بعد طور…
حاجتنا لمنهج أصولي
لقد استجابت الحركة الاسلامية الحديثة لهذه التحديات الفكرية استجابات شتى، فمن الناس من يؤثر الا يلتزم بمنهج مقيد بل يظل طليقا ينتقي من الآراء ما يناسبه ويتخذ مصادر فكره وطرائقه حيث شاء في صفحات الكتب. ويعرض آراءه حسبما يتناسب مع الموقف في اطار الالتزام بالاسلام عامة. وأقل ما يقال في هذا المذهب انه لا يعتمد البناء على منهج اصولي مقرر مهما قدرنا ان الاستقراء يكشف لكل مفكر مذهبا أصوليا خاصة لو كانت الافكار تترتب بغاير وعي كامل. وبعض الناص يتخذ منهجا واسعا لا ينطلق الا من روح الاسلام العامة ومقاصد الدين الكلية، ويرى الرأى الذي تقتضيه تلك المقاصد وتلك الروح أيا كان وبعضهم يترك القضايا الكلية لانه لا يتسوعبها جملة ويقتصر على معالجة القضايا الجزئية التي تلتمس حلولها بيسر في النصوص الجزئية…
سوى انه لا مناص من الاصطلاح على منهج مرضي نتخذه لانفسنا وليس المقصود من المنهج الموحد ان يفضي في النهاية الى اجابات مجمع عليها في كل المسائل فذلك امر يتعذر بما طبع الله عليه الناس من تباين النظر. ولا تستتبع وحدة المجتمع الدين ان يصدر الناس كافة عن رأي واحد في كل قضية فرعية مطروحة، ففي ذلك المجتمع من عواصم التوحيد والمناهج الجماعية للقرار ما يضمن ان الخلاف الفقهي مهما يكن لايؤدي الى تفرق عملي في غاية الامر. وتعود تلك المناهج الموحدة الى مبدأ الشورى الذي يجمع اطراف الخلاف ومبدأ الاجماع الذي يمثل سلطان جماعة المسلمين والذي يحسم الامر بعد ان تجري دورة الشورى فيعمد الى أحد وجوه الرأي في المسألة فيعتمده اذ يجتمع عليه السواد الاعظم من المسملين ويصبح صادرا عن ارادة الجماعة وحكما لازما ينزل عليه كل المسلمين ويسلمون له في مجال التنفيذ ولو اختلفوا على صحته النسبية…
فليس القصد اذن من اتخاذ منهج هو ان ننتهي به الى رأي واحد اذ لو ألجأنا الناس الى رأي واحد وحملناهم عليه لتوقف تقدم الحياة وجمدت دون السعي الدائب لتحسين الكسب وتكييف المواقف حسب ظروف الحياة المتطورة التي تنتج كل يوم أسبابا أقرب للمصالح وتقتضي مطالب متجددة، انما نستهدف من توحيد المنهج ان نحاول رد الخلاف او تقريب اطرافه وتفهم مسائله وان نسد الذرائع في وجه الاهواء الشخصية والقصور في رأي الفرد الواحد…
ويلزمنا في شأن تمهيد المنهج الجامع ما كان لازما على الفقهاء الاوائل لما بدأ الفقه الاسلامي يتسع ويتركب بعد عهد الرسول (ص) والصحابة والتابعين لان الحياة ما كانت لتجمد. وليست صورة التدين ولا مشكلاته التي عاشها الرعيل الاول هي صورة الاسلام الوحيدة ولا الجامدة. فالتحديات التي تطرحها اقدار الله في حاجات الناس وعلاقاتهم ومشكلاتهم تتجدد ابدا ولا بد ان تتبدل تبعا لها صورة الحياة الاسلامية التي تستكمل استجابة المسلمين لتلك التحديات انطلاقا من أصول اعتقادهم ومعايير شرعهم الواحد، ولقد طرأت على عهد الصحابة كثير من القضايا الجديدة وأخذ الصحابة يجتهدون فيما ويذهبون المذاهب في الرأي والفتوى، وقدكان كل من الصحابة المشهورين بالاجتهاد انما يصدر عن منهج في طريقة فقه الدين ولكنهم في بداية الامر ما اجتاجوا الى التواضع على منهج واحد يقدمونه بين يدي الاجتهادات الفرعية لان التطور كان محدودا ولان تربيتهم المحكمة كانت تطبع مناهجهم بسمات موحدة وقد سار على ذلك التابعون والفقهاء من بعد حتى اذا اتسعت وتشعبت الاقضية وتوافرت مادة واسعة من الفقه الفرعي اتجه النظر نحو الجزئيات الاصولية وأخذ الفقه الاصولي يتبلور حتى تمكن للمتأخرة من كبار الفقهاء كالشافعي مثلا ان يعالجوا قضايا اصول الفقه بطريقة منهجية كلية علمية يرتبونها ويؤسسون قواعدها. ومن بعد ذلك اتسعت المعالجات الاصولية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/481)
لكن جنوح الحياة الدينية عامة نحو الانحطاط وفتور الدوافع التي تولد الفقه والعمل في واقع المسلمين أديا الى أن يؤول علم أصول الفقه - الذي شأنه ان يكون هاديا للتفكير - الى معلومات لا تهدي الى فقه ولا تولد فكرا وانما أصبح نظرا مجردا يتطور كما تطور الفقه كله مبالغة في التشعيب والتعقيد بغير طائل. وقد استفاد ذلك العلم فائدة جليلة من العلوم النظرية التي كانت متاحة حتى غلب عليه طابع التجريد والجدل النظري العقيم وتأثر بكل مسائل المنطق الهيليني وبعيوبة كذلك. ومهما يكن الأمر فان الحياة الفقهية قد عمقت الا من بعض الفقهاء المجتهدين الذين جاءوا من بعد، منهم من اتخذ له مذهبا في طريقة الفقه ومنهم من اجتهد على مناهج الاقدمين.
وفي يومنا هذا اصبحت الحاجة الى المنهج الاصولي الذي ينبغي ان تؤسس عليه النهضة الاسلامية حاجة ملحقة. لكن تتعقد علينا المسألة بكون علم الاصول التقليدي الذي نلتمس فيه الهداية لم يعد مناسبا للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء، لانه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها بل بطبيعة القضايا الفقهية التي كان يتوجه اليها البحث الفقهي.
الاصول الفقهية بين الحياة الخاصة والعامة
1 - الاصول التفسيرية وفقه التدين الفردي:
ولا شك ان طرائق التفقه وأصوله تتباين سعة وضبطا مناسبة لنوع القضايا الفرعية المطروحة فمن الاحكام الفقهية ما يتصل بالشعائر مثلا وهي العبادات المسونة التي تشعر من حيث أشكالها بعبادة الله لان هذه الاشكال لا تكاد ترد الا في سياق وسيلة العبادة لله كالصلاة والصوم والحج. والمعروف من استقراء الشريعة ان هذه العبادات قد فصلت في أحكامها تفصيلا دقيقا وتتكثف فيها النصوص بدرجة تجعل مجال التقدير والاجتهاد محدودا جدا ولا يتعدى فقه الفقيه ان يجمع النصوص وان يملأ الثغرات المحدودة حتى يصل ما بين نص ونص وليؤلف الصورة الكلية للعبادة وبذلك تصبح القضة الاصولية كلها قضية تفسير للنصوص استعمالا لمفهومات الاصول التفسيرية ونظرا في معاني العام والخاص والتعارض والترجيح ووجوده الدلالة للنصوص وضوحا او خفاء ودلالة النص المباشرة ودلالة الاشارة ومفهوم المخالفة ونحو ذلك. ولئن كان فقهنا التقليدي قد عكف على هذه المسائل عكوفا شديدا فانما ذلك لان الفقهاء ما كانوا يعالجون كثيرا قضايا الحياة العامة وانما كانوا يجلسون مجالس العلم المعهودة، ولذلك كانت الحياة العامة تدور بعيدا عنهم ولا يأتيهم الا المستفتون من أصحاب الشأن الخاص في الحياة، يأتونهم أفذاذا بقضايا فردية في أغلب الامر. فالنمط الاشهر في فقه الفقهاء المجتهدين كان فقه فتاوى فرعية، وقليلا ما كانوا يكتبون الكتب المنهجية النظرية، بل كانت المحررات تدوينا للنظر الفقهي حول قضايا افراد طرحتها لهم ظروف الحياة من حيث هم أفراد. ولذلك اتجه معظم الفقه للمسائل المتعلقة بقضايا الشعائر والزواج والطلاق والآداب حيث تتكثف النصوص ولا تتسع لمجال الكثير من الخلافات الاصولية حول تفسير تلك النصوص.
2 - الاصول الواسعة وفقه التدين العام:
وانكم لتعلمون ان الحياة الاسلامية الجماعية قد انحرفت كثيرا عن مقتضى شرع الاسلام لقضايا الحياة العامة وانحرف معها الفقه. فالفتاوى المتاحة تهدي الفذ كيف يبيع ويشتري اما قضايا السياسة الشرعية الكلية - كيف تدار حياة المجتمع بأسره انتاجا وتوزيعا واستيرادا وتصديرا وعلاجا لغلاء معيشة او خفضا لتكاليفها - هذه مسائل لم يعن بها اولياء الامور ولم يسائلوا عنها الفقاء ليبسطوا فيها الفقه اللازم. ومثل قضايا الاقتصاد العام التي اهملت قضايا الاوضاع السياسية وتدابيرها العملية وكيف تدور الشورى في المجتمع وكيف يتبلور الاجماع وكيف يكون الامر والطاعة والولاية العامة على وجه الاجمال لم يسأل عن ذلك كثيرا لان الحكومة بكل أمورها العامة قد انحرفت عن مقتضى العقيدة والشريعة الاسلامية منذ زمن بعيد وحينما انحرف الواقع ومرق من الدين. فالفقه بالضرورة منحسرا ايضا عن هذا الواقع. ومن ثم فل كسب الفقه في هذا الجانب: جانب الحياة الاسلامية العامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/482)
وانكم لتعلمون ايضا ان النصوص الشرعية في مجال الحياة العامة أقل عددا وأوسع مرونة وهي نصوص مقاصد أقرب منها الى نصوص الاشكال. فلا تجد في باب الامارة مثلا ما تجده في الصلاة من أحكام كثيرة منضبطة ولا تجد في الاقتصاد ما تجده في الطهارة او النكاح. وقد قدمنا ان هذا الجانب من الفقه المعني بمقاصد الحياة العامة ومصالحها قد عطل شيئا ما بسبب الظروف التي اكتنفت نشأة الفقه وتطور الحياة الاسلامية. ولا غرو اذا ان نكون المفهومات الاصولية التي تناسب هذا الجانب قد اعتراها الاغفال وعدم التطور ايضا. وحينما كانت حياة الاسلام شاملة وكانت الممارسات الاقتصادية والسياسية العامة للمجتمع ملتزمة بالدين نشطت قواعد الاصول التي تناسبها.
من تاريخ منهج الاصول
كان أشهر عهد تشريعي رعى مصالح الامة العامة رعاية شاملة بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولئن لم يكن الامام عمر قد اتخذ لنفسه منهجا أصوليا معلنا في تشريعاته فان لنا ان نستبط من اجتهاداته المختلفة منهجا معينا يتسم بالسعة والمرونة. وبالرغم من ان التابعين وفقهاء المدينة قد ورثوا من ذلك المنهج سعة الاصول فان التاريخ الفقهي اللاحق لم يشهد تطورا لتلك الاصول بل تعطلت تلك الاصول كما تعطلت الحاجات التي اتخد المنهج من أجل الوفاء بها. وفي مذهب مالك بعض تلك الاصول العمرية ولك، مالكا وتلامذته لم يكونوا أولياء امر مسئولين عن رعاية مصالح الامة وساستها بالشرع فلم يستعملوا اصول المصالح بعد أن قرروها وآلت الى التعطيل الكامل. ولا سيما ان الحياة بالمدينة - بعد انتقال مركز النشاط العام عنها - ظلت ضيقة جدا وما اتسعت او تشبعت بما يستدعي الفقه اصوله من الاتساع لاستيعاب المشكلات العامة مع القضايا الفردية.
اما في مناطق حدود الاسلام في العراق حيث دخل في الملة اقوام شتى وقامت حضارة اعمر من حضارة المدينة طرحت اقضية ومشكلات اكثر فبالرغم من ان المنهج الاصويل ظل منهجا فروعيا وان الذين توالوا تطوير الاحكام فقهاء من الرعية ولم يكونوا من المسئولين عن مصالح الرعية العامة الا في مدى محدود «كقضاء ابي يوسف وفقهه» وبالرغم من ذلك اتسع النهج ليسع الحضارة ومشكلاتها واستعملت اصول هي أقرب للوفاء بتلك المشكلات. وهكذا اتسع الفقه العراقي في استعمال العقل والقياس والاستحسان أوسع مما استعمل في المدينة حيث القياس مقبول ولكن الحاجة اليه أدنى. سوى ان القياس الذي استعمل كان قياسا محدودا جدا تضبطه معايير ضيقة اذا استثنينا بعض أبواب الاستحسان وهو الاصل الذي ما انفكت تحاصره المجادلات الفقهية حتى أردته في مهده، وساعد في ذلك ان الحياة الاسلامية التي كانت مزدهرة في عهد أبي حنيفة أخذت تتجمد شيئا فشيئا وما كان لما يوازيها من الجوانب الخصبة الواسعة في التفكير الاسلامي الا ان تتجمد ايضا. والاستثناء الآخر هو ما قدمنا من تولي أبي يوسف القضاء ولكونه قاضيا اضطر ان يعالج بعض القضايا المالية العامة واحتاج في ذلك ان يستعمل ادوات فقه أرحب وأوسع.
وخلاصة القول ان فقهنا الاصولي القديم بعد نهضة حميدة آل الى الجمود العقيم بأثر انحطاط واقع الحياة الدينية نفسها فلم يتطور ولم يولد فقها زاهرا بعد تمامه فنيا. وتجدر الاشارة في هذا السياق الى فقه ابن حزم وهو رجل ذو صلة واسعة بالسياسة وبالحكم وبالقضايا الاجتماعية العامة فلا غرو ان نجد في منهجه الاصولي شيئا من أسلوب واسع هو الاستصحاب الذي فتح بابا لتطوير الفقه بالرغم من التزام ابن حزم بالمنهج الظاهري في تفسير النصوص.
الاصول وحاجتنا للاجتهاد
ان القضايا التي تجابهنا في مجتمع المسلمين اليوم انما هي قضايا سياسية شرعية عامة اكثر منها قضايا خاصة. ذلك اننا نريد ان نستدرك ما ضيعنا في جوانب الدين، والذي عطل من الدين اكثره يتصل بالقضايا العامة والواجبات الكفائية. وأكثر فقهنا من ثم لايتجه الى الاجتهاد في العبادات الشعائرية والاحوال الشخصية فتلك امور يتوافر فيها فقه كثير ويحفظها المسلمون كثيرا ولو ضيعوها أحيانا لا يضيعونها اعتقادا ولايغفلون عنها غفلة كاملة. اما قضايا الحكم والاقتصاد وقضايا العلاقات الخارجية مثلا فهي معطلة لديهم ومغفول عنها. والى مثل تلك المشكلات ينبغي ان يتجه همنا الاكبر في تصور الاصول الفقهية واستنباط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/483)
الاحكام الفرعية، ففي مجالها تواجهنا المشكلات والتحديات والاسئلة المحرجة اما قضايا الفقه التي تعني الفذ المسلم في شعائره و أسرته ونحو ذلك فهي مما كان فقهنا التقليدي قد عكف عليها وأوسعها بحثا وتنقيبا فما تحتاج منا الا الى جهد محدود جدا في التحديد استكمالا لما حدث من مشكلات وطرافة في وسائل الشرح والعرض. وانا لمحتاجون الى ذلك القدر من التجديد حتى في فقه الصلاة الذي يبدو مكتملا في كتب التراث سوى انه يجدينا فيها صدور كتب فقهية جديدة تقدم الصلاة وتشرحها بوجه يناسب اوضاع الحياة ويخاطب العقل المسلم المعاصر. ولكن حاجتنا تلك محصورة، ولو لم نحظ بمثل ذلك العرض الجديد لا نستشعر أزمة كبيرة. ونحن أشد حاجة لنظرة جديدة في أحكام الطلاق والزواج نستفيد فيها من العلوم الاجتماعية المعاصرة ونبني حاجات عصرنا ووسائله وعلومه وبكل التجارب الفقهية الاسلامية والمقارنة لعلنا نجد هديا جديدا لما يقتضي شرع الله في سياق واقعنا المعين. ولكن جاجتنا الى ذلك ليست ذات خطر ولو قنعنا بما هو موجود في كتب الفقه الموروثة تظل حياتنا الاسرية قريبا جدا لمتقضى الدين وان لم تبلغ التحقيق الامثل فهي بفضل النصوص الكثيرة الهادية في القرآن والسنة لن تضل ضلالا بعيدا والمجالات التي نحتاج فيها الى اجتهاد جديد يضبط اعتصامنا بهدى الدين جد محدودة.
أما جوانب الحياة العامة، فالحاجة فيها للإجتهاد واسعة جداً ونحتاج في نشاطنا الفقهي لان نركز تركيزا واسعا على تلك الجوانب وعلى تطوير القوا عد الاصولية التي تناسبها. فالاصول التفسيرية وحدها - وأعني بها قواعد تفسير النصوص. ذاك نظرا لقلة النصوص التي تتعلق بنظام الحياة العامة.ولئن كانت كل آية في القرآن وكل سنة فرعية تؤثر على تلك الحياة تأثيرا ما، فان النصوص المباشرة ليست كثيفة للطبيعة المرنة في وظائف الحياة العامة. وما تقتضيه من سعة. وقد أدى انحسار الطبيعة الدينية للحياة العامة في تاريخ المسلمين الى أن تكون الممارسات والتجارب السابقة ضئيلة كذلك والى أن يكون الموروث الفقهي الذي يعالجها بمثل ذلك. ومن هنا تنشأ الحاجة الملحة للتواضع على منهج أصولي ونظام يظبط تفكيرنا الاسلامي حتى لا تختلط علينا الامور وترتبك المذاهب ويكثر سوء التفاهم والاختلاف في مسائل تتصل بالحياة العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والادارية والدولية وغيرها مما يؤثر على وحدة المجتمع المسلم ونهضته.
نحو اصول واسعة لفقه اجتهادي
وفي هذا المجال العام يلزم الرجوع الى النصوص بقواعد التفسير الاصولية ولكن ذلك لا يشفي الا قليلا لقلة النصوص. ويلزمنا ان نطور طرائف الفقه الاجتهادي التي يتسع فيها النظر بناء على النص المحدود. واذا لجأنا هنا للقياس لتعديه النصوص وتوسيع مداها فما ينبغي ان يكون ذلك هو القياس بمعاييره التقليدية. فالقياس التقليدي أغلبه لا يستوعب حاجتنا بما غشيه من التضييق انفعالا بمعايير المنطق الصوري التي وردت على المسلمين مع الغزو الثقافي الاول الذي تأثر به المسلمون تأثرا لا يضارعه الات تأثرنا اليوم بأنماط الفكر الحديث. ولعل تأثر الفكر الاسلامي الحديث المخلص - ولا أقول الخالص - بالفكر الغربي الآن أقل من تأثر الفكر الاسلامي المخلص قديما بالفكر الغربي القديم.
القياس المحدود
فالقياس كما أوردنا تعريفاته وضوابطه الضيقة في أدبنا الاصولي لابد فيه من نظر حتى نكيفه ونجعله من أدوات نهضتنا الفقهية. وعبارة القياس واسعة جدا تشمل معنى الاعتبار العفوي بالسابقة وتشمل المعنى الفني الذي تواضع عليه الفقهاء من تعديد حكم أصل الى فرع بجامع العلة المنضبطة الىآخر ما يشترطون في الاصل والفرع ومناط الحكم. وهذا النمط المتحفظ من القياس يقتصر على قياس حادثة محدودة على سابقة محدودة معينة ثبت فيها حكم بنص شرعي فيضيفون الحكم الى الحادثة المستجدة. ومثل هذا القياس المحدود ربما يصلح استكمالا للاصول التفسيرية في تبين احكام النكاح والآداب والشعائر. لكن المجالات الواسعة من الدين لايكاد يجدي فيها الا القياس الفطري الحر من تلك الشرائط المعقدة التي وضعها له مناطقة الاغريق واقتبسها الفقهاء الذين عاشوا مرحلة ولع الفقه بالتعقيد الفني وولع الفقهاء بالضبط في الاحكام الذي اقتضاه حرصهم على الاستقرار والامن خشية الاضطراب والاختلاف في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/484)
عهود كثرت فيها الفتن وانعدمت ضوابط التشريع الجماعي الذي ينظمه السلطان.
القياس الواسع
ولربما يجدينا ايضا ان نتسع في القياس على الجزئيات لنعتبر الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصدا لنعتبر الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصدا معينا من مقاصد الدين او مصلحة معينة من مصالحه ثم نتوخى ذلك المقصد حينما كان في الظروف والحادثات الجديدة وهذا فقه يقربنا جدا في فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لانه فقه مصالح عامة واسعة لا يلتمس تكييف الواقعات الجزئية تفصيلا فيحكم على الواقعة قياسا على ما يشابهها من واقعة سالفة بل يركب مغزى اتجاهات سيرة الشريعة الاولى ويحاول في ضوء ذلك توجيه الحياة الحاضرة. وكل القياس يستلزم شيئا من تجريد من الظروف المحدودة التي جاءت سباقا ظرفيا للنص مثال ذلك ما روي عن ان رجلا جاء الى رسول الله (ص) فقال هلكت وقعت على امرأة في نهار رمضان… الخ فتلك واقعة لا تكرر بشكلها الكامل ابدا وربما يحدث مثلها لرجل غير الرجل مع امرأته هو ولكنا رغم ذلك نسقط اعتبار الاعيان ونعدي الحكم بين الواقعتين ولربما يطرأ فساد الصوم في رمضان بغير ذلك الاسلوب من أكل او شرب، ونطرح السؤال هل نتجرد ايضا من اعتبار ذلك الاسلوب ونعتمد كل وجوه افساد الصيام ونتسع في تعديه الحكم او لا نفعل؟ يختلف الفقهاء في ذلك وهكذا يتعرض منهجنا القياسي للسعة او الضيق في درجة التجرد من الظروف الاولى تنقيحا لمناط الحكم الجوهري وليس في الاختلاف على ذلك حرج. اما القياس الاجمالي الاوسع او قياس المصالح المرسلة فهو درجة أرقى في البحث عن جوهر مناطات الاحكام اذ نأخذ جملة من أحكام الدين منسوبة الى جملة الواقع الذي تنزل فيه ونستنبط من ذلك مصالح عامة ونرتب علاقاتها من حيث الاولوية والترتيب. وبذلك التصور لمصالح الدين نهتدي الى تنظيم حياتنا بما يوافق الدين. بل يتاح لنا - ملتزمين بتلك المقاصد - ان نوسع صور التدين اضعافا مضاعفة.
الاستصحاب الواسع
وابلغ الاجمال في مقاصد الدين ما تهدى اليه العقيدة من معنى عبادة الله - سبحانه وتعالى - وهو مقصد يجمع جملة النصوص الشرعية فاذا توخيناه حكمنا بان مطلوب الشرع يشمل كل عمل او نشاط بشري يقصد به عبادة الله الا أن نستثني ما نصت الشريعة على انه لا يحقق ذلك المقصد. وعلى درجة ادنى من الاجمال نلقى كليات الشريعة وانماط تنظيمها للحياة العامة وما نجد في ذلكم من هداية واسعة للمصالح ودرجة اعتبارها وقوتها اذا تعارضت في واقع الحياة. وفي هذه الدرجة من اجمال مقاصد الشريعة نتفق مع أصل آخر من أصول الفقه الوساعة وهو الاستصحاب ومعزى الاستصحاب هو ان الدين لم ينزل بتأسيس حياة كلها جديد والغاء الحياة القائمة قبل الدين بأسرها فما كان رسول الله (ص) مثلا يعتبر ان كل الذي كان ساريا من القيم من قبله لغو باطل ينبغي هدمة لتأسيس الدين على قاعدة جديدة مطلقا. بل كان المبدأ المعتمد ان ما تعارف عليه الناس مقبول وانما ينزل الشرع ويتدخل ليصلح ما اعوج من امرهم. فحينما يطلق الكلام في القران عن الامر بالمعروف فهو ما كان سائدا معروفا الا حيث يصححه الدين، وحينما يدعو القران الكريم بالعدل والقسط فهو مراعاة القيم العدلية التي عرفها الانسان واستشعرها الوجدان المخلص مقرونة مع التصويبات والتقويمات التي ترد عليها من تلقاء الشريعة المنزلة.
وهكذا يقال في القسط والخير والظلم والاحسان والاساءة بل في نظم الاسرة وفي الشعائر. فقد كانت الحياة تقوم على كثير من اثارات الحق الذي اورثته الديانات او اهتدت اليه الفطرة البشرية وجاءت الشريعة الخاتمة تحيي ما درس وتقوم ما اعوج وتكمل ما نقص فما جاءت فيه بنص يعتمد المعمول به او يصوبه فالشريعة حاكمة، وما تركته عفوا فهو متروك لما يقدر فيه البشر فيعروفون وينكرون وفقا لما تهدي اليه الفطرة المنفعلة بمعاني الدين المنزل. وفي الكتاب والسنة نصوص مباشرة تدل على قبول قاعدة الاستصحاب تأكيدا للدليل العام الذي تلقيه كما تقدم في استقراء وقع التنزيل مع الحياة السابقة. وحسب قاعدة الاستصحاب الفقهية: الاصل في الاشياء الحل وفي الافعال الاباحة وفي الذمم البراءة من التكليف، وكل ما تطوقه المؤمن يقصد به وجه الله عبادة مقبولة، وكل ما اخذ لمتاع الحياة الدنيا عفو متروك لا له ولا عليه الا ان يرد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/485)
النص فينفي صفة العفاء او الاباحة عن فعل معين واذا جمعنا اصل الاستصحاب مع أصل المصالح المرسلة تتهيأ لنا أصول واسعة لفقه الحياة العامة في الاسلام…
والترتيب النظري هو ان يبدأ المجتهد بالنصوص مستعملاً القواعد الفقهية التفسيرية ثم يتسع في النظر باستعمال هذه الاصول الواسعة من مصلحة واستصحاب. وهذا ترتيب نظري لا بد من تقريره لتستقيم اولويات النظر والتقدير ولكن عملية الاجتهاد في الواقع عملية مركبة، اذ لا ينفك المجتهد وهو يقبل على النصوص من تأثر بالواقع الذي يعيشه بمصالحه وأسبابه وتأثر بالثقافة الفقهيد التي اخذها نقلا عن السالفين ولاينبغي له كذلك ان يقدر المصالح الا منفعلا بتقديرات النصوص ومعاييرها حتى لا يغني اصل عن أصل ولا ينفصم النقل عن العقل ولا الشرع عن الواقع وما يكاد يكون من حكم يتلقاه المجتهد مباشرة من معنى قرآني الا احتاج بعده في كل حال ان يرجع الى واقع السنة التي مثلت تطبيقا واقعيا لهدى القرآن فيزيد الحكم بيانا. ثم يلزم النظر الى واقع التطبيق لان الفهم الذي يتبادر اليك من النصوص نظرا قد تلفيه عند التطبيق مؤديا الى حرج عظيم او محدثا من الآثار ما يأباه نص اخر او مصلحة اخرى مقدرة في الدين، فلا بد من النظر في الاسباب والعواقب والمصالح لا سيما في مجال الاحكام المتعلقة بالحياة العامة حيث لا يغني المنهج التفسيري وحده وحيث التطبيق وما يؤدي اليه تصور اكمل للمصالح والمقاصد امر لازم.
أصول ضوابط للفقه الاجتهادي الشورى والسلطان
وحينما نحيي الاصول الواسعة التي عطلت في الفقه الاسلامي التقليدي تنشأ لنا الحاجة الى ضبط نتائج الاجتهاد فيها. لان سعتها تؤدي الى تبيان المذاهب والآراء والاحكام وأهم الضوابط التي تنظم المجتمع المسلم وتتدارك ذلك التباين هي ان يتولى المسلمون بسلطان جماعتهم تدبير تسوية الخلاف ورده الى الوحدة مما لا يتسير ان ترك امر الاحكام حرا لا يرتهن الا بآراء الفقهاة وفتاواهم. ويتم ذلك التنظيم بالشورى والاجتماع ليتشاور المسلمون في الامور الطارئة في حياتهم العامة فالذي هو اعلم يبصر من هو اقل علما والذي هو أقل علما يلاحق بالمسألة من هو اكثر علما ويدور بين الناس الجدل والنقاش حتى ينتهي في آخر الامر الى حسم القضية: اما بأن يتبلور رأي عام او قرار يجمع عليه المسلمون او يرجحه جمهورهم وسوادهم الاعظم، او تكون مسألة فرعية غير ذات خطر يفوضونها الى سلطانهم وهو من يتولى الامر العام حسب اختصاصه بدءا من أمير المسلمين الى الشرطي والعامل الصغير. ولا بأس مع هذه الضوابط - من اجماع تشريعي او امر حكومي - لا بأس من أن تكون الاصول الفقهية التي تستعمل واسعة جدا او أن تكون الاصول الفقهية التي تستعمل واسعة جدا او ان تكون الفتاوى الفرعية الناشئة عنها مختلفة جدا بل ان كثرة الخيارات المتاحة بشورى المسلمين وغزارة المادة المعروضة تحضيرا لقرارهم امر في مصلحة واضحة.
أهلية الاجتهاد واطاره
والى جانب هذه الاجراءات الرسمية التي تشكل ضمانة لرد اختلاف الرأي وشتاته الى وحدة ونظام تقوم نظم لاهلية التصدي للاجتهاد تكفل تأسيس التفكير الديني على علم واف يضبط الهوى الذاتي ويقرب عناصر الفكر. فالمجتهد الاوثق هو الاتم من غيره احاطة بعلوم الشريعة واللغة والتراث واحاطة كذلك بعلوم الواقع الطبيعي والاجتماعي وهما شعبتا العلم وحيا ونقلا وتجربة وعقلا، ولا تقوم الحياة الدينية الا بهما معا. وتسود بين المسلمين معايير في درجات العلم الاتم ودرجات السيرة الا قوم يستعملونها ليميزوا اهل الفقه من المفكرين ويرتبوا اقدارهم النسبية ليولوهم بناء عليها ما يستحقون من اعتبار عند ترجيح الآراء. وتقدير اهلية الاجتهاد مسألة نسبية واضافية ولكن بعض الكتاب المتنطعين في الضبط والتحفظ يتوهمون انها درجة معينة تميز طبقة المجتهدين من عامة الفقهاء وما الاجتهاد الا وظيفة في استعمال العلم والعقل يتربى عليها المتعلم ويترقى نضوجا ورشدا وتتفاوت فيها الطبقات المفكرين الذين ينبغي ان يعمر بهم المجتمع المسلم. فاذ عنينا بدرجة الاجتهاد مرتبة لها شرائط منضبطة فما من شيء في دنيا العلم من هذا القبيل، وانما أهلية الاجتهاد جملة مرنة من معايير العلم والالتزام تشبع بين المسلمين ليستعملوها في تقويم قادتهم الفكريين. فمن ألفوا لديه علما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/486)
مناسبا وثقوا فيه ثقة مناسبة، ومن رأوا عنده علما كثيرا وصدقا في الالتزام اولوه ثقة كبيرة واتخذوه اماما مقدم الرأي، ومن لاحظوا زهادة علمه او قلة اخلاقه سمعوا قوله واستخفوه او اهملوه. وقد ينظم المجتمع أحيانا ضوابط شكلية مثل الشهادات ليكون حمل شهادة الجامعة مثلا امارة لاهلية بدرجة معينة وحمل الشهادة الاعلى ايذانا باستحقاق ثقة أعلى وهكذا. وربما يترك الامر أمانة للمسلمين ليتخذوا باعرافهم مقاييس تقويم المفكرين.
ومهما تكن المؤهلات الرسمية فجمهور المسلمين هو الحكم وهو أصحاب الشأن في تمييز الذي هو أعلم وأقوم وليس في الدين كنيسة او سلطة رسمية تحتكر الفتوى او تعتبر صاحبة الرأي الفصل فالامة التي لا تجمع على ضلالة هي المستخلفة صاحبة السلطان تضفي الحجة الملزمة على ما تختار من الاراء المتاحة ولكل فرد فيها ان يشارك في تطوير رأي الجماعة بنصيبه من العلم وعليه ان يحصل لنفسه علما خاصا بقدر ما يمكنه من تمييز ما هو معروض في سوق العلم. وان لم يكن للسلطة العامة في المجتمع ان تقنن ذلك فان لها ان تقنن نهضة العلم والفكر بتنظيم وتيسير التأهيل والاجتهاد وتأسيس معاهد للبحث بدلا من ان يترك كل متعلم يحاول التحصيل ويطمع في الاحاطة بكل علوم الشريعة واللغة والعلوم الحديثة لا سيما ان مدى ما ينبغي الاحاطة به من علوم التراث والعصر اصبح معجرا للفذ من العلماء. ولا يستطيع العالم ان يخوض في الاجتهاد دون ان يلم بعلوم الشريعة ولا ان يعبر عن نفسه دون معرفة اللغة وما لم يعرف علوم الاحصاء لايستطيع ترجيح رأي في الطلاق على رأي اخر باستقراء مدى النتائج التي تؤدي اليها فتواه وخطورتها وأثرها على سلامة الامة واستقرارها وعلى سائر مصالح المجتمع. فسيدنا عمر رضي الله عنه لما عرف في كثرة الحلف بالطلاق اثرا معينا على الالتزام والعهد امضى في المسألة حكما غير الذي كان معهودا. وبغير الاقتصاد مثلا لا يتمكن الناظر من تقرير رأيه في الحاجة للنفقات في قوانين الاحوال الشخصية او في مداها فضلا عن الافتاء في الاوضاع والاحكام المالية في الدولة الاسلامية.
وانه لجد عسير على مجتهد او مفكر واحد ان يلم بكل هذه العلوم من تلقاء كسبه الخاص ولا بد للدولة من أن تقيم معاهد للبحوث يتعاون فيها العلماء فيأتي كل واحد متخصص بنصيب من العلم. ولا بد للدولة من الجامعات لتؤهل المتعلمين وترتب الشهادات بما يمكن الناس كما قدمنا من تمييز أهل الفقه ودرجاتهم لاعلى وجه الالزام بل النصح للرأي العام.
التقنين
وعلى الدولة أخيرا حين تصدر الآراة والمذاهب ان تعقد الشورى وتقنن الآراء والاحكام المعتمدة، بل عليها ان تحتاط لذلك التقنين والتدوين تنظيما مسبقا لحياة المجتمع الرشيد واذا كان النمط التقليدي هو ايكال امر تطوير الاحكام للفقهاء الذي ينتظرون الحادثات والمسائل ليستنبطوا لها المعالجات والفتاوى، فشأن المجتمع الرشيد الذي يتخذ لحركته وجهة مقررة ولا يركن الى العفوية والتجريدية ان يخطط نظامه القانوني ما أمكن. والواقع ان المسلمين قديما لما توافر لهم كسب كثير من الفتاوى والفقه أخذوا يرتبون الاحكام في مدونات ليست كتبا فقهية تورد الادلة الشرعية وتعالج وجوه النظر من حواشي الايضاح والاستدلال وتحرر في لغة واضحة تخاطب الافهام بشيء من البرود وهذه المصنفات اشبه شيء عندنا بالمدونات القانونية الحديثة فيها معنى وضوح الاحكام لمن يريد الاطلاع عليها وفيها ما يعيب هذه المدونات الحديثة من تجريد الاحكام فما ينبغي وصلها به من الاسناد الى اصول النصوص وربطها بنظام الشريعة ومقاصدها ووصلها بالعامل الاخلاقي في الدين حافزا ووازعا. فالنشاط الفقهي ينبغي ان يظل حرا مباحا ولكن الامم لابد لها من سلطان عام يرعى تنظيمه وتوظيفه لتوجيه المجتمع وضبط حركته.
الحركة الفقهية من طور التجميد الى التجديد الخوف من الحرية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/487)
ولربما يدقر المرء بعد كل ما قدمنا ان هذا التصور للامور يؤدي الى خطر عظيم. فلو فتحنا حرية الاجتهاد بهذا المعيار النسبي الواسع للاهلية وضممنا الى الاصول التفسيرية المنضبطة اصولا اجتهادية واسعة كالمصالح والاستصحاب فان المذاهب عندنا ستختلف اختلافا بعيدا وقد قدمنا الرد الشافي على ذلك في ايضاح دور سلطان المجتمع في اعتماد الآراء المعقولية ووضعها قانونا ملزما من دون سائر الاجتهادات. والحق ان الحذر من مغبات حرية الاجتهاد متمكن منا بدرجة بالغة. والشاهد على ذلك انك حتى في دوائر الذين يدعمون عموما لفتح باب الاجتهاد تجد من يبلغ به الفزع منتهاه اذ صادف رأيا جديدا لم يقل به قائل من السلف. وكأن المقبول في المجتهد هو فقط ان ينقب حتى يجد في المسألة رأيا قديما يناسب الظروف او حجة جديدة تؤيد رأي امام قديم. أما اذا تجرأ المفكر على توليد رأى جديد او فند الآراء القديمة جملة فذلك يدعو للخوف المبالغ فيه على مصائر الدين وانما جعل الاجتهاد نظاما ثابتا في الحياة الدينية بظروفها المتجددة لتتولد الآراء الجديدة استجابة للتحديات المتقلبة واقدار التاريخ المتحركة. ومهما يكن فانكار الجديد هو سنة اجتماعية معروفة وعن طريقه يعمل المجتمع عملية التوازن بين عناصر الثبات وعناصر الحركة لئلا يجمد المجتمع فيموت ولا يعربد فينحرك كذلك. فانكار المحافظين المتزمتين ظاهرة تتحرك في وجه كل اجتهاد جديد وتنشط بقدر هجمة حملات التجديد. وما دمنا في أوضاعنا الحاضرة نعاني من جمود طويل ومن مخلفات اجتهاد مضيع تركت ثغرة كبيرة في نظام احكامنا الفقهية فاننا نستقبل عندما تتحرك حملة تجديد ضخمة تستدرك ذلك الفوات ونحن بذلك شاهدون بغير شك توازن ردة فعل محافظة تحاصر الجديد وتتهمه وتحمل عليه مثل الحملة التي جابهها ابن تيمية وحركته عندما قام ليجدد أمر الدين بعد جموده بضعة قرون فقط، ويستدعي القيام بتكاليف الاجتهاد في مثل ظروفنا جرأة في الرأي وقوة في البصر على ضغوط المحافظين لا سيما ان التجديد لن يكون محدودا بل واسعا يكاد يشكل ثورة فقهية تصلح الاصول مع الفروع وتسعى لتبدل الاحوال بسرعة الذي تذكر بعد غفلة طويلة.
الاعتدال ام الاقدام
وان يكون الاتزان بين الثبات والتطور حكمة مطلوبة فان مخاطبة المجتمع المسلم الحاضر بمعاني المحافظة والحذر من التغيير بقدر مساو لمخاطبته بدواعي النهضية والحركة انما هو في مثل ظروفنا وضع للامور غير مواضعها وسبب لاضرار بالغ بالمجتمع ودينه. والخطاب المناسب لمجتمع نائم خامد قرونا طويلة ان نبادره بالمنبهات ودواعي الحركة الحرة وان نصيح له ان تيقظ! جاهد! اجتهد! حتى اذا جاد بالحركة وتباركت نهضة لدرجة نخشى عليه فيها الجنوح والفوضى عندئذ يجوز ان ندعوه لما هو الاسلم والاحوط. ولكن المسلمين في عهود الانحطاط ركزوا على معاني المحافظة تركيزا شديدا. فالحياة الدينية في عهود الانحطاط منحسرة دائماً تمرق اطرافها من الدين والارض منحسرة تقع أقاليمها في قبضة دار الكفر ولا مطمع للدعاة حينئذ ان يطالبوا الناس بالاقدام في الحياة والارض بل غاية همهم ان يدعوا الى المحافظة: احفظوا ما بقي من دينكم تورعوا من الشرور المخوفة حاذروا من كل جديد فانه لم يأتي الا ببدعة فالسلامة وراءكم والخطر امامكم وظل هذا الشعار تتوارثه العهود وتدعمه بالتربية المتورعة غير المقدامة التي تذكر بالخوف من الله واتقاء الشبهات والمحارم ولا تشفع ذلك كثيرا بالتذكير بالرجاء والندب الى الصالحات والمبادرات وسن السنن الحميدة. وانك ان أردت للمرء ان يتقهقر حذرا خوفته واذا أردته ان يتقدم رجيته في الله والخوف والرجاء شعبتان من الايمان متكاملتان، ولكن عمل الصالحات العلى يجد دوافعه في رجاء الجنة والرضوان وفي معاني التفاني في حب الله وشكره، بينما يجد النهي عن تعدي حدود الله وازعه في الخشية من غضب الله وناره. واستمع ان شئت لامام خطيب جمعة تجده يحاصر الناس بالتخويف ولا يحفزهم بالرجاء الا قليلا وتجده يذكر التقوى اكثر من الجهاد والورع اكثر من عمل الخير. وأقرأ ان شئت لمتأخرة العلماء تجدهم يؤثرون الاسلم والاحوط والاضبط وهكذا…
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/488)
وهذه الروح في تربيتنا الدينية لا بد من أن تتجاوزها الآن ولا نتواصى اليوم بالمحافظة بل لا ينبغي اطلاق الدعوة الى الاعتدال لاننا لو اعتدلنا نكون قد ظلمنا ولم اقتصدنا نكون قد فرطنا. فالمطلوب ان نتلقى اليوم من حصة الكلام كل منبهة منعشة منشطة وان نشيع من الدين ما يناسب المقام وما يقتضي الحال كالتدبر والاجتهاد والتبليغ والدعوة. واني لا اتخوف على المسلمين كثير من الانفلات بهذه الحرية والنهضة فالحس الاسلامي في تاريخه القديم استقام في وجه كل الابتلاءات والفتن الفكرية التي ابتلاه الله سبحانه وتعالى بها فحاصرها وتجاوزها بل تجده من تلقاء النفس يراعي التحفظات اللازمة. فما كان ثمة من قانون شرعه الله او وضعه سلطان يلزم المسلمين بالاقتصادر على بضعة مذاهب بعينها ولكن هم الذين تراضوا على ذلك عرفا وعفوا بغير أوامر. فالمسلمون - حسب عبرة تاريخهم - يتحلون في أمر تنظيم صفوفهم بوعي لا بأس به حتى ايام كانوا محرومين من نظام الدولة الواعية الراعية، ولا ينقص المسلمين ذلك كما ينقصهم ان دواعي النهضة لم تكن متوافرة. وهكذا استمرت فترتهم بعد النهضة الاولى قرونا طويلة. وقدر التاريخ كله ان الايام تكون دولا وان الله يبتلي الناس فيؤخرهم ليتقدموا استجابة للابتلاء. فاذا انتابتهم دورة فقر وتخلف اقتصادئي فأسعفهم الايمان قالوا لينيروا الارض ويعمروها واذا هضم حقهم او سلبت ارضهم في دورة ذل قاموا ليقبلوا الدورة بجهاد جديد مستنصر بالله.
والمسلمون في جملتهم قد أعقبوا كل نكسة بنهضة وما هبطت حياتهم الدينية في بلد الا تناهضوا وبارك الله لهم في بلد آخر من الحجاز الى الشام الى العراق ومن الشرق الى الغرب والاندلس ومن الشرق في الهند وفي بلاد العرب وفي افريقيا الى القرن الاخير ولكن الخط البياني العام ما ينفك منحدرا منذ زمان الى يومنا هذا. ولا بدن من ان نتعظ بتاريخ نهضتنا المتعثر ونفي بحاجات التحدي الذي يجابهنا اليوم ويكاد يجتاح ذاتيتنا الفكرية والحضارية ولابد من ان نضاعف الاجتهاد لاستكمال تصور ما يقضيه عليها الدين ونضاعف الجهاد لنمكن ذلك التصور في العمل والواقع ولا يمكن لجيلنا ان يتكل على اجتهادات الغير ومجاهداتهم وحدها فقد أدوا واجب الدين فيما يليهم من زمان وظروف وعلينا ان نؤدي ما يلينا ويلزمنا. لذلك ينبغي التركيز في دعوتنا للناس وكلامنا للمسلمين على دواعي الجهاد لا سيما بالنسبة للبلاد التي تجاوزنا فيها مرحلة الدعوة العامة لنظام الاسلام او التي يتمكن فيها الاعتقاد العام بحق الناظم الاسلامي. ففي مرحلة الدعوة الاولى في قرننا كانت أصول الدين الاساسية ذاتها غير مقبولة، وكان المتسلطون على المجتمع ينكرون ان يسود الاسلام على الملوك وعلى البنوك. اما اليوم فاننا نستشرف في مواضع كثيرة عهود تحكيم الاسلام وتنزيليه من تجريد العمومات الى ارض الواقع تفصيلا وتدبيرا ولا غنى لنا اليوم من اجتهاد يكون واسعا وكبيرا جدا كما قدمنا ويغلب كما قدمنا - ايضا - ان يتجه هذا الاجتهاد الى جوانب الحياة العامة التي أهملت من قبل لاننا في أبواب الشعائر مثلا يمكن ان نكتفي بالمادة الفقهية الموجودة بغير حرج كبير ما عدا طريقة التقديم وانما يتجه جهدنا الاكبر لجوانب الحياة العامة ولتطوير الاصول الفقهية التي تناسبها بدءا من الاصول التفسيرية الى الاصول الاجتهادية الواسعة.
التحديات الخارجية والداخلية
ويجابهنا في سبيل النهضة بفقه الدين تحد خارجي وهو اننا في الاستعانة على عبادة الله فكرا واجتهادا بكل ما كسب البشر من علوم قد نقع في اسر الغزو الثقافي فتتغير معاييرنا من حيث لا نشعر وهذا خطأ نبه اليه كثيرون ولا حاجة بي للاستفاضة في بيان مغازيه واننا ايضا نجابه تحديد داخليا من تلقاء مجتمعنا المسلم مما لم ننتبه اليه ونتعلم كيف نعالجه فمجتمعنا يقوم بمفهومات واعراف وصور تقليدية يؤمن انها تمثل الدين ويغار من أدنى مساس بها، وعندما نحاول تجديد التدين وتبديل صورة الحياة الاسلامية الموروثة فمؤكد ان يثور المجتمع التقليدي بتصوراته وأوضاعه وما عهد من مذاهب وطرق اضفى عليها التراث قداسة وأضافها الى جوهر الدين الباقي ولابد من ان نتهيأ لنتعامل مع هذا التحدي كما نتهيأ للتحدي الغريب. فنظام الاسلام التقليدي المتمكن في كثير من البلاد المعروفة يشكل اوضاعا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/489)
اشبه بوضع الكنيسة في المجتمع النصراني. وأمراض التدين كلها تتشابه مع اختلاف الملل كما حذرنا الرسول (ص) حين تكلم عن اتباعنا لسنن من قبلنا والصراعات بين الكنيسة والمجددين معروفة وفيها عبرة لمن أراد ان يتصور مصائر الامور الدينية عندما تنشط حركة التجديد عندنا. ومن توفيق الله ان حفظ للمسلمين اصول شريعتهم ليستظهر بها المجددون الذين تتمثل حركتهم في الرجوع الى المنابع وعدم التقليد للموروث. ومن حسن حظنا في السودان اننا في بلد ضعيف التاريخ والثقافة الاسلامية الموروثة وقد تبدو تلك لاول وهلة نقمة ولعلها ببعض الوجوه نعمة اذ لا تقوم مقاومة شرسة لتقدم الاسلام المتجدد ذلك في مرحلة الانتقال ولكن يلزمنا حتى بعد تمكن المجتمع المسلم نظرا لامكانات الخلاف الواسعة ان نعتصم اعتصاما زائدا بما قدمنا من نظم تجمع الخلاف وترده الى وحدة وأهمها كما قدمنا بسط الشورى والالتزام بها بدقة وانضباط فالجماعة المسلمة بتقى منظمة جدا حيث تكون الشورى فيها سارية سائدة. ولنا أسوة حسنة في عهود نشأة الفقه الاولى حيث كان فقها شوريا على غير ما يتصور الذين ينسبونه للائمة وحدهم فمالك بن انس ما كان يصدر عن نفسه انما كان يجادل بمباحثه ومناظراته في أوساط المجتمع الفقهية وفي سائر مجالات الحياة، ولذلك نجده يتحدث كثيرا عن فقه هو ثمرة اجتهاد جماعي فيذكر عبارات ما لا يعلم فيه خلافا وما أجمع عليه اهل المدينة. وكذلك ابو حنيفة كان يتحرك بفقهه في ندوات الفقه وبين أستاذته وأصحابه المشهورين وكذلك سائر الائمة. ولكن حالت الاحوال وتوقفت الشورى وجمد التفاعل الفكري الحي بين المسلمين وأصبح امر الفقيه مع تلامذته ان هؤلاء يتلقون ولا يباح لهم ان ينقدوا وأن يقوموا ويسهموا فلا بد من ان ترتب الجماعات الاسلامية - حركات او دولا - بطريقة منظمة جدا حتى تدور المشاورة وينعقد الاجماع على كل مسألة قد تطرح خلافا واذا لم نرب المسلمين في عهد الدعوه والحركة على الاجتهاد الحر والخلاف الواسع ثم النزول على حكم الشورى والاجماع التزاما واستسلاما فاننا حين قيام الدولة سنواجه فتنة عظيمة تسلمنا الى الفوضى او الى الجمود حيث تؤثر الامن في الركون الى رأي الفرد الحاكم.
وان حياتنا اليوم لاشد تعقيدا وتركيبا وتقتضينا ان نحكم الشورى بما لم نعهد في واقع اسلامي سابق، وذلك حتى نفتح اوسع الابواب للفكر المنفعل بالدين وحتى نزوده بكل المؤهلات العلمية والخلقية وبسط امكانات البحث والاتصال والمناظرة فيكون اجتهادنا فعالا وشورتنا تامة. ثم لابد من ترتيب نظم القرار الملزم: ما يرجع لجمهور الامة او لممثليهم اهل الحل والعقد. وما يفوض الى الامراء حسب مراتبهم الدستورية والادراية. ولا بد لنا كذلك من تخطيط شامل لنظام الاحكام السلطانية او الدستورية المدون ونظام القوانين المجموعة المتعددة مع اتاحة مجالات مرنة للفقه القضائي والعلمي، ومع نسبة دقيقة بين أحكام الشريعة التي نضعها على الناس قضاء وجزاء على صعيد الدولة وتلك التي نبسطها في المجتمع آدابا مرعية بداعي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج اختصاص السلطان الرسمي، وتلك التي نحيلها على مرافق التربية لانها تلي وجدان المسلم المنفعل بمراقبة الله في ضميره وخلوته.
هذه اشارات عابرة ارتجلتها في سياق الحديث عن تجديد اصول الفقه ونظمه ومشكلات نهضته في الحاضر وأرجو ان يتاح لي مجال اوسع أتناول فقه الاصول ونظمه بمنهج ادق وتحليل أعمق ان شاء الله.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[16 - 05 - 03, 01:25 ص]ـ
أخي البكري: بالنسبة إلى رسالة " التجديد ": كيف يمكن الاطلاع عليها، ومن الذين ناقشوا الرسالة _______________
بارك الله فيك
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[19 - 05 - 03, 02:58 ص]ـ
موقف العصرانيين من الفقه وأصوله
محمد حامد الناصر
بعد أن شكك العصرانيون بحجِّية السنة النبوية راحوا يهاجمون الفقه والفقهاء، ويدعون إلى تطوير أصول الفقه (وخاصة في المعاملات) زاعمين ظاهراً فتح باب الاجتهاد، ولكن ليس هو الاجتهاد كما عرفه الفقهاء استنباطاً من النصوص، وكشفاً وإظهاراً لحكم الله، وإنما هو عندهم اجتهاد لتخطي النص، بل وتخطي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/490)
ولكتَّاب المدرسة العصرانية أقوال عحيبة حول تجديد أصول الفقه مآلها الفصل بين الدين والدولة، ومحاولة تمييع العلوم المعيارية للوصول إلى الفوضى، والتمهيد لتطبيق القوانين الوضعية الغربية تحت مظلة الإسلام.
يقول الدكتور أحمد كمال أبو المجد: "والاجتهاد الذي نحتاج إليه اليوم ليس اجتهاداً في الفروع وحدها، وإنما هو اجتهاد في الأصول" (1).
ودعا الدكتور حسن الترابي إلى تطوير أصول الفقه، للوفاء بحاجات المسلمين المعاصرة فقال: "إن علم الأصول التقليدي لم يعد مناسباً للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء؛ لأنه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها" (2).
ويقول موضحاً فكرته: "إن الفقهاء ما كانوا يعالجون كثيراً من قضايا الحياة العامة، إنما كانوا يجلسون مجالس العلم المعهودة، ولذلك كانت الحياة العامة تدور بعيداً عنهم، والنمط الأشهر في فقه الفقهاء والمجتهدين كان فقه فتاوى فرعية، وإن العلم النقلي الذي كان متاحاً في تلك الفترة كان محدوداً مع عسر في وسائل الاطلاع والبحث والنشر، بينما تزايد المتداول في العلوم العقلية المعاصرة بأقدار عظيمة" (3).
وإنها لدعوى غريبة أن يزعم الدكتور الترابي أن العلم النقلي من نصوص الكتاب والسنة كان محدوداً في زمن نشأة الفقه وازدهاره!
وما البديل لدى الدكتور الترابي؟!
البديل عنده أن يشارك الشعب في الاجتهاد على طريقة دعاة الديمقراطية الغربية!!
يقول: "الاجتهاد مثل الجهاد، وينبغي أن يكون منه لكل مسلم نصيب".
ويضيف: "واتسم فقهنا التقليدي بأنه فقه لا شعبي، وحق الفقه في الإسلام أن يكون فقهاً شعبياً" (1).
ويتابع الدكتور محمد عمارة زملاءه في حملتهم على الفقه والفقهاء ودعوتهم إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه لكل مدعٍ وعامي لا علم له بالكتاب والسنة. ويقول: "إن الاجتهاد يجب أن يخرج وأن نخرج به من ذلك الإطار الضيق الذي عرفه تراثنا الفقهي، والفقهاء ليسوا وحدهم المطالَبين بالاجتهاد؛ بل إن المطالَب به هم علماء الأمة وأهل الخبرة العالية فيها، ومن كل المجالات والتخصصات؛ لأن ميدانه الحقيقي هو أمور الدنيا ونظم معيشتها، وليس إلحاق فروع الدين بأصولها ... " (2).
"فالمجتهد عند عمارة يمكن أن يكون بلا علم بالقرآن والسنة واللغة والأصول؛ لأن مجال المجتهد هو "أمور الدنيا" ولا يشترط لها كل هذا من العلوم الشرعية، وإنما يشترط لها أن يكون المرء "مستنيراً عقلانياً" تقدمياً ثورياً حضارياً؛ فمن جمع هذه الصفات فهو شيخ الإسلام حقاً؛ وقد بنى كلامه على باطل، هو التفريق المزعوم بين الدين والدنيا، وما بُني على باطل فهو باطل" (3).
ومن غرائب الاجتهاد العصراني أن بعضهم دعا إلى صهر المذاهب الفقهية في بوتقة واحدة، وجعلها مستمَداً لا ينضب معينه، وذلك بالتسليم بكل ما قالت به المدارس الفقهية على اختلافها وتناكرها، بغض النظر عن أدلتها، ثم اختزانها في مدونة منسقة الأبواب كمجموعة "جوستينان" وأعْنِي كل ما أعطت المدارس: الإباضية والزيدية والجعفرية والسنية، وذلك بجعل هذه الثروة الفقهية منجماً لكل ما يجدُّ ويحدث" (4).
"وهذه الدعوة التي تطالب بإعادة النظر في التشريع الإسلامي كله دون قيد ليفتح الباب على مصراعيه للقادرين وغير القادرين، ولأصحاب الورع وأصحاب الأهواء، حتى ظهرت الفتاوى التي تبيح الإفطار لأدنى عذر .. وتبيح الربا ـ إلا ربا النسيئة أو أصنافاً معينة ـ وظهرت آراء تحظر تعدد الزوجات وتحذر من الطلاق؛ وبذلك تحوَّل الاجتهاد في آخر الأمر إلى تطوير للشريعة الإسلامية، يهدف إلى مطابقة الحضارة الغربية" (5).
والنتيجة التي يود هؤلاء أن يصلوا إليها من تطوير الشريعة هو تحكيم القوانين الوضعية، وفي ذلك تنفيذ لمخططات أعداء الإسلام، الذين زعموا أن الفقه الإسلامي مأخوذ من الفقه الروماني. وردد هذه المقولة - مقولة المستشرق اليهودي "جولد زيهر" - الدكتور محمد فتحي عثمان نقلاً عن أستاذه السنهوري الذي يقول: "الفقه الإسلامي هو من عمل الفقهاء صنعوه كما صنع فقهاء الرومان وقضاته القانون المدني، وقد صنعوه فقهاً صحيحاً؛ فالصياغة الفقهية، وأساليب التفكير القانوني واضحة فيه وظاهرة" (6).
والغاية من كلام السنهوري وإقرار تلميذه له أن يخضع الفقه الإسلامي لإشراف القانون الوضعي، ويكيِّف نفسه حسبما يقتضيه ذلك الخضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/491)
"وغني عن القول أن كل أصل من الأصول الفقهية ثبتت حجيته بالكتاب والسنة، وقد بيَّن أهل العلم أدلة كلٍ من: الإجماع والقياس والمصلحة وحجية ذلك .. فهي ليست مبتدعة كما يزعم هؤلاء؛ بل هي منهج الاستنباط الشرعي الذي هو من الدين" (1).
إن دعوة العصرانيين هذه ما هي إلا علمانية جديدة تود تسويغ تحكيم القوانين الوضعية في ديار المسلمين، أو للتهوين من شأنها، ومن ثَمَّ مساواتها بأحكام شريعة السماء.
وقد خرج هؤلاء علينا بفقه غريب شاذ يريد تسويغ الواقع المعاصر بانحرافاته، وإليك أخي القارئ نماذج من شذوذات العصرانيين في مسائل الفقه المختلفة.
شذوذات العصرانيين في ميادين الفقه المختلفة:
موقفهم من الحدود:
حاول العصرانيون تسويغ رفضهم لإقامة الحدود الشرعية بحجج واهية كالشفقة على المجرمين، وأن قطع اليد أو الرجم ما هي إلا قسوة ووحشية لا تناسب العصر الحاضر؟!
فالشيخ عبد الله العلايلي مثلاً: يرى أن إقامة الحدود ينبغي أن لا تتم إلا في حال الإصرار، أي: المعاودة تكراراً ومراراً؛ إذ إن آخر الدواء الكي، وبلغ من استهزائه بالحدود الشرعية أن قال: "إن إنزال الحد لا يتفق مع روح القرآن الذي جعل القصاص صيانة للحياة، وإشاعة للأمن العام، وليس لجعل المجتمع مجموعة مشوهين: هذا مقطوع اليد، والآخر مقطوع الرجل، أو مفقوء العين، ومصلوم الأذن، أو مجدوع الأنف".
أما الرجم: فيقول فيه بمذهب الخوارج: "لا رجم في الإسلام كما هو مذهب الخوارج عامة" (2).
لا يقام عليهما الحد إلا أن يكونا معروفيْن بالزنا، وكان من عادتهما وخلقهما؛ فهما بذلك يستحقان الجلد (3).
ولحسين أحمد أمين فتوى عجيبة في حد السرقة عندما يقول: "لقد كان الاعتداء على الساري في الصحراء بسرقة ناقته بما تحمل من ماء وغذاء وخيمة وسلاح في مصافِّ قتله، لذلك كان من المهم للغاية أن تقرر الشريعة عقوبة جازمة رادعة لجريمة السرقة في مثل هذا المجتمع" (4).
إباحة الربا في البنوك:
وقد بدأ ذلك الاجتهاد الشيخ محمد عبده، وتابعه في ذلك تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا، وكانت الحجة هي الحفاظ على اقتصاد البلاد. والربا المحرم عند هؤلاء هو الربح المركب، أي الذي يكون أضعافاً مضاعفة (5).
وممن قال بذلك من المعاصرين: الشيخ عبد الله العلايلي، وهو يكرر ما قاله أسلافه، يقول: "ما دام المصرف لا يزيد على أنه مقر سمسرة بتقاسم المردود مشاركةً مع من أسلم إليه مالاً، مفوضاً إياه ليعمل به حيث قضت خبرته، ولا قائل بحرمة عمولة السمسار!! (6).
فحرمة الربا واضحة، ونصوصه قطعية في الكتاب والسنة، وتحريم السرقة في الكتاب والسنة، وطُبِّق الرجم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ ولذلك فمن فضول القول أن نناقش الفتاوى السابقة؛ لأنها واضحة الضلال والانحراف، وخارجة عن إجماع فقهاء الأمة خلال عصورها المفضلة.
يقول الشيخ محمد الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في هذه الفتاوى المنحرفة: "أما النظام الوضعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض كدعوى تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، وأن الرجم والقطع ونحوها أعمال وحشية لا يسوغ فِعْلها بالإنسان ... إلخ" (1).
ويكفي أن نعلم أن الأمم عندما ألغت القصاص شاعت فيها الجرائم، وضجت المحاكم وابتليت المجتمعات، فشاعت الفوضى ونضب معين الأمن.
موقفهم من قضية المرأة:
اهتم العصرانيون بقضية ما يسمى بتحرير المرأة وإعطائها حقوقاً سياسية كالمرأة الغربية، ودعوا إلى الثورة على الحجاب وتعدد الزوجات وإباحة الطلاق؛ لقد أكمل هؤلاء المؤامرة على المرأة المسلمة التي قادتها الحركة النسائية بعد قاسم أمين وأعوانه.
لقد اعتبر العصرانيون مسألة تعدد الزوجات ـ التي شرعها الله ـ من سمات عصر الإقطاع. يقول محمد عمارة: "إن تعدد الزوجات، وتتابع الزواج واتخاذ السراري والجواري من سمات عصر الإقطاع والدولة الإقطاعية" (2).
ويرى هؤلاء أن الحجاب الشرعي قيد يجب التخلص منه، ثم راحوا يسوِّغون الاختلاط بين الرجال والنساء بعد أن زينوا للمرأة الخروج من بيتها وحصنها الأمين.
فالدكتور محمد عمارة يرفض أن تعود المرأة مكبلة بحجابها ويؤكد "أن جذور هذه القضية ترتبط بالتمدن والتحضر والاستنارة أكثر مما هي مرتبطة بالدين" (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/492)
وهذا حسين أحمد أمين يقرر أن الحجاب "وهمٌ صنعه الفرس والأتراك، وليس في القرآن نص يحرم سفور المرأة أو يعاقب عليه" (4).
والدكتور الترابي يقصر الحجاب على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقط. والاختلاط مباح في عرف العصرانيين؛ إذ "ليست الحياة العامة مسرحاً للرجال وحدهم، ولا عزل بين الرجال والنساء في مجال جامع".
"وتجوز المصافحة العفوية التي يجري بها العرف في جو طاهر وذلك عند السلام ـ كما يزعم" (5).
وفي ذلك مخالفة لأحاديث صحيحة وصريحة؛ فقد جاء في الحديث الشريف عن أميمة بنت رقيقة قالت: "جئت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه، فقال لنا: "فيما استطعتن وأطعتن؛ إني لا أصافح النساء" (6).
ويرى الترابي كذلك أن للمرأة أن تسقبل ضيوف الأسرة وتحدثهم وتخدمهم وتأكل معهم" (7).
ويدعو الدكتور محمد فتحي عثمان إلى ما يسميه الاختلاط المأمون؛ لأن المجتمع الذي يلتقي فيه الرجال والنساء في ظروف طبيعية هادئة، لن يغدو مثلُ هذا اللقاء قارعة تثير الأعصاب؛ إذ سيألف الرجل رؤية المرأة ومحادثتها، وستألف المرأة بدورها الرجل، وتتجمع لدى الجنسين خبرات وحصانات وتجارب (8).
وواقع المرأة المزري في ديار الغرب مما ينقض هذا الرأي.
ودعا العصرانيون إلى مشاركة المرأة في السياسة والقانون والتجارة والاقتصاد بلا قيود، ويرون جواز مشاركتها في الانتخابات والمجالس النيابية؛ بل ويرى بعضهم ولاية المرأة للقضاء، وحتى الولاية العامة جائزة عند العصرانيين بإطلاق (1).
إلغاء أحكام أهل الذمة:
لقد أكثر العصرانيون من الحديث حول حقوق أهل الذمة وزعموا أن أحكام أهل الذمة كانت لظروف خلت وأن تطور العصر يرفضها، وممن تصدى لهذه المسألة وخصّص لها كتاباً: فهمي هويدي بعنوان: "مواطنون لا ذميون" نقتطف منه بعض آرائه؛ حيث يقول: "أليس غريباً أن يجيز الفقهاء أن يفرض المسلمون الحرب دفاعاً عن أهل ذمتهم، ثم يحجب البعض عن هؤلاء حق التصويت في انتخابات مجلس الشورى مثلاً؟ " ثم يقول: "أما تعبير أهل الذمة فلا نرى وجهاً للالتزام به إزاء متغيرات حدثت. وإذا كان التعبير قد استخدم في الأحاديث النبوية فإن استخدامه كان من قبيل الوصف، وليس التعريف، ويبقى هذا الوصف تاريخياً لا يشترط الإصرار عليه دائماً" (2) فالكاتب يحاول إلغاء الأحكام بلا دليل، وكأن الاجتهاد في الإسلام تحوَّل إلى لعب أطفال وأوهام مبتدعة، وأمزجة منحرفة.
وفي فصل "الجزية التي كانت" يقول: "ومن غرائب ما قيل في هذا الصدد تعريف ابن القيم للجزية بأنها هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار إذلالاً وصغاراً، وأن هذا يتنافى مع روح الإسلام، ودعوته للمسامحة بين الناس جميعاً: إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (3).
لقد حكمت الشريعة الإسلامية بضعة عشر قرناً من عمرها، لم يعرف في التاريخ عدلاً وإنصافاً ورحمة بأقليات دينية كما عرفت في تلك القرون تحت مظلة الشريعة، بل كانت الطوائف تفر من بطش أبناء دينها لتنعم بالأمن في ظل عدل الإسلام وإنصاف المسلمين، إلا أنها التبعية والتزلف الذي تناسى أصحابه أحقاد اليهود والنصارى التي ما زالت والغة في دماء المسلمين.
ولكن: يا ليت قومي يعلمون!
حقيقة العصرانية: علمانية جديدة:
لاحظنا فيما سبق من حلقات أن العصرانيين يلحُّون على تطوير الشريعة محاولين التسلل نحو تحكيم القوانين الوضعية "وخاصة في قضايا المعاملات وسياسة الحكم، وشؤون المجتمع".
وزعموا أن القوانين الوضعية لا تخالف الشريعة الإسلامية، كما دعوا إلى التوفيق بين الشريعة وتلك القوانين، أي أنهم دعوا إلى الفصل بين الدين والدولة، وهذه هي العلمانية بأجلى مظاهرها.
فالعلمانية مصطلح غربي يعني إقامة الحياة على غير الدين على مستوى الفرد والأمة، وقد ساد هذا المذهب أوروبا رد فعلٍ على تسلط الكنيسة ومبادئها المحرَّفة إثر صراع دام بين الكنيسة والعلم.
والعلمانية فكرة مستوردة بعيدة عن مناهجنا وتراثنا وهي تعني ـ بداهة ـ: الحكم بغير ما أنزل الله، وهذا هو معنى قيام الحياة على غير الدين، وهي نظام جاهلي بعيد عن دائرة الإسلام، قال ـ تعالى ـ: من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون {المائدة: 44}.
وقد سلك العصرانيون لتحقيق هدفهم هذا سبلاً متعددة منها:
1 - محاولاتهم الجادة لتنحية الشريعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/493)
لقد هاجم العصرانيون الفقه والفقهاء، وشككوا في حجية السنة النبوية، واتفقوا ـ باسم الاستنارة ـ على ضرورة تجديد الإسلام ذاته، بمعنى تعديل أحكامه وتشريعاته أو اقتلاعها من الجذور.
فالدكتور محمد أحمد خلف الله: "يرى ضرورة انعتاق الأحكام من إسار الشريعة إلى بحبوحة القوانين الوضعية، وأن خروج المعاملات من نطاق الشرع إلى نطاق القانون قد حقق لها ألواناً من الحرية والانطلاق، لم يكن لهم بها عهد من قبل" (1).
"وهو يعجب من الجامدين الذين يتمسكون بتلك المعايير البالية لمجرد أنها وردت في القرآن والسنة" (2).
ويعتبر الدكتور محمد عمارة أن الشريعة ما عادت تلائم قضايا العصر فيقول: "إن أحداً لن يستطيع الزعم بأن الشريعة يمكن أن تثبت عند ما يقرره نبي لعصره" (3).
ويدعو كذلك إلى مدنيَّة السلطة، وجعل حق التشريع في يد جمهور الأمة عندما يقول: "فأصحاب السلطة الدينية قد احتقروا جمهور الأمة عندما سلبوها حقها في التشريع وسلطاتها في الحكم" على حين قرر القائلون بمدنيَّة السلطة "أن الثقة كل الثقة بمجموع الأمة؛ بل جعلوها معصومة من الخطأ والضلال" (4).
أما الدكتور أحمد كمال أبو المجد "فهو يتعجب ويتأفف من هؤلاء المسرفين الذين يرون ضرورة إسقاط القوانين الوضعية، ومن ثم يدعو إلى زلزلة قواعد الشريعة؛ حيث لا يُقتصر الاجتهاد على الفروع فحسب، بل والأصول أيضاً" (5).
إن الأقوال السابقة تدعو صراحة إلى إسقاط الأحكام الشرعية. والشريعة الإلهية هي حكم الله، والقانون الوضعي حكم جاهلي كله سفه ونقص وعجز وقصور.
والشريعة الإلهية فصّلها الله الذي خلق الإنسان، وهو أعلم به؛ فهي ثابتة باقية إلى يوم القيامة، أما القانون الوضعي فهو صناعة بشرية من أناس يتصفون بالعجز والنقص والتحريف، وتتحكم فيهم الشهوات (6).
إلا أنها التبعية عند العصرانيين الجدد الذين يرون التقدم في القوانين الأجنبية منذ أقدم العصور، يقول محمد فتحي عثمان: "وعلينا ألا نتنكر لأنظمة مرت بمراحل تقدمية كبرى في الفكر والتطبيق، قبل أن نتطور بثروتنا الفقهية التي تكدس عليها غبار القرون من التعطيل والتجميد" (7).
ولنا أن نتساءل عن هذه المراحل التقدمية؟!!
يقرر البحث العلمي أن مراحل القانون الوضعي تبدأ بقانون "حمورابي" وقانون "مانو" وقانون "أثينا" والقانون "الروماني" والقانون "الكنسي الأوروبي" مأخوذ من القانون الروماني ومما شرعه الرهبان، ثم قانون نابليون، وهذه هي المراحل التقدمية الكبرى في الفكر والتطبيق عند المؤلف (8).
يقول ـ تعالى ـ: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون {المائدة: 50}.
2 - تأييد سقوط الخلافة:
لقد تكالب الأعداء على إسقاط الخلافة، وكان من أهم شروط اتفاقية (سايكس ـ بيكو) 1915م، أن اشترط الحلفاء "إلغاء نظام الخلافة وطرد السلطان العثماني خارج الحدود، ومصادرة أمواله، ثم إعلان علمانية الدولة" (1).
وهاجم العصرانيون نظام الخلافة متبعين في ذلك كبيرهم الشيخ علي عبد الرازق، صاحب كتاب: (الإسلام وأصول الحكم) الذي وصف الخلافة بأنها "خطط دنيوية صرفة لا شأن للدين بها، وليس لنا حاجة إليها في أمور ديننا ولا دنيانا، ولو شئت لقلنا أكبر من ذلك؛ فإنما كانت الخلافة، ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين وينبوع شر وفساد" (2) ـ وهو يستعير في عرضه هذا آراء المستشرقين من قساوسة صليبيين ويهود حاقدين ـ وأن الإسلام دين لا دولة، وكان التوقيت لصدور كتابه هذا خبيثاً؛ ذلك أنه أصدره عام (1925م) لإجهاض محاولات إحياء الخلافة آنذاك بعد إلغائها على يد كمال أتاتورك (3).
ويقول محمد أحمد خلف الله: "والفكر السياسي في نظام الحكم هو فكر بشري خالص، وتستطيع المؤسسات العلمية من أمثال كليات العلوم السياسية أن تجتهد فيه" (4).
ويرى محمد فتحي عثمان "أن الخلافة الإسلامية كانت صورة تاريخية، ولم تعش طويلاً، فعلى المسلمين ألا يفكروا فيها مرة أخرى" (5).
ويقول محمد عمارة: "لم تكن الدولة هدفاً من أهداف الوحي، ولا مهمة من مهام النبوة والرسالة، ولا ركناً من أركان الدين وإنما اقتضتها ضرورة حماية الدعوة الجديدة" (6)، "إن موقف الإسلام في مجال السياسة والدولة ينكر وجود سلطة دينية لبشر خارج نطاق الموعظة والإرشاد، ولم يحدد نطاقاً معيناً للحكم" (7).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/494)
وهذه آراء علي عبد الرازق وسادته من المستشرقين الحاقدين نفسها.
لقد كان منصب الخلافة شوكة في حلوق أعداء الإسلام، وهدفاً طالما تحالفوا لإسقاطه، وتمزيق ديار المسلمين، وها هم تلامذة اليهود والنصارى ينادون بما خطط لهم سادتهم، والويل والصَّغار للمرْجفين.
3 - دعوتهم الصريحة إلى علمانية الحكم:
يصرح بعض العصرانيين بحقيقة دعوتهم في الحكم وفصل الشريعة عن قضايا المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويدعون إلى علمانية مصبوغة بمفهومهم عن الإسلام.
فالدكتور حسن حنفي يرى أن العلمانية هي أساس الوحي ويقول: "العلمانية هي أساس الوحي؛ فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ" (8).
ويقول الدكتور محمد عمارة: "أما إسلامنا فهو علماني، ومن ثم فإن مصطلح العلمانية لا يمثل عدواناً على ديننا، بل على العكس يمثل العودة بديننا إلى موقفه الأصيل" ويقول: "فالسياسة والحكم والقضاء وشؤون المجتمع ليست ديناً وشرعاً يجب فيها التأسي والاهتداء بما في السنة من وقائع؛ لأنها عالجت مصالح هي بالضرورة متطورة ومتغيرة" (9).
إذا لم تكن العلمانية هي ما يقوله العصرانيون فماذا ستكون؟! فهم بفصلهم الدين عن شؤون الدولة والحياة، يدعون إلى علمانية قد يسمونها إسلامية، ولكنها في الحقيقة أشد بعداً عن الدين من العلمانية اللادينية؛ لأن هؤلاء يخدعون العامة باسم الإسلام، وتحت أسماء: "المفكر الإسلامي، الداعية الإسلامي، العقلاني المستنير".
ويريد هؤلاء الكتاب حكماً علمانياً، وفي أحسن أحواله ديمقراطياً برلمانياً على طريقة الغرب في أن يكون للأمة حق التشريع. رغم أن واقع الديمقراطية الغربية يشهد بإفلاس شعاراتها عند التطبيق، كما يريد بعضهم حكماً اشتراكياً يسارياً، باسم اشتراكية الإسلام أو اليسار الإسلامي (1).
ويقول محمد فتحي عثمان: "واليسار المسلم يتمسك بالديمقراطية؛ إذ هي حكم الله في المصالح والعلاقات الإنسانية؛ حيث لا يكون النص الإلهي الملزم القاطع" (2).
والحقيقة: "أن الفاصل بين العصرانيين والعلمانيين ـ إن وجد ـ دقيق جداً، وكأنهما وجهان لعملة واحدة، واسمان لمسمى واحد. وقد استفاد العصرانيون مما واجهه العلمانيون من استنكار، فراحوا يغيرون ويبدلون في المسميات، ويبحثون عن الشبه والزلات، ليلبسوا العلمانية ثوباً إسلامياً مزوراً، ويضفوا عليها صفة الشرعية، ويتمكنوا من التمويه على العوام، والتلبيس على أهل الإسلام ولو إلى حين" (3).
إن تنحية الشريعة عن شؤون الحياة من أخطر وأبرز مظاهر الانحراف في مجتمعات المسلمين الحديثة؛ وإلاَّ؛ فما الفرق بين قول قريش في جاهليتها: يا محمد! اعبد آلهتنا سنة ونعبد آلهتك سنة، وبين قول العلمانيين ـ لفظاً أو واقعاً ـ: نعبد الله في المسجد، ونطيع غيره في المتجر أو البرلمان أو الجامعة؟!
وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ: "إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين" وقال ـ رحمه الله ـ: "من اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع، إما مطلقاً أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال، فلا ريب أنه كفر" (4). وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (منهاج السنة): "ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر؛ فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر".
ومن الخطأ أن تنقل تجربة غريبة هجينة في التصور والاعتقاد إلى ديار المسلمين.
"إن الغلطة من الأصل هي محاولة وضع الإسلام وتطبيقاته على ميزان التجربة الأوروبية، واستخدام المصطلحات الغربية ذات الدلالات المحلية البحتة، كأنها اصطلاحات عالمية تصلح للتطبيق على أي شيء، وفي أي مكان، دون النظر إلى الفروق الجوهرية بين الاصطلاحات التي وضعها البشر في ظروف معينة، والمصطلحات التي أنزلها الله لتحكم الحياة، أو اجتهد المجتهدون بها، وهم ملتزمون بما أنزل الله" (5).
ولقد تميزت العصرانية بتبني الآراء الشاذة، والأقوال الضعيفة، واتخاذها أصولاً كلية الهدف منها عند أصحابها هدم القديم أكثر من بناء أي جديد؛ إذ دأبوا على محاولاتهم لتطويع الإسلام بكل وسائل التحريف والتأويل كي يساير الحضارة الغربية فكراً وتطبيقاً، ومن أجل ذلك دعوا إلى التقريب بين الأديان والمذاهب، وهوَّنوا من أمر الجهاد وقصروه على جهاد الدفاع فقط، ولكن الله غالب على أمره، والعاقبة للمتقين.
مجلة البيان عدد 146
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 - 05 - 03, 01:39 ص]ـ
أخي أبا حاتم وفقه الله،
كنت وعدتكم بأن أقوم بنقل بعض ما احتوت عليه رسالة الدكتوراه (محاولات التجديد في أصول الفقه ودعواته – دراسة وتقومياً) للدكتور هزاع بن عبدالله الحوالي.
وقد قمت فعلاً بتصوير المطلوب بعد ذلك بيومين فقط. ثم وضعهتا أمامي منذ ذلك التاريخ إلى الآن، ولم أستطع أن أقوم بذلك إلى الآن، لانشغالي بملتقى أهل التفسير فسامحني وفقك الله.
فلو بعثت لي برقم فاكسك مثلاً لبعثتها إليك مباشرة. وأعتذر لك. وفقك الله. ولعلك أنت بدورك تقوم بتلخيصها للإخوة المشاركين ففيها كلام نفيس، ونتائج جديرة بالعناية.
وبالنسبة لسؤال الأخ النجدي عن المناقشين للرسالة فعلى حد علمي أن الذي أشرف على الرسالة هو الدكتور الكريم أحمد سير مباركي محقق كتاب العدة لأبي يعلى.
وناقش الرسالة كل من الدكتور يعقوب الباحسين من كلية الشريعة في الرياض.
والدكتور حمزة الفعر من جامعة أم القرى.
ويمكن الاطلاع على الرسالة في مكتبة قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض. وربما لا يأذنون لغير أعضاء هيئة التدريس بدخولها حسب ما رأيت منهم، وقد بلغني الأخ سعد الله الحوالي أخو الشيخ سفر وقريب الدكتور هزاع أنه سيطبعها هزاع قريباً أو أنها طبعت وستكون في المكتبات قريباً.
وفقكم الله جميعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/495)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[20 - 05 - 03, 02:51 م]ـ
المبحث المقاصدي وتجديد أصول الفقه
إبراهيم الكيلاني
باحث تونسي
لا يماري أحد في أن المبحث المقاصدي، كان جزءاً من المباحث المتعلقة بأصول الفقه، بل قسماً من أقسامه. ويمكن القول أنه إلى اليوم لم يستقل بعد عنه، على رغم دعوة الاستقلالية التي رفع لوائها الإمام ابن عاشور بداية القرن العشرين. ولكن لا تزال المقاربات في هذا المضمار متواضعة. وفي تقديرنا قد توزعت الدراسات في المبحث المقاصدي إلى وجهات أبرزها:
1 - «جعل المقاصد قسماً متميزاً من أصول الفقه ينضاف إلى الأقسام الأخرى».
2 - «إنشاء صياغة جديدة لأصول الفقه ينتقل بمقتضاها هذا العلم إلى مزيد من الإحكام المنهجي والاشتمال المضموني».
3 - انفراد المقاصد عن أصول الفقه لتكوّن علماً جديداً ينبني على القطيعات وحدها ..
ومما تقدم يتضحُ بأن الفكرة الأساسية التي تنطلق منها جميع تلك وجهات النظر هي الإشارة إلى ضرورة إعادة كتابة علم أصول الفقه، وأن المنهجية الأصولية في صياغتها الحالية بحاجة إلى التجديد لتكون قادرة على الاستجابة للتحديات التي تفرضها التغيرات الكبرى المنجزة التي تجتاح العالم اليوم في مختلف مناحي الحياة، مع التأكيد دوماً على أن أصول الفقه «يعد بحق علماً أنشأته الحضارة الإسلامية إنشاء» دون إنكار التداخل فيه بنوعيه: الداخلي والخارجي.
ومبررات دعوة التجديد في علم أصول الفقه كما يطرحها دعاتها يمكن إجمالها في:
1 - دخول الظني في مسائل أصول الفقه الأمر الذي تعذّر معه أن يكون «منتهى ينتهي إلى حكمه المختلفون في الفقه».
2 - الغالب في أصول الفقه البحث في منهج الفهم دون منهج التطبيق للنص.
3 - العلاقة الوثيقة بين التجديد في الفقه والتجديد في أصول الفقه.
4 - التجديد في أصول الفقه دعامة ضرورية لإزالة الفجوة بين الإسلام والعالم، إذ هيمن الإسلام التاريخي على إسلام النص.
هذا وقد أكدت جميع الدراسات الداعية إلى التجديد الأصولي، إلى أهمية المبحث المقاصدي بل أن أحد الأسباب الجوهرية لضعف أصول الفقه يعود إلى «الغفلة عن مقاصد الشريعة فلم يدونوها في الأصول إنما أثبتوا شيئاً قليلاً في مسالك العلة مثل مبحث المناسبة والإخالة والمصلحة المرسلة وكان الأولى أن تكون الأصل الأول للأصول لأن بها يرتفع خلاف كبير». لذلك وكما أشرنا في المقدمة أن إعادة الاعتبار إلى المقاصد يعد الخطوة الأساسية الأولى في عملية التجديد الفقهي والأصولي.
إلى هنا انتهى ما يتعلق بهذا الموضوع.
بقية البحث في مقاصد الشريعة.
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[20 - 05 - 03, 10:53 م]ـ
بحث قيم واختيار موفق فجزاك الله خيرا أخي أبو حاتم
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[21 - 05 - 03, 03:33 ص]ـ
موضوع أصول الفقه وتجديده موضوعٌ يطول فيه الحديث، أو لنقل: "يطول فيه الهمّ"، فالحديث ذو شجون، وأتمنَّى لو يُدْلي أهل الاختصاص بدلوهم فيه، لأنَّ الأمر قد طال عليه الأمد، ووجب أن يقف له أحد، أو آحادَ العلماء والمختصِّين، ولا أعني علماء الشريعة فقط، بل كلُّ من يمكن أن يفيد ويساعد في ذلك، مثل أهل الاختصاص في اللغة والقانون والإدارة والاجتماع، ولا بأس من استدعاء من له علاقةٌ في بعض الجوانب من المختصِّين من التخصُّصات الأخرى، بحيث يحضرون حين الحاجة إليهم.
فلو عقد هؤلاء جلساتٍ متعدِّدة للنظر في مسألة الأصول، وتحديد الرؤية وجوانب التعامل معه، ووضع ضوابط التجديد وحدوده، والنظر إليه من خلال واقعنا المعاصر بكلِّ تفصيلاته وتداعياته واشتباكاته، ثمَّ العمل على صياغة تصوُّرٍ ومذكِّرة عمل، ثمَّ إيكالها إلى مجموعةٍ من المختصِّين ليحرِّروا منها صياغةً جديدةً لعلم الأصول، تحت إشراف عددٍ ممَّن شاركوا في وضع الرؤية والضوابط.
أتمنَّى لو تبنَّت إحدى الهيئات أو الجهات الأمر، وهيَّأت له الظروف والاحتياجات، كي نخدم أمَّتنا حقّا، ونقدِّم لها ما تحتاجه بالفعل.
ـ[كرم]ــــــــ[21 - 05 - 03, 04:10 ص]ـ
عنوان الرسالة محاولات التجديد في أصول الفقه دراسة وتقويم
دكتوراه عام 1413هـ من جامعة الإمام باشراف احمد سير المباركي ومناقشة يعقوب الباحسين وحمزة الفعر
واحب ان أخبركم عن قصتي مع هذه الرسالة
انا من المتابعين لهذا الموضوع كثيرا وقد جمعت فيه الشيي الكثير ولله الحمد وما أن اطلعت على عنوان هذه الرسالة إلا واشتاقت نفسي الى قراتها فسافرت إلى الرياض خصيصا لها حتى اطلع عليها ولا اريد أن اذكر المتاعب التى واجهتني حتى اطلع عليها ولكن وفقني الله بعد عناء من الاطلاع على الرسالة
فوجدتها متميزة في بابها والحق يقال انه من أروع الرسائل وسوف استحضر في ذهني ملخص الرسالة وانشره غداً باذن الله تعالى
علما باني بعد البحث الطويل على عنوان الشيخ هزاع الحوالي (وهو ابن عم الشيخ سفر الحوالي وهو مثله من العباقرة) واخيراً وجدته وإن رغبتم أن اذكره لكم حتى يتم الاتصال عليه وحثه على طباعتها فانه لاماتع لدي وعنوانه في موريتانيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/496)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[22 - 05 - 03, 01:21 م]ـ
شكر الله للاخ / كرم هذه المداخلة ونطلب منه اثراء الموضوع بما جمعه من مادة ..
-------------------------------------------------------------
من التنظير إلى التطبيق
ضمن بحث للباحث السوري
عبد الرحمن حللي
الغالب على مقاربات التجديد جنوحها إلى التنظير والحديث عن الإشكاليات والأزمات، وقلما اتجهت إلى معالجة تطبيقية لما تم استشرافه من منهج للإبداع، وربما يعود ذلك إلى نقص وخلل في الجانب النظري؛ إما بسبب عدم الوضوح أو النقص في الرؤية إلى الأبعاد ذات الصلة بالموضوع.
والتنظير بحد ذاته يكتنف العديد من المشاكل والتعقيدات الداخلية تنبع من تداخل العلوم والمعارف الفاعلة في بناء المنهج، لا سيما علوم العصر التي تفرض نفسها وهي بحد ذاتها متناقضة ومتضاربة، فإذا أضيف إلى ذلك قطيعة بين هذه المعارف ومعظم المهتمين بالفكر الإسلامي ندرك الأسباب في تعثر بناء المنهج، وهذه المشكلة قديمة في الفكر الإسلامي، ترتبط بتداخل العلوم، لكنها كانت أقل حدة في القرون السابقة بفضل تمكن العديد من العلماء آنذاك من علوم وفلسفات عصرهم.
يضاف إلى الأسباب السابقة ظاهرة يمكن ملاحظتها هي النزوع للتنظير من أجل التنظير، والإيغال فيه بالمفاهيم والمصطلحات المنحوتة والمفتعلة من أجل أغراض نفسية أكثر منها معرفية، وهذا ما يحول دون وصول المنهج إلى الباحثين عنه وبقائه في إطاره النظري، وهذه ظاهرة يشكو منها العديد من قراء هذه المناهج، مما جعل القارئ بحاجة إلى قاموس خاص لكل مشروع حتى يتمكن من اتخاذ موقف منه، ولا نرى مبرراً لهذا التعقيد، لأن المعلومة القابلة للتطبيق هي الأقدر على الوصول إلى أكبر شريحة من المثقفين، ولئن كان الغموض لازمة لبعض الكتاب فينبغي أن يُجعَل الوضوح استراتيجية في الكتابة.
ومن العوامل المؤثرة في الغموض أن بناء المنهج يتم معزولاً عن ميدان التطبيق والتجريب، ويتم الإيغال في التنظير قبل سبر عمق فاعليته من خلال التجربة العملية، ونرى أن التطبيق ينبغي أن يسير رديفاً لبناء المنهج.
وما ذكرناه لا ينفي وجود بعض الدراسات العملية التي حاولت تطبيق ما ارتأته من منهج للتجديد لكنها قليلة جداً بالمقارنة مع ما هو موجود من تنظيرات في المنهج.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 - 05 - 03, 05:17 م]ـ
أخي أبا حاتم وفقه الله
بقية الإخوة
يبدو أن أحداً لم يقرأ ما كتبته!!!
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[23 - 05 - 03, 10:16 م]ـ
أبو عبدالله البكري .. راجع صندوق الرسائل الخاص بك.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[13 - 10 - 03, 11:11 ص]ـ
تجديد الفقه بين القبول والرفض
بقلم: الدكتور عبد العظيم إبراهيم المطعني
الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع الفقه الإسلامي
في هذا العصر طفا على سطح الفكر الإسلامي المعاصر مصطلح حديث هو: تجديد الفقه الإسلامي، وبعضهم يغالي ويشتط، ويدعو إلى "إلغاء الفقه القديم" ثم العمل على استحداث فقه جديد، يحل محل الفقه القديم، وهذه الدعوة، أو "الدعوى" محفوفة بالمخاطر، وعلى كثرة الأخذ والرد فيها، فإن أوراقها غير مرتبة، وهي في الواقع - أعني الدعوة إلى تجديد الفقه- ما تزال حبرا على ورق، ومن حاول من دعاتها الاجتهاد أتى بكلام يثير السخرية مما أتى به؛ لأن لدينا محاذير كثيرة يجب ألا نتورط فيها، وضوابط عديدة ينبغي أن نضعها في الاعتبار ونحن ندعو إلى إعادة النظر في ثروتنا الفقهية، التي تزخر بها المكتبات الإسلامية، ودور العلم الجامعي وغير الجامعي.
ونحن مع من يدعو إلى الاجتهاد وترك التحجر والجمود، ومع هذا فيحسن القول أولا في عرض الأسس الآتية لمعرفة ما يجوز الاجتهاد فيه وما لا يجوز:
أدلة الأحكام
أدلة الأحكام هي المصادر والأصول التي تؤخذ عنها الأحكام الفقهية المتعلقة بأفعال المكلفين، وهي - كما هو معروف - نوعان:
1. الأول: أدلة أحكام متفق عليها بين جميع فقهاء الأمة، وهي أربعة أدلة:
1. الكتاب، وهو القرآن الحكيم، وهو أصل الأدلة بلا خلاف، فينبغي الرجوع إليه قبل غيره، وتقديمه على ما سواه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/497)
2. السنة النبوية الشريفة، وتأتي بعد الكتاب العزيز في المرتبة، وتقدم متى صح سندها وسلم متنها من القوادح على ما عداها من الأحكام، والأصل في هذا قول الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، ومتى وجد الحكم المطلوب في الكتاب، أو في السنة أو فيهما معا وجب الوقوف عنده، والعمل به.
3. القياس، وهو دليل عظيم النفع، وبه صلحت الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان، واستوعبت أحكام كل المستجدات في كل عصر، وما يزال القياس يسعفنا في استنباط الأحكام لكل الوقائع والمعاملات، التي جدّت، وتجدّ في العصور المتلاحقة، لأن كتاب الله وسنة رسوله لم ينص فيهما على كل الأحكام نصا صريحا محددا، والوحي والحديث النبوي توقفا بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس معنى هذا التوقف تجمد الشريعة عند حد معين من الزمان، كلا، وإنما هي مرنة مستمرة بفضل هذا "القياس" الواسع المدى.
والقياس يقوم في استنباط الأحكام للوقائع المستجدة على أساس علل الأحكام المعروفة فإذا وقعت حادثة لم تقع من قبل، فعلى المجتهدين أن يبحثوا لها عن واقعة قديمة معروف حكمها ثم يبحثوا عن علة الحكم للواقعة القديمة، فإذا اشتركت الواقعتان في علة الحكم أخذت الواقعة الحديثة حكم الواقعة القديمة. وقد أولى علماء أصول الفقه عناية عظيمة لدراسة العلل ومسالكها وأنواعها، ثم أقام الأئمة الأعلام من الفقهاء صروح الفقه الاجتهادي على هذا الأساس المتين.
هذه هي أدلة الأحكام المتفق عليها بين جميع فقهاء الأمة وأصولييها، فالاجتهاد في هذه الأدلة الأربعة محظور، فلا يجوز إسقاط واحد منها، ولا يجوز الزيادة عليها؛ فهي -إذن- لا تخضع لمبدأ " تجديد الفقه " الذي ينادى به في هذه الأعصار.
4. أما الرابع فهو الإجماع.
الأدلة المختلف فيها:
بقيت الأدلة المختلف فيها بين الفقهاء، وهي كثيرة، والمشهور منها ما يأتي:
"سد الذرائع- عمل أهل المدينة- المصالح المرسلة- الاستحسان الشرعي- الاستصحاب- فتوى الصحابي- شرع من قبلنا .. الخ".
هذه الأدلة موزعة بين المذاهب، ما من إمام من أئمة الفقه إلا وقد أخذ ببعضها، وترك الأخذ بالبعض الآخر، أو عمل به في نطاق ضيق.
والاجتهاد في هذا النوع من الأدلة لا يتأتى فيها بالزيادة أو النقص، وإنما المستساغ فيها هو مذاهب القدماء، من التفرقة بينها، وأيًا كان فإن الاجتهاد فيها لن يأتي بجديد، حتى يقال: إنه تجديد للفقه القديم.
وصفوة القول: إن أدلة الأحكام بنوعيها - المتفق عليها والمختلف فيها- بعيدة كل البعد عن "مسرح تجديد الفقه" رضينا أم أبينا.
الأحكام الفقهية:
أما بالنسبة للأحكام الفقهية القديمة التي دونت من قبل في عصور الإسلام الأولى، من مئات المصنفات والمجلدات، لجميع المذاهب الفقهية، فهذه الأحكام أنواع كذلك:
- الأول: ما كان دليله قطعي الثبوت كالقرآن وكثير من الأحاديث النبوية، وقطعي الدلالة.
- الثاني: ما كان دليله ظني الثبوت والدلالة معا.
- الثالث: ما كان دليله قطعي الثبوت وظني الدلالة.
- الرابع: ما كان دليله ظني الثبوت قطعي الدلالة.
والنوع الأول يجب عدم المساس به لأنه أقوى الأحكام، والنوع الرابع، وهو ظني الثبوت قطعي الدلالة لا تخضع دلالته كذلك للتجديد.
وإنما يمكن إعادة النظر في الثاني والثالث وكذلك الأحكام التي أجمع عليها علماء الأمة، لا تخضع لإعادة النظر، لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة أبدًا.
وباختصار، فإن إعادة النظر ممكنة في كل ما كان احتماليًا ظنيًا، وهذا مجال الاجتهاد فيه واسع.
فقه العبادات
وفقه العبادات كالصلاة والزكاة والحج والصيام يجب إبعاده عن إعادة النظر، وخضوعه لمبدأ "تجديد الفقه" ولا إخال الذين ينادون الآن بمبدأ "تجديد الفقه" يقصدون - فيما يقصدون- فقه العبادات، وإنما هم يقصرون دعوتهم على إعادة النظر في " فقه المعاملات " المدنية بمختلف أنواعها.
والواقع أن فقه المعاملات القطعي الدلالة والثبوت أو القطعي الدلالة، أو ما قام عليه إجماع علماء الأمة، هذه الأفرع محصنة شرعا، فلا يجوز إعادة النظر فيها وإخضاعها لمبدأ "تجديد الفقه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/498)
إذن فقد اتضح مما تقدم أن مجال الاجتهاد المقبول الوحيد هو ما كان ظني الدلالة، فهذا من حيث المبدأ يجوز إعادة النظر فيه، وإخضاعه لمبدأ "تجديد الفقه"، ولكن من حيث الواقع والمصير، فإن إعادة النظر فيه قليلة الجدوى. ولماذا؟
لأننا من خلال تجربة عملية ودراسة نموذجية، وإن كانت قصيرة، لأحكام الفقه الاجتهادي عند السلف وجدناهم في كل مسألة اجتهادية استوعبوا فيها كل ما يمكن أن يقال، لذلك فإن من العسير على المجتهدين المعاصرين أن يجدوا منفذا يأتون فيه بجديد لم يقله الأقدمون.
فمثلاً قوله تعالى: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" بعضهم فسر القرء بالطهر، وبعضهم فسره بالحيضة الواحدة .. فإذا أعدنا فيها النظر فما الذي سنقوله جديدا في المسألة؟!
ومثلا آخر، إذا طلقت المرأة من زوجها الغائب مع انقطاع أخباره، وحكم لها القضاء بالتطليق لرفع الضرر عنها ثم تزوجت بآخر، وبعد زواجها عاد زوجها القديم فهي زوجة لمن فيهما؟
بعضهم قال للأول ويفرق بينها وبين الثاني، وبعضهم قال للثاني ولا يُمَكّن منها الأول، وبعضهم قال هي للأول إلا إذا أنجبت من الثاني.
فإذا أعدنا النظر في هذه المسألة، فهل بقي لنا شيء جديد نقوله فيها؟
ومثلا آخر: إذا أكره رجل رجلاً آخر على قتل رجل ثالث فقتله، فعلى من يقع القصاص؟ على المكرِه الذي أمر بالقتل؟ أم على المكرَه الذي قام بالقتل؟
بعضهم قال: يقتص من الاثنين معاً: الآمر بالقتل والقاتل حتى وإن كان فاقد الإرادة، صونا للدماء، وبعضهم قال: يقتص من الآمر لأنه السبب ولا يقتص من القاتل لأنه مكره فاقد الإرادة، وبعضهم قال: لا قصاص على أحد منهما لأن الآمر بالقتل لم يباشر فعل القتل، ولأن القاتل مجبور لا إرادة له.
وبعضهم قال: يقتص من القاتل لأنه هو الذي باشر القتل، وعلى الآمر بالقتل دية الاثنين دية المقتول عدوانا وظلما، ودية المقتول قصاصا ..
هذه مسألة اجتهادية لم يرد حكم لها في الكتاب ولا في السنة، وقد استوعب الفقهاء فيها أقسام الحكم العقلي، فإذا أعدنا فيها النظر فما الذي تركوه لنا نقوله فيها يا ترى؟
وهكذا صنع الفقهاء الأقدمون في المسائل الاجتهادية كلها.
إذن فإن إخضاعها لمبدأ "تجديد الفقه" وإن كان ممكنًا نظريًا فإنه لا جدوى فيه عمليًا، والأحرى بالمنادين بتجديد الفقه القديم وإحلال فقه جديد محله، الأحرى بهم أن يرصدوا كل المستجدات وأن يبحثوا لها عن أحكام فقهية مناسبة، بدل أن يصبوا جام غضبهم على جهود علماء كبار أفذاذ ملؤوا الدنيا نوراً وهدى.(104/499)
مفهوم التجديد في أصول الفقه ... ؟!
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[31 - 03 - 03, 03:48 م]ـ
ينبغي للمسلم أن يكون واعياً على الثقافة الإسلامية، واقفا على علومها، لا سيما وأن الأمة تعيش تحت مطارق الغزو الرأسمالي، وتصطلي بنيران جيوشه، وأن بلاد الإسلام أصبحت مسرحاً لإمامة الكافر الفكرية، وولايته الأيديولوجية. لقد أدرك الكافر خطورة مفاهيم الثقافة الإسلامية على مساعيه، فركز ضربات معوله عليها حتى سقط بعض المسلمين أمام هذه الضربات، وتأثروا بالأفكار الموبوءة الغازية، وصاروا يؤولون الثقافة الإسلامية ويخرجون عليها، وصار بينهم وبينها فراغٌ لا بد من ردمه ورأب صدعه.
=====================================
ولا يزال أزلام الكافر ـ من أشباه المفكرين ووعاظ السلاطين ـ مستمرين في هجومهم السافر وضربهم لفروع هذه الثقافة، ولا أجد أدل على ذلك من خروجهم المستمر على وسائل الإعلام بآراء تحمل في طياتها السم الزعاف وفي مضامينها الموت الزؤام والتي يكون ضحيتها أصحاب العقول المعقولة عن الفهم من أبناء المسلمين، وما نريد أن نعرضه في هذه الوريقات: مفهوم حاول شياطين الإنس أن ينفذوا من خلاله لدك صرح علم أصول الفقه ـ وهو صرح شاده علماء المسلمين الأساطين وأعلوا من بنائه ـ والإتيان عليه من القواعد وهو مفهوم تجديد أصول الفقه.
إن عملية استخراج الأحكام الشرعية واستنباطها، تتطلب عدة أمور هي:
الأول: وضع الإصبع على أدلة التشريع الراشدة بوحي الله، ورشاد الأدلة بوحي الله: يعني أن يقوم الدليل القطعي على اعتبارها في التشريع من الخالق.
الثاني: تحديد القواعد اللازمة للتعامل مع هذه الأدلة سواء على مستوى أقسام الكتاب والسنة، أم على مستوى أقسام اللغة.
الثالث: شخص محصل لآلة الاجتهاد وجامع لشرائطه يستطيع الولوج في هذا البحر دون أن يغرق، وصعود العقبة الكؤود دون أن تزل قدمه، ومن هنا اشتمل علم أصول الفقه ـ كما عرفه الإمام سيف الدين الآمدي في إحكامه على [أدلة الفقه، وجهات دلالاتها على الأحكام الشرعية، وكيفية حال المستدل بها، من جهة الجملة، لا من جهة التفصيل].
وقد أولى علماء المسلمين أصول الفقه عنايتهم، وصرفوا فيه جهودهم، لأنه هو الضامن لبقاء التشريعات الإسلامية صافية لا تشوبها الشائبات ولا تكدرها الكدورات من غير جنسها، لا سيما وقد بعد العهد بفجر التشريع ولم يبق اللسان العربي على حاله سليماً، يقول صاحب الفحول: [فإن هذا العلم ـ أي الأصول ـ هو قطاط الاجتهاد وأساسه الذي تقوم عليه أركان بنائه].
وفي عصرنا هذا، يحاول الكافر وأزلامه ضرب هذا العلم والإجهاز عليه من خلال الدعوة إلى أصول فقه جديد يتواءم مع متطلبات العصر، وظروف الحياة، يقول الترابي في كتابه (تجديد الفكر الإسلامي): [وفي يومنا هذا أصبحت الحاجة إلى المنهج الأصولي الذي ينبغي أن نؤسس عليه النهضة الإسلامية حاجة ملحة، لكن تتعقد علينا المسألة بكون علم الأصول التقليدي الذي نلتمس فيه الهداية لم يعد مناسباً للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء ... ] ا. هـ.
وتظهر ملامح المنهج الأصولي الذي يدعو الترابي إليه من تصفح لكتابه هذا، فهو يرى أن النصوص في مجال الحياة العامة أقل عدداً وأوسع مرونة، وهي نصوص مقاصد أقرب منها إلى نصوص الأشكال، ويرى ـ أيضا ـ أن الإجماع هو: الاستفتاء الشعبي أو رأي الأكثرية أو الأغلبية البرلمانية، ويرى أن القياس: هو القياس الفطري ودعك من المقيس عليه ومن العلة ومن مسالك العلة، وأن الاجتهاد حق لكل الناس حتى العوام وغير ذلك.
إن دعوتهم هذه هي في حقيقتها محاولة لنسف أساس من أسس البنيان التشريعي الإسلامي، وهذا يعني: أنها محاولة لتقويض الشريعة ووأد محاولات العاملين على إعادتها سيدة المجتمع، أي: أن تكون الشريعة هي الحاكمة للعلاقات بقوة الكيان التنفيذي، وهي أيضا تكريس لداء الواقعية والذي يجعل الأمة تركن إلى واقعها الذليل، ولا تنهض من رقدتها المعاصرة، لذا: كان لا بد من رفض هذه الدعوة، بل الهجوم عليها هجوماً يكشف عوارها ويظهر سوأتها أمام الناس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(104/500)
وإننا إذ ندعو علماء الإسلام الأفذاذ وفقهاء المسلمين الأساطين إلى التنبه إلى هذه الدعوة، والقعود لها كل مرصد، والقيام بواجبهم في بيان زيف هذه الدعوات وخطورتها، نغتنم الفرصة لنذكرهم بما عليهم من عبء وبما في رقابهم من مسؤولية في عدم السكوت عن المنكر الأكبر وهو غياب الشريعة عن سدة الحكم، ووجوب العمل على تغييره وإعادة بناء صرح الخلافة لوضع فقههم موضع التطبيق، فهم في الأرض بمنزلة النجوم من السماء، وحاجة الأمة إلى وقفتهم أعظم من حاجتها إلى الماء والهواء
أبو البيان "عمار" ـ بيت المقدس
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[31 - 03 - 03, 08:20 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي الكريم على غيرتك على ديننا وشرعة ربنا التي ارتضاها لنا نسال الله العظيم ان يكرمنا برجوع الامة الحميدة اليها. وفي هذا الموضوع ينبغي التنبه الى_ 1_ان مجددينات (جمع مخنث سالم) الاصول هؤلاء لهمـ (ن) اخوة (ات) في خط الرجعة فاذا انكرت الامةعليهم تلاعبهم في الاصول بقي اولئك يلعبـ (و) ـن في الفقه مع شريحة واسعة من ابناء الامةالمتحمسة الى رجوع مجدها التليد فعرف هؤلاء من اي باب يدخلـ (و) ن وباي طعم يصط_ ا _د (و) ن خاصة مع قعود كثير من علمائنا من اهل الحق_ نظريا_عن النزول من صرحهم المشيد العالي, فقويت الشبهة عند العوام وهيهات هيهات للعامة ان تسمع لك ان لم ترك معها في آلامها وآمالها فانا لله وانا اليه راجعون - 2 - اما مادة الاصول التي ورثناها عن ائمتنا فغير خاف على جنابكم ان مناهج التاليف فيها متاثرة جدا بالمدارس الفكرية،العقدية، والفقهية ... لاصحابها وان مدرسة الاصوليين (الشافعية ومن سايرهم) هي مدرسة المتكلمين وان اساطين هذه المدرسة التي سار الركبان في ضوئها هم خمسةمن ائمة الكلام ثلاثة هم ائمة الاشعرية:1 - الباقلاني و قد وصف بدر الدين الزركشي كتابه؛التقريب والارشاد،بانه اجل كتاب في هذا الفن مطلقا.2 - امام الحرمين الجويني وكتابه البرهان 3 - ابوحامد الغزالي وكتابه المستصفى. واثنان من ائمة المعتزلةهما:1ـالقاضي عبد الجبار وكتابه العمد وكذا فصول بسيطة (اي واسعة!!) من كتابه المغني 2 ـابو الحسين البصري في كتابيه المعتمد ; وشرح العمد لشيخه السابق. فكما ترى هذه مدرسةالاصوليين اربابها هم ارباب الكلام المذموم ولا شك ان مدرسة الحنفية (الفقهاء) كتبت بنفسية ماتوريدية فالمعارك الكلامية قد انتقلت مع هؤلاء جميعا الى ميدان جديد هو ميدان اصول الفقه ولا شك ان العمل الرجيح الناصح هو محاولة تصفية هذا العلم الشريف مما علق به عبر العصور مما هو ليس منه وليس هذابمشروع جديد محدث وليس كذلك من مجرد التاثر بمدرسة المتقدمين المطروحة في مثل هذا الملتقى الميمون فقد توالى انكار الائمة من هذا الدخيل عبر العصور بدأ من مناظرات الشافعي في رسالته وغيرها الىابي اسحاق الشيرازي وقيامه على عصرييه من ائمة الكلام ولخص مايراه من اصول اهل السنة في كتابيه اللمع والتبصرة الى ابن السمعاني في قواطع الادلة والخطيب البغدادي (الفقيه و المتفقه)،ابن عبد البر (جامع بيان العلم وفضله) ابن الصلاح (ادب المفتي والمستفتي) آل تيمية (المسودة) الشاطبي (الموافقات والاعتصام) ابن القيم (اعلام الموقعين،الصواعق،بدائع الفوائد ... ) وقبلهم الاحكام لابن حزم ... وكتاب المستصفى لعله مر على المصفاة مرتين مرة مع روضة الناظر لابن قدامة ثم مذكرة محمد الامين الشنقيطي عليهما وكتاب جمع الجوامع كذلك مرة في نظمه مراقي السعود وفيه يقول الناظم: //منتبذا عن مقصدي ما ذكرا .... لدى الفنون غبره محررا //ثم صفي بشرح العلامة الامين وتلميذه الحبيب في نثر الورود واعمال شيخنا الامام الرباني محمد العروسي بن عبد القادر السوفي الجزائري المكي حفظه الله وقد بدا في هذا المشروع من عقود والعلامة محمد سليمان الاشقر واخوه العلامة عمر وشيخنا محمد المختار بن الامين الشنقيطي المدني والفاضل عمر بن عبد العزيزوغيرهم من المشايخ الكرام ممن يسعون في هذا المضمار وممن هم جديرون بجمع المذكر السالم وانما تسامحت في انزال جمع المخنث السالم على اولئك المذكورين ادناه (ولايستحقون اعلاه!!) اني رايت شيخ طائفتهم الاصلاحية المزعومة يقول بتجديد اللغة العربية ونحت من بقر:بقروت , وصف للشعوب المنقادة للساسة و كان من حقه الاصلاح والنصح لا التعيير و القبح ولما شممت منها عفن الشعوبية انتصرت للعربية بطريقته وهو منهج ابن تيمية في الرد على المخالف والله الموفق والهادي الى سواء السبيل ــ رب وفقني فلا اعدل عن .... سنن الساعين في خير سنن
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[31 - 03 - 03, 11:56 م]ـ
موضوع تجديد أصول الفقه من الموضوعات المهمة ولا أدري هل كتبت فيه رسائل علمية أو ألفت فيه مؤلفات رصينة لأن هذه الدعوة ليست جديدة وقد دعا إليها بعض أهل العلم قبل الدعاوى الأخيرة التي اشتهر بها الدكتور الترابي
* يذكر الشيخ مشهور حسن في هامش كتاب (رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة) للعلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله ص 9 (يكتب بعض إخواننا أطروحة للدكتوراه بعنوان (ماليس من علم الأصول في كتب الأصول) كان ذلك في عام 1417 فلا أدري هل طبعت هذه الرسالة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/1)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[01 - 04 - 03, 10:06 ص]ـ
موقع الإسلام اليوم
ندوات بحثية
أصول الفقه بين الثبات والتجديد1/ 2
ورقة ا. د. يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين
أستاذ أصول الفقه بقسم الدراسات العليا
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض:
8/ 1/1423
22/ 03/2002
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد
فيمكن القول إن علم أصول الفقه يُعَدّ الفلسفة المميزة للمسلمين. وهو ألمع الجواهر في تاج الثقافة الإسلامية. أنشأه المسلمون على غير مثال سبق، وكان من ابتكاراتهم الفذّة، يقولون: " (حيث المجتمع ثمة شرع، فبابل عرفت شريعة حمورابي، والإغريق أقاموا الألواح الإثني عشر، والرومان اتبعوا قوانين جوستنيان، وليس من أمة عبر التاريخ لم تستن قانوناً أو تنتهج عرفاً، لكنّ المجتمع الإسلامي امتاز عن (سائر الأمم بأنه أول من وضع منطقاً للشرع تحت اسم (أصول الفقه) " (1).
وإن أصول الفقه هو منهج البحث عند الفقيه، أو هو القانون الذي يعصم ذهن المجتهد عن الخطأ في الاستدلال على أحكام الشرع من طرقها المختلفة.
وفي عصرنا هذا ظهرت تيارات واتجاهات فكرية متعددة، تهدف إلى تغيير المجتمعات، وتدعو إلى تطوير العلوم الشرعية، وفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، واللجوء إلى مقتضيات الواقع ومعطيات العقول. وكان من جملة ما شملته هذه التحركات الدعوة إلى تجديد أصول الفقه، وقبل أن نعرض إلى هذه الاتجاهات والآراء يجب أن نفهم ماذا يراد بالتجديد.؟. لقد كان السلف يريدون بالتجديد معنى خاصاً بنوه على قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) (2). وقد فسروا التجديد – في غالب أقوالهم – بإحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما. أي بإماتة البدع وتجريد الدين عنها.
وفي اللغة استعمل تجديد الشيء بمعنى تصييره جديداً (3). أي بإعادة نضارته ورونقه وبهائه إليه، كدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في المجالات العقدية، وعمل شيخ الإسلام ابن تيمية في مجال الاجتهادات.
غير أن التجديد استعمل في هذا العصر بمعان متعددة، بعضها يعود إلى ما ذكرناه، وبعضها لا يتلاءم مع المعنى المذكور. وقد اختلط الكلام في مسألة التجديد، ودخل في أسماء المجددين من ليسوا منهم، وفي أسماء الموضوعات ما هو من موضوعات أخر. فبعض من يسمونهم مجددين لا يؤمنون بأساسيات الشرع، وبعض المجالات التي قيل في التجديد فيها لا تنطبق عليها الدعوى، وقد نجد من يحاول التوفيق بين الشريعة وواقع المجتمعات، ويفسر ويؤول النصوص بما يتراءى له.
إن الذي يتعلق بموضوعنا هو جانب محدد، وهو ما أطلق عليه التجديد في أصول الفقه. وأصول الفقه المقصود بها، بحسب ما نختاره من التعريفات هي:
القواعد التي يُتَوَصّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة (4). فأمامنا ثلاثة أمور هي من موضوعات أصول الفقه، وهي:
1 - الأدلة التي هي مصادر الأحكام الشرعية، وينابيعها.
2 - القواعد أو القوانين التي تبين كيفية استنباط الفقه من الأدلة.
3 - المجتهد الذي يستنبط الفقه من الأدلة، بوساطة القواعد المذكورة.
وإذا أخذنا بالمفاهيم الجديدة في معنى التجديد فسنجد أنه سيختلط معناه بمعانٍ غريبة عنه تتردد بين الشذوذ والانحراف وصدق المحاولات. كما سنجد دوافع متعددة ليس في كثير منها دافع التجديد في أصول الفقه بالفعل، بل ربما كان وراء ذلك أغراض ونوايا أخرى اتخذت من أصول الفقه سلّماً للوصول إليها.
وقبل أن نعرض إلى المحاولات الجديدة أو المعاصرة، في هذا المجال، نذكر بعض الآراء التي اشتهرت قبل هذا العصر، والتي نعتها جمهور العلماء بالشذوذ أو الانحراف:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/2)
1 - ففي أوائل عهد نشاط العلماء في المجال الأصولي اشتهر إبراهيم بن سيار الملقب بالنظّام والمتوفى سنة 231هـ. بإنكاره الإجماع، وإمكان تحققه، وعُدَّ رأيه شاذاً (5). يذكر في المباحث الأصولية عرضاً، وعلى أنه في الأراء المرفوضة. ولم نعلم أنه قدّم تعديلاً أو حلاً آخر لدليلية الإجماع. وقد شاركه في رأيه عدد آخر من العلماء، ولكنّهم قصدوا عدم إمكان ذلك على العهود التالية لعصر الصحابة (6). بناء على أن أهل الحل والعقد كانوا مجتمعين في المدينة، ولم يكونوا قد تفرقوا في البلدان أو الأمصار. وهم كالنظّام لم يقدموا حلاً أو بديلاً معدلاً لمواصفات الإجماع التي ذكرت في كتب الأصول. وإنما اقتصر كلامهم على الإنكار والرفض.
2 - وعلى مقربة من عهد النظّام كان داود بن علي الأصفهاني الظاهري المتوفى سنة 260هـ، ممن يرفض الرأي والقياس، وألف كتاباً في إبطال القياس. وكان قدوة لمتبّع مذهبه الإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم المتوفى سنة 456هـ. الذي أوقد نار حرب حامية بينه وبين علماء الجمهور، وشدّد النكير على الآخذين بالقياس، مع أنه من المتحمسين للمنطق الأرسطاطاليسي، ومن الذين كانوا يرون المنطق اليوناني من أساسيات المعرفة، وألف في ذلك كتاباً سماه (التقريب لحدّ المنطق). ولتضييقه على مذهبه في رفض القياس اضطر إلى التوسع في مجال أصالة الإباحة، وأن كل نازلة لا نجد لها حكماً في نصوص الشارع فهي على الإباحة الأصلية الشرعية، أي أنه يستصحب حكمها، فصار الاستصحاب البديل عن الأخذ بالقياس. ويبدو أن الأخذ بالاستصحاب كان حلاّ لما يشكّله رفض الأخذ بالقياس، وانقاذاً لورطة خلوّ الوقائع عن الأحكام. ولهذا نجد أن الشيعة، وهم ممن يرفضون الأخذ بالقياس أيضاً، توسعوا في الاستصحاب وأكثروا من الكلام عنه، وعن ثلاثة أصول أخرى، وسموا الجميع (الأصول العملية)، أو الأدلة الفقاهية، وهي الاستصحاب، والبراءة، والاحتياط، والتخيير، سواء كانت هذه الثلاثة الأخيرة شرعية أو عقلية. وقالوا إن الرجوع إليها عند الشك، أو الجهل بالحكم الواقعي، واليأس من تحصيله والعثور عليه، والنتيجة المترتبة على هذه الأدلة، عندهم، لا يسمونها حكماً، وإنما يطلقون عليها مصطلح الوظيفة، لأن الحكم، عندهم، مصدره الأدلة الاجتهادية الأخرى أي الكتاب والسنة والعقل. والسنة عندهم واسعة تشمل كل ما ينقل عن أئمتهم الأثني عشر أيضاً. ولا شك أن توسعهم بالأخذ بما ذكرناه من الأصول المنتجة للوظيفة، هو محاولة لفتح المجال أمام التعرّف على الأحكام الشرعية أو الوظائف، فيما لا دليل عليه من الشارع.
3 - وفي نهاية القرن السادس الهجري طرح سليمان بن عبدالقوي نجم الدين الطوفي المتوفى سنة 716هـ، رأياً متطرفاً وشاذاً وفق المقاييس الأصولية، في المصلحة. هو لم يؤلف كتاباً في المصلحة يذكر فيه رأيه، ولكنه أورد رأيه في شرحه الحديث الثاني والثلاثين من الأحاديث الأربعين النووية، وهو قوله:صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضِرار). ولم يشر علماء الأصول الذين عاصروه أو جاؤا بعده، إلى رأيه هذا، فيما أطلعت عليه من كتبهم. وقد طبع شرحه للأربعين النووية كاملاً باسم (التعيين في شرح الأربعين) في السنوات الأخيرة. وهو وإن لم يتكلم عن المصلحة في بعض كتبه كشرحه لمختصر الروضة، لكنه لم يخرج في ذلك عن رأي الجمهور فيها، مع نقده تقسيماتهم المصلحة إلى ضرورية وغير ضرورية، وعدّه ذلك تعسفاً وتكلفاً، وإنما كان رأيه الخاص والمخالف لرأي جمهور العلماء هو ما أورده في شرحه لحديث (لا ضرر ولا ضِرار)، الذي تكلم في شرحه على المصلحة مطلقاً، لا المصلحة المرسلة. وقد عرّف المصلحة، بحسب العرف، بأنها السبب المؤدي إلى الصلاح والنفع، كالتجارة المؤدية إلى الربح، وبحسب الشرع هي السبب المؤدي إلى مقصود الشارع عبادة أو عادة (7).
وبعد أن أقام الأدلة على حجية المصلحة من نصوص الشارع، ذكر أن رعايتها مقدمة على النصوص والإجماع، مستدلاً على ذلك بوجوه، منها:
أ - (إن منكري الإجماع قالوا برعاية المصالح، فهو إذاً محل وفاق، والإجماع محل خلاف، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما اختلف فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/3)
ب- إن النصوص مختلفة متعارضة، فهي سبب الخلاف في الأحكام المذموم شرعاً، ورعاية المصالح أمر (حقيقي في نفسه، ولا يُخْتَلَفْ فيه، فهو سبب الاتفاق المطلوب شرعاً، فكان اتباعه أولى) (8).
لكنه يقصر ذلك التقديم على جانب المعاملات والعادات وشبهها، وأما في العبادات والمقدرات ونحوها، فالمعتبر فيها النصوص والإجماع ونحوهما من الأدلة (9).
والمصلحة عنده عامة هي مصلحة الناس، وما يتراءى لهم أنه ذو منفعة. وليس المقصود في ذلك المصالح المرسلة التي يقول بها الإمام مالك. ونجد من المناسب أن نذكر خلاصة لهذا الاعتبار من عبارات الطوفي نفسه. قال: (ولا يقال إن الشرع أعلم بمصالحهم فيؤخذ من أدلته، لأنّا نقول: قد قدرنا أن رعاية المصلحة في أدلة الشرع، وهي أقواها وأخصها فلنقدمها في تحصيل المصالح. ثم إن هذا يقال في العبادات التي تخفى مصالحها على مجاري العقول والعادات، أما مصلحة سياسة المكلفين في حقوقهم فهي معلومة لهم بحكم العادة والعقل، فإنا رأينا دليل الشرع متقاعداً عن إفادتها، علمنا أنه أحالنا في تحصيلها على رعايتها، كما أن النصوص لما كانت لا تفي بالأحكام علمنا أنّا أحلنا بتمامها على القياس، وهو إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه بجامع بينهما) ((10).
فالأمور السابقة: الإجماع، والاستصحاب البديل عن القياس الأصولي المعروف، والقياس الواسع، والمصلحة. والسنة كانت مما يدخل في مجال أصول الفقه، لأنها تتناول الأدلة، سواء كان بإنكارها، أو بتوسيع نطاقها، ولكنها لم يكن ينظر إليها على أنها تجديد، بل كانت تذكر على أنها آراء شاذة، باستثناء أفكار الطوفي في المصلحة التي لم نجد لها ذكراً في كلام المتقدمين.
وفي العصر الحاضر نجد دعوات في غاية الخطورة، لمن يدع أصحابها التجديد في أصول الفقه وإنما كانوا يدعون إلى التغيير بوجه عام، وإلى اعتماد التشريعات على مناهج وأدلة تأخذ باعتبارها العقل والواقع، وحيث كانت النصوص الشرعية عائقة لدعواتهم فإنهم لجؤوا إلى طرق متعددة في التعدي على أهم أصلين تستند إليهما الأحكام الشرعية، وهما الكتاب والسنة. فدعوا إلى تعطيل الكتاب، أو تفسيره بحسب الأهواء، والطعن بالسنة بوجوه مختلفة، بغية استبعادها عن مجال الحياة، تارة بادعاء عدم استقلالها بالتشريع، و تارة بترك ما لم يكن معناه في القرآن الكريم أو مؤكداً له، وتارة بتقسيمها إلى تشريعية وغير تشريعية، وأن لا حجة لغير التشريعية، وأنه ينبغي أن ينظر إلى العرف والواقع عند تفسير القرآن الكريم أو السنة، كما يرى ذلك الدكتور محمد عمارة، أو ترك الأخذ بالأحاديث في تقنين الأحكام المعاصرة كما يرى ذلك محمد إقبال، أو أن تردّ الأحاديث المخالفة للعقل والواقع، بحسب ما يراه آخرون.
وقد يتطرف بعضهم كمحمد إقبال ويقول إن السنة غير التشريعية يجب تركها وعدم جعلها أساساً للقوانين، وأنها خاصة بعصر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من الآراء.
وقد يكون بعضهم مستنداً إلى ما فعله القرافي في كتابه الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، بتقسيم السنة إلى ما صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره مبلِّغاً ومفتياً، وإلى ما صدرت عنه باعتباره حاكماً، أو متمسكاً بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم بشأن تأبير النخل: (أنتم أعلم بأمور دنياكم).
وليس في ذلك شيء من التجديد، ولم يقدم أحد منهم مقياساً صحيحاً لما يدعيه، سوى الواقع والعقل، وما ذكروه يؤدي إلى الانسلاخ من الشرع في آخر الأحوال. والأدلة التي قامت على حجيّة السنة ليس فيها هذا التفريق. قال تعالى: (ما أتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا) و (إن هو إلا وحي يوحى) و (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) وقال صلى الله عليه وسلم: [لا ألفينَّ أحدكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/4)
لكن هذه أمور لم يكن الغرض منها الكلام في تجديد أصول الفقه، وإن كانت تمس بعض موضوعاته، ولعلّ إثارة هذا الموضوع – أي تجديد أصول الفقه – بخاصة لم تظهر قبل السبعينات من القرن الميلادي السابق، وقد تكون رسالة (تجديد أصول الفقه الإسلامي) الصغيرة للدكتور حسن الترابي، الصادرة في سنة 1400هـ/ 1980م من أقدم ما صدر بهذا الشأن في العصر الحديث، وقد نشرت مقالات متعددة في بعض المجلات، كما نشرت كلمات موجزة لبعض الأساتذة قالوها في مقابلات للدكتور عبدالحليم عويس، كان ينشرها في ملف الشرق الأوسط الفقهي بعنوان (أصول الفقه بين التقليد والتجديد) وهي وما يشبهها في الكتابات العجلى لم تتضمن شيئاً ذا بال.
وقد كثر الكلام في هذا الشأن، أعني التجديد والدفاع عن الشريعة، وكان الكثير مما نشر يتعلق بمسألة التوفيق بين الشريعة ومستجدات الحياة، سواء كانت اقتصادية أو علمية، أو اجتماعية، أو غيرها، وكذلك واقع المجتمعات الإسلامية مما يدخل كثير منه في مجال الاجتهاد والفتوى، ومنا ينبغي أن يتحقق فيها. ومثل هذه المحاولات بدأت منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، مع الشيخ محمد عبده (ت 1905م)، ثم تتالت بعد ذلك، وكثرت إلى درجة بلغت الإحاطة بها بالغة الصعوبة، وغير مجدية، أيضاً، لكون الكثير منها مما يكرر ويعاد.
وهذا الاتجاه له سابقة قديمة في بعض التفاسير الشبيهة بالتفاسير العلمية كتفسير (مفاتيح الغيب) لفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606هـ، وفي بعض ما كتبه الحكماء، أو الفلاسفة المسلمون، مثل (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال) لمحمد بن أحمد بن رشد الحفيد المتوفى سنة 595هـ. لكن هذا الموضوع لم يكن مختصاً بمسألة التجديد، أو التطوير، إن صح التعبير. ولهذا فإن محاولة الدكتور حسن الترابي تمثل مكاناً هاماً في هذا المجال. وسأعرض عن الجزئيات والتفصيلات وشطحات اللسان، وأقتصر على أهم ما ذكره في مجال الأدلة.
يرى الدكتور الترابي أن الرجوع إلى النصوص، بقواعد التفسير الأصولية لا يشفي إلا قليلاً، لقلة النصوص. وأنه يلزمنا أن نطور طرائق الفقه الاجتهادي التي يتسع فيها النظر. وأن علم أصول الفقه الذي من شأنه أن يكون هادياً للتفكير آل إلى معلومات لا تهدي إلى فقه، ولا تولد فكراً. وقال: إن الفقه يعلمك كيف تستنجي ولكن لا يعلمك كيف تقود سيارة. إلى آخر ذلك من الكلمات التي تنم عن الظلم للفقه وبخسه منزلته. ولا ندري إذا كان من مهمات الفقه، بل قوانين العالم وشرائعه، أن تعلم الشخص كيف يقود السيارة.
ومهما يكن من أمر فإن دعوته التجديدية بشأن الأدلة أو مصادر التشريع تتلخص في الأمور الآتية:
1 - الأخذ بالقياس الواسع، بأن نستقرأ بعض النصوص ويؤخذ منها المعنى الجامع، أو القصد، فيقاس على ذلك.
2 - التوسع في المصالح المرسلة والمقاصد، وتوسيع نطاقها.
3 - الأخذ بالاستصحاب الواسع، وتفعيل بعض الأصول المبنية عليه.
4 - الأخذ بالإجماع وفق صورة جديدة تختلف عن صورة الإجماع التقليدي.
5 - جعل أمر الحاكم وقراره مصدراً من مصادر التشريع.
وسنذكر فيما يأتي كلاماً موجزاً عن هذه الأمور:
أما القياس فيرى أنه بمعاييره التقليدية محدود لا يفي بمتطلبات الحياة (11).وربما صلح استكمالاً للأصول التفسيرية في تبيين أحكام النكاح والشعائر والآداب، ولكنه لا يجدي في المجالات الواسعة في الدين (12).ولذلك ينبغي أن لا يكون الأصل المقيس عليه نصاً محددا ً، بل ينظر إلى جملة من النصوص، ويستنبط منها مقصد معين من مقاصد الدين، أو مصلحة معينة من مصالحه، ثم نتوخى ذلك المقصد عند التطبيق على الوقائع أو النوازل الجديدة. وأن هذا القياس الإجمالي الواسع، أو قياس المصالح المرسلة، درجة أرقى في البحث عن جوهر مناطات الأحكام (13).
وما ذكره الدكتور الترابي يدخل في مفهوم القياس بمعنى القاعدة العامة المتوصل إليها باستقراء طائفة من النصوص والأحكام، وهذا أمر متبع ومعلوم للعلماء، ولكنهم لم يُلْغُوا بسببه القياس الأصولي المعروف، أي قياس العلة، لكونه أقوى في الدلالة على حكم الوقائع من القواعد العامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/5)
وفي الاستصحاب الذي يقربه جمهور العلماء يرى الدكتور الترابي أن الشريعة لم تبدل كل ما كان في المجتمع الجاهلي القديم، بل كانت هناك أمور متعارف عليها أقرّها الشرع، وإنما تدخل في إصلاح ما اعوج منها، فما لم يرد من الشارع دليل عليه ينبغي الاستمرار في العمل به، وإبقاؤه على ما كان عليه. وذكر بعض القواعد المبنية على ذلك، وهي: الأصل في الأشياء الحل، وفي الأفعال الإباحة، وفي الذمم البراءة من التكليف، وكل ما تطوّقه المؤمن يقصد به وجه الله عبادة مقبولة، وكل ما أخذ لمتاع الحياة الدنيا عفو متروك إلا أن يرد النص فينفي صفة العفو أو الإباحة عن فعل معين (14).
وهو يشترط البدء بالنصوص، ثم النظر في الأصلين الواسعين، ثم النظر إلى الواقع الذي نعيشه بمصالحة وأسبابه، لأن الفهم الذي يتبادر من النصوص قد يلغى عند التطبيق مؤدياً إلى حرج عظيم، قد يأباه نص آخر، أو مصلحة مقدرة في الدين (15).
ولسنا نرى في كلامه هذا جديداً، أو تجديداً، وما ذكره أمور مقررة قامت على صحتها الأدلة الشرعية، ولكن لا ينبغي أن تطلق الأقوال، كما أطلقها، فليس الأصل في الأشياء الحل مطلقاً، بل لا بد من التفريق بين ما هو ضار وما هو نافع. فالصواب أن يقال: الأصل في المنافع الحل، كما أن الأصل في المضار التحريم. وأما أن الأصل براءة الذمة من التكليف فصحيح قبل مجيء الشرع، وبعد مجئته شغلت الذمة بما أمر به الشارع، ويبقى ما عدا ذلك على الأصل المذكور، وقول الدكتور الترابي: (وكل ما تطوقه المؤمن، يقصد به وجه الله عبادة مقبولة غير مقبول). وهو طريق الابتداع في الدين، وكل مبتدع إنما يتذرع بأنه يقصد وجه الله.
وأما ما يتعلق بالإجماع فإنه بالصورة التي رسمها له الأصوليون، صعب التحقيق، إن لم يكن متعذراً – لا سيما إذا اشترطنا فيه انقراض العصر ـ وهو في الماضي أكثر تعذراً مما هو في العصر الحالي.
ولهذا نجد أن محققي الأصوليين كالآمدي المتوفى 631هـ، اختار بشأن حكم جاحد المجمع عليه التفصيل، وهو أن لا يحكم بكفر من جحده، إلا إذا كان جاحداً لما كان داخلاً في حقيقة الإسلام، أو ما ثبت من الدين بالضرورة كالعبادات الخمس، ووجوب اعتقاد التوحيد والرسالة. وأما إن لم يكن كذلك فلا تكفير لجاحده (16). وقد مالت طائفة من علماء هذا العصر إلى عدم إمكان انعقاده. وأكتفى بذكر رأي عالمين مشهورين في هذا المجال، هما الشيخ/ محمد الخضري رحمه الله، والشيخ / عبدالوهاب خلاف رحمه الله.
يقول الشيخ / محمد الخضري:
" ويبقى هذا السؤال، وهو: هل أجمعوا فعلاً على الفتوى في مسألة عرضت عليهم، وهي من المسائل الاجتهادية؟ ويمكن الجواب على ذلك بأن هناك مسائل كثيرة لا نعلم فيها خلافاً بين الصحابة في هذا العصر، وهذا أكثر ما يمكن الحكم به، أما دعوى العلم بأنهم جميعاً، أفتواً بآراء متفقة، والتحقق من عدم المخالف فهي دعوى تحتاج إلى برهان يؤيدها. أما بعد هذا العصر، عصر اتساع المملكة، وانتقال الفقهاء إلى أمصار المسلمين، ونبوغ فقهاء آخرين من تابعيهم لا يكاد يحصرهم العد، مع الاختلاف في المنازع السياسة والأهواء المختلفة، فلا نظن دعوى وقوع الإجماع، إذ ذاك، مما يسهل على النفس قبوله، مع تسليم أنه وجدت مسائل كثيرة في هذا العصر، أيضاً، لا يعلم أن أحداً خالف في حكمها. ومن هنا نفهم عبارة أحمد بن حنبل من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس قد اختلفوا، ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا إذا لم يبلغه. وبعض فقهاء الحنابلة يرى أن الإمام يريد غير إجماع الصحابة ... " (17).
و أما الشيخ عبدالوهاب خلاف، فيقول:
" والذي أراه الراجح أن الإجماع بتعريفه وأركانه التي بيناها لا يمكن انعقاده، إذا وكل أمره إلى أفراد الأمم الإسلامية وشعوبها ويمكن انعقاده إذا تولت أمره الحكومات الإسلامية على اختلافها، فكل حكومة تستطيع أن تعين الشروط التي بتوافرها يبلغ الشخص مرتبة الاجتهاد، وأن تمنح الإجازة الاجتهادية لمن توافرت فيه هذه الشروط. وبهذا تستطيع كل حكومة أن تعرف مجتهديها وآراءهم في أي واقعة" (18). وقال:"وأما بعد عهد الصحابة، وفيما عدا هذه الفترة في الدولة الأموية بالأندلس، فلم ينعقد إجماع، ولم يتحقق اجتماع من أكثر المجتهدين لأجل التشريع"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/6)
(19).
وإذا كان الأمر كما ذكر فينبغي البحث عن البديل، وما قدمه الدكتور الترابي بديلاً عن الإجماع، بحسب الصورة المذكورة في كتب الأصول،وهو اتفاق المجتهدين من أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – في عصر من العصور على حكم شرعي أو ديني، أقول: ما قدمه الدكتور الترابي يُعَدّ بديلا غير مقبول. فهو يرى أن نتائج الاجتهاد وفق الفقه الإسلامي التقليدي تحتاج إلى ضبط، لأن سعتها تؤدي إلى تباين المذاهب والآراء والأحكام، ولهذا فهي تحتاج إلى الضبط. وأهم الضوابط في رأيه هي أن يتولى المسلمون بسلطان جماعتهم تدبير تسوية الخلاف، وردُّه إلى الوحدة. ويتم ذلك بالشورى والاجتماع، يتشاور المسلمون في الأمور الطارئة في حياتهم العامة، فالذي هو أعلم يبصّر من هو أقل علماً، والذي هو أقل علماً يلاحق في المسألة من هو أكثر علماً، ويدور بين الناس الجدل والنقاش حتى ينتهي في آخر الأمر إلى حسم القضية، إما بأن يتبولر رأي عام، أو قرار يجمع عليه المسلمون أو يرجحه جمهورهم أوسوادهم الأعظم، (أو تكون مسألة فرعية غير ذات خطر يفوضونها إلى سلطانهم، وهو من يتولى الأمر العام، حسب اختصاصه بدأً من أمير المسلمين إلى الشرطي والعامل الصغير) (20). ويرى الدكتور الترابي أنه بهذه العملية (يمكن أن نرد إلى الجماعة المسلمة حقها الذي كان قد باشره عنها ممثلوها الفقهاء، وهو سلطة الإجماع. ويمكن بذلك أن تتغيّر أصول الفقه والأحكام، ويصبح إجماع الأمة المسلمة، أو الشعب المسلم، وتصبح أوامر الحكام كذلك أصلين في أصول الأحكام في الإسلام) (21).
ولا أظن أن مثل هذا الكلام يمكن أن يسلم به، أو أن يصيح بديلاً عن الإجماع، وكيف يمكن أن يدخل العوام والجهلة وعموم الشعب في الاستفتاء على مسألة علمية، ينبغي أن تدخل في الأُطر العامة للتشريع، وأن لا تعارض النصوص غير القابلة للجدل.
وإذا كنا نرى أن الإجماع غير ممكن بالصورة المطلوبة في كتب الأصول، فإنه يمكن رد ذلك للمجامع الفقهية في البلاد الإسلامية، واعتماد الآراء الصادرة عنهم، سواء كانت بالإجماع، أو بالأغلبية، ولهذا فإني أرى أن رأي الشيخ عبد الوهاب خلاف رأي سديد وعملي.
وهذا أجدى من قول الترابي (فيمكن أن نحتكم إلى الرأي العام المسلم، ونطمئن إلى سلامة فطرة المسلمين، حتى لو كانوا جهالاً في أن يضبطوا مدى الاختلاف ومدى التفرق) (22). ولا أدري كيف يمكن أن يطمئن إلى فطرة الجهلة!!!
وبإزاء ذلك فإن هناك طائفة أخرى تدعي التجديد بوجه عام وتنصب نفسها مفسرة ومؤولة للآيات والأحاديث. وترى أن الشريعة مرحلية، وخاصة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أو تجعل الواقع أساساً للأحكام وتقصر الآيات على أسباب النزول، فتقلب القاعدة الأصولية (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) إلى (العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ)، أو تحتال على النصوص بالتفسير المتعسّف، بغية تعطيلها، وإلغاء العمل بها، فرحة بأنها حققت إنجازاً علمياً دون الالتزام بضوابط الاجتهاد، وقواعد الأصول.
ويبدو أنهم في دعوتهم إلى التخلّص من ضوابط الاجتهاد يرسمون منهج الكاتب الإيرلندي برناردشو في قوله (إن القاعة الذهبية أن لا قاعدة). وقد يكون لما قال وجه في المجالات النقدية في الأدب، التي كان يمارس عمله فيها، ولكن ذلك لا يصلح في المجال الذي نحن بصدده، لان ذلك ستترتب عليه نتائج خطرة، ومضارّ لا حصر لها.
وأكتفي بأن أمثل لذلك بمحاولات التفسير والتوجيه التي خاض في مجالها طائفة من هؤلاء الساعين فيما يسمونه تجديداً، إن الذي صنعوه إنما هو نوع من التأويل البعيد، والذي لم يستوف الشروط. لقد فرق الأصوليون بين النص والظاهر، واعتبروا النص دالاً على معناه قطعاً، ومن غير احتمال لغيره. أما الظاهر فهو وإن دل على معناه، لكنه يحتمل غيره احتمالاً مرجوحاً، ولكونه احتمالاً مرجوحاً لا يجوز اللجوء إليه إلا بشروط، أهمها:
1 - أن يكون الناظر المتأول أهلاً لذلك، بأن يستوفي الشروط العلمية اللازمة للخوض فيما يخوض فيه.
2 - أن يكون اللفظ الظاهر محتملاً لما صرف إليه.
3 - أن يكون للمتأول الصارف للفظ عن معناه دليل يقصد به دلالة اللفظ على ما صرفه إليه من المعنى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/7)
وهي شروط – فيما يبدو – تصلح مقياساً معقولاً ومقبولاً للتأويلات والتفاسير التي تذكر للنصوص الشرعية. واعتماداً عليها زيّفوا كثيراً من التأويلات البعيدة وغير المقبولة.
وهذا يبين مدى دقة علم أصول الفقه، واهتمامه بالضبط، وإعراضه عن الأمور الخفية المبهمة غير المنضبطة، الأمر الذي ضاق دعاة التجديد المطلق ذرعاً به؛ لتضييقه عليهم، وسدّه مجالات الانفلات عن الفهم الصحيح عليهم، فأعرضوا عنه وجاءوا بالغرائب التي تضحك من بعضها الثكلى، بدعوى تأويلها بما يوافق الواقع ومن هذه التأويلات الرامية إلى إلغاء الحدود الشرعية، والاعتماد على الواقع، والتوجهات الخاصة، ما ذكروه بشأن حدّ السرقة:
ففي أحد هذه التأويلات يذكرون أن المجتمع قبل عصر الرسالة كان بدوياً، ليس فيه سجون يوضع فيها السارق، فكانت العقوبة البدنية بالقطع مناسبة لذلك، لكونها تحقق أمرين:
الأول: تعطيل إمكانية السرقة.
والثاني: وسم السارق بعلامة تجعل الناس تعرفه، وتحذر منه.
ولما جاء عصر الرسالة لم يختلف المجتمع عما كان عليه، فأبقى الشارع قطع اليد حدّاً للسرقة، فصار حكماً شرعياً. ومعنى ذلك أنه لا يطبق هذا الحد في عالمنا المتمدِّن الذي فتحت فيه أبواب السجون، التي تمنع السارق من الهروب، وتحفظ للآخرين أموالهم، وتقيهم من أضراره (23).
وفي تأويل آخر أن النص القرآني لم ترد فيه عبارة (من سرق)، بل وردت فيه عبارة (السارق والسارقة) وهاتان الكلمتان وصفان لا فعلان، والوصف لا يتحقق في الشخص إلا بالتكرار، فلا يقال لمن ظهر منه الجود مرة، أو مرتين أنه (جواد)، ولا يوصف فرد بأنه (عاقل)، لأنه وجد يعقل مرة أو مرتين، بل يقصد به من قامت به صفة العقل. وعلى هذا فإن عقوبة قطع اليد هي للسارق الذي تكررت منه السرقة، أما من لم تتكرر منه فيمكن معاقبته بما يردعه عما هو فيه قطعاً (24).
ولا ندري كيف غاب هذا الفهم عن علماء السلف، من لدن عصر الصحابة حتى الآن،وهم الأعلم باللغة ودلالات ألفاظها من هذا المدعي.!
وإلى جانب من تقدم تبرز طائفة جريئة على الحق، مجاهرة بالرفض لما جاء في تراث هذه الأمة، لكنها ليست صنفاً واحداً، فمنهم من يظهر الإيمان بالله ورسوله، ويذكرهما بإجلال وتقدير، ولكنه يعرض عما جاء عنهما من الإحكام، أو يعطي لأحكامه تفسيراً عاماً ينسج على منواله، ومنهم من يكفر بالوحي والرسالة، أو يفسرهما بما يروق له.
فمن الصنف الأول سنكتفي بذكر شخصيتين، مع وجود الفرق بينهما، وذلك لاختصار أحدهما على جانب محدد، وهو خطير، ونشاط الثاني في مجالات متعددة، مبثوثة في كتبه ومحاضراته. أما أولهما فهو المستشار محمد سعيد العشماوي الذي يرفض أن يكون ما جاء عن الله ورسوله، أحكاماً صالحة للتطبيق على مر الزمان، ويفسر الشريعة تفسيراً مختلفاً عما يفهمه الناس، ويستدل باللغة اللاتينية، وبالمعاجم، وبالتوراة والإنجيل، على ما يرومه. فهو لا يرى، كما ذكر ذلك في كتابه (أصول الشريعة)، أن الشريعة هي الأحكام، وإنما هي المنهاج والطريق. يقول: (فالشريعة هي المنهاج الذي يهيمن على الأحكام، ويطبعها بطابعه،وليست هي الأحكام بحال من الأحوال). (25). ثم أخذ يخوض في تحديد معاني الشريعة المختلفة، فقال: لقد كانت شريعة أوروريس (ادريس) هي الدين. وكان الدين عنده هو الشريعة، الإيمان بالله والاستقامة ... وشريعة موسى هي الحقّ، فهي تضع الحقوق مع الواجبات وتحدِّد الجزاء لكل إثم، وتدعو لأعمال الواجبات، دون تحقيق، وتطبق الجزاءات بشدة. وشريعة عيسى هي الحب .. الحب الذي يدعو صاحب الحقّ ألا يبحث عن حقه، ومن له الحق في الجزاء ألا يفكر في الجزاء.
أحبوا أعداءكم.
باركوا لاعنيكم.
أحسنوا لمن يسيئ إليكم.
وشريعة محمد هي الرحمة، الرحمة التي تزاوج بين الحق والحب. وتمازج الجزاء بالعفو، والتعامل بالفضل والمعروف (26).
ثم يشرع بتفاسير عديدة للرحمة، ثم يذكر أن شريعة الإسلام، ومنهج القرآن، لا يمكن أن يكونا قد قصدا إلا الإنسان، ولقد خلق النص للإنسان، ولم يخلق الإنسان للنص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/8)
وحبس الإنسان في نص، والروح في لفظ، والحياة في قاعدة، أمر غريب عن الطبيعة، ومضاد لروح الإسلام الذي يقدم المثل الأعلى في الحركة والتجديد، (كل يوم هو في شأن)!! (27).
ولسنا نفهم من هذا التجديد الذي يقدمه العشماوي غير الانسلاخ من الأحكام الشرعية وترك نصوص الكتاب والسنة والاكتفاء بالمنهج الذي هو الرحمة، - كما يراه – فشرّع ما تشاء وافعل ما تشاء في نطاق الرحمة المطاطة غير واضحة المعالم. وعلى هذا فأصول الفقه لا حاجة إليها، لأننا عرفنا أن الشريعة هي المنهاج، وأن منهاج الشريعة الإسلامية تحقيق الرحمة، فكل الطرق المؤدية لذلك، والوسائل المحققة لها من أصول الفقه. والله أعلم.
والمستشار العشماوي وإن لم يدّع أنه مجدد في أصول الفقه، لكن ما قدمه يلغي أصول الفقه المعروف، ويقيم مقامه (الرحمة)، التي هي ذروة المنهج، أو الشريعة الإسلامية.
أما الرجل الآخر فهو الدكتور محمد عابد الجابري، الذي يرى الاعتماد على المقاصد الشرعية طريقاً للفهم والاستنباط، دون الأحكام الجزئية. ويرى تجديد المقاصد، وأن يكون العمل بالنص مقتصراً على مكانه وزمانه المتقدمين، ويرى ضرورة فتح آفاق جديدة للاجتهاد المعاصر، وأنه لم يظهر مجتهدون تتوفر فيهم الشروط الضرورية لممارسة الاجتهاد إلى الدرجة التي ترقى إلى مستوى طبيعة مشاكل العصر وتحدياته. ويرى أن أهم شروط الاجتهاد العصراني المطلوب، هي:
1 - انفتاح العقل على الحياة والمعطيات الجديدة والاطلاع على مختلف العلوم المعاصرة.
2 - الانطلاق من المقاصد الشرعية.
3 - جعل ضروريات العصر وحاجياته وتحسينياته جزءاً من المقاصد (28).
ويرى أن حصر الضروريات في الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال، كان منطلقاً فيه من داخل المجتمع الإسلامي الذي كان في وقتهم يشكل عالماً قائماً بذاته، مستقلاً عن غيره من المجتمعات التي لم يكن لها شأن يذكر.
ويقول: إننا نعيش في مجتمع أصبحنا فيه تابعين لا متبوعين، وتغيرت فيه الأحوال وتطورت الحقوق.
فهناك اقتراح بأن تضاف الحقوق الأساسية للمواطن والمجتمع المعاصر إلى تلك الضروريات. ومن هذه الحقوق:
الحق في حرية التعبير.
الحق في العمل.
الحق في التعليم.
الحق في العلاج.
ويدخل في الحاجات، الحاجة إلى تنشيط الإبداع الفكري، والحاجة إلا اكتشاف المعارف الصحيحة.
وليس في هذا الكلام ما هو تجديد لأصول الفقه، وإنما هو دعوة إلى الاجتهاد الحرّ أو المطلق، انطلاقاً من المقاصد الشرعية التي ينبغي أن تنبعث من ضروريات العصر. ولسنا نرى فيما قدمه من مقاصد ما هو خارج عن الكليات الخمس المطلوب المحافظة عليها شرعاً، وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسب. وإنما هي وسائل وطرق تتحقق بها المحافظة على هذه الكليات.
ولكن إذا لم تربط هذه المقاصد بالضوابط الشرعية، وبملاحظة نصوص الشارع التي هي الأساس في تكوينها، فإنها تعدّ انسلاخاً من الأحكام الشرعية، أي يكفي أن نحدد المقاصد ثم نبني أحكامنا عليها. فتكون أصول الفقه، على هذا: هي المقاصد بحسب فهمنا وإدراكنا وعقولنا، وواقعنا، ومصلحتنا المطلقة التي لا تتقيّد بالاعتبارات الشرعية.
وأما الصنف الثاني فسنذكر من دعاته شخصين أيضاً،هما الدكتور محمد أركون، والدكتور حسن حنفي.
فالدكتور محمد أركون له كتب متعددة نشر فيها آراءه، وبشّر بها. وسنكتفي من ذلك باستعراض بعض آرائه في اثنين من هذه الكتب هما: (من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي) و (تاريخية الفكر العربي الإسلامي). إذ هما يمثلان نموذجاً لما يراه في أصول الفقه الإسلامي، أو مصادره الأصلية ففي كتابه الأوّل تكلم علن المصدر الأول لأصول الفقه، وهو القرآن الكريم. فشكّك في صحّته، وسماه القرآن الرسمي (29). وفسر الناسخ والمنسوخ بأنه يناسب انتهازية المشرّعين، وأنه من إنتاج الأصوليين لمواجهة النصوص المتناقضة (30). ويتهم الصحابة بالتلاعب بالآيات القرآنية من أجل تشكيل علم التوريث (31). ويتهم محمد بن جرير الطبري في تفسير آيات الكلالة بأنها مقاومة مستبسلة لما يُحدِث وصفاً جديداً يؤدي إلى زعزعة نظام الإرث العربي السابق (32). ويستخدم المصطلحات النصرانية والأجنبية، ويسقطها على علماء المسلمين كنعت المذاهب الفقهية بالمذاهب الأرثوذوكسية،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/9)
والإجماع بالإجماع الأورثوذوكسي، وهكذا.
وفي كتابه (تاريخية الفكر العربي الإسلامي) يتكلم عن المصادر الفقهية الأربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس بما هو من كلام الملاحدة. فهو يشكك بالكتاب في صحته وفي مصدره أيضاً، ويرى أن السنة ليست إلا اختلاقا مستمرا فيما عدا بعض النصوص القليلة.وأن الإجماع مبدأ نظري طبق على بعض المسائل الكبرى مثل الصلاة، والاحتفال بعيد النبي!! وأما القياس فهو – في رأيه – حيلة كبرى أتاحت شيوع ذلك الوهم الكبير بأن الشريعة ذات أصل إلهي، يحل المشاكل الجديدة؛ ليتم تقديس كل القانون المخترع (33).
وعلى هذا فمن الصعب أن يُعَدَّ مثل هذا الطرح داخلاً في مجال بتجديد أصول الفقه إذ هو لا يعتدّ بهذه الأصول حتى يجددها، وما يبديه من رأي هو نسف وإلغاء لها، وقلب حقيقة الشريعة، من أنها مصدر إليهي إلى أنها اجتهاد بشري.
وهذا يؤكد ما ذكرناه من أنه لا توجد أرضية بيننا وبينه، يمكن أن يرجع إليها عند الاختلاف والاحتجاج، وحينئذ ليس هناك إلا العقل الذي يلجأ إليه لإثبات الألوهية والنبوة، وصحة الرسالة، وهذا ليس موضوع البحث.
أما الدكتور حسن حنفي فإنه صريح، كما هو محمد أركون، لكنه يعلن أنه صاحب قضية، وصاحب فكر شيوعي، يهدف إلى تهديم بناء الدين الذي مر عليه خمسة عشر قرناً وهو يبنى. الدكتور حسن حنفي أستاذ جامعي،يرى في كتابه (التراث والتجديد) أن الدليل النقلي الخالص لا يمكن تصوّره، لأنه لا يعتمد إلا على صدق الخبر سنداً، أو متناً، وكلاهما لا يثبتان إلا بالحس والعقل طبقاً لشروط التواتر. فالخبر وحده ليس حجة، ولا يثبت شيئاً، على عكس ما هو سائد في الحركة السلفية المعاصرة، من اعتمادها شبه المطلق على (قال الله) و (قال الرسول)، واستشهادها بالحجج النقلية، وحدها، دون إعمال الحس والعقل، وكأن الخبر حجة، وكأن النقل برهان (34).
والغريب أنه يرى أن الشريعة الإسلامية، أو ما يسميه بالإيمان السلفي، أخطبوط كبير، وأنه يهدف إلى تحجيمه. يقول: ونحن منذ فجر النهضة العربية الحديثة وحتى الآن، نحاول أن نخرج من الإيمان السلفي، إلا أنهم أطول باعاً في التاريخ منّا، وأكثر رسوخاً، ووراءهم تراث حضاري ضخم، ونحن الأقلّية، كيف نستطيع أن نحجم هذا الأخطبوط الكبير (35).
وقال إنه شيوعي ماركسي، وأنه يرى أن النقد سلبي وليس إيجابياً، أي أنه يبدؤه بالهدم لعوائق التقدم، أي للدين. وأنه إذا استطاع ذلك فإنه سيسلم المجتمع العربي إلى إخوته العلمانيين، لكي يبنوه إيجاباً. ويقول: أنا ماركسي شاب، وهم ماركسيون شيوخ (36).
وإذا كان حسن حنفي، كما قال، ماركسياً فهو ملحد كافر يؤمن بالمادية الدايلكتيكية (الجدلية). يقول ستالين في كتاب المادية التاريخية المترجم للعربية من قبل عزيز شريف ومن قبل خالد بكداش، رئيس الحزب الشيوعي السوري، أيضاً: إن كلام الفيلسوف اليوناني القديم ديمقريطس: إن العالم كان وما زال يشتغل بنظام وسيتجمد بنظام لم يخلقه إلاه. ولم يوجده إنسان، هو عرض رائع لأصول المادية الدايلكتيكية. فإذا كان هذا هو واقع الدكتور حسن حنفي فما هي جدوى الكلام معه في أصول الفقه أساساً، وهو لا يؤمن بالفقه ولا بأصوله؟
فإذا لم يحتج بالقرآن نفسه ولا بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – ويسخر ممن يقول (قال الله) و (قال الرسول). فبماذا نحجه؟ وكيف لمثله أن يتحدث عن أصول الفقه؟ فالنوايا ليست هي تجديد أصول الفقه، بل إلغاء كل ما هو نقلي وشرعي،والاعتماد على العقل والواقع في تقرير الأحكام،شأن محمد أركون.
هذا ومن الجدير بالذكر أن نذكر إن من تعرضنا إليهم هم عينات في اتجاهات فكرية تعيش في المجتمع الإسلامي يتمذهب بها كثيرون. ولعل لأراء طائفة من المستشرقين اليهود والنصارى كجولد تسهير، ويوسف شاخت، ومرجليوث وغيرهم في الأصول التي بني عليها الفقه أثراً في أفكار هؤلاء.
والآن نسأل هل علم أصول الفقه غير قابل للتجديد بالمعنى الذي نفهمه في التجديد؟ وهل أصبح حصناً مغلقاً لا يمكن اقتحامه؟ هذا ما لم أقله، ولست أراه. ومن الممكن أن تكون الخطوات الآتية مما تسهم في هذا المجال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/10)
1 - عرض أصول الفقه بطريقة ميسرة، وقرن القواعد الأصولية بما يبنى عليها من الأحكام، أي المزج بين أصول الفقه والتخريج على هذه الأصول، لأن ذلك أدعى إلى الفهم، وتفعيل القواعد الأصولية، والجمع بين علمين نظر إليهما على أنهما منفكان عن بعضهما طوال قرون.
2 - إعادة ترتيب الموضوعات الأصولية، ودراستها ضمن مجموعات متجانسة، كمباحث الأدلة، ومباحث الأحكام، والمباحث اللفظية، وإجراء مناقلة – إن صح التعبير- بين بعض المباحث. وعلى سبيل المثال نرى أن جعل مباحث التعارض والترجيح مع الأدلة وفي نهايتها، أولى من جعله بعد مباحث الاجتهاد والتقليد. ولا بأس بأن يكون بحث الاجتهاد والتقليد والإفتاء في نهاية تلك المجموعات.
3 - إعادة النظر فيما احتوت عليه كتاب الأصول، وتجريدها مما لا تمس الحاجة إليه، أو مما لا ينبني عليه عمل، أو مما أدخل فيها وليس هو منها، أو غير ذلك. ويمكن إجمال بعض ما ينبغي حذفه فيما يأتي:
أ - المباحث التي هي من مباحث علوم أخرى، ليست بذات علاقة ممهدة لاستنباط الأحكام، كمباحث علم الكلام، مثل مسألة شكر المنعم، ومباحث حاكمية الشرع، وتكليف المعدوم، والنسخ قبل التمكن، وهل كان النبي e متعبداً بشرع قبل البعثة، وحكم الأشياء قبل الشرع وغير ذلك من الأمور التي من هذا النمط.
ب - ترك المناقشات والاستدلالات فيما كان الخلاف فيه لفظياً والاكتفاء بالتنبيه إلى ذلك، في أمثال هذه الاختلافات.
ج -وفي مجال الاستدلال يكتفي بذكر الأدلة القوية، ويهمل ذكر ما كان ضعيفاً منها.
د - الاقتصار على ذكر الحدود المختارة، أو المستوفية لشروط الحدّ، وإهمال الحدود المزيّفة، والمرفوضة من قبل الجمهور.
هـ ترك الاستدلالات المعتمدة على الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها أو الضعيفة المتروكة، لعدم الفائدة في ذلك، لأن أمثال هذه الاستدلالات ستزيف و تنتقد بذلك، وفي هذا إشغال للدارس في أمر عديم الجدوى.
4 - الإفادة من الدراسات اللغوية المعاصرة في مباحث الدلالات، ومراجعة المعاني اللغوية، ودلالات الألفاظ على المعاني في كتب التراث. وتصحيح ما ثبت بالدليل أنه مما يستفاد منها الأحكام وفق الأساليب العربية، ومباحث علم اللغة الحديث.
5 - مراجعة الأحكام المنسوبة إلى الأئمة عن طريق التخريج، فقد اتضح أن بعض الآراء لم تكن نسبتها صحيحة، بناء على خطأ في التخريج، ويعرف ذلك من فقه الأئمة أنفسهم، سواء كان بكتاباتهم، أو بنقل تلاميذهم عنهم.
6 - الاهتمام بمبحث الاستدلال، واستبعاد الضعيف في طرقه، والتأكيد على القوية منها، لا سيما الأدلة العقلية القاطعة التي لا تعارض الشرع والأحكام المبنية على نصوصه.
7 - وفي مجال الأدلة أو مصادر الاستنباط فإنه يمكن اتخاذ ما يأتي:
أ - دراسة الأدلة، سواء كانت متفقاً عليها أو مختلفاً فيها، واستبعاد ما لا حاجة له من شروط الاستدلال بها.
ب - من الممكن إقامة مجمع فقهي موحد، يضمّ المؤهلين من الفقهاء والعلماء من الاختصاصات المتنوعة المحتاج إليها في دراسة وفهم الوقائع والنوازل، المحتاجة إلى الإفتاء بها، واتخاذ قراراته مصدراً إضافياً من مصادر الاستنباط.
ج- إدخال القواعد الفقهية، ولاسيما الكبرى منها، في مباحث الاستدلال وضبطها ببيان أركانها وشروطها، وشروط تطبيقها، وبذلك تصبح مهيأةً للإفادة منها، ببناء الأحكام عليها.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الرسالة الرمزية ص 5.
(2) رواه أبو داود.
(3) المعجم الوسيط.
(4) أصول الفقه – الحد والموضوع والغاية ص 107.
(5) روضة الناظر بشرح نزهة الخاطر 1/ 335.
(6) المستصفى 1/ 185 و 189.
(7) التعيين ص 239.
(8) المصدر السابق ص 259، 260.
(9) المصدر السابق ص 274.
(10) المصدر السابق ص 279، 280.
(11) تجديد أصول الفقه ص 22.
(12) المصدر السابق ص 23.
(13) المصدر السابق ص 24، 25.
(14) تجديد أصول الفقه ص 27، 28.
(15) المصدر السابق ص 28.
(16) الإحكام 1/ 282
(17) أصول الفقه ص 313، 314.
(18) علم أصول الفقه ص:44، 55
(19) علم أصول الفقه ص: 44، 55
(20) تجديد أصول الفقه ص 29،30.
(21) مفهمو التجديد بين السنة النبوية وأدعياء التجديد للدكتور محمود الطحان ص 23.
(22) المصدر السابق ص 21.
(23) وجهة نظر للدكتور محمد عابد الجابري ص 62،63.
(24) مناهج التفسير في الفقه الإسلامي للدكتور عبد الحميد متولي ص 145.، وقد نسب هذا الرأي إلى كتاب (الجنايات المتحدة في القانون والشريعة) للأستاذ رضوان شافعي المتعافى.
(25) أصول الشريعة ص 178.
(26) أصول الشريعة للعشماوي ص 179، 180.
(27) المصدر السابق ص 181.
(28) وجهة نظر للدكتور محمد عابد الجابري ص 58 وما بعدها.
(29) من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي ص 34.
(30) المصدر السابق ص 69.
(31) المصدر السابق ص 63.
(32) المصدر السابق ص 52.
(33) تاريخية الفكر العربي ص 297 وما بعدها.
(34) التراث والتجديد 1/ 390،391.
(35) الإسلام والحداثة ص 218.
(36) المصدر السابق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/11)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[01 - 04 - 03, 10:07 ص]ـ
ندوات بحثية
أصول الفقه بين الثبات والتجديد2/ 2
2/ 2/1423
15/ 04/2002
الورقة الثانية: د. عبد الحميد بن علي أبوزنيد
أستاذ أصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود بالقصيم سابقاً
الورقة الثالثة: الشيخ يوسف بن محمد الغفيص
المحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم/قسم العقيدة
--------------------------------------------------------------------------------
الورقة الثانية: د. عبد الحميد بن علي أبوزنيد
منذ مدة طويلة ومن خلال معايشتي لمادة أصول الفقه دراسة وتدريساً مدة تقارب عشرين عاماً وأنا تراودني فكرة الدعوة إلى تنقيح هذه المادة العلمية، ولكن كنت أقدم رجلا ًوأأخر أخرى لما أعلمه من أن دعوى التجديد في أي ناحية من نواحي الحياة سواءً أكانت في تطوير العلوم والفنون أو التجديد في أسلوب الحياة لابد وأن تلقى الصد والرد والنقد والإعراض، ولا بد وأن يكون مقدم الصف ورائد الفكرة هدفاً للسهام ومرمى للرماح.
وما أن رأيت الكتيب الذي دعا فيه الأخ الفاضل الدكتور حسن عبد الله الترابي إلى إعادة النظر في قواعد أصول الفقه حتى يكون هذا الفن العظيم ذا أثرٍ فعال في هذه الحياة الصاخبة بحوادثها المتجددة، والتي لا عهد للقرون الماضية بها حتى شعرت أنه كان بدعوته هذه الدرع الواقي لكل من يدور بخلده الولوج من هذا الباب فيشارك بإظهار رأيه والإدلاء بدلوه في هذه الدعوة.
لقد كان الدكتور حسن عبد الله الترابي رائداً لهذه الفكرة وسابقاً لهذه الدعوة التي تدور في عقول كثير من علماء الأمة. وإنني أرى رأيه في هذه الدعوة من حيث الإجمال وإن كنا قد نختلف في بعض التفاصيل والجوانب، وهذا أمر طبيعي لأنه اختلاف في وجهات نظر لا قاطع فيها، وليس اختلافاً في أدلة قطعية وقواعد ثابتة
إن أعظم ما يستمد أصول الفقه مادته منه هو قواعد لغوية ثابتة مستمدة من لغة العرب ودلالات ألفاظها وأساليبها تعين على فهم النصوص الشرعية من كتاب وسنة ثم استنباط الأحكام الشرعية من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي وردت بلغة العرب.
فالعموم والخصوص والإطلاق والتقييد والنص والظاهر والمجمل والمبين ودلالات الألفاظ من اقتضاء وإيماء ومفهوم وإشارة وحقيقة ومجاز وأمر ونهي قواعد منشؤها لغة العرب وكلامهم، وهي وإن كان في بعضها خلاف بين علماء النحو واللغة فليس لنا إلاّ محاولة اختبار الراجح منها وبناء النصوص الشرعية عليها وطرح الأقوال الشاذة منها التي التزم بها أصحابها في بعض الأحيان لنصرة مذاهبهم الفقهية أو العقائدية وبذلك انقلب الأمر، فبدلاً من أن يُعتمد في فهم النصوص الشرعية على قواعد اللغة أصبح يختار المذهب اللغوي ليوافق المذهب الفقهي أو العقدي، فكون الزمخشري مثلاً معتزلياً اختار أن (لن) تفيد التأبيد لكي يثبت عدم رؤية الله جل وعلا يوم القيامة، وكون أبي على الفارسي حنفياً اختار أن الاستثناء بعد الجمل المتعاطفة بالواو يرجع للأخيرة فقط، ولهذا أمثلة كثيرة كما أنه يوجد من قواعد الأصول ما هو ثابت بأدلة قطعية كحجية القرآن والسنة الصحيحة والإجماع واستصحاب الحال.
وإنما نحتاج بالنسبة لهذه إلى النظر في بعض القضايا الجزئية كحجية القراءة الشاذة وما يحتج به وما لا يحتج به من الأخبار وإعادة النظر في بعض الشروط الموضوعة للاحتجاج بالأخبار، وما ينعقد به الإجماع بما يتناسب مع حال هذا العصر من مستجدات سواء أكانت في وسائل الاتصال التي تهيأ الظروف لانعقاد الإجماع أو عدم وجود الحرية التّامة لأهل العلم في إبداء آرائهم، ثم إعادة النظر في الضوابط الموضوعية لمن يقبل رأيه ومن لا يقبل.
وهذه القواعد الثابتة إذا عقمت عن إنتاج الأحكام الفقهية للقضايا المعاصرة لم يكن عقمها لحاجتها لإعادة النظر فيها بقدر حاجتها إلى إعادة النظر في أسلوب الكتب المؤلفة في أصول الفقه وطرق تدريسه فالعقم في ظني منشأه الأول هو طرق التدريس وطرق التأليف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/12)
فالدارس لأصول الفقه لم يعطه الوقت الكافي والإخلاص التام والتجرد الكامل، فضن بالوقت والجهد كما أنه لم يجرد النية، فالسلف بارك الله لهم في وقتهم فلم تستغرق شئون حياتهم من طعام وشراب وسعي في طلب الرزق إلا جزءاً يسيراً من وقتهم والباقي قسموه بين مناجاتهم لبارئهم وطلبهم للعلم كما استعانوا بطيب مطعمهم وورعهم وحسن نيتهم على تحصيل العلوم فحصلت لهم علوم مثمرة أنتجت فقهاً سيّر دفة الحكم وشتى مناحي الحياة في دولة الإسلام التي كانت في يوم ما لا تغرب عنها الشمس.
وأغناهم ذلك عن استيراد الأنظمة والقوانين، بل كانوا مصدراً من مصادر التشريع لكثير ممن جاورهم من أمم العالم.
وأما الكتب المؤلفة في هذا العلم فهي تهتم بذكر القاعدة الأصولية وتحاول الاستدلال على صحتها بالمنقول والمعقول ولا تهتم بحشد الفروع الفقهية التي بنيت على القاعدة وبيان كيفية ربطها بها، كما لا تهتم بذكر فروع يمكن بناؤها عليها من واقع العصر الذي نعيشه، بل ألفت كتبٌ أخرى اعتنت بربط الفروع بالقواعد وهي كتب تخريج الفروع على الأصول وهي قليلة وغير مستوعبة فلا تبل شوقاً ولا تشفي غليلا، فلو كانت دراسة أصول الفقه جامعة بين إثبات القواعد، وبيان ما يترب عليها من فروع في شتى أبواب الفقه كما هو الحال في كتب القواعد الفقهية لكان ذلك أجدى وأنفع وأكثر أثراً في بناء شخصية المجتهد فتتسع مداركه ويصفو ذهنه ويسمو فكره ويكون أقدر على إلحاق ما استجد من فروع في خضم هذه الحياة الصاخبة بالأموال والأعمال والمعاملات والعلاقات الفردية والأسرية والدولية والعالمية بالقواعد الثابتة.
وإنني أشاطر الدكتور حسن الترابي الرأي فيما ذهب إليه من الدعوة إلى تجريد أصول الفقه من بعض الأبحاث والمسائل التي لم تعد مثمرة كما لم تكن مثمرة في يوم من الأيام، بل هي مسائل ومباحث ولدت وترعرعت في أكناف الترف العلمي يوم أن كانت ردهات قصور بعض الحكام والوزراء منتدى لرواد الفكر حيث تعقد المناظرات العلمية التي كان وقت العلماء يتسع لها وتلقى التشجيع والدعم من الأمراء والحكام فظهرت مسائل أصولية مبنية على أصول الاعتزال وقف علماء الإسلام منها موقف الناقد المبطل لها ووافق المعتزلة في بعضها من أُعجب بحجاجهم ولجاجهم وانبهر بقوة منطقهم وبراعة استدلالهم، ولا زلنا حتى يومنا هذا نقارع المعتزلة ونقيم عليهم الحجج تلو الحجج ونسفه أحلامهم ونفند آراءهم دون أن نراهم فما أحرنا أن نجرد أصول الفقه من مثل هذه المسائل ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
أ- مسألة تكليف المعدوم.
ب- فعل المأمور به بكمال شرطه ووصفه هل يجزئ ويسقط القضاء.
ج- إنكار وجود الواجب المخير.
د- اشتراط إرادة الآمر حدوث الفعل المأمور به في الأمر.
هـ- حكم الأشياء قبل ورود الشرع وما يبني على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين.
و- النسخ قبل التمكن من الفعل.
ز- عدم جواز التكليف بما يعلم الله أن المكلف لا يتمكن منه.
كما يوجد كثير من البحوث والمسائل التي دخلت إلى أصول الفقه في عصور الترف العلمي وهي تقوم مقام التواريخ ولا يستفيد منها الأصولي شيئاً في استنباط الأحكام الشرعية ولا يترتب على النزاع فيها ثمرة ومنها:
أ – البحث في مبدأ اللغات هل هو توقيفي أو اصطلاحي.
ب – هل كان للرسول صلى الله عليه وسلم أن يجتهد أو لم يكن له ذلك.
ولقد كان مما وضعه علماء الأمة الإسلامية من القواعد ما هو مبني على عمومات الشريعة وبالنظر إلى مقاصدها وأهدافها.
ولقد كانت هذه القواعد ملائمة للعصور التي وضعت فيها أو قريبة من الملاءمة ومن ذلك ما وضع من شروط وضوابط لحصول الإجماع.
وهي منذ أزمان طويلة يصعب تحققها في الخارج ولذا ذهب نفر من العلماء إلى أنه لا يتصور وقوع الإجماع إلا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ويحق لهم أن يذهبوا لهذا الرأي لأن الشروط الموضوعة لانعقاده لا يتصور معها إلا ذلك و على هذا لم يعد الإجماع مصدراً من مصادر التشريع منذ عهد الصحابة إلى الآن، مع أن واقع الفقهاء منذ زمن بعيد يستعملون كلمة الإجماع في كتبهم الفقهية في غير موضعها الاصطلاحي الذي دونت شروطه وضوابطه في كتب أصول الفقه فنجدهم يقولون: أجمع العلماء على كذا إلا فلانا مع أنهم ذكروا في كتب أصول الفقه أنه لا ينعقد الإجماع مع مخالفة الواحد والاثنين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/13)
ولذا لا بد لنا من أحد أمرين الأول منهما عدم تسمية ما خالف فيه الواحد والاثنان إجماعاً أو إلغاء هذا الشرط.
أما أن تبقى هذه الشروط مدونة في كتب أصول الفقه ونبقى نطلقه على ما فيه خلاف يسير فهو من التناقض الذي لا بد من إيجاد مخرج منه.
كما أنه لا بد من تسخير الوسائل العصرية المتاحة وتذليلها لخدمة هذا الأصل وذلك بقيام كل دولة من دول الإسلام بحصر ما عندها من مجتهدين ومعرفتهم بأعيانهم للرجوع لأخذ رأيهم فيما يستجد للأمة من حوادث في حاجة لحكم الشرع.
فإن حصل الإجماع كان ذلك خدمة لهذا الأصل العظيم من أصول الشريعة وإن لم يحصل كان ذلك أيضاًَ خدمة لأصل آخر عظيم من أصول الشريعة ألا وهو الاجتهاد.
ومن أعظم ما يحتاج إلى إعادة نظرٍ من مباحث أصول الفقه ما يتعلق بالاجتهاد وعلى الأخص شروط المجتهد ومن يجوز له الفتيا ومن لا يجوز له.
لقد وضع علماء الأمة شروطاً للمجتهد في العصور المفضلة التي كانت تعج بألوف من جهابذة العلماء ولذا وضعوا شروطاً يمكن تحققها في آلاف العلماء في زمانهم ولكن من العسير تحققها في علماء هذه الأزمان فنتج عن هذا أن الشروط التي دونت في الكتب أصبحت معطلة لأنه يصعب تحققها في الواقع ولذا كان من الواجب التنازل عن بعض هذه الشروط وخاصة وأنها اجتهادية لا نص عليها كما أنه يحسن إضافة غيرها مما يتلاءم مع واقعنا مما استجد في حياتنا من تكنولوجيا حديثة تخدم هذا المصدر العظيم من مصادر التشريع.
في عهد الصحابة والتابعين كان يطاف بالفتوى على الجمع منهم أياماً كل يحيل على غيره تورعاً وخوفاً من أن تزل الأقدام بعد ثبوتها وتعظيماً لشرع الله واستشعاراً لعظم المسؤولية مع كثرة من تتوفر شروط الاجتهاد فيهم وكان سادة العلماء يُضربون ويسجنون على قبول القضاء فلا يستجيبون – وهم أهل لذلك – لأن الأمر غير متعين فيهم حيث يوجد من يكفيهم المؤنة ويسقط به الفرض الكفائي. ثم تغير الحال وأصبح في المجتهدين قلة فتصدى للاجتهاد من لا يعرف من أمر الشرع إلا رسمه وليس له من الاجتهاد إلا اسمه، فلا يكاد تطرح قضية تحتاج إلى حكم الشرع فيها إلا وكثرت الدلاء ممن خلت قلوبهم من الإيمان وعقولهم من العلم فلم يعفروا جباههم تذللاً لله ولا عمروا قلوبهم بكلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فارتقوا منزلة ليست لهم.
ومنذ عصور غابرة ظهر اهتمام بعض علماء الشريعة بفن من فنونها دون فن مع حصوله على قاعدة مشتركة بينها، فقامت صيحات تدعو إلى أن الاجتهاد محصور فيمن ينتسب للفقه من علماء الأمة وقامت أخرى تدعو إلى أن الاجتهاد محصور فيمن ينتسب لأصول الفقه، وادعى علماء الكلام أنهم فرسان الاجتهاد وأهله لمالهم من طول باع في المناظرات والجدل والحجاج.
ونحن في هذه الأيام تغير حالنا وأسلوب تعليمنا فانتشر التخصص بأحد علوم الشريعة بعد الشمول والعموم، وانطلق طلاب العلم من التقليد الذي ضرب على الأمة عصوراً طويلة، وأصبحت القدرة عند طالب العلم على سبر الأمور ومعرفة غورها وموازنة الآراء ومقابلتها، أرى أنه بناء على ذلك لا بد من إعادة النظر في وضع ضوابط الاجتهاد وشروطه بما يتناسب والواقع الجديد الذي أصبحت شروط الاجتهاد التي وضعت قديماً يتعذر توفرها في شخص واحد، بل يمكن توفر بعضها في شخص وبعضها الآخر في شخص آخر وقد بدأت تلوح في الأفق الآن ظاهرة أخرى جديرة بالدراسة وهي تخصص بعض أهل العلم في باب من أبواب الفقه يحيط بكل ما فيه من نصوص شرعية وفتاوى سابقة ويبحث عن كل ما استجد فيه من أنواع وصور لم تكن في عصور الأمة السابقة فيحصر همه وجهده فيما يتعلق به لأن الهمم قد كلَّت عن الإحاطة بجميع علوم الشريعة وأبوابها وفصولها من الشخص الواحد، ولذا قد يكون هذا حلاً له وجاهته إن لم تظهر له سلبيات.
ومن الأمور المطروحة في ميدان الاجتهاد (الاجتهاد الجماعي) خاصة ونحن في عصر سَهُلَ فيه الالتقاء بما أنعم الله به على البشرية من وسائل اتصال وانتقال ينبغي تسخيرها لشرع الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/14)
فلا بد من وضع الضوابط والشروط لذلك ومن يُسمع قولُه ومن لا يُسمع قولُه في ذلك، فلا يكون الباب مفتوحاً على مصراعيه لكل من هب ودب من أنصاف المتعلمين والمارقين من الدين الذين لا يعظمون شعائر الله، وليس من حرية الفكر الذي يلوح بأعلامها دعاة الحرية أن يتولى إصدار الأحكام الشرعية من لا يكاد يقيم لسانه بفاتحة الكتاب فيفتي بشيء رآه في كتاب لا يدري قَصْدَ قائله ولا يعرف دليله، وقد يروي المنفي مثبتاً والمثبت منفياً فيعبر عن الشيء بضده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإنني أشاطر الأخ الدكتور حسن في دعوته للاجتهاد الجماعي لأن النظر الجماعي أسد والنتيجة فيه أحكم وأقرب للصواب والحق، بخاصة إذا خضعت الآراء للنقاش والمناظرات بهدف الوصول للحق لا لنصرة المذهب والرأي، كما أن هذا النقاش يؤدي إلى تقارب الآراء وتضييق هوة النزاع والاختلاف إذا خلصت النية ونبل الهدف والآراء لا يظهر لقائليها زيفها إلا إذا عرضت على الآخرين.
كما أنني أشاطره فيما دعا إليه من تدخل ولي أمر المسلمين بإلزام جماعة المسلمين بما رجح من الأقوال بعد النظر والنقاش في أبواب المعاملات بخاصة لأنه لا يقطع الشغب إلا هذا، ولو ترك كل قاضٍ وما توصل إليه أصبح الناس في شغب وفوضى كل يريد أن يتحاكم إلى القاضي الذي يظن أن حكمه يوافق مصلحته،وهذا بشرط أن يكون مَن ولي أمر المسلمين ممن كان هواه تبعاً لما ورد عن الله سبحانه، وأما أمور العبادات وعلاقة الناس بربهم فكل يتعبد الله بما رجح عنده ولذا حرَّم العلماء على المجتهد تقليد مجتهد آخر ويجب عليه العمل بموجب اجتهاده إلاَّ إذا كان للأمر التعبدي دليل واضح ويترتب على مخالفته مفسدة كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في توعد من يخالف العمل بحديث التقاء الختانين الذي روته عائشة ومن يقول بمتعة الحج ومتعة النساء.
وقد يكون مما يحتاج إلى النظر ما يجرح به الشاهد والراوي مما ذكر في كتب المتقدمين من الأصوليين مما هو مأخوذ من العرف ولم يرد فيه نص وخاصة وأن الأعراف تتغير وتتبدل فما كان جارحاً عند قوم لا يكون جارحاً عند آخرين.
وأما ما دعا إليه الأخ الدكتور حسن من العمل بالقياس الفطري الحر من تلك الشرائط المعقدة التي وضعها له مناطقة الإغريق وتلقفها علماء أصول الفقه فإنني لا أوافقه على هذه الدعوة لأن القياس الفقهي يختلف تمام الاختلاف عن المنطق الصوري ولا يمت له بصلة لا في ماهيته ولا شروطه وأركانه فالمنطق الصوري مبني على إدراج جزئي تحت كلي وهم يدعون أن نتائجه قطعية إذا رتبت المقدمات ترتيباً صحيحاً لا يمكن أن تختلف النتيجة فيه.
وأما القياس الفقهي فهو مبني على إلحاق فرع بأصل يوجد له حكم ثابت لوجود وصف جامع بينهما يسمى العلة وهو ظني النتيجة إلاَّ إذا كان الفرع في معنى الأصل تماماً.
وما وضعه علماء الأصول له من شروط وأركان وقوادح فإنها مرنة جداً يستطيع أن يتعامل معها كل مجتهد بما يتناسب مع مذهبه من التوسع في التطبيق أو عدم التوسع،والذي يخشى من تقليل ضوابطه وشروطه أضعاف أضعاف ما يخشى من الضوابط والشروط الموضوعة، فتجريده من القيود والشروط كلاً أو جزءاً عاقبته وخيمة قد تتخذ ذريعة للمروق من الدين أعاذنا الله وإخواننا المسلمين من ذلك.
وقد بنى الأخ الدكتور حسن على قاعدة استصحاب حال البراءة الأصلية وأن الأصل في الأفعال الحل أن كل ما تطوقه المؤمن يقصد به وجه الله عبادة مقبولة ص 28 فقد يكون لهذه العبارة محملاً صحيحاً ولكن الناس قد تتعلق بظواهر الألفاظ وتستعمل العموم الذي فيها وإن لم يكن مقصوداً لقائله فقد تُوهم هذه العبارة أن الأمر على إطلاقه فيجد الصوفي في العبارة ما يبرر ما استحدثه من عبادات لم يقم عليها دليل شرعي ولذا أحببت أن أنبه أن هذا العموم مقيد في العبادات بقيود كقوله صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ولقوله للنفر الثلاثة الذين استقالّوا عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني) وغير هذه كثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/15)
ولكل ما ذكر فإنني أرى أن الدعوة إلى تطوير أصول الفقه دعوة جديرة بأن يتلقاها علماء الأمة وعلى الأخص المختصون في أصول الفقه بالترحاب والتفكير الجدي والتخطيط المثمر للشروع في هذا العمل بعد عقد المناظرات والندوات لتظهر جوانب الموضوع وتتضح الرؤيا، وخيار الأمر دائماً الاعتدال فلا تقوقع ولا جمود يجعل التشريع متخلفاً وعاجزاً عن مسايرة ركب الحياة المتجدد، ولا تهور ولا تحلل يؤدي إلى المروق من الدين فخير الأمور أوسطها، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا).
اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وألهمنا رشدنا، ويسر لهذه الأمة من يُحكمِّ فيها كتابك وسنة نبيك ويسلك بها مسلك الخلافة الراشدة إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
--------------------------------------------------------------------------------
الورقة الثالثة:الشيخ يوسف بن محمد الغفيص
" أصول الفقه بين الثبات والتجديد"
البعد الفكري، والإمكان العملي
قراءة في السببية المطالبة، وأوجه الإمكان التطبيقية التجديدية
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله وآله وصحبة أما بعد:
فإن تحديد رؤية علمية أمام هذه الفرضية ((تجديد أصول الفقه)) يرتبط بوجود إمكانية مؤهلة من حيث المنهج النظري، والواقعية التطبيقية لإجراء حوار يتطلع لقراءة مراجعة للكتابة الأصولية التاريخية.
هذه المبدئية أو الاتجاه على أقل تقدير يعطي مراجعة للسببية المطالبة بتجديد أصول الفقه، وربما كان من الرسم الصحيح للشكل العلمي: أن هذه الدعوة إنتاج (للعقل المنفعل حضارياً) أو (للعقل المدني المتحول) وفي تقديري: أن هذا العقل عقل ذرائعي افتراضي بدرجة ذوقية عالية!! ومقدّر: أنه يواجه أزمة تكوين، وليس أزمة تطبيق، وليس على علاقة معتدلة مع التراث الإسلامي من حيث الولاء والتصور.
من هنا فإن هذه الفرضية العلمية في شكلها الحضوري لا تحمل إلحاحاً ذاتياً من داخل علم ((أصول الفقه)) أو حتى معطيات علمية وتاريخية قادرة على ترسيم هذا الافتراض.
هذا الإنتاج لا يعني أن (علم أصول الفقه) علم متعالي على التجديد والمراجعة والتصحيح في سائر جزئيات بنيته، بل هذه مراجعة متاحة ومؤهلة علمياً وتاريخياً بل وممارسة داخل هذا العلم أو عند من قرأه من كبار علماء ونظار المسلمين الذين كتبوا في التصحيح الأصولي.
ثمت فرق بين رؤية تقع استجابة لفرضية حضارية أو أزمة تكوينية فكرية وبين الاستجابة لواقعية علمية تاريخية أو حتى حظورية طارئة. هذا الفرق لا يتمثل في القراءة السببية المجردة بل يرتبط به التكوين التطبيقي ولو بمعدل اللغة التعاملية الأولية. ومن هنا فإن الكشف عن حقيقة هذه الدعوة داخل رؤية واتجاه العقل المدنى المتحول سواء كان في اتجاه ما يسمى "اليسار الإسلامي" أو "العقلاني الحر" أو "الوسط الحداثي" يعد قيمة مهمة في تقييم هذه الدعوة التي يحاول رموزها الفكرية المتحولة إقصاء الاتجاه الوسط الإسلامي المحافظ عن الامتياز التأصيلي.
حسب التقدير الشخصي: فإن الدعوة إلى (تجديد أصول الفقه) بهذه الدرجة من العمومية، والنسق الفكري الذي ترفع فيه هذه المطالبة جاءت محاولة تجاوز للتنظيم التشريعي المذهبي القائم في القرون الإسلامية، والممتد في الواقع المعاصر، أو بعبارة أكثر تطبيقية مع الواقع الثقافي: محاولة تحييد النظامية التشريعية التي يمثلها الوسط العلمي المحافظ عن الممارسة التطبيقية المعاصرة، وإعطاء واقعية معرفية لحرية العقل المتحول في كثير من الأوساط الثقافية العربية أو حتى في اليسار الثقافي الإسلامي لتجاوز المنهج العلمي الوسطي الذي مثله الفقهاء الأوائل، وهذه التوافقية بين هذين التجمعين الذي ربما صح أن نسميهم: رواد هذه الدعوة ليست توافقية منهجية، وهذا منطق عدلي يجب أن يكون واضحاً، فمن المؤكد أن "اليسار الإسلامي" أكثر تعقلاً بل لا يمكن أن يؤهل "العقل الحداثي" لمعادلة تعاملية تجاه هذه الدعوة مع كل الأشكال الإسلامية. لكن ربما كان مهماً أن ندرك أن هذه المطالبة، أو بتصورية أكثر: الافتراض التحويلي لأصول الفقه، ليست محاولة علمية داخل التجمع العلمي التخصصي أو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/16)
اعتباراً شرعياً داخل التمثيل الإسلامي التعددي القائم، وإن كنا ندرك أن هناك مناقشات وربما إيحاءات قبولية أو رفضية قائمة في هذين المسارين لكن البعد الثقافي المعاصر في أشكاله الاتجاهية الفكرية يتعامل مع هذه الفرضية كنظرية يحاول أن يسجل لها استجابة داخل التجمع العلمي التخصصي أو داخل التطبيق الإسلامي التعددي أي: خلق سببية معرفية أو شرعية، ورغم وجود مقتضيات نسبية في المحورين فإن تجسير العلاقة مع العقل الوضعي أو العقل المتحول يمثل تسرعاً ولو بمستوى التصويت الأولي لصالح تصحيح النظرية،وهنا يمكن أن نسجل رفض القبول لهذه الدعوة التي تقع تحت رؤية فكرية متحولة، وليست على علاقة مناسبة مع التراث الوسطي المحافظ بل يكون هذا ضرورة منهجية لازمة التحقيق.
إن هذا العلم الذي بدأ التصنيف فيه – حسب رأي الأكثرين خلافاً لبعض الأحناف – الإمام محمد بن إدريس الشافعي، في كتابه المسمى: بالرسالة. والتي كانت محاولة وضع قاعدة توافقية بين "مدرسة المحدثين" و"مدرسة الرأي" في التداول الفقهي، حيث كان في تلك المرحلة التاريخية بعض الامتياز بين هاتين المدرستين في التحصيل الفقهي مع كثير من التوحُّد في أصول التلقي والاستدلال.
وبإمامة الشافعي العلمية المتعددة مثلت رسالته التي أرسلها إلى الإمام عبد الرحمن بن مهدي المحدث، واقعية تطبيقية تمثلت بعد عصر الشافعي في النظم العلمية المكتوبة في المذاهب الفقهية الأربعة في الفقه وأصوله.
ويدرك القاري لكبار كتب الفقه عند الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة وكذا كبار الكتب الأصولية أن ثمت توافقية في اعتبار نظم التشريع وأصول الاستدلال وكثير من نتائجه وفروعه مع امتياز حاصل نتيجة معطيات متعددة علمية ومذهبية وغيرها، وربما صح أن بعضاً من الاميتاز المسجل تاريخياً بين المذاهب لأربعة كان مرتبطاً بالطائفية التي تمثلت في التمذهب الشمولي والتعصب والتقليد عند كثير من أتباع الأئمة.
فهو إلى حد كبير لم يكن موقفاً علمياً محضاً فضلاً عن كونه ضرورة منهجية مذهبية تستلزمها الأصول المتحققة عن الإمام المتفقه على مذهبه كمالك والشافعي. بل بعض من الامتياز وإن كان له بناء ورسم علمي إلا أنه ولائي بنسبة مقدرة من حيث التكوين.
ولست ترى أن الأئمة الأربعة يمارسون هذا الامتياز بنفس الدرجة التي يمارسها كثير من أتباعهم ولا سيما متأخريهم.
ومن هنا فإن المحققين من علماء الإسلام الكبار لا يرون تفضيل أحد هذه المذاهب الأربعة في النظم الأصولية أو الفروع الفقهية المحصلة تفضيلاً عمومياً من حيث الأصل بل يرون ثمت تحقيقاً تفاضليا نسبياً بحسب الأبواب المقررة في الفقه وأصوله. كتقديم أحد هذه المذاهب في قواعد القياس والعلة و السبب، أو دلالات الألفاظ، أو ترتيب و توفيق الأدلة المختلف فيها ونحو ذلك، وكذا في الأبواب الفقهية كتقديم مذهب في مسائل الطهارة وآخر في المناسك وآخر في الأطعمة و هلم جرا. ومع هذا فلا يقع هذا التفضيل في سائر المسائل المقولة باطراد بل يكون هذا من حيث الجنس الذي يتخلف بعض أفراده. والناظر في كتب الفقه و أصوله يرى تداخلاً في كثير من الفروع والقواعد التطبيقية بين هذه المذاهب فضلاً عن التوافق في أصول الاستدلال، وجماع الفروع المتفق عليها، و بخاصة بين الشافعية والحنابلة في الفروع الفقهية، وبين الشافعية والمالكية المتأخرين في كتب الأصول هذا التداخل الثاني بفعل الجمع المنهجي الكلامي الذي انتجته مدرسة الأشعرية التي أكثر ممثليها من الشافعية ثم المالكية، حتى أطلق كثير ممن كتب في تاريخ أصول الفقه: أن ثمت طريقتين للتأليف فيه: طريقة المتكلمين الممثلة عند علماء الأصول من الشافعية و المالكية في الجملة، وطريقة الفقهاء التي تضاف للأحناف، ويذكر كثيرون وجود منهج توفيقي بين الطريقتين. وهذه القراءة التاريخية في التصنيف المنهجي لصياغة هذا العلم فيها مراجعة، وعليها سؤالات ليس هنا إمكان للحديث عنها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/17)
لكن المهم قوله هنا: أن أكثر كتب أصول الفقه التي يجري التعامل معها في هذا العصر، بمعنى: أنها ورقة القراءة المفترضة، مكتوبة بتكوين علمي مركب إلى حد الاختلاف إذا اعتبرنا الأصول التجذيرية لهذا التركيب، حيث مثل "علم الكلام" الذي استعمله المعتزلة ثم الأشاعرة و الماتريدية في التقرير العقدي أثراً في التقرير والصياغة الأصولية، وإن كان ليس بنفس الممارسة العقدية، لكن حين تقرأ البرهان لأبي المعالي الجويني أو المستصفى لأبي حامد الغزالي أو المحصول لابن الخطيب الرازي أو الأحكام للسيف الآمدي وهم من أعيان الشافعية الأصولية، المتكلمة على الطريقة الأشعرية أو في المعتمد لأبي الحسين البصري المعتزلي الحنفي وترى رسم أصول الفقه عند هؤلاء المصنفين و أمثالهم من أعيان علماء الكلام فهنا يكون من الواضح أثر هذا العلم في صياغة أصول الفقه فضلا عن استعمال المنطق الأرسطي المترجم كآلية للتراتيب الأصولية عند كثير من المتكلمين المصنفين في الأصول، وربما صار هو قانون العقل كما هو اتجاه الغزالي. وإذا أخذنا الاتجاه المذهبي الفقهي وجدنا أنه يُشكل مع الاتجاه القانوني (الكلامي ـ المنطقي) تركيباً متمايزاً ليس أثره يختص بصنعة الحرف والكلمة،ونسق الصياغة بل يتحصل له أثر في النتائج العلمية، وانقطاع التواصل أحياناً مع المذهب الفقهي،و ربما صح أن نقول: إن هذا الترتيب المتمايز شكّل العقل الأصولي في الطور الثاني بعد الشافعي.
وهنا من الصعب أن تقرأ علاقة تمامية بين الفقه الذي قرره الشافعي وأئمة أصحابه المتقدمين، والأصول التي نظمها للمذهب أمثال الجويني والغزالي و الرازي. وهذا مطرد مع كثير من الأصولين من أصحاب مالك المتأخرين وكذا بعض الحنفية كأبي الحسين البصري صاحب المعتمد بل وجمع من الحنابلة وإن كانوا أكثر تسالماً مع فقه إمامهم وأصحابه الأوائل لأن علم الكلام لم يستعمل منهجاً عند الحنابلة كما وقع في غيرهم وإن كان هناك ممارسات كلامية لبعض الحنابلة أو ما هو من النقل الذي دخل عليهم من التحصيل من كتب الأصول التي صنفها متكلمون.
هذه قراءة طويلة بل ومعقدة لكن ربما كان مهماً أن نعرف بعض حركة التركيب التاريخي لهذا العلم.
و حينما نحاول أن نقرأ الأمور حسب مساحتها القائمة فلا يعني أننا نمارس حركة الإغلاق من الداخل لأي مشروع تجديدي، لكن من الحق أن نعي أن التراث العلمي الأصولي قيمة راقية، ومع ذلك ففيه مساحة للمراجعة والتجديد حسب قواعد الشريعة و مقاصدها المتقررة في الكتاب والسنة وليس حسب الذوق الفكري المتنصل من الولاء العلمي التاريخي.
إن التجديد فضيلة شرعية، وهو مصطلح مشرق يعني التخلص من سلطة النفس، والتقليد، والتعصب لما هو بمقتضى أصول الشريعة ليس مؤهلاً لهذا الإلحاح مما هو داخل دائرة الخلاف و الاجتهاد عند أئمة الإسلام وفقهائه إلا أن من المتحقق أن التجديد في هذا العلم ليس فضيلة معاصرة تمثلها دعوة أو اتجاه بل هو ممارسة سابقة على يد كثير من محققي علماء الإسلام، ومن أخص ذلك الإشارات التي نقد فيها الإمام ابن تيمية في موارد من كتبه كثيراً من المسائل المكتوبة في كثير من الكتب الأصولية و بخاصة ما تحصل بأثر علم الكلام. ويعد ابن حزم من أخص من كتب في هذه المراجعات في مصنفه الأصولي " الأحكام " وإن كانت مراجعته رسماً مذهبياً لأصول الظاهرية أكثر من كونها تصحيحاً بأصول متقررة عند الأئمة المتقدمين كما هو منزع الإمام ابن تيمية.
بل إنك تقرأ داخل المحور الأصولي نفسه قراءة حوارية أو جدلية بين الأصوليين حسب الإملاء المذهبي العقدي أو الفقهي. ويعد الشاطبي من كبار المراجعين في القراءة و الصياغة الأصولية. صحيح أننا قد نحاول أن نبحث عن تجديد آخر في أصول الفقه أو نستكمل هذه المراجعات هذا لا يبدو مشكلاً،والتاريخ لا يمكن أن يغلق باب الاجتهاد و التجديد في لحظة معينة، والأمة لا تزال بحاجة إلى التطوير العلمي، وحين ننتقد الدعوة المعاصرة " تجديد أصول الفقه " المطروحة في أوساط فكرية معاصرة مختلفة بل ومتناقضة أحياناً فمن "اليسار الإسلامي" إلى "الاتجاه العقلاني الحر"، إلى "الوسط الحداثي" الذي يحاول بمثل هذه الدعوة تسجيل مصداقية تصحيحية لأنموذجه المختار، و ثمت أشكال ثقافية أخرى متبنية أو متعاطفة مع هذه الدعوة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/18)
فهنا يفترض أن نكون أكثر وعياً بسببية هذا النقد فليس هو إنتاجاً لرفض التجديد، أو محاولة لرسم الإغلاق الثقافي، أو مشاكسة للإبداع بل محاولة قراءة للأمور كما هي، وكما تستحق دون مزاحمة عواطف التاريخ القبلية و الحضورية.
إن نقد هذه الدعوة إلى حد الرفض في إطارها الفكري السابق يعد ضرورة منهجية ولزوماً شرعياً.
يبدو من المهم كثيراً أن نتصور مناط التجديد و محوره قبل ترتيب الحكم فحين نتحدث عن التجديد في مشروع إسلامي تعاملي، أو حركي،أو وسائلي يرتبط بالواقع الدعوي أو الاجتماعي أو التربوي فهنا ندرك أننا في مساحة واسعة حسب الاجتهاد الشرعي القائم لكن حين نتحدث عن مشروع تجديدي مقدم من دوائر فكرية متقاطعة مع المنهج الشرعي الوسطي المحافظ فهنا يفترض أن نفكر بطريقة واعية وأن ندرك أننا في مساحة ضيقة و معقدة التركيب، وأننا أمام رؤية تأسيسية،ومن الصعب أن توجد رؤية تصالحية بل نكون أمام حتمية الرفض كضمان منهجي.
من المهم أن نتجاوز في هذه الورقة لغة الشعارات الحضارية قبولاً أو رفضاً و ألاّ نقرأ هذه الفرضية في التجديد قراءة ذوقية. ومن المهم تماماً أن ندرك أن هذه الدعوة تحمل بعداً فكرياً يمثله معارضون للمنهج السني المحافظ بشكل كبير.
إن هذه الدعوة " تجديد أصول الفقه " في الأوساط الثقافية الفكرية المعاصرة المتمثلة فيما يسمي اليسار الإسلامي، و الاتجاه العقلاني الحر،والوسط الحداثي يرى رموز كل اتجاه فيها محاولة لتجاوز المسار المحافظ المعتدل في الوسط الثقافي بسلطة قانونية، وهنا يمكن أن نتصور أننا نتحرك في المسار التكويني التأسيسي المنهجي، ولسنا أمام قبول أو رفض التجديد و الإبداع.
في التقدير الشخصي فإن مشروع " تجديد أصول الفقه " لا يمكن أن يكون له قاعدة أولية يفضّل المصادقة عليها كفضيلة مجردة وهي " قبولية التجديد " هذه المبدئية فرضية ذهنية كلية لا تتجاوز إلى العقل التصوري. أي: أن تجزئة المشروع لا يمكن أن يكون له وضوح في التطبيق العلمي.
إن إعطاء حكم لدعوة تجديد علمية يرتبط بتصورين:
أ ـ معرفة السببية المطالبة بهذا التجديد.
ب ـ معرفة القدر الذي تتمتع به هذه الدعوة من حيث الإدراك و التصور و الفهم، أي: نسبة الوعي بهذا العلم في العقلية المطالبة.
وهنا يكون الحكم المنتج أكثر عدلية بين التراث و التجديد.
وهنا نقول: إن القاري لكتب أصول الفقه و التراث الأصولي و لا سيما في طوره الثاني بعد الشافعي الذي يعد الأخصب من حيث سعة التصنيف يدرك أن ثمت تركيباً علمياً في التكوين والبناء يصل أحياناً إلى حد الانعقاد، وترى أنه رسم بطريقة نظرية مرتبطة بالنص، والمذهبية الفقهية، والاتجاه العقدي، والصنعة الكلامية والمنطقية واللغة العربية و مادة من اللسانيات، وهذا التكوين جعل كثيرين حتى من المثقفين لا يتمتع بقدرة كافية لقراءة هذه المصنفات بإدراكية مناسبة، وصار هذا العلم ينغلق تفصيله على الكثير أو الأكثر لضعف الامتياز العلمي و الثقافي حتى إنك ترى في الأكاديميات العلمية المتخصصة جمعاً من المختصين في دراسة الفقه المذهبي أو المقارن ليس على علاقة متناسقة مع التصنيف الأصولي المذهبي أو المقارن كنظام يطبق بصورة بنائية ترتيبية. وهذا وإن كان له سببيات أخرى إلا أن هذا المؤثر أكثر وضوحاً، و ترى في المختصين بالدراسة الأصولية من لا يتمتع بملكة فقهية تطبيقية حسب قراءته الأصولية.
هذه الإشارة ليست نقداً يوجه للواقع الأكاديمي المتخصص بشكل مقصود لكنها محاولة قياسية لتقرير: أن الوسط الثقافي المطالب يواجه أزمة في سببية المطالبة، وأيضاً في الوعي الإدراكي العلمي الذي يواجه حتى المتخصص في الدراسة الأصولية.
ومن العدل و الإنصاف أن في التجمع المتخصص والثقافي قرّاء ذوي امتياز متقدم في التصور المعرفي لهذا العلم.
لكن حينما تكون المطالبة تواجه أزمة وعي معرفي بهذا العلم فهنا يمكن أن نتصور: أنها مطالبة ذوقية ذرائعية تقع عند كثيرين محاولة استجابة لتجاوز مرحلة من التكوين الفكري.
إن الكتابة في أصول الفقه بطريقة إبداعية يحتاج لثراء علمي، وهذا ليس إنتاجاً لطبيعة التصنيف الأصولي بل هو حقيقة ذاتية يتمتع بها هذا العلم وهنا يفترض لمن يحاول رسم مشروع علمي أصولي أن يراجع قاعدته العلمية بدرجة كافية!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/19)
و يمكن ألا نكون مبالغين في التشكيك بوجود تأهيل معرفي داخل كثير من الأوساط الفكرية المطالبة يمكن أن يمارس مصداقية معرفية في مشروعه المقترح إلا إن كان محور مشروعه تقويض البناء الأصولي!!!؟.
وحسب التقدير الشخصي فإن قراء التراث المعرفي بصورة تكاملية في هذه الأوساط لا يمثلون عددية تستطيع أن ترفع شعارات جادة في الوسط الثقافي المتحول.
وإذا كان العقل المدني المتحول يريد أن يعي ذاته، فمن الضروري أن يعترف بهذا الحق لكل من يتمتع به حتى ولو كان تاريخياً مارس حريته في مرحلة تاريخية فربما كان مؤهلا للاستمرارية،والوعي والحرية غير مرتبطة بالتسلسل التاريخي. فمن الصعب أن يفرض العقل المتحول سلطة على مساحة الرأي كلها. والعقل الإسلامي الوسطي المحافظ هو الأساس و الصانع لهذا الانتاج فمن المهم أن يمارس سلطته.
إن الصياغة لأصول الفقه تتطلب ثراء علمياً في النصوص و مقاصد الشريعة ولغة العرب وقواعد العقل الإسلامي و سعة علم بأقوال الفقهاء، و قواعد المذاهب، ومتطلبات في القدرة والعبقرية بل وإرادة صادقة متدينة.
إن علم أصول الفقه علم متدين وهذا امتياز وليس إشكالية يحاول تجاوزها باسم التجديد. ومع هذه المحاذرة والتشكيك بل رفض التعامل و القبول لهذه الدعوة التي تمثلها اتجاهات فكرية غير متواصلة مع التراث والمسار الوسطي المحافظ المعتدل فإن الفضيلة الشرعية " التجديد " تبقى امتيازاً يخاطب أهل العلم و الاختصاص بتطبيقه حتى في هذا العلم علم أصول الفقه، و ربما كان من اللغة الخطابية أن نقول: إن التجديد الفاضل هو التجديد في أصول الفقه وليس تجديد أصول الفقه.
إن هذا العلم من أخص تراث الأمة،والقارئ له يدرك أنه صياغة راقية للنظم الشرعية بل وصياغة للعقل الإسلامي، وأنه مؤهل في الجملة للاستمرارية في هذا العصر الحضاري إذا كنا نتعامل مع هذا العلم بوعي وإدراك، ووضوح في المقاصد. حسب التقدير الشخصي فإن هذا العلم بتكوينه التاريخي لم يواجه مشكلة حضارية أو يصطدم بها، بل هو صياغة علمية شمولية مؤهلة لاستيعاب الطارئ والنازل حسب الإملاء الشرعي الذي بنى عليه هذا العلم، وليس حسب رؤية "العقل المدني المتحول" المقطوع أو المتنصل من التراث، الذي يحاول تجاوز المسار المحافظ المعتدل من الداخل.
وهذا لا يعني أنه علم مغلق عن الدراسة و المراجعة والتصحيح حسب قواعد الشريعة وأصولها بل يعد هذا العلم أخصب العلوم المصنفة تصنيفاً شرعياً للمراجعة و التنقيح نظراً لتعدد مادته التكوينية وتأثره بأكثر من محور معرفي،ومن المناسب هنا أن أشير إلى موارد المراجعة والتصحيح الممكنة بل والمقترحة في كثير من كتب أصول الفقه المصنفة من قِبل كثير من أتباع الأئمة:
1 - المورد العقدي في جملة من المسائل الأصولية التي ذكرها متكلمة المعتزلة المصنفين في أصول فقه الحنفية، وذكرها متكلمة الأشعرية المصنفين في أصول فقه الشافعية و المالكية كالجوينى وأبي حامد الغزالي و الرازي وهم من الشافعية و أمثالهم.
ولعل من أخص مسائل هذا المورد كثير من المسائل المذكورة في التكليف و أحكام خطاب الشارع و حكم العقل، وهذا يغلب عليه أنه نتيجة لمقولات عقدية يذكرونها في كتب أصول الدين التي صنفوها لتقرير المذهب العقدي عند المعتزلة والأشعرية، وأكثرها يلحق بترتيب على القول في مسائل القدر والإرادة والتعديل و التجويز التي بحثها أمثال القاضي عبدالجبار بن أحمد المعتزلي في كتبه العقدية كالمغني و شرح الأصول و المحيط بالتكليف وشرحها علماء الأشاعرة المتكلمة في مثل التمهيد للقاضي الباقلاني والشامل و الإرشاد للجوينى ونهاية الإقدام للشهرستاني و أصول الدين للبغدادي والمطالب العالية ونهاية العقول و الأربعين لابن الخطيب الرازي، وغاية المرام للآمدي وغيرها. وهذه التراتيب على المقولات العقدية لا تختص بهذه المسائل بل ثمت أثر عقدي في مسائل أخرى.
وهنا إشارتان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/20)
أ ـ أن هذه التراتيب ليست لازمة في بعض الأحوال لما اعتبرت به من المقولات العقدية، وهذا ما قرره الإمام ابن تيمية في كلامه عن جملة من مسائل التكليف الأصولية التي بنيت على الخلاف العقدي في القدر بين المعتزلة و الأشعرية وهذا المعنى أشار إليه بعض محققي نظار المتكلمين و الأصوليين، و ثمت قدر من هذه التراتيب هو معتبر بالمقولات العقدية بلا منازعة.
ب ـ أن هذه التراتيب المبنية على المقولات العقدية تصاغ كثيراً في الكتب الأصولية خلافاً بين الحنفية والشافعية و تراها من حيث المبنى أو الذكر خلافا بين المعتزلة و الأشعرية في الكتب العقدية، وعند التحقيق فإن أئمة المذاهب الفقهية كالشافعي و أبي حنيفة ليسوا على اتصال بهذا التقرير الأصولي المرتب وكذا كبار أصحابهم المتقدمين،ويقع في كثير من كتب الأصول المتأخرة مقالات مخالفة لمذهب الأئمة المتقدمين -الأئمة الأربعة وغيرهم هي عند التحقيق مقالات للمعتزلة أو نحوهم من الطوائف الكلامية المخالفة لمقالات أئمة السلف أهل السنة والجماعة.
2 - المورد الثاني المؤهل للمراجعة والتصحيح في الكتب الأصولية: تأثر كثير من هذه الكتب ولا سيما في الطور الثاني من تصنيفه بعلم الكلام.وهو علم أنتج من قبل جملة من النظار لتقرير رأيهم العقدي في الإلهيات من حيث الأصل ثم استعمل في مسائل القدر،واستعمله كثير من متأخري المتكلمين في تقرير مسمى الإيمان و جملة من مسائله.
وقراءة هذا العلم من التكوين ليس هذا محل يراد له إلا أن من المتحقق أن أئمة المذاهب من المحدثين والفقهاء الأوائل كانوا طاعنين في هذا العلم ومن هؤلاء الأئمة الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي و أحمد) و كبار أصحابهم المتقدمين، وطعن هؤلاء في هذا العلم محفوظ بالأسانيد التي رواها المصنفون في أصول السنة من كبار أصحاب الأئمة، وقد ذكر أبو إسماعيل الأنصاري الهروي نقلاً متواتراً عن الأئمة المتقدمين في ذم هذا العلم في مصنفه " ذم الكلام " وقد صرح بهذا التحقق كثير من حذاق متكلمة الأشعرية كالجويني و الغزالي و الشهرستاني، لكنهم يتأولون مقصد الشافعي وأمثاله في ذمهم بما لا ينافي اتخاذهم له مع انتحالهم قول الشافعي في الفقه وأصوله.
وهذا العلم " علم الكلام " قد كدّر علم أصول الفقه، كما هيأ للاضطراب والتهوك في أصول الدين عند أربابه السالكين له كما صرح بذلك الشهرستاني في مقدمة كتاب نهاية الإقدام، والرازي في كتابه أقسام اللذات، والجو يني والغزالي من قبل، فليس هذا التصور من إملاء مخالفي المتكلمين فحسب بل قد شهد به كبار رواده،بل مما يعلم أن الطعن في علم الكلام مجمع عليه بين أئمة السلف رحمهم الله.
3 - المورد الثالث: إدخال مسائل نظرية مجردة في كثير من كتب أصول الفقه ليست من المقولات العقدية أو الأصولية بل هي مسائل مجردة و الخلاف فيها جمهوره نظري بل كثير منه لا ثمرة له حتى نظراً وهذا يقع في مسائل مقولة في المقدمات الكلامية و النظرية و اللسانية، خاصة أن كثيراً من هذا النزاع المذكور يُنصب مع شذاذ في تاريخ المعرفة والفكر كالسفسطائية، والسمنية وأمثالها من أصحاب الاتجاهات الفلسفية البائدة.
وهذا المورد كثير منه إنتاج لعلم الكلام ودخوله في الصياغة الأصولية كما صرح بذلك الغزالي في مقدمة المستصفى، وذكر أنه يذكر من هذا القدر اللائق وإن كان نقد كثيراً ممن قبله من متكلمة الأصولية الذين أسرفوا في هذا الخلط حسب عبارة الغزالي ثم شرع في رسم مقدمته المنطقية.
ونقد هذه المسائل النظرية المجردة أشار إليه جمع من الأصوليين كالجويني في البرهان والغزالي في المستصفى وابن حزم في الأحكام و الشوكاني في إرشاد الفحول وغيرهم وإن كان هؤلاء حكوا ما هو من ذلك وذكروه مع انتقادهم لبعض صوره.
ويعد الشاطبي من مقدمي نقاد هذا النوع، المتباعدين عنه.
4 - المورد الرابع: المنطق الأرسطي المترجم وأثره في بناء و صياغة أصول الفقه عند كثير من متكلمة الأصولية. وفي التقدير الشخصي أن أثر المنطق الأرسطي لم يختص في كثير من المصنفات الأصولية التي كتبها النظار بنسق البناء وصورة الصياغة بل شارك في تشكيل العقل الأصولي في الطور الثاني لهذا العلم، كما تقرأ هذه الإشارة عند كثيرين ومن أخصهم الغزالي صاحب المستصفى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/21)
و المنطق الأرسطي قد نقده كثير من النظار الإسلاميين من الأصوليين و غيرهم حتى من استعمله في بعض أطواره فإنه رجع كثير منهم إلى ذمه ونقده، وترى الغزالي حينما يكون رياضياً إشراقياً يتجاهل قيمة المنطق. والقراءة في نقد المنطق الأرسطي تعد مراجعة طويلة لكن يمكن الإشارة إلى أن هذا المنطق وضعه أرسطو آلة للمنهج العقلي التجريدي الذي هو قوام فلسفته، وهذا يعنى أنه غير مؤهل التواصل مع العقل الإسلامي.
ويعد الإمام ابن تيمية من كبار رواد هذا النقد في مصنفات أخصها " نقض المنطق ".
5 - المورد الخامس: تأخر أهلية كثير من المصنفين في أصول الفقه عن التكاملية المناسبة المفترضة. ولئن كان الإمام الشافعي الذي وضع فواتح وقواعد هذا العلم كان يتمتع بأهلية علمية ربما صح أن نقول: مثالية. فإنك حين تقرأ سيرة الشافعي تجد أن ثمت ثراء علمياً متعدداً بل إمامه متعددة في الحديث والفقه و العربية و النظر الذي هو الاعتبار الشرعي المقاصدي، لكن كثيراً من الأصولية بعده مع امتيازهم العقلي و امتلاكهم قوانين نظرية و معرفتهم بالفروع الفقهية و لا سيما في المذهب الإنتمائي إلا أن تأخرهم عن سعة العلم بتفاصيل السنة والحديث النبوي الذي هو أحد معتبرات وضع قواعد المقاصد فضلاً عن الضوابط التفصيلية الإطرادية المذهبية شارك في عدم تمامية كثير من هذه المصنفات، وصار ثمت نظرية تجريدية في بناء بعض النظم الأصولية ولا سيما إذا عرف أن سببية هذا التأخر في الغالب هي مزاحمة علم الكلام و المنطق الصوري من حيث اشتغال المتكلمين به عن تفاصيل الأحاديث والآثار، ومن الحقائق التاريخية أن علماء الكلام من المعتزلة و غيرهم و حتى جمهور علماء الكلام الأشعرية ليسوا من أهل الاختصاص بمعرفة السنة والآثار و ما صح وما ورد.
وترى أن أبا حامد الغزالي وهو من أكابر أساتذة علم أصول الفقه مع ثرائه العلمي إلا أنه يذكر عن نفسه: أنه مزجي البضاعة في الحديث.
و لئن كان الأصوليون يذكرون في شروط المجتهد في الأحكام العلم بتفاصيل الأحاديث الواردة في الأحكام والتكليف فإن هذا الشرط أكثر إلحاحاً في حق من يرسم قواعد ونظم التشريع استقراء من مصادر الشريعة.
6 - المورد السادس: تطويل هذا العلم بمسائل أصولية مجردة عن الثمرة وهذا نوع أخص من المذكور في المورد الثالث، وهذا له مثالات ذكرها وأشار إليه كثير من الأصولية أنفسهم وإن كان أكثر هؤلاء أمضاها في تصانيفه.
7 - المورد السابع: تركُّب هذا العلم من غير مادة أنتج إشكالية تقاطع هذا العلم مع الفروع الفقهية و عدم وضوح التطبيق كممارسة متاحة، ولا سيما في التصانيف التي تسمى عند كثيرين: المصنفات على الطريقة الكلامية.
وإن كان يقال عند كثيرين: إن سببية هذا التقاطع أن هذه الطريقة تنتج الفروع وليس يراد أن الفروع تنتجها. لكن هذا عليه سؤلات تأخره عن رتبة الصحة والمناسبة.
8 - هنا إمكانية لأهل العلم العارفين بأصول السنة والشريعة لمراجعة بعض القواعد الأصولية الخلافية بين الأصوليين التي لها اتصال بإنتاج أحكام النوازل المعاصرة، ورسم صياغة شرعية أكثر مناسبة لهذه النوازل.
وفي التقدير الخاص: أن هذا العلم تتجه أكثر مراجعته إلى " التنقيح " وليس هناك وضوح علمي في حاجة هذا العلم إلى إعادة بناء بمعطيات جديدة كما هو ادعاء العقل المدني المتحول.
و من المقدر هنا: أن الواقع الحضاري بمعطياته و نوازله يمكن أن يستوعب داخل هذا العلم حتى في شكله التاريخي البحت إذا كان ثمت امتيازان:
أ- الثراء العلمي لقارئ كتب الأصول، فهذا العلم في تركيبه انعقاد علمي وتاريخي حتى قال بعض الناظرين فيه: إنه علم لا يحمل استقلالاً، وهذا وإن خالفه الأكثر إلا أنه إشارة إلى حقيقة تكوين وبناء هذا العلم التعددية.
ب- المصادقة على استمرار حكمية وأهلية التراث العلمي التشريعي المحصل من مصادر التشريع المعتبرة عند علماء الإسلام، وأن الواقع الحضاري يمكن أن يستوعب من حيث الجملة داخل هذا التراث مع فتح باب الاجتهاد و الترجيح و التجديد لمن يتأهل لذلك من أهل العلم والمعرفة بأصول السنة ومقاصد الشريعة.
و من الصعب أن نتصور أن النظم الأصولية كانت مجرد لحظة استجابة لمعطيات حضورية تاريخية، وأن الواقع الحضاري يملي علينا استجابة من مقدماتها تجاوز التاريخية العلمية كما هو اتجاه موجود في بعض الأوساط الثقافية الحداثية. في التقدير أن هذه رؤية ذوقية ذرائعية وليست قراءة علمية جادة في التراث.
و في ختم هذه الإدلاء السريع في تقديم رؤية حول هذا الموضوع " تجديد أصول الفقه " يمكن أن نلخص هذه المحاولة: بأن هذا الموضوع يقع في محورين:
1 - المحور الفكري المنهجي.
2 - المحور العلمي التخصصي. ونتيجة الحكم في المحورين مختلفة بصورة واضحة.
وهذا الرأي المكتوب اجتهاد محتمل في بعض جوانبه وثمت جوانب أساسية ثبوتية داخل هذه الرأي. وأحب أن أشير إلى أنه ليس توافقاً أو رداً لورقة شارك فيها بعض الباحثين في هذه الندوة فلست على اطلاع وقت كتابة هذا الموضوع على المشاركات المتدوالة، كما أشير إلى أن هذا الموضوع يعتبر الحديث عنه، فيه انعقاد ويحتاج إلى تصور متميز ومن هنا لست أميل إلى فتح الحوار في هذا الموضوع لسائر طبقات القراء كما هو الشأن في موضوعات التربية والاجتماعيات و قضايا الدعوة الواقعية التي من المهم كثيراً أن تفتح المساحة فيها.
وأخيراً هذا الحديث و المشاركة إملاء من الذهن وليس بحثاً و ملاحقة للحروف المكتوبة في التصانيف ولهذا جردته عن النقل والإحالة وقصدت أن يكون واضح التناول بلغة مقربة لإعطاء رؤية مبسطة عن حقيقة هذه الدعوة وبعده الفكري، وإمكانها العلمي،وأنهما مساران مختلفان فالرفض للأول لا يعني رفض الثاني وهذه حقيقة فاضلة الإدراك والوعي،ولم تكن هذه المشاركة محاولة رد مفصل على اتجاه فكري فهذا استقراء آخر.
والله الهادي إلى صراطه المستقيم و الصلاة والسلام على النبي محمد وآله وصحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/22)
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[02 - 04 - 03, 01:11 ص]ـ
الإخوة الأفاضل/ أهل الحديث
جزاكم الله خيرا على هذه البحوث وأتمنى أن تطبع هذه الندوة القيمة في كتاب مع مناقشات ومداخلات الأساتذة كما أرجو من يعرف بحوث في هذا الموضوع يدلنا عليها مشكورا
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[03 - 04 - 03, 12:55 م]ـ
تفضلوا هذا الرابط له علاقة بالموضوع:
... انقر هنا ... ( http://www.islamonline.net/Daawa/Arabic/display.asp?hquestionID=884)
ميمونة - الكويت الاسم
زاد المسير الموضوع
في تجديد أصول الفقه .. إشارات ومنارات العنوان
دكتورنا الفاضل الأستاذ كمال المصري،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بدايةً أشكركم على اهتمامكم، ولقد وصلني جوابكم واستفدتُّ كثيراً من آرائكم في وضع وإعداد الخطَّة، وها قد بدأت بالكتابة مستعينةً بالله تعالى، ثمَّ بإرشاداتكم النيِّرة.
وأرجو من حضراتكم إعطائي فكرةً أو (توضيحاً أكثر) عمَّا ذكرتموه من استكشاف الجديد أو تقديم شيءٍ جديد، حيث إنَّ هذه النقطة أثارت مخاوفي.
فأرجو إفادتي شاكرةً لكم مرَّةً أخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ابنتكم: ميمونة. السؤال
كمال المصري المستشار
الرد
أختي الفاضلة ميمونة حفظك الله تعالى ونفع بك،
وفَّقك الله في بحثك ودراستك، ويسَّر لك الخير كلَّ الخير، وفتح على يديك الجديد ممَّا فيه خير أمَّة الإسلام، وبالطبع أهلاً بك دائماً وبأسئلتك وباقتراحاتك وبمشاركاتك، فهذا المكان هو ملتقى الدعاة في كلِّ مكان.
أختي الكريمة،
لا أكتمك حديثاً حين أقول أنَّ سؤالك هذا شغلني وشغل فكري فترةً ليست بالقصيرة، وأخذت أقلِّب الأفكار لأرى كيف يمكن أن أتعرَّض له، فأنا لا أدَّعي أنَّني أصوليٌّ يملك مقاليد هذا العلم ونواصيه، فهذا شرفٌ كم تمنَّيت لو نلته، ولكنَّني لا أدَّعيه، وكلُّ ما قلته لك يا أختي في إجابتي السابقة كان مجرَّد أفكارٍ حول أصول الفقه، بل قولي أحلاما، تمنَّيت لو أجد لها من يفسِّرها إلى واقعٍ ووجود، وأسأل الله تعالى أن تكوني أنت هذا المفسِّر .. اللهمَّ آمين.
وممَّا زادني قلقاً واضطِّراباً ما ارتبط بكلمة "التجديد" من تاريخٍ أسود ارتبط بدعاةٍ أرادوا هدم كلِّ شيء، وطمس هويَّتنا التاريخيَّة وذاتيَّتنا الإسلاميَّة باسم "التجديد"، وكان حديثهم –في معظمه- مرتبطاً بالغرب والسعي إليه وتقليده، وفي هؤلاء قال الأستاذ مصطفى صادق الرافعي: "إنَّهم يريدون أن يجدِّدوا الدين واللغة والشمس والقمر!! "، وهم الذين أشار إليهم شاعر الإسلام محمد إقبال، حين قال في بعض محاوراته: "إنَّ جديدهم هو قديم أوربا"، وقال: "إنَّ الكعبة لا تجدَّد، ولا تُجلَب لها حجارةٌ من الغرب! "، وهذا اللون من التجديد مرفوضٌ بالطبع شكلاً ومضمونا، ولكنَّه لا يعني أبداً إغلاق الأبواب، بل إغلاق العقول أيضا، لأنَّ: "التجديد الحقيقيَّ مشروعٌ بل مطلوبٌ في كلِّ شيء: في المادِّيَّات، والمعنويَّات، في الدنيا والدين، حتى إنَّ الإيمان ليحتاج إلى تجديد، والدين يحتاج إلى تجديد، وفى الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو مرفوعا: "إنَّ الإيمان ليَخْلَق في جوف أحدكم، كما يَخْلَق الثوب الخَلِق، فاسألوا الله أن يجدِّد الإيمان في قلوبكم"رواه الحاكم، وقال: رواته ثقات، ووافقه الذهبي، وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، والبيهقيُّ في المعرفة، عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يبعث لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنةٍ من يجدِّد لها دينها"صحَّحه العراقيُّ وغيره، وذكره في صحيح الجامع الصغير، المهمُّ هو تحديد مفهوم التجديد ومداه، وإذا كان الشارع قد أذِن "بتجديد الدين" نفسه، وعرف تاريخ المسلمين فئةً من الأعلام أُطلِق عليهم اسم "المجدِّدين" من أمثال الإمام الشافعيِّ والإمام الغزاليّ، وغيرهما، فلا حرج علينا إذن من "تجديد أصول الفقه"، وإذا كان "علم أصول الفقه" قد وضعه المسلمون بالأمس ووسَّعوه وطوَّروه ابتداءً من "رسالة " الإمام الشافعيِّ إلى "إرشاد الفحول" للإمام الشوكانيّ، إلى مؤلَّفات المعاصرين، فلا عجب أن يقبل التجديد اليوم، المسلمون هم الذين أسَّسوه، وهم الذين يجدِّدونه" كما يقول أستاذنا الدكتور القرضاوي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/23)
وبعد هذه المقدِّمة الطويلة، وبعد رسالتك هذه – أختي ميمونة- عدتُّ إلى كتب الأصول القديمة والحديثة أبحث عمَّا يمكن أن أكتبه لك، ولا أدَّعي أنَّني وصلت إلى شيءٍ أمسكه بيدي، ولكن وصلت لما يمكن أن نسمِّيه "إشارات" أو "منارات" يمكن من خلالها إنارة طريق السالك، فعذراً على ضعفي وقلَّة بضاعتي.
ما وصلت إليه ذو شقَّين:
الشقِّ الأوَّل: مرتبطٌ بعلم "أصول الفقه" عامَّة.
الشقِّ الثاني: مرتبطٌ بالرخصة والعزيمة.
الشقُّ الأوَّل: ما يرتبط بعلم "أصول الفقه" عامَّة:
الحديث حول تجديد الأصول –في رأيي- يمكن أن يكون في أمرين:
1 - لغة الأصول.
2 - قطعيَّة الأدلَّة.
1 - لغة الأصول: لم أجد –للأسف- في ما كُتب من كتاباتٍ أصوليَّةٍ محدثةٍ كتابةً معاصرةً سلسةً وعميقة، بل لم يستطع علماؤنا المعاصرون إخراج علم الكلام والمنطق منها، فمن كتب اليوم إمَّا قلَّد السابقين حرفيًّا في طريقة العرض ولغة الخطاب ولم يفرِّق بينه وبينهم إلا في شكل الكتاب وحداثة اسم المؤلِّف! وإمَّا مبسِّطٍ مخلٍّ جعل من الأصول مادَّةً تافهةً لا قيمة ولا عمق فيها.
والغريب في الأمر أيضاً أنَّ علماءنا المعاصرين استخدموا نفس الأمثلة الشاهدة على أبواب الأصول وفصوله ومسائله، فما زال علماؤنا حتى اليوم يستدلُّون بنفس الاستدلالات التي وضعها الأقدمون منذ بدأ علم الأصول على يد الإمام الشافعيِّ عام 204 هـ!!
وما أظنُّ أنَّ لغة الأصول هذه ولا أمثلته تصلح كي تفهِّم المسلمين دينهم وتربطهم به، أو تكسر الحاجز النفسيَّ الرهيب بين المسلمين وعلمهم الذي يعدُّه العلماء أحد مفاخر هذه الأمَّة.
2 - قطعيَّة الأدلَّة: جرى حديثٌ وجدلٌ كثيرٌ بين العلماء السابقين والمعاصرين حول قطعيَّة الأدلَّة، وأنَّ الأصول إذا لم تكن قطعيَّةً فكيف نجتهد فيها؟ وهي إن دَخَلَها الاجتهاد كغيرها، لم يَعُد لنا معيارٌ نحتكم إليه إذا اختلفنا في الفروع، وهو القول الذي قاد رَكْبه الإمام الشاطبيُّ رحمه الله.
وقد خالف هذا الرأيَ العديدُ من العلماء السابقين والمعاصرين، وعلى رأسهم الإمام الباقلاني، وبعيداً عن هذا الخلاف، أودُّ أن أتساءل كما تساءل غيري: ما المراد بالأصول؟
يقول العلاَّمة الشيخ عبد الله درَّاز على "الموافقات": "تُطلَق الأصول على الكلِّيَّات المنصوصة في الكتاب والسنَّة: مثل "لا ضرر ولا ضرار" الحديث، "ولا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أخرى"، "وما جعل عليكم في الدين من حَرَج"، "إنَّما الأعمال بالنيَّات" الحديث، وهكذا، وهذه تسمَّى أدلَّةً أيضاً كالكتاب والسنَّة والإجماع… إلخ، وهي قطعيَّةٌ بلا نزاع.
وتُطلَق أيضاً على القوانين المستنبطة من الكتاب والسنَّة، التي توزَن بها الأدلَّة الجزئيَّة عند استنباط الأحكام الشرعيَّة منها، وهذه القوانين هي من الأصول، فمنها ما هو قطعيٌّ باتِّفاق، ومنها ما فيه النزاع بالظنِّيَّة والقطعيَّة".
ولعلَّ الخلاف الموجود في كثيرٍ من مسائل الأصول يؤكِّد ذلك، فهناك من الأدلَّة ما هو مختلفٌ فيه بين مثبِتٍ بإطلاق، ونافٍ بإطلاق، وقائلٍ بالتفصيل، مثل اختلافهم في المصالح المرسلة، والاستحسان، وشرع من قبلنا، وقول الصحابي، والاستصحاب وغيرها، بل إنَّ الأدلَّة الأربعة الأساسيَّة فيها كلامٌ كثير، كالخلاف في الإجماع والقياس، والخلاف حول القواعد التي وضعها أئمَّة هذا العلم، لضبط الفهم، والاستنباط من المصدرين الأساسيَّين القطعيَّين: "الكتاب والسنَّة"، وإذا كان مثل هذا الخلاف واقعاً في أصول الفقه، فلا نستطيع أن نوافق الإمام الشاطبيَّ على اعتبار كلِّ مسائل الأصول قطعيَّة، فالقطعيُّ لا يسع مثل هذا الاختلاف ولا يحتمله.
فالنقطة الأولى إذن تكمن في: "أنَّ للاجتهاد في أصول الفقه مجالاً رحبا، هو مجال التمحيص والتحرير والترجيح فيما تنازع فيه الأصوليُّون من قضايا جمَّة، والباب ما يزال مفتوحا لمن وهبه الله المؤهِّلات لِوُلُوجه، ولكلِّ مجتهدٍ نصيب، ولكنَّ الأمر الذي يجب تأكيده بقوَّةٍ هو أنَّ ما ثبت بدليلٍ قطعيٍّ لا يجوز أن ندع للمتلاعبين أن يجترئوا على اقتحام حماه، فإنَّ هذه "القطعيَّات" هي عماد الوحدة الاعتقاديَّة والفكريَّة والعمليَّة للأمَّة، وهي لها بمثابة الرواسي للأرض، تمنعها أن تميد وتضطَّرب، ولا يجوز لنا التساهل مع قومٍ من الأدعياء، يريدون أن يحوِّلوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/24)
القطعيَّات إلى محتملات، والمحكمات إلى متشابهات، ويجعلوا الدين كلَّه عجينةً ليِّنةً في أيديهم يشكِّلونها كيف شاءت لهم أهواؤهم، ووسوست إليهم شياطينهم" كما يقول الدكتور القرضاوي.
الشقِّ الثاني: مرتبطٌ بالرخصة والعزيمة.
إشاراتي لك يا أختي في موضوعك "الرخصة" ليست إلا أكثر من تفكيرٍ بصوتٍ عال، وقد يكون بعض ما سأكتب مرتبطاً برسالتك ارتباطاً وثيقا، وقد لا يكون، ولكنَّها تبقى نقاطاً تحتاج إلى النظر من العلماء والمتخصِّصين، وأنت أحدهم أكرمك الله تعالى.
وإشاراتي على قسمين:
القسم الأوَّل: القضايا الفقهيَّة القديمة الجديدة.
القسم الثاني: قضايا معاصرة.
القسم الأوَّل: القضايا الفقهيَّة القديمة الجديدة: وهي القضايا التي ناقشها علماؤنا قديماً وما زالت تلقي بظلالها علينا يوميّا، مثل:
1 - رخصة القصر والجمع في الصلاة، وما التبس فيها من فهم:
- تحقيق مسألة الجمع بدون عذر وحدودها وضوابطها: استناداً إلى قول ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جمع دون عذر، كما هو معلومٌ معروفٌ عند أهل العلم، وهذا الحديث يأخذ به العديد من الجماعات الإسلاميَّة اليوم ويتوسَّعون فيه.
- الجمع لمن يدرسون في الغرب: حيث قد تضطَّرهم محاضراتهم إلى عدم أداء صلاةٍ ما حتى فوات وقتها، أو لا يوجد مكانٌ مناسبٌ للصلاة أو الوضوء، ما حدود ذلك وما ضوابطه؟
2 - رخصة المسح: هل أحذيتنا وجواربنا اليوم داخلةٌ في الأمر، خصوصاً مع توصيف العلماء للخفِّ والجورب بما يخالف ما هو موجودٌ اليوم؟
3 - رخصة التيمُّم: مع تيسُّر وجود الماء بدرجةٍ كبيرةٍ في كلِّ مكانٍ اليوم، نحتاج إلى نظرٍ في حدود "التيمُّم".
4 - رخصة الفطر:
- رخصة الفطر في الغرب نظراً لاختلاف الأوقات وتداخلها واضطِّرابها وطول فترة الصيام.
– الرأي في من قال بإفطار الطلاَّب في الامتحانات أو حتى لاعبي الكرة.
5 - رخصة خلع الحجاب لمن اضطُّرَّ لذلك: وخاصَّةً في الغرب، كما حدث من منع المسلمات في تركيا من دخول الجامعات بالحجاب، أو من يضطَّرها عملها لخلع الحجاب، ما حدود ذلك وما ضوابطه؟
6 - رخص المعاملات: وهي ما استجدَّ من صورٍ لم تكن موجودةً من قبل، مثل:
- الشراء عن طريق البنوك وعدم تحقيق مبدأ الاستلام والتسليم، وهل هو نوعٌ من الربا لعدم تحقُّق مسألة القبض؟
– فتح الاعتمادات في البنوك لتحقيق المصالح، وما يحيط ذلك من شُبَه، وما يُقبَل منه كرخصةٍ وما لا يُقبَل تحقيقاً لمصلحة الناس.
- القروض التي تقدِّمها بعض الجهات الاجتماعيَّة لبناء بيتٍ أو لعمل مشروع، كبنوك التسليف والادِّخار وصناديق الضمان الاجتماعيِّ وأمثالها، ما حدود ذلك وما ضوابطه؟
7 - رخصة "التلفيق" بين المذاهب: وهي رخصةٌ من نوعٍ جديد، فهل يجوز قبول مبدأ "التلفيق" بين المذاهب الذي كان يرفضه الفقهاء، هل يجوز القبول به اليوم بجواز اتِّباع المرء لمذاهب مختلفةٍ أو لشيوخٍ عدَّةٍ في المسألة الواحدة، نظراً لبعد الناس الشديد اليوم عن تعلُّم الفقه وعلوم الدين؟
القسم الثاني: قضايا معاصرة: وهي ما استجدَّ من رخَصٍ ليس لنا فيها من تراثٍ عند أئمَّتنا، ومنها:
1 - حدود رخَص الإكراه والاضطِّرار في واقعنا المعاصر، كموقف الأقلِّيَّات المسلمة في العديد من الدول، وما يجب أن يظهروه من دينهم وما لا يجب، وما ينبغي التساهل فيه وما لا ينبغي، وما إلى ذلك.
(ملاحظة: موضوع رخَص الأقلِّيَّات عموماً يحتاج إلى رسالةٍ خاصَّةٍ أتمنَّى لو تصدَّى لها أحد الإخوة الباحثين الكرام، نظراً لأهمِّيَّة الموضوع وواقعيَّته وشدَّة تداخله والتباسه).
2 - رخصة الدخول في العمل السياسيّ: كالانتخابات والمجالس والحكومات، وذلك في الدول غير الإسلاميَّة أو الإسلاميَّة التي لا تطبِّق شرع الله تعالى: كدخول المسلمين في أمريكا انتخابات الكونجرس أو الاشتراك في الأحزاب الموجودة هناك، أو ترشيح المسلمين أنفسهم لانتخابات الكنيست الإسرائيليّ، أو دخول الإسلاميِّين الحكومات أو انتخابات المجالس في الدول الإسلاميَّة التي لا تطبِّق شريعة الله تعالى.
هل تُعَدُّ هذه ضرورات؟ وما حدود الضرورات؟ وهل هو رخصةٌ أم لا؟ على ما هو معروفٌ من خلافٍ بين الجماعات والأفراد في أماكن كثيرة.
3 - النظر في مفهوم "مقاصد الشريعة التحسينيَّة": وهل يمكن أن يدخل فيها: الالتزام بقواعد المرور، والحفاظ على البيئة، وقوانين البناء التجميليَّة، وما إلى ذلك؟
أختي الكريمة ميمونة،
هذه بعض الإشارات التي أعلم أنَّ منها ما قد يكون بعيداً بعض الشيء عن رسالتك، ولكنَّها فقط مجرَّد إشاراتٍ ومناراتٍ كما أشرت سابقا، والدور عليك بعد ذلك.
وختاما، يقول الدكتور القرضاوي: "لقد كتبتُ عن حاجة علم الأصول إلى مزيدٍ من التحقيق والتعميق والتطبيق"، ويؤكِّد الإمام الشوكاني في كتابه "إرشاد الفحول" ضرورة التجديد وأنَّه ألَّف في الأصول: "ليكون العالِم على بصيرةٍ في علمه يتَّضح له بها الصواب، ولا يبقى بينه وبين درك الحقِّ الحقيقيِّ بالقبول حجاب، لأنَّ تحرير ما هو الحقُّ هو غاية الطلبات، ونهاية الرغبات، لا سيَّما في مثل هذا الفنِّ الذي رَجَع كثيرٌ من المجتهدين بالرجوع إليه إلى التقليد من حيث لا يشعرون، ووقع غالب المتمسِّكين بالأدلَّة بسببه في الرأي البحت وهم لا يعلمون".
أرجو يا أختي ميمونة أن أكون قد أنرت لك الطريق ولو بعض الشيء، وسامحيني فهذه بضاعتي مزجاة، وما حيلة العاجز؟
وفي انتظار أن أسمع منك، وفَّقك الله تعالى ورعاك، وسيري على بركة الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/25)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 - 04 - 03, 01:08 م]ـ
عندما رأيت موضوع التجديد في أصول الفقه مطروحاً للنقاش في موقع (الإسلام اليوم) قبل ما يزيد على السنة تقريباً، ورأيت الدكتور يعقوب الباحسين حفظه الله مشاركاً فيها. ذهبت إلى قسم أصول الفقه بكلية الشريعة في الرياض وسألت عن رسالة كانت حديثة عهد بمناقشة قبلها بشهر تقريباً لباحث أعرفه وكان الدكتور يعقوب أحد المناقشين لها. فدلونا عليها فذهبت فقرأت أغلب فصول الرسالة في مكتبة الرسائل الجامعية الخاصة بقسم أصول الفقه ووجدتها قد أتت على الموضوع من جميع جوانبه، ولا أظنه قد كتب في بابها مثلها.
وعنوانها (التجديد في أصول الفقه) تقريباً وربما يكون هناك تغيير طفيف في العنوان، لكن التجديد في الأصول هو موضوعها الأصلي. وتقع في مجلدين ولو طبعت لكانت في مجلد. وقد استغربت عدم إشارة الدكتور يعقوب لها في بحثه على الموقع مع أنه ناقش الباحث فيها قبل طرح الموضوع في الانترنت.
الباحث هو الدكتور هزاع بن عبدالله الحوالي وهو يعمل الآن مديراً لمعهد العلوم الإسلامية في موريتانيا.
أحببت الإفادة لمن كان حريصاً على مثل هذا الأمر وجزاكم الله خيراً
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[05 - 04 - 03, 05:17 م]ـ
الأخ / أبو عبدالله البكري
جزاك الله خيراً على هذه الفائدة.
لكن هل تستطيع أن تذكر لنا أبرز المسائل التي طرحها الكاتب في رسالته؟.
حينها نكون لك من الشاكرين، وبالتوفيق من الداعين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 - 04 - 03, 06:14 م]ـ
سأقوم بعمل ذلك ولكن أحتاج وقتاً لعلي أمر على كلية الشريعة
جزاكم الله خيراً
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[05 - 04 - 03, 10:37 م]ـ
شكر الله سعيك، وأنار دربك، وغفر ذنبك. نحن بانتظارك مهما تأخرت.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[06 - 04 - 03, 04:27 م]ـ
التجديد في أصول الفقه
للشيخ الفاضل/ أحمد بن حميد ـ حفظه الله ـ في مقدمة شرح الورقات.
بقي معنا الإشارة -أيها الإخوة- إلى ما يسمى بالتجديد في أصول الفقه، نسمع أحيانا مثلا دعاوى بالتجديد أو بطرح التجديد في أصول الفقه، إما في المجلات أو في جرائد أو أحيانا يعني في بعض وسائل الإعلام المسموعة أو المرئية وغيرها مثلا، أو مثلا في بعض رسائل صغيرة تؤلف فكأنهم يعني يلحون بالتجديد في أصول الفقه، فما الحكم في ذلك؟، اللي هو موضوع التجديد في أصول الفقه.
قبل هذا نقول: لماذا يعني يقصد أصول الفقه بالذات بمطالبة التجديد؟ لماذا يعني علم الفقه قليلا، نسمع أنهم يقولون: جردوا علم الفقه أو علم مثلا العقيدة أو علم التفسير أو علم المصطلح أو علم لكن أصول الفقه بالذات يعني كثير لماذا أولا لأن يعني يظهر علم أن الذين يعني يقولون بالتجديد في أصول الفقه على ما يقصدونه هم وما يجدونه؛ لأن تجديد أصول الفقه هو مفتاح لتغيير الأحكام إذا يعني خفض من درجة الدليل أو قوي دليل آخر أو ألغي دليل فمعناها أن الأحكام التابعة لهذا الدليل قد تتغير، هذا اللي يظهر -والله أعلم- أن المطالبة بالتجديد إنها يعني سببها عند من يقولون بذلك ويقصدونه، يبدو أنه هذا وهذا باطل لكن نحن نقول أن التجديد أمر مجمل كلمة التجديد أمر مجمل، فلا بد أن يسأل الإنسان عن الأمور المجملة، نقول: ماذا تقصد؟ ما الذي تقصده بالتجديد؟
إن كان -والله- مراده بالتجديد يعني إحياء مثلا ما اندرس مثلا من سنة النبي r هذا أمر طيب، هذا التجديد مطلوب إذا كان إحياء ما اندرس مثلا منها أو مثلا من الأحكام الشرعية اندرست الثابتة، اندرست والمطلوب مثلا إحياؤها، هذا أمر طيب؛ ولهذا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -نسميه المجدد وإن كان المقصود مثلا بالتجديد تغيير طريقة التعليم مثل كونه نظما، نجعله متنا أو متنا، نجعله نظما أو تغييرا مثلا نقدم هذا على هذا أو نجعله على هيئة قواعد أو نمزج القواعد مثلا بالفروع الفقهية مما يحقق استفادة للطلاب مع المحافظة على المضمون لا بد من هذا، نقول: هذا أمر أيضا واسع ولا حرج فيها، لكن إذا كان التجديد المقصود به مثلا إلغاء بعض الأدلة أو مثلا تقوية دليل على حساب دليل آخر مثلا أو إلغاء شروط لدليل مثلا، اشترط علماء الأصول فيلغي مثلا بعضها بدون مستند فلا شك أن هذا لا يجوز، لا يجوز بأي حال من الأحوال ولا يوافق عليها مثال ذلك.
مثلا نحن نعلم مثلا أن العرف يرجع إليه في بعض الأحيان ومن قواعد العلماء، العادة محكمة فلو جاء إنسان مثلا وأراد أن يرفع من درجة العرف ويقوي من حجية العرف ويجعله أقوى من النصوص ويقول مثلا قد يكون في بعض البلدان مثلا تعارفوا مثلا على شرب الخمر مثلا وكونها مثلا موجودة فيقول هذا عرف وينبغي والعرف محكم ويعمل بهذا فهل يعني يوافق علي هذا، نقول لا ما يجوز هذا الأمر ولو قال مثلا أن المرأة مثلا في بعض البلدان تتبرج وتسفر عن وجهها وهذا أمر مألوف وجرى العمل به عندهم والعرف يعني يعمل به والعادة محكمة فنقول لا هذا عرف يصادم نصا وبالتالي لا اعتبار له ولا قيمة له وكونه مثلا يقوي جانب العرف مثلا على حساب دليل آخر لا يجوز بأي حال إن كان مقصوده بالتجديد فنقول لا هذا لا يجوز ولا يوافق عليه.
هذا آخر ماذكره الشيخ ـ حفظه الله ـ فيما يتعلق بهذه المسألة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/26)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[08 - 04 - 03, 02:02 ص]ـ
من باب جمع المادة، ومن باب قول الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه.**. ومن لا يعرف الشر جدير أن يقع فيه
= ذكرت هنا كلام الترابي حول تجديد أصول الفقه المزعوم!!
تجديد أصول الفقه الإسلامي
المصدر: الدكتور حسن الترابي ـ نحو وعي إسلامي معاصر
تقديم
ان العالم الاسلامي لفي حاجة الى نهضة شاملة فيكل المجالات تثور على الاوضاع التقليدية وتخلص العقلية الاسلامية والواقع الاسلامي من الجمود وتؤسس النظام الاسلامي وتقيمه على هدى الشريعد الاسلامية وتسخر من أجل ذلك كل علوم العصر وتقنياته. ولا يمكن ان تقوم هذه النهضة الاسلامية على غير منهج أو بانفعال عام بالاسلام او بالاشتغال بالجزئيات دون النظر الى مقاصد الدين الكلية. فلا بد ان تقوم هذه النهضة على منهج أصولي مقدر. علما بأن منهج أصول الفقه الذي ورثناه بطبيعة نشأته بعيدا عن واقع الحياة العامة وبتأثره بالمنطق الصوري وبالنزعة الاسلامية المحافظة والميالة نحو الضبط والتي جعلته ضيقا - لا يفي بحاجتنا اليوم ولا يستوعب حركة الحياة المعاصرة.
هذه الرسالة دعوة ومساهمة من الدكتور حسن الترابي لتجديد أصول الفقه الاسلامي حتي تتسع لتلبي حاجتنا ولنبنب عليها نهضتنا. نتمنى ان يستجيب لها المفكرون الاسلاميون وان يفيد منها القارئ الكريم والله ولي التوفيق.
أصول الفقه وحركة الاسلام في الواقع الحديث
لابد ان نقف وقفة مع علم الاصول تصله بواقع الحياة لان قضايا الاصول في أدبنا الفقهي اصبحت تؤخذ تجريدا، حتى غدت مقولات نظرية عميقة لا تكاد تلد فقها البتة بل تولد جدلا لا يتناهى، والشأن في الفقه ان ينشأ في مجابهة التحديات العملية. ولا بد لأصول الفقه كذلك ان تنشأ مع هذا الفقه الحي.
حاجتنا لفقه جديد
واذا أردنا ان نقدر ضرورة تطوير منهج اصولي في التفكير بحاجات الحركة الاسلامية الحديثة نلقها اليوم ضرورة شديدة الالحاح. ذلك ان حركة الاسلام منذ ان تجاوزت العمومات النظرية التي طرحتها لاول عهد الدعوة لنذكر الناس بأصول الدين وكلياته التي كانت عهدئذ منكرة او مجهولة ومنذ ان تقدمت الى قضايا اكثر مساسا بالواقع وأقرب الى تناول الفروع في الاحكام، أصبحت مدعوة الى ان تعالج مسائل الفقه المفصل وأصبح مسيرها لا يتقدم الا بالتفقه الادق بمقتضى دين الله - سبحانه وتعالى - في مجتمعنا المعاصر، فالناس قد سلموا او اقتنعوا بالعمومات وغدوا يطلبون من الدعاء بأن يوافوهم بالمناهج العملية لحكم المجتمع وادارة اقتصادة وتنظيم حياته العامة ولهداية سلوك الفرد المسلم في ذلك المجتمع الحديث.
ولدى هذه المرحلة في الدعوة أدركت الحركة الاسلامة انها غير مؤهلة تمام التأهيل لان تجيب على هذه الاسئلة اجابات شافية. وقد بان لها ان الفقه الذي بين يديها مهما تقنن حملته بالاستنتاجات والاستخراجات ومهما دققوا في الانابيش والمراجعات لن يكون كافيا لحاجات الدعوة وتطلع المخاطبين بها. ذلك ان قطاعات واسعة من الحياة قد نشأت من جراء التطور المادي وهي تطرح قضايا جديدة تماما في طبيعتها لم يتطرق اليها الفقه التقليدي ولان علاقات الحياة الاجتماعية وأوضاعها تبدلت تماما ولم تعد بعض صور الاحكام التي كانت تمثل الحق في معيار الدين منذ ألف عام تحقق مقتضى الدين اليوم ولا توافي المقاصد التي يتوخاها لان الامكانات قد تبدلت وأسباب الحياة قد تطورت والنتائج التي تترتب عن امضاء حكم معين بصورته السالفة قد انقلبت انقلابا تاما…
ثم ان العلم البشري قد اتسع اتساعا كبيرا وكان الفقه القديم مؤسسا على علم محدود بطبائع الاشياء وحقائق الكون وقوانين الاجتماع مما كان متاحا للمسلمين في زمن نشأة الفقه وازدهاره. اما العلم النقلي الذي كان متاحا في تلك الفترة، فقان كان محدوداً ايضا مع عسر في وسائل الاطلاع والبحث والنشر بينما تزايد المتداول في العلوم العقلية المعاصرة باقدار عظيمة. وأصبح لزاما علينا ان نقف في فقه الاسلام وقفة جديدة لنسخر العلم كله لعبادة الله ولعقد تركيب جديد يوحد ما بين علوم النقل التي نتلقاها كتابة ورواية قرانا محفوظا او سنة يديمها الوحي - وبين علوم العقل التي تتجدد كل يوم وتتكامل بالتجربة والنظر. وبذلك العلم الموحد المتناهي نجدد فقهنا للدين وما يقتضيه في حياتنا الحاضرة طورا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/27)
بعد طور…
حاجتنا لمنهج أصولي
لقد استجابت الحركة الاسلامية الحديثة لهذه التحديات الفكرية استجابات شتى، فمن الناس من يؤثر الا يلتزم بمنهج مقيد بل يظل طليقا ينتقي من الآراء ما يناسبه ويتخذ مصادر فكره وطرائقه حيث شاء في صفحات الكتب. ويعرض آراءه حسبما يتناسب مع الموقف في اطار الالتزام بالاسلام عامة. وأقل ما يقال في هذا المذهب انه لا يعتمد البناء على منهج اصولي مقرر مهما قدرنا ان الاستقراء يكشف لكل مفكر مذهبا أصوليا خاصة لو كانت الافكار تترتب بغاير وعي كامل. وبعض الناص يتخذ منهجا واسعا لا ينطلق الا من روح الاسلام العامة ومقاصد الدين الكلية، ويرى الرأى الذي تقتضيه تلك المقاصد وتلك الروح أيا كان وبعضهم يترك القضايا الكلية لانه لا يتسوعبها جملة ويقتصر على معالجة القضايا الجزئية التي تلتمس حلولها بيسر في النصوص الجزئية…
سوى انه لا مناص من الاصطلاح على منهج مرضي نتخذه لانفسنا وليس المقصود من المنهج الموحد ان يفضي في النهاية الى اجابات مجمع عليها في كل المسائل فذلك امر يتعذر بما طبع الله عليه الناس من تباين النظر. ولا تستتبع وحدة المجتمع الدين ان يصدر الناس كافة عن رأي واحد في كل قضية فرعية مطروحة، ففي ذلك المجتمع من عواصم التوحيد والمناهج الجماعية للقرار ما يضمن ان الخلاف الفقهي مهما يكن لايؤدي الى تفرق عملي في غاية الامر. وتعود تلك المناهج الموحدة الى مبدأ الشورى الذي يجمع اطراف الخلاف ومبدأ الاجماع الذي يمثل سلطان جماعة المسلمين والذي يحسم الامر بعد ان تجري دورة الشورى فيعمد الى أحد وجوه الرأي في المسألة فيعتمده اذ يجتمع عليه السواد الاعظم من المسملين ويصبح صادرا عن ارادة الجماعة وحكما لازما ينزل عليه كل المسلمين ويسلمون له في مجال التنفيذ ولو اختلفوا على صحته النسبية…
فليس القصد اذن من اتخاذ منهج هو ان ننتهي به الى رأي واحد اذ لو ألجأنا الناس الى رأي واحد وحملناهم عليه لتوقف تقدم الحياة وجمدت دون السعي الدائب لتحسين الكسب وتكييف المواقف حسب ظروف الحياة المتطورة التي تنتج كل يوم أسبابا أقرب للمصالح وتقتضي مطالب متجددة، انما نستهدف من توحيد المنهج ان نحاول رد الخلاف او تقريب اطرافه وتفهم مسائله وان نسد الذرائع في وجه الاهواء الشخصية والقصور في رأي الفرد الواحد…
ويلزمنا في شأن تمهيد المنهج الجامع ما كان لازما على الفقهاء الاوائل لما بدأ الفقه الاسلامي يتسع ويتركب بعد عهد الرسول (ص) والصحابة والتابعين لان الحياة ما كانت لتجمد. وليست صورة التدين ولا مشكلاته التي عاشها الرعيل الاول هي صورة الاسلام الوحيدة ولا الجامدة. فالتحديات التي تطرحها اقدار الله في حاجات الناس وعلاقاتهم ومشكلاتهم تتجدد ابدا ولا بد ان تتبدل تبعا لها صورة الحياة الاسلامية التي تستكمل استجابة المسلمين لتلك التحديات انطلاقا من أصول اعتقادهم ومعايير شرعهم الواحد، ولقد طرأت على عهد الصحابة كثير من القضايا الجديدة وأخذ الصحابة يجتهدون فيما ويذهبون المذاهب في الرأي والفتوى، وقدكان كل من الصحابة المشهورين بالاجتهاد انما يصدر عن منهج في طريقة فقه الدين ولكنهم في بداية الامر ما اجتاجوا الى التواضع على منهج واحد يقدمونه بين يدي الاجتهادات الفرعية لان التطور كان محدودا ولان تربيتهم المحكمة كانت تطبع مناهجهم بسمات موحدة وقد سار على ذلك التابعون والفقهاء من بعد حتى اذا اتسعت وتشعبت الاقضية وتوافرت مادة واسعة من الفقه الفرعي اتجه النظر نحو الجزئيات الاصولية وأخذ الفقه الاصولي يتبلور حتى تمكن للمتأخرة من كبار الفقهاء كالشافعي مثلا ان يعالجوا قضايا اصول الفقه بطريقة منهجية كلية علمية يرتبونها ويؤسسون قواعدها. ومن بعد ذلك اتسعت المعالجات الاصولية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/28)
لكن جنوح الحياة الدينية عامة نحو الانحطاط وفتور الدوافع التي تولد الفقه والعمل في واقع المسلمين أديا الى أن يؤول علم أصول الفقه - الذي شأنه ان يكون هاديا للتفكير - الى معلومات لا تهدي الى فقه ولا تولد فكرا وانما أصبح نظرا مجردا يتطور كما تطور الفقه كله مبالغة في التشعيب والتعقيد بغير طائل. وقد استفاد ذلك العلم فائدة جليلة من العلوم النظرية التي كانت متاحة حتى غلب عليه طابع التجريد والجدل النظري العقيم وتأثر بكل مسائل المنطق الهيليني وبعيوبة كذلك. ومهما يكن الأمر فان الحياة الفقهية قد عمقت الا من بعض الفقهاء المجتهدين الذين جاءوا من بعد، منهم من اتخذ له مذهبا في طريقة الفقه ومنهم من اجتهد على مناهج الاقدمين.
وفي يومنا هذا اصبحت الحاجة الى المنهج الاصولي الذي ينبغي ان تؤسس عليه النهضة الاسلامية حاجة ملحقة. لكن تتعقد علينا المسألة بكون علم الاصول التقليدي الذي نلتمس فيه الهداية لم يعد مناسبا للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء، لانه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها بل بطبيعة القضايا الفقهية التي كان يتوجه اليها البحث الفقهي.
الاصول الفقهية بين الحياة الخاصة والعامة
1 - الاصول التفسيرية وفقه التدين الفردي:
ولا شك ان طرائق التفقه وأصوله تتباين سعة وضبطا مناسبة لنوع القضايا الفرعية المطروحة فمن الاحكام الفقهية ما يتصل بالشعائر مثلا وهي العبادات المسونة التي تشعر من حيث أشكالها بعبادة الله لان هذه الاشكال لا تكاد ترد الا في سياق وسيلة العبادة لله كالصلاة والصوم والحج. والمعروف من استقراء الشريعة ان هذه العبادات قد فصلت في أحكامها تفصيلا دقيقا وتتكثف فيها النصوص بدرجة تجعل مجال التقدير والاجتهاد محدودا جدا ولا يتعدى فقه الفقيه ان يجمع النصوص وان يملأ الثغرات المحدودة حتى يصل ما بين نص ونص وليؤلف الصورة الكلية للعبادة وبذلك تصبح القضة الاصولية كلها قضية تفسير للنصوص استعمالا لمفهومات الاصول التفسيرية ونظرا في معاني العام والخاص والتعارض والترجيح ووجوده الدلالة للنصوص وضوحا او خفاء ودلالة النص المباشرة ودلالة الاشارة ومفهوم المخالفة ونحو ذلك. ولئن كان فقهنا التقليدي قد عكف على هذه المسائل عكوفا شديدا فانما ذلك لان الفقهاء ما كانوا يعالجون كثيرا قضايا الحياة العامة وانما كانوا يجلسون مجالس العلم المعهودة، ولذلك كانت الحياة العامة تدور بعيدا عنهم ولا يأتيهم الا المستفتون من أصحاب الشأن الخاص في الحياة، يأتونهم أفذاذا بقضايا فردية في أغلب الامر. فالنمط الاشهر في فقه الفقهاء المجتهدين كان فقه فتاوى فرعية، وقليلا ما كانوا يكتبون الكتب المنهجية النظرية، بل كانت المحررات تدوينا للنظر الفقهي حول قضايا افراد طرحتها لهم ظروف الحياة من حيث هم أفراد. ولذلك اتجه معظم الفقه للمسائل المتعلقة بقضايا الشعائر والزواج والطلاق والآداب حيث تتكثف النصوص ولا تتسع لمجال الكثير من الخلافات الاصولية حول تفسير تلك النصوص.
2 - الاصول الواسعة وفقه التدين العام:
وانكم لتعلمون ان الحياة الاسلامية الجماعية قد انحرفت كثيرا عن مقتضى شرع الاسلام لقضايا الحياة العامة وانحرف معها الفقه. فالفتاوى المتاحة تهدي الفذ كيف يبيع ويشتري اما قضايا السياسة الشرعية الكلية - كيف تدار حياة المجتمع بأسره انتاجا وتوزيعا واستيرادا وتصديرا وعلاجا لغلاء معيشة او خفضا لتكاليفها - هذه مسائل لم يعن بها اولياء الامور ولم يسائلوا عنها الفقاء ليبسطوا فيها الفقه اللازم. ومثل قضايا الاقتصاد العام التي اهملت قضايا الاوضاع السياسية وتدابيرها العملية وكيف تدور الشورى في المجتمع وكيف يتبلور الاجماع وكيف يكون الامر والطاعة والولاية العامة على وجه الاجمال لم يسأل عن ذلك كثيرا لان الحكومة بكل أمورها العامة قد انحرفت عن مقتضى العقيدة والشريعة الاسلامية منذ زمن بعيد وحينما انحرف الواقع ومرق من الدين. فالفقه بالضرورة منحسرا ايضا عن هذا الواقع. ومن ثم فل كسب الفقه في هذا الجانب: جانب الحياة الاسلامية العامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/29)
وانكم لتعلمون ايضا ان النصوص الشرعية في مجال الحياة العامة أقل عددا وأوسع مرونة وهي نصوص مقاصد أقرب منها الى نصوص الاشكال. فلا تجد في باب الامارة مثلا ما تجده في الصلاة من أحكام كثيرة منضبطة ولا تجد في الاقتصاد ما تجده في الطهارة او النكاح. وقد قدمنا ان هذا الجانب من الفقه المعني بمقاصد الحياة العامة ومصالحها قد عطل شيئا ما بسبب الظروف التي اكتنفت نشأة الفقه وتطور الحياة الاسلامية. ولا غرو اذا ان نكون المفهومات الاصولية التي تناسب هذا الجانب قد اعتراها الاغفال وعدم التطور ايضا. وحينما كانت حياة الاسلام شاملة وكانت الممارسات الاقتصادية والسياسية العامة للمجتمع ملتزمة بالدين نشطت قواعد الاصول التي تناسبها.
من تاريخ منهج الاصول
كان أشهر عهد تشريعي رعى مصالح الامة العامة رعاية شاملة بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولئن لم يكن الامام عمر قد اتخذ لنفسه منهجا أصوليا معلنا في تشريعاته فان لنا ان نستبط من اجتهاداته المختلفة منهجا معينا يتسم بالسعة والمرونة. وبالرغم من ان التابعين وفقهاء المدينة قد ورثوا من ذلك المنهج سعة الاصول فان التاريخ الفقهي اللاحق لم يشهد تطورا لتلك الاصول بل تعطلت تلك الاصول كما تعطلت الحاجات التي اتخد المنهج من أجل الوفاء بها. وفي مذهب مالك بعض تلك الاصول العمرية ولك، مالكا وتلامذته لم يكونوا أولياء امر مسئولين عن رعاية مصالح الامة وساستها بالشرع فلم يستعملوا اصول المصالح بعد أن قرروها وآلت الى التعطيل الكامل. ولا سيما ان الحياة بالمدينة - بعد انتقال مركز النشاط العام عنها - ظلت ضيقة جدا وما اتسعت او تشبعت بما يستدعي الفقه اصوله من الاتساع لاستيعاب المشكلات العامة مع القضايا الفردية.
اما في مناطق حدود الاسلام في العراق حيث دخل في الملة اقوام شتى وقامت حضارة اعمر من حضارة المدينة طرحت اقضية ومشكلات اكثر فبالرغم من ان المنهج الاصويل ظل منهجا فروعيا وان الذين توالوا تطوير الاحكام فقهاء من الرعية ولم يكونوا من المسئولين عن مصالح الرعية العامة الا في مدى محدود «كقضاء ابي يوسف وفقهه» وبالرغم من ذلك اتسع النهج ليسع الحضارة ومشكلاتها واستعملت اصول هي أقرب للوفاء بتلك المشكلات. وهكذا اتسع الفقه العراقي في استعمال العقل والقياس والاستحسان أوسع مما استعمل في المدينة حيث القياس مقبول ولكن الحاجة اليه أدنى. سوى ان القياس الذي استعمل كان قياسا محدودا جدا تضبطه معايير ضيقة اذا استثنينا بعض أبواب الاستحسان وهو الاصل الذي ما انفكت تحاصره المجادلات الفقهية حتى أردته في مهده، وساعد في ذلك ان الحياة الاسلامية التي كانت مزدهرة في عهد أبي حنيفة أخذت تتجمد شيئا فشيئا وما كان لما يوازيها من الجوانب الخصبة الواسعة في التفكير الاسلامي الا ان تتجمد ايضا. والاستثناء الآخر هو ما قدمنا من تولي أبي يوسف القضاء ولكونه قاضيا اضطر ان يعالج بعض القضايا المالية العامة واحتاج في ذلك ان يستعمل ادوات فقه أرحب وأوسع.
وخلاصة القول ان فقهنا الاصولي القديم بعد نهضة حميدة آل الى الجمود العقيم بأثر انحطاط واقع الحياة الدينية نفسها فلم يتطور ولم يولد فقها زاهرا بعد تمامه فنيا. وتجدر الاشارة في هذا السياق الى فقه ابن حزم وهو رجل ذو صلة واسعة بالسياسة وبالحكم وبالقضايا الاجتماعية العامة فلا غرو ان نجد في منهجه الاصولي شيئا من أسلوب واسع هو الاستصحاب الذي فتح بابا لتطوير الفقه بالرغم من التزام ابن حزم بالمنهج الظاهري في تفسير النصوص.
الاصول وحاجتنا للاجتهاد
ان القضايا التي تجابهنا في مجتمع المسلمين اليوم انما هي قضايا سياسية شرعية عامة اكثر منها قضايا خاصة. ذلك اننا نريد ان نستدرك ما ضيعنا في جوانب الدين، والذي عطل من الدين اكثره يتصل بالقضايا العامة والواجبات الكفائية. وأكثر فقهنا من ثم لايتجه الى الاجتهاد في العبادات الشعائرية والاحوال الشخصية فتلك امور يتوافر فيها فقه كثير ويحفظها المسلمون كثيرا ولو ضيعوها أحيانا لا يضيعونها اعتقادا ولايغفلون عنها غفلة كاملة. اما قضايا الحكم والاقتصاد وقضايا العلاقات الخارجية مثلا فهي معطلة لديهم ومغفول عنها. والى مثل تلك المشكلات ينبغي ان يتجه همنا الاكبر في تصور الاصول الفقهية واستنباط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/30)
الاحكام الفرعية، ففي مجالها تواجهنا المشكلات والتحديات والاسئلة المحرجة اما قضايا الفقه التي تعني الفذ المسلم في شعائره و أسرته ونحو ذلك فهي مما كان فقهنا التقليدي قد عكف عليها وأوسعها بحثا وتنقيبا فما تحتاج منا الا الى جهد محدود جدا في التحديد استكمالا لما حدث من مشكلات وطرافة في وسائل الشرح والعرض. وانا لمحتاجون الى ذلك القدر من التجديد حتى في فقه الصلاة الذي يبدو مكتملا في كتب التراث سوى انه يجدينا فيها صدور كتب فقهية جديدة تقدم الصلاة وتشرحها بوجه يناسب اوضاع الحياة ويخاطب العقل المسلم المعاصر. ولكن حاجتنا تلك محصورة، ولو لم نحظ بمثل ذلك العرض الجديد لا نستشعر أزمة كبيرة. ونحن أشد حاجة لنظرة جديدة في أحكام الطلاق والزواج نستفيد فيها من العلوم الاجتماعية المعاصرة ونبني حاجات عصرنا ووسائله وعلومه وبكل التجارب الفقهية الاسلامية والمقارنة لعلنا نجد هديا جديدا لما يقتضي شرع الله في سياق واقعنا المعين. ولكن جاجتنا الى ذلك ليست ذات خطر ولو قنعنا بما هو موجود في كتب الفقه الموروثة تظل حياتنا الاسرية قريبا جدا لمتقضى الدين وان لم تبلغ التحقيق الامثل فهي بفضل النصوص الكثيرة الهادية في القرآن والسنة لن تضل ضلالا بعيدا والمجالات التي نحتاج فيها الى اجتهاد جديد يضبط اعتصامنا بهدى الدين جد محدودة.
أما جوانب الحياة العامة، فالحاجة فيها للإجتهاد واسعة جداً ونحتاج في نشاطنا الفقهي لان نركز تركيزا واسعا على تلك الجوانب وعلى تطوير القوا عد الاصولية التي تناسبها. فالاصول التفسيرية وحدها - وأعني بها قواعد تفسير النصوص. ذاك نظرا لقلة النصوص التي تتعلق بنظام الحياة العامة.ولئن كانت كل آية في القرآن وكل سنة فرعية تؤثر على تلك الحياة تأثيرا ما، فان النصوص المباشرة ليست كثيفة للطبيعة المرنة في وظائف الحياة العامة. وما تقتضيه من سعة. وقد أدى انحسار الطبيعة الدينية للحياة العامة في تاريخ المسلمين الى أن تكون الممارسات والتجارب السابقة ضئيلة كذلك والى أن يكون الموروث الفقهي الذي يعالجها بمثل ذلك. ومن هنا تنشأ الحاجة الملحة للتواضع على منهج أصولي ونظام يظبط تفكيرنا الاسلامي حتى لا تختلط علينا الامور وترتبك المذاهب ويكثر سوء التفاهم والاختلاف في مسائل تتصل بالحياة العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والادارية والدولية وغيرها مما يؤثر على وحدة المجتمع المسلم ونهضته.
نحو اصول واسعة لفقه اجتهادي
وفي هذا المجال العام يلزم الرجوع الى النصوص بقواعد التفسير الاصولية ولكن ذلك لا يشفي الا قليلا لقلة النصوص. ويلزمنا ان نطور طرائف الفقه الاجتهادي التي يتسع فيها النظر بناء على النص المحدود. واذا لجأنا هنا للقياس لتعديه النصوص وتوسيع مداها فما ينبغي ان يكون ذلك هو القياس بمعاييره التقليدية. فالقياس التقليدي أغلبه لا يستوعب حاجتنا بما غشيه من التضييق انفعالا بمعايير المنطق الصوري التي وردت على المسلمين مع الغزو الثقافي الاول الذي تأثر به المسلمون تأثرا لا يضارعه الات تأثرنا اليوم بأنماط الفكر الحديث. ولعل تأثر الفكر الاسلامي الحديث المخلص - ولا أقول الخالص - بالفكر الغربي الآن أقل من تأثر الفكر الاسلامي المخلص قديما بالفكر الغربي القديم.
القياس المحدود
فالقياس كما أوردنا تعريفاته وضوابطه الضيقة في أدبنا الاصولي لابد فيه من نظر حتى نكيفه ونجعله من أدوات نهضتنا الفقهية. وعبارة القياس واسعة جدا تشمل معنى الاعتبار العفوي بالسابقة وتشمل المعنى الفني الذي تواضع عليه الفقهاء من تعديد حكم أصل الى فرع بجامع العلة المنضبطة الىآخر ما يشترطون في الاصل والفرع ومناط الحكم. وهذا النمط المتحفظ من القياس يقتصر على قياس حادثة محدودة على سابقة محدودة معينة ثبت فيها حكم بنص شرعي فيضيفون الحكم الى الحادثة المستجدة. ومثل هذا القياس المحدود ربما يصلح استكمالا للاصول التفسيرية في تبين احكام النكاح والآداب والشعائر. لكن المجالات الواسعة من الدين لايكاد يجدي فيها الا القياس الفطري الحر من تلك الشرائط المعقدة التي وضعها له مناطقة الاغريق واقتبسها الفقهاء الذين عاشوا مرحلة ولع الفقه بالتعقيد الفني وولع الفقهاء بالضبط في الاحكام الذي اقتضاه حرصهم على الاستقرار والامن خشية الاضطراب والاختلاف في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/31)
عهود كثرت فيها الفتن وانعدمت ضوابط التشريع الجماعي الذي ينظمه السلطان.
القياس الواسع
ولربما يجدينا ايضا ان نتسع في القياس على الجزئيات لنعتبر الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصدا لنعتبر الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصدا معينا من مقاصد الدين او مصلحة معينة من مصالحه ثم نتوخى ذلك المقصد حينما كان في الظروف والحادثات الجديدة وهذا فقه يقربنا جدا في فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لانه فقه مصالح عامة واسعة لا يلتمس تكييف الواقعات الجزئية تفصيلا فيحكم على الواقعة قياسا على ما يشابهها من واقعة سالفة بل يركب مغزى اتجاهات سيرة الشريعة الاولى ويحاول في ضوء ذلك توجيه الحياة الحاضرة. وكل القياس يستلزم شيئا من تجريد من الظروف المحدودة التي جاءت سباقا ظرفيا للنص مثال ذلك ما روي عن ان رجلا جاء الى رسول الله (ص) فقال هلكت وقعت على امرأة في نهار رمضان… الخ فتلك واقعة لا تكرر بشكلها الكامل ابدا وربما يحدث مثلها لرجل غير الرجل مع امرأته هو ولكنا رغم ذلك نسقط اعتبار الاعيان ونعدي الحكم بين الواقعتين ولربما يطرأ فساد الصوم في رمضان بغير ذلك الاسلوب من أكل او شرب، ونطرح السؤال هل نتجرد ايضا من اعتبار ذلك الاسلوب ونعتمد كل وجوه افساد الصيام ونتسع في تعديه الحكم او لا نفعل؟ يختلف الفقهاء في ذلك وهكذا يتعرض منهجنا القياسي للسعة او الضيق في درجة التجرد من الظروف الاولى تنقيحا لمناط الحكم الجوهري وليس في الاختلاف على ذلك حرج. اما القياس الاجمالي الاوسع او قياس المصالح المرسلة فهو درجة أرقى في البحث عن جوهر مناطات الاحكام اذ نأخذ جملة من أحكام الدين منسوبة الى جملة الواقع الذي تنزل فيه ونستنبط من ذلك مصالح عامة ونرتب علاقاتها من حيث الاولوية والترتيب. وبذلك التصور لمصالح الدين نهتدي الى تنظيم حياتنا بما يوافق الدين. بل يتاح لنا - ملتزمين بتلك المقاصد - ان نوسع صور التدين اضعافا مضاعفة.
الاستصحاب الواسع
وابلغ الاجمال في مقاصد الدين ما تهدى اليه العقيدة من معنى عبادة الله - سبحانه وتعالى - وهو مقصد يجمع جملة النصوص الشرعية فاذا توخيناه حكمنا بان مطلوب الشرع يشمل كل عمل او نشاط بشري يقصد به عبادة الله الا أن نستثني ما نصت الشريعة على انه لا يحقق ذلك المقصد. وعلى درجة ادنى من الاجمال نلقى كليات الشريعة وانماط تنظيمها للحياة العامة وما نجد في ذلكم من هداية واسعة للمصالح ودرجة اعتبارها وقوتها اذا تعارضت في واقع الحياة. وفي هذه الدرجة من اجمال مقاصد الشريعة نتفق مع أصل آخر من أصول الفقه الوساعة وهو الاستصحاب ومعزى الاستصحاب هو ان الدين لم ينزل بتأسيس حياة كلها جديد والغاء الحياة القائمة قبل الدين بأسرها فما كان رسول الله (ص) مثلا يعتبر ان كل الذي كان ساريا من القيم من قبله لغو باطل ينبغي هدمة لتأسيس الدين على قاعدة جديدة مطلقا. بل كان المبدأ المعتمد ان ما تعارف عليه الناس مقبول وانما ينزل الشرع ويتدخل ليصلح ما اعوج من امرهم. فحينما يطلق الكلام في القران عن الامر بالمعروف فهو ما كان سائدا معروفا الا حيث يصححه الدين، وحينما يدعو القران الكريم بالعدل والقسط فهو مراعاة القيم العدلية التي عرفها الانسان واستشعرها الوجدان المخلص مقرونة مع التصويبات والتقويمات التي ترد عليها من تلقاء الشريعة المنزلة.
وهكذا يقال في القسط والخير والظلم والاحسان والاساءة بل في نظم الاسرة وفي الشعائر. فقد كانت الحياة تقوم على كثير من اثارات الحق الذي اورثته الديانات او اهتدت اليه الفطرة البشرية وجاءت الشريعة الخاتمة تحيي ما درس وتقوم ما اعوج وتكمل ما نقص فما جاءت فيه بنص يعتمد المعمول به او يصوبه فالشريعة حاكمة، وما تركته عفوا فهو متروك لما يقدر فيه البشر فيعروفون وينكرون وفقا لما تهدي اليه الفطرة المنفعلة بمعاني الدين المنزل. وفي الكتاب والسنة نصوص مباشرة تدل على قبول قاعدة الاستصحاب تأكيدا للدليل العام الذي تلقيه كما تقدم في استقراء وقع التنزيل مع الحياة السابقة. وحسب قاعدة الاستصحاب الفقهية: الاصل في الاشياء الحل وفي الافعال الاباحة وفي الذمم البراءة من التكليف، وكل ما تطوقه المؤمن يقصد به وجه الله عبادة مقبولة، وكل ما اخذ لمتاع الحياة الدنيا عفو متروك لا له ولا عليه الا ان يرد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/32)
النص فينفي صفة العفاء او الاباحة عن فعل معين واذا جمعنا اصل الاستصحاب مع أصل المصالح المرسلة تتهيأ لنا أصول واسعة لفقه الحياة العامة في الاسلام…
والترتيب النظري هو ان يبدأ المجتهد بالنصوص مستعملاً القواعد الفقهية التفسيرية ثم يتسع في النظر باستعمال هذه الاصول الواسعة من مصلحة واستصحاب. وهذا ترتيب نظري لا بد من تقريره لتستقيم اولويات النظر والتقدير ولكن عملية الاجتهاد في الواقع عملية مركبة، اذ لا ينفك المجتهد وهو يقبل على النصوص من تأثر بالواقع الذي يعيشه بمصالحه وأسبابه وتأثر بالثقافة الفقهيد التي اخذها نقلا عن السالفين ولاينبغي له كذلك ان يقدر المصالح الا منفعلا بتقديرات النصوص ومعاييرها حتى لا يغني اصل عن أصل ولا ينفصم النقل عن العقل ولا الشرع عن الواقع وما يكاد يكون من حكم يتلقاه المجتهد مباشرة من معنى قرآني الا احتاج بعده في كل حال ان يرجع الى واقع السنة التي مثلت تطبيقا واقعيا لهدى القرآن فيزيد الحكم بيانا. ثم يلزم النظر الى واقع التطبيق لان الفهم الذي يتبادر اليك من النصوص نظرا قد تلفيه عند التطبيق مؤديا الى حرج عظيم او محدثا من الآثار ما يأباه نص اخر او مصلحة اخرى مقدرة في الدين، فلا بد من النظر في الاسباب والعواقب والمصالح لا سيما في مجال الاحكام المتعلقة بالحياة العامة حيث لا يغني المنهج التفسيري وحده وحيث التطبيق وما يؤدي اليه تصور اكمل للمصالح والمقاصد امر لازم.
أصول ضوابط للفقه الاجتهادي الشورى والسلطان
وحينما نحيي الاصول الواسعة التي عطلت في الفقه الاسلامي التقليدي تنشأ لنا الحاجة الى ضبط نتائج الاجتهاد فيها. لان سعتها تؤدي الى تبيان المذاهب والآراء والاحكام وأهم الضوابط التي تنظم المجتمع المسلم وتتدارك ذلك التباين هي ان يتولى المسلمون بسلطان جماعتهم تدبير تسوية الخلاف ورده الى الوحدة مما لا يتسير ان ترك امر الاحكام حرا لا يرتهن الا بآراء الفقهاة وفتاواهم. ويتم ذلك التنظيم بالشورى والاجتماع ليتشاور المسلمون في الامور الطارئة في حياتهم العامة فالذي هو اعلم يبصر من هو اقل علما والذي هو أقل علما يلاحق بالمسألة من هو اكثر علما ويدور بين الناس الجدل والنقاش حتى ينتهي في آخر الامر الى حسم القضية: اما بأن يتبلور رأي عام او قرار يجمع عليه المسلمون او يرجحه جمهورهم وسوادهم الاعظم، او تكون مسألة فرعية غير ذات خطر يفوضونها الى سلطانهم وهو من يتولى الامر العام حسب اختصاصه بدءا من أمير المسلمين الى الشرطي والعامل الصغير. ولا بأس مع هذه الضوابط - من اجماع تشريعي او امر حكومي - لا بأس من أن تكون الاصول الفقهية التي تستعمل واسعة جدا او أن تكون الاصول الفقهية التي تستعمل واسعة جدا او ان تكون الفتاوى الفرعية الناشئة عنها مختلفة جدا بل ان كثرة الخيارات المتاحة بشورى المسلمين وغزارة المادة المعروضة تحضيرا لقرارهم امر في مصلحة واضحة.
أهلية الاجتهاد واطاره
والى جانب هذه الاجراءات الرسمية التي تشكل ضمانة لرد اختلاف الرأي وشتاته الى وحدة ونظام تقوم نظم لاهلية التصدي للاجتهاد تكفل تأسيس التفكير الديني على علم واف يضبط الهوى الذاتي ويقرب عناصر الفكر. فالمجتهد الاوثق هو الاتم من غيره احاطة بعلوم الشريعة واللغة والتراث واحاطة كذلك بعلوم الواقع الطبيعي والاجتماعي وهما شعبتا العلم وحيا ونقلا وتجربة وعقلا، ولا تقوم الحياة الدينية الا بهما معا. وتسود بين المسلمين معايير في درجات العلم الاتم ودرجات السيرة الا قوم يستعملونها ليميزوا اهل الفقه من المفكرين ويرتبوا اقدارهم النسبية ليولوهم بناء عليها ما يستحقون من اعتبار عند ترجيح الآراء. وتقدير اهلية الاجتهاد مسألة نسبية واضافية ولكن بعض الكتاب المتنطعين في الضبط والتحفظ يتوهمون انها درجة معينة تميز طبقة المجتهدين من عامة الفقهاء وما الاجتهاد الا وظيفة في استعمال العلم والعقل يتربى عليها المتعلم ويترقى نضوجا ورشدا وتتفاوت فيها الطبقات المفكرين الذين ينبغي ان يعمر بهم المجتمع المسلم. فاذ عنينا بدرجة الاجتهاد مرتبة لها شرائط منضبطة فما من شيء في دنيا العلم من هذا القبيل، وانما أهلية الاجتهاد جملة مرنة من معايير العلم والالتزام تشبع بين المسلمين ليستعملوها في تقويم قادتهم الفكريين. فمن ألفوا لديه علما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/33)
مناسبا وثقوا فيه ثقة مناسبة، ومن رأوا عنده علما كثيرا وصدقا في الالتزام اولوه ثقة كبيرة واتخذوه اماما مقدم الرأي، ومن لاحظوا زهادة علمه او قلة اخلاقه سمعوا قوله واستخفوه او اهملوه. وقد ينظم المجتمع أحيانا ضوابط شكلية مثل الشهادات ليكون حمل شهادة الجامعة مثلا امارة لاهلية بدرجة معينة وحمل الشهادة الاعلى ايذانا باستحقاق ثقة أعلى وهكذا. وربما يترك الامر أمانة للمسلمين ليتخذوا باعرافهم مقاييس تقويم المفكرين.
ومهما تكن المؤهلات الرسمية فجمهور المسلمين هو الحكم وهو أصحاب الشأن في تمييز الذي هو أعلم وأقوم وليس في الدين كنيسة او سلطة رسمية تحتكر الفتوى او تعتبر صاحبة الرأي الفصل فالامة التي لا تجمع على ضلالة هي المستخلفة صاحبة السلطان تضفي الحجة الملزمة على ما تختار من الاراء المتاحة ولكل فرد فيها ان يشارك في تطوير رأي الجماعة بنصيبه من العلم وعليه ان يحصل لنفسه علما خاصا بقدر ما يمكنه من تمييز ما هو معروض في سوق العلم. وان لم يكن للسلطة العامة في المجتمع ان تقنن ذلك فان لها ان تقنن نهضة العلم والفكر بتنظيم وتيسير التأهيل والاجتهاد وتأسيس معاهد للبحث بدلا من ان يترك كل متعلم يحاول التحصيل ويطمع في الاحاطة بكل علوم الشريعة واللغة والعلوم الحديثة لا سيما ان مدى ما ينبغي الاحاطة به من علوم التراث والعصر اصبح معجرا للفذ من العلماء. ولا يستطيع العالم ان يخوض في الاجتهاد دون ان يلم بعلوم الشريعة ولا ان يعبر عن نفسه دون معرفة اللغة وما لم يعرف علوم الاحصاء لايستطيع ترجيح رأي في الطلاق على رأي اخر باستقراء مدى النتائج التي تؤدي اليها فتواه وخطورتها وأثرها على سلامة الامة واستقرارها وعلى سائر مصالح المجتمع. فسيدنا عمر رضي الله عنه لما عرف في كثرة الحلف بالطلاق اثرا معينا على الالتزام والعهد امضى في المسألة حكما غير الذي كان معهودا. وبغير الاقتصاد مثلا لا يتمكن الناظر من تقرير رأيه في الحاجة للنفقات في قوانين الاحوال الشخصية او في مداها فضلا عن الافتاء في الاوضاع والاحكام المالية في الدولة الاسلامية.
وانه لجد عسير على مجتهد او مفكر واحد ان يلم بكل هذه العلوم من تلقاء كسبه الخاص ولا بد للدولة من أن تقيم معاهد للبحوث يتعاون فيها العلماء فيأتي كل واحد متخصص بنصيب من العلم. ولا بد للدولة من الجامعات لتؤهل المتعلمين وترتب الشهادات بما يمكن الناس كما قدمنا من تمييز أهل الفقه ودرجاتهم لاعلى وجه الالزام بل النصح للرأي العام.
التقنين
وعلى الدولة أخيرا حين تصدر الآراة والمذاهب ان تعقد الشورى وتقنن الآراء والاحكام المعتمدة، بل عليها ان تحتاط لذلك التقنين والتدوين تنظيما مسبقا لحياة المجتمع الرشيد واذا كان النمط التقليدي هو ايكال امر تطوير الاحكام للفقهاء الذي ينتظرون الحادثات والمسائل ليستنبطوا لها المعالجات والفتاوى، فشأن المجتمع الرشيد الذي يتخذ لحركته وجهة مقررة ولا يركن الى العفوية والتجريدية ان يخطط نظامه القانوني ما أمكن. والواقع ان المسلمين قديما لما توافر لهم كسب كثير من الفتاوى والفقه أخذوا يرتبون الاحكام في مدونات ليست كتبا فقهية تورد الادلة الشرعية وتعالج وجوه النظر من حواشي الايضاح والاستدلال وتحرر في لغة واضحة تخاطب الافهام بشيء من البرود وهذه المصنفات اشبه شيء عندنا بالمدونات القانونية الحديثة فيها معنى وضوح الاحكام لمن يريد الاطلاع عليها وفيها ما يعيب هذه المدونات الحديثة من تجريد الاحكام فما ينبغي وصلها به من الاسناد الى اصول النصوص وربطها بنظام الشريعة ومقاصدها ووصلها بالعامل الاخلاقي في الدين حافزا ووازعا. فالنشاط الفقهي ينبغي ان يظل حرا مباحا ولكن الامم لابد لها من سلطان عام يرعى تنظيمه وتوظيفه لتوجيه المجتمع وضبط حركته.
الحركة الفقهية من طور التجميد الى التجديد الخوف من الحرية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/34)
ولربما يدقر المرء بعد كل ما قدمنا ان هذا التصور للامور يؤدي الى خطر عظيم. فلو فتحنا حرية الاجتهاد بهذا المعيار النسبي الواسع للاهلية وضممنا الى الاصول التفسيرية المنضبطة اصولا اجتهادية واسعة كالمصالح والاستصحاب فان المذاهب عندنا ستختلف اختلافا بعيدا وقد قدمنا الرد الشافي على ذلك في ايضاح دور سلطان المجتمع في اعتماد الآراء المعقولية ووضعها قانونا ملزما من دون سائر الاجتهادات. والحق ان الحذر من مغبات حرية الاجتهاد متمكن منا بدرجة بالغة. والشاهد على ذلك انك حتى في دوائر الذين يدعمون عموما لفتح باب الاجتهاد تجد من يبلغ به الفزع منتهاه اذ صادف رأيا جديدا لم يقل به قائل من السلف. وكأن المقبول في المجتهد هو فقط ان ينقب حتى يجد في المسألة رأيا قديما يناسب الظروف او حجة جديدة تؤيد رأي امام قديم. أما اذا تجرأ المفكر على توليد رأى جديد او فند الآراء القديمة جملة فذلك يدعو للخوف المبالغ فيه على مصائر الدين وانما جعل الاجتهاد نظاما ثابتا في الحياة الدينية بظروفها المتجددة لتتولد الآراء الجديدة استجابة للتحديات المتقلبة واقدار التاريخ المتحركة. ومهما يكن فانكار الجديد هو سنة اجتماعية معروفة وعن طريقه يعمل المجتمع عملية التوازن بين عناصر الثبات وعناصر الحركة لئلا يجمد المجتمع فيموت ولا يعربد فينحرك كذلك. فانكار المحافظين المتزمتين ظاهرة تتحرك في وجه كل اجتهاد جديد وتنشط بقدر هجمة حملات التجديد. وما دمنا في أوضاعنا الحاضرة نعاني من جمود طويل ومن مخلفات اجتهاد مضيع تركت ثغرة كبيرة في نظام احكامنا الفقهية فاننا نستقبل عندما تتحرك حملة تجديد ضخمة تستدرك ذلك الفوات ونحن بذلك شاهدون بغير شك توازن ردة فعل محافظة تحاصر الجديد وتتهمه وتحمل عليه مثل الحملة التي جابهها ابن تيمية وحركته عندما قام ليجدد أمر الدين بعد جموده بضعة قرون فقط، ويستدعي القيام بتكاليف الاجتهاد في مثل ظروفنا جرأة في الرأي وقوة في البصر على ضغوط المحافظين لا سيما ان التجديد لن يكون محدودا بل واسعا يكاد يشكل ثورة فقهية تصلح الاصول مع الفروع وتسعى لتبدل الاحوال بسرعة الذي تذكر بعد غفلة طويلة.
الاعتدال ام الاقدام
وان يكون الاتزان بين الثبات والتطور حكمة مطلوبة فان مخاطبة المجتمع المسلم الحاضر بمعاني المحافظة والحذر من التغيير بقدر مساو لمخاطبته بدواعي النهضية والحركة انما هو في مثل ظروفنا وضع للامور غير مواضعها وسبب لاضرار بالغ بالمجتمع ودينه. والخطاب المناسب لمجتمع نائم خامد قرونا طويلة ان نبادره بالمنبهات ودواعي الحركة الحرة وان نصيح له ان تيقظ! جاهد! اجتهد! حتى اذا جاد بالحركة وتباركت نهضة لدرجة نخشى عليه فيها الجنوح والفوضى عندئذ يجوز ان ندعوه لما هو الاسلم والاحوط. ولكن المسلمين في عهود الانحطاط ركزوا على معاني المحافظة تركيزا شديدا. فالحياة الدينية في عهود الانحطاط منحسرة دائماً تمرق اطرافها من الدين والارض منحسرة تقع أقاليمها في قبضة دار الكفر ولا مطمع للدعاة حينئذ ان يطالبوا الناس بالاقدام في الحياة والارض بل غاية همهم ان يدعوا الى المحافظة: احفظوا ما بقي من دينكم تورعوا من الشرور المخوفة حاذروا من كل جديد فانه لم يأتي الا ببدعة فالسلامة وراءكم والخطر امامكم وظل هذا الشعار تتوارثه العهود وتدعمه بالتربية المتورعة غير المقدامة التي تذكر بالخوف من الله واتقاء الشبهات والمحارم ولا تشفع ذلك كثيرا بالتذكير بالرجاء والندب الى الصالحات والمبادرات وسن السنن الحميدة. وانك ان أردت للمرء ان يتقهقر حذرا خوفته واذا أردته ان يتقدم رجيته في الله والخوف والرجاء شعبتان من الايمان متكاملتان، ولكن عمل الصالحات العلى يجد دوافعه في رجاء الجنة والرضوان وفي معاني التفاني في حب الله وشكره، بينما يجد النهي عن تعدي حدود الله وازعه في الخشية من غضب الله وناره. واستمع ان شئت لامام خطيب جمعة تجده يحاصر الناس بالتخويف ولا يحفزهم بالرجاء الا قليلا وتجده يذكر التقوى اكثر من الجهاد والورع اكثر من عمل الخير. وأقرأ ان شئت لمتأخرة العلماء تجدهم يؤثرون الاسلم والاحوط والاضبط وهكذا…
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/35)
وهذه الروح في تربيتنا الدينية لا بد من أن تتجاوزها الآن ولا نتواصى اليوم بالمحافظة بل لا ينبغي اطلاق الدعوة الى الاعتدال لاننا لو اعتدلنا نكون قد ظلمنا ولم اقتصدنا نكون قد فرطنا. فالمطلوب ان نتلقى اليوم من حصة الكلام كل منبهة منعشة منشطة وان نشيع من الدين ما يناسب المقام وما يقتضي الحال كالتدبر والاجتهاد والتبليغ والدعوة. واني لا اتخوف على المسلمين كثير من الانفلات بهذه الحرية والنهضة فالحس الاسلامي في تاريخه القديم استقام في وجه كل الابتلاءات والفتن الفكرية التي ابتلاه الله سبحانه وتعالى بها فحاصرها وتجاوزها بل تجده من تلقاء النفس يراعي التحفظات اللازمة. فما كان ثمة من قانون شرعه الله او وضعه سلطان يلزم المسلمين بالاقتصادر على بضعة مذاهب بعينها ولكن هم الذين تراضوا على ذلك عرفا وعفوا بغير أوامر. فالمسلمون - حسب عبرة تاريخهم - يتحلون في أمر تنظيم صفوفهم بوعي لا بأس به حتى ايام كانوا محرومين من نظام الدولة الواعية الراعية، ولا ينقص المسلمين ذلك كما ينقصهم ان دواعي النهضة لم تكن متوافرة. وهكذا استمرت فترتهم بعد النهضة الاولى قرونا طويلة. وقدر التاريخ كله ان الايام تكون دولا وان الله يبتلي الناس فيؤخرهم ليتقدموا استجابة للابتلاء. فاذا انتابتهم دورة فقر وتخلف اقتصادئي فأسعفهم الايمان قالوا لينيروا الارض ويعمروها واذا هضم حقهم او سلبت ارضهم في دورة ذل قاموا ليقبلوا الدورة بجهاد جديد مستنصر بالله.
والمسلمون في جملتهم قد أعقبوا كل نكسة بنهضة وما هبطت حياتهم الدينية في بلد الا تناهضوا وبارك الله لهم في بلد آخر من الحجاز الى الشام الى العراق ومن الشرق الى الغرب والاندلس ومن الشرق في الهند وفي بلاد العرب وفي افريقيا الى القرن الاخير ولكن الخط البياني العام ما ينفك منحدرا منذ زمان الى يومنا هذا. ولا بدن من ان نتعظ بتاريخ نهضتنا المتعثر ونفي بحاجات التحدي الذي يجابهنا اليوم ويكاد يجتاح ذاتيتنا الفكرية والحضارية ولابد من ان نضاعف الاجتهاد لاستكمال تصور ما يقضيه عليها الدين ونضاعف الجهاد لنمكن ذلك التصور في العمل والواقع ولا يمكن لجيلنا ان يتكل على اجتهادات الغير ومجاهداتهم وحدها فقد أدوا واجب الدين فيما يليهم من زمان وظروف وعلينا ان نؤدي ما يلينا ويلزمنا. لذلك ينبغي التركيز في دعوتنا للناس وكلامنا للمسلمين على دواعي الجهاد لا سيما بالنسبة للبلاد التي تجاوزنا فيها مرحلة الدعوة العامة لنظام الاسلام او التي يتمكن فيها الاعتقاد العام بحق الناظم الاسلامي. ففي مرحلة الدعوة الاولى في قرننا كانت أصول الدين الاساسية ذاتها غير مقبولة، وكان المتسلطون على المجتمع ينكرون ان يسود الاسلام على الملوك وعلى البنوك. اما اليوم فاننا نستشرف في مواضع كثيرة عهود تحكيم الاسلام وتنزيليه من تجريد العمومات الى ارض الواقع تفصيلا وتدبيرا ولا غنى لنا اليوم من اجتهاد يكون واسعا وكبيرا جدا كما قدمنا ويغلب كما قدمنا - ايضا - ان يتجه هذا الاجتهاد الى جوانب الحياة العامة التي أهملت من قبل لاننا في أبواب الشعائر مثلا يمكن ان نكتفي بالمادة الفقهية الموجودة بغير حرج كبير ما عدا طريقة التقديم وانما يتجه جهدنا الاكبر لجوانب الحياة العامة ولتطوير الاصول الفقهية التي تناسبها بدءا من الاصول التفسيرية الى الاصول الاجتهادية الواسعة.
التحديات الخارجية والداخلية
ويجابهنا في سبيل النهضة بفقه الدين تحد خارجي وهو اننا في الاستعانة على عبادة الله فكرا واجتهادا بكل ما كسب البشر من علوم قد نقع في اسر الغزو الثقافي فتتغير معاييرنا من حيث لا نشعر وهذا خطأ نبه اليه كثيرون ولا حاجة بي للاستفاضة في بيان مغازيه واننا ايضا نجابه تحديد داخليا من تلقاء مجتمعنا المسلم مما لم ننتبه اليه ونتعلم كيف نعالجه فمجتمعنا يقوم بمفهومات واعراف وصور تقليدية يؤمن انها تمثل الدين ويغار من أدنى مساس بها، وعندما نحاول تجديد التدين وتبديل صورة الحياة الاسلامية الموروثة فمؤكد ان يثور المجتمع التقليدي بتصوراته وأوضاعه وما عهد من مذاهب وطرق اضفى عليها التراث قداسة وأضافها الى جوهر الدين الباقي ولابد من ان نتهيأ لنتعامل مع هذا التحدي كما نتهيأ للتحدي الغريب. فنظام الاسلام التقليدي المتمكن في كثير من البلاد المعروفة يشكل اوضاعا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/36)
اشبه بوضع الكنيسة في المجتمع النصراني. وأمراض التدين كلها تتشابه مع اختلاف الملل كما حذرنا الرسول (ص) حين تكلم عن اتباعنا لسنن من قبلنا والصراعات بين الكنيسة والمجددين معروفة وفيها عبرة لمن أراد ان يتصور مصائر الامور الدينية عندما تنشط حركة التجديد عندنا. ومن توفيق الله ان حفظ للمسلمين اصول شريعتهم ليستظهر بها المجددون الذين تتمثل حركتهم في الرجوع الى المنابع وعدم التقليد للموروث. ومن حسن حظنا في السودان اننا في بلد ضعيف التاريخ والثقافة الاسلامية الموروثة وقد تبدو تلك لاول وهلة نقمة ولعلها ببعض الوجوه نعمة اذ لا تقوم مقاومة شرسة لتقدم الاسلام المتجدد ذلك في مرحلة الانتقال ولكن يلزمنا حتى بعد تمكن المجتمع المسلم نظرا لامكانات الخلاف الواسعة ان نعتصم اعتصاما زائدا بما قدمنا من نظم تجمع الخلاف وترده الى وحدة وأهمها كما قدمنا بسط الشورى والالتزام بها بدقة وانضباط فالجماعة المسلمة بتقى منظمة جدا حيث تكون الشورى فيها سارية سائدة. ولنا أسوة حسنة في عهود نشأة الفقه الاولى حيث كان فقها شوريا على غير ما يتصور الذين ينسبونه للائمة وحدهم فمالك بن انس ما كان يصدر عن نفسه انما كان يجادل بمباحثه ومناظراته في أوساط المجتمع الفقهية وفي سائر مجالات الحياة، ولذلك نجده يتحدث كثيرا عن فقه هو ثمرة اجتهاد جماعي فيذكر عبارات ما لا يعلم فيه خلافا وما أجمع عليه اهل المدينة. وكذلك ابو حنيفة كان يتحرك بفقهه في ندوات الفقه وبين أستاذته وأصحابه المشهورين وكذلك سائر الائمة. ولكن حالت الاحوال وتوقفت الشورى وجمد التفاعل الفكري الحي بين المسلمين وأصبح امر الفقيه مع تلامذته ان هؤلاء يتلقون ولا يباح لهم ان ينقدوا وأن يقوموا ويسهموا فلا بد من ان ترتب الجماعات الاسلامية - حركات او دولا - بطريقة منظمة جدا حتى تدور المشاورة وينعقد الاجماع على كل مسألة قد تطرح خلافا واذا لم نرب المسلمين في عهد الدعوه والحركة على الاجتهاد الحر والخلاف الواسع ثم النزول على حكم الشورى والاجماع التزاما واستسلاما فاننا حين قيام الدولة سنواجه فتنة عظيمة تسلمنا الى الفوضى او الى الجمود حيث تؤثر الامن في الركون الى رأي الفرد الحاكم.
وان حياتنا اليوم لاشد تعقيدا وتركيبا وتقتضينا ان نحكم الشورى بما لم نعهد في واقع اسلامي سابق، وذلك حتى نفتح اوسع الابواب للفكر المنفعل بالدين وحتى نزوده بكل المؤهلات العلمية والخلقية وبسط امكانات البحث والاتصال والمناظرة فيكون اجتهادنا فعالا وشورتنا تامة. ثم لابد من ترتيب نظم القرار الملزم: ما يرجع لجمهور الامة او لممثليهم اهل الحل والعقد. وما يفوض الى الامراء حسب مراتبهم الدستورية والادراية. ولا بد لنا كذلك من تخطيط شامل لنظام الاحكام السلطانية او الدستورية المدون ونظام القوانين المجموعة المتعددة مع اتاحة مجالات مرنة للفقه القضائي والعلمي، ومع نسبة دقيقة بين أحكام الشريعة التي نضعها على الناس قضاء وجزاء على صعيد الدولة وتلك التي نبسطها في المجتمع آدابا مرعية بداعي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج اختصاص السلطان الرسمي، وتلك التي نحيلها على مرافق التربية لانها تلي وجدان المسلم المنفعل بمراقبة الله في ضميره وخلوته.
هذه اشارات عابرة ارتجلتها في سياق الحديث عن تجديد اصول الفقه ونظمه ومشكلات نهضته في الحاضر وأرجو ان يتاح لي مجال اوسع أتناول فقه الاصول ونظمه بمنهج ادق وتحليل أعمق ان شاء الله.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[16 - 05 - 03, 01:25 ص]ـ
أخي البكري: بالنسبة إلى رسالة " التجديد ": كيف يمكن الاطلاع عليها، ومن الذين ناقشوا الرسالة _______________
بارك الله فيك
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[19 - 05 - 03, 02:58 ص]ـ
موقف العصرانيين من الفقه وأصوله
محمد حامد الناصر
بعد أن شكك العصرانيون بحجِّية السنة النبوية راحوا يهاجمون الفقه والفقهاء، ويدعون إلى تطوير أصول الفقه (وخاصة في المعاملات) زاعمين ظاهراً فتح باب الاجتهاد، ولكن ليس هو الاجتهاد كما عرفه الفقهاء استنباطاً من النصوص، وكشفاً وإظهاراً لحكم الله، وإنما هو عندهم اجتهاد لتخطي النص، بل وتخطي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/37)
ولكتَّاب المدرسة العصرانية أقوال عحيبة حول تجديد أصول الفقه مآلها الفصل بين الدين والدولة، ومحاولة تمييع العلوم المعيارية للوصول إلى الفوضى، والتمهيد لتطبيق القوانين الوضعية الغربية تحت مظلة الإسلام.
يقول الدكتور أحمد كمال أبو المجد: "والاجتهاد الذي نحتاج إليه اليوم ليس اجتهاداً في الفروع وحدها، وإنما هو اجتهاد في الأصول" (1).
ودعا الدكتور حسن الترابي إلى تطوير أصول الفقه، للوفاء بحاجات المسلمين المعاصرة فقال: "إن علم الأصول التقليدي لم يعد مناسباً للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء؛ لأنه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها" (2).
ويقول موضحاً فكرته: "إن الفقهاء ما كانوا يعالجون كثيراً من قضايا الحياة العامة، إنما كانوا يجلسون مجالس العلم المعهودة، ولذلك كانت الحياة العامة تدور بعيداً عنهم، والنمط الأشهر في فقه الفقهاء والمجتهدين كان فقه فتاوى فرعية، وإن العلم النقلي الذي كان متاحاً في تلك الفترة كان محدوداً مع عسر في وسائل الاطلاع والبحث والنشر، بينما تزايد المتداول في العلوم العقلية المعاصرة بأقدار عظيمة" (3).
وإنها لدعوى غريبة أن يزعم الدكتور الترابي أن العلم النقلي من نصوص الكتاب والسنة كان محدوداً في زمن نشأة الفقه وازدهاره!
وما البديل لدى الدكتور الترابي؟!
البديل عنده أن يشارك الشعب في الاجتهاد على طريقة دعاة الديمقراطية الغربية!!
يقول: "الاجتهاد مثل الجهاد، وينبغي أن يكون منه لكل مسلم نصيب".
ويضيف: "واتسم فقهنا التقليدي بأنه فقه لا شعبي، وحق الفقه في الإسلام أن يكون فقهاً شعبياً" (1).
ويتابع الدكتور محمد عمارة زملاءه في حملتهم على الفقه والفقهاء ودعوتهم إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه لكل مدعٍ وعامي لا علم له بالكتاب والسنة. ويقول: "إن الاجتهاد يجب أن يخرج وأن نخرج به من ذلك الإطار الضيق الذي عرفه تراثنا الفقهي، والفقهاء ليسوا وحدهم المطالَبين بالاجتهاد؛ بل إن المطالَب به هم علماء الأمة وأهل الخبرة العالية فيها، ومن كل المجالات والتخصصات؛ لأن ميدانه الحقيقي هو أمور الدنيا ونظم معيشتها، وليس إلحاق فروع الدين بأصولها ... " (2).
"فالمجتهد عند عمارة يمكن أن يكون بلا علم بالقرآن والسنة واللغة والأصول؛ لأن مجال المجتهد هو "أمور الدنيا" ولا يشترط لها كل هذا من العلوم الشرعية، وإنما يشترط لها أن يكون المرء "مستنيراً عقلانياً" تقدمياً ثورياً حضارياً؛ فمن جمع هذه الصفات فهو شيخ الإسلام حقاً؛ وقد بنى كلامه على باطل، هو التفريق المزعوم بين الدين والدنيا، وما بُني على باطل فهو باطل" (3).
ومن غرائب الاجتهاد العصراني أن بعضهم دعا إلى صهر المذاهب الفقهية في بوتقة واحدة، وجعلها مستمَداً لا ينضب معينه، وذلك بالتسليم بكل ما قالت به المدارس الفقهية على اختلافها وتناكرها، بغض النظر عن أدلتها، ثم اختزانها في مدونة منسقة الأبواب كمجموعة "جوستينان" وأعْنِي كل ما أعطت المدارس: الإباضية والزيدية والجعفرية والسنية، وذلك بجعل هذه الثروة الفقهية منجماً لكل ما يجدُّ ويحدث" (4).
"وهذه الدعوة التي تطالب بإعادة النظر في التشريع الإسلامي كله دون قيد ليفتح الباب على مصراعيه للقادرين وغير القادرين، ولأصحاب الورع وأصحاب الأهواء، حتى ظهرت الفتاوى التي تبيح الإفطار لأدنى عذر .. وتبيح الربا ـ إلا ربا النسيئة أو أصنافاً معينة ـ وظهرت آراء تحظر تعدد الزوجات وتحذر من الطلاق؛ وبذلك تحوَّل الاجتهاد في آخر الأمر إلى تطوير للشريعة الإسلامية، يهدف إلى مطابقة الحضارة الغربية" (5).
والنتيجة التي يود هؤلاء أن يصلوا إليها من تطوير الشريعة هو تحكيم القوانين الوضعية، وفي ذلك تنفيذ لمخططات أعداء الإسلام، الذين زعموا أن الفقه الإسلامي مأخوذ من الفقه الروماني. وردد هذه المقولة - مقولة المستشرق اليهودي "جولد زيهر" - الدكتور محمد فتحي عثمان نقلاً عن أستاذه السنهوري الذي يقول: "الفقه الإسلامي هو من عمل الفقهاء صنعوه كما صنع فقهاء الرومان وقضاته القانون المدني، وقد صنعوه فقهاً صحيحاً؛ فالصياغة الفقهية، وأساليب التفكير القانوني واضحة فيه وظاهرة" (6).
والغاية من كلام السنهوري وإقرار تلميذه له أن يخضع الفقه الإسلامي لإشراف القانون الوضعي، ويكيِّف نفسه حسبما يقتضيه ذلك الخضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/38)
"وغني عن القول أن كل أصل من الأصول الفقهية ثبتت حجيته بالكتاب والسنة، وقد بيَّن أهل العلم أدلة كلٍ من: الإجماع والقياس والمصلحة وحجية ذلك .. فهي ليست مبتدعة كما يزعم هؤلاء؛ بل هي منهج الاستنباط الشرعي الذي هو من الدين" (1).
إن دعوة العصرانيين هذه ما هي إلا علمانية جديدة تود تسويغ تحكيم القوانين الوضعية في ديار المسلمين، أو للتهوين من شأنها، ومن ثَمَّ مساواتها بأحكام شريعة السماء.
وقد خرج هؤلاء علينا بفقه غريب شاذ يريد تسويغ الواقع المعاصر بانحرافاته، وإليك أخي القارئ نماذج من شذوذات العصرانيين في مسائل الفقه المختلفة.
شذوذات العصرانيين في ميادين الفقه المختلفة:
موقفهم من الحدود:
حاول العصرانيون تسويغ رفضهم لإقامة الحدود الشرعية بحجج واهية كالشفقة على المجرمين، وأن قطع اليد أو الرجم ما هي إلا قسوة ووحشية لا تناسب العصر الحاضر؟!
فالشيخ عبد الله العلايلي مثلاً: يرى أن إقامة الحدود ينبغي أن لا تتم إلا في حال الإصرار، أي: المعاودة تكراراً ومراراً؛ إذ إن آخر الدواء الكي، وبلغ من استهزائه بالحدود الشرعية أن قال: "إن إنزال الحد لا يتفق مع روح القرآن الذي جعل القصاص صيانة للحياة، وإشاعة للأمن العام، وليس لجعل المجتمع مجموعة مشوهين: هذا مقطوع اليد، والآخر مقطوع الرجل، أو مفقوء العين، ومصلوم الأذن، أو مجدوع الأنف".
أما الرجم: فيقول فيه بمذهب الخوارج: "لا رجم في الإسلام كما هو مذهب الخوارج عامة" (2).
لا يقام عليهما الحد إلا أن يكونا معروفيْن بالزنا، وكان من عادتهما وخلقهما؛ فهما بذلك يستحقان الجلد (3).
ولحسين أحمد أمين فتوى عجيبة في حد السرقة عندما يقول: "لقد كان الاعتداء على الساري في الصحراء بسرقة ناقته بما تحمل من ماء وغذاء وخيمة وسلاح في مصافِّ قتله، لذلك كان من المهم للغاية أن تقرر الشريعة عقوبة جازمة رادعة لجريمة السرقة في مثل هذا المجتمع" (4).
إباحة الربا في البنوك:
وقد بدأ ذلك الاجتهاد الشيخ محمد عبده، وتابعه في ذلك تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا، وكانت الحجة هي الحفاظ على اقتصاد البلاد. والربا المحرم عند هؤلاء هو الربح المركب، أي الذي يكون أضعافاً مضاعفة (5).
وممن قال بذلك من المعاصرين: الشيخ عبد الله العلايلي، وهو يكرر ما قاله أسلافه، يقول: "ما دام المصرف لا يزيد على أنه مقر سمسرة بتقاسم المردود مشاركةً مع من أسلم إليه مالاً، مفوضاً إياه ليعمل به حيث قضت خبرته، ولا قائل بحرمة عمولة السمسار!! (6).
فحرمة الربا واضحة، ونصوصه قطعية في الكتاب والسنة، وتحريم السرقة في الكتاب والسنة، وطُبِّق الرجم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ ولذلك فمن فضول القول أن نناقش الفتاوى السابقة؛ لأنها واضحة الضلال والانحراف، وخارجة عن إجماع فقهاء الأمة خلال عصورها المفضلة.
يقول الشيخ محمد الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في هذه الفتاوى المنحرفة: "أما النظام الوضعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض كدعوى تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، وأن الرجم والقطع ونحوها أعمال وحشية لا يسوغ فِعْلها بالإنسان ... إلخ" (1).
ويكفي أن نعلم أن الأمم عندما ألغت القصاص شاعت فيها الجرائم، وضجت المحاكم وابتليت المجتمعات، فشاعت الفوضى ونضب معين الأمن.
موقفهم من قضية المرأة:
اهتم العصرانيون بقضية ما يسمى بتحرير المرأة وإعطائها حقوقاً سياسية كالمرأة الغربية، ودعوا إلى الثورة على الحجاب وتعدد الزوجات وإباحة الطلاق؛ لقد أكمل هؤلاء المؤامرة على المرأة المسلمة التي قادتها الحركة النسائية بعد قاسم أمين وأعوانه.
لقد اعتبر العصرانيون مسألة تعدد الزوجات ـ التي شرعها الله ـ من سمات عصر الإقطاع. يقول محمد عمارة: "إن تعدد الزوجات، وتتابع الزواج واتخاذ السراري والجواري من سمات عصر الإقطاع والدولة الإقطاعية" (2).
ويرى هؤلاء أن الحجاب الشرعي قيد يجب التخلص منه، ثم راحوا يسوِّغون الاختلاط بين الرجال والنساء بعد أن زينوا للمرأة الخروج من بيتها وحصنها الأمين.
فالدكتور محمد عمارة يرفض أن تعود المرأة مكبلة بحجابها ويؤكد "أن جذور هذه القضية ترتبط بالتمدن والتحضر والاستنارة أكثر مما هي مرتبطة بالدين" (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/39)
وهذا حسين أحمد أمين يقرر أن الحجاب "وهمٌ صنعه الفرس والأتراك، وليس في القرآن نص يحرم سفور المرأة أو يعاقب عليه" (4).
والدكتور الترابي يقصر الحجاب على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقط. والاختلاط مباح في عرف العصرانيين؛ إذ "ليست الحياة العامة مسرحاً للرجال وحدهم، ولا عزل بين الرجال والنساء في مجال جامع".
"وتجوز المصافحة العفوية التي يجري بها العرف في جو طاهر وذلك عند السلام ـ كما يزعم" (5).
وفي ذلك مخالفة لأحاديث صحيحة وصريحة؛ فقد جاء في الحديث الشريف عن أميمة بنت رقيقة قالت: "جئت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه، فقال لنا: "فيما استطعتن وأطعتن؛ إني لا أصافح النساء" (6).
ويرى الترابي كذلك أن للمرأة أن تسقبل ضيوف الأسرة وتحدثهم وتخدمهم وتأكل معهم" (7).
ويدعو الدكتور محمد فتحي عثمان إلى ما يسميه الاختلاط المأمون؛ لأن المجتمع الذي يلتقي فيه الرجال والنساء في ظروف طبيعية هادئة، لن يغدو مثلُ هذا اللقاء قارعة تثير الأعصاب؛ إذ سيألف الرجل رؤية المرأة ومحادثتها، وستألف المرأة بدورها الرجل، وتتجمع لدى الجنسين خبرات وحصانات وتجارب (8).
وواقع المرأة المزري في ديار الغرب مما ينقض هذا الرأي.
ودعا العصرانيون إلى مشاركة المرأة في السياسة والقانون والتجارة والاقتصاد بلا قيود، ويرون جواز مشاركتها في الانتخابات والمجالس النيابية؛ بل ويرى بعضهم ولاية المرأة للقضاء، وحتى الولاية العامة جائزة عند العصرانيين بإطلاق (1).
إلغاء أحكام أهل الذمة:
لقد أكثر العصرانيون من الحديث حول حقوق أهل الذمة وزعموا أن أحكام أهل الذمة كانت لظروف خلت وأن تطور العصر يرفضها، وممن تصدى لهذه المسألة وخصّص لها كتاباً: فهمي هويدي بعنوان: "مواطنون لا ذميون" نقتطف منه بعض آرائه؛ حيث يقول: "أليس غريباً أن يجيز الفقهاء أن يفرض المسلمون الحرب دفاعاً عن أهل ذمتهم، ثم يحجب البعض عن هؤلاء حق التصويت في انتخابات مجلس الشورى مثلاً؟ " ثم يقول: "أما تعبير أهل الذمة فلا نرى وجهاً للالتزام به إزاء متغيرات حدثت. وإذا كان التعبير قد استخدم في الأحاديث النبوية فإن استخدامه كان من قبيل الوصف، وليس التعريف، ويبقى هذا الوصف تاريخياً لا يشترط الإصرار عليه دائماً" (2) فالكاتب يحاول إلغاء الأحكام بلا دليل، وكأن الاجتهاد في الإسلام تحوَّل إلى لعب أطفال وأوهام مبتدعة، وأمزجة منحرفة.
وفي فصل "الجزية التي كانت" يقول: "ومن غرائب ما قيل في هذا الصدد تعريف ابن القيم للجزية بأنها هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار إذلالاً وصغاراً، وأن هذا يتنافى مع روح الإسلام، ودعوته للمسامحة بين الناس جميعاً: إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (3).
لقد حكمت الشريعة الإسلامية بضعة عشر قرناً من عمرها، لم يعرف في التاريخ عدلاً وإنصافاً ورحمة بأقليات دينية كما عرفت في تلك القرون تحت مظلة الشريعة، بل كانت الطوائف تفر من بطش أبناء دينها لتنعم بالأمن في ظل عدل الإسلام وإنصاف المسلمين، إلا أنها التبعية والتزلف الذي تناسى أصحابه أحقاد اليهود والنصارى التي ما زالت والغة في دماء المسلمين.
ولكن: يا ليت قومي يعلمون!
حقيقة العصرانية: علمانية جديدة:
لاحظنا فيما سبق من حلقات أن العصرانيين يلحُّون على تطوير الشريعة محاولين التسلل نحو تحكيم القوانين الوضعية "وخاصة في قضايا المعاملات وسياسة الحكم، وشؤون المجتمع".
وزعموا أن القوانين الوضعية لا تخالف الشريعة الإسلامية، كما دعوا إلى التوفيق بين الشريعة وتلك القوانين، أي أنهم دعوا إلى الفصل بين الدين والدولة، وهذه هي العلمانية بأجلى مظاهرها.
فالعلمانية مصطلح غربي يعني إقامة الحياة على غير الدين على مستوى الفرد والأمة، وقد ساد هذا المذهب أوروبا رد فعلٍ على تسلط الكنيسة ومبادئها المحرَّفة إثر صراع دام بين الكنيسة والعلم.
والعلمانية فكرة مستوردة بعيدة عن مناهجنا وتراثنا وهي تعني ـ بداهة ـ: الحكم بغير ما أنزل الله، وهذا هو معنى قيام الحياة على غير الدين، وهي نظام جاهلي بعيد عن دائرة الإسلام، قال ـ تعالى ـ: من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون {المائدة: 44}.
وقد سلك العصرانيون لتحقيق هدفهم هذا سبلاً متعددة منها:
1 - محاولاتهم الجادة لتنحية الشريعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/40)
لقد هاجم العصرانيون الفقه والفقهاء، وشككوا في حجية السنة النبوية، واتفقوا ـ باسم الاستنارة ـ على ضرورة تجديد الإسلام ذاته، بمعنى تعديل أحكامه وتشريعاته أو اقتلاعها من الجذور.
فالدكتور محمد أحمد خلف الله: "يرى ضرورة انعتاق الأحكام من إسار الشريعة إلى بحبوحة القوانين الوضعية، وأن خروج المعاملات من نطاق الشرع إلى نطاق القانون قد حقق لها ألواناً من الحرية والانطلاق، لم يكن لهم بها عهد من قبل" (1).
"وهو يعجب من الجامدين الذين يتمسكون بتلك المعايير البالية لمجرد أنها وردت في القرآن والسنة" (2).
ويعتبر الدكتور محمد عمارة أن الشريعة ما عادت تلائم قضايا العصر فيقول: "إن أحداً لن يستطيع الزعم بأن الشريعة يمكن أن تثبت عند ما يقرره نبي لعصره" (3).
ويدعو كذلك إلى مدنيَّة السلطة، وجعل حق التشريع في يد جمهور الأمة عندما يقول: "فأصحاب السلطة الدينية قد احتقروا جمهور الأمة عندما سلبوها حقها في التشريع وسلطاتها في الحكم" على حين قرر القائلون بمدنيَّة السلطة "أن الثقة كل الثقة بمجموع الأمة؛ بل جعلوها معصومة من الخطأ والضلال" (4).
أما الدكتور أحمد كمال أبو المجد "فهو يتعجب ويتأفف من هؤلاء المسرفين الذين يرون ضرورة إسقاط القوانين الوضعية، ومن ثم يدعو إلى زلزلة قواعد الشريعة؛ حيث لا يُقتصر الاجتهاد على الفروع فحسب، بل والأصول أيضاً" (5).
إن الأقوال السابقة تدعو صراحة إلى إسقاط الأحكام الشرعية. والشريعة الإلهية هي حكم الله، والقانون الوضعي حكم جاهلي كله سفه ونقص وعجز وقصور.
والشريعة الإلهية فصّلها الله الذي خلق الإنسان، وهو أعلم به؛ فهي ثابتة باقية إلى يوم القيامة، أما القانون الوضعي فهو صناعة بشرية من أناس يتصفون بالعجز والنقص والتحريف، وتتحكم فيهم الشهوات (6).
إلا أنها التبعية عند العصرانيين الجدد الذين يرون التقدم في القوانين الأجنبية منذ أقدم العصور، يقول محمد فتحي عثمان: "وعلينا ألا نتنكر لأنظمة مرت بمراحل تقدمية كبرى في الفكر والتطبيق، قبل أن نتطور بثروتنا الفقهية التي تكدس عليها غبار القرون من التعطيل والتجميد" (7).
ولنا أن نتساءل عن هذه المراحل التقدمية؟!!
يقرر البحث العلمي أن مراحل القانون الوضعي تبدأ بقانون "حمورابي" وقانون "مانو" وقانون "أثينا" والقانون "الروماني" والقانون "الكنسي الأوروبي" مأخوذ من القانون الروماني ومما شرعه الرهبان، ثم قانون نابليون، وهذه هي المراحل التقدمية الكبرى في الفكر والتطبيق عند المؤلف (8).
يقول ـ تعالى ـ: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون {المائدة: 50}.
2 - تأييد سقوط الخلافة:
لقد تكالب الأعداء على إسقاط الخلافة، وكان من أهم شروط اتفاقية (سايكس ـ بيكو) 1915م، أن اشترط الحلفاء "إلغاء نظام الخلافة وطرد السلطان العثماني خارج الحدود، ومصادرة أمواله، ثم إعلان علمانية الدولة" (1).
وهاجم العصرانيون نظام الخلافة متبعين في ذلك كبيرهم الشيخ علي عبد الرازق، صاحب كتاب: (الإسلام وأصول الحكم) الذي وصف الخلافة بأنها "خطط دنيوية صرفة لا شأن للدين بها، وليس لنا حاجة إليها في أمور ديننا ولا دنيانا، ولو شئت لقلنا أكبر من ذلك؛ فإنما كانت الخلافة، ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين وينبوع شر وفساد" (2) ـ وهو يستعير في عرضه هذا آراء المستشرقين من قساوسة صليبيين ويهود حاقدين ـ وأن الإسلام دين لا دولة، وكان التوقيت لصدور كتابه هذا خبيثاً؛ ذلك أنه أصدره عام (1925م) لإجهاض محاولات إحياء الخلافة آنذاك بعد إلغائها على يد كمال أتاتورك (3).
ويقول محمد أحمد خلف الله: "والفكر السياسي في نظام الحكم هو فكر بشري خالص، وتستطيع المؤسسات العلمية من أمثال كليات العلوم السياسية أن تجتهد فيه" (4).
ويرى محمد فتحي عثمان "أن الخلافة الإسلامية كانت صورة تاريخية، ولم تعش طويلاً، فعلى المسلمين ألا يفكروا فيها مرة أخرى" (5).
ويقول محمد عمارة: "لم تكن الدولة هدفاً من أهداف الوحي، ولا مهمة من مهام النبوة والرسالة، ولا ركناً من أركان الدين وإنما اقتضتها ضرورة حماية الدعوة الجديدة" (6)، "إن موقف الإسلام في مجال السياسة والدولة ينكر وجود سلطة دينية لبشر خارج نطاق الموعظة والإرشاد، ولم يحدد نطاقاً معيناً للحكم" (7).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/41)
وهذه آراء علي عبد الرازق وسادته من المستشرقين الحاقدين نفسها.
لقد كان منصب الخلافة شوكة في حلوق أعداء الإسلام، وهدفاً طالما تحالفوا لإسقاطه، وتمزيق ديار المسلمين، وها هم تلامذة اليهود والنصارى ينادون بما خطط لهم سادتهم، والويل والصَّغار للمرْجفين.
3 - دعوتهم الصريحة إلى علمانية الحكم:
يصرح بعض العصرانيين بحقيقة دعوتهم في الحكم وفصل الشريعة عن قضايا المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويدعون إلى علمانية مصبوغة بمفهومهم عن الإسلام.
فالدكتور حسن حنفي يرى أن العلمانية هي أساس الوحي ويقول: "العلمانية هي أساس الوحي؛ فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ" (8).
ويقول الدكتور محمد عمارة: "أما إسلامنا فهو علماني، ومن ثم فإن مصطلح العلمانية لا يمثل عدواناً على ديننا، بل على العكس يمثل العودة بديننا إلى موقفه الأصيل" ويقول: "فالسياسة والحكم والقضاء وشؤون المجتمع ليست ديناً وشرعاً يجب فيها التأسي والاهتداء بما في السنة من وقائع؛ لأنها عالجت مصالح هي بالضرورة متطورة ومتغيرة" (9).
إذا لم تكن العلمانية هي ما يقوله العصرانيون فماذا ستكون؟! فهم بفصلهم الدين عن شؤون الدولة والحياة، يدعون إلى علمانية قد يسمونها إسلامية، ولكنها في الحقيقة أشد بعداً عن الدين من العلمانية اللادينية؛ لأن هؤلاء يخدعون العامة باسم الإسلام، وتحت أسماء: "المفكر الإسلامي، الداعية الإسلامي، العقلاني المستنير".
ويريد هؤلاء الكتاب حكماً علمانياً، وفي أحسن أحواله ديمقراطياً برلمانياً على طريقة الغرب في أن يكون للأمة حق التشريع. رغم أن واقع الديمقراطية الغربية يشهد بإفلاس شعاراتها عند التطبيق، كما يريد بعضهم حكماً اشتراكياً يسارياً، باسم اشتراكية الإسلام أو اليسار الإسلامي (1).
ويقول محمد فتحي عثمان: "واليسار المسلم يتمسك بالديمقراطية؛ إذ هي حكم الله في المصالح والعلاقات الإنسانية؛ حيث لا يكون النص الإلهي الملزم القاطع" (2).
والحقيقة: "أن الفاصل بين العصرانيين والعلمانيين ـ إن وجد ـ دقيق جداً، وكأنهما وجهان لعملة واحدة، واسمان لمسمى واحد. وقد استفاد العصرانيون مما واجهه العلمانيون من استنكار، فراحوا يغيرون ويبدلون في المسميات، ويبحثون عن الشبه والزلات، ليلبسوا العلمانية ثوباً إسلامياً مزوراً، ويضفوا عليها صفة الشرعية، ويتمكنوا من التمويه على العوام، والتلبيس على أهل الإسلام ولو إلى حين" (3).
إن تنحية الشريعة عن شؤون الحياة من أخطر وأبرز مظاهر الانحراف في مجتمعات المسلمين الحديثة؛ وإلاَّ؛ فما الفرق بين قول قريش في جاهليتها: يا محمد! اعبد آلهتنا سنة ونعبد آلهتك سنة، وبين قول العلمانيين ـ لفظاً أو واقعاً ـ: نعبد الله في المسجد، ونطيع غيره في المتجر أو البرلمان أو الجامعة؟!
وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ: "إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين" وقال ـ رحمه الله ـ: "من اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع، إما مطلقاً أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال، فلا ريب أنه كفر" (4). وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (منهاج السنة): "ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر؛ فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر".
ومن الخطأ أن تنقل تجربة غريبة هجينة في التصور والاعتقاد إلى ديار المسلمين.
"إن الغلطة من الأصل هي محاولة وضع الإسلام وتطبيقاته على ميزان التجربة الأوروبية، واستخدام المصطلحات الغربية ذات الدلالات المحلية البحتة، كأنها اصطلاحات عالمية تصلح للتطبيق على أي شيء، وفي أي مكان، دون النظر إلى الفروق الجوهرية بين الاصطلاحات التي وضعها البشر في ظروف معينة، والمصطلحات التي أنزلها الله لتحكم الحياة، أو اجتهد المجتهدون بها، وهم ملتزمون بما أنزل الله" (5).
ولقد تميزت العصرانية بتبني الآراء الشاذة، والأقوال الضعيفة، واتخاذها أصولاً كلية الهدف منها عند أصحابها هدم القديم أكثر من بناء أي جديد؛ إذ دأبوا على محاولاتهم لتطويع الإسلام بكل وسائل التحريف والتأويل كي يساير الحضارة الغربية فكراً وتطبيقاً، ومن أجل ذلك دعوا إلى التقريب بين الأديان والمذاهب، وهوَّنوا من أمر الجهاد وقصروه على جهاد الدفاع فقط، ولكن الله غالب على أمره، والعاقبة للمتقين.
مجلة البيان عدد 146
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 - 05 - 03, 01:39 ص]ـ
أخي أبا حاتم وفقه الله،
كنت وعدتكم بأن أقوم بنقل بعض ما احتوت عليه رسالة الدكتوراه (محاولات التجديد في أصول الفقه ودعواته – دراسة وتقومياً) للدكتور هزاع بن عبدالله الحوالي.
وقد قمت فعلاً بتصوير المطلوب بعد ذلك بيومين فقط. ثم وضعهتا أمامي منذ ذلك التاريخ إلى الآن، ولم أستطع أن أقوم بذلك إلى الآن، لانشغالي بملتقى أهل التفسير فسامحني وفقك الله.
فلو بعثت لي برقم فاكسك مثلاً لبعثتها إليك مباشرة. وأعتذر لك. وفقك الله. ولعلك أنت بدورك تقوم بتلخيصها للإخوة المشاركين ففيها كلام نفيس، ونتائج جديرة بالعناية.
وبالنسبة لسؤال الأخ النجدي عن المناقشين للرسالة فعلى حد علمي أن الذي أشرف على الرسالة هو الدكتور الكريم أحمد سير مباركي محقق كتاب العدة لأبي يعلى.
وناقش الرسالة كل من الدكتور يعقوب الباحسين من كلية الشريعة في الرياض.
والدكتور حمزة الفعر من جامعة أم القرى.
ويمكن الاطلاع على الرسالة في مكتبة قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض. وربما لا يأذنون لغير أعضاء هيئة التدريس بدخولها حسب ما رأيت منهم، وقد بلغني الأخ سعد الله الحوالي أخو الشيخ سفر وقريب الدكتور هزاع أنه سيطبعها هزاع قريباً أو أنها طبعت وستكون في المكتبات قريباً.
وفقكم الله جميعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/42)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[20 - 05 - 03, 02:51 م]ـ
المبحث المقاصدي وتجديد أصول الفقه
إبراهيم الكيلاني
باحث تونسي
لا يماري أحد في أن المبحث المقاصدي، كان جزءاً من المباحث المتعلقة بأصول الفقه، بل قسماً من أقسامه. ويمكن القول أنه إلى اليوم لم يستقل بعد عنه، على رغم دعوة الاستقلالية التي رفع لوائها الإمام ابن عاشور بداية القرن العشرين. ولكن لا تزال المقاربات في هذا المضمار متواضعة. وفي تقديرنا قد توزعت الدراسات في المبحث المقاصدي إلى وجهات أبرزها:
1 - «جعل المقاصد قسماً متميزاً من أصول الفقه ينضاف إلى الأقسام الأخرى».
2 - «إنشاء صياغة جديدة لأصول الفقه ينتقل بمقتضاها هذا العلم إلى مزيد من الإحكام المنهجي والاشتمال المضموني».
3 - انفراد المقاصد عن أصول الفقه لتكوّن علماً جديداً ينبني على القطيعات وحدها ..
ومما تقدم يتضحُ بأن الفكرة الأساسية التي تنطلق منها جميع تلك وجهات النظر هي الإشارة إلى ضرورة إعادة كتابة علم أصول الفقه، وأن المنهجية الأصولية في صياغتها الحالية بحاجة إلى التجديد لتكون قادرة على الاستجابة للتحديات التي تفرضها التغيرات الكبرى المنجزة التي تجتاح العالم اليوم في مختلف مناحي الحياة، مع التأكيد دوماً على أن أصول الفقه «يعد بحق علماً أنشأته الحضارة الإسلامية إنشاء» دون إنكار التداخل فيه بنوعيه: الداخلي والخارجي.
ومبررات دعوة التجديد في علم أصول الفقه كما يطرحها دعاتها يمكن إجمالها في:
1 - دخول الظني في مسائل أصول الفقه الأمر الذي تعذّر معه أن يكون «منتهى ينتهي إلى حكمه المختلفون في الفقه».
2 - الغالب في أصول الفقه البحث في منهج الفهم دون منهج التطبيق للنص.
3 - العلاقة الوثيقة بين التجديد في الفقه والتجديد في أصول الفقه.
4 - التجديد في أصول الفقه دعامة ضرورية لإزالة الفجوة بين الإسلام والعالم، إذ هيمن الإسلام التاريخي على إسلام النص.
هذا وقد أكدت جميع الدراسات الداعية إلى التجديد الأصولي، إلى أهمية المبحث المقاصدي بل أن أحد الأسباب الجوهرية لضعف أصول الفقه يعود إلى «الغفلة عن مقاصد الشريعة فلم يدونوها في الأصول إنما أثبتوا شيئاً قليلاً في مسالك العلة مثل مبحث المناسبة والإخالة والمصلحة المرسلة وكان الأولى أن تكون الأصل الأول للأصول لأن بها يرتفع خلاف كبير». لذلك وكما أشرنا في المقدمة أن إعادة الاعتبار إلى المقاصد يعد الخطوة الأساسية الأولى في عملية التجديد الفقهي والأصولي.
إلى هنا انتهى ما يتعلق بهذا الموضوع.
بقية البحث في مقاصد الشريعة.
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[20 - 05 - 03, 10:53 م]ـ
بحث قيم واختيار موفق فجزاك الله خيرا أخي أبو حاتم
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[21 - 05 - 03, 03:33 ص]ـ
موضوع أصول الفقه وتجديده موضوعٌ يطول فيه الحديث، أو لنقل: "يطول فيه الهمّ"، فالحديث ذو شجون، وأتمنَّى لو يُدْلي أهل الاختصاص بدلوهم فيه، لأنَّ الأمر قد طال عليه الأمد، ووجب أن يقف له أحد، أو آحادَ العلماء والمختصِّين، ولا أعني علماء الشريعة فقط، بل كلُّ من يمكن أن يفيد ويساعد في ذلك، مثل أهل الاختصاص في اللغة والقانون والإدارة والاجتماع، ولا بأس من استدعاء من له علاقةٌ في بعض الجوانب من المختصِّين من التخصُّصات الأخرى، بحيث يحضرون حين الحاجة إليهم.
فلو عقد هؤلاء جلساتٍ متعدِّدة للنظر في مسألة الأصول، وتحديد الرؤية وجوانب التعامل معه، ووضع ضوابط التجديد وحدوده، والنظر إليه من خلال واقعنا المعاصر بكلِّ تفصيلاته وتداعياته واشتباكاته، ثمَّ العمل على صياغة تصوُّرٍ ومذكِّرة عمل، ثمَّ إيكالها إلى مجموعةٍ من المختصِّين ليحرِّروا منها صياغةً جديدةً لعلم الأصول، تحت إشراف عددٍ ممَّن شاركوا في وضع الرؤية والضوابط.
أتمنَّى لو تبنَّت إحدى الهيئات أو الجهات الأمر، وهيَّأت له الظروف والاحتياجات، كي نخدم أمَّتنا حقّا، ونقدِّم لها ما تحتاجه بالفعل.
ـ[كرم]ــــــــ[21 - 05 - 03, 04:10 ص]ـ
عنوان الرسالة محاولات التجديد في أصول الفقه دراسة وتقويم
دكتوراه عام 1413هـ من جامعة الإمام باشراف احمد سير المباركي ومناقشة يعقوب الباحسين وحمزة الفعر
واحب ان أخبركم عن قصتي مع هذه الرسالة
انا من المتابعين لهذا الموضوع كثيرا وقد جمعت فيه الشيي الكثير ولله الحمد وما أن اطلعت على عنوان هذه الرسالة إلا واشتاقت نفسي الى قراتها فسافرت إلى الرياض خصيصا لها حتى اطلع عليها ولا اريد أن اذكر المتاعب التى واجهتني حتى اطلع عليها ولكن وفقني الله بعد عناء من الاطلاع على الرسالة
فوجدتها متميزة في بابها والحق يقال انه من أروع الرسائل وسوف استحضر في ذهني ملخص الرسالة وانشره غداً باذن الله تعالى
علما باني بعد البحث الطويل على عنوان الشيخ هزاع الحوالي (وهو ابن عم الشيخ سفر الحوالي وهو مثله من العباقرة) واخيراً وجدته وإن رغبتم أن اذكره لكم حتى يتم الاتصال عليه وحثه على طباعتها فانه لاماتع لدي وعنوانه في موريتانيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/43)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[22 - 05 - 03, 01:21 م]ـ
شكر الله للاخ / كرم هذه المداخلة ونطلب منه اثراء الموضوع بما جمعه من مادة ..
-------------------------------------------------------------
من التنظير إلى التطبيق
ضمن بحث للباحث السوري
عبد الرحمن حللي
الغالب على مقاربات التجديد جنوحها إلى التنظير والحديث عن الإشكاليات والأزمات، وقلما اتجهت إلى معالجة تطبيقية لما تم استشرافه من منهج للإبداع، وربما يعود ذلك إلى نقص وخلل في الجانب النظري؛ إما بسبب عدم الوضوح أو النقص في الرؤية إلى الأبعاد ذات الصلة بالموضوع.
والتنظير بحد ذاته يكتنف العديد من المشاكل والتعقيدات الداخلية تنبع من تداخل العلوم والمعارف الفاعلة في بناء المنهج، لا سيما علوم العصر التي تفرض نفسها وهي بحد ذاتها متناقضة ومتضاربة، فإذا أضيف إلى ذلك قطيعة بين هذه المعارف ومعظم المهتمين بالفكر الإسلامي ندرك الأسباب في تعثر بناء المنهج، وهذه المشكلة قديمة في الفكر الإسلامي، ترتبط بتداخل العلوم، لكنها كانت أقل حدة في القرون السابقة بفضل تمكن العديد من العلماء آنذاك من علوم وفلسفات عصرهم.
يضاف إلى الأسباب السابقة ظاهرة يمكن ملاحظتها هي النزوع للتنظير من أجل التنظير، والإيغال فيه بالمفاهيم والمصطلحات المنحوتة والمفتعلة من أجل أغراض نفسية أكثر منها معرفية، وهذا ما يحول دون وصول المنهج إلى الباحثين عنه وبقائه في إطاره النظري، وهذه ظاهرة يشكو منها العديد من قراء هذه المناهج، مما جعل القارئ بحاجة إلى قاموس خاص لكل مشروع حتى يتمكن من اتخاذ موقف منه، ولا نرى مبرراً لهذا التعقيد، لأن المعلومة القابلة للتطبيق هي الأقدر على الوصول إلى أكبر شريحة من المثقفين، ولئن كان الغموض لازمة لبعض الكتاب فينبغي أن يُجعَل الوضوح استراتيجية في الكتابة.
ومن العوامل المؤثرة في الغموض أن بناء المنهج يتم معزولاً عن ميدان التطبيق والتجريب، ويتم الإيغال في التنظير قبل سبر عمق فاعليته من خلال التجربة العملية، ونرى أن التطبيق ينبغي أن يسير رديفاً لبناء المنهج.
وما ذكرناه لا ينفي وجود بعض الدراسات العملية التي حاولت تطبيق ما ارتأته من منهج للتجديد لكنها قليلة جداً بالمقارنة مع ما هو موجود من تنظيرات في المنهج.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 - 05 - 03, 05:17 م]ـ
أخي أبا حاتم وفقه الله
بقية الإخوة
يبدو أن أحداً لم يقرأ ما كتبته!!!
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[23 - 05 - 03, 10:16 م]ـ
أبو عبدالله البكري .. راجع صندوق الرسائل الخاص بك.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[13 - 10 - 03, 11:11 ص]ـ
تجديد الفقه بين القبول والرفض
بقلم: الدكتور عبد العظيم إبراهيم المطعني
الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع الفقه الإسلامي
في هذا العصر طفا على سطح الفكر الإسلامي المعاصر مصطلح حديث هو: تجديد الفقه الإسلامي، وبعضهم يغالي ويشتط، ويدعو إلى "إلغاء الفقه القديم" ثم العمل على استحداث فقه جديد، يحل محل الفقه القديم، وهذه الدعوة، أو "الدعوى" محفوفة بالمخاطر، وعلى كثرة الأخذ والرد فيها، فإن أوراقها غير مرتبة، وهي في الواقع - أعني الدعوة إلى تجديد الفقه- ما تزال حبرا على ورق، ومن حاول من دعاتها الاجتهاد أتى بكلام يثير السخرية مما أتى به؛ لأن لدينا محاذير كثيرة يجب ألا نتورط فيها، وضوابط عديدة ينبغي أن نضعها في الاعتبار ونحن ندعو إلى إعادة النظر في ثروتنا الفقهية، التي تزخر بها المكتبات الإسلامية، ودور العلم الجامعي وغير الجامعي.
ونحن مع من يدعو إلى الاجتهاد وترك التحجر والجمود، ومع هذا فيحسن القول أولا في عرض الأسس الآتية لمعرفة ما يجوز الاجتهاد فيه وما لا يجوز:
أدلة الأحكام
أدلة الأحكام هي المصادر والأصول التي تؤخذ عنها الأحكام الفقهية المتعلقة بأفعال المكلفين، وهي - كما هو معروف - نوعان:
1. الأول: أدلة أحكام متفق عليها بين جميع فقهاء الأمة، وهي أربعة أدلة:
1. الكتاب، وهو القرآن الحكيم، وهو أصل الأدلة بلا خلاف، فينبغي الرجوع إليه قبل غيره، وتقديمه على ما سواه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/44)
2. السنة النبوية الشريفة، وتأتي بعد الكتاب العزيز في المرتبة، وتقدم متى صح سندها وسلم متنها من القوادح على ما عداها من الأحكام، والأصل في هذا قول الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، ومتى وجد الحكم المطلوب في الكتاب، أو في السنة أو فيهما معا وجب الوقوف عنده، والعمل به.
3. القياس، وهو دليل عظيم النفع، وبه صلحت الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان، واستوعبت أحكام كل المستجدات في كل عصر، وما يزال القياس يسعفنا في استنباط الأحكام لكل الوقائع والمعاملات، التي جدّت، وتجدّ في العصور المتلاحقة، لأن كتاب الله وسنة رسوله لم ينص فيهما على كل الأحكام نصا صريحا محددا، والوحي والحديث النبوي توقفا بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس معنى هذا التوقف تجمد الشريعة عند حد معين من الزمان، كلا، وإنما هي مرنة مستمرة بفضل هذا "القياس" الواسع المدى.
والقياس يقوم في استنباط الأحكام للوقائع المستجدة على أساس علل الأحكام المعروفة فإذا وقعت حادثة لم تقع من قبل، فعلى المجتهدين أن يبحثوا لها عن واقعة قديمة معروف حكمها ثم يبحثوا عن علة الحكم للواقعة القديمة، فإذا اشتركت الواقعتان في علة الحكم أخذت الواقعة الحديثة حكم الواقعة القديمة. وقد أولى علماء أصول الفقه عناية عظيمة لدراسة العلل ومسالكها وأنواعها، ثم أقام الأئمة الأعلام من الفقهاء صروح الفقه الاجتهادي على هذا الأساس المتين.
هذه هي أدلة الأحكام المتفق عليها بين جميع فقهاء الأمة وأصولييها، فالاجتهاد في هذه الأدلة الأربعة محظور، فلا يجوز إسقاط واحد منها، ولا يجوز الزيادة عليها؛ فهي -إذن- لا تخضع لمبدأ " تجديد الفقه " الذي ينادى به في هذه الأعصار.
4. أما الرابع فهو الإجماع.
الأدلة المختلف فيها:
بقيت الأدلة المختلف فيها بين الفقهاء، وهي كثيرة، والمشهور منها ما يأتي:
"سد الذرائع- عمل أهل المدينة- المصالح المرسلة- الاستحسان الشرعي- الاستصحاب- فتوى الصحابي- شرع من قبلنا .. الخ".
هذه الأدلة موزعة بين المذاهب، ما من إمام من أئمة الفقه إلا وقد أخذ ببعضها، وترك الأخذ بالبعض الآخر، أو عمل به في نطاق ضيق.
والاجتهاد في هذا النوع من الأدلة لا يتأتى فيها بالزيادة أو النقص، وإنما المستساغ فيها هو مذاهب القدماء، من التفرقة بينها، وأيًا كان فإن الاجتهاد فيها لن يأتي بجديد، حتى يقال: إنه تجديد للفقه القديم.
وصفوة القول: إن أدلة الأحكام بنوعيها - المتفق عليها والمختلف فيها- بعيدة كل البعد عن "مسرح تجديد الفقه" رضينا أم أبينا.
الأحكام الفقهية:
أما بالنسبة للأحكام الفقهية القديمة التي دونت من قبل في عصور الإسلام الأولى، من مئات المصنفات والمجلدات، لجميع المذاهب الفقهية، فهذه الأحكام أنواع كذلك:
- الأول: ما كان دليله قطعي الثبوت كالقرآن وكثير من الأحاديث النبوية، وقطعي الدلالة.
- الثاني: ما كان دليله ظني الثبوت والدلالة معا.
- الثالث: ما كان دليله قطعي الثبوت وظني الدلالة.
- الرابع: ما كان دليله ظني الثبوت قطعي الدلالة.
والنوع الأول يجب عدم المساس به لأنه أقوى الأحكام، والنوع الرابع، وهو ظني الثبوت قطعي الدلالة لا تخضع دلالته كذلك للتجديد.
وإنما يمكن إعادة النظر في الثاني والثالث وكذلك الأحكام التي أجمع عليها علماء الأمة، لا تخضع لإعادة النظر، لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة أبدًا.
وباختصار، فإن إعادة النظر ممكنة في كل ما كان احتماليًا ظنيًا، وهذا مجال الاجتهاد فيه واسع.
فقه العبادات
وفقه العبادات كالصلاة والزكاة والحج والصيام يجب إبعاده عن إعادة النظر، وخضوعه لمبدأ "تجديد الفقه" ولا إخال الذين ينادون الآن بمبدأ "تجديد الفقه" يقصدون - فيما يقصدون- فقه العبادات، وإنما هم يقصرون دعوتهم على إعادة النظر في " فقه المعاملات " المدنية بمختلف أنواعها.
والواقع أن فقه المعاملات القطعي الدلالة والثبوت أو القطعي الدلالة، أو ما قام عليه إجماع علماء الأمة، هذه الأفرع محصنة شرعا، فلا يجوز إعادة النظر فيها وإخضاعها لمبدأ "تجديد الفقه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/45)
إذن فقد اتضح مما تقدم أن مجال الاجتهاد المقبول الوحيد هو ما كان ظني الدلالة، فهذا من حيث المبدأ يجوز إعادة النظر فيه، وإخضاعه لمبدأ "تجديد الفقه"، ولكن من حيث الواقع والمصير، فإن إعادة النظر فيه قليلة الجدوى. ولماذا؟
لأننا من خلال تجربة عملية ودراسة نموذجية، وإن كانت قصيرة، لأحكام الفقه الاجتهادي عند السلف وجدناهم في كل مسألة اجتهادية استوعبوا فيها كل ما يمكن أن يقال، لذلك فإن من العسير على المجتهدين المعاصرين أن يجدوا منفذا يأتون فيه بجديد لم يقله الأقدمون.
فمثلاً قوله تعالى: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" بعضهم فسر القرء بالطهر، وبعضهم فسره بالحيضة الواحدة .. فإذا أعدنا فيها النظر فما الذي سنقوله جديدا في المسألة؟!
ومثلا آخر، إذا طلقت المرأة من زوجها الغائب مع انقطاع أخباره، وحكم لها القضاء بالتطليق لرفع الضرر عنها ثم تزوجت بآخر، وبعد زواجها عاد زوجها القديم فهي زوجة لمن فيهما؟
بعضهم قال للأول ويفرق بينها وبين الثاني، وبعضهم قال للثاني ولا يُمَكّن منها الأول، وبعضهم قال هي للأول إلا إذا أنجبت من الثاني.
فإذا أعدنا النظر في هذه المسألة، فهل بقي لنا شيء جديد نقوله فيها؟
ومثلا آخر: إذا أكره رجل رجلاً آخر على قتل رجل ثالث فقتله، فعلى من يقع القصاص؟ على المكرِه الذي أمر بالقتل؟ أم على المكرَه الذي قام بالقتل؟
بعضهم قال: يقتص من الاثنين معاً: الآمر بالقتل والقاتل حتى وإن كان فاقد الإرادة، صونا للدماء، وبعضهم قال: يقتص من الآمر لأنه السبب ولا يقتص من القاتل لأنه مكره فاقد الإرادة، وبعضهم قال: لا قصاص على أحد منهما لأن الآمر بالقتل لم يباشر فعل القتل، ولأن القاتل مجبور لا إرادة له.
وبعضهم قال: يقتص من القاتل لأنه هو الذي باشر القتل، وعلى الآمر بالقتل دية الاثنين دية المقتول عدوانا وظلما، ودية المقتول قصاصا ..
هذه مسألة اجتهادية لم يرد حكم لها في الكتاب ولا في السنة، وقد استوعب الفقهاء فيها أقسام الحكم العقلي، فإذا أعدنا فيها النظر فما الذي تركوه لنا نقوله فيها يا ترى؟
وهكذا صنع الفقهاء الأقدمون في المسائل الاجتهادية كلها.
إذن فإن إخضاعها لمبدأ "تجديد الفقه" وإن كان ممكنًا نظريًا فإنه لا جدوى فيه عمليًا، والأحرى بالمنادين بتجديد الفقه القديم وإحلال فقه جديد محله، الأحرى بهم أن يرصدوا كل المستجدات وأن يبحثوا لها عن أحكام فقهية مناسبة، بدل أن يصبوا جام غضبهم على جهود علماء كبار أفذاذ ملؤوا الدنيا نوراً وهدى.
ـ[الصديق]ــــــــ[23 - 01 - 06, 01:46 ص]ـ
لدي كتاب يتعلق حول مسألة تجديد علم الأصول للشيخ أبو الطيب مولود السريري ولكن لا أعرف طريقة تنزيله في المنتدى
هل من مساعدة؟؟؟؟
ـ[الصديق]ــــــــ[23 - 01 - 06, 02:06 ص]ـ
مقدمة في النظر
موانع صحة النظر:
الخطأ في تقويم مصادر المعرفة
التحاكم إلى المزاج النفسي
التقليد
الربط بين أمور غير مترابطة في الواقع
الإنحراف عن المأخد
قطع النظر عما يجب أن يعتبر
شروط صحة النظر:
التجرد من الأهواء
إتقان القواعد و حسن تطبيقها
الأسباب أو الوسائل المعمقة و المقوية للنظر:
التخمير
الإخلاء و التأمل
حرقة المعرفة
التلقيح الفكري
الفصل الأول
المبحث الأول: موجبات التجديد في أصو ل الفقه
مقدمة تمهيدية للنقاش
المبحث الثاني: في مناقشة موجبات التجديد
المبحث الثالث: معالم طريق التجديد في أصول الفقه المفترضة
المبح الرابع: في مناقشة التجديد المدكور
و سيأتي الفصل الثاني و الأخير من الكتاب إن شاء الله (غلبني النوم المعدرة)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[23 - 01 - 06, 12:38 م]ـ
شكر الله لك أخي الفاضل/ الصديق.
لكن هل تستطيع تنزيل الكتاب كاملا؟
ـ[الصديق]ــــــــ[23 - 01 - 06, 02:39 م]ـ
هدا هو سؤالي أخي الكريم لا أعرف كيفية تنزيل هدا الكتاب لأنه لازال عبارة عن أوراق
هل من مساعدة؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[24 - 01 - 06, 10:03 ص]ـ
بعض التنويريين لدينا في الرياض يلهجون بهذه المسألة
وقد كتب أحد عرابيهم وهو المدعو عبدالله بجاد العتيبي بحثا في تجديد أصول الفقه
وبمناقشتهم
لوحظ أنهم يرومون:
إلغاء الاحتجاج بالإجماع لتعذره عندهم
إلغاء الاحتجاج بفهم الصحابة فمن بعدهم ومحاولة قراءة النص =الوحيين، من جديد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/46)
إلغاء الاحتجاج بالحديث المخالف للعقل = عقولهم
تقديم المصلحة = (التي يظنونها مصلحة) على النص، لأن الشريعة إنما جاءت لمصالح الناس، وذلك في الأمور الحياتية = الدنيوية.
توسيع الأخذ بالمقاصد الشرعية، ونبذ النصوص المخالفة لفهمهم لتلك المقاصد الشرعية
وعند التطبيق ستبهر لنتائج وخيمة
كفانا الله الرؤوس الجهال الذين إن تركوا ضلوا وأضلوا
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[24 - 01 - 06, 10:41 م]ـ
كتبت ورقة عملية حول الدراسات الأصولية ضمنتها بعض المقترحات والنظرات في علم الأصول، وسوف أنشرها في هذا المعقل المبارك لاحقا بحول الله.
لكن لعلي أقتطع منها ماله علاقة بموضوع التجديد في الأصول، لارتباطه بهذا الموضوع وجمع المادة والآراء في موطن واحد، فذلك أسهل للنقاش والحوار.
ضرورة التجديد في أصول الفقه.
من المعلوم أن هذا الموضوع له حساسية مفرطة لدى بعض الباحثين، مما يجعلهم يرفضون كل ما يتسم بالتجديد جملة وتفصيلا بموجب وبلا موجب.
وسبب ذلك هو ضبابية هذا المصطلح، وعدم تحريره، وضبط آلياته. كما أن عامة المرددين له والداعين إليه هم من الدخلاء في هذا العلم.
وعلم الأصول من أحوج العلوم إلى التجديد وتنقيته والنهوض به وتحرير مسائله، وأسباب ذلك لا تخفى على الممارسين له. ولعل هذا ما جعل بعض الأيدي تتطاول عليه بحق وبلا حق. والدراسات التي تناولت موضوع التجديد في الأصول، تختلف باختلاف أصحابها وتوجهاتهم ومقاصدهم، وردها بالكلية قد لا يكون سديداً، فقد يصدق الكذوب، ويجود البخيل، غير أنها قد ترشدك وتنبهك على مواطن الخلل أحيانا، فخذ منها ودع، والحكمة ضالة المؤمن.
وهنا أنبه القارئ على أن فكرة التجديد لعلم الأصول ليست وليدة الساعة، ولا مما أفرزته الثقافة الغربية فحسب، وإن كان لها أثر على بعض من يحمل لواءها.
فإن من الأصوليين من كان يشير إلى ما يمكن أن نطلق عليه: تجديد الأصول، وإن كان المصطلح قد تطور وتَعَصْرَنَ، إلا أن أصل فكرة التجديد متفق عليها. فالشاطبي قد جدد وابتكر وغيره كذلك.
انظر مثلاً: مقدمة كتاب: "الغنية في الأصول" لفخر الأئمة منصور بن إسحاق السجستاني (ت:290هـ) - إن صح تاريخ الوفاة - يقول بعد كلام: ( .. فرغبت في جمع جمل من الفصول تقع بها الهداية والكفاية لطلبة الأصول، وطرحت منها الحواشي والفضول .. )
ويقول أبو الحسين البصري (ت:436هـ) كذلك في مقدمة "المعتمد": (فأحببت أن أؤلف كتابا مرتبة أبوابه غير مكررة، وأعدل فيه عن ذكر ما لا يليق بأصول الفقه من دقيق الكلام. إذ كان ذلك من علم آخر، لا يجوز خلطه بهذا العلم .. ).
ويقول السمعاني (ت:489هـ) أيضا في المقدمة: ( .. ورأيت بعضهم - أي الأصحاب - قد أوغل، وحلل، وداخل. غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل، وسلك طريق المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه، بل لا قبيل لهم فيه ولا دبير، ولا نقير ولا قطمير .. ).
فهذه النقول تدلك على التزامن بين التأليف والتجديد في هذا العلم، وإن كان متباينا مع التجديد المعاصر، لكنه يؤيد أصل الفكرة.
وهذه الدراسات ينظر إليها من ثلاث زوايا:
الأولى: من حيث الأصل والمبدأ، فإن التجديد من هذه الجهة حتمي وضروري، لا لأن الواقع يفرضه بل لأن الشرع يؤيده ويدعو إليه. وهذا مما لا شك فيه، ولا جدل عليه.
الثانية: من حيث الأصول والمنطلقات التي ينطلق منها، وما تتضمنه وتحمله من المقاصد، ومآربه التي يسعى لتحقيقها.
الثالثة: من جهة الثمرة والنتيجة.
فكل دعوى للتجديد في نظري تقاس بهذا الميزان. فالأول لا جدل فيه، والثاني قد نوافقه في الثمرة، ونخالفه في الأصول والمنطلقات، وهذا أشدها، والثالث عكسه، فقد نخالفه في النتائج ونوافقه في الأصول، وهذا أمره يسير، فقد يؤوب صاحبه بعد البيان له.
وهذه الطريقة تحقق مقصود الإنصاف والعدل مع المخالفين، فليست كل الدعوات التي قامت ودعت إلى التجديد متطابقة في المقاصد والأصول، ومتساوية في النتائج والغايات.
وتجديد علم الأصول لا يكون إلا برجوعه لمصادره الأصلية، وانعتاقه مما خالطه من العلوم الأجنبية عنه، ومصادره اثنان:
1 - النصوص الشرعية بفهم السلف.
2 - اللغة العربية.
قال القرافي: (والحق أن مسائل أصول الفقه معلومة -كما قال التبريزي- بالاستقراء التام من اللغات .. ) (العقد المنظوم 1/ 499)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/47)
وما سوى ذلك من الفروع فهو مساعد لضبط الأصول لا ناتج لها.
وقبل طَيِّ هذه الصفحة، أشيد برسالة جامعية تحمل في أثنائها بصمات التجديد الإيجابي، ومواصفات البحث العلمي، وهي بعنوان: "الاستقراء وأثره في القواعد الأصولية والفقهية دراسة نظرية تطبيقية" للطيب السنوسي أحمد. وفقه الله للمزيد.
ـ[الصديق]ــــــــ[27 - 01 - 06, 02:55 م]ـ
من كتاب تجديد علم أصول الفقه للشيخ أبي الطيب مولود السريري السوسي
( .... فإن لدين الإسلام معالم و منائر يستهدى بها إلى الوصول للحق المبين و يسترشدبها في الفتن المظلمة و في كل الأحوال إلى طرق النجاة و اليقين،و لشريعته قواعد و ضوابط قرت على أساس صلب،وشيدت على ثوابت عقلية و شرعية تزول الراسيات و لاتزول، ثلجت بدلك صدور المؤمنين ..........
....... و أما التجديد في أمور الدين فهو يلزم جريانه إلى يوم الدين، في شؤون الفقه و أصوله و غيرها.
و التجديد المقصود هنا هو رد الجدة إلى الأمر المجدد،لا غير،ومن رام أنيصرف معنى التجديد إلى التغيير، فهو إما كائد للإسلام متلبس بحال الناصحين، أوجاهل لا معرفة له بحقيقة ال‘سلام،ولا بشريعته.
..................
المبحث الاول: في موجبات التجديد في أصول الفقه.
لقد فشا الحديث في زماننا هدا عن وجوب قيام (الفقهاء المجددين) من دوي الإهتمام بالنظر في العلوم الشرعية بثورة على (الفقهاء التقليديين)،و على المناهج الأصلية القديمة الموضوعة في دراسة الفقه /و أصول الفقه، و كل ما تبنى عليه الأحكام الفقهية، أو تبنى منه، أو تؤخد به من كل ما هو ضابط في موضوعه الدي خص به، و مضبوط بأسسه،مقعد -في هدا الشأن- بالعقل البشري.
و قد استند هؤلاء الدين يدعون إلى هدا الامر إلى أمور منها: (باختصار وهده العبارة من كلامي)
****أن الفقهاء قد استغلوا أمر النظر في الامور الشرعية، إد انفردوا به مند الزمان الأول الدي ظهر فيه علم الفقه، فانفردوا ببحثه و بحث نصوصه وقواعده وتحديد معاني الألفاظ الشرعية، ووضع قواعد الإجتهاد التي يرجع إليها عند إجراء النظر الإجتهادي المتشوف به إلى أخد الحكم الفقهي من مظانه، و مآخده، و كدا وضع شروط الإجتهاد، ومنهج تفسير النصوص الدينية.
....... و لا يجوز لهم، لأنه غصب لحق عام فالنظر في نصوص الدين و إعمال الفكر فيها لفهمها، و أخد الأحكام منها حق لكل فرد من أفراد الامة، كيفما كان، و كيفما كانت درجته في معرفة العلوم الشرعية، و بناءا على هدا الإعتبار فإن هؤلاء الفقهاء غاصبون لحق الأمة، إد استبدوا بالسلطة الدينية بغير حق: ثم سعوا في منع الناس من حقهم دلك بوضعهم لشروط الإجتهاد و ضوابطه و مسالكه بطريقة يعتاص على كثير من أهل العلم بله العوم أن يصلوا إلى الدرجة المطلوبة فيها، و التي ينعت المرء فيها بأنه مجتهد .......
****أن هؤلاء الفقهاء .... أهل جمود،إد هم عاكفون على قواعد بالية،و لا يتجاوزون مقتضاها،و لايلتفتون إلى ماسواها، إد لايعلمون غيرها مما ينبغي عليهم أن يعلموه .... و الدي زاد قتامة أمرهم أنهم يصدون كل من أراد أن يجتهد عل غير طريقتهم، و ينسبونه إلى الزيغ و الضلالة و دلك لجهلهم و قلة فهمهم لأمور الدين على حقيقتها.
****أن ما يستند إليه من القواعد و الضوابط في استنباط الاحكام الفقهية من الكتاب و السنة هي قواعد و ضوابط قد خلقت و بليت، عفا عليها الزمان، و بدلك فهي غير صالحة لأنها فقدت شرطا من شروط صحتها و هي ملاءمة الزمان و أهله ..........
****أن طريقة استثمار النصوص من الفقهاء و الأصوليين في استنباط الأحكام -يقولون- إنها عقيمة، بل تبلد الحس و تجمد الفكر، و تقصر المدركات الشرعية .......
****أن الأخد بظواهر النصوص مقتصرا عليها يصد عن الإنتفاع و الأخد بالمقاصد و الحكم الكامنة في تلك النصوص و جعلها في الإعتبار أولى من الأحكام الفقهية التي ليست إلا وسائل لتلك الحكم و المقاصد، و هدا أمر يحرمنا من خير كثير، و علم غزير، و فضل عظيم جاء به ديننا الحنيف.
****أن الاجتهاد الدي بنى الفقهاء أمره على قاعدة (سد الذرائع) إذ شرطوا في قيامه بالمرء شروطا قصد بها منع ذوي الضعف العلمي من ادعائه،يجب أن يعاد النظر في أمره بحيث تزال تلك الشروط التي لايتوقف عليها أمر الإجتهاد عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/48)
****أن المقولة التي متضمنها أن الوحي (الكتاب و السنة) شامل لجميع الأحكام الشرعية التي يحتاج الناس في جميع شؤونهم إليها على مر العصور و الأزمان دل واقع الحال على أنها غير صحيحة و بناء عليه فإن الإجتهاد أمر ضروري في كل زمان،و خلو أي زمان منه دليل على وجود الجمود الفكري و الفقهي و ذلك الزمان.
****أن القياس استعمل في غير موضعه، إذ استعمل في مسائل الإمام و شؤون الإمام (الحاكم)، و معنى أهل الحل و العقد و الشورى و ما شابه ذلك مما لا علاقة له بموضوع الحكم فكان ما أفضى إليه شرعا الظلم و الطغيان و فساد الحاكم، و قهره رعيته، و استخفافه بشأنها استخفافا عزله نظير أو قل.
****أن الاجتهاد يجب أن يكون أمرا يتصف به كل واحد من المسلمين، بحيث يجتهد كل واحد منهم على قدره العلمي، و يتحمل نصيبه من النظر،و نصيبه منه هو القدر الذي يتحقق به من صحة ما يفتى له به، و ذلك يحصل باستفراغه جهده في البحث عن الذي يتوصل به إلى ذلك من أمور.
****أن منهج أصول الفقه،الذي ورثه المسلمون لايفنى بالمطلوب به لأنه أنشئ بعيدا عن واقع الحياة العامة ....... وهو لايتفق مع أحوال المسلمين اليوم.
****أن الفقه القديم مبني على علم قليل بطبائع الأشياء، و الحقائق الكونية،و قوانين الإجتماع , وهو ماكان ممكنا للمسلمين إدراكه في ذلك الزمان، أما اليوم فإن الجميع يعرف ما عليه أمر الدنيا من ازدهار و توسع في العلوم المختلفة، وهو مايلزم بسببه مراجعة أمر الفقه الإسلامي، و بنائه من جديد على أسس ما توفر في هذا الزمان مما سبق ذكره.
****أن القياس الفقهي القديم ضيق، لأنه مضبوط بضوابط، و موقوف حصوله على شروط، تغل النظر، وهو ما لا يتحقق به الوصول إلى الاجتهادالمطلوب في هذا العصر، و بناء عليه فإنه من اللازم توسيع أمر القياس ذاك بإزالة ما يضيقه.
****أن علوما جديدة ظهرت ينبغي إدخالها في العلوم التي يتكون منها علم أصول الفقه، و يعمل بها في داخله، من تلك العلوم،علم الاجتماع، و علم الطبيعيات، وما كان مثلها في إرشاد الفقيه المجتهد إلى إدراك الصواب في تصور موضوع اجتهاده تصورا تاما ..........
****أن بعض الاصول الفقهية التي ما منح لها اهتمام كبير، يجب أن يعاد النظر فيها للاعتماد عليها في استنباط الأحكام الفقهية للوقائع المستجدة، إذ بدا أنها أصول خصبة مثمرة.
.................................................. ........... )))
هذا ما استطعت نقله باختصار من الكتاب و هو كما لاحظتم أن الشيخ حدد أهم النقاط التي يبني عليها دعاة التجديد أو بعبارة أوضح دعاة التغيير نداءاتهم.
و سيأتي إن شاء في المبحث الثاني مناقشة هذه الموجبات و نقدها من نفس الكتاب
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[27 - 01 - 06, 06:18 م]ـ
كلمة (تجديد) من الكلمات التي يعتريها الغموض في معناها، وهذا الغموض يفتح المجال لذوي الأغراض أن يدخلوا ما يشاءون من دسائسهم متخفين تحت ستار هذه الكلمة.
ولذلك لا بد من دراسة هذه الكلمة وتبيين معناها وتوضيح المراد منها أولا قبل مناقشة ما يندرج تحتها
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)).
فما المقصود بالتجديد في هذا الحديث؟
المقصود إحياء ما درس من أعلام السنن، وإرجاع الناس لصحيح الدين وسليم العقيدة بما عليه سلف الأمة.
فالتجديد بهذا المعنى مطلوب شرعا ولا يختلف فيه.
وفي هذا المعنى ما جاء عن بعض السلف: ... وعليكم بالعتيق
---------------------------------------------------
وقد يكون التجديد بمعنى إعادة الصياغة وتغيير الترتيب، وتعديل الأبواب وعنوانات المسائل
فهو بهذا المعنى أمر شكلي لا إشكال فيه لأنه يندرج تحت القاعدة العامة (لا مشاحة في الاصطلاح)
وإذا تصفحنا حال علمائنا في التصنيف في أصول الفقه نجد عندهم أمثال ذلك.
فعلم الأصول بدأ كما هو معلوم بتصنيف الإمام الشافعي لرسالته، ولم تكن بالترتيب المعروف عند متأخري الأصوليين.
ثم تبعه العلماء في التصنيف يزيدون في مباحثه، ويحررون مسائله.
ثم أدخل فيه بعضهم مسائل كثيرة من علوم اللغة
ثم أدخل فيه بعضهم مسائل كثيرة من علوم الكلام
ثم بدأ بعضهم يقسمه إلى طريقتين: طريقة الفقهاء وطريقة المتكلمين
إلخ إلخ!!!
فالخلاصة أن التجديد بهذا المعنى هو شأن علمائنا منذ القدم وليس فيه ابتداع
--------------------------------------
ولكن التجديد الذي يعنيه كثير من المعاصرين هو في حقيقة الأمر طرح ونبذ للدين بأكمله، فهو ليس تجديدا لعلم الأصول، بل هو تجديد وتكييف لجل أمور الشرع بحيث توافق أهواءهم.
وهذا الأمر يناقض معنى علم الأصول أصلا
فعلم الأصول في مفهومه العام مبني على استقراء الفروع واستنباط الأصول منها.
ولكن واقع هؤلاء أنهم يفرضون ما يشاءون من بدع ويحاولون جمع الفروع التي تطابق أصولهم.
والله المستعان!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/49)
ـ[الصديق]ــــــــ[27 - 01 - 06, 08:01 م]ـ
(تتمة من نفس الكتاب)
مقدمة تمهيدية
للنقاش
قبل مناقشة هذا الذي مضى ذكره يجب إبانة مابين دعاة التجديد في هذا الذي نحن فيه من فرق أو فروق، إذ هم ليسوا على سنن واحد، فمرام بعضهم على ما يظهر الإصلاح، و مرام الآخر الإفساد و الفساد، و بذلك فهم على صنفين:
الأول: أهل الإصلاح الذين يتشوفون إلى إعادة الجدة إلى فن الفقه الإسلامي و أصوله بإيقاظ الهمم، و تسليطها على بحث مسائل هذين الفنين، ووجوه النظر و الإستدلال فيهما، وبذل قصارى الجهد بالأساليب المفضية إلى استنباط أحكام الوقائع بالتفصيل،و الإلتفات إلى أمور استجدت يخيل لذي النظر في أمر الإجتهاد و بناء الفروع على الأصول أنها إذا اقترن إعمال النظر في القضايا الفقهية الاجتهادية بمعرفتها و الاطلاع على ما انطوت عليها من معلومات، سيهتدى بها إلى إدراك المطلوب –وهو الحكم الفقهي- بتمام نظر، وكمال تصور.
و ماكان التجديد في أمر الفقه و أصوله أمرا بدعا، و لاشيئا غريبا في دين الاسلام، إذ ليس أمر التجديد فيها إلا جزءا من تجديد الدين الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه أنه جار مستمر تتواصل وقوعه، و يظهر في وقته.
ونص ماذكره عليه الصلاة و السلام -: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد أمر دينها ". و هذا الحديث أصل في هذا الموضوع، و دليل لا يبقي في نفس المؤمن ما يخالطها أو يمكن أي يخالطها من ريبة و شك في هذا الأمر.
......... و بذلك تجد بعض المذاهب –كمذهب مالك- تحتوي على أغلب ما في المذاهب الأخرى من أقوال، فهذا المذهب (مذهب الإمام مالك) يضم من أقوال الأئمة المالكية المختلفة ما به يظهر كأنه قد استوعب ما في المذاهب الفقهية الأخرى من آراء إلا قليلا منها و ما حصل هذا إلا بسبب اجتهاد العلماء الذين ينضوون تحت هذا المذهب، فإن استبان لهم رجحان حكم فقهي ما، أخذوا به، و اختاروه، ثم أودعوه في كتبهم، و فتاويهم، و صار رأيا فقهيا داخل المدهب و إن خالف أصوله (أصول ذلك المذهب).
و ما أمر ابن رشد الفقيه و اللخمي و المازري و سحنون و ابن بشير و ابن عرفة و البرزلي، و القاضي عبد الوهاب و القاضي إسماعيل و القرافي و الإبياري، وابن الشاط و ابن البناء،و الحطاب و ابن عبد البر و غيرهم ممن يطول ذكرهم في شأن التجديد بأمر يخفى على كل من نظر في كتب الفقه المالكي، و إن كان ذلك لا يرتقي إلى درجة التجديد العام المطلق، الذي تشرئب إليه النفوس.
و إذا أجريت نظرك في أصول الفقه و تأملت الأطوار التي تقلب فيها، و العقول التي تمد بحره بنتاجها ألفيت أن تلك العقول منثورة على طول الأرض و عرضها ..........................
ومن رام التفصيل في هذا الأمر، فليقف على جنى أعلام هذا الفن بادئا بالإمام الشافعي ثم الصيرفي ثم الباقلاني، و القاضي عبد الجبار، ثم أبو عبد الله البصري، ثم ابو الحسين البصري، ثم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، ثم الصيمري، ثم ابن عقيل الحنبلي، و ابن قدامة، ثم السبكي، و ابن تيمية، ثم ابن القيم و قبلهم ابن حزم، و إمام الحرمين، ثم الأبياري المالكي، ثم القرافي، و الأصفهاني، و الرازي، ثم ابن الحاجب، ثم التفتازاني .... (لم أرتبهم على حسب عصورهم، و إنما أوردتهم على حسب التذكر)، إلى أن تصل إلى عصرنا.
و أما من ادعى أن هؤلاء مجترون نتاج من سبقهم، فإنه مفتر الكذب، خلو من التحصيل، لا اطلاع عنده بما حوته مؤلفات هؤلاء الأعلام من المسائل التي استنبطوها، و النظريات التي أبدعوها في حل ما اعتاص من أمور في هذا الفن العظيم. و ما عمل ابن حزم و ابن عبد السلام و إمام الحرمين و القرافي ومن شابههم في هذا الامر بالذي يخفى على من نظر في هذا العلم.
و أحوال الزمان و الناس هي التي تثير في نفوس أهل العلم ما يغريهم على التصدي لما يظنون أنه يؤدي إلى الإصلاح و الصلاح للأحوال و القلوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/50)
و ما أظن دعاة الاصلاح في زماننا إلا مثل من سبقهم من حيث أسباب الإثارة، و الإيقاظ من سنة الغفلة و البحث عما تصلح به الأحوال، في هذا العصر الذي نحن فيه، و هو عص اشتد فيه الصراع بين الثقافات، و أصبح زوال كل ثقافة رخوة لا صلابة فيها أمرا منتظرا فاشتد الكرب على نفوس المؤمنين خوفا على المقدسات ..........
و عليه، فإنه لا بد من السعي إلى جعل عيون الفكر الإسلامي ثرة، ومن بذل الجهد في إبراز الأساليب الشرعية المفضية إلى استنباط الأحكام الفقهية من كتاب الله تعالى و سنة النبي صلى الله عليه و سلم على وجه دقيق و شامل.
و كل تجديد قصد به صيانة ثغور المسلمين و حفظها من إغارة الأعداء برجلهم و خيلهم عليها فهو أمر محمود، بل واجب شرعي.
ومن هنا فإن ما كتبه الدكتور طه جابر العلواني في هذا الشأن و الذي تضمنه كتابه " إصلاح الفكر الإسلامي" جدير بالإعتبار و الاهتمام.
و أما ما أورده الدكتور حسن الترابي في كتابه " تجديد الفكر الإسلامي" فإن فيه ما هو جدير بالتأمل و التناقش، و إن كان هو فيه منظرا لا يتقيد بواقع و طبيعة الموضوع الذي يتحدث عنه، و متأثرا بالثقافة الغربية و مناهجها.
و أما مايدعو إليه بعض هؤلاء –كالدكتور أحمد الريسوني- من توسيع مباحث المقاصد، و إعادة النظر في حصر المقاصد الضرورية في الخمس المشهورة، و غير ذلك مما يشبه ما ذكر، كدعوة الدكتور طه عبد الرحمن إلى تقسيم جديد للمصالح، بعد صبغها بصبغة أخلاقية، و هو مايفضي – كما قال – إ لى تكاثر القيم، فإنه لا يعدو أن يكون دعوات، بعضها لا علاقة له بتجديد أصول الفقه و لا بأمر الاجهاد، و بذلك فهو من باب الترف الفكري، و بعضها يرتبط بالفقه و أصوله، لكن كيف يمكن جعله من مسائل هذا العلم ينتفع به فيه؟؟، هذا ما يحتاج إلى بحث و بيان.
الصنف الثاني:
أهل الإفساد الذين يجهدون أنفسهم في صرف أمة الإسلام عن دينها، و قطع الصلة و التواصل فكريا و ثقافة بين خلف هذه الأمة و سلفها الصالح، و الفصل بينهما عقيدة و سلوكا.
.......................
فدخلوا من ثغر الاجتهاد، و تلبسوا بحالة باذلي الجهد في استنباط الاحكام الفقهية من مصادرها و تمويها على الأغرار ................. و ضعاف القلوب و سموا عملهم القرمطي هذا بالتجديد،و مسايرة للتطور، و عملا بما يتفق مع روح العصر و حقوق الإنسان، و المواثيق الدولية، و غير ذلك من العبارات التي و ضعها الغربيون اللادينيون على و فق عقيدتهم لأمور لا تتفق أغلبها مع الإسلام ...........
إن هؤلاء أولاد علة،لكن يجمع بينهم تخريب الدين، هم شيع شرذمة منهم لقبوا أنفسهم "بأهل القرآن" و طائفة منهم لم يضعوا شعارا و لا لقبا يتسرون به، لكن ما ينضحون به من أفكار و ما يفوهون به من كلام يبدي حالة نظامهم الفكري و النفسي يرشد إلى أنهم من الشيوعيين الذين ارتدوا عن أفكارهم في الظاهر، و تمسكوا بها في الباطن، تخلفوا عن ركبهم، و مصير ركبهم معروف، أنه من خبر كان، لكن هؤلاء تخلفوا ثم اندسوا في طوائف من الناس، فمنهم من انتقى حشر أنفه في أمور الدين، و منهم من ظفر بمقام حسن في مجالس دعاة الإنشقاق و الشقاق بين المسلمين منهم طوائف و جحافل،و جدوا في هذا الأمر ما يمكنهم من بفويق السهام إلى الدين .....
و لا أدعي عموم هذه الأوصاف و هذا الحكم لكل من سلك هذا المسلك في مجاري نظره في هذا الموضوع، إذ يوجد قوم موصوفون بسلامة الصدور يبتدرون هذه الأفكار اغترارا بحس مظاهرها و جهلا منهم بحقيقة أمرها، بهرهم أنها تتضمن مطالب الإنسان الدنيوية و البدنية، و نسوا أنها تناقض مصالح الآخرة، و أن تقديس غير كلام الله و أحكامه مناقض لدين التوحيد ..........
انتهى كلام الشيخ
تابعوا معنا إن شاء الله .........................................
ـ[الصديق]ــــــــ[28 - 01 - 06, 04:37 م]ـ
تتمة الموضوع في المرفقات على شكل Image JPEG
ـ[الصديق]ــــــــ[28 - 01 - 06, 05:21 م]ـ
تابعوا معنا تتمة الكتاب ........................
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[29 - 01 - 06, 02:40 م]ـ
أخي الفاضل/ الصديق. شكر الله لك هذا الجهد ووفقك وسددك
تابع أعانك الله.
ـ[الصديق]ــــــــ[29 - 01 - 06, 08:00 م]ـ
أخي الفاضل/ الصديق. شكر الله لك هذا الجهد ووفقك وسددك
تابع أعانك الله.
والله يا أخي أبو حاتم، لسان الشكر ليضفي على القلب قوة و نشاطا و لله الحمد، بارك الله فيك و أحسن الله إليك، أما عن الجهد فلم أقم إلا بنقل كلام الشيخ السريري من كتابه فقط.
فلنتابع إذن، و هذه تتمة الفقرة السالفة في مناقشة موجبات التجديد في أصول الفقه
ـ[الصديق]ــــــــ[31 - 01 - 06, 04:24 م]ـ
.....................
ـ[الدكتور صالح محمد النعيمي]ــــــــ[03 - 08 - 07, 12:51 م]ـ
بوركتم جميعا
ـ[الدكتور صالح محمد النعيمي]ــــــــ[03 - 08 - 07, 12:51 م]ـ
علما ان الرايط لا يعمل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/51)
ـ[الدكتور صالح محمد النعيمي]ــــــــ[03 - 08 - 07, 12:52 م]ـ
مع الشكر والامتنان ............. واحسن الله للجميع
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[05 - 08 - 07, 01:55 ص]ـ
مما له صلة بما سبق البحث التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=101962&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF+%C7%E1%C3%D5%E6%E1 %ED+%E3%DD%E5%E6%E3%E5
ـ[ام صفاء]ــــــــ[20 - 01 - 10, 09:30 م]ـ
انا من المتابعين لهذا الموضوع كثيرا وقد جمعت فيه الشيء الكثير ولله الحمد.
السلام عليكم ورحمة الله
ارجو من فضيلتكم امدادي بما تجودون به علي من أبحاث في موضوع التجديد في علم الاصول، فانا جد مهتمة بالاطلاع على كتابات المحققين في هذا المجال، وجزاكم الله تعالى الجنة.
ـ[ام صفاء]ــــــــ[21 - 01 - 10, 01:05 ص]ـ
انا من المتابعين لهذا الموضوع كثيرا وقد جمعت فيه الشيء الكثير ولله الحمد. _ عبارة الاخ كرم أعلاه_
السلام عليكم ورحمة الله
ارجو من فضيلتكم امدادي بما تجودون به علي من أبحاث في موضوع التجديد في علم الاصول، فانا جد مهتمة بالاطلاع على كتابات المحققين في هذا المجال، وجزاكم الله تعالى الجنة.
ـ[العويشز]ــــــــ[08 - 08 - 10, 02:58 ص]ـ
من مقال (ماهي منجزات الصحوة؟) للشيخ إبراهيم السكران:
ومن أوائل الأطروحات التغريبية للاسلام التي واجهت الصحوة في السعودية أطروحات الترابي وهو يستمد سنده المعنوي بناء على تجربة سياسية نجحت مؤقتاً، وكانت أطروحاته تلك الأيام عن أصول الفقه مربكة، حتى أن أحد الفضلاء (وهو الآن خارج المنظومة الدعوية) ألقى محاضرة في الرياض عن تجديد أصول الفقه كانت إعادة عرض لأفكار الترابي (فكرة الاجماع الواسع، نفي السنة، اجتهاد العوام، العقل، رأي ولي الأمر، الخ).
فشعر الشيخ سفر الحوالي بأن أصول أهل السنة مهددة، فألقى بعدها بزمن يسير في الرياض محاضرة بعنوان (العلمانية في طورها الجديد) وقد شعر كثير من المراقبين بالربط بين الحدثين، حتى أن الشيخ احتاج لاحقاً أن ينفي ذلك وقال في درس له بعد ذلك (ولقد تعرضت في محاضرة سابقة كان عنوانها العلمانية في طورها الجديد لهذا الاتجاه ولخطره، ففهمت على أننا نتعرض لبعض الدعاة، سبحان الله! يا قوم أنتم في وادٍ ونحن في واد) وبين أن المسألة ليست في أشخاص ولكنها في اتجاه بدأ يتنامى، وقد صدق حدس الشيخ شفاه الله، فإن إعادة تعليب المفاهيم العلمانية المادية في ثياب إسلامية صار سلعة رائجة الآن!
ـ[محمد الهذلي]ــــــــ[10 - 08 - 10, 11:19 م]ـ
لعل في هذا الكتاب فائدة كبيرة بخصوص هذا الموضوع ..
(بدعة إعادة فهم النص) لفضيلة الشيخ (محمد صالح المنجد)
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=83&book=7096
ـ[محمد الهذلي]ــــــــ[12 - 08 - 10, 02:44 ص]ـ
- من موقع: مجلة القضايا الفقهية المعاصرة ..
___________________________________________
التجديد في علم أصول الفقه
دراسة أصولية معاصرة على ضوء الكتاب والسنة
الدكتور- عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
مقدمة:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الولي الحميد، أحمده تعالى وهو المستحق للتمجيد، وأشكره وهو الواسع المجيد، وأصلي وأسلم على نبيه محمد سيد العبيد المبعوث برسالة التوحيد وشريعة التأصيل والتجديد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل والتأييد، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المزيد وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن من فضل الله عز وجل على عباده أن بعث فيهم الرسل مبشرين ومنذرين رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل النساء: 165. وقد ختم الله الرسالات السماوية بشريعة نبينا محمد التي تميزت بخصائص الشمول والكمال والخلود والصلاحية لكل زمان ومكان، مما يمكنها من وضع الحلول الناجعة لكل الأدواء والمشكلات، ومواجهة التحديات وتغير الظروف والأحوال، ومواكبة التطورات والمستجدات المتسارعة، والنوازل والمتغيرات المتعاقبة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/52)
وحيث إن من سنة الله عز وجل وجود الصراع بين الحق والباطل فقد اقتضت حكمته -تبارك وتعالى- أن يهيئ لهذا الدين من يقوم به وينافح عنه، ويجدد ما اندرس من معالمه، لاسيما مع تقادم الزمان وبعد البشرية عن مشكاة النبوة وأنوار الرسالة، مصداقًا لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (1)، ولذلك ازدان عقد التاريخ عبر أحقابه المتلاحقة بكوكبة من المجددين من العلماء الربانيين الذين ينفون عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وقد كانت مهمة هؤلاء المجددين منحصرة في إزالة كل ما علق بالدين من مظاهر المخالفات التي غيرت رونقه وبهاءه، وإعادة الناس إلى ما كانت عليه القرون المفضلة، والعودة بالدين وأصوله، ومناهج الاستدلال والاستنباط، فيه غضة طرية كما أنزلها الله وأوحاها إلى رسوله، غير أن هذا المسلك الوضاء، والجانب المشرق اللألاء من التجديد قابله جانب آخر كالح يمتطي أصحابه صهوة التجديد، ولكنهم يسعون في الخراب والتفسيد، ويرفعون شعار الإصلاح، وهم يرومون الفساد والإقباح، في هدمٍ لأصول الدين، ونقضٍ لأسس الملة، ومساسٍ بثوابت الأمة، ونيلٍ من مثلها وقيمها، والمستقرئ للتاريخ يجد أن الانحراف عن هذا الدين القويم أخذ مسالك متعددة، وطرائق قدداً كلها يرى أصحابها أنهم مجددون مصلحون، ولاغرو فقد زعم المنافقون أنهم أرباب إصلاح، قال تعالى عنهم: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون البقرة: 11. كما أن المتأمل في أسباب الانحراف يرى أن من أكبرها التأويل والتحريف للنصوص، ولي أعناقها وتطويعها للأهواء، وجعل العقل حكمًا على النقل، ولله در العلامة ابن القيم - رحمه الله - حيث يقول:
هذا وأصل بلية الإسلام تأويل ذي التحريف والبطلان
وتمر القرون وتتابع الأعصار والسنون، وتصاب هذه الأمة - في عصرنا الحاضر- بألوان من التحديات، تعد هي الأخطر عبر تاريخ هذه الأمة الغابر، ولعل أشدها ضراوة وأعتاها كيدًا تلك الحروب الفكرية التي ترمي إلى فرض أنماط ثقافية، ومفاهيم ومصطلحات غير شرعية في المجتمعات الإسلامية، وتكمن الخطورة حينما يتولى كبر ذلك بعض أبناء المسلمين، ومن هم من بني جلدتهم، ويتكلمون بلغتهم، ممن اهتزت ثقتهم بدينهم، وانبهروا أمام بهرج حضارة أعدائهم، وسقطوا صرعى أمام طوفان غزوهم، وبريق مدنيتهم الزائفة، وكان شعار "التجديد" والتحديث والعصرنة سلاحًا يرفعونه للوصول إلى مآربهم المشبوهة، التي تجتاح في طريقها مسلّمات الأمة وثوابتها، وتطيح بأصول الشريعة وقطعياتها.
ومع شديد الأسى والأسف أن هذه الشعارات البراقة قد امتد تأثيرها إلى أفكار بعض المنتسبين للدعوة والفكر الإسلامي والمهتمين بعلوم الشريعة، فخدعوا بها وظنوا أنهم بمثل هذه الدعوات يظهرون سماحة الدين ويسر الشريعة ومحاسن الإسلام لدى الآخرين، ولكنهم ضيّعوا الأمرين، فلا للإسلام نصروا، ولا للكفر كسروا، وتلك عاقبة كل من حاد عن فهم الإسلام على ضوء ما فهمه خيار هذه الأمة - رضي الله عنهم ورحمهم.
وقد اكتسحت دعاوى التجديد العلوم الشرعية والمعارف والفنون الإسلامية، فأصبحت ترى وتسمع من يطالب بالتجديد في علوم العقيدة والسنة والفقه والأصول والتفسير والسيرة واللغة وغيرها، وهي دعاوى تعرف منها وتنكر، فقد تمس الأساس والجوهر والأصول والقطعيات ولا ريب أنها حينئذٍ ممنوعة، وقد لا يعدو التجديد في الوسائل والأساليب والأشكال والصياغة، فالخطب فيه يسير بل قد يكون مطلوبًا للوصول إلى مقاصد شرعية معتبرة من درء مفسدة راجحة، أو تحقيق مصلحة غالبة.
ومن أشهر العلوم الشرعية التي طالتها أيدي أدعياء التجديد: علم أصول الفقه، ذلك العلم الذي يتوصل به إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، فقد امتدت يد التجديد إليه ما بين مشروع وممنوع، فأما الأول فيقتضي تجريد علم الأصول من الإغراق في المباحث الكلامية والمسائل الجدلية، وتدعيم قواعده بصحيح النقل والأثر وإبراز علم المقاصد الشرعية، وإعادة عرضه بما يسهل فهمه ويبعده عن الغموض والجمود والجفاف والتعقيد، والتركيز على كثرة الأمثلة والتطبيقات، وربط الفروع بالأصول، وما تجديد شيخ الإسلام ابن تيمية والشاطبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/53)
في هذا العلم إلا نموذج يحتذى في التجديد المشروع، الذي يتطلع إليه كل محب لهذا العلم متشوف للإفادة منه، لاسيما في حل المشكلات المعاصرة، وإبراز الحكم الشرعي في المستجدات والمتغيرات والنوازل الحاضرة.
وأما الآخر: فهو التجديد الممنوع الذي يرمي إلى تخطي النصوص، وتجاوز الأحكام والإطاحة بالقطعيات، والنسف للمسلّمات، والتغيير في الأصول والكليات، والطعن في القواعد المحكمات.
وإنك لسامع هذه الأطروحات في هذا العصر تجتاح كثيرًا من الكتب والصحف والمجلات والمنتديات والساحات، لاسيما مع ثورة التقانات وتدفق شبكات المعلومات، وقد استغل كثير ممن في قلوبهم مرض هذا الجو المربد، والماء العكر، فحاولوا الاصطياد فيه طعنًا في هذا الدين، ونيلاً من علمائه، ووقيعة في دعاته وصلحائه، مما زاد الفجوة وعمق الهوة، وترك آثارًا بالغة ونتائج خطرة على المجتمعات الإسلامية، وأسهم في إيجاد سلوكيات خاطئة بين إفراط وتفريط في غياب عن المنهج الصحيح والمسلك النيّر الصريح.
ومع شدة الهجمات وخطورة التحديات فإن ممّا يؤرق الغيور ما يلمسه من الفتور في التصدي لعلاج هذه الظواهر الخطيرة، لذلك أصبح لزامًا على علماء الشريعة وطلاب العلم وشداته، لاسيما المتخصصون في علم أصول الفقه أن يبذلوا جهودهم في العمل على الحد من التردي في هذا الفكر المنحرف، وأن يتصدوا لكل الأطروحات التي تمس دينهم وفقههم، لاسيما أصوله وقواعده معالجين لكل الأدواء والظواهر الخطيرة بالأسلوب العلمي الرصين، والطرح المؤصل الرزين، في بعد عن الأسلوب العاطفي، والتلاسن والتراشق الكلامي الذي يبعد النجعة، ويعمق الشقّة؛ لأن الهدف إقامة الحجّة وبراءة الذمّة.
وانطلاقًا مما أخذ على عواتق طلاب العلم من بيان الحق، والحذر من كتمانه ومشاركةً في الدفاع عن هذا الدين أصوله وفروعه، ورد الأخطار المحدقة به، وحرصًا في تجلية الحق في دعاوى التجديد بين الصحيح منها والمنحرف، وبيان حقيقته، ومجالاته، ومناهجه، والموقف الحق منه على ضوء الكتاب والسنة، وفهم سلف الأمة، ولقلة الأبحاث والكتابات بل ندرة الكتب والرسائل العلمية المتخصصة في هذا المجال أمام السيل الجارف، والبحر الهائج من الأطروحات المثيرة في هذا الموضوع، ولما منّ الله عليّ من التخصص الدقيق في فن الأصول، فقد عزمت بعد استخارة الله - سبحانه - ثم استشارة عدد من أهل العلم والفضل على الإسهام في ذلك بعد تردد طويل في خوض غمار هذه القضية، لعلّي أجد من يكفيني، بل حتى ولو وجدت لكانت القضية - لخطورتها- جديرة أن يتصدى لها أكثر من متخصص، بل لا أبالغ حينما أقول: إنها محتاجة لفريق عمل متخصص، وطرح على مستوى المجامع، والهيئات العلمية الكبيرة، لكن هذه المشاركة غيض من فيض، ومفتاح بداية لأبحاث ودراسات أشمل وأعمق، غير أن هذا ليس غضًا من الأعمال التي سبقت، لكني لم أقف على ما يشفي العليل، ويروي الغليل، في علاج هذه القضية الخطيرة، على منهج السلف الصالح، جمعًا بين الأصالة والمعاصرة، راجيًا أن يسد هذا البحث ثغرة مهمة، ويضيء شمعة في هذا الطريق، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره
1 - إن شرف العلم بشرف المعلوم، وشرف البحث بشرف المبحوث، وهذا البحث يتعلق بعلم أصول الفقه الذي هو الأداة العملية لتحقيق الاجتهاد وبناء المجتهد، وغني عن البيان حاجتنا - لاسيما في زماننا المعاصر - للمجتهدين، فلا غرو أن يكون البحث فيه على غاية الأهمية.
2 - معالجة البحث لدعوة جديرة بالعناية والاهتمام، ألا وهي: الدعوة إلى تجديد أصول الفقه، وتلك الدعوة قد يلتبس فيها الحق بالباطل؛ لذا كان لابد من معالجة شرعية، وتأصيل مؤسس على الأدلة النقلية الصحيحة والعقلية الصريحة لتمييز الحق من الباطل.
3 - حاجة هذا العلم الفعلية إلى التجديد، فلا يمكن رد من ينادي بالتجديد المشروع (المنشود) بل التجديد - وفق الضوابط الشرعية - حاجة ملحة لا محيص عنها.
4 - حال المتصدرين للتجديد، المنادين به، حيث إنهم غير متضلعين بالعلم الشرعي، مما يستدعي أن ينتصب أهل العلم الشرعي - من موقع المسؤولية - لصد تلك الموجة الزاحفة على الثوابت والأصول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/54)
5 - الحاجة الماسّة التي تعيشها المكتبة الإسلامية إلى الأبحاث المستقلة التي تبرز حكم الشرع وضوابطه في النوازل والقضايا المعاصرة.
6 - أهمية وضع خطة ورسم طريق لتجديد هذا العلم؛ ليكون بمثابة انطلاقة نحو التنفيذ العملي لهذا التجديد المنشود على أرض الواقع.
7 - ضرورة استبيان سبيل المجرمين، وفضح المناهج المنحرفة عن سبيل المؤمنين في التجديد؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيي عن بينة.
8 - ما قذفت به المدنية الحديثة من وسائل التقانات والفضائيات، وشبكات المعلومات، وخوضها في قضايا أصول، ومناقشة ثوابت من قبل مجهولين تارة، ومتهمين تارة أخرى، مما يعد من قبيل الإعلام الموجه الذي يستوجب الإسهام في تكوين إعلام مضاد يرد على الباطل ويدمغه.
تلك أهم الأسباب والعوامل التي دعتني إلى اختيار هذا البحث، سائلاً الله التوفيق والتسديد بمنّه وكرمه.
خاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير البريات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات، أما بعد:
فبعد حطّ الرحال من هذه الرحلة الممتعة مع التجديد في علم أصول الفقه، يحسن أن أورد بعض النتائج في هذا الموضوع المهم:
فقد تضمن البحث في هذه القضية عدداً من النتائج المهمّة أجملها فيما يلي:
1 - أهميّة علم أصول الفقه لكونه الباب الرئيس الذي يدخل منه المجتهدون لدراسة الأدلة، وتنزيلها على الوقائع الحادثة، ويقارنون به بين أقوال العلماء، ويعملون بالراجح، وينافحون به أهل الأهواء ويردون عليهم أباطيلهم وزيفهم، مؤيدين بالدليل الشرعي والعقلي، بما يحفظ على هذه الشريعة الغراء دوامها وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
2 - تبين للقارئ الكريم المراد بالتجديد وحقيقته، والتفريق بينه وبين البدعة من حيث المعنى اللغوي والمعنى الشرعي وكذا مناهجه ... فالتجديد المرتكز على الأدلة الشرعية الصحيحة على فهم السلف الصالح لها، والذي يبحث عن الحلول السليمة لكل مستجدات العصر، وينأى بالأمة عن الوقوع في الانحرافات العقدية والسلوكية؛ فإن هذا التجديد هو المطلوب شرعًا، وليس التجديد الذي ينادي به من غشيت أبصارهم؛ لمرض في قلوبهم، أو عدم فهم حقيقي لدينهم الحق، فصاروا يخبطون خبط عشواء، ويهدمون ما شُيِّد باسم التطوير العقلاني - وإن خالف فهم السلف الصالح بحجة أن لكل عصر رجاله فصاروا معاول هدم أصول الشريعة الغراء، باطّراحهم بعض أصولها خاصة الأصل الثاني منها وهو السنّة، بحجة أنها غير محفوظة زعموا فأدّاهم ذلك إلى فهم وتأويل القرآن على غير ما أراد الله سبحانه وتعالى.
3 - أوضحت لك -أيها القارئ الكريم- أن التجديد المطلوب يتناول مجالات كثيرة في الأحكام والأدلة والدلالات والاجتهاد والترجيح، فما كان تجديدًا في عرضها وأسلوبها وصياغتها دون مساس بجوهرها، فهو مقبول، وإلا فلا.
4 - أوضحت أهم ملامح المنهج المشروع بل المنشود الذي يحسن اتباعه في التجديد في هذا الفن، ومن أهم هذه الملامح: توجيه هذا العلم الوجهة العملية؛ ليكون طريقًا للاجتهاد الصحيح على طريقة السلف السهلة الميسّرة، بعيدًا عن التعقيدات الشكلية التي سدّت باب مسالك الاستنباط الصحيح، وذلك يكون باتباع خطوات منهجية مبنية على مبادئ علمية، من أهمها: موافقة الوحيين في كل أصل وقاعدة، مع البرهان والاستدلال الصحيح لكل قاعدة، مع العناية بأن يكون للقاعدة الأصولية ثمرة علمية، في إطار من الحريّة الدائرة مع الدليل دون تعصب أو تقليد لمذهب، والابتعاد عن الموضوعات التي لا جدوى من دراستها في طيات هذا العلم، والإغراق في القضايا الكلامية، والمباحث الجدلية.
ومن ثم إيراد الأبواب والمسائل التي قام الدليل على نفعها، وجدواها مثل: أبواب مقاصد الشريعة، وقواعد التفاضل والأفضلية، ثم تخريج الفروع على أصولها، والإكثار من ضرب أمثلة واقعية في حياتنا المعاصرة، مما له أكبر الأثر على الدارسين في تدريبهم على استخراج الفروع الفقهية من القواعد الأصولية، وفيه سد الباب أمام المتحللين من الشريعة، الزاعمين بأن هذا العلم لا يحقق مقتضيات العصر، وكل ذلك ينبغي أن يكون في أسلوب جديد، سهل العبارة بعيدٍ عن التكلّف والاعتساف، مع حسن العرض وروعة البيان وقوة السبك، على طريقة أسلافنا الأولين عليهم رحمة الله مع البعد عن التقليد والجمود، دون تحرير أو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/55)
ترجيح.
ثم ذكرت ملامح المنهج الممنوع المرفوض الذي سار عليه دعاة التجديد والتغريب، ومنها:
(أ) العمومية والإجمال ورفع الشعارات البرّاقة، كالتحرير والتنوير ومسايرة التقدم والتطوير.
(ب) التهويل والتضخيم لأمور شكلية لا جدال في أهمية السعي، لدرء وقوعها، كعلم الكلام، والافتراضات الجدلية.
(ج) فتح باب الاجتهاد لمن لا يملك أدواته المقررة، ولعل هذا لأنّهم غير متخصصين في علوم الشريعة، ولا صلة لهم بعلم الأصول، أو لتحقيق مآربهم المشبوهة في الطعن في الشريعة، وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
(د) سلوك سبيل المغالطة والتشويش، وحسبك تهجمهم على سلف الأمة الصالح بأنهم كانوا منغلقين في مجالسهم العلمية، بعيدين عن تطور الحياة المادية من حولهم.
ولا يخفى خطورة هذه المغالطات، وخصوصًا حينما يتلقاها من لم يتشرب فقه الشريعة ومقاصدها.
(ه) دعوتهم لفتح باب الاجتهاد في الأصول والفروع على حد سواء، ولكل أحد، ومسلكهم في هذا الخلط بين الدعوة إلى الاجتهاد؛ لمن يملكون أدواته، وبين تغيير القواعد الأصولية وتفريغها من محتواها، إذ أنها تشكل حجر عثرة في طريق دعوتهم العرجاء.
(و) سعيهم الدؤوب في تجميد النصوص وتعطيل الأحكام، متخذين في ذلك طرائق قدداً، فأحيانًا يشترطون التواتر زعموا في النصوص، وتارة يقبلون السنة العلمية القولية، وتارة يأخذون بخصوص السبب ويردون عموم النص، وتارة باعتماد الفهم المقاصدي للإسلام، ليس بغرض فهم مراد الشارع؛ وإنما بغرض تعطيل الأحكام، وتجميد النصوص، وثالثة الأثافي قولهم بتاريخية الأحكام، فهي تتبدل عندهم من عصر إلى عصر، وهي نسبية، وليست مطلقة دائمة، كما زعموا.
(ز) تفخيمهم لدور المصالح والعلل والحكم التي انطوت عليها الشريعة، واتخاذهم لها شعارًا أخّاذًا، ومطيةً ذلولاً؛ ليصلوا بدعواهم هذه إلى نتيجة مفادها أن هذه الأحكام تتبدل تبعًا لتبدل المصالح، مدعين أن هذا التبديل والنسخ حق أعطته الشريعة للمجتهدين، ولا يخفى على كل عاقل حصيف ما في هذا الهراء من رمي للشريعة الغرّاء بالقصور، والعجز عن رعاية مصالح الناس.
وبعد سرد هذه المزاعم والدعاوى، لا أشك أنك - أيها القارئ اللبيب - تدرك أن منهج أهل التجديد العصراني المرفوض، لا يعدو كونه مُروقًا من الدين، وتحللاً من أحكامه باسم التجديد والاجتهاد والإصلاح، وما هو في حقيقته إلاّ دعوة تغريبية مغلّفة باسم الإسلام، وتمهيد لهيمنة القوى التي تدعو إلى وحدة الأديان، إذ ما من دين ولا حضارة في الأرض، إلا وهي تدعو إلى القيم العامّة، والمثل العليا، والمقاصد الكبيرة، وتتبنى الأخلاق والفضائل، وذلك في ضوء المفاهيم والقيم التي يؤمنون بها.
5 - أوردت الضوابط المهمة للتجديد، وأنها باختصار تتمثل في موافقته للكتاب والسنة، ومحافظته على ثوابت الأمة وعقيدتها وأصولها، دون مساس بها وخروج عنها، كما خلصت إلى آثار التجديد إيجابًا وسلباً، وأنه في حال أخذ الأمة بالتجديد الشرعي، فستحقق النفع والخير في الدارين، وإن هي سلكت مسالك التجديد المنحرف، فستجني الفساد والشر في الحياتين، والله المستعان.
تلك أهم النتائج التي خرجت منها في عرض هذه القضية المهمة وبحثها، وإن كان هناك من توصيات ومقترحات، فإني أرى - لخطورة القضية وجَلَد دعاتها على المنهج المخالف للشريعة - أن تتولى الهيئات العلمية والمجامع الفقهية، ومراكز الأبحاث، وأقسام الأصول في الجامعات الإسلامية، العناية بها والاهتمام عن طريق المؤلفات والمؤتمرات والأبحاث ونحو ذلك، مع استثمار وسائل الإعلام في بيان هذه القضية وعلاجها كما يجب على العلماء وأهل الفكر والرأي، العناية بهذه القضية، وبيان ضوابطها وشروطها، حتى لا تختلط المفاهيم، وتلتبس الحقائق، سائلاً الله للجميع التوفيق والسداد، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويهدي ضال المسلمين إلى الحق، ويجمع كلمتهم على الهدى، ويحق الحق ويبطل الباطل، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[مالك الكويتي]ــــــــ[22 - 08 - 10, 12:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرااا
ـ[معاذ الجلال]ــــــــ[18 - 09 - 10, 01:28 م]ـ
بارك الله فيكم(105/56)
رد خبر الواحد بما يسمى بـ (الانقطاع الباطن) حقيقته، وحكمه وأثره في الفقه الإسلامي
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[07 - 04 - 03, 04:08 م]ـ
رد خبر الواحد بما يسمى بـ (الانقطاع الباطن)
حقيقته، وحكمه وأثره في الفقه الإسلامي
د. ترحيب بن ربيعان الدوسري
الاأستاذ المساعد- بقسم أصول الفقه - كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
ملخص بحث
فكرة البحث ونتائجه:
ذكرت فيه: أن علم أصول الفقه علم عظيم الشأن، به تضبط الاستنباطات، والمآخذ الفقهيات، وهو سياج عن الزلل والخطأ والخلل في التفقه في الدين، وبالتمكن فيه يسهل الترجيح بين الأقوال والمذاهب الفقهية.
عرفت في البحث الخبر لغة واصطلاحاً وذكرت أقسامه، وما يفيده كل قسم من العلم أو الظن وذكرت منزلة السنة عند الشارع وسلف الأمة وأئمتها، وبينت ما يرد به خبر الواحد عند الحنفية بما يسمونه بالانقطاع الباطن وذكرت اقسامه الأربعة ذاكراً أدلتهم في ردهم لخبر الواحد في كل قسم مبيناً الحق فيها مع ذكر الأمثلة التطبيقية في كل قسم من المسائل الفقهية مع ذكر حجج كُلٍّ في كل مسألة فيما يتعلق بهذا المأخذ، مخرجاً أقوال الإمام أبي حنيفة في كل مسألة فقهية بما يتفق مع أصوله وأصول بقية الأئمة الثلاثة و المنقولة عنه وعنهم نقلاً لا مجال في الشك فيه من تقديم السنة على الرأي.
وقد توصلت إلى نتائج هامة جداً أهمها:
1 - أن هذه المسائل دخيلة على علم أصول الفقه بل صلتها وثيقة بمباحث علم العقيدة.
2 - لا خلاف بين أحد من علماء الأمة –لا سيما الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المعتبرين ومنهم الأئمة الأربعة – في وجوب الاحتجاج بالسنة، معتبرينها صنو القرآن الكريم في التشريع العلمي والعملي.
3 - أن الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى يرون حجية خبر الواحد مطلقاً وأنه يفيد العلم والعمل معاً خلافاً لمن شذ عن طريقهم ممن نَسَبَ نفسه إليهم.
4 - أن الطعن في خبر الواحد الصحيح بما يسمى بالانقطاع الباطن لدليل معارض قول مخترع اخترعه عيسى بن أبان ثم تبعه على ذلك أبو زيد الدبوسي ثم تتابع على القول به كثير من علماء الحنفية كالبزدوي والنسفي وعبدالعزيز البخاري حتى أصبح هذا القول أصلاً من أصول الحنفية.
5 - لم يَثْبُتْ بناء أي مسألة من المسائل الفقهية على تلك القواعد، كما لم يثبت عن الإمام أبي حنيفة القول بها.
* * *
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين وعلى من اتبع أثره واستن بسنته إلى يوم الدين. وبعد:
أهمية الموضوع:
فإن علم أصول الفقه علم عظيم الشأن، به تضبط الاستنباطات، والمآخذ الفقهية. وهو سياج عظيم لمن أراد التفقه في الدين من الزلل والخطأ و الخطل. وبالتمكن فيه يسهل الترجيح في المسائل الفقهية المختلف فيها بين أئمة الفقه لإحاطته بالقواعد الأصولية التي بنى الفقهاء والعلماء عليها فقههم؛ وكلما ازداد رسوخاً في علم أصول الفقه استطاع اختيار القول الراجح بسهولة ويسر مع اطمئنان إلى ما يذهب إليه. إلا أن هذا العلم دخله ما ليس منه – كما دخل غيره من فنون العلم الأخرى – فأذهب بريقه وصفاءه في كثير من مسائله مما يوجب على الباحثين فيه التحري والتحقق من صحة تلك الأصول وتلك القواعد والتأكد من عدم معارضتها لقواعد الشريعة الكلية أو الجزئية.
وقد أوضح فضيلة الدكتور محمد العروسي عبدالقادركثيراً من تلك المسائل التي أدخلت في مباحث أصول الفقه وليست منه، مبيناً أنها مبنيةٌ على مسائل عقدية منحرفة، فقال:- (ولما تصدى هؤلاء المتكلمون للكتابة في أصول الفقه، لم يكتفوا أن خلطوها بعلم الكلام ومقدماته، بل أدخلوا فيها أموراً افتراضية كتعارض خبرين ثابتين عن النبي r، وكتخصيص عموم الكتاب للسنة، وكجواب الرسول r للسائل بجواب أخص من سؤاله، وكتمثيلهم في مسألة تكليف ما لا يطاق بالمستحيل لغيره وزعمهم أنه واقع في الشريعة. وكل هذه المسائل لا وقوع لها في الشريعة.
ثم إن المتكلمين يرون أن علم الكلام أساس في معرفة الأصول، بل قد يفهم من ثنايا كلام القاضي أنه يرى أن التبحر في فن الكلام شرط في استجماع أوصاف المجتهدين ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/57)
لأن كثيراً من هؤلاء الفقهاء أدخلوا فيما كتبوه عن الأصول شيئاً من أصول الأشعري وشيئاً من أصول الكلامية، فكان حكمهم في الأشياء بحسب معتقداتهم وتصوراتهم لا بحسب الواقع الذي يشهد له الكتاب و السنة ….) ([1])
وقال:- أيضاً – (وقرر القاضي مسائل الأصول وبناها على مذهب أبي الحسن الأشعري – رحمه الله – فإنه كان يذهب مذهبه في القدر والصفات والكلام، وينافح عنه.
ولما كان بعض مسائل أصول الفقه تشترك مع بعض مسائل أصول الدين، كمسائل الأخبار، وحجية المتواتر، وأخبار الآحاد، ووقوع النسخ، ومسائل التكليف، كالأمر بالشيء والنهي عنه هل يقتضي الأمر والنهي عن ضدهما؟ والخلاف في جواز كون الأمر مشروطاً ببقاء المأمور على صفات التكليف، وهل الأمر بالفعل يتعلق به حال حدوثه؟ ومسألة الاستطاعة، ومسألة تكليف ما لا يطاق، والمسائل المتعلقة بالإكراه وغيرها من مسائل الإجماع والقياس والاجتهاد.
وأما حجية الإجماع والكلام في صحته وإثباته فمن مسائل علم الكلام، ولما كان الأمر كذلك، استطاع كثير ممن شارك في علم الكلام أو كتب فيه أن يكتب في أصول الفقه؛ لأنه الميدان الذي ظهر فيه أراء المعتزلة؛ ولأنه الفن الذي يمكن فيه تقرير مذهب أبي الحسن الأشعري أو مذهب غيره ….
ثم تتابع الأصوليون من المتكلمين أو المنتسبون إليهم كالقاضي البيضاوي وابن الحاجب والإسنوي– وفي عصر هؤلاء – وقبله بقليل ظهرت نزعة الكلام في أصول الحنفية ويتضح ذلك في كتابات شراح البزدوي والمنتخب للأخسيكثي، ناهيك عن المتأخرين منهم كالنسفي حافظ الدين وابن الهمام. وهؤلاء المتكلمون من الأصوليين منهم من كتب وألف في الأصلين، ومن له تأليف في أصول الدين وشرح لأحد كتب أصول الفقه) ([2]).
ومن هذه المسائل التي حُشر بحثها في علم أصول الفقه وليست منه مقررة على خلاف الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة المرضيين، وعلى خلاف من ينتسب إليه مقرروها ألا وهو مذهب الإمام أبي حنيفة – رحمه الله – مسألة الانقطاع الباطن في أخبار الآحاد.
سبب اختيار الموضوع:-
لقد دفعني للكتابة في هذه المسألة غير ما سبق أمورٌ أجمل أهمها فيما يأتي:-
1 - توضيح هذه المسألة وبيان تعلقها بمسائل عقدية خطيرة خالف بعض المنتسبين إلى مذاهب الأئمة الأربعة الفقهية فيها أئمتهم.
2 - توضيح رأي الأئمة الأربعة ولا سيما رأي أبي حنيفة في هذه المسألة.
3 - نصرة الحق وتنقيته مما شابه من باطل.
4 - كثرة ما ترتب على القول بها من مسائل فقهية مخالفة للأدلة الشرعية.
5 - تبرئة أعلام الحنفية من القول بها وتبيين أن قائلها الأول ليس منهم، وإن كان قد تبنى القول بها فيما بعد كثير من المنتسبين إلى أبي حنيفة.
6 - ترغيب طلاب العلم في تعلم أصول الفقه على طريقة أهل السنة والجماعة حقاً (أهل الحديث والأثر) وذلك بالرجوع إلى أقوال الأئمة المعتبرين أمثال الإمام مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والبخاري ومسلم وابن قتيبة والسمعاني وابن عبدالبر وابن تيمية وابن القيم وابن كثير ومن سار على طريقتهم واقتفى أثرهم، وفي الوقت نفسه تحذيرهم عن سلوك طريق المتكلمين من معتزلة وأشاعرة وماتريدية وغيرهم.
7 - تشجيع طلاب العلم ممن هو متمكن في علم أصل الأصول: العقيدة، وعلم أصول الفقه للكتابة في المسائل التي اختلط فيها الحابل بالنابل، والحق بالباطل لتمييزها، وتوضيحها، وتنقيتها مما علق بها من شوائب باطل المتكلمين وبعض المنتسبين إلى مذهب أبي حنيفة - رحمه الله - ممن أصبح فيما بعد يُعد من فقهاء الحنفية.
8 - جدة الموضوع فإني لا أعلم أن أحداً من الباحثين أفردها ببحث مستقل.
خطة البحث:-
قسمت البحث إلى مقدمة اشتملت على أهمية الموضوع، وسبب اختياره، وخطة البحث، ومنهجي فيه، وإلى ستة مباحث على النحو التالي:-
المبحث الأول:- في تعريف الخبر، وذكر أقسامه.
المبحث الثاني:- في بيان منزلة السنة عند الشارع وسلف الأمة وأئمتها وفيه مطلبان:-
المطلب الأول: في بيان منزلة السنة عند الشارع. وفيه أربع مسائل:-
المسألة الأولى:- في منزلة السنة في كتاب الله.
المسألة الثانية:- في منزلة السنة في السنة.
المسألة الثالثة:- في دلالة الإجماع على منزلة السنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/58)
المسألة الرابعة:- في دلالة المعقول على منزلة السنة.
المطلب الثاني: في بيان منزلة السنة عند سلف الأمة وأئمتها.
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى:- في منزلة السنة عند الصحابة.
المسألة الثانية:- في منزلة السنة عند التابعين.
المسألة الثالثة:- في منزلة السنة عند أعلام الهدى ومصابيح الدجى:- وفيها فقرتان.
الفقرة الأولى: في منزلة السنة عند الأئمة الأربعة على وجه الخصوص
الفقرة الثانية: في منزلة السنة عند سائر علماء الأمة.
المبحث الثالث:- في إفادة خبر الواحد العلم.
المبحث الرابع: في المشهور عند الحنفية.
المبحث الخامس:- في تحرير موطن النزاع وذلك ببيان ما المراد بالانقطاع
الباطن، وذكر أقسامه وأنواع كل قسم.
المبحث السادس:- في أوجه انقطاع خبر الواحد الباطن لدليل معارض من
القسم الأول. وفيه أربعة مطالب:-
المطلب الأول:في رد خبر الواحد لكونه مخالفاً لكتاب الله تعالى.وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بها ومناقشتها.
المسألة الثانية: في الآثار الفقهية المترتبة على القول بها.
المطلب الثاني: في رد خبر الواحد لكونه مخالفاً للسنة المشهورة.وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بها ومناقشتها.
المسألة الثانية: في الآثار الفقهية المترتبة على القول بها.
المطلب الثالث:- في رد خبر الواحد لكونه حديثا شاذاً لم يشتهر فيما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته.وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بها ومناقشتها.
المسألة الثانية: في الآثار الفقهية المترتبة على القول بها.
المطلب الرابع:- في انقطاع خبر الواحد لكونه حديثاً قد أعرض عنه الأئمة من الصدر الأول. وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بها ومناقشتها.
المسألة الثانية: في الآثار الفقهية المترتبة على القول بها.
منهجي في البحث
سرت في البحث على النهج الآتي:-
1 - عرفت بالمصطلحات العلمية ذات العلاقة بالموضوع، والكلمات الغريبة.
2 - عزوت الآيات القرآنية إلى مواطنها من كتاب الله وذلك بذكر اسم السورة ورقم الآية.
3 - خرجت الأحاديث من مظانها مبيناً حكم العلماء عليها من حيث الصحة أو عدمها.
4 - خرجت الآثار من مظانها.
5 - حررت المسألة المبحوثة معتمداً في نسبة الأقوال إلى قائليها والمذاهب إلى أصحابها على الكتب الأصلية والمصادر القديمة.
6 - ذكرت في المسائل الأربع أدلة المذاهب المختلفة، واعتراضات كلٍ.
7 - أبرزت أقوال السلف من الصحابة والتابعين وتابع التابعين والأئمة الأربعة في تلك المسألة لكونهم القدوة.
8 - وثقت المسائل الفقهية من مصادرها المعتبرة.
وختاماً فقد اجتهدت فيما كتبت قدر استطاعتي متوخياً فيه الحق والصواب فإن كنت وفقت إليه فبفضل الله وحده أولاً و آخراً وإن كانت الأخرى فأستغفر الله وأتوب إليه.
هذا .. وقد سميت هذا البحث: بـ (رد خبر الواحد بما يسمى بالانقطاع الباطن؛ حقيقته، وحكمه، وأثره في الفقه الإسلامي).
وصلى الله وسلم على خير خلقه نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المبحث الأول: في تعريف الخبر وذكر أقسامه
الخبر في اللغة ([3]) هو:- واحد الأخبار. والخبر ما أتاك من نبأ عمن تستخبر. وخبره بكذا، وأخبره: نبأه. و استخبره: سأله عن الخبر وطلب أن يخبره.
وفي الاصطلاح ([4]):- هو الكلام المحتمل للصدق والكذب لذاته.
و المراد بالخبر في هذا البحث: هو الخبر المنقول عن الشارع، وهو قسمان:- متواتر وآحاد.
و المتواتر لغة ([5]):- مأخوذ من التواتر وهو التتابع بين أشياء بينها مهلة.
واصطلاحاً ([6]):- خبر عددٍ يمتنع معه لكثرته تواطؤٌ على كذبٍ عن محسوسٍ أو خبرُ عددٍ عن عددٍ كذلك إلى أن ينتهي إلى محسوس.
والمتواتر يفيد العلم الضروري اليقيني عند جمهور العلماء ([7]) خلافاً للكعبي وأبي الحسين البصري المعتزلي وأبي الخطاب والجويني والدقاق الشافعي وغيرهم حيث قالوا إنه يفيد العلم النظري.
وأما الآحاد فهو في اللغة ([8]): جمع أحدٍ، وهمزته مبدلة من الواو فأصل أحد: وحد.
واصطلاحاً ([9]):- هو ما لم يتواتر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/59)
وهذا التعريف يشمل الخبر الصحيح وغيره، إلا أن المراد هنا بخبر الآحاد أو الواحد:- هو الخبر الصحيح المروي عن رسول الله r بعدد من الرواة لا يبلغ عددهم حد التواتر.
وأما الحديث عمَّا يفيده خبر الواحد فسيأتي في موطنه – إن شاء الله –.
المبحث الثاني: في منزلة السنة عند الشارع وسلف الأمة وأئمتها.
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في منزلة السنة عند الشارع. وفيه أربع مسائل:-
المسألة الأولى: في منزلة السنة في كتاب الله.
للسنة منزلة عظيمة عند الله وعند رسوله r فهي وحي من الله لرسوله كالقرآن إلا أن الفرق بينها وبين القرآن أن القرآن لفظه ومعناه من الله، والسنة معناها من الله ولفظها من رسول الله r .
وهي مصدر للتشريع ككتاب الله. فالقرآن هو الأصل الذي حوى القواعد الكلية الأساسية من أمور العقيدة والعبادات والأخلاق والمعاملات وغيرها، والسنة هي البيان الحقيقي والشرح الدقيق لما أُحتيِجَ فيه من القرآن إلى تبيين.
فمن رام العمل بالقرآن وحده دون الرجوع إلى السنة - ولا سيما السنة الآحادية لكثرتها وقلة أو ندرة المتواتر منها - فقد كذب، بل هو - في الحقيقة - منسلخ من الإسلام ساعٍ في هدمه، مستهزئ به وبأهله.
وقد دل على حجية السنة - متواترها وآحادها، وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع،وأن الواجب على من انتسب إلى الإسلام والإيمان وجوب الرجوع إليها في كل شيء - الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، والعقل الصريح، والنظر الصحيح.
ولقد جاءت آيات كثيرات تدل بدلالات مختلفة ومتنوعة على أن السنة وحي من الله يجب على المكلفين اتباعها والرجوع إليها، وليس لأحد الخيرة في تركها أو الإعراض عنها.
من ذلك:-
قوله تعالى:-) وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ((النجم 3،4) فهذه الآية عامة في جميع ما ينطق به النبي r .
قال ابن حزم ([10]) –رحمه الله -:- (فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله r على قسمين:-
أحدهما:- وحي متلو مؤلف تأليفاً معجز النظام وهو القرآن.
والثاني:- وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو لكنه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله r وهذا القسم هو المبين عن الله عز وجل مراده منا. قال تعالى:-) لتبين للناس ما نزل إليهم ((النحل 44) ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق فقال تعالى:) أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ((التغابن 12) فكانت الأخبار التي ذكرنا أحد الأصول الثلاثة التي ألزمنا طاعتها في الآية الجامعة لجميع الشرائع أولها عن آخرها، وهي قوله تعالى:-) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ((النساء 59) فهذا أصل، وهو القرآن.
ثم قال تعالى:-) وأطيعوا الرسول ((النساء 59) فهذا ثانٍ وهو الخبر عن رسول الله r ، ثم قال تعالى:-) وأولي الأمر منكم ((النساء 59) فهذا ثالث وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله r حكمه، وصح لنا بنص القرآن أن الأخبار هي أحد الأصلين المرجوع إليهما عند التنازع، قال تعالى:-) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ((النساء 59).
قال علي:- والبرهان على أن المراد بهذا الرد إنما هو إلى القرآن والخبر عن رسول الله r ؛ لأن الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا وإلى كل من يخلق ويركب روحه في جسده إلى يوم القيامة من الجنِّة والناس كتوجهه إلى من كان على عهد رسول الله r ، وكل من أتى بعده عليه السلام وقبلنا ولا فرق، وقد علمنا علم ضرورة أنه لا سبيل لنا إلى رسول الله r ...
والقرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض، وهما شيء واحد في أنهما من عند الله تعالى، وحكمهما حكم واحد في باب وجوب الطاعة لهما لما قدمناه آنفاً في صدر هذا الباب) انتهى كلامه مختصراً.
المسألة الثانية: في منزلة السنة في السنة النبوية.
كما دل الكتاب الكريم على حجية السنة ووجوب العمل بها والانقياد لها ظاهراً وباطناً سراً وعلانيةً، وعدم رد شيء منها، فقد دلت السنة النبوية على ذلك كله. من ذلك:-
أ-قوله r :- ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) ([11]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/60)
ب-قوله r :- (… فمن أطاع محمداً r فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً r فقد عصى الله، ومحمد فَرَّقَ بين الناس) ([12]).
ج-قوله r :- ( إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض) ([13]).
د-قوله r :- ( أوصيكم بتقوى الله تعالى، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعةٍ ضلالة) ([14]).
هـ-قوله r :- ( إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعينيّ، وإني أنا النذير العُريان، فالنجاء، فأطاعة طائفة من قومه فادلجوا، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذّبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذَّب بما جئت به من الحق) ([15]).
وهذه الأحاديث السابقة وغيرها تدل على ما دلت عليه الآيات الكريمات السابقات من وجوب طاعة الرسول وأن طاعته من طاعة الله وأنه لا يمكن للعبد أن يطيع ربه من غير طاعة نبيه وأن في طاعته النجاء وفي معصيته الخسران المبين في الدنيا والآخرة، وأن سنته r باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وأنها لا تفترق عن كتاب الله حتى يردا على رسول الله حوضه، وأن الضلال والانحراف والابتداع هو ترك سنته وهديه، وأن دعوى من يقول بعدم حجية السنة إنما هي من البدع والاختلافات والضلالات التي حذرنا منها رسول الله r .
وإن من أصرح الأحاديث الدالة على حجية السنة، وضرورة التمسك بها – غير ما سبق – قوله r :-
و- (من رغب عن سنتي فليس مني) ([16]) فمن كان لديه عقل أودين كفاه هذا فضلاً عما ذكر من الآيات والأحاديث وما سَيُذكر.
ز-قوله r :- ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرُبَّ حامل فقهٍ غيرُ فقيهٍ، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه. ثلاثُ لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم) ([17]).
قال الإمام الشافعي ([18]):- (فلما ندب رسول الله صلى الله عليه إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرَأً يؤديها، والامرءُ واحد: دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أُدِّي إليه، لأنه إنما يؤدي عنه حلالٌ، وحرام يُجتنب، وحدٌّ يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة في دين ودنيا).
المسألة الثالثة: في دلالة الإجماع على منزلة السنة النبوية.
قال الشوكاني ([19]):- (اعلم أنه قد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن السنة المطهرة مستقلة بتشريع الأحكام وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام ….والحاصل أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورية دينية ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في دين الإسلام).
المسألة الرابعة: في دلالة المعقول على منزلة السنة النبوية.
قال الدكتور عبدالكريم زيدان ([20]):- (ثبت بالدليل القاطع: أن محمداً r رسول الله، ومعنى الرسول: هو المبلغ من الله، ومقتضى الإيمان برسالته: لزوم طاعته، والانقياد لحكمه، وقبول ما يأتي به، وبدون ذلك لا يكون للإيمان به معنى. ولا تتصور طاعة الله والانقياد إلى حكمه، مع المخالفة لرسوله r ) .
المطلب الثاني: في منزلة السنة عند سلف الأمة وأئمتها.
وفيه ثلاث مسائل:-
المسألة الأولى:- في منزلة السنة عند الصحابة رضي الله عنهم.
لقد كان للسنة النبوية في صدور سلفنا الصالح وأئمتنا منزلة عظيمة جداً فقد كان لها من الحب والاحترام والتقدير ما يهون معه كل شيء، بل كانوا يرون أن الهدى في الاعتصام بها والتمسك والعمل بها في كل شيء هو دليل التقوى، وقد تنوع ذلك الحب بين عمل بها وقول يحض ويدعو إلى توقيرها، والعمل بها، وحفظها، وضبطها، ونشرها، وهجر لمن أعرض عنها، وتحذير عن هجرها وترك لها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/61)
ولم يكن أحد أكثر حباً لسنة المصطفى والعمل بها والحض عليها والتمسك بها والتحذير من مخالفتها من الصحابة رضي الله عنهم فقد أشتهر عنهم ذلك شهرةً لا تخفى على أحدٍ، وتواتر عنهم تواتراً لا يُدفع في مواقف كثيرة جداً فاقت العد والحصر.
ولكثرة ما تواتر عنهم في هذا المجال فإني سأكتفي بإيراد بعض الأمثلة التي تفي بالمراد، فمن ذلك:-
1 - قول أبي بكر الصديق ([21]) –رضي الله عنه-: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله r يعمل به، إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ.
2 - قول عمر بن الخطاب ([22]) – رضي الله عنه – في تقبيله للحجر الأسود: إنك حجر لا تنفع ولا تضر؛ ولولا أني رأيت رسول الله r يقبلك ما قبلتك.
3 - قول علي ([23]) رضي الله عنه:- إلا إني لست بنبي، ولا يوحى إلي؛ ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه محمد r ما استطعت ([24]).
المسألة الثانية:- في منزلة السنة عند التابعين.
لقد ربى الصحابة رضي الله عنهم التابعين على حب السنة والعمل بها ظاهراً وباطناً سراً وعلانيةً ونشرها بين الناس ودعوتهم للعمل بها والتحذير من مخالفتها ومجانبتها فنقل عن التابعين من الآثار الدالة على ذلك كما نقل عن أساتذتهم رضي الله عنهم أجمعين. فمن ذلك:-
1 - قول قتادة بن دعامة (ت 117هـ) ([25]):- والله ما رغب أحد عن سنة نبيه r إلا هلك. فعليكم بالسنة وإياكم والبدعة.
2 - قول محمد بن مسلم الزهري (ت 124هـ) ([26]):- كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض سريعاً ([27]).
المسألة الثالثة:- في منزلة السنة عند أعلام الهدى ومصابيح الدجى، وفيها فقرتان: -
الفقرة الأولى:- في منزلة السنة عند الأئمة الأربعة على وجه الخصوص:-
لقد سار أعلام الهدى من علماء الأمة من بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم بإحسان على طريق سلفهم الصالح من الاحتجاج بالسنة وتقديرها وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والتحذير عن مجانبتها أو مخالفتها أو تركها أو التقدم عليها وبين يديها، وقد أُثر عنهم كما أُثر عن سلفهم من الأقوال الدالة على ذلك - وهي كثيرة جداً - إلا أني سأقتصر على بعضها مبتدئياً بذكر أقوال الأئمة الأربعة؛ لإمامتهم، وشهرتهم، ومكانتهم عند عامة الأمة، ثم أذكر أقوال بعض العلماء من عصرهم ومن غيره - من غير استقراء- للدلالة على أن هذا الموقف هو موقف أهل العلم جيلاً بعد جيل.
فمما جاء عن الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى ما يأتي:-
أولاً:- أقوال الإمام أبي حنيفة (ت150هـ) رحمه الله في ذلك:-
1 - إذا صح الحديث فهو مذهبي ([28]).
2 - دخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة، والحديث يقرأ عنده، فقال الرجل: دعونا من هذه الأحاديث. فزجره أبو حنيفة أشد الزجر، وقال له: لو لا السنة ما فهم أحد منا القرآن ([29]).
ثانياً:-أقوال الإمام مالك (ت 179هـ) رحمه الله في ذلك: -
ما من أحدٍ إلا و مأخوذ من كلامه ومردود عليه إلا رسول الله r ([30]).
ثالثاً:-أقوال الإمام الشافعي (ت 204هـ) رحمه الله تعالى في ذلك:-
1 - ليس في سنه الرسول الله r إلا اتباعها ([31]).
2 - كل حديث عن النبي r فهو قولي وإن لم تسمعوه مني ([32]).
رابعاً:-أقوال الإمام أحمد (ت 241هـ) رحمه الله في ذلك:-
من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة ([33]).
الفقرة الثانية:- في منزلة السنة عند سائر علماء الأمة:-
لقد سبق حكاية الإجماع على حجية السنة، وأن العلماء سلفاً وخلفاً متفقون على وجوب الاحتجاج بالسنة وتوقيرها واحترامها والذب عنها والاجتهاد في نشرها وتعليمها للعامة والخاصة، وأنها صنو القرآن في التشريع؛ لأنها وحي من عند الله سبحانه وتعالى، وفي هذه الفقرة سأذكر بعض النقول عن بعض الأئمة-لعدم إمكانية الحصر، ولأن المراد التمثيل - للدلالة على منزلة السنة ومكانتها عند سائر علماء الأمة فمن ذلك:-
قول الحسن بن علي البربهاري (ت 329هـ):- إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها، أو ينكر شيئاً من أخبار رسول الله r فاتهمه على الإسلام، فإنه رديء المذهب و القول …. القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن ([34]).
المبحث الثالث: في إفادة خبر الواحد العلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/62)
تبين من النقول السابقة عن الصحابة والتابعين وتابع التابعين والأئمة المرضيين احتجاجهم بالسنة مطلقاً وعدم التمييز بينها، وعدم تقسيمها - كما أُحْدِث فيما بعد – إلى: متواتر وآحاد.
حيث إن الجميع عند أئمة الهدى والتقى سنةٌ واجب اتباعها وقبولها مع ضرورة الانقياد لها لكونها وحياً من الله وما كان كذلك وجب قبوله واعتقاده والعمل به سواء كان في العلميات أو العمليات.
ويكفي العاقل المنصف أن يقنع بما ذُكِر من النقول عن علماء الأمة على قبولها والعمل بها والانقياد لها، و بما نقله العلماء الربانيون من اتفاق السلف وأئمة الدنيا على العمل بالسنة متواترها وآحادها لا فرق في ذلك بين العقائد والعبادات.
قال الإمام الشافعي ([35]) –رحمه الله -:- (وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث، يكفي بعض هذا منها. ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل. وقد حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ….
ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار: كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله، والانتهاء إليه، والإفتاء به. ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه، ويقبله عنه من تحته.
ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي) انتهى باختصار.
وقال ([36]) –أيضاً-: (لم أسمع أحداً -نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم– يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله r ، والتسليم لحكمه. بأن الله عز وجل لم يجعل لأحدٍ بعده إلا اتباعه. وأنه لا يلزم قولٌ بكل حالٍ إلا بكتاب الله أو سنة رسوله r . وأن ما سواهما تبع لهما. وأن فرض الله علينا وعلى الناس من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله r : واحدٌ. لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله r إلا فرقةٌ، سأصف قولها إن شاء الله تعالى).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ([37]): (وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ولم يتواتر لفظه ولا معناه لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له،….، فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع)
المبحث الرابع: في المشهور عند الحنفية
قسم الحنفية الأخبار إلى متواتر ومشهور وآحاد. وجعلوا المشهور في رتبة بين المتواتر والآحاد، وخصوه بأحكام تُلْحِقُهُ في الاحتجاج به بالمتواتر. وفي هذا المبحث سأتكلم باختصار عن المشهور عند الحنفية خاصة لتعلقه بالمسألة المبحوثة، ولأن المشهور عند الجمهور من قبيل الآحاد.
فالمشهور لغة ([38]):- اسم مفعول من شهرت الأمر إذا أظهرته وأعلنته.
واصطلاحاً عرفوه بقولهم ([39]):- هو ما كان من الآحاد في الأصل، ثم انتشر حتى نقله قوم ثقات لا يتهمون ولا يتوهم تواطؤهم على الكذب، وهم القرن الثاني من بعد الصحابة، ومن بعدهم.
والمشهور هذا يفيد علم الطمأنينة عندهم حتى أنه تجوز الزيادة به على الكتاب ويضلل جاحده ولا يكفر ([40]).
المبحث الخامس: في تحرير موطن النزاع
وذلك ببيان ما المراد بالانقطاع الباطن، وذكر أقسامه وأنواع كل قسم:
يقسم الحنفية الانقطاع الذي يلحق الخبر إلى نوعين رئيسين:- انقطاع صورة، وانقطاع معنى.
أما انقطاع الصورة ففي المراسيل من الأخبار: مراسيل الصحابة رضي الله عنهم، و مراسيل من بعدهم من القرن الثاني والثالث.
وأما انقطاع المعنى فيقسمونه – أيضاً – إلى قسمين:- انقطاع لدليل معارض، وانقطاع لنقصان في حال الراوي.
ويقسمون القسم الأول - وهو ثبوت الانقطاع في خبر الواحد بدليل معارض - إلى أربعة أوجه:-
الأول:- أن يكون خبر الواحد مخالفاً لكتاب الله تعالى أو للسنة المتواترة أو للإجماع.
الثاني:- أن يكون خبر الواحد مخالفاً لسنة مشهورة عن رسول الله.
الثالث:- أن يكون خبر الواحد حديثا شاذاً لم يشتهر فيما تعم به البلوى
ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته.
الرابع:- أن يكون خبر الواحد حديثاً قد أعرض عنه الأئمة من الصدر الأول بأن ظهر منهم الاختلاف في تلك الحادثة ولم تجر بينهم المحاجة بذلك الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/63)
وأما القسم الثاني:- وهو الانقطاع لنقصان في حال الراوي فيبحثون فيه خبر المستور، والفاسق، والكافر، والصبي، والمعتوه، والمغفل، والمتساهل، وصاحب الهوى.
والذي يهمنا هنا والذي هو مثار البحث هو القسم الأول من الانقطاع لمعني أي ثبوت الانقطاع في خبر الواحد بدليل معارض بأوجهه الأربعة.
ومما ينبغي التَنبيهُ عليه أن الخبر المردود هنا للمعنى المذكور:- هو الخبر الذي صح سنده إلى رسول الله r .
المبحث السادس: في أوجه ثبوت الانقطاع في خبر الواحد لمعنى لدليل معارض وفيه أربعة مطالب:-
المطلب الأول:- في رد الخبر الصحيح المسند لمخالفته كتاب الله أو السنة المتواترة أو للإجماع. وفيه مسألتان:-
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بالانقطاع في هذه المسألة ومناقشتها.
قال عيسى بن أبان البصري و أبو زيد الدبوسي والسرخسي والبزدوي و النسفي وعبدالعزيز البخاري وغيرهم من المنتسبين لأبي حنيفة رحمه الله تعالى:- إن الخبر الصحيح إذا جاء مخالفاً لكتاب الله أو للسنة المتواترة أو للإجماع فإنه لا يكون مقبولاً ولا حجةً للعمل به، سواء خالف الخبر الكتاب من أصله أو عمومه أو ظاهره، مستدلين على ذلك بالأدلة التالية ([41]):-
الدليل الأول:-قوله عليه السلام:- (… فأيما شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرطٍ فقضاء الله أحق وشرط الله أوثق) ([42]).
وقد بَيَّن السرخسي وجه الدلالة منه بقوله ([43]): (والمراد كل شرط هو مخالف لكتاب الله تعالى لا أن يكون المراد ما لا يوجد عينه في كتاب الله تعالى فإن عين هذا الحديث لا يوجد في كتاب الله تعالى.
وبالإجماع من الأحكام ما هو ثابت بخبر الواحد والقياس وإن كان لا يوجد ذلك في كتاب الله تعالى.
فعرفنا أن المراد ما يكون مخالفا لكتاب الله تعالى وذلك تنصيص على أن كل حديث هو مخالف لكتاب الله تعالى فهو مردود).
ويمكن مناقشة هذا الرأي على النحو التالي:-
أولاً:- بأن يقال هل سبقكم أحد من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم أو واحد من الأئمة الأربعة إلى هذا الفهم؟
فإن قالوا: لا. قلنا: إذن لا حاجة لنا بهذا القول المخترع.
وإن قالوا: نعم. قلنا: سموا لنا من قال بهذا ممن سبق من أهل العلم. ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً. ذلك أن الحديث لا يشك في ثبوته أحد، فهو في الصحيحين، وإذا كان ذلك كذلك فإنه مما قد تعبد به الصحابة رضي الله عنهم ربهم وتقربوا إليه بالعمل بمدلوله ومفهومه فيجب حينئذٍ الرجوع إلى أقوالهم وأفعالهم وفهمهم له وإلا لزم من القول بما ذكره هؤلاء لوازم خطيرة وسيئة، من ذلك: نسبة الجهل إلي السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المتبوعين، وعملهم بالباطل لخفاء الحق عليهم حتى فهمه متأخرو الحنفية، وهذا لا يقول به جاهل فضلاً عمن ينسب نفسه إلى العلم.
وحين الرجوع إلى كتب أهل العلم الذين نقلوا عن سلفنا وجدنا أن المراد بـ (كتاب الله) في قوله: (ما كان من شرط ليس في كتاب الله): أي حكمه كقوله تعالى:-) كتاب الله عليكم ((النساء 24) وقول النبي r :- ( كتاب الله القصاص) ([44]) في كسر السن.
فكتابه سبحانه يطلق على كلامه وحكمه الذي حكم به على لسان رسوله.
وليس المراد به القرآن قطعاً؛ فإن أكثر الشروط الصحيحة ليست في القرآن بل علمت من السنة فعلم أن المراد بـ (كتاب الله): حكمه.
ومعلوم أن كل شرط ليس في حكم الله فهو مخالف له، فيكون باطلاً ([45]).
قال السمعاني في قواطع الأدلة ([46]):- (فالمراد من كتاب الله: هو حكم الله تعالى وتقدس).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ([47]) –رحمه الله تعالى -: (فكل شرط ليس في القرآن ولا في الحديث ولا في الإجماع فليس في كتاب الله بخلاف ما كان في السنة أو في الإجماع فإنه في كتاب الله بواسطة دلالته على اتباع السنة والإجماع).
وقال ([48]) –أيضاً-: (يدل على ذلك أن الشرط الذي بينا جوازه بسنة أو إجماع صحيح بالاتفاق فيجب أن يكون في كتاب الله وقد لا يكون في كتاب الله بخصوصه لكن في كتاب الله الأمر باتباع السنة واتباع سبيل المؤمنين فيكون في كتاب الله بهذا الاعتبار؛ لأن جامع الجامع جامع، ودليل الدليل دليل بهذا الاعتبار).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/64)
ثانياً:- أن قولهم هذا مبني على أن هناك تعارضاً بين الكتاب والسنة الصحيحة وهذا غير صحيح.
قال ابن حزم ([49]): (ويبين صحة ما قلنا من أنه لا تعارض بين شيء من نصوص القرآن ونصوص كلام النبي r وما نقل من أفعاله، قول الله عز وجل مخبراً عن رسوله عليه السلام:) وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ((النجم 3) وقوله تعالى:) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ((الأحزاب 21) وقال تعالى:) أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ((النساء 82) فأخبر عز وجل أن كلام نبيه r وحي من عنده، كالقرآن في أنه وحي، وفي أنه كل من عند الله عز وجل، وأخبرنا تعالى أنه راض عن أفعال نبيه r ، وأنه موفق لمراد ربه تعالى فيها لترغيبه عز وجل في الإئتساء به عليه السلام، فلما صح أن كل ذلك من عند الله تعالى، ووجدناه تعالى قد أخبرنا أنه لا اختلاف فيما كان من عنده تعالى صح أن لا تعارض ولا اختلاف في شيء من القرآن والحديث الصحيح، وأنه كله متفق كما قلنا ضرورة، وبطل مذهب من أراد ضرب الحديث بعضه ببعض، أو ضرب الحديث بالقرآن، وصح أن ليس شيء من كل ذلك مخالفاً لسائره).
والقول بعدم وقوع التعارض بين الأدلة الشرعية مطلقاً في نفس الأمر هو قول أئمة السلف والأئمة الأربعة وكثير من علماء الأصول ([50]).
ثالثاً:-قولهم هذا مبني على أن خبر الواحد لا يفيد العلم، وقد سبق في المباحث السابقة بيان إفادته العلم عند سلفنا الصالح والأئمة ومنهم إمام المذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
ومما يزيد الأمر وضوحاً في كون خبر الواحد مما يحتج به في العقيدة، وأنه يفيد العلم عند أهل العلم:-
1 - قول أبي حنيفة ([51]) -رحمه الله -: (وخبر المعراج حق، فمن رده فهو ضال مبتدع).
2 - وقوله ([52]) –أيضاً -: (وخروج الدجال، و يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى عليه السلام من السماء، وسائر علامات يوم القيامة، على ما وردت به الأخبار الصحيحة حق كائن).
3 - أن أهل العلم من أهل السنة والجماعة قد قاموا بذكر عقائدهم المبنية على الكتاب وصحيح السنة في مؤلفاتهم التي ألفوها للرد على المبتدعة، أو لبيان عقيدتهم ابتداءً ([53]).
فلو لم يفد خبر الواحد العلم لما احتجوا به ولما اعتقدوا ما فيه؟ ********!!
فمن القسم الأول ما يأتي:-
أ-كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ).
ب-كتاب الرد على الجهمية لعبدالله بن أحمد بن عبدالله الجعفي (ت229هـ).
ج-كتاب الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل (ت 241هـ).
د-كتاب الرد على الجهمية لأمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ).
هـ-كتاب خلق أفعال العباد للبخاري.
و-كتاب الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية المشبهة لعبدالله بن مسلم بن قتيبة (ت 276هـ).
ز-كتاب الرد على الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي (ت 280 هـ).
ح-كتاب الرد على بشر المريسي للدارمي.
ط-كتاب الإبانة عن أصول الديانة للإمام أبي الحسن الأشعري (ت 324هـ).
ي-كتاب الرد على الجهمية لعبدالرحمن بن أبي حاتم (ت 327هـ).
وأما القسم الثاني فمنه:-
1 - كتاب السنة للإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ).
2 - كتاب السنة لأبي بكر الأثرم (ت 260هـ).
3 - كتاب السنة لابن أبي عاصم (ت 277هـ).
4 - كتاب السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل (ت 290هـ).
5 - كتاب السنة لمحمد بن نصر المروزي (ت 294هـ).
6 - كتاب السنة لأحمد بن محمد هارون الخلال (ت 311هـ).
7 - كتاب التوحيد لابن خزيمة (ت 311هـ).
8 - كتاب الشريعة لأبي بكر الآجري (ت 360هـ).
9 - كتاب العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (ت 369 هـ).
10 - كتاب الصفات، وكتاب رؤية الله جل جلاله لأبي الحسن الدارقطني (ت 385هـ).
11 - كتاب الإبانة لعبيدالله بن محمد بن بطة (ت 387هـ).
12 - كتاب التوحيد لمحمد بن اسحاق بن مندة (ت 395هـ).
13 - كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لهبة الله اللآلكائي (ت 418هـ).
14 - كتاب ذم الكلام وأهله لعبدالله بن محمد الهروي (ت 481هـ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/65)
فهؤلاء أئمة الدنيا في وقتهم قد احتجوا بأخبار الآحاد في عقائدهم وردودهم على المبتدعة، فهل يصح أن يتواطأ هؤلاء على العمل بالباطل والدعوة إليه والمنافحة عنه؟
من له مسكة من عقل وذرة من إيمان لا يقول إلا: لا.
رابعاً:-قولهم هذا مبني -أيضاً - على أن خبر الواحد قد يكون بخلاف الواقع وهذا غير صحيح لعصمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أن تجتمع على ضلالة. وقد سبق بيان ذلك في مبحث إفادة خبر الواحد العلم فليرجع إليه.
الدليل الثاني:- قوله عليه السلام:- (تكثر الأحاديث لكم بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه واعلموا أنه مني وما خالفه فردوه واعلموا أني منه بريء).
والجواب عن هذا الدليل بأن يقال:-
أولاً:- هذا الحديث نقده النقاد أهل الحديث والأثر فقالوا: إنه لا يصح عن رسول الله r ، وقد روي بألفاظ مختلفة فها هي محكوماً عليها من قبلهم:-
1 - (سئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وأنه ستفشو عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرؤوا كتاب الله واعتبروا فما وافق كتاب الله فأنا قلته ومالم يوافق كتاب الله فلم أقله) ([54]). (عن ابن عمر).
قال السخاوي ([55]): قال الحافظ ابن حجر عنه: إنه جاء من طرق لا تخلو عن مقال.
وقال الهيثمي ([56]): وفيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث.
قال العلامة الألباني ([57]) رحمه الله: ضعيف.
2 - (إذا رويتم – ويروى- إذا حدثتم عني حديثاً فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق فاقبلوه وإن خالف فردوه).
قال الصغاني ([58]): موضوع.
3 - (إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني) ([59]). (عن ابن عباس).
4 - (ما من نبي إلا وقد كذب عليه من بعده ألا وسيكذب علي من بعدي كما كذب على من كان قبلي فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فهو عني وما خالفه فليس عني) ([60]). (جابر بن زيد).
5 - (إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه وإن لم يوافقه فردوه) (عن أبي هريرة).
قال الخطابي ([61]): حديث باطل لا أصل له.
وقال يحيى بن معين ([62]): هذا حديث وضعته الزنادقة.
6 - (إذا سمعتم عني حديثاً فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه).
قال العجلوني ([63]): هذا الحديث من أوضع الموضوعات ... بل صح خلافه.
7 - (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله). (عن أبي هريرة).
قال ابن معين في تاريخه ([64]):- سمعت يحيى يقول: كان يحيى بن آدم يحدث بحديث بن أبي ذئب عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي r . وغير يحيى بن آدم يرسله.
8 - (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته وما خالفه فلم أقله)
قال الشافعي ([65]): ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر.
9 - (ألا إن رحا الإسلام دائرة قال كيف نصنع يا رسول الله قال أعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته) ([66]). (عن ثوبان).
قال الهيثمي ([67]): وفيه يزيد بن ربيعة وهو متروك منكر الحديث.
10 - (إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث فأعرضوا حديثهم على القرآن فما وافق القرآن فخذوا به وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به). (عن علي بن أبي طالب).
وقد أعله الدارقطني ([68]) بقوله: هذا وهم، والصواب عن عاصم بن زيد عن علي بن الحسين مرسلاً عن النبي r .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله ([69]): ضعيف.
11 - (ستبلغكم عني أحاديث، فاعرضوها على القرآن، فما وافق القرآن فالزموه، وما خالف القرآن فارفضوه) ([70]) (عن الحسن البصري).
قال العلامة الألباني ([71]) رحمه الله: ضعيف جداً.
وخلاصة القول في هذه الأحاديث ما ذكره ابن عبد البر وغيره من أهل العلم.
قال ابن عبدالبر ([72]): (وهذه الألفاظ لا تصح عنه r عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه).
وقال الدكتور عبدالغني عبدالخالق في كتابه حجية السنة ([73]): (أما عن أحاديث العرض على كتاب الله: فكلها ضعيفة، لا يصح التمسك بها.
فمنها: ما هو منقطع. ومنها: ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول. ومنها: ما جمع بينهما).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/66)
فائدة: من غريب ما ذكره عبدالعزيز البخاري الحنفي في كتابه كشف الأسرار حينما أراد الرد على من طعن في ثبوت بعض الروايات السابقة والرد على قدح يحيى بن معين فيها بقوله: هذا حديث وضعته الزنادقة.
قال عبدالعزيز البخاري ([74]): (والجواب أن الإمام أبا عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري أورد هذا الحديث في كتابه، وهو الطود المنيع في هذا الفن وإمام هذه الصنعة فكفى بإيراده دليلاً على صحته ولم يلتف إلى طعن غيره بعد ... ).
قلت:- هذا الكلام يوهم أن البخاري أورده في صحيحه إذ كتابه إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى صحيحه.
وبعد البحث تبيَّن أنه يشير إلى ما ذكره البخاري في التاريخ الكبير ([75]) حيث قال: (سعيد بن أبي سعيد المقبري أبو سعد قال: ابن أبي أويس ينسب إلى مقبرة، وقال غيره: أبو سعيد مكاتب لامرأة من بني ليث مدني.
وقال ابن طهمان: عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن النبي r: " ما سمعتم عني من حديث تعرفونه فصدقوه "
وقال يحيى: عن أبي هريرة. وهو وهم. ليس فيه أبو هريرة هو سعيد بن كيسان).
فالبخاري رحمه تعالى يشير إلى أن هذا المروي لا يصح لكونه مرسلاً لا أنه كما أوهم عبدالعزيز البخاري بكلامه أن الحديث مروي في الصحيح أو أن البخاري صححه في كتابه التاريخ الكبير أو في غيره.
ثانياً:-لقد عارض هذه الأحاديث قوم من أهل العلم، وقالوا: نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفاً لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله ألا يقبل من حديث رسول الله r إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به والأمر بطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال ([76]).
ثالثاً:-لا يمكن القول بأن معنى تلك المرويات: أن ما صدر عن رسول الله r على نوعين:-
- نوع وافق الكتاب، وهذا يعمل به.
- ونوع خالف الكتاب، وهذا لا يعمل به.
والنوع الأخير لا يمكن القول به عند الجميع لأن الرسول r معصوم بالاتفاق عن أن يصدر عنه ما يخالف القرآن و يضاده؛ لأن الله قال فيه:) قل إنّما اتبع ما يوحى إليّ من ربي ((الأعراف 203).
وقال –أيضاً -:) إن اتبع إلا ما يوحى إليّ وما أنا إلا نذير مبين ((الأحقاف9) وقال تعالى:) وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ((النجم 3)
وقال:) قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إليّ ((يونس 15).
فكلٌ يعتقد أن ما صدر عن الرسول r لا يخالف القرآن ([77]).
قال الشافعي ([78]) رحمه الله: (إن الله عز وجل وضع نبيه r من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه.
فالفرض على خلقه أن يكونوا عالمين بأنه لا يقبل فيما أنزل الله عليه إلا بما أنزل عليه، وأنه لا يخالف كتاب الله، وأنه بيّن عن الله عزَّ وعلا معنى ما أراد الله.
وبيان ذلك في كتاب الله عزَّ وجلَّ: قال الله تبارك وتعالى:) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا إئت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي ((يونس 15).
وقال الله عزَّ وجلَّ لنبيه r : ) اتبع ما أوحي إليك من ربك ((الأنعام 106). وقال مثل هذا في غير آية.
وقال عزَّ وجلَّ:) من يطع الرسول فقد أطاع الله ((النساء 80).
وقال:) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ((النساء 65).
ثم قال: ولا تكون سنةٌ أبداً تخالف القرآن) انتهى كلامه باختصار.
والسنة مع القرآن على ثلاثة أوجه بينها ابن القيم – رحمه الله – أحسن بيان فقال ([79]):-
(أحدها:- أن تكون موافقةً له من كل وجه، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتظافرها.
الثاني:- أن تكون بياناً لما أريد بالقرآن وتفسيراً له.
الثالث:- أن تكون موجبةً لحكم سكت القرآن عن ايجابه أو محرمةً لما سكت عن تحريمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/67)
ولا تخرج عن هذه الأقسام، فلا تعارض القرآن بوجهٍ ما، فما كان منها زائداً على القرآن فهو تشريعٌ مبتدأٌ من النبي r تجب طاعته فيه ولا تحل معصيته وليس هذا تقديماً لها على كتاب الله بل امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله، ولو كان رسول الله r لا يطاع في هذا القسم لم يكن لطاعته معنى وسقطت طاعته المختصة به، وإنه إذا لم تجب طاعته إلا فيما وافق القرآن لا فيما زاد عليه لم يكن له طاعة خاصة تختص به وقد قال الله تعالى:) من يطع الرسول فقد أطاع الله ((النساء 80).
وكيف يكمن أحداً من أهل العلم أن لا يقبل حديثاً زائداً على كتاب الله، فلا يقبل حديث تحريم المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا حديث التحريم بالرضاعة لكل ما يحرم من النسب، ولا حديث خيار الشرط، ولا أحاديث الشفعة، ولا حديث الرهن في الحضر، مع أنه زائد على ما في القرآن، ولا حديث ميراث الجدة، ولا حديث تخيير الأمة إذا أعتقت تحت زوجها، ولا حديث منع الحائض من الصوم والصلاة، ولا حديث وجوب الكفارة على من جامع في نهار رمضان، ولا أحاديث إحداد المتوفي عنها زوجها مع زيادتها على ما في القرآن من العدة).
رابعاً:-هذه المرويات التي استدلوا بها معارضة بمرويات أخرى من جنسها، وأخرى صحيحة.
فأما التي من جنسها فما رواه الدارقطني في سننه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r : ( سيأتيكم عني أحاديث مختلفة فما جاءكم موافقاً لكتاب الله ولسنتي فهو مني وما جاءكم مخالفاً لكتاب الله ولسنتي فليس مني) ([80]).
قال البيهقي ([81]): (تفرد به صالح بن موسى الطلحي وهو ضعيف لا يحتج بحديثه).
فهذا الحديث يأمر بعرض ما يرد علينا مما لا نطمئن إليه ولا نعلم أهو من شرع الله أم لا على كتاب الله وسنة رسوله r ، فتبين أن المراد من أحاديث العرض التي ذكرها المخالف: هو الرجوع إلى الكتاب والسنة لمعرفة مراد الله ومراد رسوله مما قد يشكل علينا لا أن المراد من ذلك ما ادعاه المخالف من عرض السنة الأحادية الصحيحة -والتي قد تكون نصاً صريحاً أو ظاهراً واضحاً – على كتاب الله فإن وافقته وإلا ردت.
وأما الروايات الصحيحة التي عارضت ما عليه تلك السقيمة فمنها:-
1 - حديث المقدام بن معدي كرب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله r : ( يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله r مثل حرم الله) ([82]).
قال الترمذي ([83]): هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وقال الألباني ([84]): صحيح.
2 - حديث أبي رافع قال: قال رسول الله r : ( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله أتبعناه) ([85]).
قال أبو عيسى ([86]): هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم ([87]): صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقال الألباني ([88]): صحيح.
3 - حديث العرباض بن سارية قال: قال رسول الله r : ( أيحسب امرؤ قد شبع حتى بَطِنَ وهو متكئ على أريكته لا يظن أن الله حرم شيئاً إلا ما في هذا القرآن ألا وإني والله حرمت وأمرت ووعظت بأشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر ألا وإنه لا يحل لكم من السباع كل ذي ناب ولا الحمر الأهلية) ([89]).
4 - قوله r :- ( إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض) ([90]).
الدليل الثالث ([91]):- (ولأن الكتاب متيقن به وفي اتصال الخبر الواحد برسول الله r شبهة، فعند تعذر الأخذ بهما لا بد من أن يؤخذ بالمتيقن ويترك ما فيه شبهة ... لأن المتن من الكتاب متيقن به ومتن الحديث لا ينفك عن شبهة، لاحتمال النقل بالمعنى، ثم قوام المعنى بالمتن فإنما يشتغل بالترجيح من حيث المتن أولاً إلى أن يجيء إلى المعنى ولا شك أن الكتاب يترجح باعتبار النقل المتواتر في المتن على خبر الواحد فكانت مخالفة الخبر للكتاب دليلاً ظاهراً على الزيافة فيه).
ويمكن الجواب عن هذا الدليل بما يأتي:-
1 - أما قولهم: (ولأن الكتاب متيقن به، وفي اتصال الخبر الواحد برسول الله r شبهة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/68)
الشق الأول منه مسلم به، وأما الشق الآخر وهو وجود الشبهة في اتصال الحديث برسول الله r وأنه قد يكون في الظاهر صحيحاً وفي نفس الأمر غير صحيح، فيقال:
أ-لقد تعبدنا الله في كثير من الأحكام بالأمور الظاهرة كالقضاء بشهادة الشهود مع احتمال أن يكونوا شهود زورٍ، والمفتي يفتي بحسب سؤال السائل لا ما يتعلق بدواخله وباطنه إلى غير ذلك.
ب-قد بيَّنا فيما سبق أن أخبار الآحاد الصحيحة قد قال العلماء السابقون من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة بقبولها في العقائد والعبادات وهي مفيدة للعلم عندهم فلا حاجة للإعادة.
ج-إن دعوى احتمال الشبهة في صحة اتصال أخبار الآحاد إلى رسول الله r هي كدعوى من يدعي أن هذا العام مخصوص ولا مخصص، أو أن هذا الدليل المطلق مقيد ولا مقيد، أو أن هذا الحكم منسوخ ولا وجود لناسخه ونحو ذلك، فما أسهل الدعاوى!!!
فكلام الأصوليين القائلين بهذا القول، والقائلين بظنية حجية أخبار الآحاد متجه إلى الفرض الذهني فهم يقولون: كل أخبار الآحاد تفيد الظن، لوجود احتمال انقطاعها بأي نوع من أنواع الانقطاع ككذب الراوي أو نسيانه أو خطئه في روايته ... الخ.
بخلاف أئمة الحديث والأثر فإن حكمهم متجه إلى كل حديث وإسناده على حده فكانت أحكامهم على الأحاديث وأسانيدها – بل أحياناً على الحديث وسنده - مختلفة فقالوا: هذا حديث صحيح لذاته، وهذا صحيح لغيره، وهذا حسن لذاته، وهذا حسن لغيره، وهذا ضعيف، وآخر موضوع، وهكذا … حسب عدالة الرواة وضبطهم واتصال السند وصحة السماع وغير ذلك مما هو معروف في علم مصطلح الحديث.
فليس كل حديث آحاد يفيد الظن، ولا كل حديث آحاد يفيد القطع بل فيه وفيه، فمن نسب إلى السلف القول بأحد الكُلِّيتين فقد أخطأ، إلا أنهم يقولون: إن خبر الواحد الصحيح يفيد العلم، والعلم هنا ليس هو العلم المراد عند المتكلمين من الأصوليين كما أن معنى الظن عند علماء السلف ليس هو بمعنى الظن عند الخلف، فلا العلم هو العلم ولا الظن هو الظن.
لأن ما ثبت بالدليل الشرعي فهو علم، وقد يكون العلم مقطوعاً به إذا كان الدليل المثبت له قطعي الدلالة، قطعي الثبوت، وقد يكون ظناً غالباً أو راجحاً إذا كان الدليل المثبت له دون ذلك. وهو قول العلماء السابقين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والأئمة المرضيين.
وأما الخلف فالعلم عندهم مقصور على اليقين الثابت بالعقل - هذا هو الأصل -، وقد يثبتون اليقين بالدليل النقلي.
والظن في إطلاقهم هو: الشك أو التخمين أو الخرص أو الوهم – والظن بهذا المعنى لا يطلقه السلف على ما ثبت بالدليل العقلي أو النقلي – ويستدل الخلف على دعواهم تلك بالآيات التي نزلت منكرة على الكفار عبادتهم لآلهتهم الباطلة نحو قوله تعالى:) إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ((الأنعام 117).
وقوله:) سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ((الأنعام 149).
وقوله:) إن الظن لا يغني من الحق شيئا ((يونس 36).
وقوله:) إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين ((الجاثية 31).
وقوله:) إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ((النجم 23).
فالظن المذكور في الآيات السابقات معناه: الشك أو الوهم أو الخرص أو التخمين.
وهذا هو الظن المذموم الذي لا يجوز لأحد العمل به في العقائد أو العبادات.
وأما الظن الذي عمل به السلف فهو المذكور في قوله تعالى:) إني ظننت أني ملاق حسابيه ((الحاقة 20) وقوله:) وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ((التوبة 119) وقوله تعالى:) فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ((البقرة 230).
وقوله:) يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ((الحجرات 12).
وقوله:) وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك ((يوقف 42).
فالظن في هذه الآيات ونحوها المراد منه: العلم واليقين، أو الظن الراجح والغالب.
وهذا الظن يجب العمل به في العقائد والعبادات على حد سواء إذ هو علم والعلم يجب العمل به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/69)
ولهذا نظير في الأمور الحسية فنظيره الميزان الذي توزن به الأشيئاء، فإن الميزان الصحيح ما استوت كفتاه وهذه الحالة بمثابة الشك، فإذا وُضِع في إحدى كفتيه أي شيء ما -مهما بلغ في الخفة - فإن الكفة التي فيها ذلك الشيء ستبدأ تدريجياً بالانخفاض والميلان إلى أسفل، وهذه الحالة أشبه بالظن الغالب أو الراجح أي رجحان شيء على شيء آخر، وكلما زِيْدَ في هذه الكفة من الأوزان فإنها ستزداد في الميلان والانخفاض إلى درجةٍ لا يمكن بعدها نزول هذه الكفة أكثر مما نزلت إليه، وهذه المرحلة أشبه بمرحلة اليقين والقطع.
كذا سائر العلوم أو الأشيئاء المطلوب معرفتها فإنها تبدأ بالوضوح شيئاً فشيئاً حتى تصبح يقينية لا يمكن الشك فيها بوجه من الوجوه. فكما أن الناظر إلى ذلك الميزان لا يمكنه دفع رجحان إحدى الكفتين على الأخرى، كذا الناظر في خبر الواحد الذي درس سنده فلم يجد ما يقدح في صحته؛ فإنه لا يستطيع حينئذٍ دفع ما يجده في صدوره من اعتقاد صحته ورجحان ثبوته إلا بالهوى والتشهي.
د-إن أخبار الآحاد المضافة إلى الشارع ليست كسائر الأخبار المضافة إلى غيره؛ لأن أخبار الشارع محفوظة عن الضياع أو الاشتباه بالأخبار المكذوبة عليه، بخلاف أخبار الآحاد عن غيره فإنها قد تضيع وقد تشتبه بالمكذوبة ولا تعلم إلى قيام الساعة.
قال ابن حزم ([92]): قال تعالى:) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ((الحجر 9).
وقال تعالى:) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ((النحل 44).
فصح أن كلام رسول الله r كله في الدين وحي من عند الله عز وجل لا شك في ذلك ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة والشريعة في أن كل وحي نزل من عند الله تعالى فهو ذكر منزل. فالوحي كله محفوظ بحفظ الله تعالى له بيقين وكل ما تكفل الله بحفظه فمضمون ألا يضيع منه وألا يُحَرَّف منه شيء أبداً تحريفاً لا يأتي البيان ببطلانه إذ لو جاز غير ذلك لكان كلام الله تعالى كذباً وضمانه خائساً وهذا لا يخطر ببال ذي مسكة عقل، فوجب أن الذي أتانا به محمد r محفوظ بتولي الله تعالى حفظه، مبلغ كما هو إلى كل ما طلبه مما يأتي أبداً إلى انقضاء الدنيا.
قال تعالى:) قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ((الأنعام 19).
فإذ ذلك كذلك فبالضرورة نعلم أنه لا سبيل البتة إلى ضياع شيء مما قاله رسول الله r في الدين ولا سبيل البتة إلى أن يختلط به باطل موضوع اختلاطاً لا يتميز لأحد من الناس بيقين إذ لو جاز ذلك لكان الذكر غير محفوظ ولكان قول الله تعالى:) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ((الحجر 9) كذباً ووعداً مخلفاً وهذا لا يقوله مسلم).
هـ-ومما يزيد الأمر وضوحاً في أن الله سبحانه وتعالى حافظ لوحيه إلى قيام الساعة أنه جل وعلا نصب أئمةً أعلاماً جهابذةً حفاظاً أثباتاً نقاداً للحديث يَمِيزُون الطيب من الخبيث، والصحيح من السقيم، والحق من الباطل. قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة. قال: يعيش لها الجهابذة ([93]).
فمن هؤلاء الجهابذة:- عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت157هـ)، وشعبه بن الحجاج (ت 160هـ)، وسفيان الثوري (ت161هـ)، ومالك بن أنس (ت179 هـ)، وحماد بن زيد (ت179هـ)، وعبدالله بن المبارك (ت181هـ)، و وكيع بن الجراح (ت196هـ)، وسفيان بن عيينة (ت 198هـ)، ويحيى بن سعيد القطان (ت198هـ)، وعبدالرحمن بن مهدي (ت198هـ)، ويحيى بن معين (ت233هـ)، وعلي بن المديني (ت234هـ)، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه (ت238هـ)، وأحمد بن حنبل (ت241هـ)، وأبو محمد عبدالله الدارمي (ت255هـ)، ومحمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، ومسلم بن الحجاج القشيري (ت261هـ)، وعبيد الله بن عبدالكريم أبو زرعة الرازي (ت264هـ)، وأبو داود السجستاني (ت275هـ)، وأبو حاتم الرازي محمد بن إدريس الحنظلي (ت277هـ).
فهؤلاء الذين لا يختلف فيهم ويعتمد على جرحهم وتعديلهم ويحتج بحديثهم وكلامهم في الرجال والحديث قبولاً أو رداً ….
لاتفاق أهل العلم على الشهادة لهم بذلك. كما أن الله لم ينزلهم هذه المنزلة إذ انطق ألسنة أهل العلم لهم بذلك إلا وقد جعلهم أعلاماً لدينه، ومناراً لاستقامة طريقه وألبسهم لباس أعمالهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/70)
فما قبله هؤلاء فهو المقبول وما ردوه فهو المردود ([94]). لا سيما وقد قال رسول الله r في حديث عبادة بن الصامت في مبايعتهم الرسول r : بايعنا رسول الله صلى عليه وسلم على السمع والطاعة، في العسر واليسر …وعلى أن لا ننازع الأمر أهله ([95]) …الحديث.
فالقول بترك الحديث الذي قبلوه وأخذ ما تركوه هو من منازعة الأمر أهله.
و-يلزم هؤلاء على القول بهذه القاعدة المزعومة رد ما يسمونه عندهم مشهوراً لكونه آحاد الأصل، وقد يكون ضعيفاً أو موضوعاً، إذ لا يلزم من كونه مشهوراً أن يكون صحيحاً، فما يدعونه في قبول هذا هو بعينه ما سيدعيه الآخرون في قبولهم لخبر الواحد صحيح السند، فليس قول أولى من قول، بل القول الأخير أولى بالقبول وأحرى.
ز-قولهم: إن في اتصال الخبر الواحد برسول الله r شبهة.
يقال لهم: ليس البحث في أخبار الآحاد مطلقاً، ولا من حيث الناحية النظرية فهذا لا قيمة له.
وإنما البحث في إفادة الخبر الصحيح المسند المروي من طريق الآحاد والذي دُوِّن في دواوين أهل العلم كالصحيحين وسنن ابن ماجة وأبي داود والترمذي والنسائي وموطأ مالك ومسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم والسنن الكبرى للبيهقي ومصنف ابن أبي شيبة وعبدالرزاق ... الخ.
فما اتُفِقَ على صحته من قبل هؤلاء العلماء الأعلام –الذين سبق ذكرهم – ما حكمه؟ بمعنى، هل يقال بعد ذلك إن في اتصال الخبر الواحد برسول الله r شبهة؟!!. اللهم: لا، إلا من مكابر. وهذا مما ينزه عنه أهل العلم.
وهل يقال –أيضاً -: هي أخبار آحاد لا تفيد إلا الظن؟!! اللهم: لا؛ لأن في ذلك طعناً في الإجماع المتيقن من حفظ الله لدينه فلا يمكن أن تكون تلك الأحاديث التي تداولها العلماء –بعد فحصها ومحصها- بالحفظ والنقل والشرح والتدريس والوعظ والإرشاد معتقدين صحتها وصحة ما دلت عليه جيلاً بعد جيلٍ لا يمكن تكون غير صحيحة في نفس الأمر، هذا من المحال عقلاً وشرعاً. كما أن ما أجمع أولئك الجهابذة على تضعيفه لا يكون صحيحاً في نفس الأمر، أما ما اختلفوا في تصحيحه وتضعيفه فهذا مما يقال إنه في مجال الأخذ والرد والبحث والمناقشة وحينئذٍ لا تثريب على من عمل بما صح عنده أولم يعمل به لعدم صحته عنده، وهذا كنظير اختلاف الصحابة على قولين، فإنه لا يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث. بل لا يتصور ها هنا إلا أحد قولين الصحة أو عدمها.
قال شيخ الإسلام ([96]): (فإن العصمة ثبتت بالنسبة الإجماعية، كما أن خبر التواتر يجوز الخطأ والكذب على واحدٍ واحد من المخبرين بمفرده ولا يجوز على المجموع، والأمة معصومة من الخطأ في روايتها ورأيها ورؤياها ... ).
فإن قالوا: نحن من الأمة وقد خالفنا في حجية خبر الواحد أو صحته.
قلنا: أنتم مسبوقون بإجماع الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المرضيين على الاحتجاج بما كان هذا سبيله.
لذا وجب التنبيه على أن طرح قضية حجية خبر الواحد ينبغي أن تكون في هذا الإطار، أعني أخبار الآحاد الصحيحة المنقولة في دواوين أئمة الإسلام، أما تعميمها في كل خبر وفي كل وقت ففيه تعمية للحق ومدعاة لاعتقاد الباطل وخروج عن نطاق البحث العلمي الصحيح.
ح-وإما قولهم: (فعند تعذر الأخذ بهما لا بد من أن يؤخذ بالمتيقن ويترك ما فيه شبهة).
فالجواب:لقد بُيِّن أن خبر الواحد الذي صح سنده وعمل به وتلقي بالقبول من قبل علماء الحديث والأثر أنه متيقن وليس فيه شبهة أبداً.
وأما قولهم: إن تعذر الأخذ بهما. فهذه دعوى مجردة عن الدليل، وقد سبق –أيضاً – ذكر البيان الساطع في أنه لا تعارض البتة بين الأدلة الشرعية إلا في حالة النسخ، والعمل بالناسخ هو المتعين.
ط- وأما قولهم: (لأن المتن من الكتاب متيقن به ومتن الحديث لا ينفك عن شبهة، لاحتمال النقل بالمعنى، ثم قوام المعنى بالمتن فإنما يشتغل بالترجيح من حيث المتن أولاً إلى أن يجيء إلى المعنى ولا شك أن الكتاب يترجح باعتبار النقل المتواتر في المتن على خبر الواحد فكانت مخالفة الخبر للكتاب دليلاً ظاهراً على الزيافة فيه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/71)
قلت: لا خلاف بين أحد من المسلمين في صدق الشق الأول وهو قولهم إن متن الكتاب متيقن، كما أنه لا خلاف بين الأئمة الأربعة وجمهور العلماء في جواز نقل الحديث بالمعنى بما لا يحيل المعنى أو يغيره تغييراً يؤثر على صحة الاستدلال به مما لم نُتَعَبد بلفظه كألفاظ الأذان والإقامة والأذكار والأدعية ([97])، وحينئذٍ فليس هناك كبير فائدة من قولهم لاحتمال النقل بالمعنى؛ لأن الأصل عدم نقله بالمعنى، و لو فُرِضَ -أيضاً - نقله بالمعنى فلا يخلو من أن يكون النقل بالمعنى هو عين المعنى المستفاد من اللفظ النبوي أو لا، فإن كان هو هو سقطت الدعوى، وإن كانت الأخرى فلا يخلو من أن يتكشف خطأ ناقل الحديث إلى معناه الجديد أو لا فإن كُشف الخطأ سقطت الدعوى أيضاً ولزم العمل بالدليل المُبَيِّن، وإن كانت الأخرى فهذا لا يصح فرض وقوعه لما سبق من حكاية الإجماع على أن الله قد تكفل بحفظ دينه و أنه لا يمكن أن تجمع أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم على ضلالة.
ونقول –أيضاً - إن المسألة إنما هي مفروضة في حديث صحيح ثابت منقول إلينا نقل آحاد مروي بلفظه عن رسول الله r ، فإذا كان ذلك كذلك فيجب قبوله لصحته ولعدم وجود ما يقدح فيه.
علماً بأنا قد بينا أن الأخبار المعنية هي الأخبار الصحيحة التي رواها أئمة الحديث والسنة في مصنفاتهم التي سبق ذكرها، لا مطلق الأخبار. وما ذكروه من احتمالات لعدم العمل بها قد سبق بيان وجه بطلانها.
فالواجب أن تفرض المسألة في تعارض خبر آحاد صحيح مروي بلفظه مع كتاب الله، فهل يقبل أو يرفض لمعارضته الظاهرة للكتاب؟!!
والقول بوجوب قبوله هو المتعين لما سبق من أدلة كثيرة على حجية السنة عموماً وأخبار الآحاد على وجه الخصوص. ولأنه يلزمهم في ردهم لأخبار الآحاد حين معارضتها لظاهر الكتاب رد ما ادعوه من قبيل المشهور للعله نفسها. وما يذكرونه من حجج لقبول أحاديثهم المشهورة هي بعينها الحجج الداعية إلى قبول أخبار الآحاد الصحيحة.
قال أبو المظفر السمعاني ([98]): (إنا نظن أن النبي r قال الذي قال في خبر الواحد، وقام لنا الدليل القطعي على العمل بما يغلب على ظننا من ذلك. فكل هذا علم؛لأنا نعلم أنه غلب على ظننا صدق الراوي، ونعلم قيام الدليل على وجوب العمل بما ظنناه، فثبتت مساواة الطريق إلى العلم بحكم الخبر طريقنا إلى العلم بعموم الكتاب).
المسألة الثانية:- في الآثار الفقهية المترتبة على القول بهذا النوع من الانقطاع:
لقد تبين من استعراض أدلة القائلين برد خبر الواحد الذي صح سنده لمخالفته ظاهر الكتاب أنها لم تكن صائبة، ومع هذا كله ترتب على القول بها مسائل فقهيةٍ كثيرةٍ – خلا المسائل العقدية –.
وفي هذا الموطن سأتطرق –إن شاء الله – إلى بعض المسائل المهمة المبنية على هذه القاعدة ذاكراً لها على سبيل المثال تاركاً ذكر أدلة كلٍ والمناقشات التي دارت فيها خشية الخروج عن أصل الموضوع فمن تلك المسائل:-
1 - نقض الوضوء بمس الذكر ([99]).
قال السرخسي: (ولهذا لم يقبل علماؤنا خبر الوضوء من مس الذكر؛ لأنه مخالف للكتاب فإن الله تعالى قال:-) فيه رجال يحبون أن يتطهروا ((التوبة 108) يعني الاستنجاء بالماء فقد مدحهم بذلك وسمى فعلهم تطهراً.
ومعلوم أن الاستنجاء بالماء لا يكون إلا بمس الذكر. فالحديث الذي يجعل مسه حدثاً بمنزلة البول، يكون مخالفاً لما في الكتاب؛ لأن الفعل الذي هو حدث لا يكون تطهراً)
المناقشة:- يمكن مناقشة ما ذكره السرخسي على النحو التالي:-
أولاً: الحديث الذي أشار إليه السرخسي هو (من مس ذكره فلا يصل حتى يتوضأ) ([100]) قد ورد بألفاظ متقاربة ومن طرق مختلفة بعضها حسنة وبعضها صحيحة ([101]).
وأما الحديث الذي عارض حديث بسرة فهو حديث طلق بن علي قال: خرجنا إلى نبي الله r وفداً حتى قدمنا عليه فبايعناه وصلينا معه فجاء رجل كأنه بدوي فقال يا رسول الله: ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ. فقال: (وهل هو إلا بضعة أو مضغة منك) ([102])
قال الترمذي ([103]): هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب.
وقد ذهب جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة إلى إيجاب الوضوء من مس الذكر ([104]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/72)
وذهب بعض الصحابة والتابعين وبعض الفقهاء كأبي حنيفة والثوري وغيرهما إلى عدم نقض الوضوء بمس الذكر ([105]).
أقول: من هذا العرض الموجز لأقوال العلماء في تصحيح الحديثين أو تضعيفهما أو تصحيح أحدهما دون الآخر ومن ثم اختلافهم في القول بأيهما، تبين أن سبب الخلاف هو هذا لا ما ذكره متأخرو الحنفية من أن سببه هو مخالفة الحديث لظاهر القرآن.
ومما يؤيد أن هذا هو السبب -وهو تصحيح الحديثين أو تضعيفهما أوأحدهما دون الآخر- أن بعض أهل العلم قد جمع بينهما فقال: يحمل ذكر الوضوء في حديث بسرة على غسل اليدين لا الوضوء الشرعي.
قال ابن قتيبة ([106]): (أما عَلِمَ أن كثيراً من أهل الفقه قد ذهبوا إلى أن الوضوء يجب من مس الفرج في المنام واليقظة بهذا الحديث وبالحديث الآخر من مس فرجه فليتوضأ وإن كنا نحن لا نذهب إلى ذلك ونرى أن الوضوء الذي أمر به من مس فرجه غسل اليد لأن الفروج مخارج الحدث والنجاسات ... ).
ثانياً: وأما قولهم: (فإن الله تعالى قال:-) فيه رجال يحبون أن يتطهروا ((التوبة 108) يعني الاستنجاء بالماء فقد مدحهم بذلك وسمى فعلهم تطهراً.
ومعلوم أن الاستنجاء بالماء لا يكون إلا بمس الذكر. فالحديث الذي يجعل مسه حدثاً بمنزلة البول، يكون مخالفاً لما في الكتاب؛ لأن الفعل الذي هو حدث لا يكون تطهراً)
فيقال: نعم امتدح الله أهل قباء بذلك. قال الشعبي ([107]): هم أهل مسجد قباء أنزل الله فيهم هذا.
قال رسول الله r : ( يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيراً في الطهور فما طهوركم هذا؟ قالوا: يا رسول الله نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة. فقال رسول الله r : فهل مع ذلك من غيره؟ فقالوا: لا غير إلا أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء.
قال: هو ذاك فعليكموه) ([108]).
قال الحاكم ([109]): حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
فالآية امتدحتهم لتطهرهم أي لإزالتهم النجاسة الحقيقية من الفرجين بالماء فهو كتطهير الثياب والأماكن من النجاسات الحسية، لا أن المراد بالتطهر الطهارة عن الحدث فهذا كل الصحابة رضي الله عنهم فيه سواء. وتلك الطهارة لا تزول عن الشخص كما لو أرعف أو خرجت منه ريح بعد استنجائه وحينئذٍ ليس هناك مخالفة بين الحديث والآية.وبهذا يتضح خطأ قولهم: (فالحديث الذي يجعل مسه حدثاً بمنزلة البول، يكون مخالفاً لما في الكتاب؛ لأن الفعل الذي هو حدث لا يكون تطهراً).
فإن قالوا: إن الله تعالى جعل الاستنجاء تطهراً مطلقاً فينبغي أن يكون تطهراً حقيقة وحكماً، فلو جعل المس حدثاً لا يكون تطهراً من كل وجه.
قيل: هذا قول ضعيف لأنه يلزم منه أن من أزال النجاسة عن السبيلين أصبح متطهراً أي متوضأ حكماً وهذا لا قائل به أبداً.
2 - المبتوتة نفقتها وسكناها:-
قال السرخسي: (وكذلك لم يقبل حديث فاطمة بنت قيس في أن لا نفقة للمبتوتة؛ لأنه مخالف للكتاب وهو قوله تعالى:-) أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ((الطلاق 6).
ولا خلاف أن المراد وأنفقوا عليهن من وجدكم، فالمراد الحائل؛ فإنه عطف عليه قوله تعالى:-) وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ((الطلاق 6).
قلت: ورد في هذه المسألة حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها المشار إليه آنفاً، وحديث آخر عن عمر بن الخطاب مما جعل العلماء يختلفون في حكم نفقة وسكنى المبتوتة.
وسيكون بحث المسألة في فقرات على النحو التالي:
1 - روى مسلم في صحيحه ([110]) حديث فاطمة بنت قيس أنهاقالت: إن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله r فذكرت ذلك له، فقال: (ليس لك عليه نفقة).
2 - روى الدارقطني في سننه ([111]) قال: قالت فاطمة بنت قيس: قال رسول الله r:( المطلقة ثلاثاً لا سكنى لها ولا نفقة إنما السكنى والنفقة لمن يملك الرجعة).
وروى الدارقطني ([112]) عن: (عمر بن الخطاب أنه لما بلغه قول فاطمة بنت قيس قال: لا ندع كتاب الله لقول امرأة لعلها نسيت).
وروى الدارقطني ([113]) – أيضاً – أن عمر رضي الله عنه قال: (لا نترك كتاب الله وسنة نبينا r لقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة قال الله تعالى:) لا تخرجوهن من بيوتهن ({الطلاق 1} الآية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/73)
قال ابن القيم ([114]): (قد أعاذ الله أمير المؤمنين من هذا الكلام الباطل الذي لا يصح عنه أبداً. قال الإمام أحمد: لا يصح ذلك عن عمر).
وروى الدارقطني ([115]) عن عمر رضي الله عنه أنه قال لفاطمة رضي الله عنها: (إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله r وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة) لا تخرجوهن من بيوتهن ({الطلاق 1} الآية.
قال الدارقطني: ولم يقل فيه وسنة نبينا.
وروى الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن الخليل الحضرمي قال ذكر لعمر بن الخطاب قول فاطمة بنت قيس أن رسول الله r لم يجعل لها السكنى ولا النفقة فقال عمر لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة.
قال الدارقطني: الحسن بن عمارة متروك.
وفي سنن الدارقطني ([116]) أن: (عمر قال: لا ندع كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة المطلقة ثلاثاً لها السكنى والنفقة)
قال الدارقطني: أشعث بن سوار ضعيف الحديث ورواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود ولم يقل وسنة نبينا وقد كتبناه قبل هذا والأعمش أثبت من أشعث وأحفظ منه.
3 - روى البخاري في صحيحه ([117]) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما لفاطمة،ألا تتقي الله؟ يعني في قولها: لا سكنى ولا نفقة.
وفي صحيحه ([118]) - أيضاً - عنها: قالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها النبي r .
4- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ([119]): (وادعى بعض الحنفية أن في بعض طرق حديث عمر: للمطلقة ثلاثاً السكنى والنفقة).
5 - قال الطحاوي ([120]): (خالفت فاطمة سنة رسول الله r ؛ لأن عمر روى خلاف ماروت …)
6 - قال حماد بن أبي سليمان: أخبرت إبراهيم النخعي بحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس، فقال لي إبراهيم: إن عمر أخبر بقولها فقال: لسنا بتاركي آية من كتاب الله تعالى، وقول النبي r لقول امرأة لعلها أوهمت. سمعت النبي r يقول: لها السكنى والنفقة ([121]).
7 - قال ابن القيم ([122]): (وأما حديث حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله r يقول: (لها السكنى والنفقة).
فنحن نشهد بالله شهادة نسأل عنها إذا لقيناه أن هذا كذب على عمر رضي الله عنه وكذب على رسول الله r وينبغي أن لا يحمل الإنسان فرط الإنتصار للمذاهب والتعصب لها على معارضة سنن رسول الله r الصحيحة الصريحة بالكذب البحت فلو يكون هذا عند عمر رضي الله عنه عن النبي r لخرست فاطمة وذووها ولم ينبسوا بكلمة ولا دعت فاطمة إلى المناظرة ولا احتيج إلى ذكر إخراجها لبذاء لسانها ولما فات هذا الحديث أئمة الحديث والمصنفين في السنن والأحكام المنتصرين للسنن فقط لا لمذهب ولا لرجل.
هذا قبل أن نصل به إلى إبراهيم ولو قدر وصولنا بالحديث إلى إبراهيم لانقطع نخاعه فإن إبراهيم لم يولد إلا بعد موت عمر رضي الله عنه بسنين).
8 - قال ابن عبدالبر ([123]): (أحاديث فاطمة كلها لم يختلف في أنها لا نفقة لها؛ وإنما اختلف في ذكر السكنى، فمنهم من ذكرها، ومنهم من لم يذكرها ..
وأما الصحابة، فقد اختلفوا ...
منهم من يقول: لها السكني والنفقة. منهم: عمر، وابن مسعود.
ومنهم من يقول: لها السكنى ولا نفقة. منهم: ابن عمر، وعائشة.
ومنهم يقول: لا سكنى لها ولا نفقة. وممن قال بذلك: علي، وابن عباس، وجابر).
وقد اختلف العلماء في حكم نفقة وسكنى المبتوتة كاختلاف الصحابة رضي الله عنهم إلى ثلاثة أقوال ([124]):
الأول: - ليس لها سكنى ولا نفقة. وبه قال الحسن وعطاء بن أبي رباح والشعبي وأحمد وإسحاق.
الثاني: - لها السكنى والنفقة. وبه قال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
الثالث: - لها السكنى ولا نفقة لها. وبه قال مالك بن أنس والليث بن سعد والشافعي.
وبعد هذا الاستعراض الموجز للروايات الواردة في المسألة وأقوال الصحابة و العلماء فيها تبين أن ترك بعض العلماء لرواية فاطمة بنت قيس إنما هو لتعارض روايتها مع رواية عمر بن الخطاب، ولاختلاف ألفاظ حديث فاطمة في ذكر النفقة والسكنى؛ فسبب اختلاف العلماء هو تعارض الروايات والسنن، لاكما يصوره متأخرو الحنفية من أن أبا حنيفة ومن معه من الأئمة قد ردوا خبر فاطمة رضي الله عنها لكونه مخالفاً لكتاب الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/74)
يوضح ذلك أنه لو كان حديث فاطمة رضي الله عنها باطلاً لمخالفته كتاب الله لما احتج به الأئمة كلهم في غير هذه المسألة.
قال ابن القيم ([125]): (ولا يعلم أحد من الفقهاء رحمهم الله إلا وقد احتج بحديث فاطمة بنت قيس هذا وأخذ به في بعض الأحكام كمالك والشافعي وجمهور الأمة يحتجون به في سقوط نفقة المبتوتة إذا كانت حائلاً.
والشافعي نفسه احتج به: على جواز جمع الثلاث؛ لأن في بعض ألفاظه (فطلقني ثلاثاً)، وقد بينا أنه إنما طلقها آخر ثلاث كما أخبرت به عن نفسها.
واحتج به من يرى جواز نظر المرأة إلى الرجال.
واحتج به الأئمة كلهم على جواز خطبة الرجل على خطبة أخيه إذا لم تكن المرأة قد سكنت إلى الخاطب الأول.
واحتجوا به على جواز بيان ما في الرجل إذا كان على وجه النصيحة لمن استشاره أن يزوجه أو يعامله أو يسافر معه وأن ذلك ليس بغيبة.
واحتجوا به على جواز نكاح القرشية من غير القرشي.
واحتجوا به على وقوع الطلاق في حال غيبة أحد الزوجين عن الآخر وأنه لا يشترط حضوره ومواجهته به.
واحتجوا به على جواز التعريض بخطبة المعتدة البائن.
وكانت هذه الأحكام كلها حاصلة ببركة روايتها وصدق حديثها فاستنبطتها الأمة منها وعملت بها فما بال روايتها ترد في حكمٍ واحدٍ من أحكام هذا الحديث وتقبل فيما عداه فإن كانت حفظته قبلت في جميعه وإن لم تكن حفظته وجب أن لا يقبل في شيء من أحكامه وبالله التوفيق).
3 - القضاء بالشاهد واليمين:-
قال السرخسي: (وكذلك لم يقبل خبر القضاء بالشاهد واليمين؛ لأنه مخالف للكتاب من أوجه:-
فإن الله تعالى قال:-) واستشهدوا شهيدين من رجالكم ({البقرة 282} الآية
وقوله) واستشهدوا (أمر بفعل هو مجمل فيما يرجع إلى عدد الشهود كقول القائل: كُلْ. يكون مجملاً فيما يرجع إلى بيان المأكول، فيكون ما بعده تفسيراً لذلك المجمل وبياناً لجميع ما هو المراد بالأمر وهو استشهاد رجلين فإن لم يكونا فرجل وامرأتان، كقول القائل: كُلْ طعام كذا فإن لم يكن كذا فكذا، أو أذنت لك أن تعامل فلاناً فإن لم يكن ففلاناً، يكون ذلك بياناً لجميع ما هو المراد بالأمر والإذن.
و إذا ثبت أن جميع ما هو المذكور في الآية كان خبر القضاء بالشاهد واليمين زائداً عليه والزيادة على النص كالنسخ عندنا.
يقرره قوله تعالى:-) وأدنى ألا ترتابوا ({البقرة 282} فقد نص على أن أدنى ما تنتفي به الريبة شهادة شاهدين بهذه الصفة وليس دون الأدنى شيء آخر تنتفي به الريبة.
ولأنه نقل الحكم من استشهاد الرجل الثاني بعد شهادة الشاهد الواحد إلى استشهاد امرأتين مع أن حضور النساء مجالس القضاء لأداء الشهادة خلاف العادة وقد أُمِرْن بالقرار في البيوت شرعاً، فلو كان يمين المدعي مع الشاهد الواحد حجة لما نقل الحكم إلى استشهاد امرأتين وهو خلاف المعتاد مع تمكن المدعي من اتمام حجته بيمينه …).
ويمكن الجواب عما سبق في النقاط التالية: -
1 - الحديث الذي ردوه هو حديث رواه جمع من الصحابة كأبي هريرة وابن عباس وجابر رضي الله عنهم بلفظ (أن النبي r قضى بيمينٍ وشاهدٍ) ([126]).
قال ابن عبدالبر ([127]): (وفي اليمين مع الشاهد آثار متواترة حسان ثابتة متصلة أصحها إسناداً وأحسنها حديث ابن عباس وهو حديث لا مطعن لأحد في إسناده ولا خلاف بين أهل المعرفة بالحديث في أن رجاله ثقات).
وحق له حكاية ذلك، فقد قال الإمام مالك ([128]): (إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عامل على الكوفة: أن اقض باليمين مع الشاهد.
وقال: إن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار سئلا هل يقضى باليمين مع الشاهد؟ فقالا: نعم.
قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد).
وروى النسائي ([129]) (أن شريحاً قضى باليمين مع الشاهد الواحد في مسجد الكوفة. وأن عمر بن عبد العزيز قضى باليمين مع الشاهد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/75)
وقد قضى باليمين مع الشاهد قبل هؤلاء جميعاً رسول الله r وصحابته الكرام: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وعبدالله بن عمر، ولم يأت عن أحد من الصحابة أنه أنكر القضاء باليمين مع الشاهد، وإلىهذا القول ذهب جمهور التابعين:سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبدالرحمن والقاسم بن محمد وعروة وسالم وأبو بكر بن عبدالرحمن وعبيدالله بن عبدالله وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار وعلي بن حسين وأبو جعفر محمد بن علي وأبو الزناد وغيرهم، ومن الأئمة: مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم واسحاق بن راهوية وأبو عبيد وأبو ثور وداود بن علي، وجماعة أهل الأثر. ذكر ذلك ابن عبدالبر ([130])، ثم قال ([131]): هو الذي لا يجوز عندي خلافه لتواتر الآثار به عن النبي r وعمل أهل المدينة به قرناً بعد قرن.
قال الحافظ ابن حجر ([132]): (وفي الباب – يعني القضاء بالشاهد مع اليمين – عن نحو من عشرين من الصحابة فيها الحسان والضعاف، وبدون ذلك تثبت الشهرة).
قال ابن عبدالبر ([133]): (فهؤلاء قضاة أهل العراق أيضاً يقضون باليمين مع الشاهد في زمن الصحابة وصدر الأمة، وحسبك به عملاً متوارثاً بالمدينة).
قلت: إن لم يكن القضاء باليمين مع الشاهد متواتراً تصح به الزيادة على القرآن إجماعاً فلا أقل من أن يكون حديثاً مشهوراً على رأي عيسى بن أبان ([134]) ومن تبعه كأبي زيد الدبوسي والسرخسي والبزدوي وغيرهم فيعمل به، وإن لم يكن عمل هؤلاء الأئمة الأعلام من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة وغيرهم به، وروايتهم له تستدعي الشهرة فلا شهرة حينئذٍ ولا تواترله إلا إذا حكم بذلك عيسى بن أبان ومن تبعه. فما قاله أو عمل به هؤلاء المنتسبون إلى أبي حنيفة - رحمه الله -فهو المشهور وهو المتواتر وما لا فلا! ... !!
فإن قيل: قد خالف في ذلك إمام المذهب أبو حنيفة والثوري وعطاء وغيرهم ([135]) فقالوا: بعدم القضاء باليمين مع الشاهد الواحد.
قلت: خالفوا لأنه لم يصح عندهم الخبر في ذلك، كيف وقد قال أبو حنيفة رحمه الله: (ما جاءنا عن الله وعن رسوله فعلى الرأس والعين) لا أنهم يقولون كما يقوله هؤلاء: إن الحديث قد صح عندنا ولكن لا نعمل به لمخالفته كتاب الله. أقول: معاذ الله أن يكون ذلك هو قولهم.
يوضحه قول عطاء ([136]): إن أول من قضى به عبدالملك بن مروان. فهذا دليل على أنه لم يصح عنده فيه شيء لا عن رسول الله r ولا عن صحابته أو التابعين.
وبهذا يتبين خطأ قول السرخسي ومن معه: (كان خبر القضاء بالشاهد واليمين زائداً عليه والزيادة على النص كالنسخ عندنا).
2 - وأما قوله: (فإن الله تعالى قال:-) واستشهدوا شهيدين من رجالكم ({البقرة 282} الآية
وقوله) واستشهدوا (أمر بفعل هو مجمل فيما يرجع إلى عدد الشهود ... ، فيكون ما بعده تفسيراً لذلك المجمل وبياناً لجميع ما هو المراد بالأمر وهو استشهاد رجلين فإن لم يكونا فرجل وامرأتان …
وإذا ثبت أن جميع ما هو المذكور في الآية كان خبر القضاء بالشاهد واليمين زائداً عليه والزيادة على النص كالنسخ عندنا.
يقرره قوله تعالى:-) وأدنى ألا ترتابوا ({البقرة 282} فقد نص على أن أدنى ما تنتفي به الريبة شهادة شاهدين بهذه الصفة وليس دون الأدنى شيء آخر تنتفي به الريبة).
فالجواب عن ذلك بأمور منها:
أولاً: - إنه ليس في جعل اليمين والشاهد حجةً دليلٌ على النسخ في هذه الآية؛ لأن الآية ما تعرضت بنفي ولا إثبات، وهذا لأن التخيير بين الشيئين لا يتعرض لما عداهما بتحريم ولا إيجاب، فانتفاء الثالث ليس بحكم الآية بل بحكم أن الأصل فيه الانتفاء. والنقل من الأصل لا يكون نسخاً ([137]).
ثانياً: - إن طرق الحكم شيء وطرق حفظ الحقوق شيء آخر وليس بينهما تلازم فتحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يحفظ به حقه ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه ولا خطر على باله من نكول ورد يمين وغير ذلك. قاله ابن القيم ([138]) ثم قال: (قال الشافعي: واليمين مع الشاهد لا تخالف من ظاهر القرآن شيئا لأنا نحكم بشاهدين وشاهد وامرأتين فإذا كان شاهد واحد حكمنا بشاهد ويمين وليس ذا يخالف القرآن لأنه لم يحرم أن يكون أقل مما نص عليه في كتابه. ورسول الله r أعلم بما أراد الله وقد أمرنا الله أن نأخذ ما آتانا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/76)
قلت- القائل ابن القيم -: وليس في القرآن ما يقتضي أنه لا يحكم إلا بشاهدين أو شاهد وامرأتين فإن الله سبحانه إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به فضلاً عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك ولهذا يحكم الحاكم بالنكول واليمين المردودة والمرأة الواحدة والنساء المنفردات لا رجل معهن وبمعاقد القمط ووجوه الآجر وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن فإن كان الحكم بالشاهد واليمين مخالفاً لكتاب الله فهذه أشد مخالفةً لكتاب الله منه وإن لم تكن هذه الأشياء مخالفةً للقرآن فالحكم بالشاهد واليمين أولى ألا يكون مخالفاً للقرآن ...
والقضاء بالشاهد واليمين مما أراه الله تعالى لنبيه r فإنه سبحانه قال:) إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ({النساء 105}.
وقد حكم بالشاهد واليمين وهو مما أراه الله إياه قطعاً).
المطلب الثاني: في رد خبر الواحد لكونه مخالفاً للسنة المشهورة
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بها ومناقشتها.
لم يتطرق القائلون بهذه القاعدة إلى أدلتها بخصوصها اكتفاءً بما ذكروه من أدلة في المطلب الأول وهو انقطاع خبر الواحد لمخالفته لكتاب الله تعالى فالأدلة، والمناقشات هي هي، إلا أنهم قد ذكروا وجهاً آخر لرد خبر الواحد لمخالفته السنة المشهورة –باصطلاحهم-فقالوا: إن (خبر الواحد إذا خالف السنة المشهورة فهو منقطع في حكم العمل به؛ لأن ما يكون متواتراً من السنة أو مستفيضاً أو مجمعاً عليه فهو بمنزلة الكتاب في ثبوت علم اليقين به وما فيه شبهة فهو: مردود في مقابلة اليقين، وكذلك المشهور من السنة، فإنه أقوى من الغريب لكونه أبعد عن موضع الشبهة ولهذا جاز النسخ بالمشهور دون الغريب فالضعيف لا يظهر في مقابلة القوي).
ويمكن أن يقال: بأنه ليس هناك تعارض البتة بين الكتاب وصحيح السنة، وقد سبق التنبيه على مثل هذا فليرجع إليه، وأما قولهم إن المشهور من السنة أقوى من الغريب (السنة الآحادية الصحيحة) فهذه القوة لا تمنع من العمل بالخبر الصحيح لا سيما إذا كانت دلالة خبر الواحد قطعية ودلالة المشهور محتملة كأن تكون عامة أو مطلقة أو مجملة.
وقولهم إن الضعيف لا ينسخ القوي فهذا غير مسلم فإن النسخ متعلق بالدلالة لا بالسند فالناسخ صحيح السند –وهذا لابد منه - رافع لدلالة المنسوخ ومبطل لها.
قال الشيخ الشنقيطي ([139]) رحمه الله: (التحقيق الذي لا شك فيه هو جواز وقوع نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه والدليل الوقوع.
أما قولهم إن المتواتر أقوى من الآحاد والأقوى لا يرفع بما هو دونه فإنهم قد غطلوا فيه غلطاً عظيماً مع كثرتهم وعلمهم، وإيضاح ذلك أنه لا تعارض البتة بين خبرين مختلفي التاريخ لإمكان صدق كل منهما في وقته، وقد أجمع جميع النظار أنه لا يلزم التناقض بين القضيتين إلا إذا اتحد زمنهما، أما إن اختلفا فيجوز صدق كل منهما في وقتهما، فلو قلت: النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس، وقلت أيضاً: لم يصل إلى بيت المقدس، وعنيت بالأولى ما قبل النسخ، وبالثانية ما بعده لكانت كل منهما صادقة في وقتها.
ومثال نسخ القرآن بأخبار الآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه نسخ إباحة الحمر الأهلية - مثلاً -المنصوص عليها بالحصر الصريح في آية) قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتةً … ({الأنعام 145} الآية، بالسنة الصحيحة الثابت تأخرها عنه لأن الآية من سورة الأنعام وهي مكية أي نازلة قبل الهجرة بلا خلاف، وتحريم الحمر الأهلية بالسنة واقع بعد ذلك في خيبر ولا منافاة البتة بين آية الأنعام المذكورة وأحاديث تحريم الحمر الأهلية لاختلاف زمنهما، فالآية وقت نزولها لم يكن محرماً إلا الأربعة المنصوصة فيها، وتحريم الحمر الأهلية طارئ بعد ذلك، والطروء ليس منافياً لما قبله، وإنما تحصل المنافاة بينهما لو كان في الآية ما يدل على نفي تحريم شيء في المستقبل غير الأربعة المذكورة في الآية، وهذا لم تتعرض له الآية بل الصيغة فيها مختصة بالماضي لقوله:) قل لا أجد فيما أوحي إلي ({الأنعام 145} بصيغة الماضي، ولم يقل فيما سيوحى إلي في المستقبل، وهو واضح كما ترى، والله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/77)
أعلم).
المسألة الثانية: في الآثار الفقهية المترتبة على القول بها.
لقد ترتب على القول بهذه القاعدة الموهومة مسائل فقهية كثيرة منها:-
1 - القضاء بالشاهد واليمين.
قال السرخسي ([140]): (لم يعمل بخبر القضاء بالشاهد واليمين لأنه مخالف للسنة المشهورة، وهو قوله عليه السلام:- (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ([141]).
من وجهين:-
أحدهما:- أن في هذا الحديث بيان أن اليمين في جانب المنكر دون المدعي.
والثاني:- أن فيه بيان أنه لا يجمع بين اليمين والبينة فلا تصلح اليمين متممة للبينة بحال).
الجواب: لقد سبق أن بينت أن السنة الصحيحة لا تعارض بينها وبين كتاب الله إذ الجميع وحي من عند الله العليم الحكيم، وذكرت الأدلة على عدم وقوع ذلك. كما نقلت أقوال العلماء بل إجماعهم على عدم وقوع التعارض والتضاد بين الكتاب والسنة الآحادية الصحيحة. وحينئذٍ فلا حاجة بنا للإعادة بل تنظر في موطنها.
وما ذكروه في هذا الوجه من عدم أخذهم بحديث النبي r من أنه قضى باليمين مع الشاهد ما هو إلا إمعان في رد السنة الصحيحة الصريحة عن رسول الله وصحبه الكرام والأئمة الأعلام بقواعد موهومة مزعومة، فالحديث – عندهم – لا محالة مردود - مع كونه متواتراً عند أهل العلم والاختصاص - إما لمخالفته الكتاب –كما سبق - أو لمخالفته السنة المشهورة.
ومن العجيب حقاً قصرهم الشهرة في حديث (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) دون حديث القضاء بشاهد مع يمين المدعي، مما يدل دلالة لا لبس فيها أن الشهرة معيارها هو: موافقة الحديث لمذهبهم. فما وافق مذهبهم فهو مشهور ولو كان ضعيفاً وربما موضوعاً وما خالف مذهبهم فهو ضعيف أو خبر آحاد لا تقوم به حجة ولو كان في الصحيحين وبقية كتب السنة كحديث القضاء باليمين مع الشاهد.
أما قولهم إن هذا الحديث بيان أن اليمين في جانب المنكر دون المدعي، فلا يسلم لهم القصر وحصر اليمين في جانب المدعى عليه، -وأيضاً -هذا القول مبني على حجية مفهوم المخالفة، والحنفية لا يقولون بحجيته أبداً.
وقد أجاد ابن القيم رحمه الله في رد هذه الدعوى ولحسن جوابه وقوته فقد قمت بنقله بتمامه.
قال ابن القيم الجوزية ([142]): - (فصل: منزلة السنة من الكتاب)
والذين ردوا هذه المسألة لهم طرق:-
الطريق الأول: أنها خلاف كتاب الله فلا تقبل وقد بين الأئمة كالشافعي وأحمد وأبي عبيد وغيرهم أن كتاب الله لا يخالفها بوجه وإنها لموافقة لكتاب الله وأنكر الإمام أحمد والشافعي على من رد أحاديث رسول الله r لزعمه أنها تخالف ظاهر القرآن وللإمام أحمد في ذلك كتاب مفرد سماه كتاب طاعة الرسول
والذي يجب على كل مسلم اعتقاده أنه ليس في سنن رسول الله r الصحيحة سنة واحدة تخالف كتاب الله بل السنن مع كتاب الله على ثلاث منازل:-
المنزلة الأولى:- سنة موافقة شاهدة بنفس ما شهد به الكتاب المنزل.
المنزلة الثانية:- سنة تفسر الكتاب وتبين مراد الله منه وتقيد مطلقه.
المنزلة الثالثة:- سنة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب فتبينه بياناً مبتدأً.
ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة
وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة.
الطريق الثاني:- أن اليمين إنما شرعت في جانب المدعى عليه فلا تشرع في جانب المدعي.
قالوا: ويدل على ذلك قوله r : ( البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر) فجعل اليمين من جانب المنكر.
وهذه الطريقة ضعيفة جداً من وجوه:-
أحدها:- أن أحاديث القضاء بالشاهدين واليمين أصح وأصرح وأشهر وهذا الحديث لم يروه أحد من أهل الكتب الستة.
الثاني:- أنه لو قاومها في الصحة والشهرة لوجب تقديمها عليه لخصوصها وعمومه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/78)
الثالث:- أن اليمين إنما كانت في جانب المدعى عليه حيث لم يترجح جانب المدعي بشيء غير الدعوى فيكون جانب المدعى عليه أولى باليمين لقوته بأصل براءة الذمة فكان هو أقوى المدعيين باستصحاب الأصل فكانت اليمين من جهته فإذا ترجح المدعي بلوث أو نكول أو شاهد كان أولى باليمين لقوة جانبه بذلك فاليمين مشروعة في جانب أقوى المتداعيين فأيهما قوي جانبه شرعت اليمين في حقه بقوته وتأكيده ولهذا لما قوي جانب المدعين باللوث شرعت الأيمان في جانبهم ولما قوي جانب المدعي بنكول المدعى عليه ردت اليمين عليه كما حكم به الصحابة، وصوبه الإمام أحمد وقال: ما هو ببعيد يحلف ويأخذ. ولما قوي جانب المدعى عليه بالبراءة الأصلية كانت اليمين في حقه وكذلك الأمناء كالمودع والمستأجر والوكيل والوصي القول قولهم ويحلفون لقوة جانبهم بالأيمان فهذه قاعدة الشريعة المستمرة
فإذا أقام المدعي شاهداً واحداً قوي جانبه فترجح على جانب المدعى عليه الذي ليس معه إلا مجرد استصحاب الأصل وهو دليل ضعيف يدفع بكل دليل يخالفه ولهذا يدفع بالنكول واليمين المردودة واللوث والقرائن الظاهرة فدفع بقول الشاهد الواحد وقويت شهادته بيمين المدعي فأي قياس أحسن من هذا وأوضح مع موافقته للنصوص والآثار التي لا تدفع) انتهى كلامه.
2 - بيع الرطب بالتمر:-
قال السرخسي ([143]): (لم يعمل أبو حنيفة بخبر سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه - في بيع الرطب بالتمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: (أينتقص إذا جف) قالوا: نعم.قال:- (فلا إذاً)، لأنه مخالف للسنة المشهورة وهو قوله عليه السلام: (التمر بالتمر مثل بمثل) ([144]).
من وجهين:-
أحدهما:- أن فيها اشتراط المماثلة في الكيل مطلقاً لجواز العقد. فالتقييد باشتراط المماثلة في أعدل الأحوال وهو بعد الجفوف يكون زيادة.
والثاني:- أنه جعل فضلاً يظهر بالكيل هو الحرام في السنة المشهورة.
فجعل فضل يظهر عند فوات وصف مرغوب فيه رباً حراماً يكون مخالفاً لذلك الحكم) انتهى كلامه.
قلت: روى سعد بن أبي وقاص قال: تبايع رجلان على عهد رسول الله r بتمر ورطب. فقال النبي r : ( هل ينقص الرطب إذا يبس؟) فقالوا: نعم. فقال النبي r : فلا إذاً).
وهذا الحديث رواه مالك ([145])،وبدالرزاق ([146])،وأحمد ([147])،وأبو داود ([148])، وابن ماجة ([149])، والترمذي ([150])، والنسائي ([151])، وأبو يعلى ([152])، وابن حبان ([153])، والدارقطني ([154]) والحاكم ([155])، والبيهقي ([156]).
وقال الحاكم ([157]): هذا حديث صحيح، والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش.
وأما الحديث الآخر وهو حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله r : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد). فحديث رواه الشيخان ([158]) وغيرهما.
وأما الجواب عما ذكره السرخسي وغيره من وجود تعارض بين الحديثين فنقول: ليس هناك تعارض بين أحاديث رسول الله r متواترها ومشهورها الثابتة وآحادها الصحيحة فالكل من عند الله العليم الحكيم وقد سبق التنبيه على هذا مراراً وتكراراً فليرجع إليه.
وعلى فرض وجود التعارض بينهما فإن أمكن الجمع تعين كأن يقال: إن حديث النهي عن بيع التمر بالتمر إلا مثلاً بمثل عام، وحديث سعد خاص بالنهي عن بيع الرطب بالتمر فيجعل مخصصاً لعموم حديث عبادة بن الصامت السابق فلا يكون حينئذٍ أي تعارض فكأن النبي r قال: يجوز بيع البدلين رَطْبَيْن أو يابسين إذا وجدت المساواة ولا يجوز بيعهما إذا كان أحدهما رَطْبَاً والآخر يابساً ولو وجدت المساواة.
فالرسول r لما سئل عن بيع التمر بالرطب أرشدهم إلى أن العلة في التحريم عدم المماثلة؛ لأن مآلهما عدم المساواة إذا يبس الآخر.
قال ابن القيم ([159]): (كانوا إذا سألوه عن الحكم نبههم على علته وحكمته كما سألوه عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا جف قالوا: نعم قال: فلا إذن. ولم يكن يخفى عليه r نقصان الرطب بجفافه ولكن نبههم على علة الحكم).
وقد أوضح ذلك الإمام ابن عبد البر بقوله ([160]): ( ... للعلماء فيه قولان:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/79)
أحدهما: وهو أضعفهما أنه استفهام، استفهم عنه أهل النخيل والمعرفة بالتمور والرطب ورد الأمر إليهم في علم نقصان الرطب إذا يبس.
والقول الآخر: وهو أصحهما أن رسول الله لم يستفهم عن ذلك ولكنه قرر أصحابه على صحة نقصان الرطب إذا يبس ليبين لهم المعنى الذي منه منع.
فقال لهم: أينقص الرطب: أي أليس ينقص الرطب إذا يبس وقد نهيتكم عن بيع التمر بالتمر إلا مثلاً بمثل.
فهذا تقرير منه وتوبيخ وليس باستفهام في الحقيقة لأن مثل هذا لا يجوز جهله على النبي r ، والاستفهام في كلام العرب قد يأتي بمعنى التقرير كثيراً وبمعنى التوبيخ، كما قال الله عز وجل:) وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ءآنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين ({المائدة 116} فهذا استفهام: معناه التقرير وليس معناه أنه استفهام عما جهل جل الله وتعالى عن ذلك.
ومن التقرير- أيضاً- بلفظ الاستفهام قوله عز وجل:) ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون ({يونس 59}
وقوله:) ءآلله خير أم ما يشركون ({النمل 59}.
وقوله:) وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي ({طه 18} وهذا كثير.
وقوله r في هذا الحديث أينقص الرطب إذا يبس نحو قوله: (أرأيت إن منع الله الثمرة ففيم يأخذ أحدكم مال أخيه) فإنه قد قال أليس الرطب إذا يبس نقص فكيف تبيعونه بالتمر، والتمر لا يجوز بالتمر إلا مثلاً بمثل، والمماثلة معروفة في مثل هذا فلا تبيعوا التمر بالرطب بحال.
فهذا أصل في مراعاة المآل في ذلك وهذا تقرير قوله r عند من نزهه ونفى عنه أن يكون جهل أن الرطب ينقص إذا يبس وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى وبه التوفيق) انتهى كلامه.
وأما ما نُسِبَ إلى أبي حنيفة رحمه الله من عدم الأخذ بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لأنه مخالف للسنة المشهورة وهو قوله عليه السلام:- (التمر بالتمر مثل بمثل) ([161])، فكذب محض فإنه لم يتركه لهذه القاعدة الباطلة وإنما تركه لعدم صحته عنده فقد سئل عن هذه المسألة حينما دخل بغداد فاحتج بحديث النهي عن بيع التمر بالتمر، فأورد عليه حديث سعد فقال ([162]): هذا الحديث دار على زيد أبي عياش وهو ممن لا يقبل حديثه.
يؤيد ذلك قول الحاكم في المستدرك عن حديث سعد: هذا حديث صحيح، والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش.
وأما صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن فقد خالفاه في المسألة فقالا بالحديث الذي رواه سعد لصحته عندهما.
وبهذا يتبين فساد ما نُسب ([163]) إلى الإمام وصاحبيه من أنهم قد تركوا حديث سعد لكونه مخالفاً للحديث المشهور.
ولما أعترض على هذه الدعوى بأن الصاحبين قد عملا بحديث سعد وهو مخالف للحديث المشهور، قالوا: إنما عملا به، بناء على أن لفظ المشهور تناول التمر فقط، والرطب ليس بتمر عادةً وعُرْفاً. بدليل أن من حلف لا يأكل تمراً فأكل رطباً أو حلف لا يأكل هذا الرطب فأكله بعدما صار تمراً لم يحنث،لا أنهما لا يقولان بأن الحديث يرد لمخالفته السنة المشهورة.
فهؤلاء الذين قَوَّلُوا الأئمة مالم يقولوه قد ارتكبوا جناياتٍ لا حصر لها أعظمها نسبة القول إليهم بأنهم قد ردوا سنن المصطفى الصحيحة بأهوائهم، وهذا لا يقوله جاهل فضلاً عمن ينسب نفسه إلى العلم.
المطلب الثالث: في رد خبر الواحد لكونه حديثاً شاذاً لم يشتهر
فيما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته
وفيه مسألتان:-
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بهذه القاعدة ومناقشتها.
إن خبر الواحد الذي صح سنده إذا ورد موجباً للعمل فيما يعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته للعمل به لا يقبل، عند عيسى بن أبان وأبي زيد الدبوسي والسرخسي والبزدوي وعبدالعزيز البخاري وغيرهم ممن تبعهم ممن ينتسب لمذهب أبي حنيفة رحمه الله محتجين على ما ادعوه بما يأتي:-
قالوا ([164]): (إن صاحب الشرع كان مأموراً بأن يُبَيِّن للناس ما يحتاجون إليه وقد أمرهم بأن ينقلوا عنه ما يحتاج إليه من بعدهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/80)
فإذا كانت الحادثة مما تعم به البلوى فالظاهر أن صاحب الشرع لم يترك بيان ذلك للكافة وتعليمهم. وأنهم لم يتركوا نقله على وجه الاستفاضة، فحين لم يشتهر النقل عنهم عرفنا أنه سهو أو منسوخ، ألا ترى أن المتأخرين لما نقلوه اشتهر فيهم فلو كان ثابتاً في المتقدمين لاشتهر أيضاً وما تفرد الواحد بنقله مع حاجة العامة إلى معرفته) انتهى.
والجواب عن هذا الدليل بأن يقال ([165]): (إنما يجب ذلك لو لزم المكلفين العمل به على كل حال، فأما إذا لزمهم العمل بشرط أن يبلغهم الخبر فليس في ذلك تكليف ما لا طريق إليه، ولو وجب ما ذكروه فيما تعم به البلوى لوجب فيما لا تعم به البلوى أيضاً؛ لأنه وإن كانت البلوى لا تعم به لكنه يجوز وقوعه لكل واحد من آحاد الناس، فيجب في حكمه إشاعة حكمه خوفاً من أن لا يصل إلى من يُبتلى به فيضيع فرض عليه.
جواب آخر: أن الحكم وإن عم به البلوى، فليس هو بشيء وقعت واقعته في الحال لكلّ أحد في نفسه وذاته، بل غاية ما في الباب: توهم وقوعه. وإذا لم يكن إلا محض التوهم، فإذا وقع يمكن الوصول إلى موجب الحكم؛ لأن حكمه وإن نقله الواحد والاثنان فالتمكن من الوصول إليه موجود. فيكفي ذلك؛ لأنه إذا أمكنه الوصول فليس يضيع الحكم).
فالنبي r مبلغ عن الله وقد يبلغ الكافة وقد يبلغ العديد القليل وأحياناً الفرد والفردين، فقوله r : ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها) ([166]) و الحديث لم يشترط ما شرطه هؤلاء بل أطلق لكل من سمع مقالته أن يبلغها سواء كانوا جماعة أو أفرادا أو حتى فرداً واحداً أن يبلغ ما سمع فالواجب أنه متى ما صح عن رسول الله صلى الله من خبر وجب قبوله وعدم رده، وقد سبق بيان وجوب قبول خبر الواحد العدل فليرجع إليه.
وأما قولهم: (ولهذا لم تقبل شهادة الواحد من أهل المصر على رؤية هلال رمضان إذا لم يكن بالسماء علة.
ولم يقبل قول الوصي فيما يدعي من إنفاق مال عظيم على اليتيم في مدة يسيرة، وإن كان ذلك محتملاً؛ لأن الظاهر يكذبه في ذلك).
فيقال: هذا غير مسلم؛ لأنه قياس مع الفارق فكم من مواقف لرسول الله r بيَّن فيها بياناً عاماً ونقلت من طريق الآحاد كحجه وخطب الجمع ورجم ماعز وغير ذلك، ولهذا فإن المطلوب نقل حديث رسول الله r ، وقد يترك بعض الصحابة الرواية اكتفاءً بنقل غيره.
كما أنا لا نسلم عدم قبول شهادة العدل الواحد على رؤية هلال رمضان وإن شاركه غيره الرؤية ولم يروه.
قال ابن عباس ([167]): تمارى الناس في رؤية هلال رمضان، فقال بعضهم: اليوم، وقال بعضهم: غداً فجاء أعرابي إلى النبي r فذكر أنه رآه، فقال النبي r : ( أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) قال نعم: فأمر النبي r بلالاً فنادى في الناس: صوموا، ثم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوماً ثم صوموا ولا تصوموا قبله يوماً)
قال ابن القيم ([168]): (فأي فرق بين أن يشهد العدل الواحد على أمر رآه وعاينه يتعلق بمشهود له وعليه وبين أن يخبر بما رآه وعاينه مما يتعلق بالعموم وقد أجمع المسلمون على قبول أذان المؤذن الواحد وهو شهادة منه بدخول الوقت وخبر عنه يتعلق بالمخبر وغيره وكذلك أجمعوا على قبول فتوى المفتي الواحد وهي خبر عن حكم شرعي يعم المستفتي وغيره).
المسألة الثانية: في الآثار الفقهية المترتبة على القول بها.
لقد ترتب على القول بهذه القاعدة مسائل فقهية كثيرة أهمها ما يأتي: -
1 - الوضوء من مس الذكر:-
قال السرخسي: (وعلى هذا الأصل لم نعمل بحديث الوضوء من مس الذكر؛ لأن بسرة تفردت بروايته مع عموم الحاجة لهم إلى معرفته.
فالقول بأن النبي عليه السلام خصها بتعليم هذا الحكم مع أنها لا تحتاج إليه ولم يعلم سائر الصحابة مع شدة حاجتهم إليه شبه المحال).
أقول: قد سبق مناقشة هذه المسألة في القاعدة السابقة وهي مخالفة خبر الواحد للكتاب فلا حاجة للإعادة.
2 - الوضوء مما مسته النار:
أقول:ورد عن رسول الله r أنه قال كما في حديث زيد بن ثابت: (الوضوء مما مست النار).
وقوله عليه السلام كما في حديث أبي هريرة: (توضأوا مما مست النار).
وقوله عليه السلام كما في حديث عائشة: (توضأوا مما مست النار).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/81)
وكل هذه الأحاديث في صحيح مسلم ([169]).
وورد فيه من حديث ابن عباس ([170]): أن رسول الله r أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
وورد من حديث ميمونة ([171]): أن النبي r أكل عندها كتفاً ثم صلى ولم يتوضأ.
و عن جابر بن عبد الله قال ([172]): آخر الأمرين من رسول الله r ترك الوضوء مما مست النار.
قال الحافظ ابن حجر ([173]): (قال النووي: كان الخلاف فيه معروفاً بين الصحابة والتابعين، ثم استقر الإجماع على أنه لا وضوء مما مست النار إلا ما تقدم استثناؤه من لحوم الإبل.
وجمع الخطابي بوجه آخر وهو أن أحاديث الأمر محمولة على الاستحباب لا على الوجوب).
قال ابن عبدالبر ([174]): (وقوله r توضئوا مما مست النار أمر منه بالوضوء المعهود للصلاة لمن أكل طعاماً مسته النار، وذلك عند أكثر العلماء، وعند جماعة أئمة الفقهاء منسوخ بأكله r طعاماً مسته النار وصلاته بعد ذلك دون أن يحدث وضوءاً.
فاستدل العلماء بذلك على أن أمره بالوضوء مما مست النار منسوخ.
وأشكل ذلك على طائفة كثيرة من أهل العلم بالمدينة والبصرة ولم يقفوا على الناسخ في ذلك من المنسوخ أو لم يعرفوا منه غير الوجه الواحد فكانوا يوجبون الوضوء مما مست النار و يتوضأون من ذلك، وممن روى عنه ذلك زيد بن ثابت وابن عمرو، وأبو موسى وأبو هريرة وعائشة وأم حبيبة أما المؤمنين، واختلف فيه عن أبي طلحة الأنصاري وعن ابن عمر وأنس بن مالك وبه قال خارجة بن زيد بن ثابت وأبو بكر بن عبد الرحمن وابنه عبد الملك ومحمد ابن المنكدر وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب الزهري فهؤلاء كلهم مدنيون، وقال به من أهل العراق أبو قلابة وأبو مخلد والحسن البصري ويحيى بن يعمر وهؤلاء كلهم بصريون.
وكان ابن شهاب رحمه الله قد عرف الوجهين جميعاً في ذلك وروى الحديثين المتعارضين في هذا الباب وكان يذهب إلى أن قوله r توضأوا مما غيرت النار ناسخ لفعله المذكور في حديث ابن عباس هذا ومثله وهذا مما غلط فيه الزهري مع سعة علمه وقد ناظره أصحابه في ذلك فقالوا كيف يذهب الناسخ على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وهم الخلفاء الراشدون فأجابهم بأن قال: أعيى الفقهاء أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله r من منسوخه).
قلت: مما سبق ذكره من بعض الأحاديث والآثار في المسألة وأقوال العلماء اتضح أنها معدودة من باب تعارض الأدلة من الأحاديث والآثار المروية فيها فمن رجح أحد الطرفين قال به ومن جمع قال بما توصل إليه في نظره ولم يذكر أحد من العلماء الذين ذُكِروا أنه ترك حديث توضأوا مما مست النار لكونه حديثاً روي فيما تعم به البلوى فلا يعمل به.
3 - تغسيل الجنازة وحملها:
لم يعمل القائلون بهذه القاعدة بخبر الوضوء والغسل من حمل الجنازة أو تغسيلها، لكون الخبر المروي في المسألة خبر آحاد فيما يعم به البلوى فلا يقبل.
قلت: الحديث المشار إليه هو حديث رواه المغيرة ([175]) وحذيقة ([176]) وأبو هريرة ([177]) وابن عباس ([178]) قالوا: قال رسول الله r : ( من غسل ميتاً فليغتسل).
وزاد أبو هريرة ([179]) في حديثه: (ومن حمله فليتوضأ).
وفي لفظ ([180]): (من حمل جنازةً فليتوضأ).
وفي لفظ ([181]): (ِمنْ غُسْلِه الغُسْلُ، ومِنْ حَمْلِه الوضوء).
وقد اختلف العلماء في تصحيحه، فقال الترمذي ([182]): (حديث حسن، وقد روي عن أبي هريرة موقوفاً).
وقال الإمام أحمد وعلي بن المديني ([183]): لا يصح في هذا الباب شيء.
وقال محمد بن يحيى ([184]): لا أعلم من غسل ميتاً فليغتسل حديثاً ثابتاً ولو ثبت لزمنا استعماله.
قال ابن حجر ([185]): (وذكر البيهقي له طرقاً وضعفها،ثم قال: والصحيح أنه موقوف.
وقال البخاري: الأشبه موقوف.
وقد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان، وله طريق أخرى من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رفعه: مَنْ غَسَّل مَيْتَاً فليغتسل. ذكره الدارقطني وقال: فيه نظر. قال الحافظ: رواته موثقون) انتهى كلامه باختصار.
وقد جاء ما يعارض الأحاديث السابقة مثل قوله عليه السلام فيما رواه الحاكم ([186]) عن ابن عباس قال: قال رسول الله r : ( ليس عليكم في غُسْلِ ميتكم غُسْلٌ إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم)
قال الحاكم ([187]): (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/82)
وفيه رفض لحديث مختلف فيه على محمد بن عمرو بأسانيد (من غسل ميتاً فليغتسل)).
قلت: ولهذا اختلفت طرائق العلماء في العمل بهذه الأحاديث، فبعضهم رفضها لضعفها عنده، وبعضهم قال: إن الغسل من تغسيل الميت منسوخ كما ذهب إليه أبوداود ([188])، وأيده الحافظ ابن حجر في كتابه تلخيص الحبير ([189]) محتجاً بالحديث الأخير.
وقال: وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث والله أعلم.
وبعضهم جمع بين الأحاديث فقال: يحمل الأمر في الغسل على الندب أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما صرح به في الحديث الأخير، يؤيده ما روي عن ابن عمر قال ([190]): كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل.
قال البيهقي ([191]): (أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا أبو اليمان أخبرني شعيب بن أبي حمزة قال: وقال نافع:كنا نغسل الميت فيتوضأ بعضنا ويغتسل بعض ثم يعود فنكفنه ثم نحنطه ونصلي عليه ولا نعيد الوضوء.
وبإسناده قال: أخبرني شعيب قال: قال نافع: قد رأيت عبد الله بن عمر حنط سعيد بن زيد وحمله فيمن حمله ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ).
قال الخطابي ([192]): (لا أعلم أحداً من الفقهاء يوجب الاغتسال على من غسل الميت ولا الوضوء من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب).
أقول: تبين من استعراض الأحاديث والآثار الواردة في المسألة وأقوال العلماء فيها أنه لا صلة لأقوالهم بهذه القاعدة المزعومة فمن صحح الأحاديث جمع أو قال بالنسخ ومن ضعف رجع إلى البراءة الأصلية وأنه لا تكليف إلا بدليل صحيح.
4 - رفع الأيدي عند الركوع وعند رفع الرأس منه:
ذهب القائلون بهذه القاعدة إلى عدم العمل بالأحاديث الواردة في الحض على رفع الأيدي عند الركوع وعند الرفع منه لكون هذه الأحاديث أخبار آحاد مروية فيما يعم به البلوى فلا تقبل.
والأحاديث المشار إليها أحاديث كثيرة وآثار متنوعة عن الصحابة والتابعين وغيرهم، فمن تلك الأحاديث:-
1 - مارواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ([193]) من حديث مالك بن الحويرث قال: إن رسول الله r كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه. وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه. وإذا رفع رأسه من الركوع، فقال (سمع الله لمن حمده) فعل مثل ذلك.
2 - مارواه الشيخان في صحيحيهما ([194]) عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله r إذا قام للصلاة، رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه. ثم كبر. فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك.وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك.
أقول: لقد روى كثير من علماء الحديث هذا الحديث في دواوينهم عن هذين الصحابيين وعن غيرهما، وممن روى ذلك: ابن أبي شيبة ([195])، والدارمي ([196])، وأبوداود ([197])، ابن ماجة ([198])، والترمذي ([199])، والنسائي ([200])، وابن خزيمة ([201])، والدارقطني ([202])، والبيهقي ([203])، وغيرهم.
قال الترمذي ([204]): (وفي الباب عن عمر وعلي ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث وأنس وأبي هريرة وأبي حميد وأبي أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة وأبي قتادة وأبي موسى الأشعري وجابر وعمير الليثي).
قال الحسن البصري ([205]):كان أصحاب رسول الله r يرفعون أيديهم إذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع كأنما أيديهم مراوح.
وروى البخاري في (جزء رفع اليدين) ([206]) عن مالك: أن ابن عمر كان إذا رأى رجلاً لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصى.
ونقل البخاري عن شيخه علي بن المديني قوله ([207]): رفع اليدين حق على المسلمين بما رواه الزهري عن سالم عن أبيه.
قال البخاري في (جزء رفع اليدين) ([208]): من زعم أن رفع الأيدي بدعة فقد طعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف من بعدهم وأهل الحجاز وأهل المدينة وأهل مكة وعدة من أهل العراق وأهل الشام وأهل اليمن وعلماء أهل خراسان منهم ابن المبارك حتى شيوخنا عيسى بن موسى وأبو أحمد وكعب بن سعيد … .. ولم يثبت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يرفع يديه).
وذكر أنه رواه سبعة عشر رجلاً من الصحابة ([209]).
وذكر الحاكم وأبو القاسم بن منده ممن رواه: العشرة المبشرة بالجنة ([210]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/83)
قال الحافظ ابن حجر ([211]):وذكر شيخنا أبو الفضل الحافظ أنه تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين رجلاً.
قلت: إذا كان هذا الحديث وما في معناه قد بلغ عدد رواة أصله من الصحابة خمسين صحابياً أفلا يكون هذا الحديث من قبيل المتواتر؟!
-وأيضاً - أولم يتحقق فيه أن (صاحب الشرع كان مأموراً بأن يُبَيِّن للناس ما يحتاجون إليه وقد أمرهم بأن ينقلوا عنه ما يحتاج إليه من بعدهم. فإذا كانت الحادثة مما تعم به البلوى فالظاهر أن صاحب الشرع لم يترك بيان ذلك للكافة وتعليمهم).
أقول: فهل ترك صاحب الشرع بيان هذه السنة لكافة أصحابه وتعليمهم إياها مع أن عدد رواتها قد بلغوا خمسين رواياً؟!!
وبعد: فإنه لا يصح أن يقال: لا يجوز العمل بهذه السنة؛ لأنه لم يشتهر النقل فيها مع حاجة الخاص والعام إلى معرفتها؛ لأن هذا القول يكون حينئذٍ مكابرة مع ما ذكر من عدد رواتها وصحة طرقها وعدم وجود دليل صحيح يعارضها أو يدفعها.
فائدة:-
قال النووي رحمه الله ([212]): (والأحاديث الصحيحة في الباب كثيرةٌ غَيْرُ منحصرة ... )
قلت: بهذه النقول وغيرها تَبَيَّنَ أن قول الجصاص ([213]): (حديث رفع اليدين في الركوع، لو كان ثابتاً لنقل نقلاً متواتراً) قولٌ عارٍ عن التحقيق والتدقيق والبحث العلمي الرصين المتجرد للدليل لا للتعصب المقيت؛ لأنه قد سبق –وسيأتي إن شاء الله- النقل عن أئمة الحديث والأثر روايتهم له من طرق بلغت حد التواتر عند أهل العلم والمعرفة بالحديث وطرقه، وإلا فإن الجصاص ومن قال بقوله إنما هم مخبرون عن حالهم ومبلغ علمهم، وهم صادقون فيما أخبروا به عن أنفسهم مخطئون في حكمهم على أئمة الدنيا من أهل الحديث والأثر ومخطئون-أيضاً - في حكمهم على الحديث نفسه، كما أن القول بما ادعاه الجصاص ومن وافقه فيه فتح باب عظيم من أبواب الشر والفساد لرد سنة سيد المرسلين إذ لا يُعْجِزُ أي شخص لا يريد العمل بالسنة أن يدعي ما ادعوه.
- وأيضاً - مخالف الجصاص ومن معه لا يُعْجِزُهُ أن يقول فيما ادعاه الجصاص ومن معه من تواتر بعض الأحاديث أو اشتهارها بأنها لم تثبت لأنها لو كانت ثابتة لنقلت نقلاً متواتراً، فما كان جوابهم عنها فهو بعينه جواب مخالفيهم.
فائدة أخرى:
قال أبو عبدالله محمد بن نصر المروزي رحمه الله ([214]): (لا نعلم مصراً من الأمصار ينسب إلى أهله العلم قديماً تركوا بإجماعهم رفع اليدين عند الخفض والرفع في الصلاة إلا أهل الكوفة.
والسبب في ذلك تعلقهم بما روي عن ابن مسعود عن النبي r : أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا مرة في أول شيء) انتهى.
قال ابن عبدالبر ([215]): (هو حديث انفرد به عاصم بن كليب واختلف عليه في ألفاظه وقد ضعف الحديث أحمد بن حنبل وعلله ورمى به).
وقد احتج بعض متأخري الكوفة بحديث مسلم عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله r : ( مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة) ([216]).
قال ابن عبدالبر ([217]): (وهذا لا حجة فيه لأن الذي نهاهم عنه رسول الله r غير الذي كان يفعله لأنه محال أن ينهاهم عما سن لهم وإنما رأى أقواماً يعبثون بأيديهم ويرفعونها في غير مواضع الرفع فنهاهم عن ذلك.
وكان في العرب القادمين والأعراب من لا يعرف حدود دينه في الصلاة وغيرها وبعث r معلماً فلما رآهم يعبثون بأيديهم في الصلاة نهاهم وأمرهم بالسكون فيها وليس هذا من هذا الباب في شيء والله أعلم) انتهى.
قلت: لم يعمل أبو حنيفة وسفيان الثوري والحسن بن حي وفقهاء الكوفة بأحاديث رفع اليدين في الركوع والرفع منه؛ لأنها لم تصح عندهم، مع تمسكهم بما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من عدم رفعه ليديه في تلك المواطن.
والدليل على عدم صحة هذه السنة عند أبي حنيفة رحمه الله ما رواه البيهقي في السنن الكبرى ([218]) حيث قال: (قال: وكيع صليت في مسجد الكوفة فإذا أبو حنيفة قائم يصلي وابن المبارك إلى جنبه يصلي فإذا عبد الله يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع وأبوحنيفة لا يرفع فلما فرغوا من الصلاة.
قال أبو حنيفة لعبد الله: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تكثر رفع اليدين أردت أن تطير.
قال له عبد الله: يا أبا حنيفة قد رأيتك ترفع يديك حين افتتحت الصلاة فأردت أن تطير.
فسكت أبو حنيفه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/84)
قال وكيع: فما رأيت جواباً أحضر من جواب عبد الله لأبي حنيفة).
قلت: من المعلوم من الدين بالضرورة أن الاستهزاء بشيء من السنة الصحيحة الثابتة هو استهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبشرعه، والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بشرعه كفر مخرج من الملة.
فإن قيل بثبوت هذه السنة عند أبي حنيفة ومن ثَمَّ صدر عنه ما صدر فهذا كفر بالله ينزه عنه أبو حنيفة رحمه الله فلزم حينئذٍ القول بأن هذه السنة لم تثبت عنده، بدليل أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، بما ظن صحته عن ابن مسعود رضي الله عنه من عدم الرفع في غير تكبيرة الإحرام، ولم يقل لابن المبارك ما قال له في الرفع عند الركوع والرفع منه لكونها سنة في نظره.
فالمسألة إذن ليست كما صورها السرخسي ومن قال بقوله من أنها من باب خبر الواحد إذا روى خبراً فيما يعم به البلوى لا يقبل، بل هي من قبيل عمل كل إمام بما بلغه من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
المطلب الرابع: في رد خبر الواحد لكونه حديثاً قد أعرض عنه الأئمة من الصدر الأول وهو ما لم تجر المحاجة بخبر الواحد بين الصحابة مع ظهور الاختلاف بينهم في الحكم
وفيه مسألتان:-
المسألة الأولى: في أدلة القائلين بهذه القاعدة ([219]):
استدل القائلون بصحة هذه القاعدة: بأن الخبر الذي هذه صفته لا يقبل؛ لأنه زيف؛ ذلك أن الصحابة هم الأصول في نقل الدين و لا يتهمون بالكتمان ولا بترك الاحتجاج بما هو الحجة والاشتغال بما ليس بحجة.
فإذا ظهر منهم الاختلاف في الحكم وجرت المحاجة بينهم فيه بالرأي -والرأي ليس بحجة- مع ثبوت الخبر فلوكان الخبر صحيحاً لاحتج به بعضهم على بعض حتى يرتفع به الخلاف الثابت بينهم بناءً على الرأي فكان إعراض الكل عن الاحتجاج به دليلاً ظاهراً على أنه سهو ممن رواه بعدهم أو هو منسوخ.
وقد يعترض على هذا بأن يقال: لا يخلو حين اختلاف الصحابة في المسألة من أن يعلموا جميعاً أو يعلم بعضهم أن فيها دليلاً عن رسول الله r أو أن لا يعلموا بأجمعهم، فإن علموا بالدليل ومن ثم تركوه جميعاً قائلين بأنه لم يصح عن رسول صلى الله عليه وسلم فيها شيء؛ فإن ذلك والقول و الفعل إجماع منهم على عدم صحته وأنه مطعون فيه أو منسوخ وإجماعهم حجة، وإن علمه البعض دون البعض الآخر، فإن كان موافقاً لقولهم ولم يحتجوا به وقالوا عن الحديث بأنه لم يثبت عن رسول صلى الله عليه وسلم فقد يقال: إنه لا يصح لاحتمال أنه إذا سمعه المخالف لهم قد يقر به عن الرسول عليه السلام ويرجع عن قوله. وإن كان مخالفاً لقولهم موافقاً لقول مخالفيهم فترك من علمه العمل به لا يدل على عدم صحته لما سبق، وإن لم يعلم به الجميع فلا يخلو من أن يكون مخالفاً لقول الجميع أو لا، فإن كان مخالفاً لقول الجميع فهذا دليل على أنه غير صحيح ثم هذا لا يتصور وقوعه لعصمة الله أمة محمد r من الاجتماع على ضلالة فإن وقع فهذا دليل على بطلانه، وإن كان الحديث موافقاً لأحد القولين، فهذا متصور وقوعه ومن ثم فالراجح من القولين ما وافق الحديث.
المسألة الثانية: الآثار الفقهية المترتبة على القول بهذه القاعدة:
لقد ترتب على القول بهذه القاعدة رد بعض الأحاديث الواردة في بعض المسائل الفقهية والتي منها ما يأتي: -
الحديث الأول: (الطلاق بالرجال والعدة بالنساء).
قال السرخسي ([220]): (فإن الكبار من الصحابة اختلفوا في هذا وأعرضوا عن الاحتجاج بهذا الحديث أصلاً فعرفنا أنه غير ثابت أو مؤول. والمراد به أن إيقاع الطلاق إلى الرجال).
قلت: روي هذا الحديث عن علي ([221]) وابن مسعود ([222]) وابن عباس ([223]) وزيد بن ثابت ([224]) بلفظ: (الطلاق بالرجال والعدة بالنساء).
وروي عن بعض التابعين منهم:سعيد بن المسيب ([225])، والشعبي ([226])، وعكرمة ([227])، وسليمان ابن يسار ([228]) نحوه.
وروي عن علي ([229]) وعبدالله ([230]) أنهما قالا: (الطلاق والعدة بالنساء). وبه قال اثنا عشر من أصحاب رسول الله r([231]) .
كما روي نحوه عن إبراهيم ([232]) والحسن ([233]) وغيرهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/85)
وقد أطال العلماء البحث في هذه الآثار تصحيحاً وتضعيفاً، رفعاً ووقفاً، فلتنظر في: الدراية في تخريج أحاديث الهداية ([234])، ونصب الراية ([235])، وتلخيص الحبير ([236])، ونيل الأوطار ([237])، وتحفة الأحوذي ([238])، وعون المعبود ([239]).
قال ابن الجوزي ([240]): (وقد رويت أحاديث في الطرفين كلها ضعاف).
ومن هنا يتبين عدم صحة إدراج هذا الحديث في هذا الوجه من وجوه الانقطاع لمعنى بدليل معارض، ذلك أن هذا ليس من قبيل خبر الواحد الصحيح الذي أعرض عنه الصحابة في الاحتجاج به بل هي من قبيل اختلاف الصحابة على قولين فمن سعد بالنظر الصحيح في الدليل فهو أولى بالحق.
وقد بَيَّن المباركفوري ([241]) خلاف العلماء في هذه المسألة بقول مختصر مفيد، فقال: (قال أبو حنيفة: الطلاق يتعلق بالمرأة،فإن كانت أمة يكون طلاقها اثنتين سواء كان زوجها حراً أو عبداً.
وقال الشافعي ومالك وأحمد: الطلاق يتعلق بالرجل فطلاق العبد اثنتان وطلاق الحر ثلاث ولا نظر للزوجة.
وعدة الأمة على نصف عدة الحرة فيما له نصف فعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان لأنه لا نصف للحيض
وإن كانت تعتد بالأشهر فعدة الأمة شهر ونصف وعدة الحرة ثلاثة أشهر).
الحديث الثاني: ما يروى أن النبي r قال: (ابتغوا في أموال اليتامى خيراً كيلا تأكلها الصدقة)
قال السرخسي: (فإن الصحابة اختلفوا في وجوب الزكاة في مال الصبي وأعرضوا عن الاحتجاج بهذا الحديث أصلاً فعرفنا أنه غير ثابت إذ لو كان ثابتاً لاشتهر فيهم وجرت المحاجة به بعد تحقق الحاجة إليه بظهور الاختلاف).
قلت: الحديث الذي أشار إليه السرخسي قد روي عن جماعة من الصحابة مرفوعاً وموقوفاً، فمن ذلك ([242]):-
1 - ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ([243]) أن رسول الله r قام فخطب الناس، فقال: من ولي يتيماً له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة.
وفي لفظ: قال ([244]): قال رسول الله r : احفظوا اليتامى في أموالهم لا تأكلها الزكاة.
وفي لفظ آخر: أن رسول الله r قال ([245]): ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر له فيه ولا يتركه تأكله الزكاة.
وفي لفظ: قال ([246]): قال رسول الله r : ابتغوا اليتامى في أموالهم لا تأكلها الزكاة.
2 - ما رواه أنس بن مالك قال ([247]):قال رسول الله r : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة.
3 - ما رواه يوسف بن ماهك ([248]) أن رسول الله r قال: ابتغوا في مال اليتيم أو في أموال اليتامى لا تذهبها أو لا تستهلكها الصدقة.
قال البيهقي ([249]): هذا مرسل.
4 - ما رواه - أيضاً - عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ([250]): قال رسول الله r : في مال اليتيم زكاة.
وأما الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والتي تدل على وجوب الزكاة في مال اليتيم فكثيرة منها:-
أ-قال سعيد بن المسيب ([251]): إن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة.
ب-قال عبد الرحمن بن أبي ليلى ([252]): إن علياً زكى أموال بني أبي رافع فلما دفعها إليهم وجدوها بنقص.
فقالوا: إنا وجدناها بنقص.
فقال علي رضي الله تعالى عنه: أترون أن يكون عندي مالٌ لا أزكيه.
ج-قال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال ([253]): كانت عائشة رضي الله تعالى عنها تليني وأخاً لي يتيم في حجرها وكانت تخرج من أموالنا الزكاة.
د-قال نافع ([254]): إن ابن عمركان يستسلف أموال اليتامى عنده لأنه كان يرى أنه أحرز له من الوضع. قال: وكان يؤدي زكاته من أموالهم.
هـ-روى سالم عن أبيه ([255]): أنه كان عنده مال يتيمين فجعل يزكيه.
فقلت: يا أبتاه لا تتجر فيه ولا تضرب، ما أسرع هذه فيه.
قال: َلأُزَكِيَّنَهُ ولو لم يبق إلا درهم. قال: ثم اشترى لهما به داراً.
و-حديث عبد الرزاق عن ابن جريج قال ([256]): سئل عطاء أفي مال اليتيم الصامت صدقة؟ فعجب، وقال: ماله لا يكون عليه صدقة؟ قال: نعم على مال اليتيم الصامت والحرث والماشية وغير ذلك من ماله.
ز-وقد روي الأمر بتزكية مال اليتيم عن الحسن بن علي وجابر بن عبدالله وغيرهما ([257]).
وإلى وجوب الزكاة في مال اليتيم ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/86)
هذا وقد رويت بعض الآثار عن بعض الصحابة وبعض التابعين تدل على عدم القول بتزكية مال اليتيم، منها:-
1 - ما رواه عكرمة عن ابن عباس قال ([258]): لا يجب على مال الصغير زكاة حتى تجب عليه الصلاة.
قال الدارقطني ([259]): (فيه ابن لهيعة لا يحتج به).
2 - ما رواه مجاهد عن ابن مسعود قال ([260]): من ولي مال يتيم فَلْيُحْصِ عليه السنين فإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة فإن شاء زكى وإن شاء ترك.
قال الشافعي ([261]): هذا ليس بثابت عن ابن مسعود من وجهين:
أحدهما: أنه منقطع، وأن الذي رواه: ليس بحافظ.
قال البيهقي ([262]): (قال الشيخ: وجهة انقطاعه: أن مجاهداً لم يدرك ابن مسعود. وراويه الذي ليس بحافظ: هو ليث ابن أبي سليم، وقد ضعفه أهل العلم بالحديث.
وروي عن ابن عباس إلا أنه يتفرد بإسناده ابن لهيعة، وابن لهيعة لا يحتج به والله أعلم).
3 - ما رواه عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول في زكاة مال اليتيم ([263]): ليست عليه زكاة كما ليست عليه صلاة.
4 - ما رواه عبد الرزاق عن الثوري عن يونس عن الحسن قال: سألته عن مال اليتيم.
فقال ([264]): عندي مال لابن أخي فما أزكيه.
5 - ما رواه –أيضاً - عبد الرزاق عن الثوري عن جابر عن الشعبي، ومنصور عن إبراهيم قال ([265]): ليس على مال اليتيم زكاة.
وإلى عدم وجوب الزكاة في مال اليتيم ذهب الأئمة سفيان الثوري وعبدالله ابن المبارك وأبوحنيفة وأصحابه.
قال ابن الهمام ([266]): (وأما ما روي عن عمر وابنه وعائشة رضي الله عنهم من القول بالوجوب في مال الصبي والمجنون لا يستلزم كونه عن سماع، إذ يمكن الرأي فيه، فيجوز كونه بناء عليه فحاصله قول صحابي عن اجتهاد عارضه رأي صحابي آخر) انتهى.
قلت: ذكرت قول ابن الهمام للدلالة على أن ما قاله السرخسي ومن معه من أن هذه المسألة مبنية على أن خبر الواحد الصحيح المسند إذا روي في مسألة تنازع فيها الصحابة رضي الله عنهم ولم يلتفت أحد منهم إلى الاحتجاج به فإن ذلك يدل على زيفه أو نسخه قول مجانبه الصواب، ذلك أن الصحابة لم يثبت عنهم بالسند الصحيح الاختلاف في وجوب الزكاة في مال اليتيم ([267])، ومنه تتضح مجازفة السرخسي ومن قال بقوله بأن الصحابة قد تركوا بأجمعهم الاحتجاج بالأحاديث السابقة، و على فرض تسليم اختلافهم في ذلك فمن أخبر السرخسي ومن معه بأن القائلين بوجوبها من الصحابة والتابعين لم يعولوا على الاحتجاج بها، كيف وقد نُقِل ما نُقِل، بل إن هذه الدعوى الباطلة لتفتح الباب على مصراعيه للطعن في كل حديث اختلف الصحابة في مسألة هو نص فيها إذ لا يُعْجِز المخالف أن يقول ما قاله هؤلاء، وبهذا المسلك تُبْطَلُ السُنَنُ.
* *
الخاتمة:
بتوفيق من الله وحده لا شريك له انتهيت من هذا البحث متوصلاً إلى نتائج هامة أهمها ما يأتي:-
1 - أن علم أصول الفقه علم عظيم الشأن في علوم الشريعة الإسلامية إلا أنه قد شانه وأذهب بريقه وصفاءة - في بعض جوانبه - بعض ما أدخل فيه من مسائل ليس لها صلة به البتة.
ومن هذه المسائل الدخيلة على هذا الفن مسألتنا المبحوثة في هذا البحث فهي مسألة وثيقة الصلة بمحث من مباحث علم العقيدة.
2 - كما توصلت إلى أنه لا خلاف بين أحد من علماء الأمة -لا سيما الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المعتبرين ومنهم الأئمة الأربعة - في وجوب الاحتجاج بالسنة، معتبرينها صنو القرآن الكريم في التشريع العلمي والعملي.
3 - أن الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى يرون حجية خبر الواحد مطلقاً وأنه يفيد العلم والعمل معاً خلافاً لمن شذ عن طريقهم ممن نَسَبَ نفسه إليهم.
4 - أن تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد تقسيم اصطلاحي، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا لم يؤد إلى رد الأخبار سواء في باب العقيدة أو العمل.
5 - اشتهر مذهب الحنفية دون بقية المذاهب بقسم ثالث من أقسام الأخبار، وهو ما يعرف بـ (المشهور) حيث جعلوه قسيماً للمتواتر والآحاد وقالوا إنه يمكن الزيادة به على النص كالمتواتر، فهو عندهم فوق الآحاد ودون المتواتر؛ لذا كانت أحكامه فيها شبه بأحكام الآحاد لكون أصله آحاداً، وفيها شبه بأحكام المتواتر لكونه قد تواتر فيما بعد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/87)
6 - أن الطعن في خبر الواحد الصحيح بما يسمى بالانقطاع الباطن لدليل معارض قول مخترع اخترعه عيسى بن أبان ثم تبعه على ذلك أبو زيد الدبوسي وفيما بعد بقية علماء الحنفية كالبزدوي والنسفي وعبدالعزيز البخاري حتى أصبح هذا القول أصلاً من أصول الحنفية.
7 - أن أبا حنيفة وصاحبيه رحمهم الله تعالى براء من هذه القواعد الموهومة، حيث لم يثبت – بعد البحث العلمي الدقيق – عنهم القول بها، وما أثر عنهم من فتاوى فقهية لم تكن مبنية عليها، وأما هذه القواعد المذكورة فهي من اختراع عيسى بن أبان حيث قام باستخلاص ما يؤيدها من بعض فتاوى الإمام أبي حنيفة والصاحبين بتعسف شديد، وتخريج أقوالهم عليها لإضفاء القبول عليها لدى
اتباع الإمام، فليست هذه القواعد قواعد أصول فقه أبي حنيفة وأصحابه وإنما هي قواعد أصول فقه عيسى بن أبان وأتباعه.
قال الشيخ ابن جبرين ([268]): ( ... وبهذا يعرف تقديس هؤلاء الأئمة للحديث المتواتر والآحاد.
ولما أن روي عنهم بعض المسائل التي لا تجتمع ظاهراً مع ما صح من الأحاديث، وكان قد قلدهم بعض من أتى بعدهم، واعتمد أقوالهم نصوصاً ترد لها الأحاديث الصحيحة، وكان لا بد يعتذر أتباعهم عن تلك الأحاديث الواردة عليهم، فهنالك وضعوا قواعد وأصولاً زعموا أن أئمتهم لا يقبلون ما خالفها من أخبار الآحاد، ككون الحديث فيما تعم به البلوى، أو خلاف القياس، أو لم يعمل به راوية ونحو ذلك. وإذا كان قد روي عن الأئمة شيء من تلك القواعد فلعلهم أرادوا بها معنى صحيحاً لا على الإطلاق ... )
وقال ([269]) – أيضاً -: (وقد نسب إلى أبي حنيفة رد خبر الواحد إذا خالف الأصول كالاستحسان والاستصحاب، وأنا أعتقد أن أكثر تلك الروايات التي تحكي عن هؤلاء الأئمة مخالفة للقواعد الشرعية لا تصح عنهم، وإنما خرجها على مذاهبهم بعض من غلا في تقليدهم، عندما وجد لهم أقوالاً اعتمدوا فيها القياس، حيث لم تبلغهم الأحاديث فيها، أو لم تتضح لهم دلالتها، فأراد بعض أتباعهم أن يعتذر عنهم بأن تلك الأحاديث آحاد قد خالفت الأصول، ثم أضيفت تلك القواعد إلى مذاهب الأئمة لشهرتها عند أتباعهم ... )
8 - لم يَثْبُتْ بناء أي مسألة من المسائل الفقهية على تلك القواعد، كما لم يثبت عن الإمام أبي حنيفة ما يؤيد ما ذهب إليه أولئك القائلين بها.
9 - كما توصلت إلى أن كثيراً من هؤلاء – وإن كان من اتباع الإمام أبي حنيفة رحمه الله حفاظ وأئمة أمثال الطحاوي وغيره – قليلة بضاعتهم بعلم الحديث ومصطلحه ومعرفة الرجال والجرح والتعديل و التمييز بين صحيح السنة وسقيمها ومتواترها وآحادها، فهم يصححون ما هو ضعيف عند أهل العلم بالحديث، ويضعفون ما هو ثابت كثبوت الجبال الراسيات عند أهله، ويحكمون بأحادية ما تواتر، وشهرة وتواتر ما ضُعِّفَ أو أُنْكِرَ عند علماء السنة والأثر.
يوضح ذلك ما يأتي:-
1 - تصحيحهم لحديث (تكثر الأحاديث لكم بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه واعلموا أنه مني وما خالفه فردوه واعلموا أني منه بريء).
مع أنه لا يصح عند أهل العلم بالحديث بل قال بعضهم إنه من وضع الزنادقة.
2 - تركهم لحديث فاطمة بنت قيس مع كونه صحيحاً مخرجاً في صحيح مسلم وغيره، وأخذهم بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قوله: (لا نترك كتاب الله وسنة نبينا r لقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة ... )
مع أن أهل العلم بالحديث قالوا عنه كما قال ابن القيم: (قد أعاذ الله أمير المؤمنين من هذا الكلام الباطل الذي لا يصح عنه أبداً. قال الإمام أحمد: لا يصح ذلك عن عمر).
3 - ردهم لما تواتر عند علماء الحديث والأثر كما في حديث قضاء النبي صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد، ورفعه ليديه في الركوع وحين الرفع منه.
4 - قولهم بعد ذكرهم لحديث (الطلاق بالرجال والعدة بالنساء)، وحديث (ابتغوا في أموال اليتامى خيراً كيلا تأكلها الصدقة) حديثان صحيحان أعرض الصحابة عن الاحتجاج بهما في موطن النزاع والحجاج.
وقد سبق بيان أن هذين ليسا كما ذكروا بل هما مما اختلف العلماء فيهما تصحيحاً وتضعيفاً، رفعاً ووقفاً.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[07 - 04 - 03, 04:16 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/88)
الحواشي والتعليقات
([1]) انظر: المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين (16 - 17)
([2]) المصدر السابق (12 - 14)
([3]) انظر: لسان العرب (4/ 227) والكليات (2/ 279 - 280).
([4]) انظر: معجم البلاغة العربية (1/ 231)
([5]) انظر: القاموس المحيط (631).
([6]) انظر تعريف المتواتر اصطلاحاً في: إحكام الفصول (235) وأصول السرخسي (1/ 282) والمحصول (2/ 108) والإحكام للآمدي (2/ 15) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 4، 6) وشرح الكوكب المنير (2/ 324) وإرشاد الفحول (41).
([7]) انظر:- المعتمد (2/ 81) وإحكام الفصول (238) وأصول السرخسي (1/ 283) والبرهان (1/ 579) والمستصفى (1/ 133) والإحكام للآمدي (2/ 18) وكشف الأسرار للبخاري (2/ 362) وشرح الكوكب المنير (2/ 326) وإرشاد الفحول (41) وشرح الروضة للطوفي (2/ 79)
([8]) انظر: القاموس المحيط (338)، والكليات (1/ 64 - 65)، وشرح الكوكب المنير (2/ 345) ومذكرة أصول الفقه (102).
([9]) انظر: تعريفه اصطلاحاً في:- إحكام الفصول (235) والمستصفى (1/ 145) وشرح الروضة للطوفي (2/ 103) والإحكام للآمدي (2/ 31) وكشف الأسرار للبخاري (2/ 370) والمغني للخبازي (194) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 13) وشرح الكوكب المنير (2/ 345) وإرشاد الفحول (43) ومذكرة أصول الفقه (1/ 102).
([10]) انظر: الإحكام له (1/ 95 - 96).
([11]) رواه البخاري في صحيحه من أبي هريرة (8/ 139).
([12]) المصدر السابق من حديث جابر بن عبدالله (8/ 139 - 140).
([13]) رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة (1/ 93).
([14]) رواه البيهقي في السنن الكبرى من حديث العرباض بن سارية (10/ 114).
([15]) رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي موسي (8/ 140).
([16]) رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك (6/ 116).
([17]) رواه ابن ماجة في سننه (1/ 84) والترمذي في سننه (5/ 34).
([18]) انظر: الرسالة (402 - 403).
([19]) في كتابه إرشاد الفحول (29). وقد حكى الإجماع على ذلك كثير من أهل العلم. انظر عل سبيل المثال:- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (376) وحجية السنة (248، 341) وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 94 - 95) وفواتح الرحموت (1/ 17).
([20]) في كتابه الوجيز (163) وانظر أيضاً منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (1/ 108).
([21]) رواه البخاري في صحيحه (4/ 42) في باب فرض الخمس وانظر ما هو بمعناه في سنن الدارمي (1/ 42) وسنن ابن ماجة (2/ 910).
([22]) رواه البخاري في صحيح (2/ 162) في باب تقبيل الحجر وانظر ما هو في معناه في موطأ مالك (1/ 278) وصحيح البخاري (4/ 62) وسنن النسائي (8/ 231) و إعلام الموقعين (1/ 54 - 55).
([23]) حجية السنة (248) وانظر ما هو في معناه في صحيح البخاري (2/ 151).
([24]) وقد نقل عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على توقيرهم للسنة وعدم تقديم شيء عليها والرجوع إليها والتعويل عليها في جميع أمورهم، ومن أولئك عبدالرحمن بن عوف وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين وعبدالله بن مغفل وخراش بن جبير وغيرهم. انظر ما ورد عنهم في: صحيح البخاري (6/ 219)، (8/ 123) ومسند الإمام أحمد (1/ 337) وصحيح مسلم (1/ 64، 327)، (3/ 1176) وشرح السنة للبغوي (8/ 257) وسنن الدارمي (1/ 79 - 80) وجامع بيان العلم وفضله (2/ 239).
([25]) انظر: مفتاح الجنة (152 - 153).
([26]) رواه اللآلكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 94).
([27]) وقد ورد عن شريح وبن مهران الرياحي وعمربن عبدالعزيز ومجاهد والحسن البصري وابن سيرين وغيرهم ما يدل على أن الفلاح في التمسك بالسنة والهلاك والضلال في تركها وأن الراغب عنها مطعون ومتهم في دينه. انظر أقوالهم رحمهم الله تعالى في: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 56 - 57، 94) وسنن الدارمي (1/ 40) والمدخل إلى السنن الكبرى (22) وجامع بيان العلم وفضله (2/ 167 - 168) ومفتاح السنة (92، 152 - 153).
([28]) انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 385) وانظر مقالات وكلمات أخرى للإمام في هذا الموضوع في سير أعلام النبلاء (6/ 401) والمدخل إلى السنن الكبرى (1/ 46) وإعلام الموقعين (4/ 123) ومفتاح الجنة (92) والمستخر ج على المستدرك (15).
([29]) انظر: المستخرج على المستدرك (15).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/89)
([30]) انظر: عقد الجيد (2/ 27 - 28) وله أقوال أخرى في هذا المعنى في: شرح السنة (1/ 216) والمدخل إلى السنن الكبرى (1/ 34) والحلية لأبي نعيم (6/ 326) ومفتاح الجنة (103) وحجية السنة (360).
([31]) انظر: إعلام الموقعين (2/ 285).
([32]) انظر: سير إعلام النبلاء (10/ 34 - 35)، (1/ 164) وله أقوال شبيهة بهذه تنظر في: المدخل إلى السنن الكبرى (1/ 34) وإعلام الموقعين (2/ 282، 285) وكتاب الأم (7/ 265) وحلية الأولياء (9/ 106 - 107).
([33]) انظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (2/ 400) وله أقوال أخرى في هذه المسألة تنظر في كتاب مسائل الإمام أحمد لأبي داود (276) وطبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 15 - 16).
([34]) انظر: شرح السنة له (41) و طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 25) وقد قال كثير من أهل العلم بنحو ما قاله البربهاري رحمه الله مثل الحكم بن عتيبة والأوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن الشيباني ووكيع وسحنون وابن خزيمة وغيرهم. انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/ 111) وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللآلكائي (1/ 64) ومفتاح الجنة (75) والمدخل إلى السنن الكبرى (200) وحجية السنة (361) وكتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي (84).
([35]) انظر: الرسالة (453 - 457).
([36]) انظر: جماع العلم (11 - 12).
([37]) انظر: مختصر الصواعق (2/ 372).
([38]) انظر: لسان العرب (7/ 212).
([39]) انظر: أصول السرخسي (1/ 292) والإحكام للأمدي (2/ 31) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 11) وكشف الأسرار للبخاري (2/ 368) وغاية الوصول (97) ونزهة النظر (23) وتدريب الراوي (2/ 173) وتيسير مصطلح الحديث (22) وشرح الكوكب المنير (2/ 345) وإرشاد الفحول (43 - 44) وشرح الروضة للطوفي (2/ 108)
([40]) انظر: أصول الجصاص (3/ 48) وأصول السرخسي (1/ 292) وميزان الأصول (429) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 12) وكشف الأسرار للبخاري (2/ 368) وشرح الكوكب المنير (2/ 347) وفتح الغفار (2/ 78) وتيسير التحرير (3/ 37 - 38).
([41]) انظر هذه الأدلة في: أصول السرخسي (1/ 364) وأصول البزدوي (173) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 49) وكشف الأسرار للبخاري (3/ 9) وقواطع الأدلة (2/ 392) وما بعدها.
([42]) رواه البخاري في صحيحه (3/ 127) في كتاب المكاتب (3) ومسلم في صحيحه (2/ 1143).
([43]) في أصوله (1/ 364).
([44]) رواه البخاري في صحيحه (3/ 169) ومسلم في صحيحه (3/ 1302).
([45]) انظر: إعلام الموقعين (1/ 348).
([46]) (2/ 413).
([47]) انظر: القواعد النورانية (1/ 187).
([48]) انظر: المصدر السابق (1/ 209).
([49]) انظر: الإحكام (1/ 174).
([50]) انظر: إرشاد الفحول (243) ونهاية السول (4/ 434) والإحكام للأمدي (4/ 171) والإبهاج (3/ 199) وكتاب التعارض والترجيح (54 - 56) وخبر الواحد في التشريع الإسلامي (480) والسنة المفترى عليها (236) وإعلام الموقعين (1/ 331).
([51]) انظر: كتاب الفقه الأكبر بشرح القاري (165).
([52]) انظر: المصدر السابق (166، 168).
([53]) انظر: خبر الواحد في التشريع الإسلامي وحجيته (87 - 88).
([54]) رواه الطبراني في الكبير (12/ 316) برقم 13224.
([55]) انظر: المقاصد الحسنة (36 - 37).
([56]) انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1/ 170).
([57]) انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3/ 209).
([58]) انظر: كتابه الموضوعات (76).
([59]) انظر: مسند الربيع بن حبيب (36).
([60]) انظر: مسند الربيع بن حبيب (365).
([61]) انظر: تفسير القرطبي (1/ 38) و عون المعبود (12/ 232).
([62]) انظر: المصدرين السابقين.
([63]) انظر: كشف الخفاء (2/ 569).
([64]) انظر: (3/ 446).
([65]) انظر: الرسالة (224 - 225).
([66]) رواه الطبراني في الكبير: (2/ 97) ورقمه 1429.
([67]) انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1/ 170).
([68]) انظر: سنن الدارقطني (4/ 208).
([69]) انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3/ 209).
([70]) انظر: ذم الكلام وأهله ().
([71]) انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3/ 210).
([72]) انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/ 233).
([73]) انظر: (ص 474) وما بعدها.
([74]) انظر: كشف الأسرار له (3/ 10).
([75]) (3/ 474).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/90)
([76]) قاله ابن عبدالبر في: جامع بيان العلم وفضله (2/ 233).
([77]) انظر: حجية السنة (475 - 476).
([78]) انظر: كتاب جماع العلم (118 - 124).
([79]) انظر: إعلام الموقعين (2/ 307 - 308) وانظر أيضاً الرسالة للشافعي (91) وما بعدها.
([80]) انظر: سنن الدارقطني (4/ 208).
([81]) انظر: مفتاح الجنة (52).
([82]) رواه الإمام أحمد في المسند (4/ 132)، (4/ 130) والدارمي في سننه (1/ 153) وأبو داود في سننه (4/ 200) وابن ماجة في سننه (1/ 6) والترمذي في سننه (5/ 38) والطبراني في المعجم الكبير (20/ 274،283) والدارقطني في سننه (4/ 287) والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 76)، (9/ 331 - 332).
([83]) انظر: سنن الترمذي (5/ 38).
([84]) انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1360).
([85]) رواه أحمد في المسند (6/ 8) وأبوداود في سننه (4/ 200) وابن ماجة في سننه (1/ 6) والترمذي في سننه (5/ 37) والطبراني في المعجم الأوسط (8/ 292) وكذا في المعجم الكبير (1/ 316)، (1/ 327) والحاكم في المستدرك (1/ 190 - 191) والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 76).
([86]) انظر: سنن الترمذي (5/ 37).
([87]) انظر: مستدرك الحاكم (1/ 190 - 191).
([88]) انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1204).
([89]) رواه أبو داود في سننه (3/ 170) والطبراني في المعجم الأوسط (7/ 184 - 185) وفي المعجم الكبير (18/ 258) والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 204).
([90]) رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة (1/ 93)
([91]) انظر هذا الدليل في: أصول السرخسي (1/ 365) وكشف الأسرار للبخاري (3/ 9 - 10)
([92]) انظر: الإحكام (1/ 117 - 118).
([93]) انظر: هذا الكلام والذي بعده في: كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 3، 10).
([94]) انظر: قواطع الأدلة (2/ 406) وما بعدها.
([95]) رواه مسلم في صحيحه (3/ 1470).
([96]) انظر: مجموع الفتاوى (1/ 9 - 10، 257)، (13/ 351 - 352)، (18/ 17).
([97]) انظر:قواطع الأدلة (2/ 326 - 331).
([98]) انظر: قواطع الأدلة (2/ 419).
([99]) انظر: هذه المسألة في: أصول السرخسي (1/ 365) وكشف الإسرار للبخاري (3/ 10 - 11) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 48 - 51).
([100]) انظر: سنن الترمذي (1/ 128).
([101]) روي هذا الحديث من تسع طرق ذكرها ابن الجوزي في كتابه الخلاف (1/ 176) والحديث رواه: مالك في الموطأ (1/ 42 - 43)،والطيالسي في مسنده (2/ 230) والإمام أحمد في المسند (2/ 223)، (5/ 194)، (6/ 406 - 407) والدارمي في سننه (1/ 199) وأبوداود في سننه (1/ 46) وابن ماجة في سننه (1/ 161 - 163) والنسائي في سننه (1/ 100، 216) والنسائي في السنن الكبرى (1/ 98) والدارقطني في سننه (1/ 146) والحاكم في المستدرك (1/ 229) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 128 - 138) قال ابن عبد البر رحمه في كتابه التمهيد (17/ 197): (وكل من خرج في الصحيح ذكر حديث بسرة في هذا الباب وحديث طلق بن علي إلا البخاري فإنهما عنده متعارضان معلولان وعند غيره هما صحيحان).
([102]) انظر: الحديث والتعليق هذا في: السنن الكبرى للبيهقي (1/ 134 - 135).
([103]) انظر: سنن الترمذي (1/ 132).
([104]) انظر: سنن الترمذي (1/ 132) ومستدرك الحاكم (1/ 229) والتمهيد (17/ 198، 199).
([105]) انظر: سنن الترمذي (1/ 132) ومستدرك الحاكم (1/ 229) و التمهيد (17/ 201).
([106]) انظر: تأويل مختلف الحديث (131).
([107]) انظر: تفسير القرطبي (8/ 259 - 260) وتفسير ابن كثير (2/ 390).
([108]) رواه ابن ماجة (1/ 127 - 128) والترمذي في سننه (5/ 280) والدارقطني في سننه (1/ 62) والحاكم في المستدرك (1/ 258)، (2/ 365) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105).
([109]) انظر: المستدرك (2/ 365).
([110]) (2/ 1114) وقد رواه مسلم رحمه بألفاظ مختلفة منها: فقال r : ( لا نفقة لك ولا سكنى) وفي لفظ: (ليست لها نفقة وعليها العدة)، وفي لفظ: (لا نفقة لك)، وفي لفظ: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم.
([111]) (4/ 22).
([112]) في سننه (4/ 24).
([113]) في سننه (4/ 25).
([114]) انظر: زاد المعاد (5/ 539) وفتح الباري (9/ 481).
([115]) في سننه (4/ 25).
([116]) (4/ 27).
([117]) (6/ 183).
([118]) (6/ 183 - 184).
([119]) (9/ 481).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/91)
([120]) انظر: فتح الباري (9/ 481).
([121]) ذكره ابن حزم في المحلى (10/ 297 - 298).
([122]) انظر: زاد المعاد (5/ 539).
([123]) انظر: التمهيد (19/ 144، 151 - 152).
([124]) انظر هذه الأقوال وأدلة كلٍ والمناقشات التي جرت فيها في: الأم (5/ 237 - 238) والمغني (8/ 185) وبدائع الصنائع (3/ 209) والتمهيد (19/ 141).
([125]) انظر: زاد المعاد (5/ 540 - 541).
([126]) رواه مالك في الموطأ (2/ 821) وأحمد في المسند (1/ 323)، (3/ 305)، (5/ 285) ومسلم في صحيحه (2/ 1337) وأبو داود في سننه (3/ 309) وابن ماجة في سننه (2/ 793) والترمذي في سننه (3/ 627) والنسائي في السنن الكبرى (3/ 490) وأبو يعلى في مسنده (12/ 37) وابن حبان في صحيحه (11/ 462) والطبراني في المعجم الصغير (2/ 9) والأوسط (2/ 19)، (5/ 98)، (5/ 310)، (7/ 229) والكبير (1/ 370)، (5/ 150)، (6/ 16)، (11/ 105) والدارقطني فيسننه (4/ 212) والحاكم في المستدرك (3/ 593) والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 167،170) وابن عبدالبر في التمهيد (2/ 134).
([127]) انظر: التمهيد (2/ 138).
([128]) انظر: الموطأ (2/ 722).
([129]) في السنن الكبرى (3/ 491).
([130]) انظر: التمهيد (2/ 153).
([131]) انظر: المصدر السابق (2/ 154).
([132]) في فتح الباري (5/ 282).
([133]) انظر: التمهيد (2/ 157).
([134]) هو أول من ابتدع هذه القواعد الموهومة المخالفة للكتاب والسنة وعمل الأمة والأئمة. انظر: قواطع الأدلة (2/ 412).
([135]) انظر: التمهيد (2/ 154)
([136]) انظر: التمهيد (2/ 154).
([137]) نص على ذلك أبو المظفر السمعاني. انظر: كتابه قواطع الأدلة (3/ 154).
([138]) انظر: الطرق الحكمية (1/ 198 - 199) وفتح الباري (5/ 282).
([139]) في مذكرة أصول الفقه (86 - 87).
([140]) انظر: أصول السرخسي (1/ 365).
([141]) الحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 252) من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)
وأصله في الصحيحين ففي صحيح البخاري من كتاب الرهن (3/ 116) أن ابن مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس فكتب إليَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه.
وفي صحيح مسلم (3/ 1336) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (….ولكن اليمين على المدعى عليه) وفيه أيضاً (1/ 124) من حديث وائل بن حجر قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجلان يختصمان في أرض، فقال أحدهما: إن هذا انتزى على أرضي يا رسول الله في الجاهلية، فقال: بينتك. فقال: ليس لي بينة. قال: يمينه. قال: إذن يذهب بها. قال: ليس لك إلا ذاك …) الحديث.
([142]) انظر: الطرق الحكمية (106 - 111).
([143]) انظر: أصول السرخسي (1/ 367).
([144]) في السنن الكبري (3/ 496)، (4/ 22).
([145]) في الموطأ (2/ 624).
([146]) في مصنفه (8/ 32).
([147]) في المسند (1/ 175)، (1/ 179).
([148]) في سننه (3/ 215).
([149]) في سننه (2/ 761).
([150]) في سننه (3/ 528).
([151]) في السنن الكبري (3/ 496)، (4/ 22).
([152]) في مسنده (2/ 68)، (2/ 141).
([153]) في صحيحه (11/ 378).
([154]) في سننه (3/ 49 - 50).
([155]) في المستدرك (2/ 44).
([156]) في السنن الكبرى (5/ 294، 295).
([157]) في المستدرك (2/ 44).
([158]) انظر: صحيح البخاري (3/ 29) وصحيح مسلم (3/ 1211).
([159]) في مدارج السالكين (2/ 294).
([160]) انظر: التمهيد (19/ 192 - 193).
([161]) في السنن الكبري (3/ 496)، (4/ 22).
([162]) انظر: كشف الأسرار للبخاري (3/ 15).
([163]) نسب هذه القاعدة الباطلة لأبي حنيفة وصاحبيه كل من: السرخسي والبزدوي وعبدالعزيز البخاري.انظر: أصول السرخسي (1/ 367) وأصول البزدوي (175 - 176) وكشف الأسرار (3/ 15 - 16).
([164]) انظر: أصول السرخسي (1/ 368) وكشف الأسرار للبخاري (3/ 16 - 18).
([165]) ذكره أبو المظفر السمعاني. انظر: قواطع الأدلة (2/ 362 - 263).
([166]) سبق تخريجه.
([167]) انظر: سنن ابن ماجة (1/ 529).
([168]) انظر: إعلام الموقعين (1/ 104).
([169]) انظر: صحيح مسلم (1/ 272 - 273).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/92)
([170]) انظر: صحيح مسلم (1/ 273).
([171]) انظر: صحيح مسلم (1/ 274).
([172]) رواه أبوداود في سننه (1/ 49) والنسائي في السنن الكبرى (1/ 105) وابن خزيمة في صحيحه (1/ 28) وابن حبان في صحيحه (3/ 417).
([173]) انظر: المجموع (2/ 57 - 60) و فتح الباري (1/ 311).
([174]) انظر: التمهيد (3/ 330 - 332).
([175]) انظر: مسند الإمام أحمد (4/ 246).
([176]) انظر: معجم الطبراني الأوسط (3/ 149) و السنن الكبرى للبيهقي (1/ 303).
([177]) انظر: مسند الإمام أحمد (2/ 280، 433، 472) وسنن ابن ماجة (1/ 470) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 302).
([178]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (1/ 305).
([179]) انظر: مسند الإمام أحمد (2/ 454) وصحيح ابن حبان (3/ 436) والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 296) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 300، 302).
([180]) انظر: مسند الطيالسي (2/ 305) ومصنف ابن أبي شيبة (3/ 47) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 303) والكامل في الضعفاء (2/ 456).
([181]) انظر: سنن الترمذي (3/ 318) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 300 - 301).
([182]) في سننه (3/ 318).
([183]) انظر: تلخيص الحبير (1/ 136).
([184]) انظر: تلخيص الحبير (1/ 136).
([185]) انظر: تلخيص الحبير (1/ 136).
([186]) في المستدرك (1/ 543) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 306).
([187]) في المستدرك (1/ 543).
([188]) في سننه (3/ 201).
([189]) (1/ 137 - 138).
([190]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (1/ 306).
([191]) في السنن الكبرى (1/ 306).
([192]) في معالم السنن (3/ 305).
([193]) انظر: صحيح البخاري (1/ 180) وصحيح مسلم (1/ 292).
([194]) انظر: صحيح البخاري (1/ 180) وصحيح مسلم (1/ 293).
([195]) في مصنفه (1/ 212).
([196]) في سننه (1/ 342).
([197]) في سننه (1/ 198).
([198]) في سننه (1/ 280).
([199]) في سننه (2/ 35).
([200]) في السنن الكبرى (1/ 221).
([201]) في صحيحه (1/ 294).
([202]) في سننه (1/ 287).
([203]) في السنن الكبرى (2/ 68).
([204]) في سننه (2/ 35).
([205]) السنن الكبرى للبيهقي (2/ 75).
([206]) (ص 17).
([207]) انظر: جزء رفع اليدين (ص 9).
([208]) (ص 54 - 55).
([209]) انظر: جزء رفع اليدين (ص 7).
([210]) انظر: فتح الباري (2/ 220).
([211]) في فتح الباري (2/ 220).
([212]) انظر: المجموع (3/ 401).
([213]) انظر: الفصول في الأصول (3/ 115).
([214]) انظر: التمهيد 9/ 213).
([215]) في التمهيد (9/ 219).
([216]) رواه مسلم في صحيحه (1/ 322).
([217]) في التمهيد (9/ 221 - 222).
([218]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (2/ 82).
([219]) انظر: أصول السرخسي (1/ 369) وكشف الأسرار للبخاري (3/ 18 - 19) وكشف الأسرار للنسفي (2/ 53).
([220]) انظر: أصول السرخسي (1/ 369).
([221]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 370).
([222]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 370) ومسند ابن الجعد (117) والمعجم الكبير للطبراني (9/ 337).
([223]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 370) ومصنف عبدالرزاق (7/ 236).
([224]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 369).
([225]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 370) ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 102) ومصنف عبدالرزاق (7/ 236).
([226]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/ 101).
([227]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/ 101).
([228]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/ 101).
([229]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/ 100) ومصنف عبدالرزاق (7/ 237).
([230]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/ 101) ومصنف عبدالرزاق (7/ 237).
([231]) انظر: مصنف عبدالرزاق (7/ 237).
([232]) انظر: مصنف عبدالرزاق (7/ 237) ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 101).
([233]) انظر: مصنف عبدالرزاق (7/ 237) ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 101).
([234]) (2/ 70).
([235]) (3/ 225).
([236]) (3/ 212).
([237]) (7/ 26)، (7/ 92).
([238]) (4/ 301 - 302).
([239]) (6/ 184).
([240]) انظر: أحاديث الخلاف (2/ 299).
([241]) في تحفة الأحوذي (4/ 301).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/93)
([242]) للوقوف على طرق ما روي في المسألة من أحاديث وآثار والحكم عليها يرجع – ضرورة – إلى: الدراية (1/ 249) وتلخيص الحبير (2/ 157) وتحفة الأحوذي (3/ 238).
([243]) انظر: سنن الدارقطني (2/ 110).
([244]) انظر: سنن الدارقطني (2/ 110).
([245]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (4/ 107)، (6/ 2).
([246]) انظر: المعجم الأوسط للطبراني (1/ 298).
([247]) انظر: المعجم الأوسط للطبراني (4/ 264).
([248]) انظر: مصنف عبدالرزاق (4/ 66) والسنن الكبرى للبيهقي (4/ 107)، (6/ 2).
([249]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (4/ 107).
([250]) انظر: سنن الدارقطني (2/ 110 - 114).
([251]) انظر: سنن الدارقطني (2/ 110 - 114) والسنن الكبرى للبيهقي (4/ 107)، (6/ 2).
([252]) انظر: سنن الدارقطني (2/ 110 - 114) والسنن الكبرى للبيهقي (4/ 107).
([253]) انظر: مصنف عبدالرزاق (4/ 66) والسنن الكبرى للبيهقي (4/ 107)، (6/ 2).
([254]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (6/ 2).
([255]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (6/ 2).
([256]) انظر: مصنف عبدالرزاق (4/ 66).
([257]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (4/ 107). .
([258]) انظر: سنن الدارقطني (2/ 110).
([259]) في سننه (2/ 110).
([260]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (4/ 107).
([261]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (4/ 107).
([262]) في السنن الكبرى (4/ 107).
([263]) انظر: مصنف عبدالرزاق (4/ 66).
([264]) انظر: مصنف عبدالرزاق (4/ 66).
([265]) انظر: مصنف عبدالرزاق (4/ 66).
([266]) انظر: شرح فتح القدير (2/ 157).
([267]) نص على ذلك المباركفوري في تحفة الأحوذي (3/ 239).
([268]) انظر: أخبار الآحاد في الحديث النبوي (188).
([269]) انظر: المصدر السابق (182).
المصادر والمراجع
1 - الإبهاج في شرح المنهاج، لعلي بن عبدالكافي السبكي (ت 756هـ) وولده عبدالوهاب بن علي (ت 771هـ)، صححه جماعة من العلماء، طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1404هـ –1984م
2 - إحكام الفصول في أحكام الأصول،لسليمان بن خلف الباجي (ت474هـ)، تحقيق / الدكتور عبدالله محمد الجبوري، طبع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1409هـ-1989م
3 - الإحكام في أصول الأحكام، لعلي بن أبي علي بن محمد الآمدي (ت 631هـ)
4 - الإحكام في أصول الأحكام، لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري (ت456 هـ)، دار الآفاق الجديدة للنشر – بيروت – لبنان – طبعة 1403هـ 1983م، طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – طبعة 1405هـ –1983م
5 - أخبار الآحاد في الحديث النبوي، حجيتها، مفادها، العمل بموجبها، لعبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، طبع دار عالم الفوائد – مكة المكرمة – السعودية، الطبعة الثانية –1416هـ
6 - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، لمحمد بن علي الشوكاني (ت1255 هـ)، طبع دار المعرفة – بيروت – لبنان، عباس أحمد الباز – مكة المكرمة
7 - أصول السرخسي، لمحمد بن أحمد السرخسي (ت 490هـ)، تحقيق أبو الوفا الأفغاني لجنة إحياء المعارف النعمانية – حيدر آباد الدكن – الهند.
8 - إعلام الموقعين عن رب العالمين، لمحمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (751هـ)، تعليق / طه عبدالرؤوف سعد، دار الجيل – بيروت – لبنان
9 - الأم، لمحمد بن إدريس الشافعي (ت 204هـ)، مكتبة الكليات الأزهرية – مصر – بإشراف / محمد زهدي النجار، طبع شركة الطباعة الفنية المتحدة، الطبعة الأولى 1381هـ _ 1961م
10 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لأبي بكر مسعود الكاسأني الحنفي (ت 587هـ)، الطبعة الثانية 1402 هـ –1982م، دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان.
11 - البرهان في أصول الفقه، لعبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني (ت478 هـ)، تحقيق / عبدالعظيم الديب، طبع دولة قطر – على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الطبعة الأولى 1399هـ
12 - تأويل مختلف الحديث، لعبد الله بن مسلم قتيبة الدنوري (ت/276هـ)، تحقيق/محمد زهري النجار، سنة الطبع 1393هـ – 1972م، دار الجيل – بيروت -لبنان
13 - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري (ت1353 هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت -لبنان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/94)
14 - تحقيق أحاديث الخلاف، لعبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي (ت/597 هـ)، تحقيق/مسعد عبد الحميد محمد السعدي، الطبعة الأولى سنة الطبع/1415هـ، دار الكتب العلمية –بيروت –لبنان
15 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911هـ)، تحقيق / عبدالوهاب عبداللطيف، طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، الطبعة الثانية 1399هـ – 1979م
16 - التعارض والترجيح عند الأصوليين وأثرهما في الفقه الإسلامي، د. محمد بن إبراهيم محمد الحفناوي، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع – مصر - المنصورة، الطبعة الثانية (1408هـ – 1987م)
17 - تلخيص الحبير في أحاديث الراافعي الكبير، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تحقيق / السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، سنة الطبع 1384هـ –1964م، المدينة المنورة - السعودية
18 - التمهيد في أصول الفقه، لمحفوظ بن أحمد بن الحسن أبي الخطاب الكلوذاني (ت510 هـ)، تحقيق / الدكتور مفيد محمد أبو عمشه، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، طبع دار المدني – جده – السعودية، الطبعة الأولى 1406هـ –1985م
19 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ليوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري (ت 436 هـ)، تحقيق/مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري، سنة الطبع 1387هـ، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب
20 - تيسير التحرير، لمحمد أمين المعروف بأمير باد شاه، طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان
21 - تيسير مصطلح الحديث، لمحمود الطحان، الطبعة الرابعة (1402هـ-1982م)، طبع مكتبة السروات للنشر والتوزيع
22 - جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، ليوسف بن عبدالبر النمري القرطبي (ت463 هـ)، تقديم / الأستاذ عبدالكريم الخطيب، طبع المطبعة الفنية، الطبعة الثانية 1402 هـ – 1982م، دار الكتب الإسلامية – القاهرة – مصر
23 - الجامع لأحكام القرآن، لمحمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح القرطبي (ت671 هـ) المحقق/ أحمد بن العلم البرودي، الطبعة الثانية - 1372م، جهة النشر دار الشعب القاهرة مصر
24 - الجرح والتعديل، لعبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الزاري التميمي (ت 327 هـ)، الطبعة الأولى – 1371هـ-1952م، دار الأحياء التراث العربي – بيروت - لبنان
25 - جماع العلم، لمحمد بن أدريس الشافعي (ت 204 هـ)، الطبعة الأولى - 1405هـ، دار الكتب العلمية – بيروت - لبنان
26 - حاشية ابن عابدين، محمد أمين، طبع دار الفكر – بيروت - لبنان، الطبعة الثانية – 1386هـ
27 - حاشية الجلال المحلي على جمع الجوامع، محمد بن أحمد المحلي، طبع بمطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الثانية 1356هـ – 1937م.
28 - حجية السنة، د. عبدالغني عبدالخالق، دار القرآن الكريم – بيروت – والمعهد العالمي للفكر الإسلامي- واشنطن، الطبعة الأولى 1407هـ –1986م
29 - حلية الأولياء، أحمد بن عبدالله بن أحمد الأصبهاني (ت 430هـ)، تحقيق / عبدالحفيظ سعد عطية، طبع دار السعادة / على نفقة محمد إسماعيل ومحمد أمين أفندي، الطبعة الأولى 1392هـ –1972م
30 - خبر الواحد في التشريع الإسلامي وحجيته، القاضي برهون، مطبعة النجاح الجديدة – المغرب – الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1415هـ – 1995م
31 - الدارية في تخريج أحاديث الهداية، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)
المحقق / عبد الله بن هاشم اليماني المدني، دار المعرفة - بيروت - لبنان
32 - ذم الكلام وأهله، عبدالله بن محمد الأنصاري الهروي (ت481هـ)، تحقيق / عبدالرحمن ابن عبدالعزيز الشبل، مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة – السعودية
الطبعة الأولى 1416هـ –1996م.
33 - الرسالة، محمد بن إدريس الشافعي (ت 204هـ)، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر طبع المكتبة العلمية – بيروت – لبنان
34 - زاد المعاد في هدي خير العباد، لأبي عبد الله محمد أبي بكر الزرعي الدمشقي أبن القيم الجوزية (ت 751هـ)، تحقيق وتخريج / شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط
الطبعة الثانية (1405هـ-1985م)، جهة النشر مؤسسة الرسالة بيروت لبنان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/95)
35 - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة، محمد ناصر الدين الألباني تحقيق / زهير الشاويش، المكتب الإسلامي – دمشق – بيروت، الطبعة الخامسة 1405هـ – 1985م
36 - السنة المفترى عليها، سالم علي البنهساوي، دار الوفاء – مصر – المنصورة. طبع دار البحوث العلمية – الكويت – الكويت، الطبعة الرابعة 1413هـ – 1992م
37 - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، مصطفى السباعي، المكتبة الإسلامي - دمشق – بيروت، الطبعة الثانية (1398هـ-1978م)
38 - سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني (ت 275هـ)، تحقيق / محمد فؤاد عبدالباقي طبع دار إحياء الكتب العربية – مصر – القاهرة، دار الحديث
39 - سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة (ت 279هـ)، تحقيق / أحمد محمد شاكر شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الثانية 1398هـ – 1978م
40 - سنن الدارقطني، لعلي بن عمر أبو الحسن الدارقطني (ت385 هـ)، تحقيق / السيد هاشم اليماني المدني، 1386هـ – 1966م، دار المعرفة – بيروت - لبنان
41 - سنن الدارمي، عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي (ت 255هـ)، تحقيق / السيد عبدالله هاشم يماني، طبع شركة الطباعة الفنية المتحدة، طبعة 1386هـ 1966م
42 - السنن الكبرى، لأحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي (ت 303 هـ) تحقيق / د. عبد الغفار سليمان البنداري،سيد كسروي حسن، الطبعة الأولى 1411هـ –1991م، دار الكتب العلمية – بيروت - لبنان
43 - سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748هـ)، تحقيق / شعيب الأرناؤط و محمد نعيم العرقسوسي، طبع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان، الطبعة التاسعة 1413هـ
44 - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللآلكائي (ت 418هـ)، تحقيق / د. أحمد سعد حمدان، دار طيبة للنشر والتوزيع – الرياض – السعودية
45 - شرح السنة، حسين بن مسعود البغوي (ت 516هـ)، تحقيق / شعيب الأورناؤط ومحمد زهير الشاويش، طبع المكتب الإسلامي – بيروت – لبنان، الطبعة الثانية 1403هـ – 1983م
46 - شرح فتح القدير، محمد بن عبدالواحد السيواسي (ت681هـ)، طبع دار الفكر – بيروت – لبنان، الطبعة الثانية
47 - شرح الكوكب المنير، محمد بن أحمد بن عبدالعزيز المعروف بابن النجار (ت 972هـ) تحقيق / الدكتور محمد الزحيلي، والدكتور نزيه حماد، طبع دار الفكر – دمشق – سوريا، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى
48 - شرح مختصر الروضة، سليمان بن عبدالقوي بن عبدالكريم الطوفي (ت 716هـ) تحقيق / د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي،طبع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1410هـ –1990م
49 - صحيح ابن خزيمة (ت 311هـ)، لمحمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، تحقيق د. محمد مصطفى الأعظمي، 1414هـ_1994م، مكتبة دار الباز - السعودية
50 - صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256هـ)،طبع المكتبة الإسلامية – استانبول – تركيا، مكتبة العلم – جدة – السعودية
51 - صحيح الجامع الصغيروزيادته، محمد ناصر الدين الألباني، تحقيق / زهير الشاويش، المكتب الإسلامي - بيروت - لبنان، الطبعة الثانية (1406 هـ –1986م)
52 - طبقات الحنابلة، محمد بن أبي يعلى (ت 524هـ)، دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت – لبنان
53 - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، لأبي عبد الله محمد أبي بكر الزرعي الدمشقي أبن القيم الجوزية (ت 751هـ)، تحقيق / د. محمد جميل غازي، دار المدني للطباعة والنشر - السعودية - جدة، الطبعة الأولى
54 - العدة في أصول الفقه، محمد بن حسين الفراء أبو يعلى (ت 458هـ)، تحقيق / أحمد بن علي سير المباركي، طبع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1400هـ –1980م
55 - عون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق العظيم أبادي، الطبعة الثانية 1415هـ، بيروت - لبنان
56 - فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ)، بترقيم / محمد فؤاد عبدالباقي، طبع بإشراف محب الدين الخطيب في دار المعرفة – بيروت – لبنان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/96)
57 - فتح الغفار بشرح المنار، زين الدين بن إبراهيم الشهير بابن نجيم (ت970هـ)، طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر، الطبعة الأولى 1255هـ 1936م
58 - الفصول في الأصول (أصول الجصاص)، لأحمد بن على الرازي الجصاص (370هـ) تحقيق / الدكتور عجيل جاسم النشمي، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، الطبعة الأولى 1405هـ – 1985م
59 - فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت، عبدالعلي محمد بن نظام الدين الأنصاري،طبع المطبعة الأميرية – بولاق – مصر، الطبعة الأولى 1324هـ
60 - القاموس المحيط، لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي، طبع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1406هـ – 1986م
61 - قواطع الأدلة في أصول الفقه، منصور بن محمد بن عبدالجبار السمعاني (ت 489هـ)
تحقيق / الدكتور / عبدالله بن حافظ حكمي، الطبعة الأولى 1419هـ – 1998م
62 - الكامل في ضعفاء الرجال، لعبد الله عدي بن عبد الله الجرجاني (ت365 هـ) تحقيق / يحي مختار غزاوي، الطبعة الثانية 1409هـ-1988م، دار الفكر – بيروت - لبنان
63 - كتاب مسائل الإمام أحمد، سليمان بن الأشعث بن اسحاق بن بشير بن شداد السجستاني
تقديم / محمد رشيد رضا، دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت – لبنان
64 - الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، لعبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (ت235 هـ)، تحقيق / كمال يوسف الحوت، الطبعة الأولى 1409هـ، مكتبة الرشد – الرياض - السعودية
65 - كشف الأسرار شرح المصنف على المنار، لعبدالله بن أحمد المعروف بالنسفي (ت 710هـ)، طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1406هـ – 1986م
66 - كشف الأسرار في أصول فخر الإسلام البزدوي، لعبدالعزيز بن أحمد البخاري (ت 730هـ)،الصدف ببشرز – كراتشي – باكستان.
67 - كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما أشتهر من الأحاديث على الناس، لإسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي (ت 1162 هـ)،تحقيق / أحمد القلاس، الطبعة الرابعة 1405هـ
جهة النشر/ مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان.
68 - الكليات معجم المصطلحات والفروق اللغوية، أيوب بن موسى الحسيني الكفوي (ت1094 هـ)، تحقيق / د. عدنان درويش، ومحمد المصري، دار الكتاب الإسلامي – القاهرة – مصر، الطبعة الثانية (1413هـ –1992م)
69 - لسان العرب، لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، طبع دار صادر – بيروت – لبنان.
70 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807هـ)، دار الريان للتراث – القاهرة – مصر، طبع سنة 1407هـ
71 - المجموع شرح المهذب، لأبي زكريا محيي بن شرف النووي (ت676 هـ)، جهة النشر / دار الفكر – بيروت - لبنان
72 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، جمع وترتيب / عبدالرحمن بن محمد بن قاسم النجدي، طبع بإشراف الرئاسة العامة لشئون الحرمين الشريفين.
73 - المحصول في علم الأصول، لمحمد بن عمر بن الحسين الرازي (ت 606هـ)
طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1408هـ –1988م
74 - المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين، لمحمد العروسي عبدالقادر، دار حافظ للنشر والتوزيع –جده – السعودية، الطبعة الأولى 1410هـ –1990م
75 - المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل، جمع وتحقيق ودراسة / عبدالإله بن سلمان بن سالم الأحمد، دار طيبة - الرياض – المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 1412هـ
76 - المستدرك على الصحيحين، لمحمد بن عبدالله المعروف بالحاكم (ت 405هـ)
طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان.
77 - المستخرح على المستدرك للحاكم (أمالي الحافظ العراقي)، لعبدالرحيم بن الحسين العراقي (806هـ)، تحقيق / محمد عبدالمنعم رشاد، الطبعة الأولى – 1410هـ
الناشر مكتبة السنة – القاهرة – مصر
78 - المستصفى من علم الأصول، لمحمد بن محمد الغزالي (ت 505هـ)، طبع المطبعة الأميرية – بولاق – مصر، الطبعة الأولى 1324هـ.
79 - المسند، لسليمان بن داود بن الجارود الطيالسي (ت 204هـ)، مكتبة المعرفة – الرياض – السعودية
80 - مسند الإمام أحمد، لأحمد بن حنبل الشيباني، طبع المكتب الإسلامي – بيروت – لبنان، الطبعة الخامسة 1405هـ –1985م
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/97)
81 - المسودة في أصول الفقه، لعبدالسلام بن عبدالله بن الخضر، و عبدالحليم بن عبدالسلام، وأحمد بن عبدالحليم، جمع / أحمد بن محمد الحنبلي، تحقيق / محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة المدني – السعودية - مصر
82 - معالم السنن للخطابي، لحمد محمد شاكر بن إبراهيم الخطابي (ت388)، تحقيق / محمد شاكر، ومحمد حامد الفقي، دار المعرفة - بيروت - لبنان
83 - المعتمد في أصول الفقه، لمحمد بن علي بن الطيب البصري المعتزلي (ت 436هـ)، تقديم / خليل الميس، طبع دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1403هـ –1983م
84 - المعجم الأوسط، لسليمان بن أحمد الطبراني (ت360 هـ)، تحقيق / طارق بن عوض الله بن محمد، و عبدالمحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين – القاهرة – مصر، طبع سنة 1415هـ
85 - معجم البلاغة العربية، د. بدوي طبانه، دار العلوم للطباعة والنشر - السعوية، الطبعة الأولى (1402هـ –1982)
86 - المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360هـ)، تحقيق / حمدي عبدالمجيد السلفي،طبع مطبعة الوطن العربي – العراق، الطبعة الأولى 1400هـ
87 - المغني، لعبد الله بن أحمد بن محمد ين قدامة المقدسي (ت620 هـ)، طبعة (1401هـ –1981م)، مكتبة الرياض
88 - المغني في أصول الفقه، لعمر بن محمد بن عمر الخبازي (ت 691هـ)، تحقيق د. محمد مظهر بقا، الطبعة الأولى (1403هـ)، مركز البحث العلمي في جامعة أم القرى
89 - مفتاح الجنة في الاعتصام بالسنة، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911هـ)، تحقيق / بدر بن عبد الله البدر، دار النفائس للنشر والتوزيع - الكويت - الحولي، ومؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع - لبنان - بيروت، الطبعة الأولى (1414هـ –1993م)
90 - مناقب الشافعي، لأحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ)، تحقيق / السيد أحمد صقر، طبع مكتبة دار التراث – القاهرة – مصر، دار النصر للطباعة – القاهرة – مصر الطبعة الأولى 1391هـ – 1971م
91 - منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد، لعثمان بن علي حسين، الطبعة الأولى 1412هـ –1992م، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع - الرياض - السعودية، الطبعة الأولى
92 - الموطأ، لمالك بن أنس، تحقيق / محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية – عيسى البابي الحلبي وشركاه
93 - ميزان الأصول في نتائج العقول، لمحمد بن أحمد السمرقندي (ت 539هـ)، تحقيق / الدكتور محمد زكي عبدالبر، مطابع الدوحة الحديثة – الدوحة – قطر، الطبعة الأولى 1404هـ – 1984م
94 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، لأحمد بن علي العسقلاني (ت 852هـ)، مكتبة طيبة – المدينة المنورة – السعودية، طبع سنة 1404هـ
95 - نهاية السهول في شرح منهاج الأصول، لعبد الرحيم بن الحسن الأسنوي (ت772 هـ)
طبع / عالم الكتب – بيروت - لبنان
96 - الوجيز في أصول الفقه، لعبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان، طبع سنة (1987م)
ـ[بو محمد]ــــــــ[05 - 08 - 03, 05:21 م]ـ
جزاك الله خيراً و بارك الله فيك
و هنا المقال مرفق على شكل ملف وورد(105/98)
اللفظ المشترك اذا خلا من القرائن ,,,,,
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[18 - 05 - 03, 02:49 م]ـ
مسألة ((بل معضلة)): اذا ورد اللفظ المشترك وليس ثمّ قرينة تدل على اللفظ يحمل على ماذا؟
وهذا متعلق بكلام طويل لابن حزم رحمه الله ردا على بعض المبتدعه.
وهذا هو حجة من انكر وجود الاصل ((الحقيقة)) ثم ((المجاز)) كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في جبروت فكري كما في الفتاوى
أذ هو يرى انه ما دام صار الرجل الشجاع يسمى اسد ((فهو حقيقة في حقه)) وليس مجازا.
أترك المجال للمناقشة ثم نعود ان شاء الله لكن لابد قبلا ان يراجع كلام ابن حزم في الاحكام حتى قبل كلام ابن تيميه لان فيه تأصيل بديع وعليه تعقب يسير اذكره في محله ... ثم يراجع متفرق كلام ابن تيميه رحمه الله اذا انه هو بحد ذاته معضلة.
ما رأيكم؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[18 - 05 - 03, 06:39 م]ـ
جزاك الله خيرا على طرح هذه المسالة المهمة
ولعل ما يقال فيها المسألة المشهورة عن العلماء وهي هل يحمل المشترك على كل معانيه أم لا؟
فذهب بعض العلماء إلى حمل المشترك على كل معانيه فنقل عن الشافعي وغيره القوال بذلك وهو اختيار الإمام ابن تيمية رحمه الله حيث قال كما في مجموع الفتاوى (13/ 341) (وإما لكون اللفظ المشترك يراد به معنياه، إذ قد جوز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية، وكثير من أهل الكلام000).
وذهب الحنفية وبعض الشافعية وغيرهم إلى عدم جواز وقوعه وهو ما ذهب إليه الإمام ابن القيم رحمه الله كما في جلاء الأفهام ص 124.
ولعل الأقرب هو عدم حمل المشترك على معنييه
يراجع تفسير النصوص لمحمد أديب الصالح (2/ 141ومابعدها) وقواعد الترجيح عن المفسرين لحسين الحربي (1/ 45ومابعدها).
ولعل تتمتة الكلام يأتي بعد ذلك بإذن الله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[22 - 05 - 03, 01:09 ص]ـ
أخي الفاضل الشيخ عبدالرحمن رعاه الله ...
قد بدا لي امر في هذه المسألة التى تكلم العلماء فيها كثيرا جدا ..... وأجد هذا من اعدل الاقوال في نظري ولم اجد من أشار اليه .......
وهو تقسيم المشترك من الالفاظ الى قسمين ..
القسم الاول: ما كان أصله مشهورا في الاستخدام لكن استخدم في غير اصله وصار من جنس المشترك .... فهذا اذا خلا من القرائن حمل على الاصل ..
كلفظ القحط فالاصل فيه منع القطر وقلة النبت وقد يستخدم في غيره هذا كقولهم عن الذي جامع ولم ينزل ((قحط)) او اقحط.
وكذلك لفظ السماء فالاصل فيها معلوم وقد يستخدم بمعنى الماء كقول الشاعر:
أذا نزل السماء بأرض قوم **** رعيناها وان كانوا غضابا.
وكذلك لفظ النكاح الاصل فيه اما العقد او الوطء .... وقد يستخدم لغلبة الشئ كقولك استنكحه الغضب او غيره ...
وغير هذا من الالفاظ وهو اكثر العربيه فهذا اذا خلا من القرائن يرجع فيه الى الاصل.
والقسم الثاني ما لم يتميز كلفظ العين وغيره فهذا يتوقف فيه ولايحكم له ابدا لتعذر ذلك على الاطلاق ..
وقد يرد على هذا التقسيم قول القائل أنك انما حكمت اصل الوضع .. مع العرف .. فتكون قد قلت بقول من قال يرجع الى اصل الوضع وهو الذي ناقشه شيخ الاسلام ...
فنقول انما اجتمع الاصل مع الاستخدام فأثمر قوة ولو كان العرف على غير الاصل قدمناه ... ولهذا مبحث اكمله ان يسر ربي ....
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[25 - 05 - 03, 01:05 م]ـ
هل من رأي في هذا ................
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[31 - 05 - 03, 12:20 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
ولعلك لو عبرت عن القسم الأول بقولك يرجع فيه إلى غالب استعمال العرب للفظ لكان أولى، حتى لايرد عليك القول بأصل الوضع وما هو الذي وضع أولا، ويحتاج هذا لإثبات تقديم استعمال العرب لهذا اللفظ للدلالة على هذا المعنى أنه كان سابقا للمعنى الآخر، وهذا يصعب إثباته
ولكن القول بأن يرجع فيه إلى الغالب من استعمال العرب له وجه
ويكون القسم الثاني ما تساوى استعمال العرب له على كلى المعنيين أو المعاني
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[31 - 05 - 03, 02:09 م]ـ
أحسن الله اليكم اخي الفاضل الشيخ عبدالرحمن (وصدقت فيما قلت)
الا اني انماعنيت بالقسم الاول: ما اجمع على ما وضع له .. ومثلت له ببضع امثله فان هناك من اللالفاظ ما أشتهر ان العرب قد وضعتها في غير موضعها ...
وسبب اعتمادي على الاصل الذي وضع له الاستخدام دون الغالب ...
هو اختلاف الاستخدام اللغوي بين العرب باعتبار الازمنة والامكنة فقد يغلب أستخدام اللفظ في غير ما وضع له.
بل ان بنى الافعال مثلا كجموع القلة والكثرة قد يحصل فيها تغير لاينضبط ... كاستخدام البعض للفظ ابيات (لبيوت الشعر) ولفظ بيوت
(لبيوت المدر والشعر) مع ان الجمعان جمع قلة وكثرة مع ان اصل الوضع لاعتبار فيه لما استخدما من اجله بل الاعتبار انما هو بالقلة والكثرة وقد بحث هذا البحث النافع محمود الطناحي رحمه الله.
هذا مجرد مثال يمنعنا من استخدام الغالب الا اذا قلنا ان نستخدم الغالب حال زمن التنزبل واثبات هذا الغالب في ذلك الوقت دونه خرط القتاد ... فلا يبقى الا ان نشترط الشرطين ... ليثمر قوة بالغة لاثبات معنى المشترك الخالي من القرائن.(105/99)
مراقي السعود
ـ[ثابت البناني]ــــــــ[24 - 05 - 03, 03:16 ص]ـ
آمل من كان عنده علم بوجود نظم مراقي السعود على الشبكة بصيغة الوورد ان يدلني عليه وفقكم الله وبارك فيكم.
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[24 - 05 - 03, 11:17 ص]ـ
وسؤال آخر أيهما أجود في شرح المراقي (نشر البنود)
أو (نثر الورود)؟؟
ـ[الحمادي]ــــــــ[24 - 05 - 03, 11:24 ص]ـ
من خلال الممارسة وجدتُ نثر الورود أنفع من النشر، وقد استفاد الشيخ محمد الأمين (صاحب النثر) من النشر، مع توضيحات وفوائد وتقسيمات ليست في النشر.
ـ[الربيئة]ــــــــ[24 - 05 - 03, 06:39 م]ـ
اخي الحبيب
عندي ملاحظة على كتاب نثر الورود
وهي انه كما ذكر الاخ اعتمد في شرحه على نشر البنود مع اضافة بعض التقسيمات وانتقاد بعض ما حشى به الناظم كتابه من آراء اهل الكلام غير انه كما هو معلوم ان النثر لم يشرحه الشيخ كاملا ولكن اتمه احد تلاميذه وانت تدرك الفرق بين الشيخ والتلميذ
ثم ان الشيخ لم يكن في نيته اخراجه وانما هي دروس لابن عمه كتبها له بطلب منه
وعليه اقول ان النثر يحوي فوائد جليلة ولكنه لا يغني عن الاصل النشر
الا ان طبعات هذا الاخير سيئة للغاية سوى الطبعة الحجرية والتي يندر الحصول عليها فليت اهل العلم او طلبته المختصين يجودون علينا بتحقيق للنشر تقر به اعين رواد المعرفة
وهذا رأيي الشخصي
وفقكم الله لما فيه الخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم الربيئة
ـ[ثابت البناني]ــــــــ[25 - 05 - 03, 04:05 م]ـ
آمل من الاخوة الكرام ان ينظروا في طلبي لمنظومة مراقي السعود على الوورد في اسرع وقت بارك الله فيكم جميعاً.
ـ[{أبو أحمد}]ــــــــ[15 - 12 - 03, 05:12 ص]ـ
هل وضعت المراقي بصيغة الوورد على الشبكة؟
ـ[يوسف صلاح الدين]ــــــــ[16 - 12 - 03, 12:47 ص]ـ
الأخ الفاضل / ثابت البناني رعاه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: قبل سنوات سمعت الشيخ سليمان العلوان يقول أنه اختصرها في ماءتين وستين بيتا فقط و أنه حذف مالا فائدة من ذكره من المسائل الكلامية 00 ثم حصلت على نسخة منها فكانت نحو ما ذكر 00 ولكني لا أدري أين وضعتها ولو كنت أستطيع الحصول عليها لأطلعتك على ذلك 00 ولكن هذا من باب نشر الفائدة لا أكثر 00 ولعل أحد الإخوة الذين يملكون نسخة منها أن يتحفنا بها 00 والله الوفق
ـ[{أبو أحمد}]ــــــــ[16 - 12 - 03, 04:48 ص]ـ
وحبذا لو وضع الأصل لتتم الفائدة خصوصا للباحثين
ـ[ابو علي بن علي]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:01 ص]ـ
ابشركم ايها الأخوة ان ما تمنيتم سوف يحصل قؤيبا
ذلكم ان كتاب نشر البنود قد قدمه ثلاثة طلاب في الجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية موضوعا لأطروحاتهم بالماجستير
والكتاب قد خرج من مجلس الكلية وهو أصعب المجالس بالجامعة الاسلامية - أقصد من حيث قبوله للمواضيع- وهو الآن في مجلس الدراسات العليا نسأل الله ان يوفق الأخوة لقبول هذا الموضوع
هذا أمالأمر الأول ان كتاب النثر ادرسه الآن على العلامة الأصولي الشيخ احمد عبدالوهاب الشنقيطي الى جانب نهاية السول للأسنوي
فهذه دعوة لحضور هذا الدرس عند هذا الامام بارك الله فيكم
ـ[الأجهوري]ــــــــ[16 - 12 - 03, 11:49 ص]ـ
قام شيخنا وأستاذنا الشيخ الفقيه الأصولي أحمد حطيبة بالانتهاء من شرح كتاب "نثر الورود" لمرة واحدة وهو الآن في أوائل المرة الثانية وذلك في درسه الأسبوعي في الأصول في مسجد نور الإسلام بـ باكوس هنا في الإسكندرية - مصر، وقد أتم الشيخ الشرح الأول في حوالي ثلاثة أعوام تقريبا وهو الآن في شرح الكتاب للمرة الثانية أسأل الله أن يوفقه ويسدده ويبارك في عمره وصحته ووقته. وقد من الله علي بحضور الشرح الأول الحمد لله، وكان قبل ذلك يشرح لنا كتاب "مذكرة الشنقيطي على روضة الناظر" والحمد لله أتم شرحه مرات عديدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/100)
وللعلم أنا موافق تماما لما كتبه الأخ الكريم الربيئة حول كتاب "نثر الورود" وأرى أن المذكرة على الروضة أقوى بكثير من شرح الشنقيطي على المراقي بالإضافة إلى تحقيقات الشيخ الأصولية في الأضواء فلمن يريد شرحا للمراقي فعليه بشرح الناظم نفسه "نشر البنود" لمن عثر على نسخة قيمة له أو بمختصره للمرابط أحمد زيدان المسمى "مراقي السعود إلى مراقي السعود" الذي حققه كرسالة في الجامعة الإسلامية الشيخ محمد المختار الشنقيطي وهو ابن العلامة المشهور صاحب الأضواء وتحقيقه مبني على مراجعة هذا المختصر مع الطبعة الحجرية المعتمدة لـ "نشر البنود".
وجزى الله خيرا من أعان على نشر العلم وأتمنى لو يوفر لنا أحد الإخوة المختصر الذي صنعه الشيخ العلوان لأن متن المراقي فعلا به أبيات لا حاجة لنا بها على مذهب أهل السنة
ـ[الأجهوري]ــــــــ[16 - 12 - 03, 12:50 م]ـ
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض في كتابه "الدليل إلى المتون
العلمية" في ذكر متون المالكية في أصول الفقه:
3 ـ " مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود "
تأليف العلامة الشيخ عبد الله بن الحاج إبراهيم بن الإمام محنض أحمد العلوي الشنقيطي المتوفي في حدود سنة
(1230هـ) رحمه الله تعالى، وهو في الأصل نظم لمتن "جمع الجوامع" لعبد الوهاب السبكي الشافعي
المتوفي سنة (771هـ) رحمه الله تعالى على مذهب المالكية، اشتمل على مقدمة وسبعة كتب وخاتمة،استوفى
فيها جميع مباحث علم الأصول على مذهب الإمام مالك خاصة والمتكلمين عامة، وهو متن منظوم يقع في ألف بيت
وبيت:
ألف وبيت عدد المراقي ليس بسافل ولا براقي
طبعاته:
طبع عدة مرات منها:ـ
1 ـ طبعة حجرية قديمة.
2 ـ في آخر شرح الشيخ محمد أمين بن أحمد زيدان الجكني المطبوع في مطبعة المدني بمصر دون تاريخ باسم:"
شرح مراقي السعود على أصول الفقه " من ص (249) إلى (296).
3 ـ كما طبع بمراجعة وتصحيح وضبط الدكتور محمد ولد سيدي ولد حبيب الشنقيطي، نشره الشيخ محمد محمود
محمد الخضر القاضي سنة (1416هـ) توزيع دار المنارة للنشر والتوزيع في جدة في (126) صفحة.
4 ـ في مطابع ابن تيمية في القاهرة توزيع مكتبة العلم في جدة سنة (1415هـ).
شروحه:
1 ـ " نشر البنود على مراقي السعود "
لصاحب النظم الشيخ عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي قال في مقدمته:" لما منّ الله عليّ بإتمام النظم
المسمى:" مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود " ألهمني الله الاشتغال بشرحه، فشرعت فيه مستعيناً
بالله "وذكر أنه نظم الأصل وشرع في الشرح في بلدة تججك يوم الخميس في جمادي الأولى سنة (1207هـ)
وتمام النظم قبله بعام، طبع في المطبعة الحفيظية في المغرب سنة (1327هـ) كما طبع في مجلدين قام بطبعه
صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة في مطبعة فضالة ـ
المحمدية المغرب دون تاريخ.
2 ـ " مراقي السعود إلى مراقي السعود "
تأليف العلامة الشيخ محمد الأمين بن أحمد زيدان المعروف بالمرابط لشدة مرابطته لتعلم العلم وتعليمه الجكني
الإبراهيمي المتوفي سنة (1325هـ) أو (1326هـ) رحمه الله تعالى، اختصره من شرح الناظم السابق مع
إضافات أخرى من زيادة قول أو توجيهه أو تبيين غامض إلخ، طبع في مطبعة المدني في مصر سنة (1378هـ)
وهي طبعة كثيرة الأخطاء والتحريفات،كما طبع في مطابع ابن تيمية في القاهرة سنة (1413هـ) بتحقيق
ودراسة الشيخ محمد المختار بن محمد الأمين الشنقيطي في مجلد واحد، تقدم بتحقيقه لنيل درجة الماجستير في
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ونوقش في 24/ 7/1401هـ.
3 ـ " فتح الودود بسلم الصعود على مراقي السعود "
تأليف الشيخ محمد يحيى بن محمد المختار الشنقيطي الداودي الولاتي المتوفي سنة (1330هـ) رحمه الله تعالى
، اختصره من شرح المؤلف مع الإيضاح والتفسير لعباراته بعبارة ذات بيان وتحرير إلخ، طبع في المطبعة
المولوية بفاس سنة (1321هـ) وبهامشه:" نيل السول على مرتقى الوصول "، وأعاد طباعته حفيد
المؤلف بابا محمد عبد الله محمد يحيى الولاتي سنة (1412هـ).
4 ـ " نثر الورود على مراقي السعود "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/101)
تأليف العلامة الكبير الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي صاحب " أضواء البيان " المتوفي سنة
(1393هـ) رحمه الله تعالى، ولم يستوف الشيخ رحمه الله إكمال شرح مراقي السعود بل بقي عليه ما يقارب
الخمس مائة وخمس وثمانون بيتاً (585)، واحد وعشرون بيتاً من أول النظم، وبقية بحث المجاز والمعّرب
والكناية والتعريض والأمر والواجب الموسع وذو الكفاية والنهي والعام، وقام بإكمال شرحها وتحقيق الشرح
المذكور تلميذ المؤلف الدكتور محمد ولد سيدي ولد حبيب الشنقيطي.
نشره الشيخ محمد محمود الخضر القاضي، وقامت بتوزيعه دار المنارة للنشر والتوزيع في جدة الطبعة الأولى سنة
(1415هـ) في مجلدين، ويمتاز هذا الشرح بكثرة الأمثلة التي لم يعتن بها الأصوليون غالباً،وجمع ثمرة الكثير
من كتب الأصول، واستطرد في كثير من المسائل الفقهية، وأبدى اعتراضات على بعض الأصوليين أوضح
الصواب فيها مع سهولة الأسلوب وتحاشي الغموض الذي ملأ كتب الأصول.
وسبب قيام الشيخ بالشرح المذكور أن ابن عمه أحمد بن محمد الأمين قدم عليه في المدينة المنورة سنة (1374هـ)
وأخبره أنه إنما قدم يريد قراءة مراقي السعود عليه، وليس بقادم للحج حيث أخبره أنه لم يجب عليه إذ ذاك، فرحب
به وصحبه إلى الرياض حيث يقيم الشيخ هناك. وعندما بدأ أحمد في القراءة اشترط على الشيخ أنه لا يتجاوز
ماقرأه في اليوم حتى يكتب له الشيخ عليه إملاء، فتعذر الشيخ لكثرة أشغاله بالتأليف والتدريس، ولكن لم يجد بداً
من الاستجابة فشرع يكتب له على النظم: تارة يكتب الشيخ بخطه، وتاره يملي على الشيخ أحمد، وكان من
عادة الشيخ إذا أراد الكتابة في العلم أو التدريس نثر كنانته فبسبب ذلك كان هذا الشرح لا يوجد له مثيل، فقد لخص
فيه الشيخ رحمه الله الكثير من كلام الأصوليين، متجنباً البحوث الكلامية والمنطقية في أغلب الأحوال، فلخص
شرح المؤلف نشر البنود، والتنقيح للقرافي، وشرحه له أيضاً، وشرح ابن حلول لجمع الجوامع، ورجع كثيراً إلى
الآيات البينات.ومابدأ في الكتابة يوماً من الأيام في درس من الدروس إلا بعد أن يحضر بين يديه سبعة كتب من
أمهات أصول الفقه، إضافة إلى ماأعطاه الله من الخبرة في هذا الفن.
الشروح المسجلة:
1 ـ شرح الشيخ أحمد محمود عبد الوهاب في (17) شريطاً.
اهـ كلام الشيخ عبد العزيز بن قاسم بنصه من الكتاب المذكور.
***************************
وقال الشيخ سليمان العلوان في كتابه "الإجابة المختصرة في التنبيه على حفظ المتون المختصرة ":
وأما في علم أصول الفقه - وهو علم مهم لا يستغني عنه المجتهد ولا يحتاج إليه المقلد - فيحفظ متن الورقات
لعبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني المعروف بإمام الحرمين، وهذا المتن مع صغر حجمه إلا أن مؤلفه قد ألم
بمعظم مهمات أبواب أصول الفقه، فقد ذكر أقسام الكلام والأمر والنهي، والعام والخاص، والمطلق والمقيد،
والأفعال والنسخ، والإجماع والقياس وغير ذلك من الفصول المفيدة التي يحتاج إليها طالب العلم.
وما لم يذكره المؤلف يمكن طلبه في حفظ بعض أبيات "مراقي السعود " وهو نظم في أصول الفقه فيه فوائد
جليلة ولكن ناظمه أدخل فيه بعض المسائل الكلامية فيحسن حذفها وحفظ ما فيه فائدة من هذا النظم، وقد انتقيت من
هذا النظم أبياتاً فليراجع هذا "المنتقى " ففيه المهمات، ويحسن النظر في الكوكب المنير وشرحه المسمى شرح
الكوكب المنير ومطالعة المذكرة للشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان.
اهـ كلام الشيخ العلوان بنصه من الكتاب المذكور.
***************************
وجزى الله خيرا من يقوم بتوفير هذا المنتقى الذي صنعه الشيخ العلوان فلا شك أنه مهم والناظر للأبيات التي يكرر
الاستدلال بها الشيخ محمد الأمين صاحب الأضواء في كتبه يجدها لا تتجاوز خمس المنظومة الأصلية ولعل المنتقى
الذي صنعه الشيخ العلوان يفي بها.
أقول ذلك لأن معظم من يريد الاهتمام بهذه المنظومة يكون قد قد ورث ذلك من كتب الشيخ العلامة محمد الأمين رحمه الله. وللعلم فإن للإمام السيوطي رحمه الله نظما لجمع الجوامع اسمه "الكوكب الساطع" عبارته أسهل بكثير من عبارة المراقي ولا يخفى عليكم أنها نظم لجمع الجوامع. والثلاثة ليست من كتب أهل السنة الخالصة في أصول الفقه أعني جمع الجوامع ونظميه بل هي كتب مشوبة بالمسائل الكلامية وتأويلات الأشاعرة ونقل لمذاهب المعتزلة والاعتداد بخلافهم.
ـ[النحوي]ــــــــ[16 - 12 - 03, 04:58 م]ـ
الإخوه الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
يوجد عندي نسخة من منتقى الشيخ سليمان العلوان لمراقي السعود ولكن لبطء وقلة علمي في الكتابة في الحاسب لاأستطيع كتابته هنا وأنا في الرياض من أراده فهو عندي موجود
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 05:30 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عندي نسخة من المنتقى للشيخ العلوان وهي مكونة من 15 صفحة وعليها حواشي فلعي أصورها وأضعها للفائدة حتى يتيسر لأحد الإخوة كتابتها أو إنزالها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/102)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 05:32 م]ـ
2
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 05:55 م]ـ
3
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:00 م]ـ
4
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:06 م]ـ
5
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:14 م]ـ
6
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:16 م]ـ
7
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:18 م]ـ
8
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:20 م]ـ
9
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:22 م]ـ
10
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:23 م]ـ
11
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:25 م]ـ
12
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:26 م]ـ
13
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:28 م]ـ
14
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:29 م]ـ
15
تمت بحمد الله تعالى
نسأل الله أن ينفع بها.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:39 م]ـ
ملف مرفق من 1 - 15
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[14 - 05 - 07, 04:05 ص]ـ
هل من أحد يتصدى لما أدرجه شيخنا الفاضل و يكتبه على الوورد و يضيف عليه ما فيه من الحواشي فإنها مما يزيل المشكل من النظم ... بارك الله فيكم
ـ[علي بن عبد القادر]ــــــــ[18 - 05 - 07, 03:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا هو الرابط لمتن مراقي السعود
http://www.chadarat.com/fclick/fclick.php?ad=vikh7
ـ[علي بن عبد القادر]ــــــــ[18 - 05 - 07, 05:24 م]ـ
الرابط السابق هو على pdf والمتن في المرفقات على ملف word وهو من نفس الموقع.
والسلام عليكم.
ادعوا الله أن يغفر لنا ذنوبنا.
ـ[محمد نائل]ــــــــ[18 - 05 - 07, 05:39 م]ـ
بارك الله فيك أخانا علي
على هذه التحفة الأصولية
وجازك الله خيرا، وغفر لنا ولكم
ورحم والديك
-------------------
yahoo.fr@1110 Nail
ـ[الوليد العاطفي]ــــــــ[23 - 05 - 07, 06:57 م]ـ
بماذا تمتاز منظومة حافظ الحكمي في أصول الفقه مقارنة مع غيرها.
تنبيه: في رأيي أن الأفضل هو الأسهل للحفظ والإشتمال على المهمات وترك مالا فائدة منه كأبواب الكلام والواضح الغير معقّد.
فهل منظومة الحكمي كذلك.
ـ[الوليد العاطفي]ــــــــ[31 - 05 - 07, 02:22 م]ـ
للرفع
ـ[حسين ابراهيم]ــــــــ[04 - 06 - 07, 12:42 م]ـ
قام شيخنا وأستاذنا الشيخ الفقيه الأصولي أحمد حطيبة بالانتهاء من شرح كتاب "نثر الورود" لمرة واحدة وهو الآن في أوائل المرة الثانية وذلك في درسه الأسبوعي في الأصول في مسجد نور الإسلام بـ باكوس هنا في الإسكندرية - مصر، وقد أتم الشيخ الشرح الأول في حوالي ثلاثة أعوام تقريبا وهو الآن في شرح الكتاب للمرة الثانية أسأل الله أن يوفقه ويسدده ويبارك في عمره وصحته ووقته. وقد من الله علي بحضور الشرح الأول الحمد لله، وكان قبل ذلك يشرح لنا كتاب "مذكرة الشنقيطي على روضة الناظر" والحمد لله أتم شرحه مرات عديدة.
وللعلم أنا موافق تماما لما كتبه الأخ الكريم الربيئة حول كتاب "نثر الورود" وأرى أن المذكرة على الروضة أقوى بكثير من شرح الشنقيطي على المراقي بالإضافة إلى تحقيقات الشيخ الأصولية في الأضواء فلمن يريد شرحا للمراقي فعليه بشرح الناظم نفسه "نشر البنود" لمن عثر على نسخة قيمة له أو بمختصره للمرابط أحمد زيدان المسمى "مراقي السعود إلى مراقي السعود" الذي حققه كرسالة في الجامعة الإسلامية الشيخ محمد المختار الشنقيطي وهو ابن العلامة المشهور صاحب الأضواء وتحقيقه مبني على مراجعة هذا المختصر مع الطبعة الحجرية المعتمدة لـ "نشر البنود".
وجزى الله خيرا من أعان على نشر العلم وأتمنى لو يوفر لنا أحد الإخوة المختصر الذي صنعه الشيخ العلوان لأن متن المراقي فعلا به أبيات لا حاجة لنا بها على مذهب أهل السنة
من هم شيوخ (احمد حطيبة)؟
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[03 - 08 - 07, 01:40 م]ـ
ابحث في هذا الملتقى
اكتب كلمة / مراقي السعود / وستجد بغيتك إن شاء الله(105/103)
هل كناك كتاب عن اصول الفقه عند المحدثين/أهل الحديث
ـ[أسنج]ــــــــ[27 - 05 - 03, 10:01 م]ـ
ممكن أن أشتريه في السوق؟
ـ[الجواب القاطع]ــــــــ[27 - 05 - 03, 10:24 م]ـ
أخي أسنج سؤالك غلط أو أني لم أفهمه جيداً
أصول الفقه = عند المحدثين؟!!
إن كان فهمي صواباً فعليك بالرسالة للشافعي.
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[27 - 05 - 03, 10:53 م]ـ
وكتاب السمعاني (قواطع الأدلة)
ـ[أبو الفضل حمدي]ــــــــ[28 - 05 - 03, 12:14 ص]ـ
عليك بكتاب الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي فهو قريب إلى ما تريد
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[28 - 05 - 03, 12:26 ص]ـ
الشيخ الكريم أسنج وفقه الله
هذا الرابط له بعض التعلق بما سألتم عنه:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4513&highlight=%C3%D5%E6%E1+%C7%E1%DD%DE%E5
وكذلك من الكتب ذات العلاقة بالموضوع كتاب (معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة) للجيزاني، وفي الرابط المذكور إشارة إلى هذا الكتاب
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[28 - 05 - 03, 01:10 ص]ـ
بل رأيت اليوم فى بعض المكتبات
كتاب أصول الفقه عند المحدثين
تأليف محمد غلام البكستانى
لكن لم أنظر فيه حتى نشير عليك بالشراء أو عدمه ..........
والله أعلم
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[28 - 05 - 03, 03:02 ص]ـ
وفق في العنوان ولم ياتي بشئ في المضمون ... Question Question
ـ[أسنج]ــــــــ[28 - 05 - 03, 07:00 ص]ـ
كيف يكون سؤالي غلط؟ فأهل الحديث ليس عندهم شيء اسمه اصول الفقه كما عند المذاهب الأربعة؟ هذي مجرد سؤال، فلست أدري(105/104)
ضوابط للدراسات الفقهية لسلمان العودة
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[31 - 05 - 03, 02:12 ص]ـ
ضوابط
للدراسات الفقهية
تأليف
فضيلة الشيخ
سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على موقع الإسلام اليوم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:18، 19].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70، 71].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
أما بعد:
فإن الله تعالى خلق الخلق: جِنَّهم، وإنسهم؛ لحكمة بينها سبحانه بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]. فهو الخالق، وهو المعبود سبحانه، ومن يملك الخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والضر والنفع هو الذي يملك الأمر والنهي، والحكم، والتحليل والتحريم؛ ولذلك قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ) [الأعراف:54].
ونعى سبحانه على المشركين اعترافهم له بالربوبية، وعدم التزام ما يترتب عليها؛ من الاعتراف بالألوهية والإفراد بالعبادة. جاء ذلك في آيات كثيرة كما في قوله تعالى: (قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لله قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. سَيَقُولُونَ لله قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون: 84 - 89] وغيرها.
فالله المتصرف المبدئ المعيد، هو المشرع الذي لا يجوز أن يُشْرَك معه في تشريعه أحد، ولا أن يقبل العباد شرعًا غير شرعه، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله) [الشورى:21]
وقال تعالى: (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف: 26]، وفي بعض القراءات: (وَلا تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) على أنها خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده؛ يتضمن النهي عن الإشراك في الحكم؛ أي: النهي عن قبول حكم غير حكم الله، أو شرع غير شرعه.
وفي القرآن الكريم نجد صورتين متقابلتين متباينتين؟
الأولى: صورة المؤمن المسلِّم لربه، الممتثل لأمره، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا يقف دائمًا بانتظار حكم الله تعالى، أو حكم رسوله، ثم يقول: سمعنا وأطعنا. ففي هذا الصنف يقول تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 51، 52].
ويقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].
والثانية: هي صورة المنافق الذي يعبد هواه ومصلحته، ويتبع ما يوافقهما؛ فإن جاء شرع الله وأمره موافقًا لهواه أخذ به، لا لأنه شرع الله، ولكن لأنه موافق لهواه ومصلحته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/105)
ولو كانت مصلحته وهواه في الكفر الصراح لأقدم عليه بلا تردد، وفي هذا الصنف يقول تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ. وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ. أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ الله عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [النور: 48 - 50]، ويقول: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا والآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11].
وهناك آيات أخرى كثيرة في وصف هؤلاء العابدين لأهوائهم، الخابطين في عميائهم، المضطربين في ولائهم.
وخلاصة القول: إن المؤمن الذي اختار طريق الإسلام على طرق الكفر والنفاق؛ ليس له مع أمر الله ونهيه أمر ولا نهي، ولا مع حكم الله وقوله حكم ولا قول؛ إنما هو الإذعان والتسليم المطلق المجرد عن كل سبب أو دافع إلا طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بهما وبحكمهما.
فليس يعنيه أن يعرف حكمة هذا الأمر أو ذاك، أو مفسدة هذا المنهي عنه، أو مصلحة ضده؛ بل كل ما يعنيه أن يعرف: ما حكم الله في المسألة الفلانية؟ وما هي أمارة هذا الحكم ودليله؟ ثم ينقاد -بعد ذلك- انقياد الواثق المطمئن البصير.
وإذا كانت هذه الحقيقة الواضحة هي أسُّ الإسلام ولبه؛ فإنه يترتب عليها أن يدرك المؤمن المستسلم: أن لله تعالى في كل مسألة حُكمًا؛ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وجهله من جهله.
وقد يكون هذا الحكم هو الإيجاب، أو الندب والاستحباب، أو الجواز والإباحة، أو الكراهة، أو التحريم، فهذه هي الأحكام الخمسة التي لا تخرج مسألة من المسائل عنها بحال من الأحوال.
ولذلك يسعى المؤمن إلى معرفة حكم الله في المسائل والقضايا: فإن كان عالمًا سعى إلى معرفة ما يحتاجه الناس من الأحكام؛ ليرشدهم إلى ما يجوز وما لا يجوز، ويبين لهم الحلال من الحرام في حكم الله وشرعه، مقرونًا بدليله الصحيح من القرآن أو السنة أو القياس السليم أو الإجماع أو غير ذلك.
وإن كان عامّيًا، أو غير متخصص في علوم الشريعة؛ سعى إلى معرفة ما يحتاجه هو في حياته العملية من أحكام في العبادات، أو المعاملات، أو غيرها: إما بالبحث في الكتب الميسَّرَة -إن كان ممن يستطيع ذلك-، وإما بسؤال العلماء الذين ذكرهم الله بقوله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].
وقد جعل الله تعالى علامات وأمارات يُتعرف بها إلى حكمه في كل مسألة، هي ما تسمى بـ"الأدلة الشرعية"، سواء المتفق عليها كالقرآن والسنة والإجماع، أو المختلف فيها كباقي الأدلة.
غير أن تنزيل الحوادث المفردة المحددة على مواقعها من النصوص الواسعة العامة أمر ليس بالميسور لكل أحد. وأضرب لذلك مثلا واحدًا:
علمنا يقينًا لا تردد فيه أن الشرع جاء بجلب المصالح وتحصيلها وتكميلها، ودرء المفاسد ودفعها وتقليلها .. فهذا حكم عام، ولكن الحكم على مسألة واقعة بأنها جلب مصلحة، أو درء مفسدة؛ يحتاج إلى يقظة وتحرٍّ وفهم وإدراك؛ لأنه لا يكاد يوجد مصالح محضة لا مفسدة فيها البتة، كما لا يكاد يوجد مفاسد محضة لا صلاح فيها البتة؛ بل الحكم لما غلب من هذين، فما غلبت مصلحته فهو مطلوب، وما غلبت مفسدته فهو مردود وهكذا.
ولذلك صار من المهم اللازم لحياة المسلمين أن يوجد من بينهم من يُعْنِيهم الاشتغال بتمحيص المسائل وتحقيقها ودراستها، وتحري حكم الشرع فيها، وهؤلاء هم الفقهاء العاملون المبلغون عن الله حكمه إلى سائر من لا يمكنه الوصول إلى هذا الحكم إلا عن طريقهم.
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أول المجتهدين، وطليعة العلماء العاملين، كلهم يصدرون عن القرآن والسنة والقياس الصحيح، أو يجتمعون -فيما لا نص فيه- فيُجمِعون. ثم جاء من بعدهم التابعون، فأتباعهم، وما زال في المسلمين من يبين لهم شرع الله، ويدعوهم إليه؛ إذ لا يخلو عصر من قائم لله بحجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/106)
ولكن الجبلة البشرية، التي فطر الله الناس عليها: من الاختلاف في الأفهام، وقوى العقل والإدراك، مع التفاوت بين الناس في معرفة الأدلة واستيعابها، سواء من حيث الثبوت، أو من حيث الدلالة، ومع التفاوت بينهم في تصور المسائل، وفهم أبعادها، إضافة إلى تفاوت مقدار الإخلاص والصدق في معرفة الحكم بعيدًا عن كل تعصب مذهبي، أو تقليد غير بصير؛ كل ذلك جعل العلماء والباحثين والمؤلفين يختلفون في طرائقهم التي يسلكونها في معرفة الأحكام، ثم يختلفون في ذات الأحكام التي توصلوا إليها.
وعلى رغم كثرة ما أُلِّف وكُتب في علم (أصول الفقه) -وهو العلم الذي يُعنى ببحث طرائق استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية- في جميع المذاهب مما لا يكاد يقع تحت الحصر، وعلى رغم الاختلافات الهائلة بين مناهج الفقهاء، والتباين البعيد بين مسالكهم؛ فقلما يلتفت أحد من المسلمين -وخاصة في هذا العصر- إلى التفكير بوضع الأصول الشرعية، والقواعد العامة، التي تعين الباحث المنصف البعيد عن التعصب على معرفة الأحكام بطريقة سليمة، خاصة وقد التبس الحق بالباطل، والخطأ بالصواب، في كثير من الأحيان؛ حتى عسر تمييز ذلك إلا على من وفقه الله للفهم، ورزقه الإخلاص، وعصمه بالبصيرة النافذة.
ولست أعني بوضع الأصول والقواعد: إنشاءها واختراعها؛ فهذا ما لا سبيل إليه لمن أراد أن يكون مسلمًا حقًا، فالابتداع في الفروع -فضلاً عن القواعد والأصول- ضلال، واستدراك على الشرع، وطعن في المبلغ صلى الله عليه وسلم، وقد قيل:
وخيرُ الأمورِ السالفاتُ على الهدى
وشرُّ الأمورِ المحدثاتُ البدائعُ
وقيل:
وكلُّ خيرٍ في اتباعِ مَنْ سَلَف
وكُلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَنْ خلف
وإنما أعني بذلك تمحيصها من كتب الأصول والفقه والحديث والعقائد، وجمعها، والتنسيق بينها بطريقة تناسب العصر، وتيسر الأمر.
وأعني -أيضًا- دراسة الأمور التي يكثر فيها النزاع من القواعد والأصول، دراسة صادقة يُتَحرى فيها الصواب -ولا شيء غيره-؛ لتكون نبراسًا للباحثين عن الحق، يعصمهم الله بها من التردي في مهاوي الإفراط أو التفريط، وذلك كمسألة "الاجتهاد والتقليد" مثلاً.
وقد استعنت الله تعالى في بدء المحاولة، على ضعف الآلة، وضعف الهمة، وضعف الإخلاص -والله المستعان-. ولكن لعل ما حاولته في هذه الصفحات يكون داعية لبعض المخلصين والغيورين؛ أن يتناولوا الموضوع -من جديد- تناولاً جادًا، يكشف غوامضه، ويجلي خوافيه.
وقد قسمت هذه الدراسة إلى: تمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة.
ففي التمهيد: تحدثت عن أهمية الفقه في الدين، وفضله، وأنه شرط رئيس للخيرية والسؤدد في الإسلام -كما نطقت بذلك النصوص-.
وفي الباب الأول: حاولت أن أعمل "تقويمًا" عامًّا للمكتبة الإسلامية الفقهية.
فتحدثت في الفصل الأول عن: الكتب الفقهية القديمة.
وتحدثت في الفصل الثاني عن: الكتب الفقهية الحديثة.
وفي الباب الثاني: تحدثت في فصلين عن: الشروط المنهجية في البحث العلمي -أيًا كان اختصاصه ومجاله- والمراحل التي يمر بها.
ثم عن الصفات العلمية للباحث، سواء الصفات العامة لأي باحث، أو الصفات الخاصة لبحث موضوع بعينه. ولتطبيق هذه الصفات العامة على من يبحث في مجال الفقه؛ وسَّعت الكلام على صفات الباحث في الأمور الفقهية، وعلى العلوم التي يحتاج إليها في اختصاصه.
وفي الباب الثالث: -وهو جوهر الموضوع- حاولت حصر ما توصلت إليه من الضوابط العامة للباحث في الفقه؛ ولذلك جاء هذا الباب طويلاً، واحتوى على تسعة فصول.
الفصل الأول: بين التيسير والتشديد.
الفصل الثانى: كراهة التنطع والتوسع في افتراض المسائل.
الفصل الثالث: بين الاجتهاد والتقليد.
الفصل الرابع: مبحث الخلاف والترجيح.
الفصل الخامس: حول فقه النوازل.
الفصل السادس: عن ألفاظ التحليل والتحريم، والتسرع في إطلاقها.
الفصل السابع: عن التربية والعبادة والبناء الخلقي.
الفصل الثامن: الأدلة الشرعية، وترتيبها، وكيفية إعمالها.
الفصل التاسع: كلمة في المراجع.
ثم ختمت البحث بخاتمة، سجلت فيها أهم ما مر في البحث من النتائج، وأتبعت ذلك بذكر المصادر والمراجع التي استفدت منها في البحث.
وإنني لأسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني، وأن يثيبني عليه، ويغفر لي ما قصرت فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/107)
وأستغفر الله وأتوب إليه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في الرياض 20/ 7/ 1404 هـ
* * *
http://www.islamtoday.net/pen/books_*******.cfm
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[31 - 05 - 03, 02:17 ص]ـ
تمهيد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون، وعلى السائرين على دَرْبهم إلى يوم يبعثون.
أما بعد:
فإن من أعظم ما تُقُرِّب به إلى الله تعالى الفقه في دينه، والاشتغال به: تعلُّمًا، وتعليمًا، وكتابةً، ودعوةً، ومجادلةً بالتي هي أحسن. وقد ندب الله تعالى المؤمنين إلى أن ينفر منهم (طائفة)؛ ليتفقهوا في الدين، ويُفقِّهوا فيه غيرهم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة:122].
ولا شك أن التفقه في الدين لا يتم إلا لمن مَلَك آلته: من العقل والفهم، والإدراك القويّ، والحفظ، والتقوى.
كما أن الإنذار لا يتمّ إلا لمن كان فقيهًا، عالمًا، جريئًا، فصيحًا، صادقًا، ولهذا مدح الرسول صلى الله عليه وسلم المتفقهين في الدين، وبيَّن أن الله أراد بهم خيرًا حين ندبهم، وحرَّك هممهم صوب هذه الغاية الشريفة، فقال: "من يُردِ الله به خيرًا يفقهه في الدين" ().
وإنما المقصود: الفقه الحقّ -على ما سنذكره إن شاء الله-، لا مجرد حفظ المتون، واستظهار الكتب.
كما بيَّن صلى الله عليه وسلم أن المعدن السليم الكريم لا يكفي للخيرية والسؤدد -في الإسلامِ- حتى ينضم إليه الفقه في الدين؛ فقال: "الناس معادن، خيارهم في الجاهلية؛ خيارهم في الإسلام إذا فَقُهُوا" ().
وقد ورد في فضل العلم والتعلُّم والتعليم نصوص كثيرة، ليس هذا مجال حصرها، ويمكن الرجوع إليها في مظانّها، مثل:
ا- كتاب (جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله)، لحافظ المغرب الإمام أبي عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي، وقد طبع عدة طبعات، إحداها في المطبعة المنيرية.
2 - كتاب (الفقيه والمتفقه) للإمام الكبير الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي، صاحب التصانيف السائرة، وقد طبع أيضا عدة طبعات، إحداها بعناية الشيخ إسماعيل الأنصاري وتعليقاته.
3 - كتاب (السنن) للإمام الدارمي، وخاصة في مقدمته، وقد طبع طبعة بعناية (أحمد دهمان)، وأخرى بتعليق (عبد الله هاشم اليماني) -ولعلها أجود-.
4 - سائر كتب (العلم) في الصحيحين، وكتب السنة.
وقد وضع العلماء -ممن ذكرنا وممن لم نذكر- أصولاً وآدابًا وضوابط عامة يستأنس بها المشتغل بهذا العلم الجليل، الذي به يُعرف الحلال من الحرام، والحق من الباطل، ويعرف مدى استقامة الناس على ذلك، أو انحرافهم عنه.
وهذه الأسطر القليلة التي تضمنها هذا البحث محاولة لجمع ما تناثر من أقوالهم، أسأل الله فيها التوفيق والتسديد.
وقد كتبت على حين عجلة، وضيق من الوقت، وفتور في العزيمة، ولم أقصد فيها إلى الاستيعاب، وأنّى لأمثالي ذلك!
والله الموفق للصواب، ومنه نستمدُّ العون والتوفيق.
* * *
الباب الأول
الفصل الأول
نظرة على الكتب الفقهية القديمة
تغصّ المكتبة الإسلامية -القديمة والحديثة- بالكتابات الكثيرة عن الإسلام في كافة نواحيه، وخاصة فيما يتعلق بالجانب الفقهي الذي يعالج موضوع الأحكام، أو ما يسمى بـ "الفروع".
ومما لا شك فيه أنه لا مجال للمقارنة بين الكتب القديمة، وبين الكتب الحديثة والمعاصرة: لا من ناحية الكثرة والشمول، ولا من ناحية طريقة العرض والدراسة، ولا من ناحية النتائج التي هي غرض الدراسة ...
وفي هذا الباب نلقي نظرة تقويمية على هذه الكتب، ونخص الفصل الأول بالحديث عن الكتب القديمة.
فهذه الكتب ثروة طائلة للأمة المسلمة، تفتقر إليها الأمم الأخرى، وجهود علمية جبارة تشهد للمسلمين بالقدرة على قيادة البشرية، ومواكبة التطورات والتغيرات المختلفة، وتشهد للفقهاء المسلمين بسعة العقل، وحدة التفكير، وقوة الاجتهاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/108)
وقد كتب كثير من هذه الكتب في أزمان سلطان الإسلام، وعزِّه ودولته، ويوم كانت رايات التوحيد مركوزة في أنحاء المعمورة. يوم كان الإسلام يحكم عالَمًا مترامي الأطراف، يقع فيه من النوازل والقضايا، والأحداث والمشكلات، الفردية والجماعية، العلمية والاجتماعية والسياسية وغيرها ما لا يكاد يقع تحت حصر. وربما وقع في بلد؛ ما يُعَدُّ غريبًا في بلد آخر، وربما تعورف في بلد على أمر، وتعورف في البلد الآخر على ضده.
فكانت آثار هذا الواقع الممتد في الرقعة الإسلامية، تبدو واضحة جلية في كتابات العلماء وآثارهم.
كما كان العلماء المسلمون يكتبون من مركز قوة، أي أنهم يمثلون في علومهم ودراساتهم الأمة الظافرة المنتصرة، والدين القوي المسيطر، وكانوا -كغيرهم من أفراد الأمة المسلمة- يعتزون بهذا الدين، ويَشْرُفون بالانتماء إليه، والانضواء تحت رايته.
وكانت مراكز العلم والبحث منتشرة في كل صقع من أصقاع العالم الإسلامي: من مصر إلى الشام إلى الحجاز إلى نيسابور إلى غيرها، وكان يتوفر في هذه المدارس المعلمون والمشايخ في كافة العلوم: في العقيدة، والحديث، والنحو، والتفسير، والفقه، وغيرها، إضافة إلى توفير متطلبات الحياة العادية من مسكن، ومأكل، ومشرب وعلاج وغيرها.
فكان الطالب يجمع همه على العلم، ويتلقى كل فن عن كبار المختصين فيه، ويفرغ نفسه من الشواغل والملهيات؛ بل ربما سافر من بلده إلى بلد آخر ومكث فيه عشرات السنين، تاركًا وراءه كل ما يربطه بوطنه الصغير، مهاجرًا إلى الله ورسوله في طلب العلم، وما أخبار البخاري، أو مسلم، أو بقي بن مخلد عنا ببعيد .. وغيرهم كثير.
وقد نتج عن هذه الحال تخرج أعداد كبيرة من العلماء، يجمعون بين أنواع كثيرة من العلوم يكمل بعضها بعضًا: فهم محدثون حفاظ أثبات، ولغويون فصحاء أقحاح، وفقهاء مستنبطون، وعلماء في التفسير، وأساتذة في العقيدة.
ولم يكن الفرق عندهم قائما بين هذه العلوم، فهي كلها وسيلة للعلم بالدين، ونشره بين الناس.
وساعدهم على استيعاب هذه العلوم وهضمها؛ التفرغ الذي اضطروا أنفسهم إليه، حين عزفوا عن زخرف الحياة وملذاتها، ومراتع الصبوة والشباب، وشغلوا أنفسهم بما خلقوا له، فعاشوا في دنياهم سعداء، وماتوا ميتة الشهداء.
وقد خلفوا لمن بعدهم تراثًا عريقًا، متشعب الجوانب، لو اجتمعت جهود العلماء والباحثين، وتوفرت عليه، لكلت دون أن تبلغ منه مبلغًا، فضلاً عما ضاع عبر القرون -وهوكثير-.
وفيما يتعلق بالتراث الفقهي منه فهو على أنواع:
1 - فمنه ما يكون الفقه فيه ممزوجًا بغيره من العلوم الشرعية كالحديث وغيره، ومن أمثلة ذلك ما نجده من الآراء والاستنباطات الفقهية في مثل "موطأ" الإمام مالك، أو ما نجده في تراجم الإمام البخاري في صحيحه، أو ما نجده في كثير من كتب السنة، وبالذات ما يسمى بـ "المصنفات"، كمصنف الإمام الجليل عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله، ومصنف الإمام أبي بكر بن أبي شيبة رحمه الله وغيرها. وكان الغرض منها الجانب العملي؛ ولذلك رتبت على أبواب الفقه.
2 - ومنها ما ألّف في الفقه خاصة -وإن دخل في الفقه غيره من العلوم كالحديث- تبعًا، ومن أشهر وأقدم الكتب المصنفة في ذلك: كتاب "الأم" للإمام الشافعي، وكتاب "المدونة" للإمام مالك، وغيرهما ... ، وهذه الكتب تشمل معظم أبواب الفقه، أوكلها.
3 - وهناك كتب درست جانبًا معينًا، أو موضوعًا خاصًا، ككتاب "الأموال" للإمام الجليل أبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب "الخراج" لأبي يوسف، ولأبي يعلى، وكتاب "شرح السير" للسرخسي وغيرهما.
ومما ينبغي الإشادة به، والإشارة إليه: أن هذا التراث الفقهي العظيم قد تحدث في عدد ضخم جدًا من الفروع، لا يوجد له نظير في أي أمة من الأمم، أو حضارة من الحضارات؛ بل وسبق الزمن في عديد من القضايا، فوضع لها الحلول المناسبة في زمن كان الناس فيه لا يتصورون مجرد وقوعها فضلاً عن دراسة الحلول لها ().
ولكن كل ما سبق لا يعني قدسية هذا التراث أو عصمته المطلقة، كما لا يعني أنه كاف لسد حاجة كل عصر دون جهد يقوم به أبناء العصر أنفسهم.
بل لا يخلو هذا التراث من ثغرات وجوانب نقص، سواء من حيث الشكل، أو من حيث المضمون والمحتوى.
أ- فمن حيث الشكل، وطريقة الترتيب والتبويب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/109)
تتداخل الموضوعات في بعض هذه الكتب تداخلاً يصعب معه العثور على المسألة المطلوبة -أحيانًا- حتى على المختصين. فقد تجد أبحاث (تصرفات المريض) في كتاب العتق - باب العتق في المرض، وقد تجد أحكام (الحضانة) في باب الخلع .. وهكذا.
ومما يضاعف الصعوبة عدم وجود الفهارس الموضوعية التي تيسر للباحث مهمته ().
ب- ومن حيث الأسلوب: فأسلوبها -وإن ناسب العصر الذي كتبت فيه- إلا إنه مما يعسر فهمه على المعاصرين، ومما يلحظ فيه:
- ضغط العبارة، وحصر المعنى الواسع في لفظ ضيق قليل موجز، يصل -أحيانًا- إلى التعقيد والركاكة، وهذا إنما يوجد في المتون والمختصرات التي كثرت في المتأخرين، وصارت عمدة الدارسين والمتفقهين لقصرها، وإمكانية حفظها.
- كثرة استعمال العبارات الاصطلاحية ذات الدلالة التاريخية التي لا يفهمها إلا من عاصر مدلولها، وقد يكون مؤلف الكتاب في بلد له اصطلاحات لا يفهمها أهل بلد آخر.
وليس ثمة مانع من استعمال اللفظ الاصطلاحي، شريطة تحديد مدلوله وضبطه بصورة لا يلتبس معها بغيرها ().
جـ- ومن حيث المضمون والمحتوى:
فهذه الكتب ألفت في عصر له ظروفه المختلفة عما قبله وما بعده، وهي كانت تُعْنَى بدراسة المشكلات المستجدة في ذلك العصر، والبحث عن حلولها الشرعية، ولكن العصور التالية لها جاءت -أيضًا- بمشكلات جديدة، وقضايا حادثة، لا يُعثر في الكتب السالفة على حلولها؛ بل قد لا يكون البحث تطرق إليها أصلاً. وإن وجد بعض اللفتات والإشارات، التي يمكن الانتفاع بها في دراسة النوازل الجديدة، فهي مما لا يستفيد منه إلا الباحث المتخصص العميق.
كما أن من هذه الكتب -وخاصة المتأخرة- ما يكون تركيزه على تحرير المذهب الذي ألَّف فيه وحكايته وتقريره، دون أن يعطي الاستدلال حقه، ودون مقارنة أو ترجيح.
وهناك عدد كبير من الكتب المذهبية المتأخرة غلب عليها داء التعصب المذهبي المقيت، والالتزام المطلق بالمذهب؛ سواء ما كان منه من نص الإمام ذاته، أو من زيادات أصحابه وتلاميذه، أو من اختيارات البارزين فيه، أو ما كان مخرجًا على أحد هذه المصادر!
ولذلك قد يخلو الباب، أو الفصل، أو الكتاب؛ من الاستدلال بالآية القرآنية، أو الحديث النبوي، في حين تكثر في بعضها الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة.
ومما يجب التنويه عليه أن الباحث المسلم إنما يبحث عن الحق، وعن مراد الله تعالى، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يعنيه بعد ذلك إن وافق قول فلان أو فلان؛ خاصة وأنه إنما يخرج من قول إمام إلى قول إمام آخر ().
وهذه الملحوظات -وغيرها مما لم نذكره- لا تعني التقليل من قيمة هذه الثروة العظيمة، كما لا تعني تعميم الحكم عليها جميعًا؛ بل فيها ما يعدُّ نموذجًا حيا للدراسة العلمية، التي تحتفظ بقيمتها على مر العصور.
وإنما أشرنا إشارة عابرة إلى تلك المآخذ؛ ليكون تلافيها وتسديدها أساسًا تُبنى عليه الدراسات الفقهية المعاصرة، وفق خطة سليمة شاملة.
* * *
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 09 - 04, 07:28 م]ـ
للفائدة ولطلب إكمال الطرح من اخينا الشيخ ابن خميس وفقه الله.
ـ[عبدالله بن عقيل]ــــــــ[27 - 09 - 04, 09:45 م]ـ
http://www.islamtoday.net/word/lecture/33.zip(105/110)
ما هو الإجماع السكوتي؟
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[02 - 06 - 03, 11:26 م]ـ
أيها الأخوة الكرام بارك الله فيكم ما هو الإجماع السكوتي؟ وما هي شروطه وضوابطه؟ أرجو أن تمدونني بموجز تأصيلي عن هذا المصطلح؟ وبارك الله فيكم.
ـ[أبو الفضل حمدي]ــــــــ[04 - 06 - 03, 02:54 ص]ـ
الإجماع السكوتي:
قال الشوكاني رحمه الله تعالى في الإرشاد (ص 129: 133): هو أن يقول بعض أهل الاجتهاد بقول وينتشر ذلك في المجتهدين من أهل ذلك العصر فيسكوتون ولا يظهر منهم اعتراف ولا إنكار.
وقد اختلف فيه على أقوال:
الأول: أنه ليس بحجة ولا إجماع لاحتمال السكوت لغير الموافقة كالخوف والمهابة والتردد في المسألة ونسب هذا القول للشافعي أخذا من قوله لا ينسب إلى ساكت قول
الثاني: أنه حجة وإجماع لأن سكوت العلماء في مثل ذلك يظن منه الموافقة عادة.
الثالث: حجة لا إجماع
والرابع: أنه حجة بشرط الانقراض لأمن ظهور المخالفة بينهم بعده بخلاف ما قبله.
وهناك أقوال أخرى. انظرها في المراجع الآتية
قال ابن السبكي في جمع الجوامع: والصحيح أنه حجة وفي تسميته إجماعا خلف لفظي
قال المحلي في الشرح: قيل لا يسمى لاختصاص مطلق الإجماع بالقطعي أي المقطوع فيه بالموافقة وقيل يسمى لشمول الاسم له وإنما يقيد بالسكوتي لانصراف المطلق إلى غيره.
فائدة:
قال الحافظ في فتح الباري (12/ 280): مما ينبه عليه في الاحجاج بالإجماع السكوتي فيشترط في الاحتجاج به انتفاء موانع الإنكار.
وانظر اللمع في أصول الفقه (ص 94)، روضة الناظر لابن قدامة المقدسي (ص 132)، والزركشي في البحر المحيط (6/ 456: 462)، والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول للإسنوي (ص 451) وتشنيف المسامع بجمع الجوامع للزركشي (3/ 124)، وغاية الوصول شرح لب الأصول لزكريا الأنصاري، وحاشية العلامة البناني على شرح المحلي لجمع الجوامع لابن السبكي (2/ 190)، حاشية النفحات على شرح الورقات لأحمد بن عبد اللطيف الجاوي الشافعي (ص 130) والوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان (ص 184)
ورحم الله من أهدى إلي عيوبي
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[04 - 06 - 03, 02:05 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أخي وبارك الله فيكم.(105/111)
(ليس من أصول الفقه محاولة تطبيقية على كتاب المستصفى للغزالي) للنقاش ..
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[05 - 06 - 03, 07:39 م]ـ
هل هناك مباحث في أصول الفقه الكلام فيها أو الانشغال بها أو وجودها مطلقا ليس له علاقة بعلم الأصول ... ؟
قبل الإجابة على هذا التساؤل لا بد من التنبيه على أمر مهم ألا وهو أهمية تحديد مفهوم أصول الفقه حدا وموضوعا بمعرفة هذين الأمرين نستطيع الإجابة الوافية وذلك بعد معرفة الضوابط التي يمكن
أن نحدد بها هذا العلم ومجاله الذي يبحث فيه إذ لا يوجد علم إلا وله موضوع خاص يبحث فيه بموجب هذا التحديد نستطيع معرفة ما إذا كانت هذه المسألة من علم أصول الفقه أم لا؟
نزيد الأمر بيانا ووضوحا فنقول:
مما يبين أهمية هذا البحث تنقية هذا العلم وتخليصه مما علق به ودنسه من المسائل الكلامية سواء من المعتزلة أو الأشاعرة التي غالبا ما يذكرونها إما على سبيل الرد والنقاش الذي غالبا ما ينتهي إلى جدل محض لا فائدة فيه وإما على سبيل التقرير والتقعيد لأن الانقطاع عن المألوف من الصعوبة بمكان والعالم المتخصص في أي فن من الفنون إذا كتب في فن آخر فلا بد أن يظهر أثر علمه عليه وهذا واضح جدا في كتب التفسير خاصة.
كما نقل ابن بدران بقوله: كل من غلب عليه علم وألفه مزج به سائر علومه يعرف ذلك باستقراء تصانيف الناس.
وهذا بعينه ما حصل للأصوليين فعندما غلب عليهم علم المنطق
أو علم الكلام والتبحر فيه جعلوه مادة في أي علم يدخلون فيه بل جعلوه شرطا في فهم الأصول خاصة وغيره من العلوم كما فعل الغزالي رحمه الله!!
وتأمل معي هذا النقل من الغزالي رحمه الله من كتابه المستصفى وهو يعترف فيه صراحة بأن علم الكلام دخيل على أصول الفقه يقول:
وذلك – أي علم الكلام - مجاوزة لحد هذا العلم – أي علم الأصول - وخلط له بالكلام وإنما أكثر فيه المتكلمون من الأصوليين لغلبة الكلام على طبائعهم فحملهم حب صناعتهم على خلطه بهذه الصنعة كما حمل حب اللغة والنحو بعض الأصوليين على مزج جملة من النحو بالأصول فذكروا فيه من معاني الحروف ومعاني الإعراب جملا هي من علم النحو خاصة ........... ويقول أيضا:
وبعد أن عرفناك إسرافهم في هذا الخلط فإنا لا نرى أن نخلي هذا المجموع عن شيء منه لأن الفطام عن المألوف شديد والنفوس عن الغريب نافرة لكنا نقتصر من ذلك على ما تظهر فائدته على العموم في جملة العلوم ............ يصرح ويقول:
وليست هذه المقدمة من جملة علم الأصول ولا من مقدماته الخاصة به بل هي مقدمة العلوم كلها ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بعلومه أصلا فمن شاء أن لا يكتب هذه المقدمة فليبدأ بالكتاب من القطب الأول فإن ذلك هو أول أصول الفقه ... انتهى ملخصا.
الغزالي هنا ربما وقع له شئ من التناقض في هذه المواطن لكن الفائدة المهمة التي نجنيها ونستفيدها من هذا العالم المتخصص في هذا الفن هي أن هذا العلم مد خول فيه قطعا.
هذه البداية بحد ذاتها من الغزالي محمودة بغض النظر عن قصورها وعن ما وقع من الغزالي نفسه تجاه الأصول.
انظر إليه وهو يقول بصراحة ووضوح: ونحن الآن مقتصرون على حد "الحد" وحد "العلم" وحد "الواجب" لأن هذا النمط من الكلام دخيل في علم الأصول فلا يليق فيه الاستقصاء.انتهى
وهذا يلزم منه أيضا أن يكون علم المنطق بكامله دخيل على هذا العلم فلا يلتفت له في التعاريف التي سببت جدلا عقيما في كتب الأصوليين تجد الصفحات تلو الصفحات هل هذا التعريف جامعا مانعا أم لا؟
كما نجد الغزالي نفسه يعترف بصعوبة الحد المانع الجامع!!!
وبهذا نستطيع أن نقول إن الغزالي قد حصل له شئ من الإطراب، ويرد على نفسه في هذا المقام.
تتميما لما يمكن أن نسميه: "مشروع الغزالي في تنقية الأصول" نتجاوز المقدمة المنطقية قليلا لنفذ إلى الكتاب فإن الغزالي رحمه الله يقول: فمن شاء أن لا يكتب هذه المقدمة فليبدأ بالكتاب من القطب الأول فإن ذلك هو أول أصول الفقه.
طوعا لك يا أبا حامد لنبدأ في أصول الفقه ..... نجد الغزالي رحمه الله يقول: القطب الأول في الثمرة وهي الحكم والكلام فيه ينقسم إلى فنون أربعة فن في حقيقة الحكم وفن في أقسامه وفن في أركانه وفن فيما يظهره.
قد يقال: أن هذا القطب بكامله ليس من أصول الفقه.
ومن تأمل الموضوعات التي تناولها الغزالي في هذا القطب وربطها بفائدة الأصول عرف أن وجودها ووجود غيرها من المسائل نحوها عارية في هذا العلم الشريف.
ولعلنا نحاكم الغزالي إلى كلامه السابق فهو يقول: القطب الأول في الثمرة وهي الحكم.
ونجده أيضا يقول أن أصول الفقه هو: عبارة عن أدلة هذه الأحكام وعن معرفة وجوه دلالتها على الأحكام من حيث الجملة لا من حيث التفصيل.
فهل الحكم وما يتعلق به من المسائل داخل في التعريف أم لا؟
عند الغزالي نفسه قد لا يدخل في حد الأصول لأنه هو وأمثاله يردون التعريف بالثمرة ..
لذلك ناقش الآمدي هذه المسألة وخلص فيها إلى أن الحكم لا يدخل في موضوعات أصول الفقه.
لهذا أعود وأقول: نحتاج إلى تحديد ومعرفة موضوعات أصول الفقه بضوابط علمية محكمة، وبأدلة قوية ناصعة.
وهنا أنقل كلمة للإمام الشاطبي – رحمه الله – لعلها تضيئ الطريق في تطبيق
ما ندعوا إليه يقول في المقدمة الرابعة: كل مسألة موسومة في أصول الفقه لا يبتني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عوناً في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية. انتهى
نكتفي بهذا القدر في متابعة الغزالي في كتابه المستصفى نستكمل بقية المباحث التي عرضها في القطب الثاني والثالث والرابع بحول الله.
على أننا معلنين الرجوع عن ما بدر منا من مجاوزات في هذه المحاولة ونقول كما أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله من أهدى إليّ عيوبي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/112)
ـ[مسلم2003]ــــــــ[05 - 06 - 03, 08:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه .. أما بعد ..
أخي الكريم .. أبا حاتم .. وفقك الله لكل خير ..
أشكر لك طرحك هذا الموضوع ..
وبداية أرى والله أعلم إنه لا بد من ملاحظة أن التصنيف في العلوم ينبغي أن يراعى فيه الجانب الاجتماعي والتاريخي ..
فكل مصنف إنما يضيف على من قبله شيئاً مما جد في عصره لكي يقرب شقة أمر بعيد، أو يبين أمراً لم يقم أحد من قبله ببيانه مما وقع في عصر المصنف أياً كان.
كما أن ما أشار إليه الإمام الغزالي من أن غلبة علم من العلوم على أحد الأئمة تجعله يدخل بعض مباحثه إلى علم آخر، وهذا والله أعلم من محامد الأئمة وفضلهم، كما أشار إلى ذلك في مقدمة شرح المنهاج الأصولي الإمام تقي الدين السبكي عندما ذكر ذلك مستدركاً بأن الأصوليين وإن ذكروا بعض المباحث اللغوية، لكنهم نظروا إليه بمنظار غير منظار اللغويين، فأضافوا إلى علم اللغة ما لم يخطر ببال من متخصص في اللغة فحسب، كما ترى أثر ذلك واضحاً من خلال مغني اللبيب لابن هشام، في نقله عن شهاب الدين القرافي ..
على أن الكثير من المباحث الكلامية أو اللغوية تزيد في حقيقة الأمر من وضوح المسائل وبيانها في نفس القارئ والأصولي، ويجعل القارئ واقفاً على حقائق المسائل، حتى يستطيع بعد ذلك أن يصل إلى الرتبة العليا في الأصول، وترجيح مسائله.
وأحسب أن ما تريده موجود في بعض كتب الأصول التي اهتمت بالفقه والتخريج الفقهي، دون الاهتمام بمسائل الكلام والخلافيات البعيدة في الأصول، مثل ما فعل الشريف التلمساني في مفتاح الوصول، وغيره.
على أنه يمكن طرح فكرتك الطيبة هذه عن طريق استخلاص المسائل التي اشترك في بحثها بين عدة علوم، مثل:
المباحث المشتركة بين علم الأصول، وبين علم الكلام، وهذا مبحث عويص وصعب، لما أن أكثر أهل عصرنا فترت همتهم عن بحوث الكلام، وصنفوها في باب المنهيات والبدع، فإن كان ذلك حقاً في خطاب العامة، لكنه غير صواب بالنسبة لطلاب العلم والباحثين، الذين لا يألون جهداً في تطلب الحقائق أين كانت وكيف كانت.
المباحث المشتركة بين علم الأصول، وبين علوم اللغة، بلاغة وصرفاً ونحواً.
المباحث المشتركة بين علم الأصول، وبين علوم الحديث، وخذ مثالاً على ذلك كتب الأصول التي أطالت النفس في الكلام عن المرسل والروايات وخبر الواحد ومسائل تعارض الخبر والعمل وغير ذلك.
فهذا رأيي، ولا أثنيك عما أنت فيه، وأرجو لك التوفيق والسداد، والله الموفق للصواب، لا رب غيره ولا معبود سواه.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[09 - 06 - 03, 03:29 ص]ـ
للرفع(105/113)
تأثير الاستخدام العرفي في نقل الالفاظ والتأثير على معانيها.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[09 - 06 - 03, 02:29 م]ـ
قد ينتشر في عصر من العصور اجراء كلمة او ((بنية كلمة)) على بعض المعاني دون البعض الاخر فينتشر معني هذا اللفظ دون البقية ..
ومما ينبغى ان يحذر هنا وينتبه له: انه قد يكون للفظ في زمن الرسالة معاني فيندثر استخدام بعضها دون الآخر .. فيأتي الفقيه فيجري اللفظ على ما اشتهر عنده دون اللفظ الاخر وهذا من التقصير في النظر.
قال الجاحظ في بيان هذا رغم تقدمه ((وقد يستخف الناس الفاظا ويستعملونها وغيرها أحق بذلك منها. الاترى ان الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن الجوع الا موضع العقاب او في موضع الفقر المقدع والعجز الظاهر والناس لايذكرون السغب ويذكرون الجوع حال القدرة والسلامة)) يقصد ان يأتي احدهم ويقول وهو غنى معافى انا جائع او اشعر بجوع والاولى ان يقول ((سغب)) لان الجوع كما ذكر لم يستخدم الا موضع العقاب او الفقر المقدع ...
ثم ذكر ((المطر انه حال العقاب والغيث حال الرزق .. الخ) (وذكر الابصار بالجمع ولم يذكر الاسماع) ... وقال (والعامة لايتفقدون من الالفاظ ما هو احق بالذكر واولى بالاستعمال) ...
وقال ((والعامة ربما استخفت أقل اللغتين واضعفهما وتستعمل ما هو اقل في اصل اللغة استعمالا وتدع ما هو أظهر وأكثر ولذلك تجد بيت الشعر سار ولم يسر ما هو اجود منه) .. - البيان والتبيين - الصحيفه رقم عشرين.
قال القرافي رحمه الله في الاحكام -- وهذا مهم في بيان خطر ذلك فانه يبنى عليه فتوى شرعيه كوقوع الطلاق من عدمه قال رحمه الله
((أن كون الصيغة للانشاء: تارة تكون بوضع العرب كالقسم وتارة تكون بوضع اهل العرف كصيغ الطلاق لذلك فان صريح الطلاق قد يهجر فيصير كناية وقد تشتهر الكناية فتصير كالصريح)) .. أهـ الاحكام (السؤال العاشر)
وهذه لفتة مهمة في بيان ان الاستخدام للالفاظ يؤثر في قوة الصيغة ...
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجلسة مع ابن المرحل الذي نقله ابن عبدالهادي ((ثم يغلب عرف الاستعمال على استعماله في هذا تارة. فيبقى دالا بعرف الاستعمال على ما به من الاشتراك والامتياز مثال ذلك كلفظ الدابة اذا غلب على الفرس , قد نطلقه على الفرس باعتبار القدر المشترك بينها وبين سائر الدواب. فيكون متواطئا. وقد نطلقه باعتبار خصوصية الفرس ((قلت - زياد - لانه غلب عليه العرف)) فيكون مشتركا بين خصوص الفرس وعموم الدواب)) ..
وكذلك يكون هذا ايضا في ابنية الافعال كما بين ذلك الشيخ الطناحي كلفظ بيت وابيات وبيوت .. فابيات جمع قلة لكن غلب على الناس استخدامه في بيوت لاشعر سواء كانت قلة او كثرة وبيوت في البيوت الحسية.
وهذا الامر ايضا كنت قد بينته على اختصار في مسألة اللفظ المشترك اذا خلا من القرائن ولماذا قلنا انا نقول بأصل الوضع مع الاستخدام لان اصل الوضع ثابت والاستخدام متغير.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 06 - 03, 02:26 ص]ـ
للفائدة .....
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[30 - 06 - 03, 12:56 م]ـ
وذهب شيخ الاسلام رحمه الله ..... الى انه لايوجد شئ يسمى ((بأصل الاستعمال أصلا؟)).
اذ ان العرب لم يجتمعوا ويتواضعوا على استخدام لفظة في محل واحد ...... فاذا انتشر بينهم وضع كلمة في موضع فلا يمنع هذا وضعها في موضع آخر.
وهذا فرع من تقريره رحمه الله نفى للمجاز في العربيه. اذ انه لايصير ثم حقيقة تصرف الى مجاز؟ ما دام لايوجد اصل الاستعمال ولايوجد الا الحقيقة العرفيه.
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[30 - 06 - 03, 02:24 م]ـ
شيخنا المحقق الموفق بإذن الله تعالى
زياد بن منيف العضيلة
أسأل الله العظيم أن يبارك بك وبعلمك وينفعنا به - آمين-
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[01 - 07 - 03, 12:19 ص]ـ
الشيخ الفاضل ...... زياد زاده الله من فضله
لمحات طيبة في حركة تطور المصطلح، بارك الله فيك
وفي هذا العصر استجدّت في الميدان الفقهي مشكلة المصطلح، وما أشرتم إليه أحد أوجهها.
ومما يدخل فيها أيضاً مشكلة المصطلح المستورد، أو المعرّب، فهذا يحتاج إلى دراسة خاصة معمقة، وليت أحد طلبة الدكتوراه في أصول الفقه يتصدى له.
من أمثلته: بطاقة ائتمانية، بورصة، وخلافها .....
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[20 - 07 - 03, 11:10 ص]ـ
وقال ابن قدامة في المغنى: كتاب الطهارة
((كما سمى عذرة وهي في الحقيقة فناء الدار لانه كان يطرح بالافنية فسمى بها للمجاورة ..... وهذا من الاسماء العرفية التى صار المجاز فيها اشهر من الحقيقة وعند الاطلاق يفهم منه المجاز ويحمل عليه الكلام)).
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[31 - 08 - 04, 02:07 م]ـ
ومن المسائل التى ينبغى ان ينتبه لها طالب العلم في قراءته لكتب الاقدمين او الاصلين (الكتاب والسنة).
أن يتستحضر شيوع اللفظ حال حكمه على معنى. فهو مهم جدا، وهذا تجده كثيرا سواء في كتب التفسير عند السقوط عى لفظة يظن انها بمعنى التفسير المخالف، وهي تحمل نفس الدلالة لبقية الاقوال فتدخل في تفسير التنوع.
أو حتى في أستعمال السياقات، او ابنية الافعال، فلابد ان يستحضر المطالع هذا الامر ولعلي بأذن الله أورد أمثلة مهمه حول غلبة الاستعمال على المقرر من أصل الكلام، وان الذي يقدم هو الاول على الثاني.
بخلاف ما يفعله الكثير، من أن يكون أول مطلوبه: العود الى كتب المعاجم ليخرج بالمعنى، وهذا لايعطيه فهما حقيقا للمطلوب، لان المعاجم تعطيك اللفظ المجرد، وانت في حاجة الى مطالعة سياق الكلام ومقارته بأهل العصر وطبقة المتكلم وصنعته.(105/114)
هل من نبذة عن متن: "نثر الورود في مراقي السعود"؟
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[12 - 06 - 03, 07:47 ص]ـ
إخواني الأحباء .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل منكم من عنده نبذة عن متن "نثر الورود في مراقي السعود"؟ وجزكم الله خيراً جميعاً
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[15 - 06 - 03, 01:56 م]ـ
هذه نبذه عن متن المراقي بما فيها النثر منقولةمن كتاب الدليل للمتون العلميه للقاسم
ـ " مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود "
تأليف العلامة الشيخ عبد الله بن الحاج إبراهيم بن الإمام محنض أحمد العلوي الشنقيطي المتوفي في حدود سنة (1230هـ) رحمه الله تعالى ()، وهو في الأصل نظم لمتن جمع الجوامع لعبد الوهاب السبكي الشافعي المتوفي سنة (771هـ) رحمه الله تعالى على مذهب المالكية () اشتمل على مقدمة وسبعة كتب وخاتمة،استوفى فيها جميع مباحث علم الأصول على مذهب الإمام مالك خاصة والمتكلمين عامة، وهو متن منظوم يقع في ألف بيت وبيت:
ألف وبيت عدد المراقي ليس بسافل ولا براقي
طبعاته:
طبع عدة مرات منها:ـ
1 ـ طبعة حجرية قديمة.
2 ـ في آخر شرح الشيخ محمد أمين بن أحمد زيدان الجكني المطبوع في مطبعة المدني بمصر دون تاريخ باسم:" شرح مراقي السعود على أصول الفقه " من ص (249) إلى (296).
3 ـ كما طبع بمراجعة وتصحيح وضبط الدكتور محمد ولد سيدي ولد حبيب الشنقيطي، نشره الشيخ محمد محمود محمد الخضر ا لقاضي سنة (1416هـ) توزيع دار المنارة للنشر والتوزيع في جدة في (126) صفحة.
4 ـ في مطابع ابن تيمية في القاهرة توزيع مكتبة العلم في جدة سنة (1415هـ).
شروحه:
1 ـ " نشر البنود على مراقي السعود " لصاحب النظم الشيخ عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي قال في مقدمته:" لما منّ الله عليّ بإتمام النظم المسمى:" مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود " ألهمني الله الاشتغال بشرحه، فشرعت فيه مستعيناً بالله " () وذكر () أنه نظم الأصل وشرع في الشرح في بلدة تججك يوم الخميس في جمادي الأولى سنة (1207هـ) وتمام النظم قبله بعام، طبع في المطبعة الحفيظية في المغ رب سنة (1327هـ) كما طبع في مجلدين قام بطبعه صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة في مطبعة فضالة ـ المحمدية المغرب دون تاريخ.
2 ـ " مراقي السعود إلى مراقي الصعود " تأليف العلامة الشيخ محمد الأمين ابن أحمد زيدان المعروف بالمرابط لشدة مرابطته لتعلم العلم وتعليمه الجكني الإبراهيمي المتوفي سنة (1325هـ) أو (1326هـ) رحمه الله تعالى، اختصره من شرح الناظم السابق مع إضافات أخرى من زيادة قول أو توجيهه أو تبيين غامض إلخ ()، طبع في مطبعة المدني في مصر سنة (1378هـ) وهي طبعة كثيرة الأخطاء والتحريفات ()،كما طبع في مطابع ابن تيمية فيالقاهرة سنة (1413هـ) بتحقيق ودراسة الشيخ محمد المختار بن محمد الأمين الشنقيطي في مجلد واحد، تقدم بتحقيقه لنيل درجة الماجستير في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ونوقش في 24/ 7/1401هـ.
3 ـ " فتح الودود بسلم الصعود على مراقي السعود "، تأليف الشيخ محمد يحيى بن محمد المختار الشنقيطي الداودي الولاتي المتوفي سنة (1330هـ) رحمه الله تعالى، ا ختصره من شرح المؤلف مع الإيضاح والتفسير لعباراته بعبارة ذات بيان وتحرير إلخ ()، طبع في المطبعة المولوية بفاس سنة (1321هـ) وبهامشه:" نيل السول على مرتقى الوصول "، وأعاد طباعته حفيد المؤلف بابا محمد عبد الله محمد يحيى الولاتي سنة (1412هـ).
4 ـ " نثر الورود على مراقي السعود " تأليف العلامة الكبير الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي صاحب " أضواء البيان " المتوفي سنة (1393هـ) رحمه الله تعالى، ولم يستوف الشيخ رحمه الله إكمال شرح مراقي السعود بل بقي عليه ما يقارب الخمس مائة وخمس وثمانون بيتاً، واحد وعشرون بيتاً من أول النظم، وبقية بحث المجاز والمعّرب والكناية والتعريض والأمر والواجب الموسع وذو الكفاية والنهي والعام، وقام بإكمال شرحها وتحقيق الشرح المذكور تلميذ المؤلف الدكتور محمد ولد سيدي ولد حبيب الشنقيطي.
نشره الشيخ محمد محمود الخضر القاضي، وقامت بتوزيعه دار المنارة للنشر والتوزيع في جدة الطبعة الأولى سنة (1415هـ) في مجلدين، ويمتاز هذا الشرح بكثرة الأمثلة التي لم يعتن بها الأصوليون غالباً،وجمع ثمرة الكثير من كتب الأصول، واستطرد في كثير من المسائل الفقهية، وأبدى اعتراضات على بعض الأصوليين أوضح الصواب فيها مع سهولة الأسلوب وتحاشي الغموض الذي ملأ كتب الأصول ().
وسبب قيام الشيخ بالشرح المذكور أن ابن عمه أحمد بن محمد الأمين قدم عليه في المدينة المنورة سنة (1374هـ) وأخبره أنه إنما قدم يريد قراءة مراقي السعود عليه، وليس بقادم للحج حيث أخبره أنه لم يجب عليه إذ ذاك، فرحب به وصحبه إلى الرياض حيث يقيم الشيخ هناك. وعندما بدأ أحمد في القراءة اشترط على الشيخ أنه لا يتجاوز ماقرأه في اليوم حتى يكتب له الشيخ عليه إملاء، فتعذر الشيخ لكثرة أشغاله بالتأليف والتدريس، ولكن لم يجد بداً من الاستجابة فشرع يكتب له على النظم: تارة يكتب الشيخ بخطه، وتاره يملي على الشيخ أحمد، وكان من عادة الشيخ إذا أراد الكتابة في العلم أو التدريس نثر كنانته فبسبب ذلك كان هذا الشرح لا يوجد له مثيل، فقد لخص فيه الشيخ رحمه الله الكثير من كلام الأصوليين، متجنباً البحوث الكلامية والمنطقية في أغلب الأحوال، فلخص شرح المؤلف نشر البنود، والتنقيح للقرافي، وشرحه له أيضاً، وشرح ابن حلول لجمع الجوامع، ورجع كثيراً إلى الآيات البينات.ومابدأ في الكتابة يوماً من الأيام في درس من الدروس إلا بعد أن يحضر بين يديه سبعة كتب من أمهات أصول الفقه، إضافة إلى ماأعطاه الله من الخبرة في هذا الفن ().
الشروح المسجلة:
1 ـ شرح الشيخ أحمد محمود عبد الوهاب في (17) شريطاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/115)
ـ[الحمادي]ــــــــ[15 - 06 - 03, 03:10 م]ـ
لا مزيد على ما نقله الأخ الطالب النجيب "حفظه الله" إلا أن المؤلف "وفقه الله لما تعرض للكلام على شرح الشيخ محمد الأمين
(نثر الورود) قال:
(بقي عليه ما يقارب الخمس مائة وخمس وثمانون بيتاً).
وهذا قد يُفهم منه أنه بقي مما لم يشرحه الشيخ (585 بيتاً) وليس الأمر كذلك، وإنما مراده:
أنه بقي مقدار (الخُمُس) ويساوي (185 بيتاً).
أحببت التنبيه على ذلك خشية وقوع الخطأ.(105/116)
كتب القواعد الفقهية في المذهب المالكي ..
ـ[عصام البشير]ــــــــ[12 - 06 - 03, 03:25 م]ـ
الحمد لله
الرجاء من الإخوة التفضل بذكر كتب القواعد الفقهية على مذهب المالكية، مع الإشارة إلى المطبوع منها والمخطوط:
وهذه البداية:
1 - القواعد لأبي عبد الله محمد بن محمد المقري، تحقيق: أحمد بن عبد الله بن حميد، مركز إحياء التراث الإسلامي التابع لجامعة أم القرى
2 - قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب، لمحمد الروكي، دار القلم-مجمع الفقه الإسلامي، 1419/ 1998
3 - ...
ـ[مسلم2003]ــــــــ[12 - 06 - 03, 04:45 م]ـ
3 - إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام أبي عبد الله مالك .. للإمام الونشريسي ..
4 - أنوار البروق في أنواء الفروق للإمام شهاب الدين القرافي الإمام العلم المشهور .. وله مختصر جميل مطبوع في المغرب .. نسيت اسم مؤلف المختصر ..
5 - هناك كتاب للفقيه ابن عظوم التونسي، فيه ذكر قواعد المذهب المالكي، محقق ولم يطبع ..
6 - الروض المبهج بشرح ستان فكر المهج في تكميل المنهج .. للعلم المشهور ميارة .. شرح فيه نظم لكتاب المنهج .. وهو كتاب في قواعد الفقه المالكي ..
7 - كتب النظائر: وتندرج تحت كتب القواعد عموماً، ومنها: النظائر الفقهية .. للصنهاجي .. مطبوع بدار البشائر ..
8 - الفروق الفقهية للإمام القاضي عبد الوهاب المالكي، طبع مؤخراً بدار البحوث بدبي ..
والله أعلم .......
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[30 - 11 - 06, 05:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[04 - 02 - 07, 06:31 م]ـ
شرح المنهج المنتخب الى قواعد المذهب))
لبيان الكتاب وتحميله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=499926
ـ[محمد بشري]ــــــــ[04 - 02 - 07, 09:17 م]ـ
*شرح اليواقيت الثمينة فيما انتمى لعالم المدينة: أبو عبد الله السجلماسي ط الرشد 2مج
-كتاب معاصر لا يخلو من فوائد:
(القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة الكبرى) رسالة دكتوراه:أحسن زقور ط ابن حزم 2مج
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[04 - 02 - 07, 09:59 م]ـ
وأيضا هناك دراسة في رسالة دكتوراة عن القواعد التي احتواها كتاب الفروق للقرافي
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 04:33 م]ـ
أصول الفتيا على مذهب مالك للخشني أول كتاب جاء فيه ذكر القواعد الفقهية على المذهب
ـ[محمد يحظيه الشنقيطي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 02:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المهم وتكميلا للإجابة نذكر بأنه توجد عدة شروح أخرى للمنهج منها:
شرح الشيخ التواتي وهو اختصار لشرح المنجور مطبوع.
شرح الشيخ محمد الأمين بن أحمد زيدان وهو شرح مختصر جدا طبع مع شرحه لتكميل ميارة.
شرح الشيخ أحمد مختار الجكني إعداد المهج وهو مأخوذ من الشرح الذي قبله مطبوع.
شرح عبد القادر السجلماسي وهو مخطوط ننوي إخراجه للنور قريبا إن شاء الله تعالى.
شرح الشيخ أحمذ بن زياد الأبهمي الديماني وهو اختصار لشرح السجلماسي المذكور وقد قمنا بطباعته بحمد الله تعالى.
ومن كتب القواعد أيضا:
شرح السجلماسي على تكميل ميارة مخطوط قيد التحقيق
شرح تكميل ميارة لمحمد الأمين بن أحمد زيدان سبقت الإشارة إليه
نظم تنقيح التكميل للعلامة محنض بابه الديماني مع تعليقه عليه مخطوط
كليات ابن غازي طبع بتحقيق الأستاذ أبو الأجفان
كليات المقري طبع أيضا بتحقيقه.
عمل من حب لمن طب للمقري وقد طبع بدار الكتاب العلمية وهو يشتمل على كلياته المذكورة إضافة إلى مسائل أخرى متعلقة بالحديث والقواعد والأصول.
حاشية ابن الشاط على فروق القرافي.
تهذيب الفروق للشيخ محمد علي وهما مطبوعان بهامش فروق القرافي.
ترتيب الفروق للبقوري طباعة وزارة الأوقاف المغربية.
كتاب الفروق للونشريسي مطبوع بدار الغرب
ـ[محمد بشري]ــــــــ[09 - 02 - 07, 04:38 م]ـ
منها أيضا
-الدليل الماهر الناصح شرح المجاز الواضح ط: عالم الكتب، وأعيد تحقيقه بشكل جيد وطبع مؤخرا.
وبعض الإخوان ممن لم يطلع على الكتاب ذكره ضمن تحقيق لرسالة له ضمن آثار الولاتي في علم البلاغة لورود إسم المجاز في العنوان، وهو خطأ ظاهر فالكتاب في قواعد المذهب الفقهية.
ـ[محمد عبدو]ــــــــ[09 - 02 - 07, 05:33 م]ـ
هناك أيضا قواعد المقري مطبوع
ـ[محمد بشري]ــــــــ[09 - 02 - 07, 08:16 م]ـ
قواعد المقري المطبوع بتقيق الشيخ ابن حميد لنيل رسالة علمية غير تام، وحقق كاملا فيما أذكر بدار الحديث الحسنية لكنه لم يطبع.
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[10 - 02 - 07, 12:15 ص]ـ
قواعد المقري المطبوع بتقيق الشيخ ابن حميد لنيل رسالة علمية غير تام، وحقق كاملا فيما أذكر بدار الحديث الحسنية لكنه لم يطبع.
نعم هو ذاك بارك الله فيك، وهو في ثلاثة أجزاء، صورت اثنين ولا زلت أتحين الفرصة للظفر بالثالث إن شاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/117)
ـ[السنافي]ــــــــ[10 - 02 - 07, 12:40 ص]ـ
منها أيضا
-الدليل الماهر الناصح شرح المجاز الواضح ط: عالم الكتب، وأعيد تحقيقه بشكل جيد وطبع مؤخرا.
وبعض الإخوان ممن لم يطلع على الكتاب ذكره ضمن تحقيق لرسالة له ضمن آثار الولاتي في علم البلاغة لورود إسم المجاز في العنوان، وهو خطأ ظاهر فالكتاب في قواعد المذهب الفقهية.
أين أعيد طبعه و تحقيقه مؤخراً؟
بارك الله فيك
ـ[سميح بن الشريف]ــــــــ[10 - 02 - 07, 12:48 ص]ـ
قواعد الزقاق .. وهي المنظومة المسماة بالمنهج المنتخب إلى قواعد المذهب .. وشرحها
...
وبعد فالقصد بهذا الرجز ... نظم قواعد بلفظ موجز
مما انتمى إلى الإمام ابن أنس ... وصحبه وما لديهم من أسس
ـ[محمد بشري]ــــــــ[10 - 02 - 07, 04:02 ص]ـ
حققه بعض الشناقطة، وهو موجود في رواقهم بمعرض الدار البيضاء.
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[10 - 02 - 07, 02:29 م]ـ
نوقشت في جامعة الجزائر بعض الرسائل الجامعية تدخل ضمن دراسة القواعد الفقهية، منها:
القواعد الفقهية في كتاب الذخيرة للقرافي. وهذه الدراسة لم تتناول كل القواعد الفقهية المذكورة في الذخيرة، وإنما انتخبت منها جملة. لكن ذيَّلَت الدراسة بفهرس جليل لكل القواعد الفقهية والأصولية المذكورة في كتاب الذخيرة.
ومنها: القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب المعونة للقاضي عبد الوهاب.
ومنها القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب أصول الفتيا.
ـ[اوس نايف الكبيسى]ــــــــ[05 - 08 - 07, 10:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك اخى الدكتور لكن عندى استفسار فى اى جامعة توجد الرساله
التى فى القواعد الفقهية من كتاب الذخيرة علما انك قلت لى انها فى الجزائر
يا حبذا تدلنى فى اى مكان من الجزائر وبارك الله بك
ـ[ابو الريم]ــــــــ[05 - 08 - 07, 11:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 - القواعد والضوابط الفقيه القرافيه د-عادل بن عبدالقادر
2 - تطبيقات قواعد الفقه عند المالكيه من خلال كتابي ايضاح المسالك وشرح المنهج المنتخب للدكتور الصادق الغرياني
3 - وكذلك له تطبيقات قواعد الفقه عند المالكيه من خلال كتاب البهجه في شرح التحفه
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[06 - 08 - 07, 03:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك اخى الدكتور لكن عندى استفسار فى اى جامعة توجد الرساله
التى فى القواعد الفقهية من كتاب الذخيرة علما انك قلت لى انها فى الجزائر
يا حبذا تدلنى فى اى مكان من الجزائر وبارك الله بك
رعاك الله أخي ..
الرِّسالَةُ في جامعة الجزائر، كليَّة العلوم الإسلامية بِخَرُّوبَة .. وإذا أمكنَني أنْ أرسلها لك صنعتُ .. طبعاً بعد الاستئذان من صاحبتِها -بواسطة زوجها طبعاً! - ..
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[07 - 08 - 07, 07:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى اى جامعة توجد الرساله التى فى القواعد الفقهية من كتاب الذخيرة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أعانك الله ووفقك.
جرب الرابط، فلعلك تظفر بالكتاب. http://www.atourath.com/montada/showpost.php?p=8162&postcount=64
ـ[أبو نظيفة]ــــــــ[20 - 08 - 08, 02:57 م]ـ
القواعد الفقهية في كتاب الذخيرة للقرافي: أحتاج ويحتاج غيري إلى هذه الرسالة، فكيف الوصول إلى تحميلها لو كانت في الشبكة؟
ـ[محمد الروداني]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:02 م]ـ
أخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوك أن تتكرم بمدي بنسخ من كتب القواعد التي بين يديك
وأخبرك أني حققت شرح السجلماسي الرباطي لمنظومة اليواقيت الثمينة
وهذا عنواني للتواصل
قال الشيخ الألباني :
amalbelha@yahoo.fr
ـ[محمد الروداني]ــــــــ[28 - 08 - 08, 04:09 م]ـ
مصنفات المالكية في القواعد مقال للدكتور كمال بلحركة بجلة المذهب المالكي
ـ[أبو عبد الرحمن المصري]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:22 م]ـ
القواعد الفقهية في كتاب الذخيرة للقرافي: أحتاج ويحتاج غيري إلى هذه الرسالة، فكيف الوصول إلى تحميلها لو كانت في الشبكة؟
تفضل أخي هذا الرابط ستجد الرسالة المطلوبة. ولا تنس أخاك بدعوة صالحة.
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=728582
ـ[الأسيف]ــــــــ[07 - 10 - 08, 05:54 م]ـ
بارك اله فيكم من طلبة للعلم حقا
حتى التي كانت في ذهني وجدتها مكتوبة
حياكم الله
ـ[المالقي]ــــــــ[10 - 10 - 09, 04:41 م]ـ
احسن الله اليكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/118)
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[10 - 10 - 09, 10:51 م]ـ
ولعبد ربه رسالة في قواعد المعاملات المالية عند المالكية من خلال كتاب المقدمات الممهدات لابن رشد الجد، وللأخ العزيز أحمد عروبي رسالة في منهج التقعيد الفقهي عند الإمام القرافي.
ـ[النقاء]ــــــــ[11 - 10 - 09, 01:59 ص]ـ
إخواني ذكرتم كتابين أبحث مذ مدة عنهما على الشبكة، فهل يستطيع أحدكم أن يتحفنا بها وهما:
قواعد المقري المحقق كاملا
الدليل الماهر الناصح
وفقكم الله
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:36 ص]ـ
اختي الكريمة النقاء
انظري هنا
http://www.dahsha.com/viewarticle.php?id=24044
وايضا هنا
شرح المنهج المنتخب على قواعد المذهب
لـ:أحمد بن على بن عبد الرحمن المنجور
الجزء 1
http://www.4shared.com/file/10226896...537/___01.html
الجزء 2
http://www.4shared.com/file/10226900...669/___02.html
الجزء 3
http://www.4shared.com/file/10226889...7d6/___03.html
الجزء 4
http://www.4shared.com/file/10226883...fca/___04.html
الجزء 5
http://www.4shared.com/file/10227264...1f8/___05.html
الجزء 6
http://www.4shared.com/file/10227265...81d/___06.html
الجزء 7
http://www.4shared.com/file/10227264...16e/___07.html
الجزء 8
http://www.4shared.com/file/10227264...dd3/___08.html
الجزء 9
http://www.4shared.com/file/10227557...9dc/___09.html
الجزء 10
ww.4shared.com/file/102275579/ac61c4db/___10.html
الجزء 11
ww.4shared.com/file/102275573/4cb42dc5/___11.html
الجزء 12
ww.4shared.com/file/102275572/3bb31d53/___12.html
الجزء 13
ww.4shared.com/file/102275578/db66f44d/___13.html
الجزء 14
http://www.4shared.com/file/10227632...bf0/___14.html
الجزء 15
ww.4shared.com/file/102276330/a7e96a27/___15.html
الجزء 16
http://www.4shared.com/file/10227725...8c1/___16.html
الجزء 17
ww.4shared.com/file/102277266/8a833605/___17.html
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:37 ص]ـ
المقاصد عند الإمام الشاطبي
دراسة أصولية فقهية إعداد محمود عبد الهادي فاعور
http://www.4shared.com/file/10228003..._________.html
القواعد لأبي عبد الله المقري
الجزء الأول
http://www.4shared.com/file/10226660...305/____1.html
الجزء الثاني
shared.com/file/102266625/f53344b2/____2.html
تنظير المقاصدي عند ابن عاشور (رسالة دكتوراه)
http://www.4shared.com/file/10228003.../________.html
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب الذخيرة للإمام شهاب الدين القرافي (رسالة ماجستير) إعداد صفية حسين إشراف أ. د/ محمد مقبول حسين
http://www.4shared.com/file/10228172..._________.html
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:39 ص]ـ
مراعاة المالكية لمقاصد المكلفين (رسالة ماجيستير)
http://www.4shared.com/file/10228172...0/_______.html
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:40 ص]ـ
سنن المهتدين في مقامات الدين
للإمام المواق المالكي رحمه الله
http://www.4shared.com/file/10264286...2/_______.html
القول الفصل في تأييد سنة السدل
على مذهب إمام دار الهجرة النبوية
الامام مالك ابن أنس (رضي الله عنه)
تأليف:
العالم العلامة الشيخ/ محمد عابد
مفتي المالكية بمكة المكرمة
الكتاب بصيغة: pdf
بحجم: 3 MB
عدد الصفحات: 49 صفحة.
http://www.4shared.com/file/10265121...ol_alfasl.html
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:41 ص]ـ
كشف النَقاب الحوَاجب من مصطلح ابن الحاجب
تأليف:
العلامة/ ابراهيم بن علي بن فرحون ـ المتوفى سنة: 799هـ
دراسة وتحقيق:
حمزة أبوفارس، والدكتور: عبدالسلام الشريف
الناشر: دار الغرب الإسلامي.
http://www.4shared.com/file/83597450...bf/______.html
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:45 ص]ـ
رسالة عن التعزير بالمال - للقاضي ابي العباس: أحمد الشماع الهنتاتي:
مطالع التَّمَام
ونصائح الانام ومنجاة الخواص والعوام
في
رد القول بإباحة إغرام ذوي الجنايات والاجرام
زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
للقاضي الفقيه أبي العباس: أحمد الشماع الهنتاتي
المتوفى سنة: 833 هـ
تحقيق:
الدكتور عبدالخالق أحمدون
http://www.4shared.com/file/73187850..._________.html
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:50 ص]ـ
الرسالة المحررة بتسمية النبي لمدينته ((المنورة))
تأليف:
الدكتور/ عيسى بن عبدالله بن مانع الحميري
http://www.4shared.com/file/10280936...142/_____.html
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=m000150.pdf
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:51 ص]ـ
رسالة في:
مشروعية السدل في الفرض
ملحق بها بحث:
في بدء الأذان وصيغته
تأليف:
مختار بن احميميدات الداودي
تقديم:
السيد علي بن السيد عبدالرحمن آل هاشم الحسني
الكتاب بصيغة pdf
بحجم: 848
قال الشيخ الألباني :
B
عدد الصفحات: 48 صفحة
http://www.4shared.com/file/10280990...b20/_____.html
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/119)
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:53 ص]ـ
عنوان الكتاب: مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ويليه مثارات الغلط في الأدلة
المؤلف: محمد بن أحمد الحسني التلمساني أبو عبد الله
المحقق: محمد علي فركوس أبو عبد المعز
http://www.archive.org/download/waq13173/13173.pdf
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:58 ص]ـ
انتصار الفقير السالك، لترجيح مذهب الإمام مالك
من طباعة دار الغرب الإسلامي
وهو من تصنيف العلامة
شمس الدين الراعي الأندلسي النحوي، رحمه الله تعالى ..
بتحقيق
د. محمد أبي الأجفان رحمه الله تعالى ..
http://www.4shared.com/file/103356122/44936555/______.html
إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك للبغدادي
http://www.4shared.com/file/60545223/adbdabe5/
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:01 ص]ـ
الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى لابن رشد الحفيد
http://www.4shared.com/file/60549133/fc369b45/
--------------------------------------------------------------------------------
المسائل الفقهية لابن قداح
http://www.4shared.com/file/60549720/78a9870c/
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:02 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
الموافقات في أصول الشريعة
http://www.4shared.com/file/60550225/4e60d752/
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:04 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
الوجيز الميسر في أصول الفقه المالكي
http://www.4shared.com/file/60550233/be184326/
تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية
http://www.4shared.com/file/60552718/b73ef24c/
جامع الأمهات لابن حاجب
http://www.4shared.com/file/60552717/2781efdd/
حاشية البناني
http://www.4shared.com/file/60552716/5086df4b/
حاشية البناني
http://www.4shared.com/file/60552716/5086df4b/
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:25 ص]ـ
الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي: مصطلحاته وأسبابه
تأليف: عبدالعزيز بن صالح الخليفي
ط1، 1414هـ/1993
وقد تناول المؤلف الموضوع في مقدمة وأبواب:
الباب الأول: نشأة المذهب المالكي
الباب الثاني: مراتب الاجتهاد في المذهب المالكي
الباب الثالث: مصطلحات المذهب المالكي
الباب الرابع: أسباب الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي
وطبعا مقدمة وخاتمة وفهرسا للآيات والأحاديث وما إلى ذلك
الكتاب مهم جدا في بابه، وقد تناول فيه قضايا مفيدة ومهمة وقد اخترت للتنبيه والتمثيل ما يلي:
1 - تدوين المذهب المالكي حين فرق المؤلف بين ثلاث مستويات من التدوين: تدوينه في عصر الإمام مالك [الموطأ/الأسمعة] ثم تدوين المتقدمين ثم المتأخرين.
وقد اعتنى فيه بوجه خاص بالموطأ ومزاياه التصنيفية وتأثيره البعدي على الإنجاز الفقهي المالكي.
2 - ومناقشة التفريق بين المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء في الاصطلاح المالكي وتحديده بابن أبي زيد القيرواني
3 - وتحدث عن انتشار المذهب المالكي في سياق عد مزايا المذهب وبين مواطن انتشاره وتوقيت دخوله وخروجه من تلك البقاع
4 - وكلامه في الاجتهاد داخل المذهب جدير بالاطلاع في التفريق بين مجتهد المذهب ومجتهد الفتوى وحافظ المذهب وراويه وما إلى ذلك
5 - كما أنه عقد مطلبا في بيان درجة ابن القاسم وذكر اختلاف الفقهاء المالكية في عده مجتهدا مستقلا أو مجتهد مذهب، وبين الراجح الذي استقر عليه اختيارهم ونقل عن ابن الإمام نقولا في ترجيح هذا المعنى.
6 - ومن فرائد هذا البحث بحثه عن الاختيار خارج المذهب [وهو موضوع لو شاء استقصاءه لكان ماتعا جدا وهو جدير بأن تكتب فيه رسائل جامعية منفردة] ومثل بالفقهاء الذين يختارون من خارج المذهب [ومن خارج الأربعة] كابن أبي زيد وابن المواز واللخمي.
7 - وبحث في هذه النقطة عن مسوغات الاختيار من خارج المذهب وجعلها محصورة في سببين "قوة الدليل" و"عدم وجود النص" داخل المذهب.
8 - أما الباب الثالث المخصص لمصطلحات المذهب المالكي فجعل فصله الأول مخصصا لمصطلحات الإمام مالك وألقاب علماء المذهب وجعل الثاني في مصطلحات القول المعتمد في المذهب ومن فرائده الكلام على الخلاف داخل المذهب في تعيين مفهوم "المشهور" [173 - 186]، وكذلك مصطلح "ما جرى به العمل" [الماجريات] التي انفرد بها مالكية المغرب [186 - 188] ثم بين تأثير مصطلحات القول المعتمد في العمل والفتوى والقضاء ... والعمل عند التعارض بين الراجح والمشهور [205 - 216].
9 - وجعل فصلا ثالثا خاصا بالكتب المعتمدة داخل المذهب وغير المعتمدة.
10 - وجعل الباب الرابع في الكلام على أسباب الاختلاف في المذهب حاصرا إياها في تعدد الروايات وتعدد الآفاق وتعدد الأمهات.
الخلاصة: الكتاب جدير بالاقتناء والمطالعة للمهتم بالفقه المالكي
الرابط:
http://www.archive.org/details/El_ikhtelafElFiqhi
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/120)
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:26 ص]ـ
نظم المعتمد من الاقوال والكتب في المذهب المالكي
للشيخ محمد النابغة الغلاوي الشنقيطي
تحقيق لخضر بن قومار
الرابط:
http://www.4shared.com/file/97583625..._____.html?s=1
القواعد تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري المتوفى عام 758 هـ قسم العبادات)
دكتوراه 1404هـ، الباحث: أحمد بن عبد الله بن حميد، المشرف: أ. د: عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان
** الجزء الأول
http://www.mediafire.com/download.php?wn0zynzy2ym
** الجزء الثاني
http://www.mediafire.com/download.php?ddigdgjmlzv
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:28 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
تبصرة الحكام في أصول الأقضية و مناهج الأحكام
برهان الدين ابن فرحون المالكي
http://www.archive.org/details/52_ab....alhukkam_I-II
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:29 ص]ـ
الانتهاء لمعرفة الاحاديث التي لم يفت بها الفقهاء
ومناقشة تها على ضوء الأصلين أصول الفقه وأصول الحديث
لراجي الرحمات
أبي عبد الله عبد السلام بن محمد علوش
دار ابن حزم
الطبعة الاولى 1416 هـ
http://www.archive.org/download/inti...haa_fokaha.pdf
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:30 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
منهج التحقيق و التوضيح لحل غوامض التنقيح.
للشيخ محمد جعيط –مفتي الديار التونسية (ت 1337)
الطبعة الأولى
سنة 1345 - 1926
مطبعة: النهضة – تونس
صفحاته: 738 في جزأين
و بهامشه: تنقيح الفصول في الأصول –شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي
أجازته النظارة العلمية بجامع الزيتونة في ربيع الأنور 1346 - 1937
كما أقره خادم الحديث الشيخ محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني الحسني الإدريسي الفاسي.
رحمنا و رحمهم الله جميعا
رابط المقدمات
http://www.4shared.com/file/73003615...ified=5698524e
الجزء الأول
http://www.4shared.com/file/73006099...ified=5698524e
الجزء الثاني
http://www.4shared.com/file/73162004...ified=5698524e
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 02:31 ص]ـ
نادرة مالكية " الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع "
المؤلف: الشيخ حسن بن عمر بن عبد الله السيناوني
المطبعة: مطبعة النهضة. تونس
الحجم: أكثر من 400 صفحة من الحجم الكبير في 3 أجزاء
سنة: 1347 - 1928
أجازته النظارة العلمية بجامع الزيتونة بعضوية الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (رحمه الله)
الكاتب و الكتاب مجهولان إليكم أولا نبذة عنهما:
تعريف بالمؤلف:
الشيخ حسن بن عمر بن عبد الله السيناوني – مدرس من الطبقة العليا في علوم القراءات بجامع الزيتونة.
تعريف بالتأليف: (من مقدمة الكتاب)
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني حسن بن الحاج عمر بن عبد الله السيناوني الزيتوني المالكي إني أردت أن أشرع في شرح لطيف موضح لدرر ألفاظ كتاب جمع الجوامع الذي جمع مقاصد زهاء مائة مصنف من المصنفات في علم الأصول و أحاط كما سيأتي لمصنفه الشيخ الإمام العلامة تاج الدين سيدي عبد الوهاب الشافعي ابن الشيخ الإمام تقي الدين السبكي رحمهما الله بخلاصة ما في شرحيه على مختصر ابن الحاجب و المنهاج للبيضاوي مع زيادات كثيرة عليهما , فحوى مع صغر الحجم – حيث بالغ في إيجازه - غزارة العلم.ففي كل ذرة منه درة. فروم اختصاره بعد متعذر و روم النقصان منه متعسر قال في آخره اللهم إلا أن يأتي رجل مبذر مبتر فدونك مختصرا بأنواع المحامد حقيقا و أصناف المحاسن خليقا.
فاعتنى بشرحه شراح كثيرون رحمهم الله. و أردت أن أشرحه – إن شاء الله – بأسلوب مبتكر بجمع متون في متن و شروح في شرح معتبر , مؤاخيا جمعا بين الفرع و الأصل أن أطبق عليه أرجوزة نظم الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي التي ضمن فيها هذا المختصر الجامع للأصلين أعني أصول الفقه و أصول الدين قائلا: ضمنتها جمع الجوامع الذي حوى أصول الفقه و الدين الشذي. و ربما غير بالإسقاط ما كان معترضا أو زاد بالإلحاق ما كان منقوصا أو أفاد ما لم يتعرض له في ذا المختصر كما قال: و ربما غيرت أو أزيد ما كان منقوصا و ما يفيد. و سماها بالكوكب الساطع كما قال: فليدعها قارئها والسامع بكوكب و لو يزاد الساطع. كما أني أريد أن أطبق عليه أيضا تكميلا لفوائد ذوي المذهب المالكي قواعد الأصول المالكية التي نظمها العلامة الشيخ سيدي عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي المالكي و هي التي ابتنت عليها فصولها الفرعية كما قال معيدا الضمير على المذهب المالكي: أردت أن أجمع من أصوله ما فيه بغية لذي فصوله و سماه بما سماه به في قوله: سميته مراقي السعود لمبتغي الرقي و الصعود.
كما أني أريد أن أطبق أيضا على مسائل المتن ما وافقها مما ذكره العلامة الشيخ سيدي محمد بن العاصم المالكي في علم الأصول في النظم الذي سماه بقوله: سميته بمهيع الوصول لمن يريد الأخذ في الأصول. كي يتضاعف سرور ذي المذهب المالكي بجمع شمله بأصول مذهبه في أرض أصول المذهب الشافعي. و يتنزه الناظر إليه برؤية أشجار النظاير ملتفة في أجنة ألفاظه و يتنعم المتأمل فيه بابتكار جمع معانيها مقصورة في خيام معانيه و سميته (بالأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع).
صفحة الكتاب:
http://www.archive.org/details/jama3-jwama3
الجزء الأول:
http://www.archive.org/download/jama...3/jamaa_01.pdf
الجزء الثاني
http://www.archive.org/download/jama...3/jamaa_02.pdf
الجزء الثالث:
http://www.archive.org/download/jama3-jwama3/jamaa_03.pdf
وهذا رابط لتحميل الكتاب في ملف واحد
http://www.4shared.com/file/78434463...ified=b1d3016d
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/121)
ـ[النقاء]ــــــــ[14 - 10 - 09, 03:41 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
منهج التحقيق و التوضيح لحل غوامض التنقيح.
للشيخ محمد جعيط –مفتي الديار التونسية (ت 1337)
الطبعة الأولى
سنة 1345 - 1926
مطبعة: النهضة – تونس
صفحاته: 738 في جزأين
و بهامشه: تنقيح الفصول في الأصول –شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي
أجازته النظارة العلمية بجامع الزيتونة في ربيع الأنور 1346 - 1937
كما أقره خادم الحديث الشيخ محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني الحسني الإدريسي الفاسي.
رحمنا و رحمهم الله جميعا
رابط المقدمات
http://www.4shared.com/file/73003615...ified=5698524e
الجزء الأول
http://www.4shared.com/file/73006099...ified=5698524e
الجزء الثاني
http://www.4shared.com/file/73162004...ified=5698524e
من فضلكم لو جددتم الروابط لأنها لم تنقل إلى صفحة التحميل
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:20 م]ـ
اختي الفاضلة انظري هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=154654
وفقكم الله
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[14 - 10 - 09, 01:51 م]ـ
بارك الله فيك اخي الكريم على هذا الجهد الطيب
لكن بعض الروابط لاتعمل
جزاك الله خيرا ...
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[14 - 11 - 09, 01:59 م]ـ
إلى السيد محمد يحظيه الشنقيطي؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أريد أن تخبرني عن كتابين:
شرح عبد القادر السجلماسي على المنهج المنتخب،
وشرح الشيخ أحمذ بن زياد الأبهمي الديماني الذي هو اختصار لشرح السجلماسي المذكور،
هل هما مطبوعان الآن؟ هل هما محققان؟
إذاكان الجواب بنعم، فعن أي دار نشر وفي أي سنة؟
وما اسم المحقق
وجزاك الله خيرا.
ـ[محمد يحظيه الشنقيطي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 10:33 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , الحقيقة أخي الكريم أن الكتابين تم فعلا تفريغهما على الوورد إضافة إلى كتاب ثالث هو شرح السجلماسي المذكور على تكميل ميارة على المنهج إلا أن تحقيق هذه الكتب لم يكتمل بعد وأعتذر عن تأخر الرد بارك الله فينا وفيكم.
ـ[سمير الملحم]ــــــــ[13 - 09 - 10, 05:27 ص]ـ
حاشية البناني في المذهب الشافعي
ـ[سمير الملحم]ــــــــ[13 - 09 - 10, 06:39 ص]ـ
هل حاشية البناني على شرح عالم شافعي وكيف يكون في القواعد في المذهب المالكي؟
ـ[محمد عبد السلام السلفي]ــــــــ[07 - 10 - 10, 02:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , الحقيقة أخي الكريم أن الكتابين تم فعلا تفريغهما على الوورد إضافة إلى كتاب ثالث هو شرح السجلماسي المذكور على تكميل ميارة على المنهج إلا أن تحقيق هذه الكتب لم يكتمل بعد وأعتذر عن تأخر الرد بارك الله فينا وفيكم.
السلام عليكم أخي الكريم
هلا أمددتني بشرح السلجماسي على المنتخب ولك الشكر وجزاك الله خيرًا. وأرجو أن تكون بضيغة الوورد.(105/122)
هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟
ـ[وهج البراهين]ــــــــ[13 - 06 - 03, 04:23 ص]ـ
شاركونا في هذا البحث
ـ[مسدد2]ــــــــ[13 - 06 - 03, 04:43 ص]ـ
هم محاسبون عليها، لكنهم الآن ليسوا مخاطبون بها، بدليل انهم لو استجابوا للخطاب الآمر بها، لم تصح منهم حتى يأتوا بالشهادة اولاً.
فلا يصح ان يقال انهم مخاطبون بها.
وحتى لا نختلف بسبب المسميات:
عندما نقول هم مخاطبون بها، يعني ان الشرع يأمرهم بها ويطالبهم بالامتثال.
وهذا لا يعني انهم ليسوا مطالبون ولا محاسبون، لكن الخطاب فيه ما هو أولي و أصلي ومنه ما هو ثانوي وفرعي.
فيصح ان يقال انهم مخاطبون بها بعد الاستجابة للاصل، فماذا تكون النتيجة؟
تكون انهم غير مخاطبون بها الى ان يأتوا بالاصل أولاً.
والله اعلم
ـ[المستفيد7]ــــــــ[13 - 06 - 03, 09:52 م]ـ
.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[13 - 06 - 03, 11:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى في كلمته الافتتاحية للِّقاء الخامس والخمسين من لقاءات الباب المفتوح (3/ 155) ط البصيرة
فأما المسلم فضده الكافر لا يجب عليه الحج، وليس معنى قولنا ((لا يجب الحج على الكافر)) أنه لا يعاقب على تركه، وإنما معناه: أنا لا نأمره به لأننا نأمره أولا أن يسلم، ثم بعد ذلك نأمره ببقية شرائع الإسلام، أما في الآخرة فإنه يعذب عليه ويعاقب عليه، ولهذا يتساءل أصحاب اليمين {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ {42} قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ {43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ {44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ {45} وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ {46} فذكروا الصَّلاة، مع أن الصَّلاة لم تلزمهم إلا إذا أسلموا ... . أ. هـ
ـ[السكري]ــــــــ[14 - 06 - 03, 01:12 ص]ـ
يقال في مثل هذه المسألة: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وبما لا تصح إلا به وهو التوحيد والإخلاص، مع أنها لا تصح منهم لو أدوها قبل حصول شرطها ولاتقبل منهم.
فإذا قيل: إذا كانت لا تقبل منهم فما الفائدة من تكليفهم بها؟ قيل: الفائدة هي زيادة العذاب عليهم في الآخرة كما قال تعالى: (ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك نطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين. وكنا نكذب بيوم الدين .. ) فهذه من موجبات دخولهم النار مع أن منها ما هو من الفروع الشرعية. وهذا هو اختيار جماعة من المتقدمين والمعاصرين، ومن المعاصرين الشخ ابن عثيمين رحمه الله وجماعة كالشيخ خال السبت حفظه الله وغيرهم كثير. والعلم عندالله تعالى.
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[14 - 06 - 03, 01:22 ص]ـ
جاء في كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد مانصه:
قال المصنف رحمه الله تعالى: (وفيه أن الإنسان قد يكون عالماً وهو لا يعرف معنى لا إله إلا الله أو يعرفه ولا يعمل به).
قلت: فما أكثر هؤلاء - لا كثرهم الله تعالى.
قوله: (فإن هم أطاعوك لذلك) أي شهدوا وانقادوا لذلك (فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات) فيه: أن الصلاة أعظم واجب بعد الشهادتين. قال النووى ما معناه: أنه يدل على أن المطالبة بالفرائض فى الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام. ولا يلزم من ذلك أن لا يكونا مخاطبين بها، ويزاد فى عذابهم بسببها فى الآخرة. والصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور به والمنهى عنه. وهذا قول الأكثرين ا هـ.
==============
================================================== =========================
وجاء في كتاب
شَرْحُ الوَرقَات
في أصول الفقه
للعلامة جلال الدين المحلي
الذي حققه وعلق عليه
الدكتور حسام الدين بن موسى عفانه
مانصه:
--------------------
[هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟]
والكفار مخاطبون بفروع الشرائع (1) وبما لا تصح (2) إلا به وهو الإسلام (3) لقوله تعالى [حكاية عن الكفار] (4)
) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ((5) وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها إذ (6) لا تصح منهم (7) …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) في " المطبوعة " الشريعة.
(2) ورد في " و " الشرائع.
(3) وهذا مذهب جمهور الأصوليين، ونقل عن الإمامين الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو قول جماعة من الحنفية منهم الكرخي والجصاص وهو مذهب المعتزلة أيضاً وفي المسألة أقوال أخرى منها:
- أنهم غير مكلفين وهو قول أكثر الحنفية.
- أنهم مكلفون بالمنهيات دون المأمورات، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو قول بعض الحنفية - أنهم مكلفون بالمأمورات دون المنهيات.
انظر تفصيل المسألة في البرهان 1/ 107، التلخيص 1/ 386، المستصفى 1/ 91، المعتمد 1/ 294، الإحكام 1/ 144، التبصرة ص 80، شرح العضد 2/ 12، كشف الأسرار 4/ 243، فواتح الرحموت 1/ 128، أصول السرخسي 1/ 73، التوضيح 1/ 213، تيسير التحرير 2/ 148، المحصول 1/ 2/400، التمهيد للإسنوي ص 127، شرح تنقيح الفصول ص 166، شرح الكوكب المنير 1/ 504، بيان معاني البديع 1/ 2/754، مرآة الأصول ص 74، الضياء اللامع 1/ 368، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/376، المسودة ص 46.
=========================
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/123)
ـ[الحمادي]ــــــــ[14 - 06 - 03, 10:22 ص]ـ
من أجود البحوث التي تعرضت لهذه المسألة:
كتاب (التفريق بين الفروع والأصول 2/ 13 - 61)
د. سعد الشثري.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[02 - 12 - 06, 06:39 م]ـ
هذا الراى رجحه عبدالكريم النملة كما فى المهذب واستدل له بادلة فانظره وانظر كذلك اتحاف ذوى البصائر له ايضا
ـ[أبوالزبير الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 06, 10:35 م]ـ
قال الجوينى رحمه الله فى متن الورقات:والكفار مخاطبون بفروع الشرائع ,وبما لاتصح الابه وهو الاسلام لقوله تعالى (ماسلككم فى سقر قالوا لم نك من المصلين) وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها ,اذ لاتصح منهم فى حال الكفر لتوقفهاعلى النية المتوقفة على الاسلام ولايؤاخذون بها بعد الاسلام ترغيبا فيه)
نقلا من كتاب الورقات للجوينى رحمه الله
اخوكم ابوالزبير الاثرى
ـ[أبوالزبير الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 06, 10:43 م]ـ
نعم وقد ورد ان الكفار مخاطبون بفروع الشريعة فى متن الورقات للجوينى رحمه الله صفحة 25
ـ[أبو دجانة السوسي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ سعد الشثري حفظه الله ذكر انه لا تعارض بين القولين وذلك ان القائلين بمخاطبة الكفار بفروع الشريعة نظروا الى الحكم الاخروي وانهم يعذبون بتركها في الدنيا والفريق الاخر نظر الى الحكم الدنيوي وانها لا تصح منهم مع كفرهم فكيف يخاطبون بها فيكون كل طرف نظر الى المسالة من جهة. والله اعلم
هذا خلاصة ما ذكر في شرح القواعد الفقهية للعلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
ـ[فتحى الازهرى]ــــــــ[12 - 12 - 06, 09:25 م]ـ
مذهب الجمهور غير الحنفية: أنهم مكلفون بها مطلقا
ووجة هذا:
1 - ان الأيات الأمرة بالعبادة كقولة تعالى (يا ايها الناس اعبدوا ربكم) الاية
تتناولهم و كفرهم غير مانع من الأتيان بها لمكنهم من ازالتة بالايمان فيكونون مكلفين بها
2 - ان الايات الموعدة لهم على ترك الفروع كثيرة كقولة تعالى (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة) الاية
و لو كانوا غير مكلفين بها لما وعدهم الله بالعقاب على تركها.
و ما فعلة الكفار من هذة الطاعات يقلل من درجة عقابهم فى النار لقولة تعالى (من عمل سيئة فلا يجزى الا مثلها و من عمل صالحا من ذكر أو انثى و هو مؤمن فأو لئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) الاية
و استئذن صاحب المناقشة و لى سؤال بخصوص هذة الاطروحة هل وقف أحد على تطبيق هذا الحكم فى التاريخ الأسلامى؟
ـ[أبوحازم الحربي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 11:14 م]ـ
أولاً: أهل العلم يتفقون جميعاً على أن الكفار مُخاطبون بأُصول الشريعة كأن يشهد الشهادتين ويؤمن بالله جل وعلا ويعتقد الإعتقاد الصحيح.
وأما الفروع وهي الأمور العملية في الدين ـ كالصلاة والزكاة والصوم ونحو ذلك ـ فقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
فمنهم من قال: إنهم غَيْرُ مُخاطبين بفروع الشريعة، لأن أصل الإسلام غَيْرُ مُتحققٍ فيهم.
القول الثاني قالوا: إنهم مُخاطبون بفروع الشريعة واستدلوا على ذلك بأدلة.
والمسألة هذه مسألةٌ خلافية مشهورة عند الأصوليين، بعضهم يرى ألا ثمرة لها، وبعضهم يرى أن ثمرتها إنما هي في الآخرة وليست في الدنيا ـ يعني إذا قلنا إنهم مُخاطبون بفروع الشريعة فالثمرة الحاصلة من هذه المسألة أنهم يوم القيامة يزدادون عذاباً إلى عذابهم، فيُعذب لتركه للصلاة إضافة على تعذيبه بتركه للإسلام وهكذا ـ، ومنهم من يقول: بل هناك ثمرةٌ في الدنيا وثمرةٌ في الآخرة ـ التي في الآخرة هي التي ذكرنا، وأما التي في الدنيا فهي إذا قلنا أنهم مُخاطبون بفروع الشريعة فإنك أيها المسلم إذا رأيت الكافر وقد حان وقت الصلاة فإنك تقول له صل وإن لم تعرض عليه الإسلام ـ.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[13 - 12 - 06, 04:52 م]ـ
وممن قال من المعاصرين أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة شيخنا أ. د.ناصر بن سليمان العمر ..
ومن الدلائل على ذلك غير الذي سبق ذكره قول عمر -رضي الله عنه- للنبي صلى الله عليه وسلم (إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما-أو قال:ليلة-، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أوف بنذرك ...
والله أعلم ...
::::::::::::::::::::::::::::
تحياتي/أبو عبدالعزيز
::::::::::::::::::::::::::::
ـ[أبو الفضل السلفي]ــــــــ[13 - 01 - 07, 06:11 م]ـ
هناك رسالة خاصة في المو
ـ[أبو الفضل السلفي]ــــــــ[13 - 01 - 07, 06:17 م]ـ
هناك رسالة خاصة في الموضوع للدكتور النملة عنوانها: الإلمام في مسألة تكليف الكفار بفروع الإسلام
و ذكر جميع الأقوال في المسألة و أدلة كل واحد منهم مع الترجيح
لكني للأسف لا أملك الكتاب و هو عبارة عن رسالة صغيرة ياحبذا من يلخص لنا القول الراجح
و النملة معروف أنه رجل بحاثة
ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[13 - 01 - 07, 11:57 م]ـ
بارك الله في جميع الإخوة .. و ليعلم أنه:
لا ذنبَ أعظم من الكفر!
فإن كانوا محاسبين على شيء .. (وهم كذلك بالتأكيد) فلا شيء يحاسبون عليه أعظم من كفرهم بالله تعالى.
و عليه فمن قال: الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ طالبهم بأصلها الأصيل ابتداءً و قبل كل شيء وهو (الإيمان).
و لعل هذا أقرب ما يقال في المسألة أنهم: مطالبون بفروع الشريعة مع أصلها.
و الله تعالى أعلم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/124)
ـ[رشيد عواد]ــــــــ[04 - 05 - 07, 10:50 ص]ـ
هل الصلاة من فروع الشريعة حتى يستدل كثيرون بقوله تعالى (ما سلككم في سقر)؟!
إن مسألة تقسيم الشريعة إلى أصول وفروع والمقصود بالأصول والفروع وإنكار شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا التقسيم واستعماله له أحيانا ينبغي أن يقدم على مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشريعة وللشيخ عبد الرزاق معاش بحث طيب في مسألة التقسيم في كتابه (الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه) وجزاكم الله خيرا.
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[14 - 05 - 07, 03:35 م]ـ
!!!!!!!
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[14 - 05 - 07, 04:58 م]ـ
السلام عليكم
اصل هذا المسألة ليست من اصول الفقه بل من الزوائد على الاصول الدخيلة .............
وما هي ثمرة هذا البحث ان كانوا مخاطبون او غير مخاطبين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الراحج انهم مخاطبون بادله عده راجع المسوده لال تيمة والإلمام في مسألة تكليف الكفار بفروع الإسلام،دراسة نظرية تطبيقية و الاتحاف والمهذب للنملة وكتب.
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[14 - 05 - 07, 05:01 م]ـ
السلام عليكم
اصل هذا المسألة ليست من اصول الفقه بل من الزوائد على الاصول الدخيلة .............
وما هي ثمرة هذا البحث ان كانوا مخاطبون او غير مخاطبين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الراحج انهم مخاطبون بادله عده راجع المسوده لال تيمة والإلمام في مسألة تكليف الكفار بفروع الإسلام،دراسة نظرية تطبيقية و الاتحاف والمهذب للنملة وكتب.
ـ[كريم أحمد]ــــــــ[15 - 05 - 07, 07:08 ص]ـ
من أقوى الأدلة على أنهم مخاطبون بفروع الشريعة قوله تعالى: (و طعامكم حل لهم) المائدة 5
و أشار إلى ذلك القرطبي بقوله: قوله تعالى (و طعامكم حل لهم) دليل على أنهم مخاطبون بتفاصيل شرعنا، أي إذا اشتروا منا اللحم يحل لهم اللحم و يحل لنا الثمن المأخوذ منهم _ إه
ثم إن المسألة من الأصول و ليست من الزوائد لأنها تترتب عليها أمور كثيرة لا تختص بالكافر نفسه بل تتعدى إلى غيره، كمن مكنه و أعانه على معصية، إن كان الكافر مخاطَب،هل يأثم من أعانه أم لا؟ كذاك الحال إن لم يكن مخَاطب؟ و غيرها كثير ...
و الآثار المترتبة على الإعتقاد بأنهم مخاطبون غير تلك المترتبة على أنهم غير مخاطبين كالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بغض الفعل و الغيرة على محارم الله ... الخ
و الله أعلم.
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[15 - 05 - 07, 02:40 م]ـ
إن المسألة من الأصول و ليست من الزوائد لأنها تترتب عليها أمور كثيرة لا تختص بالكافر نفسه بل تتعدى إلى غيره.
اخي الحبيب ماهي الثمرة من معرفة انهم مخاطبون او غير مخاطبين.؟؟
وانها هذا المسأله هي من الامور التي ليست من الاصول.
راجع كلاام الشيخ عبد الله الفوزان بشرحه على رسالة السعدي
راجع المجلد الاول من الموافقات بيان ماهية الاصول الحقيقية خالص دون الزوائد
قال الشيخ - حفظه الله -:
الملاحظ في كتب الأصول التي تشكل جناحًا مستقلا في المكتبة أقول: إن هذه الكتب يلاحظ فيها على اختلاف مناهجها، وتباين وجهات نظر مؤلفيها يلاحظ فيها ثلاثة أمور:
الأمر الأول: صعوبة العبارة في غالبها، مما يجعل معظم الطلاب يشكون من صعوبة أصول الفقه، وانغلاق عبارته.
الأمرالثاني: أن معظم هذه المؤلفات أدخل فيها ما ليس منها، أدخل في أصول الفقه مباحث ليست من أصول الفقه، كبحثهم في مبدأ اللغات، وفي عصمة الأنبياء، وفي تكليف الكفار، وهل هم مطالبون بفروع الشريعة؟ أو بمعنى أدق: هل هم مطالبون بالأوامر والنواهي؟ وتكليف المعدوم، إلى غير ذلك من المباحث، وهذه المباحث ليست من أصول الفقه.
ولهذا قرر الشاطبي -رحمه الله تعالى- في كتابه الموافقات أن الأصول ما أضيف إلى الفقه إلا لأجل أن يكون خادمًا للفقه، ومعينًا على الفقه، وعليه -وهذا من معنى كلامه- فكل مسألة في أصول الفقه لا تخدم الفقه فليست من الأصول؛ ولعل السبب في هذا الأمر -أعني الثاني وما قبله- هو أن معظم من كتبوا في أصول الفقه هم من علماء الكلام وفرسان المنطق، فدخلت عباراتهم وعلومهم في أصول الفقه، كما نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والأمر الثالث: الذي يلاحظ في كتب الأصول هو: عنايتها بالجانب النظري دون الجانب التطبيقي التمثيلي؛ لأن معظم قواعد أصول الفقه قررت بطريقة لم يكن فيها عرض أمثلة كافية من الكتاب والسنة؛ ولهذا فإن هذه الأمور الثلاثة تدعو الحاجة -في زماننا هذا- إلى تلافيها، وتذليل الصعوبات أمام دارسي الأصول؛ ولهذا نجد أن العلماء -رحمهم الله- ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، تبعه على هذا تلميذه ابن القيم، ومن قبلهم أيضًا ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله، ثم ما سلكه المتأخرون المعاصرون من التأليف في أصول الفقه، وعرضه بأسلوب جديد فيه محافظة على قواعد المتقدمين، وما أصلوه، ولكن من جانب آخر اتجهت العناية إلى أمرين:
الأمر الأول: إبعاد المباحث التي ليس لا علاقة بالأصول من الأصول.
والمبحث الثاني: العناية بضرب المثال، وتوضيح القاعدة.
المرجع: شرح الرسالة اللطيفة في أصول الفقه لابن سعدي.
للشيخ/ عبدالله الفوزان
منقول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/125)
ـ[كريم أحمد]ــــــــ[18 - 05 - 07, 07:02 ص]ـ
اخي الحبيب ماهي الثمرة من معرفة انهم مخاطبون او غير مخاطبين.؟؟
وانها هذا المسأله هي من الامور التي ليست من الاصول.
حياك الله أخي
راجع أحكام أهل الذمة من كتب الفقه لترى الثمرة، و الكم الكبير من الأحكام الذي ينبني على هذه المسألة الأصولية ...
سأنقل لك (باختصار شديد) بعضا من كلام أهل العلم فيما يخص المسألة ليتبين لك أن ذكرها في كتب الأصول لم يكن عبثا و لا من صنع المتكلمين ....
قال النووي في المجموع:
(فرع) قال المتولي في كتاب البيع التصرف في الخمر حرام علي اهل الذمة عندنا وقال أبو حنيفة لا يحرم قال والمسألة مبنية علي خطاب الكفار بالفروع ومذهبنا انهم مخاطبون وسأوضح المسألة في أول كتاب الصلاة ان شاء الله تعالى وبه التوفيق.
قال البجيرمي في حاشيته على المنهاج:
(قَوْلُهُ: أَوْ إبْقَائِهِمَا (أي الكنيسة)) وَإِذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ فَلَهُمْ التَّرْمِيمُ وَلَوْ بِآلَةٍ جَدِيدَةِ وَلَهُمْ تَطْيِينُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً حَتَّى فِي حَقِّهِمْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ الْإِذْنُ لَهُمْ فِيهِ، وَلَا لِمُسْلِمٍ إعَانَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا إيجَارُ نَفْسِهِ لِلْعَمَلِ فِيهِ.
عن صاحب مغني المحتاج:
وَفِي تَحْرِيمِ الْوَثَنِيَّةِ عَلَى الْكِتَابِيِّ وَجْهَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ التَّحْرِيمُ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا: إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ.
و عنه أيضا:
أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَمْلُوكَةِ وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَحْرَمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا: إنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ التَّمْكِينُ مِنْهُ.
في حواشي الشرواني:
قوله: (لصحة إسلامه) وما تقرر من صحة إسلام السكران المتعدي إذا وقع سكره في ردته هل يجري مثله في الكافر الاصلي إذا سكر ثم أسلم أو باع أو طلق فنحكم بنفوذ ذلك منه لتعديه بالسكر لانه مكلف بعدم الشرب بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ...
قال المرداوي في الإنصاف:
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ فِي حَالِ كُفْرِهِ: لَمْ يَلْزَمْهُ لَهُ غُسْلٌ إذَا أَسْلَمَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ بَلْ يَكْتَفِي بِغُسْلِ الْإِسْلَامِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَسْبَابُهُ الْمُوجِبَةُ لَهُ فِي الْكُفْرِ كَثِيرَةٌ.
وَبَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى مُخَاطَبَتِهِمْ.فَإِنْ قُلْنَا: هُمْ مُخَاطَبُونَ، لَزِمَهُ الْغُسْلُ.و إلاَّ فَلاَ.
و في موضع آخر:
وَبَنَى ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ مِلْكَهُمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُمْ: هَلْ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: هُمْ مُخَاطَبُونَ: لَمْ يَمْلِكُوهَا، وَإِلَّا مَلَكُوهَا.
وعنه:
وَعَنْهُ: يُحَدُّ إنْ سَكِرَ، اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَكَلَامُ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ يُشْعِرُ بِبِنَاءِ هَذَا الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ: هَلْ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ، أَمْ لَا؟ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ تُبْنَى الرِّوَايَتَانِ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ بِالْفُرُوعِ.لَكِنَّ الْمَذْهَبَ ثَمَّ قَطْعًا: تَكْلِيفُهُمْ بِهَا.
و عنه أيضا:
وَجَزَمَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ لِلْجِهَادِ.
وَقَالَ: وَبَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ: هَلْ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟.
و الله تعالى أعلم.
ـ[محمد الروداني]ــــــــ[18 - 05 - 07, 09:30 ص]ـ
قال المقري: «قاعدة: الإجماع على خطاب الكفار بالإيمان، وظاهر مذهب مالك أنهم مخاطبون بالفروع كالشافعي.» وقال ابن العربي: «لاخلاف في مذهب مالك أنهم مخاطبون، وقد بين الله تعالى في قوله: وأخذهم الربا وقد نهوا عنه) فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد في القرآن، وإنهم دخلوا في الخطاب فبها ونعمت، وإن كان خبرا عما أنزل على موسى في التوراة، وأنهم بدلوا وحرفوا وعصوا، فهل تجوز لنا معاملتهم؛ وقد أفسدوا أموالهم في دينهم أم لا؟
فظنت طائفة أن معاملتهم لاتجوز، فذلك لما في أموالهم من الفساد. (وهو رواية عن الإمام أحمد، وقيل إنهم مخاطبون بالنواهي دون الأوامر، وقيل: بما دون الجهاد)
والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم: لقيام الدليل القاطع على ذلك من الكتاب والسنة: قال تعالى: (وطعام الذين أوتو الكتاب حل لكم) وهذا نص. وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير لعياله. وقد سافر صلى الله عليه وسلم تاجرا إلى أرضهم قبل النبوة، وأرسل عثمان وغيره إليهم (أي: في الحديبية)»
قال المقري: «فائدته تضعيف العقاب عليهم: (ما سلككم في سقر .. ) لأنهم لاتصح منهم الطاعة.»
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/126)
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[18 - 05 - 07, 12:50 م]ـ
جزاك الله الخيرا ..
انا لستُ انكر الثمرة من الخطاب او عدمه ..
ولكن احببتُ ان يظهر احد لي وللاخوة الكرام بشكل تفصيلي من الثمرة ولله الحمد ذكرتموه بشكل مفصل وكتب الاصول بها ولكن ليس على التفصيل المذكور
واما زتني بفضل الله الا علما.
ـ[القرافي]ــــــــ[10 - 04 - 09, 09:34 ص]ـ
يعطيك العافية
ـ[إبن محيبس]ــــــــ[11 - 04 - 09, 07:27 ص]ـ
إذا كانوا مخاطبين بالفروع فلماذا لا تلزمهم الزكاة إذا أسلموا عن السنوات حال كفرهم؟(105/127)
سوال أفضل منظومة في أصول الفقه
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[21 - 06 - 03, 03:49 م]ـ
ماهي أفضل منظومة في أصول الفقه هل المراقي او مرتقى الوصول او الكوكب الساطع او منظومة الشيخ حافظكمي .............. علما باني فد حفظت الورقات وهل المنظومات موجودة على الشبكة وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[21 - 06 - 03, 10:50 م]ـ
من المنظومات الجميلة:
نظم ورقات الجويني للعمريطي
أما عن أفضل منظومة، فهذا أتركه للمشايخ الفضلاء ..
ـ[فائز الأسمري]ــــــــ[22 - 06 - 03, 12:11 ص]ـ
أخي الفاضل المشهور عند أهل الفن منظومة مراقي السعود وذلك لأسباب منها:
1 - أن المصنف صاحب فن وهو <الأصول>
2 - كثرة الشروح التي تبين النظم وتوضحه
3 - اشتهاره بين اصحاب الفن
4 - يقع في 1001بيت
وأفضل طبعاته طبعة دار المناربمراجعة دمحمد ولد سيدي ولدحبيب الشنقيطي
ولكن في النظم صعوبة من حيث المفردات خاصة من أراد الحفظ 0وهناك منظومة الكوكب الساطع للسيوطي وتمتاز بأمور:
1 - سهولة النظم قال الناظم: خلت من التعقيد والتقعيري*والحشو والتطويل والتكرير
2 - أنه نظم لكتاب جمع الجوامع للسبكي وهو من أشهر كتب الفن فقد جمعه مؤلفه من زهاء مائة مصنف كماذكرذلك في مقدمته
3 - تقع في1450بيتا
4 - من قبل كنا نشتكي من قلة الشروح وأما الآن فقد خرجت شروحات كثيرة0
ـ[خالد النجدي]ــــــــ[22 - 06 - 03, 12:36 ص]ـ
النصيحه لكل طالب علم خاصه في الأصول أن يحفظ منظومة السيوطي لأنها كما ذكر أخى الكريم أنها نظم لجمع الجوامع وهو العمدة لدى المتأخرين.
أما مراقى السعود فهي منظومه جميله لكن بها عيبان
1 - تقيده بالمذهب المالكى و لأجل ذلك أهل شنقيط يهتمون بها و المغرب العربي عموما.
2 - وجود بعض الأبيات التى تتكلم في علم الكلام.
أخوكم
خالد
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[23 - 06 - 03, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خير لكن السوال ماهي شروح الكوكب الساطع وبعدين وش رأي المشايخ في مرتقى الوصول و منظومة الحكمي رزقني الله واياكم الاخلاص في طلب العلم
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[23 - 06 - 03, 06:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كان الشيخ العلامة محمد الامين الشنقيطي رحمه الله كثير الاعجاب بمراقي السعود وكان يراها من افضل ما كتب في علم الاصول
و منظومة المراقي كذلك بناها صاحبها على جمع الجوامع وان كان زودها ببعض اصول وفروع المالكية. ومهما قرات من كتاب مطول في الاصول فانك لابد ان تحظى بذكر اقوال المخالفين من المذاهب الفقهية بل المدارس العقدية،فلذلك فلا يروعنك كتاب الف على مذهب المالكية او الحنابلة .... (كما نبه عليه العلامة محمد علي ادم الاثيوبي)
وتجنب ما افاض فيه اهل الفنون الاخرى كمباحث المنطق وبعض المباحث اللغوية كما قال** مجتنبا عن مقصدي ما ذكرا،،،لدى الفنون غيره محررا**
وكتاب مرتقى الوصول هو نظم لكتاب تقريب الوصول الى علم الاصول لابن جزي الكلبي الغرناطي الفقيه المفسرالمقريء الاصولي المحدث المجاهد نحسبه من الشهداءرحمه الله
فصار لك -1 - شرح الولاتي الشنقيطي نيل السول
-2 - شرح مسموع ـ اشرطة ـ للشيخ مصطفى قاري المدرس بالجامعة الاسلامية بالمدينة
-3 - كتاب تقريب الوصول مع تعليقات الشيخ محمد المختار بن محمد الامين الشنقيطي
-الذي اختاره مشايخنا بمحضرة ام القرى بولاية الترارزة بموريتانيا اقصد ال عدود وابن اختهم العلامة محمد الحسن ولد الددو ـ فك الله اسره ـ انهم يتدارسون الكوكب الساطع للسيوطي رحم الله الجميع
-ذكرت اخي الفاضل منظومة الحكمي فان كنت تقصد سلم الوصول التي شرحهافي معارج القبول فهي منظومة في اصول الديانة اي العقائد لا اصول الفقه وان كنت تقصد منظومة اخرى ـ وهو الذي اظنه ـ فلا اعرف ما هي فارجو ان تصفوها لنا جزاكم الله كل خير
ـ[ابو عبدالله 1]ــــــــ[24 - 06 - 03, 02:26 ص]ـ
للشيخ سليمان العلوان حفظه الله منتقى من مراقي السعود وهو نافع
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[25 - 06 - 03, 03:06 م]ـ
يا أخي أبا الوليد الجزائري: فإن الشيخ حافظ حكمي له منظومة في علم أصول الفقه اسمها (وسيلة الحصول إلى مهمات علم الأصول) وتقع في (640بيت) وقد شرحها زيد المدخلي في مجلدين صغيرين طبهة دار الفرقان
ثم بالنسبة لمرتقى الوصول هل يفضل على المراقي
* والشرح المسموع للشيخ مصطفى مخدوم قاري أين يوجد
*وماهي شروح الكوكب الساطع؟؟؟؟؟؟؟
وحفظك الله أينما كنت
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[25 - 06 - 03, 03:15 م]ـ
لكن لي رأي الخاص وهو أن مرتقي الوصول قد تفضل على غيرها من المنظومات لعدة أمور منها:
1) أنها جامة لجمع أبواب هذا العلم
2) سهولة وعذوبة ألفاظها وهذا يساعد على حفظها ويجعلها أرسخ في الذهن
3) قد ظمنها مبحثا لا بأس به من الموافقات للشاطبي ومن المعلوم أهمية كتاب الموافقات للشاطبي الذي فصل في مبحث مقاصد الشريعه وتوسع فيه
4) أنها أقل أبيات من المراقي والكوكب مع كونها جامعه
5) وجود الشروح المتوفرة لها
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/128)
ـ[الوليد]ــــــــ[24 - 01 - 05, 04:44 م]ـ
أود لو أقرأ رأي المشايخ الكرام في هذا الكلام، والسلام ...
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[23 - 07 - 05, 05:51 م]ـ
الأخوة الافاضل جزاكم الله خيرا
لو تتكرمون بالإفادة حول هذه الاستشارة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34773
ثم
مرتقي الوصول
أين أجد هذا النظم؟
ـ[ابو محمد 99]ــــــــ[24 - 07 - 05, 06:50 م]ـ
للشيخ محمد علي ادم الاثيوبي نظم لمسائل اصول الفقه على منهج اهل السنة والجماعة في غاية الروعة لو وجد من يشرحه لانه حوى المسائل التي يحتاجها المتعلم لمثل هذا العلم الذي هو من علوم الالة.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[25 - 07 - 05, 07:30 ص]ـ
أين هو نظم الأثيوبي أخي الفاضل؟ وفي كم بيت هو؟
ـ[سامي الباتلي]ــــــــ[25 - 07 - 05, 03:07 م]ـ
نظم الشيخ الأثيوبي مطبوع و لله الحمد ...
و قد أهداني الشيخ نسخة منه بطلب من الشيخ محمد جميل زينو - شكر الله لهم - ..
و عدد أبيات النظم أكثر من 3000 بيت!!!
## ##
إذا ذهبت إلى مكة فلا تحرم نفسك من الذهاب إلى دار الحديث الخيرية فستجد مايسرك
بإذن الله ...
ـ[بن سالم]ــــــــ[31 - 07 - 05, 02:32 ص]ـ
أَخِ الغَالِي - بارَكَ اللهُ فيكَ -:
1 - نَظمُ الشَّيخِ (الإِثيُوبِيِّ) العَلاَّمةِ مُحمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ آدَم - حَفِظَهُ اللهُ -: اُسمُ النَّظمِ (التُّحفَةُ الْمَرضِيَّةُ فِنَظمِ الْمَسائِلِ الأُصُولِيَّةِ عَلَى طَريقَةِ أَهلِ السُّنَّةِ السَّنِيَّةِ) (ط: مكتَبَةُ الرُّشدِ - 1426هـ / 2005م) في (260 صَفحَةٍ) فِي (3074 بَيتٍ).
ولِلشَّيخِ الفاضِل شَرحٌ عليهَا؛ اُسمُهُ (الْمِنْحَةُ الرَّضِيَّةُ فِي شَرحِ التُّحفَةِ الْمَرضِيَّةِ) (ط: مكتَبَةُ الرُّشدِ - 1426هـ / 2005م) في ثَلاثَةِ مُجلَّداتٍ ضِخامٍ [1 (806 صَفحة) 2 (759 صَفحة) 3 (692 صَفحَة)].
2 - (الكَوكَبُ السَّاطِعُ نَظمُ جَمعِ الجَوامِعِ) للحافظِ جَلالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ - رحمه الله تعالَى -. فِي (1481 بَيتٍ).
ولا أَعلَم لهُ إِلاَّ شَرحان:
(1) شَرحُ النَّاظِم نَفسه - ولَم أَرَهُ -
(2) (الجَليسُ الصَّالحُ النَّافِعُ بِتَوضيحِ مَعانِي الكَوكَبِ السَّاطِعِ) للشَّيخ العَلاَّمةِ مُحمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ آدَم الإِثيوبيّ - حَفِظَهُ اللهُ -. (ط: مكتبة ابن تيميَّة - 1419 هـ / 1998 م) في (651 صَفحة).
3 - (مُرْتَقَى الوُصولِ إِلَى عِلمِ الأُصولِ) نَظمُ العَلاَّمَةِ: مُحَمَّدُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عاصِمٍ الأَندَلسيّ (ط: دارُ البُخاري - 1415 هـ / 1994 م) فِي: (848 بَيتٍ) تَحيقُ الشَّيخِ محمد بن عُمَر الجَزائِريّ - جزاه الله خيراً - وَقد أَتقَن ضَبطِ نَصِّها وأَبدَعَ في تحقيقها. ولَم أَرَ أَجمَع وَلا أَسهَل مِن هذه المَنظومَةِ.
وَلا أَعلَمُ لَها إلاَّ شَرحاًواحِداً: (نَيلُ السَّولِ عَلَى مُرتَقَى الوُصولِ) للعَلاَّمَةِ مُحمّد بنِ يَحيَى الوَلاتِي - رحمهُ الله -، (ط: دار عالم الكتب / 1412هـ - 1992م)، اعتنَى بهِ حَفيده بابا محمد عبد الله مُحمّد بنِ يَحيَى الوَلاتِي المُدرِّس بِكُلِّيَّةِ التَّربيةِ بِجامِعَةِ المَلِكِ سُعود. وَهذه الطَّبعَة كَثيرة التَّصحيفات.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[31 - 07 - 05, 08:38 ص]ـ
جزاكما الله خيرا على اهتمامكما وبارك الله فيكما وفي علمكما وجهدكما ووقتيكما ...
3 - (مُرْتَقَى الوُصولِ إِلَى عِلمِ الأُصولِ) نَظمُ العَلاَّمَةِ: مُحَمَّدُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عاصِمٍ الأَندَلسيّ (ط: دارُ البُخاري - 1415 هـ / 1994 م) فِي: (848 بَيتٍ) تَحيقُ الشَّيخِ محمد بن عُمَر الجَزائِريّ - جزاه الله خيراً -
.........
(نَيلُ السَّولِ عَلَى مُرتَقَى الوُصولِ) للعَلاَّمَةِ مُحمّد بنِ يَحيَى الوَلاتِي - رحمهُ الله -، (ط: دار عالم الكتب / 1412هـ - 1992م)، اعتنَى بهِ حَفيده بابا محمد عبد الله مُحمّد بنِ يَحيَى الوَلاتِي المُدرِّس بِكُلِّيَّةِ التَّربيةِ بِجامِعَةِ المَلِكِ سُعود. وَهذه الطَّبعَة كَثيرة التَّصحيفات.
أخي الحبيب الغالي:
لو تتفضل علينا بعنوان دار البخاري، وأماكن توافر الكتاب في غيرها؟
ثم هل عالم الكتب التي تعنيها هي التى تطبع كتب الشيخ التركي الأن (المغني والبداية وتفسير الطبري ... )؟
وجزاك الله خيرا
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[31 - 07 - 05, 08:46 ص]ـ
(2) (الجَليسُ الصَّالحُ النَّافِعُ بِتَوضيحِ مَعانِي الكَوكَبِ السَّاطِعِ) للشَّيخ العَلاَّمةِ مُحمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ آدَم الإِثيوبيّ - حَفِظَهُ اللهُ -. (ط: مكتبة ابن تيميَّة - 1419 هـ / 1998 م) في (651 صَفحة).
أبشركم بأنه ستصدر قريبا جدا -بإذن الله - عن مكتبة ابن تيمية طبعة جديدة من الكتاب ....
كما ستصدر طبعة من شرح لشيخ محمد الأمين بن أحمد زيدان المعروف بالمرابط "مراقي السعود إلى مراقي السعود "، بتحقيقودراسة الشيخ محمد المختار بن محمد الأمين الشنقيطي، حيث كانت الأولى كثيرة الأخطاء ....
أخبرني بذلك صاحب المكتبة الشيخ الفاضل عبد الفتّاح الزينيّ -أكرمه الله وبارك في علمه وماله وسائر شأنه- ........
ولو أحد من الكرام من مصر، لا سيما القاهرة، لديه نسخة من الطبعة الأولى من الكتابين فليخبرني مشكورا، فإني أريد الاطلاع عليهما، فقد نفدتا!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/129)
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[31 - 07 - 05, 09:10 ص]ـ
إذا ذهبت إلى مكة فلا تحرم نفسك من الذهاب إلى دار الحديث الخيرية فستجد مايسرك
بإذن الله ...
أدعو الله لي بأن ينعم علي بحجة وعمرة في رمضان هذا العام بإذن الله، وإنا لنشرف بزيارة الدار المباركة، وبمقابلتكم، اكرمكم الله وجمعنا بكم على خير في الدنيا على أرضه وفي الآخرة في جنته ... آمين
بخصوص الشرح المسموع الشيخ آدم الاثيوبي على الكوكب الساطع، وسائر أشرطته السمعية ... هل يمكن المساعدة في الحصول عليها لنشرها عبر الشبكة؟!
رجاء مراجعة هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34484
ـ[ابن أبيه]ــــــــ[31 - 07 - 05, 10:07 ص]ـ
السلام عليكم ... وبعد: ففي وجهة نظري أنه لاينبغي تفعيل دور المنظومات في الحياة العلمية خاصة ونحن نعيش في بدايات صحوة علمية ترتكز على النظر في اصول المسائل وابعادها وخلفياتها المعمقة مع قطع النظر في القوالب التي هي في الحقيقة من قبيل الوسائل والتي كانت في واقع الأمر افرازات لظروف استثنائية مرت بها الحالة العلمية في العالم الأسلامي بل ان بعضها نشأ في عصور مظلمة ان صح التعبير كما هو الحال في ظاهرة التمتين (المتون العلمية) ,والتي أخذت اتجاها صناعيا!! أخرجها عن مقصودها الأصلي, وهو تقريب العلم؛ لذلك أفرز لنا هذا الوضع سيلا جارفا من الشروح والحواشي والتعليقات التي ضاعت في زخمها أصول العلم وغاياته. وليتأمل مثلا في أنموذج مختصر ابن الحاجب،وماأحدثه من لجاجة فيما بعده،حتى وصل الأمر الى الاشتغال بالكشف عن مرادات المؤلف،وعصف الذهن في فهم عبارة المصنف او شارحه العضد مثلا،مع تهميش أو تضعيف البحث في أصل المسألة المدروسة!!! أعود فأقول: ان قالب المنظومات ليس عن ذلك ببعيد!! مع استقلاله بمشاكله التي تقتضيها صناعة النظم .. ولست بصدد نقد المنظومات وبيان دورها في التسطيح العلمي الذي يعيشه جملة وافرة من طلبة العلم!! بل وممن تسنم من مشيختهم!!! لذا أنصح اخواني من طلبة العلم بالاشتغال بالمبسوطات ولست أعني المطولات منها .. وكذلك بالكتب التي كتبت بنسق عفوي (لافوضوي) عميق؛ تقصد لأصول المسائل بوضوح، وتتيح للطالب التفكير الحر المنفك عن تعقيدات القوالب ... انني أتقدم بهذه الأطروحة بين يدي السادة الأفاضل من طلبة العلم الغيورين على حمى العلم وطلبته=كمفردة أولية ضمن منظومة مفردات منهجية ينبغي تقنينها والعمل على ترويجها وتسويقها؛ حتى نخرج للجيل القائم والقادم بنظرية منهجية أصيلة في طرائق التحصيل العلمي ومسالكه، تقود رواد العلم الى جذوره وفحوله،وتنقذه من سلسلة المتاهات والسقطات التي تعاقبت عليها الأجيال ...
ـ[عصام البشير]ــــــــ[31 - 07 - 05, 12:26 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
.. ولست بصدد نقد المنظومات وبيان دورها في التسطيح العلمي الذي يعيشه جملة وافرة من طلبة العلم!! بل وممن تسنم من مشيختهم!!!
نحتاج أن نعرف أولا: ما المقصود بالتسطيح العلمي؟ وليتك تذكر أمثلة واضحة تبين المراد من الكلام. ولو استعملت اصطلاحات أهل العلم قديما وحديثا - بدلا من هذه الاصطلاحات الحادثة - لكان أولى وأجدر، خاصة وأنت في ملتقى علمي برتاده أهل العلم وطلبته، ولكل علم مصطلحاته.
ونحتاج بعد ذلك أن نعرف من أنتم الذين نصبتم أنفسكم حكما على (هذه الجملة الوافرة من طلبة العلم) وعلى (من تسنم من مشيختهم)؟
فإن الكلام يسهل إلقاؤه على عواهنه، من الكبير والصغير، والدنيء والوضيع.
وأما تحقيق المقال، بالحجة والاستدلال، فله أربابه، وأرجو أن أعرف إن كنتَ منهم.
لذا أنصح اخواني من طلبة العلم بالاشتغال بالمبسوطات ولست أعني المطولات منها .. وكذلك بالكتب التي كتبت بنسق عفوي (لافوضوي) عميق؛ تقصد لأصول المسائل بوضوح، وتتيح للطالب التفكير الحر المنفك عن تعقيدات القوالب ...
مرة أخرى نحتاج أن تضع لنا مقترحا علميا شاملا كاملا في العلوم الشرعية كلها، يتنكب سبيل المتون، ويبتنى على المبسوطات والكتب ذات النسق العفوي (!) اللافوضوي (!).
وذلك أن علماءنا قديما وحديثا وضعوا لنا برامج نسير عليها، وهي اجتهادات منهم بلا شك، تحتمل الخطأ والصواب.
وهدمها ببضع كلمات أمر يسير.
لكن استبدال غيرها بها هو مربط الفرس، وعند عتباته يعرف المحق من المبطل، ويتميز المجد المشمر عن البطال الخوار.
وما أيسر أن يلوك المرء لسانه بالنقد!
ضمن منظومة مفردات منهجية ينبغي تقنينها والعمل على ترويجها وتسويقها؛
لعل هذا بيت القصيد.
فلو أفصحتَ عنه ابتداء لكان أوضح.
أخبرنا - بارك الله فيك - عن هذه المفردات المنهجية التي أولُها إلغاء المتون واستبدال المبسوطات بها؟
كيف حالها؟
وإن كان هذا أولها فما آخرها؟
وإن كان الهدف من الأولى (فكر متحرر من القوالب) فما هدف هذه المنظومة الكاملة التي تبشرنا بها؟
وتنقذه من سلسلة المتاهات والسقطات التي تعاقبت عليها الأجيال ...
دعوى عريضة، والبرهان عدم.
ولست أنكر نقد المناهج العلمية المستندة إلى المتون والشروح والحواشي نقدا علميا رصينا، فذاك أمرٌ قد وقع، ولا يزال.
وقد نبه الأساطين على هذا النقد، في القديم والحديث.
بل ما زال بعض شيوخنا يقولون: (من تتبع الحواشي يبقى بلا شي).
ولكن النقد العلمي الذي يصحح الاعوجاج ويقترح البدائل ويصحح المسيرة: شيءٌ ..
ومنطق الإلغاء والهدم وتعيير أفاضلِ الأمة بالسطحية والتسنم: شيء آخر.
فالأول مطلوب مرغوب،
والثاني ممجوج مذموم.
والله المستعان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/130)
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[31 - 07 - 05, 12:50 م]ـ
لله درك يا شيخ عصام
..........
نعم فلقد جانب الصواب الأخ الفاضل (ابن ابيه)، ورفع عقيرته بشعارات عريضة ... هدانا الله وإيا وجزاه عن غيرته خيرا ....
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[02 - 08 - 05, 02:36 م]ـ
للأ خوة الباحثين عن نظم (مرتقى الوصول) لابن عاصم، أحيلكم على موقع " شذرات شنقيطية".
فإنه موجودٌ فيه.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[02 - 08 - 05, 02:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم ...
ـ[عبدالعزيزالعز]ــــــــ[14 - 08 - 05, 09:15 ص]ـ
لقد كثر كلام الاخوة الغيورين من طلبة العلم في مسالة (حفظ المتون العلمية)
فلننظر اولا للمقصود من حفظ المتون؟ اعتقد انه استحضار المسائل المتعلقة بهذا الفن
هذا ظاهر وواضح!!
وإذا اتفقنا على ان طالب العلم لابد له من التخصص في فن من الفنون =فعليه ان يحدد الفن الذي يريد ان يتخصص فيه , وفي نظري انه اذا تخصص في فن معين فلا يحتاج معه إلى حفظ منظومة معينه! لانه بطبيعة الحال سوف كون مستحضرا لمسائلها.
أما غير المتخصص فعليه ان يحفظ منظومة معينة حتى يكون مستحضرا لمسائلها
وشكرا
ـ[ابن أبيه]ــــــــ[14 - 08 - 05, 11:36 ص]ـ
أحيّي فيك أخي العزيز مداخلتك التي أستفيد منها شخصيا في أن كثيرا من الأمور المطروقة والتي تتابع أكثر الجيل على حكايتها وترويجها= تحتاج الى إعادة نظر ونقد أو ترشيد في أقل الأحوال .. لاسيما، ونحن نمر بمرحلة حساسة نحتاج فيها إلى قيام حركة تصحيح في مجالات شتى، وليكن هذه التصحيح من الداخل؛ إذ نحن أعلم بعيوبنا، وأرجو أن نكون أجرأ على تصحيحها ... وسوف يتم هذا الأمر مادام هناك من يتأمل ويفكر ويحرر ويتحرر!!! من أمثالك أيها العزيز ... ودمتَ موفقا لكل خير ... وأنبّه الأخوة أن الخلاف يسعنا،والتعددية ظاهرة صحية ونتيجة طبيعية، لكن من غير فرض الوصاية على الناس، والتشبّع بالمشيخة التي قتلت لنا كثيرا من الآراء والشخصيات، وأورثت عند البعض ما قد يكون من قبيل الأرهاب الفكري الذي هو امتداد لقول الأوّل: (ما أريكم إلا ما أرى) أو توسيع لمنهج الآخرين (إنا وجدنا آباءنا على أمة .... ) ... وأوصي نفسي واخواني بنبذ منهج التهميش والتحقير والاستعداء لكل من يطرح فكرة لاتروق للآخر، وينبغي علينا أن نتجاوز المناهج الخطابية والتقليدية المتخلّفة (والتي يحسنها كل أحد ويزينها الشيطان ويؤزّ لها أزّا!!!) فمن المؤسف أن نجدها في مثل هذا الملتقى المبارك ...
ـ[عصام البشير]ــــــــ[14 - 08 - 05, 12:50 م]ـ
أحسنتَ.
وأوصي نفسي واخواني بنبذ منهج التهميش والتحقير والاستعداء لكل من يطرح فكرة لاتروق للآخر
وذلك، من قبيل:
وبيان دورها في التسطيح العلمي الذي يعيشه جملة وافرة من طلبة العلم!! بل وممن تسنم من مشيختهم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[15 - 08 - 05, 02:35 ص]ـ
السلام عليكم
لقد سمعت الشيخ أحمد حطيبة في شرح نشر البنود على مراقي السعودفي الشريط الأول (موقع طريق الإسلام)، يقول بأنه سبق له شرح مراقي السعود و أكملها في خمسين (50) مجلسا، فأيها الأخوة الذين يسكنون مصر، سارعوا في تحصيلها، و تنزيلها في الموقع، جزاكم الله خيرا.
ـ[ابن أبيه]ــــــــ[16 - 08 - 05, 09:01 ص]ـ
يفرق أهل الفقه والنزاهة بين توجيه الخطاب والمسآءة وتسمية المخاطبين عند النقد، وبين أسلوب (مابال أقوام ... ) ثم يذكر ماهم فيه من خطل وخلل صغر أو جلل،، ففرق بين نقد العين ونقد الظاهرة .... وفرق آخر بين نقد المقولة ونقد القائل فقد تكون المقالة كفراً وقائلها ليس بكافر كما هو معلوم عند سماحتكم، وقد يجري الله الحق على لسان من لو اطلعت على حاله لم تقم له وزنا!! أو كان ذا شأنٍ خطيرٍ أحبّ أن يطرح ما قد يجبن عنه بعض أبناء الزمان!! فأحب أن ينشر الحق في نظره ولو من وراء حجاب تنفيقاً له وإنفاذاً على رِسلِه ... فبقطع النظر عن القائل يا هذا: ألا تسمو عقولنا ومداركنا إلى أن نتقبل الرأي الآخر ولو على علاّته؟!! ثم نفحصه في مختبرات الفكر المستنير المتحرر من قيود التقليد والتبعية، ومع ذلك ليس بالضرورة أن نوافقه بل قد نختلف معه، لكنه سوف يكون خلافا واعياً سامياً؛ فيه معنى الرحمة والشفقة أكثر من معاني الاستعداء والإسقاط والتي تضطرب في لججها كثير من خلافاتنا العقيمة .. وفرق ثالث بين الحقائق وأساليب العرض، فقد نتوافق في أصول الحقائق ونختلف في أساليب العرض؛وهكذا كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على ما هو معلوم لديكم، وفي هذا فليعذر بعضنا بعضاً مع اللجوء إلى مسلك النصيحة عند الخلاف لا الإنكار والتقريع ... وفرق رابع بين نقد الفكرة وتسفيه الفكرة، فالأول مطلوب ومرغوب .. والثاني، إن لم يكن الأمر منكراً= فاستعماله فرع مرض النفس ... وحينها لاحول ولاقوة إلابالله ...... وتنبيه أخير: في خطر تخرّص مقاصد القائلين، وزعم الفراسة وبعد النظر في اكتشاف المرادات، وهذه وأيم الله من جملة تلاعب الشيطان بابن آدم، وهي من عموم أسقام الأفهام التي بلينا بها في أول الزمان وآخره!!! فمن الظلم أيها الناس أن نعجَل على بعضنا، ونلزم الآخرين بما لم يكن ولا في أطياف خيالهم إلا بغياً وعدوانا .... وأختم برفع عريضة اعتذار لمقام أصحاب المقالة الأصلية على النقلة النوعية لساحة الحوار في هذا الفرع الفقهي طويل الذيل قليل النيل عند البعض ... فأكرر اعتذاري وألتمس الصفح والغفران .. عاملنا الله وإياكم بمقام الفضل والإحسان ... آمين،،،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/131)
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[05 - 11 - 05, 02:14 م]ـ
لقد عملت مختصرا لشرح مراقى السعود حوالى15بيتا منها حاولت ان اجعل الشرح سهلاوانوى عرضها عليكم صححوها وانقدوها كما تشاؤن ما رايكم!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[06 - 01 - 06, 05:48 م]ـ
[ quote= بن سالم] أَخِ (الكَوكَبُ السَّاطِعُ نَظمُ جَمعِ الجَوامِعِ) للحافظِ جَلالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ - رحمه الله تعالَى -. فِي (1481 بَيتٍ).
ولا أَعلَم لهُ إِلاَّ شَرحان:
(1) شَرحُ النَّاظِم نَفسه - ولَم أَرَهُ -
ستجده طبعه دار السلام فى مجلدين ورايته فى فرع المكتبه بالاسكندريه
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[16 - 01 - 06, 06:24 م]ـ
[ quote= بن سالم] أَخِ الغَالِي - بارَكَ اللهُ فيكَ -:
1 - نَظمُ الشَّيخِ (الإِثيُوبِيِّ) العَلاَّمةِ مُحمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ آدَم - حَفِظَهُ اللهُ -: اُسمُ النَّظمِ (التُّحفَةُ الْمَرضِيَّةُ فِنَظمِ الْمَسائِلِ الأُصُولِيَّةِ عَلَى طَريقَةِ أَهلِ السُّنَّةِ السَّنِيَّةِ) (ط: مكتَبَةُ الرُّشدِ - 1426هـ / 2005م) في (260 صَفحَةٍ) فِي (3074 بَيتٍ).
ولِلشَّيخِ الفاضِل شَرحٌ عليهَا؛ اُسمُهُ (الْمِنْحَةُ الرَّضِيَّةُ فِي شَرحِ التُّحفَةِ الْمَرضِيَّةِ) (ط: مكتَبَةُ الرُّشدِ -
وقد
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[25 - 01 - 06, 07:01 م]ـ
وقد كتبت منها بعض الابيات http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69501
لمن اراد التعرف بها
ـ[أبو حذيفة الدرعمي]ــــــــ[12 - 02 - 06, 11:25 ص]ـ
أخي الحبيب مصطفى سعد أنصحك مع الآجرومية أن تحفظ متن الإمام العِمْرِيطي
ـ[طلعت منصور]ــــــــ[12 - 03 - 06, 09:18 م]ـ
السلام عليكم ... وبعد: ففي وجهة نظري أنه لاينبغي تفعيل دور المنظومات في الحياة العلمية خاصة ونحن نعيش في بدايات صحوة علمية ترتكز على النظر في اصول المسائل وابعادها وخلفياتها المعمقة مع قطع النظر في القوالب التي هي في الحقيقة من قبيل الوسائل والتي كانت في واقع الأمر افرازات لظروف استثنائية مرت بها الحالة العلمية في العالم الأسلامي بل ان بعضها نشأ في عصور مظلمة ان صح التعبير كما هو الحال في ظاهرة التمتين (المتون العلمية) ,والتي أخذت اتجاها صناعيا!! أخرجها عن مقصودها الأصلي, وهو تقريب العلم؛ لذلك أفرز لنا هذا الوضع سيلا جارفا من الشروح والحواشي والتعليقات التي ضاعت في زخمها أصول العلم وغاياته. وليتأمل مثلا في أنموذج مختصر ابن الحاجب،وماأحدثه من لجاجة فيما بعده،حتى وصل الأمر الى الاشتغال بالكشف عن مرادات المؤلف،وعصف الذهن في فهم عبارة المصنف او شارحه العضد مثلا،مع تهميش أو تضعيف البحث في أصل المسألة المدروسة!!! أعود فأقول: ان قالب المنظومات ليس عن ذلك ببعيد!! مع استقلاله بمشاكله التي تقتضيها صناعة النظم .. ولست بصدد نقد المنظومات وبيان دورها في التسطيح العلمي الذي يعيشه جملة وافرة من طلبة العلم!! بل وممن تسنم من مشيختهم!!! لذا أنصح اخواني من طلبة العلم بالاشتغال بالمبسوطات ولست أعني المطولات منها .. وكذلك بالكتب التي كتبت بنسق عفوي (لافوضوي) عميق؛ تقصد لأصول المسائل بوضوح، وتتيح للطالب التفكير الحر المنفك عن تعقيدات القوالب ... انني أتقدم بهذه الأطروحة بين يدي السادة الأفاضل من طلبة العلم الغيورين على حمى العلم وطلبته=كمفردة أولية ضمن منظومة مفردات منهجية ينبغي تقنينها والعمل على ترويجها وتسويقها؛ حتى نخرج للجيل القائم والقادم بنظرية منهجية أصيلة في طرائق التحصيل العلمي ومسالكه، تقود رواد العلم الى جذوره وفحوله،وتنقذه من سلسلة المتاهات والسقطات التي تعاقبت عليها الأجيال ...
ما تقدمه من اطروحه مطروح علميا فتنبه(105/132)
سوال أفضل منظومة في أصول الفقه
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[21 - 06 - 03, 03:49 م]ـ
ماهي أفضل منظومة في أصول الفقه هل المراقي او مرتقى الوصول او الكوكب الساطع او منظومة الشيخ حافظكمي .............. علما باني فد حفظت الورقات وهل المنظومات موجودة على الشبكة وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[21 - 06 - 03, 10:50 م]ـ
من المنظومات الجميلة:
نظم ورقات الجويني للعمريطي
أما عن أفضل منظومة، فهذا أتركه للمشايخ الفضلاء ..
ـ[فائز الأسمري]ــــــــ[22 - 06 - 03, 12:11 ص]ـ
أخي الفاضل المشهور عند أهل الفن منظومة مراقي السعود وذلك لأسباب منها:
1 - أن المصنف صاحب فن وهو <الأصول>
2 - كثرة الشروح التي تبين النظم وتوضحه
3 - اشتهاره بين اصحاب الفن
4 - يقع في 1001بيت
وأفضل طبعاته طبعة دار المناربمراجعة دمحمد ولد سيدي ولدحبيب الشنقيطي
ولكن في النظم صعوبة من حيث المفردات خاصة من أراد الحفظ 0وهناك منظومة الكوكب الساطع للسيوطي وتمتاز بأمور:
1 - سهولة النظم قال الناظم: خلت من التعقيد والتقعيري*والحشو والتطويل والتكرير
2 - أنه نظم لكتاب جمع الجوامع للسبكي وهو من أشهر كتب الفن فقد جمعه مؤلفه من زهاء مائة مصنف كماذكرذلك في مقدمته
3 - تقع في1450بيتا
4 - من قبل كنا نشتكي من قلة الشروح وأما الآن فقد خرجت شروحات كثيرة0
ـ[خالد النجدي]ــــــــ[22 - 06 - 03, 12:36 ص]ـ
النصيحه لكل طالب علم خاصه في الأصول أن يحفظ منظومة السيوطي لأنها كما ذكر أخى الكريم أنها نظم لجمع الجوامع وهو العمدة لدى المتأخرين.
أما مراقى السعود فهي منظومه جميله لكن بها عيبان
1 - تقيده بالمذهب المالكى و لأجل ذلك أهل شنقيط يهتمون بها و المغرب العربي عموما.
2 - وجود بعض الأبيات التى تتكلم في علم الكلام.
أخوكم
خالد
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[23 - 06 - 03, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خير لكن السوال ماهي شروح الكوكب الساطع وبعدين وش رأي المشايخ في مرتقى الوصول و منظومة الحكمي رزقني الله واياكم الاخلاص في طلب العلم
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[23 - 06 - 03, 06:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كان الشيخ العلامة محمد الامين الشنقيطي رحمه الله كثير الاعجاب بمراقي السعود وكان يراها من افضل ما كتب في علم الاصول
و منظومة المراقي كذلك بناها صاحبها على جمع الجوامع وان كان زودها ببعض اصول وفروع المالكية. ومهما قرات من كتاب مطول في الاصول فانك لابد ان تحظى بذكر اقوال المخالفين من المذاهب الفقهية بل المدارس العقدية،فلذلك فلا يروعنك كتاب الف على مذهب المالكية او الحنابلة .... (كما نبه عليه العلامة محمد علي ادم الاثيوبي)
وتجنب ما افاض فيه اهل الفنون الاخرى كمباحث المنطق وبعض المباحث اللغوية كما قال** مجتنبا عن مقصدي ما ذكرا،،،لدى الفنون غيره محررا**
وكتاب مرتقى الوصول هو نظم لكتاب تقريب الوصول الى علم الاصول لابن جزي الكلبي الغرناطي الفقيه المفسرالمقريء الاصولي المحدث المجاهد نحسبه من الشهداءرحمه الله
فصار لك -1 - شرح الولاتي الشنقيطي نيل السول
-2 - شرح مسموع ـ اشرطة ـ للشيخ مصطفى قاري المدرس بالجامعة الاسلامية بالمدينة
-3 - كتاب تقريب الوصول مع تعليقات الشيخ محمد المختار بن محمد الامين الشنقيطي
-الذي اختاره مشايخنا بمحضرة ام القرى بولاية الترارزة بموريتانيا اقصد ال عدود وابن اختهم العلامة محمد الحسن ولد الددو ـ فك الله اسره ـ انهم يتدارسون الكوكب الساطع للسيوطي رحم الله الجميع
-ذكرت اخي الفاضل منظومة الحكمي فان كنت تقصد سلم الوصول التي شرحهافي معارج القبول فهي منظومة في اصول الديانة اي العقائد لا اصول الفقه وان كنت تقصد منظومة اخرى ـ وهو الذي اظنه ـ فلا اعرف ما هي فارجو ان تصفوها لنا جزاكم الله كل خير
ـ[ابو عبدالله 1]ــــــــ[24 - 06 - 03, 02:26 ص]ـ
للشيخ سليمان العلوان حفظه الله منتقى من مراقي السعود وهو نافع
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[25 - 06 - 03, 03:06 م]ـ
يا أخي أبا الوليد الجزائري: فإن الشيخ حافظ حكمي له منظومة في علم أصول الفقه اسمها (وسيلة الحصول إلى مهمات علم الأصول) وتقع في (640بيت) وقد شرحها زيد المدخلي في مجلدين صغيرين طبهة دار الفرقان
ثم بالنسبة لمرتقى الوصول هل يفضل على المراقي
* والشرح المسموع للشيخ مصطفى مخدوم قاري أين يوجد
*وماهي شروح الكوكب الساطع؟؟؟؟؟؟؟
وحفظك الله أينما كنت
ـ[الطالب النجيب]ــــــــ[25 - 06 - 03, 03:15 م]ـ
لكن لي رأي الخاص وهو أن مرتقي الوصول قد تفضل على غيرها من المنظومات لعدة أمور منها:
1) أنها جامة لجمع أبواب هذا العلم
2) سهولة وعذوبة ألفاظها وهذا يساعد على حفظها ويجعلها أرسخ في الذهن
3) قد ظمنها مبحثا لا بأس به من الموافقات للشاطبي ومن المعلوم أهمية كتاب الموافقات للشاطبي الذي فصل في مبحث مقاصد الشريعه وتوسع فيه
4) أنها أقل أبيات من المراقي والكوكب مع كونها جامعه
5) وجود الشروح المتوفرة لها
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/133)
ـ[الوليد]ــــــــ[24 - 01 - 05, 04:44 م]ـ
أود لو أقرأ رأي المشايخ الكرام في هذا الكلام، والسلام ...
ـ[أبو محماس]ــــــــ[29 - 11 - 07, 10:59 ص]ـ
برأيي منظومة الورقات
ـ[المخلافي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:09 م]ـ
الحمد لله
تعلمون أن منظومة مراقي السعود قد شرحها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان إملاء على شيخنا أحمد بن محمد الأمين بن أحمد الجكني الشنقيطي والمشهور بـ أحمد بن أحمد الأمين حفظه الله تعالى، ثم طبعت بعناية غيره، والآن قد أعد شيخنا المستملي للشرح من الشيخ محمد الأمين الكتاب وقد صف الكتاب وهو الآن في المطبعة للطبع وقد أكمل شيخنا الناقص من الأبيات التي لم تشرح وشرحها فجزاه الله خيرا.
وقد قرأتها على الشيخ أحمد محمود عبد الوهاب الشنقيطي قبل سنوات.ولله الحمد. وكان بيد البعض نسخة مخطوطة وكنا نقابل بها المطبوع وكان هناك بعض الخلاف.
وهذه النسخة المخطوطة ليست الأصل وإنما فرع عنها.
ـ[محمد بن سعد ال شريف]ــــــــ[07 - 02 - 08, 01:56 م]ـ
ارجوا من احد الاخوة ان يساعدنى على تحميل كتاب سلم الاصول الى علم الاصول الذى يشرحه الشيخ الددو
ـ[يوسف أحمد علي حسن]ــــــــ[07 - 11 - 10, 05:34 م]ـ
هل من شروح صوتيه كامله على الكوكب
ـ[فايح المقاطي]ــــــــ[15 - 11 - 10, 11:11 م]ـ
جزاكم الله خير ياخواني(105/134)
هل يجوز للسنة أن تنسخ القرآن؟
ـ[وهج البراهين]ــــــــ[22 - 06 - 03, 04:26 م]ـ
هل يجوز للسنة أن تنسخ القرآن؟
- لا يجوز للسنة أن تنسخ القرآن بحالٍ من الأحوال، لأن القرآن مصدر مؤسِّس، والسنة مصدر مبيِّن، والمؤسِّس لا ينسخه إلا مؤسِّس للأحكام مثله. والسنة تبيّن – تفصّل – تشرح توضّح ليس إلا ...
هذا ما أجاب بهع البعض من طلبة العلم فما رأيكم؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 06 - 03, 08:31 م]ـ
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة
إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب
وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وفرض فيهم فرائض أثبتها وأخرى نسخها رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم وبالتوسعة عليهم زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه
وأبان الله لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب وان السنة لا ناسخة للكتاب وإنما هي تبع للكتاب يمثل ما نزل نصا ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جملا
قال الله {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن يكون ابدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم}
فأخبر الله أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه ولم يجعل له تبديله نفسه
وفي قوله {ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي} بيان ما وصفت من أنه لا ينسخ كتاب الله إلا بكتابه كما كان المبتدىء لفرضه فهو المزيل المثبت لما شاء منه جل ثناؤه ولا يكون ذلك لأحد من خلقه
وكذلك قال {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
وقد قال بعض أهل العلم في هذه الآية والله أعلم دلالة على أن الله جعل لرسوله أن يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل فيه كتابا والله أعلم
وقيل في قوه {يمحو الله ما يشاء} يمحو فرض ما يشاء ويثبت ما يشاء وهذا يشبه ما قيل والله أعلم
وفي كتاب الله دلالة عليه قال الله {ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير}
فأخبر الله أن ننسخ القرآن وتأخير انزاله لا يكون إلا بقران مثله
وقال {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر}
وهكذا سنة رسول الله لا ينسخها إلا سنة لرسول الله ولو أحدث الله لرسوله في أمر سن فيه غير ما سن رسول الله لسن فيما أحدث الله إليه حتى يبين للناس أن له سنة ناسخة للتي قبلها مما يخالفها وهذا مذكور في سنته صلى الله عليه وسلم
فإن قال قائل فقد وجدنا الدلالة على أن القرآن ينسخ القرآن لا أنه لا مثل للقرآن فأوجدنا ذلك في السنة
قال الشافعي فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله دليل على أن سنة رسول الله إنما قبلت عن الله فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها ولا نجد خبرا ألزمه الله خلقه نصا بينا إلا كتابه ثم سنة نبيه فإذا كانت السنة كما وصفت لا شبه لها من قول خلق من خلق الله لم يجز أن ينسخها إلا مثلها ولا مثل لها غير سنة رسول لأن الله لم يجعل لآدمي بعده ما جعل له بل فرض على خلقه اتباعه فألزمهم أمره فالخلق كلهم له تبع ولا يكون للتابع أن يخالف ما فرض عليه اتباعه ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافها ولم يقم مقام ان ينسخ شيئا منها
فإن قال أفيحتمل أن تكون له سنة مأثورة قد نسخت ولا تؤثر السنة التي نسختها
فلا يحتمل هذا وكيف يحتمل أن يؤثر ما وضع فرضه ويترك ما يلزم فرضه ولو جاز هذا خرج عامة السنن من أيدي الناس بأن يقولوا لعلها منسوخة وليس ينسخ فرض أبدا إلا ثبت مكانه فرض كما نسخت نسخت قبله بيت المقدس فاثبت مكانها الكعبة وكل منسوخ في كتاب وسنة هكذا
فإن قال قائل هل ننسخ السنة بالقرآن
قيل لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله
فإن قال ما الدليل على ما تقول
فما وصفت من موضعه من الإبانة عن الله معنى ما أراد بفرائضه خاصا وعاما مما وصفت في كتابي هذا وأنه لا يقول أبدا لشيء إلا بحكم الله ولو نسخ الله مما قال حكما لسن رسول الله فيما نسخه سنة
ولو جاز أن يقال قد سن رسول الله ثم نسخ سنته بالقرآن ولا يؤثر عن رسول الله السنة الناسخة جاز أن يقال فيما حرم رسول الله من البيوع كلها قد يحتمل أن يكون حرمها قبل أن ينزل عليه {أحل الله البيع وحرم الربا} وفيمن رجم من الزناة قد يحتمل أن يكون الرجم منسوخا لقول الله {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وفي المسح على الخفين نسخت آية الوضوء المسح وجاز أن يقال لا يدرأ عن سارق سرق من غير حرز وسرقته أقل من ربع دينار لقول الله {السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} لأن اسم السرقة يلزم من سرق قليلا وكثيرا ومن حرز ومن غير حرز ولجاز رد كل حديث عن رسول الله بأن يقال لم يقله إذا لم يجده مثل التنزيل وجاز رد السنن بهذين الوجهين فتركت كل سنة معها كتاب جملة تحتمل سنته أن توافقه وهي لا تكون ابدا إلا موافقة له إذا احتمل اللفظ فيما روي عنه خلاف اللفظ في التنزيل بوجه أو احتمل أن يكون في اللفظ عنه أكثر مما في اللفظ في التنزيل وإن كان محتملا أن يخالفه من وجه
وكتاب الله وسنة رسوله تدل على خلاف هذا القول وموافقة ما قلنا
وكتاب الله البيان الذي يشفي به من العمى وفيه الدلالة على موضع رسول الله من كتاب الله ودينه واتباعه له وقيامه بتبيينه عن الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/135)
ـ[نورالدين الغريب]ــــــــ[22 - 06 - 03, 08:56 م]ـ
أحسن وافضل موقع و منتدى وقعت عليه عيني في الشبكة العنكبوتية لمن اراد ان يستفيد من ويفيد.
ندعوا الله سبحانه وتعالى أن يجعله مباركا ويزيد من الحسنات للقائمين عليه.
قال تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فقد نسخت هذه الآية، بقوله صلى الله عليه وسلم: " ألا لا وصية لوارث " ولا ناسخ إلا السنة.
ـ[المستفيد7]ــــــــ[22 - 06 - 03, 09:39 م]ـ
تكلم عن هذه المسالة الشيخ محمد الامين الشنقيطي في مذكرة في اصول الفقه ورجح الجواز واستدل له فارجع اليه فانه نفيس ص101 - 104
ومما ذكره ان التحقيق ان اية الوصية منسوخة باية المواريث والحديث بيان للناسخ.
ـ[المضري]ــــــــ[22 - 06 - 03, 09:50 م]ـ
مادام أن المصدر واحد فما هو الاشكال ان تنسخ السنة الثابتة القرأن؟!
ـ[ابو نورا]ــــــــ[23 - 06 - 03, 01:57 ص]ـ
الصحيح أن ذلك جائز بل واقع في الشريعة كما ذكر الأخوة الأفاضل من المثال السابق.
وأصل الشبهة في ذلك هو أن القرآن عندهم قطعي الثبوت والسنة فيها القطعي وفيها الظني الثبوت وعندهم كذلك أن المنسوخ لا بد أن يكون الناسخ له مساو له والسنة عندهم غير قطعية الثبوت ولا مساوية له وهذا هو من أسرار المسألة وباب من أبواب رد السنن والأحكام والعياذ بالله بل الصحيح أنه كله وحي القرآن والسنة وكلاهنا ينسخ الآخر لأنهما كل من عند الله وأما شبة أنها ظنية فهذا من بدع أهل الكلام فليس عندنا نحن أهل السنة ذلك بل العمدة في ذلك صحة الحديث.
ومن شبههم:
1 - قوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها نات بخير منها أو مثها:
وعندهم أن السنة لا تساوي القران.
والجواب: أن السنة مثل القرآن في التعبد والأحكام لقوله صلى الله عليه وسلم: الا واني أوتيت القران ومثله معه ".
2 - واستدلوا ايضاً بحديث موضع رواه الدار قطني " القرآن ينسخ حديثي وحديثي لا ينسخ القرآن ".
لكن الأغرب من ذلك ما نقل عن الشافعي قوله أن القرآن لاينسخ السنة وحجته حتى لا يستلزم تكذيب المصطفي صلى الله عليه وسلم ولا شك أن هذا لقول مردود لقوعه في الشريعة.
.
ـ[أحمد بوادي]ــــــــ[23 - 06 - 03, 02:32 ص]ـ
قال الشوكاني في الإرشاد:
ومما يرشدك إلى جواز النسخ بما صح من الآحاد لما هو أقوى متنا
ودلالة منها أن الناسخ في الحقيقة إنما جاء رافعا لاستمرار حكم
المنسوخ ودوامه وذلك ظني وإن كان دليله قطعيا فالمنسوخ إنما هو
الظني لا ذلك القطعي فتأمل هذا
ـ[المحقق]ــــــــ[24 - 06 - 03, 12:28 ص]ـ
الصحيح أن آية الوصية منسوخة بالحديث (لا وصية لوارث) و من أحسن من تكلم في هذا محمد بن نصر المروزي في كتابه الأعتصام بالسنة - وهو مطبوع - و قد ناقش فيه قول الشافعي بالمنع و تعقبه، فلينظر فإنه نفيس، و لو كان موجودا على الشبكة لنقلته لكم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[24 - 06 - 03, 02:02 ص]ـ
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة
الناسخ والمنسوخ الذي تدل عليه السنة والإجماع
قال الله تبارك وتعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين}
قال الله {والذين يتوفون منكم ويذرن أزواجا وصية لأزواجهم متاع إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم}
فأنزل الله ميراث الوالدين ومن ورث بعدهما ومعهما من الأقربين وميراث الزوج من زوجته والزوجة من زوجها
فكانت الآيتان محتملتين لأن تثبتا الوصية للوالدين والأقربين والوصية للزوج والميراث مع الوصايا فيأخذون بالميراث والوصايا ومحتملة بأن تكون المواريث ناسخة للوصايا
فما احتملت الآيتان ما وصفنا كان على أهل العلم طلب الدلالة من كتاب الله فما لم يجدوه نصا في كتاب الله طلبوه في سنة رسول الله فإن وجدوه فما قبلوا عن رسول الله فعن الله قبلوه بما افترض من طاعته
ووجدنا أهل الفتيا ومكن حفظنا عنه من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي قال عام الفتح لا وصية لوارث ولا يقتل مؤمن كافر ويأثرونه عن من حفظوا عنه ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/136)
فكان هذا نقل عامة عن عامة وكان أقوى في بعض الأمر من نقل واحد عن واحد وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجتمعين
قال وروى بعض الشاميين حديثا ليس مما يثبته أهل الحديث فيه أن بعض رجال مجهولون فرويناه عن النبي منقطعا
وإنما قبلناه بما وصفت من نقل أهل المغازي وإجماع العامة عليه وإن كنا قد ذكرنا الحديث فيه واعتمدنا على حديث أهل المغازي عاما وإجماع الناس
أخبرنا سفيان عن سليمان الأحول عن مجاهد أن رسول الله قال لا وصية لوارث
فاستدللنا بما وصفت من نقل عامة أهل المغازي عن النبي أن لا وصية لوارث على أن المواريث ناسخة للوصية للوالدين والزوجة مع الخبر المنقطع عن النبي وإجماع العامة على القول به
وكذلك قال أكثر العامة إن الوصية للأقربين منسوخة زائل فرضها إذا كانوا وارثين فبالميراث وإن كانوا غير وارثين فليس بفرض أن يوصى لهم
إلا أن طاوسا وقليلا معه قالوا نسخت الوصية للوالدين وثبتت للقرابة غير الوارثين فمن أوصى لغير قرابة لم يجز
فلما احتملت الآية ما ذهب إليه طاوس من أن الوصية للقرابة ثابتة إذ لم يكن في خبر أهل العلم بالمغازي إلا أن النبي قال لا وصية لوارث وجب عندنا على أهل العلم طلب الدلالة على خلاف ما قال طاوس أو موافقته
فوجدنا رسول الله حكم في ستة مملوكين كانوا لرجل لا مال له غيرهم فأعتقهم عند الموت فجزأهم النبي ثلاثة أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعة
أخبرنا بذلك عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين عن النبي
قال فكانت دلالة السنة في حديث عمران بن حصين بينة بأن رسول الله أنزل عتقهم في المرض وصية
والذي أعتقهم رجل من العرب والعربي إنما يملك من لا قرابة بينه وبينه من العجم فأجاز النبي لهم الوصية
فدل ذلك على أن الوصية لو كانت تبطل لغير قرابة بطلت للعبيد المعتقين لأنهم ليسوا بقرابة للمعتق
ودل ذلك على أن لا وصية لميت إلا في ثلث ماله ودل ذلك على أن يرد ما جاوز الثلث في الوصية وعلى ابطال الاستسعاء وإثبات القسم والقرعة
وبطلت وصية الوالدين لأنهما وارثان وثبت ميراثهما
ومن أوصى له الميت من قرابة وغيرهم جازت الوصية إذا لم يكن وارثا
وأحب إلي لو أوصى لقرابة
وفي القرآن ناسخ ومنسوخ غير هذا مفرق في مواضعه في كتاب {أحكام القرآن}
وإنما وصفت منه جملا يستدل بها على ما كان في معناها ورأيت أنها كافية في الأصل سكنت عنه وأسأل الله العصمة والتوفيق
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[24 - 06 - 03, 02:15 ص]ـ
وفي المسودة لآل تيمية (1\ 290) تحقيق الذروي)
وقال القاضى في كتاب الروايتين والوجهين
هل يجوز تخصيص عام السنة بخاص القرآن أم لا؟
ذكر شيخنا أبو عبد الله روايتين إحداهما لا يجوز قال لأن أحمد قال فى رواية أبى عبد الرحيم الجوزجانى قد تكون الآية عامة ورسول الله صلى الله عليه وسلم المعبر عن كتاب الله وما أراد
وكذلك قال فى رواية حنبل السنة مفسرة للقرآن
وكذلك قال فى كتاب طاعة الرسول إن الله جعل رسوله الدالَّ على ما أراد من ظاهره وباطنه وخاصِّه وعامه وناسخه ومنسوخه
وكذلك نقل محمد ابن أشرس اذا كان الحديث صحيحا معه ظاهر القرآن وحديثان مجرَّدان فى ضد ذلك فالحديثان أحب إلىَّ إذا صحا فظاهر هذا كله أن السنة تفسِّر القرآن وتخصه.
والثانية يجوز تخصيص عام السنة بالقرآن نقل ذلك قال القاضى وهو أصح عندى
قلت الأول هو مقتضى قول مكحول ويحيى بن أبى كثير: إن السنة تقضى على الكتاب والكتاب لا يقضى على السنة وأحمد تورع عن هذا الإطلاق ووافق على المعنى فقال:لا أجتريء أن أقول هذا ولكن أقول السنة تفسر الكتاب وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه ولم يذكر العكس أن الكتاب يفسر السنة.
وكذلك اختلفت المذهب، وكلام أحمد فى نسخ السنة بالكتاب على ماسيأتى وكلام هؤلاء السلف يقتصى منع نسخِها به ومنع تخصيصها به لان لفظ القضاء يشمل ذلك وهو الاغلب على كلام الشافعي.
ثم قال (1\ 414)
مسألة لا يجوز نسخ القرآن بالسنة شرعا ولم يوجد ذلك نص عليه فى رواية الفضل بن زياد وأبى الحارث وأبى داود وبه قال الشافعى وأكثر أصحابه منهم أبو الطيب وغيره
وقال أبو الطيب:
وقال ابن سريج يجوز نسخه بالسنة المتواترة لكنه لم يوجد واختاره أبو الخطاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/137)
وقال أكثر الفقهاء ((المتكلمين (هذه اللفظة في طبعة محي الدين ولاتوجد في طبعة الذروي))) يجوز ذلك وقد وجد
وقال أبو حنيفة فيما ذكره القاضي ((وابن نصر يجوز بالسنة المتواترة)) واختاره أبو الخطاب وحكاه رواية لنا وحكى ذلك عن مالك والمتكلمين من المعتزلة والاشعرية وهذا اختيار ابن برهان وزعم أنه كالإجماع من الفقهاء والمتكلمين قال وشذَّت طائفة من أصحابه فقالوا:لا يجوز نسخه بالسنة المتواترة وعزوه الى الشافعى، وصحح ابن عقيل نسخه بالمتواتر واختلف فيه أهل الظاهر وفيه رواية أخرى أنه يجوز نسخ لقرآن بالسنة وان كانت آحادا ذكرها ابن عقيل وقطع به فى مسألة تخصيص القرآن بخبر الواحد وهو قول بعض أهل الظاهر حكاه أبو الخطاب
والد شيخنا
مذهب المالكية ((فى نسخ لقرآن)) أنه لا يجوز عندهم بأخبار الآحاد وهل يجوز بأخبار التواتر على وجهين لهم ((والذى نصره ابن نصر الجواز)) وهو اختيار أبى الفرج.
شيخنا قال ابن أبى موسى والسنة لا تنسخ القرآن عندنا ولكنها تخص وتبين وقد روى عنه رواية أخرى أن القرآن ينسخ بالمتواتر من السنة
((قال شيخنا) (لاتوجد في طبعة الذروي)
حكى محمد بن بركات النحوى فى كتاب الناسخ والمنسوخ أن بعضهم جوز نسخ القرآن بالإجماع وبعضهم جوزه بالقياس
قال وهذا يجوز أن يكون متناقضا
قال واختلف فى نسخ الاجماع بالاجماع والقياس بالقياس والمشهور عن مالك وأصحابه نسخ القرآن بالاجماع ومنع نسخ الاجماع بالاجماع والقياس بالقياس فقال وهذا ذكره البغداديون المالكيون فى أصولهم
قلت وقد رأيت من قد حكى عن بعضهم أن بعض حروف القرآن السبعة نسخت بالاجماع وهذا الذى حكاه عن المالكية قد يدل عليه ما فى مذهبه من تقديم الاجماع على الاخبار وقد استعظم هذا المصنف هذا القول وتعجب منه ولعل من قال هذا من الائمة أراد دلالة الاجماع على الناسخ
قلت: من فسر النسخ بأنه تقييد مطلق أو تخصيص عام لم يبعد على قوله أن يكون الاجماع مقيدا أو مخصصا لنص وأن يكون اجماع ثان يقيد ويخصص اجماعا أول كما قالوا اذا اختلفوا على قولين فانه تسويغ للاخذ بكل منهما فاذا أجمع على أحدهما ارتفع ذلك الشرط
شيخنا فصل
اختلف من قال بجواز نسخ القرآن بالسنة هل وجد ذلك أم لا فقال بعضهم وجد ذلك وقال بعضهم لم يوجد قال أبو الخطاب وهو الاقوى عندي وحكى ابن عقيل فى الفتوى عمن قال ان خبر الواحد والقياس يجوز أن ينسخ حكم القرآن وقرر حنبلى ذلك أظنه نفسه وقال خرج من هذا أن ورود حكم القرآن لا يقطع بثبوته مع ورود خبر الواحد والقياس بما يخالف ذلك الحكم ويصير كأن صاحب الشرع يقول اقطعوا بحكم كلامى مالم يرد خبر واحد أو شهادةاثنين أو قياس يضاد حكم كلامى ومع وروده فلا تقطعوا بحكم كلامى هذا هو التحقيق وبناه على أن الحكم بهما قطعى لا ظني وذكر ابن الباقلاني فيما ذكر أبو حاتم فى اللامع أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة قال ولا يجوز نسخه بأخبار الآحاد وأما أخبار الآحاد التى قامت الحجة على ثبوتها وأخبار التواتر التى توجب العلم فقد اختلف الناس فيها فقال جمهور المتكلمين وأصحاب مالك وأبى حنيفة انه يجوز وحكى عن أبى يوسف أنه قال لا يجوز الا باخبار متواترة واختلف هؤلاء فقال بعضهم وجد فى الشرع وقال آخرون يجوز وما وجد ومنع منه الشافعى وجمهور أصحابه ثم منهم من منع منه عقلا قال منع القدرية فى الاصلح ومنهم من اقتصر على منع السمع
قال شيخنا قلت وهذا يقتضى أن من أصله أن بعض أخبار الآحاد تجرى مجرى التواتر وأظن الاشعرى قد حكى فى مقالاته أن مذهب أهل السنة والحديث أنه لا ينسخ بالسنة وقال اليه أذهب
شيخنا فصل
فأما نسخ القرآن بالسنة المتواترة فيجوز عقلا قاله القاضي وبعض الشافعية خلافا لبعضهم
شيخنا فصل
ذكر القاضى فى ضمن مسألة نسخ القرآن بالسنة أن الخلاف فى نسخ تلاوته بأن يقول النبي لا تقرأوا هذه الآية فتصير تلاوتها منسوخة بالسنة وفى نسخ حكمه مع بقاء تلاوته وأن المجيز يجيزهما جميعا وجعل نسخ التلاوة أعظم من نسخ الحكم فانه منعهما جميعا وجعل نسخ التلاوة أعظم من نسخ الحكم فإنه منعهما جميعا
قال شيخنا
قلت اذا قال الرسول هذه الآية قد رفعها الله فهو تبليغ منه لارتفاعها كاخباره بنزولها فلا ينبغي أن يمنع من هذا وأن منع من نسخ الحكم فيكون الامر على ضد ما يتوهم فيما ذكره القاضي وقال القاضي وأبو الخطاب فى مسألة قراءة الفاتحة من الانتصار والثابت باليقين كان يحتمل الرفع بخبر الواحد فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لان الموجب للخير لا يوجب البقاء وانما البقاء لعدم دلالة الرفع والثابت لعدم الادلة يرتفع بأدنى دليل ألا ترى أن القبلة كانت ثابتة الى بيت المقدس ثم ان واحدا أخبر أهل قباء بالنقل الى الكعبة فاستداروا وأقرهم الرسول وذكر القاضي فى ضمن مسألة النسخ أن نسخ القرآن بخبر الواحد والقياس يجوز عقلا وانما منعناه شرعا
وعد نسخ تقدم الصدقة بين يدى النجوى نسخ وجوبه الى اباحة الفعل والترك وجعل المنسوخ الى الندب قسما آخر كالمصابرة فانه يجب مصابرة الاثنين ويستحب مصابرة أكثر من ذلك وجعل من المحظور الى مباح زيارة القبور ونسخها بالاباحة بعد الحظر ولم يذكر الا نسخ الوجوب الى وجوب أو ندب أو اباحة ونسخ الحظر الى اباحة فلم يذكر نسخ اباحة.) انتهى.
وفي مسائل الإمام أحمد لابنه عبدالله ص 276 ((سئل أبي عن حديث (السنة قاضية على الكتاب) ما تفسره؟
قال: أجبن أن أقول فيه، ولكن السنة تفسر القرآن، ولاينسخ القرآن إلا القرآن) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/138)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[24 - 06 - 03, 11:09 م]ـ
هذا الرابط له علاقة بالموضوع
http://tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=25
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[18 - 02 - 04, 07:22 ص]ـ
فإن المسألة صارت نظرية بحتة!!
لأن الآيات التي قيل بأنها منسوخة بالسنة لا تتجاوز الخمس آيات وكلها أجيب عنها بما يبين بأنها منسوخة بالقرآن , ومن تأمل الآيات الخمس علم أن الأمر محتمل جداً للقولين ...
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[17 - 04 - 10, 04:28 م]ـ
سئل الشيخ بن عثيمين رحمه الله وأعلى قدره في لقاءات الباب المفتوح:
________________________
فضيلة الشيخ: في شأن النسخ، هل نسخ شيء من القرآن بالسنة؟
الجواب:
لا أعلم شيئاً من القرآن نسخ بالسنة إلا مسألة اللوطي -نسأل الله العافية- فإن الله تعالى قال في القرآن: وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء:16] فهذه الآية تدل على أن الفاعلين يؤذيان حتى يتوبا ويصلحان، فجاءت السنة: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) فهذا يستدل به على أن السنة تنسخ القرآن. وعمل قوم لوط أكبر من الزنا -والعياذ بالله- وأفحش، والدليل على هذا أن الله قال في القرآن: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً [الإسراء:32] أي: فاحشة من الفواحش، وأما اللواط فقد قال لوط لقومه: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ [الأعراف:80] أي: الفاحشة العظمى الكبرى، ولهذا دخلت عليها (أل) فكان اللواط أعظم من الزنا، ويدل على هذا أن الله سبحانه وتعالى بعث رسولاً برسالة تامة لينذر من هذه الفعلة الشنيعة، وأن الله أهلك فاعلي هذه الفعلة الشنيعة بصفة عامة، فدل ذلك على أن اللواط أعظم من الزنا، ولهذا يجب على ولي الأمر إذا ثبت اللواط بين اثنين وكلاهما بالغ عاقل، ولم يكره أحد منهما يجب عليه أن يقتلهما امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ودرءاً لهذه المفسدة القبيحة والفاحشة الشنيعة نسأل الله العافية. هذا الذي يحضرني بعد التتبع من نسخ القرآن بالسنة. وأما من قال: إن قول الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:180] منسوخ بقوله صلى الله عله وسلم: (لا وصية لوارث) فهذا قول لا يصح:
- أولاً: لأن الحديث ليس فيه نسخ بل فيه التخصيص؛ لأن الآية فيها الأمر بالوصية للأقربين، وهذا يعم الوارث وغير الوارث، ثم رفع الحكم عن الوارث فقط، وهذا تخصيص لا نسخ؛ لأن النسخ رفع الحكم كله، لا رفع الحكم عن بعض أفراد العموم.
- ثانياً: أن الحديث مبين للناسخ وليس ناسخاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الله تعالى قسم الميراث وأعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية بعد هذا التقسيم لوارث. لكن ليكن معلوماً لديك أنه حتى وإن لم يوجد مثال يسلم من المعارضة؛ فإن السنة إذا صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي بمنزلة القرآن، يجب العمل بما فيها، وتصديق خبرها.(105/139)
الأخطاء العقدية في كتب الدكتور عبد الكريم النملة!!
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[27 - 06 - 03, 01:01 م]ـ
الأخطاء العقدية في كتب الدكتور: عبد الكريم النملة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، عز جاهه، وتعالى سلطانه، أحمده سبحانه وهو للحمد أهل، هو أهل الثناء وأهل المغفرة، وأثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن سلامة المعتقد من النعم العظيمة، التي أنعم الله بها علينا، وإن من واجب هذه النعمة = تنبيه من وقع في خطأ في شيء منها.
وإنه من خلال قرائتي لبعض ما كتب الدكتور عبد الكريم النملة وجدت أن الرجل غير محقق لمذهب السلف في الاعتقاد، مُعظِّمٌ لطريقة الأصوليين، وهو في غالب كتاباته موضح لكلامهم، فلا يظهر فيها طول النفس في التحرير والتدقيق، ولهذا تجد سرعة عجيبة في ترجيحه، بطريقة غريبة، قاصراً نظره فيما يذكره أهل الأصول من المتكلمين، وإذا أردت صدق ما أقول، فنظرة عابرة لمبحث السنة = تجد كلامه يدل أن الرجل لم يقرأ كتابا في المصطلح، فضلا أن يُرجَع إليه في بحث أصولي، وهذا من العجائب بحق!!
ولو كان الأمر انتهى لهذا الحد، لكان الأمر هينا ً، وما هو- ورب الكعبة – بهين، لكن الأمر تطاول إلى عقيدة السلف الصالح، ثم لما كان الدكتور أعطي من تسهيل للعبارة وسهولتها ما جعل كتابه ملاذاً لكثير ممن يُدّرِّس مادة أصول الفقه في الجامعات – ممن لا يحسن هذا الفن - فاعتمدوه في التحضير لشروحهم، وبعضهم صار يقرره، وأثناء دراستي الجامعية، قرر علينا بعض المدرسين بالجامعة فصولاً من كتابه المهذب، أو روضة الناظر لابن قدامة بتحقيقه، فوقفت فيها على ما قفَّ له شَعْرِي، واقشعر له بدني، مما جعلني أتأكد أنه غير مميز لمذهب السلف من غيره، والسبب فيها والله أعلم أنه اعتمد في تلقيه العلم على الطريقة الأكاديمية في الجامعة، ولم يُعرف بثني الركب على أهل العلم، ولعل عهده بكتب العقيدة أيام دراسته الجامعية!!
وإني والله حين أكتب هذه الأسطر إنما أريد تنهبيه إخواني مما يجدونه في كتبه، وأن لا يتعمدوا على ترجيحه، وليس قصدي التشفي منه أو التنقص له، وأسأل الله أن يصل هذا الكلام له، فينتفع به!!
وإني في الوقت حينه أنصح إخواني بالرجوع إلى كتبه في تبسيط صورة المسألة، وتوضيح الأقوال في المسألة، فهو ذو عبارة سهلة واضحة، لكن حذار حذار من الاغتراره بقوة ترجيحه!!.
وكنت أكثر من مرة أحاول أن أنشط لتتبع كتاباته، والوقوف على ذلك، إلا أن نفسي لا تقوى على ذلك، وذلك لانشغالي ببعض البرامج العلمية الخاصة، ثم رأيت أنه لو ذكرت بعض المسائل على جهة التمثيل، فلعل ما أذكره يجعل بعض الأخوة ينشط لتتبع ما في كتبه، فيبينها لطلبة العلم، أو أن ييسر الله لي فراغا من الوقت لإكمال هذا الموضوع المهم.
وحتى لا تطول المقدمة أذكر بعض ما وقت عليه من المسائل.
1 - حين تقرأ في كتب الدكتور النملة تلاحظ خلو عامة كتبه من ذكرٍ للأشاعرة، وكأنها فرقة لم تكن!!، بينما تجد ردوده على المعتزلة واستدلالاتهم كثيراً، وهذا من العجب العجاب، بل أعجب منه أنه يرد علي المعتزلة بأقوال الأشاعرة!!
وإليكم المثال:
لما ذكر مسألة حكم الأشياء قبل ورود الشرع في تحقيقه لروضة الناظر (197: 1)، قال: هذه المسألة متفرعة عن قاعدة المعتزلة المشهورة (التحسين والتقبيح العقليين)، حيث إنه لما أبطل الجمهور قاعدة المعتزلة تلك: لزم من إبطالها: إبطال حكم الأفعال قبل ورود السمع والشرع، فالجمهور (؟؟) يبحثون هذه المسألة على سبيل التسليم الجدلي بما قاله المعتزلة، لذلك يسمونها مع مسألة (شكر المنعم عقلاً) بمسائل التّنَزل.اهـ
لاحظ أنه أدخل الأشاعرة في الجمهور، ولم يميز بينهم وبين مذهب اهل السنة والجماعة!!
ثم لما ذكر ابن قدامة القول الثالث في مسألة " حكم الأشياء قبل ورود الشرع "، وهو القول بالتوقف علق بقوله (1:200) الحاشية رقم (3) بعد أن ذكر أن الغزالي ذهب إلى الوقف، وكذلك (الإمام) الرازي، والآمدي قال: وبعض الحنفية وأهل السنة والجماعة وكثير من أهل العلم ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/140)
وانظر رعاك الله كيف نسب القول بالوقف لأهل السنة، ولم يذكر في إحالاته إلا كتب الأصول الأشعرية، ولم يذكر ما انبنى عليه قول الأشاعرة فضلا أن ينكره، بل يقرر في كتبه أن التحسين والتقبيح بالشرع.
وهذه المسألة، وهي «حكم الأشياء قبل ورود الشرع» مبنية على مسألة " التحسين والتقبيح "، ولما كان الأشاعرة يرون أن التحسين والتقبيح بالشرع فقط = كان قياس قولهم أنه يتوقف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع، ولما رجح ابن النجار الفتوحي في شرح الكوكب المنير أن حكمها الإباحة مع أنه قرر سايقاً طريقة الأشاعرة في التحسين والتقبيح = أورد على نفسه إيراداً، فقال:
«إذا تقرر هذا: فقد نقل عن بعض العلماء أنه قال: من لم يوافق المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين , وقال بالإباحة أو الحظر: فقد ناقض. فاحتاج من قال بأحد القولين إلى استناد إلى سبب غير ما استندت إليه المعتزلة , وهو ما أشير إليه بقوله (بإلهام) قال الحلواني وغيره: عرفنا الحظر والإباحة بالإلهام , كما ألهم أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما أشياء ورد الشرع بموافقتهما (وهو ما يحرك القلب بعلم يطمئن) القلب (به) أي بذلك العلم حتى (يدعو إلى العمل به) أي بالعلم الذي اطمأن به (وهو) أي الإلهام (في قول: طريق شرعي) حكى القاضي أبو يعلى في الإلهام: هل هو طريق شرعي؟ على قولين. وحكي في جمع الجوامع: أن بعض الصوفية قال به. وقال ابن السمعاني نقلا عن أبي زيد الدبوسي وحده أبو زيد بأنه ما حرك القلب بعلم يدعوك إلى العمل به من غير استدلال ولا نظر في حجة. وقال بعض الحنفية: هو حجة بمنزلة الوحي المسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. واحتج له بقوله تعالى (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) أي عرفها بالإيقاع في القلب , وبقوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) وبقوله صلى الله عليه وسلم (الإثم ما حاك في الصدر , وإن أفتاك الناس وأفتوك (فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة قلبه بلا حجة أولى من الفتوى. والقول الثاني: أنه خيال لا يجوز العمل به إلا عند فقد الحجج كلها , ولا حجة في شيء مما تقدم ; لأنه ليس المراد الإيقاع في القلب بلا دليل , بل الهداية إلى الحق بالدليل , كما قال علي رضي الله تعالى عنه: إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه.» انتهى كلامه.
2 - وانظر إلى بحثه لمسألة " تكليف ما لا يطاق شرعاً " فلا ينكر إلا أقوال المعتزلة فقط!!
3 - وفي كتاب المهذب لما تكلم عن عصمة الأنبياء، عرف العصمة بقوله:
(هي سلب قدرة المكلف عن المعصية)، وهذا تعريف أشعري جبري، ولكن الشيخ لا يميز حقيقة الفرق بين المذهبين.
وقبل أن يرفع القلم أُشهِد الله أني ما أردت إلا النصح للمسلمين، وبيان ما يمكن أن يلتبس عليهم، ولا أزعم أن الدكتور عبد الكريم النملة أشعري، لا، بل هو غير مميز لحقيقة الفرق بين أهل السنة والجماعة واشاعرة، ولهذا فهو يتابع الأصوليين فيها، وإلا فهو في الأصول الكبار لأهل السنة كالقول في صفات الرب وأسمائه، والقول في مسمى الإيمان موافق لأهل الحق والحديث.
وإني أطلب من الأخوة ممن له ملاحظة على ما ذكرت أن ينبه عليه، ومن كان قريباً من الدكتور فليبلغه ما كتبت، والله أعلم.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[27 - 06 - 03, 01:04 م]ـ
لقد ترددت كثيراً في إنزال هذا الموضوع مع أنه جاهز لدي منذ اكثر من شهر، لكن لما رأيت أحد الأخوة يسأل رأيت إنزاله تتميماً للفائدة.والله أعلم.
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[27 - 06 - 03, 02:15 م]ـ
جزاك الله خيرا، ولاشىء عندنا أغلى من التوحيد والعقيدة
فلأجلها فارق أبو القاسم صلى الله عليه وسلم أهله ووطنه و، لأجلها
أُريقت دماء الصحابة، ولأجلها قام سوق الجنة والنار، فالبشر لم يخلقوا إلا للتوحيد
وإخواني الفضلاء: الناس افترقت في الرد على الخطأ وبيان حاله إلى
ثلاث فرق
الأولى: أسرفت في ذلك إسرافا بالغا وحالهم معلوم
الثانية: لما رأت هذا الغلو قابلته بالتفريط في بيان الخطأ والكل مسلمون
حتى خرج من ينادي بالتقريب مع الرافضة
والثالثة: توسطت فردت الخطأ وبينت حال المخطىء تقربا لله، نصحا للأمة، وضبطت ذلك بالضوابط الشرعية
والأرجاء لم يكن إلا ردة فعل لبدعة الخوراج!
أخي الفاضل أكمل نقدك بارك الله فيك، ولاسيما أن كتب الدكتور
النملة قد انتشرت وطارت في الآفاق، وهذا مما يوجب عليك بيان خطأه
ليس في مسائل الاعتقاد وحسب بل حتى في المسائل الأصولية التي خالف فيها منهج السلف وجزاك الله خيرا
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[27 - 06 - 03, 04:11 م]ـ
أصاب ابن أبي حاتم و أخطأ النملة نعم إخوتي فكتاب د. النملة منشور
مشهور وبالتالي تلك الأخطاء منشورة مشهورة فبيانها مطلوب وفي صالح
النملة حتى لا يُتابع على خطأه، وقد فرح الحاكم لما صنف -أظنه -
عبدالغني كتابا في التعقب عليه
و أنني أقول لابن أبي حاتم ليست المشكلة فقط في (الأخطاء العقدية)
عند د. (النملة) في كتبه بل بعده عن منهج السلف في أصول الفقه
والعناية بمنهاج المتكلمين فيه، والعجب أنني إلى الآن لم أظفر في
كتابه بنقل واحد عن العالم السلفي ابن تيمية - رحمه الله - ومعلوم
ولا تلميذه الهمام ابن قيم الجوزية الذين اعتنوا ببيان أصول الفقه عند
السلف! ود. عابد السفياني كتاب ماتع في هذا الباب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/141)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[27 - 06 - 03, 04:33 م]ـ
هذه المشاركة كانت قبل المشاركة السابقة وقد حررت بالخطأ
## المشرف ##
قال الأخ:
أبو فهد 100
رد الشيخ الفاضل عبد الكريم النمله على الأخ الفاضل ابن حاتم ..
بحكم قربي من الشيخ عبد الكريم وانى من احد طلبته ,,
فلقد اخبرت شيخنا الشيخ عبد الكريم النمله عن هذه الأخطاء فقال لي: (((قل لهذا الشخص يأتي الينا ويناقش الأخطاء لا ان يشهر بنا في الأنتر نت))).
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 06 - 03, 01:13 ص]ـ
جزاء الله الأخ ابن أبي حاتم خيرا على هذا الرد الذي لم يتجاوز فيه بل التزم بحدود النقد بين أهل العلم، ونرجوا منه أن يستمر في بيان هذه الأخطاء قدر المستطاع نصحا لدين الله وعباده خصوصا أن هذه الكتب يكثر اقتناها من الطلبة متوسطي العلم في الجامعات ..... فتبيين الخطاء يجنبهم هذه الأعتقادات الخائطة.
قول الأخ أبو فهد 100 عن الشيخ ....
ليس هذا من التشهير بل من النصح لك وللمسلمين وليس هو ولا غيره من طلبة العلم ملزما إذا رأى على عالم خطأ أن يذهب إليه ويناقشه بل يبين هذا الخطأ نصحا للمسلمين ونقول للدكتور دونك هذا الكلام الذي ذكره الأخوة فإن كان باطلا فرد عليه، وإن كان حقا فستغفر الله وارجع عنه علنا لكي لا تتابع عليه.
وأضيف على ما ذكر الأخوة من تأثر الشيخ بمنهج الأصوليين:
ما أخبرني به أحد طلبة العلم أن الدكتور قال في قاعة الدرسات العليا في كلية الشريعة:
إن أبا هريرة راوية وليس بفقيه !!
وقوله: إن الطبري راوية وليس بمفسر وكذلك ابن كثير،
وإن التفسير هو الذي لصاحبه قدم في أصول الفقه كالبيضاوي والقرطبي.
وغيرها من الأمور التي سببها الإغراق في كتب المتكلمين والبعد عن كتب السلف والمشكلة أن الرجل يُنَظِّرُ لعلم الأصول ويزعم إنه أهم العلوم، وكل علوم الشريعة مبنية عليه ....
هذا معنى كلام صاحبي.
ولست بحاجة لأن أرد على كلامه عن أبي هريرة لأن أدنى طالب علم يعرف نكارة هذا القول.
وكلامه عن الطبري وابن كثير كذلك ومن قرأ صفحة واحدة من تفسير الطبري علم أن أبا جعفر من كبار علماء هذه الأمة في كل العلوم خاصة التفسير والحديث والفقه ...
ـ[المحقق]ــــــــ[28 - 06 - 03, 01:35 ص]ـ
نقدك يا ابن أبي حاتم لمنهج النملة صواب و تعقيب السديس كذلك صواب
و الحقيقة أنني لما اطلعت على مؤلفات الشيخ النملة رأيتها شديدة التأثر بمنهج الأصوليين المتكلمين، و يفتقر مؤلفها إلى معرفة طريقة السلف في الاستنباط و كتابه إلى نقل تلك الدلائل ..
شرح الروضة و نقل عن كل أحد!!
ولم ينقل عن أئمة هذا الدين بعد السلف ابن تيمية و ابن القيم و أمثالهما من أكابر المجتهدين فقها و أصولا
أخي تلميذ النملة .. بلغ النملة أني مستاء جدا من طريقته في التصنيف فهي تنظير جديد و إعادة صياغة بلغة عصرية - كما يقولون - لمنهج المتكلمين في أصول الفقه ..
مع اعترافي بمعرفة الشيخ من هذا العلم .. و الله المستعان
ـ[محب العلم]ــــــــ[28 - 06 - 03, 01:37 ص]ـ
مما وقفت عليه من لأخطاء في كتب (النملة):
قوله في " الجامع لمسائل أصول الفقه على الراجح " ص92:
" القرآن مشتمل على ماهو محكم ومتشابه، فالمحكم هو ما أمكن معرفة المراد بظاهره أو بدلالة تكشف عنه أو بأي طريق من طرق المعرفة.
والمتشابه منه هو ماورد من صفات الله تعالى في القرآن ممايجب الإيمان به، ويحرم التعرض لتأويله، والتصديق بأنه لايعلم تأويله إلا الله " انتهى كلامه.
فانظر كيف خص معنى المشابه بآيات الصفات.
مع أن معنى صفات الله تعالى محكم إجماعا، وإنما المتشابه هو كيفياتها.
وجعل آيات الصفات من المتشابه مطلقا هو مأخذ المفوضة في تفويض العلم بمعنى الصفات إلى الله، وعدم جواز النظر في معناها، وقد قال هو ص95:
" وبناء على ذلك فإنه لايجوز أن نجتهد في النصوص الواردة في صفات الله تعالى ويجوز أن نجتهد في غيرها." انتهى كلامه.
وعلى كل:
فإن إطلاق القول بأن آيات الصفات من المتشابه خطأ وإن لم يكن الدكتور على عقيدة المفوضة.
تنبيه هام:
الأخ الذي عقب على الموضوع أعلاه هو محب (أهل) العلم، لا كاتب هذه السطور، ولالتباس الأمر على بعض الإخوة بينت.
وفق الله الجميع.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[28 - 06 - 03, 02:21 ص]ـ
الشيخ الفاضل عبد الرحمن السديس
أنا لا أعرف الشيخ ولكن أردت ان اسأل:
لماذا لا يُناقش الشيخ إذا لم يكن قد ناقشه أحد في كتبه من قبل؟
لعل الشيخ يصلح أخطاءه؟
أليس واجبا علينا نصح أهل العلم إذا أخطأوا؟
يعني تُبيَّن أخطاء الشيخ للناس ولكن في نفس الوقت يُناقش الشيخ لعله يتراجع عن اخطاءه ويصلحها.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 06 - 03, 12:58 م]ـ
أخي العقيدة سلمه الله من كل سوء
أنا بارك الله فيك لم أقل لا يناقش لكن أقول: إن طالب العلم غير ملزم بذلك، بل ملزم ببيان الحق، والنصح للمسلمين، ولو ذهب وناقشه وناصحه أيضا فحسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/142)
ـ[الطرطوشي]ــــــــ[28 - 06 - 03, 02:56 م]ـ
بارك الله في الاخوان الذين بينوا لنا بعض من اخطاء النملة في كتبه وخصوصا في جانب العقيدة وارجو ان يكون ذلك خالصا لوجه الله الكريم ولدي سؤال للشيخ الفاضل عبد الرحمن السديس, هل انت امام الحرم المكي؟
وشكرا
ـ[إسحاق النجدي]ــــــــ[28 - 06 - 03, 06:52 م]ـ
شكر الله للمشايخ الأفاضل ولكن ألم يكن الأولى ما دام أن الأخ الكريم محب العلم ذكر شهرة كتب النملة وتحقيقاته والاقبال الكبير عليها من طلا ب العلم ... ألم يكن الأولى ما دام أن المقام مقام تحذير ونصح للمسلمين أن يحشد الشيخ أبن أبي حاتم الأخطاء التي وقف عليها ومن ثم يتم ترتيب لقاء بينه وبين الشيخ النملة ومناقشة هذه الأخطاء معه
وهذا في ظني له عدة فوائد:
الاولى: أن هذا أدعى لتقبل الشيخ النملة لهذا النقد ولاريب أن اتهام الشخص في معتقده ليس بالأمر الهين.
الثانية: أنه من المحتمل أن يقر الشيخ النملة بهذه الأخطاء أو ببعضها على الأقل ومن ثم سيحرص على تعديلها في كتبه.
الثالثة: أن نقد الشيخ النملة خلف اسم مستعار (وليعذرنا شيخنا ابن ابي حاتم) يفقد الناقد قطاعاً عريضاً من القراء وهم طلاب العلم المبتدئين في علم الأصول ومن كان مراده النصح وهذا ما نظنه بالشيخ حفظه الله فليحرص على توفير أسباب القبول للخير الذي يحمله.
وبعدها إن لم يخرج الناقد بتيجة من اللقاء فلا بأس من إفراد كتاب في بيان ما وقع فيها الشيخ النملة من أخطاء ...
هذا رأيي ... وليعذرنا مشايخنا الكرام ابن أبي حاتم ومحب العلم على جرأتنا وعجلتنا!!
.
ـ[طالب النصح]ــــــــ[28 - 06 - 03, 08:02 م]ـ
السلام عليكم ...
جزاك الله خيراً يا فضيلة الشيخ العلامة ابن أبي حاتم ...
فقد - والله .. - أجدت وأحسنت.
و لا أدري ما دليل اشتراط التوجه لصاحب الخطأ ببيان الخطأ له لينظر رأيه، ونحن نعلم أنه خطأ وأن كلامه انتشر بين الناس .. ز إذا كان يقر بأنه خطأ فعليه أن يصحح الخطأ ويستغفر .. وإذا كان يرى أنه ليس بخطأ وأن هذا الاستدراك خطأ فليرد وليبين وليكن في ذلك انعاش وتحريك لمسائل العلم ...
بشرط خلوص النية لله في كل ذلك .. فالناقد يخلص لله والمنقود يخلص لله ..
وأن يكون طلب الحق هو الرائد ..
والعقيدة.ز أولاً وقبل كل شيء ..
وجزاك الله يا فضيلة الشيخ السديس فقد أجدت أنت أيضاً وأحسنت وقرطست واصبت خاصة في قولك سلمك الله ورحم والديك وأسكنهما وأسكنك الجنة في قولك: "
"""أنا بارك الله فيك لم أقل لا يناقش لكن أقول: إن طالب العلم غير ملزم بذلك، بل ملزم ببيان الحق، والنصح للمسلمين، ولو ذهب وناقشه وناصحه أيضا فحسن."""
ولله درك يا فضيلة الشيخ محب العلم .. غفر الله لي ولك وأسكنك وأسكنني وجميع المسلمين الجنة .. فو الله أجدت ..
وهكذا فليكن التعقب و المناقشة ..
وكم نحن بحاجة إلى من ينقي لنا سائر العلوم من الأقوال البدعية التي تسربت إلى مسائل العلم ..
وجزاكم الله خيراً .. جميعاً ... ولمنتدى أهل الحديث حبي وتقديري واحترامي .. فمثل هذه الفوائد ومثل هذا النقاش ومثل هذه الدرر لا نجدها بعد البحث إلا فيه ..
فجزاهم الله خيراً
ـ[الناصح 11]ــــــــ[28 - 06 - 03, 09:34 م]ـ
السلام عليكم وبعد
الشيخ أ. د.عبدالكريم بن علي النملة
أستاذ في قسم أصول الفقه – كلية الشريعة بالرياض – جامعة الإمام
الرجل معروف بالنشاط والجلد في البحث، وله إنتاج كثير في مجال تخصصه.
وفقه الله وجميع إخواننا طلبة العلم.
من الملحوظات التي وقفت عليها بعد قراءة كتابه (الجامع لمسائل أصول الفقه):
1 - فسر المؤلف المتشابه من القرآن بأنه ماورد من صفات الله فيه. انظر ص 92، 133 بل قرر ص94 أثناء كلامه على قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (آل عمران: من الآية7) أن الذين مدحهم الله في الآية هم الذين يؤمنون بالمتشابه – وهي صفات الله كما ذكر – ويفوضون معناه إلى الله تعالى.
وهذا كلام ليس بالهين.
2 - عقد ص14 مسألة: المصادر التي استمد منها علم أصول الفقه مادته، ولم يذكر منها الأدلة الشرعية.
3 - قرر المؤلف ص91 أن القرآن فيه مجاز كما فيه حقيقة.
4 - الجانب الحديثي في الكتاب عجيب جدا، فليس فيه تخريج وإحالة فضلا عن الحكم على المرويات.
وفي ص238، 425 استدل بقوله صلى الله عليه وسلم:" مااجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال " وهذا الحديث لاأصل له.
وقال ص264:" التخصيص بالعقل جائز لوقوعه في قوله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (آل عمران: من الآية97) فالعقل اقتضى بنظره عدم دخول الصبي والمجنون بالتكليف بالحج، لعدم فهمهما، والوقوع دليل الجواز "
فكيف يستدل بالعقل والدليل يعرفه الصغير والكبير، قوله صلى الله عليه وسلم:" رفع القلم عن ثلاثة .... ".
وهناك غيرها لن أطيل بذكره، ولاتغض من مكانة الشيخ وفقه الله، ونرجو من تلميذ الشيخ أن ينقل هذه الملحوظات ويفيدنا برأي الشيخ وتصحيحاته، فالغرض النصيحة، والدين النصيحة، والعلم رحم بين أهله.
والسلام عليكم،،،،(105/143)
مسائل حُكي فيها الإجماع وعند البحث وجدت أنه لم يتحقق
ـ[محمد الشافعي]ــــــــ[05 - 07 - 03, 09:39 م]ـ
أرجو الإفادة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[06 - 07 - 03, 01:31 ص]ـ
كثيرة جداً!
ولو كان سؤالك على المسائل التي ادعى البعض فيها الإجماع وادعى البعض الإجماع على نقيضها لكان أحسن.
بعض الأمثلة التي ذكرها ابن حزم في أحكامه:
وهذا مالك يقول في موطئه إذ ذكر وجوب رد اليمين على المدعي إذا نكل المدعى عليه. ثم قال هذا ما لا خوف فيه عن أحد من الناس ولا في بلد من البلدان. قال أبو محمد: وهذه عظيمة جدا وإن القائلين بالمنع من رد اليمين أكثر من القائلين بردها ونا أحمد بن محمد بن الجسور نا وهب بن مسرة نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن القاسم قال نا مالك ليس كل أحد يعرف أن اليمين ترد. ذكر هذا في كتاب السرقة من المدونة
هذا الشافعي يقول في زكاة البقر في الثلاثين تبيع وفي الأربعين مسنة لا أعلم فيه خلافا. وإن الخلاف في ذلك عن جابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب وقتادة وعمال ابن الزبير بالمدينة ثم عن إبراهيم النخعي وعن أبي حنيفة لأشهر من أن يجهله من يتعاطى العلم إلى كثير لهم جدا من مثل هذا إلا من قال لا أعلم خلافا فقد صدق عن نفسه ولا ملامة عليه وإنما البلبلة والعار والنار على من أقدم على الكذب جهارا فادعى الإجماع إذ لم يعلم خلافا
وقد ادعوا أن الإجماع على أن القصر في أقل من ستة وأربعين صحيح وبالله إن القائلين من الصحابة والتابعين بالقصر في أقل من ذلك لأكثر أضعافا من القائلين منهم بالقصر في ستة وأربعين ميلا ولو لم يكن لهؤلاء الجهال الذين لا علم لهم بأقوال الصحابة والتابعين إلا الروايات عن مالك بالقصر في ستة وثلاثين ميلا وفي أربعين ميلا وفي اثنين وأربعين ميلا وفي خمسة وأربعين ميلا ثم قوله من تأول فأفطر في ثلاثة أميال في رمضان لا يجاوزها فلا شيء عليه إلا القضاء فقط
وادعوا الإجماع على أن دية اليهودي والنصراني تجب فيها ثلث دية المسلم لا أقل وهذا باطل!
روينا عن الحسن البصري بأصح طريق أن ديتهما كدية المجوسي ثمانمائة درهم
وادعوا الإجماع أنه يقبل في القتل شاهدان وقد روينا عن الحسن البصري بأصح طريق أنه لا يقبل في القتل إلا أربعة كالزنى
ومثل هذا لهم كثير جدا كدعواهم الإجماع على وجوب خمس من الإبل في الموضحة وغير ذلك كثير جدا ولقد أخرجنا على أبي حنيفة والشافعي ومالك مئين كثيرة من المسائل قال فيها كل واحد منهم بقول لا نعلم أحدا من المسلمين قاله قبله فاعجبوا لهذا
ـ[الجواب القاطع]ــــــــ[06 - 07 - 03, 01:48 ص]ـ
(حرّر#).
مراد الأخ: ما العمل تجاهها؟ وكيف توجيهها؟
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[06 - 07 - 03, 02:25 ص]ـ
من المسائل التي توافق شرط البحث:
1 ـ تعمد القيء للصائم،حكي الإجماع فيها على بطلان صومه ـ كما ذكره النووي (إن لم تخني الذاكرة) ـ مع أن الخلاف محفوظ،عن أبي هريرة،وهو ظاهر اختيار البخاري،أنه لا ينقض ولو كان عامداً.
2 ـ قراءة القراءن للجنب،ادعىبعضهم فيها الاجماع،وليس كذلك،فالخلاف معروف عن ابن عباس،وابن المسيب،وعكرمة.
3 ـ نجاسة دم الآدمي (هذه أقولها غلبة ظن).
هذا ما أسعف به الذهن المكدود،لأن النوم بدأ يداعب عيني.
ـ[أم صهيب]ــــــــ[06 - 07 - 03, 04:44 ص]ـ
أولا ً لابد من التأمل والتدقيق في في العبارة التي فهمتم منها الاجماع فهل العبارة التي فهمتم منها الاجماع هي أجمعوا أم اتفقوا أم لاخلاف وغيرها من العبارات التي قد يفهم منها الاجماع فهناك فرق في العبارات ومعنى هذه المصطلحات تعرف من الكتب التي تبين مصطلحات كل مذهب وهي كثير وإن كنت لا تعرف هذه الكتب فيحسن أن ترجع إلى كتاب مصطلحات المذاهب الفقهية لمريم الظفيري وهو في الأصل رسالة ماجستير تطرقت لهذا الموضوع عند كل مذهب من المذاهب الأربعة
ثانياً: هناك كتب اهتمت بنقل الإجماع أو الاتفاق كالإجماع لابن المنذر وكتاب نوادر الفقهاء للجوهري و كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة و كتاب رحمة الأمة في اختلاف الأئمة للعثماني _من علماء القرن الثامن _وهناك كتاب الإجماع لابن عبد البر وهو جمع للمسائل التي حكى فيها ابن عبدا لبر الإجماع جمعه ورتبه فؤاد الشلهوب وظافر الشهري وكتاب إجماعات ابن عبد البر في العبادات لعبد الله البوصي وهو في الأصل رسالة علمية قدمت لنيل رسالة الماجستير من جامعة الإمام تعقب فيها الباحث ابن عبد البر في المسائل التي حكى فيها الإجماع وكتاب موسوعة الإجماع (موسوعة لمسائل الإجماع التي حكاها ابن تيمية في المسائل الفقهية) للبوصي كذلك وهناك رسالة علمية أيضاً وهي الإقناع في مسائل الإجماع لا بن القطان تحقيق الشيخ أحمد بن الشيخ عبد العزيز بن باز لكن لا أعلم هل طبعت أم لا؟
ومن الكتب أيضاً مراتب الإجماع لابن حزم وموسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي لسعدي أبو حبيب
وكتاب الإجماع في التفسير للشيخ محمد الخضيري وهو رسالة علمية نال بها الشيخ درجة الماجستير من جامعة الإمام
با لإطلاع على هذه الكتب تستطيع أن تعرف من وافق من حكى الإجماع ومن خالفه
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/144)
ـ[محمد الشافعي]ــــــــ[06 - 07 - 03, 04:44 م]ـ
الأخ محمد الأمين جزاك الله خيراً
لكن هلا ركزّنا على أهم المسائل وبالذات التي حُكي فيها الاجماع عند أكثر من عالم والصحيح أنّ فيها خلاف.
الأخ عمر المقبل جزاك الله خيراً
بانتظار مشاركتكم الأخرى
الأخ الجواب القاطع جزاك الله خيراً
مرادي الأصلي هو ما أشار إليه الأخوة، أما ما ذكرته حفظك الله فهو نقطتي التالية بعد الانتهاء.
الأخت أم صهيب جزاك الله خيراً
أنا أتكلم عن (وأجمعوا)، وجزاك الله خيراً على الفائدة الطيبة وبانتظار مشاركتك الأخرى.
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[06 - 07 - 03, 07:21 م]ـ
الأخوة الفضلاء للأسف تجاسر كثير ٌ من طلاب العلم على مخالفة
الإجماعات المحكية عن العلماء، وفي ظني ما ذاك إلا لأجل التأثر
بالمذهب الظاهري في هذه الأعصار المتأخرة وردة فعل أيضا لما حصل
من المقلدة
فمثلاً: نجاسة دم الآدمي حكى فيهم الإجماع حوالي سبعة عشر
عالما ً ومع ذلك رأينا الخلاف قد اشتهر بعد الشوكاني!
والذي يظهر أنه لابد من أمور مهمة جدا للناظر في الإجماع
فالعالم إذا حكى إجماعاً من العلماء المحققين كابن عبدالبر
وابن قدامة والنووي وابن المنذر وغيرهم، فإذا وقفتَ على خلاف وهناك
إجماع محكي، فقف وقفة مع هذا الخلاف: أولها
أن هذا القول قد يكون مهجورا وانقرض الخلاف فيه والإجماع بعده على المختار حجة لحديث (الطائفة المنصورة) وإن كان هناك نزاع في تسميته إجماعا
- أو أن المحكي عنه الخلاف لا يصح إليه هذا القول، وهذا في مسائل
كثيرة
- أو أن المحكي عنه الخلاف فهم بعض أهل العلم كلامه على خلاف
ظاهره فتراجع عبارته في ضوء فهم علماء السلف لها
أم قول القائل ان هذا إجماع سكوتي فلا يعول عليه، فاعلم أن هذه الشقشقة إنما خرجت من متكلمي أصول الفقه - لا كثرهم الله - ومذهب
السلف في ذلك الاحتجاج بهذا الإجماع، وغلبة الظن قد تعبدنا الله به
في مواطن كثيرة وهذا منها
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[07 - 07 - 03, 02:30 ص]ـ
عفوا أخي محب العلم!
كيف يقال بأن هذا القول ظهر بعد الشوكاني،وفي البخاري يذكر عن الحسن البصري (معلقاً مجزوما به) قولاً يدل على ظهارة دم الآدمي،وهو قوله: وما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم!
وينظر للأهمية شرح الحافظ ابن حجر للباب (34) من كتاب الوضوء في الفتح.
أرجو التأمل أكثر،وبالمناسبة هذا هو اختيار شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
ـ[أحمد الشهاب]ــــــــ[07 - 07 - 03, 06:58 ص]ـ
بالنسبة للأخ الفاضل الذي يظن أن هناك خلافا قد جرى في حكم دم الآدمي، فأحب أن أفيده أن نجاست دم الآدمي وكل دم مسفوح محل إجماع حكاه غير واحد من كبار أهل العلم ونقلته منهم الإمام أحمد كما نقلها عنه ابن القيم في إغاثة اللهفان والعلامة القرطبي في تفسيره والإمام النووي في المجموع وشرح مسلم و العيني في عمدة القاري وفي شرحه على الهداية في الفقه الحنفي.
وقد أفرد الشيخ عطية سالم فصلا مطولا في المسألة في كتابه أحكام الدماء في الإسلام.
وللفقير كاتب هذه السطور _من قبله_تشييد البناء لدفع قول الألباني بطهارة الدماء.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[07 - 07 - 03, 08:43 ص]ـ
البحث هنا في تحرير الإجماع ـ هل هو ثابت أم ـ،فإذا أثبته حينئذ ودفعت ما قد يكون معارضاً له،فنحن لا يمكن أن نخالف الإجماع معاذ الله،فثبت ثم انقش.
فلا يصلح أن يضرب أحد بسوط دعواها حتى يتحرر،وأتمنى من أخي أحمد الشهاب أن يفيدنا ببحثه هذا،وأين قال الإمام أحمد هذا؟ وهو من أبعد الناس حكاية للإجماعات لكلمته المشهورة، (من ادعى الإجماع ... )،فأخشى أن تكون عبارته ـ التي لم أقف عليها ـ لا تدل أصلا على الإجماع،فهل يفيدنا أخونا أحمد بما نقل عن أحمد،حشره الله مع أحمد وأحمد وأحمد.
ـ[القعنبي]ــــــــ[07 - 07 - 03, 02:52 م]ـ
الشيخ عمر المقبل ..
بالنسبة لمقولة الامام الحسن البصري فلا تصلح لنقض الاجماع الذي نقله غير واحد، وذلك ان من يصلي في جرحه معذور ويعفى عنه، وهذا مراد الامام الحسن فيما يظهر لي .. ولا خلاف في جواز الصلاة في الدم في حالة الضرورة، والله اعلم
وبالنسبة لعبارة الامام احمد فهي: الدم نجس لم يختلف فيه " وهذه العبارة جارية على اصل الامام احمد حيث انه ينكر من ينقل الاجماع بلفظ الاجماع ويقول: ليقل لا اعلم فيه خلافا او لا خلاف فيه او لم يختلف فيه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 07 - 03, 06:29 م]ـ
هل ينسب الى العلامة ابن عثيمين - القول بعدم نجاسة دم الآدمي؟؟ وأين ذكر ذلك؟
انظر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=6903&highl
نجاسة الدم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=5081&highlight=%E4%CC%C7%D3%C9+%C7%E1%CF%E3
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[10 - 12 - 03, 06:54 م]ـ
اشتقنا للأخ ابن وهب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/145)
ـ[نديم القلم]ــــــــ[11 - 12 - 03, 05:47 ص]ـ
يقول الأخ الفاضل:عمر المقبل:،فهل يفيدنا أخونا أحمد بما نقل عن أحمد،حشره الله مع أحمد وأحمد وأحمد.
العبارة توهم أنه أحمد بن حنبل، فهل يجوز ذلك، أليس فيها حكم لأحمد بالجنة ......
وإن كنت أظن أن الأخ يقصد النبي صلى الله عليه وسلم لكن العبارة موهمة بهذا السياق.
ـ[أبو محمد المكي]ــــــــ[30 - 12 - 08, 10:14 ص]ـ
أخي محمد الأمين رعاك الله قلت (ولو كان سؤالك على المسائل التي ادعى البعض فيها الإجماع وادعى البعض الإجماع على نقيضها لكان أحسن.)
ونقلت عدداً من الأمثلة ليس فيها اجماع متناقض بل غاية مافيه نقل اجماع وهناك نقل يخالفه فحسب, فهل تعلم أن هناك مسائل أدعي فيها الإجماع على قول معين ثم أُدعي الإجماع بخلافه؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 07 - 09, 01:42 ص]ـ
فهل تعلم أن هناك مسائل أدعي فيها الإجماع على قول معين ثم أُدعي الإجماع بخلافه؟
ذكر ابن القيم رحمه الله أنها نحو مائتي مسألة.
وأغلب ظني أن أكثر ما يقصده ابن القيم يدخل في مسائل الاعتقاد؛ لأنه يبعد وجود هذا العدد في المسائل الفقهية.
وينظر هنا للفائدة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=356
ـ[وفاءمرس]ــــــــ[15 - 01 - 10, 08:45 م]ـ
ماهي كتب الاجماع المعتمدة
ـ[محمد أمين حسيني]ــــــــ[14 - 06 - 10, 07:24 م]ـ
اشتقنا للأخ ابن وهب
نسأل الله عز وجل أن يرده سالما غانما ...
و كذا يا شيخ محمد أمين اشتقنا لك ...
ـ[أبو عبد الله ابن لهاوة]ــــــــ[14 - 06 - 10, 09:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
فماذا تصنعون بالمسألة التي نقل الإجماع فيها أكثر علماء أهل الإسلام من جميع المذاهب الأربعة.
والتي من كثرة ما تقصيت فيها في كتب المذاهب - حتى أني إذا اطّلعت على أي كتاب في الفقه أنظر فيه هذه المسألة.
ومن شدة ما تقصيت فيها: رأيت ابن حزم يحكي لي فيها الخلاف في المنام.
ألا وهي قولهم: وأجمع العلماء على جواز الأنساك الثلاثة في الحج.
وتقبّلوا مروري.
ـ[أبو عبد الله ابن لهاوة]ــــــــ[15 - 06 - 10, 12:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
وبعد البحث والتقصي في بعض المسائل التي اشتهرت فيها حكاية الإجماع: تبيّن لي أن الطبري وابن المنذر والطحاوي وابن عبد البر يعقدون الإجماع بقول الأكثرين.
وكذلك هو اختيار الجصاص من الحنفية.
وأومأ إليه الإمام أحمد.
وقول ابن قدامة تبعاً للغزالي والمتكلمين: لا ينعقد الإجماع بقول الأكثرين، لا يساعده النظر في تطبيقه هو نفسه في المغني.
وجاء ابن حزم فأعادها جذعة.
لكنها انقلبت عليه فقد حكى إجماعات فيها خلاف. والله أعلم.
ـ[طويلبة شنقيطية]ــــــــ[15 - 06 - 10, 01:07 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[15 - 06 - 10, 06:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا.(105/146)
الأخطاء العقدية في كتب الدكتور: عبد الكريم النملة [الجزء الثاني].
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[05 - 07 - 03, 11:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على عظيمِ فضله وواسع إحسانه، وأثني عليه الخير كلَّهُ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد سبق أن طرحت الجزء الأول من الأخطاء العقدية في كتب الدكتور: عبد الكريم النملة، على هذا الرابط:
الأخطاء العقدية في كتب الدكتور: عبد الكريم النملة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=9846)
وقد تفاعل الأخوة - والحمد لله - فوق ما كنت أتوقع، وذكر أكثر الأخوة بعض ما تعقبوا به الدكتور، ثم رأيت أن بعض الأخوة -هداه الله- قد هدد ووعد بسبب هذا الموضوع، مع أن الأمر لا يعدو إلا أن يكون ما رآه خطأ فيبينه ويوضحه، ذباً عن عرض أخيه المسلم، فكيف بشيخه ومن تتلمذ عليه!! أوأن يرى صواباً فيبينه لشيخه، وهذا من أقل واجب طالب العلم لشيخه، خاصة وأننا نتكلم في مسائل الاعتقاد!!
ثم رأيت من وضع ترجمة للشيخ - وفقه الله - وعلق بأن السبب في ذلك من تكلم بالشيخ وهو لا يعرفه، وهذا لا يقل حالاً عن سابقه!!
ثم رأيت من تمام الفائدة والنصح للمسلمين = أن أُبين وجه الخطأ فيما أنكرت، وقول أهل الحق والحديث في الخطأ الذي أذكره، وأذكر بعض المراجع لذلك؛ لأن سبب من أنكر هو عدم تصورهم لأصل المسألة!!
ولهذا أقول وبالله التوفيق، ومنه أستلهم العون والسداد:
• مسألة التحسين والتقبيح:
عند النظر في كتب الدكتور وجدتُ أنه يقرر هذه المسألة في عامة كتبه على طريقة الأشاعرة، وقد ذكرت في الجزء الأول أنه لم يُمَيَّز مذهب أهل السنة عن مذهب الأشاعرة عند رده على المعتزلة، ثم وجدته يقرر قول الأشاعرة، وينسبه لأهل السنة والجماعة، ومن ذلك ما ذكره في إتحاف ذوي البصائر (1/ 394)، حيث قال:
« ... لم قلتم - أيها المعترضون وهم المعتزلة-: أن للأفعال صفات في ذاتها لأجل هذه الصفات يُوجبُ الله تعالى الأفعال؟
هذا مخالف لما نحنُ عليه - وهو مذهب أهل السنة والجماعة- لأن مذهبنا: أن حسن الأفعال وقبحها مستفاد من أمر الشرع ونهيه، لا من ذواتها، ولا من صفات قامت بها، بل الحسن والقبح من الشرع، فللشرع فعل ما شاء من تعيين الواجب والنخيير فيه». انتهى كلامه بنصه!!
ولتوضيح الخطأ وأنه قول الأشاعرة أقول:
إن الحسن والقبح كما أنه يدرك بالشرع فإنه يدرك بالعقل، وهذا ما عليه أهل السنة والحديث، خلافاً للأشاعرة الذين لم يثبتوا في حقيقة الأمر حسناً أو قبحاً؛ لأن محصل قولهم كما نصوا عليه، أن الحسن والقبح هو عين الأمر والنهي، ولهذا لا ينقضي عجب المرء عندما يقف عند قول الدكتور: «مذهبنا: أن حسن الأفعال وقبحها مستفاد من أمر الشرع ونهيه، لا من ذواتها، ولا من صفات قامت بها»، فهل هو مدرك لحقيقة قوله!!
وللتوسع في هذه المسألة انظر: كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (8/ 431 - 436) فهو مهم جداً، وانظر: القضاء والقدر للمحمود ص248 - 257، المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين للعروسي ص74 - 83.
ولما لم يتبين للدكتو الفرق بين قول أهل السنة وقول الأشاعرة = نسب القول بأن الوقف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع لأكثر أهل السنة، وقد بينت في الجزء الأول بيان وجه الربط بين المسألتين.
ولهذا أيضا أقر ابن قدامة لما ذكر أن القول الائق بالمذهب هو التوقف، ولم يعترض عليه!!.
وللتوسع في هذه المسألة انظر: كتاب العروسي فقد تكلم عليها بكلام وافٍ.
• ومن الأخطاء في كتب الدكتور:
ما ذكره في تفسير اسم الله العلي حيث قال: (والعلي فعيل من العلو والعلاء، والعلاء الرفعة والسناء والجلال، تقول العرب: «فلان ذو علاء» إذا كان جليلاً عظيم الشأن والقدر، قال الحارث بن حلزة:
أو منعتم ما تسألون فمن حد ### ثتموه له علينا العلا.
وقال الخليل بن أحمد: «الله عز وجل هو العلي الأعلى المتعالي ذو العلاء والعلو» فالله هو العالي عن كل شيء بقدرته) انتهى كلامه.
هكذا عبارة الدكتور!! وهو تأويل لصفة العلو، وأنه علو قدرة!!
وقد نقلت الأقواس كما هي في كتاب الشيخ من باب الأمانة العلمية؛ حتى يتبين أن التأويل من مقوله لا من منقوله، فأين هذا من قول أهل السنة؟؟!
ولو كان من منقوله جدلاً، فأين الرد عليها، أو هو مقرٌ لها؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/147)
• ومن أخطاء الشيخ أيضاً:
كلامه في مسألة تكليف ما لا يطاق، ووجه خطأ الشيخ في هذه المسألة من أوجه:
أولا: أنه جعل مناط الخلاف في المحال لذاته، كالجمع بين الضدين، وهذا خطأ في تصور المسألة، بدليل أن ابن قدامة ذكر من أدلة القائلين بالجوازالوقوع؛ بدليل أن الله علم أن أبا جهل لا يؤمن وقد أمره بالإيمان ثم لم يتعقب هذا!!
وهذا الذي اعتمده الرازي في المحصول في أول المسألة (1/ 215) وما بعدها.
وذلك لأن هذه المسألة من تعلقات مسألة القدر، فمن قال بالجبر قال إن الله كلف العباد ما لا يطيقون، ومن قال بنفي القدر من المعتزلة، وغيرهم قال: إنه لا يمكن؛ بدليل التمثيل المذكور.
ثم عقب الدكتور بقوله في إتحاف ذوي البصائر (2/ 168):
«تنبيه: ليس تمثيل ابن قدامة بأبي جهل لخصوصه، بل يجوز أن يمثل للمسألة بكل كافر كان في عهده صلى الله عليه وسلم ومات على كفره، ذلك تجد بعض الأصوليين يذكر أبا جهل، وبعضهم يذك أبا لهب، حيث قال بعضهم ... إن أبا لهب قد كلفه الله عز وجل بالإيمان بجملة الشريعة، ومن جملتها أنه لا يؤمن؛ لأنه حكم عليه بتب اليدين، وصلي النار في قوله: (تبت يدا أبي لهب وتب) ... وذلك مؤذن أنه لايؤمن. وبعض الأصوليين يمثل بالكافر مطلقاً ومات على كفره» انتهى كلامه.
وإذا لاحظت المقدمة التي قدم بها، وهي ان المراد بالمحال هنا: المحال لذاته، فلا تستغرب أن يقول في الإتحاف (2/ 176): «لعلك لا حظت من خلال تدبرك لأدلة القائلين بأنه لا يجوز تكليف ما لا يطاق من أهل السنة والجماعة والأشاعرة: أن ليس مأخذهم هو أنه قبيح عقلاً كما صار إليه المعتزلة لما منعوا من جواز تكليف ما لا يطاق، بل مأخذ غير المعتزلة أن الفعل والترك لا يصحان من العاجز عن أن يوقعهما».
فكيف يسوى بين مذهب أهل السنة وبين مذهب الأشاعرة في هذه المسألة!! مع اختلاف القول فيها بين أهل السنة والجماعة، في الأصل والنتيجة.
انظر في هذه المسالة: مجموع الفتاوى (3/ 318) وما بعدها، والمسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين ص132 - 146.
• من الأخطاء في كتب الدكتور:
ما ذكره في مسألة الإرداة هل تستلزم الأمر؟ انظر مثلاً كلامه في المهذب (3/ 1313).
وهذه من المسائل المنبية على علم الكلام، والخلاف فيها راجع إلى أن عامة المخالفين لأهل السنة والحديث = جعلوا الإرادة واحدة، والأشاعرة جعلوها ترجع إلى الإرادة الكونية، فقالوا: إن الله يأمر بما لا يريد، إي: كوناً، وهذا راجع إلى قولهم في الجبر، والمعتزلة جعلوه راجعاً إلى الشرع، لقولهم في أفعال العباد، فقالوا: لا يأمر الله إلا بما يريد، فإذا علمت هذا فاعلم أن الدكتور رجح القول بأن الأمر لا يستلزم الإرادة، كما في غير كتاب من كتبه، وهذا بسبب عدم معرفته بأصل المسألة!!
وأما أهل السنة والحديث، فقالوا: إن الإرادة منقسمة إلى إرداة شرعية وكونية، وكما أن الأمر منقسم إلى كوني وشرعي، فالأمر الكوني يستلزم الإرادة الكونية، والأمر الشرعي يستلزم الإرادة الشرعية.
انظر في هذه المسألة: المسائل المشتركة للعروسي ص118، وما بعدها، القضاء والقدر للمحمود ص291 وما بعدها.
• وكذلك من الأخطاء أيضاً:
ما ذكره في المهذب (3/ 1421): هل يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعله؟ وهذه المسألة فرع عن المسألة قبلها، وهو راجع إلى القول بالقدر، لكن الدكتور ذكر مثالاً، وهو: إذا أمر الله تعالى عبده بالحج هذا العام، وهو يعلم أن هذا المأمور يموت في شوال - أي قبل الحج - فهل يجوز ذلك؟
قال الدكتور: «القول الأول: أنه يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعل المأمور به. وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق ... والقول الثاني: لا يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعل المأمور به، وهو مذهب المعتزلة».
• وكذلك من الأخطاء أيضاً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/148)
ما قرره الشيخ في جميع كتبه أن المتشابه هي آيات الصفات، ولو تأمل الشيخ لعلم أن مآل قوله هذا التفويض، وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية الرد على هذا القول، ومن ذلك ما ذكره في الفتاوى (13/ 294): «وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله؛ كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم، فالكلام على هذا من وجهين:
الأول: من قال: إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه، فنقول أما الدليل على [بطلان] ذلك؛ فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره = أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: تمر كما جاءت. ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه.
ونصوص أحمد والأئمة قبله = بينةٌ في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها ويفهمون منها بعض ما دلت عليه كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد والوعيد والفضائل وغير ذلك.
وأحمد قد قال في غير أحاديث الصفات: تمر كما جاءت، وفي أحاديث الوعيد مثل قوله: (من غشنا فليس منا) وأحاديث الفضائل، ومقصوده بذلك أن الحديث لا يحرف كلمه عن مواضعه، كما يفعله من يحرفه، ويسمى تحريفه تأويلا بالعرف المتأخر».
وله رحمه الله كلام نفيس انظره في الفتاوى: (17/ 402).
• وأيضا من الأخطاء:
أنه لما قرر أن آيات الصفات من المتشابه، لم يعلل ذلك بأنه وقع فيه اشتباه لطوائف من هذه الأمة مثلاً، بل بناه على أن الدليل على ذلك أنه لا يجوز الخوض في تأويلها أو تفسيرها، وما أشبه هذا الكلام بكلام المفوضة، ولا أدري من أي موضع نقله!! قال الدكتور: «المذهب الأول: أن المتشابه هو ما ورد من صفات الله تعالى في القرآن مما يجب الإيمان به، ويحرم التعرض لتأويله وتفسيره، والتصديق بأنه لا يعلم تأويله إلا الله تعالى، كوصفه سبحانه بالاستواء الوارد في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) واليدين الوارد في قوله: (لما خلقت بيدي) والعين الوارد في قوله: (تجري بأعيننا) والوجه الوارد في قوله: (ويبقى وجه ربك) وغير ذلك من الصفات التي اتفق السلف على إقرارها، وإمرارها على ما عليه، وترك تأويلها ... » - ثم ذكر مقولة مالك رحمه الله -
ثم قال: «وأما المحكم فهو ما أمكن معرفة المراد بظاهره، أو بدلالة تكشف عنه، أو بأي طريق من طرق المعرفة.
ذهب إلى ذلك كثير من العلماء، وهو الصحيح عندي، لقوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك .. » ثم ذكر الآية، ثم قال: «وجه الدلالة: ان الله ذم المبتغين لتأويل المتشابه، ووصفهم بأنهم يبتغون الفتنة، وسماهم أهل الزيغ، ولا يُذم إلا لعى تأويل الصفات كما أجمع على ذلك السلف رحمهم الله، فوكان المقصود بالمتشابه غير ذلك لما ذم الله المبتغين لتأويله».
• ومما ذكرته في الجزء الأول، واجملت القول فيه ما عرف العصمة فيه بقوله: هي سلب قدرة العبد عن المعصية، فهذا التعريف ذكره في المهذب (2/ 640)، حيث قال:
«والعصمة لغة: المنع والحفظ والوقاية، يقال: هذا طعام يعصم، أي يمنع من الجوع.
والعصمة في الإصطلاح: سلب قدرة المعصوم على المعصية، فلا يمكنه فعلها؛ لأن الله سلب قدرته عليها» انتهى كلامه.
وهذا التعريف هو عين تعريف الأشاعرة الجبرية القائلين بالجبر، وهو تعريف أبي الحسن الأشعري كما ذكره عنه الشهرستاني في الملل والنحل (1/ 102).
ولزيادة بحث هذه المسألة انظر: المسائل المشتركة ص257، وما بعدها.
• وأيضا فمن الأخطاء ما ذكر ابن قدامة وتابعه النملة عليه بأن السبب يحصل عنده الحكم، لا به، ونفي السببية مشهور أنه مذهب الأشاعرة!!
وانظر: المسائل المشتركة ص276.
هذا ما تيسر لي كتابته الآن مع ضيق الوقت، وكثرة الأشغال، فإذا يسر الله شيئا زدت ما تيسر بإذن الله تعالى.
وختاماً أسال الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا تابعين للحق قائلين به، والله أعلم
وكتب: ابن أبي حاتم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 07 - 03, 01:11 ص]ـ
أخي الفاضل .. ابن أبي حاتم ... واصل بارك الله فيك.
__________________________________________________
((لفتة مهجية في التعامل مع أخطاء بعض أهل العلم الأفاضل)):
@ كثيراً ما تحدو العاطفة ببعض طلبة العلم الأفاضل إلى المجاملة أو التغاضي عن الأخطاء، ولو كانت منتشرة (وفي العقيدة).
@ والشيخ النملة - جزاه الله خيراً - محفوظ له قدره في العلم والمشيخة والسن.
ولا تعارض - ألبتة - بين التعريف بشيءٍ من ترجمته وأفضاله ومناقبه، وبين بيان زلاته العقدية.
إذ ليس المراد من بيان هذه الأخطاء الطعن في الشيخ أو التزهيد في علمه؛ ولكن غاية ما في الأمر: التحذير من أخطائه العقدية التي لم يسلم منها أكثر الأصوليين.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/149)
ـ[الموحد99]ــــــــ[06 - 07 - 03, 04:40 ص]ـ
ومن الأخطاء أيضاً التي لوحظت على الشيخ في كتابه " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه "المجلد الأول والثاني فقط غير ما ذكره الأخوان
أولاً:
أنه وضع هذا الكتاب للطلاب كما في المقدمة وقد أحسن في شرحه فهو شرح مبسط ومريح لطالب العلم ولكن الشيخ لم يبين عقيدة السلف في مسائل العقيدة بياناُ شافياً وقد أخطأ في مواضع منها كما ذكر الأخوة وهذا يقلل من أهمية هذا الكتاب
ثانياً:
قال في ص62 ج 1: بل هو من علم الكلام الذي و هو من أصول الدين لأنه يبحث عما يجب لله تعالى وما يستحيل وما يجوز وما لا يجوز
[وهذا الكلام غير صحيح بل المأثور عن السلف ذم علم الكلام لا جعله هو أصول الدين قال الشيخ / ناصر العقل في كتابه "ص 14 بحوث في عقيدة أهل السنة والجماعة " وهناك اصطلاحات أخرى تطلقها الفرق - غير أهل السنة - على هذا العلم من أشهر ذلك:
علم اكلام: وهذا الإطلاق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة كا لمعتزلة والأشاعرة ومن يسلك سبيلهم وهو لا يجوز لأن علم الكلام حادث مبتدع ويقوم على التّقول على الله بغير علم ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد 0 أهـ]
ثالثاً:
قال في ص 76: فالمتكلم: وهو الذي يبحث عمّا يجب لله تعالى ولرسوله وما يجوز لهما وما يستحيل - ولا يسمّى فقيها
[وهذا الكلام فيه نظر
أولاً: ينظر ما سبق والمؤلف يثني كثير على أهل الكلام كما سيأتي إن شاء الله تعالى
ثانياً: السلف يعرفون توحيد الأسماء والصفات ويصفون الله تعالى بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة ومع ذلك لا يسمون متكلمين بل جاء عنهم ذم علم الكلام كما هو معروف مثل ما جاء عن الأئمة الأربعة وغيرهم
ثالثاً: الفقه على قسمين 1 فقه أكبر وهو علم العقيدة وينسب لإبي حنيفة الفقه الأكبر إن صحت النسبة؟!]
قال في ص 76 فمن جمع بين علم الكلام والعلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها فهو فقيه كالأئمة الأربعة!!! 000الخ
[وفي هذا نظر كما سبق ولو الإطالة لسقت أقوال الأئمة الأربعة في ذم علم الكلام كله]
رابعاً:
وقال في ص 325:
والمراد به كلام الله اللفظي وليس الكلام النفسي لأن الكلام اللفظي هو المبحوث عنه في الأصول إجمالاً والفقه تفصيلاً 000إلى أن قال لأن الكلام إما معنى نفسي أو قول دال 000 [هذه العبارة من الشيخ موهمة أن الشيخ يرى تقسيم الكلام إلى قسمين لفظي ونفسي وهذا مخالف لمعتقد أهل السنة موافق لعقيدة الأشاعرة
أو أن الشيخ ملخبط في باب العقيدة ولعل هذا هو الأقرب والله أعلم واستغفر الله من الزلل]
خامساً:
قال في ص 145:
إذا علمت هذا فاعلم أن الشريعة لها أصول وفروع 000وذكر الصلاة من الفروع [والمفترض من الشيخ أن يحقق مسألة هل في الدين أصول وفروع وجاء في الكتابات لشيخ الإسلام أنه يرى أن تقسم الدن الى أصول وفروع بدعة ولا يوجد ضابط لمعرفة أن هذا أصل وهذا فرع كمتا في منهاج السنة لإبن تيمية رحمه الله تعالى وغيره]
سادساً:
قال في ص402:
على أن الله تعالى له أن يفعل ما يشاء من غير نظر إلى حكمة أو غرض
وإما أن يكون ممن يعتبر الحكمة والغرض في أفعاله تعالى 000 [ثم استفاض الشيخ في الشرح ولم يعلق على لفظة " الغرض " وهذا من الخطأ الواضح لأن في هذا إيهام للطالب ان العبارة صحيحة مع أن العبارة لفظة مبتدعة كما ذكر ذلك أهل العلم راجع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى]
سابعاً:
قال في صفحة 406:
مع أن القرآن كله خير من غير تفاوت فيه [وهذا العبارة فيها إيهام كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " أعظم آية في كتاب الله تعالى 000 وقد ذكرأهل العلم هذه المسألة فالتراجع]
ثامناً:
لم يعلق على كلام امؤلف ابن قدامة لم ذكر أن الكلام قديم ص 456
تاسعاً:-ل
م يذكر تعريفاً للفرق الضالة كالأشاعرة والماتريدية وغيرها
هذا والله أعلم وأسأل الله أن يغفر لي وللشيخ الدكتور النملة وأن يرزقنا السداد وحسن الإعتقاد وكلنا يعلم قول إمام دار الهجرة ما منّا إلا راد ومردود عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[الموحد99]ــــــــ[06 - 07 - 03, 04:48 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/150)
ومن الأخطاء أيضاً التي لوحظت على الشيخ في كتابه " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه "المجلد الأول والثاني فقط غير ما ذكره الأخوان
أولاً:
أنه وضع هذا الكتاب للطلاب كما في المقدمة وقد أحسن في شرحه فهو شرح مبسط ومريح لطالب العلم ولكن الشيخ لم يبين عقيدة السلف في مسائل العقيدة بياناُ شافياً وقد أخطأ في مواضع منها كما ذكر الأخوة وهذا يقلل من أهمية هذا الكتاب
ثانياً:
قال في ص62 ج 1: بل هو من علم الكلام الذي و هو من أصول الدين لأنه يبحث عما يجب لله تعالى وما يستحيل وما يجوز وما لا يجوز
[وهذا الكلام غير صحيح بل المأثور عن السلف ذم علم الكلام لا جعله هو أصول الدين قال الشيخ / ناصر العقل في كتابه "بحوث في عقيدة أهل السنة والجماعة "ص 14 وهناك اصطلاحات أخرى تطلقها الفرق - غير أهل السنة - على هذا العلم من أشهر ذلك:
علم الكلام: وهذا الإطلاق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة كا لمعتزلة والأشاعرة ومن يسلك سبيلهم وهو لا يجوز لأن علم الكلام حادث مبتدع ويقوم على التّقول على الله بغير علم ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد 0 أهـ]
ثالثاً:
قال في ص 76: فالمتكلم: وهو الذي يبحث عمّا يجب لله تعالى ولرسوله وما يجوز لهما وما يستحيل - ولا يسمّى فقيها
[وهذا الكلام فيه نظر
أولاً: ينظر ما سبق والشارح يثني كثير على أهل الكلام كما يبدو من كتاباته
ثانياً: السلف يعرفون توحيد الأسماء والصفات ويصفون الله تعالى بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة ومع ذلك لا يسمون متكلمين بل جاء عنهم ذم علم الكلام كما هو معروف مثل ما جاء عن الأئمة الأربعة وغيرهم
ثالثاً: الفقه على قسمين 1 - فقه أكبر وهو علم العقيدة وينسب لإبي حنيفة الفقه الأكبر إن صحت النسبة؟! 2 - فقه الأحكام]
قال في ص 76 فمن جمع بين علم الكلام والعلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها فهو فقيه كالأئمة الأربعة!!! 000الخ
[وفي هذا نظر كما سبق ولو الإطالة لسقت أقوال الأئمة الأربعة في ذم علم الكلام كله]
رابعاً:
وقال في ص 325:
والمراد به كلام الله اللفظي وليس الكلام النفسي لأن الكلام اللفظي هو المبحوث عنه في الأصول إجمالاً والفقه تفصيلاً 000إلى أن قال لأن الكلام إما معنى نفسي أو قول دال 000 [هذه العبارة من الشيخ موهمة أن الشيخ يرى تقسيم الكلام إلى قسمين لفظي ونفسي وهذا مخالف لمعتقد أهل السنة موافق لعقيدة الأشاعرة
أو أن الشيخ ملخبط في باب العقيدة ولعل هذا هو الأقرب والله أعلم واستغفر الله من الزلل]
خامساً:
قال في ص 145:
إذا علمت هذا فاعلم أن الشريعة لها أصول وفروع 000وذكر الصلاة من الفروع [والمفترض من الشيخ أن يحقق مسألة: هل في الدين أصول وفروع؟ وجاء في كلام شيخ الإسلام أنه يرى أن تقسم الدين الى أصول وفروع بدعة ولا يوجد ضابط لمعرفة أن هذا أصل وهذا فرع كما في منهاج السنة لإبن تيمية رحمه الله تعالى وغيره]
سادساً:
قال في ص402:
على أن الله تعالى له أن يفعل ما يشاء من غير نظر إلى حكمة أو غرض
وإما أن يكون ممن يعتبر الحكمة والغرض في أفعاله تعالى 000 [ثم استفاض الشيخ في الشرح ولم يعلق على لفظة " الغرض " وهذا من الخطأ الواضح لأن في هذا إيهام للطالب ان العبارة صحيحة مع أن العبارة لفظة مبتدعة كما ذكر ذلك أهل العلم راجع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى]
سابعاً:
قال في صفحة 406:
مع أن القرآن كله خير من غير تفاوت فيه [وهذا العبارة فيها إيهام كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " أعظم آية في كتاب الله تعالى 000 وقد ذكرأهل العلم هذه المسألة فالتراجع]
ثامناً:
لم يعلق على كلام امؤلف ابن قدامة لم ذكر أن الكلام قديم ص 456
تاسعاً:-ل
لم يذكر تعريفاً للفرق الضالة كالأشاعرة والماتريدية وغيرها تعريفا شافياً
هذا والله أعلم وأسأل الله أن يغفر لي وللشيخ الدكتور النملة وأن يرزقنا السداد وحسن الإعتقاد وكلنا يعلم قول إمام دار الهجرة ما منّا إلا راد ومردود عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[06 - 07 - 03, 09:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي ابن ابي حاتم ....
ـ[خالد بن عبدالله بن ناصر]ــــــــ[06 - 07 - 03, 02:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً جميعاً
وجزى الله ابن أبي حاتم على حسن أدبه و رده ..
ونريد أن تواصل حفظك الله.
حقيقة أستفدنا من هذه الرد والتنبيه على ماظهر من الأخطاء
ونسأل الله أن ينفع بها الدكتور: عبد الكريم النملة و يزيدنا علم
اللهم أنا نسألك العلم النافع والعمل الصالح(105/151)
سؤال في أصول الفقه
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[09 - 07 - 03, 08:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله إخواني الكرام، لدي سؤال وهو متعلق بمذهب الإمام أبي حنيفة.
أعلم أن عند الإمام أبي حنيقة رضي الله عنه الأحكام التكليفية مقسمة إلى 7 أقسام:
الفرض، الواجب، المندوب، المباح، المكروه، المكروه كراهة التحريم، والمحرم.
الآن .. من يأتي بفعل مكروه كراهة التحريم .. هل يعتبرونه (أى الأحناف) آثماً؟
أرجو ذكر المصدر إن أمكن، وجزاكم الله خيراً
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[09 - 07 - 03, 10:19 ص]ـ
أخى الحبيب هو آثم عند الحنفيه ...
والمكروه كراهة التحريم هو عندهم يقابل الواجب ... والمحرم يقابل الفرض .... على تقسيمهم.
فيكون المكروه كراهة تحريم هو النهى لكن لم يثبت بطريق قطعى وانما ثبت بطريق ظنى.
اما ما ثبت بطريق قطعى فهو محرم.
فكلاهما يأثم فاعله لكنه مقسم على نفس طريقتهم في تقسيم الواجب والفرض
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[09 - 07 - 03, 12:38 م]ـ
جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم(105/152)
تخصيص القول العام بالفعل (للمدارسة)
ـ[المحقق]ــــــــ[10 - 07 - 03, 01:40 م]ـ
إخواني الكرام ..
من مباحث أصول الفقه العام و التخصيص و من مسائله:
تخصيص العام بأفعال الرسول صلى الله عليه و سلم
فمثلا: لو حرم النبي صلى الله عليه و سلم باللفظ العام ثم فعل بعضا مما يندرج تحت العموم، فإن جماعة من الأصوليين يقولون هنا: بالتخصيص.
الموضوع المراد بحثه:
هل يجوز تخصيص العام بفعل لا يعارض العموم بل يوافقه إيجابا أو سلبا ..
يعني قصر أفراد العام على أفعال المصطفى صلى الله عليه و سلم؟؟
أرجو المباحثة مع التوثيق ..
و لعلي أرى مشاركة المشايخ الفقيه و ابن وهب
ـ[ابوفيصل]ــــــــ[16 - 07 - 03, 02:20 ص]ـ
قال العلامة ابن عثيمين في المجلد الثالث من الممتع عند الكلام على تحريك السبابة في الجلوس بين السجدتين:
لدينا قاعدة ذكرها الأصوليون، وممن كان يذكرها دائماً الشوكاني في «نيل الأوطار» والشنقيطي في «أضواء البيان» أنه إذا ذُكِرَ بعضُ أفراد العام بحكم يُطابق العام، فإن ذلك لا يَدلُّ على التَّخصيص، إنما التخصيص أن يُذكر بعضُ أفراد العام بحكم يُخالف العام.
مثال الأول: قلت لك: أكرمِ الطَّلبةَ، هذا عام يشمل كلَّ طالب، ثم قلت: أكرم فلاناً وهو من الطلبة، فهل يقتضي هذا ألَّا أُكْرِمَ سواه؟ الجواب: لا، لكن يقتضي أن هناك عناية به من أجلها خَصَّصْتُهُ بالذِّكر.
ومثال الثاني: أكرمِ الطَّلبةَ، ثم قلت: لا تكرم فلاناً وهو من الطلبة، فهذا تخصيص؛ لأنني في الأول ذكرت فلاناً بحكم يوافق العام لدخوله في العموم، وهنا ذكرته بحكم يخالف العام، ولهذا يقولون في تعريف التَّخصيص: تخصيص بعض أفراد العام بحكم مخالف. أو: إخراج بعض أفراد العام من الحكم. فلا بُدَّ أن يكون مخالفاً، أما إذا كان موافقاً فإن جمهور الأصوليين كما حكاه صاحب «أضواء البيان» يرون أنه لا يفيد التَّخصيص.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 07 - 03, 03:18 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قوله: «ومتنفِّلٍ راكبٍ سَائرٍ في سَفَرٍ»، هذه هي المسألة الثَّانية، «المتنفِّل» أي: المصلِّي نافلة إذا كان راكباً، واشترط المؤلِّف شرطين:
أحدهما: أن يكون سائراً.
الثاني: أن يكون في سفرٍ.
فأمَّا الماشي فسيأتي حكمُه.
وعُلِمَ من كلامه أن النَّازل في السَّفر يلزمه استقبال القِبْلة، وأنَّ السَّائر في الحضر يلزمه استقبال القِبْلة.
فإذا قال قائل: هذا استثناء من عموم نصوص الكتاب والسُّنَّة، فقد قال الله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه) (البقرة: من الآية150). وهذا عموم من أقوى العمومات، فإنَّ قوله {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ) (البقرة: من الآية150)} جملة شرطيَّة من أقوى العمومات؛ فما الذي أخرج هذه الحال من هذا العموم؟
فالجواب: أخرجتها السُّنَّة؛ بفعل الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام، فقد ثبت في «الصَّحيحين» وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي النَّافلة على راحلته حيثما توجَّهتْ به، غير أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة، فهذه السُّنَّة خصَّصت عموم الآيات والحديث.
فإن قال قائل: أفلا يُمكن أن يكون هذا قبل وجوب استقبال القِبْلة؟
قلنا: لا يمكن؛ لأنَّ الصحابة استثنوا الفرائض، فدلَّ هذا على أنَّه بعد وجوب استقبال القِبْلة.
فإذا قال قائل: ما نوع هذا التَّخصيص؟ قلنا: هذا في الحقيقة من غرائب التَّخصيصات؛ لأنه قرآنٌ خُصَّ بسُنَّةٍ، وقولٌ خُصَّ بفعلٍ، يعني: لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: من تنفَّلَ في السَّفر فلا يستقبل. ومعلومٌ أن تخصيص قول بفعلٍ، أضعف من تخصيص قول بقول؛ لاحتمال الخصوصية، ولاحتمال العُذر، بخلاف القول.
وأيضاً: تخصيص القرآن بالسُّنَّة أضعف من تخصيص القرآن بالقرآن.
ولكن نقول: إن السُّنَّة تكون من الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الله الصَّريح؛ أو بأمره الحُكمي الذي يُقِرُّ الله فيه نبيَّه على ما قالَ أو على ما فعلَ، ولهذا إذا فعل الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام شيئاً لا يُقِرُّهُ الله عليه بَيَّنَه، كما قال الله تعالى له: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43)، وقال تعالى) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك) (التحريم: من الآية1)، وقال (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه) (الأحزاب: من الآية37).
فإذاً؛ نقول: إن فعل الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام في تَرْكِ استقبال القِبْلة في التنفُّل في السَّفر كان بأمر الله الحُكمي؛ لأنه أقرَّه، فيكون ما جاءت به السُّنَّة كالذي جاء به القرآن تماماً في أنه حُجَّة.
" الشرح الممتع " الجزء الثاني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/153)
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[20 - 07 - 03, 11:13 ص]ـ
> البحر المحيط > مباحث العام > فصل في تعريف المخصص > البحث الثالث في تخصيص المظنون بالقطع >
مسألة [التخصيص بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم على القول بأنه شرع لأمته] إذا قلنا بأن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم شرع لأمته، فذهب الأكثرون من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم إلى التخصيص به. قال الشيخ أبو حامد هذه إذا قلنا: إنها على الوجوب أو الندب. فإن قلنا: بالتوقف، فلا يتصور التخصيص، لأنها غير دالة على شيء. انتهى. ونفاه الأقلون منهم الكرخي، واختاره ابن برهان، وحكاه الشيخ في اللمع " عن بعض أصحابنا. ونقل صاحب الكبريت الأحمر " عن الكرخي وغيره من الحنفية المنع إذا فعله مرة، لاحتمال أنه من خصائصه. ثم قال: أما إذا تكرر الفعل، فإنه يخص به العام بالإجماع. والثالث وحكاه القاضي عبد الوهاب في الملخص "، التفصيل بين الفعل الظاهر فيخص به العموم، وبين الفعل المستتر فلا يخص به.
الرابع: التفصيل بين أن لا يظهر كون الفعل من خصائصه، فيخص به العموم، فإن اشتهر كونه من خصائصه فلا يخص به العموم، وجزم به سليم في التقريب ". وقال إلكيا الطبري: إنه الأصح. قال: ولهذا حمل الشافعي {تزويج ميمونة، وهو محرم} على أنه كان من خصائصه. والخامس: الوقف ونقل عن عبد الجبار. وشرط أبو الحسين بن القطان في كتابه لجواز التخصيص به كونه منافيا للظاهر. قال: فأما الفعل الموافق للظاهر فإنه لا يجوز التخصيص به، كقوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا} فلو أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق مجن أو رداء فقطعه، لم يدل على تخصيص القطع بذلك المسروق، لأنه بعض ما اشتملت عليه الآية. قلت: وينبغي لأبي ثور أن يخالف في هذا كما سبق. وقال الغزالي: إنما يخص الفعل إذا عرف من قوله أنه قصد به بيان الأحكام، كقوله: {صلوا كما رأيتموني أصلي} و {خذوا عني مناسككم}، فإن لم يبين أنه أراد به البيان فلا يرتفع أصل الحكم بفعله المخالف، ولكنه قد يدل على التخصيص، {كنهيه عن الوصال، ثم واصل}. وقال: {إني لست كأحدكم}. فبين أنه لم يرد بفعله بيان الحكم. وكذلك {نهيه عن استقبال القبلة واستدبارها ثم رآه ابن عمر مستدبرا للكعبة}، فيحتمل أنه تخصيص، لأنه كان بيانا للحكم والنهي. والنهي مطلقا، ويحمل أنه كان مخصوصا به. وفصل الآمدي بين أن يكون العام شاملا له، كما لو قال: ترك الوصال واجب على كل مسلم ثم رأيناه قد واصل، فلا خلاف أن فعله يدل على إباحته في حقه، ويكون مخصصا له؛ وأما بالنسبة إلى غيره، فإن قلنا: التأسي به واجب ارتفع العموم، وصار نسخا؛ وإن قلنا: ليس بواجب بقي العموم في حق الأمة، وإن كان عاما للأمة دونه ففعله لا يكون تخصيصا؛ لعدم دخوله فيه وإن قيل أيضا بوجوب المتابعة على الأمة كان نسخا في حق الأمة لا تخصيصا، ثم قال: وهذا [هو] التفصيل ولا أرى للخلاف في التخصيص بفعله وجها. قال: فإن كان المراد تخصيصه وحده فلا يتأتى فيه خلاف، أو تخصيص غيره فلا تخصيص؛ بل نسخ، مع أنهم فرضوا المسألة في التخصيص. ثم قال: والأظهر عندي الوقف؛ لأن دليل التأسي عام، فليس مراعاة أحد العمومين أولى من مراعاة الآخر، وذكر الهندي في النهاية " هذا التفصيل وحكى فيما إذا كان عاما للأمة دونه، فالفعل لا يكون مخصصا له، لعدم دخوله. وهل يكون تخصيصا أو نسخا في حق الأمة، فيه التفصيل. وقد احتج أصحابنا بأن الصحابة خصت قوله عليه السلام في الجمع بين الجلد والرجم بفعله في رجم ماعز والغامدية قال ابن السمعاني: وعندي أن هذه بالنسخ أشبه، وهو كما قال. ومثله القفال الشاشي برجمه ثم قال: فهو يدل على تخصيص آية الجلد بالأبكار.
http://feqh.al-islam.com/Display.asp?Mode=1&MaksamID=620&DocID=44&ParagraphID=786&HitNo=24&Source=0&SearchString=G%241%23%C7%E1%CA%CE%D5%ED%D5%230%230 %230%23%23%23%23%23&Diacratic=1
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 - 07 - 03, 05:11 م]ـ
هذا الكلام حول تخصيص قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفعله، فهل تعلمون من قال بتخصيص النصوص بفعل الصحابي؟ وأقصد من المتقدمين
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 03, 05:13 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/154)
البحر المحيط > مباحث العام > فصل فيما ظن أنه من مخصصات العموم > التخصيص بقول الصحابي
[التخصيص بقول الصحابي] المسألة الثانية: أن يكون الخبر عاما فيخصه الصحابي بأحد أفراده، فإما أن يكون هو الراوي له أو لا الضرب الأول: أن لا يكون هو راويه، كحديث أبي هريرة: {ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة}. وحديث علي: {قد عفوت لكم عن صدقة الخيل، والرقيق} وقد روي عن ابن عباس تخصيص الخيل بما يغزى عليها في سبيل الله، فأما غيرها ففيها الزكاة، وعن عثمان تخصيصه بالسائمة، وأخذ من المعلوفة الزكاة، وعن عمر نحوه. فقال الأستاذ أبو منصور، والشيخ أبو حامد الإسفراييني، وسليم، والشيخ في اللمع ": يجوز التخصيص به إذا انتشر، ولم يعرف له مخالف، وانقرض العصر عليه، لأن ذلك إما إجماع أو حجة مقطوع به على الخلاف. وأما إذا لم ينتشر في الباقين، فإن خالفه غيره فليس بحجة قطعا، وإن لم يعرف له مخالف فعلى قوله في الجديد، ليس بحجة، فلا يخص به، وعلى قوله القديم: هو حجة، تقدم على القياس، وهل يخص به العموم؟ فيه وجهان: أحدهما: أنه يخص به، لأنه على هذا القول أقوى من القياس، وقد ثبت جواز التخصيص بالقياس فكان بما هو أقوى منه أولى. والثاني: لا يخص لأن الصحابة كانت تترك أقوالها لظاهر السنة. قال الشيخ أبو إسحاق: والمذهب أنه لا يجوز التخصيص به. وما ذكروه من حكاية الوجهين تفريعا على القول بحجيته، حكاه القفال الشاشي في كتابه أيضا، والقاضي أبو الطيب في شرح الكفاية "، ونقلهما عن أبي علي الطبري في الإيضاح ". وما ذكروه من تخريج القول بكونه تخصيصا على القديم فهو مبني على المشهور من مذهب الشافعي في الجديد: أن قول الصحابي ليس بحجة، لكن سيأتي - إن شاء الله تعالى - أنه منصوص للشافعي في الجديد أيضا، ولذلك اعتقد مذهب معمر بن نضلة في تخصيصه الاحتكار بالطعام حالة الضيق على الناس، ولم يعتقد قول ابن عباس في تخصيص المرتد بالرجل دون المرأة، ولا قول من خص نفي الزكاة عن الخيل ببعض أصنافها. أما على القول المشهور في الجديد من أن قول الصحابي ليس بحجة أو لأن غيرهم من الصحابة قد خالفوهم، فقد روي عن علي أنه قتل المرتدة، وعن عمر أنه امتنع من أخذ الزكاة عن الخيل، لما سأله أربابها ذلك، وإذا اختلفت الصحابة تعارضت أقوالهم فبقي العام على عمومه وما جزموا به من التخصيص إذا لم يعلم مخالف فليس كذلك، فقد ذكر القفال الشاشي في هذه الحالة خلافا مبنيا على الخلاف في تقليده، وفيه نظر، لأن هذه محل وفاق كما سيأتي. وقال أبو الحسين بن القطان: ذهب عامة أصحابنا إلى أن تخصيص الظاهر بقول الصحابي لا يقع. وقال بعضهم: يجب أن يخص الظاهر به إذا قلنا بوجوب قبول قوله إذا انتشر، وإن لم يصادمه قياس، لأنا نقدمه على القياس، فإذا خص بالقياس كان بأن يخص بقوله الذي هو مقدم على القياس أولى، ثم قال الشيخ أبو حامد: فأما إذا كان الخبر غير محتمل أو عارضه قول صحابي فإنه يعمل بالخبر، ويترك قول الصحابي. وقال أبو حنيفة: إن كان الصحابي ممن يخفى عليه الخبر عمل بالخبر، وإن كان ممن لا يخفى عليه فالعمل بقول الصحابي، ولهذا يقولون: من شرط صحة خبر الواحد أن لا يعترض عليه بعض السلف.
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 03, 05:29 ص]ـ
[تخصيص الحديث بمذهب راويه من الصحابة] الضرب الثاني: أن يكون هو الراوي، كحديث ابن عباس: {من بدل دينه فاقتلوه} فإن لفظة: " من " عامة في المذكر والمؤنث وقد روي عن ابن عباس أن المرأة إذا ارتدت تحبس ولا تقتل، فخص الحديث بالرجال، فإن قلنا: قول الصحابي حجة، خص على المختار. وقال القاضي في مختصر التقريب ": وقد نسب ذلك إلى الشافعي في قوله الذي يقلد الصحابي فيه، ونقل عنه أنه لا يخصص به، إلا إذا انتشر في هذا العصر، ولم ينكره، وجعل ذلك نازلا منزلة الإجماع. وإن قلنا: قوله: غير حجة فهو موضع الخلاف. والصحيح: أنه لا يخص به، خلافا للحنفية والحنابلة. وشبهتهم أن الصحابي العدل لا يترك ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ويعمل بخلافه إلا لنسخ ثبت عنده، ولنا أن الحجة في اللفظ وهو عام، وتخصيص الراوي لا يصلح أن يكون معارضا، لأنه يجوز أن يكون خصه بدليل لا يوافق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/155)
عليه لو ظهر، فلا يترك الدلالة اللفظية المحققة لمحتمل. قال ابن دقيق العيد: وقد يخالف في هذا ويقول: إن القرائن تخصص العموم، والراوي يشاهد من القرائن ما لا يشاهده غيره، وعدالته وتيقظه مع علمه بأن العموم مما لا يخص إلا بموجب مما يمنعه أن يحكم بالتخصيص إلا بمستند، وجهالته دلالة ما ظنه مخصصا على التخصيص يمنع منه معرفته باللسان، وتيقظه. ا هـ. وجزم الأستاذ أبو منصور، والشيخ في شرح اللمع " في هذا الضرب بأن مذهبه لا يخصص عموم الحديث. وقال سليم: لا يخصه على القول الجديد، وكلام من جزم محمول على التفريع على هذا القول، فإن تخريج المسألة على أن قول الصحابي حجة أم لا، لا فرق فيه بين أن يكون هو الراوي له أم لا، لأن تخصيصه يدل على أنه اطلع من النبي عليه السلام على قرائن حالية تقتضي التخصيص، فهو أقوى من التخصيص بمذهب صحابي آخر لم يرو الخبر، ولعله لم يبلغه، ولو بلغه لم يخالفه بإخراج بعضه. وإلى هذه الأولوية يرشد كلام ابن الحاجب في المختصر " بقوله: مذهب الصحابي لا يخصص، ولو كان الراوي، خلافا للحنفية والحنابلة. واختار الآمدي والرازي وفصل بعضهم، فقال إن وجد ما يقتضي تخصيصه به، لم يخص بمذهب الراوي بل به، إن اقتضى نظر الناظر فيه ذلك وإلا خص بمذهب الراوي وهو مذهب القاضي عبد الجبار. ومثل الشيخ في شرح اللمع " هذا القسم بحديث {ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة}. قال: وحمله الحنفية على فرس الغازي لقول زيد بن ثابت، وهذا فيه نظر. فإن الحديث لا يعرف من طريق زيد. وقال ابن القشيري: إذا روى الصحابي خبرا، وعمل بخلافه، فالذي نقله إمام الحرمين أن الاعتبار بروايته لا بفعله. ونقل القاضي أن مجرد مذهب الراوي لا يبطل الحديث ولا يدفعه، لكن إن صدر ذلك المذهب منه مصدر التأويل والتخصيص فيقبل، وتخصيصه أولى. وعند الحنفية لا يجوز الاحتجاج بما رواه إذا كان عمله مخالفا. وحكى القاضي عن عيسى بن أبان أن الصحابي إذا كان من الأئمة وعمل بخلاف ما روي كان دليلا على نسخ الخبر. قال والاختيار ما ذكره إمام الحرمين، وهو إنا إن تحققنا نسيانه للخبر الذي رواه، أو فرضنا مخالفته لخبر لم يروه وجوزنا أنه لم يبلغه فالعمل بالخبر وإن روى خبرا مقتضاه رفع الحرج والحرج فيما سبق فيه تحريم وحظر، ثم رأيناه يتحرج فالاستمساك بالخبر، وعمله محمول على الورع. وإن ناقض عمله روايته، ولم نجد محملا في الجميع امتنع التعلق بروايته، فإنه لا يظن بمن هو من أهل الرواية أن يعمد إلى مخالفة ما رواه إلا عن سبب يوجب المخالفة. والحاصل: أنه إن فعل ما له فعله فلا احتجاج بما رواه، وإن فعل ما ليس له فعله أخرجه ذلك عن رتبة الفقه. قال ابن القشيري: وعلى هذا فلا يقطع بأن الحديث منسوخ، كما صار إليه ابن أبان، ولعله علم شيئا يقتضي ترك العمل بذلك الخبر. ويتجه هاهنا أن يقال: لو كان ثم سبب يوجب رد الخبر لوجب على هذا الراوي أن يثبته، إذ لا يجوز ترك ذكر ما عليه مدار الأمر، والمحل محل التباس، ثم قال الإمام: إذا روى الراوي خبرا، وكان الظاهر أنه لم يحط بمعناه فمخالفته للخبر لا تقدح في الخبر وإن لم يدر أنه ناس للخبر أو ذاكر لما عمل بخلافه فالتعلق بالخبر، لأنه من أصول الشريعة، ونحن على تردد فيما يدفع التعلق به، فلا يدفع الأصل بهذا التردد، بل إن غلب على الظن أنه خالف الحديث قصدا ولم نحققه، فهذا يعضد التأويل ويؤيده، ويحط مرتبة الظاهر، ويخص الأمر في الدليل الذي عضده التأويل. وقال إلكيا وابن فورك: المختار أنا إن علمنا من حال الراوي أنه إنما حمل على ذلك بما علم من قصد النبي صلى الله عليه وسلم، وجب اتباعه لئلا يفضي إلى مخالفة النبي عليه السلام، وإن حمله على وجه استدلال أو تخصيصا بخبر آخر فلا يجب اتباعه. قلت: وسكتا عن حالة ثالثة، وهي إذا لم يعلم الحال. وكأنها موضع الخلاف، وإليه يشير كلام القاضي عبد الوهاب في الإفادة " فالأحوال إذن ثلاثة: أحدهما أن يعلم من قصد النبي عليه السلام ومخرج كلامه أن المراد الخصوص فيجب اتباع الراوي فيه. الثاني: أن يعلم أنه خص الخبر بدليل آخر، أو ضرب من الاستدلال فيجب استعمال الخبر قطعا. الثالث: أن لا يعلم ما لأجله خص الخبر، وأمكن أن يكون بدليل، فهذا موضع الخلاف والراجح تقديم الخبر. وقال الشيخ أبو حامد: إنما يقبل قول الراوي للخبر إذا كان الخبر محتملا لمعنيين قال: وأجمع المسلمون أنه إذا أريد به أحدهما فإذا فسره بأحد محتمليه أخذنا به كما في حديث: {المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا} حيث فسره بالتفرق بالأبدان. فأما ما في غير ذلك فلا يقبل، وهذا مذهبنا، وبه قال الكرخي وذهب أبو حنيفة وأصحابه خلافا للكرخي إلى أنه يخص عموم الخبر، وترك ظاهره بقول الراوي وبمذهبه ولا يقبل قوله في تفسير الخبر بأحد محتمليه، فالمكان الذي نقبل قوله فيه لا يقبلونه، والمكان الذي يقبلونه لا نقبله
http://feqh.al-islam.com/Display.asp?Mode=1&MaksamID=620&DocID=44&ParagraphID=792&HitNo=24&Source=0&SearchString=G%241%23%CA%CE%D5%ED%D5%20%230%230%23 0%23%23%23%23%23&Diacratic=1
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/156)
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 03, 05:41 ص]ـ
تكرار، حذف
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 03, 05:41 ص]ـ
تكرار
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 03, 06:03 ص]ـ
!!!(105/157)
ملاحظة في علم أصول الفقه للشيخ/ عبدالله الفوزان
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[16 - 07 - 03, 02:27 ص]ـ
قال الشيخ - حفظه الله -:
الملاحظ في كتب الأصول التي تشكل جناحًا مستقلا في المكتبة أقول: إن هذه الكتب يلاحظ فيها على اختلاف مناهجها، وتباين وجهات نظر مؤلفيها يلاحظ فيها ثلاثة أمور:
الأمر الأول: صعوبة العبارة في غالبها، مما يجعل معظم الطلاب يشكون من صعوبة أصول الفقه، وانغلاق عبارته.
الأمرالثاني: أن معظم هذه المؤلفات أدخل فيها ما ليس منها، أدخل في أصول الفقه مباحث ليست من أصول الفقه، كبحثهم في مبدأ اللغات، وفي عصمة الأنبياء، وفي تكليف الكفار، وهل هم مطالبون بفروع الشريعة؟ أو بمعنى أدق: هل هم مطالبون بالأوامر والنواهي؟ وتكليف المعدوم، إلى غير ذلك من المباحث، وهذه المباحث ليست من أصول الفقه.
ولهذا قرر الشاطبي -رحمه الله تعالى- في كتابه الموافقات أن الأصول ما أضيف إلى الفقه إلا لأجل أن يكون خادمًا للفقه، ومعينًا على الفقه، وعليه -وهذا من معنى كلامه- فكل مسألة في أصول الفقه لا تخدم الفقه فليست من الأصول؛ ولعل السبب في هذا الأمر -أعني الثاني وما قبله- هو أن معظم من كتبوا في أصول الفقه هم من علماء الكلام وفرسان المنطق، فدخلت عباراتهم وعلومهم في أصول الفقه، كما نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والأمر الثالث: الذي يلاحظ في كتب الأصول هو: عنايتها بالجانب النظري دون الجانب التطبيقي التمثيلي؛ لأن معظم قواعد أصول الفقه قررت بطريقة لم يكن فيها عرض أمثلة كافية من الكتاب والسنة؛ ولهذا فإن هذه الأمور الثلاثة تدعو الحاجة -في زماننا هذا- إلى تلافيها، وتذليل الصعوبات أمام دارسي الأصول؛ ولهذا نجد أن العلماء -رحمهم الله- ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، تبعه على هذا تلميذه ابن القيم، ومن قبلهم أيضًا ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله، ثم ما سلكه المتأخرون المعاصرون من التأليف في أصول الفقه، وعرضه بأسلوب جديد فيه محافظة على قواعد المتقدمين، وما أصلوه، ولكن من جانب آخر اتجهت العناية إلى أمرين:
الأمر الأول: إبعاد المباحث التي ليس لا علاقة بالأصول من الأصول.
والمبحث الثاني: العناية بضرب المثال، وتوضيح القاعدة.
المرجع: شرح الرسالة اللطيفة في أصول الفقه لابن سعدي.
للشيخ/ عبدالله الفوزان(105/158)
هل تقدم المصلحة على النص؟
ـ[النحوي]ــــــــ[19 - 07 - 03, 10:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
قال لي أحد الإخوان اليوم إن المشايخ ينكرون هذه القاعدة
لكنهم يعملون بها ويفتون بها في هذا الزمان هل هذا صحيح؟
ـ[عبد اللطيف سالم]ــــــــ[19 - 07 - 03, 11:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أية قاعدة الله يهديك
وهل اذا وجد النص ظل للاجتهاد نصيب!!!!!؟؟؟
الاجتهاد اذا كان النص ليس ظاهر الدلالة او هناك اختلاف في دلالته
ـ[محب الحديث]ــــــــ[20 - 07 - 03, 12:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أخي النحوي زادك الله حرصا على طلب العلم
هذه بعض الكلمات التي استفدتها من الشيخ عدنان العرعور حفظه الله أثناء إجابته عن نفس سؤالك، وهذا ما فهمته منه حفظه الله إذ قال:
( .. الأصل اتباع النص، ففيه كل المصلحة، مصلحة الدنيا والآخرة، وكل من عارض نصا بمصلحة أو هوى أو ما شابه ذلك يُعد ضالا.
قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمن إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
ويكون النظر إلى المصلحة في أحد الأمور التالية:
- عند انعدام النص.
- أو عند تزاحم النصوص.
كالحج والزواج، فيكون للمصلحة حق الترجيح، وكمن عنده امرأة سيئة الخلق ولها أطفال، فإن طلقها طاعة للنبي في تطليق سيئة الخلق وقع في مفسدة ضياع الأولاد!
فيكون للمصلحة حق ترجيح أحد النصين على الآخر عمليا، وليس لعموم الناس 000)
هذا يا أخي النحوي ملخص قول الشيخ، وأسأل الله أن ينفعك به.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[20 - 07 - 03, 07:32 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل النحوي
مسالة تقديم المصلحة على النص ذهب إليها نجم الدين الطوفي في كتابه (التعيين في شرح الأربعين) ص 283 ومابعدها من شرح حديث (لاضررولاضرار (ضعيف)) وكذلك ذكرها في شرحه على مختصر الروضة ((3/ 214 - 217) وقد ألفت رسائل معاصرة حول هذه المسألة منها (المصلحة في التشريع ونجم الدين الطوفي) للدكتور مصطفى زيد، ومنها (نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي) للدكتور حسين حامد، وغيرها
وقد ذكر الطوفي في شرحه للأربعين ص237 وما بعدها أن الأدلة عند الأصوليين تسعة عشر دليلا ثم ذكرها (الكتاب والسنةوالإجماع 000)
ثم قال (وهذه الأدلة التسعة عشر أقواها النص والإجماع، ثم هما إما أن يوافقا رعاية المصلحة أو يخالفاها
فإن والفاها فبها ونعمت ولا نزاع إذ قد اتففت الأدلة الثلاثة على الحكم وهي النص والإجماع و رعاية المصلحة المستفادة من قوله صلى الله عليه وسلم ((لا ضرر ولا ضرار)) (لايصح).
وإن خالفاها: وجب تقديم رعاية المصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان لهما لا بطريق الافتيات عليهما والتعطيل لهما، كمال تقدم السنة على القرآن بطريق البيان.
وتقرير ذلك: أن النص والإجماع لإما أن لايقضيا ضررا ولا مفسدة بالكلية أو يقضيا ذلك
فإن لم يقضيا شيئا من ذلك فهما موافقان لرعاية المصلحة، وإن اقتضيا ضررا فإما أن يكون مجموع مدلوليهما أو بعضه، فإن كان كجكوع مدلوليهما ضررا فلا بد أن يكون من قبيل ما استثني من قوله عليه الصلاة والسلام ((لا ضرر ولا ضرار)) وذلك كالحدود والعقوبات على الجنايات.
وإن كان الضرر بعض مدلوليهما فإن اقتضاه دليل خاص اتبع الدليل فيه، وإن لم يقتضهما خاص وجب تخصيصهما بقوله عليه الصلاة والسلام ((لا ضرر ولا ضرار))
ولعلك تقول: إن رعاية المصلحة المستفادة من قوله عليه الصلاة والسلام ((لا ضرر ولا ضرار)) لا تقوى معارضة الاجماع لتقضي عليه بطريق التخصيص والبيان لأن الاجماع دليل قاطع وليس كذلك رعاية المصلحة لأن الحديث الذي دلَّ عليهما واستفيدت منه ليس قاطعا فهي أولى.
فنقول لك: إن رعاية المصلحة أقوى من الإجماع ويلزم من ذلك أنها أقوى أدلة الشرع لأن الأقوى من الأقوى أقوى، ويظهر ذلك بالكلام في المصلحة والإجماع 000إلى آخر كلامه.
وقد رد على الطوفي عدد من أهل العلم وبينوا بطلان ما ذهب إليه ومنهم
محمد أبو زهرة، ابن حنبل، ص: 311 - وذكر أن
إن مهاجمته للنصوص وفكرة نسخها بالمصالح أسلوب شيعي.
وكذلك رد عليه أصحاب الرسائل السابقة
وممن رد عليه فأجاد الأخ الفاضل أحمد الحاج في مقدمته لتحقيق كتاب (التعيين في شرح الأربعين ص 15 - 24 من المقدمة)
وهذاالقول من الطوفي قول شاذ وخطير جدا، نسأل الله السلامة والعافية
وأما من يفتي بالمصلحة ويقدمها على النص فهذا ضال والعياذ بالله.
ـ[النحوي]ــــــــ[21 - 07 - 03, 12:21 م]ـ
السلام عليكم
الشيخ عبد الرحمن الفقيه جزاك الله خيرا على هذه الفائدة جعلها الله في موازين اعمالك آمين
لاشك أنه قول شاذ وخطير
الأخ عبد اللطيف جزاك الله خيرا على هذه المشاركة.
والشكر موصول للأخ محب الحديث (وكلنا ذاك الرجل) فقد نفعني الله بهذه المشاركات منكم فجزاكم الله كل خير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/159)
ـ[السيف الصقيل]ــــــــ[21 - 07 - 03, 07:36 م]ـ
هو لا يقدّم المصلحة على النصّ، فالطوفي جاء كلامه في هذه المسألة في معرض شرحه لحديث لاضرر ولا ضرار، فهو يرى أن الشريعة جاءت بنفي الضرر والمفاسد شرعا، وبهذا يقدّم مقتضى هذا الحديث على جميع أدلة الشرع، وتخصيصها به في نفي الضرر وترجيح المصلحة، وهذا يدل عليه ما نقلته: وإن خالفاها: وجب تقديم رعاية المصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان لهما لا بطريق الافتيات عليهما والتعطيل لهما
فتقديمه للمصلحة من باب البيان والتخصيص، أي تقديم نص على نص لمعارضته له وليس افتئات على الأدلة أو معاندة لها.
وفي كلام الطوفي ابهام جعل كثيرا من المستغربين يتكئون على كلامه فعطلوا النصوص وأوقفوا العمل بالشريعة.
ـ[بو الوليد]ــــــــ[22 - 07 - 03, 12:40 ص]ـ
السيف الصقيل بارك الله فيه ..
كلامك صحيح؛؛ ولكن هذا الفهم منه للنصوص عجيب جداً ..
وهو كما ذكر شيخنا أبو عمر الفقيه حفظه الله قول خطير، يهدم أصلاً عظيماً من أصول التشريع، وإن كان هو لم يقصد هذه النتيجة.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 07 - 03, 12:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
أما عن الطوفي فهو يقدم المصلحة على النص، وهذا ظاهر من قوله (إن رعاية المصلحة أقوى من الإجماع ويلزم من ذلك أنها أقوى أدلة الشرع لأن الأقوى من الأقوى أقوى)، فجعل أقوى أدلة الشرع هي المصلحة
ومن ذلك قوله في التعيين ص 279 (ولايقال إن الشرع أعلم بمصالحهم فيؤخذ من أدلته، لأنا نقول: قد قررنا أن رعاية المصالح من أدلة الشرع، وهي أقواها وأخصها فلنقدمها في تحصيل المصالح) انتهى.
وهذا الذي فهمه العلماء من كلام الطوفي ولذلك ردوا عليه
وأما قوله (وجب تقديم رعاية المصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان) فلا يدل على أنه لايقدم المصلحة على النص، بل هو يقول إن تقديم المصلحة على النص هو ما تدل عليه الأدلة الشرعية، وهو ما تكلف في إثباته في شرحه على الأربعين وأطال في ذلك فاستغرق كلامه نحوا من خمسين صفحة من (ص 234 - 280)، فتبين لنا بهذا أن الطوفي يقرر أن الأدلة الشرعية تدل على تقديم المصلحة على النص بطريق البيان والتخصيص، فمثلا لو وجدنا نصا من الشرع على تحريم شيء معين، ولكن المصلحة تقتضيه فإنا نجيزه لأن الشرع يأمر بالمصلحة في مجمل أدلته، وكون هذا النص يحرم هذا الشيء يمكن أن نخصص هذا النص بالمصلحة، وهكذا000
وهذا هو الذي فهمه أهل العلم الذين ردوا على الطوفي.
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 11 - 03, 10:09 ص]ـ
المصلحة في الشريعة الإسلامية
بحث أصولي كتبه نجم الدين الطوفي المتوفي سنة 716 يري فيه تقديم المصلحة علي النص في المعاملات
من كتاب التعيين في شرح الأربعين ص 237 - 280
نقول أن أدلة الشرع تسعة عشر بابا بالا ستقراء، لا يوجد بين العلماء غيرها، أولها الكتاب، و ثانيها السنة، و ثالثها إجماع الأمة، و رابعها إجماع أهل المدينة، و خامسها القياس، و سادسها قول الصحابي، و سابعها المصلحة المرسلة، و ثامنها الاستصحاب، و تاسعها البراءة الأصلية، و عاشرها العادات، الحادي عشر الاستقراء، الثاني عشر سد الذرائع، الثالث عشر الاستدلال، الرابع عشر الاستحسان، الخامس عشر الذخذ باأخف، السادس عشر الع8صمة، السابع عشر إجماع أهل الكوفة، الثامن عشر إجماع العترة عند الشيعة، التاسع عشر إجماع الخلفاء الأربة، و بعضها متفق عليه، و بعضها مختلف فيه، و معرفة حدودها و رسومها و الكشف عن حقائقها و تفاصيل أحكامها مذكور في أصول الفقه.
ثم إن قول النبي صلي الله عليه و سلم: «لا ضرر و لا ضرار» يقتضي رعاية المصالح إثباتاً و نفياً و المفاسد نفياً إذا الضرر هو المفسدة، فإذا نفاها الشرع لزم إثبات النفع الذي هو المصلحة لأنهما نقيضان لا واسطة بينهما، و هذه الأدلة التسعة عشر أقواها النص و الإجماع، ثم هما إما أن يوافقا رعاية المصلحة أو يخالفاها، فإن وافقاها فبها و نعمت ولا تنازع، إذ قد اتفقت الأدلة الثلاثة علي الحكم، و هي: النص، و الدجماع، و رعاية المصلحة، المستفادة من قوله عليه الصلاة والسلام «لا ضر و لا ضرار» و إن خالفها وجب تقديم رعاية المصلحة عليهما بطريق التخصيص و البيان لهما، لا بطريق الافتئات عليهما و التعيطلل لهما، كما تقدم السنة علي القرآن بطريق البيان، و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/160)
تقرير ذلك أن النص و الإجماع إما أن لا يقتضيا ضرراً ولا مفسدة بالكلية، أو يقتضيا ذلك، فإن لم يقتضا شيئا من ذلك فهما موقوفان لرعاية المصلحة، و إن اقتضيا ضررا، ف، ما أن يكون مجموع مدلو لهما ضررا و لابد أن يكون من قبيل ما استتني من قوله (عليه السلام) «لا ضر ولا ضرار» جمعاً بين الأدلة، ولعلك تقول إن رعاية المصلحة المستفادة من قوله (عليه السلام): «لا ضرر و لا ضرار» لا تقوي علي معارضة الإجماع لتقضي عليه بطريق التخصيص و البيان لأن الإجماع دليل قاططع، و ليس كذلك رعاي ة المصلحة، لأن الحديث الذي دل عليها و استفيدت منه ليس قاطعا فهو أولي، فنقول لك إن رعاية المصلحة أقوي من الإجماع، ويلزم من ذلك أنها من أدلة الشرع لأن الأقوي من الأقوي، ذقوي و يظهر ذلك من الكلام في المصلحة و الإجماع.
أما المصلحة فالنظر: في لفظها، وَحدِّها، و بيان اهتعمام الشرع بها، و أنها مبرهنة، أما لفظها فهو مفعَلة من الصلاح، و هو كون الشيء علي هيئة كاملة بحسب ما يراد ذلك الشيء له كالقلم يكون علي هيئة المصلحة للكتابة، و السيف علي هيئة المصلحة للضرب.
و أما حدّها بحسب العرف فهي السبب المؤدي إلي الصلاح و النفع كالتجارة المؤدية إلي الربح، و بحسب الشرع هي السبب المؤدي إلي مقصود الشارع عبادة أو عادة، ثم هي تنقسم إلي ما يقصده الشارع لحق كالعبادات، و إلي ما لا يقصده الشارع لحقه كالعادات.
و أما بيان اهتمام الشرع بها فمن جهة الإجمال و التفصيل، أما الإجمال فقوله عزوجل: (يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما في الصدور) الآيتين و دلالهما من وجوه:
أحدها قوله عزوجل «قد جاءتكم موعظة» حيث إنه توعدهم و فيه أكبر صالحهم إذفي الوعظ كفهُّم عن الأذي، و إرشادهم إلي الهدي؛
الثاني: و صف القرآن أنه «شفاء لما في الصدور» يعني من شك و نحوة و هو مصلحة عظيمة:
الثالث: و صفه للهُدَي؛ الرابع: و صفه بالرحمة، و في الهدي و الرحمة غاية المصلحة:
الخامس: إسناد ذلك إلي فعل الله عزوجل و رحمته، ولا يصدر عنهما إلا مصلحة عظيمة:
السادس: الفرح بذلك لقوله عزوجل: «فبذلك فليفرحوا» و هو في معني التهنئة لهم بذلك، و الفرح و التهنئة دنما يكونان لمصلحة عظيمة؛ السابع قولله عزوجل: «هو خير مما يجمعون» والذي يجمعونه هو من مصالحهم. فالقرآن و نفعه أصلح من مصالحهم، و الأ صلح من المصلحة غاية المصلحة.
فهذه سبعة أوجه من هذه الأية تدل علي أن الشرع راعي مصلحة المكلفين واهتم بها، ولو استقرأت النصوص لوجدت علي ذلك أدلة كثيرة.
فإن قيل لم لا يجوز أن يكون من جملة ما راعاه من مصالحهم نصب النص و الإجماع دليلا لهم علي معرفة الأحكام؟ قلنا هو كذلك، و نحن نقول به في العبادات، و حيث و افق المصلحة في غير العبادات، و إنما ترجح رعاية المصالح في المعاملات حق الشرع، و لا يعرف كيفية إيقاعها إلا من جهته نصآ و إجماعا.
و أما التفصيل فقيه أبحاث:
البحث الأول: في أن أفعال الله عزوجل معللة أم لا؟ حجة المثيت أن فعلا لا علة له عبث، و الله عزوجل منزه عن العبث، ولأن القرآن مملوء من تعليل الأفعال نحو «لتعلموا عدد السنين و الحساب» و نحوه، و حجة النافي أن كل من فعل فعلا لعلة فهو مستكمل بتلك العلة مالم يكن له قبلها فيكون ناقصاً بذاته كاملا بغيره، و النقص علي الله عزوجل محال، و أجيب عنه بمنع الكلية، فلا يلزم ما ذكروه إلا في حق المخلوقين، و التحقيق أن أفعال الله عزوجل معللة بحكم غائية تعد بنفع المكلفين و كما لهم، لا بنفع الله عزوجل لا ستغنائه بذاته عما سواه،
البحث الثاني: أن رعاية المصالح تفَضُّلٌ من الله عزوجل علي خللقه عند أهل السنة، واجبة عليه عند المعتزلة، حجةُ الاولين أن الله عزوجل متصرف في خلقه بالملك، و لا يجب له عليه شيء، و لان الإيجاب يستدعي موجباً أعلي، ولا أعلي من الله عزوجل يوجب عليه، حجة الآخرين أن الله عزوجل كلف خلقه بالعبادة فوجب أن يراعي مصالحهم، إزالة لعلهم في التكليف، و إلا لكان ذلك تكليفاً بما لا يطاق أو شبيها به، و أجيب عنه بأن هذا مبني علي تحسين العقل و تقبيحه و هو باطل عند الجمهور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/161)
و الحق أن رعاية المصالح واجبة من الله عزوجل، حيث التزم التفضل بها لا واجبة عليه كما في آية، «إنما التوبة علي الله» فإن قبولها واجب منه لا عليه، و كذللك الرحمة في قوله عزوجل «كتب ربكم علي نفسه الرحمة» و نحو ذلك.
البحث الثالث: في أن الشرع حيث راعي مصالح الخلق، هل راعاها مطلقا، أو راعي أكملها في بعض و أسفلها في بعض؟ أو أنه راعي منها في الكل ما يصلحهم و ينتظم به حلهم؟ الأقسام كلها ممكنة.
البحث الرابع: في أدلة رعاية المصلحة علي التفصيل، و هي من الكتب، و السنة و الإجماع، و النظر، و لنذ كر من كل منها يسيراً علي جهة ضرب المثال، إذ اسقاصاء ذلك بعيد المنال.
أما الكتاب فتحو قوله تعالي: «ولكم في القصاص حياة. و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما، الزانية و الزاني فاجلدو اكل واحد منهما مائة جلدة». و هو كثير، و رعاية مصلحة الناس في نفوسهم و أموالهم و أعراضهم مما ذكرتاه ظاهر، و بالجملة فما من آية من كتاب الله عزوجل، إلا و هي تشتمل علي مصلحة أو مصالح كمامة ينتها في غير هذا الموضع.
و أما السنة فنحو قوله عليه الصلاة و السلام: (لا يبع بعضكم علي بيع بعض، و لا يبع خاضر لباد، ولا تتكح المرأة علي عمتها أو خالتها إنكم أذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم) و هذا و نحوه في السنة كثير، لأنها بيان الكتاب، و قد بيناً اشتمال كل آية منه علي مصلحة، و البيان علي وفق المبين.
و أما الإجماع فقد أجمع العلماء إلا من لا يعتد به من جامدي الظاهرية علي تعليل الأحكام بالمصالح المرسلة، و في الحقيقة الجميع قائلون بها، حتي الخالفون في كون الإجماع حجة قالوا بالمصالح، و من ثم علل وجوب الشفعة برعاية حق الجار و جواز السلم و الإجارة بمصلحة الناس مع مخالفتهما للقياس، إذ هما معاوضة علي معدوم وسائر أبواب الفقه و مسائله فيما يتعلق بحقوق الخلق لعلل المصالح.
و أما النظر فلا شك عند كل ذي عقل صحيح، أن الله عزوجل راعي مصلحة خلقه عموما و خصوصا، أما عموما ففي مبدئهم و معاشهم، أما المبدأ فحيث أوجدهم بعد العدم علي الهيأة التي ينالون بها مصالحهم في حياتهم، و يجمع ذلك قوله عزوجل «يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ماشاء ركبك» و قوله عزوجل: «الذي أعطي كل شيء خلقه ثم هدي» و أما المعاش فحيث هيأ لهم أسباب ما يعيشون به ويتمتعون به من خلق السموات و الأرض و ما بينهما و جميع ذلك في قوله عزوجل: «ألم نجعل الأرض مهادا، إلي قوله: إن يوم الفصل كان ميقاتا» و في قوله عزوجل: «فلينظر الإنسان إلي طعامه أنا صببنا الماء صبا» إلي قوله عزوجل «متاعاً لكم و لإنعامكم».
و أما خصوصا فرعاية مصلحة العباد السعداء حيث هداهم السبيل، و وفقهم لنيل الثواب الجزيل، في خير مقيل.
و عند التحقيق إنما راعي مصلحة العباد عموماً، حيث دعا الجميع إلي الإيمان المجوب لمصلحة العباد، لكن بعضهم فرط بعدم الاجابة بدليل قوله عزوجل: «و أما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي»، تحرير هذا المقام، أن الدعاء كان عموماً و التوفيق المكمل للمصلحة، المصحح لوجمودها، كان خصوصا، بدليل قوله عزوجل: «و الله يدعو إلي دار السلام و يهدي من يشاء دلي صراط مستقيم» فدعا عامّا، و هدي و وفق خاصاَ إذا عرف هذا فمن المحال أن يراعي الله عزوجل مصلحة خلقه في مبداهم و معادهم و معاشهم، ثم يهمل مصلحتهم في الأحكام الشرعية، إذ هي أهم فكانت بالمراعاة أولي، ولأنها أيضامن مصلحة معاشهم، لأنها صيانة أموالهم و دمائهم و أعراضهم، و لا معاش لهم بدونها، فوجب القول بأنه راعاها لهم. و إذا ثبت رعايته إياها، لم يجز إهمالها بوجه من الوجوه. فإن و افقها النص و الإجماع و غير هما من أدلة الشرع فلا كلام. و إن خالفها دليل شرعي، وُفق بينه و بينها بما ذكرنا، من تخصيصه و تقديمها بطريق البيان.
و أما أن رعاية المصلحة مبرهنة، فقد دل عليه ما ذكرناه من اهتمام اشرع بها وْ أدلته.
«ثم قال الطوفي بعد بيانه الإجماع و إدلته و معارضتها»:
و مما يدل علي تقديم رعاية المصلحة علي النصوص و الإجماع علي الوجه الذي ذكرنا وجوه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/162)
أحدها: أن منكري الإجماع قالوا برعاية المصالح، فهي إذاً محل وفاق و الإجماع محل الخلاف، و التمسك بما التفقوا عليه أولي من التمسك بما اختلفوا فته. الوجه الثاني: إن النصوص مختلفة متعارضة، فهي سبب الخلاف في الأحكام المذموم شرعا، و رعاية المصلحة أمر متفق في نفسه لا يختلف فيه، فهو سبب الاتفاق المطلوب شرعا، فكان اتابعه أولي، و قد قال الله عزوجل: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شيء» و قوله عليه الصلاة و السلام: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» و قال عزوجل في مدح الاجتماع: «و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا من ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم». و قال عليه الصلاة و السلام: «وكونوا عباد الله إخواناً».
الثالث: قد ثبت في السنة معارضة النصوص بالمصالح و نحوها في قضايا، منها: معارضة ابن مسعود النص و الإجماع، بمصلحة الاحتياط للعبادة كما سبق، و منها قوله (عليه السلام) حين فرغ من الأحزاب: «لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة» فصلي أحدهم قبلها و قالوا لم يرد منا ذلك و هو شبيه بما ذكرنا
و منها قوله صلي الله عليه و سلم لعائشة: «لو لا قومك حديثو عهد بالاسلام لهدمت الكعبة و بنيتها علي قواعد ابراهيم» و هو يدل علي أن بناءها عل قواعد ابراهيم هو الواجب في حكمها، فتركه لمصلحة الناس.
و منها أنه (عليه السلام) لما أمرهم بجعل الحج عمرة، قالوا كيف و قد سمينا الحج؟ و توقفوا، و هو معارضة للنص بالعادة، و هو شبيه بما نحن فيه.
و كذلك يوم الحديبية، لما أمرهم بالتحلل توقفوا، تمسكا بالعادة في أن أحدة لا يحل قبل قضاء المناسك، حتي غضب صلي الله عليه و سلم و قال: «مالي آمر بالشي فلا يفعل».
و منها ما روي أبو يعلي الموصلي في مسنده، أن النبي صلي الله عليه و سلم بعث أبابكر ينادي: «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة» فوجده عمر فرده و قال: أذاً يتكلوا، و كذلك رد عمر أبا هريرة عن مثل ذلك في حديث ثحيح، و هو معارضة لنص الشرع بالمصلحة، فكذلك من قدم رعاية مصالح المكلفين علي باقي أدلة الشرع، يقصد بذلك إصلاح شأنهم، و انتظام حالهم، و تحصيل ما تفضل الله به عليهم من الصلاح، و جمع الأحكام من التفرق و ائتلافها عن الاختلاف. فوجوب أن يكون جائزا إن لم يكن متعينا، فقد ظهر بما قررنا، أن دليل رعاية المصالح، أقوي من دليل الإجماع، فليقدم عليه و علي غييره من أدلة الشرع، عند التعارض بطريق البيان.
فإن قيل حاصل ما ذهبتم إليه تعطيل أدلة الشرع بقياس مجرد، و هو كقياس إبليس، فاسد الوضع و الاعتبار، قلنا: وَهَمٌ و اشتباه، من نائم بعد الانتباه، و إنما هو تقديم دليل شرعي علي أقوي منه، و هو دليل الأجماع علي وجوب العمل، بالراجح كما قدمتم أنتم الدجماع علي النص، و النص علي الظاهر، و قياس إبليس و هو قوله: «أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين» لم يقم عليه ما قام علي رعاية الصالح من البراهين، و ليس هذا من باب فساد الوضع، بل من باب تقديم رعاية المصالح كما ذكرنا.
فان قيل الشرع أعلم بمصالح الناس و قد أودعها أدلة الشرع و جعلها أعلاما عليه يعرف بها، فتركُ أدلته لغيرها مراغمة و معاندة له، قلنا: أما كون الشرع أعلم بمصالح المكلفين فنعم، و أما كون ما ذكرناه من رعاية المصالح تركا لأدلة الشرع بغيرها فممنوع، بل إنما تترك أدلته بدليل شرعي راجح عليها، مستند إلي قوله عليه الصلاة و السلام «لا ضر و لا ضرار» كما قلتم في تقديم الاجماع علي غيره من لأدلة، ثم إن الله عزوجل، جعل لنا طريقا إلي معرفة مصالحنا عادة، فلا نتركة لأمر مبهم، يحتمل أن يكون طريقا إلي المصلحة، و يحتمل أن يا يكون.
فان قيل خلاف الأمة في مسائل الأحكام رحمة و سعة، فلا يحويه حصر بحكم في جهة واحدة، لئلا يضيق عليهم مجال الاتساع، قلنا: هذا الكلام ليس منصوصا عليه من جهة الشرع حتي يمتثل، ولو كان لكان مصلحة لوفاق أرجح من مصلحة الخلاف فتقدم، ثم ما ذكر تموه من مصلحه الخلاف بالتوسعة علي المكلفين معارض بمفسدة تَعرِض منه، و هو أن الآراء أذا اختلفت و تعددت اتبع بعض الناس رخص المذاهب، فأفضي إلي الانحلال و الفجور، و أيضا فان بعض أهل الذمة ربما ذراد الإسلام فتمنعه كثرة الخلاف و تعدد الأراء، لأن الخلاف منفور عنه بالطبع، و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/163)
لهذا قال عزوجل: «الله نزلب أحسن الحديث كتابً متشابهاً» أي يشبه بعضه بعضا، و يصدق بعضه بعضا، لا يختلف إلا بما فيه من المتشابهات، و هي ترجع إلي المحكمات بطريقها، ولو اعتمدت رعاية المصالح المستفيادة من قوله عليه الصلاة و السلام «لا ضر و لا ضرار» علي ما تقرر لا تحد طريق الحكم و انتفي الخلاف.
فان قيل هذه الطريقة التي سلكتها، إما أن تكون خطأ فلا يلتفت إليها، أو صوابا فإما أن ينحصر الصواب فيها، أولاد، فان انحصر، لزم أن الأمة من أول الإسلام إلي حين ظهور هذه الطرية علي خطأ، إذلم يقل بها أحد منهم، و إن لم ينحصر فهي طرية جائزة من الطرق، ولكن طريق الأئمة التي اتفقت الأمة علي اتاعها أولي بالمتابعة لقوله عليه الصلاة و السلام «اتبعوا السواد الأعظم فان من شذ شذ في النار».
فالجواب أنها ليست خطأ لما ذكرنا عليها من البرهان، ولا الصواب منحصر فيها قطعاً، بل ظناً واجتهادا، و ذلك يوجب المصير إليها، إذا الظن في الفرعيات كالقطع في غيرها. و ما يلزم علي هذا من خطأ الأمة فيما قبله، لازم علي رأي كل ذي قول، أو طريقة انفرد بها، غير مسبوق إليها، و السواد الأعظم الواجب إتباعه هو الحجة و الدليل الواضح، و إلا لزم أن يتبع العلماء العامة إذا خالفوهم لأن العامة أكثر، و هو السواد الأعظم.
و اعلم أن هذه الطريقة هي التي قررناها مستفيدين لها من الحديث المذكور، ليست هي القول بالمصالح المرسلة علي ما ذهب إليه مالك، بل هي أبلغ من ذلك، و هي التعويل علي النصوص و الإجماع في العبادات، و امقدرات، و علي اعتبار المصالح في المعاملات، و باقي الاحكام.
و تقرير ذلك أن الكلام في أحكام الشرع، إما أن يقع في العبادات و المقدرات و نحوها، أو في المعاملات و العادات و شبها، فإن وقع في الأول، اعتبر فيه النص و الإجماع و نحو هما من الأدلة.
غير أن الدليل علي الحكم إما أن يتحد، أو يتعدد، فإن اتحد مثل إن كان فيه اية، أو حديث، أو قياس، أو غير دلك، ثبت به. و إن تعدد لدليل مثل إن كان آية، أو حديث، أو قياس، أو غير دلك، ثبت به. و إن تعدد لدليل مثل إن كان آية و حديثا و استصحابا و نحوه، فإن اتفقت الأدلة علي إثبات أو نفي ثبت بها. و إن تعارضت فيه، فإما تعارضا يقبل الجمع أولا يقبله، فإن قبل الجمع جمع بينهما، لأن الأصل في أدلة الشرع الإعمال لا الا لغاء، غير أن الجمع بينهما يجب أن يكون بطريق قريب واضح، لا يلزم منه التلاعب ببعض الأدلة، و إن لم يقبل الجمع فلا جماع مقدم علي ما عده من الأدلة التسعة عشر، و النص مقدم علي ما سوي الا جماع، ثم إن النص منحصر في الكتاب و السنتة، ثم لا يخلو إما أن ينفرد بالحكم أحدهما أو يجتمعا فيه، فان انفرد به أحدهما فإما الكتاب أو السنة، فإن النفرد به الكتاب، فإما أن يتحد الدليل أو يتعدد، فإن اتحد بأن كان في الحكم آية واحدة عمل بها، إن كانت نصاً أو ظاهرا فيه، و إن كانت مجملة، فإن كان أحد احتماليها أو احتمالاتها أشبه بالأدب مع الشرع، عمل به و كان ذلك كالبيان.
و إن استوي احتمالاها في الأدب احتمالاها في الأدب مع الشرع جاز الأمر ان، و امختار أن يتعبد بكل منهما مرة.
و إن لم يظهر وجه الأدب و قف الأمر علي البيان.
و إن تعدد الدليل من الكتاب فان كان في الحكم منه آيتان أو أكثر، فان اتفق مقتضاهن فكالآية الواحدة، و إن اختلف، فان قبل، الجمع جمع بينهن بتخصيص أو تقييد أو تحوه، و إن لم يقبل الجمع، فان علم نسخ بعضها بعينه فبها، و إلا فالمنسوخ منهما مبهم فليستدل عليه بموافقة السنة غيره، إذا السنة بيان الكتاب، و هي إنما تبين ما ثبت حكمة لا ما نسخ، و إن انفردت السنة بالحكم فإن كان فيه حديث واحد فان صح عمل به كالآية الواحدة، و إن لم يصح لم يعتمد عليه، و أخذَ الحكم من الكتاب إن وجد، و إلا فمن الاجتهاد إن ساغ، مثل أن يعمل بما هو أشبه بالأدب مع الشرع و تظعيم حقه و إن لم يسغ فيه الاجتهاد، و قف علي البيان.
و إن كان فيه أكثر من حديث، فإن صح جميعها، فدما أن تتساوي في الصحة أو تتفاوت، فإن تساوت في الصحة، فان اتفق مقتضاها، فكالحديث الواحد، و إن و أن اختلفت، فان قبلت الجمع، جمع بينها، و إلا فبعضها منسوخ، فان تعين، و إلا استدل عليه بموافقة الكتاب أو الإجماع غيره، أو بعير ذلك من الأدلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/164)
و إن لم تصح جميعها، فان كان الصحيح منها و احداً، فكما لم يكن في الحكم إلا حديث واحد، فإن كان الصحيح أكثر من واحد، فان اتفقت عمل بها، و إن اختلفت، جمع بينها إن أمكن الجمع، و إلا فبعضها منسوخ كما سبق فيما إذا كان جميع الأحاديث صحياً.
و إن تفاوتت في الصحة، فان كان بعضها أصح من بعض، فان اتفق مقتضاها فلا إشكال، كالحديث الواحد، و إن تعارضت، فان قبلت الجمع جمع بينها، و إن لم تقبله قدم الأصح فالإصح.
ثم إن اتحد الإصح عمل به، و إن تعدد فان اتفق فكا لحديث الواحد؟؟؟؟؟ تعارض، جمع بينه إن قبل الجمع، و إلا فبعضه منسوخ معمين أو مبهم، يستدل عليه بما سبق، و إن اجتمع في الحكم كتاب و سنة، فان اتفقا عمل بهما، و أحدهما بيان للآخر أو مؤكدله، و إن اختلفا، فان أمكن الجمع بينهما جمع، و إن لم يكن فان اتجه نسخ أحدهما بالآخر نسخ به، و إن لم يتجه فهو محل نظر و تفصيل، و الأشبه تقديم الكتاب، لأنه الأصل الاعظم و لا يترك بفرعه.
أما المعاملات و نحوها فالمتبع فيها مصلحة الناس كما تقرر.
فالمصحة و باقي أدلة الشرع إما أن يتفقا أو يختلفا، فان اتفقا فبها و نعمت، كما اتفق النص و الإجماع و المصلحة، علي إثبات الاحكام الخمسة الكلية الضرورية، و هي: قتل القاتل، و المرتد، و قطع السارق، و خد القاذف، و الشارب، و نحو ذلك من الأحكام الني وافقت فيها أدلة الشرع المصلحة، و إن الأحكام و الا حوال، دون بعض علي وجه لا يخل بالمصلحة، و لا يفضي إلي التلاعب بالأدرة أو بعضها، و إن تعذر الجمع بينهما قدمت المصلحة علي غيرها لقوله صلي الله عليه و سلم: «لا ضرر و لا ضرار» و هو خاص في نفي الضرر المستلزم لرعاية امصلحة فيحب تقديمة، و لأن المصلحة هي المقصودة من ساسة المكلفين بإثبات الأحكام و باقي الادلة كالو سائل، و المقاصد واجبة التقديم علي الوسائل.
ثم إن المصالح و المفاسد قد تتعارض فيحتاج إلي ضابط يدفع محذور تعارضها فنقول: كل حكم نفرضه، فإما أن تتمحض مصلحته، فإن اتحدت، بأن كان فيه مصلحة واحدة حصلت. و إن تعددت بأن كان فيها مصلحتان و مصالح، فإن أمكن تحصيل جميعها حصل، و إن لم يمكن حصل الممكن، فإن تعذر تحصيل مازاد علي المصلحة الواحدث، فان تفاوتت المصالح و الاهتمام بها، حصل الاهم منها و إن تساوت في ذلك، حصلت واحدة منها بالاختيار، إلا أن يقع ههنا تممة فبالقرعة. و إن تمحصنت مفسدته، فإن اتحت دفعت، و إن تعددت فإن أمكن درء جميعها درئت، و إن تعددت دريء منها الممكن، فان تعذر درء مازاد علي مصلحة واحدة، فإن تفاوتت في عظم المفسدة دفع أعظمها، و إن تساوت في ذلك فبا لاختيار أو القرعة أن اتجهت التهمة.
و إن اجتمع فيه الأمر ان، المصلحة و المفسدة، و ترجح كل واحد من الطرفين، من وجه دون وجه، أعتبرنا أرجح الوجهين تحصيلا أو دفعا فإن استويا في ذلك عدنا إلي الاختيار أو القرعة.
فهذا ضابط مستفاد من قوله صلي الله عليه و سلم: «لا ضرر و لا ضرار» بتوصل به إلي أرجح الأحكام غالبا، و ينتفي به اخلاف بكثرة الطرق و الاقوال.
مع أن في اختلفا الفقهاء فائدة عرضت خارجة عن المقصود، و هي معرفة الحقائق التي تتعلق بالأحكام و أعراضها و نظائرها، و الفروق بينها، و هي شبية بفائدة الحساب من جزالة الرأي.
و إنما اعتبرنا المصلحة في المعاملات و نحوها دون العبادات و شبهها، لأن العبادات حق للشرع، خاص به، ولا يمكن معرفة حقه كمّا و كيفا، و زماناً و مكاناً إلا من جهته، فيأتي به العبد علي ما رسم له، و لأن غلام أحدنا لا يعد مطيعاً خادما له، إلا إذا متثل مارسم له سيده، و فعل ما يعلم أنه يرضيه، فكذلك ههنا، و لهذا لمّآ تعبدت الفلاسفة بعقولهم، و رفضوا الشرائع، أسخطوا الله عزوجل و ضلوا وأضلوا، و هذا بخلاف حقوق المكلفين، فإن أحكامها سياسية شرعية و ضعت لمصالحهم، و كانت هي المعتبرة و علي تمصيلها المعلول.
و لا يقال أن الشرع أعلم بمصالحهم، فتؤخذ من أدلته، لأنانقول: قد قررنا أن المصلحة من أدلة الشرع، و هي أقواها و أخصها، فلنقدمها في تحصيل المصالح. ثم هذا إنما يقال في العبادات التي تخفي مصالحها عن مجاري العقول و العادات، أما مصلحة سياسة المكلفين في حقوقهم، فهي معلومة لهم بحكم العادة و العقل، فإن ر أينا دليل الشرع متقاعدا عن إفادتها، علمنا أنا أُحلنافي تحصليها علي رعايتها، كما أن النصوص لما كانت لا تفي بالأحكام، علمنا أنا أحلنا بتمامها علي القياس، و هو إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه بجامع بينهما، و الله عزوجل أعلم بالصواب.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 11 - 03, 10:23 ص]ـ
يقول محمد أبو زهرة في كتابه ابن حنبل
لم نجد من يجوز تخصيص النصوص بكثرة، و نسخ بعضها بالاجتهاد إلا بعض الشيعة كالشيعة الامامية، فانهم لم ينهوا النسخ و تخصيص النصوص بانتقال النبى (صلى الله عليه و سلم) إلى الرفيق الأعلي، بل أجازوا لأئمتهم مخالفتها بعلوم تلقوها، و لقد وجدنا «الطوفي» يقاربهم لأنه جعل المصلحة تنسخ النصوص و تخصها، فأحل المصلحة محل الأئمة، و التقى الرأيان فى أن النص بعد الرسول لا يزال قابلا للنسخ و الإخراج من عمومه إن وجدت مصالح على مسلك الطوفى أو رأى الامام على مذهب الشيعة
0000
و على ذلك نقرر أن مهاجمته للنصوص و نشر فكرة نسخها أو تخصيصها بالمصالح المرسلة، هى أسلوب شيعى أريد به تهوين القدسية التى تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع، و الشيعة الإمامية يرون أن باب النسخ و التخصيص لم يغلق، لأن الشارع الحكيم جاء بشرعه لمصالح الناس فى الدنيا و الآخرة. و أدرى الناس بذلك الإمام، فله أن يخصص كما خصص النبى صلى الله عليه سلم، لأنه وصى رسول الله أوصيائه، وقد أتى الطوفى فى رسالته بالفكرة كلها، إن لم يذكر كلمة الإمام ليروج القول وتنتشرالفكرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/165)
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[12 - 11 - 03, 12:39 م]ـ
لكن هل الشيعة يأخذون بـ"المصالح المرسلة" دليلاً؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 11 - 03, 07:58 م]ـ
أحسنت حفظك الله
فالشيعة لايأخذون بالمصلحة المرسلة، وظاهر كلام أبي زهرة أنه ينسبه للطوفي فقط دون الشيعة ولكنه اعتبره أسلوب شيعي، فتأمل وأفدنا بما تراه سددك الله.
قال أبو زهرة
و على ذلك نقرر أن مهاجمته للنصوص و نشر فكرة نسخها أو تخصيصها بالمصالح المرسلة، هى أسلوب شيعى أريد به تهوين القدسية التى تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع، و الشيعة الإمامية يرون أن باب النسخ و التخصيص لم يغلق، لأن الشارع الحكيم جاء بشرعه لمصالح الناس فى الدنيا و الآخرة. و أدرى الناس بذلك الإمام، فله أن يخصص كما خصص النبى صلى الله عليه سلم، لأنه وصى رسول الله أوصيائه، وقد أتى الطوفى فى رسالته بالفكرة كلها، إن لم يذكر كلمة الإمام ليروج القول وتنتشرالفكرة
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[13 - 11 - 03, 08:13 ص]ـ
الشيخ الدكتور محمد سعد اليوبي في رسالته لنيل درجة الدكتوراه المسماة مقاصد الشريعة الاسلامية وعلاقتها بالادلة الشرعية (1) واشرف عليه الشيخ عمر بن عبد العزيز وناقشه فيها الاستاذان عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة ومحمد المختار بن محمد الامين الشنقيطي حفظهم الله تعالى
واجيزت بدرجة مرتبة الشرف الاولى مع التوصية بالطبع
وهي في 708 صفحة
وقد عرض لمقولة الطوفي ونقدها نقدا جميلا انظره من ص 537 الى ص 559 واحال كذلك على مبحث خبر الواحد اذا خالف الاصول او القواعد العامة وعلاقة ذلك بالمقاصد ص 499 وهو مبحث جيد رائع
انصح اخواني بمطالعته
........................
(1) وقد اوقفني عليه الدكتور (الطبيب) الشاعر الاديب شيخنا ابو رزان احمد الصغير الشنقيطي المدني نفع الله به وهو من الدعاة الى الله بمقاطعة اونتاريو الكندية و احب ان يطلع اهل الملتقى على ذلك بعد ان راى الموضوع هنا وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
ـ[ابو علي بن علي]ــــــــ[13 - 11 - 03, 08:50 ص]ـ
ان يسر الله تعالى لي سانقل لكم تلخيصا لهذه المسالة كتبته عن العلامة الشيخ عبد الله الغديان اثناء تدريسه لنا لمادة المقاصد بإذن الله تعالى
ـ[معالم]ــــــــ[14 - 11 - 03, 04:13 م]ـ
هناك بحث جميل للشيخ الشثري ناقش فيه المصلحة عند الحنابلة وتعرض في بحثه للطوفي لكونه من الحنابلة وبين المراد من كلامه ونقد كل دليل استدل به الطوفي على قوله .. وقد اوضح ان الطوفي خرق الاجماع بهذا القول ..
واكد على ان الطوفي لا يقدم المصلحة على النص الا من باب التخصيص والبيان فقط .. الى اخر ماذكر ..
طبع دار المسلم
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[14 - 11 - 03, 11:18 م]ـ
وفي مقالات الكوثري أيضا رد على الطوفي بل زعم الكوثري أن الطوفي أول من قال بهذا الأمر
ـ[ابو علي بن علي]ــــــــ[15 - 11 - 03, 12:19 ص]ـ
قال الشيخ العلامة الاصولي عبد الله الغديان:
الثاني: ايضاح انه لا توجد مصلحة تعارض الشرع ولا مفسدة اوردها الشرع مع التعرض للرد على شبهة من يقول بتقديم المصلحة على النص
تحرير رأيه: يقول: ان ادلة التشريع وعددها تسعة عشر دليلا يقول: إذا نظرنا اليها دليلا دليلا وجدنا ان دليل القران هو الاقوى ودليل السنة والاجماع كذلك اي النقل والاجماع وعلى هذا الاساس فالنقل مختلف فيه والاجماع مختلف فيه والمصلحة لم يختلف فيها فتقدم المصلحة على النص من الكتاب والسنة والاجماع
في تقريره للادلة قال: إننا إذا نظرنا إلىالدليل النقلي وجدنا انه يعرض له الظن من طرق عدة، من هذه الطرق نقل اللغة، ونقل اللغة يعرض له الظن، والقران والسنة يفسران بنقل اللغة (اي انه قدح في نقل اللغة) وما يعرض له من وجوه الاختلاف في دلالة الكلمة واعراب الجملة من ناحية النحو ووجوه الاستعمال في علم البلاغة فهذا يعني وجود الاختلاف في دلالة القران والسنة.
وما يعرض للدليل من جهة السنة من ناحية عدم الثبوت وعلل الاسانيد وعلل الرجال وعلل المتن من الشذوذ والتحريف الى غير ذلك من العلل
وما يعرض للدليل من جهة البقاء لانه يحتمل النسخ سواء كان من القران والسنة سلامة الدلالة من المعارض فالعام مثلا يحتمل التخصيص والمطلق يحتمل التقييد والظاهر محتمل للتاويل.
زكذلك ما يعرض للدليل من نا حية التقديم والتأخير والزيادة والنقصان.
ويقول: ان هذه الاحتمالات تدل على ان دلالة الدليل النقلي على المصلحة دليل ظني، وعلى هذا الاساس اتضح ان هناك اختلاف في الدلالة، اما المصلحة فقطعية الثبوت وليس فيها خلاف، وبناء على ذلك يقدم المتفق عليه على المختلف فيه عند التعارض.
حاصل هذه الشبهة: ان الدليل النقلي ظني من وجوه كثيرة والمصلحة قطعية من جميع الوجوه، واقطعي مقدم على الظني
(يتبع .... )
ـ[العيدان]ــــــــ[27 - 07 - 07, 12:16 م]ـ
ما زلنا ننتظر التتمة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/166)
ـ[أبو لقمان]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:24 ص]ـ
فتبين لنا بهذا أن الطوفي يقرر أن الأدلة الشرعية تدل على تقديم المصلحة على النص بطريق البيان والتخصيص، فمثلا لو وجدنا نصا من الشرع على تحريم شيء معين، ولكن المصلحة تقتضيه فإنا نجيزه لأن الشرع يأمر بالمصلحة في مجمل أدلته
من المهمّ أن نتذكر مجال تقديم المصلحة على النص عند الطوفي، وذلك في العادات والمعاملات، لا في العبادات والمقدرات.
ثانيا: خطأ الطوفي ليس من قبل قوله بهذه القاعدة، ولكنّه بتعميمه لها حتى تصير أصلا من أصول الشرع، موازيا للكتاب والسنة، مصدرا للأحكام إجمالا، وهذا من المحال، إذ المصلحة وصف يتعلق بذات الحكم، لا يقوم بنفسه، أعني أن المصالح لا تعرف إلا باقترانها بنص أو واقع، وبعد معرفته يحكم بما يحصل به المصلحة.
وكون هذا النص يحرم هذا الشيء يمكن أن نخصص هذا النص بالمصلحة، وهكذا000
وهذا هو الذي فهمه أهل العلم الذين ردوا على الطوفي.
والله أعلم.
مثالا على هذا: شرب الخمر لمن غص بلقمة،، فلا سبيل لأحد أن يحلل الخمر للعامة، ولكنه يصبح في هذه الحالة من واجبات الشرع لمن هذه حالته، ولا مقتضي لإباحة الخمر في هذه الحالة إلا المصلحة، فالمصلحة تقدم في خصوص هذه المسألة على النص المحرّم للخمر، على أن العمل بالنص هنا -الامتناع من شرب الخمر- يجرّ للمكلف مفسدة، وهذه المفسدة ليست مرادة شرعا، فتلغى ويعمل بمقتضى المصلحة، الذي هو شرب الخمر، فهو من باب تحقيق مناط الحكم، لا من باب تخريجه.
أما أن يتوهم أن المصلحة تقدم على مقتضى النصوص في كل حين، فهذا لا يمكن أن يقال، فكلامه فيه خطأ وصواب، ولولا جعله المصلحة من أصول الشرع، لسلم كلامه من الاعتراض،
والله أعلم.
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[31 - 10 - 07, 05:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[المصلحي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 12:44 م]ـ
ما راي الاخوة هنا بالامثلة الاتية:
1 - لم يعمل الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه باقامة حد القطع على السارق في عام الرمادة وها تقديم للمصلحة على النص.
2 - لم يقسم الغنائم من ارض السواد على الفاتحين مع النص الصريح في القران لمصلحة مذكورة في موضعها وهذا تقديم للمصلحة على النص القطعي الثبوت والدلالة.
ـ[المصلحي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 12:48 م]ـ
وهذا يتلائم مع التدرج في تطبيق الشريعة كما في القصة المشهورة بين عمر بن عبد العزيز وابنه عندما راى الابن تاخرا من الامام عمر في تطبيق بعض النصوص فقال لابيه: والله ما ابالي لو ان القدور غلت في وفيك في الحق فرد عليه الامام الحكيم قائلا: يابني ان الله حرم الخمر على ثلاث مراحل واني خشيت ان حملت الناس على الدين جملة ان يذروه جملة
فهذا تقديم للمصلحة على النص بل على نصوص
ـ[المصلحي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 12:53 م]ـ
ويشهد لذلك من السنة النبيوية:
1 - ترك هدم الكعبة وبائها على قواعد ابراهيم وهو امر مشروع لكن قدمت عليه المصلحة
2 - ترك قتل راس المنافقين ابن سلول وهو امر مشروع بل واي قربة هو ولكن قدمت عليه المصلحة
فان قال قائل:
هذه الوقائع ثبتت بالنصوص فكيف يحتج بالشيء على نفسه
قلنا:
هي تنبيه على جواز تقديم المصلحة في بعض المواضع
او قل هي تاسيس لهذه القاعدة وليس ذلك من باب الحصر
ـ[المصلحي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 12:53 م]ـ
للاستزادة ينظر:
تعليل الاحكام - شلبي
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 02:35 م]ـ
من المهمّ أن نتذكر مجال تقديم المصلحة على النص عند الطوفي، وذلك في العادات والمعاملات، لا في العبادات والمقدرات.
ثانيا: خطأ الطوفي ليس من قبل قوله بهذه القاعدة، ولكنّه بتعميمه لها حتى تصير أصلا من أصول الشرع، موازيا للكتاب والسنة، مصدرا للأحكام إجمالا، وهذا من المحال، إذ المصلحة وصف يتعلق بذات الحكم، لا يقوم بنفسه، أعني أن المصالح لا تعرف إلا باقترانها بنص أو واقع، وبعد معرفته يحكم بما يحصل به المصلحة.
مثالا على هذا: شرب الخمر لمن غص بلقمة،، فلا سبيل لأحد أن يحلل الخمر للعامة، ولكنه يصبح في هذه الحالة من واجبات الشرع لمن هذه حالته، ولا مقتضي لإباحة الخمر في هذه الحالة إلا المصلحة، فالمصلحة تقدم في خصوص هذه المسألة على النص المحرّم للخمر، على أن العمل بالنص هنا -الامتناع من شرب الخمر- يجرّ للمكلف مفسدة، وهذه المفسدة ليست مرادة شرعا، فتلغى ويعمل بمقتضى المصلحة، الذي هو شرب الخمر، فهو من باب تحقيق مناط الحكم، لا من باب تخريجه.
أما أن يتوهم أن المصلحة تقدم على مقتضى النصوص في كل حين، فهذا لا يمكن أن يقال، فكلامه فيه خطأ وصواب، ولولا جعله المصلحة من أصول الشرع، لسلم كلامه من الاعتراض،
والله أعلم.
كلام جيد، بارك الله فيك
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[03 - 11 - 07, 04:15 م]ـ
ممن ذهب إلى تقديم المصلحة مطلقاً على النصوص في عصرنا الحاضر محمد عبده شيخ الأزهر والباقورى وزير الأوقاف المصري السابق وتبعهم بتوسع شديد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الحالى ومفتى مصر على جمعة وجمهور الأزهريين!
ولا يخفى عليكم جميعاً السبب.
نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/167)
ـ[أبو لقمان]ــــــــ[03 - 11 - 07, 05:24 م]ـ
كلام جيد، بارك الله فيك
وفيك بارك الله
ـ[ياسر المؤذني]ــــــــ[16 - 11 - 07, 02:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
االاساتذة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يعتبر قتال ابو بكر الصديق رضي الله عنه للمرتدين من المصلحه ام اته استند الى الحديث (من قال لا اله الا الله ....... الا بحقها) 0000 وكذالك هناك روايه تقول ان ابو بكر رضي الله عنه قد حرق رجل اسمه فجاءة لانه قتل المسلمين بحجة مقاتلة المرتدين. وقد نهى رسول الله صاى الله عليه وسلم عن التعذيب بلنار فهل اخذ ابو بكر بلمصلحة في ذالك وراءاها عقوبه صارمة .... ارجوا من لديه باع في المسالة ان ينورنا بها وجزاكم الله خير الجزاء
من ارض الرباط اخوكم المؤذني
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 11 - 07, 04:04 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم، ونستفيد من التفصيل الذي ذكره الشيخ أبو لقمان حفظه الله فائدة مهمة وهي أن الطوفي يقول بذلك في المعاملات دون العبادات، كما أنه يعتبر المصلحة موازيا للكتاب والسنة، فجزاه الله خيرا على هذا التفصيل والفوائد.
والطوفي يتبين مما سبق يقدم المصلحة على الكتاب والسنة إنطلاقا من فهم خاطئ لنص حديث ضعيف (لاضرر ولا ضرار)
فمما قاله الطوفي (و مما يدل على تقديم رعاية المصلحة علي النصوص و الإجماع علي الوجه الذي ذكرنا وجوه .... ).
وقال كذلك (فنقول لك: إن رعاية المصلحة أقوى من الإجماع ويلزم من ذلك أنها من أدلة الشرع لأن الأقوى من
الأقوى أقوى، ويظهر ذلك من الكلام في المصلحة والإجماع).
والطوفي لايتحدث عن المصلحة المرسلة التي يوافقه غيره عليها فقط بل يقول (واعلم أن هذه الطريقة التي قررناها - مستفيدين لها من الحديث المذكور-
ليست هي القول بالمصالح المرسلة على ما ذهب إليه مالك بل هي أبلغ من ذلك
وهي التعويل على النصوص والإجماع في العبادات والمقدرات وعلى اعتبار
المصالح في المعاملات وباقي الأحكام.
وتقرير ذلك أن الكلام في أحكام الشرع إما أن يقع في العبادات والمقدرات
ونحوها أو في المعاملات والعادات وشبهها فإن وقع في الأول اعتبر فيه النص
والإجماع ونحوهما من الأدلة ......... ).
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 11 - 07, 04:11 م]ـ
نقل من مجلة البحوث الإسلامية من حث الدكتور الشثري:
المبحث الثاني: المصلحة الملغاة:
ا - آراء الحنابلة فيها:
جميع العلماء على أن ما يتوهم أنه مصلحة إذا كان يخالف الأدلة الشرعية فإن المصلحة لاغية لا عبرة بها، وقد وقع الإجماع على ذلك عدة قرون، فتتابعت العصور على عدم اعتبار ما يظن كونه مصلحة إذا كان يخالف دليلا من الأدلة الشرعية.
وخرق الطوفي هذا الإجماع، فقال بتقديم المصلحة على النصوص من باب التخصيص والبيان، وساق أدلة على مذهبه نسوقها:
أدلة الطوفي:
الدليل الأول: حديث: «لا ضرر ولا ضرار» (1)
فالضرر والمفاسد منتفية شرعا.
ولو كان ذلك الضرر في اتباع النصوص فإن الضرر يزال
شرعا، مما يدل على تقديم المصالح على النص، فنفي الضرر والضرار يستلزم رعاية المصلحة، فيجب تقديمها إذن على جميع الأدلة عملا بهذا الحديث.
وأجيب:
أ - بأن الحديث فيه ضعف وأحسن درجاته أن يكون حسنا لغيره، فيكون من أقل درجات الحديث المقبول، فكيف يقدم على جميع الأدلة الشرعية.
ب - أن هذا الحديث خبر آحاد، وغيره من الأدلة متواتر نقلا ومعنى، ولا يقول عاقل بتقديم خبر آحاد على المتواتر.
ج - أن الحديث نفي للضرر والضرار، والضرر هو كل ما عده
الشارع كذلك، فالأحكام الشرعية لا ضرر فيها، فلا تعارض بينها وبين الحديث، فكل له مجال يخالف الآخر، إذ الحديث نهي للعباد بطريق النفي عن الإضرار بالغير، كما قال تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} (1).
د - أن الحديث عام، والأدلة الشرعية الأخرى في مجالها خاصة، وإذا تقابل العام والخاص قدم الخاص فيما يختص به.
هـ - أن هذا الاستدلال مبني على أن المصالح يتصور أن تعارض النصوص وهو خطأ ظاهر.
الدليل الثاني: أن الشرع اهتم بالمصلحة جملة وتفصيلا وبنى عليها الأحكام، فإن أحكام الله معللة بمصلحة العباد، فيجب علينا أن نسير على هذا المنهج فنحكم بالمصالح ولو خالفت النصوص.
وأجيب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/168)
بأن هذا الدليل مبني على تضمن أحكام الشرع للمصالح، وأصل المسألة حكم النصوص التي تعارض المصالح، فالدليل يخالف الدعوى ويبطلها.
الدليل الثالث: قال: من المحال أن يراعي الله - عز وجل - مصلحة خلقه في مبدئهم ومعادهم ومعاشهم ثم يهمل مصلحتهم في الأحكام الشرعية فهي أولى، كيف وهي من مصلحة معاشهم.
وأجيب:
أ - أن هذا الاستدلال اعتراض على الله في فعله، والله عز وجل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ب - أن مقتضى هذا الدليل تضمن الأحكام الشرعية للمصالح، فإذا كانت الأحكام الشرعية متضمنة للمصالح فكيف يوجد التعارض بينهما.
الدليل الرابع: أن رعاية الشارع للمصلحة محل وفاق، والإجماع محل خلاف، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما اختلف فيه.
وأجيب:
أ - أن هذا الاستدلال مبني على الإجماع على المصلحة، وهو يتضمن في نفسه تضعيف دليل الإجماع. وهذا تناقض.
ب - لا تلازم بين القول برعاية المصالح، وبين تقديم رعاية المصالح على الإجماع، فالمسألتان تختلف كل واحدة منهما عن الأخرى، وكل من قال بالمصلحة قدم الإجماع عليها.
ج - أن الخلاف في المصالح قديم معروف، ولا وجه لإنكار هذا الخلاف، فالقائلون بالإجماع وحجيته أكثر من القائلين برعاية المصالح.
د - أن المخالف في الإجماع شذاذ، كالشيعة، وبعض الخوارج
والنظام، وهم محجوجون بالأدلة الشرعية الكثيرة الدالة على اعتباره.
هـ - أن الشيعة لا يقولون برعاية المصالح؛ لأنها رأي، والدين لا يقال بالرأي وإنما يتلقى عن المعصوم، والخوارج مختلفون في أمرها، وهم يقولون: إن الحكم إلا لله، ونقل عن النظام جواز اجتماع الأمة على الرأي والقياس، ورعاية المصالح تعتمد على الرأي والقياس، فكيف يقول النظام برعاية المصالح (1).
و - أن المتفق عليه هو رعاية الشارع للمصلحة، والمراد بالبحث هنا هو اتباعنا للمصلحة المخالفة للنصوص الشرعية، وفرق بين رعاية الشارع للمصلحة وبين اتباع المصالح المخالفة للنصوص.
ز - أن الدليل مبني على أن الشارع رعى المصالح، ومعناه: أنه استقصاها فلم يبق شيء منها لم يرعه، فنصوصه راعية للمصالح، فالمصالح والنصوص دائما مجتمعة فكيف يتصور التعارض بين النصوص وما تضمنته من المصالح.
الدليل الخامس: أن النصوص سبب للخلاف في الأحكام، لأن كثيرا منها متعارض والمصلحة سبب للاتفاق؛ لأنها لا تختلف، واتباع ما يؤدي إلى الاتفاق مقدم على ما يؤدي إلى الخلاف إذ الخلاف مذموم شرعا.
__________
(1) المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي ص 228، وأدلة التشريع المختلف في الاحتجاج بها ص (206).
وأجيب:
أ - أن النصوص يصدق بعضها بعضا فلا تتعارض، فقد نفى الله عز وجل عنها الاختلاف والتناقض، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (1).
ب - أن المصالح مختلفة باختلاف الآراء والأهواء والأزمنة والأمكنة، بخلاف النصوص فهي لا تختلف باختلاف ذلك.
ج - أن هذا الاستدلال مبني على دعوى اختلاف النصوص، سواء ما كان في العادات أو العبادات أو المعاملات، فهذا يقضي أن تعطى النصوص كلها نتيجة واحدة من أجل هذا الاختلاف والتعارض، لكننا نراه يفرق بين أحكام المعاملات - فيجعل المصالح أولى من النصوص - وبين العبادات فيجعل النصوص مقدمة على المصالح.
الدليل السادس: أن هناك نصوصا قدمت المصلحة على النصوص، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بعد الأحزاب: «لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة» (2)، فصلى بعضهم قبلها، فقررهم على ذلك إذ فيه تقديم المصلحة
(مصلحة إدراك الوقت) على النص، وحديث: «لولا أن قومك حديثوا عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة» (1).
وهذا يدل على أن بناءها على قواعد إبراهيم هو الواجب، فتركه لمصلحة الناس. وذكر في ذلك آثارا عن الصحابة.
وأجيب:
أ - أن المصلحة أن الإمام مطاع في كل أوامره، وأن الشرع يقدم على أهواء الناس، ولكنه ترك هذه المصلحة هنا للنصوص.
ب - أن هذه القضايا حصلت في أمور العبادة، والطوفي لا يقول بتقديم المصالح على النصوص في أمور العبادات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/169)
ج - أن المعارضة هنا ليست بين النصوص والمصالح، بل بين النصوص والنصوص، إذ من السنة إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -.
د - ما ذكر من الآثار ما هي إلا اختلاف في الأفهام، واجتهادات الصحابة منها ما أقروا عليها، ومنها ما لم يقروا عليها، وقول الصحابي إذا خالف النص فلا عبرة به، وهذه المعارضة التي سلكها الصحابة رضوان الله عليهم لم تكن
من قبيل النظر في المصلحة المجردة عن الدليل، بل إنهم يستندون في ذلك إلى أدلة أخرى، فهذا اجتهاد في النصوص.
تنبيه:
الطوفي بنى رأيه على فرض تضمن بعض النصوص ضررا يعارض مصلحة راجحة، وهذا خطأ وباطل، وعليه فتقديم المصلحة على النص والإجماع محال غير متصور الوقوع، فإن فرض مخالفة المصلحة للكتاب والسنة والإجماع مجرد فرض لا واقع له، ويشهد لذلك أنه لم يقدم لما فرضه مثالا واحدا من الواقع، والأعجب من هذا أن الطوفي نفسه قد مهد لبيان كون هذا محالا إذ ساق الأدلة على أن كتاب الله جاء مهتما بمصالح الخلق متضمنا لها واستدل لذلك بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (1) {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (2)، وذكر سبعة وجوه لدلالتها على ذلك (3).
3 - أدلة الجماهير:
الدليل الأول: أن النصوص الشرعية قد اشتملت على المصالح الراجحة فلا يحتمل أن تعارض المصلحة مطلقا.
الدليل الثاني: لو فتح باب تغيير الأحكام الثابتة بالنصوص استنادا للمصالح، لكان في ذلك اندراس معالم الدين بالكلية، فهذا القول يفتح مجال العبث واللعب بأدلة الشريعة وأحكامها، بحجة المصلحة بل قد يبيح الزنا وبعض المعاملات الربوية وبعض المسكرات، وتوضع القوانين البشرية وتوجد المحرمات ويحارب شرع الله بحجة المصلحة المزعومة، أعاذ الله الأمة الإسلامية من ذلك (1).
الدليل الثالث: أن النصوص مراعية للمصالح بالإجماع، فلا سبيل لتعارض المصالح مع النصوص.
الدليل الرابع: أن العلماء مجمعون من العصور الأولى إلى عصر الطوفي على أن العبرة بالنصوص، ولا يلتفت لما يتوهم كونه مصلحة ما دامت معارضة للنصوص.
الدليل الخامس: قوله تعالى: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (2) فقد أثبت مصالح في الخمر والميسر ومع ذلك فهما محرمان بالاتفاق لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3).
__________
(1) أصول الفقه وابن تيمية، ص (464).
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 11 - 07, 04:16 م]ـ
ضوابط الفتوى في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح
إعداد الدكتور
عبد الوهاب بن لطف الديليمي
وقد ظهر من ينادي بتقديم المصلحة مطلقاً حتى على النص والإجماع عند معارضتها لهما، وقد تولى أهل العلم الرد على مزاعمه، وبيان تهافتها وبطلانها، ويحسن هنا أن أنقل نص عبارة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) في الرد على الطوفي (1) الذي كان أول من ينادي بذلك، حيث يقول: "فهذا الإجماع الذي بدأ منذ عصر الصحابة، لم يزل ساري المفعول لدى مختلف طبقات الأئمة والعلماء على اختلاف آرائهم واجتهاداتهم، إلى أوائل النصف الثاني من القرن السابع الهجري، حيث ظهر في هذه الفترة رجل من علماء الحنابلة اسمه سليمان بن عبد القوي الطوفي … وما لبث أن نادى في بعض مؤلفاته بضرورة تقديم المصلحة مطلقاً على النص والإجماع عند معارضتها لهما.
فقد ألف كتاباً في شرح الأربعين حديثاً، وأفاض في الكلام عند شرحه لحديث ((لا ضرر ولا ضرار)) وبعد أن بين فيه أن يقتضي رعاية المصالح إثباتاً، والمفاسد نفياً، وجعل أدلة الشرع في حسابه تسعة عشر دليلاً، قال ما نصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/170)
"وهذه الأدلة التسعة عشرة أقواها النص والإجماع، ثم هما إما أن يوافقا رعاية المصلحة أو يخالفاها، فإن وافقاها فبها ونعمت ولا نزاع، وإن خالفاها وجب تقديم رعاية المصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان لهما، لا بطريق الافتئات عليهما والتعطيل لهما ".
وعمدة دليله على كلامه هذا، اعتباره المصلحة دليلاً أقوى من كل من النص والإجماع، فهو يقول: إن رعاية المصلحة أقوى من الإجماع، ويلزم من ذلك أنها أقوى أدلة الشرع، لأن الأقوى من الأقوى أقوى.
وجعل عمدة دليله على أن المصلحة مقدمة في الرعاية على النص والإجماع أمرين:
أحدهما: أن منكري الإجماع قالوا برعاية المصالح، فهي إذًا محل وفاق، والإجماع محل خلاف، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما اختلف فيه.
ثانيهما: أن النصوص مختلفة متعارضة، فهي سبب الخلاف في الأحكام المذمومة شرعاً، ورعاية المصالح أمر حقيقي في نفسه لا يختلف فيه، فهو سبب الاتفاق المطلوب شرعاً، فكان اتباعه أولى.
مناقشة هذه الأوهام وردها:
وقبل أن نرد على ما تخيله من أدلة لزعمه هذا، ينبغي أن نشير للقارئ إلى ما وقع فيه هذا الرجل من تناقض عجيب، وهو يقرر أدلته هذه.
فلقد بدأ فساق كل الأدلة الشرعية التي قيل بها والتي أحصاها في تسعة عشر دليلاً، سواء منها ما كان متفقاً عليه، وما كان مختلفاً فيه، و ذكر منهم المصالح المرسلة، ثم اعترف بأن النص والإجماع هما أقوى هذه الأدلة كلها، ولكنه مع ذلك عاد فقال في معرض استدلاله على وجوب تقديم المصلحة عليهما: إن رعاية المصلحة مقدمة على الإجماع، وإذًا فهي أقوى أدلة الشرع كلها، أفيكون تناقض أبلغ من هذا وأوضح؟ !
وأيضاً فقد ذكر عن تحليل لفظ حديث ((لا ضرر ولا ضرار)). . . ما نصه: "ثم المعنى لا لحقوق ضرر شرعاً إلا بموجب خاص مخصص ".
"وعاد فأكد هذا الكلام بعد ذلك، فقال: إن النص والإجماع إما أن لا يقتضيا ضرراً ولا مفسدة بالكلية، أو يقتضيا ذلك، فإن لم يقتضيا شيئاً من ذلك فهما موافقان لرعاية المصلحة، وإن اقتضيا ضرراً فإما أن يكون الضرر مجموع مدلوليهما أو بعضه، فإن كان مجموع مدلوليهما، فلا بد أن يكون من قبيل ما استثنى من قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا ضرر ولا ضرار)) (1)، وذلك كالحدود والعقوبات على الجنايات، وإن كان الضرر بعض مدلوليهما، فإن اقتضاه دليل خاص اتبع الدليل، وإن لم يقتضه دليل خاص وجب تخصيصهما بقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا ضرر ولا ضرار)) جمعاً بين الأدلة ".
"فماذا عسى أن يكون الموجب الخاص المخصص في كلامه الأول، أو الدليل الخاص المقتضى للضرر في كلامه الثاني غير نص الكتاب أو السنة أو الإجماع المترتب على أحدهما "؟
"وما دام كذلك فكيف تكون المصلحة مع ذلك أقوى اعتباراً من النص والإجماع"؟
"إما أن المصلحة أقوى اعتباراً من النص والإجماع كما يقول، فلا معنى إذًا لتحكم أحدهما في استثناء بعض صور المصالح عن الاعتبار، سواء كان الضرر كل مدلوله أو بعض مدلوله، وسواء أكد هذا البعض دليل خاص آخر أم لا، لا فرق بين كل هذه التنويعات المتكلفة ما دام أصل دلالتها آتياً من النص أو الإجماع، وما دامت المصلحة في ذاتها أقوى منهما في ذاتهما ".
"وإما أن النص والإجماع أقوى اعتبارا من محض ما يسمى مصلحة، وعلى ذلك يأتي الموجب الخاص فيخصص عموم حديث ((لا ضرر ولا ضرار)) كما قال: فما معنى التفريق إذا بين نص كان الضرر كل مدلوله، ونص آخر كان الضرر بعض مدلوله، ما دام الدال على كلٍّ نصًّا، وما دام النص أقوى من المصلحة المتوهمة؟ وما معنى القول بترجيح هذا المتوهم على النصوص والإجماع ….؟
"فهاتان الصورتان من التناقض الصارخ في كلامه، كافيان لإسبال حجاب الإهمال على مجموع أدلته وبراهينه التي ساقها على دعواه ".
ومع ذلك فللنناقش أدلته، وإن كانت واضحة البطلان خشية أن يفتن بها الذين يلتمسوا السبيل في هذه الأيام إلى مثل دعواه.
"فنقول أولاً: إن الأساس الذي بنى عليه زعمه هذا، أساس محال غير متصور الوقوع، ألا وهو فرض كون المصلحة مخالفة للنص أو الإجماع ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/171)
"والعجيب أنه هو بنفسه مهد لبيان كونه محالاً دون أن يشعر … إذ أنه ساق البراهين على أن كتاب الله إنما جاء متضمناً لمصالح الخلق، واستخرجها واحدة بعد أخرى من قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57].
"وبدهي أن كتاب الله تعالى إنما يكون متضمناً للرحمة بالعباد والرعاية لمصالحهم، إذا كانت نصوص متفقة مع هذه المصالح، وإذًا فمن المحال أن نجد آية فيه تدعو إلى ما يخالف المصلحة الحقيقية، والذي يتراءى من ذلك لأول وهلة، إنما هو بتأثير الشهوات والأهواء وقصور معظم العقول عن إدراك كنه المصالح الحقيقية، ومن ثم فمن العبث الشنيع أن يفكر الإنسان بالمخرج والحل عن ذلك ".
"وإذا تصورنا المحال وفرضنا أن نجد في نصوص الكتاب - والسنة - مثله - ما يخالف المصلحة، فقد سقط إذًا البرهان الذي بنى عليه الطوفي دعواه من أن الشريعة لم تأتِ إلا لرعاية مصالح العباد، إذ تصبح النصوص - على هذا الفرض - أعم من أن تلتزم بمقتضى المصالح، وبذلك يغدو ميزان المصالح، قاصراً على درك أحكام الشريعة ".
"فالنتيجة، أن ما فرضه الطوفي من إمكان مخالفة المصالح للنص أو الإجماع، إما أن يكون فرضاً ممكناً أو محالاً، وهو في كلا الحالتين دليل واضح على عكس دعواه ".
قد يقول قائل: "ولكن الطوفي إذ يقدم المصلحة على النص أو الإجماع، يحاول أن يسلك إلى ذلك طريق التخصيص لأحدهما لا هدره وإلغاءه … كما قد يتوهم ذلك أي فالنص يكون مراعيا لتلك المصلحة في الحقيقة لا معارضاً لها ".
فالجواب: "إما أن يتخصص الإجماع بمخصص من مصلحة أو غيرها. . فهذا ما لم يسمع ولم يقل به أحد؛ إذ الإجماع بعد ثبوته دليل قطعي من كل نواحيه، فمن أين ينفذ التخصيص إليه …؟ وإما أن يتخصص النص بالمصلحة "أي بما يقال إنه مصلحة "فهذا أيضاً ما لا يمكن أن يتصور، وإلا لانهار الفرق - على جلائه - بين التخصيص والنسخ، ولأمكن لأي يد أن تشطب على جملة شريعة الله بدعوى التخصيص".
"ومعلوم أن من أبرز مظاهر الفرق بين التخصيص والنسخ، أن التخصيص إخراج جزء من المدلول لم يكن المتكلم قد أراد بلفظه الدلالة عليه، على حين أن النسخ إبطال ما أراده المتكلم، وأن التخصيص إخراج جزء فقط من المخصص على حين أن النسخ يمكن أن يكون إبطالاً للكل ".
"والطوفي إنما يدعو إلى تقديم المصلحة على جملة مدلول النص عند معارضتهما، فكيف ينطبق معنى التخصيص على ذلك؟ وعلى فرض أن المصلحة عارضت جزءاً من مدلول النص، فمن أين له أنها مصلحة حقيقية وأن الشارع لم يرد بالنص الدلالة على الحكم المخالف لها؟ وماذا يقول في قرون متطاولة من قبله أخذ أهلها - مثلاً - بكل مدلوله، ولم يفهموا إلا أن المصلحة هي ما تضمنته جملته؟ ثم إن الرعيل الأول من المسلمين، وهم الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم، لم يتركوا لبساً في مدلولات النصوص القابلة للتخصيص - بما وصل إلينا من أفعالهم وعلومهم وأقوالهم - فما سكتوا عن تخصيصه، وعبدوا الله بالتمسك بمجموع دلالته، فهو غير قابل للتخصيص بعد ذلك، وإلا للزم من ذلك جهل الصحابة بمدلولات النصوص والقدر المراد منها، أو نسخ ما ثبت حكمه واستقرت على الناس تبعته، ونعوذ بالله من الوقوع في أي الضلالين ".
"ثانيا: إن اعتبار المصلحة أقوى من الإجماع والنص، فرع لاعتبارها مستقلا عنهما، كما هو واضح، وقد ذكرنا في تمهيد هذا الباب: أن رعاية المصلحة مجردة ليست في حقيقتها دليلا مستقلا عن النص حتى يمكن اعتبارها قسيما له، وإنما هي معنى كلي استخلص من تتبع جزئيات الأحكام القائمة في أساسها على النصوص، والكلي لا يوجد إلا في جزئياته - كما هو معروف - وإلا لم يكن كليًّا لها، ولذا فقد كان لا بد لاعتبار حقيقة المصلحة في أمر ما من أن يدعمه دليل من الأدلة الشرعية التفصيلية القائمة في أساسها على النصوص أو أن لا يوجد ما يخالفها من ذلك على الأقل ".
"فكيف يصح بعد ذلك أن تكون المصلحة قسيما، بل وندا للنص والإجماع يشطب بها عليهما حيثما قضى بذلك الوهم والخيال " .. ؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/172)
"ثالثا: وفي استدلال الطوفي على كون المصلحة أقوى من الإجماع، أبرز صورة للمغالطة التي تشبه أن تكون مقصودة، إذ هي من الوضوح بحيث لا يجهلها من مارس كتب العلم والاطلاع عليها مهما قلَّت بضاعته منها ".
فقد استدل على كونها أقوى من الإجماع بقوله: "إن منكرى الإجماع قالوا؛ برعاية المصالح، فهى إذا محل وفاق. . والإجماع محل خلاف.
"فإذا كان يريد بذلك، أن منكري الإجماع قالوا كغيرهم بأن نصوص الشريعة قائمة على أساس المصالح، فهذا صحيح، ولكن ما علاقة هذا بدعواه؟ وهل يلزم من الاتفاق على كون الشريعة قائمة على أساس المصالح. . الاتفاق على تقديم ما توهم أنه مصلحة على الإجماع أو النصوص"؟
"إن من الوضوح بمكان أن إجماعهم الذي يشير إليه يدعوهم إلى الحذر من الوقوع في هذا الضلال، فضلا عن أن يتفقوا على الوقوع فيه ".
"وإذا كان يريد بذلك أن منكري الإجماع، قالوا بمثل رأيه في شأن المصالح، فهذا كذب وافتراء، وما من أحد من المسلمين قبله خطر له أن يقول بمثل ما أتى به؛ سواء منهم جماهيرهم القائلون بالإجماع، والقلة الذين لم يقولوا به ".
"ثم تأمل كيف نسي نفسه، وهو يقلل من أهمية الإجماع في جنب المصلحة المجردة، فراح يستدل على ذلك نفسه بالإجماع. .! فأصبح معنى كلامه: الإجماع أضعف من رعاية المصلحة، لأن رعاية المصلحة مجمع عليها، والإجماع غير مجمع عليه .. !! وهل يقول هذا الكلام عاقل ". .؟
"رابعا: وفي استدلاله على كون المصلحة مقدمة على النص، مغالطة أكبر وأشنع. . إذ استدل على ذلك، كما ذكرنا، بأن النصوص مختلفة متعارضة، ورعاية المصالح أمر حقيقي في نفسه لا يختلف. .
فكيف تكون نصوص الشريعة مختلفة متعارضة، وهي آتية من عند الله عز وجل "؟
"ولو كانت مختلفة متعارضة كما يقول، لكان ذلك أكبر دليل على أنها من عند غيره سبحانه وتعالى، ولذا نبَّه الله عباده إلى أن تناسق القرآن وتوافق نصوصه وآياته، أكبر دليل على أنه من عند الله عز وجل " (1).
"ولقد استدل الطوفي على هذا الزعم العجيب بالخلاف الذي وقع بين الأئمة والفقهاء بسبب النصوص، ولست أدري كيف يتصور عاقل من الناس ضرورة الصلة بين هذا الدليل وذلك الزعم، فالخلاف الذي وقع بين الأئمة في الفروع، إنما هو خلاف في فهم النصوص والوصول إلى حقيقة مدلولاتها، لتفاوت الأفهام فيما بينهم، لا خلاف بين النصوص في ذاتها؛ وهذا الخلاف أمر متصور الوقوع في الاجتهاد، ومعلوم أن اختلاف المذاهب في الاجتهاد لا يعني بحال اختلاف النصوص في مدلولاتها، ولكنه يعني أن واحدا غير معين، قد وافق الحقيقة وأخطأها الآخرون، وقد رفعت الشريعة عنهم تبعة هذا الخطأ على لسان النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: ((إذا اجتهد المجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد)) (1).
"ذلك أن الله لم يلزم أهل العلم بأكثر من بذل الجهد للوقوف على ما اشتبه عليهم من الأحكام، وهو في ذاته نوع من العبادة، تعبدهم الله به لحكمه. . . . ".
"وإذا تأملت في كلامه، وجدت أنه إنما يقصد بالنصوص حقيقتها لا الفهم لها. . إذ هو يقول عن المصلحة في مقابلها: "ورعاية المصالح أمر حقيقي في نفسه "، فهو إذاً إنما يقابل ذات النصوص بذات المصالح، ثم يفوه بما لا يقول به مسلم من أن النصوص متعارضة متخالفة في نفسها ". .
"هذا عن مغالطته فيما وصف به نصوص الشريعة ". .
"أما مغالطته فيما قال عن المصلحة فكامنة في أنه بنى وهمه هذا على مقدمتين لا رابطة بينهما، ولا حد متكررا فيهما، إذ هو ينظر أولا إلى جزئيات المصالح المتصورة في الخارج، ومعظمها جزئيات اعتبارية مختلف فيها ".
"فيقول: "هذه مصالح ". . ثم ينظر إلى الجنس المعنوي لها - وهو كلي منفق على رعايته في جميع الأذهان - فيقول: والمصلحة رعايتها حقيقة مجمع عليها. . ثم يزهي بالنتيجة المغلوطة قائلا: فرعاية المصالح - أي الجزئية - أمر حقيقي مجمع عليه ".
"فهذا القياس الملفق هذا التلفيق، يشبه ما يذكره المناطقة مثالا على السفسطة، وهو أن يشير الإنسان إلى صورة فرس على الجدار فيقول: هذا فرس، ثم يشير إلى جنس الفرس القائم في الذهن فيقول: وكل فرس صاهل، ثم يأتي بمثل نتيجة الطوفي فيقول عن الصورة: فهذا صاهل فرس " (2).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/173)
"ولا ريب أن التخالف بين جزئيات المصالح المختلف فيها بين الناس، وحقيقتها القائمة في الذهن، ليس أقل من التخالف بين صورة الفرس على الورق وحقيقته الماثلة في العقل ".
"فالحقيقة الذهنية للمصلحة، حقيقة متفق على رعايتها كما قال، ولكن ليست هي التي يقع بها التعارض مع النص، على فرض صحة وقوعه، وإنما يكون التعارض بما يوجد من صور جزئية لها في الخارج ".
"وهذه الصور الجزئية، هي شيء غير الحقيقة الذهنية المجردة، وهى ليست أمورًا متفقا عليها بحال من الأحوال، لأن هذه الصور إنما يصار إليها عن طريق تحقيق المناط، فكل أمر أنيط بتحقيقه نفع ما فهو مصلحة، ومعظم المنافع كما قلنا في صدر هذا الكتاب أمور اعتبارية تختلف حسب اختلاف المشاعر والعادات والأخلاق. . ولقد رأينا كيف أن علماء الأخلاق - وقد أجمعوا على تقديس المصلحة - لم يتمكنوا أن يصيروا إلى أي اتفاق على مسمياتها الجزئية، حينما حكموا في ذلك عقولهم وحدها، بل ولم تتمكن عقولهم من الاستقلال بالنظر والحكم، إذ سرعان ما يغلب عليهم وحي الشهوات والأهواء ومقاصد الأنانية والأثرة، وليته قد تخلف به الزمان حتى رأى عصرنا الحاضر وتعقد مسائله، وحيرة أهله وتضارب آرائهم وتباين مذاهبهم، إذًا لوجد أن المصلحة التي سماها حقيقة لا تختلف ليست إلا سرابا قد ضل سعي الناس وراءه. . . . ".
"من أجل هذا جاءت نصوص الشريعة، مفتاحا لما استغلق على الناس فهمه، وهداية إلى الحق الذي التبس عليهم أمره، إذ الخالق أدرى حيث تكمن مصلحة عباده وحيث تكمن مضارهم. . ومن هنا كانت المصلحة الحقيقة ما عرفت بهدي النصوص أو توابعها، ولا عبرة بمن قد يحسبها مفسدة، وكان كل ما خالفها مفسدة، ولا عبرة بوهم من ظنها مصلحة "
وصدق الله القائل في محكم كتابه: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] " (1).
وهناك أمر آخر مهم. . غير ما أورده صاحب (ضوابط المصلحة) وهو أن الأخذ بالرأي الذي جنح إليه الطوفي، لا يمكن أن ينحصر في ضوابط معينة، إذ يصير من حق كل صاحب شهوة وهو أن يدعي المصلحة في أمر ما، دون التفات إلى نصوص الشرع، ولا إلى الإجماع، وحينئذ يصبح الخضوع للهوى والشهوة، لا لأحكام الشرع.
والنصوص الشرعية قد جاءت من أجل تحقيق المصالح، ودرء المفاسد، على وجه لا يتطرق إليه الاختلال، ومن ادَّعى تعارضها مع المصلحة، فقد ادَّعى عدم اطرادها، وإمكان اختلالها وتخلفها عما وضعت له، وفي ذلك يقول الشاطبي (2):
"فإنها لو كانت موضوعة بحيث يمكن أن يختل نظامها، أو تختل أحكامها، لم يكن التشريع موضوعا لها (3). . إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد، لكن الشارع قاصد بها أن تكون مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد، لكن الشارع قاصد بها أن تكون مصالح على الإطلاق، فلا بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبديا، وكليا، وعاما في جميع أنواع التكليف والمكلفين، وجميع الأحوال. . . ".
__________
(1) ضوابط المصلحة ص 202 - 215؛ وانظر نص رسالة الطوفي، ضمن كتاب (مصادر التشريع الإسلامى فيما لا نص فيه) لعبد الوهاب خلاف، ص 105 - 144.
(2) الموافقات: 2/ 37 - 40.
(3) أى للمصلحة.
"والمصالح المجتلبة شرعا، والمفاسد المستدفعة، إنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية، أو درء مفاسدها العادية، والدليل على ذلك أمور ":
أحدها: أن الشريعة إنما جاءت لتخرج المكلفين عن دواعي أهوائهم، حتى يكونوا عبادا لله، وهذا المعنى إذا ثبت، لا يجتمع مع فرض أن يكون وضع الشريعة على وفق أهواء النفوس، وطلب منافعها العاجلة كيف كانت، وقد قال ربنا سبحانه: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71].
"الثانى: أن المنافع الحاصلة للمكلف مشوبة بالمضار عادة، كما أن المضار محفوفة ببعض المنافع، ومع ذلك فالمعتبر إنما هو الأمر الأعظم، وهو جهة المصلحة التي هي عماد الدين والدنيا، لا من حيث أهواء النفوس "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/174)
"الثالث: أن المنافع والمضار، عامتها أن تكون إضافية لا حقيقية، ومعنى كونها إضافية: أنها منافع أو مضار في حال دون حال، وبالنسبة إلى شخص دون شخص، أو وقت دون وقت، فالأكل والشرب - مثلا - منفعة للإنسان ظاهرة، ولكن عند وجود داعية الأكل، وكون المتناول لذيذا طيبا، لا كريها ولا مرا. . وكونه لا يولد ضررا عاجلا ولا آجلا، وجهة اكتسابه لا يلحقه به ضرر عاجل ولا آجل ".
"الرابع: أن الأغراض في الأمر الواحد تختلف، بحيث إذا نفذ غرض بعض وهو منتفع به تضرر آخر لمخالفة غرضه، فحصول الاختلاف في الأكثر، يمنع من أن يكون وضع الشريعة على وفق الأغراض، وإنما يستتب أمرها بوضعها على وفق المصالح مطلقا، وافقت الأغراض أو خالفتها ".
وهناك أمر آخر غير ما تقدم، وهو أن من يدعي تقديم المصلحة على النص، سيؤدي ذلك إلى مفاسد عظيمة، لأن الناس - عند عدم الرجوع إلى الضابط الشرعي للمصلحة والمفسدة - تتباين رغباتهم وأهواؤهم وتتصادم مصالحهم، ويطلب كل شخص من المصالح المطابقة لهواه، ما يؤدي إلى مفاسد كبيرة على غيره، وهناك تحدث فتن عظيمة بين الناس، وفي ذلك يقول الشاطبي (1).
"إنه قد علم بالتجارب والعادات، أن المصالح الدينية والدنيوية، لا تحصل مع الاسترسال في اتباع الهوى، والمشي مع الأغراض، لما يلزم من ذلك من التهارج والتقاتل والهلاك، الذي هو مضاد لتلك المصالح ".
ومن هنا يتبين أن الاستصلاح أو (المصالح المرسلة) من الأدلة التي يستند إليها عند عدم وجود دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، والمراد بالمصالح المرسلة:
"كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع، دون أن يكون لها أو لجنسها القريب شاهد بالاعتبار أو الإلغاء " (2)، ولا يعني ذلك عدم وجود أى دليل تستند إليه، وإلا لما أمكن للمجتهد أن يجعلها دليلاً على حكم من أحكام الشريعة بحال، إذًا "فالمصالح المرسلة لابد أن تستند إلى دليل ما قد اعتبره الشارع، غير أنه لا يتناول أعيان هذه المصالح بخصوصها، وإنما يتناول بالجنس البعيد لها: كجنس حفظ الدين، والأرواح، والعقول، والأنساب، أي فهو قاصر عن دليل القياس الذي يتناول عين الوصف المناسب بواسطة النص عليه، كما في الوصف المؤثر أو بواسطة جريان حكم الشارع على وفقه كما في الملائم " (3).
__________
(1) الموافقات: 2/ 170، مع شىء من التصرف.
(2) ضوابط المصلحة، ص 330.
(3) ضوابط المصلحة، ص 217
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 11 - 07, 04:26 م]ـ
الوقت وأهميته في حياة المسلم - (ج 2 / ص 92)
ذا مجمل ما عند الطوفي من أدلة علي رأيه، ولكن تحليل هذه الأدلة بكل روية وتمعن يظهر فيها ضعفا وتناقضا لا يخطئه من له أدني إدراك بالأدلة وطرق مناقشتها.
1 - فمما لا يختلف فيه اثنا أن النصوص دلت عموما وتفصيلا أن أحكام الشريعة غايتها المصلحة، ولكن هذا دليل إثبات أنه حيثما وجد النص فثم المصلحة، والله أراد من النصوص اليسر ولم يرد بها العسر، وكل نصوص الدين ما جعل الله فيها من حرج وهي سمحة سهلة، فكل أدلة الطوفي في أن المصلحة واليسر ورفع الحرج هي مقصود الشارع، فهي دليل علي ضرورة التزام النص وتقديمه، لأنه الذي يحقق المصلحة في كل الظروف.
2 - وحديث لا ضرر ولا ضرار هو أحد الأدلة أيضا علي أن كل نصوص الشرع لا ضرر فيها، وأن المصلحة متحققة منها دائما، إذ كيف يقرر الرسول أنه لا ضرر وتكون بعض النصوص التي جاء بها سببا في الضرر. إن من يظن وقوع الضرر من تطبيق النص يقع في تناقض بين.
3 - والاختلاف في تقدير المصلحة أمر واقع، وهو اختلاف كبير واسع، فالمصلحة ليست أمرا منضبطا يتفق عليه الناس وإلا لو كان الأمر كذلك لا تفق الناس في شرائعهم ونظمهم وطرق حياتهم وكل هذا ينقض ما قاله الطوفي من أن المصلحة أمر حقيقي متفق عليه.
4 - والطوفي في عبارته عن تقديم المصلحة علي الإجماع متناقض جدا، فهو يقول أن المصلحة متفق عليها والإجماع مختلف حوله، فتقدم المصلحة لأنها متفق عليها (فأصبح معني كلامه: الإجماع أضعف من رعاية المصلحة لأن رعاية المصلحة مجمع عليها والإجماع غير مجمع عليه) [6].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/175)
5 - ومن الملاحظ أن الطوفي لم يأت بمثال واحد يرينا فيه كيف أن المصلحة عارضت النص وكيف تقدم عليها، حتى نستيقن مما يقول، وما ذلك إلا لأنه لم يجد مطلقا بعد طول الاستقراء والبحث حالة واحدة تعارض فيها المصلحة النص لأن ذلك التعارض أمر متوهم [7]
ولضعف أدلة الطوفي وشناعة رأيه حمل عليه كثير من المعاصرين حملة قوية. فيقول الشيخ أبو زهرة عن رأيه أنه (رأي شاذ بين علماء الجماعة الإسلامية) ويقول ( .. إن مهاجمته للنصوص ونشر فكرة نسخها أو تخصيصها بالمصالح هي أسلوب شيعي، أريد به تهوين القدسية التي يعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع. والشيعة الأمامية يرون أن باب النسخ والتخصيص لم يغلق لأن الشارع الحكيم جاء بشرعه لمصالح الناس في الدنيا والآخرة، وأدري الناس بذلك الإمام فله أن يخصص كما خصص النبي (ص) لأنه وصى أوصيائه. وقد أتي الطوفي بالفكرة كلها وإن لم يذكر كلمة الإمام ليروج القول وتنتشر الفكرة) [8].
ويقول الشيخ عبد الوهاب خلاف: ( .. وإن الطوفي الذي يحتج بالمصلحة المرسلة إطلاقا فيما لا نص فيه وفيما فيه نص، فتح بابا للقضاء علي النصوص وجعل حكم النص أو الإجماع عرضة للنسخ بالرأي، لأن اعتبار المصلحة ما هو إلا مجرد رأي وتقدير، وربما قدر العقل مصلحة وبالروية والبحث يقدرها مفسدة. فتعريض النصوص لنسخ أحكامها بالآراء وتقدير العقول خطر علي الشرائع وعلي كل القوانين) [9].
[6] أنظر (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) - محمد سعيد رمضان البوطي ص 212
[7] أنظر (ابن حنبل) لأبو زهرة ص 359
[8] نفس المصدر ص 363
[9] مصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه - عبد الوهاب خلاف - ص 101
أصول الفقه بين الثبات والتجديد1/ 2
ورقة ا. د. يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين
أستاذ أصول الفقه بقسم الدراسات العليا
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض:
8/ 1/1423
- وفي نهاية القرن السادس الهجري طرح سليمان بن عبدالقوي نجم الدين الطوفي المتوفى سنة 716هـ، رأياً متطرفاً وشاذاً وفق المقاييس الأصولية، في المصلحة. هو لم يؤلف كتاباً في المصلحة يذكر فيه رأيه، ولكنه أورد رأيه في شرحه الحديث الثاني والثلاثين من الأحاديث الأربعين النووية، وهو قوله:صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضِرار). ولم يشر علماء الأصول الذين عاصروه أو جاؤا بعده، إلى رأيه هذا، فيما أطلعت عليه من كتبهم. وقد طبع شرحه للأربعين النووية كاملاً باسم (التعيين في شرح الأربعين) في السنوات الأخيرة. وهو وإن لم يتكلم عن المصلحة في بعض كتبه كشرحه لمختصر الروضة، لكنه لم يخرج في ذلك عن رأي الجمهور فيها، مع نقده تقسيماتهم المصلحة إلى ضرورية وغير ضرورية، وعدّه ذلك تعسفاً وتكلفاً، وإنما كان رأيه الخاص والمخالف لرأي جمهور العلماء هو ما أورده في شرحه لحديث (لا ضرر ولا ضِرار)، الذي تكلم في شرحه على المصلحة مطلقاً، لا المصلحة المرسلة. وقد عرّف المصلحة، بحسب العرف، بأنها السبب المؤدي إلى الصلاح والنفع، كالتجارة المؤدية إلى الربح، وبحسب الشرع هي السبب المؤدي إلى مقصود الشارع عبادة أو عادة (7).
وبعد أن أقام الأدلة على حجية المصلحة من نصوص الشارع، ذكر أن رعايتها مقدمة على النصوص والإجماع، مستدلاً على ذلك بوجوه، منها:
أ - (إن منكري الإجماع قالوا برعاية المصالح، فهو إذاً محل وفاق، والإجماع محل خلاف، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما اختلف فيه.
ب- إن النصوص مختلفة متعارضة، فهي سبب الخلاف في الأحكام المذموم شرعاً، ورعاية المصالح أمر (حقيقي في نفسه، ولا يُخْتَلَفْ فيه، فهو سبب الاتفاق المطلوب شرعاً، فكان اتباعه أولى) (8).
لكنه يقصر ذلك التقديم على جانب المعاملات والعادات وشبهها، وأما في العبادات والمقدرات ونحوها، فالمعتبر فيها النصوص والإجماع ونحوهما من الأدلة (9).
والمصلحة عنده عامة هي مصلحة الناس، وما يتراءى لهم أنه ذو منفعة. وليس المقصود في ذلك المصالح المرسلة التي يقول بها الإمام مالك. ونجد من المناسب أن نذكر خلاصة لهذا الاعتبار من عبارات الطوفي نفسه. قال: (ولا يقال إن الشرع أعلم بمصالحهم فيؤخذ من أدلته، لأنّا نقول: قد قدرنا أن رعاية المصلحة في أدلة الشرع، وهي أقواها وأخصها فلنقدمها في تحصيل المصالح. ثم إن هذا يقال في العبادات التي تخفى مصالحها على مجاري العقول والعادات، أما مصلحة سياسة المكلفين في حقوقهم فهي معلومة لهم بحكم العادة والعقل، فإنا رأينا دليل الشرع متقاعداً عن إفادتها، علمنا أنه أحالنا في تحصيلها على رعايتها، كما أن النصوص لما كانت لا تفي بالأحكام علمنا أنّا أحلنا بتمامها على القياس، وهو إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه بجامع بينهما) ((10).
فالأمور السابقة: الإجماع، والاستصحاب البديل عن القياس الأصولي المعروف، والقياس الواسع، والمصلحة. والسنة كانت مما يدخل في مجال أصول الفقه، لأنها تتناول الأدلة، سواء كان بإنكارها، أو بتوسيع نطاقها، ولكنها لم يكن ينظر إليها على أنها تجديد، بل كانت تذكر على أنها آراء شاذة، باستثناء أفكار الطوفي في المصلحة التي لم نجد لها ذكراً في كلام المتقدمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/176)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:26 ص]ـ
القول الجامع أن النصوص الشرعية لا تهمل مصلحة قط!
الصالح والمشروع والحسن والنافع أسماء لمسمى واحد أو صفات لموصوف واحد.
فلا معنى لقول القائل بتقديم المصلحة على النص , لأن ما ثبت أنه مصلحة - خالصة أو راجحة - فهو مشروع منصوص بنص الكتاب والسنة - نصا عاما، فإن الله يأمر بالعدل والإحسان وأمر الناس بالطاعة والتقوى لعلهم يفلحون يرحمون.
ولا معنى لتقديم الطوفي - رحمه ربه - المصلحة على الإجماع، لأن التعارض بينهما أبدا لن يقع. فكل ما أجمع عليه المسلمون فهو صالح بلا ريب! بل الإجماع دليل على مصلحيته، كما أن النصوص دليل على صلاحية المنصوص عليه - فإن الله لا يأمر بالفحشاء جل جلاله.
ـ[أبو أنس السلمي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 10:30 م]ـ
شخينا الفاضل عبد الرحمن لعل رأي الطوفي لا تأثير له من ناحية عملية لأن الأدلة لا تخالف المصلحة فبطل كلامه
ـ[رافع]ــــــــ[29 - 03 - 08, 11:08 ص]ـ
علما ان الطوفي اتهم بالتشيع بل بالرفض فقد وصفه الذهبي بالشيعي.وقال الصفدي (كان فقيها ..... شيعيا) وممن اتهمه بالرفض ايضا ابن رجب الحنبلي.
ـ[أبو فارس المصباحي]ــــــــ[17 - 10 - 09, 01:52 ص]ـ
وكأن هناك تناقض أو افتراق بين النص والمصلحة رغم أنهما متلازمان .. !
لم يأت النص ليلغي المصلحة .. ولا يحق للمصلحة أن تبطل النص ..
والصواب باختصار:
المصلحة المعتبرة شرعاً - وأقول: المعتبرة شرعاً- يُعمل بها وتراعى وإن خالفت النص .. وليس في هذا إبطال وإلغاء للنص .. ولكن الدواعي والمقاصد التي جاء النص في سبيلها تستدعي عدم العمل بذلك النص لضرورة معتبرة .. والضرورات كما هو معلوم للجميع تبيح المحضورات التي يحرمها النص .. وتبقى الإباحة طالما استمرت الضرورة ..
ومن ذلك عدم انكار ابن تيمية رحمه الله على تتار يشربون الخمر مراعاة لمصلحة معتبرة ..
وقد تكون المصلحة كامنة في تغليظ العقوبة المنصوص عليها وعدم الاكتفاء بالحد ..
**************
والسلام عليكم
ـ[العازمي السلفي]ــــــــ[18 - 10 - 09, 10:10 م]ـ
اعتقد والعلم عند الله ان الطوفي يتكلم في مسألة الترجيح بين المصالح إن اختلفت لأنه قرر في كتابه شرح الأربعين أن نصوص الشرع متضمنة لكل مصلحة وعند التعارض فتقدم المصلحة الخاصة على العامة وهو ما صرح به في شرحه لحديث لا ضرر ولا ضرار ... وإن كان له كلام يوهم بتقديم رعاية المصلحة على نصوص الشرع فإن له ايضا كلاما صرح فيه بأن نصوص الشرع متضمنة لكل مصلحة ... والله اعلم
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[20 - 10 - 09, 12:15 م]ـ
لا شك أن النص دليل المصلحة، والمدلول لا يعارض دليله، بل ولا يتقدم عليه.
ومع ذلك. . فقد نص الكتاب والسنة بالأمر بالعمل الصالح، فحيثما علم أن الشيء صالح فهو المأمور به نصا.
فخلاصة المسألة أن نقول قولا عاما لا اسثتناء فيه ولا انخرام:
(النص والمصلحة متلازمان كالوجهين لعملة واحدة، يعرف أحدهما بالآخر، ومعرفة الثاني بالأول أسهل وأتقن)
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[22 - 12 - 09, 09:46 ص]ـ
الإشكال يأتي من جعل الطوفي المصالح كلها على درجة واحدة، حتى صار يتكلم في جلب المصلحة المظنونة بكلام لا يقال إلا في دفع الضرر المتيقن!! والضرورة في الشرع إنما تقدر بقدرها! وأكل الميتة ليس يعد من باب المصلحة ولكن من الضرورة التي تبيح المحظور! وإلا فالأمة مجمعة على أن الضرورات تبيح المحظورات، وليس المصالح المظنونة أو المتوهمة أو حتى المتيقنة! إذ كما تفضل الكرام الأفاضل فالمصلحة المظنونة فضلا عن المتيقنة لن تكون إلا حيث يكون الشرع! فعند التأمل فإننا لا نجد المصلحة إلا في النص وبوفق النص، وأما الضرر فيقدر بقدره، وهذا أيضا بالنص والإجماع، فلا يبقى للطوفي شيء يصح إطلاق اسم المصلحة عليه مما ينطبق عليه تنظيره ذاك، والله أعلم.
وقول أبي لقمان:
مثالا على هذا: شرب الخمر لمن غص بلقمة،، فلا سبيل لأحد أن يحلل الخمر للعامة، ولكنه يصبح في هذه الحالة من واجبات الشرع لمن هذه حالته، ولا مقتضي لإباحة الخمر في هذه الحالة إلا المصلحة، فالمصلحة تقدم في خصوص هذه المسألة على النص المحرّم للخمر، على أن العمل بالنص هنا -الامتناع من شرب الخمر- يجرّ للمكلف مفسدة، وهذه المفسدة ليست مرادة شرعا، فتلغى ويعمل بمقتضى المصلحة، الذي هو شرب الخمر، فهو من باب تحقيق مناط الحكم، لا من باب تخريجه
يبين ما أقصده، إذ هذه الحال التي يصفها عند التأمل = حال ضرورة، ولهذا استبيح معها المحظور عند فقد ما يدفع به الضرر سوى ذلك المحظور. وهذا عند اعتباره من المصلحة، فهي درجة من درجات المصلحة التي اعتبرها الشارع بموجب قوله تعالى ((فاتقوا الله ما استطعتم)) وقوله ((إلا ما اضطررتم إليه)) ونحوه من النصوص والإجماع وجعلها - بخصوصها - مسوغا لاستباحة المحظورات عند الضرر المتيقن، وهذا لا يجوز تعميمه في كل ما يوصف بأنه مصلحة كما هو ظاهر، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/177)
ـ[بنت أزد]ــــــــ[23 - 12 - 09, 10:45 ص]ـ
أحسنت حفظك الله
فالشيعة لايأخذون بالمصلحة المرسلة، وظاهر كلام أبي زهرة أنه ينسبه للطوفي فقط دون الشيعة ولكنه اعتبره أسلوب شيعي، فتأمل وأفدنا بما تراه سددك الله.
قال أبو زهرة
و على ذلك نقرر أن مهاجمته للنصوص و نشر فكرة نسخها أو تخصيصها بالمصالح المرسلة، هى أسلوب شيعى أريد به تهوين القدسية التى تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع، و الشيعة الإمامية يرون أن باب النسخ و التخصيص لم يغلق، لأن الشارع الحكيم جاء بشرعه لمصالح الناس فى الدنيا و الآخرة. و أدرى الناس بذلك الإمام، فله أن يخصص كما خصص النبى صلى الله عليه سلم، لأنه وصى رسول الله أوصيائه، وقد أتى الطوفى فى رسالته بالفكرة كلها، إن لم يذكر كلمة الإمام ليروج القول وتنتشرالفكرة
أحسنت شيخنا الفاضل .. ولذا نرى بعض من ضاقوا بالنصوص النبوية ذرعا يتبنون راي الطوفي، ويكثرون ترداد المصالح المرسلة!
يريدون بذلك نسخ أحكاما لا توافق هواهم بمصالح مرسلة متوهمة!
والحق الذي نؤمن به أنه حيث وجد الشرع والنصوص فثم المصلحة، فطن لذلك من فطن وتعامى عنه من تعامى!
والله أعلم وهو الهادي لسواء السبيل.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[01 - 04 - 10, 05:20 م]ـ
وهذا يتلائم مع التدرج في تطبيق الشريعة كما في القصة المشهورة بين عمر بن عبد العزيز وابنه عندما راى الابن تاخرا من الامام عمر في تطبيق بعض النصوص فقال لابيه: والله ما ابالي لو ان القدور غلت في وفيك في الحق فرد عليه الامام الحكيم قائلا: يابني ان الله حرم الخمر على ثلاث مراحل واني خشيت ان حملت الناس على الدين جملة ان يذروه جملة
فهذا تقديم للمصلحة على النص بل على نصوص
فرق بين السكوت عن تبليغ النص لمدة معينة وبين مخالفته.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[01 - 04 - 10, 05:24 م]ـ
ويشهد لذلك من السنة النبيوية:
1 - ترك هدم الكعبة وبائها على قواعد ابراهيم وهو امر مشروع لكن قدمت عليه المصلحة
2 - ترك قتل راس المنافقين ابن سلول وهو امر مشروع بل واي قربة هو ولكن قدمت عليه المصلحة
فان قال قائل:
هذه الوقائع ثبتت بالنصوص فكيف يحتج بالشيء على نفسه
قلنا:
هي تنبيه على جواز تقديم المصلحة في بعض المواضع
او قل هي تاسيس لهذه القاعدة وليس ذلك من باب الحصر
1 - بل المنصوص في تلك الحادثة هو عدم هدم قواعد الكعبة كما نص عليه الرسول (ص)
2 - بل المنصوص في تلك الحادثة هو عدم قتل رأس المنافقين كما نص عليه (ص) في حديثه.
وعندما نعرف أن المنصوص والصالح وجهان لعملة واحدة، فالكلام عن تقديم أحدهما على الآخر باطل.
بل استدل بالنص على المصلحة كما استدل بالمصلحة على النص.
لكن لا بد من تحرى المنصوص والصالح. فإنما نشأ الغلط من اعتبار ما ليس بمنصوص منصوصا وما ليس بصالح صالحا.
والله أعلم.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[01 - 04 - 10, 05:26 م]ـ
مثالا على هذا: شرب الخمر لمن غص بلقمة،، فلا سبيل لأحد أن يحلل الخمر للعامة، ولكنه يصبح في هذه الحالة من واجبات الشرع لمن هذه حالته، ولا مقتضي لإباحة الخمر في هذه الحالة إلا المصلحة، فالمصلحة تقدم في خصوص هذه المسألة على النص المحرّم للخمر، على أن العمل بالنص هنا -الامتناع من شرب الخمر- يجرّ للمكلف مفسدة، وهذه المفسدة ليست مرادة شرعا، فتلغى ويعمل بمقتضى المصلحة، الذي هو شرب الخمر.
أين يأمر النص يأمر بالامتناع من شرب الخمر في مثل هذه الحالة أصلا؟؟
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[04 - 04 - 10, 04:23 ص]ـ
بارك الله فيكم
الأصح أن يقال: تراعى المصلحة في النص.
وموافقات الشاطبي كله في بيان هذا الأصل ردا على الظاهرية.(105/178)
ما الفرق بين قاعدة: مالايتم الواجب إلا به فهو واجب, وبين مالايتم الوجوب إلابه فغير واجب
ـ[بندار]ــــــــ[18 - 08 - 03, 03:23 م]ـ
أشكل علي التفريق بين هاتين القاعدتين الأصوليتين:
ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب, وبين ما لايتم الوجوب إلا به فليس بواجب؟؟
أرجو التوضيح جزاكم الله خيراً
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[18 - 08 - 03, 05:33 م]ـ
أخي الكريم:
مالا يتم الواجب الا به فهو واجب:
معناها فيما هو:
1 - من قدرة العبد.
2 - مأمور بتحصيله.
مثاله ستر العورة: واجب في الصلاة .... ليس عنده ما يستر به العورة لكن لدية مال .... فيجب عليه الذهاب الى السوق وشراء ما يستر به عورته. لانه مأمور بستر عورته في الصلاة ولا يتم الستر وفعل هذا الشرط الا بالذهاب الى السوق.
ما لايتم به الوجوب:
إما ان يكون من قدرة العبد لكنه غير مأمور بتحصيله ... كتحصيل النصاب في وجوب الزكاة ... فمن شروط الوجوب في الزكاة ان يبلغ المال نصابا لكن لا يلزم العبد بالتكسب حتى يصير المال نصابا ويزكيه. أو بلوغ العدد الذي تصح به الجمعة ... الخ.
و إما ان يكون مما لايقدر عليه العبد كغروب الشمس لوجوب صلاة المغرب فهذا الشروط لايتم الوجوب الا به ومع ذلك فالعبد غير مأمور به لعدم قدرته عليه.
لان الشروط بعضها حسي وبعضها شرعي وهذه الاصناف بعضها يؤمر العبد بتحصيله وبعضها لايؤمر بتحصيله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[18 - 08 - 03, 08:57 م]ـ
زيادة في الايضاح:
ما لايتم الوجوب الا به:
أي لاتكون العبادة واجبة على المكلف الا به .... اي (شرط الوجوب).فلا يؤمر بتحصيله.
فمثلا شرط الوجوب للزكاة بلوغ النصاب ... فليس بواجب ان يتكسب حتى يبلغ نصاب قيزكيه.
شرط الوجوب في الحج ملك الزاد والراحلة لايؤمر بالتكسب حتى يملك زادا وراحلة.
وما لايتم الواجب الا به تقدم ايضاحه.
ـ[أحمد بن محمد الموسى]ــــــــ[19 - 08 - 03, 12:08 ص]ـ
ما لا يتم الوجوب ......
المراد به الواجب المشروط. أي الذي لا يجب على المكلف حتى يتحقق الشرط كنصاب الزكاة فإنه لا يجب على العبد أن يسعى كي يملك نصابا ليُزكي. وكذلك الإستطاعة في الحج. فإنه لا يجب على العبد أن يسعى لتحصيل ما يستغني به ليحج.
هذا هو الواجب المشروط. فلا يقال يوم القيامة للفقير لماذا لم تستغني كي تزكي أو كي تحج. لكن يقال لمن عنده استطاعة أو ملك نصابا لماذا لم تُزك ولماذا لم تحج؟
ـ[بندار]ــــــــ[22 - 08 - 03, 08:09 م]ـ
أخي الكريم: المتمسك بالحق
شكر الله لك ورفع قدرك ونفع بك
وكذلك أنت أخي الكريم: نادر جزاك الله كل خير
أخي الكريم: المتمسك بالحق
هل من مرجع نقلت منه هذا التفصيل الذي ذكرته عن القدرة على الفعل والأمر بالتحصيل؟
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[23 - 08 - 03, 02:40 ص]ـ
أخي الكريم راجع مذكرة العلامة القرآني الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله على روضة الناظر لابن قدامة فستجد فيه بغيتك مما تقدم ذكره عن الأخوة الأفاضل
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 08 - 03, 08:12 م]ـ
أخي الحبيب لايحضرنى موضع محدد الان .. غير ان هذا مبثوث في كتب الاصول. ومر كثيرا.
و من كتب الاصول ما ذكره الاخ الفاضل جزاه الله خيرا كتاب النظار الاصولى الشيخ محمد الامين الشنقيطي. الموسوم (مذكرة في أصول الفقه) على روضةالناظر.
ـ[حسام الدين بو خالد]ــــــــ[17 - 10 - 07, 12:31 ص]ـ
ملا يتم الواجب إلا به فهو واجب:
سبب الوجوب قد حصل،واصبح الأمر واجبا، وهناك أمر آخر لا بد منه لتحقيق ذلك الأمر الواجب
ما لا يتم الوجوب إلا به فهو غير واجب:
سبب وجوب الأمر لم يتحقق، فلا يجب علينا الأخذ بالاسباب التي تجعل ذلك الأمر علينا واجبا.
-زيادة في التوضيح ما ذكر شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية عن الجهاد والحج حيث قال:
"وكما يجب الاستعداد للجهاد، بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب بخلاف الاستطاعة في الحج ونحوها فإنه لا يجب تحصيلها؛ لأن الوجوب هناك لا يتم إلا بها. "
فالحج لا يتم وجوبه إلا بالاستطاعة، فلا يجب تحصيل الاستطاعة، بينما الجهاد إذا وجب بان احتلت ديار المسلمين فإن تحصيل اسباب القوة امعينة على القيام بهذا الواجب واجب، لأن سبب الوجوب قد تم باحتلال ارض المسلمين ...
ـ[محمد الجندى]ــــــــ[23 - 11 - 08, 06:35 م]ـ
يا ولي الإسلام وأهله مسكني بالإسلام حتى ألقاك
ـ[أبو نظيفة]ــــــــ[02 - 12 - 08, 10:41 م]ـ
ما لا يتم الوجوب إلا به معناه: الأمر الذي لا يتحقق تكليف المكلف وشغل ذمته إلا به فهذا ليس بواجب.
وما لا يتم الواجب إلا به معناه: الشيء الذي لا يتم إيقاع الواجب في أرض الواقع إلا به بعد تحقق الوجوب في الذمة.
ـ[الديولي]ــــــــ[10 - 12 - 08, 09:26 م]ـ
هل من مرجع نقلت منه هذا التفصيل الذي ذكرته عن القدرة على الفعل والأمر بالتحصيل؟
كتاب (أصول الفقه الميسر) للدكتور شعبان محمد شعبان -رحمه الله - 3/ 410
فقد تكلم عن مقدمة الواجب التي سألت عنها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/179)
ـ[أبو عائشة اليماني]ــــــــ[15 - 12 - 08, 08:19 ص]ـ
إضافة:
هناك فرق بين الإيجاب والوجوب والواجب
فالإيجاب هو طلب الشارع الفعل على سبيل الحتم والإلزام
والوجوب هو أثر هذا الإيجاب في المكلف
والواجب هو الفعل المطلوب على هذا الوجه
ولمزيد إيضاح الواجب لغة هو الساقط واللازم فالساقط هو الإيجاب والمسقوط عليه هو الواجب وعملية السقوط تسمى وجوب
ـ[الشوربجي السلفي]ــــــــ[15 - 12 - 08, 09:06 ص]ـ
أخي الكريم: المتمسك بالحق
شكر الله لك ورفع قدرك ونفع بك
وكذلك أنت أخي الكريم: نادر جزاك الله كل خير
أخي الكريم: المتمسك بالحق
هل من مرجع نقلت منه هذا التفصيل الذي ذكرته عن القدرة على الفعل والأمر بالتحصيل؟
راجع شرح الشيخ عبد العزيز القاسم
الشريط السابع
عند الدقيقة 30
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[15 - 12 - 08, 06:51 م]ـ
جزاكم الله خيرًا.(105/180)
كتب في أصول الفقه؟
ـ[أبو عبد الكريم]ــــــــ[20 - 08 - 03, 11:26 م]ـ
السلام عليكم
و حياكم الله
أبحث منذ زمن بعيد عن دروس علمية موجودة في تسجيلات الجامعة الاسلامية بالمدينة أو بمكة أو المدينة؟
فقط دلوني على البائع او المسجل علما و أنا في مشرق الشمس من البعد بمكان و لا أنيس مثل الكتاب و مثل هذه التسجيلات فرجاء أكرمونا يا من شرفكم الله بالحرمين الشريفين
و هي: شرح مراقي السعود وشرح مرتقى الوصول للشيخ مصطفى قاري و الشيخ احمد محمود عبد الوهاب و الشيخ محمد المختار بن محمد الامين ولعل بعضها مو جود بتسجيلات الجامعة الاسلامية بالمدينة.
فهل من مساعد رجاء و أنا مستعد أدفع له المبلغ كاملا!
أو على الأقل دلونا و الدال على الخير كفاعله
أخوكم أبو عبد الكريم من أستراليا
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[21 - 08 - 03, 12:14 ص]ـ
اود لو تقبلت من هذة الهدية الصغيرة وهي شرح كتاب تنقيح الفصول الي علم الاصول الخرقي
من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=55513
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[21 - 08 - 03, 12:17 ص]ـ
اسف اخي الفاضل الكتاب للقرفي
ـ[أبو عبد الكريم]ــــــــ[21 - 08 - 03, 12:22 ص]ـ
أخي الشيخ ابن عبد الوهاب السالمى
جزاك الله خيرا و لكن عندي هذا الكتاب
ولكن أريد شيئا اخر إن كان عندك لتنزيله
نيل السول على مرتقى الوصول للعلامة محمد يحيى الولاتي - تحقيق بابا محمد عبدالله محمد يحيى الولاتي - دار عالم الكتب - الرياض
ـ[أبو حميد]ــــــــ[06 - 11 - 10, 04:46 م]ـ
شكرا جزيلا
ـ[عامر احمد الاحمد]ــــــــ[09 - 11 - 10, 05:36 م]ـ
العلم يحيى بين اثنين(105/181)
أين أجد تسجيلات لمادة أصول الفقه؟
ـ[أبو عبد الكريم]ــــــــ[20 - 08 - 03, 11:53 م]ـ
ياأهل الحديث أين أجد تسجيلات علمية لمادة أصول الفقه و بالخاصة للدكتور الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي أو الشيخ مصطفى قاري أو الشيخ أحمد محمود عبد الوهاب؟؟
إنني مازلت انتظر الجواب منذ أسبوع سبحان الله ألا يوجد فيكم مدني أو مكي أو حجازي أو سعودي)::
بارك الله فيكم
ـ[احمد بن الحنبلي]ــــــــ[21 - 08 - 03, 02:55 ص]ـ
الأخ ابو عبدالكريم وفقه الله
سلام عليكم
تسجيلات الراية بالرياض وفق الله القائمين عليها مهتمين جدا بدورات ودروس المشائخ ارجو منك الاتصال بهم وسؤالهم:
ت/014921393
ت/014931869
ف /014911985
ارجو ان تستفيد من ذلك ...
هذا ما اعرف وفقك الله وبارك فيك ..
ـ[الرايه]ــــــــ[21 - 08 - 03, 07:25 م]ـ
أخي الكريم والمحب أبو عبد الكريم ...
بارك الله فيه ونفع به آمين ...
لعل أساعدك بدروس صوتية في أصول الفقه على الانترنت ....
فخذ ما شئت منها ودع ماشئت ...
منظومة القواعد والأصول (القسم الأول) لابن عثيمين - وشرحها ايضاً ابن عثيمين ( http://www.taimiah.org/Courses/Course19.asp)
رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي - شرح عبدالله الفوزان ( http://www.taimiah.org/Courses/Course8-3.asp)
شرح الورقات - للشيخ عطية سالم ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=3628&scholar_id=104)
مقدمة عن أصول الفقه - للشيخ محمد عبد المقصود ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=20098&scholar_id=40)
شرح متن نظم الورقات - لابن عثيمين ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=series&series_id=444&scholar_id=50&scholar_name=%E3%CD%E3%CF+%C8%E4+%D5%C7%E1%CD+%C7% E1%DA%CB%ED%E3%ED%E4&scholar_directory=othymeen)
دروس في أصول الفقه - للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=series&series_id=550&scholar_id=5&scholar_name=%DA%C8%CF%C7%E1%D1%CD%E3%E4+%DA%C8%CF %C7%E1%CE%C7%E1%DE&scholar_directory=abdulkhaliq)
مدخل إلى علم أصول الفقه - عمر الكيال ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=series&series_id=635&scholar_id=381&scholar_name=%DA%E3%D1+%C7%E1%DF%ED%C7%E1&scholar_directory=omarkeal)
وإذا أردت المزيد والمزيد فتفضل
اضغط هنا ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=categorylessons&category_id=20)
ـ[الجامع الصغير]ــــــــ[21 - 08 - 03, 10:49 م]ـ
جزاك الله خيرًا أخي الراية .. بحث في الرابط الأخير فوجدت درسًا
نفيسًا للشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى - عن الرد
على من لم يقرّ بالقياس:
http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=1435&scholar_id=83&scholar_name=%E3%CD%E3%CF+%C7%E1%C3%E3%ED%E4+%C7%E 1%D4%E4%DE%ED%D8%ED&scholar_directory=shinqiti
ـ[أبو عبد الكريم]ــــــــ[22 - 08 - 03, 12:26 ص]ـ
كل ذلك و جدته و هو متوفر لكن ما طلبته لم يتوفر بعد فمن لها؟
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[24 - 08 - 03, 12:57 ص]ـ
اخي الفاضل الاستاذ اباعبد الكريم
السلام عليكم ورحمة الله
اعتذر عن تاخري في الرد، فانا اشتغل ايام الاسبوع في عمل مرهق جدا لا اقدر على الكتابة خلالها.
اما عن التسجيلات فاني ساحاول ان احصل عن معلومات عنها ان استطعت
واقول اخي الفاضل،هل اطلعت على نثر الورود على مراقي السعود للعلامة محمد الامين الشنقيطي،تكملة تلميذه محمد الحبيب.
وهل اطلعت على تقريب الوصول الى علم الاصول للامام ابن جزي الغرناطي وتعليق شيخنا محمد الختار بن محمد الامين
واظن انك وقعت على نشر البنود على مراقي السعود تاليف صاحب النظم نفسه
وفي قواعد الفقه المالكية فرايت بالمدينة شرحا على نظم:المنهج المنتخب، اقصد الشرح الكبير الذي ضم مجمل كلام المؤلفين في قواعد المالكية ... وفقكم الله لما يرضيه
ـ[أبو عبد الكريم]ــــــــ[24 - 08 - 03, 11:18 م]ـ
أخي الفاضل جزاك الله خيرا على الردود القيمة و المثمرة
بالنسبة لنشر البنود عندي و كذلك نثرالورود
و لازلت أبحث عن الذي ذكرته و هو إعداد المهج للاستفادة من المنهج أحمد محمد زيدان الأمين الشنقيطي
و أبحث كذلك عن شرح المراقي الولاتي أو التواتي على ما أذكر فتح الودود
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[26 - 08 - 03, 10:53 ص]ـ
في أرشيف الشيخ
خالد بن عثمان السبت
نثر الورود في مراقي السعود
http://www.liveislam.com/archiv/sabtia.htm الثلاثاءبعد الفجر
http://liveislam.com/series/sabti.html(105/182)
هل من متقن في علم الأصول؟
ـ[أبو عبد الكريم]ــــــــ[21 - 08 - 03, 01:17 ص]ـ
أبحث عن ثلاثة كتب؟
1 - نيل السول على مرتقى الاصول
2 - توضيح المشكلات 1/ 2
3 - فتح الودود على مراقي السعود
و شرح مراقي السعود وشرح مرتقى الوصول للشيخ مصطفى قاري و الشيخ احمد محمود عبد الوهاب و الشيخ محمد المختار بن محمد الامين ولعل بعضها مو جود بتسجيلات الجامعة الاسلامية بالمدينة(105/183)
الضمير هل هو من أقسام الكلي أو الجزئي؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[29 - 08 - 03, 09:11 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته ... إخواني الكرام ... هل الضمير يعد من أقسام الكلي أم من أقسام الجزئي؟ و إن كان كليا فكيف وهو يدل على معين و يمنع نفس تصور مفهومه من الاشتراك فيه؟ و كيف يكون كليا والكلي نكرة و الضمير من أعرف المعارف؟
و إن كان جزئيا فكيف و قد وضعت الضمائر لمفاهيم كلية لا يمنع نفس تصورها من وقوع الاشتراك فيها؟
أم أن الصواب هو الرأي الثالث ـ و أراه جامعا بين القولين ـ و هو أن الضمائر كلية وضعا جزئية استعمالا، لأنها وضعت لتدل على مفاهيم لا يمنع نفس تصورها من وقوع الشركو فيها، و تستعمل في نفاهيم يمنع نفس تصورها من وقوع الشركة فيها؟
أرجو النقاش في هذه المسألة بارك الله تعالى في الجميع
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[30 - 08 - 03, 01:12 ص]ـ
رأيت هذا المنتدى متخصصا في مسائل أصول الفقه وهناك مجموعة فيه لديهم اهتمام بمثل سؤالك
الرجاء عدم وضع روابط أهل البدع في الملتقى
بارك الله فيك
## المشرف ##
ـ[المسترشد]ــــــــ[30 - 08 - 03, 04:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا وقبل كل شيء لا بد أن نعلم ما هو الكلي وما هو الجزئي
فالكلي مثلا تعريفه هو مفرد يمنع تصور مفهومه من وقوع الشركة فيه.
والجزئي تعريفه هو مفرد يمنع تصور مفهومه من وقوع الشركة فيه.
فالنكرات مثلا داخلة في الكلي وكذلك ما كان يشبه النكرات كالمعرف بأل التي تدل على الجنس لأنه يكون معرف لفظا منكرا معنىً
والعلم وما يشبهه داخل في الجزئي
وقبل الخوض في المسألة أحب أن أوضح أمر وهو أنه لا يقال أن المعارف داخلة في الجزئي وذلك لأن من المعارف ما هو مبهم وفي قوة النكرة كالمعرف بأل التي تفيد الجنس وغيرها.
أما مسألة هل الضمير من قبيل الكلي أو من قبيل الجزئي هي أقرب ما تكون إلى الجزئي وذلك لدلالته على التعيين فهو يعين مسماه مطلقا وهو كما ذكرت أنه أعرف المعارف ولكن بعد لفظ الجلالة.وقد أشار إلى ذلك ابن مالك في كافيته حيث قال:
فمضمر أعرفها ثم العلم ....... واسم إشارة وموصول متم
الشاهد: فمضمر أعرفها ثم العلم ...
يقول الدكتور يعقوب الباجسين في كتابه طرق الاستدلال (وقد اختلف في عدِّ طائف من الألفاظ من قبيل الجزئي ومن هذه الألفاظ الضمير فذهب الأكثرون إلى أنه من قبيل الجزئي ورجح القرافي أنه من قبيل الكلي وذهب أبو حيان إلى أنه كلي وضعا وجزئي استعمالا) ثم ذكر وجهة نظر من عده جزئيا وقال إنها الوجهة المرجحة عند الأكثر وذكر مستندهم فممكن ترجع إليه وستستفيد منه كثيرا في مسألتك هذه إن شالله والله تعالى أعلم
أخوكم / أبو محمد حرر هذا المكتوب بتاريخ 2/ 7 / 1424 هجري الموافق 30/ 8 / 2003 ميلادي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[31 - 08 - 03, 10:59 ص]ـ
جزاك الله تعالى خير الجزاء أخي المسترشد على هذا الكلام المحقق، وواضح من مؤلفات الشيخ أنه من المتمكنين في الأصول، فبارك الله تعالى فيه و جعله سلاحا لأهل السنة ـ آمين ـ
أخي الراجي، يمكنك أن ترسل الرابط على صندوق الرسائل الخاصة، أو على بريدي myzyada@hotmail.com
و أنا و الحمد لله تعالى على عقيدة أهل السنة، و لكني أزهري و معتاد على الاختلاط بالأشاعرة، وأطلب الفائدة أينما كانت، و حينما أجد في أهل الحق ـ في هذا الزمان ـ من يشرفنا و يرفع رأسنا نحن أهل السنة في علم الأصول فلن أجدني مضطرا إلى الطلب من هؤلاء، الذين أطلب عليهم وأنا في غاية الحرص و متحفز ضد أي شبهة، ياليت منا كمحمد الأمين الشنقيطي ـ رضي الله عنه ـ أين الأصوليون السلفيون في هذا الزمان؟ الحمد لله
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 09 - 03, 09:37 ص]ـ
أين أنت أخي الراجي؟
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[02 - 09 - 03, 07:00 م]ـ
الأخ المكرم محمد يوسف رشيد ...
الجزئي والكلي ومعناهما، وما تدل عليه كلمة الضمير في اصطلاح
النحويين، كل ذلك اصطلاح، والاصطلاحات تتباين بين العلوم كما
تعرف، ولا يمكن أن تحاكم اصطلاح النحاة إلى اصطلاح المناطقة
حتى ولو كان للمنطق تأثير في النحو (كما يزعم بعض الباحثين)،
ومع هذا كله فإن المرجعية العلمية لعلم المنطق مبنية على أسس
تاريخية لغوية يونانية لأن واضعوا المنطق يونان بالأصالة، وحينما
ترجم المنطق إلى اللغة العربية لم يترجم روحه، بل ترجم لفظه
فحصلت مفارقات في النقل بين اللغتين أدت إلى إشكالات وخلافات بين
المناطقة، زعموا أنها في أصول النظر في علم المنطق ولكنها
وليدة خلاف في العمق الدلالي بين اللغة العربية واللغة اليونانية،
وهل يمكن أن تحاكم الضمير في اللغة العربية إلى معنى الكلي
والجزئي، في حين أن الكلي والجزئي لم يحسم معناه المناطقة أنفسهم
حسما كاملا وشافيا، وبعد كل هذا كيف يمكن أن نتحاكم إلى كل هذه
الفروع الدقيقة لنفسر بها مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم
في الأحكام والنصوص، هذا لعمر الله بهتان عظيم ..
الاستدلال بالطرائق العقلية الفطرية الموجودة في فطرة كل دارس
ومتعلم مع ضميمة تلك العلوم التي تكسبنا فهما عميقا في دلالات الأصول
ومحال استعمالها بصورة لا تتعارض مع مقاصد النصوص كاف في التعرف
على معاني النصوص، أما هذا التدقيق الذي ترومه فهو مضيعة للإعمار
وأوصيك بقراءة نقض المنطق لابن تيمية ومناهج الاستدلال للنشار.
وسلمتم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/184)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 09 - 03, 08:57 ص]ـ
بارك الله تعالى فيك شيخنا الحبيب رضا، قد اشتقت والله لقراءة كلامكم بل لرؤياكم، فأسأله تعالى أن يجعل من بعد عسر يسرا
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[04 - 09 - 03, 03:59 ص]ـ
وجزاك الله خيرا أخي الحبيب وأنا أيضا في شوق لرؤياكم .. سددكم الله
ووفقكم وأنزل السكينة على قلبكم وأنار بصيرتكم وهداكم للحق أينما
كنتم وحيثما كنتم وجعل سنة النبي صلى الله عليه وسلم نبراسا
لطريقكم ومناهج السلف الصالح قدوتكم ...
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 - 09 - 03, 02:49 ص]ـ
آمين(105/185)
الإجماع بين عمل السلف وتخيل الأصوليين
ـ[المربي]ــــــــ[08 - 09 - 03, 12:50 ص]ـ
كان الإجماع عند أهل السنة على نوعين:
الأول هو الإجماع المعلوم من الدين بالضرورة.
والثاني: حكاية اتفاق من نقل قوله من علماء السلف من الصحابة والتابعين.
وأما الإجماع عند الأصوليين نوعان: قطعي وسكوتي.
فأما القطعي: وهو اتفاق جميع مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي.
وأما السكوتي فهو: أن يقول بعض المجتهدين في مسألة قولاً وينتشر ذلك في الباقين وسكتوا عن معارضته ولم يظهروا خلافاً.
أكمل بقية البحث القيم من شبكة التبيان
http://www.altebyan.com/vb/showthread.php?s=&threadid=627(105/186)
سؤال أصولي
ـ[أسامة]ــــــــ[13 - 09 - 03, 09:00 م]ـ
Question
ما الفرق بين العام والمطلق
Question
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[14 - 09 - 03, 11:53 ص]ـ
تفضل:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4431&highlight=%C7%E1%E3%D8%E1%DE
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4422&highlight=%C7%E1%E3%D8%E1%DE
ـ[حميد الحالمي]ــــــــ[15 - 09 - 03, 07:07 ص]ـ
العام شمولي والمطلق بدلي Question
ـ[أبو أثير الأثري]ــــــــ[15 - 09 - 03, 07:44 ص]ـ
وقد يقال أنَّ العام خاص باللفظ المأمور به , والمطلق خاص بالمأمور به (كاعتاق الرقبة)
ـ[المقدسي]ــــــــ[15 - 09 - 03, 08:18 ص]ـ
العام: لفظ يستغرق جميع ما يصلح له, بوضع واحد دفعة واحدة من غير حصر.
ومعنى ذلك أن العام لفظ وضع في اللغة وضعاً واحداً لا متعدداً, لشمول جميع أفراد مفهومه, ولا يكون محصوراً بعدد معين, ومثال العام: كلمة "الرجال",فإنها تدل على جميع الرجال من بني الإنسان, وكلفظ"العلماء"فإنها تدل على جميع العلماء, سواء علماء الفلك أم الرياضيات أم الشريعة أم غيرهم من غير تمييز ولا حصر.
أما المطلق-وهو جزء من الخاص-:فهو اللفظ الدال على مدلول شائع في جنسه.
أي هو اللفظ الدال على فرد أو أفراد غير معينة, وبدون أي قيد لفظي. ومثاله: رجل ورجال, وكتب وكتاب.
فكلمة:"الرجال" تشمل جميع الرجال فهي عامة, وكلمة "رجل" لم تعيّن من هو الرجل المقصود وهي على كل حال جزء من لفظ الرجال فهي مطلقة ولو قيدت بصفة لسميت مقيدة, والله أعلم ...
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[15 - 09 - 03, 09:10 ص]ـ
قال القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 169
قلت للشيخ عز الدين بن عبدالسلام رحمه الله يوما 00000000
قال لي رحمه الله هذه المسألة تتخرج على قاعدة، وهي أن القاعدة إنه قد يكون عام في مطلق، نحو أكرم الناس كلهم في يوم
أو مطلق في عام نحو أكرم رجلا في يوم 0000
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[16 - 09 - 03, 01:17 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد؛
فالصواب ما قاله أخونا الفاضل (المقدسي) -أثابه الله-
واستمع إلى هذه الفتوى للعلامة (الشنقيطي) -رَحِمَه الله- في التفريق بينهما، وهي في غير مظانها:
http://www.islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=1322
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(105/187)
كتب واشرطة تسهل دراسة اصول الفقه؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[14 - 09 - 03, 06:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أرجو ان تذكروا لي كتب تسهل دراسة اصول الفقه غير كتاب "الواضح في اصول الفقه" للأشقر، وان توجهوني لأشرطة علمية تعين على فهمها.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[المقدسي]ــــــــ[14 - 09 - 03, 06:45 م]ـ
أخي العزيز ... بالنسبة للكتب فثمة كتب كثيرة منها كتاب"الوجيز في أصول الفقه"للدكتور عبد الكريم زيدان, وكتاب"أصول الفقه" لعبد الوهاب خلاف, و"أصول الفقه الإسلامي"للدكتور وهبة الزحيلي ...
أما بالنسبة للأشرطة فلا علم لي بها ولعلك تجدها في هذا الرابط:
إضغط هنا ثم ابحث في الإرشيف ( http://www.liveislam.com)
والله الموفق.
ـ[أبو مسلم]ــــــــ[14 - 09 - 03, 08:12 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
http://www.taimiah.org/tree.asp?t=book44&pid=1
ـ[الاديب]ــــــــ[15 - 09 - 03, 12:16 ص]ـ
الاخ الكريم:بالنسبة للاشرطة:فيوجد المحاضرات الاصولية للعدد من المشايخ 0 ................... واما بالنسبة للكتب فمن انفعها واكثرها اختصارا الاصول من علم الاصول لابن عثيمين رحمه الله ثم بعده كتاب الجامع لمسائل اصول الفقه وتطبيقاتها على المذهب الراجح للشيخ عبدالكريم النملة وهو من المعتنين كثيرا بهذا الفن ثم اذا اردت التوسع فكتاب مذكرة اصول الفقه للعلامة الشنقيطي رحمه الله وله ترجيحات قوية وكتاب روضة الناضر وجنة المناظر لابن قدامة وكتاب اوضح منه في العبارة وهو شرح مختصر الروضةللطوفي ثم بعدها يوجد كتب متوسعة جدا منها اتحاف ذوي البصائرشرح روضة الناظر للنملة ونحوها0 .............. واحيلك الى كتاب الدليل الى الى المتون العلميةلعبدالعزيز القاسم فقدذكر فيه كتب الاصول على المذاهب الاربعة0
ـ[أحمد بن محمد الموسى]ــــــــ[15 - 09 - 03, 02:40 ص]ـ
الأخ (العقيدة) وفقه الله. ألزم ما ذكره الأخ (الأديب) وياليت لو تجعل مع القائمة المذكورة كتاب التاسيس في أصول الفقه لمصطفى سلامة فهو كتاب جيد وحريص أشد الحرص على ربط طالب الأصول بالأدلة. واجعله في الترتيب بعد قراءة الأصول للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
ـ[براء]ــــــــ[16 - 09 - 03, 08:05 ص]ـ
أعتقد أن أصول الفقه تحتاج إلى ملازمة لأحد علماء الأصول لأن علم الأصول مرتبط بالفهم بدرجة كبيرة ويحتاج إلى إجابة لكثير من الأسئلة هذا إذا كان سؤالك سؤال مبتدئ أما إذا كان سؤال من تقدم في علم الأصول فالتسجيلات الإسلامية ولله الحمد مليئة بعدد كبير منها لا سيما للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[16 - 09 - 03, 10:00 ص]ـ
هل يوجد من أهل العلم من شرح كتاب إرشاد الفحول؟ وهل يوجد هذا الشرح على أشرطة؟
لان أغلب المتون المشروحة في تنفع الطالب المبتدئ في علم الأصول
عدا ربما بعض الشروح على مذكرة الشنقيطي وشرح كتاب نثر الورود للشيخ خالد السبت الذي توقف الشيخ عن شرحه منذ فترة
ـ[عبدالرحمن بن خالد]ــــــــ[16 - 09 - 03, 10:02 ص]ـ
تنبيه: ماأذكره وفق ماأعلمه من كتب عند الحنابلة ودارسي الأصول من الحنابلة، ولكن بعض المتون يكون متفقا عليها أو على غالب مسائلها بين المذاهب.
تنبيه آخر: ينبه بعض المشايخ على أنه على طالب العلم إذا أراد أن يدرس الفقه والأصول أن تكون على مذهب واحد، فلا يدرس الفقه المالكي مع أصول الحنفية، لأنه -وخاصة في بداية الطلب ومرحلة التوسط- يحتاج إلى تصور المسائل بوضوح وفهم القواعد الأصولية جيداً ثم تخريج الفروع على الأصول، أما إذا سار على هذا الطريق وقطع فيه شوطاً لابأس به فله القراءة في كتب أصول المذاهب الأخرى ليتبحر في هذا العلم.
ملاحظات:
المنهج مقسم إلى مراحل، كل مرحلة بها عدة كتب.
قد يغني كتاب واحد عن البقية في مرحلته، ولكن التنويع طيب ليؤسس الطالب نفسه بقوة.
أذكر الكتاب وقد أذكر ماأعلمه من شروحه المقروءة ثم المسموعة.
#المرحلة الأولى:
... كتاب: ((رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة)) لابن سعدي
شروحها (المقروءة):
1 - عليها حاشية طيبة لأحد الأردنيين طبعتها دار ابن حزم لاأعرف اسمها.
2 - (جمع المحصول في شرح رسالة ابن سعدي في الأصول) للشيخ عبدالله بن صالح الفوزان (((وهو جديد)) ونافع جداًّ ويغني عن غيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/188)
شروحها (المسموعة):
1 - شرح الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان (6أشرطة). وهو غالب مافي الكتاب ولاأعلم أفضل منه.
... كتاب: ((الخلاصة الأصولية)) للشيخ صالح الأسمري
... كتاب: ((الأصول من علم الأصول)) لابن عثيمين
شروحه: له شرح بصوت المؤلف وأعتقد أنه مفرغ.
... كتاب: ((الورقات)) لأبي المعالي الجويني
وهو كتاب مبارك انتشر في الآفاق وصار العلماء -قديماً وحديثاً- ينصحون به للمبتديء في علم الأصول.
شروحه (المقروءة):
1 - (شرح الورقات) لجلال الدين المحلي (((وهو مختصر مفيد مشهور)))
لشرح المحلي شروح وحواش عديدة فاستفد منها.
2 - (شرح الورقات) للشيخ عبدالله بن صالح الفوزان (((وهو من أفضل الشروح المتوسطة، بل أثنى عليه جمع من أهل العلم منهم: الشيخ عبدالكريم الخير في شرحه على الورقات الآتي ذكره))).
شروحه (المسموعة):
1 - شرح الشيخ عبدالكريم الخضير (16شريط). (((وهو رائع ماتع))).
2 - شرح الشيخ عطية سالم (10أشرطة). (((ويكفي أنه للشيخ عطية سالم))).
له شروح صوتية كثيرة ولكن هذا مايحضرني الآن.
له شروح كثيرة ولكن لاتحضرني.
# المرحلة الثانية:
... كتاب: ((التأسيس في أصول الفقه)) لأبي إسلام مصطفى بن سلامة.
شروحه: سمعت أنه بمصر يوجد لدى بعض طلبة العلم شرح صوتي للمؤلف نفسه في قرص.
... كتاب: ((البلبل - مختصر روضة الناظر)) للطوفي
شروحه (المقروءة):
1 - (منتهى السول في شرح مختصر روضة الأصول) للشيخ صالح الأسمري. (((الذي رأيته ليس شرحاً كاملاً))).
# المرحلة الثالثة:
... كتاب: ((مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر)) للعلامة محمد الأمين الشنقيطي
وهو مفيد جداًّ وينصح به قبل (الروضة).
... كتاب: ((روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه)) لابن قدامة المقدسي
طبعاته المحققة:
1 - تحقيق عبدالكريم النملة (3مجلدات).
2 - نحقيق سعد الشثري (مجلدان).
3 - تحقيق شعبان محمد اسماعيل (مجلد واحد).
شروحه (المقروءة):
1 - () للشيخ عبدالكريم النملة.
##########################
هذا ما لدي في هذا الباب وبقي أمر وهو:
ألا تنسى أن تحلى دراستك لهذا العلم بدراستك لكتاب (((الرسالة))) للشافعي، واجعله بعد المرحلة الثانية إن أردت، فهو أصل كتب الأصول،
واحرص على الطبعة التي حققها المحدث أحمد محمد شاكر.
هذا ما لدي، وأسأل الله التوفيق والسداد , والله أعلم ..
ـ[محمد القبائلي]ــــــــ[17 - 03 - 07, 04:48 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .... اخوتي في الله ما أول ما يبتدئ به طالب أصول الفقه المالكي
أفيدونا بارك الله فيكم
ـ[سفيان الأثري]ــــــــ[18 - 03 - 07, 12:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي عبد الرحمن
ـ[ابو معاذ يوسف الحربي]ــــــــ[18 - 03 - 07, 10:54 ص]ـ
الذي انصحك به في التدرج في هذا العلم:
المرحلة الأولى:
· الأصول من علم الأصول لا بن عثيمين رحمه الله.
· رسالة بن سعدي في أصول الفقه و هي رسالة مختصرة نافعة و قد شرحها الشيخ عبدالله الفوزان في دورة مسجد شيخ الإسلام بن تيمية في الرياض في ستة اشرطة و خرج هذا الشرح في كتاب بعنوان " جمع المحصول في شرح رسالة بن سعدي في الأصول "
المرحلة الثانية:
متن الورقات:
من الشروحات على متن الورقات زيادة على ما ذُكر
1. نزل مؤخراً شرح لمتن الورقات في صورة تعليمية رائعة و اسلوب سهل ميسر أنصحك باقتنائه فسوف تجد ما يسرك.
بعنوان: "اضاءات على متن الورقات " للشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين أستاذ أصول الفقه المساعد في كلية الشريعة و الدراسات الإسلامية بالأحساء.
و هذا الكتاب في ظني و الله أعلم من أفضل الكتب لطالب علم أصول الفقه المبتدئ
2. الشرح الوسيط على متن الورقات للشيخ عبدالحميد بن خليوي الرفاعي. و هو عبارة عن دروس ألقاها الشيخ على طلبته في مدينة ينبع ثم أخرجها في مجلد لطيف. و هو كتاب جيد و مختصر و نافع لطالب العلم المبتدئ.
و من شروحه المسموعة
شرح للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله في أربعة عشر شريطا على ما أظن.
و هنا ك شرح للشيخ عبدالعزيز القاسم في ثلاثة عشر شريطا.
و له شروحات كثيرة مسجلة.
المرحلة الثالثة:
كتاب قواعد الأصول ومعاقد الفصول
و هذا الكتاب جيد و مختصر و من شروحاته المطبوعة:
1. شرح للشيخ عبدالله الفوزان في مجلد.
2. شرح للشيخ سعد الشثري في مجلد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/189)
و للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله شرح مسموع على هذا الكتاب في أربعة عشر شريطا.
كتاب مذكرة في أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله صاحب أضواء البيان. و هو عبارة عن مذكرة كتبها الشيخ تلخيصا لكتاب روضة الناظر عندما كان يدرس الكتاب. و هذا الكتاب مقرر مادة أصول الفقه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. و قد شرحه الشيخ محمد ابن الشيخ رحمه الله في أربعة ألبومات موجودة في تسجيلات خالد الإسلامية في المدينة النبوية. و هي مقسمة على حسب مقرر الجامعة.
المرحلة الرابعة:
عليك بكتاب روضة الناظر و جنة المناظر لابن قدامة المقدسي رحمه الله و كل الصيد في جوف الفرا كما يُقال.
و عليك بالنسخة التي حققها الشيخ عبدالكريم النملة و التي في ثلاثة مجلدات.
و من شروحه:
شرح الشيخ الأصولي الأُستاذِ الدّكتورِ عَبدِ الكَريمِ بنِ عَلِيٍّ النَّملة
الأستاذ في قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض
و اسم الشرح " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد " في أربعة مجلدات.
و قد شرحه الشيخ في اشرطة و موجودة في تسجيلات الراية في الرياض.
و من الكتب التي يفضل قراءتها في هذا العلم:
· أعلام الموقعين لابن القيم.
معالم أصول الفقه للشيخ محمد بن حسين الجيزاني و هو رسالة دكتوراه – يُنصح بها.
المهذب في علم أصول الفقه المقارن للشيخ عبدالكريم النملة.
الْجَامِعُ لِمَسائِلِ أُصولِ الفِقهِ وتَطبيقاتِها على? المَذهبِ الرَّاجِحِ للشيخ عبدالكريم النملة و للشيخ على هذا الكتاب اشرطة تبلغ الاثنى عشر شريطا.
أصول الفقه لعبدالوهاب خلاف.
الواضح في أصول الفقه لمحمد الأشقر.
مع الوصية بأن يكون لك شيخ تقرأ عليه يفتح لك الطريق في هذا العلم.
هذا ما يسر الله لي أن أشارك فيه كتبته من إملاء الفؤاد سائلا الله لي و لك التوفيق و السداد.
و لله أسأل أن يوفقني و إياك للعلم النافع و العمل الصالح.
ـ[رضا الاكاديري]ــــــــ[20 - 03 - 07, 09:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله اخي الحبيب أنصحك أولا ان تدرس أصول مدهب معين وبعد اتقانه يمكنك ان تدرسارشاد الفحول او المدكرة بعده البحر المحيط للزركشي وغيرها فان كنت مالكيا فابدء بالورقات بشرح الحطاب ثم ايصال السالك الى أصول مالك ثم بناء الفروع على الاصول للتلمساني ثم شرخ المراقي لسيدي عبد الله الشنقيطي وبعدها الكتب التي دكرت لك انفا وللتنبيه فشرح كتاب: ((التأسيس في أصول الفقه)) لأبي إسلام مصطفى بن سلامة.
فهو في موقع فرسان السنة ولكنه كبير جدا أكثر من 80 شريط وفقك الله
.
ع
ـ[أبو يوسف الجزائري]ــــــــ[24 - 03 - 07, 09:37 م]ـ
عليك بكتاب اصول الفقه للاستاد عبد الوهاب خلاف
ـ[أبو يوسف الجزائري]ــــــــ[24 - 03 - 07, 09:39 م]ـ
وانصحك بكتاب ارشاد الفحول الى علم الاصول
ـ[الادريسي]ــــــــ[01 - 04 - 07, 05:46 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بالنسبة للشروح المسموعة فقد لا يجد الطالب خيرا من شروح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى وقد فاق الشيخ غيره من اهل العلم بطريقته الفريدة في تيسير العلوم وله شروح على كثير من متون الاصول و هي موجودة ولله الحمد على الشبكة وكثيرا ما ينصح الشيخ مشهور بن حسن بالاستفادة من دروسه و لا ينبئك مثل خبير
و للشيخ مشهور شرح قيم للورقات ولكنه حفظه الله اطال فيه النفس قليلا فقد يجدمه المبتدئ صعبا بعض الشيء
و الله الموفق
ـ[أبو رشيد]ــــــــ[05 - 04 - 07, 04:14 ص]ـ
حقيقة كتاب الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع "تيسير علم أصول الفقه" من أنفس الكتب ,فهو نفيس بحق ,,ومعروف قوة الشيخ التحريرية ,, ومما يميز هذا الكتاب ربطه كل مسألة أصولية بدليل من الكتاب والسنة ..
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 06:59 ص]ـ
عليك بكتاب أصول الفقه للأستاذ عبد الوهاب خلاف
أحسنت , بارك الله فيك
ـ[ابن عايض]ــــــــ[05 - 04 - 07, 01:07 م]ـ
انظر http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=search&con=cat&category_id=1175
ـ[احمد بن فهمى المصرى]ــــــــ[07 - 04 - 07, 03:37 م]ـ
حزاك الله خيرا
ـ[رشيد]ــــــــ[07 - 04 - 07, 04:40 م]ـ
كل ماذكره الإخوة فيه خير، خاصة كتاب الشيخ خلاف
كما يقولون كل الطرق تؤدي إلى روما
لكن أخي الكريم/أختي الكريمة لابد لك من شيخ،خاصة إذا كنت في بداية الطلب
ـ[رياض بن عبد الله]ــــــــ[12 - 04 - 07, 11:32 م]ـ
معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة للجيزاني سهل وجامع
ـ[صخر]ــــــــ[11 - 06 - 07, 07:11 م]ـ
... كتاب: ((رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة)) لابن سعدي
شروحها (المقروءة):
1 - عليها حاشية طيبة لأحد الأردنيين طبعتها دار ابن حزم لاأعرف اسمها ...
اسمها التعليقات المنيفة للأخ أبي الحارث التعمري
ـ[أبو علي التونسي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 07:26 م]ـ
ومن باب الإضافة يمكن الرجوع إلى دروس الدكتور محمد حسن هيتو على صفحة المستنير، فله حوالي 100 محاضرة مسموعة في أصول الفقه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/190)
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[13 - 06 - 07, 11:03 م]ـ
أخي العقيدة: وفقك الله.
أرى أن الإخوة قد أكثروا عليك ـ وفي كلام بعضهم كفاية ـ
الذي أراه رأياً متيناً ألخصه لك في نقاط:
* ابدأ بكتاب تعريفي لهذا الفن، وليكن " علم أصول الفقه " للربيعة، واشفعه بكتاب " أصول الفقه: الحد والغاية والثمرة " للجبل: يعقوب الباحسين.
الفائدة في هذين الكتابين: التعريف العام بهذا الفن، وقراءة مناهج الأصوليين، وحتى تتعلم هذا العلم وأنت مقتنع تمام الاقتناع به.
* اقرأ كتابا معاصرا ـ بلا تحديد ـ تتصور من خلاله مسائل هذا العلم.
* اعتمد ـ بعد الشورى ـ كتابا تقرأه وتراجعه وتجعله أصلاً لك، تضيف إليه فوائد الكتب الأخرى.
* اقرأ كلام الممارسين للأصول في كتبهم اللا أصولية كالشافعي وابن عبد البر وابن حزم والقرافي و ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن حجر والصنعاني والشوكاني في آخرين.
سددك الله.
أخوك
ـ[صخر]ــــــــ[22 - 06 - 07, 11:45 م]ـ
ومن باب الإضافة يمكن الرجوع إلى دروس الدكتور محمد حسن هيتو على صفحة المستنير، فله حوالي 100 محاضرة مسموعة في أصول الفقه.
الله المستعان
اتقوا الله فينا
ـ[علي التنجدادي]ــــــــ[03 - 03 - 10, 04:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد ابن عمر المصرى]ــــــــ[29 - 05 - 10, 07:48 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عزيز العميري]ــــــــ[05 - 06 - 10, 04:27 م]ـ
أنصح جميع الإحوة بشروح الشيخ الشثري و الشيخ عياض السلمي و الشيخ عبد الله الفوزان.
ـ[بن محمد الحنبلي المصري]ــــــــ[05 - 06 - 10, 11:14 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فنصائح الإخوة طيبة، فتتبعها. ولكن عندي ملاحظتان:
1) للشيخ عبد الكريم النملة حفظه الله شرح مسموع على كتاب روضة الناظر، تجده على الأرشيف.
http://www.archive.org/details/Namlah-Rawdah
2) وعلى موقع روح الإسلام، هناك برنامج يسمى "موسوعة أصول الفقه" وقد جمع 40 كتابا في الأصول في مختلف المذاهب، منها ما ذكر الإخوة، ومنها موسوعات جامعة، ومنها ومنها. والبرنامج يأتي في واحد من ثلاث صيغ: exe، و chm، وصيغة الشاملة. أنصحك بتحميله.
http://www.islamspirit.com/islamspirit_program_015.php
والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[مبارك الزهراني]ــــــــ[07 - 06 - 10, 10:01 ص]ـ
هناك كتاب جيد اضيفة للاخوة وهو كتاب (ما لا يسع المسلم جهله في اصول الفقه) والظاهر ان مؤلفه (السلمي) الكتاب جيد ومفيد.
ـ[ابو جودى المصرى]ــــــــ[13 - 07 - 10, 04:49 م]ـ
"اضاءات على متن الورقات
كتاب فى موقع الشيخ
لمن يريده
http://www.t-elm.net/almoshref/pageother.php?catsmktba=37(105/191)
حول التقليد و الاتباع
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 - 09 - 03, 01:58 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، أما بعد، فقد قرأت في كتاب (اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية) للدكتور البوطي، الذي أجاد فيه وأفاد، ردا على المحدّث الألباني ـ رضي الله عنه ـ حول التقليد و الاتباع، بأنه لا فرق بينهما ـ كما يقول البوطي ـ و لكن كان الظاهر من كلامه، أنه ينكر على أصحاب هذا التقسيم و كأنه لم يقل به أحد قبله، و لكن لم ألبث أن قرأت بحث الدكتور / الزحيلي (الإمام السيوطي مجدد الدعوة إلى الاجتهاد) أن بعض العلماء يفرقون بالفعل بين الاتباع و الاجتهاد بأن الاتباع هو الأخذ بالقول بعد معرفة الدليل، و أما التقليد فهو الأخذ به دون معرفة الدليل، أو دون معرفة مصدر القول ـ على الخلاف الواقع بين الأصوليين ـ
و لكن: ما فائدة معرفة الدليل مع عدم القدرة على استنباط القول منه؟ و إن كان قادرا على استنباط القول منه فلماذا أقول متبعا و لا أقول مجتهدا؟ أم أنه في هذه الحالة يكون مرادفا للمجتهد؟ و لكن هنا لا وجه للمقارنة و التفريق بينه و بين التقليد للتباين الواضح بينهما
اطلب ممن كان عنده أقوال أو نقولات في المسألة أن يفيدنا و له منا الدعاء بظهر الغيب
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[21 - 09 - 03, 03:06 ص]ـ
الأخ الكريم العزيز الحبيب محمد يوسف رشيد ... سدده ...
أما كتاب الشيخ البوطي (فمع احترامي لك وله) فما أجاد وما أفاد،
فبدعة المذهبية في الحقيقة هي أخطر بدعة هددت وما زالت تهدد
الشريعة ألإسلامية ...
روح شوف البوطي أفتى مؤخرا بجواز الاستعانة بالأفلام الجنسية في
علاج العجز الجنسي!!! فهل هذه المذهبية التي يدعو إليها؟؟؟؟؟
أما اللامذهبية فهي اتباع الدليل وما صح من الآثار على قدر المستطاع
وهي طريقة الصحابة والتابعين وأئمة الدين، ولكن أراد البوطي
أن يشوه صورتها فوسمها بالمذهبية، وأرد أن ينقد ما كتبه الألباني
وتلاميذه حول المذهبية فرفع عقيرته بهذه الكلمة، وسدد رميته قائلا:
أخطر بدعة تهدد الشريعة!!!
فبالله عليك يا أخي محمد: هل وجود أربعة مذاهب تتنازع حول الأحكام
وميزان نزاعها هو ألفاظ المتون والشروح والحواشي؟؟؟ وأنت عليم
أنه لا يوجد مالكي الآن يرجع إلى المدونة، ولا يوجد شافعي الآن
سيستعين بالأم، ولا يوجد حنبلي يراجع روايات اُلأثرم والمروزي،
ولا يوجد أي حنفي الآن يرجع إلى مرويات أبي حنيفة في الفقه عند
صاحبيه ... وتقريرات المتأخرين لا يمكن أن توصف على وجه الدقة أنها
مذهب الأئمة أنفسهم، وهاهو السيوطي في آخر الأشباه والنظائر ينظم
بضع عشرة مسألة يفتى فيها بالقديم والجديد على خلافه!!! فهل
هذا هو التقليد؟؟؟ وما هو المرجح الذي عدل بهم إلى الفتوى
على القديم؟؟؟
اسمع مني هذه المقولة تسعد:
البوطي يقول إن الرجوع إلى كتب المذاهب آمن في ضبط أصول الشريعة
وفروعها، حتى مع وجود الآخطاء في المذاهب، وأنا أٌقول: الرجوع
إلى ظواهر الأدلة من كتاب وسنة وآثار عن السلف الكرام أضمن في
حفظ جناب الشريعة حتى ولو أخطأنا في الفهم، فلأن نخطئ في الفهم
أخف وأهون من أن نخطيء في الأخذ ...
أما ما سألت عنه حول التقليد والاتباع فهو اصطلاح ولا مشاحة فيه
أما التقسيم فهو حقيقي وواقع، فمن أراد جعل الاتباع والتقليد
قسما واحدا فلا مشاحة معه ولكن بشرط أن يجعل التقليد مراتب،
وجعل التقليد مراتب موجود عند كل أئمة المذاهب، فما هو
مجتهد المذهب وما هو مجتهد الترجيح إذا؟؟؟ ومن هم اصحاب
الوجوه إذا يا محمد؟؟؟
المتبع هو الذي يفهم الأدلة ويستطيع الترجيح بينها وبين أقواها
وأضعفها، ولكنه لا يستطيع البحث والتنقيب والتخريج والاستنباط
لأن اطلاعه ضعيف وبحثه قاصر واستنباطه غير دقيق، فمثل هذا
ليس بمجتهد، فلا يجوز له الاجتهاد، وليس بمقلد فلا يجوز له
التقليد، ولكن يلزمه البحث عن الدليل ما استطاع إلى ذلك
سبيلا، وغالب الصحابة والتابعين كذلك، وغالب طلبة العلم الذين
درسوا العلوم الشرعية كذلك، فلا حجة لهم في تقليد المذاهب أو
الأئمة إلا فيما عجزوا فيه عجزا تاما ...
أما لو وصلوا إلى مرتبة الاجتهاد (وذلك بسعة البحث والدقة
في الاستنباط) فلهم الاجتهاد، ومع ذلك فتجزئ الاجتهاد في الباب
الواحد وفي المسألةالواحدة تحدث عنها الغزالي ولها مناصرون
حتى ممن أوجبوا التقليد، فكان ماذا؟؟؟
أرجو أن يتسع صدرك لكلامي، فإنه من محب.
ولك كل احترامي ..
ـ[محب الشناقطة]ــــــــ[21 - 09 - 03, 10:01 ص]ـ
أخي رضا
وإن أخطأ البوطي
وإن خالف في بعض المسائل ما قرره من حق
فلا يعني ذلك أن ننبذ الحق الذي معه لأنه قد خالفه!!
قوله (اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية)
حقٌ
فعد تمذهب المرء طريق له للاستنباط من الوحيين وعليه فإن فهمه القاصر
سيُحدث لعبا وعبثا بدين الله عزّ وجلّ
فمن أجل ذلك حُقّ أن يقال: اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية
أمّا قولك
((أما اللامذهبية فهي اتباع الدليل وما صح من الآثار على قدر المستطاع
وهي طريقة الصحابة والتابعين وأئمة الدين))
فمع احترامي لك مردود عليك إذ أنّ اتباع الدليل المجرد بدون النظر إلى
فقه الفاهمين له لم يكن نهج الصحابة ولا التابعين وإن أردت أدلة أتيناك
بها
فلا تتكلم فيما يقوّي مذهبك وهو خطأ واضح
لا بُد للدليل أن يفقهه فقيه ويعمل به سلف قبل ذلك وأن لا يكون العمل به مهجورا
وما أثار عجبي منك هو قولك
((هل وجود أربعة مذاهب تتنازع حول الأحكام
وميزان نزاعها هو ألفاظ المتون والشروح والحواشي؟؟؟))
غريبة أن تخرج مثل هذه الألفاظ من مثل (صمدي)
ثُمّ إن الناس على قسمين:
مجتهد
ومقلّد
كما ذكره الشاطبي
وقد ((((بتر))) أصحاب (بدعة التعصب المذهبي) نقله رامين بأمانة
النقل عرض الحائط
و ((بعض)) من أراد إقحام المتبع فإنه إنما يبرر لنفسه التمجهد وفهم النصوص على هواه
واختراع فقهه الجديد ولا يضره أن ينسبه إلى الكتاب والسنة ويدعو الناس إلى تقليده
ونبذ تقليد الأئمة الأربعة!!!!!
وحسبنا الله ونعم الوكيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/192)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 - 09 - 03, 11:27 ص]ـ
السلام عليكم
أخي ((((محب الشناقطة)))) ليكن كلامك مع الشيخ / رضا أكثر أدبا من ذلك، فالجميع هنا يعرفون من هو الصمدي الذي تنكّره و تقول (من مثل صمدي) و لا أظن أن أحدا يعرف ((((محب الشناقطة))))!!
و أسلوب كلامك مع الشيخ قد أثار حفيظتي و غضبي، و أظن أنه يثير حفيظة كثير من أعضاء هذا الملتقى المبارك (المؤدّب)، و ليس من النّبل أن تكون الشجاعة من وراء الشاشة، و اعلم أن همة الشيخ أرفع و أنبل بمراحل من أن يلتفت لأسلوبك معه، فلا تنتظر أن يعلّق، و العجيب أن تقول بعد ذلك (حسبنا الله ونعم الوكيل) من أنتم أخي الكريم؟ و من الذي ظلمك أو أساء إليك حتى تقول هذا كأنك متحفّز؟ أمر عجيب!
و اعلم أن للشيخ رضا الكثير من النقاشات مع كثير ممن يخالفونه، ولكنك إذا نظرت إليها و جدت تبادل الأدب و الاحترام بين الطرفين رغم أن مواضيع النقاشات هي من أكبر القضايا الفقهية و المنهجية التي يمكن نقاشها في هذا العصر، و انظر مثلا حين يتناقش السلمي و الصمدي، أنظر إلى الأدب بينهما تجد أن كلا منهما يتكلف في تقديم الاعتذار لصاحبه قبل أن يستدرك عليه كأنه يستعظم ذلك، و قد رأيت ذلك بنفسي في مسألة حول الصيام مربوطة بمسالة أصولية، و لا أذكر الموضوع
ـــــــــــــــــــــــــ
شيخنا الكريم الفاضل (رضا صمدي) كيف تطلب منّي أن يتسع صدري لكلامكم؟!!!!
ألا تعرفني يا شيخنا؟!!! أنا / محمد يوسف
و لماذا تخبرني أن كلامكم من محب؟!!! يا شيخنا ألا تذكرني!!!
ــــــــــــــــــــــ
شيخنا الفاضل ... بالنسبة لكتاب اللامذهبية للبوطي، فإن الذي يظهر لي فيه ـ إلى الآن ـ أنه مصيب، و أن (البتر) قد وقع بالفعل من (الخجندي) كما ذكر أخي (محب الشناقطة)، و الشواهد على ذلك واضحة قوية، و لا أظنها تحتمل التكذيب، و أظن أن ما حواه الكتاب من الناحية المنهجية ـ بغض النظر عن المؤلف ـ قد وافق الصواب، فإنه قد أوضح المسألة كل الوضوح، و لا يرد عليه ما قد يتهم به، لأنه ذكر ـ بكل وضوح ـ أن من لم يتأهل للاجتهاد فعليه التقليد، و من تأهل له فيحرم عليه التقليد، و هو قد انتقد الدعوة إلى الاجتهاد من كل أحد من الناس، فأظن ـ فيما يظهر ـ انه لا تعارض بين أقوالنا.
ــــــــــــــــــــــ
أفزعتني هذه الفتوى التي نقلتها شيخنا عن البوطي
ــــــــــــــــــ
شيخنا الكريم .. منذ مدة وصندوق رسائلكم ممتلئ
ـ[محب الشناقطة]ــــــــ[22 - 09 - 03, 12:53 ص]ـ
الأخ محمد يوسف رشيد والأخ (رضا صمدي)
أقسم بالله العظيم الذي لا إله غيره أنني ما كتبت ما كتبت انتقاصا من
الشيخ رضا
لا والله فأنا أعرفه حق المعرفة
وأما قولي
وما أثار عجبي منك هو قولك
((هل وجود أربعة مذاهب تتنازع حول الأحكام
وميزان نزاعها هو ألفاظ المتون والشروح والحواشي؟؟؟))
غريبة أن تخرج مثل هذه الألفاظ من مثل (صمدي)
فوالله ما أردت إلا هذا المعنى
غريب أن تصدر هذه الكلمة من شيخ معروف عقله وفكره كالشيخ رضا
فلو صدرت من غيره لما استغربت
وأظن أن هذا المعنى لا شيء فيه
ووالله إنه هو ما أردتُ لا غيره
وأما قولي
(حسبنا الله ونعم الوكيل)
فوالله ما أردت به إلا التحسر والتحسف على الحال التي وصلنا إليه من
ما لا أستطيع ذكره!!!!
وتقبلوا تحيات محبكم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 - 09 - 03, 05:29 ص]ـ
معذرة أخي المحب، فيبدو أنني كنت شديدا بعض الشئ في كلامي معك، و لكن كان الدافع إلى ذلك ما أراه دائما من تعدي الكثير من الأشخاص على الشيخ / رضا، على (أنا المسلم) و يتكلمون معه دون أي احترام أو أدب، و لو أنهم فقط علموا ـ لا أقول قدره في العلم ـ ما لاقاه الشيخ رضا في الدعوة في مصر و ما تعرض له ثم ترحيله منها، لاحترموا أنفسهم في كلامهم معه، و مما أرى أنه عليّ أن أذكره أن الشيخ / رضا له فضل عليّ و هو في تايلاند و أنا في مصر، فقد كان يراسلني و يهتم بأموري و يسأل عني إن تغيبت عن النت و كأنه ليس له غيري، رغم يقيني بمشاغله و همومه
أعتذر مرة أخرى أخي المحب، و لو كنت أمامي لقبّلت رأسك و الله فسامحني
و أنا معك أخي الكريم في مسألة التمذهب و أنا أقر بكل كلمة أتى بها الدكتور البوطي في كتابه، مع العلم أني شافعي المدرسة، و لعلك مالكي، و أنا بالفعل مستاء لما فيه جمهور الإخوة السلفيين من سطحيتهم العلمية، و تقديمهم لأراء المعاصرين ـ هكذا مطلقا ـ على أراء المتقدمين، حتى قال لي أحدهم باللفظ (المذاهب بطلت)
و قال لي أحدهم بكل سفاهة عقل و كانه أتى بما يفحمني به (لو أن أمامك دفتر ـ أو كتب لا أذكر ـ فيها كل فتاوى الشافعي، و دفتر آخر فيه فتاوي الشيخ أبي إسحاق الحويني، فبماذا تعمل؟)
و كانت دهشته عظيمة حين قلت له بكل بساطة (الشافعي بلا شك أما الحويني فمن أدخله في دائرة الفقهاء أصلا حتى تقارنه بمثل الشافعي)
و أنا أظن أن هذا هو ما أردت أن تحتسب من أجله، و لكني لا أحتسب على هؤلاء فهم طيبون و هم أفضل من وجدت أخلاقا و رقة قلب و استعدادا للعمل لدين الله تعالى، و لكني أقول:
أسأل الله تعالى أن يوجههم إلى الطريق الصواب في الطلب، فإنهم إن فعلوا فاقسم بالله غير حانث ـ إن شاء الله ـ أنهم سيغزون العالم الإسلامي العلمي بعلمهم و لن تقوم قائمة لغيرهم، و لكنهم يدفنون عقولهم بأيديهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/193)
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 09 - 03, 02:06 م]ـ
الأخ الحبيب محمد يوسف .. نعم أعرفك وأذكرك وما نسيتك، وما زلت
متابعا للمرحلة الفكرية التي تمر بها، والتي لمست إرهاصاتها منذ
وقت مبكر، وكنت أحذرك من الانسياق وراء النزعات العاطفية في العلم
وأنصحك بالتماس العذر وإحسان الظن ...
أحب أن أركز النقاش في نقطتين فقط:
الأولى: الفرق بين دعاة المذهبية والدعاة لاتباع الدليل (وهو
الوصف الصحيح العدل لهم) ..
الشيخ البوطي حتى وإن علا كعبه في علوم الشريعة فإن تعظيمه لشأنها
مقدوح فيه، وهذه مسالة يجب أن تستحضرها وأنت توازن بين أقاويل
أهل العلم، فالمعتزلة كان عنهم فقه وبصيرة بفروع الشريعة ايضا
ولكن لماذا مات فقههم واضمحلت أقاويلهم؟؟؟ لأنها تباعدت الوحي
المطهر فخفت نورها بل بهت ...
وهكذا البوطي عفا الله عنه، معروف بعدائه لأهل السنة، بل حتى للإخوان
المسلمين، ومعروف بتقربه من العلوية النصيرية حكام سوريا، حتى
إنه بكى على الأسد حين وفاته ودفنه ورثاه بكلمات يندى لها الجبين،
وماذا عسى البوطي يفعل في سدة المسشارية الرئاسية منذ أيام الأسد
حتى ابنه الآن في حين كل السلفيين بل والأخوان في سوريا مطاردون
مغيبون ... ولقد كان البوطي يلقي محاضراته من خلال التلفاز السوري
في حين كان الشيخ الألباني لا يجد له مسجدا أو جامعة يدرس فيها
علمه الذي طبق الآفاق ...
وقس على ذلك كل دعاة المذهبية، ولن أبتعد معك إذا قلت إن دعاة
المذهبية كانوا السبب الأصيل في دخول العلمانية والقوانين الأوربية
إلى البلاد الإسلامية، فهام هم علماء المذهبية في مصر أيام الاحتلال
الفرنسي، أمثال الشرقاوي وغيرهم دكت خيول الفرنسيس الجامع الأزهر
فماذا فعل الدراويش؟ قالوا: يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف،
كما يروي الجبرتي!
وقد درس لنا في الأزهر علماء وفحول، تراهم ينافحون عن المذهب
منافحة شديدة، فإذا ما جاءت مسألة على خلاف مذهبهم ولكن الهوى
معها، رحلوا بهواهم إليها.
وأنا أوردت لك أمثلة في الصميم لم ترد عليها، ولا يستطيع مثل البوطي
أن يرد عليها، مثل الفتوى على القديم في المذهب الشافعي خلاف
الجديد، لماذا؟؟؟ وما المرجح؟؟؟ وإذا قلت لي إن النووي
والرافعي أعلم بالمذهب مني، سأقول لك: إذن انت تقلد النووي
والرافعي وليس الشافعي!!!
وهذا لعمر الله هو الواقع ...
والذي استغربه مني الأخ محب الشناقطة هو المستغرب، فإن كنت تنكر
يا محب الشناقطة أن محك النزاع بين المذهبيين هم لفظ المتن والشرح
والحاشية فليفرد للمسألة موضوعا وآتيه بما تقر عينه ...
هل تنكر يا محب الشناقطة أن حركة التأليف في الفقه المالكي توقفت
بعد القرن الخامس الهجري، وصارت موفوقة على ما أثر عن خليل
وبعض الشروح؟؟؟ وما أحدثك به إنما أحدثك عن خبرة خبير في المذهب
المالكي بل والتراث المالكي والمغربي كله سيدنا وشيخنا محمد بو خبزة
علامة المغرب وسادن مخطوطاتها بعد العلامة المنوني رحمه الله ...
كان يقول لنا: إن المغاربة لم يعرفوا الشرع إلا من خلال مختصر
خليل، وهم في غيبة عن أدلة الشرع، ولا يقرأون القرآن إلا في
المياتم، ولا الأحاديث إلا للتبرك .. هل تنكر هذا؟؟
وقل لي بالله عليك يا محب الشناقطة: ماذا فعل الشناقطة غير نظم المتون
وحفظها وحفظ القرآن والسنة وحفظ المذاهب والأقاويل ... أين الإبداع
والاستنباط والاستخراج؟؟؟ ولن أستثني إلا القليل ممن اعتصم بهدى الكتاب
والسنة فعلا ذكره ونبه شأنه ..
وفي هذه لن أطيل (مع أنها تحتاج للإطالة)
والمقصود أن المذهبية والمذهبيون لا اعتصام لهم بهدي الكتاب والسنة
وستعرفهم في لحن القول، أخي محمد قارن مقارنة واسعة، ولا تأخذ
أخطاء بعض العلماء والدعاة وتجعلها في المحك، دقق نظرتك في كل
دعاة المذهبية أو غالبهم ستجدهم على أبواب السلاطين، دقق في ملابسهم
دقق في كلامهم دقق في آدابهم، دقق في بيوتهم وأسرهم، ستعرف
الخبر اليقين، أما أتباع الكتاب والسنة والدليل الصحيح الرجيح
فستجد بركة اتباعهم ماثلة في حياتهم بل في تفاصيل حياتهم، وهذا
لعمر الله بركة الاتباع ...
ومن هذه نعلم أخي الحبيب أن قضية المذهبية ليست مجرد قضية فقهية
أثرها في البحث الفقهي فقط، بل إنها قضية منهج حياة ترى غبها
ونتاجها في الحياة وفي تفاصيل الممارسة ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/194)
البتر الذي زعمه البوطي في رسالة الخجندي لا يسمى بترا، بل نقله
عن الخجندي هو البتر، والخجندي أخبر بنصوص الحنفية من البوطي،
ونصوص الحنفية في الباب بل نصوص غيرهم يؤخذ منها ما يدل على المطلوب
وما نقله الخجندي عن ابن الهمام وغيره معروف في المذهب، حتى لو
نقل ما ظنه البعض بترا فهذا لا يؤثر في السياق العام للمعروف في
المذهب ... والبوطي نقد الجندي في رسالته: هل المسلم ملزم
باتباع مذهب معين وهو متناس أنها رسالة فتوى بعث بها مسلمون اليابان
وهل كان منتظرا من الجندي أن يفتي بلزم اتباع مذهب معين؟؟؟ إنها
لعمر الله خيانة للدين، والخجندي يعرف حقيقة الأمر بالنسبة لمن دخل
في دين الله لتوه، وماذا يصلح له، ولكن ينبغي أن نسأل البوطي عن
المسئولية التي يتحملها في الدعوة للمذهبية حتى للمسلمين الجدد!!!
ماذا نسميه: إنه ليس بترا لنص في كتاب مذهبي، بل هو بتر لمقطوع
به في دين الله تعالى، وهو أن التقليد للمذاهب ليس واجبا شرعيا
بأي حالة من الأحوال، وأن المسلم لو لقي الله تعالى ولم يعرف مذهبا
ولا نصف مذهب فلن يكون آثما بهذا التقصير، ولكنه يكون مقصرا بعدم
معرفة دين الله من كتابه وسنة نبيه، والله لن يسأله يوم القيامة لماذا
لم تتعرف على ديني من خلال المذاهب، بل سيسأله لماذا لم تتعلم ديني
بأي طريقة كانت ... ووالله يقول للناس: ماذا أجبتم المرسلين ولن
يسألهم: ماذا أجبتم أرباب المذاهب، فكن من هذا على ذكر فإنه
ينفعك ...
المسالة الثانية: قضية التقسيم .. يا أخي البوطي يقول إن المقلد
لا يجتهد والمجتهد لا يقلد، ولكن حين تحاققه في شروط الاجتهاد وصفات
المقلد تجد العجب العجاب، بل إذا دخلت إلى كتب الأصول تعرف أن
هذا الذين يذكرونه لا يلبس حلة العصمة بحال، لأنه من عند غير
الله فستجدفيه الاختلاف الكثيرة ...
تقرأ كلام الغزالي في المستصفى فتظن أن الاجتهاد في متسع كل أحد،
ثم تقرأ في مسلم الثبوت أو غيره فتضيق الدائرة، والأمر أهون
من هذا كله، وتأمل في سيرة الصحابة كيف كانوا يأخذون عن النبي
وكيف كان يقرهم وينصحهم ستجد أن هذا الدين يسر عسره المقلدون
والمذهبيون ...
البوطي يقول إن مرتبة الاتباع بدعة وغير موجودة وأنت تؤيده ومحب
الشناقطة أيضا، وأنا أسألك: هل أنت تنكر وجود المرتبة في الواقع
أو تنكر وجودها في كتب العلماء؟؟؟
إن كنت تنكر وجودها في كتب العلماء فهو خطأ لأن من العلماء من ذكرها
بل حقيقة الاجتهاد عند البعض من المتقدمين والمتأخري لا تخرج عن
حقيقة الاتباع التي يقول بها الألباني والشوكاني وغيرهما ...
أما إن كنت تنكر وجود مرتبة الاتباع في الواقع فهذا لعمر الله هو
العجب العجاب ... تفاوت الناس في العلوم دقيق جدا، هل تنكر أن
هناك إنسان عنده علم بالشرع، ولكن لا يصل لدرجة العلماء؟؟؟ هذا
وارد، يعني جائز عقلا، أما وقوعه فلا أظنك تماري فيه، لأنني
أسالك: النووي مجتهد أم مقلد؟؟ طيب الغزالي، طيب الطبري؟؟؟
لو قلت هم مجتهدون، فسيقول لك المذهبية بل مقلدون ولكنهم مجتهدون
منتسبون، فلو سألتهم: ما الفرق؟ لقالوا اخذوا أصول الإمام
وعملوا بها، إذا قضية الاجتهاد برمتها ليست قضية القدرة على
الاستنباط، لأن مجتهدي المذهب المنتسبون للإمام عندهم قدرة على
الاستنباط ولكنهم يأخذون بأصول الإمام، فصارت القضية بخلاف ما نسمع
عن المذهبيين ...
أنت مثلا يا أخي محمد، لم تقرأ في كل الفنون، ولم تتضطلع من علوم
العربية، ولم تقرأ كل كتب الحديث وتطلع على كل الروايات أليس
كذلك؟؟
ولكن لك دربة في قراءة نصوص الشرع، بل وقراءة نصوص العلماء،
وتستطيع فهمها على الوجه في غالب الأحوال، وعندك من الأصول العامة
ما تستطيع أن تحاكم به كلام هذا من كلام ذاك، بل أنت تمارسه ومارسته
في مناصحة الأخ محب الشناقطة، وهذا نوع اجتهاد، ومثله يمارس
في أدلة الشرع، يقول البعض إن الاستمناء حرام لورود الدليل فيه من
القرآن، ويقول البعض مباح لدم ورود الحاظر، فتمعن النظر في دليل
الطرفين، وما آنسه قلبك وعقلك من رجاحة في أحد المذهبين أخذت به،
هذا هو الاتباع، فأنت لم تتبع العالم، ولكن اتبعت ما ترجح لك
من الدليل، ومثل هذا تقليد من وجه، لأنه لم يجتهد بنفسه، بل حصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/195)
نفسه في دائرة الأٌقوال الموجودة واختار من بينهما ما آنسه صحيحا
راجحا بما عنده من علم، وهذا الذي نسميه الاتباع وينكره المذهبيون
يقرون به في خصوص المذهب، حين يفتون (بعضهم) بجواز الاختيار بين
أوجه الأصحاب والأقوال في المذهب الواحد إذا تعارضت أدلة الأقوال
والأوجه، وهذا الاختيار الذي يجيزونه للمقلد يجيزونه على غير أصل،
فأي الفريقين أحق بالأمن؟؟؟
لم تثبت لي حتى الآن أو لم يثبت حتى الآن لا البوطي ولا غيره أن
اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة؟؟؟
هل استطاعت المذاهب بحواشيها ومتونها ومدارسها أن تقاوم الزحف
العلماني بقوانينه؟؟؟
لم ترفع الشريعة راسها في عالم القوانين إلا عندما ذهب الشيخ
محمد أبو زهرة وتحدث عن نظام الملكية في الإسلام واستعرض المذاهب
الإسلامية وأدلتها وروح الشريعة الواسع في تناول القضايا المعاصرة
حتى خرج قرار باعتبار الشريعة الإسلامية مدرسة قانونية متميزة
تستطيع مواكبة العصر ... أين قبع المذهبيون؟؟؟
مشايخ الأزهر المذهبيون حينما اجتمعوا لمدارسة قانون الأحوال
الشخصية جعلوا المذهب الحنفي عمدتهم، ولكنهم حين أتت مسألة
طلاق البتة أفتوى وأقروا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية لأنهم علموا
أن الواقع لا يحتمل فتوى المذاهب الأربعة في الباب ...
وإذا كانت المذهبية هي الضمانة لحفظ الشريعة فلماذا ندرس
الموافقات ولماذا ندرس مسالك العلة وقوادح العلة وكلها في
مناطات الأدلة الشرعية والترجيح بين اختلافات العلماء فيها؟؟؟
إذا حظرنا مرتبة الاتباع فلا معنى لكل هذه العلوم، بل لا معنى
أن ندرس علوم الآلة إذا ... ويكون هذا المنتدى عن بكرة إبيه
سفسطة ونقاش عقيم لأننا نتحدث في قضايا لا يحق لنا التحدث فيها ...
اذهب إلى علي جمعة واسأله: هل أنت مجتهد، سيقول لك لا، طيب
هل أنت متبع، غالبا سيقول لك: لا، واسأله هل انت مقلد، سيقول
لك نعم ... قل له وقل لكل المذهبيين: يا ضيعة الأعمار ......
يا ضيعة الأعمار ...
نبيع فجل أحسن ...
ـ[الشافعي]ــــــــ[22 - 09 - 03, 03:27 م]ـ
أخي الكريم
الفرق بين التقليد والاتباع حقيقة مقررة في كتب العلماء قديماً وحديثاً
ولو أحببت الاطلاع على بيان ذلك عن أئمة المتقدمين فأحيلك على
كتاب جامع بيان العلم وفضله للإمام ابن عبد البر .... اقرأ فيه سرداً
وسينشرح صدرك بإذن الله تعالى لمعرفة الاتباع ومبيانته للتقليد.
والله تعالى أعلم.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[22 - 09 - 03, 10:14 م]ـ
كلام الشيخ رضا رصين دقيق وهذا وصف قليل في معنى كلامه الجميل.
ومن هذا قوله حفظه الله ((ومن هذه نعلم أخي الحبيب أن قضية المذهبية ليست مجرد قضية فقهية
أثرها في البحث الفقهي فقط، بل إنها قضية منهج حياة ترى غبها
ونتاجها في الحياة وفي تفاصيل الممارسة ... )).
___________________________________________
وأقوى ما يتمسك به متعصبة المذاهب قولهم:
(ان المذاهب الفقهيه قد توارد عليها علماء كثار كبار فقيدوا مطلقها وخصصوا عامها وبينوا المسائل الناسخة من المنسوخه وصارت عندهم اصول فقهيه وضوابط وقواعد تنضبط بها المسائل فصار قولهم اقوى من الجهة العقلية من قول فرد واختيار شخص).
وهذا كلام براق يسلب العيون بريقه , غير ان المتعمق في المذاهب الفقهيه المختلفة يجد ان هذا الكلام يعتريه الكثير من المبالغة.
فكم تواردوا على مسائل مرجوحة بينة الضعف وكم تواردوا على احاديث شديدة الضعف بل حاربوا لتقويتها تعصبا وميلا.
بل وكم تواردوا على فهم خاطئ لقول امام بل وتصحيف فاحش.
وقد بين شيئا من هذا التصحيف عند بعض الحنفيه ابن عابدين في اول رد المحتار.
وقد تركوا اصولهم كما بين الشيخ رضا وفزعوا الى المختصرات والحواشي والهوامش والتقريرات فمن من المالكية كما بين الشيخ يفزع الى المدونه بل الى العتبية ومن من الحنفيه يفزع الى مصنفات الامام محمد وغيره كما بين الشيخ رضا.
فالمتعمق في تاريخ المذاهب وتطورها يعلم زيف هذه العبارة او على الاقل ان فيها شيئا من الخطأ الكثير.
ولسنا ندعوا الى الاجتهاد المطلق بل ندعوا على الاقل الى مطلق الاجتهاد.
والكلام له ذيول ولعل له تتمة قادمة ان شاء الله.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 - 09 - 03, 08:16 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/196)
جزاك الله ربي خيرا شيخنا الكريم الفاضل صاحب الفضل عليّ / رضا صمدي ..... و أنا أقر بكل كلمة قلتها في مسألة التقليد و الاتباع، فالإنسان مجتهد و مقلد و برزخ بينهما، و لا أقول بأن الشخص إما مقلد صرف أو مجتهد صرف، فغن طالب العلم تنمو ملكته بدراسة الآلة شيئا فشيئا، فلزاما تتحول نظرته في الفروع أيضا شيئا فشيئا في خط مواز لخط اكتمال ملكته الاستقلالية، فلا أظن بطالب علم يأتي ليقول / إنه الآن مقلد صرف و لكني في اليوم الفلاني و في الساعة الفلانية سأكون مجتهدا لأنني في هذا اليوم و في هذه الساعة سأتحرر من التقيد بغيري .....
و بالنسبة للدكتور البوطي فأنا أقول بان كتابه مفيد في بابه، و لم أتعرض لشخص الرجل، لأن شخص الرجل فيه نظر بل أنظار، فأنا تابعت موقعه و فتاواه عدة أشهر، و استقرأت فتاواه، فوجدته بالفعل يحابي الشيعة، فقد وجه إليه سؤال حولهم فقال ما معناه أن ما يقال عنهم من أنهم يسبون أبابكر و عمر ـ أو يكفرونهم لا أذكر ـ أنه غير صحيح بل مكذوب عليهم، ففزعت من عميان البصيرة بل و البصر بل و صمم الأذن، فتعجبت كيف بلغ به الأمر ألا يرى في الشيعة ذلك و هم يعلنونه أمام العالم أجمع، و هو متواتر عنهم و لا وجه لإنكاره، ثم هو يرد على السلفية بكتابه (السلفية فترة زمنية مباركة و ليست مذهبا إسلاميا) و يأتي في الكتاب بأدق دقائقهم، و هل السلفية في نظره ـ كمجموعة مقهورة مضطهدة من كلاب الأرض الأنجاس ـ أخطر من الشيعة الدول و الحكومات!!!!!!
ثم إني وجدته قد تألم من الفرقة التي وقع فيها المسلمون، فوجدته قد ميّع الأمور كلها بدعوى عدم الفرقة بين المسلمين، فكان على طريقة الدكتور < شديد > (و ماله يابني ماجراش حاجة كله ماشي) فيثني على كل الفرق و الفكار و يرى أن وجودها لا يسبب الفرقة بين المسلمين، إلا فرقة واحدة هي عنده أخطر الفرق ألا و هي السلفية، فهي الفرقة الوحيدة في الأمة التي تسبب التنازع و التفرق بين المسلمين ...... ثم وجدت له أمرا عجيبا على موقعه في حديث افتراق الأمة على ثلاث و سبعين فرقة، فقد فسر الأمة بأنها الأمة البشرية و ليست الإسلامية .... فما وجدت شعورا إلا الشفقة عليه ......
و لكن شيخنا أنا أقصد اللامذهبية التي لا نستطيع واقعا أن ننكرها، ففضيلتكم قد ذكرتم أن طالب العلم لا يخلو من القدرة والترجيح و الاجتهاد و إن كان نسبيا، و له الاجتهاد بقدر ما وهبه الله تعالى من القدرة، ولكن الواقع أعم من ذلك فأجد أناسا قد ارتدوا الشماغ الأبيض و القيص الذي هو إلى نصف الساق ـ جميل ـ و لكن تتكلم معه في الفقه تجد مقلدا صرفا و تجده يتفصلح عليك غن أخبرته بحكم مسألة و يقول (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) أو (إئتني بدليلك من القرءان أو السنة و إلا فاسكت) و تجد نفسك أمام معضلة لأنك إن أردت تفهمه الدليل فأخف الأمرين أنه لا يفهم و يسكت، هذا إن لم يتهمك بأنك متكلم و مجادل، كما أخبرني أحدهم من قبل
أقسم بالله العظيم يا شيخ ... كنت مرة في مسجد العزير بالله، قبيل وفاة الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في إحدى خطب الحويني ـ حفظه الله ورعاه ـ و كنت أقف بجوار بعض الإخوة و كانوا يتكلون و في أيديهم مجلة التوحيد، و إذا بأحدهم يقول ما معناه (نحن يترجح لنا أن نسمع و نأخذ من الشيخ الحويني أكثر مما يترجح من الألباني، لأن الشيخ أبي إسحاق يقول بوجوب النقاب و الألباني لا يقول بوجوبه)
أرأيت ضعف العقل يا شيخنا، فهؤلاء هم الذين أقصدهم، و لا أظنك شيخنا تنكر و جودهم، بل كثرتهم في وسط الشباب السلفيين، بل قد اشتهر جهلهم بين العوام و أصبح العامي (يرسم) عليهم، لاطمئنانه من جانبهم، و هذا كله أقسم بالله يا شيخنا واقع و حدث أمامي، و أرجو شيخنا أن تجنب تماما ما حدث بيني و بين الإخوة فوالله لا دخل له البتة فيما أصوره لكم، و لا دخل أيضا لاختلافي معهم في أسلوب التلقي فلا جور بذلك و الحمد لله
شيخنا / ما قولكم في الدكتور (و هبة الزحيلي) و (ديب البغا) و (مصطفى الخن) و (الميداني ووالده ـ رحمه الله ـ) غير كونهم أشاعرة؟
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[01 - 10 - 03, 12:59 ص]ـ
أخي الحبيب محمد ...
أولا سامحني على التأخر في الرد عليك هنا وفي الرسائل الخاصة لإلمام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/197)
الشواغل والصوارف الكثيرة ....
ثانيا: انشرح صدري لكلامكم وبدا أن المسألة (على الأقل) تحتمل
الأخذ والرد، وأن القراءة المبدئية لأي كتاب لا ينبغي أن تستدعي
استحسانا فوريا، فهذه ليست طريقة المتمكنين، وفي نفس الوقت
فإن أي كتاب ليس بالضرورة شر كله، بل قد يحوي من الخير ومن الشر
والعبرة بالغالب ...
ثالثا: ما ترويه يا أخي الحبيب عن بعض الأخوة من المنتسبين للصحوة
ليس حجة عليها، وليس سمة أو ظاهرة نستدعيها لنحاكم الصحوة بها،
فهذه تصرفات فردية، ودع عنك لمز العوام لشباب الصحوة، فوالذي
رفع السموات بغير عمد لن تجد أطهر من شباب الصحوة قلوبا، وقد يمر
الإنسان ببعض التجارب مع بعض المقربين فيرى منهم ما لا يسر وما لم
يظن أن يراه منهم ن فيسوء ظنه فيهم، ولكنه لو قارنهم بغيرهم لوجد
أولئك هم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم ...
كثير من شباب الصحوة لا يصنفون من طلبة العلم أصلا، فكيف تؤاخذهم
وتؤاخذنا بل وتؤاخذ المنهج السلفي أو الصحوة كلها بأقوال لبعض
الشباب المتحمس المتعصب لهذا الشيخ أو ذاك ...
وحتى لو كان ما تقوله واقعا وظاهرة منتشرة فهي أدعى أن نصحلها
بالصحيح من المنهج لا أن نستدعي مناهج أثبت الدليل والتاريخ فشلها
ظنا منا أن تركها هو سببب التأخر، فهذا هو الاستقراء الناقص
لأسباب المشكلة أخي الكريم ...
صفوة القول. قضية الاجتهاد والتقليد فيها محكمات وفيها متشابهات،
والمحكم الذي يجب أن يجمع عليه كل المسلمون أنه لا يجب تقليد مذهب
من المذاهب، ومن قال ذلك فقد افترى على دين الإسلام وحسابه
على الله ... ومن المحكمات أن من جهل الدليل والنص أعوزه السؤال
ووجب عليه الاستفتاء ممن يظن علمه وتقواه ...
ومن المحكمات أن من استطاع فهم الدليل ووصل إليه وتبين الحق فيه
لزمه القول والعمل به ولا يجوز له بحال أن يدعه لقول احد من
البشر كائنا من كان ... (أعني غير النبي صلىالله عليه وسلم) ..
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى .. والشكر موصول للمتمسك بالحق
ـ[أبو يونس]ــــــــ[03 - 04 - 08, 03:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أبدأ بسم الله وأقول معقبا في الموضوع ومعلقا على قول أخينا محب الشانقطة فأقول:
الناس في طلب الحكم الشرعي وإدراكه مختلفون، وهم في ذلك طرفان ووسط:
- طرف أوجب التقليد على كل الناس، وان باب الاجتهاد قد أقفل.
- وقسم منهم يرى وجوب الاجتهاد على كل شخص، وقالوا بتحريم التقليد.
- أما الوسط فقالوا: ليس الناس سواء في المنزلة العلمية، والفهم، فالاجتهاد ليس عاما، ولا التقليد كذلك، ولكن كلٌّ حسب إدراكه وعلمه؛ ثم ّ هؤلاء اختلفوا، فقال بعضهم: الناس قسمان؛ مجتهدون ومقلدون، ولا وسط بينهم.
- وقال الآخرون: الناس ثلاثة أقسام: مجتهدون،ومقلدون، ومتّبعون: وهم في منزلة أدنى من المجتهدين، ولكنها فوق المقلدين؛ فالناس حسب هذا التقسيم تتفاوت في العلم والإدراك والفهم، وطالب العلم إن ألحق بالمقلدين ظُلم لأنه جُعل مع العوام، وإن ألحقناه بالمجتهدين ظلمناهم،وظلمناه هو لأننا جعلناه من العلماء؛فثبتت له منزلة الاتِّباع والتي عسر على من عاش حياته مقلدا،في مجتمع تعصب للمذهب أن يقبلها وهنا الفت انتباه أخينا محب الشناقطة عندما تكلم عن الشاطبي و انقل له هنا ما قال الشاطبي في كتابه الاعتصام 2/ 343،342، فانظر الى ما قال الشاطبي متكلما عن الشريعة:" المكلف بأحكامها لا يخلو من أحد أمور ثلاثة: احدها أن يكون مجتهدا فيها فحكمه ما أداه إليه اجتهاده فيها .. والثاني أن يكون مقلدا صرفا خليّا من العلم الحاكم جملة فلابد له من قائد يقوده، وحاكم يحكم عليه، وعالم يقتدي به .. والثالث أن يكون غير بالغ مبلغ المجتهدين لكنه يفهم الدليل وموقعه ويصلح فهمه للترجيح بالمرجحات المعتبرة فيه تحقيق المناط ونحوه ". (وقد قال بذلك ابن القيم في اعلام الموقعين وغيره من المحقيقين وأنظر اذا شئيت القول السديد في أدلة الاجتهاد والتقليد لابي النصر علي حسن خان:6) نسأل الله العلي العظيم ان يهدينا صراطه المستقيم وان يجعلنا من المتمسكين والعملين بسنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم والحمدلله رب العالمين.
أخوكم أبو يونس من ليبيا
ـ[ابو سلمى]ــــــــ[13 - 05 - 09, 07:32 ص]ـ
نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم
وقد نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة فقال الشافعي: "مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري" ذكره البيهقي.
وقال إسماعيل بن يحيى المزني في أول مختصره: اختصرت هذا من علم الشافعي ومن معنى قوله لأقربه على من أراده مع إعلاميه نهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: "لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعي بعد الرجل فيه مخير".
وقد فرق أحمد بين التقليد والاتباع فقال أبو داود: سمعته يقول: "الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد في التابعين مخير" وقال أيضا: "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي وخذ من حيث أخذوا" وقال: "من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال".
وقال بشر بن الوليد: قال أبو يوسف: "لا يحل لأحد ان يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا".
وقد صرح مالك بأن من ترك قول عمر بن الخطاب لقول إبراهيم النخعي أنه يستتاب فكيف بمن ترك قول الله ورسوله لقول من هو دون إبراهيم أو مثله.
وقال جعفر الفريابي: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني الهيثم بن جميل قال: قلت لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله إن عندنا قوما وضعوا كتبا يقول أحدهم ثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب بكذا وكذا وفلان عن إبراهيم بكذا ويأخذ بقول إبراهيم قال مالك: وصح عندهم قول عمر قلت: إنما هي رواية كما صح عندهم قول إبراهيم فقال مالك: هؤلاء يستتابون والله أعلم.
المصدر: أعلام الموقعين عن رب العالمين
لتحميل الكتاب إضغط هنا
( http://www.almeshkat.net/books/archive/books/e3lam_m1.zip)(105/198)
منقول: في الاجتهادواختلاف أقوال المجتهد الواحدللإمام الشَّرِيف التِّلِمْسَانِيّ
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[27 - 09 - 03, 04:22 ص]ـ
منقول منقول منقول:
تقييد نفيس في الاجتهاد
واختلاف أقوال المجتهد الواحد
للإمام المجتهد الفقيه الأصولي
أبي عبد الله محمَّد بن أحمد، الشَّرِيف التِّلِمْسَانِيّ
صاحب "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول"
نقلتُه من ترجمته في نيل الابتهاج للتنبكتي ص 441 - 445
سُئل رحمه الله في غرناطة: عن قول الإمام المرجوع عنه، وما نقل أهل المذهب عنه في مسألة واحدة قولين مختلفين وثلاثة، يقولون: وقع له في المدونة كذا، وفي الموازية كذا، ويعتقدونها خلافاً، فيفتون بها من غير تعيين للمتأخر منها [الذي] يجب الأخذ به، من المتقدِّم الذي يترك مع التقليد لصاحبها، وهو واحد، مع اتفاق أهل الأصول على أنه إذا صدر القولان عن عالمٍ لم يعلم المتأخر منهما لا يؤخذ بواحدٍ منهما؛ لاحتمال كون المأخوذ المرجوع عنه، فصارا كدليلين نسخ أحدهما فلم يعلم بعينه، لا يعمل بمقتضى واحدٍ منهما، وأما المجتهد فيأخذ برأيه من حيث اجتهاده.
وقد وقعت هذه عندنا، وتردد النظر فيها أياماً، فلم يوقف إلا أن الضرورة داعية إلى ذلك، وإلا ذهب معظم فقه مالك.
ومستند الأخذ مع الضرورة أن مالكاً لم يقل بالأول إلا بدليل، وإن رجع عنه فيأخذ به من حيث الدليل.
وأيضاً غالب أقواله قال بها أصحابه، فيعمل بها من حيث اجتهادهم.
وأيضاً فجميع المصنفين سطروا هذه الأقوال وأفتوا بها من غير تعرض لهذا الإشكال، فبعيد اجتماعهم على الخطأ، هذا ما ظهر لنا.
وقد أجاب القرافي عن هذا الأخير في شرح التنقيح بما في علمهم.
فأجاب رحمه الله:
اعلموا أن المجتهد: إما مطلقٌ، وهو من اطَّلع على قواعد الشرع، وأحاط بمداركها ووجوه النظر فيها، فهو يبحث عن حكم نازلةٍ بنظره في دلالتها على المطلوب، فينظر في معارض السند والتخصيص والتقييد والترجيح وغيرها، إن لم يعلم المتأخر، فيعمل بالراجح أو الناسخ حيث ظهر، ويصير المتقدم لغواً كأنه لم يذكر البتة، هذا نظره.
وإما مجتهد في مذهب معين، وهو من اطَّلع على قواعد إمامه، وأحاط بأصوله ومآخذه، وعرَفَ وجوه النظر فيها، ونسبته إليها كالمجتهد المطلق في قواعد الشريعة، كابن القَاسِم وأشْهَب في المذهب، والمُزَنِي وابن سُرَيْج في مذهب الشافعي، وقد كان ابن القاسم وأشهب والشافعي قرؤوا على مالك، فأما الشافعي فترقى للاجتهاد المطلق، فكان ينظر في الأدلة مطلقاً بما أداه إليه اجتهاده، وابن القاسم فيقول: سمعتُ مالكاً يقول كذا، أو بلغني عنه كذا، وقال في كذا: كذا ومسألتُك مثلها، فهذه رتبة الاجتهاد المذهبي.
وقد قال في غصب المدونة في الغاصب والسارق يركبان المغصوبة أو المسروقة بعد حكايته قول مالك: "ولولا ما قاله مالك لجعلتُ على الغاصب والسارق كراء ركوبه إياها [1].
فأنت ترى شدة اتباعه لمالك وتقليده له.
وأما مخالفته له في بعض المسائل، كقوله: (يتعين ثلاث بنات لبون في مائة وإحدى وعشرين من الإبل)، كقول ابن شهاب، ومالكٌ يخيره في ذلك (أو حقتين)، وفيمن قال لعبده: أنت حر بتلاً وعليك مائة دينار، فقال مالك: (هو حر ويتبع بها)، وابن القاسم لا يتبعه بشيء كقول ابن المسيِّب، وفي الغرماء يدعون على الوصي التقاضي يحلِّفُهم مالك في القليل، وتوقف في الكثير، ويحلفهم ابن القاسم مطلقاً كقول ابن هُرْمُز، وغيرها، فيحتمل أنه رأى أن ما قاله هو في هذه المسائل هو الجاري على قواعد مالك، فلذا اختاره، فلم يخرج عن تقليده فيها، ويحتمل أنه اجتهد فيها مطلقاً بناء على جواز تجزئ الاجتهاد.
وأما أصبغ فقال: أخطأ ابن القاسم، لما رآه خالف فيها مالكاً، لما لأنه رآه خارجاً عن أصوله وصريح قوله.
وأما أشهب فالمحقِّقون على أنه مقلِّدٌ لمالك، غير مجتهد، وقوله في مسألة من حلف بعتق أمته أن لا يفعل كذا، فولدت بعد اليمين وقبل الحنث: لا يعتقون معها (قيل له: إن مالكاً قال: يعتقون معها، قال: وإن قاله مالك، فلسنا له بمماليك)، يقتضي اجتهاده، كما قال ابن رشد، خلاف ما قاله الجمهور أنه مقلد له.
فإذا تقرَّرَ هذا، فالقولان لمالك اللذان لم يعلم المتأخر منهما، ينظر مجتهد المذهب أيهما أجرى على قواعد إمامه، وتشهد له أصوله، فيرجِّحه ويفتي به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/199)
وإذا علم المتأخر من قولي الإمام فلا ينبغي اعتقاد أنهما كأقوال الشارع بحيث يلغى الأول البتة؛ لأن الشارع واضع ورافع، لا تابع، فإذا نسخ الأول رفع اعتباره أصلاً، وإمام المذهب لا واضع ولا رافع، بل هو في اجتهاده طالب حكم الشرع، متبعٌ لدليله في اعتقاده، وفي اعتقاده ثانياً أنه غالطٌ في اجتهاده الأول، ويجوِّز على نفسه في اجتهاده الثاني من الغلط ما اعتقده في اجتهاده الأول ما لم يرجع لنص قاطع، وكذلك مقلِّدوه يجوِّزون عليه في كلا اعتقاديه ما جوَّزَه هو على نفسه من غلطٍ ونسيان، فلذلك كان لمقلِّده اختيار أول قوليه إذا رآه أجرى على قواعده إن كان مجتهداً في مذهبه.
وإن كان مقلداً صرفاً تعين عليه العمل بآخر قوليه؛ لأغلبية إصابته على الظن.
فهذا سر الفرق بين صنفي الاجتهاد، وفصل القضية فيهما.
وحاصلُه أن أقوال الشارع إنشاء، وأقوال المجتهد إخبار، وبهذا يظهر غلط من اعتقد من الأصوليين أن حكم القول الثاني من المجتهد حكم الناسخ من قولي الشارع، ويظهر صحة ما ذكره ابن أبي جمرة في "إقليد التقليد" أن المجتهد إذا رجع عن قول أو شك فليس رجوعه عنه مما يبطله، ما لم يرجع لقاطع.
قال: لأنه رجع من اجتهاد لاجتهاد عند عدم النص، فيرجح أصحابه، فيأخذ بعضهم بالأول.
قال: وفي المدونة من ذلك مسائل، هذا كلامه.
ولم أر من اعترض عليه بأن من أخذ بالقول المرجوع عنه فإن ذلك لقوة مداركه عنده، لا أنه قلد مالكاً فيها، كما أشير إليه في السؤال.
وإنما لم يصب [2] لأنَّ نَظَرَ من أخذ بالقول الأول من أصحابه نظرٌ مقيَّد بقواعده، لا نظر مطلق كالمجتهد، فلذا كان مقلداً له لتمسكه بأصول مذهبه وقواعده، وإن خالف نص إمامه.
ففي العتبية في سماع عيسى فيمن قال لامرأته: أنت طالق إن كلمتني حتى تقولي: أحبك، فقالت: غفر الله لك إني أحبك، فقال: حانث؛ لقولها (غفر الله لك) قبل قولها: (أحبك)، وقد اختصمتُ أنا وابن كنانة لمالك فيمن قال: إن كلمتك حتى تفعلي كذا فأنت طالق، ثم قال لها نسقاً: فاذهبي، فقلتُ: حانث، وقال ابن كنانة: لا يحنث، فقضى لي مالك عليه، فمسألتك أبين من هذا، وصوَّب أصبغ قول ابن كنانة.
ولما تكلم ابنُ رشد على هذه المسائل وشبهها اختار قول ابن كنانة، ثم قال: يوجد في المذهب مسائل ليست على أصوله، تنحو لمذهب أهل العراق.
فأنتَ ترى ابن رشد اختار خلاف قول ابن القاسم، كما اختاره أصبغ، جرياً على أصل المذهب، ولم يبالوا بقضاء مالك لابن القاسم، لما رأوه خارجاً عن أصول مذهبه، حتى قال ابن رشد: إن في المذهب مسائل ليست على أصوله، أترى من خالف في تلك المسائل جرياً منه على قواعد المذهب ومداركه يعد شاقاً لإمام ذلك المذهب؟ كلا، بل هو أولى بالاتفاق وأحق بالتقليد.
وقولكم: اتفق أهل الأصول على عدم العمل بمقتضى القولين المتضادين اللذين لا يعلم المتأخر منهما.
فلا أعرف في كتبهم إلا في المقلد تفريعاً على أنَّ أحدهما مرجوع عنه.
قالوا: لا يعمل بواحد حتى يظهر المتأخر.
وقد قدمنا أن مجتهد المذهب لا ينظر في ترجيح أحدهما في ترجيح أحدهما فيعمل بما يوافق المذهب، كفعل المجتهد في أقوال الشارع.
وبيّنا أن قولي الإمام ليسا كنسبة الناسخ والمنسوخ بما لا مزيد عليه.
وقولكم: إن الضرورة داعية إلى العمل بمثل ذلك، وإلا بطل معظم الفقه.
قلنا: كان ماذا؟ وأين هذه الضرورة من وجوب التوقف في أقوال الشارع إذا لم يعلم المتأخر؟ إذ لا يعمل بواحدٍ منهما قبل التبين.
وقولكم في مستند الأخذ بها: إن مالكاً لم يقل بكلٍّ إلا بدليل، فلنأخذ به من حيث ذلك الدليل.
قلنا: لا يصح هذا المستند عند من يقول: إن القولين كدليلين نسخ أحدهما الآخر ولم يعلم الناسخ، ولا اعتبار للدليل مع نسخه.
نعم إنما يتم ذلك المستند على ما أصلناه من أن الشارع رافع وواضع، والإمام بانٍ على دليله وتابع.
وقولكم: إن غالب أقوال مالك أخذ بها أصحابه، فنعمل بها من حيث اجتهادهم، فأين هذا من قولكم أولاً: إنهم يعملون بها مع تقليد صاحبها؟!!
اللهم إلا أن يحقق بما ذكرنا من عمل أصحابه بأول أقواله، بناء على اعتقادهم جريه على قواعده وأصوله، فلم يزالوا في ذلك التقليد وإن اجتهدوا في المذهب.
وأما إن عملوا به بناء على الاجتهاد المطلق فقد بطلت وحدة الإمام، ولزم الخروج عن مذهبه.
وقولكم: إن الصنفين سطروا الأقوال .. إلى قولكم: بعيد أن يجمعوا على الخطأ.
فهو رد إجمالي، ما تبين فيه نكتة مستندها الإجماع السكوتي، وهي ما أشرنا إليه.
وأما جواب القرافي فضعيف عند التأمل، والله أعلم.
انتهت فتواه ملخصة، فتأملها مع ما فيها من التحقيق.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر المدونة الكبرى (14/ 358) ط. دار صادر.
[2] أي السائل.
منقول منقول منقول جزى الله كاتبه الاصلي(105/200)
ملخص القواعد الفقهية
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[30 - 09 - 03, 05:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه المادة عبارة عن ملخص لمنظومة القواعد الفقهية التي ألفها وشرحها فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله، وبالله التوفيق:
القاعدة الأولى: الدين جاء لسعادة البشر.
الدين كله جلبٌ للمصالح ودفعٌ للمفاسد. وهذه القاعدة هي القاعدة العامة في دين الله عز وجل.
القاعدة الثانية: لا ضرر ولا ضرار.
أن كل أمر نافع قد شرعه الإسلام، وكل أمر ضار قد منعه، فكل ضار فهو ممنوع، وكل نافع فهو مشروع.
الدليل على ذلك:
قول الله تعالى: ((وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)) [النساء:29].
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ".
القاعدة الثالثة: درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
إذا اجتمعت في الشيء المنافع والمضار وتساوت المنافع والمضار، فإنه يكون ممنوعاً من أجل درء المفسدة، وأما إذا ترجحت المنفعة فإنه يؤخذ بها وإذا ترجحت المفسدة فإنه يغلّب جانبها.
القاعدة الرابعة: أن التكاليف الدينية ميسرة.
أن التكاليف الدينية ميسرة من أصلها، وإذا طرأ عارض خففت هذه الخفيفة مرة ثانية ومرة ثالثة.
والدليل على ذلك قوله تعالى في الصوم ((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) [البقرة:184]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب ".
القاعدة الخامسة: كلما وجدت المشقة وجد التيسير.
هذه قاعدة شرعية ثابتة في الكتاب والسنة، والدليل على ذلك قوله تعالى: ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)) [الحج:78]، وقوله تعالى: ((يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)) [البقرة:185].
وأما من السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: " بعثت بالحنيفية السمحة ".
القاعدة السادسة: فاتقوا الله ما استطعتم.
وهي مأخوذة من قوله تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ".
فعلى الإنسان أن يفعل المأمور بقدر استطاعته، وأن يجتنب المحظور كله؛ لأن المحظور ترك ولا يعجز عنها الإنسان، وأما المأمور فهو فعل يحتاج تكلف وعناء فلهذا قيد بالاستطاعة ولم يقيد اجتناب النهي بذلك.
القاعدة السابعة: الشرع لا يلزم قبل العلم.
أن من شروط وجوب الشرائع أن يكون الإنسان عالماً بذلك، فإن لم يكن عالماً فإنه لا يلزمه.
والدليل على ذلك قوله تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) [الإسراء:15]، وقوله تعالى: ((رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) [النساء: 165]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته عندما رآه يصلي صلاة لا يطمئن فيها. فقال: " ارجع فصل فإنك لم تصل " ولكنه لم يأمره بإعادة الصلوات السابقة لأنه كان جاهلاً.
القاعدة الثامنة: الجاهل محل نظر.
أن كل من فرط في التعلم فلم يطلب العلم فيما انقدح في ذهنه أن هذا الشيء واجب، ويقول: هين ما دام ما علمت ويتساهل فهذا محل نظر، فهذا قد يقال أنه مفرط متهاون.
القاعدة التاسعة: المحرم يباح عند الضرورة.
أن المحرم يباح عند الضرورة، وفقاً لشرطين لابد منهما:
1 - صدق الضرورة إليه.
2 - أن تندفع ضرورته بفعله.
فإذا كان يمكن أن يدفع ضرورته من المباح فإنه لا يحل هذا المحرم، وكذلك إذا لم يتيقن اندفاع ضرورته، فإن هذا المحرم لا يحل.
والدليل على ذلك قوله تعالى: ((فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)) [الأنعام:119]، وقوله تعالى: ((فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) [المائدة:3].
استثناء: وما حرم سداً للذريعة فإنه يباح عند الحاجة وإن لم تكن ضرورة، والحاجة دون الضرورة.
القاعدة العاشرة: المكروه عند الحاجة يباح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/201)
المكروه دون المحرم لأن فاعله لا يستحق العقاب ولهذا تبيحه الحاجة، والحاجة التي يستغني عنها الإنسان وإن كان محتاجاً إليها.
مثل: الحركة اليسيرة في الصلاة لغير مصلحتها تباح إذا احتاج إليها.
القاعدة الحادية عشر: النهي يقتضي الفساد.
أن ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم من العبادات والمعاملات حكم بفساده؛ وذلك لأنك إذا فعلت ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد حاددت الله في حكمه؛ إذا أن ما نهى عنه يراد به البعد عنه واجتنابه، فإذا صححناه كان هذا إقراراً له ولممارسته.
القاعدة الثانية عشرة: كل نهي عاد للذوات.
كل نهي عاد لذوات المنهي عنه أو شرطه، فإنه يقتضي الفساد، وإن كان لأمر خارج لم يفسده.
القاعدة الثالثة عشرة: الأصل في الأشياء الحل.
الأصل في الأشياء عموماً – الأفعال والأعيان وكل شيء – الأصل فيه الحل، والدليل قوله تعالى: ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)) [البقرة:29]. وهذا عام في الأعيان والمنافع.
أما المعاملات فمثل قوله تعالى: ((وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)) [البقرة:275]، فأحل المبايعة، فالأصل فيها الحل وكذلك بقية العقود.
القاعدة الرابعة عشرة: الأصل في العبادات المنع.
العبادات الأصل فيها المنع إلا إذا أذن بها الشرع ودليل ذلك قوله تعالى: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)) [الشورى:21]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ".
القاعدة الخامسة عشرة: الرجوع للأصل عند الشك.
إذا وقع في الحكم شك، فإن الواجب الرجوع إلى الأصل، فإذا كان من غير العبادات قلنا: إنه حلال، لأن هذا هو الأصل، وإن كان في العبادات قلنا: إنه حرام، لأن هذا هو الأصل.
القاعدة السادسة عشرة: الأصل في الأمر والنهي على الحتم.
أن الأصل في الأمر والنهي على الحتم، فالأصل في الأمر أنه واجب، والأصل في النهي أنه حرام، إلا إذا قام الدليل على أن الأمر لغير الوجوب، وأن النهي لغير التحريم، فإنه يعمل بالدليل.
القاعدة السابعة عشرة: المندوب.
إذا رتب الفضل على عمل قولي أو فعلي فإنه يكون مندوبا، ً إذا لم يُقرن بأمر. فإن قرن بأمر، فعلى الأصل أن الأمر للوجوب.
والمندوب هو: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
القاعدة الثامنة عشرة: فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فعل بدون أمر فهو للندب إذا ظهر منه قصد التعبد به، إلا إذا كان فعله صلى الله عليه وسلم وقع بياناً لأمر أمر الله به فحكم ذلك الفعل حكم ذلك الأمر.
فإن كان الأمر المبين للوجوب كان ذلك الفعل واجباً، وإن كان ذلك الأمر للندب كان ذلك الفعل للندب.
القاعدة التاسعة عشرة: إذا تعارضت المصالح قدم الأعلى.
إذا تزاحمت المصالح يُقدم الأعلى، والعكس في المظالم، حيث إذا تزاحمت المفاسد فيقدم الأدنى.
القاعدة العشرون: إذا تعارض ضرران دفع أخفهما.
إذا وجد شيء فيه ضرر وأضر منه، فإننا ندفع ما ضرره أخف إذا كان لابد منه، وكذلك نأخذ بعالي الفاضلين ولا نخاف.
القاعدة الحادية والعشرون: إذا اجتمع مباح ومحظور، غلب المحظور.
إذا اجتمع مباح ومحظور، غلب جانب المحظور احتياطاً وذلك لأنه لا يمكن تجنب الحرام إلا باجتناب الكامل للحلال والحرام، ويدل على ذلك قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [المائدة:90] فحرم الله الخمر والميسر مع أن فيهما منافع للناس، لكن لما غلب جانب الشر منع.
القاعدة الثانية والعشرون: الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
الخمر محرم لأنه مسكر، فإذا وجد الإسكار وجد التحريم من أي نوع كانت مادته. وإذا عدم الإسكار عدم التحريم، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
القاعدة الثالثة والعشرون: الشيء إذا قدم على سببه أو على شرطه.
الشيء إذا قدم على سببه فإنه لاغٍ لأنه لم يثبت حتى يقدم، أما إذا قدم على شرطه فإنه معتبر.
والسبب: هو الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ومن عدمه عدم الحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/202)
والشرط: هو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزمه من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
القاعدة الرابعة والعشرون: الشيء لا يتم إلا أن تتم شروطه وتنتفي موانعه.
وهي من القواعد المعلومة بالتتبع، فإذا صلى الإنسان هو محدث فإن صلاته لا تصح لعدم وجود الشرط وهو الطهارة، وكذلك النفل المطلق إذا صلى في وقت النهي فإن صلاته لا تصح لوجود المانع.
القاعدة الخامسة والعشرون: الظن معتبر في العبادات.
الغالب أن المعتبر في العبادات الظن، وفي المعاملات ما في نفس الأمر.
في العبادات: لو أن رجلاً غلب على ظنه أنه طاف سبعة أشواط. يبني على هذا الظن وإذا قدر أنه لم يطف إلا ستة أشواط فإنه لا يلزمه شيء لأن هذه المعاملة بينه وبين ربه لأن الله تعالى محل العفو والسماح، وأما العبادات فيما يمكن تلافيه وتداركه، فإن عليه التصحيح، فلو أنه صلى وظن أنه على وضوء ثم تبين أنه لم يتوضأ فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.
في المعاملات: لو أن رجلاً باع شيئاً يظنه لغيره ثم تبين أنه له. قالوا: فالبيع صحيح لأن العبرة بما في نفس الأمر.
القاعدة السادسة والعشرون: الشك بعد الفراغ من العبادة لا يؤثر.
وإن شك شكاً مرجوحاً فهذا وهم لا يلتفت إليه لأنه لا أثر له، مثل الوسواس، والوسواس مرفوعا شرعاً لا أثر له.
القاعدة السابعة والعشرون: حديث النفس معفو عنه إلا إذا حصل عمل أو قول.
حديث النفس: هو ما حديث الإنسان به نفسه، فهو معفو عنه إلا إذا حصل عمل أو قوله، فإنه يعمل بمقتضى ذلك القول والعمل، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ".
القاعدة الثامنة والعشرون: الأمر للفور.
إذا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بشيء فإنه للفور، يعني يجب على الإنسان أن يفعله فوراً من حيث أن يوجد سبب الوجوب ويكون قادراً على ذلك.
القاعدة التاسعة والعشرون: فرض العين وفرض الكفاية.
فرض العين: هو ما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وكان يقصد منه أن يفعله كل واحد.
فرض كفاية: هو ما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وكان يقصد به الفعل دون الفاعل.
القاعدة الثلاثون: إذا ورد أمر بعد نهي فإنه للإباحة.
إذا جاء الأمر بعد النهي فأكثر الأصوليين يقولون إنه للإباحة ولا يعود إلى حكمه الأول الذي قبل النهي، لأن النهي ورد على الحكم الأول فنسخه ثم ورد الأمر به بعد النهي فصار للإباحة.
مثال ذلك قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [الجمعة: 9 - 10].
القاعدة الحادية والثلاثون: ورود العبادة على وجوه متنوعة.
إذا وردت العبادة على وجوه متنوعة، فالراجح أن نعمل بهذا تارة وبهذا تارة، لأن فيه فائدتين اثنتين:
1 - الإتيان بالسنة بوجهيها.
2 - حفظ الشرع بالعمل بالنوعين لأننا إذا نعمل بأحدهما نُسي وضاع الآخر.
القاعدة الثانية والثلاثون: لزوم السنة.
يجب على الإنسان أن يتبع سنة النبي عليه الصلاة والسلام، لقول الله تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) [الحشر:7]، ولقوله تعالى أيضاً: ((فَلْيَحْذَر الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [النور:63]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " ما نهيتكم فاجتنبوه وما أمرتكم فأتوا منه ما استطعتم "، والأخذ بقول وفعل الخلفاء الراشدين؛ لأن الراجح أن قولهم وفعلهم حجة.
القاعدة الثالثة والثلاثون: قول الصحابي.
الأقرب إلى الصواب أن الصحابة الفقهاء والمعروفين بالفقه والفتيا فهؤلاء قولهم حجة لأنه لاشك أن علمهم أغرز وأوسع، وأما من كان مجرد صحبة ولم يعرف بفقه ولا علم فإن قوله ليس بحجة.
ويشترط ليكون قول الصحابة حجة أن لا يخالف قول صحابي آخر مثله في الفقه والعلم، وأن لا يخالف نص من كتاب أو سنة.
القاعدة الرابعة والثلاثون: أدلة الأحكام الأربعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/203)
وهي أن حجة التكاليف التي تكون بها التكليف للعباد أربعة: وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس الصحيح. وهذه هي أدلة التكليف التي يكلف بها العبد فما ثبت بهذه الأدلة فإنه يعمل به.
القاعدة الخامسة والثلاثون: لكل عامل ما نوى.
العمل يشمل القول والفعل، بل ويشمل عمل القلوب وهو إرادته، وهذه القاعدة هي الحكم على الإنسان بنيته مستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "، ولهذا يقرن العلماء كثيراً من الأشياء بالنية حتى في باب المعاملات.
ومن أراد التحايل على محارم الله بما فعل فباب الحية مسدود عليه.
القاعدة السادسة والثلاثون: يحرم المضي فيما فسد.
العبادة إذا فسدت فإنه يحرم المضي فيها، بل يجب قطعها والتخلي عنها؛ لأن المضي فيها مع فسادها محادة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
القاعدة السابعة والثلاثون: جواز قطع النفل بعد الشروع فيه.
يجوز للإنسان أن يقطع النفل بعد الشروع فيه؛ لأن النفل لا يجب بالشروع فيه، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً على أهله فقال: " هل عندكم شيء؟ " فقالوا: نعم –حَيسٌ. قال: " أرينيه، فلقد أصبحت صائماً، فأكل "، ولكن مع القول بجواز قطع النفل، يكره أن يقطعه إلا لغرض صحيح.
القاعدة الثامنة والثلاثون: الإثم والضمان يسقطان بالجهل.
أن إثم المعصية وضمان المتلفِ يسقطان بالجهل والإكراه والنسيان، والدليل على ذلك قوله تعالى: ((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) [البقرة:286]، وقوله: ((وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)) [الأحزاب:5].
وفي الحديث: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ".
هذا إذا كان الإثم والضمان في حق الله فإنه يسقط، وأما إذا كان من حقوق الخلق فإنه لا يسقط ضمانها بالجهل والنسيان والإكراه.
القاعدة التاسعة والثلاثون: كل متلف فإنه مضمون على متلفه.
أن كل متلف فإنه مضمون على متلفه سواء كان ذلك يتعلق بحق الله عز وجل أو يتعلق بحق الآدميين ما لم يكن ذلك لدفع أذاه فإنه ليس بمضمون.
القاعدة الأربعون: الضمان بالمثل.
هذه القاعدة تبين كيفية الضمان، ويكون المثلي يضمن بمثله، أما ما لا يكون مثل له فإنه يضمن بالقيمة، أي: بما يساوي وقت الإتلاف.
القاعدة الحادية والأربعون: ما ترتب على المأذون فليس بمضمون.
وهي أن المتلف الذي يحصل مما قد أُذن فيه فليس بمضمون، وما يحصل من شيء لم يؤذن فيه فإنه مضمون، وفي هذه القاعدة يقول الفقهاء: ما ترتب على المأذون فليس بمضمون وما ترتب على غير المأذون فهو مضمون.
القاعدة الثانية والأربعون: ما على المحسن من سبيل.
يعني ليس عليه طريق يلام به لأنه محسن، والدليل على ذلك قوله تعالى: ((مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ)) [التوبة: 91]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس لعرق ظالم حق ".
القاعدة الثالثة والأربعون: أقسام العقود.
تنقسم العقود إلى قسمين:
1 - قسم معاوضة: مثل: البيع والإجارة، فيجب أن تحرر وأن تكون معلومة وأن تتم فيها الشروط المعروفة؛ لأن كل واحد من المتعارضين يريد أن يكون حقه قائماً، وإذا كان هناك جهالة صار ذلك سبباً للنزاع بين الناس.
2 - قسم تبرع: مثل: كالهبات والصدقات وما أشبهها فأمرها خفيف؛ لأن عقود التبرعات إن حصلت فمغنم، وإن لم تحصل فليس فيها مغرم ولذلك يسامح فيها بالجهل.
القاعدة الرابعة والأربعون: العرف.
وهذه القاعدة من القواعد المهمة، وهي أن ما جاء في الكتاب والسنة مطلقاً بغير تحديد؛ فإنه يرجع فيه إلى العرف.
والعرف هو: ما استقر في النفوس من جهة شهادات العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول، وينقسم إلى قسمان:
1 - عرف صحيح: وهو العادة التي لا تخالف نصاً من نصوص الكتاب والسنة، ولا تفوت مصلحة معتبرة ولا تجلب مفسدة راجحة.
2 - عرف فاسد: وهو العادة التي تكون على خلاف النص، أو فيها تفويت مصلحة معتبرة أو جلب مفسدة راجحة.
القاعدة الخامسة والأربعون: الأعراف المطردة كالمشروط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/204)
إذا جرت العادة بشيء معين فإنه يكون كالمشروط؛ لأن العرف المطرد كالشرط اللفظي، فيكون معمولاً به؛ ولأن الشرط العرفي المطرد كالشرط اللفظي له حكمه فيكون معتبراً.
القاعدة السادسة والأربعون: جميع العقود لابد أن تكون ممن يملكها.
لابد أن تكون جميع العقود من المالك، أي ممن يملك ذلك العقد.
القاعدة السابعة والأربعون: من لا يعتبر رضاه لا يعتبر عمله.
كل إنسان لا يعتبر رضاه بالشيء فإنه لا يعتبر علمه؛ لأنه إذا كان لا يعتبر رضاه فسوف يقع سواء علم أم لم يعلم رضي أم لم يرضى.
القاعدة الثامنة والأربعون: دعوى الفساد لا تقبل.
وهذه القاعدة من القواعد العامة، وهي إذا تنازع في صحة العقد، فادعى أحدهما صحة العقد وادعى الآخر فساده فإن دعوى الفساد لا تقبل.
القاعدة التاسعة والأربعون: كل ما ينكره الحس فلا تسمع دعواه.
وهي من القواعد العامة في الدعاوى أن كل ما ينكره الحس فلا تسمع الدعوى فيه، يعني القاضي لا يلتفت إلى دعوى المدعي في ذلك ولا يهتم به ولا يرفع به رأساً، وأما ما كان بعيداً ولكنه ممكن فإن الدعوى فيه تسمع، ثم ينظر لما يقتضيه الحكم فيما بعد من بينة أو نكول أو نحو ذلك.
القاعدة الخمسون: البينة على من ادعى.
وهي من القواعد التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وهي من ادعى شيئاً ممكناً فإنها لا تقبل دعواه إلا ببينه، والفرق بين سماع الدعوى وقبولها؛ أن عدم السماع يعني أن القاضي لا يلتفت إلى دعوى المدعي ولا يهتم به، وأما عدم القبول فمعناه: أن القاضي يسمع الدعوى وينظر فيها ثم يجريها على حسب القواعد.
القاعدة الحادية والخمسون: الأمين هو الذي حصلت العين بيده.
أن الأمين هو الذي حصلت العين بيده بإذن من الشارع كولي اليتيم أو من المالك كالوكيل والوصي والناظر إذا ادعي الرد، أي أنه رد العين إلى صاحبها فإنه يقبل قوله في الرد إلا إذا كان الحظ لنفسه.
القاعدة الثانية والخمسون: من ادعى التلف وهو أمين فدعوه مقبولة.
القاعدة الثالثة والخمسون: كل من يقبل قوله فإنه يحلف.
القاعدة الرابعة والخمسون: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.
مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك "، فيكون الأمر عليه، أي عليه الوزر وأنت لك الأجر؛ لأن بهذا تستقيم أموال الناس.
القاعدة الخامسة والخمسون: جواز أخذ من مال من منعه.
هذه القاعدة تستثنى من القاعدة السابقة، وهي ما استحقه الإنسان بسبب ظاهر فإن له أن يأخذ من مال من منعه سراً أو علناً، وذلك مثل الضيف: الضيف له حق على مضيفه، وإذا امتنع المضيف عن حق الضيف، فللضيف أن يأخذ من مال المضيف ما يكفيه بالمعروف؛ لأن هذا سببه ظاهر ولا تقع فيه الخيانة ولا العوض.
القاعدة السادسة والخمسون: الشيء قد يثبت تبعاً لغيره.
نص الفقهاء رحمهم الله على هذه القاعدة، فقالوا: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً .. وهذه مأخوذة من أمثلة جاء بها الشرع منها الحامل فإن بيع حملها مفرداً لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، لأكن لو بيعت وهو حامل صح البيع؛ لأنه كجزء من أجزائه.
القاعدة السابعة والخمسون: كل شرط يفسد العقد بالذكر يفسده بالنية.
ومثل الفقهاء لهذه القاعدة: بنكاح المحلل، فالنكاح هنا فاسد، وكذلك لو نوى بلا شرط فالنكاح فاسد.
ويستثنى من هذه القاعدة: إذا جهل قصد صاحبه فإن العقد ليس فاسداً من جانبه؛ لأنه أي صحاب من نوى بعقده المحرم لا يعلم عما أسره من النية الباطنة فأجرى العقد على ما قد ظهر؛ لأن الأحكام تجري في الدنيا على ظاهرها بخلاف الآخرة فإنها تجري على البواطن.
القاعدة الثامنة والخمسون: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل.
الدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط " فإذا اشترط شرح في عقد ولم يُحلل هذا الشرط حراماً أو يحرم حلالاً فهو صحيح، فإن شككنا في ذلك فالأصل الصحة حتى يقوم دليل على أن هذا الشرط مخالف للشرع.
القاعدة التاسعة والخمسون: كل مشغول ليس يشغل.
مثال هذه القاعدة: لو رهن الإنسان بيته لشخص ثم أراد أن يرهنه لشخص آخر فإنه لا يصح الرهن الثاني؛ لأننا لو صححنا الرهن الثاني لأسقطنا الرهن عن الأول.
القاعدة الستون: أن المبدل له حكم المبدل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/205)
مثال ذلك: التيمم بدلاً عن طهارة الماء فيجعل له حكمه فيما يستباح بالماء أي بطهارة أي بطهارة الماء.
القاعدة الحادية والستون: رُب مفضول يكون أفضل.
ربما يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، مثل: قراءة أفضل الذكر، وإذا أذن المؤذن وتابعه القارئ كانت متابعته أفضل من قراءة القرآن؛ لأن المتابعة حكم مقرون بسبب فإذا أخره عن سببه فاتت مشروعية.
القاعدة الثانية والستون: الاستدامة أقوى من الابتداء.
مثل: أن الطيب للمحرم تجوز استدامته ولا يجوز ابتداؤه. بمعنى أن المحرم إذا تطيب عند الإحرام وبقى على بدنه بعد الإحرام فإن ذلك جائز، ولو أرد أن يتطيب ابتداءً لم يجز.
القاعدة الثالثة والستون: الأصل بقاء ما كان على ما كان.
وهي أن كل ما كان معلوماً عدمه أو معلوماً وجوده فالأصل بقاؤه على ما قد علم أي: على ما كان عليه.
القاعدة الرابعة والستون: النفي للوجود ثم للصحة ثم للكمال.
وهي أنه نفي الشيء فالأصل في هذا النفي أنه نفي للوجود، فإن لم يكن بأن كان موجوداً فإنه يكون نفياً للصحة، فإن لم يكن بأن كان صحيحاً مع النفي للكمال فالنفي للكمال.
القاعدة الخامسة والستون: الأصل في القيود أنها للاحتراز.
مثل كشف التعليل كقوله تبارك وتعالى: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)) [النور:4] هذا القيد للمحصنات يحترز به من غير المحصنات، فلو قذف غير محصنه فإنه لا يترتب عليه هذا الحكم، وإنما يعزر لعدوانه فقط.
القاعدة السادسة والستون: إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن.
مثال ذلك: إذا شك في صلاته هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فقد تعذر عليه اليقين فيرجع إلى غلبة الظن بالتحري.
القاعدة السابعة والستون: القرعة.
وهي أن كل أمر يشتبه فيه ولا يتميز إلا بالقرعة فإنه يُقرع، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في آخر القواعد الفقهية قاعدة ((القرعة))، ودليل ذلك حديث أنس رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم: " كان إذا أرد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها " أما مع التمييز والترجيح فنأخذ بما ترجح وتميز بدون رفعة.
القاعدة الثامنة والستون: من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
إذا تعجل إنسان شيئاً على وجه محرم فإنه يمنع منه؛ لأنه لا يكون تمكينه له ذريعة لانتهاك المحرمات.
القاعدة التاسعة والستون: من سقطت عنه العقوبة لمانع ضوعف عليه الغرم.
إذا سقطت العقوبة لمانع فإنه يضاعف الغرم على فاعل المعصية، ونص على هذه القاعدة ابن رجب رحمه الله في القواعد الفقهية.
مثل: من سرق من غير حرز فإنه يضاعف عليه الغرم كما جاء في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وإنما يضاعف الغرم لأنه سرق من غير حرز فوجود المانع وهو كون المال غير محروز منع من القطع ".
القاعدة السبعون: ما أبين من الحي فهو كميتة ذلك الحي في الطهر والحل.
إذا كان هذا الحيوان تحل ميتته فإنه إذا قطع منه شيء كان حلالاً، والدليل على ذلك قول النبي: " ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت ".
القاعدة الحادية والسبعون: كان تأتي للدوام غالباً.
مثل إذا قلت: كان يفعل كذا، فهذا يدل على دوام فعله لهذا الشيء لكنه في الغالب. وقد تأتي لغير الدوام لقرينة، مثل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة سبح اسم ربك والغاشية، وفي حديث آخر كان يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة والمنافقين، فكان هنا ليست للدوام؛ لأنه لم يقرأ السور الأربع في جمعة واحدة.
القاعدة الثانية والسبعون: صيغ العموم.
الجمع المضاف والمفرد المضاف يكون للعموم، مثل قوله تعالى: ((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)) [النحل:18]، فإن ((نعمة)) مفرد مضاف فيعم كل نعمة ولهذا قال: لا تحصوها.
وكذلك أسماء الشروط وأسماء الموصول كلها للعموم، مثل قوله تعالى: ((وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) [الزمر:33] فأنت ترى أن ((الذي)) مفرد ولو أخذت بظاهر لفظه لم يكن عاماً لكنه اسم موصول فيكون للعموم، ولو كان مفرداً ولهذا جاء الخبر مجموعاً فقال: ((أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) وكذلك أسماء الشرط تعم كقوله تعالى: ((وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)) [الطلاق:11] هذا عام، ويعم كل من آمن وعمل صالحاً.
القاعدة الثالثة والسبعون: النكرة في الإثبات لا تكون للعموم.
النكرة إذا وردت في الإثبات لا تكون للعموم وإنما تكون مطلقة، مثل قوله تعالى: ((فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا)) [المجادلة:3] فرقبة هنا نكرة في سياق الإثبات فتكون مطلقة، والفرق بين الإطلاق والعموم أن الإطلاق عمومه بدلي، والعموم عمومه شمولي، بمعنى أن العام يشمل جميع أفراده وأما الإطلاق يشمل واحداً منها من غير قيد.
القاعدة الرابعة والسبعون: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
إذا ورد لفظ عام وسبب خاص فإنه يحمل على العموم لا يختص بالسبب، مثل قوله تعالى: ((الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ)) [المجادلة:2] فهذه عام وسببها خاص والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ما لم يكن السبب متصفاً بوصف يحال عليه الحكم فإنه يؤخذ بهذا الوصف.
القاعدة الخامسة والسبعون: العام يخصص بالخاص، والمطلق يقيد بالمقيد
العام يخصص بالخاص: يعني: إذا ورد نص عام ثم ورد نص آخر يخصص أي يخرج بعض أفراده منه وجب العمل بالدليلين.
والمطلق يقيد بالمقيد: يعني إذا ورد نص مطلق ونص مقيد فإن ذلك المطلق يقيده ما تقيد به.
تم بحمد لله الانتهاء من ملخص القواعد الفقهية.
إعداد
أبو حميد عبد الله بن حميد الفلاسي
عفا الله عنه وغفر له
3/شعبان/1424هـ - 29/ 9/2003م
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/206)
ـ[العسقلانية]ــــــــ[30 - 09 - 03, 05:52 ص]ـ
جهد طيب تشكر عليه أخي.
جزاك الله خيراً.
ونفعنا بكم.
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[30 - 09 - 03, 06:16 ص]ـ
وإياك أختي الكريمة
ـ[ابن الريان]ــــــــ[30 - 09 - 03, 10:29 ص]ـ
بارك الله فيك.
ومزيداً من الملخصات لطلاب العلم المبتدئين.
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[30 - 09 - 03, 04:31 م]ـ
وفيك بارك الله أخي الكريم
ـ[ hassoon] ــــــــ[30 - 09 - 03, 08:14 م]ـ
قل و دل
ما شاء الله
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[01 - 10 - 03, 12:43 ص]ـ
وإياك أخي الكريم
ونسأل الله الاخلاص والقبول
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[01 - 10 - 03, 12:44 ص]ـ
الموضوع على ملف ورد
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[09 - 10 - 03, 09:35 م]ـ
للرفع
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[11 - 10 - 03, 01:55 ص]ـ
اختيار موفق و انتقاء مفيد.
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[17 - 10 - 03, 11:16 م]ـ
وجزاك الله خيراً أخي الكريم على حسن القراءة والمشاركه
ـ[طالبة العلا]ــــــــ[24 - 03 - 10, 07:57 م]ـ
السلام عليكم
ما شاء الله جهد طيب مبارك- جزاكم الله خيرًا
سعدت جدًا بهذا التلخيص لمنظومة الشيخ ابن عثيمين
سيساعد في ترسيخ القواعد التي شملتها الأبيات
خاصة للمبتدئين أمثالي
--
هل مسموح لي نشرها بعد إذنكم؟
وبارك الله فيكم
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[25 - 03 - 10, 09:54 ص]ـ
بوركتم حفظكم الرحمن(105/207)
هل صحيح أن ((حكم الحاكم يرفع الخلاف)) مقصور على المعاملات فقط؟؟
ـ[ابوفيصل]ــــــــ[10 - 10 - 03, 03:33 م]ـ
؟؟
ـ[ابوفيصل]ــــــــ[29 - 11 - 03, 10:40 م]ـ
مر على الموضوع مايقارب الشهرين دون جواب:
ومازلنا ننتظر الجواب من الاخوة:
نسأل الله أن يفتح علينا وعليهم .... آمين ..
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[30 - 11 - 03, 01:41 ص]ـ
لا .. هذا غير مقصور على المعاملات،،
فقد قال الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (19/ 41) في مسألة الرؤية هل تلزم جميع البلاد أم لا ...
قال الشيخ - رحمه الله -: ولكن إذا كان البلد تحت حكمٍ واحدٍ، وأمر حاكم البلاد بالصوم، أو الفطر وجب امتثال أمره؛ لأن المسألة خلافية، وحكم الحاكم يرفع الخلاف. اهـ.
ومعذرةً على عدم الرد، لأني لم أطلع عليه إلا الآن.
* أرجو من الإخوة تزويدي بمراجع لهذه المسألة، لأني في طور الكتابة فيها، وقد جمعت فيها كلاماً لبعض أهل العلم.
ـ[جيل المستقبل حمود]ــــــــ[30 - 11 - 03, 08:04 ص]ـ
قاعدة (حكم الحاكم يرفع الخلاف):
المعنى الشائع لهذه القاعدة أن ولي الأمر (الحاكم) -سواء أريد به القاضي أو السلطان- إذا اختار أو تبنى رأياً من الآراء الاجتهادية في الشريعة ولو كان مرجوحاً يرتفع به النزاع بين الناس ويلزمهم العمل بالقول الذي اختاره وارتضاه، غير أنه ينبغي أن يعلم أن اختيار ولي الأمر لأحد الأمرين ليس على إطلاقه، فاختياره يرفع الخلاف فيما تجري فيه الدعاوى والخصومات فقط مما يجري بين الناس عادة، كالحقوق المالية والجنايات والحدود ونحوها.
ومثال ذلك قبول شهادة الفاسق فيها قولان، والرهن هل يلزم بالقبض أو بمجرد العقد؟ قولان فلو اختار ولي الأمر أحد القولين في هاتين المسألتين مثلاً ارتفع بقوله الخلاف ولزم الناس الأخذ بقوله فيما تنازعوا فيه، وهذا بخلاف ماله علاقة بالاعتقاد أو العبادات المحضة؛ كالطهارة والصلاة والصيام مثل: الشرب من مياه المجاري المنقاة والمعالجة، ومثل دعاء الاستفتاح في الصلاة، وعدد ركعات الوتر أو القنوت في النازلة، فلو اختار ولي الأمر أحد هذه الصيغ أو الأقوال، أو اختار تفسير آية أو معنى حديث على غيره فلا يرتفع باختياره الخلاف بين المختلفين، ولا يلزم الناس اتباعه فيما ذهب إليه وتبناه، ولا يصح له أن يجبرهم أن يأخذوا بقوله، لأن مثل هذه عبادات محضة لا يرفع الخلاف فيها حكم الحاكم أو اختياره أو تبنيه أحد القولين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (والأمة إذا تنازعت في معنى آية أو حديث، أو حكم خبري أو طلبي، لم يكن صحة أحد القولين وفساد الآخر ثابتاً بمجرد حكم حاكم، فإنه إنما ينفذ حكمه في الأمور المعينة –يعني ما تدخله الدعاوى والخصومات- دون العامة، ولو جاز هذا لجاز أن يحكم حاكم بأن قوله تعالى:"والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" [البقرة:228] هو الحيض والأطهار، ويكون هذا حكم يلزم جميع الناس قوله، أو يحكم بأن اللمس بقوله تعالى:"أو لامستم النساء" [النساء:43] هو الوطء والمباشرة فيما دونه، أو بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج أو الأب والسيد، وهذا لا يقوله أحد.
وكذلك الناس إذا تنازعوا في قوله تعالى:"الرحمن على العرش استوى" [طه:5]، فقال: هو استواؤه بنفسه وذاته فوق العرش، ومعنى الاستواء معلوم، ولكن كيفته مجهولة، وقال قوم: ليس فوق العرش رب ولا هناك شيء أصلاً، ولكن معنى الآية: أنه قدر على العرش ونحو ذلك لم يكن حكم الحاكم لصحة أحد القولين وفساد الآخر مما فيه فائدة.
ولو كان كذلك لكان من ينصر القول الآخر يحكم بصحته إذ يقول: وكذلك باب العبادات، مثل كون مس الذكر ينقض أو لا؟ وكون العصر يستحب تعجيلها أو تأخيرها، والفجر يَقْنُت فيه دائماً أو لا؟ أو يقنت عند النوازل ونحو ذلك) انتهى (مجموع الفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 3/ 238 - 239).
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[30 - 11 - 03, 06:06 م]ـ
الاصل فيه قصره على المعاملات وزاد المحققين من أهل العلم على المعاملات (كل مسألة وان كانت تعبدية يلحق المسلمين فيها ضرر او تقتضى المصلحة توحيد قول المسلمين فيها).
فأن حكم الحاكم فيها سواء كان ولى الامر - ان كان عالما - او المفتى او من وكل اليه الامر فان حكمه رافعا للخلاف في المسألة وان كانت من العبادات على الصورة المذكورة.
ـ[ابوفيصل]ــــــــ[07 - 12 - 03, 05:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
وبارك الله فيكما.
الأخ المستمسك بالحق لو تكرمتكم بذكر شيء من الأمثلة ....
شكرا لكم ومزيد من التفاعل ....
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[07 - 12 - 03, 06:00 م]ـ
اما قولنا الاصل فيه قصره على المعاملات فهذا واضح ومثاله مسألة خيار المجلس مثلا فيها كما هو معلوم قولين لاهل العلم القول الاول وهو الصحيح ثبوت الخيار وهو قول الشافعيه والحنابلة والقول الثاني عدم ثبوته وهو قول الحنفيه والمالكيه. وكان الحاكم يري ثبوته وانت ترى عدم ثبوته , فأنه لو حصل تنزاع بينك وبين احد الزمت بهذا القول.
ويجب عليك التزامه في تعاملاتك المالية.
ومثال اخر لو كنت ترى القول بعدم جواز التعزير بالمال وكان الحاكم يرى جوازه فأنك تلتزم هذا التعزير اذا عزرك الحاكم ولا يجوز لك التحايل لاسقاطه.
والقول بالتعزير صححه شيخ الاسلام واستدل عليه بحرق متاع الغال وغيره والصحيح ان لايقال بجوازه مطلقا لان الحكام لايحتاجون الى فتوى لسلب الناس اموالهم فكيف اذا اضفيت الشرعية على هذا السلب فيجوز التعزير اذا كان الحاكم صالحا اما اذا فسد الزمان كما هي الحال في هذه الايام فلا ينبغى اظهار القول بالجواز واشهاره.
- أما قولنا انه قد يلحق به التعبدات بالشروط التى ذكرنا فمثاله الجهر بالبسملة لو كنت ترى عدم صحة الجهر بها وهذا هو الصحيح , وكان الحاكم يرى الجهر بها , وحصل تنازع بين الناس وتفرق وجب عليك الجهر بها لان حكمه يرفع الخلاف الحاصل في العبادات.
أما لو كان الخلاف ليس له أثر ولا ضرر لم يجز الزام احد بقول مختلف فيه كقبض اليدين وبسطهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/208)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[07 - 12 - 03, 06:29 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
قال الأخ المحرر (* أرجو من الإخوة تزويدي بمراجع لهذه المسألة، لأني في طور الكتابة فيها، وقد جمعت فيها كلاماً لبعض أهل العلم.)
------------------------------------------------------------
قال الجصاص في أحكام القرآن
واختلفوا في حكم الحاكم بعقد أو فسخ عقد بشهادة شهود إذا علم المحكوم له أنهم شهود زور، فقال أبو حنيفة: " إذا حكم الحاكم ببينة بعقد أو فسخ عقد مما يصح أن يبتدأ فهو نافذ ويكون كعقد نافذ عقداه بينهما وإن كان الشهود شهود زور " وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: حكم الحاكم في الظاهر كهو في الباطن ". وقال أبو يوسف: فإن حكم بفرقة لم تحل للمرأة أن تتزوج ولا يقربها زوجها أيضا " قال أبو بكر: روي نحو قول أبي حنيفة عن علي وابن عمر والشعبي، ذكر أبو يوسف عن عمرو بن المقدام عن أبيه أن رجلا من الحي خطب امرأة وهو دونها في الحسب، فأبت أن تزوجه، فادعى أنه تزوجها وأقام شاهدين عند علي، فقالت: إني لم أتزوجه، قال: قد زوجك الشاهدان؛ فأمضى عليهما النكاح. قال أبو يوسف: وكتب إلي شعبة بن الحجاج يرويه عن زيد أن رجلين شهدا على رجل أنه طلق امرأته بزور، ففرق القاضي بينهما، ثم تزوجها أحد الشاهدين، قال الشعبي: ذلك جائز، وأما ابن عمر فإنه باع عبدا بالبراءة، فرفعه المشتري إلى عثمان، فقال عثمان: أتحلف بالله ما بعته وبه داء كتمته؟ فأبى أن يحلف؛ فرده عليه عثمان، فباعه من غيره بفضل كثير، فاستجاز ابن عمر بيع العبد مع علمه بأن باطن ذلك الحكم خلاف ظاهر، وأن عثمان لو علم منه مثل علم ابن عمر لما رده، فثبت بذلك أنه كان من مذهبه أن فسخ الحاكم العقد يوجب عوده إلى ملكه وإن كان في الباطن خلافه. ومما يدل على صحة قول أبي حنيفة في ذلك حديث ابن عباس في قصة هلال بن أمية ولعان النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، ثم قال: {إن جاءت به على صفة كيت وكيت فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به على صفة أخرى فهو لشريك ابن سحماء الذي رميت به فجاءت به على الصفة المكروهة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من الأيمان لكان لي ولها شأن} ولم تبطل الفرقة الواقعة بلعانهما مع علمه بكذب المرأة وصدق الزوج، فصار ذلك أصلا في أن العقود وفسخها متى حكم بها الحاكم مما لو ابتدأ أيضا بحكم الحاكم وقع، ويدل على ذلك أيضا أن الحاكم مأمور بإمضاء الحكم عند شهادة الشهود الذين ظاهرهم العدالة، ولو توقف عن إمضاء الحكم بما شهد به الشهود من عقد أو فسخ عقد لكان آثما تاركا لحكم الله تعالى؛ لأنه إنما كلف الظاهر ولم يكلف علم الباطن المغيب عند الله تعالى، وإذا مضى الحكم بالعقد صار ذلك كعقد مبتدأ بينهما. وكذلك إذا حكم بالفسخ صار كفسخ فيما بينهما؛ وإنما نفذ العقد والفسخ إذا تراضى المتعاقدان بحكم الله عز وجل بذلك، وكذلك حكم الحاكم. فإن قيل: فلو حكم بشهادة عبيد لم ينفذ حكمه إذا تبين مع كونه مأمورا بإمضاء الحكم به، قيل له: إنما لم ينفذ حكمه من قبل أن الرق معنى يصح ثبوته من طريق الحكم، وكذلك الشرك والحد في القذف، فجاز فسخ حكم الحاكم به بعد وقوعه؛ ألا ترى أنه يصح قيام البينة به والخصومة فيه عند الحاكم؟ فلذلك جاز أن لا ينفذ حكم الحاكم بشهادة هؤلاء، لوجود ما ذكرنا من المعاني التي يصح إثباتها، من طريق الحكم، وأما الفسق وجرح الشهادة من قبل أنهم شهود زور، فليس هو معنى يصح إثباته من طريق الحكم ولا تقبل فيه الخصومة، فلم ينفسخ ما أمضاه الحاكم، فإن ألزمنا على العقد وفسخه الحكم بملك مطلق ولم نبح له أخذه لم يلزمنا ذلك؛ لأن الحاكم عندنا إنما يحكم له بالتسليم لا بالملك؛ لأنه لو حكم بالملك لاحتيج إلى ذكر جهة الملك في شهادة الشهود، فلما اتفق الجميع على أنه تقبل شهادة الشهود من غير ذكر جهة الملك دل ذلك على أن المحكوم به هو التسليم، والحكم بالتسليم ليس بسبب لنقل الملك؛ فلذلك كان الشيء باقيا على ملك مالكه. وقوله: {لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} يدل على أن ذلك فيمن علم أنه أخذ ما ليس له، فأما من لم يعلم فجائز له أن يأخذه بحكم الحاكم له بالمال إذا قامت بينة، وهذا يدل على أن البينة إذا قامت بأن لأبيه الميت على هذا ألف درهم أو أن هذه الدار تركها الميت ميراثا، أنه جائز للوارث أن يدعي ذلك ويأخذه بحكم الحاكم له به وإن لم يعلم صحة ذلك؛ إذ هو غير عالم بأنه مبطل فيما يأخذه، والله تعالى إنما ذم العالم به إذا أخذه بقوله: {لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} ومما يدل على نفاذ حكم الحاكم بما وصفنا من العقود وفسخها، اتفاق الجميع على أن ما اختلف فيه الفقهاء إذا حكم الحاكم بأحد وجوه الاختلاف نفذ حكمه وقطع ما أمضاه تسويغ الاجتهاد في رده، ووسع المحكوم له أخذه ولم يسع المحكوم عليه منعه، وإن كان اعتقادهما خلافه، كنحو الشفعة بالجوار والنكاح بغير ولي ونحوهما من اختلاف الفقهاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/209)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[07 - 12 - 03, 06:36 م]ـ
وقال القرافي في الفروق
(الفرق السابع والسبعون بين قاعدة الخلاف يتقرر في مسائل الاجتهاد قبل حكم الحاكم وبين قاعدة مسائل الاجتهاد يبطل الخلاف فيها ويتعين قول واحد بعد حكم الحاكم)
وذلك القول هو ما حكم به الحاكم على الأوضاع الشرعية
اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء
فمن لا يرى وقف المشاع إذا حكم حاكم بصحة وقفه ثم رفعت الواقعة لمن كان يفتي ببطلانه نفذه وأمضاه ولا يحل له بعد ذلك أن يفتي ببطلانه
وكذلك إذا قال إن تزوجتك فأنت طالق فتزوجها وحكم حاكم بصحة هذا النكاح فالذي كان يرى لزوم الطلاق له ينفذ هذا النكاح ولا يحل له بعد ذلك أن يفتي بالطلاق هذا هو مذهب الجمهور وهو مذهب مالك
ولذلك وقع له في كتاب الزكاة وغيره أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يرد ولا ينقض
وأفتى مالك في الساعي إذا أخذ من الأربعين شاة لرجلين خليطين في الغنم شاة أنهما يقتسمانها بينهما ولا يختص بها من أخذت منه كما قاله الشافعي مع أنه يفتي إذا أخذها الساعي المالكي أنها تكون مظلمة ممن أخذت منه وعلل مالك ذلك بأنه حكم حاكم فأبطل ما كان يفتي به عند حكم الحاكم بخلاف ما يعتقده مالك ووقع له ذلك في عدة مسائل في العقود والفسوخ
وصلاة الجمعة إذا حكم الإمام فيها أنها لا تصلى إلا بإذن من الإمام وغير ذلك ووقع للشافعية في كتبهم عن بعض أصحابهم أن الحكم إذا رفع لمن لا يعتقده لا ينفذ ولا ينقضه ويتركه على حاله
والجمهور على التنفيذ لوجهين
وهما الفرق المقصود في هذا الموضع
أحدهما أنه لولا ذلك لما استقرت للحكام قاعدة ولبقيت الخصومات على حالها بعد الحكم وذلك يوجب دوام التشاجر والتنازع وانتشار الفساد ودوام العناد وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام وثانيهما وهو أجلهما أن الله تعالى جعل للحاكم أن ينشئ الحكم في مواضع الاجتهاد بحسب ما يقتضيه الدليل عنده أو عند إمامه الذي قلده فهو منشئ لحكم الإلزام فيما يلزم والإباحة فيما يباح كالقضاء بأن الموات الذي ذهب إحياؤه صار مباحا مطلقا كما كان قبل الإحياء والإنشاء والفرق بينه وبين المفتي بأن المفتي مخبر كالمترجم مع الحاكم والحاكم مع الله تعالى كنائب الحاكم معه يحكم بغير ما تقدم الحكم فيه من جهة مستنيبه بل ينشئ بحسب ما يقتضيه رأيه والمترجم لا يتعدى صورة ما وقع فينقله.
وقد بسطت هذا المعنى بشروطه وما يتعلق به في كتاب ((الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام وتصرف القاضي والإمام))
وهو كتاب جليل في هذا المعنى
وإذا كان معنى حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد إنشاء الحكم فهو مخبر عن الله تعالى بذلك الحكم والله تعالى قد جعل له أن ما حكم به فهو حكمه وهو كالنص الوارد من قبل الله تعالى في خصوص تلك الواقعة فيصير الحال إلى تعارض الخاص والعام فيقدم الخاص على العام على القاعدة في أصول الفقه
وتقريبه بالمثال أن مالكا رحمه الله تعالى دل الدليل عنده على أن تعليق الطلاق قبل الملك يلزم وهذا الدليل يشمل صورا لا نهاية لها فإذا رفعت صورة من تلك الصور إلى حاكم شافعي وحكم بصحة النكاح واستمرار العصمة وإبطال الطلاق المعلق كان حكم الشافعي نصا من الله تعالى ورد في خصوص تلك الصورة. ولو أن الله تعالى قال التعليق قبل الملك لازم وقال التعليق قبل الملك في حق هذه المرأة غير لازم والعصمة فيها تستمر لقلنا هذان نصان خاص وعام فنقدم الخاص على العام كما لو قال اقتلوا المشركين لا تقتلوا الرهبان فإنا نقتل المشركين ونترك الرهبان كذلك يقول مالك أعمل هذا الحكم في هذه الصورة فتبقى بقية الصور عندي لا يصح فيها التعليق قبل النكاح جمعا بين نصي الخاص والعام ومن فهم الفرق بين المفتي والحاكم وإن حكم الحاكم نص من الله تعالى خاص في تلك الصورة المعينة لم يسعه إلا ما قال مالك والجمهور ولكن لما كان الفرق بينهما خفيا جدا حتى إني لم أجد أحدا يحققه خالف في ذلك من خالف ولم يوجب تنفيذ أقضية الحكام في مواقع الخلاف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/210)
فهذا هو الفرق بين قاعدة الخلاف قبل الحكم وبين قاعدته بعد الحكم ومن أراد استيعابه فليقف على كتاب ((الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام)) فليس في ذلك الكتاب إلا هذا الفرق لكنه مبسوط في أربعين مسألة منوعة حتى صار المعنى في غاية الضبط والجلاء.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[07 - 12 - 03, 06:44 م]ـ
وقال القرافي في الفروق كذلك
(الفرق الرابع والعشرون والمائتان بين قاعدة الفتوى وقاعدة الحكم): وينبني على الفرق تمكين غيره من الحكم بغير ما قال في الفتيا في مواضع الخلاف بخلاف الحكم
اعلم أن العبادات كلها على الإطلاق لا يدخلها الحكم ألبتة بل الفتيا فقط
فكل ما وجد فيها من الإخبارات فهي فتيا فقط فليس لحاكم أن يحكم بأن هذه الصلاة صحيحة أو باطلة، ولا أن هذا الماء دون القلتين فيكون نجسا فيحرم على المالكي بعد ذلك استعماله بل ما يقال في ذلك إنما هو فتيا إن كانت مذهب السامع عمل بها، وإلا فله تركها، والعمل بمذهبه
، ويلحق بالعبادات أسبابها فإذا شهد بهلال رمضان شاهد واحد فأثبته حاكم شافعي، ونادى في المدينة بالصوم لا يلزم ذلك المالكي لأن ذلك فتيا لا حكم، وكذلك إذا قال حاكم قد ثبت عندي الدين يسقط الزكاة أو لا يسقطها أو ملك نصاب من الحلي المتخذ باستعمال المباح سبب وجوب الزكاة فيه أو أنه لا يوجب الزكاة أو غير ذلك من أسباب الأضاحي، والعقيقة، والكفارات، والنذور، ونحوها من العبادات المختلف فيها أو في أسبابها لا يلزم شيء من ذلك من لا يعتقده بل يتبع مذهبه في نفسه. ولا يلزمه قول ذلك القائل لا في عبادة، ولا في سببها ولا شرطها، ولا مانعها، وبهذا يظهر أن الإمام لو قال لا تقيموا الجمعة إلا بإذني لم يكن ذلك حكما، وإن كانت مسألة مختلفا فيها هل تفتقر الجمعة إلى إذن السلطان أم لا، وللناس أن يقيموا بغير إذن الإمام إلا أن يكون في ذلك صورة المشاقة، وخرق أبهة الولاية، وإظهار العناد والمخالفة فتمنع إقامتها بغير أمره لأجل ذلك لا لأنه موطن خلاف اتصل به حكم حاكم، وقد قاله بعض الفقهاء. وليس بصحيح بل حكم الحاكم إنما يؤثر إذا أنشأه في مسألة اجتهادية تتقارب فيها المدارك لأجل مصلحة دنيوية فاشتراطي قيد الإنشاء احتراز من حكمه في مواقع الإجماع فإن ذلك إخبار، وتنفيذ محض وفي مواقع الخلاف ينشئ حكما، وهو إلزام أحد القولين اللذين قيل بهما في المسألة، ويكون إنشاؤه إخبارا خاصا عن الله تعالى في تلك الصورة من ذلك الباب، وجعل الله تعالى إنشاءه في مواطن الخلاف نصا، ورد من قبله في خصوص تلك الصورة كما لو قضى في امرأة علق طلاقها قبل الملك بوقوع الطلاق فيتناول هذه الصورة الدليل الدال على عدم لزوم الطلاق عند الشافعي، وحكم المالكي بالنقض، ولزوم الطلاق نص خاص تختص به هذه المرأة المعينة، وهو نص من قبل الله تعالى فإن الله تعالى جعل ذلك للحاكم رفعا للخصومات والمشاجرات، وهذا النص الوارد من هذا الحاكم أخص من ذلك الدليل العام فيقدم عليه لأن القاعدة الأصولية أنه إذا تعارض الخاص والعام قدم الخاص على العام فلذلك لا يرجع الشافعي يفتي بمقتضى دليله العام الشامل لجملة هذه القاعدة في هذه الصورة منها لتناولها نص خاص بها مخرج لها عن مقتضى ذلك الدليل العام، ويفتي الشافعي بمقتضى دليله العام فيما عدا هذه الصورة من هذه القاعدة. وكذلك لو حكم الشافعي باستمرار الزوجية بينهما خرجت هذه الصورة عن دليل المالكي وأفتى فيه بلزوم النكاح ودوامه، وفي غيرها بلزوم الطلاق لأجل ما أنشأه الشافعي من الحكم تقديما للخاص على العام فهذا هو معنى الإنشاء وقولي في مسألة اجتهادية احتراز من مواقع الإجماع فإن الحكم هنالك ثابت بالإجماع فيتعذر فيه الإنشاء لتعينه وثبوته إجماعا، وقولي تتقارب مداركها احتراز من الخلاف الشاذ المبني على المدرك الضعيف فإنه لا يرفع الخلاف بل ينقض في نفسه إذا حكم بالفتوى المبنية على المدرك، وقولي لأجل مصالح الدنيا احتراز من العبادات كالفتوى بتحريم السباع، وطهارة الأواني وغير ذلك مما يكون اختلاف المجتهدين فيه لا للدنيا بل للآخرة بخلاف الاختلاف في العقود والأملاك والرهون والأوقاف ونحوها إنما ذلك لمصالح الدنيا، وبهذا يظهر أن الأحكام الشرعية قسمان منها ما يقبل حكم الحاكم مع الفتيا فيجمع الحكمان، ومنها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/211)
لا يقبل إلا الفتوى، ويظهر لك بهذا أيضا تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع هل هو من باب الفتوى أو من باب القضاء، والإنشاء، وأيضا يظهر أن إخبار الحاكم عن نصاب اختلف فيه أنه يوجب الزكاة فتوى، وأما أخذه للزكاة في مواطن الخلاف فحكم، وفتوى من جهة أنه تنازع بين الفقراء. والأغنياء في المال الذي هو مصلحة دنيوية، ولذلك أن تصرفات السعاة، والجباة في الزكاة أحكام لا ننقضها، وإن كانت الفتوى عندنا على خلافها، ويصير حينئذ مذهبنا، ويظهر بهذا التقرير أيضا سر قول الفقهاء إن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا ينقض، وأنه يرجع إلى القاعدة الأصولية، وتصير هذه الصورة مستثناة من تلك الأدلة العامة كاستثناء المصراة، والعرايا، والمساقاة، وغيرها من المستثنيات، ويظهر بهذا أيضا أن التقريرات من الحكام ليست أحكاما فتبقى الصورة قابلة لحكم جميع تلك الأقوال المنقولة فيها قال صاحب الجواهر ما قضى به من نقل الأملاك، وفسخ العقود فهو حكم فإن لم يفعل أكثر من تقرير الحادثة لما رفعت إليه كامرأة زوجت نفسها بغير إذن وليها فأقره وأجازه ثم عزل، وجاء قاض بعده قال عبد الملك ليس بحكم، ولغيره فسخه. وقال ابن القاسم هو حكم لأنه أمضاه، والإقرار عليه كالحكم بإجازته فلا ينقض، واختاره ابن محرز، وقال إنه حكم في حادثة باجتهاده، ولا فرق بين أن يكون حكمه فيه بإمضائه أو فسخه أما لو رفع إليه هذا النكاح فقال أنا لا أجيز هذا النكاح بغير ولي من غير أن يحكم بفسخ هذا النكاح بعينه فهذه فتوى، وليست بحكم أو رفع إليه حكم بشاهد ويمين فقال أنا لا أجيز الشاهد واليمين فهو فتوى ما لم يقع حكم على عين الحكم قال ولا أعلم في هذا الوجه خلافا قال وإن حكم بالاجتهاد فيما طريقه التحريم والتحليل، وليس بنقل ملك لأحد الخصمين إلى الآخر، ولا فصل خصومة بينهما، ولا إثبات عقد، ولا فسخه مثل رضاع كبير فيحكم بأنه رضاع محرم. ويفسخ النكاح لأجله فالفسخ حكم، والتحريم في المستقبل لا يثبت بحكمه بل هو معرض للاجتهاد أو رفعت إليه امرأة تزوجت في عدتها ففسخ نكاحها، وحرمها على زوجها ففسخه حكم دون تحريمها في المستقبل، وحكمه بنجاسة ماء أو طعام أو تحريم بيع أو نكاح أو إجارة فهو فتوى ليس حكما على التأبيد، وإنما يعتبر من ذلك ما شهده، وما حدث بعد ذلك فهو موكول لمن يأتي من الحكام والفقهاء فظهر أيضا من هذه الفتاوي، والمباحث أن الفتوى والحكم كلاهما إخبار عن حكم الله تعالى، ويجب على السامع اعتقادهما، وكلاهما يلزم المكلف من حيث الجملة لكن الفتوى إخبار عن الله تعالى في إلزام أو إباحة، والحكم إخبار معناه الإنشاء والإلزام من قبل الله تعالى وبيان ذلك بالتمثيل أن المفتي مع الله تعالى كالمترجم مع القاضي ينقل ما وجده عن القاضي، واستفاده منه بإشارة أو عبارة أو فعل أو تقرير أو ترك، والحاكم مع الله تعالى كنائب الحاكم ينشئ الأحكام، والإلزام بين الخصوم، وليس بناقل ذلك عن مستنيبه بل مستنيبه قال له أي شيء حكمت به على القواعد فقد جعلته حكمي فكلاهما موافق للقاضي، ومطيع له، وساع في تنفيذ مواده غير أن أحدهما ينشئ، والآخر ينقل نقلا محضا من غير اجتهاد له في الإنشاء كذلك المفتي، والحاكم كلاهما مطيع لله تعالى قابل لحكمه غير أن الحاكم منشئ، والمفتي مخبر محض، وقد، وضعت في هذا المقصد كتابا سميته الإحكام في الفتاوى والأحكام، وتصرف القاضي، والإمام، وفيه أربعون مسألة في هذا المعنى، وذكرت فيه نحو ثلاثين نوعا من تصرفات الحاكم ليس فيها حكم، ولنقتصر هنا على هذا القدر في هذا الفرق.(105/212)
هل هناك شرح للورقات في أصول الفقه؟
ـ[البلقيني]ــــــــ[17 - 10 - 03, 06:49 ص]ـ
هل هناك شرح للورقات في أصول الفقه على ملف وورد لأحد العلماء أو طلبة العلم المتمكنين؟ أتمنى أن أجد ذلك. وإذا لم يكن هناك شرح فيا حبذا أن يتكرم علينا مشايخنا الأفاضل بشر للورقات أو أي متن يختارونه.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[17 - 10 - 03, 10:25 ص]ـ
أخي الفاضل .. رزقني الله وإياك العلم النافع .. آمين.
بعد دراستي لهذا المتن (منثوراً ومنظوماً) بواسطة مجموعة من الشروح
المسجلة والمكتوبة أفضّل شرحان له وهما:
- شرح الشيخ / محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله، وهو شرح على
نظم العمريطي للورقات، وقد طبع هذا الشرح مؤخرا، وموجود كذلك
في مذكرات.
- الشرح الثاني: للشيخ الفاضل/ أحمد بن حميد سلمه الله. وهو
شرح على شرح جلال الدين المحلي لمتن الورقات (الأصل)
وشرح ابن حميد في غاية الروعة خاصة للمبتدئ في هذا العلم.
ودبّجه بمقدمة تزيد الطالب وعياً و بصيرة بهذا العلم الشريف.
دمتم بخير ...
تفضل حمل نسخة لك من هذا الشرح النفيس ...
وهي منقولة من موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمية، وفق الله
القائمين عليه لكل خير.
ـ[البلقيني]ــــــــ[17 - 10 - 03, 10:39 ص]ـ
أعظم الله لكم الأجر وأجزل لكم المثوبة
ـ[البلقيني]ــــــــ[17 - 10 - 03, 11:07 ص]ـ
أخي أبو حاتم وفقه الله لعل الشرح للشيخ عبد الله الفوزان حفظه الله ورعاه وليس للشيخ أحمد بن حميد وفقهم الله جميعا ولعلكم تفيدونني بذلك وجزاكم الله خيرا
ـ[البلقيني]ــــــــ[17 - 10 - 03, 11:11 ص]ـ
أعتذر لكم على ما ذكرت وقد راجعت الشرح في موقع جامع شيخ الإسلام ووجدت الأمر على ما ذكرتم
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[17 - 10 - 03, 11:28 ص]ـ
الحمد لله ....
((شرح الفوزان مطبوع قديما وعليه مقدمة لا بن حميد))
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[22 - 12 - 03, 09:25 ص]ـ
إذا كنت من أهل الدمام فإن هناك دورة في شرحها قريبا في جامع ابن خلدون(105/213)
هل مِن مسألةٍ أجمَعَ عليها المعاصرون؟
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[29 - 10 - 03, 01:18 ص]ـ
معلومٌ أن الإجماع ثالث أدلة التشريع، بعد الوحيين.
لكن أعياني أن أجد مثالاً لمسألة "معاصرة" نُقِل فيها إجماع ٌ لفقهاء العصر، فهل من مفيد، بارك الله فيكم.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[29 - 10 - 03, 02:09 ص]ـ
جعل الورق النقدي بمنزلة الذهب والفضة في الزكاة والربا ونحوها من الاحكام ..
وقد سمعت ان الشيخ مصطفى الزرقا كان لا يرى بذلك، ولعله قد تراجع، والعلم عند الله.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 10 - 03, 03:23 ص]ـ
اتفق العلماء المعاصرون أن لا يتفقوا على شيء!
لكن إذا أخذنا فقط كبار الفقهاء فربما نجد إجماع أو شبه إجماع على بعض المسائل مثل تحريم التدخين وتحريم المخدرات وتحريم الحشيش (طبعاً أتحدث على الفقهاء الكبار وإلا فهناك من أجاز الدخان والقات، نسأل الله السلامة).
ـ[فخر الدين]ــــــــ[29 - 10 - 03, 06:55 ص]ـ
ربما تكون من المسائل المجمع عليها مسألة الاستنساخ التام، ليس الاستنساخ الجزئي.
فأعتقد أن جميع العلماء على تحريمه.
وأما القات فالخلاف فيه قديم.
وكذلك الدخان، مع أني مع المحرمين.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[29 - 10 - 03, 09:28 م]ـ
جزيتم خيراً .....
أخي المطوع: الخلاف في طبيعة النقد، وتخريجه لا زال بين المعاصرين، وقد طبع كتاب: (الفتاوى الشرعية والعلمية والدينية، لعلماء الديار اليمنية)، طبع مكتبة الإرشاد، صنعاء.
وفيها بضعة فتاوى لواحدٍ منهم، يقال له "يحيى الدار"، وهو من قضاة القطر اليماني، يفتي بما يخالف قول جمهرة العلماء المعاصرين، ويذهب إلى أنها كالعروض، وعليه فلا ربا فيها عنده!
والمذكور قد أخرج رسالةً يقرر فيها قوله الشاذ هذا، عنونها بـ" كتاب تبرئة الصكوك من الربا في البنوك"، وفي طرّتها تقرأ: تأليف القاضي العلامة المجتهد يحيى يحيى علي الدار!.
وهي منشورة، لديّ منها نسخة.
وإن كنتُ أظنه زيدي المذهب
يتبع
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[29 - 10 - 03, 09:52 م]ـ
أخي الأمين: أما التدخين والقات فليس فيهما إجماع، ولا يزال الخلاف جارياً فيهما.
وأما المخدرات والحشيش فربما كان، وإن كنتُ لا أدري هل يتفق علماء أفغانستان على ذلك، أم لا!
هل وقفتم على نص لأحد المعاصرين يحكي إجماعاً فيهما، أو في أحدهما، لا زلتم مسددين.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[29 - 10 - 03, 10:00 م]ـ
أخي فخر الدين:
هل نص أحدٌ على إجماع المعاصرين على ذلك؟
بارك الله فيك
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[29 - 10 - 03, 10:57 م]ـ
فائدة
قال الشنقيطي في أضواء البيان الجزء الأول
الفرع الخامس: اختلف الناس في الأوراق المتعامل بها هل يمنع الربا بينها وبين النقدين نظرًا إلى أنها سند، وأن المبيع الفضة التي هي سند بها فيمنع بيعها ولو يدًا بيد مثلاً بمثل، ويمنع بيعها بالذهب أيضًا ولو يدًا بيد؛ لأنه صرف ذهب موجود أو فضة موجودة بالفضة غائبة، وإنما الموجود سند بها فقط فيمنع فيها لعدم المناجزة؛ بسبب عدم حضور أحد النقدين أو لا يمنع فيها شىء من ذلك؛ نظرًا إلى أنها بمثابة عروض التجارة فذهب كثير من المتأخرين إلى أنها كعروض التجارة، فيجوز الفضل والنساء بينها وبين الفضة والذهب، وممن أفتى بأنها كعروض التجارة العالم المشهور عليش المصري صاحب «النوازل»،
و «شرح مختصر خليل»، وتبعه في فتواه بذلك كثير من متأخري علماء المالكية.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي واللَّه تعالى? أعلم أنها ليست كعروض التجارة، وأنها سند بفضة وأن المبيع الفضة التي هي سند بها. ومن قرأ المكتوب عليها فهم صحة ذلك، وعليه فلا يجوز بيعها بذهب ولا فضة ولو يدًا بيد؛ لعدم المناجزة بسبب غيبة الفضة المدفوع سندها؛ لأنها ليست متمولة ولا منفعة في ذاتها أصلاً. فإن قيل لا فرق بين الأوراق وبين فلوس الحديد؛ لأن كلاً منهما ليس متمولاً في ذاته مع أنه رائج بحسب ما جعله له السلطان من المعاملة فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أنّا إذا حققنا أن الفلوس الحديدية الحالية لا منفعة فيها أصلاً، وأن حقيقتها سند بفضة، فما المانع من أن نمنع فيها الربا مع النقد، والنصوص صريحة في منعه بين النقدين، وليس هناك إجماع يمنع إجراء النصوص على ظواهرها بل مذهب مالك أن فلوس الحديد لا تجوز بأحد النقدين نسيئة، فسلم الدراهم في الفلوس كالعكس ممنوع عندهم.
وما ورد عن بعض العلماء مما يدلّ على أنه لا ربا بين النقدين وبين فلوس الحديد، فإنه محمول على أن ذلك الحديد الذي منه تلك الفلوس فيه منافع الحديد المعروفة المشار إليها بقوله تعالى?: {وَأَنزْلْنَا ?لْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَـ?فِعُ لِلنَّاسِ}، فلو جمعت تلك الفلوس وجعلت في النار لعمل منها ما يعمل من الحديد من الأشياء المنتفع بها، ولو كانت كفلوسنا الحالية على تسليم أنها لا منفعة فيها أصلاً، لما قالوا بالجواز؛ لأن ما هو سند لا شك أن المبيع فيه ما هو سند به لا نفس السند. ولذا لم يختلف الصدر الأول في أن المبيع في بيع الصكاك الذي ذكره مسلم في «الصحيح» وغيره أنه الرزق المكتوب فيها لا نفس الصكاك التي هي الأوراق التي هي سند بالأرزاق.
الثاني: أن هناك فرقًا بينهما في الجملة وهو أن الفلوس الحديدية لا يتعامل بها بالعرف الجاري قديمًا وحديثًا، إلا في المحقرات فلا يشترى بها شىء له بال بخلاف الأوراق، فدل على أنها أقرب للفضة من الفلوس.
الثالث: أنّا لو فرضنا أن كلاًّ من الأمرين محتمل فالنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، ويقول: «فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه»، ويقول: «والإثم ما حاك في النفس» الحديث. وقال الناظم
وذو احتياط في أمور الدين ** مَن فرَّ مِن شكٍ إلى يقين
وقد قدمنا مرارًا أن ما دل على التحريم مقدم على ما دل على الإباحة؛ لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام، ولا سيما تحريم الربا الذي صرح اللَّه تعالى? بأن مرتكبه محارب اللَّه. وثبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/214)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[29 - 10 - 03, 11:11 م]ـ
مسألة تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم في المسلسلات، وهناك قرار من رابطة العالم الإسلامي بذلك.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[30 - 10 - 03, 07:15 ص]ـ
أخي الشيخ عبدالرحمن، بارك الله فيكم:
هل وقفتم على من نص على الإجماع في مسألة التمثيل.
أما قرار المجمع فواضح، لكن هل ترى أن قرارات المجمع "إجماع"؟
"""""""""
قول الشنقيطي ـ رحمه الله ـ: (الذي يظهر لي واللَّه تعالى? أعلم أنها ليست كعروض التجارة، وأنها سند بفضة وأن المبيع الفضة التي هي سند بها) اهـ
هذا كان قديماً، أما الآن فلم تعد سنداً بفضة، فقد ألغي الغطاء الفضي والذهبي، وبقيت النقود الورقية "نقداً" بذاتها، كما هو معلوم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[30 - 10 - 03, 02:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا
أما ما ذكره الشيخ الشنقيطي فهو كما تفضلت أخي الكريم، ولكن أحببت الإفادة به سلمك الله
ومسألة تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم لاأظن أن أحدا من أهل العلم يقول بجوازها
وقد صدرت فتاوى متنوعة من جهات متعددة بتحريمها
فهناك مثلا فتوى اللجنة المختصة في مجلة الأزهر عام 1374 في تحريم تمثيل الأنبياء عليهم السلام
وفتوى لجنة الأزهر 1379
والفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية (4/ 1297) بعنوان عدم التعرض لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في الأفلام.
واشتهر هذا القول ولايعرف له مخالف
وينظر أبحاث هيئة كبار العلماء (3/ 291 - 332)
وقال الشيخ العلاّمة بكر بن عبدالله أبو زيد حفظه الله في كتابه (التمثيل ص 43)
(عاشرا: أجمع القائلون بالجواز المقيد، على تحريمه في حق أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة و السلام - وعلى تحريمه في حق أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وولده عليهم السلام، وفي حق الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم)) انتهى.
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[30 - 10 - 03, 05:29 م]ـ
ربما تصلح هذه المسألة:
* تحريم استئجار الأرحام:
فقد صدرت قرارات المجامع الفقهية بتحريمه، وحكى مفتى مصر السابق الدكتور أحمد الطيب إجماع المعاصرين على تحريم استئجار الأرحام، كما في هذا الرابط:
http://al-lewaa-al-islami.masrawy.com/19082003/157522news.htm
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[30 - 10 - 03, 06:55 م]ـ
بالنسبة للتدخين فقد ذكر أحد المشايخ أن الذين أجازوه إنما كان ذلك قبل أن يكتشف أضراره، وأما اليوم فالعلماء متفقون على تحريمه (أظنه يقصد كبار العلماء، وإلا فبعض خطباء المساجد وعملاء السلاطين يرونه حلالاً، وبعضهم يدخن كذلك!!)
وذكر لي أحد المشايخ أنه قد أقيم مؤتمر في إحدى الدول دعي إليه حوالي مئة عالم مجتهد من أنحاء العالم الإسلامي ومنهم القرضاوي، وخرج المؤتمر بإجماع منهم على تحريم التدخين بعض أن تحدث إليهم أطباء موثوقون عن أضراره. قال الشيخ: وهذا بمثابة الإجماع في عصرنا، إذ يستحيل أخذ رأي كل شيخ.
طبعا الخبر فيه طامة أن ذلك الشيخ يعتبر الدكتور القرضاوي عالماً يعتد به، والله المستعان.
أما بالنسبة للقات فقد ذكر أحد المشايخ وقد عاش في اليمن سنين طويلة، أنه على الرغم من أن عامة صغار المشيخة هناك يستحلون الحشيش، فإن العلماء المحترمين يحرمونه. وذكر أن الناس قد ضغطوا عليه كثيراً لإصدار فتوى تحليل فرفض وأصر على الرفض.
قلت: لا عبرة بالصغار ولا بالجهلة وإن طالت لحاهم.
أما بالنسبة للمخدرات فقد ذكر لي الشيخ أنه أثناء جهاده في أفغانستان أنهم كانوا يمرون في حقول مخدرات وحشيش فلا يمسونها لأن مشايخ الأفغان قد أفتوا للعوام هناك بجواز بيعه للكفار فقط.
وهناك في مصر (وربما في غيرها) من يستحل الحشيش، لكني لم أسمع بهذا عن أحد من العلماء الكبار. ومعلوم أن الإجماع لا يقبل إلا باجتماع أقوال المجتهدين الكبار، وليس العوام والجهلة وعلماء السلاطين المأجورين.
فبقي -على الأقل- تعاطي المخدرات والحشيش حرام بالإجماع.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[30 - 10 - 03, 11:09 م]ـ
جزيت خيراً أبا عمر، ورفع الله قدرك ..
الشيخ أبا خالد: مسألة تأجير الأرحام واضحة، لكن أفسدَ الكلام فيها اللغط المسيَّس الذي جرى حولها، ولعل هذا مثالٌ من أمثلةٍ كثيرة، تدل على أن التدخل السياسي سببٌ رئيس لانتكاسات أمة الملاحم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/215)
هذه من فتاوى الاستفزاز والابتزاز، التي يقوم بها بعض متفلسفة المعمَّمين بالوكالة عن جهات مشبوهة، استصدرت من الأزهر تحليل الفوائد اغتصاباً!
نشرت صحيفة الشرق الأوسط:
(القاهرة: عبد الوهاب الديب
اندلعت معركة فقهية ساخنة في مصر تحولت الى حرب منشورات بين علماء دين وازهريين بسبب فتوى لعميد كلية اصول الدين وعضو اللجنة الدينية د. عبد المعطي بيومي ـ عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وعضو اللجنة الدينية بالبرلمان المصري ـ تجيز تأجير الامهات لأرحامهن، وهاجمتها بشدة جبهة علماء الازهر، في حين دعا شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي مجمع البحوث الاسلامية الى عقد اجتماع طارئ ظهر اليوم، لتحديد الموقف الشرعي من تأجير الأرحام.
وقد اجاز الدكتور عبد المعطي بيومي قيام الأرامل والمطلقات بتأجير أرحامهن لزوجات أخريات لا يستطعن الانجاب، وأفتى بأن استئجار الرحم ليس نوعا من الزنى لأن الزنى بالمعنى الفقهي هو «وضع القلم في المحبرة»، وبالتالي لا ينطبق الاستئجار على مثل هذا التوصيف الفقهي لجريمة الزنى، ويدلل على ضرورة اجازة تأجير الأرحام الى وجود ضرورات تبيح هذه المحظورات وأن المطلقة أو الأرملة أو أية امرأة أخرى لن تؤجر رحمها إلا إذا كانت مضطرة.)
ثم من الطرائف: (ومن جانبه يرى البرلماني د. بيومي أن الرحم مجرد حافظ أو حاضن يغذي الجنين ويحفظه تماما مثل طفل الانابيب وأخذ بويضة من هنا وحيوان من هناك ووضعهما في رحم آخر يساعد على تكوين الجنين، ويمكن شرعا أن يدفع أجر للأم البديلة لأن هذه العملية تماما مثل المرضعة التي ترضع طفلا بالأجر. ويشير الى أن الشريعة تجيز الرضاع بأجر واذا تم قياس عملية الرحم البديل يكون متشابها ويكون الطفل والطفلة الشريكان في رحم واحد احدهما ابن صاحبة الرحم والآخر ابن امرأة أخرى مزروع في رحم الأم الأولى في نفس منزلة الاشقاء من الرضاعة.) اهـ
جريدة الشرق الأوسط (29/مارس/2001م)
فالقياس كالتالي: (كما يجوز تمليك منفعة الثدي، وما يفرزه من لبن ينبت اللحم وينشر العظم لدى الوليد زمن الرضاعة، فإنه يجوز قياس "الرحم" على "الثدي" فيما يفرزه من أمشاج، تنبت اللحم، وتنشز العظم لدى الجنين زمن الحمل؛ لأنه إذا جاز ذلك في الثدي فإنه يجوز في الرحم؛ إذ إن الثدي يعطي من دم المرضع وغذائها خلاصة أشد نقاء مما يعطيه الرحم.)!
كذا زعم، ومعلومٌ أن قضية تأثير الرحم على الجنين وراثياً، إن لم تكن مؤكدة، فهي ليست ممتنعة على الأقل حتى الآن.
هذا فضلاً عن مخاطر أخرى إجرائية تحفُّ بهذه العملية "الشاذة".
""""""""""
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[31 - 10 - 03, 10:31 ص]ـ
أخي الأمين .... جزاك الله خيراً على الإفادة، واللطائف.
وإن كنتُ أتحفظ على التعريض بأحد الدعاة المشهورين،،،
ممن له جهدٌ دعوي لا ينكر ...
وما منا إلا رادٌّ ومردودٌ عليه، و [سيقول لنا الناس غداً، ما نقوله في هؤلاء اليوم] ...
هذا رأيي على الأقل، حفظك الله ...
@ المخدرات: يبدو أنها تصلح مثالاً على إجماع المعاصرين، خصوصاً تلك الأنواع البالغة الأثر، كالإفيون والهيروين والحشيش، وإن كان الأخير معروفاً قديماً. فهذه يجد المسلم في قلبه ضرورة إلى القول بتحريمها، فتكون من الأمارات الدالة على الإجماع، وقد أشار إليها أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله ـ، أقصد ما تجده من ضرورة.
@ أما القات فإني لما نزلتُ صنعاءَ؛ ناقشتُ بعض علماء اليمن الأفاضل، ممن لا يتعاطاها، فلم يكن يقول بالتحريم، وإن هجرَ "المخزِّنين" و "مقيالهم"، لعدم تحقق مناط التحريم فيها لديه، وهذا بالطبع أمرٌ نسبي، وإن كان للوضع الاجتماعي أثره على نظر الفقيه. وعلى كلٍّ يصعب إثبات الإجماع فيها كما تفضلتم.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[05 - 04 - 04, 01:09 م]ـ
حكى د. الريسوني إجماع المعاصرين على اعتبار " المصالح المرسلة "، ثم سطر في الحاشية قوله: أوعلى الأقل كما قال الإمام أحمد: لا أعلم خلافاً ...
[نظرية المقاصد (347)]
ـ[عصام البشير]ــــــــ[05 - 04 - 04, 03:58 م]ـ
ما ذكره الدكتور الريسوني غير صحيح جزما.
والمخالفون في هذا العصر معروفون، إلا أن يقول إن خلافهم غير معتبر ..
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[05 - 04 - 04, 09:26 م]ـ
أخي الشيخ عصام: هل يمكن أن تعزو هذا إلى موضعه ـ جزاك الله خيراً ـ.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[05 - 04 - 04, 10:11 م]ـ
- كل الظاهرية المنتسبين إلى المذهب الظاهري.
- كل المحدثين المتفقهين الذين مذهبهم قريب من المذهب الظاهري.
- آخرون لهم مؤلفات، مثل الشيخ تقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير في كتابه (الشخصية الإسلامية)، والشويكي في كتابه (الواضح في إبطال المصالح)، وغيرهما.
فيصعب دعوى الإجماع مع هذا. لكنني أعلم أن الدكتور الريسوني لا يعتد بهؤلاء وفاقا ولا خلافا.
لكن لا شك أن جمهور الأصوليين المعاصرين على اعتبار المصلحة المرسلة.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/216)
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[06 - 04 - 04, 08:06 ص]ـ
رحمك الله، وزادك فقهاً وعلماً ... على الإفادة
كتاب: الواضح في إبطال المصالح، أين طبع، ومن مؤلفه؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[06 - 04 - 04, 12:01 م]ـ
أثابك الله
أنا الآن لست في مكتبتي.
سوف آتيك به فيما بعد إن شاء الله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[06 - 04 - 04, 02:05 م]ـ
أما كتاب الواضح في ابطال المصالح فهو للشويكي كما ذكر الاخ عصام وهو طبعة دار البيارق الشاميه والشويكي مقدسي كما يظهر في ثنايا كلامه.
وقد خبط في كتابه خبط عشواء فخلط بين التعليل في أفعال الله وبين القول بالمقاصد.
والردود التى ذكرها فيابطال المصالح باطله وقد عملت عليها تعليقات , وليس كتاب الرجل بالمبطل للمصالح بل انه لم يعرف المصالح على و جهها.
والكتاب بين يدي وهو في مغلف صغير نسأل الله ان يجزي مصنفه أجر على حسن مقصده.
والغريب انه يقول بقول الاشاعرة في التعليل من حيث لايشعر ان لم يكن منهم.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[06 - 04 - 04, 05:29 م]ـ
أحسنت أخي الشيخ زياد ...
وهكذا الظنُّ في كل من أنكر حجية المصالح في الشريعة؛ الظنُّ أنه لم يفقهها على وجهها، فلم يلتقِ المثبتون والنافون على محزٍّ.
فالجميع متفقٌ على نفي القول بالمصلحة بمجرد التشهي والتحكم، كما أنه لا يمكن أن ينفي أحدٌ من " المجتهدين " الراسخين العمل بالمصلحة المناسبة لتصرفات الشارع في أحكامه، هذا ما لا يمكن تصوره.
هذا ما سجلته في بحثٍ لي بهذا الصدد، وأيدته بالأمثلة من أقاويل الفرقاء. والله تعالى أعلم.
بالنسبة إلى دار البيارق فهي دارٌ جريئة، تنشر الكتب المسخوط عليها، وتشغب على السائد السياسي، فهذه حسنةٌ لها، لكن ربما كان ذلك على حساب الجودة العلمية.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[07 - 04 - 04, 12:08 م]ـ
من الكتابات فب هذا المجال:
- (المصالح المرسلة - دراسة تحليلية ومناقشة فقهية أصولية مع أمثلة تطبيقية) محمود عبد الكريم حسن.
وفيها: إنكار الاستدلال بالمصلحة المرسلة ونسبة هذا القول إلى: عطا أبو الرشتة (تيسير الوصول إلى علم الأصول) و د. محمد حسين عبد الله (الواضح في أصول الفقه). ولا علم لي بهذين.
مسألة:
- كلامنا في نفي الإجماع أو إثباته لا في أصل حجية المصالح المرسلة.
- هل يمكن دعوى الإجماع في هذه المسألة مع وجود هؤلاء المخالفين، ومع كون الخلاف فيها معروفا في كتب الأصوليين المتقدمين.
- هذه المسألة ليست من النوازل المستحدثة، فالخلاف فيها قديم. فقولك يا أخي: ((وهكذا الظنُّ في كل من أنكر حجية المصالح في الشريعة؛ الظنُّ أنه لم يفقهها على وجهها، فلم يلتقِ المثبتون والنافون على محزٍّ.
))
فيه نظر لا يخفى. فإن النفاة هم من الأئمة المتقدمين الكبار، من الظاهرية (ابن حزم - الشوكاني .. ) والشافعية (أكثرهم مع تحرير مذهب إمام الحرمين والغزالي لحصول نوع اضطراب عندهما) والحنابلة (المسودة لآل تيمية، وروضة الناظر إن لم تخني الذاكرة).
وقد اشتد نكيرهم على مالك لأخذه بالمصلحة، مع أنه من المستبعد أن يظنوا به - وهو الإمام المجمع على جلالته - أنه يأخذ بالهوى والتشهي.
فهم إذن لم ينكروا عليه إلا المصلحة المرسلة بشرائطها المعروفة عند الأصوليين.
ومن إحسان الظن بالأئمة أن يتريث قبل نبزهم بعدم تصور المسألة، وعدم فقهها على وجهها.
نعم، قال القرافي ما معناه (إن كل الأئمة يأخذون بالمصلحة عند التحقيق)، وقد أنكره عليه أبو زهرة في (أصول الفقه) فلينظر، فإنني أكتب بعيدا عن مكتبتي.
ومما ينبغي أن يعلم أن المعاصرين هم الذين أكثروا الاحتجاج بالمصالح، حتى أحيى بعضهم مذهب الطوفي - إن صحت نسبته إليه - وبنوا على المصالح القصور والعلالي. حتى أصبح من ينكر المصلحة المرسلة مخالفا لما يشبه الإجماع، مع أن له - عند التحقيق - سلفا أصيلا.
والله أعلم.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[08 - 04 - 04, 01:00 م]ـ
أخي الكريم عصام ـ أسعده الله بالعصمة من مساخطه ـ:
ـ لا إشكال في انخرام الإجماع بما تفضلت بالإشارة إليه، وأنا الآن لا أنفي الخلاف، بما أفدتني به ـ جزاك الله خيراً ـ.
ـ لكن: "منع" الخلاف شيء، و"توجيه" الخلاف شيءٌ آخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/217)
فإن منع الإجماع لا يعني أن نقف عن تحليل أقوال القبيلين، خصوصاً في مثل هذا الموضع، فإن من تأمل فتاوى المعاصرين من مشاهير الفقهاء؛ لا يتردد في الجزم بأخذهم بالمصلحة المناسبة لتصرفات الشارع، ولو لم يجدوا لها أصلاً خاصاً، وإنما يصرفون فتاويهم بما يُصلح أحوال الناس، وتجدهم يعبرون بقولهم (لا يصلح الناس إلا هذا).
ـ أما عند التنظير فيمكن أن يتمنع بعضهم من البوح بأصل المصالح، ولعله يخشى من تمادي السلاطين وفقهائهم في هذا الباب، بما يخرجهم عن مقتضى الشريعة، كفرض التعشير والتمكيس.
ـ أما قولك: بأن نفاة المصالح من الأئمة المتقدمين فهذا محل الدعوى، وأنا أدعي بأن المتقدمين لم يختلفوا في الأخذ بالمصالح المناسبة، ومن نفاها منهم فإنما قصد ما بعُد عما اعتبره الشارع، دون ما قرب، والأقرب أنهم متفقون على التفصيل، وهو الأخذ بالمصلحة المرسلة إذا كانت قريبة من معاني الأصول الثابتة, وهو المنسوب إلى الشافعي, فإنه مع أخذه بالمصلحة التي لا تستند إلى أصلٍ منصوصٍ أو مجمعٍ عليه, إلا أنه "لايستجيز النأيَ والبعدَ والإفراط, وإنما يسوِّغ تعليق الأحكام بمصالح يراها شبيهة بالمصالح المعتبرة وفاقاً, وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول, قارَّةٍ في الشريعة " البرهان, للجويني (2/ 721) ..
ومما قاله القرافي ـ كما تفضلتم ـ: " وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصةٌ بنا، وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذٍ في جميع المذاهب " شرح تنقيح الفصول، للقرافي (394)، وانظر: الذخيرة، له أيضاً (1/ 129).
وعليه فليحمل قول من منعها على المصالح [الغريبة]، التي لا يعلم إلغاؤها ولا اعتبارها بوجهٍ من الوجوه، وثمةَ سببٌ آخر وهو اختلافهم في عدها دليلاً مستقلاً كما صنع المالكية، أو إدراجها تحت دليلٍ متفقٍ عليه كالقياس عند الجمهور، أو أن يقال بإرجاعها إلى مقصود الشارع الذي يدل عليه الكتاب والسنة والإجماع، على ما ذهب إليه الغزالي.
وخلاصةُ القول أن عامة الفقهاء يحتجون بالمصلحة المرسلة بالشروط الآتية:
أولاً: أن تكون ملائمة لمقصود الشارع وما تفرع عنه من قواعد كلية استقرئت من مجموع النصوص.
ثانياً: ألا تصادم نصاً خاصاً.
ثالثاً: أن تكون معقولة المعنى في ذاتها.
رابعاً: أن يكون الذي يفرع الأحكام عليها مجتهداً، توفرت فيه شروط الاجتهاد) اهـ. وانظر: انظر: الموافقات، للشاطبي (2/ 306)، الاعتصام، له (2/ 129)، شرح تنقيح الفصول، للقرافي (446)، المصالح المرسلة، د. محمد بو ركاب (201).
ـ أخيراً: هذا اجتهادٌ مني، وأستغفر الله أن يفهم عني القدح في أحدٍ من أهل العلم الذين لا أزن عشر معشار واحدٍ من تلاميذهم، كيف والعلم رحمٌ بين أهله، وعهدٌ بين ربعه!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 04 - 04, 01:25 م]ـ
شيخنا الحبيب الفقيه النجدي
قلتم وفقكم الله
(ومما قاله القرافي ـ كما تفضلتم ـ: " وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصةٌ بنا، وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذٍ في جميع المذاهب " شرح تنقيح الفصول، للقرافي (394)، وانظر: الذخيرة، له أيضاً (1/ 129).)
القرافي رحمه الله كان مالكيا والمالكية من أشهر من يقول بالمصالح المرسلة
فالقرافي والقرطبي وغيرهما أرادوا الدفاع عن مذهب المالكية
وبيان ان هذا المذهب اعني القول بالمصالح هو قولكم جميعا
فكيف بكم تنكرون علينا المصالح المرسلة
ومثل هذا الكلام يقوله الحنفية ايضا في الاستحسان
فيقولون لخصموهم الشافعية انكم تقولون بالاستحسان
بدليل انكم ويذكرون مسائل يحملونها على الاستحسان
ثم انهم قد يفسرون الاستحسان بمعنى قد يوافقهم الخصوم على ذلك
والأمر كما قال الغزالي
(ولا حجر في المصطلحات بعد فهم المعاني)
ولكن الشافعية ينكرون على المالكية قولهم بالمصالح المرسلة
وينكرون على الحنفية قولهم بالاستحسان
فالنزاع هو في تعريف المصالح المرسلة وفي تعريف الاستحسان
لانهم لايوافقونهم في هذه الأدلة
وانتم ذكرتم وفقكم الله
(وهكذا الظنُّ في كل من أنكر حجية المصالح في الشريعة؛ الظنُّ أنه لم يفقهها على وجهها، فلم يلتقِ المثبتون والنافون على محزٍّ.
)
ولكن الخصم لايقول بان هذا من المصالح المرسلة
ينازعك في ذلك
وكذا يقول نفاة القياس لخصومهم
بانكم تقولون بالقياس
ولكنهم في الواقع ينكرون ذلك
وما يراه بعض اهل القياس من القياس لايعتبر قياسا عند نفاة القياس
بل يرجعون ذلك الىاصلهم
فلا يبقى لنفاة القياس اي حجة يلزمونهم بها
لانهم لايعتبرون ذلك الدليل من القياس
وهكذا الأمر هنا في المصالح والاستحسان
وانا أوافق الشيخ عصام البشير وفقه الله في هذه العبارة
(ومما ينبغي أن يعلم أن المعاصرين هم الذين أكثروا الاحتجاج بالمصالح، حتى أحيى بعضهم مذهب الطوفي - إن صحت نسبته إليه - وبنوا على المصالح القصور والعلالي. حتى أصبح من ينكر المصلحة المرسلة مخالفا لما يشبه الإجماع، مع أن له - عند التحقيق - سلفا أصيلا.
)
فكلامه عن المعاصرين صحيح
فلهم توسع في مسألة المصالح المرسلة
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/218)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 04 - 04, 01:46 م]ـ
يعصب جدا التمثيل بمسألة اجماعية
فالاجماع فيما ليس فيه نص قطعي يعز وجوده
لان الشروط التي وضعها اهل الاصول لتحقيق الاجماع مما يصعب توفره في مسألة لانص قطعي فيها
اللهم الا ان يقصد الاجماع السكوتي فهذا باب واسع
على ان حتى الاجماع السكوتي يمكن نقضه
ايضا لابد من الالتزام بالشروط الواجب توفرها
فمثلا لاينقض الاجماع بقول عامي او شبه عامي
او من ليس من اهل الاجتهاد
فلو اتفقنا على هذا الشرط
بقي علينا تعريف المجتهد
ولااقصد التعريف النظري بل تطبيق ذلك على الواقع
من هو من اهل الاجتهاد ومن ليس كذلك
في المسائل المعاصرة هناك مسائل يمكن ان نقول حصل فيها اجماع
وذلك على مذهب ابن جرير وابن عبدالبر
بمعنى لو قلنا ان الاجماع في عصرنا هو القول الذي لم يخالف فيه الا النادر بشرط ان هذا الرجل ليس له اتباع ولاصاحب مذهب يوافقونه في الرأي
تفسير ذلك
لو ان العلماء اجمعوا على قضية وخالفهم عمرو
فيمكننا اهمال مخالفة عمرو
شريطة ان لايوافق عمرو على ذلك اتباعه واصحاب مذهبه
ولااقصد ان يكون له اتباع او انصار
بل اقصد ان لايكون له متابع وانصار يقولون بقوله في المسألة التي خالف فيها
فان ذهبنا مذهب ابن جرير وابن عبدالبر في اسقاط المخالف الذي هذا شأنه
خرجنا بمسائل يمكن ان نقول انه قد حصل فيها الاجماع بين المعاصرين
ولاينقض هذا الاجماع بخلاف من لايتوفر فيه ادنى شروط الفتيا فضلا عن الاجتهاد
وكمثال الحشيش قد نقل غير واحد الاجماع على تحريمه
فلو فرضنا ان رجلا في بلاد خراسان يزعم انه عالم او ينسبه الناس الى علم يقول بحل الحشيش
علينا بالبحث عن هذا الرجل وهل يتوفر فيه شرط من شروط الاجتهاد
والظن انه لايتوفر فيه شرط فهذا لاينقض الاجماع
واما مسألة بيع الحشيش للكفار فهي مسألة اخرى تخرج على اصول مذهب ابي حنيفة
نعم قد يكون من يقول بحل بعض اجزاء من النبات ليستعمله استعمالا مباحا
او في امر مباح مثلا
او فيما لاضرر فيه
فهذا امر آخر
وهكذا مسألة التمثيل يمكننا ان نقول انه قد حصل الاجماع عليها
(اقصد المسألة التي ذكرها شيخنا الفقيه وفقه الله)
على الاقل نحسب ان هناك اجماع سكوتي
فلا نعلم من خالف في ذلك
فان وجد رجل ادعى انه مخالف
نظر في امره وهل هو من اهل الاجتهاد او لا
هذا اولا
ثانيا ينظر في خلافه هل حصل بعد انقراض العصراو قبل ذلك
على التفصيل الذي ذكره اهل الاصول
وان كان في تطبيق ذلك صعوبة
والله اعلم بالصواب
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[08 - 04 - 04, 03:20 م]ـ
شكر الله لكم أخي الحبيب الشيخ ابن وهب ...
اشتهر ـ كما لا يخفى على كريم علمك ـ عن الشافعية القول بمنع الاستحسان، والمتبادر أن ذلك عائد إلى منصوص الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في رسالته، حيث اعتبر الاستحسان اختياراً بالتلذَُّذ [الرسالة، للشافعي (507)]، وكتب في: إبطال الاستحسان مؤلفاً ..... الخ
فهذا كله محمولٌ ـ كما يفهم من كلام الشافعي ـ على الاستحسان بالرأي " المجرد "، وهو ما ينكره " عامة " الفقهاء، لا يختصُّ به مذهبٌ عن آخر، لأن القائلين بالاستحسان يفسرونه بأنه الأخذ بأقوى الدليلين، فقد جروا في مصنفاتهم على استثناء بعض الصور المقيسة، أو المندرجة في عموم، وتخصيصها بحكم دون نظائرها، بدليل يخرجها عن قاعدتها العامة، لا بالهوى والتشهي، هذا الذي يسمونه الاستحسان، قال السرخسي: " الاستحسان هو العمل بأقوى الدليلين، فلا يكون من اتباع الهوى وشهوة النفس في شيء " أصول السرخسي (2/ 201). فإذا فسرناه بذلك " لم ينكره أحدٌ " كما قرَّر الشوكاني في إرشاد الفحول (241).
فرجع الخلافُ إذن إلى اللفظ والاصطلاح، فالشافعية أنكروا لفظ " الاستحسان " لما قد يُفهِمه من الحكم بالهوى والتلذُّذ، وإن كانوا لا ينازعون في المعنى، أو كما يقول الغزالي معقِّباً على تعريف الكرخي المتقدِّم، قال: " وهذا مما لا ينكر، وإنما يرجع الاستنكار إلى اللفظ، وتخصيص هذا النوع من الدليل بتسميته استحساناً، من بين سائر الأدلة " اهـ المستصفى، للغزالي (1/ 173).
ومما يؤكد هذا المعنى أن الإمام الشافعي نفسه قد استحسن في مواضع نقلت عنه، كقوله: "أستحسن في المتعة أن تكون ثلاثين درهماً، وأستحسن ثبوتَ الشفعة للشفيع إلى ثلاثةِ أيام، وأستحسن تركَ شيءٍ للمكاتب من نجوم الكتابة، وقال في السارق إذا أخرج يده اليسرى بدل اليمنى فقطعت القياسُ أن تقطع يمناه، والاستحسان أن لا تقطع " الإحكام، للآمدي (4/ 163)، البحر المحيط، للزركشي (6/ 95).
وعلى هذا المعنى يُحمل قول الشافعي فيما رواه عنه المزني ـ رحمهما الله ـ: " الناس عيالٌ على أبي حنيفة في القياس والاستحسان " أخبار أبي حنيفة، للقاضي أبي عبدالله أبي عبدالله حسين بن علي الصيمري (26)، فهذا في سياق المدح كما هو ظاهر.
"""""""""
فإن قيل: هذا منك أيها النجديُّ تلفيقٌ، تأباه الأصول، قلت: وليكن كذلك، لكني أسميه توفيقاً!
تقول هذا مجاجُ النحل تمدحه ..... وإن تشأ قلت ذا قيءُ الزنابيرِ
مدحاً وذمّاً وما جاوزتَ وصفهما ... والحق قد يعتريه سوءُ تعبيرِ
ولقد أزعم أن هذه جادّة المحققين، أنهم لا يكتفون بظاهر الخلاف، بل يحفرون في الأقاويل، عسى أن يقفوا على جذر الاتفاق، ومعدن الوفاق بين المتخالفين، خصوصاً في هذه الأصول الكبار، والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/219)
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[08 - 04 - 04, 03:26 م]ـ
قولكم ـ أثابكم الله ـ: (وانا أوافق الشيخ عصام البشير وفقه الله في هذه العبارة
(ومما ينبغي أن يعلم أن المعاصرين هم الذين أكثروا الاحتجاج بالمصالح، حتى أحيى بعضهم مذهب الطوفي - إن صحت نسبته إليه - وبنوا على المصالح القصور والعلالي. حتى أصبح من ينكر المصلحة المرسلة مخالفا لما يشبه الإجماع، مع أن له - عند التحقيق - سلفا أصيلا.
)
فكلامه عن المعاصرين صحيح
فلهم توسع في مسألة المصالح المرسلة) اهـ
هو صحيح موافقٌ، وتوسع بعض المعاصرين في المصالح، لا يقل عن توسعهم في باقي الأدلة العقلية، خصوصاً ما يسمى مدرسة التيسير.
والكلام في مقامنا هذا في أصل القول بالمصالح، بغض النظر عن التوسيع والتضييق.
شكر الله لكما الإفادة.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 04 - 04, 10:43 م]ـ
أخي الحبيب الشيخ الفقيه النجدي وفقه الله
جزاكم الله خيرا
أقول
أنا أعلم ان هناك من أهل العلم من زعم ان لاخلاف على التحقيق
ولكن جوابهم غير مقنع - في نظري -
قلتُ
(ثم انهم قد يفسرون الاستحسان بمعنى قد يوافقهم الخصوم على ذلك
والأمر كما قال الغزالي
(ولا حجر في المصطلحات بعد فهم المعاني)
)
الخصوم وافقوا الحنفية في ذلك ولكن بتعريف مخصوص
ولذلك قال الغزالي
(قال بعض أصحاب ابي حنيفة لما عجز عن الانتصار للاستحسان) او كلاما هذا معناه
فكلام الغزالي منصب على تفسير معين
ولكن هل مذهب اصحاب ابي حنيفة في الاستحسان هو هذا
اختلف اصحاب ابي حنيفة في تفسير الاستحسان
وهذا الكلام ينطبق على المصالح المرسلة عند المالكية
قال الاستاذ عبد الوهاب خلاف
(والظاهر لي أن الفريقين المختلفين في الاستحسان لم يتفقا في تحديد معناه فالمحتجون به يريدون منه معنى غير الذي يريده من لايحتجون به ولو اتفقوا على تحديد معناه ما اختلفوا في الاحتجاج به لان الاستحسان هو عند التحقيق عدول عن دليل ظاهر و عن حكم كلي لدليل اقتضى هذا العدول وليس مجرد تشريع بالهوى وكل قاض قد تنقدح في عقله في كثير من الوقائع مصلحة حقيقية تقتضي العدول في هذه الجزئية عما يقضي به ظاهر القانون وما هذا الا نوع من الاستحسان) انتهى
وذكر مثل ذلك غير واحد من الاصوليين
وقد ذكر بعضهم في المصالح مثل ذلك
============
ابوبكر الرازي قد اطال في باب الاستحسان ليثبت ان الخصوم يقولون به
وقد رد عليه الشافعية وقالوا نحن لانقول بالاستحسان ولايلزمنا شيء
وانا ذكرت نزاع الخصوم
حين يريدون اثبات الحجة
فالحنفية ارادوا ان يقول انكم جميعا تقولون بالاستحسان
ولكن في الحقيقة الاستحسان عند الحنفية يقتضي معنى يخالفهم فيه غيرهم
وهذه الحقيقة هي التي جعلت الامام الشافعي رحمه الله يصنف كتابا في ابطال الاستحسان
وهذا الكتاب يرد به على طائفة من اهل العلم يقولون بالاستحسان
وهذه الطائفة هم من الحنفية
لايمكن حمل كتابه على غير الحنفية
لانه لايعرف قائل بالاستحسان غيرهم
فهم الذي نصروا الاستحسان
وما وجد في كلام غيرهم كما قال الرازي بانه وجد في كلام مالك والشافعي
فاصحابهما يحملونه على معنى غير معنى الاستحسان
المعمول به لدى الحنفية
بيان ذلك
ان نقاش الامام الشافعي مع الحنفية في الاستحسان
وقول بعض الحنفية ومن تبعهم في ذلك بان كلام الشافعي على من يقول بالاستحسان بالتشهي
غير صحيح
لانه لايعرف قائل ينسب الى اهل العلم يقول بالاستحسان بالتشهي والهوى
ويقول انا اقول بالاستحسان بالهوى
ولكن الشافعي يريد يلزمهم ويقول ان هذا الأمر لايستقيم
وانه قول بالهوى
او نحو ذلك
فظهر بهذا ان الشافعي لم يرد الا الحنفية
والحنفية في دفاعهم عن مذهبهم ارادوا ان يلزموا الخصوم
كما هي عادة الخصوم
فمن طرق كسب المناظرة الزام الخصم وهو ما كان يفعله الشافعي مع خصومه
الذي اريد ان اتوصل اليه ان تميز الحنفية عن غيرهم بالقول بالاستحسان هو امر واضح
وكذا تميز المالكية بالقول بالمصالح المرسلة
نعم هناك من وافقهم في جزيئات المسألة
بل هناك امور اتفق عليها اصحاب المذاهب يعتبرها الحنفية من الاستحسان
وكذا هناك امور اتفق عليها بين اصحاب المذاهب يعتبرها المالكية من المصالح المرسلة
والى هذا اشار القرافي رحمه الله
بقوله
(وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة،)
ولكن الخصوم لايقرون بان هذا من المصالح المرسلة
ولكن هذا غير القول بالمصالح المرسلة باطلاق
فالموافقة حاصة في جزيئات المسألة
وهكذا القول في الاستحسان
هناك من أهل العلم من رام الجمع بين أقوال أهل العلم
وان لا خلاف على التحقيق
ولكن هذا الأمر يحتاج الى اثبات
اما ما ورد عن الامام الشافعي رحمه الله من قوله
(الناس عيالٌ على أبي حنيفة في القياس والاستحسان)
فالمشهور فيه قوله
الناس في الفقه عيال على ابي حنيفة
(ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة
)
(الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه)
او قريب من هذا
فلعل من رواه هكذا رواه بالمعنى الذي فهمه
فاني استبعد جدا صدور هذا الكلام بهذا النص عن الامام الشافعي وهو الذي صنف كتابا في ابطال الاستحسان
ونازع خصومه
ولااعرف كيف سند هذه الراوية
والصيمري كثيرا ما ينقل عن كتاب أحمد بن مكرم
الذي صنفه في فضائل أبي حنيفة وهو يروي عن أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس
وقد اتهم
ومما يدل على ان قول أصحاب أبي حنيفة رحمه الله في الاستحسان يختلف عما يراه الشافعي رحمه الله
ان الشافعي ناظر كبار الحنفية وفي كتاب الاستحسان ينقل اقوالهم
ويظهر من سياق الكلام انهم من اصحاب الكلام أيضا
فاذا عرفنا ان الكرخي من المعتزلة
والرازي قد اتهم بالاعتزال ولاشك انهما اخذا اقوال المتكلمين من اصحاب ابي حنيفة
فالشافعي صنف كتابه عن معرفة بأقوالهم لاعن جهل بمرادهم
وانما أراد ان يلزمهم الحجة
وهذا ما يعطي مزية لكلام الشافعي وانه قاله عن معرفة
أقول هذا بغض النظر
في هل أصاب الشافعي في ذلك او لم يصب
وانما الغرض ان الخلاف ليس لفظيا فحسب
والله أعلم بالصواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/220)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 04 - 04, 01:29 ص]ـ
وكثيراً ما كان الإمام محمد بن الحسن يقول في المبسوط: «أستحسن و أدع القياس». واستحسانه هو رجوعٌ لأثَرٍ أو حديثٍ يخالفُ مُقتضى القياس، أو رجوعاً للأصول العامة. وهذا ما كان يُسمّى قديماً بالرأي. ومن هنا ظنّ من لا يعرف منهج الأحناف بأنهم يستحسنون بمجرد الهوى والمزاج الشخصي. ولا ريب أن هذا خطأ عليهم. وأهم ما ساهم في هذا الخطأ المشهور أن الأحناف الأوائل لم يُوضّحوا منهجهم في الفقه والحديث. نعم، يُروى أن صاحبي الإمام أبي حنيفة: أبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن قد كتبا بعضاً من أصول الفقه، إلا أن ذلك لم يصل إلينا. ثم إن منهج أتباعهم في أصول الفقه لم يكن بالواضح، حيث تراه مرتبطاً بالمسائل الفرعية وليس مجرّداً. أما الإمام الشافعي فقد كتب أصوله في رسالته الأصولية بوضوح مدعومة بالأدلة. بل كان عندما يُسأل، يُسهِبُ بالكيفية التي استنتج بها هذا الحكم بناءً على الأدلة الشرعية. وقد أنصف الشافعيُّ صاحبه –محمد بن الحسن– فقال في "الأم" (7\ 309): «وأصل ما يذهب إليه محمد بن الحسن في الفقه: أنه لا يجوز أن يُقَال بشيءٍ من الفِقْهِ، إلا بخبرٍ لازِمٍ أو قِياس». فلم يكن الأحناف الأوائل يُفتون بناءً على الهوى أبداً، بل بالقرآن ثم السنة ثم أقوال الصحابة ثم القياس.
من كتاب: الحوار الهادي مع الشيخ القرضاوي
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[09 - 04 - 04, 01:41 ص]ـ
حول الاستحسان ينظر رسالة (قاعدة في الاستحسان) للإمام ابن تيمية رحمه الله ومقدمة الشيخ محمد عزير شمس عليها ففيها تجلية لهذه المسألة قلما تجده في مكان آخر.
وحول المصالح المرسلة رسالة للشيخ الزرقا رحمه الله
وقد بين فيها ان المذاهب الأربعة تأخذ بالمصالح المرسلة وذكر أمثلة على ذلك.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[09 - 04 - 04, 06:48 ص]ـ
أثابكم الله جميعاً:::::
""""""""""""""""""""""
أخي الشيخ ابن وهب:
كلامكم وجيهٌ جداً ـ زادك الله سداداً ـ، وهو مفيدٌ في كشف تبسّط معتزلة الحنفية خاصة، وبعض متكلمة الشافعية وغيرهم. فليتك تتنفس فيه قليلاً.
وكنتُ قد كتبتُ موضوعاً يناسب هذا، بعنوان (فصلٌ فيمن تمادى في شيءٍ من العلم ولم يُسلّم له)، لعله يكتمل لاحقاً إن شاء الله لأضعه في المنتدى.
لكن مما يدعو إلى القول بأن الخلاف لفظي، بين أبي حنيفة والشافعي على الأقل: أنهما ينفيان الاستحسان بالتشهي، ويثبتانه بدليل.
ولذا ذكرت أولاً أن (الراسخين) في العلم لا يمكن أن يمنعو الاستحسان والمصلحة بالمعنى الصحيح.
أما من جاء بعدهم فنعم، قد توسعوا في تقرير قواعد مخالفة لبعض ما قالوا، خصوصاً الحنفية، كما قرره الدهلوي في الإنصاف.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 04 - 04, 07:45 ص]ـ
اخي الحبيب الشيخ
الفقيه النجدي وفقه الله
كلام الامام الشافعي رحمه الله مع المتكلمين
بيان ذلك
قال الشافعي في كتاب ابطال الاستحسان بعد ان رد على من يقول بالقياس منهم
قال
(
وإن قال الذي يرى منهم ترك القياس بل على الناس اتباع ما قلت قيل له من أمر بطاعتك حتى يكون على الناس اتباعك)
الخ
فرد على الفريقين
الفريق الذي يقول بالقياس وهم من متكلمي الحنفية
الفريق الآخر الذين يقولون بترك القياس وهم ايضا من المعتزلة فيما يظهر
وكتاب الامام الشافعي كتاب ممتع
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 04 - 04, 07:52 ص]ـ
ولابأس بنقل هذا الجزء من كلام الامام الشافعي
قال الشافعي
(قال الشافعي) ومن استجاز أن يحكم أو يفتي بلا خبر لازم ولا قياس عليه كان محجوجا بأن معنى قوله أفعل ما هويت وإن لم أومر به مخالف معنى الكتاب والسنة فكان محجوجا على لسانه ومعنى ما لم أعلم فيه مخالفا، فإن قيل ما هو؟. قيل لا أعلم أحدا من أهل العلم رخص لأحد من أهل العقول والآداب في أن يفتي ولا يحكم برأي نفسه إذا لم يكن عالما بالذي تدور عليه أمور القياس من الكتاب والسنة والإجماع والعقل لتفصيل المشتبه فإذا زعموا هذا قيل لهم ولم لم يجز لأهل العقول التي تفوق كثيرا من عقول أهل العلم بالقرآن والسنة والفتيا أن يقولوا فيما قد نزل مما يعلمونه معا أن ليس فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع وهم أوفر عقولا وأحسن إبانة لما قالوا من عامتكم؟، فإن قلتم لأنهم لا علم لهم بالأصول قيل لكم فما حجتكم في علمكم بالأصول إذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/221)
قلتم بلا أصل ولا قياس على أصل؟ هل خفتم على أهل العقول الجهلة بالأصول أكثر من أنهم لا يعرفون الأصول فلا يحسنون أن يقيسوا بما لا يعرفون وهل أكسبكم علمكم بالأصول القياس عليهم أو أجاز لكم تركها؟ فإذا جاز لكم تركها جاز لهم القول معكم لأن أكثر ما يخالف عليهم ترك القياس عليها أو الخطأ، ثم لا أعلمهم إلا أحمد على الصواب إن قالوا على غير مثال منكم لو كان أحد يحمد على أن يقول على غير مثال لأنهم لم يعرفوا مثالا فتركوه وأعذر بالخطأ منكم وهم أخطئوا فيما لا يعلمون ولا أعلمكم إلا أعظم وزرا منهم أتركتم ما تعرفون من القياس على الأصول التي لا تجهلون، فإن قلتم فنحن تركنا القياس على غير جهالة بالأصل قيل، فإن كان القياس حقا فأنتم خالفتم الحق عالمين به وفي ذلك من المأثم ما إن جهلتموه لم تستأهلوا أن تقولوا في العلم وإن زعمتم أن واسعا لكم ترك القياس والقول بما سنح في أوهامكم وحضر أذهانكم واستحسنته مسامعكم حججتم بما وصفنا من القرآن، ثم السنة وما يدل عليه الإجماع من أن ليس لأحد أن يقول إلا بعلم وما لا تختلفون فيه من أن الحاكم لو تداعى عنده رجلان في ثوب أو عبد تبايعاه عيبا لم يكن للحاكم إذا كان مشكلا أن يحكم فيه وكان عليه أن يدعو أهل العلم به فيسألهم عما تداعيا فيه هل هو عيب، فإن تطالبا قيمة عيب فيه وقد فات سألهم عن قيمته فلو قال أفضلهم دينا وعلما إني جاهل بسوقه اليوم وإن كنت عالما بها قبل اليوم ولكني أقول فيه لم يسعه أن يقبل قوله بجهالته بسوق يومه وقبل قول من يعرف سوق يومه ولو جاء من يعرف سوق يومه فقال إذا قست هذا بغيره مما يباع وقومته على ما مضى وكان عيبه دلني القياس على كذا ولكني أستحسن غيره لم يحل له أن يقبل استحسانه وحرم عليه إلا أن يحكم بما يقال إنه قيمة مثله في يومه. وكذلك هذا في امرأة أصيبت بصداق فاسد يقال كم صداق مثلها في الجمال والمال والصراحة والشباب واللب والأدب فلو قيل مائة دينار ولكنا نستحسن أن نزيدها درهما أو ننقصها لم يحل له وقال للذي يقول أستحسن أن أزيدها أو أنقصها ليس ذلك لي ولا لك وعلى الزوج صداق مثلها وإذا حكم بمثل هذا في المال الذي نقل رزيته على من أخذ منه ولم يسع فيه الاستحسان وألزم فيه القياس وأهل العلم به ولم يجهل لأهل الجهالة قياسا فيه لأنهم لا يعلمون ما يقيسون عليه فحلال الله وحرامه من الدماء والفروج وعظيم الأمور أولى أن يلزم الحكام والمفتين
قال الشافعي) أفرأيت إذا قال الحاكم والمفتي في النازلة ليس فيها نص خبر ولا قياس وقال أستحسن فلا بد أن يزعم أن جائزا لغيره أن يستحسن خلافه فيقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن فيقال في الشيء الواحد بضروب من الحكم والفتيا، فإن كان هذا جائزا عندهم فقد أهملوا أنفسهم فحكموا حيث شاءوا وإن كان ضيقا فلا يجوز أن يدخلوا فيه وإن قال الذي يرى منهم ترك القياس بل على الناس اتباع ما قلت قيل له من أمر بطاعتك حتى يكون على الناس اتباعك؟ أو رأيت إن ادعى عليك غيرك هذا أتطيعه أم تقول لا أطيع إلا من أمرت بطاعته؟ فكذلك لا طاعة لك على أحد وإنما الطاعة لمن أمر الله أو رسوله بطاعته والحق فيما أمر الله ورسوله باتباعه ودل الله ورسوله عليه نصا أو استنباطا بدلائل أورأيت إذ أمر الله بالتوجه قبل البيت وهو مغيب عن المتوجه هل جعل له أن يتوجه إلا بالاجتهاد بطلب الدلائل عليه؟ أورأيت إذا أمر بشهادة العدل فدل على أن لا يقبل غيرها هل يعرف العدل من غيره إلا بطلب الدلائل على عدله؟ أورأيت إذا أمر بالحكم بالمثل في الصيد هل أمر أن يحكم إلا بأن يحكم بنظره؟ فكل هذا اجتهاد وقياس أورأيت إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في الحكم هل يكون مجتهدا على غير طلب عين وطلب العين لا يكون إلا باتباع الدلائل عليها وذلك القياس لأن محالا أن يقال اجتهد في طلب شيء من لم يطلبه باحتياله والاستدلال عليه لا يكون طالبا لشيء من سنح على وهمه أو خطر بباله منه.انتهى
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[11 - 04 - 04, 09:04 م]ـ
أحسن الله إليكم ...
""""""""""""""
ومما نُقل فيه إجماع المعاصرين: نقل الإجماع على جواز استعمال المناظير في رؤية الأهلة، ولو لم يُرَ بالعين المجرّدة، واعتمادها في دخول رمضان وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/222)
حكاه الباحث: مسلّم الدوسري في كتابه: عموم البلوى (433)، وهو رسالته في الماجستير، في كلية الشريعة بالرياض.
ـ[فخر الدين]ــــــــ[12 - 04 - 04, 12:11 ص]ـ
أظن أن مسألة المناظير واعتبار دخول الشهور بها مسألة خلافية بين المعاصرين.
هل من مجيب؟؟؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 04 - 04, 01:14 ص]ـ
نعم فيها خلاف ... والله أعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 05 - 04, 03:37 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالله النجدي
@ أما القات فإني لما نزلتُ صنعاءَ؛ ناقشتُ بعض علماء اليمن الأفاضل، ممن لا يتعاطاها، فلم يكن يقول بالتحريم، وإن هجرَ "المخزِّنين" و "مقيالهم"، لعدم تحقق مناط التحريم فيها لديه، وهذا بالطبع أمرٌ نسبي، وإن كان للوضع الاجتماعي أثره على نظر الفقيه. وعلى كلٍّ يصعب إثبات الإجماع فيها كما تفضلتم.
أولاً هل تعلم ان منظمة الصحة العالمية ادرجت القات منذ حوالي اكثر من عشرين عاماً في قائمة المخدرات!
الادمان على تخزين ورق القات ومضغها يورث
1 - الضعف العقلي والجسماني.
2 - العجز الجنسي.
3 - اصابة بعض المدمنين بالجنون.
4 - الاصابة بالإمساك والنزلات المعدية.
الحقائق:
1.عدد الأفراد التي تخزن القات يبلغ 3مليون شخص ...
2.تكلفة اليوم الإجمالية لتخزين القات: 6 مليون دولار (متوسط 2 $= 300 ريال يمنى)
3.تصبح الميزانية السنوية التي تنفق على تخزين القات 156 مليون دولار
4.يتم إهدار 15 مليون ساعة يوميا (متوسط 5 ساعات للفرد)
لا يستطيع المُخزّن ابطال (فسخ) مفعول القات بسهولة، ولكن في جنوب اليمن كان الخمر متوفرا ً، فيتناول بعض الاشخاص منه ليعودوا الى النوم الطبيعي.
للقات مفعول رائع عند المتزوجين حيث يمدهم بطاقة اضافية لكنه يبعدهم في الايام التالية .....
للقات مضار عديدة وابرزها الناحية المادية، وكم نشرت رسوم كاريكاتيرية في اليمن الديمقراطية سابقا عن مساوئ القات، وعن شخص متربع عرش التخزين واولاده حوله جياع.
للقات مضار صحية عديدة، منها التهابات الفم وتساقط الاسنان (الذي يفقد اسنانه يلجأ الى طريقة تجفيف اوراق القات وتحويلها الى مسحوق يمضغه في فمه)، ويؤدي القات الى آلام شديدة في المعدة والامعاء والى (الامساك)، وكذلك من الجلسات الطويلة يكثر عندهم الباصور والزائدة الدودية.
وهناك العديد من الإضرار والآثار الجانبية التي تنتاب متعاطي القات، ومن أبرزها التوتر والقلق النفسي, حيث يمر المتعاطي بحالة من الشرود الذهني والتوتر والقلق، ومن أضراره الفسيولوجية صعوبة التبول، والإفرازات المنوية اللاإرادية بعد التبول وفي أثناء المضغ، وذلك لتأثير القات على البروستات والحويصلة المنوية، وما يحدثه من احتقان وتقلص، كذلك يتحدث الأطباء عن الضعف الجنسي كأحد نتائج إدمان القات، وأيضا للقات تأثير على زيادة نسبة السكر في الدم، مما يجعل متعاطيه أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري، كما يقلل نسبة البروتين في الدم، مما يؤثر على نمو الجسم، ولعل هذا ما يفسر الهزال وضعف البنية لدى غالبية المتعاطين ويختلف تأثير القات من شخص لآخر وفقا لعدة عوامل منها نوعية القات ومدة التعاطي وعمر الشخص المتعاطي، ويعتبر اليمنيون من أكثر الشعوب تناولا للقات، وتتم عملية تعاطي القات خلال تجمعات اجتماعية , حيث يسود في بداية الأمر حسن الحال و الانشراح و التفكه و الثرثرة, كما يحدث في جلسات الإدمان عادة, ثم يدخل المتعاطون بعد ذلك في حالة من التوتر والعصبية ينفض أثناءها ذلك التجمع.
هل تعلم ان ابن باز قال:
ونصيحتي للدولة وفقها الله في اليمن أن تحارب هذه الشجرة وأن تؤكد على الشعب اليمني بمحاربتها وتركها حفظا للمسلمين في اليمن من أذاها وضررها، وحفظا لهم أيضا من تعطيل اوقاتهم بلا فائدة، وحفظا لهم أيضا من تعاطي أشياء لا تناسب لولا أنهم يتعاطون هذا القات ويخزنوه.
فالمقصود أن ضرره كثير، وشره عظيم بإفادة العارفين به من علماء اليمن وغيرهم ونسأل الله للجميع الهداية.
http://www.binbaz.org.sa/RecDisplay.asp?f=n-04-1407-0200005.htm
هو شجرة غريبة .. مرة وساحرة , تجبر اليمنيين علي البقاء في البيوت نحو 5 ساعات يوميا علي الأقل , حتي أنهم يستنزفون 15 مليون ساعة عمل يوميا من أجل عيونه , أنصاره والمستفيدون من زراعته يعتبرونه الذهب الأخضر , لكن أعداءه يرون فيه الشيطان الأكبر , دخل اليمن عن طريق الحبشة منذ ألف عام وأكثر , ومضغه الصوفية تقربا إلي الله , واليوم يتحكم القات في اقتصاد اليمن وثقافته بل ومستقبله.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 05 - 04, 12:40 ص]ـ
فائدة: نقل القرضاوي (رغم فرط تساهله في الفتاوى) إجماع المعاصرين على اعتبار التدخين مفطراً في رمضان.
قال عن أحد أصحابه الظاهرية: وهو ظاهري النزعة مثله (مثل ابن حزم)، وقد تبنى آراءه في كثير من المسائل، وأضاف إليها اجتهادات من عنده، أحدثت ضجة في المعتقل، مثل قوله: إن تناول الدخان في الصيام لا يفطر، لأنه ليس أكلا ولا شربا، مع إجماع المسلمين في أقطار الأرض على أنه من المفطرات؛ لأنه من الشهوات المرغوبة، التي ينبغي للصائم أن يدعها من أجل الله "يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي". على أنه ينبغي أن يفطّر باعتباره معصية، والمعاصي تفطّر عند ابن حزم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/223)
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[07 - 05 - 04, 04:43 ص]ـ
بارك الله لكم في علمكم
وأظن أن العلماء المعاصرين أجمعوا على كفر الطائفة القديانية (الأحمدية)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 05 - 04, 07:27 م]ـ
حول الاجماع عند ابن عبدالبر
قال ابن عبدالبر
(قال أبو عمر اتفق الفقهاء أهل الفتوى بالأمصار على أن التكبير على الجنائز أربع لا زيادة على ما جاء في الآثار المسندة من نقل الآحاد الثقات وما سوى ذلك عندهم شذوذ لا يلتفت إليه اليوم ولا يعرج عليه
فإذا كان السلف في مسألة على قولين أو أكثر ثم أجمع أهل عصر في آفاق المسلمين بعدهم على قول من أقاويلهم وجب الاحتمال عليه والوقوف عنده والرجوع إليه
وهذه مسألة من مسائل الأصول ليس هذا موضع ذكر الحجة لها
انتهى
فائدة حول اجماعات ابن عبدالبر
قال الشيخ زروق في شرح الرسالة
(
: حذروا أي الشيوخ من إجماعات ابن عبد البر واتفاقات ابن رشد وخلافيات الباجى فإنه يحكى الخلاف فيما قال اللخمى يختلف فيه انتهى.
قال صاحب مواهب الجليل
وكثيرا ما يقول اللخمى يختلف في كذا ويكون مقابل المنصوص في المسألة تخريج إو اختيار منه والله أعلم
انتهى
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 05 - 04, 07:47 م]ـ
الاستحسان
حاولت جاهدا ان اعرف الشخص الذي كان يناظر الشافعي
فلم استطع ان اعرف
ولكن خطر في بالي رجل له مناظرة في مناقب الشافعي
فلعه هو
هذا عن الرجل من أصحاب ابي حنيفة رحمه الله
واما عن الرجل الاخر الذي انكر القياس
فيبدو انه من المعتزلة الذي كانوا ينكرون القياس وهذا قد اشتهر عن النظام
فهذا دليل على انه كان في المعتزلة من ينكر القياس سوى النظام
والله أعلم
موضوع الاستحسان موضوع طويل ويحتاج الى موضوع مستقل
ولكني أذكر هنا
ادلة او قل معتمد من يقول بان هناك خلاف جوهري في المسألة
الدليل الأول
وهو الذي ذكرته سابقا
في البحر المحيط
(السَّابِعُ: أَنَّهُ مِمَّا يَسْتَحْسِنُهُ الْمُجْتَهِدُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ وَحَدِيثِهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ. وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الِاسْتِحْسَانِ , وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ " , قَالَ: وَأَنْكَرَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَقَالَ الشَّيْخُ الشِّيرَازِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَصِحُّ عَنْهُ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ: " مَنْ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرَّعَ ". وَهَذَا مَرْدُودٌ , لِأَنَّهُ قَوْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي , وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ} لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يُنْكِرُونَ هَذَا التَّفْسِيرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّنَاعَةِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ فِي النَّقْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَفْد صَنَّفَ الشَّافِعِيُّ كِتَابًا فِي الْأُمِّ " فِي الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الِاسْتِحْسَانِ , وَقَالَ مِنْ جُمْلَتِهِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمَّا رَدَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ بَيْنَ الْمُتَتَابِعَيْنِ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ , فَتَرَكَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ بِهَذَا التَّخْمِينِ. وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ شُهُودِ الزَّوَايَا: الْقِيَاسُ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ يُحَدُّونَ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ , لَكِنْ اسْتَحْسَنَ قَبُولَهَا. وَرَجْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَيُّ اسْتِحْسَانٍ فِي قَتْلِ مُسْلِمِينَ؟ , وَقَالَ فِي الزَّوْجَيْنِ إذَا تَقَاذَفَا , قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ , فَقَالَتْ: بَلْ أَنْتَ زَانٍ , لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ , لِأَنِّي أَسْتَقْبِحُ أَنْ أُلَاعِنَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَحُدُّهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَقْبَحُ مِنْهُ تَعْلِيلُ حُكْمِ اللَّهِ عَلَيْهِمَا. انْتَهَى وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ فَهِمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالِاسْتِحْسَانِ هَذَا , فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ
انتهى
الثاني
(قال ابن حزم
(قال ابن حزم
(وأما الحنفيون فأكثروا فيه جدا وأنكره الشافعيون
وأنكره من أصحاب أبي حنيفة أحمد بن محمد الطحاوي)
انتهى
فلقائل أن يقول
لو كان الاستحسان على المعنى الذي ذكره الكرخي لما أنكره الطحاوي
او على المعنى الذي ذكره الغزالي
والطحاوي اعلم بمذهب أصحاب ابي حنيفة من غيرهم
فلولا انه فهم من معنى الاستحسان لدى بعض أصحاب ابي حنيفة
ما ينكر لما أنكره
على انا لانعرف الكتاب الذي اعتمد عليه ابن حزم في نقل هذا الانكار
والمغاربة لهم عناية بالغة بكتب الطحاوي كما ذكرته في غير هذا الموضع
فلعل الطحاوي انكر الاستحسان بمعنى معين
فربما لو وقفنا على نص الطحاوي لظهر لنا الامر بصورة اوضح
ولعل الطحاوي ذكر ذلك في مقدمة كتاب اختلاف الفقهاء
والله أعلم
الثالث
(ذكر القاضي رواية أبي طالب
ذكر القاضي رواية أبي طالب
(أن أحمد قال
أصحاب أبي حنيفة إذا قالوا شيئا خلاف القياس قالوا نستحسن هذا وندع القياس فيدعون الذي يزعمون أنه الحق بالاستحسان
وأنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه
)
قال أبو الخطاب
(قال شيخنا (أبو يعلى) هذا يدل على ابطال القول بالاستحسان
وعندي أنه أنكر عليهم الاستحسان من غير دليل
ولهذا قال: يتركون القياس الذي يزعمون أنه الحق بالاستحسان
فلو كان الاستحسان عن دليل ذهبوا إليه لم ينكره , لأنه حق أيضا.
وقال: أنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه , معناه أني أترك القياس بالخبر
وهذا هو الاستحسان بالدليل)
انتهى
وهذا الموضوع يحتاج الى مزيد شرح
وشيخنا الفقيه النجدي وفقه الله قال (ولذا ذكرت أولاً أن (الراسخين) في العلم لا يمكن أن يمنعو الاستحسان والمصلحة بالمعنى الصحيح.)
وهذا صحيح
وهذا يجعلنا نبحث أكثر في باب الاستحسان
وللحديث بقية(105/224)
إشكال على انتقاد الألباني لمقولة: القرآن ثم السنة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 11 - 03, 08:54 ص]ـ
يقول الألباني رحمه الله بتصرف، إن من الأغلاط المنكرة أن نقول نأخذ الحكم أو نفسر القرآن بالقرآن فإن لم نجد بالسنة، وهذه عبارة شائعة و يقولها كبار من العلماء معتمدين على حديث رسول الله لمعاذ يوم أن أرسله فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم (بم تقضي؟ قال: بما في كتاب اللَّه قال: فإن لم تجد؟ قال: بما في سنة رسول اللَّه قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: الحمد للَّه الذي وفق رسول اللَّه لما يحب رسول اللَّه)، و قال الألباني هذا الحديث منكر.
و يضرب مثلاً فيقول: لو جئنا نفسر قوله تعالى (حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير) فإننا سنحرم كل الميتة بينما في السنة النبوية يقول صلى الله عليه وسلم (أحل لنا ميتتان و دمان) و الميتتان هما السمك و الجراد و الدمان هما الكبد و الطحال.
ففسرنا القرآن بالقرآن و السنة وليس بالقرآن ثم السنة.
واستدل بقوله صلى الله عليه و سلم (إلا إني أوتيت القرآن و مثله معه)
فتنبه أن تقول هذه العبارة.
لكن الإشكال هو أنه قد ورد هذا الترتيب الوارد في الحديث عن ائمة الفتوى من الصحابة وهما ابن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما بأسانيد صحيحة وتراجع في كتاب الخطيب البغدادي الفقيه والمتفقه.
ما قول الإخوة؟
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[02 - 11 - 03, 11:08 ص]ـ
جزيت خيراً ....
وقد كنت أفكر في هذه المسألة منذ زمن، وقد خلصتُ إلى مايلي، وهو لا يعدو كونه رأياً، والله الهادي إلى سواء السبيل ...
التسوية بين القرآن والسنة بإطلاق فيه ما فيه!
لا تحطّطاً من حجية أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، حاشا وكلا ...
وإنما لأن "الكتاب" هو أصلُ هذه الشرعة، وهو مما يقطع بثبوت لفظه نقلاً، بخلاف كثير من السنن فإن رواية الأخبار يعتريها النقل بالمعنى، فضلاً عن ما يحيط بذلك من إدراج ونحوه، وقد جعل الله لكل شيءٍ قدرا.
والذين قالوا بالنظر في القرآن أولا، ثم في السنة، لا يقصدون معارضة هذه بذاك، وليست حجتهم مجرد حديث معاذ، بل هذا تنهيجٌ للنظر في الأحكام، بحيث يعرف ترتيب الأدلة، ومعلومٌ أنه يرد على السنة ما لا يرد على القرآن، وهذا ما لا يستريب فيه من عالج الخلافيات، والنصوص الواردة بشأنها.
قال ابن تيمية: (كتب عمر إلى شريح: " اقض بما فى كتاب الله، فان لم تجد فبما فى سنة رسول الله، فان لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك" وفي رواية "فبما أجمع عليه الناس".
وعمر قدم الكتاب ثم السنة، وكذلك بن مسعود قال مثل ما قال. ..... وكذلك ابن عباس كان يفتى بما فى الكتاب ثم بما فى السنة ثم بسنة أبي بكر وعمر، لقوله (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)، وهذه الآثار ثابتة عن عمر وبن مسعود وبن عباس وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء وهذا هو الصواب.) اهـ
إلى أن قال: (وهم إنما كانوا يقضون بالكتاب اولاً، لأن السنة لا تنسخ الكتاب، فلا يكون فى القرآن شيء منسوخ بالسنة، بل إن كان فيه منسوخ كان فى القرآن ناسخه، فلا يقدم غير القرآن عليه. ثم إذا لم يجد ذلك طلبه فى السنة ولا يكون فى السنة شيء منسوخ إلا والسنة نسخته لا ينسخ السنة اجماع ولا غيره ولا تعارض السنة باجماع واكثر الفاظ الآثار فان لم يجد فالطالب قد لا يجد مطلوبه في السنة مع انه فيها وكذلك في القرآن فيجوز له إذا لم يجده فى القرآن أن يطلبه فى السنة واذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضا لما فى القرآن وكذلك الاجماع الصحيح لا يعارض كتابا ولا سنة) اهـ كلام ابن تيمية (19/ 202).
وهذا بالطبع لا يعني التشكيك في أصل السنة، أو الاحتجاج بها، كما يزعم بعض المتعقلنة، إذ القرآن والسنة مصدران متظاهران، لا يتعارضان تعارضاً حقيقياً، بل يصدِّق أحدهما الآخر، واتباعُ السنةِ إعمالٌ لنص القرآن، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله). وهذا ـ بداهةً ـ بعد أن يثبت كونُ الأمرِ سنةً، أما لو تطرَّق إليه الضعفُ بوجهٍ، فلا عبرةَ به حينئذٍ، فضلاً عن أن يُعارَضَ به نصٌّ من كتاب الله تعالى.
ويبدو لي أن الحامل لبعض الغيورين على التسوية بين الكتاب والسنة تسويةً تامة؛ ما وقع لطائفةٍ من المُحْدَثين، ممن جادلوا بالباطل، ليُدحضوا به طرفاً من سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، زاعمين أنها تخالف القرآن، وما هي بمخالِفة، إذ لا يعدو أن يكون ما يذكرونه؛ تخصيصاً لعموم آية، أو تقييداً لمطلقها، أو أن تكون السنة مبتدئةً حكماً سكت عنه القرآن. وفي هذه الأحوال وأمثالها؛ لا يصحُّ أن يقال بالتعارض أصلاً.
وليس تعظيمُ القرآن الكريم موكولاً إلى العقل البشري المجرَّد، يستبدُّ بتنزيله كيفما اتفق، وإلا فإن في التأريخ الإسلامي نماذج من الشذوذ الفقهي، والانحراف العقدي، كان مثارُ الغلطِ فيه الجهلُ بهذا الأصل، قال أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن فرقة الخوارج: (وأصلُ مذهبهم تعظيمُ القرآن، وطلبُ اتِّباعِه، ولكن خرجوا عن السنة والجماعة، فهم لا يرون اتباع السنة التي يظنون أنها تخالف القرآن؛ كالرجم، ونصاب السرقة، وغير ذلك، فضلُّوا) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (13/ 208). اهـ.
ومن هاهنا زلَّت قدمُ بعض المعاصرين، وأخلاطٍ من المُحْدَثين ممن ينتسبُ إلى الثقافة، زعموا أنهم معظمون لكتاب الله، وأنهم يذودون عنه (ركاماً من الأحاديث الضعيفة، ملأ آفاقَ الثقافة الإسلامية بالغيوم، وركاماً مثله من الأحاديث التي صحَّت، وسطا التحريف على معناها، أو لابسها كل ذلك، جعلها تنبو عن دلالات القرآن القريبة والبعيدة) السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، لمحمد الغزالي (143)، دار الشروق، القاهرة، ط الحادية عشرة، 1996م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/225)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 11 - 03, 08:16 م]ـ
أخي الفاضل جزاك الله خيرا
والكلام الذي نقلته طيب. لكن كيف نجيب على الإشكال الذي أثاره الشيخ الألباني:
و يضرب مثلاً فيقول: لو جئنا نفسر قوله تعالى (حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير) فإننا سنحرم كل الميتة بينما في السنة النبوية يقول صلى الله عليه وسلم (أحل لنا ميتتان و دمان) و الميتتان هما السمك و الجراد و الدمان هما الكبد و الطحال. ففسرنا القرآن بالقرآن و السنة وليس بالقرآن ثم السنة.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[03 - 11 - 03, 10:41 م]ـ
الاخ محمد الامين حفظه الله.
كلام الشيخ لايصلح للاعتراض على هذا الاصل وهو تقديم الكتاب على السنة.
أذ ان السنة يجوز ان تخصص القرآن وقد جاء العموم فيه بتحريم الميته ثم جاء التخصيص من السنة.
وهذا لايعنى عدم التقديم بل يعنى عدم الانفراد بالحكم وهذه غير تلك.
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[04 - 11 - 03, 01:43 ص]ـ
مشايخي المبجلين محمدًا الأمين وأبا عبد الله النجدي وزيادًا العضيلة _ حفظكم الله تعالى ونفعنا بعلومكم ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى _
إضافةً إلى ما تفضلتم ببيانه أحببت أن أذكر ما يلي:
1) لا يبدو لي أن هناك تعارضاً بين النصوص والآثار الدالة على تقديم القرآن على السنة نحو أثر عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - " اقض بما فى كتاب الله، فإن لم تجد فبما فى سنة رسول الله "، وبين ما ذكره الألباني من تقديم تفسير القرآن بالسنة على تفسير القرآن بالقرآن، وذلك لأن تفسير القرآن بالقرآن هو عند التأمل يُعَدُّ نوعاً من التفسير بالرأي، لأنه ما الدليل على أن الله تعالى أراد بالآية الأولى عين ما دلت عليه الآية الثانية؟ فالمفسر عندما يقول هذه الآية تفسرها تلك الآية، فهذا على حسب فهمه واجتهاده، وقد يفسر مفسر آخر نفس الآية بآية أخرى فيصبح المعنى مختلفًا، ولو رجعت إلى (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن) للعلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله لوجدت الشيخ يصل من خلال تفسير القرآن بالقرآن إلى ترجيح رأي بعينه في مسائل من المسائل الخلافية المشهورة بين الفقهاء، فعلى سبيل المثال توصل الشيخ إلى تفسير الزينة التي أبيح للمرأة إبداؤها بأنها الثياب وجعل ذلك من تفسير القرآن بالقرآن لأن الزينة وردت في آيات أخرى للدلالة على ما ليس جزءاً من المُزَيَّن، فزينة السماء الكواكب وزينة الأرض ما عليها، ولذا فزينة المرأة ليست وجهها الذي هو جزء منها وإنما هي الثياب، وهنا يمكن للمخالف أن يقول: هل يلزم من ورود الزينة بمعنىً في آية أن تكون بالضرورة بنفس المعنى في الآية الأخرى؟
فالخلاصة أن القرآن مقدم على السنة، ولا يلزم من هذا تقديم تفسير القرآن بالقرآن على تفسيره بالسنة، لأن تفسير القرآن بالقرآن فيه مجال للاجتهاد ولإعمال العقل البشري ولهذا فيكون تفسير القرآن بنص صحيح صريح من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقدماً على تفسير القرآن بالقرآن بالمعنى السابق وهذا في حقيقته ليس من باب تقديم السنة على القرآن وإنما هو من باب تقديم السنة على الرأي.
2) قوله صلى الله عليه و سلم (إلا إني أوتيت القرآن و مثله معه) لا يعني المماثلة التامة بين القرآن والسنة من كل وجه، وإنما المراد أن السنة مثل القرآن في الحجية ووجوب اتباعها والإيمان بها والعمل بما فيها، لكن السنة ليست كالقرآن من كل وجه فالقرآن كلام الله لفظاً ومعنىً، والسنة لفظها من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل قد يكون لفظها من الراوي إذا كان مروياً بالمعنى، والقرآن يتعبد بألفاظه وفي كل حرف منه عشر حسنات ولا يقرؤه الجنب ولايمسه إلا طاهر إلى غير ذلك من أوجه عدم التماثل بين القرآن والسنة في العديد من الأحكام والمسائل، والمقصود أننا عندما نقول: إن القرآن يقدم على السنة، والقضاء يكون بالقرآن ثم بالسنة، فإننا بهذا لا نعارض حديث (ومثله معه)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/226)
3) بالنسبة لتفسير قوله تعالى (إنما حرّم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير) بقوله صلى الله عليه وسلم (أحل لنا ميتتان و دمان) لا يظهر لي ما ذكره الشيخ الألباني رحمه الله أننا [فسرنا القرآن بالقرآن والسنة وليس بالقرآن ثم السنة] فلا مانع أن نقول إن تفسير الميتة ههنا بأنها ما سوى السمك والجراد هو تفسير بالسنة فحسب، وقد قدمنا السنة هنا لأنها خاصة، وهذا من باب تقديم الخاص على العام بغض النظر عن كون العام قرآنا أو سنة والخاص قرآنا أو سنة.
هذا ما لديّ، والله تعالى أعلم.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[04 - 11 - 03, 01:43 ص]ـ
المثال الذي ضربه الشيخ ناصر ـ رحمه الله ـ؛ صورة من صور متعددة لتعارض نصوص الكتاب والسنة ظاهراً، ومن ثم فهو لا يعطي تصوراً كاملاً للقاعدة المذكورة، إذ يضاف إلى الصورة التي ذكرها؛ صورٌ أُخرى، منها:
ـ أن تعارض الآية بحديث ضعيف.
ـ أن تعارض بحديث مروي بالمعنى، أو اعتراه إدراج.
ـ أن تعارض بحديث مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بمن يخاطبه.
ـ أن تعارض بحديث ورد لمناسبة خاصة، أو أنيط بعلة يزول الحكم بزوالها.
وأنت إذا قارنت بين نصوص القرآن والسنة، وجدت القرآن في الغالب؛ نصوصاً تقعيدية، أما السنة فكثيراً ما تأتي: شرحاً، وبياناً، وتخصيصاً، وتقييداً، لنصوص القرآن. هذا فضلاً عما لم يثبت من جهة الرواية.
وعلى سبيل المثال: الحديث المشهور: (لولاك لولاك لما خلقت الافلاك)، وهو موضوع، وأما معناه فلا شك في تخطئته، بنص القرآن: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق:12). فهذا مثالٌ يبين موضع هذه القاعدة، وأنها أشمل مما مثل به الشيخ ـ قدس الله روحه ـ.
وربما كانت هنالك أمثلة أكثر توضيحاًً لما أردت، ولكن لا يحضرني الآن إلا هذا.
وقولهم: (انظر في كتاب الله، فإن لم تجد ففي السنة): ليس المقصود به ما يتبادر إلى ذهن البعض، بأن ينظر في الكتاب مجرداً، ويغض الطرف عن أحاديث الباب، فهذا لا يقوله مسلم، فضلاً عن فقهاء الصحابة. وإنما لتمام فقههم، وكونهم "أقعد" ممن جاء بعدهم، يرتبون النظر في الأدلة ترتيباً دلالياً، لا إجرائياًـ أو ميكانيكياً ـ، إذ ليس مقصودهم ظاهر العبارة المذكورة.
وبمعنى آخر يقال: إن دلائل الأحكام، ومداركها، وهي الكتاب والسنة والإجماع .... الخ، طرقٌ تؤدي إلى معرفة حكم الله في النازلة، وهي لا تتعارض حقيقةً، فربما أخذ أحد الفقهاء الحكم من الكتاب، وآخر يأخذه من السنة، وثالث من الإجماع، وهكذا ... ومعلوم أن بعض الأدلة قد يخفى على بعض الفقهاء، فيعدل عنه إلى غيره.
لكن عند ترتيب الأدلة نظرياً، يقولون: الكتاب، ثم السنة، ثم الإجماع، ثم القياس.
والله تعالى أعلم.
"""""""""""""""
تنبيه:
الآية المذكورة كما يلي: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173)
ـ[ابو فاطمة]ــــــــ[05 - 11 - 03, 02:11 ص]ـ
السلام عليكم
###
المثال الذي ذكره الشيخ جوابه يسير عند اهل الاصول وليست هناك اي اشكالية ### فالسنة قطعا هي بعد كتاب الله في المنزلة وعلى هذا جل اهل العلم
ـ[مبارك]ــــــــ[21 - 07 - 04, 07:17 م]ـ
###
ـ[أبو وكيع الغمري]ــــــــ[21 - 07 - 04, 10:21 م]ـ
السلام عليكم
###
فجواب المشائخ الكرام كاد أن يصل الى التمام في المسألة
و أخص بالذات جواب الأخ الفاضل النجدي حفظه الله
###
و الحمد لله
ـ[أبو عبدالرحمن مبارك]ــــــــ[31 - 07 - 04, 06:53 م]ـ
قال الإمام الألباني في " الضعيفة " (2/ 286) بعد تخريجه حديث معاذ في الرأي وبيان ضعفه وما يستنكر منه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/227)
" هو صحيح المعنى فيما يتعلق بالاجتهاد عند فقدان النص، وهذا مما لا خلاف فيه، ولكنه ليس صحيح المعنى عندي فيما يتعلق بتصنيف السنة مع القرآن وإنزاله إياه معه، منزلة الاجتهاد منهما. فكما أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص في الكتاب والسنة، فكذلك لا يأخذ بالسنة إلا إذا لم يوجد في الكتاب. وهذا التفريق بينهما مما لا يقول به مسلم، بل الواجب النظر في الكتاب والسنة معاً وعدم التفريق بينهما، لما علم من أن السنة تبين مجمل القرآن، وتقيد مطلقه، وتخصص عمومه كما هو معلوم. ومن رام الزيادة في بيان هذا فعليه برسالتي " منزلة السنة في الإسلام، وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن ".
وقال الإمام أيضاً في آخر رسالته المذكورة (21ـ 23):
" وقبل أن أنهي كلمتي هذه أرى لا بد لي من أن ألفت انتباه الأخوة الحاضرين إلى حديث مشهور، قلما يخلو منه كتاب من كتب أصول الفقه، لضعفه من حيث إسناده ولتعارضه مع ما انتهينا إليه في هذه الكلمة من عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة، ووجوب الأخذ بهما معاً ألا وهو حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين أرسله إلى اليمن:
" بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي ولا آلو، قال: الحمد لله الذي وفق رسول الله، لما يحب رسول الله ".
أما ضعف إسناده، فلا مجال لبيانه الآن، وقد بينت ذلك بياناً شافياً ربما لم أسبق إليه في السلسلة الضعيفة برقم 885، وحسبي أن أذكر أن أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى قال فيه: " حديث منكر ". وبعد هذا يجوز لي أن أشرع في بيان التعارض الذي أشرت إليه فأقول:
إن حديث معاذ هذا يضع للحاكم منهجاً في الحكم على ثلاث مراحل، لا يجوز أن يبحث عن الحكم في الرأي إلا بعد أن لا يجده في السنة، ولا في السنة إلا بعد أن لا يجده في القرآن. وهو بالنسبة للرأي منهج صحيح لدى كافة العلماء، وكذلك قالوا: إذا ورد الأثر بطل النظر. ولكنه بالنسبة للسنة ليس صحيحاً؛ لأن السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة له، فيجب أن يبحث عن الحكم في السنة، ولو ظن وجوده في الكتاب لما ذكرنا، فليست السنة مع القرآن، كالرأي مع السنة، كلا ثم كلا، بل يجب اعتبار الكتاب والسنة مصدراً واحداً لا فصل بينهما أبداً، كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " يعني السنة وقوله: " لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ". فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح، لأنه يقتضي التفريق بينهما وهذا باطل لما سبق بيانه ".
ـ[الدرعمى]ــــــــ[31 - 07 - 04, 07:28 م]ـ
كنت أتعجب ممن يحصل على درجة الدكتوراة فى (حتى) حتى رأيت مشايخى الكرام وقد اجتمعوا عن بكرة أبيهم للحديث عن (ثم) وفى موضع واحد ولو أن واحدًا من فطاحل النحو واللغة كان حاضرًا لصال وجال فالموضوع لغوى بحت ونحن البسطاء نعلم بالفطرة أن القرآن مقدم على السنة ونؤمن بأن السنة لا غنى عنها لفهم القرآن وأن ذلك هو ما قصده الشيخ الألبانى سواء وافق لفظ بعض الصحابة رضوان الله عليهم أو خالفه وأما مدى صحة حديث معاذ من ضعفه فهو مقحم فى الموضوع وإن اتصل بكلام الشيخ الألبانىالمشار إليه.
ـ[أبو مروة]ــــــــ[01 - 08 - 04, 04:24 م]ـ
شكر الله الإخوة المشايخ والأساتذة على توضيحاتهم القيمة, وأظن أن الموضوع لا لبس فيه إن شاء الله. فالقرأن هو الأصل ومقدم من حيث الإجمال على السنة، ومن حيث التفصيل عندما يتعلق الأمر بتفسير آية محددة قد نقدم السنة إذا كانت خاصة، ذات دلالة واضحة على أية عامة أو دلالتها محتملة.
وأظن أن في كلام الشيخ الألبياني رحمه الله بعض المبالغة بسبب اهتمامه بالرد على الدعوات إلى الاستغناء على السنة ومحاولته سد المنافذ التي تتسرب منها. والله أعلم
ـ[الدرعمى]ــــــــ[01 - 08 - 04, 04:31 م]ـ
والتقديم فى قول الأخ الكريم ليس معناه ما يتبادر إلى الذهن من تقديم التشريف والتعظيم بل هو أمر متعلق بالاستدلال فهناك أدلة مقدمة على أخرى وإن كانت الأخرى مقدمة عليها بالشرف وقد ذكر بعضهم للتقديم أنواع ولا أحب أن أخوض فيها.
ـ[أبو داود]ــــــــ[01 - 08 - 04, 11:08 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/228)
الحمد لله و كفى و صلى الله على عباده اللذين اصطفى أما بعد فقد كثر الشغب و أقحم البعض أنفسهم في أمور ليس لهم فيها سلف و لا يلوح للناظر في كلامهم ذرة علم و ما هي إلا طمس البصائر في بحور التقليد و نعوذ بالله من الخذلان.
أما الفرق بين القرءان و السنة فنعم هناك فرق و لكن هذا الفرق ليس اللذي ذهب إليه الجهال و ممن لا معنى لكلامهم إلا اتباع الهوى فالفرق هو أن القرءان هو كلام الله و ليست السنة كلام الله بل هي و حيه المنزل على قلب نبيه صلى الله عليه و سلم أما من حيث التشريع فلا فرق بينهما ألبتة و لا يجوز أن يقول قائل أن القرءان مقدم على السنة و لا يتقول متقول بأن السنة مقدمة على القرءان فكليهما يؤخذان معاً بلا فرق و ما أمرنا ربنا و لا نبينا صلى الله عليه و سلم بأن نقدم القرءان على السنة بل أمرنا أن نأخذ من كليهما بلا تفريق قال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) فما قال تبارك و تعالى أن نطيعه ثم نطيع نبيه عليه السلام و إنما قال و من يطع الله و رسوله.
وقال جل و على: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)
وهذا هو الفصل التمام فقال تعالى فردوه إلى الله و إلى الرسول ولم يقل سبحانه ردوه إلى الله فإن لم تجدوا ففي سنة النبي و ما قال ردوه إلى الله ثم إلى النبي بل قال فردوه إلى الله و الرسول بلا تفريق و من ادعى غير ذلك كلف أن يأتي بالبرهان قال تعالى:" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "و لا سبيل لهم إليه و الحمد لله رب العالمين.
قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)
وأرى في هذا كفاية لمن هداه الله و أما المعاندين فلو جئتهم بكل آية ما عقلوا و الحمد لله على السلامة.
أما حديث معاذ رضي الله عنه فباطل موضوع ومنكر سنداً و متناً وليراجع قول الألباني فقد أفاد و أجاد و أزيد، قال أبو محمد علي بن أحمد نور الله مرقده في كافيته الشافية الموسومة بالنبذة الكافية:
" قال أبو محمد رضي الله عنه وصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال اتهموا الرأي وقال سهل بن حنيف اتهموا آراءكم على دينكم وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخفين أحق بالمسح وهكذا جاء عن غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم
فان ذكروا حديث معاذ
أجتهد رأيي ولا آلو فانه حديث باطل لم يروه أحد إلا الحارث بن عمرو وهو مجهول لا يدري من هو عن رجال من أهل حمص لم يسمهم ومن باطل المقطوع به أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ
فان لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله وهو يسمع وحي الله إليه (ما فرطنا في الكتاب من شيء و اليوم أكملت لكم دينكم) فما كمل بشهادة الله تعالى فمن الباطل أن لا يوجد فيه حكم نازله من النوازل فبطل الرأي في الدين مطلقا
فصل
ولو صح لما خلا ذلك من أن يكون خاصة لمعاذ لأمر علمه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه قوله عليه السلام
أعلمكم بالحلال والحرام معاذ فسوغ إليه شرع ذلك أو يكون عاما لمعاذ وغير معاذ فان كان خاصا لمعاذ فلا يحل الأخذ برأي أحد غير معاذ وهذا مالا يقوله أحد في الأرض وان كان عاما لمعاذ وغير معاذ فما رأي أحد من الناس أولى من رأى غيره فبطل الدين وصار هملا وكان لكل أحد أن يشرع برأيه ما شاء وهذا كفر مجرد وأيضا فانه لا يخلو الرأي من أن يكون محتاجا إليه فيما جاء فيه النص وهذا مالا يقوله أحد لأنه لو كان ذلك لكان يجب بالرأي تحريم الحلال وتحليل الحرام وإيجاب مالا يجب وإسقاط ما وجب وهذا كفر مجرد وان كان إنما يحتاج إليه فيما لا نص فيه فهذا باطل من وجهين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/229)
أحدهما قول الله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وقوله تعالى: (تبيانا لكل شيء) وقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) وقوله تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم) فإذ قد صح يقينا بخبر الله تعالى الذي لا يكذبه مؤمن انه لم يفرط في الكتاب شيئا وأنه قد بين فيه كل شيء وان الدين قد كمل وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين للناس ما نزل إليهم فقد بطل يقينا بلا شك أن يكون شيء من الدين لا نص فيه ولا حكم من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم
والثاني أنه حتى لو وجدنا هذا وقد اعاذ الله تعالى ومنع من أن يوجد لكان من شرع في هذا شيئا قد شرع في الدين ما لم يأذن به الله وهذا حرام قد منع القرآن منه فبطل الرأي والحمد لله رب العالمين
فان قالوا قد قال الصحابة رضي الله عنهم بالرأي قلنا إن وجدتم عن أحد منهم تصحيحا لقول بالرأي وجدتم عنه التبريء منه وقد بينا هذا في كتابنا الإحكام لأصول الأحكام وفي رسالة النكت غاية البيان وبالله تعالى التوفيق."
رحمك الله يا أبا محمد رحمة واسعة و جمعني و كل نمحب لسنة النبي صلى الله عليه و سلم معك في الفردوس الأعلى آمين آمين رب العالمين.
و قال بل الله بالرحمة ثراه في حلية السنة الموسومة بالمحلى في مسائل الأصول:
" وحديث معاذ الذي فيه أجتهد رأيي، ولا آلو , لا يصح لانه لم يروه أحد إلا الحارث بن عمرو وهو مجهول لا ندري من هو عن رجال من أهل حمص لم يسمهم عن معاذ. "
وقال لا جعل الله إلا الفردوس مثوله في كتابه الجامع الماتع الإحكام لأصول الأحكام:
" وأما خبر معاذ فإنه لا يحل الاحتجاج به لسقوطه وذلك أنه لم يرو قط إلا من طريق الحارث بن عمرو وهو مجهول لا يدري أحد من هو حدثني أحمد بن محمد العذري ثنا أبو ذر الهروي نا زاهر بن أحمد الفقيه نا زنجويه بن محمد النيسابوري نا محمد بن إسماعيل البخاري هو مؤلف الصحيح فذكر سند هذا الحديث وقال رفعه في اجتهاد الرأي قال البخاري ولا يعرف الحارث إلا بهذا ولا يصح هذا نص كلام البخاري رحمه الله في تاريخه الأوسط ثم هو عن رجال من أهل حمص لا يدري من هم ثم لا يعرف قط في عصر الصحابة ولا ذكره أحد منهم ثم لم يعرفه أحد قط في عصر التابعين حتى أخذه أبو عون وحده عمن لا يدري من هو فلما وجده أصحاب الرأي عند شعبة طاروا به كل مطار وأشاعوه في الدنيا وهو باطل لا أصل له ثم قد رواه أيضا أبو إسحاق الشيباني عن أبي عون فخالف فيه شعبة وأبو إسحاق أيضا ثقة كما حدثنا حمام وأبو عمر الطلمنكي قال حمام نا أبو محمد الباجي نا عبد الله بن يونس نا بقي نا أبو بكر بن أبي شيبة وقال الطلمنكي نا ابن مفرج نا
إبراهيم بن أحمد بن فراس نا محمد بن علي بن زيد نا سعيد بن منصور ثم اتفق ابن أبي شيبة وسعيد كلاهما عن أبي معاوية الضرير نا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثقفي هو أبو عون قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم معاذا إلى اليمن قال
" يا معاذ بما تقضي قال أقضي بما في كتاب الله قال فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله قال أقضي بما قضي به نبيه صلى الله عليه و سلم قال فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه قال أقضي بما قضى به الصالحون قال فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه ولا قضى به الصالحون قال أؤم الحق جهدي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم الحمد لله الذي جعل رسول رسول الله يقضي بما يرضى به رسول الله" فلم يذكر أجتهد رأيي أصلا وقوله أؤم الحق هو طلبه للحق حتى يجده حيث لا توجد الشريعة إلا منه وهو القران وسنن النبي صلى الله عليه و سلم على أننا قد حدثنا أحمد بن محمد الله الطلمنكي نا أحمد بن عون الله نا إبراهيم بن أحمد بن فراس نا أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري قال نا إسحاق بن راهويه قال قال سفيان بن عيينة اجتهاد الرأي هو مشاورة أهل العلم لا أن يقول برأيه وأيضا فإنه مخالفون لما فيه تاركون له لأن فيه أنه يقضي أولا بما في كتاب الله فإن لم يجد في كتاب الله فحينئذ يقضي بسنة رسول الله ? وهم كلهم على خلاف هذا بل يتركون نص القران إما لسنة صحيحة وإما لرواية فاسدة كما تركوا مسح الرجلين وهو نص القران لرواية جاء بالغسل وكما تركوا الوصية للوالدين والأقربين لرواية جاءت لا وصية لوارث وكما تركوا جلد المحصن وهو نص القران لظن كاذب في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/230)
تركه ومثل هذا كثير فكيف يجوز لذي دين أن يحتج بشيء هو أول مخالف له وبرهان وضع هذا الخبر وبطلانه هو أن من الباطل الممتنع أن يقول رسول الله فإن لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله وهو يسمع قول ربه تعالى:
? تبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون?
وقوله تعالى: ? حرمت عليكم الميتة و الدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وخشون ا ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن لله غفور رحيم?
وقوله تعالى:
? يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل لله يحدث بعد ذلك أمرا? مع الثابت عنه صلى الله عليه و سلم من تحريم القول بالرأي في الدين من قوله صلى الله عليه و سلم فاتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا
بالرأي فضلوا وأضلوا ثم لو صح لكان معنى قوله أجتهد رأيي إنما معناه أستنفذ جهدي حتى أرى الحق في القران والسنة ولا أزال أطلب ذلك أبدا وأيضا فلو صح لكان لا يخلو من أحد وجهين إما أن يكون ذلك لمعاذ وحده فيلزمهم ألا يتبعوا رأي أحد إلا رأي معاذ وهم لا يقولون بهذا أو يكون لمعاذ وغيره فإن كان ذلك فكل من اجتهد رأيه فقد فعل ما أمر به وإذ الأمر كذلك فإن كل من فعل ما أمر به فهم كلهم محقون ليس أحد منهم أولى بالصواب من اخر فصار الحق على هذا في المتضادات وهذا خلاف قولهم وخلاف المعقول بل هذا المحال الظاهر وليس حينئذ لأحد أن ينصر قوله بحجة لأن مخالفه أيضا قد اجتهد رأيه وليس في الحديث الذي احتجوا به أكثر من اجتهاد الرأي ولا مزيد فلا يجوز لهم أن يزيدوا فيه ترجيحا لم يذكر في الحديث وأيضا فليس أحد أولى من أحد مع هذا فلكل واحد منا أن يجتهد برأيه فليس من اتبعوا أولى من غيره ومن المحال البين أن يكون ما ظنه الجهال في حديث معاذ لو صح من أن يكون صلى الله عليه و سلم يبيح لمعاذ أن يحلل برأيه ويحرم برأيه ويوجب الفرائض برأيه ويسقطها برأيه وهذا ما لا يظنه مسلم وليس في الشريعة شيء غير ما ذكرنا البتة وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ما تقع فيه المشورة منه وفرق بينه وبين الدين كما حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي نا أبو بكر بن مفرج القاضي نا محمد بن أيوب الصموت الرقي نا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار نا عمرو بن علي نا عفان بن مسلم نا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
" أن النبي صلى الله عليه و سلم سمع أصواتا فقال ما هذه الأصوات قالوا النخل يؤبرونه فقال لو لم يفعلوا لصلح فأمسكوا عنه فصار شيصا فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال إذا كان شيئا من أمر دنياكم فشأنكم وإن كان شيئا من أمر دينكم فإلي"
وبه إلى البزاز نا هدبة بن خالد نا جهاد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سمع صوتا في النخل فقال ما هذا قال يؤبرون النخل قال لو تركوها أصلحت فتركوها فصارت شيصا فأخبروه بذلك فقال أنتم أعلم بما يصلحكم في دنياكم وأما اخرتكم فإلي."
قال أبو داود عفا عنه المولى تعالى قول شيخنا المتقدم ليس في إنكار حديث معاذ و حسب و إنما في إبطال الرأي أيضا ً و من أراد المزيد فتتمته في الإحكام و الحمد لله على التمام و صلى الله على نبينا الكريم و أزواجه و ذريته الطاهرين و رضي عن صحابته الميامين و تقبل من متبعيهم و أذل المعاندين المبتدعين آمين آمين رب العالمين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[02 - 08 - 04, 04:50 ص]ـ
وهذا الذى ذكرته وخير منه قد عبر عنه مشايخنا الأفاضل بأوجز عبارة وما كان لك أن تجهد نفسك أخى الكريم
فما زدت عما قالوه شيًا اللهم إلا كثرة الاستطرادات أو ربما بعض الكلمات التى تنم عن سوء أدبك مع قلة علمك بمراد مشايخك وأرجو أخى الكريم ألا تجمعنى مع هؤلاء المشايخ فلست منهم وإنما أقحم نفسى متدربًا ومتعلما لا منافسًا ومناظرًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/231)
ـ[أبو داود]ــــــــ[02 - 08 - 04, 07:03 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
قال محمد الأمين:
"لكن الإشكال هو أنه قد ورد هذا الترتيب الوارد في الحديث عن ائمة الفتوى من الصحابة وهما ابن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما بأسانيد صحيحة وتراجع في كتاب الخطيب البغدادي الفقيه والمتفقه."
قال أبو داود: لا حجة بقول أحد دون رسول الله صلى الله عليه و سلم و الصحابة أعلم الناس بهذا و إنما و قع الاشكال عند البعض أنهم أخذوا كلام الصحابة و قدموه على الوحي و أخذوه على أنه و حي منزل يجب أن يؤخذ بحروفه و كلامه دون نظر.
قال أبو عبد الله النجدي:
"التسوية بين القرآن والسنة بإطلاق فيه ما فيه! "
كلامك هذا هو الذي فيه ما فيه ما دليلك قال تعالى "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
وقال:" وإنما لأن "الكتاب" هو أصلُ هذه الشرعة، وهو مما يقطع بثبوت لفظه نقلاً، بخلاف كثير من السنن فإن رواية الأخبار يعتريها النقل بالمعنى، فضلاً عن ما يحيط بذلك من إدراج ونحوه، وقد جعل الله لكل شيءٍ قدرا".
قلت: ما دليلك؟!! بل الكتاب و السنة هما أصل الشرع بلا تفريق إلا من حيث أن القرءان كلام الله و السنة كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم و وحي الله المنزل و السنة مقطوع بصحتها بلاريب قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون) أما المناكير و الأباطيل فهذه ليست سنة أبداً و إنما قول هذه سنة سقيمة أو ذاك حديث ضعيف فهذه اصطلاحات لا تؤخذ على ظاهرها.
وقال أبو عبد الله:" قال ابن تيمية: (كتب عمر إلى شريح: " اقض بما فى كتاب الله، فان لم تجد فبما فى سنة رسول الله، فان لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك" وفي رواية "فبما أجمع عليه الناس".
وعمر قدم الكتاب ثم السنة، وكذلك بن مسعود قال مثل ما قال. ..... وكذلك ابن عباس كان يفتى بما فى الكتاب ثم بما فى السنة ثم بسنة أبي بكر وعمر، لقوله (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)، وهذه الآثار ثابتة عن عمر وبن مسعود وبن عباس وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء وهذا هو الصواب.) اهـ
قال أبو داود:لا هذا لا يعني أن عمر قدم الكتاب على السنة مطلقاً كما يفهم البعض مع التنبيه على أن كلام عمر ليس وحياً!! بل ربما يعني أنه إن وجدت حكماً في كتاب الله و لم تجد فيه قولاً للنبي صلى الله عليه و سلم فاقض به و إن وجدت فيه قولاً للنبي فاجمع بينهما إن لم تجد في كتاب الله فاقض بالسنة و هذا لا يعارض قول قائل إن وجدت حكماً في السنة و لم تجد لنفس الأمر حكماً في الكتاب فاقض به و إن وجدت معه حكماً في الكتاب فاجمع بينهما فقدم لفظ السنة على الكتاب إذ النتيجة واحدة و لكنا نقول الكتاب و السنة و لا نقول السنة و الكتاب كما جاء في القرءان والله أعلم و لا حجة في الدين لقول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد يكون معنى قوله فإن لم تجد أي لم تره أنت لقلة علمك و الله أعلم و بالله التوفيق.
أما قول أمير المؤمنين رضي الله عنه، فان لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك
فهذا لا يحمل على أن معنى قوله أنه قد يكون هناك مسألة ليس فيها حكم لله و هذا كفر قد برأ الله الصحابة منه بل معناه إن لم تكن تعلم فيه حكماً لله و هذا حال أكثرنا و قد صح عن الصحابة أن منهم من مات و هو لا يرى الغسل من التقاء الختانين وليس معنى فاقض بما قضى الصالحون جواز التقليد دون النظر في الدليل و بالله التوفيق.
وقول أبي عبد الله:" إلى أن قال: (وهم إنما كانوا يقضون بالكتاب اولاً، لأن السنة لا تنسخ الكتاب، فلا يكون فى القرآن شيء منسوخ بالسنة، بل إن كان فيه منسوخ كان فى القرآن ناسخه، فلا يقدم غير القرآن عليه. ثم إذا لم يجد ذلك طلبه فى السنة ولا يكون فى السنة شيء منسوخ إلا والسنة نسخته لا ينسخ السنة اجماع ولا غيره ولا تعارض السنة باجماع واكثر الفاظ الآثار فان لم يجد فالطالب قد لا يجد مطلوبه في السنة مع انه فيها وكذلك في القرآن فيجوز له إذا لم يجده فى القرآن أن يطلبه فى السنة واذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضا لما فى القرآن وكذلك الاجماع الصحيح لا يعارض كتابا ولا سنة) اهـ كلام ابن تيمية (19/ 202)."
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/232)
قال أبو داود رحمه الله تعالى: أسفاً لحال السلفيين!! فقد جاءت دعوة الإمام ابن تيمية و تبعه تلاميذه لنبذ التقليد و هاهم السلفيون أصبحوا يقلدون ابن تيمية دون نظر فيا حسرة الحسرات و يا عبرة العبرات على ما فرط المسلمون في دينهم فترى بعضهم يرد على الهائمين من المقلدة بقال ابن تيمية و قال ابن القيم حتى قال لي أحد الأحناف من الأشاعرة يا ليته قال لي قال رسول الله فقفا نبك لأحوالنا و ما آل إليه مئالنا!! فقول الإمام المتقدم في أنه لا تنسخ السنة القرءان كلام لا دليل عليه و الحق خلافه
قال أبو محمد نور الله مرقده:
" والقرآن ينسخ القرآن والسنة تنسخ القرآن أيضا قال الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) فإذا ذلك كذلك فالكل من عند الله وبوحيه تعالى سمى هذا كتابا وسمي هذا سنة وحكمة قال تعالى: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا)
فان قيل السنة ليست مثلا للقرآن ولا خيرا منه وإنما هي بيان للقرآن قلنا وبالله تعالى التوفيق السنة مثل القرآن في وجوب الطاعة لهما إذا صحت السنة قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) والنسخ بيان ورفع للأمر فالناسخ مبين أن حكم المنسوخ قد ارتفع وانتهى أمره قال تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم وقد يأتي الخبر بما هو خير لنا مما جاء به القرآن من رفق وتخفيف والقرآن قد بين السنة أيضا قال تعالى: (تبيانا لكل شيء).
والنسخ لا يجوز إلا في الأوامر أو في لفظ خبر معناه معنى الأمر ولا يجوز النسخ في الأخبار لأنه إن كان يكون كذبا وقد تنزه الله تعالى عن ذلك وكذلك الرسل وأما دليل صحة النسخ فقول الله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وبالله تعالى التوفيق. "
رحمك الله يا ابن حزم و جمعني و إياك تحت ظل عرش ربنا بقرب نبينا صلى الله عليه و سلم.
قال أبو فاطمة رحمه الله: "فالسنة قطعا هي بعد كتاب الله في المنزلة وعلى هذا جل اهل العلم"
إن كنت تقصد أن القرءان مقدم على السنة لأنها كلام الله فقد أصبت و إن كنت تقصد أن القرءان مقدم على السنة في التشريع فقد أخطأت و ما أمرنا الله باتباع جل أهل العلم و لا الجمهور و لا قول أحد غير رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحق أن أهل السنة أقل من الكبرت الأحمر و السلام.
قال أبو عبد الله النجدي حفظه الله:
" صورة من صور متعددة لتعارض نصوص الكتاب والسنة ظاهراً،"
قال أبو داود: لا ليس هنا ك تعارض بين الكتاب و السنة في الظاهر قال تعالى (و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا).
وقولك" لكن عند ترتيب الأدلة نظرياً، يقولون: الكتاب، ثم السنة، ثم الإجماع، ثم القياس."
بل الكتاب و السنة و الإجماع وثم كلمة باطلة قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)
ولم يقل الله ثم.
و القياس باطل باطل باطل قال علي بل الله بالرحمة ثراه:
"وقال تعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، ولا تتبعوا من دونه أولياء}
وقال تعالى: {فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} والقياس ضرب أمثال في الدين لله تعالى. "
وقد بسطنا الكلام عليه في موضوع إبطال القياس و سنتابعه بعون المولى.
أبو مروة لم تقدم آية أو حديث تثبت فيه كلامك قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
أما أقوال الدرعمي فقد كفانيها ربي قال تعالى: (وأعرض عن الجاهلين)
والسلام علكم و رحمة الله
أخوكم أبو داود
ـ[الدرعمى]ــــــــ[02 - 08 - 04, 07:15 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أجل أخى أبا داوود ((وأعرض عن الجاهلين))
ولولا رد السلام ما شاركت هذه المشاركة(105/233)
تطوير اصول الفقه وثباته بين النصوص الشرعية وحاجة العصر
ـ[معالم]ــــــــ[14 - 11 - 03, 03:33 م]ـ
هناك موضوع جيد ويحتاج اليه في هذا الوقت بالذات وقد تحدث عنه كثير من العصرانيين ..
هذا الموضوع هو .. تطوير اصول الفقه وثباته بين النصوص الشرعية وحاجة العصر ..
وهذا شبيه بما ذكره الاخ الجزائري الا ان الفرق هو في تجديد جميع اصول الفقه بقواعده وضوابطه ..
ودمت موفقا
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[14 - 11 - 03, 11:05 م]ـ
مفهوم التجديد في أصول الفقه ... ؟!
أبوحاتم:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7281&highlight=%C7%D5%E6%E1+%C7%E1%DD%DE%E5
ـ[برهان]ــــــــ[15 - 11 - 03, 03:40 ص]ـ
تجديد جميع اصول الفقه بقواعده وضوابطه؟
هذا يستدعي وحياً جديداً .. وقد انقطع الوحي.
لأن التجديد الذي يريده العصرانيون ليس التجديد الشرعي،
فتجديدهم ترجمة للمفهوم الغربي النصراني REFORM
بمعنى "إصلاح" على طريقتهم،
أي تغيير الأصول بما يوافق حاجات الناس في هذا العصر،
ولا يخفى على المسلم ما في هذه الدعوة من هدم للإسلام،
وهل يبقى شيء من الدين إن غيرنا أصوله.
فأصوله هي التي تمكن الفقيه من التفكير الإسلامي السليم.
انظر كيف كانت ردة فعل الأئمة الأعلام تجاه منطق أرسطو،
كيف تصدى له ابن تيمية بالنقض في كتبه:
نقض المنطق، الرد على المنطقيين، درء تعارض العقل والنقل، ...
وابن الصلاح
وابن الوزير في: ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان،
أما الغزالى فقد تراجع عن اعتماده المنطق: إلجام العوام عن علم الكلام.
راجع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم،
رحم الله الجميع وجزاهم عنا خيراً.
لي عودة إن شاء الله
للكلام عن المنطق المعاصر الذي يريد العصرانيون أن يوهموا المسلمين بأنه يختلف عن منطق أرسطو وبالتالي لا حرج في التزامه،
أقول: هذه مغالطة،
لأن كل من تعلم المنطق الحديث يعرف أنه ينافي تعاليم الدين
ويستمد أصوله من الفلسفات الكافرة.
أما ما يحتويه المنطق من طرق صحيحة في الاستدلال والتفكير،
فلا يمكن أن يخفي تعارضه مع الوحي .. ويجب التفصيل ...(105/234)
لا إنكار في مسائل الخلاف
ـ[العنبري]ــــــــ[07 - 12 - 03, 07:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا تفصيل طيب ذكره فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ في قول البعض (لا إنكار في مسائل الخلاف) وهو مأخوذ من شرح العقيدة الواسطية، لدى شرحه لحديث (من رآى منكم منكراً فليغيره بيده)
--------------------------------------------------------------------------------
قال حفظه الله:
قال (فليغيره بيده) بل قبل (فليغيره بيده) (منكراً) هنا المنكر المراد هنا فيه ما عُلِم كما ذكرنا ما عُلِمَتْ نكارَتُهُ بالشريعة، وهذا يدخل في صورتين:
الصورة الأولى ما كان مُجمعاً عليه.
والصورة الثانية ما كان مُختَلَفاً فيه ولكن الخلاف فيه ضعيف، فهذا يُنكَر.
ما أُجْمِعَ عليه ينكر وما اختُلٍف فيه ولكن الخلاف فيه ضعيف أيضاً تنكره.
ما أُجْمِعَ عليه واضح مثل إنكار الزنا والسرقة والرشوة إلى آخره.
وما اختُلِف فيه ولكن الخلاف فيه ضعيف هذا أيضاً يجب إنكاره.
وما اختُلِف فيه والخلاف فيه قوي هذا لا يُنْكَرْ، بل لا يجوز إنكاره ولكن يُنَاَظُر فيه ويُجَادَلُ فيه ويبحث فيه.
مثال ما كان الخلاف فيه ضعيفاً النبيذ الذي تبيحه بعض الحنفية ويبيحه بعض الأوائل أو العصير الذي اشتد وصار مسكراً يعني جلس ثلاثة أيام في حر، هذا يكون مسكراً، طائفة من أهل العلم يبيحونه، أو إباحة الفوائد الربوية، يعني إباحة الفوائد البنكية والعملات والفائدة أو المنفعة من وراء القرض أو تفصيل أنواع القروض بقروضٍ صناعية وقروضٍ استهلاكية ونحو ذلك، هذه فيها خلاف.
ولكن الخلاف فيها عندنا ضعيف لأنه ليس حجة لمن خالف في هذه المسائل حجة واضحة فهذه تُنكَرْ، تُلْحَقْ بالمسائل المجمع عليها، ولا تدخل في قول من قال (لا إنكار في مسائل الخلاف).
أما ما كان الخلاف فيه قوياً فهذا لا يُنكَرْ، مثل قراءة الفاتحة في الصلاة، فمن تركها مثلاً هذا الخلاف فيه قوي، هل تجب في الصلاة على المأموم أم لا تجب، يتحملها الإمام، هذا الخلاف فيها قوي معروف، مثل زكاة الحل ومثل إعفاء اللحية بعدم أخذ شيء منها أو بما زاد عن القبضة ونحو ذلك من المسائل.
هذه المسائل فيها خلاف، واختلف فيها العلماء ومذاهب الأئمة فيها معروفة ونحو ذلك.
هذه المسائل الخلاف فيها قوي، الباب فيها باب دعوة ومجادلة لا باب إنكار.
وبهذه المناسبة نُفَصِّل القول في مسألة من يقول (لا إنكار في مسائل الخلاف)، وبما ذكرت يتبين لك أن هذا القول على إطلاقه غلط، بل الصواب فيه أن تُفَصِّل القول في مسائل الخلاف، وذلك أن نقول مسائل الخلاف تنقسم قسمين:
- مسائل الخلاف فيها ضعيف فهذه يُنكر فيها.
- ومسائل الخلاف فيها قوي فهذه لا إنكار في مسائل الخلاف فيها.
ولهذا قيَّد طائفة من أهل العلم قول من قال (لا إنكار في مسائل الخلاف) بما إذا كان الخلاف قوياً، أما إذا كان الخلاف ضعيفاً فإنه يُنكَر، وتشابهها عبارة قول من قال (لا إنكار في مسائل الإجتهاد) هذه غير مسائل الخلاف لأن مسائل الإجتهاد غير مسائل الخلاف.
مسائل الإجتهاد التي اجتهد فيها أهل العلم في نازلة من النوازل.
نازلة من النوازل نزلت فاجتهد فيها العلماء، قال طائفة كذا وقال طائفة كذا.
فمسائل الإجتهاد ما يكون الإجتهاد فيها في إلحاق النازلة بالنص، ومسائل الخلاف ما كان الإجتهاد فيها راجعاً إلى فهم النص.
فإذا كان الفهم راجعاً إلى النص في مثل المسائل التي ذكرت لكم فهذه تسمى مسائل الخلاف.
لا إنكار في مسائل الخلاف التي خلافها قوي.
وأما مسائل الإجتهاد في إنكار فيها مطلقاً بدون تفصيل، لأنه اجتهد، ما دام أنه اجتهد في النازلة ليلحقها بالنصوص ولا نَصَّ فيها، فهذه لا يُثَرِّبُ أحد المجتهدين على الآخر ولا ينكر عليه إلا إذا كان اجتهاده في مقابلة النص أو في مصادمة القواعد الشرعية على ما هو معلوم في أصول الفقه.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[08 - 12 - 03, 01:31 ص]ـ
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/67.htm
أرجو أن يكون فيه تتمة للفائدة
ـ[الظافر]ــــــــ[09 - 12 - 03, 03:37 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
لكن ماحكم الخلاف في مسائل الإعتقاد؟ هل يسوغ فيها الخلاف؟
ـ[أبو محمد الديحاني]ــــــــ[09 - 12 - 03, 04:05 ص]ـ
من الخطأ الشائع ... أن يقال لا إنكار في مسائل الخلاف .... بل
الأولى أن يقال لا إنكار في مسائل الإجتهاد ....
والله أعلم ...
ـ[أبوعمر أحمد نجيب]ــــــــ[15 - 05 - 10, 10:38 م]ـ
الأدق أن يقال {لاانكار فى الخلاف ا لسائغ} الذى يحتمله كلا الدليين
بارك الله فيكم
ـ[محمد أمين حسيني]ــــــــ[19 - 05 - 10, 08:33 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[ابو جبل]ــــــــ[02 - 06 - 10, 11:27 ص]ـ
تفصيل الشيخ صالح حفظه الله لا يحل الاشكال وانما ينقله من صورة الي اخري فبعد ان كان النزاع في كون المسالة من مسائل الخلاف او الوفاق وهو حد مبهم لشموله ما يصلح فيه الانكار وما لا يصلح صار بين القوة والضعف وهو امر نسبي كذلك يختلف حسب نظر المجتهد
فالضعف والقوة ليست مصطلحا اصوليا يصلح حدا او ضابطا يقاس به الكلام فكل مجتهد يري دليله اقوي وان كان في حقيقته ضعيفا والعكس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/235)
ـ[المصلحي]ــــــــ[04 - 06 - 10, 06:04 م]ـ
94700807416
السلام عليكم
بما انني بعيد عن المكتبة فساكتب ما امتكله من العلم في هذه الجزئية، والله الموفق.
1 - لابد من تحديد ميدان هذه القاعدة قبل الكلام فيها:
هل هو جميع المسائل الشرعية اعتقادا وفقها؟
2 - ان قلنا انها عامة فلنتكلم هن باب العقائد
3 - التقسيم الصحيح للدين انه ينفسم الى اصول وفروع
4 - فالعقيدة فيها اصول وفروع، والفقه فيه اصول وفروع.
5 - تقسيم الدين الى اصول ويراد بها العقائد مطلقا وفروع ويراد بها الفقه مطلقا تقسيم خطا لانه قول المعتزلة.
6 - اذن توجد فروع في العقيدة.
7 - لم يختلف الصحابة في اصول العقيدة بل اختلفوا في فروعها.
8 - حصل من بعضهم الانكار على بعض في الفروع.
مثال: حديث عائشة رضي الله عنها في رؤية النبي عليه الصلاة والسلام لربه تعالى في الدنيا فيه انكار بل وانكار شديد على المخالف.
9 - وهناك حوادث لو تتبع احد الطلاب هذه القضايا وجمعها كلها لكان حسنا.
10 - ان قلنا ان القاعدة خاصة بميدان الفقه فهنا لابد من تعيين ما ياتي:
11 - الفرق بين التعليم والانكار، فنفي الانكار لايلزم منه نفي التعليم، بمعنى ان النهي عن الانكار لاعني النهي عن التعليم، فالمخالف لاتنكر عليه لكن علمه، ويشهد لذلك حديث بول الاعرابي في طائفة من المسجد (انما بعثت معلما)
والحديث الاخر (ان الملائكة لتصلي على معلم الناس الخير)
ويبدو لي من هاتين الكلمتين ان الانكار الصق بجهاز الحسبة، والتعليم الصق بالدعوة.
والحسبة ليست لكل احد.
لكن يعكر على هذا حديث (من راى منكم منكرا .... ) فهو عام لدلالة (من) الموصولة على العموم.
12 - ولابد من التفريق بين:
الخلاف المعتبر، والخلاف غير المعتبر.
وفي نظري ان تحديد هذا الشيء يحل كثيرا من الاشكال.
والاثر المترتب على ذلك:
الخلاف المعتبر: يجوز فيه التعليم، لا الانكار.
الخلاف غير المعتبر: فيه التعليم والانكار.
13 - هذا يتطلب ذكر مواصفات الخلاف غير المعتبر (غير المعتد به على وجه ادق) ساذكره لاحقا بعونه تعالى.
14 - ويبقى ان نقول ان المسالة برمتها متعلقة ايضا بالحكم الشرعي، فالانكار في المسائل الخلافية التي يدور حكمها بين الاستحباب وعدمه او الكراهة وعدمها يختلف عن المسائل التي يدور حكمها بين الوجوب وعدمه او التحريم وعدمه. ومن هنا نص بعض المحققين جواز ترك المستحبات لازالة الخلاف من اجل تاليف القلوب، وبسط ذلك ليس هذا موضعه.
فهذه اصول اربعة عشر تؤسس عليها ما سواها، وهي بمثابة عيون المسالة.
وساكمل هذا لاحقا لان الكهرباء مطفئة وبدا اللهيب يدب في اجزاء الحاسبة اما جسدي فقد تتصبب عرقا
نكمل لاحقا اذا شاء المولى
ـ[الدواخلي]ــــــــ[16 - 06 - 10, 07:36 م]ـ
اعانك الله(105/236)
منظومة للإمام الكبير ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ في أصول أهل الظاهر
ـ[مبارك]ــــــــ[28 - 01 - 04, 10:05 ص]ـ
قال الإمام الجليل أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ:
تَعدَّى سبيلَ الرُشْدِ مَنْ جَارَ واعْتَدى
وضَاءَ لَهُ نُورُ الهُدى فَتَبلَّدا
وخَابَ امرؤٌ وافاهُ حُكْمُ مُحمّدٍ
فَقَالَ بِآراءِ الرِّجالِ وقَلَّدا
نَبِيٌّ أَتَى بالْنُورِ مِنْ عِنْدِ ربِّهِ
وما جاءَ مِنْ عِنْدَ الإلهِ هُو الهُدى
أَرَى النَّاسَ أَحْزاباً وَكُلٌ يَرَىَ الَّذِي
يجيء بِهِ المُنْجِي وسائِرُهُ الرِّدى
وألْقَوْا كِتَابَ اللهِ خَلْفَ ظُهُورِهِم
وقَول رَسُولِ اللهِ ويْلَهُمُ غَدَا!
وقَلُوا: بأَنِّ الدِّينَ لَيْسَ بِكَاملٍ!
وكَذبَ مَا قَالُوا الإلهُ وَفَنِّدَا!
وَماَ فَرَّطَ الْرَحْمِنُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ
نَسِيًّا وَلَمْ يَتْرُكْ بَرِيَّتَهُ سُدَا
وَقَدْ فَصَّلَ التَحْرِيمَ والحلَّ كُلَّه
وَبَيَّنَ أَحْكَامَ العَبادِ وَسَدَّدَا
وَعَلَّمَ وَجْهَ الحُكْمِ فيمَا اعْتَدَوْا بِهِ
وَنَصَّ عَلَيْهِ الحُكْمَ نَصًّا وَرَدَّدَا
وَلَمْ يَتَعَبَّدْنَا بِعَنْتٍ وَلَمْ يُرِدْ
يُكَلفنا مَا لا نُطيقُ تَعَبُّدَا
وَحَرَّمَ قَوْلَ الظَّنِّ في غَيْرِ مَوْضِعٍ
وَأَنْ تَقْتَفِي مَا لَسْتَ تَعْلَمُ مَوْعِدَاَ!
أَخِي عَد عَنْ سُبْلِ الضَلالِ! فَإنَّنِي
رَأَيْتُ الهُدَى أَهْدَى دَلِيلاً وَأَرْشَدَا
وَدَعْ عَنْكَ آراءَ الرِجَالِ وَقَوْلَهُمْ
وخُذْ بِكِتَابِ اللهِ نَفْسِي لَكَ الفِدَا!
وقُلْ لِرَسُولِ اللهِ: سَمْعًا وطَاعَةً
إذَا قالَ قَوْلاً أَوْ تَيمّمَ مَقْصِدَا
أَوَامِرُهُ حَتْمُ عَلَيْنَا وَ نَهْيُهُ
تُلافِيهِ بالإقْلاع عَنْهُ مُجَرَّدَا
حَرَامٌ وَفَرْضٌ طَاعَةٌ قَدْ تَيَقَّنَتْ
وَمَنْ تَرَكَ التَخْيِيرَ وَالوَقف َ سَدَّدا
فإنْ لاحَ بُرْهَانٌ يُبَيِّنُ أَنَّهُ
عَلَى غَيرِ ذَا صِرْنَا مَعًا لِلَّذِي بَدَا
وأَفْعَالُهُ اللائِي تُبَيَّينُ وَاجِبًا
مِنَ اللهِ فَاحْمِلْهَا عَلَيْهِ وَماَ عَدَا
على أُسْوة لا زِلْتُ مَؤْتَسياً بِهِ
وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالسَعَيدُ مَنْ اقْتَدَا
وَإِقْرَارُهُ الأَفْعَالَ مِنْهُ إِبَاحةٌ
لَهاَ فَمُحَالٌ أَنْ تُقِّرَ مَنْ أَفْسَدَا
وَمَا صَحَّ عَنْهُ مُسْنَدًا قُلْ بِنَصِّهِ
وَإِيَّاكَ لا تَحْفَلْ بِمَا لَيْسَ مُسْنَدَا
وَسَوِّ كِتَابَ اللهِ بِالسُنَّةِ الَّتي
أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُو مِنَ الرَّدَى
سَوَاءٌ أَتَتْ نَقْلَ التَوَاتُرِ أَوْ أَتَتْ
بِمَا قَدْ رَوَى الآحَادُ مَثْنَى وَمَوْحِدا
وَقُلْ: إنَّهُ عِلْمٌ وَلا تَقُلْ إِنَّهُ
مِنَ الظَّنِ لَيْسَ الظَّنُّ مِنْ دِينِ أَحْمَدَا
فَكُلٌّ مِنَ الوَحْيِ المُنزَّلِ قَدْ أَتَى
عن اللهِ إِنَّ الذِكْرَ يُحْفَظُ سَرْمَدَا
وخُذْ ظَاهِرَ الأَلْفَاظِ لا تَتَعَدَّها
إِلَى غَايَةِ التَأْوِيل تَبْقَ مُؤَيَّدا
فَتَأْويلُها تَحْرِيفُها عَنْ مَكَانِهَا
وَمَنْ حَرَّفَ الالْفَاظَ حَادَ عَنِ الهُدَى
فَإنْ جَاءَ بُرْهَانٌ بِتَأْوِيلِ بَعْضِهَا
فَأَلْقِ إِلَى الحَقِّ الَّذِي جَاءَ مَقْلَدَا
وَكُلُّ عُمُومٍ جَاءَ فَلْحَقُّ حَمْلُهُ
على مُقْتَضَاهُ دُونَ أَنْ تَتَرَدّدا
وَإِنْ جَاءَ بالتخصيصِ نَصٌّ فُخُصَّه
بِهِ وَحْدَهُ واحْذَرْ بِأَنْ تَتَزَيَّدا!
وأَخْرِجْ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ وَإِنْ بَدَتْ
مُعَارَضَةٌ فَاشْدُدْ عَلَى الزَّائِدِ الْيَدَا
وَإِنْ صَحَّ مَا بَيْنَ النُّصُوصِ تَعَارُضٌ
فَمَنْسُوخُهَا مَا جَاءَ مِنْهُنَّ مُبْتَدَا
وَإِنْ عُدِمَ التَّارِيخُ فِيهَا فَخُذْ بمَا
يَزِيدُ عَلى المَعْهُودِ في الأَصْلِ تَرْشُدَا
تَكُنْ مُوقِنًا أَنْ قَدْ أَطَعْتَ وَتَارِكًا
لِكُلِّ مَقَالٍ قِيلَ بِالظَّنِّ مُبْعَدَا
وَكُلُّ مُبَاحٍ في الكِتابِ سِوى الَّذِي
يُفَصِّلُ بالتَّحْريم مِنْهُ مُعَدَّدا
وَإِنْ لَمْ يَرِدْ نصٌّ بِإِلْزامِ طَاعَةٍ
مِنَ اللهِ لَمْ يَلْزَمْكَ أَنْ تَتَعَبَّدَا
وَعِنْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ فَالحُكْمُ رَاجعٌ
إِلَيْهِ وَبِالْإِجْمَاعَ مِنْ بَعْدُ يُهْتَدَا
وَذَاكَ سَبيلُ المُؤْمِنينَ وَمَنْ يُرِدْ
خِلافَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ فَمَا اهْتَدَى
وَلا تَدَعِ الإِجْمَاعَ فِيمَا جَهِلْتَهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/237)
وَلَمْ تَعْلَم التَّحْقِيقَ جَمْعًا وَمُفْرَدا
وإِنْ امرُؤٌ في الدِّينِ حَكَّمَ نَفْسَه
قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانَ رَأْيٍ قَدْ اعْتَدَى
وَجَاءَ بِدَعْوَى لا دَليلَ يُقِيمُهَا
وأَسْرَفَ في دِينِ الإلهِ وأَلحَدَا
ومَنْ قَالَ مُحْتَاطًا بِردْعِ ذَرِيعَةٍ
بِرأْيٍ رآهُ قَدْ أتَى اللَّهوَ وَالرَّدَا
مُحِلَّ حَرَامٍ أَوْ مُحَرِّمَ مَا أَتَى
بِتَحْلِيلهِ مخطي الكِتَابِ تَعَمُّدَا
وَمَنْ يَدَّع نَسْخًا على الحُكْم لَمْ يَجِىءْ
على ذاكَ بالبُرْهَانِ لَيم مُفَنِّدَا
ولا تَنْتَقِلْ عَنْ حَالِ حُكْمٍ عَلِمْتَه
لِقَوْلٍ عَنِ الإِجْمَاع والنَّصِّ جُرِّدَا
مِنَ الْحِلِّ والتَّحْرِيمِ أَوْ مِنْ لَوازِمٍ
عَلَيْكَ فلا تَعْدُ السِّبِيلَ المُمَهَّدَا
ولا تَلْتَقِفْ حُكْمَ البلادِ وَجَرْيَهَا
عَلَى عَمَلٍ مِمَّنْ أَغَارَ وَأَنْجَدَا
وَإِنْ لَمْ تَجِدْ نَصًّا على الحُكْمِ فَالْتَمِسْ
إِلى قَصْدِهِ جَمْعَ النُّصُوصِ لِتَرْشُدَا
فَتَمْنَحَ حُكْمًا يَبْنِهَا قَدْ جَعَلْتَهُ
وَتَجْمَعَ شَمْلاً كَانَ مِنْهَا مُبَدَّدَا
وَذَاكَ عَلَى مَعْنَاهُ نَصٌّ وَإِنَّهُ
لَحَقٌّ كَمَا لَوْ كَانَ نَصًّا مُجَرَّدَا
وَهَذَا الذي يُدْعَى اجتهادًا ولَيْسَ ما
تَقُولُ أُلو الآراءِ تَلَدُّدَا
وَأَثْقَلَهُمْ جَمْعُ النُصُوصِ فَاَظْهَرُوا
عَلَى الدِينِ نُقْصَانَ النُصوصِ تَبَلُّدا
وَقَالُوا: لَنَا إِكْمَالُهُ وَتَمَامُهُ!
تَبَارَكْتَ رَبِّي أَنْ تَكُونَ مُفَنَّدَا!
وَقَدْ قُلْتَ: إِنَّ الدِّينَ أَكْمَلْتَهُ لَنَا
وَفصَّلْتَهُ والحَقُّ ما قُلتَ أَمْجَدَا
ولا تَلْتَفِتْ عِنْدَ الخِطَابِ دَلِيلَهُ
ولا تَلْتَزِمْ شَرْعًا سِوَى شَرْع أَحْمَدَا
فَكُلُّ نَبِيًّ خَصَّ إِنْذَارَ قَوْمِهِ
وَأَحْمَدُ عَمَّ النَّاسَ أَدْنَى وَأَبْعَدَا
وأَخْلِصْ لَدَى الأَعْمَالِ نِيَّتَكَ الَّتي
بِهَا تَرْتَقِي الأَعْمَالُ للهِ مُصعِدَا
وَصَلِّ عَلَى الزَاكي المُجِيرِ مِنَ العَمَى
نَبيِّ الهُدَى خَيْرِ الأَنَامِ مُحَمَّدا
وَلَلهِ حَمْدَي سَرْمَدًا غيرَ مُنْقَضٍ
عَلَى مَا هَدَى حَمْدًا كَثيرًا مُرَدَّدَا
قال مبارك: هذه المنظومة الماتعة نقلاً من كتاب " نوادر الإمام ابن حزم " السفر الثاني ص112 ـ 117، و" مجموعة الرسائل الكمالية رقم 16 " ص 257 ـ 263، ونشرها أيضاً الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني بمجلة معهد المخطوطات العربية في الجزء الأول من المجلد الحادي والعشرين عام 1975م ص 148 ـ 151.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[28 - 01 - 04, 05:10 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا عبدالرحمن
ورحم الله الإمام أبا محمد بن حزم
هذا محاولة لتنسيق القصيدة لتسهل قراءتها لمن أراد
قال الإمام الجليل أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ:
تَعدَّى سبيلَ الرُشْدِ مَنْ جَارَ واعْتَدى== وضَاءَ لَهُ نُورُ الهُدى فَتَبلَّدا
وخَابَ امرؤٌ وافاهُ حُكْمُ مُحمّدٍ ===== فَقَالَ بِآراءِ الرِّجالِ وقَلَّدا
نَبِيٌّ أَتَى بالْنُورِ مِنْ عِنْدِ ربِّهِ ==== وما جاءَ مِنْ عِنْدَ الإلهِ هُو الهُدى
أَرَى النَّاسَ أَحْزاباً وَكُلٌ يَرَىَ الَّذِي = يجيء بِهِ المُنْجِي وسائِرُهُ الرِّدى
وألْقَوْا كِتَابَ اللهِ خَلْفَ ظُهُورِهِم === وقَول رَسُولِ اللهِ ويْلَهُمُ غَدَا!
وقَالُوا: بأَنِّ الدِّينَ لَيْسَ بِكَاملٍ! === وكَذَّبَ مَا قَالُوا الإلهُ وَفَنِّدَا!
وَماَ فَرَّطَ الْرَحْمَنُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ ==== نَسِيًّا وَلَمْ يَتْرُكْ بَرِيَّتَهُ سُدَا
وَقَدْ فَصَّلَ التَحْرِيمَ والحلَّ كُلَّه ===== وَبَيَّنَ أَحْكَامَ العَبادِ وَسَدَّدَا
وَعَلَّمَ وَجْهَ الحُكْمِ فيمَا اعْتَدَوْا بِهِ == وَنَصَّ عَلَيْهِ الحُكْمَ نَصًّا وَرَدَّدَا
وَلَمْ يَتَعَبَّدْنَا بِعَنْتٍ وَلَمْ يُرِدْ ======== يُكَلفنا مَا لا نُطيقُ تَعَبُّدَا
وَحَرَّمَ قَوْلَ الظَّنِّ في غَيْرِ مَوْضِعٍ = وَأَنْ تَقْتَفِي مَا لَسْتَ تَعْلَمُ مَوْعِدَاَ!
أَخِي عَدِّ عَنْ سُبْلِ الضَلالِ! فَإنَّنِي = رَأَيْتُ الهُدَى أَهْدَى دَلِيلاً وَأَرْشَدَا
وَدَعْ عَنْكَ آراءَ الرِجَالِ وَقَوْلَهُمْ = وخُذْ بِكِتَابِ اللهِ نَفْسِي لَكَ الفِدَا!
وقُلْ لِرَسُولِ اللهِ: سَمْعًا وطَاعَةً ==== إذَا قالَ قَوْلاً أَوْ تَيمّمَ مَقْصِدَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/238)
أَوَامِرُهُ حَتْمُ عَلَيْنَا وَ نَهْيُهُ ======== تُلافِيهِ بالإقْلاع عَنْهُ مُجَرَّدَا
حَرَامٌ وَفَرْضٌ طَاعَةٌ قَدْ تَيَقَّنَتْ == وَمَنْ تَرَكَ التَخْيِيرَ وَالوَقف َ سَدَّدا
فإنْ لاحَ بُرْهَانٌ يُبَيِّنُ أَنَّهُ ====== عَلَى غَيرِ ذَا صِرْنَا مَعًا لِلَّذِي بَدَا
وأَفْعَالُهُ اللائِي تُبَيَّينُ وَاجِبًا ===== مِنَ اللهِ فَاحْمِلْهَا عَلَيْهِ وَماَ عَدَا
على أُسْوة لا زِلْتُ مَؤْتَسياً بِهِ == وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالسَعَيدُ مَنْ اقْتَدَا
وَإِقْرَارُهُ الأَفْعَالَ مِنْهُ إِبَاحةٌ ====== لَهاَ فَمُحَالٌ أَنْ تُقِّرَ مَنْ أَفْسَدَا
وَمَا صَحَّ عَنْهُ مُسْنَدًا قُلْ بِنَصِّهِ == وَإِيَّاكَ لا تَحْفَلْ بِمَا لَيْسَ مُسْنَدَا
وَسَوِّ كِتَابَ اللهِ بِالسُنَّةِ الَّتي == أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُو مِنَ الرَّدَى
سَوَاءٌ أَتَتْ نَقْلَ التَوَاتُرِ أَوْ أَتَتْ = بِمَا قَدْ رَوَى الآحَادُ مَثْنَى وَمَوْحِدا
وَقُلْ: إنَّهُ عِلْمٌ وَلا تَقُلْ إِنَّهُ == مِنَ الظَّنِ لَيْسَ الظَّنُّ مِنْ دِينِ أَحْمَدَا
فَكُلٌّ مِنَ الوَحْيِ المُنزَّلِ قَدْ أَتَى == عن اللهِ إِنَّ الذِكْرَ يُحْفَظُ سَرْمَدَا
وخُذْ ظَاهِرَ الأَلْفَاظِ لا تَتَعَدَّها ===== إِلَى غَايَةِ التَأْوِيل تَبْقَ مُؤَيَّدا
فَتَأْويلُها تَحْرِيفُها عَنْ مَكَانِهَا = وَمَنْ حَرَّفَ الالْفَاظَ حَادَ عَنِ الهُدَى
فَإنْ جَاءَ بُرْهَانٌ بِتَأْوِيلِ بَعْضِهَا === فَأَلْقِ إِلَى الحَقِّ الَّذِي جَاءَ مَقْلَدَا
وَكُلُّ عُمُومٍ جَاءَ فَالْحَقُّ حَمْلُهُ ==== على مُقْتَضَاهُ دُونَ أَنْ تَتَرَدّدا
وَإِنْ جَاءَ بالتخصيصِ نَصٌّ فُخُصَّه == بِهِ وَحْدَهُ واحْذَرْ بِأَنْ تَتَزَيَّدا!
وأَخْرِجْ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ وَإِنْ بَدَتْ = مُعَارَضَةٌ فَاشْدُدْ عَلَى الزَّائِدِ الْيَدَا
وَإِنْ صَحَّ مَا بَيْنَ النُّصُوصِ تَعَارُضٌ = فَمَنْسُوخُهَا مَا جَاءَ مِنْهُنَّ مُبْتَدَا
وَإِنْ عُدِمَ التَّارِيخُ فِيهَا فَخُذْ بمَا = يَزِيدُ عَلى المَعْهُودِ في الأَصْلِ تَرْشُدَا
تَكُنْ مُوقِنًا أَنْ قَدْ أَطَعْتَ وَتَارِكًا === لِكُلِّ مَقَالٍ قِيلَ بِالظَّنِّ مُبْعَدَا
وَكُلُّ مُبَاحٍ في الكِتابِ سِوى الَّذِي === يُفَصِّلُ بالتَّحْريم مِنْهُ مُعَدَّدا
وَإِنْ لَمْ يَرِدْ نصٌّ بِإِلْزامِ طَاعَةٍ ===== مِنَ اللهِ لَمْ يَلْزَمْكَ أَنْ تَتَعَبَّدَا
وَعِنْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ فَالحُكْمُ رَاجعٌ = إِلَيْهِ وَبِالْإِجْمَاعَ مِنْ بَعْدُ يُهْتَدَا
وَذَاكَ سَبيلُ المُؤْمِنينَ وَمَنْ يُرِدْ == خِلافَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ فَمَا اهْتَدَى
وَلا تَدَّعِ الإِجْمَاعَ فِيمَا جَهِلْتَهُ == وَلَمْ تَعْلَم التَّحْقِيقَ جَمْعًا وَمُفْرَدا
وإِنْ امرُؤٌ في الدِّينِ حَكَّمَ نَفْسَه = قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانَ رَأْيٍ قَدْ اعْتَدَى
وَجَاءَ بِدَعْوَى لا دَليلَ يُقِيمُهَا ==== وأَسْرَفَ في دِينِ الإلهِ وأَلحَدَا
ومَنْ قَالَ مُحْتَاطًا بِردْعِ ذَرِيعَةٍ === بِرأْيٍ رآهُ قَدْ أتَى اللَّهوَ وَالرَّدَا
مُحِلَّ حَرَامٍ أَوْ مُحَرِّمَ مَا أَتَى ===== بِتَحْلِيلهِ مخطي الكِتَابِ تَعَمُّدَا
وَمَنْ يَدَّع نَسْخًا على الحُكْم لَمْ يَجِىءْ = على ذاكَ بالبُرْهَانِ لَيس مُفَنِّدَا
ولا تَنْتَقِلْ عَنْ حَالِ حُكْمٍ عَلِمْتَه = لِقَوْلٍ عَنِ الإِجْمَاع والنَّصِّ جُرِّدَا
مِنَ الْحِلِّ والتَّحْرِيمِ أَوْ مِنْ لَوازِمٍ = عَلَيْكَ فلا تَعْدُ السِّبِيلَ المُمَهَّدَا
ولا تَلْتَقِفْ حُكْمَ البلادِ وَجَرْيَهَا === عَلَى عَمَلٍ مِمَّنْ أَغَارَ وَأَنْجَدَا
وَإِنْ لَمْ تَجِدْ نَصًّا على الحُكْمِ فَالْتَمِسْ = إِلى قَصْدِهِ جَمْعَ النُّصُوصِ لِتَرْشُدَا
فَتَمْنَحَ حُكْمًا يَبْنِهَا قَدْ جَعَلْتَهُ === وَتَجْمَعَ شَمْلاً كَانَ مِنْهَا مُبَدَّدَا
وَذَاكَ عَلَى مَعْنَاهُ نَصٌّ وَإِنَّهُ ==== لَحَقٌّ كَمَا لَوْ كَانَ نَصًّا مُجَرَّدَا
وَهَذَا الذي يُدْعَى اجتهادًا ولَيْسَ ما == تَقُولُ أُلو الآراءِ مِنْهَا تَلَدُّدَا
وَأَثْقَلَهُمْ جَمْعُ النُصُوصِ فَاَظْهَرُوا = عَلَى الدِينِ نُقْصَانَ النُصوصِ تَبَلُّدا
وَقَالُوا: لَنَا إِكْمَالُهُ وَتَمَامُهُ! === تَبَارَكْتَ رَبِّي أَنْ تَكُونَ مُفَنَّدَا!
وَقَدْ قُلْتَ: إِنَّ الدِّينَ أَكْمَلْتَهُ لَنَا = وَفصَّلْتَهُ والحَقُّ ما قُلتَ أَمْجَدَا
ولا تَلْتَفِتْ عِنْدَ الخِطَابِ دَلِيلَهُ = ولا تَلْتَزِمْ شَرْعًا سِوَى شَرْع أَحْمَدَا
فَكُلُّ نَبِيًّ خَصَّ إِنْذَارَ قَوْمِهِ ==== وَأَحْمَدُ عَمَّ النَّاسَ أَدْنَى وَأَبْعَدَا
وأَخْلِصْ لَدَى الأَعْمَالِ نِيَّتَكَ الَّتي = بِهَا تَرْتَقِي الأَعْمَالُ للهِ مُصعِدَا
وَصَلِّ عَلَى الزَاكي المُجِيرِ مِنَ العَمَى = نَبيِّ الهُدَى خَيْرِ الأَنَامِ مُحَمَّدا
وَ لِلَّهِ حَمْدَي سَرْمَدًا غيرَ مُنْقَضٍ = عَلَى مَا هَدَى حَمْدًا كَثيرًا مُرَدَّدَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/239)
ـ[مبارك]ــــــــ[28 - 01 - 04, 08:57 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء أخي الكريم المفضال خالد بن عمر وما أكثر فوائدك
وبارك الله فيك وفي علمك ووقتك
ـ[ yousef] ــــــــ[28 - 01 - 04, 10:06 م]ـ
جزاكما الله خيرا ورحم الله الحافظ أبا محمد بن حزم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[28 - 01 - 04, 11:09 م]ـ
هذه كلمات اجتهدت في تعديلها، أرجو من أبي عبدالرحمن وفقه الله أن يتأكد منها ويخبرني بالصواب، فإن كانت كما عدَّلتها فالحمد لله، وإلا طلبت من المشرف إرجاعها كما كتبها أبو عبدالرحمن في مشاركته الأولى
وقَلُوا: بأَنِّ الدِّينَ لَيْسَ بِكَاملٍ التعديل = وقالوا
وكَذبَ مَا قَالُوا الإلهُ وَفَنِّدَا! التعديل = وكذَّب
وَماَ فَرَّطَ الْرَحْمِنُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ التعديل = الرَّحْمَن
أَخِي عَد عَنْ سُبْلِ الضَلالِ! فَإنَّنِي التعديل = عَدِّ
وَكُلُّ عُمُومٍ جَاءَ فَلْحَقُّ حَمْلُهُ التعديل = فالحق
وَلا تَدَعِ الإِجْمَاعَ فِيمَا جَهِلْتَهُ التعديل = تَدَّعِ
على ذاكَ بالبُرْهَانِ لَيم مُفَنِّدَا التعديل = لَيسَ
وَهَذَا الذي يُدْعَى اجتهادًا ولَيْسَ ما === تَقُولُ أُلو الآراءِ تَلَدُّدَا
هذا البيت كأن فيه سقط بين كلمتي (الآراءِ) == (تَلَدُّدَا)
أرجوا من أبي عبدالرحمن التأكد من ذلك
وَلَلهِ حَمْدَي سَرْمَدًا غيرَ مُنْقَضٍ التعديل = وَ لِلَّهِ
ـ[مبارك]ــــــــ[29 - 01 - 04, 05:00 ص]ـ
(وقَلُوا): الصواب (وقَالُوا) وهي هكذا في المصادر التي نقلتُ منها، والخطأ نتيجة السرعة في النقل لا غير.
(وكَذبَ): الصواب (وكذَّب)
(الْرَحْمِنُ): الصواب (الْرَحْمَنُ) والخطأ نتيجة السرعة في النقل.
(عَد) هكذا في " مجموعة الرسائل الكمالية " ولعل الصواب (عُدْ).
(فَلْحَقُّ) الصواب (فَالْحَقُّ) والخطأ نتيجة السرعة في النقل.
(تَدَعِ) هكذا في " مجموعة الرسائل الكمالية " ولعل الصواب (تَدَّعِ).
(ليم) هكذا صوبه العلامة ابن عقيل الظاهري وفي " مجموعة الرسائل الكمالية " (لَيْسَ).
(وهذا الذي يدعي اجتهادا وليس ما ..... تقول ألو الآراء منها تلددا).
(وَلَله): الصواب (وَلِلهِ) والخطأ نتيجة السرعة في النقل.
قال أبو عبدالرحمن: شكرا لك أخي المفضال خالد بن عمر أسأل الله لك الأجر والمثوبة.(105/240)
الإجماع عند الإمام الشافعي
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[11 - 02 - 04, 09:43 ص]ـ
قال الإمام الشافعي في الرسالة (534): لستُ أقول؛ ولا أحد من أهل العلم: "هذا مجتمع عليه" إلا لما لا تَلقى عالماً أبداً إلا قاله لك وحكاه عن من قاله، كالظهر أربع، وكتحريم الخمر وما أشبه هذا. اهـ.
وقال أيضاً لمن سأله عن وجود الإجماع (جماع العلم 7/ 257): نعم بحمد الله، كثير في جملة من الفرائض التي لا يسع أحداً جهلها، فذلك الإجماع هو الذي لو قلت فيه: "أجمع الناس" لم تجد حولك أحداً يقول لك: "ليس هذا بإجماع" فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها، وفي أشياء من أصول العلم دون فروعه. اهـ.
فنستنتج من هذين النصين:
1) أن المجمع عليه عند الإمام الشافعي هو المعلوم من الدين بالضرورة.
2) أن الإجماع عنده لا يكون في الفروع.
فما قولكم؟
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[13 - 02 - 04, 08:37 ص]ـ
ولعلّه ما كان يسمّيه الإمام الشافعي بـ "خبر العامة عن العامة" في الرسالة وغيرها.
والله أعلم.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[13 - 02 - 04, 10:13 ص]ـ
بالنسبة لرأى الإمام الشافعي في الإجماع ظاهر كلامه يدل على أن المجمع عليه هو المعلوم من الدين بالضرورة كما نص عليه في غير موضع.
وللشافعي أيضا أقوال صريحة لا يمكن دفعها يقول فيها بحجية الإجماع مطلقا من غير تقييده بالمعلوم من الدين بالضرورة، أو ما تنقله العامة عن العامة،
فهل نقول أن الشافعي أطلق في موضع، وقيد في موضع فهنا يحمل المطلق على المقيد من كلامه أم لا؟
أما مراد الشافعي بهذه العبارة: (وفي أشياء من أصول العلم دون فروعه) قد يكون مما يدفع الإشكال عن هذه العبارة هو معرفة مراد الشافعي بالأصول والفروع، فإذا قلنا: بأن الأصول هي ما انضبط بالدلائل الشرعية أنه من الأصول، فهذا هو بعينه ما تنقله العامة عن العامة، وهو المعلوم من الدين بالضرورة.
أما الفروع فقد يكون مراده منها والله أعلم: (ما ينوب العباد من فروع الفرائض، وما يُخَصُّ به من الاحكام وغيرها، مما ليس فيه نص كتاب، ولا في أكثره نص سنة.) كما ذكر في الرسالة (ص: 359)
فإذا قلنا الشافعي لا يرى الإجماع في الفروع فلعل هذا لا يشكل على رأيه الذي صرح به في غير موضع، فقد يصرف بأي صارف.
فلعله يقال: بأن الفروع مما لا نص فيه، والإجماع لا يكون بغير مستند.
والله أعلم أرجو من الأخوة تصوبي إن أخطأت ...
=====================
ذكر الإمام ابن القيم – رحمه الله – في كتابه الصلاة وحكم تاركها.
(ص: 91 – 92) ما نصه:
قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا نعلم للناس اختلافا، إذ لم يبلغه. وقال في رواية المروزي: كيف يجوز للرجل أن يقول: ((أَجْمَعوا))؟ إذا سمعتهم يقولون ((أجمعوا))، فاتهمهم لو قال: إني لا اعلم مخالفا كان أسلم. وقال في رواية أبي طالب: هذا كذب ما اعلمه أن الناس مجمعون؟ ولكن يقول: ما اعلم فيه اختلافا، فهو احسن من قوله: اجمع الناس. وقال في رواية ابي الحارث: لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع،لعل الناس اختلفوا.
وقال الشافعي في أثناء مناظرته لمحمد بن الحسن: لا يكون لأحد أن يقول: أجمعوا، حتى يعلم إجماعهم في البلدان، ولا يقبل على أقاويل من نأت داره منهم ولا قربت، إلا خبر الجماعة عن الجماعة.
فقال لي: تُضَيِّقُ هذا جداً؟ قلت له: وهو مع ضيقه غير موجود.
وقال: في موضع آخر وقد بين ضعف دعوى الإجماع وطالب من يناظره بمطالبات عجز عنها، فقال له المناظر: فهل من إجماع؟ قلت: نعم الحمد لله كثيرا، في كل الفرائض التي لا يسع جهلها، وذلك الإجماع هو الذي إذا قلت: اجمع الناس، لم تجد أحداً يقول لك: ليس هذا بإجماع.
فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها.
وقال بعد كلام طويل حكاه في مناظرته: أو ما كفاك عيب الإجماع، أنه لم يرو عن أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوى الإجماع، إلا فيما لم يختلف فيه أحد، إلى أن كان أهل زمانك هذا؟
وقال الشافعي في رسالته: ما لا يعلم فيه خلاف، فليس إجماعا.
فهذا كلام أئمة أهل العلم في دعوى الإجماع كما ترى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 09:17 م]ـ
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
أما الكلام المنقول عن الإمام الشافعي رحمه الله من الرسالة فليس من قوله بل هو من قول المناظر له فليتنبه لهذا
وأما المنقول من جماع العلم فيقصد به أن هذا الإجماع الذي يقبله الناس كلهم ويكفر منكره، وليس معنى هذا نفيه للإجماع كلية، فقد استدل في مواضع متعددة بالإجماع في الفروع منها مواضع في كتاب الرسالة و لعلي أذكر بعض الأمثلة على ذلك بإذن الله تعالى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 10:01 م]ـ
وأيضا قد يقصد الإمام الشافعي أن هذا الذي يسمى إجماعا، وما لم يكن كذلك يمكن أن يقول العالم لاأعلم فيه خلافا حتى لايقع في الخطأ
وأما تعليق الشخ أحمد شاكر رحمه الله على جماع العلم ص 66 فلا يوافق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/241)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 11:08 م]ـ
مما يوضح ماسبق ما جاء في كتاب الأم
باب سجود القرآن سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت}؟ فقال: فيها سجدة فقلت: وما الحجة أن فيها سجدة؟ (قال الشافعي): أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن {أن أبا هريرة قرأ لهم {إذا السماء انشقت} فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها}.
(قال الشافعي): وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ {والنجم إذا هوى} فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى. (قال الشافعي): وأخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت}
وسألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر سجد في سورة الحج سجدتين.
(قال الشافعي): أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين
فقلت للشافعي: فإنا نقول: اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء
فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم: اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل قولهم لك أن يقولوا: لا نعلم من أهل العلم مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه فإما أن تقولوا اجتمع الناس وأهل المدينة معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم النظر بهما لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذ كنتم إنما أنتم معتضدون على علم مالك رحمه الله وإياه وكنتم تروون {عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في {إذا السماء انشقت}} وأن أبا هريرة سجد فيها ثم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها.
(قال): وأنتم تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل للمدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم قول النبي صلى الله عليه وسلم {البينة على المدعي , واليمين على المدعى عليه} لقول عمر ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} ومعه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي أبي هريرة فتتركونه , ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العلم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه ثم أبو هريرة في الصحابة ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال: كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} وأن عمر أمر بالسجود فيها , وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله , وهذا من علماء التابعين فيقال: قولكم اجتمع الناس لما تحكون فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم ثم لا تروون عن غيره خلافه ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون: ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون: أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون. وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون موجودا عليه لما فيه مما لا يخفى على أحد يعقل إذا سمعه أرأيت إذا قيل لكم: أي الناس أجمع على أن لا سجود في المفصل , وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم خلافهم أليس تقولون: أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا: أجمع الناس أن لا سجود في المفصل؟
فإن قلتم: لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول: أجمعوا فقد قلتم: أجمعوا , ولم ترووا عن واحد من الأئمة قولكم , ولا أدري من الناس عندكم أخلق كانوا لم يسم واحد منهم , وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا: أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه: اخترنا كذا , ولا تدعوا الإجماع فتدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد نسب إلى علم أقبح من هذا
قلت للشافعي: أرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين
فقال الشافعي: أفرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من خالف قول من أخذت بقوله أجمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا , وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما أجمع الناس على قول فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال: إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت: هذا الصدق المحض فلا تفارقه , ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف , وهو لا يوجد بالمدينة إلا وجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا ما اختلف فيه أهل المدينة بينهم.
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى: واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك دالا على ما سواه إذا أردت أن تقول: أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فيه فقله , وإن كانوا اختلفوا فيه فلا تقله فإن الصدق في غيره. .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/242)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 11:39 م]ـ
وفي الأم كذلك
(قال الشافعي): ولو تكارى الأرض بالثمرة دون الأرض والشجر فإن كانت الثمرة قد حل بيعها جاز الكراء بها , وإن كانت لم يحل بيعها لم يحل الكراء بها. قال الله تبارك وتعالى {, ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} وقال عز وجل {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا} فكانت الآيتان مطلقتين على إحلال البيع كله إلا أن تكون دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلمأو في إجماع المسلمين الذين لا يمكن أن يجهلوا معنى ما أراد الله , تخص تحريم بيع دون بيع فنصير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه ; لأنه المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد الله خاصا وعاما ووجدنا الدلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم شيئين: أحدهما: التفاضل في النقد , والآخر: النسيئة كلها وذلك أنه يحرم الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد , وكذلك الفضة , وكذلك أصناف من الطعام الحنطة والشعير والتمر والملح فحرم في هذا كله معنيان التفاضل في الجنس الواحد وأباح التفاضل في الجنسين المختلفين وحرم فيه كله النسيئة
فقلنا: الذهب والورق هكذا ; لأن نصه في الخبر وقلنا كل ما كان مأكولا ومشروبا هكذا ; لأنه في معنى ما نص في الخبر , وما سوى هذا فعلى أصل الآيتين من إحلال الله , البيع حلال كله بالتفاضل في بعضه على بعض يدا بيد ونسيئة فكانت لنا بهذا دلائل مع وصفنا , منها {أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع عبدا بعبدين} وأجاز ذلك علي بن أبي طالب وابن المسيب وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم , ولو لم يكن فيه هذا الخبر ما جاز فيه إلا هذا القول على هذا المعنى أو قول ثان ,
وهو أن يقال: إذا كان الشيئان من صنف واحد فلا يجوز إلا أن يكونا سواء بسواء وعينا بعين ومثلا بمثل كما يكون الذهب بالذهب , وإذا اختلفا فلا بأس بالتفاضل يدا بيد , ولا خير فيه نسيئة كما يكون الذهب بالورق والتمر بالحنطة.
ثم لم يجز أن يباع بعير ببعيرين يدا بيد من قبل أنهما من صنف واحد , وإن اختلفت رحلتهما ونجابتهما , وإذا لم يجز يدا بيد كانت النسيئة أولى أن لا تجوز , فإن قال قائل: قد يختلفان في الرحلة , وكذلك التمر قد يختلف في الحلاوة والجودة حتى يكون المد من البرني خيرا من المدين من غيره , ولا يجوز إلا مثل بمثل ويدا بيد ; لأنهما تمران يجمعان معا على صاحبهما في الصدقة ; لأنهما جنس , وكذلك البعيران جنس يجتمعان على صاحبهما في الصدقة , وكذلك الذهب منه ما يكون المثقال ثمن ثلاثين درهما لجودته ومنه ما يكون المثقال بشيء أقل منه بكثير لتفاضلهما , ولا يجوز , وإن تفاضلا أن يباعا إلا مثلا بمثل يدا بيد ويجمعان على صاحبهما في الصدقة ,
فإما أن تجري الأشياء كلها قياسا عليه , وإما أن يفرق بينها وبينه كما قلنا وبالدلائل التي وصفنا , وبأن المسلمين أجمعوا على أن الذهب والورق يسلمان فيما سواهما بخلاف ما سواهما فيهما , فأما أن يتحكم المتحكم فيقول مرة في شيء من الجنس لا يجوز الفضل في بعضه على بعض قياسا على هذا. ثم يقول مرة أخرى ليس هو من هذا فإن كان هذا جائزا لأحد جاز لكل امرئ أن يقول ما خطر على قلبه , وإن لم يكن من أهل العلم ; لأن الخاطر لا يعدو أن يوافق أثرا , أو يخالفه , أو قياسا أو يخالفه , فإذا جاز لأحد الأخذ بالأثر وتركه والأخذ بالقياس وتركه لم يكن ها هنا معنى إلا أن يقول امرؤ بما شاء , وهذا محرم على الناس
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 11:42 م]ـ
وفي الأم
قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لا ترث مبتوتة في عدة كانت أو غير عدة وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن طلق امرأته إن شاء الله على أنها لا ترث
وأجمع المسلمون أنه إذا طلقها ثلاثا ثم آلى منها لم يكن موليا وإن تظاهر لم يكن متظاهرا وإذا قذفها لم يكن له أن يلاعنها ويبرأ من الحد وإن ماتت لم يرثها
فلما أجمعوا جميعا أنها خارجة من معاني الأزواج لم ترثه.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 11:48 م]ـ
وكذلك في الأم (7/ 282)
وفي مختصر المزني
باب جزاء الصيد (قال الشافعي): وعلى من قتل الصيد الجزاء عمدا كان أو خطأ والكفارة فيهما سواء ; لأن كلا ممنوع بحرمة وكان فيه الكفارة وقياس ما اختلفوا من كفارة قتل المؤمن عمدا على ما أجمعوا عليه من كفارة قتل الصيد عمدا (قال): والعامد أولى بالكفارة في القياس من المخطئ.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 02 - 04, 03:54 ص]ـ
لا يفهم من كلام الإمام أحمد أنه لا يرى حجة الإجماع، فقد احتج في نجاسة الدم بأن الناس قد اجتمعوا على نجاسته. لكنه يحذر من زعم الإجماع الكاذب، وقد أكثر المتأخرون من ذلك. والله أعلم.
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[15 - 02 - 04, 10:27 ص]ـ
صدقت شيخنا أبا عمر لقد رجعتُ إلى الرسالة وفيها أنه من كلام مناظر الشافعي، ولم يذكر ذلك زكريا الباكستاني في أصول الفقه على منهج أهل الحديث. فجزاك الله خيراً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/243)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 09 - 09, 02:31 ص]ـ
الشيخ عبد الرحمن الفقيه .. جزاك اللهُ خيراً
ـ[أحمد وفاق مختار]ــــــــ[29 - 09 - 09, 04:05 ص]ـ
بحث مقدم لنيل درجة الماجستير:
الإجماع عند الشافعي بين التقعيد الأصولي والتطبيق الفقهي
http://ia301508.us.archive.org/0/items/Rasa2l_Game3yah_1/Egmaa_Shaf3i.pdf
ـ[محمد العداوي]ــــــــ[29 - 09 - 09, 04:12 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي جعلني من أهل هذا الملتقى المبارك الذي طالما حلمت أن أكون من أهله
صدقت يا شيخنا أبا عمر فيما قلت ...... جزاك الله
ـ[عبد الملك المصرى]ــــــــ[05 - 10 - 09, 05:44 م]ـ
بارك الله فيك(105/244)
من يكتب لنا منهجًا لدراسة "القواعد الفقهية"؟
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[01 - 03 - 04, 03:48 ص]ـ
إخواننا الكرام -وفقهم الله-
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.
من يكتب لنا منهجًا لدراسة "القواعد الفقهية" على غرار ما جاء في كتاب «الدليل إلى المتون العلمية» / لفضيلة الشيخ (عبد العزيز بن إبراهيم القاسم) -حفظه الله تعالى-، وذلك بذكر الكتب الخاصة بهذا العلم على المذاهب الأربعة والتدرج فيها وذكر طبعاتها؟ لأني لم أرَ الشيخ (عبد العزيز) -أثابه الله- قد تعرض لها في كتابه «الدليل ... ».
وجزاكم الله خيرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[01 - 03 - 04, 11:41 م]ـ
للرفع
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:49 م]ـ
من يضع لنا المنهج؟ بارك الله فيكم.
ـ[حمد آل عقيل]ــــــــ[05 - 03 - 04, 12:29 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة وبركاته ..
هذه أبرز الكتب في القواعد الفقهية عند المذاهب الأربعة ..
في المذهب الحنفي:
1 - أصول الكرخي.
2 - تأسيس النظر للدبوسي.
3 - الأشباه والنظائر لابن نجيم.
4 - مجلة الأححكام العدلية.
في المذهب المالكي:
1 - إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي.
2 - الفروق للقرافي.
3 - القواعد للمقري.
في المذهب الشافعي:
1 - قواعد الأحكام في مصالح الأنام لابن عبد السلام.
2 - الأشباه والنظائر لابن الوكيل.
3 - المجموع المذهب في قواعد المذهب للعلائي.
4 - الأشباه والنظائر للسبكي
5 - المنثور في القواعد للزركشي.
6 - الأشباه والنظائر للسيوطي.
في المذهب الحنبلي:
1 - القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام بن تيمية.
2 - القواعد لابن رجب.
3 - قواعد مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
4 - القواعد والأصول الجامعة للشيخ السعدي.
وهذه الكتب المذكورة منها المشروح والمنظوم والمحشى والمختصر، ولقد اهتم علماء المسلمين بهذا العلم الجليل القدر.
وهناك كتب معاصرة يحسُن بطالب العلم الإفادة منها .. ككتاب الشيخ الزرقا المدخل الفقهي العام وكتاب أبيه الذي اعتنى به شرح القواعد الفقهية وكتاب القواعد الفقهية للندوي ولاننسَ اهتمام الشيخ محمد البورنو بهذا العلم الأصيل وتجلى ذلك بإخراجه موسوعة قيمة في القواعد الفقهية وكتابه المختصر المعنون بـ " الوجيز في إيضاح قواعد الفقهية الكلية " وأيضاً هناك نظم للشيخ بن عثيمين في القواعد وقد شرحه، وكتاب القواعد الفقهية للشيح يعقوب الباحسين .. وهناك رسائل مجاستير في القواعد الفقهية عند شيخ الإسلام بن تيمية .. أجاد فيه الباحثون وأفادوا.
هذا الذي يحضرني الآن .. وأسأل الله أن يوفقني لكتابة فصلٍ منهجي في تعلم القواعد الفقهية.
هذا والله أعلم.
حمد العقيل
ـ[العيدان]ــــــــ[05 - 03 - 04, 12:52 ص]ـ
بسم
الله
هناك كتاب اسمه
الممتع في القواعد لمسلم الدوسري
ـ[حمد آل عقيل]ــــــــ[05 - 03 - 04, 01:15 ص]ـ
وإضافة لما ذكر .. أنوه بكتاب " إيضاح القواعد الفقهية " للشيخ عبد الله الحضرمي وقد ألفه لطلاب المدرسة الصولتية بمكة المكرمة. وكتاب في القواعد الفقهية للشيخ الوائلي رحمه الله.
وأيضاً .. ظهرت ولله الحمد رسائل علمية متخصصة في الكلام عن قاعدة أو قاعدتين .. مثل كتاب إعمال الكلام أولى من إهماله للشيخ محمود اللبناني وكتاب قاعدة المشقة تجلب التيسير للشيخ صالح اليوسف .. الخ.
والله أعلم
حمد العقيل
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 - 03 - 04, 12:54 م]ـ
الأخ حمد آل عقيل ذكر فقط الكتب المراجع المعروفة في كل مذهب من المذاهب الأربعة لأئمتنا أبي حنيفة و الشافعي و مالك و أحمد رضي الله تعالى عنهم أجمعين، و ذكر أسماء لبعض الكتب .... و الأخ العيدان ذكر اسم كتاب .. و لم يرشدا الأخ محمد يوسف إلى ما سأل عنه ...
ـــــــــ
شوف يا أخ محمد ... لكل علم من العلوم مقدمات لابد من معرفتها قبل الخوض فيه،، و هي المقدمات العشرة المعروفة .... و هي لكل علم ..
فهل وجدت من يطلق على القواعد الفقهية (علم القواعد الفقهية)؟
لا .. لا يوجد .. و إن أطلقنا ذلك فهو خارج عن باب الاصطلاح ..
بقي أن ننظر .. فما دامت القواعد الفقهية ليست علما مستقلا فمن أي العلوم هي ...
أقول: هي من علم الفقه ...
هكذا قال العلماء و هكذا تدل البديهة ...
و لذلك فإنك ترى بعض العلماء إذا أراد أن يفصل للمبتدئ و يسهل عليه معرفة الفارق بين القواعد الأصولية و القواعد الفقهية يقول له: " القواعد الأصولية دراستها من باب دراسة أصول الفقه، و القواعد الفقهية دراستها من باب دراسة الفقه "
ــــــــــــــــــ
إذا تقرر ذلك علمت أن دراستها و منهجها يدخلان ضمنا في منهج الفقه ..
و أنت إن جربت ذلك عمليا لمست ما أقول،،، فأنت من المستحيل أن تجعلها علما مستقلا عن علم الفقه، يمكنك أن تتدرس أحدهما و تتخصص فيه مع جهلك بالآخر كما في سائر العلوم المتباينة ... إقرأ مثلا في الأشباه و النظائر للسيوطي أو الأشباه و النظائر لابن نجيم .. أقول: مستحيل أن تفهم كلمة واحدة إلا بعد اطلاع في الفقه، بل و اطلاع واسع جدا ليمكنك خوض هذين الكتابين ...
ـــــــــــــ
إذا تقرر ذلك أيضا .. نقول: التلازم لازم بين وضع منهج الفقه و منهج القواعد المتضمّن ـ بفتح الميم وتشديدها ـ داخل منهج الفقه
ــــــــــــ
ثم هذا يتوقف على عدة عوامل .. منها مذهبك الذي تدرس عليه .. و منها نوعية الكتب التي تدرس عليها في بلدك، فقد يتحد المذهب و تختلف الأقطار في اعتماد الكتب ...
و أنت أظنك حنبليا فلا أعلم شيء من الكتب أو المنهج .. إلا كتاب القواعد الفقهية لابن رجب الحنبلي، و هو عندي و قد قرأت فيه عدة مرات فوجدته غزير المادة العلمية جدا
ـــــــــ
فاستنصح الحنابلة أخي بارك الله تعالى فيك و زادك علما و شرفا و غيرة على الحق ــ أراك يوم الأحد إن شاء الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/245)
ـ[أم صهيب]ــــــــ[06 - 03 - 04, 03:58 ص]ـ
قال الشيخ صالح الشيخ حفظه الله في منهج التفقه: (ثانياً: علم قواعد الفقه:ـ
يقول الإمام القرافي رحمه الله في: [الفروق]: (هذه القواعد مُهِمَّة في الفقه، عظيمة النَّفْع، وبقَدْر الإحاطة بها يَعْظم قَدْر الفقيه ويَشْرُف، ويَظْهر رَوْنق الفقه ويُعْرف، وتَتَّضح مناهج الفتوى وتُكشَف).
ويُدرس هذا العلم عبر مرحلتين:
الأولى: دراسة القواعد الفقهية الكبرى والكلية. ومن المتون في ذلك: [منظومة القواعد الفقهية] للعلامة ابن سعدي يرحمه الله، يقول رحمه الله في: [شرح منظومة القواعد]: (وبعد: فإني وضعتُ لي ولإخواني منظومة مشتملة على مهمات قواعد الدين، وهي وإن كانت قليلة الألفاظ، فهي كثيرة المعاني لمن تأملها).
الثانية: دراسة جُمْلة قواعد المذهب وضوابطه وما إلى ذلك، وفيه كتاب: [القواعد الفقهية] للإمام ابن رجب رحمه الله. قال ابن المبْرَد رحمه الله كما في: [الجوهر المُنَضَّد]: (وكتاب: " القواعد الفقهية " مجلد كبير، وهو كتاب نافع من عجائب الدَّهر، حتى أنه استُكْثِر عليه).
وهناك كتاب لعلك تستفيد منه للشيخ الدكتور يعقوب الباحسين _ حفظه الله _بعنوان (القواعد الفقهية (المبادئ _المقومات _المصادر _الدليلية _التطور) (دراسة نظرية _تحليلية _تأصيلية _ تاريخية)) طبعته مكتبة الرشد
ـ[ aboumalik] ــــــــ[06 - 03 - 04, 10:27 ص]ـ
ولعل من أفضل الكتب وأخصرها في هذا الميدان , كتاب القواعد الفقهية للعلامة السعدى , وللعمل فقد طرح في الأسواق شرحاً جديداً لها , ويمتاز باليسر والسهولة , كما قال مقدمه العلامة الأصولى الشيخ أحمد بن منصور آل سبالك.
والكتاب من منشورات المكتب الإسلامي لإحياء التراث بالقاهرة.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[11 - 05 - 04, 06:20 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد //
فأرجع عن قولي لأخي محمد بن يوسف بأن دراسة القواعد الفقهية هي من باب دراسة الفروع الفقهية،،،
و كان هذا هو ظني على حسب ما تلقيته في بداية طلبي للأصول من كتب بعض المعاصرين كعبد الوهاب خلاف رحمه الله تعالى،،، و ذلك بناءا على كون القواعد الفقهية ما هي إلا استقراء لعدة من الفروع الفقهية المتشابهة بحيث تنتظم هذه الفروع في سلك واحد بجهة اشتراك، و تكون هذه الجهة الرابطة لهذه الفروع المختلفة هي القاعدة الفقهية التي تسبك بعد ذلك في نص مطرد في فروعه إلا في بعض الصور المستثناة و التي يهتم أهل العلم بالتنبيه عليها في كتب القواعد،، كالإمام السيوطي رحمه الله تعالى
و لكن بين الحين و الآخر كان يطرأ على ذهني سؤال .. و هو // ما دامت هذه القواعد يستدل بها في الأحكام الفقهية كقاعدة عامة دل النص أو الاستدلا ل الصحيح أو الاستقراء سواء كان التام أو الناقص على اعتبارها دليلا تلحق به الفروع الفقهية بنظائرها في الأحكام،، فلماذا لا تكون هذه القواعد هي قواعد أصولية؟
و ما دام هذا حالها مع الفروع فما الفرق بينها و بين قواعد الأصول؟ أي من حيث الاستدلال بها كدليل إجمالي!!
و مما كان يثير عندي هذا السؤال .. أنني كنت أجد من القواعد ما هو مذكور في قواعد الأصول و مذكور كذلك كقاعدة فقهية ,, و ذلك كالاستصحاب و اعتبار الأصل ...
و كنت أقول / لعل ذلك فقط ـ أي الفصل بين الأصول و القواعد الفقهية كعلمين مستقلين ـ هو من قبيل اختلاف جهة الاستدلال على القاعدة الفقهية أو الأصولية،،
و لكن أشكل عليه أيضا أن الحنفية قد شاركت قواعدهم الأصولية القواعد الفقهية من حيث إنها استدل عليها من استقراء الفروع، فلم يزل الإشكال،،،
و كان هذا الأمر محل بحث بالنسبة لي، و نويت فيه استقراء أقوال أهل العلم في هذه المسألة كالشاطبي و القرافي ... فوقع حالا في يدي العدد الخامس و الستون من (مجلة الشريعة و الدراسات الإسلامية) و كان فيها بحث بعنوان // القاعدة الفقهية حجيتها و كيفية الاستدلال بها .. للدكتور / رياض منصور الخليفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/246)
فوجدته يقرر أن القواعد الفقهية هي في الحقيقة قواعد أصولية، لكون جمهور المتقدمين يستدلون بها في الفروع الفقهية كأدلة معتبرة مثلها في ذلك مثل كثير من الأدلة الأصولية المختلف فيها كقول الصحابي و الاستحسان والمصالح المرسلة .. و التي يأتي الاستدلال بها عند فقد الدليل من نص أو إجماع أو قياس ...
و لكن أشكل عليّ أمر آخر،، لماذا فصلت هذه القواعد و جعلت علما مستقلا و كتبا مستقلة ما دام المتقدمون على أنها من أصول الفروع؟
و ما وجدت إجابة لذلك إلا كون تلك القواعد من الكثرة بحيث يفرد لها تصنيف مستقل و تجعل في صورة العلم المستقل، تماما كمن أراد استقراء مسألة أصولية و تحقيقها فإنه يفرد لها مصنفا خاصا،،،
و هذا بالفعل ما وجدت الدكتور الخليفي قد ذكره في هذا المبحث حيث قال:
((و المقصود مما سبق: بيان عناية الأصوليين بإلحاق بعض القواعد الفقهية بمباحث الأدلة المختلف فيها، و الحق أن عنايتهم بها لم ترق إلى المستوى الواجب باعتبار اختصاص مصنفات علم الأصول بالمباحث الأصولية خاصة، مع الاكتفاء بالإشارة إليها على سبيل الإجمال اضطرارا، و السب في ذلك يرجع إلى ما استقر عندهم و درجوا عليه من إفراد مباحث على القواعد الفقهية في مصنفات مستقلة هي أكثر شمولا و تفصيلا تليق بمنزلة هذا العلم بين علوم الشريعة و تلبي حاجة المجتهدين إليه.
و في عدم استطراد الأصوليين بذكر و تفصيل القواعد الفقهية يقول القرافي: " و لم يذكر منها شيء في أصول الفقه، و إن اتفقت الإشارة إليه هناك على سبيل الإجمال، فبقي تفصيله لم يحصل))
انتهى بالحرف من المجلة // ص 330
أقول ـ محمد رشيد ـ:
و لعل هناك سبب آخر أراه وجيها في عدم تناول مباحث القواعد في كتب الأصول، و هو أن الاستطراد في تناول القواعد الفقهية بالبحث فيه ميزة لا يحتملها علم الأصول ـ أي على مذهب الجمهور ـ و هي أن التعرض للقواعد الفقية هو في الحقيقة تناول لفروع المذاهب الأربعة فيظهر فيه الخلاف الفقهي الفروعي و الذي لا يناسب أصول الجمهور كمنهج مبني على تتبع القواعد اللغوية و العقلية دون اعتبار للفروع المذهبية،،،
و هذا السبب لا يتناسب مع أصول الحنفية، فيبقى السبب الأول و الذي نص عليه الدكتور الخليفي في البحث ....
و للدكتور في هذا البحث نقولات في الاستدلال بالقاعدة الفقهية و إلحاقها بأصول الفقه عن ثمانية من الأئمة و هم // ابن نجيم الحنفي و ابن عبد البر و الشاطبي و القرافي المالكيين و الطوفي وابن النجار و ابن تيمية الحنابلة و السيوطي الشافعي،،،
و البحث و إن لم يتميز بالدقة إلا أنه كاف و موف بالغرض جدا في النقول عن أهل العلم الذين دونوا في الأصول كالسبكي و غيره،،، و إن لم يتعمد الاستقصاء
انتهى ما أردت التنبيه عليه
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ـ[الياسي]ــــــــ[12 - 06 - 04, 12:34 م]ـ
سؤال لأخينا حمد هل أنت حمد آل عقيل القاضي بالأمارات سابقا.
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[16 - 01 - 06, 06:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 08:18 م]ـ
في المذهب الحنبلي:
2 - القواعد لابن رجب.
4 - القواعد والأصول الجامعة للشيخ السعدي.
بارك الله فيكم
الامام ابن سعدي - رحمه الله - اختصر قواعد ابن رجب في كتاب اسمه "تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب " (1) وحققه وأضاف عليه حواشي كثيرة ومفيدة الشيخ خالد المشيقح والكتاب في الحقيقة بحواشي الشيخ خالد أصبح أكثر تحريراً والسبب أنك تجد كل قول ومرجعه من كتب الحنابلة مشار إليه مع بعض الاضافات النفيسة وهو من إصدارات دار ابن الجوزي.
وأما عن كتابه القواعد والأصول الجامعة فهو نفيسٌ وممتع والميزة فيه أنه من آخر ما ألفه تقريباً عام 1376هـ وللشيخ خالد المشيقح أيضاً تحقيق للكتاب مع حواشي نفيسة لأن النسخة المطبوعة فيها سقوط وخروم كثيرة. وهي أيضاً من دار ابن الجوزي.
وللشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - شرح على القواعد والأصول الجامعة وهي تعليق سريع والغالب فيها أنّها قراءة ضبط للنسخة التي بين يدي الشيخ. وهي في 13 شريط.
أما عن تعليقات الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - على قواعد ابن رجب فقد سمعت أنها فُرغت وطبعت بإشراف الشيخ مشهور آل سلمان.-فلعل أحدكم يؤكد لي هذه المعلومة وله الدعاء بظهر الغيب-.
-----------------
(1) الشيخ عبدالمحسن الزامل - حفظه الله - يشرح تحفة أهل الطلب شرحاً موسعاً في إذاعة القرآن كل يوم جمعة، والميزة انضباط موعد الدرس فلا انقطاع فيه، فلا يفوتكم لأنه يُنقل عبر البث الاسلامي فجزاهم الله خيراً. www.liveislam.net
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 03 - 06, 11:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[20 - 03 - 06, 10:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوا من الأخ الفاضل مراجعة الملفات المرفقة في هذه المشاركة.
فهي نافعة ... أرجو من الله أن ينفع بها اخواني.
الأول, عبارة عن ملخص لمهمات القواعد الفقهية ... وهو أشبه بالمتن.
والثاني عبارة عن مجموعة من القواعد الفقية قسمتها ... فلعلك تراجع في اليوم الواحد قاعدة واحدة أو أكثر على حسب الهمة.
وستجدها ان شاء الله مفيدة
والسلام عليكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/247)
ـ[ابو فهد العربي]ــــــــ[24 - 03 - 06, 08:20 ص]ـ
الأخ بلال
جزاك الله خيرا على هذه الملفات(105/248)
دراسة في أصول الفقه.د. علي أحمد محمد با بكر.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[07 - 03 - 04, 10:23 ص]ـ
مجلة الجامعة الإسلامية. العدد: (46)
1 - أهميّة علم الأصول وخصوبته ..
الحياة البشرية على الأرض بثقلها ومسؤولية الحفاظ على توازنها ليس هينة العبء ولا سهلة القياد، وذلك لما تتضمنه من عمق وتشعّب ودقة، وما تزدحم به من رغبات تتفق وتختلف، ومصالح تتعارض وتصطلح، ومطامح تلتقي وتفترق، وأمزجة تصفو وتتكدر، وأصناف من السلوك، وأنواع من الظروف، وبما فيها من شعوب تتباين استعداداتها وأهدافها، وقبائل تتنوع مساعيها، وبما يعتريها من أحداث الزمن وتقلبات الأيام وصروف الدهر، وبما يلابسها من لمسات الخير ووخزات الشر، وما ينتظمها من حركة لا تتوقف، وبما تتطلبه من علاقة بمبدع الوجود وعلائق بالمخلوقات عموما وبين البشر على وجه الخصوص.
هذه الحياة لا بد لها من ميزان تنضبط به أمورها وترجع إليه مبهماتها وتوزن به اختلافاتها، وتقاس به جميع حالاتها.
ولقد وهب الخالق سبحانه وتعالى للإنسان العقل ليميز به ويزن به الأمور، ولكنه لم يترك هذا العقل يتخبط وحده في متاهات الحياة، والعقل عرضة للتأثر باضطرابات النفوس واعتلال الأجسام ومؤثرات البيئة الخ، فجاء عونه تعالى للعقل البشري ببيان مرتكزات مصالح البشر التي تشمل مصالحهم في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة، فبيّن للناس أصول النظم التي يسيِّرون بها الحياة ويبصرون بها الطريق حتى يحقق الإنسان معنى خلافته في الأرض.
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [1].
وحتى يستطيع الاهتداء والسير بلا عثرات، وحتى يطمئن للغايات الصالحة.
كان هذا العون الإلهي للعقل البشري عن طريق وحيه تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام وعصمته له، فتجلت في القرآن الكريم والسنة الشريفة أصول الأحكام الفقهية ومرتكزاتها، فقد فصل لنا هذان المصدران ما فصّلا من الأحكام وتضمّنا من المبادئ والقواعد والتوجيهات العامة ما يقود العقول إلى سواء السبيل.
وبمجهودات الصحابة رضوان الله عليهم وما نقلوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم من شرح وتوضيح وتوجيه، وبمجهودات أئمة الأجيال التي أعقبت الصحابة رضوان الله عليهم جاء البيان لهذه المصادر واتضحت المناهج التي يمكن اتباعها لاستمداد الأحكام التي يعتمد عليها الناس في مسارهم، وبذلك تكوّن علمٌ ذو شأن خطير وأهمية بالغة هو علم أصول الفقه الإسلامي.
ومن المعلوم أن الفقه الإسلامي الذي يقوم على هذه الأصول هو ميدان فسيح يشتمل على إجابات لجميع شؤون الناس وحاجتهم، ومن هنا يمكن للناظر إدراك أهمية علم الأصول وخطورته والمكانة الرفيعة التي يحتلها بين العلوم، لأنه الأساس للأحكام التي تحدد مسار الخلق وترسم طريقهم الموصل لبلوغ مصالحهم قبل الممات وبعد الممات.
وكما يتوصل بعلم الأصول لمدارك الأحكام ومسالكها كذلك يتوصل به لمقاصد الأحكام وأهداف الشريعة وروحها مما يطمئن القلوب والعقول.
ولعله مما يفيد في هذا المقام أن ننقل ما أورده الإمام الأسنوي [2] في كتابه التمهيد حيث قال:
"وبعد فإن أصول الفقه علم عظم نفعه وقدره، وعلا شرفه وفخره، إذ هو مثار الأحكام الشرعية ومثار الفتاوى الفرعية التي بها صلاح المكلفين معاشا ومعادا. ثم إنه العمدة في الاجتهاد، وأهم ما يتوقف عليه من المواد كما نص عليه العلماء ووصف به الأئمة الفضلاء، وقد أوضحه الإمام [3] في المحصول فقال: "يشترط فيه - أي علم الأصول – أمور هي: أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام، ويعرف المسائل المجمع عليها، والمنسوخ منها، وحال الرواية، لأن الجهل بهذه الأمور قد يوقع المجتهد في الخطأ. وأن يعرف اللغة إفرادا وتركيبا لأن الأدلة من الكتاب والسنة عربية. وأن يعرف شرائط القياس لأن الاجتهاد متوقف عليه، وكيفية النظر وهو ترتيب المقدمات .. .. .. وأما شرائط القياس وهو الكلام في شرائط الأصل والفرع وشرائط العلة وأقسامها ومبطلاتها، وتقديم بعضها على بعض عند التعارض فهو باب واسع يتفاوت فيه العلماء تفاوتا كبيرا، ومنه يحصل الاختلاف غالبا مع كونه بعض أصول الفقه".
فثبت بذلك ما قاله الإمام أن الركن الأعظم والأمر الأهم في الاجتهاد إنما هو علم أصول الفقه" [4].
الخصوبة في علم الأصول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/249)
من أبرز خصائص علم الأصول أنه علم يتمتع بخصوبة ودسامة تميزه عن غيره من العلوم، فهو غزير في مادته بعيد عن الجفاف يشبع نهم المقبلين – بجانب أهميته ومكانته الرفيعة – فإذا أدرك الدارس أبعاد هذا العلم يجده متصلا بجميع العلوم الشرعية ومتصلا بأكثر – إن لم يكن كل – بقية العلوم التي تسمى بالعلوم الإنسانية.
فهو بتركيبته الخاصة يأخذ دارسه إلى ميادين تلك العلوم المختلفة فلا يتمكن منه إلا بولوجه أبوابا مختلفة وفنونا متنوعة يسبر أغوارها ويخوض غمارها.
فعلم الأصول - كما أشرنا من قبل – هو الأساس للنظام المتكامل لحياة الإنسان. فبعلم الأصول تتضح المنابع وتعرف المناهج التي تقود إلى الوصول للأحكام التي تنظم حياة الأفراد والجماعات في جميع صورها وجميع مراتبها. وعلم هذا شأنه لا بد من ترابطه مع علوم كثيرة تعالج حياة البشر من جوانبها المختلفة.
فدراسة منابع الأحكام تتطلب أول ما تتطلب دراسة القرآن الكريم، المنبع الأول للأحكام: حقيقة شموله لأحكام تفصيلية وقواعد عامة تندرج تحتها بقية الأحكام غير المنفصلة نصا، ومعانيه، والناسخ والمنسوخ منه، وألفاظه مما يقود إلى دراسة اللغة العربية، ولا معنى لدراسة القرآن الكريم كأصل من أصول الفقه إلا فهم حقيقته هذا الكتاب وفهم دلالاته والتعمق في دراسته.
وتتطلب دراسة منابع الأحكام الشرعية وأصولها،، ثانيا: دراسة السنة النبوية، بأنواعها وأقسامها ومصطلحاتها لتكون تفسيرا للقرآن الكريم ومفصلة له.
وتتطلب دراسة منابع الفقه ومصادره دراسة مكان العقل البشري الذي حددته الشريعة الإسلامية من هذه الأصول، ومجالات اللجوء إليه، وكيفية استخدامه، وحدود ذلك، وهذا بدوره يسوق لدراسة منطقية وعقلية تدور حول قضية القياس وما يرتبط به من مصادر عقلية للأحكام، وإلى دراسة المقاصد الشرعية في الخلق والأهداف العامة والخاصة.
وهذا بدوره يقود لدراسة النظريات والفلسفات الوضعية وتوضيح أهدافها ومقاصدها لمقارنتها وبيان أوجه النقص فيها.
وتتطلب دراسة علم الأصول دراسة للمجتمع الإنساني، دراسة تكشف عن عادات الناس فيه واختلافات بيئاتهم وتأثير ذلك في تصرفاتهم، ومدى صلاح تلك التصرفات أو فسادها بمقياس الإسلام ومبادئه، وهذه الدراسة الاجتماعية يقدم عليها أصل من الأصول الفقهية التي اعتمدتها بعض المذاهب السنية وهو "العرف".
ولعلنا ندرك أن إدراك علم الأصول كما كان في الماضي ضرورة لكل فقيه يُنَصَّب للفتوى أو القضاء، وكان الفقهاء الملمون بالأصول مقدمين على غيرهم خاصة في منصب القضاء، ويفضل من بين هؤلاء العارفون بحياة الناس الاجتماعية وعاداتهم.
ونورد هنا القصة التي رواها الفقيه ابن عرفة (717 - 803 هـ):
في هذا المضمار، قال: "إن ابن عبد السلام [5] كان على وشك أن يعيّن قاضيا ولكن معاصريه من العلماء طعنوا فيه بأنه رجل حاد الطبع، فبلغ النبأ ابن عبد السلام فذهب إلى الوالي وزكّى نفسه بأنه يعرف حياة الناس الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم أكثر من غيره، "وهو يشير إلى معرفته بالعرف" وعندما تأكد الوالي من صدق دعواه عينه قاضيا ولم يلتفت لطعن الطاعنين" [6].
وتتطلب دراسة منابع الفقه الإسلامي دراسة تاريخ التشريع في الإسلام وهو يشتمل على تاريخ الأصول والفقه، ودراسة الظروف التاريخية التي أحاطت بالفقه وأصوله وهذه دراسة تقود للإلمام بالتاريخ عموما من أوسع أبوابه ولا يقتصر على دراسة تاريخ الأصول والفقه وحده، وبذلك يكون الأصولي على علم بكل الظروف التي مرّ بها العلم.
ودراسة منابع الفقه تتطلب دراسة دقيقة وافية مستوعبة لتفاصيل علم الفقه الإسلامي ومذاهبه واختلافات الأئمة والمنصوص عليه وغير المنصوص عليه وأماكن الإجماع الخ، حتى يمكنه معرفة الأصول معرفة نظرية وتطبيقية عملية ولا يقتصر على المعرفة النظرية المجردة.
ولعله من الأكمل لدارس الأصول الإلمام بأصول ومنابع القوانين الوضعية وذلك لإدراك مصادر تلك القوانين وكيفية استخراجها حتى ينجلي عنده سمو الشريعة الإسلامية ويستطيع - كما أشرنا من قبل - بيان نقائص القوانين الوضعية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/250)
بجانب ما تقدم من علوم تتطلبها دراسة علم الأصول فهنالك علوم أخرى لها أهمية بالنسبة لدارس الأصول مثل علم الكلام أو العقيدة التي هي من مقدمات علم الأصول، ليتوصل بذلك إلى ثبوت الكتاب والسنة ووجوب صدقهما ليتوصل بذلك إلى الفقه [7] وكذلك فإن قضايا متعددة خلال أبواب الأصول تحتاج إلى زاد من العقيدة مثل قضايا التعليل، وصفات الأفعال العقلية واتفاق أو عدم اتفاق الشرع معها، وغير ذلك من القضايا التي تتطلب التسلح بسلاح العقيدة ليكون بحثها على بينة من الأمر.
من هنا يتبين لنا كيف أن علم أصول الفقه هو من أكثر العلوم خصوبة ودسامة، وأن دراسته وتعمقه غاية في الإمتاع وإشباع النهم العلمي هذا بجانب أهميته وخطورته التي أوضحناها سالفا وهي أنه تحقيق لمصادر وقواعد استخراج الأحكام التي تضمنتها شريعة الله للخلق.
ولا غرابة أن تتطلب دراسة علم أصول الفقه الإسلامي ولوج أبواب هذه العلوم المختلفة، وكيف تكون هنالك غرابة بينما تتطلب دراسة القوانين الوضعية - وهي محصورة الفائدة في هذه الدنيا - دراسة العديد من العلوم، ولنستمع إلى أحد كتاب الفقه القانوني الوضعي وهو اللورد "راد كليف" يقول في كتابه (القانون ومحيطه) يقول ما ترجمته:
"أرجو أن لا تخطئ فهمي أو تظن أنني أقلل من أهمية واحد من أعظم الدراسات الإنسانية إذا قلت: إننا لا نستطيع أن نفهم القانون بتعلمنا للقانون، فالقانون أكبر من هذه المصطلحات التي ندرسها بمقدار عظيم، فهو جزء من التاريخ، وجزء من الاقتصاد، وجزء من الاجتماع، وجزء من علم الأخلاق وفلسفة الحياة" [8].
فإذا كان هذا هو حال القانون الوضعي ومصادره - وهو محدود الدائرة - وإذا احتاج القانون الوضعي لدراسة كل هذه العلوم وسبر أغوارها، فكيف بالشريعة الإسلامية وأصولها وهي غير منحصرة في هذه الحياة الحاضرة بل تتعداها لتضمن مصلحة الحياة الآخرة أيضا، لا شك أنها أوسع نطاقا وأشمل بحيث تشمل النظرة إلى مصادرها العلوم الأساسية التي تستمد منها صيانة المصلحة في هذه الحياة ثم تنفرد بالعلوم الأخرى وعلى رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية واللغة العربية التي هي أساس فهم القرآن الكريم.
فعلم أصول الفقه ليس كما يتصوره البعض، علما محصورا في تعريفات ومناقشات لفظية، وعلما جافا غير أخاذ بحيث لا يتسع ليشبع نهم النفوس، فهو عكس ذلك تماما كما حاولنا توضيح ذلك في الفقرات الفائتة، وكما يدرك ذلك علماء الأصول الذين عاشوا تجربة دراسته وتدريسه.
أسباب عدم وضوح الرؤية:
كثير من الدارسين لعلم الأصول تتعسر عليهم الرؤية الواضحة لحقيقة هذا العلم ولخصوبته، وعليه فهم يعتبرونه - كما أشرنا أعلاه - علما يتسم بالجفاف والتعقيد والانحصار في مناقشات لفظية أو منطقية ثم ردود على المناقشات وردود على الردود وهلم جرا، ثم بعد ذلك تكون الحصيلة ضئيلة، وهذا المفهوم يبعث في نفوسهم مللا من دراسة الأصول ونفورا منه، وربما مر بنا هذا الإحساس في عهد الطلب، وبذلك ينصرف الدارسون عن هذا العلم العظيم الغزير المليء بالفوائد والتي تتجلى فيه مناهج بحث وضعها علماؤنا السابقون لم يسبق لها مثيل، ونادرا ما تجد أحدا يقبل على هذا العلم إلا مضطرا لأداء امتحان مثلا، ثم لا تجده بعد ذلك يتناول مرجعا من مراجع الأصول ليطلع فيه طائعا مختارا مستسيغا له متعمقا في معانيه.
هذا الشعور الذي ينتاب المبتدئ في دراسة هذا العلم، وغالبا ما يظل معه خلال حياته العلمية، له أسباب نذكر منها بعضا في الفقرات التالية:
لعلنا نستطيع القول بأن الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذا الإحساس وهذا المفهوم تنقسم إلى مجموعتين:
(1) المجموعة الأولى ترجع إلى الاضطراب في التكوين الثقافي والفكري والبيئي للنشء في المجتمع الإسلامي.
(2) والمجوعة الثانية ترجع إلى كتب الأصول نفسها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/251)
أما فيما يختص بالمجموعة الأولى من الأسباب، وهي التي ترجع إلى التكوين البيئي للنشء فهي تتمثل في تأثير أساليب الثقافات الأجنبية ومصطلحاتها وعباراتها في التكوين الثقافي لأبناء المسلمين، حدث ذلك منذ أن هجمت تلك الثقافات مع موجة الاستعمار لبلاد المسلمين وطفقت تنشئ أجيالا هي أقرب إلى ثقافات الأجنبية منها إلى الثقافة الإسلامية الأصيلة والعلوم الإسلامية في مصادرها الأولية، فأصبح بذلك الناشئون بعيدين عن المصطلحات العلمية العربية والإسلامية وعن الألفاظ والعبارات التي تزخر بها كتب العلوم الإسلامية، ومن بينها كتب الأصول.
كذلك فإن الأجيال الإسلامية في العصور الحديثة تأثرت إلى حد كبير بالحملة المغرضة التي واجهتها كتب التراث في كثير من البلدان الإسلامية، تلك الحملة التي وصمت هذه الكتب بالجمود والتحجر، فعزف شباب المسلمين عن جهل عن تناول تلك الكتب وعن الاجتهاد في إدراك مضامينها، يضاف إلى ذلك ضعف اللغة العربية في جميع البلاد العربية والإسلامية، وعلم الأصول يتطلب في مقدمة ما يتطلب إدراك اللغة العربية إدراكا تاما ومعرفة أسرارها، كما أوضحنا من قبل.
كل ذلك ساعد على خمول كثير من الشباب وإحجامهم عن اقتحام هذه العلوم وسبر أغوارها، وتركوا ذلك إلى قلة متخصصة في فروع هذه العلوم، فأصبح من العسير عليهم -إن هم أرادوا العودة إلى كتب التراث - أن يتبينوا أساليب تلك الكتب.
أما المجموعة الثانية من أسباب النفور من علم الأصول، والتي ترجع إلى كتب الأصول نفسها، فهي تتلخص في أن كتب الأصول القديمة غالبا ما تركز على المصطلحات اللغوية واللفظية والمنطقية، وعلى مناقشة القول ورد المناقشة الخ - كما أشرنا - مما يبعد بالطالب عن المعنى المقصود أو يجعل من الصعب الخروج بنتيجة واضحة بينة.
كذلك فإن كتب الأصول كثيرا ما تقلل من إيراد الأمثلة التطبيقية للقواعد التي تناقشها، فمثلا تورد أحيانا مثالا واحدا لقضية أو قاعدة يكون الكتاب قد ناقشها طويلا، وربما لا تورد في بعض الأوقات أي مثال عقب مناقشة طويلة لبعض القواعد، وبذلك يفقد الدارس الجانب التطبيقي للعلم ويصعب عليه الربط بين القواعد الأصولية التي يقرؤها وبين الفقه التفصيلي فيفقد الهدف الرئيسي من علم الأصول.
فلو أن كتب الأصول زخرت بالأمثلة لكل قاعدة وبالتطبيق على المسائل الفقهية باستفاضة لساعد ذلك على جعل هذه المادة أكثر تشويقا، ولو أن الأستاذ الذي يقوم بتدريس علم الأصول في الجامعات والمعاهد يقوم بتوسيع الجانب التطبيقي وعرضه ومناقشته مع الدارسين لساعد ذلك أيضا على إيضاح خصوبة هذا العلم ودسامته.
إن أمنيتنا هي أن تميل الكتابات المعاصرة في علم الأصول إلى استجلاء عمق هذه المادة وغزارتها وأن يكثّف العمل في هذا الطريق حتى يدرك طلاب العلوم والمعرفة حقيقة علم الأصول ويكون الإقبال عليه كبيرا كما يكون طوعا واختيارا، وبذلك يعطى هذا العلم حقه من الاهتمام، وكما هو معلوم فإنه لا سبيل إلى الاجتهاد إلا بإدراك تام لهذا العلم.
إقبال العلماء في الماضي بمختلف تخصصاتهم على علم أصول الفقه:
ظل علم أصول الفقه وكذلك علم الفقه محط اهتمام المسلمين في الماضي على مر العصور، وظلا في مقدمة العلوم التي يندفع الدارسون لتلقيها وتدريسها، ولأن مجموع العلمين هو الذي يسترشد به الفرد والمجتمع في التصرفات والمسار وبه تبين أحكام أفعال البشر في دنياهم.
وكان عالم الأصول والفقه مقدما على غيره من العلماء لخطورة وأهمية ما يحمله، وهو الذي يولّى أخطر مناصب الدولة وهو القضاء وهو الذي يهرع إليه الناس في الفتوى لحل مشكلاتهم الفقهية التي تتعلق بدنياهم وأخراهم فهو في الحقيقة الموجه للمجتمع المسلم. ومن هنا كان الحادبون على صلاح المجتمع المسلم يحرصون على دخول ميدان الفقه وأصوله حتى يتمكنوا من القيام بدور في توجيه، المجتمع، خاصة قد كان الذي لا يعرف الفقه وأصوله لا يعتبر من ذوي العلم مهما بلغ من المعرفة في كثير من العلوم الأخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/252)
ولنستمع إلى الإمام الجليل ابن الجوزي (سنة 597هـ) وهو يتحدث عمّن يشتغلون بعلوم غير علوم الشريعة ثم يقتصرون عليها وهم يفخرون بتلك المعرفة، ونحن لا ننقل كلام ابن الجوزي للتقليل من العلوم الأخرى، ولكن لنوضح وجهة نظر الماضين، خاصة علماؤهم، فيمن يفرط في إدراك الشريعة وأصولها التي على رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية، يقول ابن الجوزي:
"قد لبَّس (يعني إبليس) على جمهورهم (يعني أهل اللغة والأدب المقتصرين عليهما) فشغلهم بعلوم النحو واللغة من غير المهمات اللازمة التي هي فرض عين عن معرفة ما يلزمهم عرفانه من العبادات وما هو أولى بهم من آداب النفس وصلاح القلوب وما هو أفضل من علوم التفسير والحديث والفقه. فأذهبوا الزمان كله في علوم لا تراد لنفسها بل لغيرها، فإن الإنسان إذا فهم الكلمة فينبغي أن يترقى إلى العمل بها إذ هي مرادة لغيرها، فترى الإنسان منهم لا يكاد يعرف من آداب الشريعة إلا القليل، ولا من الفقه ومع هذا ففيهم كبر عظيم وقد خيل لهم إبليس أنهم من علماء الإسلام، لأن النحو واللغة من علوم الإسلام وبها يعرف معنى القرآن العزيز.
ولعمري إن هذا لا ينكر، ولكن معرفة ما يلزم من النحو لإصلاح اللسان، وما يحتاج إليه من اللغة في تفسير القرآن والحديث أمر قريب وهو أمر لا زم، وما عدا ذلك فضل لا يحتاج إليه، وإنفاق الزمان مع تحصيل هذا الفاضل، وليس بمهم، مع ترك المهم غلط، وإيثاره على ما هو أنفع وأعلى رتبة كالفقه والحديث غبن، ولو اتسع العمر لمعرفة الكل كان حسنا، ولكن العمر قصير فينبغي إيثار الأهم والأفضل" [9].
من حديث هذا الإمام الجليل نلاحظ كيف أن المسلمين بما فيهم العلماء، كانوا في العصور السالفة لا يعتدون كثيرا بمن لا يحمل علم الشريعة من العلماء إلا إذا كان ما يحمله من علم في خدمة علوم الشريعة - وهذا حق - وجماع علوم الشرعية وخلاصتها هو الفقه وأصوله.
فالعالم الجليل في اللغة مثلا، في الماضي، كان لا بد له من التزود بالعلوم الشرعية وإلا فإن الاعتداد بعلمه سيكون ضعيفا، وكذلك عالم التاريخ، والكلام، والمنطق الخ الخ.
وبناء على هذه الروح السائدة، وبناء على اهتمام المسلمين عموما بعلوم الشريعة، أراد العلماء المتخصصون في غير الشريعة أن يدخلوا ميدان الشريعة ويدلوا بدلوهم.
ونحن لا نريد أن يفهم من هذا أن هؤلاء الذين أرادوا أن يلجوا ميدان الشريعة كانت دوافعهم دنيوية، فقد كانت دوافعهم كما هو واضح من أحاديثهم وسيرهم دينية، فهم يريدون خدمة العلم وتقديم ما يحملون من علم للناس، وهم لا يستطيعون تقديم شيء للناس إذا كان الناس لا يعتدون ببضاعتهم.
وقد دخل بناء على ذلك كثير من علماء اللغة وعلماء الكلام ميدان الشريعة، ووجدوا أن أوسع أبواب دخولهم هو علم الأصول، لأن علم الأصول يوضح كيف تفهم ألفاظ القرآن والحديث وعباراتهما، وعمومهما وخصوصهما، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، ودلالات الألفاظ، وإشارات النصوص، والناسخ والمنسوخ، إلى غير ذلك من القضايا التي ترتبط بفهم اللغة ارتباطا تاما.
وكذلك فإن علم الأصول هو الذي يبين فلسفة التشريع، وأهداف الشريعة وأغراضها وعللها ومبادئها، ومكان العقل البشري من الشريعة إجمالا ما يوجب الثواب والعقاب عن أفعال العباد.
ويبين الدليل والبرهان والحد والرسم والقياس، ويبين أساس تشريع الأحكام ومدخل حسن الأفعال وقبحها العقليين في ذلك، وغير ذلك من القضايا المتعددة التي ترتبط بعلم الكلام والمنطق والعقيدة.
لهذا فقد وجدنا كثيرا من علماء اللغة والكلام والمنطق قد ولجوا علم الأصول وألفوا فيه كتبا وأبرزوا فيه قدراتهم اللغوية والمنطقية والعقلية.
ومن هنا برزت قضايا الكلام واللغة بصورة واضحة في بعض المؤلفات مما دعا بعض كتاب الأصول المعاصرين إلى القول: إن بعض القضايا الكلامية وردت في كتب الأصول من غير حاجة إلى إيرادها غير رغبة علماء الكلام في إبرازها ليمارسوا قدراتهم الكلامية.
ومن غير علماء اللغة والكلام فقد كان هنالك علماء في ميادين أخرى دخلوا ميدان علوم الشريعة وكان مدخلهم هو علم أصول الفقه لأنهم وجدوه يتصل بعلومهم التي أتقنوها ووجدوه علما خصبا.
يتبع >>>
====================
[1] البقرة 30.
[2] جمال الدين عبد الرحمن الأسنوي (704 - 777 هـ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/253)
[3] يقصد الإمام الرازي الشافعي- صاحب المحصول في علم الأصول.
[4] التمهيد ص3 الطبعة الثانية سنة 1387 هـ.
[5] عاش في القرن الثامن الهجري.
[6] انظر المرير، الأبحاث السامية في المحاكم الإسلامية، ج1 ص62 - 63.
[7] انظر التفتازاني ـ التلويح ج1 ص20.
[8] انظر اللورد كيف القانون ومحيطه (بالإنجليزية) ص92 - 93 الخ.
وانظر اللورد لويد (مقدمة لفقه القانون) ص1 - 2 إلخ.
[9] ابن الجوزي تلبيس إبليس ص126.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[08 - 03 - 04, 10:50 ص]ـ
دراسات في أصول الفقه
(الحلقة الثانية)
للدكتور علي أحمد بابكر
الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بالجامعة
العدد: (50 ـ 51)
في الحلقة الأول من هذه الدراسة الأصولية والتي نشرناها في العدد 46 من هذه المجلة والتي دارت حول أهمية علم الأصولي وخصوبته، أشرنا إلى المضمون العام لهذا العلم، ولكن لابد لنا من بيان الحد الاصطلاحي له كما قرره العلماء، ثم مناقشة وتحليل ذلك حتى نخرج بفكرة واضحة لما أ راده العلماء من حدهم الذي وضعوه في عبارات مختصرة ثم ننتقل بعد ذلك لعرض ودراسة مباحث علم الأصول الرئيسية، والتي أشرنا فيما مضى إلى أنها تطلب الاتصال بعلوم متعددة.،
حقيقة علم الأصول:
نلاحظ أن العلماء في تحديدهم لعلم الأصول، منذ أن ظهر هذا العلم منظماً ومكتوبًا، قد أوردوا تعريفات متعددة ومتنوعة في صياغتها، ونجد مناقشات تدور حول تلك التعريفات، ولعل هذا التنوع في التعريفات يرجع إلى أسباب نحاول توضيحها فيما يلي:
أولا: يميل بعض العلماء إلى الاختصار الشديد وتقديم أقصر العبارات لإعطاء معنى إجمالي لهذا العلم، بينما يميل البعض الآخر إلى أن تكون الكلمات التي يشتمل عليها التعريف متضمنة بارتياح لذلك المعنى. فيبدو للناظر أن بعض هذه التعريفات غير جامع لمعنى العلم وبعضا آخر غير مانع من دخول علوم أخرى في التعريف.
ومن هنا تتوجه بعض الملاحظات والانتقادات والمآخذ من العلماء على بعضهم.
ثانيا: من الأسباب التي يرجع إليها التنوع في تعريفات هذا العلم أن بعض الكلمات والعبارات التي تستخدم في التعريفات تلقى ظلالا، وتشير إلى معان زائدة والبعض الآخر من العبارات والكلمات لها معان محددة، فاستعمال الكلمات التي لها ظلال قد يؤدي إلى اختلاف في فهمها ومدى أدائها للمعنى المقصود. فيحدث بذلك اختلاف في الاعتداد بالتعريف أو عدم الاعتداد به.
انظر مثلا إلى تعريف الغزالي لهذا العلم حين يقول: "هو عبارة عن أدلة الأحكام، وعن معرفة وجوه دلالاتها على هذه الأحكام " [1]. فعبارة وجوه دلالاتها ضمّنها الغزالي القياس ووجوه الاجتهاد العقلي الأخرى. وهى عبارة قد تعطى ذلك المعنى الذي أراده الغزالي، وقد يرى غيره أنها لا تتسّع لتشمل كل ما أراده بها، وقد وردت مناقشات حول هذا التعريف، نوردها في مكانها عندما نعرض لهذا التعريف بتحليل أكثر.
ثالثا: من الأسباب التي يرجع إليها تنوع التعريفات للأصول أن بعض العلماء يعتبر أن الأصول هي المصادر التي تستقى منها الأحكام فحسب، والبعض الأخر يرى أن الأصول تشمل المصادر والقواعد الأصولية المختلفة والأبحاث التي إشتمل عليها العلم. ومن هنا يخرج بعضهم ما يدخله الآخرون في مضمون العلم فيحدث الاختلاف.
رابعاً: اختار العلماء ما يناسب عصورهم المختلفة من عبارات وألفاظ بحيث يسهل على أجيالهم فهم مضمون التعريف من غير كبير عناء. وللتحقق من هذا يمكن النظر في تعريفات بعض المعاصرين من الأصوليين ومقارنتها بالتعريفات القديمة؛ فالصياغة والأسلوب، يسببان اختلافا في صورة التعريف، وربما يوحيان باختلاف في المعنى.
هذه بعض الأسباب التي بدت لنا، والتي نظن أنها أدت إلى الاختلاف في تعريف علم الأصول في كتبه المختلفة على مرّ العصور. وربما كانت هنالك أسباب أخرى لم تبد لنا في هذه الساعة التي نكتب فيها هذا البحث.
وينبغي أن لا يفهم من ذكر هذه الأسباب -من إيضاح أن هنالك اختلاف في صورة التعريفات التي وردت في كتب الأصول- أن هذا الاختلاف هو اختلاف مخلّ بالمضمون، يؤدى إلى تعارض في المعنى، ولكن هذا الاختلاف ربما يحدث فرقا في توسيع المعنى أو تضييقه حسب ما سنرى بعد أن نعرض بعض نماذج من هذه التعريفات ونتعرض لتحليلها ومقارنتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/254)
بعد هذه الملاحظات التي أبديناها حول اختلاف تعريفات علم الأصول التي وردت في كتبه، نورد بعض هذه التعريفات ولا نستقصيها لتساعد في توضيح النقاط التي أثرناها في الفقرات السابقة، ثم نتوصل إلى تقرير أوضح حد لعلم الأصول. ونرجو أن لا يمل القارئ عرض هذه التعريفات التي سنوردها تباعا من غير تعليق، ثم نعقب عليها بتعليق مجمل يسهّل مقارنتها ويوصل إلى الخلاصة.
أول تعريف نورده هو التعريف الذي أورده أبو الحسين البصري [2] في كتابه المعتمد في الأصول، والذي كان شرحا لكتاب العمد في الأصول للقاضي عبد الجبار بن أحمد [3] بحسبان أن هذا الكتاب هو أقدم الكتب الأصولية بعد رسالة الإمام الشافعي ألف على طريقة الشافعية، وأن الإمام الشافعي في رسالته نثر مفهوم علم الأصول في عبارات مطولة ومشروحة خلال بيان مفهوم هذا العلم؛ فلخص أبو الحسين البصري هذا المفهوم في عبارات محددة، كما لخَّصها من بعده الإمام الغزالي في كتابه المستصغى في تعريف مشابه لتعريف أبي الحسين، كما سنورد ذلك.
يقول أبو الحسين البصري في تعريفه لعلم الأصول: "هو طرق الفقه على طريق الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وما يتبع كيفية الاستدلال بها" [4].
وقد شرح أبو الحسين هذا التعريف الذي أورده بأنه أراد بطرق الفقه على وجه الإجمال: أن هذه الطرق غير معينة؛ مثل أن يتكلم الفقيه عن أن الأمر للوجوب والنهى للتحريم وكذلك إذا تكلم في مطلق الإجماع والقياس. فليس الحديث في هذه الأمور مثل الحديث في أدلة الفقه التفصيلية المعينة؛ مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" فهذا ينتمي إلى الفقه وليس لأصوله.
وشرح كيفية الاستدلال بأنها: الشروط والمقدمات وترتيبها الذي يستدل معه بالطرق على الفقه- أما ما يتبع كيفية الاستدلال فقد بينه بأنه الحديث عن المجتهدين.
وعند مقارنتنا للتعاريف التي سنوردها سندرك وجوه الاتفاق والاختلاف بينها، ووجوه التقارب.
وبما أننا أوردنا تعريفا قديما من تعريفات العلماء الذين كتبوا في الأصول على طريقة الشافعية، فينبغي أن نورد هنا أيضا تعريفاً من التعريفات القديمة التي أوردها العلماء الذين كتبوا في الأصول على طريقة الحنفية [5]، وسنورد هنا التعريف الذي أورده البزدوي [6]؛ لأن البزدوي من أهم العلماء الذين كتبوا في الأصول على هذه الطريقة، وقد اعتمد عليه المتأخرون من علماء المدرسة الحنفية في كتابتهم في أصول الفقه. على الرغم من أنه كان مسبوقا بعدد من علماء الأحناف الذين كتبوا في الأصول، وكان أسبقهم أبو الحسن الكرخي [7] الذي ألف رسالة في الأصول ذكر فيها الأصول التى عليها مدار فقه الأحناف. ولكنه لم يضع تعريفا محددا لعلم أصول الفقه كما وضعه البزدوي.
يقول البزدوي في تعريف هذا العلم: " اعلم أن أصول الشرع ثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع، والأصل الرابع القياس بالمعنى المستنبطة من هذه الأصول" [8].
أما أبو حامد الغزالي الذي اتبع في تعريفه لشيخه إمام الحرمين [9] فيقول: " افهم أن أصول الفقه عبارة عن أدلة هذه الأحكام، وعن معرفة وجوه دلالاتها على الأحكام من حيث الجملة لا من حيث التفصيل" [10].
وقد أورد ابن قدامة نفس هذا التعريف مع الاختصار قليلا حيث قال: "وأصول الفقه أدلته الدالة عليه من حيث الجملة لا من حيث التفصيل" [11].
ونسبة لأن تعريف ابن الهمام يعطينا نموذجا مستقلا متميزا عما أوردنا من تعريفات فيستحسن أن نورده للاستفادة منه في تحليل هذه التعريفات. يقول ابن الهمام: "أصول الفقه هو القواعد التي يتوصل بمعرفتها إلى استنباط الفقه" [12].
ونختم نماذج تعريفات القدماء بما أورده الإمام الشاطبي [13] في كتابه الموافقات من بيان يريد به توضيح معنى أصول الفقه، وهذا البيان الذي أورده يتناسب مع أسلوبه في الكتابة. ومع أنه أطول من التعريفات المعهودة، فسنورده كآخر نموذج من التعريفات القديمة، يقول الإمام الشاطبي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/255)
"الأدلة الشرعية ضربان: أحدها ما يرجع إلى النقل المحض، والثاني ما لا يرجع إلى النقل المحض. وهذه القسمة بالنسبة إلى أصول الأدلة. وإلا فكل واحد من الضربين مفتقر إلى الآخر. لأن الاستدلال بالمنقولات لا بد فيه من النظر. كما أن الرأي لا يعتبر شرعا إلا إذا استند إلى النقل. فأما الضرب الأول فالكتاب والسنة- وأما الثاني فالقياس والاستدلال. ويلحق بكل واحد منهما وجوه إما باتفاق وإما باختلاف. فيلحق بالضرب- الأول الإجماع على أي وجه قيل به، ومذهب الصحابي، وشرع من قبلنا؛ لأن ذلك وما في معناه راجع إلى التعبد بأمر منقول صرف لا نظر فيه لأحد. ويلحق بالضرب الثاني الاستحسان، والمصالح المرسلة إن قلنا إنها راجعة إلى أمر نظري، وقد ترجع إلى الضرب الأول، إن شهدنا أنها راجعة إلى العمومات المعنوية- ثم نقول: إن الأدلة في أصلها محصورة في الضرب الأول. لأنا لم نثبت الضرب الثاني بالعقل وإنما أثبتناه بالأول- وإذا كان كذلك فالأول هو العمدة" [14].
والآن نورد بعض نماذج من تعريفات المعاصرين لعلم أصول الفقه. فقد عرفه الشيخ الخضري بقوله: "أصول الفقه هو القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة".
وعرفه الشيخ عبد الوهاب خلاف بقوله: "هو العلم بالقواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية" [15].
ونختم نماذج التعريفات المعاصرة بالتعريف الذي أورده الشيخ أبو زهرة ونكتفي بذلك لتشابه التعريفات المعاصرة، بل يمكن أن نقول تطابقها حتما في الألفاظ، يقول الشيخ أبو زهرة: " أصول الفقه هو العلم بالقواعد التي ترسم المناهج لاستنباط الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية" [16].
هذه نماذج من التعريفات التي أوردها العلماء على مر العصور لعلم الأصول- وهي تعريفات تمثل آراء العلماء في المدارك الفقهية المختلفة إلى حد، من القرن الثاني الهجري إلى عصرنا هذا.
وبإلقاء نظرة فاحصة على هذه التعريفات ومقارنتها، نخرج بملاحظات عامة، نخلص بعدها إلى نتيجة توضع ما إذا كان هذا الاختلاف فما شكل وصورة التعريفات يشكّل اختلافاً فما المضمون، والملاحظات العامة تتلخص فيما يلي:
الملاحظة الأولى هي: أن جميع هذه التعريفات تدور حوله ثلاثة أمور: فهي إما أن تشير إلى منابع الفقه ومصادره، أو تشير إلى القواعد المستخدمة لاستخراج الأحكام من هذه المنابع، أو تشير إلى الأمرين معاً.
الملاحظة الثانية هي: أننا بتتبع الكتب التي ألفت في الأصول، لم نجد اختلافا في وضع منابع الأصول ومصادرها ودراستها في بداية جميع هذه المؤلفات بلا استثناء- ثم تأتي بعد ذلك الأبحاث التي تتضمن القواعد المختلفة التي يتوصل بها إلى استخراج الأحكام.
الملاحظة الثالثة هي: أن المتأخرين تأثروا بالمتقدمين من حيث المذهبية، فجاءت صياغة التعريفات متماثلةً تقريباً بعين فقهاء المدرسة الواحدة. مثلا فقهاء المدرسة الشافعية ومن تبعهم تشابهت تعريفاتهم، وفقهاء المدرسة الحنفية تشابهت تعريفاتهم.
فالتعريفات التي أوردناها للمؤلفين المعاصرين كلها تأثرت بالتعريف الذي أورده صدر الشريعة الحنفي. وبما أننا لم نورد تعريفه في مضى فإننا نقول إن صدر الشريعة عرّف الأصول بقوله: " وعلم أصول الفقه: العلم بالقواعد التي يتوصل بها إليه [17] على وجه التحقيق" فانظر إلى التشابه بينه وبين التعريفات المعاصرة.
الملاحظة الرابعة هي: أن بعض الأصوليين يبدأ تعريفه بقوله: هو العلم بكذا. وبعضهم يحذف كلمة العلم -هذه- ويبدأ تعريفه بقوله: هو كذا. وطبعا العلم بالشيء ليس هو حقيقة الشيء. وربما تأثر بعض المعاصرين ببعض المتقدمين في ذكر هذه الكلمة في أول التعريف.
هذه بعض الملاحظات التي نلاحظها ونحن نقرأ تعريفات الصيغ المختلفة لتعريفات علم الأصول التي أوردها العلماء على مرّ العصور.
ومن ذلك نستطيع أن نقول: إن الذين أرادوا أن يقصروا التعريف على القواعد المتبعة لاستخراج الأحكام فقط بحيث لا يشمل المصادر نفسها قد حذفوا من التعريف ما لا يمكن إهماله. حتى هم -أنفسهم- لم يستطيعوا الاكتفاء بالقواعد فقط في كتاباتهم، بل بحثوا المصادر نفسها أولا، ثم بحثوا القواعد التي تتبع لاستخراج الأحكام من هذه المصادر. ولأن كلمة أصول نفسها أقرب إلى المصادر منها إلى أي شيء آخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/256)
أمّا الذين قصروا تعريفهم على المصادر فقط، فقد اعتبروا أن حديثهم عن المصدر كالقرآن مثلا يتضمن الحديث عن القواعد المتبعة لاستخراج الأحكام من القرآن، من تفسير مجمل أو تخصيص عام الخ وهذا أقرب فيما يبدو.
ولكن التعريف الأشمل فيما نرى هو الذي يشمل الطرفيين: المصادر والقواعد، ولعل التعريف الذي نقلناه عن الغزالي هو التعريف الشامل للطرفين.
ولعل هذه النتيجة التي توصلنا إليها هي التي توصل إليها التفتازاني [18] عندما كان يبحث في حقيقة علم الأصول قال: " ثم نظروا- أي العلماء- في تفاصيل تلك الأدلة- يشير إلى الأدلة الفقهية- فوجدوا أن الأدلة راجعة إلى الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. والأحكام راجعة إلى الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة وتأملوا في كيفية الاستدلال بتلك الأدلة على تلك الأحكام إجمالا، وبيان طرقه وشرائطه- أي الاستدلال- ليتوصل بكل من تلك القضايا إلى استنباط كثير من تلك الأحكام الجزئية عن أدلتها التفصيلية. فضبطوها ودونوها وأضافوا إليها من اللواحق والمتممات، وبيان الاختلافات ما يليق بها وسموا العلم بها أصول الفقه".
ولكن التفتازاني بعد وصوله إلى هذه النتيجة يعود فيقول: "فصارت- أي أصول. الفقه- عبارة عن العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى الفقه" [19] ولو قال: فصارت عبارة عن المصادر والقواعد الخ لكان التعريف مطابقا تماما لما سبقه من تفصيل.
لقد أطلنا في تحقيق معنى علم الأصول- ولكنا نظن أن هذا التحقيق ضروري لمعرفة النتيجة التي يسوق إليها اختلاف الصيغ التي وردت في تعريف حقيقة هذا العلم. والآن ننتقل إلى الحديث عن مباحث علم الأصول.
مباحث علم الأصول إجمالا:
من خلال تعريف وتحليل علم الأصول في الفقرات الماضية، نستطيع أن نلمح المباحث والمواضيع التي يتعرض لها ويبحثها العلماء في هذا العلم. ولكن لابد من عرض سريع به بعض التفصيل، يلقى ضوءاً على مباحث هذا العلم، ووجه بحثها فيه، وارتباط هذه المباحث ببعضها. كما يوضح هذا العرض علاقة بعض العلوم الفرعية بعلم الأصول مثل علم الخلاف [20] وقواعد الفقه العامة.
ولن نتعرض في هذا الفصل للعلوم التي أشرنا إليها من قبل في معرض حديثنا عن خصوبة علم الأصول، لأن تلك علوم مساعدة للتمكن من علم الأصول، وليست من المباحث الأساسية التي درج علماء الأصول على بحثها في كتبهم.
سنحاول ما أمكن إعطاء فكرة عن المباحث تقارب الصورة التي بسطها الأصوليون في تأليفاتهم مع محاولتنا تبويبها على وجه يتمشى مع ترابط وتسلسل تلك المباحث. وسيكون عرضنا لهذه المباحث إجماليا بحيث نذكر رأس المبحث ونعلق عليه تعليقاً خفيفا ونترك تفصيل المبحث إلى مكانه من العلم.
وعليه فربما يبدو عرضنا لمباحث علم الأصول مجملا جدا، وهو المقصود هنا لأن المطلوب هو التعريف الإجمالي بتلك المباحث.
بعض هذه المباحث التي سنتعرض لها هنا ربما تبدو غير مندرجة في مباحث هذا العلم، لأن العلماء ظلوا يبحثونها في كتب أخرى، لكنها- كما نرى- من المباحث التي يجب أن ترتبط بمباحث علم الأصول، مثل مبحث الثبات والمرونة في الشريعة.
ولابد من أن يتصدر المباحث المندرجة في علم مبحث نشأة علم الأصول، وتدرجه والكتابة فيه وأساليبها وأسسها مع أن العلماء بحثوا هذا الأمر ضمن تاريخ التشريع. لكن حين يكون هذا المبحث متصدرا لمباحث علم الأصول فإنه يساعد كثيرا على فهم العلم، وفهم أصول المذاهب المختلفة، وكيف تكونت. وبالطبع فإن مثل هذا المبحث يعده كثيرون مبحثاً تاريخياً ما كان ممكنا أن يتصدر كتب الأقدمين، خاصة الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذا العلم مثل الإمام الشافعي؛ لأنهم كانوا يؤسسون علما لم يسبقهم عليه مؤلفون- أما اليوم فهناك رصيد من الماضي يمكن أن يكون تقديما مفيدا لمباحث علم الأصول.
وفيما يلي من الفقرات نعرض لهذه المباحث إجمالا كما أشرنا:
(1) أوّل المباحث التي بحثها الأصوليون في هذا العلم هو مبحث بيان حقيقة هذا العلم وهو المبحث الذي قدمناه على هذه الفقرات المخصصة للمباحث.
(2) الحكم الشرعي:
يقع الحكم الشرعي- بعد بيان حقيقة الأصول- على رأس مباحث علم الأصول.
فجميع علم الأصول ومباحثه هو وسيلة للتوصل لاستخراج الأحكام الشرعية. فالحكم هو محور العلم كله وغايته التي يهدف إليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/257)
ففي تعريفنا لعلم الأصول قلنا إنه: أدلة الأحكام، ووجوه دلالاتها على الأحكام. فالغاية من العلم واضحة من هذا التعريف وهى التوصل إلى الحكم الشرعي. ومن هنا كان مبحث الحكم على رأس مباحث الأصول. وهذا المبحث فيه تفصيلات كثيرة مثبته في مكانها من كتب الأصول.
3) الحاكم:
ومبحث الحاكم من المباحث الأصولية التي يوضح فيها من تصدر عنه الأحكام الشرعية، ثم يوضع فيه إجمالا مكان العقل البشرى من التشريع. أما مكان العقل من التشريع تفصيلا فله مباحث أخرى معنونة بعناوين خاصة تأتى في الفقرات التالية. فالحكم الشرعي لابد له من مصدر ينطلق منه ومن هنا جاء مبحث الحاكم تاليا لمبحث الحكم.
4) التكليف والمكلف:
عندما يصدر الحكم من الحاكم فإنه يتطلب من يكلّف به لتطبيقه وتنفيذه. من أجل هذا ارتبط مبحث التكليف وحدوده بمباحث الأصول لأنه متفرع عن الحكم. وكذلك المكلَّف (بفتح اللام) معرفته ترتبط بمبحث الحكم. ومن هنا كانت له أهميته بين مباحث علم الأصول.
ه) أفعال العباد:
وهى ما يشير إليها الأصوليون بالمحكوم فيه. وهو مرتبط بمبحث التكليف. ويمكن أن يكوّنا معاً مبحثا واحداً، لأن حدود التكليف. والأفعال التي يكلف الله بها عباده أمر يكاد يكون واحداً، ومن نقاط مبحث أفعال العباد صفات الأفعال؛ أي أفعال الناس وحسنها وقبحها العقليين، واتفاق واختلاف تلك الصفات مع أحكام الشريعة، من واجب وحرامٍ الخ ولقد درج بعض الكتاب في أصول الفقه أن يشيروا إلى أن هناك أبحاثاً دخلت ميدان الأصول وهى ليست منه، ويضربون مثلا لذلك بمبحث صفات أفعال العباد من حسن وقبح عقليين وما يتعلق بذلك. ولاشك أن أفعال العباد من الجانب الذي بحثها منه الأصوليون من المباحث الهامة في هذا العلم، ولم يدخله علماؤنا المتقدمون في هذا الميدان إلا بعد إدراكهم لخطورة هذا الموضوع بالنسبة لعلم الأصول. إدراكهم أنه يتعلق تعلقا وثيقاً بعلل الأحكام، ومدى اتفاق الشرع والعقل في علة الحاكم وتأثير ذلك في الحكم، وهل يدرك العقل الحكم بإدراكه لصفات الأفعال من غير معاونة الشرع، وهل يترتب على ذلك شيء في الآخرة، إلى غير ذلك من النقاط الهامة التي لها اتصال مباشر بالحكم الشرعي [21].
6) تعليل الأحكام:
هذا من المباحث الأصولية التي لها أهمية قصوى. وقد درج العلماء على مناقشة هذا الموضوع وعرضه أثناء عرضهم لباب القياس على أساس أن هذا الموضع هو ركن من أركان القياس. ولا شك أنه ركن من أركان القياس ولكن لو نظرنا إلى تعليل الأحكام لوجدناه يرتبط بالمصالح عموماً. كما أن الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة منها ما له علله ومقاصده التي ينبغي أن تعرف حتى إذا لم نكن محتاجين لاستخدام القياس في موضوعها. ويرتبط موضوع التعليل أيضا بموضوع تحديد أهداف الشريعة العامة. وسنفرد للأهداف بندا خاصا من بين بنود هذه المباحث. ويرتبط مبحث تعليل الأحكام بمباحث الأسباب والشروط والموانع الخ [22].
وبحث موضوع التعليل في باب مستقل لا يعنى أن نمنع عرضه كركن من أركان القياس. بل يعرض هناك بوصفه ركناً من الأركان، أما عرض التعليل مفصلا من حيث حقيقته في الشريعة فينبغي أن يعقد له فصل مستقل لأهميته بالنسبة للتشريع.
7) الكتاب:
مبحث القرآن الكريم -كمصدر رئيسي للتشريع- هو المبحث الرئيسي في علم الأصول وقد رأينا أن يتأخر في ترتيب بحثه- كما درج علماء الأصول- ليتمكن الدارس من إدراك الحكم وما يتعلق به من أبحاث. لأن الحكم هو المقصد الذي نزل القرآن الكريم لبيانه. ومن هنا كان تقديم مبحث الحكم على مبحث الكتاب؛ ليدخل الدارس على الكتاب ولديه تصور لما يهدف الكتاب الكريم لبيانه.
وفي مبحث الكتاب تقدم الدراسات التي يحتاج إليها في تصور القرآن الكريم عموماً لا تفصيلاً، ويحتاج إليها في بيان أن القرآن الكريم هو المصدر الأول الذي ترجع إليه كل الأصول.
8) السنّة النبوية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/258)
يأتي مبحث السنة النبوية عقب مبحث القرآن الكريم فهي الأصل الثاني والمكمل للأصل الأول. وما قلناه في تأخير مبحث القرآن عن مبحث الحكم الشرعي وما يتعلق به نقوله أيضاً هنا في تأخير مبحث السنة عن الحكم الشرعي. وتبحث السنة في علم الأصول من حيثيات مختلفة. من حيث مكانتها في التشريع وكيفية أخذ الأحكام منها ومقارنتها مع الأصول الأخرى إلى غير ذلك من المباحث المستفيضة والتي يطلبها الدارس في مكانها من علم الأصول.
9) الإجماع:
مبحث الإجماع هو المبحث الثالث الذي يلي مبحث السنة وهو المصدر الثالث من مصادر الأحكام. وفي حقيقته ومستنده ومراتبه والأخذ به تفصيلات مبسوطة في مكانها.
10) الألفاظ وتفسيرها:
هذا مبحث واسع من مباحث الأصول ويشتمل على فصول عديدة وهو من أهم مباحث هذا العلم. ففي هذا المبحث تدرس كيفية فهم وتفسير ألفاظ القرآن والسنة ببيان معاني ألفاظ هذين المصدرين الرئيسيين، ودلالاتها وإشاراتها، وأمرها ونهيها، وعمومها وخصوصها، وإطلاقها وتقييدها، وناسخها ومنسوخها، ووضوحها وعدم وضوحها ومنطوقها ومفهومها.
11) القياس والمصادر العقليه الملحقة به:
ومبحث القياس والمصادر العقلية الأخرى -كالمصالح المرسلة والاستحسان والعرف والذرائع والمخارج، هذا المبحث من المباحث المهمة في ميدان الأصول- وقد حدث عليها اختلاف كبير مما جعل تفصيلاتها ومناظراتها ومناقشاتها مستفيضة في كتب الأصول، لأن جميع هذه المباحث تقوم على العلة المعقولة؛ لتبنى عليها الأحكام من خلال هذه الأبواب ولقد عد بعض علماء الأصول القياس وبقية الأصول العقليه من وجوه دلالات نصوص القرآن والسنة ولم يجعلوها أصولاً قائمة بذاتها [23] وجعلها بعضهم أصولا قائمة بذاتها ولكنها مرتبطة بالنصوص وبأهداف الشريعة التي حددتها النصوص. وليس هنالك فرق بين المذهبين في الحقيقة.
12) الاجتهاد:
هذا المبحث حقيقته جمع وتلخيص وترتيب للمباحث السابقه خاصة مباحث الألفاظ والمصادر العقليه. حيث أن تلك الأبحاث تحدد كيف تستخرج الأحكام من النصوص ومن معقول النصوص -والاجتهاد في النهاية لا يعني أكثر من هذا المضمون- وفى هذا المقام تدرس نقاط عديدة من بينها: المجتهد وأحواله ويلحق بذلك الإفتاء.
12) التقليد:
التقليد من مباحث علم الأصول وإن لم تناقشه بعض كتب الأصول فبدراسته يتبين الحد الفاصل بين الاجتهاد والتقليد. فالتقليد هو ضد الاجتهاد كما أن المقلد هو في مقابلة المجتهد.
14) مباحث متفرقة:
هنالك مباحث أخرى متفرقة تدرس في علم الأصول لمعرفة ما إذا كانت مضامينها أصولا تستقى منها الأحكام أم لا، نذكرها جملة هنا. تلك المباحث هي: الشرائع السماوية السابقة للإسلام، قول الصحابي، الاستصحاب.
15) أهداف الشريعة العامة ومبادئها:
على الرغم من أن هذا المبحث مرتبط بتعليل الأحكام لكن رأينا تخصيصه بمبحث خاص. فربما يفهم من مبحث تعليل الأحكام أن المقصود من ذلك بحث علل الأحكام الفردية. لذا رأينا أن ندقق على أهمية دراسة مقاصد الشريعة العامة من حفظ دين ونفس وعقل ومال ونسل ومن تيسير ورفع حرج ... الخ.
16) الثبات والمرونة في شريعة الإسلام:
هذا المبحث ينبغي أن يدرج ضمن علم أصول الفقه مع أنه بحث في كتب مستقلة ولكني أرى أنه من صميم علم الأصول. فتحديد الأصول والمبادئ التي تقوم عليها مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان من قياس ومصالح والأصول التي يقوم عليها ثبات بعض الأحكام من خصوص وتقييد وتفسير، كل ذلك لا يأتي إلا من خلال علم الأصول. فهو الميزان الذي نزن به تلك الأسس التي تقوم عليها مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان وهو المقياس الذي نميز به الأحكام التعبدية من الأحكام المدركة عقلا والأحكام الخاصة والمقيدة وغيرها مما لا يدخله تغيير أبدأ والأحكام الاجتهادية غير المجمع عليها مما يمكن أن يخضع لاجتهادات جديدة.
ففي نظرنا أن هذا الموضوع ينبغي أن يلحق بمباحث الأصول. هذا مجمل ما أردنا أن نقوله هنا حول بيان حقيقة علم الأصول ومباحثه.
يتبع >>>
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[08 - 03 - 04, 10:51 ص]ـ
[ FONT=Traditional Arabic] دراسات في أصول الفقه
(الحلقة الثانية)
للدكتور علي أحمد بابكر
الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بالجامعة
[ SIZE=4] العدد: (50 ـ 51)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/259)
في الحلقة الأول من هذه الدراسة الأصولية والتي نشرناها في العدد 46 من هذه المجلة والتي دارت حول أهمية علم الأصولي وخصوبته، أشرنا إلى المضمون العام لهذا العلم، ولكن لابد لنا من بيان الحد الاصطلاحي له كما قرره العلماء، ثم مناقشة وتحليل ذلك حتى نخرج بفكرة واضحة لما أ راده العلماء من حدهم الذي وضعوه في عبارات مختصرة ثم ننتقل بعد ذلك لعرض ودراسة مباحث علم الأصول الرئيسية، والتي أشرنا فيما مضى إلى أنها تطلب الاتصال بعلوم متعددة.،
حقيقة علم الأصول:
نلاحظ أن العلماء في تحديدهم لعلم الأصول، منذ أن ظهر هذا العلم منظماً ومكتوبًا، قد أوردوا تعريفات متعددة ومتنوعة في صياغتها، ونجد مناقشات تدور حول تلك التعريفات، ولعل هذا التنوع في التعريفات يرجع إلى أسباب نحاول توضيحها فيما يلي:
أولا: يميل بعض العلماء إلى الاختصار الشديد وتقديم أقصر العبارات لإعطاء معنى إجمالي لهذا العلم، بينما يميل البعض الآخر إلى أن تكون الكلمات التي يشتمل عليها التعريف متضمنة بارتياح لذلك المعنى. فيبدو للناظر أن بعض هذه التعريفات غير جامع لمعنى العلم وبعضا آخر غير مانع من دخول علوم أخرى في التعريف.
ومن هنا تتوجه بعض الملاحظات والانتقادات والمآخذ من العلماء على بعضهم.
ثانيا: من الأسباب التي يرجع إليها التنوع في تعريفات هذا العلم أن بعض الكلمات والعبارات التي تستخدم في التعريفات تلقى ظلالا، وتشير إلى معان زائدة والبعض الآخر من العبارات والكلمات لها معان محددة، فاستعمال الكلمات التي لها ظلال قد يؤدي إلى اختلاف في فهمها ومدى أدائها للمعنى المقصود. فيحدث بذلك اختلاف في الاعتداد بالتعريف أو عدم الاعتداد به.
انظر مثلا إلى تعريف الغزالي لهذا العلم حين يقول: "هو عبارة عن أدلة الأحكام، وعن معرفة وجوه دلالاتها على هذه الأحكام " [1]. فعبارة وجوه دلالاتها ضمّنها الغزالي القياس ووجوه الاجتهاد العقلي الأخرى. وهى عبارة قد تعطى ذلك المعنى الذي أراده الغزالي، وقد يرى غيره أنها لا تتسّع لتشمل كل ما أراده بها، وقد وردت مناقشات حول هذا التعريف، نوردها في مكانها عندما نعرض لهذا التعريف بتحليل أكثر.
ثالثا: من الأسباب التي يرجع إليها تنوع التعريفات للأصول أن بعض العلماء يعتبر أن الأصول هي المصادر التي تستقى منها الأحكام فحسب، والبعض الأخر يرى أن الأصول تشمل المصادر والقواعد الأصولية المختلفة والأبحاث التي إشتمل عليها العلم. ومن هنا يخرج بعضهم ما يدخله الآخرون في مضمون العلم فيحدث الاختلاف.
رابعاً: اختار العلماء ما يناسب عصورهم المختلفة من عبارات وألفاظ بحيث يسهل على أجيالهم فهم مضمون التعريف من غير كبير عناء. وللتحقق من هذا يمكن النظر في تعريفات بعض المعاصرين من الأصوليين ومقارنتها بالتعريفات القديمة؛ فالصياغة والأسلوب، يسببان اختلافا في صورة التعريف، وربما يوحيان باختلاف في المعنى.
هذه بعض الأسباب التي بدت لنا، والتي نظن أنها أدت إلى الاختلاف في تعريف علم الأصول في كتبه المختلفة على مرّ العصور. وربما كانت هنالك أسباب أخرى لم تبد لنا في هذه الساعة التي نكتب فيها هذا البحث.
وينبغي أن لا يفهم من ذكر هذه الأسباب -من إيضاح أن هنالك اختلاف في صورة التعريفات التي وردت في كتب الأصول- أن هذا الاختلاف هو اختلاف مخلّ بالمضمون، يؤدى إلى تعارض في المعنى، ولكن هذا الاختلاف ربما يحدث فرقا في توسيع المعنى أو تضييقه حسب ما سنرى بعد أن نعرض بعض نماذج من هذه التعريفات ونتعرض لتحليلها ومقارنتها.
بعد هذه الملاحظات التي أبديناها حول اختلاف تعريفات علم الأصول التي وردت في كتبه، نورد بعض هذه التعريفات ولا نستقصيها لتساعد في توضيح النقاط التي أثرناها في الفقرات السابقة، ثم نتوصل إلى تقرير أوضح حد لعلم الأصول. ونرجو أن لا يمل القارئ عرض هذه التعريفات التي سنوردها تباعا من غير تعليق، ثم نعقب عليها بتعليق مجمل يسهّل مقارنتها ويوصل إلى الخلاصة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/260)
أول تعريف نورده هو التعريف الذي أورده أبو الحسين البصري [2] في كتابه المعتمد في الأصول، والذي كان شرحا لكتاب العمد في الأصول للقاضي عبد الجبار بن أحمد [3] بحسبان أن هذا الكتاب هو أقدم الكتب الأصولية بعد رسالة الإمام الشافعي ألف على طريقة الشافعية، وأن الإمام الشافعي في رسالته نثر مفهوم علم الأصول في عبارات مطولة ومشروحة خلال بيان مفهوم هذا العلم؛ فلخص أبو الحسين البصري هذا المفهوم في عبارات محددة، كما لخَّصها من بعده الإمام الغزالي في كتابه المستصغى في تعريف مشابه لتعريف أبي الحسين، كما سنورد ذلك.
يقول أبو الحسين البصري في تعريفه لعلم الأصول: "هو طرق الفقه على طريق الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وما يتبع كيفية الاستدلال بها" [4].
وقد شرح أبو الحسين هذا التعريف الذي أورده بأنه أراد بطرق الفقه على وجه الإجمال: أن هذه الطرق غير معينة؛ مثل أن يتكلم الفقيه عن أن الأمر للوجوب والنهى للتحريم وكذلك إذا تكلم في مطلق الإجماع والقياس. فليس الحديث في هذه الأمور مثل الحديث في أدلة الفقه التفصيلية المعينة؛ مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" فهذا ينتمي إلى الفقه وليس لأصوله.
وشرح كيفية الاستدلال بأنها: الشروط والمقدمات وترتيبها الذي يستدل معه بالطرق على الفقه- أما ما يتبع كيفية الاستدلال فقد بينه بأنه الحديث عن المجتهدين.
وعند مقارنتنا للتعاريف التي سنوردها سندرك وجوه الاتفاق والاختلاف بينها، ووجوه التقارب.
وبما أننا أوردنا تعريفا قديما من تعريفات العلماء الذين كتبوا في الأصول على طريقة الشافعية، فينبغي أن نورد هنا أيضا تعريفاً من التعريفات القديمة التي أوردها العلماء الذين كتبوا في الأصول على طريقة الحنفية [5]، وسنورد هنا التعريف الذي أورده البزدوي [6]؛ لأن البزدوي من أهم العلماء الذين كتبوا في الأصول على هذه الطريقة، وقد اعتمد عليه المتأخرون من علماء المدرسة الحنفية في كتابتهم في أصول الفقه. على الرغم من أنه كان مسبوقا بعدد من علماء الأحناف الذين كتبوا في الأصول، وكان أسبقهم أبو الحسن الكرخي [7] الذي ألف رسالة في الأصول ذكر فيها الأصول التى عليها مدار فقه الأحناف. ولكنه لم يضع تعريفا محددا لعلم أصول الفقه كما وضعه البزدوي.
يقول البزدوي في تعريف هذا العلم: " اعلم أن أصول الشرع ثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع، والأصل الرابع القياس بالمعنى المستنبطة من هذه الأصول" [8].
أما أبو حامد الغزالي الذي اتبع في تعريفه لشيخه إمام الحرمين [9] فيقول: " افهم أن أصول الفقه عبارة عن أدلة هذه الأحكام، وعن معرفة وجوه دلالاتها على الأحكام من حيث الجملة لا من حيث التفصيل" [10].
وقد أورد ابن قدامة نفس هذا التعريف مع الاختصار قليلا حيث قال: "وأصول الفقه أدلته الدالة عليه من حيث الجملة لا من حيث التفصيل" [11].
ونسبة لأن تعريف ابن الهمام يعطينا نموذجا مستقلا متميزا عما أوردنا من تعريفات فيستحسن أن نورده للاستفادة منه في تحليل هذه التعريفات. يقول ابن الهمام: "أصول الفقه هو القواعد التي يتوصل بمعرفتها إلى استنباط الفقه" [12].
ونختم نماذج تعريفات القدماء بما أورده الإمام الشاطبي [13] في كتابه الموافقات من بيان يريد به توضيح معنى أصول الفقه، وهذا البيان الذي أورده يتناسب مع أسلوبه في الكتابة. ومع أنه أطول من التعريفات المعهودة، فسنورده كآخر نموذج من التعريفات القديمة، يقول الإمام الشاطبي:
"الأدلة الشرعية ضربان: أحدها ما يرجع إلى النقل المحض، والثاني ما لا يرجع إلى النقل المحض. وهذه القسمة بالنسبة إلى أصول الأدلة. وإلا فكل واحد من الضربين مفتقر إلى الآخر. لأن الاستدلال بالمنقولات لا بد فيه من النظر. كما أن الرأي لا يعتبر شرعا إلا إذا استند إلى النقل. فأما الضرب الأول فالكتاب والسنة- وأما الثاني فالقياس والاستدلال. ويلحق بكل واحد منهما وجوه إما باتفاق وإما باختلاف. فيلحق بالضرب- الأول الإجماع على أي وجه قيل به، ومذهب الصحابي، وشرع من قبلنا؛ لأن ذلك وما في معناه راجع إلى التعبد بأمر منقول صرف لا نظر فيه لأحد. ويلحق بالضرب الثاني الاستحسان، والمصالح المرسلة إن قلنا إنها راجعة إلى أمر نظري، وقد ترجع إلى الضرب الأول، إن شهدنا أنها راجعة إلى العمومات المعنوية- ثم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/261)
نقول: إن الأدلة في أصلها محصورة في الضرب الأول. لأنا لم نثبت الضرب الثاني بالعقل وإنما أثبتناه بالأول- وإذا كان كذلك فالأول هو العمدة" [14].
والآن نورد بعض نماذج من تعريفات المعاصرين لعلم أصول الفقه. فقد عرفه الشيخ الخضري بقوله: "أصول الفقه هو القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة".
وعرفه الشيخ عبد الوهاب خلاف بقوله: "هو العلم بالقواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية" [15].
ونختم نماذج التعريفات المعاصرة بالتعريف الذي أورده الشيخ أبو زهرة ونكتفي بذلك لتشابه التعريفات المعاصرة، بل يمكن أن نقول تطابقها حتما في الألفاظ، يقول الشيخ أبو زهرة: " أصول الفقه هو العلم بالقواعد التي ترسم المناهج لاستنباط الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية" [16].
هذه نماذج من التعريفات التي أوردها العلماء على مر العصور لعلم الأصول- وهي تعريفات تمثل آراء العلماء في المدارك الفقهية المختلفة إلى حد، من القرن الثاني الهجري إلى عصرنا هذا.
وبإلقاء نظرة فاحصة على هذه التعريفات ومقارنتها، نخرج بملاحظات عامة، نخلص بعدها إلى نتيجة توضع ما إذا كان هذا الاختلاف فما شكل وصورة التعريفات يشكّل اختلافاً فما المضمون، والملاحظات العامة تتلخص فيما يلي:
الملاحظة الأولى هي: أن جميع هذه التعريفات تدور حوله ثلاثة أمور: فهي إما أن تشير إلى منابع الفقه ومصادره، أو تشير إلى القواعد المستخدمة لاستخراج الأحكام من هذه المنابع، أو تشير إلى الأمرين معاً.
الملاحظة الثانية هي: أننا بتتبع الكتب التي ألفت في الأصول، لم نجد اختلافا في وضع منابع الأصول ومصادرها ودراستها في بداية جميع هذه المؤلفات بلا استثناء- ثم تأتي بعد ذلك الأبحاث التي تتضمن القواعد المختلفة التي يتوصل بها إلى استخراج الأحكام.
الملاحظة الثالثة هي: أن المتأخرين تأثروا بالمتقدمين من حيث المذهبية، فجاءت صياغة التعريفات متماثلةً تقريباً بعين فقهاء المدرسة الواحدة. مثلا فقهاء المدرسة الشافعية ومن تبعهم تشابهت تعريفاتهم، وفقهاء المدرسة الحنفية تشابهت تعريفاتهم.
فالتعريفات التي أوردناها للمؤلفين المعاصرين كلها تأثرت بالتعريف الذي أورده صدر الشريعة الحنفي. وبما أننا لم نورد تعريفه في مضى فإننا نقول إن صدر الشريعة عرّف الأصول بقوله: " وعلم أصول الفقه: العلم بالقواعد التي يتوصل بها إليه [17] على وجه التحقيق" فانظر إلى التشابه بينه وبين التعريفات المعاصرة.
الملاحظة الرابعة هي: أن بعض الأصوليين يبدأ تعريفه بقوله: هو العلم بكذا. وبعضهم يحذف كلمة العلم -هذه- ويبدأ تعريفه بقوله: هو كذا. وطبعا العلم بالشيء ليس هو حقيقة الشيء. وربما تأثر بعض المعاصرين ببعض المتقدمين في ذكر هذه الكلمة في أول التعريف.
هذه بعض الملاحظات التي نلاحظها ونحن نقرأ تعريفات الصيغ المختلفة لتعريفات علم الأصول التي أوردها العلماء على مرّ العصور.
ومن ذلك نستطيع أن نقول: إن الذين أرادوا أن يقصروا التعريف على القواعد المتبعة لاستخراج الأحكام فقط بحيث لا يشمل المصادر نفسها قد حذفوا من التعريف ما لا يمكن إهماله. حتى هم -أنفسهم- لم يستطيعوا الاكتفاء بالقواعد فقط في كتاباتهم، بل بحثوا المصادر نفسها أولا، ثم بحثوا القواعد التي تتبع لاستخراج الأحكام من هذه المصادر. ولأن كلمة أصول نفسها أقرب إلى المصادر منها إلى أي شيء آخر.
أمّا الذين قصروا تعريفهم على المصادر فقط، فقد اعتبروا أن حديثهم عن المصدر كالقرآن مثلا يتضمن الحديث عن القواعد المتبعة لاستخراج الأحكام من القرآن، من تفسير مجمل أو تخصيص عام الخ وهذا أقرب فيما يبدو.
ولكن التعريف الأشمل فيما نرى هو الذي يشمل الطرفيين: المصادر والقواعد، ولعل التعريف الذي نقلناه عن الغزالي هو التعريف الشامل للطرفين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/262)
ولعل هذه النتيجة التي توصلنا إليها هي التي توصل إليها التفتازاني [18] عندما كان يبحث في حقيقة علم الأصول قال: " ثم نظروا- أي العلماء- في تفاصيل تلك الأدلة- يشير إلى الأدلة الفقهية- فوجدوا أن الأدلة راجعة إلى الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. والأحكام راجعة إلى الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة وتأملوا في كيفية الاستدلال بتلك الأدلة على تلك الأحكام إجمالا، وبيان طرقه وشرائطه- أي الاستدلال- ليتوصل بكل من تلك القضايا إلى استنباط كثير من تلك الأحكام الجزئية عن أدلتها التفصيلية. فضبطوها ودونوها وأضافوا إليها من اللواحق والمتممات، وبيان الاختلافات ما يليق بها وسموا العلم بها أصول الفقه".
ولكن التفتازاني بعد وصوله إلى هذه النتيجة يعود فيقول: "فصارت- أي أصول. الفقه- عبارة عن العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى الفقه" [19] ولو قال: فصارت عبارة عن المصادر والقواعد الخ لكان التعريف مطابقا تماما لما سبقه من تفصيل.
لقد أطلنا في تحقيق معنى علم الأصول- ولكنا نظن أن هذا التحقيق ضروري لمعرفة النتيجة التي يسوق إليها اختلاف الصيغ التي وردت في تعريف حقيقة هذا العلم. والآن ننتقل إلى الحديث عن مباحث علم الأصول.
مباحث علم الأصول إجمالا:
من خلال تعريف وتحليل علم الأصول في الفقرات الماضية، نستطيع أن نلمح المباحث والمواضيع التي يتعرض لها ويبحثها العلماء في هذا العلم. ولكن لابد من عرض سريع به بعض التفصيل، يلقى ضوءاً على مباحث هذا العلم، ووجه بحثها فيه، وارتباط هذه المباحث ببعضها. كما يوضح هذا العرض علاقة بعض العلوم الفرعية بعلم الأصول مثل علم الخلاف [20] وقواعد الفقه العامة.
ولن نتعرض في هذا الفصل للعلوم التي أشرنا إليها من قبل في معرض حديثنا عن خصوبة علم الأصول، لأن تلك علوم مساعدة للتمكن من علم الأصول، وليست من المباحث الأساسية التي درج علماء الأصول على بحثها في كتبهم.
سنحاول ما أمكن إعطاء فكرة عن المباحث تقارب الصورة التي بسطها الأصوليون في تأليفاتهم مع محاولتنا تبويبها على وجه يتمشى مع ترابط وتسلسل تلك المباحث. وسيكون عرضنا لهذه المباحث إجماليا بحيث نذكر رأس المبحث ونعلق عليه تعليقاً خفيفا ونترك تفصيل المبحث إلى مكانه من العلم.
وعليه فربما يبدو عرضنا لمباحث علم الأصول مجملا جدا، وهو المقصود هنا لأن المطلوب هو التعريف الإجمالي بتلك المباحث.
بعض هذه المباحث التي سنتعرض لها هنا ربما تبدو غير مندرجة في مباحث هذا العلم، لأن العلماء ظلوا يبحثونها في كتب أخرى، لكنها- كما نرى- من المباحث التي يجب أن ترتبط بمباحث علم الأصول، مثل مبحث الثبات والمرونة في الشريعة.
ولابد من أن يتصدر المباحث المندرجة في علم مبحث نشأة علم الأصول، وتدرجه والكتابة فيه وأساليبها وأسسها مع أن العلماء بحثوا هذا الأمر ضمن تاريخ التشريع. لكن حين يكون هذا المبحث متصدرا لمباحث علم الأصول فإنه يساعد كثيرا على فهم العلم، وفهم أصول المذاهب المختلفة، وكيف تكونت. وبالطبع فإن مثل هذا المبحث يعده كثيرون مبحثاً تاريخياً ما كان ممكنا أن يتصدر كتب الأقدمين، خاصة الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذا العلم مثل الإمام الشافعي؛ لأنهم كانوا يؤسسون علما لم يسبقهم عليه مؤلفون- أما اليوم فهناك رصيد من الماضي يمكن أن يكون تقديما مفيدا لمباحث علم الأصول.
وفيما يلي من الفقرات نعرض لهذه المباحث إجمالا كما أشرنا:
(1) أوّل المباحث التي بحثها الأصوليون في هذا العلم هو مبحث بيان حقيقة هذا العلم وهو المبحث الذي قدمناه على هذه الفقرات المخصصة للمباحث.
(2) الحكم الشرعي:
يقع الحكم الشرعي- بعد بيان حقيقة الأصول- على رأس مباحث علم الأصول.
فجميع علم الأصول ومباحثه هو وسيلة للتوصل لاستخراج الأحكام الشرعية. فالحكم هو محور العلم كله وغايته التي يهدف إليها.
ففي تعريفنا لعلم الأصول قلنا إنه: أدلة الأحكام، ووجوه دلالاتها على الأحكام. فالغاية من العلم واضحة من هذا التعريف وهى التوصل إلى الحكم الشرعي. ومن هنا كان مبحث الحكم على رأس مباحث الأصول. وهذا المبحث فيه تفصيلات كثيرة مثبته في مكانها من كتب الأصول.
3) الحاكم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(105/263)
ومبحث الحاكم من المباحث الأصولية التي يوضح فيها من تصدر عنه الأحكام الشرعية، ثم يوضع فيه إجمالا مكان العقل البشرى من التشريع. أما مكان العقل من التشريع تفصيلا فله مباحث أخرى معنونة بعناوين خاصة تأتى في الفقرات التالية. فالحكم الشرعي لابد له من مصدر ينطلق منه ومن هنا جاء مبحث الحاكم تاليا لمبحث الحكم.
4) التكليف والمكلف:
عندما يصدر الحكم من الحاكم فإنه يتطلب من يكلّف به لتطبيقه وتنفيذه. من أجل هذا ارتبط مبحث التكليف وحدوده بمباحث الأصول لأنه متفرع عن الحكم. وكذلك المكلَّف (بفتح اللام) معرفته ترتبط بمبحث الحكم. ومن هنا كانت له أهميته بين مباحث علم الأصول.
ه) أفعال العباد:
وهى ما يشير إليها الأصوليون بالمحكوم فيه. وهو مرتبط بمبحث التكليف. ويمكن أن يكوّنا معاً مبحثا واحداً، لأن حدود التكليف. والأفعال التي يكلف الله بها عباده أمر يكاد يكون واحداً، ومن نقاط مبحث أفعال العباد صفات الأفعال؛ أي أفعال الناس وحسنها وقبحها العقليين، واتفاق واختلاف تلك الصفات مع أحكام الشريعة، من واجب وحرامٍ الخ ولقد درج بعض الكتاب في أصول الفقه أن يشيروا إلى أن هناك أبحاثاً دخلت ميدان الأصول وهى ليست منه، ويضربون مثلا لذلك بمبحث صفات أفعال العباد من حسن وقبح عقليين وما يتعلق بذلك. ولاشك أن أفعال العباد من الجانب الذي بحثها منه الأصوليون من المباحث الهامة في هذا العلم، ولم يدخله علماؤنا المتقدمون في هذا الميدان إلا بعد إدراكهم لخطورة هذا الموضوع بالنسبة لعلم الأصول. إدراكهم أنه يتعلق تعلقا وثيقاً بعلل الأحكام، ومدى اتفاق الشرع والعقل في علة الحاكم وتأثير ذلك في الحكم، وهل يدرك العقل الحكم بإدراكه لصفات الأفعال من غير معاونة الشرع، وهل يترتب على ذلك شيء في الآخرة، إلى غير ذلك من النقاط الهامة التي لها اتصال مباشر بالحكم الشرعي [21].
6) تعليل الأحكام:
هذا من المباحث الأصولية التي لها أهمية قصوى. وقد درج العلماء على مناقشة هذا الموضوع وعرضه أثناء عرضهم لباب القياس على أساس أن هذا الموضع هو ركن من أركان القياس. ولا شك أنه ركن من أركان القياس ولكن لو نظرنا إلى تعليل الأحكام لوجدناه يرتبط بالمصالح عموماً. كما أن الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة منها ما له علله ومقاصده التي ينبغي أن تعرف حتى إذا لم نكن محتاجين لاستخدام القياس في موضوعها. ويرتبط موضوع التعليل أيضا بموضوع تحديد أهداف الشريعة العامة. وسنفرد للأهداف بندا خاصا من بين بنود هذه المباحث. ويرتبط مبحث تعليل الأحكام بمباحث الأسباب والشروط والموانع الخ [22].
وب
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[09 - 03 - 04, 10:09 ص]ـ
[1] المستصفى جـ1 ص4 - 5.
[2] توفي أبو الحسين البصري في ربيع الآخر سنة 436هـ (أنظر وفيات الأعيان)
[3] توفي عبد الجبار بن أحمد في عام 415هـ
[4] المعتمد، جـ1 ص9. الذين كتبوا في الأصول على طريقة الحنفية [4] وسنورد هنا التعريف الذي أورده البزدوى [4] لأن البزدوى من أهم العلماء الذين كتبوا في الأصول على هذه الطريقة، وقد اعتمد عليه المتأخرون من علماء المدرسة الحنفية في كتابتهم في أصول الفقه. على الرغم من أنه كان مسبوقا بعدد من علماء الأحناف الذين كتبوا في الأصول، وكان أسبقهم أبو الحسن الكرخي [4] الذي ألف رسالة في الأصول ذكر فيها الأصول التي عليها مدار فقه الأحناف. ولكنه لم يضع تعريفا محددا لعلم أصول الفقه كما وضعه البزدوى.
[5] كانت الكتابة في الأصول الفقه في القديم على طرقتين، طريقة الشافعية وطريقة الأحناف، ثم اندمجت الطريقتان فيما بعد كما سنوضح ذلك في فصل خاص.
[6] توفي سنة 482هـ
[7] توفي ببغداد سنة 340هـ.
[8] أصول البزدوي جـ1 ص19 - 20 الخ.
[9] توفي سنة 478 هـ
[10] االمستصفى جـ1 ص4.
[11] روضة الناظر ص4.
[12] التحرير وشرحه جـ1 ص24.
[13] توفي سنة 790هـ.
[14] الموافقات جـ3 ص24 - 25 الخ.
[15] أصول الفقه لخلاَّف ص12.
[16] أصول الفقه لأبي زهرة ص7.
[17] قوله إليه الضمير راجع إلى الفقه.
[18] توفي سنة 793 هـ
[19] التلويح على التوضيح
[20] أمر الغزالي، المستصفى جـ 1ص 4 - 5.
[21] أنظر الآمدى. الأحكام جـ3 ص 102الخ
[22] أنظر الغزالي المستصفى جـ1 ص8
[23] أنظر الغزالي جـ1 ص9(105/264)