبوته شرعا مثاله: لو قال قائل اذا تمت مدة مسح الخفين فان الوضوء ينتقض فنقول انه لا ينتقض لان الوضوء ثبت بدليل شرعي فلا ينتقض الا بدليل شرعي
17 - الوثائق ثلاثة: رهن وضمان وكفالة
18 - الشك لا يعتبر اذا كان وهما لانه وسواس
19 - الاتلاف يستوي فيه العامد والمكره والذاكر والناسي والعالم والجاهل
بشرط ان يكون هذا في حق العباد واما في حق الله فقد قال تعالى - ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا - والضمير هنا للعباد
فلو ان انسان هنا نسي واصطاد ارنبا وهو محرم لم يكن عليه شيء
هذا ما تيسر
ولي عودة ان شاء الله
وفقكم الله
ـ[ساعي]ــــــــ[04 - 04 - 08, 12:56 م]ـ
أكمل بارك الله فيك(106/149)
ما هي حقيقة الحصر بـ إنما واخواتها؟؟؟؟؟؟
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[15 - 06 - 05, 04:43 ص]ـ
أيها الفقهاء والأصوليين!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرحو منكم إفادتي بأن الحصر المستفاد من طرق الحصر المعروفة في الأصول، ما هو حكمها؟
أتفيد مطلقا؟ أم تفيد في بعض الأحيان دون آخر؟
فمثلا نرى: في قول الله عز وجل: وما محمد إلا رسول) الآية.
في هذه الآية يستعمل أداة الحصر وهي (إلا) بتقديم النفي عليه.وهو يفيد الحصر في هذه الآية حقيقة؟
ولكن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا ربا إلا في النسيئة.
وهذا لا تفيد الحصر. كما هو واضح.
فإذا ما هي حقيقته؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
أخوكم في الله
الزاهدي
ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 06 - 05, 12:35 م]ـ
سؤالك أخي الكريم - إن فهمتُ كلامك - يمكن بحثه في شقين:
1 - هل إنما تفيد الحصر أم لا؟ (والراجح أنها تفيده)
2 - الحصر قسمان: حقيقي وإضافي.
والكلام في هذين المبحثين مبسوط في كتب البلاغة، ثم في كتب أصول الفقه.
ولعل أحد الإخوة ينشط لنقل ما تحتاج إليه، فأنا الآن بعيد عن كتبي.
وفقك الله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[15 - 06 - 05, 06:21 م]ـ
راجع حاشية الصنعاني على شرح بن دقيق على العمدة. الحديث الأول. ستجد فيه ما لاتكاد تجده عند غيره.(106/150)
القواعد الفقهية عند المالكية
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 04:18 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد،
كتب العبد الفقير إلى ربه رشيد المدور
الدار البيضاء / المغرب
كنت قد كتبت بحثا في مصادر ومصنفات القواعد والفروق والكليات والضوابط الفقهية عند المالكية وذلك في سنة 1991م ونشرته بعد ذلك مقالا في سنة 1996، وها أنا اليوم أعمل على تطويره وتحديثة وتحيين معلوماته، وذلك لنشره في كتاب مستقل.
وقد كانت لي هذه مناسبة اكتشفت من خلال البحث في الشبكة الالكترونية (الإنترنيت) أن منتديات للحوار مفتوحة للحوار بشأن علم القواعد الفقهية، فأردت أن أعرض على المهتمين بالقواعد الفقهية عامة وعند السادة المالكية خاصة أن أعرض عليهم ما أنا بصدد استكماله لأشركهم في أمري طالبا منهم التفضل بمطالعة ما كتبت والتكرم بإبداء الرأي والملاحظات والتصويبات والإضافات حتى يخرج هذا العمل في أفضل صورة ممكنة، والله تعالى أسأل أن يوفقنا جميعا للعمل الصالح.
وإليكم المسودة في مرحلتها اليوم:
] المبحث الأول
تعريف القواعد
وبيان مميزاتها وأهميتها
ولمحة تاريخية بشأنها
المطلب الأول
تعريف القاعدة
في اللغة والاصطلاح1 - [/ CENTER]
القاعدة لغة:
القواعد: جمع قاعدة، وهي أصل الشيء وأساسه، فقواعد البيت أسسه وأصوله التي بني عليها، وهي صفة مأخوذة من القعود، بمعنى الثبات.
قال ابن منظور: «والقاعدة: أصل الأس، والقواعد: الأساس، وقواعد البيت أساسه. وفي التنزيل: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ)، وفيه: (فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ).
قال الزجاج: القواعد أساطين البناء التي تعمده، وقواعد الهَوْدَج: خشبات أربع معترضة في أسفله تركّب عيدان الهودج فيها، قال أبو عبيد: قواعد السحاب أصولها».
ثم استعملت مجازا في القاعدة المعنوية، فيقال بنى أمره على قاعدة وقواعد.
2 - القاعدة في الاصطلاح:
وفي الاصطلاح، عرفها العلامة التفتازاني بأنها "حكم كلي ينطبق على جزئياته لتعرف أحكامها منه".
وقال التهانوي: «هي تطلق على معان: مرادف الأصل، والقانون، والمسألة، والضابطة، والمقصد. وعرّفت بأنّها أمر كلّي منطبق على جميع جزئيّاته عند تعرّف أحكامها منه».
وقد عرفها ابن خطيب الدهشة فقال: القاعدة "حكم كلي ينطبق على جميع جزئياته لتتعرف أحكامها منه".
و أبي سعيد الخادمي عرفها بقوله: "حكم ينطبق على جميع جزئياته لتعرف به أحكام الجزئيات".
و الإمام السبكي اختار تعريفها "بالأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة يفهم أحكامها منها".
وهذه التعريفات تعطي صورة واضحة لتعريف القاعدة بمدلولها العام، فقد جرى هذا الاصطلاح في جميع العلوم، حيث إن لكل علم قواعد.
3 - القاعدة في الاصطلاح الخاص بالفقهاء.
أما في الاصطلاح الخاص بالفقهاء، فقد عرفت القاعدة الفقهية بالعديد من التعريفات المتقاربة، نختار منها ما يلي:
? عرف الحموي، القاعدة بقوله: "إن القاعدة هي عند الفقهاء غيرها عند النحاة والأصوليين: إذ هي عند الفقهاء حكم أكثري لا كلي، ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها".
? وعرفها المقري في قواعده بقوله: "ونعني بالقاعدة كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود وجملة الضوابط الفقهية الخاصة".
? ومن المعاصرين، عرفها مصطفى الزرقاء بأنها: " أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن أحكاما تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحث موضوعها".
? وعرفها أيضا، الدكتور محمد الروكي بأنها: "حكم كلي مستند إلى دليل شرعي، مصوغ صياغة تجريدية محكمة، منطبق على جزئياته على سبيل الاطراد أو الأغلبية".
المطلب الثاني
مميزات القاعدة الفقهية
ومن خلال التعاريف السابقة، نسجل الميزتين الأساسيتين التاليتين:
1. إيجاز العبارة، وإحكام الصياغة، وسهولة التركيب، كقاعدة "العادة محكمة"، و"الضرر يزال"، وهذا ما أشار إليه الشيخ مصطفى الزرقاء بقوله:"فهي تمتاز بمزيد من الإيجاز في صياغتها على عموم معناها وسعة استيعابه للفروع الجزئية، فتصاغ القاعدة بكلمتين أو ببضع كلمات محكمة من ألفاظ العموم".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/151)
2. الأغلبية، وهذا ما أكد عليه تعريف الحموي السابق، حيث اعتبر أن القاعدة الفقهية حكم أكثري وأغلبي لا كلي، وذلك لوجود المستثنيات والشواذ في القاعدة الفقهية أكثر مما توجد في غيرها من القواعد والعلوم الأخرى. ثم إن الشيخ مصطفى الزرقاء أيضا، أكد هذا المعنى بقوله إن القواعد الفقهية: "أحكام أغلبية غير مطردة، لأنها إنما تصور الفكرة الفقهية المبدئية التي تعبر عن المنهاج القياسي العام في حلول القضايا وترتيب أحكامها ... ولذلك كانت تلك القواعد الفقهية قلما تخلو إحداها من مستثنيات في فروع الأحكام التطبيقية خارجة عنها، إذ يرى الفقهاء أن تلك الفروع المستثناة هي أليق بالتخريج على قاعدة أخرى، أو أنها تستدعي أحكاما استحسانية خاصة، وإلى هذا المعنى أشار بعض المالكية بقوله: "من المعلوم أن أكثر قواعد الفقه أغلبية".
المطلب الثالث
أهمية القواعد في الفقه
وفي بيان أهمية المعرفة بالقواعد الفقهية يقول الإمام القرافي:"فإن الشريعة المعظمة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفا وعلوا اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان:
أحدهما المسمى بأصول الفقه، وهو ي غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح، ونحو الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم، ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كون القيا حجة، وخبر الواحد، وصفات المجتهدين.
والقسم الثاني قواعد كلية فقهية جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحكمه، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه، وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال، فبقي تفصيله لم يتحصل.
وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف، فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية، دون القواعد الكلية، تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها. ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب، وأجاب الشاسع البعيد وتقارب، وحصل طلبته في أقرب الأزمان، وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان، فبين المقامين شأو بعيد، وبين المنزلتين تفاوت شديد".
وفي بيان فوائد القواعد الفقهية وأهميتها أيضا، يقول ابن رجب الحنبلي بأنها:" تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب، وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد".
وقال السيوطي أيضا:" اعلم أن فن الأشباه والنظائر فن عظي به يطلع على حقائق الفقه ومداركه ومأخذه وأسراره، ويتميز في فهمه واستحضاره، ويقتدر عل الإلحاق والتخريج ومعرفة أحكام المسائل التي ليست بمسطورة، والحوادث والوقائع التي لا تنقضي على مر الزمان. ولهذا قال بعض أصحابنا: الفقه معرفة النظائر".
وقال الإمام الزركشي:" وهذه قواعد تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على نهاية المطلب، وتنظم عقده المنثور في سلك، وتستخرج له ما يدخل تحت ملك ... "
ومن خلال ما سبق، تتبين أهمية القواعد الفقهية وفوائدها كما يلي:
1 - أنها أحد قسمي أصول الشريعة الإسلامية.
2 - أنها تشتمل على أسرار الشرع وحكمه و مقاصد ه.
3 - أن درجة الإحاطة بها مقياس لتقدير الفقهاء.
4 - أنها توضح مناهج الفتوى، وتعين على فهم الفقه، وحقائقه ودقائقه، ومداركه ومآخذه.
5 - أنها تغني عن حفظ الجزئيات، و أحكام الفروع والمسائل.
6 - أنها تنظم منثور المسائل، وتجمع الشتات، وتقيد الشوارد.
7 - أنها تعين على معرفة الأحكام، وتخريج المسائل وإلحاقها بأصولها.
المطلب الرابع
نشأة القواعد الفقهية
لمحة تاريخية مختصرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/152)
إن القواعد الفقهية لم توضع كلها جملة واحدة، في وقت معين، بل تكونت مفاهيمها، ووضعت نصوصها، وتطورت صياغتها بالتدرج في عصور ازدهار الفقه على يد كبار فقهاء المذاهب جيلا بعد جيل، ولهذا لا يعرف لكل قاعدة واضع أو صائغ، وما عرف من ذلك محدود ومعدود، مثل قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار" التي هي نص حديث نبوي، ومثل قاعدة "لا ينسب إلى ساكت قول"، وقاعدة" إذا ضاق الأمر اتسع"، فقد ذكر السيوطي أن الشافعي هو الذي وضع القاعدة الأولى، وذكر الزركشي أن القاعدة الثانية من عبارات الشافعي الرشيقة.
أما حصر القواعد الفقهية، فإن أقدم خبر يروي عن جمعها، ما رواه الإمامين السيوطي وابن نجيم في أشباههما، من أن أبا طاهر الدباس - وهو ممن عاش في القرنين الثالث والرابع للهجرة - قد جمع أهم قواعد مذهب أبي حنيفة في سبع عشرة قاعدة كلية، ومن جملتها القواعد الأساسية المشهورة وهي:
1 - الأمور بمقاصدها
2 - اليقين لا يزول بالشك
3 - المشقة تجلب التيسير
4 - الضرر يزال
5 - العامة محكمة.
أما أول من دون القواعد الفقهية، فهو أبو الحسن الكرخي (340 هـ) في " أصول الكرخي"، وهي رسالة موجزة ضمت سبعا وثلاثين قاعدة، وقد قام بشرحها الإمام نجم الدين النسفي، ويأتي بعده محمد بن حارث الخشني المالكي (361 هـ) في كتابه " أصول الفتيا في الفقه على مذهب مالك ".
ثم توالى التأليف في القواعد والكليات والفروق والضوابط بعد ذلك جيلا بعد جيل.
وفي إطار هذه اللمحة السريعة، نسجل التحقيب التاريخي التالي:
1. في القرن الثاني الهجري بدأ العلماء يتداولون عددا من القواعد الفقهية.
2. أواخر القرن الثالث الهجري بدأت حركة تقعيد القواعد وتدوينها.
3. القرن الرابع الهجري شهد ظهور أول مؤلف خاص في القواعد الفقهية على يد الإمام أبو زيد الدبوسي (430 هـ) في كتابه" تأسيس النظر".
4. القرن السابع الهجري برز فيه علم القواعد الفقهية، من خلال أعلام، مثل الإمام عز الدين بن عبد السلام الذي ألف كتاب" قواعد الأحكام في مصالح الأنام"، والعلامة محمد بن عبد الله راشد البكري القفصي من فقهاء المالكية الذي ألف كتاب" المذهب في ضبط قواعد المذهب".
5. القرن الثامن الهجري يعتبر العصر الذهبي لتدوين القواعد الفقهية، ومن أشهر من ألف من المالكية فيه الإمام المقري، حيث ألف كتاب "القواعد".
6. القرن العاشر الهجري يعتبر العصر الذي رقى فيه وتطور تأليف كتب القواعد الفقهية على يد علماء كبار، أمثال العلامة السيوطي في كتابه"الأشباه والنظائر"، ومن المالكية أبو الحسن الزقاق التجيني بمنظومته الشهيرة" المنهج المنتخب".
7. القرن الثالث عشر الهجري شهد ظهور أول عمل من نوعه في مجال التأليف في القواعد الفقهية، وقد تمثل ذلك في وضع "مجلة الأحكام العدلية" على أيدي نخبة من فحول الفقهاء في عهد السلطان الغازي عبد العزيز خان العثماني، ليعمل بها في المحاكم التي أنشئت فيذلك العهد، فصدرت المجلة وهي "تحمل في صدرها مجموعة كبيرة من هذه القواعد، مختارة من أهم ما جمعه ابن نجيم والخادمي مضافا إليه بعض قواعد أخرى، فبلغت تسعا وتسعين قاعدة في 99 مادة."
وكتبه رشيد المدور
medouar@parlementaire.ma
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 04:26 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد كتبت بحثا في مصادر ومصنفات القواعد والفروق والكليات والضوابط الفقهية عند المالكية وذلك في سنة 1991م ونشرته بعد ذلك مقالا في سنة 1996، وها أنا اليوم أعمل على تطويره وتحديثة وتحيين معلوماته، وذلك لنشره في كتاب.
وقد كانت لي هذه مناسبة اكتشفت من خلال البحث في الشبكة الالكترونية (الإنترنيت) أن منتديات للحوار مفتوحة للحوار بشأن علم القواعد الفقهية، فأردت أن أعرض على المهتمين بالقواعد الفقهية عامة وعند السادة المالكية خاصة أن أعرض عليهم ما أنا بصدد استكماله لأشركهم في أمري طالبا منهم التفضل بمطالعة ما كتبت والتكرم بإبداء الرأي والملاحظات والتصويبات والإضافات حتى يخرج هذا العمل في أفضل صورة ممكنة، والله تعالى أسأل أن يوفقنا جميعا للعمل الصالح.
وإليكم المسودة في مرحلتها اليوم:
المبحث الثاني
مصادر ومدونات
القواعد والكليات
والضوابط والفروق الفقهية
عند المالكية
1. "أصول الفتيا في الفقه على مذهب الإمام مالك "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/153)
تأليف محمد بن حارث بن أسد الخشني، يكنى أبا عبد الله، ولد بالقيروان أواخر القرن الهجري الثالث، وصفه لسان الدين الخطيب بقوله: "كان عالما فقهيا بالمذاهب والأنساب والتاريخ، جماعا للكتب مميزا للرجال من كل عالم وجيل وفي كل مصر "، استقر بقرطبة إلى أن توفي بها سنة 361 ه.
من مؤلفاته: "الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك"، و "رأي مالك الذي خالفه فيه أصحابه"، و"أصول الفتيا في الفقه على مذهب الإمام مالك".
قصد ابن حارث – بهذا التأليف- جمع أصول المذهب التي تساعد على استنباط أحكام الفروع، حيث لاحظ أن هذه الأصول مطردة، ولذا فهي تدني البعيد وتعين المناظر، وتكون بابا لفقه المذهب تقرب صور أحكامه.
وقد سلك ابن حارث في تأليفه وطريقة عرضه المسائل الفقهية مسلكا متميزا، حيث كان ابن حارث رائدا في مجال التأصيل الفقهي وتقعيد القواعد الجامعة لمسائل من كل باب من أبواب الفقه، وكان ميالا إلى جمع النظائر، سابقا إلى جمع وإبراز ما تناثر في الأبواب الفقهية التقليدية المختلفة من مثل:
باب أحكام المرأة، الذي جمع فيه الكثير من الأحكام التي تخص المرأة في عبادتها ومعاملتها وأداء شهادتها، والإسهام لها إذا شاركت في القتال، وباب الشروط، وباب البنيان، وباب الصبيان وباب الذميين ....
وقد اشتمل الكتاب على الكثير من الكليات الفقهية، حيث افتتح أغلب أبوابه بأصل فقهي من أصول المالكية.
2. "فروق مسائل مشبهة من المذهب"
لأبي القاسم عبد الرحمان بن علي الكناني المعروف بابن الكاتب، توفي عام 408 ه.
ذكر القاضي عياض أنه وقف عليها في جزء منطو على أحد وأربعين فرقا.
3. "قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي"
تأليف الدكتور محمد الروكي.
صاحب الأصل "الإشراف على مسائل الخلاف" هو أبو محمد، عبد الوهاب بن علي بن نصر أبن أمير العرب مالك بن طوق التغلبي، توفي عام 422 ه:
ولد ببغداد ونشأ في بيت علم وفضل وأخذ عن العلماء والفقهاء، كان حافظاَ، فقيهاَ، زاهداَ، يعد من أهم أسباب انتشار المذهب المالكي بمصر بعد دروسه، وتولى قضاء مناطق كثيرة في مصر وبغداد، وله عدد من المصنفات في الفقه والأصول وتوفي بمصر.
وقد ذكر الدكتور الروكي في كتابه "قواعد الفقه الإسلامي"، أن كتاب الإشراف يستوعب مادة غزيرة من القواعد الفقهية الكلية، وأنه سيقوم بعملية تكشيف وجرد لهذه القواعد، وصياغة ما ليس مصوغا منها، ثم تحليلها وإبراز ما ينبني عليها من الفروع، غير قاصد إلى حصر ذلك واستقصائه.
ويضيف قائلا:" وقد صنفت هذه القواعد الفقهية الكلية في ثلاثة اصناف رئيسية، أفردت لكل صنف منها فصلا مستقلا:
? الفصل الأول: قواعد كلية كبرى.
? الفصل الثاني: قواعد كلية في النظريات الفقهية العامة.
? الفصل الثالث: قواعد كلية في مختلف الأبواب الفقهية."
وللقاضي عبد الوهاب البغدادي كتاب في الفروق هو:
4. "الفروق في مسائل الفقه"
للقاضي عبد الوهاب البغدادي، وقد نقل عنه المواق في شرحه على المختصر الخليلي.
5. "الفروق الفقهية"
تأليف أبي الفضل مسلم بن علي الدمشقي المتوفى في القرن الخامس الهجري.
قال المؤلف في مقدمته: "أما بعد فإني سئلت أن أذكر شيئا من فروق المسائل المتفق ظاهرها المختلف باطنها، لأن ذلك مما يشكل على كثير من الناس. فاعلم أنه باب كثير الفروع، يحتاج إلى نظر وبحث .. وقد كان القاضي رحمه الله تعالى حدثني أنه عمل كتابا وسماه بالجموع والفروق، وأنه تلف له، ولم يعمل غيره، وقد ذكر أيضا أصحابه فروقا متفرقة، يصعب حفظها على من رامها وتشتد على من طلبها، لأنهم لم يقصدوا إلى إفرادها، بل أوردوها في تضاعيف الكتب، وأنا أثبت لك من ذلك ما يسهل عليك تناوله ويقرب فهمه، قاصدا في ذلك وجه الاختصار، والله المستعان".
وعن منهجه قال:" وقد أسقطت من ذلك ما ظهر فرقه وبان وجهه، وأوردت ما أشكل أمره وخفي حكمه".
6. "النكت والفروق في مسائل الفقه"
المؤلف هو عبد الحقّ بن محمد بن هارون القرشي السَّهْمي، أبو محمد الصقلي، المالكي، توفي بالإسكندرية سنة سنة 466 ه.
تفقّه على أبي بكر بن عبد الرحمان، وأبي عمران الفاسي، والاَجدابي، وكان فقيهاً، مناظراً، مصنِّفاً، له علم بالاَُصول والفروع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/154)
من مصنّفاته: تهذيب الطالب في شرح المدوّنة، واستدراك على مختصر البراذعي، وكتاب "النكت والفروق لمسائل المدّونة".
7. الفروق
لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري المواق الغرناطي، توفي سنة 897 ه.
8. "التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة "
تأليف القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصي السبتي، ولد بها في منتصف شعبان من سنة 476 ه، وتوفي بمراكش يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة سنة (544 ه).
من مؤلفاته: "ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة مذهب مالك" والإعلام بحدود قواعد الإسلام"و"التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة".
"التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة"، قدره ابنه بعشرة أجزاء، وكان عليه المعول في حل ألفاظ المدونة وحل مشكلاتها، وتحرير رواياتها، وتسمية رواتها ويرجع السبب في ذلك إلى أنه جمع بين شرح المعاني وإيضاحها، وضبط الألفاظ وذكر من رواها من الشيوخ والحفاظ.
تناول فيه مجموعة من المسائل الفقهية الغامضة بغية إيضاح ما استشكل من طرحها وتفسيرها، "ولم يفت أبا الفضل أن يشير إلى فروق دقيقة في التصوير التشريعي، وأن يستخلص قواعد فقهية في صيغة تعابير مختصرة، ولعل هذه الفروق وهذه القواعد أوحت لبعض المفكرين من المالكية من بعده، أن يضعوا كتبا طريفة في الفروق مثل ما فعل القرافي، وفي علم القواعد مثل ما فعل المقري ومن نحا نحوه.
وكتاب "التنبيهات" وإن لم يكن في القواعد الفقهية خاصة لكن لأجل تلك الإشارات ومجموع تلك الاستخلاصات، يمكن عده من كتب القواعد الفقهية.
9. "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام"
تأليف الإمام أبو عباس أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي، الملقب بشهاب الدين، الشهير بالقرافي، توفي سنة 684 ه.
انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك، أخذ أكثر الفنون عن سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام ولازمه ملازمة طويلة، وكان إمام بارعا في الفقه والأصول، اتسمت مؤلفاته كلها بالابتكار من حيث التحقيق والاستنباط وهي نفيسة وفريدة في موضوعاتها، منها كتاب "الفروق" الذي لم يسبق إلى مثله، وكتاب"الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام" الذي اشتمل على فوائد غزيرة ..
بين القرافي موضوع كتابه "الإحكام في تمييز الفتاوى .. " ومنهجه في مقدمته فقال:"وقع بيني وبين الفضلاء مع تطاول الأيام، مباحث في أمر الفرق بين الفتيا التي تبقى معها فتوى المخالف، وبين الحكم الذي لا ينقضه المخالف، وبين تصرفات الحكام، وبين تصرفات الأئمة .. فأردت أن أضع هذا الكتاب مشتملا على تحرير هذه المطالب، وأوردها أسئلة كما وقعت بيني وبينهم، ويكون جواب كل سؤال عقبيه، وأنبه على غوامض تلك المواضع وفروعها، وعدة الأسئلة أربعون سؤالا".
بحث القرافي في كتاب الإحكام بتوسع فرقا واحدا من أجل التمييز بين الفتيا والحكم وبين تصرفات الحكام وتصرفات الأئمة، بمنهج خاص مخترع من قبله على غير مثال سبق، وقد اتخذ القرافي هذا الكتاب ومنهجه في "الفروق" قدوة صار فيه على غراره، وقد صرح بذلك في مقدمة الفروق، سواء من حيث مادة الكتاب أو من حيث المنهج تصريحا واضحا لا لبس فيه ولا غموض، ولأجل ذلك لم ير حاجة إلى إعادة القول في الفرق الذي جعله عنوانا لكتابه، قال القرافي في المقدمة:" وتقدم قبل هذا – يقصد الفروق- كتاب لي سميته كتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام وتصرف القاضي والإمام ذكرت في هذا الفرق أربعين مسألة جامعة لأسرار هذه الفروق، وهو كتاب مستقل يستغنى به عن الإعادة هنا فمن شاء طالع ذلك الكتاب فهو حسن في بابه"، وهو بهذا الاعتبار يعتبر جزأ لا يتجزأ من كتاب "الفروق" التالي:
10. "أنوار البروق في أنواء الفروق"
أتى القرافي في "الفروق" بمنهج مبتكر لم يسبق إليه، فقد جمع القواعد الفقهية، وامتاز ببيان الفروق بين المتشابه أو المتقارب منها، في حين أن الكتب التي ألفت قبل هذا الكتاب بعنوان الفروق كان موضوعاتها بيان مسائل جزئية تشابهت صورها واختلفت أحكامها فقط وطريقته هذه تنمي ملكة الفقه، قال القرافي في خطبة الفروق: "وعوائد الفضلاء وضع كتب الفروق بين الفروع، وهذا في الفرق بين القواعد وتلخيصها، فله من الشرف على تلك الكتب شرف الأصول على الفروع".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/155)
وهذا الكتاب استخلص فيه المؤلف ما نثره في كتابه السابق في الفقه "الذخيرة" من القواعد والضوابط الفقهية عند تعليل الأحكام، غير أنه زاد وتوسع هنا في بيان ما أجمله هناك، قال القرافي في خطبة كتابه "الفروق": "وقد ألهمني الله تعالى بفضله أن وضعت في أثناء كتاب الذخيرة من هذه القواعد شيئا كثيرا مفرقا في أبواب الفقه كل قاعدة في بابها وحيث تبنى عليها فروعها، ثم أوجد الله تعالى في نفسي أن تلك القواعد لو اجتمعت في كتاب وزيد في تلخيصها وبيانها والكشف عن أسرارها وحكمها، لكان ذلك أظهر لبهجتها ورونقها .. ، فوضعت هذا الكتاب للقواعد خاصة، وزدت قواعد ليست في "الذخيرة" وزدت ما وقع منها في الذخيرة بسطا وإيضاحا"، وفي موضع آخر يقول:"فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه بل للشريعة قواعد كثيرة جدا عند أئمة الفتوى والفقهاء لا توجد في كتب أصول الفقه أصلا، وذلك هو الباعث لي على وضع هذا الكتاب، لأضبط تلك القواعد بحسب طاقتي." وفي موضع ثالث يقول مؤكدا غرضه منه:" وهذا الكتاب إنما قصدت فيه ما يتعلق بالقواعد الفقهية خاصة".
والكتاب يحتوي على خمسمائة وثمان وأربعين (548) قاعدة فقهية، ومنهجه فيه تمثل في أمرين:
أ-استنباط الفرق بين فرعين ليستنتج منه قاعدة أخرى.
ب- استنباط الفرق بين قاعدتين بقصد تحقيقها.
ويقول القرافي مبينا منهج كتابه: "وجعلت مبادئ المباحث في القواعد بذكر الفروق والسؤال عنها بين فرعين أو قاعدتين، فإن وقع السؤال عن الفرق بين الفرعين، فبيانه بذكر قاعدة أو قاعدتين يحصل بهما الفرق، وهما المقصود تحقيقهما، ويكون تحقيقهما بالسؤال عن الفرق بينهما أولى من تحقيقهما بغير ذلك، فإن ضم القاعدة إلى ما يشاكلها في الظاهر ويضادها في الباطن أولى، لأن الضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء"
ويعتبر كتاب "الفروق" أهم كتاب في قواعد الفقه المالكي، قال عن قواعده صاحب الديباج: "خمس مائة وثماني وأربعين قاعدة من القواعد الفكرية، مما لم يسبق إلى مثلها أحد من قبل ولا أتى أحد بشبهها".
وقال عنه الصفدي في الوافي بالوفيات"كتاب جيد كثير الفوائد وبه انتفعت وفيه غرائب وعجائب من علوم غير واحدة وقد كتبت بعضه بخطي".
وقال عنه الزركلي في "الأعلام": "هو من المصنفات الجليلة".
وقد نال اهتمام العلماء المالكية وعنايتهم ترتيبا، وتعقيبا، وتهذيبا واختصارا، ومن هذه الأعمال نذكر:
11. "ترتيب فروق القرافي واختصارها"
تأليف الفقيه الشيخ محمد بن إبراهيم البقوري، المتوفى بمراكش عام 707 ه.
وقد بين في خطبته أسباب تأليفه ومنهجه والغاية منه، في كلمات معدودات، حيث قال:" .. فرأيت أن ألخصه، وأن أرتبه، وأن أنبه على ما يظهر خلال ذلك في كتابه، وأن ألحق به ما يناسبه، مما لم يذكر رحمه الله، فيكون هذا كالعون على فهم الفروق المذكورة وتحصيلها."
ومن خلالها يتبن أن الغاية منه، المساعدة على فهم فروق القرافي وإدراك مسائله وتحصيلها، وقد سلك البقوري في كتابه المنهج التالي:
أ - تلخيص قواعد الفروق.
ب - التنبيه على مواطن الانتقاد فيه.
ت - إلحاق بعض القواعد المناسبة له.
ث - ترتيبه ترتيبا جديدا، كما يلي:
? الترجمة الأولى: القواعد الكلية، وتشتمل على ثلاث عشرة قاعدة.
? الترجمة الثانية: القواعد النحوية، وتشتمل على خمس عشرة قاعدة.
? الترجمة الثالثة: القواعد الأصولية، وما يتعلق منها بالأمر والنهي، وبالعموم والخصوص، وبالمفهوم، وبالخبر، والعلل، والاجتهاد، ثلاث وخمسون قاعدة.
? الترجمة الرابعة: القواعد الفقهية، مائة وثمان وخمسون قاعدة، وهي شاملة لأبواب الفقه المختلفة.
12. " ترتيب مباحث الفروق للقرافي"
تأليف عبد العزيز بوعتور جد الشيخ الطاهر بن عاشور التونسي.
حكى أبو الأجفان وحمزة أبو فارس في مقدمة تحقيقهما لكتاب "الفروق الفقهية" لمسلم بن علي الدمشقي أن نسخة منه مخطوطة موجودة بمكتبة آل عاشور تحت رقم: 83، أوراقها 16.
13. "فهرس تحليلي لقواعد الفروق"
وضعه أبو المنتصر أ. د. محمد رواس قلعة جي، باث في موسوعة الفقه الإسلامي- الكويت، أستاذ النظم الإسلامية في جامعة البترول والمعادن- الظهران.
والكتاب فهرس تحليلي بترتيب أبجدي لمسائله، فيذكر رقم القاعدة والموضوع والمجلد والصفحة.
14. "إدرار الشروق على أنواء الفروق"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/156)
تأليف سراج الدين قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط الأنصاري المالكي، ولد في عام ثلاثة وأربعين وستمائة، وتوفي بسبتة سنة 723 ه.
وكان نسيج وحده في أصالة النظر، ونفوذ الفكر، وجودة القريحة، وسديد الفهم، وكان موفور الحظ من الفقه، له تآليف، منها: "غنية الرائض في علم الفرائض"، و "تحرير الجواب في توفير الثواب"،.
في كتابه المسمى أيضا"أنوار البروق، في تعقب مسائل القواعد والفروق" تعقب ابن الشاط القرافي بالنقد والتصحيح، قال في خطبته: "فإنني لما طالعت كتاب القرافي .. ألفيته قد حشد فيه وحشر، وطوى ونشر .. خلا أنه ما استكمل التصويب والتنقيب، ولا استعمل التهذيب والترتيب .. ووضعت كتابي هذا لما اشتمل عليه من الصواب مصححا، وما عدل به عن صوابه منقحا، وأضربت عما سوى ذلك .. ".
"والحقيقة أن بهذه الحاشية القيمة، كثيرا من الفوائد الفقهية العظيمة أجاد فيها ابن الشاط وابتكر، مما يدل على علو مكانته وتمكنه من كثير من العلوم المختلفة، كما أن بهذه الحاشية تفريعات وتقسيمات قيمة، كثيرة النفع، عظيمة الفائدة".
وقد اعتمد كثير من العلماء استدراكات ابن الشاط وتعقيباته:
قال أحمد بابا التنبكتي صاحب نيل الابتهاج: "عليك بفروق القرافي ولا تقبل منها إلا ما قبله ابن الشاط".
وقال الشيخ ميارة صاحب "تكميل المنهج": " وقد كان شيخنا أبو عبد الله الصغير رحمه الله يحكي عن شيخه أبي عبد الله محمد العكرمي أن ولي الله الرجراجي أفاض الله عليهما من بركاته يا محمد عليكم بمطالعة القواعد الفروق ولكن لا تقبل منهما إلا ما قبله ابن الشاط".
إلا أن بعضهم يرى أن ابن الشاط قد أسرف في القول على القرافي، فالقرافي إمام مجتهد في المذهب أداه اجتهاده إلى القول ببعض الأحكام في بعض المسائل واندراج ذلك في نظره تحت قاعدة تشبهها فاعتبرت كذلك وما لم يصب فيه القرافي نظر ابن الشاط فيها، ولأن منهج الشيخين يختلف في الاستنباط لاختلاف طريقة كل منهما في الفقه، فلماذا لا نقبل إلا ما قبله ابن الشاط من هذه القواعد، ونرد ما ردها منها؟ وكيف نحكم طريقة ابن الشاط في طريقة القرافي في الاستنباط والاجتهاد؟ فالقرافي أمام مجتهد في المذهب له رأيه واجتهاده، ولكل فقيه مجتهد طريقته ومنهجه في فهم الأحكام.
15. تعليقات الأفراني على فروق القرافي
للحاج الحسين الأفراني التيزنيتي، فقد ذكر المختار السوسي في "سوس العالمة" (ص205)، أن له تعليقات على فروق القرافي.
16. "القواعد والضوابط الفقهية القرافية - زمرة التملكات المالية"
تأليف عادل بن عبد القادر بن محمد ولي قوته.
17. تعليقات الحجوي على الفروق
الحجوي صاحب الفكر السامي قال فيه عن الفروق:" ولي تعليقات كتبتها حين إقرائها، يسر الله إتمامها.
18. "تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية"
تأليف محمد علي بن الشيخ حسين المكي المالكي (1327 ه).
لخص فيه فروق القرافي وهذبها ورتبها ووضحها، كما أنه أجاب على الإشكالات التي تركها ابن الشاط، وأضاف بعض الزيادات التي رأى أنها ضرورية لتوضيح معنى من المعاني. قال في خطبته: " .. عن لي أن ألخصه (أي كتاب الفروق) مع التهذيب والترتيب والتوضيح مراعيا ما حرره ذلك المفضال من التصحيح والتنقيح (يقصد ابن الشاط) ... مع ما يفتح الله به على ما تتم به الإفادة، من جواب إشكال ترك جوابه أو زيادة .. "
ثم إنه قد يشرح الفرق بطريقته الخاصة ويبين مواضع الاتفاق والاختلاف بين القرافي وابن الشاط، وقد يبدي رأيه أحيانا إما مؤيدا أو معارضا إما للقرافي أو لابن الشاط.
19. مختصر الفروق
تأليف العلامة القاضي ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام الربعي التونسي المالكي، المتوفى سنة 715 ه.
يعد المؤلف من أشهر الذين اختصروا كتاب "الفروق" للقرافي، وهو مختصر جيد اقتصر فيه مؤلفه على المهم المفيد فقط من فروق القرافي، واحتوى على كثير من القواعد والضوابط المهمة، وهو في غاية الوضوح والجلاء لا يحتاج في مطالعته وفهمه إلى كثير عناء.
20. نظم فروق القرافي
للشيخ المسعودي المعذري البونعامي، فقد ذكر المختار السوسي في "سوس العالمة" ص 205، أن له كتابا نظم فيه فروق القرافي.
21. "المذهب في ضبط مسائل المذهب"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/157)
تأليف محمد بن راشد البكري نسبا القفصي بلدا، نزيل تونس، المكني بأبي عبد الله المعروف بابن راشد، عالم بفقه المالكية، أخذ العلم عن الإمام القرافي، توفي سنة 685 ه.
له تأليف منها "الباب اللباب" في فروع المالكية، و"الشهاب الثاقب" في شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي.
كتاب "المذهب " في ستة أجزاء، ومنهم من يسميه " المذهب في قواعد المذهب". قيل في حقه: "أن ليس للمالكية مثله"، وقد نوه به ابن فرحون فقال: "جمع فيه جمعا حسنا".
وهو ليس خاصا في القواعد، فهو كتاب في الفروع الفقهية، لكن بالنظر إلى أن ابن راشد أدمج كثيرا من القواعد الفقهية فيه يعتبر مصدرا مهما لمعرفة القواعد الفقهية في المذهب المالكي.
22. "القوانين الفقهية"
تأليف أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي، لازم ابن رشد وأبا القاسم بن الشاط وانتفع به، توفي سنة 741 ه.
ألف في فنون من العلم منها: "تقريب الوصول إلى علم الأصول"، و"النور المبين في قواعد عقائد الدين" و"القوانين الفقهية".
وكتاب "القوانين الفقهية" تلخيص لمذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية، وهو في عرضه وجمعه يشبه إلى حد كبير ما فعله ابن رجب الحنبلي في كتاب "القواعد"، مع أنه يتميز بإيجازه للمسائل مع بيان أطراف الأقوال فيها ووضعها في عبارات موجزة سهلة ميسرة أو كما سماها هو بنفسه على شكل "قوانين"، وقد سبق القول بأن من معاني القاعدة في الاصطلاح الضابط والقانون.
يبين ابن جزي مميزات كتابه ومنهجه فيقول في خطبته:"واعلم أن هذا الكتاب ينيف على سائر الكتب بثلاث فوائد:
(الفائدة الأولى) أنه جمع بين تهذيب المذهب وذكر الخلاف العالي، بخلاف غيره من الكتب فإنها في المذهب خاصّة أو في الخلاف العالي خاصّة.
(الفائدة الثانية) إنا لمحناه يحسن التقسيم والترتيب، وسهلناه بالتهذيب والتقريب، فكم فيه من تقسيم قسيم، وتفصيل أصيل، يقرب البعيد، ويلين الشريد.
(الفائدة الثالثة) إنا قصدنا إليه الجمع بين الإيجاز والبيان، على أنهما قلّما يجتمعان، فجاء بعون الله سهل العبارة، لطيف الإشارة، تام المعاني، مختصر الألفاظ، حقيقا بأن يلهج به الحفاظ.
وهو كتاب ليس فيه من القواعد الفقهية في الاصطلاح شيء وإنما يتضمن بعضا من الأصول والضوابط الفقهية، فلأجلها ولأجل اعتبار سهولة العبارة وإيجازها عد من كتب القواعد الفقهية مع شيء من التجاوز.
23. "القواعد"
تأليف العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري، توفي عام 758 ه.
من علماء المالكية، أخذ عنه جم غفير من علماء عصره، منهم أبو إسحاق الشاطبي صاحب "الموافقات"، وعبد الله بن محمد بن أحمد جزي صاحب "القوانين الفقهية".
له مصنفات منها: "المحاضرات"، و"النظائر"، و"الجامع لأحكام القرآن"، و"عمل من طب لمن حب"، وكتاب "القواعد".
كتاب "القواعد" يعتبر الكتاب الثاني من حيث الأهمية بعد "الفروق" للقرافي في القواعد الفقهية عند المالكية.
يضم نحو ألف ومائتين وخمسين قاعدة (1250)، وهي ليست خاصة بالمذهب المالكي بل هي على مستوى المذاهب الأربعة سواء من حيث المقارنة بين المذاهب أو من حيث الكشف عن أسرار وأسباب الاختلاف داخل المذهب أو على مستوى الخلاف العالي. وزاد في أهميتها أنها لا تختص بباب أو أبواب من الفقه بل تشمل الفقه كله.
وقد أوضح المقري ملامح منهجه في المقدمة، فذكر أنه يورد القواعد الفقهية بنوعيها: كلية وخلافية، ثم يفرع على القاعدة الفقهية بصورة مختصرة جدا، قال المقري: "قصدت إلى تمهيد ألف قاعدة ومائتي قاعدة هي دون الأصول، القريبة لأمهات مسائل الخلاف المبتذلة والغريبة، رجوت أن يقتصر عليها من سمت به الهمة إلى طلب المباني .. فلذلك شفعت كل قاعدة منها بما يشاكلها من المسائل وصفحت في جمهورها عما يحصلها من الدلائل"، كما كان يستدل على قواعده كثيرا بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وقد سلك في ترتيبها الترتيب على أبواب الفقه.
ويلاحظ أيضا، أن المقري لم يكن -في كتابه هذا- مجرد ناقل للأقوال أو جماعة للآراء، حيث كان ينهج سبيل الترجيح حيث يعرض أقوال المذاهب، وقد يخالف مذهبه ويرجح مذهبا آخر إذا رأى الحق معه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/158)
كما يلاحظ أيضا أن المؤلف في عرضه النظائر والفروع قد نهج مسلك التركيز و الاختصار، لذلك تجد فيه عويصة تحتاج إلى الشرح، وقد تسبب هذا في عسرة فهم مسائله.
وصفه أحمد الونشريسي وصفا دقيقا فقال: "إنه كتاب غزير العلم كثير الفوائد لم يسبق إلى مثله، بيد أنه يفتقر إلى عالم فتاح".
وقال المنجور عن قواعده: "إنها جليلة القدر عظيمة الشأن".
وفي الواقع يعتبر هذا الكتاب إلى جانب "فروق" القرافي من أقوم ما ألف في قواعد المذهب المالكي، ولعله أوسع كتب القواعد عند المالكية، ويظهر هذا جليا في أثره على من جاء بعده من كتب القواعد.
والجدير بالذكر أن إسهام المقري في مجال القواعد لم يقتصر على هذا الكتاب، بل له مساهمة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى، تجسدت في كتابه المسمى:
24. "عمل من طب لمن حب"
وضع هذا الكتاب خصيصا للصبيان والمبتدئين لينمي فيهم الملكة الفقهية. أثنى عليه المقري (الحفيد)، وقال:" إنه بديع في بابه" "وهو فوق ما يوصف".
وقد أضح المقري موضوعه وأقسامه وقال أنه ضمنه "من أحاديث الأحكام أصحها، ومن كلياته أصلحها، ومن قواعده أوضحها، ومن حكمها أملحها"
وقسمه إلى أربعة أقسام:
أ - القسم الأول: أحاديث الأحكام، وهي خمسمائة حديث من أحاديث الأحكام مرتبة بحسب أبواب الفقه.
ب - القسم الثاني: الكليات الفقهية، وهي خمس وعشرون وخمسمائة كلية، هي ضوابط في أبواب الفقه المختلفة.
ت - القسم الثالث: القواعد الحكمية، وهي ثلاثمائة قاعدة من قواعد الشريعة، أكثر شمولا واتساعا من الكليات الفقهية
ث - القسم الرابع: في الألفاظ الحكمية المستعملة في الأحكام الشرعية، أورد فيه كلمات مشهورة لأئمة مجتهدين حول الفقه واستنباط الأحكام.
25. "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول"
تأليف محمد بن أحمد بن علي الإدريسي الحسني أبو عبد الله، المعروف بالشريف التلمساني، توفي سنة 771 ه.
باحث من أعلام المالكية، انتهت إليه إمامتهم بالمغرب، من مؤلفاته "شرح جمل الخونجي"، و"مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول".
يعتبر كتابه "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول"من أجود المصنفات في علم أصول الفقه، ألفه على منهج جديد، مرتب منظم، قوي العرض دقيق النظر، يعنى بما خلت منه المؤلفات في علم الأصول مما يلزم المتعلم، ويمرن الفقيه، فهو تطبيق للمسائل الفقهية على الأصول والأدلة الكلية، وتحرير للفروع الخلافية، مع تيسير في الاستنباط، وهو لهذا الاعتبار يعد من كتب القواعد وإن كان ليس في القواعد الفقهية الخالصة، ولكنه يجمع بين القواعد والأصول.
26. " قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي"
تأليف الدكتور عبد الرحمان إبراهيم زيد الكيلاني، من مواليد الأردن 1970م.
الكتاب الأصل هو" الموافقات"، تأليف أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، أخذ عن أبي عبد الله الشريف التلمساني، والإمام المقري، توفي عام 790ه.
قال الشيخ بابا التنبكتي في "كفاية المحتاج" في وصفه:"ذا قدم راسخ في العلوم والإمامة العظمى في الفنون فقها وأصولا وتفسيرا وحديثا وعربية وغيرها مع تحرير عظيم وتحقيق بالغ إلى استنباطات جليلة وفوائد كثيرة وقواعد محققة محررة واقتراحات عزيزة مقررة .. "
له تآليف نفيسة اشتملت على تحريرات للقواعد وتحقيقات لمهمات الفوائد منها كتاب "الاعتصام"، و"الموافقات ".
وهو في هذين الكتابين ذكر مجموعة من القواعد الكلية الهامة، فقد كان له ولع وعناية بتحرير القواعد الجامعة وصياغتها صياغة دقيقة مركزة، وميزة قواعده أنها تختص بالفقه المقاصدي، وهو في هذا متأثر بالقرافي وشيخه العز بن عبد السلام، كما أنه استفاد من المقري من الناحية المنهجية، وإلى هذا يشير الفاضل بن عاشور في سياق حديثه عن قواعد المقري ومنهجه في استخلاصها حيث قال:"وعلى هذا المنهج الاجتهادي العالي كان تأسيس السلم الذي تدرج فيه أبو إسحاق الشاطبي حيث انتهى إلى عوالي القواعد القطعية".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/159)
وقد عمل الدكتور أحمد الريسوني على جمع قدر مهم منها مما بدا له أنه أكثر نضجا ووضوحا في كتابه "نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي"، قال الريسوني " وفي موضوعنا خاصة، نجد أن إمامنا الملهم، قد قدم لنا برهانا آخر على أنه كان مبدعا ومؤسسا، وذلك من خلال بثه لعشرات من القواعد، التي تختصر لنا الكثير من جوانب نظرية المقاصد"، وسماها قواعد المقاصد، وقسمها إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: مقاصد الشارع، ذكر فيه ثلاثة وثلاثين قاعدة.
- القسم الثاني: مقاصد المكلف جمع فيه أحد عشرة قاعدة.
- القسم الثالث: كيف تعرف المقاصد، استخلص فيه عشرة قاعدة.
و الدكتور عبد الرحمان إبراهيم زيد الكيلاني في كتابه "قواعد القاصد عند الإمام الشاطبي" عرض ودرس وحلل أزيد من أربعين قاعدة سماها "قواعد مقاصدية"مأخوذة من عند الشاطبي وحده.
وعن أهمية دراسته قال في تقديمه:" تسهم هذه الدراسة، عن طريق عرض القواعد وتأصيلها وتحليلها، في إمداد المجتهد بثروة عظيمة من القواعد المقاصدية التي تعينه في عملية الاجتهاد، وتبين له أهمية مرافقة هذه القواعد له في آلية الاجتهاد، ليكون الحكم الشرعي الذي يتوصل إليه موافقا لمقصد الشارع ومنسجما معه في منتهاه."
27. "المسند في قواعد المذهب"
تأليف محمد عظوم المالكي، توفي في أواسط المائة العاشرة من الهجرة.
تعرض فيه لأغلب الأبواب الفقهية دون أن يلتزم التبويب العادي للفقهاء حيث بدأ كتابه بالصوم. ويضم كليات فقهية وما اتفق عليه علماء الأصول من الأقوال.
ومنهجه في ذلك أن يذكر الباب وينقل المواهي على طريقة إمام الحرمين، مكثرا من النقول عن كبار فقهاء المذهب ومن أمهات الكتب، وبعدها يذكر القواعد الفقهية، وهي تمثل أغلبية الكتاب وجلها منقول عن المقري، فإن كان فيها اختلاف بين العلماء بينه، اختار المشهور من أقوالهم، وقد يجتهد رأيه في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى يختم القاعدة بتساؤل دون أن يعقب عليه بشيء.
ومما امتاز به أنه لم يكتف بذكر القواعد الفقهية والأصولية بل عمد إلى التطبيق العملي لهذه القواعد عن طريق تناول بعض النوازل التي وقعت في عصره، وذكر ما يتعلق بها من أحكام فقهية وقواعد أصولية.
28. "الكليات الفقهية على مذهب المالكية"
تأليف أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي العثماني المكناسي المالكي المتوفى سنة 919 للهجرة.
من مؤلفاته "شفا الغليل في حل مقفل خليل" مخطوط، أوضح به غوامض مختصر خليل في الفقه، و"نظم نظائر رسالة القيرواني" مخطوط في الفقه شرحه الحطاب.
وكتابه "كليات فقهية على مذهب المالكية" تناول فيه أربعا وثلاثين وثلاثمائة كلية متعلقة بالنكاح وتوابعه، والمعاملات على اختلافها، والأقضية والشهادات والحدود والعتق، ولم يضمه شيئا من مسائل العبادات.
بين ابن غازي قصده وشيئا من منهجه في "الكليات الفقهية" في مقدمته وقال:" وإنما قصدت إلى ما يطرد أصله ولا يتناقض حكمه، وإلى كل جملة كافية، ودلالة صادقة، وإلى ما يؤمن اضطرابه، ولا يخشى اختلافه، وإلى كل قليل يدل على كثير، وقريب يدني من بعيد، وبينتها على المشهور من مذهب العلماء المالكية، وما جر عليه عمل السادات الأئمة ".
"وتشعرنا هذه المقدمة أن ابن غازي كان يهدف بوضع هذه الكليات في المسائل التي جرت عليها الأحكام إلى ما قصد إليه ابن حارث في "أصول الفتيا" مما أوضحه في مقدمته".
29. "المنهج المنتخب على قواعد المذهب"
تأليف علي بن قاسم بن محمد التجيبي أبو الحسن المعروف بالزقاق، كان عارفا بالفقه متقنا لمختصر الشيخ خليل كثير الاعتناء به والتقييد عليه مشاركا في كثير من علوم النحو والأصول والحديث والتفسير والتصوف توفي عن سن عالية بشوال سنة 912 هـ.
وكتابه "المنهج المنتخب على قواعد المذهب"، منظومة من عشرين وستمائة بيت في القواعد الفقهية على مذهب الإمام مالك، جاء في مطلعها:
وبعد فالقصد بهذا الرجز نظم قواعد بلفظ موجز
مما انتمى إلى الإمام ابن أنس وصحبه وما لديهم من أسس
مع نبذ مما عليها قررا أومي لها فقط لكي اختصرا
سميته بالمنهج المنتخب إلى أصول عزيت للمذهب
ومراد الزقاق بالقواعد: الأمر الكلي، وقد قسمه إلى قسمين:
- الأول، ما هو أصول أمهات مسائل الخلاف، وعليها يتكلم من أول الكتاب إلى قوله فصل إعطاء ما وجد حكم ما علم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/160)
- والثاني ما هو أصول المسائل، فيقصد بذكر النظائر فقط من غير إشارة إلى الخلاف.
بدأ قواعده بقاعدة هل الغالب كالمحقق أم لا؟ وقاعدة هل المعدوم شرعا كالمعدوم حسا أم لا؟ والاستفهام لطلب التصديق هنا لا للتصور، وجوابه إما نعم أو لا، وبذلك تشبه قواعده قواعد الونشريسي في "إيضاح المسالك" حتى يخال الباحث أن الأولى نظم للثانية ولعل لتعاصرهما أثر في ذلك.
وقد وعد بشرحه وقال:
وبعد أن يكمل إن شاء الإله أتبعه شرحا مبينا
ومن أراد إكمال الغايات لم يفصل الشرح عن الأبيات
غيرأنه مات رحمه الله قبل شرحه وقيل أنه شرحه، والله أعلم.
وصفه أحد العلماء المغاربة قائلا: "من أفضل ما صنف في علم القواعد، وأجل ما اعتمده بالتفهم، واعده للحفظ كل ناهض وقاعد لكونه صغير الجرز، غزير العلم".
وقال عنه المنجور: "وهو مع صغر حجمه، وكثرة علمه، وسهولة حفظه، لا يوجد له في بابه فيما علمت نظير".
وقد حظيت هذه المنظومة باهتمام المالكية حيث تولى عدد من العلماء شرحها وتكميلها كما يلي:
30. "المنجور على المنهج المنتخب"
تأليف العلامة أبو العباس أحمد بن علي بن عبد اللّه (عبد الرحمان)، الفاسي المعروف بالمنجور، ولد سنة 926 ه، وتوفّي في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وتسعمائة (995 ه).
خاتمة علماء المغرب كان أحفظ أهل زمانه وأعرفهم بالتاريخ والأصول والحديث والتفسير، متبحرا في كثير من العلماء، درس على جماعة، منهم: سقين، وابن هارون، وعبد الواحد الونشريسي، وابن جلال، واليسيتني.
وتتلمذ عليه جماعة حينما تصدّى للتدريس، كعبد الواحد الفيلالي، وأبي عبد اللّه الرجراجي، وإبراهيم الشاوي، وابن عرضون، ويوسف الفاسي، وأحمد بن أبي العافية.
صنّف: مراقي المجد في آيات السعد، شرح منظومة "المنهج المنتخب إلى أُصول المذهب" لعلي بن قاسم الزقاق حاشية على شرح السَّنوسي لكتابه.
تناول فيه كل قاعدة بالشرح والإيضاح مشيرا في الغالب إلى قواعد المقري، قال في خطبته: "فالغرض أن أضع على المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب شرحا يبين العسير، ويكمل به إن شاء الله التقرير ... "
وهذا الشرح نفسه تلقاه علماء المالكية بالقبول حيث حظي بالشرح والتعليق والاختصار، ومما ألف حوله:
31. "المختصر المذهب من شرح المنهج المنتخب"
اختصره بنفسه.
32. "شرح المختصر من ملتقط الدرر"
وتولى شرحه بنفسه.
ومن هذه الأعمال أيضا:
33. "الإسعاف بالطلب مختصر شرح المنهج المنتخب على قواعد المذهب"
تأليف الشيخ أبي القاسم بن محمد بن أحمد التواني، أحد علماء المالكية بليبا.
اختصر فيه شرح المنجور على المنهج المنتخب على قواعد المذهب للزقاق، "وقد توخى المؤلف منه سهولة العبارة وجودة التنظيم مما يساعد على فهم القواعد وضبط فروعها".
34. شفاء الغليل على المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب
تأليف العالم العلامة السيد محمد بن علي بن سعيد، بزاوية سيدي يعقوب السوسي.
وقد أوضح قصده في خطبة الكتاب فقال: "فهذا تقييد يكون كالشرح مزجته بنظم الزقاق قصدت فيه حل ما يحتاج إلى الحل من ألفاظه وما يتوقف عليه فهمه ببيان إعرابه، وصنته من التطويل الممل والإيجار المخل".
أما عن الدافع الأساسي له فيقول: "وجرأني على التكلم في بعض معانيه الظاهرة، واستكشاف لمعة يسيرة من أنواعه الباهرة، أني لم أر قط له شرحا سوى شرح الإمام أبي العباس المنجور رحمه الله ورضي عنه، دخلت يدي منه نسخة كثيرة التصحيف وإسقاط الكلمات والسطور مع التحريف، فأحوجني إعواز غيرها إلى استطلاع أنوار بدرها، على أنه بتقدير سلامته من هاتيك العيوب لم يشف صنيعه غليل ظمإ المكروب لعدم تيسر الوقوف منه على المطلوب، إذ ربما عاقني توارد الأهوال عن مطالعة نصابه بحسب الأحوال، حتى إذا جلست للإقراء به في مجلس التدريس تحيرت كما يتحير فاقد الخندريس، فشمرت إذ ذاك ذيل الملل، وكشفت عن ساق من جد العمل .. لاستخراج لآليه وجواهره بالعبر .. مع أني في هذا التعليق الذي أورده، والكلام الذي فيه أودعه غير مدع به أنه شرح كلام المؤلف".
أما منهجه فيتمثل في:
أولا: الاستشهاد لكثير من جزئياته من دلائلها في مختصر خليل.
ثانيا: رد كل جزئية إلى قاعدتها عند جمعها بين قاعدتين فأكثر.
ثالثا: التبسيط والسهولة التي تفي عند الاحتياج إلى المطالعة والنظر قبل المذاكرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/161)
وسماه "شفاء الغليل على المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب".
هذا وقد عاب الشيخ محمد علي على المنجور انتقاده للزقاق واعتراضه على بعض مسائله، وفي هذا الصدد يقول محمد بن علي: "والعجب من الشيخ أحمد المنجور رحمه الله كيف انتقد على المصنف وهو بصدد الاعتذار والتماس الصفح عن الهفوات ... ثم هو يرميه بالنضال ويرشقه بالسهام ... ألا تراه يحمل عليه غير المعني الذي يريده من الحديث الذي استدل به واستشهد به لما يوافق الغرض المسوق لأجله .. والحاصل أن اعتراضه غير مسلم".
35. "إعداد المهج للاستفادة من المنهج"
إعداد وترتيب الشيخ أحمد بن أحمد المختار الجكني الشنقيطي.
أما التأليف فهو لمحمد الأمين بن أحمد زيدان، نشأ وتعلم في بادية موريتانيا، وكانت وفاته في النصف من القرن الرابع عشر للهجرة له مؤلفات كثيرة، منها شرح على مختصر خليل معروف ب"النصيحة"، ومنها شرح على مراقي السعود أسماه"مراقي الصعود إلى مراقي السعود".
وله أيضا، شرح على المنهج المنتخب، وهو شرح مختصر وضع فيه النقط على الحروف في حل ألفاظ وإشارات الناظم، وقد كانت له وقفات متعددة أما ليبدي رأيا أو يفيد فائدة وغالبا ما يستفتحها بعبارة "قلت" وقد اتبع خطة المتقدمين في أسلوب الكتابة حيث عمد إلى تفريق كلمات البيت أثناء الشرح مبرزا لها أثناء جمله بالحبر الأحمر حتى ولو كانت حرفا واحدا أو كلمة.
ولقد كان هذا الأسلوب من حيث صعوبته وعباراته التي تبدو صعبة على من لم يتعود قراءة تآليفه وكذا أهمية الشرح من بين أهم الأسباب التي أملت على الشيخ أحمد بن أحمد المختار الجكني المدرس بالمسجد الحرام إلى إعداده وترتيبه، تيسيرا للاستفادة منه، حيث وضح بعض العبارات الصعبة وعلق على بعض القضايا إما مستدلا مسألة أو محققا لحكم، أما عمله الأساس فتمثل في سلخ النص وجرده عن الشرح، وكانت له توضيحات في العبارة وقليل تعليق بالهامش، كما وضع فهرسة شاملة لفصوله وأبوابه وسماه " إعداد المهج للاستفادة من المنهج"، وقد نسبه لنفسه دون مؤلفه الأصلي - كما يروي عن نفسه في التوطئة- مخافة من أن يطالب فيه أحد بميراث أبيه.
ومن شروح "المنهج المنتخب" نجد أيضا:
36. "خواتم الذهب على المنهج المنتخب"
تأليف عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم الأمزوري الهلالي.
ذكر المؤلف في سبب تأليفه أنه قرأ "المنهج المنتخب" على والده، وأنه كان يشير إلى فروع القواعد بأدنى إشارة، لذلك تعلق غرضه بأن يضع عليه شرحا، وأنه أستشار والده فأشار عليه من النقل عن المحجور.
وعن منهجه قال في خطبته:" ولم أنقل غالبا بالمعنى، وربما زدت من كلام غيره يسيرا"، وهكذا يكاد يكون تلخيصا من شرح المنجور كما صرح بذلك الشارح، ولكنه مع ذلك يتجه أحيانا إلى الأصول التي اتحه إليها المنجور نفسه.
37. "تكميل المنهج"
تأليف أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الفاسي الشهير بميارة، فقيه مالكي توفي 1072 ه.
أكمل منظومة الزقاق بإضافة بعض القواعد والمسائل نظما، واشتملت على ستمائة وواحد وسبعين بيتا (671).
ثم شرحها بنفسه، سماه:
38. " الروض المبهج في تكميل المنهج"
له أيضا.
وشرحه أيضا محمد يحي بن المختار بن الطالب عبد الله الحوضي الولاتي، شرحا طويلا كثير الفوائد.
وهو نفسه له منظومة في القواعد الفقهية سماها:
39. "المجاز الواضح في معرفة قواعد المذهب الراجح"
تأليف الفقيه الحافظ محمد يحيى بن المختار الولاتي، ولد سنة 1259 ه في مدينة ولاته في الجهة الشرقية من موريتانيا, وتوفي سنة 1330 ه الموافق 1912م، كان عالما مشاركا محدثا، حافظا، فقيها أصوليا، أديبا، شاعرا وناثرا، مالكي المذهب، أشعري الاعتقاد، تيجاني الطريقة، وقد بلغت مصنفاته حوالي المائة.
"المجاز الواضح في معرفة قواعد المذهب الراجح" له، وهي منظومة نفيسة جمع فيها كل ما في المنهج المنتخب للزقاق وزاد عليه، منظومة من ثلاثين بيتا في الأصول المعتمدة في المذهب المالكي، منها ما هو من القواعد الأصولية ومنها ما هو من القواعد الفقهية.
وقد بين الغرض من هذه المنظومة بقوله:
وَبَعْدُ فَالْقَصْدُ بِذَا النَّظْمِ الوَجِيْزْ ذِكْرُ مَبَانِي الفِقْهِ في الشَرْعِ العَزِيزْ
و من القواعد، ذكر القواعد الخمس التي عليها مدار الفروع، فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/162)
وَهَذِهِ خَمْسُ قَوَاعِدَ ذُكِرْ أَنَّ فُرُوْعَ الفِقْهِ فِيْهَا تَنْحَصِرْ
وَهْيَ اليَقِيْنُ حُكْمُهُ لا يُرْفَعُ بالشَكِّ بَل حُكْمُ اليَقِيْنِ يُتْبَعُ
وَضَرَرٌ يُزَالُ وَالتَيْسِيْرُ مَعْ مَشَقْةٍ يَدُوْرُ حَيْثُمَا تَقَعْ
وَكُلُّ مَا العَادَةُ فِيْهِ تَدْخُلُ مِنْ الأُمُوْرِ فَهْيَ فِيْهِ تَعْمَلُ
وَلِلّمَقَاصِدِ الأُمُوْرُ تَتْبَعُ وَقِيْلَ ذِي إلى اليَقِيْنِ تَرْجِعُ
وَقِيْلَ لِلعُرْفِ وَذِي القَوَاعِدُ خَمْسَتُهَا لا خُلْفَ فِيْهَا وَارِدُ
وقد شرحها بنفسه شرحا سماه:
40. "الدليل الساهر الناصح على المجاز الواضح"
شرح محمد يحى بن المختار الحوصي الولاتي منظومته "المجاز الواضح .. ".
وصفه الدكتور عمر الجيدي في مقالة وقال:" وقد التزم فيه الإيضاح والتقرير لمدلول القاعدة، ثم بين كيفية إنتاج الفروع من القاعدة وكيفية تطبيقها عليها ووجه الدلالة منها، ثم يبين كيفية تصحيح كل قول وتقسيمه وإطلاق أو تقييده وتخصيصه أو تعميمه، و هل هو منصوص أو مخرج .. وقد نظم هذه القواعد على أبواب الفقه بداية بالطهارة و انتهاء بالبيوع"
41. "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك"
تأليف أبي العباس أحمد الونشريسي (914 ه)، يعتبر من أشهر ما ألف في قواعد المذهب المالكي.
وهو كتاب معتدل نوه به صاحب الفكر السامي فقال: "إنه فلسفة فقهية مفيدة".
يتضمن مائة وثمانية عشرة قاعدة، يبتدئ بقاعدة "الغالب هل هو كالمحقق أم لا"، وينتهي بقاعدة: "كل ما أدى إثباته إلى نفيه، فنفيه أولى"، وبين هذه وتلك أورد المؤلف أربعة أقسام من القواعد، أودع في كل منها – غالبا - قضايا متعددة، وفروعا مختلفة تصل في مجموعها إلى نحو ألفي مسألة وصورة، بالإضافة إلى المقدمة وتقريظه للإيضاح بنفسه في النهاية.
ولقد نهج فيه مسلك التنويع في إيراده للقواعد سواء في الصيغ أو في الفروع والصور، كما أنه اجتهد في تحقيق القواعد والمسائل، فيعرض آراء المذاهب المختلفة، ويدرج تحت كل قاعدة ما يناسبها من الفروع الفقهية، ويلخص القواعد ويهذبها فيدمج بين قاعدتين أو أكثر في قاعدة واحدة.
42. "عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق"
له أيضا.
43. "النور المقتبس من قواعد مالك بن أنس"
تأليف عبد الواحد بن أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي، أبو محمد الفاسي المعروف بابن الونشريسي، الفقيه المالكي، ولد بعد سنة ثمانين وثمانمائة، درس على: والده أبي العباس الونشريسي المتقدم، وابن غازي، والحبّاك، والهبطي، وأبي زكريا السوسي وأبي الحسن الزقاق، وابن هارون، وجلس بعد وفاة أبيه (سنة 914 ه) للتدريس، فأقرأ في علوم شتّى، وولي قضاء فاس، ثم انتصب للفتيا بعد ابن هارون، أخذ عنه: المنجور، وعبد الوهاب الزقاق، واليسِّيتني، وغيرهم.
وصنّف كتباً، منها: شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي، شرح «الرسالة» لابن أبي زيد، تعليق على البخاري، نظم «التلخيص» لابن البنّاء في الحساب، نظم «إيضاح المسالك إلى قواعد الاِمام مالك» لاَبيه وسمّاه النور المقتبس،وله خطب بليغة، وفتاوى محرّرة، ونظم كثير في مسائل فقهية.
توفّي قتيلاً في ذي الحجّة سنة 955 ه.
"النور المقتبس من قواعد مالك بن أنس" عمد فيه إلى قواعد والده في "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك" ونظمها على غرار "المنهج المنتخب" للزقاق، ولخصها، وأضاف إليها زيادات وقد شرحها المنجور، وميارة صاحب تكميلة المنهج.
44. "تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية من خلال كتابي "ايضاح المسالك" للونشريسي و"شرح المنهج المنتخب" للمنجور"
إعداد أ. د. الصادق بن عبد الرحمن الغرياني.
في بيان موضوع الكتاب قال المؤلف في المقدمة:" فهذا كتاب توضيح وبيان لتطبيقات الفروع الفقهية في كتابين من أهم كتب القواعد الفقهية عند المالكية .. تبين أن الكتابين"إيضاح المسالك" و"شرح المنهج المنتخب" لا يغني مجرد تحقيقهما كبير فائدة، وأحس الطلبة وأهل العلم بالحاجة الماسة إلى فك رموزهما وحل ألفاظهما، فالكتابان من الصعوبة بمكان، يقومان على الاختصار الشديد، والإشارة العابرة بالكلمة الواحدة، إلى مسألة تحتاج إلى تأمل ونظر لو ذكرت مفصلة، فكيف وقد اختزلت اختزالا".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/163)
وعن منهجه قال:" قمت في هذه التطبيقات بتوضيح القاعدة، وذكر الألفاظ المشابهة لها والاستدلال عليها، ثم تصوير المسائل المندرجة تحتها بتوضيحها، وعزوها إلى مصدر أو أكثر من المصادر التي ذكرتها.
يتكون الكتاب من قسمين: ضوابط وقواعد. وفهرس تفصيلي لمسائله الفقهية مرتبة على الحروف ليسهل الانتفاع به."
45. "نظم قواعد الإمام مالك"
تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن السجيني.
46. "الكليات "
تأليف أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن على القرشى البسطي الشهير بالقلصادي الأندلسي توفي سنة 891 ه.
يعد أبو الحسن القلصادي أكثر علماء الأندلس في عهده الأخير إنتاجاً، وقد صنف كتباً في الفرائض والنحو والعروض والمنطق والفلك والقراءات والحديث، ومنها (أشرف المسالك إلى مذهب مالك) و (هداية الأنام في شرح مختصر قواعد الإسلام) و (النصيحة في السياسة العامة والخاصة).
كتابه "الكليات " مجموعة من الضوابط والكليات الفقهية، ميزتها أنها تختص بباب واحد من أبواب الفقه هو الميراث والفرائض في المذهب المالكي، وقد تولى شرحها بنفسه.
47. "عقد الجواهر في نظم النظائر"
ويسمى أيضا،"اليواقيت الثمينة في ما انتمى لعالم المدينة في الأشباه والنظائر". تأليف أبي الحسن علي السجلماسي توفي سنة 1057 ه.
نظم فيه قواعد المذهب المالكي ونظائر الفقه على غرار المنهج المنتخب للزقاق؛ وقام بشرحه أبو القاسم الرباطي.
48. "الباهر في اختصار الأشباه والنظائر"
تأليف أبي زيد عبدالرحمان بن عبد القادر بن علي بن أبي المحاسن يوسف بن محمد المغربي الفاسي المالكي، توفي سنة 1096 ه.
من مؤلفاته: جوهرة العقول في ذكر آل الرسول.
49. الفرق ين الطلاق البائن والرجعي
لمحمد المهدي العمراني الوزاني، مفتي تونس، توفي سنة 1342 ه.
50. قواعد الفقه
تأليف محمد العربي العلوي المدغري، تناول فيه كل ما يهم القضاة معرفته في النوازل والأقضية، ويبين حدود ما تناول من الأبواب قائلا: "على أن الفصول المتعلقة بباب القضاء مثل المقال والجواب والأعذار، والمدعي فيه قد وقع فيه خلط كثير، ولم يمكن مراجعة ذلك لضيق الوقت حتى أدى بي الأمر إلى حصر المقال في باب اليمين. ولم أتعرض لكثير من المسائل التي لا أحتاج إليها، ولا يحتاج إليها إخواننا القضاة كالظهار واللعان والرهن، والجواري والعبيد .. "
وقد قابل المؤلف جميع ما في الكتاب بمدونة الأحوال الشخصية في المغرب حتى لا يوجد أي تصادم بين مع فصولها.
كتبه رشيد المدور
medouar@parlementaire.ma
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 04:35 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد كتبت بحثا في مصادر ومصنفات القواعد والفروق والكليات والضوابط الفقهية عند المالكية وذلك في سنة 1991م ونشرته بعد ذلك مقالا في سنة 1996، وها أنا اليوم أعمل على تطويره وتحديثة وتحيين معلوماته، وذلك لنشره في كتاب.
وقد كانت لي هذه مناسبة اكتشفت من خلال البحث في الشبكة الالكترونية (الإنترنيت) أن منتديات للحوار مفتوحة للحوار بشأن علم القواعد الفقهية، فأردت أن أعرض على المهتمين بالقواعد الفقهية عامة وعند السادة المالكية خاصة أن أعرض عليهم ما أنا بصدد استكماله لأشركهم في أمري طالبا منهم التفضل بمطالعة ما كتبت والتكرم بإبداء الرأي والملاحظات والتصويبات والإضافات حتى يخرج هذا العمل في أفضل صورة ممكنة، والله تعالى أسأل أن يوفقنا جميعا للعمل الصالح.
وإليكم المسودة في مرحلتها اليوم:
كتبه رشيد المدور
[ CENTER] المبحث الثالث
مميزات إسهامات المالكية
في مجال
القواعد والفروق
والكليات والضوابط الفقهية
تميزت مساهمة المالكية في مجال القواعد والفروق والكليات والضواط الفقهية تأصيلا، وتقعيدا، وتأليفا بمجموعة من المميزات نورد بعضها كالآتي:
أولا، سبقهم التاريخي في مجال التأليف في القواعد الفقهية:
فالمالكية يشاركون الحنفية سبقهم في مجال صياغة القواعد الفقهية، والاحتجاج بها وذلك بمؤلف "أصول الفتيا في الفقه على مذهب الإمام مالك" لابن حارث بن أسد الخشني المتوفى سنة (361 هـ)، المعاصر لأبي طاهر الدباس، وأبي الحسن الكرخي الحنفي المتوفى سنة 340 هـ الذي يعد أول من ألف في القواعد الفقهية.
ثانيا، أنهم الأكثر ضبطا في تحديد معنى القاعدة الفقهية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/164)
فالمقري في قواعده يعرفها ب "كل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود وجملة الضوابط الفقهية الخاصة"، وهو تعريف يتميز بالدقة والجزالة بين باقي التعريفات، إذ يصدق على القاعدة الفقهية ويحول دون دخول القواعد اللغوية أو الأصولية، حيث ميزها عما هو من قبيل الأصول والضوابط في الاصطلاح.
ثالثا، الأكثر تدقيقا في التفريق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي
وهذا ما نبه إليه بعض فقهاء المالكية أيضا، فقد جاء في حاشية البناني المالكي (1198ه) قوله: "والقاعدة لا تختص بباب بخلاف الضابط"
ويوضح هذا الفرق جيدا تاج الدين السبكي عند قوله عن القاعدة "ومنها ما لا يختص بباب كقولنا اليقين لا يزول بالشك، ومنها ما يختص كقولنا: كل كفارة سببها معصية فهي على الفور، والغالب فيما اختص بباب وقصد به نظم صور متشابهة أن يسمى ضابطا".
في حين نجد أن بعض فقهاء الحنفية لا يلحظون هذا الفرق بين القاعدة والضابط مثل النابلسي في شرح الأشباه والنظائر له إذ يقول: القاعدة هي في الاصطلاح بمعنى الضابط".
رابعا، سبقهم في التفريق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية:
حيث إن الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية، المشار إليه في تعريف المقري المالكي، فإن شهاب الدين القرافي يعتبر أول من ميز بينهما، قال في مقدمة كتابه "الفروق": "فإن الشريعة المعظمة المحمدية اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان: أحدهما المسمى بأصول الفقه ... والثاني قواعد فقهية كلية لم يذكر شيء منها في أصول الفقه، وقال في موضع آخر "فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه بل للشريعة قواعد كثيرة جدا عند أئمة الفتوى والقضاء لا توجد في كتب أصول الفقه أصلا".
خامسا، انتباههم إلى أن القواعد الفقهية تكثر فيها الاستثناءات:فهي ليست عامة، وإلى هذا أشار بعض علماء المالكية بقوله: "من المعلوم أن أكثر قواعد الفقه أغلبية"، ويوضح هذه المسألة بشكل جيد أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات حيث قال: "لما كان مقصد الشارع ضبط الخلق إلى القواعد العامة، وكانت القواعد التي جرت بها سنة الله أغلبية وأكثرية لا عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك الوضع كان الأمر الملفت إليه إجراء القواعد على العموم التام الذي لا يتخلف عنه جزئي ما".
سادسا، تقسيم المالكية القواعد الفقهية إلى قسمين:
ما هو أصول لمسائل، بقصد ذكر النظائر دون الإشارة إلى الخلاف.
ما هو أصول لأمهات الخلاف.
وهذا المسلك سلكه الزقاق في "المنهج المنتخب" وتبعه في ذلك المنجور في شرحه عليه، كما حافظ عليه محمد به علي في "شفاء الغليل"، وهو تقسيم طريف جديد يعد من محاسن هذه الكتب وخصائصها.
سابعا، صياغتهم لقواعد الخلاف صياغة استفهامية:
لأجل لفت الانتباه إلى الخلاف فيها بين العلماء .. وهذا أسلوب نهجه كل من الزقاق في "المنهج المنتخب"والونشريسي في "إيضاح المسالك".
ثامنا، ببيان الفروق بين القواعد الفقهية:
وتميز المالكية أيضا، ببيان الفروق بين القواعد الفقهية وكان لهم قصب السبق في ذلك، حيث إن الكتب التي ألفت قبل فروق القرافي كان موضوعها بيان مسائل جزئية تشابهت صورها واختلفت أحكامها فقط، والقرافي بسلوكه منهج التفريق بين القواعد كان مبتكرا، وأتى بما لم يسبق إليه، فلكتابه "الفروق" من الشرف على تلك الكتب شرف الأصول على الفروع".
تاسعا، إفراد التأليف في الضوابط والكليات الفقهية بشكل مستقل:إفراد المالكية التأليف في الضوابط والكليات الفقهية بشكل مستقل، مثل ما فعل محمد بن عبد الله المكناسي في "الكليات في الفقه"، والقلصادي في "الكليات في الفرائض" والمقري عندما جعل للكليات فصلا مستقلا من كتابه "عمل من طب لمن حب".
عاشرا، النزوع نحو تبويب فقهي جديد:
النزوع نحو تبويب فقهي جديد يخالف العادة في كتب الفقه، واستحداث أبواب جديدة مستقلة عهدت مواضيعها منثورة في أبواب مختلفة دون أن تبرز بعناوين بارزة مستقلة مثل باب أحكام المرأة، وباب الشروط، وباب البنيان: وممن نهج هذا المنهج ابن حارث في كتابه "أصول الفتيا"، وعظوم في "المسند المذهب في قواعد المذهب".
الحادي عشر، النزوع إلى التطبيق العملي للقواعد:
تميز التأليف عند المالكية أن بعضهم نزع إلى التطبيق العملي للقواعد ويظهر هذا التطبيق بوضوح في كتاب عظوم وهي ميزة يظهر أنه تميز بها خاصة في تطبيق القاعدة على النازلة. كما أن هدف كثير من علماء المالكية من وراء تآليفهم في محال القواعد والكليات كان هو مساعدة أهل القضاء، وممن ظهر عندهم هذا الهدف بشكل واضح الشيخ عظوم، وابن حارث ومحمد العربي العلوي في "قواعد الفقه"، الذي بين قصده هذا قائلا: وغرضي أن أضع كتيبا صغيرا في أقل حجم ممكن يضعه القاضي في طاولته أثناء قيامه بمهمته يعينه على العثور على النص الفقهي الذي ينطبق على نازلته في أقل وقت".
الثاني عشر، التأليف بالنظم الشعري:
كما تميز التأليف عند المالكية، وتفوق في مجال القواعد الفقهية بالنظم الشعري لقواعدهم حيث تعتبر منظومة الزقاق "المنهج المنتخب" من أشهر وأقوم ما كتب في الموضوع على طراز المنظومات، ولقد سلك سبيله من المالكية كل من ميارة في "تكميل المنهج"، والولاتي في "المجاز الوضح"، والونشريسي الإبن في "المقتبس" والسجلماسي في "عقد الجواهر في نظم النظائر".
الثالث عشر، كثرة التآليف والمصنفات:
وتميز المالكية أيضا، بكثرة تآليفهم ومصنفاتهم في مجال القواعد والضوابط والكليات الفقهية، فكما يلاحظ من البحث فهي تزيد على الثلاثين مؤلف ما بين أصل وشرح وتهذيب وتلخيص وترتيب وتعقيب وتكميل ونظم.
الرابع عشر، الكثرة والتنوع:
وتميز المالكية أيضا، بكثرة قواعدهم وتنوعها فقد بلغت قواعد الإمام المقري ألفا ومئاتان وخمسين قاعدة وهذا رقم أحسب أنه لا يوجد في غير المذهب المالكي والله أعلم.
medouar@parlementaire.ma
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/165)
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[22 - 03 - 06, 02:35 م]ـ
عليك بهذه الكتب:
أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء د محمد سعيد الخن
الفوائد البهية للحسيني
قواد الأحكام للعز بن عبد السلام
قواعد المقري
المنهج المنتخب لهيتو
نظرية التقعيدالفقهي للروكي(106/166)
هل الظن يبنى عليه حكم؟
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 03:03 ص]ـ
أيها الإخوة الأعزاء لدي سؤال وهو هل الظن يبنى عليه حكم كأن يقول شخصاً أظن أن هذا الأمر حلال وهل هو بمعنى التعليق أرجو التكرم بالإفادة وجزاكم الله خيراً ورفع قدركم
ـ[فهَّاد]ــــــــ[25 - 06 - 05, 04:23 م]ـ
السلام عليكم ,,
بسم الله الرحمن الرحيم.
أقول: لا يصح أن نبني الحكم , على الظنون لأنها ليست قطعية الدلالة.
وقد ذم الله الظن فكيف نبني على المذموم حكماً؟!
قال الحق: {إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} (الأنعام 116)، ويقول: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} (النجم 23).
هذا والله أعلم وأحكم.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[26 - 06 - 05, 10:05 ص]ـ
الظن في كتاب الله على عدة أنواع:
الأول: هو الظن المرجوح فهذا لايجوز العمل به بإجماع أهل العلم قال تعالى {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} الأنعام116
و قال تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} يونس36
و قال {أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} يونس66
الثاني: بمعنى الجزم قال تعالى {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} البقرة46
و قال {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة249
و قال {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأعراف171
و هذا يجوز العمل به بالإجماع.
الثالث: الشك و هو تساوي الطرفين قال تعالى {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} يوسف110
و قال تعالى {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً} الكهف36
و قوله {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} الحج15
و قال تعالى عن الكفار {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} الجاثية24
و قال {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} الجاثية32
فهذا لا يجوز العمل به حتى يترجح لنا أحد الطرفين لأنه لا يجوز العمل بطرف دون مرجح بإجماع العقلاء.
الرابع: الظن الراجح أو غلبة الظن و هذا كذلك يجوز العمل به بإجماع الفقهاء قال تعالى {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} النور12
و قال تعالى {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} البقرة230
و قال {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} الحشر2
فالظن إذا كان بمعنى الجزم يجوز العمل يه بالإجماع و إذا كان راجحا يجوز العمل به بإجماع الفقهاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/167)
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[26 - 06 - 05, 10:21 ص]ـ
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وأما قول السائل إذا قيل بالجواز فهل يجب وهل نقل عنه عليه السلام ما يقتضي وجوبه
فيقال لا ريب أنه يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول إيمانا عاما مجملا ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول على التفصيل فرض على الكفاية فإن ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله به رسوله وداخل في تدبر القرآن وعقله وفهمه وعلم الكتاب والحكمة وحفظ الذكر والدعاء إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ونحو ذلك مما أوجبه الله على المؤمنين فهو واجب على الكفاية منهم
وأما ما يجب على أعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قدرهم ومعرفتهم وحاجتهم وما أمر به أعيانهم فلا يجب على العاجز عن سماع بعض العلم أو عن فهم دقيقه ما يجب على القادر على ذلك ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها ويجب على المفتي والمحدث والمجادل ما لا يجب على من ليس كذلك
وأما قوله هل يكفي في ذلك ما يصل إليه المجتهد من غلبة الظن أو لا بد من الوصول إلى القطع فيقال الصواب في ذلك التفصيل فإنه وإن كان طوائف من أهل الكلام يزعمون أن المسائل الخبرية التي قد يسمونها مسائل الأصول يجب القطع فيها جميعا ولا يجوز الاستدلال فيها بغير دليل يفيد اليقين وقد يوجبون القطع فيها كلها على كل أحد فهذا الذي قالوه على إطلاقه وعمومه خطأ مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها
ثم هم مع ذلك من أبعد الناس عما أوجبوه فإنه كثيرا ما يحتجون فيها بالأدلة التي يزعمونها قطعيات وتكون في الحقيقة من الأغلوطات فضلا عن أن تكون من الظنيات حتى إن الشخص الواحد منهم كثيرا ما يقطع بصحة حجة في موضع ويقطع ببطلانها في موضع آخر بل منهم من غاية كلامه كذلك وحتى قد يدعى كل من المتناظرين العلم الضروري بنقيض ما ادعاه الآخر
وأما التفصيل فما أوجب الله فيه العلم واليقين وجب فيه ما أوجبه الله من ذلك كقوله اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم وقوله فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وكذلك يجب الإيمان بما أوجب الله الإيمان به
وقد تقرر في الشريعة أن الوجوب معلق باستطاعة العبد كقوله فاتقوا الله ما استطعتم وقوله إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما فإذا كان كثير مما تنازعت فيه الأمة من هذه المسائل الدقيقة قد يكون عند كثير من الناس مشتبها لا يقدر فيه على دليل يفيده اليقين لا شرعي ولا غيره لم يجب علي مثل هذا في ذلك ما لا يقدر عليه وليس عليه أن يترك ما يقدر عليه من اعتقاد قوي غالب على ظنه لعجزه عن تمام اليقين بل ذلك هو الذي يقدر عليه لا سيما إذا كان مطابقا للحق فالاعتقاد المطابق للحق ينفع صاحبه ويثاب عليه ويسقط به الفرض إذا لم يقدر على أكثر منه ... ).
ـ[الحمادي]ــــــــ[26 - 06 - 05, 10:34 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ عبدالرحمن.
ولكن أليس الظاهريةُ مخالفين لجمهور العلماء في العمل بالظنِّ الراجح؟
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[26 - 06 - 05, 11:51 ص]ـ
قال بن حزم رحمه الله في المحلى (فَمَنْ عَجَزَ لِجَهْلِهِ أَوْ عَتَمَتِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ هَذَا فَلاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ بِقَلْبِهِ وَيَقُولَ بِلِسَانِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ بَعْدَ أَنْ يُفَسَّرَ لَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَكُلُّ دِينٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ.).
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[26 - 06 - 05, 12:41 م]ـ
و قد نقل شيخ الإسلام رحمه الله الإتفاق على العمل بالظن الغالب بل قطع بذلك و قال ليس معنى القطع بالعمل بالظن الغالب من حيث الجملة القطع في أفراد هذا المجمل و هذا معنى كلام الشيخ رحمه الله و هو موجود في مجوموع الفتاوى و لكن لا يحضرني الآن أين مجلد و متى ما ظفرت به أنزلته هنا.
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[27 - 06 - 05, 06:15 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عبدالرحمن ورضي عنك على هذه الإفادة
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[28 - 06 - 05, 02:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ذكر الفاضل: (عبد الرحمن بن طلاع المخلف) كلاماً عن الإمام ابن حزم الظاهري ..
فأردت تصحيح كلمة فيه والكلام عليه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/168)
والكلام هو: ((قال بن حزم رحمه الله في المحلى (فَمَنْ عَجَزَ لِجَهْلِهِ أَوْ عَتَمَتِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ هَذَا فَلاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ بِقَلْبِهِ وَيَقُولَ بِلِسَانِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ بَعْدَ أَنْ يُفَسَّرَ لَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَكُلُّ دِينٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ.))) ..
الكلمة التي لا بد من تصحيحها هي (عتمته) إلى كلمة (عجمته) ..
فالإمام يتكلم عن العاجز إما للجهل وإما لعجمة لسانه، وشاهده (ويقول بلسانه حسب طاقته بعد أن يفسر له .. ) ..
أما النص هذا فليس فيه جواز العمل بالظن سواء كان راجحاً أو غالباً أو غيرها ..
فلا يكلف الله نفساً إلى وسعها ومن عمل بوسعه لا يسمى عاملاً بالظن ..
والخلاف واقع بين الجمهور وأهل الظاهر في جزئية قل من يدركها ..
وهي ..
هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟
فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة ..
وقد يحكي البعض ما أمرنا به في قبول شهادة الشهود مع أننا لا ندري صدق وكذب الشاهد ونحكم بناء على ظننا ..
وهذا خطأ ..
لأن الحكم بناء على الشهود أمر قطعي ثبت بالنص الصحيح باتفاق الجميع ..
ولكن كون هؤلاء كذبوا أو صدقوا فلا يعنينا هذا ..
لأن الله تعالى أمرنا أن نحكم بناء على ظهور البينة وتحققها دون التفات إلى صدق المخبر والشاهد وكذبه ..
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حكم ذكّر الشهود بالله أو قال ..
من قضيت له فإنما أقضي له بقطعة من نار أو كما قال بأبي هو وأمي ..
فمن كان ألحن بحجته من صاحبه وقدم الشهود وهم يكذبون فيما شهدوا فلم يكلفنا الله الحكم إلا بتحري البواطن ..
فالشهادة أمر ..
وصدق الشهود أمر آخر ..
لذلك وجدنا الذي ينهى ويخوف الشاهد إن أراد الكذب بتحذير الشارع له بأنه إن كذب فتلك شهادة زور وهي كبيرة من الكبائر ..
وكذلك الصلاة إلى القبلة ونحوها ففرق بين أن نؤمر بأن نصلي إليها مع التحري وبلوغ الجهد في ذلك التحري وبين إصابة عين الكعبة ..
وكذلك ..
فإن الشريعة منعت القول على الله بالظن مطلقاً ..
فمنعتنا من أن نقول هذا حلال وهذا حرام بلا برهان من الله تعالى ..
لذلك لو رجعنا إلى كثير من الأئمة وجدناهم يقولون عن الحرام: نكره هذا ولا نحبه والاولى تركه خوفاً من أن يقولوا هذا حرام بلا يقين فيقعوا بما حذرهم الله تعالى منه ..
وكذلك كانوا يقولون في الحلال نحب هذا والأولى هذا ويعجبني كذا ..
كذلك هذا وارد عن الصحابة رضي الله عنهم ..
فلم يقولوا بالظن ثم نسبوه إلى الله تعالى ولا إلى الشرع ..
بل تبرأ المفتي منهم من هذا القول ونسبه إلى الشيطان إن كان خطأ ..
ولم يلزم أحد من الصحابة الناس ولم يقل أنه شرع يجب الالتزام به إن حكم بالظن ..
ولو رجعنا إلى أخبارهم لعلمنا هذا علم يقين ..
وأقرب من ذلك كله فعل النبي صلى الله عليه وسلم ..
فهو أعلم خلق الله بكتاب ربه ودينه فلم يقل قولاً بناء على الظن ..
لذلك فأهل الظاهر يعملون كما عمل النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يحكموا بشيء أو على شيء بناء على الظن ..
وقد يحكم الصحابي بالظن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا ينكر عليه ويوجهه للحكم الصحيح ..
وهذا مما أجمعت عليه الأمة من أن المجتهد لا ينكر عليه وإن أخطأ ..
بل له أجر واحد إن أخطأ ..
ولو رجعنا لأخبار الصحابة لما وجدنا قول أحدهم بالظن ينسبه إلى الله وشرعه ..
فلا يحل عند أهل الظاهر نسبة هذا الظن إلى الشرع بل ينسب إلى قائله ولا يلزم به أحد من الناس ..
وكذلك ..
ما يطلق عليه ظن راجح ..
إن كان هناك ظن وظن فاحتار الناظر فيهما ثم رجح ظن منهما بناء عن برهان فلا يسمى المرجح بالبرهان ظن راجح بل هو يقين وقطع ..
وكذلك ما يطلق عليه ظن غالب ..
فنحن بين أمرين إما علم حقيقي وإما علم ظاهر وهو نحو الشهادة وغيرها ..
ولو كانت هذه الظنون يأثم مخالفها لأثم أتباع المذاهب كلها ..
لأنه ليس هناك مذهب إلا وهو يخالف غيره بناء على الظن ..
وإن قالوا اجتهاد هذا لا يلزم اجتهاد آخر ..
قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار ..
فالأمة كلها أولا تتفق على القطع واليقين من النص ثم يحصل الخلاف بعد ذلك بالظنون ..
فهل نكتفي بالقطع هذا أو لا هنا يحصل الخلاف ..
فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين ..
وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن ..
فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن ..
وهي طرائق ومناهج ..
والله تعالى الموفق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/169)
ـ[الحمادي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 02:01 ص]ـ
جزى الله الإخوةَ خيراً على فوائدهم، وأخصُّ ابنَ تميم الظاهري.
ولي بعضُ التساؤلات أودُّ الإفادةَ منه فيها، وأهمُّها:
توثيقُ مذهب الظاهرية في حكم العمل بالظنِّ، فهذا الموضوع يهمُّني كثيراً.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[29 - 06 - 05, 11:56 ص]ـ
نسأل الله تعالى أن يبارك في جهود الإخوة و أني يلهمنا و إياهم التوفيق و السداد.
و لي بعض الملاحظات على مشاركة الأخ الفاضل بن تميم كنت قد أخرتها لحين إتمام البحث في معاني الظن و العلم في كتاب الله تعالى و لكن الآن عن لي إدراجها هنا حتى لا أنساها.
الأولى: كلام بن حزم رحمه الله حتى لو ثبت لفظ (عجمته) فظاهره يدل على المراد إلا أن يكون عند الأخ بن تميم لفظ آخر يحسم المسألة فابن حزم رحمه الله قال (فَمَنْ عَجَزَ لِجَهْلِهِ أَوْ عَتَمَتِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ هَذَا فَلاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ بِقَلْبِهِ وَيَقُولَ بِلِسَانِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ بَعْدَ أَنْ يُفَسَّرَ لَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَكُلُّ دِينٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ.) فقوله (حسب طاقته) يعم الإعتقاد و القول باللسان و لا يخص بفقط القول باللسان و أنا هنا لا أجزم نسبة هذا المعنى لإبن حزم و لكن هو ظاهر كلامه و الأخ بن تميم حفظه الله خص المعنى فقط في القول باللسان دون الإعتقاد بالقلب و لا أعلم كيف فرق بينهما مع عدم ذكره لوجه التفريق.
الثانية: قوله (فلا يكلف الله نفساً إلى وسعها ومن عمل بوسعه لا يسمى عاملاً بالظن) الأمر لا يتعلق بالألفاظ و إنما بالحقائق فإن كان مرادك من عمل بوسعه ثم اعتقد أمرا بحسب وسعه و طاقته و إن لم يجزم به جزما قاطعا صح اعتقاده سواء قيل أن هذا ظن غالب أو راجح أو سمي علما فهذا ما نريد أن نبينه و لا مشاحة في الإصطلاح و هذا المعنى هو ظاهر كلام بن حزم رحمه الله و إن أردت أنه لا يجوز له الإعتقاد لأنه لم يجزم جزما قاطعا باعتقاده فهذا كلام باطل ترده نصوص الكتاب و السنة و عمل الصحابة و التابعين و قد ذكرنا طرفا من نصوص الكتاب و منها قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التغابن16 فمن استفرغ وسعه في طلب الحق ثم لم يصل إلى الجزم القاطع فقد اتقى الله ما استطاع و صح اعتقاده.
و في الحديث الصحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». فمن بلغه أمر و أتى منه ما استطاع اعتقادا و عملا فقد برئت ذمته و لم يطالب بما لا يقدر عليه و من فرط في طلب الحق و لم يستفرغ وسعه فهو آثم و إن أصاب الحق في نفس الأمر و إثمه لا لأنه أصاب الحق و لكن لتفريطه فيما أمر به من طلب الحق.
الثالث:قوله (والخلاف واقع بين الجمهور وأهل الظاهر في جزئية قل من يدركها ..
وهي ..
هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟
فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة .. ).
إن كان المراد بالظن الذي يرى الجمهور العمل به هو الظن المتساوي الطرفين فنسبة هذا إليهم غير صحيح فإنه بإجماع العقلاء لا يجوز الترجيح من غير مرجح بل لا يجوز العمل بمثل هذا بإجماع الفقهاء لما دلت عليه نصوص الكتاب من تحريم اتباع الظن قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/170)
و قال {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} الأنعام116
و قال {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} الأنعام148و غيرها من الآيات.
و إن كان المراد بالظن هنا الغالب أو الراجح فهذا القول صحيح و لا يقال بأنه لا يجوز اتباع هذا الظن بعد استفراغ و أنه يدخل في اتباع الظن المحرم فهذا القول يرده كتاب الله تعالى كما قال تعالى {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} البقرة230 فهذا الظن عند الزوجين هو و لا شك غالب الظن لا الجزم به لأنه لم يحدث عندهما الجزم لعدم وقوع هذا حقيقة ثم لعدم علم كل واحد منهما بنية الآخر و إنما يحكم كل واحد منهما على الآخر بما ظهر له قرائن خاصة و لا يمنع أن يصل الأمر إلى الجزم و لكن يكفي في هذا الظن الغالب بإقامة حدود الله.
و قال تعالى {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} يوسف42
و هذا كذلك ظن راجح و مع لذلك اتبعه يوسف عليه السلام و لم يكن هذا اتباع للظن المحرم قال بن كثير رحمه الله (ولما ظن يوسف عليه السلام أن الساقي ناج, قال له يوسف خفية عن الاَخر, والله أعلم ـ لئلا يشعره أنه المصلوب ـ قال له {اذكرني عند ربك} يقول: اذكر قصتي عند ربك, وهو الملك, فنسي ذلك الموصى أن يذكر مولاه الملك بذلك, ... ).
فالمحرم هو اتباع الظن المتساوي الأطراف و إن كان الظن في الغالب يكون عند ترجح أحد الأطراف و أما عند التساوي فيسمى الشك و كذلك اتباع الظن الراجح من غير اجتهاد أو استفراغ وسع محرم.
و قال تعالى {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} النور12 فالمؤمنون يتبعون ما غلب على ظنهم من غير جزم و سبب نزول هذه الآية حادثة الإفك و إذا كان النبي صلى الله عليه و سلم لم يجزم ببراءة عائشة رضي الله عنها فكيف بغيرهم من المؤمنين فيجب على المؤمنين حسن الظن بإخوانهم و اتباع هذا الظن.
و قال تعالى {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} ص24
و هذا ظن من داود عليه السلام اتبعه و عمل به فاستغفر ربه و تاب إلى الله تعالى.
و قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} الحجرات12
فبعض الظن ليس بإثم و ما كان ليس بإثم لا يقال بوجوب اجتنابه و إنما يجب اجتناب ما كان إثما من الظن فلزم جواز العمل ببعض الظن و هو ما يقصد به الظن الغالب أو الراجح و جواز العمل ببعض الظن ينقض القاعدة الكلية بحرمة العمل بالظن و إن كان راجحا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/171)
أخرج البخاري و غيره عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر) و معلوم ان الحاكم إذا أجتهد فأخطأ لم يصب الحق مع اجتهاده فإما أن يقال بأنه كان جازما بحكمه فيرد هذا القول بأنه لم يصب الحق في نفس الأمر فلم يكن هذا جزما و إن كان يظن أنه جازم لأن العلم الجازم هو ما وافق الحق في نفس الأمر او يقال بأنه كان يغلب على الظن صحة هذا الحكم فحكم به فأخطأ و على كلا الأمرين يجوز العمل بالظن الراجح و اتباعه لأن ما كان في نفس الأمر ليس على الحقيقة و إن كان يدعي الجزم فيه إنما هو ظن راجح لا علم جازم و ما كان يظن بأنه ظن غالب و اتبعه ثم لم يأثم بذلك دل على جواز اتباع هذا الظن.
هذه بعض الأدلة على ما ذكرناه و غيرها كثير و لولا خشية الإطالة لذكرتها بالتفصيل.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[29 - 06 - 05, 02:52 م]ـ
و أما قول الأخ الفاضل بن تميم (وقد يحكي البعض ما أمرنا به في قبول شهادة الشهود مع أننا لا ندري صدق وكذب الشاهد ونحكم بناء على ظننا ..
وهذا خطأ ..
لأن الحكم بناء على الشهود أمر قطعي ثبت بالنص الصحيح باتفاق الجميع ..
ولكن كون هؤلاء كذبوا أو صدقوا فلا يعنينا هذا ..
لأن الله تعالى أمرنا أن نحكم بناء على ظهور البينة وتحققها دون التفات إلى صدق المخبر والشاهد وكذبه ..
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حكم ذكّر الشهود بالله أو قال ..
من قضيت له فإنما أقضي له بقطعة من نار أو كما قال بأبي هو وأمي ..
فمن كان ألحن بحجته من صاحبه وقدم الشهود وهم يكذبون فيما شهدوا فلم يكلفنا الله الحكم إلا بتحري البواطن ..
فالشهادة أمر ..
وصدق الشهود أمر آخر ..
لذلك وجدنا الذي ينهى ويخوف الشاهد إن أراد الكذب بتحذير الشارع له بأنه إن كذب فتلك شهادة زور وهي كبيرة من الكبائر ..
وكذلك الصلاة إلى القبلة ونحوها ففرق بين أن نؤمر بأن نصلي إليها مع التحري وبلوغ الجهد في ذلك التحري وبين إصابة عين الكعبة .. ).
أقول يجب التفريق بين التأصيل و التنزيل و بين تحقيق المناط و تنقيحه قال شيخ الإسلام رحمه الله (والاجتهاد في (تحقيق المناط) مما اتفق المسلمون عليه، ولابد منه كحكم ذوي عدل بالمثل في جزاء الصيد، وكالاستدلال على الكعبة عند الاشتباه ونحو ذلك، فلا يقطع به الإنسان، بل يجوز أن تكون القبلة في غير جهة اجتهاده، كما يجوز إذا حكم أن يكون قد قضى لأحدهما بشىء من حق الآخر، وأدلة الأحكام لابد فيها من هذا؛ فإن دلالة العموم في الظواهر قد تكون محتملة للنقيض، وكذلك خبر الواحد والقياس، وإن كان قوم نازعوا في القياس، فالفقهاء منهم لم ينازعوا في خبر الواحد كالظاهرية، ... ).
و قال رحمه الله (وهذا الذي يسميه بعض الناس: تَنقِيح المناط، وهو أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم حكم في معين، وقد علم أن الحكم لا يختص به، فيريد أن ينقح مناط الحكم، ليعلم النوع الذي حكم فيه، كما أنه لما أمر الأعرابي الذي واقع امرأته في رمضان بالكفارة، وقد علم أن الحكم لا يختص به، وعلم أن كونه أعرابيًا أو عربيًا أو الموطوءة زوجته لا أثر له، فلو وطئ المسلم العجمي سَرِيَّته كان الحكم كذلك.
ولكن هل المؤثر في الكفارة كونه مجامعًا في رمضان أو كونه مفطرًا؟ فالأول: مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه، والثاني: مذهب مالك وأبي حنيفة، وهو رواية منصوصة عن أحمد في الحجامة فغيرها أولي، ثم مالك يجعل المؤثر جنس المفطر، وأبو حنيفة يجعلها المفطر كتنوع جنسه، فلا يوجبه في ابتلاع الحصاة والنواة.
وتنازعوا: هل يشترط أن يكون أفسد صومًا صحيحًا؟ وأحمد لا يشترط ذلك، بل كل إمساك وجب في شهر رمضان أوجب فيه الكفارة، كما يوجب الأربعة مثل ذلك في الإحرام الفاسد، فالصيام الفاسد عنده كالإحرام الفاسد، كلاهما يجب إتمامه والمضي فيه، والشافعي وغيره لا يوجبونها إلا في صوم صحيح، والنزاع فيمن أكل ثم جامع أو لم ينو الصوم ثم جامع، ومن جامع وكفَّر ثم جامع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/172)
ومثل قوله لمن أحرم بالعمرة في جُبَّةٍ مُتضَمخًا بالخلوق: (انزع عنك الجبَّة واغسل عنك أثر الصُّفرة)، هل أمره بالغسل لكون المحرم لا يستديم الطيب كما يقوله مالك؟ أو لكونه نهي أن يتزعفر الرجل فلا يمنع من استدامة الطيب كقول الثلاثة؟ وعلى الأول فهل هذا الحديث منسوخ بتطييب عائشة له في حجة الوداع؟.
ومثل قوله لما سئل عن فأرة وقعت في سَمْنٍ: (ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم)، هل المؤثر عدم التغير بالنجاسة، أو بكونه جامدًا، أو كونها فأرة وقعت في سمن، فلا يتعدي إلي سائر المائعات؟ ومثل هذا كثير، وهذا لابد منه في الشرائع، ولا يسمي قياسًا عند كثير من العلماء كأبي حنيفة ونفاة القياس؛ لاتفاق الناس على العمل به كما اتفقوا على تحقيق المناط، وهو: أن يعلق الشارع الحكم بمعني كلي فينظر في ثبوته في بعض الأنواع أو بعض الأعيان، كأمره باستقبال الكعبة، وكأمره باستشهاد شهيدين من رجالنا ممن نرضي من الشهداء، وكتحريمه الخمر والميسر، وكفرضه تحليل اليمين بالكفارة، وكتفريقه بين الفدية والطلاق، وغير ذلك. .. ).
فكما أنه يجب الإجتهاد و استفراغ الوسع في تحقيق التأصيل كذلك يجب استفراغ الوسع و الإجتهاد عند التنزيل و هذا بإجماع العلماء لذا لا يقال بأنه لا يعنينا صدق الشهود أو كذبهم بل يعنينا هذا و يجب علينا الجزم به فإن لم نستطع الجزم فغلبة الظن تكفي و لكن يقال بأنه بعد الإجتهاد و استفراغ الوسع لا يأثم من أخطا في الحكم و هذا يعم التأصيل و التنزيل فإنه كما أنه يجب الإجتهاد في التأصيل كذلك يجب الإجتهاد في التنزيل و كما أنه يقع الخطأ في التنزيل يقع الخطأ في التأصيل و هذا أمر محسوس مشاهد يدركه كل طالب علم مارس الفقه و أصوله فكم من مسألة من المسائل الكلية اختلف أهل العلم فيها بحسب العلوم و الفهوم و مثل هذا لا يحتاج إلى تمثيل و خطأ أهل العلم في هذه المسائل إنما هو خطأ بسبب اتباع الظن الغالب فيظن الفقيه بحسب اجتهاده و يحكم عليها بما ظهر له ثم يخالفه آخر فيحكم بحكم يناقضه فمن أصاب الحق منهم فقد أصابه إما بجزم أو بغلبة ظن و من أخطأه أخطأه و لا شك بغلبة ظنه لا بجزمه لأنه لو جزم لوصل إلى الحق و من أخطأ الحق لا يقال بأنه جازم لأن الجزم هو إدراك الأمر على حقيقته و هذا لم يدركه.
ثم إن القطع بالحكم الكلي و هو العمل بشهادة الشاهدين لا يعني ترك الإجتهاد في تحقق العدالة في هؤلاء الشهود و إلا أصبح الحاكم من أهل النار كما في الحديث عن ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ اثْنَانِ فِى النَّارِ وَوَاحِدٌ فِى الْجَنَّةِ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِى الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِى النَّارِ وَرَجُلٌ جَارَ فِى الْحُكْمِ فَهُوَ فِى النَّارِ».
و الحديث الذي ذكره الأخ بن تميم حجه عليه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا» فقد يقضي القاضي في حكم و لا يكون هذا القضاء موافق للحق فيعذر القاضي لاجتهاده و استفراغ و سعه و لا يعذر من قضي له بحق أخيه لأنه يجزم بأن هذا الحكم خلاف الحق و القاضي إنما حكم بما ظهر له و غلب على ظنه و لا يعني عذر القاضي أنه لا يبحث عن صدق الشهود و عدالتهم بل يجب عليه ذلك و فإن قصر أو فرط أثم و إن اجتهد و جزم و وافق جزمه الحق أو غلب على ظنه صدقهم حكم بما غلب على ظنه.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[30 - 06 - 05, 12:11 ص]ـ
و أما قول الأخ بن تميم (وكذلك ..
فإن الشريعة منعت القول على الله بالظن مطلقاً ..
فمنعتنا من أن نقول هذا حلال وهذا حرام بلا برهان من الله تعالى ..
لذلك لو رجعنا إلى كثير من الأئمة وجدناهم يقولون عن الحرام: نكره هذا ولا نحبه والاولى تركه خوفاً من أن يقولوا هذا حرام بلا يقين فيقعوا بما حذرهم الله تعالى منه ..
وكذلك كانوا يقولون في الحلال نحب هذا والأولى هذا ويعجبني كذا ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/173)
كذلك هذا وارد عن الصحابة رضي الله عنهم ..
فلم يقولوا بالظن ثم نسبوه إلى الله تعالى ولا إلى الشرع ..
بل تبرأ المفتي منهم من هذا القول ونسبه إلى الشيطان إن كان خطأ ..
ولم يلزم أحد من الصحابة الناس ولم يقل أنه شرع يجب الالتزام به إن حكم بالظن ..
ولو رجعنا إلى أخبارهم لعلمنا هذا علم يقين ..
وأقرب من ذلك كله فعل النبي صلى الله عليه وسلم ..
فهو أعلم خلق الله بكتاب ربه ودينه فلم يقل قولاً بناء على الظن ..
لذلك فأهل الظاهر يعملون كما عمل النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يحكموا بشيء أو على شيء بناء على الظن ..
وقد يحكم الصحابي بالظن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا ينكر عليه ويوجهه للحكم الصحيح ..
وهذا مما أجمعت عليه الأمة من أن المجتهد لا ينكر عليه وإن أخطأ ..
بل له أجر واحد إن أخطأ ..
ولو رجعنا لأخبار الصحابة لما وجدنا قول أحدهم بالظن ينسبه إلى الله وشرعه ..
فلا يحل عند أهل الظاهر نسبة هذا الظن إلى الشرع بل ينسب إلى قائله ولا يلزم به أحد من الناس .. ).
أما القول بأن الشريعة منعت الحكم بالظن مطلقا فقد بينا الرد عليه بأدلة الكتاب و السنة في المشاركات السابقه فلا وجه لإيرادها هنا و بينا أن هناك ظن مشروع و ظن ممنوع.
و أما الإحتجاج بكلام الأئمة و توقيهم نسبة الحكم إلى الله فهذا حجة لنا لأن الأئمة و إن تورعوا عن إطلاق الألفاظ فإنهم لم يتورعوا عن العمل بما ترجح عندهم و لم يكن هذا عندهم من اتباع الظن الممنوع بل هو من اتباع الظن المشروع فإنهم رحمهم الله لو جزموا بأن ما ترجح عندهم هو حكم الله في نفس الأمر لما توقفوا عن إطلاق لفظ الحرام أو الحلال عليه فلم يبق إلا غلبة الظن و تعارض عندهم عدم جزمهم بنسبة هذا الحكم إلى الله و غلبة ظنهم بأن هذا حكم الله فالتزموا الحكم حقيقة و تورعوا عن إطلاق اللفظ ثم إنهم لم يتوقفوا في العمل بهذا الحكم الذي غلب على ظنهم فلا وجه إذا للإحتجاج بتوقفهم عن إطلاق اللفظ إذا كانوا عملوا بالحقيقة فالعبرة بالحقائق لا بالإسماء.
فقولهم نكره هذا أو يعجبنا هذا أو نقول برأينا فإن كان صواب فمن الله و إن كان خطأ فمنا و من الشيطان و غيرها من العبارات كلها هذه أحكام و تواقيع عن الله و إن لم ينسبوها إلى الله لفظا فحقيقة يتعاملون معها تعامل الشرع لأنه قد غلب على ظنهم هذا الحكم أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله فتلفظوا بهذه العبارات لذا تجد من تبعهم على مذهبهم يأخذ هذه العبارات كأقوال للإمام في مسائل الشرع و مثل هذا لا يحتاج إلى تطويل فنظر قليل إلى كتب الفقهاء من المتقدمين و المتأخرين يقطع به الناظر على صحة هذه الحقيقة التي ذكرناها فإلزامهم أنفسهم بما غلب على ظن ينقض القاعدة الكلية بأن لا يجوز اتباع الظن مطلقا لأنهم ألزموا أنفسهم بما غلب على ظنهم و لا فرق بين أن يلتزموه هم أو يلتزمه غيرهم لأنه على ما أصله الأخ الفاضل لا يجوز اتباع الظن مطلقا.
أما ما يلزم الناس فهو النص القطعي و الإجماع القطعي أما فيما اختلف فيه أهل العلم فلا يلزم قول العالم أحد إلا من أخذ بقول هذا العالم إلا أن يكون الدليل ظاهر الرجحان و كان القول الآخر مما يعد من شذوذ القول قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (فالمفتي والجندي والعامي إذا تكلموا بالشيء بحسب اجتهادهم اجتهادًا أو تقليدًا قاصدين لاتباع الرسول بمبلغ علمهم لا يستحقون العقوبة بإجماع المسلمين وإن كانوا قد أخطؤوا خطأ مجمعًا عليه. وإذا قالوا: إنا قلنا الحق، واحتجوا بالأدلة الشرعية، لم يكن لأحد من الحكام أن يلزمهم بمجرد قوله، ولا يحكم بأن الذي قاله هو الحق دون قولهم، بل يحكم بينه وبينهم الكتاب والسنة والحق الذي بعث الله به رسوله لا يغطي بل يظهر، فإن ظهر رجع الجميع اليه، وإن لم يظهر سكت هذا عن هذا وسكت هذا عن هذا؛ كالمسائل التي تقع يتنازع فيها أهل المذاهب لا يقول أحد: إنه يجب على صاحب مذهب أن يتبع مذهب غيره لكونه حاكمًا، فإن هذا ينقلب، فقد يصير الآخر حاكمًا فيحكم بأن قوله هو الصواب، فهذا لا يمكن أن يكون كل واحد من القولين المتضادين يلزم جميع المسلمين اتباعه، بخلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه من عند الله، حق وهدي وبيان، ليس فيه خطأ قط، ولا اختلاف ولا تناقض قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/174)
الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. .. ).
و قال شيخ الإسلام رحمه الله (وقد يقول كثير من علماء المسلمين ـ أهل العلم والدين من الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين كالأربعة وغيرهم ـ أقوالا باجتهادهم، فهذه يسوغ القول بها، ولا يجب على كل مسلم أن يلتزم إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا شرع دخل فيه التأويل والاجتهاد، وقد يكون في نفس الأمر موافقًا للشرع المنزل فيكون لصاحبه أجران، وقد لا يكون موافقًا له، لكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فإذا اتقي العبد الله ما استطاع آجره الله على ذلك، وغفر له خطأه.
ومن كان هكذا لم يكن لأحد أن يذمه ولا يعيبه ولا يعاقبه ولكن إذا عرف الحق بخلاف قوله، لم يجز ترك الحق الذي بعث الله به رسوله لقول أحد من الخلق، وذلك هو الشرع المنزل من عند الله، وهو الكتاب والسنة وهو دين الله ... ).
و حكم القاضي كذلك لا يلزم كل من بلغه بل يلزم من تحاكم إلى القاضي قال شيخ الإسلام رحمه الله (وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق حكم الحاكم ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه، بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قومًا معينين تحاكموا اليه في قضية معينة، لا يلزم جميع الخلق، ولا يجب على عالم من علماء المسلمين أن يقلد حاكمًا لا في قليل ولا في كثير إذا كان قد عرف ما أمر الله به ورسوله، بل لا يجب على آحاد العامة تقليد الحاكم في شيء، بل له أن يستفتي من يجوز له استفتاؤه وإن لم يكن حاكمًا، ومتي ترك العالم ما عَلِمَه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدًا كافرًا، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {المص كِتَابٌ أُنزِلَ اليكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَي لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ اليكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 1، 3] ... ).
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[30 - 06 - 05, 11:07 ص]ـ
كنت قد ذكرت أن شيخ الإسلام رحمه الله نقل الإتفاق على العمل بالظن الراجح و لم أذكر كلام الشيخ بلفظه و الآن وقعت على كلام الشيخ رحمه الله و سأنقله مع فوائد كثيرة رحمها الله ذكرها في هذا الموضع تفيدنا في موضوعنا هذا قال رحمه الله (ثم إنهم مع العلم بأن التارك الموصوف معذور بل مأجور لا يمنعنا أن نتبع الأحاديث الصحيحة التي لا نعلم لها معارضا يدفعها وأن نعتقد وجوب العمل على الأمة ووجوب تبليغها. وهذا مما لا يختلف العلماء فيه. ثم هي منقسمة إلى: ما دلالته قطعية، بأن يكون قطعي السند والمتن وهو ما تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وتيقنا أنه أراد به تلك الصورة.
وإلى ما دلالته ظاهرة غير قطعية. فأما الأول فيجب اعتقاد موجبه علما وعملا، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء في الجملة وإنما قد يختلفون في بعض الأخبار هل هو قطعي السند أو ليس بقطعي؟ وهل هو قطعي الدلالة أو ليس بقطعي؟ مثل اختلافهم في خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول والتصديق أو الذي اتفقت على العمل به فعند عامة الفقهاء وأكثر المتكلمين أنه يفيد العلم وذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لا يفيده. وكذلك الخبر المروي من عدة جهات يصدق بعضها بعضا من أناس مخصوصين قد تفيد العلم اليقيني لمن كان عالما بتلك الجهات، وبحال أولئك المخبرين، وبقرائن وضمائم تحتف بالخبر وإن كان العلم بذلك الخبر لا يحصل لمن لم يشركه في ذلك.
ولهذا كان علماء الحديث الجهابذة فيه المتبحرون في معرفته قد يحصل لهم اليقين التام بأخبار، وإن كان غيرهم من العلماء قد لا يظن صدقها فضلا عن العلم بصدقها ومبنى هذا على أن الخبر المفيد للعلم يفيده من كثرة المخبرين تارة ومن صفات المخبرين أخرى ومن نفس الإخبار به أخرى ومن نفس إدراك المخبر له أخرى ومن الأمر المخبر به أخرى فرب عدد قليل أفاد خبرهم العلم لما هم عليه من الديانة والحفظ الذي يؤمن معه كذبهم أو خطؤهم وأضعاف ذلك العدد من غيرهم قد لا يفيد العلم. هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وهو قول جمهور الفقهاء والمحدثين وطوائف من المتكلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/175)
وذهب طوائف من المتكلمين وبعض الفقهاء إلى أن كل عدد أفاد العلم خبرهم بقضية أفاد خبر مثل ذلك العدد العلم في كل قضية وهذا باطل قطعا لكن ليس هذا موضع بيان ذلك.
فأما تأثير القرائن الخارجة عن المخبرين في العلم بالخبر فلم نذكره، لأن تلك القرائن قد تفيد العلم لو تجردت عن الخبر وإذا كانت بنفسها قد تفيد العلم لم تجعل تابعة للخبر على الإطلاق كما لم يجعل الخبر تابعا لها بل كل منهما طريق إلى العلم تارة وإلى الظن أخرى وإن اتفق اجتماع ما يوجب العلم به منهما أو اجتماع موجب العلم من أحدهما وموجب الظن من الآخر وكل من كان بالأخبار أعلم قد يقطع بصدق أخبار لا يقطع بصدقها من ليس مثله وتارة يختلفون في كون الدلالة قطعية لاختلافهم في أن ذلك الحديث: هل هو نص أو ظاهر؟ وإذا كان ظاهرا فهل فيه ما ينفي الاحتمال المرجوح أو لا؟ وهذا أيضا باب واسع فقد يقطع قوم من العلماء بدلالة أحاديث لا يقطع بها غيرهم إما لعلمهم بأن الحديث لا يحتمل إلا ذلك المعنى أو لعلمهم بأن المعنى الآخر يمنع حمل الحديث عليه أو لغير ذلك من الأدلة الموجبة للقطع.
وأما القسم الثاني وهو الظاهر فهذا يجب العمل به في الأحكام الشرعية باتفاق العلماء المعتبرين فإن كان قد تضمن حكما علميا مثل الوعيد ونحوه فقد اختلفوا فيه: فذهب طوائف من الفقهاء إلى أن خبر الواحد العدل إذا تضمن وعيدا على فعل فإنه يجب العمل به في تحريم ذلك الفعل ولا يعمل به في الوعيد إلا أن يكون قطعيا وكذلك لو كان المتن قطعيا لكن الدلالة ظاهرة وعلى هذا حملوا قول عائشة رضي الله عنها: أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب قالوا: فعائشة ذكرت الوعيد لأنها كانت عالمة به ونحن نعمل بخبرها في التحريم وإن كنا لا نقول بهذا الوعيد لأن الحديث إنما ثبت عندنا بخبر واحد. .. ).
هذا كلام الشيخ رحمه الله (وأما القسم الثاني وهو الظاهر فهذا يجب العمل به في الأحكام الشرعية باتفاق العلماء المعتبرين .. )
و هذا القسم الأول (بأن يكون قطعي السند والمتن وهو ما تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وتيقنا أنه أراد به تلك الصورة.
وإلى ما دلالته ظاهرة غير قطعية. فأما الأول فيجب اعتقاد موجبه علما وعملا، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء في الجملة) فالقسم الثاني ما لم نتيقن من أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أراد المعنى الذي فهمناه و القسم الأول تيقنا من مراد النبي صلى الله عليه و سلم و لا شك أن خلاف اليقين الظن و الظن إما ظاهر و هذا كما ذكر الشيخ يعمل به في الأحكام الشرعية بإجماع العلماء المعتبرين أو ظن مساوي و هذا لا يجوز اتباعه بإجماع العقلاء.
و أنا ذكرت في مشاركاتي إجماع الفقهاء على العلم بالظن الراجح لأني أعلم بأن العلماء اختلفوا في العقائد هل يقبل فيها خبر الواحد أم لا؟
و علة التوقف في خبر الواحد عند من توقف أن خبر الواحد لا يفيد العلم اليقيني و العقائد لا بد منها من العلم الجازم و إن كان هذا القول معدود من أقوال أهل البدع فلم يقل به أحد من السلف لا من صحابة و لا تابعين و لكن قال به بعض أهل العلم من أهل القبلة ممن يعتد برأيهم و يذكر قولهم في الخلاف.
و هذا نص كلامي في هذه المسألة (فالظن إذا كان بمعنى الجزم يجوز العمل يه بالإجماع و إذا كان راجحا يجوز العمل به بإجماع الفقهاء.).
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[30 - 06 - 05, 12:10 م]ـ
و أما قول الأخ الفاضل بن تميم (وكذلك ..
ما يطلق عليه ظن راجح ..
إن كان هناك ظن وظن فاحتار الناظر فيهما ثم رجح ظن منهما بناء عن برهان فلا يسمى المرجح بالبرهان ظن راجح بل هو يقين وقطع ..
وكذلك ما يطلق عليه ظن غالب ..
فنحن بين أمرين إما علم حقيقي وإما علم ظاهر وهو نحو الشهادة وغيرها ..
ولو كانت هذه الظنون يأثم مخالفها لأثم أتباع المذاهب كلها ..
لأنه ليس هناك مذهب إلا وهو يخالف غيره بناء على الظن ..
وإن قالوا اجتهاد هذا لا يلزم اجتهاد آخر ..
قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار ..
فالأمة كلها أولا تتفق على القطع واليقين من النص ثم يحصل الخلاف بعد ذلك بالظنون ..
فهل نكتفي بالقطع هذا أو لا هنا يحصل الخلاف ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/176)
فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين ..
وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن ..
فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن ..
وهي طرائق ومناهج .. ).
أقول ذكرت ما نقله شيخ الإسلام من اتفاق أهل المعتبرين على العمل بالظاهر في الأحكام الشرعية و لم يقل أحد من أهل العلم بأنه عن ترجح أحد الظنون أو ترجح ظن معين عندهم و إن لم يكن هناك ظن مزاحم له لم يقل أحد من أهل العلم بأنه جازم على كل حال بما رجحه نعم قد يجزم بعضهم بما ثبت عنده و جزمه هذا مبني على ما بلغه علمه في هذه المسألة ثبوتا و دلالة و فهما و علما و قد لا يتحصل لغير هذا العالم هذه العلوم و الفهوم أو يتحصل له بعضها فيختلف الحكم باختلاف الفهم و العلم نقصا و زيادة
و أما الإثم فقد أجمع الصحابة و التابعين على أن المجتهد إذا استفرغ وسعه لا يأثم بل يؤجر على اجتهاده كما ثبت في الحديث الصحيح.
و أما الخلاف فهو واقع في الكليات كما يقع في المعينات و تتبع بسيط في كتاب الخلاف حتى المتقدمه كخلاف الصحابة و التابعين يجد أنه قد وقع خلاف بينهم في مسائل كلية و لم يتوقف أحد منهم في المختلف فيه و يتمسك بالمجمع عليه بل كل تكلم بما ظهر له لأنهم رضوان الله عليهم يعلمون بأن الخطأ كما أنه قد يقع من غيره يقع منه ثم يعلم بأنه يجب عليه الإجتهاد و استفراغ الوسع و يعلم بأنه متى ما حقق هذا الأمر رفع عنه الإثم و ثبت له أجر واحد و متى ما أصاب الحق حتى لو كان الحكم بظن راجح حاز الأجرين لذا لما تحقق هذا الأمر في نفوسهم لم يتركوا الكلام في الفقه و غيره و عمل الصحابة شاهد على بطلان هذا الأصل و أن العالم عليه أن يجتهد و يتكلم بالعلم خاصة في ما نزل على المسلمين و أن الخلاف ليس بمانع من البحث و الترجيح.
و هناك كثير من العبارات تريد تحرير كقول الأخ (قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار) هل هذه العبارة صحيحه بأن الظاهرية تمسكوا بالمقطوع و المتيقن و تركوا المختلف فيه و لا أريد أن أطيل في بيان الغلط في هذه العبارة و لكن أحيل الإخوة على كتاب المحلى لابن حزم لينظروا كيف صال بن حزم في مسائل شائكة مختلف فيها اختلافا بينا بين الصحابة و لم يتوقف عند المقطوع به و المتيقن.
و العبارة الأخرى (وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن) هل المقصود بأهل الرأي ممن قال بالقياس أم المقصود به الأحناف و من أخذ برأيهم و على كل حال القول بأن أهل الرأي قالوا بالتأويل و الصرف عبارة فيها الكثير من التجني و الإجحاف فأهل العلم من أهل المذاهب الأصل عندهم التمسك بالكتاب و السنة لا التأويل و صرف ظاهر الأدلة من غير قرينة هذا الأصل لم يقل به أحد من أهل الإسلام حتى أهل البدع من أهل القبلة لم يصرفوا ما صرفوا من ظواهر النصوص من أجل التأويل المجرد و لكن تعارض عندهم ظاهر اللفظ مع أصول و قواعد قعدوها فالتزموا التأويل لمخالفة ظاهر اللفظ لقواعدهم و هذه المسألة عينها هي التي أدت ببعض المذاهب من تأويل بعض النصوص و إن كان التأويل يختلف قربه من الشرع و بعده بحسب قرب القواعد و الأصول من الشرع و بعدها عنه بل نفس الظاهرية الذين يشنعون على المخالفين قد وقعوا في نفي ما هو مقطوع من معاني الألفاظ بسبب أصول و قواعد باطلة عارضت عندهم النصوص بل تعدى هذا إلى الوقوع في تأويل نصوص مقطوع بمعناها كنفي بن حزم لحقائق اسماء الله تعالى و صفاته لأن الأسماء عنده أعلام محضه لا يثبت بها الصفات فالعليم عنده لا تدل على صفة العلم لأن الله تعالى ذكر الاسم و لم يذكر الصفة و لإثبات الصفة لا بد من دليل آخر و هذا المعنى يقطع كل عاقل منصف ببطلانه و لو علمنا بهذا الأصل في دين الله لتكلفنا من المشقة في فهم دين الله و لغة العرب بل و دنيانا ما لا نطيقه بل لكنا أضحوكة الأمم فكل لغات العالم تدل على أن الاسم كما أنه يدل على العلم فإن يدل على الحقيقة فلا يقول عاقل بأن تسمية الطبيب إنما تدل فقط على اسم الطبيب و لا تدل على أنه ممن يعمل في مجال التطبيب.
و غيرها من الأصول التي اعتمدها في كتبه ليس هنا مجال ذكرها مما جرأت أهل العلم الطعن فيه بل جاوز الحد بعضهم في عدم اعتبار أقواله في الخلاف.
أقول بأن القول بالأخذ بالمقطوع من العلم و ترك المختلف فيه مما يقطع ببطلانه بل هو قول مبتدع لم يقله أحد من السلف لا الصحابة و لا التابعين بل و لا أحد من أهل العلم ممن يعتد بقوله.
و القول بأن الظاهرية أخذوا بالمقطوع به و أن أقوالهم كلها مما هو منصوص عليه ثبوتا و دلالة قول باطل نقطع به و لا يختلف فيه عالم فإذا كان الخلاف ثابت قطعا بين الصحابة في الثبوت و الدلالة فمن باب أولى أن يكون ثابت لمن هو خلفهم و كلام الأخ بن تميم يدل على أن هذا مراده (فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين ..
وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن ..
فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن ... ) فدعوى القطع و اليقين لا تسلم لكل من ادعاها فكم من مدعي للقطع و القطع بخلاف قوله فهؤلاء أهل البدع قطعوا في أمر من المقطوع به بطلان قطعهم بل هذا بن حزم لا بد أنه كان يدعي القطع على أصل بن تميم بأن الاسماء أعلام محضه لا تدل على الصفات و مع ذلك خالفه في قطعه هذا بعض المعاصرين من الظاهرية فبأي قطع نأخذ بقطع المتقدمين من الظاهرية أم بقطع المعاصرين فالكلام في العلم يحتاج إلى أصول و قواعد و إنصاف و تجرد أما إطلاق الألفاظ من غير تحرير و تحقيق فكل يحسنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/177)
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[30 - 06 - 05, 09:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أخي الفاضل ..
سأجيب على كل تعقيب لك بانفراد ..
وبالله تعالى التوفيق ..
قال الفاضل حفظه الله ..
((الأولى: كلام بن حزم رحمه الله حتى لو ثبت لفظ (عجمته) فظاهره يدل على المراد إلا أن يكون عند الأخ بن تميم لفظ آخر يحسم المسألة فابن حزم رحمه الله قال (فَمَنْ عَجَزَ لِجَهْلِهِ أَوْ عَتَمَتِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ كُلِّ هَذَا فَلاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ بِقَلْبِهِ وَيَقُولَ بِلِسَانِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ بَعْدَ أَنْ يُفَسَّرَ لَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَكُلُّ دِينٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ.) فقوله (حسب طاقته) يعم الإعتقاد و القول باللسان و لا يخص بفقط القول باللسان و أنا هنا لا أجزم نسبة هذا المعنى لإبن حزم و لكن هو ظاهر كلامه و الأخ بن تميم حفظه الله خص المعنى فقط في القول باللسان دون الإعتقاد بالقلب و لا أعلم كيف فرق بينهما مع عدم ذكره لوجه التفريق.)) ..
أقول بارك الله فيك ..
تصحيح اللفظة الوارد في متن المحلى كان تصحيحاً ضرورياً وهو خطأ من الناسخ أو المحقق والله أعلم ..
لذلك قلت أن شاهد التصحيح لتلك الكلمة هو ..
ما قلته آنفاً (ويقول بلسانه حسب طاقته بعد أن يفسر له) ..
أي أنه أعجمي لم يعرف هذا المعنى فلا بد أن يقول بلسانه كلمة التوحيد مع اعتقاده بما فُسّرت له ..
فكلامي لم يكن مخالفاً لما نقله الفاضل (عبد الرحمن المطلاع) ..
بل كان لتصحيح كلمة فقط وردت ونقلت خطأ ..
لأن من لم يكن أعجمياً أو جاهلاً فقد شمله كلام الإمام قبل هذه المسألة ..
وإنما هنا الكلام على الجاهل والأعجمي الذي لا يدرك كلمة التوحيد فيجب أن تفسّر له ثم ينطق بها مع اعتقادها ..
وهذا معلوم في كلام الإمام هنا وفي الفصل وغيره ..
ولا يدخل النص المذكور هذا في جواز العمل بالظن عند الإمام ابن حزم الظاهري أصلاً ..
ولا تضاد بين ما قلته فيها وبين ما قلته في الحكم بالظن في الدين ..
وسيأتي بيان كيف لا يدخل هنا في مسألة الحكم بالظن بعد قليل ..
فالإمام يتكلم عن الآن عن وجوب النطق واعتقاد كلمة التوحيد ..
فقال أن من جهل معناها لعجز إدراكها أو عجمة لسانه فلا بد له أن يعتقد بقلبه ويقول بلسانه بحسب طاقته ..
وقلت حفظك الله ..
((الثانية: قوله (فلا يكلف الله نفساً إلى وسعها ومن عمل بوسعه لا يسمى عاملاً بالظن) الأمر لا يتعلق بالألفاظ و إنما بالحقائق فإن كان مرادك من عمل بوسعه ثم اعتقد أمرا بحسب وسعه و طاقته و إن لم يجزم به جزما قاطعا صح اعتقاده سواء قيل أن هذا ظن غالب أو راجح أو سمي علما فهذا ما نريد أن نبينه و لا مشاحة في الإصطلاح و هذا المعنى هو ظاهر كلام بن حزم رحمه الله و إن أردت أنه لا يجوز له الإعتقاد لأنه لم يجزم جزما قاطعا باعتقاده فهذا كلام باطل ترده نصوص الكتاب و السنة و عمل الصحابة و التابعين و قد ذكرنا طرفا من نصوص الكتاب و منها قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التغابن16 فمن استفرغ وسعه في طلب الحق ثم لم يصل إلى الجزم القاطع فقد اتقى الله ما استطاع و صح اعتقاده.)) ..
وأقول نفع الله بك ..
نعم لا يتعلق الكلام إلا بالحقائق ..
فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي ..
لا تكليف إلا مع القدرة ..
فكل عامل بحسب قدرته فقد أدى ما عليه من الشرع المطالب به ..
سواء وافق الحق أو خالفه ..
فهنا ترتفع المؤاخذة فقط ولا يثبت الحق كما هو معلوم ..
ودليل هذه القاعدة بعض ما ذكرته من نصوص ..
فالوسع في قبول الشهادة بأن نتحرى عدالتهم فقط ..
فلا يكلفنا الله بعلم البواطن وما ينقض العدالة مما خفي علينا ..
فلم أخالفك ههنا أصلاً ..
فكان ذكري لها لأجل بيان العمل بالظن ولا علاقة لهذا في الاعتقاد ..
فالاعتقاد هو يقين ثبت في النفس فإن شك فيه ولو لحظة فقط لم يكن معتقداً بالله باليقين ..
وليس كما يصطلح عليه أهل الكلام في هذه المعاني ..
فالاعتقاد بالله وألوهيته وربوبيته وغيرها مما يجب اعتقاده لا يجوز أن يكون بظن أصلاً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/178)
فمتى ما دخل الشك فيه فقد بطل ذلك الاعتقاد ..
لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها إلا اليقين بما نعتقده ..
سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك ..
ولأنه لا مرتبة متوسطة بين الشك واليقين فإما هذه وإما تلك ..
هذا في الاعتقاد التي تصح به الديانة ..
ولاحظ أمراً دقيقاً ..
أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..
فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ..
أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ..
فمن دخل الشك في تصديق ما أتى الله به تعالى من أمور الاعتقاد وغيرها فليس بمصدق ..
لأن التصديق لا يكون مع وجود شك ولو برهة من زمان ..
فالآية التي ذكرتها تتكلم عن العمل ولا تتكلم عن الاعتقاد ..
وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!
فإن لم يكن مطلوباً منا اليقين بما نعتقد لصححنا عقائد باطلة بناء على أنها بذلت وسعها فعلمت أن عيسى عليه السلام هو الرب ..
واليقين لا يبطله يقين ضرورة ..
فالنص الذي أوردته هو طلب الله تعالى بعد أن نوقن أنه الله المستحق للعبادة والربوبية منا أن نتقيه بما استطعنا ..
وليس قبل أن نوقن أنه الله ..
لأن من لم يوقن ذلك وشك فيه أو تردد فليس مخاطباً بالعمل الوارد في نفس النص لأن التردد شك في تصديق هذه الحقيقة ومن شك في هذه الحقيقة لم يكن معتقداً فالواجب عليه أن يستعيذ بالله إن كان من أهل الإيمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإن استمر في شكه هذا لم يكن من أهل الإيمان ..
أما من استفرغ وسعه لإصابة الحق في العمل فقد أدى ما عليه وهذا ذكرته آنفاً في التعقيب ولم أخالفه ..
لكن لا يعني من فعل ذلك أنه أصاب الحق عند الله ..
فالعمل بشيء ينتج عنه قضيتين ..
الأولى: إصابة الحق عند الله تعالى وفيه الأجر ..
وهذا لا يكون إلا بعمل بيقين لأنه لا يتعارض ولا يتناقض ..
الثانية: العمل بما أمرنا به في تحري الحق وإن أخطأنا بلا نية للخطأ ..
فهذا فيه الأجر أيضاً ولا يعني أنه الحق عند الله ..
ولا يحل لنا ههنا أن ننسبه إلى الله تعالى إن كان بناء عن ظن ورأي ..
لأن هذه المسالك لم يطلبها الله تعالى منا أصلاً ..
وإنما طلب منا العمل بما أمرنا به فقط مما يوصلنا إلى القطع في نسبة شيء من الأحكام والديانة إلى الله تعالى ..
وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به ..
ومن قال بغير هذا فقد أخطأ يقيناً ..
ولوجب على القائل هذا أن ينسب كل الظنون التي قال بها كل مفتي منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا إلى الله تعالى وشرعه ..
وهذا أيضاً لا يقوله أهل الرأي أصلاً ..
وإنما يعملون بالظن تورعاً واحتياطاً مع عدم نسبتهم لشيء من ذلك إلى الله تعالى لعدم ثبوته من جهة القطع واليقين ..
فالصحابة رضي الله عنهم عملوا بما اجهدوا فيه الفكر والرأي حتى وصلوا لحكم ما وكان بالظن ..
ولم ينسبوه إلى الشرع البتة ..
فلما ورد عن غيرهم اليقين تركوا ما قالوه ..
وكذلك من بعدهم من التابعين ..
فلا محارجة في العمل بالاجتهاد وهذا ما قدمته آنفاً في التعقيب ..
وإنما في نسبة هذا العمل بالظن والرأي إلى الله تعالى والشرع والإلزام به ..
وهذا لا يدركه الكثير من طلبة العلم إلا من رحم الله ..
وقلت حفظك الله ..
((و في الحديث الصحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». فمن بلغه أمر و أتى منه ما استطاع اعتقادا و عملا فقد برئت ذمته و لم يطالب بما لا يقدر عليه و من فرط في طلب الحق و لم يستفرغ وسعه فهو آثم و إن أصاب الحق في نفس الأمر و إثمه لا لأنه أصاب الحق و لكن لتفريطه فيما أمر به من طلب الحق.)) ..
أقول حفظك الله ..
هذا النص وما فيه هو قولنا أيضاً ولا نخالفك في هذا إلا إن كان مرادك ما تقدم فقط ..
وقلت نفع الله بك ونقلت عني ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/179)
)) الثالث:قوله (والخلاف واقع بين الجمهور وأهل الظاهر في جزئية قل من يدركها .. هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟ فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة .. ).
إن كان المراد بالظن الذي يرى الجمهور العمل به هو الظن المتساوي الطرفين فنسبة هذا إليهم غير صحيح فإنه بإجماع العقلاء لا يجوز الترجيح من غير مرجح بل لا يجوز العمل بمثل هذا بإجماع الفقهاء لما دلت عليه نصوص الكتاب من تحريم اتباع الظن قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157)) ..
وأقول عفا الله عنك وعنا ..
ليس ذلك قولي أخي العزيز ..
هذا الظن المتساوي الذي ذكرته يقع في نفس المفتي وكذلك يقع بين أهل الفقه ..
فهنا الكلام عن النص الذي دلالته محتملة لأكثر من معنى ..
وهذا لا يجوز العمل به وهو تحكم باتفاق المسلمين ..
ولا إشكال في هذا ..
وإنما الإشكال إذا اختار الفقيه أو المفتي أحد هذه الأقوال بناء على ظنه أنه الأوفق والأسلم والأصح والموافق لمقاصد الشرع التي عنده وليس له في هذا الترجيح دليل يوجب اليقين ..
فكل ما كان حكماً وقولاً في تفسير نص أو خبر أو صرفه أو تخصيصه أو تقييده بناء على الظن والرأي ..
فهذه الأمور وغيرها يجب أن يكون الكلام فيها بناء عن يقين وإلا فلا يحل نسبته إلى الله تعالى ..
واستدلالك في هذه الآية يؤكد قولي السابق في وجوب قطعية الاعتقاد ..
((و قال {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} الأنعام116 و قال {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} الأنعام148و غيرها من الآيات.)) ..
فقوله تعالى وذمه لهم لأنهم اتبعوا الظن في اعتقادهم ..
بخلافك يا رسولنا لأنك تقطع باعتقادك ..
فإن تبعت ظنهم فيما يعتقدون فهذا ضلال ..
والآية تتكلم عن الاعتقاد ههنا لأن المخالف كافر وليس بمؤمن لنحمل الكلام على العمل ..
وقلت حفظك الله ..
((و إن كان المراد بالظن هنا الغالب أو الراجح فهذا القول صحيح و لا يقال بأنه لا يجوز اتباع هذا الظن بعد استفراغ و أنه يدخل في اتباع الظن المحرم فهذا القول يرده كتاب الله تعالى كما قال تعالى {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} البقرة230 فهذا الظن عند الزوجين هو و لا شك غالب الظن لا الجزم به لأنه لم يحدث عندهما الجزم لعدم وقوع هذا حقيقة ثم لعدم علم كل واحد منهما بنية الآخر و إنما يحكم كل واحد منهما على الآخر بما ظهر له قرائن خاصة و لا يمنع أن يصل الأمر إلى الجزم و لكن يكفي في هذا الظن الغالب بإقامة حدود الله.
و قال تعالى {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} يوسف42)) ..
أقول بارك الله فيك ..
استدلالك ههنا لجواز العمل بالظن الراجح أو الغالب لا يصح ..
الظن الذي ذكرته ههنا ليس هو ظن في أحكام الله تعالى وشريعته ..
وإنما هو في علاقة بين طرفين ..
إلا أنه يتعلق به الشرع من جهة التطليق ومن جهة ابتداء عقد النكاح مرة أخرى ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/180)
وليس هذا مدخلاً لأصل مسألتنا وهو جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى ..
فإن طلق الزوج زوجته طلاقاً باتاً ثم أراد الرجوع إليها ولم يجزم ويقطع أنها ستكون أفضل مما كانت في حياتهما الزوجية الأولى ولا هي كذلك ..
فرجح من ظهور علامات القبول والرضا الموافقة على الإحسان والعشرة بالمعروف فله أن ينكحها ..
وإن ظهر له أو ظن كذلك من خلال كلامها أنها لن تعينه على إقامة حدود الله في الزوجية وهي العشرة بالمعروف والإحسان فليس له أن ينكحها ..
فهو ما طلقها إلا لأجل أسباب معينة وموافقتها على الزواج موافقة على ترك هذه الأسباب التي أوجبت التطليق ..
أما إن كانا يريدان أن يتراجعا وهما على ما كان عليه من شقاق وفعل ما يوجب الشقاق والتطليق فلا يحل لهما ذلك لأنه العمل بما يجزم كل منهما أنه يضر صاحبه به ..
وقد أمرنا في الزواج بأن نحسن إلى بعضنا وأن لا نضار بعضنا ..
فإما إمساك بمعروف وإما تسريح بمعروف ..
فهذا الظن الذي ذكرته ليس هو الذي ذكرته أنا ..
وليس هو كذلك محل النزاع ههنا ..
فكيف نقول أن الظن ههنا منسوب إلى الله تعالى .. ؟!
بل لا يمكن ذلك ..
وكذلك إن قلت أن هذا الظن غالب وأمرنا بالعمل به فليس كذلك أيضاً ..
دعنا نفترض وجود زوج طلق زوجته وأراد إرجاعها ..
وهي مثلاً أختك والزوج أخي ..
وحصل الخلاف والتطليق لأجل معصية الزوج وطلبه من الزوجة أن تأتي ما حرم الله تعالى أو كان عاصياً فاسقاً يشرب الخمر ويزني ..
ثم تقدم أخي يريد إرجاع زوجته ..
ألا تقول له وهي أختك ..
هل تبت عن الحرام .. ؟ وهل أتيت لترجعها ولتطلب منها ما حرمه الله تعالى أيضاً .. ؟
هل تركت الباطل الذي كان بسببه التطليق .. ؟!
سيقول لك نعم الحمد لله ..
فظهر لك أن حاله استقام وليس لك البحث عن نيته ..
فلك أن تأذن لأختك بالزواج منه لظهور صلاحه وترك ما أوجب التطليق ..
وإن قال لك لا لم أتب لازلت أتعاطى الخمر وغيرها ..
فهل توافق حينها .. ؟!
فأي حكم ههنا بالظن الراجح الغالب الذي يعمل به أهل الرأي .. ؟!
فهذا ظهور علامات معينة وهي توبته أو رجوعه إلى الحق أو ترك موجبات التطليق فأوجبت أن نوافق أو نرفض الزواج ..
فالظن ههنا ليس كما ذهبت إليه في تفسيرك ..
فهو أمر ظاهر للزوج والزوجة من خلال ما يشاهدان ..
وهما لا يقطعان بأن يقيما حدود الله تلك في كل أحد ..
لأنك لا تستطيع أن تقطع بخلق شخص وأنه سيأتي بالحلال دائماً ..
لكن ظهر من قول الزوج وتوبته وعزمه على ترك ما أوجب التطليق أنه سيقيم حدود الله فيها التي تركها عند التطليق الأول ..
وكذلك الزوجة ولا فرق ..
فلم يكن الحكم بناء على الظن ههنا ..
إنما هي موافقة على الزواج أو عدم الموافقة بظهور ما يدل قطعاً على ترك التعدي على حدود الله ..
لأنك لا تستطيع أن تقول أن المطلقة لأجل ترك إقامة حدود الله وشريعته في الزوجية ترجع للزوج دون أن تتأكد منه أنه لن يعود إلى ذلك ..
وكذلك الزوج بلا فرق ..
فيدخل الظن ههنا في نفسها ونفسه ..
فهل سيطبق شرع الله في هذه الحياة الزوجية بعدما أكد لي قبل عقد الزواج أو لا؟!
فهذه يشك فيها كل أحد لأنها أخلاق وأديان وقلوب يقلبها الله تعالى بين أصبعيه ..
واكتفت الزوجة أو الزوج بما نطق به أحدهما من التوبة والعزم على عدم العود إلى موجبات تلك الفرقة ..
وقلت حفظك الله ..
((و هذا كذلك ظن راجح و مع لذلك اتبعه يوسف عليه السلام و لم يكن هذا اتباع للظن المحرم قال بن كثير رحمه الله (ولما ظن يوسف عليه السلام أن الساقي ناج, قال له يوسف خفية عن الاَخر, والله أعلم ـ لئلا يشعره أنه المصلوب ـ قال له {اذكرني عند ربك} يقول: اذكر قصتي عند ربك, وهو الملك, فنسي ذلك الموصى أن يذكر مولاه الملك بذلك, ... ).)) ..
أقول بارك الله فيك ..
وليست هذه الآية دليلاً على جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى وشرعه ..
يوسف الصديق عليه السلام فسر الرؤيا وظن أن هذا الرجل ناج ..
وقال له اذكرني عند الملك ليخرجني من السجن ..
وهذا ليس اتباع ظن ولا قول به ولا نسبته إلى الشرع ..
فلا يصلح هذا الدليل للاستشهاد به في محل النزاع ..
وهذا لا مدخل له في التشريع والحكم في الدين في شيء أصلاً ..
وقلت بارك الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/181)
((فالمحرم هو اتباع الظن المتساوي الأطراف و إن كان الظن في الغالب يكون عند ترجح أحد الأطراف و أما عند التساوي فيسمى الشك و كذلك اتباع الظن الراجح من غير اجتهاد أو استفراغ وسع محرم.)) ..
وأقول ..
فالمحرم كل قول ينسب إلى الله تعالى وشرعه بلا نص يوجب ذلك القول ..
فإن ترجحت ظنون وتساوت ثم جاء النص القاطع زالت تلك الظنون كلها ..
وصار أحدها هو القطع لا الظن الغالب أو صار غيرها هو القاطع كما جاء به النص ..
فهذا الذي يحل نسبته إلى الله تعالى وأن نسميه شرع وأن نلزم به الناس ..
فليس الظن شرع ولا ملزم للأمة ولا أحد ..
وهذا موجود عن الصحابة ومن بعدهم أيضاً ..
فنحن لا نتكلم عن ديانة المرء وحده ..
وإنما نتكلم عن الشيء الذي يجوز أن نقول هو من الله تعالى وشرعه ..
ونحكم فيه بين الناس في أموالهم وأعراضهم ودماءهم ..
وقال تعالى ..
{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم * ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل 115 - 116
فلم يأذن لأحد أن يتقول عليه وينسب رأيه وظنه إلى الشرع ..
ولا يحل لأحد أن يقول هذا حلال وهذا حرام بالظن ..
وقال تعالى ..
{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} النساء 82
ولو كان الواجب اتباع هذه الظنون ونسبتها إلى الله تعالى لأبطلنا الآية السابقة ..
فكل ما كان من الله تعالى فلن تجده مختلفاً ولا متناقضاً في شيء البتة ..
ومن قال أن الظنون توجب الاتفاق كان مبطلاً للحقائق ..
بل اليقين هو الذي يوجب الاتفاق والظن يوجب الاختلاف ..
وما كانت مذاهب أهل الرأي مختلفة إلا بالظنون ..
وليس لظن أحد مزية على ظن غيره في تقديمه ونسبته إلى شرع الله ..
فاعتصمنا بذلك اليقين الواجب علينا فقط ولم ننسب إلى الله تعالى حكماً بظننا ..
ونحن لا ننكر على المجتهد أنه اجتهد واستفرغ وسعه بل هذا مطلوب ..
وإنما ننكر نسبة ذلك الاجتهاد المبني على الظن إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به ..
فمن لم يقطع بشيء فلا يحل أن يجعله مساوياً في الحكم كالذي جاءنا بالبرهان اليقيني أنه من الله تعالى ..
بل يقول هذا رأيي فقط وليس هو قول الله وشرعه ..
ويتأسى بالصحابة رضي الله عنهم في أنهم ما أباحوا نسبة ذلك إلى الله تعالى وشرعه ..
وأما قولك حفظك الله ..
((وقال تعالى {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} النور12 فالمؤمنون يتبعون ما غلب على ظنهم من غير جزم و سبب نزول هذه الآية حادثة الإفك و إذا كان النبي صلى الله عليه و سلم لم يجزم ببراءة عائشة رضي الله عنها فكيف بغيرهم من المؤمنين فيجب على المؤمنين حسن الظن بإخوانهم و اتباع هذا الظن.)) ..
ليس فيها دليل على محل النزاع وهو جواز العمل بالظن في الشريعة وجواز نسبة ذلك الظن إلى الله تعالى ..
بل هي حجة لنا في إبطال العمل بالظن ونسبته إلى الله تعالى ..
بل هي توجب اتباع ما ظهر لنا عند الحكم على الناس ..
فعند رؤيتنا أفعال الناس وأقوالهم موافقة لأقوال وأفعال أهل الإيمان فنحكم أنهم أهل إيمان بما ظهر لنا من حالهم ..
سواء كانوا فساقاً في أمرهم الخفي والباطن أم كفاراً ..
وهذا لا علاقة لنا به بل نحكم بما ظهر لنا من أحوالهم فقط والله يتولى السرائر ..
ولا نطلق الأحكام بما نسمع من القيل دون تثبت ..
بل من سمعنا عنه تلك الأقوال ولم يأت برهان عليها فالواجب علينا جيمعاً أن نحسن الظن بالمؤمنين ..
ولو كان هذا فينا لطلبنا من الناس جميعاً أن يحسنوا الظن بنا ..
فقد أذن الله تعالى وأمر أن نظن بالمؤمنين خيراً ما داموا استحقوا لفظ الإيمان ..
ولا يحل لنا أن نظن بهم غير هذا ..
أما قولك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجزم ببراءة عائشة فكيف بغيرهم من المؤمنين) ..
فلا نقيصة بقول الروافض أن النبي صلى الله عليه وسلم شك في خلق وطهارة وعفاف عائشة .. !
فكل من قال بذلك لم ينصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمنا رضي الله عنها ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/182)
إلا إن كان مراد كلامه أن عدم الجزم أمر يخالف عدم الشك ..
ولا أراه منطبقاً على مسألتنا التي تريد الاستدلال عليها ..
وإذا كانت هذه المقولة توجب عدم جزم النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة أمنا ..
فقد وجدنا أن بعض الصحابة لم يوجب هذا القول الكاذب شكاً عنده ..
وهم ليسوا بأزواج لأمنا رضي الله عنها ..
وإذا كنت تستشهد بتفسير ابن كثير رحمه الله فقد ذكر ابن جرير الطبري أيضاً كما ذكر ابن كثير أثراً عن خالد بن زيد أن أمرأته أم أيوب سألته ..
أما تسمع ما يقول الناس في عائشة قال بلى وذلك الكذب أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب قالت لا والله ما كنت لأفعله، قال فعائشة والله خير منك ..
وقال ابن كثير: فلما نزل القرآن وذكر أهل الإفك قال الله عز وجل (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين) يعني أبا أيوب حين قال لأم أيوب ما قال ..
ويقال إنما قالها أبي بن كعب وقوله تعالى (ظن المؤمنون) أي هلا ظنوا الخير فإن أم المؤمنين أهله وأولى به هذا ما يتعلق بالباطن وقوله (وقالوا) أي بألسنتهم (هذا إفك مبين) أي كذب ظاهر على أم المؤمنين رضي الله عنها
نعم إفك مبين ولو لم ينزل الله تعالى براءتها من السماء ..
لأن المقولة تطعن في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته في أنها زنت مع قريب لها ..
وهذه المقولة كاذبة إلا أن يشهد لها برهان ..
وهذا قولنا إلى يوم القيامة وإن لم تنزل هذه الآيات التي قطعت كذب كل كاذب ..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ..
((يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا)) ..
والذي يحل أن يقال في النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة ولا يحل غيره ..
أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع هذه المقولة كما سمعها الناس ..
ولم يأته برهان قاطع على صدق هذه المقولة أو كذبها ..
فلم يحكم بناء على ظنه هذا بالتصديق أو التكذيب ..
وإنما سأل أسامة وعلي ليعلم إن كان قد فاته شيء من خلقها لم يكن يعلمه ..
وعندما أخبرته الجارية بطهارتها وخلوها من الريبة سكت ..
رغم أن علي قال النساء كثير يريد أن لك الزواج من غيرها ..
ورغم ذلك سكت وتركها على طلبها في أن تمرض في بيت والدها ..
ولو كان الحكم بالظن ههنا يجوز لحكم به ..
لكنه عندما زار أمنا رضي الله عنها ذكرها الله تعالى وأنها إن كانت قد أذنبت فالتوبة حق واجب عليها ..
ولم يحكم عليها بشيء أصلاً ..
لأن اتباع الظن وهو اتباع ما يقال في خلق الناس وإيمانهم وتقواهم لا يجوز ..
بل لا يحل إلا إحسان الظن بهم فقط ..
فأي عمل بالظن ههنا .. ؟!
وأي عمل به ونسبة ذلك العمل إلى الله تعالى وشرعه .. ؟!
هذا دليل بطلان ما تقوله من جواز العمل بالظن ..
وأجبت عليه لئلا يظن أحد أن دلالته صحيحة على هذه الدعوى ..
وقلت حفظك الله ..
((و قال تعالى {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} ص24 و هذا ظن من داود عليه السلام اتبعه و عمل به فاستغفر ربه و تاب إلى الله تعالى)) ..
ليس كل لفظة (ظن) واردة في القرآن تعني الظن الذي تريده ..
فداود عليه السلام ههنا يعلم أنه استعجل في الحكم وحكم بالخطأ ..
ثم ظن أن استعجاله هذا وحضور هذان الرجلان لسؤاله كان لأجل ابتلاء الله تعالى له فاستغفر من هذا الحكم وخر راكعاً وأناب ..
فالله تعالى جعل الحكم بالاستعجال دون التمييز للبينة وسماع حجج الخصوم خطأ ..
فعلم داود عليه السلام هذا الخطأ فتاب منه ..
وليست التوبة من شيء إلا إن كان ذنباً أو خطأ ..
وليس هذا في محل النزاع أصلاً ..
فأين جواز العمل بالظن ههنا .. ؟
وأين جواز نسبة هذا الظن إلى الله وشرعه .. ؟!
فالذي ظنه داود هو ظلم أحدهما للآخر وابتلاء الله تعالى له وليس عمله الذي أفتى به ..
لأنه لو كان يعلم أنه قد استعجل في الحكم لما حكم ..
فهو أدرك أن حكمه كان فيه خطأ ..
فاستغفر ربه وأناب من فعله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/183)
فلو كان عمله بالظن هنا قد أقره الله تعالى وصححه ونسبه إليه لكان استدلالك بها صحيح على ما تدعيه ..
لكن الله تعالى خطأ داود عليه السلام ولم يصحح قوله ولم ينسبه إليه ..
وميز داود عليه السلام هذا وتاب منه ..
وإن قلت هل له أجر قلنا نعم لنيته في إصابة الحق لكنه أخطأ في سماع البينة وحجج الخصوم فيرد هذا الحكم ولا ينسب إلى الله تعالى لأنه لم يأمره بأن يحكم بين الناس بالظن ..
فتأمل بارك الله فيك ..
وقلت حفظك الله ..
((و قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} الحجرات12 فبعض الظن ليس بإثم و ما كان ليس بإثم لا يقال بوجوب اجتنابه و إنما يجب اجتناب ما كان إثما من الظن فلزم جواز العمل ببعض الظن و هو ما يقصد به الظن الغالب أو الراجح و جواز العمل ببعض الظن ينقض القاعدة الكلية بحرمة العمل بالظن و إن كان راجحا.)) ..
هذا استدلال ابن العربي المالكي وغيره من أهل العلم وهو خطأ ظاهر ..
فالظن في الآية ..
ظن صحيح وظن باطل ..
وهو ما قالوه أن بعض الظن ليس بإثم وبعضه إثم ..
فيجوز أن نعمل بذلك الذي ليس بإثم ..
فالظن هنا هو ما انقدح في نفس وذهن الناظر أولاً بأمارات ترجحه ..
لكن كيف نعرف أن هذا الظن إثم أو ليس بإثم .. ؟!
لأن المستدل بهذه الآية يقر بأن هناك نوع فيه إثم ونوع لا إثم فيه ..
ولا يتضح هذا إلا بالبرهان ليرفع لنا هذا الإشكال والإجمال ..
وبالنصوص الأخرى وهذا النص عرفنا أن الظن يكون إثماً إن لم يكن صادقاً أو يصدق على المعنى الذي انقدح في نفوسنا أولاً بتلك الأمارات ..
فعلمنا أن الظن الذي هو إثم ما كان يكذبه البرهان ..
وعلمنا أن الظن الذي ليس بأثم ما كان يصدقه البرهان ..
فما قلته ..
فإن بعض الظن ليس بإثم وما كان ليس بإثم فلا يقال بوجوب اجتنابه وإنما يجب اجتناب ما كان إثما من الظن ..
فأخبرني أي الظن ههنا الإثم من غيره .. ؟!
إن كان بعض الظن إثم فلا يجوز استحضاره ولا التفكير به ..
فكيف نعرف البعض الآخر من الظن إن كان إثماً أو لا .. ؟!
فالآية تقول ..
يا أهل الإسلام اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض هذا الظن إثم ..
فما هو الكثير هذا وما هو البعض هذا .. ؟!
فليس لكم إلا أن تقولوا أن الذي ليس بإثم هو الذي لم ننهى عنه ولم يكن معصية ..
وأن الظن الكثير الذي فيه الإثم هو ما نهينا عنه ..
فإن قلتم قد نهانا الله تعالى عن اجتناب الكثير فبقي القليل الذي لا إثم له ..
فكذلك نقول لكم هاتوا برهان هذه الظنون التي قلتم أن الله تعالى لم ينهكم عنها وهي جواز العمل بالظن ثم نسبة هذا الظن إلى شرع الله وإلزام الناس به .. !
والصحيح في الآية أن الظن ههنا إذا أيده برهان يصدقه كان ظناً أولاً ثم صار قطعاً ..
كما قلت بأن تقوم بينة على أن فلان شارب للخمر ..
فالناس قبل قيام البينة ظنوا به أنه فاسق شارب للخمر ..
وقد أثموا لظنهم هذا لعدم قيام برهان عليه أولاً ..
فصار الظن هذا قطع بناء على تصديق البرهان له ..
وبأبسط من ذلك ..
الظن الذي قلنا أنه إثم سنقول بناء على أنه معارض للنص ..
فمن ظن بإنسان أنه فاجر فاسق ولم يكن له في ذلك بينة من برهان قاطع على ذلك فهنا يحرم هذا الظن لوجوب الظن بأهل الإيمان الخير إلا إذا قامت بينة من شهود أو إقرار ..
فنحن لا نحكم على صدق وصحة ظن إلا إذا أيده برهان ..
وهذا محل اتفاق بيننا ..
يبقى البعض الآخر من ذلك الظن ..
الذي لم يشهد له برهان لا بصدقه ولا بكذبه ..
وهذا الذي نازعناكم فيه وقلنا قولكم فيه دعوى خالية من برهان يصدقها ..
أما استدلالك بحديث البخاري ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/184)
((أخرج البخاري و غيره عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر) و معلوم ان الحاكم إذا أجتهد فأخطأ لم يصب الحق مع اجتهاده فإما أن يقال بأنه كان جازما بحكمه فيرد هذا القول بأنه لم يصب الحق في نفس الأمر فلم يكن هذا جزما و إن كان يظن أنه جازم لأن العلم الجازم هو ما وافق الحق في نفس الأمر او يقال بأنه كان يغلب على الظن صحة هذا الحكم فحكم به فأخطأ و على كلا الأمرين يجوز العمل بالظن الراجح و اتباعه لأن ما كان في نفس الأمر ليس على الحقيقة و إن كان يدعي الجزم فيه إنما هو ظن راجح لا علم جازم و ما كان يظن بأنه ظن غالب و اتبعه ثم لم يأثم بذلك دل على جواز اتباع هذا الظن.)) ..
ونقول وبالله تعالى التوفيق ..
قد بينا كل ذلك آنفاً ونزيده بياناً بعون الله ..
لازلت لا تفرق بين ما نتكلم به وننازعكم وبين ما نتفق عليه معكم ..
فانظر إلى تعليقي الأول تعرف الفرق جيداً ..
نحن نقول لا يجوز الحكم في الدين بالظن ولا يجوز نسبة هذا الظن إلى الله تعالى وشرعه ..
فالمجتهد إذا اجتهد إن كان اجتهاده بناء على الظن والرأي فهذا خطأ وإن أصاب الحق عند الله ..
وقد ذكرت أنت بنفسك هذا الأمر ..
((فمن بلغه أمر و أتى منه ما استطاع اعتقادا و عملا فقد برئت ذمته و لم يطالب بما لا يقدر عليه و من فرط في طلب الحق و لم يستفرغ وسعه فهو آثم و إن أصاب الحق في نفس الأمر و إثمه لا لأنه أصاب الحق و لكن لتفريطه فيما أمر به من طلب الحق.)) ..
وقد قسمت أنت أيضاً قول المجتهد إلى قسمين وقلت أنه إن لم يوافق الحق في نفس الأمر ..
إما أن يقال بأنه كان جازماً بحكمه ..
أو يقال بأنه كان يغلب على الظن صحة هذا الحكم ..
وبناء على ذلك فيصح العمل بالظن ..
فقد بينت أن الله تعالى لم يأمرنا بأن نقول بشيء في دينه وننسبه إليه بناء على الظن ..
وهذا المجتهد الذي حكم بشيء ولم يوافق الحق قد يكون قاطعاً بأنه حكم الله ..
أو أن ذلك بناء على غلبة الظن ..
فإن كان قاطعاً بأن ذلك مراد الله تعالى فلا يعني صدق قطعيته هذه ويقينه ..
ولو تأملت في الحجج واليقين والقطعية جيداً لأدركت ما أخطأت به ..
لا يعني أن يقول القائل هذا يقين وقطع أنه يقين وقطع عند الله ..
بل قد يخطئ القائل هذا ويظن بشيء أنه يقين وقطع وهو ليس كذلك في حقيقته ..
لأن اليقين لا يبطل اليقين في نفس القضية الواحدة والحكم الواحد ..
فلا بد أن أحد اليقينين الذين يدعيهما القائلين ههنا خطأ ..
فإما أن المجتهد كان يقول بشيء ويعتبره يقين وهو ليس كذلك في مسائل الأصول ومصادر التشريع ..
كمن يقول بإجماع أهل المدينة مثلاً أو أن قول الصحابي حجة شرعية ..
فهذا بناء عن ترجيح وعمل بالظن في هذا الأصل قال بأن الحكم في هذه المسألة الفرعية يقين بناء على أصله في حجية عمل أهل المدينة أو قول الصحابي مثلاً ..
فهنا يقينه خطأ لأنه مبني على الظن ..
وكذلك لو قال أحد أن حكمي هذا يقين وهو يستدل بالإجماع السكوتي ..
وهو ممن يعتبره ليس بحجة أو حجة ظنية ..
فقوله باليقين هنا في المسألة الفرعية خطأ لأن مبناها على ترجيح بالظن أو الخطأ ..
فكل من يدع القطع بشيء وجب أن نقف وننظر من أي وجه قال بذلك ..
فإن قال أن تفسير ودلالة النص أخذناها من اللغة التي خوطبنا بها ولا دليل أو إجماع يصرف هذا المغنى كان قاطعاً في دلالة الآية ..
أو إذا أخذ بتفسير النص من نص آخر أو إجماع كذلك ..
أو أدرك هذه الدلالة بما يدركه كل عاقل من القضايا العقلية التي يسلم بها كل الناس العقلاء ..
كقوله تعالى في اجتماع الناس على أهل الإيمان ..
فالمعلوم أن الناس كلهم لم يجتمعوا بل اجتمعت طائفة من الناس وهو الكل في تلك المحلة وذلك المكان ..
وهذه تدرك ضرورة ..
فهنا نستطيع أن نحكم على قول فلان أن ذلك قطع ..
أما غيرها من الطرق التي تستنطق النصوص فلا تعطي هذه القطعية أصلاً ..
ومن يدعي هذا فقد وقع فيما يبطله أهل الرأي أنفسهم ..
فكل هذه الطرق تعطيهم الظن ولا تعطيهم القطع بالشيء ..
فالحجة لا تبطل الحجة وهذا أس خطأك في هذه المسألة ..
فالدعوى بالقطعية لا تصح إلا بالبرهان على ما يدعيه المدعي ..
فإن ادعاه وأخطأ بتطبيقه فنعرف أنه ظن لم يكن قطع ..
فكم من قائل بالقطع بان خطأ قطعيته لأجل تخصيص لعام فاته أو تقييد لمطلق ..
أو لأجل ناسخ لم يعلمه ..
وهذا معلوم ويخبرنا أن الذي قطع على مثل هذه الأمور قبل ورود هذا التخصيص والتقييد والنسخ مثلاً كان قاطعاً بما تحت يده ولم يكن قاطعاً بالحق عند الله تعالى ..
فهو أصاب من هذه الجهة لأنه عمل بما أمره الله تعالى وكلفه ..
فيأتي من بعده ليخبرنا أن قول فلان خطأ وإنما هو ظن منه لفوات هذه المقيدات أو النواسخ عنه حين حكم ..
وهو قد أخذ الأجر وإن أخطأ في تطبيق القطع في ذلك النص ..
أما الاجتهاد بالظن وهو يعلم أن تلك ظنون لا توجب القطع فهذا شأن المجتهد وحده ..
فلا يحل له أن يقول ذلك دين الله وشرعه ولا أن يلزم به الناس ..
وهذه قضيتنا ومسألتنا وليس غيرها ..
وقد قلت لك سابقاً ..
لا يجوز أن نقول بشيء بالظن في الدين ثم ننسبه إلى الله تعالى وشرعه ونلزم الناس به ..
فلم تأت بما يعارض هذا البتة ..
بل شرعت في تبيين الظن وكأن الظن أمر معضل لا يدرك إلا بكثرة الكلام عليه ..
وقلت ..
((هذه بعض الأدلة على ما ذكرناه و غيرها كثير و لولا خشية الإطالة لذكرتها بالتفصيل.)) ..
قد أطلت كثيراً ولم تعترض على أس مسألتنا هنا ..
وليت الباقي مما سأقرأه الآن يتعلق بها ..
وتعليقي جاء لئلا يظن أحد أن هذه الدعوى صحيحة ..
فأرجو أن يكون تعليق من يعلق على ما ذكرته بأن يذكر دليل جواز العمل بالظن في أحكام الديانة وجواز نسبة هذا العمل المبني على الظن إلى الله تعالى وشرعه ..
وهذه هي التي ذكرتها وأعترض عليها أخي الفاضل ولم يأت بدليل يؤيدها ..
وبالله تعالى التوفيق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/185)
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[30 - 06 - 05, 10:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
وهذا التعقيب على تعقيبك الثاني ..
قال ابن تميم الظاهري ..
نقل أخونا الفاضل ما قلته في أحد تعقيباتي وعلق عليه وقال ..
((و أما قول الأخ الفاضل بن تميم (وقد يحكي البعض ما أمرنا به في قبول شهادة الشهود مع أننا لا ندري صدق وكذب الشاهد ونحكم بناء على ظننا ..
وهذا خطأ .. لأن الحكم بناء على الشهود أمر قطعي ثبت بالنص الصحيح باتفاق الجميع ولكن كون هؤلاء كذبوا أو صدقوا فلا يعنينا هذا .. لأن الله تعالى أمرنا أن نحكم بناء على ظهور البينة وتحققها دون التفات إلى صدق المخبر والشاهد وكذبه .. لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حكم ذكّر الشهود بالله أو قال .. من قضيت له فإنما أقضي له بقطعة من نار أو كما قال بأبي هو وأمي .. من كان ألحن بحجته من صاحبه وقدم الشهود وهم يكذبون فيما شهدوا فلم يكلفنا الله الحكم إلا بتحري البواطن .. فالشهادة أمر .. وصدق الشهود أمر آخر .. لذلك وجدنا الذي ينهى ويخوف الشاهد إن أراد الكذب بتحذير الشارع له بأنه إن كذب فتلك شهادة زور وهي كبيرة من الكبائر .. وكذلك الصلاة إلى القبلة ونحوها ففرق بين أن نؤمر بأن نصلي إليها مع التحري وبلوغ الجهد في ذلك التحري وبين إصابة عين الكعبة .. ).)) ..
هذا ما قلته ونقله عني ثم عقب عليه بأن قال ..
((أقول يجب التفريق بين التأصيل و التنزيل و بين تحقيق المناط و تنقيحه قال شيخ الإسلام رحمه الله (والاجتهاد في (تحقيق المناط) مما اتفق المسلمون عليه، ولابد منه كحكم ذوي عدل بالمثل في جزاء الصيد، وكالاستدلال على الكعبة عند الاشتباه ونحو ذلك، فلا يقطع به الإنسان، بل يجوز أن تكون القبلة في غير جهة اجتهاده، كما يجوز إذا حكم أن يكون قد قضى لأحدهما بشىء من حق الآخر، وأدلة الأحكام لابد فيها من هذا؛ فإن دلالة العموم في الظواهر قد تكون محتملة للنقيض، وكذلك خبر الواحد والقياس، وإن كان قوم نازعوا في القياس، فالفقهاء منهم لم ينازعوا في خبر الواحد كالظاهرية، ... ).)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
ما علاقة تحقيق المناط ههنا في مسألتنا ..
وكلام ابن تيميه بأن الاستدلال على الكعبة لا يقطع به الإنسان لم أقل بخلافه حتى تأتي بما يؤيده ..
بل قلت آنفاً فرق بين أن نؤمر أن نصلي باتجاه الكعبة وبين أن نصيب عينها ..
فالمطلوب منا وهو ما نقطع به الصلاة باتجاه القبلة ..
أما إصابة عينها فلم يطلب الله تعالى ذلك ..
ولو طلبها لذكر لنا بطلان صلاة من لم يصل لعينها ..
وهذا متعذر أصلاً لأنه لا يجزم أحد إن كان أصاب عينها أو لا ..
وإنما المطلوب فقط الصلاة تجاه القبلة وهذا ما نقطع به ..
أما الظن أو القطع في إصابة العين فهو غير مطلوب منا أصلاً ..
فكل من صلى باتجاه القبلة فقد عمل بما أمر قطعاً ..
وكذلك كل من شهدوا عنده بحق فيجب عليه الحكم بما شهدوا إن كان قد ثبت عنده عدالتهم ..
ولا نلتفت لكذبهم أو كون شهادتهم زوراً أو غيره ..
لأن هذا الظنون لم يكلفنا الله تعالى بالبحث عنها ..
فلا أدري لأي وجه ذكر الفاضل كلام ابن تيميه في هذه القضية ..
وكل أدلة الشرع من القرآن والسنة والإجماع هي على ما فيها من دلالة أولاً ..
ثم تأتي النصوص الأخرى المبينة أن تلك الدلالة ليست على عمومها ونحو ذلك من النسخ والتقييد ..
وليس هذا كلامنا أيضاً ..
بل كلامنا هل يجوز العمل بالظن في أحكام الله تعالى وأن ننسب ذلك الحكم المبني على تلك الظنون إلى شرع الله .. ؟!
هذه قضيتنا وغير هذه فهو فضول وفوائد تناسب من يتبعها أو يقلدها أو يحققها ..
وكل المنقول عن ابن تيميه لا علاقة في القضية المتنازع فيها ..
فما علاقة المؤثر في الكفارة واختلاف الفقهاء في فساد الصوم وغيرها .. ؟!
لذلك سأتجاوز ما فيه مما لا علاقة له بما نتكلم عليه ..
وقلت حفظك الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/186)
((فكما أنه يجب الإجتهاد و استفراغ الوسع في تحقيق التأصيل كذلك يجب استفراغ الوسع و الإجتهاد عند التنزيل و هذا بإجماع العلماء لذا لا يقال بأنه لا يعنينا صدق الشهود أو كذبهم بل يعنينا هذا و يجب علينا الجزم به فإن لم نستطع الجزم فغلبة الظن تكفي و لكن يقال بأنه بعد الإجتهاد و استفراغ الوسع لا يأثم من أخطا في الحكم و هذا يعم التأصيل و التنزيل فإنه كما أنه يجب الإجتهاد في التأصيل كذلك يجب الإجتهاد في التنزيل و كما أنه يقع الخطأ في التنزيل يقع الخطأ في التأصيل و هذا أمر محسوس مشاهد يدركه كل طالب علم مارس الفقه و أصوله فكم من مسألة من المسائل الكلية اختلف أهل العلم فيها بحسب العلوم و الفهوم و مثل هذا لا يحتاج إلى تمثيل و خطأ أهل العلم في هذه المسائل إنما هو خطأ بسبب اتباع الظن الغالب فيظن الفقيه بحسب اجتهاده و يحكم عليها بما ظهر له ثم يخالفه آخر فيحكم بحكم يناقضه فمن أصاب الحق منهم فقد أصابه إما بجزم أو بغلبة ظن و من أخطأه أخطأه و لا شك بغلبة ظنه لا بجزمه لأنه لو جزم لوصل إلى الحق و من أخطأ الحق لا يقال بأنه جازم لأن الجزم هو إدراك الأمر على حقيقته و هذا لم يدركه.)) ..
أين التأصيل والتنزيل في كلامي وما نقلته بارك الله فيك .. ؟!
هل قولي أن الشهادة قد طلبها الله منا وطلب قبولها ما دام الشاهد عدلاً يعني لك ذلك .. ؟!
فهذا الذي نقطع به وهو هذا الطلب بقبول شهادة العدول ..
فكيف نجتهد في هذا الأمر بارك الله فيك .. ؟!
فكيف إن لم نقطع ونجزم بذلك المطلوب فنكتفي بغلبة الظن .. ؟!
أي غلبة ظن ههنا تريد أن تقبل بها قول الشهود .. ؟!
وليس لنا اجتهاد هنا ونظر إلا بالتحري عن العدالة فقط ..
أما إذا ثبتت تلك العدالة فقد وجب القول بما توجبه تلك الشهادة إن خلت القضية عن معارض لها ..
وقلت بارك الله فيك ..
((ثم إن القطع بالحكم الكلي و هو العمل بشهادة الشاهدين لا يعني ترك الإجتهاد في تحقق العدالة في هؤلاء الشهود و إلا أصبح الحاكم من أهل النار كما في الحديث عن ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ اثْنَانِ فِى النَّارِ وَوَاحِدٌ فِى الْجَنَّةِ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِى الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِى النَّارِ وَرَجُلٌ جَارَ فِى الْحُكْمِ فَهُوَ فِى النَّارِ ((
فأي اجتهاد ههنا في تنزيل وتأصيل .. !
وكيف تثبت عدالة العدول .. ؟!
أتثبت أيضاً بغلبة الظن .. !
أليس الله تعالى قد بين لنا من هم الشهود العدول في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
فعلمنا يقيناً أن الفاسق ليس عدلاً ..
وعلمنا أن من اتصف بكذا وكذا فهو فاسق ..
فكل هذه مبثوثة في النصوص ولا حاجة لأن يجتهد المجتهد فيها إلا في كونها متحققة فيه أو ليست متحققة بالبرهان القاطع وإلا حكم على شخص بالفسق أو عدم العدالة بالظن ..
ولساغ لكل أحد أن يجتهد في عدالة كل أحد ويخرجه من الملة بناء على غلبة الظن ..
فيقول قد رأيت العالم الفلاني أو الرجل الفلاني واقف عند خمّارة أو في خمّارة فهو بغلبة الظن ممن يشرب الخمر .. !
أو رأيته في مكان منعزل مع امرأة متبرجة فبغلبة ظني أنه متخفي عن أعين الناس لأجل منكر .. !
ولساغ أيضاً أن يقول رأيت فلاناً يدخل بنك ربوي فهو فاسق لعمله بالكبيرة أو الصغيرة بحسب رأيه بغلبة الظن .. !
فكيف هذا الاجتهاد الذي تطالب به بارك الله فيك ..
فإن قلت لا نحكم هكذا على عدالة الرجل فلا بد لك أن تبين الطريق الصحيح الذي نقطع به على عدالة فلان أو فسقه ..
وليس ذلك بالظنون وغلبتها بل بما يشهد به المزكون أو غيرهم بأن فلان من أهل العدالة وليس بفاسق ..
وليس التحري عن أمر العدالة أصلاً ..
وإنما التحري لإجل التثبت من فسقه لأن الأصل في المسلمين أنهم عدول ..
وما كان بخلاف العدالة هو الذي يطلب المرء التثبت منه ..
فإن نفاها النافون بيقين فأي اجتهاد تريد ههنا من المفتي أو المجتهد .. ؟!
وقلت بارك الله فيك ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/187)
((و الحديث الذي ذكره الأخ بن تميم حجه عليه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا» فقد يقضي القاضي في حكم و لا يكون هذا القضاء موافق للحق فيعذر القاضي لاجتهاده و استفراغ و سعه و لا يعذر من قضي له بحق أخيه لأنه يجزم بأن هذا الحكم خلاف الحق و القاضي إنما حكم بما ظهر له و غلب على ظنه و لا يعني عذر القاضي أنه لا يبحث عن صدق الشهود و عدالتهم بل يجب عليه ذلك و فإن قصر أو فرط أثم و إن اجتهد و جزم و وافق جزمه الحق أو غلب على ظنه صدقهم حكم بما غلب على ظنه.)) ..
لا يكون شيء أو دليل تذكره أنت أو اذكره أنا حجة علي إلا إذا أبطل ما قلته في أول تعقيب وهو ..
لا يحل العمل بالظن في أحكام الله تعالى ثم نسبة هذه الأحكام المبنية على الظن إلى شرع الله تعالى ولا يحل إلزام الناس بها ..
أما ما عداه فليس بحجة علي ..
وأنما الحديث هذا حجة على من يبطل أن يكون حكم القاضي بناء على شهادة الشهود العدول حجة يجب العمل بها والمصير إليها ..
وقد قلت آنفاً ..
الحكم بشهادة العدول واجب وفرض على القاضي وهو أمر أمرنا به الله تعالى بما نقطع به ولا يشك بذلك أحد ..
وليس لنا البحث والتحري إن كان قد صدق في شهادته أو لم يصدق ..
إلا إذا ثبت كذبه فيها لأن السرائر لله تعالى ولم نطلع عليها كما لم يطلع عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولسنا نتكلم ههنا عن الذي قضى له القاضي ..
فمن يعلم أنه أخذ حق أخيه بغير حق فهذا تشمله كل النصوص الواردة في تحريم مال أخيك إلا بحقها ..
فالقاضي إذا حكم بناء على غلبة ظنه أن فلان عدل فحكمه باطل ..
ولم يلزمنا الله تعالى بقبول شهادة إلا عدل نعلم ونوقن أنه عدل ..
والعدالة الدينية هذه التي نحكم بها تتعلق بظاهر الرجل ولا تتعلق بباطنه ..
فهذه الظواهر ظاهرة ويعرفها الناس ..
فمن حكم لأنه شهد عنده شهود أن فلان وفلان عدول ..
فيصح حكمه ..
وإن أتى من يبطل عدالة هؤلاء ببرهان وبينة أبطل القاضي حكمه السابق ..
لا كما يقول أهل الرأي أن الاجتهاد لا يبطله اجتهاد ..
فالمشهود عليه والذي أخذ حقه بتلك الشهادة الكاذبة باق على حقه إلى يوم القيامة ..
يرث هذا الحق بنوه وإن طال الزمان ..
فكيف نقبل بحكم القاضي بأن فلان عدل بغلبة الظن .. ؟!
بل لا يوجد نص من الشريعة يؤيد هذا الفعل ..
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يبطل هذا التصرف والحكم ..
فهو حكم بما ظهر له من صلاح الناس وعدالتهم ..
ولم يأته أحد يبطل عدالة الشهود ..
ولا تحرى عن بواطنهم إن كانوا صادقين أو كاذبين ..
وهو حجة لنا والحمد لله رب العالمين ..
حاول أن تقتصر على محل النزاع أخي الفاضل لئلا نخرج إلى مسائل ليست في أصلنا هذا ..
وما جاوبت عليها إلا ليعلم القارئ أن هذه المذكورات والمنقولات ليس لها متعلق بكلامنا ..
وزدته لئلا يتوهم أحد معارضة لما قلته ..
وبالله تعالى التوفيق ..
يأتي الجواب على التعقيب الثالث وأرجو أن يكون متعلقاً بمسألتنا كذلك ..
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[30 - 06 - 05, 11:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب الثالث على كلام الأخ الفاضل (عبد الرحمن المطلاع) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قال الفاضل في تعقيبه ..
((كنت قد ذكرت أن شيخ الإسلام رحمه الله نقل الإتفاق على العمل بالظن الراجح و لم أذكر كلام الشيخ بلفظه و الآن وقعت على كلام الشيخ رحمه الله و سأنقله مع فوائد كثيرة رحمها الله ذكرها في هذا الموضع تفيدنا في موضوعنا هذا)) ..
الاتفاق الذي نقلته وينقله كل من يتكلم في مسائل الظن هو ..
أنه يجوز يجتهد المرء في أمر الديانة ولكن إن كان عن ظن فلا يحل له أن ينسبه إلى التعالى ويلزم الناس به ..
فكلام ابن تيميه ههنا عن الثبوت وعن الدلالة ..
وما يعنينا هنا في مسألتنا من كلامه رحمه الله ما قاله في الدلالة ..
لأن كلامه في قطعية خبر الآحاد ونحوها من المسائل فهذه في قطعية الثبوت لا الدلالة إن تكلمنا عن أصلها ..
أما ما في هذه النصوص من دلالة فهو ما قاله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/188)
((وتارة يختلفون في كون الدلالة قطعية لاختلافهم في أن ذلك الحديث: هل هو نص أو ظاهر؟ وإذا كان ظاهرا فهل فيه ما ينفي الاحتمال المرجوح أو لا؟ وهذا أيضا باب واسع فقد يقطع قوم من العلماء بدلالة أحاديث لا يقطع بها غيرهم إما لعلمهم بأن الحديث لا يحتمل إلا ذلك المعنى أو لعلمهم بأن المعنى الآخر يمنع حمل الحديث عليه أو لغير ذلك من الأدلة الموجبة للقطع.)) ..
وقد بينا كيف يقطع أحد بشيء ويخالفه غيره في ذلك القطع ..
فالقطع بدلالة نص لا يعني صحة هذا القطع إلا إن كان كما يلي ..
أن يكون الأصل المتكلم فيه قطعي الثبوت ..
وأن تكون هذه الدلالة التي سماها ابن تيميه ظاهرة على ظاهرها ومفهومها في اللغة التي خوطبنا بها حتى يقوم برهان من نص أو إجماع أو حس على أن الظاهر هذا ليس هو المراد ..
فنأخذ بذلك الصارف عن تلك الدلالة التي ظهرت لنا أولاً ..
ونعلم أن القطع هو كذا وليس ما فهمناه من ظاهر النص أولاً ..
فإذا اختلف العلماء في ذلك وفي كون هذه الدلالة قطعية أو لا فنرجع إلى الله تعالى لنعلم كيف يزول ذلك الخلاف ..
لأنه أمرنا بالرد إلى كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع ..
فلما رجعنا إليه رأينا من فسر أو قال بتلك الدلالة لم يقل بقطع ..
إما لأنه استعمل الظن في تفسير هذه الدلالة مما لم نؤمر به وباتباعه وإلزام الناس به ..
وإما أنه استعمل ما يظن أنه قطع وقام برهان على إبطال هذا الظن وكشف حقيقة ما قال أنه قطع بأن بين لنا أن النص لا يريد تلك العبارة أو الجملة أو المفهوم ..
وليس في كلام ابن تيميه مخالفة لما ذكرته في أصل مسألتنا من أنه لا يجوز العمل بالظن ثم نسبة هذا الحكم المبني على الظن إلى شرع الله ودينه ثم إلزام الناس به ..
ولو قال قائل بأن هذا محل اتفاق لما أبعد ..
فالعبرة ليست بنقل اتفاق على مسائل خارجة عن محل النزاع ..
بل العبرة بأن تنقل لي اتفاق أهل العلم على إبطال ما نازعتك به فقط ..
فإن ثبت هذا بيقين لا شك فيه صرنا إلى قولك وإلا فهو دعوى كغيرها ..
والذي يقول يجوز العمل بالظن هذا وأن الله تعالى أمرنا به وقال أنسبوا ذلك الظن إلى شرع الله وألزموا الناس به يقول بدعوى ..
وليس له دليل على هذه الدعوى البتة ..
ولو كان هذا حق لكان واضحاً لكل أحد ..
فنصوص الله تعالى تمنع القول على الله بالظن والرأي ..
وفتاوى الصحابة والتابعين التي كانت عن ظن ورأي لم يلزموا بها أحدا من الناس ..
ولا قالوا هذا شرع الله ودينه ..
فمن قال بغير هذا فعليه بإسناد خلاف ذلك إلى الشرع والصحابة رضي الله عنهم ..
وإلا بقي قوله مجرد دعوى لا برهان يشهد لها وبها ..
ونقل الفاضل من كلام ابن تيميه أيضاً ..
((وأما القسم الثاني وهو الظاهر فهذا يجب العمل به في الأحكام الشرعية باتفاق العلماء المعتبرين فإن كان قد تضمن حكما علميا مثل الوعيد ونحوه فقد اختلفوا فيه: فذهب طوائف من الفقهاء إلى أن خبر الواحد العدل إذا تضمن وعيدا على فعل فإنه يجب العمل به في تحريم ذلك الفعل ولا يعمل به في الوعيد إلا أن يكون قطعيا وكذلك لو كان المتن قطعيا لكن الدلالة ظاهرة وعلى هذا حملوا قول عائشة رضي الله عنها: أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب قالوا: فعائشة ذكرت الوعيد لأنها كانت عالمة به ونحن نعمل بخبرها في التحريم وإن كنا لا نقول بهذا الوعيد لأن الحديث إنما ثبت عندنا بخبر واحد. .. ).)) ..
وهذا كما قلت ولا فرق ..
فقول ابن تيميه أن الظاهر هذا محل اتفاق هو ما أنكره علينا الأخ الفاضل ..
ثم استشهد به لقوله .. !
وقلت سابقاً ..
أن أهل الظاهر وقفوا على هذا الظاهر أو وقفوا على ما نقل عن هذا الظاهر ..
والناقل هذا كان بما نقطع أنه في لغتنا أو نص ثابت صحيح أو إجماع متيقن ..
أما غيرهم من أهل الرأي فقد صرفوا هذا الظاهر أو تأولوه بهذه الطرق أو بغيرها مما هي ظن ورأي ..
وقال الفاضل ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/189)
((هذا كلام الشيخ رحمه الله (وأما القسم الثاني وهو الظاهر فهذا يجب العمل به في الأحكام الشرعية باتفاق العلماء المعتبرين .. ) و هذا القسم الأول (بأن يكون قطعي السند والمتن وهو ما تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وتيقنا أنه أراد به تلك الصورة. وإلى ما دلالته ظاهرة غير قطعية. فأما الأول فيجب اعتقاد موجبه علما وعملا، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء في الجملة) فالقسم الثاني ما لم نتيقن من أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أراد المعنى الذي فهمناه و القسم الأول تيقنا من مراد النبي صلى الله عليه و سلم و لا شك أن خلاف اليقين الظن و الظن إما ظاهر و هذا كما ذكر الشيخ يعمل به في الأحكام الشرعية بإجماع العلماء المعتبرين أو ظن مساوي و هذا لا يجوز اتباعه بإجماع العقلاء.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
كيف نعرف مراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من النصوص .. ؟!
ألم يخبرنا الله تعالى أنه خاطبنا بلسان عربي مبين .. ؟!
فهذا أصل ..
ألم يخبرنا أن الإجماع اليقيني حق .. ؟!
فهذا أصل ثان ..
ألم يبين لنا في نصوصه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم تخصيص العام وتبيين الظاهر ونقله وتقييده ونسخه .. ؟!
فهذا أصل ثالث ..
وأما ما عداها فلا يتحصل لنا منه قطع في بيان مراد الله تعالى ..
لأنه لم يأمرنا بغير هذه الأصول ولا خاطبنا إلا بها ..
فمن قال أنه خاطبنا بغيرها فليذكر برهان ذلك ..
وإلا فهي دعوى لا يصححها برهان ..
وما قلته عن هذه الأصول معلوم ومعروف ولا ينكره من قرأ في كتب العلم وعلم الأخبار ..
أما من لم يقرأ أو لم يميز الحقائق فيعترض ويقول هذه الأصول باطلة أو غير صحيحة ..
وليس لنا كلام ههنا مع من لم يقرأ ولم يحصل العلوم ..
ولا أظن أحد يكابر في هذه الأصول ..
ونحن نظن الخير في الفاضل (عبد الرحمن المطلاع) وهذا حقه على كل مسلم ..
نفع الله به ..
وقال الفاضل ..
((و أنا ذكرت في مشاركاتي إجماع الفقهاء على العلم بالظن الراجح لأني أعلم بأن العلماء اختلفوا في العقائد هل يقبل فيها خبر الواحد أم لا؟
و علة التوقف في خبر الواحد عند من توقف أن خبر الواحد لا يفيد العلم اليقيني و العقائد لا بد منها من العلم الجازم و إن كان هذا القول معدود من أقوال أهل البدع فلم يقل به أحد من السلف لا من صحابة و لا تابعين و لكن قال به بعض أهل العلم من أهل القبلة ممن يعتد برأيهم و يذكر قولهم في الخلاف.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
وقوفك ههنا ليس له وجه ..
لأن خبر الواحد ثابت ويفيد القطع في الاعتقاد والعمل ..
ومن قال بغير هذا فقد أخطأ وفارق البرهان ..
وإن قال به بعض أهل القبلة كما قلت فلا يعني أن نقبله ونتوقف عن ذكر الاتفاق عليه ..
لأن من قال بهذا أخطأ بناء على طريقة أهل الكلام ..
فالعبرة بدليل المخالف وليس بقوله ومن هو ..
فكل من خالف البرهان في مسألة ما فلا يلتفت إلى قوله ..
وهنا يقع الخطأ في حكاية القول الشاذ والمخالف ..
فلا يعتبر بعض طلبة العلم بدليل المخالف وإنما يكتفي أن فلان مخالف فينفي الاتفاق ..
وأتابع ما قاله الفاضل ..
فالعلم اليقيني والظني عندهم ليس هو الذي عندنا شريعياً ..
فلا يلزمنا قولهم هذا ما دام قد عارض الشرع ..
والشرع قد جاء بقبول نذارة الواحد والأكثر مما أتوا به بعد أن فقهوا وتعلموا وحفظوا ..
وأمرنا بقبول نذارة هذا العدل الحافظ ..
فوجب القبول بقوله وما ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
فتلك طرق القطع في هذه الشريعة ..
أما غيرها فهي طرق ظنية أو واهية لم يقبل بها الشرع ..
أما قولك ..
((و هذا نص كلامي في هذه المسألة (فالظن إذا كان بمعنى الجزم يجوز العمل يه بالإجماع و إذا كان راجحا يجوز العمل به بإجماع الفقهاء.).)) ..
فالظن أصله في اللغة الشك والتهمة وعدم القطع بالشيء إن أطلق فيما لا يشاهد ولا يعاين ولا جاء به الخبر القاطع ..
وراجع في ذلك مادة ظنن في كل المعاجم ..
وقد يأتي بمعنى العلم واليقين ..
إذا كان عن معاينة ومشاهدة وبخبر لا شك فيه ..
فإن ورد نص شرعي بكلمة ظن أو ظنوا فنحمله على ما جاء في لغتنا في الأصل ..
فإن نافاه معنى أخر في نص آخر جعلناه بمعنى العلم واليقين ..
فهذا في النصوص ..
وإن قلت كيف ذلك .. ؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/190)
قلت لك أن الشك والتهمة لا يصح أن نطلقها على أهل الإيمان من الرسل والأنبياء الذين وردت هذه اللفظة في كلامهم ..
إلا إن كانت هذه اللفظة واردة معنى الشك والوهم ..
فنجعلها على هذا المعنى ..
ومثال ذلك ..
ما ذكره البخاري في باب التفسير عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وأهلها أنها قالت عندما سألها عروة عن قوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} أو كذبوا؟ قالت: بل كذبهم قومهم، فقلت: والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن، فقالت: يا عرية لقد استيقنوا بذلك، قلت: فلعلها أو كذبوا؟ قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، وأما هذه الآية قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم وظنوا أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله.
قال أبو عبد الله استيأسوا افتعلوا من يئست منه من يوسف {ولا تيأسوا من روح الله} معناه الرجاء ..
قم نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما وذكر خبر عائشة في موضع آخر وقال ..
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن بن جريج قال سمعت بن أبي مليكة يقول قال بن عباس رضي الله عنهما {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} خفيفة ذهب بها هناك وتلا {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} فلقيت عروة بن الزبير فذكرت له ذلك فقال قالت عائشة معاذ الله والله ما وعد الله رسوله من شيء قط إلا علم أنه كائن قبل أن يموت ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى خافوا أن يكون من معهم يكذبونهم فكانت تقرؤها {وظنوا أنهم قد كذبوا} مثقلة ..
وقال البخاري أيضاً ..
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى حتى إذا استيأس الرسل قال قلت أكذبوا أم كذبوا قالت عائشة كذبوا قلت فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن قالت أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك فقلت لها وظنوا أنهم قد كذبوا قالت معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها قلت فما هذه الآية قالت هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك، وقال: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة فقلت لعلها كذبوا مخففة قالت معاذ الله ..
أما في كلامنا فلابد أن نقف على غرض القائل هذا ..
أي ظن يعني .. ؟!
فالظن استعمله العرب بمعنى العلم واليقين فيما كان من أمر أدرك من جهة الخبر أو المشاهدة والمعاينة ..
فلا تقول العرب أصلاً: أظنني حياً، وأظنني جالساً ..
ولكن تقول أعلم أني حي جالس ..
فالرسل هنا في هذه الآية الذين كذبتهم أممهم فقد شاهدت وعاينت كفر أممها بها لتكذيب هذه الأمم لما جاؤوا به من الحق ..
وقد يقال أن القوم هم الذين كذبوا ..
لكن لنا علاقة في الظن هذا لا تفسير النص ..
فيجوز أن يقال علمت الرسل تكذيبهم وظنت تكذيبهم بمعنى اليقين ..
لا بمعنى الشك والتوهم والوهم والتردد ..
وغيرها من النصوص مثلها ..
فلا يطلق أحد في النصوص الشرعية والاستدلال لها لفظ الظن بمعنى العلم واليقين ..
وهذا مما لا تجده في استعمالات العلماء والفقهاء ..
فعند الكلام على اختيارات واجتهادات الفقهاء ليس لنا أن نطلق لفظ الظن ونعني به اليقين ..
فقولك: (فالظن إذا كان بمعنى الجزم يجوز العمل به بالإجماع) ..
ليس بصحيح وحكاية للإجماع على ما لم يجمع عليه في اجتهادات العلماء ..
فإن سموه ظناً راجحاً أو غلبة ظن في اجتهاداتهم ..
فلا يعني أحداً منهم أن يريد اليقين والجزم من لفظة الظن ..
بل المتردد والمحتمل لأوجه فأتى المجتهد فرجح معنى من تلك الأوجه ..
ونحن هنا نقول ..
اختيار وجه من تلك الأوجه ما دامت دلالته محتملة أو متردد لا يصح إلا ببرهان نقطع بأن المراد من ذلك النص هذا الوجه دون غيره ..
وليس هذا محل كلامنا هنا لكن نبهت عليه فقط ..
فنحن نريد دليلاً واحداً صحيحاً على دعوى جواز العمل بالظن والرأي ثم جواز نسبة ذلك الرأي والظن إلى الله تعالى وشرعه ثم جواز إلزام الناس به ..
هذه قضيتنا أخي الفاضل فاستدل لها لا لغيرها ..
فلا علاقة لنا باجتهاد المجتهد بالظن والرأي وقد قلت سابقاً أن هذا شأنه ولا يحل له أن يلزم الناس بهذا الظن والرأي المجرد من دليل وبرهان ثم يلزم الناس به ..
ونفيت أن يكون أحد الصحابة والتابعين قد عمل بتلك الطريقة التي ينادي بها أهل الرأي ..
بل اجتهدوا وأصابوا الحق أو خالفوه وكلهم له الأجر ..
ولم يلزموا أحد بقولهم ولا نسبوا ذلك الظن والرأي إلى الله تعالى ..
فما كان عندك يبطل هذا فأبن عارضته لنعلمه ونستفيد منك ومن علمك ..
وبالله تعالى التوفيق ..
يأتي الكلام على التقيب الرابع ..
وأتمنى كذلك أن يكون في محل النزاع لا في غيره ..
والله المستعان ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/191)
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[01 - 07 - 05, 01:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب الرابع ..
قال ابن تميم الظاهري ..
عقب الفاضل (عبد الرحمن المطلاع) في تعقيبه الرابع وذكر أموراً يجب الوقوف عندها وتحريرها ..
وغالب ما ذكره الأخ الفاضل خارج عن محل النزاع في هذا المقال ..
إلا أنني اضطررت لبيانها حتى لا يتوهما أحد أنها من قولنا أو ليست من قولنا ..
قال حفظه الله ونقل عني ..
((و أما قول الأخ الفاضل بن تميم (وكذلك .. ما يطلق عليه ظن راجح ..
إن كان هناك ظن وظن فاحتار الناظر فيهما ثم رجح ظن منهما بناء عن برهان فلا يسمى المرجح بالبرهان ظن راجح بل هو يقين وقطع .. وكذلك ما يطلق عليه ظن غالب .. فنحن بين أمرين إما علم حقيقي وإما علم ظاهر وهو نحو الشهادة وغيرها .. ولو كانت هذه الظنون يأثم مخالفها لأثم أتباع المذاهب كلها ..
لأنه ليس هناك مذهب إلا وهو يخالف غيره بناء على الظن .. وإن قالوا اجتهاد هذا لا يلزم اجتهاد آخر .. قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار .. فالأمة كلها أولا تتفق على القطع واليقين من النص ثم يحصل الخلاف بعد ذلك بالظنون .. فهل نكتفي بالقطع هذا أو لا هنا يحصل الخلاف .. فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين .. وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن .. فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن .. وهي طرائق ومناهج .. )) ..
ثم قال الفاضل بعد هذا ..
((أقول ذكرت ما نقله شيخ الإسلام من اتفاق أهل المعتبرين على العمل بالظاهر في الأحكام الشرعية و لم يقل أحد من أهل العلم بأنه عن ترجح أحد الظنون أو ترجح ظن معين عندهم و إن لم يكن هناك ظن مزاحم له لم يقل أحد من أهل العلم بأنه جازم على كل حال بما رجحه نعم قد يجزم بعضهم بما ثبت عنده و جزمه هذا مبني على ما بلغه علمه في هذه المسألة ثبوتا و دلالة و فهما و علما و قد لا يتحصل لغير هذا العالم هذه العلوم و الفهوم أو يتحصل له بعضها فيختلف الحكم باختلاف الفهم و العلم نقصا و زيادة)) ..
قد بينا كل ذلك سابقاً في تعقيبنا ..
وقال أيضاً ..
((و أما الإثم فقد أجمع الصحابة و التابعين على أن المجتهد إذا استفرغ وسعه لا يأثم بل يؤجر على اجتهاده كما ثبت في الحديث الصحيح.)) ..
وهذه قضية قد أيدتها والحمد لله تعالى ..
فإن كانت هي حق عندكم أيضاً فلا إنكار على من وقف على القطع عنده ..
فإن كنتم ترون القطع بكذا وكذا فلا تنكروا على من وقف على القطع عنده في كذا وكذا ..
وهذه القضية والإجماع المحكي والنص الوارد فيه حق لا نبطله وهو قولنا آنفاً ..
ولم نقل بتأثيم أحد عمل هكذا البتة ..
وإنما قلت لو كانت هذه الظنون والآراء في المذاهب يأثم مخالفها وتاركها لوقع قائل ذلك بتأثيم أتباع المذاهب والمقلدة كلهم ..
وهم لا يقولون بهذا ..
فصح عندنا أن هذه الظنون والآراء التي لا يقطع بها لا تلزم أحداً من الناس وليست شرع الله تعالى ودينه ..
وهذه قضيتنا التي أثبتها أنا وأنت اعترضت لإبطالها ..
فإن انتفى التأثيم لأحد علمنا أن ذلك الحكم المبني على الظن والرأي ليس مطلوب منا ولا كلفنا الله تعالى بالالتزام به ولا هو من شرعه ..
وإنما هو اجتهاد نال المجتهد به أجر طلب حكم الله ..
ولا علاقة لنا بقوله وظنه ورأيه لأن الله تعالى لم يأمرنا باتباع كل ظن أو الظن الراجح عند قوم وغير راجح عند غيرهم ..
ولو طلبنا من أهل الرأي ضبط هذا الأصل لنا لما استطاعوا ..
فيلزمون الناس التقليد لهذا الرأي والتأثيم إذا التزمه كأنه شرع من الله تعالى وهو لا يخرج عن كونه ظن أحد المذاهب أو العلماء ..
ومخالفهم في هذا الظن كذلك يفعل ويسطر في كتبه ..
فكلاهما ظن لا يرتفع فيه الخلاف وإنما يتأصل ..
والله تعالى دعانا لترك الخلاف والرد إلى كتاب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
فمن قال لا يوجد فيه القطع فقد أبطل النص هذا ..
فعلمنا أن القطع موجود في النص أو بما خوطبنا به من لغتنا ..
فلم نحتج لبيان ذلك بأكثر من هذه الأصول التي أمرنا الله تعالى بها ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/192)
فنعلم أنه لا معنى لإنكار من أنكر على أهل الظاهر وقوفهم على القطع من لغة أو نص أو إجماع أو حس ومشاهدة وترك هذه الظنون كلها ..
فنريد رفع الخلاف ..
فاعتصمنا بكتاب الله تعالى وما أرشدنا من طرق رفع الخلاف والتنازع ..
ومن قال أن الظنون ترفع الخلاف والتنازع ناقض نفسه ..
وقال حفظه الله ..
((و أما الخلاف فهو واقع في الكليات كما يقع في المعينات و تتبع بسيط في كتاب الخلاف حتى المتقدمه كخلاف الصحابة و التابعين يجد أنه قد وقع خلاف بينهم في مسائل كلية)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لم نقل بهذا عن الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أهل الظاهر ..
وإنما كلامنا هنا عن الخلاف في دلالات النصوص وكيفية التصرف فيها ..
فالصحابة وغيرهم ممن اجتهد في تلك المسائل لم يقل أن رأيه شرع الله ولا أنه يجب الالتزام به ..
فحرر لي هذه بارك الله فيك ..
وقلت أيضاً ..
((و لم يتوقف أحد منهم في المختلف فيه و يتمسك بالمجمع عليه بل كل تكلم بما ظهر له لأنهم رضوان الله عليهم)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
من قال أني تكلم بهذه القضية .. ؟!
لم أقل أن الواجب التمسك بما هو مجمع عليه أصلاً .. !
بل قلت أن أهل الظاهر وقوفوا عند القطع من تلك النصوص بما يظهر منها أولاً ..
ولم يصرفوا هذه النصوص ولم يقيدوها ولا يفسروها ولم يخصصوها بالرأي والظن ..
وإنما هذا شأن أهل الرأي ..
فإن قال أحد أن لغتنا تقول أن هذه اللفظة مثلاً وهي (القنطار) تدل على كذا وكذا من الذهب، وقال آخر هي كذا وكذا من الفضة، وقال آخر هي كذا وكذا، وفيها 10 مذاهب وأكثر أيضاً ..
فكيف نفسر هذا ونعرف مراد الله تعالى .. ؟!
فإن رجعنا إلى لغتنا العربية التي خاطبنا الله تعالى بها علمنا أن القنطار يطلق على المال الكثير في اللغة مع أن اللفظ أعجمي ..
واستعمله العرب بهذا المعنى ..
وعلمنا أن من قيده بحد معين أو وزن أو عدد معين أنه من عنده وليس من اللغة ..
ثم جاء عن الصحابة وعمر بن الخطاب يخطب على المنبر يريد الحد من المهور بقدر 500 درهم أو أقل أو أكثر باختلاف ما قيل عنه ..
فقالت المرأة: الله تعالى يقول: {وآتيتم إحداهن قنطاراً} فرجع عن قوله ولم يحد حداً للمهر كما ذهب إليه أهل الرأي وغيرهم ..
وإنما عمل بما عرفه العرب من هذه اللفظة وهو المال الكثير ..
ولا يعنينا أن يكون أحد في زمان ما أو مكان ما يستعمل هذه اللفظة لتحديد قدر معين من المال أو الوزن أو الكمية ..
لأن هذا اللفظ يختلف باختلاف الزمان والمكان فيما تواضع عليه الناس في كل محلة ..
فكما قيل أنه يطلق على الذهب والفضة فقط فقد ورد عن بلدان تستعمله في وزن الثياب واللباس ..
فلا يعنينا هذا التواضع من أهل محلة ..
بل نلتزم ما عرفه العرب في هذه اللفظة وهذا قطع من قائله ..
أما من حدده فيبطله له استعمال العرب ثم ما تواضع عليه الناس ..
فقد أخبرني شيخي ووالدي الأستاذ الدكتور محمد رواس قلعه جي أن في الشام ومصر تستعمل لفظة القنطار على وزن مائة رطل ..
وذكره أيضاً في كتابه معجم لغة الفقهاء ..
فكل هذا لا يكون حاكماً على كتاب الله تعالى ومفسراً للفظه بما يخالف ما خاطبنا به من لغة العرب ..
وكذلك إن جاءنا النص بلفظة ما كلفظة (أكل) فنحن وإياكم نعلم هذه اللفظة وبماذا تستعمل ومتى في لغتنا العربية ..
فلا يصح أن نقول أن كل لفظ أكل في القرآن أو السنة هو بالمعنى المعروف في اللغة ..
لأن النص ورد بمعنى آخر ..
فنضم هذه النصوص لنعلم التفسير الصحيح لتلك اللفظة ..
فعلمنا أن من أخذ مال غيره بسرقة أو خيانة أو غصب أو خديعة أو بإكراه فقد أكل مال غيره بالباطل ..
أي أخذه بغير وجه حق ..
فنفسر النص باللغة أو بالنص أو بالإجماع فقط ..
أما غيرها فليست من المأمور به في الشرع ..
ولا يكون تفسير فلان حجة دون غيره من أهل العلم ..
وقد نستأنس بذكر تفسيرهم إلا أننا لا نلزم بها أحداً من الناس ولا نقول أن ذلك دين الله تعالى إلا حيث أيد ذلك التفسير نص أو إجماع أو لغة فقط ..
فالمسألة التي لا ينكرها أحد ..
أن التفسير باللغة هو مطلوب شرعاً ..
وأن التفسير بالنصوص الأخرى مطلوب شرعاً ..
وأن التفسير بالإجماع مطلوب شرعاً ..
وهذا لا ينكره أحد أصلاً لا من أهل الظاهر ولا من أهل الرأي ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/193)
ولكن الخلاف في غيرها من طرق تفسير النصوص واستخراج دلالته ..
فلا خطأ في كلامي لتعترض عليه ..
والحمد لله رب العالمين ..
وقلت بارك الله فيك ..
((يعلمون - أي الصحابة - بأن الخطأ كما أنه قد يقع من غيره يقع منه ثم يعلم بأنه يجب عليه الإجتهاد و استفراغ الوسع و يعلم بأنه متى ما حقق هذا الأمر رفع عنه الإثم و ثبت له أجر واحد و متى ما أصاب الحق حتى لو كان الحكم بظن راجح حاز الأجرين لذا لما تحقق هذا الأمر في نفوسهم لم يتركوا الكلام في الفقه و غيره)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قولك برفع الإثم لا وجه له ..
فلا إثم على من لم يجتهد أصلاً ..
لأن الناس مراتب وكل بحسب طاقته ..
فمن يقدر على النظر والاجتهاد ورأى الخطأ والباطل فواجب عليه أن يبينه ..
ومن لم يقدر على النظر والاجتهاد فالواجب عليه أن يسكت ولا يحل له أن يتكلم فيما لا يحسنه ..
ولم ننكر أصلاً جواز الاجتهاد لكل من قدر على ذلك ..
فلا محل للكلام على ذلك هنا ..
وإنما أنكرنا أن يكون اجتهاد هؤلاء بالظن حجة في الشرع وأن نقول هو شرع الله ودينه وأن نلزم به خلق الله ..
فاعترض على هذه ودع غيرها لنخلص إلى نتيجة يحققها من لم يعلم هذه المسائل ..
وقلت بارك الله فيك ..
((و عمل الصحابة شاهد على بطلان هذا الأصل و أن العالم عليه أن يجتهد و يتكلم بالعلم خاصة في ما نزل على المسلمين و أن الخلاف ليس بمانع من البحث و الترجيح.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
نعم عمل الصحابة واجتهادهم يبطل أن يكون الحكم بالظن ملزم للناس وشرع لله تعالى ..
وللعالم أن يتكلم بالدين بما شاء فإن كان عن قطع وحققنا أنه قطع من الله تعالى وجب المصير إليه ..
وإن حققنا أنه ظن وليس بقطع وفات العالم القطع حقاً فلا يكون ملزماً لأحد وليس بشرع ولا دين الله تعالى ..
وقال حفظه الله ..
((و هناك كثير من العبارات تريد تحرير كقول الأخ (قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار) هل هذه العبارة صحيحه بأن الظاهرية تمسكوا بالمقطوع و المتيقن و تركوا المختلف فيه و لا أريد أن أطيل في بيان الغلط في هذه العبارة و لكن أحيل الإخوة على كتاب المحلى لابن حزم لينظروا كيف صال بن حزم في مسائل شائكة مختلف فيها اختلافا بينا بين الصحابة و لم يتوقف عند المقطوع به و المتيقن.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
أخطأت ههنا لأجل ما ذكرته آنفاً ..
لأنك فهمت أني أتكلم عن المسائل المجمع عليها ..
ولم يكن هذا في كلامي البتة ..
وما قلته تاماً أعيده حتى لا يظن أحد أني قلت ما قاله عني الأخ الفاضل هو ..
((إن كان هناك ظن وظن فاحتار الناظر فيهما ثم رجح ظن منهما بناء عن برهان فلا يسمى المرجح بالبرهان ظن راجح بل هو يقين وقطع .. وكذلك ما يطلق عليه ظن غالب .. فنحن بين أمرين إما علم حقيقي وإما علم ظاهر وهو نحو الشهادة وغيرها .. ولو كانت هذه الظنون يأثم مخالفها لأثم أتباع المذاهب كلها .. لأنه ليس هناك مذهب إلا وهو يخالف غيره بناء على الظن .. وإن قالوا اجتهاد هذا لا يلزم اجتهاد آخر .. قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار .. فالأمة كلها أولا تتفق على القطع واليقين من النص ثم يحصل الخلاف بعد ذلك بالظنون .. فهل نكتفي بالقطع هذا أو لا هنا يحصل الخلاف .. فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين .. وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن .. فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن .. وهي طرائق ومناهج .. )) ..
هذا نص كلامي ..
وهو ظاهر لا يحتاج كثير كلام وتحرير كما طلبت وقلت ..
فالخلاف ههنا في دلالة النص ..
وأهل الظاهر قالوا ووقفوا على تلك الدلالة القطعية من لغة أو نص أو إجماع ولم يزيدوا فيها برأيهم وظنهم البتة ..
وأهل الرأي قالوا بهذا وزادوا أيضاً التفسير بالرأي وتفسير التابع والصحابي الذي لم يكن عن توقيف وغيرها من الطرق التي لا تنتج قطع عند أهل الظاهر وعندهم إلا من جعل هذه الطرق تنتج القطع ولا يكاد يبلغ ذلك بالتحقيق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/194)
والإمام ابن حزم الظاهري إن وجدت له قولاً في تفسير لفظ أو معنى أو دلالة من نص بظنه أو رأيه بلا لغة أو نص آخر أو إجماع فاذكره لي لأني لا أجده ..
ولو كان الإمام أخطأ في مسألة أو مسائل كما تقول لقلنا أخطأ في العمل بهذا الأصل ..
وليس لنا في الإمام تقليد كما لغيرنا من أهل المذاهب في قبول قول إمام المذهب أو شيخه بكل شيء ..
فنحن ننظر إلى القول نفسه لا إلى القائل ..
فليتك تأتي بهذه المسائل التي قلت أن المحلى مليئ بها .. !
ففهمك لكلامي أن المقطوع به هو المجمع عليه لا يلزم منه خطأ وبطلان ما ذكرته ..
لأني قلت لك ..
أن التفسير باللغة وبالنص والإجماع مطلوب شرعاً منا يقيناً ..
وهذا لا تنكره أنت ولا أهل الرأي فهو باتفاق منا ومنكم ..
وإنما الخلاف وقع في غير هذه الطرق في تفسير النصوص وفهم دلالتها ..
فوقف أهل الظاهر على ما اتفقنا عليه أنه مطلوب منا في تفسير النصوص ..
وزاد أهل الرأي في ذلك ..
وقلت أيضاً أن لي عبارة تحتاج تحرير ..
و العبارة الأخرى (وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن) هل المقصود بأهل الرأي ممن قال بالقياس أم المقصود به الأحناف و من أخذ برأيهم)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
أخي الحبيب وفقني الله وإياك للحق أينما كان ..
عبارتي لا إشكال فيها البتة ..
وأهل الرأي هم كل من قال بالدين برأيه وظنه سواء كان مذهباً يقلده الناس أو مفتياً أو غيره ..
فكل من قال بدينه برأيه وظنه وألزم الناس به ولم يكن قاطعاً بما يقول فهو من أهل الرأي ..
وقال الفاضل ..
((و على كل حال القول بأن أهل الرأي قالوا بالتأويل و الصرف عبارة فيها الكثير من التجني و الإجحاف)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قولي أن أهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف عبارة لا تجني فيها عند من يعلم التأويل والصرف ..
ولا إحجاف البتة إن تكلم المتكلم بطريقة قوم ..
إذا وردنا أمر هل نقول هو على الفور أو التراخي .. ؟!
إذا وردنا عام هل هو على ظاهره أو لا .. ؟!
إذا وردنا لفظ في اعتقاد أو شريعة هل نأوله بما لا تشهد له لغة أو شرع أو لا .. ؟!
وغيرها من المسائل في الخطاب الشرعي ..
كل هذه مسائل قال بها أهل الرأي قديماً وحديثاً ..
ولا أظنك تجهلها وتجهل مكانها ..
ولا أظنك لم تقف على مسألة ورأيت أهل الرأي يصرفون الأمر إلى الندب .. !
فالصرف عندهم يكون بالقرائن والقرائن هذه مختلفة باختلاف الناظر وعلمه ..
ولا تعطي هذه القرائن يقين إلا إن كانت مشاهدة معاينة تنتج ضرورة ..
فأهل الظاهر يبطلون تلك القرائن الظنية ويقولون لا صارف عن الأمر والظاهر إلا دليل أو إجماع ..
فلفظ (استوى) ..
تحكم به من تحكم وفسره بمعنى استولى ..
وهذا لا يحفظ في لغة العرب بما قاله أهل اللغة كالإمام ابن الأعرابي وغيره ..
فصرفوا وأولوا لفظ الاستواء الوارد بمعنى لا يؤيده برهان وإنما هو ظن منهم لتنزيه أو غيره كما توهموا ..
فلا يلزمنا هذا التأويل والصرف ونبطله لأن النص لم يأت به ولا كان من لساننا الذي عهده العرب ..
فإن التزم أحد بقواعد وضعها إمام لمذهب أو غيره أو مفتي فلا يكون ذلك عذراً في تأويل تلك النصوص لأجل معارضتها هذه القواعد ..
وقد علمنا أن النص والشرع لا يتعارض البتة ..
فوجب إبطال كل ما من شأنه إيجاد تلك المعارضة من قواعد وأصول لمفتي أو مذهب لا العكس ..
أن نؤول ونصرف الألفاظ عن ظاهرها ومعناها بحجة تلك القواعد المجتهد فيها وقد يكون دليلها ظني .. !
فأين الإحجاف والتجني بارك الله فيك ..
وقال حفظه الله ..
((بل نفس الظاهرية الذين يشنعون على المخالفين قد وقعوا في نفي ما هو مقطوع من معاني الألفاظ بسبب أصول و قواعد باطلة عارضت عندهم النصوص)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
أين تلك القواعد والأصول التي قلت أنها عارضت هذه النصوص عند أهل الظاهر .. ؟!
اذكرها لنا بارك الله فيك لنعلم ما نقول فيها ..
وقال حفظه الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/195)
((بل تعدى هذا إلى الوقوع في تأويل نصوص مقطوع بمعناها كنفي بن حزم لحقائق اسماء الله تعالى و صفاته لأن الأسماء عنده أعلام محضه لا يثبت بها الصفات فالعليم عنده لا تدل على صفة العلم لأن الله تعالى ذكر الاسم و لم يذكر الصفة و لإثبات الصفة لا بد من دليل آخر و هذا المعنى يقطع كل عاقل منصف ببطلانه و لو علمنا بهذا الأصل في دين الله لتكلفنا من المشقة في فهم دين الله و لغة العرب بل و دنيانا ما لا نطيقه بل لكنا أضحوكة الأمم فكل لغات العالم تدل على أن الاسم كما أنه يدل على العلم فإن يدل على الحقيقة فلا يقول عاقل بأن تسمية الطبيب إنما تدل فقط على اسم الطبيب و لا تدل على أنه ممن يعمل في مجال التطبيب.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
كلامك في قول الإمام ابن حزم يدل على عدم فهمك لكلامه رحمه الله ..
فرق بين أن نطلق على الله تعالى لفظ (صفة) وبين أن يكون الله متصفاً بصفات الكمال كلها التي كان بها رباً ..
فالإمام قال بهذا النص ..
لا يجوز أن نطلق على أسماء الله تعالى لفظ (صفات) ..
فلا يصح أن نقول الرحيم وهو اسم من أسماء الله تعالى أنه صفة ..
فهل لفظ الجلالة وأسم الوهاب الرحيم (الله) صفة .. ؟!
وهل اسمه (العليم) صفة .. ؟!
وهل اسمه (القدير) صفة .. ؟!
لا علاقة لنا هنا إن كانت هذه مشتقة من صفة فيه أو لا ..
فكلام الإمام مع من قال أن الله تعالى صفة وكذلك قبله كان كلامه من قال أن الله تعالى جسم ..
لأنه عندهم لا يتصور شيء في الوجود إلا وهو جسم أو صفة ..
أي جوهر وذات يحمل أعراض وصفات ..
فكلام الإمام ههنا في إبطال أن يكون الله تعالى جسم أو جوهر أو عرض أو صفات ..
وقال في نفس المقام في كتابه الفصل بعد ورقات ..
أننا لا ننكر الاشتقاق في كل اسم فيه فعل لما هو محدث ..
كاسم الله تعالى (المصور، الخالق) ..
لأن الله تعالى صوّر هذا الشيء وخلقه وهي كلها محدثة مخلوقة ..
وقال أيضاً ..
أن قولنا العليم والقدير والسميع والبصير كلها بمعنى واحد ..
أي أنها كلها تعني (الله) أي هذه أسماء لله تعالى فقط ..
وإن كان الإمام ينفي أن يكون الله تعالى متصفاً بصفات الكمال بما يليق به لم يكن يعبد إلا عدماً ..
فالواجب الرجوع إلى كتابه وجمع ما تكلم به كله وإفراده وتحقيقه وفهمه ..
ثم إن قال أحد بغير ما توصلنا إليه من كلام الإمام فلا علاقة لنا به ..
وإنما هو يتكلم عن غيره وينقل ما قاله وكلام الإمام المتكلم فيه يبطله ..
ومن ميز هذا ارتاح من هذا الإشكال ..
وقد حررته في منتدانا وأنت عضو فيه فراجعه بعنوان (عندلة ظاهرية ويراع تميمي) ..
وهو من كلام الإمام في باب الصفات نفسه وغيرها من كتبه ..
وقال حفظه الله ..
((و غيرها من الأصول التي اعتمدها في كتبه ليس هنا مجال ذكرها)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
بل هذا محلها إن كنت تبطل قضية قلتها ..
وإلا فكيف تترك القضايا دون إبطال إن كنت ترى بطلانها ..
فاذكر هذه الأصول التي قلت عنها أنها ترك للقطع واليقين ..
وقال حفظه الله ..
((مما جرأت أهل العلم الطعن فيه بل جاوز الحد بعضهم في عدم اعتبار أقواله في الخلاف.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
من تجرأ في الطعن في إمام فهذا بينه وبين ربه ..
ولا يعني كل من تجرأ في الطعن بأحد أن كلامه حجة ويجب المصير إليها ..
وقد طعن أناس في أناس ولم يكونوا قد فهموا مرادهم ..
فما قامت لتلك المطاعن حجة عند أهل التحقيق ..
ومن لم يعتد بأقوال أهل الظاهر في مسألة الخلاف فقد استراح بتلك الدعوى ..
التي ما صدرت إلا عن متأخر مقلد لمذهب من المذاهب الأربعة فسار عليها غيره ..
وإن كان الإمام ابن حزم طعن به أحد فلم يكفره أحد فيما أعلم ..
وإنما كفر بعض المقلدة والمتعصبين بعض من ذكرت أقوالهم ههنا ..
فما أنقصه ذم وتكفير هؤلاء ولا أخر علمه وتقواه وورعه وإيمانه ..
فكل من يطعن بغيره أو يكفره أو يذمه فليس كلامه بحجة شرعية يجب التزامها ..
وقال حفظه الله ..
((أقول بأن القول بالأخذ بالمقطوع من العلم و ترك المختلف فيه مما يقطع ببطلانه بل هو قول مبتدع لم يقله أحد من السلف لا الصحابة و لا التابعين بل و لا أحد من أهل العلم ممن يعتد بقوله.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
هذا لأنك لم تفهم ما قلته من كلامي سابقاً وقد بينته الآن كثيراً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/196)
فنحن نتكلم عن المقطوع من الدلالة بطرق القطع التي أمرنا بها ..
فكل الأمة تتفق على أن هذه الطرق قد أمرنا بها في الشرع ..
أما الطرق الأخرى في فهم دلالة النص فهي ظنية لا يتفق عليها إلا أهل مذهب ما أو مقلدة ما لتلك الطرق ..
وأما القول الحادث ..
فهو القول بأن الحكم بالظنون هو شرع الله، وأن تلك الظنون يجب أن يلتزم بها الناس، وأن الصحابة رضي الله عنهم أفتوا وقالوا فتوانا هي شرع الله تعالى، وجعلوا ملزمة لكل أحد ..
فهذا القول الذي تريدون إثباته ونريد إبطاله ..
لا غيره بارك الله فيك ..
فاقتصر عليه حتى لا اضطر للتعقيب على ما كان خارجاً عن ذلك القول ..
وقال حفظه الله ..
((و القول بأن الظاهرية أخذوا بالمقطوع به و أن أقوالهم كلها مما هو منصوص عليه ثبوتا و دلالة قول باطل نقطع به و لا يختلف فيه عالم فإذا كان الخلاف ثابت قطعا بين الصحابة في الثبوت و الدلالة فمن باب أولى أن يكون ثابت لمن هو خلفهم)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
ما قطعت ببطلانه ذلك لأنك لم تفهم كلامي وقد بينته كثيراً الآن ..
ولا يعني وقوع الخلاف في الدلالة بطلان قول من قال بالقطع ..
فحرر هذه أخي لئلا تقع في تناقض أو إشكال ..
وإذا علمت أن من يقول بالقطع في دلالة ما قد لا يكون قاطعاً لأجل ما ذكرته آنفاً فقد استرحت من الاعتراض بهذا ..
تارة من يقطع يكون قاطعاً بما وصل إليه وبلغه ..
فإن بلغ غيره نص آخر أو إجماع لم يعلم الأول كان قطعه ظناً لأنه قد فاته تتمة ما يحكم به في القطع ..
وهذا يقع كثيراً ممن يقول هذا حكمه كذا يقيناً ..
فلا يعني أن حكمه كان باليقين صحيح ..
لما بينت سابقاً ..
وقال حفظه الله ..
((و كلام الأخ بن تميم يدل على أن هذا مراده (فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين .. وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن .. فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن ... ) فدعوى القطع و اليقين لا تسلم لكل من ادعاها فكم من مدعي للقطع و القطع بخلاف قوله)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
دعوى القطع واليقين قد بينا الكلام عليها ..
ولا تسلم تلك الدعوى إلا حيث قام برهان يؤيدها من لغة أو نص أو إجماع فقط ..
وقد تكلمت عن القطع وكيف يكون من المجتهد وبينت أنه لا يلزم قول أحد أنه قطع بكذا أن يكون فعلاً قد قطع لفوات نص أو إجماع ..
وقال حفظه الله ..
((فهؤلاء أهل البدع قطعوا في أمر من المقطوع به بطلان قطعهم بل هذا بن حزم لا بد أنه كان يدعي القطع على أصل بن تميم بأن الاسماء أعلام محضه لا تدل على الصفات و مع ذلك خالفه في قطعه هذا بعض المعاصرين من الظاهرية فبأي قطع نأخذ بقطع المتقدمين من الظاهرية أم بقطع المعاصرين)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قد بينت أن كلام الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله كان بنص (لا يجوز أن نطلق على الله تعالى وأسمائه لفظ (الصفات) .. ) ..
فهذا نص كلامه ..
فهو يعترض على أن نسمي الرحيم صفة ..
وجاء العلامة الجهبذ ابن عقيل الظاهري وقال أخطأ الإمام في تطبيق أصول أهل الظاهر ..
ولا يعني أيضاً أن كلام العلامة ابن عقيل الظاهري هو المقطوع ..
وإنما العبرة بحقيقة هذه المسألة ..
فهل يجوز أن نقول أن الله تعالى وأسمائه صفات .. ؟!
إذا كان يجوز والقطع بخلاف قول الإمام ابن حزم الظاهري عندك وعند غيرك فاذكر دليل جواز تسمية الله باسم (صفة) ..
فإن كان لا يجوز ذلك عندك فلا تخطئ الإمام فيما تقر به ..
ثم مسألة كون الله تعالى متصفاً بالرحمة أو العلم أو غيرها وإن كانت مشتقة من أسمائه أو أسمائه مشتقة من صفاته فهذا أمر آخر ..
فما الفرق بين دعوى الإمام ابن حزم الظاهري ودعوى من خالفه .. ؟!
فإن كان ابن تيميه مثلاً قال أنه موافق للمعتزلة في باب الصفات ..
فقد قال الإمام أيضاً أن من سمى الله تعالى وأسمائه أنها صفات وافق المعتزلة ..
لأن أول من قال عن أسماء الله تعالى أنها صفات هم المعتزلة ..
فأي دعوى تصح بارك الله فيك .. ؟!
وقولنا هو ..
لا تصح دعوى إلا إذا أيدها برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/197)
أما غيرها فهي اجتهادات من أصحابها ليس هي الشرع وليست هي الدين الذي أمرنا به ..
ولو قال أحدنا لا أريد القراءة في كتاب ما يطلق عليه ابن تيميه وغيره توحيد الأسماء والصفات
وقال ..
واكتفي بأن أتلوا الآيات التي يوردونها إذا سئلت عما يسمونه صفات ..
فلا أزيد بها أن هذه مشتقة أو ليست مشتقة ..
فأذكر إذا سئلت هل لله يد قوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} وغيرها ..
وإن سئلت هل لله عين ذكرت قوله تعالى: {فإنك بأعيننا} ..
وإن سئلت هل لله سمع أو بصر ذكرت قوله تعالى: {وهو السميع البصير} ..
وإن سئلت هل الله تعالى يشبه خلقه قلت: {ليس كمثله شيء} ..
وهكذا في كل ما يطلقون عليه صفات الله ..
هل يكفر عندكم .. ؟!
وقال حفظه الله ..
((فالكلام في العلم يحتاج إلى أصول و قواعد و إنصاف و تجرد أما إطلاق الألفاظ من غير تحرير و تحقيق فكل يحسنه.)) ..
نعم هذا الواجب ..
فالاستدلال بنص ليس في محل النزاع لا يصح وليس تحقيق وتحرير ..
والاستطراد بما هو خارج عن محل النزاع لا يصح وليس تحقيق وتحرير ..
وهذا والحمد لله لم يكن في كلامنا ..
فكيف وأنت تتلوا قوله تعالى: {إن بعض الظن إثم} ..
فكيف علمت عدم تجردي وعدم إنصافي .. ؟!
أليس بذكرك نص يؤيد ما تدعيه ويبطل ما أثبته ثم لا أصير إلى قولك فيه بعد ثبوته .. ؟!
أليس عدم الإنصاف والتحقيق والتجرد أن نضرب الأدلة ولا نلتزم بها إن أبطلت قولنا .. ؟!
هذا ما أعرفه أنا عن هذا ..
وإلى الآن لم تبين لي دليلاً يبيح لك العمل بالظن والرأي ثم نسبة ذلك الرأي إلى الله تعالى وشرعه ثم إلزام الناس بتلك الظنون ..
وتتكلم فقط عن جواز الاجتهاد وهذا قولنا أيضاً ولا ننكره ..
لكن الخلاف وقع بعد هذا الاجتهاد ..
هل ينسب إلى الله تعالى .. ؟
هل يلزم به الناس .. ؟
فهذا مما لم أجده في كلامك إلى الآن ..
ولم تجب عليه إلى الآن ..
فإن وجدته ثم رددته بالهوى والظن والرأي كان لك الحق أن تطلق هذه العبارات الأخيرة ..
فإن كنت لا تريد ذكر دليلك الذي أباح لك العمل بالظن ثم نسبه إلى الله تعالى ثم إلزام الناس به وأنت تعلمه فالواجب علي ذكره لأخيك لأنه لا يعلمه ..
ولا يجوز كتم علم على من سأله يريد الحق فيه ..
وكلامي معك لو كان لغاية التعصب وغيرها ما طال هكذا ..
وما أطلته إلا لنقف على حق من كلامنا ..
وقد يطيل الواحد منا بحسب المقام وقد يخصتر أيضاً بحسب المقام ..
ولا عيب في الاختصار على محل الشاهد والكلام ..
غفر الله لك ولي ..
فالذي أطلبه منك في هذه المسألة التي تنازعنا فيه أن تذكر لي دليل جواز العمل بالظن في الأحكام الشرعية وكذلك جواز نسبة هذه الظنون إلى الله تعال وشرعه فنقول: أن ذلك الحكم المبني على الظن هو شرع الله وقوله ..
وجواز أو وجوب إلزام الناس بهذه الظنون ..
فإن أتيت به وكان برهان لا شك انتهى هذا النقاش وصرت إلى قولك في هذه المسألة ولا بد ..
وإن لم تأت به خلت دعواك من البرهان وصح قولي أن القول بالظنون في أحكام الله لا تنسب إلى الله وشرعه ولا يجوز إلزام الناس بها والحكم بينهم فيها ..
وإن شاء الله لن أعلق على ما سيذكر مما هو ليس في هذه المسألة تحديداً حتى لا نطيل على طالب الحق والحقائق بما قد يحصله في مكان آخر ..
والله المستعان ..
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[01 - 07 - 05, 02:32 ص]ـ
تصويب ..
لعدم إمكان تصويب التعقيب لمضي وقت التصويب ..
ولو جعل أخواننا في الإدارة مدة التصويب والتعديل 24 ساعة لكان أوقف وأليق ..
قد قلت أنا ..
((فالظن أصله في اللغة الشك والتهمة وعدم القطع بالشيء إن أطلق فيما لا يشاهد ولا يعاين ولا جاء به الخبر القاطع .. وراجع في ذلك مادة ظنن في كل المعاجم .. وقد يأتي بمعنى العلم واليقين .. إذا كان عن معاينة ومشاهدة وبخبر لا شك فيه .. )) ..
وصوابه ..
((فالظن في أصله في اللغة الشك والتوهم والتهمة وعدم القطع بالشيء إن أطلق، أما ما يدرك بالمشاهدة والمعاينة فلا يطلقون عليه ظن، وإن كان قد أدرك بالخبر أو بغير المعاينة والمشاهدة فيمكن أن يراد به العلم واليقين في استعمال العرب)) ..
وقلت ..
((فالظن استعمله العرب بمعنى العلم واليقين فيما كان من أمر أدرك من جهة الخبر أو المشاهدة والمعاينة .. فلا تقول العرب أصلاً: أظنني حياً، وأظنني جالساً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/198)
ولكن تقول أعلم أني حي جالس .. )) ..
وصوابه ..
((فالظن استعمله العرب بمعنى العلم واليقين فيما أدرك من جهة الخبر، أو فيما أدرك من غير جهة المشاهدة والمعاينة، فأما ما أدركناه بالمشاهدة والمعاينة فلا تستعمل العرب فيه الظن بمعنى اليقين والعلم فلا تقول العرب أصلاً: أظنني حياً، وأظنني جالساً .. ولكن تقول أعلم أني حي جالس .. )) ..
ونعتذر على الخطأ في الطباعة ..
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[02 - 07 - 05, 12:35 م]ـ
المسألة الأولى: قول الأخ الفاضل بن تميم (فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي ..
لا تكليف إلا مع القدرة ..
فكل عامل بحسب قدرته فقد أدى ما عليه من الشرع المطالب به ..
سواء وافق الحق أو خالفه ..
فهنا ترتفع المؤاخذة فقط ولا يثبت الحق كما هو معلوم ..
ودليل هذه القاعدة بعض ما ذكرته من نصوص ..
فالوسع في قبول الشهادة بأن نتحرى عدالتهم فقط ..
فلا يكلفنا الله بعلم البواطن وما ينقض العدالة مما خفي علينا ..
فلم أخالفك ههنا أصلاً ... ).
قوا الأخ (فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي ..
لا تكليف إلا مع القدرة .. ).
هذا الإتفاق الذي نقله عن أهل الإسلام غير صحيح عند إطلاقه و من المعلوم أنه يدخل في هذا الإتفاق أهل البدع من المسلمين قال شيخ الإسلام رحمه الله (وهؤلاء أطلقوا القول بتكليف ما لا يطلق، وليس في السلف والأئمة من أطلق القول بتكليف ما لا يطاق، كما أنه ليس فيهم من أطلق القول بالجبر، وإطلاق القول بأنه يجبر العباد، كإطلاق القول بأنه يكلفهم ما لا يطيقون، هذا سلب قدرتهم على ما أمروا به، وذلك سلب كونهم فاعلين قادرين.
ولهذا كان المقتصدون من هؤلاء، كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني، وأكثر أصحاب أبي الحسن، وكالجمهور من أصحاب مالك، والشافعي وأحمد بن حنبل، كالقاضي أبي يعلى، وأمثاله يفصلون في القول بتكليف ما لا يطاق، كما تقدم القول في تفصيل الجبر، فيقولون: تكليف ما لا يطاق؛ لعجز العبد عنه لا يجوز، وأما ما يقال أنه لا يطاق؛ للاشتغال بضده، فيجوز تكليفه، وهذا؛ لأن الإنسان لا يمكنه في حال واحدة أن يكون قائمًا قاعدًا، ففي حال القيام لا يقدر أن يفعل معه القعود، ويجوز أن يؤمر حال القعود بالقيام، وهذا متفق علي جوازه بين المسلمين، بل عامة الأمر والنهي هو من هذا النوع، لكن هل يسمى هذا تكليف مالا يطاق؟ فيه نزاع. ... ).
و قال رحمه الله (والناس متنازعون في مسمي الاستطاعة والقدرة، فمنهم من لا يثبت استطاعة إلا هذه، ويقولون: الاستطاعة لابد أن تكون قبل الفعل، ومنهم من لا يثبت استطاعة إلا ما قارن الفعل، وتجد كثيرًا من الفقهاء يتناقضون، فإذا خاضوا مع من يقول من المتكلمين ـ المثبتين للقدر ـ: إن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل، وافقوهم على ذلك، وإذا خاضوا في الفقه، أثبتوا الاستطاعة المتقدمة التي هي مناط الأمر والنهي.
وعلي هذا تتفرع مسألة تكليف ما لا يطاق، فإن الطاقة هي الاستطاعة، وهي لفظ مجمل، فالاستطاعة الشرعية التي هي مناط الأمر والنهي لم يكلف الله أحدًا شيئًا بدونها، فلا يكلف ما لا يطاق بهذا التفسير، وأما الطاقة التي لا تكون إلا مقارنة للفعل، فجميع الأمر والنهي تكليف ما لا يطاق بهذا الاعتبار، فإن هذه ليست مشروطة في شيء من الأمر والنهي باتفاق المسلمين.
وكذا تنازعهم في العبد هل هو قادر على خلاف المعلوم؟ فإذا أريد بالقدرة القدرة الشرعية التي هي مناط الأمر والنهي كالاستطاعة المذكورة في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، فكل من أمره الله ونهاه، فهو مستطيع بهذا الاعتبار، وإن علم أنه لا يطيعه، وإن أريد بالقدرة القدرية التي لا تكون إلا مقارنة للمفعول، فمن علم أنه لا يفعل الفعل، لم تكن هذه القدرة ثابتة له. ... ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/199)
أنا لا أخالف بأنه لا تكليف إلا بقدرة كما هو معلوم و متفق عليه عند الفقهاء و لكن لا يطلق هذا ثم ينسب الإتفاق لإهل الإسلام قاطبة قال شيخ الإسلام رحمه الله (الأمر والنهي، الذي يسميه بعض العلماء التكليف الشرعي هو مشروط بالممكن من العلم والقدرة، فلا تجب الشريعة على من لا يمكنه العلم كالمجنون والطفل، ولا تجب على من يعجز كالأعمى والأعرج والمريض في الجهاد، وكما لا تجب الطهارة بالماء، والصلاة قائمًا والصوم، وغير ذلك على من يعجز عنه.
سواء قيل: يجوز تكليف ما لا يطاق أو لم يجز، فإنه لا خلاف أن تكليف العاجز الذي لا قدرة له على الفعل بحال غير واقع في الشريعة، بل قد تسقط الشريعة التكليف عمن لم تكمل فيه أداة العلم، والقدرة تخفيفًا عنه، وضبطًا لمناط التكليف، وإن كان تكليفه ممكنًا، كما رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، وإن كان له فهم وتمييز، لكن ذاك لأنه لم يتم فهمه، ولأن العقل يظهر في الناس شيئًا فشيئًا، وهم يختلفون فيه، فلما كانت الحكمة خفية ومنتشرة قيدت بالبلوغ.
وكما لا يجب الحج إلا على من ملك زادًا وراحلة عند جمهور العلماء، مع إمكان المشي لما فيه من المشقة، وكما لا يجب الصوم على المسافر مع إمكانه منه تخفيفًا عليه، وكما تسقط الواجبات بالمرض الذي يخاف معه زيادة المرض وتأخر البرء، وإن كان فعلها ممكنًا.
لكن هذه المواضع هي مما تختلف فيها الشرائع، فقد يوجب اللّه في شريعة ما يشق، ويحرم ما يشق تحريمه، كالآصار والأغلال التي كانت على بني إسرائيل، وقد يخفف في شريعة أخرى، كما قال المؤمنون: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286]، وكما قال اللّه تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]. ... ).).
قال الشوكاني رحمه الله في إرشاد الفحول (المسألة الأولى: إن شرط الفعل الذي وقع التكليف به أن يكون ممكناً فلا يجوز التكليف بالمستحيل عند الجمهور وهو الحق وسواء كان مستحيلاً بالنظر إلى ذاته أو بالنظر إلى امتناع تعلق قدرة المكلف به. وقال جمهور الأشاعرة بالجواز مطلقاً، وقال جماعة منهم أنه ممتنع في الممتنع لذاته جائز في الممتنع لامتناع تعلق قدرة المكلف به احتج الأولون بأنه لو صح التكليف بالمستحيل لكان مطلوباً حصوله واللازم باطل لأن تصور ذات المستحيل مع عدم تصور ما يلزم ذاته لذاته من عدم الحصول يقتضي أن تكون ذاته غير ذاته فيلزم قلب الحقائق. وبيانه أن المستحيل لا يحصل له صورة في العقل فلا يمكن أن يتصور شيء هو اجتماع النقيضين فتصوره إما على طريق التشبيه بأن يعقل بين السواد والحلاوة أمر هو الاجتماع ثم يقال مثل هذا الأمر لا يمكن حصوله بين السواد والبياض، وإما على سبيل النفي بأن يعقل أنه لا يمكن أن يوجد مفهوم اجتماع السواد والبياض، وبالجملة فلا يمكن تعلقه بماهيته بل باعتبار من الاعتبارات. والحاصل أن قبح التكليف بما لا يطاق معلوم بالضرورة فلا يحتاج إلى استدلال والمجوز لذلك لم يأت بما نبغي الاشتغال بتحريره والتعرض لرده ولهذا وافق كثير من القائلين بالجواز على امتناع الوقوع فقالوا يجوز التكليف بما لا يطاق مع كونه ممتنع الوقوع، ومما يدل على هذه المسألة في الجملة قوله سبحانه: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وقد ثبت في الصحيح أن الله سبحانه قال عند هذه الدعوات المذكورة في القرآن قد فعلت وهذه الآيات ونحوها إنما تدل على عدم الوقوع لا على عدم الجواز على أن الخلاف في مجرد الجواز لا يترتب عليه فائدة أصلاً، قال المثبتون للتكليف بما لا يطاق لو لم يصح التكليف به لم يقع وقد وقع لأن العاصي مأمور بالإيمان وممتنع منه الفعل لأن الله قد علم أنه لا يؤمن ووقوع خلاف معلومه سبحانه محال وإلا لزم الجهل واللازم باطل فالملزوم مثله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/200)
وقالوا أيضاً بأنه لو لم يجز لم يقع وقد وقع فإنه سبحانه كلف أبا جهل بالإيمان وهو تصديق رسوله في جميع ما جاء به ومن جملة ما جاء به أن أبا جهل لا يصدقه فقد كلفه بأن يصدقه في أنه لا يصدقه وهو محال. وأجيب عن الدليل الأول بأن ذلك لا يمنع قصور الوقوع لجواز وقوعه من المكلف في الجملة وإن امتنع لغيره من علم أو غيره فهو في غير محل النزاع، وعن الثاني بأنه لم يكلف إلا بتصديق وهو ممكن في نفسه متصور وقوعه إلا أنه ممن علم الله أنهم لا يصدقونه كعلمه بالعاصين. هذا الكلام في التكليف بما لا يطاق أو التكليف بما علم الله أنه لا يقع فالإجماع منعقد على صحته ووقوعه.).
فيجب التفريق بين وقوعه في الشرع و بين جواز وقوعه في الشرع.).
المسألة الثانية: الأخ الفاضل كأنه يخصص هذه القاعدة في العمليات دون العلميات فظاهر كلامه كل من اجتهد و استفرغ وسعه في العلميات فيما بلغه من أدلة سواء أدلة نقلية أو عقلية ثم لم يجزم باعتقاده لا يثبت له الإعتقاد لأنه دخله شك في اعتقاده فقال الأخ الفاضل (فالاعتقاد هو يقين ثبت في النفس فإن شك فيه ولو لحظة فقط لم يكن معتقداً بالله باليقين ..
وليس كما يصطلح عليه أهل الكلام في هذه المعاني ..
فالاعتقاد بالله وألوهيته وربوبيته وغيرها مما يجب اعتقاده لا يجوز أن يكون بظن أصلاً ..
فمتى ما دخل الشك فيه فقد بطل ذلك الاعتقاد ..
لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها إلا اليقين بما نعتقده ..
سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك ..
ولأنه لا مرتبة متوسطة بين الشك واليقين فإما هذه وإما تلك ..
هذا في الاعتقاد التي تصح به الديانة ..
ولاحظ أمراً دقيقاً ..
أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..
فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ..
أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ..
فمن دخل الشك في تصديق ما أتى الله به تعالى من أمور الاعتقاد وغيرها فليس بمصدق ..
لأن التصديق لا يكون مع وجود شك ولو برهة من زمان ..
فالآية التي ذكرتها تتكلم عن العمل ولا تتكلم عن الاعتقاد ..
وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!).
و هذا الكلام عليه عدة ملاحظات:
الأولى: فيجب أن نفرق هنا فروقات دقيقة يجب التنبه لها.
الفرق بين الشك و الظن.
قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157
سواء قيل الشك في قتله أو الشك نبوته فهم و إن قالوا بأنهم قتلوه ففي غرارة أنفسهم شاكين في هذا غير مستيقنين و غلبة الظن لا يكون فيها شك فالشك هو التوقف عن ترجيح أحد الأمرين و الظن الباطل هو اتباع أحد الأمرين من غير مرجح لا لا يجوز العمل بالشك لأنه من اتباع الظن و إنما يكون فيها ترجح أمر على أمر بمرجح ظاهر هذا هو غلبة الظن بإجماع أهل العلم المعتبرين كما نقل شيخ الإسلام عن الفقهاء و مع ذلك لم يكن هذا من قبيل الشك و لا من اتباع الظن و لا يقال هذا في العمليات و هذا في العمليات فمن فرق بين الأمرين فعليه الدليل فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب و هذا التفريق هو تفريق أهل البدع في فهمهم لنصوص الكتاب و السنة قال شيخ الإسلام رحمه الله (وحجة هؤلاء أن الوعيد من الأمور العلمية، فلا تثبت إلا بما يفيد العلم وأيضا فإن الفعل إذا كان مجتهدا في حكمه لم يلحق فاعله الوعيد. فعلى قول هؤلاء يحتج بأحاديث الوعيد في تحريم الأفعال مطلقا ولا يثبت بها الوعيد إلا أن تكون الدلالة قطعية ومثله احتجاج أكثر العلماء بالقراءات التي صحت عن بعض الصحابة مع كونها ليست في مصحف عثمان رضي الله عنه فإنها تضمنت عملا وعلما وهي خبر واحد صحيح فاحتجوا بها في إثبات العمل ولم يثبتوها قرآنا لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين. وذهب الأكثرون من الفقهاء وهو قول عامة السلف إلى أن هذه الأحاديث حجة في جميع ما تضمنته من الوعيد، فإن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعين بعدهم ما زالوا يثبتون بهذه الأحاديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/201)
الوعيد كما يثبتون بها العمل ويصرحون بلحوق الوعيد الذي فيها للفاعل في الجملة وهذا منتشر عنهم في أحاديثهم وفتاويهم وذلك لأن الوعيد من جملة الأحكام الشرعية التي ثبتت بالأدلة الظاهرة تارة وبالأدلة القطعية أخرى، فإنه ليس المطلوب اليقين التام بالوعيد بل المطلوب الاعتقاد الذي يدخل في اليقين والظن الغالب كما أن هذا هو المطلوب في الأحكام العملية. ... ).
فالتفريق بين العمليات و العلميات في الإعتقاد هو قول مبتدع مخالف لم ثبت من اعتقاد السلف.
و الدليل أن الأخ يفرق بينهم قوله (فالآية التي ذكرتها تتكلم عن العمل ولا تتكلم عن الاعتقاد .. )
و الآية التي احتججت بها هي قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التغابن16 و هذه الآية عامة و لا شك و لم يذكر لنا الأخ وجه التخصيص و لا دليله مع أن الأخ ذكر أكثر من مره أنه لا يجوز التقييد أو التخصيص أو النسخ بغير دليل و تدبر كيف احتج شيخ الإسلام رحمه الله بهذه الآية على مسائل الإعتقاد (وقد تقرر في الشريعة أن الوجوب معلق باستطاعة العبد كقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) أخرجاه في الصحيحين.
فإذا كان كثير مما تنازعت فيه الأمة ـ من هذه المسائل الدقيقة ـ قد يكون عند كثير من الناس مشتبها لا يقدر فيه على دليل يفيده اليقين؛ لا شرعي، ولا غيره لم يجب علي مثل هذا في ذلك ما لا يقدر عليه، وليس عليه أن يترك ما يقدر عليه من اعتقاد قوي غالب على ظنه لعجزه عن تمام اليقين؛ بل ذلك هو الذي يقدر عليه، لا سيما إذا كان مطابقا للحق. فالاعتقاد المطابق للحق ينفع صاحبه ويثاب عليه ويسقط به الفرض إذا لم يقدر على أكثر منه.)
و كلام الشيخ هذا فيه كذلك رد على قول الأخ بأن الإعتقاد يجب فيه التصديق المتيقن و إلا كان شكا و لا يصح الإعتقاد مع الشك و كلام الأخ هذا مبني على مقدمتين باطلتين:
الأولى: أن الإعتقاد لا يصح إلا باليقين و الجزم.
و المقدمة الثانية: أن من غلب على ظنه بمرجح ظاهر دخله الشك و من دخله الشك لا يصح إيمانه
النتيجه صحيحه من دخله الشك لا يصح إيمانه و لكن مبنيه على مقدمات باطله فإن المرء إذا ما اجتهد و استفرغ وسعه و غلب على ظنه أمر و اعتقده فهذا و لا شك ينفعه و هو ما قدر عليه و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
ثم إن من غلب على ظنه لا يكون شاكا لأن الشك هو استواء الطرفين لا غلبة الظن بأحد الأمرين فإن غلب ظنه بأحد الأمرين فله حالين:
الأول: إذا غلب ظنه بمرجح ظاهر فلا يدخل في اتباع الظن بل هو مأمور باتباع هذا الظاهر لأنه فعل ما يستطيعه.
و الثاني: من اتبع الأمرين بغير مرجح ظاهر و إنما اتباعا للهوى فهو ممن اتبع الظن و دخل في ما نهى الله عنه من اتباع الظن.
و قوله تعالى {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} يونس94 فالمتضادان لا يجتمعان و قد يرتفعان فالشك هو استواء الأطراف مع عدم الترجيح فالشك اعتقاد التوقف أو التردد و غلبة الظن أو الظن الراجح هو ترجح أحد الأمرين بمرجح و هما يتضادان و لا شك و قد يخلف غلبة الظن اليقين و هو من أضداد الشك و قد يخلف الشك غلبة الظن من غير مرجح ظاهر و هو كذلك من أضداد غلبة الظن بمرجح ظاهر و اليقين فهل يصح اعتقاد من غلبه الظن بمرجح ظاهر أم يقال بأنه قد دخله الشك في اعتقاده و هو ممن اتبع الظن.
و قال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} يونس104
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/202)
فمن غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه و سلم ثم اتبع النبي صلى الله عليه و سلم على هذا الإعتقاد و ترك عبادة الأوثان و عبد الرحمن و صدقه و شهد بصدقه بلسانه و تابعه على شرعه هل يقال بأن هذا شاكا و لا يصح إيمانه و هل يستوى هذا بمن شك في نبوة النبي صلى الله عليه و سلم حتى لو تابعه على شرعه و أظهر صدقه كحال المنافقين أو بمن غلب على ظن كذب النبي صلى الله عليه و سلم بغير برهان و لا شك أنه لا يوجد برهان على هذا فلما لم يوجد دل على غلبة الظن بكذب النبي صلى الله عليه و سلم إنما هو محض اتباع الظن المنهي عنه الذي يخالف البرهان و البينة مخالفة ظاهرة و هذا وجه الرد على قوله الأخ (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!).
فاعتقاد أهل الكفر مبني على اتباع ظن من غير برهان ظاهر و اعتقاد أهل الإيمان مبني على جزم أو ظن راجح بمرجح سواء كان هذا المرجح عقلي أو نقلي فإن اعتقاد ألوهية الله و ربوبيته و اعتقاد نبوة النبي صلى الله عليه و سلم لا يصح لا في عقل و لا نقل وجود دليل يدل على خلافهما فدل على أن كل من قال خلافهما إنما قاله بظنه المخالف للدليل قطعا و من وافقهما و إن كان بظن غالب فإنما قاله بدليل مرجح و كما قلنا سواء كان هذا الدليل نقلي أو عقلي قال تعالى {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} آل عمران151 و هذا عموم يدخل فيه كل سلطان عقلي و نقلي فإن عبادة غير الله لا تصح لا عقلا و نقلا فاستحقوا العقوبة من الله لأنهم رجحوا عبادة غير الله تعالى من غير مرجح.
و قال تعالى {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنعام81 فمن غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعه على هذا هل يدخل فيمن أشرك مع الله غيره بغير برهان أم مع من يستحق الأمن من أهل الإيمان فمن آمن و صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعه على ذلك و لم يلبس هذا الإيمان بظلم لا يخالف عالم أنه داخل فيمن آمن لا فيمن أشرك مع الله غيره بل من تدبر أحوال الصحابة علم أنهم لا بد أن يبدؤوا قبل الوصول إلى اليقين و الجزم لا بد أنهم مروا بمرحلة الظن الغالب و مع ذلك لم يقل أحد أنهم إذا بلغوا هذه المرحلة لم يكونوا حينها من أهل الإيمان بل من أهل الكفر مع أنهم أظهروا الإيمان و غلب على ظنهم صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعوه و أظهروا موافقته هذلا يصح لا في عقل و لا في نقل.
و قال تعالى {قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} يونس68
فكل من قال بأن لله ولد لا شك و أنه قاله بغير برهان و سلطان سواء ادعى أنه عنده سلطان بذلك أم لك يدع لذا من اتبع هذا الظن هو و لا شك ممن اتبع الظن الباطل المحرم.
و قال تعالى {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} النجم23
فالله تعالى أرسل إليه السلطان و الحجه و البرهان و بين لهم بطلان ما يدعونه و لكنهم اتبعوا ما يطنونه حقا بلا برهان و لا حجة فكانوا بهذا مذمومين فقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} النساء174.
أي واضحا لا لبس فيه فهو نور و النور حتى الأعمى قد يحس فيه فكيف لو كان مبينا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/203)
و قال تعالى {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} الدخان9 فهم لو كانوا عندهم غلبة ظن بصدق النبي صلى الله عليه و سلم ثم أظهروا صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتباعه لا يقال بأنهم في شك يلعبون بل ظاهرهم أنهم من أهل الإيمان و التصديق و أما لو غلب على ظنهم صدقه ثم لم يظهروا اتباعه فكفرهم لا لأنهم شكوا بل لأنهم لم يتبعوه و لو اتبعوه لنفعهم غلبة ظنهم.
و قال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} فصلت45
فشكهم هو الذي منعهم من تصديق موسى عليه و اتباعه و لو قيل بأن الشك هنا هو غلبة الظن قيل لو أنهم عملوا بغلبة الظن و اتبعوه و صدقوه و تبرؤوا من الكفر و الشرك هل يصبحوا مؤمنين أم لا؟
فالشك كفر بإجماع المسلمين سواء أظهر الإسلام أم لا و غلبة الظن مع التصديق و إظهار الإسلام نافعه و لا شك كما أجمع على هذا سلف الأمة و أئمتها فهي نافعه و لا شك في الدنيا و الآخرة و إن كانت أنقص من وجود الجزم و اليقين.
و قال تعالى {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} ص8
فهم لم يصدقوا الني صلى الله عليه و سلم و لم يتبعوه لشكهم فيه و هذا الشك مبني على أنهم كانوا يستغربون كيف أرسل الله تعالى محمدا و أنزل عليه الكتاب من بينهم و لو تدبرنا في حجتهم هذه لعلمنا أنها من أسخف الحجج ولا يقبلها عقل الصغار قبل الكبار و إلا لو أنزل الكتاب على غير النبي صلى الله عليه و سلم فمكان قولهم فيه؟.
و قال تعالى {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} سبأ21
فمن غلب ظنه الإيمان بالآخرة و عمل بما غلب على ظنه هل حكمه كحكم من شك في الآخرة و اتبع هذا الظن الباطل.
و لا يقال بأن الأخ يوافق على هذا و إن سماه غيره ظن راجح أو غلبة ظن قلنا كلام الأخ يخالف هذا فهو مثلا في العمليات يوافق على كلام شيخ الإسلام في حكاية للإجماع فقال الأخ (وهذه القضية والإجماع المحكي والنص الوارد فيه حق لا نبطله وهو قولنا آنفاً ..
ولم نقل بتأثيم أحد عمل هكذا البتة ... )
و انظر قوله (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!
فإن لم يكن مطلوباً منا اليقين بما نعتقد لصححنا عقائد باطلة بناء على أنها بذلت وسعها فعلمت أن عيسى عليه السلام هو الرب ..
واليقين لا يبطله يقين ضرورة ... ).
و قاله (ولاحظ أمراً دقيقاً ..
أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..
فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ... ).
الثانية: قوله (لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها إلا اليقين بما نعتقده ..
سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك) أهل العلم فرقوا بين اليقين و الظن الراجح لفظا و معنى فمن قال من أهل العلم بالظن الراجح و وجوده قال بأنه دون القطع و اليقين و ما ذكرته من الإجماع الذي نقله شيخ الإسلام و الإجماع كذلك الذي نقله في العلم بالمقطوع به ثبوتا و دلالة دليل واضح على أنهم يفرقون بين الأمرين فمن قال بالعمل بالظن الراجح قولا و عملا لم يرد قطعا العمل بالمجزوم به و إنما أراد العمل بالراجح و هذا ليس بيقين عندهم فليزم أن من اعتقد بظن راجح لا يصح إيمانه لأنه قد دخله الشك في إيمانه و هذا لا يوافق عليه من قال بالراجح من الظن و لا يجوز إيهام عدم التفريق بين القطع و غلبة الظن عندهم كما هو مذهب الأخ بن تميم بأنه الإيمان لا يصح إلا بيقين فالإيمان عند أهل السنة و الجماعة و إن كان يجب بالقطع و اليقين و لكن يصح بغلبة الظن و اتباعها و هذا ليس من اتباع الظن المذموم.
الثالثة: قوله (ولاحظ أمراً دقيقاً ..
أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..
فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ..
أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ... ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/204)
فعلى هذا القول لا يكون هناك تصديق إلا بيقين فلا يكون مصدقا إلا من كان متيقنا و أما من غلب على ظنه الصدق و صدق فلا يكون مصدقا لأنه غير ميتقن و هذا القول غير صحيح قال شيخ الإسلام رحمه الله (والذي مضى عليه سلف الأمة وأئمتها: أن نفس الإيمان الذي في القلوب يتفاضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، وأما زيادة العمل الصالح الذي على الجوارح ونقصانه فمتفق عليه، وإن كان في دخوله في مطلق الإيمان نزاع، وبعضه لفظي، مع أن الذي عليه أئمة أهل السنة والحديث ـ وهو مذهب مالك، والشافعي، وغيرهم ـ: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.
وأئمة المسلمين أهل المذاهب الأربعة وغيرهم ـ مع جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان ـ متفقون على أن المؤمن لا يكفر بمجرد الذنب كما تقوله الخوارج، ولا يسلب جميع الإيمان كما تقوله المعتزلة، لكن بعض الناس قال: إن إيمان الخلق مستوٍ، فلا يتفاضل إيمان أبي بكر وعمر وإيمان الفساق، بناء على أن التصديق بالقلب واللسان، أو بالقلب، وذلك لا يتفاضل.
وأما عامة السلف والأئمة، فعندهم أن إيمان العباد لا يتساوى، بل يتفاضل، وإيمان السابقين الأولين أكمل من إيمان أهل الكبائر المجرمين، ثم النزاع مبني على الأصلين:
أحدهما: العمل، هل يدخل في مطلق الإيمان؟ فإن العمل يتفاضل بلا نزاع، فمن أدخله في مطلق الإيمان قال: يتفاضل، ومن لم يدخله في مطلق الإيمان احتاج إلى الأصل الثاني وهو: أن ما في القلب من الإيمان هل يتفاضل؟ فظن من نفي التفاضل أن ليس في القلب ـ من محبة الله، وخوفه ورجائه، والتوكل عليه وأمثال ذلك مما قد يخرجه هؤلاء عن محض التصديق ـ ما هو متفاضل بلا ريب، ثم نفس التصديق ـ أيضًا ـ متفاضل من جهات:
منها: أن التصديق بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قد يكون مجملاً، وقد يكون مفصلاً، والمفصل من المجمل، فليس تصديق من عرف القرآن ومعانيه، والحديث ومعانيه، وصدق بذلك مفصلاً، كمن صدق أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر ما جاء به لا يعرفه أو لا يفهمه.
ومنها: أن التصديق المستقر المذكور أتم من العلم الذي يطلب حصوله مع الغفلة عنه.
ومنها: أن التصديق نفسه يتفاضل كنهه، فليس ما أثنى عليه البرهان بل تشهد له الأعيان، وأميط عنه كل أذى وحسبان، حتى بلغ أعلى الدرجات، درجات الإيقان، كتصديق زعزعته الشبهات، وصدفته الشهوات، ولعب به التقليد، ويضعف لشبه المعاند العنيد، وهذا أمر يجده من نفسه كل منصف رشيد.
ولهذا كان المشائخ ـ أهل المعرفة والتحقيق، السالكون إلى الله أقصد طريق ـ متفقين على الزيادة والنقصان في الإيمان والتصديق، كما هو مذهب أهل السنة والحديث في القديم والحديث ... ).
فمن غلب على ظنه بمرجح الصدق و عمل بهذا التصديق لا يقال بأنه غير مصدق فالتصديق هو اعتقاد الصدق و اعتقاد الصدق قد يكون بالعلم الجازم و قد يكون بغلبة الظن.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[02 - 07 - 05, 04:19 م]ـ
و أما قول الأخ بن تميم (ولأنه لا مرتبة متوسطة بين الشك واليقين فإما هذه وإما تلك ..
هذا في الاعتقاد التي تصح به الديانة ... ).
يعني أن من غلب ظنه و لم يجزم لا يصح إيمانه بما غلب ظنه به لأنه لم يجزم علما بأن هذا التفريق كما ذكرنا سابقا لا أصل له لا من كتاب و لا سنة و لا قول صاحب بل هو قول أهل البدع الذين يشترطون أن تكون مسائل الإعتقاد مقطوع بها و إلا لا يصح الإعتقاد و التزموا على هذا الأصل رد خبر الواحد في العقائد لأنه يفيد الظن و ما يفيد الظن لا يعتمد عليه و يلزمهم أنه يجب اعتقاد وجوب الشي أو حرمته أو كراهته أو استحبابه في العمليات و لا يجوز العمل في الأحكام حتى يعتقد هذا فكيف ساغ لهم قبول خبر الواحد في العمليات مع أنه لا بد معه من اعتقاد و إلا لم يصح العمل
و ردوا خبر الواحد بحجة أنه يفيد الظن و لا يفيد الجزم في العقائد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/205)
قال شيخ الإسلام رحمه الله (وقد تنوعت طرق الناس في جواز هذا؛ فطائفة قالت: لا يتبع قط إلا العلم ولا يعمل بالظن أصلا، وقالوا: إن خبر الواحد يفيد العلم، وكذلك يقولون في الظواهر، بل يقولون: نقطع بخطأ من خالفنا، وننقض حكمه، كما يقوله داود وأصحابه، وهؤلاء عمدتهم إنما هو ما يظنونه ظاهرًا. وأما الاستصحاب، فالاستصحاب ـ في كثير من المواضع ـ من أضعف الأدلة وهم في كثير مما يحتجون به قد لا يكون ما احتجوا به ظاهر اللفظ، بل الظاهر خلافه، فطائفة قالت: لما قام الدليل على وجوب العمل بالظن الراجح كنا متبعين للعلم، فنحن نعمل بالعلم عند وجود العلم، لا نعمل بالظن. وهذه طريقة القاضي أبي بكر وأتباعه. ... ).
قال شيخ الإسلام رحمه الله (أما الأول: فالجواب الصحيح هو الجواب الثالث، وهو أن كل ما أمر اللّه تعالى به فإنما أمر بالعلم، وذلك أنه في المسائل الخفية عليه أن ينظر في الأدلة، ويعمل بالراجح، وكون هذا هو الراجح أمر معلوم عند أمر مقطوع به، وإن قدر أن ترجيح هذا على هذا فيه شك عنده لم يعمل به، وإذا ظن الرجحان فإنما ظنه لقيام دليل عنده على أن هذا راجح، وفرق بين اعتقاد الرجحان ورجحان الاعتقاد، أما اعتقاد الرجحان فقد يكون علمًا وقدلا يعمل حتى يعلم الرجحان، وإذا ظن الرجحان أيضًا فلابد أن يظنه بدليل يكون عنده أرجح من دليل الجانب الآخر، ورجحان هذا غير معلوم، فلابد أن ينتهي الأمر إلى رجحان معلوم عنده، فيكون متبعًا لما علم أنه أرجح، وهذا اتباع للعلم لا للظن وهو اتباع الأحسن، كما قال: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: 145]، وقال: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18]،وقال: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم} [الزمر: 55]. فإذا كان أحد الدليلين هو الأرجح فاتباعه هو الأحسن، وهذا معلوم.
فالواجب على المجتهد أن يعمل بما يعلم أنه أرجح من غيره، وهو العمل بأرجح الدليلين المتعارضين. وحينئذ، فما عمل إلا بالعلم وهذا جواب الحسن البصري، وأبيّ وغيرهم. والقرآن ذم من لا يتبع إلا الظن فلم يستند ظنه إلى علم بأن هذا أرجح من غيره؛ كما قال: {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]، وقال: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ
الظَّنَّ} [الأنعام: 148]، وهكذا في سائر المواضع يذم الذين إن يتبعون إلا الظن، فعندهم ظن مجرد لا علم معه، وهم يتبعونه، والذي جاءت به الشريعة وعليه عقلاء الناس أنهم لا يعملون إلا بعلم بأن هذا أرجح من هذا، فيعتقدون الرجحان اعتقادًا عمليًا، لكن لا يلزم إذا كان أرجح ألا يكون المرجوح هو الثابت في نفس الأمر. ... ).
و الأخ قد وافق على أن العمليات يعمل بها بما ظهر لنا و أقر بإجماع شيخ الإسلام و أقر بوجود مرحلة وسط بين اليقين و بين الظن و هي الحكم بالظاهر و من المعلوم أن الحكم بالظاهر لا يكون بيقين فقال (وهذا كما قلت ولا فرق ..
فقول ابن تيميه أن الظاهر هذا محل اتفاق هو ما أنكره علينا الأخ الفاضل ..
ثم استشهد به لقوله .. !
وقلت سابقاً ..
أن أهل الظاهر وقفوا على هذا الظاهر أو وقفوا على ما نقل عن هذا الظاهر ..
والناقل هذا كان بما نقطع أنه في لغتنا أو نص ثابت صحيح أو إجماع متيقن ... ).
فالظاهر واقع لا محالة إما في الكليات أو الجزئيات أو في المعينات و كل هذا إقرار بوجود مرحلة وسط بين اليقين و الظن و هو الظن الراجح
و أقر كذلك بمرحلة وسط في التنزيل فالحكم على المعينات قد يكون بيقين أو بظن و معلوم أن الظن هنا غالب و مرجح بمرجح ظاهر فقال (وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يبطل هذا التصرف والحكم ..
فهو حكم بما ظهر له من صلاح الناس وعدالتهم ..
ولم يأته أحد يبطل عدالة الشهود ..
ولا تحرى عن بواطنهم إن كانوا صادقين أو كاذبين ... ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/206)
فهو حكم و لا شك بما ظهر له من عدالتهم و هو مأمور بالحكم بعدالتهم و إن لم يجزم بعدالتهم و لكن يجب عليه القبول بتعديل غيرهم لهم فالظن واقع و لا شك إما في عدم جزمه بعدالة الشهود أو بعدم جزمه بصدق الموثقين أو أن يأتي أحدهم بحجة هي ألحن من حجة صاحبه فيقضي له بما ظهر له و لم يكن هذا من الظن المحرم.
و يجب أن يعلم هنا أن قولي بالعمل بالظن الراجح ليس معناه الظن المرجد من غير مرجح معتبر و إنما هو العمل أو الإعتقاد بمرجح معتبر مع عدم بلوغ مرحلة الجزم و اليقين لا كما أفهم من إطلاقات الأخ أن مرادي أي ظن و إن لم يكن هناك مرجح معتبر.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[03 - 07 - 05, 12:15 م]ـ
أما من استفرغ وسعه لإصابة الحق في العمل فقد أدى ما عليه وهذا ذكرته آنفاً في التعقيب ولم أخالفه ..
لكن لا يعني من فعل ذلك أنه أصاب الحق عند الله ..
فالعمل بشيء ينتج عنه قضيتين ..
الأولى: إصابة الحق عند الله تعالى وفيه الأجر ..
وهذا لا يكون إلا بعمل بيقين لأنه لا يتعارض ولا يتناقض ..
الثانية: العمل بما أمرنا به في تحري الحق وإن أخطأنا بلا نية للخطأ ..
فهذا فيه الأجر أيضاً ولا يعني أنه الحق عند الله ..
ولا يحل لنا ههنا أن ننسبه إلى الله تعالى إن كان بناء عن ظن ورأي ..
لأن هذه المسالك لم يطلبها الله تعالى منا أصلاً ..
وإنما طلب منا العمل بما أمرنا به فقط مما يوصلنا إلى القطع في نسبة شيء من الأحكام والديانة إلى الله تعالى ..
وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به ..
ومن قال بغير هذا فقد أخطأ يقيناً ..
ولوجب على القائل هذا أن ينسب كل الظنون التي قال بها كل مفتي منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا إلى الله تعالى وشرعه ..
وهذا أيضاً لا يقوله أهل الرأي أصلاً ..
وإنما يعملون بالظن تورعاً واحتياطاً مع عدم نسبتهم لشيء من ذلك إلى الله تعالى لعدم ثبوته من جهة القطع واليقين ..
فالصحابة رضي الله عنهم عملوا بما اجهدوا فيه الفكر والرأي حتى وصلوا لحكم ما وكان بالظن ..
ولم ينسبوه إلى الشرع البتة ..
فلما ورد عن غيرهم اليقين تركوا ما قالوه ..
وكذلك من بعدهم من التابعين ..
فلا محارجة في العمل بالاجتهاد وهذا ما قدمته آنفاً في التعقيب ..
وإنما في نسبة هذا العمل بالظن والرأي إلى الله تعالى والشرع والإلزام به ..
وهذا لا يدركه الكثير من طلبة العلم إلا من رحم الله .. ).
ذكرنا هنا ثلاثة أمور في الإجتهاد و استفراغ الوسع:
الأول: استفراغ الوسع في التنزيل و هذا مجمع عليه بأنه يجب على المجتهد استفراغ الوسع لإصابة الحق في نفس الأمر فإن أصاب الحق فله أجران و إن أخطأه فله أجر واحد و إذا أخطأه فلا شك أنه حكم بما غلب على ظنه أنه الحق و لكنه أخطأ إصابة الحق و قد يصيب الحق كما ثبت في الحديث الصحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
فكما أن الحاكم إذا اجتهد و غلب على ظنه صحة الحكم قد يخطأ فكذلك لو اجتهد و غلب على ظنه صحة الحكم قد يصيب الحكم فإصابة الحكم قد تكون عن غلبة ظن و قد تكون عن يقين و جزم و أما الخطأ في الحكم لا يمكن أن يكون عن يقين و جزم حتى لو ادعى الحاكم اليقين لأن اليقين لا يمكن أن يكون خطأ أبدا و إنما هو غلبة ظن أخطأ في إصابة الحكم فيها فعذر لاجتهاده.
الثاني: الخطأ في الكليات و المراد بالكليات الأحكام العامة التي تلزم كل مسلم و هذا كذلك الخطأ فيها وارد فليس كل مسألة اتفق عليه المسلمون فكثير من المسائل سواء العلميات أو العمليات اختلف فيها المسلمون فمن اجتهد في فهم نصوص الكتاب و السنة و أخطأ في فهمه و لم يكن خطأه فيما لا يصح الإسلام إلا به كان معذورا أما ما لا يصح الإسلام إلا به فلا يعذر فيه إلا المكره فلا يقال بأن من قال بأن عيسى هو بن الله أو هو الله أو عبد مع الله غيره معذور لأنه اجتهد فإن حقيقة الإسلام لا تثبت إلا بإفراد الله بالعبادة و بالشهادة لنبينا صلى الله عليه و سلم بالرسالة و كل ما يناقضهما مناقضة تامة لا يعذر فيه بجهل و لا تأويل والإسلام: أن يستسلم العبد لله لا لغيره، كما ينبئ عنه قول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/207)
: (لا إله إلا الله)، فمن استسلم له ولغيره فهو مشرك، ومن لم يستسلم له فهو مستكبر، وكلاهما ضد الإسلام و لا دخل للتأويل و الجهل بهذه المسألة فإن لكل شئ حقيقه فإن لم توجد هذه الحقيقة انتفى الاسم عمن لم تثبت به هذه الحقيقة و لكن يدخل العذر بالجهل في عقوبة من لم تثبت فيه هذه الحقيقة فإن من لم تثبت هذه الحقيقة له كافر و لا شك و لكن من اجتهد و استفرغ و سعه في طلب الحق لا يعذب حتى تقوم عليه الحجه كما قال تعالى {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} الإسراء15
و قال تعالى {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى} طه134
و في الحديث الصحيح عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ». وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ «لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ».
و لا يعني عدم عقوبته في الدنيا و الآخرة عدم خروجه من الإسلام بل هو غير مسلم لعدم وجود حقيقة الإسلام.
الثالث: الإعتقاد و الأخ يشترط أن يصل فيه المكلف إلى اليقين و أنه لا مرتبه وسط بين اليقين و الشك و بينا خطأ هذا الإطلاق و أن المكلف متى ما غلب على ظنه الحق فصدق به و اعتقده و أظهر الإلتزام به حكم له بالإسلام و نفعه هذه الإعتقاد في الدنيا و الآخرة و أن الجزم و اليقين و إن كان مطلوبا و لكن إن لم يقدر إلا على ما غلب ظنه لا يقال بأنك شاك و لا يصح إيمانك هذا من جهة التنظير قد يخالف فيه بعض المتكلمة و لكن من جهة التنزيل لا يمكن أن يحكم لمن جاء مسلما و قال بأنه يغلب على ظنه صحة الإسلام و أنه حق و يعتقد بكل ما فيه لا يمكن أن يحكم له بأنه لا زال على كفره و أنه ليس بمسلم لأنه لا زال شاكا.
و بينا كذلك أن الإجتهاد في مسائل الإعتقاد كالإجتهاد في مسائل الأحكام يجب فيه الجزم و اليقين و من لم يقدر على اليقين صح إيمانه بما غلب ظنه و ذكرنا أن قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التغابن16 يدل على ذلك و هو عام بالعمليات و العلميات.
فقوله (وهذا لا يكون إلا بعمل بيقين لأنه لا يتعارض ولا يتناقض ... ).
إن كان مراده لا يكون العمل إلا بيقين فهذا خطأ و لا شك و هو قد أقر بأن العمل بالظاهر و الظاهر قد يصيب به الحق و قد لا يصيب و عندها يكون العمل بغلبة الظن لا الجزم لأنه لو كان جزما لكان أصاب الحق جزما و لا يقال هنا أنه حكم بالظاهر.
و إن كان مراده أنه لا يجوز العمل إلا بما قطع به من الأصول و لا يجوز العمل بما اختلف فيه من الأصول و لعل هذا مراده و هذا كذلك خطأ و قد بينا بأن عموم الشرع سواء كان عمليات أو عمليات يجوز العمل بما هو ظاهر او يغلب على الظن و متى ما اختلف في مسألة من مسائل أصول الفقه و رجح بعضهم العمل بهذه المسألة بمرجح معتبر جاز له ذلك فإصاب الحق فله أجران و إن أخطأ فله أجر على اجتهاده فالتفريق بين مسائل أصول الفقه أو أحكامه أو مسائل أصول الدين في مسألة العذر بالجهل أو التأويل تفريق مبتدع لم يرد عن السلف.
و قول الأخ الفاضل (الثانية: العمل بما أمرنا به في تحري الحق وإن أخطأنا بلا نية للخطأ ..
فهذا فيه الأجر أيضاً ولا يعني أنه الحق عند الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/208)
ولا يحل لنا ههنا أن ننسبه إلى الله تعالى إن كان بناء عن ظن ورأي ..
لأن هذه المسالك لم يطلبها الله تعالى منا أصلاً ..
وإنما طلب منا العمل بما أمرنا به فقط مما يوصلنا إلى القطع في نسبة شيء من الأحكام والديانة إلى الله تعالى ..
وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به .... ).
يجب أن يعلم أن الظن يدخل في فهم كتاب الله تعالى و انظر فهم الصحابة رضوان الله عليهم في فهم القرء كما قال تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} البقرة228
فهم لا يختلفون في أن المطلقه تتربص ثلاثة قروء و لكن اختلفوا في معنى القرء هنا قال بن كثير رحمه الله (وقد اختلف السلف والخلف والأئمة في المراد بالأقراء ما هو على قولين: أحدهما) أن المراد بها الأطهار, وقال مالك في الموطأ عن ابن شهاب, عن عروة, عن عائشة أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة, فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن, فقالت: صدق عروة, وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا: إن الله تعالى يقول في كتابه {ثلاثة قروء}. فقالت عائشة: صدقتم, وتدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار, وقال مالك, عن ابن شهاب: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهو يقول ذلك, يريد قول عائشة, وقال مالك عن نافع, عن عبد الله بن عمر, أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته, فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها, وقال مالك: وهو الأمر عندنا وروى مثله عن ابن عباس وزيد بن ثابت وسالم والقاسم وعروة وسليمان بن يسار, وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبان بن عثمان وعطاء بن أبي رباح وقتادة والزهري وبقية الفقهاء السبعة وهو مذهب مالك والشافعي وغير واحد وداود وأبي ثور, وهو رواية عن أحمد واستدلوا عليه بقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} أي في الأطهار ... ).
و من المعلوم أن كل قول من هذه الأقوال يريد بن صاحبه أنه هو الذي أراده الله تعالى و لم يتوقف في نسبته لله تعالى و إن كان عن غلبة ظن لا يقين
و يقع كذلك الخطأ في فهم حديث النبي صلى الله عليه و سلم أخرج البخاري و غيره عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم) و من المعلوم أن أحدهما مخطئ و لا شك و من كان مخطئا لم يكن حكمه بيقين و لا شك لأنه لو كان بيقين لأصاب الحق و لا يمكن أن يكون بظن محض من غير مرجح معتبر فلا يكون إلا بظن غالب بمرجح معتبر لذا لم يعنفه النبي صلى الله عليه و سلم ثم إنه نسب هذا القول للنبي صلى الله عليه و سلم مع أنه قول خطأ و لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه و سلم.
و كذلك من اعتمد أصلا كمن قال بالقياس و أنه مما يحبه الله تعالى ثم عمل بهذا القياس و رجح بعض الأحكام و نسبها لله تعالى لا يكون بهذا آثما و قد يصيب الحق بقياسه هذه و قد يخطئ.
نعم كان بعض السلف يتورع عن نسبة مثل هذه الأقوال لله تعالى لأنه تعارض عنده أن هذا هو الحق الذي يحبه الله تعالى و هو ما يترجح عنده و بين أنه لم يرد لفظ ظاهر لا من كتاب و لا سنة يدل على هذه المعنى و إنما هو قياس على دليل من كتاب و سنة فتوقف عن نسبته لله تعالى و إن كان في نفسه و من يتبعه على هذا القول يعمل به و يتقرب به إلى الله تعالى لأنه يغلب على ظنه أن الحق الذي يحبه الله تعالى فحقيقة نسبته لله تعالى متحققه و لكن نسبة هذا القول لله تعالى لفظا يتورع عنها بعض السلف فالإجتهاد في الأحكام الشرعية في القياس هو من باب العمل بغلبة الظن قال بن القيم رحمه الله (أقسام الرأي وإذا عرف هذا فالرأي ثلاثة أقسام رأي باطل بلا ريب ورأي صحيح ورأي هو موضع الاشتباه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/209)
والأقسام الثلاثة قد أشار إليها السلف فاستعملوا الرأي الصحيح وعملوا به وأفتوا به وسوغوا القول به وذموا الباطل ومنعوا من العمل والفتيا والقضاء به وأطلقوا ألسنتهم بذمه وذم أهله والقسم الثالث سوغوا العمل والفتيا والقضاء به عند الاضطرار إليه حيث لا يوجد منه بد ولم يلزموا أحد العمل به ولم يحرموا مخالفته ولا جعلوا مخالفه مخالفا للدين بل غايته أنهم خيروا بين قبوله ورده فهو بمنزلة ما أبيح للمضطر من الطعام والشراب الذي يحرم عند عدم الضرورة إليه كما قال الإمام أحمد سألت الشافعي عن القياس فقال لي عند الضرورة وكان استعمالهم لهذا النوع بقدر االضرورة لم يفرطوا فيه ويفرعوه ويولدوه ويوسعوه كما صنع المتأخرون بحيث اعتاضوا به عن النصوص والآثار وكان أسهل عليهم من حفظها كما يوجد كثير من الناس يضبط قواعد الإفتاء لصعوبة النقل عليه وتعسر حفظه فلم يتعدوا فى استعماله قدر الضرورة ولم يبغوا العدول إليه مع تمكنهم من النصوص والآثار كما قال تعالى في المضطر إلى الطعام المحرم فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم فالباغي الذي يبتغي الميتة مع قدرته على التوصل إلى المذكى والعادي الذي يتعدى قدر الحاجة بأكلها ... ).
قال شيخ الإسلام بن تيميه (الشرع المنزل]. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته.
والثاني [الشرع المؤول]. وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه.
والثالث [الشرع المبدل]. وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها؛ والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع، كمن قال إن الدم والميتة حلال ـ ولو قال هذا مذهبي ونحو ذلك. .. ).
فمن الخطأ القول (وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به ..
ومن قال بغير هذا فقد أخطأ يقيناً ... ) فالإجتهاد في فهم الكتاب و السنة قد يصل به صاحبه إلى القطع و قد يصل إلى غلبة الظن بل و قد يخطئ في فهم معاني الكتب و السنة و مع ذلك هذه الطريق مأمور بها بإجماع المسلمين.
و كذلك العمل بالقياس قد يصل به صاحبه إلى القطع و قد يصل إلى غلبة الظن و قد يخطئ و قد يصيب و يجوز العمل به و لا يحرم.
و قوله (فالصحابة رضي الله عنهم عملوا بما اجهدوا فيه الفكر والرأي حتى وصلوا لحكم ما وكان بالظن ..
ولم ينسبوه إلى الشرع البتة ... ) دليل على جواز العمل بالرأي الراجح و لو كان العمل بالرأي الراجح لا يوصل إلى القطع البته لما عملوا به فالقياس و القول بالرأي قد يوصل إلى القطع كما أن الأدلة النقلية قد توصل إلى القطع و القياس قد يكون خطأ كما أن فهم النصوص قد يكون خطأ فلا فرق بينهما و إن كان ورود الخطأ على القياس أكثر من وروده على النصوص لذا كان السلف لا يستعملون القياس مع وجود النص و يتورعون عن نسبة ما ترجح عندهم بالقياس إلى الله تعالى قال شيخ الإسلام رحمه الله (والقياس الصحيح نوعان:
أحدهما: أن يعلم أنه لا فارق بين الفرع والأصل إلا فرق غير مؤثر في الشرع، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه سئل عن فَأْرة وقعت في سَمْن فقال: [ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم]، وقد أجمع المسلمون على أن هذا الحكم ليس مختصًا بتلك الفأرة وذلك السمن؛ فلهذا قال جماهير العلماء: إنه أي نجاسة وقعت في دهن من الأَدْهَان، كالفأرة التي تقع في الزيت، وكالهِرِّ الذي يقع في السمن فحكمها حكم تلك الفأرة التي وقعت في السمن. ومن قال من أهل الظاهر: إن هذا الحكم لا يكون إلا في فأرة وقعت في سمن فقد أخطأ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص الحكم بتلك الصورة لكن لما استفتي عنها أفتي فيها، والاستفتاء إذا وقع عن قضية معينة أو نوع فأجاب المفتي عن ذلك خصه لكونه سئل عنه، لا لاختصاصه بالحكم.
ومثل هذا أنه سئل عن رجل أحرم بالعمرة وعليه جُبَّةٌ مُضَمَّخة بخَلُوق فقال: [انزع عنك الجبة واغسل عنك الخلوق، واصنع في عمرتك ما كنت تصنع في حجك]، فأجابه عن الجبة، ولو كان عليه قميص أو نحوه كان الحكم كذلك بالإجماع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/210)
والنوع الثاني من القياس: أن ينص على حكم لمعني من المعاني، ويكون ذلك المعني موجودًا في غيره، فإذا قام دليل من الأدلة على أن الحكم متعلق بالمعني المشترك بين الأصل والفرع سوي بينهما، وكان هذا قياسًا صحيحًا.
فهذان النوعان كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يستعملونهما، وهما من باب فَهْم مراد الشارع؛ فإن الاستدلال بكلام الشارع يتوقف على أن يعرف ثبوت اللفظ عنه وعلى أن يعرف مراده باللفظ، وإذا عرفنا مراده، فإن علمنا أنه حكم للمعني المشترك لا لمعنى يخص الأصل أثبتنا الحكم حيث وجد المعنى المشترك، وإن علمنا أنه قصد تخصيص الحكم بمورد النص منعنا القياس، كما أنا علمنا أن الحج خص به الكعبة، وأن الصيام الفرض خص به شهر رمضان، وأن الاستقبال خص به جهة الكعبة، وأن المفروض من الصلوات خص به الخمس، ونحو ذلك، فإنه يمتنع هنا أن نقيس على المنصوص غيره.).
و قال رحمه الله (وأما تخريج المناط وهو: القياس المحض، وهو: أن ينص على حكم في أمور قد يظن أنه يختص الحكم بها فيستدل على أن غيرها مثلها؛ إما لانتفاء الفارق، أو للاشتراك في الوصف الذي قام الدليل على أن الشارع علق الحكم في الأصل، فهذا هو القياس الذي تقر به جماهير العلماء وينكره نفاة القياس. وإنما يكثر الغلط فيه لعدم العلم بالجامع المشترك الذي علق الشارع الحكم به، وهو الذي يسمي سؤال المطالبة، وهو: مطالبة المعترض للمستدل بأن الوصف المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم، أو دليل العلة. فأكثر غلط القَائِسِين من ظنهم علة في الأصل ما ليس بعلة؛ ولهذا كثرت شناعاتهم على أهل القياس الفاسد. فأما إذا قام دليل على إلغاء الفارق، وأنه ليس بين الأصل والفرع فرق يفرق الشارع لأجله بين الصورتين، أو قام الدليل على أن المعني الفلاني هو الذي لأجله حكم الشارع بهذا الحكم في الأصل وهو موجود في صورة أخري، فهذا القياس لا ينازع فيه إلا من لم يعرف هاتين المقدمتين. ... ).
فما قطعنا به عن طريق القياس و أنه مراد الله تعالى جاز نسبته لله تعالى سواء كان عن نص أو قياس و ما لم نقطع به و إنما هو غلبة ظن بمرجح معتبر جاز عدم نسبته لله تعالى سواء كان عن نص أو قياس.
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[03 - 07 - 05, 11:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب على الرد الأول ..
بالله تعالى التوفيق ..
قال الفاضل نقلاً عني ..
((المسألة الأولى: قول الأخ الفاضل بن تميم (فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي .. لا تكليف إلا مع القدرة .. فكل عامل بحسب قدرته فقد أدى ما عليه من الشرع المطالب به .. سواء وافق الحق أو خالفه .. فهنا ترتفع المؤاخذة فقط ولا يثبت الحق كما هو معلوم .. ودليل هذه القاعدة بعض ما ذكرته من نصوص .. فالوسع في قبول الشهادة بأن نتحرى عدالتهم فقط .. فلا يكلفنا الله بعلم البواطن وما ينقض العدالة مما خفي علينا .. فلم أخالفك ههنا أصلاً ... )).
وقال بعد هذا ..
((قول الأخ (فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي .. لا تكليف إلا مع القدرة .. ).هذا الإتفاق الذي نقله عن أهل الإسلام غير صحيح عند إطلاقه و من المعلوم أنه يدخل في هذا الإتفاق أهل البدع من المسلمين)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لا وجه للإنكار في هذه القضية لوجوه ..
الوجه الأول ..
هذه المسألة ليست من مسائل الأصول وهي من علم الكلام زجت في مبحث الأصول والفقه ونحن نتكلم عن مسألة أصولية تبنى عليها مسائل فقهية فكان الصحيح عدم ذكرها ..
فالذي قال بإطلاق القول بالتكليف بما لا يطاق أراد إثبات أن الله تعالى سلب قدرتهم وأنهم فاعلين ..
وقال ابن تيميه فيما نقلت عنه ..
((كإطلاق القول بأنه يكلفهم ما لا يطيقون، هذا سلب قدرتهم على ما أمروا به، وذلك سلب كونهم فاعلين قادرين)) ..
فهذه القضية هي ..
هل العبد قادر فاعل أو ليست له قدرة في الأصل وإنما القدرة من الله تعالى .. ؟!
وهي هل العبد هو الفاعل أم هو الله تعالى .. ؟!
فنفوا أن يكون فاعل الفعل هو العبد والله معاً لئلا يكون للفعل أكثر من فاعل ..
وليست هي ..
هل يمكن أن يكون العبد عاجزاً عن فعل المأمور به أو لا يكون .. ؟!
وهذه القضية لا ينكرها أحد أصلاً ..
فاقتصر عليها ولا تبعد ..
الوجه الثاني ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/211)
مسألة القدرة التي نقلتها عن ابن تيميه مع مخالفه من أهل البدع لا تدخل في كلامي ..
وقد قلت آنفاً ..
((لا تكليف إلا مع القدرة .. فكل عامل بحسب قدرته فقد أدى ما عليه من الشرع المطالب به)) ..
فنحن نتكلم عن العمل في الأحكام الشرعية ..
فالعامل يعمل بعمل من الأعمال الشرعية لا يجب عليه عند عدم قدرته ..
وهذه لا يقول بخلافها من له مُسكة من عقل ..
وقد أبطلت هذا الاعتراض بنقلك عن ابن تيميه حين نقلت عنه ..
((قال شيخ الإسلام رحمه الله (وهؤلاء أطلقوا القول بتكليف ما لا يطلق، وليس في السلف والأئمة من أطلق القول بتكليف ما لا يطاق، كما أنه ليس فيهم من أطلق القول بالجبر، وإطلاق القول بأنه يجبر العباد، كإطلاق القول بأنه يكلفهم ما لا يطيقون، هذا سلب قدرتهم على ما أمروا به، وذلك سلب كونهم فاعلين قادرين. ولهذا كان المقتصدون من هؤلاء، كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني، وأكثر أصحاب أبي الحسن، وكالجمهور من أصحاب مالك، والشافعي وأحمد بن حنبل، كالقاضي أبي يعلى، وأمثاله يفصلون في القول بتكليف ما لا يطاق، كما تقدم القول في تفصيل الجبر، فيقولون: تكليف ما لا يطاق؛ لعجز العبد عنه لا يجوز، وأما ما يقال أنه لا يطاق؛ للاشتغال بضده، فيجوز تكليفه، وهذا؛ لأن الإنسان لا يمكنه في حال واحدة أن يكون قائمًا قاعدًا، ففي حال القيام لا يقدر أن يفعل معه القعود، ويجوز أن يؤمر حال القعود بالقيام، وهذا متفق علي جوازه بين المسلمين، بل عامة الأمر والنهي هو من هذا النوع، لكن هل يسمى هذا تكليف مالا يطاق؟ فيه نزاع. ... )).
وما أبطل اعتراضك هو ..
((وهذا متفق علي جوازه بين المسلمين، بل عامة الأمر والنهي هو من هذا النوع)) ..
فكلامي هنا لا في غيره ..
وقولي باتفاق على هذه وليست على كون العبد هو الفاعل لفعله أو الله تعالى والخلاف فيها ..
فجهم ومن وافقه يريدون بهذه المسألة أن كل ما فعله الإنسان ليس من فعله وقدرتهم بل هو من فعل الله تعالى وقدرته ..
فلكل مقام مقال ..
وقد قلت ..
((أنا لا أخالف بأنه لا تكليف إلا بقدرة كما هو معلوم و متفق عليه عند الفقهاء و لكن لا يطلق هذا ثم ينسب الإتفاق لإهل الإسلام قاطبة قال شيخ الإسلام رحمه الله (الأمر والنهي، الذي يسميه بعض العلماء التكليف الشرعي هو مشروط بالممكن من العلم والقدرة، فلا تجب الشريعة على من لا يمكنه العلم كالمجنون والطفل، ولا تجب على من يعجز كالأعمى والأعرج والمريض في الجهاد، وكما لا تجب الطهارة بالماء، والصلاة قائمًا والصوم، وغير ذلك على من يعجز عنه.)) ..
نعم إذا وقفت على كلامي واقتصرت عليه في مسألة العمل كما هي مسألتنا التي نتكلم فيها ..
فلا يمكن أن نأتي بلفظة واحدة ثم نخرجها عن المسألة التي نتكلم عليها إلى مسائل أخرى ..
فالقضية هي ..
أن الإنسان إن لم يستطع فعل أمر شرعي فيسقط عنه وهذا باتفاق أهل الإسلام لا ينكر ذلك أحد ..
وحتى من ذكرت خلافهم لم يخالفوا في هذا وإنما خالفوا في كون الفعل هذا والقدرة هذه لهم أو لله ..
وإذا قلت لي ينكر ذلك أحد من الناس قلت لك ..
ألا يمرض هؤلاء الناس .. ؟! ألا يغمى عليهم .. ؟!
فإمكان أن يكلفها الله تعالى بما لا نطيق أو بالمستحيل أمر يجب التسليم به من أكل أحد ..
أما من أدخل في دينه ما ليس بدين وأتى بعلم الكلام يحشو به كتب الأصول وهو باطل فلا يلزم أحد ..
وكيف ونحن نقرأ: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} أفوق هذا بيان وعظة ..
فاقتصر في مسألتنا على ما نتكلم فيه وهو هل يجوز العمل بالظن ثم نسبته إلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا ..
وقال الفاضل ونقل عني ..
((المسألة الثانية: الأخ الفاضل كأنه يخصص هذه القاعدة في العمليات دون العلميات فظاهر كلامه كل من اجتهد و استفرغ وسعه في العلميات فيما بلغه من أدلة سواء أدلة نقلية أو عقلية ثم لم يجزم باعتقاده لا يثبت له الإعتقاد لأنه دخله شك في اعتقاده فقال الأخ الفاضل (فالاعتقاد هو يقين ثبت في النفس فإن شك فيه ولو لحظة فقط لم يكن معتقداً بالله باليقين .. وليس كما يصطلح عليه أهل الكلام في هذه المعاني .. فالاعتقاد بالله وألوهيته وربوبيته وغيرها مما يجب اعتقاده لا يجوز أن يكون بظن أصلاً .. فمتى ما دخل الشك فيه فقد بطل ذلك الاعتقاد .. لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/212)
إلا اليقين بما نعتقده .. سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك .. ولأنه لا مرتبة متوسطة بين الشك واليقين فإما هذه وإما تلك .. هذا في الاعتقاد التي تصح به الديانة .. ولاحظ أمراً دقيقاً .. أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً .. فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له .. أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له .. فمن دخل الشك في تصديق ما أتى الله به تعالى من أمور الاعتقاد وغيرها فليس بمصدق .. لأن التصديق لا يكون مع وجود شك ولو برهة من زمان .. فالآية التي ذكرتها تتكلم عن العمل ولا تتكلم عن الاعتقاد .. وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!).)) ..
ثم قال ..
((و هذا الكلام عليه عدة ملاحظات: الأولى: فيجب أن نفرق هنا فروقات دقيقة يجب التنبه لها.الفرق بين الشك و الظن.قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157سواء قيل الشك في قتله أو الشك نبوته فهم و إن قالوا بأنهم قتلوه ففي غرارة أنفسهم شاكين في هذا غير مستيقنين و غلبة الظن لا يكون فيها شك فالشك هو التوقف عن ترجيح أحد الأمرين و الظن الباطل هو اتباع أحد الأمرين من غير مرجح لا لا يجوز العمل بالشك لأنه من اتباع الظن و إنما يكون فيها ترجح أمر على أمر بمرجح ظاهر هذا هو غلبة الظن بإجماع أهل العلم المعتبرين كما نقل شيخ الإسلام عن الفقهاء و مع ذلك لم يكن هذا من قبيل الشك و لا من اتباع الظن و لا يقال هذا في العمليات و هذا في العمليات فمن فرق بين الأمرين فعليه الدليل فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب و هذا التفريق هو تفريق أهل البدع في فهمهم لنصوص الكتاب و السنة قال شيخ الإسلام رحمه الله (وحجة هؤلاء أن الوعيد من الأمور العلمية، فلا تثبت إلا بما يفيد العلم وأيضا فإن الفعل إذا كان مجتهدا في حكمه لم يلحق فاعله الوعيد. فعلى قول هؤلاء يحتج بأحاديث الوعيد في تحريم الأفعال مطلقا ولا يثبت بها الوعيد إلا أن تكون الدلالة قطعية ومثله احتجاج أكثر العلماء بالقراءات التي صحت عن بعض الصحابة مع كونها ليست في مصحف عثمان رضي الله عنه فإنها تضمنت عملا وعلما وهي خبر واحد صحيح فاحتجوا بها في إثبات العمل ولم يثبتوها قرآنا لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين. وذهب الأكثرون من الفقهاء وهو قول عامة السلف إلى أن هذه الأحاديث حجة في جميع ما تضمنته من الوعيد، فإن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعين بعدهم ما زالوا يثبتون بهذه الأحاديث الوعيد كما يثبتون بها العمل ويصرحون بلحوق الوعيد الذي فيها للفاعل في الجملة وهذا منتشر عنهم في أحاديثهم وفتاويهم وذلك لأن الوعيد من جملة الأحكام الشرعية التي ثبتت بالأدلة الظاهرة تارة وبالأدلة القطعية أخرى، فإنه ليس المطلوب اليقين التام بالوعيد بل المطلوب الاعتقاد الذي يدخل في اليقين والظن الغالب كما أن هذا هو المطلوب في الأحكام العملية. ... ) فالتفريق بين العمليات و العلميات في الإعتقاد هو قول مبتدع مخالف لم ثبت من اعتقاد السلف)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
أخي الفاضل لا تتسرع في القراءة أو الفهم ثم تحكم بناء على ذلك وتخطئ غيرك ..
انظر ما قلت أول كلامي ..
((فالاعتقاد هو يقين ثبت في النفس فإن شك فيه ولو لحظة فقط لم يكن معتقداً بالله باليقين)) ..
فالاعتقاد هذا كان في نفس المعتقد فلا نتكلم عن إثباته نحن لتأتي بما قلت من كلام زائد ..
فحاول أن تقتصر على ما له متعلق بكلامنا فقط بعد فهم كلامي ..
وقد قلت في نفس المكان ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/213)
((فالنص الذي أوردته هو طلب الله تعالى بعد أن نوقن أنه الله المستحق للعبادة والربوبية منا أن نتقيه بما استطعنا .. وليس قبل أن نوقن أنه الله .. لأن من لم يوقن ذلك وشك فيه أو تردد فليس مخاطباً بالعمل الوارد في نفس النص لأن التردد شك في تصديق هذه الحقيقة ومن شك في هذه الحقيقة لم يكن معتقداً فالواجب عليه أن يستعيذ بالله إن كان من أهل الإيمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإن استمر في شكه هذا لم يكن من أهل الإيمان .. )) ..
فالآية هذه لا بد أن تعي أنها ليس المخاطب فيها الكفار وإنما أهل الإيمان ..
لم أخصص الآية كما نسبت لي بشيء وإنما جواباً على ما قلته أنت وفسرت به النص وقلت ..
((فمن استفرغ وسعه في طلب الحق ثم لم يصل إلى الجزم القاطع فقد اتقى الله ما استطاع و صح اعتقاده.)) ..
فاعترضت على إدخالك في التفسير لمسألة الاعتقاد ..
فالآية لا تتكلم كيف يصح الاعتقاد ومتى ..
وإنما تتكلم عن الذي على المؤمن من عبادة الله وطاعته بقدر طاقته ..
والاعتقاد بالاستدلال لم أذكره أصلاً ..
ولم أذكر اجتهادك في العقائد ..
وإنما قلت وأقول مرة أخرى ..
أن الذي يعتقد باعتقاد في نفسه لا يجوز له ولا يصح أن يشك في ذلك الاعتقاد ولو برهة من الزمان ..
وذلك اعتراضاً على ما ذكرته وبياناً لما خفى منه ..
ولا تفريق عندي بين علميات ولا عمليات وإنما هذا فهمك الخاطئ لكلامي ..
وكان الأولى أن تسأل إن كنت غير قاطع بمرادي لأنك قلت ..
((المسألة الثانية: الأخ الفاضل كأنه يخصص هذه القاعدة في العمليات دون العلميات فظاهر كلامه)) ..
فلو سألت عن مرادي لما اضطررنا عن جواب ما لم نقله أو قلناه وفهمته خطأ أو فهمته بظنك ..
فالمسألة التي نتكلم عليها ههنا هي في الحكم الشرعي لا في غيره ..
وقلت أيضاً ..
((و كلام الشيخ هذا فيه كذلك رد على قول الأخ بأن الإعتقاد يجب فيه التصديق المتيقن و إلا كان شكا و لا يصح الإعتقاد مع الشك و كلام الأخ هذا مبني على مقدمتين باطلتين: الأولى: أن الإعتقاد لا يصح إلا باليقين و الجزم.و المقدمة الثانية: أن من غلب على ظنه بمرجح ظاهر دخله الشك و من دخله الشك لا يصح إيمانه، النتيجه صحيحه من دخله الشك لا يصح إيمانه و لكن مبنيه على مقدمات باطله فإن المرء إذا ما اجتهد و استفرغ وسعه و غلب على ظنه أمر و اعتقده فهذا و لا شك ينفعه و هو ما قدر عليه و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.ثم إن من غلب على ظنه لا يكون شاكا لأن الشك هو استواء الطرفين لا غلبة الظن بأحد الأمرين فإن غلب ظنه بأحد الأمرين فله حالين: الأول: إذا غلب ظنه بمرجح ظاهر فلا يدخل في اتباع الظن بل هو مأمور باتباع هذا الظاهر لأنه فعل ما يستطيعه.و الثاني: من اتبع الأمرين بغير مرجح ظاهر و إنما اتباعا للهوى فهو ممن اتبع الظن و دخل في ما نهى الله عنه من اتباع الظن.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
الاعتقاد في نفسك هو غير الاعتقاد عن طريق الاجتهاد ففرق بينهما تسلم من كثرة النقول والاعتراض ..
فمن يعتقد بشيء الآن هو غير من يريد الاستدلال ليثبت عقيدة له ..
إذا كنت تقول قبل أكثر من تعقيب أن عنايتك بالمعاني لا بالألفاظ فضع معنى كلامي مع ما يوافقه مما قدمت تخرج لك حقيقة كلامي ..
وأسأل سؤالاً يزول فيه عنك هذا الفهم ..
إذا اعتقد أحد من المسلمين بأن الله تعالى حق وموجود وهو خالق كل شيء وربه الواحد الأحد ..
ولم يكن اعتقاده هذا عن طريق الاجتهاد بل هذا ما فهمه من الناس الذين أخبروه عن الإسلام ..
فاستمر كذلك معتقداً في نفسه أن الله حق موجود خالق كل شيء وربه الواحد الأحد ..
ثم شك هذا المسلم في صحة هذه الاعتقادات التي اعتقدها ..
وشك هنا أي لم يجزم بحقيقة هذه الأمور وكون الله تعالى مستحقاً لها ..
أي تردد ههنا بين قبول هذه الحقيقة وتصديقها وبين ردها وتكذيبها ..
فماذا تقول عنه .. ؟!
ألا تقول كما قلت آنفاً ..
استعذ بالله وإن تكرر وأصر على ذلك خرج من جملة أهل الإسلام ..
فأي وجه اعتراض ههنا .. ؟!
أما قولك في الشك وما فسرته وبينه فلا يصح ..
فالشك ضد اليقين ..
هذا في لغة العرب ولا يعرفون غير هذا ..
وأمرنا أن لا نصدق ولا نكذب ما يأتي به أهل الكتاب في كتابهم ..
بل نقول آمنا بالله وكتبه ورسله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/214)
أي أننا نؤمن بكل كتب ربنا أما ما في كتبكم هذه فلا نقطع أنها من الله تعالى ..
لذلك نتوقف حتى يؤيد ما جئتم به من أمور برهان يرفعنا إلى اليقين ..
وليس لهم ذلك ..
ولو كان الشك كما قلت هو استواء الأطراف ..
من عدم التصديق وعدم التكذيب والتردد في الشيء لعدم قيام مرجح ..
لكنا شاكين في كتب الله تعالى .. !
وما أراك إلا رجعت إلى كتب أهل الكلام أو كتب الأصول التي أخذوا هذه التعريفات عن أهل الكلام ..
والظن قد قدمت بيانه من أهل اللغة ..
والاعتقاد هو استقرار وثبوت شيء أو حكمه في نفسك ..
فكل حكم يثبت في نفس الإنسان ويستقر فهو معتقد له ..
هذا في اللغة ..
وقد يخلو من من يقين ..
لأن اعتقاد المعتقد لا يكون يقيناً إلا ببرهان ..
وقد يكون حقاً بالتخرص لا عن برهان ..
وقد يكون يقيناً بالاستدلال بالبرهان وقد يكون يكون حقاً ..
ليتك تترفق ولا تستعجل ..
وما تسميه هنا أن هناك من غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح باللغة التي خوطبنا بها بناء على كلامك في الظن والشك وغيرها ..
وغلبة الظن لا يوجد لها تعريف عندكم واضح المعالم أصلاً ..
فليتك تخبرنا ما هو تعريف الظن الغالب أو غلبة الظن عندكم ..
فالظن عرفناه في اللغة التي خوطبنا بها بغير ما تطلقون عليه من تعريف ظن عندكم ..
والظن هو الشك والشك ضد يقين ..
ويطلق على اليقين إن كان عن معاينة أو برهان كما بينت آنفاً ..
هذه لغتنا التي يعرفها العرب لا غيرها ..
وهي موجودة في معاجم اللغة لا تحتاج تفصيل أكثر ..
فيجب استعمال الأسماء على مسمياتها وإلا خلطنا على الناس وتلبس الاسم باسم غيره وأوقعنا الإشكال ..
فإذا كنت ترى أن القرآن خاطبنا الله تعالى به بلغتنا العربية فهذه معان الظن والشك في لغتنا ..
أما حشو بعض أهل التقليد أو أهل الاجتهاد أو أهل الأصول كتبهم لكلام بناء على علم الكلام الذي تلقفوه من اليونان وغيرهم ولم يبطلوا الباطل منه ويبينوه للناس فلا يصح استعماله في كتاب لم ينزل على علوم القوم ولغتهم ..
وحتى لا تفهمني خطأ أقول ..
تعريف أهل الكلام للظن والشك جاء بناء على خطأ وقعوا فيه لاستقبال كل ما جاء من الكفار في هذه العلوم ..
فلم يجردوها ولم ينقحوها ولم يخرجوا منها ما كان يضاد شرعنا أو لغتنا ..
بل استعملوا كل هذه العلوم وفق دين القوم ونظرتهم ..
فعرفوا الظن بما لا يعرفه العرب ولا جاء في شريعتنا ..
فسار الكثير على هذا فسموا الحكم الذي لم يكن عن يقين ظن راجح أو غالب ..
ولجلجوا في بيان وتعريف ما هو الظن الغالب ..
فإن كان ما يرجحه المرء بناء على أمر ظاهر ولم يكن يقيناً فهو ظن ثان كما الظن الأول ولا فرق ..
فاجتمع ظنان ..
فأي معنى في قولك ..
((وغلبة الظن أو الظن الراجح هو ترجح أحد الأمرين بمرجح و هما يتضادان و لا شك)) ..
فأي معنى في كون الشيء الأول أو الحكم الأول ظن ..
وأن ما رجحه أيضاً كان ظناً مثله .. ؟!
فنضم الشك مع الشك فيحصل به يقين .. !
لأن الشك كما عرفنا في لغتنا هو ضد اليقين ..
فكلاهما ظن وهو ضد اليقين ولم يلزمنا الله تعالى به أصلاً ..
وهذه قضيتنا لا غيرها ..
وعلى هذا لجاز لأهل الباطل أن يأتوا ما لم يوقنوا به مع ما هو مثله ليقولوا أنه يقين أو أنه لازم لنا وللناس وشرع الله ..
فليتك اقتصرت على بيان دليل جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى شرع الله وجواز إلزام الناس به أو إيجاب ذلك ..
حتى لا نتكلم في أمر خارج عن هذا الأمر ..
فالذي يلزم الناس من الحق ليس تفسيري وتفسيرك وشرحي وشرحك ..
وإنما قولك وتفسيرك الذي يقوم على حجة وبرهان لا شك فيها ..
فإن رأيت خطأ من كلامي فنبه عليه بعد ذلك أصل المسألة ..
بعد أن تقول أن الله تعالى أمرنا وأجاز لنا العمل بالظن في الشريعة ..
ثم أجاز لنا نسبة حكم هذا الشيء بالظن إلى الله تعالى ..
ثم أجاز أو أوجب علينا إلزام الناس بهذه الظنون ..
ثم تستدل لكلامك على هذه القضايا الثلاثة ..
وكل ما عداها فهو خارج عنها ..
وإن وسّع الله عليك بالعلم بعد ذلك فنبه على ما رأيت أنه خطأ من كلامي بعد أن تذكر قولك وحجتك على كل هذه القضايا التي منعتها ..
وقلت حفظك الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/215)
((و قال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} يونس104 فمن غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه و سلم ثم اتبع النبي صلى الله عليه و سلم على هذا الإعتقاد و ترك عبادة الأوثان و عبد الرحمن و صدقه و شهد بصدقه بلسانه و تابعه على شرعه هل يقال بأن هذا شاكا و لا يصح إيمانه و هل يستوى هذا بمن شك في نبوة النبي صلى الله عليه و سلم حتى لو تابعه على شرعه و أظهر صدقه كحال المنافقين أو بمن غلب على ظن كذب النبي صلى الله عليه و سلم بغير برهان و لا شك أنه لا يوجد برهان على هذا فلما لم يوجد دل على غلبة الظن بكذب النبي صلى الله عليه و سلم إنما هو محض اتباع الظن المنهي عنه الذي يخالف البرهان و البينة مخالفة ظاهرة و هذا وجه الرد على قوله الأخ (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!)) ..
فالشك كما قلنا ونعيده أنه ضد اليقين ..
فمن لم يوقن أن الله تعالى مستحق للعبادة والربوبية فلم يكن مؤمناً ..
فالشك إن دخل الإيمان فالواجب الاستعاذة منه كما قدمت ..
وإن أصر إنسان عليه وتعمده فلا يكون من أهل الإيمان ..
فالظن وهو الشك وهو ضد اليقين إن حصل من أحد وقال به في عقيدة أو عمل في كتاب الله أو سنة رسوله وعاند فيه بعد بيان الحق له وعاند أو جحد فلا يكون من أهل الإيمان ..
أما اعتراضك على قولي ..
((وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!)) ..
فلا أرى كيف فاتك ما قلته .. !
فلا تأتي لجملة وتفسرها دون بقية الكلام حتى تعي ما أتكلم عليه ..
وقد قلت هذه الجملة بعد كلام كثير عند قولك ..
((من عمل بوسعه ثم اعتقد أمرا بحسب وسعه و طاقته و إن لم يجزم به جزما قاطعا صح اعتقاده سواء قيل أن هذا ظن غالب أو راجح أو سمي علما فهذا ما نريد أن نبينه و لا مشاحة في الإصطلاح)) ..
وقد قلت أنا ..
((فإن لم يكن مطلوباً منا اليقين بما نعتقد لصححنا عقائد باطلة بناء على أنها بذلت وسعها فعلمت أن عيسى عليه السلام هو الرب .. واليقين لا يبطله يقين ضرورة .. فالنص الذي أوردته هو طلب الله تعالى بعد أن نوقن أنه الله المستحق للعبادة والربوبية منا أن نتقيه بما استطعنا .. )) ..
فليست العقيدة الصحيحة هي بذل الوسع كما تقول بحسب الطاقة وإن لم نجزم ..
ولو كانت كذلك لصححنا عقائد الكفار لأنهم بذلوا وسعهم وطاقتهم ولم يكونوا جازمين أو جازمين في اعتقاد ألوهية عيسى عليه السلام ..
هذا وجه اعتراضي على كلامك هذا ..
وبيان بطلانه ..
فالشك في اعتقاد المسلم في ربه أو دينه هو المخرج عن الملة بعد بيان الوجه الصحيح للشاك وعاند ..
فالمطلوب منا أن نوقن في أنفسنا أن الله حق وما جاء به حق ..
والظن هو شك بلغتنا التي خوطبنا بها ..
ولا تلزم أحد تعريفات من لم يخاطبنا الله تعالى بلغتهم وبيانهم ..
وهم من تبعهم من جاء من علمائنا بهذه التعريفات وحشى بها كتبنا في الأصول والاعتقاد ..
فمن شك فلا يكون موقناً أصلاً ..
فاعتقاد أهل الإيمان بمني على يقين أن الله تعالى حق ومستحق للعبادة والربوبية وليس على ظن أو غالب ظن ..
فالمشكلة أنك تستعمل الظن في غير محله وتقول لا عبرة بالألفاظ وإنما بالمعنى ..
والمعنى في الظن في اللغة العربية هو الشك وأمرنا أن نتبع في تفسير ألفاظ الشرع اللغة أو الشرع نفسه ..
فليتك وقفت هنا ..
والذي يجب أن تحرره عندك وتعلمه ..
أن قول الناس (يقين) يريدون به الحكم أو الشيء نفسه ..
وهو الثابت عندهم أو الذي يتكلمون فيه ..
أي ثبت هذا عندي بيقين وهو ضد الشك ..
أما الدليل الذي أوجب هذا فلا يقولون عنه يقين ..
وإنما يقولون ثبت هذا بيقين من برهان أو عن برهان ..
وإذا قالوا (ظن) ..
يريدون به الشك وهو عدم اليقين ..
أي هذا الأمر مشكوك به عندهم ..
فإذا أطلقنا كلمة ظن في اعتقادنا بالله ورسله وكتبه بلغتنا التي خوطبنا فيها لم نكن من أهل الإيمان ..
فالواجب تفسير ألفاظ الشريعة بلغتنا إن لم يكن للشرع تفسير لها ..
والذي لا يخالف فيه عالم كما قلت أنت هو الذي يوقن أن الله حق ودينه حق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/216)
أما من ظن وهو الشاك فليس من أهل الإيمان عند أهل العلم ..
والذي كان من الصحابة رضي الله عنهم أول الأمر كان حق ويقين أن الله حق ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
وإن لم يقم برهان عند بعضهم من الخبر لصدق المخبر بهذه الحقائق وعدم كذبه وهذا الذي عهدوه منه ..
فمن يقول أن الصحابة لم يوقنوا بكون الله تعالى ودينه حق فقد أخطأ عليهم بلا شك ..
فتعريفك للظن بغير لغة العرب أوقعك بكل هذا ..
فلو قلت أن الظن هو الشك والذي هو ضد اليقين عند العرب وبلسانهم خوطبنا لاسترحت من شغل فكرك بكل ما قلته ..
أما قولك ..
((و لا يقال بأن الأخ يوافق على هذا و إن سماه غيره ظن راجح أو غلبة ظن قلنا كلام الأخ يخالف هذا فهو مثلا في العمليات يوافق على كلام شيخ الإسلام في حكاية للإجماع فقال الأخ (وهذه القضية والإجماع المحكي والنص الوارد فيه حق لا نبطله وهو قولنا آنفاً .. ولم نقل بتأثيم أحد عمل هكذا البتة ... ))) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لا يصح تعميم الكلام والنقل لما أقله ..
والقضية التي قلت أنها حق هي ما قلته آنفاً ..
وقد نقلت هناك كلامك هذا ((و أما الإثم فقد أجمع الصحابة و التابعين على أن المجتهد إذا استفرغ وسعه لا يأثم بل يؤجر على اجتهاده كما ثبت في الحديث الصحيح.)) ..
فقلت أنا معلقاً عليها ..
((وهذه قضية قد أيدتها والحمد لله تعالى .. فإن كانت هي حق عندكم أيضاً فلا إنكار على من وقف على القطع عنده .. فإن كنتم ترون القطع بكذا وكذا فلا تنكروا على من وقف على القطع عنده في كذا وكذا .. وهذه القضية والإجماع المحكي والنص الوارد فيه حق لا نبطله وهو قولنا آنفاً .. ولم نقل بتأثيم أحد عمل هكذا البتة .. )) ..
هذا قولي الذي يصح نقله عني لا ما نقلته بارك الله فيك ..
وهو يخالف قولك الذي قلته آنفاً وزدت بيانه في تعريف الظن والشك واليقين ..
وقلت ناقلاً عني ..
((و انظر قوله (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟! فإن لم يكن مطلوباً منا اليقين بما نعتقد لصححنا عقائد باطلة بناء على أنها بذلت وسعها فعلمت أن عيسى عليه السلام هو الرب .. واليقين لا يبطله يقين ضرورة ... )). و قاله (ولاحظ أمراً دقيقاً .. أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً .. فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ... )).
فاليقين إذا زال في اعتقاد المؤمن لم يكن مؤمناً ..
فهو يوجب تصديق الشيء المعتقد به ..
فإن ارتفع اليقين ارتفع تصديقه ..
قد تكلمنا عليه وبينا خطأ فهمك فلا حاجة لإعادة ما قلنا ..
وقلت ناقلاً عني ..
((الثانية: قوله (لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها إلا اليقين بما نعتقده .. سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك))) ..
ثم اعترضت بقولك ..
((أهل العلم فرقوا بين اليقين و الظن الراجح لفظا و معنى فمن قال من أهل العلم بالظن الراجح و وجوده قال بأنه دون القطع و اليقين و ما ذكرته من الإجماع الذي نقله شيخ الإسلام و الإجماع كذلك الذي نقله في العلم بالمقطوع به ثبوتا و دلالة دليل واضح على أنهم يفرقون بين الأمرين فمن قال بالعمل بالظن الراجح قولا و عملا لم يرد قطعا العمل بالمجزوم به و إنما أراد العمل بالراجح و هذا ليس بيقين عندهم فليزم أن من اعتقد بظن راجح لا يصح إيمانه لأنه قد دخله الشك في إيمانه و هذا لا يوافق عليه من قال بالراجح من الظن و لا يجوز إيهام عدم التفريق بين القطع و غلبة الظن عندهم كما هو مذهب الأخ بن تميم بأنه الإيمان لا يصح إلا بيقين فالإيمان عند أهل السنة و الجماعة و إن كان يجب بالقطع و اليقين و لكن يصح بغلبة الظن و اتباعها و هذا ليس من اتباع الظن المذموم.)) ..
أهل العلم إذا فرقوا بين هذه المسميات كما عهدنا في لغتنا وشرعنا فالحمد لله تفريقهم صحيح لا شك فيه ..
وإن كان تفريقهم بناء على علم الكلام فهذا ما لا نصححه البتة ..
فاليقين بينا تفسيره ..
والظن بينا تفسيره ..
والشك بينا تفسيره ..
كل هذا بلغتنا العربية لا لغة يونانية أو غيرها ..
وكل ما قاله الفاضل ههنا يضاد اللغة والقرآن ..
وكل الخطأ في نقوله أو تحريره واقع في تفسير هذه المعاني بغير ما عرفه العرب ..
فإن جاء بتفسير لأهل اللغة العربية لما خالفناه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/217)
لكنه جاء إلى كلام عام في كتب الأصول وبعض كتب الاعتقاد وحسب أن هذه الألفاظ تفسيرها هكذا كما قال وهو تفسير قطعي صحيح ..
وهذا لا يصح كما قدمنا من أن اللفظ الوارد في الشريعة يجب الرجوع فيه إلى أهل اللغة وكذلك النصوص الشرعية أو لتفسيره ..
فمن فسّر لفظاً بلغة غيرنا أو شرع ليس لنا فقد أخطأ ..
وعلمنا أن الظن هو الشك، وعلمنا أن الشك هو ضد اليقين ..
هذه في لغتنا لا ينكرها من وقف على كتب اللغة ..
فلما خاطبنا الله تعالى بهذه الألفاظ وجب حملها على ما جاء عن العرب وعرفوه لا غيره ..
هذا إن لم يرد تفسير شريعي يبين أن اللفظ هذا نقل عن معناه إلى معنى شريعي آخر ..
هكذا يحصل التفاهم بين الله تعالى وبين عباده ..
ولا يحصل التفاهم بتفسير أحد دون أحد وبعلم دون علم إلا اللغة والشرع فقط ..
فإن ورد لفظ نرى في تفسيره في اللغة أو الشرع ثم ننظر في معناه وإن كان معارضاً بأصل آخر ..
فما عارضه أصل من أصول الإيمان أبطلناه وصححنا ما أيد الشرع معناه أو لم يأت بما يضاده ..
ونقل الفاضل عني ..
((الثالثة: قوله (ولاحظ أمراً دقيقاً .. أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً .. فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له .. أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ... )) ..
وقال حفظه الله ..
((فعلى هذا القول لا يكون هناك تصديق إلا بيقين فلا يكون مصدقا إلا من كان متيقنا و أما من غلب على ظنه الصدق و صدق فلا يكون مصدقا لأنه غير ميتقن و هذا القول غير صحيح قال شيخ الإسلام رحمه الله (والذي مضى عليه سلف الأمة وأئمتها: أن نفس الإيمان الذي في القلوب يتفاضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، وأما زيادة العمل الصالح الذي على الجوارح ونقصانه فمتفق عليه، وإن كان في دخوله في مطلق الإيمان نزاع، وبعضه لفظي، مع أن الذي عليه أئمة أهل السنة والحديث ـ وهو مذهب مالك، والشافعي، وغيرهم ـ: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
اليقين أمر في النفس بإثبات أو نفي شيء ..
فمن كان موقنا بشيء فهو يثبت تصديقه أو تكذيبه ..
ومن كان موقناً بشيء ويستدل بما يثبته فهو مصدق له ..
ومن كان موقناً بشيء ويستدل بما ينفيه فهو مكذب له ..
فهذا معنى التصديق الوارد ..
فاليقين إما أن يكون إثبات وإما أن يكون نفي ..
فاليقين هو العلم وإزاحة الشك ..
هذا في لغتنا العربية ..
فمن علم بشيء وأزاح الشك من قلبه فهو موقن بذلك الشيء ..
فإما أن يكون يقينه هذا إثباتاً لشيء أو نفياً له ..
فإن قلنا هذا عن عقيدة الإسلام الصحيح الذي ثبت عندك مثلاً بأن فلان يوقن بعقيدته ..
فإنه يثبت أشياء بعلم وأزاح الشك عن نفسه وقلبه ..
وينفي كذلك أشياء بعلم وأزاح الشك عن نفسه وقلبه ..
ومن لم يوقن باعتقاد الاسلام الصحيح الذي ثبت مثلاً عندك فلا يكون موقناً ..
بل هو شاك في اعتقاده ..
فمن وقف على هذه المعاني أمن من الخطأ الذي ورد في تعقيب الأخ الفاضل ..
ولا علاقة ههنا بكون الإيمان يزيد وينقص وبين تفسير اليقين في الاعتقاد ..
ولا يلزم مما قلته ما تحاول إلزامي به وهو باطل يقيناً ..
فالإيمان يزيد وينقص ..
فمسألة تصديق وإثبات القلب أن الله تعالى حق ودينه حق لا تدخله مسألة الزيادة والنقص ..
فإما أن يقول هو حق ودينه حق وإما أن يقول ليس كذلك ..
فلا مرتبة متوسطة بين ذلك ..
فبلغتنا نقول ..
أنا أشك في كون الله مستحقاً للعبودية ..
وأنا أوقن أن الله مستحقاً للعبودية ..
ولا نقول أن أشك ويزيد شكي أحياناً أو أوقن ويزيد يقيني أحياناً ..
أو ينقص مرة ويزيد مرة ..
فإما أن تزيل الشك في نفسك في تلك القضية وإما أن تثبت الشك في تلك القضية ..
فلا مرتبة بين ذلك أصلاً لا في عقل ولا نقل ولا لغة عرفناها وخاطبنا الله تعالى بها ..
وهذه قضية أخرى بعيدة عن كل مقالنا هذا ..
فلا أدري لماذا تأت بهذه المسائل .. ؟!
فاقتصر على محل النزاع واذكر دليله فقط بارك الله فيك ..
لنحصل على علم من مسألتنا ..
وأنبه على المشايخ وأهل المعرفة والتحقيق الذين ذكرهم ابن تيميه ونقلت عنه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/218)
((ولهذا كان المشائخ ـ أهل المعرفة والتحقيق، السالكون إلى الله أقصد طريق ـ متفقين على الزيادة والنقصان في الإيمان والتصديق، كما هو مذهب أهل السنة والحديث في القديم والحديث ... )) ..
أي الصوفية ومن سلك مسلكهم في المعرفة والتحقيق الذين سلكوا إلى الله أقصد طريق متفقين مع مذهب أصحاب الحديث في زيادة ونقص الإيمان ..
هذا تنبيه فقط وتفصيله ليس هذا مقامه ..
هذا جواب ما مضى من تعقيبك الأول ..
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 12:49 ص]ـ
و قال الأخ (وقلت نفع الله بك ونقلت عني ..
)) الثالث:قوله (والخلاف واقع بين الجمهور وأهل الظاهر في جزئية قل من يدركها .. هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟ فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة .. ).
إن كان المراد بالظن الذي يرى الجمهور العمل به هو الظن المتساوي الطرفين فنسبة هذا إليهم غير صحيح فإنه بإجماع العقلاء لا يجوز الترجيح من غير مرجح بل لا يجوز العمل بمثل هذا بإجماع الفقهاء لما دلت عليه نصوص الكتاب من تحريم اتباع الظن قال تعالى {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157)) ..
وأقول عفا الله عنك وعنا ..
ليس ذلك قولي أخي العزيز ..
هذا الظن المتساوي الذي ذكرته يقع في نفس المفتي وكذلك يقع بين أهل الفقه ..
فهنا الكلام عن النص الذي دلالته محتملة لأكثر من معنى ..
وهذا لا يجوز العمل به وهو تحكم باتفاق المسلمين ..
ولا إشكال في هذا ..
وإنما الإشكال إذا اختار الفقيه أو المفتي أحد هذه الأقوال بناء على ظنه أنه الأوفق والأسلم والأصح والموافق لمقاصد الشرع التي عنده وليس له في هذا الترجيح دليل يوجب اليقين ..
فكل ما كان حكماً وقولاً في تفسير نص أو خبر أو صرفه أو تخصيصه أو تقييده بناء على الظن والرأي ..
فهذه الأمور وغيرها يجب أن يكون الكلام فيها بناء عن يقين وإلا فلا يحل نسبته إلى الله تعالى ..
واستدلالك في هذه الآية يؤكد قولي السابق في وجوب قطعية الاعتقاد ..
((و قال {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} الأنعام116 و قال {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} الأنعام148و غيرها من الآيات.)) ..
فقوله تعالى وذمه لهم لأنهم اتبعوا الظن في اعتقادهم ..
بخلافك يا رسولنا لأنك تقطع باعتقادك ..
فإن تبعت ظنهم فيما يعتقدون فهذا ضلال ..
والآية تتكلم عن الاعتقاد ههنا لأن المخالف كافر وليس بمؤمن لنحمل الكلام على العمل ... ).
ذكرت أكثر من مرة أن الظن يقع في فهم الكتاب و السنة فالنص المحتمل أكثر من معنى قد يكون ترجيح أحد المعاني بمرجح معتبر مع عدم بلوغ اليقين بأن هذا هو مراد الله تعالى و مثل هذا نقلنا كلام شيخ الإسلام رحمه الله إجماع أهل العلم المعتبرين على العمل بالظاهر و إن لم يصل مرحلة اليقين.
و كذلك يقع الظن الغالب في تحقيق المناط و هذا بالنص و الإجماع ففي الحديث الصحيحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/219)
و عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا».
فلا وجه لقول الأخ (هنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ... ) فالحكم بالظن المتساوي الأطراف من غير مرجح لا يختلف العقلاء بأنه لا يجوز فلم يبق إلا الحكم بالظن الراجح و الأدلة التي ذكرناها كلها تدل على جواز الحكم بالظن الراجح عند عدم القدرة على اليقين سواء في فهم النصوص أو في العمل بها و سواء كان هذا العمل حكم بين الناس أو فتيا.
ثم إن أهل العلم المعتبرين عند ترجيحهم لأحد المعاني في نص من النصوص لا يكون ترجيحهم لمجرد الظن لا بد أن يكون معهم مرجح إما نقلي أو عقلي و قد يكونون بلغوا مرتبة اليقين أم لم يبلغوها و اكتفوا بغلبة الظن و هذا أمر يعرفه كل ممارس مطلع على نصوص الكتاب و السنة و أقوال أهل العلم و ترجيحاتهم لمعاني هذه النصوص بعضها على بعض فليس كل ما رجحوه من معاني جزموا بصحته بل قد يكون العالم يرجح معنى من المعاني اليوم ثم تراه رجح معنى آخر لمرجح آخر بدا له و لم يقل أحد منهم بأنه يجب أبلغ مرحلة اليقين في ترجيحي هذا و إلا لا يجوز لي الترجيح و لو لم أبلغ اليقين أكون قد حكمت بالظن هذا لا يقوله صغار طلبة العلم فضلا عن أئمة الفقه و علماء المسلمين.
و الأخ مغرم بتخصيص النصوص من غير دليل مع أنه يستنكر هذا الفعل أشد الإنكار بل يوجب العمل باليقين لا بالظن عن الترجيح سواء كان هذا الظن راجح أو مرجوح فكلاهما عنده سواء فانظر قوله (واستدلالك في هذه الآية يؤكد قولي السابق في وجوب قطعية الاعتقاد ..
((و قال {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} الأنعام116 و قال {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} الأنعام148و غيرها من الآيات.)) ..
فقوله تعالى وذمه لهم لأنهم اتبعوا الظن في اعتقادهم ..
بخلافك يا رسولنا لأنك تقطع باعتقادك ..
فإن تبعت ظنهم فيما يعتقدون فهذا ضلال ..
والآية تتكلم عن الاعتقاد ههنا لأن المخالف كافر وليس بمؤمن لنحمل الكلام على العمل ... ).
فالآية و إن كان لفظها ورد على مسائل التوحيد و إن كان ذكر فيها تحريم ما لم يحرمه الله تعالى كما قال تعالى عنهم (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) الأنعام.
فهي تعم كل اتباع الظن لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فاتباع الظن محرم على كل حال سواء كان في مسائل الإعتقاد أو في مسائل الأحكام و سواء كان في تحقيق المناط أو في تنقيحه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/220)
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[04 - 07 - 05, 01:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب على الرد الثاني ..
وبالله تعالى نتأيد ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قال الفاضل ناقلاً لكلامي ..
((و أما قول الأخ بن تميم (ولأنه لا مرتبة متوسطة بين الشك واليقين فإما هذه وإما تلك .. هذا في الاعتقاد التي تصح به الديانة ... )) ..
ثم قال ..
((يعني أن من غلب ظنه و لم يجزم لا يصح إيمانه بما غلب ظنه به لأنه لم يجزم علما بأن هذا التفريق كما ذكرنا سابقا لا أصل له لا من كتاب و لا سنة و لا قول صاحب بل هو قول أهل البدع الذين يشترطون أن تكون مسائل الإعتقاد مقطوع بها و إلا لا يصح الإعتقاد)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
فسّر الظن وغلبة الظن أولاً ثم اعترض بما تريد ..
فإن فسّرته بلغتنا العربية وكان مخالفاً لكلامي فحق لك ولغيرك الاعتراض ..
وقد قلت حفظك الله أن تفريقي لا أصل له لا من كتاب و لا سنة و لا قول صاحب بل هو قول أهل البدع ..
فتفريقي بين الشك واليقين يقول به كل عربي علم لغة العرب وفهم ما تطلق عليه هذه الأسماء ..
وهو في كتاب الله وسنة رسوله ..
فلا أدري كيف يكون التفسير للألفاظ بلغة العرب وبالشرع كلام أهل البدع .. !
فهل تنكر تعريف اللغة لليقين والشك .. ؟!
فاللغة تقول أن الشك ضد اليقين، وأن اليقين ضد الشك ..
فلا يثبت يقين في شيء مع شك في نفس الأمر ..
ومن قال بهذا فلم يقف على تعريف اللغة وبيان الشرع ..
ويظهر أنك لا تفرق بين بين قولنا يقين وشك ..
وبين قولنا قطع وظن ..
فقولنا أننا نقطع أن حكم كذا التحريم أو الإيجاب أي أننا ثبت عندنا أن حكم هذا الشيء مقطوع به من جهة البرهان والاستدلال ..
فنعني هنا الاستدلال عليه كان بناء عن قطع أو عن ظن ..
وإذا قلنا أننا نوقن أن حكم كذا التحريم ..
أي لا نشك في أن حكم كذا كذا ..
ولا يعنينا هنا من أي جهة حصل اليقين ..
فإن التفتنا إلى الجهة أطلقنا على ثبوت ذلك الحكم أنه قطعي أو ظني ..
بحسب برهاننا أو دليلنا الذي نستدل عليه ..
لأن الموقن بالشيء قد يكون بغير برهان ..
لذلك قلت لك آنفاً أن اليقين في إثبات شيء أو نفيه ..
أو تصديقه أو تكذيبه ..
ولا علاقة لنا في صحة يقينه هذا وعدمه ..
وإنما نحن نريد تمييز كلام المتكلم فنقول له ..
هل توقن بهذا الشيء أنه كذا أو لا توقن ..
أي هل تشك فيه أو لا تشك ..
فإن قال نعم أوقن قيل له ..
فمن أي وجه قررت ذلك الحكم وقلت أنك موقن أنه هو المراد من الشرع مثلاً ..
فيقول أوجب البرهان عليّ أن أقطع بأن حكم كذا هو كذا ..
واستدل بنص صحيح أو إجماع وفسرهما بلغتنا إن لم يكن هنا ناقل بالشرع عن هذا المعنى ..
فالقطعية والظنية التي يستعملها أهل الكلام لا علاقة لنا بها ..
ولا ألتزمها أصلاً في كلامي لأني أبطل الأخذ عنهم إلا ما كان يشهد له النص ..
فالذي نقطع به هو البرهان ..
أي الذي نثبت به حقيقة من الحقائق العلمية أو الشرعية هو البرهان فقط ..
ومثال بسيط ..
يقول المتكلم ..
أنا أوقن أن هذا كتاب ..
فينفي الشك من نفسه في تقرير هذه الحقيقة ..
وقد يقول ..
أنا أشك في كون هذا الشيء كتاب ..
فإن استدل لكل هذا كان مثبتاً بقطع أو بظن ..
ولو تأملت كلامي السابق جيداً لما وقعت في هذا الخطأ ..
ففرق بين هذه بارك الله فيك حتى لا تقع في الخطأ ..
ومن رد خبر الآحاد في الاعتقاد لا علاقة لنا به ههنا ..
ولا هو قولنا ولا يلزم عن قولنا أصلاً ..
فكل هذه التقسيمات جاءت من أهل الكلام ولم يعرفها أئمة الإسلام والصحابة والتابعين ..
وإنما عندنا أن خبر الواحد يوجب القطع ونوقن بصدقه وأن ما فيه حق إذا جاء بشروطه من العدل الضابط الحافظ عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فيوجب أن الحكم الوارد فيه بحرمة أو إيجاب القطع بأنه من الله تعالى لا من غيره لأن الله تعالى أمرنا بالأخذ به ..
ونوقن صدقه وأن ما فيه حق ولا نشك بهذا لأن الله تعالى أمرنا أن نقبل خبر العدل الذي حفظ وضبط ما يرويه لنا من الأخبار عن الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم ..
فدليل قطعيته هو أمر الله تعالى لنا بالأخذ به بشروطه ..
ونوقن أيضاً أن ما في هذه الأخبار أنها حق أيضاً ..
فلما استدللنا على كونها ثابتة قطعاً بالدليل والبرهان قلنا أن يقيننا هنا حق مقطوع به ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/221)
فاليقين في إثبات شيء أو نفيه لا يعني بالضرورة القطع به من جهة النص ..
فقد يوقن الكفار بشيء بأن عيسى عليه السلام ربهم وخالقهم ..
وليس لهم برهان في ذلك أو خيّل لهم أن عندهم برهان ..
فلا أدري لماذا تريد الخروج من الموضوع ترك مسألتنا ..
ولا تقل أن هذه من مسألتنا ..
بل مسألتنا ..
هل يجوز أو يجب العمل بالظن ويجوز أن ننسب هذه الأحكام المبنية على الظن إلى دين الله وشرعه، وأنه يجب أو يجوز إلزام الناس بها .. ؟!
فهذه مسألتنا ..
إذا أثبتناها بالبرهان أو نفيناها فبعدها تكلم بما شئت من جزئياتها أو جزئيات غيرها ..
فلا يليق الخروج عن محل النزاع إلى مسائل فرعية أو جزئية وقد تكون خارجة عن أصل ما تنازعنا فيه ..
فهنا الذي يجب عليك أن تقوله ..
أن تفسير الظن والشك واليقين هو كذا ..
وإما أن توافقني وإما أن تخالفني وتبين من أين أتيت بهذه التعريفات ..
فإما أن نتفق عليها وإما أن نخالفها ونذكر وجه المخالفة ..
أما أن نجعل هذه المسألة لكل كلمة ولكل مسألة وإن لم تكن داخلة في مقالنا هذا فهذا خروج عن المحل لا يليق بك حفظك الله ..
فاذكر برهان ما يلي ..
1 - أمر الله تعالى أن يعمل المسلم بالظن ..
وهنا تبين تفسير الظن بما أمرنا للسماع له من لغة ونص وإجماع ..
وإن شئت فسّر اليقين والشك أيضاً ..
2 - أمر وأباحة الله تعالى للمسلم أن ينسب ما توصل إليه بناء على الظن في الأحكام الشرعية إلى الشرع وإلى الله تعالى ..
بنص أو إجماع واضح جلي ثابت لا إشكال فيه ..
3 - أمر الله تعالى أو إباحته إلزام الناس بالحكم المبني على الظن ..
بنص أو إجماع واضح كذلك ثابت لا إشكال فيه ..
هذه مسائلنا التي لم تثبتها إلى الآن ولم تأت ببراهين كالشمس في إثباتها ..
وعود على تعقيبك ..
وقد قلت حفظك الله نقلاً عن ابن تيميه ..
((قال شيخ الإسلام رحمه الله (وقد تنوعت طرق الناس في جواز هذا؛ فطائفة قالت: لا يتبع قط إلا العلم ولا يعمل بالظن أصلا، وقالوا: إن خبر الواحد يفيد العلم، وكذلك يقولون في الظواهر، بل يقولون: نقطع بخطأ من خالفنا، وننقض حكمه، كما يقوله داود وأصحابه، وهؤلاء عمدتهم إنما هو ما يظنونه ظاهرًا.)) ...
إلى آخر قاله بعدها أيضاً ..
قال ابن تميم الظاهري ..
كلام ابن تيميه ومحاولة إضعاف الاستصحاب لا علاقة له في كلامنا هنا ..
وإنما هو متعلق بما ذكره ابن تيميه في كلامه: ((وكذلك يقولون في الظواهر)) ..
فهو يريد إبطال كون الظاهر يفيد العلم ..
وليس هذا مقامه ..
وقد نقل الفاضل ما يفيد ويؤيد ما قلته ..
((قال شيخ الإسلام رحمه الله (أما الأول: فالجواب الصحيح هو الجواب الثالث، وهو أن كل ما أمر اللّه تعالى به فإنما أمر بالعلم،)) ..
وهذه القضية نفسها التي أنكرها علينا الفاضل في قولنا قبل ردود أن الحكم بناء على شهادة الشهود إنما هو عن علم وقطع ..
أما بقية ما نقله عن ابن تيميه فكله يرده تفسير الظن والشك واليقين في لغتنا التي خوطبنا بها ..
فإن أثبت الفاضل أن الظن يستعمل في غير ما بيناه من أهل اللغة فقد صحت له هذه الإطلاقات في كون ذلك الشيء ظن راجح أو غالب ..
ولا يكون كلام أحد حجة على أحد إلا حيث استدل أحدهما بدليل وبرهان يوجب المصير إلى قوله ..
والبرهان هو ما نطلبه في تفسير هذه الألفاظ وكذلك إثبات المسائل الثلاثة السابقة ..
فلم يأت ذلك البرهان رغم كثرة الردود .. !
وما ذم الله تعالى الظن إلا بما فسره العرب من لفظه ..
وليس شيء غيره ..
ومن ادعى أن الظن في المذموم في النصوص وارد على غير الشك فليأت ببرهان أضوأ من الشمس حتى يصار إلى قوله ..
أما الدعوى ..
فكل أحد يحسنها ..
وليست طريقنا والحمد لله ..
فقد بينا أن الظن والشك واليقين عرفهم العرب على معاني ..
وبهذا نحصل على برهان معنى هذه الألفاظ ..
والله تعالى كلمنا بلسان عربي مبين فوجب الرجوع إلى ذلك اللسان لنعرف المراد ..
إلا أن يكون بين لنا في نص آخر أو نفس النص أن ذلك المعنى عند العرب ليس هو المراد وإنما معنى آخر كالصلاة والزكاة والصيام ونحوها ..
فلا تكثر في أمر لا يسلم لك ولم تأت به ببرهان ..
وقال الفاضل ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/222)
((و الأخ قد وافق على أن العمليات يعمل بها بما ظهر لنا و أقر بإجماع شيخ الإسلام و أقر بوجود مرحلة وسط بين اليقين و بين الظن و هي الحكم بالظاهر و من المعلوم أن الحكم بالظاهر لا يكون بيقين فقال (وهذا كما قلت ولا فرق ..
فقول ابن تيميه أن الظاهر هذا محل اتفاق هو ما أنكره علينا الأخ الفاضل ..
ثم استشهد به لقوله .. !)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
أخي الحبيب ..
عندما تتكلم بلساني وتقول ما لم أقله فلا يصح أن تبني على ذلك حكماً وقولاً ..
بل إرجع إلى كلامي في موضعه ثم بيان في التعقيب قبل هذا تفهم ما الذي أقررت به من الإجماع ..
وهو نفي الإثم فقط ..
فما علاقة ما تستشهد به بما قلته .. ؟!
وقول ابن تيميه (أن الظاهر كذا ... ) ..
لا أتكلم عن لفظ الظاهر والمعنى منه عند أهل الأصول ..
بل هو كلام ابن تيميه الذي نقلته عنه ..
فأنت تريد الاستدلال لقبول الحكم الظاهر أو المعنى الظاهر ..
فتعلقت بقول الذي نقلته عن ابن تيميه (أن الظاهر كذا وكذا .. ) ..
فليست هذه تلك وليس هذا قولي أصلاً .. !
ثم تأتي تستدل بكلامي أن أهل الظاهر وقفوا على هذا الظاهر ..
لتقول أن هناك مرتبة بين اليقين والظن وهو الظن الراجح .. !
فلا يوجد أضعف من هذا الطريق .. !
الظاهر الذي تتكلم عنه هو ما يظهر من لفظ النص وليس غيره بلسان عربي مبين ..
ثم إن اليقين والشك هما الضدان ..
والذي سميته ظن راجح لأنه ظهر من النص فهذا الذي لا يصح البتة ..
فكيف نفهم كلام الله تعالى إن لم نعمل بما يظهر من لفظة واردة في النص بمعناه العربي الصحيح .. ؟!
إذا قلت لأخيك ..
اذهب واحضر لي كتاباً ..
أي معنى تفهمه من هذه الجملة بحسب لسان العرب .. ؟!
هل تقول أن إرادته جلب الكتاب مظنون .. ؟!
قد يكون المظنون الذي هو مشكوك به هو أي كتاب يريد أو وقت جلب هذا الكتاب وغيره ..
لكنك لا يمكن أن تبطل أنه يريد منك أن تجلب له الكتاب ..
ومن قال أنه لا يريد ذلك وإننا في شك من أنه يريد إحضار كتاب فقد أتى بالغرائب .. !
ولما صح كلام وتفاهم بين البشر البتة ..
فالواجب حمل كلام المتكلم وكذلك النص نحمله على لغة المخاطب بالنص ..
فإذا قال تعالى: {وأقيموا الصلاة} فنحمله على لغة المخاطب فنقول ..
العرب عرفت الصلاة بمعنى الدعاء ..
فنقول أمرنا الله تعالى بالدعاء ..
ثم علمنا من النصوص أيضاً أن الله تعالى طلب منا هيئة مخصوصة وسماها صلاة ..
فعلمنا أن الله تعالى أمرنا بصلاة على هيئة مخصوصة ..
فنسمي الدعاء صلاة وكذلك نسمي تلك الهيئة صلاة ..
فلا أهملنا لفظ العرب لهذه الكلمة ولا أهملنا تفسير الشرع ..
وقد نهمله إن ورد في نص أنه يبطل ذلك المعنى اللغوي ..
وهذا لا إشكال فيه ..
فأي ظنون وظن غالب يظهر من كلام الله تعالى لنا بحسب لساننا العربي .. ؟!
فكل ما قاله الفاضل هنا أخطأ به بلا شك ..
ولن يقدر على الإتيان ببرهان يجعلنا نقول ..
أن كلام الله تعالى عندما نسمعه فهو مظنون به ومشكوك به على أي معنى وجهة .. !!
وقد يخيّل إلى البعض أن لهم برهان في ذلك ..
لأن النص فسّر ألفاظاً واردة بمحل بغير اللفظ العربي ..
فهنا ليس كلام الله هو المشكوك به والمظنون ..
بل قول القائل هذا هو المظنون المشكوك به ..
لأنه لم يقف على اللفظ المفسر ..
فليس كلام الله مظنون به ولا مشكوك من مراده وتفسيره لألفاظه البتة ..
إلا من فسّر هذا الكلام من غير يوجب القطع بتفسير إمام أو تابعي أو غيرهم مما يعمل به بعض أهل المذاهب ..
فتفسير كلام الله تعالى يكون بكلامه هو وبكلامنا العربي الفصيح الذي يتفق عليه العرب ..
أما ما عدا هذا فكلام لا تتحصل منه بعلم ..
فسبحان الله كيف نجعل كلام الله مظنوناً به ..
وكلامنا نجعله مقطوع به ونطالب الناس أن يلتزموا معناه العربي الذي عهده السامع .. ؟!
ووالله لو قال لي أحد ..
أنا مسافر الآن ..
فقلت ..
كلامه هذا مظنون ولا نعرف ما المراد منه ولا نقطع به لشك بي وبعقلي .. !
فيقول القائل ..
أفأقول لك إني مسافر غداً فتقول لا أدري إن كنت تريد السفر المعروف أو غيره .. !
فقد تكون تريد سفراً بمعنى الموت فلا أدري أي معنى ..
أفيقول أحد مثل هذا .. ؟!
وإن قال أحد قد يكون يريد سفر الموت ..
قيل له ..
ارجع إلى اللغة واعرف على ماذا يطلق السفر في كلام العرب ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/223)
فما علاقة السفر المعروف بنية وقصد وقدرة ترجع إلى المسافر ..
مع الموت المعروف وهو الوفاة ..
فكل ما يقال هنا لا يؤيده شيء ..
ولو كان ما قاله الفاضل لكان قول من قال أن الشريعة فيها أسرار ..
وفيها ظاهر وباطن حق لا شك فيه .. !
لأنهم يقولون كلام الله ومراده ليس هو الظاهر منه ..
بل له معنى اختص به خواص الخواص وأولياء الناس .. !
ونحن لا نقول بمثل هذا والحمد لله ..
بل كلام الله تعالى على ظاهره الذي فسره لنا بالنص نفسه أو نص غيره ..
أو الذي فسره لنا العرب بما اتفقوا عليه فقط ..
ومن قال غير هذا فعليه أن يأت ببرهان لا شك فيه ..
وإلا فما أسهل الدعوى ..
ثم قول الفاضل في آخر مقاله في الظن الراجح والمرجوح ..
فأي ظن هذا وما هو تعريف الظن الراجح والمرجوح .. ؟!
وأي اعتبار هنا ومن اعتبره .. ؟!
فإذا كان الظن هو الشك في لغتنا التي خوطبنا فيها ..
فكيف يكون الشك راجحاً .. ؟!
فالشك ليس له مراتب ..
واليقين ليس له مراتب ..
في نفس الأمر والقضية الواحدة ..
فلا يقول أحد ..
أشك أن زيد حي وأوقن أن زيد حي .. !
فإما أن تشك في كونه حياً ..
وإما أن توقن في كونه حياً ..
فإن قال أحد ..
أشك تارة أن زيد حي وأوقن تارة أن زيد حي ..
فما يحكم عليه الناس اليوم .. ؟!
وكل من خالف هذه القسمة فقد أتى بما لا يعضده له لا برهان من نص ولا من لغة ولا من عقل ..
فالتفسير أو الحكم المأخوذ بالظن والذي هو شك في ثبوته وعدمه لا يرتقي إلى يقين إذا انضم له شك مثله ..
أما إذا انضم له نص آخر قاطع في أن المراد كذا وكذا وليس كذل ..
فيكون النص ذلك أوجب يقيناً في النفس أزال تلك الشكوك والتي هي ظنون ..
ثم نسأله أيضاً ..
من اعتبر هذا المرجح .. ؟!
ومن طلب منا أن نلتفت لما تسميه مرجح معتبر .. ؟!
وما هي تلك المرجحات المعتبرة .. ؟!
كل هذا يدخل تفسيرك وكلامك وشرحك لكلام ابن تيميه ..
فإن كان الله تعالى جعل أشياء معينة أنها توجب العمل بتلك الشكوك والظنون فأبنه بياناً لا شك فيه ..
فارجع إلى قضيتنا هنا وهي ما ذكرته كثيراً ..
نريد البرهان على هذه المسائل ..
1 - أمر الله تعالى أن يعمل المسلم بالظن ..
وهنا تبين تفسير الظن بما أمرنا للسماع له من لغة ونص وإجماع ..
فإن شئت فسّر اليقين والشك أيضاً ..
وطبقه على ما تتكلم به ..
2 - أمر وأباحة الله تعالى للمسلم أن ينسب ما توصل إليه بناء على الظن في الأحكام الشرعية إلى الشرع وإلى الله تعالى ..
بنص أو إجماع واضح جلي ثابت لا إشكال فيه ..
3 - أمر الله تعالى أو إباحته إلزام الناس بالحكم المبني على الظن ..
بنص أو إجماع واضح كذلك ثابت لا إشكال فيه ..
هذه مسائلنا التي لم تثبتها إلى الآن ..
فالمسألة ليست كثرة الاعتراض بقدر ما هي تحقيق القول بهذه المسائل ..
بحسب ما ورد في سؤال السائل ..
وننظر الآن في التعقيب الثالث لنعرف ما فيه ..
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[04 - 07 - 05, 04:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب الرابع ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قال الفاضل ناقلاً عني ..
((أما من استفرغ وسعه لإصابة الحق في العمل فقد أدى ما عليه وهذا ذكرته آنفاً في التعقيب ولم أخالفه .. لكن لا يعني من فعل ذلك أنه أصاب الحق عند الله .. فالعمل بشيء ينتج عنه قضيتين .. الأولى: إصابة الحق عند الله تعالى وفيه الأجر .. وهذا لا يكون إلا بعمل بيقين لأنه لا يتعارض ولا يتناقض .. الثانية: العمل بما أمرنا به في تحري الحق وإن أخطأنا بلا نية للخطأ .. فهذا فيه الأجر أيضاً ولا يعني أنه الحق عند الله .. ولا يحل لنا ههنا أن ننسبه إلى الله تعالى إن كان بناء عن ظن ورأي .. لأن هذه المسالك لم يطلبها الله تعالى منا أصلاً .. وإنما طلب منا العمل بما أمرنا به فقط مما يوصلنا إلى القطع في نسبة شيء من الأحكام والديانة إلى الله تعالى .. وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به .. ومن قال بغير هذا فقد أخطأ يقيناً .. ولوجب على القائل هذا أن ينسب كل الظنون التي قال بها كل مفتي منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا إلى الله تعالى وشرعه .. وهذا أيضاً لا يقوله أهل الرأي أصلاً .. وإنما يعملون بالظن تورعاً واحتياطاً مع عدم نسبتهم لشيء من ذلك إلى الله تعالى لعدم ثبوته من جهة القطع واليقين .. فالصحابة رضي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/224)
الله عنهم عملوا بما اجهدوا فيه الفكر والرأي حتى وصلوا لحكم ما وكان بالظن .. ولم ينسبوه إلى الشرع البتة .. فلما ورد عن غيرهم اليقين تركوا ما قالوه .. وكذلك من بعدهم من التابعين .. فلا محارجة في العمل بالاجتهاد وهذا ما قدمته آنفاً في التعقيب .. وإنما في نسبة هذا العمل بالظن والرأي إلى الله تعالى والشرع والإلزام به .. وهذا لا يدركه الكثير من طلبة العلم إلا من رحم الله .. ) ..
فقال الأخ الفاضل ..
((ذكرنا هنا ثلاثة أمور في الإجتهاد و استفراغ الوسع:الأول: استفراغ الوسع في التنزيل و هذا مجمع عليه بأنه يجب على المجتهد استفراغ الوسع لإصابة الحق في نفس الأمر فإن أصاب الحق فله أجران و إن أخطأه فله أجر واحد و إذا أخطأه فلا شك أنه حكم بما غلب على ظنه أنه الحق و لكنه أخطأ إصابة الحق و قد يصيب الحق كما ثبت في الحديث الصحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
ليست هذه قضيتنا ومحل تنازعنا أصلاً ..
لازلت تذكر ما هو خارج عن محل النزاع ..
وبقية قولك يدل على عدم تفريقك بين اليقين واستعماله ..
وبين الظن واستعماله في مسألتنا بمعنى الحكم المبني على الظن ..
وكل ما تكلمت به في تطبيق هذا النص لا علاقة له في اعتراضي ومنعي من دعواك ..
فالمجتهد هذا إذا حكم فأخطأ ..
فالخطأ الذي لم يدركه أحد من الناس ففيه أجر بلا شك ..
أما الخطأ الذي بان وانكشف أنه خطأ فلا يحل للمجتهد هذا أن يقول به بعد البيان له عن الخطأ في قوله ..
والخطأ هذا كيف نعرف أنه أخطأ .. ؟!
أليس عن طريق من بين له الخطأ الذي وقع به ..
ولا جواب لك ههنا إلا بلى ..
فإذا بان الخطأ للمجتهد من قول غيره بما كان عن قطع وبرهان فلا يحل القول به ..
بل يتركه وقد ناله أجر النية الصالحة في إصابة الحق ..
ويجب عليه ههنا أن يرجع عنه ولا يحل له الاستمرار به وهو يعرف أنه خطأ ..
فالاستدلال بهذا النص ليس فيه حجة لكم وليس هو حجة علينا وليس أصلاً في محل نزاعنا ..
ثم إن العامل إذا اجتهد بالظن والأمر المشكوك في ثبوته وعدمه فهذا أمر يخصه ..
مع عدم وجود نص يوجب عليه هذا العمل ..
وإنما يقول من يعمل بذلك أنه أحوط ..
فأنا قلت ..
أن الله تعالى لم يأمرنا بالعمل بكل ما هو ظن ومشكوك به بل أمرنا بأن لا نقول عليه بشيء في دينه إلا ببرهان لا شك فيه ..
وإن عملنا بالخطأ ولم نعلم أنه خطأ أو قد تيقنا أنه ثبت عندنا بالظن فلا يحل أن ننسبه إلى الله تعالى ونقول حكم هذا الشيء هو شرع الله ..
بل هو رأيك وقولك وشرعك لنفسك ..
ولا يحل لنا أن نلزم به الناس ونقول لابد من امتثال هذا الظن ..
وأنه شريعة ربنا ..
فإما أن تثبت خلاف ما قلته وإما أن تقر به أو ببعضه وكل ذلك ليس لك طريق في الاعتراض أو الإثبات إلا ببرهان لا شك فيه ..
وقال الفاضل ..
((الثالث: الإعتقاد و الأخ يشترط أن يصل فيه المكلف إلى اليقين و أنه لا مرتبه وسط بين اليقين و الشك و بينا خطأ هذا الإطلاق و أن المكلف متى ما غلب على ظنه الحق فصدق به و اعتقده و أظهر الإلتزام به حكم له بالإسلام و نفعه هذه الإعتقاد في الدنيا و الآخرة و أن الجزم و اليقين و إن كان مطلوبا و لكن إن لم يقدر إلا على ما غلب ظنه لا يقال بأنك شاك و لا يصح إيمانك هذا من جهة التنظير قد يخالف فيه بعض المتكلمة و لكن من جهة التنزيل لا يمكن أن يحكم لمن جاء مسلما و قال بأنه يغلب على ظنه صحة الإسلام و أنه حق و يعتقد بكل ما فيه لا يمكن أن يحكم له بأنه لا زال على كفره و أنه ليس بمسلم لأنه لا زال شاكا.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
هذا الاعتراض كله جاء بناء على خطأ في الفهم من المعترض ..
وعدم تفريقه بين اليقين والقطع ..
وقد بينا ذلك مما يبطل هذا الفهم عنا ..
فالاعتقاد الصحيح لا يلزم منه القطع ..
وإنما يلزم فيه اليقين ..
ومن فرق بين هذين علم أن اعتراض المعترض كان خطأ منه ..
فاليقين عدم الشك بالشيء سواء كان صحيحاً أو باطلاً ..
والقطع هو إثبات للشيء أو نفيه بالدليل والبرهان ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/225)
فعلى القارئ أن يميز بين هذه الألفاظ والإطلاقات ليستريح ..
فكل قاطع بشيء فهو موقن به ..
وليس كل موقن قاطع بذلك الشيء ..
حرر هذه ترتاح أخي الحبيب ..
وقال الفاضل ..
((فقوله (وهذا لا يكون إلا بعمل بيقين لأنه لا يتعارض ولا يتناقض ... ).
إن كان مراده لا يكون العمل إلا بيقين فهذا خطأ و لا شك و هو قد أقر بأن العمل بالظاهر و الظاهر قد يصيب به الحق و قد لا يصيب و عندها يكون العمل بغلبة الظن لا الجزم لأنه لو كان جزما لكان أصاب الحق جزما و لا يقال هنا أنه حكم بالظاهر.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
العمل بيقين يختلف عن العمل بقطع ..
فالعمل بيقين من يعمل بشيء وهو يثبته أو ينفيه بما لا مجال فيه للشك في نفسه البتة ..
فإن عمل بشك فهو مثبت أو ناف بما لا مجال فيه لليقين في نفسه البتة ..
وهذان لا يقعان في نفس الشيء البتة عند أهل اللغة والشرع والعقل البتة ..
فلا يعمل أحد وهو يوقن ويشك في نفس الأمر البتة ..
فإما هذا وإما ذاك وهذا الذي قلت أن العمل باليقين لا يصح أن يكون مع العمل بالشك في نفس الأمر ..
وهو جزء الكلام الذي نقلته عني ..
فهذا مرادي من ذلك لأني أعترض على جعلك العمل بالشيء الواحد فيه شك ويقين معاً ..
فالشك هو الظن لا غيره في لغتنا وشريعتنا ..
فأخبرك أن الشك لا يجتمع مع اليقين في شيء واحد البتة ..
لأنهما ضدان يتعارضان فكيف نثبتها في شيء واحد ..
والعمل بالقطع ..
هو العمل بالشيء سواء كان شكاً أو يقيناً أول الأمر مع الاستدلال له بما هو برهان ..
فأما اليقين فثبوته لا يعني صحة شيء أو عدمه في حقيقة الأمر بل يدل على أنه ثابت أو منفي في نفسك فقط ..
فاليقين إشعار للغير بأني لا أشك أن ذلك الشيء أنه محرم مثلاً ..
وأما القطع بأن ذلك محرم فهو بالاستدلال على تحريم ذلك الشيء أو الفعل ..
ففرق بين هذه أخي ..
فكلامك في هذه المسألة لا يستقيم ولا يصح عند أهل اللغة أصلاً ..
وقال أيضاً ..
((فالتفريق بين مسائل أصول الفقه أو أحكامه أو مسائل أصول الدين في مسألة العذر بالجهل أو التأويل تفريق مبتدع لم يرد عن السلف)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لا يصح أن نفهم كلام المعترض خطأ ثم نتكلم عليه ونجعل تفريقه بدعة ..
فما أسهل من إطلاق لفظ البدعة على كل شيء ..
فليست هذه المسألة في مقامنا هذا ..
ولم أتكلم عليها بل أنت شككت في مرادي وتكلمت بما تظن أنه قولي وتفريقي ..
وقال أيضاً ناقلاً عني ..
((و قول الأخ الفاضل (الثانية: العمل بما أمرنا به في تحري الحق وإن أخطأنا بلا نية للخطأ .. فهذا فيه الأجر أيضاً ولا يعني أنه الحق عند الله .. ولا يحل لنا ههنا أن ننسبه إلى الله تعالى إن كان بناء عن ظن ورأي .. لأن هذه المسالك لم يطلبها الله تعالى منا أصلاً .. وإنما طلب منا العمل بما أمرنا به فقط مما يوصلنا إلى القطع في نسبة شيء من الأحكام والديانة إلى الله تعالى .. وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به .... ).)) ..
فقال معلقاً ..
((يجب أن يعلم أن الظن يدخل في فهم كتاب الله تعالى و انظر فهم الصحابة رضوان الله عليهم في فهم القرء كما قال تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} البقرة228)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
السؤال هنا هل طلب الله تعالى منا أن نفسر القرآن بالظن والشك أو لا .. ؟!
هل طلب منا تفسير أو الحكم أو الاجتهاد بالظن أو أمرنا بذلك أم لا .. ؟!
هنا السؤال الذي إلى الآن لم تجب عليه ..
ولم تذكر برهانه البتة ..
أما ذكرك مسألة فهم الأمة والصحابة ومن بعدهم للفظ القرء فلم نؤمر به أصلاً ..
فالله تعالى حين تكلم عن القرء وهي في لغتنا تطلق على ..
إما الحيض ..
وإما الطهر ..
وإما على الطهر والحيض معاً ..
والمعتبر هو مراد المتكلم ..
ولا يحل لنا أن نقول أن المراد كذا أو كذا إلا إذا علمنا هذا المراد ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/226)
فكل من تخيّر أحد هذه المعاني فلم يأمرنا الله تعالى بالأخذ منه لهذا المعنى ..
وإنما أمرنا أن نفسر هذه الألفاظ المشتركة بما بينه تعالى لنا في كتابه أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
فإن كان اللفظ له معنى واحد في لغتنا فنعمل به وهو القطع في تفسيره ..
وإن كان اللفظ فيه أكثر من معنى في لغتنا فوجب أن ننظر إلى تفسير الشرع له وبيانه أي معنى من هذه المعاني أراد ..
ولبيان كيف تفسير هذه اللفظة ما يلي ..
قد وردت السنة في بيان متى يجوز تطليق المرأة وفيه ابتداء عدتها متى يكون بأن قال فطلقها في طهر غير مجامع فيه وفي رواية طاهراً أو حاملاً ..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في آخره (تلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) ..
وبين النص الأول الذي فيه ثلاثة قروء أن المطلوب بقاء المرأة مدة معينة ..
وهي القروء الثلاثة ..
فاحتار من احتار أي معنى من معان اللغة أراد النص .. ؟!
ولكن لما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تبدأ المرأة عدتها وأنها تبدأها بالطهر الغير مجامع فيه أو الذي تكون فيه حاملاً ..
علمنا أن المراد ههنا من لفظ (القرء) أنه الطهر ..
فهذا وجه بيان أي المعاني أراد النص بما نقطع به ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم بين الوجه الذي يجوز فيه أن تطلق المرأة ..
وهو كونها طاهراً ..
فعلمنا أن بداية عدتها لا بد أن تكون بالطهر ..
ثم على هذا الخلاف لا تحصل فائدة كبيرة أصلاً لو حققنا قول كل طرف ..
فمن يقول أن القرء هو الحيض فيشترط ثلاث حيضات ..
فقد دخل فيها ثلاثة أطهار بلا شك لمن ميز حقيقة المسألة ..
ومن قال القرء هو الطهر فيقول إن دخلت في الحيضة الثالثة فقد حلت وبرءت من عدتها ..
فكلهم وقع عنده ثلاثة أطهار وكلهم وقع عنده ثلاث حيضات ..
فالقائل بأنه طهر يقول: تكون في الطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم تحيض ..
وهذه ثلاثة مع ثلاثة ..
والقائل بأنه حيض يقول: تحيض، ثم تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر باعتبار من قال بنهاية الحيض تكون طاهراً ..
وهذه ثلاثة أطهار وثلاث حيضات ..
فإن حملنا القرء في الآية على أي معنى لم يتحقق إشكال وجاز نسبته إلى الله تعالى ..
وليس هو تحكم ولا قول بالضدين ..
بل كل التفسيرات يتحقق فيها ما أراده الله تعالى ..
وأما إذا نسب أحدهم ذلك إلى الله تعالى بأن قال هو الطهر أو هو الحيض فلا إشكال فيه لأنه كله وارد في النص نفسه ..
وليس بظن من أحد لأنهم كلهم إما عملوا بلفظ واحد من ألفاظ المشترك كالطهر ..
وهو يعلم بأن بداية العدة تكون بالطهر ..
أو عمل بلفظ واحد وهو الحيض ودخل في اختياره ثلاثة أطهار ..
فكل هذا لا إشكال فيه أصلاً ..
لذلك لو قال أحد أن القرء في العدة هو الطهر والحيض وهذا مراد الله لما كان مخالفاً لأحد في الحقيقة ..
فكلهم يوجب ثلاثة أطهار ..
وكلهم يوجب ثلاث حيضات ..
فالآية تريد إثبات مدة معينة ..
وسواء قلنا الحيض هو القرء فقد ثبت أثنائه ثلاثة أطهار ..
أو قلنا هو الطهر فثبت فيه ثلاث حيضات ..
والنص النبوي يريد بيان وقت الجواز في التطليق أفي الطهر أو في الحيض ..
فلا إشكال في هذه المسألة أصلاً ..
أما ما ذكره الفاضل ..
((و يقع كذلك الخطأ في فهم حديث النبي صلى الله عليه و سلم أخرج البخاري و غيره عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
ليس في هذا الحديث جواز أو أمر بالعمل بالظن البتة ..
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن لا يصلي أحدهم العصر إلا في مكان كذا ..
فالصحابة الذين صلوا في وقت العصر ولم يأخروا هذه الصلاة عملوا بالذي يقطعون به ولم يشكوا به البتة ..
وهو الأمر بالصلاة لوقتها الذي ثبت عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قطعاً ..
فحملوا لفظ الحديث هنا على أنه أراد الإسراع ..
وهذا يبطل القول على الظن ولا يحل نسبة ذلك إلى الشرع ..
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هنا جملة تامة وقضية محددة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/227)
فلا يحل لأحد أن يحملها على غير ما يظهر منها في الأمر أو النهي ..
بناء على ظنه أنه أراد كذا أو كذا ..
وكان على من صلى عند دخول وقت العصر قبل وصول ذلك المكان أن يقول ..
أمرنا بعدم جواز تأخير الصلاة عن وقتها ..
ثم جاءت رخصة لنا في ترك هذه الصلاة حتى نصل مكان كذا ..
من صاحب الشرع ومن رسوله صلى الله عليه وسلم ..
ومن صلى في المكان وأخر صلاة العصر فقد عمل بالحق والذي أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لأن هذا مقتضى قوله لا يحل أن نتقول عليه بما لم يقله ولا بينه ..
وعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على من صلى في وقت العصر قبل بلوغ المكان لأنه أخطأ ولا عتب على مخطئ ..
وكيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم: (ما أمرتكم به فأتوا به ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ..
فهذا أمر أو نهي لهم فالواجب أن يأتيه السامع بما استطاع وأن يجتنب ما نهي عنه ..
فإن كان لا تصلوا العصر تدل عند المخالف غير النهي أو الأمر بالصلاة في ذلك المحل فعليه بيان ذلك الصارف ببرهان لا شك فيه ..
ولا برهان لمن قال نصلي العصر في وقتها ..
إلا أنه أعمل النص الوارد في عدم جواز تأخير الصلاة عن وقتها ..
وهذا الإعمال لا يصح مع أمر أو نهي من الشارع لأمر متعلق به ذلك النص وارد بعده ..
والرواية هذه ليست دليلاً على جواز ووجوب العمل بالظن ولا نسبته إلى الله تعالى ولا إلزام الناس به ..
فأين هو الذي جاء بالشرع من عند الله ليأمرناً بشيء اشتبه علينا مع أصول ونصوص أخرى .. ؟!
وإنما في النص هذا أمر أو نهي عن شيء ..
وعمل السامع إما بما ظهر من النص والتزم النهي ..
أو عمل بما يظنه أنه أراده ..
ثم لم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما ..
لأن المجتهد إن أخطأ فلا مذمة عليه ..
لأن صارفه عن الامتثال كان نصاً يقطع بوجوب العمل به وهو عدم جواز التأخير ..
فهنا قضيتان متعارضتان ..
وجوب الصلاة في وقتها وحرمة تأخيرها عن وقتها ..
وجوب تأخير أو جواز التأخير لصلاة عن وقتها إذا رخص لنا الشارع في صلاة واحدة ويوم واحد فقط ..
وكلها قضايا قطعية عند كل طرف توجب أمراً ..
والذي جمع بينهما بأن أخذ بالزائد منهما أصاب وعمل بالنصوص كلها ..
ومن أخذ بقضية فإنه ترك قضية أخرى ونص آخر لم يعمل به ..
وهذا خطأ ظاهر ..
والأمر الزائد هو أن لا تصلى العصر إلا في بني قريظة ..
وهو بخلاف الأمر الوارد أولاً في وجوب الصلاة في وقتها وعدم جواز تأخيرها ..
كنقله صلى الله عليه وسلم وسلم وقت صلاة المغرب يوم النحر ولا فرق ..
فالعامل بالنصوص كلها أولى وأحق وأصح من العامل بنص واحد في حال تعارض ظاهر في أحكام تلك النصوص ..
فائدة ..
من أنكر على أهل الظاهر الأخذ بالظاهر وحمل الأمر على الوجوب والعمل بجميع النصوص الواردة فيما يظن فيه التعارض وهو ليس كذلك والأخذ بالزائد منهما فلينكر كذلك على الصحابة ..
فإن صح أنه لا إنكار ولا تصحيح لأحد الأقوال بناء على الظن ..
فهذا هو حد الإنصاف في هذه المسألة والمسائل المشابهة ..
وننظر في الأدلة غيرها لنصحح هذه المسائل وغيرها أو نبطلها ..
وقال الفاضل ..
((لا يمكن أن يكون بظن محض من غير مرجح معتبر فلا يكون إلا بظن غالب بمرجح معتبر لذا لم يعنفه النبي صلى الله عليه و سلم ثم إنه نسب هذا القول للنبي صلى الله عليه و سلم مع أنه قول خطأ و لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه و سلم.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
ما هو الظن الذي رجح عند من صلى العصر في وقتها أنه أراد الإسراع .. ؟!
فلا والله لم يصلوا العصر لأجل الظن ..
وإنما صلوا لثبوت وجوب الصلاة في وقتها ..
وهذا يقطع به كل أحد وليس فقط الصحابة رضي الله عنهم ..
ولم يكن عدم امتثالهم لهذا الأمر الثاني لأجل ظن منهم ..
ولكن اشتبه عليهم أصلان وواجبان يقطعان بصحتهما بلا شك ..
فعملوا بالثابت والواجب الأول لأن النص الثاني يعارض حكم النص الأول ..
فتوهموا التعارض بين هذه الواجبات ..
أما ما يحاول الفاضل من جعل هذه الحادثة كما يطلق عليه هو أو من يقول بقوله في وجوب أو إباحة القول بالظن على دين الله ونسبته إليه وإلزام الناس به فلا يصح له البتة ..
فإذا تعارض عندكما واجبان أو محرمان فقولوا كما قال الصحابة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/228)
بأنه يعمل بالثابت الأول ونحمل الثاني على الإسراع ..
ولكنكم لا تقولون بهذا في مسألتنا هذه التي نازعناكم بها ..
فأنتم تأتون إلى حكم ثبت قطعاً بالنص والدلالة فتصرفون الوجوب أو التحريم إلى معنى آخر وليس معارض هذا القطعي الصحيح إلا ظن منكم ليس له برهان ..
وقال أيضاً ..
((و كذلك من اعتمد أصلا كمن قال بالقياس و أنه مما يحبه الله تعالى ثم عمل بهذا القياس و رجح بعض الأحكام و نسبها لله تعالى لا يكون بهذا آثما و قد يصيب الحق بقياسه هذه و قد يخطئ.)) ..
مسألة كون القياس أصلاً ومصدراً شرعياً ليس هذا مقام بيان عدم صحة ذلك ..
وأما من قال أن القياس يحبه الله تعالى فهذه عجيبة لم يقلها المتقدم من أهل القياس ولا المتأخر ممن وقفت على كلامهم ..
فهذه غريبة عجيبة .. !
فإن ثبت لكم هذا الأصل ببرهان لا شك فيه ثم كان حكمه يعارض حكماً أو نصاً فإنتم تسقطون حكمه أصلاً ولا تجمعون بين حكمه وحكم النص ..
وهو القياس الفاسد الاعتبار ..
وحتى أن الكثير ممن يقول بالقياس فإنهم يبطلون القياس ويقدمون عليه قول الصحابي إذا تعارضا ..
وإن كثيراً منكم إذا ورد قول الصحابي أهمل القياس ..
حتى إمام أهل القياس لا يقول بما قاله الأخ الفاضل .. !
فقد نقل عنه أن مذهبه في الاجتهاد أنه إذا كانت المسألة ورادة عن صحابي فلا يقول برأيه، وإن كانت ورادة عن التابعين فإنه يزاحمهم ..
وقد قال إمام أهل القياس وهو أبو حنيفة ..
من لم يدع القياس في مجلس القضاء لم يفقه ..
وقال أيضاً ..
علمنا هذا رأي فمن جاءنا بخير منه أخذناه ..
وقال الإمام مالك ..
وددت لو ضربت سوطا لكل مسألة قلت فيها بالرأي ..
وقال ربيعة ..
ما كان يضاد النص من الرأي فاضرب به الحائط ..
وهذا ومعناه منقول عن الأئمة ولا ينكره إلا من لم يتكلف النظر في أقوالهم في هذه المسألة ..
ولا نظن ذلك في أخينا الفاضل ..
فأي شرع هذا ننسبه إلى الله تعالى وهو يضرب بالحائط .. ؟!
وأي شرع هذا ويريد المرء أن يضرب فيه بالسياط .. ؟!
وأي شرع هذا ويقول أول من أسس له أن من لم يتركه في مجلس القضاء لم يفقه .. ؟!
وأي شرع هذا يدري القائل به أن هناك ما هو خير منه .. ؟!
وأي شرع هذا الذي يتركونه لأجل قول صاحب .. ؟!
فأي استدلال واحتجاج تحتج به بارك الله فيك .. ؟!
فلو تمهلت لما قلت ما قلته ونسبته إلى سلف الأمة ..
فكل من قال برأيه من الأئمة لم يجعله ملزماً للناس ولم ينسبه إلى الله تعالى إن كان يعلم أنه بناء عن رأي وظن ..
ولو جئت برواية عن صحابي أو تابعي أو عن إمام مشهود له بالإمامة أن ذلك الظن والرأي الذي يقول به شرع الله ويجب إلزام الناس به لكان كلامك صحيحاً لا شك فيه وإنما ننازع بعدها في كون قول من قال حجة أو لا ..
ولن تأت برواية تجعل هذه الظنون شرعاً لله تعالى وتنسبه إليه ..
ووالله لو تأملت كلام الأئمة لعلمت أنهم كيف تحرجوا أن يطلقوا ما قالوه بالرأي أنه شرع الله خوفاً من وقوعهم في ذم الله تعالى لمن قال هذا حلال وهذا حرام ولم يأذن الله تعالى له بذلك ..
فأي إذن تأت به وتنسبه لأئمة السلف بارك الله .. ؟!
أما سمعت قول الصديق ..
أي أرض تقلني وأي سماء تضلني إن قلت في كتاب الله برأيي .. !
أما سمعت قول الإمام أحمد فيما يروى عنه من مسائل الفقه يقول لمسائل أحب كذا ولا أحب كذا ولا يعجبني كذا .. !
أما سمعت أن الإمام مالك وقيل أيضاً أبو حنيفة أنهما منعا أن يحكم الخليفة بمذهبهما .. ؟!
وقال الفاضل ..
((نعم كان بعض السلف يتورع عن نسبة مثل هذه الأقوال لله تعالى لأنه تعارض عنده أن هذا هو الحق الذي يحبه الله تعالى)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
بل كل من شهدنا له بالإمامة والعلم يبرأ أن يتقول على الله تعالى بالظن ..
ويقول هذا رأيي والله بريء منه وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ..
وهذا هو الحق فيهم والإحسان إليهم لا غيره ..
فلا ننكر إجتهادهم لكن لا نرميهم بما يبرأون منه بلسانهم ..
فلم يلزم الصحابة رضي الله عنهم ولا الأئمة من بعدهم أحداً برأيه ..
ولا قالوا رأينا ههنا شرع الله ودينه وقد ثبت عندهم بالرأي والظن ..
أما ما ينسبونهم فقد يتوهم أحدهم أن ذلك شرع الله فيطلق هذا ..
ثم يتضح للناظر أن قوله خطأ لأن القطع جاء بخلاف قوله فلا يكون ما حكاه هو فعلاً قول الله وشرعه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/229)
فإن أنكرت هذا فاذكر لي رواية صحيحة عن أحد الصحابة يقول فيها برأيه وينسب ذلك إلى الله ويقول هو شرعه ويلزم الناس به ..
فإن أتيت بذلك ناقشنا هل قول القائل هذا حجة في الشريعة أو لا ..
فما يتورع أحد أن يبين ما هو دين الله تعالى ..
ولو علمت أن التورع معناه الاحتياط لما قلت هذا ..
بل الأئمة يتورعون عن أن ينسبوا لله تعالى قولاً بالظن والرأي ..
فيحتاطون لدينهم من أن يتقولوا على الله تعالى فيقعوا فيما ذمه الله تعالى ..
فترفعوا عن القول على الله ونسبة شيء إليه تعالى إلا حيث قطعوا أنه من الله ..
وكان القفو بغير علم حاضر في ذهنهم، والنهي عن القول بما لم يأذن به الله تعالى من القول أن هذا حلال وذاك حرام حاضر في ذهنهم لذلك احتاطوا من نسبة هذه الأقوال المبنية على الظن أنها شرع الله ودينه ..
ولم يلزموا بها الناس لأنهم لم يقطعوا أنها شرع الله الملزم لكل أحد ..
فلا يتورع أحد من بيان أن ذلك الأمر قول الله أو ليس قوله إن ثبت عنده بما يقطع به ..
بل الورع هو الاحتياط من أن نقول هذا قول الله أو ليس بقوله ما دمنا لم نقطع بذلك ..
وبهذا يبطل أن يتقول أحد على الأئمة أنهما تورعوا فيما يقطعون به ولم ينسبوه إلى الله ..
ويثبت أن ما تورعوا به كان لأجل قطعهم بحقيقة ما اختاروه ..
وإن قيل للفاضل ..
ما هو الرأي الصحيح الذي أمرنا باتباعه .. ؟!
فإن أنصف نفسه صار إلى قولنا ..
فنحن لم نؤمر بالرأي في الدين بحسب عقولنا وما نظنه ..
وإلا ما كان اعتراض علي بن أبي طالب وجه ..
فلو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من مسح ظاهره ..
فهل يقول الفاضل ..
أن العقل يمنع صحة أن يكون المسح للأسفل أولى من الأعلى في الخف .. ؟!
بل العقل الصحيح يؤيد هذا بلا شك من أحد ..
فكلنا يقول أن مسح الخف الأولى أن يكون للأسفل لأنه يلاقي القذر ..
أما الأعلى فلا يلاقيه إلا نادراً أو يحتمل أن يلاقيه ..
إلا الشرع ورد بخلاف هذا الرأي الصحيح الذي لا ينكره أحد ..
وقال تمسح الأعلى لا الأسفل ..
وكذلك في العبادات وغيرها بلا فرق ..
فأي رأي أمرنا الله تعالى به وأن نقوله في ديننا وننسبه إليه ونلزم الناس به ..
لو كان عندكم معنى واضح معلوم لما اختلف أحد ..
ولكان ذلك الرأي التي ترى أننا أمرنا به ملزماً لكل الناس وكل مجتهد فلا يحل لأحدهم أن يخرج عنه ..
إلا أن الواقع من الفقهاء يخالف هذا ..
ويثبت للناظر المنصف أن الرأي ليس له تعريف محدد عندهم ..
وبعضهم يدخل أمور والبعض الآخر يخرجها ..
وأن الرأي عند كل فريق مما كان بالظن لا دليل يشهد لصحته البتة ..
فإن قالوا النص ورد به قلنا لهم ..
هاتوا برهانكم وأفصحوا عن ذلك النص الذي خفي علينا ..
فقد يفوتنا ما عندكم فنستفيد منكم ..
فكل من تكلم في تفريع الرأي وتقسيمه كان بناء على ظنه ورأيه ..
ورأيه ليس بأولى من رأي غيره ..
فالله عز وجل أمرنا بالرجوع إليه عند التنازح ..
وقد رجعنا نحن ..
فنريد ممن يعلق أن يرجع إلى النص ..
ورجوعنا إلى النص لو كان للظنون لما ارتفع الخلاف في المتنازع فيه ..
ولكان أمر الله تعالى بالرد إليه باطلاً لا معنى له ..
فيقول تعالى ..
إن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
فقلنا ..
سمعاً وطاعة ..
فقلنا لمن ينازعنا ..
هات برهان الأمر بالعمل في الدين بناء على الرأي والظن ..
هات برهان جواز نسبة هذه الظنون إلى الله تعالى وأنها شرعه ..
هات برهان جواب ووجوب إلزام الناس بهذه الظنون ..
هذا ما نادينا به ..
وعلى المنادى أن يمتثل لأمر الله تعالى بعد أن ظهر تنازعنا ..
فإن ذكر دليل كل ذلك وكان قوله الصواب والحق رجعنا إلى قوله وبهذا نقسم قسماً براً ..
وإن لم يكن له دليل على هذه الدعاوى التي قدمتها فقد كفانا مؤنة النقاش والرد فيما لا يصح عند المعترض ..
وإذا كنت تقول أن القياس يحبه الله تعالى ..
فكيف تستدل بقول يبطل لك ما تأت به ..
فنقلت أن الإمام أحمد يقول عن الشافعي ..
((يحرم عند عدم الضرورة إليه كما قال الإمام أحمد سألت الشافعي عن القياس فقال لي عند الضرورة)) ..
ثم النقل عن الإمام أحمد بالنص يبطل هذا أيضاً وقد نقل عنه في مسائله ..
((يجتنب المتكلم في الفقه المجمل والقياس)) ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/230)
ولا يعنيني من قدم الجواز عند الإمام على من قدم التحريم ..
بل استشهد لك بما قاله من تستدل بقوله ..
ولو سألناكم الآن ..
ما هو القياس الصحيح وما هو الباطل .. ؟!
وما هي الأشياء التي تعتبر في جعل شيء علة أو ليست بعلة .. ؟!
وما هو دليل كل هذا لما أتيتم بدليل لكل هذا ..
بل كل استدلال المستدل للقياس بأدلة ليس فيها تفصيل معرفة أنواع القياس ولا شروطه ولا ضوابطه ولا العلة ومبطلاتها ولا مسالكها وكل ما جاء به أهل الأصول بعد الأئمة ..
فكل هذا يدخل على كلامك ..
ولا محل له لإبطاله ولنا فيه مقال نتممه بين فترة وأخرى عندنا في منتدى الظاهرية ..
فأين كل هذه الأدلة التي طالبنا فيها .. ؟!
أما قول ابن تيميه ..
((قال شيخ الإسلام بن تيميه (الشرع المنزل]. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته. والثاني [الشرع المؤول]. وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه. والثالث [الشرع المبدل]. وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها؛ والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع، كمن قال إن الدم والميتة حلال ـ ولو قال هذا مذهبي ونحو ذلك. .. )).
قال ابن تميم الظاهري ..
أما كون الآراء شرعاً فباطل ..
وما كان من عند الله تعالى فهو الشرع بمعنى شرع الله ..
والتشريع كذلك ..
وهو خاص بما بينه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
أما آراء الرجال فليست بشرع بمعنى الشرع الذي نتنازع فيه البتة ..
وإنما هي رأي قائلها ومن قلده ..
أما ما ينسب إلى الله تعالى كذباً فهو التبديل والتحريف للحق والواجب ..
ولا يسمى شرعاً بمعنى نسبته إلى الله تعالى ..
بل قد يكون النص صحيحاً والحكم فيه ظاهر صحيح لا شك فيه ..
ثم يدخله التبديل والتحريف ..
فلا نقول شرع مبدل .. بل نقول القول هذا تبديل وتحريف ..
فإن النص هذا صحيح وهو من شرع الله ثم دخله التحريف والكذب ..
أما ما لم يثبت كونه شرعاً فيجوز إطلاقنا عليه الشرع المبدل باعتبار ما كان ..
كإطلاقنا على التوارة والإنجيل أنهما شرع مبدل محرف ..
فهما كانا شرع ثم بدلاً وحرفاً فلم يظهر لنا منه ما هو الشرع وما هو التحريف ..
فباعتبار ما كان فهو شرع ثم أبطل الله تعالى كونه شرعه الثابت ..
أما شريعتنا فلا يقول فيها (شرع مبدل) ..
لأن نفس الشرع لم يتبدل بل أضيف إليه بالكذب والتحريف ..
فعندما نتكلم أن ذلك شرع الله نريد الشرع الذي ثبت قطعاً أنه من الله تعالى ..
ولا نريد معنى الشرع والتشريع باللغة أو العرف ..
وقد يصح أن نقول هذا شرع مؤول ونعني أن ذلك الدليل هو شرع والرأي الذي فسره واجتهد به هو الذي أوّل النص ..
ثم إن التأويل لا يختلف في وقوعه أحد أصلاً ..
وإنما المراد معنى التأويل الذي هو ليس بشرع الله ولم يثبت قطعاً ..
فأهل العلم يسمون التفسير تأويلاً كابن جرير الطبري ومن وافقه ..
ويقولون كذلك أن هذا اللفظ مؤول بمعنى أنه ليس المراد منه ما يظهر منه بل معنى آخر بينه النص أو الحس ..
فإطلاق جملة (الشرع المؤول) غير دقيق ولا يصح بما ذكرته ..
فإن تأول مجتهد معنى نص فلا يسمى تأوله هذا شرعاً ..
وإنما يقال هذا رأي فلان في مسألة كذا ولا يقول أحد أن شرع فلان كذا ..
ولو كان هذا الإطلاق صحيح لكانت مذاهب الأئمة شرائع شتى ..
وما قال أحد أن أقوال المذاهب والأئمة هي شرائع ..
فتقسيم الشيخ لا يعني صحة كل ما جاء به ..
ثم إن من تنقل عنه وهو ابن تيميه يبطل أن يكون ذلك الاجتهاد والرأي شرع منسوب إلى الله تعالى ويجب إلزام الناس به ..
وأطلق القول فيه وقال ..
((وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه)) ..
فإذا كنت تقر بهذا فلماذا تعترض على ما تؤيده .. ؟!
وإن كنت تريد بيان أشياء وردت في المقال فليس هذا مقامها بارك الله ..
وكنت طلبت بيانها أو الحوار فيها في مقال آخر أو مقام آخر ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/231)
أما أن تأتي بما يبطل ما تعترض به ثم تصر على النقاش في كل حرف وجملة وكلمة مما هو ليس داخلاً في مسألتنا فليس بما يليق بك وبنا ..
وقال ابن تيميه في الشرع المنزل ..
((وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته)) ..
لم يبين ما هو ذلك الشرع المنزل ..
ولو قال هو ما نقطع به أنه منزل من الله تعالى بدلالته وثبوته لكانت الجملة تامة صحيحة لا تحتاج تفصيل ..
وهذا الشرع المنزل الذي قلنا به وقلتم أيضاً ..
ثم اختلفنا في رأي الرجال هل يلزمنا أو لا يلزمنا ..
هل هو حجة في الدين أو ليس بحجة ..
وهل هو شرع الله أو ليس بشرع الله ..
فأتنم بهذا النقل تبطلون اعتراضكم علينا وتوافقون على ما قلنا ..
ثم تذكرون بخلاف هذا الذي تنقلون .. !
فنحن قلنا أن الذي قال عنه ابن تيميه أنه لا يجب ولا يلزم به الناس ..
أنه ليس بشرع الله ولا نلتزمه ونقول بخطأ كل من التزمه تقليداً أو ألزم الناس به وحكم به في القضاء وبين الناس في كل شيء ..
فما لكم تنكرون علينا ما تقرون به وتستنصرون بذكره .. ؟!
فقد قدمتم أن كلامنا باطل في عدة مواضع وأن قولنا أن لا يحل إلزام الناس به ولم يأمر الله تعالى بذلك مخالف لقول أهل السنة ..
ثم تذكر قول ابن تيميه الذي وافق قولنا فيه جملة إلا موضع واحد ..
أنه هل يحرم القول بالظن على الله أو لا يحرم ..
فإذا حررنا معنى الظن في لغتنا علمنا خطأ من أخرج هذا النوع في التحريم في مسألة التقول على الله بلا إذن وبالظن وبلا برهان ..
وقال لا يلزم عموم الناس به ..
ولا يمنع عموم الناس منه ..
أي لماذا تمنع من لا تدري إن كان هذا الرجل يصيب الحق فيما يتجهد به أو لا يصيبه ..
بل لا يحل ترك أحد ممن ملك شرط الاجتهاد وهذا قولنا أيضاً ..
ولكن إن بان خطأ المجتهد أو كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب التزامه ..
ولو اقتصرت على كلام ابن تيميه من البداية لما دخلنا بكل هذا التفريع الذي لا داع له ..
وقال الفاضل ..
((فمن الخطأ القول (وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به ..
ومن قال بغير هذا فقد أخطأ يقيناً ... ) فالإجتهاد في فهم الكتاب و السنة قد يصل به صاحبه إلى القطع و قد يصل إلى غلبة الظن بل و قد يخطئ في فهم معاني الكتب و السنة و مع ذلك هذه الطريق مأمور بها بإجماع المسلمين.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لازلنا في إشكال معنى اليقين والظن والشك الذي وقع فيه الأخ الفاضل ..
فلو وقف عليها بما في لغتنا التي أمرنا باتباعها إن عدم البيان الشرعي لارتاح ..
فنحن لا ننكر أن يجتهد المرء إن ملك ما يؤهله للاجتهاد ..
ولكن ننكر أن يكون اجتهاد هذا المجتهد أو غيره حجة شرعية ..
وأن هذا الاجتهاد المبني على الظن حجة يلزم بها الناس ..
وننكر أن ذلك شرع الله الذي أمرنا به ..
وأما بيان أنواع القياس بكلام ابن تيميه فما أسهل رده ..
وأول ذلك ..
كل شيئين فهما يخالفان بعضهما البعض في وجوه ويتشابهان في وجوه ..
فالتفاح يتفق مع الموز في أنه فاكهة وفيها سكر وفيها ماء يمكن صنع عصير منه ..
وكذلك كل شيء في الدنيا يمكن أن تخرج وجه اتفاق بينه وبين غيره من الأشياء في نفس الجنس والنوع ..
لكن العبرة ليست بهذه المشابهة والاتفاق ..
بل العبرة بشاهدة الشرع أن هذا الشبه أو ذلك الاتفاق معتبر في الحكم في الشريعة ..
فأينما ورد ذلك الوصف والاتفاق يجب فيه كذا ..
فإثبات الشبه بين شيئين والاختلاف بينهما ليس بعسير ..
ولو أتيت لي بأي شيء أخرج لك وجه شبه ووجه اختلاف بينه وبين الشي الآخر ..
فقولنا أن هذا الفرق مؤثر فمن أين ذلك .. ؟!
أمن شرع قلنا أن ذلك مؤثر أم من ظن ورأي .. ؟!
وما هي هذه المؤثرات في الأشياء التي نص عليها الشارع أنك متى ما وقفت عليها فلا بد أن تحكم فيها .. ؟!
فإن بين الشرع أنه إذا ورد هذا السبب فلا بد أن تحكموا بكذا في ذلك الأمر فهذا شرع والحمد لله وليس بظن ولا قياس ..
وإن أوجد أحدنا من عنده سبباً وسماه علة ..
فأوجب أنها متى ما وجد ذلك السبب أو العلة كما يسميها خطأ حكم بكذا ..
فهذا ما نبطله ونقول هو ليس بشرع ولا يلزم أحد ..
وأما الثاني من أنواع القياس عند ابن تيميه فهو ورود السبب والصفة والشرط ..
ولا علاقة له بالقياس عند من يجيزه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/232)
ولا ينص شرع على أن حكم كذا متعلق بوجود كذا إلا أن يكون سبباً أو صفة أو شرطاً ..
أما تسمية ذلك علة فهو باطل ..
لأن اللغة لا تعرف هذه التسمية الحادثة من أهل القياس ..
فإن العلة تلازم المعلول ضرورة ..
فكل ما ينتج ضرورة من شيء فهو علته ..
فالإشكال واقع في تسمية أهل القياس لهذا أنه علة ..
أنه من قال أن هذا الوصف ملازم لذلك الشيء .. ؟!
فهذا يحتاج إثبات من برهان ..
ثم من قال لكم أن هذا الوصف إذا وجد في ذلك الشيء يجب الحكم بكذا .. ؟!
فهذا يحتاج إثبات ببرهان أيضاً ..
فصار القياس ليس ثابتاً عند من يقول به بما يقطعون به ..
ولا صارت أجزائه مما يقطعون به ..
فظنون اجتمعت مع ظنون ..
لأن المنصف منهم لا يقول بثبوت القياس بما هو قاطع عنده ..
بل غالب من قال بجوازه يستدل إما بدلالة بعيدة مأولة ليست ظاهرة ..
وإما يستدل بإجماع سكوتي ..
والغريب العجيب ..
أن أكثر من يستدل للقياس بالإجماع السكوتي لا يرى حجية الإجماع السكوتي في الأصل ..
وجملتهم يسير على قاعدة أن الأصول يجب أن تثبت بالقطع لا بالظن ..
ثم يقولون أن تلك الدلالة في النص ليست قاطعة على مرادهم في الاعتبار ..
أليس هذا قولاً غريباً .. !
فأما نسبة العمل بالقياس إلى الصحابة والذي يراد به القياس عند المتأخرين فلا يصح ..
فهل يذكر لنا أحد رواية عن صاحبي وضع فيها الأصل والفرع والعلة والحكم .. ؟!
لو قلبنا تراث الأمة كلها لما وجدنا أحدهم تكلم في هذا ..
وكل ما يظن من فتواهم أنه القياس عند المتأخرين منهم فهو تخرص منهم ولم يقفوا على قول بشرائط القياس والعلة عندهم ..
فكيف نطلق القول أنهم عملوا بالقياس الذي عند المتأخرين بلا تصريح منهم .. ؟!
بل لو قال من منع هذه الدعوى ..
أن الصحابة لم يعملوا بالقياس الذي عندكم لصح كلامه ..
فلا يكون كلام كل أحد وفتوى كل أحد مخرجة على القياس عند المتأخرين ..
أما ما سماه قياسا صحيحاً إن نص الشارع على معنى ..
فهذا ليس بقياس أصلاً ..
وإن عمل الصحابة بهذا النوع وهو الحكم بالسبب والشرط فلم يعملوا بالقياس بما يعرفه أهل القياس من التأخرين والمعاصرين ..
فإن نفى الشارع الفارق بين شيئين في أحكام الديانة فأين هو القياس رعاك الله .. ؟!
فمن عمل بالنص الذي نفى الفرق فقد عمل بالنص ولم يعمل بقياس ..
وكذلك من عمل بالنص الذي قال إذا وجد هذا السبب أو الشرط فاحكموا بكذا فأين هو القياس رعاك الله .. ؟!
كل هذا عمل بالنص الوارد ولا مجال فيه للقياس أصلاً ..
فإن تأمل المجتهد فوجد سبباً نص الشارع على اعتباره موجباً للحكم حكم به ..
أما إيجاد سبب وخلق شرط وإحداث مؤثرات لم ينزل الله تعالى بها شرعاً ..
ولم يتكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم ..
ولم يتكلم فيها ولا أمثالها الصحابة رضي الله عنهم فأي صواب في هذا وأي قطع ..
وأي شرع ننسبه ههنا إلى الله تعالى ونلزم الناس به ..
وكيف يكون هذا الشرع الذي يقول عنه الغزالي وهو أحد أئمة أهل القياس أنه صعب سبره وفهمه .. !
فإذا هذا كان إمام عندهم فيه يقول هكذا ..
فكيف بمن بعده وأدنى منه في العلم ..
وللقارئ أن ينظر الآن إن كانوا يطبقون هذا القياس ..
فأول ما يتركه كل نعم كل أهل القياس الذين صادفتهم فهو باب القياس من الأصول ..
ويدرسونه على عجل ويكتفون بتقليب كتب المذهب عندهم فيعرفوا هذا قياس أو ليس بقياس .. !
ووجدت أكثر من أعرفهم من أهل الظاهر أن أول باب وأهمه عندهم باب القياس ..
فيدرسونه ليعرفوا ما فيه وكيفيته حتى لا يتكلموا بشيء لا يعرفونه ..
لذلك قد أحسن الإمام ابن حزم الظاهري في بيان تناقض أهل القياس ..
ولولا خبرته وعلمه فيه لما تكلم فيه ..
ولما صنف فيه كتابه (الإعراب) ..
الذي كشف فيه تناقضات المذاهب فيه وفي غيره ..
فلو قلنا للقائل بالقياس في مسألة اختلفنا فيها ..
أمرنا الله تعالى بالرد إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
حتى يرتفع الخلاف ..
فلا يستطيع أحد أن يقول أن الرد إلى القياس يوجب رفع الخلاف ..
وإلا لماذا اختلف الفقهاء في المذاهب الأربعة وكان خلافهم لأجل القياس .. ؟!
فنحن نسأل ببساطة ..
هل يوجب القياس رفع الخلاف أو يثبته ويفرعه .. ؟!
ولا أظن أحد تأتيه الجرأة فيقول أنه يوجب رفع الخلاف ..
فالله تعالى أمرنا بالرجوع لشيء لا يختلف فيه أحد ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/233)
حتى يزول ذلك الخلاف الحاصل ..
وعلمنا أنه أمرنا بالرجوع إلى نصوصه لنعلم ما فيه شرعه ..
وكذلك أمرنا بالرجوع إلى اللغة لنفهم ما خاطبنا به ..
وهذا كله باتفاق بين أهل الظاهر وأهل القياس ..
فوجب أن نرجع إلى ما اتفقنا عليه وأثبتنا أنه حق ..
فإن وقع أحدنا بالخطأ وظن أن حديث الآحاد لا يوجب القطع كما يقول بعض أهل الكلام صححنا له ذلك بالبرهان الذي لا شك فيه عنده وعندنا ..
وكذلك أي مسألة فيهما يظن الظان أنها لا توجب القطع ..
فلا نقرر مسألة إلا بما نشهد به ونقطع على أنه من الله تعالى ..
ثم نقرر ما نشاء مما اختلفنا فيه في غيرهما ..
فنعرف أن قول فلان بناء على الظن والقياس إن كان حقاً أو باطلاً ..
بالبراهين التي نتفق عليها والتي أمرنا الله بالرد عليها فقط ..
وما حكيته من اتفاق في الرد عند التنازع إلى كلام الله ورسوله ..
يخالفنا فيه من شذ وقال كلام الله هذا للعوام وهو الشريعة ..
وكلامه وهو الحقيقة لخواص الخواص ولأوليائه ..
فلا نعني هؤلاء ..
وولله لو حررنا هذا الأصل العظيم لما استمر لنا خلاف مع مخالف ..
ولعمنا الحق مع أي أحد من هذه الأقوال ..
ولكن التوفيق عزيز ..
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهله ..
اللهم آمين ..
وقال الفاضل قولاً ..
((فما قطعنا به عن طريق القياس و أنه مراد الله تعالى جاز نسبته لله تعالى سواء كان عن نص أو قياس و ما لم نقطع به و إنما هو غلبة ظن بمرجح معتبر جاز عدم نسبته لله تعالى سواء كان عن نص أو قياس.)) ..
فكيف نقطع بالقياس إن كان ثبوت العلة ظنياً .. ؟!
وأن الأمر به عندكم أيضاً ظني لا قطعي .. !
ثم إذا كان بغلبة الظن فلماذا جاز عدم نسبته لله تعالى .. ؟!
بل لا يحل نسبته إلى الله تعالى ولا جاز عدم نسبته ..
أي جاز عدم نسبته وجازت نسبته .. !
فجاز عدم نسبته إلى الله هل هي أبيح عدم نسبته ..
وهل يباح أيضاً نسبته كما أبحنا عدم نسبته .. ؟!
وننظر في التعقيب الأخر إن كان فيه ما يجب التعليق عليه ..
فإن أقر الفاضل بكلام ابن تيميه وأيده فهو مؤيد لقولنا والحمد لله ..
ولا عيب في الرجوع عن القول ..
فوالله الذي لا إله إلا هو لو وجدت البراهين التي تثبت ما أبطله لما ترددت طرفة عين من الرجوع إلى الحق ..
فالقول بالحق جميل ..
والرجوع إلى الحق أجمل ..
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[04 - 07 - 05, 04:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أما تعليق الأخ الفاضل الأخير فقد تكرر كثيراً ..
وخطأ الأخ الفاضل أنه لم يقف على تعريف أهل اللغة للظن واليقين والشك ..
ولو وقف عليها لما اعترض على هذا ..
وقد بينت ذلك كثيراً ..
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 11:00 ص]ـ
من الأدلة التي ذكرتها في بيان أن الشارع اعتمد العمل بالظن الراجح قوله تعالى {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} البقرة230
فقال الأخ حفظه الله (أقول بارك الله فيك ..
استدلالك ههنا لجواز العمل بالظن الراجح أو الغالب لا يصح ..
الظن الذي ذكرته ههنا ليس هو ظن في أحكام الله تعالى وشريعته ..
وإنما هو في علاقة بين طرفين ..
إلا أنه يتعلق به الشرع من جهة التطليق ومن جهة ابتداء عقد النكاح مرة أخرى ..
وليس هذا مدخلاً لأصل مسألتنا وهو جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى ..
فإن طلق الزوج زوجته طلاقاً باتاً ثم أراد الرجوع إليها ولم يجزم ويقطع أنها ستكون أفضل مما كانت في حياتهما الزوجية الأولى ولا هي كذلك ..
فرجح من ظهور علامات القبول والرضا الموافقة على الإحسان والعشرة بالمعروف فله أن ينكحها ..
وإن ظهر له أو ظن كذلك من خلال كلامها أنها لن تعينه على إقامة حدود الله في الزوجية وهي العشرة بالمعروف والإحسان فليس له أن ينكحها ..
فهو ما طلقها إلا لأجل أسباب معينة وموافقتها على الزواج موافقة على ترك هذه الأسباب التي أوجبت التطليق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/234)
أما إن كانا يريدان أن يتراجعا وهما على ما كان عليه من شقاق وفعل ما يوجب الشقاق والتطليق فلا يحل لهما ذلك لأنه العمل بما يجزم كل منهما أنه يضر صاحبه به ..
وقد أمرنا في الزواج بأن نحسن إلى بعضنا وأن لا نضار بعضنا ..
فإما إمساك بمعروف وإما تسريح بمعروف ..
فهذا الظن الذي ذكرته ليس هو الذي ذكرته أنا ..
وليس هو كذلك محل النزاع ههنا ..
فكيف نقول أن الظن ههنا منسوب إلى الله تعالى .. ؟!
بل لا يمكن ذلك ..
وكذلك إن قلت أن هذا الظن غالب وأمرنا بالعمل به فليس كذلك أيضاً ..
دعنا نفترض وجود زوج طلق زوجته وأراد إرجاعها ..
وهي مثلاً أختك والزوج أخي ..
وحصل الخلاف والتطليق لأجل معصية الزوج وطلبه من الزوجة أن تأتي ما حرم الله تعالى أو كان عاصياً فاسقاً يشرب الخمر ويزني ..
ثم تقدم أخي يريد إرجاع زوجته ..
ألا تقول له وهي أختك ..
هل تبت عن الحرام .. ؟ وهل أتيت لترجعها ولتطلب منها ما حرمه الله تعالى أيضاً .. ؟
هل تركت الباطل الذي كان بسببه التطليق .. ؟!
سيقول لك نعم الحمد لله ..
فظهر لك أن حاله استقام وليس لك البحث عن نيته ..
فلك أن تأذن لأختك بالزواج منه لظهور صلاحه وترك ما أوجب التطليق ..
وإن قال لك لا لم أتب لازلت أتعاطى الخمر وغيرها ..
فهل توافق حينها .. ؟!
فأي حكم ههنا بالظن الراجح الغالب الذي يعمل به أهل الرأي .. ؟!
فهذا ظهور علامات معينة وهي توبته أو رجوعه إلى الحق أو ترك موجبات التطليق فأوجبت أن نوافق أو نرفض الزواج ..
فالظن ههنا ليس كما ذهبت إليه في تفسيرك ..
فهو أمر ظاهر للزوج والزوجة من خلال ما يشاهدان ..
وهما لا يقطعان بأن يقيما حدود الله تلك في كل أحد ..
لأنك لا تستطيع أن تقطع بخلق شخص وأنه سيأتي بالحلال دائماً ..
لكن ظهر من قول الزوج وتوبته وعزمه على ترك ما أوجب التطليق أنه سيقيم حدود الله فيها التي تركها عند التطليق الأول ..
وكذلك الزوجة ولا فرق ..
فلم يكن الحكم بناء على الظن ههنا ..
إنما هي موافقة على الزواج أو عدم الموافقة بظهور ما يدل قطعاً على ترك التعدي على حدود الله ..
لأنك لا تستطيع أن تقول أن المطلقة لأجل ترك إقامة حدود الله وشريعته في الزوجية ترجع للزوج دون أن تتأكد منه أنه لن يعود إلى ذلك ..
وكذلك الزوج بلا فرق ..
فيدخل الظن ههنا في نفسها ونفسه ..
فهل سيطبق شرع الله في هذه الحياة الزوجية بعدما أكد لي قبل عقد الزواج أو لا؟!
فهذه يشك فيها كل أحد لأنها أخلاق وأديان وقلوب يقلبها الله تعالى بين أصبعيه ..
واكتفت الزوجة أو الزوج بما نطق به أحدهما من التوبة والعزم على عدم العود إلى موجبات تلك الفرقة .... ).
فهذا حكم عام يشمل صور لا حصر لها العمل به مقيد بالظن لا بالجزم فالله تعالى لو أراد تقييد هذا الحكم بالجزم لقال فإن علما أو فإن تيقنا و لكن لما عدل عن لفظ اليقين و العلم علم بأن هذا الحكم معلق بالظن لا بالجزم و ليس المراد هنا بالظن الظن المرجح بغير دليل لأن اتباع الظن المرجح بغير دليل حرام بإجماع العقلاء فلم يبق إلا الظن الراجح فهذه الآية دليل من جهة أن الله تعالى علق الرجوع بغلبة الظن و لو كان العمل بالظن الراجح حرام و أنه من جنس اتباع الظن المحرم لما علق الحكم به.
و الحكم المعلق به في هذه الآية عن الحال لا عن المآل فمن ظهر من حاله أنه قد استقام و أراد أن يقيم حدود الله بينه و بين مرتجعته فلا جناح عليهما أن يتراجعا.
فمن جهة التأصيل علق الله تعالى هذا الحكم بالظن فهو حكم عام و لا شك و من جهة التنزيل لا بد من وجود اليقين أو الظن الغالب بأن كلا الزوجين يريدا أن يقيما حدود الله فإن وجد الظن الغالب فلا جانح عليهما أن يتراجعا فلا وجه لقول الأخ الفاضل (استدلالك ههنا لجواز العمل بالظن الراجح أو الغالب لا يصح ..
الظن الذي ذكرته ههنا ليس هو ظن في أحكام الله تعالى وشريعته ..
وإنما هو في علاقة بين طرفين ... ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/235)
ثم إن التفريق بين ظن يعمل به في التنزيل و ظن لا يعمل به في التأصيل تفريق لا دليل له فالظن إن كان غالب و ترجح بمرجح ظاهر يعمل به التنزيل و التأصيل و إن كان ظنا من غير مرجح ظاهر فهو ظن باطل لا يجوز اتباعه و قد بينا أكثر من مرة أن حتى نصوص الشارع من كتاب و سنة يختلف فيها أهل العلم و بعضهم يرجح ما يخالف غيره من أهل العلم و من المعلوم أن أحدهما لا بد أن يكون قد حكم بظن راجح عنده فأخطأ و لو كان حكمه بيقين لما أخطأ و لم يقل أحد له يجب أن تتوقف عن الحكم بهذا الظن الراجح لأن لو قيل هذا للزم كل أهل العلم التوقف عن الإجتهاد لأن ما من عالم إلا و قد أخطأ في فهم آية أو حديث قال تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} النساء23.
قال بن كثير رحمه الله (فالجمهور على أن الربيبة حرام سواء كانت في حجر الرجل, أو لم تكن في حجره, قالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له, ... ).
و قال كذلك (وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا إبراهيم بن موسى, أنبأنا هشام ـ يعني ابن يوسف ـ عن ابن جريج, حدثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة, أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان, قال: كانت عندي امرأة فتوفيت, وقد ولدت لي فوجدت عليها, فلقيني علي بن أبي طالب فقال: ما لك؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال علي: لها ابنة؟ قلت: نعم وهي بالطائف. قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا, هي بالطائف قال: فانكحها, قلت: فأين قول الله {وربائبكم اللاتي في حجوركم}؟ قال: إنها لم تكن في حجرك إنما ذلك إذا كانت في حجرك, هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم, وهو قول غريب جداً ... ) فالصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا في آية واحدة على معنيين متضادين لا يمكن الجمع بينهما و لا بد أن أحدهما يكون مخطئا و من كان مخطئا لم يكن و لا شك جازما لأن الجزم لا بد أن يكون موافق الحق فلم يكن إلا مرجحا لرأي بمرجح معتبر عنده و لو لم يكن مرجحا بمرجح عنده لم يقل بهذا القول و لتوقف عن الترجيح فدل على أن الترجيح بغلبة الظن عند الصحابة جائز حتى لو كان في كتاب الله و هذا دأب كل أية أو حديث اختلف أهل العلم في معانيها على أقوال متضادة و هذا دليل ظاهر على أن أهل العلم كانوا يستعملون الظن الراجح في فهم كتاب الله تعالى و سنة النبي صلى الله عليه و سلم و لم يتوقفوا عن العمل بهذا الظن حتى لو في كتاب الله تعالى ثم مع ذلك يقولون بأن هذا هو مراد الله تعالى في كتابه و مراد رسول الله صلى الله عليه و سلم في سنته أو يدل عليه حالهم.
فالأخ الفاضل تمسك بأن الآية المقصود بها العمل بين الزوجين و نحن نتكلم عن تعليق الله تعالى حكم الرجوع بالظن و هذا حكم كلي لا عيني فكل من أرادا أن يتراجعا و ظنا أنهما يقيما حدود الله تعالى فلا جناح عليهم أن يتراجعا فتعليق هذا الحكم بالظن دل على جواز العمل بالظن الراجح و أنه ليس من الظن المحرم المنهي عنه.
و أما قوله (فالظن ههنا ليس كما ذهبت إليه في تفسيرك ..
فهو أمر ظاهر للزوج والزوجة من خلال ما يشاهدان ..
وهما لا يقطعان بأن يقيما حدود الله تلك في كل أحد ..
لأنك لا تستطيع أن تقطع بخلق شخص وأنه سيأتي بالحلال دائماً ..
لكن ظهر من قول الزوج وتوبته وعزمه على ترك ما أوجب التطليق أنه سيقيم حدود الله فيها التي تركها عند التطليق الأول ..
وكذلك الزوجة ولا فرق ..
فلم يكن الحكم بناء على الظن ههنا ..
إنما هي موافقة على الزواج أو عدم الموافقة بظهور ما يدل قطعاً على ترك التعدي على حدود الله ..
لأنك لا تستطيع أن تقول أن المطلقة لأجل ترك إقامة حدود الله وشريعته في الزوجية ترجع للزوج دون أن تتأكد منه أنه لن يعود إلى ذلك ..
وكذلك الزوج بلا فرق ... ).
من عبارات الأخ نستطيع أن نعرف أن الأمر في حقيقته و إن كان في بعض أحواله قد يجزم به و لكن الظن الغالب يقع في بعض طرقه فقوله (فهو أمر ظاهر للزوج والزوجة من خلال ما يشاهدان) و الظاهر غير المقطوع به و قوله (لكن ظهر من قول الزوج وتوبته وعزمه على ترك ما أوجب التطليق أنه سيقيم حدود الله فيها التي تركها عند التطليق الأول .. ) و قوله (إنما هي موافقة على الزواج أو عدم الموافقة بظهور ما يدل قطعاً على ترك التعدي على حدود الله .. ) فالحكم بصلاح الزوج أو الزوجه هو في حقيقته ظن غالب لا جزم فقد يصرحا أن يريدا أن يقيما حدود الله و لكن يتبين من حال أحدهما مثلا أن لا يريد أن يقيم حدود الله و قد يجزم بأن يريد إقامة حدود الله و قد يتوقف فيه بالنظر إلى حاله هل هو ممن يقيم حدود الله الله أم لا؟ و قد يغلب على الظن أن يقيم حدود الله و لا يجزم به فمتى ما جزم بأنه يريد أن يقيم حدود الله بالتبين أو غلب على ظننا جاز التراجع و كلامنا هنا عن الحال لا المآل فالمآل لا نعلم به لأنه قد نجزم من حاله أن يريد إقامة حدود الله و جزمنا حق في حاله الذي نراه و لكن قد يتغير دينه و خلقه و يتغير حاله فيما بعد فيكون عندنا جزم آخر يضاد الجزم الأول في حالين مختلفين.
فالموافقة على التراجع مشروطه بالظن أنهما يقيما حدود الله و الظن هذا يعرف من حالهما حين إرادة التراجع لا أنه معلق بحالهما بعد التراجع و معرفة حالهما مقيده بالظن لا الجزم أي متى ما ظن أنهما يريدا إقامة حدود الله بينهما جاز التراجع و لو ترجح عدم إقامة حدود الله أو توقف لم يجز التراجع و لو تراجعا و هذه حالهما كانا ممن اتبع الظن المحرم لا المشروع.
فدل على أن الآية حجة في العمل بالظن الراجح سواء كان العلم في الكليات أو المعينات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/236)
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 12:08 م]ـ
و احتججت بقوله تعالى {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} يوسف42
فرد الأخ على احتجاجي بقوله أقول بارك الله فيك ..
وليست هذه الآية دليلاً على جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى وشرعه ..
يوسف الصديق عليه السلام فسر الرؤيا وظن أن هذا الرجل ناج ..
وقال له اذكرني عند الملك ليخرجني من السجن ..
وهذا ليس اتباع ظن ولا قول به ولا نسبته إلى الشرع ..
فلا يصلح هذا الدليل للاستشهاد به في محل النزاع ..
وهذا لا مدخل له في التشريع والحكم في الدين في شيء أصلاً ... ).
فالله تعالى أقر يوسف على ظنه و لم يرد عليه بأن اتباعه للظن هنا محرم ولم يكن ظن يوسف هنا ظن مساوي و لا مرجح بغير دليل فدل على أن العمل بالظن الراجح بمرجح معتبر معتبر عند الله و عند رسله عليهم السلام و أما التفريق بين الديانه و بين غيرها فهذا تفريق من غير دليل فلم يذكرنا الأخ الفاضل دليل من كتاب و سنة أو إجماع معتبر حرمة العمل بالظن الراجح إذا كان الترجيح بمرجح معتبر شرعا فدلائل كتاب الله عامة لا يجوز تخصيصها إلا بدليل صحيح معتبر و إلا كان تحكما على الله و قلنا أكثر من مرة الظن يدخل في فهم كتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم و مع ذلك لم ينه أحد من الصحابة من الشروع في تفسير كتاب الله أو بيان مراد النبي صلى الله عليه و سلم نعم قد يتوقف بعضهم خوفا من القول على الله بغير علم أو لعدم ترجح أحد المعاني عنده و لكن لم يتوقف كلهم عن هذا الأمر إذا ترجح عنده أحد المعاني.
فالمحرم كما ذكرنا هو اتباع الظن بغير برهان و المشروع اتباع الظن ببرهان فمن قال بأن اتباع الظن ببرهان ظاهر يدخل في اتباع الظن الممنوع فقد افترى على الله و كذب فكل اتباع للظن بغير برهان فهو محرم سواء كان في العمليات أو العلميات و سواء كان في الكليات أو الجزئيات أو المعينات و كل اتباع الظن ببرهان ظاهر جائز سواء كان في العمليات أو العلميات و سواء كان الكليات أو الجزئيات أو المعينات و من قال غير هذا فقد أتى بقول لا يسنده لا عقل و لا نقل و إنما اشتبه عليه نصوص من كتاب الله تعالى تحرم اتباع الظن فظن أن كل ظن لا يجوز اتباعه ثم لما نظر إلى كتاب الله تعالى و سنة النبي صلى الله عليه و سلم و الأمر بالتمسك بهما أخرج فهمهما و إن كان بظن راجح من الظن المحرم مع أن المعنى و احد ففرق بين وجوب اتباع الكتاب و السنة بالجملة و حرمة الخروج عنهما و بين التمسك بفهمها و اتباعه ففهم النصوص لا يلزم كل معين و إنما يلزم من رجح هذا الفهم و من وافقه على هذا الفهم و لا يلزم من خالفه في الفهم إذا كان النص يحتمل أكثر من معنى و كان المرجح من أهل الإجتهاد بل و لا من توقف عن ترجيح أحد الأقوال المعتبره في النص و هذا الأصل كما هو مستقر في نصوص الكتاب و السنة كذلك مستقر في القياس عن من قال بالقياس و لا فرق.
و الأقوال المعتبره المختلفه في نصوص الكتاب و السنة يجوز لمن رجح أحدها بما ظهر له نسبتها إلى الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه و سلم بما ترجح عنده و إن لم يكن جازم بما ترجح عنده و يجوز له كذلك عدم نسبتها و نسبة هذا الفهم لنفسه و هذا الأصل يلزم الظاهرية و غيرهم فمن المستقر حسا و مشاهدة و عقلا و شرعا أن الظاهرية و لاشك أصابوا في فهم بعض نصوص الكتاب و السنة و أخطأوا في بعضها فهل يحل لهم نسبة ما أخطأوا به إلى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم فإن قيل يحل قيل كذلك يحل لغيرهم هذا و إن قيل يحرم قيل فلم ينسبون كل ما فهموه من النصوص إلى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم مع أنهم و لا شك يقعون في فهم بعض النصوص خطأ و يقطعون بخطأ مخالفهم كما نقل شيخ الإسلام عن داود و أصحابه و من المعلوم أن ما أخطأوا في فهمه لم يكونوا جازمين و إلا لكان في نفسه حقا.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 12:49 م]ـ
تنويه مهم قبل إكمال الرد على الأخ الفاضل:
أنا لم أقل في حياتي كلها وجوب العلم بالظن الراجح فيما كان محله اجتهادات أهل العلم سواء كان هذا الظن في النص أو في القياس و اجتهادات اهل العلم كما ذكر شيخ الإسلام تسوغ و لا تجب و لا تلزم كل معين كما يلزم الشرع المنزل كل معين ففهم الشرع شئ و التمسك بعين الشرع شئ آخر.
و لكن أصل الخلاف قول الأخ (هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟
فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة .. ) هذا كلامه بنصه و فصه.
فالأخ كلامه ظاهر بأنه يحرم العمل بالظن الراجح بل و يجزم بأنه لم يرد نص في الشرع بجواز العمل بالظن البته و لا يقال بأنه مراده هنا العمل بالظن غير الراجح لأن العقلاء كلهم مجمعون بعدم جواز الترجيح من غير مرجح و أهل العلم كلهم يحرمون اتباع الظن من غير ترجيح بمرجح بغض النظر عن صحة المرجح أو بطلانه فشيخ الإسلام رحمه الله يسوغ اتباع الظن الراجح و هو ما سماه بإجتهادات المجتهدين و الظاهرية كما نقل عنهم الأخ يحرمون اتباع اجتهادات المجتهدين.
و أما مسألة نسبته للشرع فهذه مسألة أخرى قد بينا وجه في أكثر من موضع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/237)
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[05 - 07 - 05, 12:31 ص]ـ
و قول الأخ (فإن أقر الفاضل بكلام ابن تيميه وأيده فهو مؤيد لقولنا والحمد لله ..
ولا عيب في الرجوع عن القول .. ) و لننقل كلام الشيخ بلفظه حتى نعرف ما هو كلام الشيخ الذي هو مؤيد له ([الشرع المؤول]. وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه.).
و قال رحمه الله (و [المتأول] موارد الاجتهاد التي تنازع فيها العلماء، فاتباع أحد المجتهدين جائز لمن اعتقد أن حجته هي القوية، أو لمن ساغ له تقليده ولا يجب على عموم المسلمين اتباع أحد بعينه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.).
هذا كلام الشيخ بلفظه و شيخ الإسلام هنا يجيز العمل بالشرع الموؤل و هو آراء المجتهدين ولا يوجبه و لا يحرمه و لننقل أصل الظاهرية الذي أقره الأخ الفاضل بل و قطع بأنه لا يوجد دليل واحد يجيز العمل بالظن فقال الأخ بن تميم {هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟
فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة .. } و ردنا هو على قوله (لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء .... ) و قوله (ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة ... ) فهل مذهب شيخ الإسلام هو مذهب الظاهرية بعدم جواز العمل بالظن البتة لا في فتيا و لا قضاء و لا حكم أم مذهبه جواز العمل به و إن كان لا يوجبه فإن كان الأخ يقر بما ذهب إلى شيخ الإسلام فليقر ببطلان مذهب الظاهريه الذي قرره في أول مشاركاته.
و أنا لم أقل أبدا بأنه يجب العمل بالظن الراجح لذا قلت (الرابع: الظن الراجح أو غلبة الظن و هذا كذلك يجوز العمل به بإجماع الفقهاء .... ) و لم أقل يجب و لا أعرف كيف فهم الأخ أني أوجب العمل بالظن الراجح و أنه يلزم كل مكلف اتباعه.
و قلت في موطن آخر (فالظن إذا كان بمعنى الجزم يجوز العمل يه بالإجماع و إذا كان راجحا يجوز العمل به بإجماع الفقهاء .... ) و فرقت في النقل بين إجماع الفقهاء و بين غيرهم.
ثم انظر إلى قول الأخ الفاضل (وكذلك ..
فإن الشريعة منعت القول على الله بالظن مطلقاً ..
فمنعتنا من أن نقول هذا حلال وهذا حرام بلا برهان من الله تعالى ..
لذلك لو رجعنا إلى كثير من الأئمة وجدناهم يقولون عن الحرام: نكره هذا ولا نحبه والاولى تركه خوفاً من أن يقولوا هذا حرام بلا يقين فيقعوا بما حذرهم الله تعالى منه ..
وكذلك كانوا يقولون في الحلال نحب هذا والأولى هذا ويعجبني كذا ..
كذلك هذا وارد عن الصحابة رضي الله عنهم ..
فلم يقولوا بالظن ثم نسبوه إلى الله تعالى ولا إلى الشرع .... ) هو ينقل عن الشريعة بأنها منعت القول على الله بالظن مطلقا ثم يؤيد كلام شيخ الإسلام بأنه يسوغ العمل بالشرع المؤول الذي هو اجتهادات المجتهدين و التي هي عند الظاهرية من الظن الممنوع ثم ينقل عن الصحابة رضوان الله عليهم العمل بالظن و لا أعرف كيف عمل الصحابة حتى لو كان لأنفسهم بما منعت منه الشريعة مطلقا فلو صح أن الشريعة منعت من العمل بالظن مطلقا لكان الصحابة أولى الناس بتركه و لكن لما عمل به الصحابه رضوان الله عليهم دل على جوازه و هذل كذلك دليل ساقه الأخ الفاضل ليهدم أصل الظاهرية بتحريم العمل بالظن مطلقا.
ثم إني لا أخالف بأن اجتهاد المجتهد لا يلزم به غيره سواء كان هذا الإجتهاد اجتهاد في فهم نص يحتمل عدة معاني أختلف فيها أهل العلم أو قياس و لكن هذا الإجتهاد يسوغ للعالم العمل به لأنه يرى هو الحق في هذه المسألة و من وافقه على هذا الرأي و لا يكون لازما لعموم الأمة لأن هذا لا يكون إلا للكتاب و السنة و الإجماع المعتبر و لو كان الظن يمنع من العمل به مطلقا لما عمل به الصحابة و أفتوا من استفتاهم به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/238)
فالأخ في أول مشاركاته في هذا الموضوع نقل حرمة العمل بالظن مطلقا بل و قطع أنه لا يوجد دليل يدل على جواز العمل بالظن ثم آخر كلامه أيد كلام الشيخ رحمه الله بتسويغ العمل باجتهادات المجتهدين و في أثناء مشاركاته نقل أن الصحابة رضوان الله عليهم عملوا بالظن و أفتوا و لا أعرف بأي كلام الآخ نأخذ بمنعه للعمل بالظن مطلقا أم بتجويزه للعمل بالظن مع عدم إيجابه على عموم المسلمين.
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[05 - 07 - 05, 04:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أخي الحبيب ..
ما لك تستعجل .. ؟!
تروى وأقرأ كلامي لتعرف أني ما قلت بما حكيته عني واعترضت ..
فتمهل أخي واقرأ جيداً حتى لا نعيد ما قلناه ثم ترجع تعترض بما بيناه ثم نرجع ننسخ ونضع ..
فلن ننتهي هكذا إن قرأنا كلام بعضنا بهذا الشكل وتلك السرعة ..
فالقضية ليست سبق ..
وإنما بيان مسائل في الدين ..
ولا يمنع أن يتمهل المسلم ويحسب خطوته ويعرف أين تكون ..
ثم إنك تتكلم ولا تجيب على ما أسألك عنه ..
وتعترض على فروع ولا تذكر برهان مسألتك التي تدافع عنها ..
وتأت بأدلة بعيدة عن محل النزاع وتكررها وتكرر قول ابن تيميه فيها ..
ونحن لا نقول في ابن تيميه إلا خيراً ..
لكن كلامه ليس هو الذي أمرنا بالرجوع إليه عند التنازع ..
فأقول لك تفسيرك للظن واليقين والشك لا يصح لأنه بخلاف اللغة ..
ولا تأت بذكر له ولا تعترض عليه وتكرر كلام ابن تيميه ..
فلو كان كلامي خطأ وأني تقولت على اللغة فبين لي ذلك أو للقارئ حتى لا يقع في الخطأ بسبب كلامي ..
فالكثير مما سألتك عنه واعترضت به لم تجب عنه ..
رغم أني راعيت كل جملة قلتها وبينت ما فيها وما ارتضيه منها ..
وإن أصبت قلت هذا قولنا وهو الحق أو الصواب أو غيرها من العبارات التي تدل على الموافقة لما تنقله أو لأمر يتفرع عنه ..
وما قلته أنا كله وما كان في أصل مسألتنا أعرضت عنه .. !
والآن تنقل عني خطأ وتفهمه خطأ وتنطق بلساني ما لم أقله ..
فأجمل أخي الفاضل غفر الله لي ولك ..
وقد نقلت عني ما لم أقله ..
وقد قلت لك ..
((أما قول ابن تيميه ..
((قال شيخ الإسلام بن تيميه (الشرع المنزل]. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته. والثاني [الشرع المؤول]. وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه. والثالث [الشرع المبدل]. وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها؛ والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع، كمن قال إن الدم والميتة حلال ـ ولو قال هذا مذهبي ونحو ذلك. .. )). قال ابن تميم الظاهري .. أما كون الآراء شرعاً فباطل ..
وما كان من عند الله تعالى فهو الشرع بمعنى شرع الله .. والتشريع كذلك ..
وهو خاص بما بينه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .. أما آراء الرجال فليست بشرع بمعنى الشرع الذي نتنازع فيه البتة .. وإنما هي رأي قائلها ومن قلده .. أما ما ينسب إلى الله تعالى كذباً فهو التبديل والتحريف للحق والواجب ..
ولا يسمى شرعاً بمعنى نسبته إلى الله تعالى .. بل قد يكون النص صحيحاً والحكم فيه ظاهر صحيح لا شك فيه .. ثم يدخله التبديل والتحريف .. فلا نقول شرع مبدل .. بل نقول القول هذا تبديل وتحريف .. فإن النص هذا صحيح وهو من شرع الله ثم دخله التحريف والكذب .. أما ما لم يثبت كونه شرعاً فيجوز إطلاقنا عليه الشرع المبدل باعتبار ما كان .. كإطلاقنا على التوارة والإنجيل أنهما شرع مبدل محرف .. فهما كانا شرع ثم بدلاً وحرفاً فلم يظهر لنا منه ما هو الشرع وما هو التحريف .. فباعتبار ما كان فهو شرع ثم أبطل الله تعالى كونه شرعه الثابت .. أما شريعتنا فلا يقول فيها (شرع مبدل) .. لأن نفس الشرع لم يتبدل بل أضيف إليه بالكذب والتحريف .. فعندما نتكلم أن ذلك شرع الله نريد الشرع الذي ثبت قطعاً أنه من الله تعالى .. ولا نريد معنى الشرع والتشريع باللغة أو العرف .. وقد يصح أن نقول هذا شرع مؤول ونعني أن ذلك الدليل هو شرع والرأي الذي فسره واجتهد به هو الذي أوّل النص .. ثم إن التأويل لا يختلف في وقوعه أحد أصلاً .. وإنما المراد معنى التأويل الذي هو ليس بشرع الله ولم يثبت قطعاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/239)
. فأهل العلم يسمون التفسير تأويلاً كابن جرير الطبري ومن وافقه .. ويقولون كذلك أن هذا اللفظ مؤول بمعنى أنه ليس المراد منه ما يظهر منه بل معنى آخر بينه النص أو الحس .. فإطلاق جملة (الشرع المؤول) غير دقيق ولا يصح بما ذكرته ..
فإن تأول مجتهد معنى نص فلا يسمى تأوله هذا شرعاً .. وإنما يقال هذا رأي فلان في مسألة كذا ولا يقول أحد أن شرع فلان كذا .. ولو كان هذا الإطلاق صحيح لكانت مذاهب الأئمة شرائع شتى .. وما قال أحد أن أقوال المذاهب والأئمة هي شرائع .. فتقسيم الشيخ لا يعني صحة كل ما جاء به .. ثم إن من تنقل عنه وهو ابن تيميه يبطل أن يكون ذلك الاجتهاد والرأي شرع منسوب إلى الله تعالى ويجب إلزام الناس به .. وأطلق القول فيه وقال ..
((وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه فهذا يسوغ اتباعه، ولا يجب ولا يحرم وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه)) .. فإذا كنت تقر بهذا فلماذا تعترض على ما تؤيده .. ؟! وإن كنت تريد بيان أشياء وردت في المقال فليس هذا مقامها بارك الله .. وكنت طلبت بيانها أو الحوار فيها في مقال آخر أو مقام آخر .. أما أن تأتي بما يبطل ما تعترض به ثم تصر على النقاش في كل حرف وجملة وكلمة مما هو ليس داخلاً في مسألتنا فليس بما يليق بك وبنا .. )) ..
كأنني لم أقل كل هذا حتى تأتي فتعترض علي .. !
على كل حال هب أنه أتاك من يسألك في الدين وسألتك مستفتيا فقال ..
وقلت ..
((فأتنم بهذا النقل تبطلون اعتراضكم علينا وتوافقون على ما قلنا .. ثم تذكرون بخلاف هذا الذي تنقلون .. ! فنحن قلنا أن الذي قال عنه ابن تيميه أنه لا يجب ولا يلزم به الناس .. أنه ليس بشرع الله ولا نلتزمه ونقول بخطأ كل من التزمه تقليداً أو ألزم الناس به وحكم به في القضاء وبين الناس في كل شيء .. فما لكم تنكرون علينا ما تقرون به وتستنصرون بذكره .. ؟! فقد قدمتم أن كلامنا باطل في عدة مواضع وأن قولنا أن لا يحل إلزام الناس به ولم يأمر الله تعالى بذلك مخالف لقول أهل السنة .. ثم تذكر قول ابن تيميه الذي وافق قولنا فيه جملة إلا موضع واحد .. أنه هل يحرم القول بالظن على الله أو لا يحرم .. فإذا حررنا معنى الظن في لغتنا علمنا خطأ من أخرج هذا النوع في التحريم في مسألة التقول على الله بلا إذن وبالظن وبلا برهان .. وقال لا يلزم عموم الناس به .. ولا يمنع عموم الناس منه .. أي لماذا تمنع من لا تدري إن كان هذا الرجل يصيب الحق فيما يتجهد به أو لا يصيبه .. بل لا يحل ترك أحد ممن ملك شرط الاجتهاد وهذا قولنا أيضاً ..
ولكن إن بان خطأ المجتهد أو كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب التزامه .. ولو اقتصرت على كلام ابن تيميه من البداية لما دخلنا بكل هذا التفريع الذي لا داع له .. )) ..
هل يجوز العمل بالظن في شرع الله .. ؟!
وإن كان يجوز فما هو الدليل الذي لا شك فيه الذي أجاز أن نتقول على الله ما ما لم يأذن لنا به بلا برهان ..
وكيف نصرف قوله تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}؟!
وهل يجوز أن ننسب آراء الرجال إلى شرع الله ونقول هي دين الله تعالى .. ؟!
وهل يجوز أن نلزم الناس بهذه الظنون والآراء .. ؟!
ولا أريد كلام الرجال بل أريد الدليل الصحيح بسنده ..
ونحن تبع للدليل لا لغيره فأرشدني ..
فماذا تجيبه .. ؟!
هل تأتي له بقصة يوسف لما ظن أن الرجل ناج فقال أذكرني عند ربك فنسي .. ؟!
سيقول لك ..
وما دخل هذا في التشريع والحكم .. ؟! فالقضية هنا أنه ظن أن الرجل ناج فقط ..
فما علاقة ظنه أنه ناج بالحكم والتشريع .. ؟!
وما هو الحكم الشرعي الذي نتج عن هذا .. ؟!
أو تأت بالدليل الذي قال الله تعالى به أن الزوج والزوجة إن ظنا أن يقيما حدود الله ..
فأي ظن في حكم أو تشريع .. ؟!
أما قرأت من مقالي أن بينت تعريف الظن عند أهل اللغة وأنهم يستعملون الظن بما يدركونه بالمشاهدة والمعاينة والخبر بمعنى اليقين .. ؟!
هل نقول أن الظن هنا شك كما هو معلوم في معنى الظن في اللغة .. ؟!
أيأمرهم الله تعالى وهما شاكين بإقامة حدوده أن يتراجعا .. ؟!
هل تبطل أن يكون الظن معناه الشك في اللغة التي خوطبنا بها .. ؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/240)
فهذا الظن في الآية بمعنى اليقين لأن المعنى اللغوي باطل ههنا في هذا المقام إذا نظرنا في معنى الآية ويجب على كل أحد أن يبطله وليس أهل الظاهر فقط ..
فالظن إما أن يكون معناه اليقين إن كان عن أمر أدركناه بالمشاهدة أو الخبر ..
وإما أن يكون معناه الشك ليس له غير هذين المعنيين في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها ..
فأي تعريف للظن تقول به ومن أين أتيت به لتبطل معناه في اللغة التي يتفق كل أهل الإسلام أن الله تعالى تكلم بلسان عربي مبين .. !
فكيف تفسر الظن ههنا بالله عليك .. ؟!
فاذكر دليلاً في محل النزاع تسلم من الاعتراض ..
فأجب بارك الله فيك بدليل واضح في محل النزاع للننتهي من الحوار هذا بعلم نستفيد به ..
أما كثرة النقول فلا ينتج عنها إلا كثرة الاعتراض والردود ..
وقد أمرنا الله تعالى عند التنازع بالرد إليه ..
فهل تردنا إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ليرتفع الخلاف والتنازع .. ؟!
انتظر دليلاً وبرهاناً كالشمس على هذه المسائل ..
المسألة الأولى: هل يجوز العمل بالظن في دين الله تعالى .. ؟!
أي هل أمرنا الله تعالى أن نتقول عليه بالظن .. ؟!
المسألة الثانية: هل يجوز أن ننسب آراء الرجال التي هي مبنية على الظن إلى دين الله تعالى وشرعه فنقول قول الإمام أحمد شرع الله ودينه، وقول الإمام الشافعي شرع الله ودينه وهكذا في كل الأئمة ..
المسألة الثالثة: هل يجوز أن نلزم الناس بهذه الظنون .. ؟!
فنحكم بين الناس فيها في الدماء والأعراض والأموال والنفوس ..
أجب على هذه الأسئلة ببراهين لنخلص إلى نتيجة يوقن بها الإنسان ..
واذكر كل ذلك بدليله من الشرع ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولا تذكر لي قول الرجال فإن الله تعالى لم يقل إذا تنازعنا (ارجعوا لرأي فلان أو فلان من الناس) بل قال إلى الله ورسوله فقط ليرتفع الخلاف ..
وها أنا انتظر هذا الدليل ..
وليعلم كل من يقرأ أني أقسم قسماً براً أنه لو ذكر الأخ الفاضل دليلاً على ما يقول لتركت قولي إلى قوله ولشكرته ودعوت له في غيبته وفي حضوره ..
فقد أهدى لنا الحق الذي غاب عنا ..
فأنا هذا الذي بلغته من النصوص ولم أرى ما يثبت هذه المسائل ..
ومن يعلم حجة على من لا يعلم ..
واقتصر على هذه الأدلة بارك الله حتى لا يتشتت البحث ..
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[05 - 07 - 05, 10:17 ص]ـ
أخي الفاضل قلت (((فأتنم بهذا النقل تبطلون اعتراضكم علينا وتوافقون على ما قلنا .. ثم تذكرون بخلاف هذا الذي تنقلون .. ! فنحن قلنا أن الذي قال عنه ابن تيميه أنه لا يجب ولا يلزم به الناس .. أنه ليس بشرع الله ولا نلتزمه ونقول بخطأ كل من التزمه تقليداً أو ألزم الناس به وحكم به في القضاء وبين الناس في كل شيء ... ) و نسبت إلي أني فهمتك خطأ و أني نسبت لك القول بجواز العمل بالظن و إن كان هذا الظن لا يلزم الناس و إنما يعمل به من غلب على ظنه أنه حق و الحق أن هذا هو كلامك لا كلامي فقلت وفقني الله و إياك إلى الحق (وقال لا يلزم عموم الناس به ..
ولا يمنع عموم الناس منه ..
أي لماذا تمنع من لا تدري إن كان هذا الرجل يصيب الحق فيما يتجهد به أو لا يصيبه ..
بل لا يحل ترك أحد ممن ملك شرط الاجتهاد وهذا قولنا أيضاً ..
ولكن إن بان خطأ المجتهد أو كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب التزامه ... ) فقولك إذا هو أن اجتهاد المجتهدين لا يلزم عموم الناس و هذا حق و لا شك و أنه لا يمنع عموم الناس منه و هذا يناقض قولك بأن العمل بالظن ليس عليه دليل البته لأن ما لم يمنع منه عموم الناس أي يجوز لبعض الناس العمل به و ما يجوز العمل به لبعض الناس يدل على جواز العمل بالظن لبعض الناس و هذا يناقض قولك بعدم جواز العمل بالظن مطلقا ثم ما هو الدليل الذي رجح عندك جواز الإجتهاد و العمل بالظن للمجتهد و عندك أنه لا يجوز العمل بالظن مطلقا.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[05 - 07 - 05, 12:55 م]ـ
هناك الكثير مما يستحق التعليق في كلام الأخ و لكن هنا مسألة يجب التعليق عليها و بيان وجه الحق فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/241)
قول الأخ (أما قرأت من مقالي أن بينت تعريف الظن عند أهل اللغة وأنهم يستعملون الظن بما يدركونه بالمشاهدة والمعاينة والخبر بمعنى اليقين .. ؟!
هل نقول أن الظن هنا شك كما هو معلوم في معنى الظن في اللغة .. ؟!
أيأمرهم الله تعالى وهما شاكين بإقامة حدوده أن يتراجعا .. ؟!
هل تبطل أن يكون الظن معناه الشك في اللغة التي خوطبنا بها .. ؟!
فهذا الظن في الآية بمعنى اليقين لأن المعنى اللغوي باطل ههنا في هذا المقام إذا نظرنا في معنى الآية ويجب على كل أحد أن يبطله وليس أهل الظاهر فقط ..
فالظن إما أن يكون معناه اليقين إن كان عن أمر أدركناه بالمشاهدة أو الخبر ..
وإما أن يكون معناه الشك ليس له غير هذين المعنيين في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها ..
فأي تعريف للظن تقول به ومن أين أتيت به لتبطل معناه في اللغة التي يتفق كل أهل الإسلام أن الله تعالى تكلم بلسان عربي مبين .. !).
أقول قال تعالى {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} النور12
و قول الأخ (فلا نقيصة بقول الروافض أن النبي صلى الله عليه وسلم شك في خلق وطهارة وعفاف عائشة .. !) لا وجه له لأنه يعرف مرادي جيدا.
ذكرنا سبب نزول هذه الآية و أنها في حادثة الإفك و لا تخرج عن أمرين إما يكون الظن هنا اليقين أو الظن الغالب و ذكرت أن الآية هنا المراد بها الظن الغالب و ليس مرادي الظن الغالب الشك أي التوقف في براءتها و لكن مرادي ترجيح أن عائشه رضي الله عنها بريئة من هذا الفعل و اعتقاد هذا الأمر و إظهاره و قلت بأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يجزم ببراءة عائشه رضي الله عنها مع أنه لا ينطق عن الهوى و الوحي ينزل عليه ليل نهار و هذا حديث النبي صلى الله عليه و سلم في حادثة الإفك قال مسلم حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا وَقَالَ الآخَرَانِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالسِّيَاقُ حَدِيثُ مَعْمَرٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدٍ وَابْنِ رَافِعٍ قَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ بْنِ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِى حَدَّثَنِى وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَهُ - قَالَتْ عَائِشَةُ - فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنَا أُحْمَلُ فِى هَوْدَجِى وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ غَزْوِهِ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِى فَإِذَا عِقْدِى مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِى فَحَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَلُوهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/242)
عَلَى بَعِيرِىَ الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّى فِيهِ - قَالَتْ - وَكَانَتِ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِى مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى عَيْنِى فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى وَقَدْ كَانَ يَرَانِى قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَىَّ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى وَوَاللَّهِ مَا يُكَلِّمُنِى كَلِمَةً وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِى شَأْنِى وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ وَلاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». فَذَاكَ يَرِيبُنِى وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقِهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِى أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا وَلاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنَّ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى التَّنَزُّهِ وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِىَ بِنْتُ أَبِى رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِى رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِى حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلاً قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. قَالَتْ أَىْ هَنْتَاهُ أَوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ قُلْتُ وَمَاذَا قَالَ قَالَتْ فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِى فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «كَيْفَ تِيكُمْ». قُلْتُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا. فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجِئْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا - قَالَتْ - قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/243)
يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصَبَحْتُ أَبْكِى وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ - قَالَتْ - فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِى يَعْلَمُ فِى نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوُدِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ - قَالَتْ - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَرِيرَةَ فَقَالَ «أَىْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ». قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ - قَالَتْ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ - قَالَتْ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِى أَهْلِ بَيْتِى فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ - قَالَتْ - فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلاً صَالِحًا وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ - قَالَتْ - وَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتِى الْمُقْبِلَةَ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَأَبَوَاىَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى اسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِى - قَالَتْ - فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قَالَتْ - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ لِى مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لأَبِى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/244)
أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا قَالَ. فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ لأُمِىِّ أَجِيبِى عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِى وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ. قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى - قَالَتْ - وَأَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ فِى شَأْنِى وَحْىٌ يُتْلَى وَلَشَأْنِى كَانَ أَحْقَرَ فِى نَفْسِى مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْىِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِى الْيَوْمِ الشَّاتِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْهِ - قَالَتْ - فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ «أَبْشِرِى يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ». فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى - قَالَتْ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) عَشْرَ آيَاتٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ بَرَاءَتِى - قَالَتْ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى) إِلَى قَوْلِهِ (أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَمْرِى «مَا عَلِمْتِ أَوْ مَا رَأَيْتِ». فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ وَهِىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ. قَالَ الزُّهْرِىُّ فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَمْرِ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ. وَقَالَ فِى حَدِيثِ يُونُسَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/245)
احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ.).
تدب قول عائشه رضي الله عنها (َهُوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». فعائشه رضي الله عنها أحست تغيرا من النبي صلى الله عليه و سلم و هذا التغير و لا شك له سبب و سببه و لا شك حادثة الإفك و لو كان النبي صلى الله عليه و سلم يتيقن بأن عائشه رضي الله عنها لم تزن لم يصدر منه مثل هذا الفعل و ليس هذا شكا من النبي صلى الله عليه و سلم في عائشه و لكن طرأ على النبي صلى الله عليه و سلم ما يضعف يقينه بسلامة عائشه من الفاحشة و إن كان لم يثبت هذا الفعل حينها و لم ينف كذلك فالنبي بقى على أصل العفة و الطهارة و الشرف لأنه هو الثابت حينها و أما الوقوع في الفاحشة لم يثبت.
و انظر قول علي رضي الله عنه (عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كثير) فلو كان علي متيقنا بأنها لم تفعل الفاحشه لم يقل هذا و لنفى هذا الفعل عنها و أمر النبي صلى الله عليه و سلم بإمساكها لا بمفارقتها ثم إن فعل النبي صلى الله عليه و سلم و دعوته لإسامه و علي رضوان الله عليهما دليل صريح بأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن جازما ببراءتها و لو كان جازما لما سألهما ثم سؤاله الجارية عنها مع أنها رضي الله عنها تبيت في فراشه بل و قول أسامه رضي الله عنه (هُمْ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا.) هو تمسك بالأصل المتيقن و هي أنها على أصلها لا نعلم عنها إلا خيرا و ليس فيه جزم بأنها لم تقع بالفاحشه و إنما فيه العمل بالأصل السابق مع احتمال أن لا تكون هذه الحادثة داخله في هذا الأصل و لو كان الأصل المتيقن بأنها طاهره و أنها لم تقع بالفاحشه يكفي في الحكم عليها لما احتاج النبي صلى الله عليه و سلم إلى سؤال أسامه و علي بل و لما احتاج كل هذا السعي لإثبات براءتها بل و لما احتاج المسلمون إلى الخوض في هذه الحادثة لأن عندهم أصل سابق يجب التمسك به و هو الأصل عفتها و طهارتها حتى يثبت خلافه و الواجب هو التمسك بالأصل و لكن يضعف هذه التمسك لأن هذه الحادثة يمكن وقوعها و يمكن عدم وقوعها عندهم فكثر الخوض فيها كما قالت عائشه رضي الله عنها (وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ وَلاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ ... ) و من المعلوم أن الناس لم يفيضوا بكلام أهل الإفك قبل هذه الحادثة و لا يشكون بطاهرة عائشه أبدا و لكن هذه الحادثة أضعفت هذا اليقين فكان لا بد من الرجوع إلى هذا اليقين ببرهان حتى لا يكون لأحد في هذه المسألة كلام و كان من الواجب التمسك بالأصل و هو طاهرتها حتى يتيقن أحج الأمرين لذا أمر الله تعالى بأن يظن المسلمون بأنفسهم خيرا حتى يثبت خلاف هذا الظن بدليل مع احتمال صحة هذا الظن و احتمال بطلانه و لو كان الظن هنا المراد به اليقين و كان هذا اليقين عام في جميع المؤمنين لكان الواجب عقوبة من وقع في الإفك قبل ثبوت براءتها لأنه أمر متيقن ظاهر عام مبني على أصل صحيح و لكن الحق أن هذا الظن غير متيقن فلم يجز عقوبة من خاض في الإفك حتى يثبت براءتها بدليل و إن كان لا يجوز كذلك الظن بأنها وقعت في الفاحشة لأن لم يثبت ذلك عليها.
و في الحديث كذلك (دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قَالَتْ - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ لِى مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». فأي يقين عند النبي صلى الله عليه و سلم الذي يمنعه من الجلوس معها شهرا كاملا و لم تغير عنه إلا بسبب تغير يقينه بعفتها و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/246)
طهارتها و إن كان يغلب على ظنه عفتها و طهارتها لتمسكه بما علم منها من خيرا و لكن هذه الحادثة عكرت صفو هذا اليقين ثم أي يقين عن النبي صلى الله عليه و سلم الذي يوجب عليه أن يكلمها بمثل هذا الكلام و يطلب منها إن كانت ألممت بذنب أن تتوب إلى الله و لم لم يقل لها مثل هذا الكلام قبل هذه الحادثة بل النبي صلوات الله عليه كلامه صريح بأنه لا يجزم ببراءتها حين قال (فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ) فهل هذا كلام من يجزم ببراءة عائشه رضي الله عنها و لا نقول أنه كان يشك ببراءتها لأن الله تعالى أمر المؤمنين بحسن الظن بإخوانهم كما في الآية و النبي صلى الله عليه و سلم إمام المتقين فلم يبق إلا أنه كان يحسن الظن بها و لا يجزم ببراءتها و هذا هو عينه الظن الراجح الذي نتكلم عليه فدل على أن معنى الآية المراد به الظن الراجح لا المساوي و لا المتيقن و هذا دليل على الظن يطلق في كتاب الله تعالى بمعنى الرجحان و أما ما يطلق عليه بأنه اليقين أو العلم فهو حقيقة من قبيل المقاربة لا من قبيل المطابقة و يلاحظ هذا من كلام أهل التفسير في معنى الظن إذا أريد به الراجح فغالبا يقولون بأنه العلم أو اليقين و هذا الإطلاق قد يتمسك به من لا يعرف طريقة أهل التفسير فالفرق واضح بين العلم و الظن في كتاب الله تعالى و أزعم بل أجزم أنه ما من ظن أطلق في كتاب الله تعالى إلا و أريد به الراجح سواء كان ظن باطل أو حق فالباطل من جنس الترجيح بغير مرجح و الحق من جنس الترجيح بمرجح معتبر ظاهر و هذا مبحث مهم جدا من تدبر كتاب الله تعالى حل له إشكالات كثيرة في إطلاقات بعض أهل اللغة و الفقهاء.
و انظر قول عائشه رضي الله عنها (فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِى ... )
فهي رضي الله عنها فهمت أنهم قد استقر في نفوسهم أنها وقعت في الفاحشه و العياذ بالله لذا لو قالت بانها بريئة لم يصدقها أحد و لو فهمت منهم أن يجزمون بأنها بريئة لقالت بأنها بريئة و صدقوها و انتهى الموضوع لأنهم عندها جازمون بصدقها فهي فهمت من حالهم على أفضل الأحوال أنهم لا يجزمون بصدقها و إن كانوا لا يتهمونها بالفاحشه.
و انظر لقول أفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم (فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا قَالَ. فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم ... ) فهل هذا قول جازم متيقن ببراءة ابنته أم قول من يترجح عنده براءة ابنته و لم يجزم بعد.
و انظر إلى قول النبي صلى الله عليه و سلم (قَالَتْ - فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ «أَبْشِرِى يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ». فضحك النبي صلى الله عليه و سلم مع أنه كان لا يزورها و كان لا يعاملها بلطف و استبشاره ببراءتها كل هذا يدل على أنه لم يكن جازما ببراءتها و إلا لم يحتج إلى كل هذا حتى يستبشر و يبشر.
و انظر إلى ردة فعل عائشة رضي الله عنها عندما بشرها النبي صلى الله عليه و سلم (فَقَالَتْ لِى أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى ... ) فهل هذا التعامل من عائشة إلا لما رأت تغير النبي صلى الله عليه و سلم عليها حين سمع بالحادثة و لم يعاملها معاملة الجازم ببراءتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/247)
و انظر إلى فعل أبا بكر رضي الله عنه (قَالَتْ - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ.) أي بعد نزول البراءة منع النفقه عن مسطح لأنه ممن تكلم على عهائشه رضي الله عنها و لم يمنعها قبل نزول البراءة لأن لم يكن متيقنا من براءتها قبل النزول.
بعد هذا كله هل المراد بالظن في هذه الآية اليقين أم الشك فاليقين حديث حادثة الإفك صريح بأن النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا متيقين من براءة عائشه و قد صدرت منهم أفعال و أقوال تدل على عدم اليقين و أما الشك فنجزم بأنه لم يكونوا شاكين أي يتساوى عندهم الوقوع و عدم الوقوع فلم يبق إلا أنهم يغلب على ظنهم براءتها و لا يجزمون بذلك و هذا هو معنى الظن الذي عمل به النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابه و أمرهم به الله تعالى في كتابه فكان النبي صلى الله عليه و سلم يقول بناء على هذا الظن (فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا) و كان أسامه يقول (هُمْ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا.) و قال زينب رضي الله عنها (مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا.) و بناء على عدم الجزم كان النبي صلى الله عليه و سلم يسأل علي و أسامه و الجارية و زينب و يقول لعائشه رضي الله عنها (وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
فمفردات لغة العرب متى ما اختلفت حروفها فلابد من فروق في المعاني و ان كانت هذه المفردات تجتمع في قدر مشترك من المعاني و لكن لا بد أن تختلف باختلاف الحروف فلا يمكن أن يكون المعنى متفق من كل وجه مع اختلاف الحروف فالظن الغالب و اليقين يجتمعان في قدر مشترك و هو الظن الغالب يفيد ركون النفس و ميلها إلى معنى معين مع اتباعه و اليقين يفيد الجزم بصحة المعنى مع وجوب التزامه لذا يعمد بعض أهل اللغة و أهل التفسير للمقاربة بإطلاق لفظ اليقين و العلم على الظن الغالب.
و الشك و الظن يجتمعان في قدر أن الظن الغالب لا يجزم به من كل وجه ففيه احتمال وقوع الخطأ فهو من جهة هذا القدر يجتمع مع الشك بأن الشك هو عدم الجزم بصحة الأمر فجاز عند أهل اللغة و التفسير تسمية الظن شكا و الشك ظنا.
قال أبو هلال العسكري في الفروق (الفرق بين الظن والعلم: أن الظان يجوز أن يكون المظنون على خلاف ما هو ظنه ولا يحققه والعلم يحقق المعلوم وقيل جاء الظن في القرآن بمعنى الشك في قوله تعالى " إن هم إلا يظنون " (2) والصحيح أنه على ظاهره .... )
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[05 - 07 - 05, 09:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أخي الفاضل ..
أما قولك نقلاً عني ..
((ولكن إن بان خطأ المجتهد أو كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب التزامه ... )) ..
فتقول ..
((فقولك إذا هو أن اجتهاد المجتهدين لا يلزم عموم الناس و هذا حق و لا شك و أنه لا يمنع عموم الناس منه و هذا يناقض قولك بأن العمل بالظن ليس عليه دليل البته لأن ما لم يمنع منه عموم الناس أي يجوز لبعض الناس العمل به و ما يجوز العمل به لبعض الناس يدل على جواز العمل بالظن لبعض الناس و هذا يناقض قولك بعدم جواز العمل بالظن مطلقا ثم ما هو الدليل الذي رجح عندك جواز الإجتهاد و العمل بالظن للمجتهد و عندك أنه لا يجوز العمل بالظن مطلقا.)) ..
فوالله الذي لا إله إلا هو لو لا أنني أجزم أنك من أهل الخير لقلت هذا الرجل يتلاعب بالكلام ..
لكني أعلم من ظاهرك وكلامك أنك محب للخير والحق لذلك أتحاور معك ..
أخي الحبيب ..
قولي: (ولكن إن بان خطأ المجتهد أو كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب التزامه) ..
فليس كما ذهبت به وأولته أو فهمته ..
إذا بان للمجتهد خطأ الاجتهاد أو بان له أنه كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب إلتزامه ..
فالنتيجة ما هي .. ؟!
أن المجتهد لا بد أن يقول ويجتهد بطرق الاجتهاد التي أمرنا بها والتي توصلنا إلى القطع ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/248)
لأني قلت لو بان أن اجتهاده كان بناء عن ظن وجب تركه وبيانه للناس أنه خطأ ..
فكيف تعترض علي بما لا أقوله ولا ينتج من كلامي .. ؟!
فالدليل على أن من اجتهد يجب أن يكون بالطرق التي توصل إلى القطع معلوم ..
وقد بين الله تعالى لنا كل ذلك ..
فما قلت البتة أن العمل في الاجتهاد يجوز لبعض الناس بالظن ..
ولو أخرجت كلامي كله لن تجد هذه فما أدري كيف تنسبها لي ..
الله عز وجل أمرنا أن نقول عليه بعلم وقطع وبرهان ..
والمجتهد مطلوب منه ذلك وهذا قول ..
فإن ظهر خطأ الاجتهاد تركه وتبرأ منه ..
وإن ظهر له أنه كان عن ظن وتخرص كذلك تركه وتبرأ منه ..
فكل مجتهد مأمور بأن لا يتقوّل على الله بصغيرة ولا كبيرة ..
والتقوّل كل قول على الله ودينه بلا علم وقطع ..
فلا يقول هذا حلال وهذا حرام ..
لذلك نقول لك: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} ..
والبرهان ما نقطع به ولا نشك فيه طرفة عين ..
فهاتوا برهانكم قلنا لكم كذلك على ما تدعون بأن الله تعالى أمركم بالعمل بالظن ..
ولذلك قال لكم الله تعالى ولنا: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل 116 ..
لذلك قلنا لكم لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام بلا علم وقطع ..
وقال عز وجل: {وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن} النساء 157 ..
فاختلف أهل الكتاب في قتل عيسى عليه السلام وقال الله تعالى إنه لفي شك منه ..
ثم قال ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ..
فاتبعوا ما تصوروه وما ترددوا به وما توهموه ..
وقال عز وجل: {نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين} الأنعام 143 ..
ونحن نقول نبؤونا بعلم وبرهان عن قول الله تعالى الذي أمركم أن تتقولوا عليه بالظن إن كانت دعواكم صادقة ..
وقال تعالى: {هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} الأنعام 148 ..
ونحن نقول لكم أيضاً هل عندكم من علم وبرهان على دعواكم أن الله تعالى أمركم بالعمل بالظن .. ؟!
وما الحكم بالظن والظن الغالب كما تسميه إلا تخرص ..
لأنك تقر أنه لا يجزم بالشيء هذا ولا عكسه .. !!
هذه بعض براهيننا في منعنا من التقول على الله تعالى بالظن والتخرص ..
فهل تخرج لنا براهينك .. ؟!
التي طال المقام وإلى الآن لم تأت بدليل واحد صريح صحيح يوجب أو يجيز دعواك على الله .. !
وتقول عن تفسير الآية في التعقيب الثاني في حادثة الإفاك ..
((إما يكون الظن هنا اليقين أو الظن الغالب)) ..
فأما اليقين فنعرفه باللغة ومتى يصح إطلاق الظن ويراد به اليقين ..
وأما الظن الغالب فما هو هذا .. ؟!
ثم تقول ..
((و لكن مرادي ترجيح أن عائشه رضي الله عنها بريئة من هذا الفعل و اعتقاد هذا الأمر)) ..
كيف معنى الظن هنا ترجيح .. ؟!
وكيف تطلق عبارة (الظن الراجح والمرجوح) .. ؟!
كيف يكون ترجيح الراجح أو ترجيح المرجوح في عباراتك .. ؟!
لأنك تقول أن الظن هنا معناه الترجيح .. !!
فزن هذه الجمل مع بعضها وأعطنا النتيجة ..
ثم من أين لك أن تفسير الظن هو الترجيح كما قلت .. ؟!
هل اللغة التي خوطبنا بها تشهد لكلامك .. ؟!
أليس هذا محل اعتراض .. ؟!
وحديث الإفك ليس فيه إلا ..
أن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم وأهل الإيمان أمرهم الله تعالى أن لا نطعن في الناس بناء على شكوكنا وتحليلاتنا ما دمنا لا نجزم على شيء ولا برهان عندنا ..
فالأصل أن المؤمن خير تقي حتى يثبت عليه ببرهان غير هذا ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم يجب عليه إحسان الظن ممن ظهر منه التقوى والعفاف ..
وكذلك أهل الإيمان طلب الله تعالى منا هذا ..
فلما ترك أهل الإيمان هذا الأصل الذي بينه الله تعالى عاتبهم ..
فكما ترون في أنفسكم الخير فلا بد أن تروه في غيركم من أهل الإيمان ..
هذا ما في حادثة الإفك فليست الحادثة بمعضلة ..
فها أنت تفسر الظن بكلام لم يرد عن العرب ولا يعرفوه ..
فكيف يكون الظن معناه ههنا الترجيح .. ؟!
الله عز وجل أمرهم أمر وجوب في نصوص أخرى وحذرهم من إطلاق قول بناء على شكنا في الناس فتركوا هذا الأمر وتصوروا فيها رضي الله عنها غير هذا ..
فلا معنى لأن يكون معنى الظن ههنا ترجيح أصلاً ..
وهو كمن فسّر الماء بالماء .. !
أما قولك ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/249)
((و الشك و الظن يجتمعان في قدر أن الظن الغالب لا يجزم به من كل وجه ففيه احتمال وقوع الخطأ فهو من جهة هذا القدر يجتمع مع الشك بأن الشك هو عدم الجزم بصحة الأمر فجاز عند أهل اللغة و التفسير تسمية الظن شكا و الشك ظنا)) ..
وكأن الشك هو غير الظن حتى يأتي الفاضل فيقول ..
((الشك والظن يجتمعان)) ..
كمن يقول ..
إن الأسد والليث يجتمعان في كذا ويفترقان في كذا .. !!
ثم أتى ليبين القدر هذا الذي يجتمعان فيه فقال ..
((أن الظن الغالب لا يجزم به)) .. !!
سبحان الله ..
الظن هو الشك في اللغة، والشك هو الظن في اللغة ..
فكلاهما تخرص ولا جزم فيهما إلا في شيء واحد وهو عدم إثبات شيء وعدم نفيه ..
فالظان لا يجزم بالشيء أنه موجود أو أنه غير موجود ..
ومن أتى بكلام غير هذا فقد نسب إلى لغتنا ما لا تعرفه ..
وتقوّل عليها بكلام اليونان وأرسطو الذي تلقفه أهل المنطق واحتكموا به ووزنوا به نصوص الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
أما تواضع الفقهاء بناء على تعريف أهل الكلام لهذه الألفاظ فلا يصح لمعارضته اللغة التي خوطبنا فيها وأنهم أخذوا هذه التقسيمات والتفريعات من أهل منطق اليونان .. !
فلو كانت لغتنا خالية والله تعالى خاطبنا بمسميات اليونان وأرسطو وأضرابه لقلنا صدقت أخي تفسيرك وإبطالك لمعنى الظن في لغتنا نسلم لك به وبه نقول ..
أما نقلك عن أبو هلال العسكري ..
((قال أبو هلال العسكري في الفروق (الفرق بين الظن والعلم: أن الظان يجوز أن يكون المظنون على خلاف ما هو ظنه ولا يحققه والعلم يحقق المعلوم وقيل جاء الظن في القرآن بمعنى الشك في قوله تعالى " إن هم إلا يظنون " (2) والصحيح أنه على ظاهره .... )) ..
فقوله أن المظنون يجوز أن يكون على خلاف ما هو ظنه فهذا الذي قلته ..
ولا أدري لماذا تأتي كل مرة ما يبطل لك كلامك ..
فالمظنون قد يكون بخلاف ما حسبته وقد يكون مثله ..
فكلاهما عدم الجزم في إثبات شيء وعدم الجزم في نفيه ..
أما قوله أن الظن قيل جاء في القرآن فكلام باطل ..
القرآن خاطبنا الله تعالى بلغتنا العربية واللغة لم تعرف الظن إلا أنه الشك ..
وعرفت الظن بمعنى اليقين للمشاهد المعاين أو الثابت بالخبر ..
فكيف يبطل أن يكون الظن هو الشك بكلام من دخلهم علم الكلام .. ؟!
وهذا ما لا برهان له لا العسكري ولا الأخ الفاضل لذلك لا يتكلم عليه مباشرة ويكتفي بالنقول ..
هات تعريف الظن في معاجم العرب التي نتفق على ما فيها ..
فإن أتيت به وهو يخالف ما قلته أنا فقد صدقت ..
وإلا لا يوجد أسهل من الدعوى ..
فصناعة الحروف والكلام كل واحد يحسنها لكن العبرة بتحقيق الحقائق التي نريد الكلام عليها وليس بكثرة النقل لما هو خارج أو لا يحقق لنا قضيتنا ..
وإلى الآن ننتظر خروج هذا البرهان رغم كثرة ما أجاب الفاضل ونقل عن غيره ..
إلا أن برهانه لم يظهر إلى الآن ولم يذكره ..
ففسر الظن بما يريده وفق كلام أهل المنطق بما لا تعرفه لغتنا ..
وتأول كل نص بما يوافق دعواه بلا برهان ..
فهل يصعب عليك إيجاد برهان يبيح لك التقول على الله بالظن والتخرص .. ؟!
فردنا إلى كتاب الله ورسوله ما دمنا قد تنازعنا ..
وهذا ما أمرنا الله تعالى به وليس رأيك أو رأيي ..
ونحن قلنا لك أن الله منع من كل قول عليه في دينه إلا عن علم وبرهان وقطع ..
وذكرنا طرفاً صالحاً من أدلتنا ..
مع أننا مانعون ..
فاذكر أدلتك الصريحة الصحيحة بارك الله فيك ..
حتى لا نكثر في الردود دون فائدة ..
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[06 - 07 - 05, 10:18 ص]ـ
لا أريد أن أكثر الكلام و لكن تعليق بسيط و إن كان ردودك فيها الكثير مما يستحق أن يعلق عليه فقولك (ولكن إن بان خطأ المجتهد أو كان بناء عن ظن وجب تنبيه الناس على أن ذلك ليس بشرع الله ولا دينه ولا يجب التزامه ... )) هل تعرف أحي الفاضل ما معنى (لا يجب التزامه) لغة و شرعا لو قلت أخي الفاضل يحرم التزامه لكان المنع منه من أصله أي لا يجوز العمل بالظن و لكن قلت (لا يجب التزامه) أي يجوز أو يستحب و لكن لا يجب التزامه فلم إذا قولك (فوالله الذي لا إله إلا هو لو لا أنني أجزم أنك من أهل الخير لقلت هذا الرجل يتلاعب بالكلام ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/250)
لكني أعلم من ظاهرك وكلامك أنك محب للخير والحق لذلك أتحاور معك ... ) فأنا لم أتلاعب بالكلام بل هو ظاهر لفظك.
قال تعالى {قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} هود53
و قال تعالى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} البقرة55
و قال تعالى {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً} الإسراء90
فليس من شرط ذكر الأدلة و البينات إيمان من سمع بها فقد تكون هناك حجب تجب المستمع و القارئ من فهمها كما قال تعالى {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} الأنعام25
و قال {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً} الإسراء46
و قال {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً} الكهف57
و أنا حقيقة لا أطلب منك الحكم على ما نقلته و إنما إردت المدارسة و الوصول للحق.
و أما الأدلة فقد ذكرت منها الكثير لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد بل و بعضها أنت ذكرتها بنفسك و يكفي أخي الفاضل ما ذكرته و لك التدبر فيه و مطالعته فإن تبين لك أنه الحق فالحمد لله و إن كان غير ذلك فنسأل الله تعالى أن يجعل هذا في ميزان حسناتنا.
و الإخوة الأفاضل القراء طلبة العلم المتمرسين هم من يستطيع أن يميز بين الدليل و غيره فلهم أن يحكموا و يبينوا هل أنا ذكرت أدلة أم لا؟
فإن أراد الأخ التوقف إلى هنا فهو و ما أراد و إن أراد المدارسة و المذاكرة في هذه المسائل و غيرها لمراجعة علومنا و تلقيح فهومنا فأنا على أتم الإستعداد لأن المطلوب حقيقة و قبل كل شئ الوصول إلى الحق فالتخلي من الباطل و العمل به مطلوب كل عاقل و تنبيه الإخوة الإخوة الأفاضل طلبة العلم و نصحهم لإخوانهم من الوسائل الموصلة إلى الحق فمن رام طلب الحق و العمل به لا فرق عنده بين أن يعلم أنه أخطأ أم أصاب لأنه يعلم بأنه ما من أحد إلا راد و مردود عليه إلا النبي صلى الله عليه و سلم فمعرفته بخطأ نفسه بالدليل مما يورث البشر و الفرح لأنه علم أن كان على خطأ و الآن تبين له خطأ من أخطاءه حتى يتركه بل و الواجب أن يكافئ من هداه إلى عيبه و أقله أن يدعو له فكما أن من دفع إليك شيئا يستحق أن يكافئ فكذلك من رفع عنك شيئا يستحق أن يكافئ.
ـ[عبدالله الفاخري]ــــــــ[06 - 07 - 05, 03:37 م]ـ
قول الله تعالى (فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله)
ـ[أبو إلياس الوحسيني]ــــــــ[20 - 07 - 07, 06:16 ص]ـ
الحمد لله
يكفي لابطال ما يقوله الاخ ابن تميم أن غالب من ينتسب للعلم وهو منهم انما يقلد
اهل الجرح و التعديل في حكمهم على الرجال ...... فهؤلاء رجال السند ماتوا وصاروا رميما
فمن اين لك القطع و الجزم في الحكم عنهم وليس عندك فيهم ظاهر قرآن ولاسنةو انت لست
حتى من معاصريهم!!! ومن اين لك القطع و الجزم - بالتالي - بكل حديث وليس لك
فيه ظاهر من قرآن و سنة و انما هو كلام رجال في رجال.
الثاني
ياتي المستفتي ليسأل الصحابي فيقول اقول فيها برأيي فان كان صوابا فمن الله وان كان خطا فمني و
من الشيطان و الله و رسوله بريئان
فهل كان يفتي في الدجاج!! و التجارة!! و امور الدنيا!! حتى يقول و الله و رسوله
بريئان ? ?! ام انه كان يتكلم في الدين ?
اما ان تقول هو يفتي في امور الدنيا فهذا تعمد للكذب
واما ان تقول هو يفتي في امور الدين بغلبة ظنه ..... وهذا ما تاباه و واقعهم يشهد
بما لا تاباه.
ليس الموضوع نسبة الحكم الى الله او عدم نسبته .... هذا موضوع آخر
موضوعنا .... عمل الصحابة بغلبة الظن في امور الدين في الاجتهاد.
هل كان الصحابة يجيبون بغالب ظنهم فيما يسألون عنه من امور الدين
بلى و الله انهم يجيبون.
ولم يكونوا يجيبون على امور العجن و البيع و الشراء فهذه لا يحتاج فيها الى تبرئة الله و تبرئة رسوله
لأن الناس يميزون السؤال في الدين عن السؤال في امور الدنيا.
العجب ان الظاهرية يسمعون قول النبي صلى الله عليه و سلم عندما يحكم لعل أحدكم يكون ألحن
في حجته ... فمن قضيت له بحق اخيه ... او كما قال رسول الله صلى الله عليه فالنبي صلى الله عليه
و سلم انما كان يقضي بما يظهر له من القرائن ... ويدرك صلى الله عليه و سلم ان واقع الحال قد
يكون بغير ما حكم به ...... ولم ينزل وحي يقطع في الامر .... والحكم لا بد منه ... فالناس يحتاجون
للفصل بينهم حتى تطمئن الانفس و تهدا ...
الظاهرية يسمعون كل هذه الاحاديث و يصرون ان غلبة الظن بسبب القرائن لا يعمل به!
وآثار الصحابة في الفتوى بغلبة الظن كثيرة اوردها ابن القيم في اعلام الموقعين .... فمن اردها
فليرجع اليها.
ولا تخلط مرة اخرى بين نسبة الحكم الى الله و بين موضوع العمل بغلبة الظن في الدين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/251)
ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[08 - 08 - 07, 10:57 م]ـ
شكرا جزيلا لجميع الإخوة الذين أجابوا عن هذا السؤال فالأجابات كلها مفيدة جدا لطلبة العلم أمثالي فجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو إلياس الوحسيني]ــــــــ[12 - 08 - 07, 04:43 ص]ـ
الحمد لله
يكفي لكي يكون الانسان على بينة من امره في مسألة العمل بغلبة ظن المجتهد كون النبي
صلى الله عليه و سلم ارسل احد اصحابه الى يهود خيبر ليخرص عليهم تمارهم ... و الاثر صحيح ..
وهو في الموطا ... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة الى خيبر
فيخرص بينه و بين يهود خيبر .. قال- اي الراوي - فجمعوا له من حلي نسائهم فقالوا له هذا لك
وخفف عنا وتجاوز في القسم فقال عبد الله بن رواحة يا معشر اليهود و الله انكم لمن ابغض خلق
الله الي وما ذاك بحاملي على ان احيف عليكم فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت و انا لا
ناكلها. فقالوا بهذا قامت السماوات و الارض.
معنى الخرص .. قال ابن الاثير في النهاية ... وفيه انه أمر بخرص النخل و الكرم .... قال ابن الاثير
خرص النخلة و الكرمة يخرصها خرصا اذا حزر ما عليها من الرطب تمرا و من العنب زبيبا ...
فهو من الخرص: الظن لأن الحزر انما هو تقدير بظن ... و الاسم الخرص بالكسر- يقصد الخاء-يقال كم
خرص أرضك ... وفاعل ذلك الخارص
فها انتم ترون معشر العقلاء العمل بالظن الغالب ... و بالخرص .... و لكن الظاهرية يصرون على ان
العمل بغلبة الظن و الخرص مذموم على الاطلاق ... ويستدلون بآيات مثل ان هم الا يخرصون ...
ان يتبعون الا الظن ... فالعجب منهم و الصحابة عملوا و افتوا بغلبة الظن و ليس في امور الدنيا
بل في امور الدين ... أترى الناس يستفتون أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم عن النجارة
و الحدادة و الجزارة ..... لا و الله بل في امور الدين ....
ويقال للظاهرية اخيرا
أخبرونا هل دينكم كله قطعي يقيني ?
لا شك أنهم يقولون نعم .... وهم يرفعون شعار الاسلام كما انزله الله
فيقال لهم ... اذن لقد فقتم الصحابة علما فقد كانوا يقولون في المسائل التي تردهم .. أقول
فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله و ان كان خطأ فمني و من الشيطان و الله و رسوله بريئان.
أما الظاهرية فيلزمهم من مذهبهم ان يقولوا هذا هو الحق القطعي اليقيني الذي لا شك فيه
و لا ريب ....
فإما أن يكونوا أعلم من الصحابة او أنهم أخطاوا الطريق.
قال ابن الاثير في النهاية ... وفيه أنه امر بخرص النخل و الكرم(106/252)
هل من الممكن دراسة الفقه و أصوله دون التقيد بمذهب معين؟
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[30 - 06 - 05, 11:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل من الممكن دراسة الفقه و أصوله دون التقيد بمذهب معين؟
و هل يوجد كتاب لدراسة الفقه بهذه الطريقة؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[01 - 07 - 05, 02:23 ص]ـ
يمكن لكن يصعب.
ـ[أبو حمد الحنبلي]ــــــــ[01 - 07 - 05, 08:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب المذاهب مخدومة من العلماء جزاهم الله عنا خير الجزاء ويجد الطالب فيها التدرج
وهي طريقة أكثر علمائنا
أما الدراسة غير المذهبية صعبة ولا يجد الطالب فيها التدرج الموجود بالمذاهب
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[02 - 07 - 05, 05:00 ص]ـ
الأخوان الفاضلان جزاكما الله خيرا على التعقيب و المشاركة، و هذا إقتراح من الشيخ علي الخضير -فك الله أسره- لتدريس الفقه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،
المقدمة والمدخل:
من المعلوم أهمية التفقه في الدين وما ورد في ذلك وفي طلب العلم،
ولكن طلب العلم له أبواب للدخول إليه منها، ويختلف إدراك الناس لهذه الأبواب بما أعطاهم الله وفاوت بينهم في ذلك وله الفضل والمنّة عليهم جميعا،
وتدريس كتب العقيدة والتوحيد من أسهل الأبواب وأقربها لأنها أبواب ثابتة معروفة ليس فيها اختلاف بل مجمع عليها، ومن ثَم فليس أمام طالب العلم إلا ضبطها وحفضها واعتقادها وما يتعلق بذلك، فالاختلاف فيها ليس من سماتها والتنقل فيها مأمون لمن ضبط كلام السلف وليس فيها راجح ومرجوح (إلا النزر اليسير جدا الذي لا يذكر مع أن الراجح فيه معروف مشتهر)،
هذا القدر والمسلك في كتب العقيدة تجعل الإنسان ينظر هل يمكن تطبيق ذلك في كتب الفقه وفي الأحكام الفقهية؟، أقصد بذلك خاصية الثبات وعدم التغير والتنقل،
ومن خلال تدريسنا للفقه وتعاملنا معه وتدريس غيرنا لذلك فإن الجواب فيه تفصيل، فهناك مسائل وأحكام فقهية لها صفة الاستقرار، وهناك مسائل وأحكام فقهية ليس لها صفة الاستقرار،
وإذا عرفنا هذه من هذه وأمكن تمييز هذه من هذه، إذا وصلنا إلى هذه المرحلة أمكن أن يكون جزء من الأحكام الفقهية لها خاصية المسائل العقدية (صفة الاستقرار)،
ومن خلال تجربتي في التدريس في الفقه من خلال أكثر من عشر سنوات من التدريس في المساجد وحلقات العلم ولله الحمد والمنّة وله الفضل في ذلك خرجت بتجربة في ذلك، وظهرت لي طريقة لا بأس بها وهي نافعة ومفيدة إذا يسرها الله وبارك فيها:
وهي أن تدريس الفقه والأحكام الفقهية بالطريقة الشائعة والمتداولة غير مستقرة وتحتاج إلى ضبط تفاصيل أقوال أهل العلم وحفضها والى وجود التنقل في الراجح والمرجوح إلا من رحم الله،أو على أقل تقدير خَيّل لي ذلك فهمي الضعيف،
ولذا فإنني اقترح طريقة في تدريس الفقه والأحكام الفقهية من أجل أن نستفيد من الخاصية التي ذكرت من قبل في المسائل العقدية،
ولكن أحب أن أنبه أن هذا الاقتراح بالدرجة الأولى وضعته لنفسي ولطلابي ورأيت أنه خيار مناسب مبني على تجربة سابقة، وأضعه بين يدي العلماء وطلبة العلم الذين لهم دروس ويهتمون بتدريس الفقه والأحكام الفقهية لعلهم يستفيدون من ذلك إن رأوا أن فيه فائدة لهم، وإلا فإن ماهم فيه من الخير والعمل الذي هم عليه سنين فيه خير كثير وكم تخرج عليه من العلماء والفطاحل ما الله به عليم،
وهذا الاقتراح قائم على مرحلتين:
المرحلة الأولى:
وهي مرحلة دراسة ما هو ثابت مستقر من الأحكام الفقهية، وهذه المرحلة أيضا متشعبة إلى شعبتين،
أ ـ الشعبة الأولى: تدريس المبتدئ لأصول الفقه، ويقصد بذلك أصول السلف لا أصول المتكلمين أو غيرهم التي أخذوها من عقولهم أو من طرق أخرى للمفارقين لأهل الإسلام، والهدف من ذلك حتى يبني أحكامه الفقهية على طرق صحيحة وصراط مستقيم،
وهذه المرحلة يسر الله لي أن وضعت فيها كتبا يُنشر إن شاء الله بعضها، ويمكن فيه لأي عالم أو طالب علم أن يقرر فيه ما يناسب من كتب أصول الفقه التي على مذهب السلف في ذلك لا مذهب المتكلمين أو أهل الأهواء، أو أهل الرأي المذموم،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/253)
ب ـ الشعبة الثانية: تدريسه للأشياء الثابتة من الأحكام الفقهية، التي ليس فيها خلاف ويُبدأ معه بذلك،
والأشياء الثابتة هي المجمع عليها التي صح نقل الإجماع فيها:
ــ من الأحكام الفقهية،
ــ أو وقع الإجماع على تركها من الأحكام الفقهية وهي ما يُسمى بالمنسوخ من الأحكام الفقهية،
ــ أ و المجمع عليه من آيات الأحكام الفقهية، هذه الأشياء الثلاثة هي التي لها (صفة الاستقرار الثبات وعدم التغير والتنقل،
وفائدة هذا من أجل أن يضبط طالب العلم المسائل المجمع عليها، لأن هذه المسائل لها صفة الثبات وعدم التغير وليست مثل مسائل الخلاف التي قد يتنقل فيها طالب العلم إن تبين له رجحان القول الآخر الذي كان مرجوحا فيما سبق، فيكون عنده قسم من الأحكام الفقهية ثابتة ودائمة معه تمثل جزاء من علمه الفقهي،
وتبقى المشكلة في هذه المرحلة وهي تحرير صحة الإجماع في هذه المسائل المدعى فيها الإجماع هل تصح دعوى الإجماع أم لا؟ وإتقان ضوابط الإجماع؟
وهذه المرحلة لنا فيها أصول اجتهادية لمعرفة صحة الإجماع ومدى قوته وثبوته، ويبقى الجانب العملي في هذه المرحلة أعني ماهي الكتب التي تمثل هذه المرحلة؟ وهل هناك كتب متيسرة في ذلك وشاملة؟،
ومن المعروف أن هناك كتب تعتني بالإجماع لكن مخلوط معها غيرها، وبعضها غير شامل بل لمسائل قليلة، لكن لو قام من رأى هذه الطريقة بتتبع الكتب المهمة والتي هي عمدة في نقل الإجماع ثم رتبها على أبواب الفقه حسب الأبواب المعروفة لكان فعلا جللا عظيما،
وهذا العمل نسير الآن بعمله نسأل الله أن ييسر ذلك، وهو متداول في أيدي بعض طلابنا ويحتاج إلى جهد أكبر،
المرحلة الثانية
وهي أسهل المراحل وآخرها، فإذا ضبط الطالب الأصول وكيف يعرف استخراج الأحكام؟ وكيف يعرف دفع التعارض؟ وضبط المنسوخ المجمع عليه وآيات الأحكام المجمع عليها،
ثم إذا عرف مواطن الإجماع الصحيح أصبح عنده ملكة في معرفة الراجح والمرجوح،
و هنا في هذه المرحلة يمكن إذا استعرض أقوال أهل العلم أن يعرف الراجح منها مما يوافق الأصول أو يوافق الإجماع وعرف ما يخالف الأصول أو الإجماع مما هو اجتهاد مغفور لأهله،
وفي هذه المرحلة تستوي فيها الكتب الفقهية فهي واحدة، سواء درس فقه الإمام الفلاني أو غيره أو قرأ كتب الفقه التي تهتم بجمع أقوال أهل العلم أو كتب الفقه المقارن، لأن الطالب لديه من الأصول ما يكفي لحمايته بإذن الله من الشذوذ أو التعصب لأحد إنما تكون ترجيحاته واحدة مهما شرح أو تناول أي كتاب من كتب الفقه التي ذكرنا سابقا،
ويصبح خلافه مع غيره هو في إطار مسائل الخلاف التي مسموح فيها اختلاف وجهات النظر والترجيح لمن له أهلية وهو من طلبة العلم العارفين لمواطن الوفاق والخلاف،
وميزة هذا الاقتراح جعل هناك أصولا ثابتة ومعروفة في الجملة لاستنباط الأحكام فيؤدي إلى تقليل هوّة الخلاف ويؤدي إلى التقارب بين طلبة العلم ويخفف من فرقة المذاهب الفقهية المعروفة،
ملاحضة: هذا الاقتراح يُراعى فيه الأمور التالية:
1 ـ أنه موجه لمن كان عمره من العشرين سنة فما فوق،
2 ـ أنه اقتراح ليس مرتبطا بمده أو زمن معين، إنما مرتبط بمدى إتقان المرحلة وضبطها، بل لا يحسن ربطه بمدة معينة لأن الربط يُؤدي إلى الاستعجال ونحوه، وإنما إذا أتقن الطالب المرحلة الأولى انتقل إلى المرحلة الثانية وهكذا، ولذا يحسن وضع اختبار مرحلي كلما تجاوز مرحلة،
3 ـ الاهتمام بالمراجعة الدورية لكل ما أخذ بمعدل مرة كل أسبوع تقريبا،
4 ـ لابد قبل البداية أو أثناء الدراسة من حفظ ولو يسيرا من القرآن وأقل ذلك جزء المفصل،
والله الموفق والهادي إلى الخير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
و أكرر طرح سؤالي مرة أخرى: هل توجد كتب لتدريس الفقه دون اعتماد مذهب معين؟
ـ[أبو غازي]ــــــــ[02 - 07 - 05, 04:14 م]ـ
كتاب الصنعاني سبل السلام.
كتب الشوكاني نيل الأوطار - والدراري المضية شرح الدرر البهية - والسيل الجرار.
كتاب صديق حسن خان الروضة الندية.
كتاب فقه السنة لسيد سابق.
كتاب الوجيز للعدوي.
لكن كتب المذاهب أكثر فائدة كما ينصح العلماء.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[08 - 07 - 05, 08:20 م]ـ
بالنسبة لعلم الأصول لا فرق بين أن تدرسه على مذهب الشافعية أو على مذهب الأحناف
خاصة المتأخرين منهم.
ـ[سمير علي]ــــــــ[08 - 07 - 05, 08:29 م]ـ
أتفق مع إخواني في أن التمذهب - مع نبذ التعصب - هو أفضل وسيلة للتفقه.
ـ[المصلحي]ــــــــ[09 - 07 - 05, 04:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ضع رغبتك مع نيل الاوطار واقرأه سطراْ سطراْ. واترك الاقتراحات.
واخبرني بعد الانتهاء من الجزء الاول.
وحينها تعرف من يدلك للمسلك السهل القريب.
والسلام عليكم
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[27 - 07 - 05, 05:25 ص]ـ
بارك الله فيكم يا إخوان، و لكن حسب وجهة نظرى القاصرة أن الكتب المذكورة لا تختلف كثيرا عن الكتب المذهبية فمؤلف الكتاب لا بد و أن يرجح رأيا كما رجح أصحاب المذاهب آرائهم.
حقا أنها قضية شائكة و يبدو لى أن لا حل لها إلا التمذهب دون تعصب أو إتباع طريقة الشيخ علي الخضير -فك الله أسره- و لكن للأسف لا توجد أو لا أعرف كتبا تتبع نفس أسلوب الشيخ علي الخضير المقترح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/254)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[10 - 05 - 07, 05:03 م]ـ
هل طبع كتاب الشيخ على الخضير الذي طبق فيه هذه الطريقة
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[12 - 05 - 07, 03:47 م]ـ
المذهبية لا تعنى التعصب فالامام النوىى مقدم الشافعية رجح احيانا خلاف مذهبنا لرجحان الدليل ولا يعنى كونك على مذهب ان تكون متعصبا اما الدراسه الامذهبيه فلا تؤدى الى اعداد فقيها بل مثقفا شرعيا فحسب ويكفى التاكيد على سيادة الدليل وفق الضوابط الاصوليه عند شرح المتن المذهبى والاصول لا تصنف الى المذاهب الاربع غالبا بل الى طرق فى التاليف والا فمختصر بن الحاجب المالكى له شروح شافعية وروضة الناظر هو تلخيص للمستصفى فالاصول علم غير مذهبى بطبعه الا طريقة متقدمى الاحناف رحم الله الجميع ورضى عنهم
ـ[أبو حميد]ــــــــ[12 - 05 - 07, 04:01 م]ـ
نعم يمكن دراسة الفقه وأصوله من غير تقيد بمذهب معين لكن الأفضل الثبات على مذهب واحد لمعرفة أصوله وكيف بنى عليها فروعه لأن ذلك أقعد للطالب والله أعلم
ـ[منصور الكعبي]ــــــــ[14 - 05 - 07, 07:20 م]ـ
وهل يظل الطالب طوال عمره على مذهب الطلب؟
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[15 - 05 - 07, 07:06 ص]ـ
السلام عليكم
دراسه الفقه دون مذهب خاص قديما كان فيه صعوبه واما اليوم ولله الحمد فكتب (المحدثين اهل الحديث والاثر القائمه على منهج الاستدلال بالحديث الصحيح والحسن وما اورده من احاديث صعيفه الا للسنئناس به وعلى قواعد اصول الفقه التي بين صحيح الاستدلال من سقيمه ..
و لا بأس بدراسه المذهب الخاص في بداية الطلب وهومفيد كدارسه الحننابلة للزاد او الشافعيه لللغايه والتقريباو الحنفيه او المالكية رحمه الله الجميع بشرط وقيد دون التعصب للمذهب انما مذهبك الحديث ان صح وليس مذهبك او كان ضعيف ..
وقد ذكر اخي ابو غازي
كتاب الصنعاني سبل السلام.
كتب الشوكاني نيل الأوطار - والدراري المضية شرح الدرر البهية - والسيل الجرار.
كتاب صديق حسن خان الروضة الندية.
كتاب فقه السنة لسيد سابق.
كتاب الوجيز للعدوي.
لكن كتب المذاهب أكثر فائدة كما ينصح العلماء.
واما دراسة اصول الفقه فتكون على مناهج المدارس الاصولية الثلاثه التي ذكرها غير واحد من اهل العلم واولهم ابن خلدون في مقدمته.
والطالب يطلب العلم علم اصول الفقه على هذا الثلاثه المدارس وهناك مدرسه رابع وهي تتبع منهج الاستدلال في التاليف بالتحري ...
راجع كتب عبد الكريم النملة الهذب و الاتحاف ذكر هذا المدارس
والله اعلم بالصواب
__________________
إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ(106/255)
هل النص القراني يشمل الرجل و المرأة؟ أرجو الإجابة عاجلا
ـ[طالبة مبتدئة]ــــــــ[04 - 08 - 05, 12:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الخطاب في القران الكريم عام للذكر و الأنثى ... أم أن المرأة لا تدخل في النص؟ ... يعني إن جاءت الآية عامة هل تشمل الرجل و المرأة؟
و هل هذا عام .. أم أن هناك آيات تخص الرجل حتى و لو كانت بصيغة العموم .. و كيف أعرف أنها خاصة بالرجل و ليست عامة ..
أرجو الإجابة عاجلا .. و كذلك أرجو أن تدلوني على مراجع لهذا الموضوع .. خصوصًا كتب الأقدمين ...
و بارك الله فيكم
ـ[صالح العقل]ــــــــ[04 - 08 - 05, 01:09 م]ـ
باختصار ..
الأصل في النص القرآني، والنص النبوي أن يكون عاما للرجال والنساء.
يستثنى من هذا ما إذا دل الدليل على خصوصية هذه الآية للرجال، أو خصوصيتها بالنساء -بأدلة أخرى-.
يراجع كتب علوم القرآن الجامعة، مثل البرهان، أو الإتقان، أو غيرها.
فقد ذكروا هذه المسألة بالتفصيل.
ـ[الحمادي]ــــــــ[04 - 08 - 05, 02:55 م]ـ
الأمرُ كما ذكر الأخ صالح وفقه الله.
ويراجَع -أيضاً- مبحث العموم من كتب أصول الفقه، فقد تكلم الأصوليون عن هذه المسألة.
ـ[طالبة مبتدئة]ــــــــ[04 - 08 - 05, 07:59 م]ـ
أشكر الاخوة الفضلاء على إجابتهم ...
و وجدت أن العلماء اختلفوا في (هل ما في القرآن العظيم و السنة من الجموع الصحيحة المذكرة و نحوها مما يختص بجماعة الذكور تدخل فيه الإناث أو لا يدخلن إلا بدليل منفصل) ذكر ذلك الشنقيطي في كتابه الأضواء عند قوله تعالى {فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر}
ثم رحج أنهن لا يدخلن إلا بدليل منفصل ....... السؤال من هم القائلون بالقول الأول و من هم القائلون بالقول الثاني و أين أجد هذا الإختلاف بالتفصيل؟
ـ[سيف 1]ــــــــ[04 - 08 - 05, 10:30 م]ـ
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله (وقد صرح تعالى? بأن مريم ابنة عمران صدّيقة في قوله: {وَأُمُّهُ صِدّيقَةٌ}، وإذن فهل تدخل مريم في قوله تعالى?: {صِرَاطَ ?لَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، أو لا؟
الجواب: أن دخولها فيهم يتفرع على قاعدة أصولية مختلف فيها معروفة، وهي: هل ما في القرءان العظيم والسنة من الجموع الصحيحة المذكرة ونحوها مما يختص بجماعة الذكور تدخل فيه الإناث أو لا يدخلن فيه إلا بدليل منفصل؟ فذهب قوم إلى أنهن يدخلن في ذلك، وعليه: فمريم داخلة في الآية واحتج أهل هذا القول بأمرين:
لأول: إجماع أهل اللسان العربي على تغليب الذكور على الإناث في الجمع.
والثاني: ورود آيات تدل على دخولهن في الجموع الصحيحة المذكرة ونحوها، كقوله تعالى? في مريم نفسها: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـ?تِ رَبَّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ?لْقَـ?نِتِينَ}، وقوله في امرأة العزيز: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـ?ذَا وَ?سْتَغْفِرِى لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ?لْخَـ?طِئِينَ}، وقوله في بلقيس: {وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ?للَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَـ?فِرِينَ}، وقوله فيما كالجمع المذكر السالم: {قُلْنَا ?هْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا}؛ فإنه تدخل فيه حواء إجماعًا. وذهب كثير إلى أنهن لا يدخلن في ذلك إلا بدليل منفصل. واستدلوا على ذلك بآيات كقوله: {إِنَّ ?لْمُسْلِمِينَ وَ?لْمُسْلِمَـ?تِ وَ?لْمُؤْمِنِينَ وَ?لْمُؤْمِنَـ?تِ} إلى قوله: {أَعَدَّ ?للَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}، وقوله تعالى?: {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـ?رِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذ?لِكَ أَزْكَى? لَهُمْ}، ثم قال: {وَقُل لّلْمُؤْمِنَـ?تِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـ?رِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}، فعطفهن عليهم يدل على عدم دخولهن. وأجابوا عن حجة أهل القول الأول بأن تغليب الذكور على الإناث في الجمع ليس محل نزاع. وإنما النزاع في الذي يتبادر من الجمع المذكر ونحوه عند الإطلاق. وعقن الآيات بأن دخول الإناث فيها. إنما علم من قرينة السياق ودلالة اللفظ، ودخولهن في حالة الاقتران بما يدل على ذلك لا نزاع فيه.
وعلى هذا القول: فمريم غير داخلة في الآية وإلى هذا الخلاف أشار في «مراقي السعود» بقوله: (الرجز) وما شمول من للانثى جنف وفي شبيه المسلمين اختلفوا)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/256)
قلت (سيف): وقال تعالى (فاستشهدوا عليهن اربعة منكم) وقال تعالى في سياق قصة الافك (بأربعة شهداء)
وهو من الجموع المذكرة.وعلى الرغم من كون اللغة تحتمل انضمام النساء الى الاربعة ويكون احدهم امرأة لما علمنا من تغليب التذكير على التأنيث في لغة العرب الا ان اجماع الامة قضى بانه سبحانه عنى اربعة شهود رجال.
ومثيله قوله تعالى في الوصية (اثنان ذوا عدل منكم) والأمة على انهما رجلين والا مكان كل رجل امرأتين.
ـ[الحمادي]ــــــــ[05 - 08 - 05, 05:16 ص]ـ
الأخت الكريمة وفقها الله وأعانها:
هناك مواضع اتفاق ومواضع اختلاف في هذه المسألة التي سألتِ عنها، وبيانُ ذلك أنَّ صيغ العموم تختلف:
فهناك ألفاظٌ يشترك فيها النساء مع الرجال، كلفظ (الناس) وهذا بالاتفاق، وأدوات الشرط عند الجمهور خلافاً لبعض الحنفية.
وهناك ألفاظٌ مختصةٌ بالرجال -كلفظ الرجال ونحوه- فلاتدخلُ فيه النساء، وألفاظٌ مختصةٌ بالنساء -كلفظ النساء- فلا يدخل فيه الرجال، وهذا بالاتفاق.
وبقيت تلك الصيغُ المذكَّرةُ من صيغ الأسماء الظاهرة والمضمرة، كلفظ (المؤمنون والأبرار) و (افعلوا وكلوا) وقد اختُلف في دخول النساء فيها على قولين.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -بعد أن ذكر القولين-: (ثمَّ لا خلافَ بين الفريقين أنَّ آيات الأحكام والوعد والوعيد التي في القرآن تشملُ الفريقين وإن كانت بصيغة المذكَّر ... ) ثم أوردَ اختلافهم في كيفية دخولهنَّ، أباللغة أم بالعرف الشرعي؟
وهو يميلُ إلى دخول النساء في ألفاظ الجموع المذكَّرة، واختاره ابن قدامة في الروضة، وهو قول الحنابلة والظاهرية وبعض المالكية.
وأحيلك على بعض المصادر المهمة التي تعرَّضت لهذه المسألة وذكرت القولين ومن قال بهما وأدلة الفريقين:
فتاوى ابن تيميَّة (6/ 437 - ).
تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم (ص333 - 337).
شرح الكوكب المنير (3/ 234 - 242) وأحالَ المحقِّقُ في الحاشية على عددٍ من المصادر الأصولية في مختلف المذاهب.
ـ[سيف 1]ــــــــ[05 - 08 - 05, 03:09 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم الحمادي
ولكن لفظ الناس يطلق في كثير من المواضع ويعنى به الرجال فقط كما في كثير من آيات القرآن والأحاديث
ـ[الحمادي]ــــــــ[05 - 08 - 05, 05:17 م]ـ
وجزاك خيراً أخي سيف.
قد يكونُ ما ذكرتَ صحيحاً، ولعلَّ للقرائن أثراً في تحديد المراد.
ولكني لستُ في مقام التحرير لمدلولات هذه الألفاظ، وإنما أنا ناقلٌ لما في المصادر التي أحلتُ عليها، فقد حكى الاتفاقَ على شمول لفظ (الناس) للذكور والإناث العلائيُّ في تلقيح الفهوم، وغيرُه من أهل العلم.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[05 - 08 - 05, 05:40 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم أخوتي في الله
جزاك الله خيرا أخي الكريم الحمادي
ولكن لفظ الناس يطلق في كثير من المواضع ويعنى به الرجال فقط كما في كثير من آيات القرآن والأحاديث
أخي المحترم الفاضل هناك فرقٌ بين الإطلاق وبين الانصراف.
فاللفظ لاينصرف إلا لأصل معناه اللغوي بخلاف الإطلاق فقد يطلق على غير الأصل من المعاني، ألا ترى أن لفظ (الناس) أطلق في القرآن على الفرد الواحد وهو خلاف ما ينصرف إليه اللفظ عند الذكر.
نعم،قد أحببتُ التنبيه على ذلك فقط.
لذا فإن خلاصة المسألة: أن الجموع المذكرة السالمة- (كقوله:إن كنتم مؤمنين، مثلاً) - تشمل الجنسين شرعاً لا لغة وذلك لأدلة شرعية أخرى خارجة عن نفس الصيغة، كما ذكر أخونا الحمادي جزاه الله خيراً.
والله تعالى أعلم.
ـ[طالبة مبتدئة]ــــــــ[06 - 08 - 05, 09:05 ص]ـ
أشكر الإخوة الفضلاء على هذا البيان و الإيضاح
و أسأله سبحانه و تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم ...
و أسأل إن كانت المرأة تدخل في جمع المذكر السالم ... فكيف بالخطابات الخاصة بالرجال .. كآيات الجهاد و الجمعة إلى غير ذلك من الأحكام ولو كان جمع التذكير مقتضياً لدخول الإناث فيه لكان خروجهن عن هذه الأوامر على خلاف الدليل وهو ممتنع. ذكر ذلك ابن حزم في كتاب الإحكام
ثم إن الأخ الحمادي حفظه الله ذكر أن ممن يميل إلى دخول المرأة في الجموع المذكرة الظاهرية .. و في كتاب الإحكام وجدت و كأن ابن حزم يناصر قول من يرى عدم دخول المرأة في جمع المذكر السالم .. !! فكيف يستقيم ذلك؟؟
أم أني لم أفهم كلام ابن حزم جيدًا .. ؟ ..
أرجو الايضاح .. بارك الله فيكم و سدد على طريق الخير خطاكم
ـ[الحمادي]ــــــــ[06 - 08 - 05, 03:02 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عدنان.
ثم إن الأخ الحمادي حفظه الله ذكر أن ممن يميل إلى دخول المرأة في الجموع المذكرة الظاهرية .. و في كتاب الإحكام وجدت و كأن ابن حزم يناصر قول من يرى عدم دخول المرأة في جمع المذكر السالم .. !! فكيف يستقيم ذلك؟؟
أم أني لم أفهم كلام ابن حزم جيدًا .. ؟ ..
أرجو الايضاح .. بارك الله فيكم و سدد على طريق الخير خطاكم
الأخت الفاضلة وفقها الله:
نسبَ العلائيُّ في تلقيح الفهوم (ص333، 334) هذا القول إلى أبي بكر محمد بن داود الظاهري وكثيرٍ من أتباعه.
ويُفهَمُ من هذا أنَّ من الظاهرية من يخالف في دخولهنَّ.
وأما كلامُ الإمام ابن حزم -رحمه الله- فقد قرأتُه قبل قليل؛ ويبدو لي أنَّ في الكلام سقطاً، فقد ذكر قولَ من يرى عدمَ دخول النساء في خطاب الذكور؛ ثم قال:
(وبهذا نأخذ ... ) ثم أخذَ يدلِّلُ على القول بدخولهنَّ، ويدافعُ عنه، ويردُّ على حجج القائلين بعدم الدخول.
وبقراءة المبحث كاملاً يتبيَّنُ لي أنَّ ابنَ حزمٍ يرى دخولَ النساء في خطاب الذكور، وأنَّ في أول هذا الفصل سقطاً، والساقطُ هو ذِكْرُ قول القائلين بالدخول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/257)
ـ[الحمادي]ــــــــ[06 - 08 - 05, 03:14 م]ـ
و أسأل إن كانت المرأة تدخل في جمع المذكر السالم ... فكيف بالخطابات الخاصة بالرجال .. كآيات الجهاد و الجمعة إلى غير ذلك من الأحكام ولو كان جمع التذكير مقتضياً لدخول الإناث فيه لكان خروجهن عن هذه الأوامر على خلاف الدليل وهو ممتنع. ذكر ذلك ابن حزم في كتاب الإحكام
أجابَ ابنُ حزمٍ رحمه الله عن هذا الكلام، فراجعيه.
ـ[سيف 1]ــــــــ[06 - 08 - 05, 03:46 م]ـ
هل من أحد يتكرم بنقل كلام ابن حزم رحمه الله تعالى كاملا هنا وله منا الدعاء؟
ـ[طالبة مبتدئة]ــــــــ[06 - 08 - 05, 07:57 م]ـ
نقلا من موقع الوراق
المسألة الثامنة عشرة اتفق العلماء على أن كل واحد من المذكر والمؤنث لا يدخل في الجمع الخاص بالآخر كالرجال والنساء وعلى دخولهما في الجمع الذي لم تظهر فيه علامة تذكير ولا تأنيث كالناس وإنما وقع الخلاف بينهم في الجمع الذي ظهرت فيه علامة التذكير كالمسلمين والمؤمنين هل هو ظاهر في دخول الإناث فيه أو لا؟ فذهبت الشافعية والأشاعرة والجمع الكثير من الحنفية والمعتزلة إلى نفيه وذهبت الحنابلة وابن داود وشذوذ من الناس إلى إثباته احتج النافون بالكتاب والسنة والمعقول: أما الكتاب فقوله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات" "الأحزاب 35" عطف جمع التأنيث على جمع المسلمين والمؤمنين ولو كان داخلاً فيه لما حسن عطفه عليه لعدم فائدته.
وأما السنة فما روي عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله إن النساء قلن: ما نرى الله ذكر إلا الرجال فأنزل الله: "إن المسلمين والمسلمات" الآية ولو كن قد دخلن في جمع التذكير لكن مذكورات وامتنعت صحة السؤال والتقرير عليه وأيضاً ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" "ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون" فقالت عائشة: هذا للرجال فما للنساء؟ ولولا خروجهن من جمع الذكور لما صح السؤال ولا التقرير من النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما المعقول فهو أن الجمع تضعيف الواحد فقولنا: قام لا يتناول المؤنث بالإجماع فالجمع الذي هو تضعيفه كقولنا: قاموا لا يكون متناولاً له.
فإن قيل: أما الآية فالعطف فيها لا يدل على عدم دخول الإناث في جمع التذكير قولكم: لا فائدة فيه ليس كذلك إذ المقصود منه إنما هو الإتيان بلفظ يخصهن تأكيداً فلا يكون عرياً عن الفائدة.
وأما سؤال أم سلمة وعائشة فلم يكن لعدم دخول النساء في جمع الذكور بل لعدم تخصيصهن بلفظ صريح فيهن كما ورد في المذكر.
وأما قولكم إن الجمع تضعيف الواحد فمسلم ولكن لم قلتم بامتناع دخول المؤنث فيه مع أنه محل النزاع والذي يدل على دخول المؤنث في جمع التذكير ثلاثة أمور: الأول: أن المألوف من عادة العرب أنه إذا اجتمع التذكير والتأنيث غلبوا جانب التذكير ولهذا فإنه يقال للنساء إذا تمحضن: أدخلن وإن كان معهن رجل قيل: ادخلوا قال الله تعالى لآدم وحواء وإبليس: "قلنا اهبطوا منها جميعاً" "البقرة 38" كما ألف منهم تغليب جمع من يعقل إذا كان معه من لا يعقل ومنه قوله تعالى: "والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه" "النور 45" بل أبلغ من ذلك أنهم إذا وصفوا ما لا يعقل بصفة من يعقل غلبوا فيه من يعقل ومنه قوله تعالى: "أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" "يوسف 4" جمعهم جمع من يعقل لوصفهم بالسجود الذي هو صفة من يعقل وكتغليبهم الكثرة على القلة حتى إنهم يصفون بالكرم والبخل جمعاً أكثرهم متصف بالكرم أو البخل وكتغليبهم في التثنية أحد الاسمين على الآخر كقولهم: الأسودان للتمر والماء والعمران لأبي بكر وعمر والقمران للشمس والقمر.
الثاني: أنه يستهجن من العربي أن يقول لأهل حلة أو قرية أنتم آمنون ونساؤكم آمنات لحصول الأمن للنساء بقوله أنتم آمنون ولولا دخولهن في قوله أنتم آمنون لما كان كذلك وكذلك لا يحسن منه أن يقول لجماعة فيهم رجال ونساء قوموا وقمن بل لو قال قوموا كان ذلك كافياً في الأمر للنساء بالقيام ولولا دخولهن في جمع التذكير لما كان كذلك.
الثالث: أن أكثر أوامر الشرع بخطاب المذكر مع انعقاد الإجماع على أن النساء يشاركن الرجال في أحكام تلك الأوامر ولو لم يدخلن في ذلك الخطاب لما كان كذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/258)
والجواب: قولهم في الآية فائدة التخصيص بلفظ يخصهن التأكيد قلنا: لو اعتقدنا عدم دخولهن في جمع التذكير كانت فائدة تخصيصهن بالذكر التأسيس ولا يخفى أن فائدة التأسيس أولى في كلام الشارع.
قولهم: سؤال أم سلمة وعائشة إنما كان لعدم تخصيص النساء بلفظ يخصهن لا لعدم دخول النساء في جمع التذكير ليس كذلك أما سؤال أم سلمة فهو صريح في عدم الذكر مطلقاً لا في عدم ذكر ما يخصهن بحيث قالت: ما نرى الله ذكر إلا الرجال ولو ذكر النساء ولو بطريق الضمن لما صح هذا الإخبار على إطلاقه وأما حديث عائشة فلأنها قالت هذا للرجال ولو كان الحكم عاماً لما صح منها تخصيص ذلك بالرجال.
قولهم: المألوف من عادة العرب تغليب جانب التذكير مسلم ونحن لا ننازع في أن العربي إذا أراد أن يعبر عن جمع فيهم ذكور وإناث أنه يغلب جانب التذكير ويعبر بلفظ التذكير ويكون ذلك من باب التجوز وإنما النزاع في أن جمع التذكير إذا أطلق هل يكون ظاهراً في دخول المؤنث ومستلزماً له أو لا؟ وليس فيما قيل ما يدل على ذلك وهذا كما أنه يصح التجوز بلفظ الأسد عن الإنسان ولا يلزم أن يكون ظاهرا فيه مهما أطلق.
فإن قيل: إذا صح دخول المؤنث في جمع المذكر فالأصل أن يكون مشعراً به حقيقة لا تجوزاً.
قلنا: ولو كان جمع التذكير حقيقة للذكور والإناث مع انعقاد الإجماع على أنه حقيقة في تمحض الذكور كان اللفظ مشتركاً وهو خلاف الأصل.
فإن قيل: ولو كان مجازاً لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد لدخول المسمى الحقيقي فيه وهم الذكور وهو ممتنع.
قلنا: ليس كذلك فإنه لا يكون حقيقة في الذكور إلا مع الاقتصار وأما إذا كان جزءاً من المذكور لا مع الاقتصار فلا كيف وإنا لا نسلم امتناع الجمع بين الحقيقة والمجاز كما سبق تقريره.
وأما الوجه الثاني: فإنما استهجن من العربي أن يقول: أنتم آمنون ونساؤكم آمنات لأن تأمين الرجال يستلزم الأمن من جميع المخاوف المتعلقة بأنفسهم وأموالهم ونسائهم فلو لم تكن النساء آمنات لما حصل أمن الرجال مطلقاً وهو تناقض أما أن ذلك يدل على ظهور دخول النساء في الخطاب فلا وبه يظهر لزوم أمن النساء من الاقتصار على قوله للرجال: أنتم آمنون.
وأما الوجه الثالث: فغير لازم وذلك أن النساء وإن شاركن الرجال في كثير من أحكام التذكير فيفارقن للرجال في كثير من الأحكام الثابتة بخطاب التذكير كأحكام الجهاد في قوله تعالى: "وجاهدوا في الله حق جهاده" "الحج 78" وأحكام الجمعة في قوله تعالى: "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" "الجمعة 9" إلى غير ذلك من الأحكام ولو كان جمع التذكير مقتضياً لدخول الإناث فيه لكان خروجهن عن هذه الأوامر على خلاف الدليل وهو ممتنع فحيث وقع الاشتراك تارة والافتراق تارة علم أن ذلك إنما هو مستند إلى دليل خارج لا إلى نفس اقتضاء اللفظ لذلك.
المسألة التاسعة عشرة إذا ورد لفظ عام لم تظهر فيه علامة تذكير ولا تأنيث سوى لفظ الجمع مثل من في الشرط والجزاء هل يعم المذكر والمؤنث؟ اختلفوا فيه فأثبته الأكثرون ونفاه الأقلون.
والمختار تفريعاً على القول بالعموم دخول المؤنث فيه ودليله أنه لو قال القائل لعبده من دخل داري فأكرمه فإن العبد يلام بإخراج الداخل من المؤنثات عن الإكرام ويلام السيد بلوم العبد بإكرامهن وكذلك الحكم في النذر والوصية والأصل في كل ما فهم من اللفظ أن يكون حقيقة فيه لا مجازاً.
فإن قيل: التعميم فيما ذكرتموه إنما فهم من قرينة الحال وهي ما جرت به العادة من مقابلة الداخل إلى دار الإنسان والحلول في منزله بالإكرام فكان ذلك من باب المجاز لا أنه من مقتضيات اللفظ حقيقة.
قلنا: هذا باطل بما لو قال: من دخل داري فأهنه فإنه يفهم منه العموم وإن كان على خلاف القرينة المذكورة وكذا لو قال له: من قال لك ألف فقل له ب فإنه لا قرينة أصلاً والعموم مفهوم منه فدل على كونه حقيقة فيه.
(هذا ماوجدته و أرجو من الأخ الحمادي إكمال إجابة ابن حزم عن هذه الأدلة، لأني لم أجد ما أشار إليه و يبدو أنه ساقط)
ـ[الحمادي]ــــــــ[06 - 08 - 05, 08:36 م]ـ
عذراً بارك الله فيك، أنا خارج المنزل، وقد لا أعودُ إلا عند منتصف الليل، ويبدو لي أنَّ هذا الكلام الذي نقلتيه ليس من إحكام ابن حزم، وإنما هو من إحكام الآمدي.
وسأراجع هذا للتثبُّت بعد عودتي بمشيئة الله وتوفيقه.
وإن تسنى لأحد الإخوة الإفادة؛ فجزاه الله خيراً.
ـ[سيف 1]ــــــــ[06 - 08 - 05, 08:41 م]ـ
جزاك الله خيرا أختي الكريمة
وكلام ابن حزم المنقول يشير الى تبنيه انهن لا يدخلن في الخطاب. ويبدو ان أخانا الكريم الحمادي لم يقرأ بقية كلام ابن حزم فظن ان ردود المثبتين لدخولهن هي لابن حزم نفسه ولكن فاته قراءة رد ابن حزم عليهم.وليس في الكلام سقط والله اعلم.
بارك الله فيكم
ـ[سيف 1]ــــــــ[06 - 08 - 05, 08:56 م]ـ
منقول من الاحكام في اصول القرآن لابن حزم أخي الحبيب الحمادي.تأكدت منه.بارك الله فيك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/259)
ـ[سيف 1]ــــــــ[06 - 08 - 05, 09:09 م]ـ
قوله (المسألة التاسعة عشرة إذا ورد لفظ عام لم تظهر فيه علامة تذكير ولا تأنيث سوى لفظ الجمع مثل من في الشرط والجزاء هل يعم المذكر والمؤنث؟ اختلفوا فيه فأثبته الأكثرون ونفاه الأقلون)
لم أفهم جيدا مثاله المضروب؟ فهل من شارح؟
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 12:19 ص]ـ
أحسنَ الله إليكم.
ما زلتُ خارج المنزل، فعذراً.
(هذا ماوجدته و أرجو من الأخ الحمادي إكمال إجابة ابن حزم عن هذه الأدلة، لأني لم أجد ما أشار إليه و يبدو أنه ساقط)
جزاك الله خيرا أختي الكريمة
وكلام ابن حزم المنقول يشير الى تبنيه انهن لا يدخلن في الخطاب. ويبدو ان أخانا الكريم الحمادي لم يقرأ بقية كلام ابن حزم فظن ان ردود المثبتين لدخولهن هي لابن حزم نفسه ولكن فاته قراءة رد ابن حزم عليهم.وليس في الكلام سقط والله اعلم.
بارك الله فيكم
ليسَ الأمرُ كما ظننتَ أخي سيف،، وليس في النصِّ الذي نقلته الأخت سقط، بل هو نصٌ متكاملٌ، ولكنه ليس لابن حزم؛ وإن عُزِيَ إليه في موقع الورَّاق، فليُبحَثْ عن قائل هذا الكلام.
منقول من الاحكام في اصول القرآن لابن حزم أخي الحبيب الحمادي.تأكدت منه.بارك الله فيك
التثبُّتُ يا أخ سيف لا يكونُ بمراجعة المواقع أو النُّسَخ الالكترونية.
راجعتُ موقعَ الورَّاق، وقرأتُ في الكتاب الذي ذكرت الأخت -وفقها الله وسدَّدها- فعلمتُ أنه لاعلاقة لابن حزمٍ بهذا الكتاب من خلال أسلوب المؤلف وبعض آرائه التي أوردَها.
فآمل ممن تزخر مكتبتُه بكتب "أصول الفقه" أن يتثبَّت من قائل الكلام السابق الذي نقلته الأختُ في مشاركتها الأخيرة.
وأحيلُ الإخوةَ إلى كتاب ابن حزم (الإحكام في أصول الأحكام) فليراجعوا مبحثَ دخول النساء في خطاب الذكور.
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 12:23 ص]ـ
قوله (المسألة التاسعة عشرة إذا ورد لفظ عام لم تظهر فيه علامة تذكير ولا تأنيث سوى لفظ الجمع مثل من في الشرط والجزاء هل يعم المذكر والمؤنث؟ اختلفوا فيه فأثبته الأكثرون ونفاه الأقلون)
لم أفهم جيدا مثاله المضروب؟ فهل من شارح؟
مرادُ المؤلِّف صيغُ الشرط ونحوها؛ كقولك: (من عمل صالحاً فله كذا) فهل يدخل النساءُ في هذا الخطاب أو لا؟
أكثرُ أهل العلم على دخولهنَّ، وهو رأيُ ابن تيميَّة وغيره.
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 02:40 ص]ـ
راجعتُ كتابَ الإمام ابن حزمٍ -رحمه الله- فوجدتُ الأمرَ كما ذكرتُ سابقاً.
يُنظر: (الإِحكام في أصول الأَحكام 1/ 344 - 350) وليس على نسختي بيانات الطباعة، فهي من توزيع إداراة الإفتاء.
وأما ما نقَلَته الأختُ -وفقها الله- في مشاركتها رقم "14" فلم أتمكَّن مراجعته في كتب الأصول؛ إذ ليس بين يديَّ من كتب الأصول سوى اليسير، ولكني راجعتُ بعضَ البرامج -قبل قليل- فوجدتُ الكلامَ الذي نقَلَته بحروفه؛ وأحالوا على كتاب:
(الإِحكام لأبي الحسن الآمدي 2/ 284 - ).
وأتمنى ممن يمتلكُ كتابَ الآمدي أن يفيدَ بتوثيق هذه الإحالة.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[07 - 08 - 05, 06:46 ص]ـ
راجعتُ كتابَ الإمام ابن حزمٍ -رحمه الله- فوجدتُ الأمرَ كما ذكرتُ سابقاً.
يُنظر: (الإِحكام في أصول الأَحكام 1/ 344 - 350) وليس على نسختي بيانات الطباعة، فهي من توزيع إداراة الإفتاء.
وأما ما نقَلَته الأختُ -وفقها الله- في مشاركتها رقم "14" فلم أتمكَّن مراجعته في كتب الأصول؛ إذ ليس بين يديَّ من كتب الأصول سوى اليسير، ولكني راجعتُ بعضَ البرامج -قبل قليل- فوجدتُ الكلامَ الذي نقَلَته بحروفه؛ وأحالوا على كتاب:
(الإِحكام لأبي الحسن الآمدي 2/ 284 - ).
وأتمنى ممن يمتلكُ كتابَ الآمدي أن يفيدَ بتوثيق هذه الإحالة.
لك ذلك يا شيخ عبد الله.
هو في الإحكام للآمدي (2/ 265 فما بعدها).
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 01:45 م]ـ
الحمدُ لله على توفيقه.
أحسنَ الله إليكم يا أبا معاذ.
ـ[الحمادي]ــــــــ[08 - 08 - 05, 06:11 ص]ـ
بناءً على ما سبقَ يتبيَّنُ أنَّ نسبةَ الكتاب (في موقع الورَّاق) إلى ابن حزمٍ خطأٌ، وإنما هو للآمديِّ؛ وقد راسلتُ الإخوةَ في موقع الورَّاق منبِّهاً لهم على هذا الخطأ.
ـ[طالبة مبتدئة]ــــــــ[08 - 08 - 05, 05:03 م]ـ
بارك الله فيكم و أشكر الأخ الحمادي على هذا البيان و الإيضاح
يبقى السؤال بم رد القائلون بأن المرأة تدخل في الجموع على استدلالات الآمدي في كتابه؟
ثم ان ابن تيمية رحمه الله لما ذكر هذه الأقوال، ذكر بعد أن ساق الخلاف أنه حتى القائلون بأنها لا تدخل إلا بدليل منفصل يتفقون مع الفريق الآخر في كونها تدخل في الجموع المذكرة في آيات الوعد و الوعيد و الأحكام، كما ندخل نحن فيما خوطب به الرسول صلى الله عليه و سلم و كما تدخل سائر الأمة فيما خوطب به الواحد منها و سؤالي هو و ماذا في القرآن غير آيات الوعد و الوعيد و الأحكام الذي يُختلف في كون المرأة تدخل في جمع المذكر فيه؟ أي أنه مادام أنها دخلت في آيات الوعد و الوعيد و الأحكام فماذا بقي ليختلف فيه؟ آمل أن يكون السؤال و اضحًا
و فهمت من ذلك أنه على هذا تكون الجموع المذكرة عامة للرجال و النساء، و من خص أحدها بالرجال فعليه أن يأتي بدليل على تخصيصه، فهل هذا صحيح؟
أرجو البيان .. بارك الله فيكم و نفع الله بكم و رزقكم الصبر على أسئلة المبتدئين أمثالي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/260)
ـ[طالبة مبتدئة]ــــــــ[11 - 08 - 05, 08:38 م]ـ
هل من مجيب؟؟؟
ـ[سيف 1]ــــــــ[11 - 08 - 05, 08:56 م]ـ
للفائدة هذا كلام ابن حزم المشار اليه من احكام الاحكام
فصل في ورود الأمر بلفظ خطاب الذكور
قال علي: اختلف الناس فقالت طائفة إذا ورد الأمر بصورة خطاب الذكور فهو على الذكور دون الإناث إلا أن يقوم دليل على دخول الإناث فيه واحتجوا بأن قالوا إن لكل معنى لفظا يعبر عنه فخطاب النساء افعلن وخاطب الرجال افعلوا فلا سبيل إلى إيقاع لفظ على غير ما علق عليه إلا بدليل
قال علي: وبهذا نأخذ وهو الذي لا يجوز غيره والدليل الذي استدلت به الطائفة الأولى هو أعظم الحجة عليهم وهو دليلنا على إبطال قولهم لأن لكل معنى لفظا يعبر به كما قالوا ولا بد ولا خلاف بين أحد من العرب ولا من حاملي لغتهم أولهم عن اخرهم في أن الرجال والنساء وأن الذكور والإناث إذا اجتمعوا وخوطبوا أخبر عنهم أن الخطاب والخبر يردان بلفظ الخطاب والخبر عن الذكور إذا انفردوا ولا فرق وأن هذا أمر مطرد أبدا على حالة واحدة فصح بذلك أنه ليس لخطاب الذكور خاصة لفظ مجرد في اللغة العربية غير اللفظ الجامع لهم وللإناث ألا أن يأتي
بيان زائد بأن المراد الذكور دون الإناث فلما صح لم يجز حمل الخطاب على بعض ما يقتضيه دون بعض إلا بنص أو بإجماع فلما كانت لفظة افعلوا والجمع بالواو والنون وجمع التكسير يقع على الذكور والإناث معا وكان رسول الله ? مبعوثا إلى الرجال والنساء بعثا مستويا وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيه ? للرجال والنساء خطابا واحدا لم يجز أن يخص بشيء من ذلك الرجال دون النساء إلا بنص جلي أو إجماع لأن ذلك تخصيص الظاهر وهذا غير جائز وكل ما لزم القائلين بالخصوص فهو لازم لهؤلاء وسيأتي ذلك مستوعبا في بابه إن شاء الله تعالى فإن قالوا فأوجبوا الجهاد فرضا على النساء قيل لهم وبالله تعالى التوفيق لولا قول رسول الله ? لعائشة إذ استأذنته في الجهاد لكن أفضل الجهاد حج مبرور لكان الجهاد عليهن فرضا ولكن بهذا الحديث علمنا أن الجهاد على النساء ندب لا فرض لأنه عليه السلام لم ينهها عن ذلك ولكن أخبرها أن الحج لهن أفضل منه ومما يبين صحة قولنا أن عائشة وهي حجة في اللغة لما سمعت الأمر بالجهاد قدرت أن النساء يدخلن في ذلك الوجوب حتى بين النبي ? لها أنه عليهم ندب لا فرض وأن الحج لهن أفضل منه ونحن لا ننكر صرف اللفظ عن موضوعه في اللغة بدليل من نص أو إجماع أو بضرورة طبيعة تدل على أنه مصروف عن موضوعه وإنما يبطل دعوى من ادعى صرف اللفظ عن موضوعه في اللغة بلا دليل فلم ينكر النبي ? عليها حملها الخطاب بلفظ خطاب الذكور على عموم دخول النساء في ذلك وفي هذا كفاية لمن عقل فإن قالوا فأوجبوا عليهن النفار للتفقه في الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قلنا وبالله تعالى التوفيق نعم هذا واجب عليهن كوجوبه على الرجال وفرض على كل امرأة النفقة في كل ما يخصها كما ذلك فرض على الرجال ففرض على ذات المال منهن معرفة أحكام الزكاة وفرض عليهن كلهن معرفة أحكام الطهارة والصلاة والصوم وما يحل وما يحرم من الماكل والمشارب والملابس وغير ذلك كالرجال ولا فرق ولو تفقهت امرأة في علوم الديانة للزمنا قبول نذارتها وقد كان ذلك فهؤلاء أزواج النبي ? وصواحبه قد نقل عنهن أحكام الدين وقامت الحجة بنقلهن ولا خلاف بين أصحابنا وجميع أهل نحلتنا في ذلك فمنهن سوى أزواجه
عليه السلام أم سليم وأم حرام وأم عطية وأم كرز وأم شريك وأم الدرداء وأم خالد وأسماء بنت أبي بكر وفاطمة بنت قيس ويسرة وغيرهن ثم في التابعين عمرة وأم الحسن والرباب وفاطمة بنت المنذر وهند الفراسية وحبيبة بنت ميسرة وحفصة بنت سيرين وغيرهن ولا خلاف بين أحد من المسلمين قاطبة في أنهن مخاطبات بقوله تعالى: ? وأقيموا لصلاة واتوا لزكاة وركعوا مع لراكعين? ? شهر رمضان لذي أنزل فيه لقران هدى للناس وبينات من لهدى ولفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد لله بكم ليسر ولا يريد بكم لعسر ولتكملوا لعدة ولتكبروا لله على ما هداكم ولعلكم تشكرون? و ? يأيها لذين امنوا تقوا لله وذروا ما بقي من لربا إن كنتم مؤمنين? و ? حرمت عليكم لميتة ولدم ولحم لخنزير وما أهل لغير لله به ولمنخنقة ولموقوذة ولمتردية ولنطيحة وما أكل لسبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/261)
إلا ما ذكيتم وما ذبح على لنصب وأن تستقسموا بلأزلام ذلكم فسق ليوم يئس لذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وخشون ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم لأسلام دينا فمن ضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن لله غفور رحيم? و ? وليستعفف لذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم لله من فضله ولذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا واتوهم من مال لله لذي اتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على لبغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض لحياة لدنيا ومن يكرههن فإن لله من بعد إكراههن غفور رحيم? و ? يأيها لذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فكتبوه وليكتب بينكم كاتب بلعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه لله فليكتب وليملل لذي عليه لحق وليتق لله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان لذي عليه لحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بلعدل وستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل ومرأتان ممن ترضون من لشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما لأخرى ولا يأب لشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند لله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم وتقوا لله ويعلمكم لله ولله بكل شيء عليم? و ? فيه ايات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان امنا ولله على لناس حج لبيت من ستطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن لله غني عن لعالمين? و ? ثم أفيضوا من حيث أفاض لناس وستغفروا لله إن لله غفور رحيم? و ? إنما يريد لشيطان أن يوقع بينكم لعداوة ولبغضاء في لخمر ولميسر ويصدكم عن ذكر لله وعن لصلاة فهل أنتم منتهون? و ? وبتلوا ليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن انستم منهم رشدا فدفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بلمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بلله حسيبا? وسائر أوامر القران وإنما من لجأ إلى هذه المضايق في مسألة أو مسألتين تحكموا فيها وقلدوا فاضطروا إلى مكابرة العيان ودعوى خروج النساء من الخطاب بلا دليل ثم رجعوا إلى عمومهن مع الرجال بلا رقبة ولا حياء
قال علي: وقد قال الله تعالى: ? وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون? وقال أيضا ? وأنذر عشيرتك لأقربين? فنادى عليه السلام بطون قريش بطنا بطنا ثم قال يا صفية بنت عبد المطلب يا فاطمة بنت محمد فأدخل النساء مع الرجال في الخطاب الوارد كما نرى فإن قال قائل فقد قال تعالى: ? يأيها لذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بلألقاب بئس لاسم لفسوق بعد لإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون? وقال زهير
وما أدري وسوف إخال أدري أقوم ال حصن أم نساء فالجواب وبالله تعالى التوفيق إن اللفظ إذا جاء مرادا به بعض ما يقع تحته في اللغة وبين ذلك دليل فلسنا ننكره فقد قال تعالى: ? يأيها لناس تقوا ربكم إن زلزلة لساعة شيء عظيم? فلا خلاف بين لغوي وشرعي أن هذا الخطاب متوجه إلى كل ادمي من ذكر أو أنثى ثم قال تعالى: ? لذين قال لهم لناس إن لناس قد جمعوا لكم فخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا لله ونعم لوكيل? فقام الدليل على أن المراد ههنا بعض الناس لا كلهم فوجب الوقوف عند ذلك لقيام الدليل عليه ولولا ذلك لما جاز أن يكون محمولا إلا على عموم الناس كلهم.
قال أبو محمد: وقد سأل عمرو بن العاص رسول الله ? أي الناس أحب إليك فقال عائشة قال ومن الرجال قال أبوها ثناه عبد الله بن يوسف عن أحمد بن فتح عن عبد الوهاب بن عيسى عن أحمد بن محمد عن أحمد بن علي عن مسلم بن الحجاج أنبأ يحيى ثنا خالد بن عبد الله عن خالد هو الحذاء عن أبي عثمان هو النهدي قال أخبرني عمرو بن العاص عن رسول الله ? ورسول الله ? أعلم الناس باللغة التي بعث بها فحمل اللفظ على عمومه في دخول النساء مع الرجال حتى أخبره السائل أنه أراد بعض من يقع عليه الاسم الذي خاطب به فقبل ذلك منه عليه السلام وهذا هو نص مذهبنا وهو أن نحمل الكلام على عمومه فإذا قام دليل على أنه أراد به الخصوص صرنا إليه ولا خلاف بين المسلمين في أن قوله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/262)
? قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير لله به فمن ضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم? واقع على إناث الخنازير كوقوعها على ذكورها بنفس اللفظ للنوع كله وقد اعترض بعضهم بحديث ذكروه من طريق أم سلمة رضي الله عنها فيه أن النساء شكون وقلن ما نرى الله تعالى يذكر إلا الرجال فنزلت ? إن لمسلمين ولمسلمات ولمؤمنين ولمؤمنات ولقانتين ولقانتات ولصادقين ولصادقات ولصابرين ولصابرات ولخاشعين ولخاشعات ولمتصدقين ولمتصدقات ولصائمين ولصائمات ولحافظين فروجهم ولحافظات ولذاكرين لله كثيرا ولذاكرات أعد لله لهم مغفرة وأجرا عظيما?
قال علي: وهذا حديث لا يصح البتة ولا روي من طريق يثبت حدثنا محمد بن
سعيد بن نبات قال أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن إصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار بندار ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن حصين قال سمعت عكرمة يقول قالت أم عمار يا رسول الله يذكر الرجال في القران ولا يذكر النساء قال فنزلت ? إن لمسلمين ولمسلمات ولمؤمنين ولمؤمنات ولقانتين ولقانتات ولصادقين ولصادقات ولصابرين ولصابرات ولخاشعين ولخاشعات ولمتصدقين ولمتصدقات ولصائمين ولصائمات ولحافظين فروجهم ولحافظات ولذاكرين لله كثيرا ولذاكرات أعد لله لهم مغفرة وأجرا عظيما?
قال علي: وهذا مرسل كما نرى لا تقوم به حجة وثناه أيضا محمد بن سعيد النباتي ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا الخشني ثنا محمد بن المثنى حدثنا مؤمل ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قالت أم سلمة يذكر الرجال في الهجرة ولا نذكر فنزلت ? فستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فلذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها لأنهار ثوابا من عند لله ولله عنده حسن لثواب? وقالت أم سلمة يا رسول الله لا نقطع الميراث ولا نغزو في سبيل الله فنقتل فنزلت ? ولا تتمنوا ما فضل لله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما كتسبوا وللنساء نصيب مما كتسبن وسألوا لله من فضله إن لله كان بكل شيء عليما? وقالت أم سلمة يذكر الرجال ولا نذكر فنزلت ? ورد لله لذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى لله لمؤمنين لقتال وكان لله قويا عزيزا?
قال علي: ويقال إن التفسير لم يسمعه ابن أبي نجيح من مجاهد ثنا بذلك يحيى بن عبد الرحمن عن أحمد بن دحيم عن إبراهيم بن حماد عن إسماعيل بن إسحاق ولم يذكر مجاهد سماعا لهذا الخبر عن أم سلمة ولا يعلم له منها سماع أصلا وإنما صح أنهن قلن يا رسول الله غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما فجعل لهن عليه السلام يوما وعظهن فيه وأمرهن بالصدقة وكذلك صح ما روي في خطبته عليه السلام في العيد وأمره النساء أن يشهدن ثم رأى عليه السلام أنه لم يسمعهن فأتاهن فوعظهن قائما أتاهن عليه السلام إذ خشي أنهن لم يسمعن وإلا فقد كان يكفيهن جملة كلامه على المنبر
.
قال أبو محمد: والصحيح من هذا ما حدثناه عبد الله بن يوسف بالسند المتقدم ذكره إلى مسلم حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي وأبو معن الرقاشي وأبو بكر نافع وعبد الله بن حميد قال هؤلاء الثلاثة ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ثنا أفلح بن سعيد حدثنا عبد الله بن رافع وقال يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو هو ابن الحارث أن بكيرا حدثه عن القاسم بن عباس الهاشمي عن عبد الله بن رافع مولى ابن أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي ? أنها قالت كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله ? فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني فسمعت رسول الله ? يقول أيها الناس فقلت للجارية استأخري عني قالت إنما دعا الرجال ولم يدع النساء فقلت إني من الناس ثم ذكرت الحديث
قال علي: في هذا بيان دخول النساء مع الرجال في الخطاب الوارد بصيغة خطاب الذكور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/263)
قال أبو محمد: واحتج بعضهم بقوله تعالى: ? إن لمسلمين ولمسلمات ولمؤمنين ولمؤمنات ولقانتين ولقانتات ولصادقين ولصادقات ولصابرين ولصابرات ولخاشعين ولخاشعات ولمتصدقين ولمتصدقات ولصائمين ولصائمات ولحافظين فروجهم ولحافظات ولذاكرين لله كثيرا ولذاكرات أعد لله لهم مغفرة وأجرا عظيما? فالجواب وبالله التوفيق أنه لا ينكر التأكيد والتكرار وقد ذكر الله تعالى الملائكة ثم قال ? من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن لله عدو للكافرين? وهما من الملائكة ويكفي من هذا ما قدمناه من أوامر القران المتفق على أن المراد بهذا الرجال والنساء معا بغير نص اخر ولا بيان زائد إلا اللفظ وكذلك قوله ? يأيها لذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فكتبوه وليكتب بينكم كاتب بلعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه لله فليكتب وليملل لذي عليه لحق وليتق لله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان لذي عليه لحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بلعدل وستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل ومرأتان ممن ترضون من لشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما لأخرى ولا يأب لشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند لله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم وتقوا لله ويعلمكم لله ولله بكل شيء عليم? بيان جلي على أن المراد بذلك الرجال والنساء معا لأنه لا يجوز في اللغة أن يخاطب الرجال فقط بأن يقال لهم ? يأيها لذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فكتبوه وليكتب بينكم كاتب بلعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه لله فليكتب وليملل لذي عليه لحق وليتق لله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان لذي عليه لحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بلعدل وستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل ومرأتان ممن ترضون من لشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما لأخرى ولا يأب لشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند لله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم وتقوا لله ويعلمكم لله ولله بكل شيء عليم? وإنما كان يقال من أنفسكم فإن قالوا قد تيقنا أن الرجال مرادون بالخطاب الوارد بلفظ الذكور ولم نوقن ذلك في النساء فالتوقف فيهن واجب قيل له قد تيقنا أن رسول الله ? مبعوث إليهن كما هو إلى الرجال وإن الشريعة التي هي الإسلام لازمة لهن كلزومها للرجال وأيقنا أن الخطاب بالعبادات والأحكام متوجه إليهن كتوجهه إلى الرجال إلا ما خصهن أو خص الرجال منهن دليل وكل هذا يوجب ألا يفرد الرجال دونهن بشيء قد صح اشتراك الجميع
فيها إلا بنص أو إجماع وبالله تعالى التوفيق
ـ[سيف 1]ــــــــ[11 - 08 - 05, 09:28 م]ـ
لا ارى قول ابن حزم رحمه الله يخرج عن الحجج الخطابية وقول الآمدي أقوى منه
فانظر مثلا قوله (عن أم سلمة زوج النبي ? أنها قالت كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله ? فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني فسمعت رسول الله ? يقول أيها الناس فقلت للجارية استأخري عني قالت إنما دعا الرجال ولم يدع النساء فقلت إني من الناس ثم ذكرت الحديث
قال علي: في هذا بيان دخول النساء مع الرجال في الخطاب الوارد بصيغة خطاب الذكور.)
قلت (سيف):مع ان النافون نقلوا الاتفاق ان الناس تشمل النوعيين ولا خلاف فيها اصلا.وليس فيها صيغة مخاطبة الذكور كما قال ابن حزم.
وقال ابن حزم (قال أبو محمد: واحتج بعضهم بقوله تعالى: ? إن لمسلمين ولمسلمات ولمؤمنين ولمؤمنات ولقانتين ولقانتات ولصادقين ولصادقات ولصابرين ولصابرات ولخاشعين ولخاشعات ولمتصدقين ولمتصدقات ولصائمين ولصائمات ولحافظين فروجهم ولحافظات ولذاكرين لله كثيرا ولذاكرات أعد لله لهم مغفرة وأجرا عظيما? فالجواب وبالله التوفيق أنه لا ينكر التأكيد والتكرار)
قلت (سيف):لم يأت بجديد وكلام الآمدي أظهر منه هنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/264)
وقد احتج بان عائشة فهمت من الخطاب انه للذكور والاناث في الجهاد فستأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم.ولولا انها حجة في العربية لما فهمت ذلك
قلت (سيف): سياق الحديث ليس كما ذكره ابن حزم بل ذكرت عائشة انها ما رأت ثواب يعدل ثواب المجاهدين فاحبت ان تجاهد مثل المجاهدين وتحوز أجرهم.وليس فيه انها فهمت تلقائيا انها مأمورة بذلك مثل الرجال بل هي تطلعت لأن تحوز مع الرجال ذلك الثواب العظيم.وقد يرد عليه ايضا بان النساء لو كانوا مامورات بذلك ضمنا لما استأذنت عائشة اصلا ولوجدنا النساء يخرجن في بدر وغيرها تلقائيا ثم يردهن الرسول صلى الله عليه وسلم. وشئ آخر ان رسول صلى الله عليه وسلم نهاهن عن الجهاد فقال (لا) وهي عند البخاري وغيره.اذا فهو ليس ندب كما قال ابن حزم
وكذلك قد يقال بان عكرمة وهو من هو في العربية والتفسير نقل ذلك الأثر ولم يستغربه في قصة عدم ذكر النساء. واستساغ كون جمع الذكور لا يتناول النساء.والله اعلم
وقال ابن حزم (لأنه لا يجوز في اللغة أن يخاطب الرجال فقط بأن يقال لهم ? يأيها لذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فكتبوه وليكتب بينكم كاتب بلعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه لله فليكتب وليملل لذي عليه لحق وليتق لله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان لذي عليه لحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بلعدل وستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل ومرأتان ممن ترضون من لشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما لأخرى ولا يأب لشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند لله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم وتقوا لله ويعلمكم لله ولله بكل شيء عليم?)
قلت (سيف):ما قاله ليس بحجة اصلا.ولو قال هذا الكلام احدا من الناس لجماعة من الرجال لكان وجيها مقبولا
وقال ابن حزم أخيرا (قد تيقنا أن رسول الله ? مبعوث إليهن كما هو إلى الرجال وإن الشريعة التي هي الإسلام لازمة لهن كلزومها للرجال وأيقنا أن الخطاب بالعبادات والأحكام متوجه إليهن كتوجهه إلى الرجال إلا ما خصهن أو خص الرجال منهن دليل وكل هذا يوجب ألا يفرد الرجال دونهن بشيء قد صح اشتراك الجميع
فيها إلا بنص أو إجماع وبالله تعالى التوفيق)
قلت (سيف) وهذا لم يختلف عليه اثنان من اهل القبلة بان النساء داخلات في الخطاب بالاحكام والوعيد والثواب وغيره حتى النافون لدخولهن تلقائيا في جمع الذكور(106/265)
أفضل كتاب في مقاصد الشريعة؟
ـ[عبد الرحمن عبد الله]ــــــــ[17 - 08 - 05, 08:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الفضلاء
أريد أفضل كتاب في مقاصد الشريعة الإسلامية أو أشمل كتاب،
وهل لشيخ الإسلام ابن تيميه-رحمه الله-كتاب في مقاصد الشريعة الإسلامية
ارشدوني ارشدكم الله -عز وجل- لطاعته
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[17 - 08 - 05, 09:49 ص]ـ
قال الشيخ الفاضل محمد حسين يعقوب حفظه الله في كتابه (منطلقات طالب العلم) وهو يذكر مراحل دراسة كتب أصول الفقه: ( ... وتنتهي عند أفضل ما ألِّف في الأصول ومقاصد الشريعة .. كتاب الموافقات للإمام للشاطبي .. وفي قضية مقاصد الشريعة لا بأس بكتاب مقاصد الشريعة للطاهر ابن عاشور أو لعلال الفاسي .. ومن هذا الباب كتاب مقاصد المكلفين للدكتور عمر الأشقر .. وهو بحث مفيد ماتع عليك به .. ولو أن تسطره بيدك لكان أولى) .. انتهى بنصه ..
أرجو أن أكون قد أفدتك .. أما عن سؤالك عن شيخ الإسلام فلا أعلم ..
ـ[الاستاذ]ــــــــ[17 - 08 - 05, 10:27 ص]ـ
عليك بكتاب الطاهر بن عاشور عض عليه بالنواجذ
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[17 - 08 - 05, 10:43 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31015&highlight=%C7%E1%E3%DE%C7%D5%CF+%C7%E1%DA%C7%E3%C9 +%E1%E1%D4%D1%ED%DA%C9
ـ[أبوزكرياالمحمدى]ــــــــ[17 - 08 - 05, 12:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
لقد ألفت كتب كثيرة معاصرة فى علم مقاصد الشريعة عامة ومنهم من درس المقاصد عند علماء بعينهم من ذلك:،البعد المقاصدى فى فقه عمر بن الخطاب رضى الله عنه،مقاصد الشريعة عند الامام مالك،مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، نظرية المقاصد عند الشاطبى، مقاصد الشريعة عند العز بن عبد السلام،وهكذا ومن بين الكتب التى تكلمت بتوسع عن المقاصد وربطتها بالادله الشرعية وألمحت الى الكتب المؤلفة فى هذا العلم وبينت مالها وماعليها فى مسائل معينة مقرونة بالنقل والدليل كتاب "مقاصد الشريعة الاسلامية وعلاقتها بالادلة الشرعية "للدكتور محمد سعد بن أحمد بن مسعود اليوبى.
ـ[عبد الرحمن عبد الله]ــــــــ[18 - 08 - 05, 07:08 م]ـ
اخواني الفضلاء
جزاكم الله خيراً وجمعني بكم في جنته
لو ذكرتم لي أفضل الطبعات للكتب المذكورة
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[19 - 08 - 05, 03:46 ص]ـ
لا أظن أخي الحبيب أنه توجد سوى طبعة واحدة من هذه الكتب المعاصرة، عدا كتاب الاعتصام، وقد قتله الأخوة بحثا في عدد من الموضوعات فتراجعها ...
وللشيخ أبو الفضل عبد السلام بن عبد الكريم محاضرات صوتية وأظنها في كتاب عن المقاصد عند ابن تيمية ولعلها تنزل قريبا -كما أخبرني أحد تلامذة الشيخ- في موقع طريق الإسلام
وبالمناسبة فالشيخ قوي ماشاء الله في العلم لا سيما في العقيدة والأصول، وعقله تبارك الله، ياتي بفوائد طيبة، فانصح الأخوة بقراءة كتبه، ومنها مشروع " تقريب كلام شيخ الإسلام " وضم الأشبه والنظائر، وله محاضرات بعهد العزيز بالله بالزيتون والله أعلم
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[20 - 08 - 05, 03:41 ص]ـ
هناك كتب قد تفيد مقاصد الشريعة عند العزبن عبدالسلام وكذلك مقاصد الشريعة عند ابن تيميه وكلها رسائل جامعية ولا أذكر المؤلفين لأني بعيد عن مكتبتي
ـ[ابومالك البصري]ــــــــ[23 - 08 - 05, 02:41 م]ـ
عليك بكتاب الطاهر بن عاشور عض عليه بالنواجذ
هل الكتاب موجود على ملف وورد او صيغة الكترونيةـ وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الرحمن عبد الله]ــــــــ[24 - 08 - 05, 01:52 ص]ـ
اخواني الفضلاء
جزاكم الله خيراً وجمعني بكم في جنته
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[17 - 12 - 05, 02:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
هناك عدة مؤلفات ألفت في علم المقاصد منها ما ذكره الإخوة قبلي، وأفيدك ببعض العناوين الأخرى التي لها صلة مباشرة بالموضوع: 1 - نظرية المقاصد عند ابن عاشور للدكتور اسماعيل الحسني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
2 - نظرية المقاصد عند الشاطبي وهو أشهر من أن يعرف به، للدكتور أحمد الريسوني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
3 - الشاطبي ومقاصد الشريعة، للدكتور حمادي العبيدي، دار ابن قتيبة.
4 - ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية للدكتور البوطي وله عدة طبعات.
5 - نحو تفعيل مقاصد الشريعة للدكتور جمال الدين عطية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
6 - مقاصد الشريعة ومكارمها للعلامة المغربي علال الفاسي.
7 - مقاصد الشريعة للدكتور طه جابر العلواني، دار الهادي.
8 - مقاصد الشريعة الإسلامية للدكتور حامد العالم رحمه الله، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
9 - نظرية الضرورة للدكتور وهبة الزحيلي ن دار الفكر.
10 - المصلحة المرسلة والإستحسان وتطبيقاتهما الفقهية، للدكنور عبد اللطيف العلمي، وزارة الأوقاف المغربية.
11 - المصالح المرسلة وأثرها في الفقه الإسلامي، للدكتور محمد بوركاب، دار البحوث والدراسات بالإمارات.
12 - الإجتهاد المقاصدي للدكتور الخادمي، كتاب الأمة.
13 - الإجتهاد التنزيلي للدكتور بشير بن مولود جحيش، كتاب الأمة.
14 - اعتبار المآل ومراعاة نتائج التصرفات للدكتور عبد الرحمن بن معمر السنوسي، دار ابن الجوزي.
15 - سد الذرائع للدكتور هشام برهاني.
16 - قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، للدكتور عبد الرحمان الكيلاني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
17 - الإجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه في الفقه الإسلامي للدكتور عبد الرحمن زايدي، دار الحديث.
18 - الإجتهاد الإستصحابي للدكتور حسن الهنداوي، مؤسسة الرسالة.
19 - التأصيل العلمي لمفهوم فقه الواقع للدكتور سعيد بيهي، الدار العالمية للنشر والتوزيع.
20 - الحاجة الشرعية: حدودها وقواعدها للأستاذ أحمد كافي، دار الكتب العلمية.
21 - مقاصد الشريعة عند ابن تيمية للدكتور محمد أحمد البدوي، دار النفائس.
ويمكن مراسلتي على العنوان التالي حتى تعم الفائدة ويحصل التعاون المتبادل: youssef_hmito@hotmail.com
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/266)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[18 - 12 - 05, 12:08 م]ـ
ينبغى أن يعد من كتب المقاصد إعلام الموقعين للبحر الحبر ابن القيم فإنه عالج هذا العلم كثيرا فى كتابه خاصة عند كلامه على القياس
قال ابن باز رحمه الله عنه هو كتاب الإسلام
كتاب الطاهر بن عاشور عبارة عن ترتيب وتلخيص لما ذكره الشاطبى وهذا لاينقص من قدره
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[22 - 12 - 05, 11:26 م]ـ
وهناك كتاب أيضا بعنوان:
- علم مقاصد الشرع للدكتور عبدالعزيز الربيعة، و في أوله قائمة بيبلوجرافية بمن كتب في المقاصد، و الكتاب من المقررات الجامعية.
- كتيب للشيخ صالح الأسمري، احسب أن اسمه، الفصول المنتقاة في مقاصد الشريعة.
- وكذلك كتيب مختصر للشيخ عوض القرني مفيد.
ـ[هشام العويد]ــــــــ[23 - 12 - 05, 12:37 ص]ـ
كتيب للشيخ صالح الأسمري، احسب أن اسمه، الفصول المنتقاة في مقاصد الشريعة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=35438&highlight=%E4%D4%D1+%C7%E1%C8%CF%DA+%CE%E1%C7%E1
ـ[عمر الزبداني]ــــــــ[06 - 09 - 07, 02:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
وجزاكم الله كل خير
هل من كتب عن المقاصد عند الجويني، أرجو من وقف على أبحاث خاصة بالفكر السياسي عند الجويني أن يرشدني إليها. بارك الله فيكم
ـ[ماجد عجلان]ــــــــ[08 - 09 - 07, 12:28 ص]ـ
جمع لبعض كتب مقاصد الشريعة الإسلامية وأهدافها (1)
اسم الكتاب ......... المؤلف .............................. المحقق ............ الناشر
1 مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية محمد اليوبي الهجرة، الرياض
2 مقاصد الشريعة الإسلامية محمد الطاهر بن عاشور محمد الميساوي النفائس، الأردن
3 مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها علال الفاسي الغرب الإسلامي، بيروت
4 مقاصد الشريعة الإسلامية زياد احميدان الرسالة ناشرون، بيروت
5 مقاصد الشريعة الإسلامية في ضوء فقه الموازنات عبدالله الكمالي ابن حزم، بيروت
6 المقاصد العامة للشريعة الإسلامية يوسف العالم الدار الإسلامية
7 الإجتهاد المقاصدي نور الدين خادمي مجلة كتاب الأمة، قطر
8 سد الذرائع في الشريعة الإسلامية محمد البرهاني الريحاني، بيروت
9 الشاطبي ومقاصد الشريعة حمادي العبيدي قتيبة، دمشق
10 ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية محمد سعيد البوطي الرسالة، بيروت
11 فلسفة مقاصد التشريع في الفقه الإسلامي خليفة بابكر الحسن الفكر، الخرطوم
12 قواعد الأحكام في مصالح الأنام العز بن عبدالسلام نزيه حماد، عثمان ضميرية القلم، دمشق
13 قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي عبدالرحمن الكيلاني الفكر، دمشق
14 نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي حسين حسان المتنبي، القاهرة
15 نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي أحمد الريسوني المعهد العالمي
16 مقاصد الشريعة الإسلامية تأصيلاً وتفعيلاً محمد بكر حبيب طيبة الخضراء، مكة
17 نحو تفعيل مقاصد الشريعة جمال عطية الفكر، سوريا
18 مقاصد الشريعة محمد الزحيلي مجلة كلية الشريعة، أم القرى
19 الموافقات الشاطبي مشهور سلمان ابن عفان، الخبر
20 طرق الكشف عن مقاصد الشارع نعمان جغيم النفائس، الأردن
21 تعليل الأحكام محمد مصطفى شلبي النهضة العربية، بيروت
22 مقاصد الشريعة عند ابن تيمية يوسف البدوي النفائس الأردن
23 مقاصد الشريعة الإسلامية إبراهيم سلقيني مجلة كلية الدراسات الإسلامية،الإمارات
24 أهمية مقاصد الشريعة في الإجتهاد أحمد الرفايعة الجامعة الأردنية
25 بيان الدليل على بطلان التحليل شيخ الإسلام ابن تيمية فيحان المطيري أضواء النهار، السعودية
26 غياث الأمم في إلتياث الظلم الإمام الجويني خليل المنصور الكتب العلمية، بيروت
27 نظرية المقاصد عند الإمام محمد الطاهر بن عاشور إسماعيل الحسني المعهد العالمي، امريكا
28 اجتهاد المقاصدي سلاح ذو حدين حسين الترتوري مجلة الدعوة 1611
29 فقه المصلحة وتطبيقاته المعاصرة حسين حسان المعهد الإسلامي للبحوث، جدة
30 شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل الإمام الغزالي الإرشاد، بغداد
31 جلب المصالح ودرء المفاسد علي العميريني مجلة جامعة الإمام عدد 5
32 درء المفسدة في الشريعة الإسلامية محمد البغا العلوم الإنسانية، دمشق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/267)
33 مصلحة حفظ النفس في الشريعة الإسلامية محمد المبيض المختار، القاهرة
34 المدخل إلى علم مقاصد الشريعة عبدالقادر حرز الله الرشد، الرياض
35 التعليل المقاصدي لأحكام الفساد والبطلان عبدالقادر حرز الله كلية العلوم الإجتماعية، جامعة باتنة
36 مقاصد الشريعة عبدالمجيد الرفاعي الفكر المعاصر، سوريا
37 المقاصد الكلية والإجتهاد المعاصر حسن محمد جابر دار الحوار، بيروت
38 طرق إثبات المقاصد عند الإمام الشاطبي عز الدين بن زغيبة مجلة الموافقات، الجزائر
39 الشاطبي والإجتهاد التشريعي المعاصر عبد المجيد تركي مجلة الإجتهاد 8،بيروت
40 المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية قراءة جديدة نصر حامد أبو زيد مجلة العربي 426
41 المصالح المرسلة وأثرها في مرونة الفقه الإسلامي محمد بوركاب دار البحوث للدراسات الإسلامية، دبي
42 المصلحة في التشريع الإسلامي مصطفى زيد
43 أهداف التشريع محمد أبو يحي الفرقان، الأردن
44 نظرية الضرورة الشرعية وهبة الزحيلي الرسالة، بيروت
45 المناسبة الشرعية وتطبيقاتها المعاصرة نور الدين خادمي ابن حزم، بيروت
46 المصالح المرسلة واختلاف العلماء فيها وجنات ميمني المجتمع، جدة
47 المقاصد الشرعية تعريفها أمثلتها حجيتها نور الدين خادمي إشبيليا، الرياض
48 المقاصد الشرعية وصلتها بالأدلة الشرعية نور الدين خادمي إشبيليا، الرياض
49 الحيل الفقهية ضوابطها وتطبيقاتها على الأحوال الشخصية صالح بوشيش الرشد، الرياض
50 الحيل في الشريعة الإسلامية محمد بحيري السعادة، مصر
51 الحيل الفقهية في المعاملات المالية محمد ابراهيم المؤسسة الوطنية، الجزائر
52 مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين عمر الأشقر الفلاح، الكويت
53 رفع الحرج في الشريعة الإسلامية صالح بن حميد جامعة ام القرى
54 مقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبدالسلام عمر صالح عمر النفاءس، الأردن
55 أسرار الشريعة وآدابها الباطنية ابراهيم أفندي مطبعة الواعظ
56 الإسلام مقاصده وخصائصه محمد عقلة الرسالة الحديثة، عمان
57 حكمة الدين، تفسير عناصر الإسلام ومقتضياته وحيد الدين خان المختار الإسلامي، القاهرة
58 القيم الضرورية ومقاصد التشريع الإسلامي فهمي علوان الهيئة المصرية، القاهرة
59 المقاصد العامة للشريعة الإسلامية عبدالرحمن عبدالخالق الصحوة الإسلامية، الكويت
60 أصول النظام الإجتماعي في الإسلام محمد الطاهر بن عاشور الشركة التونسية
61 إعتبار المآلات ومراعاة نتائج التصرفات عبد الرحمن السنوسي ابن الجوزي، الدمام
62 قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، في ضوء المقاصد الشرعية مصطفى مخدوم إشبيليا، الرياض
63 بين علمي أصول الفقه والمقاصد محمد الحبيب خوجة المجمع الفقهي
64 الفصول المنتقاة المجموعة في مقاصد الشريعة المرفوعة صالح الأسمري ابن الأثير، الرياض
65 الحيل الشرعية بين الحظر والإباحة نشوة العلواني دار إقرأ، سوريا
66 علم مقاصد الشارع عبدالعزيز بن ربيعة
67 علم مقاصد الشريعة عبد السلام الشريف
68 مقاصد الشريعة الإسلامية في الشهادات بركات أحمد
69 مدخل إلى مقاصد الشريعة أحمد الريسوني
70 مقاصد الشريعة الإسلامية زيد الرماني
71 مقدمة في علم مقاصد الشريعة سعد الشثري
72 مقاصد الشريعة عند الشاطبي عبداللطيف محمد عامر
73
74
75
76
77
78
79
80
ـ[ثائر سلامة]ــــــــ[08 - 09 - 07, 10:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لقد تمت مناقشة رسالة ماجستير حول كتاب المقاصد للأستاذ محمود فاعور
وقد تشاورت اللجنة المشرفة بشأن تحويل الرسالة من ماجستير إلى دكتوراة مباشرة لأنها تعتبر من أهم الرسائل التي أحاطت بالموضوع
سأحاول رفع الكتاب إلى الملتقى لعلكم تستفيدون منه
وبارك الله تعالى بكم
وأنوه إلى ضرورة تنصيب الخطوط العثمانية لتتمكنوا من قراءة الآيات القرآنية التي كتبت بالخط العثماني
ـ[ثائر سلامة]ــــــــ[08 - 09 - 07, 10:50 ص]ـ
للأسف فشل رفع ملف الخطوط وهو ملف يحوي الخطوط العثمانية مضافا إليها خطا اعتمده الكاتب في الكتاب
أرجو ممن لديه الخطوط العثمانية أن يرفعها هنا مأجورا إن شاء الله تعالى
وأرجو ممن يحمل الكتاب أن يبلغني بأية مشاكل في قراءة النص
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[08 - 09 - 07, 01:45 م]ـ
من كتب المقاصد: حجة الله البالغة لولي الله الدهلوي، فهو مع صغر الحجم جيّد مفصّل، مع ما فيه مما فيه.
وجدير هنا بالدراسة نهج شيوخ الإسلام الثلاثة: ابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب رحمهم الله في فهومهم وبيانهم عن مسألة المقاصد والمصلحة، فإني أراه مخالفا لنهج الشاطبي والمتكلمين والمعاصرين - الموسوم بدورانهم حول مثلث (الضروريات - الحاجيات - الكماليات) وحول كلياتهم الخمسة (حفظ الدين - النفس - النسب - العقل - المال). وكثيرا ما يختلط بين النهجين، وحتى رسالة الدكتور أحمد البدوي لا يسلم من هذا.
وجزاكم الله خيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/268)
ـ[العارض]ــــــــ[08 - 09 - 07, 06:44 م]ـ
.....
ـ[عمر الزبداني]ــــــــ[09 - 09 - 07, 02:27 م]ـ
أخي ماجد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا على ما أرسلته إلي وجزاك الله كل خير:
أقوال: ما أبحث عنه ما يتعلق بالإمام الجويني تحديداً، سواء كان في جانب المقاصد أم في غيره من الجوانب، فإن وقفت على شيء بهذا الخصوص فأرجو أن تزويدني به.
بارك الله في جهودكم ونفع بكم
أخوكم عمر الزبداني
ـ[هاني إسماعيل]ــــــــ[20 - 09 - 07, 06:11 م]ـ
جزاكم الله عنا كل خير
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[14 - 10 - 07, 01:18 ص]ـ
ينبغى أن يعد من كتب المقاصد إعلام الموقعين للبحر الحبر ابن القيم فإنه عالج هذا العلم كثيرا فى كتابه خاصة عند كلامه على القياس
وكذلك عند الكلام عن "الحكمة" و "السياسة"، فليكن على نصب أعيننا فهو أفضل من الموافقات بكثير.
ـ[ابو هبة]ــــــــ[14 - 10 - 07, 01:30 ص]ـ
.................
و في أوله قائمة بيبلوجرافية بمن كتب في المقاصد، .........
.
جزاك الله خيراً, لعل من الأفضل القول: ترجمة.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[14 - 10 - 07, 02:05 ص]ـ
جزى الله الجميع خيرا الجزاء ......
ومثل هذه المواضيع الاستقرائية أظن انها تنال اهتمام الإخوة كثيراً , وهي ثمينة جداً فينبغي حفظها بأي شكل كان , كي لا تضيع عند حصول عطل للملتقى-لا قدر الله- كما حصل لموضوع (ما كتب في السياسة الشرعية) مثلاً
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[14 - 10 - 07, 02:09 ص]ـ
جزاك الله خيراً, لعل من الأفضل القول: ترجمة.
لعلك تقصد (تعداد) أو (سرد) , وليس ترجمة!
إذ معنى ببلوجرافيا: وهي يونانية في الأصل: تتكون من شقين:
الأول / ببلو: وتعني:الكتاب.
الثاني / جرافيا: وتعني وصف.
وأظن أنك لا تقصدها.
ـ[ابو هبة]ــــــــ[14 - 10 - 07, 11:55 ص]ـ
لعلك تقصد (تعداد) أو (سرد) , وليس ترجمة!
إذ معنى ببلوجرافيا: وهي يونانية في الأصل: تتكون من شقين:
الأول / ببلو: وتعني:الكتاب.
الثاني / جرافيا: وتعني وصف.
وأظن أنك لا تقصدها.
جزاك الله خيراً على التصحيح, عموماً قصدت استعمال المرادف العربي.
وفقك الله.
ـ[وفاءمرس]ــــــــ[16 - 10 - 07, 11:03 ص]ـ
اخت نضال لايأخذكي التعصب فتقدمي على الشاطبي احدا لانه كل واحد من العلماء رحمهم الله جميعا قد تخصص بعلم وهذا ما تخصص به اصحاب النبي بوصفه لااصحابه اقضاكم علي واعلمكم بالحلال والحرام معاذ؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[16 - 10 - 07, 02:32 م]ـ
الأخت وفاء حفظكم الله؛
أين دليل التعصب؟
أخشى أن قد انعكس الأمر والله المستعان.
تنبيه: لست بامرأة، وإنما أنا ابن مشهود الإندونيسي.
ـ[روضة السلام]ــــــــ[24 - 10 - 07, 11:49 ص]ـ
اخوتى مشرفى ملتقى اهل الحديث وجميع الاعضاء الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسأل الله ان يتقبل منكم الصيام والقيام ويعينكم على صالح الاعمال وكل العام وانتم بخير وصحة وسلامة
سؤالى هل بالامكان مساعدتى فى الحصول على كتب فى التعارض بين الاحاديث وكل ما يتعلق بمختلف الحديث،كذلك لو توجد أى بحزث او رساءل علمية تمت بالصلة لهذا العلم
كما اريد ان اعرف المؤلفات فى مشكل الحديث وهل هناك فرق بينه وبين مختلف الحديث؟
أتمنى المساعدة إذ اننى اعد رسالة ماجستير فى التعارض بين احاديث العبادات (الصيام والزكاة)
جعلكم الله منارة للعلم النافع.(106/269)
الفقه الافتراضي بين أهل الرأي وأهل الحديث
ـ[محمود النجيري]ــــــــ[29 - 08 - 05, 03:03 ص]ـ
الفقه الافتراضى
بين أهل الرأى وأهل الحديث
الفقه الافتراضى هو اجتهاد الفقيه فى وضع الحكم الشرعى لما لم يقع بعد من الحوادث والنوازل المقدرة. ومثاله: ما كان حين نزل قتادة الكوفة، فقام إليه أبو حنيفة، فسأله: يا أبا الخطاب ما تقول فى رجل غاب عن أهله أعوامًا، فظنت امرأته أن زوجها مات، فتزوجت، ثم رجع زوجها الأول. ما تقول فى صداقها؟ وكان أبو حنيفة قد قال لأصحابة الذين اجتمعوا إليه: لئن حدَّث بحديث ليكذبن، ولئن قال برأى نفسه ليخطئن. فقال قتادة: ويحك أوقعت هذه المسألة؟ قال: لا. قال: فلِمَ تسألنى عما لم يقع؟ قال أبو حنيفة: ((إنا لنستعد للبلاء قبل نزوله، فإذا ما وقع، عرفنا الدخول فيه والخروج منه)). (1)
أهل الحديث وتوقفهم عن الافتراض
نشأت مدرسة الحديث الفقهية فى الحجاز فى أواخر العصر الأموى، وزعيمها الإمام مالك، ومن بعده الإمام الشافعى، والإمام أحمد، وغيرهم. وتميز عمل هذه المدرسة الفقهى بما يلى:
1 - الوقوف عند النصوص والآثار، والتمسك بظواهرها، دون بحث عن علة الحكم.
2 - لا يلجئون إلى الرأى إن كان هناك نص أو أثر، وإن رواه واحد فقط، ما دام هذا الراوى ثقة عدلاً.
3 - الاعتماد على رأى فى حالات الضرورة القصوى، والامتناع عن الفصل فى المسائل التى لا حكم لها يعرفونه من الكتاب أو السنة، أو الاجماع، ولا رأى صحابى.
4 - التوقف عن الخوض فى المسائل التى لم تقع فعلاً.
أهل الرأى وتوسعهم فى الافتراض
نشأت هذه المدرسة الفقهية فى العراق فى أواخر العصر الأموى أيضًا، وزعيمها الإمام أبو حنيفة. وتميز عملها الفقهى بما يلى:
1 - يذهب أهل الرأى إلى أن أحكام الشرع معقولة المعنى، تشتمل على مصالح ترجع إلى العباد، كما أنها بنيت على أصول محكمة وعلل ضابطة لتلك الحكم، فكانوا يبحثون عن تلك العلل والحكم، ثم يربطون الحكم بها وجودًا وعدمًا.
2 - التشدد فى قبول أخبار الآحاد، وذلك لأن الكوفة لم تكن موطن الحديث كما كانت المدينة، وفى الكوفة انتشرت كثير من البدع، ووضعت الأحاديث لتعضيدها.
3 - التوسع فى استخدام القياس، وافتراض حوادث لم تقع، وإبداء الرأى فيها.
وقد أفادت هذه المدرسة فى مرونة الفقه الإسلامى، وتوسع نطاقه فى الزمان والمكان، وانتقاله من المرحلة الواقعية إلى المرحلة النظرية، وذلك من خلال مجهود فقهائها الذهنى الذى غطى أوجه الحياة كلها.
الافتراض فى الكتاب والسنة وعند السلف
ورد فى القرآن الكريم ما يفهم منه كراهة السؤال عما لم يقع، فى قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم .... } [المائدة: 101].
وفى الصحيحين ورد نهى النبى ? عن السؤال عما لم يقع بقوله ((دعونى ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)). وروى أحمد من حديث معاوية أن النبى ? نهى عن الأغلوطات. وتشمل هذه الأغلوطات المسائل المفترضة لتغليط الخصم وتعجيزه، والمسائل التى لا طائل وراءها. وكان عمر بن الخطاب يقول: " إياكم وهذه العضل، فإنها إذا نزلت بعث الله إليها من يقيمها ويفسرها ". (2)
وأثر عن السلف كراهة الكلام فيما لم يقع، وتوقفهم عن الإفتاء فيه، فعن مسروق قال: سألت أبى بن كعب عن مسألة، فقال: أكانت هذه بعد؟ قلت: لا. قال: " فأَجِمَّنى حتى تكون ". (3)
وعن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه كان لا يقول برأيه فى شىء يُسئل عنه حتى يقول أنزل أم لا؟ فإن لم يكن نزل، لم يقل فيه. وإن يكن وقع تكلم فيه. (4) وقال ابن مسعود: " إياكم وأرأيت، أرأيت، فإنما هلك من كان قبلكم بأرأيت، أرأيت. ولا تقس شيئًا فتزل قدم بعد ثبوتها، وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم، فليقل: لا أعلم، فإنه ثلث العلم ". (5)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/270)
ورفض التابعون الجواب عما لم يقع، كأن فى الافتراض نجامة، أو رجمًا بالغيب، أو تحديا للمستقبل، مخافة أن يحلوا حرامًا أو يحرموا حلالاً دون إلمام تام بالظروف، وكان الشعبى يقول: احفظ عنى ثلاثًا. منها: إذا سئلت عن مسألة فأجبت فيها، فلا تتبع مسألتك أرأيت، فإن الله تعالى قال فى كتابه: {أرأيت من اتخذ إلهه هواه} [الفرقان: 43]. (6) وسأل عبد الملك بن مروان الإمامَ ابن شهاب الزهرى، " فقال الزهرى: أكان هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: لا. قال: فدعه، فإنه إذا كان أتى الله بفرج " (7)
ومن جانب آخر نجد أن الصحابة الكرام سألوا رسول الله ? مسائل عما لم يقع لا تكاد تحصى، وبين لهم أحكامها بالسنة، مثلما فى الحديث المتفق عليه عن رافع بن خديج أنه سأل النبى فقال: إنا لاقو العدو غدًا، وليس معنا مدى، أفنذكى بالليطة؟ (8) فقال النبى ?: " ما أنهر الدم، وذُكر اسم الله عليه فكل، إلا ما كان من سن أو ظفر ". وروى الترمذى أن رجلاً سأل رسول الله ? فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا، ويسألونا حقهم. قال: " اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلوا، وعليكم ما حُمِّلتم ". وفى صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: " كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى .... "، وفيه سأل حذيفة: "فما أفعل إن أدركنى ذلك؟ " وكان النبى ? فى أحيان كثيرة يخبر بداية بما سيقع، ويدل على العمل المطلوب إزاءه.
أبو حنيفة رائد الفقه الافتراضى
وحين جاء أبو حنيفة توسع فى تفريع الفروع على الأصول، وافتراض الحوادث التى لم تقع إذ كان يرى أن وظيفة المجتهد تمهيد الفقه للناس، والحوادث إن لم تكن واقعة زمن المجتهد، لكنها ستقع لاحقًا. وكان له جرأة على توليد المسائل وافتراضها، وأغرق فى تنزيل النوازل، ولم يتردد عن أن يستعمل الرأى فى الفروع قبل أن تنزل، وتشقيقها قبل أن تقع، والكلام فيها، والحكم عليها قبل أن تكون، فاتسع الفقه الافتراضى النظرى حتى بلغ ذروته، وصار مستوعبًا للحوادث المتجددة والمستبعدة، ولذلك حين سئل رقبة بن مصقلة عن أبى حنيفة قال: " هو أعلم الناس بما لم يكن، وأجهلهم بما قد كان ". (9)
وتبع أبا حنيفة على ذلك الافتراض الفقهى مدرسته، تستعرض مسائل الفقه استعراضًا شاملاً، وتجيب على فروضها الإجابات الضافية، فلم تكتف بما يحدث من أحداث، بل كأنها فرحت بما عندها من وسائل الاجتهاد، وأدوات القياس، والقدرة على التخريج، فأباحت إثارة المسائل الفرضية، تبدى فيها رأيها، وتستعمل قياسها، حتى فرضوا المستحيل وبعيد الوقوع، مثل: إن قال رجل لامرأته: أنت طالق نصف تطليقة، أو ربع تطليقة، فما الحكم؟ ولو قال: أنت طالق واحدة، بعدها واحدة؟ .. ونحو ذلك. كأن الأمر صار مرانًا عقليًا كمسائل الحساب والجبر والهندسة، ومرنوا على ذلك مرانًأ عجيبًا، فكان لهم قدرة فائقة على قياس الأمر بأشباهه، واستخراج العلل والأسباب، ووجوه الفروق والموافقات، وأكثروا الفروض فى أبواب الرقيق والطلاق والأيمان والنذور، كثرة لا حدَّ لها.
ومن هنا عرفت مدرسة أبى حنيفة بمدرسة (الأرأيتيين)، أى: الذين يفترضون الوقائع بقولهم: (أرأيت لو حصل كذا؟ أرأيت لو كان كذا؟) فقد سأل مالكًأ -رحمه الله- بعض تلاميذه يومًا عن حكم مسألة فأجابه، فقال تلميذه: أرأيت لو كان كذا؟ فغضب مالك. وقال: هل أنت من الأرأيتيين؟ هل أنت قادم من العراق؟ (10)
منهج أهل الحديث فى الفقه الافتراضى
أما أهل الحديث فقد قاوموا الاتجاه إلى افتراض ما لم ينزل، وقرنوه بالأغلوطات والمعضلات التى يذم من يشتغل بها، وعدوا الاشتغال بذلك والاستغراق فيه تعطيل للسنن، وبعث على الجهل بحقيقة الشريعة وأحكامها، وترك الوقوف عليها والعمل بها، ومدعاة للتكلف فى الدين، وهو مذموم فى القرآن الكريم بقوله: {قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} [ص: 86]، واستدلوا لمذهبهم بنهى النبى ? عن الأغلوطات، ونهيه عن القيل والقال وكثرة السؤال، وبما رواه أبو داود فى مراسيله أن النبى ? قال: ((لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها، فإنكم إن لا تفعلوا، أوشك أن يكون فيكم من إذا قال سدد أو وفق، فإنكم إن عجلتم تشتتت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/271)
بكم الطرق ههنا وههنا)). واستدلوا أيضًا بكثير من الآثار، منها ما جاء عن ابن عمر قال: " لا تسألوا عما لم يكن، فإنى سمعت عمر يلعن من سأل عما لم يكن " (11) وكان الإمام أحمد كثيرًا إذا سئل عن شىء من المسائل المحدثة المتولدات التى لا تقع يقول: " دعونا من هذه المسائل المحدثة ". (12) وروى أسد بن الفرات بعد أن قدم إلى المدينة على مالك، أن ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك كانوا يجعلونه يسأله، فإذا أجاب يقولون قل له: فإذا كان كذا؟ فضاق علىَّ يومًا، فقال لى: " هذه سليسلة (13) بنت سليسلة، إن أردت هذا فعليك بالعراق ". (14)
وعلى هذا الطريق كان فقهاء أهل الحديث يحذرون من الافتراضيين، ويطلقون عليهم تسميات عدة مثل: (الآرائيين)، (الهداهد)، (الأرأيتيين)، (أصحاب أرأيت)، وينهون تلاميذهم عن مجالستهم والأخذ عنهم واتباع طريقتهم، قال أبو وائل: " لا تقاعد أصحاب أرأيت "، وقال الشعبى: "ما كلمة أبغض إلىَّ من أرأيت ". وقال الشعبى أيضًا: " إنما هلك من كان قبلكم فى أرأيت ". (15)
منهج جديد للفقه الافتراضى
ومع هذا الاختلاف بين المدرستين فإن عوامل كثيرة قربت بين أهل الرأى وأهل الحديث مثل الجدل والمناظرات التى كانت تقوم كثيرًا على فرض الفروض والحكم عليها بين الفريقين، ومثل الرحلة فى طلب العلم، وأخذ بعضهم عن بعض، فالشافعى مثلاً أخذ عن محمد بن الحسن، وهذا الأخير أخذ عن مالك، وأحمد بن حنبل أخذ عن محمد بن الحسن، ولقى أسد بن الفرات صاحبى أبى حنيفة: أبا يوسف ومحمدًا، وسمع منهما الفروع على الطريقة العراقية، فمزج الفقهين معًا فى "المدونة " مثلما فعل محمد بن الحسن فى المدينة بمزج فقه مدرسته العراقية بفقه الحجازيين. ومن هنا بدأ الشافعية والمالكية فى الافتراض، وصار كل الفقهاء يغوص بحثًا عن المعانى، وأكثروا البحث فيما وقع وما لم يقع، وتناظروا فى عويص المسائل، وتوسعت كتب الفقه فى تناول ما وضعه الحنفية من افتراضات بالبحث والمدارسة.
ويبين التاريخ ظهور غلاة من الجانبين خالفوا الحق وجمد فكرهم: فمن أتباع أهل الحديث من سدَّ باب المسائل حتى قل فهمه وعلمه لحدود ما أنزل الله على رسوله، وصار حامل فقه غير فقيه. ومن فقهاء أهل الرأى من توسع فى توليد المسائل قبل وقوعها، ما يقع فى العادة منها وما لا يقع، واشتغلوا بتكلف الجواب عن ذلك، وبكثرة الخصومات فيه، والجدال عليه، حتى يتولد من ذلك افتراق القلوب، ويستقر فيها الأهواء والشحناء والعداوة والبغضاء. ويقترن هذا غالبًا بنية المغالبة وطلب العلو، والمباهاة وصرف وجوه الناس. (16)
ومن هنا ندعو إلى منهج جديد فى الفقه الافتراضى يقوم على الأسس التالية:
1 - ألا تكون المسألة المفترضة مما يستحيل وقوعه، بأن تكون متصورة الوجود فى نفسها، حتى يمكن تصور تحققها ووقوعها، فلا يصح الافتراض لما يستحيل عقلاً ولا طبعًا، نحو الجمع بين المتضادين، فإنه بعيد عن تكليف الشارع وحكمته، وهو قبيح ومحال عقلاً عند الحنفية، وعند أهل الحديث هو محال عقلاً، لا أنه قبيح. (17) ويستثنى من ذلك ما يظن أنه محال دون بينة ولا قرينة مما يختلف فى تقديره أهل العلم. وكم من أشياء وقعت، ظنها السابقون محالات أو لم ترد لهم على بال، مثل الاستنساخ، والكشف عن الجينوم البشرى، وتحديد جنس الجنين فى بطن أمه، واختراع الكمبيوتر والإنترنت وغيرها كثير!
2 - إن كان فى المسألة نص من كتاب الله، أو سنة عن رسول الله ?، أو أثر عن الصحابة الكرام، لم يكره الكلام فيها، بل قد يجب بيانها بقدر الحاجة إليها.
3 - إن لم يكن فى المسألة نص ولا أثر، وكانت محتملة الوقوع، وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون فيها على بصيرة إذا وقعت، استحب الجواب عنها، أو صار واجبًا بحسب الحاجة، ولاسيما إن كان السائل يتفقه بذلك، ويعتبر بالمسألة نظائرها، ويفرع عليها، فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الأولى. (18)
ومن المسائل المفترضة التى يحتاجها الناس: حكم المرأة تموت، وليس معها نساء، ولا ذو محرم، ولا زوج. وحكم الرجل بموت ليس معه إلا نساء. والحكم فيهما التيمم كما ذكره مالك فى الموطأ. ومنها حكم من قدر على بعض الطهارة وعجز عن الباقى، إما لعدم الماء، أو لمرض فى بعض أعضائه دون بعض، فإنه يأتى من ذلك بما قدر عليه، ويتيمم للباقى. سواء فى ذلك الوضوء والغسل. ويطرد هذا فى العبادات، فإن من عجز عن فعل المأمور به كله، قدر على بعضه، فإنه يأتى بما أمكن منه لقول الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن 16]، ولحديث النبى ?: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .. )). وأما من فاته الوقوف بعرفة فى الحج، فهل يأتى بما بقى منه من المبيت بمزدلفة ورمى الجمار أم لا؟ بل يقتصر على الطواف والسعى، ويتحلل بعمرة؟ على روايتين عن أحمد، أشهرها أنه يقتصر على الطواف والسعى؛ لأن المبيت والرمى من لواحق الوقوف بعرفة وتوابعه، وإنما أمره الله تعالى بذكره عند المشعر الحرام، وبذكره فى الأيام المعدودات لمن أفاض من عرفات، فلا يؤمر به من لا يقف بعرفة، كما لا يؤمر به المعتمر. (19)
(1) تاريخ بغداد: الخطيب البغدادى، (13/ 348).
(2 - 4،7) جامع بيان العلم وفضله: ابن عبد البر، ص (2/ 142 - 143).
(5) إعلام الموقعين: ابن القيم، ص (1/ 47).
(6) جامع بيان العلم وفضله (2/ 147).
(8) الليطة: الفلقة من القصب.
(9) جامع بيان العلم وفضله (2/ 145).
(10) السنة ومكانتها فى التشريع: د. مصطفى السباعى، ص 403.
(11) جامع بيان العلم وفضله (2/ 139).
(12) جامع العلوم والحكم: ابن رجب، ص 88.
(13) سليسلة: تصغير سلسلة، والمقصود بها هنا أن الأسئلة الافتراضية كحلقات السلسة يتصل بعضها ببعض، وتتابع بلا نهاية.
(14) أبو حنيفة: عبد الحليم الجندى، ص 234.
(15) جامع بيان العلم (2/ 146،147)
(16) جامع العلوم والحكم، ص 88.
(17) وانظر ميزان الأصول فى نتائج العقول: علاء الدين السمرقندى، ص 167 وما بعدها.
(18) إعلام الموقعين: (4/ 193).
(19) جامع العلوم والحكم، ص 92.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/272)
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[11 - 03 - 09, 01:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(106/273)
ما معنى العضد والسعد والسيد والعصام والخيالي والفناري والكلنبوي؟
ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 09 - 05, 10:58 م]ـ
نقل الشيخ عمر الأشقر في كتابه " المدخل إلى دراسة المذاهب والمدارس الفقهية " (وهو بين يديّ) ص225 عن كتاب:" عمدة التحقيق " لـ محمد سعيد الباني (وليس بين يديّ) ما نصه:
(ولا يخفى على أرباب الإطلاع صعوبة أمثال كتب:
العضد، والسعد، والسيد، والعصام، والخيالي، والفناري، والكلنبوي).
فعن ماذا تتحدث هذه الكتب؟.
وما معنى تلك الكلمات؟.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[05 - 09 - 05, 11:59 م]ـ
هؤلاء من علماء الحنفية ولهم كتب في علم الكلام فلعله يقصدها
ـ[العاصمي]ــــــــ[06 - 09 - 05, 04:35 ص]ـ
نقل الشيخ عمر الأشقر في كتابه " المدخل إلى دراسة المذاهب والمدارس الفقهية " (وهو بين يديّ) ص225 عن كتاب:" عمدة التحقيق " لـ محمد سعيد الباني (وليس بين يديّ) ما نصه:
(ولا يخفى على أرباب الإطلاع صعوبة أمثال كتب:
العضد، والسعد، والسيد، والعصام، والخيالي، والفناري، والكلنبوي).
فعن ماذا تتحدث هذه الكتب؟.
وما معنى تلك الكلمات؟.
أما العضد؛ فهو الايجي، و أما السعد؛ فهو التفتازاني، و أما الشهير بالسيد؛ فهو الجرجاني المتفلسف ... و الكلنبوي، يحتمل أنه أبو الفتح، المشتغل بالمنطق ...
و وجدت جماعة يعرفون بالفناري، لم أنشط - الآن - لتحرير المقصود ...
و وجدت أحمد بن موسى الخيالي، و عصاما السكندري، و عصام الدين الاسفرايني، و عصام الدين القونوي، و غير واحد يعرف بالعصامي - لا بالعصام -، لكنني لم أستطع تحرير المراد في ليلتي هذه؛ فنظرة الى ميسرة.
و في الملتقى طائفة من البحاثين النقابين، عسى أن يدلوا بدلوهم، و يفيدوا اخوانهم ...
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[06 - 09 - 05, 09:47 ص]ـ
حياكم الله ....
أما العضد الإيجي فليس حنفياً، بل من الشافعية.
و الكنبوي: هو مولاي! إسماعيل كلنبوي، مؤلف البرهان في المنطق ورسالة في آداب البحث و تصانيف كثيرة معروفة.
أما الفناري: فهو شمس الدين محمد بن حمزة الفناري شيخ شيوخ السيوطي، وله ترجمة في البغية.
وبالنسبة للعصامي - عند الإطلاق - فالغالب أنه الإسفراييني ليس غير.
وهؤلاء المصنفين قد خاضوا في علوم عديدة، أظن المراد منها هنا هو تصانيفهم في أصول الفقه.
لأن كتبهم متميزة و معتمدة كمراجع، وكذلك (عمدة التحقيق) يتكلم عن مسألة التلفيق بين المذاهب وهي من مسائل علم الأصول.
والله أعلم.
ـ[الحاج خليفة]ــــــــ[06 - 09 - 05, 04:57 م]ـ
(1) العضد: عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الشيرازي الشافعي، أبو الفضل عضد الدين الإيجي (708 - 756 هـ)، الأشعري مقرر المذهب، و معتمد الأشاعرة المتأخرين (أنظر: الموسوعة الميسرة 2/ 1144 و ما يعدها) من مصنفاته في هذا الجانب:
- المواقف في علم الكلام.
- العقائد العضدية.
- شرح مختصر ابن الحاجب في علم الأصول.
(الأعلام 3/ 295، و لمزيد من المصادر الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير و الإقراء و النحو و اللغة)
(2) السعد: مسعود بن عمر بن عبدالله الهروي الحنفي، سعد الدين التفتازاني
(712 – 792 مـ) من تلاميذ العضد، ماتريدي العقيدة. من مصنفاته:
- تهذيب المنطق.
- شرح العقائد النسفية.
- شرح مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه.
- مقاصد الطالبين في علم أصول الدين.
(هدية العارفين 6/ 429 و الموسوعة الميسرة 3/ 2643)
(3) الجرجاني: علي بن محمد بن علي الجرجاني، السيد الشريف (740 - 816 هـ) من مصنفاته:
- شرح الآداب للعضد.
- شرح مختصر ابن الحاجب.
- شرح المواقف في علم الكلام.
- شرح تجريد العقائد العضدية.
(هدية العارفين 5/ 728)
(4) الخيالي: أحمد بن موسى الرومي الحنفي، شمس الدين (870 هـ) من تصانيفه:
- حاشية على شرح تجريد العقائد العضدية للشريف.
- شرح العقائد النسفية.
(هدية العارفين 5/ 132)
(5) الفناري: لعله
1 - حسن جلبي بن محمد شاه الفناري (886 هـ) فله حاشية على شرح المواقف للسيد الشريف (هدية العارفين). أو:
2 - محمد شاه بن علي بن يوسف بن بالي الحنفي الرومي (929 هـ) من مصنفاته:
- حواشي على حاشية التجريد.
- حاشية على شرح المواقف للسيد الشريف.
و أرجح أنه المقصود و الله أعلم. (هدية العارفين 6/ 230)
(6) الكلنبوي: إسماعيل بن مصطفى الرومي الحنفي (1205 هـ) من تصانيفه:
- البرهان في علم الميزان (في المنطق).
- حاشية على تهذيب المنطق.
- حاشية على شرح الجلال الدواني على العقائد العضدية.
(هدية العارفين 5/ 222)
أما العصام فلم أنشط للبحث عنه، فلعل أحد الأخوة يفيدنا يما يفتح الله عليه، و للتعريف بالكتب المذكورة و محتوياتها راجع - غير مأمور - كتاب كشف الظنون.
و هذه الكتب كما ترى أيه الأخ الفاضل في علم الكلام، و رحم الله الإمام الشافعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/274)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[08 - 09 - 05, 05:31 م]ـ
الغالب أن يكون المراد بالعصام؛ عصام الدين إبراهيم بن محمد بن عرب شاه الإسفراييني < ت 945 > صاحب الحواشي على البيضاوي، والمشهور بكتابه [الأطول] في الحواشي على تلخيص المفتاح للقزويني في علوم البلاغة .. على طريقة العجم!!، وله غير ذلك من المصنفات في آداب البحث.
هذا، وإذا ذكر أمثال هؤلاء - رحمهم الله - فلا بد لطالب العلم أن يعد فنجان القهوة، وأدوات مساعدة على الهضم، لأن مباحثهم مما يصعب فهمها وتناولها ... ولسان حالهم يقول: لا يجلس على موائدنا إلا من كان مثلنا ... ورضي الله عن الإمام الشافعي وجزاه الله عنا كل خير، فقد نصح فأحسن النصيحة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[08 - 09 - 05, 07:40 م]ـ
الإخوة الفضلاء /
جزاكم الله خير الجزاء، فقد أبنتم ماكان غامضا، وفتحتم ما كان مغلقا.
وفقكم الله لكل خير.
ورضي الله عن الإمام الشافعي وجزاه الله عنا كل خير، فقد نصح فأحسن النصيحة.
الشيخ الكريم / الفهم الصحيح
ليتكم تتكرمون بذكر مقولة الشافعي رحمه الله تعالى ونصيحته.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[09 - 09 - 05, 05:34 م]ـ
الحمد لله.
وفق الله الجميع.
إنما عَنيت بالإشارة إلى نصيحة الإمام الشافعي – رحمه الله – أمورا عدة، منها: حرصه على تعليم الأمة أمر دينها ... وتصنيفه في ذلك بلغة سهلة قريبة، جزلة الألفاظ، حلوة العبارة ... جاءت في غاية البيان والإيضاح، وهذا مما يتمايز به العلماء ... فالقدرة على البيان درجة عالية في شخصية العالم زيادة على قدرته العلمية ... ثم هو – رحمه الله – مع ذلك كله يقول: (وددت أن الناس تعلموا هذا العلم، على أن لا ينسب إليّ منه شئ).
ومن نصحه – رحمه الله – ما اشتهر عنه من النهي عن الخوض فيما لا ينفع من علم الكلام .. وما تولد منه .. تجد طائفة حسنة من أقواله في ذلك بالجزء الرابع من كتاب أبي إسماعيل الهروي الأنصاري [ذم الكلام وأهله] و في الجزء الأول من [مناقب الشافعي] للبيهقي.
فمن ذلك قوله: (كل متكلم على الكتاب والسنة فهو الجد، وما سواه فهو هذيان).
وقوله: (ما أحد ارتدى بالكلام فأفلح).
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 01 - 08, 06:23 ص]ـ
الشيخ الحبيب / الفهم الصحيح
جزاك الله خير الجزاء .... وأنت كذلك نصحت فأحسنت النصيحة.(106/275)
ماالفرق بين كلمة (النص) و كلمة (الظاهر)
ـ[ممدوح السعودي]ــــــــ[14 - 09 - 05, 08:38 م]ـ
لدي سؤال ماالفرق بين كلمة (النص) و كلمة (الظاهر) عند الأصوليين؟ مع ضرب مثال؟
ـ[أبو سليمان البدراني]ــــــــ[15 - 09 - 05, 06:11 م]ـ
النص هو ما لا يحتمل إلا معنى واحد كقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة) فهو نص في التحريم
أما الظاهر فهو ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر مثلا فعل الأمر الظاهر فيه الوجوب
ـ[ممدوح السعودي]ــــــــ[15 - 09 - 05, 06:28 م]ـ
جزاك الله خيراً
ولكن بارك الله فيك لو تُفَصِل في شرح الظاهر مثل ماشرحت النص وتعطيني مثال
ـ[أبو سليمان البدراني]ــــــــ[15 - 09 - 05, 06:58 م]ـ
و إياك
الأمر يحتمل الوجوب و يحتمل الندب لكنه أقوى و أظهر في الوجوب
ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 09 - 05, 10:28 م]ـ
في مراقي السعود:
نصٌّ إذا أفاد ما لا يحتمِلْ ... غيرًا، وظاهرٌ إنِ الغيرُ احتُمِلْ
اللفظ يسمى نصا إذا أفاد معنى لا يحتمل غيره كأسماء العدد.
فقوله تعالى: (تلك عشرة كاملة) لا يحتمل إلا معنى واحدا.
والظاهر هو اللفظ الذي يفيد معنى مع احتماله معنى آخر احتمالا مرجوحا.
مثال: إذا قلت (رأيتُ الأسد)
فالراجح أنه الحيوان المفترس لأن اللفظ حقيقة فيه، والمرجوح هو الرجل الشجاع.
فاللفظ ظاهر في (الحيوان المفترس).
وقد ينعكس لقرينة كسياق اللفظ ونحوه.
فلو قلت: (رأيت أسدا راكبا فرسا ومتقلدا حساما)
فإنه يكون ظاهرا في (الرجل الشجاع)، واحتمال اللفظ لمعنى الحيوان المفترس ضعيف لأجل السياق.
ـ[زياد عوض]ــــــــ[16 - 09 - 05, 09:58 ص]ـ
قال العلّامة ابن عثيمين في شرح الأصول:
تعريف الظاهر:
الظاهر لغة: الواضح والبين.
واصطلاحاً: ما دل بنفسه على معنى راجح مع احتمال غيره مثاله قوله صلى الله عليه وسلم: " توضئوا من لحوم الإبل " (1). فإن الظاهر من المراد بالوضوء غسل الأعضاء الأربعة على الصفة الشرعية دون الوضوء الذي هو النظافة.
فخرج بقولنا: " ما دل بنفسه على معنى " المجمل لأنه لا يدل على المعنى بنفسه.
وخرج بقولنا: " راجح " المؤول لأنه يدل على معنى مرجوح لولا القرينه.
وخرج بقولنا: " مع احتمال غيره " النص الصريح لأنه لا يحتمل إلا معنى واحداً.
العمل بالظاهر
العمل بالظاهر واجب إلا بدليل يصرفه عن ظاهره لأن هذه طريقة السلف ولأنه أحوط وأبرأ للذمة وأقوى في التعبد والانقياد.
ـ[أبو رواحة]ــــــــ[16 - 09 - 05, 04:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
بسم الله لا قوة الا بالله
لعل إخواني لم يتركوا لمدل ٍ بدلوه مدلى غير أني سأتحدث كناصح لأخي السائل الكريم بما استفدته في هذا الباب:
اخي الكريم:علم الأصول آلة من آلات العلم قد تعمل و قد لا تعمل و كل شئ يجاوز المقصود منه فستجده قد تحول الى مبطل لما استحدث هو من أجله!. فقد استحدث علم الأصول للحفاظ على فهم الشريعة كما استحدث اهل المصطلح في الحديث مصطلحهم ثم هم انفسهم يجدون أن هذا المصطلح قد صار آلة لعرقلة الوصول الى صحة و ضعف الحديث أحيانا بل إن أمير اهل الحديث الحافظ بن حجر رحمه الله عرف الحديث الحسن في احدى المواضع فقال: هو شئ يقدح في ذهن الحافظ!!! فضرب بكل المصطلح عرض الحائط ليس في عمله و لكن في هذه العبارة بالذات و الا فكلنا يعلم ان الحافظ رحمه الله كان يهتم بالمصطلح و يعمل به بل هو ممن أسس له و جدد و دون ولكن المعنى هو ان أهل المصطلح و الأصول يصلون احيانا لقناعة وهي أنه ربما وجدت مواضع معينه لا تعمل فيها الآلة بل و تصبح عائقا عن الوصول الى الحق فيتركونها و يبحثون عن طريق أسلم للوصول الى الحقيقة. مثال آخر من علم الأصول: في علم الاصول قاعدة تقول " النكرة في سياق النفي تقتضي العموم و الاستغراق" فقولك " لا يصلين احدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شئ " قالوا نكرة في سياق النفي فهي تقتضي انه لو كان على عاتقك ادنى " شئ " من ثوبك لزال الاثم عنك لأنه ثابت الآن انه على عاتقك " منه شئ " فقال بعضهم و لو خيط! و لا يخفى على أحد أن هذا موافق لقواعد " علم الأصول " لكنه مفارق " للقبول " عند الله! لأن المعنى هو " ليس على عاتقه منه شئ يستر " وهذا نفهمه عن طريق " المعقول العام " فالمسألة عند الله ليست " مجرد عبث " والعياذ بالله بحيث يأثم من ليس على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/276)
عاتقه من ثوبه خيط و لا يأثم من كان عليه شئ من ذلك! فهذا عبث ينزه الله تعالى عنه , حتى قال ابن باز رحمه الله أن الصلاة بالفانله العلاقي ربما دخل صاحبها تحت هذا النهي اي انه ليس على عاتقه شئ فلم يلتفت لعلم الاصول في هذه المسألة لأن الفقه كما قال علي رضي الله عنه في صحيح مسلم " فهم أعطاه الله لرجل مسلم! " فاشترط مع الفهم الاسلام أي التورع و النظر الى جانب القبول عند الله ولهذا قال الحسن البصري في الزهد لأحمد: إن كان الرجل ليقعد مع القوم فيظنون أن به عي و ما به من عي إنما هو " فقيه مسلم ".
هذا كله كان توطئه لما أريد قوله حول ما سألت عنه فالقوم الذين وضعوا علم الأصول كانوا يسعون لتعلم الشريعة على وجه صحيح بينما القوم الذين يتعلمون علم الاصول اليوم يتعلمونها ليتعلموا علم الاصول و يطورونه ويستغرقون فيه حتى جعلوه علما جديدا يوازي علم الشريعه بحد ذاته بل و ينقضون بقواعده الشريعه و ينفون بها النصوص! كقولهم ما لا يفيد اليقين لا تثبت به شريعه و كقولهم في المناط و تنقيح المناط فهو ليس الا تفكيك للمعنى الواضح للنص الى معان ٍ متداخله و من ثم يسهل على المتكلم توجيه النص حسب ما يريد و ليس كما هو في أصله , فهم يهتمون بعلم الأصول وليس الشريعه! و لهذا تجد الرجل ينفق عمره في تأليف كتاب عن قاعدة من القواعد ولا يسره اي ينفق نصف يوم في معرفة حكم من الاحكام من الكتاب و السنة والذي لا يعلم الشريعة آثراً و متعبدا لا يمكن ان يستفيد من علم الأصول لأنه حتى الصبيان يستطيعون القول بأن المشقه تجلب التيسير و يستغرقون في ذلك مع أنه هناك نصوص كثيرة ومواضع كثيرة لا يمكن فيها التيسير بسبب المشقة بل أن المشقة نفسها تكون طبيعة في تلك المواضع كالجهاد و كالحج فالمشقة طبيعة فيها حتى أن الصحابة كانوا يحملون صبيانهم و يأمرونهم برمي الجمار ولا يرمونها عنهم لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصف الحج والعمرة بأنها قتال لا شوكة فيه وجعلها " جهاد على النساء " و ليس كل مشقة مذمومه ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صلى البردين دخل الجنة و مدح قيام الليل والرجل ينضح وجه زوجته بالماء وهي تنضح وجهه لقيام الليل و قال ان الله يضحك لمن يقبل في الصف الاول فلا يلتفت حتى يقتل! فأين الدعوة الى التيسير هنا؟ و قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصبر على قدر المؤونه و غير ذلك فكم من مشقة لو تركها صاحبها لأفلس وكان من الخاسرين!!!.
نعود الى سؤالك:
الذين أصلوا علم الاصول بثوبه الذي يتداوله فيه طلبة العلم اليوم هم غالبا ليسوا من أهل الحديث ولكنهم من اهل الكلام فاول من اسس و الف في هذا العلم صاحب الورقات الجويني و ان كتب الشافعي في هذا الباب كما في الرساله و لكنه لم يتكلم لا عن مجاز و لا عن لفظ بل تكلم عن امور عامة كالعموم والخصوص والاستحسان والقياس و المراسيل و عمل الصاحب و الجمع بين الادلة و تقييد العام و الناسخ و المنسوخ و مراتب السنة مع القران وغير ذلك لكنه لم يدخل في مثل هذه الأشياء من تفريق بين الحقيقة والمجاز و الكلام عن النص و الظاهر و غير ذلك. و تلخيص المشكلة يكمن في أن هناك من أهل اللغة من يمتهن التأصيل في علم الأصول على قلة ورع و معرفة بالسنة و الكتاب لمجرد أنه لغوي حتى ذكر الشاطبي في الموافقات نماذج من هؤلاء و كيفية استشهادهم باللغة في كل مسألة دون الرجوع الى نص شرعي فقد ذكر أن بعض اهل اللغة سأله فقيه فقال: لو سهى المصلي في سجدتي السهو! فهل يسجد السهو فقال اللغوي: لا! لأن التصغير لا يقبل التصغير! , ثم ذكر عن أهل الحساب مثل ذلك واستشهادهم بقوله تعالى " فاسأل العادين "!.
بناءا على ما علمت آنفا فإن المتكلم عن " الظاهر " تكلم عنه من منظور ما يفهمه هو لمعنى لفظة " الظاهر " عندما تطلق على كلام من الوحيين و اهل الكلام غالبا لا يرون ظاهر الحديث حجة على باطنه! ولهذا كما نقل الاخوان من تعاريفهم للظاهر قالوا: والظاهر هو اللفظ الذي يفيد معنى مع احتماله معنى آخر احتمالا مرجوحا. و قبلها وصفوا النص بأنه اللفظ الذي لا يحتمل الا معنى واحد! وهذا كلام غريب و يدعو للتساؤل؟؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/277)
أليس كل لفظ له ظاهر؟ لأن كل انسان مثلا له هيئة خارجيه قبل أن تتكلم عن نيته أو ما ينصه بين جنبيه فالظاهر كذلك هو الهيئة الخارجيه الواضحه لكل لفظ مفهوم. فكيف يكون هناك نص " أي لفظ " لا يحتمل الا معنى واحد مع أنه يجب ان يكون له ظاهر و إذا كان له ظاهر وجب ان يكون له أكثر من احتمال - حسب تعريفهم -؟!!
فكيف يكون لدينا نص بلا ظاهر كي يكون لدينا لفظ لا يحتمل الا معنى واحدا ً؟؟؟
عند هذه النقطه وجب عليك أن تفهم رحمك الله أن النص قد يرادف الظاهر فيكون النص و الظاهر لا يحتملان الا معنى واحدا ً و على هذا يبطل قولهم بأن الظاهر يجب ان يكون له احتمالان فإن أبوا ذلك لزمهم القول بوجود نصوص ليس لها ظاهر و هذا لا يقول به عاقل فضلا عن أصولي أو فقيه!!!.
و نفصل الأمر.
تطلق كلمة " نص " على الجزم على شئ ما أو بمعنى ما بتعبير ما , كقولك نص أحمد في ما رواه عنه بكر بن محمد عن ابيه: الحق فيمن ذهب الى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يقتل مؤمن بكافر ". فهذا نص على المعنى وليس نص على اللفظ و نص اللفظ كما في حديث البراء بن عازب في حديث ذكر النوم: قلت ورسولك الذي ارسلت قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لا , ونبيك الذي أرسلت) فنص على لفظة " نبي ". قال في القاموس المحيط:والنَّصُّ: الا سْنَادُ إلى الرئيسِ الأكْبَرِ والتَّوْقيفُ والتَّعْيينُ على شيءٍ ما و قال في مختار الصحاح: نَصَّ الحديث إلى فلان رفعه إليه و نَصُّ كل شيء منتهاه وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه {إذا بلغ النساء نَصَّ الحقائق} يعني منتهى بلوغ العقل. ومن هذه التعريفات تجد الكلام كله يدور على " تعيين عين أو تعيين معنى إما بالقصد أو بالابراز " ولهذا يسمون " الكوشه للعروسين " منصه! لأنها ترفعهما فيكونا فوق الناس فهذا ابراز ولأنها ايضا تجعلهما " مقصد النظر " بسبب حصرها لهما و عليهما. أما التعيين بالقصد فهو كقولك " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " فهذا نص على ان الاستئذان من أجل البصر , فهو " نص على علة " و لكن الذي يأخذون بالقياس باستغراق يرون أنه لا بد من كل أمر أو نهي ان تكون له عله فيبحثون عنها فاذا توهموا علة ما قالوا: " هذا نص على كذا و كذا , أي العلة التي توهموها " بينما تجد أن " ظاهر الحديث او الآية " ينص على معنى آخر أو معنى أشمل هم يخرجونه من النص لأنهم يخصصون العموم بالعلة! و ليس بنص آخر. مثال ذلك ما تجده في متون الفقه تحت مبطلات الصلاة " أو بحضور طعام يشتهيه!!! " فيقولون هذا نص على بطلان الصلاة بحضور طعام يشتهيه والنص الأصلي هو " لا صلاة بحضرة الطعام " فأين يشتهيه؟ فلماذا أدخلوا " يشتهيه " في المنصوص عليه مع أنها ليست في النص الأصلي؟!!! فهم يجعلون " المنصوص عليه ماوافق فهمهم لعلة النص الأصلي " وليس النص الأصلي بحد ذاته! , فليس كل من قال " وهذا نص على كذا وكذا " يكون صادقا في ذلك حتى وان زعم أنه يدعو الى اتباع النصوص والمنصوص عليه فيها بل ربما كان مبطلا مضلا!.
المعنى أن من فرق بين النص و الظاهر جعل " لزاما ً و ملازمة ً " كل ظاهر محتمل لمعنى لا يراد من الله عز وجل وليس هو مدار الحكم الشرعي في اللفظ و أن من أخذ كل لفظ بظاهره فقد ادخل معه احتمالات ليست مقصودة في الشريعة , وهذا كلام باطل لأن كل ظاهر لا يمكن أن يمثل الا نفسه فهو الحقيقة بعينها و هم يقولون بأن الحقيقة شئ يخالف الظاهر و هو الذي يقصدون به النص. مثال: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا هذا فان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " فهم يقولون: هذا نص على أن كل من أكل بصل و ثو ما و كراثا أو كانت لفمه رائحة بخر أو اي رائحة منتنه فهذا نص على منعه من دخول المسجد للصلاة مع الناس لقوله " الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " و الصحيح أن ظاهر النص لا ينص الا على آكل الثوم و البصل والا فبنو آدم يتأذون من رؤية الرجل الفاسق و هو يقف جنبهم في الصلاة حالقاً لحيته و شاربيه و ممثل بنفسه! فوجب علينا اذن منعه من المسجد لأنه ايضا يؤذي الملائكه بهذه الهيئة! فالنص على العلة في حديث ما لا تعني النص على الحكم على كل من وقع تحت تلك العله. لهذا قال في مختار الصحاح كما نقلت لك: و نَصُّ كل شيء منتهاه. فهم يرون أن العلة هي منتهى اللفظ فتصبح هي النص لأنها هي منتهى اللفظ وغايته و كل معنى لا يرون فيه علة مقبولة للحكم لا يقبلونه داخل النص حتى وان قبله ظاهر اللفظ ولهذا هم يقولون " نص " و " ظاهر " فيجعلون النص حق لا باطل فيه و الظاهر حق قد يشوبه الباطل مع أن الباطل يرتبط بتوهماتنا للعلل وليس بكلام تكلم به الله أو رسوله و هما بالتأكيد يعنيان كل ما يفيده ظاهر ذلك الفظ من معنى.
والموفق من وفقه الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/278)
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[16 - 09 - 05, 05:55 م]ـ
يا أخي أبو رواحه كلامك الإنشائي غريب ومن كل بحر قطرة كما يقولون
تقول (اخي الكريم:علم الأصول آلة من آلات العلم قد تعمل و قد لا تعمل و كل شئ يجاوز المقصود منه فستجده قد تحول الى مبطل لما استحدث هو من أجله!) كلام غير مفهوم ولكن أظنك تقصد المبالغة في الأصول ممكن تبطل علم الأصول وكلامك غير واضح ولاصحيح
وتقول (فقد استحدث علم الأصول للحفاظ على فهم الشريعة كما استحدث اهل المصطلح في الحديث مصطلحهم ثم هم انفسهم يجدون أن هذا المصطلح قد صار آلة لعرقلة الوصول الى صحة و ضعف الحديث أحيانا بل إن أمير اهل الحديث الحافظ بن حجر رحمه الله عرف الحديث الحسن في احدى المواضع فقال: هو شئ يقدح في ذهن الحافظ!!! فضرب بكل المصطلح عرض الحائط ليس في عمله و لكن في هذه العبارة بالذات و الا فكلنا يعلم ان الحافظ رحمه الله كان يهتم بالمصطلح و يعمل به بل هو ممن أسس له و جدد و دون ولكن المعنى هو ان أهل المصطلح و الأصول يصلون احيانا لقناعة وهي أنه ربما وجدت مواضع معينه لا تعمل فيها الآلة بل و تصبح عائقا عن الوصول الى الحق فيتركونها و يبحثون عن طريق أسلم للوصول الى الحقيقة.)
فيه عدة عجائب منها قولك:
1 - استحدث علم الأصول!!!! ومن قال لك أخي أنه استحدث
2 - الحافظ ابن حجر ((أمير أهل الحديث)) من متى سار أمير حتى نباركله أو ل مرة حد يقول الكلام هذا
2 - تقول ان ابن حجر يقول (عرف الحديث الحسن في احدى المواضع فقال: هو شئ يقدح في ذهن الحافظ!!! فضرب بكل المصطلح عرض الحائط ليس في عمله و لكن في هذه العبارة بالذات)
ممكن تقلي وين قال الكلام هذا وهل هو الذي ذكره ام الذهبي
وتقول (فضرب بكل المصطلح عرض الحائط ليس في عمله و لكن في هذه العبارة بالذات) شي مضحك ممن لم يفهم علم الحديث
3 - تقول (لكن في هذه العبارة بالذات و الا فكلنا يعلم ان الحافظ رحمه الله كان يهتم بالمصطلح و يعمل به بل هو ممن أسس له و جدد)
شي عجيب وغريب متى أسس الحافظ ابن حجر مصطلح الحديث ممكن تذكرلي تاريخ تأسيسه؟
4 - تقول (ولكن المعنى هو ان أهل المصطلح و الأصول يصلون احيانا لقناعة وهي أنه ربما وجدت مواضع معينه لا تعمل فيها الآلة بل و تصبح عائقا عن الوصول الى الحق فيتركونها و يبحثون عن طريق أسلم للوصول الى الحقيقة)
بصراحة ما فهمت ولا أدري كيف أتيت بهذا الكلام؟
وبقية المقال مليء بالعجائب والغرائب ففمكن الإخوة يكملون .......
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 09 - 05, 08:50 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد ..
إعلم أخي الكريم أن الفرق بين النص والظاهر يختلف باعتبار مذاهب الأصوليين، وصورة الخلاف كالتالي:
مذهب الأحناف
والظاهر عندهم هو ((اللفظ الذي يدل على معناه بصيغته من غير توقف على قرينة خارجية، مع احتمال التخصيص والتأويل وقبول النسخ))
ومثاله: قوله تعالى: ((وأحل الله البيع وحرم الربا))
فالأية ظاهرة الدلالة في حل البيع وحرمة الربا من غير احتياج لقرائن خارجية، وكل من (البيع والربا) لفظ عا م يحتمل التخصيص.
فإن قلت فلم جعلنا هذه الآية ظاهرا و لم نجعلها نصا؟
قلنا: لأن الآية أصلا لم تسق لبيان حكم البيع والربا،وإنما سيقت لنفي المماثلة بينهما، ولذا فالأية نص في نفي المماثلة وظاهر في حل البيع وحرمة الربا.
وبهذا يتمهد القول في معنى النص عندهم، فالنص هو ((اللفظ الذي يدل على الحكم الذي سيق لأجله الكلام دلا لة واضحة، تحتمل التخصيص والتأويل إحتمالا أضعف من احتمال الظاهر، مع قبول النسخ في عهد الرسالة))
ومثاله كما أوضحنا الأية السابقة.
فعماد التفريق عند الأحناف أن النص هو ما سيق الدليل لأجل بيانه، والظاهر هو ما استفيد عرضا.
مثال آخر: قال تعالى: ((فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع))
فهذه الآية نص في العدد الحلال من النساء، ولكنها ظاهر في حل النكاح لأن إباحة النكاح استفيد عرضا ولم يسق الشارع النص لأجل بيانها.
طريقة الشافعي
أما الشافعي فلم ير التفريق بين النص والظاهر وإنما كان يعبر بأحدهما عن الأخر من غير تفريق، ومثله في ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني رحم الله الجميع.
قال إمام الحرمين في ((البرهان)) ((أما الشافعي فإنه يسمي الظواهر نصوصا في مجاري كلامه،وكذلك القاضي، وهو صحيح في وضع اللغة؛ فإن النص معناه الظهور)).
طريقة الأصوليين بعد الشافعي
لهم مسلكان:
الأول: تعريف النص بأنه ما لا يقبل الاحتمال بأي وجه من الوجوه.
الثاني: تعريفه بأنه مالا يقبل الاحتمال العاري عن الدليل، ولكن الاحتمال المصحوب بالدليل يقبله.
وقد اختار الغزالي الأول وتابعه عليه جماهير المتكلمين.،فالنص عندهم مالا يحتمل إلا معنى واحد، وبالتالي لا يقبل التأويل.
مثال:قوله تعالى ((تلك عشرة كاملة))، وقوله: ((قل هو الله أحد))
وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة في شأن أضحيته: ((لن تجزيء أحدا بعدك))
تعريفهم للظاهر:
((هو اللفظ الذي يدل على معناه دلالة ظنية، أي راجحة، ويحتمل غيره احتمالا مرجوحا))
مثاله:
قوله تعالى: ((وأشهدوا إذا تبايعتم))
فهو ظاهر في وجوب الإشهاد، ولكنه يحتمل الندب.
وختاما أرجو أن أكون قد نجحت في إفادتك.
ودمت موصولا بالخير.
أخوك المحب/أبو فهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/279)
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[19 - 09 - 05, 07:44 م]ـ
[بسم الله الرحمن الرحيم [
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد
هذا كنت قد كتبته في وقت طرح المناقشة غير أن الهاتف قد تعطل فتأخرت في الالتحاق بكم ثم لم أعثر على موضع المشاركة فرأيت أن أجعلها موضوعا جديدا مبينا الغلط الذي جرى على أهل الحديث أولا ثم ماكان بعد من متعلقات الطرح وهي على وجه الخصوص
للأخ الأكرم أبو رواحة حفظه الله
إن لي بعض الملاحظات على ما كتب راجيا أن يتسع صدرك لها ونصحي إذا زل فهمي لعباراتها.
فقد ذكرت حفظك الله عن مصطلح الحديث: (إن هذا العلم صار آلة لعرقلة الوصول إلى صحة وضعف الحديث أحيانا).
أقول إن هذا الكلام لا يكون إلا لمن لا يعرف هذا العلم ولا غاص في بحوره واستثقل حمله ومجاراته.
إذ إن أهل العلم مذ أسسوه وجعلوا أصوله آلات لتفحص المنقول ونقده ما خاض غماره إلا أهله وما حار فيه إلا الذاهلون الغرباء عنه.
وقولك (أحيانا) لم يخرج ما كتبت عن الطعن فيه مع أن عودها إلى المشتغل أولى من عودها إلى هذا العلم الذي توارثته الأمة كابرا عن كابر وأخضعوه للنقد والتأصيل والزيادة والتفصيل حتى استقرت أصوله بعد سبر غوره ومعرفة مقاصد أهله.
وقولك عن الحسن عند الحافظ ابن حجر (بل إن أمير أهل الحديث الحافظ بن حجر رحمه الله عرف الحديث الحسن في احدى المواضع فقال: هو شئ يقدح في ذهن الحافظ!!! فضرب بكل المصطلح عرض الحائط ليس في عمله لكن في هذه العبارة بالذات)
قلت: إن هذا الكلام فيه نظر من وجوه
الاول: قوله إن الحافظ ابن حجر عرف الحسن في أحدى المواضع ولا يعرف هذا التعريف للحسن عن الحافظ وإن كان قد انقدح في ذهن الكاتب هذا التعريف فإني أخشى أن لا يخرج عن كونه استدراكا على مسألة أو تنبيها عليها ومثل هذا قوله في النكت (لكن محل بحثنا هنا هل يلزم من الوصف بالحسن الحكم له بالحجة أم لا؟.
هذا الذي يتوقف فيه والقلب إلى ما حرره ابن القطان أميل).
ولو أن الكاتب عرج سريعا على النكت ومناقشة الحافظ ابن حجر للعلماء وتعريفهم له ومناقشتهم لتفاصيله والوقوف على ألفاضه وبيان الاعتراضات على كل تعريف لأيقن أن الحافظ ابن حجر لا يمكن أن يقول الذي قاله الكاتب ونسبه له تعريفا للحسن.
كما وأن الحافظ ابن حجر قد عرف الحسن في النخبة فقال: (فإن خف الضبط فالحسن لذاته).
بل زاد الأمر وضوحا لما قال في النكت لزوم اضافة على الصحيح ليتضمن الحسن لذانه لأنه قسم منه لا قسيمه فقال: (وينبغي أن يزاد في التعريف بالصحيح فيقال: هو الحديث الذي يتصل إسناده بنقل العدل التام الضبط أو القاصر عنه إذا اعتضد عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا).
وبعد: فإن الكلام الذي ذكره الكاتب أحرى به أن يكون صنو تعريف الاستحسان وهي مسألة في أصول الفقه ومجالاته كما لا يخفى وليست من مصطلح الحديث.
وهذا يرد قول القائل أن ابن حجر قد رمى بالمصطلح في هذه المسألة.
ولو تنبه الكاتب إلى بعد عبارته لعله لم يذكرها وذلك أنها تشمل الحسن كله بأحكامه.
قوله: أن الجويني أول من صنف في علم الأصول لا الشافعي.
فهذا كلام غلط ومغالطة.
أما غلطه: فالأولى أن يقول أن الجويني أول من أدخل علم الكلام وبعض مسائل اللغة كقواعد في أصول الفقه فلو فعل لأصاب.
لأن أصول الفقه ليست تلك التقعيدات المنطقية وإنما تلك القواعد المستنبطة من أصول المسائل الشرعية.
والمغالطة: إنه لا خلاف يعلم بين أهل السنة أن أول من كتب الأصول وقعده هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وخلاف غيرنا من غير أهل مذهبنا لا قيمة له.
وأما اعتراضه على التفريق بين النص والظاهر فإن من المعلوم عند أهل العلم أن كل لفظ وضع للدلالة على معنى أصيل يدل عليه وقد يشترك مع غيره تعديا واشتمالا.
ولا يلزم من القول هذا نص عدم احتمال اللفظ لمعنى آخر كلفظ العقل الدال بالأصل على الفهم والإدراك وكذا الصوم فإنه بالنص يدل على معنى مخصوص في المعنى الشرعي المطلق فقوله تعالى (كتب عليكم الصيام) فإنا نقول حكم الصيام فرض بالنص ولا يجوز أن يدخل عليه لفظ آخر من معنى السكوت كما في قوله تعالى (إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا).
كما أن النص يدخل على ما لا يحتمل إلا نفسه كقوله تعالى (قل هو الله أحد) فهذا نص لا يدخل لفظه أي معنى غير ما دلت عليه الكلمة وكذا قوله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله) ومثله كثير.
وأما الظاهر: فهو مع احتال لفظه لأحد الأمرين وهو موضع التكليف من الله لعباده في الطلب والتعبد له فيما يترجح عندهم.
ولا يقال هذا في حق الله تعالى كما أشار الكاتب بقوله (فيجعلون النص حق لا باطل فيه و الظاهر حق قد يشوبه الباطل مع أن الباطل يرتبط بتوهماتنا للعلل وليس بكلام تكلم به الله أو رسوله و هما بالتأكيد يعنيان كل ما ظاهر ذلك الفظ من معنى يفيده)
ولو سألنا في مثل هذا الموضع في قوله تعالى (فإذا تطهرن فأتون من حيث أمركم الله) فقوله (تطهرن) هذا النص التعبدي فيه طلب الحق لمقصوده الظاهر كل حسب ما بلغه من العلم فكان الخلاف في المطلوب يترجح بين أقوى المذهبين وهما الاغتسال كما عند الجمهور أو غسل الموضع كما هو عند الظاهرية ومن وافقهم.
وتركت بعض التعقب تركا لما قد يفضي إلى جدل لا نفع فيه والله ولي التوفيق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/280)
ـ[أبو رواحة]ــــــــ[21 - 09 - 05, 10:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخي الفاضل شاكر العاروري:
تعليقي على مصطلح اهل الحديث واضح ولن اعيد الكلام فيه وقولي " احيانا " ثابت و واقع يعلمه من مارس صنعة الحديث التي وصفتني باني غريب عنها ولا انكر اني ينقصني الكثير فيها ولكني اعلم بأن " زيادة الثقة مقبوله " انها من قواعد المتأخرين و أن هناك من لا يعمل بها حتى من مشايخ هذا الزمان و أنها ليست على اطلاقها و أن تعريف الشاذ عند البخاري غير تعريفه عند العراقي وابن حجر في المصطلح و أن ابو حاتم كان يقول في مواضع: فلان حديثه حسن! فيقولون هل تحتج به فيقول لا!. بينما هو حجة عند المتأخرين. وغير ذلك.
أما كلامي عن تعريف الحسن الذي نقلته لك: شئ يقدح في ذهن الحافظ. فاني انقله عن شيخنا العلامه عبد الكريم الخضير في شرحه على الباحث الحثيث و تجده في اسلام لايف تحت شرحه للحديث الحسن وقد نقله هو عن الحافظ.
ولو سمعت شرح الشيخ فستعلم ما معنى: متقدمين و متأخرين! والمصطلح يوافق المتأخرين لكنه قد لا يوافق اقوال المتقدمين و ما يذهبون اليه في تصحيحهم و تضعيفهم للأحاديث أحيانا وهذا يعلمه من عالج هذا الامر واشتكى منه ونحن نسمعهم يتكلمون عنه وهو امر ظاهر.
والمصطلح في الحديث لا احد يقول بتركه فهو موضوع من قبل أئمة الدنيا في هذا المجال و لكنه في النهاية آلة قد تعمل و قد لا تعمل في بعض المواطن , هذا ما كنت أعنيه.
و لن اطيل الكلام عن ما ذكرت فيما بعد ولكنك تطرقت لشئ انا لا انفيه وهو شمول المعنى اللغوي لعدة معان منها ما هو مقصود بالشرع كلفظ صوم و صلاه ومنها ما هو داخل ضمنا كالدعاء في معنى الصلاه وغيرها وهذا لا يختلف احد انه " عام مخصص " فالخصوص والعموم كما لا يخفى عليك يدخل على اللغة كما يدخل على الاحكام فقوله " العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة " لفظ معرف بأل يعود على معهود في خيال المسلم او الشرع وهو الصلاة المكتوبة كقولك الحافظ تعني به ابن حجر. هذا امر لا يناقش فيه في هذه المرحله ....
نحن نتكلم عن ما بعد ذلك! كقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " أن لا يمس القران الا طاهر! " فعلى من تنطبق صفة " طاهر "؟؟
على غير الجنب؟
أم على غير الكافر؟ لأن المشركون نجس! ...
كما أن لفظة طاهر هنا تفيد المعنى المعنوي و الحسي فلا يقال يخرج منها الكافر لأن نجاسته معنويه! ...
هل هذا النص حجة بهذا الفهم؟
أهل الرأي الذي يخصصون الادلة بالعلة يقولون هو " الجنب! " .. و ينفون اي معنى ظاهر قد يدخل في الاستدلال ...
ثم يا اخي الكريم:
دع كل ما قلت انا سابقا و قل لي:
هل تؤمن بوجود نص ليس له ظاهر؟
فظاهر " قل هو الله أحد " ظاهر واحد فإذن هو نص واحد ...
بينما قوله تعالى " لا يمسه الا المطهرون " له ظاهر يعني: امطهروهن:غير الجنب و يعني يعني غير الكافر و له ظاهر يعني الملائكة , فإذا جاء دليل شرعي يخصص هذه الظواهر الى ظاهر معين منها قلنا به و تركنا ما سواه اما ان كان لا يوجد صارف يصرف هذه المعاني كلها عن ظاهرها فبأي شئ نقول هذا حلال و هذا حرام؟
هذا ما كنت اعنيه , أما ما تريد شرحه لي فاني اعرفه وهو ان النص يطلق على اللفظ الذي لا يحتمل سوى معنى واحد و الظاهر هو ان يكون للفظ اكثر من معنى ... هذا اعيه و لكني لا اقول بصحته! ...
لأني لا اتصور ان يكون هناك نص ليس له ظاهر " أي معنى كلي واضح متبادر الى الذهن دون ادنى كلفة في استيعابه " ... هذا هو المعروف في اللغة عن كلمة " ظاهر " وعلى من يريد جعلها تختص بـ " اللفظ ذي المعناني الكثيرة " فعليه بالدليل! لغة و شرعا ...
أشكر لك حسن ردك و جزالة كلامك و علمية اسلوبك و انا اوافقك فيما قلت عن الشافعي رحمه الله و غير ذلك , ...
و ردك علي شرف يكفيني منه وجوده بغض النظر عما إلنا اليه ...
وفقني الله و اياك
ـ[أبو رواحة]ــــــــ[21 - 09 - 05, 11:41 ص]ـ
,,
ـ[ممدوح السعودي]ــــــــ[21 - 09 - 05, 02:33 م]ـ
شكراً جزيلاً و بارك الله فيكم
ـ[محمد المسلم1]ــــــــ[23 - 03 - 07, 12:52 ص]ـ
تحية طيبة لكل الإخوان
وخاصـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الشيـ ــــخ
أبو فهر السلفي(106/281)
المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين، للشيخ محمد العروسي عب
ـ[عبد بن أحمد]ــــــــ[15 - 09 - 05, 06:31 م]ـ
أود الاستفسار من أهل الاختصاص عن رأيهم في:
(المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين)، للشيخ محمد العروسي عبدالقادر.
ـ[العاصمي]ــــــــ[15 - 09 - 05, 06:58 م]ـ
هو كتاب نفيس، لا يفوتنك، أخي الفاضل.
و مؤلفه - حفظه الله تعالى - من خيرة شيوخ المسجد الحرام، نحسبه كذلك ... و الله حسيبه، و لا نزكيه على الله ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 09 - 05, 01:17 ص]ـ
الكتاب من أفضل المصنفات الأصولية المعاصرة على الإطلاق،وإن كان يعيبه أمور قليلة هي دليل على فضله (فما كمل فاضل إلا بالنقص).
ـ[محبة القرآن والسنة]ــــــــ[16 - 09 - 05, 01:54 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
هل يوجد رابط لهذا الكتاب؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 09 - 05, 02:07 ص]ـ
لا أظن فالكتاب طبع قديما ولم يعاد طبعه والله أعلم
أخوكم/أبو فهر
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[16 - 09 - 05, 07:24 ص]ـ
السلام عليكم، لكن تجدها تأتي بين الحين والآخر في مكتبة الرشد بمكة المكرمة
ـ[قاسم القاهري]ــــــــ[16 - 09 - 05, 07:53 ص]ـ
من فضلكم أين طبع هذا الكتاب؟ ما اسم الناشر؟ و هل يوجد في الرياض؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[16 - 09 - 05, 07:59 ص]ـ
دار حافظ للنشر والتوزيع
شارع الجامعة - ص. ب2973 جدة 21461
هاتف: 6871400 - 6870582 (02)
ولا أعلم عن الرياض
ـ[قاسم القاهري]ــــــــ[16 - 09 - 05, 04:02 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[غازي الليثي]ــــــــ[17 - 09 - 05, 05:56 م]ـ
موجود أيضاً في مكتبة العبيكان، فقد اشتريتهُ منهم قبل شهر تقريباً ..
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[19 - 09 - 05, 10:25 ص]ـ
اخي ابو القاسم انا اشتريت الكتاب من مكتبة الرشد التي في عتيقه
و يا اخي احمد عبدالرؤوف اوضح مافي الكتاب من إنتقادات؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 - 09 - 05, 06:28 م]ـ
1 - اعتماده التام على جهود شيخ الإسلام،دون الاستفادة من غيره كالشنقيطي وابن القيم والسمعاني والأصبهاني ممن نبهوا على المسائل المشتركة.
2 - بعض المسائل لم يوفق في جعلها من المشتركة كمسألة (الجمع بين الحظر والوجوب ص/194)
3 - كثرة الأخطاء المطبعية.
4 - نقص التوثيق العلمي للأقوال.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[19 - 09 - 05, 07:56 م]ـ
الأخ المحترم أحمد عبدالرؤوف .... السلام عليكم
أودُّ أن أسجل ملابسات طباعة هذا الكتاب وتصنيفه مع التعقيب على ما ذكرت:
1 - الشيخ -حفظه الله- لم يقصد أن يصنف كتاباً في هذا الموضوع، ولكنه قام بإعداد مذكرة لطلابه في الدراسات العليا كي يستفيدوا منها.
فكانت هذه من أجود ما كتب في الموضوع، وهي أشبه ما تكون بالمسودة (وحال المسوَّدات معروف).
فعمد بعض طلبة الشيخ إلى طباعتها ونشرها من غير علم الشيخ!! حرصاً على ما فيها من العلم.
وذلك في طبعة الكتاب الأولى.
مما اضطر الشيخ إلى إعادة النظر في الكتاب و تنقيحه للنشر، ثم طُبع بنشرته الثانية، فالأمر يا أخي وليدُ المصادفة و الاتفاق، بخلاف من أعدّ العُدد للتأليف وجمَعَ المصادر واعتنى بالتأنق في الكتابة.
وهذا هو السبب الذي جعل الكتاب يغلب عليه طابع السرد والاسترسال.
2 - وبالنسبة للأمور الشكلية (في نظري) كالأخطاء الطباعية الظاهرة و التوثيق للأقوال، فلم أر من التفتَ إليها من طلبة العلم ولا اكترثوا بها (مع أنها مخلَّةٌ برونق الكتاب).
لانشغالهم بما هو أهمُّ و أعظم، وهو التعرُّف على خبايا هذا العلم الصعب الشائك والغوص في أعماق علوم الأوائل والمتكلمين، والاهتمام بدراستها وتعقُّلها والحذر من شرها كما ينبغي، وهذا يفي بالمقصود من طباعة الكتاب: (حصول البيان و الفائدة).
نعم أنا أتفهَّم الصعوبة التي يعانيها من يقرأ الكتاب، ولكن لابد من الصبر في طلب العلم.
و أنا لا أوجّه كلامي هذا إلى خصوص جنابكم، وإنما لأخواني الناشئين في ربوع المعرفة والطلب.
3 - أما كونه لم يستفد من غير شيخ الإسلام فهذه - معذرةً- دعوى لادليل عليها، فأولاً: أثبت لنا المسائل العلمية التي أضافوها في الموضوع، ولم يذكرها العروسي (مع أنه لم يقصد الاستيعاب) ثم يكون لنا حديث آخر.
ثانياً: الاستفادة ليس معيارها محصوراً في وجود العزو و الإحالة في هوامش الكتب فقط!، لأني أستطيع أن أنقل الفكرة والمعلومة من غير عزو وإحالة فهل يعني ذلك أني لم أستفد؟ بالطبع:لا، وهذا واقع في تصرفات العلماء والمصنفين، فلابد إذن من المقارنةبين هذه المصادر، فهل استقريتها يا أخي الكريم قبل تتورط في مأزق النفي المطلق!.
مع أني أتذكر - والعهد بعيد- عزو الشيخ إلى قواطع الأدلة للسمعاني مخطوطاً في بعض الموطن القليلة من كتابه.
ثالثاً: الشيخ من كبار العلماء بحق، يأخذ مايشاء من كلامهم في العلم ويذر ما لم يشأه، أفيُعابُ عالمٌ على اختياره للمصادر وانتقائه من غير دليل، أقول هذا لأني أعرف عن الشيخ اهتمامه بمصادر أخرى مؤثرة في هذا الموضوع،لم تهتدِ أنت لاستدراكها عليه، و كانت من مراجعه في الكتاب المذكور.
إذن فلنبق على الأصل من تحسيننا الظن بعلمائنا.
4 - وأخيراً مسألة (الجمع بين الحظر ... الخ) فللأسف الكتاب ليس بين يديّ الآن! فقد أعرته لبعض الأخوة ولا أستطيع مراجعة المسألة الآن لأتبيّن حقيقتها، والوقوف على ما نبَّّهتم عليه.
وفي الختام أرجو أن لايكون عليَّ في قلبك شئ، فما أردت إلا البيان والنصح، فإن وجدتَ من كلامي شيئاً تكرهه فتجاوز لي عنه.
بارك الله فيك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/282)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 - 09 - 05, 08:32 م]ـ
حبيبنا الشيخ أبو عدنان
1 - لم أكن أعلم أن الكتاب مسودة،بل أخبرني أحد إخواننا الجزائريين- لما سجلت له إعجابي بالكتاب-أن الكتاب رسالة علمية، وبتوضيحك وببياني تحرر مرادي وفهمت عذر الشيخ. (التي عندي هي الطبعة الأولى)
2 - فات الشيخ الاستفادة من ابن القيم والأصبهاني (صاحب الحجة) في مسألة خبر الأحاد.
وفات الشيخ الاستفادة من شيخ الإسلام وابن القيم والشنقيطي في مسألة المجاز.
وفات الشيخ الاستفادة من شيخ الإسلام ومن الشنقيطي في مسألة أصل اللغة
وفات الشيخ الاستفادة من ابن القيم في مسألة التأويل.
بارك الله فيك أخي الكريم وشكر لك حسن أدبك وجميل رفقك.
ودمتم للمحب/أبو فهر.
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[20 - 09 - 05, 09:21 ص]ـ
اخي احمد عبدالرؤوف هل فات الشيخ العروسي الاستفاده من كتب هؤلاء المشايخ و لم تفتك انت
مع ان الشيخ إمام في الاصول بشهادة العلماء.
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[20 - 09 - 05, 12:15 م]ـ
اخي احمد عبدالرؤوف:
إنتقادك للشيخ العروسي لكتابه دليل على انك لم تقرأ الكتاب ولم تضعه في يدك اصلا
لأن الشيخ نقل عن السمعاني من كتابه قواطع الادله ورجع في ذلك إلى مخطوطه في ام القرى
نقل عن السمعاني في ص: 71، 73، 206، 280
و نقل عن ابن القيم في ص:76، 171، 193، 218،291، 253
اضف إلى معلوماتك ان الشيخ وضع للكتاب في طبعته الاولى مقدمه بخلاف ما تقول انها مذكرات و طبعت دون إذن الشيخ فهذا افتراء على الشيخ فأتقي الله و الكتاب مطبوع في دار حافظ، جده، دار الجامعه
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - 09 - 05, 03:50 م]ـ
أخي الحبيب/أمين المكتبة.
1 - أما قولك أني لم أقرأ الكتاب فليس بصحيح بل قرأته ولخصته وشرحت ملخصه لطلبتي أكثر من مرة.
2 - ما أعنيه من عدم استفادة الشيخ من كتب من ذكرت هو الاستفادة الاستقلالية أما ما ذكرته من النقول عن السمعاني -كمثال- فاستفادة الشيخ في بعض المواضع التي ذكرتها كانت لتعضيد ما نقله عن شيخ الإسلام وفي موضع كانت لتوثيق كلام أبي زيد الدبوسي (وهذا خطأ منهجي واضح)،وأما (ص/206) فهي خالية من أي نقل عن السمعاني.
وقد ضربت أمثلة بمسائل كبار فاتت الشيخ وهي في كلام من ذكرت.
2 - أما قولكم ((اخي احمد عبدالرؤوف هل فات الشيخ العروسي الاستفاده من كتب هؤلاء المشايخ و لم تفتك انت
مع ان الشيخ إمام في الاصول بشهادة العلماء.))
فهذه عجيبة من مثلكم فالشيخ في هذا الكتاب الماتع يخالف أئمة الأصول عبر التاريخ فهل في ذلك من عتب ما دام معه الدليل، ومن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط.
3 - أما قولكم ((اضف إلى معلوماتك ان الشيخ وضع للكتاب في طبعته الاولى مقدمه بخلاف ما تقول انها مذكرات و طبعت دون إذن الشيخ فهذا افتراء على الشيخ فأتقي الله و الكتاب مطبوع في دار حافظ، جده، دار الجامعه))
فهذه عجيبة أعظم فالقول بأن الكتاب كان مسودة ليس كلامي أخي الكريم ودقق في المشاركات جيدا (المشاركة 13)
وختاما أخي الكريم فهذا كتاب ماتع بل هو كما قلت أنا في المشاركة (3) أنه من أفضل المصنفات الأصولية المعاصرة، فلا يكن في صدر حرج مما قضيت أنا، ولا تبتئس بما يقول أمثالي من المفترين.
بارك الله فيك ووفقك إلى ما تحبه وترضاه.
ودمت للمحب/أبو فهر.
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[21 - 09 - 05, 10:16 ص]ـ
احمد عبد الرؤوف:
1 - الشيخ في كتابه لم يخالف شرطه
2 - اخي الحبيب من جهلك في ذلك،فإن السمعاني نفسه في كتابه قواطع الادله يرد اصلا على كتاب تقويم الادله للدبوسي فالشيخ العروسي ينقل كلام السمعاني بما فيه من كلام الدبوسي
3 - الشيخ ابن غديان اثنى على هذا الكتاب ثناء خاص في مناقشته لرسالة الدكتوراه لخالد عبداللطيف السوداني
4 - الشيخ العروسي قال في احد الايام وبالتحديد في الحرم المكي خلف حجر اسماعيل: ان الكتاب ألفه بنفسه ودفعه إلى المطبعه ثم هو يراجع المراجعه النهائيه ثم يدفعه للطبع ولكن المطبعه سامحها الله طبعت الكتاب دون مراجعة الشيخ.
5 - ص 206 خطأ
6 - اتعرف لماذا قلت انك افتريت على الشيخ
7 - انصحك نصيحه اخويه: ادرس علم الاصول على المشايخ الكبار ودع عنك المتعالمين
(اللهم إكفنا شر التعالم)
8 - وبشرى للك ولغيرك من الاخوه فالشيخ سوف يعيد طبع الكتاب وسوف يضيف عليه بعض المسائل وسوف يسهل عبارته ويعيد ترتيب الكتاب
[المقصد الاستفاده و التناصح لا التناطح]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - 09 - 05, 07:45 م]ـ
غفر الله لك أخي الحبيب، لقد رددت على نصيحتك في الرسالة الخاصة قبل أن أقرأ ردك هذا.
ولست أدري لما تعجل بالهجوم على من لا تعرفه.
ولم تعجل بالهجوم على من لم يقل لك إلا حسنا.
ولكن منذ متى وأنا أطلب جزاء الإحسان من الناس.
اللهم إني أشهدك أني لم أبتغ الا وجهك وأسألك أن تديم علي نعمة الرفق وحب الصالحين.
أخي أمين المكتبة أشهد الله أني أحبك فيه، كيف لا وأنت مسلم، كيف لا وأنت طالب علم.
على الرغم من أن حالي وحالك كقول القائل:
فيسمع مني سجع الحمام
وأسمع منه زئير الأسد.
ودمت للمحب/أبو فهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/283)
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[21 - 09 - 05, 11:47 م]ـ
اولا: هذا رد وليس هجوم (لسنا في ساحة الوغى) لكن المقام مقام نصح و إرشاد، نعم قد يصاحبه بعض الشده لما في الكلام المردود عليه من تنقص للشيخ وأنه خالف الاصوليين عبر التاريخ وهذه دعوى كبيره خالفت جميع علماء الاصول في هذا الزمان.
ثانيا: انا أرد على هذا الكلام، وفي نفس الوقت انصح صاحب هذا الكلام، بغض النظر اعرفك او لا اعرفك، وكأني بك تريد ان تقول انا شيخ في الاصول كيف تنصحني بطلب علم الاصول من جديد وكيف ترد علي.
ثالثا: وهل نصيحتي لك اصبحت جزاء إحسان، اربع بنفسك اخي الكريم
رابعا:انا عندما قرأت هذه المقالات اردت الاستفاده، لكن العيوب التي ذكرت (التي هي في الكتاب) دليل
على انه لابد ان تطلب علم الاصول
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 09 - 05, 01:47 م]ـ
يا أخي الحبيب
إن مخالفة الشيخ للأصوليين عبر التاريخ شيء لا يحتاج للتدليل ولا يقبل المجادلة أصلا،بل سل الدكتور نفسه ستجده مفتخرا أنه وقف في صف علماء أهل السنة، في مخالفة باقي الأصوليين عبر التاريخ ومن تأمل أدرك.
أما حديثك عن المشيخة فهو من ساقط الكلام،فلا يليق بمثلك.
أما حديثك عن الفرق بين الرد والهجوم، فكلامك يا أخي هجوم محض وقد آذيتني والله بسبك وشتمك وإتهامك لي بالباطل مرات ثم قد يظهر لك بطلان الاتهام فلا ترعوي ولا تنزجر لقد قلت أن قولي بأن الكتاب كان مذكرات افتراء، فبينت لك أني لم أقل هذا وانما قاله أحد الإخوة في أحد المشاركات ونقلته عنه،فسدرت في سبك وشتمك دونما تنبيه على سابق خطأك في حقي.
يا أخي أأعراض الناس عندك بهذا الهوان؟ ان الرد حق مكفول للجميع ولكن لما السب والشتم والتجهيل،أجب بعلم أواسكت بحلم، أسأل الله عز وجل أن يرحمك الله وأن يغفر لك وأن يرزقك سلامة الصدر، وأن يمن عليك بنعمة الجمع بين احقاق الحق ورحمة الخلق، و غفر الله لك مرة أخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوك المحب/أبو فهر.
ـ[مصلح]ــــــــ[22 - 09 - 05, 01:53 م]ـ
وأنت يا أمين المكتبة
يجب عليك أن تتعلم الأدب مع أخيك الذي حاورك بغاية الأدب
وهنا أسجل شكري للشيخ أبي فهر على حلمه وحسن خلقه
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[22 - 09 - 05, 07:37 م]ـ
يأخي احمدعبد الرؤوف:
ان اسف على كل مابدر مني من هجوم و من هذا الموقع المبارك اطلب من اخي ان يسامحني غفر الله للجميع، و عسى الله ان يجمعنا في مستقر رحمته اخي في الله اطلب منك امام الملأ ان تسامحني غفر الله لك،اخي لاتفهم من اعتذاري هذا اني اخاف من شطبي من الموقع و الله لم يكن هذا قصدي،ولكن لا اريد ان اخسر اخوان لي في الله بسبب أراء حول كتاب معين عسى الله ان يغفر لي خطيتي يوم الدين
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 09 - 05, 07:53 م]ـ
بارك الله فيك وانتظر ردي.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 09 - 05, 07:53 م]ـ
يشهد الله في عليائه أني سامحتك قبل أن تكتب ما كتبت، ويشهد الله عز وجل أني مقدر لغيرتك وحميتك على شيخك، ويشهد الله عز وجل أني أعلم أنك ما أردت إلا النصيحة.
وفي الحديث الذي حسنه بعض أهل العلم: ((أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم))
ولست أقول أبدا: يعتذر لأجل الطرد، لأني أعلم أن الطرد لا يحمل الشرفاء-وأنت منهم- على الرجوع عن أرائهم، ولكنه العلم وحده والرفق وحده والتقوى وحدها تحمل الصالحين-وأنت منهم- على الرجوع إلى الحق.
ومن أنا أخي الحبيب حتى لا أقبل عذرك، ألم أسمع بقول القائل:إن اللبيب من عذر.
وفقك الله أخي الحبيب وزادك علما وحلما، وجمعني بك في جنته ودار كرامته إن ربي سميع مجيب.
أخوك المحب صادق الود/أبو فهر.
ـ[الباحث]ــــــــ[22 - 09 - 05, 08:26 م]ـ
بارك الله فيكما.
ونتمنى أن يتم عدم إثارة ما دار من شدة في النقاش بين العضوين الكريمين.
ـ[مصلح]ــــــــ[22 - 09 - 05, 11:16 م]ـ
قال موسى صلى الله عليه وسلم:
((رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك، وأنت أرحم الراحمين))
ما أحسن التخلق بأخلاق النبوة
شكراً لأبي فهر، ولأمين المكتبة
على فكرة: أي مكتبة؟؟؟
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[23 - 09 - 05, 12:30 ص]ـ
اخي مصلح (ورب أخ لم تلده أمك):
اناتخصصي شهاده جامعيه في المكتبات وامارس هذه المهنه منذ سنوات عديده، ومن هنا اسميت نفس بهذه المهنه الجميله التي هي منة ابن حجر لكن طبعا مع الفرق ومن هنا اعرض على الاخوه في الموقع خبرتي في هذا المجال للأستفاده.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - 09 - 05, 12:32 ص]ـ
لا يفوتني التنبيه عل أمور مهمة جدا وبيانها:
1 - ناقش الشيخ العلامة الدكتور محمد العروسي عبد القادر رسالة ماتعة جدا للدكتور علي بن سعد الضويحي وهي بعنوان: ((أراء المعتزلة الأصولية)) ط. دار الرشد. وهي من الجهود المكملة المهمة في باب المسائل المشتركة.
2 - من الكتب التي تناولت المسائل المشتركة كتاب الشيخ محمد حسين الجيزاني ((معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة)) ط. دار ابن الجوزي.
3 - من البحوث الجيدة في الباب نفسه كتاب ((التجديد والمجددون في علم أصول الفقه)) للأخ الشيخ عبد السلام بن عبد الكريم ط. المكتبة الإسلامية.
4 - وفي الباب نفسه بحوث شيخنا الدكتور أسامة عبد العظيم وتنشرها دار الفتح بالقاهرة.
5 - وفي الباب نفسه رسالة شيخنا الدكتور صالح بن محمد عن المجاز وآثاره الأصولية وهي قيد الإعداد.
ودمتم للمحب/أبو فهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/284)
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:00 م]ـ
المعذرة، يبدو أن دخولي إلى الشبكة تأخَّر -بسبب وفاة جدتي رحمها الله - إلى أن وضعت الحرب أوزارها، ولكن لا بأس سأعلِّق على ما يخصني.
اخي احمد عبدالرؤوف:
اضف إلى معلوماتك ان الشيخ وضع للكتاب في طبعته الاولى مقدمه بخلاف ما تقول انها مذكرات و طبعت دون إذن الشيخ فهذا افتراء على الشيخ فأتقي الله و الكتاب مطبوع في دار حافظ، جده، دار الجامعه
لا حول ولا قوة إلا بالله .......... ، عجيبٌ هذا الكلام!!!
يا هذا أنا قائل الخبر والناقل له والعُهدة فيه عليَّ، ولا علاقة للشيخ أحمد عبدالرؤوف به، فلم تخلط؟
و أنا لا أريد أن أوضِّح المراد بالمسوَّدة - ولو أخطأكَ معناها - لوضوح ذلك، و إنما المقصود أن كل ما لم يبيّض و يجهّز للطباعة والنشر لايمتنع احتواؤه على مقدمته معه، وعلى ذلك عشرات بل مئات الأمثلة.
فالمؤلفات والتصانيف تبدأ أولاً في أذهان مؤلفيها ثم تصبح أوراقاً مسوَّدة مع احتوائها على مقدماتها ثم يقوم أصحابها بالتعديل فيها إلى اكتمال العمل، فهل يعيبها أن أصلها مسوَّدات؟؟
وهل يُستَغرب أن تكون المؤلفات المخطوطة محتويةً على مقدماتها؟!
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:02 م]ـ
إذن فلا وجه لاعتباره طعناً في الكتب أيَّاً كانت، و حتى لا أسترسل في الفرق بين المسودة والمبيضة و كيفية التأليف وهي مفردات مكتبية محضة!!
أرجعُ إلى ما نقلتُهُ عن كتاب الشيخ -ولا أُخفي عنكم أنه من لسان الشيخ نفسه- فإن شئتم فاسألوا الشيخ (حفظه الله) وهو موجود بمكة،و ستتجلى لكم الحقيقة.
والنسخة هذه الموجودة بأيديكم من طبع (دار حافظٍ) هذه ليست أولَ طبعةٍ للكتاب وإنما هي الطبعة الأولى لتلك الدار النشرية - فانتبهوا- وليست الأولى بالنسبة للكتاب نفسه.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:04 م]ـ
و لعل اللبس كان بسبب عدم وضوح مشاركتي السابقة، فأقول:
الكتاب كان مطبوعاً قديماً قبل ذلك في مصر و بطبعات عدة، هكذا قال الشيخ لبعض طلابه المكيين، و الطبعة المصرية هي الأولى المشار إليها في مشاركتي (وفق الملابسات المذكورة) فقام الشيخ بإصلاح بعض ما فيها من عبارات وبإعادة نشرها مع ما فيها من نقص و ذلك في
(دار حافظ)، وطُبعت فيها طبعةً أولى.
ولا شك أن الشيخ أراد حبس الكتاب ليعيد النظر فيما يحتاج إلى استكمال وتتميم ولكنه خرج من يديه إلى الأسواق.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:05 م]ـ
والشيخ راضٍ في الجملة عن أصل محتوى الكتاب، ولكنَّ بعض المباحث منه تحتاج إلى إعادة نظر وزيادة -هكذا رأيُ الشيخ-، نعم هذا لا يخرج عن مجمل الفكرة التي طرحها أخونا أحمد، كما أنَّ فيها اعتذاراً لفضيلة الشيخ كونَه توصَّل إلى كثير من النتائج المهمة قبل طباعة المراجع المتوفِّرة بين أيدينا اليوم (ومنها بعض المصادر المذكورة سابقاً).
و أعيد بأنَّ مَن لم يصدِّق كلامي فليترك القيل والقال، وليسأل الشيخ مباشرة.
والخلاصة: أن الطبعة المتداولة هي آخر ما طُبع عليه الكتاب، ولم تحظ بإضافات كثيرة للأسف.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:07 م]ـ
- بالنسبة لأمين المكتبة:فقد أردتُ أن أردَّ على كلامك السابق بما يليق بأخلاقك، ولكنَّ السنَّة الحسنة التي سنّها الشيخ أحمد عبد الرؤوف تمنعني من ذلك، و حيث إنك اعتذرتَ عن أخلاقياتك الحوارية فقط و لم ترجع عن آرائك في المسألة، فاسمح لي بالتعليق عل بعض ما فيها:
1 - لم يفتر أحدٌ على الشيخ كما سبق أن أوضحتُهُ لك.
2 - كل ما ذكره أخونا أحمد يدلُّ - بما لا يقبل مكابرةً- على أنه قارئٌ بل ومستمتعٌ بالكتاب، بخلاف ما رميتَهُ به.
3 - ذكرتَ في نقضك عليه النقل عن السمعاني، فمَنْ أوحى لك به قبل مراجعة الكتاب؟! راجع مشاركتي إن شئت.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:09 م]ـ
4 - أن حبَّ الشيخ و توقيره مع الاعتراف بفضل كتابه مسألة متفقٌ عليها خارجةٌ عن محلِّ البحث، فلم تتهم أخوانك برفضها؟ هداك الله.
ومن ذلك نقلك عن الشيخ الغديان المشهور المعروف بين الناس؛ فقد حضر تلك المناقشة مئات الطلبة،و كما ذكرتُ قبل ذلك لايرتاب أحدٌ منَّا في قيمة الكتاب، فلم هذه المغالطات أم أن المسألة عندك مكاثرةٌ بالمعلومات فقط؟!
5 - الجوّ العام لمجرى البحث كالتالي: جاء الأخ أحمد لينتقد بعض المسائل في الكتاب -بناءً على طلبك و استجابةً لسؤالك - و أردتُ أنا الاعتذار عن الشيخ بما هو عذرٌ شرعيٌّ و لأستبصر أمر المسائل المنتقدة، وجئت أنت يا أخي مفسداً علينا البحث العلمي و تكاد تدعي للشيخ العصمة!! غفر الله لك.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:11 م]ـ
6 - و أما بالنسبة لنقلك عن الشيخ كلامه قرب الحجر عن طباعة الكتاب، فعلى افتراض أنك ضابطٌ لعباراته و كلماته - لأنك تنقل بالواسطة - أودُّ سؤالك: في أيِّ طبعةٍ من طبعات الكتاب كان ذلك؟؟ طبعاً أنت لا تدري.
و مع ذلك فهو لا يتعارض مع ما نقلتُهُ سابقاً، إذ يمكن حمل الكلام على الطبعة الأخيرة الصادرة عن (دار حافظ) وهو الأغلب لأنها هي الموجودة بأيدي طلبة العلم اليوم.
و هناك وجه آخر يمكن حمل الكلام عليه لا داعي لذكره حتى لا نرجم بالغيب.
7 - وما بشَّرتَ به يا أخي من إعادة الشيخ لطباعة الكتاب بإضافات جديدة، فمشهورٌ مستفيضٌ في المجالس العلمية بين طلبة العلم، والحمد لله.
و هناك مقولةٌ تُنقل عن فضيلة الشيخ أنه لما جيئ له بكتاب شيخ الإسلام (تنبيه الرجل العاقل)، قال معلِّقاً: " الآن كمُل الكتاب ".
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/285)
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:14 م]ـ
ملاحظة: لقد كتبت هذا الرد منذ ثلاثة أيام ولم أستطع تحميله في الموقع جملةً واحدة، فجزّأته لذلك.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:15 م]ـ
حبيبنا أبو عدنان
أولا جزاك الله خيرا
ثانيا أسألك بالله أن تكتفي بما ذكرت، فإني أخشى أن يفتح الشيطان بكلامك بابا جهدنا حتى أغلقناه
ثالثا: أحبك في الله
رابعا: البقاء لله، ورحم الله جدتك
خامسا: لا تتأخر علينا ثانية
ودمت موصولا بالخير لأبي فهر
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[25 - 09 - 05, 09:31 م]ـ
لك هذا يا أبا فهر ...
وما أردتُ إلا البراءة من الافتراء والكذب.
والله المستعان.
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[25 - 09 - 05, 10:26 م]ـ
اخي ابو عدنان:
احبك في الله وإن كان في كلام خطأ او جانبه الصواب فأنا بين أخوة صدورهم أوسع من الجبال
غفر الله لنا ولكم، وهو والله كان مدخل من مداخل الشيطان
و و الله اني احبكم في الله
ـ[امين المكتبه]ــــــــ[25 - 09 - 05, 10:37 م]ـ
اخواني:
احبكم في الله وهذه والله من مداخل الشيطان عسى الله ان يغفر لي ولكم
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[12 - 03 - 09, 02:41 م]ـ
بل قرأته ولخصته وشرحت ملخصه لطلبتي أكثر من مرة.
الأستاذ الفاضل ليتك تتحفنا بهذا التلخيص
ـ[أبوعاصم الأحمدي]ــــــــ[13 - 03 - 09, 08:24 ص]ـ
أعادت الرشد طبع كتاب الشيخ العروسي رأيته فيها قبل أيام.
ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[13 - 03 - 09, 11:59 ص]ـ
من يرفع لنا الكتاب مصورا؟
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[21 - 03 - 09, 05:04 م]ـ
من يرفعه لنا مأجورا
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[22 - 03 - 09, 12:30 ص]ـ
أعادت الرشد طبع كتاب الشيخ العروسي رأيته فيها قبل أيام.
للأسف لم أر في "طبعة الرشد" أية إضافة جديدة .. فهل من مُفيدٍ عن أسباب ذلك؟!(106/286)
استفسار ضروري ارجو الاجابة عليه ان تدلوني لكتب المتكلمين في اصول الفقه وكتب الحنفية
ـ[فلسطينية مسلمة]ــــــــ[19 - 09 - 05, 11:01 ص]ـ
انا طالبة ماجستير وهذا اول فصل لي واود من حضرتكم ان تدلوني لكتب المتكلمين في اصول الفقه وكتب الحنفية ايضا وهذا للضرورة القصوى
ارجو ان تلبوا طلبي في اسرع وقت
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[19 - 09 - 05, 11:14 ص]ـ
ارجعي إلى المشاركة رقم (2) و (3) من هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=33251#post33251(106/287)
هل المظنة تقوم مقام الحقيقة؟
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[18 - 10 - 05, 08:50 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيميه:
(فإن المظنة إنما تقام مقام الحقيقة إذا كانت الحكمة خفية وكانت المظنة تفضي إليها غالباً)
مجموع الفتاوى (21/ 240)
التطبيق / من قال إن النوم مظنة للحدث أوجب الوضوء
والصحيح لدي مقاله شيخ الإسلام (أنه إذا شك المتوضئ: هل نومه مما ينقض أو ليس مما ينقض؟ فإنه لايحكم بنقض الوضوء , لأن الطهارة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك)
مجموع الفتاوى (21/ 230)
إخواني ـ غفر الله لكم ـ هل يعرف منكم أحد بحث هذه المسألة؟
وما رأيكم في هذه المسألة
ـ[الديولي]ــــــــ[18 - 10 - 05, 04:02 م]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل راجع في هذه المسألة كتب أصول الفقه باب القياس، مباحث (العلة) فإنهم لا بد أن يتكلموا عن هذه المسألة، وهناك كتب ألفة في القياس، مثل:
الطرق المثبة للعلية، لحسنين محمود
مباحث العلة في القياس، لعبدالحكيم عبدالحمن
القياس في العبادات، لمحمد منظور
شفاء الغليل للغزالي
التعليل بالشبه، لميادة محمد
نبراس العقول، للأزهري
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 12:44 م]ـ
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
هذا الكلام لابن تيمية يتضح معناه في خمس نقاط:
أولاً: معنى المظنة من الظن، والظن هو الاحتمال الراجح الغالب. ومظنة الشيء: موضعه ومألفة الذي يظن كونه فيه.
ثانياً: متى ينزل الظن بالشيء منزلة القطع به؟
والجواب: أن الظن إذا كان غالباً فإنه ينزل منزلة القطع واليقين، وذلك بشرط أن يتعذر اليقين، ويقابل ذلك: أن الاحتمال إذا كان ضعيفاً فإنه لا يلتفت إليه ولا يؤخذ به.
وقد ورد في هذا المعنى قواعد كثيرة منها: ما قارب الشيء يعطى حكمه، وجوب العمل بالظن في الأمور الشرعية والعادية، والنادر لا حكم له، واليسير معفو عنه.
ثالثاً: فائدة وثمرة هذه القاعدة أن اليقين عزيز، وتطلبه والتوقف على حصوله أمر شاق بل قد يكون محالاً، وانتظار اليقين يفضي إلى التوقف وتعطيل الأحكام.
رابعاً: قول ابن تيمية إن المظنة تقوم مقام الحقيقة إذا كانت الحكمة خفية لعله يريد بذلك أن المظنة في باب التعبدات لابد من اعتبارها، وذلك لأن التحقيق فيها من تحصيل مقصود الشارع يكون متعذراً غلاف العادات والمعاملات التي تعرف عللها ويمكن الاطلاع على الحكمة منها.
خامساً: الأمثلة على ذلك: علامات البلوغ مظنة الرشد الذي هو مناط التكليف، وسكوت البكر مظنة رضاها، ووجوب طلب الماء قبل التيمم لمن غلب على ظنه وجود الماء. فهذه أمثلة لما ظهرت حكمته، أما ما خفيت حكمته فمثل القول بوجوب الوضوء من مس الذكر ومن مس المرأة، ومن أكل لحم الجزور فإن هذه الثلاثة مظنة إثارة الشهوة المفضية إلى نقض الوضوء وهذا ما قصده ابن تيمية في كلامه السابق. والله أعلم.
أجاب عليه فضيلة الشيخ: د. محمد بن حسين الجيزاني(106/288)
سؤال في الإجماع
ـ[عبد القوي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 03:48 م]ـ
إذا قال أحد العلماء الكبار
مثل النووي وابن قدامة والقرطبي
إذا قال أحد هؤلاء وهذا بلا خلاف نعلمه
هل يعتبر هذا إجماعا
أريد الرد مع العزو إلى المصدر من كتب أهل العلم
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[09 - 11 - 05, 08:52 م]ـ
وفقك الله.
جواب سؤالك في البحر المحيط للزركشي 4/ 517 - 518 طبعة الكويت.
مسألة: قول القائل: لا أعلم فيه خلافا هل هو إجماع؟
وتكلم عليها أيضا ابن حزم في إحكامه، نافيا إثبات الإجماع بمثل هذا.
فإذا لم تتمكن من الوقوف على كلامهما نقلتُه لك بكل سرور.
ورأيت كلاما حسنا لشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى له تعلق بوجه مّا بهذا المبحث، قال:
(َإِذَا نَقَلَ عَالِمُ الْإِجْمَاعِ وَنَقَلَ آخَرُ النِّزَاعَ: إمَّا نَقْلًا سُمِّيَ قَائِلُهُ ; وَإِمَّا نَقْلًا بِخِلَافٍ مُطْلَقًا وَلَمْ يُسَمَّ قَائِلُهُ فَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ نَقْلًا لِخِلَافٍ لَمْ يَثْبُتْ ; فَإِنَّهُ مُقَابِلٌ بِأَنْ يُقَالَ وَلَا يَثْبُتُ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ بَلْ نَاقِلُ الْإِجْمَاعِ نَافٍ لِلْخِلَافِ وَهَذَا مُثْبِتٌ لَهُ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. وَإِذَا قِيلَ: يَجُوزُ فِي نَاقِلِ النِّزَاعِ أَنْ يَكُونَ قَدْ غَلِطَ فِيمَا أَثْبَتَهُ مِنْ الْخِلَافِ: إمَّا لِضَعْفِ الْإِسْنَادِ ; أَوْ لِعَدَمِ الدَّلَالَةِ قِيلَ لَهُ: وَنَافِي النِّزَاعِ غَلَطُهُ أجوز ; فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ لَمْ تَبْلُغْهُ ; أَوْ بَلَغَتْهُ وَظَنَّ ضَعْفَ إسْنَادِهَا وَكَانَتْ صَحِيحَةً عِنْدَ غَيْرِهِ ; أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الدَّلَالَةِ وَكَانَتْ دَالَّةً فَكُلُّ مَا يَجُوزُ عَلَى الْمُثْبِتِ مِنْ الْغَلَطِ يَجُوزُ عَلَى النَّافِي مَعَ زِيَادَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ. وَهَذَا يَشْتَرِكُ فِيهِ عَامَّةُ الْخِلَافِ ; فَإِنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ لَيْسَ عِلْمًا بِالْعَدَمِ لَا سِيَّمَا فِي أَقْوَالِ عُلَمَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ ; وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ: مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَقَدْ كَذَبَ ; هَذِهِ دَعْوَى الْمَرِيسِيَّ وَالْأَصَمِّ ; وَلَكِنْ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ نِزَاعًا وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَذْكُرُونَ الْإِجْمَاعَ كَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمَا يُفَسِّرُونَ مُرَادَهُمْ: بِأَنَّا لَا نَعْلَمُ نِزَاعًا وَيَقُولُونَ هَذَا هُوَ الْإِجْمَاعُ الَّذِي نَدَّعِيه. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِجْمَاعِ الَّذِي قُوبِلَ بِنَقْلِ نِزَاعٍ وَلَمْ يُثْبِتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ نَقْلُ مُثْبِتِ النِّزَاعِ عَلَى نَافِيهِ وَلَا نَافِيهِ عَلَى مُثْبِتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى النَّصِّ وَلَا يُقَدِّمَ النَّصَّ عَلَيْهِ بَلْ يَقِفُ لِعَدَمِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا عِنْدَهُ ; فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْمُثْبِتُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ النَّصَّ لَمْ يُعَارِضْهُ إجْمَاعٌ يَعْمَلُ بِهِ وَيَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى مُثْبِتِ الْإِجْمَاعِ وَالنِّزَاعِ فَمَنْ عُرِفَ مِنْهُ كَثْرَةُ مَا يَدَّعِيه مِنْ الْإِجْمَاعِ وَالْأَمْرِ بِخِلَافِهِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ إثْبَاتُ إجْمَاعٍ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ فِي نَقْلِ النِّزَاعِ أَنَّهُ لَا يَغْلَطُ إلَّا نَادِرًا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ كَثْرَةُ الْغَلَطِ. وَإِذَا تَضَافَرَ عَلَى نَقْلِ النِّزَاعِ اثْنَانِ لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَهَذَا يَثْبُتُ بِهِ النِّزَاعُ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّهُ لَوْ تَضَافَرَ عَلَيْهِ عَدَدٌ لَمْ يُسْتَفَدْ بِذَلِكَ إلَّا عَدَمُ عِلْمِهِمْ بِالنِّزَاعِ وَهَذَا لِمَنْ أَثْبَتَ النِّزَاعَ فِي جَمْعِ الثَّلَاثِ وَمَنْ نَفَى النِّزَاعَ مَعَ أَنَّ عَامَّةَ مَنْ أَثْبَتَ النِّزَاعَ يَذْكُرُ نَقْلًا صَحِيحًا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَلَيْسَ مَعَ النَّافِي مَا يُبْطِلُهُ.
ـ[عبد القوي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 12:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفهم الصحيح
ويا حبذا لو تبسط هذه المسألة موثقة من كتب أهل العلم
مع العزو إلى المصدر
فأنا أريد بسط القول في هذه المسألة
أفدني حفظك الله في الدنيا والآخرة
ـ[الشافعي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 01:31 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
أظن السؤال فيه جانبان:
الأول: هل هذه العبارة نقل للإجماع، بمعنى: هل هي بمثابة قولهم: لا خلاف في ذلك، واتفقوا على ذلك
الثاني: هل يعتد بهذا النقل؟ وعليه يرد التفصيل الجميل الذي نقله الأخ الفهم الصحيح عن ابن تيمية.
وحبذا لو يجيب الإخوة عن الجانب الأول أيضاً، وإن كانوا غير مسلمين بصحة الإجماع المنقول مطلقاً.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/289)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 02:58 ص]ـ
وفقكم الله.
قال العلامة الزركشي في البحر المحيط 4/ 517 - 518: (قول القائل: لا أعلم فيه خلافا، هل هو إجماع؟
قول القائل لا أعلم خلافا بين أهل العلم في كذا، قال الصيرفي: لا يكون إجماعا، لجواز الاختلاف، و قال ابن حزم في كتاب < الإعراب >: إن الشافعي نص عليه في " الرسالة " وكذلك أحمد بن حنبل، قال الصيرفي: وإنما يسوغ هذا القول لمن بحث البحث الشديد، وعلم أصول العلم، وحمله، فإذا علم على هذا الوجه، لم يجز الخروج منه، لأن الخلاف لم يظهر، ولهذا لا نقول للإنسان عدل قبل الخبرة، فإذا علمناه بما يُعْلَم به مسلم حكمنا بعدالته، وإن جاز خلاف ما علمناه.
وقال ابن القطان: قول القائل: لا أعلم خلافا يظهر، إن كان من أهل العلم فهو حجة، وإن لم يكن من الذين كشفوا الإجماع والاختلاف فليس بحجة.
وقال الماوردي: إذا قال: لا أعرف بينهم خلافا، فإن لم يكن من أهل الاجتهاد، وممن أحاط علما بالإجماع والاختلاف؛ لم يثبت الإجماع بقوله، وإن كان من أهل الاجتهاد، فاختلف أصحابنا، فأثبت الإجماع به قوم، ونفاه آخرون.
قال ابن حزم: وزعم قوم أن العالم إذا قال: لا أعلم خلافا، فهو إجماع، وهو قول فاسد، ولو قال ذلك محمد بن نصر المروزي، إنا [كذا] لا نعلم أحدا أجمع منه لأقاويل أهل العلم، ولكن فوق كل ذي علم عليم.
وقد قال الشافعي - رحمه الله - في زكاة البقر: لا أعلم خلافا في أنه ليس في أقل من ثلاثين منها تبيع، والخلاف في ذلك مشهور، فإن قوما يرون الزكاة على الخمس كالإبل.
وقال مالك - رحمه الله - في موطئه: وقد ذكر الحكم برد اليمين، وهذا مما خلاف فيه بين أحد من الناس، ولا ببلد من البلدان، والخلاف في ذلك شهير، وكان عثمان - رضي الله عنه - لا يرى رد اليمين ويقضي بالنكول، وكذلك ابن عباس، ومن التابعين الحَكم وغيره، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة واأصحابه، وهم كانوا القضاة في ذلك الوقت، فإذا كان مثل من ذكرنا يخفى عليه الخلاف؛ فما ظنك بغيره).
قلت: و على المثلين الذين ذكرهما ابن حزم ملاحظات ... ولكن ذكر أهل العلم أن البحث في المُثل ليس من دأب الفحول، فأتشبه بهم.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفهم الصحيح
وما ذكرته من عدم التعويل على المثال والاكتفاء بمجرد الاحتمال هو ما أشار إليه في مراقي السعود بقوله:
والشأن لا يعترض المثال إذ قد كفى الفرض والاحتمال.
فجزاك الله خيرا، وإنما أوردت هذا من باب توثيق المعلومة
أبو عبد الباري
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:12 ص]ـ
لو قائل قال: لا وجود لإجماع حقيقي إلا عدم العلم بالمخالف وما سوى ذلك فهو خيال.
وخلاف الواحد والاثنين غير معتبر أحيانا إذا علم أصلهما وبان ضعفه، وعلى هذا لا إشكال في حكاية الإجماع
مع العلم بخلاف الواحد أو الاثنين كما يفعل ابن عبد البر كثيرا وابن جرير وغيرهم.
مارأيكم دام فضلكم ...... ؟
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 02:27 ص]ـ
لو قائل قال: لا وجود لإجماع حقيقي إلا عدم العلم بالمخالف وما سوى ذلك فهو خيال.
أسأل أولا - رعاك الله - ما معنى: خيال؟
ثم من قال من أهل العلم ذلك؟
ثم إن أهل العلم يفرقون بين الإجماع وبين عدم العلم بالمخالف ... إلاّ أن بعضهم أنزل عدم العلم بالمخالف منزلة الإجماع فجعله حجة ... فرد عليه الأئمة قوله ... وذكروا أن الحجة في الإجماع المعروف فقط ... فادعوا وجوده وإمكان وقوعه، واطلعوا عليه، وصححوا نقله ... و احتجوا به في غير ما مسألة ..
وخلاف الواحد والاثنين غير معتبر أحيانا إذا علم أصلهما وبان ضعفه، وعلى هذا لا إشكال في حكاية الإجماع
مع العلم بخلاف الواحد أو الاثنين كما يفعل ابن عبد البر كثيرا وابن جرير وغيرهم.
جمهور أهل العلم على أن خلاف الواحد أو الاثنين معتبر ... هذا الموافق لمعنى الإجماع لغة .. فلا إجماع مع مخالفة مجتهد ... لعله يكون في مرتبة مالك أو الشافعي ...
وبعد فمن رأيتَه - وفقك الله - يقول: وخلاف الواحد والاثنين غير معتبر أحيانا إذا علم أصلهما وبان ضعفه، وعلى هذا لا إشكال في حكاية الإجماع ....
مارأيكم دام فضلكم ...... ؟
أدام الله فضلك، وحفظك من كل سوء، وعفوا على تأخر الجواب، فقد أحببتُ أن يقوم بهذا غيري ممن هم أدرى بهذا وأعلم.(106/290)
سؤال في الأصول: هل الزيادة في النص نسخ!
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 11 - 05, 10:28 م]ـ
سألني أحد الأخوة الشرقآسيويون عن الزيادة في النص هل تعتبر نسخا و لعدم دراستي لم أفهم و لكن فهمت ان قصده عن قول الحنفية خلافا للجمهور ان الآحاد لا تنسخ القرآن أرجو التوضيح
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 - 11 - 05, 03:35 ص]ـ
هذه مسالة خلافية بين الأصوليين، ولا أبغي ضياع الفائدة المرجوة ببحثك في كتب الأصول
ولكن لمحة سريعة .. الحنفية يعتبرون أن الزيادة على النص بعد تحققه والعمل به يعد نسخا له، و المسألة لا تعلق لها وثيق بأمر الآحاد و نسخه للقرآن لدى الحنفية، فهو أقرب لباب نسخ القوي بمثله أو بما هو فوقه، لا بمسألة الزيادة على النص، و إن كان بعض صور الآحاد مع القرآن يمكن تدارسها من باب الزيادة على النص لو كان الآحاد يضيف على ما ورد في القرآن ..
وننصح بمراجعة كتب الأصول ففي ذلك الخير الكثير
ـ[محمد أبو عبد الله]ــــــــ[08 - 11 - 05, 06:55 م]ـ
أخي أبا الحسن إليك الرد وأرجو من الله أن يكون واضحًا كافيًا فأقول وبالله التوفيق:
ما حكم الزيادة على النص؟
الزيادة على النص نوعان:
الأول: المستقل وهو قسمان:
1/ أن يكون من غير جنس الأول: مثل: زيادة الزكاة على الصلاة، فهذا
ليس نسخًا إجماعا.
2/ أن يكون من جنس الأول، فليس هذا نسخًا عند الجماهير، وهو نسخ
عند بعض الحنفية، وقد افترضوا له مسألة زيادة صلاة مع الصلوات الخمسة.
الثاني: ما لا يستقل بنفسه، مثل:
أ ـ زيادة التغريب الثابت بالسنة في حد البكر الزاني على ما في الكتاب.
ب ـ اشتراط النية الثابت في السنة في حديث الأعمال بالنيات على صفة الوضوء المفصلة في القرآن.
ج ـ الأخذ باليمين مع الشاهد الثابت في السنة زيادة على ما في الكتاب.
د ـ حل ميتة البحر للخبر الصحيح في ذلك وهو زيادة على ما في الكتاب الذي حرم الميتة.
هـ ـ تعيين قراءة الفاتحة مع إطلاق القرآن للقراءة بما تيسر من القرآن في الصلاة.
ونحو ذلك من الأمثلة الكثيرة الواردة في كتب الفقه، وهذا النوع اختلف فيه أهل العلم على أقوال أشهرها اثنان:
الأول: أنها لا تكون نسخًا مطلقًا سواءً اتصلت بالمزيد أما لا، و به قالت
المالكية والشافعية والحنبلية وهو قول الجمهور، وهو الراجح
و الله أعلم.
الثاني: أنها نسخ وهو قول الحنفية، حيث قالوا:
(إن الزيادة على النص بعد استقرار حكمه نسخ)
وهذا الخلاف له فائدة فقهية عملية تنبني عليه، فإن الحنفية لما كانت عندهم الزيادة نسخًا لم يقبلوها إلا بشروط النسخ عندهم بخلاف الجمهور الذي يراها بيانًا لا نسخًا إذ لا معارضة بين النصين.
وتطبيقًا لهذا التقرير على ما مر من أمثلة تجد ثمرة الخلاف:
أ / الحنفية لا يرون فرضية التغريب في حد البكر خلافًا للجمهور لأنه نسخ والآحاد لا ينسخ المتواتر.
ب ـ الحنفية لا يشترطون النية في الوضوء خلافًا للجمهور لأنه نسخ والآحاد لا ينسخ المتواتر.
ج ـ الحنفية لا يأخذون في البينات بالشاهد مع اليمين خلافًا للجمهور لأنه نسخ والآحاد لا ينسخ المتواتر.
هـ ـ قراءة الفاتحة عند الحنفية ليست من فروض الصلاة خلافًا للجمهور لأنه نسخ والآحاد لا ينسخ المتواتر.
وحاصل هذه المسألة:
هل الزيادة رفع للحكم الشرعي؟
فإن كانت الإجابة نعم، فهي ـ لا ريب ـ نسخ، وإن كانت لا فليست نسخًا.
وهي عند الحنفية نسخ لأنها رافعة لإجزاء الحكم الشرعي:
فتعيين الفاتحة مثلاً رافع لإجزاء الصلاة بما تيسر من القرآن الثابت بالسنة.
واشتراط الطهارة للوضوء رافع لإجزاء الوضوء المفصل في الكتاب بغسل الأعضاء الثلاثة ومسح عضو.
وكل هذا زيادة على النص وهو متواتر وهذه الزيادة نسخ فلا ينسخ المتواتر إلا بشرطه والآحاد لا ينسخ المتواتر.
وهي عند الجمهور بيان لا نسخ:
• لأنها لا تنافي المزيد.
• و لا ترفع الحكم الشرعي.
فهي مبينة لمجمل الكتاب أو مقيدة لمجمله، أو مخصصة لعامه.
ورأي الجمهور هو الراجح لأن ما ذكروه فرق واضح بين النسخ والبيان، والله أعلم.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[08 - 11 - 05, 10:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا أنا فهمت سبحان الله!!!
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[08 - 11 - 05, 10:45 م]ـ
بقيت هنا مسألة نسخ الآحاد للقرآن لا أفهمها
ـ[محمد أبو عبد الله]ــــــــ[12 - 11 - 05, 02:30 م]ـ
المقصود بالآحاد: النص من حيث السند ينقسم إلى قسمين: آحاد، و متواتر.
الآحاد:مارواه الراوي، و الاثنان، والثلاثة ما لم يبلغ حد التواتر، وهو أغلب السنة.
و المتواتر: ما رواه جمع كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
و من شروط النسخ عند الجمهور: أن يكون الناسخ أقوى من المنسوخ أو مساوٍ له.
و القرآن قد ثبت بالتواتر فلا ينسخه إلا ماهو مثله (أي: متواتر، سواءً:كان قرآنًا أو سنة) وهذا عند الجمهور وإلا ففي المسألة خلاف، لكن لايصح مثال صحيح في نسخ القرآن بآحاد السنة وكل ما أورد فهو من قسم التخصيص أو التقييد على الصحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/291)
ـ[أبو سليمان الدرعمى]ــــــــ[12 - 11 - 05, 05:55 م]ـ
جزاك الله خيرا محمد
هذه القسمه التى واردتها عند الجمهور ولكن عند الأحناف القسمه ثلاثيه فهناك الآحاد والمشهور والمتواتر ويصح عندهم النسخ بالمشهور والمتواتر أما غير الأحناف فإذا ثبت عنده حديث الآحاد جاز النسخ والتخصيص به حتى أن لم يخصص من القبل الدليل المراد تخصيصه والله أعلم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[13 - 11 - 05, 03:24 ص]ـ
أخي الكريم الدرعمي .. أدخل عليكم ما أذخل على كثير من الطلبة
حيث تخطلت عندهم مسالة تخصيص العام من القرآن بالآحاد و التي لا يجيزها الحنفية، بمسألة نسخ القرآن بحديث الآحاد، فينسبون عدم جواز نسخ القرآن بحديث الآحاد إلى الحنفيو و أن الجمهور على خلاف ذلك
نقول: الجمهور على عدم جواز نسخ القرآن بحديث الآحاد
قال الجويني في الورقات:
((و يجوز نسخ الكتاب بالكتاب، ونسخ السنة بالكتاب، ونسخ السنة بالسنة، ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر، ونسخ الآحاد بالآحاد و المتواتر، ولا يجوز نسخ الآحاد بالمتواتر))
وعليه ـ أي على قوله ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد ـ لا يجوز نسخ القرآن بالآحاد من السنة.
والله تعالى أعلم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 11 - 05, 04:52 ص]ـ
للفائدة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=48137#post48137
ـ[محمد أبو عبد الله]ــــــــ[24 - 11 - 05, 10:31 ص]ـ
أخي الحبيب: هذا عين الفرق بين مذهب الأحناف وبين مذهب الجمهور في هذه المسألة هل الزيادة على النص نسخ أم بيان فالحنفية يرونها نسخًا والجمهور بيانًا.
أما ماتفضلتم به من أن الجمهور يشترطون كون الناسخ أقوى من المنسوخ أو مساويًا له فهذه مسألة أخرى والذي يشترط هذا الشرط يخالف الحنفية في المسألة السابقة فتأمل لا يختلط عليك الأمر، فمن شروط النسخ عندهم أن يكون الحكمين متناقضين في المعنى، وإلا لم يكن نسخًا لإمكان الجمع، فالجمهور لايرون الزيادة تناقض المزيد فاعتبرها بيانًا، والحنفية رأها تناقضه في الحكم فرأها نسخًا.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[24 - 11 - 05, 02:43 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[24 - 11 - 05, 05:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا، والمسئلة مبثوثة فى بطون كتب الأصول، وقد أفرد لها الشوكانى نحوا من الثلاث أو الأربع صفحات في (إرشاد الفحول)، فأجاد فى التقسيم، وإيراد كل قول لقائله فلينظر.(106/292)
لما أتى ابن نجيم في الأشباه إلى تعريف العادة نقل عن السراج الهندي فمن المقصود منه؟
ـ[العيدان]ــــــــ[19 - 11 - 05, 10:02 م]ـ
بسم الله
أحبتي الأكارم
عندي استفسار:
لما أتى ابن نجيم - رحمه الله - في الأشباه إلى تعريف العادة، نقل عن السراج الهندي، فمن المقصود منه؟
هل هو عبدالغفار بن محمد بم عبدالواحد
أو عمر بن إسحاق بن أحمد
أو عمر بين علي بن أحمد
أوة عمر بن علي فارس
أو محمد بن أحمد بن محمد
أو محمد بن محمد بن عبدالرشيد
أو يوسف بن أبي بكر بن محمد
على أن محقق ترتيب اللآلئ الشيخ خالد السليمان ذكر بجوار (السراج الهندي) تاريخ الوفاة (773هـ)
فيا ترى من المقصود أتمنى الإفادة
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[19 - 11 - 05, 11:03 م]ـ
ذكر الشيخ محمد يوسف التاؤلوي في تعليقه على غمز عيون البصائر - شرح الحموي على الأشباه والنظائر- 1/ 329 عند قوله "وذكر السراج الهندي في شرح المغني": المغني كتاب جليل في أصول الفقه للشيخ جلال الدين بن عمر بن محمد الحجازي الحنفي المتوفى 671 هـ
وله شروح كثيرة متعددة منها شرح الشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن إسحاق بن أحمد الشبلي المنذري الغزنوي في مجلدين وتوفى 773 هـ
فلذا قال المصنف "وذكر الهندي في شرح المغني". إنتهى كلام الشيخ محمد يوسف
ـ[أبو أسلم العدوي]ــــــــ[20 - 11 - 05, 09:59 ص]ـ
أخي الحبيب: كتاب المغني في أصول الفقه إنما هو للإمام جلال الدين الخبازي، وهو جلال الدين أبو محمد عمر بن محمد بن عمر الخبازي الحنفي، له المغني في أصول الفقه، مطبوع في مجلد، يتحقيق محمد مظهر بقا، من مطبوعات جامعة أم القرى، وله شرح عليه في مجلدين للمحقق نفسه.
أما السراج الهندي وهو أحد شراح المغني للخبازي: فهو سراج الدين أبو حفص عمر بن إسحاق الشبلي الهندي الغزنوي المتوفى سنة: (773هـ)، أخذ الفقه عن الإمام الزاهد وجيه الدين الدهلوي، وعن شمس الدين الخطيب الدولي، وعن سراج الدين الثقفي ملك العلماء بدهلي، وعن ركن الدين البداؤني، وله من التصانيف: شرح بديع الأصول، وشرح المغني. انظر ترجمته في: حاجي خليفة: كشف الظنون: 2/ 1749، الفوائد البهية: 148، إسماعيل باشا البغدادي: هدية العارفين: 5/ 790، الزركلي: الأعلام: 5/ 199، كحالة: معجم المؤلفين: 7/ 376، المراغي: الفتح المبين في طبقات الأصوليين: 2/ 188، طاش كبرى زاده: مفتاح السعادة: 2/ 189. والله يرعاك.
ـ[العيدان]ــــــــ[20 - 11 - 05, 01:18 م]ـ
شكر الله لكم. . .
وله ترجمة في الجواهر المضية
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[20 - 11 - 05, 04:09 م]ـ
شرح السراج الهندي على المغني مطبوع ولكن لا أدري أين طبع
لعل أحد الأخوة يفيدنا(106/293)
أرجو منكم أن تبينوا لي ضوابط هذا الحديث ((لا ضرر ولا ضرار))
ـ[أبوعبدالله المهاجر]ــــــــ[28 - 11 - 05, 09:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، ثم أما بعد:
أرجو منكم أن تبينوا لي ضوابط هذا الحديث ((لا ضرر ولا ضرار)) حيث إنه حُرّم شرب الدخان لضرره ومع ذلك لم تحرم -مثلاً- المشروبات الغازية رغم مافيها من الضرر فأرجو منكم إفادتي في هذا الأمر.
والله ولي التوفيق
ـ[أمغار عبد الواحد]ــــــــ[12 - 03 - 10, 09:49 م]ـ
من يتفضل بالإجابة عن هذا السؤال جزاه الله خيرا
ـ[مثنى النعيمي]ــــــــ[26 - 03 - 10, 09:52 م]ـ
هل من مجيب؟؟؟(106/294)
ماذا عن كتب "البورنو" .. موسوعة القواعد الفقهية ...
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[30 - 11 - 05, 08:07 م]ـ
ماذا عن كتب "البورنو" .. موسوعة القواعد الفقهية ...
دعوة للمناقشة.
ـ[حسام رياض]ــــــــ[01 - 12 - 05, 12:30 م]ـ
ما المقصود بربط كلمة " بورنو " بالموسوعة المذكورة؟ أرجو التوضيح .. وجزاك الله خيرا
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[01 - 12 - 05, 05:06 م]ـ
الدكتور محمد صدقي البورنو ....
له كتاب اسمه موسوعة القواعد الفقهية, و كتاب اخر اسمه الوجيز في ايضاح قواعد الفقه الكلية ... ط. الرسالة.
من يعرف شيئا عن كتبه فليخبرنا.
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[02 - 12 - 05, 04:47 م]ـ
هل من مجيب؟؟؟؟
ـ[د. أبوالبراء الانصارى]ــــــــ[02 - 12 - 05, 10:59 م]ـ
السلام عليكم أخى فى الله أبو عبد الغفور؛ كتب الدكتور البورنو من الكتب المعتمدة عند أهل العلم و كتاب الوجيز هو مختصر لموسوعة القواعد الفقهية ويدرسه بعض أهل العلم فى مصر من الاصوليين وهو من الكتب الممتعة ولكن يحتاج لدراسة أصول الفقه أولا او على الاقل جزء كبير من الالمام باصول الفقه. والكتاب يعرض القواعد على هيئة قاعدة فقهية كلية و يتفرع منها قواعد فرعية ويحتاج الى تركيز عالى جدا فى قرائته.
والله تعالى اعلم.
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[05 - 12 - 05, 01:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي "أبو البراء".
ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[10 - 12 - 05, 03:15 ص]ـ
كتاب الوجيز للبورنو سابق لتأليفه كتاب الموسوعه ثم أدخل كتاب الوجيز في كتاب الموسوعة وجعله كمقدمة له ويتضح ذلك بمقارنة كتاب الوجيز بمقدمة الموسوعة.
وقد سألت الشيخ عبدالله بن غديان حفظه الله عنها فقال: " ما جاب كلام من عنده كله كلام العلماء " ذكر ذلك في سياق المدح لها والحث لطالب العلم بالإنتفاع منها.
وقد سألت شيخنا الشيخ عبدالله بن عقيل حفظه الله فقال: " ما يستفيد منها في الغالب طالب علم لكن يستفيد منها باحثين أو متخصصين ونحو ذلك ".
وقد سألت الشيخ مسلم الدوسري وفقه الله فقال: " جيدة جداً لطالب العلم ويستفيد منها ولو لم يكن متخصصاً وباحثاً " والله أعلم.
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[10 - 12 - 05, 02:10 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[أبو عيسى الحنبلى]ــــــــ[15 - 12 - 05, 09:45 م]ـ
الدكتور ابو البراء الأنصارى يقول إن كتاب الدكتور البورنو يدرس بمصر فأين يدرس وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 10:12 م]ـ
ممن يدرسه: الشيخ الفاضل أحمد بن أحمد العيسوي، وذلك في قريته ((برج النور)) بمحافظة الدقهلية.(106/295)
ماهو أفضل كتاب شرح للفقه الشافعي متحريا فيه الشارح الدليل .....
ـ[عبدالمنعم]ــــــــ[10 - 12 - 05, 10:40 م]ـ
أريد كتاب فقه يعتمد على أصول المذهب الشافعي يصلح للتدريس لكن
يكون له شرح يتحرى فيه الشارح الدليل بدون تعصب مذهبي؟
او يكون الكتاب مبني على اصول المذهب الشافعي لكن مؤلفه يقدم ما يترجح له من الادلة وان خالفة المذهب
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[11 - 12 - 05, 04:55 ص]ـ
كتاب الإمام النووي المجموع
ولكن لا يصلح للتدريس لانه كبير
الافضل لشخص ان يدرس او يدرسَ كتب المذهب ككفاية الاخيار
او شروح المنهاج ... مع كتاب مصطفي البغا (ادلته .... )
او ياخذ المنهاجَ مع كتب التي اعتنت بتخريجه احاديث
كتب العلماء الماضيين فيه خير وبركة وخاصة كتب شيخ الاسلام الامام النووي
وكذلك المتون مثل متن أبي شجاع كتاب فيه خير كثير وبركة
وسببه نية المؤلف الي الان يدرس ويحفظ ومدته منذ الاف السنين
ولو كتب المعاصرون اي كتاب فلن يبلغوا كتب هؤلاء ...
كم كتاب كتب ولا نري الا كتبهم تدرس وتحفظ
واذا اراد شخص دراسة مذهب فعليه بكتبهم
واذا اراد احد ان يدرس اي متن في اي مذهب فليعتني بمتون كتبهم
ـ[مسدد2]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:47 ص]ـ
مع العناية بكتاب الحافظ ابن حجر (التلخيص الحبير)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[11 - 12 - 05, 10:00 ص]ـ
للقدامى ثم المتأخرين يحضرني
شرح السنة للبغوي
شرح الطيبي للمشكاه
شرح مسلم للنووي
فتح العلام لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري
ولو طبع كتاب فتح الإله شرح المشكاه لابن حجر الهيتمي لكان فيه خير عظيم ونفع جم
وللمعاصرين
الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي وهو أنسب ما كتب مناسبا لعصرنا هذا فكل مسألة ميسرة وبدليلها
والتذهيب في أدلة الغاية والتقريب للبغا
ومتن أبي شجاع بتحقيق ماجد الحموي ذكر أشهر الأدلة في الهامش
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 11:22 ص]ـ
أغلب كتب الشافعية "الشروح" مليئة بالأدلة والإنتصار للمذهب وليس يفهم من ذلك أنهم متعصبون للشافعى بل كل ما فى الأمر أنهم نصروا حقا إعتقدوه كما قال أئمتهم الإسفرايينى والشاشى على ما أظن" نحن لا نقلد الشافعى ولكن نظرنا فى أصوله وأصول غيره فترجحت لنا أصوله فبنينا عليها "
هذا عند المتقدمين منهم وبعض المتأخرين كالأذرعى أما أغلب المتأخرين فلا ينكر فيهم التعصب
ومن كتب الشافعية التى حشدت الكثير من الأدلة كتاب التعليقة لابى حامد الإسفرايينى والبيان للعمرانى وأدلة المنهاج لابن الملقن
ـ[فوزان مطلق النجدي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 10:59 م]ـ
جزى الله الاخوة على مشاركاتهم
واضيف الى ما سبق تحفة الطلاب لشيخ الاسلام زكريا الانصاري يعتني بالدليل وكذلك شرح المحلي على المنهاج وطبع مفردا بدار الكتب العلمية يذكر دليل القولين والوجهين وطرح التثريب للعراقي وابنه
والامام النووي يختار الدليل في كثير من المسائل
مع التنبيه على ان التعليقة لأبي حامد والبيان للعمراني وكفاية الأخيار بها احكام غير معتمدة في المذهب الشافعي
ـ[سليمان المصرى]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:58 م]ـ
اسهل وافضل واكثر الكتب اعتمادا فى امذهب الشافعى هو كتاب مغنى المحتاج لحل الفاظ المنهاج وهو متوسط الحجم يمكن تدريه ولكنه طويل ولابد لكى تدخل لتدريس المذهب من شرح مختصر وافضلها كتاب كفاية الاخيار والنهايه ثم تدخل الى هذا الكتاب الماتع وهذا بعد بحث طويل فانى شافعى المذهب
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[24 - 01 - 07, 01:45 ص]ـ
اسهل وافضل واكثر الكتب اعتمادا فى امذهب الشافعى هو كتاب مغنى المحتاج
لكن المعتمد هو التحفة لابن حجر، وعند المصريين نهاية المحتاج، ولم يلجأ المتأخرون للمغني إلا لسهولة العبارة.
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[25 - 01 - 07, 04:10 م]ـ
أرشح أحد كتابين إما:
1 - الإقناع للشربيني.
2 - كفاية الأخيار.
وجربهما
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[29 - 01 - 07, 06:14 م]ـ
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
اخي في الله عز و جل
اليك هذا الشرح لمتن ابي شجاع في الفقه الشافعي http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=86399
و يشرحه فضيله الشيخ ابو بكر الحنبلي
و انه لن يتعصب للمذهب الشافعي إبتسامه
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[30 - 01 - 07, 01:40 ص]ـ
وهناك شرح للشيخ سعد مصطفى هكذا ذكروا فى هذا المنتدى
ـ[محمد شادي القطفي]ــــــــ[06 - 02 - 07, 06:38 م]ـ
أفضل الكتب التي اعتنت بالدليل والتعليل من غير إفاضة وإطالة يمكن لطالب دراسته وتدريسه هو كتاب كفاية الأخيار للإمام أبي بكر الحصني المتوفى سنة (829هـ) وقد ألفه مصنفه كما ذكر في مقدمته لفئتين هما السواد الأعظم من الأمة السالك المشغول بما هو بصدده, وذو العيال الذي قد غلبه الكد فهذا كتاب في مجلد واحد يمكن أن يكون ضالتك المنشودة غير أن الفقيه الشافعي لا يجهل ضرورة تتبع أقوال ابن حجر والرملي فإن جمع أقوالهما في كل مسألة من مسائل كفاية الأخيار .. فأظن أنه قد جمع خيرا كثيرا ووقف على أهم مسائل الفقه الشافعي محررة مضبوطة
وقد حقق الكتاب أخيرا تحقيقا علميا دقيقا مقابلا على ثمان نسخ خطية إحداها خطتها يمين مؤلفها أبي بكر الحصني رحمه الله تعالى
وذكر معتمد ابن حجر والرملي والشربيني وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في كثير من مسائله إضافة إلى تعليقات وحواش وفوائد وتنبيهات غاية في النفاسة والكتاب في طريقه للطباعة كما أعلم
والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/296)
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 02:06 ص]ـ
أفضل الكتب التي اعتنت بالدليل والتعليل من غير إفاضة وإطالة يمكن لطالب دراسته وتدريسه هو كتاب كفاية الأخيار للإمام أبي بكر الحصني المتوفى سنة (829هـ) وقد ألفه مصنفه كما ذكر في مقدمته لفئتين هما السواد الأعظم من الأمة السالك المشغول بما هو بصدده, وذو العيال الذي قد غلبه الكد فهذا كتاب في مجلد واحد يمكن أن يكون ضالتك المنشودة غير أن الفقيه الشافعي لا يجهل ضرورة تتبع أقوال ابن حجر والرملي فإن جمع أقوالهما في كل مسألة من مسائل كفاية الأخيار .. فأظن أنه قد جمع خيرا كثيرا ووقف على أهم مسائل الفقه الشافعي محررة مضبوطة
وقد حقق الكتاب أخيرا تحقيقا علميا دقيقا مقابلا على ثمان نسخ خطية إحداها خطتها يمين مؤلفها أبي بكر الحصني رحمه الله تعالى
وذكر معتمد ابن حجر والرملي والشربيني وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في كثير من مسائله إضافة إلى تعليقات وحواش وفوائد وتنبيهات غاية في النفاسة والكتاب في طريقه للطباعة كما أعلم
والله الموفق
أي الدور ستطبع تلك الطبعة المذكورة؟
ـ[أبو الحارث الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 04:27 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...
فلو اجتهد السائل -حفظه الله - فى قراءة كتاب الفقه المنهجي لكان خيرا؛ لان هذا الكتاب يعنى بذكر معتمد المذهب فى كل مسائله، ويعنى كذلك بذكر الدليل أو التعليل، ولو اجتهد السائل -حفظه الله- بعد ذلك فى تحصيل المتون المجمله للمذهب لكان خيرا، ومن أهمها " نهاية التدريب نظم غاية التقريب" للعمريطي -رحمه الله-، حيث أنه نظم المعتمد في المسائل الضعيفه التي أوردها أبو شجاع -يرحمه الله-، وهذا النظم له شروح كثيرة، من أيسرها شرح الفشني -رحمه الله-، ومن المتون المهمة " زبد بن رسلان" وشرحها للشهاب الرملي (وقد نسب خطأ للشمس الرملي)، وشرحها كذلك للشيخ الاهدل -رحمه الله- المسمى بإفادة السادة العمد، فإن بدا للسائل -حفظه الله - أن يتوسع قليلا فليقرأ منهاج الطالبين للامام النووي -رحمه الله-، وليبدأ بنسخة الدكتور أحمد الحداد -حفظه الله-، فقد ذكر فيها الدليل والتعليل بأسلوب جميل، وهذا الكتاب يقع في ثلاث مجلدات، وهو طبع دار البشائر، ثم ثنى يا رحمك الله بكتاب عجالة المحتاج لابن الملقن -رحمه الله -،وهو كتاب نفيس ذو بحث أنيس اختصره بن الملقن من شرحه الكبير على المنهاج، ولابد من التنويه في هذا المقام على الشرح الممزوج للجلال المحلي -رحمه الله - على المنهاج فإنه فريد سديد، ثم لو ختم بالمغني للخطيب الشربيني و التحفة للشهاب الهيتمي و النهاية للشمس الرملي لحصل علما وافرا بمذهب الامام الشافعي -رحمه الله -، هذا والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 04:36 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...
فلو اجتهد السائل -حفظه الله - فى قراءة كتاب الفقه المنهجي لكان خيرا؛ لان هذا الكتاب يعنى بذكر معتمد المذهب فى كل مسائله،.
هو كتاب مفيد، ولكنه يخالف المعتمد في بعض المسائل.
ـ[أبو الحارث الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 05:49 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...
فلو ذكر لي أخونا الحبيب أبو زكريا طرفا من هذه المسائل لكان خيرا.
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 08:17 م]ـ
للأسف الشديد لا أعرف تحديدا المسائل، و إن كان تقريبا. حدث منذ فترة بعد درس لشرح حاشية الباجوري أن سأل أحد الأخوة الشيخ عن مسئلة، كان قد خالف فيها المؤلف المعتمد مما أخذ في الردس أو أحد الدروس السابقة (للأسف لا أذكر الأن الموضع، لكنه كان في المعاملات، لعله في باب الشفعة قبلها أو بعدها، لكن ليس يكثير. و إن كان بإمكاني المجيئ به بإذن الله قريبا)
سأل الشيخ، من أين جئت بهذا القول، فذكر له الفقه المنهجي. فنصحه الشيخ بكل أدب بالكتابة للمؤلفين و ذكر لهم ما وجد من مخالفتهم لما وجده معتما عن الشافعية.
و حدث موقف مثله (كان ذلك في باب الرهن) سأل أحد الأخوة عن مسئلة يستوضحها من الشيخ فكانت كذلك خلافا للمعتمد، و إن كان القول صحيح لكنه ليس المعتمد عند الشافعية.
نصحه الشيخ أمامي بالرجوع إلى كتب التراث و أن الكتاب فيه نظر (أو شئ من هذا القبيل)
أنا لا أقلل من الكتاب، ولم أقرأه كله أو أقارن ما فيه بما ذكره أهل المذهب، و لكنه قد يخالف المعتمد.
من الكتب المفيدة المعاصرة كتاب دراسات فقهية على مذهب الإمام الشافعي للشيخ عبد الله الشقفة.
يذكر الكثير من الفروع كالكتب المتأخرة لكنه يكثر من ذكر الأدلة مقارنة بها
و و جدت النجم الوهاج للدميري من الكتب التي يكثر فيها المؤلف ذلك العلامة من ذكر الأدلة إن وجد من القرآن، فمن السنة ...
يعلم الله أن هذا ليس تجرئا مني على المؤلفين حفظهم الله، ما أنا إلا تلميذ أو في مقام تلميذ لتلامذة تلامذتهم. بلا تواضع، و لكنه نقل لما رأيت من من هو من المتمكنين في المذهب، و هم قلة
ولا يخفي لا من له علم بمذهب الشافعية نصيحتكم الغالية و تدرجكم في دراسة المذهب، (لكنكم لم تذكروا المرحلة المتوسطة، لعلها تكون بحاشية الباجوري على شرح ابن قاسم الغزي و بعدها حاشية البيجرمي عاى الإقناع للخطيب الشربيني) و هو يدل على علم كثير أنا أحرى من أن أستفيد منه. فلكم التعديل على أي ما قلت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/297)
ـ[شمام الورداني]ــــــــ[07 - 02 - 07, 11:17 م]ـ
نعم فيما بين أيدي الناس من الكتب الصغيرة كتاب كفاية الاخيار ولكنه لايعنى بما عليه الفتوى وله محتصر جميل اسمه الفقه الميسر للشيخ أحمد عيسى عاشور وأظنه من مصر.
ومن المطولات المطبوع:
الشرح الكبير والحاوي وما أدراك ما الحاوي؟
والام هو الأم هو الدليل الخاص والخلاف العالي علا به الشافعي علي من يحاول ان يقف بجانبه.
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 11:27 م]ـ
الشرح الكبير والحاوي وما أدراك ما الحاوي؟
والام هو الأم هو الدليل الخاص والخلاف العالي علا به الشافعي علي من يحاول ان يقف بجانبه.
كم نحن في شوق كبير إلى نهاية المطلب للجويني يسره الله طبعه
ـ[حسان المكي]ــــــــ[08 - 02 - 07, 01:52 ص]ـ
نهاية المطلب يطبع الآن في بيروت لدى دار المنهاج - جدة
ولله الحمد
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[08 - 02 - 07, 11:01 ص]ـ
بشرك الله بالخير
ليتك أخي العزيز حسان تخبرنا به إذا نزل مشكورا
ـ[أبو الحارث الشافعي]ــــــــ[08 - 02 - 07, 08:15 م]ـ
ما شاء الله، زادك الله أدبا يا أبا زكريا.
ـ[شمام الورداني]ــــــــ[08 - 02 - 07, 11:37 م]ـ
نحن في شوق لنهاية المطلب وان كانت أسعار دار المنهاج غالية جدا.
ـ[باسم الشافعي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 02:49 ص]ـ
فقط اخي الكريم " ابوزكريا الشافعي "
.... كتاب دراسات فقهية على مذهب الإمام الشافعي هو للشيخ خالد عبد الله الشقفه ....
وليس عبد الله الشفقه ... (إبتسامه)
وهو في العبادات فقط ....
وانا شخصياً ارشحه .... والكتاب من إصدار دار السلام بمصر
سعره حوالي 24 جنيه مصري
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 11:44 ص]ـ
(ابتسامة)
هو سهو.:)
نعم هو للعبادات. و له مخطوطة للمعاملات لم تطبع بعد. لو يعرف عنها أحدكم شئ فليقل
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 11:47 ص]ـ
من الكتب المفيدة المعاصرة كتاب دراسات فقهية على مذهب الإمام الشافعي للشيخ عبد الله الشقفة.
لعلك السهو كان من جانبك:)
ـ[باسم الشافعي]ــــــــ[12 - 02 - 07, 04:03 ص]ـ
كتاب دراسات فقهية على مذهب الإمام الشافعي ... للشيخ خالد عبد الله الشقفه
موجود هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=536878#post536878
ـ[حرملة بن عبد الله]ــــــــ[07 - 03 - 07, 05:17 ص]ـ
يظهر لي أن أغلبكم شافعية يا من علقتم (ابتسامة)
بارك الله فيكم
ـ[ابو حذيفة الأثري]ــــــــ[18 - 12 - 10, 01:45 ص]ـ
للفائدة ....(106/298)
القواعد والأصول الجامعة أم قواعد الأصول ومعاقد الفصول؟
ـ[مصطفي حسان]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام
أحسن الله إليكم
أريد استشارتكم باختصاص طلبي للعلم
أنا بفضل الله كنت قد انتهيت من شرح الشيخ العثيمين رحمه الله علي نظم الورقات في أصول الفقه
وأريد الانتقال إلي الكتاب الذي يليه
قرأت منهجين في ذلك
المنهج الأول يقول أكمل بالقواعد والأصول الجامعة للشيخ السعدي وشرح الشيخ العثيمين رحمهما الله تعالي
المنهج الثاني يقول أكمل بقواعد الأصول ومعاقد الفصول لعبد المؤمن البغدادي
بفضل الله الكتابان موجودان عندي وعندي شرح قواعد الأصول للشيخ عبد الله الفوزان (أريد ترجمة للشيخ عبد الله الفوزان إذا تكرمتم)
مع العلم أني أدرس الفقه الحنبلي
وفي نفس الوقت أريد أن يكون الكتاب مناسبا لمستواي العلمي من ناحية أصول الفقه
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[12 - 12 - 05, 01:35 ص]ـ
معاقد الفصول أنفع يا أخي الكريم وأكثر تخخصصا في علم الأصول.
ـ[مصطفي حسان]ــــــــ[12 - 12 - 05, 06:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي
ولكني كنت أميل للقواعد والأصول الجامعة لسببين
الأول: أن مستواها العلمي مناسب أكثر بالنسبة لي
الثاني: أنها قليلة وتنتهي بسرعة فهي في مجلد حوالي 300 صفحة
ما شرح قواعد الاصول ففي حوالي 700 صفحة
أرجو الإفادة
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[بدر النفيعي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:30 ص]ـ
وعليكم السلام عليك اخي بقواعد الا صول ومعاقد الفصول لانه الاولى بعد الورقات واما علم قواعد الفقه انصحك بحفض واستشراح منظومة القواعد الفقهيه لا بن سعدي ثم بعد ذالك القواعد والا صول الجامعه واعلم ان علم الا صول والقواعد تحتاج الى تركيز وتدرج ودراسه منضبطه لا مختلطه والله ولي التوفيق ..... دمتم بخير
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:31 ص]ـ
قواعد الأصول ومعاقد الفصول
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[08 - 01 - 06, 03:56 م]ـ
كتاب القواعد والاصول للسعدى كتاب قواعد فقهيه وقواعد الاصول ومعاقد الاصول كتاب فى اصول الفقه لذا لزم التفريق بينهما
ـ[أبو حذيفة الدرعمي]ــــــــ[12 - 02 - 06, 12:10 م]ـ
أخي الحبيب مصطفى سعد أريد أن أعرف هل أنت الذي تدرس في الأكادمية الحديثة أم لا؟ وجزاك الله خيرا
ـ[مصطفي حسان]ــــــــ[14 - 02 - 06, 06:41 ص]ـ
لا
إنما اسمي هناك مصطفي يوسف
ولكني غير متباع الحقيقة
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:24 م]ـ
أخي الحبيب مصطفى سعد أريد أن أعرف هل أنت الذي تدرس في الأكادمية الحديثة أم لا؟ وجزاك الله خيرا
لا اخى حذيفه(106/299)
الاجتهاد ...
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:05 ص]ـ
روينا بالأسانيد المتصلة إلى سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" (1). يعد هذا الحديث الشريف من علامات النبوة، ومن الأحاديث الكريمة التي أثبتت اتصال العلم الشريف وحفظه وبقاءه، علاوة على قول الله تعالى عن الوحي الكريم: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. [الحجر: 9]. والقرآن – كما لا يخفى – إشارة للدين ككل، وهو من باب إضافة الخاص على العام.
فقد تكفل الله تعالى بحفظ دينه إجمالا، وعصمته من طوارق الحدثان عليه، وشقشقات وهذيان أهل الدسائس والمكر والزيغ، فلا يأتي زمن تبرد فيه جذوة الشريعة الإلهية، وتتفصم فيه عرى الدين المحمدي إلا ويبعث الله تعالى من يجدد أمر الدين، ويحيي دارسه، ويبعث الروح في أطرافه، وهو مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو داود والحاكم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: "إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (2).
ومقتضى هذا التجديد والحفظ: صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، وقيوميته بحل جميع المشاكل الصغرى والكبرى في جميع المجالات، إذ هو دين الله تعالى خالق الملوين، ومدبر أمور العالم، ورب العالمين ومربيهم، إذ لا تجديد مع ركود، ولا حفظ مع عدم صلاحية.
فالإسلام إنما جاء بنظريات عامة، وشرائع مرنة، تتكيف مع كل زمان ومكان، وشعب وجنس، بحيث جعل الله تعالى شرائعه متعلقة بمفاصل النفس البشرية، ومجامع النوع الإنساني، تلك التي يمكننا تسميتها بـ: نقاط الالتقاء بين الطبائع البشرية، ولا شك أنه علميا كل نقطة التقاء تتضمن مجموع الصفات التي تعود نفسها لكل طرف من الملتقيات، ففلسفة العالم إنما تكمل وتكتسب الشمول عندما تغطي أكبر قدر من نقط الالتقاء، وكلما زادت معرفة المنظر باختلاف العالم واتفاقه؛ كلما تمكن من حشذ القواعد المتعلقة بنقط الالتقاء، وبذلك تعميم نظريته على أكبر شريحة من المجتمعات.
وحيث إن الله تعالى خالق الكون ومبدعه، علام الغيوب، العليم الحكيم؛ فإنه – سبحانه – خص شريعة نبيه الذي جعله خاتم أنبيائه، ورحمة للعالمين إلى يوم القيامة؛ بالشمولية والصلاحية لكل زمان ومكان، عن طريق معرفته تعالى بجميع نقط التقاء واختلاف الأكوان، بله الإنسان. ومن هنا احتوت الشريعة الإسلامية على معنى الديمومة والمرونة والشمولية.
ونظرا لتطور الزمان بتطور المجتمعات، وتطور حاجيات المجتمعات ومشاكلها نظرا لتطور الزمان، ونظرا لصلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان؛ اقتضى ذلك وجوب تطورها بتطور البشرية، وخلقها لحلول مختلف المشاكل التي تنتاب الإنسانية؛ وهو ما يسمى: الاجتهاد.
فالاجتهاد هو: الرجوع إلى المسلمات لابتكار حلول للحوادث. فيقتضي وجود مسلمات؛ وهي: أصول التشريع، ووجود حوادث؛ وهي: تطور الزمان، ووجود حلول؛ وهي: الأحكام الشرعية المتعلقة بالمتغيرات، ووجود مبتكر الحل عن طريق إضافة المسلمة إلى الحادثة؛ وهو: المجتهد. ومن هنا استحال انقطاع الاجتهاد - عقلا ونقلا- في أي زمان وأي مكان!.
ولذلك فإني أرى أن الاجتهاد لم ينقطع قط في تاريخ الفقه الإسلامي، وأنه في كل زمان زمان وجد مجتهدون، فقهاء متبحرون يعملون القواعد الشرعية في الحوادث الوقتية لتبيين حكم الله تعالى فيها، وأن الحملة التي أقيمت في بداية القرن العشرين – الميلادي – إنما كانت حملة استشراقية استعمارية أريد بها خلق جيل يتنكر لجميع المباديء والأسس التي بني عليها الفقه الإسلامي، والحط من نظرة التعظيم والتقديس التي كان المجتمع يراها في علمائه ورجالات الدين. هذا من ناحية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/300)
ومن ناحية أخرى فقد اتسم تطور المجتمعات الإسلامية، بل والمجتمعات العالمية ككل، من القرن الثامن الهجري إلى القرن الثالث عشر بالبطء، الأمر الذي تسبب في بطء التفكير، وعدم تجديد الوسائل العلمية القديمة، لعدم الاحتياج إلى ذلك، بحيث – ونظرا لركود المجتمعات – تباطأ الفكر الاجتهادي في الفقه الإسلامي. ونظرا لدخول الاستعمار الغربي على المجتمعات الإسلامية، وارتفاع الحواجز الحضارية بذلك بين الشرق والغرب في وقت كان الغرب في أوج منحنى الازدهار والشرق بالعكس، فقد فاض فيضان الحضارة الغربية بكل متغيراتها وتطورها وفلسفتها وقانونها إثر الثورات الصناعية والتحررية بأوروبا بعد القرن العاشر الهجري – السادس عشر الميلادي – على المجتمعات الإسلامية، الأمر الذي شكل ما يصح أن يسمى: "الصدمة الحضارية"، والتي احتاجت إلى قفزة نوعية في الفقه الإسلامي وسائل ومقدرة على الاستنباط.
فكان هذا التغير الطاريء على المجتمع الإسلامي بمقابلة البطء الفكري الذي حتمه بطء التطور سابقا، وطبقا للنظرية النسبية في التسارع؛ سببا في إبراز الفقه والفكر الإسلامي في أول وهلة بالجمود والتحجر، وإبراز الفقهاء والعلماء بصورة غير المواكب للعصر. الأمر الذي كان السبب الثاني لبزوغ دعوات الاجتهاد، وادعاء انقطاعه منذ زمن كذا وكذا، وهو في الحقيقة لم ينقطع!.
وقد صاحب هذه "الصدمة الحضارية" دخول المطابع للعالم الإسلامي، وطباعة مجموعة من الأصول التي كانت تعتبر مفقودة منذ قرون، وإحياء تراث مجموعة من المجتهدين المعتمدين على الجذور الخمسة من أصول التشريع، الأمر الذي فتح سوقا توافقت مع مقتضيات العصر لدعاة الاجتهاد على الطراز الأول، والاستنباط المباشر من الكتاب والسنة دون الاعتماد على نتائج فكر المتأخرين، ومراعاة التدرج التاريخي والفكري والحضاري، بالأخذ بالنظر خصوصية كل مجتمع مجتمع، وشعب شعب.
فتمايز دعاة الاجتهاد إلى:
رجال الشورى: وهم الفقهاء المشاورون الذين يتعرضون للأحكام الشرعية المتعلقة بالدولة خارجيا وداخليا.
مجتهدي قضاء: وهم القضاة المحترفون في استنباط الأحكام الفقهية المتعلقة بالصراعات البينية.
مجتهدي فتيا: وهم العلماء المتصدرون لإبراز الحكم الشرعي في مختلف النوازل الحادثة، والتي لم يتم التطرق إلى الحكم فيها فيما سبق.
وهذه الطبقات الثلاث من المجتهدين لم تنقطع عبر الزمان، وقد قسمها الفقهاء فيما قسموه من مراتب الاجتهاد، تدرجا بين مجتهد الفتيا إلى مجتهد المذهب؛ وهو: الذي يعتمد أصول مذهب معين في استقراء الأحكام الشرعية عبر النصوص الأصلية.
كما تمايز الفقهاء الأثريون: وهم فقهاء من مختلف المذاهب، يتبعون المذهب المعين، مع اطلاع لهم على أصول التشريع من قرآن وحديث وفتاوى السلف، وأصول وفروع؛ فيتبعون ما وردت بذكره النصوص الظاهرة بغض النظر عن موافقة مشهور المذهب أو مخالفته.
دعاة الاجتهاد المطلق: وهم الداعون إلى الأخذ المباشر من معين الكتاب والسنة وأصول الاجتهاد، وهم قلة في كل قرن، واشتدت دعوتهم وعلت في مطالع القرن الرابع عشر الهجري، وهم المقصودون – في العموم – إذا ذكر دعاة الاجتهاد.
وهؤلاء المجتهدون في العصر الحاضر ينقسمون إلى قسمين:
مجتهدين انطلقوا من أصول التشريع الإسلامي، وانبثقوا عن شروط الاجتهاد التي وضعها علماء الإسلام في الماضي والحاضر.
ورجال فقه وعلم تأثروا بالأفكار والفلسفة الغربية، والقوانين الوضعية الحديثة، وانبهروا بها، فحاولوا التوفيق بين الفقه الإسلامي وبين تلك القوانين عن طريق لي أعناق النصوص التشريعية لتتوافق مع تلك القوانين، مختلفين في تدرجهم بالتوفيق بين الأقرب لأصول التشريع الإسلامي، والأقرب لأصول التشريع القانوني والغربي. وفي الغالب هم الذين يطلق عليهم بالتيار السلفي الحديث، من أتباع محمد عبده وجمال الدين الأفغاني.
وكيفما كان الاختلاف في الاجتهاد المطلق وإمكانيته وعدمها، فإن الاجتهاد باعتباره أعلى درجات الإبداع والابتكار العقلي؛ يعد في الدرجة العليا من السلم المعرفي العقلي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/301)
وحيث إن المعرفة تتدرج من السلم الحسي؛ المتدرج من الإحساس إلى التصور، إلى الإدراك، ثم منه للسلم العقلي ابتداء من المفهوم إلى الحكم إلى القياس (الاجتهاد)، وحيث إن الاجتهاد – كما عرفناه سابقا – هو: الرجوع إلى المسلمات لابتكار حلول للحوادث.
فيحتاج الفاعل فيه (المجتهد) إلى المطابقة بين المسَلَّم والحادث الذين يمثلان الموضوع، لينفعل بهما نحو النتيجة. فمن حيث المسلَّم وهو أصول التشريع التي اتفقت عليها الأمة؛ وهي: الكتاب والسنة، والإجماع والقياس، والاستحسان والمصالح المرسلة، وسد الذرائع. على المجتهد أن يعرفها ويتصورها حتى يدركها. وبما أن علوم الكتاب والسنة مبنية على القالب اللغوي؛ فلا مناص من التبحر في علم اللغة. ويقتضي علم الأصول المذكورة: علم ما بنيت عليه من القواعد، ومعرفة تبحر الفقهاء وثروتهم الفكرية عبر التاريخ بخصوصها، ولا مناص من الاطلاع على المذاهب الأربعة، وفتاوى قدماء المجتهدين، وفتاوى الصحابة والتابعين فمن بعدهم، والإحاطة بعلم الأصول الذي هو أداة الاجتهاد.
أما من حيث الحوادث؛ وهي النوازل والمتغيرات الوقتية؛ فلا مناص من معرفة الواقع المعيش، وفهم ماجريات الأمور وعلى أي قواعد تسير.
أما من حيث المجتهد نفسه؛ فلا شك أنه يحتاج إلى مقدرة عقلية وفطرية تؤهله لإدراك المسلم والحادث والربط بينهما، ثم اكتساب المفهوم للخروج بالحكم المبتغى من وراء ذلك.
والاجتهاد بشتى درجاته معتمد على هذه الشروط المذكورة قوة وضعفا، وإلا فلا يعدو أن يكون عبثا، واسما بلا مسمى.
ومن هنا يتضح لنا السبب في أنه لم يكد داعية للاجتهاد المطلق في العصر الحديث يدون فقهه قط، ويتحدث عن النوازل الكبرى التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذه العصور؛ نظرا لعدم التوفر الحقيقي على الثروة المعرفية المؤهلة للاجتهاد المطلق إلا لماما.
وعند إدراك دعاة الاجتهاد لهذه النقيصة؛ قاموا بالدعوة إلى ما يسمى بالاجتهاد الجماعي، ولا شك أن الاجتهاد الجماعي على أرض الواقع لا يعدو أن يكون أمنية غير متوصل إليها، لاختلاف المشارب والمدارك، والاجتهاد يقتضي واسطة بين المسلم والحادث لا وسائط.
وبالرغم من ذلك؛ فقد تسببت هذه الصدمة الحضارية في تحفيز عقول عدة من العلماء إلى الإبداع والابتكار، وإنتاج تراث قانوني فقهي شرعي مهم للغاية في مواكبة ماجريات العصر وتطوراته، والمناغاة بين التراث الفكري الفلسفي الإسلامي والفكر الأوروبي بما لا يتنافى مع قواعد الشريعة في كثير من الأحيان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) صحح هذا المتن الإمام أحمد – رحمه الله – كما نقل ذلك عنه الخطيب البغدادي كما في "الجامع الكبير" للسيوطي (8/ 62 – 63).
(2) رواه أبو داود في "السنن" (4/ 109)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (567، 568).
ـ[الاستاذ]ــــــــ[18 - 12 - 05, 06:48 ص]ـ
سلمت براجمك أيها الحبيب.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 02 - 06, 09:04 م]ـ
يرفع ..
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[18 - 02 - 06, 12:42 ص]ـ
قولكم يا شيخ في سيدنا علي رضي الله عنه (عليه السلام) فيه عندكم كلام من العلماء؟ تكرموا علينا به لو سمحتم، ولكم جميل الثناء.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 12:55 ص]ـ
راجع أخي الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=42155
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 02:39 ص]ـ
أنا أرى أن الأفضل قول رضي الله عنه لمخالفة المبتدعة في ذلك الافراد و لكن أرى أن لا نبدع من قال ذلك لان له في ذلك سلف
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[18 - 02 - 06, 02:03 م]ـ
اطلعت على الرابط جزاك الله خيرا.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[18 - 02 - 06, 02:08 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/302)
روينا بالأسانيد المتصلة إلى سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" (1). يعد هذا الحديث الشريف من علامات النبوة، ومن الأحاديث الكريمة التي أثبتت اتصال العلم الشريف وحفظه وبقاءه، علاوة على قول الله تعالى عن الوحي الكريم: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. [الحجر: 9]. والقرآن – كما لا يخفى – إشارة للدين ككل، وهو من باب إضافة الخاص على العام.
ــــــــــــــ
(1) صحح هذا المتن الإمام أحمد – رحمه الله – كما نقل ذلك عنه الخطيب البغدادي كما في "الجامع الكبير" للسيوطي (8/ 62 – 63).
يُنظر هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37077&highlight=%DB%D1%D1+%C7%E1%DF%E1%E3
ـ[طلعت منصور]ــــــــ[18 - 02 - 06, 08:52 م]ـ
شكرا لك يا شيخ حمزه
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[01 - 12 - 06, 11:12 ص]ـ
ليس دفاعا عن التقليد، ولكن تصحيحا لخطأ أريد له أن يغلب، فأقل ما يجب ألا نعين على إشاعته. إليكم جهد المقل، وصوبوا لى جزاكم الله خيرا.
الفصل الخامس
الدور الخامس من أدوار التشريع الإسلامي
تمهيد:
يؤرخ العلماء للدور الخامس من أدوار التشريع الإسلامى ابتداء بمنتصف القرن الرابع الهجرى وانتهاء بسقوط بغداد فى أيدى التتار سنة 656هـ معلنة بذلك انتهاء الخلافة العباسية اسما ورسما، وقد عرف هذا العصر تاريخيا بالعصر العباسى الثانى، وعرف علميا بأنه عصر الاجتهاد المذهبى.
ومن أهم مميزاته أنه شهد فى سنواته الأولى اكتمال تكوين المذاهب الفقهية واستقرارها وتدوينها، كما أنه تميز سياسيا بكثرة الفتن والاضطرابات، وانقسام دولة الخلافة فعليا إلى دويلات متناحرة فى كثير من الأحيان.
والحق أن من الشائع عن حركة الفقه الإسلامى فى هذا العصر مالا استريح إليه، لأن جل معارفنا عن السلف من الصحابة والتابعين ومن تلاهم طريقها أهل هذا العصر ()، بل إن فقه الأئمة كان شبرا فصار بأيدى هؤلاء آلافا من الأميال، فكانوا لهم كالتابعين من الصحابة، وكمثلهم من التابعين، وصلهم العلم نبتة فربوه شجرا أصله فى الأرض وفرعه فى السماء، وكان أكثره فرطا فضبطوه، وأقاموا له أدلة، وبينوا له عللا، فجردوه بحق من قيد الزمان والمكان والمناسبة، فامتد وتعدت رؤيته، ولم يقف أثره عند الحدود الإسلامية، بل تخطاها إلى ربوع الجاحدين والأعداء ().
إن حقيقة أن التشريع واحد تحتم- فى رأيى – أن يتطور الفقه كَمًّا باستيعاب المستجدات، أما الكيف فلا بد وأن يجمد باستقرار مناهج النظر والاستنباط وانضباطها، ومتى اختبر الموجود اختبارا دقيقا، فبدت – فى وضوح- كفايته، فمن الصدق أن تنصرف الهمم الجادة إلى البناء عليه، والتخريج على أساسه، والعمل على غير ذلك لا يخرج عن تزو يق الكلام.
وثمة لافتة أخرى عن هذا العصر أنه عصر المدارس النظامية، فلأول مرة فى الإسلام توجد "مؤسسات تربوية رسمية، تدخلت الدولة فى تحديد أهدافها، ورسم مناهجها، واختيار أساتذتها، والقيام بالإنفاق المنظم عليها" () وظهرت إلى جانب خزائن الكتب دور العلم () وقد ارتبطت هذه وتلك بخدمة الفقه- سنى وشيعى وإسماعيلى- فى المقام الأول، إضافة إلى "خلق طائفة من الموظفين ليشاركوا فى تسيير مؤسسات الدولة، وإدارة دواوينها، وبخاصة فى مجال القضاء والإدارة" ().
وتؤكد الدراسات أن هذه المدارس وزعت جغرافيا بعناية فائقة، فروعى فى أغلبها أن تكون فى المدن التى تحتل مركز القيادة والتوجيه الفكرى كبغداد وأصفهان، واختير أساتذتها بعناية تامة، بحيث كانوا أعلام عصرهم فى علوم الشريعة ().
إن وصم هذا العصر، والعصر الذى يليه بالضعف الفقهى والتقليد والجمود أمر يحتاج إلى مراجعة، إن لم يكن لتحقيق هذه السبة، التى تغطى قرابة تسعة قرون من عمر دولة الإسلام، فلبيان الأسباب الحقيقية التى أدت إلى ذلك، فإن كان زيفا فضحناه، وإن كان حقا تدارسنا أسبابه الحقيقية عسانا أن نتجنبها.
ومع كل أسف فإنى لم أتمكن- لظروف خاصة –حتى الآن من تحقيق ما أصبو إليه، فإن كان فى الأجل بقية فعلت إن شاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/303)
يقول أستاذنا الدكتور محمد أحمد سراج "ولا يتردد بعضهم- يعنى مؤرخينا- فى وصف التفكير الفقهى فى هذه الفترة بالانحطاط، ويقع كثير من أذكياء هؤلاء المؤرخين، ومن أعظمهم قدرة ومثابرة، فى وصف هذه الفترة بهذه الأوصاف المثبطة للهمم، والتى لا تتفق مع الواقع.
ويبلغ تناقض هؤلاء المؤرخين مداه حين يطلقون ما يسمونه "عصر النهضة الفقهية" عنوانا على تلك الفترة التى تبدأ من أواخر القرن التاسع عشر إلى الآن، وهى الفترة التى شهدت إقصاء التشريع الإسلامى عن التطبيق العملى، إلا فى مجال الأحوال الشخصية.
ومن غير المنطقى على الإطلاق أن يتسع ما يسمى "بعصر الضعف والجمود" ليشمل فترة تطبيق الفقه الإسلامى فى أكثر أجزاء العالم حضارة ورقيا طوال العصور الوسطى، وبدايات العصر الحديث، وأن يطلق ما يسمى "عصر النهضة" على تلك الفترة التى أقصى فيها المستعمر معظم أجزاء الفقه من التطبيق، وذلك لمجرد إنشاء بعض أقسام الشريعة فى جامعات العالم الإسلامى، أو عقد بعض الندوات والمؤتمرات الداعية إلى إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية.
ويظهر لى أن الأسباب السياسية والعلمية التى يسوقها مؤرخو التشريع الإسلامى جميعهم ليست كافية بأى وجه لنعت هذه الفترة من تاريخ الفقه الإسلامى بالتخلف والضعف والجمود.
ولسنا مضطرين على أى نحو لتبرير فرض المستعمر لقوانينه وتشريعاته بإلقاء اللوم على أنفسنا، وحالة التفكير الفقهى السائدة.
لقد فرض المستعمر الغربى قوانينه بعد الهزيمة العسكرية التى منيت بها مجتمعاتنا، وكانت فى يده وسائل فرض هذه القوانين فى البلاد التى احتلها، مثل مصر، على حين استمرت مجلة الأحكام العدلية المستمدة من المذهب الحنفى فى التطبيق فى البلاد التى لم تكن يد المستعمر قد نالتها بعد.
ويتجاهل ادعاء وصف الفقه الإسلامى بالضعف والجمود فى هذه الفترة جهود الفقهاء والمفتين والقضاة فى تطوير التفكير الفقهى وإقداره على الاستجابة لمصالح البلاد الإسلامية فى ظروفها السياسية والاجتماعية عبر ثمانية قرون" ().
وعلى كل حال فإننا سنتناول أبرز ما هو شائع عن هذا العصر على أمل أن تكون لنا فى المستقبل القريب نظرة فاحصة فيه.
المبحث الأول
أثر الفتن والاضطراب السياسى على الاجتهاد الفقهى
ابتداء من الدور الثانى من أدوار التشريع الإسلامى والفتن والاضطرابات تعصف بالحياة السياسية فى الدول الإسلامية المتتابعة، لكن هذه الفتن لم تكن فى الطور الثانى والثالث والرابع من أطوار هذا التشريع ذات تأثير ضار بالنشاط العلمى، بل على العكس كانت الفتن دافعا لنهضات علمية رائعة، فقد كانت فتنة الردة دافعا لجمع القرآن الكريم، وكانت فتن الخوارج والرافضة وأمثالهم ممن عمدوا إلى وضع الأحاديث دافعا إلى استنهاض الهمم فى ضبط أصول الرواية وظهور علم الجرح والتعديل الذى يسر الطريق لجمع السنة المشرفة، كما أن فتنة خلق القرآن الكريم كانت دافعا لنهضة عقلية وعلمية ولم تكن أبدا مدعاة للتخاذل والتراجع.
ولكن الفتن والاضطرابات التى أَلمَّت بدولة الخلافة فى منتصف القرن الرابع الهجرى وحتى سقوط بغداد فى أيدى التتار كان لها الأثر الضار على النشاط العلمى والفقهى بوجه خاص.
فقد أثرت –كما يقول المؤرخون- نظرا لتتاليها وتتابعها على التشريع الذى لابد له من الجو الهادئ والحرية المطلقة، فضلا عن تشجيع العلماء على البحث والاجتهاد، ففى ظل الفتن والصراعات السياسية انشغل الحكام بالسياسة وانصرفوا عن رعاية العلم والعلماء مما أضعف الحافز لدى الفقهاء على التجديد وإعمال الفكر ().
ولكننا لا نظن أن الاضطراب السياسى وحده هو الدعى إلى الضعف الفقهى، وفقدان روح الاجتهاد المطلق، ذلك أن قدر الأمة الإسلامية أنها أشد نهضة فى المحن عنها فى أوقات الاستقرار والدِّعَة، فكما يقول ربنا: ?ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت بيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا () ?فالمِحَن للمسلم كالوقود للقاطرة متى نفد توقفت، وصدق الله حيث يقول: ?أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ? ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/304)
وبناء على ذلك فإننا نؤكد أن الأسباب التى رافقت الاضطرابات السياسية فى عصر الدولة العباسية الثانية هى التى أدت إلى شيوع روح التقليد، وتوقف النهضة العلمية التى شهدها العصر العباسى الأول. وهذه الأسباب هى:
1 - تدوين المذاهب الفقهية المعروفة. 2 - التعصب للمذاهب الفقهية.
3 - الرغبة فى القاضى ذى المذهب المعين ().
4 - شيوع الجدل والمناظرات المذهبية.
المبحث الثانى
اهتمامات العلماء فى هذا الطور من أطوار التشريع
سلبيات العصر وتقديرها:
غلبت على العلماء فى هذا العصر روح التقليد () ويعنى به: تلقى الأحكام من إمام معين واعتبار أقواله بمنزلة نص الشارع، بل أشد، إذ يلتزم المقلد إتباعها ويتعصب لها ويجادل من أجلها ويناظر بالحق وبالباطل، وإن خالفت نصا من نصوص الشرع تأولوا النص ليوافقها.
وحتى لا يقع فى الذهن خلط فإننا نؤكد أن فقهاء المذاهب المعروفة برآء تماما من غلبة هذه الروح على الأتباع، فأبو حنيفة كان يقول: " علمنا هذا رأى فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه " وأبو يوسف كان يقول: " لا يحل لأحد أن يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا " والإمام مالك يقرر أنه " ليس من أحد لا يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكان الشافعى يرفض الأخذ بقول الصحابى الواحد الذى للرأى فيه مجال، ويقول: " كيف آخذ بقول من لو عاصرته لحاججته".
إذن فهى روح الضعف عن النظر فى الكتاب والسنة والاستنباط منهما وفقدان جُرأة الإقدام على الاجتهاد، بحجة عدم الحاجة إليه، أو خوف الإفتاء الخاطئ.
هذا هو المسطور فى مصنفات تاريخ التشريع، ويصدقه بعض ما ينسب إلى مقلدى المذاهب كالشيخ عبيد الله بن الحسين الكرخى المتوفى سنة 340هـ، وقد انتهت إليه رئاسة الحنفية، فقد عَدَّ من الأصول التى عليها مدار كتب الأحناف ثلاثة أصول، وإن أخذت عبارته على ظاهرها فهى آية فى الشناعة، قال:
"الأصل: أن كل آية تخالف قول أصحابنا فإنها تحمل على النسخ، أو على الترجيح، والأولى أن تحمل على التأويل من جهة التوفيق. والأصل أن كل خبر يجئ بخلاف قول أصحابنا فإنه يحمل على أنه معارض بمثله، ثم صار إلى دليل آخر أو ترجيح فيه بما يحتج به أصحابنا من وجوه الترجيح، أو يحمل على التوفيق، وإنما يفعل ذلك على حسب قيام الدليل، فإن قامت دلالة على النسخ يحمل عليه، وإن قامت الدلالة على غيره صرنا إليه.
والأصل: أن الحديث إذا ورد عن الصحابى مخالفا لقول أصحابنا، فإن كان لا يصح فى الأصل كفينا مؤنة جوابه، وإن كان صحيحا فى مورده فقد سبق ذكر أقسامه، إلا أن أحسن الوجوه وأبعدها عن الشبه أنه إذا ورد حديث الصحابى فى غير موضع الإجماع أنه يحمل على التأويل أو المعارضة بينه وبين صحابى مثله" ().
فبمثل هذه العبارات من أعلام الفكر الإسلامى فى هذا العصر طار القادحون، وكثيرا ما يغفل الراغبون فى زعزعة الثقة الإنجازات، ويعظمون هذه العبارات ويشيعونها، وكأنها لحمة هذا العصر وسداه.
والإمام أبو الحسن الكرخى من المجتهدين فى المذهب الحنفى، وبجهوده هو وأمثاله من الطبقة الثالثة وضعت الأسس لنمو المذهب الحنفى، والتخريج فيه، والبناء على أقواله، كما وضعت أسس الترجيح فيه، والمقايسة بين الآراء، وتصحيح بعضها وتضعيف الآخر، وبجهودهم تميز الكيان الفقهى للمذهب الحنفى ().
ومثل هذا العلم ذى الروح الخلاقة والنفس الأبية- كما يبين من سيرته- لا يعقل أن يقول قولة يقصد بها أن تكون منزلة نص الأئمة فوق النص، أو المأثور، أو تساويه، فهذا لا يقوله إلا إمعة لا رأى له.
أما المعقول فهو كما بين الإمام الشعرانى فى الميزان قال "وقد تتبعت بحمد الله أقواله- يعنى أبا حنيفة- وأقوال أصحابه، لما ألفت كتاب أدلة المذاهب فلم أجد قولا من أقواله، أو أقوال أتباعه إلا وهو مستند إلى آية أو حديث أو أثر، أو إلى مفهوم ذلك، أو حديث ضعيف كثرت طرقه، أو إلى قياس صحيح على أصل صحيح، فمن أراد الوقوف على ذلك فليطالع كتابى المذكور" ().
إذن فعبارة أبى الحسن الكرخى- وهو ممن ميزوا الكيان الفقهى للمذهب الحنفى كما بينا- تفيد أنه تحقق من أصول المذهب حتى حصلت له الثقة التامة أنها حفظت كل ما يجب حفظه من الأصول الشرعية، فتحوط لمراعاتها، وشدد على عدم نقضها بناء على ظاهر آية أو حديث أو قول صاحب، وإن جاءت عبارته موهمة ظاهرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/305)
يوضح هذا الشواهد التى ساقها النسفى توضيحا لهذه الأصول، قال:
1 - فى الأصل الأول- فيما يخص الآية-
"من مسائله أن من تحرى عند الاشتباه واستدبر الكعبة جاز عندنا، لأن تأويل قوله تعالى (فولوا وجوهكم شطره) إذا علمتم به، وإلى حيث وقع تحريكم عند الاشتباه.
أو يحمل على النسخ كقوله تعالى (ولرسوله ولذى القربى) فى الآية ثبوت سهم ذوى القربى فى الغنيمة، ونحن نقول انتسخ ذلك بإجماع الصحابة رضى الله عنهم.
أو على الترجيح كقوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) ظاهره أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضى عدتها بوضع الحمل قبل مضى أربعة أشهر وعشرة أيام لأن الآية عامة فى كل متوفى عنها زوجها حاملا أو غيرها، وقوله تعالى [وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن] يقتضى انقضاء العدة بوضع الحمل قبل مضى الأشهر، لأنها عامة فى المتوفى عنها زوجها وغيرها، لكنا رجحنا هذه الآية بقول ابن عباس رضى الله عنهما أنها نزلت بعد نزول تلك الآية فنسختها، وعلى رضى الله عنه جمع بين الأجلين احتياطا لاشتباه التاريخ.
وهكذا أوضح النسفى الأصلين الأخيرين ()، وفى بيان الأصل الأول ما يوضح مقصود الكرخى، ويغنى عن الإطناب.
إيجابيات العصر:
رغم قصورهمم الفقهاء فى هذه المرحلة تجاه الفقه الإسلامى عن همم السابقين إلا أنها لم تخل من إيجابيات أفادت الفقه مادة وصناعة، ومنها:
1 - اشتغل كثير من فقهاء هذا العصر بالبحث عن علل الأحكام التى صدرت من إمام المذهب الذى يقلدونه، وكانت هذه العلل إما مختصرة أو مبهمة ومتى عرفت علة الحكم أمكن أن يقاس على الحكم نظيره من الأحكام التى لم يرد فيها نص. ولا شك أن فى ذلك اتساعا لباب الاجتهاد.
وقد قدمنا أن تعليل الحكم يحقق "تجريد النص الحاكم من قيد الزمان والمكان والمناسبة، والامتداد به، وتعدية الرؤية، وامتلاك القدرة فى التنزيل على الواقع بواسطة العقل القائس… .. فيولد أحكاما ورؤى، ويضع من البرامج، فى ضوء قيم ومقاصد النص الإلهى، ما شاء الله له الامتداد، ليحقق الاستجابة لكل جديد ومتغير، فى إطار أسس مرجعية، وضوابط منهجية تعصم العقل من التجاوز والانحراف، والإلغاء والقطعية، أو التقطيع للنص" ().
2 - استخراج أصول منهج الإمام وقواعده التى بنى عليها اجتهاده فى المسائل الجزئية والفروع التى تخرجت على طريقة الإمام، ومتى عرفت أصول المنهج وقواعده أمكن أن يضاف إلى الأحكام التى قررها الإمام الكثير مما لم يتعرض له. وقد نسبوا هذه الآراء لصاحب المذهب لأنها مبنية على طريقته.
وقد خدمت طبقة المخرجين فى كل مذهب مذهبها، غير أن العطاء تفاوت تبعا لمدى مرونة أصول المذهب، وتجردها من القيود.
فمثلا طريقة الشافعى والتى عرفت بطريقة المتكلمين لا تخضع "القواعد الأصولية للفروع المذهبية، بل كانت القواعد تدرس على أنها حاكمة على الفروع، وعلى أنها دعامة الفقه، وطرائق الاستنباط، وهذا النظر المجرد قد أفاد القواعد دراسة عميقة نزيهة بعيدة عن التعصب فى الجملة، فصحب ذلك تنقيح وتحرير لهذه القواعد" ().
بينما كانت طريقة الحنفية والتى عرفت بطريقة الفقهاء متأثرة بالفروع، فدرسوا "قواعد الأصول ليؤيدوا بها الفروع، وليصححوا بها استنباط تلك الفروع، ويدافعوا عنها، فكانت دراسة الأصول على ذلك خادمة للفروع المذهبية، لا حاكمة عليها وموجهة لها" ().
ومهما يقال فى طريقة الحنفية ومحاسنها () فإنها ولا بد أبعد عن التجريد وأقرب إلى التعصب المذهبى من طريقة الشافعية. هذا باعتبار النظرة الإجمالية.
وكما تتفاوت خصوبة المذاهب فى معالجة المستجدات بالنظر إلى تقعيد الأصول، فإنها تتفاوت أيضا تبعا لمواقفها من أصل- أى دليل – بذاته.
فمثلا قبول "العرف" دليلا يفتح مجال التخريج، وتجدد الأحكام كلما تغيرت الأعراف فى المكان والزمان، وهكذا يقال عن المصلحة وسد الذريعة إلخ.
ومن المفارقات الجديرة بالانتباه أن الفقه الأثرى- الذى تقيد بالنصوص والآثار، ونفر من الرأى إلا لضرورة- كان أقدر على مواجهة المستجدات من الفقه القياسى الذى عنى بالرأى وقيده بالاستحسان.
ونترك الحديث للإمام أبى زهرة، فهو صاحب هذا الاستقراء، يقول ما نصه "كان فقه أحمد بمقتضى- طريقته- فقها قابلا للنمو، لأنه لا يقيد إلا بفتاوى السلف وأقضيتهم، ومعانى السنة والقرآن الكريم، وما استنبطه السلف تحت ظلهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/306)
وقد لاحظنا من الاستقراء الفقهى أن الفقه الذى يكثر فيه التفريع، ويضبط بضوابط قياسية، كالفقه الحنفى بشكل خاص، والفقه الشافعى الذى يقاربه- وإن لم يكن يماثله- يكون الضبط القياسى مفيدا له، فإذا جاء الفقه وابتلى بحوادث وجد النصوص المذهبية القياسية قائمة، وقد تكون غير مناسبة للزمان، فتقف محاجزة بين الفقيه والإفتاء بالصالح، ولذلك اضطر المجتهدون فى المذهب الحنفى بسبب ضبط الأقيسة، والتفريعات القياسية أن يكثروا من الاستحسان بالعرف، حتى وجدوا المتأخرين متأثرين بالعرف، يتحللون من بعض تفريعات الأقدمين، وأقيستهم، فيخالفونهم، ويعتبرون الخلاف بينهم وبين سابقيهم اختلاف زمان ومكان، لا اختلاف دليل وبرهان، وقد يقف المتزمتون منهم حيث كان ينبغى السير، وحيث تدفع الحوادث إلى السير.
وقد سلم من هذا الفقهاء الذين تقيدوا بالوقائع لا يفتون فى غيرها، ولا يقدرون الأمر قبل وقوعه، ولذلك كانت طريقة التخريج عندهم غير مقيدة بقول سابق من الإمام أو أصحابه المقدمين الذين تعتبر آراؤهم قريبة من آرائه، فلا محاجزات تقف فى طريق اجتهادهم.
ولقد وجدنا مذهب مالك وأحمد يسيران على الفتوى فيما يقع، على تفاوت بينهما فى قدر الاستمساك، ووجدنا خصبا فيهما فى معالجة المسائل التى تجد فى الأزمنة المختلفة على ضوء ما قال الأقدمون، وأن سبب ذلك واضح لا يحتاج إلى فضل من البيان، ذلك أن الذين أكثروا من التفريع والفرض والتقدير، ووضع الضوابط والمقاييس، قد كثرت أحكام الفروع المأثورة عنهم، والقواعد الضابطة المنقولة إلى الأخلاف، فلما جاء عصر اتباع الأئمة وتقليدهم، وعدم الخروج عن نطاق اجتهادهم كان أولئك الأخلاف مقيدين بتلك الأقوال، وبهذه الضوابط فاكتفوا بالإفتاء بها، وقد كانوا يجدون ضيقا شديدا فى تطبيقها، فكانوا يبتكرون الحيل والمخارج للتخفيف من ثقل هذه القيود، ولذلك وجدت الحيل فى المذهب الحنفى، ووجدت المخارج والحيل فى المذهب الشافعى، وكان ذلك فى أصل مشروعيته لتخفيف تلك القيود المذهبية، وجعل الأحكام المذهبية متطابقة فى العصور، لا يجد الناس فيها حرجا وضيقا، ولكن شاهت من بعد ذلك النفوس، فاتخذت الحيل طرائق لتضييع الحقوق، وأكل أموال الناس بالباطل، وتحليل ما حرم الله سبحانه وتعالى، وتحريم ما أحل.
أما المذهب الحنبلى، ويقاربه المذهب المالكى، فلم تكن الفتاوى فيه إلا فى الوقائع، ولما جاء العصر الذى ساد فيه الاتباع دون الاجتهاد لم يجد المقلدون فتاوى فى كل المسائل الواقعة، واضطروا لأن يخرجوا على أقوال السابقين ومناهجهم، إذ لم يجدوا فى الأقوال لإمامهم الأول ما يقف محاجزا دون التخريج والبحث، ولذلك تجافى المذهب الحنبلى عن الحيلة والتحايل،….وقلت الحاجة إلى المخارج" ().
وللتدليل على صحة هذا الاستقراء يضرب الإمام أبو زهرة مثلا بإطار الاستصحاب- وقد عرفنا أنه بقاء الحكم على ما كان عليه حتى يقوم دليل على التغيير- فى المذاهب الأربعة، متخذا من النظرة فى المعاملات تطبيقا.
يقول فضيلته "فأخذ- الإمام أحمد- باستصحاب حال الإباحة أو العفو، أو البراءة الأصلية، وكان فيها تسهيل على الناس، واتسع بسبب ذلك هذا المذهب الأثرى الكريم لما لم تتسع له مذاهب أخرى قامت على الرأى والقياس، ذلك لأن الاستمساك بالنص والأثر، والتشديد فيهما، كما كان السبب فى تصعيب الاستنباط الفقهى، كانا أيضا سببا فى تصعيب التحريم، فكان باب المنع مضيقا كما كان باب الإيجاب غير موسع، وفى ذلك تسهيل كبير على الناس، وتوسيع لأفق التحليل.
أما الذين وسعوا طريق الاستنباط فى الشروط الجائزة والممنوعة فقد دفعتهم أقيستهم لأن يقيدوا الشروط، فكان فى ذلك ضيق فى التعامل.
أما المذهب الحنبلى الذى ضيق طريق الاستنباط فى الشروط الجائزة والممنوعة، فلم تكن ثمة ذريعة لتقييد الشروط فكانت الإباحة، وكان الإطلاق فى الإلزام بالتراضى، والالتزام" () فى إطلاق حرية التعاقد، وفى الشروط التى يلتزم بها المتعاقدان، فأقر من الشروط ما لم يقره غيره من الفقهاء" ().
3 - الترجيح بين الآراء المختلفة فى المذهب.
وكانت لهم فى ذلك طريقتان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/307)
أ*- الترجيح بحسب الرواية بمعنى أن تقدم رواية أحد لرأى الإمام على رواية غيره، لشهرة الأول بالحفظ القوى والضبط التام، ومن هذا القبيل تقديم رواية محمد بن الحسن لمذهب أبى حنيفة على رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي لنفس المذهب.
ب*- الترجيح بحسب الدراية بمعنى أنه متى تعارضت المرويات عن الإمام وطريقة استنباط الإمام للأحكام التى قالها، فما وافق الأصول والطريقة هو الراجح.
ولصعوبة هذه الطريقة فإنه لم يقم بها إلا الفقهاء المشهود لهم بالفطنة والذكاء.
4 - الترجيح لرأى إمام المذهب والانتصار له:
وهذا المسلك وإن شانه إشاعة روح التعصب، والمبالغة فى منزلة الإمام وربما النيل من المخالفين له فى الرأى، خاصة فى المناظرات التى كانت تعقد لهذا السبب، فإنه من جانب أخر أفاد طلاب العلم، إذ كان من ضرورات الترجيح عقد المناظرات، والاستدلال لمذهب الإمام، ونقض الدليل المخالف لمذهب إمامهم، وذلك لاشك مما يقوى ملكة الفقه، ويمرن على الاجتهاد، بل إن مثل هذا العمل يعد بحق ثورة فى الفقه المقارن، ولولا ما شابه من التعسف والتعصب والمبالغة، لكان ثورة علمية هائلة.
5 - شيوع المناظرات والجدل.
وخلاصة القول فإن هذه المرحلة، وإن فقدت روح الاجتهاد المطلق، فإنها اتسمت بالآتى:
1 - كانت فترة الترتيب والتنظيم لفقه المذاهب.
2 - شهدت اهتمام الفقهاء بالدعاية إلى المذاهب التى ينتمون إليها ووضعوا المؤلفات فى التعريف بأئمتهم.
3 - حوت هذه المرحلة علماء وفقهاء لا يقلون شأنا فى قدرتهم على الاجتهاد، من حيث توفر شروطه فيهم وتمتعهم بأدوات الاجتهاد، ولو لا تعصبهم لمذاهب بعينها أو انتسابهم إليها، لكان لهم شأن أخر
4 - كانت النواة التى فجرت الفقه المقارن.
5 - تقعيد القواعد الفقهية وتطوير القواعد الإجرائية والشكلية.
المبحث الثالث
المناظرات الفقهية
تعريف:
المناظرة والمجادلة بمعنى واحد، ومعناها شدة الخصومة، وأصل الجدال فى اللغة: الخصومة بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب، ثم استعمل على لسان حملة الشرع فى " مقابلة الأدلة لظهور أرجحها"، وهو محمود إن كان للوقوف على الحق، وإلا فمذموم.
وبالإطلاقين- اللغوى والشرعى- وقعت المناظرات الفقهية فى أدوار الفقه المختلفة، بل نجد لها أصلا فى القرآن الكريم، وهدى الصحابة.
وقد عرفت المناظرات المكتوبة بغرض الوقوف على الحق فى العصر الأموى، واتسعت فى العصر العباسى الأول، ومنها على سبيل المثال مناظرة الليث بن سعد والإمام مالك () فى حجية عمل أهل المدينة وتقديمه على خبر الواحد.
فقد بلغ مالكا أن الليث يفتى فى بعض المسائل بمصر بما يخالف ما عليه العمل بالمدينة فكتب إليه- بعد السلام قائلا: عصمنا الله وإياك فى السر والعلانية وعافانا وإياكم من كل مكروه ... واعلم- رحمك الله- أنه بلغنى أنك تفتى الناس بأشياء مختلفة مخالفة لما عليه الناس عندنا وببلدنا الذى نحن فيه .... وأنت فى أمانتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك، واعتمادهم على ما جاء منك حقيق بأن تخاف على نفسك، وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه.
وبعد أن يسوق الأدلة التى تجعله مطمئنا إلى وجوب العمل بعمل أهل المدينة وعدم حل مخالفته- يقول ... فانظر رحمك الله فيما كتبت إليك لنفسك واعلم أنى أرجو ألا يكون دعانى إلى ما كتبت إليك إلا النصيحة لله وحده، والنظر لك، والضن بك فأنزل كتابى منزلته، فإنك إن علمت تعلم أنى لم آلك- أقصر عليك- نصحا".
وكان رد الليث بعد السلام والدعاء " بلغنى كتابك تذكر فيه من صلاح حالكم الذى َيسُرُّكم، فأدام الله ذلك لكم، وأتمه بالعون على شكره، والزيادة من إحسانه ... وفى رده على موضوع المناظرة يسلم ببعض ما احتج به مالك ويقول " ... وما أجد أحدا ينسب إليه العلم أكره لشواذ الفتيا، ولا أشد تفضيلا لعلماء أهل المدينة الذين مضوا، ولا أخذا لفتياهم- فيما اتفقوا عليه- منى، والحمد لله رب العالمين" .... وبعد أن يسلم بأن الصحابة تبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر مالكا بأن الصحابة متى أجمعوا على أمر فلا يحل خلافه ... ولكن كيف إن اختلفوا؟ وقد كان، ثم إن التابعين بعدهم أشد اختلافا، وَمنْ بعدهم أشد اختلافا وأكثر، ويذكره برأييهما فى بعض فقهاء المدينة ممن جالسهم مالك والليث معا، و موافقة مالك الليث فى إنكاره على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/308)
بعضهم، ولا ينسيه ذلك الثناء على أولئك الفقهاء الكرام، ثم يفند أوجه مخالفاته لعمل أهل المدينة فى المسائل التى أفتى فيها ارتكانا لما وصله عن فقهاء الصحابة والتابعين ممن نزلوا الشام أو العراق أو مصر، وأحيانا ما بلغه من كبار الصحابة الذين لزموا المدينة أمثال عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وقبيصة بن ذؤيب وغيرهم.
ثم يختم رسالته بقوله " .... وأنا أحب توفيق الله إياك وطول بقائك لما أرجو للناس فى ذلك من التفقه، وما أخاف من الضيعة إذا ذهب مثلك مع استئناس بمكانك، وإن نأت الدار. فهذه منزلتك عندى ورأيى فيك فاستيقنه ولا تترك الكتاب إلى بخبرك وحال ولدك وحاجة إن كانت لك أو لأحد يوصل بك، فإنى أسر بذلك "
وكما هو واضح فإن الرسالتين تشعان حبا وأدبا ونصيحة لله سبحانه وتعالى ورغبة صادقة فى الوصول إلى الحق، ولا يمنع أى من المتناظرين أن ينزل على رأى معارضه متى بَانَ له وجه الحق، وذاك لاستقلاله الفكرى وشجاعته العلمية.
وعلى عكس ذلك تماما كانت المناظرة فى الدور الخامس من أدور التشريع، فقد كانت فى موضوعها جدلا يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب وكان الدافع إليها- غالبا- إشباع رغبة الخلفاء والأمراء، وغرض المتناظرين أمام الخلق وانطلاق ألسنتهم بالثناء عليهم، ولا هَمَّ لكل منهما إلا أن ينتصر لمذهب إمامه بأى طريقة حتى وإن أدى ذلك- ببعضهم- إلى اتهام الآخر بالعداوة ومخالفة إمامه لصريح الكتاب والسنة، وتأليب العامة عليه، وبدلا من أن تقرب المناظرة بين المتخالفين تؤجج نيران الحقد والعداء.
وقد تنبه بعض العلماء المخلصين- أمثال الإمام أبى حامد الغزالى- لذلك الداء فوضع شروطا للمناظرة أهمها: ()
1 - ألا يشتغل المناظر بالمناظرة ويترك ما عليه من الواجب المعين.
2 - أن يكون المناظر مجتهدا يفتى برأيه لا برأى غيره من الأئمة.
3 - أن تكون المناظرة فى طلب الحق.
4 - ألا يناظر إلا فى مسألة واقعة أو قريبة الوقوع غالبا.
5 - أن تكون المناظرة فى خلوة تجنبا للرياء.
6 - أن يناظر من تتوقع الاستفادة منه ممن هو مشتغل بالعلم.
المبحث الرابع
صياغة القواعد الفقهية
أولا: الأطوار والأدوار:
ذكرنا مرارا أن علوم الشريعة ترجع جميعها إلى الكتاب والسنة، بل إن أساليب النظر التى لا ترجع إلى البديهة والحس ترجع فى أسسها إلى الموحى به، وقد مثلنا لذلك فى تأسيس عبقرية الصحابة، وأنها لم تختر غير تنفيذ الشريعة، وبان لنا أنهم لم يجتهدوا جماعة عن مصادفة وحسن توفيق، وإنما اجتهدوا جماعة تطبيقا لشرع الله فى أمور الأمن أو الخوف.
كما تجلى لنا أن مصادر التشريع ترجع كلها إلى الوحى، فلا عبرة بدليل لا يؤيده الشرع، كما لا صحة لما يقال إن عمدة الصحابة فى الفتوى الاطمئنان النفسى من غير التفات إلى طرق الاستدلال، فقد كانت لهم قواعدهم المستنبطة من الكتاب أو السنة، وهو ما سار عليه من جاء بعدهم، حتى جاء الشافعى رضى الله عنه فجمع هذه المصادر وضبطها ودونها.
وما قيل فى أصول الفقه، يقال فى قواعده، فهى ترجع أساسا "إلى "جوامع الكلم" فى القرآن والسنة، حيث وردت آيات كريمة وأحاديث شريفة تشبه القاعدة فى أسلوبها وصياغتها، وذلك من حيث الكلية والشمول" ().
واتباعا لهدى القرآن والسنة استخلص السلف من الصحابة ومن تلاهم فى العصور الثلاثة الأولى "قواعد كلية" ومنها قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه "مقاطع الحقوق عند الشروط" وقول على كرم الله وجهه "من قاسم الربح فلا ضمان عليه" وقول شريح من التابعين "من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه" وقد أورد الإمام أبو يوسف القاضى عددا وافرا من القواعد الفقهية فى كتابه الخراج، ومثل ذلك نجده فى كتابات محمد بن الحسن الشيبانى، والإمام الشافعى من أئمة الاجتهاد ().
وكما رأينا من قبل فإنه عندما دعت الحاجة إلى ضبط مصادر الاستنباط ومناهجه تصدى لذلك الشافعى فجمع شتات هذه المناهج وصنفها، وكان تصنيفه استخلاصا من مناهج السابقين.
وحيث وجدت الحاجة إلى ضبط الفروع الفقهية المتناثرة شمر العلماء عن ساعد الجد وشرعوا فى صياغة فن متميز هو "قواعد الفقه" وكما نوهنا فإن فى الموروث رصيدا، ولكنه قليل العدد، مبعثر الوجود، ينقصه التنسيق، وشئ من تحرير الصياغة فقاموا بهذا الدور خير قيام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/309)
وكما ينسب لأئمة الاجتهاد شرف ضبط المناهج وصياغتها فإن من علامات عصور التقليد جمع واستنباط القواعد الفقهية وصياغتها، واعتبارها فنا مستقلا. بدأ فى منتصف القرن الرابع الهجرى وأخذ وقتا طويلا حتى صارت "القواعد موضوع علم مستقل بين علوم الفقه الإسلامى" ().
والمحصلة الأولى لدراسة أطوار التقعيد الفقهى تنتج أنه إذا كان السمت الغالب لعصر الاجتهاد هو ضبط مناهج التفكير والاستنباط فى إيجاد الحلول الجزئية، فإن سمت عصور التقليد هو الانتقال بالعمل الفقهى "إلى مرحلة التفكير الكلى لا الجزئى" ().
وأيا كان الدافع على هذا العمل () فإنه لدليل دامغ على براءة التفكير الفقهى من الجمود، وسعيه الدؤوب "لتحقيق الاستجابة للمصالح والظروف الاجتماعية للبلاد الإسلامية" ().
والجدير بالذكر أن علم "قواعد الفقه" علم حركى أخذ كل قرن منه بنصيب، وإن كان القرن الرابع قد شهد بداية جمعه وتدوينه فإن بروزه وشيوع صيته كان فى القرن السابع، حيث بدأت "قواعد الفقه" "تختمر وتتبلور يوما فيوما، أما القرن الثامن الهجرى فهو يعتبر العصر الذهبى لتدوين القواعد الفقهية ونمو التأليف فيها… .. ومعظم مؤلفاته- على اختلاف مناهجها ومناحيها- حملت ثروة كبيرة من القواعد والضوابط، والأحكام الأساسية الأخرى، وفيها إرهاص على اكتمال هذا العلم إلى حد كبير فى ذلك العصر" ().
ولم تخل العصور التالية من إسهامات قيمة، حتى كان أواخر القرن الثالث عشر الهجرى فاستقرت القواعد الفقهية تمام الاستقرار، وذلك على يد اللجنة التى شكلتها الخلافة العثمانية لوضع مجلة الأحكام العدلية "ولا بد من الاعتراف بأن الواضعين للمجلة أحسنوا فى انتقاء- القواعد- واختيارها، ثم فى تنسيقها تنسيقا قانونيا رائعا فى أوجز العبارات، حتى اشتهر ذكر القواعد، وذاع أمرها عن طريق المجلة، وارتفعت مكانتها حيث شرحت مع شروح المجلة المشهورة، وأصبح لها صدى فى كافة المجالات الفقهية والقانونية" ().
هذا أهم ما يعنينا فى الدراسة التاريخية، فغايتنا الأولى رد الفروع إلى الأصول، ونسبة الفضل إلى أهله، والتأكيد على اتصال حلقات المعرفة، واستجابة الفقه للمصالح والظروف الاجتماعية المختلفة، وذلك بهدف الرد عمليا على كل ما يثار حول الفقه- مادة ونشاطا- من اتهامات وشكوك.
ولنا فى الفصل الأخير من الباب الثالث كلام موجز حول أهم القواعد فى الفقه الإسلامى.
وختاما فإننى أتمثل فى تقدير دور فقهاء التقليد () هذا الدفاع الصادق الذى صاغه أستاذنا الدكتور محمد أحمد سراج () بقوله:
"وقد ضبط الفقهاء فى هذه المرحلة نظرية الضرورة، والحاجة، وتفسير النصوص، والعرف، والدفاع الشرعي، المعبر عنه فى الفقه الإسلامى بدفع الصائل، والتعسف فى استعمال الحقوق، والخصوصية، والمصالح، والعقد، والمال، والملك، وما إلى ذلك مما يعبر بوضوح عن طبيعة عمل فقهاء هذه الفترة، ويبعد بهم عما وسموا به من ضعف التفكير، والجمود، أو الانحطاط العقلى، طبقا لهذه الأوصاف التى جادت بها بعض القرائح.
ألا يكفى هؤلاء الفقهاء فخرا أن يصوغوا هذه النظريات الحقيقية وغيرها صياغة على قدر بالغ الوضوح والدقة، فيما تكشف عنه هذه القواعد التى سبقت الإشارة إليها؟
لا أشك فى أن الإجابة بالإيجاب إذا أدركنا حالة التفكير القانونى السائدة فى العالم آنذاك".
الفصل السادس
شيوع روح التقليد وسببه
المبحث الأول
الرواية النمطية
من العلماء من يؤرخ للدور الخامس من أدوار التشريع الإسلامى بالفترة من منتصف القرن الرابع وحتى سقوط بغداد سنة 656 هـ، ومنهم من يؤرخ لهذا الدور بمنتصف القرن الرابع الهجرى حتى أواخر القرن الثالث عشر. مقسما هذا الدور إلى مرحلتين، تنتهى أولاهما بسقوط بغداد والثانية من سقوط بغداد حتى أواخر القرن الثالث عشر.
وسواء كانت الفترة من سقوط بغداد وحتى أواخر القرن الثالث عشر تمثل دورا مستقلا، أو مرحلة جديدة من مراحل الدور الخامس فإنها تمثل أضعف مراحل الفقه الإسلامى فى رأى المؤرخين.
ويرجع المؤرخون هذا الضعف الشديد إلى أن تلك المرحلة قد شهدت أسوأ الاضطرابات السياسية، فقد اضطربت الدولة من الداخل بتفرق الحكام وتناحرهم على السلطة، واضطربت من الخارج بهجوم التتار واستيلائهم على كثير من البلاد الإسلامية حتى نجحوا فى إسقاط بغداد والقضاء على دولة الخلافة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/310)
ولا شك أن سقوط الدولة يؤثر بالسلب على حركة العلوم والفنون ومن بينها الفقه.
فعلى الرغم من وجود علماء أفذاذ أمثال الكمال بن الهمام والشيخ خليل المالكى وتاج الدين السبكى وابن حجر العسقلانى وجلال الدين السيوطى، وغيرهم، إلا أن حالة الفقه ساءت عن المرحلة التى سبقت ذلك فقد خلت من مجتهد مطلق، أو مجتهد فى مذهب إمامه باستثناء قلة عدوا من المجددين أمثال ابن تيمية وابن قيم الجوزية.
ويرجع المؤرخون ذلك إلى:
1 - انصراف همة العلماء إلى التأليف الذى تميز إما بالاختصار الذى سمى متونا، وقد بالغ فيه بعضهم حتى وصل إلى حد الألغاز، أو بشروح هذه المتون أو التحشية عليها، أو التعليق عليها، وهى طريقة عقيمة وصعبة لا تعين طالب فهم.
2 - انشغالهم بدراسة هذه المؤلفات رغم صعوبتها وقلة فائدتها.
3 - انقطاع الصلة بين علماء الأمصار المختلفة وأخذ العلوم من الكتب دون التلقى مشافهة.
4 - كثرة التأليف والتصانيف واختلاف الاصطلاحات فى التعليم وتعدد طرقها ثم مطالبة المتعلم باستحضارها، وهى عملية بالغة التعقيد.
وقد ساعد على هذا النكوص العلمى شيوع التقليد للأسباب الآتية:
1 - الدعاية القوية التى أحاط بها أنصار المذاهب المختلفة مذاهبهم مما جعلها تحتل فى نفوس الناس مكانة جعلتهم يعتقدون أن من خالفها مبتدعا.
2 - وجود بعض أتباع المذاهب فى مناصب سياسية، أو اتصالهم بالحكام والوزراء ساهم فى انتشار المذاهب وتأييدها بشتى الطرق، كجعلهم المذهب الفلانى مثلا هو الواجب التطبيق فى القضاء، أو المعين للدراسة فى المدارس.
فمن خرج من العلماء عن مذهب الدولة حرم القضاء والإفتاء والتدريس، ولم يكن له من أرزاق الدولة نصيب.
3 - ضعف الثقة بالقضاة مما استدعى أن يطلب أهل كل قطر أن يكون قاضيهم من أهل المذهب الذى يعتنقونه يتبع ذلك المذهب ولا يحيد عنه.
4 - تدوين المذاهب، وأخذ الناس بها واستغناؤهم عن كلفة البحث والتنقيب.
5 - تحاسد العلماء وتخوف الجادين منهم أن يظهروا بمظهر الاجتهاد فيكاد لهم ويضطهدوا ويرموا بالابتداع فيلحقهم سخط الناس وربما الفتك بهم.
6 - تهافت علماء هذا العصر على الفتوى.
7 - فساد نظام التعليم وتوسع العلماء فى الاشتغال بما لا يعنيهم.
لكل هذا شاع التقليد وانتشر وكان له أكبر الأثر فى حالة الضعف الشديدة التى آل إليها الفقه الإسلامى، بينما شهدت هذه المرحلة نهضة الفكر القانونى الوضعى فى الغرب مما أغرى كثيرا من حكام الشرق الإسلامى أن يستعيضوا عن الفقه الإسلامى بالقوانين الوضعية الغربية تقليدا للمستعمر، وهروبا من هذا الواقع الضعيف ...
المبحث الثانى
عصر التقليد ليس كما يقال عنه
لست أخالف أساتذتى أن روح التقليد غلبت على الحركة الفقهية وأنها وجدت لها دعاية قوية بلغت حد القول "إن اللا مذهبية قنطرة اللا دينية" () وعلى ضوء واقعنا فإننى أصدق تأثير الواقع السياسى على النشاط الفكرى، كما أصدق- فى ضوء الواقع أيضا- ولع العامة بالمألوف وانسياقهم خلف المحرضين على الخارجين عليه، وإن كان خروجهم مشروعا ويتوخى مصالح الأمة الحقيقية.
ولست أخفى الشكوى الشخصية من بعض مؤلفات هذا العصر، غير أنها وإن كانت صعبة إلا أن متونها تمرن على صياغة التقنينات، وتختصر الطريق، الراجح أو الصحيح، وشروحها تحفظ الآراء المرجوحة من الضياع والاندراس ().
أما نظام التعليم فلا أعى كنُهَ فساده، ويترجح فى نفسى أنه لو كان كذلك لما كان لرواد التجديد- لا التغريب- وكلهم أوجلهم من خريجى التعليم الإسلامى- وجود، ولما كان هذا النظام مثلا تحتذيه أوربا فى الخروج من نفق العصور المظلمة ().
والشىء اللافت للانتباه أن يحرص متهمو العصرين المملوكى والعثمانى على إشاعة رواية الأستاذ على مبارك [1823 – 1893م] أن "المدارس أهملت – فى العصر العثمانى – وامتدت أيدى الأطماع إلى أو قافها، وتصرف فيها النظار على خلاف شروط وقفها، وامتنع الصرف على المدرسين والطلبة والخدمة فأخذوا فى مفارقتها، وصار ذلك يزيد فى كل سنة عما قبلها، لكثرة الاضطرابات الحاصلة فى البلاد، حتى انقطع التدريس فيها بالكلية" () مع إغفال تاريخ هذا الحدث المشين، حتى ليبدو وكأنه طابع العصر، بيد أن روايات أخرى أنسب إلى تاريخ الدولة العثمانية ودورها فى حمل راية الإسلام تؤكد على أن "سلاطين آل عثمان اقتدوا فى إنشاء المدارس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/311)
بسلاطين المماليك وأشهرها المدارس الثمانى التى أنشأها سليمان القانونى. وقد بلغ عدد المدارس فى منتصف القرن التاسع الهجرى – فى أخريات العصر المملوكى – فى مصر وحدها سبعين مدرسة "ويقال نحو ذلك فى الأصقاع الأخرى" () وجميعها تمثل "الامتداد المادى والفكرى للأزهر، يدرس فيها شيوخه ويتخرج منها العلماء على منهجه" ().
والمنهج الأزهرى وإن افتقر إلى العناية ببعض العلوم – غير التشريعية – فلعل علة ذلك ضيق حال غالبية أهله، "وهذه العلوم تحتاج إلى لوازم وشروط وآلات وصناعات" () لا يقدرون عليها لفقرهم.
ويصدق ذلك أن مدرسة الطب التى أنشئت سنة 1828م اختير لها بمعرفة الحكومة وبمشورة كلوت بك – الذى أوكلت إليه إدارة المدرسة – مائة تلميذ من طلبة الأزهر، تفوق منهم – على أقرانهم – عشرون، أبقى ثمانية منهم فى المدرسة فى وظيفة معيدين للدروس، وأرسل الاثنا عشر الباقون إلى باريس لإتقان علومهم وإتمامهم، فلما عادوا عينوا أساتذة فى المدرسة، وهم الذين تألفت منهم البعثة العلمية الرابعة ().
وإذا عولنا على علوم العربية والفقه بحسبانها الأشد التصاقا بالشخصية والهوية والتشريع فإن "الجمود" على القديم، والاعتصام به، كان موقفا لا يخلو من الوجاهة، ولا تنعدم منه الإيجابيات، وقد عطل – مرحليا – طوفان التغريب ().
ولا أدرى كيف يكون على رأس مشيخة الأزهر رجل متضلع فى الأدب وفنونه، حظه من العلوم العصرية والجغرافيا وفير كالشيخ حسن العطار، ويتربى على يديه، وينهل من فيض علمه رفاعة الطهطاوى، ثم تتقبل دون مراجعة رواية الجبرتى عن علماء الأزهر فى مطلع حكم محمد على"أنهم افتتنوا بالدنيا، وهجروا المسائل، ومدارسه العلم إلا بمقدار حفظ الناموس مع ترك العمل بالكلية" () ولا تستوقف الراوى هذه المفارقة، بل تلك اللفظة الغربية عن الاصطلاح الإسلامى، أعنى لفظة "الناموس"؟!
ولئن سلمنا بعجز المؤسسة التعليمية الفقهية عن تأهيل الكوادر، ووضع الحلول القادرة على بناء اجتماعى فاعل، فكيف نستسيغ حرص مسيو "جو مار" [1777 - 1862م] – رجل فرنسا فى بلاط محمد على الكبير – على أن تكون بعثة تلقى علم الحقوق من طلبة الأزهر، وتتعلم تحت رقابته؟!! () وذلك فى العام 1847م، أى بعد خمس وثلاثين سنة من ابتداء البعثات العلمية التى أوفدها محمد على، بل كيف نستسيغ أن يكون عبقرى هذه البعثات هو الشيخ النابغة رفاعة رافع الطهطاوى، وأن يكون محل رعاية خاصة من مسيو "جو مار" والمستشرق الشهير "البارون دى ساسى" وأن تشهد تعليقاته على الدستور، وأصول الحقوق الطبيعية والفلسفة اليونانية والسياسية على فهم عميق للعلوم الإسلامية، وإن أضاع ثمرة هذا الفهم- فى رأينا- بالانتصار لثقافة التغريب؟!
ألا توحى هذه الوقائع اليقينية بزيف دعوى فساد نظام التعليم الأزهرى، وعجز علمائه وطلابه عن تحقيق أمانى وتطلعات أمتهم؟
وألا تدل على حرص محمد على – وبلاطه الفرنسى – على ضرب هذا النظام فى مقتل بسبه، وتضييق الخناق عليه، وامتصاص أطايب رحيقه لتوظيفهم فى جبهة التغريب؟
يقول بيتر جران صاحب كتاب الجذور الإسلامية للرأسمالية "إن الفكر العلمى الذى أنتجه شيوخ الأزهر المصريون لم يشرع فى التبلور إلا منذ منتصف القرن الثامن عشر حتى أجهضته التحولات الكبرى فى عصر إسماعيل….وأن الحملة الاستعمارية التى قادها نابليون هى التى أجهضت التصور الاقتصادى الفكرى الحقيقى والأصيل والقومى فى مصر، ومهدت السبيل إلى غرس فكرة استيراد واستعارة نماذج الثقافة والتحضر ومناهجها الغربية……ويقرر أن مصادر هذا الفكر لا توجد إلا فى الكتب والمخطوطات المصرية الموجودة فى مكتبة الأزهر ودار الكتب، والتى ظل الدارسون المحدثون يصرفون النظر عنها منذ عصر محمد على ().
وأخيرا فإن الغفلة عن المفكرين العلميين قد تكون مبررة إثر دفن التصور الاقتصادى العلمى وإقصاء رواده، ولكن كيف يبرر السهو عن قيمة ومكانة أمثال الدهلوى، والشربينى، والزبيدى والصنعانى، وابن عابدين، والشوكانى والسنوسى، وهم أجل من أن يخطئهم بصر باحث فى الوعى الإسلامى؟ ناهيك عن غيرهم من العلماء – غير بنى الأزهر – أمثال محمد بن عبد الوهاب، وعبد الحميد بن باديس. وهما رواد فكر، وقادة تحول.
تخصيص القضاء:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/312)
يبقى تخصيص القضاء بمذهب معين، وهو وإن كان ضارا بالنشاط الفكرى، إلا أنه من دواعى الاستقرار وانتظام الأحكام، على أن الدعوة إلى تخصيص القضاء قديمة، ولعلها ترجع إلى ما قبل رسالة عبد الله بن المقفع إلى أبى جعفر المنصور الخليفة العباسى، والمعروفة باسم "رسالة الصحابة" () ففى عهود التولية الصادرة من الخلفاء الراشدين ما يومئ إلى شئ من التقييد.
وعلى كل حال فإنه أنفى للتهمة وأرضى للخصوم وإن كانت أحكام الشرع لا توجبه فالسياسة تقتضيه ().
وأميل إلى أن القضاء كان مقيدا فعلا- بمراعاة مؤهلات القضاة ومناهجهم- وإن لم يبرز النص على ذلك فى عهود الولاية () ومع ذلك لم يمنع تقييد التصرف القضائى من الاجتهاد الفقهى فى عصور الاجتهاد المطلق والمذهبى.
ومن جانب آخر هل من دليل مقنع على اهتزاز القضاء المخصص، أو عجز عن فض الخصومات، وأداء الحقوق إلى أصحابها؟
اللهم لا، إلا روايات من هنا وهناك تتعلق بقاض بعينه، أو خصومة بعينها، وذاك فقر لم يبرأ منه مجتمع أبدا، أما عموم النظام القضائى فلدينا شهادات تؤكد أنه فى عهد المماليك كان "ممتازا" () ويشهد مكسيم رودنسون: أن "النظم العثمانية السياسية والإدارية والعسكرية كانت موضوعا للتأملات النظرية المنطوية على الإعجاب بكفايتها فى نواح عديدة" ().
والتهمة الشائعة عن القضاء فى العصر العثمانى هى "عثمنة" القضاء، وهى على التحقيق تهمة لا تخلو من عصبية، ولا تعنى أكثر من أن أشخاص القائمين على إدارة القضاء هم من الأتراك العثمانيين، أما القضاء ذاته فقد كان شرعيا ولم يلتزم طوال تلك الفترة بغير أحكام الشريعة الإسلامية () وإن كان من الباحثين من يقرر أنه منذ الربع الأخير من القرن السادس عشر أصبحت أسماء القضاة التى توجد على الصفحات الأولى من سجلات هذه المحاكم كلها أسماء مصرية ومن بين علماء الأزهر الشريف عدا اسم قاضى العسكر وبعض نوابه والذين تذكر أسماؤهم فى سجلات الديوان العالى ومحكمة الباب العالى ().
كما قام النظام القضائى العثمانى على تيسير سبل التقاضى على المواطنين، فقسم القطر المصرى – مثلا – إلى ست وثلاثين ولاية قضائية تقوم على رأسها محكمة الباب العالى فى القاهرة، وإلى جانبها توجد اثنتا عشرة محكمة فى أخطاط – أحياء – القاهرة المختلفة، كما روعى أن تتبع محاكم الولايات محاكم أخرى تسمى محاكم النواحى يتوقف عددها على مساحة إقليم الولاية القضائية، وقد كانت هذه المحاكم ذات اختصاص عام بنظر كل ما يرفع إليها، فضلا عن محكمتين تمارسان اختصاصا نوعيا وهما: محكمة القسمة العسكرية ومحكمة القسمة العربية.
ولم ينتقص الاختصاص القضائى إلا بتمكن الحملة الفرنسية من مصر، ومن بعدها بنفوذ محمد على وخلفائه. فألغيت محاكم الأخطاط وقللت محاكم النواحى، وانتزعت من المحاكم بعض الاختصاصات القضائية وأوكلت إلى بعض الجهات الإدارية، كديوان الوالى [1805م] والمجلس العالى الملكى 1824م، والدواوين التى أنشئت بمقتضى قانون السياسة نامة، 1838 م، وجمعية الحقانية 1842م. التى قامت منذ إنشائها بإصدار العديد من القواعد العقابية التى شكلت الجانب الأكبر من مواد قانون المنتخبات الذى استوحى بعض مواده من القانون الفرنسى ().
وقد نص محمد على فى الأمر الصادر بإنشاء جمعية الحقانية على أنه "……وحيث إن الأوربيين هم رجال قد دبروا أشغالهم ووجدوا السهولة لكل مصلحة، ونحن مجبورون على الإقتداء بهم…… ().
ولا يغيبن عن ناظر فى قانون المنتخبات أنه أسرف فى التجريم، وأمعن فى قسوة العقاب، وفرط فى احترام مبدأ المسئولية الشخصية، والمساواة أمام القانون، وفى مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وبالجملة فإن "جمعية الحقانية كانت تختص بالمسائل الجنائية والمدنية والعسكرية دون تقيد بأحكام الشريعة الإسلامية" ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/313)
وإذا كان محمد على قد بعد عن التشريع الإسلامى خطوات فإن خلفاءه () زادوها إلى أميال، وقد تم ذلك وفق خطة متدرجة محكمة، تتراوح بين إقصاء الفقه والقضاء الشرعى من جهة، وتأهيل الحقوقيين وفق الأصول الفرنسية من جهة أخرى، ولم يكن عجبا أن تعنى مدرسة الألسن التى أنشئت سنة 1836 بتدريس الشرائع الأجنبية، وأن يكون من بين بعثة 1826 – وعدد أفرادها الذين أتموا دراستهم تسعة وثلاثين مبعوثا، أربعة لدراسة الإدارة الملكية والحقوق، واثنان لدراسة العلوم السياسية. بينما خصص لدراسة الهندسة الحربية ثلاثة، وللطب والجراحة اثنان، ولهندسة الرى واحد وللزراعة اثنان، ولصنع الأسلحة وصب المدافع اثنان وللكيمياء أربعة. وفى العام 1847 ترسل البعثة السابعة مؤلفة من خمسة من طلبة الأزهر لتعلم الحقوق والوكالة فى الدعاوى ().
وفى عصر سعيد غلبت الفوضى على القضاء بعد أن ضمت مجالس الأحكام التى تحولت إليها جمعية الحقانية عام 1849 - فى عهد عباس – "عناصر بعدت تماما عن الصفات المطلوبة فى القضاة" () كما توسع فى القضاء المختلط.
أما إسماعيل [1863 –1879] فقد أنشأ فور توليه "ديوان الحقانية" وكون سلطة تشريعية اعتمد فيها على التشريع الفرنسى ()، واستعاض سنة1868 م عن مدرسة الألسن بمدرسة "الإدارة والألسن" والتى سميت 1886 م "مدرسة الحقوق" وكان أول ناظر لها هو المسيو فيدال باشا أحد علماء فرنسا المشترعين، وبقى يتولى نظارتها أربعا وعشرين سنة ().
وينما يجمع المؤرخون على أن إسماعيل كان مولعا إلى حد الزراية بعلاقاته مع فرنسا، لا يخيب لرجالها رجاء، وإن على حساب مصلحة الوطن ()، فإن الدكتور محمد عمارة ليقبل دون تردد دعوى أن الذى ألجا إسماعيل إلى استيراد القوانين الغربية أن "أركان المؤسسة الدينية – حسب تعبيره – لم يستجيبوا لرغبة الدولة فى تطوير فقه المعاملات لتتمكن المؤسسة القانونية من الفصل فى المعاملات التى استجدت، بل لقد اعتبروا - حسب قوله – أن ذلك مما لا يحل ولا يجوز" ().
ولم يبين لنا الدكتور عمارة ماهية هذه المعاملات المستجدة لنقدر تمنع الشيوخ، إن كان الخديوى قد طلب منهم شيئا بالفعل، وإن كنا نرى فى هذه الحكاية – فى ضوء شخصية الخديوى – مزحة من ريح إبريل.
حقيقة ومقصد التهمة بضعف الفقه:
الحق أن كل سبب للتدليل على جمود الفقه الإسلامى لا يصفو من الكدر، ومع عظيم احترامى لكل من قبلوا بهذه الأسباب، وعللوا التحول التشريعى، الذى سلخ الأمة من دينها بناء على ما ظنوه دافعا سائغا، فإنى لأتساءل:
ماذا قدمت النهضة الفقهية الحديثة زيادة على فقه المجتهدين الذين تبعهم المقلدون كل هذا التاريخ؟
وهل استطاع مجددو القرن الرابع عشر الهجرى وما بعده أن يغفلوا مؤلفات المقلدين؟ عموم المقلدين، ولا أقول أفذاذ عصور التقليد؟
لقد غيرنا أسلوب الكتابة، ونحينا المذهبية جانبا، فهل قفزنا حقا بالفقه الإسلامى؟
لقد صنعنا نظريات فقهية فهل جاوزنا صنائع المقلدين؟
وقد طفح عصرنا بالمتغيرات فهل استطاع أقوياء الدين، وكاملو المعرفة والعقل () أن يضعوا أصولا جديدة للاستنباط؟
أم أننا لم نزل نرعى الموروث، وننتقى من آراء المتقدمين؟
ولا شك أننا لا نستطيع أن نزعم أن الفقه الانتقائى- المقارن- من وضعنا، فقد سبقنا إليه المقلدون منذ قرون، ومنهم كثيرون تحرروا من المذهبية، وتحكيم الرجال، وتحروا فى الانتقاء والترجيح ما قوى دليله وسلمت حجته.
لقد جمد المقلدون على المنقول سدا لذريعة ادعاء الاجتهاد من غير أهله، فيفترى على الله الكذب، ويتشتت الشمل، ويتفرق الجمع وتتمزق الوحدة، فهم معذورون فيما فعلوا، ولا شك أنهم غالوا فى ذلك، ولكنه لم يكن أبدا الغلو الذى وقف بالفقه عن مسايرة حياة الناس، وأبلغ دليل على ذلك أن أشدهم جمودا- كالأحناف- كانوا شديدى الانشغال بالحيل والبحث عن المخارج، لا ريب أن هذا ليس هو الطريق السوى، ولكنه مظهر صادق على العناية بتوظيف الفقه فى مسايرة الواقع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/314)
والبديل العصرى- فى مستهل عصر النهضة- منه ما غالى فى رد كل موروث اجتهادى، وإن كان قولا لصحابى – كما فعل الشوكانى. ومنه ما تبنى النظرية التوفيقية بين الثقافات- كما فعل الأستاذ الشيخ محمد عبده- "ومن أهم ما ترمى إليه هذه النظرية هو استخدام نصوص الشريعة فى تبرير أنماط الغرب الفكرية، وهو أشر من تقليد هذه الأنماط تقليدا أعمى، لأن الناس يمكن أن يعيشوا على أمل التخلص من الدخيل إذا قامت فيهم حركة أصيلة للإحياء، أما فى الحالة الأولى، وهى حالة اندماج وتفاعل فإن إدراك الحدود بين الأصيل والدخيل تدق وتخفى حتى تكاد تستحيل" ().
وفى الحالات التى اختبرتها وجدت أن من رواد النظريات الفقهية- وأقول الرواد- من بحث تحت تأثير النظرية التوفيقية فانتهى إلى عكس ما تقتضيه الأدلة، وتؤمى إليه المقاصد الحقيقية، ولو دقق فيما تشبث به المقلدون لوجده هو الحق والعدل ().
ومع الحرص البارز على فقه المقاصد فى عصرنا- وهو من تنبيه الأولين وضبط المقلدين- فإن من مشايخنا من خرج به فى بعض فتواه عن إطاره، كفتوى بعضهم فى فوائد البنوك، وقد غفلوا- هم أنفسهم - عنه تماما فى مواضع يجب حفظه فيها، كتوثيق عقود الزواج، والانتفاع بأعضاء الآدمى الحى.
وأخيرا فإن أسباب المعرفة فى زماننا أوسع منها فى أى زمن مضى، فالسنن قد جمعت وضبطت، والمطابع تقذف كل يوم بالأطنان من صنوف المعرفة الفكرية، لا سيما الإسلامية، والكتاب الإسلامى هو الأكثر رواجا وتوزيعا فى القراء، وقد قامت عدة من المجامع الفقهية، ولا تخلو ساعة من منتدى فكرى أو حديث دينى، ووسائل الاتصال جعلت العالم قرية صغيرة، يتناجى سكانها لا يتصايحون، ولا ريب أن كتاباتنا أيسر لفظا، وأضبط ترتيبا وتصنيفا وأحكم صنعة، وقد انعتقنا- بفضل الله وفى الإطار السوى- من ربقة المذهبية، وقطعنا الشوط الأعظم فى جمع المتفرقات وبناء النظريات، وقننا الأحكام فى نصوص قانونية يسهل جداً الرجوع إليها.
فهل عدنا بالفقه إلى ساحات المحاكم عدا دوائر الأحوال الشخصية؟
وهل حكم الفقه حضارتنا المعاصرة فى أكثر جوانبها تخطيطا وإعدادا وثقافة وتنفيذا، ومجابهة لحضارات الآخرين؟
اللهم لا إلا نادرا.
والسؤال: لم، والعلماء كثر، والنوايا صادقة، والمادة ميسورة؟
والجواب: إنها دواعى السياسة، وسطوة النخبة، التى تنعت حركة الإحياء بالرجعية والتخلف، وتتخذ من بعض الصور الشاذة وبعض الخلافات السياسية وسيلة للطعن فى الحركة بأسرها، بينما تمجد التبعية والاستغراب وتخلع علي ذلك أوصاف الحداثة والتقدم والتحضر.
وهذا هو ما كان لنبذ فقه التقليد عن أن يكون حاكما تشريعيا وحضاريا، ففى سبيل إبعاده عن الحياة وإحلال الغريب والمستورد محله رمى بكل سوءة، وقذف بكل ذميم، لتتهيأ الساحة للبديل، لاعن حسن فيه، ولاعن جهل بقدرة الموروث على الوفاء بالحاجة متى حرر من تحكيم الرجال، ولكن عن رغبة عنه وكفى، أما السبب فلأنه مظهر العدو الذى يراد القضاء عليه.
يقول أستاذنا الدكتور يوسف قاسم:
"إن أعداء الإسلام ركزوا فى خطتهم الهدامة على مصر، مصر التى تحطمت على صخرتها أعتى الهجمات البربرية على الأمة الإسلامية، وعلى الحضارة الإنسانية كلها- يعنى هجمة التتر المغول- فكان النصر المؤزر على أيدى أبناء مصر المؤمنين الشجعان.
راجع العدو خطته ورسمها من وجهة أخرى، تختلف عن تلك التى كانت من قبل، فأراد أن يصل إلى هدفه بطريق غير الطريق العسكرى، يتمثل فى الدهاء والكيد للإسلام والمسلمين.
ولعل اختيار محمد على واليا على مصر يخفى وراءه شيئا من تلك الخطة التى فشلت الجيوش الحربية فى الوصول إليها.
فما إن تولى هذا الرجل حكم مصر حتى بدأت القاعدة الشرعية تهتز شيئا فشيئا – على الرغم من أن الشريعة الإسلامية هى الواجبة التطبيق فى ذلك الحين- ثم فى عهد إسماعيل أحاطت الديون بمصر من كل جانب نتيجة الإسراف والبذخ فيما لا ينفع ولا يفيد.
وترتب على كثرة الديون وجود عدد هائل من الأجانب فى الأراضى المصرية، وتبع ذلك ظهور فكرة تفضيل الأجانب الدخلاء على المصريين بالقوانين المختلطة…….وهذه القوانين هى صورة تكاد تكون طبق الأصل من مجموعة نابليون الفرنسية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/315)
ولا ندرى: لماذا اختيرت سنة 1875م بالذات لاستصدار القوانين المختلطة؟ هل لأن والى مصر فى ذلك الحين كان يعلم أن الدولة العثمانية بصدد استصدار قانون مدنى مستمد من الشريعة الإسلامية، وأن هذا القانون تم إعداده ومراجعته وهو الآن فى طريقه ليكون واجب التطبيق، فأراد هذا الوالى أن يقطع خط الرجعة ويتخذ لنفسه مندوحة للابتعاد عن أحكام الإسلام؟
لا ندرى، ولا نستطيع أن نجزم بشئ فى هذا الصدد، ولكن هذا الاحتمال وارد () من غير شك.
وفى السنة التالية مباشرة 1876م صدرت مجلة الأحكام العدلية، ولكن القائمين على شئون مصر فى ذلك الحين لم يرتضوا تطبيق هذه المجلة بحجة أن مصر تتمتع بالاستقلال التشريعى.
ولكن هذه الحجة واهية ولعلها تخفى وراءها أمرا، وقد كان، ففى سنة 1883 صدرت القوانين الأهلية لتحكم المنازعات بين المصريين، فخرجت مصر بذلك عن نظامها الإسلامى الذى ظلت تحكم به ثلاثة عشر قرنا، وصارت من ذلك الحين تحكم بغير ما أنزل الله، باستثناء ذلك النطاق المحدود المسمى بالأحوال الشخصية ولو كان القائمون على الأمر صادقين فى حجتهم لأخذوا بهذا الجهد الصادق الذى قام به الأستاذ الفقيه محمد قدرى باشا فى هذه الفترة بالذات حيث وضع كتابه الشهير "مرشد الحيران فى معرفة أحوال الإنسان" فى أحكام المعاملات، وقد صاغه صياغة دقيقة مرتبة فى شكل مواد تصل إلى 941 مادة كلها مأخوذة من الفقه الحنفى، وقد استرشد فيها بمجلة الأحكام العدلية. ولكنهم لم يريدوا لمصر إلا أن تخرج خروجا يكاد يكون كليا عن نظامها القانونى المستمد من الشريعة الإسلامية" ().
وفى سبيل العودة إلى النظام القانونى المستمد من الشريعة الإسلامية خطت مصر- الحكومة – خطوة عملية بالنص الدستورى – بعد التعديل فى 30/ 4/1980م- على أن "مبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع" () وشكلت اللجان وصيغت النصوص، ولكن أكثرها لم يزل حبيس الأدراج، لعلل أخرى باهتة، والأمل أن يطرد الطعن على النصوص بعدم الدستورية، وأن تتجرأ المحكمة الدستورية العليا على مراجعة حكمها بأن التعديل الدستورى قصد به مخاطبة سلطات التقنين ()، وأنه لا يسرى – كما تقول المحكمة - إلا على القوانين التى صدرت بعد نفاذه ()، فتسقط القوانين المخالفة، والأولى قطعا أن تصدر القوانين الشرعية جملة بالطريق المعهود. والله الموفق.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[27 - 12 - 06, 06:21 م]ـ
الفكرة التي أريد تقديمها هي التالي: أن الاجتهاد لم ينقطع قط في تاريخ الإسلام، إنما أسلوب الاجتهاد ..
أما الظن بأن الاجتهاد انقطع والفقه جمد، فإنما هو عائد للقفزة الحضارية الشاهقة التي مر بها العالم، لا إلى الفقه نفسه، أما الفقه فهو متطور مع الزمان والمكان بحسبه، فإذا ركدت الحضارة ظهر كأنه راكد، وإذا تحركت تحرك معها، لأن الفقه هو البحث في الأحكام الشرعية المستمدة من المصادر التشريعية للحكم على المستجدات الوقتية ...
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[27 - 12 - 06, 09:57 م]ـ
حبذا لو تفضلت شيخنا الفاضل بشرح هذه الرؤية وإسنادها بحجة ودليل فهى فى رأيى تفيد كثيرا فى الدفع فى وجه أولئك الذين يقصدون إلى إشاعة روح الهزيمة بين المسلمين. بارك الله فيك.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[28 - 12 - 06, 04:40 ص]ـ
شرحها هو المقال أعلاه، والتفصيل والتوضيح يظهر جليا بقراءة كتب المتأخرين، خاصة كتب النوازل التي كلها اجتهادات، وحلول لمشاكل وقتية لم تكن لدى من سبق ...
والتمثيل لذلك، يحتاج لمصنف كبير ... فقد رسمنا الخطة لمن أراد مزيد بحث ..
وأنا أرى بأن القول بانقطاع الاجتهاد بمعناه الشرعي دعوى استشراقية الهدف منها توهين عقول السادة العلماء والتقليل من شأنهم ... على أنهم في ديننا ورثة الأنبياء ومداد الدين، كثر الله جمعهم ورزقنا رضاهم بمنه وكرمه ...
ـ[صخر]ــــــــ[02 - 02 - 07, 04:29 ص]ـ
أما الفقه فهو متطور مع الزمان والمكان بحسبه، ...
كيف ذاك شيخنا الحبيب؟
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[07 - 02 - 07, 07:50 م]ـ
المسألة واضحة لا تحتاج لشرح، فإنه كما قال مالك رحمه الله: "يحدث للناس من الأقضية في دينهم مقدار ما أحدثوه من الفجور" ...
ذاك بمعنى، وبمعنى آخر، قد شرحناه في صلب المقال، فيمكن الرجوع إليه ...
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 08:36 م]ـ
وفى سبيل العودة إلى النظام القانونى المستمد من الشريعة الإسلامية خطت مصر- الحكومة – خطوة عملية بالنص الدستورى – بعد التعديل فى 30/ 4/1980م- على أن "مبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع" () وشكلت اللجان وصيغت النصوص، ولكن أكثرها لم يزل حبيس الأدراج، لعلل أخرى باهتة، والأمل أن يطرد الطعن على النصوص بعدم الدستورية، وأن تتجرأ المحكمة الدستورية العليا على مراجعة حكمها بأن التعديل الدستورى قصد به مخاطبة سلطات التقنين ()، وأنه لا يسرى – كما تقول المحكمة - إلا على القوانين التى صدرت بعد نفاذه ()، فتسقط القوانين المخالفة، والأولى قطعا أن تصدر القوانين الشرعية جملة بالطريق المعهود. والله الموفق.
الرئيسى
أنظر لخبثهم، الرئيسي لا الأوحد. أي وفقا للدستور يجوز وجود مصادر أخرى غير رئيسية
قبحهم الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/316)
ـ[صخر]ــــــــ[09 - 02 - 07, 04:11 ص]ـ
وإن تعجب فعجب جعلهم الشريعة مصدرا متأخرا من مصادر القانون الدستوري قبل العرف وقرارات المحاكم
فإلى الله المشتكى.(106/317)
سؤال في أصول الفقه
ـ[كتبي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 06:20 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله،
لقد حاولت أن أجد فروقا تفصل بين الخاص و بين المقيد لكنني لم أصل إلى الآن إلى قاعدة مطردة
و قد ذكر الشيخ عبد الكريم الخضير في أحد أشرطته أن الفرق هو أن التخصيص يكون بالأفراد بخلاف التقييد فإنه يكون بالأوصاف
لكنني وجدت في نفس الوقت الشيخ الأشقر يذكر في كتابه الواضح أن من أنواع التخصيص: التخصيص بالوصف
فهل المسألة مجرد خلافات اصطلاحية بحيث يكون التقييد هو من أنواع التخصيص، و هو التخصيص بالوصف؟
أم هناك فروق واضحة بين النوعين؟
و جزاكم الله خيرا!
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 08:30 م]ـ
بارك الله فيكم وأجزل الله لكم المثوبة والأجر
ومن باب المدارسة:
ذكر الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في شرحه على
" الأصول من علم الأصول" ش 8أ د25 في معرض استطراده عن الفرق بين العام والمطلق:
ما معناه:
أن المقيّد لا يُستنبط من الاستثناء إلا إذا كان الاستثناء على وجه الانقطاع.
أما المخصص يُستنبط من الاستثناء على كل حال.
وضرب - رحمه الله - مثال:
أكرم طالب ---------- هذا مطلق
المقيّد لا يمكن أن يكون: أكرم رجلاً إلا زيداً.
إلا إذا كانت "إلا" بمعنى "لكن".
2 - أ-المقيد: فرد من المطلق على سبيل العموم البدلي
بينما:
ب- المخصص: فرد من العام على سبيل العموم الشمولي
3 - المقيد يرد على المطلق والخاص يرد على العام.
ذكرته من باب الفائدة - نفعني الله وإياك-
ـ[سلطان الوجيه]ــــــــ[20 - 12 - 05, 10:39 م]ـ
ءؤ
ـ[السنافي]ــــــــ[20 - 12 - 05, 11:50 م]ـ
بارك الله فيك،،
قاعدةٌ سريعة: إذا اتضح لك الفرق بين العام و المطلق، سهُل عليك - بإذن الله - معرفة الفرق بين الخاص و المقيّد.
و بهذا يتميز عندك الأمران، فالتخصيص يتسلط على العام، و التفييد يتسلط على المطلق، كلٌّ منهما يعرف بمقابله.
هذا للتوضيح ... و إلا فالحدود و التعريفات إنما جعلت لتمييز الحقائق.
وفقك الله.
ـ[الديولي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 11:43 م]ـ
السلام عليكم
ذهب جمهور الأصوليين - ومنهم الشافعية والمالكية والحنابلة - إلى عدم التفريق بين التقييد والتخصيص حيث يطلقون على كل منهما قصرا أو تخصيصا على سبيل الترادف، وذلك لأن التخصيص عندهم قصر شمول العام على بعض أفراده بدليل، أو هو إخراج بعض ما كان داخلا تحت العموم على تقدير عدم المخصص، والمطلق عندهم نوع من العام فيسمى تقييده قصرا أو تخصيصا
- وذهب الحنفية إلى التفرقة بين التخصيص والتقييد، فقالوا: إن التقييد نوع من قصر العام على أفراده، ولكنه لا يسمى تخصيصا في الإصطلاح، لعدم استقلال الدليل الذي يكون به التقييد عن اللفظ العام في المعنى
وأما التخصيص فهو العام بدليل مستقل مقارن للعام في نزوله ومساوٍ له في قوته
فعلى هذا يشترط الحنفية في المخصص للعام ابتداء إذا كان كلاما أن تتوفر فيه ثلاثة شروط لا يرى الجمهور اشتراطها في المخصص
1 - استقلال المخصص في المعنى، بحيث يكون نصا مفيدا تام المعنى في ذاته
2 - أن يكون مقارنا للعام في زمن تشريعه
3 - مساواته للعام في الدلالة والثبوت، فإذا كان الدليل غير مستقل في معناه فهو عند الحنفية يسمى قصرا لا تخصيصا، ومرادهم من هذا الدليل غير المستقل المخصصات المتصلة، كالصفة والشرط والغاية ونحوها، فإن كلا من هذه القيود لو فصل عما قبله لم يفد شيئا،
على أن الحنفية يجوزون إطلاق لفظ القصر على التخصيص دون العكس، وبذلك يكون القصر عندهم أعم، فكل تخصيص قصر وليس كل قصر تخصيص.
راجع هذه المسألة بكتاب ((المطلق والمقيد للدكتور حمدي الصاعدي))(106/318)
ٍاصول الفقه في سؤال وجواب الجزء الأول
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[01 - 01 - 06, 07:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
ٍاصول الفقه في سؤال وجواب الجزء الأول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون} َ
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي َتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد
فإن اصدق الحديث كتاب الله , واحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار
ثم أما بعد
فهذا جزء بسيط من علم أصول الفقه جمعتها من كتب أهل العلم ورتبتها على هيئة سؤال وجواب ليسهل معرفتها
واسأل الله جل وعلا أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم
محتويات الكتاب
الجزء الاول
الدس الأول:- تعريف أصول الفقه.
الدرس الثاني:- الأحكام الشرعية وأقسامها.
الفصل الأول:- تعريف الأحكام الشرعية.
الفصل الثاني:- أقسام الأحكام الشرعية:-
القسم الأول:- تكليفية.
القسم الثاني:- وضعية.
تقسم الأحكام الشرعية باعتباره على وفق الدليل أو خلافه.
القسم الأول:- الرخصة.
القسم الثاني:- العزيمة.
الدرس الثالث:- مصادر الاستدلال.
الفصل الأول:-أدلة متفق عليها
القسم الأول:- الكتاب.
القسم الثاني:- السنة.
القسم الثالث:- الإجماع.
القسم الرابع:- القياس.
الفصل الثاني:- أدلة مختلف فيها.
القسم الأول:- قول الصحابي.
القسم الثاني:- شرع من قبلنا.
القسم الثالث:- العرف.
القسم الرابع:- الاستحسان.
القسم الخامس:- المصالح المرسلة.
تعريف أصول الفقه
س1) - عرف أصول الفقه؟
نظر علماء الأصول إلى أصول الفقه بنظرتين وعلى ضوء هاذين النظرتين يمكن تعريف أصول الفقه.
النظرة الأولى) - نظرة باعتباره مفرديه ((أي باعتبار كلمة أصول وكلمة فقه)) ويعرف بما يأتي:-
فالأصول جمع ومفردها اصل وهو ما يبنى عليه غيره مثل اصل الشجرة الذي يتفرع منه أغصانها قال الله تعالى {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}
والفقه لغة الفهم قال الله تعالى {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي}. أي يفهموا.
أما اصطلاحاً:- فهو معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية.
فالمراد بالمعرفة هي ((العلم والظن)) لان إدراك الأشياء إم أن تكون:-
اولاً) - العلم:- وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
ثانياً) - الظن:- وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح.
ثالثاً) - الشك:- وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مساو.
رابعاً) - الوهم:- وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد راجح
خامساً) - الجهل:- وهو عدم الإدراك بالكلية.
سادساً) - الجهل المركب:- وهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه في الواقع.
والأحكام الشرعية هي الأحكام المتلقاة من الشرع كالوجوب والتحريم , و الأحكام ثلاثة أنواع:-
ا]- عقليه:- مثل الواحد نصف الاثنين.
ب]- حسية:- مثل النار محرقة.
ج]- شرعية:- مثل الصلاة واجبة.
والشرعية وهى ما تتوقف معرفتها من الشرع ولا تدرك إلا عن طريقه , وتقييد الأحكام بكونها شرعية يخرج الغير شرعية كالأحكام الحسية و العقلية.
والعملية وهو ما يصدر عن المكلف من الأفعال , لان الأحكام الشرعية بحسب متعلقاتها تنقسم إلى:-
أ]- الاعتقادية:- وهى ما يتعلق باعتقاد الناس وتسمى أحكام اعتقاديه مثل الإيمان بالله وملائكته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/319)
ب]- العملية:- وهى ما يتعلق بأفعال الناس التي تصدر عنهم وتسمى أحكاما عملية مثل وجوب الصلاة
ج]- الأخلاقية:- وهى ما تتعلق بتهذيب النفوس وتزكيتها وتسمى الأحكام الأخلاقية مثل وجوب الصدق وتحريم الكذب.
وتقييد الأحكام الشرعية بالعملية يخرج غير العملية وهى الاعتقادية والأخلاقية.
والمراد بقول بأدلتها التفصيلية أي أدلة الفقه المقرونة بمسائل الفقه التفصيلية , فيخرج به أصول الفقه لأن البحث فيه إنما يكون في أدلة الفقه الإجمالية.
النظرة الثانية) - نظرة باعتبار كونه لقباً لهذا الفن المعين فعرفه ((الأصوليين)) بعدة تعريفات نذكر منها ما يأتي:-
التعريف الأول) - هي القواعد التي يتوصل بها المجتهد إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية.
شرح التعريف
1) - القواعد:- والقواعد جمع مفرده قاعدة و القاعدة عبارة عن قضية كلية تشمل جزئيات كثيرة كقاعدة ((الأمر للوجوب)) و ((النهى للتحريم)) وغيرها من القواعد. وبأخذ القاعدة في التعريف يخرج الأمور الجزئية.
2) - التي يتوصل بها المجتهد:- أي أن المجتهد يستطيع بواسطة هذه القواعد الأصولية أن يأخذ الأحكام الفقهية من الدليل التفصيلي.
3) - الأحكام:- جمع مفرده حكم والحكم إثبات أمر لاخر أو نفيه عنه , والأحكام بحسب طريق إثباتها ثلاثة أنواع.
النوع الأول) - عقلي مثل الواحد نصف الاثنين.
النوع الثاني) - حسي مثل النار محرقة.
النوع الثالث) - شرعي مثل الصلاة واجبة.
4) - الشرعية) - وهى ما تتوقف معرفتها على الشرع. وتقييد الأحكام بكونها شرعية يخرج الأحكام الغير شرعية وهى الأحكام العقلية والحسية
5) - العملية) - وهو ما يصدر عن المكلف من الأفعال , لان الأحكام الشرعية بحسب متعلقاتها تنقسم إلى الاعتقادية والعملية والأخلاقية , وتقييد الأحكام الشرعية بالعملية يخرج غير العملية وهى الاعتقادية والأخلاقية.
6) - من الأدلة التفصيلية , والمراد الأدلة التفصيلية الأدلة الجزئية , وهى التي يتعلق كل دليل منها بمسألة مخصوصة , ويدل كل واحد منها على حكم معين , كقوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فإنه دليل تفصيلي تعلق بمسألة معينة وهى الزواج بأمهات , وتفيد حكماً معيناً وهو حرمة الزواج بالأم.
التعريف الثاني) - هو علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد.
شرح التعريف
فبقول الإجمالية ((وهى القواعد العامة)) مثل الأمر للوجوب و النهى للتحريم , فيخرج به أدلة الفقه التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل للقاعدة.
وبقول وكيفية الاستفادة منها أي أن المجتهد يستطيع بواسطة هذه القواعد الأصولية أن يأخذ الحكم , وبتقييد الاستفادة منها يخرج القواعد التي لا يوصل البحث فيها إلى شئ بأن تكون مقصودة لذاتها مثل قاعدة ((العدل أساس الملك)) , والقواعد يجب أن تكون شرعية وكونها شرعية تخرج القواعد التي ليست شرعية كقواعد النحو مثلاً.
وبقول وحال المستفيد , والمستفيد هو المجتهد لأنه يستفيد بنفسه من الأحكام , فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه يبحث في أصول الفقه.
س2) - ما الفرق بين الأصولي والفقيه؟
الأصولي يبحث عن القواعد الكلية , والنظر في الأدلة الإجمالية من حيث دلالتها على الحكم فهو ينظر في كيفيات هذه الأدلة وأحوالها من حيث كونها عامة أو خاصة , مطلقة أو مقيدة , أمراً أو نهياً , ويضع القواعد التي تبين الحكم لكل منها , فيبحث مثلاً في الأوامر فيجد قاعدة كلية وهى ((كل أمر - إذا تجرد من قرينة - يفيد الوجوب)) وهكذا النواهي يجد ((كل نهى - إذا تجرد من قرينة - يفيد التحريم)) , ويبحث في العام فيجد أن ((العام يتناول أفراده قطعاً)).
أما الفقيه فهو يبحث في أدلة الفقه الجزئية ليصل من خلال ذلك إلى معرفة حكم من الأحكام الشرعية العملية , فإذا ما أراد مثلاً معرفة حكم الصلاة , فإنه يبحث في الأدلة التفصيلية المتعلقة بالصلاة فيجد فيما يجد قول الله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} , فينظر في هذا الدليل الجزئي فيجد فيه الأمر بالصلاة.
س3) - ما فائدة أصول الفقه؟
من فوائد أصول الفقه:-
1) - ضبط أصول الاستدلال وذلك ببيان الأدلة الصحيحة من الزائفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/320)
2) - التمكن من الحصول على قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أساس سليم.
3) - تيسير عملية الاجتهاد واعطاء الحوادث الجديدة ما يناسبها من الحكم.
4) - معرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع الخلاف بين العلماء والتماس الأعذار لهم.
5) - بيان ضوابط الفتوى وشروط المفتى وآدابه.
6) - الوقوف على سماحة الشريعة ويسرها , والابتعاد عن الجمود المترتب على دعوى إغلاق باب الاجتهاد.
س4) - ما سبب وضع العلماء لعلم أصول الفقه ومن أول من وضعه؟
إن سبب حمل العلماء على إنشاء هذا العلم إنه عندما كثرة الفتوحات الإسلامية واتسعت رقعة الإسلام أدى ذلك إلى اختلاط الأمة العربية بغيرها من الأمم فدخل في اللغة العربية الكثير من المفردات غير العربية فكثر تبعاً لذلك الاشتباه والاحتمال في فهم النصوص , كما أدت كثرة الفتوحات إلى وجود الكثير من الحوادث التي لم تكن موجودة من قبل والتي لم يرد ما يبين حكمها.
أما أول من وضع هذا العلم فهو الأمام الشافعي رحمه الله تعالى في أواخر القرن الثاني الهجري ثم توالت جهود العلماء فكانت المرحلة الثانية على يد إمامين جليلين هما الخطيب البغدادي وابن عبد البر ثم كانت مرحلة برز فيها جانب الإصلاح وتقويم الاعوجاج لهذا العلم على يد شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم.
الأحكام الشرعية وأقسامها
تعريف الأحكام الشرعية
س1) - ما معنى الحكم الشرعي؟
لغة) -
المنع ومنه قيل للقضاء حكم لأنه يمنع من غير المقتضى به.
اصطلاحاً) -
هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير أو على جهة الوضع.
شرح التعريف
1) - خطاب:- والخطاب يشمل خطاب الله وخطاب غيره من الأنس والجن والملائكة , وبإضافة لفظ الجلالة قيد يخرج خطاب غير الله سبحانه وتعالى.
2) - المتعلق بأفعال المكلفين:- والمكلفين جمع مفرده مكلف , والمكلف هو كل بالغ عاقل بلغته الدعوة وكان أهلاً للخطاب , ولم يمنعه من التكليف مانع.وتقييد بالمتعلق بأفعال المكلفين قيد يخرج الخطاب المتعلق بغير أفعال المكلفين كالتعلق بذات الله عز وجل في مثل قوله تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ومثل المتعلق بالجمادات كقوله تعالى {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي}.
3) - على جهة الطلب أو التخيير أو الوضع:- يعنى أن خطاب الشرع تارة يقتضى الطلب وتارة يقتضى التخيير وتارة يكون شيئاً موضوعاً للدلالة على شئ.
فالطلب يدخل فيه الأمر والنهى ((الأمر طلب فعل والنهى طلب ترك)) وقد يكون الطلب على سبيل الإلزام وهو الواجب أو على سبيل الأفضلية وهو المندوب , وكذلك النهى قد يكون على سبيل الإلزام وهو الحرام وقد يكون على سبيل الأفضلية وهو المكروه , أما على سبيل التخيير فهو المباح.
وأما على جهة الوضع فهو وضع الشرع شيئاً للدلالة على شئ آخر مثل الشرط والسبب والمنع والصحيح والفاسد.
أقسام الأحكام الشرعية
س2) - ما هي أقسام الأحكام الشرعية؟
تنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين هما:-
أ) - التكليفي:-
وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير.
ب) - الوضعي:-وهو جعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً أو منعاً أو صحيحاً أو فاسداً.
س3) - اذكر أمثلة لكل من الحكم التكليفى والحكم الوضعي؟
يمكن أن يجتمع الحكم التكليفى والحكم الوضعي في نص واحد ويمكن أن يفترقا , وسنذكر أمثلة يجتمع فيهما الحكم التكليفى والحكم الوضعي وأمثلة أخرى ينفرد فيها كل من الحكم التكليفى والحكم الوضعي.
أولا) - أمثلة يجتمع فيهما كلاً من الحكم التكليفى والحكم الوضعي.
المثال الأول:-
قول الله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} , فإن في هذا المثال وجوب قطع اليد وهو حكماً تكليفياً وفيه جعل السرقة سبباً في قطع اليد وهو حكماً وضعياً.
المثال الثاني:-
قول الله تعالى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} , فالحكم التكليفى هو إباحة الصيد بعد التحلل من الإحرام , والحكم الوضعي هو جعل هذا التحلل سبباً في الإباحة.
ثانياً) - مثال ينفرد فيه الحكم التكليفى
مثل قول الله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} , فإن هذه الآية تتضمن حكماً تكليفاً فقط وهو وجوب الصلاة والزكاة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/321)
ثالثاً) - مثال ينفرد فيه الحكم الوضعي
المثال الأول:- كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ} , فإن هذا الحديث متضمن حكماً وضعياً فقط وهو جعل الطهارة شرطاً لصحة الصلاة.
المثال الثاني:- وهو قوله صلى الله عليه وسلم {الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ} , فإن هذا الحديث يشمل على حكم وضعي , وهو جعل القتل مانعاً من الميراث.
س4) - ما هي أقسام الأحكام التكليفيه؟
ينقسم الحكم التكليفى إلى خمسة أقسام هي:-
القسم الأول) - الواجب ويسمى ((فرضاً - فريضة - حتماً - لازماً))
القسم الثاني) - المندوب ويسمى ((سنة - مسنوناً - مستحباً - نفلاً))
القسم الثالث) - المحرم
القسم الرابع) - المكروه
القسم الخامس) - المباح ويسمى ((حلالاً - جائزاً))
س5) - عرف الواجب؟
الواجب هو ما أمر به الشرع على وجه الإلزام ((ويثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه)).
شرح التعريف
1) - ما أمر به الشرع:- يخرج ما نهى عنه الشرع وأباحه فيخرج من هذا القيد كلاً من المحرم والمكروه والمباح.
2) - على وجه الإلزام:- يخرج ما أمر به الشرع لا على وجه الإلزام وهو المندوب.
3) - ويثاب فاعله امتثالاً:- يخرج به من فعله لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) - ويستحق العقاب تاركه:- أي إن تاركه يستحق العقاب ولكن قد يعفو الله عنه فقد يعاقب وقد لا.
س6) - ما هي أقسام الواجب؟
يمكن تقسيم الواجب باعتبارين:-
1) - باعتبار المكلف:- وينقسم إلى واجب عين وواجب على الكفاية.
فالواجب العيني:- هو ما وجب على كل شخص بعينه كالصلاة والصيام.
وواجب الكفاية:- هو ماكان الفرض فيه مقصوداً به قصد الكفاية فيما ينوبه فإذا قام به البعض سقط على الآخرين كصلاة الجنازة.
2) - باعتبار وقت أدائه:- وينقسم إلى قسمين مطلق ومقيد.
مطلق:- وهو ما طلب الشرع فعله ولم يعين وقتاً لادائه مثل الكفارات فإن وجبت كفارة اليمين على شخص فإن له أن يؤديها متى شاء.
مقيد:- ما طلب الشارع أدائه وعين لهذا الأداء وقتاً محدداً كالصلوات الخمس وصيام رمضان.
س7) - ما هو الفرق بين الواجب والفرض؟
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن لافرق بين الفرض والواجب وقالوا إن هذين اللفظين مترادفين , وذهب فريق آخر من العلماء إلى أن الفرض غير الواجب فلفرض ما ثبت بدليل قطعي , والواجب ما ثبت بدليل ظني.
وعلى هذا يكون من ترك قراءة شئ من القرآن في الصلاة تكون صلاته باطلة , لأن القراءة فرض لثبوتها بدليل قطعي وهو قول الله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} وأما من ترك قراءة الفاتحة فقط فإن صلاته تكون صحيحة لأن قراءتها ليست فرضاً وإنما هي واجبة فقط , لأنها ثابتة بدليل ظني وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {َ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ}
س8) - عرف المندوب؟
المندوب هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام ((ويثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه)).
شرح التعريف
1) - ما أمر به الشرع:- يخرج ما نهى عنه الشرع وأباحه فيخرج من هذا القيد كلاً من المحرم والمكروه والمباح.
2) - لا على وجه الإلزام:- يخرج ما أمر به الشارع على وجه الإلزام وهو الواجب.
3) - ويثاب فاعله امتثالاً:- يخرج به من فعله لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) - ولا يعاقب تاركه:- أي إن تارك المندوب لا يعاقب على تركه له.
س9) - عرف المحرم؟
المحرم ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام ((يثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقاب فاعله)).
شرح التعريف
1) - ما نهى عنه الشارع:- يخرج ما أمر عنه الشارع وأباحه وهو الواجب والمندوب والمباح.
2) - على وجه الإلزام:- يخرج ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام وهو المكروه.
3) - يثاب تاركه امتثالاً:- يخرج به من تركه لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) - ويستحق العقاب فاعله:- أي إن فاعله يستحق العقاب ولكن قد يعفو الله عنه فقد يعاقب وقد لا.
س10) - عرف المكروه؟
المكروه ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام ((يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله)).
شرح التعريف
1) - ما نهى عنه الشارع:- يخرج ما أمر به الشارع وأباحه وهو الواجب والمندوب والمباح.
2) - لا على وجه الإلزام:-يخرج ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام وهو المحرم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/322)
3) - يثاب تاركه امتثالاً:- يخرج به من تركه لا امتثالاً للأمر فلا ثواب له.
4) - ولا يعاقب فاعله:- أي إن فاعل المكروه لا يعاقب ولكن هذا لايعنى أن نتهاون بالمكروه لأنه يخشى أن يكون هذا المكروه سلماً إلى المحرم كما أن المعاصي الصغار وسيلة للكبائر والكبائر وسيلة إلى الكفر ولهذا يقولون المعاصي بريد الكفر أي موصلة للكفر.
س11) - عرف المباح؟
هو ما لا يتعلق به أمر ولانهى لذاته ((لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب))
شرح التعريف
1) - ما لا يتعلق به أمر:- خرج به الواجب والمندوب.
2) - ولا نهى:- خرج به المحرم والمكروه.
3) - لذاته:- يخرج ما لو تعلق به أمر لكونه وسيلة لمأمور به أو نهى لكونه وسيلة لمنهي عنه فإن له حكم ما كان وسيلة له من مأمور أو منهي وهذا لا يخرج عن كونه مباح في الأصل ((مثل شراء الماء الأصل فيه الإباحة لكن إذا كان يتوقف على الوضوء للصلاة صار شراؤه واجباً فإذا أمر الشرع بشيء فهو أمر به و أمر بما لا يتم إلا به)).
4) - لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب:- أي إن فعله وتركه لا يترتب عليه عقوبة ولا ثواب.
س12) - ما هي أقسام الأحكام الوضعية؟
ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسام هي:-
القسم الأول) - السبب.
القسم الثاني) - الشرط.
القسم الثالث) -المانع.
القسم الرابع) - الصحة.
القسم الخامس) - الفساد.
س13) - عرف السبب؟
السبب هو ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم. ((أي إنه الوصف الظاهر الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم , مثل دخول وقت الصلاة فإنه سبب في وجوبها فيلزم من دخول الوقت وجوب الصلاة متى ما توفرت الشروط وانتفت الموانع , ويلزم من عدم دخول الوقت عدم الوجوب)).
س14) - عرف الشرط؟
الشرط هو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم وكان خارجاً عن الماهية ((أي إنه الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من عدمه عدم الحكم ولا يلزم من وجوده وجود الحكم ولا عدمه كالطهارة بالنسبة للصلاة فإنه يلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة ولا يلزم من وجودها وجود الصحة إذ قد توجد الطهارة وتكون الصلاة باطلة كما لو صلى مستدبراً القبلة مثلاً فهاهنا الشرط موجود وهو الطهارة لكن الحكم غير موجود , كما لا يلزم من وجود الشرط وجود الحكم فلا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة إذ قد يتوضأ لقراءة القران مثلاً)).
س15) - عرف المانع؟
المانع هو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم ((أي إنه الوصف الظاهر الذي يلزم من وجوده عدم الحكم ولا يلزم من عدمه وجود الحكم ولا عدمه , مثل الحيض فإنه يلزم من وجوده عدم صحة الصلاة ولا يلزم من عدمه صحة الصلاة ولا عدمها)).
وعلى هذا فلا بد في وجود الحكم الشرعي من توفر ثلاثة أمور وهى:-
(1) - وجود السبب. (2) - وجود الشرط. (3) - انتفاء الموانع.
فإذا تخلف أمر من هذه الأمور انتفى الحكم الشرعي ولا بد.
ومثال لذلك وجوب الزكاة:-
السبب:- بلوغ النصاب.
الشرط:- حولان الحول.
المانع:- وجود الدين.
فإذا وجد النصاب وحال الحول وانتفى الدين وجب أداء الزكاة.
س16) - عرف الصحة؟
هو الفعل الذي يترتب عليه أثره المقصود منه سواء أكان عبادة أو معاملة.
فالصحيح من العبادات ما برئت به الذمة وسقط به المطلب , مثل ذلك أن رجلاً صلى الصلاة على إنه طاهر من الحدث والنجاسة واستقبل القبلة وأتى بكل شئ وبكل ما يلزم فهذه الصلاة صحيحة.
والصحيح من المعاملات هو ما ترتب أثاره على وجوده كترتب الملك على عقد البيع مثلاً.
س17) - عرف الفساد؟
الفساد ما لا تترتب آثار فعله عبادة كان أو معاملة.
فالفاسد من العبادات:- ما لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب كالصلاة قبل وقتها.
والفاسد من العقود:- ما لا تترتب آثاره عليه كبيع المجهول.
س18) - ما الفرق بين الباطل والفاسد؟
يرى جمهور العلماء إنه لا فرق بينهما , ويذهب فريقاً آخر إلى أن بينهما فرق وهو:-
إن الباطل:- ما لم يشرع أصلا لا بأصله ولا بوصفه كصلاة الحائض وصومها فإنهما لم يشرع لها أصلا.
أما الفاسد:- ما شرع بأصل دون وصف مثل الصيام يوم النحر , فإن الصيام مشروع بأصله لكنه ليس مشروعاً بوصفه وهو كونه في يوم النحر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/323)
ومن ثمرت هذا التفريق - عند القائلين بذلك - في إن الباطل لا يعتد به أصلا ولا يترتب عليه أي أثر بل يفسخ متى اطلع عليه , وأما الفاسد تترتب عليه آثار مع الإثم مثل بيع الربا يفيد الملك للزيادة بالقبض مع الإثم فإن ألغيت الزيادة فلا إثم.
أقسام الحكم باعتباره على وفق الدليل أو خلافه
س19) - تكلم عن أقسام الحكم باعتباره على وفق الدليل أو على خلافه؟
يمكن تقسيم الحكم باعتباره على وفق الدليل أو على خلافه إلى قسمين هما:-
القسم الأول: الرخصة
هي الحكم الثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر.
شرح التعريف
1) - الحكم:- المراد به الحكم الشرعي.
2) - الثابت بدليل:- أي أن الرخصة لا بد لها من دليل فإذا لم تثبت بدليل فلا تجوز الأقدام عليها.
3) - على خلاف دليل آخر:- قيداً تخرج به الأحكام الثابتة على وفق الدليل مثل إباحة الأكل والشرب والنوم إذ لا يوجد دليل يقتضي منع هذه الأشياء حتى تكون إباحتها على خلافه بل هي موافقة للأصل إذ الأصل في الأشياء الإباحة.
4) - لعذر:- والمراد بالعذر ما تتحقق معه مشروعية الحكم ,مثل المشقة والحاجة والضرورة , وعليه فلا يدخل المانع في العذر كالحيض مثلاً لأن إسقاط الصلاة عن الحائض لا يسمى رخصة لأن الحيض مانع.
ويخرج بهذا القيد - لعذر- بعض أنواع العزيمة كوجوب الصلاة والزكاة مثلاً فإن هذه الأحكام ثابتة على خلاف الدليل وهو الأصل إذ الأصل عدم التكليف ومع ذلك فلا تسمى رخصة.
وتنقسم الرخصة إلى أربعة أقسام وهى:-
(1) - الإيجاب. (2) - الندب. (3) - الإباحة. (4) - خلاف الأولى.
فالإيجاب مثالها أكل الميتة للمضطر إذا خاف على نفسه الهلاك , فإن هذا الحكم ثابت بدليل وهو قول الله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} , مع قوله تعالى {فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وهذا الدليل يخالف الدليل على حرمة أكل الميتة وهو قول الله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} فوجوب أكل الميتة للمضطر رخصة لأنه ثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر وهو الاضطرار.
وأما الندب والإباحة فيكون الكلام فيه كما في الكلام على الإيجاب ولكن مع اختلاف حكم الرخصة فقد تكون الرخصة للاستحباب أو تكون للإباحة.
وأما خلاف الأولى فمثاله الفطر في نهار رمضان للمسافر الذي لا يتضرر بالصوم ,فإن جواز الفطر - والحال هذه - ثابت بقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} , فهذا الدليل مخالف لدليل آخر وهو قوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} , وهذا مخالف لعذر وهو مشقة السفر , وإنما كان الفطر لمن لا يتضرر بالسفر خلاف الأولى لقوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
القسم الثاني العزيمة
وهى الحكم الثابت على وفق الدليل أو خلاف الدليل.
وتنقسم العزيمة إلى نوعين:-
النوع الأول) - أحكام ثابتة على وفق الدليل:- مثل إباحة الأكل والشرب والنوم فإن هذه الأحكام ونحوها جاءت على وفق الدليل , وهو الأصل في الأشياء الإباحة.
النوع الثاني) - أحكام ثابتة على خلاف الدليل ولكن لغير عذر:- ومثال ذلك وجوب الصلاة والزكاة والصوم وغيرها من التكاليف الأخرى فإن هذه الأحكام جاءت على خلاف الدليل وهو أن الأصل عدم التكليف , ولكن هذه المخالفة كانت للابتلاء ولم تكن لعذر المشقة ونحوها.
مصادر الاستدلال
تمهيد
اتفق أهل السنة على أن الأدلة المعتبرة شرعاً هي الكتاب , والسنة , والإجماع , والقياس , وهذه الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف إذ يوافق بعضها بعضاً ويصدق بعضها بعضاً لأن الجميع حق , والحق لا يتناقض , كما أن جميع هذه الأدلة ترجع إلى الكتاب.
فالكتاب دل على حجية السنة , والكتاب والسنة دلا على حجية الإجماع , وهذه الأدلة الثلاثة دلت على حجية القياس , لذلك يصح أن يقال إن مصدر هذه الأدلة هو القرآن , باعتبار أنه ماعداه بيان له وفرع عنه ومستند إليه.
وهناك أدلة اختلف العلماء عليها وهى, قول الصحابي , و شرع من قبلنا ,والعرف ,والاستحسان , و المصالح المرسلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/324)
وسوف نقوم إن شاء الله ببيان هذه الأدلة وما هو الدليل على أنها من مصادر الاستدلال , وما هي أقسامها وشروط الاستدلال بها.
الأدلة المتفق عليها
الكتاب - السنة - الإجماع - القياس
أولا: الكتاب
س1) - ما هو تعريف الكتاب؟
الكتاب هو القرآن لقوله تعالى {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} ,ويمكن تعريف القرآن بأنه كلام الله عز وجل حقيقة حروفه ومعانيه , ليس كلامه الحروف دون المعانى ولا المعانى دون الحروف , تكلم الله به قولاًوأنزله على نبيه وحياً وآمن به المؤمنون حقاً, وهو كتاب الله تعالى الذى جعله آية باهرة, ومعجزة قاهرة , وحجة باقية إلى قيام الساعة , وقد تكفل الله سبحانه وتعالى القرآن من التبديل و التحريف فقال جل شأنه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9, نزل به الروح ا لأمين جبريل عليه السلام على النبى الأمى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه.
وقد انعقد الإجماع على أن القرآن نزل على النبى صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام فى اليقظة ولم ينزل منه شى فى المنام, وهذا لا يعنى أن طرق الوحى الأخرى يعتريها اللبس أو يلحقها الشك , فالوحى بجميع أنواعه فى اليقظة أو فى المنام يصاحبها علم يقينى بأنه من عند الله سبحانه وتعالى.
ومن هذا التعريف نستنتج الآتي:-
1) - أن القرآن كلام الله حقيقة هو اللفظ والمعنى جميعاً قال الله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}.
2) - أن القرآن منزل من عند الله نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلام قال تعالى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ}.
3) - القرآن معجزاً أي أن القرآن معجزته من عند الله تعالى أما الحديث النبوي والحديث القدسي فهو ليس كذلك.
س2) - هل القرآن كله نزل باللغة العربية؟
يمتاز القرآن الكريم عن بقية الكتب السماوية الأخرى ((التوراة و الإنجيل وغيرهما)) بأنه نزل باللغة العربية قال الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} وقوله تعالى {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} وقوله تعالى {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا}.وبمقتضى هذه الخاصية فإن ما ترجم من القرآن إلى غير اللغة العربية لا يسمى قرآناً وبالتالي لا يصح الاعتماد عليه في استنباط الأحكام الشرعية سواء كانت الترجمة حرفية أو غير حرفية.
س3) - هناك بعض الكلمات الأعجمية في القرآن مثل المشكاة و غيرها من الألفاظ الأعجمية فما جوابكم على ذلك؟
أن وجود بعض الكلمات الأعجمية في القرآن مثل كلمة ((مِشْكَاةٍ)) في قوله تعالى {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} , وكلمة ((الْقِسْطَاسِ)) في قوله تعالى {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} , وكلمة ((قَسْوَرَةٍ)) في قول الله تعالى {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}.
يمكن الجواب عنها بعدة وجوه:-
1) - أن هذه الألفاظ إنما هي عربية ولكن قد يجهل بعض الناس كونها ألفاظا عربية , وذلك إن لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً و أكثرها ألفاظا ولا يحيط بجميع ألفاظها إنسان غير نبي.
2) - إنه لا يمتنع أن تكون هذه الألفاظ أعجمية وعربية وإن لها معنى في كل لغة فمن نسبها إلى العربية فهو محق ومن نسبها إلى غيرها فهو محقاً كذلك.
3) - ويمكن أن يقال إن هذه الألفاظ اصلها غير عربي ثم عربتها العرب واستعملتها فصارت من لسانها وإن كان اصلها أعجميا.
س4) - ما معنى المحكم والمتشابه في القرآن الكريم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/325)
لقد ورد وصف القرآن إنه كله محكم فقال تعالى {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} , بمعنى أنه متقن غاية الإتقان في أحكامه وألفاظه ومعانيه , فهو غاية في الفصاحة والأعجاز.
كما ورد وصفه أنه متشابه قال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} , بمعنى أن آياته تشبه بعضها بعضاً في الأعجاز والصدق والعدل.
وورد أيضا من أن القرآن منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه قال الله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} , وقد ذهب بعض السلف إلى أن المحكم هو ما لم يحتمل من التأويل غير وجه واحد والمتشابه ما احتمل من التأويل أكثر من وجه , وذهب بعضهم إلى أن المحكم ما اتضح معناه والمتشابه ما لم يتضح معناه وغيرها من الأقوال. ولكن كانت طريقتهم في التعامل مع المحكم والمتشابه متفقه وقالوا الواجب أن يرد المتشابه إلى المحكم ,كما قالوا إن القرآن ليس فيه ما لا معنى له , كما اتفقوا على أن جميع ما في القرآن يفهم معناه ويمكن تدبره وإنه ليس في القرآن مالا يمكن أن يعلم معناه أحد.
س5) - ما هي دلالة القرآن على الأحكام؟
للقرآن الكريم جانبان:- جانب ثبوت وجانب الدلالة.
إما من حيث الثبوت فقد اتضح مما سبق أن القرآن كله متواتر ثابت , وإما من حيث دلالة على الأحكام فإنه قد يكون إما قطعي الدلالة , وإما ظني الدلالة.
س6) - ما معنى أن يكون القرآن قطعي الدلالة وما معنى أن يكون ظني الدلالة؟ قد يكون القرآن قطعي الدلالة , وقد يكون ظني الدلالة.
ومعنى قطعي الدلالة أن لا يحتمل اللفظ إلا معنى واحداً فيتعين حمله عليه ومن أمثلة ذلك.
1) - آيات المواريث
ومنها قوله تعالى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}
فإن النصف والربع والثمن والثلث و السدس مقادير محدودة لا تحتمل أكثر من معنى واحد ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد.
2) - آيات الحدود
ومنها قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} , وقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}.
فإن المائة والثمانين ومثلهما ليس لها سوى معنى واحد وليس للاجتهاد فيها مجال.
ومعنى أن يكون ظني الدلالة هو أن يحتمل هذا الحكم ويحتمل غيره (أي أن اللفظ يحتمل عدة معاني) ومن أمثلة ذلك , قول الله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ} ,فإن الإرضاع يحتمل أن يكون المرة الواحدة , ويحتمل المرات المتعددة , ولذلك اختلف الفقهاء في القدر المحرم من الرضاع فدلالة الآية على أن الرضاع مرة واحده محرم دلالة ظنية.
هذا وقد يكون النص الواحد من القرآن قطعي الدلالة باعتبار وظني باعتبار آخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/326)
ومثال ذلك قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} , فإن دلالة هذه الآية على أصل المسح قطعية , ودلالتها على القدر المطلوب مسحه من الرأس ظنية , ولذلك اتفق الفقهاء على أن مسح الرأس في الوضوء مطلوب واختلفوا في القدر المطلوب مسحه.
س7) - هل في القرآن مجاز؟
المجاز هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح , كاستعمال لفظ ((أسد)) في الرجل الشجاع.
وقد اختلف العلماء في المجاز في القرآن.
فقال فريق من العلماء لا مجاز في القرآن , قال ابن القيم المجاز طاغوت.
وقال فريق آخر بان المجاز جائز في القران ولكن على النحو الآتي:-
يقع المجاز في القرآن كما في قوله تعالى {وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}
فبداء الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر إنما أراد به أهل القرية , لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره , وإنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون.
وعلى هذا يجب من وجود قرينة من إثبات المجاز.
أما في آيات الصفات فلا مجاز ويجب حملها على حقيقتها.
ثانياً: السنة
س1) - عرف السنة؟
السنة في اللغة هي الطريقة والسيرة , حميدة كانت أو ذميمة , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ} مسلم
أما في الاصطلاح , هي ماصدر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير القرآن , وهذا يشمل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله وتقريره وكتابته وإشارته وهمه وتركه.
مثال للسنة القولية قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ} البخاري.
ومثال السنة الفعلية , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ} البخاري.
ومثال السنة التقريرية , قوله صلى الله عليه وسلم للجارية {أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ} مسلم , فأقرها الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك.
ومثال كتابته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ وَقَالَ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ} البخاري.
ومثال إشارته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ {صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا} البخاري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/327)
ومثال همه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ} البخاري.
والمقصود بالترك , هو تركه صلى الله عليه وسلم فعل أمر من الأمور , وهى أنواع.
منها التصريح من الصحابة بأنه صلى الله عليه وسلم ترك كذا , أو لم يفعل كذا , كقول الصحابي في صلاة الْعِيدَ , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ}.
ومنها عدم نقل الصحابة للفعل الذي لو فعله صلى الله عليه وسلم لنقلوه إلينا , مثال ترك النبي صلى الله عليه وسلم التلفظ بالنية عند دخوله في الصلاة.
وهذه الأنواع السابقة ((القولية , والفعلية , والتقريرية , والكتابية , والإشارية , والهمية , والتركية)) قد يدخل بعضها في بعض , فيدخل كل من الكتابة و الإشارة والهم والترك في الفعل.
س2) - ما الذي يدل عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟
يمكن تصنيف أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على النحو الآتي:-
1) - أفعال جبليه تصدر عنه بحكم الطبيعة كإنسان , وذلك مثل المشي والأكل والشرب والنوم ونحو ذلك وهذا القسم مباح , لأن ذلك لم يقصد به التشريع , لكن لو تأسى به متأسي فلا باس من ذلك ويثاب على قصد التأسي , كما ورد عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قَالَ مَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ {رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ} البخاري.
كما ورد عن الإمام أحمد أنه اختفى ثلاثة أيام ثم انتقل إلى موضع آخر اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في اختفائه في الغار ثلاثة أيام وقال: ما بلغني حديث إلا عملت به حتى أعطي الحجام ديناراً.
2) - أفعال خاصة به صلى الله عليه وسلم , واختصاصيتها ثابت بدليل , كالجمع بين تسع نسوة وهذا القسم يحرم فيه التأسي به.
3) - أفعال يقصد بها لبيان التشريع كأفعال الصلاة والحج وغيرهما , وحكم هذا القسم تابع لما بينه فإن كان المبين واجباً كان الفعل المبين له واجباً وإن كان مندوباً فمندوب.
س3) - ما هي الأدلة على وجوب اتباع السنة؟
أولاً) - القرآن:-
•الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}.
•ترتب الوعيد على من يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/328)
•الأمر بالرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} , وغيرها من الأدلة على وجوب اتباع السنة.
ثانياً) - السنة:-
َقولهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ و قَالَ أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ} , وقَولهَِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} البخاري.
س4) - ما هي علاقة السنة بالقرآن الكريم؟
1) - التأكيد:- وتسمى السنة المؤكدة وهى الموافقة للقرآن من كل وجه , ومن أمثلة ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ} , فإن الحديث يؤكد النهى في قوله جل وعلا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}.
2) - البيان:- وتسمى السنة المبينة أو المفسرة لما أجمل في القرآن , كما هو الحال في الصلاة فإن القرآن أمر بها على وجه الإجمال ثم جاءت السنة لبيان أوقاتها وشروطها وموانعها , وكذلك الحال في الزكاة والصيام والحج وغير ذلك من كل ما جاء مجملاً في القرآن ثم تولت السنة شرحه وإيضاحه , ومنها ((السنة البيانية)) تخصيص ما ورد عاماً في القرآن وتقييد ما أطلق في القرآن.
3) - السنة الاستقلالية:- أو الزائدة على ما في القرآن , ومن أمثلة ذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو
خالتها في عصمة واحدة فإن ذلك الحكم لم ينص عليه في القرآن وإنما بينة ذلك السنة وذلك لما يترتب عليه من العداوة والبغضاء بين ذوى الأرحام , وغير ذلك من الأحكام التي استقلت بها السنة عن القرآن.
ثالثاً: الإجماع
س1) - عرف الإجماع؟
يعرف الإجماع اصطلاحاً بأنه اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي.
شرح التعريف
1) - اتفاق:- خرج به الاختلاف ولو من واحد فإذا خلاف ولو واحد فلا ينعقد الإجماع.
2) - مجتهدى:- خرج به العوام والمقلدون فلا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم.
3) - هذه الأمة:- خرج به إجماع غير هذه الأمة فلا عبرة بإجماعهم.
4) - بعد النبي صلى الله عليه وسلم:- خرج به اتفاقهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعتبر إجماعا لأن قول الصحابي كنا نفعل أو كانوا يفعلون كذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يكون مرفوع حكماً لا نقلاً للإجماع.
5) - على حكم شرعي:- خرج به اتفاقهم على حكم غير شرعي فلا دخل له هنا.
س2) - ما هي أنواع الإجماع؟
يمكن تقسيم الإجماع باعتبارين هما:-
أولاً باعتبار ذاته
وينقسم إلى:-
1) - الإجماع القولى:- وهو أن يتفق قول الجميع على حكم , بأن يقول الجميع مثلاً ((هذا حرام , أو هذا حلال)).
2) - الإجماع العملي:- وهو أن يتعامل المجتهدون جميعاً في عصر ما بنوع من المعاملة كأن يتعاملوا بالتجارة مثلاً فإن عملهم هذا يدل على أن ما عملوه مشروع ويفيد جوازه.
3) - إجماع السكوت:- وهو أن يشتهر القول أو الفعل من البعض فيسكت الباقون عن إنكاره.
وقد اختلف العلماء على حجية إجماع السكوت فبعضهم اعتبره حجة والبعض الآخر لم يعتبره حجة وسبب الخلاف هو أن السكوت محتمل للرضا وعدمه ,
فمن رجح جانب الرضا وجزم به قال إنه حجة , ومن رجح جانب المخالفة وجزم به قال إنه لا يكون حجة.
لذلك لا يمكن إطلاق الحكم على إجماع السكوت بل لا بد من النظر في القرائن وأحوال الساكتين وملابسات المقام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/329)
ثانياً باعتبار قوته
وينقسم إلى:-
1) - القطعي:- وهو ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس وتحريم الزنى , وهذا النوع لا أحد ينكر ثبوته ولا كونه حجة , ويكفر مخالفة إذا كان ممن لا يجهله.
2) - الظني:- وهو ما لا يعلم إلا بالتبليغ والاستقراء وقد اختلف العلماء في إمكانية ثبوته , وأصح الأقوال ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميه وهو أن الإجماع الذي ينضبط هو إجماع السلف الصالح وهم الصحابة والتابعون وتابع التابعون ((أي القرون الثلاثة المفضلة)) إذ بعدهم كثرت الاختلافات وانتشرت الأمة.
س3) - ما هي الأدلة على وحجية الإجماع؟
قول الله تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} , ووجه الدلالة بهذه الآية أن الله توعد من يتبع غير سبيل المؤمنين بالعذاب الشديد , ولا يكون هذا الوعيد إلا على شيء محرم , فيكون اتباع سبيل غير المؤمنين محرماً , ويلزم من وجوب اتباع سبيل المؤمنين حجية الإجماع إذ المراد بسبيل المؤمنين ما يختارونه من قول أو فعل أو اعتقاد.
وقوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}
ووجه دلالة هذه الآية أن الله امتدح هذه الأمة بأن جعلها خياراً , ولا يحسن هذا المدح إلا إذا كانوا على صواب , والصواب يجب اتباعه , وهو يدل على حجية الإجماع.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمََ {لَا يَجْمَعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ}
رابعاً: القياس وأنواعه
تعريف القياس
س1) - عرف القياس؟
القياس هو حمل فرع على أصل في حكم لعلة جامعة بينهما.
ومن هذا التعريف نستنتج أن للقياس أربعة أركان هي:-
الركن الأول الأصل
وهو المحل الذي ثبت فيه الحكم , ويسمى المقيس عليه , والمشبه به , والملحق به
الركن الثاني الفرع
وهو المحل الذي لم يرد فيه نص , ويراد معرفة حكمه , ويسمى المقيس , والمشبه , والملحق.
الركن الثالث حكم الأصل
وهو الحكم الشرعي الثابت للأصل بالكتاب أو السنة أو إجماع , أما حكم الفرع فلا يعتبر ركناً لأن حكم الفرع ليس جزءاً من ماهية القياس , وإنما هو ثمرة القياس ونتجته , لأن ظهوره للمجتهد متأخر عن حكم الأصل , فهو لم يظهر له إلا بعد عملية القياس , والركن لا يتأخر عن الماهية.
الركن الرابع العلة
وهى الوصف الذي شرع الله من أجله حكم الأصل ووجده المجتهد في الفرع أيضا.
واليكم هذا المثال الذي يبين هذه الأركان الأربعة:-
وهو قوله صلى الله عليه وسلم {الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ} فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن الوارث إذا قتل موروثه ظلماً وعدواناً فإنه لا يرثه , فحرمان الوارث القاتل من الميراث حكم شرعي , فإذا بحث المجتهد عن علة هذا الحكم فإنه يجد إنها القتل المحرم , وحيثما وجدت هذه العلة غلب على ظنه وجود الحكم معها , لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
ولذلك إذا قتل الموصى له الموصى فانه يمنع من اخذ الوصية لوجود العلة وهى ((القتل غير المشروع)).
•فقتل الوارث موروثه: هو الأصل المنصوص على حكمه.
•ومنع القاتل من الميراث: هو حكم الأصل.
•والقتل المحرم: هو علة الحكم.
•وقتل الموصى له الموصى: هو الفرع.
•
س2) - ما معنى كل من ((تنقيح المناط - تخريج المناط - تحقيق المناط)) عند الأصوليين؟
تنقيح المناط
معنى تنقيح المناط تخليصه من كل ما ليس له دخل في العلية , ويكون ذلك عندما تكون العلة منصوصاً عليها وتكون مشتملة على أوصاف متعددة ولم يوجد ما يعين أحد هذه الأوصاف للعلية.
واليكم هذا المثال الذي يبين هذا:-
قصة الأعرابي الذي جاء فزعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم واخبره بأنه جامع زوجته في نهار رمضان عمداً فأوجب عليه النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة.
فإيجاب الكفارة حكم شرعي على الأعرابي , والذي وقع فيه الأعرابي أمور متعددة هي:-
(1) - الوقاع. (2) - كونه من الأعراب. (3) - كونه في زوجته. (4) - كونه في رمضان معين. (5) - كونه في نهار رمضان متعمداً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/330)
فلكي يصل المجتهد إلى معرفة العلة التي أنيط بها هذا الحكم عليه أن ينقح هذه الأوصاف ويخلصها من كل مالا يصلح لأن يكون علة.
وبالبحث يتضح له أنه لا يصح واحد من تلك الأوصاف أن تكون علة لوجوب الكفارة سوى واحد , وهى الوقاع في نهار رمضان عمداً , وبذلك يتعين أن يكون هذا الوصف هو مناط الحكم الذي هو إيجاب الكفارة , غير أن الفقهاء اختلفوا في أن علة إيجاب الوقاع عمداً في نهار رمضان للكفارة , هل هو لخصوصية فيه فلا يجب في غيره بالأكل ونحوه عمداً؟ أم إنه إنما كان علة لما فيه من انتهاك حرمة الشهر وعليه فإن الكفارة تجب في ما وجد الانتهاك؟
تخريج المناط
هو الاجتهاد في استخراج علة الحكم المنصوص عليه , ولم تثبت علته بنص ولا إجماع , ويتم تخريج المناط بأي مسلك من مسالك العلة عدا النص والإجماع.
واليكم هذا المثال الذي يبين هذا:-
إذا ورد نص بتحريم الخمر , ولم تثبت علته بنص ولا إجماع , فإن المجتهد سيبحث عن علة التحريم , وهذا البحث يسمى تخريج المناط.
فتخريج المناط إذاً هو استنباط علة لحكم شرعي ورد به النص ولم يكن هناك نص ولا إجماع يثبت علته.
تحقيق المناط
هو البحث لغرض إثبات علة الحكم المنصوص عليه في واقعة لم ينص على حكمها.
واليكم هذه الأمثلة:-
المثال الأول) - ورد النص بان علة اعتزال النساء في المحيض هو الأذى بقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} , فينظر المجتهد في تحقيق الأذى في النفاس , فإذا ما تحقق ثبت الحكم المنصوص عليه.
المثال الثاني) - ثبت أن علة تحريم الخمر هي الإسكار , فإذا ما أرد المجتهد أن يعرف حكم شرب النبيذ , فعليه أن يثبت أنه مسكر , فمتى ما اثبت هذه العلة ظهر الحكم.
س3) - لقد دل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة على أن القياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية. اذكر هذه الأدلة؟
الكتاب
•قوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} , والميزان ما توزن به الأمور ويقاس به بينها.
•وقوله تعالى {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} , فشبه الله تعالى إعادة الخلق بابتدائه.
•وقوله {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} , فشبه إحياء الأموات بإحياء الأرض وهذا هو القياس.
السنة
•عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ {أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ} مسلم , ووجه الدلالة هي أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاس دين الله تعالى على دين الآدمي.
•عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ {هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ} البخاري , فهذا قياس مقنع لان البشر كالإبل في هذه الناحية فلا فرق.
وقد استعمل الصحابة القياس ومنها ما ذكر عن عمر بن الخطاب في كتابه إلى موسى الأشعري في القضاء.
أنواع القياس
س4) - ما هي أنواع القياس؟
يمكن تقسيم القياس إلى ثلاثة أقسام بثلاثة اعتبارات وهى:-
باعتبار قوته وضعفه
ينقسم القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين هما:-
1) - قياس جلي:- وهو ما ثبتت علته بنص أو إجماع أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع
من هذا التعريف يتضح أن العلة يجب أن تكون ثابتة بأحد الأمور الآتية:-
•النص وهو الكتاب والسنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/331)
•إجماع العلماء على أن هذه هي العلة , لأن الإجماع سبقا لنا أنه حجة ودليل شرعي فإذا اجمع العلماء على أن هذه العلة لهذا الحكم صارت كالعلة التي نص عليها الشارع.
•ما يقطع فيه ((أي يعلم علم اليقين أنه لا فرق بين الأصل والفرع)).
واليكم هذا الأمثلة لهذه الأنواع الثلاثة:-
أولاً) - ما ثبتت علته بالنص:- وهو قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس إلحاقاً على المنع من الاستجمار بالروثة , فإن علة حكم الأصل ثابتة بنص الدليل وهو حديث عبدا لله رضي الله عنه قال {أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرز فقال ائتني بثلاثة أحجار فوجدت له حجرين وروثه حمار فامسك الحجرين وطرح الروثه وقال:-هي رجس} صححه الألباني , والرجس هي النجس.
ثانياً) - ما ثبتت علته بالإجماع:- وهو نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضى القاضي وهو غضبان , فإن قياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان ثبتت علته بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب
ثالثاً) - ما كان مقطوع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع:- ومثاله قياس تحريم إتلاف مال اليتيم بالبس على تحريم إتلافه بالأكل للقطع بنفي الفارق بينهما.
2) - القياس الخفي:- وهو ما ثبتت علته باستنباط ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع.
ومثال ذلك قياس الأشنان على البر في تحريم الربا بجامع الكيل فإن التعليل بالكيل لم يثبت بنص ولا إجماع ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع إذ من الجائز أن يفرق بينهما بأن البر مطعوم بخلاف الأشنان.
باعتبار إثبات أو نفي الحكم
ينقسم القياس باعتبار إثبات أو نفي الحكم إلى قسمين هما:-
1) - القياس الطردي:- وهو ما اقتضى إثبات الحكم في الفرع لثبوت علة الأصل فيه.
ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ} فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن الوارث إذا قتل موروثه ظلماً وعدواناً فإنه لا يرثه ولذلك إذا قتل الموصي له الموصي فإنه يمنع من أخذ الوصية لوجود العلة وهى ((القتل غير المشروع)).
2) - القياس العكسي:- وهو إثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه.
ومثال ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا} مسلم.
فاثبت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفرع وهو الوطء الحلال نقيض علة الأصل وهو الوطء الحرام لوجود نقيض علة حكم الأصل فيه , وإثبات للفرع أجراً لأنه وطء حلال كما أن الأصل وزراً لأنه وطء حرام.
باعتبار صحته وبطلانه
ينقسم القياس باعتبار صحته وفساده إلى ثلاثة أقسام هي:-
1) - القياس الصحيح:- وهو ما جاءت به الشريعة في الكتاب والسنة وهو الجمع بين المتماثلين ((أن تكون العلة موجودة في الفرع من غير معارض يمنع حكمها)).
2) - القياس الفاسد:- وهو كل قياس دل النص على فساده , وكل من الحق منصوصاً بمنصوص يخالف حكمه فقياسه فاسد.
3) - قياس الشبه ((القياس المتردد فيه بين الصحة والفساد)):- وهو أن يتردد فرع بين أصلين مختلفي الحكم وفيه شبه بكل منهما , فيلحق بأكثرهما شبهاً به.
ومثال ذلك العبد هل يملك بالتمليك قياساً على الحر أو لا يملك قياساً على البهيمة؟
إذا نظرنا إلى هذين الأصلين ((الحر والبهيمة)) وجدنا أن العبد متردد بينهما , فمن حيث أنه إنسان عاقل يثاب ويعاقب وينكح ويطلق يشبه الحر , ومن حيث أنه يباع ويرهن ويوقف ويوهب ويورث ويضمن بالقيمة ويتصرف فيه يشبه البهيمة , وقد وجد أنه من حيث التصرف المالي أكثر شبهاً بالبهيمة فالحق بها.
شروط الاستدلال بالأدلة المتفق عليها
س1) - ما هي شروط الاستدلال بالكتاب والسنة والإجماع والقياس؟
سبق وأن عرفنا أن الكتاب والسنة والإجماع والقياس من الأدلة المتفق عليها , ولكن هناك شروطاً يجب مراعاتها عند الاستدلال بكل منها وهذه الشروط هي:-
شروط الاستدلال بالكتاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(106/332)