هل وهم ابن حجر؟؟ قول مالك والأوزاعي في التبييت
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[10 - 11 - 07, 04:16 م]ـ
يقول ابن حجر في شرحه لحديث الصعب بن جثامة (2790):
" وَقَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوز قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان بِحَالِ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْل الْحَرْب بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَان أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْن أَوْ سَفِينَة وَجَعَلُوا مَعَهُمْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان لَمْ يَجُزْ رَمْيهمْ وَلَا تَحْرِيقهمْ "
----- انتهى النقل من الفتح ------------
فأما الأوزاعي, فقد جاء في المغني:
(فصْلٌ: وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي فَتْحِ الْبُثُوقِ عَلَيْهِمْ، لِيُغْرِقَهُمْ، إنْ قُدِرَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ, إذَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ إتْلَافَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، الَّذِينَ يَحْرُمُ إتْلَافُهُمْ قَصْدًا، وَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمْ إلَّا بِهِ، جَازَ، كَمَا يَجُوزُ الْبَيَاتُ الْمُتَضَمِّنُ لِذَلِكَ.
وَيَجُوزُ نَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عَلَيْهِمْ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُهُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ.
وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ... )
وجاء فيه أيضا:
(فَصْلٌ: وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَهُوَ كَسْبُهُمْ لَيْلًا، وَقَتْلُهُمْ وَهُمْ غَارُّونَ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِالْبَيَاتِ، وَهَلْ غَزْوُ الرُّومِ إلَّا الْبَيَاتُ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ بَيَاتَ الْعَدُوِّ ... )
وفيه أيضا:
(فَصْلٌ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا كَانَ فِي الْمَطْمُورَةِ الْعَدُوُّ، فَعَلِمْت أَنَّك تَقْدِرُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ النَّارِ، فَأَحَبُّ إلَى أَنْ يَكُفَّ عَنْ النَّارِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ وَأَبَوْا أَنْ يَخْرُجُوا فَلَا أَرَى بَأْسًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ذُرِّيَّةٌ، قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَ بِهَا.)
فأين هذا من قول ابن حجر:
" وَقَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوز قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان بِحَالِ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْل الْحَرْب بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَان أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْن أَوْ سَفِينَة وَجَعَلُوا مَعَهُمْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان لَمْ يَجُزْ رَمْيهمْ وَلَا تَحْرِيقهمْ "
وأما مالك رحمه الله:
يتبع ..
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[10 - 11 - 07, 04:41 م]ـ
أما مالك رحمه الله, فقد جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل:-
" قُوتِلُوا (بِقَطْعِ مَاءٍ) عَنْهُمَا لِيَمُوتُوا عَطَشًا أَوْ عَلَيْهِمْ لِيَمُوتُوا غَرَقًا (وَ) بِ (آلَةٍ) لِقَتْلٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنَبْلٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ وَلَوْ خِيفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ كَمَا {فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ الطَّائِفِ} (وَ) قُوتِلُوا (بِنَارٍ) تُرْسَلُ عَلَيْهِمْ لِتُحْرِقَهُمْ (إنْ) خِيفَ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّفَاقًا وَ (لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) أَيْ النَّارُ لِتَحَصُّنِهِمْ بِمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .. "
وجاء فيه أيضا:
" وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ قَتْلُ الْعَدُوِّ وَمَا لَا يَجُوزُ وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ ... وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا الْمُقَاتِلَةُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ وَيُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَرَّقُوا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ .... "
-----------انتهى النقل من منح الجليل ---------
فأين هذا من إطلاق ابن حجر رحمه الله السابق ذكره أول الموضوع ..
وتأتي نقول أخرى من كتب المالكية إن شاء الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/168)
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 02:50 م]ـ
الحقيقة أن هناك عدة نقول وتفصيلات عند المالكية واختلاف كثير, وسأحاول حسب المستطاع والوقت أن أرتبها بطريقة تقربها إن شاء الله
فصل
استخدام النار في القتال عند المالكية:
يختلف الكلام في ذلك عند المالكية إن كان استخدامها على السفن أو على غيرها, وذلك كالتالي:
استخدام النار في غير السفن:
قيد الجواز في مختصر خليل بقيدين:
1 - إن لم يمكن غيرها
2 - ولم يكن فيهم مسلم
ولم يقيد ذلك باشتراط انفرادهم عن الذرية ولا باشتراط أن يخاف على المسلمين إن ترك قتالهم
وأما ابن بشير فذكر أن هناك حالتان:
الحالة الأولى: إن لم يخف على المسلمين وفيها قولان:
الأول: يجوز بقيد أن يكونوا منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار
الثاني: لا يجوز ولو كانوا منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار
الحالة الثانية: إن خيف على المسلمين
فذكر أنه يجوز بلا شك ولم يذكر في ذلك خلاف, وكل ذلك مقيد بأن يكونوا منفردين عن الذرية كما هو مقتضى قاعدة: (السؤال كالمعاد في الجواب) , وذلك أن نص ابن بشير كالتالي:
" إذا انفرد أهل الحرب قوتلوا بسائر أنواع القتل وهل يحرقون بالنار؟ أما إن لم يمكن غيرها وكنا إن تركناهم خفنا على المسلمين فلا شك أنا نحرقهم, وإن لم نخف فهل يجوز إحراقهم إذا انفرد المقاتلة ولم يمكن قتلهم إلا بالنار؟ في المذهب قولان: الجواز والمنع. "
استخدام النار في السفن:
قيد ذلك في مختصر خليل بأن لا يكون فيها مسلم, فقال: (وبنار إن لم يمكن غيرها ولم يكن فيهم مسلم وإن بسفن) , ويفهم من قوله (وإن بسفن) الإشارة إلى أن هناك من جوز استخدام النار في السفن ولو مع وجود مسلم, وهو أشهب, كما يوضح ذلك ابن رشد في البيان والتحصيل, حيث يقول:
" أما السفن فإن لم يكن فيها أسرى مسلمين جاز أن يرموا بالنار, وإن كان فيها النساء والصبيان قولا واحدا, وإن كان فيها أسرى مسلمين فقال أشهب: ذلك جائز. وقال ابن القاسم: لا يجوز "
(فائدة) وقد يتسائل البعض عن سبب التفريق بين السفن وغيرها, حيث أنهم لم يشترطوا في السفن لاستخدام النار انفراد المقاتلة عن الذرية أو امتناع استخدام غير النار أو وجود الخوف على المسلمين من ترك القتال, فما سر ذلك؟
هذا التساؤل جاء في العتبية حيث فيها: " قال: ولا بأس أن ترمى الحصون بالمجانيق حصون العدو وإن كان فيهم نساء وصبيان. قلت: أيحرقون عليهم إذا اعتصموا بالغيران والقلاع التي لا تنال إلا بالتحريق أو يدخن عليهم حتى يعموا فيستأسروا وربما مات بعضهم غما؟ فقال والتدخين عليهم مكروه, ولا يصح أن يقاتلوا به. قلت: فكيف يصلح لنا أن نقاتلهم في السفن برمي النفط؟ ...
قال ابن رشد في البيان والتحصيل: " معناه [ابن رشد هنا يوضح المقصود من السؤال] إذا كان فيهم النساء والصبيان بدليل عطفه إياها على مسألة النساء والصبيان فلم يجبه على الفرق في ذلك بين الحصون والسفن .. "
فيجيب عن ذلك ابن رشد بقوله: " والفرق بينهما الضرورة إلى ذلك في السفن لأنهم إن لم يرموهم بالنار رموهم به فأحرقوهم ولا يقدرون على ذلك في الحصون "
وواضح مما سبق أنه يتعين استعمال النار في هذه الحالة للخوف على المسلمين بتركها وتعينها دون غيرها, وذلك من مقتضى ذلك الحال فلا داعي للتنصيص عليه إذ هو من ضرورته, وحرمة المسلمين أعظم من حرمة ذرية المشركين, والله أعلم
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 05:50 م]ـ
وتأتي تفاصيل أخرى لا حقا إن شاء الله, كما أرجو من الإخوة الفضلاء أن يتحفونا بما عندهم, لا سيما من خارج مواهب الجليل والبيان والتحصيل فإن غالب ما استفدته منهما
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:03 م]ـ
تنبيه واستدراك:
بالنسبة لعبارة المختصر: (وَبِنَارٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وَإِنْ بِسُفُنٍ) , فقد كنت علقت عليها بقولي: " ويفهم من قوله (وإن بسفن) الإشارة إلى أن هناك من جوز استخدام النار في السفن ولو مع وجود مسلم, وهو أشهب "
ولكني وجدت في منح الجليل أن هذه القيد قد اختلف في فهمه, وذلك على فهمين:
الفهم الأول: أنه من باب المفهوم, ويكون تقدير الكلام: يجوز قتالهم بالنار بشرطين هما عدم إمكان غير النار وعدم المسلم, ولا بد من هذين الشرطين حتى لو كان القتل في السفن.
ويشكل على هذا الفهم أن الراجح جواز قتالهم بالنار بالسفن ولو أمكن غيرها ما دام لم يكن فيهم مسلم.
قال في منح الجليل:
" وَيَصِحُّ رُجُوعُهَا لِلْمَفْهُومِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ قِتَالِهِمْ بِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَكُنَّ وَإِيَّاهُمْ بِسُفُنٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَمْ لَا أَفَادَهُ عب ".
الفهم الثاني: أنه من باب المنطوق, ويكون تقدير الكلام: يجوز قتالهم بالنار مع وجود الشرطين (عدم إمكان غيرها وعدم المسلم) ولو كان ذلك في السفن فإنه جائز أيضا
وعلى هذا الفهم يكون التنصيص على السفن من باب المبالغة توكيدا على الجواز في هذه الحالة, وهذا ما لم يستسغه البناني, جاء في منح الجليل:
" الْبُنَانِيُّ رُجُوعُهَا لِلْمَنْطُوقِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ بِهَا فِي السُّفُنِ مَعَ اجْتِمَاعِ الشَّرْطَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِصْنِ فَلَا مَحَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَهَا الشَّارِحُ فَالصَّوَابُ رُجُوعُهَا لِلْمَفْهُومِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ "
وللحديث بقية إن شاء الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/169)
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:20 م]ـ
استخدام النار في غير السفن:
قيد الجواز في مختصر خليل بقيدين:
1 - إن لم يمكن غيرها
2 - ولم يكن فيهم مسلم
ولم يقيد ذلك باشتراط انفرادهم عن الذرية ولا باشتراط أن يخاف على المسلمين إن ترك قتالهم
وأما ابن بشير فذكر أن هناك حالتان:
الحالة الأولى: إن لم يخف على المسلمين وفيها قولان:
الأول: يجوز بقيد أن يكونوا منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار
الثاني: لا يجوز ولو كانوا منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار
الحالة الثانية: إن خيف على المسلمين
فذكر أنه يجوز بلا شك ولم يذكر في ذلك خلاف, وكل ذلك مقيد بأن يكونوا منفردين عن الذرية كما هو مقتضى قاعدة: (السؤال كالمعاد في الجواب) , وذلك أن نص ابن بشير كالتالي:
" إذا انفرد أهل الحرب قوتلوا بسائر أنواع القتل وهل يحرقون بالنار؟ أما إن لم يمكن غيرها وكنا إن تركناهم خفنا على المسلمين فلا شك أنا نحرقهم, وإن لم نخف فهل يجوز إحراقهم إذا انفرد المقاتلة ولم يمكن قتلهم إلا بالنار؟ في المذهب قولان: الجواز والمنع. "
إضافة:
أما ابن رشد, فقد حكى القولين منعا وجوازا في حال انفراد المقاتلة عن الذرية (ومن باب أولى عن المسلمين) ولم يقيد ذلك بأن لم يمكن غيرها أو بأن يخاف على المسلمين, فقال:
الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ فَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْحَضْرَمِيِّ
إلا أن صاحب منح الجليل ذكر أنه إن أمكن غير النار فلا يجوز القتال بها عند ابن القاسم وسحنون, وذكر عن مالك أنه يجيز القتال بها وإن أمكن غيرها
فكأن ابن رشد جعل المنع مطلقا عند سحنون, بينما قيده صاحب منح الجليل بما لو أمكن غيرها
قال صاحب منح الجليل:
" (لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) أَيْ النَّارُ لِتَحَصُّنِهِمْ بِمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُهُمْ إذَا انْفَرَدَ الْمُقَاتِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُمْ إلَّا بِهَا، فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ ".
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:49 م]ـ
ظهر لي أن ما ذكره صاحب منح الجليل عن مالك وابن القاسم وسحنون هو مقيد بحالة الخوف على المسلمين, لأنه بعد أن فرغ من النقل عنهم قال: " وإن لم يخف على المسلمين فهل .. ", وهو بذلك يكون قد خالف ابن رشد في إطلاقه مرة أخرى, وجعل كلام مالك في الجواز مقيدا بالخوف عن المسلمين
وقد سبق في أو لمشاركة قولي:
أما مالك رحمه الله, فقد جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل:-
" قُوتِلُوا (بِقَطْعِ مَاءٍ) عَنْهُمَا لِيَمُوتُوا عَطَشًا أَوْ عَلَيْهِمْ لِيَمُوتُوا غَرَقًا (وَ) بِ (آلَةٍ) لِقَتْلٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنَبْلٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ وَلَوْ خِيفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ كَمَا {فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ الطَّائِفِ} (وَ) قُوتِلُوا (بِنَارٍ) تُرْسَلُ عَلَيْهِمْ لِتُحْرِقَهُمْ (إنْ) خِيفَ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّفَاقًا وَ (لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) أَيْ النَّارُ لِتَحَصُّنِهِمْ بِمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .. "
فأنا استدرك على نفسي طريقتي في سوق الكلام, حيث ظهر لي أن الواو في (وإن لم يخف منهم على المسلمين .. ) استئنافية, فيكون قول مالك بالجواز في حال الخوف على المسلمين لا في حال عدم الخوف
كما ظهر لي أن صاحب منح الجليل ساق كلام مالك رحمه الله ليبين أن قوله مخالف لقول ابن القاسم وسحنون إذ أنهما يشترطان للجواز أن لا يمكن غير النار
تنبيه: سأعمد بإذن الله في ما يلي لتلخيصما وقفت عليه من كلام للمالكية في هذه المسألة, لعل ذلك يعين على مزيد من الفهم والتحرير
يتبع إن شاء الله ..
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 03:47 م]ـ
قيد الجواز في مختصر خليل بقيدين:
1 - إن لم يمكن غيرها
2 - ولم يكن فيهم مسلم
ولم يقيد ذلك باشتراط انفرادهم عن الذرية ولا باشتراط أن يخاف على المسلمين إن ترك قتالهم
استدراك آخر:
قال في المختصر: (وَ بِالْحِصْنِ بغَيْرِ تَغْرِيقٍ وَتَحْرِيقٍ مَعَ ذُرِّيَّةٍ)
فبان بذلك أنه قيد جواز استعمال النار بعدم وجود الذرية
فخلاصة الكلام أن عبارة المختصر تفيد جواز القتال بالنار إن لم يمكن غيرها ولم يكن فيهم مسلم وكانوا منفردين عن الذرية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/170)
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 05:19 م]ـ
من أجل تلخيص ما وقفت عليه من كلام المالكية في القتال بالنار في غير السفن سأقسم ذلك بالقسمة العقلية التالية, وأدرج تحت كل قسم ما وقفت عليه من أقوال:
1 - أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
2 - أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
3 - أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية وأمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
4 - أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية وأمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
5 - أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
6 - أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
7 - أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية وأمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
8 - أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية وأمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
فالقسمة العقلية تقتضي أقساما ثمانية, وإليك ما ذكروه مختصرا تحت كل منها:
القسم الأول: أن يكون المقاتلين منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار وقد خيف على المسلمين.
فلم أقف على خلاف في جواز استخدام النار والحالة هذه.
القسم الثاني: أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
قيل يجوز وقيل لا يجوز على ما حكاه ابن بشير. وذكر ذلك أيضا صاحب منح الجليل فقال: " وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُهُمْ إذَا انْفَرَدَ الْمُقَاتِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُمْ إلَّا بِهَا، فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ ". وساق بعدها قول مالك الذي نقله ابن رشد فقال:
" ابْنُ رُشْدٍ الْحُصُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ. " أقول: فكأنه أخذ من إطلاق نقل ابن رشد عن مالك أنه يجيزه وإن لم يخف على المسلمين.
والقول بالجواز هو ظاهر إطلاق عبارة مختصر خليل, إذ لم يقيد الجواز بالخوف على المسلمين
القسم الثالث: أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية وأمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
جاء في منح الجليل: " فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقَاتَلُونَ بِهَا ".
ألا أنه قد يفهم من كلام ابن رشد أن سحنون يرى المنع مطلقا سواءا أمكن غير النار أم لا, وسواء خيف على المسلمين أم لا, وكذلك ابن القاسم وقد روي عن مالك, قال ابن رشد:
" الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ فَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْحَضْرَمِيِّ ".
القسم الرابع: أن يكون المقاتلون منفردين عن الذرية وأمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
وقد يفهم من كلام ابن رشد أن مالك يجيز في هذه الحالة قتالهم بالنار, حيث لم يقيد النقل عن مالك بالجواز بقيد غير انفراد المقاتلين عن الذرية, وذلك في قوله الذي سبق نقله:
الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ فَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْحَضْرَمِيِّ ".
القسم الخامس: أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
والقسم السادس: أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
والقسم السابع: أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية وأمكن غير النار وقد خيف على المسلمين
والقسم الثامن: أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية وأمكن غير النار ولم يخف على المسلمين
وإليك الكلام في الأقسام الأربعة:
جاء في مختصر خليل: ٍ (وَ بِالْحِصْنِ بغَيْرِ تَغْرِيقٍ وَتَحْرِيقٍ مَعَ ذُرِّيَّةٍ)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/171)
وظاهر هذا عدم الجواز في الأقسام الأربعة, فلا يجوز استخدام النار مع وجود الذرية سواء خيف على المسلمين أم لا, وسواء أمكن غيرها أم لا.
قال ابن رشد في الحصون:
" وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا الْمُقَاتِلَةُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ وَيُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَرَّقُوا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. "
ويفهم من كلام ابن رشد أن أصبغ انفرد بتجويز القتال بالنار في حال وجود الذرية, ولم يقيد ابن رشد ما نقله عن أصبغ بأنه في حال عدم إمكان غير النار, أو في حال الخوف على المسلمين.
والذي يليق بمذهب المالكية ويتفق مع أصوله تجويز استعمال النار في القسم الخامس, وهو أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار وقد خيف على المسلمين, وذلك لأنهم نصوا على ذلك في السفن, إلا أنهم لم ينصوا على الجواز في هذه الحالة لأنها غير متصورة في واقعهم في الغالب, حيث يقول ابن رشد: " والفرق بينهما الضرورة إلى ذلك في السفن لأنهم إن لم يرموهم بالنار رموهم به فأحرقوهم ولا يقدرون على ذلك في الحصون "
إلا أنه يعكر على هذا أنهم ذكروا في حال انفراد المقاتلة عن الذرية الخلاف في حال عدم الخوف على المسلمين والوفاق في حال الخوف عليهم, مما يدل على تصورهم لوقوع الخوف على المسلمين في غير السفن, وهذا يشكل على كلام ابن رشد.
والذي يظهر لي والله أعلم, أن النص الذي كان يعلق عليه ابن رشد لم يذكر فيه مالك رحمه الله الخوف على المسلمين, فكلامه يحمل على حالة لم يخف فيها على المسلمين, وبهذا يستقيم توجيه ابن رشد, إلا أننا نجعله خارجا مخرج الغالب, فلو وجدت حالة يخاف فيها على المسلمين ولم يمكن استعمال غير النار ووجدت الذرية لم يلزم أن يفيد نص مالك هذا التحريم فيها. ومن المناسب هنا أن أنقل نص مالك رحمه الله:
" قال: ولا بأس أن ترمى الحصون بالمجانيق حصون العدو وإن كان فيهم نساء وصبيان. قلت: أيحرقون عليهم إذا اعتصموا بالغيران والقلاع التي لا تنال إلا بالتحريق أو يدخن عليهم حتى يغموا فيستأسروا وربما مات بعضهم غما؟ فقال والتدخين عليهم مكروه, ولا يصح أن يقاتلوا به. قلت: فكيف يصلح لنا أن نقاتلهم في السفن برمي النفط؟ "
هذا ما تيسر من تلخيص كلامهم في استعمال النار في غير السفن, وبه أختم الكلام في استعمال النار في القتال عند المالكية, ويليه فصول أخرى تأتي تباعا إن شاء الله
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 05:54 م]ـ
تنبيه:
تبع الصنعاني في سبل السلام والشوكاني في نيل الأوطار ابن حجر في وهمه حين قال:
" وَقَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوز قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان بِحَالِ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْل الْحَرْب بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَان أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْن أَوْ سَفِينَة وَجَعَلُوا مَعَهُمْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان لَمْ يَجُزْ رَمْيهمْ وَلَا تَحْرِيقهمْ "
قال الصنعاني: " وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ بِحَالٍ حَتَّى إذَا تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ هُمَا فِيهِمَا مَعَهُمْ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ وَلَا تَحْرِيقُهُمْ "
وقال الشوكاني: " وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَجَعَلُوا مَعَهُمْ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ وَلَا تَحْرِيقُهُمْ ".
فينبغي التنبه لذلك وألا يغتر بما ذكراه, فإنهما إنما نقلاه عنه, وهما مكثران في كتابيهما المذكورين من النقل عنه
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 05:57 م]ـ
هل من معقب أو مستدرك, فإني لا أشارك هنا إلا لأستفيد من الإخوة الفضلاء ممن لهم عناية بالفقه وكتبه ولا سيما كتب المالكية
؟؟(87/172)
هل يعتبر تأخر المطر نازلة يقنت لأجلها في الفرائض؟!
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدث في المسجد عندنا أن الإمام قنت في الأخيرة من صلاة المغرب ودعا بنزول الغيث والمطر, وعندما سئل عن هذا الأمر , قال: إن هذه نازلة!
فهل قال بهذا أحد من الأئمة والعلماء؟؟؟
وجزاكم الله كل خير
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:34 ص]ـ
يقول ابن القيم:"وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة، وتركه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر بل كان أكثر قنوته فيها؛ لأجل ما شرع فيها من الطول، ولاتصالها بصلاة الليل، وقربها من السحر واسعة الإجابة وللتنزل الإلهي ولأنها الصلاة المشهودة التي يشهدها الله وملائكته أو ملائكة الليل والنهار كما روي هذا وهذا في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء:78].
عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون.
وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أقنت لتدعوا ربكم وتسألوه حوائجكم ... وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت حتى مات، وأبو بكرحتى مات، وعمر حتى مات. رواه البزار ورجاله موثقون). انتهى.
ومن اقوال الفقهاءالملفتة في القنوت قول ابن حزم الظاهري في القنوت:
قال في المحلى: 4/ 138 - 146:
(مسألة: والقنوت فعل حسن .. في آخر ركعة من كل صلاة فرض، الصبح، وغير الصبح، وفي الوتر، فمن تركه فلا شئ عليه في ذلك .. ويدعو لمن شاء ويسميهم بأسمائهم إن أحب فإن قال ذلك قبل الركوع لم تبطل صلاته بذلك ... عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب).
وعن أبي هريرة قال: والله إني لأقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الصبح، بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار ... عن البراء ابن عازب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة إلا قنت فيها!!).
ثم قال ابن حزم:
(أما الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم بأنهم لم يقنتوا فلا حجة في ذلك في النهي عن القنوت، لأنه قد صح عن جميعهم أنهم قنتوا، وكل ذلك صحيح قنتوا وتركوا، فكلا الأمرين مباح، والقنوت ذكر لله تعالى، ففعله حسن،
وتركه مباح، وليس فرضاً، ولكنه فضل.
وأما قول والد أبي مالك الأشجعي إنه بدعة، فلم يعرفه، ومن عرفه أثبت فيه ممن لم يعرفه، والحجة فيمن علم لا فيمن لم يعلم!
وقال بعض الناس: الدليل على نسخ القنوت ما رويتموه من طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الأخيرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً، دعا على ناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.
قال علي (ابن حزم): هذا حجة في إثبات القنوت، لأنه ليس فيه نهي عنه، فهذا حجة في بطلان قول من قال: إن ابن عمر جهل القنوت، ولعل ابن عمر إنما أنكر القنوت في الفجر قبل الركوع، فهو موضع إنكار، وتتفق الروايات عنه فهو أولى، لئلا يجعل كلامه خلافاً للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما في هذا الخبر إخبار الله تعالى بأن الأمر له لا لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأن أولئك الملعونين لعله تعالى يتوب عليهم، أو في سابق علمه أنهم سيؤمنون فقط ..
وأما أبو حنيفة ومن قلده فقالوا: لا يقنت في شئ من الصلوات كلها إلا في الوتر، فإنه يقنت فيه قبل الركوع السنة كلها، فمن ترك القنوت فيه فليسجد سجدتي السهو.
أما مالك والشافعي فإنهما قالا: لا يقنت في شئ من الصلوات المفروضة كلها إلا في الصبح خاصة.
قال علي (ابن حزم): أما قول أبي حنيفة: فما وجدناه كما هو عن أحد من الصحابة نعني النهي عن القنوت في شئ من الصلوات، حاشا الوتر فإنه يقنت فيه، وعلى من تركه سجود السهو.
وكذلك قول مالك في تخصيصه الصبح خاصة بالقنوت، ما وجدناه عن أحد من الصحابة ولا عن أحد من التابعين.
وكذلك تفريق الشافعي بين القنوت في الصبح وبين القنوت في سائر الصلوات، وهذا مما خالفوا فيه كل شئ روى في هذا الباب عن الصحابة رضي الله عنهم، مع تشنيعهم على من خالف بعض الرواية عن صاحب لسنة صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!
قال علي: وقولنا هو قول سفيان الثوري. وروى عن ابن أبي ليلى: ما كنت لأصلي خلف من لا يقنت، وأنه كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع). انتهى كلام ابن حزم.إذا مافعله امامكم لا يعتبر مخالفا للسنة وان القحط والجفاف والجوع هو من النوازل ...............
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/173)
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:39 ص]ـ
جزاك الله - أخي احمد - خير الجزاء
السؤال ليس في مشروعية القنوت وعدمه. بل هو: هل تأخر المطر يعتبر نازلة يقنت الإمام لأجلها؟؟؟
وجزيت خيرا
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:42 ص]ـ
قد اجبت اخي الكريم في نهاية النقل أن القحط والجفاف والجوع والزلازل هي من النوازل أي نزلت بالعباد فندعو ا الله أن ترفع سواء بالقنوت او غيرها مما شرع ....
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا , وأعتذر لأني لم انتبه لها
لكن هل من الممكن ان تنقل لي أحدا من العلماء قال بهذا , خصوصا القحط. حتى لا ننكر على الإمام
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[11 - 11 - 07, 01:05 ص]ـ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» (2). أخرجه البخاري.
القنوت: يطلق على معان والمراد به هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام.
وقنوت النوازل:- هو الدعاء في النوازل التي تنزل بالمسلمين لدفع أذى عدو أو رفعه أو رفع بلاء ونحو ذلك.
** قال النووي في شرح مسلم" والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات.
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 08:21 م]ـ
جزاكم الله جزاء الخير وخير الجزاء
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[12 - 11 - 07, 02:15 ص]ـ
وأنتم من أهل الجزاء اخي الكريم
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[12 - 11 - 07, 06:26 ص]ـ
من باب المباحثة:
ألم يتأخر المطر في زمن التشريع؟
الجواب = نعم.
فهل قنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أم صلى الإستسقاء؟
الجواب = الثاني.
فهل نعدل عن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما تستحسنه عقولنا؟
الجواب = كلا.
إذن -في بادئ الرأي-: القنوت غير مشروع للقحط وتأخر المطر.
والله أعلم.
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[13 - 11 - 07, 07:00 ص]ـ
من باب المباحثة:
ألم يتأخر المطر في زمن التشريع؟
الجواب = نعم.
فهل قنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أم صلى الإستسقاء؟
الجواب = الثاني.
فهل نعدل عن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما تستحسنه عقولنا؟
الجواب = كلا.
إذن -في بادئ الرأي-: القنوت غير مشروع للقحط وتأخر المطر.
والله أعلم.
من سنتبع قولك ام قول النووي الذي قال في شرح مسلم" والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر بالمسلمين ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبات.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:06 م]ـ
من سنتبع قولك ام قول النووي.
لو أنك أجبت على الإشكالات لكان خيرا لك من هذا الكلام الذي لا ينفق في سوق العلم.
ـ[خادم أهل الحديث]ــــــــ[14 - 11 - 07, 09:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر فى الملتقى-مداد- مايلى:
ذكر فضيلة الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - في القول المفيد، باب قول الله تعالى: (أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون) ما نصه:
[الثامنة: القنوت في النوازل، وهذه هي المسألة الفقهية، فإذا نزل بالمسلمين نازلة، فإنه ينبغي أن يدعى لهم حتى تنكشف. وهذا القنوت مشروع في كل الصلوات، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أحمد وغيره، إلا أن الفقهاء رحمهم الله استثنوا الطاعون، وقالوا: لا يقنت له لعدم ورود ذلك، وقد وقع في عهد عمر رضي الله عنه ولم يقنت، ولأنه شهادة، فلا ينبغي الدعاء برفع سبب الشهادة. وظاهر السنة أن القنوت إنما يشرع في النوازل التي تكون من غير الله، مثل: إيذاء المسلمين والتضييق عليهم، أما ما كان من فعل الله، فإنه يشرع له ما جاءت به السنة، مثل الكسوف، فيشرع له صلاة الكسوف، والزلازل شرع لها صلاة الكسوف كما فعل ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: هذه صلاة الآيات، والجدب يشرع له الاستسقاء، وهكذا. وما علمت لساعتي هذه أن القنوت شرع لأمر نزل من الله، بل يدعى له بالأدعية الواردة الخاصة، لكن إذا ضيق على المسلمين وأوذوا وما أشبه ذلك، فإنه يقنت اتباعاً للسنة في هذا الأمر. ثم من الذي يقنت، الإمام الأعظم، أو إمام كل مسجد، أو كل مصل؟ المذهب: أن الذي يقنت هو الإمام الأعظم فقط الذي هو الرئيس الأعلى للدولة. وقيل: يقنت كل إمام مسجد. وقيل: يقنت كل مصل، وهو الصحيح، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وهذا يتناول قنوته صلى الله عليه وسلم عند النوازل.] القول المفيد على كتاب التوحيد ج1 / ص 301 =منقول=
وجزيتم خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/174)
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[15 - 11 - 07, 12:26 م]ـ
جزاكما الله خيرا
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[16 - 11 - 07, 10:53 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وجزاكم الله جميعا كل خير
(من باب الاستفادة والمدارسة والمناصحة)
الذي أراه أن الأفضل في هذا الامر والموافق للسنة هو ألا يقنت الإمام إذا انحبس المطر , لاسيما وأن هناك عبادة خاصة شرعها الله سبحانه لهذا الأمر , وخير الهدي هدي نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
ولكن كون القنوت يكون فقط فيما ينزل بالمسلمين من الناس من نوازل ومصائب!! فإني أرى أنه غير دقيق , ويحتاج إلى دليل. ولم اجد احدا من العلماء ذكر هذا - وياليت من وجد ان يخبرني- غير شيخنا العثيمين. لأن البعض يريد أقوالا للمتقدمين فقط. وللأسف.
واستثناء صاحب الزاد (الطاعون وهو مما ينزل من الله) يدل على أن غيره من النوازل , سواء بسبب الناس أو من الله يجوز القنوت فيه. ولكن بعض العلماء استثنى الطاعون لأنه ورد فيه فضيلة خاصة كون من مات فيه كان شهيدا , وهذا خير فكيف يدعا برفعه.
فلو داهم الجراد بلاد المسلمين , وأكل الأخضر واليابس , فهل يجوز لنا القنوت أم لا؟؟؟
هذا ما قلت فإن صواب فمن الله وإن خطأ فمني ومن الشيطان.
وهناك أمر آخر , وهو أن هذا الإمام الذي يقنت ليس من أهل العلم ولم يطلع على قول الإمام النووي ولا غيره بل هو اجتهاد من نفسه فقط. فما حكم مثل هذا؟؟؟(87/175)
سؤال حول المقنع للموفق
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[11 - 11 - 07, 05:48 م]ـ
ذكر الموفق أنه جعله عريا عن الدليل والتعليل
ثم قرأت مقالة هنا في هذا المنتدى: أن ثمة كتبا لتخريج أحاديثه
فهل معنى التخريج هنا التدليل على أحكام المقنع أم ماذا
بارك الله فيكم
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 09:12 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
أخي العزيز أبو صعيب تحية طيبة مباركة من عند الله عليك وعلى جميع الأخوة وبعد:
كتاب " المقنع " في الفقه تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي - رحمه الله - المتوفى سنة (620 هـ) , يعتبر عمدة الحنابلة , وهو أشهر المتون بعد مختصر الخرقي - رحمه الله -.
قال مؤلفه في مقدمته: (الحمد لله المحمود على كل حال الدائم الباقي بلا زوال الموجد خلقه على غير مثال العالم بعدد القطر وأمواج البحر وذرات الرمال لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا تحت أطباق الجبال عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى آله خير آل صلاة دائمة بالغدو والآصال أما بعد فهذا كتاب في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني اجتهدت في جمعه وترتيبه وإيجازه وتقريبه وسطاً بين القصير والطويل وجامعاً لأكثر الأحكام عرية عن الدليل والتعليل ليكثر علمه ويقل حجمه ويسهل حفظه (ويكون مقنعاً لحافظيه نافعاً للناظر فيه والله المسؤول أن يبلغنا أملنا، ويصلح قولنا وعملنا، ويجعل سعينا مقرباً إليه ونافعاً لديه وهو حسبنا ونعم الوكيل ... ).
فنص على أنه جرده من الدليل والتعليل , ولا يعني هذا أنه لن يذكر دليلاً أو تعليلاً؛ لكن هذا الشرط منه في غالب المسائل؛ حتى لا يكبر حجم الكتاب؛ ليسهل حفظه على مَن أراد حفظه , لكن ذكر جملة من الأدلة والتعليلات , وأول دليل ذكره في كتابه في باب نوافض الوضؤ الناقض السابع: وهذا نصه: (أكل لحم الجزور لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " توضئوا من لحوم الإبل .... ) , هذا أولاً.
ثانياً: أن نسبة كبيرة من صياغة المسائل الفقهية في متن المقنع إنما هي نص حديث بدون أن يصدره بقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وخرجت على اعتبار أنها نص حديث.
ثالثاً: قام جملة من العلماء بتخريج تلك الأحاديث , منهم: أبو امحاسن يوسف بن محمد المرداوي المتوفى سنة (769هـ) في كتابه " كفاية المستقنع لأدلة المقنع " محقق في جامعة أم القرى , تحقيق عبدالله محمد الزهراني.
ومنهم: كذلك أبو امحاسن يوسف بن حسن بن عبدالهادي الشهير بابن المِيرد المتوفى سنة (909هـ) في كتابه " الصوت المسمع في تخريج أحاديث المقنع".
هذا ما لدي يا أخي وأعذرني على التقصير , والله أعلم , وأسأله التجاوز عن الخطأ والتقصير.
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[12 - 11 - 07, 03:51 م]ـ
أخي احبيب قد قمت بجرد كتاب المقنع فوجدت أن المؤلف ذكر فيه أثنا عشر حديثاً , والله الموفق.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:26 ص]ـ
طيب
هل يعني هذا أن المخرج ما فعله هو نسبة الكلام لسيد الأنام أم ماذا
وهل يعني كلامكم أنه اقتصر على الاثني عشر حديثا فقط!!
بارك الله فيكم(87/176)
هل للناشز حقوق؟
ـ[محسن المصري]ــــــــ[11 - 11 - 07, 10:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أساتذي الأعزاء:-
سألني أحد الزملاء عن حكم المرأة التي حكم القاضي بنشوزها ما لها من حقوق إذا طلقها؟ هل تكون في حكم المطلقة أوفي حكم الخالعة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[05 - 10 - 08, 02:22 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إذا كانت ناشزاً غير حامل ثم طلقت طلاقاً رجعياً، نظرتَ؛ فإن كانت مقيمةً على نشوزها بعد هذا الطلاق فلا نفقة لها، ويجب عليها أن تعتد في بيت زوجها ثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض، أو ثلاثة أشهر إن لم تكن ممن يحضن.
وإن رجعت عن نشوزها وأطاعت فليس له عليها من سبيل، ويلزمه أداء حقوقها كاملة من نفقة وغيرها؛ لأن الرجعية زوجة يجب لها ما يجب للزوجات.
وله مراجعتها ما دامت في العدة، ويستحب أن يُشهِد على رجعتها. وبالله التوفيق.(87/177)
حول التنفل بعد جلوس الامام على المنبر يوم الجمعة (من كلام الشافعية)
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 10:06 م]ـ
حول ما يسن من الصلاة قبل وبعد الجمعة:
قال الشيخ الخطيب في مغني المحتاج:
(وبعد الجمعة أربع) ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين كما في الظهر لخبر مسلم {إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا} (وقبلها ما قبل الظهر) أي ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين (والله أعلم) لخبر الترمذي " أن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا " والظاهر أنه توقيف وما قررت به عبارته هو ما صرح به في التحقيق وإن كان مقتضى عبارته أن الجمعة مخالفة للظهر فيما بعدها، ولو قال: والجمعة كالظهر في الرواتب قبلها وبعدها لكان أولى.
عبارة حاشية الجمل على شرح المنهج:
(قوله وجمعة كظهر) حاصله أن الجمعة إن أغنت عن الظهر سن قبلها أربع وبعدها أربع كالظهر وإن لم تغن عنها سن قبلها أربع لا بعدها وسن قبل الظهر أربع وبعدها أربع ا هـ ع ش على م ر بالمعنى.
(قوله وينوي بقبلية الجمعة سنتها) ولا أثر لاحتمال عدم وقوعها خلافا لصاحب البيان؛ إذ الفرض أنه كلف بالإحرام بها وإن شك في عدم إجزائها ا هـ شرح م ر ولو لم يفعل سنة الجمعة حتى خرج الوقت ليس له أن يقضيها؛ لأن التابع كمتبوعه والجمعة لا تقضى ا هـ شيخنا ح ف وسيأتي لهذا مزيد بيان عند قوله وسن قضاء نفل مؤقت.
حول الصلاة والامام جالس أو يخطب:
قال العلامة الشمس الرملي في نهاية المحتاج:
وكره تحريما بالإجماع كما قاله الماوردي وغيره تنفل من أحد الحاضرين بعد صعود الخطيب على المنبر وجلوسه عليه كما في المجموع وإن لم يسمع الخطبة بالكلية لاشتغاله بصورة عبادة، ومن ثم فارقت الصلاة الكلام بأن الاشتغال به لا يعد إعراضا عنه بالكلية، وأيضا فمن شأن المصلي الإعراض عما سوى صلاته بخلاف المتكلم، وأيضا فقطع الكلام هين متى ابتدأ الخطيب الخطبة، بخلاف الصلاة فإنه قد يفوته بها سماع أول الخطبة بل لو أمن فوات ذلك كان ممتنعا أيضا خلافا لما في الغرر البهية.
وقد يؤخذ من ذلك أن الطواف ليس كالصلاة هنا، ويمنع من سجدة التلاوة والشكر كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وشمله كلامهم وإن كان كل منهما ليس صلاة وإنما هو ملحق بها، ويجب على من كان في صلاة تخفيفها عند صعود الخطيب المنبر وجلوسه كما قاله الشيخ نصر، واعتمده غيره فالإطالة كالإنشاء، ومتى حرمت الصلاة، فالأوجه كما في التدريب عدم انعقادها كالصلاة في الأوقات الخمسة المكروهة بل أولى، بل قضية إطلاقهم ومنعهم من الراتبة مع قياس سببها أنه لو تذكرها فرضا لا يأتي وإن كان وقته مضيقا وأنه لو أتى به لم ينعقد، وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى.
وتعبير جماعة بالنافلة جرى على الغالب، ويستثنى التحية لداخل المسجد والخطيب على المنبر فيسن له فعلها ويخففها وجوبا لخبر مسلم {جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال: يا سليك: قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما} هذا إن صلى سنة الجمعة، وإلا صلاها مخففة وحصلت التحية، ولا يزيد على ركعتين بكل حال فإن لم تحصل تحية كأن كان في غير مسجد لم يصل شيئا أخذا مما مر.
أما الداخل آخر الخطبة، فإن غلب على ظنه أنه إن صلاها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يجلس في المسجد قبل التحية.
قال ابن الرفعة: ولو صلاها في هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد في كلام الخطبة بقدر ما يكملها.قال الشيخ: وما قاله نص عليه في الأم، والمراد بالتخفيف فيما ذكر الاقتصار على الواجبات، قاله الزركشي لا الإسراع.
قال: ويدل له ما ذكروه أنه إذا ضاق الوقت وأراد الوضوء اقتصر على الواجبات ا هـ.
وفيه نظر، والفرق بينه وبين ما استدل به واضح، وحينئذ فالأوجه أن المراد به ترك التطويل عرفا اهـ
قال علي الشبراملسي في حاشيته على النهاية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/178)
(قوله: وكره تحريما إلخ) أي ويستمر ذلك إلى فراغ الخطبة وتوابعها كما تقدم عن سم أن الشارح ذهب إليه، وفي كلام حج ما يصرح به حيث قال بعد قول المصنف: ويسن الإنصات ويحرم إجماعا صلاة فرض أو نفل ولو في حال الدعاء للسلطان ا هـ.
وما نقله سم على حج فيما تقدم في التوابع لعله في غير شرح المنهاج.
(قوله: بعد صعود الخطيب) أما بعد الصعود وقبل الجلوس فلا يحرم
(قوله: وإن كان وقته مضيقا) أي فلا يفعله وإن خرج من المسجد وعاد إليه بسبب فعله فيما يظهر أخذا مما قالوه فيما لو دخل المسجد في الأوقات المكروهة يقصد التحية
(قوله: فيسن له فعلها) أي سواء في ذلك سنة الجمعة وغيرها كفائتة حيث لم تزد على ركعتين.
[فرع] من دخل والإمام يخطب صلى ركعتين م ر ثم مرة أخرى.
قال: لو كان محل الخطبة غير المسجد لا صلاة، وحاصله أنه قال: إذا دخل حال الخطبة.
فإن كان المكان مسجدا صلى التحية أو ركعتين راتبة أو نحو فائتة وإن لم يكن مسجدا جلس ولا صلاة مطلقا ا هـ فليراجع.
وفي شرح المنهاج لشيخنا منع ركعتين غير الراتبة والسكوت في غير المسجد فليحرر ا هـ سم على منهج وفيه: لكن لو أحرم بأربع قضاء قبل الجلوس ثم جلس وقد بقي ثلاث ركعات هل تستمر صحتها ويجب التخفيف، أو تبطل لأن الإتمام بعد الجلوس بمنزلة الإنشاء بدليل حرمة التطويل، ولا يجوز بعد الجلوس إنشاء أكثر من ركعتين فليحرر ا هـ.
أقول: والظاهر الاستمرار سيما إذا أحرم على ظن سعة الوقت لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء.
وأما لو كان جالسا بالمسجد وعلم بقرب جلوس الخطيب على المنبر كأن كان بعد قراءة المقرئ الآية فأحرم بركعتين فهل تنعقد صلاته ويكملهما بعد جلوس الخطيب ويخفف فيهما كما لو دخل والإمام يخطب أم لا، لأن شروعه في تلك الحالة يعد به مقصرا؟ فيه نظر، والأقرب الأول، لأنه حال شروعه لم يكن متهيئا لشيء يسمعه فيعد معرضا عنه باشتغاله بالصلاة.
(قوله فإن لم تحصل تحية) شمل ما لو نوى سنة الصبح مثلا أو ركعتين ولم ينو أنهما تحية لما قدمه في صفة الصلاة من أنه لو أتى بركعتين ولم ينو بهما التحية كانت نفلا مطلقا حصل به مقصود التحية،
لكن قال حج: وصلاة ركعتين بنية التحية وهو الأولى أو راتبة الجمعة القبلية إن لم يكن صلاها، وحينئذ الأولى نية التحية معها، فإن أراد الاقتصار فالأولى فيما يظهر نية التحية لأنها تفوت بفواتها بالكلية إذا لم ينو، بخلاف الراتبة القبلية للداخل، فإن نوى أكثر منهما أو صلاة أخرى بقدرهما لم تنعقد.
فإن قيل يلزم على ما تقرر أن نية ركعتين فقط جائزة، بخلاف نية ركعتين سنة الصبح مثلا مع استوائهما في حصول التحية بها بالمعنى السابق في بابها.
قلت: يفرق بأن نية ركعتين فقط ليس فيه صرف عن التحية بالنية بخلاف نية سبب آخر، فأبيح الأول دون الثاني، ويلزمه أن يقتصر فيهما على أقل مجزئ على ما قاله جمع، وبينت ما فيه في شرح العباب، لكن عدم انعقاد سنة الصبح بنيتها مشكل على نية الفائتة، فإن وصفها بكونها فائتة يفوت التعرض للتحية.
(قوله: كأن كان في غير مسجد) شمل ما لو تطهر في غير المسجد وأراد فعل الركعتين خارج المسجد فلا تنعقد، وعبارة حج: ويحرم على من لم تسن له التحية كما هو ظاهر وإن لم يستمع ولو لم تلزمه الجمعة وإن كان بغير محلها وقد نواها معهم بمحله وإن حال مانع الاقتداء الآن فيما يظهر إلخ.
وقضية قوله وقد نواها معهم بمحله إلخ أنه لو بعد عن المسجد وتطهر لا يحرم عليه فعلها في موضع طهارته حيث قصد فعلها في غير محل الطهارة فتنبه له فإنه دقيق. اهـ
وقيد البجيرمي الاجماع الني نقله الخطيب في الاقناع ومغني المحتاج بقوله (ونقل الماوردي فيه الإجماع) ونقل الاجماع كذلك الرملي وابن حجر.
قال البجيرمي في حاشيته على الاقناع: قوله: (ونقل الماوردي فيه الإجماع) أي إجماع الأئمة الأربعة. اهـ
قلت: لعلهم لم يطلعوا على مخالف، واطلع البجيرمي فحمل كلامهم على ما لو اطلعوا عليه وقصدوا بالاجماع ما ذكر. والله أعلم
والله أعلم
ـ[أبو شهاب الأزهري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 02:34 ص]ـ
وقيد البجيرمي الاجماع الني نقله الخطيب في الاقناع ومغني المحتاج بقوله (ونقل الماوردي فيه الإجماع) ونقل الاجماع كذلك الرملي وابن حجر.
قال البجيرمي في حاشيته على الاقناع: قوله: (ونقل الماوردي فيه الإجماع) أي إجماع الأئمة الأربعة. اهـ
قلت: لعلهم لم يطلعوا على مخالف، واطلع البجيرمي فحمل كلامهم على ما لو اطلعوا عليه وقصدوا بالاجماع ما ذكر. والله أعلم
والله أعلم
جزاك الله خيرًا(87/179)
طلب عاجل (كتاب فقه النوازل) للدكتور بكر أبوزيد-غفرالله لكم-
ـ[عبدالإله السبيعي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 11:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .
بحثت فلم أجد فلعلي أجد رابطه. .
كتاب فقه النوازل للشيخ الدكتور / بكر أبوزيد - شفاه الله-
فهل من مجيب؟؟!!
غفر الله لكم
محبكم.(87/180)
أّّذكر أخي الكريم ماتعرف من اخطاء الحجاج
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[12 - 11 - 07, 02:11 ص]ـ
إن كثيرا من الناس الذين يقصدون مكة المكرمة للحج يقعون في كثير من البدع والأخطاء، إما بسبب جهلهم، أو بسبب تقليدهم لغيرهم، أو اتباعهم للهوى، وغير ذلك. ولذا أطلب من الاخوة الكرام أن كل من لديه علم ببدع الحجاج وأخطائهم فيذكرها هنا تعميما للنصيحة،وحتى نحذر منها ويحذرها الحجاج وسأذكر بعض مارأيت وما يعرف عندناوهي:
1_ عند تسجيل مريد الحج والاكتتاب في قائمة الحجاج توضع وترفع راية بيضاء فوق سطح بيته.
2_ توديعه للرجال والنساء والتسليم عليهم في وجوههم
3_ وصايته من قبل مودعيه أن يضع لهم كومة من الحجر على جبل عرفة حتى يكتب للموصي الحج.
4_ تقبيل أبواب مسجد الحرام ولمس مقام ابراهيم عليه السلام
5_ المحافظة على ازار ورداء الاحرام واستعماله فيما بعد للمرضى .....
6_ أخذ حجر مكة ونقله لبلد الحاج قصد استعماله للتيمم ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[12 - 11 - 07, 10:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا ونفع بك وجعل ما تكتبه وتدع إليه في ميزان حسناتك.
بارك الله في علمك وعملك.
ـ[إياد الشامي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 08:13 ص]ـ
التزين بحلق اللحى عند الانتهاء من المناسك
عدم التوبة من المعاصي كالتدخين أثناء الحج وبعده
استقبال الحاج بكتابة حج مبرور و سعي مشكور على جدران منزله قبل وصوله
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[18 - 11 - 07, 08:23 ص]ـ
تضييع الأوقات الكثيرة في الكلام الفارغ
ترك الدعاء عند رمي الجمرات
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[18 - 11 - 07, 08:47 ص]ـ
- المسح على كل أركان البيت الحرام دون تفريق بين الحجر والركن اليماني وغيره
- المداومة على الاضطباع في الطواف وبعده
- انتشار كتيبات الأذكار الخاصة بأشواط الطواف بشكل كبير .. وهي عبارة عن أذكار مخصصة لكل شوط وفيها .. دعاء الشوط الأول .. دعاء الشوط الثاني .. وهكذا،،
- عدم صلاة الركعتين بعد الطواف
- الظن في السعي أن الذهاب من الصفا إلى المروة والعكس هو شوط واحد
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 09:34 ص]ـ
1 - ترك الاحرام من المواقيت
2 - الطواف من داخل الحجر
3 - الادعية الخاصة بكل شوط في الطواف والسعي
4 - رمي الجماربحصى كبيرة وباحذية
5 - الوقوف خارج حدود عرفة وهذا لاحج له
6 - ترك المبيت بمزدلفة
7 - رمي الجمارمنكسامبتدئا بالكبرى ومنتهيا بالصغرى8 - الطيب في ملابس الاحرام حين الاحرام
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[25 - 11 - 07, 11:14 ص]ـ
1 - الإحرام قبل الميقات تعبدا.
2 - الاضطباع عند الإحرام.
3 - التلبية جماعة بصوت واحد.
4 - اعتقاد وجوب صلاة ركعتين عند الإحرام.
5 - اعتقاد بعض الناس بوجوب الإحرام من المسجد الحرام أو أنه أفضل
6 - اعتقاد أنه لا يجوز الاغتسال للمحرم.
7 - الاتيان بأكثر من عمرة بعدإتمام أعمال الحج.
7 - إتيان بعمرة بعد يومين من أيام التشريق
8 - لبس النساء الثياب التي فيها تشبه بالرجال واعتقاد هن أن لبس البياض في الإحرام أفضل.
9 - اعتقاد المتمتع أن الهدي الواجب عليه أضحية.
10 - اعتقاد أن الإحرام هو لبس الأبيض من الإزار والرداء.
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[25 - 11 - 07, 11:18 ص]ـ
1 - الإحرام قبل الميقات تعبدا.
2 - الاضطباع عند الإحرام.
3 - التلبية جماعة بصوت واحد.
4 - اعتقاد وجوب صلاة ركعتين عند الإحرام.
5 - اعتقاد بعض الناس بوجوب الإحرام من المسجد الحرام أو أنه أفضل
6 - اعتقاد أنه لا يجوز الاغتسال للمحرم.
7 - الاتيان بأكثر من عمرة بعدإتمام أعمال الحج.
7 - إتيان بعمرة بعد يومين من أيام التشريق
8 - لبس النساء الثياب التي فيها تشبه بالرجال واعتقاد هن أن لبس البياض في الإحرام أفضل.
9 - اعتقاد المتمتع أن الهدي الواجب عليه أضحية.
10 - اعتقاد أن الإحرام هو لبس الأبيض من الإزار والرداء.
11 - الإهتمام بشراء الألبسة والتجول في الأسواق كل يوم.
12 - القيل والقال والجدال وكثرة الخصومات.
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[26 - 11 - 07, 04:06 ص]ـ
1 - تأخير التوبة الى وقت الحج
2 - التسمي بالحاج فلان
3 - التكبير باكثر من مره عند الحجر , وتقبيل اليد
4 - رجوع القهقري بعد الطواف
5 - أخذ شىء من شعر الرأس وترك الباقي للرجال
6 - اعتقاد وجوب الوقوف على جبل الرحمه في عرفات
7 - قولهم ((نرجم)) عن رمي الجمار
8 - عدم غض البصر عن ما حرم الله
ـ[عبدالله الصبيح]ــــــــ[27 - 11 - 07, 08:57 م]ـ
أعظم الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج وقوعهم في الشرك حيث يدعون ويستغيثون بغير الله وهم يطوفون بالبيت وكثيرأما يسمع ترديد بعضهم: المدد المدد يارسول الله أو يا علي أو يا الحسين أو يا بدوي أو غيرهم من المخلوقين الذين لا يملكون له نفعا ولا ضرا.
وكذلك التبرك بحيطان الكعبة أو القماش الذي عليها (السترة) أو مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، من التمسح بالزجاج الموضوع عليه وتقبيله طلبا للبركة.
فحري بالموحد وخاصة طلاب العلم الإنكار على هؤلاء وإرشادهم وتوجيههم فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/181)
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[06 - 12 - 07, 08:16 م]ـ
جميل أكثر الأخطاء الذي ذكرتوها موجودة .. ولكن الأعظم منها الشرك ومخالفة التوحيد وهو ماذكره الأخ عبدالله الصبيح ..(87/182)
لم نقول جزيت خيرا ولا نقول جزاك الله خيرا؟
ـ[محمد بن مبروك ال شعلان]ــــــــ[12 - 11 - 07, 07:21 ص]ـ
لم نقول جزيت خيرا ولا نقول جزاك الله خيرا؟
نسمع ونرى الكثير من الردود ونرى فيها جزيت خيرا
وكنت أقولها كثيرا إلى أن سألنى عبد الله لم لا تذكر لفظ الجلالة هل أنت فى الخلاء
فلم أستطع الرد
نعم لم لا نذكر لفظ الجلالة أهو الكسل أم ماذا؟
محمد محمود المصرى
asdasdasd1605@hotmail.com (asdasdasd1605@hotmail.com)
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 08:07 ص]ـ
سلّم على عبد الله هذا وقل له: يحسن التعبير!!
ثمَّ إن التعبير بجُزيت خيراً أو جزاك الله خيراً كله واحد من حيث المعنى , وكان الأولى بهذا الناصح أن يقول لك إن السنة الدعاء بلفظ جزاك الله خيراً لما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء) إلاّ أنّ الدعاء بحذف اسم الفاعل من حيث الجملة مشروع ولا ينبغي الإنكار فيه لورود السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عنه أنه قال (يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع اليد العليا خير من اليد السفلى) وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)
ـ[أم معين]ــــــــ[12 - 11 - 07, 11:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا زيد
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 11 - 07, 11:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وفي أخبار البصرة لعمر بن شبة - والله أعلم- ومن طريقه الأصفهاني في الأغاني
قال أبو الأسود يخاطب أمير المؤمنين ابن الزبير رضي الله عنه
أمير المؤمنين جزيت خيراً أرحنا من قباع بني المغيرة
بلوناه ولمناه فأعيا علينا ما يمر لنا مريرة
ـ[ياسرفؤاد]ــــــــ[12 - 11 - 07, 04:29 م]ـ
في فتاوى ابن السبكي:
عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُعَظِّمَ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَلَّمَا يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ إلَّا فِيمَا يَتَّصِلُ بِطَاعَتِهِ وَيَقُولُ: جُزِيت خَيْرًا، وَقَلَّمَا يَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ إعْظَامًا لِاسْمِ اللَّهِ أَنْ يُمْتَهَنَ فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ
من الشاملة
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[12 - 11 - 07, 06:32 م]ـ
في فتاوى ابن السبكي:
عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُعَظِّمَ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَلَّمَا يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ إلَّا فِيمَا يَتَّصِلُ بِطَاعَتِهِ وَيَقُولُ: جُزِيت خَيْرًا، وَقَلَّمَا يَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ إعْظَامًا لِاسْمِ اللَّهِ أَنْ يُمْتَهَنَ فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ
من الشاملة
بارك الله فيك والله صدق كاتبها وناقلها والمحدث بها
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[12 - 11 - 07, 06:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
جزيتم خيرا:)
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[13 - 11 - 07, 10:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
جزيتم خيرا:)
أضحك الله سنك، والله لا أدري ماذا أقول لك؟
في بيت بعض إخواننا له ابنة صغيرة، كلما رأت منه كلاما بهذه الطريقة قالت له:
إنت عاوز تتكلم وخلاص؟
هداك الله ابا عائش وغفر لك.
مسألة جزاك الله خيرا، جُزيتَ خيرا
القول فيها ما قال أخونا الفاضل / أبو زيد الشنقيطي (جزاه الله خيرا)، ولكن لا شك أن السنة أفضل، وقد يكون الثواب مترتبا عليها، عرفانًا لفضلٍ وجميلٍ أسداه إليك مسلمٌ، كما جاء في الحديث الخاص بها، إذ - قد - لا تنوب عنها كلمة (جُزيتَ خيرا)، والله أعلم.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[13 - 11 - 07, 10:28 ص]ـ
بسم الله والرحمن الرحيم.
إنت عاوز تتكلم وخلاص
وإنت عاوز تتعقب علي وخلاص:)
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 07:46 م]ـ
وهل دعائك لأخيك ليس بقربه
جزاكم الله خيرا
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 07:48 م]ـ
في فتاوى ابن السبكي:
وَقَلَّمَا يَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ إعْظَامًا لِاسْمِ اللَّهِ أَنْ يُمْتَهَنَ فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ
من الشاملة
وهل دعائك لاخيك ليس بقربه
جزاكم الله خيرا
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[09 - 03 - 09, 10:53 ص]ـ
بسم الله والرحمن الرحيم.
وإنت عاوز تتعقب علي وخلاص:)
أحسن الله إليكما
ذكرني هذا بقصة حكاها لي صاحب لي
ذكر أن شاباً خرج من دورة المياه في بعض المساجد فقال له شيخ كبير: (شُفيتم)
فقال الشاب: (ماوردتش) أي لم ترد باللهجة المصرية.
فلما أقيمت الصلاة تصادف أن وقف الشيخ بجانب ذلك الشاب
فلما قضيت الصلاة قال له الشيخ: حرماً
فقال الشاب: (ماوردتش)
فقال له الشيخ: يعني هي (الكسفة) اللي وردت؟(87/183)
هل يجوز نفل المقيد ومقيد في نية واحدة؟
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[12 - 11 - 07, 03:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
اما بعد
ما الفرق بين النفل المطلق والمقيد وهل يجوز الجمع بين نفل مقيد ومقيد في نية واحدة ...
ومقولة (أن الصحابة تجار نيات) هل تصح؟
بالقول أنهم يجمعون بين أكثر من نية في عمل واحد كصيام الخميس ويوافق الأيام البيض وشوال وغيرها ...
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:33 م]ـ
الحمد لله رب العالمين , وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد:
فالتطوع يقسمها الفقهاء - رحمهم الله تعالى- إلى قسمين:
القسم الأول: التطوع المطلق , وهو الذي لم يحد بوقت محدد ولا سبب معين في الشريعة؛ فمثلاً: لك أن تتطوع بالصدقة في سبيل الله بما شئت متى شئت , ولو بشق تمرة، ولك أن تتطوع بالصلاة في الليل والنهار مثنى مثنى مالم يكن الوقت وقت نهي.
القسم الثاني: فهو التطوع المقيد , وهو المقيد بوقت معين؛ كالسنن الرواتب وصلاة الوتر وصلاة الضحى ونحوها , أو مقيدة بسبب محدد؛ كتحية المسجد, وركعتي الطواف وصلاة الجنازة , وسنة الوضوء ونحو ذلك مما يشرع عند وجود سبب.
والتطوع أو النفل المقيد يقسمه بعض الفقهاء إلى قسمين أيضاً:
الأول: التطوع المقصود لذاته , كالسنن الرواتب.
والثاني: التطوع الذي لا يقصد لذاته , كتحية المسجد وركعتي الطواف والوضؤ.
المسألة الثانية: هل يجوز الجمع بين نفل مقيد ومقيد في نية واحدة؟
هذه المسألة تُعرف عند الفقهاء بمسألة التداخل بين العبادات , ومن صورها التداخل بين بين الصلوات المسنونة أو الصيام المسنون ونحوه من التطوعات , والجواب نعم يمكن الجمع بين السنن , كمن دخل المسجد في صلاة الفجر ولم يصل راتبة الفجر في بيته فيصلي بنية راتبة الفجر وتدخل فيها تحية المسجد , ومثله من توضأ ودخل المسجد أو طاف وجمع في صلاته بين نية ركعتي الوضؤ والطواف وتحية المسجد وفضل الله واسع , وأنصح الجميع باقتناء كتاب التداخل بين العبادات في الفقه الإسلامي , لفضيلة الشيخ الدكتور / خالد بن سعد الخشلان , فهو بحق بحث مفيد في بابه.
والنية لها منزلة عظيمة في الإسلام فهي أساس العمل وقاعدته، ورأس الأمر وعموده، وأصله الذي عليه بُنِيَ؛ لأنها روح العمل، وقائده، وسائقه، والعمل تابع لها يصح بصحتها ويفسد بفسادها، وبها يحصل التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ... ) , وهذا وغيره يدل على أهمية ومكانة النية، فإذا صلحت نية العبد أُعطاه الله الأجر الكبير والثواب العظيم، ولو لم يعمل لكن بمجرد النية الصالحة الصادقة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كُتِب له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل فيغلبه عليها نوم إلا كُتبَ له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة) , وقال صلى الله عليه وسلم: (من سأل الله الشهادة بصدقٍ بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه) , وهذا يدل على فضل الله سبحانه وتعالى وإحسانه إلى عباده؛ ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك: (لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه، قالوا: يا رسول الله كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ فقال: حَبَسهُمُ العذر) , وبالنية الصالحة يضاعف الله الأعمال اليسيرة، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في الإسلام، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه الإسلام وهو في مسيره فدخل خف بعيره في جحر يربوع فوقصه بعيره فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمل قليلاً وأجر كثيرًا قالها حماد ثلاثًا) متفق عليه(87/184)
النهي عن الكلام في الصلاة
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:21 ص]ـ
حكم من تكلم في الصلاة عمدا وسهوا وجهلا.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:53 ص]ـ
حديث زيد بن ارقم قال:كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) البقرة 238. فامرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
الحديث يدل على تحريم الكلام في الصلاة ولاخلاف من تكلم عمدا عالما فسدت صلاته (اجماع نقله ابن المنذر) واختلفوا في الكلام الساهي والجاهل؟ حكى الترمذي عن اكثر اهل العلم:انهم سووا بين كلام الناسي والعامد والجاهل واليه ذهب الثوري وابن المبارك وبه قال النخعي وابوحنيفة.وذهب قوم الى الفرق بين كلام الناسي والجاهل وبين العامد وحكى ذلك ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عباس وعبدالله بن الزبير ومن التابعين عروة وعطاء والحسن البصري وممن قال به مالك والشافعي واحمد وابو ثور وابن المنذر.
واستدل الاولون بحديث زيد ,وظاهرها عدم الفرق بين العامد والناسي والجاهل.واحتج الاخرون:
1 - لعدم فساد صلاة الناسي ان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تكلم في حال السهو وبنى عليه كما في حديث ذي اليدين.
2 - لعدم فساد صلاة الجاهل بحديث معاوية بن الحكم فانه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يامره بالاعادة.
3 - وبحديث:رفع عن امتي الخطا والنسيان.
واجيب:
1 - بان كلامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقع وهو غير متصل وبناؤه على ماقد فعل قبل الكلام لايستلزم ان يكون ماوقع قبله منها.
2 - بان عدم حكاية الامر بالاعادة لايستلزم العدم وغايته انه لم ينقل الينا فيرجع الى غيره من الادلة.
3 - المراد رفع الاثم لا الحكم فان الله اوجب في قتل الخطا الكفارة.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 02:08 ص]ـ
1 - حديث معاوية بن الحكم السلمي قال:بينما انا اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بابصارهم فقلت واثكل اماه ماشانكم تنظرون الي فجعلوا يضربون بايديهم على افخاذهم فلما رايتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبابي وامي مارايت معلما قبله ولابعده احسن تعليما منه فوالله ماكهرني ولاضربني ولاشتمني قال ان هذه الصلاة لايصلح فيها شيء من كلام الناس انما هي التسبيح والتكبير وقراءة القران او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم وغيره.
تشميت العاطس من الكلام المبطل وان فعله جاهلا لم تبطل صلاته حيث لم يامر بالاعادة.
2 - حديث ابي هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم احدى صلاتي العشي فصلى ركعتين ثم سلم فقام الى خشبة معروضة في المسجد فاتكا عليها كانه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين اصابعه ووضع خده الايمن على ظهر كفه اليسرى وخرجت السرعان من ابواب المسجد فقالوا قصرت الصلاة؟ وفي القوم ابوبكر وعمر فهابا ان يكلماه وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين فقال:يارسول الله انسيت ام قصرت الصلاة؟ فقال لم انس ولم تقصر فقال اكما يقول اليدين؟ فقالوا نعم فتقدم قصلى ماترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده او اطول ثم رفع راسه وكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده او اطول ثم رفع راسه وكبر فربما سالوه ثم سلم فيقول انبئت ان عمران بن حصين قال ثم سلم.متفق عليه.
3 - حديث رفاعة بن رافع يحدث عن ابيه قال:صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فعطس رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى ,فلما انصرف رسول الله قال لقد رايت بضعة وثلاثين ملكا كلهم يبتدرونها ايهم يكتبها ويصعد بها الى السماء.رواه الترمذي (حسن) ورواه البخاري بدون ذكر العطس.ويدل على مشروعية الحمد في الصلاة لمن عطس.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 02:19 ص]ـ
مسالة 468: كل ماعمله المرء في صلاته سهوا من كلام او انشاد الشعر او ...... كثر ذلك او قل او تسليم قبل تمامها ,فانه متى ذكر -طال زمانه او قصر مالم ينتقض وضؤوه فانه يتم ماترك فقط ثم يسجد سجدتي السهو الا انتقاض الوضوء فانه تبطل به الصلاة.
وقال ابو حنيفة:من تكلم في صلاته ساهيا بطلت صلاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/185)
ولنا ان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد غبط الذي حمد الله تعالى اذ عطس في الصلاة جاهرا بذلك ,ولم يلزم الذي تكلم في صلاته ناسيا باعادة.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 03:29 ص]ـ
تبطل الصلاة بالكلام لحديث زيد بن ارقم ,ولاخلاف بين اهل العلم ان من تكلم عامدا عالما فسدت صلاته وانما الخلاف في الكلام الساهي ومن لم يعلم بانه ممنوع.
1 - فاما من لم يعلم فظاهر حديث معاوية بن الحكم:انه لايعيد.
2 - كلام الساهي والناسي: فالظاهر انه لافرق بينه وبين العامد العالم في ابطال الصلاة , قال ابوحنيفة:كلام الناسي يبطل الصلاة وحديث ابي هريرة كان قبل تحريم الكلام ثم نسخ, وفيه بحث لان تحريم الكلام كان بمكة وهذه القصة بالمدينة. وقال الشافعي:كلام الناسي لايبطل الصلاة وكلام العامد يبطلها ولو قل ,وتاويل الحديث عنده ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ناسيا بانيا كلامه على ان الصلاة تمت وهو نسيان وكلام ذي اليدين على توهم قصر الصلاة فانه حكمه حكم الناسي وكلام القوم كان جوابا للرسول واجابة الرسول لاتبطل الصلاة. وقال مالك:ان كان الكلام يسيرا لاصلاح الصلاة لايبطل مثل ان يقال لم تكمل فيقول قد اكملت ,وحديث (نهينا عن الكلام) ولاتكلموا ,خص منه هذا النوع من الكلام ,كذا في المسوى.
اقول: اما فساد صلاة من تكلم ساهيا فلا اعرف دليل يدل عليه الاعموم حديث النهي عن الكلام وهو مخصص بمثل حديث تكلمه بعد ان سلم على ركعتين كما في حديث ذي اليدين فانه تكلم في تلك الحال ساهيا عن كونه مصليا وهو المراد بكلام الساهي لان المراد اصدار الكلام من غير قصد.
فان قيل ان ثم فرقا بين:من تكلم وهو داخل الصلاة لم يخرج منها ومن من تكلم وقد خرج منها ساهيا , فان الاول اوقع الكلام حال الصلاة والاخر اوقعه خارجها ,واعتداده بماقد فعله قبل الخروج ساهيا لايوجب كونه بعد الخروج ,قبل الرجوع في صلاة واول دليل على ذلك تكبيره للدخول بعد الخروج سهوا.
فيقال:الادلة الواردة في رفع الخطاب عن الساهي مخصصة لذلك العموم فاقتضى ذلك ان المفسد هو الكلام العامد لا كلام الساهي.واما عدم امه لمعاوية بالاعادة فيمكن ان يكون لتنزيل كلام الجاهل بالتحريم منزلة كلام الساهي ويمكن ان يكون الجهل عذرا بمجرده.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 03:31 ص]ـ
حديث ذي اليدين:وفيه ايضا دليل على ان الكلام في الصلاة اذا كان فيما يصلحها وفيما هو منها لايفسدها عمدا كان او سهوا اذا كان فيما يصلحها.
ذكر الاثرم عن احمد بن حنبل انه قال: ماتكلم به الانسان في صلاته لاصلاحها لم تفسد عليه صلاته فان تكلم بغير ذلك فسدت عليه.
وذكر الخرقي:ان مذهب احمد بن حنبل فيمن تكلم عامدا او ساهيا بطلت صلاته الا الامام خاصة فانه اذا تكلم لمصلحة صلاته لم تبطل صلاته.
واما الاوزاعي فمذهبه جواز الكلام في الصلاة في كل مايحتاج اليه المصلي ممايعذر فيه.
قال ابوعمر:فالذي حصل عليه قول مالك واصحابه والشافعي واصحابه في هذه المسالة ممالايختلفون فيه:ان الكلام والسلام ساهيا في الصلاة لايفسدها ولايقدح في شيء منها وتجزيء منه سجدتا السهو.
وقال مالك لايفسد الصلاة ان تعمد الكلام فيها اذا كان في اصلاحها وشانها وهو قول ربيعة وابن القاسم الاماروي عنه في المنفرد.وقال الشافعي واصحابه ومن تابعهم من اصحاب مالك وغيرهم ان تعمد الكلام وهو يعلم انه لم يتم الصلاة وانه فيها افسد صلاته وان تكلم ساهيا او تكلم وهويظن انه ليس في الصلاة لانه قد اكملها عند نفسه فهذا يبني ولايفسد عليه كلامه.وقال اصحاب ابو حنيفة الكلام في الصلاة سهوا وعمدا يفسدها وهو قول ابراهيم النخعي وعطاء والحسن وحماد بن ابي سليمان وقتادة.ولو صح للمخالفين ما ادعوه من نسخ حديث ابي هريرة بتحريم الكلام في الصلاة ,لم يكن لهم في ذلك حجة لان النهي عن الكلام في الصلاة انما توجه الى العامد القاصد لا الى الناسي لان النسيان متجاوز عنه والناسي والساهي ليس ممن دخل تحت النهي لاستحالة ذلك في النظر فان قيل فانكم تجيزون الكلام في الصلاة عامدا اذا كان في شان اصلاحها قيل لقائل ذلك اجزنا من باب اخر قياسا مانهي عنه من التسبيح في غير موضعه من الصلاة واباحته للتنبيه على ما اغفله المصلي من صلاته لمستدركه واستدلالا بقصة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/186)
ذي اليدين ايضا في ذلك والله اعلم. وقد تدخل على ابي حنيفة واصحابه مناقضة في هذا الباب لقولهم ان المشي في الصلاة لاصلاحها عامدا جائزا كالراعف ومن يجري مجراه عندهم للضرورة الى خروجه وغسل الدم عنه ووضوئه عندهم ,وغير جائز فعل مثل ذلك في غير اصلاح الصلاة وشانها فكذلك الكلام يجوز منه لاصلاح الصلاة وشانها مالايجوز لغير ذلك اذ الفعلان منهي عنهما والله اعلم.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[13 - 11 - 07, 05:27 ص]ـ
ومن تكلم عامدا او ساهيا بطلت صلاته.
اما الكلام عمدا وهو ان يتكلم عالما انه في الصلاة مع علمه بتحريم ذلك لغير مصلحة الصلاة ولا لامر يوجب الكلام فتبطل الصلاة اجماعا.قال ابن المنذر:اجمع اهل العلم على ان من تكلم في صلاته عامدا وهو لايريد اصلاح صلاته ان صلاته فاسدة.
فاما الكلام غير ذلك فيقسم خمسة اقسام:
1 - ان يتكلم جاهلا بتحريم الكلام في الصلاة.قال القاضي في الجامع لا اعرف عن احمد نصا في ذلك.ويحتمل ان لاتبطل صلاته لان الكلام كان مباحا في الصلاة بدليل حديث زيد وابن مسعود , ولايثبت حكم النسخ في حق من لم يعلمه بدليل ان اهل قباء لم يثبت في حقهم حكم النسخ القبلة قبل علمهم فبنوا على صلاتهم بخلاف الناسي فان الحكم قد ثبت في حقه وبخلاف الاكل في الصوم جاهلا بتحريمه فانه لم يكن مباحا , وقد دل على هذا حديث معاوية بن الحكم فلم يامر بالاعادة فدل على صحتها وهذا مذهب الشافعي.
2 - ان يتكلم ناسيا وذلك نوعان:
ا- ان ينسى انه في الصلاة ففيه روايتان:الاول لاتبطل الصلاة وهو قول مالك والشافعي لان النبي تكلم في حديث ذي اليدين ولم يامر معاوية الاعادة اذ تكلم جاهلا وما عذر فيه بالجهل عذر في بالنسيان. والثانية:تفسد صلاته وهو قول النخعي وقتادة وحماد واصحاب الراي لعموم احاديث المنع من الكلام ,ولانه ليس من جنس ما هو مشروع في الصلاة فلم يسامح بالنسيان كالعمل الكثير من غير جنس الصلاة.
ب- ان يظن ان صلاته تمت فيتكلم فهذا ان كان (سلاما) لم تبطل لان النبي واصحابه فعلوه وبنوا على صلاتهم ولا ن جنسه مشروع في الصلاة فاشبه الزيادة فيها من جنسها.
وان لم يكن سلاما: ان تكلم بشيء مما تكمل الصلاة لم تفسد صلاته. وان تكلم بشيء من غير ام الصلاة كقوله:ياغلام اسقني ماء فصلاته باطلة.
وفيه رواية ثانية ان الصلاة تفسد بكل حال. وهو اختيار الخلال وقال على هذا استقرت الروايات عن امام احمد بعد توقفه وهو مذهب اهل الراي.وفيه رواية ثالثة:ان الصلاة لاتفسد بالكلام في تلك الحال بحال سواء كان من شان الصلاة او لم يكن اماما كان او ماموما وهذا مذهب مالك والشافعي لانه نوع من النسيان فاشبه الجاهل. ورواية رابعة وهو ان المتكلم ان كان اماما تكلم لمصلحة الصلاة لم تفسد صلاته وان تكلم غيره فسدت صلاته.
3 - ان يتكلم مغلوبا على الكلام وهو ثلاثة انواع:
ا- ان يخرج الحروف من فيه بغير اختياره مثل التثاوب لاتفسد صلاته.
ب- ان ينام فيتكلم توقف احمد فيه ,وينبغي ان لاتبطل صلاته لان القلم مرفوع عنه.ولاحكم لكلامه ولو طلق مثلا.
ج- ان يكره على الكلام فيحتمل ان يخرج على كلام الناسي لان النبي جمع بينهما بقوله:عفي عن امتي الخطا والنسيان وما استكرهوا عليه. وقال القاضي هذا اولى بالعفو لان الفعل غير منسوب اليه ولهذا لواكره على اتلاف مال لم يضمنه ولو اتلف ناسيا ضمنه.
والصحيح:تفسد صلاته لانه اتى بما يفسد الصلاة عمدا فاشبه مالو اكره على صلاة الفجر اربعا ولايصح قياسه على الناسي:لان النسيان يكثر ولايمكن التحرز منه بخلاف الاكراه.
4 - ان يتكلم بكلام واجب:مثل ان يخشى على الطفل ان يقع في حفرة ولايمكن التنبيه بالتسبيح.فقال اصحابنا تبطل الصلاة. ويحتمل لا تبطل وهو قول احمد لقصة ذي اليدين:لاجابة الصحابة للنبي حيث كان واجبا عليهم.
5 - ان يتكلم لاصلاح الصلاة.
كل كلام حكمنا بانه لايفسد الصلاة فانما هو اليسير منه.وقال القاضي في الجامع:لافرق بين القليل والكثير في ظاهر كلام احمد لان ماعفي عنه بالنسيان استوى قليله وكثيره كالاكل في الصيام.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:38 ص]ـ
باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من اباحته
حديث معاوية بن الحكم.
تحريم الكلام في الصلاة سواء كان لحاجة او غيرها وسواء كان لمصلحة الصلاة او غيرها فان احتاج الى تنبيه او اذن لداخل ونحوه سبح ان كان رجلا وصفقت ان كانت امراة هذا مذهبنا ومذهب مالك وابي حنيفة رضي الله عنهم والجمهور من السلف والخلف وقال طائفة منهم الاوزاعي يجوز الكلام لمصلحة الصلاة لحديث ذي اليدين ,وهذا في الكلام العامد العالم اما الناسي فلاتبطل صلاته بالكلام القليل عندنا وبه قال مالك واحمد والجمهور وقال ابو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون تبطل, دليلنا حديث ذي اليدين ,فان كثر كلام الناسي ففيه وجهان مشهوران لاصحابنا اصحهما تبطل صلاته لانه نادر ,واما كلام الجاهل اذا كان قريب عهد بالاسلام فهو ككلام الناسي فلاتبطل بقليله لحديث معاوية بن الحكم لان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يامره بالاعادة لكن علمه تحريم الكلام فيما يستقبل.(87/187)
ما هي أفضل بداية في الفقه المالكي؟؟
ـ[أبومهدي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:58 ص]ـ
أود أن أسأل مشياخنا و إخواننا بالمنتدى عن أفضل المتون و الشروح في الفقه المالكي التي يُنْصَحُ بها طالب العلم المبتديء
و جزاكم الله خيراً
ـ[أبوصخر]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:19 ص]ـ
بسم الله، و الصلاة و السلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أما بعد،،،
فقد سألت أخي الفاضل [أبومهدي] عن أول متن يبتدئ به طالب الفقه المالكي، و الجواب على ذلك هو ما أفادني به شيخنا محمد محفوظ الشنقيطي -حفظه الله- من أن طالب العلم في موريتانيا يبدأ بدراسة متن ابن عاشر أولا، و يضبط هذا المتن ضبطا تاما لما يحتويه من أصول المسائل الفقهية التي ستبني عليها فيما بعد في المراحل المتقدمة، فهو يعتبر كالقاعدة الصلبة لطالب الفقه المالكي.
و واجب عليّ أن أنبهك إلى أن متن ابن عاشر متن متضمن لثلاثة مباحث: المعتقد الأشعري، و الفقه المالكي، و طرق التصوف، و في هذا يقول ابن عاشر في مقدمة متنه:
و بعد فالعون من الله المجيد ... في نظم أبيات للأمي تفيد
في عقد الأشعري و فقه مالك ... و في طريقة الجنيد السالك
و إن استطعت أن تدرس هذا المتن على يد عالم سلفي فهو خير لك و ستحصل لك الفائدة المرجوة بإذن الله، فلابد من تجاوز المقدمة العقدية التي أوردها الناظم -غفر الله له- و مراعاة بعض الأبيات التي اوردها في باب التصوف و الأخلاق.
و أنصحك أخي الفاضل بشرح العلامة محمد الحسن ولد الددو -حفظه الله- و هو متوفر على الشبكة و بجودة ممتازة جدا، و أرجو أن أكون قد وُفِّقْتُ لافادتك و لو بالشيء القليل، و اعلم أني ناقل لهذا القول من شيخي محمد محفوظ الشنقيطي.
و اما فيما يتعلق بشرح هذا النظم فإليك ما ذكره الشيخ أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي في اختصاره لشرح النظم للعلامة ميّارة فقال: ((و قد اهتم أهل العلم بهذا النظم فسرحه اإمام الفقيه محمد بن أحمد الشهير بميَّارة المالكي المتوفى سنة 1072هـ، و له عليه شرحان:
1. الأول شرح كبير سمّاه: [الدر الثمين و المورد المعين شرح المرشد المعين] و هو في مجلدين تزيد صفحاته عن الألف صفحة ...
2. الثاني شرح مختصر عليه ... غير أن هذا الشرح الصغير مع كونه مختصرا إذا قارناه بشرحه الكبير، لم يخل من التطويل و الإسهاب و التوسع بالنسبة لضرورات عصرنا، و ضعف الهمم و قتور العزائم، و قلّة الأوقات و كثرة المشاغل و الملهيات، و تنوّع الواجبات، لذا عمدت إلى اختصاره و اقتصرت على المسائل التي تناولها الناظم دون غيرها من التفريعات التي يطول المقام بالحديث فيها، مع ذكر أرجح الأقوال و المشهور في مذهب مالك مستعينا بالكتب المعتمدة في المذهب، مع وضوح العبارة و بساطة العرض، و قد بذلت فيه غاية الجهد حتى يخرج في هذه الصورة المختصرة الموضّحة لهذه الأحكام الشرعية التي يلزم لكل مسلم معرفتها)) ا. هـ
فإن استطعت أخي أن تحصل على مختصر الشيخ أحمد الطهطاوي فبها و نعمت، و هو شرح مختصر واضح العبارات بسيط العرض سهل في تناوله و دراسته كما ذكر الشيخ و الله الموفق.
نفع الله بك و بلّغك ما تتمنى.
ـ[أبوصخر]ــــــــ[13 - 11 - 07, 08:26 ص]ـ
و اما فيما يتعلق بشرح هذا النظم فإليك ما ذكره الشيخ أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي في اختصاره لشرح النظم للعلامة ميّارة فقال: ((و قد اهتم أهل العلم بهذا النظم فشرحه الإمام الفقيه محمد بن أحمد الشهير بميَّارة المالكي المتوفى سنة 1072هـ، و له عليه شرحان ...
تصويب على ما سبق
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 08:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم أبا صخر ..
ولزيادة الفائدة، فللعلامة الشيخ محمد الحسن الكتاني (فك الله أسره) شرح على ابن عاشر، رفع 20 شريطا منه فقط على الشبكة (20 شريطا ابتداء من قسم الفقه). وقد سألت عن تمام الشرح أخاه (الشيخ محمد حمزة) فأخبرني أنه عنده على شرائط، وأنه ينتظر من يساعده في رفعها على الحاسوب ثم الشبكة .. فأين أهل الهمم من أهل المغرب؟؟
هذا، وقد ذكر الشيخ محمد الحسن، أنه شرح المقدمة العقَديَّة، وردَّ فيها على عقد الأشعري، ورجَّح عقيدة السلف .. فإن يكن ذلك، فإن فيه فائدة عظيمة، تأصيل عقيدة السلف، والردَّ العلمي على عبارات الأشاعرة، وتقعيداتهم.
أما شرح الشيخ محمد الحسن، فهو -كما سماه- شرح بالدليل (شرح متن ابن عاشر بالدليل) ثم يشرح عبارة "ميارةَ الصغرى" ففيه أيضا فائدتان.
(وأظن شرح الشيخ الددو -الذي على الشبكة- غير كامل .. لا؟؟)
ثم بعد ابن عاشر، الرسالة للإمام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله؛ ومقدمتها العقدية شرحت أكثر من مرة .. ونظمت. والشروح عليها (بين مختصر -الثمر الداني-؛ ومبسوط .. ) كثيرة.
وللعلامة الشيخ الطاهر آيت علجت، شرح عليها، رفعه عدد من الإخوة الكرام الفضلاء من كرام أهل هذا الملتقى (على رأسهم الأخ الحبيب زكريا توناني .. ) منذ مدة على الشبكة .. ولا أدري هل روابطه إلى الآن متوفرة أم لا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/188)
ـ[أبوصخر]ــــــــ[13 - 11 - 07, 11:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل [مالك]، هلاّ و ضعت لنا روابط شرح الشيخ محمد الحسن الكتاني الموجودة على الشبكة للفائدة.
و جزاك الله خيرا ..
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:31 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل [مالك]، هلاّ و ضعت لنا روابط شرح الشيخ محمد الحسن الكتاني الموجودة على الشبكة للفائدة.
و جزاك الله خيرا ..
وإياك أخي الكريم .. وهذا رابط شرح الشيخ (المتوفر منه على الشبكة)
http://www.jsums.edu/~msa/fiqh.html
ـ[أبومهدي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:09 ص]ـ
شيخينا مالك الطيبي و أبو صخر، جزاكما الله خيراً
و أنصحك أخي الفاضل بشرح العلامة محمد الحسن ولد الددو -حفظه الله- و هو متوفر على الشبكة
شيخنا أبو صخر، بحثت عن شرح الشيخ على موقع islamway فلم أجده، فهلا أتممت معروفك و دللتني عليه ...
كما أود أن أستفسر عن متن يخلو من بدع الأشعرية و الصوفية إن أمكن .... و جزاكم الله خيراً
ـ[أبوصخر]ــــــــ[14 - 11 - 07, 08:35 ص]ـ
شرح الشيخ الددو موجود في موقعه الرسمي، و لكن الجودة ليست بذاك، و إليك هذا الموقع، فجودة الأشرطة الموجودة فيه عالية، و هذه وصلة موقع الشيخ:
http://www.dedew.net/index.php?A__=1&parent_id=3&type=3&end_tree=1&cat__=3
و هذه الوصلة الأخرى التي أنصحك بتحميل الشرح منها:
http://www.meshkat.net/new/list.php?catid=3&root=3432
و من باب الشيء بالشيء يذكر، فقد عثرت على شرح لمتن ابن عاشر للعلامة أحمد البشير القلاوي الشنقيطي و هو: [كتاب مفيد العباد سواء العاكف فيه و البادي على شرح المرشد المعين في الضروري من علوم الدين لابن عاشر في الفقه المالكي] وهو مطبوع في المجمع الثقافي بأبوظبي -دولة الامارات العربية المتحدة-.
و أما فيما يتعلّق بمتن فقهي خالٍ من بدع الأشاعرة و الصوفية فإلى الآن لم أقف على متن كهذا، فجميع المتون التي اطّلعت عليها لابد ان تكون مفتتحة بمقدمة عقدية أشعرية، فالمعروف المشهور أن أكثر المالكية على معتقد الأشاعرة و الله المستعان، و إن يسّر الله لي و وقفت على متن خالٍ مما ذكرت فتأكّد بأني لن أبخل عليك به و سأدلك عليه ان شاء الله، و أرجو أن تجد من هو اعلم مني و أوسع اطلاعا كي يدلّك على متن مناسب للمبتدئين خالٍ من الشطحات العقدية الأشعرية و المزالق الصوفية.
أما فيما يتعلّق بالمتون المطوّلة فستجد الكثير منها خالية من المقدمات العقدية و الحمدلله، و لكن كما اسلفت، احرص على الاستفدة من شرح العلامة الددو و من شرح الشيخ محمد الحسن الكتاني الذي وضعه الأخ [مالك] و ستجد فيهما بغيتك بإذن الله و الله الموفق و عليه التكلان.
و أرجو ان تكون قد وجدت بغيتك و الله الموفق، و نعتذر عن التقصير.
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 09:49 ص]ـ
[ QUOTE= أبوصخر;697863] وأما فيما يتعلّق بمتن فقهي خالٍ من بدع الأشاعرة و الصوفية فإلى الآن لم أقف على متن كهذا، فجميع المتون التي اطّلعت عليها لابد ان تكون مفتتحة بمقدمة عقدية أشعرية، فالمعروف المشهور أن أكثر المالكية على معتقد الأشاعرة و الله المستعان، و إن يسّر الله لي و وقفت على متن خالٍ مما ذكرت فتأكّد بأني لن أبخل عليك به و سأدلك عليه ان شاء الله، و أرجو أن تجد من هو اعلم مني و أوسع اطلاعا كي يدلّك على متن مناسب للمبتدئين خالٍ من الشطحات العقدية الأشعرية و المزالق الصوفية.
أكرمك الله يا شيخ أبا صخر، كأنك أنسيت "رسالة مالك الصغير" (الإمام ابن أبي زيد القيرواني) رحمه الله
فعقيدتهاسلفية سنية، وقد شرح المقدمة العقدية أكثر من واحد من أهل العلم (ولعل أكثر هذه الشروح تداولا هو شرح العلامة الشيخ عبد المحسن العباد عليها، وهو منشور مشهور متداوَل).
ـ[أبوصخر]ــــــــ[14 - 11 - 07, 01:25 م]ـ
[ quote]
أكرمك الله يا شيخ أبا صخر، كأنك أنسيت "رسالة مالك الصغير" (الإمام ابن أبي زيد القيرواني) رحمه الله
فعقيدتهاسلفية سنية، وقد شرح المقدمة العقدية أكثر من واحد من أهل العلم (ولعل أكثر هذه الشروح تداولا هو شرح العلامة الشيخ عبد المحسن العباد عليها، وهو منشور مشهور متداوَل).
الحاصل أخي الحبيب مالك اني لا أملك من هذه الرسالة إلا شرح المباحث الفقهية و لا املك المتن أبدا، فلذلك لم أجزم بعدم وجود كتاب لمؤلف ذي معتقد سليم، بل تركت الأمر لأهل الاختصاص أمثالكم و وكّلت الأمر إليكم و قد وفّيتم و كفيتم جزاكم الله خيرا.
و من باب التوضيح أني قد بدأت حديثا في دراسة الفقه المالكي بعد أن قيّض الله لي مجموعة من علماء الشناقطة -حفظهم الله- فوفّروا لي مجموعة من كتب المذهب المطوّلة مع بعض المتون الصغيرة للمبتدئين و المتوسّطين و جلّها متضمن لمباحث عقدية أشعرية إلا كتاب الامام القيرواني و متن آخر لا أستحضره الآن و الذي حصلت على مباحثهما الفقهية فقط مشروحة، و يبدو أن شارح متن القيرواني الذي أملكه أشعري -و الله أعلم و لا أجزم بذلك- لاسقاطه للمقدمة العقدية و الله المستعان.
و جزاك الله خيرا على ما أفدتنا به أخي الحبيب مالك و نفع الله بك ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/189)
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[أبوصخر]ــــــــ[15 - 11 - 07, 12:57 م]ـ
أخي الفاضل أبا مهدي، قد فاتني أن أذكر لك أن هناك شرحا ممتازا لمتن ابن عاشر و هو شرح سلفي خال من المقدمة العقدية و من الخاتمة الصوفية، و هو كتاب: [العَرْفُ الناشر في شرح و أدلة فقه متن ابن عاشر] للشيخ المختار بن العربي مؤمن الجزائري ثم الشنقيطي.
و الكتاب من 436 صفحة، و هو بتقديم و تقريظ العلامة محمد بن محفوظ بن الختار فال الشنقيطي، و تقديم العلامة محمد الحسن ولد الددو، و العلامة محمد حامد الشنقيطي، و الشيخ سلمان العودة، و الكتاب مطبوع في دار ابن حزم.
و الله الموفّق.
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 01:21 م]ـ
أخي الفاضل أبا مهدي، قد فاتني أن أذكر لك أن هناك شرحا ممتازا لمتن ابن عاشر و هو شرح سلفي خال من المقدمة العقدية و من الخاتمة الصوفية، و هو كتاب: [العَرْفُ الناشر في شرح و أدلة فقه متن ابن عاشر] للشيخ المختار بن العربي مؤمن الجزائري ثم الشنقيطي. و الكتاب من 436 صفحة، و هو بتقديم و تقريظ العلامة محمد بن محفوظ بن الختار فال الشنقيطي، و تقديم العلامة محمد الحسن ولد الددو، و العلامة محمد حامد الشنقيطي، و الشيخ سلمان العودة، و الكتاب مطبوع في دار ابن حزم.
و الله الموفّق.
بارك الله فيك على هذه الفائدة الجليلة ..
فهل من كريم فاضل، يصوره ثم يرفعه لنا على الشبكة؟؟؟ رفع الله قدره؟
ـ[أبوصخر]ــــــــ[15 - 11 - 07, 02:58 م]ـ
من أراد أن يصوّر الكتاب فأنا مستعد لارسال نسخة من الكتاب له، بشرط ان يكون من دولة الامارات العربية المتحدة أو من الدول المجاورة لها.
و طبعا أخي الفاضل مالك كما أسلفت، الكتاب من مطبوعات دار ابن حزم، و عناية هذه الدار بكتب المالكية أمر لا يخفى عليكم، و قد طبع شرح جديد لمختصر خليل طبعة فاخرة جدا في أربع مجلدات، و هو شرح دقيق محرّر كما أخبرني أحد الأخوة الشناقطة، و الكتاب غير موجود في الأسواق بعد على حدّ علمي، و لكنه غالي الثمن نوعا ما.
المهم ان الحصول على نسخة من الشرح المذكور في ردي السابق أمر بسيط لانتشار مؤلفات دار ابن حزم في معظم الأقطار، و للمشاركات الفعّالة لهذه الدار في معارض الكتاب المختلفة.
و الله الموفق.
ـ[المورسلي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 04:42 م]ـ
سلسلة مقدمات في الفقه المالكي ...
للشيخ أبو عامر عادل رفوش - حفظه الله -
http://www.maghrawi.net/modules.php?name=Masmou3a&sinf=18&sheikh=9&silsila=91
والله ولي التوفيق
ـ[يوسف الخطيب]ــــــــ[16 - 11 - 07, 09:32 ص]ـ
انا مالكي سلفي:أقول على علماء المالكية ارجاع المذهب المالكي الى اصله السلفي الأثري، فمالك رحمه الله
ورضي الله عنه كان إماما سلفي العقيدة والفقه ولا شك، والعقيدة الاشعرية دخيلة على هذا المذهب العظيم.
ـ[أبومهدي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 05:46 م]ـ
سلسلة مقدمات في الفقه المالكي ...
للشيخ أبو عامر عادل رفوش - حفظه الله -
http://www.maghrawi.net/modules.php?name=Masmou3a&sinf=18&sheikh=9&silsila=91
والله ولي التوفيق
بارك الله فيك شيخنا، و جزاك عنا خيراً
هل هذه الأشرطة في الفقه أم في أصول الفقه؟؟
و هل يمكن أن أجدها مفرغة مكتوبة على الشبكة؟؟ أو أجد لها كتاباً يتفق مع منهجها؟؟
ـ[كريم أحمد]ــــــــ[17 - 11 - 07, 07:16 م]ـ
من أراد أن يصوّر الكتاب فأنا مستعد لارسال نسخة من الكتاب له، بشرط ان يكون من دولة الامارات العربية المتحدة أو من الدول المجاورة لها.
و طبعا أخي الفاضل مالك كما أسلفت، الكتاب من مطبوعات دار ابن حزم، و عناية هذه الدار بكتب المالكية أمر لا يخفى عليكم، و قد طبع شرح جديد لمختصر خليل طبعة فاخرة جدا في أربع مجلدات، و هو شرح دقيق محرّر كما أخبرني أحد الأخوة الشناقطة، و الكتاب غير موجود في الأسواق بعد على حدّ علمي، و لكنه غالي الثمن نوعا ما.
المهم ان الحصول على نسخة من الشرح المذكور في ردي السابق أمر بسيط لانتشار مؤلفات دار ابن حزم في معظم الأقطار، و للمشاركات الفعّالة لهذه الدار في معارض الكتاب المختلفة.
و الله الموفق.
لمن هذا الشرح أخي؟
بارك الله فيك
ـ[المورسلي]ــــــــ[18 - 11 - 07, 07:26 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا، و جزاك عنا خيراً
هل هذه الأشرطة في الفقه أم في أصول الفقه؟؟
و هل يمكن أن أجدها مفرغة مكتوبة على الشبكة؟؟ أو أجد لها كتاباً يتفق مع منهجها؟؟
زادك الله حرصا, فأخوك من المبتدئين أيضا في المذهب ..
الأشرطة يشرح فيها الشيخ حفظه الله "فتح المجيد على نظم عبد الله بن أحمد بن الحاج الغلاوي الشنقيطي لرسالة ابن أبي زيد القيرواني" .. والنظم يتميز ب:
أ- تأصيله للأحكام الفقهية الفرعية
ب- تذليله لصعاب المسائل بأسلوب واضح و قويم
ج- تعامله مع مفردات النص بالشرح و التحليل مع التعرض للمعاني بالتفصيل
د- عرضه للكثير من الطرف و الفوائد داخل الأحكام الفقهية
ه- افتتاحه لكل باب بمقدمة متقنة تبين مضمون الباب و محتوياته
وقد قدم فيها الشيخ عادل- في الشريطين 1و2 بمقدمات ضرورية يحسن بنا أن لا نتجاسر قبل أن نتذاكر ما فيها ... كالكتب و المراجع المعتمدة في المذهب و الشروحات و الحواشي وغير ذلك ....
هذا مالدي فلم أتمم بعد السلسلة ..
وفقنا الله واياك لما يحب و يرضى(87/190)
دليل الحاج - فيديو.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 02:17 ص]ـ
صفة العمرة
صفة العمرة .. عرض بالبوربوينت
حجم الملف: 195 kb
اضغط هنا للتحميل: http://3llamteen.com/lib/maktaba/3llamteen69.rar
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 02:25 ص]ـ
العنوان الحالي: صفة العمرة.
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[13 - 11 - 07, 05:42 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك.
ـ[نبيل الفيل]ــــــــ[14 - 11 - 07, 04:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا(87/191)
اقتراح مهم للحج الرجاء الدخول
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 05:39 ص]ـ
وضع كل بحث يتحدث عن الحج والعمرة من كل المنتديات وربي يسعدكم
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 12:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيرًا و بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك.
من هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=114057(87/192)
ماحكم نقع التمر والزبيب جميعا
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[13 - 11 - 07, 10:17 م]ـ
اريد معرفة المذاهب فى هذه المسألة(87/193)
إشكال في منسك القران فهل من شارح
ـ[أحمد العقلاء]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:39 م]ـ
إخواني طلاب العلم في هذا المنتدى المبارك:
السلام عليكم عندي إشكال في بعض المناسك وخاصة منسك القران
فهل من موضح لي وشارح لي وجزاكم الله خيراً,
أما التمتع والإفراد فالحمد لله واضح وجزاكم الله خيراً ..
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 02:14 م]ـ
وعليكم السلام
حدد ما هو الاشكال؟
وإن أردت شرح نسك القران وتعريفه وأحكامه والفرق بينه وبين التمتع ... الخ فأخبرنا فمن يرد الله به خيرا يفقه في الدين 0
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[16 - 11 - 07, 10:38 ص]ـ
لا فرق -أخي الكريم- بين الإفراد والقِران في شيء من الأعمال إلا:
1 - أن نية القِران أن تقرن بين الحج والعمرة في النية، أو تحرم بالعمرة ثم تدخِل عليها نية الحج قبل أن تشرع في طواف العمرة.
2 - أن القارن يجب عليه هدي وأما المفرد فلا يجب عليه.
والله تعالى أعلم.
ـ[أحمد العقلاء]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:22 ص]ـ
غفر الله لك شيخنا الكريم: أبو يوسف وجزاك عني خيرا الجزاء ..
عندي إشكال بسيط هل فهمي هذا صحيح للنسك غفر الله لك، وهو (أن يحرم من الميقات ثم
يذهب إلى يذهب إلى مكة ويطوف سبعة أشواط ثم بعد الطواف يصلى ركعتين خلف المقام ثم بعد
ذلك يسعى بين الصفاء والمروة ثم في اليوم التاسع يقف في عرفة حتى غروب الشمس وبعد
الغروب يذهب إلى مزدلفة للمبيت إلى الفجر أو إلى نصف الليل ثم يرمي جمرة العقبة ثم بعد ذلك
يحلق راسه وينحر الهدي ويكون بذلك تحلل التحلل الأول ويحل له كل شي إلا النساء وإذا طاف
طواف الإفاضة حل له كل شي حتى النساء ويكون تحلل من التحلل الثاني ثم في اليوم الحادي
عشر يرمي الجمار الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى بعد الزوال وفي اليوم الثاني عشر مثل ذلك
إذا كان متعجلاً ويطوف طواف الوداع ويكون بذلك إنتهى من أعمال الحج .. )
هذا نسك القارن فهل فهمي هذا صحيح غفر لك أم لا وجزاك الله عني خيرا الجزاء.
ـ[أحمد العقلاء]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:31 ص]ـ
وأيضاً عندي بعض المسائل أحسن الله إليك وغفر لك ..
س/ هل صحيح أن المفرد والقارن لايلزمه المبيت بمنى في اليوم الثامن ولا الوقوف بمنى .. وإنما يلزم المتمتع؟
س2/ المرأة إذا حاضت في اليوم السادس مثلاً قبل أن تؤدي العمرة علماً أن الدورة تستمر معها أكثر من10 أيام قرابة
15 يوماً ماذا تفعل أحسن الله إليك ..
أعتذر
على كثرة الإسئلة ولكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (أصعب أبواب العبادات
المناسك) فعندي إشكالات وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:49 ص]ـ
نصيحتي لك أحضر دورة في الحج فإن المشايخ يبدأون بشرح كتاب الحج في مثل هذه الأيام وإن لم تجد فبحث عن طالب علم تقرأ معه كتاب المناسك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 11 - 07, 02:53 ص]ـ
غفر الله لك شيخنا الكريم: أبو يوسف وجزاك عني خيرا الجزاء ..
عندي إشكال بسيط هل فهمي هذا صحيح للنسك غفر الله لك، وهو (أن يحرم من الميقات ثم
يذهب إلى يذهب إلى مكة ويطوف سبعة أشواط ثم بعد الطواف يصلى ركعتين خلف المقام ثم بعد
ذلك يسعى بين الصفاء والمروة ثم في اليوم التاسع يقف في عرفة حتى غروب الشمس وبعد
الغروب يذهب إلى مزدلفة للمبيت إلى الفجر أو إلى نصف الليل ثم يرمي جمرة العقبة ثم بعد ذلك
يحلق راسه وينحر الهدي ويكون بذلك تحلل التحلل الأول ويحل له كل شي إلا النساء وإذا طاف
طواف الإفاضة حل له كل شي حتى النساء ويكون تحلل من التحلل الثاني ثم في اليوم الحادي
عشر يرمي الجمار الثلاث الصغرى والوسطى والكبرى بعد الزوال وفي اليوم الثاني عشر مثل ذلك
إذا كان متعجلاً ويطوف طواف الوداع ويكون بذلك إنتهى من أعمال الحج .. )
هذا نسك القارن فهل فهمي هذا صحيح غفر لك أم لا وجزاك الله عني خيرا الجزاء.
وغفر لك وجزاك خيراً
نعم .. هو كما ذكرت ..
لكن السنة تقديم النحر على الحلق. (رنحط) = رمي - نحر - حلق - طواف.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 11 - 07, 03:07 ص]ـ
[ quote= أحمد العقلاء;699419] وأيضاً عندي بعض المسائل أحسن الله إليك وغفر لك ..
س/ هل صحيح أن المفرد والقارن لايلزمه المبيت بمنى في اليوم الثامن ولا الوقوف بمنى .. وإنما يلزم المتمتع؟
س2/ المرأة إذا حاضت في اليوم السادس مثلاً قبل أن تؤدي العمرة علماً أن الدورة تستمر معها أكثر من10 أيام قرابة
15 يوماً ماذا تفعل أحسن الله إليك ..
أعتذر
على كثرة الإسئلة ولكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (أصعب أبواب العبادات
المناسك) فعندي إشكالات وجزاك الله خيرا
========
بل ستكون عندك كشرب الماء -بإذن الله تعالى- إذا كررت الحج وفهمت أبوابه جيداً.
1. أما المبيت بمنى ليلة التاسع فسُنَّة لا يلزم أحداً من الحجاج .. وأما المبيت بمنى ليالي التشريق فواجب من واجبات الحج على الجميع لا يستثنى منه إلا بعض أهل الأعذار.
(وما هو الوقوف بمنى أخي الكريم)
ولاحظ أنه لو وصل حاج إلى عرفة قبل طلوع فجر يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) فحجه صحيح
(مع أنه لم يبت بمنى ليلة الثامن) ..
ولو وصل بعد طلوع الفجر فاته الحج وتحلل بعمرة.
2. الحائض تفعل كما يفعل الحاج في سائر أعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت، والأصل أنها تنتظر حتى تنقطع حيضتها وتغتسل ثم تأتي بالطواف ..
إلا إذا وصل الأمر إلى درجة الضرورة التي يخاف عليها -أو على محرمها- بسببها؛ فيقال لها: تلجمي (استثفري وتحفظي) وطوفي بالبيت واذبحي دماً بمكة. والحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/194)
ـ[أحمد العقلاء]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:44 م]ـ
غفر الله لك شيخنا الكريم أبو يوسف وجزاك عني خير ا الجزاء ..
اتضح الإشكال ولكن ممكن أن تشرح لي قول الفقهاء هذا (والقران: أن يحرم بهما معاً، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل
الحج عليها قبل الشروع في طوافها)
أو يحرم بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها.؟
أحسن الله إليك وغفر لك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:32 م]ـ
وإياك
اعلم -رحمك الله- أن معناه: أن ينوي العمرة فقط من الميقات فإذا جاوز الميقات جاز أن يضيف إلى نيته الأولى نية الحج، وبذلك يكون قارناً. لكن لا بد أن يدخِل نية الحج قبل البدء في طواف العمرة.
ـ[أحمد العقلاء]ــــــــ[19 - 11 - 07, 12:30 ص]ـ
غفر الله لك شيخنا أبو يوسف على هذا التوضيح ..
وجزاك عني خيرا الجزاء ونفع بك الإسلام والمسلمين ..
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[19 - 11 - 07, 02:36 ص]ـ
وإياك أخي الكريم .. وأنا طويلب علم صغير ولست شيخاً كما تتابع على ذلك بعض الإخوة محسنين بي الظن.
وفقك الله.(87/195)
ما معنى (دخلت العمرة في الحج) وما الذي استشكله الصحابة؟
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[15 - 11 - 07, 03:53 م]ـ
الحمد لله
سمعت من بعض أهل العلم أن معنى قوله عليه الصلاة والسلام (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)
هو لبيان جواز الاعتمار في أشهر الحج ولمحو ما كان من عقائد الجاهلية من منع ذلك كما بينه ابن عباس رضي الله عنه قال (كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ حِلٌّ كُلُّهُ)
لكن أشكل علي كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر قبل ذلك إلا في ذي القعدة ومعه أصحابه رضي الله عنهم.
وما معنى قولهم (أعامنا هذا)؟
أفيدونا وفقكم الله
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 08:44 م]ـ
قَالَ النَّوَوِيّ: (نقلا عن فتح الباري)
مَعْنَاهُ عِنْد الْجُمْهُور أَنَّ الْعُمْرَة يَجُوز فِعْلهَا فِي أَشْهُر الْحَجّ إِبْطَالًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة، وَقِيلَ مَعْنَاهُ جَوَاز الْقِرَان أَيْ دَخَلَتْ أَفْعَال الْعُمْرَة فِي أَفْعَال الْحَجّ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ سَقَطَ وُجُوب الْعُمْرَة، وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ يَقْتَضِي النَّسْخ بِغَيْرِ دَلِيل، وَقِيلَ مَعْنَاهُ جَوَاز فَسْخ الْحَجّ إِلَى الْعُمْرَة، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيف. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سِيَاق السُّؤَال يُقَوِّي هَذَا التَّأْوِيل، بَلْ الظَّاهِر أَنَّ السُّؤَال وَقَعَ عَنْ الْفَسْخ وَالْجَوَاب وَقَعَ عَمَّا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَتَنَاوَل التَّأْوِيلَات الْمَذْكُورَة إِلَّا الثَّالِث. وَاللَّه أَعْلَم.
--------------------------------------------
وفي عون المعبود
السَّادِس عَشَر: أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ تِلْكَ الْعُمْرَة الَّتِي فَسَخُوا إِلَيْهَا الْحَجّ وَتَمَتَّعُوا بِهَا اِبْتِدَاء فَقَالَ: " دَخَلَتْ الْعُمْرَة فِي الْحَجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " كَانَ هَذَا تَصْرِيحًا مِنْهُ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْم ثَابِت أَبَدًا، لَا يُنْسَخ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَمَنْ جَعَلَهُ مَنْسُوخًا فَهَذَا النَّصّ يَرُدّ قَوْله. وَحَمَلَهُ عَلَى الْعُمْرَة الْمُبْتَدَأَة الَّتِي لَمْ يُفْسَخ الْحَجّ إِلَيْهَا بَاطِل، فَإِنَّ عُمْدَة الْفَسْخ سَبَب الْحَدِيث فَهِيَ مُرَادَة مِنْهُ نَصًّا، وَمَا عَدَاهَا ظَاهِرًا، وَإِخْرَاج مَحَلّ السَّبَب وَتَخْصِيصه مِنْ اللَّفْظ الْعَامّ لَا يَجُوز، فَالتَّخْصِيص وَإِنْ تَطَرَّقَ إِلَى الْعُمُوم فَلَا يَتَطَرَّق إِلَى مَحَلّ السَّبَب. وَهَذَا بَاطِل.
--------------------------------------------------
وفي عون المعبود أيضا
(وَقَدْ دَخَلَتْ الْعُمْرَة فِي الْحَجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ مُخْتَلَف فِي تَأْوِيله يَتَنَازَعهُ الْفَرِيقَانِ مُوجِبُوهَا وَنَافُوهَا فَرْضًا فَمَنْ قَالَ إِنَّهَا وَاجِبَة كَوُجُوبِ الْحَجّ عُمَر وَابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَبِهِ قَالَ عَطَاء وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيّ وَسَعِيد بْن جُبَيْر، وَإِلَى إِيجَابهمَا ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد وَقَالَ الثَّوْرِيّ فِي الْعُمْرَة سَمِعْنَا إِنَّهَا وَاجِبَة قُلْت فَوَجْه الِاسْتِدْلَال مِنْ قَوْله دَخَلَتْ الْعُمْرَة فِي الْحَجّ لِمَنْ لَا يَرَاهَا وَاجِبَة أَنَّ فَرْضهَا سَاقِط بِالْحَجِّ وَهُوَ مَعْنَى دُخُولهَا فِيهِ وَمَنْ أَوْجَبَهَا يَتَأَوَّل عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّ عَمَل الْعُمْرَة قَدْ دَخَلَ فِي عَمَل الْحَجّ فَلَا يُرَى عَلَى الْقَارِن أَكْثَر مِنْ طَوَاف وَاحِد وَسَعْي وَاحِد كَمَا لَا يُرَى عَلَيْهِ أَكْثَر مِنْ إِحْرَام وَاحِد وَالْوَجْه الْآخَر أَنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي وَقْت الْحَجّ وَشُهُوره وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُر الْحَجّ فَأَبْطَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِهَذَا الْقَوْل قَالَ الْمُنْذِرِيّ: وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيّ
----------------------------------------------------
وَقَالَ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير: قَوْله دَخَلْت الْعُمْرَة فِي الْحَجّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا سَقَطَ فَرْضهَا بِوُجُوبِ الْحَجّ وَدَخَلَتْ فِيهِ وَهَذَا تَأْوِيل مَنْ لَمْ يَرَهَا وَاجِبَة، فَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَهَا فَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّ عَمَل الْعُمْرَة قَدْ دَخَلَ عَمَل الْحَجّ فَلَا يُرَى عَلَى الْقَارِن أَكْثَر مِنْ إِحْرَام وَاحِد وَطَوَاف وَسَعْي، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا قَدْ دَخَلْت فِي وَقْت الْحَجّ وَشُهُورِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُر الْحَجّ فَأَبْطَلَ الْإِسْلَام ذَلِكَ وَأَجَازَهُ انْتَهَى
-------------------------------------------------
وفي الاستذكار
كان سفيان بن عيينة يقول معنى قول رسول الله صلى الله عليه و سلم دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لم يرد به فسخ الحج وإنما أراد جواز عمل العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة مفردة ويستمتع بها إلى الحج وأن يقرن مع الحج كل ذلك جائز إلى يوم القيامة
وهو قول حسن جدا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/196)
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:37 ص]ـ
كانوا برون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وكان هذا متأصلا في نفوسهم.
وهذا مما يحتاج في إزالته إلى التدرج , و الصبر و تبين الحكم تارة بعد تارة.
فالرسول صلى الله عليه و سلم أعلم الصحابة حين حج بهم حجة الوداع: أن من أراد أن يحج فله ذلك و من أراد أن يعتمر فله ذلك.
فلما اقترب من مكة عزم عليهم أن يقلبوها عمرة لمن لم يسق الهدي، فلم يستجب له أحد.
فلما فرغ من سعيه أمر من لم يسق الهدي أن يقلبها عمرة و أن يحل. فشق عليهم ذلك.
حتى قال جابر: الحل كله؟
و قال أخر: يارسول الله لم يبق بيننا و بين منى الا أيام و نذهب إليها و مذاكيرنا تقطر من المني؟
فهذا يدل على أن الصحابة و إن كان الرسول أخبرهم بجواز العمرة في أشهر الحج الا أن التطبيق العملي شق عليهم.
فلهذا سألوه ذلك السؤال.
ـ[الهزبر]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:01 ص]ـ
كان سفيان بن عيينة يقول معنى قول رسول الله صلى الله عليه و سلم دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لم يرد به فسخ الحج وإنما أراد جواز عمل العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة مفردة ويستمتع بها إلى الحج وأن يقرن مع الحج كل ذلك جائز إلى يوم القيامة
وهو قول حسن جدا
كلام جميل
لكن يشكل أمر آخر
مالو أعتمر في أيأم الحج أو أشهر الحج , ثم عاد لبلد ثم نوى الحج متمتعا فهل تنقطع الصلة بمجرد الخروج بمكة أم لايشترط؟
يعني مالو خرج رجل من الرياض في شوال ثم عاد ادراجه وقد نوى بعمرته تمتعا إلى الحج, ثم جاء الحج فحج متمتعا هل سقطت عنه العمرة؟
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:14 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ..
الذي يظهر والله أعلم ياأخي الهزبر أنه ينقطع ويبدأ التمتع من جديد أي العمرة والحج لأن تمتعه انقطع بسفره إلى بلده والله تعالى أعلم.
ـ[الهزبر]ــــــــ[30 - 11 - 07, 03:44 م]ـ
يذكرون عن الشيخ /الطريفي سلمه الله بجواز ذلك
ولاأدري كأن الإنقطاع عنده لايضرالحاج المتمع ...
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[07 - 12 - 07, 04:47 ص]ـ
أحسن الله للأخوة جميعا
أما انقطاع التمتع بالسفر بعد العمرة , فالمسألة معروفة في شروط التمتع عند الحنابلة رحمهم الله وغيرهم
في كون المتمتع لا يسافر مسافة القصر.
والشيخ ابن عثيمين يرى أنها لا تنقطع لو سافر إلى غير بلده لكونه ما زال على سفر.
والمسألة مبحوثة في شروط التمتع.
لكن هل صح النقل عن الشيخ الطريفي حفظه الله.(87/197)
بحث رائع و قيم عن مواقيت الحج
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 07:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا البحث قال عنه صاحبه ( ... وهو بحث قل أن تجده في غير هذا الكتاب لأنه كتب عن مشاهدة وتطبيق وتحديد على الطبيعة ونسأل الله تعالى التوفيق والعصمة وهو حسبنا ونعم الوكيل.)
كِتَابِ الحَجّ
الحج: لغة، القصد: وشرعاً: القصد إلى البيت الحرام، لأعمال مخصوصة،
باب المواقيت
المواقيت: جمع ميقات. وهي زمانية ومكانية.
فالزمانية، أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. والمكانية: ما ذكرت في هذين الحديثين.
وجعلت هذه المواقيت تعظيماً للبيت الحرام، وتكريماً، ليأتي إليه الحجاج والزوار من هذه الحدود، معظمين خاضعين خاشعين.
ولذا حرم ما حوله من الصيد، وقطع الشجر، لأن في ذلك استخفافاً بحرمته، وحطاً من كرامته.
والله سبحانه وتعالى، جعله مثابة للناس وأمناً، ورزق أهله من الثمرات، لعلهم يشكرون.
الحديث الأول
عَنْ عَبْدِ الله بْن عَبَّاس رَضي اللّه عَنْهُمَا:
أنَ رَسُولَ اللّه وَقَّتَ لأهْلِ الْمَدِينةِ "ذا الْحُلَيْفَةِ"، ولأهلِ الشام "الجُحْفَة" ولأهلِ
نَجْدٍ "قَرْنَ الْمَنَازِلِ"، ولأهل الْيَمَن "يَلَمْلَمَ" وقال: " هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَي عَلَيْهِنَ مِنْ
غَيْرِ أهْلِهِنَّ لِمَن أرَادَ الحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ وَمَنْ كَان دُوْنَ ذلِكَ فمِنْ حَيْثُ أنْشَأ، حَتَى أهْلُ مَكَّةَ
مِنْ مَكَّةَ".
الحديث الثاني
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضْيَ الله عَنْهُمَا: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"يُهِلُّ أهْلُ المدِيِنَةِ مِنْ "ذِي الْحُلَيْفَة" وأهْلُ الشام مِنَ"الجُحْفَةِ" وأهْلُ نجدٍ مِنْ
"قَرْن الْمَنَازِلِ".
قال عبد الله: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَيُهِلُّ أهْلُ الْيَمَنِ
مِنْ يَلَمْلَم".
المواقيت المكانية:
ذو الحليفة: بضم الحاء وفتح اللام تصغير الحلفاء نبت معروف ينبت بتلك المنطقة. وتسمى الآن – آبار علي – ويكاد عمران المدينة المنورة – الآن - يصل إليها وتبلغ المسافة من ضفة وادي الحليفة إلى المسجد النبوي ثلاثة عشر كيلاً. ومن تلك الضفة إلى مكة المكرمة عن طريق- وادي الجموم – أربعمائة وثمانية وعشرين كيلاً والحليفة ميقات أهل المدينة ومن أتى عن طريقهم.
الجحفة: بضم الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الفاء بعدها هاء قرية بينها وبين البحر الأحمر عشرة أكيال. وهي الآن خراب ويحرم الناس من:
رابغ: مدينة كبيرة فيها الدوائر والمرافق والمدارس الحكومية وتبعد عن مكة المكرمة عن طريق وادي الجموم- مائة وستة ثمانين كيلاً. ويحرم من رابغ أهل لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر والسودان وحكومات المغرب الأربع وبلدان أفريقيا وبعض المنطقة الشمالية في المملكة العربية السعودية.
يلملم: بفتح الياء المثناة التحتية فلام فميم فلام أخرى بعدها ميم أخرى ويقال ألملم - وسكان تلك المنطقة الآن يقولون لملم ولما سفلتت حكومتنا الطريق الآتي من ساحل المملكة العربية الجنوبي إلى مكة المكرمة والمار بوادي يلملم من غير مكان الإحرام القديم المسمى – السعدية - كنت أحد أعضاء لجنة شكلت لمعرفة مكان الإحرام مع الطريق الجديد فذهبنا إليه ومعنا أهل الخبرة والعارفون بالمسيات واجتمعنا بأعيان وكبار السن من سكان تلك المنطقة وسألناهم عن مسمى يلملم هل هو جبل أم واد فقالوا إن يلملم هو هذا الوادي الذي أمامكم وإننا لا نعرف جبلاً يسمى بهذا الاسم وإنما الاسم خاص بهذا الوادي، وسيوله تنزل من جبال السداة ثم تمده الأودية في جانبيه وهو يعظم حتى صار هذا الوادي الفحل الذي تشاهدونه وإن مجراه ممتد من الشرق إلى الغرب حتى يصب في البحر الأحمر عند مكان في الساحل يسمى- المجيرمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/198)
وإنه من سفوح جبال السداة حتى مصبه في البحر الأحمر يقدر بنحو مائة وخمسين كيلاً ونحن الاَن في السعدية في نحو نصف مجراه وبعد التجول في المنطقة والمشاهدة وتطبيق كلام العلماء وسؤال أهل الخبرة والسكان تقرر لدينا أن مسمى يلملم الوارد في الحديث الشريف ميقاتاً لأهل اليمن ومن أتى عن طريقهم هو كل هذا الوادي المعترض لجميع طرق اليمن الساحلي وساحل المملكة العربية السعودية وأن الاسم عليه من فروعه في سفوح جبال السداة إلى مصبه في البحر الأحمر وأنه لا يحل لمن أراد نسكاً ومرَّ به أن يتجاوزه بلا إحرام من أي جهة من جهاته وطريق من طرقه.
وقد كان الطريق يمر بالسعدية وهي قرية فيها بئر السعدية وفيها إمارة ومدرسة ومسجد قديم جدد الآن ينسب إلى معاذ بن جبل. والسعدية تبعد عن مكة المكرمة اثنين وتسعين كيلاً. أما الطريق الذي سفلتته حكومتنا فهو يقع عن السعدية غرباً بنحو عشرين كيلاً يمر على وادي يلملم وعند ممره إلى يلملم يكون وادي يلملم عن مكة مائة وعشرين كيلاً.
ونحن بينا للمسئولين جواز الإحرام من الطريق القديم والطريق الجديد وغيرهما مما يمر في هذا وذلك حج عام 1401هـ وأنا الآن اكتب هذه الأسطر في ربيع ثاني من عام 1402هـ فلا أدري هل يعاد الطريق من السعدية حيث الممر الأول أو يبقى هذا الطريق الجديد ويعد على ضفة الوادي أمكنة للإحرام، ودورات مياه للمحرمين.
ويحرم من يلملم اليمن الساحلي وسواحل المملكة السعودية وإندونيسيا وماليزيا والصين والهند وغيرهم من حجاج جنوب آسيا والآَن أصبح الحج غالبه عن طريق الطائرات أو البواخر التي لا ترسو إلا على مواني جدة.
قرن المنازل: بفتح القاف وسكون الراء وقد يقال قرن الثعالب لوجود أربع روابي صغار تسكنها الثعالب وقد أزيلت إحدى تلك الروابي لتوسعة طريق مكة – الطائف، وبقي الآن منها ثلاث أما الثعالب فمع توسع العمران هربت عن المنطقة. والقرن هو الجبل الصغير.
وهذا الميقات اشتهر اسمه الآن بالسيل الكبير ومسافته من بطن الوادي إلى مكة المكرمة ثمانية وسبعون كيلاً ومن المقاهي والأمكنة التي اعتاد الناس أن يحرموا منها خمسة وسبعون كيلاً - والسيل الكبير الآن قرية كبيرة فيها محكمة وإمارة وجميع الدوائر والمرافق والخدمات والمدارس المنوعة.
ويحرم من قرن المنازل- أهل نجد وحاج الشرق كله من أهل الخليج والعراق وإيران وغيرهم.
وادي محرم: هذا هو أعلى "قرن المنازل" وهو قرية عامرة فيها مدرسة وكان لا يحرم منه إلا قلة حتى فتحت حكومتنا طريق الطائف - مكة المار بالهدا وجبل الكرى فصار محرماً هاماً مزدحماً فبنت فيه الحكومة مسجداً كبيراً جداً له طرقه المسفلتة الداخلة والخارجة ومواقف السيارات ومكان الراحة وأمكنة الاغتسال ودورات المياه بأحدث تصميم وبناء لهذا المحرم الهام.
وهو لا يعتبر ميقاتاً مستقلاً من حيث الاسم لأنه فرع قرن المنازل ويبعد عن مكة بخمسة وسبعين كيلاً. ولولا كثرة تعرجات جبل كرا لكان عن مكة نحو ستين كيلاً فقط.
ويحرم منه من يحرم من الميقات الذي في أسفله ويزيد بحجاج الطائف وحجاج جنوب المملكة الحجازي وحجاج اليمن الحجازي.
تكميل:
ذات عرق: بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف سمي بذلك لأن فيه عرقاً وهو الجبل الصغير.
ويسمى الآن- الضريبة - قال ياقوت: الضريبة وادي حجازي يدفع سيله في - ذات عرق- والضريبة بفتح الضاد المعجمة بعدها راء مكسورة ثم ياء مثناة تحتية ثم باء موحدة تحتية ثم هاء واحدة الضراب وهى الجبال الصغار وهذا الميقات لم يرد في حديث الصحيحين ولكن ورد في بعض السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق. وقد ضعف بعض أهل العلم هذا الحديث.
قال في فتح الباري. والذي في البخاري عن ابن عمر قال لما فتحت الكوفة والبصرة أتوا عمر فقالوا يا أمير المؤمنين إن رسول الله حدَّ لأهل نجد قرناً وهو جور عن طريقنا قال: فانظروا حذوها في طريقكم فحدَّ لهم - ذات عرق - قال الشافعي: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حد ذات عرق وإنما أجمع عليه الناس وهذا يدل على أن ذات عرق ليس منصوصاً عليه وبه قطع الغزالي والرافعي في شرح المسند والنووي في شرح مسلم وكذا وقع في المدونة لمالك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/199)
وصحح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية أنه منصوص وقد وقع ذلك في حديث جابر عند مسلم إلا أنه مشكوك في رفعه. وقد وقع في حديث عائشة
وحديث الحارس السهمي كلاهما عند أحمد وأبي داود والنسائي وهذا يدل على أن للحديث أصلاً فلعل من قال إنه غير منصوص عليه لم يبلغه أو رأى ضعف الحديث اهـ ملخصاً من فتح الباري.
قلت: وعلى كل فقد صح توقيته عن عمر رضي الله عنه فإن كان منصوصاً عليه وجهله فهو من موافقاته المعروفة وإن لم يكن نُصَّ عليه فقد قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي". وقد أجمع المسلمون على أنه أحد مواقيت الحج ولله الحمد.
وقد قمت بشهر محرم في عام 1402 هـ من مكة المكرمة إلى هذا الميقات ومعي الشريف: محمد بن فوزان الحارثي وهو من العارفين بتلك المنطقة ومن المطلعين على التاريخ وقصدي بحث طريق الحج من الضريبة إلى مكة على الإبل فوجدت الميقات المذكور شعباً بين هضاب طوله من الشرق إلى الغرب ثلاثة أكيال وعرضه من الجنوب إلى الشمال نصف كيلاً ويحده من جانبيه الشمالي والجنوبي هضابه ويحده من الشرق – ريع انخل- ويحده من الغرب وادي الضريبة الذي يصب في وادي مرّ ويعتبر هذا الميقات من الحجاز فلا هو من نجد ولا من تهامة ولكنه حجاز منخفض يكاد يكون حرة فليس فيه جبال عالية. ويقع عنه شرقاً بنحو عشرة أكيال وادي العقيق ثم يلي العقيق شرقاً ـ صحراء ركبة - الواسعة حيث تبتدئ بلاد نجد. ويحرم من العقيق- الشيعة - مخالفة لعمر رضي الله عنه الذي جعل ذات عرق ميقاتاً.
والمسافة من ميقات ذات عرق حتى مكة مائة كيلاً. وأشهر الأمكنة التي يمر بها الطريق- مكة الرقة - وفيها آثار وبِرْكَة عظيمة قديمة من آثار بني العباس ثمَّ وادي نخلة الشامية - ثم المضيق - ثم البرود ثم شرائع المجاهدية ثم العدل وهذا الميقات مهجور الآن فلا يحرم منه أحد لأن الطرق المسفلتة في نجد وفي الشرق لا تمر عليه وإنما تمر على الطائف والسيل الكبير ـ قرن المنازل.
ملاحظة: جميع مواقيت الإحرام أودية عظام ولذا فإن الاحتياط أن يحرم الحاج أو المعتمر من الضفة التي لا تلي مكة من الوادي لئلا يعتبر متجاوزاً للميقات.
فائدة:
جاء في قرار مجلس كبار العلماء رقم 5730 تاريخ 21/ 10/1399 هـ وهو ما خلاصته: بعث الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية بقطر إلى الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود رسالة تتضمن جواز جعل جدة ميقاتاً لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية. وقد أحيلت إلى المجلس فاستعرض تلك الفتوى وأصدر ما يلي: أن المجلس بعد دراسة الأمور التي وردت في الرسالة يرى أن المسوغات التي استند إليها مردودة بالنصوص الشرعية وإجماع سلف الأمة وأنه بعد الرجوع إلى الأدلة وما ذكر أهل العلم عن المواقيت المكانية ومناقشة الموضوع من جميع جوانبه فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
أولاً: أن الفتوى الصادرة من فضيلة الشيخ عبد اللّه بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية بقطر الخاصة بجواز جعل جدة ميقاتاً لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية فتوى باطلة لعدم استنادها إلى نص من كتاب الله أو سنة رسوله وإجماع سلف الأمة ولم يسبقه إليها أحد من علماء المسلمين الذين يعتد بأقوالهم.
ثانياً: لا يجوز لمن مر بميقات من المواقيت المكانية أو حاذى واحداً منها جواً أو بحراً أن يتجاوزه من غير إحرام كما تشهد لذلك الأدلة وكما قرره أهل العلم رحمهم اللّه تعالى هذا وباللّه التوفيق وصلى الله على نبينا محمد. اهـ
الخلاصة من القرار وبهذ
ا انتهى بحثي عن المواقيت المكانية وهو بحث قل أن تجده في غير هذا الكتاب لأنه كتب عن مشاهدة وتطبيق وتحديد على الطبيعة ونسأل الله تعالى التوفيق والعصمة وهو حسبنا ونعم الوكيل.
المعنى الإجمالي:
لهذا البيت الحرام، التكريم، والتعظيم، والتقديس، والإجلال.
ومن ذلك أن جُعِل له حدود، لا يتجاوزها قاصده، بحج، أو عمرة إلا وقد أحرم وأتى في حال خشوع وخضوع، وتقديس وإجلال، عبادة لله واحتراماً لهذا البيت المطهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/200)
ومن رحمة الله بخلقه، أنه لم يجعل لهم ميقاتاً واحداً في إحدى جهاته، بل جعل لكل جهة محرماً وميقاتاً، لئلا تلحقهم المشقة بقصدهم ميقاتاً ليس في طريقهم، حتى جعل ميقات مَنْ داره دون المواقيت مكانه الذي هو فيه، حتى أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، فلا يلزمهم الخروج إلى الحل كفعلهم بالعمرة.
ما يؤخذ من الحديث:
1 - جعل هذه الأمكنة المذكورة مواقيت، لا يحل لمن أراد نسكاً تجاوزها بدون إحرام.
2 - أن ميقات من دون المواقيت من مكانه الذي هو ساكن فيه.
3 - أن ميقات أهل مكة منها، وهذا في الحج.
أما العمرة، فلا بد من الخروج إلى الحل وهو قول الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة.
وقال المحب الطبري: "لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة".
وقصة عائشة مشهورة ثابتة فلا يقاومها مفهوم الحديث.
4 - يدل قوله: "ممن أراد الحج والعمرة" أن من أراد دخول مكة لغير حج أو عمرة، بل لتجارة أو زيارة قريب ونحوه، أنه لا يجب عليه الإحرام. ثم إن تجدد له عزم على الإحرام أحرم من حيث عزم على أداء النسك ولو داخل المواقيت أو من مكة في الحج.
وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء، ويأتي تحقيقه قريباً إن شاء الله تعالى.
رحمة من الله تعالى بخلقه، حيث جعل لكل جهة ميقاتاً يكون في طريق سالكه إلى مكة، سواء أكان من أهل تلك الجهة أم لا.
ولو جعل الميقات في جهة واحدة، لَشقَّ على من لم يأت منه مشقة كبيرة.
6 - في تقدير النبي صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت وتحديدها، معجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته.
فقد حددها، ووقتها، وأهلها لم يسلموا، إشعاراً منه بأن أهل تلك الجهات سيسلمون، ويحجون، ويحرمون منها، وقد كان، وللّه الحمد والمنة.
7 - تعظيم هذا البيت وتقديسه، إذ جعل له هذا الحمى، الذي لا يتجاوزه من قصده بنسك، إلا وجاء منه معظماً، مكرماً، خاشعاً، خاضعاً، بهذه الهيئة الخاصة.
اختلاف العلماء:
أجمع العلماء على مشروعية الإحرام لمن أراد دخول الحرم، سواء أكان دخوله لنسك أم غيره.
وأجمعوا على وجوب الإحرام لمن أراد دخوله للنسك.
واختلفوا في وجوبه على من أراد الدخول لغير نسك، كدخوله لتجارة، أو سكن، أو غير ذلك.
فذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد: إلى وجوب الإحرام على من دخله، سواء أكان لنسك أم غيره، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم في مكة: "إنَّهَا حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَلا تَحِلُّ لأحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ كَحُرمَتِهَا بِالأمْسِ".
واستدلوا بحديث ابن عباس عند البيهقي بلفظ: "لا يَدْخُلُ أحَدٌ مَكَّةَ إلاَّ مُحْرِماً". قال ابن حجر: إسناده جيد.
وذهب الإمام الشافعي في المشهور عنه: إلى جواز الدخول بلا إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة، وهو مذهب الظاهرية، ونصره ابن حزم في "المحلى" وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام "ابن تيمية"، وأبو الوفاء بن عقيل، قال ابن مفلح، في الفروع: وهي ظاهرة.
واستدلوا على ذلك بقوله في هذا الحديث: "ممن أراد الحج والعمرة".
وأجابوا عن الدليل الأول للموجبين بأن الحديث ليس له دخل في الإحرام، وإنما هو في تحريم القتال في مكة.
وأجابوا عن حديث ابن عباس، بأنه موقوف من طريق البيهقي ولا يحتج به فيما عداها من الطرق. والموقوف ليس بحجة.
ولم يوجب الله الحج والعمرة إلا مرة واحدة في العمر، والأصل براءة الذمة إلا بدليل موجب.
فائدة:
ما ذكر من الخلاف، في حق غير المتردد إلى الحرم لجلب الحطب أو الفاكهة ونحوهما، أو له بستان في الحل يتردد عليه، أو له وظيفة أو عمل في مكة، وأهله في "جدة" أو بالعكس.
فهؤلاء ونحوهم، لا يجب عليهم الإحرام عند عامة العلماء، فيما اطَّلَعْتُ عليه من كلام فقهاء المذاهب، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة من التحريم على كل داخل إلى مكة بغير إحرام. والعمل على خلافه.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 11 - 07, 02:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن ينفع بك، وأن يجعل كل ما تقدمه من خدمات جليلة لطلبة العلم في ميزان حسناتك، وأن يجري لك ثوابها إلى يوم القيامة اللهم آمين.
ـ[مداد]ــــــــ[16 - 11 - 07, 03:18 ص]ـ
جزاك الله خيرا و بارك فيك ..
لكنك نسيت تذكر صاحب البحث، وإن لم أخطئ فهو للشيخ عبد الله البسام في شرحه لعمدة الأحكام ..
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[16 - 11 - 07, 07:10 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أخي عيسى على هذه الدعوات الطيبة وبارك الله فيك.
فعلا أختي مداد هو الشيخ العلامة عبد البسام رحمه الله والبحث مأخوذ من شرحه على العمدة , بارك الله فيك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[16 - 11 - 07, 10:30 ص]ـ
ومن لا يعرف فضل الشيخ -رحمه الله- وفقهه وكتبه الماتعة. جزاك الله خيراً أخي الكريم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/201)
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[16 - 11 - 07, 01:02 م]ـ
رحم الله الشيخ البسام.
ـ[أبو عبدالعزيز العتيبي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 05:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك كتاب أجود من هذا خاص بالمواقيت نشرته مجلة البحوث د. عبدالوهاب أبو سليمان
ومما ذكره الشيخ البسام رحمه الله أن الجحفة قرية خربة لأن زيارته كانت سنة 1402
ثم أعيد بناء مسجد الميقات سنة 1405 فالجحفة اليوم ليست قرية خربة؛ وقد تتابع
المعاصرون بالقول بأن الجحفة قرية خربة وهذا يكذبه الواقع والحس فميقات الجحفة
من أنظف المواقيت وأجملها؛ وإن كان صغيراً.
وأهل رابغ يحرمون منها دون الميقات بقليل (12 كيل)؛ وإن كان فعلهم جائزاً كما هو قول الجمهور
إلا أنه السنة أن يحرم المرء من الميقات؛ وقد نبه على هذا بعض مشايخ رابغ وبينوا أن الجحفة
ليست خربة كما هو ذائع اليوم.
فائدة: هناك مشروع الآن لسفلتة ميقات ذات عرق الذي وقته أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه. والطريق إليه
اليوم صحراوي فقبل الطائف بـ 45 كيل تتجه مع مخرج العشيرة والمحاني ثم بعد قرابة 30 كيل مسفلتة بعد تجاوز قرية
عشيرة تتجه يساراً بطريق صحراوي إلى الميقات؛ وهناك آثار قديمة لآبار مما يشعر أنه كان قديما طريق أناس وآثار
المقاهي باقية.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[18 - 11 - 07, 05:10 م]ـ
شكرا أخي الكريم على هذا التنبيه ...
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:29 ص]ـ
جزاك الله خيراً ..(87/202)
شريط دمعة في الحج للشنقيطي لابد لكل حاج سماعه (مفرغ) و (صوتي)
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[16 - 11 - 07, 05:59 ص]ـ
دمعة في الحج
إن للحج أهمية عظيمة في الإسلام، وهو مدرسة فيها من العبر والعظات الكثير، وكثير من أعماله عبادات محضة لا تدرك الحكمة منها؛ لكن من أمعن النظر وغاص بفهمه في مناسك الحج ومواقفه؛ فإنه يقف على لطائف يشهد بها ضعف نفسه وحاجته إلى ربه، ويشهد منها كمال مولاه وعظمته، ومغفرته ورحمته، وعزته وجبروته، كما يشهد فيها حقارة الدنيا وقصرها، وأن الراكن إليها مغتر بزخرف منقطع.
وقفات مع الحاج إلى بيت الله الحرام
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: الحج ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائره العظام، دعا إليه رب العالمين، وأوجبه على عباده المستطيعين، نادى به نبيه الخليل، كما قص الله عز وجل خبره في التنزيل، نادى به فأذن، فبلغ الله أذانه، فلما علم عباد الله المؤمنين بذلك الدعاء وذلك النداء، تفتحت له أسماعهم، وتفتحت له قلوبهم، فصاروا له مجيبين ولداعيه ملبين، قطعوا الوهاد وساروا الفيافي وجاوزوا النجاد؛ محبة ومرضاة لرب العباد، ساروا إلى الله ملبين، ولرحمته طالبين، لم يخرجوا للدنيا، وإنما خرجوا لرحمة الله طامعين، وفي جوده وإحسانه وعظيم كرمه آملين، خرجوا إلى الله وقلوبهم مليئة بالإجلال والشوق والحنين إلى عفو الله، خرجوا وما كانت الدنيا نصب أعينهم إذ خرجوا، خرجوا وكلهم أمل في الله تبارك وتعالى أن يناديهم: حج مبرور، وسعي مشكور، وذنب مغفور. لذلك أحبتي في الله! ما ضربت قدم على الأرض أشرف عند الله عز وجل ولا أزكى من قدم المطيع لربه، وما وفد وافد يسير على الفجاج أحب إلى الله من وافد على بيته من هذا الركب العزيز الذي فارق كل عزيز. إنه ركب الله ووفد الله القادم على الله، لذلك قصة هذا الركب قصة مليئة بالعبر والعظات، فهو الوفد الذي لله خشع، وفي رحمة الله طمع، إنه وفد الله الذي تذكرك أقواله وأفعاله برحمة الله، أقوام باعوا الساعات واللحظات لكي يتقربوا إلى رب البريات. خرجوا إلى الله تبارك وتعالى بهذه الرحلة التي سطرت في دواوين الحسنات، فأقيلت بها العثرات، ورفعت بها الدرجات، فيا لله! كم فائز منهم برحمة الله! ويا لله! كم سعيد منهم برضوان الله! ......
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الأخيرة: حال الحاج عند طواف الوداع
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
أحبتي في الله! وبعد ذلك -وما بعد ذلك؟ - يسير العبد إلى آخر مرحلة من حجه، وهي: طواف الوداع، وهيا للحظة الأخيرة التي يودع فيها الإنسان بيت الله الحرام، يودع فيها دار السلام، يطوف بذلك البيت لكي يكون آخر عهده بالبيت طوافاً، ولطواف الوداع حلاوة، ولطواف الوداع لذة وطلاوة. طواف الوداع يذكرك بفضل هذه المنازل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000216&spid=68) رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: (كان الناس يسفرون من فجاج منى وعرفات) كان الناس يسفرون، يعني: يخرجون إلى ديارهم، ويرجعون إلى أمصارهم من فجاج منى وعرفات (فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت طوافاً). فإذا طاف الإنسان طواف الوداع طافت به أشجان وأحزان، لأن العبد الصالح من أعظم ما يؤلمه، وأشد ما يجده في دينه إذا فارق الطاعة والعبادة، ولذلك كان بعض السلف إذا كانت آخر ليلة من رمضان جلس يبكي ويقول: ألا ليت شعري من هو المحروم فنعزيه؟ ألا ليت شعري من هو المقبول فنهنيه؟ فالإنسان إذا قضى عبادته وانتهى من حجه، فإنه لا يدري أقبل الله حجته أم لم يقبلها، وإن كان الظن بالله حسناً، فوالله لو عاملنا الله بما نحن أهل ما طمعنا في شيء،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/203)
ولكن هي رحمته، وهو حلمه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمته). فما هذه العبادة التي قمت بها؟ وما هذا الموقف الذي وقفته؟ وما هذه الجمرات التي رميت؟ وما هذه الليالي التي بت في جنب نعم الله، وفي جنب منن الله، وفي جنب فضائل الله وإحسان الله بي؟ فتأتي تلك الساعة وهو يحتقر العبادة. إياك ثم إياك أن يأتي وأنت تدلي على الله بالعمل، إياك ثم إياك أن تحس من النفس غرورها، أو يلتهب في النفس شرورها، فتقول: أنت العبد الصالح، ها قد أديت فريضة الله، ها قد فعلت وها قد فعلت. لا، إنها ساعة الفراق التي يمتلئ فيها القلب ذلة لله عز وجل وطمعاً في أن يتقبل الله منك العمل. كان عبد الله بن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) صحابياً جليلاً، حتى ورد في بعض كتب السير: -كما في الحلية وغيرها- (أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة) من صلاحه رضي الله عنه وأرضاه، وكان إذا رأى عبداً يصلي ويكثر الصلاة أعتقه لوجه الله، قالوا له: إنهم يخدعونك بكثرة الصلاة. قال: من خدعنا لله انخدعنا له. هذا الصحابي الجليل حضرته الوفاة فجلس يبكي فجاءه ابنه سالم ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000275&spid=68) ، وقال: يا أبتاه! ألم تكن كذا وكذا وكذا. يذكره بما كان عليه من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يعدد فضائله التي فضله الله عز وجل بها حتى أكثر عليه، فقال رضي الله عنه: أجلسوني، ثم قال: يا بني! أتدري ممن يتقبل الله؟ http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ المائدة:27] .. ما عد نفسه شيئاً. إذا كان هذا عبد الله بن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) ، فكيف نحن نطمع بحسناتنا وصالح أقوالنا وأفعالنا؟! وما يدري العبد لعل ذنباً أصابه أوجب عليه سخطاً لا رضا بعده، ولعل كبيرةً أصابها، ولعل عبداً من عباد الله ظلمه بمظلمة لم يقبل الله عز وجل عليه بعدها؟! والأمور مردها إلى الله عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ المائدة:105]. لا أحد يدري هل قبل الله العبادة أم لم يقبلها؟! لذلك فإن الإنسان في هذه اللحظات يوصى باحتقار العمل، ولذلك قال العلماء: إن احتقار العمل من مظان القبول. إذا جاءت هذه اللحظة وصدرت عن البيت صدرت وكلك شوق وحنين أن يرحمك الله بقبول الحجة، وناديه وناديه وقل: يا رب! اقبل حجتي، واغفر ذنبي، وضع عني إصري. ادع الله دعاء المضطر ودعاء المستغيث المستجير به جل شأنه. حتى إذا انتهيت من ذلك فاسأل الله أن لا يجعله آخر العهد ببيته، بل تعود مرات ومرات. ذكر الحافظ ابن حجر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000274&spid=68) رحمه الله عن بعض السلف: أنه وقف بمزدلفة -في المشعر- وقال: والله الذي لا إله إلا هو! إن لي ثلاثين عاماً أسأل الله ألا يجعله آخر العهد بهذا الموضع، وقد استجاب الله دعوتي، وإني لأستحيي أن أسأله هذا العام. فرجع فقبضه الله عز وجل. ولذلك من طمع في أن الله عز وجل لا يجعلها آخر حجة له فإن الله كريم قد لا يخيبه في طمعه، فاجعل في نفسك حنيناً ألا يجعلها آخر العهد ببيته، وألا يجعله آخر العهد بطاعته. حتى إذا رجعت إلى الديار، وأقبلت على الأمصار عندها تذكر ما بينك وبين الله من العهود، تذكر ما بينك وبين الله من المواثيق، وقل بلسان الحال والمقال: توبة نصوح لا ذنب بعدها إن شاء الله. قال بعض العلماء: من علامة قبول الحج أن يكون العبد بعد الحج أصلح منه حالاً قبل الحج. يا عبد الله! إذا لبيت لله فاعلم أنك قد عاهدت الله على توحيده؛ فإياك أن ترجع -والعياذ بالله- بالله مشركاً، إياك بعد أن ناديته وتشرفت بالوقوف بين يديه أن تستغيث بأحد سواه، أو تستجير بمن عداه، فقد وجدته حليماً رحيماً، ووجدته جواداً كريماً، فإلى أين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/204)
تفر؟! إلى أين تعرض؟! فلذلك اجعله عهداً بينك وبين الله أن لا معاذ ولا ملاذ ولا منجى ولا ملجأ من الله إلا إلى الله، اجعله عهداً مؤكداً، واجعله عهداً موثقاً أن تكون على طاعة واستقامة إلى أن تلقى الله تبارك وتعالى. إذا كنت بالمعاصي مبتلى فخذها طريقاً إلى التوبة النصوح، خذها حجة تمنعك وتحجبك عن معاصي الله عز وجل، فقد حللت به ضيفاً، وضيف الله يستحيي من الله، فبعد أن أقدمك الله إلى هذه الديار، وتشرفت بذكر العظيم القهار، عندها ترجع عبداً صالحاً تقياً ورعاً. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى حجاً مبروراً! وسعياً مشكوراً! وذنباً مغفوراً! اللهم إنا نسألك أن تيسر لحجاج بيتك الحرام حجهم، اللهم يسر لهم حجهم! اللهم ارحم ضعفهم! اللهم ارحم غربتهم! اللهم ارحم فقرهم! اللهم ردهم إلى ديارهم سالمين غانمين رابحين! اللهم ردهم إلى ديارهم مرداً جميلاً! اللهم ردهم إلى ديارهم مرداً جميلاً! وهب لهم عملاً صالحاً مباركاً جليلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين!! اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تؤمنهم في حجهم بأمنك! اللهم أمنهم في حجهم بأمنك! اللهم أمنهم في حجهم بأمنك! اللهم الطف بهم حضراً وسفراً! اللهم الطف بهم حضراً وسفراً! اللهم ادفع عنهم الوباء! وأزل عنهم الشعث والعناء، واجعلهم في صحة وعافية، وبلغهم رضوانك يا رب العالمين! اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا ولمن له حق علينا، ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات! سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
[/ URL]
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة السابعة: حال الحاج عند إفاضته من عرفات إلى المشعر الحرام
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
ثم إلى المشعر وعند المشعر يفيضون إليه بقلوب مغسولة، مليئة بالخشوع مليئة بالإنابة والخضوع، قلوب تعظم الله تبارك وتعالى، كيف وقد حطت الخطايا، كيف وقد غسلت الرزايا. يقفون بالمشعر حتى إذا شاء الله عز وجل لهم وقضوا منسكهم فصلوا فجرهم ووقفوا موقفهم أنابوا وتضرعوا، ورفعوا الأكف إلى الله وقالوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. يحسون بهيبة المشعر وجلال ذلك الموقف، يقفون وكلهم شوق إلى رحمة الله بعد أن أفاضوا وأنابوا إلى ربهم، ولرحمته أصابوا.
( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=88880#top)
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الثامنة: حال الحاج في منى
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
ثم إلى منى، ومن منى إلى البيت العتيق: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الحج:29] في هذه الأيام المباركات .. الأيام المعدودات ذكر وشكر واستغفار وتعظيم للعظيم القهار، أيام منىً أيام الذاكرين .. أيام الشاكرين، أحسوا بأن الله أصابهم برحمته، وأصابهم بعفوه ولطفه؛ فأخذت الألسن لا تفتر عن ذكره وشكره، وحق لها والله! بعد أن أصابت رحمة الله أن تثني على الله، وكيف لا تثني عليه وقد أعطاها عطاءً هو العطاء في الدنيا؟! فليس هناك عطاء أعظم من أن يغفر الله ذنبك وأن يضع عنك وزرك، وهي المنة التي امتن الله بها على عباده، وامتن بها على خير خلقه صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين. وفي منى تلك الساعات الطيبات، تلقى فيها الوجوه مضيئة، تلقى فيها الوجوه مشرقة من آثار العبادة، تلقى فيها إخواناً لك في الإسلام والدين لم يجمعك بهم حسب ولا نسب، ولم تجمعك بهم قربى، بل لم ترهم عينك من قبل قط، ولكن ترى وجهه فتعلم أنه يشهد أن لا إله إلا الله فتحبه وتسلم عليه وتهنئه، تهنئه برحمة الله عليك وعليه. يا أحبتي في الله! أيام منى أيام جمع للمسلمين، لا يليق بالمسلم وهو يسير أمام إخوانه إلا وهو يفشي السلام بين المسلمين ويحسن إليهم بالإجلال والإكرام. إذا ضاعت أخوة الإسلام في أيام منى وأنت مع إخوانك الطيبين المباركين، الذين أصابهم الله برحمته، فأين توجد أخوة الإسلام؟! أحبتي في الله! إنها الأيام الطيبات، أيام تتلذذ فيها الأسماع بالتكبير والتحميد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/205)
أين المكبرون؟! أين الحامدون؟! أين المهللون؟! أين الذاكرون؟! ولقد كنا منذ أعوام يسيرة في الحج إذا مضينا إلى الجمرات والله ثم والله لا تفتر ألسنتنا عن ذكر الله: الله أكبر، ترتج بها أسواق منى وترتج منها خيام منى، فأين تلك الصفوة المباركة، ما بالنا قد نسينا شرعنا؟! ما بالنا نظرنا إلى هذا الحج وكأنه طقوس لا معنى لها؟! أحبتي في الله! حق لمن وقف بها، وحق لمن نزل إليها أن يرفع صوته بالتكبير إعظاماً للعلي الكبير، وشكراً للعزيز الغفور.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة السادسة: فضل يوم عرفة وحال الحاج في هذا اليوم
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
حتى إذا شاء الله عز وجل ما شاء فمضيت بين الصفا والمروة، تنتقل من معلم توحيد إلى معلم توحيد لرب العبيد، حتى إذا شاء الله لك أن تبلغ الموطن المبارك، الذي هو الحج الأكبر، إنه عرفات، وما أدراك ما يوم عرفات؟! يوم تفطرت فيه القلوب لرب البريات، ما طلعت الشمس على يوم أفضل عند الله من يوم عرفة. أخي في الله! إذا طلعت عليك الشمس ذلك اليوم فنادي النفس نداءاً صادقاً، هو يوم واحد، وقد كان من لطف الله وتيسيره أن جعل الموقف بعد الزوال سويعات، فاحتسب عند الله تبارك وتعالى فيها بالدعوات، وادخل إلى عرفات بقلب منكسر لرب البريات، وأصب من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ما بين لك. حتى إذا انتهيت من صلاتك، وسمعت المواعظ التي ينبغي لكل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يترسم نهجها، وأن يسير على سبيلها، حتى إذا قضيت ذلك كله سرت إلى الموقف، سرت بذلك القلب المنكسر إلى الله تبارك وتعالى، سرت وأنت تتذكر ذنوباً بينك وبين الله، والعبد يسير إلى الموقف بخطىً ثقيلة؛ حينما يتذكر الذنوب فيما بينه وبين الله، يسير وهو منكسر إلى العلي الكبير، يسير وهو يحس من نفسه أن الذنوب تؤرقه، وأن الخطايا تحطه وتهده. حتى إذا صار إلى موقفه ووقف بين يدي الله تبارك وتعالى نسي الدنيا وما فيها، وأقبل على الله يناجيه ويناديه، بين لوعتين: لوعة الماضي، ولوعة المستقبل؛ أما الماضي فبينه وبين الله حدود طالما جاوزها، ومحارم طالما أصابها، وبينه وبين الله حدود لعباده أصابها، وحقوق لخلقه ضيعها، فإذا صار العبد إلى ذلك الموقف، يصير بذلك القلب الخاشع الذليل، ويا لله ما أعظمه من موقف! لو أن الإنسان استشعر تلك الساعة المباركة، التي يدنو الله عز وجل فيها دنواً يليق بجلاله وعظمته لأهل الموقف، ويقول لملائكته: (ما أراد هؤلاء؟) يقول بعض العلماء: استفهام إجلال وإعظام وإكبار، أي: أي شيء أراد هؤلاء؟ يدل على أن الله سينزل عليهم من رحمته ورضوانه بما لم يخطر على بال، (ماذا أراد هؤلاء؟) أينسى الله تبارك وتعالى؟! http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ مريم:64]. تلك الخطى التي قدمت بها عليه، أينسى إذ تغبر الخطى إليه؟ أينسى الشعث الذي تقربت به إليه؟ حتى إن الإمام أحمد ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=88880#top) رحمه الله سئل: هل ينظر الحاج في المرآة؟ قال: إن كان ينظر من أجل إصلاح شعره فلا؛ حتى لا يذهب شعثه. يقول بعض العلماء: إن الله تعالى يباهي بشعث الإنسان وغبره، ولذلك استحب العلماء إذا كان الإنسان له إزاراً فاتسخ أو أصابه شيء من القذر أن يقف به، حتى يكون أبلغ في الذلة لله عز وجل، حتى يكون أبلغ في التجرد من الدنيا، حتى يكون أبلغ في أنه يحس بالآخرة، وأنه والله ما قدم لكي يتعالى على عباد الله؛ ولكن ليذل لله حق والله للعبد أن يتذلل له سبحانه، وحق له أن ينكسر لربه تبارك وتعالى. تبارك الله وجل الله فهو أعظم ما فاهت به الأفواه! سبحان من ذلت له الأشراف أكرم من يرجى ومن يخاف وإذا لم يذل العبد لربه فلمن يذل؟! ثم ارم بطرفك إلى هذه الأمم التي اجتمعت على عرفات، ذابت أنسابهم، وذهبت أحسابهم، وأصبحوا لا تستطيع أن تفرق بين الغني والفقير، لا تستطيع أن تميز بين الجليل والحقير، أكف إلى الله رافعة، وعيون من خشيته دامعة، وقلوب وأفئدة لجلاله منكسرة، كم فيها من مظاهر تراهم وكأنهم على صفة رجل واحد، ولكن بين بعضهم بعضاً من الفضل والدرجات كما بين السماء والأرض، بماذا؟ بالقلوب. وقفوا في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/206)
تلك المواقف، وقلوبهم متباينة في الإجلال والإعظام والانكسار، والذكر للعليم القهار؛ لذلك يوم عرفة يوم مشهود، هذا اليوم يذكر بالموقف بين يدي الله عز وجل، ولذلك إذا وقف العبد بعرفات، ونظر إلى تلك البريات، ونظر إلى تلك الأصوات والصيحات، فسبحان من علم لغاتها! وسبحان من ميز ألفاظها! وسبحان من قضى حوائجها! لا يخفى عليه صوت، ولا تعجزه حاجة، أحد فرد صمد، لا يعييه سؤال سائل! لذلك أحبتي في الله! النظر في حال يوم عرفة يذكر بالله تبارك وتعالى. كان الناس مع الخليفة سليمان بن عبد الملك ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000239&spid=68) فجاءت صاعقة وهم وقوف بعرفة، ففزع الناس فزعاً شديداً، وفزع الخليفة سليمان ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000239&spid=68) رحمه الله فزعاً شديداً من تلك الصاعقة، فقال له عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000005&spid=68) : يا أمير المؤمنين! هذه بين يدي رحمته؛ فكيف بالتي بين يدي عذابه؟! إذا كان هذا والناس وقوف بين يدي الله يرجون رحمته؛ فكيف إذا وقفوا بعرصات يوم القيامة؟! وكما ثبت في الخبر يقول: (لقد غضب الله في هذا اليوم غضباً لم يغضب قبله قط ولم يغضب مثله قط)، وهذا يدل على عظم الموقف بين يدي الله تبارك وتعالى. اللهم سلمنا في ذلك الموقف! اللهم سلمنا فيه بعظمتك يا عظيم! ورحمتك يا رحيم! أحبتي في الله! يوم عرفة وما يوم عرفة! كل من حولك يحرك وجدانه، كل من حولك يحرك إحساسه، إن كان القلب قاسياً فإنه يصير خاشعاً، تسمع هذا يبكي وهذا يشتكي، وهذا يشجي، فتقول: سبحان الله! من لهذه الحاجات سوى الله؟ من لهذه الدعوات غير الله؟ جاءوا إليه من بلاد بعيدة، وقطعوها في أزمنة مديدة، جاءوا بهموم لا يفرجها سواه، وكربات لا ينفسها أحد عداه، جاءوا وكلهم يقين في أنه ليس لحاجتهم أحد غيره؛ وحق لهم ذلك. أحبتي في الله! وما هي إلا لحظات حتى يشاء الله عز وجل للعبد، فينقضي موقفه، وتغيب عليه شمسه، ويأذن الله لأهل ذلك الموقف بالانصراف. وتأتي تلك الساعة العصيبة، والله إنها لمن أمر الساعات في الحج، وأعظم ساعة يتألم الإنسان فيها أثناء الحج، إنها ساعة الانصراف من عرفة، لا يدري هل الله عز وجل قبل دعوته أم لم يقبلها؟! لا يدري هل أجاب الله سؤاله أم لم يجبه؟! لا يدري أمرحوم أم محروم؟! لا يدري أيعطيه أم يحرمه؟! فلذلك يبلغ بالإنسان من الشجن والأسى ما لا يعلمه إلا الله، فهو يقول: أأفيض ربي؟! فهل أنت راضٍ عني، أم لست راضياً عني؟! يناديه بقلب متقطع منفطر، رباه! إن لم ترض عني قبل هذا الموقف فارضَ عني قبل أن أفارق موقفي، يناديه بحسرة، يناديه بقلب متقطع يرجو رحمة الله؛ حتى لا يكون محروماً من عفو الله وفضل الله. أحبتي في الله! تلك ساعة مؤلمة، ساعة تهز وجدان المؤمن، حينما يتذكر أنه ينصرف من ذلك الموقف، ولذلك كان بعض السلف إذا حضرت ساعة النفرة من عرفة والدفع منها يشتد بكاؤه، ويعظم تضرعه إلى الله تبارك وتعالى، وقال بعضهم: والله! لو نادى منادي الله في أهل هذا الموقف: قد غفرت لكم إلا واحداً لعددت نفسي ذلك الرجل. أخي في الله! حتى إذا سرت بين الشعاب وسرت بين تلك الوهاد، فلا إله إلا الله كم يسير عليها عبد غفرت ذنوبه فهو كيوم ولدته أمه! لا إله إلا الله يدفعون من عرفات، دخلوها مثقلين، ليخرجوا منها من الذنوب والخطايا مغسولين! ما أعظمه من موقف، لا إله إلا الله! يسيرون بين تلك الشعاب، يسيرون بين تلك الأودية كيوم ولدتهم أمهاتهم، ما نظر الله إلى سيئات مضت ولا عاملهم بها. فيا لله! كم دعوة كتب لصاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبداً! ويا لله! كم دعوة كتب لصاحبها رحمة لا يعذب بعدها أبداً! يسيرون بين تلك الشعاب العزيزة عند الله، بقلوب مليئة بإجلال الله، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، يحسون معناها، ويتلذذون حلاوتها، ويصيبون فضلها وبغيتها.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الأولى: تذكر فراق الدنيا عند وداع الأهل والأحباب
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/207)
لذلك أحبتي في الله نسير مع هذه الركاب، وننتقل مع هذه الرحلة مرحلة مرحلة، لماذا عز عند الله شأنهم وارتفع عند الله قدرهم؟ لأن الحاج إلى بيت الله في جهاد وجلاد، من أول لحظة تدخل فيها تلك الكلمة التي تدعوه إلى الإقبال إلى بيت الله يعيش الصراع، هل أحج هذا العام أم أرجئ إلى الأعوام القادمة؟ يعيش أول ما يعيش في صراع مع نفس متخاذلة عن طاعة الله متثابطة، يصارعها .. يجالدها .. يجاهدها، ثم مع الزوجات، ثم مع الأبناء والبنات، ثم مع الأموال والتجارات، أأحج أم لا أحج؟ أأنتظر أم أبادر .. ؟ حتى يشاء الله عز وجل أن يختاره في الركاب. فإذا عقدت النفس النية، وعقد القلب العزم على المسير إلى الله، والانتقال إلى رياض رحمة الله، إلى البيت العتيق، حتى إذا صدق عزمه وقوي يقينه؛ عندها تكون أول وقفة لنا مع الحاج إلى بيت الله الحرام. إذا عقدت الحج إلى بيت الله الحرام كانت أول وقفة حينما تشد الرحال، وتعزم على المسير إلى الكبير المتعال. فتقف على الباب لكي تنظر إلى الابن والبنت، لكي تنظر إلى الأخ والأخت، لكي تنظر بدمعة تسح على الخد لفراقهم، حتى إذا أصابت سويداء قلبك تلك الحسرة على فراقهم، إذا بنداء من الأعماق يذكرك بيوم عظيم، يذكرك بساعة للفراق وأي ساعة فراق! تناديك نفسك: يا عبد الله! اليوم تودعهم، وأنت قادر على الوداع بكلمات رقيقات؛ فكيف إذا انقطع الأثر وخسف البصر ونفذ القدر. كيف بك إذا أصبحت أسيراً للمسير إلى الله؟ فلذلك تتحرك في النفس ذكر الآخرة، تتحرك في سويداء القلب تلك العظة البالغة، اليوم تودعهم وغداً يودعونك، واليوم تنظر إليهم وغداً ينظرونك، اليوم تبادلهم الكلمات فمن لك إذا انقطع لسانك، ووجل جنانك، ولم تستطع أن تبيح بما في النفس من حسراتها. فهذه أول وقفة، ومن هذه الوقفة إلى ختام الحج تنتقل من مرحلة إلى مرحلة تذكر بالآخرة؛ فتجيش في النفس عبرتها؛ وتحرك في القلوب خشوعها.
( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=88880#top)
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الثانية: العظات والعبر التي يستفيدها الحاج من لبس الإحرام
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
أما الوقفة الثانية: فبعد لحظات يسيرة فارقت الأهل والإخوان، وودعت الأحباب والخلان، فإذا بأوامر الشرع تأتيك عند الميقات، انزع ثيابك، وتجرد عن مخيطك، واغتسل لحجك وعمرتك؛ فاستجبت ولبيت، وقلت: سمعاً وطاعة. فغسلت واغتسلت وأزلت عنك الثياب. وما إن رفعت الثوب عن الجسد حتى تحركت في النفس أشجانها، وانبعثت في القلوب أحزانها، اليوم أزيل لباسي بنفسي، فكيف بغدٍ إذا أزيل عني لباسي؟! اليوم أرفع ثوبي بنفسي وأجرد عني المخيط، فكيف بي غداً إذا جردت من الثياب، وولجت من ذلك الباب مصيراً إلى رب الأرباب؟! اليوم أغسل نفسي، فكيف بي غداً إذ يغسلونني؟! وكيف بي إذ يكفنونني؟! وما هي إلا لحظات حتى تلبس الإزار وتنزع المخيط، وتنخرط مع تلك الجماعات؛ تلبية .. توحيداً .. تكبيراً .. تمجيداً، لا إله إلا الله! ما أعزها من خُطىً عند الله، وما أكرمها من وفود على الله، منذ أن تجردت من لباسك وأصبحت في عداد المحرمين، كأن هيئتك تقول لك: الآن أصبحت مع المحرمين، وغداً ستصير في عداد المغتربين. كما أن صاحب الإحرام تحظر عليه محظورات الإحرام، فلا طيب ولا متعة من الأمور المرفهة، كذلك إذا أوسد في لحده وأودع في قبره، فكأنه في المرحلة الثانية بعد لبس إزاره وردائه، فالله أكبر! ما أجلها من عظات، والله أكبر! ما أعظمها من آيات، دلت وشهدت بوحدانية رب البريات، فسارت الخطى على تلك الأرض، التي والله ما رفعت قدماً ولا حططت أخرى إلا سطرت في ديوانك، ولقيت بها رباً يبيض بها الوجوه إذا لقيه أصحابها.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الثالثة: العظات والعبر التي يستفيدها الحاج حين يتوجه إلى بيت الله
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/208)
حين تسير مع الوافدين في عداد المسافرين، وكأن سفر الحج يذكرك بالسفر الطويل، يذكرك بالمسير إلى العظيم الجليل، سرت معهم فرأيت عبراً لا تنسى، وآيات عظيمة جل من وضعها وعلا، تسير في الركاب فترى في السفر عجباً وأي عجب! تسير مع الأصحاب والأحباب وترى إن نظرت أمامك إلى قفار ووهاد، إلى أشجار وثمار، إلى جبال وأنهار، تذكر بالواحد العظيم القهار. ما تقدمت ولا خطوت إلا وكان في قلبك أثر يذكرك بأن لا إله إلا الله، إنه كون مليء بالعبر، وعبادة تهز كيانك حتى تكون من المعتبرين، فسرت مع الراحلين وسرت مع المغتربين، وما هي إلا أيام حتى وطئت دار السلام.
( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=88880#top)
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الرابعة: ما ينبغي على الحاج حين وصوله إلى بيت الله
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
أخي في الله! تصدع بشكر الله والثناء على الله، فكم من وفود تمنت! وكم من قلوب حنت لكي تدخل البيت الحرام! كم من عيون تمنى أصحابها رؤية البيت الحرام! وكم من أجساد وأرواح طمعت أن تطوف ببيت الله! اخترمتها البحار، والتقمتها القفار، وصارت إلى العزيز القهار، والله تفضل فاختارك من بين العباد حاجاً وافداً، فما أجلها من نعمة وما أعظمها من منة! حتى إذا وطئت بيت الله وطئته وأنت تجل نعمة الله، وتعظم منحة الله، وطئت البيت الحرام وكلك إجلال وإعظام للملك العلام. أي بيت؟! أي مكان؟! أي بلد؟! أي منزل؟! إنه البلد الذي اختاره الله من بين البلاد، صحيح أنه ليس فيه أنهار ولا أشجار ولا فتن من الدنيا بادية، ولكن فيه الروح والريحان، فيه الرضا والغفران، فيه الصفح والإحسان، فيا لله! ما أعظمها من منازل! عظمها الله ورفع شأنها الله، ما أعظمها من منازل! لو أذن لتلك البقاع أن تتحدث، لو أذن لتلك المواضع أن تنطق، فكم عليها من دعوات أجيبت! وكم عليها من هموم فرجت! وكم عليها من أمور نفست،! إنها منازل الله، ومحط رحمة الله، حتى إذا وطئتها وطئتها بقلب يعظمها: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الحج:32]. يا عبد الله! إذا نزلت إلى بيت الله فادخله لله منكسراً، ومن هيبته خاشعاً، ادخله بذلة لله، ادخله بالسكينة والوقار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح في يوم أعز الله فيه أهل دينه، دخل صلوات الله وسلامه عليه مطأطئاً رأسه ذلة لله، حتى إن لحيته تكاد تمس رحل دابته صلوات الله وسلامه عليه؛ ذلة وتواضع لله عز وجل، منازل لا ترفع فيها الرءوس خشية لله، ولا يظهر الإنسان فيها إلا الفاقة والحاجة إلى الله، فيها بيت توجهت إليه القلوب والقوالب، من الصفا، والمروة، ومنى، ومزدلفة، وعرفات، وأي عرفات! منازل مباركات، منازل عند الله جليلة، وأماكن عند الله عظيمة! لذلك أحبتي في الله! إذا دخل الحاج إلى تلك المواطن دخلها بقلب يعظم الله، دخلها وكله ثناء على الله إذ بلغها، وأما إجلالها فكله شوق وطمع في الله أن يرزقه الأدب في جوار بيته المحرم، فما أسعده من عبد رزقه الله عز وجل عفة السمع والبصر! وما أسعده من عبد رزقه الله عز وجل الأدب معه، والأدب مع خلقه، في جوار كعبته وبيته! وما هي إلا لحظات حتى يرى العبد بيت رب البريات، وعندها يخشع القلب لله، ويذل لله تبارك وتعالى، ويبتدئ في طوافه، وينتهي من مطافه حتى يرقى الصفا.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الوقفة الخامسة: أن يتذكر الحاج حال النبي عند ما قى الصفا
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/209)
لقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فلما رقاها قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). لماذا هلل؟ هلل لأنه بالأمس القريب كان يقف على الصفا يقول لهم -منذراً ومحذراً ومبيناً-: (سلوني من مالي ما شئتم، لا أغني عنكم من الله شيئاً، فقال له أبو لهب: تباً لك! ألهذا جمعتنا؟!) فبالأمس يكذب وبالأمس يهان وعلى هذا المكان، ويشاء الله عز وجل يوم حجة الوداع أن تأتي مائة ألف نفس تأتمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رقى الصفا تذكر عندما كان يهان بجوار البيت، فكان أول ما لفظ به توحيد الله، فقال: (لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده) تذكر نعمة الله عز وجل، وهذا هو شأن الأخيار، شأن الصفوة الأبرار، إذا أصابهم الله بنعمته، وتفضل عليهم بمنته؛ أجلَّوا الله عز وجل حق إجلاله؛ وعظموه حق إعظامه.
[ URL="http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=88880#top"] (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=88880#top)
الأسئلة
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
......
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
نصيحة لأهل البلاء بأن لا يقنطوا من رحمة الله
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: إنني أعيش في حزن وهم وغم بما أعانيه من مرض قد أصابني كم تمنيت الموت! تمر اللحظة تلو اللحظة وأتمنى الموت في اللحظة الأولى قبل الثانية، والشيطان يوسوس لي ويقول لي: افعل كذا كأنه يقول: هل أقتل نفسي أم ماذا أفعل؟ وهل من نصيحة تعيد لي الأمل في الله سبحانه وتعالى؟ الجواب: أخي في الله! لمن هذا الكون؟ لمن الأمر كله؟ الأمر كله لله، أنزل بك البلاء وهو أرحم بك من أمك التي ولدتك، أرحم بالخلق منهم بأنفسهم، والله لو علمت رحمة الله تباك وتعالى لامتلأ قلبك رجاءً فيما عند الله عز وجل. أخي! هذا بلاء أنزله الله بك، وأنت مسلم تؤمن بالله واليوم الآخر، ولذلك ليس البلاء أن يصاب المؤمن؛ ولكن البلاء كل البلاء للكافر الذي إذا أصابه البلاء لا يدري أين يذهب، ولا يدري إلى أين يشتكي، هذه الآلام التي تحصل للبعض إنما تكون مؤلمة حقيقة لأهل الكفر الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، لا يدري أين ربه والعياذ بالله! لا يدري أين يذهب! حائر، ولكن المؤمن الصادق في إيمانه يعرف أين يذهب، يعرف من ينادي. لقد بلغ الضر بنبي الله أيوب مبلغه فنادى ربه نداءً صادقا؛ فجاءته رحمة الله http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الأنبياء:83 - 84]. يقول بعض العلماء: من رحمة الله بعباده أن المبتلى إذا صدع بالدعاء وكان صادقاً فإنه لا يفرج كربه فقط، بل يفرج كربته وزيادة، ولذلك قال تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الأنبياء:84] ما معنى: ذكرى للعابدين؟ معناه: إذا عبدت الله ودعوته بدعاء صادقٍ، فإن الله عز وجل يستجيب لك كما استجاب لأيوب. ناده وقل: يا من لك الرحمة التي رحمت بها أيوب! ارحمني، يا من أنت الحليم بخلقك والرحيم بعبادك! أصابني وأصابني، وناد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وأذكر أن بعض الناس أصيب بشيء قريب من هذا، لقد عاش حياة مؤلمة، وشاء الله عز وجل يوم من الأيام أن جاء فاشتكى، فقلت له: يا أخي! الأمر يسير. يقول لي: هل تعرف طبيباً نفسياً يداوي؟ هل تعرف رجلاً يداوي بالقرآن؟ قلت له: لا، أعرف لك من إذا جئته لم تخب في مجيئه، وإن دعوته لم تخب في دعائه. قال: من؟ قلت: الله. قال: سبحان الله! قلت له: لو قلت لك: زيد أو عمرو أو فلان لرفعت رأسك، ولو قلنا: الطبيب الفلاني، ولو قلنا: فلان وفلان، لقلت: أين؟ من يعرفه؟ كيف السبيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/210)
إليه؟ فكيف برب الأرباب؟! يا هذا! دعوة الأسحار وما أدراك ما دعوة الأسحار! إذا رفعت إلى العظيم القهار من قلوب تجله، وهو العزيز الغفار، دعوة، وأنت واقف أمام الله عز وجل تناديه بصدق، وتشتكي إلى الله عز وجل. وشخص ثانٍ كان مبتلى بوساوس لا يقر قراره فيها، وشاء الله عز وجل أن يجلس مع بعض أهل العلم، فقوى فيه عقيدته بالله، يقول: فمضيت لأعتمر ودعوت واستجرت بالله عز وجل، والله إني لواقف أدعو وأستغيث بالله في صلاتي بعد انتهائي من طوافي، يقول: والله ما انتهيت من صلاتي حتى وانتهى عني كل شيء. من بيده الأمر كله؟ http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ المؤمنون:88] ولكن ضعف يقيننا بالله .. ضعف إيماننا بالله، لم نعرف من هو الله، لم نعرف من هو الذي بيده ملكوت كل شيء، يعلم أنَّاتك، ولا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الإسراء:44] ونحن ما قدرنا الله حق قدره. الانتحار وقتل النفس هذا لأقوام لا يؤمنون بالله .. أقوام ضائعين .. أقوام تائهين، أما المؤمن الصادق فإنه يتلذذ بالبلاء أشد من تلذذه بالعافية، والله تعالى يقول عن أيوب: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ ص:44]. وأذكر أن الوالد رحمة الله عليه -وأقولها عن الوالد؛ لأنني قد أقولها عن شخص فيظن أنها قصة خيالية- بلي بمرض الحساسية، وتورم عليه جلده، والله مكث ثلاث سنوات ونحن لا ندري أنه مريض، حتى تقرح جسمه رحمة الله عليه. البعض يتلذذ بالبلاء لماذا؟ لأن حسنات وأجور البلاء لا يعلمها إلا الله عز وجل، وإذا وقفت في عرصات يوم القيامة، وثقل ميزانك بهذا الهم والغم، وعظم عند الله أجرك تمنيت والله أن حياتك كلها بلاء: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الزمر:10] وبغير حساب من الله ليست بالهينة! فهو شيء لا يخطر على بال. فذلك أخي في الله! أدعوك إلى ربك، أدعوك أن تلوذ بخالقك، أدعوك أن تستجير بمن بيده حياتك وموتك، وبيده غناك وفقرك، وبيده عذابك ورحمتك، ناده واشتك إليه واستجر به، واسأله إحدى الحسنيين؛ إما أن يثبت قلبك ويصبرك على البلاء حتى تصيب من الله رضواناً، ورحمة وغفراناً؛ وإما أن يزيل عنك البلاء بالكلية. ولذلك المرأة التي كانت تتكشف كانت مبتلاة في عقلها، (جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله! ادع الله أن يشفيني أو يعافيني. قال: إن شئت صبرت ولكي الجنة، وإن شئت دعوت لك. قالت: أصبر؛ ولكن ادع الله لي ألا أتكشف) رضي الله عنه وأرضاها؛ ولذلك كانت مبشرة بالجنة وهي تمشي على وجه الأرض. يا أخي! ما يدريك ما في هذا البلاء؟! أخي! لو أن والدتك علمت بما بك؛ تألمت وتأوهت؛ وأحست بمرارة العيش من ألمك، حتى إن بعض قرابة المريض يتألم أكثر من المريض، والله لألم والدتك ورحمة والدتك بك لا تساوي مثقال ذرة من رحمة الله بك، هو يعلم أنك مبتلى، ويعلم أنك تقاسي وتعاني، ولكن يختبر صبرك، يختبر ثباتك؛ ولذلك اثبت وداوم على ذكر الله، وكن مع الله، وكن في راحة وطمأنينة وانشراح صدر مع الله، فوالله ما خاب عبد قرع باب الله. اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت أن تفرج عن هذا العبد كربه، وأن تثبت قلبه، وأن تزيل حسرته، إنك ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/211)
السؤال: وماذا عن صيام يوم عرفة؟ الجواب: أما صيام يوم عرفة فقد سئل عنه من هو أفضل منا صلوات الله وسلامه عليه فقال: (أحتسب عند الله أن يكفر السنة الماضية والباقية) فصيام يوم عرفة مسنون وله فضل، لكن لغير الحاج، أما الحاج فيسن له أن يفطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر، وقد جاء بها حنيفية سمحاء لا حرج فيها ولا مشقة ولا عنت، فأفطر صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن الفطر يقوي على الذكر الذي هو المقصود من يوم عرفة، والصيام منفك، فتقدم العبادة المتصلة على العبادة المنفصلة، ولذلك لم يشرع للمقاتل إذا كان في وجه العدو أن يكون صائماً؛ لأنه بالصيام يضعف عن البلاء المقصود من قتاله. وهكذا بالنسبة لمن وقف في يوم عرفة، فإن مقصوده ذكر الله، فينبغي أن يتقوى وأن يأخذ بالأسباب التي تقويه على ذلك. أما بالنسبة لموافقته يوم الجمعة: فالذي يظهر والذي يستحب للإنسان أن يصوم الخميس والجمعة، وأما السبت فيوم عيد ولا يصام، وقد اجتمع فيه النهي عنه على الانفراد، وكذلك أيضاً كونه يوم عيد، فلذلك يسن للإنسان أن يصوم يوم الخميس والجمعة. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم تغطية الوجه للمحرمة وكشف شعرها أمام محارمها
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل غطاء الرأس بالنسبة للمرأة طول الوقت يكون عليها حتى في الخيمة وهي بعيدة عن الرجال؟ وإذا أزالت الغطاء هل يفسد الإحرام، وكذلك حكم تغطية الوجه بالنسبة للمحرمة؟ الجواب: المرأة يشرع لها أن تغطي وجهها ورأسها إذا رأت الأجانب أو إذا كان هناك أجانب، أو كانت بين الأجانب، للحديث الصحيح عن أسماء ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000246&spid=68) رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: (فإذا مر بنا الركب سدلت إحدانا خمارها) فدل هذا على مشروعية سدل المرأة لخمارها عند مرور الرجال الأجانب، وأما إذا كانت بين محارمها، أو كانت في خيمتها، أو كانت بمعزل عن رؤية الغير لها؛ فإنه يجب عليها كشفها لوجهها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ضمناً، كما في حديث ابن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) رضي الله عنهما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فنهاها عن سترها لوجهها. وأما بالنسبة لقولك: هل تكشف؟ نعم، القاعدة تقول: (ما أبيح للحاجة يقدر بقدرها)، فهي في الأصل يمنع عليها السدل، لكن لمكان الحاجة شرع لها السدل. والقاعدة: إن ما شرع لحاجة يبطل بزوالها، فإذا لم يوجد الأجانب فإنه قد زالت الحاجة؛ فيجب عليها الرجوع إلى الأصل. أما بالنسبة لشعر الرأس فإن المرأة تغطي شعرها وجوباً إذا كانت بين الرجال الأجانب، وأما بالنسبة لمحارمها فإنه يجوز لهم النظر إلى شعرها، ولكن كره بعض العلماء ذلك من السلف وقال: أخشى على محرمها الفتنة. ولذلك من ناحية الأصل لا يجب عليها كشف شعرها، شعر الرأس لا يجب كشفه في الإحرام، الإحرام للمرأة في الوجه والكفين، لحديث ابن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) الذي سبقت الإشارة إليه، وأما الرأس فإنها تغطيه، وهذا مما يختلف فيه الرجل والمرأة. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
اندراج طواف الوداع في طواف الإفاضة
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل يجوز الجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع، وكيف تكون الصفة في ذلك؟ الجواب: نعم إذا أخر الحاج طواف الإفاضة، أو كان عند المرأة عذر الحيض فلم تطف طواف الإفاضة، وطهرت ثم أرادت أن تجمع بين طواف الوداع والإفاضة جاز لها؛ لأن المقصود من طواف الوداع أن يكون آخر العهد بالبيت طوافاً، وهذا يتحقق بطواف الإفاضة، فينوي طواف الإفاضة أصلاً وطواف الوداع اندراجاً، ينويه تحت طواف الإفاضة، فإذا نوى ذلك أجزأه، وسقط عنه طواف الوداع. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
فضل عشر ذي الحجة وأحكامها
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/212)
السؤال: فضيلة الشيخ! لو تحدثت عن العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وعن فضلها والعمل فيها، وجزاكم الله خيراً؟ الجواب: أما عشر من ذي الحجة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بشيء من ذلك). فدل هذا على فضل هذه الأيام المباركات، يغتنمها الإنسان في ذكر الله وطاعة الله، ويستكثر فيها من خصال الخير، وإن صامها فحسن صيامها، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح) والعمل الصالح يشمل الصيام، بل إن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة وأحبها إلى الله تبارك وتعالى؛ لما فيه من عبادة الصبر؛ ولما فيه -أيضاً- من كسر شهوة النفس ... إلى غير ذلك من فضائله. وأما أحكام هذه العشر: فيسن فيها التكبير، قال تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الحج:28] قالوا: هي عشر من ذي الحجة، وهو: التكبير المطلق، يكبر الإنسان سواءً كان تكبيره شفعاً أو وتراً: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد. وإن شفع فلا حرج عليه، وقد كان السالف الصالح يحيون التكبير، فهذا عبد الله بن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) رضي الله عنهما كان يغدو إلى السوق وليس له حاجة في السوق فيكبر، فيكبر أهل السوق بتكبيره؛ إحياءً لهذه السنة. فينبغي للإنسان أن يحرص على إحيائها، وأن يرفع صوته إحياءً لهذه الشعيرة؛ علّ الله أن يرفعه، فما رفع عبد شعيرة إلا رفعه الله عز وجل بها. ومن أحيا سنة أحياه الله كما أحياها، فلذلك ينبغي إحياء هذه السنن، والحرص عليها والدلالة عليها، وقد كان الناس إلى عهد قريب يكثرون من ذكر الله في هذه العشر لفضلها. قال بعض العلماء في قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ الفجر:1 - 2] قالوا: هي عشر من ذي الحجة؛ لأن الله أقسم بها للدلالة على فضلها وشرفها، فهذا يدل على فضلها. أما أحكامها: فإن الإنسان إذا نوى الأضحية في عشر من ذي الحجة فإنه لا يمس شعراً ولا يقلم ظفراً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسن شيئاً من شعره). والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
اختلاف العلماء في المراد بالحج الأكبر
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: ما المراد بالحج الأكبر الوارد في كتاب الله؟ ولماذا سمي بالحج الأكبر؟ الجواب: قيل: هو يوم عرفة، وقيل: يوم النحر. وقول بعض العلماء أن يوم النحر هو الحج الأكبر؛ لأنه يجتمع فيه طواف الإفاضة وكذلك تجتمع فيه الشعائر من رمي الجمار وحلق الرأس والتحلل. وأما يوم عرفة فلأن عرفة هي الحج، ولكن القول الثاني قواه بعض العلماء لاجتماع الفضائل التي لا توجد في غيره. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
معنى التشريق
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: ما معنى كلمة: التشريق، المذكورة في أيام التشريق؟ الجواب: هذا من تشريق اللحم، لكن الثلاجات أضاعت التشريق، كانوا يشرقون اللحم يقطعونه ويعرضونه للشمس.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
عدم وجوب الحج على المديون وإن حج فحجه صحيح
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/213)
السؤال: إنني رجل عليَّ ديون كثيرة لا أستطيع سدادها، وإنني أملك سيارة كبيرة وأرغب في الحج والعمل بالسيارة، فهل يصح لي الحج وأنا مديون، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟ الجواب: أما بالنسبة للشخص المديون فإن الأصل فيه أن يقضي دينه، ولا يجب الحج على المديون حتى يؤدي دينه؛ لأنه مطالب بقضاء حقوق عباد الله، وبعد أداء الحقوق يتوجه إليه الخطاب بالحج، فإذا كانت عليه ديون؛ فإنه غير مستطيع للحج، فلا يجب عليك الحج، لكن لو استأذنت صاحب الدين فأذن لك فحججت صح حجك وأجزأك، ولا حرج عليك؛ لأنك استأذنت. وأما إذا كان الإنسان لم يستأذن فإن حجه أيضاً صحيح، ومسألتك التي ذكرتها من كونك ذاهب إلى مكة من أجل التجارة فيها وجه للترخيص؛ لأن ذهابك من أجل التجارة معونة على قضاء الدين، وليس المقصود الحج بأصله، فلذلك لما كان ذهابك متعيناً وأردت أن تصيب الأمرين -الحج والحاجة- فلا حرج عليك، وقد ورد الشرع بالإذن في ذلك، قال تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ البقرة:198]. ولذلك ورد في الحديث أنها نزلت في قوم يحجون بنية التجارة، أي: جمعوا بين نية الحج والتجارة، على أن الحج أصل والتجارة تبع. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
تقديم طواف الوداع عن الرمي مخالف للسنة
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل يجوز أن يخرج الحاج من منى قبل الظهر ويطوف طواف الوداع، ثم يعود إلى منى ويرمي، ثم يخرج إلى بلده؟ الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فإن السنة المطلوبة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها بطواف الوداع، أن يكون آخر العهد بالبيت طوافاً، فإذا طاف الإنسان طواف الوداع ورجع إلى منى لم يكن آخر عهده بالبيت طوافاً، ومن ثم فإنه ينبغي له أن يؤخر الطواف إلى ما بعد الرمي، وهذا قد يرخص فيه البعض من المتأخرين؛ ولكن لا أحفظ دليلاً يدل عليه، بل ظاهر حديث عائشة ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000216&spid=68) في الصحيح وغيره؛ أنها قالت: (كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات، فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت طوافاً) وهذا يدل على تعين المصير إلى البيت. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم تأخير طواف الوداع إلى ما بعد الخروج إلى جدة ومن ثم العودة إلى مكة
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل يصح لأهل جدة أن يؤخروا طواف الوداع إلى بعد النزول من الحج بيوم أو يومين -يقصد النزول إلى جدة- حيث يقول: إنني سمعت بعض العلماء يقول: يصح لأهل جدة أن يؤخروا طواف الوداع أي: قبل نهاية شهر ذي الحجة؟ الجواب: طواف الوداع يشرع للحاج إذا صدر عن البيت، فلو صدر بعد اليوم واليومين كما ورد في السؤال فلا حرج عليه، سواء كان من أهل جدة أو من غيرهم، بل لو أنه تأخر صدوره إلى آخر شهر ذي الحجة فإنه يطوف طواف الوداع عند صدوره. أما في مسألة النزول فالسائل لم يبين أنه نزول إلى جدة أو غيرها، فنقول: المسألة فيها تفصيل: فإن كان نزولهم إلى مكة يبقون حتى يعقدوا العزم على الذهاب إلى بلدهم وهو جدة، فيطوفون إذا صدروا، وإما إذا كان نزولهم إلى جدة ورجوعهم بعد ذلك إلى مكة لطواف الوداع، فهذا محل نظر؛ لأن النص عام شامل لمن جاور البيت ومن كان بعيداً عن البيت، وتخصيصه بالاجتهاد محل نظر، ولذلك الذي يظهر من ظاهر النص أنه يطوف عند صدوره وانتهائه من حجه، لا يؤخر ذلك إلى نزلة أخرى أو ذهاب آخر. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
وجوب الإحرام لمن مر بميقات غير ميقاته إن نوى الحج
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/214)
السؤال: رجل يريد أن يحج من جدة، ولكنه قبل الحج يريد أن يذهب إلى أبها لزيارة بعض الأقارب في شهر ذي الحجة، ويعود إلى جدة ليحرم منها، هل هذا يصح، علماً بأنه قد ارتبط مع جماعة للحج من هنا، فعليه أن يعود إلى جدة؟ الجواب: من خرج إلى أبها أو خرج إلى موضع غير جدة قاصداً زيارة رحم أو غير ذلك، ثم قدم وفي نيته الحج؛ فإنه يجب عليه أن يحرم من ميقات يلملم لماذا؟ لأنه يمر بالميقات ناوياً الحج بذلك السفر، صحيح أنه سيمر بجدة، ولكنه يمرها متوقفاً، وهذا السفر إلى جدة ليس أصالة، والمقصود أصالة: أن ينزع منها إلى مكة؛ فلذلك يجب عليه أن يحرم من ميقات أهل أبها، وذلك لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المواقيت: (هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة). صحيح أنك من أهل جدة، ولكن لما مررت بميقات أبها وما جاورها -وهو يلملم- فإنك أخذت حكم أهلها. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
جواز الإتيان بعمرة التمتع يوم التروية
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل يجوز أن آتي بعمرة التمتع يوم الثامن من ذي الحجة؟ الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يأتي بالعمرة في اليوم الثامن من ذي الحجة، وبعد ذلك يتحلل ولو بتقصير شعره، ثم يلبس مرة ثانية، فإن نزع ولبس ثيابه يعود مرة ثانية ويلبس إزاره ورداءه ويمضي إلى منى، وإلا مضى إلى عرفات إن تأخر إلى يوم عرفة. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
الموضع الذي يحرم منه من له بيت بمكة وخارجها
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: رجل له بيت في مكة وبيت في جدة وعمله في جدة، يمكث في جدة مع أهله أربعة أيام، وبقية أيام الأسبوع يقضيها في مكة -أيضاً- مع أهله، حيث يذهب بهم من جدة إلى مكة، فمن أين يحرم؟ الجواب: هذه المسألة يعتبرها العلماء -رحمهم الله- مسألة المكي الذي يأخذ حكم الآفاقي من وجه، يعني: يعتبر صاحب منزلين، يعتبر آفاقياً من وجه، ويعتبر مكياً من وجه آخر، ومثلوا لها بصاحب التجارة .. بصاحب المزرعة، أن يكون له -مثلاً- بيت في المدينة وبيت في مكة، فيعطى حكم أهل مكة إن كان بمكة، ويعطى حكم أهل المدينة إن كان بالمدينة. ولذلك أقول: إذا أنشأت نية الحج فإن كنت في جدة أخذت حكم أهل جدة، وإن كنت في مكة أحرمت من مكة وأخذت حكم أهلها، فينظر إلى الحالة التي عقدت العزم فيها على الحج، فيجب عليك الإحرام من موضعك. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
من اعتمر في رمضان وحج من عامه دون أن يقرن حجة بعمرة لا يكون متمتعاً بل مفرداً
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: أريد أن أحج متمتعاً، هل تكفيني العمرة التي أديتها في رمضان؟ الجواب: بالنسبة للمتمتع لا يعتبر الإنسان متمتعاً إلا إذا أوقع العمرة في أشهر الحج، وأشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. وتوضيح ذلك: أنك إذا أحرمت بالعمرة في رمضان، وتحللت منها في رمضان، ثم حججت في عامك ذلك دون أن تقرن مع حجك عمرة؛ فأنت مفرد ولست بالمتمتع، هذا إذا وقعت العمرة بكاملها في رمضان. ولذلك أقول: من أحرم في رمضان، لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يوقع العمرة بكاملها في رمضان، وحكمه أنه مفرد كما قلنا. الحالة الثانية: أن يوقع بعض العمرة في رمضان وبعضها في شوال، مثال ذلك: شخص قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان لبى بالعمرة ونوى، ولم يطف ولم يسع إلا صبيحة يوم العيد أو ليلة العيد، فهذه مسألة خلافية عند العلماء رحمهم الله: القول الأول: فمذهب طائفة من العلماء: أن العبرة في الإحرام بالنية، قالوا: إذا أتى الميقات ونوى قبل غروب شمس آخر يوم فهو مفرد، وإن نوى بعد غروب شمس ذلك اليوم فهو متمتع، وهذا مذهب طائفة ومنهم الظاهرية. القول الثاني: في أن العبرة بدخوله مكة، وهو مذهب بعض السلف ومنهم عطاء ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000258&spid=68) ، فإن دخلها قبل غروب الشمس كان مفرداً، وإن دخلها بعد الغروب كان متمتعاً. والقول الثالث: العبرة بطوافه، فإن طاف وابتدأ الطواف قبل غروب الشمس فهو مفرد، وإن ابتدأ الطواف بعد غروب الشمس فهو متمتع. والقول الرابع: قول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/215)
الحنابلة والحنفية في أن العبرة بأكثر الطواف. والقول الخامس: قول المالكية في أن العبرة بالتحلل. فهذه خمسة أقوال في المسألة، أصحها -والعلم عند الله-: أن العبرة ببداية الطواف، فإن ابتدأت الطواف في ليلة العيد بعد مغيب شمس آخر يوم من أيام رمضان فأنت متمتع، وإن كان قد وقع بداية الطواف قبل الغروب فأنت مفرد. أما بالنسبة للمتمتع فيشترط ألا يرجع إلى بلده بعد العمرة؛ لأن حقيقة التمتع أن يجمع بين النسكين في سفر واحد، فإذا كان قد رجع من عمرته وأتى بسفر مستقل للحج فهو غير متمتع، وإنما يعتبر مفرداً، ومن هنا أهل جدة لو نزلوا للعمرة ثم رجعوا بعد العمرة وما أقاموا بمكة، ثم حجوا من عامهم فهم مفردون لا متمتعون ولا دم عليهم. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
أقوال العلماء في كون الرسول صلى الله عليه وسلم أوتر ليلة النحر أم لا
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل أوتر الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة النحر؟ الجواب: هذه المسألة للعلماء فيها وجهان: يقول بعض العلماء: إنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر ليلة العيد -وهي ليلة النحر-، فلذلك نقول: إنه لا يسن فعل الوتر ليلة العيد، ولأنه ما دام لم ينقل ذلك؛ فإن هذا يدل على أنه لا يسن فعل الوتر. ويقول جمهور العلماء: إنه يسن للإنسان أن يوتر ليلة العيد؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أوتروا يا أهل القرآن) ولم يقل إلا ليلة النحر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أوتروا قبل أن تصبحوا)، وقال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الفجر فليوتر بواحدة) ولم يقل: إلا ليلة النحر، قالوا: فهذه نصوص تأمر بالوتر وتحث عليه، كما في حديث عمرو بن شعيب ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000276&spid=68) عن أبيه عن جده: (إن الله أمركم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر). فلذلك قالوا: هذه النصوص ليس فيها تخصيص، وسكوت الصحابي عن الرواية لا يدل على الإسقاط، إذ قد يكون الصحابي سكت عنه للعلم به، وعدم اطلاع الصحابي لا يدل على النفي أيضاً. ثم أكدوا ذلك بأمر ثانٍ، قالوا: لو أن إنساناً قال: لا يشرع للإنسان أن يصلي سنة الفجر صبيحة يوم العيد، هل هو مصيب أم مخطئ؟ قالوا: لا هو مخطئ، إذاً لماذا الوتر فقط؟ وفي رغيبة الفجر لم ينقل لنا أنه صلاها أيضاً صبيحة العيد. فالذي يظهر -والعلم عند الله-: أن يأخذ الإنسان بالأحوط، وإن أخذ بالقول الثاني فلا حرج عليه، والأمر على السعة: من ترك متأولاً السنة كتب له الأجر، ومن فعل متأولاً السنة كتب له الأجر. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم مشط الشعر للمحرم
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل يجوز للإنسان -رجلاً أو امرأة- أن يمشط شعره وهو محرم، وإن تساقط شعر من رأسه فهل عليه دم؟ الجواب: يجوز للإنسان أن يمشط شعره لكن بحيث لا يسقط الشعر، ومن العلماء من منع ذلك لأنه اعتبره نوعَ ترفهٍ، وليس هناك نص يدل على المنع؛ ولكن الأولى والأسلم أن يحتاط الإنسان فلا يمشطه؛ لأنه نوع من الترفه، فلو تركه كان أولى؛ لكن الحكم بحرمة ذلك وتحريمه يحتاج إلى دليل، وقالوا: إنه ليس هناك دليل يدل على المنع من ذلك، والأصل الإباحة. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
كيفية ذكر الله عز وجل في الحج وتبيين مواضعه
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل للشيخ أن يخبرنا أو ينبئنا عن مواضع التكبير والتلبية والدعاء في الحج؟ الجواب: أما بالنسبة للتلبية فإنه يسن الإكثار منها، ولذلك ورد عند ابن ماجة ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000041&spid=68) ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يضحى لله -الضحى: أول النهار- يلبي فتغيب عليه الشمس؛ إلا غابت بذنوبه؛ فرجع كيوم ولدته أمه) يعني: إذا استدام التلبية. وورد عنه عليه الصلاة والسلام -أيضاً- عند ابن ماجة ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000041&spid=68) أنه قال: (ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه ويساره من حجر وشجر ومدر حتى تنقطع الأرض) فكل شيء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/216)
يحب ذكر الله عز وجل من الجمادات وغيرها من مخلوقات الله عز وجل، ولكن ما أعصى الثقلين! فلذلك يسن للإنسان أن يكثر من التلبية على كل حال، أن يستديمها وأن يكثر منها، وهي ذكر مشروع، والسنة أن يرفع صوته بها، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الحج: العج والثج) (العج): رفع الصوت وذلك بالتلبية والنسك. وأما (الثج) فهو: نحر الأضاحي، ونحر الهدي لمن كان متمتعاً أو قارناً. فالمقصود: أن الإنسان ينبغي أن يكثر من التلبية. وأما التهليل والتكبير فهو جائز للحاج فله أن يهلل يوم عرفة، كما ثبت في الصحيح من حديث أنس ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000029&spid=68) رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عرفة فمنا الملبي، ومنا المهلل، ومنا المكبر) فدل هذا على أنه يسن أن يذكر الله بالتلبية وأن يذكره بالتهليل وأن يذكره بالتكبير. والله تعالى أعلم. لكن بالنسبة للتكبير يكبر عند رمي الجمار، ويكبر مع كل حصاة؛ لأنها سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكبر أيام منى، وذلك إحياءً لذكر الله في ذلك الموضع المبارك، كما أمر الله تعالى بذلك في قوله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ البقرة:203]. فينبغي للحاج أن يشتغل بالذكر والتكبير في هذه الأيام، وهذه السنة -كما قلنا- أضاعها والله كثير. فإذا مضيت في شوارع منى وفي أسواقها فارفع صوتك، فما جعلت منى إلا لأجل هذا التكبير، تكبر الله .. تحمد الله .. تهلل الله .. تجل الله عز وجل حق إجلاله. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم تكرار الموجب للدم مع اتحاد الجنس واختلافه
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: هل يتكرر على الحاج الدم مع تكرر موجبه كأن ترك واجباً أو غيره؟ الجواب: هذه المسألة فيها تفصيل: إذا كان الواجب أو المحظور وترك الإنسان شيئاً متحداً من جنس واحد، مثلاً في محظورات الإحرام: لو تطيب فإنه لا يخلو إما أن يكرر هذا الموجب مع اتحاد الجنس، أو يتعدد الموجب، فقولك: وجوب الدم إذا ارتكب الإنسان محظوراً من جنس واحد وكرره؛ وجبت عليه فدية واحدة، مثلاً: تطيب أربع مرات، تطيب المرة الأولى الساعة الثانية، والمرة الأخرى الساعة الثالثة، ثم الرابعة فالخامسة، فإذا كان لم يفتد عن الطيب الأول فإنه يفتدي بفدية واحدة عن الأربع؛ لأنها من جنس واحد، كما لو جامع في نهار رمضان أكثر من مرة في يوم واحد؛ فإن عليه كفارة واحدة. هذا بالنسبة إذا اتحد الموجب، وأما إذا اختلف النوع، ومن أمثلة ذلك: أن يكون أصاب طيباً وحلق شعراً وقلم أظفاراً؛ فللشعر فدية وللطيب فدية ولتقليم الأظفار فدية؛ لأن كل نوع منها مستقل. أما لو اتحدت الأسباب، وكانت من جنس واحد؛ فإنها -ولو تعددت- تجب فدية واحدة، ويجب -أيضاً- دم واحد. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم من دخل مكة أيام الحج للعمل ثم أحرم منها وحج
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: أنا من سكان جدة، وذهبت للعمل في مكة يوم السابع من ذي الحجة، وفي صبيحة يوم عرفة أحرمت من منى بنية الحج مفرداً، فهل يصح ذلك؟ الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا كان الشخص قد خرج من جدة للعمل بمكة في أيام الحج، فلا يخلو حال خروجه من حالتين: إما أن يخرج وفي نيته أن يحج ذلك العام، فحينئذ يجب عليه أن يحرم من جدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فمن كان دون ذلك فإحرامه من حيث أنشأ) فهذا أنشأ الحج من هذا الموضع؛ فوجب عليه الدم في هذا الموضع. وإما أن يكون قد خرج من جدة وهو على إحدى حالتين: الحالة الأولى: أن يقول: لا أريد أن أحج، وليس في نيتي الحج. الحالة الثانية: متشكك، كأن يكون لا يدري هل يسمح له أو لا يسمح. ففي هاتين الحالتين يجوز له الدخول، فإذا عقد العزم أحرم من موضعه الذي عزم فيه، ولا دم عليه. والله تعالى أعلم.
http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif
حكم من وقف بعرفات ثم سافر ولم يتم بقية المناسك
http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
السؤال: ما حكم من حضر عرفة وجمرة العقبة، ثم سافر إلى بلده بدون أن يأتي بباقي المناسك؟ الجواب: باسم الله .. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: اعلموا رحمكم الله! أن المقصود من الحج أن يحقق الإنسان طاعة الله عز وجل، ويترسم هدي النبي صلى الله عليه وسلم بفعل المناسك على الوجه الذي يرضي الله، ومن ثم فإنه من الخطأ كل الخطأ التساهل في المناسك، والنظر إلى وجود جبرانها، ولذلك كان من الخطأ ترك المبيت ورمي الجمار. فمن فعل هذا فقد ارتكب ذنباً بتركه المبيت، وهل ذلك لكل ليلة بحسبها، أم أن جميع الليالي تعتبر ليلة واحدة؟ للعلماء في هذا وجهان. أما الأمر الثاني فعليه دم أيضاً على ترك رمي الجمرة؛ لأن رمي الجمار في باقي أيام التشريق التي تلي يوم العيد واجب ما عدا يوم النحر، الذي يخير الإنسان فيها بين التعجل والتأخر. وبناءً على ذلك فإنه يلزمه دم. وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها: بعض الناس يفعل المحظورات، فيقال له: لا شيء عليك إلا أن تذبح دماً. لا، من ترك واجباً من واجبات الحج عليه أمران: أحدهما: التوبة والندم والاستغفار، وهذا أمر مهم جداً يُغفل كثيراً في الفتاوى، نقول: عليه الندم والاستغفار، لأنه ترك أمراً أوجب الله عليه فعله. أما الأمر الثاني: ضمان ذلك الحق، وذلك بالدم الذي يسمى: دم الجبران، فليس كون وجود الدم يعفي الإنسان من حصول الإثم عليه، ينبغي على الإنسان أن يتوب إلى الله وأن يستغفر الله، وإذا قصر في واجب من واجبات الحج دون أي عذر، فعليه أن ينيب إلى الله، وأن يستغفر الله؛ لأنه نوعُ استخفاف بشعيرة من شعائر الله. والله تعالى أعلم.
لسماع المادة وتحميلها من هنا
http://live.islamweb.net/lecturs/mshankete/lec/57/57.rm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/217)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 11 - 07, 12:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[16 - 11 - 07, 06:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
آمين
وجزاك الله خيراً
عندي هذا الشريط ولكن آثرت أن أسمعه إن شاء الله قبيل ذهابي للحج ... فما هي إلا أيام بإذن الله
جهد طيب منك
ـ[أبو عبدالله اليتيم]ــــــــ[25 - 11 - 07, 03:56 ص]ـ
جوزيت الخيرات والباقيات الصالحات
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:42 م]ـ
بارك الله فيكِ ,, ونفع الله بالشيخ محمد.
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:58 م]ـ
نفع الله بك وبالشيخ الجليل
ـ[شفاء السلفية]ــــــــ[30 - 11 - 07, 03:36 م]ـ
اسال الله ان ينفع بك الاسلام والمسلمين وجزاك الله خيرا
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[11 - 12 - 07, 02:28 ص]ـ
للرفع
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[11 - 12 - 07, 02:41 ص]ـ
قبل ساعة انتهيت من سماع الشريط بارك الله في الشيخ وفي صاحبة الموضوع .... صراحة في الحج أكثر موقف يتعلق بالذهن هو موقف عرفة وخاصة آخر اللحظات مشاعر لا توصف ...
وكذلك أجد محاضرة زاد الحجيج مرققة للقلب ....
نسأل الله بفضله وكرمه أن يوفقنا للحج وأن لا يحرمنا بسبب ذنوبنا ... وأن يتقبل منا ويرفع قدرنا ويجعلنا مجابي الدعاء
.
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[11 - 12 - 07, 03:02 ص]ـ
أحد الإخوة جمع شريطاً من دروس ومحاضرات الشيخ المبارك، يتعلق بالحج والتهيؤ له والإستعداد للإقبال عليه
هذه المقاطع بكى فيها الشيخ وأبكى، مقتطفة من أكثر من شريط، بحيث لو سمعه الشخص تشوقت نفسه للحج وتأثر به قبل ذهابه.
إن يسّر الله أحاول الحصول عليه ووضعه للفائدة.
والمقاطع مأخوذة من:
1 - دمعة في الحج.
2 - عرفات وقفات وعظات.
3 - التوحيد في الحج.
4 - زاد الحجيج.
وغيرها
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[11 - 12 - 07, 03:05 ص]ـ
أخونا مشتاق حجازي نتمنى أن تعجل به
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[11 - 12 - 07, 03:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
آمين
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[13 - 12 - 07, 08:02 م]ـ
جزاك الله كل خير ياسارة على هذه المشاركة الرائعة واسأله سبحانه أن يفرج همومنا وهموم المسلمين إنه رؤوف رحيم(87/218)
مسائل فقهية أرجو من الإخوة الإدلاء فيها بدلوهم
ـ[ابن الصالح]ــــــــ[16 - 11 - 07, 01:03 م]ـ
1) هل شك المأموم في صلاته خلف الإمام سواء -كان الشك في ترك ركن أو غيره معتبر أم لا؟
2) رجل صلى الفجر ثم نام، وبعد ما استيقظ وجد أثر احتلام في ثوبه، وشك هل حد ث هذا في نومته الأولى قبل الفجر أم في الثانية بعد صلاة الفجر. هل يعيد الصلاة؟
3) هل يجمع الصلاة من ذهب للصيد، وصيده سيكون في البحر وهو دون مسافة القصر؟(87/219)
ابحث عن كتاب بعنوان دور المرأة السياسي في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والخلفاء
ـ[فراس عبد]ــــــــ[16 - 11 - 07, 01:33 م]ـ
الاخوة الافاضل في المنتدى المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابحث عن كتاب بعنوان
دور المرأة السياسي في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين
للكاتبة:أسماء محمد أحمد زيادة
وأنا بحاجة للكتاب في دراستي العليا ولم اجده كاملا بالرغم من البحث الطويل والشاق ارجو منكم المساعدة مأجورين ان شاء الله
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[17 - 11 - 07, 04:46 م]ـ
أخي ارجع إلى هذا الرابط لعله يفيدك عن الكتاب , من حيث مضمونه , ومن حيث دار النشر التي طبعته.
http://www.almukhtar.org/books_display.cfm?ID=9
http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=3115&SecID=108
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 04:54 ص]ـ
لعلك أخي ترجع الى كتاب "المرأه بين تكريم الاسلام وأهانه الجاهليه " لشيخنا محمد بن اسماعيل المقدم رعاه الله
فلعلك تجد فيه ما يعينك على حاجتك
والله المستعان(87/220)
مناقشة رسالة الشيخ عبدالعزيز الحميدي في قوله بزيادة مساحة مزدلفة عما هي عليه الآن
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:52 ص]ـ
تنبيه: هذا الموضوع مغلق لايقبل التعليق حتى يتم الانتهاء من كتابة المادة بإذن الله تعالى، وسيفردموضوع خاص لذلك إن شاء الله تعالى.
سلسلة لاجديد في أحكام الحج (1) مناقشة رسالة الشيخ عبدالعزيز الحميدي في قوله بزيادة مساحة مزدلفة عما هي عليه الآن
الحمد لله عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وصلى الله على نبينا محمد ما تعاقب الليل والنهار، اللهم انفعنا بكتابك وسنة نبيك وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما ياكريم.
فقد وقفت على رسالة (المزدلفة) للشيخ الفاضل الدكتور عبدالعزيز بن أحمد الحميدي، المدرس بقسم العقيدة بجامعة أم القرى، وهو من خيرة المشايخ وأهل العلم علما وخلقا وصدعا بالحق، نحسبه كذلك وحسيبه الله ولانزكي على الله أحدا، وتضمنت رسالته (المزدلفة) بحثا عن حد مزدلفة الحالي من جهة عرفة، حيث ذهب فيها إلى أن حدود مزدلفة تزيد عما هو موجود الآن بنحو سبعة كيلو مترات من جهة عرفة، وذكر جملة من الأدلة على ما ذهب إليه، ثم جعل هذا توسعة وفرجا على الحجاج الذين يحصل لهم مشقة عظيمة في الوصول لمزدلفة حين الإفاضة من عرفات.
وقد قرأت رسالته السالفة واستفدت منها كثيرا، فجزاه الله خيرا وبارك فيه وفي علمه، إلا أني أختلف معه فيما ذهب إليه اختلافا كليا من ناحية الزيادة التي ذهب إلى أنها من مزدلفة.
وقد قمت بنسخ كلامه من رسالته المزدلفة الطبعة الأولى حتى يتم عرضها كاملة لمن أراد الاطلاع عليها، ثم يعقب ذلك بعض الردود والنقاش مع الشيخ حفظه الله فيما ذهب إليه في رسالته.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الأمر خالصا لوجهه الكريم، وأن يكون زلفى وحسن مآب عند رب الأرباب.
وهذا البحث سيكون إن شاء الله تعالى ضمن سلسلة (لاجديد في أحكام الحج)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115585
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:00 ص]ـ
قال الشيخ الفاضل عبدالعزيز الحميدي حفظه الله في رسالته (المزدلفة-أسماؤها- حدودها-أحكامها) ص 10 - 36
حدودها طولاً وعرضاً
وهذا هو المقصود الأهم في هذا البحث فإن معرفة حدود مزدلفة طولاً وعرضاً أمر عظيم الأهمية لتعلق ذلك بنسك عظيم مهم من أنساك الحج وهو المبيت بمزدلفة والصلاة بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين. وكذلك صلاة الفجر يوم النحر بها. والوقوف بعد الفجر بها. والذكر والدعاء ثم الدفع منها قبيل طلوع الشمس.
هذا وقد تبين لي والحمد لله كما سيتبين لك إن شاء الله من خلال هذا البحث أن مزدلفة (المشعرالحرام) واسعة جداً وليس كما هي محددة الآن فإن أرى أن تحديدها بالحدود القائمة الآن بهذه اللوحات المعدنية قد ضيق حدود هذا المشعر الحرام جداً وحرم الحجاج من مثل وربما ضعف مساحة مزدلفة الحالية.
مما يترتب عليه عسر شديد يقع على الحجيج إذا أرادوا جميعاً في وقت واحد دخول المزدلفة والانكماش إلى داخل الحدود التي نصبت عليها هذا اللوحات المعدنية. فنكون بذلك قد ضيقنا ما وسع الله تعالى وبلا حجة ولا برهان.
وسأسلك في تقرير هذه القضية المنهج الآتي:
سأنقل إن شاءا لله كل ما وقفت عليه من آثار عن الصحابة والتابعين وكذلك كل ما وقفت عليه من نصوص العلماء في كتبهم ويشمل ذلك كتب اللغة والتفاسير وشروح الحديث وكتب الفقه وكتب التاريخ. ثم نستنبط منها ما نريد إثباته من بيان حقيقة حدود هذا المشعر الحرام المزدلفة.
والله المستعان وعليه وحده التكلان ولا حول ولا قوة إلا به.
أولاً: الآثار من الصحابة:
1 – عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:
أ – عن عمرو بن ميمون قال: سألت عبد الله بن عمر عن المشعر؟ فقال: إن تلزمني أُرِكَهُ. قال: فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال. قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال: قلت: ها أنا ذاك. قال: أخذتَ فيه. قلت: ما أخذتُ فيه! قال: حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/221)
ب – وعن عمرو بن ميمون أيضاً قال: سألت عبد الله بن عمر عن المشعر الحرام؟ فقال: إذا انطلقت معي أعملتكه. قال: فانطلقت معه فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه حتى إذا هبطت أيدي الركاب، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات. قال: أين السائل عن المشعر الحرام!؟ أخذت فيه. قلت: ما أخذت فيه! َ
قال: كلها مشاعر إلى أقصى الحرم.
وجه الدلالة:
في هذين الأثرين دلالة صريحة وواضحة أن المشعر الحرام يبدأ مباشرة بعد الخروج والإفاضة من عرفات ودخول منطقة الحرم بلا فاصل من مسافة الله إلا أن يكون وادي عرنة فحسب، ومما يدل على هذا من الأثرين السابقين ما يلي:
الوجه الأول:
قوله في الأثر:" هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال" ومعنى "أدنى" أي أقرب وهذا الدنو والقرب بالنسبة للمتكلم الخارج من عرفات. وهذا كقوله تعالى في الأنفال: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ
} [الأنفال:42].فلما عسكر المسلمون يوم بدر كانوا بالعدوة الدنيا أي القريبة وذلك بالنسبة للقادم من المدينة. قال الإمام القرطبي: " فالدنيا مما يلي المدينة، والقصوى مما يلي مكة".
" فالدنيا مما يلي المدينة، والقصوى مما يلي مكة ".
فدل هذا على أن قول عمرو بن ميمون "في أدنى الجبال" أي مما يلي الخارج من عرفة. ويؤيده قوله في الأثر الثاني "وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات" فلما استخدم هنا كلمة "أقصى" حتى لا يفهم أطراف الجبال البعيدة عن عرفة التي مما يلي منى ومكة أضاف هنا كلمة مما يلي عرفات أي أطراف الجبال المباشرة لعرفات المستقبلة لها. وتكون هذه الأطراف هي المستقبلة والمباشرة للخارج من عرفات.
ومن المعلوم طبيعة أن الخارج من عرفات في الإفاضة يكون اتجاهه من الشرق إلى الغرب فبمجرد ما يخرج من حدود عرفات ويتجاوز بطن وادي عرنة تستقبله أجبل صغيرة أطرافها محاذية للوادي. فعندما قطع ابن عمر ومن معه الوادي وأفاضت بهم ركائبهم أطراف هذه الجبال قال ابن عمر لعمرو بن ميمون: أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال: ها أنا. قال: أنت فيه أو أخذت فيه.
الوجه الثاني:
أن المشعر الحرام جمع وصفين. الوصف الأول: أنه مشعر. والوصف الثاني: حرام أي من الحرم.
ومعلوم أن عرفات حِلٌ وليست حرماً، ولكنها مشعر اختارها الله لذلك وهي من إرث إبراهيم الخليل عليه السلام ووقف بها سيد الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وبعد عرفات يأتي الوادي "وادي عرنة" وهو حل ليس بحرم ولا مشعر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارفعوا عن بطن عرنة".
ويأتي بعد الوادي مباشرة ما يجمع الوصفين أنه مشعر وحرم "المشعر الحرام" وهذا الذي أفتى به ابن عمر عمرو ابن ميمون. فتأمل ذلك تجده واضحاً.
الوجه الثالث:
قول الصحابي عبد الله بن عمر لعمرو بن ميمون "أخذت فيه" أي ابتدأت في المشعر الحرام فهذا أوله ويستمر إلى حدود منى.
الوجه الرابع:
استغراب السائل عمرو بن ميمون، وأظهر استغرابه بقوله: " ما أخذت فيه"! وهذا الاستغراب منشأه سرعة إجابة ابن عمر له بمجرد ما خرجوا من عرفات وقطعوا الوادي. قال له: أخذتُ فيه. ولا وجه لهذا الاستغراب عندي إلا ما ذُكر.
ويؤيد ما تقدم أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان ينكر ازدحام الناس على جُبيل صغير وسط مزدلفة يسمى "قزحاً" ويُخبر ويفتي أن المزدلفة هي المشعر الحرام كله على ما تقدم بيانه وإليك بعض الآثار عنه في ذلك:
- عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر أنه قال: "المشعر الحرام: المزدلفة كلها".
- رأى عبد الله بن عمر الناس يزدحمون على الجبيل بجمع. فقال: أيها الناس إن جمعاً كلها مشعر.
-رأى ابن عمر الناس يزدحمون على قُزح. فقال: علام يزدحم هؤلاء! كل ما ههنا مشعر.
2 – عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/222)
أ – عن عمرو بن ميمون أيضاً قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن المشعر الحرام؟ فقال: إن اتبعتنا أخبرتك أين هو؟ قال: فاتبعته، فلما دفع من عرفة ووضعت الركاب أيديها في الحرم، قال: أين السائل عن المشعر؟ قلت: هو ذا. قال: قد دخلت فيه. قلت: إلى أين؟ قال: إلى أن تخرج منه.
رحم الله عمرو بن ميمون لقد اهتم بهذه المسألة فسأل عنها عبد الله بن عمر بن الخطاب كما مر، وها هو يسأل عنها مرة أخرى عبد الله بن عمرو بن العاص.
وهذا الأثر يدل دلالة واضحة أن المشعر الحرام يبدأ من مجرد الخروج من عرفات ودخول منطقة الحرم إلا ما كان من وادي عرنة ويبين ذلك من هذا الأثر الوجوه الآتية:
الوجه الأول: قوله:" ووضعت الركاب أيديها في الحرم".
فإن من المعلوم أن الخارج من عرفة وهي حلٌ كلها يدخل في منطقة الحرم بمجرد خروجه فيكون المشعر الحرام يبدأ من مجرد الخروج من عرفة إلا أنه يتجاوز وادي عرنة ليكون فاصلاً طبيعياً بين المشعرين: المشعر الحلال عرفة، والمشعر الحرام مزدلفة.
الوجه الثاني: قوله:" قد دخلت فيه" يدل على ذلك فإن ذلك بداية الدخول في المشعر الحرام.
الوجه الثالث: فلما عرف عمرو بن ميمون بداية المشعر الحرام على ما تقدم واطمأن لذلك من سؤاله هذين الصحابيين بقي السؤال إلى أي حدٍ ينتهي عنده المشعر الحرام؟ فوجه هذا السؤال لعبد الله بن عمرو فأجابه إلى أن تخرج منه. ومن المعلوم أنه لا يخرج منه إلا بدخوله لمشعر آخر وهو منى. فنكون بذلك قد ظفرنا بحدود المشعر الحرام "مزدلفة" طولاً وعرضاً من الشرق إلى الغرب وهي من الخروج من عرفات وبعد الوادي وادي عرنة مباشرة وتمتد إلى حدود منى. هذا ما يدل عليه كلام هذين الصحابيين عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
3 – عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
في محاولة علمية نادرة كان الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يسأل فيها التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح عن المشاعر وحدودها وسأله عن المزدلفة استشهد عطاء في بيان حدود مزدلفة طولاً بقول ابن عباس:
أ – قال ابن جريج وأخبرني عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول:"ارفعوا عن محسر، وارفعوا عن عرفات".
هذا الأثر الموجز في لفظه الكبير في معناه وفحواه من هذا الإمام البحر الحبر ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما دل على المراد بأوجز عبارة فتراه في هذا النص قد حد حدود المشعر الحرام "مزدلفة" طولاً وغرباً وشرقاً.
أما شرقاً فقال:"ارفعوا عن عرفات" أي إذا خرجت من عرفات فتبتدء حدود مزدلفة ويستمر ذلك غرباً إلى وادي محسر فقال:"ارفعوا عن محسر" فما بين عرفات شرقاً ومحسر غرباً كل ذلك المشعر الحرام لا فواصل من أمكنة لا من هذا ولا من هذا أصلاً.
4 – عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما:
عنه رضي الله عنه قال:" تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".
وفيه ما في كلام ابن عباس السابق فهي مشاعر ثلاث.
- عرفة وهي مشعر وليس بحرم.
- مزدلفة هي مشعر وحرم ويفصلها عن عرفة وادي عرنة وهو ليس بحرم ولا مشعر لا من عرفة ولا من مزدلفة.
- منى وهي حرم ومشعر ويفصلها عن مزدلفة وادي محسر وهو حرم ليس بمشعر لا من منى ولا من مزدلفة.
ومن العجب أننا في هذه الأيام نرى الناس يبيتون في وادي محسر على أنه من مزدلفة، ويبيتون فيه على أنه من منى، وقد تضافرت نصوص الصحابة في الرفع عنه ويتركون أرضاً واسعة من مزدلفة ميتة وهي مما يلي عرفات، وقد دلت نصوص الصحابة السابقة على أنها من المشعر الحرام.
5 – جبير بن مطعم رضي الله عنه:
عن جبير بن مطعم قال:" أضللت بعيراً فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت النبي صلى الله عليه واقفاً بعرفة فقلت: هذا والله من الحُمس، فما شأنه ههنا".
قال الحافظ في الفتح:" وفي رواية الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة وابن أبي عمر جميعاً عن سفيان بن عيينة: فما له خرج من الحرم ..
قال سفيان: الحمس يعني قريشاً وكانت لا تتجاوز الحرم ويقولون نحن أهل الله لا نخرج من الحرم. وكان سائر الناس يقفون بعرفة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/223)
وأخرجه ابن خزيمة وإسحاق بن راهوية من طريق ابن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن عمه نافع بن جبير عن أبيه قال: " كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم، وقد تركوا الموقف بعرفة".
وهذا يدل على أن المزدلفة هي منطقة الحرم إلى نهاية حدود الحرم مما يلي عرفات فتأمل قول جبير بن مطعم "كانت قريش تدفع من المزدلفة ويقولون لا نخرج من الحرم".
ويؤيد هذا أن الله تعالى شرع الأنساك: الحج والعمرة ومن تشريعه أنه لابد في كل من الحج والعمرة والجمع بين الحل والحرم.
- فمن جاء معتمراً من خارج مكة أحرم من الميقات ليدخل الحرم محرماً.
- حتى من أراد العمرة ممن هو داخل مكة لزمه الخروج إلى الحلِّ خارج حدود الحرم فيحرم ويدخل الحرم محرماً كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك عائشة في عمرتها من التنعيم.
- وكذلك الحج فإن الحجيج يحرمون جميعاً ويقضون يوم الثامن بمنى ويبيتون بمنى ليلة التاسع ثم يخرجون يوم التاسع إلى عرفات وهي من الحل خارج حدود الحرم ثم يدخلون بعد الإفاضة المشعر الحرام محرمين ليجمعوا بين الحل والحرم.
وإن مما ابتدعه المشركون من قريش قبل الإسلام أن زعموا أنهم أهل الحرم فلا يخرجون منه يوم التاسع وإنما يقفون بالمشعر الحرام. فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف بعرفة كما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:" وكان العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار عري، فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام. لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه. ويكون منزله ثم، فأجاز ولم يعرض له. حتى أتى عرفات فنزل".
ثانياً: الآثار عن التابعين:
1 - عطاء بن أبي رباح رحمه الله:
أ – عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أين المزدلفة؟ قال: المزدلفة إذا أفضت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر.
قال: ليس المأزمان مأزماً عرفه من مزدلفة ولكن مفضاهما ... قال عطاء: فإذا أفضت من مأزمي عرفة فأنزل في كل ذلك عن يمين وشمال وأين شئت ...
قلت: أفرأيت عن اعتزلت منازل الناس وذهبت في الجرف الذي عن يمين المقبل من عرفة لست أقرب أحداً؟ قال: لا أكره ذلك.
ب – عن حبيب بن أبي ثابت قال: قيل لعطاء: يعني في الموقف بجمع. فقال: ما فوق بطن محسر. قيل إلى قزح؟ قال: وما وراء ذلك هو المشعر الحرام.
هذان نصان مهمان من هذا الإمام التابعي الجليل مفتي الحرم بمكة في زمنه.
ففي النص الأول بين حدود المزدلفة من الشرق مما يلي عرفات إلى الغرب مما يلي منى. فحدها من مأزمي عرفة شرقاً إلى مُحسر. والسؤال ما المراد بمأزمي عرفة؟
يظن كثير من الناس وحتى بعض الباحثين أن المأزمين المراد بهما جبلان إثنان. وغرهم في ذلك تثنية الكلمة وقالوا إنهما الجبلان اللذان يسميان الآن الأخشبان تثنية الأخشب. وأنا أعتبر أن هذا الظن هو سبب تضييق حدود مزدلفة بما هي عليه الآن، ولذلك لزم توضيح هذه القضية فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: المأزمان ليس المراد بهما جبلان أصلاً لا ما يسمى بالأخشبين ولا غيرهما.
وإنما المأزم في اللغة هو المضيق بين شيئين إما بين جبلين أو بين عدوتي واد، وإنما ثنى لفظاً فقط لوقوعه بين شيئين.
هذا هو الحق وهذا ما نص عليه علماء اللغة ودونك البيان:
في لسان العرب:" والمأزم: المضيق مثل المأزل قاله الأصمعي وأنشد شاهداً لذلك قول أبي مهدية:
هذا طريقٌ يأزم المآزما وعضوات تمشُقٌ اللهازما
والمأزم كل طريق ضيق بين جبلين.
ومنه قول ساعدة بن جوؤية الهذلي:
ومقامهن إذا حُبسن بمأزم ضيق ألف وصدهن الأخشب
أقسم بالبدن التي حبسن بمأزم أي بمضيق.
والمأزم: مضيق الوادي في حزونة.
فثبت بهذا أن المأزم المضيق إما بين جبلين أو بين عدوتي وادٍ فمضيق الوادي يسمى مأزم وربام ثني لفظاً لمكان العدوتين فقيل: المأزمان.
وفي اللسان أيضاً: " ومنه سُمي الموضع الذي بين المشعر وعرفة مأزمين. قال الأصمعي: المأزم في سند مضيقٌ بين جمع وعرفة".
فهذا نص صاحب لسان العرب ونقله عن علامة العرب وديوان الأدب الإمام عبد الملك بن قريب الأصمعي: أن المأزمين إنما هو مضيق فاصل بين جمع وهي المزدلفة وعرفة. وقد عرفنا أن هذا المضيق الفاصل إنما هو وادي عرنة لا غير كما مر في كلام الصحابة السابق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/224)
فثبت أن مراد عطاء وغيره بالمأزمين إنما هو المضيق مضيق الوادي الفاصل بين عرفات ومزدلفة وليس هو من مزدلفة كما أنه ليس من عرفات.
ثانياً:" أن في نص عطاء السابق وغيره إضافة المأزمين إلى عرفة"مأزمي عرفة" وهذه الإضافة لأن المأزمين متصلان بها فصح إضافته إليها ولا متصل بعرفة إلا مضيق الوادي وادي عرنة وهو المأزمان لذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلم ليرفعوا عن بطن عرنة لشدة قربه ولصوقه بعرفة فقد يظن الظان أنه منهما.
ثالثاً: مما يؤكد ذلك أنه لو كان المراد بالمأزمين الجبلين المسميين بالأخشبين لكان الأجدر تسميتهما "بمأزمي مزدلفة" لا مأزمي عرفة ذلك لبعدهما عن عرفة والتصاقهما جداً بالمزدلفة، بل إن طرفاهما الغربيان داخل مزدلفة حسب الحدود الحالية.
رابعاً: إن جعل المأزمين هما الجبلان المسميان بالأخشبين وأن حدود مزدلفة تبدأ من مفضاهما وطرفاهما غرباً سيحرم الحجيج من مسافة كبيرة جداً هي من المشعر الحرام قطعاً كما مر وهي مسافة تقدر اليوم بنحو سبعة كيلو متر في بعض الجهات. تبقى هذه المساحة الكبيرة مهدرة ميتة هكذا بلا حجة ولا برهان.
خامساً: ومما يؤكد هذا أن في النص الثاني للإمام عطاء حد حدود مزدلفة من الغرب إلى الشرق فحدها من فوق وادي مُحسر غرباً واتجه شرقاً "فقال له القائل إلى قزح.
فقال: وما وراء ذلك هو المشعر الحرام" فشرقاً تستمر المزدلفة ما دام أننا في الحرم إلى الوادي المضيق الفاصل بين عرفة والمشعر الحرام. والله أعلم.
سادساً: قال مؤرخ مكة أبو الوليد الأزرقي:" ومن نمرة وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف، وتحت جبل نمرة، نمارٌ أربع أذرع في خمس أذرع".
في هذا النص واضح أن مأزمي عرفة قريب جداً من عرفة وهو محاذي لجبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم الدالة على بداية منطقة الحرم.
ثالثاً: أقوال العلماء والفقهاء رحمهم الله: -
وهي بحمد الله كثيرة تدل على المقصود وسأنقل في هذا البحث ما تيسر منها.
1 – قال الإمام المفسر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله:"فأما المشعر فإنه هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسر وليس مأزما عرفة من المشعر".
وقد بينا لك المراد بالمأزمين قبل.
2 – قال الإمام الفقيه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي رحمه الله: "وللمزدلفة ثلاثة أسماء: مزدلفة والمشعر وجمع. وحدها من مأزمي عرفة إلى قرن محسر وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب ففي أي موضع وقف منها أجزأه ... وليس وادي محسر من مزدلفة".
فكل الشعاب والوهاد والجبال من مأزمي عرفة إلى محسر طولاً وعرضاً كلها مزدلفة صالحة للوقوف بها ولم ير الفقيه أبو محمد من مكان يستثنى إلا بطن محسر – وهو وادي صغير جداً وضيق جداً – ولو كانت هذه المسافة الشاسعة من عرفة إلى حدود مزدلفة الموضوعة اليوم ليست من مزدلفة لكانت أولى بالتنبيه عليها من وادي محسر الضيق جداً.
3 – قال الإمام محي الدين يحيى بن شرف النووي الشافعي رحمه الله:"واعلم أن المزدلفة كلها من الحرم. قال الأزرقي في تاريخ مكة والبندنيجي والماوردي صاحب الحاوي في كتابه الأحكام السلطانية وغيرهما من أصحابنا وغيرهم: حد المزدلفة ما بين وادي محسر ومأزمي عرفة وليس الحدان منها. ويدخل في المزدلفة جميع تلك الشعاب القوافل والظواهر والجبال الداخلة في الحد المذكور ... ووادي محسر موضع فاصل بين منى ومزدلفة ليس من واحدة منهما".
فتأمل قوله مزدلفة كلها من الحرم وقد علمنا أن الحرم يبدأ من بعد عرفات مباشرة، وتأمل كيف أنه يجعل كل الشعاب والجبال المتصلة بذلك منها. ولم يستثن سوى وادي محسر فقط فليس هو بمشعر لا من مزدلفة ولا من منى.
4 – شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله:
قال:"ومزدلفة كلها يقال لها المشعر الحرام وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسر. فإن بين كل مشعرين جداً ليس منهما: فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسر. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن محسر، ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها طريق".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/225)
في هذا النص ذكر شيخ الإسلام حد مزدلفة "المشعر الحرام" كما نقل سابقاً من مأزمي عرفة إلى محسر. لكن الشيخ شرح وبين المراد بمأزمي عرفة وأين هو؟ ومن أين يبدأ؟ فبين أن بين مشعر عرفة ومشعر مزدلفة فاصلاً لا من هذا ولا من هذه. وما هو هذا الفاصل بين الشيخ أنه فقط بطن الوادي وادي عرنة ولا شيء غير ذلك. واستدل بالحديث النبوي الشريف الدال على ذلك.
وهذا واضح جداً من كلامه وهو يوافق تماماً ما تم تقريره سابقاً. والحمد لله.
5 – الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله:
قال:" ومحسر: برزخٌ بين منى وبين مزدلفة لا من هذه، ولا من هذه، وعرنة: برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبين كل مشعرين برزخ ليس منهما، فمنى: من الحرم، وهي مشعر، ومحسر: من الحرم، وليس بمشعر، ومزدلفة: حرم ومشعر، وعرنة: ليست مشعراً، وهي من الحل، وعرفة: حل ومشعر".
في كلام هذا الإمام وضوح وبيان فالأماكن خمسة:
- عرفة: وهي مشعر يقف بها الحجيج اليوم التاسع. وهي ليست من الحرم بل من الحل.
- عُرنة: الوادي الملتصق بعرفة أمامها غرباًَ وهو ليس بمشعر لقوله صلى الله عليه وسلم: "وارفعوا عن بطن عرنة" كما أنه من الحل.
- ومزدلفة وهي مشعر وحرم لقوله تعالى: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} [البقرة: 198] ولا يفصلها عن عرفات سوى وادي عرنة فقط.
- وادي محسر وهو من الحرم وليس من المشاعر في شيء لقوله صلى الله عليه وسلم: "ورفعوا عن بطن مُحسر".
- ومنى وهي مشعر وحرم ويفصلها عن المزدلفة وادي محسر فقط.
وليس هناك أبداً أرض هي من الحرم وليست من المشاعر فاصلة بين عرفات ومزدلفة تبقى هكذا مهملة ميتة. وهي والله من المشعر الحرام. هذا هو الحق والله المستعان.
وبعد هذه النقولات والآثار والنصوص من الصحابة والتابعين والعلماء والفقهاء رحمهم الله يتبين لنا بما لا يدع مقال لقائل إن شاء الله.
أن المشعر لحرام "المزدلفة" واسعة جداً والحمد لله وأنها حقاً وصدقاً تبدأ من وادي عرنة شرقاً وهو الحد الطبيعي الذي يفصل مزدلفة من عرفة وتمتد المزدلفة إلى وادي محسر غرباً وهو الحد الطبيعي الذي يفصلها عن منى، وهذه والحمد لله مساحة كبيرة فيها توسعة من الله للحجاج.
فمزدلفة واقعة بين هذين الواديين عرنة شرقاً ومحسر غرباً ما بين هذين الواديين من الجبال والشعاب والهضاب والرمال والطرق والمسارب كلها مزدلفة.
ففي أيها وقف وبات الحاج وبات الإفاضة من عرفات فهو في المشعر الحرام حقاً. فعلينا أن لا نضيق ما وسع الله بلا حجة ولا برهان. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 11 - 07, 12:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذهب الشيخ عبدالعزيز الحميدي حفظه الله إلى التفرقة بين الأثر المروي عن عبدالله بن عمرو وعبدالله بن عمر من رواية عمرو بن ميمون، وهذا التفريق فيه نظر، فالصواب أن عمرو بن ميمون يرويه عن عبدالله بن عمرو بن العاص فقط، أما الرواية التي عن عبدالله بن عمرو فهي وهم.
وهذا سياق الروايات من المصادر التي روته:
في مصنف ابن أبي شيبة - (3/ 807)
- حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام؟ فسكت حتى إذا تهبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام.
تفسير ابن أبي حاتم - (ج 2 / ص 39)
1889 - حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، ثنا وكيع، عن أبيه، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: "سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام، فسكت حتى إذا هبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام".
تنبيه:
وكيع يرويه عن إسرائيل عن أبي إسحاق كما عند ابن أبي شيبة في المصنف، وأما زيادة (عن أبيه) كما جاء في مطبوعة تفسير بن ابي حاتم فقد تكون خطأ.
تفسير الطبري - (ج4 / شاكر176)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/226)
3806 - حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمر عن المشعر الحرام، قال: إذا انطلقت معي أعلمتكه. قال: فانطلقت معه، فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه، حتى إذا هبطت أيدي الركاب، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه؟ قال: كلها مشاعر إلى أقصى الحرم.
3807 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل= وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل= عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: سألت عبد الله بن عمر؟؟، عن المشعر الحرام قال: إن تلزمني أركه. قال: فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال: قلت: ها أنا ذاك، قال: أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه! قال: حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة.
تنبيه:
وقع في مطبوعة شاكر (عن عبدالله بن عمر) وقد جاء في مطبوعة التركي التنبيه على أنه خطأ (3/ 518 (حاشية)).
وكذلك السند الثاني جاء في مطبوعة شاكر (عبدالله بن عمر) وهو خطأ والصواب عبدالله بن عمر كما في مطبوعة التركي (5/ 518).
جاء في السنن الكبرى للبيهقي - (5/ 123)
(وأخبرنا) أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبى عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا ابراهيم بن مرزوق ثنا وهب ابن جرير عن شعبة عن أبى اسحاق عن عمرو بن ميمون قال سألت عبد الله بن عمرو وهو واقف بعرفة عن المشعر الحرام فسكت حتى افاض وتلبطت ايدى الركاب في تلك الجبال فقال هذا المشعر الحرام - كذا قال عبد الله بن عمرو وقيل عبد الله بن عمر -
وفي أخبار مكة للأزرقي - (2/ 191)
حدثني جدي حدثني سفيان عن عمار الدهني عن أبي إسحق السبيعي عن عمرو بن ميمون قال سألت عبد الله بن عمرو بن العاص ونحن بعرفة عن المشعر الحرام فقال إن اتبعتني أخبرتك فدفعت معه حتى إذا وضعت الركاب أيديها في الحرم قال هذا المشعر الحرام قلت إلى أين قال إلى أن تخرج منه.
وفي أخبار مكة للفاكهي - (ج 4 / ص 319)
حدثنا محمد بن أبي عمر، قال: حَدَّثَنا سفيان عن عمار بن معاوية الدهني عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال سألت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن المشعر الحرام فقال إن اتبعتنا أخبرتك أين هو قال فاتبعته فلما دفع من عرفةفي ووضعت الركاب أيديها في الحرم قال أين السائل عن المشعر قلت هو ذا قال قد دخلت فيه قلت إلى أين قال إلى أن تخرج منه.
فتبين من الروايات السابقة أن كل من رواه عن أبي إسحاق السبيعي جعله عن عبدالله بن عمرو إلا زكريا بن أبي زائدة (كما في بعض نسخ تفسير الطبري) فقد جعله عن عبدالله بن عمر، وقد أشار الإمام البيهقي رحمه الله في السنن إلى تضعيف رواية من قال عبدالله بن عمر حيث قال (وقيل عبدالله بن عمر).
والرواية التي جاء فيها عن عبدالله بن عمر جاءت من طريق يحيى بن زكريا عن أبيه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق.
وهذه الرواية معلولة، لأن زكريا بن أبي زائدة ممن روى عن أبي إسحاق حال اختلاطه بعدما كبر.
ورواية شعبة وإسرائيل مجتمعة عن إبي إسحاق مقدمة على رواية زكريا ابن أبي زائدة وحده
جاء في تهذيب الكمال (9/ 361)
وَقَال أحمد بن عَبد الله العجلي (5): زكريا من أصحاب الشعبي، وكان ثقة إلا أن سماعة من أبي إسحاق بأخرة بعدما كبر أبو إسحاق، وروايته ورواية زهير بن معاوية، وإسرائيل بن يونس قريب من السواء (6)،
_________
(حاشية بشار عواد)
(5) ثقات العجلي: الورقة 16.
(6) مثل هذه التسوية ذكرها ابن معين أيضا (انظر تاريخه2/ 173).
فالحاصل أن الصواب في رواية هذا الأثر أنه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
وهذه صورة مرفقة من تفسير الطبري من مطبوعة التركي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=51690&stc=1&d=1195630229
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:07 م]ـ
بيان بعد المسافة بين عرفة ومزدلفة خلافا لما ذهب إليه الشيخ الحميدي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/227)
ذهب الشيخ الحميدي حفظه الله في رسالته المزدلفة إلى أن حد مزدلفة هو حد الحرم من جهة عرفة بعد عرنة مباشرة، وهذا يعني أن المسافة بين عرفة ومزدلفة قد لاتتعدى نصف الكيلومتر! فتكون قريبة جدا من عرفة، وعند تأمل الأحاديث الواردة في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم يتبن خلاف ذلك، ولعلي أذكر بعض الأحاديث التي تفيد بعد المسافة بينهما:
جاء في صحيح مسلم - في حديث جابر الطويل في صفة الحج
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على الحبال وهي الجبال الصغيرة وهي التي في طريق المشاة إلى مزدلفة،وسار مسافة طويلة يتخللها عدد من الحبال، وصعد وهبط،وكان يحث الناس على السكينة وكان يسير العنق وإذا وجد فجوة نص، وهذا كله قبل أن يصل مزدلفة، كما قال جابر رضي الله عنه (حتى أتى مزدلفة)، فكيف تكون المسافة بين عرفة ومزدلفة مسافة قريبة جدا لايتخللها شيء من الحبال كما ذهب إليه الشيخ الحميدي مع ما ذكره جابر رضي الله عنه من مرور النبي صلى الله عليه وسلم بها قبل وصلوه إلى مزدلفة؟
فائدة:
جاء في تبيين الحقائق ج2/ص27ومن عرفات إلى المزدلفة فرسخ ومن المزدلفة إلى منى فرسخ ومن منى إلى مكة فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال.
في معجم لغة الفقهاء الفرسخ 3 أميال = 1200 ذراعا = 5544 مترا
فهذا يدل على بعد المسافة بين عرفة ومزدلفة وأنها نحو الفرسخ وليست نحو نصف الكيلو كما ذهب إليه الشيخ الحميدي حفظه الله.
فائدة أخرى: (بعض عرنة في الحل وبعضها في الحرم)
جاء في أخبار مكة للأزرقي -
أضاة النبط: بعرنة في الحرم، كان يعمل فيها الآجر، وإنما سميت أضاة النبط؛ أنه كان فيها نبط بعث بهم معاوية بن أبي سفيان يعملون الآجر لدوره بمكة، فسميت بهم.
فما ذهب إليه الشيخ الحميدي من أن مزدلفة تبدأ من أول الحرم فيه نظر، فالأزرقي يذكر هنا أن هذا الوادي في حدود الحرم وهو من عرنة وليس من المزدلفة.
وسيرد ذكر أدلة متعددة خلاف ما ذهب إليه الشيخ حفظه الله، وكذلك مناقشته في معنى المأزمين وغيرها، وسيكون الرد الموسع في الرسالة المطبوعة إن شاء الله تعالى، حيث تستوفي هناك الأدلة والرد المفصل.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[27 - 11 - 07, 02:34 ص]ـ
الكلام على ألفاظ أثر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:
ذكرت فيما سبق أن الصواب في رواية هذا الحديث أنه عن عبدالله بن عمرو بن العاص وليس عن عبدالله بن عمر وعبدالله بن عمرو.
بقي الكلام على ألفاظ الأثر والمقارنة بين الروايات الواردة وبيان عدم صحة رواية (ووضعت أيديها في الحرم)، وبيان ذلك كما يلي:
جاء في مصنف ابن أبي شيبة - (3/ 807)
14982 - حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام؟ فسكت حتى إذا تهبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام.
وفي سنن البيهقى - (5/ 123)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبى عمرو قالا حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبى إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: سألت عبد الله بن عمرو وهو واقف بعرفة عن المشعر الحرام فسكت حتى أفاض وتلبطت أيدى الركاب فى تلك الجبال فقال: هذا المشعر الحرام.
كذا قال عبد الله بن عمرو وقيل عبد الله بن عمر.
وفي تفسير الطبري - (4/ 176)
حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام،
فقال: إذا انطلقت معي أعلمتكه. قال: فانطلقت معه، فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه، حتى إذا هبطت أيدي الركاب، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه؟ قال: كلها مشاعر إلى أقصى الحرم.
3807 -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/228)
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل= وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل= عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: سألت عبد الله بن عمرو، عن المشعر الحرام قال: إن تلزمني أركه. قال: فلما أفاض الناس من عرفة وهبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ قال: قلت: ها أنا ذاك، قال: أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه! قال: حين هبطت أيدي الركاب في أدنى الجبال فهو مشعر إلى مكة.
وفي تفسير ابن أبي حاتم - (2 / ص 39)
حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، ثنا وكيع (عن) إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: "سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام، فسكت حتى إذا هبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام".
وفي أخبار مكة للأزرقي (2/ 191)
حدثني جدي حدثني سفيان عن عمار الدهني عن أبي إسحق السبيعي عن عمرو بن ميمون قال سألت عبد الله بن عمرو بن العاص ونحن بعرفة عن المشعر الحرام فقال إن اتبعتني أخبرتك فدفعت معه حتى إذا وضعت الركاب أيديها في الحرم قال هذا المشعر الحرام قلت إلى أين قال إلى أن تخرج منه.
وفي أخبار مكة للفاكهي - (4/ 319)
2698 حدثنا محمد بن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان عن عمار بن معاوية الدهني عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال سألت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن المشعر الحرام فقال إن اتبعتنا أخبرتك أين هو قال فاتبعته فلما دفع من عرفة ووضعت الركاب أيديها في الحرم قال أين السائل عن المشعر قلت هو ذا قال قد دخلت فيه قلت إلى أين قال إلى أن تخرج منه.
فإذا تأملت روايات الأثر وجدتها جميعا من طريق أبي إسحاق عن عمرو بن ميميون عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
وقد رواه عن أبي إسحاق كلا من (إسرائيل وشعبة وزكريا بن أبي زائدة وعمار بن معاوية الدهني).
فرواية إسرائيل وشعبة وزكريا بن أبي زائدة ليس فيها ذكر للحرم، ورواية عمار الدهني فيها ذكر للحرم، وهي مخالفة للروايات السابقة وفيها كلام من ناحية السند والمتن، وبيان ذلك كما يلي:
أولا: أن الذي روى هذه الرواية من طريق الدهني هم الفاكهي والأزرقي في كتابيهما عن مكة، والفاكهي والأزرقي قد يؤخذ برواياتهم في السير ونحوها أما في الأحكام الشرعية فلم أقف على من وثقهما من العلماء على شهرة كتابيهما.
قال العلاَّمة عبدالرحمن بن يحيى المعلِّمي (ت: 1386هـ) رحمه الله في كتابه عن مقام إبراهيم ط/ علي الحلبي (ص/56) بعد أن ساق خبراً من طريق الأزرقي:
((الأزرقي نفسه لم يوثِّقه أحدٌ من أئمة الجرح والتعديل، ولم يذكره البخاري، ولا ابن أبي حاتم.
بل قال الفاسي في ترجمته من العقد الثمين: (لم ارَ من ترجمه).
فهو على قاعدة أئمة الحديث: مجهول الحال)، وقد تفرّد بهذه الحكاية، والله أعلم)).
وذكر في (ص/58) حديثاً ثم أعلَّه بالأزرقي.
ونحوه في (ص/61).
وقال (ص/61 - 62): (الفاكهي وإن كان كالأزرقي في أنه لم يوثِّقه أحدٌ من المتقدِّمين ولا ذكَرَه؛ فقد أثنى عليه الفاسي في ترجمته من العقد الثمين، ونزَّهه من ان يكون مجروحاً، وفضَّل كتابه على كتاب الأزرقي تفضيلاً بالغاً.
ومع هذا فالأخبار التي يتفقان - في الجملة - على روايتها نجدُ الفاسي ومن قبله الطبري يُعنيان غالباً بنقل رواية الأزرقي، ويسكتان عن رواية الفاكهي، أو يشيران إليها إشارة فقط.
وأحسبُ الحامل لهما على ذلك حُسنُ سياق الأزرقي.
وقد قيل لشعبة رحمه الله: مالكَ لا تحدِّث عن عبدالملك بن أبي سليمان، وقد كان حسَن الحديث؟
فقال: من حسنها فرَرتُ!
ويريبني من الأزرقي حُسنُ سياقه للحكايات، وإشباعه القول فيها، ومثل ذلك قليلٌ فيما يصحُّ عن الصحابة والتابعين!).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/229)
(وأما أبوالوليد الأزرقي مؤرخ مكة. فلم نر شهادة أي معاصر له، ولم يرها قبلنا الفاسي على سعة اطلاعه، ولذلك يقول في "العقد الثمين": لم أر من ترجمة، وإني لأعجب من ذلك. وأما الذين لم يعاصروه فأقدم من رأيناه تعرض له منهم ابن النديم صاحب "الفهرست" قال فيه بعد ذكر نسبه: أحد الأخباريين وأصحاب السير، وله من الكتب "كتاب مكة" وأخبارها وجبالها وأوديتها كتاب كبير. أهـ. وهذا لا يغني شيئًا؛ لأمرين:
"أحدهما": أن الغالب على الأخباريين والسيريين عدم الاعتناء بالروايات، وفي ذلك يقول الحافظ العراقي في "ألفية السيرة":
وليعلم الطالب أن السيرا تجمع ما صح وما قد أنكرا
"الثاني": أن "ابن النديم" قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان": هو غير موثوق به، ومصنفه المذكور يعني "الفهرست" ينادي على مصنفه بالاعتزال والزيغ، نسأل الله السلامة، ثم قال الحافظ: لما طلعت كتابه ظهر لي أنه رافضي معتزلي؛ فإنه يسمى أهل السنة الحشوبة، ويسمى الأشاعرة المجبرة، ويسمى كل من لم يكن شيعيًا عاميًا، وذكر في ترجمة الشافعي شيئًا مختلقًا ظاهر الافتراء. أهـ. ومراد الحافظ بذلك الشيء المختلق الظاهر الافتراء قول ابن النديم في "الفهرست" ص294 - 295: بخطه يعني أبا القاسم الحجازي أيضًا: قرأت، قال ظهر رجل من بني أبي لهب بناحية المغرب، فحمل إلى هارون الرشيد ومعه الشافعي، فقال الرشيد للهبي: سمت بك نفسك إلى هذا. قال: وأي الرجلين كان أعلى ذكرًا وأعظم قدرًا جدي أم جدك، أنت ليس تعرف قصة جدك وما كان من أمره، وأسمعه كل ما كره لأنه استيل. قال فأمر بحبسه، ثم قال للشافعي: ما حملك على الخروج معه، قال: أنا رجل أملقت وخرجت أضرب في البلاد طلبًا للفضل، فصحبته لذلك، فاستوهبه الفضل بن الربيع فوهبه، فأقام بمدينة السلام مدة، فحدثنا محمد ابن شجاع الثلجي قال كان يمر بنا في زي المغنين على حمار وعليه رداءً محشًا وشعره مجعد. ثم وصف ابن النديم الشافعي بشدة التشيع، وذكر حكاية عن آخرين من نوع الإفتراء الذي ذكر أولا.
ثم بعد ابن النديم الحافظ عبدالكريم بن محمد السمعاني صاحب كتاب "الأنساب" قال في "الأنساب": الأزرقي هو أبوالوليد محمد بن عبدالله بن أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي صاحب كتاب "أخبار مكة" وأحسن في تصنيف ذلك الكتاب غاية الإحسان، روى عن جده ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني وغيرهما، روى عنه أبو محمد إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي أهـ. وليس في هذا كبير فائدة من ناحية ترجمة أبي الوليد الأزرقي؛ لأن في إمكان كل من نظر في كتابه "أخبار مكة" أن يتحصل على مشايخه وعلى من روى ذلك الكتاب عنه؛ لأن جميع ذلك موجود في أخبار مكة، ومجرد كلمة روى فلان عن فلان، وروى عنه فلان، وأخرج له فلان: لا يروي الغلة، ولا يشفي العلة، كما بينها الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه: "تهذيب التهذيب".
وأما ثناء السمعاني على كتاب "أخبار مكة" فلا يوصله إلى درجة تقديم ما فيه على ما في مصنفات الإمامين الشهيرين: عبدالرزاق وابن أبي حاتم
ثم بعد ابن السمعاني الإمام النووي قال في الكلام على حجر إسماعيل عليه السلام: قد وصفه الإمام أبوالوليد الأزرق في "تاريخ مكة" فأحسن وأجاد. وقد بحثنا عن قول النووي هذا فوجدناه يعتقد في مؤرخ مكة أنه هو جده الإمام أحمد بن محمد ابن الوليد الأزرقي، بدليل قوله في "المجموع" ج7 ص464 بعد ذكر حدود الحرم: هكذا ذكر هذه الحدود أبوالوليد الأزرقي () في كتاب مكة، وأبوالوليد هذا أحد أصحاب الشافعي الآخذين عنه الذين رووا عنه الحديث والفقه. وقد نبه العلامة الفاسي في "العقد الثمين" على وهم الإمام النووي في هذا، قال: وهم النووي في قوله في "شرح المهذب" بعد أن ذكر في حدود الحرم نقلا عن "أبي الوليد الأزرقي" هذا: أنه أخذ عن الشافعي وصحبه وروي عنه، وإنما كان ذلك وهمًا لأمرين. أحدهما أن الذين صنفوا في طبقات الفقهاء الشافعية لم يذكروا في أصحاب الشافعي إلا أحمد بن محمد بن الوليد جد أبي الوليد هذا. والأمر الثاني أو أن أبا الوليد هذا روى عن الإمام الشافعي لأخرج عنه في تاريخه، لما له من الجلالة والعظمة كما أخرج عن جده وابن أبي عمر العدني وإبراهيم بن محمد الشافعي ابن عم الإمام الشافعي. ثم قال الفاسي: والسبب الذي أوقع النووي في هذا الوهم أن أحمد الأزرقي جد أبي الوليد هذا يكنى بأبي الوليد فظنه النووي هو، والله أعلم. وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكلام النووي فإنه ممن يعتمد عليه، وهذا مما لا ريب فيه. أهـ)
فالمقصود أن رواياتهم لايحتج بها في الأحكام الشرعية وخاصة هنا عند وجود الخلاف بين الرواة.
ثانيا: رواية إسرائيل عن جده مقدمة على رواية عمار الدهني وقد وافقه عليها كلا من شعبة وزكريا بن أبي زائدة، وكان الحفاظ يقدمون إسرائيل في حديث جده أبي إسحق على تفصيل في ذلك.
ثالثا: أن بعض الروايات صرحت بأن عبدالله بن عمرو إنما قال ذلك بعد دخوله للمزدلفة أي بعد أن وصل للجبال التي بعد الحبال، وهي ما تسمى بجبال الأخشبين أو المأزمين لأن ما قبلها حبال وهي أقل من الجبال، وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى تفصيل ذلك.
رابعا: أن بداية الحرم من جهة عرفة تدخل فيه أجزاء من عرنة وهي ليست من مزدلفة، وقد سبق بيان ذلك، فلو قلنا بهذه الرواية لجعلنا أجزاء من عرنة داخلة في المشعر الحرام.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/230)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:29 ص]ـ
استدلال الشيخ الحميدي بأثر ابن عباس بلفظ (وارفعوا عن عرفات) والصواب أن لفظه (وارفعوا عن عرنات)
قال الشيخ الحميدي في رسالته
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
في محاولة علمية نادرة كان الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يسأل فيها التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح عن المشاعر وحدودها وسأله عن المزدلفة استشهد عطاء في بيان حدود مزدلفة طولاً بقول ابن عباس:
أ – قال ابن جريج وأخبرني عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول:"ارفعوا عن محسر، وارفعوا عن عرفات".
هذا الأثر الموجز في لفظه الكبير في معناه وفحواه من هذا الإمام البحر الحبر ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما دل على المراد بأوجز عبارة فتراه في هذا النص قد حد حدود المشعر الحرام "مزدلفة" طولاً وغرباً وشرقاً.
أما شرقاً فقال:"ارفعوا عن عرفات" أي إذا خرجت من عرفات فتبتدء حدود مزدلفة ويستمر ذلك غرباً إلى وادي محسر فقال:"ارفعوا عن محسر" فما بين عرفات شرقاً ومحسر غرباً كل ذلك المشعر الحرام لا فواصل من أمكنة لا من هذا ولا من هذا أصلاً، إلا ما كان من وادي عرنة نصا.
هذا الأثر وقع فيه تصحيف في المطبوع من أخبار مكة للفاكهي، وقد جاء على الصواب في الكتب التالية:
في المستدرك - (1/ 633)
أخبرناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ أبو المثنى ثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج أخبرني عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان يقال ارتفعوا عن محسر و ارتفعوا عن عرنات
أما قوله العرنات فالوقوف بعرنة أي لا تقفوا بعرنة و أما قوله عن محسر فالنزول بجمع إلا أن ينزلوا محسرا.
سنن البيهقى - (ج 5 / ص 115)
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد قالا حدثنا أبو العباس حدثنا يحيى أخبرنا عبد الوهاب أخبرنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: ارتفعوا عن عرنات وارتفعوا عن محسر قال وعرنات بعرفات قال عطاء: وبطن عرنة الذى فيه المبنى. قال الشيخ ورواه يحيى القطان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال كان يقال.
وفي صحيح ابن خزيمة - (4/ 254)
فحدثنا عبد الله بن هاشم ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريح قال أخبرني عطاء عن ان عباس قال كان يقال: ارتفعوا عن محسر و ارتفعوا عن عرنات أما قوله: العرنات فالوقوف بعرنة ألا يقفوا بعرنة و أما قوله: عن محسر فالنزول بجمع أي لا تنزلوا محسرا.
فتبين أن هذا اللفظ خطأ واضح يرده ما جاء في سياق الأثر، ويقصد ابن عباس رضي الله عنه الارتفاع عن بطن عرنة لمن كان في عرفة ولايقصد به لمن كان في المزدلفة.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[27 - 11 - 07, 10:11 ص]ـ
استدلال الشيخ بأثر ابن الزبير.
قال الشيخ الحميدي حفظه الله:
– عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما:
عنه رضي الله عنه قال:" تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".
وفيه ما في كلام ابن عباس السابق فهي مشاعر ثلاث.
- عرفة وهي مشعر وليس بحرم.
- مزدلفة هي مشعر وحرم ويفصلها عن عرفة وادي عرنة وهو ليس بحرم ولا مشعر لا من عرفة ولا من مزدلفة.
- منى وهي حرم ومشعر ويفصلها عن مزدلفة وادي محسر وهو حرم ليس بمشعر لا من منى ولا من مزدلفة.
وهذا الاستدلال بالأثر على أن مزدلفة تلي بطن وادي عرنة مباشرة لايستقيم فلفظ الأثر لايفيد ذلك، وكونه ذكر هنا عرفة والارتفاع عن بطن عرنة عند الوقوف بها ومزدلفة والارتفاع عن بطن محسر لايدل من قريب ولا من بعيد على تحديد مكان مزدلفة.
فائدة:
قال الشيخ المعلمي رحمه الله في رسالته (سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات إلى مزدلفة)
فصل
إذا ثبت أن محسرا يكره الكون به فوق ما لابد منه من المرور السريع وجب أن لا يكون من البقعة التي شرعت فيها البيتوتة ليالي التشريق والكون بها بقية نهارا لثامن وليلة التاسع ويوم النحر وأيام التشريق وهي منى فلا يكون محسرا من منى في الحكم وجاء ما يدل على أنه من منى في الاسم.
فأما في الاسم فقد جاء ما يدل على أنه من مزدلفة في الاسم مع خروجه منها في الحكم وجاء على ما يدل أنه ليس من منى ولا مزدلفة.
فأما الأول: فأخرج ابن جرير في تفسيره: عن زيد بن أسلم عن النبي قال:"عرفة كلها موقف إلا عرنة, وجمع كلها موقف إلا محسر".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/231)
وأخرج عن ابن الزبير:"كل مزدلفة موقف إلا وادي محسر".
وعن عروة بن الزبير مثله وخبر عبد الله بن الزبير في الموطأ عن هشام بن عروة عنه.
والأصل في الاستثناء الاتصال فيكون محسرا داخلا في مزدلفة في الاسم خارجا عنها في الحكم فعلى هذا لا يكون من منى في الاسم أيضا.
فان قيل: قضية هذا أن تكون عرنة داخلة في اسم عرفة وإن خرجت عنها في الحكم
فقلت: لا مانع من هذا بل يشهد له ما ذكره صاحب القرى وغيره بعد ذكر ابن عباس لعرفة أنه يدخل فيها عرنه.
ويوافقه حديث ابن عمر في المسند وسنن ابن داوود:" ... غدا رسول الله ... حتى أتى عرفة فنزل بنمرة وهي منزل الإمام الذي به بعرفة ... "ونمرة من عرفة.
وأما الثاني: فيدل عليه ما في المسند وصحيح مسلم وسنن النسائي من حديث الليث بن سعد عن أبي الزبير عن أبي معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس عن أخيه الفضل:" ... وكان رديف رسول الله أنة قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: عليكم بالسكينة. وهو كاف ناقته حتى دخل محسرا وهو من منى قال: عليكم بحصى الحذف الذي يرمى به الجمرة. وقال: لم يزل رسول الله يلبي حتى رمى الجمرة".
وفي المسند وسنن النسائي: "حتى إذا دخل "ثم ساقه مسلم من طريق ابن جريح عن أبي الزبير ولم يسق المتن وقد ساقه الإمام أحمد في المسند وفية:"إذ دخل منى حين هبط محسرا قال: عليك بحصى الحذف ... ".
ولم يكون مقصود الفضل إلا الإخبار بما كان من النبي في مسيرة من المزدلفة إلى جمرة العقبة بدون نظر إلى البيتوتة فغاية ما يؤخذ من خبره أن محسرا من منى في الاسم.
ومسلم أخرج هذا الحديث في صحيحة في أحاديث استدامة التلبية إلى رمي جمرة العقبة ولم يخرجه في الموضع الذي يتعلق بالبيتوتة.
وبين الموضعين أربعة عشر بابا في تبويب النووي. ولم أجد هذا الخبر عن أبي معبد إلا من رواية أبي الزبير. وقد رواه جماعة غير أبي معبد عن ابن عباس ورواه جماعة غير ابن عباس عن الفضل.
ولم أر في شيء من رواياتهم هذه الكلمة أو معناها أن محسرا من منى، وأبو الزبير وثقه جماعة ولينة آخرون.
قال الشافعي: "أبو الزبير يحتاج إلى دعامة".
وقد لا يبعد أن تكون كلمة "وهو من منى"وهي في الرواية التي اتفق على إخراج لفظها أحمد ومسلم والنسائي مدرجة من قول أبي الزبير. وأن راوي الرواية الأخرى خفى علية الإدراج وروى بالمعنى والله أعلم.
وأما الثالث: وهو أن محسرا ليست داخلا في اسم منى ولا اسم مزدلفة فهو المشهور وفي تاريخ الأزرقي:"حدثني جدي حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريح ... قلت لعطاء: وأين مزدلفة؟ قال: المزدلفة إذا وقفت من مأزمي عرفة فذلك إلى عرفة ... ".
وفية ص 139:بهذا السند عن ابن جريح: "قال قلت لعطاء: أين منى؟ قال: من العقبة إلى محسر قال عطاء: فلا أحب أن ينزل أحد إلا فيما بين العقبة إلى محسر".
وهو خبر واحد قطعه. وقد روى ابن جرير في تفسيره ..
القطعة الأولى:"حدثنا هناد قال ثنا ابن أبي زائدة قال: أنا ابن جريح قال: قلت لعطاء ... ".
وسنده صحيح. فأما سند الأزرقي ففيه مسلم بن خالد فيه لين. لكنه فقيه مكة في عصره وهذا الحكم مما يعنى به فقهاء مكة وشيخه ابن جريج إمام وهو فقيه مكة في عصره أيضا. وهو ممن روى حديث ابن الزبير السابق وكأنه لم يعول على ما فيه مما يدل أن محسرا من منى وعطاء إمام وهو فقيه مكة في عصره وروى عن ابن عباس حديث الفضل وغيره ثم جاء فقيه عصره الإمام الشافعي وهو مكي أخذ عن مسلم بن خالد وغيره.
قال في الأم ج2/ص179:"والمزدلفة حين يفضي من مأزمي عرفة-وليس المأزمان من مزدلفة-إلى أنه يأتي قرن محسر".
وقال ص182:" ومنى ما بين العقبة وليست العقبة من منى إلى بطن محسر وليس بطن محسر من منى"وهذا القول أعني أن محسرا ليس من المزدلفة ولا من منى هو المعروف في كتب الفقه والمناسك في المذاهب الأربعة".
وقال ابن حزم في المحلى (ج7 ص88 المسئلة853):
وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ومزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر؛ لأن عرفة من الحل وبطن عرنة من الحرم فهو غير عرفة وأما مزدلفة فهي المشعر الحرام وهي من الحرم وبطن محسر من الحل فهو غير مزدلفة".
ولا ريب أن منى عنده من الحرم فهي غير محسر الذي هو عنده من الحل.
وقد أغرب في زعمه أن بطن عرنة من الحرم وأغرب من ذلك زعمه أن محسرا من الحل.
احتج ابن حزم باختلاف المكانين في أن هذا من الحل وهذا من الحرم على تغايرهما واختلاف حكمهما وأنها لحجة لو صح ذاك الاختلاف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مناسكه: "ومزدلفة كلها يقال لها المشعر الحرام وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن عرنة فإن بين كل مشعرين حدا ليس منهما فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة وبين مزدلفة ومنى بطن محسر".
كأنه نظر إلى عبارة ابن حزم وأعرض عما فيها من الخطأ.
وقد أوضح ابن القيم ذلك فقال في الهدي: "ومحسر برزخ بين منى وبين مزدلفة لا من هذه ولا من هذه. وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام فبين كل مشعرين برزخ ليس منهما. فمنى: من الحرم وهي مشعر. ومحسر: من الحرم وليس بمشعر. ومزدلفة: حرم ومشعر. وعرنة: ليست مشعرا وهي من الحل. وعرفة: حل ومشعر".
ولا ريب أن الشيخين كانا عارفين بحديث ابن الزبير عن أبي معبد ومع ذلك قطعا بأن محسرا ليس من منى وفي هذا سند قوي لما تقدم من الكلام فيه ..
والله أعلم .. ) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/232)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:04 ص]ـ
استدلال الشيخ الحميدي بحديث جبير بن مطعم عن الحمس:
يقول الشيخ
– جبير بن مطعم رضي الله عنه:
عن جبير بن مطعم قال:" أضللت بعيراً فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت النبي صلى الله عليه واقفاً بعرفة فقلت: هذا والله من الحُمس، فما شأنه ههنا".
قال الحافظ في الفتح:" وفي رواية الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة وابن أبي عمر جميعاً عن سفيان بن عيينة: فما له خرج من الحرم ..
قال سفيان: الحمس يعني قريشاً وكانت لا تتجاوز الحرم ويقولون نحن أهل الله لا نخرج من الحرم. وكان سائر الناس يقفون بعرفة ..
وأخرجه ابن خزيمة وإسحاق بن راهوية من طريق ابن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن عمه نافع بن جبير عن أبيه قال: " كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم، وقد تركوا الموقف بعرفة".
وهذا يدل على أن المزدلفة هي منطقة الحرم إلى نهاية حدود الحرم مما يلي عرفات فتأمل قول جبير بن مطعم "كانت قريش تدفع من المزدلفة ويقولون لا نخرج من الحرم".
والجواب على هذا أن يقال:
الحمس إما أنهم كانوا يقفون بالمزدلفة أثناء وقوف الناس بعرفة كما قالت عائشة رضي الله عنها،ولكن ذلك لايمنعهم من التنقل في حدود الحرم غير مزدلفة لايتجاوزنه، فهذا توجيه حديث عائشة رضي الله عنها، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى عند ذكر الشيخ الحميدي له بعد هذا الحديث.
وإما أن الحمس كانوا يقفون بحدود الحرم بعد مزدلفة في أقرب مكان لعرفة و يفيضون لمزدلفة من خارجها من حدود الحرم ولا يتجاوزون الحرم، وفي قول الله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) ما يمكن أن يستدل به على أن الحمس كانوا يفيضون للمزدلفة ولكنهم يخالفون الناس في ذلك ولايتعدون حدود الحرم
جاء في أخبار مكة للأزرقي (1/ 189)
(فتقف الحلة على الموقف من عرفة عشية عرفة وتقف الحمس على أنصاب الحرم من نمرة فإذا دفع الناس من عرفة وأفاضوا أفاضت الحمس من أنصاب الحرم وأفاضت الحلة من عرفة حتى يلتقوا بمزدلفة جميعا وكانوا يدفعون من عرفة إذا طفلت الشمس للغروب وكانت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم فإذا كان هذا الوقف دفعت الحلة من عرفة ودفعت معها الحمس من أنصاب الحرم حتى يأتوا جميعا مزدلفة فيبيتون بها حتى إذا كان في الغلس وقفت الحلة والحمس على قزح فلا يزالون عليه حتى إذا طلعت الشمس وصارت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم دفعوا من مزدلفة وكانوا يقولون أشرق ثبير كيما نير أي أشرق بالشمس حتى ندفع من المزدلفة فأنزل الله في الحمس ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس يعني من عرفة والناس الذين كانوا يدفعون منها أهل اليمن وربيعة وتميم).
ويدل على هذا ما جاء في تفسير قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)
جاء في تفسير ابن كثير - (1/ 555)
{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}
"ثم" هاهنا لعطف خبر على خبر وترتيبه عليه، كأنه تعالى أمر الواقف بعرفات أن يَدْفَع إلى المزدلفة، ليذكر الله عند المشعر الحرام، وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات، كما كان جمهور الناس يصنعون، يقفون بها إلا قريشًا، فإنهم لم يكونوا يخرجون من الحرم، فيقفون في طرف الحرم عند أدنى الحِل، ويقولون: نحن أهل الله في بلدته، وقُطَّان بيته.
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن حازم، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسَمّون الحُمْس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات. فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يَأتَي عرفات، ثم يقف بها ثم يُفيض
منها، فذلك قوله: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.
وكذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وقتادة، والسدي، وغيرهم. واختاره ابن جرير، وحكى عليه الإجماع، رحمهم الله.
وقال الإمام أحمد، حدثنا سُفْيان، عن عمرو، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: أضللتُ بعيرًا لي بعرفة، فذهبت أطلبه، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف، قلت: إن هذا من الحَمْس ما شأنه هاهنا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/233)
أخرجاه في الصحيحين. ثم روى البخاري من حديث موسى بن عقبة، عن كُرَيب، عن ابن عباس ما يقتضي أن المراد بالإفاضة هاهنا هي الإفاضة من المزدلفة إلى منى لرمي الجمار. فالله أعلم. وحكاه ابنُ جرير، عن الضحاك بن مزاحم فقط. قال: والمراد بالناس: إبراهيم، عليه السلام. وفي رواية عنه: الإمام. قال ابن جرير ولولا إجماع الحجة على خلافه لكان هو الأرجح) انتهى.
وماجاء في أخبار مكة للأزرقي - (1/ 232) بسند لايصح
حدثني جدي، قال حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن محمد بن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح مولى أم هاني، عن ابن عباس، قال: كانت العرب على دينين: حلة وحمس، فالحمس قريش وكل من ولدت من العرب، وكنانة وخزاعة، والأوس والخزرج، وجشم، وبنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأزد شنوءة، وجذم، وزبيد، وبنو ذكوان من بني سليم، وعمرو اللات، وثقيف، وغطفان، والغوث، وعدوان، وعلاف، وقضاعة، وكانت قريش إذا أنكحوا عربيا امرأة منهم اشترطوا عليه أن كل من ولدت له فهو أحمسي على دينهم، وزوج الأدرم تيم بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابنه مجدا ابنة تيم ربيعة بن عامر بن صعصعة على أن ولده منها أحمسي على سنة قريش وفيها يقول لبيد بن ربيعة بن جعفر الكلابي: سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال وذكروا أن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان تزوج سلمى بنت ضبيعة بن علي بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان، فولدت له هوازن، فمرض مرضا شديدا، فنذرت سلمى لئن برأ لتحمسنه، فلما برأ حمسته، فلم تكن نساؤهم ينسجن ولا يغزلن الشعر، ولا يسلئن السمن إذا أحرموا. قال: وكانت الحمس إذا أحرموا لا يأتقطوا الأقط، ولا يأكلوا السمن ولا يسلئونه، ولا يمخضون اللبن، ولا يأكلون الزبد، ولا يلبسون الوبر ولا الشعر، ولا يستظلون به ما داموا حرما، ولا يغزلون الوبر ولا الشعر ولا ينسجنه، وإنما يستظلون بالأدم، ولا يأكلون شيئا من نبات الحرم، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم، ولا يخفرون فيها الذمة، ولا يظلمون فيها، ويطوفون بالبيت وعليهم ثيابهم، وكانوا إذا أحرم الرجل منهم في الجاهلية وأول الإسلام، فإن كان من أهل المدر - يعني أهل البيوت والقرى - نقب نقبا في ظهر بيته، فمنه يدخل ومنه يخرج، ولا يدخل من بابه، وكانت الحمس تقول: لا تعظموا شيئا من الحل، ولا تجاوزوا الحرم في الحج، فلا يهاب الناس حرمكم، ويرون ما تعظمون من الحل كالحرم فقصروا عن مناسك الحج والموقف من عرفة وهو من الحل، فلم يكونوا يقفون به ولا يفيضون منه، وجعلوا موقفهم في طرف الحرم من نمرة بمفضى المأزمين، يقفون به عشية عرفة، ويظلون به يوم عرفة في الأراك من نمرة، ويفيضون منه إلى المزدلفة.
وهناك من قال بأن الحمس يفيضون من المغمس!
جاء في تفسير الطبري - (4/ 187)
حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس"، قال قتادة: وكانت قريش وكل حليف لهم وبني أخت لهم، لا يفيضون من عرفات، إنما يفيضون من المغمس، ويقولون:"إنما نحن أهل الله، فلا نخرج من حرمه"، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات، وأخبرهم أن سنة إبراهيم وإسمعيل هكذا: الإفاضة من عرفات.
فالقصد أن الحمس كانوا يقفون بالمزدلفة كما قالت عائشة رضي الله عنها ولكن ذلك لايمنعهم من التنقل في غيرها بحيث لايتجاوزن حدود الحرم.
ومما يؤيد ما قالته عائشة رضي الله عنها ما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه (فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام. لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه. ويكون منزله ثم، فأجاز ولم يعرض له. حتى أتى عرفات فنزل).
ويمكن أن يقال كذلك بأن رواية عائشة رضي الله عنها رواية تاريخية اجتهدت فيها حسب ما وصلها من أخبار الجاهلية، فخبرها التاريخي ليس بنص شرعي ملزم للحجة،خاصة أن هناك من ذهب إلى أنهم يفيضون من حدود الحرم إلى مزدلفة ولايتركون الإفاضة إلى مزدلفة كما قد يفهم من ظاهر خبر عائشة رضي الله عنها، ففي هذه الحالة تقارن الروايات التاريخية الواردة في فعل الحمس ويرجح بينها بالقرائن والأدلة.
وأما استدلال الشيخ الحميدي حفظه الله بما ذكره الحافظ في الفتح (وأخرجه ابن خزيمة وإسحاق بن راهوية من طريق ابن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن عمه نافع بن جبير عن أبيه قال: " كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم، وقد تركوا الموقف بعرفة)
فلا يسلم الاستدلال به على أن مزدلفة تشمل حدود الحرم إلى أقرب مكان لعرفة، فقوله (كانت قريش تدفع من المزدلفة) يحمل على الدفع من مزدلفة إلى منى وليس الدفع من مزدلفة إلى مزدلفة.
فالحاصل أن الحمس كانوا لايتجاوزن حدود الحرم في حجهم في مكة ومنى ومزدلفة، فكونهم لايتجاوزن الحرم لايدل على أن الحرم كله مزدلفة! بل يفهم منه عدم خروجهم عن حدود الحرم أثناء أدائهم لمناسكهم، وقد سبق النقل عن الأزرقي أن بعض عرنة داخلة في حدود الحرم فهذه مما كان الحمس لايمتنعون من الدخول فيها في حجهم.
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/234)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 12 - 07, 03:43 ص]ـ
استدلال الشيخ الحميدي بأثر عائشة رضي الله عنها في شأن الحمس
قال الإمام الترمذي:حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
كانت قريش ومن كان على دينها وهم الحمس يقفون بالمزدلفة يقولون نحن قطين الله وكان من سواهم يقفون بعرفة فأنزل الله تعالى
{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
قال ومعنى هذا الحديث أن أهل مكة كانوا لا يخرجون من الحرم وعرفة خارج من الحرم وأهل مكة كانوا يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن قطين الله يعني سكان الله ومن سوى أهل مكة كانوا يقفون بعرفات فأنزل الله تعالى
{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}
والحمس هم أهل الحرم.
قال الشيخ الحميدي: وفيه مافي حديث جبير بن مطعم السابق.
ثم ذكر أثرا عن مجاهد وعن الربيع بن خثيم كذلك في أن الحمس يقفون في الحرم ولايخرجون منه ويفيضون من المزدلفة.
ثم قال الشيخ بعدها (ووجه الدلالة من حديث عائشة والآثار التي بعده: أن الصحابة والتابعين وقريشا والعرب يطلقون مزدلفة ويريدون بها منطقة الحرم كلها إلى آخر حدود الحرم مما يلي عرفات وهو جبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم، الذي على وادي عرنة الفاصل بين مزدلفة وعرفة).
_______________
وقد سبق شيء من الكلام على ما ذكره الشيخ الحميدي في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه، وحاصله أن الحمس كانوا لايخرجون من حدود الحرم أثناء أداء مناسكهم، وهذا لايعني أن مزدلفة تبدأ من بداية حدود الحرم من جهة عرفة، فقد سبق ذكر بعض الأدلة على بعد المسافة بين عرفة ومزدلفة، وسيأتي بعضها كذلك إن شاء الله تعالى.
فكونهم لايتجاوزن حدود الحرم لايدل على أن كل الحرم مزدلفة.
جاء في أخبار مكة للأزرقي (1/ 189)
(فتقف الحلة على الموقف من عرفة عشية عرفة وتقف الحمس على أنصاب الحرم من نمرة فإذا دفع الناس من عرفة وأفاضوا أفاضت الحمس من أنصاب الحرم وأفاضت الحلة من عرفة حتى يلتقوا بمزدلفة جميعا وكانوا يدفعون من عرفة إذا طفلت الشمس للغروب وكانت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم فإذا كان هذا الوقف دفعت الحلة من عرفة ودفعت معها الحمس من أنصاب الحرم حتى يأتوا جميعا مزدلفة فيبيتون بها حتى إذا كان في الغلس وقفت الحلة والحمس على قزح فلا يزالون عليه حتى إذا طلعت الشمس وصارت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم دفعوا من مزدلفة وكانوا يقولون أشرق ثبير كيما نير أي أشرق بالشمس حتى ندفع من المزدلفة فأنزل الله في الحمس ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس يعني من عرفة والناس الذين كانوا يدفعون منها أهل اليمن وربيعة وتميم).
فهنا يبين الأزرقي أن الحمس كانوا يفيضون من حدود الحرم من خارج مزدلفة ثم يلتقون هم وبقية الناس في مزدلفة خلافا لما ذهب إليه الشيخ الحميدي! ويدل كذلك أن الأزرقي يرى أن مزدلفة لاتبدأ من حدود الحرم.
والعجب أن الشيخ الحميدي لم ينقل هذا الكلام عن الأزرقي بل ذكر عن الأزرقي ما يلي:
وقال أبو الوليد الأزرقي مؤرخ مكة: ((فتنزل الحمس)) أطرافا من نمرة يوم عرفة، وتنزل الحلة عرفة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ..... لايقف مع قريش والحمس في طرف الحرم، وكان يقف مع الناس بعرفة) (أخبار مكة (1/ 210).
ثم قال الشيخ ((فثبت المقصود وهو أن مزدلفة ممتدة امتداد منطقة الحرم إلى نهايته مما يلي عرفات وهو جبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم، تأمل هذا تجده بحمد الله واضحا
ومما يرد على الشيخ استدلاله ما سبق في كلام الأزرقي، وكذلك مما يرد على الشيخ استدلاله أن أحدا لم يذكر ممن كتب عن حدود الحرم أن حد الحرم مزدلفة من جهة عرفة، وهذا وحده يسقط استدلال الشيخ وكلامه في الرسالة، فقد صنف العلماء في حدود الحرم وذكروها في كتبهم وفصلوا في ذلك وأطالوا، ولم أجد من حد حدود الحرم بمزدلفة!
فكيف يغيب عن هؤلاء العلماء على امتداد الأزمان أن حد الحرم من الجهة الشرقية مزدلفة ثم يظهر ذلك لأحد المتأخرين في هذا العصر.
وكذلك لم نجد من العلماء من حد مزدلفة بأنها تبدأ من أول حدود الحرم من جهة عرفة، فهذه كتب العلماء والفقهاء وغيرهم ليس فيها حرفا واحدا من ذلك.
تأمل هذا الحديث عن جابر في صحيح مسلم
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
والمقصود بالحبال الجبال الضغيرة
فهذه الحبال موجودة في طريق المأزمين بين مزدلفة وعرفة، فلو تأملنا هذا الحديث لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على حبال متعددة، وهذا لايوجد في الطريق من عرفة إلى بداية الحرم، بل هي بعد حدود الحرم على طريق المأزمين، فتبين بهذا عدم صحة استدلال الشيخ الحميدي على بداية حدود مزدلفة.
جاء في (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق) لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي (المتوفى: 743هـ
ومن عرفات إلى المزدلفة فرسخ ومن المزدلفة إلى منى فرسخ ومن منى إلى مكة فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال. انتهى.
وفي معجم لغة الفقهاء الفرسخ 3 أميال = 1200 ذراعا = 5544 مترا
يعنى قرابة خمسة كيلو متر ونصف الكيلو.
وهذا يدل على خلاف ما ذهب إليه الشيخ حفظه الله من كونها لاتبعد إلا نحونصف الكيلو متر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/235)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:31 ص]ـ
معنى المأزمين
قال الشيخ الفاضل عبدالعزيز الحميدي حفظه الله ورعاه
ثانياً: الآثار عن التابعين:
1 - عطاء بن أبي رباح رحمه الله:
أ – عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أين المزدلفة؟ قال: المزدلفة إذا أفضت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر.
قال: ليس المأزمان مأزماً عرفه من مزدلفة ولكن مفضاهما ... قال عطاء: فإذا أفضت من مأزمي عرفة فأنزل في كل ذلك عن يمين وشمال وأين شئت ...
قلت: أفرأيت عن اعتزلت منازل الناس وذهبت في الجرف الذي عن يمين المقبل من عرفة لست أقرب أحداً؟ قال: لا أكره ذلك.
ب – عن حبيب بن أبي ثابت قال: قيل لعطاء: يعني في الموقف بجمع. فقال: ما فوق بطن محسر. قيل إلى قزح؟ قال: وما وراء ذلك هو المشعر الحرام.
هذان نصان مهمان من هذا الإمام التابعي الجليل مفتي الحرم بمكة في زمنه.
ففي النص الأول بين حدود المزدلفة من الشرق مما يلي عرفات إلى الغرب مما يلي منى. فحدها من مأزمي عرفة شرقاً إلى مُحسر.
والسؤال ما المراد بمأزمي عرفة؟
يظن كثير من الناس وحتى بعض الباحثين أن المأزمين المراد بهما جبلان إثنان. وغرهم في ذلك تثنية الكلمة وقالوا إنهما الجبلان اللذان يسميان الآن الأخشبان تثنية الأخشب. وأنا أعتبر أن هذا الظن هو سبب تضييق حدود مزدلفة بما هي عليه الآن، ولذلك لزم توضيح هذه القضية فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: المأزمان ليس المراد بهما جبلان أصلاً لا ما يسمى بالأخشبين ولا غيرهما.
وإنما المأزم في اللغة هو المضيق بين شيئين إما بين جبلين أو بين عدوتي واد، وإنما ثنى لفظاً فقط لوقوعه بين شيئين.
هذا هو الحق وهذا ما نص عليه علماء اللغة ودونك البيان:
في لسان العرب:" والمأزم: المضيق مثل المأزل قاله الأصمعي وأنشد شاهداً لذلك قول أبي مهدية:
هذا طريقٌ يأزم المآزما وعضوات تمشُقٌ اللهازما
والمأزم كل طريق ضيق بين جبلين.
ومنه قول ساعدة بن جوؤية الهذلي:
ومقامهن إذا حُبسن بمأزم ضيق ألف وصدهن الأخشب
أقسم بالبدن التي حبسن بمأزم أي بمضيق.
والمأزم: مضيق الوادي في حزونة.
فثبت بهذا أن المأزم المضيق إما بين جبلين أو بين عدوتي وادٍ فمضيق الوادي يسمى مأزم وربام ثني لفظاً لمكان العدوتين فقيل: المأزمان.
وفي اللسان أيضاً: " ومنه سُمي الموضع الذي بين المشعر وعرفة مأزمين. قال الأصمعي: المأزم في سند مضيقٌ بين جمع وعرفة".
فهذا نص صاحب لسان العرب ونقله عن علامة العرب وديوان الأدب الإمام عبد الملك بن قريب الأصمعي: أن المأزمين إنما هو مضيق فاصل بين جمع وهي المزدلفة وعرفة. وقد عرفنا أن هذا المضيق الفاصل إنما هو وادي عرنة لا غير كما مر في كلام الصحابة السابق.
فثبت أن مراد عطاء وغيره بالمأزمين إنما هو المضيق مضيق الوادي الفاصل بين عرفات ومزدلفة وليس هو من مزدلفة كما أنه ليس من عرفات.
ثانياً:" أن في نص عطاء السابق وغيره إضافة المأزمين إلى عرفة"مأزمي عرفة" وهذه الإضافة لأن المأزمين متصلان بها فصح إضافته إليها ولا متصل بعرفة إلا مضيق الوادي وادي عرنة وهو المأزمان لذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلم ليرفعوا عن بطن عرنة لشدة قربه ولصوقه بعرفة فقد يظن الظان أنه منهما.
ثالثاً: مما يؤكد ذلك أنه لو كان المراد بالمأزمين الجبلين المسميين بالأخشبين لكان الأجدر تسميتهما "بمأزمي مزدلفة" لا مأزمي عرفة ذلك لبعدهما عن عرفة والتصاقهما جداً بالمزدلفة، بل إن طرفاهما الغربيان داخل مزدلفة حسب الحدود الحالية.
رابعاً: إن جعل المأزمين هما الجبلان المسميان بالأخشبين وأن حدود مزدلفة تبدأ من مفضاهما وطرفاهما غرباً سيحرم الحجيج من مسافة كبيرة جداً هي من المشعر الحرام قطعاً كما مر وهي مسافة تقدر اليوم بنحو سبعة كيلو متر في بعض الجهات. تبقى هذه المساحة الكبيرة مهدرة ميتة هكذا بلا حجة ولا برهان.
خامساً: ومما يؤكد هذا أن في النص الثاني للإمام عطاء حد حدود مزدلفة من الغرب إلى الشرق فحدها من فوق وادي مُحسر غرباً واتجه شرقاً "فقال له القائل إلى قزح.
فقال: وما وراء ذلك هو المشعر الحرام" فشرقاً تستمر المزدلفة ما دام أننا في الحرم إلى الوادي المضيق الفاصل بين عرفة والمشعر الحرام. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/236)
سادساً: قال مؤرخ مكة أبو الوليد الأزرقي:" ومن نمرة وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف، وتحت جبل نمرة، نمارٌ أربع أذرع في خمس أذرع".
في هذا النص واضح أن مأزمي عرفة قريب جداً من عرفة وهو محاذي لجبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم الدالة على بداية منطقة الحرم.
وأضاف الشيخ الحميدي في الطبعة الثانية بعد هذا:
سابعا: لم يذكر أحد من الصحابة ولا من التابعين المأزمين في حد مزدلفة سوىعطاء بن أبي رباح وعنه تلقى الفقهاء هذا التحديد. والأثر الذي روي عن ابن عباس في ذكر المأزمين ضعيف جدا. وهو أثر أخرجه الفاكهي في أخبار مكة وفي سنده رجل متروك الحديثوضاع فلا يلتفت إليه.
فينبغي إذا حمل كلام عطاء على ما دلت عليه اللغة وما ذكره الصحابة في حد مزدلفة كما مر.
ثامنا: ذكر بعض من ذكر حجة النبي صلى الله عليه وسلم ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل عرفة قادما من منى دخلها من طريق ضب، ولما خرج من عرفة في الإفاضة إلى مزدلفة سلك طريق المأزمين)). وهذا لم أجد له حديثا لامرفوعا ولاموقوفا لابسند صحيح ولاحتى بسند ضعيف. وكل ما نقل في هذا المعنى ما أخرجه الفاكهي والأزرقي عن ابن جريج قال ((سلك عطاء بن أبي رباح طريق ضب. فقيل له في ذلك فقال: لابأس إنما هو طريق)).
فالذي سلك طريق ضب هو عطاء التابعي، وليس محمدا النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يرفعه عطاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل لما سئل عن سلوكه هذا الطريق؟ بين أنه إنما سلكه لأنه مجرد طريق لاغير.
لعلي أذكر بعض النقولات حول المأزمين ثم يأتي بعد ذلك توضيح ما فيها مع مناقشة ما ذهب إليه الشيخ الحميدي حفظه الله
جاء في كتاب المناسك للإمام الحربي (ونسبة بعضهم لتلميذه) وكلاهما من العلماء ص 506 - 507:
((أول حد المزدلفة انقطاع محسر، حيال القرن (الذي على يمين الذاهب إلى عرفات) وآخرها انقضاء المأزمين، وليس المأزمين ومفضاهما قبل أن تدخل وأنت ذاهب إلى عرفات، وإذا كنت جائيا من عرفات إلى منى فأنت تصير بين جبلين، وهما المأزمان في ضيق، فإذا جاوزت المأزمين حتى تخرج منهما إلى الفضاء فذلك الفضاء أول المزدلفة، وأنت جاي من عرفات إلى حيال القرن، وهو الآن وأنت مقبل عن يسارك) انتهى.
في البدر المنير - (ج 6 / ص 230)
وفي رواية لهما: «ردفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفات، فلما بلغ الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ راحلته، فبال ثم جاء فصببت عليه الوضوء فتوضأ وضوءا خفيفا، فقلت: الصلاة يا رسول الله. فقال: الصلاة أمامك». ترجم عليه البيهقي في «سننه»: من استحب سلوك طريق المأزمين دون (طريق) ضب.
قال الهمداني في صفة جزيرة العرب -
ومثل الفلجين بمأرب المأزمان بجمع بين منى وعرفات وهما جبلان بينهما مضيق.
المسالك والممالك - الإصطخري - (ج 1 / ص 7)
وأما المأزمان فهو شعب بين جبلين يفضي آخره إلى بطن عرنة،
قال الجوهري في الصحاح في اللغة -
والمأزم: المضيق، مثل المأزل. والمأزم: كل طريق ضيق بين جبلين، وموضع الحرب أيضا، مأزم.
وقال الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير
والمأزم وزان مسجد الطريق الضيق بين الجبلين ومنه قيل لموضع الحرب مأزم لضيق المجال وعسر الخلاص منه ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر مأزمان.
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الأثر -
المأزم: المضيق في الجبال حيث يلتقي بعضها ببعض ويتسع ما وراءه. والميم زائدة وكأنه من الأزم: القوة والشدة
وفي معجم البلدان - (ج 5 / ص 40)
المأزمان تثنية المأزم من الأزم وهو العض ومنه الأزمة وهو الجدب كأن السنة عضتهم والأزم الضيق ومنه سمي هذا الموضع وهو موضع بمكة بين المشعر الحرام وعرفة وهو شعب بين جبلين يفضي آخره إلى بطن عرنة وهو إلى ما أقبل على الصخرات التي يكون بها موقف الإمام إلى طريق يفضي إلى حصن وحائط بني عامر عند عرفة وبه المسجد الذي يجمع فيه الإمام بين الصلاتين الظهر والعصر وهو حائط نخيل وبه عين تنسب إلى عبد الله بن عامر بن كريز وليس عرفات من الحرم وإنما حد الحرم من المأزمين فإذا جزتهما إلى العلمين المضروبين فما وراء العلمين من الحل أخذ من المأزم وهو الطريق الضيق بين الجبال وقال الأصمعي المأزم في السنة مضيق بين جمع وعرفة وقال ساعدة ابن جؤية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/237)
ومقامهن إذا حبسن بمأزم ضيق ألف وصدهن الأخشب وقال عياض المأزمان مهموز مثنى وقال ابن شعبان هما جبلا مكة وليسا من المزدلفة وقال أهل اللغة هما مضيقا جبلين والمأزمان المضايق الواحد مأزم.
قال البكري في معجم ما استعجم -
مأزما منى بفتح أوله وإسكان ثانيه وكسر الزاي المعجمة معروفان بين عرفة والمزدلفة وكل طريق بين جبلين فهو مأزم
وقيل المأزم المضيق في الجبل تلتقي الجبال ويتسع وما وراءها وقدامها وهو من الأزم
وفي مغني المحتاج -
ويعودون على طريق المأزمين وهو بين الجبلين اقتداء به صلى الله عليه و سلم في ذلك.
وفي الإنصاف للمرداوي -
وأما رواية "مأزميها" فالمأزم: المضيق بين الجبلين وقد يطلق على الجبل نفسه.
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية - (ج 26 / ص 131)
بل يدخلون عرفات بطريق المأزمين.
وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي
أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة فلما افترقت له الطريقان طريق ضب وطريق المأزمين سلك طريق المأزمين وهي التي أحب أن يسلك الحاج وهي طريق الأئمة منذ كانوا.
قال الإمام أحمد:
ثنا يزيد بن هارون انا عبد الملك عن أنس بن سيرين قال كنت مع ابن عمر بعرفات فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأولى والعصر ثم وقف معه وأنا وأصحاب لي حتى أفاض الإمام فأفضنا معه حتى انتهينا إلى المضيق دون المأزمين فأناخ وأنخنا ونحن نحسب أنه يريد أن يصلي فقال غلامه الذي يمسك راحلته انه ليس يريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته فهو يحب أن يقضي حاجته
مسند أحمد: ج2/ص131 ح6151
قال ابن الملقن في البدر المنير - (ج 6 / ص 229)
قال الرافعي: «وسلك الناس طريق المأزمين، - وهو الطريق الضيق بين الجبلين - اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة».
وفي المعجم الوسيط
المأزم الطريق الضيق بين الجبلين ج مآزم
وفي المطلع على أبواب المقنع ج1/ص196
المأزمان تثنية مأزم بفتح أوله وإسكان ثانية وكسر الزاي كذا قيده البكري وقال هما معروفان بين عرفة والمزدلفة وكل طريق بين جبلين فهو مأزم وموضع الحرب أيضا مأزم قال الجوهري ومنه سمي الموضع الذي بين المشعر الحرام وعرفة مأزمين
قال النووي في تهذيب الاسماء
والمأزمان جبلان بين عرفات والمزدلفة بينهما طريق هذا معناهما عند الفقهاء فقولهم على طريق المأزمين أي الطريق التي بينهما وأما أهل اللغة فقالوا المأزم الطريق الضيق بين الجبلين وذكر الجوهري قولا آخر فقال المأزم أيضا موضع الحرب ومنه سمي الموضع الذي بين مزدلفة وعرفة مأزمين
مغني المحتاج - (ج 1 / ص 495)
ويعودون على طريق المأزمين وهو بين الجبلين اقتداء به صلى الله عليه و سلم في ذلك.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[08 - 12 - 07, 03:08 م]ـ
المعنى المقصود بالمأزمين بين عرفة ومزدلفة
يتبن مما سبق من كلام العلماء رحمهم الله أن طريق المأزمين طريق ضيق بين جبلين، وهو ممتد من أول مزدلفة إلى عرنة، وهي سلسلة جبال صغيرة متصلة بينها طريق، فعندما يفيض الحاج من عرفة إلى مزدلفة من طريق المأزمين يقطع بطن عرنة ثم يبدأ في الطريق الذي بين الجبال وهوبداية المأزمين، ويسير مسافة طويلة وهو بين هذه الجبال حتى يصل إلى الجبلين وهي التي تسمى الأخشبان وبعدها مباشرة تبدأ مزدلفة وهي أرض منبسطة، فالطريق الذي بين سلسلة الجبال التي بين عرنة ومزدلفة هو طريق المأزمين، وقد تسمى مأزمي عرفة لأنها طريق عرفة ولأنها تمتد إلى قريب منها، وقد تسمى مأزمي مزدلفة لأنها تمتد إليها.
ومن تأمل نصوص العلماء وجدها لاتخرج عن ذلك
وهذه بعضها
جاء في كتاب المناسك للإمام الحربي ص 506 - 507:
((أول حد المزدلفة انقطاع محسر، حيال القرن (الذي على يمين الذاهب إلى عرفات) وآخرها انقضاء المأزمين، وليس المأزمين ومفضاهما قبل أن تدخل وأنت ذاهب إلى عرفات، وإذا كنت جائيا من عرفات إلى منى فأنت تصير بين جبلين، وهما المأزمان في ضيق، فإذا جاوزت المأزمين حتى تخرج منهما إلى الفضاء فذلك الفضاء أول المزدلفة، وأنت جاي من عرفات إلى حيال القرن، وهو الآن وأنت مقبل عن يسارك) انتهى.
فهنا تحديد واضح لحدود مزدلفة بأنها تبدأ من انقضاء المأزمين وهما الجبلان المسميان بالأخشبين، وتنتهي ببطن محسر.
وكذلك حدد المأزمين بأنهما جبلان تصير بينهما إذا أتيت من عرفة لمزدلفة وهما المأزمان في ضيق فتمشي في هذا الضيق بين المأزمين حتى تخرج منهما إلى أرض فضاء وهي مزدلفة.
وفي معجم البلدان - (5/ 40)
المأزمان تثنية المأزم من الأزم وهو العض ومنه الأزمة وهو الجدب كأن السنة عضتهم والأزم الضيق ومنه سمي هذا الموضع وهو موضع بمكة بين المشعر الحرام وعرفة وهو شعب بين جبلين يفضي آخره إلى بطن عرنة.
فبين الحموي أن طريق المأزمين هو شعب بين جبلين يبدأ من مزدلفة وينتهي إلى بطن عرنة.
قال النووي في تهذيب الاسماء
والمأزمان جبلان بين عرفات والمزدلفة بينهما طريق هذا معناهما عند الفقهاء فقولهم على طريق المأزمين أي الطريق التي بينهما.
وكلام الإمام النووي واضح جدا.
يتبع إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/238)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 12 - 07, 10:52 ص]ـ
ومما استدل به الشيخ الحميدي حفظه الله أثر عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.
قال الشيخ في رسالته ص 49 (الطبعة الثانية)
2 - عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.
((
عن يحيى بن سعيد، قال: كان عمر بن عبد العزيز واقفا بعرفة، فقال: أيها الناس، قد جئتم من القريب والبعيد، وإنكم وفد غير واحد، وإن السابق ليس الذي تسبق دابته، ولا بعيره، وإن السابق من غفر الله له ذنبه. فناداه رجل: أين أصلي المغرب؟ قال: أين أدركت من واديك هذا).
ووجه الدلالة منه هذا التعميم وهذا الفتح. فإذا جاز عرفة وعرنة فأمامه هذا الوادي كله من المشعر الحرام ففي أي مكان نزل فصلى فهو فيه.
قال في الحاشية (أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بسند صحيح).
وهذا الأثر لاحجة فيه لما ذهب إليه الشيخ الحميدي من عدة أوجه:
أولا: أن مما أخذ على خلفاء بني أمية صلاتهم للمغرب قبل وصولهم للمزدلفة.
ثانيا: قد ورد أن عمر بن عبدالعزيز كان يصلي قبل أن يصل مزدلفة، وهذا يدل على أنه لايرى هذا الوادي من المزدلفة.
جاء مصنف ابن أبي شيبة - (ج 3 / ص 684)
- في صلاة المغرب دون الجمع.
14219 - حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، قال: رأيت سعيد بن جبير، وحبيب بن أبي ثابت، ورجلا من قريش بعد ما أفاض الإمام عشية عرفة، فقام سعيد بن جبير فأذن، وأم القرشي بعد ما أفاض الإمام.
- حدثنا أبو بكر بن عياش، عن يحيى بن سعيد، قال: كان عمر بن عبد العزيز واقفا بعرفة، فقال: أيها الناس، قد جئتم من القريب والبعيد، وإنكم وفد غير واحد، وإن السابق ليس الذي تسبق دابته، ولا بعيره، وإن السابق من غفر الله له ذنبه. فناداه رجل: أين أصلي المغرب؟ قال: أين أدركت من واديك هذا.
14220 - حدثنا وكيع، عن شعبة، عن أبي شرقي، عن أبي عثمان النهدي؛ أنه صلى مع عمر سنتين المغرب دون جمع.
14221 - حدثنا وكيع، عن حسن بن صالح، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه صلى دون جمع بالأجبال.
14222 - حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر؟ قال: لا صلاة إلا بجمع.
14223 - حدثنا ابن مهدي، عن خالد بن أبي عثمان، قال: رأيت أبان بن عثمان صلى المغرب في الشعب قبل أن يأتي جمعا.
14224 - حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون، عن محمد؟ قال: لا أعلم الصلاة ليلة جمع إلا بجمع.
14225 - حدثنا ابن مهدي، عن السكن بن المغيرة، قال: صلى بنا سالم المغرب قبل أن يأتي جمعا.
14226 - حدثنا أبو الأحوص، عن ليث، عن مجاهد، قال: لا تصلى المغرب إلا بجمع، إلا أن تخطئ طريقا، أو تضل راحلتك.
14227 - حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: أرأيت إن صلاهما بالطريق؟ قال: لا بأس، قلت: أرأيت إن صلى المغرب في الطريق، والعشاء بجمع؟ قال: لا بأس.
14229 - حدثنا عائذ بن حبيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا أفاض من عرفات ربما صلى في الشعب الأيسر على الجبل.
14230 - حدثنا ابن أبي عدي، عن أشعث، عن الحسن، قال: يكره أن يصلي دون جمع، فإن فعل أجزأ عنه.
14231 - حدثنا ابن مهدي، عن زمعة، عن ابن طاووس، عن أبيه، أنه كان يكره الصلاة دون المزدلفة، إلا من ضرورة.
14232 - حدثنا ابن مبارك، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، قال: أخبرني أسامة بن زيد، قال: أفضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات، فلما كان ببعض الطريق قلت: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك.
14233 - حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر؛ أنه صلاهما بجمع.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري
(وأخرجه الفاكهي من وجه آخر عن ابن عمر من طريق سعيد بن جبير قال " دفعت مع ابن عمر من عرفة حتى إذا وازينا الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء المغرب دخله ابن عمر فتنفض فيه ثم توضأ وكبر فانطلق حتى جاء جمعا فأقام فصلى المغرب. فلما سلم قال: الصلاة ثم صلى العشاء "
وأصله في الجمع بجمع عند مسلم وأصحاب السنن وروى الفاكهي أيضا من طريق ابن جريج قال: قال عطاء " أردف النبي صلى الله عليه وسلم أسامة فلما جاء الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء الآن المغرب نزل فأهرق الماء ثم توضأ "
وظاهر هذين الطريقين أن الخلفاء كانوا يصلون المغرب عند الشعب المذكور قبل دخول وقت العشاء وهو خلاف السنة في الجمع بين الصلاتين بمزدلفة.
ووقع عند مسلم من طريق محمد بن عقبة عن كريب " لما أتى الشعب الذي ينزله الأمراء " وله من طريق إبراهيم بن عقبة عن كريب " الشعب الذي ينيخ الناس فيه للمغرب " والمراد بالخلفاء والأمراء في هذا الحديث بنو أمية فلم يوافقهم ابن عمر على ذلك.
وقد جاء عن عكرمة إنكار ذلك وروى الفاكهي أيضا من طريق ابن أبي نجيح سمعت عكرمة يقول: اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالا واتخذتموه مصلى. وكأنه أنكر بذلك على من ترك الجمع بين الصلاتين لمخالفته السنة في ذلك وكان جابر يقول: لا صلاة إلا بجمع أخرجه ابن المنذر بإسناد صحيح. ونقل عن الكوفيين وعند ابن القاسم صاحب مالك وجوب الإعادة وعن أحمد إن صلى أجزأه وهو قول أبي يوسف والجمهور) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/239)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 12 - 07, 02:20 م]ـ
قال الشيخ الحميدي ص 49 - 53 الطبعة الثانية
3 - عروة بن الزبير رحمه الله.
((عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير: أنه كان إذا أفاض من عرفات إنما يصلي في الشعب الأيسر على الجبل، وأنه كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة)).
ووجه الدلالة منه كما في سابقه. فإنه بمجرد الإفاضة من عرفات وخروجه منها ففي أي نزل من تلك الشعاب والجبال فهو المشعر الحرام. وأثر عروة هذا ترجم له مع آثار أخر الحافظ أبو بكر بن ابي شيبة: ((من كان يجمع بين الصلاتين بجمع)).
تتميم: جاء في حديث أسامة بن زيد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة مال إلى الشعب الأيسر فبال ثم توضأ وضوءا خفيفا)) فقال له أسامة: الصلاة. فقال: ((الصلاة أمامك)).
وهذا الشعب يظهر أنه شعب من تلك الشعاب المفضية إلى الوادي وادي عرنة المنحدرة من تلك الأجبل الصغيرة المشرفة على الوادي ويدل على ذلك أمور:
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل هذا الشعب مباشرة بعد خروجه من عرفة في هذه المنطقة الفاصلة بين المشعر الحلال عرفة والمشعر الحرام مزدلفة وهذه المنطقة هي الوادي وما عليه وإليه من جبال وشعاب وهذا ما تشعر به رواية الحديث كما هي عند البخاري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض من عرفة مال إلى الشعب فقضى حاجته)).
قال الحافظ في الفتح (وفي رواية أبي الوقت ((حين)) وهي أولى) فهذا يدل على أنه بمجرد ما خرج من عرفة مال إلى الشعب فدل على أنه قريب جدا من عرفة على ما تم تحريره.
وفي رواية محمد بن أبي حرملة لحديث أسامة عند البخاري ((فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال) 9فإذا جمعنا بين الروايتين رواية أنه حين أفاض مال إلى الشعب) ورواية (أن الشعب دون مزدلفة)) تركب من هذا دليل يدل على أن الشعب قريب من عرفة في الحد الفاصل بينها وبين مزدلفة.
الأمر الثاني: أن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لايدخل مكة إلا متطهرا بل وربما اغتسل مبالغة في ذلك.
قال الإمام البخاري (باب الاغتسال عند دخول مكة) وأخرج حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم من المدينة نزل بذي طوى وبات فلما أصبح اغتسل ودخل مكة، وكان ابن عمر يفعله).
وقال الترمذي أيضا (باب الاغتسال لدخول مكة) وأخرج الحديث. ثم قال الترمذي: ((وبه يقول الشافعي: يستحب الاغتسال لدخول مكة)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ك ((إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل عند دخول مة)، وقال الإمام البغوي (الاغتسال سنة لدخول مكة).
وكذلك هنا فلما خرج من مكة أرض الحرم إلى عرفة وهي حل لأجل الوقفة ونفر بعد ذلك وأراد دخول أرض الحرم مرة أخرى واحتاج إلى البول عدل إلى هذا الشعب بين عرفة وهي أرض حلال والمشعر الحرام وهو شعب على الوادي وهو أرض ليست بحرم خلة بين الحل والحرم نزل به فبال ثم توضأ وضوءا خفيفا لأنه يريد الصلاة الآن. فيكون وضوءا والله أعلم لأجل دخول مكة ((الحرم)) متطهرا. وليستصحب الطهارة لأنه في حالة ذكر وتلبية وتكبير. قاله الحافظ ابن حجر، فلما أراد الصلاة أسبغ الوضوء بعد.
قال الإمام البخاري (باب النزول بين عرفة وجمع) ثم أخرج حديث أسامة السابق وغيره.
الأمر الثالث: جاء في بعض كتب السيرة أن هذا الشعب يقال له شعب الأذاخر وأنه قريب جدا من عرفة على يسار الخارج منها. يفضي إلى بطن عرنة. انتهى.
وما ذكره الشيخ حفظه الله من الاستدلال بأثر عروة بن الزبير يرد عليه عدة أمور، منها أن ابن أبي شيبة ذكر كذلك عروة بن الزبير فيمن صلى قبل دخول مزدلفة ثم ذكره فيمن صلى في مزدلفة
جاء في المصنف لابن أبي شيبة
- في صلاة المغرب دون الجمع.
14229 - حدثنا عائذ بن حبيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا أفاض من عرفات ربما صلى في الشعب الأيسر على الجبل.
فلعل تردد ابن أبي شيبة في الاستدلال به على صلاة عروة بن الزبير في الموضعين أن هشاما ذكر أنه صلى بالجبل وليس بالشعب.
وهذا الجبل الذي على الشعب يقع على حدود مزدلفة فإن صلى في الجبل مقابل عرفة فقد صلى قبل جمع، وإن صلى في الجبل من جهة مزدلفة فقد صلى في مزدلفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/240)
وأما قول الشيخ الحميدي بعد ذلك (وهذا الشعب يظهر أنه شعب من تلك الشعاب المفضية إلى الوادي وادي عرنة المنحدرة من تلك الأجبل الصغيرة المشرفة على الوادي).
فهذا الكلام فيه نظر من عدة أوجه:
فالشعب هو ما تفرق بين الجبلين، والمقصود به هنا ما يسمى شعب المبال لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل فبال فيه، وهو قبل نهاية المأزمين من جهة مزدلفة على ما يسمى الأخشبين، وأما كونه في بطن عرنة فهذا بعيد جدا، وسيأتي مزيد توضيح لذلك بإذن الله تعالى.
ثم قال الشيخ
ويدل على ذلك أمور:
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل هذا الشعب مباشرة بعد خروجه من عرفة في هذه المنطقة الفاصلة بين المشعر الحلال عرفة والمشعر الحرام مزدلفة وهذه المنطقة هي الوادي وما عليه وإليه من جبال وشعاب وهذا ما تشعر به رواية الحديث كما هي عند البخاري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض من عرفة مال إلى الشعب فقضى حاجته)).
قال الحافظ في الفتح (وفي رواية أبي الوقت ((حين)) وهي أولى) فهذا يدل على أنه بمجرد ما خرج من عرفة مال إلى الشعب فدل على أنه قريب جدا من عرفة على ما تم تحريره.
وفي رواية محمد بن أبي حرملة لحديث أسامة عند البخاري ((فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال) فإذا جمعنا بين الروايتين رواية أنه حين أفاض مال إلى الشعب) ورواية (أن الشعب دون مزدلفة)) تركب من هذا دليل يدل على أن الشعب قريب من عرفة في الحد الفاصل بينها وبين مزدلفة.
وما ذكره الشيخ هنا بعيد، فهذا الشعب ليس بقريب من عرفة ولاهو واقع في عرنة
جاء في صحيح مسلم
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية - (ج 26 / ص 131)
بل يدخلون عرفات بطريق المأزمين.
وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي
أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة فلما افترقت له الطريقان طريق ضب وطريق المأزمين سلك طريق المأزمين وهي التي أحب أن يسلك الحاج وهي طريق الأئمة منذ كانوا.
قال الإمام أحمد:
ثنا يزيد بن هارون انا عبد الملك عن أنس بن سيرين قال كنت مع ابن عمر بعرفات فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأولى والعصر ثم وقف معه وأنا وأصحاب لي حتى أفاض الإمام فأفضنا معه حتى انتهينا إلى المضيق دون المأزمين فأناخ وأنخنا ونحن نحسب أنه يريد أن يصلي فقال غلامه الذي يمسك راحلته انه ليس يريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته فهو يحب أن يقضي حاجته.
وهو في مسند أحمد: ج2/ص131
فبعد أن يخرج من عرنة يجد طريقا تسمى طريق المأزمين وفيها جبال متعددة على اليمن واليسار حتى يصل إلى شعب يسمى شعب المبال وهو في آخر المأزمين قبل أن يدخل المزدلفة.
وفي حديث جابر ما يدل على مروره على جبال متعددة وعلى أنه كان يحث الناس على السكينة وكان يسير العنق وإذا وجد فجوة نص.
فكيف يتصور أن يكون هذا في مسافة قريبة جدا قد تكون نصف كيلو متر، وأين هي هذا الحبال التي ذكرها جابر رضي الله عنه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخي للقصواء فيها حتى تصعد، فهذا لايتصور أن يكون كله في بطن وادي عرنه.
ثم قال الشيخ بعد ذلك
الأمر الثالث: جاء في بعض كتب السيرة أن هذا الشعب يقال له شعب الأذاخر وأنه قريب جدا من عرفة على يسار الخارج منها. يفضي إلى بطن عرنة. انتهى.
قال في الحاشية (انظر إمتاع الأسماع (1/ 525).
وبعد الرجوع إلى الموضع الذي ذكره الشيخ تبين أن المقريزي لم يذكر ما يدل على قرب شعب الأذاخر من عرفة، وقد أرفقت صورة من الصفحة المحال عليها.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=52118&stc=1&d=1197371863
وأما ما ذكره المقريزي من كونه شعب الأذاخر فهو أمر غريب ولم أر من ذكره قبله، جاء في أخبار مكة للأزرقي (ج 2 / ص 296)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/241)
جبل الأذاخر جبل الأذاخر التي تلي جبل عمر تشرف على وادي مكة بالمسفلة وكانت تسمى في الجاهلية المذهبات وكانت تسمى الأعصاد.
فهو بعيد جدا عن مزدلفة وعرفة وهو قريب من المسجد الحرام.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 12 - 07, 02:26 م]ـ
قال الشيخ الحميدي ص 49 - 53 الطبعة الثانية
3 - عروة بن الزبير رحمه الله.
((عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير: أنه كان إذا أفاض من عرفات إنما يصلي في الشعب الأيسر على الجبل، وأنه كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة)).
ووجه الدلالة منه كما في سابقه. فإنه بمجرد الإفاضة من عرفات وخروجه منها ففي أي نزل من تلك الشعاب والجبال فهو المشعر الحرام. وأثر عروة هذا ترجم له مع آثار أخر الحافظ أبو بكر بن ابي شيبة: ((من كان يجمع بين الصلاتين بجمع)).
تتميم: جاء في حديث أسامة بن زيد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة مال إلى الشعب الأيسر فبال ثم توضأ وضوءا خفيفا)) فقال له أسامة: الصلاة. فقال: ((الصلاة أمامك)).
وهذا الشعب يظهر أنه شعب من تلك الشعاب المفضية إلى الوادي وادي عرنة المنحدرة من تلك الأجبل الصغيرة المشرفة على الوادي ويدل على ذلك أمور:
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل هذا الشعب مباشرة بعد خروجه من عرفة في هذه المنطقة الفاصلة بين المشعر الحلال عرفة والمشعر الحرام مزدلفة وهذه المنطقة هي الوادي وما عليه وإليه من جبال وشعاب وهذا ما تشعر به رواية الحديث كما هي عند البخاري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض من عرفة مال إلى الشعب فقضى حاجته)).
قال الحافظ في الفتح (وفي رواية أبي الوقت ((حين)) وهي أولى) فهذا يدل على أنه بمجرد ما خرج من عرفة مال إلى الشعب فدل على أنه قريب جدا من عرفة على ما تم تحريره.
وفي رواية محمد بن أبي حرملة لحديث أسامة عند البخاري ((فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال) 9فإذا جمعنا بين الروايتين رواية أنه حين أفاض مال إلى الشعب) ورواية (أن الشعب دون مزدلفة)) تركب من هذا دليل يدل على أن الشعب قريب من عرفة في الحد الفاصل بينها وبين مزدلفة.
الأمر الثاني: أن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لايدخل مكة إلا متطهرا بل وربما اغتسل مبالغة في ذلك.
قال الإمام البخاري (باب الاغتسال عند دخول مكة) وأخرج حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم من المدينة نزل بذي طوى وبات فلما أصبح اغتسل ودخل مكة، وكان ابن عمر يفعله).
وقال الترمذي أيضا (باب الاغتسال لدخول مكة) وأخرج الحديث. ثم قال الترمذي: ((وبه يقول الشافعي: يستحب الاغتسال لدخول مكة)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ك ((إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل عند دخول مة)، وقال الإمام البغوي (الاغتسال سنة لدخول مكة).
وكذلك هنا فلما خرج من مكة أرض الحرم إلى عرفة وهي حل لأجل الوقفة ونفر بعد ذلك وأراد دخول أرض الحرم مرة أخرى واحتاج إلى البول عدل إلى هذا الشعب بين عرفة وهي أرض حلال والمشعر الحرام وهو شعب على الوادي وهو أرض ليست بحرم خلة بين الحل والحرم نزل به فبال ثم توضأ وضوءا خفيفا لأنه يريد الصلاة الآن. فيكون وضوءا والله أعلم لأجل دخول مكة ((الحرم)) متطهرا. وليستصحب الطهارة لأنه في حالة ذكر وتلبية وتكبير. قاله الحافظ ابن حجر، فلما أراد الصلاة أسبغ الوضوء بعد.
قال الإمام البخاري (باب النزول بين عرفة وجمع) ثم أخرج حديث أسامة السابق وغيره.
الأمر الثالث: جاء في بعض كتب السيرة أن هذا الشعب يقال له شعب الأذاخر وأنه قريب جدا من عرفة على يسار الخارج منها. يفضي إلى بطن عرنة. انتهى.
وما ذكره الشيخ حفظه الله من الاستدلال بأثر عروة بن الزبير يرد عليه عدة أمور، منها أن ابن أبي شيبة ذكر كذلك عروة بن الزبير فيمن صلى قبل دخول مزدلفة ثم ذكره فيمن صلى في مزدلفة
جاء في المصنف لابن أبي شيبة
- في صلاة المغرب دون الجمع.
14229 - حدثنا عائذ بن حبيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا أفاض من عرفات ربما صلى في الشعب الأيسر على الجبل.
فلعل تردد ابن أبي شيبة في الاستدلال به على صلاة عروة بن الزبير في الموضعين أن هشاما ذكر أنه صلى بالجبل وليس بالشعب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/242)
وهذا الجبل الذي على الشعب يقع على حدود مزدلفة فإن صلى في الجبل مقابل عرفة فقد صلى قبل جمع، وإن صلى في الجبل من جهة مزدلفة فقد صلى في مزدلفة.
وأما قول الشيخ الحميدي بعد ذلك (وهذا الشعب يظهر أنه شعب من تلك الشعاب المفضية إلى الوادي وادي عرنة المنحدرة من تلك الأجبل الصغيرة المشرفة على الوادي).
فهذا الكلام فيه نظر من عدة أوجه:
فالشعب هو ما تفرق بين الجبلين، والمقصود به هنا ما يسمى شعب المبال لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل فبال فيه، وهو قبل نهاية المأزمين من جهة مزدلفة على ما يسمى الأخشبين، وأما كونه في بطن عرنة فهذا بعيد جدا، وسيأتي مزيد توضيح لذلك بإذن الله تعالى.
ثم قال الشيخ
ويدل على ذلك أمور:
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل هذا الشعب مباشرة بعد خروجه من عرفة في هذه المنطقة الفاصلة بين المشعر الحلال عرفة والمشعر الحرام مزدلفة وهذه المنطقة هي الوادي وما عليه وإليه من جبال وشعاب وهذا ما تشعر به رواية الحديث كما هي عند البخاري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض من عرفة مال إلى الشعب فقضى حاجته)).
قال الحافظ في الفتح (وفي رواية أبي الوقت ((حين)) وهي أولى) فهذا يدل على أنه بمجرد ما خرج من عرفة مال إلى الشعب فدل على أنه قريب جدا من عرفة على ما تم تحريره.
وفي رواية محمد بن أبي حرملة لحديث أسامة عند البخاري ((فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال) فإذا جمعنا بين الروايتين رواية أنه حين أفاض مال إلى الشعب) ورواية (أن الشعب دون مزدلفة)) تركب من هذا دليل يدل على أن الشعب قريب من عرفة في الحد الفاصل بينها وبين مزدلفة.
وما ذكره الشيخ هنا بعيد، فهذا الشعب ليس بقريب من عرفة ولاهو واقع في عرنة
جاء في صحيح مسلم
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية - (ج 26 / ص 131)
بل يدخلون عرفات بطريق المأزمين.
وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي
أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة فلما افترقت له الطريقان طريق ضب وطريق المأزمين سلك طريق المأزمين وهي التي أحب أن يسلك الحاج وهي طريق الأئمة منذ كانوا.
قال الإمام أحمد:
ثنا يزيد بن هارون انا عبد الملك عن أنس بن سيرين قال كنت مع ابن عمر بعرفات فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأولى والعصر ثم وقف معه وأنا وأصحاب لي حتى أفاض الإمام فأفضنا معه حتى انتهينا إلى المضيق دون المأزمين فأناخ وأنخنا ونحن نحسب أنه يريد أن يصلي فقال غلامه الذي يمسك راحلته انه ليس يريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته فهو يحب أن يقضي حاجته.
وهو في مسند أحمد: ج2/ص131
فبعد أن يخرج من عرنة يجد طريقا تسمى طريق المأزمين وفيها جبال متعددة على اليمن واليسار حتى يصل إلى شعب يسمى شعب المبال وهو في آخر المأزمين قبل أن يدخل المزدلفة.
وفي حديث جابر ما يدل على مروره على جبال متعددة وعلى أنه كان يحث الناس على السكينة وكان يسير العنق وإذا وجد فجوة نص.
فكيف يتصور أن يكون هذا في مسافة قريبة جدا قد تكون نصف كيلو متر، وأين هي هذا الحبال التي ذكرها جابر رضي الله عنه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخي للقصواء فيها حتى تصعد، فهذا لايتصور أن يكون كله في بطن وادي عرنه.
ثم قال الشيخ بعد ذلك
الأمر الثالث: جاء في بعض كتب السيرة أن هذا الشعب يقال له شعب الأذاخر وأنه قريب جدا من عرفة على يسار الخارج منها. يفضي إلى بطن عرنة. انتهى.
قال في الحاشية (انظر إمتاع الأسماع (1/ 525).
وبعد الرجوع إلى الموضوع الذي ذكره الشيخ تبين أن المقريزي لم يذكر ما يدل على قرب شعب الأذاخر من عرفة، وقد أرفقت صورة من الصفحة المحال عليها.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=52118&stc=1&d=1197371863
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/243)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 12 - 07, 03:12 م]ـ
نهاية المطاف:
لعل هذا الرد يكون آخر الردود التي أكتبها في هذه المسودة، وأسال الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى.
ولعلي اذكر بعض الفوائد التي تتعلق بالموضوع السابق:
مجلة المنار - (ج 20 / ص 192) الكاتب: محمد رشيد رضا
وقالوا: حد الحرم من المأزمين (بكسر الزاي) وهو مضيق بين عرفة
ومزدلفة، وهناك علمان مبنيان في أول حدود عرفة، جُعلا علامة على حد الحرم،
فما كان شرقيهما من عرفة وما وراءها فهو من الحل، وما كان قبلهما من جهة
الغرب من بطن عرنة ومزدلفة ومنى فهو من الحرم، ويوجد ميلان آخران في أول
حد مزدلفة من جهة الغرب، فما بين العلمين والميلين هو وادي عرنة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة - 1 -
ج: أولا: تبدأ مزدلفة غربا من وادي محسر، وتنتهي شرقا بأول المأزمين من جهتها، وقدر ما بينهما سبعة آلاف ذراع وسبعمائة ذراع وثمانون ذراعا وأربعة أسباع ذراع 7780 4\ 7 ذراع.
وفي مجلة مجمع الفقه الإسلامي
حدود مزدلفة
1112 - أما حدود مزدلفة من قرار لجنة وزارة العدل والإشراف الديني وهيئات الأمر بالمعروف ووزارة الحج ومندوب أمانة العاصمة المقدسة المشكلة من قبل وكيل وزارة الحج برقم 522/ 1 في 28/ 1/1393 هـ فقرر لحدود مزدلفة بقراره المؤرخ في 25/ 3/1393 هـ ما يلي:
(جـ) ظهر أن مبتدأ حد مزدلفة مما يلي منى هو ضفة وادي محسر الشرقية ليكون الوادي المذكور فاصلا بينها وبين منى، فإذا وصل الوادي المذكور إلى جبل منى الجنوبي، وتغير اتجاهه من الجنوب إلى الشرق جاعلا الجبل المذكور يمينه ومزدلفة يساره، ثم فاض مع سفح الجبل المسمى "دقم الوبر"، حيث يعتدل اتجاهه إلى الجنوب (كما كان)، فظهر أن ضفة الوادي الشمالية هي حد مزدلفة من هذه الجهة.
كما ظهر أن حد مزدلفة مما يلي عرفات هو مفيض المأزمين مما يليها (يلي مزدلفة)، كما أن حدها من طريق ضب ما يسامت مفيض المأزمين، وقد وجدنا أعلاما فأبقيناها، وأوصينا بأن تجعل الأعلام الجديدة بجانبها، هذا هو حد الطول. أما حد مزدلفة العرضي فما بين هذين الجبلين الكبيرين هو مزدلفة.
فظهر لنا أن ما بين حدي مزدلفة طولا وما بين حديها عرضا من الشعاب والهضاب والقلاع والروابي ووجوه الجبال؛ كلها تابعة لمشعر مزدلفة وداخل في حدودها.
وذلك استنادا إلى النصوص التي قمنا بتطبيقها على الحدود المذكورة حين الوقوف والمشاهدة، ومن تلك النصوص ما يلي:
روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وقفت هاهنا وجمع كلها موقف)).
وروى الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((المزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر)).
وروى ابن جرير في تفسيره قال: "عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "ما بين الجبلين اللذين بجمع مشعر".
وقال في المغني "وحد مزدلفة ما بين وادي محسر ومأزمي عرفة إلى قرن محسر، وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب ففي أي موضع وقف أجزأ".
وقال الأزرقي: "حد مزدلفة ما بين وادي محسر ومأزمي عرفة، وليس الحدان من المزدلفة، فجميع تلك الشعاب القوابل والظواهر والجبال الداخلة في الحد المذكور".
هذا ما قررناه بخصوص حدود هذين المشعرين العظيمين: منى ومزدلفة. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
بعد هذا أثير موضوع حدي مزدلفة الشمالي الغربي والجنوبي الغربي، ودرس من عدة لجان، وأخيرا درس من هيئة كبار العلماء واشتركت معهم أنا محرر هذه الأسطر (عبد الله بن عبد الرحمن البسام)، وقائمقام العاصمة المقدسة شاكر بن هزاع، والشريف محمد بن فوزان الحارثي، بصفتهما من أهل البلاد وصاحبا خبرة ودراية بهذه الديار.
وعقد في نفس الحدود مخيم اجتمع غالب أعضاء هيئة كبار العلماء، وأقاموا فيه يومين وقفوا على الحدود ودرسوا الموضوع بما أعد فيه من نصوص وقرارات سابقة وتداولوا الرأي، وذلك برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/244)
وبعد هذا صدر من المجلس القرار الذي ننقل منه الغرض المطلوب في الموضوع وهو: استمع المجلس إلى نصوص العلماء في تحديد مزدلفة، ورجع إلى محاضر اللجان السابقة، فاطلع على قرار اللجنة المؤرخ في 25/ 2/1393 هـ، الموقع من مندوب وزارة العدل ورئاسة الإشراف الديني بالمسجد الحرام والرئاسة العام للهيئات بالحجاز ووزارة الحج وبلدية منى.
واطلع على المحضر المؤرخ في 11/ 10/1396 هـ الموقع من رئيس المحكمة الكبرى بمكة وعضو هيئة التمييز وقائمقام العاصمة ومندوب إمارة مكة ومندوب أمانة العاصمة الخاص بالحد الجنوبي الغربي لمزدلفة.
واطلع على المحضر الموقع في 3/ 11/1402 هـ من فضيلة الشيخ سليمان بن عبيد وفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع وفضيلة الشيخ عبد الله بن بسام، والخاص بالحدين الشمالي والغربي والجنوبي الغربي لمزدلفة.
وانتهى المجلس بالأكثرية على ما رأته اللجنة السابقة في محضر 11/ 10/1396 هـ أن الحد للجهة الجنوبية الغربية من هذا المشعر يبتدئ من الجهة الشمالية بالجبل المسمى "بقرن" الواقع شرقي وادي محسر والمقابل لدقم الوبر، فيقع دقم الوبر عنه غربا شمالا ويمتد الحد من جهة الجنوب من قمة القرن المذكور إلى خشم الجبل الذي يقع في نهاية الجبال الممتدة من مزدلفة جهة الجنوب، فكل ما وقع شرقي هذا الحد يعتبر من مشعر مزدلفة، وما كان غربيه فهو خارج عنها، وبهذا يتضح أن جزءا كبيرا من حدائق أمانة العاصمة الموجودة هناك داخل في حدود مزدلفة.
وتقترح اللجنة أن الأعلام الموضوعة في الجانب الشرقي الشمالي من وادي محسر يوضع أعلام مماثلة لها بمحاذاتها حتى تصل إلى خشم الجبل الجنوبي الموضح أعلاه. انتهى ما يتصل بحدود مزدلفة من هذا القرار.
المعارضون
1113 - توقف عن التحديد جملة وتفصيلا بعض الأعضاء وبعضهم غائب، ولكن حصل القرار المذكور بأكثرية المجلس ممن تم بهم النصاب وعارض في الحد الجنوبي الغربي:
1 - الشيخ محمد بن جبير.
2 - الشيخ عبد الله بن منيع.
3 - الشيخ عبد الله بن بسام (محرر هذه الأسطر).
ويرون أنه - كما نص العلماء - جميع الحد الغربي لمزدلفة هو " وادي محسر " وأن الحد الجنوبي لمزدلفة هو جبالها الجنوبية المنحرفة خشما جبل مزدلفة الجنوبي، فإذا حاذى الوادي خشم الجبل ثم الحد الجنوبي الغربي لمزدلفة بمحاذاة الوادي لخشم الجبل الغربى، وتسمى تلك الجبال الجنوبية لمزدلفة "جبال المريخيات". وبهذا تكون حدائق أمانة العاصمة كلها داخلة في حدود مزدلفة.
هذا ما نقرره ونعتقده ونرى أن النصوص تدل عليه. والله من وراء القصد.
أما الحد الشمالي الغربي لمزدلفة فقد قرر هيئة كبار العلماء عنه قرارا نأخذ منه قدر موضع الحاجة بما يلي:
في الدورة العشرين لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في الطائف من الخامس والعشرين في شوال حتى السادس من ذي القعدة عام 1402 هـ، نظر المجلس في مزدلفة من الناحية الشمالية الغربية بناء على الأمر السامي رقم 11148 في 12/ 5/1402 هـ. واستمع المجلس إلى نصوص العلماء في تحديد مزدلفة، ورجع إلى محاضر اللجان السابقة، واطلع المجلس على المحضر المؤرخ في 3/ 11/1402 هـ والموقع من فضيلة الشيخ سليمان بن عبيد وفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع وفضيلة الشيخ عبد الله بن بسام، والخاص بالحدين الشمالي الغربي والجنوبي الغربى.
وفي الدورة الواحدة والعشرين أعاد بحث الموضوع فرأى أن البت فيه ينبغي أن يكون بعد وقوف المجلس على الموقع وتطبيق كلام أهل العلم.
وفي الدورة الاستثنائية السادسة المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من يوم الأربعاء الموافق 3/ 5/1403 هـ حتى يوم الأحد الموافق 7/ 5/1403 هـ رجع المجلس إلى كلام أهل العلم مرة أخرى، وإلى محاضر اللجان السابقة، ووقف في المكانين المذكورين عدة مرات واستمع إلى ما لدى كل من فضيلة الشيخ عبد الله ابن بسام والشريف شاكر بن هزاع والشريف محمد بن فوازان الحارثي وانتهى بعد ذلك إلى ما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/245)
نظرا إلى أن العلماء قد نصوا على أن حد منى من الجهة الشرقية وادي محسر وحد مزدلفة من الجهة الغربية الوادى نفسه، ونصوا أيضًا على أن حد مزدلفة شمالا جبل ثبير، وحيث أن جبل ثبير ينعطف شمالا قبل أن يصل إلى وادي محسر، فإن المجلس بالأكثرية يرى أن الحد يمتد غربا من منعطف ثبير مارًّا بجنوبي الجبل المقابل لمنعطف ثبير إلى وادي محسر، فما أقبل من الجبال جنوبا فهو من مزدلفة، وما أدبر شمالا فهو خارج عنها. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
رقم القرار - 105 - وتاريخه 7/ 5/1403 هـ.
وسبق قرار الحد الغربي الجنوبي بالقرار رقم 106 في 7/ 5/1403.اهـ.
وتأكد هذان القراران بالموافقة السامية بخطاب موجه من رئيس مجلس الوزراء إلى وزير الداخلية برقم 4/ 986/م في 30/ 4/1404 هـ. وجاء فيه.
نخبركم بموافقتنا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء بقراريه رقم 105 - 5/ 106 في 7/ 5/1403 هـ بالأكثرية من حيث تحديد مزدلفة من الناحيتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، وعلى وزارتكم إنفاذ مقتضاه وقد زودنا الجهات المعنية بنسخة من أمرنا هذا للاعتماد فأكملوا ما يلزم بموجبه.
رئيس مجلس الوزراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
ومن الأدلة كذلك أنهم كانوا يوقدون النار على جبل قزح المجاوز للمسجد المبني في المشعر الحرام حتى يراه الناس في الليل عندما يفيضون من عرفة، ولو كانت المزدلفة تبدأ من قبل ذلك لأوقدوا النار عندها.
وأخرج الأزرقي عن إسحق بن عبد الله بن خارجة عن أبيه قال: لما أفاض سليمان بن عبد الملك بن مروان من المأزمين نظر إلى النار التي على قزح فقال لخارجة بن زيد: يا أبا زيد من أوّل من صنع النار ههنا؟ قال خارجة: كانت في الجاهلية وضعها قريش، وكانت لا تخرج من الحرم إلى عرفة وتقول: نحن أهل الله قال خارجة: فاخبرني رجال من قومي أنهم رأوها في الجاهلية وكانوا يحجون، منهم حسان بن ثابت في عدة من قومي قالوا: كان قصي بن كلاب قد أوقد بالمزدلفة ناراً حيث وقف بها حتى يراها من دفع من عرفات.
تم المقصود بحمد الله تعالى
ومن أراد المداخلة فيما يتعلق بهذه المسألة فيمنكه المشاركة في هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=715549#post715549(87/246)
قول الماوردي (وحكي عن داود) هل يقصد به داود الظاهري
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:19 م]ـ
أرجو الرد في أقرب وقت ...
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[03 - 12 - 07, 06:49 ص]ـ
ليس كل ما ينقله الماوردي عن (ابن داود) فالمراد به الإمام محمد بن داود الظاهري كما يتصور البعض.
فالذي ينقل عنه الماوردي في الأكثر هو محمد بن داود أبو بكر المروزي الصيدلاني الشافعي، وهو الذي شرح كتاب المختصر للمزني، وكنيته واسمه واسم أبيه كمحمد بن داود الظاهري تماماً، فقد يقال: قال أبو بكر بن داود: ويراد منه المروزي الصيدلاني الشافعي، لا الظاهري.
فتوهم بعض أصحابنا أن الإمام ابن داود الظاهري له شرح لكتاب المزني المختصر؛ لأن الماوردي ذكره في مقدمته، وذكر أن ابن داود اعترض على المزني في مقدمته للكتاب من جهة لغوية وغير ذلك.
والذي انتقد مقدمة المزني هو صاحبهم محمد بن داود أبو بكر المروزي المعروف الصيدلاني، مات سنة 427 هـ، وله شرح ضخم على المختصر، كما هو معلوم عند الشافعيين.
فعبارة الماوردي هناك فيها شدة مع ابن داود هذا، وكذلك في كثير من المواضع، وهو يريد صاحبهم لا الظاهري؛ لأنه يتهم بحب بلوغ الدرجة الرفيعة يعني على أمثال المزني وغيره من العلماء كما هي ظاهر عبارته في مقدمته، فكأن الخصومة ظاهرة بينهما، فلا يلتفت لما غمزه به، وإنما يلتفت لبيان شخصية ابن داود الذي يتكلم فيه وعنه الماوردي في كتابه (الحاوي الكبير).
الثانية: ينقل الماوردي استدلالات كثيرة لداود، ويقول: قال داود بكذا، واستدل بكذا، ثم يذكر الدليل، ثم يقول: وقال: أي داود.
وهذا الشيء انفرد به الماوردي عن غيره من علماء المذاهب، بمعنى أنه أكثر من نقل استدلالات داود، رغم نقل ابن عبد البر لبعض استدلالاته، وكذلك ابن حزم، لكن الماوردي انفرد بالشيء الكثير، رغم أنه يخلط استدلال داود باستدلال غيره أحيانا، أو يغير صيغة الاستدلال حتى يخرج الاستدلال من الاستدلال النصي، إلا الاستدلال القياسي.
وستجد ذلك حين تقارن استدلال داود عنده، واستدلال داود عند ابن حزم، فداود يسوق أحيانا بعد استدلاله مسائل وأجوبة على قول المذاهب، في بيان عدم الفرق بين كذا وكذا، ومسائل هي أشبه بطريقة أهل القياس، حتى جعل داود يخرج عن كونه ظاهرياً، إلى كونه أرأيتياً، وهذا ينبغي الحذر منه.
والذي أراه: هو ما قلته آنفاً، فداود يسوق ما ذكره الماوردي على سبيل الإنكار، فيقول لمن قاس كذا بكذا، أنه لا فرق بينهما في كذا، ويحاول رد قول القائس بمثله، كما يفعل ابن حزم، حتى فهمه بعض طلبة العلم أو العلماء أن ابن حزم يقول بالقياس وهو يبطله! فهذه المسائل ينبغي الحرص فيها عند تحريرها، ويكفيكم إن شاء الله ما حررته وفق أصول فقه داود رحمه الله، فقد أعدت صياغة هذا الاستدلال بما يوافق أصول داود المعلومة عند أصحابه، ونبهت على ما أعدت صياغته.
###
ـ[العوضي]ــــــــ[06 - 01 - 08, 04:30 م]ـ
بارك الله فيك على هذه الإضافة القيمة(87/247)
من لي بأقوال أهل العلم في الصلاة إلى هواء الكعبة؟ خاصة أقوال الأئمة الأربعة رحمهم الله
ـ[ابن خليفة]ــــــــ[17 - 11 - 07, 02:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني بارك الله فيكم
من لي بأقوال أهل العلم في الصلاة إلى هواء الكعبة؟ خاصة أقوال الأئمة الأربعة رحمهم الله
وأين اجدها "المراجع" إن امكن نفع الله بكم
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[17 - 11 - 07, 05:09 م]ـ
جاءت هذه المسألة في كتب الفقهاء , بل ذكروا الإجماع عليها كما سوف ترا , ومن كتب فقهاء المذاهب الأربعة:
ما قاله الشبلي في حاشيته على تبيين الحقائق من كتب الحنفية - عند قول صاحب المتن: (وللمكي فرضه إصابة عينها): قوله: إصابة عينها ... أي: إصابة عين الكعبة بأنه لو أُخْرج خطٌ مستقيمٌ منه وقع على الكعبة أو هوائها إذ القبلة هي العرصة إلى عنان السماء حتى لو رفع البناء وصلى إلى هوائه جاز بالإجماع , وكذا لو صلى على أبي قبيس جاز وهو أعلى من البناء) , أنظر حاشية الشلبي على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/ 100.
وقال الشيخ عليش في شرح المختصر: (فإن قيل صحة صلاة مَنْ على أبي قبيس ونحوه من الجبال المحيطة بمكة المشرفة مشكلة لارتفاعها عن البيت ومن بمكة ونحوها وشرط صحة صلاته استقبال عين الكعبة؟ , قلت: صحتها بناء على الاكتفاء باستقبال هوائها وهو متصل منها إلى السماء , وأيضًا استقبالها مع الارتفاع عنها ممكن كإمكانه ممن على الأرض) , أنظر منح الجليل شرح مختصر خليل 1/ 365.
وقال النووي في شرح المهذب: (قال أصحابنا: لو وقف على أبي قبيس أو غيره من المواضع العالية على الكعبة بقربها صحت صلاته بلا خلاف ; لأنه يعد مستقبلا) , , انظر المجموع شرح المهذب 3/ 199.
وفي المنتهى وشرحه للبهوتي: ((ولا يضر علو) عن الكعبة , كالمصلي على جبل أبي قبيس (و) لا يضر (نزول) عنها , كمن في حفرة في الأرض , فنزل بها عن مسامتتها , لأن الجدار لا أثر له , والمقصود البقعة وهواؤها) , انظر دقائق أولي النهى 1/ 170.
ـ[أبو إبراهيم الزاحم]ــــــــ[18 - 11 - 07, 08:24 ص]ـ
* الطواف في السطح والسعي فوق سطح المسعى:
أصدرت هيئة كبار العلماء فتوى بجواز السعي عند الحاجة فوق سقف المسعى قياساً على جواز الطواف حول الكعبة في أروقة المسجد الحرام وفي سطوحه، وعلى جواز الصلاة الصلاة إلى هواء الكعبة ممن كان في مرتفع عن بنائها كمن في الطائف مثلاً ن وعلى صحة الطواف والرمي فوق دابة ونحوها، لأن ذلك لا يخرج عن مسمى السعي فهو سعي بين الصفا والمروة، وأما إذا لم يكن ثم حاجة بأن كان السعي في وقت لا ازدحام فيه فإن الاحتياط لكمال العبادة يقضي بعدم ذلك خروجا من خلاف من منعه، ولانتفاء العذر المبرر للجواز. (فتاوي الشيخ ابن منيع 3/ 81)
أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص40 - 42
قرار هيئة كبار العلماء
رقم (21) وتاريخ 12/ 11/1393هـ
حكم السعي فوق سقف المسعى
هيئة كبار العلماء 22/ 8/1426
26/ 09/2005
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فبناء على الخطاب الوارد لفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من معالي وزير العدل رقم (267) وتاريخ 23/ 3/1393هـ المبني على خطاب سمو نائب وزير الداخلية رقم (26/ 10612) وتاريخ21/ 3/1393هـ بخصوص الرغبة في إبداء الحكم الشرعي في (حكم السعي فوق سقف المسعى) ليكون وسيلة من وسائل علاج ازدحام الحجاج أيام الموسم، وبناء على ما رآه فضيلته من إدراج هذا الموضوع في جدول أعمال هيئة كبار العلماء في دورتها الرابعة فقد تم إدراج ذلك، وفي تلك الدورة جرى الاطلاع على أوراق المعاملة المتعلقة بالاستفتاء، كما جرى الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة المسألة، واستعراض أقوال أهل العلم في حكم الطواف والسعي والرمي راكباً، والصلاة إلى هواء الكعبة أو قاعها، وكذا حكم الطواف فوق أسطحة الحرم وأروقته، وحكمهم بأن من ملك أرضاً ملك أسفلها وأعلاها.
وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة، بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، وأن لا يخرج عن مسامتة المسعى عرضاً لما يأتي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/248)
1 - لأن حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص ونحوهما، فللسعي فوق سقف المسعى حكم السعي على أرضه.
2 - لما ذكره أهل العلم من أنه يجوز للحاج والمعتمر أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكباً لعذر باتفاق، ولغير عذر على خلاف من بعضهم، فمن يسعى فوق سقف المسعى يشبه من يسعى راكباً بعيراً ونحوه، إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه، وعلى رأي من لا يرى جواز السعي راكباً لغير عذر، فإن ازدحام السعاة في الحج يعتبر عذراً يبرر الجواز.
3 - أجمع أهل العلم على أن استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها، بناء على أن العبرة بالبقعة لا بالبناء، فالسعي فوق سقف المسعى كالسعي على أرضه.
4 - اتفق العلماء على أنه يجوز الرمي راكباً وماشياً، واختلفوا في الأفضل منهما، فإذا جاز رمي الجمرات راكباً جاز السعي فوق سقف المسعى، فإن كلاً منهما نسك أدي من غير مباشرة مؤدية للأرض التي أداه عليها، بل السعي فوق السقف أقرب من أداء أي شعيرة من شعائر الحج أو العمرة فوق البعير ونحوه؛ لما في البناء من الثبات الذي لا يوجد في المراكب.
5 - لأن السعي فوق سقف المسعى لا يخرج عن مسمى السعي بين الصفا والمروة؛ ولما في ذلك من التيسير على المسلمين والتخفيف مما هم فيه من الضيق والازدحام، وقد قال الله تعالى:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"،وقال تعالى:"وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78]، مع عدم وجود ما ينافيه من كتاب أو سنة، بل إن فيه ما تقدم من المبررات ما يؤيد القول بالجواز عند الحاجة.
وقد ذكر ابن حجر الهيثمي-رحمه الله- رأيه في المسألة: فقال في حاشيته على [الإيضاح] لمحي الدين النووي ص (131): (ولو مشى أو مَرَّ في هواء المسعى فقياس جعلهم هواء المسجد مسجداً، صحة سعيه. اهـ
أما المشائخ: محمد بن حركان، وعبد العزيز بن صالح، وسليمان بن عبيد، وصالح بن لحيدان، وعبد الله بن غديان، وراشد بن خنين-فقد توقفوا في هذه المسألة.
وأما الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فيرى عدم جواز ذلك، وله وجهة نظر في المنع مرفقة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[ابن خليفة]ــــــــ[30 - 11 - 07, 08:16 ص]ـ
نفع الله بكم وبعلمكم
وجزاكم الله خيرا(87/249)
من يحل هذا الاشكال في فتوى سماحة الشيخ ابن باز؟؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 08:09 ص]ـ
حكم من شك هل أتم سبعة أشواط أم لا
ما حكم من لم يدقق في طواف القدوم أي ساوره شك في أنه أتم سبعة أشواط أو لم يتم ثم سعى؟
إذا كان الشك طرأ عليه بعد الطواف أو حين الانصراف من الطواف فالشك الطارئ لا يلتفت إليه، أما إذا كان الشك وهو يطوف فالواجب أن يتمم، فإذا شك هل طاف ستة أو سبعة فعليه أن يكمل السابع، أما إذا كان الشك لم يطرأ إلا بعد ذلك، وهو فيما يظهر له أن مكمل ثم جاءه الشيطان وشككه فيما بعد، فليس على التشكيك عمل، وعليه إذا كان الشك من حين الطواف أن يعيد الطواف، إن كان طواف القدوم لمن جاء من بلاد خارجية، وطواف القدوم من البلاد الخارجية يجزئه عنه طواف الإفاضة بعد ذلك إذا كان قارناً أو مفرداً وبقي على إحرامه فإن طوافه بعد الحج يكفيه عن طواف القدوم، أما إذا كان متمتعاً وطاف طواف القدوم ولم يجزم تلك الساعة فإنه يعتبر كأنه ما طاف، لكن يكون قارناً إذا كان متمتعاً وأحرم بالحج يكون قارناً؛ لأن طوافه يعتبر لاغياً، أما إذا كان الشك طرأ بعد ذلك فلا يعتبر هذا الشك؛ لأن الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه
الفتاوى 17/ 225
الاشكال حفظكم الله هو في احرامه بالحج وهو مازال متلبسا بالعمرة!!
ومعلوم أن عائشة رضي الله عنها لما قرنت الحج والعمرة وهي
في أصل احرامها متمتعة .. انما قرنت لأنها لم تنهي مناسك العمرة بعد
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[18 - 11 - 07, 08:49 ص]ـ
.. انما قرنت لأنها لم تنهي مناسك العمرة بعد
السلام عليكم ورحمة الله
طيب وهذا لم ينه العمرة بعد لأن طوافه ناقص ولم يتم!!
والله أعلم
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 12:03 م]ـ
جزاك الله خيرا
لكني أعنقد أن هناك فرقاً بين من أحرم بالعمرة لكنها لم يشرع
في أعمالها فمثل هذا ان احتاج جاز له أن يقرن الحج والعمرة
كما في قصة عائشة رضي الله عنها ,,
أما من أحرم بالعمرة ثم طاف وسعى و حلق أو قصر فكيف
يقرن الحج والعمرة وعمرته أصلاً فاسدة و لازالت في ذمته
وليس له رفضها ...
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:02 م]ـ
قال المرداوي في الانصاف 3/ 395
لو شرع في طواف العمرة لم يصح ادخال الحج عليها كما لو سعى
الا لمن معه هدي فإنه يصح ويصير قارنا ا. هـ
قال النووي في المجموع:
لو أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم أدخله عليها في أشهره فإن لم يكن شرع في شيء من طوافها صح , وصار قارنا بلا خلاف و إن كان قد شرع فيه وخطى منه خطوة لم يصح إحرامه بالحج بلا خلاف وإن وقف عند الحجر الأسود للشروع في الطواف , ولم يمسه ثم أحرم بالحج صح وصار قارنا ; لأنه لم يتلبس بشيء من الطواف ..
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:04 م]ـ
ثم وجدت النووي بعد ذلك
يذكر مسألتنا وهي فيما اذا كانت العمرة فاسدة
قال رحمه الله:
هذا كله إذا كانت العمرة التي أدخل عليها الحج صحيحة , فإن كانت فاسدة بأن أفسدها بجماع ثم أدخل عليها حجا ففي صحة إدخاله ومصيره محرما بالحج وجهان مشهوران , ذكرهما المصنف بدليلهما: (أصحهما) عند الأكثرين يصير محرما , وبه قال ابن سريج والشيخ أبو زيد (والثاني) لا يصير وصححه صاحب البيان , وإن قلنا: يصير فهل يكون حجه صحيحا مجزئا؟ فيه وجهان: (أحدهما) نعم , لأن المفسد متقدم , (وأصحهما) لا , لأنه تابع لعمرة فاسدة فعلى هذا هل ينعقد فاسدا من أصله؟ أم صحيحا ثم يفسد؟ فيه وجهان: (أحدهما) ينعقد صحيحا ثم يفسد , كما لو أحرم فجامع فإنه ينعقد صحيحا ثم يفسد على أحد الأوجه , كما سنذكره في موضعه إن شاء الله - تعالى - (وأصحهما) ينعقد فاسدا , إذ لو انعقد صحيحا لم يفسد إذا لم يوجد بعد انعقاده مفسد
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:19 م]ـ
قال ابن قدامة في المغني:
وكل متمتع خشي فوات الحج فإنه يحرم بالحج ويصير قارنا وكذلك المتمتع الذي معه هدي
فإنه لا يحل من عمرته بل يهل بالحج معها فيصير قارنا
ولو أدخل الحج على العمرة قبل الطواف من غير خوف الفوات جاز وكان قارنا بغير خلاف
وقد فعل ذلك ابن عمر ورواه عن النبي صلى الله عليو وسلم فأما بعد الطواف فليس له ذلك ولا يصير قارنا
وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وروي عن عطاء وقال مالك يصير قارنا وحكي ذلك عن أبي حنيفة لأنه أدخل الحج على إحرام العمرة فصح كما قبل الطواف ولنا إنه شارع في التحلل من العمرة فلم يجز إدخال الحج عليها
كما لو سعى بين الصفا والمروة
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:27 م]ـ
وفي حاشي البجيرمي:
قوله (أو كان محرما إحراما فاسدا) وصورته أن يحرم بعمرة ويفسدها ثم يدخل عليها الحج فيكون إحرامه بالحج في هذه الحالة فاسدا ويلزمه المضي فيه
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:45 م]ـ
بعد هذه النقولات أيها الأفاضل ,
تبين التفريق بين من شرع في أعمال العمرة ومن لم يشرع
فمن لم يشرع في الطواف جاز له أن يقرن ,
وأما من شرع فهنا أمران
الأول: أن تكون هذه العمرة صحيحة فعند الشافعية والحنابلة ليس له ذلك
وقال مالك يصير قارنا وحكي ذلك عن أبي حنيفة لأنه أدخل الحج على إحرام العمرة فصح كما قبل الطواف.
الأمر الثاني: أن تكون العمرة فاسدة ففي صحة إدخاله ومصيره محرما بالحج قولان , الأول: يصير محرما وهذا قول ابن سريج من الشافعية ورجحه ابن باز كما الفتوى السابقة , والثاني: لا يصير محرما وهذا قول العمراني من الشافعية أيضا ..
ثم ان قلنا إنه يصير محرما فهل يكون حجه صحيحا مجزئا؟ قولان , الأول: نعم لأن المفسد متقدم
والثاني: لا لأنه تابع لعمرة فاسدة وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعية ..
فما رأيكم؟؟؟؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/250)
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[25 - 11 - 07, 12:13 ص]ـ
وفي كشاف القناع للبهوتي:
وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى في فاسدها وأتمها خرج إلى الميقات فأحرم منه بعمرة) مكان التي أفسدها ; لأن الحرمات قصاص (فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وعليه دم فإن فرغ من حجه خرج فأحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدي يذبحه إذا قدم مكة لما أفسد من عمرته) نص عليه.(87/251)
اثنان حجا عن ميت فرض
ـ[إبراهيم توفيق]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أن يحج اثنان عن ميت فرضاً في عام واحد؟
بارك الله في الجميع
ـ[مداد]ــــــــ[19 - 11 - 07, 05:09 ص]ـ
[مسألة: هل يجوز لرجل أن ينيب من يحج عنه أكثر من واحد في عام واحد؟
الجواب: يجوز ذلك، لكن إذا أناب اثنين فأكثر في فريضة فأيهما يقع حجه عن الفريضة؟
الجواب: من أحرم أولاً، وتكون الثانية نفلاً.]
الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع ج7 / ص33
...
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[19 - 11 - 07, 10:19 م]ـ
وفائدة أخرى للإخوة القراء: أنه لا يصح أن يأتي بالحج عن اثنين في نسك واحد؛ كأن يحرم بالحج عن أبيه وأمه معاً فهذا لا يصح. وليراجع "المجموع شرح المهذب" للنووي رحمه الله.(87/252)
متمتع أفسد عمرته ثم أهل بالحج فهل يكون قارنا؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:13 م]ـ
متمتع أفسد عمرته ثم أهل بالحج فهل يكون قارنا؟
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[18 - 11 - 07, 03:21 م]ـ
أرجو توضيح الصورة أكثر
لأن المعروف أن:
المتمتع بالعمرة إلى الحج أو المفرد إذا أفسدا عمرتهما عليهما قضائها وذلك بتجديد الاحرام من الميقات ويأتي بالعمرة - لفساد الاحرام لا لفساد النسك - وعليه الفدية (دم) يوزع على فقراء الحرم.
وبعد الفراغ منها والتحلل يبقى متمتعا بها إلى الحج فاذا جاء الحج دخل في النسك فيسمى متمتعا لا قارنا
وكون العمرة الأولى أفسدها لا يضر في التمتع لأنه قضاها وأتى بها وجبرها بدم.
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[18 - 11 - 07, 09:16 م]ـ
أهل بالحج ثم علم بفساد عمرته
وان شئت فقل اهل بالحج وأتم مناسكه ثم
علم بفساد عمرته
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[19 - 11 - 07, 11:58 م]ـ
جاء في المدونة:
قلت: أرأيت رجلا أحرم بعمرة فجامع فيها ثم أحرم بالحج بعدما جامع في عمرته أيكون قارنا أم لا؟
قال: لا يكون قارنا , ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا يردف الحج على العمرة الفاسدة.
وفي الفروع لابن مفلح:
وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى فيها فأتمها فقال أحمد: يخرج إلى الميقات فيحرم منه بعمرة , فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وفدى , لتركه. فإذا فرغ منه أحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وفدى بمكة لما أفسد من عمرته , ونقل أبو طالب والميموني: فإذا فرغ منه أحرم من ذي الحليفة بعمرة مكان ما أفسد , قال القاضي ومن تبعه تفريعا على رواية المروذي أن دم المتعة يسقط بالإفساد .......
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:03 ص]ـ
جاء في المدونة:
قلت: أرأيت رجلا أحرم بعمرة فجامع فيها ثم أحرم بالحج بعدما جامع في عمرته أيكون قارنا أم لا؟
قال: لا يكون قارنا , ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا يردف الحج على العمرة الفاسدة.
وفي الفروع لابن مفلح:
وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى فيها فأتمها فقال أحمد: يخرج إلى الميقات فيحرم منه بعمرة , فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وفدى , لتركه. فإذا فرغ منه أحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وفدى بمكة لما أفسد من عمرته , ونقل أبو طالب والميموني: فإذا فرغ منه أحرم من ذي الحليفة بعمرة مكان ما أفسد , قال القاضي ومن تبعه تفريعا على رواية المروذي أن دم المتعة يسقط بالإفساد .......
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:58 م]ـ
يرفع ..
ـ[حارث]ــــــــ[30 - 11 - 07, 12:40 م]ـ
هذه مسألة مهمة يحتاج إليها من يفتي الناس كثيراً
فليت الإخوة يشاركون في بحثها
وهناك صورة أخرى تشبه مسألة فساد العمرة لكنها أوضح منها في الحكم /
وهي إذا لم يكمل العمرة فأحرم بالحج، كأن يكون طاف طواف العمرة بلا طهارة مثلاً ـ عند من يرى وجوب الطهارة ـ
أو لم يتحلل من عمرته بالحلق أو التقصير نسياناً، فإن كان نوى الحل من عمرته لكنه نسي التقصير ثم أحرم بالحج فالأمر واضح ـ في نظري:
ترك واجباً من واجبات العمرة، فيجبره بدم، والحلق والتقصير هنا لا يمكن استدراكه لأنه دخل في نسك آخر.
وإن لم ينوِ التحلل، وترك الحلق أو التقصير في العمرة فهل يكون كالأول ترك واجباً؟ أو يكون قارناً لأنه لم ينو التحلل.
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:43 م]ـ
أخي المفضال لعلك تطلع على النقولات في هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=116775
ثم تطلع على فتاوى الشيخ ابن عثيمين الجزء 23 ص 427 و 461 و 474
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:32 م]ـ
قال ابن عبدالبر في الكافي 151
وإذا طاف المعتمر شوطا واحدا لعمرته ثم أحرم بالحج صار قارنا وسقط عنه باقي عمرته ولزمه دم القران وكذلك من أحرم بالحج في أشواط طوافه أو بعد فراغه منه قبل ركوعه وقال أشهب إذا طاف لعمرته شوطا واحدا لم يلزمه الإحرام به ولم يكن قارنا ومضى على عمرته حتى يتمها ثم يحرم بالحج إن شاء فإن فرغ من طوافه وركوعه ثم أحرم بالحج قبل سعيه ففيه قولان أحدهما أنه قارن مبطل لعمرته يلزمه دم القران والآخر أنه يتمادى في عمرته ولا شئ عليه إلا أن يشاء أن يحرم بالحج بعد ذلك ولو أحرم بالحج بعد طوافه وسعيه قبل حلاقه أو تقصيره لزمه الإحرام به ولم يكن قارنا وكان متمتعا إن كانت عمرته في أشهر الحج وعليه دمان دم لتمتعه ودم لتأخير حلاقه وكلاهما هدي فإن لم يجد ما استيسر منه صام كما ذكرنا(87/253)
هل هنالك بحث في أحكام الإنابة في الحج
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[19 - 11 - 07, 08:42 ص]ـ
السلام عليكم
مطبوع أو على النت
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[21 - 11 - 07, 08:09 ص]ـ
يرفع يرفع
ـ[مداد]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:14 ص]ـ
http://www.saaid.net/mktarat/hajj/24.htm
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:43 م]ـ
جزاك الله خيراً يامداد ..(87/254)
التأمين الصحي
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[19 - 11 - 07, 10:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: أود السؤال عن التأمين الصحي (سواء التأمين للأفراد) بأن تأمن من تلقاء نفسك
أو التأمين الصحي المقدم من الشركة التي سوف تعمل فيها كميزة لهذه الوضيفة
وجزاكم الله خيراً.
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[19 - 11 - 07, 10:49 م]ـ
هذا الكلام من باب المدارسة
سمعت أحد المشايخ سئل عنه فقسمه الى ثلاث أقسام أذكر منها واحدا وهو الذي أجازه
اذا كان المستشفى الذي عُقد التأمين معه يعالج الناس بمقابل فإن التأمين جائز وقال بأنه كمن دفع القيمة مقدما
والله أعلم
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[20 - 11 - 07, 09:35 ص]ـ
شكر الله لك ولازلت أرجو من الإخوة أن يتفاعلوا مع الموضوع
ـ[أيمن أبو أحمد الأزهري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 11:53 ص]ـ
تقدم فأجاب على مثل هذه الفتوى الشيخ الأجل محمد الصالح العثيمين (رحمه الله تعالى)
وأعلم أن الموضوع برمته موجود في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ـ بمنقشاته وتوصياته
فهناك تجد بغيتك.
ـ[خالد الصافي]ــــــــ[22 - 09 - 09, 12:14 ص]ـ
احرص على التأمين التكافلي الإسلامي فهو الصورة البديلة عن التأمين التجاري
ـ[ابوعاصم اليماني]ــــــــ[22 - 09 - 09, 11:21 م]ـ
هناك كتاب للاستاذ الدكتور على احمد السالوس خبير المجامع الفقهية العالمية
ذكر صور من هذا التامين وبين فيه الجائز والمنهي عنه
اما تراجع الكتاب او نرجاع لك المسئلة ونفيدك لاحقا ان شاء الله
اسم الكتاب
(القضايا الفقهية المعاصر ة)(87/255)
كربلة التراب
ـ[رشيد عواد]ــــــــ[19 - 11 - 07, 10:24 ص]ـ
أيها الفضلاء: جاء في كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج لابن الملقن في كتاب البيع عند حديثه عن بيع الماء والتراب أن في بيع التراب في الصحراء وجهين أصحهما الصحة وأن هذا الخلاف إذا لم يكن في المبيع صفة زائدة قال رحمه الله (إذا لم يكن في المبيع صفة زائدة كبرد الماءوصفوه وكربلة التراب) فما مقصوده بكربلة التراب لأني في الحقيقة لم أفهم إلا أن التربة مأخوذة من كربلاء والرافضة يقدسونها. فهل من معين على الفهم؟
ـ[رشيد عواد]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:43 ص]ـ
أين طلاب العلم؟؟
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:57 ص]ـ
كربلة التراب .. اى الرخاوة اى ان الارض تكون رخوة .. اى لم تكون من شروط صحه البيع لوجود صفه زائده فيها هذا ما قصد به ابن الملقن ..
اما تقديس الرافضه لهذة التربه فهو فى مقتل الحسين رضى الله عنه تجده فى المنتدى
هذا والله اعلم ..
ـ[توبة]ــــــــ[25 - 11 - 07, 03:51 ص]ـ
قال رحمه الله (إذا لم يكن في المبيع صفة زائدة ك (برد الماءوصفوه) وك (ربلة التراب)
إذا لم يكن تصحيفا فقد وجدت هذا الشرح في لسان العرب ج11:
{والربل: ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تقطرت بورق أخضر من غير مطر، يقال منه: تربلت الأرض. ابن سيده: والربل ورق يتفطر في آخر القيظ بعد الهيج ببرد الليل من غير مطر،}
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[25 - 11 - 07, 04:33 ص]ـ
هذا ما وجدته
والربلة: باطن الفخذ، يسكن ويحرك. قال الأصمعي: التحريك أفصح. والجمع ربلات. وربل القوم يربلون، أي نموا وكثروا. وتربلت الأرض، أي اخضرت بعد اليبس عند أقبال الخريف. وتربلت المرأة، أي كثر لحمها. ورجل ربل: كثير اللحم. والاسم الربالة
والمعروف أن الصحراء قاحله وهذه الصفة تعتبر زائده وهي الخضرة
هذا والله تعالى أعلم(87/256)
الجهر بالتلاوةِ في " الركعة الثّالثة " من صلاة المغرِب .. ؟؟
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[19 - 11 - 07, 10:08 م]ـ
السلام عليكم ..
السؤال واضح من العنوان ..
أتمنى يا أحباب أن يكون الجواب مُدّعماً بالأدلّة ..
وإن كان يجوز .. هل على المأمومين أن يُؤمّنوا بعد قول الإمام (ولا الضالّين)؟؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[21 - 11 - 07, 06:28 م]ـ
الجهر في السرية محل خلاف، واستدل المجوِّزون بحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الاية أحياناً .. الحديث. أخرجه الشيخان
وبحديث البراء رضي الله عنه: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه و سلم الظهر فنسمع منه الآية بعد الآيات من سورة لقمان والذاريات. أخرجه النسائي، وضُعِّف.
قال الحافظ في الفتح: (واستدل به على جواز الجهر في السرية، وأنه لا سجود سهو على من فعل ذلك خلافاً لمن قال ذلك من الحنفية وغيرهم، سواء قلنا كان يفعل ذلك عمداً لبيان الجواز أو بغير قصد للاستغراق في التدبر، وفيه حجة على من زعم أن الإسرار شرط لصحة الصلاة السرية، وقوله (أحيانا) يدل على تكرر ذلك منه).
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[21 - 11 - 07, 06:54 م]ـ
قال ابن قدامة في المغني: (الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار لا خلاف في استحبابه، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف. فإن جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته).
وقال ابن القاسم من المالكية ببطلان الصلاة بسبب الجهر في غير محله عمداً، قال الباجي في المنتقى: (وقد اختلف أصحابنا في الجهر والإسرار هل هما من واجبات الصلاة أو من هيئاتها؟ فمذهب مالك رحمه الله وأكثر أصحابه يقتضي أنها من الهيئات، ومذهب ابن القاسم يقتضي أنها من الواجبات. فمن جهر فيما يسر فيه أو أسر فيما يجهر فيه قال مالك: يسجد لسهوه إلا أن يكون الشيء اليسير كقوله: الحمد الله رب العالمين. وقد روى أشهب عن مالك لا سجود عليه، ومن فعل ذلك عامدا قال ابن القاسم: يعيد الصلاة، وقال ابن نافع: لا يعيد وهو منبي على ما تقدم).
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[21 - 11 - 07, 07:04 م]ـ
(544 - يجهر الامام بالقراءة في الجهرية، والمنفرد مخير، والاخفات أَفضل، وعلى المأموم الانصات لقراءة امامه ... )
من محمد بن إبراهيم إِلى المكرم مخضور بن عوض المحمادي ………سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد وصل إِلينا كتابك الذي تستفتي به عن حكم الجهر بالقراءة للإِمام والمنفرد في صلاة الفجر وفي الركعتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء إِلى آخره.
والجواب:- الحمد لله. أَما الإِمام فلا يخفى أَنه يجهر بالقراءة في صلاة الفجر وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، وأَما المنفرد فقد صرح الفقهاء أَنه مخير بين الجهر كالإِمام وبين الاخفات، لأَنه لا يقصد إِسماع غيره، وترك الجهر أَفضل، وإِنما يلزمه أَن يقرأ قراءة يسمع فيها نفسه. ومثله المسبوق إِذا قام لقضاء ما فاته من الصلاة.
وأَما المأْموم فيشرع له الانصات لقراءة إِمامه، والاخفات إِذا قرأَ في سكتات إِمامه. والله أَعلم.
مفتي البلاد السعودية
(ص-ف-1481 - 1 في 26 - 5 - 1386 هـ)
(545 - الاسرار في الصلوات الجهرية خلاف السنة النبوية)
وصل إِلى دار الإِفتاء من الأَخ محمد بن علي جحدله الشهري بالرياض سؤال يقول فيه:
هل يجوز للإِمام أَن يصلي صلاة المغرب سرية دون الجهر بالفاتحة وما تيسر من الآيات الكريمة، وهل تصح الصلاة خلفه، وما دليل الجواز من عدمه.
فأَجاب سماحة المفتي بالجواب التالي:
ليس للإِمام أَن يتعمد الإِسرار في الركعتين الأوليين من المغرب وغيرها من الجهريات؛ لما في ذلك من مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفويت المأْمومين سماع قراءة القرآن منهما وأَما الصلاة خلفه فتجزىء، ولكن لا يقر على ذلك. والدليل على منعه تعمد الاسرار في الركعتين الأوليين من المغرب وغيرها من الجهريات قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((صَلُّوْا كَمَا رَأَيْتُمُوْنِيْ أُصَلِّيْ)) وقد تواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - الجهر فيهن، وبوب البخاري لذلك في صحيحه بابًا أَخرج فيه عن جبير بن مطعم أَنه قال: ((سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِيْ الْمَغرب بالطُّوْر)) وممن نص على هذا الذي بيناه في هذه المسأَلة الإِمام ابن قدامة في ((المغني)) شرح مختصر الخرقي: ويسر - أَي الإِمام - القراءة في الظهر والعصر، ويجهر في الأوليين من المغرب والعشاء وفي الصبح كلها. قال: الجهر في مواضع الجهر والإِسرار في مواضع الإِسرار الاختلاف في استحابه، والأَصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإِن جهر في موضع الإِسرار وأَسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته، إِلا أَنه إِن نسي فجهر في موضع الإِسرار ثم ذكر في القراءة بنى على قرائته، وإِن أَسر في موضع الجهر ثم ذكر في أَثناء القراءة ففيه وجهان أَحدهما يمضي في قراءته على طريق الاختيار لا على طريق الوجوب.
الخلاصة:- الإِسرار في موضع الجهر غير لائق لمخالفته السنة النبوية، وصلاته وصلاة من خلفه صحيحة. والله أعلم.
(من الفتاوي المذاعة)(87/257)
سؤال في أحكام المياه
ـ[توبة]ــــــــ[19 - 11 - 07, 11:13 م]ـ
هل فرق الفقهاء بين طهارة الحدث و طهارة الخبث في أحكام المياه؟
هل هناك من أجاز التطهر من الخبث باستعمال الماء الطاهر؟ (المطلق المتغير بطاهر)
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[20 - 11 - 07, 10:22 ص]ـ
من انواع المياه الماء الذى خالطه طاهر
كالصابون والزعفران والدقيق وحكمه انه طهور مادام حافظا لاطلاقه
اما اذا خرج عن مسمى الماء كان طاهرا فى نفسه غير مطهر لغيره اى اذا غلب عليه هذه الماده الطاهره
روى احمد والنسائى ان النبى صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونه من اناء واحد (قصعة فيها اثر العجين)
والله تعالى اعلم
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 10:55 ص]ـ
هل فرق الفقهاء بين طهارة الحدث و طهارة الخبث في أحكام المياه؟
هل هناك من أجاز التطهر من الخبث باستعمال الماء الطاهر؟ (المطلق المتغير بطاهر)
رفع الحدث كالإجماع بين الفقهاء على أنه لا يرفعه إلى الماء إلا ما حكي عن بعض الحنفية أن النبيذ يرفع الحدث لحديث رواه الترمذي قال الحافظ بن حجر رحمه الله أجمع السلف على تضعيفه أما بالنسبة لإزالة الخبث فالمذهب على أنه لا يزيله إلا الماء الطهور لكن الصحيح الذي اختاره الشيخ بن عثيمين رحمه الله و قبله ابن تيمية والمحققين أن النجاسة (الخبث) يزول بأي مزيل و لا يلزم الماء الطهور
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 11:46 ص]ـ
لأن الخبث عين يزول حكمها بزوالها لا كالحدث فالحدث صفة حكمية
والله اعلم
ـ[توبة]ــــــــ[20 - 11 - 07, 07:45 م]ـ
رفع الحدث كالإجماع بين الفقهاء على أنه لا يرفعه إلى الماء إلا ما حكي عن بعض الحنفية أن النبيذ يرفع الحدث لحديث رواه الترمذي قال الحافظ بن حجر رحمه الله أجمع السلف على تضعيفه أما بالنسبة لإزالة الخبث فالمذهب على أنه لا يزيله إلا الماء الطهور لكن الصحيح الذي اختاره الشيخ بن عثيمين رحمه الله و قبله ابن تيمية والمحققين أن النجاسة (الخبث) يزول بأي مزيل و لا يلزم الماء الطهور
لأن الخبث عين يزول حكمها بزوالها لا كالحدث فالحدث صفة حكمية
هذا ما قصدته من السؤال،فقد قرأتُ منذ مدة .. أن هناك بعض الفقهاء من قال بإمكانية استعمال الماء الطاهر في إزالة الخبث،
فهل هناك من يذكر لنا أقوالهم مع شيء من التفصيل
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[20 - 11 - 07, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله في الإخوة جميعاً ولطلب زيادة التفصيل أقول:
اختلف في جواز إزالة النجاسة بما سوى الماء الطهور من المائعات على اقوال:
القول الأول: لا يجوز إزالة النجاسة إلا بالماء المطلق أو المقيد كماء الورد وهذا هو قول المالكية والشافعية والمعتمد في مذهب الحنابلة هو رواية عبد الله وصالح عن أحمد وهو قول محمد بن الحسن وزفر من الحنفية إلا أنهما لم يذكرا الماء المقيد.
القول الثاني: أنه يجوز إزالة النجاسة بكل مائع مزيل لها وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أبي يوسف من الحنفية هي الرواية الراجحة عنه وهي المذهب عندهم وهو قول داود وهو رواية عند الحنابلة وهي رواية المروذي عن أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية واشترط الحنفية لذلك أن يكون:
1 - مائعاً سائلاً كالخل فلا يجوز بنحو الدبس.
2 - طاهراً (عندهم قول مرجوح يجيز إزالة النجاسة المغلظة كالدم بالنجاسة المخففة كالبول).
3 - مزيلاً وقالعاً للنجاسة فلا تصح بالدهن والدبس واللبن ونحوها.
القول الثالث: التفريق بين البدن والثوب فالبدن لا بد في إزالة النجاسة عنه من الماء والثوب يجوز بكل مائع مزيل وهو الرواية الثانية عن أبي يوسف.
القول الرابع: يجوز ذلك للحاجة وهو رواية عند الحنابلة.
القول الخامس: يجوز بالماء الطاهر فقط ولا يجوز بمائع غيره وهو رواية عند الحنابلة.
أدلة الأقوال:
استدل الجمهور لعدم جواز إزالة النجاسة بغير الماء بما يلي:
1 - قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} وقوله تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}.
وجه الاستدلال: ان اله امتن في هاتين الآيتين على عباده أنه انزل ماء طهوراً يطهر ابدانهم وثيابهم من النجاسات ولو كان غيره يقوم مقامه لذكره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/258)
2 - عن أسماء قالت جاءت امرأة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع؟ قال: " تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه " رواه البخاري ومسلم
3 - عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ان خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله انه ليس لي الا ثوب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع فقال إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه فقالت فإن لم يخرج الدم قال يكفيك الماء ولا يضرك أثره " اخرجه أحمد وابو داود وفيه ابن لهيعة.
4 - حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في قصة الأعرابي قال: فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذنوب من ماء فأهريق عليه.
5 - عن أبي ثعلبة الخشني 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا " رواه احمد وابو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح
فهذه النصوص وغيرها تدل على وجوب إزالة النجاسة بالماء والأمر فيها تعبدي.
6 - القياس على رفع الحدث بجامع أن كلاً منهما طارة مقصودة للصلاة.
واستدل الحنفية ومن وافقهم على جواز إزالة النجاسة بكل مائع مزيل بما يلي:
1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها فصعته بظفرها. رواه البخاري
2 - عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " إذا وطىء أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور " رواه ابو داود وابن حبان والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى.
3 - عن أم سلمة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالت إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت أم سلمة قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يطهره ما بعده " أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن الجارود في المنتقى وأعل بجالة أم ولد إبراهيم الراوية عن ام سلمة.
4 - قياس المائعات على الماء بجامع أن كلاً منها مزيل وقالع للنجاسة وهي علة التطهير.
5 - أن إزالة النجاسة بالماء معقول المعنى وليس تعبدياً وهو قلع النجاسة من موضعها وهو يحصل بالماء وغيره.
ينظر: البحر الرائق لابن نجيم (1/ 233) تبيين الحقائق للزيلعي (1/ 70) حاشية ابن عابدين (1/ 309) البناية على الهداية (1/ 700) بدائع الصنائع للكاساني (1/ 201) المبسوط للسرخسي (1/ 96) التمهيد لابن عبد البر (13/ 106) الذخيرة للقرافي (1/ 192) الخرشي على خليل (1/ 62) بداية المجتهد مع الهداية لابن رشد (2/ 205) الأم (1/ 3) المجموع للنووي (1/ 92) تحفة المحتاج للهيتمي (1/ 53) المغني لابن قدامة (1/ 36) الروايتين والوجهين لأبي يعلى (3/ 23) الانتصار في المسائل الكبار لأبي الخطاب (1/ 96) الفروع لابن مفلح (1/ 73) المبدع لابن مفلح (1/ 235) الإنصاف للمرداوي (1/ 309) شرح منتهى الإرادات (1/ 97) مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 475)
ـ[توبة]ــــــــ[20 - 11 - 07, 10:39 م]ـ
بارك الله فيكم
اختلف في جواز إزالة النجاسة بما سوى الماء الطهور من المائعات على اقوال:
القول الأول: لا يجوز إزالة النجاسة إلا بالماء المطلق أو المقيد كماء الورد وهذا هو قول المالكية والشافعية والمعتمد في مذهب الحنابلة هو رواية عبد الله وصالح عن أحمد وهو قول محمد بن الحسن وزفر من الحنفية إلا أنهما لم يذكرا الماء المقيد.
المشهور في المذهب الماء المطلق فقط وما يدخل في حكمه، أو المطهّر أي كل ما لم تسلب طهوريته، و هذا غير المقيد، و لكني أبحث عن أقوال فقهائهم القائلين بالجواز و أدلتهم
أدلة الأقوال:
استدل الجمهور لعدم جواز إزالة النجاسة بغير الماء بما يلي:
1 - قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} وقوله تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/259)
وجه الاستدلال: ان اله امتن في هاتين الآيتين على عباده أنه انزل ماء طهوراً يطهر ابدانهم وثيابهم من النجاسات ولو كان غيره يقوم مقامه لذكره.
2 - عن أسماء قالت جاءت امرأة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع؟ قال: " تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه " رواه البخاري ومسلم
3 - عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ان خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله انه ليس لي الا ثوب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع فقال إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه فقالت فإن لم يخرج الدم قال يكفيك الماء ولا يضرك أثره " اخرجه أحمد وابو داود وفيه ابن لهيعة.
4 - حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في قصة الأعرابي قال: فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذنوب من ماء فأهريق عليه.
5 - عن أبي ثعلبة الخشني 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا " رواه احمد وابو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح
فهذه النصوص وغيرها تدل على وجوب إزالة النجاسة بالماء والأمر فيها تعبدي.
6 - القياس على رفع الحدث بجامع أن كلاً منهما طارة مقصودة للصلاة.
واستدل الحنفية ومن وافقهم على جواز إزالة النجاسة بكل مائع مزيل بما يلي:
1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها فصعته بظفرها. رواه البخاري
2 - عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " إذا وطىء أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور " رواه ابو داود وابن حبان والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى.
3 - عن أم سلمة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالت إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت أم سلمة قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يطهره ما بعده " أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن الجارود في المنتقى وأعل بجالة أم ولد إبراهيم الراوية عن ام سلمة.
4 - قياس المائعات على الماء بجامع أن كلاً منها مزيل وقالع للنجاسة وهي علة التطهير.
5 - أن إزالة النجاسة بالماء معقول المعنى وليس تعبدياً وهو قلع النجاسة من موضعها وهو يحصل بالماء وغيره.
جازاك الله كل خير و بارك في علمك.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[20 - 11 - 07, 10:57 م]ـ
بارك الله فيك
نعم هو كما قلتِ المالكية يشترطون أن يكون إزالة النجاسة بالماء المطلق فقط.
وللفائدة ينظر الانتصار لأبي الخطاب (1/ 96 - 121) فقد أطال بذكر المسألة وكذا اليبيهقي في الخلافيات (1/ 127 - 150)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 11 - 07, 11:13 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[محمد أبا الخيل]ــــــــ[24 - 11 - 07, 12:40 ص]ـ
(تتمة)
ومن الفروق:
أن طهارة الحدث تفتقر إلى نية
وطهارة الخبث لا تفتقر إليها لأنها من باب التروك.
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[25 - 11 - 07, 12:03 ص]ـ
بارك الله في الجميع(87/260)
تجربتي مع الاقتصاد الإسلامي ومشروع التجديد والخطوات العملية
ـ[عبيدالرحمن]ــــــــ[19 - 11 - 07, 11:31 م]ـ
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد واله وصحبه ومن سار على دربه الى يوم الدين، وبعد:
هذا قبس من وقائع عايشتها ومسيرة خضتها منذ زمن ليس بالبعيد ولا زلت، تحكى تجربة قد تضئ طريقا أو تشعل نورا، لمن يسلكه او يؤسسه او حتى يتعامل معه، وهو طريق الأقتصاد الاسلامي. وسوف أقوم بسرده بما يشبه السيرة الذاتية لجملة من الأسباب. وسوف أكتب بهذا الأسم المستعار لأجل توقيعي لمذكرة (حفظ السرية) CONFIDENTIALITY AGREEMENT
التى تدور حول المشروع الأسلامي الجليل الذي سوف اذكر لكم قصة بدءه وأسباب نشأته، وهذا السبب سوف يجعلني أخفى بعض الأسماء والوقائع واموه بها وأتحفظ عليها، لضرورة الأمر ولكونه من مقتضايات العمل.
على اني بعد إشهار العمل سأسرد الحقائق والوقائع كافة.
مقدمة:
من أشد الأمور التى ضايقتني كثيرا وأهمتني في حياتي، فقدان نظام الاقتصاد الأسلامي الكلي، فلا يوجد عند التحقيق إقتصادا إسلاميا كليا مستقلا.
بل ان الأمر في مجمله إقتصادا رأس ماليا مؤسلم، روحه التشريعيه قائمه على الاقتصاد الراس مالي، أما الأقتصاد الجزئي فموجود ولكنه غير مستقل ايضا لشدة ارتباطه بالاقتصاد الكلي، وهذا يجعلنا نعايش حقيقة مرة وهي انه لاتنفك مؤسسة مالية إسلامية عن المحرم المنصوص عليه أو بمعنى أوضح (أقتصاد الربا) على مختلف أشكاله (ويكفيك خضوعك لانظمة البنوك المركزية التى تلزم بها) وهذا انعكس أثره وبشكل واضح على المؤسسات الاسلامية المالية على مختلف اشكالها، فالبنوك الربوية تقوم وبشكل اساسي على عمليات التمويل وكذلك تفعل البنوك الأسلامية لكن بطريقة إسلامية! وذلك عبر المشاركة، والبنوك الراس مالية تقوم بعمليات (أدوات دين) سندات وكذلك تفعل البنوك الأسلامية وذلك عبر صكوك الأجارة (وذلك بمنع الملكية المشاعة في الصكوك العامة) أو عبر صكوك السلع أو السلم.
فصارت أعمال البنوك الاسلامية قاصرة على المنتجات المشابهة للبنوك الرأس مالية لكن عبر أدوات شرعية وهذا لاشك انه جائز ولكن؟! وهذا السؤال المؤثر أين الأقتصاد الاسلامي المستقل؟ أين روح الاقتصاد الاسلامي.
نعم هي متواجدة في الاطروحات الاكاديمية على شكل (مبادئ الاقتصاد الاسلامي) او اطروحات نظرية ولكن اين هي من الواقع العملي؟؟
خذ مثالا؟ أين مبدء وضع الجوائح؟ في التكوين الاقتصادي الاسلامي؟؟ لن تجد لها وجودا حقيقيا.
لكن لماذا التركيز على البنوك الاسلامية؟
وهذا سؤال مهم والسبب انها هي الوسيلة والمحرك و الأساس لاي إقتصاد عالمي. وهي الاساس الاكبر لبناء اقتصاد إسلامي شامل وكلي.وهي الخطوة الأولى نحو هذا الأمر العظيم.
قبل ان ابدء في هذا المشروع حاولت معرفة الأسباب وكان من أهمها وجود أنفصام وتباعد بين الاقتصاديين أوالبنكيين bankrs ذوي التوجه الاسلامي، وبين الفقهاء والعلماء حتى المتخصصين منهم بالاقتصاد، هناك محاولات ومحاولات جادة لكنها لم تثري الساحة للموائمة بين الفريقين قامت بعض المؤسسات الاكاديمية والجامعات بابتعاث حملة البكالريوس في الشريعة لدارسة الاقتصاد في بعض الجامعات الغربية ولم يفلح الأمر وحصل العكس وقام بعض البنكيين بدراسة المواد الشرعية والحصول على المؤهلات العلمية فيها ولم يفلح الامر ايضا،والسبب أن المسألة ليست تحصيل بل روح التحصيل!
واصبحت مسألة الدمج بين الفريقين معضلة تواجه كل من أراد خوض هذا البحر الهائج المترامي الأطراف، بل اصبح البعض يجزم بإستحالة الانعتاق من هذه المنظومة الاقتصادية ويدعو للتعايش معها فمثلا كيف تريد ان تصنف وكالة (موديز)، أو (فيتش) أو (ستاندارد آند بورز) مصرفك الاسلامي أو مؤسستك المالية وقوتها الائتمانية اذا صنعت نظاما إئتمانيا جديدا؟! فضلا عن ان تحرق هذا النظام كله! وهذه ليست نظرة تشاؤم بل هي نظرة لقوة الواقع وسطوة الحال. ولاتقل انك مستغني عن مثل هذه المنظومة! لان هذا يعرف كل متخصص في هذا الباب صعوبته الشديدة فكيف تصنف صكوكك او اوراقك المالية؟! بل حتى دولتك و وطنك! وتقرض وتقترض أو تشارك وتمول؟
هل نحن في حاجة أصلا الى صناعة نظام إقتصادي موازي أو جديد أو مختلف؟! هل هناك حاجة فعلية تفرضها الأوضاع المتقلبة في السوق؟ أو انها رغبة في انتهاج نظام آلهي ورباني مفروض يجب علينا تحصيله؟
يتبع .............
ـ[طالب العلم البلجيكي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:03 م]ـ
في الانتظار
ـ[عبد الله بن عبد الله]ــــــــ[23 - 11 - 07, 02:50 م]ـ
لا أوافقك على الإنفصام التام بين اهل الإقتصاد و علماء الشريعة
المتخصصين بالمعاملات المالية
و على كل حال نحن بانتظار استكمال تجربتك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/261)
ـ[عبيدالرحمن]ــــــــ[03 - 12 - 07, 12:09 م]ـ
أخي طالب العلم البلجيكي جزاك الله خير.
أخي عبدالله بن عبدالله جزاك الله خير. أنما أحكي ما يشبه السيرة الذاتية، وقد لا اكون على صواب بعض ما أذهب اليه.
تتمة:
موقف -1 - : دخلت مع بعض أفراد الفريق الى أحد البنوك الأسلامية الحديثة وكنا على علاقة برئيس مجلس الأدراة المنتخب حديثا وكان الأجتماع لمناقشة بعض الخطوط العريضة، فوجئت في الأستقبال (ونحن في دولة عربية إسلامية) بفتاة لبسها غير محتشم ولا حتى يشبه ان يكون كذلك وهي مسؤولة عن الأستقبال لكل الداخلين لهذا البنك! فلما بدأنا الأجتماع مع المدير التنفيذي سألته عن شعار البنك ولماذا أختارو له الزخارف الأندلسية المشتهرة في فن العمارة الأسلامية فأسهب في بيان تأثير الشعارات على المضامين ولانها هي الانطباع الأول الذي يقود الى معرفة طبيعة البنك وتميزه فقلت له الاترى ان الحجاب الأسلامي او على الاقل ان تستر المرأة نفسها الى نصف الساق!! أقصد به - التهكم -، جزء من شعار البنك المعبر بل أعظم من ذلك لما يتعلق به من أحكام شرعية!
فبادر الى القول بأن الأمر اعظم وهذه شكليات! فلم أسهب في نقاشة لانه قد قرر في بداية كلامه حول شعار البنك خلاف ما يذكره فيما يتعلق بستر المرأة فانهيت النقاش متعجبا من سرعة تغير المبادئ؟!
نعود الى مشروع التغيير:
بدأت الفكرة كما تقدم بمعرفة ما هو الطريق الحقيقي لبناء إقتصاد أسلامي مميز مختلف وموازي لبقية الأقتصاديات يملك ادواته المستقلة تماما والمعبرة عن طبيعة الأقتصاد الأسلامي.
وجدت ان المشروع كبير جدا ويصطدم بصعوبات على كافة الأصعدة على على المستويات غير المتعلقة بالأقتصاد او الأعمال! فرأيت ان تكون هناك بداية حذرة وقصيرة وسنتخدم طريقة الحفز لتنشيط هذا النوع من النشاط المصرفي وبهذا يصبح هناك نوع من التوجه حول هذا النشاط بدوافع ربحية ثم يمتد الأمر الى صناعة الحلول الأقتصادية بل حتى البرمجية - الحاسوبية - لصناعة الأقتصاد الأسلامي المستقل تماما ثم بعد وجود قاعدة جدية من هذا النشاط تصلح ان تكون بنية تحتية لنشاط مصرفي مستقل يتم الاعتماد عليها لأنشاء الأقتصاد الكلي ويمكن البدء بيعد ذلك بعلميات العملة وتقييمها وتنشيطها.
فمثلا الدينار الأسلامي الذي تبنته ماليزيا والدول الاسلامية والبنك الأسلامي للتنمية، على انه معيار مستقل كوسيلة تقييم ودين وربط دين، فهو ايضا (ذهب)؟ وهذا يقلب مسألة تقييم العملات عبر البنك الدولي وصندوق النقد ومجموعة التقييمات لقوة العملة المرتبطة بميزان المدفوعات والناتج القومي والأستقرار السياسي ... الخ.
لكن - ومن أسباب - ضعف تطبيقة عدم وجود البنية التحتية المهئية لتعاملات الدينار الاسلامي فنحن جميعا نعلم صعوبة تبنى الدول لبعض الأنشطة ولكن هذا الأمر ليس بقدر الصعوبة نفسها مع البنوك والمصارف المستقلة.
قررنا البدء بانشاء بنك إستثماري إسلامي متخصص في تملك وإدارة المشاريع الصغيرة بالاضافة الى عمليات التمويل والاستشارة والترتيب والطرح وغيرها.
يتبع .....
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 12 - 07, 09:38 م]ـ
الأخ الكريم / عبيدالرحمن
بارك الله فيكم.
وبانتظار التتمة .... أسأل الله أن ييسر لكم أموركم، ويعينكم، ويوفقكم.
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[17 - 12 - 07, 08:52 م]ـ
متابعون لك. وفّقك الله
- ألا ترى ان الإسلام يتبنى تصحيح الواقع، وتشريع القواعد العامة، دون أن يكون متبنّياً لفكرة (تأسيس) مشاريع متعدّدة، كمشورع اقتصادي مستقل في التمويل والمتاجرة و .. و .. الخ.
بمعنى: الإسلام يترك لنا الحرية في تبني أيّ مشروع تنتجه العقول البشرية (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، ولكن بالشروط التالية:
- ألا يكون مشتملاً على الغرر
- ألا يحتوي على الربا
- .... إلخ من القواعد المتعددة والضوابط الشرعية المقررة.
ولذلك لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة رآهم يسلفون في الثمار. فلم يأتِ لهم بتشريع جديد، بل أقرّ تشريعاتهم وتنظيماتهم الدنيوية، ووضع لهم الضوابط الشرعية في ذلك، فقال لهم (من أسلف في شيء، فليسلف في شيء معلوم إلى أجل معلوم).
ما رأيك؟
ـ[ابو يعلى الزواوي]ــــــــ[23 - 12 - 07, 10:00 ص]ـ
متابعون لك. وفّقك الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/262)
ـ[عبيدالرحمن]ــــــــ[23 - 12 - 07, 05:35 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا:
الأخ محمد الحمدان وفقه المولى لمرضاته، سأجبيك على الاجمال وعلى التفصيل.
أما على الاجمال فما ذكرت من محاذير موجود كله في الاقتصاد الكلي الرأسمالي وهذا يوجب العمل على ايجاد وبناء الاقتصاد الاسلامي الكلي الخالي من المحاذير الشرعية، هذا اولا وثانيا فالاقتصاد غير الاسلامي حتى لو خلا من المحاذير الشرعيه على سبيل التنزل فهو مفتقر وقاصر عن استيعاب ما أنزل الله في كتابه وعلى لسان نبيه في مسائل المعاملات وقد قدمت لك بعض الأمثلة في الردود السابقة.
أما على التفصيل فدعنى ابين لك الفارق الجوهري بين الاقتصاد الاسلامي والرأسمالي، وما أزمة الرهن العقاري وما جرته من ويلات على البنوك الغربية عنا ببعيد (وأنظر الى نتائج ستي بانك و ubs وآخرها مورجان ستانلي بانك ثاني اكبر بنوك امريكا) ولااعلم من البنوك من سلم وخاصة من ال 25 بنك العالمية المصنفة AAA او AA+ الا الكريديت سويس و سبب نجاتهم من هذه الانهيارات معلوم وإحيلك الى مقال مهم في جريدة ال FINANCIAL TIMES اللندنية في المقارنة بين ال UBS والكريديت سويس بقلم هيج سيمونان http://www.ft.com/home/europe .
وهذا نص البريد الذي وصلني من المسؤلين في البنك (الكريديت) حينما خرجت نتائج ال UBS للربع الثالث من عام 2007 وطلبت توضيح عاجل حول وضع البنك:
Message from the CEO
10/01/2007 08:47 CEST
Credit Suisse Group announces that it was profitable during the third quarter of 2007
In the circumstances and in anticipation of significant interest from media and investors we decided to make a pre-emptive press release to provide appropriate information to the market. Credit Suisse announced that it was profitable during the third quarter of 2007.
Credit Suisse Group is currently in the process of finalizing its results and therefore any view of its earnings is preliminary. However, as has been the case across the industry, its Investment Banking and Asset Management results have been adversely impacted by recent market events.
We have no indication that our income from continuing operations (after tax) for the third quarter will fall outside the range of plus or minus 20% of CHF 1.30 billion. We expect Credit Suisse Group’s net income for the first 9 months of 2007 to be at a record level.
The third quarter earnings release will be published on November 1, 2007.
طبعا صدرت نتائج الربع الثالث وكانت كما توقعو في رسالة الرئيس التنفيذي السابقة.
وعلى العموم الانهيارات الاخيرة سيعقبها في تصوري انهيارات اخرى ولااعتقد ان لهذا علاقة بدورات الأعمال و انه نهاية دورة اعمال مزدهرة جدا خلال العقدين الماضيين. ولا اعتقد ان عمليات شطب الأصول تجدي نفعا فالمسألة أكب رمن ذلك بكثير.
انا الان على عجلة يسيرة من أمري وسأوضح في الرد القادم ان شاء الله تعالى ما سنقوم به من تغيير لتركيبة تجارة سندات المديونية البنكية bank debere instument او ال forfeiting ومتى نشأت هذه التجارة وسبب تعارضها من روح الأقتصاد الأسلامي الكلي. نسأل الله الاعانة.
ـ[عبيدالرحمن]ــــــــ[02 - 01 - 08, 12:20 م]ـ
الرد التفصيلي:
أولا: أرجح أهمية الأطلاع على بعض المواضيع التى سبق طرحها في هذا الملتقى لوجود أرتباط كبير بينها:
1 - حققة الأوراق النقدية وفي ثنايا الموضوع ما يكفينا عن التنبيه الى الحوادث التأريخية التى أحاطت بمسألة فك الارتباط بين الدولار (العملة الوحيدة القابلة للتحويل الى ذهب بعد مؤتمر 1944 ميلادية) وبين الذهب وذلك في منتصف السبعينيات من القرن الماضي - أتفاقية - bretton - بريتون -.
http://ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=79904&highlight=%C7%E1%CF%E6%E1%C7%D1
2- دور المصارف الاسلامية في تكوين الاقتصاد الاسلامي.
http://ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=79904&highlight=%C7%E1%CF%E6%E1%C7%D1
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/263)
فيما يتعلق بالمحور الاساسي لمشروعنا فهو مشروع يقرر تغيير تركيبة عمليات المتاجرة بالسندات كبداية ثم تحويرها الى عمليات تجارة في أطار الاقتصاد الحقيقي وليس المالي (أقترح مراجعة مصطلح الاستثمار الحقيقي والاستثمار المالي).
نبذة تأريخية:
نشأت تجارة السندات او الاوراق المالية بعد الحرب العالمية الثانية لتسهيل علميات التواصل بين الاوربيتين وبسب جوهري آخر وهو حصول تغيير كبير في التركيبة الاقتصادية سواء في هبوط حاد في مخزونات الذهب لدى الدول الكبرى، بل وانعدامها في كثير منها او تغير طريقة الانتاج الصناعي وتدويره، وهذا بسبب التغيير في الخارطة الجيواقتصادية في العالم.
- تصدر البنوك في العادة انواع كثيرة من الاوراق المالية تشمل أوامر شراء بنكية bank purchase order وسندات الأذوانات promissoni notes او الضمانات البنكية او خطابات الاعتماد .... الخ.
هذه الوثائق صدرت نتيجة الاحتياج التجاري والسوقي، والذي حصل بعد ذلك انها صارت قابلة للتدوال (سنأتي الى زيادة بسط عند ذكر الامثلة أن شاءلله) صارت هذه الاوراق تُعطي سعر مبدئي يتم عرضه كنسبة من القيمة الاسمية face value ويشمل هذا السعر المدة الزمنية قبل الاستحقاق والقيمة الاسمية للوثيقة.
وبعد هذا تتم المتاجرة بالوثائق باسعار اقل وغالباً ما يكون المشترى النهائي لهذه السندات، صناديق (اسميها اجتهادا من عندي) صناديق الاحتواء النهائي مثل صناديق معاشات التقاعد التى تتوقف عن الاتجار بالسندات حتى زمن الاستحقاق وعندها تقوم بالاستقادة من فوائد هذه السندات المالية.
مثال: وثائق الرهن العقاري (سيتم تطبيقها) في المملكة العربية السعودية قريبا، تقوم جهة التمويل (المؤسسة التمويلية، بتمويل عملية شراء المسكن للمقترض ويتم اصدار وثيقة (سند) مقابل عملية التمويل تتضمن مقداره وزمن الاستحقاق ثم يتم بيع هذه الوثائق لجهات اخرى ويتم تداولها كسلعة (مالية). مما ينشأ عنه سوق مالية موازية تسمى سوق سندات الرهن العقاري.
سنويا تقوم البنوك والمؤسسات المالية باصدار ملايين السندات بقيم تتجاوز ترليونات الدولارت ويتم تداولها في اسواق متخصصة.
يتبع (سوق الارواق المالية الاسلامية).
ـ[الخبوبي]ــــــــ[02 - 01 - 08, 01:59 م]ـ
أخي الفاضل واصل بارك الله فيكم.
نحن بشوق إلى التتمة .... أسأل الله أن ييسر أموركم، ويعينكم، ويوفقكم.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[03 - 01 - 08, 09:10 م]ـ
مسدد إن شاء الله.
واصل أيها الفاضل وصلك الله بحبل طاعته ونفع بك وحقق رجاك.
ـ[أبو شهاب الأزهري]ــــــــ[13 - 01 - 08, 12:55 ص]ـ
- تصدر البنوك في العادة انواع كثيرة من الاوراق المالية تشمل أوامر شراء بنكية bank purchase order وسندات الأذوانات promissoni notes او الضمانات البنكية او خطابات الاعتماد .... الخ.
صوابها: promissory notes
promissory مشتقة من promise وهو الوعد
فـ promissory هو ما يحتوي أو يتضمن أو فيه معنى الوعد
ولذا فالـ Promissory Note تستخدم بمعنى الكمبيالة
ومعذرة على المقاطعة أخي الكريم(87/264)
حكم المبولة المجازة شرعا
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما أحدث في العام الماضي أنهم جعلوا المبولة بدل المراحيض في الحمامات
أو قل بالاصطلاح الغربي المترجم دورات المياه
وهذا في طريق المأزمين أو طريق عرفة مزدلفة وأيضا في مزدلفة
وخلعوا الأبواب وجعلوا بدلا من ذلك قماش أو ستائر
ووضعوا المبولة على الحائط
وزعموا أن هذه المبولة مجازة شرعا
وكتبوا ذلك بعدة لغات
المبولة مجازة شرعا
فالسؤال
ما هي هذه الجهة الشرعية التي أجازت هذه المبولة؟
طبعا الهدف من ذلك هو تخفيف الزحام واعطاء فرصة لمن أراد التبول
وخصوصا للعائدين من عرفة وهم في طريقهم إلى مزدلفة
وخلعهم للأبواب حتى لا يتمكن الرجل من التبرز
فالمكان محدد للتبول
وعلى قول العامة على السريع
وفي الحقيقة هو من هذه الجهة حسن وجيد
لأن حاجة الشخص إلى التبول أكثر وعدد من يريدون التبول أكثر
ففي ذلك تيسير على جمع من الحجيج
ورأيت من الحجيج من امتنع عن التبول في هذه المبولة المجازة شرعا حسب زعم كتاب اللوحات
وازداد الزحام على الحمامات الأصلية أو دورات المياه
لأنهم جعلوا المبولة في الجزء الأمامي
وهناك طبعا دورات المياه المكتملة
المقصود
ما حكم هذه النازلة
طبعا حكم التبول قائما
(وقال ابن بطال وهو حجة لمن رخص في يسير البول لأن المعهود ممن بال قائما أن
يتطاير إليه مثل رؤوس الأبر وفيه يسر وسماحة على هذه الأمة حيث لم يوجب القرض كما أوجب على بني إسرائيل واختلفوا في مقدار رؤوس الأبر من البول فقال مالك يغسلها استحبابا وتنزها والشافعي يغسلها وجوبا وأبو حنيفة سهل فيهما كما في يسير كل النجاسات وقال الثوري كانوا يرخصون في القليل من البول
)
(وقد ثبت عن عمر وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش والله أعلم)
طبعا هناك أقوال في المسألة
ثانيا
هل المبولة هذه التي على الطريقة الغربية يأمن فيها الشخص من الرشاش
ثالثا
الستائر
والله أعلم
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[22 - 11 - 07, 09:01 م]ـ
للفائدة:
قال شيخنا محمد محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى في شرحه على زاد المستقنع:
قوله رحمه الله: [وبُعدُه في فضاءٍ، واستِتَارُه]: أي يُشرع للإنسان إذا أراد أن يقضي حاجته، وكان في فضاء كالأرض الخلاء التي ليس فيها أحد أن يختار مكاناً بعيداً عن أعين الناس؛ لأن الفضاء منكشف، والإنسان إذا جلس في الفضاء يمكن أن تُرى عورته فشُرع له أن يُبعد،
وأن يستتر فيشرع له أمران: البُعد في المذهب، وهو سنة النبي-?- كما في حديث المغيرة رضي الله عنه عند أبي داود، والنسائي، والترمذي، وفيه أنه ذكر ذهابه عليه الصلاة والسلام لقضاء حاجته، ووصفه بقوله: [أَبْعَدَ عنّي] وهو حديث حسن.
وكذلك - أيضاً - يستتر فإذا كانت الأرض منبسطة بحث عن حفرة، أو شاخص، فإن وجد المطمئن من الأرض كالحفرة نزل فيها، وقضى حاجته؛ لأنه أبلغ في الاستتار ما لم يكن فيها ضرر عليه، أو يأتي إلى شاخص كأن يأتي إلى هضبة، أو تلٍّ؛ فيستقبله، ويقضي حاجته مستقبلاً له؛ لأنه أبلغ في الاستتار،
وقالوا في الفضاء يُبْعد لأنه إذا بَعُدَ شخصه تعذر على العين الإطلاع على عورته، ويستتر لئلا يدهمه إنسان فجأة فيكون ذلك أبلغ في تحفُّظِه، وصيانة عورته، وقد عُظِّم أمر الاستتار في قضاء الحاجة،
ومن تساهل في قضاء حاجته، فقضاها بجوار الطرقات على مرأى من الناس فإنه لا يخلو من الإثم، والتبعة، وقد ورد في حديث إِبن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين في قصة الرجلين اللّذين يعذبان قال فيهما النبي ?: [إِنّهما يُعذّبان، وما يُعذَّبان في كبيرٍ، أمَّا أحدُهما فكانَ لا يَسْتَنْزِهُ من بَوْلِه] وفي رواية: [لا يَسْتَتِرْ مِنْ بَوْلِه] قال بعض العلماء: [لا يستتر] أي يتساهل في كشف عورته، وعدم سترها عن أعين الناس -والعياذ بالله- فقالوا: إنها من الأمور التي تكون سبباً في عذاب القبر، وفتنته - نسأل الله السلامة والعافية-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/265)
فالمقصود أنه ينبغي للإنسان أن يستتر، وأنبه على مسألة يخطئ فيها كثير-أصلحهم الله- خاصة من الجهلة، والعوام؛ فإنهم يأتون إلى أماكن الوضوء، ويكشفون عوراتهم، ويستنجون فيها دون حياء من الناس، ولا خوف من الله-جل وعلا- فأماكن الوضوء المخصّصة للوضوء لا يصلح فيها للإنسان أن يكشف عورته، وكذلك أيضاً يتسبب في أذية الناس بنتن البول، وريحه، فهذه من الأمور الممقوتة التي لا ينبغي للمسلم أن يفعلها، ومن رُئِي منه فعل ذلك يُنصح، ويُذكّر، ويخوّف بالله-جل وعلا-، ويقال له: إتق الله، ولا تؤذ المسلمين، فإن أماكن الوضوء ليست لقضاء الحاجة لما فيها من أذية الناس بالرائحة، والنَّتن، وقد ثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: [إتقوا اللّعانين، قالوا: وما اللّعانَانِ يا رسول الله؟ قال: الذي يبول في طريق النّاسِ، وفي ظِلِّهمْ] فبيّن عليه الصلاة والسلام تحريم البول في هذين الموضعين لما فيهما من عظيم الضرر على المسلمين، فكذلك الحال فيمن يبول في أماكن الوضوء، حيث جمع بين كشف العورة، وأذية الناس بنتن البول، والنجاسة نسأل الله السلامة والعافية.
قوله رحمه الله: [وإرتيَادُه لِبَولِهِ مَوْضِعاً رَخْواً]: قوله: [وارتياده]: مأخوذ من قولهم: إرتاد الشيء: إذا طلبه، ومنه سُمّي الرائدُ رائداً، والرائد في لغة العرب: هو الرجل الذي يُرسله الناس إذا كانوا في سفر لكي يطلب الماء لهم، فالرّيادة الطلب، فقوله: [إرتياده] أي: طلبه.
قوله: [وإرتيادُه لبوله موضعاً رخواً]: أي إذا أراد المسلم أن يبول فإنه يطلب الأرض الرخوة؛ لأن الأرض الرخوة أمكن في استيعاب البول، وأبعد من أن يتطاير طشاش البول، والنجاسة على البدن، والثوب فينجسه، فشُرع له أن يطلب المكان الرخو، وفيه حديث ضعيف عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إِذَا بالَ أحدُكم فَلْيَرتَدْ لِبَولِهِ] أخرجه أحمد وأبوداود، وفيه راوٍ لم يسمّ، وهو الراوي عن أبي موسى رضي الله عنه،
وقد فُسِّر الإرتياد بمعنى الإختبار، والطلب كما مال إليه الإمام ابن القيم رحمه الله، ولكن معناه صحيح أن الإنسان يشرع له أن يطلب مكاناً رخواً؛ لأنه يحقق مقصود الشرع من الاستنزاه من البول وقد دلَّ على ذلك حديث الصحيحين عن إبن عباس رضي الله عنهما في قصة الرجلين المعذبين في قبريهما، فمعنى الحديث، ومتنه صحيح، وإن كان سنده فيه ضعف، فإذا طلب المكان الرِّخو حقّق مقصودَ الشَّرع من الإستنزاه من البول؛ لأنه لا يأمن غالباً من طشاش البول، والأماكن تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون صلبة.
القسم الثاني: أن تكون رخوة.
وفي كلا القسمين إما أن تكون الأرض طاهرة، وإما أن تكون نجسة.
فأصبح القسمان منقسمين إلى أربعة.
فإن كان المكان طاهراً صلباً بال جالساً، وإن كان نجساً رخواً بال قائماً، وإن كان نجساً صلباً إمتنع من البول فيه، وإن كان طاهراً صلباً خُيِّر بين الجلوس، والقيام، وقد جمع بعض الفضلاء هذه الصور الأربعة في قوله:
للطَّاهِرِ الصُّلبِ اجْلسِ وامْنَعْ بِرَخوٍ نَجِسِ
والنَّجِسَ الصُّلْبَ اجْتنبِ واْجلسْ وقُمْ إِن تَعْكِسِ
هذه أربع صور:
فقوله: (للطّاهِر الصُّلْبِ اجلِسِ): يعني إذا كان المكان طاهراً صلباً فإجلس.
وقوله: (وامنَع برخوٍ نجس): يعني إذا كان مكاناً رخواً نجساً كما يحدث الآن إذا امتلأ موضع قضاء الحاجة لا يجلس الإنسان؛ لأنه إذا جلس ربما سقط ثوبه في النجاسة، أو تطاير طشاش البول على بدنه، أو ثوبه، خاصة عند قضائه لحاجته.
وقوله: (والنَّجِسَ الصُّلبَ اجتنب): أي إذا كان مكاناً صلباً نجساً، فلا تقضي الحاجة فيه أعني البول لأنه لا يأمن التَّنجس غالباً.
وقوله: (واجْلِسْ وقُمْ إِنْ تَعْكِسِ): يعني الطَّاهر الرَّخو إن شئت فاجلس فيه، وإن شئت فقم، فأنت مخيرٌ وقد صحّ عن النبي-?- أنه بال قائماً، فالسُّنة دالة على جواز البول قائماً.
ومنع بعض العلماء منه، وهو مذهب أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- وكانت تقول: " من حدَّثكمْ أن رسول الله-?- بالَ قائماً؛ فلا تُصَدّقُوه " والظاهر أنه لم يبلغها ذلك فحدثت بما رأته من غالب حاله عليه الصلاة والسلام وهو البول جالساً، وقد صحَّ في صحيح مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه: [أنَّ النَّبي-?- أتى سُباطةَ قومٍ فبَالَ قَائِماً] فدلّ على جواز البول قائماً قال بعض العلماء: إن النبي-?- بال قائماً لعلّة؛ قيل: كان فيه مرض تحت ركبته في المَأبِضْ فلا يستطيع أن يثني رجليه فيجلس لقضاء حاجته فبال قائماً للضرورة.
وقيل: بال قائماً إستشفاءً من مرض الصُّلبِ، وكانت العرب تستشفي من أمراض الظهر بالبول قائماً فقالوا: إنه بال قائماً إستشفاءً من مرض الصُّلب.
وهذان الوجهان عُلِّلَ بهما لكي يقال: إن الأصل المنع، ولكن هناك وجه ثالث، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز، فلا حرج في فعله؛ لأنه لم يرد نهي عن البول قائماً حتى يقال إن الأصل يقتضي التحريم، والمنع؛ ولأنه لو كان بوله قائماً لعلّة المرض لنبّه على ذلك الصحابي، ولكنه لم يذكر شيئاً من ذلك، فدلّ على عدمه، وعليه فإنه يترجح القول بأنّ هذا جائز، ولا حرج فيه ولكن الهدي الأكمل،
والأمثل أن يبول جالساً، وذلك لأنه هو هديه عليه الصلاة والسلام في أغلب أحواله، ولأن الجلوس أبلغ في الإستتار، والتحفظ من البول والله أعلم.
وقال بعض العلماء: بال عند سُباطة القوم قائماً؛ لأن السُّباطة مكان القذر، والنّجاسة؛ فلم يجلس-صلوات الله وسلامه عليه- من أجل ذلك، وهذه العلة هي الوحيدة القوية من بين العلل التي ذكروها لوجود دلالة في الظاهر تدلُّ عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/266)
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 03:19 م]ـ
وضعت لكي لايسبب الزحام .. وينتهي مباشرة .. واله أعلم أنها مافيه بأس ..(87/267)
أيها الحاج هل عرفت مكانة يوم عرفه
ـ[السيد العربي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 01:00 ص]ـ
أيها الحاج
*هل عرفتَ مكانةَ يوم عرفه *
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .....
لقد فضل الله بعض الأيام والشهور على بعض، فقيل أن خير الأيام عند اللّه يومُ النحر، وهو يومُ الحج الأكبر كما في "السنن" عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أَفْضَلُ الأيَّامِ عِنْدَ اللَهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ" [وهو يوم الحادى عشر]. (فمن اليوم الثامن إلى الثالث عشر كلها لها أسماء، فالثامن يوم التروية، والتاسع يوم عرفة، والعاشر يوم النحر، والحادي عشر يوم القر، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر يوم النفر الثاني).
وقيل: يومُ عرفة أفضلُ منه، وهذا هو المعروف عند أصحاب الشافعي، قالوا: لأنه يومُ الحج الأكبر، وصيامُه يكفر سنتين، ومَا مِنْ يَوْمٍ يَعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ الرِّقابَ أَكثَرَ مِنهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، ولأنه سبحانه وتعالى يَدْنُو فِيهِ مِنْ عِبَادِه، ثُمَّ يُبَاهِي مَلاَئِكَتَه بِأَهْلِ الموقف. والصواب القول الأول ...... وفي "سنن أبي داود" بأصح إسناد أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "يوم الْحَجِّ الأكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ"، وكذلك قال أبو هريرة، وجماعةٌ من الصحابة، ويومُ عرفة مقدِّمة ليوم النَّحر بين يديه، فإن فيه يكونُ الوقوفُ، والتضرعُ، والتوبةُ، والابتهالُ، والاستقالةُ، ثم يومَ النَّحر وتكون الوفادةُ والزيارة، ولهذا سمي طوافُه طوافَ الزيارة، لأنهم قد طهروا من ذنوبهم يوم عرفة، ثم أذن لهم ربُّهم يوم النَّحر في زيارته، والدخولِ عليه إلى بيته , ولهذا كان فيه ذبحُ القرابين، وحلقُ الرؤوس، ورميُ الجمار، ومعظمُ أفعال الحج، وعملُ يوم عرفة كالطهور والاغتسال بين يدي هذا اليوم.
فإن قيل: فأيهما أفضلُ: يوم الجمعة، أو يوم عرفة؟ فقد روى ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم."لاَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلاَ تَغْرُبُ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ" وفيه أيضاً حديث أوس بن أوس "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس يَوْمُ الجُمْعَةِ" ......... والصوابُ أن يوم الجمعة أفضلُ أيام الأسبوع، ويومَ عرفة ويوم النَّحر أفضلُ أيام العام، وكذلك ليلةُ القدر، وليلة الجمعة، ولهذا كان لوقفة الجمعة يومَ عرفة (يعنى لو وافق يوم عرفه يوم جمعه) مزية على سائر الأيام من وجوه متعدّدة.
أحدها: اجتماعُ اليومين اللذين هما أفضلُ الأيام.
الثاني: أنه اليومُ الذي فيه ساعة محققة الإِجابة، وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر وأهل الموقف كلُّهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع.
الثالث: موافقتُه ليوم وقفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
الرَّابع: أن فيه اجتماعَ الخلائق مِن أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة، ويُوافق ذلك اجتماعَ أهل عرفة يومَ عرفة بعرفة، فيحصُل مِن اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصُل في يوم سواه.
الخامس: أن يوم الجمعة يومُ عيد، ويومَ عرفة يومُ عيد لأهل عرفة.
السادس: أنه موافق ليوم إكمال اللّه تعالى دينَه لعباده المؤمنين، وإتمامِ نعمته عليهم، كما ثبت في "صحيح البخاري" عن طارق بن شهاب قال: جاء يهوديٌ إلى عمرَ بنِ الخطاب فقال: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين آيَةٌ تَقْرَؤونَهَا في كِتَابِكُمْ لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ وَنَعْلَمُ ذَلِكَ اليَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، لاتَّخَذْنَاهُ عِيداً، قَالَ: أيُ آَيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3] فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيه ِ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَنَحْنُ وَاقِفُونَ مَعَهُ بِعَرَفَةَ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/268)
السابع: أنه موافق ليوم الجمع الأكبر، والموقفِ الأعظم يومِ القيامة، فإن القيامة تقومُ يومَ الجمعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَاً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" [مسلم كتاب الجمعه – باب فضل يوم الجمعه]
الثامن: أن الطاعةَ الواقِعَة مِن المسلمين يومَ الجُمعة، وليلةَ الجمعة، أكثر منها في سائر الأيام، حتى إن أكثرَ أهل الفجور يَحترِمون يوم الجمعة وليلته.
التاسع: أنه موافق ليوم المزيد في الجنة، وهو اليومُ الذي يُجمَعُ فيه أهلُ الجنة في وادٍ أَفْيحَ، ويُنْصَبُ لهم مَنَابِرُ مِن لؤلؤ، ومنابِرُ من ذهب، ومنابرُ من زَبَرْجَدٍ وياقوت على كُثبَانِ المِسك، فينظرون إلى ربِّهم تبارك وتعالى، ويتجلى لهم، فيرونه عِياناً.
العاشر: أنه يدنو الرّبُّ تبارك وتعالى عشيةَ يومِ عرفة مِن أهل الموقف، ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول: "مَا أَرَادَ هؤُلاءِ، أُشْهِدُكُم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم" وتحصلُ مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعةُ الإِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسأل خيراً فيقربُون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة، ويقرُب منهم تعالى نوعين من القُرب، أحدهما: قربُ الإِجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني: قربه الخاص من أهل عرفة، ومباهاتُه بهم ملائكته.
فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَتْ وقفةُ يومِ الجمعة على غيرها.
وأمّا ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة، فباطل لا أصل له عن رسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم.
فيوم عرفه ولو لم يوافق يوم جمعه فهو من أفضل أيام الدهر ولو قلنا – وهو الصحيح – أن يوم النحر هو خير الأيام فإن الحاج يتقلب فى الخيرين يوم عرفه ويوم النحر.
فيوم عرفة من الأيام الفاضلة، تجاب فيه الدعوات، وتقال العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره , وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران .... نسأل الله أن يعتق رقابنا من النار في هذا اليوم العظيم.
فمما يبين فضل يوم عرفه – خاصة لأهل الموقف – أمور كثيرة منها:
*إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
أخرج البخاري عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا" قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. [البخاري كتاب الايمان]
*أنه يوم عيد لأهل الموقف خاصة ولعموم المسلمين:
أخرج الترمذى عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ" [الترمذى كتاب الصوم .... (صحيح) انظر حديث رقم: 8192 في صحيح الجامع]
*إنه يوم أقسم الله به:
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليَوْمُ المَوْعُودُ: يَوْمُ القِيَامَةِ، والْيَوْمُ المَشْهود: هو يَومُ عَرَفَة، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ، وَلاَ غَرَبَتْ عَلَى أَفْضَلَ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنِّ يَدْعُو اللَّهَ فيهَا بخَير إلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ، أَوْ يَسْتَعِيذُهُ منْ شَرٍّ إِلاَّ أعَاذَ مِنْهُ". [رواه الترمذي وحسنه الألباني ... انظر الصحيحة رقم 1502]
* أن صيامه يكفر سنتين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/269)
فعَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً" [رواه الجماعة إلا البخارى - قال الألبانى فى "إرواء الغليل" 4/ 111 – صحيح]. وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.
قال فى بدائع الفوائد - (ج 5 / ص 315):
إن قيل لم كان عاشوراء يكفر سنة ويوم عرفة يكفر سنتين؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام بخلاف عاشوراء.
الثاني: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
* أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف:
فعن عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ" [مسلم. كتاب الحج]
** هديه صلى الله عليه وسلم يوم عرفه:
قال ابن القيم فى زاد المعاد:
فلما فرغ من صلاته، ركب حتى أتى الموقفَ، فوقف فى ذيل الجبل عند الصَّخَراتِ، واستقبل القِبْلة، وجعل حَبْلَ المُشاة بين يديه، وكان على بعيره، فأخذَ فى الدُّعاء والتضرُّع والابتهال إلى غروب الشمس، وأمر النَّاس أن يرفعُوا عن بطن عُرَنَةَ، وأخبر أن عرفة لا تختص بموقفه ذلك، بل قال: "وقَفْتُ هاهنا وعَرَفَةُ كُلُّها مَوْقِفٌ".
وكان فى دعائه رافعاً يديه إلى صدره كاستطعام المسكين، وأخبرهم أنَّ خَيْرَ الدُّعَاء دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ .... وذكر من دعائه صلى الله عليه وسلم فى الموقف: "اللَّهُمَ لَكَ الحَمْدُ كالَّذِى نَقُولُ وخَيْراً مِمَّا نقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاتى وَنُسُكى، ومَحْيَاىَ، ومَمَاتِى، وَإليكَ مَآبى، اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَشَتاتِ الأمْرِ، اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تِجِئ به الرِّيحُ" ذكره الترمذى.
ومما ذُكِرَ مِن دُعائه هناك: "اللَّهُمَّ تَسْمَعُ كَلامى، وتَرَى مَكَانى، وتَعْلَمُ سرِّى وعَلانيتى، لا يخفى علَيْكَ شَئٌ مِنْ أَمْرى، أَنا البَائسُ الفَقيرُ، المُسْتَغِيثُ المُسْتَجيرُ، وَالوَجلُ المُشفِقُ، المقِرُّ المعترِفُ بِذُنُوبى، أَسْأَلكَ مَسْألةَ المِسْكين، وأبْتَهِلُ إليْكَ ابْتهالَ المُذْنِبِ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الخَائِفِ الضرِيرِ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ، وذلَّ جَسَدُهُ، ورَغِمَ أَنْفُهُ لَكَ، اللَّهُمَّ لا تَجْعلنى بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِياً، وكُن بى رَؤُوفاً رحيماً، يا خيْرَ المَسْؤُولين، ويَا خَيْرَ المُعْطِينَ" ذكره الطبراني.
وذكر الإمام أحمد: من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّه قال: كان أكثرُ دُعاءِ النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفة: "لا إله إلاَّ اللَّهُ وحدَهْ لا شرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحمدُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شئ قَدِير".
وأرسل إلى الناس أن يكونوا على مشاعرهم، ويقفوا بها، فإنها مِن إرث أبيهم إبراهيم وهنالك أقبل ناسٌ من أهل نَجْدٍ، فسألوه عن الحجِّ، فقال: "الحَجُّ عَرَفَةُ، مَن جَاء قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، تَمَّ حَجُّهُ، أيَّامُ مِنَى ثَلاثَةٌ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فى يَوْمَيْن، فلا إثْمَ عَلَيْهِ، ومَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عليه". [رواه أبوداود والنسائى والترمذى – وقال الالبانى فى الارواء صحيح]
*فائدة:
ومعنى " الحج عرفه" ... قالوا:
فى المنتقى - شرح الموطأ - (ج 1 / ص 196)
رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحَجُّ عَرَفَةُ لَمَّا كَانَ الْحَجُّ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِعَرَفَةَ.
وفى فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 55)
" الْحَجّ عَرَفَة " أَيْ مُعْظَم الْحَجّ وَرُكْنه الْأَكْبَر،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/270)
وفى عون المعبود - (ج 4 / ص 337)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيد بِهِ مُعْظَم الْحَجّ وَهُوَ الْوُقُوف لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَاف عَلَيْهِ الْفَوَات فَأَمَّا طَوَاف الزِّيَارَة فَلَا يُخْشَى فَوَاته وَهَذَا كَقَوْلِهِ " الْحَجّ عَرَفَة " أَيْ مُعْظَم الْحَجّ هُوَ الْوُقُوف
وفى تحفة الأحوذي - (ج 2 / ص 435)
(الْحَجُّ عَرَفَةُ)
أَيْ الْحَجُّ الصَّحِيحُ حَجُّ مِنْ أَدْرَكَ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ السَّلَامِ: تَقْدِيرُهُ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ: أَيْ مِلَاكُ الْحَجِّ وَمُعْظَمُ أَرْكَانِهِ وُقُوفُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ
وفى شرح سنن النسائي - (ج 4 / ص 334)
(الْحَجّ عَرَفَة)
قِيلَ التَّقْدِير مُعَظَّم الْحَجّ وُقُوف يَوْم عَرَفَة وَقِيلَ إِدْرَاك الْحَجّ إِدْرَاك وُقُوف يَوْم عَرَفَة وَالْمَقْصُود أَنَّ إِدْرَاك الْحَجّ يَتَوَقَّف عَلَى إِدْرَاك الْوُقُوف بِعَرَفَة
وفى حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 6 / ص 82)
(الْحَجّ عَرَفَة)
قِيلَ التَّقْدِير مُعْظَم الْحَجّ وُقُوف يَوْم عَرَفَة وَقِيلَ إِدْرَاك الْحَجّ إِدْرَاكه وُقُوف يَوْم عَرَفَة وَالْمَقْصُود أَنَّ إِدْرَاك الْحَجّ يَتَوَقَّف عَلَى إِدْرَاك الْوُقُوف بِعَرَفَة وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ فَقَدْ أَمَّنَ حَجّه مِنْ الْفَوَات
وفى فيض القدير - (ج 3 / ص 539)
(الحج عرفة) أي معظمه أو ملاكه الوقوف بها لفوت الحج بفوته ذكره البيضاوي ...... الحج عرفة أي هو الأصل والباقي تابع.
وفى عمدة القاري شرح صحيح البخاري - للعيني الحنفي - (ج 15 / ص 322)
قوله الحج عرفة على معنى أن الوقوف هو المهم من أفعاله لكون الحج يفوت بفواته وكذلك قوله يوم النحر يوم الحج الأكبر بمعنى أن أكثر أفعال الحج من الرمي والحلق والطواف فيه.
قلت: (هذا وغيره كثير يبين فضل يوم عرفه لأهل الموقف وعِظَم مكانته فى الحج وأنه الأصل وباقى النسك واركان الحج تابع له).
وقيل " ما رؤي الشيطان في يوم هو أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفه " [أخرجه ابن مالك عن إبراهيم بن أبي عيلة عن طلحة بن عبد الله بن كريز مرسلا].
وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس، عليكم السكينة، فإن البر ليس بالإيضاع) أي: ليس بالإسراع ... وذلك حين أفاض من عرفات.
ومما يفوت كثير من الحجيج فى عرفات دوام التلبية مع الذكر والدعاء بلا كف ولا انقطاع لانها خير ساعات الحج وأأمل حالات الحاج فى العفو والمغفرة وكفارة السيئات , ولا يتصور أن عبداً أدرك من عرفات والموقف فيه مثل هذه الأمور ثم هو يفعل مثل ما يفعله كثير من الجهال المحرومين , الذين يردون الماء العذب الزلال وهم على مشارف الهلاك من شدة الظمأ ثم يعودون أشد ظمأً وهلاكاً والعياذ بالله , فمن ضيع عرفات فهو لكل الحج أضيع نسأل الله السلامه والعافية ... ومن هنا ينبغى أن
تعلم أنه يجب أن يكون حالك بين خوف صادق ورجاء محمود كما كان حال السلف الصالح
والخوف الصادق: هو الذي يحول بين صاحبه وبين حرمات الله تعالى وحدوده، فإذا زاد عن ذلك خيف منه اليأس والقنوط.
والرجاء المحمود: هو رجاء عبد عمل بطاعة الله على نور وبصيرة من الله، فهو راج لثواب الله، أو عبد أذنب ذنباً ثم تاب منه ورجع إلى الله، فهو راج لمغفرته وعفوه.
فينبغي عليك أخي الحاج أن تجمع في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم المبارك بين الأمرين: الخوف والرجاء , فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه , وتؤمل فى فيض رحماته أن يكون لك منها وفيها أكبر نصيب وألا تكون من المحرومين ... والعياذ بالله تعالى
فهنيئاً لمن وقف بعرفة فغفر له وعفى عنه ..... وعنئذ ....
هنيئاً لك أخي الحاج، يا من رزقك الله الوقوف بعرفة بجوار قوم يجأرون إلى الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب أخلص لله توبة صادقه، وهارب لجأ إلى باب الله ورحمته، فكم هنالك من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه، ومن أثقلِ الأوزار فكه وأطلقه , وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، فعن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا"
ثم أعلم أخى الحاج أنه قد جاء فى الأثر:
"أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتبُ اللهُ لك بها حسنة و يمحو عنك بها سيئة , و أما وقوفك بعرفة فإن الله عز و جل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول: "هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي و يخافون عذابي و لم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رملُ عالج (موضعٌ بالبادية) أو مثل أيام الدنيا أو مثل قِطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك , و أما رميك الجمار فإنه مدخور لك , و أما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك" [أخرجه الطبرانى عن ابن عمر. وقال الألباني (حسن) انظر حديث رقم: 1360 في صحيح الجامع].
هذا وبالله التوفيق وعليه السداد والرشاد
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
جمعه ورتبه راجى عفو ربه الغفور
د:السيد العربي ابن كمال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/271)
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:24 ص]ـ
الله أكبر .. يوم عظيم ..
بارك الله فيك يادكتور سيد(87/272)
كتاب الحج-بلوغ المرام- شرح العلامة العثيمين رحمه الله
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أتأسف كثيرا عن عدم إكمال إنزال شرح كتاب الصيام والتأخر في إنزال شرح كتاب الحج، و\لك لأني مشغووول جدا فاعذروني ..
كِتَابُ اَلْحَجِّ
الحج في اللغة: القصد، يقال: حج كذا. بمعنى قصد.
وأما في الشرع: فهو التعبّد لله عز وجل بأداء المناسك على صفة مخصوصة، في وقت مخصوص.
والحج أحد أركان الإسلام، هـ?ذه منزلته من الدين أنه أحد أركانه، وهو فريضة بإجماع المسلمين، وفرْضُه معلوم بالضرورة من الإسلام، ولهذا من أنكر فرْضيّته وهو مسلم عائش بين المسلمين فهو كافر؛ لأنّه مكذّب لله ورسوله وإجماع المسلمين.
أما فرْض الحج ففي قوله تَعَالى?: ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران:97]، وهـ?ذه الآية في سورة آل عمران، وقد نزلت في عام الوفود في السّنة التاسعة من الهجرة.
ويؤيِّد ذلك من حيث المعنى أنّ مكة قبل السنة الثامنة كانت تحت قبضة المشركين الذين يتحكمون فيها، ولهذا منعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الوصول إليها في السنة السادسة من الهجرة، ومن رحمة الله عزّ وجل وحكمته أيضا أن لا يفرض على عباده الوصول إلى شيء يشق عليهم الوصول إليه أو لا يمكنهم الوصول إليه، فكان من الحكمة والرحمة تأخير فرْضها إلى السنة التاسعة أو العاشرة، على خلاف بين العلماء.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:39 ص]ـ
[الحديث الأول] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اَلْعُمْرَةُ إِلَى اَلْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا, وَالْحَجُّ اَلْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ اَلْجَنَّةَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
قوله: ((اَلْعُمْرَةُ إِلَى اَلْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا)) يعني أن الإنسان إذا اعتمر ثم اعتمر ثانية فإن ما بين العمرتين يقع مكفرا ((كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا))، و ((مَا)) اسم موصول تفيد العموم، فظاهره يشمل الصغائر والكبائر؛ ولكن قد سبق لنا قريبا أنّ جمهور أهل العلم يرون أنّ مثل هـ?ذه الأحاديث المطلقة مقيّدة باجتناب الكبائر، قياسا على الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، قالوا: فإذا كانت هـ?ذه الفرائض التي هي أصول الإسلام لا يكفَّر بها إلا الصغائر فما دونها من باب أولى.
وقوله: ((وَالْحَجُّ اَلْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ اَلْجَنَّةَ)) الفرق بين العمرة والحج هنا ظاهر جدا؛ لأنّ أقصى ما تفيده العمرة أن تكفِّر السيئة التي بين العمرة والعمرة الأخرى، أما هـ?ذا فيحصل به المطلوب؛ يعني من العمرة إلى العمرة نجاة من المرهوب وهو السَّيئات وآثارها، أما هـ?ذا ففيه حصول المطلوب وهو الجنة؛ ولكنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشترط في الحج أن يكون مبرورا؛ أي حج بر، وهو الذي جمع أوصافا نذكرها الآن:
أولا: أن يكن خالصا لله عز وجل؛ بأن لا يحمل الإنسان على الحج طلب مال أو جاه أو فرجة أو لقب .. أو ما أشبه ذلك، فتكون نيته التقرّب إلى الله عز وجل والوصول إلى دار كرامته، وهـ?ذا شرط في كل عبادة كما هو معروف.
الثاني: أن يكون بمال حلال، فإن كان بمال حرام فإنه ليس بمبرور، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا حج بمال حرام فإنه لا حجّ له؛ لأنه كالذي يصلي في أرض مغصوبة، وأنشدوا على ذلك:
فما حججت ولكن حجت العير
إذا حججت بمال أصله صفر
الشرط الثالث: أن يقوم الإنسان فيه بفعل ما يجب ليكون عبادة، فأمّا من لم يقم فيه بفعل ما يجب فليس بمبرور، كما يفعل بعض الناس اليوم يذهب ليحج فيوكِّل من يرمي عنه، ويبيت في مكة ويذبح هديا عن المبيت في مكة، ويخرج من مزدلفة من منتصف الليل أو من صلاة المغرب والعشاء، يتتبع الرخص، ثم يقول: إنني حججت.
والذي يظهر -والعلم عند الله- أن حال مثل ه?ؤلاء أن يقول: لعبت لا حججت، أين الحج من رجل لا يبيت إلا في مكة، ويوكل من يرمي عنه الجمار، ويقول: أذبح هديا لترك المبيت، ويتقدم من مزدلفة مبكرا؟ إذا كان لا يمكنك أن تحج إلا على هـ?ذا الوجه، فخير لك أن لا تحج.
المهم من شرط كون الحج مبرورا أن يأتي فيه بما يجب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/273)
وليعلم أن الإنسان ليس بالخيار بين أن يقوم بالواجب أو يفدي عنه، ليس بالخيار؛ ولكنه إذا ترك الواجب نقول له: اذبح فدية. أما أن نقول له: أنت بالخيار. معناه يمكن الواحد يحج يقف في عرفة ويطوف وخلاص، ويقول: أذبح عن المبيت في مزدلفة، عن المبيت في منى، عن رمي الجمار وأمشي.
الشرط الرابع لكون الحج مبرورا: أن يتجنّب فيه المحظور لقوله تَعَالى?: ?فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ? [البقرة:197]، ومن ذلك أن لا تحج المرأة إلا بمحرم، فإن حجّت بغير محرم لم يكن حجها مبرورا؛ بل قال بعض العلماء: لم يكن حجها مقبولا؛ لأنّ هـ?ذا السفر سفر محرم. والمحرم لا يكون ظرفا لعبادة صحيحة، فهي كالزمن المغصوب بالنسبة لها.
هل يشترط أن يكون الإنسان فيه أشعث أغبر؟ لا يشترط، ولكن هل يشترط أن لا يزيل الإنسان عنه الشعث والغبر، يعني هل يشترط أن الإنسان إذا أصابه الشعث والغبر، لا يزيله؟ ليس بشرط، ولهذا ثبت عن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كان يغتسل وهو محرم، ومعلوم أنه لم يغتسل من جنابة وهو محرم، وهـ?ذا يدل على أنه ليس من شرط المبرور أن يكون الإنسان أشعث أغبر، وأن الإنسان لو تنظّف فلا حرج عليه.
هل يشترط للحج المبرور أن لا يستعمل ما فيه الرّفه من مبردات، وماء بارد، وسيارة مريحة أو لا؟ الظاهر أنه لا يشترط، وأنه لا حرج على الإنسان أن يستعمل ما يريحه، وإن كان بعض الناس يقول: الأفضل أن لا يتعرّض لمثل هـ?ذه الرفاهية؛ لأنه قد يكون للشارع غرض في أن يكون الإنسان خشنا؛ ولهذا يباهي الله بالواقفين بعرفة الملائكة يقول: ((أتوني شعثا غبرا ضاحين)).
إذن الشروط التي يجب أن تتوفر في كون الحج مبرورا أربعة.
في هـ?ذا الحديث الترغيب في العمرة والحج، هـ?ذا من فوائده.
ومن فوائده أن الحج أفضل من العمرة، وقد ثبت في حديث مرسل أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمّى العمرة حجا أصغر، حديث عمرو بن حزم المشهور أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماها الحج الأصغر.
من فوائد الحديث الحث على إكثار العمرة، يؤخذ من قوله: ((اَلْعُمْرَةُ إِلَى اَلْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا)).
ولكن هل معنى ذلك أن الإنسان يتردّد إلى الْحِل وهو بمكة ليأتي بعمرة؟ لا، لأن سنّة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التّركية كسنته الفعلية.
فإذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعل بذلك هو بنفسه، مع تمكنه من هـ?ذا وتوفره له، عُلم أنه ليس بمشروع.
في غزوة الفتح، متى دخل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة فاتحا؟ في اليوم العشرين من رمضان، وصفّى ما يتعلق بالفتح خلال أربعة أيام، وبقي عليه ستة أيام وهو في مكة قبل أن ينتهي شهر رمضان، وبإمكانه وبكل سهولة أن يخرج إلى التنعيم ويأتي بعمرة، وهل فعل؟ ما فعل.
إذن كيف من المشروع وأنا في مكة أن أخرج إلى التنعيم لآتي بعمرة، حتى لو بقيت بعد قدومي إلى مكة شهرا أو شهرين، فليس من المشروع أن أخرج إلى التنعيم أو إلى غيره من الحل لآتي بعمرة.
متى اعتمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ اعتمر لما رجع من غزوة الطائف، ونزل بالجعرَّانة ليقسم الغنائم، دخل مكة ليلا واعتمر، وخرج من فوره، ما بقي، ولهذا خفيت هـ?ذه العمرة على كثير من الناس، فلم يعدّوها في عُمَرِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
على كل حال أقول: إنّ ((اَلْعُمْرَةُ إِلَى اَلْعُمْرَةِ)) لا تدل على أنه ينبغي للإنسان وهو بمكة أن يكثر من التردد إلى الحل ليأتي بعمرة؛ لماذا؟ لأن السنة التركية كالسنة الفعلية، وما دام أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعل ذلك دلّ هـ?ذا على أنه ليس بمشروع.
فإن قلت: أليس قد أذن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة أن تخرج إلى التنعيم وتأتي بعمرة؟
نقول: من كان على مثل حالها استحببنا له أن يفعل، أو على الأقل أبحنا له أن يفعل، وإلا فلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/274)
عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها قصّتها أظن معلومة لأكثركم، قدمت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كسائر أمهات المؤمنين في حجة الوداع وأحرمت بعمرة، فلما وصلت .. حاضت، فأمرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تحرم بالحج لتكون قارنة، ففعلت وحجت مع الناس، طافت وسعت أول ما قدمت؟ لا، ما طافت ولا سعت؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((أفعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت))، فلم تطف ولم تسعَ؛ لأنها ما طهرت إلا يوم عرفة أو يوم العيد.
في يوم العيد فعلت ما فعل الناس طافت وسعت، ولما انتهوا من الحج كانوا في ليلة الرابع عشرة طلبت من النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن تأتي بعمرة ألحت عليه، وقالت: كيف يرجع الناس بعمرة وحج، وأرجع أنا بحج. ومرادها (أرجع بحج) يعني بأفعال حج، وأما الأجر فقد كتب لها أجر عمرة وحجة لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك))، وه?ذا ثابت، أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخاها عبد الرحمـ?ن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التّنعيم، قال: ((أخرج بأختك من الحرم فلتهلّ بعمرة)) خرج بها وأهلّت بعمرة، ودخلت وطافت وسعت ومشت.
عبد الرحمـ?ن بن أبي بكر معها، هل اعتمر؟ لا، فدلّ هـ?ذا على أنهم لا يرون هـ?ذا خير، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لم يأمره أن يعتمر مع سهولة العمرة عليه؛ لأنه ذهب إلى الحل، فدل ذلك على أن الإتيان بالعمرة من مكة لمن اعتمر أو لمن حج أيضا ليس بمشروع.
أما ما يفعله العامة الآن من كونهم يتردّدون إلى الحل يمكن يأتي بعمرة في أول النهار ويأتي بعمرة في آخر النهار.
ولهذا يروى عن عطاء رحمه الله قال: ما أدري أيؤجر ه?ؤلاء أم يؤزروا. يعني أن يأثموا، وفيها من المفاسد ولاسيما في أيام المواسم ما هو ظاهر، فإنهم يضيّقون على الحجاج ويتعبون أنفسهم ويتعبون، ويأتون بالأمور الغرائب العجائب.
وقد حدثتكم عن رجل رأيته يسعى، وقد حلق نصف رأسه الأيمن، والأيسر كثيف الشعر، فقلت: سبحان الله، أمسكته، وقلت: ما هـ?ذا؟ قال: هـ?ذا عن عمرة أمس والباقي عن عمرة اليوم.
يعني غريبة، مساكين يلعب بهم الشيطان، يحلقون نصف رؤوسهم لعمرة، ويمكن -والله أعلم- هـ?ذا ما عنده وقت وإلا يمكن يحلق ربع لعمرة، والرابع الثاني للعمرة الثانية .. إلى أربع عمر، فهذا كله من الجهل.
فإن من فوائد الحج أن الناس يعلّم بعضهم بعضا، ولهذا ينبغي لكم أنتم طلبة العلم أن تحرصوا على أن تعلموا الناس، تقولوا: يا جماعة هـ?ذا ليس مشروعا ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ? [الأحزاب:21].
إلى متى تكون العمرة إلى العمرة؟
الإمام أحمد ذكر ضابطا جيّدا، قال: إذا حمّم رأسُه فليعتمر. حمّم يعني صار أسود مثل الحممة الفحمة، يعني إذا نبت الشعر وظهر سواده يعتمر، ولعله رحمه الله أخذه من أن المعتمر مأمور إما بالحلق أو التقصير، وهـ?ذا لا يأتي إلا بعد أن يسود رأسه بالشعر.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى أنه يكره الإكثار منها والموالاة بينها باتفاق السلف، هكذا قال، يكره باتفاق السلف.
ولكن لعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أراد الموالاة القريبة بحيث لا ينبت الشعر ولا يكون مهيأ للحلق أو التقصير.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:40 ص]ـ
[الحديث الثاني] وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، عَلَى اَلنِّسَاءِ جِهَادٌ? قَالَ: ((نَعَمْ, عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ: اَلْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَأَصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/275)
[الشرح] قالت رَضِيَ اللهُ عَنْها: (عَلَى اَلنِّسَاءِ جِهَادٌ?) هـ?ذه الجملة لفظها لفظ الخبر؛ ولكن المراد بها الإنشاء؛ أي أنها على تقدير الهمزة، فيكون التقدير أعلى النساء جهاد؟ وحذف حرف الهمزة من الجملة المستفهم بها كثير في اللغة العربية، ومنه قوله تَعَالى?: ?أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) ? [الأنبياء:21]، ?هُمْ يُنشِرُونَ? هـ?ذه جملة خبرية في لفظها لكنها استفهامية، حذفت منها الهمزة والتقدير: أهم ينشرون، يعني أهذه الآلهة تقدر على نشر الأموات وإحيائهم؟ والجواب: لا.
وقولها: (جِهَادٌ) الجهاد مصدر جاهد يجاهد، والجهاد هو بذل الجهد وهو الطاقة في قتال الأعداء، وإن شئنا عرّفناه بمعنى أعم، فقلنا: بذل الجهد لإعلاء كلمة الله، ليشمل الجهاد بالقتال والجهاد بالعلم، لأن بيان الحق بالعلم جهاد بلا شك، وعلى هـ?ذا فنقول الجهاد في الشرع هو بذل الجهد لإعلاء كلمة الله، فيشمل القتال بالسلاح ويشمل البيان بالعلم.
وقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((نَعَمْ)) سبق لنا أن قلنا أن كلمة نعم حرف جواب، والجواب يكون بإعادة السؤال، ولهذا يكون السؤال معاد في الجواب، فإذا قال نعم، فالتقدير: عليهن جهاد، ولكن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أن هـ?ذا الجهاد ليس هو الجهاد الذي فيه قتال قال: ((جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ))؛ لأنه ليس هناك عدو يقاتل وتقاتله لكن الحج نوع من الجهاد؛ لأن فيه المشقة والتعب لا على الرجال ولا على النساء، وفيه أيضا شيء من بذل المال لكن سبق لنا أن بذل المال ليس بشرط أو ليس بركن في الحج.
قال: ((اَلْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ)) محلها من الإعراب الحج والعمرة؟ خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو الحج والعمرة.
ففي هـ?ذا الحديث من الفوائد:
أولا حرص الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم عن السؤال عن العلم؛ لأن عائشة سألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل على النساء جهاد؟
ومنها أن الجهاد من أفضل الأعمال ولهذا طلبت عائشة من النبي أو سألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل عليهن جهاد أم لا؟
ولاشك أن الجهاد من أفضل الأعمال بل إن الله تَعَالى? قال فيه: ?إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ? [التوبة:111].
ومن فوائد الحديث أن الحج والعمرة واجبان؛ لأن كلمة (عَلَى) ظاهرة في الوجوب، فإن قلت: عليك كذا المعنى أنه لازم عليك وواجب عليك، هبي ليست صريحة بالوجوب لكنها ظاهرة فيه ولهذا ذكر أهل أصول الفقه أن كلمة (عليك كذا) ظاهرة في الوجوب، أي أنها من صيغ الوجوب، لكنها ليست صريحة.
ومن فوائد الحديث أن الجواب إذا كان يحتاج إلى زيادة قيد وجب على المجيب أن يذكر هـ?ذا القيد؛ لأنه قال: ((عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ)) لو قال: عليهن جهاد وسكت لكان هناك إشكال.
ومن فوائد الحديث أيضا فضيلة الحج والعمرة حيث جعلهما من الجهاد.
من فوائد الحديث الإشارة إلى ما سيلاقيه الحاج والمعتمر من التعب والعناء، وكان الناس فيما سبق يجدون من التعب والعناء في الوصول إلى البيت؛ لأنهم يذهبون على الإبل والمدة طويلة وربما يمشون كثيرا في المسير، وربّما يكون خوف، ولكنهم لا يجدون صعوبة في أداء المناسك لأن المشاعر في ذلك الوقت كانت خفيفة ليس بها أحد إلا قليلا، أما الآن فكان الأمر بالعكس الوصول إلى مكة سهل والحمد لله؛ لكن أداء المناسك هو الصعب، لأنّ الناس كثروا وكان فيهم العربي والعجمي والعالم والجاهل والأحمق والسفيه، لهـ?ذا تجد الحج مع الأسف الآن تجد أنّ الإنسان لا يقدم عليه إلا وهو قد تقلد كفنه كما يقول الناس، من صعوبته وشدته، ولا يخفى عليكم ما يحصل من الزّحام الذي يؤدي إلى القتل والموت، ولهذا نقول: إنه نوع من الجهاد في سبيل الله.
لو قال قائل: هل يدل الحديث على أن الاكتفاء بنعم في الجواب؟ لا يدل لأنه أعاد السؤال، قال: ((عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ)) ولكن لعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعاد الجواب من أجل الخير، وإلاّ لاكتفى بقوله: نعم.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:44 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/276)
[الحديث الثالث] وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ اَلْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ? فَقَالَ: ((لا. وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَالرَّاجِحُ وَقْفُهُ.
وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ.
[الشرح]
(وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ اَلْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ? فَقَالَ: ((لا. وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَالرَّاجِحُ وَقْفُهُ.) (وَقْفُهُ) يعني من قول جابر.
قوله: (أَتَى اَلنَّبِيَّ) لماذا نصبت وهي بعد الفعل؟ لأنها مفعول مقدم، (أَعْرَابِيٌّ) فاعل، والأعرابي هو ساكن البادية، والغالب على الأعراب الجهل كما قال الله تَعَالى?: ?الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ? [التوبة:97]، لكن منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر: ?وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ? [التوبة:99]، لكن الغالب عليهم لبعدهم الجهل وعدم العلم لحدود ما أنزل الله على رسوله.
وقوله: (أَخْبِرْنِي عَنِ اَلْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ?) هـ?ذا فيه شيء من الغلظة من الكلام، (أَخْبِرْنِي .. أَوَاجِبَةٌ) كان أوفق من هـ?ذا أن يقول: يا رسول الله، هل العمرة واجبة؟ كما قالت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا في الحديث الذي قبله، قالت: يا رسول الله، على النساء جهاد؟
وقوله: (أَوَاجِبَةٌ هِيَ) الهمزة للاستفهام، (واجبة) مبتدأ، و (هي) فاعل سد مسد الخبر، ويجوز أن تكون (واجبة) خبر مقدما، و (هي) مبتدأ مؤخرا، ابن مالك يقول في هـ?ذه المسألة:
فَاعِلٌ أَغْنَى في أسارٍ ذَانِ
وَأَوَّلٌ مُبْتَدَأٌ وَالثَّانِي
يَجُوزُ نَحْوُ فائزٌ أولو الرَّشَدْ
وَقِسْ وَكاستفهام النَّفْيُ وَقَدْ
إنْ فِي سوَى الإفرادِ طِبْقًا استَقَرْ
والثَّانِ مبتدًا وَذَا الوصفُ خَبَرْ
المهم أن مثل هـ?ذا التركيب يجوز فيه الوجهان.
قال: ((لا)) هـ?ذا حرف جواب، واستغني بها عن إعادة السؤال، لو أعاد السؤال لقال: ليست واجبة، ولكنه قال: ((وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ)) يعني من عدم العمرة، وقوله: ((وَأَنْ تَعْتَمِرَ)) هـ?ذه مبتدأ بعد سبكها بالمصدر، ((خَيْرٌ)) يعني اعتمارك خير لك فهي نظير قوله تَعَالى?: ?وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ? [البقرة:184]،
نستفيد من هـ?ذا الحديث إن صح مرفوعا نستفيد منه عدة فوائد:
أولا أن العمرة ليست بواجبة، وحينئذ يكون بينه وبين الحديث الأول تعارض؛ لأن الأول قال: ((عليهن جهاد لا قتال فيه)) وهنا يقول: ليست بواجبة. فما الجمع بينهما؟ الجمع بينهما أن نقول: لا معارضة لأن الحديث الأول أصح من الحديث الثاني؛ إذ أنّ الحديث الأول صحيح الإسناد مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والثاني موقوف على جابر بن عبد الله، والموقوف لا يعارض المرفوع.
قد يقال: إن هـ?ذا الأعرابي علم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حاله أنها لا تجب عليه؛ لكن العمرة خير له، إلا أن هـ?ذا يعكر عليه قوله (أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟) ولم يقل: عليّ.
ومن ثمة اختلف العلماء بناء على اختلاف الحديثين:
فقال بعض العلماء: إن العمرة واجبة كالحج.
وقال آخرون: إنها لا تجب لأن الله إنما أوجب الحج فقال: ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران:97]، وأما قوله: ?وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ? [البقرة:196]، فقد سبق أنه ليس فيها دليل على الفرضية.
وقال بعض العلماء: إنها تجب على غير المكّي، وهـ?ذا منصوص الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، إنها لا تجب على المكي إنما تجب على من كان من غير أهل مكة، ولا يرد على هـ?ذا حديث ابن عباس ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن يريد الحج أو العمرة حيث أنشأ حتى أهل مكة)) فنقول: إن أهل مكة لهم أن يعتمروا؛ لكن لا تجب عليهم العمرة.
والراجح عندي أن العمرة واجبة كالحج لحديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها، وحديث جابر لا يعارضه لأنه قد روي موقوفا وهو الراجح كما قال المؤلف؛ ولأن العمرة تسمى حجا أصغر لحديث عمرو بن حزم المشهور وفيه ((وأنّ العمرة الحج الأصغر))، فتكون داخلة في لفظ العموم ?حِجُّ الْبَيْتِ? وتكون هـ?ذه الكلمة ?حِجُّ? مشتركة بين العمرة والحج فنفى السنة.
[الحديث]
وأخرجه ابن عدي من وجه آخر ضعيف، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((اَلْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ.))
[الشّرح]
الفوائد من الحديث الأخير حديث جابر، يقول: (أَتَى اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ اَلْعُمْرَةِ) يستفاد منه فوائد:
منها جفاء الأعراب حتى في النطق واللفظ لقوله: (أَخْبِرْنِي عَنِ اَلْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ).
ومن فوائده أن الحج قد استقر وجوبه عند الناس وعلموه، ولهذا سأل عن العمرة (أَوَاجِبَةٌ هِيَ?) دون غيرها.
ومن فوائده أنّ العمرة ليست بواجبة لقوله: ((لا)).
ومن فوائده أنها سنة لقوله: ((وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ)). ولكن هل إذا قيل في الشيء إنه خير، فمقتضاه أنه لا يجب؟ لا، قد يقال: إنه خير فيما وجب وفيما هو ركن من أركان الدين، كما قال تَعَالى?: ?تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) ? [الصف:11].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/277)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:46 ص]ـ
[الحديث الرابع]
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ, مَا اَلسَّبِيلُ? قَالَ: ((اَلزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ)) رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ, وَالرَّاجِحُ إِرْسَالُهُ.
وَأَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ أَيْضًا, وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
[الشرح]
قوله: (مَا اَلسَّبِيلُ?) يشير إلى قوله تَعَالى?: ?مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران:97]، وكان المتوقع أن يقول: السبيل الطريق، لكنه قال: ((اَلزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ)) ففسره بالمراد؛ لأن الزاد والراحلة لا تطابق في المعنى كلمة السبيل والذي يطابق في المعنى كلمة (السبيل) ما هو؟ الطريق، على هـ?ذا ينبغي أن نعرف قاعدة في التفسير أن التفسير نوعان:
تفسير بالمراد.
وتفسير بالمعنى الذي يراد باللفظ لا بما يراد من المعنى.
فههنا شيئان، عندما نقول: السبيل لغة الطريق والمراد الزاد والراحلة؛ ولكن إذا فسرنا السبيل بالزاد والراحلة من الأول نقول: هـ?ذا تفسير بالمراد، وليس تفسيرا بالمعنى المطابق للفظ الذي يشرح به اللفظ.
على كل حال النّبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فسر السبيل في قوله تَعَالى? ?مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? بالزاد والراحلة، وهـ?ذا الحديث قال: (وَالرَّاجِحُ إِرْسَالُهُ.) فهو ضعيف، وهو كذلك من حيث المعنى ضعيف كما هو من حيث السند ضعيف؛ ولذلك أن الحاج قد يستطيع الحج بلا زاد ولا راحلة، فيكون مسافرا فيركب البعير الذي آجره كما يفعل الناس في السابق يستأجرون معهم أناسا للطبخ وللشد والتنزيل وما أشبه ذلك.
على كل حال المراد بالسبيل في قوله تَعَالى?: ?مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? المراد بالسبيل الطريق الذي يوصلك إلى مكة؛ أي طريق كان، سواء كان زادا أو راحلة أو مشيا على الأقدام أو ما أشبه هـ?ذا، فهـ?ذا هو الصحيح.
وقد مرّ علينا أن الله تَعَالى? اشترط في الحج الاستطاعة مع أنه مشروط في كل عبادة، كما قال تَعَالى?: ?فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? [التغابن:16]، وأشرنا إلى السبب في ذلك، ما هو السبب في أن الحج ذكر فيه الاستطاعة بعينه مع أن الاستطاعة شرط في كل عبادة؟ لأنه غالبا تكون فيه مشقة ولهذا اشترطت الاستطاعة بعينه؛ يعني أكد فيه شرط الاستطاعة لأن الغالب فيه المشقة.
وسبق لنا أن من شروط الحج: البلوغ، والثاني: العقل، والثالث: الإسلام، والرابع: الحرية، والخامس: القدرة.
وجمعت في بيتين:
في العمر مرة بلا توان
الحج والعمرة واجبان
عقل بلوغ قدرة جلية
بشرط إسلام كذا حرية
الفوائد إن صح الحديث:
ففيه فائدة وهي تفسير الكلمات بالمثال، فإن قوله: ?مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران:97]، لا يعي الزاد والراحلة؛ بل الزاد والراحلة مثال من أمثلة الاستطاعة، وليست هي الاستطاعة في كل وقت، قد يجد إنسان زادا وراحلة ولا يستطيع ذلك في بدنه كالكبير والمريض مرضا ميئوسا منه، ونحو لذلك.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:48 ص]ـ
[الحديث الخامس]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ: ((مَنِ اَلْقَوْمُ?)) قَالُوا: اَلْمُسْلِمُونَ. فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ? قَالَ: ((رَسُولُ اَللَّهِ)) فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ اِمْرَأَةٌ صَبِيًّا. فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ? قَالَ: ((نَعَمْ: وَلَكِ أَجْرٌ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
(وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ) والروحاء اسم محل بين مكة والمدينة، و (الركب) اسم جمع راكب وأقله ثلاثة، فلقي ركبا في هـ?ذا المكان، فقال لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اَلْقَوْمُ?)) ليتبين أمرهم، خوفا من أن يكونوا من العدو (قَالُوا: اَلْمُسْلِمُونَ.) يعني نحن مسلمون، ولم يقولوا: نحن بنوفلان وبنو فلان .. إلى آخره، لأن المقصود الاستفهام عن دينهم حتى لا يكنوا أعداءً. (فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ?) يعني من أنت الذي سألتنا عن أصلنا أو عن أنفسنا، فقال (قَالَ: ((رَسُولُ اَللَّهِ))) اللهم صل وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/278)
عليه، فلما قال: ((رَسُولُ اَللَّهِ)) وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المعلم لأمته (فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ اِمْرَأَةٌ صَبِيًّا. فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ? قَالَ: ((نَعَمْ: وَلَكِ أَجْرٌ)))، يقول: ((نَعَمْ)) ما هو التقدير؟ له حج، ((وَلَكِ أَجْرٌ)) لم يأت السؤال عنها، لكن من عادة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجيب بأكثر مما سئل إذا دعت الحاجة إلى ذلك كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سئل عن ماء البحر قال: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) مع أنه ما سئل عن الميتة ولما كان راكب البحر قد يحتاج للحيتان ويجده ميتة أخبره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو زاده أمرا لم يسأل عنه هو حِلِّ ميتة البحر.
هـ?ذا الحديث يستفاد منه فوائد:
أولا أنه ينبغي للإنسان أن يسأل عن من لقيهم إذا كان يخاف أن يكونوا أعداء، دليل ذلك سؤال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اَلْقَوْمُ?)).
ثانيا أنه ينبغي للإنسان أن يكون يقظا يأخذ حذره لا يحسن الظن بكل أحد؛ لأنه ليس كل أحد على ما يظهر من حاله، فأنت احذر، ولهذا يقال: احترسوا من الناس بسوء الظن، وليس هـ?ذا على إطلاقه؛ بل إذا دلت القرينة على أنه محل سوء الظن أما إذا علمت سريرته وظاهره فلا ينبغي أن تسيء الظن بأحد.
الثالث فيه دليل على أن الإنسان يجيب بحسب ما يظنه من مراد السائل لا بحسب ما يتبادر من لفظه؛ لأن ه?ؤلاء الذين سئلوا قالوا: المسلمون. وكان من المتوقع أن يقولوا: نحن من تميم، نحن من خزاعة، نحن من بني هاشم، نحن من كذا نحن من كذا هـ?ذا هو المتبادر؛ لأن القوم هم حاشية الناس وأقاربهم؛ ولكنهم قالوا: نحن المسلمون، لأنهم فهموا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يريد أن يعرف أنسابهم وإنما أديانهم ليطمئن إليهم.
وفيه أيضا دليل على أنه إذا سألك سائل عن نفسك فاسأله أنت؛ لكن هل الأولى أن تجيبه أو تسأله قبل إجابته؟ ينظر في الموضوع، إن خفت أن هـ?ذا الرجل يسألك ثم يعلم من أنت ثم لا يعطيك الخبر عن نفسه فالأولى أن تسأله أولا، إن قال: من أنت؟ تقول: وأنت من أنت؟ أو تحاول أن تأتي بتورية، إذا قال: من أنت؟ تقول: من بني آدم، إن قال: من أنت؟ تقول: أنا عبد الله، طيب أبوك؟ عبد الرحمـ?ن، قبيلتك؟ عَبيد الله، لأنه أحيانا بعض الناس يسألك لا يمكنك أن يعرفك بنفسه، فيأخذ ما عندك ولا يعطي ما عنده.
وفيه أيضا من فوائد الحديث حرص الصحابة على السؤال؛ لأنهم لما علموا أنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بادروا بالسؤال عما يجهلون من أحكام دينهم، فقالوا: ألهذا حج؟
وفيه دليل على أن صوت المرأة ليس بعورة؛ لأنها رفعت صوتها، والناس يسمعون من جملتهم ابن عباس، فرفعت صوتها قالت: ألهذا حج؟ ومعلوم أن صوت المرأة ليس بعورة؛ ولكن إن خيف الفتنة في التخاطب وجب الكف، أما خضوع المرأة بالقول ولينها بالقول وخفضها نفسها فهـ?ذا محرّم؛ لا لأنه قول لأنه خضوع، لهـ?ذا قال الله تَعَالى?: ?فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) ? [الأحزاب:32]، لم يقل: لا تتكلمن.
وفيه أيضا من فوائد الحديث أن الصغير لا يجب عليه الحج؛ لأنها قالت: (أَلِهَذَا) ولم تقل أعلى هـ?ذا، وبينهما فرق لأن لهذا حج، يعني أنه يقبل منه ويصح، أعليه، أفرض عليه حج.
وفيه دليل أيضا على الاكتفاء بنعم في لجواب لقوله: قال: ((نعم))، وهل يشابهها ما كان بمعناها كما لو قال: إيه؟ على كل حال ما كان بمعناها فهو مثلها؛ لأننا لا نتعبد بهـ?ذه الألفاظ، هـ?ذه ألفاظ وُضعت أدوات دالة على المعنى، فبأي لفظ حصل المعنى حصل المقصود، لو أنه قيل للرجل أطلقت امرأتك قال: نعم. تطلق، أعتقت عبدك؟ قال: نعم، وقفت مالك قال: نعم، يكون وقفا.
ومن فوائد هـ?ذا الحديث أن الصبي إذا أحرم بالحج لزمه ما لزم البالغ من أحكام الحج، وجه الدلالة أنه إذا أسس له الحج ثبت للحج محظوراته وأحكامه، فإذا كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثبت الحج معناه أن أحكام الحج تترتب على هـ?ذا الحج.
ولكن هل يلزمه المضي فيه أو لا؟ في هـ?ذا للعلماء قولان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/279)
قول أبي حنيفة أنه لا يلزمه المضي فيه لماذا؟ قال: لأنه غير مكلف وليس من أهل الوجوب، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رفع القلم عن ثلاثة))، وبناء على هـ?ذا فإذا أحرم الصبي الذي لم يبلغ ثم تعب من الإحرام خلع إحرامه وانفسخ من حجه يجوز أو لا يجوز على هـ?ذا الرأي؛ لأنه ليس من أهل الوجوب.
وقال أكثر أهل العلم أكثر الأئمة قالوا: يلزمه إتمام الحج، لأن الحج يجب إتمامه على البالغ، فهـ?ذا الصبي الحج في حقه نفل فيجب عليه إتمامه، لاشك أن هـ?ذا قياس له وجه من النظر؛ لكن قول أبي حنيفة أقوى من هـ?ذا القياس ليش؟ لأننا نقول: هـ?ذا الصبي ليس من أهل الوجوب حتى نلزمه؛ لكن الرجل الذي تلبس من التطوع من الحج أو العمرة من أهل الوجوب، وتلبسه بذلك كنذره إياهما لهذا قال الله تَعَالى?: ?ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ? [الحج:29].
وشبيه بهـ?ذه المسألة من بعض الوجوه الصبي إذا قتل خطأ، هل تلزمه الكفارة أو لا تلزمه؟ المشهور من المذهب أنها تلزمه ومرت علينا، قالوا: لأن وجوب الكفارة في القتل لا يشترط فيه القصد، ولذلك لو وقع القتل من نائم كأن تنقلب المرأة على ابنها مثلا لزمتها الكفارة، ولو أراد إنسان أن يرمي صيدا فأصاب إنسانا لزمته الكفارة، فالكفارة في القتل لا يشتط فيها القصد، وهـ?ذا الصبي أو المجنون إذا قتلا فإن عمدهما خطأ تجب فيه الكفارة.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا كفارة على الصغير الذي لم يبلغ في القتل قال لأنه ليس من أهل الوجوب أصلا، وفرق بين من ليس من أهل الوجوب أصلا وبين من كان من أهل الوجوب؛ لكن وقع فعله خطأ.
فنحن نقول: هـ?ذا الصبي لو قتل مثلا إنسانا فإنه ليس عليه الكفارة لأنه ليس من أهل الوجوب أصلا، بخلاف الذي من كان من أهل الوجوب فأخطأ فإنه ملزم بذلك وخطؤه يسقط عنه القصاص والذنب، وأما الصبي والمجنون فليسا من أهل الوجوب أصلا.
وفي هـ?ذا الحديث من الفوائد جواز الزيادة في الجواب عن السؤال إذا اقتضته المصلحة لقوله: ((ولكِ أجر)).
وفيه أيضا دليل على فساد قول من يقول من العامة: إن ثواب حج الصبي لوالده، وقال بعض العامة: بل ثوابه لجدته من أمه. وقال بعض العامة: بل ثوابه لمن حج به.
فهـ?ذه ثلاثة أقوال، كلها قيل، الصحيح أن أجر الحج له؛ لكن لأمه التي تولت الحج به لها أجر، ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((وَلَكِ أَجْرٌ))، ولم يقل: لك أجره، وأظن أن هناك فرقا بين اللفظتين.
إذن هـ?ذا الصبي ينال ثاب الحج والأم تنال أجر العمل والتوجيه، فإن قلت: هـ?ذا الصبي هل ينوي هو أو يُنوى عنه؟
فالجواب: إن كان يعقل النية ينوي هو بنفسه، وإن كان لا يعقل يُنوى عنه.
هل يصح أن ينوي عنه من ليس بمحرم، أو لا بد أن ينوي عنه من شاركه في الإحرام؟ نقول: يصح أن ينوي عنه من لا يحرم لإطلاق الحديث: ((نعم ولك أجر)).
هل يصح أن ينوي عنه من هو محرم؟ نعم يصح.
سؤال2: عند الطواف هل يُحمل أو يمشي؟ وهل ينوي هو بنفسه أو ينوى عنه؟
نقول: يمشي ما لم يعجز فإن عجز حُمل، الدليل على أنه إن عجز حمل قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأم سلمة وقد استأذنته في الطواف وهي شاكية قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فأمرها أن تطوف من وراء الناس وأن تركب، بأن لا تؤذي الناس ببعيرها، وبهذا نعرف أن ه?ؤلاء السود الذين يحملون الطائفين () ثم يركضون ركضا ويكسرون رؤوسهم، أنهم مخطئون في ذلك، مخطئون خطأ عظيما فيقال: أنتم إذا حملتم أحدا فطوفوا بهم من وراء الناس كما أرشد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أرشد به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
النية، هل هو الذي ينوي أو ينوي عنه وليه؟
نقول فيه ما سبق في الإحرام: إن كان يعرف النية قيل له: انوِ، إذا كان لا يعقل نوى عنه وليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/280)
وفي هـ?ذه الحال هل يشترط أن لا يكون وليه حاملا له، أو يصح أن ينوي عنه وهو حامل له؟ عرفنا قبل قليل أنه إن استطاع أن يمشي مشى وإلا ركب، فهل ينوي عنه وليه وهو حامل له أو لا؟ نقول: ينوي عنه وليه وهو حامل له إن كان وليه لا يطوف لنفسه، فإن كان يطوف لنفسه ونوى عن نفسه وعن وليه، فقال بعض العلماء: إنه لا يصح الطواف، ويكون الطواف للمحمول دون الحامل، وقيل بالعكس: للحامل دون المحمول، وقيل: لهما جميعا.
والصحيح أنه لا يصح إذا كان الصبي لا يعرف النية أصلا أن ينوي عنه وعن طفله؛ لأنه لا يمكن أن يقع فعل واحد بنيتين عن شخصين؛ لأن الطفل الآن لا عمل له؛ لأنه هو الذي يدور به فلا يصح أن يكون دوري هـ?ذا وهو عمل واحد عن اثنين بنيتين.
أما إذا كان يحسن النية فلا بأس أن أقول: انو الطواف، وأنا أحمله أنوي عن نفسي، ويكون هـ?ذا الطواف صحيحا؛ لأنه الآن نوى فإذا كان نوى، فقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنما الأعمال بالنيات))، غاية ما فيه أنه كان محمولا من أجل العبد، وهـ?ذا التفصيل هو أقرب ما قيل في هـ?ذه المسألة؛ أقرب ما قيل أنه ينظر إن كان الصبي يعقل النية، يقال له: انو الطواف، وحمله وليه وطاف به، ولو كان الولي ينوي الطواف عن نفسه.
أما إذ كان لا يحسن النية فإنه لا ينوي وليه نيتين في عمل واحد.
قوله: ((نَعَمْ: وَلَكِ أَجْرٌ)) يدل على أنه يجوز للمرأة أن تحرم بصبيها، وهـ?ذا هو الصحيح، وأن المرأة يجوز أن تحرم بصبيها.
وقيل: إنه لا يصح أن يحرم إلا الأب أو وصيه أو وكيله؛ ولكن الصحيح أن الأم يصح أن تنوي عن طفلها.
فهل يقاس على ولاية العبادات ولاية المعاملات، وأن المرأة يصح أن تكون ولية على مال القصّار من أطفالها؟ نعم، نقول: قيل بذلك، وقيل: لا، وأن الولي في المال هو الأب فقط.
وعلى هـ?ذا فلو مات رجل عن أطفال صغار ولهم أم وخلف مالا من يتولى مالهم، المشهور من المذهب أن الولاية هنا للحاكم، يذهب للقاضي ويقال: وكّل من ترضى.
والقول الثاني: يقول الولاية هنا للأم لأن لدى الأم من الشفقة مثل ما لدى الأب أو أكثر.
لكن القائلين بأن ولاية المال لا تكون للأم يقول: لأن الأم بالنسبة للمال تَصَرُّفُها قاصر، فقد اختل فيها شرط القوة على العمل، ?إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ? [القصص:26].
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:50 ص]ـ
[الحديث السادس]
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ اَلْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما رَدِيفَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ اَلْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا, لا يَثْبُتُ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ, أَفَأَحُجُّ عَنْهُ? قَالَ: ((نَعَمْ))، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
[الشرح]
يقول: (كَانَ اَلْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما رَدِيفَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.) والفضل أكبر من عبد الله، (رَدِيفَ رَسُولِ) فعيل بمعنى فاعل؛ أي رادفه، أي راكبٌ معه على الناقة.
وقوله: (فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مَنْ خَثْعَمَ) المرأة هـ?ذه المبهمة ولا يهمنا أن تكون مبهة أو معينة؛ لأن المقصود هو القضية.
(فَجَعَلَ اَلْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ)، (جعل) هـ?ذه من أفعال الشروع، ذكرها ابن مالك في باب أفعال المقاربة، وقوله: (يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ)، هل (إِلَيْهَا) هل إلى ذاتها إلى جسمها أو إلى وجهها؟ يحتمل أن المراد إلى وجهها، وأن المراد إلى ذاتها؛ يعني إلى جسمها وهيأتها؛ لأن المرأة يُنظر إليها من الناحيتين: من ناحية الوجه ومن ناحية الجسم، والأجسام تختلف في النساء منهن الطويلة والقصيرة والعريضة والمتوسطة والدقيقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/281)
وقوله: (وَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ) أي إلى الجانب الآخر، كلما نظر صرفه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الجانب الآخر.
وقولها: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا) يعني أن النص الذي فيه الفريضة حصل بعد أن بلغ والدها الشيخوخة.
وقولها: (أَفَأَحُجُّ عَنْهُ?) يعني حجة الفريضة، (قَالَ: ((نَعَمْ))) يعني حُجي عنه.
هـ?ذا الحديث كما رأيتم في حجة الوداع، وحجة الوداع التي حجها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخر عمره ولم يحج قبلها بعد هجرته.
وهل حج قبل الهجرة؟ فيه حديث رواه الترمذي بسند فيه نظر أنه حج مرتين، والظاهر أنه حج عدة مرات؛ لأنه المعروف في السِّير أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخرج إلى الموسم -موسم الحج- فيعرض نفسه على القبائل، ويدعوهم إلى الله عز وجل.
وقلنا: (فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيها: ((لعلي لا ألقاكم بعد عامي هـ?ذا))، وهـ?ذا كالمودع للناس، ولهذا لم يبقى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ إلا مدة وجيزة حتى توفاه الله عز وجل.
هـ?ذا الحديث يقول: إن الفضل كان رديف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان حين قام أو حين دفع من مزدلفة إلى مِنى يوم العيد، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أردف في دفعه من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد، ومن مزدلفة إلى منى الفضل بن عباس، وهؤلاء ليسوا من كبار القوم.
أسامة ابن مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن حارثة، فلم يختر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشراف القوم ووجهاءهم أن يكونوا هم الذين يردفهم على ناقته؛ بل كان من صغار القوم في السن، واختار المولى يردفه من عرفة إلى مزدلفة؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعتني بالمظاهر ولا تهمه؛ بل كان من عادته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه يكون في أخريات القوم يتفقدهم، لا يكون هو الأول، في سفره يكون هو الأخير حتى يتفقد أصحابه وينظر من يحتاج إلى أمر، وقصة جابر في جمله واضحة؛ فإن جابر بن عبد الله كان معه جمل ضعيف لا يمشي، يقول: فلحقني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضرب الجمل ودعا، فسار الجمل سيرا لم يسر مثله قط، حتى صار الجمل يكون في مقدمة القوم وجابر يرده؛ لأن الرسول دعا له عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أتبيعني إياه))، كان في الأول يريد أن يسيّبه يتركه ما فيه فائدة، قال: ((نعم))، قال: ((بعنيه بأوقية)) كم الأوقية؟ أربعون درهما، فباعه فاشترط أن يحمله إلى أهله في المدينة، فأعطاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرطه، فلما وصل إلى المدينة دفع إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثمن، وقال له: ((خذ جملك ودراهمك فهو لك)) اللهم صل وسلم على نبيك.
المهم أن الحديث يدل على أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عادته كان يكون في أخريات القوم.
وقوله: (فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مَنْ خَثْعَمَ) أي من القبيلة المعروفة خثعم، تريد أن تسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من عادة النساء؛ بل من المشروع في حقهن في حال الإحرام أن يشكفن وجوههن، وهي جاءت كاشفة وجهها؛ لأن هـ?ذا هو المشروع في إحرام المرأة إذا لم يكن عندها رجال أجانب.
والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ابن حجر أن من خصائصه أنه يجوز له من النظر إلى المرأة والخلوة بها ما لا يجوز لغيره، وهي تقابل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآن؛ ولكن الفضل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وكان رديف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان شابا وسيما -يعني جميلا- فجعل ينظر إليها وتنظر إليه، ونظر رجل شاب لامرأة وهي تبادله النظر يخشى منه الفتنة مهما كان الإنسان، ولكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سد ه?ذا الباب (وَجَعَلَ .. يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ) ولم يأمر المرأة أن تغطي وجهها؛ لأن المشروع في حق النساء -كما قلت- الكشف عن وجوههن في حال الإحرام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/282)
(فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ) تناديه بهـ?ذا الوصف الذي هو أفضل أوصاف الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أفضل أوصافه أن يكون عبدا رسولا (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ .. إلخ) قولها رَضِيَ اللهُ عَنْها: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ) وأقرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك يدل على أنّ الفريضة كانت متأخرة (أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا, لا يَثْبُتُ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ) يعني لا يستطيع أن يبقى على الراحلة؛ لأنه كبير، والكبير عادة تلحقه المشقة بسرعة، هـ?ذا إذا تمكن من الركوب، وإلا فقد لا يتمكن أصلا.
تقول: (أَفَأَحُجُّ عَنْهُ?) حج الفريضة أو النافلة؟ الفريضة، (قَالَ: ((نَعَمْ))) يعني حجي عنه، (وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) يعني ذكر هـ?ذا ليفيد أن هـ?ذا الحكم متأخر لئلا يقول قائل: لعله في أول الإسلام فيكون منسوخا أو ما أشبه ذلك.
هـ?ذا الحديث كما ترون فيه عدة فوائد مهمة:
منها جواز الإرداف على الدابة، ولو كان الإرداف حراما ما أردفه؛ ولكن يشترط لذلك أن تكون الدابة قوية وقادرة على تحمل الرديف، فإن كانت هزيلة ضعيفة والإرداف يشق عليها، فإن ذلك لا يجوز، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء))،
ومن فوائد الحديث تواضع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أردف الفضل ابن عباس دون أشراف القوم، وأردف -كما ذكرت- قبل قليل أردف في دفعه من عرفة إلى المزدلفة أسامة بن زيد.
ومن فوائد الحديث أنّ الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم من أحرص الناس على طلب العلم ذكورهم وإناثهم، لقوله: (فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ) فسألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومنها أن طلب العلم لا يختصّ بالرجال، فكما أن الرجل يُشرع له طلب العلم؛ بل يتعين عليه ذا كانت عبادته لا تقوم إلا به فإنه يتعين عليه، فكذلك المرأة ولا فرق.
من فوائد الحديث عدم جواز نظر الرجل إلى المرأة، كما استدل به النووي وغيره من أهل العلم وأنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة، الدليل: صرف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجه الفضل إلى الشِّق الآخر. وهل هـ?ذا عام، يعني لا يجوز أن ينظر إلى المرأة لا لشهوة ولا لغير شهوة؟
هل هـ?ذا الحديث يدل على العموم؟ قد يقول قائل: إن هنا شيئين تعارضا: ظاهر وأصل.
الظاهر: هو أن الفضل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان ينظر إليها وتنظر إليه، وهـ?ذا يدل على شيء في النفس ورغبة، وإلا لما جعل ينظر إليها والرسول يصرف وجهه، هـ?ذا ظاهر.
وهنا أصل يُبْعد هـ?ذا الظاهر وهو زكاء الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ولاسيّما في مثل هـ?ذه الحال وهو محرم فإنه يبعد جدا أن ينظر إليها نظر شهوة.
فأيهما نقدِّم؟ أنقدّم الظاهر أم نقدّم الأصل؟ الأصل، إذا قلنا بذلك لزم منه أنّ الرجل إذا رأى امرأة كاشفة الوجه وجب عليه أن يُعرض. وهو كذلك، فإذا رأى امرأة كاشفة الوجه وجب عليه أن يعرض؛ ولكن هل ينكر عليها أو لا ينكر؟ إذا كانت في السّوق فلا شك أنه يجب عليه الإنكار، وكذلك أيضا إذا كانت في مكان يطّلع عليه هـ?ذا الرّجل كما لو كانت في البيت عند زوجها وأخ زوجها فإنه يجب الإنكار عليها إذا كانت كاشفة الوجه.
هل يستفاد من هـ?ذا الحديث جواز كشف المرأة وجهها أما الرجال الأجانب؟ يعني يمكن أن نقول: لا دليل فيه، ليش؟ لأن فيه احتمالا كبيرا أنه لم يحضرها إلا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفضل بن عباس، قد يكون هي تمشي وليس حولها أحد إلا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ والفضل بن عباس، وكان ابن عباس ولكن بن عباس لا يلزم أنه يرى وجهها قد يكون خلفها، الكلام على الفضل، إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال.
لكن قد يقول لك قائل: هـ?ذا الاحتمال قائم أنه ليس حولها إلا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفضل؛ لكنه بعيد، لأن الغالب أنّ الصحابة يلتفّون حول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني يكاد الإنسان يجزم بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمكن أن يمشي وحده في هـ?ذا المكان، فما الجواب على هـ?ذا؟
فيه احتمال أنه لم يرَ وجهها، وأنه ينظر إلى جسمها كما قلنا في الشّرح الأول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/283)
المهم أن الحديث فيه احتمالات لاشك، فيه احتمال أنها كاشفة الوجه وأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أقرها، وكونها محرمة لا يبرر لها أن تكشف وجهها أمام الأجانب؛ لأن حديث عائشة يدل على أن المرأة المحرمة يجب أن تستر وجهها إذا مر بها الرجال الأجانب.
فالحديث في الحقيقة فيه احتمال؛ ولكنّ القاعدة المعروفة عند أهل العلم جميعا أنه إذا كان النص مشتبهة محتملا لوجهين، وكان ثمة نصوص أخرى واضحة فإن الواجب حمل المشتبه على الواضح.
وقد صرّح الله عز وجل في أن في القرآن آيات متشابهات، وبيّن أن المحكمات هن أم الكتاب، والأم مرجع الشيء، كما نقول: أم القرآن لأنها مرجع القرآن، وكما قيل: على رأسه أم له نقتدي بها؛ يعني نرجع إليها.
فتكون النصوص المحكمة هي الأم، ويجب رد المشتبه إلى المحكم، حتى يكون الشيء محكما.
فإن قلت: ما هي الحكمة بأن تأتي النصوص بمثل هـ?ذا الاشتباه؟ وهل هـ?ذا إلا من باب الاشقاق على العباد والاعنات عليهم؟
فالجواب على هـ?ذا أن نقول: بل هـ?ذا من حكمة الله عز وجل وامتحانه العباد؛ لأن الذين في قلوبهم زيغ، ويريدون أن يضربوا شرع الله بعضه ببعض يتبعون المتشابه، والمؤمنون الراسخون في العلم لا يفعلون هـ?ذا يقولون آمنا به، وهـ?ذا من باب الاختبار والامتحان، وكما يكون هـ?ذا في الآيات الشرعية يكون أيضا في الآيات الكونية، تأتي أمور من الآيات الكونية يخفى على المرء الحكمة فيها، فيقول: لماذا كان كذا؟ ليبتلي الله العباد هل يسلّمون لقضائه وقدره أو يعترضون. قد يوجد طيب حبيب ذو أصل وشرف ومروءة يبتلى بآفات بدنية أو بفقر، ويوجد آخر على عكس من ذلك قد أعطاه الله الصحة في جسمه والغنى في ماله، ربما يقول قائل قاصر النظر: لماذا هـ?ذا يعطى هـ?ذا المال وهـ?ذه القوة وهو رجل ليس له شرف وجاه ومروءة والثاني بالعكس.
المهم موقفنا من هـ?ذا الرضا والتسليم، فنقول: ?لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) ? [الأنبياء:23]، ربما يحصل لإنسان شلل ويبقى مُتْعِبًا لأهله وتعبان هو، يقول قائل: ليش الله يصيبه الله بهـ?ذا البلاء، ولماذا لم يُمِتْهُ الله عز وجل فيريحه ويريح الناس منه؟ هـ?ذا أيضا من الاختبار؛ يعني قد تخفى الحكمة عنا حتى في الأمور الكونية اختبارا من الله عز وجل وابتلاء، وموقف المؤمن من هـ?ذا أن يرضى ويسلّم ويعلم أن الله عز وجل له الحكمة فيما فعل، ويقرأ قول الله تَعَالى?: ?لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ?.
إذن فهمنا أن هـ?ذا الحديث وإن كان فيه احتمال أنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب فإن فيه احتمال أن ذلك لم يكن، وإذا لم يكن لم يثبت المدلول، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال.
ثم على فرض أن الحديث هـ?ذا نص في الجواز، ما فيه احتمال لا يجوز، فإن غاية ما فيه أن يقال: إنه بالنسبة للمحرمة مشروع ومأمورة به؛ لكن في غير المحرمة من يقول: إنه جائز.
ثم على فرض أن نقول: إنه لو كان حراما كشف الوجه لوجب على المحرمة تغطيته لئلا تنتهك المحرم وهي في حال الإحرام، والله يقول: ?فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ? [البقرة:197].
فنقول: غاية ما فيه أن يدل على الجواز، والقاعدة الشرعية أن الجائز إذا أفضى إلى الشر والفتنة يجب منعه، ولا يخفى على أحد الآن أن كشف النساء وجوههن فتنة ومدعاة للشر والفساد، وأن النساء إذا رُخِّص لهن في كشف الوجه لم يختصرن على ذلك، إذهب إلى البلاد التي يرخص فيه بكشف الوجه وانظر ما يحصل: الوجه والرأس والصدر والسيقان .. المهم ما اقتصرن على ما رخص لهن فيه.
ولهذا قال بعض العلماء: إنه بالاتفاق يجب عليهن الآن
يستفاد من الحديث جواز كشف المرأة وجهها عند غير المحارم، ذكرنا هـ?ذا، استدل به بعض العلماء، ورددنا هـ?ذه الفائدة، بأنها غير مسلمة لأنه يرد عليها الاحتمال، وما ورد عليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
من فوائد الحديث وجوب تغيير المنكر أو مشروعية تغيير المنكر باليد؛ (وَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/284)
ومن فوائده جواز التغيير قبل الأمر؛ لأنه الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ جعل يصرف وجهه دون أن يقول له: التفت أو اصرف وجهك. وعلى ه?ذا فينظر الإنسان هل الأصلح أن يأمر أولا ثم يغير أو أن يغير أولا قبل أن يأمر، فيرجع ذلك إلى ما فيه المصلحة.
ومن فوائد الحديث جواز سؤال المرأة الرجل، وأنّ صوت المرأة ليس بعورة.
ومن فوائد الحديث أنه لا يشترط في وجوب الحج القدرة البدنية، وأنه يجب على من عنده مال وإن كان غير قادر في بدنه، لقول المرأة: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا) فأقرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قولها: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ)، ولو لم يجب الحج لقال: لا حج على أبيك.
والقدرة بالنسبة للحج ثلاثة أقسام:
• قدرة بالمال دون البدن.
• وقدرة بالبدن دون المال.
• وقدرة بهما جميعا.
القدرة بهما جميعا توجب على الإنسان أن يحج بنفسه.
والقدرة على الحج بالبدن دون المال تسقط. ولكن قد يقول قائل: كيف تقول: القدرة بالبدن، إذا كان قادرا بالبدن يمشي على رجليه؟ نقول: نعم، إذا أمكنه ذلك فليكن، لكن إذا كان لا يستطيع هو قادر ببدنه لكن ما عنده راحلة، ما عنده مال يشتري به راحلة، أما بدنه فيستطيع أن يركب ويؤدي الشعائر نقول: هـ?ذا لا يجب عليه.
الثالث القادر بالمال دون البدن، فهـ?ذا يقسّمه العلماء رحمهم الله إلى قسمين:
• قسم يرجى زوال عجزه.
• وقسم آخر لا يرجى زوال عجزه.
قالوا: فإن كان يرجى زوال عجزه، مثل أن يمر زمن الحج وهو مريض مرضا عاديا ويرجى أن يشفى منه ويحج في العام القادم، فهـ?ذا لا يجب أن يقيم من يحج عنه؛ بل ولا يصح؛ لأن عجزه مؤقت.
والقسم الثاني عجز لا يُرجى زواله كالعاجز عن الحج لكبر أو مرض لا يرجى برؤه وعنده مال، فهـ?ذا يجب عليه أن يستنيب؛ أن يقيم من يحج عنه.
فإن قال قائل: من أين أخذتم وجوب الاستنابة؟ فالجواب: من إقرار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المرأة على قولها: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي)، فإذا كان فرضا عليه ووجد من يقوم مقامه، فإنه يلزمه أن يقيم من يقوم مقامه.
فإن قلت: إن الحديث هـ?ذا يدل على الجواز؛ لأن المرأة لم تسأل عن الوجوب، وإنما سألت عن الجواز؟ فالجواب: إذا كان جائزا كان واجبا؛ لأنه إن كان جائزا فمقتضاه صحة حج غيره عنه، فإذا قلنا: إنه واجب عليه فإنه يجب أن يقيم من يحج عنه.
ومن فوائد الحديث أنه إذا جاز أن يقوم غيره مقامه، فالحج واجب على الفور فيجب أن يقيمه مقامه.
وفيه أيضا من فوائد الحديث أنه لا يجب أن يشد الإنسان على الراحلة، لا يسقط، فإن كان واجبا لقال شدوه عليها، اربطوه عليها.
هل مثل ذلك من لا يستطيع الركوب على السيارة لكونه يتقيأ ويدوخ مثله؟ لأن بعض الناس وشاهدته أنا بعيني إذا ركب السيارة بدأ يتقيأ ويدوخ، ما يشعر إلا نزل، لاشك أن هـ?ذا مشقة شديدة، أشد من الشيخ الكبير، نحن نتكلم عن السيارة لكن إذا كانت الطائرة يلزم.
من فوائد الحديث جواز حج المرأة عن الرجل لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أذن لهـ?ذه المرأة أن تحج عن أبيها وهي امرأة عن رجل.
ومن فوائده جواز حج الرجل عن المرأة من باب أولى. جواز حج المرأة عن المرأة والرجل عن الرجل.
ومن فوائده أن (نعم) التي هي حرف جواب تقوم مقام السؤال لقوله: (((نَعَمْ))) يعني حجي عنه.
من فوائد الحديث تاريخ ذكر الخطبة أو القضية لقوله: (وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) لأن فائدتها لاسيما في خطاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو بيان النسخ، فينبغي للإنسان إذا تكلم بكلام أن يذكر وقته، فيه فائدة، ولو لم يكن من فوائده إلا أنه إذا أراد الرجوع إلى ما قال لا سيما في المسجلات سهل عليه، يعني إذا سجل حديث كل ليلة وقال هذا حديث ليلة كذا وهـ?ذا حديث ليلة كذا، أحيانا يحتاج إلى الرجوع إليه، فإن كان قد أرخ سهل الرجوع إليه.
من فوائد الحديث جواز تسمية الشيء بسببه، وقوله: (وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) يعني وسبب ذلك قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((لعلي لا ألقاكم بعد عامي هـ?ذا)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/285)
هل نظر الرجل للمرأة من باب درء الفتن أو محرم لذاته، مثلا يقول: هـ?ذه زوجة أخي عندي بمنزلة الأخت، ما يمكن أنظر إليها بشهوة ولا تمتع؟
على كل حال هو حرم لذاته لكن لأنه وسيلة، ولهذا يجوز للحاجة، يجوز نظر المرأة المشهود عليها، العلماء الأولين يقول: يجوز للإنسان أن ينظر للمرأة للشهادة عليها. صارت الآن صورة المرأة ايهما أحفظ الصورة أو النظر؟ والنظر ما يمكن ينفع، يعني امرأة أقرت بحق لشخص احتاجوا أن يروا وجهها لهم أن ينظروا إلى وجهها بسبب الشهادة، العلماء نصوا على ذلك، له أن ينظر إلى وجه من تعامله امرأة عاملة تشتري منها ذهب، تشتري منه حاجات أخرى، له أن ينظر إلى وجهها؛ لأجل يضبطها.
على كل حال المرأة المشهود عليها، هي التي يكون هكذا؛ لأن المرأة المحتجبة لا يعرفها إلا بالصوت، والأصوات تتداخل مع أن المسألة فيها شيء من النظر؛ لأن الأعمى يشهد بالصوت وشهادته جائزة مقبولة.
أقول الآن: إن النظر حرام لذاته؛ لكن أصله من باب سد الذرائع، يعني محرم لغيره، ولهذا جاز منه ما تدعو الجاجة إليه. وهـ?ذه قاعدة ذكرها أهل العلم؛ لأن ما حُرِّم للوسيلة بأنه جائز إذا دعت الحاجة إليه، وأظن ذكرناه في النظم.
لكن ما حرم للذريعة يجوز للحاجة كالعرية
العرايا ربا الفضل لكنها تجو عند الحاجة.
أن الحج فريضة.
معناه أنه ينبغي أو يجب على السائل إذا سأل أن يذكر جميع الأوصاف التي قد يختلف بها الحكم في الحج، لأنها قالت: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا, لا يَثْبُتُ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ, أَفَأَحُجُّ عَنْهُ?) يحتاج إلى تفصيل، بأن يقال: أعاجز هو أم قادر؟ ينبغي للسائل أن يذكر جميع الأوصاف التي يختلف بها الحكم حتى لا يحتاج المسؤول إلى استفصاله.
الفائدة الأولى: جواز الحج عن الغير بدون إذنه. لأنّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال لها: هل استأذنتيه؟ أو قال: إن أذن لك فنعم.
يؤخذ منه جواز حج الإنسان عن غيره وإن لم يحج عن نفسه، هـ?ذه المرأة يظهر أنها حاجة، وهي لا تسأل عن حجها الآن، عن حج مقبل. إذن لا حاجة أن يقول لها: أحججت عن نفسك، لأنه يعلم أو يغلب على ظنه، وحينئذ لا يكون فيه دليل على أنه لا يجوز حج الإنسان عن غيره حتى يحج عن نفسه.
أما الأول فالظاهر أنه واضح أن الإنسان يحج عن غيره وإن لم يستأذنه.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:41 م]ـ
[الحديث السابع]
716 - وَعَنْهُ: إِنَّ اِمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ, فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ, أَفَأَحُجُّ عَنْهَا? قَالَ: ((نَعَمْ, حُجِّي عَنْهَا, أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ, أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ? اِقْضُوا اَللَّهَ, فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ)) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
هـ?ذا الحديث أيضا عن عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما يقول: (إِنَّ اِمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ) قبيلة مشهورة (جَاءَتْ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ولم يذكر أين جاءته؛ هل هو في الحج، أو في المدينة؟ لم يذكره.
(قَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ) وسبق تعريف النذر أنه في اللغة: الإلزام. وفي الشرع: إلزام المكلَّف نفسه طاعة لله عز وجل.
(فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ) يحتمل أن المعنى أنها ماتت قبل أن يدركها الحج، ويحتمل أنها لم تحج؛ يعني أدركها الحج ولكنها لم تحج حتى ماتت، وسيأتي بيان الفرق بين الأمرين.
وقوله: ((حُجِّي عَنْهَا)) هـ?ذا أمر؛ لكنه أمر بعد السؤال عن الإباحة، والأمر بعد السؤال عن الإباحة للجواز؛ لأن الأمر بعد السؤال عن الإباحة، أو بعد الاستئذان يكون للجواز. لو استأذن عليك رجل فقلت أدخل، فليس هـ?ذا أمرا بل هو إذن وإباحة، وإن سألك سائل وقال: هل أفعل كذا؟ وهو جائز فقلت أنت: افعل، فهو للإباحة.
يقول: ((أَرَأَيْتِ)) يعني أخبريني ((لوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ, أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ?)) قالت: نعم، ستقول هكذا، فهـ?ذا الاستفهام للتقرير، يعني يقرر النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بأمر تقر به ولا تنكره، أنه لو كان على أبيها دين لقضته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/286)
وقوله: ((أَرَأَيْتِ)) يمر معنا كثيرا هـ?ذا النوع من التعبير، ونقول: إنه بمعنى أخبريني، لكن كيف يتفق مع تصريفه؟
إذا قال: أرأيتَ أو أرأيتِ، يستفهم هل رأى، ثم يطلب منه أن يخبره بما رأى في قوله مثلا في هـ?ذا الحديث ((أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ?))، ?قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـ?هٌ? يعني أخبروني بعد أن تروا هـ?ذا الشيء أخبروني ?مَّنْ إِلَـ?هٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ? [الأنعام:46]، لهـ?ذا يقول: العلماء (أرأيت) يعني أخبرني.
الواقع أنه ليس معناها للتحديد؛ لأن الرؤية لا تأتي بمعنى الإخبار؛ لكن إذا جاء الاستفهام بعد أرأيت فهو طلب الإخبار؛ يعني هل رأيت هـ?ذا أخبرني عنه، فيفسرونها رحمهم الله بما يلزم أو بما يطلب من هـ?ذه الرؤية.
وقوله: ((اِقْضُوا اَللَّهَ)) هـ?ذا أمر، ((فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ)) يعني إذا كان الآدمي يُوفى حقه فالله أحق بالوفاء.
إذن ه?ذا الحديث كما نرى امرأة جاءت تسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أُمِّها أنها نذرت أن تحجّ بأن قالت: لله علي نذر أن أحج. ولكن هـ?ذه المرأة ماتت قبل أن تحج، فهل يُحج عنها أو لا؟ فبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يحج عنها، وأن ذلك دين ليها والدين يقضى إذا كان للآدمي فإنه يقضى إذا كان لله، والله أحق بالوفاء.
أما ما يتعلق بالفوائد فهو:
أولا قوله: (أَنَّ اِمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ) هـ?ذه مجهولة؛ ولكن جهالتها لا تضر؛ لأن ذلك لا يؤثر في الحكم شيئا، فإن المرأة إذا جاءت تستفتي سواء كانت كبيرة أو صغيرة طويلة أو قصيرة ما يهم.
من فوائد الحديث أن صوت المرأة ليس بعورة؛ لأنها جاءت تسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة يسمعون.
ومن فوائد الحديث جواز النذر، قد يقول قائل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لم يقر الناذرة؛ لكن لو قالت: إني نذرتُ. لقلنا: إن في الحديث دليلا جواز النذر لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينكر عليها؛ لكن هي تخبر عن فعل غيرها؛ وأيضا هـ?ذا الغير قد مات، فكيف ينهى؟ فالجواب عن ذلك أن ترتيب الحكم على هـ?ذا قد يشعر بالجواز؛ لأن هـ?ذه السائلة سوف تفهم إذا لم يقل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لماذا نذرت، سوف تفهم أن النذر جائز.
ولكن نقول: هـ?ذا الحديث وإن دل على جواز النذر، والدلالة كما ترون ليست بالواضحة، فإن هناك أدلة صريحة في النّهي عن النذر، فقد ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير))، ومعلوم من القواعد التي تمر علينا كثيرا أن ما كان محكما لا اشتباه فيه فهو قاض على المشتبه، فنقول هنا: إن النذر مكروه ونأخذه من دليل آخر غير هـ?ذا الحديث.
ومن فوائد الحديث أن الإنسان إن نذر الحج لزمه، وجه الدلالة تشبيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له بالدين، والدين يجب على المرء قضاؤه.
ومن فوائد الحديث -وهو محل تأمل بيننا- أن من نذر الحج ومات قبل زمنه لزم قضاؤه عنه؟ أو نقول: إنه يسقط عنه لأنه ما فرط؟ أو نقول: لَمّا ألزم نفسه بذلك لزمه؟ الحديث في الواقع يحتمل هـ?ذا وهـ?ذا؛ ولكن الذي تقتضيه أدلة أخرى أنه إذا مات قبل إدراك زمنه فلا شيء عليه، وذلك لأنه وإن لم يشترطه بلفظه فقد اشترطه بحاله، فإن الرجل إذا قال في رجب: لله علي أن أحج، معلوم متى يكون ها الحج؟ في ذي الحجة، لا يمكن أن يكون المراد أن يحج في رجب، وكأنه قال: إذا جاء شهر ذي الحجة فلله علي نذر أن أحج، فيكون هـ?ذا المعلوم كالمشروع.
وعليه فإن الإنسان إذا نذر زمنا معينا ومات قبل إدراكه، فإنه لا شيء عليه، سواء كان معينا بالتعيين بالزمن، مثل أن يقول: لله علي نذر أن أصوم الشهر الفلاني، فيموت قبل إدراكه، أو يقول: أن أحج فيموت قبل زمن الحج فهـ?ذا لا يجب عليه.
ومن فوائد الحديث أنه لا يجب قضاء النذر على الفور، نقول: لأن هـ?ذا السؤال (نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ, فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ) فيه احتمال أنه قد مر عليها زمن الحج فلم تحج، وفيه احتمال أنه لم يمر.
وعلى الاحتمال الأول قد يكون فيه دليل أن النذر لا يجب على الفور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/287)
وأما على الاحتمال الثاني فليس فيه دليل؛ ولكن نقول: إن حكم هـ?ذه المسألة أن النذر يجب قضاؤه على الفور لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) الفاء رابطة للجواب والجواب مرتبط بالشرط، والأصل في الواجبات كلها أن تفعل على الفور، فالصحيح أنّ النذر يجب قضاؤه على الفور ما لم يقيد، فإن قيد فعلى ما قيد به.
ومن فوائد الحديث حرص الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم على السؤال؛ لأن هـ?ذه المرأة جاءت تستفتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن فوائد الحديث أنه يجوز أن يعاد السؤال مع الحرف المفيد له، لقوله: ((نَعَمْ, حُجِّي عَنْهَا)).
ومن فوائد الحديث إثبات القياس حيث قاس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نذرها على الدين الذي يقضى.
ومنها حسن تعليم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك بضرب المثل، المثل بحيث يبين المعقول بالمحسوس.
ومن الفوائد أنه ينبغي للإنسان أن يسلك هـ?ذا المسلك في تعليم الناس؛ لأن من الناس من لا يستطيع أن يفهم المعنى إلا بضرب المثل.
ومنها أن لله تَعَالى? على خلقه واجبا كقوله: (اِقْضُوا اَللَّهَ) ولاشك أن لله على خلقه واجبا؛ حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، لابد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا.
ومن فوائد الحديث أنه إذا تزاحم حق الله وحق الآدمي قُدِّم حق لله لقوله: ((فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ)) و (أحق) اسم تفضيل؛ ولكن قد ينازع في هـ?ذا الحكم والاستدلال له.
أما بالحكم فينازع بأن يقال: كيف نقدم حق الله على حق الآدمي، والمعروف أن حق الآدمي مبني على المشاحة، وعدم السماح والعفو، وحق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? مبني على العفو والمسامحة، وكيف نقول: إن حق الله أولى أن يقضى؟
وأما في الاستدلال فنقول: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل هـ?ذا من باب قياس الأولى؛ بمعنى أنه إذا جاز هـ?ذا، فهـ?ذا أولى، يعني إذا جاز وفاء دين المخلوق فوفاء دين الله من باب أولى، وهـ?ذا لا يقتضي أنهما إذا اجتمعا قُدِّم حق الله.
فإنْ قلت كيف يمكن اجتماعهما؟ فالجواب: ممكن، هـ?ذا رجل توفي وخلّف ألف درهم وكان عليه لزيد ألف دينا، وعليه لله ألف زكاة، فعليه ألفان، والرجل خلف ألفا، إن قضينا دين الآدمي أهملنا الزكاة، وإن قضينا الزكاة أهملنا دين الآدمي، فماذا نصنع؟
نقول: يتحاصان بالسوية، وكيفية المحاصة أن نقول، أنسب الموجود إلى المطلوب الموجود ألف والمطلوب ألفان، نسبة الألف إلى الألفين النصف فنعطي الزكاة خمسمائة ودين الآدمي خمسمائة.
فإن أسقط الآدمي حقه تكون للزكاة، أما إذا أخذه ثم أعطاه للورثة فهو للورثة، أما إذا قال: تنازلت عنه للورثة فإنه يكون للورثة، أما إذا قال: تنازلت عنه، فمعناه أنه أبرأ الميت منه، ويكون للزكاة، هـ?ذا هو الظاهر؛ لأن الاشتراك هنا اشتراك تزاحم، يعني اشتراك الزكاة وصاحب الحق في الألف اشتراك تزاحم، فإذا زال الزحام بقي الثاني منفردا.
وقد يقول قائل: إن المال انتقل إلى الورثة صار لهم الألف ثم توفى الزكاة خمسمائة لأنه نصيبها، وإذا أسقط الطالب حقه رجع للورثة، لكن نقول: لا، هـ?ذا من باب اشتراك التزاحم، فإذا زال الزحام، ثبت للواحد.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:43 م]ـ
[الحديث الثامن]
وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ, ثُمَّ بَلَغَ اَلْحِنْثَ, فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى, وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ, ثُمَّ أُعْتِقَ, فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى)) رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ, وَالْبَيْهَقِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ, إِلاَّ أَنَّهُ اِخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ, وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
[الشرح]
فإن جعل مرفوعا صار حجة؛ لأنه منسوب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن جعل موقوفا ليس بحجة؛ لأن هـ?ذا مما للرأي فيه مجال ولا يثبت له حكم الرفع، فيبقى رأي ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
ورأي الصحابي اختلف العلماء فيه هل هو حجة أم ليس بحجة؟ والصحيح أنه حجة ولاسيما الصحابة المعروفون بالعلم والفقه؛ لكنه حجة بشرطين:
• أن لا يخالف النص.
• وأن لا يعارضه قول صحابي آخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/288)
فإن خالف النص فالمتبع النص، وإن عارضه قول صحابي آخر ينظر في الراجح، وذلك لأن لصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أقرب إلى الفهم والفقه في كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنهم عاصروا نزول النصوص، وعرفوا كلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومراده.
ونحن نشاهد الآن أن أعلم الناس بقول العالم هم تلامذته، إذن فأعلم الناس بشريعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هم الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
يستفاد من هـ?ذا الحديث صحة حج الصبي لقوله: (فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى) فتبين من قوله: (حَجَّةً أُخْرَى) أن الأولى صحيحة لأن أخرى مؤنث آخر، وعليه يفيد صحة حج الصبي وقد أفاده حديث ابن عباس السابق الذي فيه أن امرأة رفعت يديها إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبيا فقالت: (أَلِهَذَا حَجٌّ? قَالَ: ((نَعَمْ: وَلَكِ أَجْرٌ))).
ومن فوائد الحديث أن هـ?ذا الصبي لو بلغ في أثناء الحج فإن الحكم يختلف، فإن بلغ قبل فوات الوقوف ووقف بعرفة أجزأه الحج عن فريضة الإسلام؛ لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحج عرفة))، النية تنقلب، إذا بلغ فوات الوقوف بأن بلغ يوم عرفة وهو في عرفة أو بلغ ليلة العيد ثم رجع فوقف بعرفة فإن حجه يجزئه عن فريضة الإسلام، إلا أن الفقهاء رحمهم الله استثنوا من ذلك مسألة وهي ما إذا كان مفردا أو قارنا وسعى بعد طواف القدوم فإنه حينئذ لا تجزئه عن حجة الإسلام؛ لأن السعي ركن وقد تم قبل أن يكن هـ?ذا من أهل الوجوب فوقع نفلا. وقيل: بل يجزئه وإن كان سعى بعد طواف القدوم لكنه يعيد السعي.
وأظن هناك قولا ثالثا يقول: إنه يجزئ وإن سعى بعد طواف القدوم، ويكون السعي هـ?ذا تابعا للوقوف؛ لكن المذهب هو الأول أنه إذا سعى بعد طواف القدوم، أنه لا ينقلب فرضا.
الذي قبل البلوغ هل نقول: إنه نفل انقلب فرضا؟ أو إنه بقي نفلا، وما بعد البلوغ صار فرضا، فيه قولان للعلماء:
القول أن ما قبله ينقلب فرضا، وليس هـ?ذا بغريب، فإنّ الحج له عدة مخالفات في النية؛ فنجد الرجل مثلا يأتي إلى مكة قارنا، فيطوف طواف القدوم على أنّه نفل أو ركن؟ طواف القدوم نفل، ويسعى بين الصفا والمروة على أنّه ركن الحج والعمرة، ثم نقول له: اجعله عمرة، فيجعله عمرة، ليصير متمتعا. فنجد الآن أن الطّواف الذي كان نفلا انقلب ركنا، فصارت عمرة الآن، ونجد أن هـ?ذا السعي الذي كان للحج والعمرة صار الآن للعمرة.
بل لو قدّرنا أن هـ?ذا الرجل قدم مكة مفردا، وطاف الطواف نفلا لأنه طواف قدوم، وسعى للحج، السّعي ركن وللحج فقط، ثم نقول له: اجعل ذلك عمرة لتكون متمتعا، فيجعله عمرة، فينقلب طواف القدوم ركنا، وبعد أن كان طواف للقدوم للحج صار الآن ركن عمرة وينقلب سعي الحج سعي عمرة.
بل يصح أن يقع الإحرام بالحج مجهولا فتقول: لبيك اللهم بما أحرم به فلان. ثم لاقيته بمكة أو بعرفة يكون إحرامك بالعمرة، يكون بالعمرة، يكون بالحج بالعمرة قرانا، يكون بالحج والعمرة قرانا، ولهذا لما قدم عليّ من اليمن قال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بم أهللت؟))، قال: بما أهلّ به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن معي الحج فلا تحرم، وصح إحرامه عن مجهول. وجاء أبو موسى قال: ((بم أهللت؟)) قال: بما أهل به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمره أن يجعله عمرة، وألغى أن يكون قارنا لأن أبا موسى ليس معه هدي، وقد أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه الذين ساقوا معه الهدي أن يجعلوها عمرة.
فتجد الآن أن الحج يختلف عن غيره، فهـ?ذا الصبي الذي بلغ في عرفة ينقلب إحرامه من النفل إلى الفرض، ولكن هل السّابق يكون فرضا أو يكون نفلا؟ في هـ?ذا خلاف بين العلماء وهـ?ذا الخلاف ينبني عليه الثواب هل يثاب على السابق ثواب الفريضة أو يثاب ثواب النافلة؟
إن قلنا: إنه ينقلب فرضا أثيب ثواب الفريضة.
وإذا قلنا: يبقى على ما هو عليه قلنا الفرض من البلوغ أثيب على الأول ثواب نافلة.
يستفاد منه أن العبد إذا حج وهو رقيق فحجه صحيح.
رابعا أنه إذا حج في حال رقه ثم عتق وجب عليه أن يحج حجة أخرى؛ لأنّ الأولى وقعت نفلا حيث لا يلزمه الحج لأنه لا مال له، فلذلك قلنا: يجب عليه أن يعيد الحج مع أن العبد ه?ذا كان بالغا عاقلا فاهما واعيا ليس بالصغير الذي لم يبلغ.
وهـ?ذه المسألة الثانية اختلف فيها العلماء؛ بل الأولى اختلفوا فيها ولكن الثانية الاختلاف فيها أبين:
من العلماء من يرى أن العبد إذا حج في حال رقه بنية الفريضة فإنه لا يلزمه أن يحج حجة أخرى، وذلك لأن سقوط الحج عنه ليس لخلل فيه ذاته؛ يعني ليس لأنّ الرجل ليس من أهل الوجوب، ولكن لأنه لا يستطيع؛ لأنه مملوك؛ فليس عنده مال، وليس مالكا لنفسه لا يحج إلا بإذن سيده، فلهذا نقول: إنه ليس عدم وجوب الحج عليه لخلل في نفسه؛ ولكن لأنه غير مستطيع، وهـ?ذا لا يمنع من إجزاء الحج عن الفريضة بدليل أن الفقير أنه لا يلزمه الحج؛ ولكن لو حجّ أدى حتى عن الفريضة؛ لأن ذلك ليس لمعنى يعود للشخص نفسه؛ ولكنه يعود إلى شيء خارج وهو عدم القدرة المالية.
وله?ذا كان القول الراجح في هـ?ذه المسألة أن العبد إذا حج قبل عتقه ونوى به الفرض فهو فرض ولا يلزمه أن يحج حجة أخرى، لأن ه?ذا العبد من أهل التكليف، وسقوط الحج عنه ليس لمعنى في نفسه؛ ولكن لمعنى خارج وهو عدم القدرة عليه فإذا تكلف وأذن له سيده وحج فنعم؛ ولكن لو حج بغير إذْن سيده يجزئه أو لا؟ هـ?ذا لا يجزئه؛ لأن زمنه مغصوب؛ لأن زمنه كان مملوكا لسيده، فإذا غصب نفسه فإنّه لا يجزئه.
فإن قلت: ألم يقل الفقهاء: إنّ العبد الآبق من سيِّده تصحّ منه صلاة الفريضة ولا تصح منه صلاة النافلة؟ فالجواب: أنّ بينهما فرقا؛ لأنّ الحج في هـ?ذه الحال -يعني قبل أن يعتق- نفل وليس بفريضة، بخلاف الصلاة الفريضة فإنها فريضة عليه حتى في حال رقه، فحصل الفرق. ()
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/289)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:49 م]ـ
[الحديث التاسع]
وَعَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ, وَلا تُسَافِرُ اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ)) فَقَامَ رَجُلٌ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ اِمْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً, وَإِنِّي اِكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
[الشرح]
وعن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ)، كلمة (يَخْطُبُ) يحتمل أن تكون هـ?ذه الخطبة على المنبر، ويحتمل أن تكون من سائر خطبه العوارض؛ لأن خطب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قسمين:
قسم عارض يخطبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند وجود حادثة تقتضيه.
وقسم راتب كخطب الجمعة وخطب العيدين، وهـ?ذا محتمل.
ولكن لا يهمنا أن يكون هنا أو هنا؛ لأن المقصود أن يكون الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلن الحكم على المنبر، وهـ?ذا يدل على أهمية الحكم ووجوب العناية به.
جملة (يَقُولُ) حال لفاعل (يَخْطُبُ)، وجملة (يَخْطُبُ) حال من (رَسُولَ اَللَّهِ) من كلمة (رَسُولَ)، (سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ يَخْطُبُ يَقُولُ) وذلك لأن سمع لا بد له مفعولين، لا من أفعال الظن ولا من أفعال اليقين تقبل مفعولا واحدا فقط.
قال: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ)) نعرف أن الفعل (يَخْلُوَنَّ) مؤكد بنون التوكيد، فتكون الجملة هنا هي نهي تكون مؤكدة بالنون (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ)، الرجل هو البالغ بخلاف الذكر فإنه يطلق على البالغ والصغير، (اِمْرَأَةٍ) تطلق على الأنثى إذا بلغت، (إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) جملة (مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) مبتدأ خبر وهي في محل نصب على الحال بدليل تقدم واو الحال، المحرم زوجها وكل من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، وإن شئت فقل بنسب أو رضاع أو مصاهرة هـ?ذا المحرم.
والمحرمات من النسب سبع، ومن الرضاع مثلهن، ومن الصهر أربع:
المحرمات من النسب ذكرهن الله في قوله: ?حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ? [النساء:23]، هـ?ذه سبع.
من الرضاع مثلهن لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يحرم من الرضاع ما حرم من النسب)) فتحرم الأم من الرضاع والبنت والأخت العمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت. هـ?ذه سبع.
ومن الصهر: أم الزوجة وإن علت، وبنتها وإن نزلت، وزوجة الابن وإن نزل، وزوجة الأب وإن علا، أربع.
أما أخت الزوجة فإن الزوج ليس محرما لها؛ لأنها لا تحرم على التأبيد إنما يحرم الجمع بينها وبين أختها.
الملاعن محرم على التأبيد، ليس بسبب مباح، فليس محرما.
يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) كلمة (رَجُلٌ) نكرة في سياق النهي، وامرأة نكرة في سياق النهي، مع أنه يجوز أن تقول: نفيا لأن الفعل هنا مبني، ما يتغير سواء كان لا هنا نافية أو ناهية، مبني لاتصال نون التوكيد به، على كلٍّ (رجل) عام يشمل الشاب والكهل والشيخ وذا الشهوة ومن لا شهوة له، (امرأة) تشمل الشابة والكهلة والعجوز والقبيحة والحسناء.
إذا قال قائل: ما هي الحكمة من ذلك؟ الحكمة أن الشيطان يدخل بينهما فيسوس للرجل ويوسوس للمرأة وتحصل الفاحشة، ولا تحقرن شيئا؛ لا تقل هـ?ذه امرأة عجوز وهـ?ذا شيخ كبير؛ لأن الشيطان قد يؤزهم، ولهذا يوجد بعض الناس مع أهله شهوته ضعيفة لكن مع غير أهله شهوته قوية، يمكن لو يكلم امرأة أجنبية مجرد كلام تحركت شهوته لكن مع أهله كل شيء تفعل فيه ما تحرك ساكنا؛ لأن الشيطان يحرك الإنسان، فالمرأة ولو كانت عجوزا فإنه يقال: لكل ساقطة لاقطة.
ثم إن هـ?ذه المسائل ينبغي فيها سد الباب؛ لأنّ الضابط فيها صعب وشاق، من التي لا تشتهى، وإلى أي حد يكون الكبر، وإلى أي حد تكون الشهوة .. وما أشبه ذلك؟
قال شيخ الإسلام: العلة إذا كانت منتشرة فإنه يُحكم بمضنّتها وإن لم تتحقق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/290)
(منتشرة) يعني لا يمكن انضباطها، لأن كل واحد أنا معصوم ما أفعل هـ?ذا الشيء، وكذلك المرأة ولكن عند الاختبار يكون البلاء والفتنة، فسد الباب أولى، ولهذا لا يستثنى من ه?ذا شيء، حتى لو كانت ابنة العم وزوجة الأخ، تدخل أو لا؟ لو كانت ابنة عمه زوجة أخيه فإنه لا يحل أن يخلو بها، فلا يقول: هـ?ذا أخي أنا أحامي عليه كما أحامي على حرمي، وهـ?ذه ابنة عمي أحامي عليها كما أحامي على أختي، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
قوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ) النهي عن الخلوة فإذا كان معها ثالث فالخلوة تزول لاشك؛ لكن الحكم يرتفع إذا زالت العلة زال الحكم؛ لكن قد يحرم من ناحية ثانية وهو الفتنة، وإذا كان جاء في الحديث إلا كان الشيطان ثالثهما فنقول: وإذا كان شيطان الإنس ثالثا ثبت الحكم، فإذا قُدِّر أن المرأة لم تخل برجل لكن خلا بها رجلان فاجران ماذا نقول؟ أشد، الفتنة هنا متحققة أكثر، ولهذا قال: من يأمن الذئبين على الشاة الواحدة. إذا كان الذئب الواحد لا يؤمن، فالذئبان من باب أولى، أما إذا انتفت الفتنة وزال المحظور، فهـ?ذا لا بأس به.
إذا كان رجل مع امرأتين فالخلوة لاشك منتفية، هل الحكم يزول؟ يزول الحكم لاشك؛ لكنه إن خيفت الفتنة جاء الحكم من طريق آخر؛ ولكن خلوة الرجل بامرأتين أهون من خلوة الرجلين بامرأة.
وقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) كلمة (مَحْرَمٍ) عامة تشمل الصغير والكبير؛ لكن أهل العلم قالوا: لابد أن يكون بالغا، ولابد أن يكون عاقلا، وأخذوا هـ?ذا الشرط التماسا من الحكمة في وجوب المحرم.
الحكمة من وجوب المحرم هي الحفاظ على المرأة وصيانتها وحمايتها وليس كما يقول العامة.
إذا كان كذلك فلابد أن تتوافر فيه الشروط فيكون بالغا عاقلا.
هل يشترط أن يكون بصيرا؟ الفقهاء لم يشترطوا ذلك، ولعلهم يعللون هـ?ذا بأن الرجل الذي مع محرمها قد يهاب المحرم وإن كان حماية هـ?ذا الأعمى لمحرمه ضعيفة بلا شك، قد يشير، أو يضحك أو يغمز بعينه، وهـ?ذا المحرم لا يدري.
ولهذا نقول: ينبغي أن نشترط أن يكون بصيرا حيث دعت الضرورة إلى كونه بصيرا. ما طريقه الرؤية لا يمكن أن ينفع فيه، أما ما طريقه الهمس والحس ربما.
هل يشترط أن يكون سميعا، الظاهر لا يشترط، البصر يكفي في الحماية.
قال: ((وَلا تُسَافِرْ اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ)) وه?ذه (لا) النافية، ولما كانت هنا جازمة للفعل صار قولنا فيما سبق (لا يَخْلُوَنَّ) إنها جملة نهي أصح أو أقرب لأن هـ?ذه الجملة معطوفة على ما سبق.
وقوله: (وَلا تُسَافِرُ اَلْمَرْأَةُ)، السفر مفارقة الإقامة سواء كنت في بلد أو كنت في مكان، ولنفرض أنه بدوي -في البر- لكن بخيمته، فسفره مفارقة محل الإقامة، فالسفر -إذن- هو مفارقة محل الإقامة، وسمي سفرا لأنه يسفر عن الإنسان حيث يبرز بعد الخفاء، وقال بعض الأدباء: إنما سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال. كم من إنسان لا تدري عنه؛ عن خلقه، عن صدقه، وعن شهامته، وعن رجولته إلا إذا سافرتَ معه؛ ولكن المراد السفر المعروف سابقا، أما سفر اليوم فإنك لا تعرفه، خصوصا في الطائرات. الطائرة تخرج من هنا وأنت توجد على الكرسي لا تدري هـ?ذا الرجل رجل شهم كريم يخدم قومه يريحهم أو لا، صحيح أنك إذا جلست إليه وتحدثت إليه ربما تفهم شيئا من خلقه؛ لكن ه?ذا يحصل حتى في القهوة؛ لكن في الزمن السابق لما كانوا يسافرون على الإبل مسافات طويلة وتعب صار الناس يعرفون.
قال: -أظنه نافعا- صحبت ابن عمر لأخدمه فكان يخدمني، وشاهدنا نحن لما كنا نسافر في السيارات في المسافات في الطرق التي ليست معبدة نجد بعض الناس إذا نزلوا من السيارة على طول ذهب يحتطب ويشعل الضوء ويسخن الماء في أيام الشتاء ويقرّب الماء ويروي، وبعضهم إذا نزل نزّل بفراشه ونام، أيهما الرجل الشهم؟ الأول، هـ?ذا الذي ينام فقط هـ?ذا ليس بشيء، فإياكم أن تكونوا من القسم الثاني، الذي إذا نزل نَزل بفراشه واصطحبه، خل كل واحد منكم يخدم الثاني، وخلوكم أيضا تخدمون الناس بالتوجيه والإرشاد وحسن المعاملة والأخلاق، لأن الناس سيذكرونكم بخير ويذكرونكم بعكس إذا أسأتم، مع أن هـ?ذه الأماكن أماكن مقدسة، أماكن آمنة، لا يوجد بقعة على الأرض آمن من المسجد الحرام؛ لكن ليست
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/291)
أمْنًا عل النفوس فقط ((إن دماءكم وأموالكم أعراضكم عليكم حرام)) على كل شيء على أموال والنفوس والأعراض، فإياكم أن تؤذوا الناس في أموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم؛ بل كونوا خير الناس للناس.
يقول: (وَلا تُسَافِر اَلْمَرْأَةُ) إذن لا تفارق محل إقامتها بما يسمى سفرا إلا مع ذي محرم، وهـ?ذا هو الموضع الذي قال فيه الفقهاء رحمهم الله إنه يشمل السفر الطويل والقصير، بينما الرخص الأخرى كالقصر والفطر والمسح ثلاثا يقول هـ?ذا خاصة بالسفر الطويل أما ه?ذا فهو عام للسفر الطويل والقصير، المهم أن يسمى سفرا (لا تُسَافِر اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وسبق لنا معنى المحرم.
(فَقَامَ رَجُلٌ) اسمه ليس لازما أن نعرفه، المهم القصة، (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ اِمْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً, وَإِنِّي اِكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.) الرجل لما سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (وَلا تُسَافِرُ اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وقد علم أن زوجته ليس معها ذي محرم، سأل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فقال: إنه اكتتب في غزوة كذا وكذا، يعني كتب مع الغزاة، وأن امرأته خرجت حاجة، فماذا قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فقال: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ))، و (اِنْطَلِقْ) هـ?ذه فعل أمر، و (حُجَّ) فعل أمر، وقد أمره النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن يدع أمرا مرغوبا فيه هو ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد ليحج مع امرأته، وهـ?ذا يدل على وجوب اصطحاب المحرم.
هل سأله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: هل امرأتك كبيرة أو صغيرة؟ لا، خذ هـ?ذا عموما، اجعل هـ?ذا عموما؛ أي أنه يشمل المرأة الكبيرة والصغيرة.
هل سأله أهي آمنة أم غير آمنة؟ لا، خذ هـ?ذا عموما آخر.
هل سأله هل هي حسناء و قبيحة؟ لا، خذ هـ?ذا أيضا عموما ثالثا.
فإذن نهي المرأة عن السفر بلا محرم شامل للمرأة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وسواء آمنة أو غير آمنة، سواء كانت قبيحة أو حسناء.
فيه عموم آخر سواء معها نساء أو ليس معها نساء، وهـ?ذا عام.
ولذلك كان ه?ذا النص القولي كان واضحا في أنه شامل لكل امرأة وعلى كل حال.
يقول: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ)) هو ما سأل إلا ليفعل، هل يمكن أن يسأل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يعصيه؟ هـ?ذا بعيد؛ بل ممتنع، طيب
يستفاد من هـ?ذا الحديث عدة فوائد:
الفائدة الأولى حرص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إبلاغ الشريعة، وأنه صلوات الله وسلامه عليه يستعمل كل أسلوب يمكن أن يبلّغ به الخلق، لقوله: (سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ).
الفائدة الثانية تحريم خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ) والأصل في النهي التحريم ولاسيما أنه أكد بالنون (لا يَخْلُوَنَّ).
ثلاثة عموم هـ?ذا النهي لكل رجل ولكل امرأة؛ لأنه نكرة في سياق النهي فيعم.
ومنها زواج خلوة الصغير بالمرأة، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) فالصغير لا تضره خلوته.
لو خلت امرأة بامرأة يفهم من الحديث جواز خلوة المرأة بالمرأة، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) لكن هنا لو خيفت الفتنة وجب منعها من طريق آخر؛ لأن بعض النساء -نسأل الله الحماية- يبتلى بمساحقة النساء كما يبتلى بعض الرجل بالتعلق بالمرد، بعض النساء تتعلق بالنساء الجميلات وتفتتن أشد الافتتان من الرجل.
يؤخذ من هـ?ذا الحديث جواز خلو القرد بالمرأة، من كلمة رجل، لكن يقول شيخ الإسلام: إذا خيفت الفتنة بأن كانت هـ?ذه المرأة تستعمل القرد كما يستعملها الرجل فإنها تمنع، لأن بعض القرود يتعلّق بالنساء، حدِّثت أنه إذا ذهبت النساء تتفرج على القرود وصارت إحداهن جميلة صار القرد لا ينظر إلا إليها ولا يتبع إلا إياها، نعم، إذن إذا خيفت الفتنة نمنع.
ومن فوائد الحديث جواز خلو الرجلين بالمرأة، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) وإذا كان معه آخر فلا خلوة؛ ولكن كما قلنا في أثناء الشرح إنه إذا خيفت الفتنة وجب المنع من باب ثانٍ.
ومن فوائد الحديث عناية الشرع بالمرأة حيث حرص على حمايتها وحفظها باصطحاب المحرم، هـ?ذا لاشك إذا قيل لا تروح إلا مع رجل، ه?ذا لا شك من أكبر ما يكون من الإكرام، الرجل يروح وحده؛ لكن المرأة لابد أن يكون لها إنسان يحميها ويحفظها، كالحارس كالجندي مع الأمير يحرسه ليش؟ إكراما له.
إذن محرم المرأة لاشك أن اصطحابها إياه لاشك أنه من مكرمتها وحمايتها وعناية الشرع بها.
ومن فوائد الحديث أيضا أنه لابد أن يكون المحرم ممن تمكنه صيانتها بكونه بالغا عاقلا بصيرا إن احتجنا إلى ذلك.
إذا كان صغيرا هو محرم لكنه ليس كافيا، العلة من ذلك -كما ذكرنا في الشرح- أنها حماية المرأة وصيانة كرامتها، وعند العامة يقول: إن العلة من أجل إذا ماتت يفك حزائم كفنها إذا نزلت في القبر. أولا يقول: ماتت، وهـ?ذا تشاؤم، أيضا يفك الحزائم إذا نزلت في القبر؛ لأنه ممكن يفك الحزائم أي إنسان، ولعله مر عليكم حديث أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ دفنت إحدى بناته وفيهم زوجها عثمان والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((أيكم لم يقارب الليلة)) فقال أبو طلحة: أنا يا رسول الله. فقال: ((انزل)) فنزل في قبرها أبو طلحة وليس من محرمها، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من محارمها وزوجها أيضا من محارمها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/292)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:53 م]ـ
[الحديث العاشر]
وَعَنْهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?)) قَالَ: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي, قَالَ: ((حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ?)) قَالَ: لا. قَالَ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ, وَالرَّاجِحُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَقْفُهُ.
[الشرح]
(وَعَنْهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?)) قَالَ: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي,) الشك من الراوي، (قَالَ: ((حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ?))) جملة خبرية متضمنة للاستفهام؛ أي أحججت عن نفسك، والشاهد في مثل هـ?ذا التعبير كثير في القرآن وكلام العرب؛ أي أنهم يحذفون أداة الاستفهام لعلمها من المقام.
(قَالَ: لا. قَالَ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ, وَالرَّاجِحُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَقْفُهُ.) أي أنه موقوف، قال الإمام أحمد: إن رفعه خطأ، وهـ?ذا إحدى الروايتين عنه؛ ولكنه صحّح في رواية أخرى أنه مرفوع، ولعله اطلع أخيرا على رفعه فصحح رفعه، وقد مر علينا أنه إذا اختلفت الأئمة الحفاظ في رفع الحديث أو وقفه فإن الحكم للرافع لسببين:
السبب الأول أن مع الرافع زيادة علم، لأن الرفع وقف وزيادة.
السبب الثاني أنه قد يتكلم الراوي الرافع بالحديث كدرس أو كبيان حكم، فيُسمع منه على أنه من قوله، كما لو قلت أنا مثلا: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) هـ?ذا الحديث مرفوع بلا شك، لكن أنا إذا سقته على هـ?ذا النحو فالذي يسمعني يظن أنه من قولي، فلهذا نقول: إذا تعارض الحفاظ في رفع الحديث ووقفه قُدّم الرافع لهذين الوجهين:
أحدهما أن مع الرافع زيادة علم.
والثاني أن الرافع له قد يحدث به غير منسوب حكما بما دل عليه، فيسمعه من يسمعه فيظنه موقوفا.
المهم نرجع إلى الحديث.
يقول: (أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?))) لبيك إجابة لك؛ لكنه مثنى ومعناه الكثرة ولهذا قال العلماء في تفسيره: إجابة بعد إجابة، وإنما يقول الحاج: لبيك، -أي إجابة- لأن الله تَعَالى? قال في كتابه: ?وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ? [الحج:27]، أي أعلمهم به، وادعهم إليه ?يَأْتُوكَ رِجَالًا? فكأنك تلبي هـ?ذه الدعوة بأنك أجبتها، وهنا قال: (لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ) فقيد هـ?ذه التلبية بأنها عن شبرمة كأنه نائب عنه، فالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ استفهم، هل حج عن نفسه، وهـ?ذا الاستفهام هل يمكن وروده أو لا يمكن.
إن قلنا: إن الحج إنما فرض في السنة العاشرة، ففي وروده شيء من الإشكال، لماذا؟ لأن هـ?ذا القائل إنما سمعه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع، وإذا قلنا إن الحج إنما فرض في السنة العاشرة فإنه لا يمكن أن يحج هـ?ذا الرجل عن نفسه، لماذ؟ لأنه لم يجب من قبل، ولكن سبق لنا أن القول الراجح أنه مفروض في السنة التاسعة، وبناء على ذلك فإنه يمكن أن يكون هـ?ذا الرجل قد حج عن نفسه، وهـ?ذا مما يرجح القول بأنه فرض في السنة التاسعة وإلا لم يكن لاستفهام النب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محل.
(قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?))) أي من شبرمة الذي لبّيت عنه؟ هـ?ذا الاستفهام يريد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعرف ه?ذا الرجل قريب من الملبي أو بعيد؟ أو يريد أن يعرف هل هو مسلم أو كافر؟ الجواب قال: (قَالَ: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي) الظاهر الأول؛ لأن هـ?ذا الصحابي فهم ذلك، والصحابي أقرب إلى فهم كلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غيره، وقوله: (أَوْ قَرِيبٌ لِي) هـ?ذا شك؛ ولكن هـ?ذا الشك لا يؤثر؛ لأن الأخ من القرابة، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ?)) يعني أديت الفريضة عن نفسك، لأن كلمة (عَنْ) تدل على أن الشيء مفروض للإنسان فيريد أن يؤدي عن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/293)
نفسه (قَالَ: لا.) يعني لم أحج؛ ولكنه بدأ بأخيه، لعله كان ميتا فقدمه على نفسه، وقال كما يقول بعض العامة: أنا حي، والدّهر أمامي طويل؛ ولكن هـ?ذا ميت ومفتقر إلى الحج فأحج عنه، لكن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال له: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) وفي رواية: ((هـ?ذه عنك، ثم حج عن شبرمة)) ورواية هـ?ذه عنك أصرح في أن ه?ذا النسك الذي عن النبي يقول فيه (لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ) انقلب عن نفس الملبي، (قَالَ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)
ففي هـ?ذا الحديث دليل على فوائد:
الفائدة الأولى: الجهر بالتلبية لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع هـ?ذا الرجل يلبي، ولا يسمع إلا ما كان جهرا، وهو كذلك، فإن الجهر بالتلبية سنة كما سيأتي إن شاء الله تَعَالى? لما فيه من إظهار الشعائر.
ومن فوائد الحديث أن الرجل إن حج على غيره فإنه يصرح بذكره، فيقول: لبيك عن فلان لأن التلبية عند الإطلاق تنصرف إلى نفس الملبي حتى تقيد، فيقال: لبيك عن فلان.
فإذا استنابك رجل أن تلبي عنه الحج فإنك تقول: لبيك حجا عن فلان.
استنابك عن العمرة تقول: لبيك عمرة عن فلان.
وهل تسميه وإن كان امرأة؟ لو كانت امرأة، لبيك عن رقية، عن عائشة .. نعم، ربما يكون هـ?ذا ظاهر الحديث، ولا مانع، لا مانع من أن المرأة يذكر اسمها؛ لكن لو قلت: لبيك عن من أنابتني في الحج؟ يجوز، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يعلمها، فإذا كنت تستحيي أو تخجل من أن تقول: لبيك عن رقية أو ما أشبه ذلك أو عن عائشة، فلا حرج أن تقول لبيك عن من أنابتني في الحج، فإن نسيتها، نسيت من وكلك أو نسيت من استنابك فماذا تقول؟ عن من أنابني أو استنابني، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يعلم ذلك.
ومن فوائد الحديث أنه ينبغي لطالب العلم أن يسأل في المواضع التي يكون فيها السؤال متّجها؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل هـ?ذا الرجل: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?)) فإذا رأيت شخصا يفعل أمرا تدعو الحاجة إلى السؤال عنه فإن الأفضل أن تسأل، لا يقال: إن هـ?ذا من باب سؤال الإنسان عما لا يعنيه؛ لأن العالم يعنيه أحوال العباد حتى يعلِّمهم مما علمه الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث أنه لا يجوز أن يحج الإنسان عن غيره مع قدرته عن الحج عن نفسه إذا لم يحج عن نفسه، الدليل: (حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)، فإن كان لا يلزمه الحج كرجل فقير أعطاه شخصا مالا يحج به عنه فهل يجوز أن يحج؟ الجواب: نعم، يجوز؛ لأن هـ?ذا الرجل لا يجب عليه الحج فالله يقول: ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران:98]، وهـ?ذا الرجل الآن لا يستطيع إليه السبيل؛ لأنه ليس عنده مال فيجوز أن يحج عن غيره.
ومن فوائد الحديث أن الحج يمتاز عن غيره بجواز تغيير النية، فالحج يجوز بتغير النية فيه وجواز الإبهام فيه، وجواز الانتقال من نسك إلى نسك ه?ذا هو تغيير النية، هـ?ذا الرجل كان أول ما حج عن شبرمة ثم نواه عن نفسه في أثناء العبادة، ومثل هـ?ذا لا يمكن أن يكن في العبادات الأخرى؛ لكن هـ?ذا خاص بالحج، كذلك نجد الرجل يحرم بالحج ثم يقلبه إلى العمرة ليصير متمتعا.
يحرم بالعمرة أولا ثم يضيق عليه الوقت ثم يدخل عليها الحج، فيصير قارنا، لا بأس.
كما أن الحج يخالف غيره في النية بأنه لو نوى الخروج منه لم يخرج منه، واحد أحرم بالحج إما رأى التعب فقال: أشهدكم يا جماعة أني هونت وفسخت الحج، هل ينفسخ حجه؟ لا ينفسخ. بينما العبادات الأخرى ينفسخ.
إذا فعل محرّما فيه؟ المحرم في العبادات الأخرى يُبطل العبادة، كما لو أكل أو شرب أو تكلم في الصلاة، لكن في الحج المحظورات فيه لا تبطله، فيه الجماع قبل التحلل يفسده ولا يبطله، ولهذا يجب المضي فيه وقضاؤه من السنة الأخرى، بخلاف غيره من العبادات، المهم الحج له أحوال يخالف غيره.
ومن فوائد الحديث حسن تعليم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث سأله قبل أن ينكر عليه ثم دَلَّه على الهدى حين عرف أنه أخطأ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/294)
هل يستفاد من الحديث أن من أحرم بنسك عن شخص ثم تبيّن أنه يجب أن يقدم نفسه فإنه يلزمه أنه يحج عن هـ?ذا الشخص الذي أحرم بنسكه بأنه التزم له بإحرامه؟ أو نقول: إن قوله: (ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) من باب الإباحة، لأنه إنما ذكر له الممنوع ثم ذكر له الجائز؟ فيه احتمال يحتمل أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوجب عليه أن يحج على شبرمة لأنه تلبس بالنسك عنه، فوجب عليه أن يقضيه عنه، إذ أنه لما تلبس بالنسك كان كأنه نذره، فلزمه أن يوفي به، ويحتمل أن قوله: (حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) من باب الإباحة والإذن فلما منعه أولا أن يحج عن شبرمة أذن له أن يحج عنه بعد أن يحج عن نفسه، وعندي أن هـ?ذا هو الأقرب.
ونجيب عن الأول بأن الإنسان إنما ما تلبس به ظنا منه أنه جائز، فإذا تبين أنه ليس بجائز فهو تلبس غير مشروع فلا يلزم الوفاء به.
ومن فوائد الحديث أنه يجوز الحج عن الغير بلا إذن الغير، وجه الدلالة أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: هل استأذنته؟ فإذا حج إنسان عن غيره بنية أنه للغير فلا بأس.
لو رفض الغير بعد أن رجع الرجل وقال: أنا حججت عنك ادع الله لي. قال: لا أقبل. هل يشترط قبوله، عندنا أمران؟
هل يشترط إذن الغير بالحج عنه؟ نقول: ظاهر الحديث لا.
هل يشترط قبوله؟ إذا رفضه، الله عز وجل أعلم، لا يترتب عليه ه?ذا الحكم في الدنيا، اللهم إلا إذا كان المحسوب عنه مريضا مرضا لا يرجى برؤه، فإنه يحج عنه الغير بلا شك؛ لكن لو رفض المحجوج عنه.
فهل نقول: إن رفضه غير معتبر وأن الفريضة سقطت عنه،؟
هـ?ذا هو محل الإشكال، اختلف العلماء في مسألة الفريضة:
منهم من يقول: لا يصح أن يحج الإنسان عن غيره فريضة إلا بإذنه؛ لأن المطالبة بها الغير.
ومنهم من قال بل يصح بلا إذنه لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل للمرأة التي سألته أن أباها لا يثبت على الراحلة، لم يقل هل استأذنت منه؟ وأنه إذا حج عن غيره ثم بلّغه بذلك ورفض فإنه نقول له: رفضت أو لم ترفض الحج لك والفريضة سقطت عنك، وهـ?ذا هو الأقرب من الأحاديث.
ومن فوائد الحديث أن الإنسان ينبغي أن يبدأ بنفسه لقوله: (حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ).
وتأتي هنا مسألة الإيثار -الإيثار بالقرب- هل هو جائز أو مكروه أو محرم؟ سبق لنا الكلام عليه وبيّنّا أنه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: ما يحرم فيه الإيثار، هو الإيثار بالواجب.
والثاني: ما يكره فيه الإيثار إلا لمصلحة تربو على الكراهة.
والثالث: ما يباح فيه الإيثار، وهو ما سوى العبادات من الأمور العادية.
المحرم فيه الإيثار مثل لو كان معي ماء يكفيني للوضوء فلو آثرت به غيري وتوضأ به بقيت بلا ماء، فهنا يحرم الإيثار؛ لأنني قادر على استعمال الماء وهو في ملكي فلا يجوز لي أن أوثر به غيري.
إذا كنت القربة مستحبة مثل الصف الأول فيه مكان رجل، وسبقت إليه أنا وواحد معي، فهل أوثره قال العلماء: إنه يكره أن يوثر غيره بالمكان الفاضل، وهو كذلك؛ يعني القول بالكراهة يتوقف به الإنسان؛ لكن يقول لا ينبغي أن توثر، لأن هـ?ذا يدل على زهد في الخير والسبق إليه؛ لكن إذا اقتضت المصلحة أو توثره مثل أن يكون أباك أو أخاك الكبير أو صاحب فضل عليك وعلى الناس فهنا يكون الإيثار لا بأس به؛ لكن قد تربو المصلحة ونقول: إن الإيثار هنا مستحب.
أما الإيثار في الأمور العادية فهـ?ذا لا بأس به والأصل فيه الحل والجواز.
قلنا: (تبدأ بنفسك) ينبني على هـ?ذا مسألة إهداء القرب للأموات، فنقول: الأفضل أن لا تهدي القرب للأموات، الأفضل أن تجعل القرب لك وللأموات الدعاء؛ لأن هـ?ذا هو الذي أرشد إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: ((إذا الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له))، ولم يوجّه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الأمة إلى عمل يعملونه للميت، مع أن الحديث في سياق العمل، فاجعل الأعمال الصالحة لنفسك، ومن سواك أدع الله له.
الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:59 م]ـ
[الحديث الحادي عشر]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/295)
وَعَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ اَلْحَجَّ)) فَقَامَ اَلأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كَلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ? قَالَ: ((لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ, اَلْحَجُّ مَرَّةٌ, فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, غَيْرَ اَلتِّرْمِذِيِّ.
721 - وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
[الشرح]
(وَعَنْهُ) أي عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُا (قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ اَلْحَجَّ)) فَقَامَ اَلأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كَلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ? قَالَ: ((لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ, اَلْحَجُّ مَرَّةٌ, فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, غَيْرَ اَلتِّرْمِذِيِّ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.).
يقول ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وهـ?ذه الخُطبة يحتمل أن تكون من الخُطب الراتبة، ويحتمل أن تكون من الخطب العارضة.
وقد لنا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخطب أصحابه خطبا راتبة كخطبة يوم الجمعة والعيدين والاستسقاء وأحيانا خطبة عارضة، يكون لها سبب فيقوم يخطب، (فَقَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ اَلْحَجَّ)))، (كَتَبَ) بمعنى أوجب كقوله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ? [البقرة:183]، وقوله: ?إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103) ? [النساء:103]، وسمي الفرض كتابة لأنه كلما أريد أن يوثق الشيء فإنه يكتب كما قال الله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ? [البقرة:282]، المفروض مكتوب كأنه وثق بهـ?ذه الكتابة.
وقوله: (اَلْحَجَّ) قال العلماء: إن الحج لغة القصد.
وشرعا قصد مكة للتعبد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? بأداء المناسك.
(فَقَامَ اَلأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ) وهو من زعماء بني تميم ومن المؤلفة قلوبهم، (فَقَالَ: أَفِي كَلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ?) وهـ?ذا السؤال من الأسئلة التي لا تنبغي، وله?ذا جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه لما قال: (أَفِي كَلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ?). قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم، إذا أمتكم بأمر فأتوا به ما استطعتم وإذا نهيت عن شيء فاجتنبوه)) فقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ((ذروني ما تركتم)) تفيد أنه كان ينبغي أنه لا يسأل هـ?ذا السؤال؛ ولكن -على كل حال- قد يكون في السؤال خير لئلا يشتبه على من يأتي من بعده من هـ?ذه الأمة.
(َقَالَ: أَفِي كَلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ? قَالَ: ((لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ))) يعني لو قلت في كل عام لوجبت يعني لثبتت وصار الحج فريضة كل عام؛ ولكن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن بما رواه مسلم قال: ((ولما استطعتم))، فإنه لو وجب على الناس كل عام ما استطاعوا.
أولا ما استطاعوا أن يأتوا كل عام إلا بمشقة شديدة.
ثانيا لو استطاعوا ما استطاعوا أن يؤدوا المناسك، لأنه لو فرضنا أن المسلمين في مثل هـ?ذا العصر يمثلون كم؟ ألف مليون، إذا مثلوا ه?ذا لو قلنا أن القادر على هـ?ذا الحج نصف هـ?ذا العدد، لو جاء نصف ه?ذا العدد إلى مكة مثلا، هل يستطيعون أن يقوموا بشيء؟ لا يستطيعون، لهـ?ذا هم لا يستطيعون لا باعتبار أفرادهم أنه يشق عليهم أن يأتوا كل عام إلى مكة لاسيما من البلاد البعيدة ولا باعتبار اجتماعهم حول الكعبة فإن هـ?ذا مشقة شديدة أيضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/296)
وهـ?ذا من نعمة الله عز وجل أنه لم يجب إلا كما قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((اَلْحَجُّ مَرَّةٌ))، الحج مرة واحدة ((فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ))، الحج واجب مرة واحدة فما زاد على المرة الواحدة فهو تطوع فإن شاء أتى به وإن شاء لم يأت به.
في هـ?ذا الحديث عدة فوائد:
منها إعلان الأحكام الشرعية عن طريق الخطابة، والخطابة أحد المجالات التي بها تنشر الدعوة، فإن الدعوة تنشر بطرق متعددة: منها الخطابة والكتابة والمشافهة غير ذلك من الأشياء التي تكون مجالا للدعوة.
ومنها حرص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تبليغ أمته فإنه كان لا يخفي تبليغ الأحكام بل يعلنها إعلانا بواسطة الخطابة.
ومنها فرضية الحج، من قوله: (كَتَبَ عَلَيْكُمُ اَلْحَجَّ) وفرضه بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين إجماعا قطعيا:
ففي القرآن ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) ? [آل عمران:97].
وفي السنة كما في هـ?ذا الحديث وكما في قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((بني الإسلام على خمس)) وذكر منها حج البيت.
أما الإجماع فالمسلمون مجمعون على ذلك، ولهذا قالوا: من أنكر فرضية الحج فهو كافر مرتد، إلا إذا كان حديث عهد بكفر ولم يعرف فرائض الإسلام فإنه لا يكفر إلا بعد أن يُعرَّف فإذا عرف وذكرت له الدلائل أصر على إنكار الفرضية صار كافرا.
أما من ترك الحج بدون إنكار فرضيته ولكن تهاونا وكسلا فأكثر أهل العلم على أنه لا يكفر؛ لأنه لا كفر بترك شيء من الأعمال إلا واحدا فقط وهو الصلاة.
وقال بعض أهل العلم -وهو رواية عن الإمام أحمد- إن من تركه تهاونا فهو كافر؛ لأن الله قال ?وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ? وهـ?ذا يدل على أن ترك الحج مع القدرة عليه كفر.
وكذلك ما أُثر عن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه همَّ أن يأخذ عمالا إلى البلاد فمن وجدوه ذا جِدَة -أي ذا غنى- فلم يحج قال: فليأخذوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين.
ولكن الجمهور على أن ليس ترك الحج تهاونا بكفر.
ولكن هل يُقضى عنه؟ أيضا جمهور العلماء يقولون: إنه يقضى عنه؛ لأنه كالديون التي يتهاون بوفائها فإذا مات قضيت عنه، وكلام ابن القيم في تهذيب سنن أبي داوود يدل على أنه لا يقضى عنه، لأن هـ?ذا الرجل تركه تركا مُعرضا عن فعله، أما أنه يقول: سأحج العام القادم ويمني نفسه؛ ولكنه باغته الأجل فلم يحج، فهـ?ذا يحج عنه بلا شك.
الراجح أنه إذا تركه على أنه ليس بحاج كلام ابن القيم جيد؛ لكني أتوقف في ترجيحه.
ومن فوائد الحديث أيضا أنه يجوز أن يقاطع الخاطب ويسأل؛ لأن الأقرع بن حابس قاطع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأله في أثناء خطبة ولم ينكر عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن فوائد الحديث أن في المسائل ما لا ينبغي أن يسأل عنه كما في هـ?ذا الحديث، فإن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال فيما رواه أبو هريرة: ((ذروني ما تركم)) وفي قصة عويمس العجلاني مع امرأته أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سأله عدي الذي وصاه عويمر كره المسائل وعابها، فيما لو وجد الرجل مع امرأته رجلا.
ومن فوائد الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحكم بغير وحي، لقوله: (لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ) وهـ?ذا محل خلاف بين أهل العلم:
فمنهم من قال إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يحكم من عند نفسه؛ بل يحكم من عند نفسه في مسائل الاجتهاد، أما مسائل التشريع.
والصحيح أنه يحكم من عند نفسه في المسائل الاجتهادية كتدبير الحروب وغيرها وفي المسائل الشرعية؛ لكن إقرار الله له تشريع، ولهـ?ذا يعتبر وحيا.
ومن فوائد الحديث أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة لقوله: (اَلْحَجُّ مَرَّةٌ).
ومن فوائده استحباب الزيادة على المرة في قوله: (فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ). ()
ولو أوجبنا الإحرام على من مرّ بالميقات بدون قصد الحج والعمرة لكان الحج يجب مرات كثيرة، لأنه كلما مر بالميقات وجب عليه أن يحرم، وهـ?ذا القول هو الراجح أنه لا يجب الإحرام من الميقات إلا لمن أراد الحج أو العمرة.
أما من دخل مكة لزيارة قريب أو لعيادة مريض أو للتّجارة أو لطلب العلم .. أو لغير ذلك من المقاصد فإنه لا يجب عليه أن يحرم من الميقات إذا كان قد أدّى الفريضة، حتى لو طال زمنه عن مكة، لو بقي عن مكة أربعين سنة، أو أربعين يوما كما يقول العامة، فإنه لا يجب عليه أن يحرم ما دام قد أدى الفريضة.
اتهى هذا الباب ويليه:
بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 06:02 م]ـ
بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ
[الشرح] قال المؤلف رحمه الله تَعَالى?: (بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ) المواقيت جمع ميقات، وأصله من الوقت؛ ولكن قُلبت الواو ياء لأنه كُسر ما قبلها، فأصل ميقات: مُوقات؛ لأنها وقعت بعد كسر وجب أن تقلب ياء فيقال: ميقات، والميقات يُطلق على الزَّمن ويطلق على الحد فيقال: وقَّت كذا أي حدّد.
المواقيت تنقسم إلى قسمين:
• مواقيت مكانية.
• ومواقيت زمنية.
أما المواقيت المكانية فإنها تكون للحج والعمرة.
وأما الزمنية فهي للحج فقط، أما العمرة فلا زمن لها، ففي أي وقت شئت من العام تعتمر؛ لكن الحج له مواقيت زمنية لقوله تَعَالى?: ?الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ? [البقرة:197]، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجة هـ?ذا القول الراجح، وإن كان المشهور من المذهب أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة؛ لكن الصواب أن شهر ذي الحجة كله من زمن الحج؛ لأن أصل ?أَشْهُرٌ? أن يكون عاما وشاملا لكل ما يدلّ عليه.
المواقيت المكانية خمسة نستمع إليها في حديث عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/297)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 06:08 م]ـ
[الحديث الثاني عشر]
عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ اَلْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ, وَلأَهْلِ اَلشَّامِ: اَلْجُحْفَةَ, وَلأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ اَلْمَنَازِلِ, وَلأَهْلِ اَلْيَمَنِ: يَلَمْلَمَ, هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ, وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ, حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ اَلْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ.
وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ إِلاَّ أَنَّ رَاوِيَهُ شَكَّ فِي رَفْعِه.
وَفِي اَلْبُخَارِيِّ: أَنَّ عُمَرَ هُوَ اَلَّذِي وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ.
وَعِنْدَ أَحْمَدَ, وَأَبِي دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيِّ: عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ اَلْمَشْرِقِ: اَلْعَقِيقَ.
[الشرح]
(أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ اَلْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ)، (وَقَّتَ) أي حدّد وجعله مكانا لوقت إحرامهم، (ذَا الْحُلَيْفَةِ) أي صاحب الحُليفة، والحليفة تصغير حِلْفَة، والحلفة هي الحلفة شجر معروف وسميت به لكثرته فيها، وهي مكان يبعد عن مكة نحو عشر مراحل؛ يعني نحو عشرة أيام، وعن المدينة بنحو ستة أميال أو تسعة أميال يعني ليست بعيدة عن المدينة.
(وَلأَهْلِ اَلشَّامِ: اَلْجُحْفَةَ) أهل الشام من كانوا بين المشرق والمغرب من البلاد الشامية المعروفة، (اَلْجُحْفَةَ) قرية اجتحفها السيل ودمّرها وهلك أهلها أيضا بالوباء الذي نزل فيهم حين دعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الله عز وجل أن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة، لما خربت صار الناس يحرمون بدلها من رابغ، ورابغ أبعد منها عن مكة، وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل.
قال: (وَلأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ اَلْمَنَازِلِ)؛ يعني وقّت لهم (قَرْنَ اَلْمَنَازِلِ)، وهو ما يسمى الآن بالسيل الكبير وهو معروف، مكان معروف لازال الناس يحرمون منه إلى الآن.
ووقت (لأَهْلِ اَلْيَمَنِ: يَلَمْلَمَ) يلملم قيل اسم جبل وقيل اسم مكان، وهو يسمى الآن السَّعدية معروف عند أهل اليمن.
قرن المنازل ويلملم بين كل واحد منها وبين مكة نحو مرحلتين.
قال: (هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ) (هُنَّ) الضمير يعود على المواقيت، (لَهُنَّ) للبلدان أو الأمكنة، (وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ) يعني المواقيت، (مِنْ غَيْرِهِنَّ) أي من غير هـ?ذه الأماكن. فجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هـ?ذه المواقيت مواقيت لأهل هـ?ذه البلدان (وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ)، فمن أتى لمكة عن طريق المدينة يحرم من ذي الحليفة، ولا نلزمه أن يذهب إلى قرن المنازل، ومن أتى من أهل المدينة من طريق أهل نجد أحرم من قرن المنازل ولا نلزمه أن يذهب إلى ذي الحليفة، وهـ?ذا من تيسير الله عز وجل.
قال: (مِمَّنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ) يعني هن لهؤلاء (مِمَّنْ) يعني من الذين يريدون الحج أو العمرة، (أَوْ) هنا فلا يمتنع أن يقصد الحج والعمرة جميعا؛ لأن الناس الذي يمرّون بهـ?ذه المواقيت: منهم من يريد الحج فقط، ومنهم من يريد العمرة فقط، ومنهم من يريد الحج والعمرة.
قال: (وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ)، (وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ) أي من دون هـ?ذه المواقيت، (فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ) أي من حيث أنشأ القصد والإرادة (حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.) حتى أهل مكة يحرمون من مكة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/298)
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ اَلْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ.)، (ذَاتَ عِرْقٍ) هي مكان يحاذي قرن المنازل أو يزيد عنه قليلا، يبعد عنه عن مكة قليلا ويسمى عند الناس الطريبة.
(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ. وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ إِلاَّ أَنَّ رَاوِيَهُ شَكَّ فِي رَفْعِه. وَفِي اَلْبُخَارِيِّ: أَنَّ عُمَرَ هُوَ اَلَّذِي وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ.) وعلى ه?ذا فتكون السنة ثابتة إما عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإما عن عمر، وسنة عمر سنة متبعة لقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)).
(وَعِنْدَ أَحْمَدَ, وَأَبِي دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيِّ: عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ اَلْمَشْرِقِ: اَلْعَقِيقَ.) العقيق هـ?ذا مكان يتّصل بذات عرق، فإن هـ?ذا الوادي الكبير الذي يسمى وادي العقيق يمر بهـ?ذا وبهذا، فالصحيح أنه لا ينافي الحديث الذي ثبت في البخاري وفي مسلم وفي أبي داوود من أن ميقات أهل العراق ذات عرق، لأنها العقيق يمتد ويسمى العقيق ولو كان ممتدا من ذات عرق.
هـ?ذه المواقيت الخمسة إنما وقتها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ رحمة بالخلق لأنه لو وُحِّد الناس على ميقات واحد لكان في ذلك مشقة عظيمة، فمن نعمة الله أنها وقت هـ?ذه الأماكن لكل هـ?ذه البلدان.
فنستفيد في هـ?ذا الحديث فوائد:
أولا ثبوت المواقيت المكانية.
ثانيا أنها خمسة.
ثالثا اختلافها في البعد والقرب، من مكة قد يقال: إن هـ?ذا من الأمور التعبدية التي لا نعلم حكمتها، وقد يقال: إن في هـ?ذا حكمة في ذلك وهي:
أن ذي الحليفة لأنها قريبة من المدينة، فكان من المناسب أن يحرم الإنسان من حين أن يخرج من المدينة لتكون أحكام الحرمين أو أحكام المسجدين متقاربة من حين أن يخرج من المدينة وحرمها يدخل فيما يختص بحرم مكة وهو الإحرام.
الجحفة أبعد من اليمن ويلملم؛ لأنها مُهَلّ أهل الشام، والشام فيه أحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليها، فإن كانت هـ?ذه الحكمة فالأمر واضح، وإذا كانت الحكمة وراء ذلك فالله أعلم.
من فوائد الحديث ثبوت آية من آيات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك أنه وقّت هـ?ذه المواقيت قبل أن تفتح هـ?ذه البلدان، وهـ?ذا إشارة إلى أنها سوف تفتح وسوف يحج أهلها وهـ?ذه مواقيتهم.
ومن فوائد الحديث أن من مرّ بهـ?ذه المواقيت من غير أهلها وجب عليه الإحرام منها ولا يجوز أن يتعداها إلى ميقاته الأصلي، فلو قال الشامي إذا مر بالمدينة: أنا سأؤجل الإحرام إلى ميقاتي الأصلي وهو الجحفة. قلنا له: لا، لأن النبي قال: (وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهلهِنَّ) فأنت الآن مررت بميقات سابق فيجب عليك أن تحرم منه، وهـ?ذا هو رأي الجمهور، وذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أنه يجوز للشامي أن يؤخر الميقات إذا مرّ بذي الحليفة ويحرم من الجحفة، وهـ?ذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ ولكنّ الصواب مع الجمهور في هـ?ذه المسألة، وأن الإنسان إذا مر بالميقات يريد الحج أو العمرة وجب عليه أن يحرم ولا يتجاوزها.
لقوله (مِمَّنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ)، أن من دون هـ?ذه المواقيت يحرم من مكانه ولا يلزمه أن يرجع إلى الميقات ويحرم منه، لقوله: (وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ).
أن من تجاوز هـ?ذه المواقيت لا يريد حجا ولا عمرة ثم بدا له بعد تجاوزها أن يحج أو يعتمر فإنه لا يلزمه الرجوع، وإنما يحرم من حيث أنشأ النية.
أن ميقات أهل مكة بل من كان في مكة ميقاته من مكة، لقوله: (حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ) وهـ?ذا في الحج ظاهر وواضح؛ فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلزم أهل مكة حين أرادوا الإحرام بالحج أن يخرجوا إلى الحل، ولم يلزم الصحابة الذين حلوا أن يخرجوا إلى الحل؛ بل أحرموا من مكانهم.
فإن قلت: هل يشمل هـ?ذا العمرة؟ قلنا: قد قيل بها، وأن من أراد العمرة من أهل مكة يحرم من مكة؛ ولكن هـ?ذا قول ضعيف؛ لأن هـ?ذا العموم خُص بحديث عائشة وبالمعنى أيضا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/299)
أما تخصيصه بحيث عائشة فإن عائشة لما أرادت أن تحرم وهي بمكة أمرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تخرج من الحرم فتهل بعمرة، وه?ذا يدل على أن مكة ليست ميقاتا للإهلال بالعمرة، إذ لو كانت كذلك لم يكلِّفها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تخرج بالليل من مكة إلى التنعيم لتحرم منه؛ لأننا نعلم أن دين الله تَعَالى? يسر، وأن اليسر في هـ?ذه الحال أن تحرم من مكة، فلما لم يكن ذلك علم أن مكة ليست ميقاتا للعمرة.
فإن قال قائل: عائشة ليست من أهل مكة.
الجواب: أن من لم يكن من أهل مكة إن أراد النسك فحكمه حكم أهل مكة، بدليل أن الصحابة الذين أحرموا بالحج بعد أن حلّوا من العمرة أحرموا من مكة كأهل مكة ولم يحرموا من الحل، وحينئذ لا فرق فيمن كان بمكة بين أن يكون من أهلها الأصليين أو من الأفاقيين.
وأما من حيث المعنى فإن العمرة معناها الزيارة، والزيارة لا تكون من المكان إلى المكان؛ بل تكون من مكان إلى كان آخر، وهـ?ذا لا يتحقق إلا إذا جاء الإنسان بالعمرة من خارج الحرم، ويشير إلى هـ?ذا قول الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لعبد الرحمـ?ن بن أبي بكر: ((أخرج بأختك من الحرم)) بهـ?ذا اللفظ في الصحيح لتحل بعمرة، أخرج بها من الحرم، وهـ?ذا يدل على أن لحرم ليس مكانا للإحرام بالعمرة، وأنه ما من نسك يطوف فيه الإنسان الكعبة إلا وقد جمع بين الحل والحرم؛ لأن الحج أهل مكة يحرمون بمكة ولكن لا يطوفون بالبيت حتى يأتوا من الحل، الحل عرفة، فلا يمكن لأحد أن يطوف بالبيت طواف نسك إلا وقد قدم إليه من الحل، ه?ذه القاعدة، ففي العمرة معروف، وفي الحج ما يطوف طواف الإفاضة إلا بعد الوقوف بعرفة، لو طاف قبل الوقوف بعرفة ما صح.
الآن عرفنا أن الدليل السمعي والنظري يدل على أن أهل مكة يُحرمون للعمرة من الحل، وهو كذلك.
من فوائد الحديث منقبة عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وذلك لتوفيقه للصواب حيث وقَّت لأهل العراق ذات عرق، فوقع توقيته موافقا لما جاء عن سول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه وقتها لأهل العراق وهو لم يعلم، توقيت ذات عرق من عمر جاءت باعتبارها حذو قرن المنازل، فيستفاد منه فائدة أن من لم يمر بالميقات فإنه يحرم إذا حاذ الميقات سواء كان من البر أو من الجو أو من البحر، يأتي من البحر الأحمر ويحاذي الجحفة ويحرم منها، ويأتي من اليمن يحاذي يلملم، إذن في طريق البر أو البحر أو الجو.
هل تكلم العلماء على الطائرات؟ شيخ الإسلام رحمه الله كان يتكلم على أهل الشعوذة الذين يلعبون على الناس بأن الله تَعَالى? يعطيهم كرامات أنهم يكونون في بلادهم في اليوم الثامن من ذي الحجة ثم يقفون بعرفة ويشاهدون في عرفة، يقول رحمه الله: إن الشياطين تحملهم؛ ولكن ذكر من جملة ما يفرقون فيه أنهم يحاذون الميقات ولا يحرمون منه.
إذن صار للطائرات أصل في كلام أهل العلم؛ لأنه يوجد من تأخذهم الشياطين ويحاذون الميقات ولا يحرمون إلا في مكة.
على كل حال عندنا والحمد لله من سنة عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اعتبار المحاذاة طريقا شرعيا تثبت به الأحكام الشرعية.
انتهى هذا الباب ويليه:
بَابُ وُجُوهِ اَلإِحْرَامِ وَصِفَتِهِ
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 08:44 م]ـ
[الحديث الثالث عشر]
بَابُ وُجُوهِ اَلإِحْرَامِ وَصِفَتِهِ
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ, فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ, وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ, وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ, وَأَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ, فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ, وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ, أَوْ جَمَعَ اَلْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ().
[الشرح]
قال: (بَابُ وُجُوهِ اَلإِحْرَامِ وَصِفَتِهِ)، (وُجُوهِ) يعني أنواع، أنواع الإحرام وصفة كل نوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/300)
الإحرام له ثلاثة أنواع كما سيأتي في ه?ذا الحديث وهو قوله: (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ, فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ, وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ, وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ, وَأَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ, وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ, أَوْ جَمَعَ اَلْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
إذن الأقسام ثلاثة: (مِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ, وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ, وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ)، فهـ?ذه ثلاثة أنواع
الذين أهلّوا بعمرة تقول رَضِيَ اللهُ عَنْها: (فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ) عند قدومه، (وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ, أَوْ جَمَعَ اَلْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
هـ?ذا بيان الإحرام وصفته.
الذين يهلون بعمرة يهلون بعمرة يحلون إذا قدموا؛ يعني بعد الطواف والسعي والتقصير، يحلون إحلالا كاملا؛ لأن من الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم لما أمرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتحلل قالوا: الحل كله؟ قال: ((الحل كله))، يحل فيه جميع محظورات الإحرام حتى النساء، واضح، ه?ؤلاء الذين يحرمون بعمرة يطوفون ويسعون ويقصرون ويحلون إحلالا كاملا، ويسمى هـ?ذا النوع تمتعا؛ لأن الرجل تمتع بالعمرة إلى الحج، يعني تمتع بالعمرة لما أحلّ منها حصل له التمتع بما أحل الله له بإحلاله، تمتّع بكل المحظورات باللّبس والطيب والتنظف بأخذ الشعر وكذلك بالنساء وغير ذلك، تمتع، بالعمرة أي بسببها إلى الحج، هـ?ذا وقت نهي، وهـ?ذا أفضل الأنساك إلا من ساق الهدي فإن القران في حقه أفضل.
من أهل بعمرة وحج، فإنه إذا وصل مكة طاف وسعى ولم يحل يبقى على إحرامه لا يحل، إذا كان يوم العيد حل مع الذين يحلون من المتمتعين، ما يحل إلا بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير.
من أهل بحج كمن أهل بعمرة وحج؛ كالقارن، يعني إذا قدم مكة طاف وسعى وبقي على إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد ويحلق أو يقصر.
فصارت الأنواع ثلاثة التمتع والقران والإفراد.
التمتع صفته أن يحرم الإنسان من الميقات بالعمرة فإذا وصل مكة طاف وسعى وقصر وحلّ، فإذا كان اليوم الثامن أحرم بالحج.
القران والإفراد يحرم من الميقات وإذا وصل إلى مكة طاف وسعى ولم يقصر؛ بل بقي على إحرامه إلى يوم العيد إلى أن يرمي جمرة العقبة ويحلق أو يقصر.
الآن نقول: أيهما أفضل؟ نقول: التمتع أفضل، إلا لمن ساق الهدي والقران أفضل، لتعذر التمتع في حقه، لأن من ساق الهدي لا يمكن أن يحل، التمتع عرفتموه فهو أفضل، الدليل:
أولا لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر به أصحابه وحتم عليه حتى غضب لما توانوا في تنفيذ ذلك.
ثانيا أنه أيسر للمكلف، وما كان أيسر للمكلف فهو أحب إلى الله، ((أحب الدين لله الحنيفية السمحة)) كما يروى في الحديث، ((وإن الدّين يسر)) كما صح به الحديث.
ثالثا أنه أكثر عملا فإن الإنسان يأتي فيه بعمرة تامة وبحج تام، فيطوف طواف العمرة ويسعى ويطوف طواف الحج ويسعى، خلافا لمن قال: إن المتمتع يكفيه السعي الأول سعي العمرة فإن هـ?ذا القول ضعيف جدا، ولا يصح من حيث الدليل ولا من حيث التعليل:
أما من حيث الدليل فإنه قد صح في البخاري من حديث ابن عباس وعائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهم أن الذين حلوا من إحرامهم وطافوا بين الصفا والمروة طوافين، يعني طافوا مرتين وسعوا سعيين.
وأما من حيث المعنى فلأن العمرة انفصلت عن الحج انفصالا تاما، حتى إنه يفعل بينهما كل ما يفعل في حله، وهـ?ذا انفصال تام، فكيف يقال إن جزءا من العمرة يكون مجزئا عن جزء من الحج.
رابعا أن الله تَعَالى? أوجب على الإنسان أن يطوّف بالصفا والمروة بالحج والعمرة، فقال: ?فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا? [البقرة:158] الحج لابد فيه من سعي والعمرة لابد فيها من سعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/301)
وأما حديث جابر الذي اعتمد عليه من قال: إنه يكفيه سعي واحد، وهو ما رواه مسلم أنه قال رَضِيَ اللهُ عَنْه: ُ لم يطف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه بالصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول. فهـ?ذا الجواب عنه سهل جدا فيقال: المراد بأصحابه الذين كانوا مثله وهم القارنون، ومعلوم أن القارن يكفيه سعي واحد، ولا يمكن أن يراد به كل أصحابه، وذلك لحديث ابن عباس وعائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهم وبالمعنى الذي أشرنا إليه.
وكذلك من استدل بقوله: دخلت العمرة في الحج وشبك بين أصابعه، فهم أنفسهم لا يقولون بمقتضى ظاهر الحديث، لو أخذنا بمقتضى ظاهر الحديث لقلنا ايضا: يكفيه طواف العمرة عن طواف الحج، ولا قائل به، وإنما دخلت العمرة في الحج؛ أي أن الحج كما يكون في هـ?ذه الأشهر كذلك العمرة، وكذلك ما ثبت للحج من أحكام ثبت من العمرة إلا ما دل عليه الدليل، فإن العمرة دخلت في الحج كما جاء في الحديث الصحيح المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((والعمرة حج أصغر)).
أما القارن، القران له صفة متفق عليها، وهي أن يحرم بالحج والعمرة جميعا فيقول: لبيك عمرة وحجا. فإن قال من الميقات: لبيك عمرة وحجا، فهو قارن، وسبق أن صفة القران أنه إذا وصل إلى مكة طاف وسعى وبقى على إحرامه إلى يوم العيد فيرمي جمرة العقبة فيحلق أو يقصر، ويتحلّل التحلل الأول.
الصفة الثانية للقران، أن يحرم بالعمرة، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه، وهـ?ذا وقع لأم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها حين أحرمت بالعمرة فحاضت فأمرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تحرم بالحج، وقال: ((طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك)) فهنا أحرمت أولا بالعمرة، ثم أدخلت الحج على العمرة قبل الشروع في الطواف، وهل هـ?ذه الصفة مشروطة بالضرورة أو جائزة في حال الاختيار؟ المشهور من مذهب الإمام أحمد أنها جائزة حتى في حال الاختيار.
الصفة الثالثة أن يحرم بالحج أولا، ثم يدخل العمرة عليه، يقول: لبيك حجا من الميقات ثم يبدو له فيدخل العمرة عليه، فيقول: لبيك حجا وعمرة. فهـ?ذا فيه خلاف على العلماء فمن العلماء من أجازه وقال: لا بأس به، واستدل بظاهر فعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قالت عائشة: إنه أحرم بالحج، مع أنه أتاه أتٍ وقال له: قل عمرة في حجة، فيقلون: إن الجمع بين حديث عائشة والحديث الآخر أن الرسول أحرم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج أولا ثم أدخل العمرة عليه، وقالوا: إن العمرة أحد النسكين، فإذا جاز إدخال الحج عليها جاز إدخالها عليه، وحينئذ تكون الأفعال واحدة.
المهم أن القران له ثلاثة صور:
• أن يحرج بالحج والعمرة جميعا.
• أن يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه.
• الثالث أن يحرم بالحج أولا ثم يدخل العمرة عليه. وهـ?ذه الصورة فيها خلاف قوي بين أهل العلم، والمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا تصح هـ?ذه الصورة.
وقالوا: إذا أدخل العمرة على الحج فإدخاله لا عبرة به، ويبقى على أن يتحلل.
الإفراد له صورة واحدة، وهي أن يحرم بالحج وحده فيقول: لبيك حجا، وإذا وصل مكة طاف وسعا وبقي على إحرامه إلى يوم العيد.
التمتع أصل الأنساك ذكرنا لأفضليته أربعة أوجه إلا لمن ساق الهدي فالقران في حقه أفضل لتعذر التمتع في حقه؛ ولكن هل الأفضل أن يسوق الهدي ويقرن أو الأفضل أن لا يسوق ويتمتّع؟
في هـ?ذا خلاف بين العلماء:
منهم من قال: الأفضل أن لا يسوق وتمتع لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وما أحللت معه)).
ومنهم من قال: بل سوق الهدي والقران أفضل؛ لأن هـ?ذا فعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولأنه أظهر في إظهار الشعائر، لأن الإنسان يأتي الهدي معه يسوقه، وهـ?ذا لاشك أن فيه من إظهار الشعائر ما ليس في من لم يسق الهدي، وأجابوا عن قول: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت)) أنه قال ذلك من أجل يطيب قلوب أصحابه، وأنه يقول: لو علمت أن الأمر سيبلغ منكم ما بلغ حتى يشقّ عليكم هـ?ذه المشقة، لو علمت ذلك ما سقت الهدي ولأحللت معكم، وكان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يترك الاختيار مراعاة لأصحابه، كما ترك الجهاد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/302)
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في كل سرية مراعاة لأصحابه الذين لا يستطيعون أن يصاحبوه في كل سرية وليس عنده ما يحملهم عليه، فهو لا يحب أن يشق عليهم ولا عنده ما يحملهم فيخرج بهم، وكما ترك الصيام مراعاة لأصحابه، فقالوا: إن قوله: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت)) بهـ?ذا المعنى.
وعندي الأقرب أن التمتع أفضل إلا لمن ساق الهدي فالقرآن أفضل ليجمع بذلك بين قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله.
ه?ذه الأنساك الثلاثة أيها التي يجب فيها الهدي؟ التمتع بالنقل والإجماع، قال الله تَعَالى?: ?فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ? [البقرة:196]، وهـ?ذا لا إشكال فيه، وهو مجمع عليه.
القارن كالمتمتع يلزمه الهدي، وهـ?ذا قول جمهور أهل العلم، ووجه مشابهته للمتمتع أنه حصل له نسكان في سفر واحد، فقد تمتّع بالعمرة بالترفه بترك أحد السّفرين، معلوم هذا، يقول العلماء: إن القارن تمتع ليس بالحل بين العمرة والحج، لأنه ما عنده حل؛ ولكن بترك أحد السفرين؛ لأنه لو أحرم مفردا لكانت العمرة تتطلّب سفرا آخر، فلما أحرم بهما جميعا ترفّه بترك السفر الثاني للعمرة فهو بترك أحد السفرين، وهـ?ذا نوع من التمتع، ولهذا أدخله كثير من أهل العلم بنص الآية، فمن تمتع بالعمرة إلى الحج، هـ?ذا وجه البيان.
أما الآية فلاشك أنها نص في المتمتع الذي أحرم بالعمرة وأحلّ منها ?فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ?، ولهذا قال الإمام أحمد: إن القارن ليس كالمتمتع يعني أن وجوب الحج عليه أمر لا إشكال فيه.
إذن القارن عليه الهدي عند جمهور أهل العلم؛ لأنه متمتع، بماذا؟ بالتمتع بترك أحد السفرين، أما المفرد فلا هدي عليه؛ لأنه لا يدخل في التمتع لا لفظا ولا معنى فلا يجب عليه الهدي.
في حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها فيه إشكال وهو قولها: (وَأَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ) نقول: ذهب بعض العلماء إلى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مفردا بالحج، وأخذوا بذلك، وقالوا: الإفراد أفضل من القران والتمتع؛ ولكن الصحيح أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج قارنا، قال الإمام أحمد وهو إمام أهل السنة في الحديث قال: لا أشك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارنا والمتعة أحب إلي.
وثبت في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءه الملك وقال له: ((قل عمرة في حج))، وهـ?ذا لا يمكن أن يقع فيه مخالفة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيحرم بالحج.
فإذا كان كذلك فما الجواب عن الحديث؟ إذا كان الأمر أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج قارنا فما الجواب عن الحديث؟ قال بعض العلماء: إن الجواب عن الحديث أن فعل القارن كفعل المفرد ظنت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها أنه كان مفردا، وهـ?ذا ليس بصحيح، لأنه يقال: إذا كانت علمت أن بعض الصحابة أحرم بحج وعمرة فكيف تجهل أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحرم بحج وعمرة، ه?ذا شيء بعيد جدا.
ومنهم من قال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أحرم أولا بالحج ثم أدخل العمرة عليه، فقالت عائشة أحرم بالحج باعتبار ابتداء الإحرام، ثم أدخل العمرة عليه، وهـ?ذا ينطبق تماما على قول من يقول بجواز إدخال العمرة على الحج، أما من لا يقول بذلك فإنهم لا يقرّون بهـ?ذا الجواب.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأجمعين.
الأنساك الثلاثة كلها جائزة إلى يومنا ه?ذا، فإن قلت: كيف تجيب عن أمر الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أصحابه أن يجعلوها عمرة وغضبه حين لم يفعلوا ذلك ولم يبادروا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/303)
قلنا: الجواب على ذلك ما صحّ في صحيح مسلم عن أبي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنّه سئل عن المتعة أهي عامة أم خاصة؟ قال: ((بل هي لنا خاصة))، قال شيخ الإسلام رحمه الله: أي أن وجوبها خاص في الصحابة؛ لأنّهم لو امتنعوا رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وصمّموا على الامتناع لكان في ذلك مجابهة مع الرّسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، ثم حد لمنع ه?ذا التمتع، يعني لو لم يفعلوا ما فعل الناس فهم أسوة لهم، فلما كانوا هم الأسوة وكان لامتناعهم مجابهة ومنع للتمتع أو ... كان غضب الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عليهم شديدا، كيف يجابههم ليسن ه?ذه الطريقة لأمته ثم يمتنعون، فالغضب هنا ليس لأن ه?ذا واجب من حيث هو واجب؛ .. الحكم مشلولا لأن الصحابة لم يفعلوه وهم أسوة الأمة، فغضبه لأنهم تمانعوا أو تهاونوا في تنفيذ أمر الرّسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ والفرق بينهم وبين غيرهم ظاهر؛ ولهذا صحّ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعن أعلام الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أنّ الأنساك الثلاثة كلها جائزة، وتكاد الأمة تجمع على ذلك إلا نفرا قليلا من الصحابة ومن بعدهم لا يساوون ولا يسامون من قالوا بالجواز.
الفوائد:
أولا الناس مخيّرون في الإحرام بين الوجوه الثلاثة، ووجه الدلالة من هـ?ذا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرّهم على ذلك.
ثانيا أنه ليس هناك أوجه للإحرام سواء ما جاءت به السنة، لو أراد إنسان أن يأتي بأوجه سوى ما جاء به السنة لكان ذلك باطلا لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)).
من فوائد الحديث السعة في الأمور الجائزة، وأنه إذا انت الأمور جائزة فلا ينبغي أن يعيب أحد على أحد، ومثله حديث أنس: حججنا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمنا الملبي ومنا المكبر ومنا المهلل، ومنه أيضا حديث الصيام أنهم كانوا مع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان هـ?ذا صائم وهـ?ذا مفطر ولا يعيب الصائم على المفطر والمفطر على الصائم.
ومن فوائد الحديث أن المتمتّع يحلّ من عمرته إذا قدم، وأنه ينبغي المبادرة بأداء العمرة لقولها: (فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ)، وهو كذلك أن الإنسان إذا قدم إلى مكة بنسك أن يبادر.
ومن فوائده أيضا أن القارن والمفرد يبقيان على إحرامهما إلى يوم النحر.
حجة الوداع في السنة العاشر من الهجرة، وسميت حجة الوداع لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى بما يشعر بتوديع الناس في تلك الحجة.
انتهى هذا الباب ويليه:
بَابُ اَلإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:02 م]ـ
[الحديث الرابع عشر والخامس عشر]
بَابُ اَلإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
عَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اَلْمَسْجِدِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ خَلاَّدِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ, فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلالِ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.
[الشرح]
(اَلإِحْرَامِ) هو نية الدخول في النسك حتى وإن كان على الإنسان ثيابه العادية، فإذا نوى الدخول في النسك فقد أحرم سواء لبس الثياب الخاصة بالإحرام أم لم يلبس.
(وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أي بالإحرام من ما يسن أو يجب.
قال: (عَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اَلْمَسْجِدِ) يعني مسجد ذي الحليفة، وهو يشير إلى أنه لا ينبغي الابتداء إلا إذا ركب الإنسان، إذا ركب الإنسان فإنه يهلّ، وقد صرّح في حديث جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه أهل حين استوت به ناقته في البيداء، فقال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حتى إذا استوت به إلى البيداء أهل بالتوحيد: ((لبيك اللهم لبيك))، وقوله: (أَهَلَّ) رفع صوته من الإهلال وهو الإظهار، ومنه سمي الهلال لأنه يظهر في السماء.
(وَعَنْ خَلاَّدِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ, فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلالِ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.) هـ?ذا كالأول فيه دليل على أنه يستحب رفع الصوت بالتلبية؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى جبريل فأمره أن يأتي أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال، يعني بالتلبية، و (جِبْرِيلُ) هو أحد الملائكة الكرام وهو موكل بالوحي.
يستفاد من هذين الحديثين أنه يسن رفع الصوت بالإهلال عن التلبية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/304)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:04 م]ـ
[الحديث السادس عشر والسابع عشر]
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجَرَّدَ لإِهْلالِهِ وَاغْتَسَلَ. رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: مَا يَلْبَسُ اَلْمُحْرِمُ مِن الثِّيَابِ? فَقَالَ: ((لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ, وَلا اَلْعَمَائِمَ, وَلا السَّرَاوِيلاتِ, وَلا اَلْبَرَانِسَ, وَلا اَلْخِفَافَ, إِلاَّ أَحَدٌ لا يَجِدُ اَلنَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ اَلْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ اَلْكَعْبَيْنِ, وَلا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنْ اَلثِّيَابِ مَسَّهُ اَلزَّعْفَرَانُ وَلا اَلْوَرْسُ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
[الشرح]
(وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجَرَّدَ لإِهْلالِهِ وَاغْتَسَلَ.) (تَجَرَّدَ) يعني من لباسه، (وَاغْتَسَلَ) وهـ?ذا الاغتسال مشروع، يغتسل الإنسان عند الإحرام كما يغتسل للجنابة وهو سنّة مؤكدة للرجال والنساء، حتى الحيّض وذوات النفاس يسن لهن أن يغتسلن.
فإن لم يجد الماء أو تعذر له استعماله لمرض فهل يتيمم؟
المشهور عند أهل العلم أنه يتيمم قالوا: لأن هـ?ذه طهارة مشروعة فإذا تعذرت عدلنا إلى التيمم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يسن التيمم؛ لأن هـ?ذا اغتسال ليس عن جنابة حتى يحتاج الإنسان فيه إلى رفع الحديث، إنما هو اغتسال للتنظّف والتنشّط لهـ?ذا العمل، فإن لم يجد الماء فإنه لا يتيمم، وعلى كل حال إن تيمم الإنسان احتياطا فلا بأس لأنه قال به بعض أهل العلم.
(وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: مَا يَلْبَسُ اَلْمُحْرِمُ مِنَ اَلثِّيَابِ? فَقَالَ: ((لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ))) إلى آخره.
(سُئِلَ) يعني سأله سائل، وكان هـ?ذا السؤال وقع وهو في المدينة قبل أن يخرج إلى الحج؛ لأنه خرج إلى الحج يوم السبت، وقد خطب الناس في يوم الجمعة عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وبين لهم ما يصنعون عند الإحرام.
فسأله السائل: ما يلبس المحرم: و (ما) هنا استفهامية؛ يعني أي شيء يلبسه، فقال: (لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ) والجواب في ظاهره مخالف لصيغة السؤال، لأنّ لسؤال عمّا يُلبس، والجواب عما لا يلبس، لو كان السؤال: ما الذي لا يلبسه المحرم؟ فقال: لا يلبس القميص. صار الجواب مطابقا للسؤال في صيغته؛ لكن السؤال عما يلبس فأجيب بما لا يلبس.
فنقول: إن الجواب وإن خالف السؤال في صيغته؛ لكنه موافق له في المعنى؛ لأن حصر ما لا يلبس يفيد ما يلبس؛ كأنه قال يلبس ما سوى ذلك؛ لكنه ذكر ما لا يلبس لأنه أقل من الذي يلبس؛ فالذي يلبس واسع كل شيء يلبسه إلا هـ?ذه الخمسة.
وعلى هـ?ذا فيكون الجواب مطابقا للسؤال مع الاختصار، ووجه المطابقة أنّ من علم ما لا يلبس فقد علم ما يلبس، وهو ما عدى ذلك، (لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ) ما هو القميص؟ الثوب ثيابنا هـ?ذه هي القميص، والتسمية ما لنا فيه، لكن ما كان ه?ذا صفته يسمى قميصا، (وَلا اَلْعَمَائِمَ) القميص على البدن والعمائم على الرأس، (وَلا السَّرَاوِيلاتِ) على جزء من البدن، (وَلا اَلْبَرَانِسَ) على كل البدن؛ لأن البرانس ثياب لها قبع متصل بها يغطى به الرأس، ولعلكم تشاهدونه في المغاربة الذين يأتون للحج، موجود، هـ?ذا البرنس، (وَلا اَلْخِفَافَ) لباس للرِّجل، ثم استثنى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
تأمّل المحظورات الآن خمسة التي لا تُلبس، ما عداها يلبس إلا ما كان بمعناها فإنّ الشرع لا يفرق بين متماثلين، فما كان بمعناها فله حكمها، القميص: .. قريبة من القميص: الكوت، الدقلص قريب من القميص، الذبون قريب من القميص أو يشبه البرانس، العمائم قرينها الغطرة.
السراويلات معروفة، الإزار ليس مثل السراويل، لكن السراويل ظاهره العموم وأنه لا فرق بين السراويلات ذوات الأكمام الطّويلة أو القصيرة.
البرانس ممكن نقول: أقرب شيء لها المشلح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/305)
الخفاف مثلها الجوارب لأنه لا فرق، ما هي الجوارب؟ هي الشرّاب، ما عدى ذلك فهو حلال، فلننظر الآن، هل يلبس الساعة؟ نعم، لأنه لا تدخل في هذا ولا في معناها، هل يلبس النظارة؟ نعم، يلبس السماعة في الأذن؟ نعم، يلبس الخاتم؟
يلبس العلاقية التي يكون فيها الحوائج؟ يلبسها.
إذن كل شيء يلبسه إلا ما كان في معنى ه?ذه الأشياء.
الخفاف الجوارب يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (إِلاَّ أَحَدٌ لا يَجِدُ اَلنَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ اَلْخُفَّيْنِ)، (إِلاَّ أَحَدٌ) يعني من الرجال (لا يَجِدُ اَلنَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ اَلْخُفَّيْنِ)، وإذا قيل: (لا يَجِدُ) كذا فالمراد لا يجده بعينه ولا يجد ما يحصّل به، يعني إذا ما كان عنده نعال لكن عنده دراهم يشتري نعالا، نقول: اشتر نعالا، فإذا لم يجد نعالا يشتريها، الدراهم معه لكن لم يجد نعالا يشتريها ما في الميقات نعال (فَلْيَلْبَسْ اَلْخُفَّيْنِ)؛ لكن هنا قال: (وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ اَلْكَعْبَيْنِ)، (وَلْيَقْطَعْهُمَا) يعني يقطع الخفين حتى تكون أسفل من الكعبين لئلا تكون خفا كاملا.
ولكن ه?ذا الحديث قلت: إنه قاله الرسول وهو في المدينة قبل يخرج إلى الحج، وفي حديث ابن عباس وليت المؤلف ذكره رحمه الله أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب الناس يوم عرفة فقال: ((من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزارا فليلبس السراويل)) وأطلق، وه?ذا يدل على أن الحكم ألأول نسخ لماذا؟ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ه?ذا في مجمع أكبر من مجمع المدينة، وفي زمن متأخر، فالزمن المتأخر والجمع أكثر، والذين سمعوه يوم عرفة ليس كلهم سمعوه في المدينة، وسيأخذون الحديث على إطلاقه بدون أمر بقطع، ولو كان القطع واجبا لكان بيانه في عرفة واجبا؛ لأن الناس سيأخذونه على الإطلاق.
وه?ذا القول هو الصحيح على ما في القطع من إضاعة المال؛ لأنه لما جاء ما يدلّ على النسخ صار قطعه إضاعة للمال، له?ذا حرّم بعض العلماء قطع الخف، وقال: إنه لما نسخ كان في قطعه إفساد له وهو إضاعة للمال.
يقول: (وَلا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنْ اَلثِّيَابِ مَسَّهُ اَلزَّعْفَرَانُ وَلا اَلْوَرْسُ)، (وَلا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنْ اَلثِّيَابِ مَسَّهُ اَلزَّعْفَرَانُ) للونه أو لريحه؟ لهما جميعا؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى الرجال عن لبس المعصفر والأصفر، والذي مسه الزعفران يكون أصفر لكنه إذا كان لطخة ما تشمل الثوب كله فإنه يكون النهي عنه من أجل أنه طيب؛ لأن المعصفر إما يكره إذا كان الثوب كله أصفرا.
قال: (وَلا اَلْوَرْسُ) قال العلماء: إن (اَلْوَرْسُ) نبت في اليمن طيب الرائحة، فتكون العلة في النهي عن الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس هي الرائحة، كأنه قال: لا تلبسوا ثوبا مسه الطيب.
وظاهر الحديث أننا لا نلبس الثوب الذي مسه الطيب سواء كنا لبسناه قبل أن نحرم وأحرمنا به، أو بعد أن نحرم، وه?ذا هو الظاهر، ولهذا اختلف العلماء في الرداء المطيب هل يلبسه المحرم أو لا، أما بعد إحرامه فلا شك أنه لا يلبسه، وأما قبل إحرامه فالمشهور من المذهب أنه مكروه أن يحرم الإنسان بثوب مطيّب، وقال بعض العلماء: إنه حرام ولا يجوز أن يحرم بثوب مطيب، وه?ذا هو ظاهر الحديث.
وعلى هذا فلا تطيب ثوب الإحرام لا بالبخور ولا بالدهن وبغيره لا تطيب، لأن الرسول يقول: (وَلا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنْ اَلثِّيَابِ مَسَّهُ اَلزَّعْفَرَانُ وَلا اَلْوَرْسُ).
ه?ذا الحديث عبّر عنه بعض العلماء قالوا: لا يلبس المحرم المخيط، وقد قيل: إن أول من نطق بهـ?ذا إبراهيم النخعي على ما أظن، وإبراهيم النخعي من التابعين، فالكلمة ه?ذه ليس معروفة عند الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم؛ لكن ذكرت أخيرا فقيل: لا يلبس المخيط، وه?ذا التعبير في الواقع إنه لا يؤخذ على عمومه، فإن من المخيط ما يلبس، كما لو لبس رداء مرقّعا، رداء مكون من أربع قطع مخيط، إزار مرقّع مخيط، ومع ذلك فإنه يجوز أن يلبس رداء مرقعا وإزارا مرقعا مع أن فيه خياطة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/306)
ثانيا أن نقول: في كلمة (مخيط) توهم أن كل ما فيه خياطة فهو حرام، ولهذا يسأل العوام كثيرا عن النعال المخروزة؛ لأن فيها خياطة، فنقول: ه?ذا الذي يريده العلماء غير الذي تريدونه أنتم، هم يريدون اللباس المفصّل على البدن، سواء مخيط أو منسوج، لا يريدون ما فيه الخياطة، ولهذا أباحوا رحمهم الله النعال وما أشبهها مع أنها مخيطة؛ يعني فيها خياطة.
ولهذا لو أن الإنسان إذا أتى على ذكر ه?ذا المحظور ذكر ما جاءت به السنة لكان أولى وأبين وأسلم له؛ لأن كونه يعبر بما جاءت به السنة أن لديه حجة أمام الله عز وجل؛ لكن كونه يعبر بلبس المخيط الموهم للناس خلاف ما يراد ه?ذا قد يكون على خطر أنه يفهم عباد الله أو يأتي بلفظ يوهم ما لا يراد، نعم إذا قال: إنّ المحرم لبس المخيط وشرحه شرحا وافيا لسلم.
نعود مرة ثانية له?ذا الحديث يقول: (لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ) لو استعمل القميص على غير وجه اللبس مثل أو يتزر به؟ يجوز، ولهذا بعضهم إذا ركب الطائرة وكانت إحراماته في العفش، قال: ما عندي ثوب إحرام، بماذا أحرم من الميقات؟ لما أصل إلى جدة وآخذ ثياب الإحرام وأحرم، فنقول: ه?ذا خطأ لا يجوز، ويمكنك أن تحرم بثيابك ه?ذه، إن كنت من الناس الذين يلبسون الغطرة اجعل الغطرة إزارا واخلع القميص، إن كان من الناس الذين ليس معهم غطرة اجعل الثوب إزارا، اخلع القميص واتّزر به فيكون القميص إزارا، ولكن المشكل إذا كانت ممن يلبس البنطلون ولا غطرة عليك، نقول: أحرم ويبقى عليك الثوب، انزع عليك البنطلون ويبقى عليك السروال، ولا شيء عليك لأنه يقول من لم يجد إزارا فليلبس السراويل، ما يخالف.
وحينئذ بقي عندنا إذا لم يمكن ه?ذا في أي حال من الأحوال، مثل أن لا يكون معه إلا قميص وليس على رأسه شيء، عنده إلا قميص ما فعنده سروال ولا على رأسه شيء ماذا يصنع؟ نقول: إذا أمكن أن يحرم به دون كشف عورة في حمام الطائرة ويخلعه، وجعله إزارا، وإن لم يمكن نوى الإحرام ولو كان عليه ه?ذا الثوب. والمسألة بسيطة يصوم ثلاثة أيام على رأي أهل العلم أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح شاة، ويأتي الكلام إن شاء الله على اللباس المخيط، هل يلزمه فدية إذا لبسها أو لا يلزمه؟ سيأتي إن شاء الله الكلام في ه?ذا.
يستفاد من ه?ذا الحديث عدة فوائد:
أولا حرص الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم على العلم والبحث؛ لقوله: (سُئِلَ: مَا يَلْبَسُ اَلْمُحْرِمُ).
ومن فوائده أيضا حسن تعليم الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وأن تعليمه قد بلغ الغاية في الفصاحة؛ لأنه سئل عما يلبس المحرم فأجاب ذلك الجواب المتضمن ببيان ما لا يلبس مع الاختصار.
ومنها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطي جوامع الكلم، كما قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا))، كيف ذلك؟ لأنه أجاب بجواب بين مفصل مع الاختصار، أو أراد أن يعدد ما يلبسه المحرم يتعب؛ لأن الأشياء أنواع كثيرة سوى ه?ذه الخمسة.
ومنها تحريم لبس القميص وما عطف عليه على الرَّجل.
ومنها جواز لبس السراويل. لمن لم يكن معه إزار.
ومنها جواز لبس الإزار على أي صفة كانت، لعموم قوله ((ومن لم يجد إزارا))، وعليه فلو أن إنسانا خاط إزارا بحيث لا يكون مفتوحا فإن ذلك لا بأس به لأنه لا يزال يسمى إزارا، والسراويل لها أكمام يدخل فيه كل رجل وحدها.
ومنها تحريم لبس السراويل القصيرة والطويلة لعموم قوله: (وَلا السَّرَاوِيلاتِ).
ومنها يسر الشريعة الإسلامية وسهولتها، لقوله: (إِلاَّ أَحَدٌ لا يَجِدُ اَلنَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ اَلْخُفَّيْنِ) ((ومن لم يجد إرارا فليلبس السراويل)).
وهل نقول: ومنها استحباب لبس النعلين للمُحرم؟ الجواب: لماذا؟ (إِلاَّ أَحَدٌ لا يَجِدُ اَلنَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ اَلْخُفَّيْنِ) - نقول: لأن ه?ذا في ذكر المنع، فتكون اللام هنا للإباحة، وإلا لو أحرم وهو حاف لا حرج عليه.
ومنها تحريم لبس الْمُطَيَّب.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:07 م]ـ
[الحديث الثامن عشر والتاسع عشر والعشرون]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/307)
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ, وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَنْكِحُ اَلْمُحْرِمُ, وَلا يُنْكِحُ, وَلا يَخْطُبُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ اَلأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ صَيْدِهِ اَلْحِمَارَ اَلْوَحْشِيَّ, وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ, قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ, وَكَانُوا مُحْرِمِينَ: ((هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ ?)) قَالُوا: لا. قَالَ: ((فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
بسم الله الرحمـ?ن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أن من محظورات الإحرام اللباس سواء كان على الرأس أو البدن أو القدم أو اليد، على الرأس كالعمامة، القدم كالخفين، البدن كالقميص والسراويل والبرانس، واليدين كالقفازين، وأن ه?ذا حرام على الرجل وحده إلا القفازين فحرام عليهما جميعا، لأنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تلبس المرأة القفازين.
وسبق لنا أنه إن لم يجد نعلين فليلبس الخفين بدون فدية، وإن لم يجد إزارا فليلبس السراويل بدون فدية أيضا.
وذهب بعض العلماء إلى أن عليه فدية إذا لبس السراويل أو الخفين؛ ولكن لا دليل عليه؛ بل الدليل على خلافه فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباح ه?ذا إباحة مطلقة بدون أن يذكر فدية، على أن وجوب الفدية في لباس ه?ذه الأشياء في النفس منه شيء، وذلك أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمها ولم يذكر لها فدية.
وسبق لنا أيضا أنه لا يلبس ثوبا مسّه الزعفران أو الورس، وهل هو من أجل اللون أو من أجل الرائحة؟ قلنا: يشملهما جميعا؛ ولكن لو فرض أنه لبس ثوبا مسّه طيب بدون لون فهو داخل في النهي؛ لأن العلة هي الطيب.
من فوائد الحديث أنه لو خالف فلبس فليس عليه فدية، الدليل لو كان عليه فدية لبينها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن تتبعنا السّنة فلم نجد أن عليه فدية في ه?ذه الأشياء، فإن كان هناك إجماع فالدليل هو الإجماع، فإن لم يكن هناك إجماع فالأصل براءة الذمة، ولا نلزم عباد الله ما لم يلزمهم الله عز وجل، ه?ذا هو الأصل، وه?ذا هو القاعدة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن لبس المخيط فيها الفدية.
وما هي الفدية؟ قالوا: الفدية هي فدية حلق الرأس: صيام أو صدقة أو نسك، الصيام كم؟ .. ، الصدقة؟ .. ، لكل مسكين نصف صاع، والنسك ذبح شاة يوزعها على الفقراء.
إذا قالوا: إن في ه?ذا فدية، لماذا؟ قالوا: قياسا على وجوبها بحلق الرأس.
والقياس تعلمون لابد فيه من أصل وفرق وعلة جامعة وحكم.
الحكم متفق على رأي جمهور العلماء بين ه?ذا وبين فدية حلق الرأس، والأصل فدية حلق الرأس والفرع فدية لبس ه?ذه الأشياء، إيش بقي؟ بقيت العلة الجامعة، ما هي العلة الجامعة؟ قالوا: العلة الجامعة هي الترفه؛ لأن حلق شعر الرأس إنما وجبت فيه الفدية لأنه ترفه بحلقه حيث أزال عنه الأذى، وإزالة الأذى ترفه.
فنحن ننظر: هل العلة الترفه؟ وهل الترفه الحاصل بدفع الأذى كالترفه الحاصل بكمال الزينة؟ لأننا قد نمانع في أن العلة في وجوب الفدية في حلق الرأس هي الترفه، فإن من الممكن أن يقول قائل: العلة في تحريم حلق الرأس في الإحرام هي أن الرأس يتعلق به نسك فإن حلق الرأس وتقصيره من واجبات الحج والعمرة، ولو أن المحرم حلقه لفات ه?ذا النسك، فكان لزاما عليه أن يبقيه من أجل أن يتنسك لله تَعَالى? بإزالته حلقا أو تقصيرا.
ثم نقول: الترفه الحاصل بالحلق ليس كالترفه الحاصل بسبب هـ?ذه الثياب، الترفه الحاصل بالحلق من أجل إزالة أذى فهو رفع ضرر، أما ه?ذه فالترف فيها من باب الزينة والسهولة في الملبس ونحو ذلك، فافترقت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/308)
ثم نقول: إنه ليس مطلق الترفه موجب للفدية، فها هو المحرم يغتسل ويتبرّد ويأكل المأكولات الطيبة ويتفكه في المشارب وفي الملبوسات المباحة وكذلك في المفروشات ويستظل، وهو نوع من الترفه.
فالتعليل بالترفه فيه نظر أيضا.
له?ذا نقول: إنْ دلّ الإجماع على وجوب الفدية في لبس ه?ذه الأشياء فهو المتبع، وليس لنا أن نخرج عن إجماع المسلمين، وإن لم يدل الإجماع على ذلك فالأصل براءة الذِّمة وإلحاق ه?ذه بحلق الرأس مع إمكان وجود الفارق فيه نظر.
قال المؤلف رحمه الله تَعَالى?: (وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ, وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.) ذكر المؤلف رحمه الله ه?ذا الحديث عقب حديث ابن عمر لأن في حديث ابن عمر الإشارة إلى تحريم الطيب على المحرم، وه?ذا الحديث يدلّ على جواز استعمال الطيب عند الإحرام، ولازم ذلك أن يبقى الطِّيب في الإنسان بعد إحرامه؛ بل صريح ذلك كما جاء في حديث آخر قالت: كأني انظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محرم. وبيص بمعنى بريق؛ البريق واللمعان وهو محرم.
فيستفاد من حديث عائشة أن استدامة الطيب للمحرم ليست حراما، وه?ذا صحيح ما فيه شك، والعلماء أخذوا من ه?ذا القاعدة وقالوا: إن الاستدامة أقوى من الابتداء، فالطيب للمحرم استدامته جائزة وابتداؤه لا تجوز، الرجعة للمحرم يعني إذا راجع زوجته وهو قد طلقها جائزة وابتداء عقد النكاح لا يجوز. والقاعدة ه?ذه صحيحة وسليمة.
وقول عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها: (كُنْتُ أُطَيِّبُ) يستفاد منه أنه يجوز للرجل أن يستخدم زوجته في حوائجه الخاصة كالتطييب.
وقولها: (وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ) يستفاد منه أن المحرم يحلّ في الحج قبل أن يطوف بالبيت؛ ولكن ه?ذا الحل هو التحلل الأول أو الأصغر كما يعبر بعض الناس. أما الثاني لا يكون إلا بعد الطواف والسعي.
ويستفاد من ه?ذا الحديث أيضا أنه لا حِلَّ بعد الطواف، وأنه لا يحل التحلل الأول برمي جمرة العقبة كما قال به كثير من أهل العلم. الصواب أنه لا يحل إلا بالرمي والحلق:
أولا لأنه ورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كان ذكر الحلق ضعيفا؛ ولكن يؤيده حيث عائشة ه?ذا فإنها قالت: (وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ) ولو كان يحل قبل الحلق لقالت: ولحله قبل أن يحلق.
ثانيا أننا إذا قلنا: لا يحل إلا بعد الحلق كان ذلك أحوط، فإنه إذا أخّر الحِلّ إلى ما بعد الحلق لم يقل أحد: إنك آثم، ولو حلق لقال له كثير من العلماء: إنك آثم. فيكون ه?ذا أحوط وأبرأ للذمة.
ويستفاد من ه?ذا الحديث أيضا أنه ينبغي للإنسان أن يتطيب عند حِلِّه، وه?ذه سنة كثير من الناس إما أنه يجهلها أو يفرِّط فيها.
ثم قال عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَنْكِحُ اَلْمُحْرِمُ, وَلا يُنْكِحُ, وَلا يَخْطُبُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
(لا) نافية؛ لكن النفي هنا بمعنى النهي، ويقع النفي موقع النهي إثباتا له؛ كأنه قيل: إن ه?ذا أمر منتفٍ لا جدال فيه، بخلاف ما لو جاء في صيغة النهي فقد يمتثل وقد لا يمتثل، فإتيان الأمر بصيغة الخبر المنفي يكون أثبت وأبلغ.
قوله: (لا يَنْكِحُ اَلْمُحْرِمُ) هل هو الرجل أو المرأة؟ يشمل الرجل والمرأة، فالرجل لا يعقد على امرأة، والمرأة لا يُعقد لها على رجل.
(وَلا يُنْكِحُ) يعني ولا يُنكح غيره؛ وه?ذا يدل على أنه لا يكون وليا في عقد نكاح، فلو أن الولي كان محرما والزوج والزوجة مُحِلَّين وعقد الولي فهـ?ذا حرام؛ لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلا يُنْكِحُ).
قال: (وَلا يَخْطُبُ) الخِطْبَة أن يخطِب امرأة إلى نفسه ليتزوجها، فلا يحل له أن يخطب.
أما العقد فلأنه وسيلة قريبة إلى الجماع، وأما الخِطبة فإنها وسيلة إلى العقد، فالخطبة وسيلة إلى العقد، والعقد وسيلة إلى الجماع، والجماع معروف أنه محرم، فحُرِّمت ه?ذه الأشياء الثلاثة سدًّا للذريعة.
وهنا ذريعتان: أولى وثانية؛ الخِطبة ذريعة أولى، والعقد ذريعة ثانية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/309)
ولهذا نقول: ه?ذا الحديث يدلّ على تحريم ه?ذه الأشياء الثلاثة: النكاح والإنكاح والخطبة في حال الإحرام؛ لأنها وسيلة إلى الجماع الذي هو أشد محظورات الإحرام إثما وأثرا.
هل نقول: إنه تحرم المباشرة؟ تحرم المباشرة، هل نقول: إنها حرام من باب قياس الأولى؟ أو نقول: إنها حرام من باب النص في قوله تَعَالى?: ?فَلاَ رَفَثَ? [البقرة:197]؟ الثاني، فالرفث الجماع و مقدمات الجماع.
إذن الجماع من المحظورات.
والجماع قبل التحلل الأول يترتب عليه خمسة أمور: الإثم، وفساد النسك، ووجوب الاستمرار فيه، والفدية؛ وهي بدنة، والخامس قضاؤه من العام القادم. أي خمسة أمور تترتب على الإجماع إذا كان قبل التحلل الأول، وه?ذا كلها ثبت بالآثار عن الصحابة وبالآثار المرفوعة فيها مقال؛ لكن يترتب عليها ه?ذه الأمور الخمسة.
المباشرة لاشك أنها دون الجماع، ولذلك لا يجب فيها حد الزنا، ولا يحرم إنكاح من باشر امرأة دون زنا. فما الواجب فيها؟ قال بعض العلماء: إن أنزل الواجب الفدية، فدية بدنة. والصحيح أنه لا يجب فيها بدنة، وإنما كفدية الأذى بناء على ما قاله أهل العلم.
الإنكاح والنكاح والخطبة، ه?ذه الثلاثة حرام؟ نقول: الأصل في النهي التحريم، وعليه فلو تزوّج المحرم رجلا كان أو امرأة فالعقد فاسد؛ لأن النهي عاد إلى ذات الشيء، والنهي إذا عاد إلى ذات الشيء أفسده؛ إذ أننا لو قلنا بصحة المنهي عنه لكان في ذلك مضادة لله ورسوله؛ لأنّ لازم التصريح النفوذ، والنهي يقتضي .. ()
قالوا: لأن مساق الحديث واحد، فلا يمكن أن نفرق بين ثلاثة أشياء جمع الشارع بينها.
والذين قالوا: إن الخطبة مشروعة قالوا: لأنها وسيلة أدنى من العقد وسيلة؛ لأن الخطبة وسيلة للعقد، فهي وسيلة بالدرجة الأولى فلا تساوي وسيلة بالدرجة الثانية، فكانت الخطبة مكروهة.
وه?ذا الثاني هو المشهور من المذهب؛ ولكن القول بأنها حرام هو الأقرب؛ لأن الحديث سياقه واحد، والتفريق بين شيئين سياقهما واحد وأنه فيهما واحد بمجرد علة قد تكون هي العلة المذكورة للشارع وقد لا تكون، ه?ذا أمر لا ينبغي.
فنقول: لا تخطب وأنت محرم اصبر حتى تحل؛ لأنك لو خطبت الآن، الحديث ((ولا يخطب المحرم)) هل نقول: لا يَخطب ومثله لا يُخطب؟ إذا أخذنا بظاهر اللفظ (لا يخطب) لا يستطيع أن يخطب وأنه لو خطب امرأة محرمة فلا بأس؛ ولكن لا شك أن الأولى عدم إشغال المرأة وإذا خطبت سوف تستشار، وإذا استشيرت فسوف يتعلق قلبها بهـ?ذا الشيء، فالأولى تركها حتى تحل.
الآن نقول: ه?ذه الأشياء حرام، هل فيها فدية؟ يقول أهل العلم: إنّه لا فدية فيها، حتى المشهور من المذهب أن ه?ذه الأشياء لا فدية فيها. يقول: لأنه إنما ورد النهي عنها ولم يرد فيها إيجاب الفدية والأصل براءة الذمة، وه?ذا التعليل واضح نور؛ ولكن يجب أن ينسحب ه?ذا التعليل على جميع المحظورات التي لم ترد فيها الفدية حتى لا نتناقض، أما أن نتناقض ونقول: ه?ذا فيه فدية وه?ذا ما فيه فدية. ليس صحيحا، قد يقول قائل: عقد النّكاح ما فيه ترفه، كيف ما فيه ترفه؟ الإنسان إذا عُقد بالنكاح يجد راحة ويُسر وه?ذا من أكبر الترفه، يضحك بعينيه ويضحك بوجنتيه وتجد عليه البشاشة.
على كل حال؛ يعني ه?ذا يدلّنا على الأصل في كل المحظورات إذا لم تقرن بوجوب الفدية من قبل الشارع الأصل براءة الذّمة؛ لكن لو قال لك قائل: ألا يمكن أن نعامل الناس بالتربية، ونقول: لنفرض أن الشرع لم يدل على وجوب الفدية أفلا يليق بنا أن نعامل الناس بالتربية ونقول: ما دام ه?ذا قول جمهور العلماء فلنفت به الناس لئلا يتساهلوا، لأنك لو قلت للواحد مثلا: عليك أن تستغفر الله عز وجل لما فعلت من المحظور ولا عليك شيء لرأيت كثيرا من الناس يتساهلون ما دام في الأمر أستغفر الله وأتوب إليه ما هو ضار.
فلو أن أحدا سلك ه?ذا المسلك كما سلكه بعض أهل العلم، حيث أراد أن يفتي اليوم بشيء فقال: إما أن تفعل وإما أفتيتك بقول فلان، وهو أشد مما أفتاه به.
أقول: لو أننا سلكنا ه?ذا المسلك -وهو الذي أنا أسلكه- لكان ه?ذا جيّدًا؛ لكن نحن نتكلم به باعتبار أن الذي أمامنا طلبة علم، ويجب أن يُبيّن الإنسان ما يرى أنه الحق، والفتوى شيء والعلم شيء آخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/310)
إذن من محظورات الإحرام عقد النّكاح وخِطبة النّكاح، خُطبة النكاح الأصل الحل؛ فلو جاؤوا بالمأذون الشرعي محرم، ه?ذا المأذون الشرعي جاء بعمرة وقبل أن يصل إلى البيت قالوا له: اعقد لي، يجوز أو لا يجوز؟ هو محرم، أقول: أبو الزوجة غير محرم والزوج غير محرم والزوجة غير محرمة، الصحيح الجواز؛ لأنه ما فيه دليل على الكراهة، الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل، فنقول: ما فيه مانع اقرأ خطبة الحاجة واعقد لهم، وما فيه مانع.
من محظورات الإحرام قتل الصيد لقوله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ? [المائدة:95]، فما هو الصيد؟ قال العلماء: الصيد المحرم في الإحرام كل حيوان برّي حلال متوحش أصلا.
فقولنا: (كل حيوان حلال) خرج به الحرام، فالحرام ليس من الصيد، ولا يدخل في محظورات الإحرام.
(بري) خرج به البحري، فصيد البحر حلال حتى للمحرم، فلو كنا في سفينة في البحر حاذينا يلملم وأحرمنا، واتجهنا إلى الميناء بجدة، وفي طريقنا ه?ذا كنا نصيد الأسماك ونأكل، يجوز؟ ليس بريا والله عز وجل يقول: ?أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا? [المائدة:96].
(متوحّش) احترازا من غير المتوحش؛ أي حيوان بري غير متوحش، مثل الدجاج والغنم والإبل والبقر كثير، فهي إذن حلال لأنها غير متوحشة.
(أصلا) احترازا من المتوحش توحشا عارضا، مثل لو هربت ناقة فصارت لا تمسك، فقد قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((إن له?ذه الإبل أو النعم كأوابد الوحش))، وفيه أيضا البربري ... يتوحش إذا أطلقته عجزت تمسكه، ه?ذا متوحش عارضا، أمسكته ونحن محرمين نذبحه.
إذن ليس من الصيد على المحرم.
متوحش أصلا لو كان غير متوحش عارضا كالغزال والأرنب والحمام، الأرانب فيه أشياء غير متوحشة تمسكها بيدك ولا تخاف، والغزال كذلك والحمام كذلك؛ لكن نقول: ه?ذا حرام على المحرم، كيف هو حرام على المحرم وهو يمسكه مثل ما يمسك الدجاج؟ نقول: لأن أصله متوحش، فلو أن إنسانا ربّى حمامة وأحرم بحج أو عمرة ما يجوز أن يذبحها، قدم من الطائف وأحرم ومر بيته في الشرايع، يجوز يأكل حماما من بيته؟ ما يجوز لأنها متوحشة أصلا، أو عنده غزالا وهو محرم يجوز؟ لا يجوز.
عرفنا الآن ما هو الصيد الذي يحرم على المحرم؟ كل حيوان حلال بري متوحش أصلا، ه?ذا حرام وعرفتم الدليل من القرآن.
يقول (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ اَلأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ صَيْدِهِ اَلْحِمَارَ اَلْوَحْشِيَّ) احترازا من الحمار الأهلي، الحمار الأهلي كان حلالا في بداية الإسلام ثم حُرِّم في عام خيبر في السنة السادسة من الهجرة، كان حلالا يؤكل، يركب الإنسان على حماره وإذا جاع ذبحه وأكله؛ لكنه والحمد لله حرمه الله لأنه رجس.
الحمار الوحشي صيد، ما يمكن يمسك ولا يألف، أبو قتادة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خرج عام الحديبية من المدينة ولم يُرد الإحرام، ما أراد العمرة وبعثه النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في جماعة معه إلى صيد البحر فصاد حمارا وحشيا يقول فيه: قال: (فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ, وَكَانُوا مُحْرِمِينَ -أما أبو قتادة فغير محرم-: ((هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ ?)) قَالُوا: لا.) بل إنّ رمحه سقط وقال ناولونيه، فلم يناولوه، ما ساعدوه بشيء أبدا، قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهِ)) كأنهم أكلوا في الأول ثم صار في نفوسهم شك، ثم سألوا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
إذا قال قائل: كيف يأكلون منه وهم محرمون؟ نقول: لأن الذي صاده غير محرم، فتذكيته حلال، وهم ما صادوا وإنما أكلوا لحم صيد، أما نفس الصيد إذا لم يصده ولم يكن له معونة ولا صيد لأجله فهو حلال له.
ثم انظر إلى الحديث التالي:
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:30 م]ـ
[الحديث الحادي والعشرون]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/311)
وَعَنْ اَلصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اَللَّيْثِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا, وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ, أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ, وَقَالَ: ((إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
(اَلصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان رجلا مضيافا كريما، وكان عدّاء سبوقا يصيد الحمر، لما نزل به الرّسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وأكرم به من ضيف! ما وجد أحدا أكرم منه ضيفا، فذهب يصيد له فأصاب حمارا وحشيا وصاده وجاء به إلى الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ ولكن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ردّه، فلما رده على الصعب وقد جاء به إكراما لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى أن ه?ذا أمر كبير رسول الله يرد هديته وضيافته، تغير وجهه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فلما رأى ما في وجهه اعتذر إليه صلوات الله وسلامه عليه، وقال: ((إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ)) بين له السبب، فزال ما في نفسه، وكأن ه?ذا القول الذي إليه كأنه ماء بارد على جسم حار اطمأن واستراح؛ لأنه لما أخبره بالسبب سبب شرعي لا احتقارا لما قام به الصاحب، ولا شبهة فيه؛ ولكن لأنهم كانوا محرمين.
فهنا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لم يأكل وقال لأصحاب أبي قتادة: ((كلوا))، فكيف نجمع بين الحديثين؟
قال بعض العلماء: إن حديث الصعب ناسخ لحديث أبي قتادة؛ لأن حديث الصعب كان في حجة الوداع، وحديث أبي قتادة في عمرة الحديبية، وبينهما أربعة سنوات، ومعلوم أنه إذا تعارض حديثان ولا يمكن الجمع بينهما فإننا نعدل إلى النسخ، والنسخ هنا محقق؛ لأنه متأخر والجمع على ه?ذا القول متعذّر.
فنقول: إذن إذا أهدي لمحرم لحم صيد حرم عليه مطلقا، قالوا: ويؤيد قولنا أن الله قال: ?وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا? [المائدة:96]، والصيد هنا بلا شك بمعنى مصيد وليس اسم مصدر، أو مصدر صاد يصيد صيدا، لا يصحّ أن يكن مصدرا لأن البر لا يصاد، إذ أن البر لا يصاد، فالصيد هنا بمعنى المصيد بمعنى اسم المفعول، وظاهره أنه حرام على المحرم سواء صاده أم لم يصده.
فقالوا: إذن نأخذ بحديث الصعب بن جثامة؛ لأنه متأخر فيكون ناسخا ولأنه يقوّيه ظاهر القرآن.
وعلى ه?ذا فإذا جاءنا رجل ونحن محرمون بلحم أرنب أو غزال أو حمامة، وإن كان لم يصده من أجلنا، فإننا نردّه، ونبيّن له السبب كما فعل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا يمكن أن نقول بالنسخ مع إمكان الجمع، وإمكان الجمع هنا حاصل مؤيّد بقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صيد البرّ حلال لكم ما لم تصيدوه أو يُصد لكم)).
كيف إمكانه؟ إمكانه بأن يحمل حديث الصعب بن جثّامة على أنه صاده للرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما حديث أبي قتادة فقد صاده أبو قتادة لنفسه.
وه?ذا جمع حسن ويؤيده حديث جابر ((صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصد لكم)). وإذا أمكن الجمع وجب الرجوع إليه؛ لأنّ به العمل بكلا الدليلين.
إذن يستفاد من ه?ذين الحديثين عدة فوائد:
الأول: جواز أكل الْمُحرم الصيد إذا لم يصد له، ولم يكن له أثر في صيده، لحديث أبي قتادة.
ثانيا: ورع الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
ثالثا: جواز تجاوز الميقات بلا إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة لحديث أبي قتادة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رابعا: وجوب الاستفصال عند الفتوى إذا كان المقام يحتمله، لقوله: ((هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء)).
أنّ الوسائل لها أحكام المقاصد؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ جعل الإشارة كالفعل في تحريم الأكل.
أما الحديث الثاني:
فيُستفاد منه: محبة الصحابة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإكرامه له لحديث الصعب بن جثّامة.
ويستفاد منه أيضا حُسن خلق الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث اعتذر عند ردِّه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/312)
ويستفاد منه أنه لا يمكن أن يستهان بأمر الله ورسوله مجاملة لأحد؛ لأن الرّسول لم يجامل الصّعب؛ بل ردّه مع ثقله عليه واعتذر له. فلو أن أحدا أراد أن يجامل شخصا في أمر محرّم، فالمجاملة هنا حرام؛ لكن هل يجامله لأمر يتضرر هو بنفسه لا تضررا شرعيا، مثل واحد شبعان يُسيّف على شخص، الشخص ه?ذا عنده حيّ (تمر فيه سمن ودقيق) هو شبعان، قال: تفضل إن أكل مجاملة ممكن يتضرّر؛ لأنه شبعان، وإن تركه قد يزعل الثاني، فهل الأوْلى أن يأكل مجاملة لصاحبه أو الأوْلى أن لا يأكل ويخبره؟
الثاني أولى، وقد مرّ علينا أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنه إذا كان يخشى أن يتضرر أو يتأذى بالطعام فإنه يحرم عليه.
وفي حديث الصعب بن جثامة قلنا: إن الإنسان لا يجامل في دين الله عز وجل أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأكل وقال: ((إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ))
ويستفاد من مجموع الحديثين أن الصيد لا يحكم على المحرم إلا إذا صيد من أجله أو كان له أثر في صيده.
هل في الصيد جزاء؟ الجواب: نعم فيه جزاء، بينه الله تَعَالى? في قوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا? [المائدة:95]، قال أهل العلم كالنعامة مثلا مثيلتها البعير، البعير يشبه النعامة لها عنق طويل وأرجل طويلة فهي شبيهة بها، فإذا قتل المحرم نعامة وجب عليه بعير.
إذا قال: ما أستطيع.
قلنا: قدّر البعير على قول بعض العلماء، أو قدر النعامة على القول الآخر، كم تساوي، مثلا مائة ريال، اشتري بمائة ريال طعاما ووزعه على الفقراء لكل مسكين نصف صاع.
قال: لا أستطيع أن أفعل.
قلنا: إذن قدر مقدار الطعام لكل مسكين، إذا اشترينا مثلا مائة صاع، كل صاع أربع أمداد، كم؟ أربع مائة يوم، صم أربعة مائة يوم، أو عدل ذلك صيام عن كل مسكين يوم.
إذا قال: ما أقدر، تعذر كل شيء.
قلنا: تسقط عنك، لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها إذا لم يكن لها بدل.
المهم أنه مخير بين:
? ذبح المثل.
? أو طعام يقابل إما الصيد أو المثل.
? فإن لم يفعل صام عن إطعام كل مسكين يوما.
وهو بالخيار.
ثم قال المؤلف:
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:42 م]ـ
[الحديث الثاني والعشرون]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنَ اَلدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَواسِقٌ, يُقْتَلْنَ فِي اَلْحِلِّ وَاَلْحَرَمِ: الْعَقْرَبُ, وَالْحِدَأَةُ, وَاَلْغُرَابُ, وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ اَلْعَقُورُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (خَمْسٌ مِنَ اَلدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَواسِقٌ) جمع فاسقة، أي كلهن مجبولات على العدوان والإضرار، قال: (يُقْتَلْنَ فِي اَلْحِلِّ وَاَلْحَرَمِ)، وه?ذا خبر بمعنى الأمر؛ يعني أنه يشرع قتلهن في الحل والحرم.
(الْعَقْرَبُ) وهي معروفة، وأذيتها واضحة؛ لأنها تلسع وتفرغ سما ضارا، ومثلها ما كان مثلها أو أولى كالعقربان، وهو أشد منها أيضا، والحية وغير ذلك من ذوات السموم، يعني يلحق بها كل ذوات السموم.
(الْحِدَأَةُ) طائر معروف، ه?ذا الطائر ينتشل اللحم، وينتشل الذهب -الحلي- مغرم بكل أحمر، كل شيء أحمر يأخذه ويطير، إذن هو مؤذي، سروق يسرق الناس، ه?ذا أيضا يقتل.
(اَلْغُرَابُ) قال العلماء: الغراب غرابان:
غراب يسمى غراب الزرع، وهو أسود مثل الحمامة لا يؤذي، فهو كغيره من الطيور، فهـ?ذا لا يقتل، إلا من قتله على أنه صيد يأكله.
وغراب آخر خبيث كبير، يقطّع أغصان الأشجار، وينقر دبر الإبل، ويؤذي، حتى إنه أحيانا يأتي إلى النخل ويقص (الشواريخ) قصا، ه?ذا يقتل في الحل والحرم.
(الْفَأْرَةُ) معروفة، يلوث الكتب ببعره، يقطّع الأكياس، ويسرق الذهب أيضا وهو مغرم به أيضا وينقّب الجدار. فيقتل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/313)
وقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (الْكَلْبُ اَلْعَقُورُ) سواء كان أسودا أو غيره؛ يعني الكلب الأسود يقتل مطلقا، وغير الأسود يقتل إن كان عقورا؛ يعني إن كان طبيعته العقر سواء يعقر الآدميين أو البهائم؛ لأنه مؤذي.
قال أهل العلم: والتنبيه بهـ?ذه الأمثلة يدلّ على أن من كان مثلها فهو مثلها في الحكم، وما كان أشد منها فهو أولى منها بالحكم.
ولهذا أخذوا قاعدة في ذلك، فقالوا: يسن قتل كل مؤذ.
وجعل المؤلف رحمه الله ه?ذا الحديث بعد حديث الصعب بن جثامة وحديث أبي قتادة ليبين أن محرّم الأكل لا يتعلق به حكم الصيد.
إذن نقول: إن ه?ذه الخمس يؤمر بقتلها، فلننظر تتميما للفائدة، كم أقسام الدواب من حيث القتل وعدم القتل؟
قال العلماء: إنها من حيث القتل وعدمه تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
? قسم أُمر بقتله.
? وقسم نُهي عن قتله.
? وقسم سكت عنه.
الذي أمر بقتله نقتله، مثل ه?ذه الخمس، ومثل الوزغ، ومثل العنكبوت على حديث ورد فيه وإن كان ضعيفا؛ لكن العنكبوت فيها أذية، ما هي أذيتها؟ تعشش على الكتب، وعلى الجدران والملابس وما أشبه ذلك.
على كل حال ما أمر بقتله نصا أو قياسا قتل.
المنهي عن قتله أربعة: النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد.
النملة معروفة، والنحلة معروفة، الهدهد معروف، والصُّرد طائر معروف؛ يعرفه أصحاب الصيد، وهو طائر يكون أكبر من العصفور، ولونه أشهب أو فيه خضرة، على كل حال أنا لست من أهل الطيور، أهل الطيور يعرفونه.
ه?ذه الأربع نهى الشارع عن قتلها، لا نقتلها.
فيه أشياء سكت الشارع عنها:
• فإن كانت حلالا فالإذن في قتلها مستفاد من حلها؛ لأنه لا يمكن أن تحل إلا بالذبح أو الصيد.
• وإن كانت غير حلال، فقد اختلف العلماء فيها:
o فمنهم من قال: إنه يكره قتلها؛ لأنها خلق من مخلوقات الله، خلقها الله تَعَالى? ليستدل الناس بها على قدرة الله وحكمته ولتتبين آياته بها، وما لك ولها.
o ومنهم من قال: لا يحرم قتلها؛ بل هي مما سكت عنه، وما سكت عنه فهو إن قتلتها فلا إثم عليك، وإن تركتها فلا إثم عليك.
وه?ذا الأخير الأصل، الأصل هو ه?ذا، اللهم إلا أن يخشى الإنسان على نفسه من أن يسيطر عليه محبة العدوان، يقتلها بدون ذنب فتتربى نفسه على ه?ذا الأمر، يبدأ ما يهمه يقتل النفس، فه?ذا إذا كان يخشى على نفسه من ذلك فليتركها.
ثم قال المؤلف:
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:44 م]ـ
[الحديث الثالث والعشرون]
وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
احتجم في رأسه، وليت المؤلف بيّنها، وقد ثبت ذلك في الصحيح أنه احتجم في رأسه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ لأن فائدة ذكر ه?ذه الزيادة واضحة؛ إذ يستفاد منها:
جواز الحجامة للمحرم وليس كالصائم لا يحتجم.
وثانيا أنه يجوز أن يحلق من شعر رأسه ما لا تُمكن الحجامة إلا به، والحجامة أظن يعرفها بعض الناس أو معروفة للجميع؟ معروفة للجميع الحمد لله، هي إذا كانت في الرأس لابد أن يُحلق لها ما يمكن أن يحتجم به.
فيستفاد من حديث ابن عباس جواز حلق الرأس لموضع الحجامة، وهل فيه فدية؟ نقول: لا، فإن ظاهر حديث ابن عباس ليس فيه فدية، لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفد، وليس ه?ذا كقوله: ?وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ? [البقرة:196]، فإن ه?ذا في حلق جميع الرأس.
وعلى ه?ذا فنقول: المحرم يجوز أن يحتجم في غير رأسه ولو لحاجة دون ضرورة، وأما في رأسه فلا يحتجم إلا إذا دعت الضرورة والحاجة لأنه لا يحتجم إلا بحلق مواضع الحجامة، وه?ذا يقتضي أن يفعل محرما بحلق الرأس؛ لكنه إذا حلق للحجامة فلا فدية عليه، ولننظر لحديث كعب بن عجرة لنتمم التفصيل، قال:
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:17 ص]ـ
[الحديث الرابع والعشرون]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/314)
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي, فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى اَلْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى, تَجِدُ شَاةً? قُلْتُ: لا. قَالَ: ((فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ, أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ, لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
(وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي, فَقَالَ: " مَا كُنْتُ أُرَى اَلْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى) (أَرَى) بمعنى أظن، فإذا جاءت (أُرى) بضم الهمزة فهي بمعنى أظن، أما (أَرَى) فهي إما بمعنى أُبصر البصرية، أو بمعنى أعلم إن كانت علمية.
وأرى تأتي علمية وبصرية، فقوله تَعَالى?: ?إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) ? [المعارج:6 - 7] الأولى بمعنى الظن، والثانية بمعنى العلم، ?وَنَرَاهُ قَرِيبًا? فإنه يعلم علما بلا ظن.
طيب إذن: ما كنت أظن أن الوجع بلغ بك ما أرى بعيني الآن.
ثم قال: (أتَجِدُ شَاةً? قُلْتُ: لا. قَالَ: ((فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ, أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ, لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) سؤال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل يجد الشاة ليس على سبيل الوجوب؛ بل على سبيل الأفضلية، وهنا قال له افعل كذا؛ يعني واحلق رأسك، وسبب ذلك أن كعبا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان مريضا، والمريض عادة لا يتنظّف، وإذا لم يتنظف الإنسان مع المرض يكثر فيه الأوساخ، والأوساخ في الرأس إذا كان له شعر يولّد القمل، فجيء به إلى الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ والقمل ينزل من رأسه، فعرف الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه مريض، وقد قال الله تَعَالى?: ?فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ? [البقرة:196]، فأذن له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحلق وأمره بالفدية.
إذن نقول: من احتاج إلى فعل محظور فليفعل؛ ولكن عليه الفدية.
ومن هنا يمكن أن نقسم فعل المحظور إلى ثلاثة أقسام:
الأول أن يفعله عالما ذاكرا مختارا غير معذور، فهـ?ذا يترتب على فعله الإثم، وما في ه?ذا المحظور من الفدية.
القسم الثاني أن يفعله معذورا بجهل أو نسيانا أو إكراها؛ يعني يفعله جاهلا أو ناسيا أو مكرها، فهـ?ذا لا إثم عليه ولا فدية، عكس الأول، وإن كان جماعا لا يترتّب عليه إفساد النسك ولا لزوم القضاء، يعني لا يترتب عليه شيء من فعل المحظور أبدا إذا كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها، الدليل نوعان عام وخاص:
فالعام قوله تَعَالى?: ?رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا? [البقرة:286]، ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ? [الأحزاب:05]، ?مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ? [النحل:106].
وجه الدّلالة من آية البقرة واضح ?رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا?.
ومن آية الأحزاب ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ? فإذا انتفى الجناح والإثم انتفى ما يترتب عليه من الفدية.
وفي آية النحل ?مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ? وجه الدلالة أنه إذا سقط حكم الإكراه أو سقط حكم الكفر بالإكراه مع أن الكفر أعظم الذنوب فما دونه من باب أولى.
ه?ذه الأدلة من القرآن.
من السنة ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/315)
ه?ذا القسم الأول من الأدلة، وهي الأدلة العامة، فأي إنسان أخرج شيئا من ه?ذا العموم فعليه الفدية، انتبهوا له?ذه القاعدة التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله أي إنسان يخرج فردا من أفراد المسائل من ه?ذا العموم ويقول: إن الإكراه لا يؤثر، أو إن الجهل لا يؤثر، أو إن النسيان لا يؤثر فعليه الدليل.
فيه دليل خاص في موضوع المحظورات، في جزاء الصيد قال الله تَعَالى?: ?وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ? [المائدة:95]، فإذا اشترط الله العمد لوجوب الجزاء في الصيد مع أنه إجزاء، فغيره من باب أولى.
وعلى ه?ذا فنقول: إذا فعل ه?ذه المحظورات جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا شيء عليه، حتى في الجماع.
سأل سائل قال: إنه حج وزوجته وفي مزدلفة جامع زوجته، قلت: ليش تجامع زوجتك؟ قال: لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((الحج عرفة)) انتهى الحج فجامعتها.
ماذا نقول: ما عليه شيء؟ لأنه جاهل متأوّل، أو لا يدري، حديث عهد بإسلام، فظن أن ذلك لا بأس به، أو ظن أن الجماع المحرم ما كان فيه إنزال ولم يحصل منه إنزال، كما يوجد فيه كثير من الناس الآن لا سيما المتزوجون عن قرب رمضان يجامعون زوجاتهم في النهار بدون إنزال، ويحسبون أنه ما فيه بأس، هكذا يقولون والله أعلم بكلامهم.
على كل حال إن كان جاهلا نقول: لا شيء عليه.
بقي عليّ في المثال الأول الذي قال جامعتها لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((الحج عرفة))، هل نقبل تأويله وهو ليس من أهل الاجتهاد؟ هو ما أفتى لكن أفتى نفسه، أصلا ما علمت أن ه?ذا محرم إطلاقا، على كل حال إذا كان جاهلا فلا شيء عليه.
القسم الثالث أن يفعل ه?ذه المحظورات عالما ذاكرا مختار لكن لعذر ?فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ? [البقرة:196]، الحمد له رفع عنه الإثم، كفاية، وعليه الفدية.
لكن هل يدخل في ه?ذا مسألة الجماع؟ الله يعافينا وإياكم يمكن يكون مريض بشبق، ولا يزول إلا بالجماع، لا يزول بالاستمناء مثلا ولا بالمباشرة، الشبق هو عند بعض الناس إذا تحركت شهوته نزل الماء في الأنثيين وألمتاه تأليما عظيما وربما يتورمان حتى ينزل، وبعض الناس -نسأل الله العافية- ما يزول عنه ه?ذا إلا إذا جامع.
والعلماء رحمهم الله كانوا يذكرون ه?ذا ونستبعد أن يكون ه?ذا الأمر، حتى ورد علي سؤال في ه?ذا العام في رمضان، رجل مصاب به?ذا الشيء ويقول عن نفسه: إنه لا ينفع فيه إلا الجماع.
لو فرض أن إنسانا أصيب بهـ?ذا في الحج، ولم يحب إلا الجماع فه?ذا ضرورة؛ لأنه لو لم يفعله لكان خطرا على حياته، والحمد لله ه?ذه القاعدة مستمرة أنه إذا فعل شيئا من المحظورات عالما ذاكرا مختارا لكن لعذر اقتضى ذلك فإنه لا إثم عليه؛ ولكن عليه فدية ذلك المحظور. والله أعلم
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:10 ص]ـ
هل تضعه على ملف وورد جزاك الله خيرا؟؟؟
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:13 ص]ـ
[الحديث الخامس والعشرون]
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ, قَامَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اَلنَّاسِ، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ اَلْفِيلَ, وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ, وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي, وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ, وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لأَحَدٍ بَعْدِي, فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا, وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا, وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ, وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ)) فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ: إِلاَّ اَلإِذْخِرَ, يَا رَسُولَ اَللَّهِ, فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا, فَقَالَ: ((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/316)
قال: (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ) وذلك في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة.
وأسباب الفتح معلومة وهو أن قريشا لما عاهدوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديبية نقضوا الصلح والعهد الذي كان بينهم وبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يبق لهم عهد بينهم وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج إليهم وقاتلهم ففتحها الله له عنوة بالسيف؛ ولكنها لم تقسم لأنها محل مشاعر الإسلام ومشاعر الحج فلا يمكن قسمتها.
قال: (قَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ اَلْفِيلَ))) حبس أي منع، والفيل هو الفيل الذي أتى به أبرهة من أجل أن يهدم الكعبة، والقصة مشهورة معلومة في التاريخ ومعلومة في التفسير، وذلك أن الله تَعَالى? أرسل عليهم طيرا أبابيل جماعات متفرقة ترميهم بحجارة من سجّيل حجارة صلبة فجعلهم كعصف مأكول وأبادهم عن آخرهم؛ ولكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلطه الله عليها ((وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ)) أي جعل لهم السلطة عليها في دخولها.
فإن قلت: ما الرابطة بين حبس الفيل وتسليط الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه؟
فالجواب أن الفيل لو دخل مكة لحصل بينهم وبين أهل مكة قتال، وانتهكت فيه الحرمة -حرمة الحرم-، أما النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فحصل بينه وبين أهل مكة قتال؛ ولكن سيأتي بيان أن ه?ذا خاص بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فإن قلت: لماذا منع الله الفيل وسلط رسوله والمؤمنين عليها؟
الجواب أن أصحاب الفيل جاؤوا لإهانة الكعبة، وأما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فجاؤوا لتعظيم الكعبة، ولهذا لما قال سعد بن عبادة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اليوم يوم ملحمة، اليوم تستحل الكعبة، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كذب؛ بل ه?ذا يوم تعظم فيه الكعبة)) وقت دخول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ مكة.
إذن فالفرق بينهما ظاهر، والحكمة في تسليط النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وأصحابه دون أصحاب الفيل ظاهرة جدا.
قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ, وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي) يعني ما من أحد من الأنبياء وأممهم أحلّ الله له أن يدخل مكة بقتال أبدا؛ لأن مكة معظمة الأشجار وهي جمادات نامية محترمة فيها كما سيأتي.
قال: (وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي, وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ)، وهي ما بين طلوع الشمس إلى طرف العصر، الوقت الذي لابد فيه من القتال حتى يدخلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ساعة من نهار أحلت للرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فهي لم تحل لأحد قبله، ولم تُحل له حِلاًّ مطلقا إنما أُحلت له ساعة من نهار بقدر الضرورة.
ثم قال: (وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لأَحَدٍ بَعْدِي) فصارت مكة حرام قبل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حرام بعده، في أول البعثة وآخرها، ولم تحل للرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ إلا ساعة من نهار في كل عهد رسالته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
وه?ذا يدل على عظمة ه?ذا البيت عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى?.
قال: (فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا) وفي حديث آخر أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: ((إن أحد ترخص بقتال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم)).
قال: (فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا) ومعنى (يُنَفَّرُ) أن يطرد ولا يزجر ولا يشوش عليه، لو أتيت إلى صيد مستظل تحت شجرة فإنه لا يجوز لك أن تنفره، ولا يجوز لك أن تقتله من باب أولى، أما لو نفرد من دون تنفير لما أحس بالماشي حوله طار فإنه لا إثم عليك في ذلك لأنك لم تنفره.
(وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا) وفي لفظ (لا يعقد) أي يقطع شوكها، (ولا يختلى خلاها) الخلا الحشيش أي لا يحش الشوك؛ و (العقد) القطع، (الشوك) يعني الشجرة ذات الشوك؛ أي أن حشيشها لا يحش، وشجرها لا يقطع ولو كان ذا شوك، احتراما للمكان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/317)
لو فرض أن أحد أراد أن يفتح خطا ووجد فيه شجرة فإنه لا يقطعها، اللهم إلا إن دعت الضرورة القصوى إلى ذلك.
قال: (تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ) ساقتها يعني اللقطة، (تَحِلُّ .. إِلاَّ لِمُنْشِدٍ) إلا لمن أراد أن ينشدها أمد الدهر، من أخذها لا للإنشاد فهو حرام، ومن أخذها للتملك بعد الإنشاد فهو حرام، ومن أخذها للإنشاد دائما فهو حلال، الأحوال ثلاثة:
• إما أن يأخذها للتملك من الآن.
• أو للتملك بعد الإنشاد.
• أو للإنشاد.
الذي يحلّ من ه?ذه الثلاث الأخير، أما لقطة غيرها فيحل منها الثاني، وأما الأول فلا يحلّ في أي لقطة كان، من أخذ اللقطة للتملك من الآن فهـ?ذا لا يجوز لا في مكة ولا في غيرها، ومن أخذها للتملك بعد الإنشاد الشرعي فهو جائز في غير مكة، ومن أخذها للإنشاد دائما فهو جائز في مكة وغيرها؛ لكن في غير مكة ليس بواجب ومكة يجب الإنشاد دائما.
قال: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) لما بين الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن القتال محرم في مكة كأن إيرادا ورد: والقتل؟ قال: القتل إذا كان قصاصا فلا بأس به، (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) ما هما؟ إما أن يقتل القاتل وإما أن يأخذ الدية.
فإذا قتل للإنسان شخص في مكة عمدا، يثبت فيه القصاص فإننا نقول: لأوليائه أنتم الآن بالخيار إن شئتم اقتلوا القاتل وإن شئتم خذوا الدية.
وقوله: (بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) باعتبار المصلحة أو باعتبار ما يريده الأولياء؟ باعتبار ما يريده الأولياء؛ لأن ه?ذا الخيار خيار تشهّ لا خيار مصلحة، وقد مر علينا منذ زمن بأن التخيير إن كان للمصلحة فيجب فيه اتّباع المصلحة، وإن تخيير تشه وإرادة فالإنسان فيه مخير.
ففي كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ه?ذا خيار تشه، أي شيء أخذت أي شيء كفّرت به فهو جائز.
وفي تخيير الإمام في الأسرى من الكفار بين القتل والفدى بمال أو أسير والمن ه?ذا تخيير مصلحة، فإذا كان التصرّف للغير فتخيير مصلحة للنفس فتخيير تشه، هنا التصرف للنفس أو للغير؟ للنفس فيكون التخيير تشهيا: إن اشتهيت فاقتل، إن اشتهيت فخذ الدية.
(فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ: إِلاَّ اَلإِذْخِرَ, يَا رَسُولَ اَللَّهِ .. , فَقَالَ: ((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)).) الإذخر نبت معروف في مكة، وبين العباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ السبب في ذلك فقال: (يَا رَسُولَ اَللَّهِ, فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ: ((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.) نبت معروف في الحجاز له سيقان مثل أعواد الكبريت، يجعل في القبور وفي البيوت:
في القبور يجعل فيما بين اللبنات، حتى لا ينهال التراب.
في البيوت يجعل فيما بين الجريد في السقف ويوضع الطين فوقه، السقف أول ما نجعل خشب ثم الجريد ثم الإذخر ثم الطين.
الإذخر ه?ذا يمنع تساقط الطين من بين الجريد، فالناس في حاجة إليه فقال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.).
في ه?ذا الحديث فوائد:
أولا انتهاز النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرصة في الخطب حين تدعو الحاجة إليها؛ لأنه خطب في وقت يحتاج الناس فيه إلى بيان الأحكام، فخطب النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فبين الأحكام.
ثانيا أن الخطب تُبتدَأ بالحمد لله والثناء عليه.
ثالثا أنه ليس بلازم أن نثني بالصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رابعا بيان أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? خالق أفعال العباد بهيمها وناطقها لقوله: (إنّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ اَلْفِيلَ)؛ لأن الفيل كانوا إذا وجّهوه إلى مكة حرن وإذا وجهوه إلى اليمن هرول ومشى، والذي حبس من؟ الله، إذن فعل الفيل بمشيئة الله ففيه دليل على عموم مشيئة الله في أفعال المخلوقين بهيمها وناطقها.
ومن فوائده أيضا أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? له الحكم فيما أراد من خلقه الكوني والشرعي، ولهذا منع كونا الفيل، وأذن شرعا للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلّطه على مكة ومن معه من المؤمنين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/318)
ومن فوائد الحديث بيان عظمة الكعبة لأنّها لم تحل لأحد من الناس قبل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، ولم تَحِلَّ للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بقدر الضرورة لقوله: (وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ).
ومن فوائدها أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها بقدر الضرورة؛ أي أن ما أبيح للضرورة لا يجوز أن يُتعدّى به موضع الضرورة، وه?ذه قاعدة نافعة في كل الأحكام؛ أن ما أبيح للضرورة أنه لا يجوز أن يتعدى به محلّ الضرورة؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبيحت له ساعة من نهار إذْ لا يتمكن أن يُزيل ه?ذا الكفر والشرك حتى تكون مكة بلاد إسلام إلا بهـ?ذا القتال، ولو لا ذلك ما تمكن، لبقيت بمن فيها من الكفار ولم يستطع أحد الوصول إليها.
ومن فوائد الحديث تحريم القتال بمكة، لقوله: (وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي)؛ ولكن إذا قوتل الإنسان فله أن يقاتل لقوله تَعَالى?: ?وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ? [البقرة:191]، ولهذا أجاز النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قتل القصاص؛ لأنه قتل بحق وهو قتل أخص من القتال؛ لأنه قد يجوز القتال ولا يجوز القتل، لو ترك أهل بلد الأذان والإقامة وجاز قتالهم بل وجب قتالهم؛ ولكن لا يجوز قتلهم، فإذا استسلموا ما نقتلهم ولا نجهّز على جريحهم.
ومن فوائد الحديث جواز النسخ في الأحكام الشرعية؛ لأن تحريم مكة نسخ.
ومنها جواز توقيت النسخ، حيث نسخ التحريم إلى الحل ساعة من نهار.
ومنها إثبات الحكمة لله عز وجل لأن ه?ذا النسخ الموقت لحكمة.
ومنها تعليل الأحكام الشرعية وأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
ومن فوائده تحريم الصيد في مكة، لقوله: (فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا) وتحريم قتله من باب أولى.
ومن فوائد الحديث تحريم قطع الشجر صغيره وكبيره مؤذيه وغير مؤذيه لقوله: (وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا)، ه?ذا إذا كان الشجر نبت بفعل الله عز وجل، أما ما نبت بزرع الآدمي فإنه ملكه له أن يتصرّف به بما شاء، فلو غرس إنسان نخلة بمكة فله أن يقطعها، ولو غرس شجرة فله أن يقطعها، ولو زرع فله أن يحصد، أما ما نبت بدون فعل الآدمي فإنه محترم لا يجوز قطعه.
ومنها -أي من فوائد الحديث- أن لقطة الحرم لا تملك بالتعريف، لقوله: (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ)، وه?ذا هو القول الصحيح.
ومنهم من قال: إن لقطة الحرم كغيرها تملك بالتعريف، وإنما قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ) من باب التأكيد على الإنشاد.
ولكن الصحيح الأول، فإن قال قائل: إذا علم الإنسان أنه لابد أن ينشدها مدى الدهر إلى أن يجد صاحبها فإنه لن يأخذها؟
نقول: لا يأخذها، الشارع ما أراد إلا ه?ذا، أن لا تأخذها، إذا جاء ثان لا يأخذها، وثالث لا يأخذها .. حتى تبقى في مكانها وصاحبها إذا فقدها رجع من حيث جاء ووجدها، حتى يبقى كل شيء آمنا.
لكن في عصرنا الآن نرى أنه إن تركها لجاء من بعده وأخذها، وجاء من لا يسأل من يأخذها للتملك.
فنقول: حينئذ إذا كان يخاف أن تؤخذ على وجه التملك وأن لا يبحث عن صاحبها، فالأولى أن يأخذها ويسلمها إلى الجهة المسؤولة، إلى ولي الأمر وبذلك تبرأ ذمته، ه?ذا ما لم يكن بعلم صاحبها، فإن علم صاحبها بكتابة أو وسم أو شبهه فإنه يأخذها ويسلمها له.
ومن فوائد الحديث أن أولياء المقتول لهم الخيرة بين القتل والدية لقوله: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) وأنه لا فرق بين أن يكون ذلك في مكة أو في غيرها.
ومن فوائد الحديث جواز القتل في مكة بحق لقوله: (فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ)، فإذا زنا الإنسان بمكة وهو محصن، فإننا نقتله، لا نقول: ه?ذا في مكان آمن؛ لأنه من حيث المعنى والعلة لأنه لما انتهك حرمته صار هو لا حرمة له.
وكذلك لو وجب على شخص قتل للفساد في الأرض، فإننا نقتله لو أن أحد ارتد في مكة وصار لا يصلي وأبى أن يتوب فإننا نقتله؛ لأن ه?ذا إذا قُدِّر أننا لسنا سنقتله أو صار الحكم ضعيفا لا يجرؤ على قتله فإنه يجب إخراجه لأنه كافر، والكافر لا يجوز إقراره في مكة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/319)
ومن فوائد الحديث أن من الناس من يكون فيه بركة لتشريع الأحكام الشرعية كما أن من الناس من يكون فيه شؤم.
فالأقرع بن حابس لما قال فيما سبق: أفي كل عام؟ ه?ذا سؤال ما ينبغي، لو قال الرسول: نعم. لوجبت وما استطعنا.
أما إذا كان الإنسان الذي يسأل في تخفيف على المسلمين، ه?ذا يحمد عليه ويكون من بركاته، كما ذكر أسيد بن حضير في قصة عقد عائشة حين فقد، ولم يكن عند الناس ماء فنزلت آية التيمم، فقال: ما هي بأول بركتكم يا آل بكر.
إذن من بركات العباس استثناء الإذخر الذي يحتاجه الناس للبيوت والقبور.
ومن فوائد الحديث أنه لا يُشترط في الاستثناء نيته قبل تمام المستثنى منه، ولا اتصاله به أيضا، وجهه أن الرسول قال: (إلا الإذخر) ولم يكن نواه فلو نواه لقال: ولا يختلى شوكها إلا الإذخر. وأيضا حصل خلط بين المستثى والمستثنى منه، وهو (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ, وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ)، وكلام العباس ثم قال: (إلا الإذخر) ه?ذا استثناء الفصل ومع عدم النية؛ لكن الكلام واحد أو منقطع؟ الكلام واحد، فإذا اتصل المستثنى بالمستثى منه في كلام واحد ولو لم يلِ المستثنى ولم ينوِ المستثني فهو صحيح.
من العلماء من يقول: إنه تشترط نية الاستثناء قبل تمام المستثنى منه، ويشترط أيضا الاتصال.
فكيف يجيبون عن ه?ذا الحديث؟ يقولون: إن قوله: (إِلاَّ اَلإِذْخِرَ) ه?ذا نسخ، وليس بتخصيص، فيقال لهم: سُبْحَانَ الله هل يمكن أن نجعل (إِلاَّ اَلإِذْخِرَ) أن نجعله حديثا مستقلا؟ لا يمكن، لأن فيه أداة الاستثناء؛ لكن ه?ذا أمر يسلكه بعض الناس إذا اعتقد شيئا وحاول أن يحول النصوص إلى اعتقاده وهذه طريقة ليست بسليمة.
فالواجب على الإنسان أن ينظر إلى ما تدل عليه النصوص، لا أن يرى رأيا ويتبع النصوص ذلك الرأي.
الشاهد من ه?ذا الحديث ما يتعلق بالصيد، ولكنه في الواقع لا مناسبة فيه للباب؛ لأن الباب: الإحرام وما يتعلق به، والذي ذُكر في ه?ذا الحديث ما يتعلق بالحرم لا بالإحرام.
الشجر تحريمه يتعلق بالحرم فقط، ولهذا يحرم قطع الشجر في الحرم على المحل والمحرم، ويحل قطع الشجر في الحل للمحرم وعلى المحل.
الصيد له علاقة بالحرم والإحرام، ولهذا يحرم الصيد في الحرم على المحل والمحرم، ويحرم الصيد على المحرم في الحل والحرم.
وإذا كان المحرم في الحرم حرم عليه الصيد من وجهين كونه في الحرم وكونه محرما. وهل يلزمه جزاءان لوجود السببين أو جزاء واحد؟
قال بعض العلماء: يلزمه جزاءان؛ لأنه انتهك حرمتين: حرمة الحرم وحرمة الإحرام؛ فيلزمه جزاءان.
وقال بعض العلماء -وهو المذهب-: لا يلزمه إلا جزاء واحد؛ لأنه انتهك حرمتين فيه محرم واحد وهو الصيد، وأيضا لو ألزمنا المحرم جزاءين لم نكن ألزمناه بالمثل؛ لأنه قتل واحدا وألزمناه اثنين، والله تَعَالى? يقول: ?فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ? [المائدة:95]، ولأن المثلية كما تكون بالصفة تكون كذلك في العدد، كقوله تَعَالى?: ?اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَ?وَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ? [الطلاق:12].
ثم قال:
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:35 ص]ـ
[الحديث السادس والعشرون]
وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لأَهْلِهَا, وَإِنِّي حَرَّمْتُ اَلْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَي مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ لأَهْلِ مَكَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
هذان الحديثان يتعلقان أيضا بالحرم ولا علاقة لهما بالإحرام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/320)
قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ) وثبت في حديث الصحيحين أيضا أن الله هو الذي حرّم مكة، ولا تعارض بين الحديثين؛ لأن المحرِّم هو الله وإبراهيم مبلغ، فنُسب التحريم إلى إبراهيم باعتبار التبليغ، ونُسب إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? لأنه منشئ الأحكام.
فيكون الله هو الذي حرمها وإبراهيم بلّغ التحريم وأظهره.
ويقول إنه: (وَدَعَا لأَهْلِهَا) دعا لأهلها بالبركة في سورة البقرة ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ? [البقرة:126]، ?وَمَن كَفَرَ? معطوفة على ?مَنْ آمَنَ? فيكون الله عز وجل أعطى إبراهيم أكثر مما سأل، لأن إبراهيم قال: ?وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ?، فقال تَعَالى?: ?وَمَن كَفَرَ?، أتدرون لماذا قال إبراهيم: ?مَنْ آمَنَ?؟ تأدبا مع الله؛ لأنه قال قبل ذلك: ?قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) ? [البقرة:124]، الله أعطاه عهده لكن استثنى الظالمين من ذريته، فتأدب في الدعوة مع الله وقال: ?وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ? ولكن الله عز وجل عمّم، ففي الأولى الله خص دعاءه وفي الثانية عمم وأعطاه أكثر مما سأل، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى?: ?وَمَن كَفَرَ? لكن قال: ?فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) ? [البقرة:126]، نسأل الله العافية.
المهم أن إبراهيم دعا لأهل مكة، ونبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لأهل المدينة بمثل ما دعا به إبراهيم، (وَإِنِّي حَرَّمْتُ اَلْمَدِينَةَ [بمثل])، الشاهد في ه?ذا قوله: (إِنِّي حَرَّمْتُ اَلْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ)، وه?ذا تشبيه لأصل التحريم بأصل التحريم؛ وذلك لأن تحريم مكة أشد وأشمل؛ لأن حرم المدينة يستثنى منه أشياء هي حلال وهي في حرم مكة حرام، فيكون تشبيهنا في أصل التحريم لا في وصفه؛ فإن حرم المدينة فيه أشياء تحل ولا تحل في حرم مكة.
وحرم المدينة يكون من عير إلى ثور وعير وثور جبلان معروفان في المدينة، قال العلماء: والمسافة -أي مسافة حرم المدينة- بريد في بريد. والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، فيكون البريد اثنا عشر ميلا في اثني عشر ميلا، والميل كيلو ونصف تقريبا أو كليو وستة من عشرة، ثمانية عشرة كيلو وزيادة، الكلام على المسافة بريد في بريد.
فوائد الحديث:
أولا نسبة الشيء إلى من بلّغه لقوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ)، ومثله أن الله نسب القرآن إلى جبريل ونسبه أيضا إلى محمد عَلَيْهِما الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، قال تَعَالى?: ?إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) ? [التكوير:19 - 20]، فنسبه هنا إلى جبريل، وقال تَعَالى?: ?إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ? [الحاقة:40 - 41]، فنسبه إلى محمد، فنسبة الشيء إلى المبلغ سائغة شرعا ولغة.
ومن فوائد الحديث أيضا رحمة هذين الرسولين بأهل هاتين البلدتين وشفقتهما على أهلهما؛ فإبراهيم دعا لأهل مكة ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لأهل المدينة.
ومن فوائده ثبوت الحرم في المدينة لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (وَإِنِّي حَرَّمْتُ اَلْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ).
ومنها أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خصّ الدعوة للمدينة بالمد والصاع، وهو الطعام الذي يقدّر بالأصواع والأمداد، وه?ذا لا يستلزم أنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ دعا بكل شيء، إنما دعا بالطعام ولذلك نجد أن الطعام في المدينة يكون دائما متوفرا ويكون أيضا مباركا في زرعه وجنيه.
ومن فوائد الحديث الثاني -حديث علي بن أبي طالب- بيان حد حرم المدينة وأنه ما بين عير إلى ثور.
انتهى هذا الباب ويليه باب دخول مكة
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:09 ص]ـ
بَابُ صِفَةِ اَلْحَجِّ وَدُخُولِ مَكَّةَ [الشرح]
نقول: من شروط العبادة الإخلاص لله والمتابعة للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهما الركنان الأساسيان في كل عبادة، فلا تقبل عبادة بشرك ولا تقبل عبادة ببدعة، البدعة تنافي الاتباع، والشرك نافي الإخلاص.
ومن ثمة احتاج العلماء رحمهم الله إلى بيان صفات العبادات فبيّنوا: صفة الوضوء، صفة الصلاة، صفة الصيام، صفة الزكاة .. وغير ذلك حتى يعبد الناسُ اللهَ عز وجل على شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقول المؤلف: (وَدُخُولِ مَكَّةَ) يعني:
• كيف يدخل مكة؟
• ومن أين يدخل مكة؟
• ومتى يدخل مكة؟
ثلاثة أشياء كيف يدخلها، ومن أين، وفي أي وقت؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/321)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:20 ص]ـ
[الحديث السابع والعشرون]
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ, فَخَرَجْنَا مَعَهُ, حَتَّى إذا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ, فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ, فَقَالَ: ((اِغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ, وَأَحْرِمِي)).
وَصَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اَلْمَسْجِدِ, ثُمَّ رَكِبَ اَلْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اِسْتَوَتْ بِهِ عَلَى اَلْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: ((لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ, إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ, لا شَرِيكَ لَكَ)).
حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا اَلْبَيْتَ اِسْتَلَمَ اَلرُّكْنَ, فَرَمَلَ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا, ثُمَّ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى, ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اَلْبَابِ إِلَى اَلصَّفَا, فَلَمَّا دَنَا مِنَ اَلصَّفَا قَرَأَ: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللَّهِ? " أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اَللَّهُ بِهِ " فَرَقِيَ اَلصَّفَا, حَتَّى رَأَى اَلْبَيْتَ, فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اَللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: ((لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ اَلْمُلْكُ, وَلَهُ اَلْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ, وَنَصَرَ عَبْدَهُ, وَهَزَمَ اَلأَحْزَابَ وَحْدَهُ)). ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قال مثل ه?ذا ثَلاثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ نَزَلَ إِلَى اَلْمَرْوَةِ, حَتَّى إذا اِنْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ اَلْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعَدَتَا مَشَى إِلَى اَلْمَرْوَةِ فَفَعَلَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ, كَمَا فَعَلَ عَلَى اَلصَّفَا… - فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ. وَفِيهِ:
فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ اَلتَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى, وَرَكِبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهَا اَلظُّهْرَ, وَالْعَصْرَ, وَالْمَغْرِبَ, وَالْعِشَاءَ, وَالْفَجْرَ, ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتْ اَلشَّمْسُ، فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ, فَوَجَدَ اَلْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا.
حَتَّى إِذَا زَاغَتْ اَلشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ, فَرُحِلَتْ لَهُ, فَأَتَى بَطْنَ اَلْوَادِي, فَخَطَبَ اَلنَّاسَ. ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ, فَصَلَّى اَلظُّهْرَ, ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى اَلْعَصْرَ, وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.
ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى اَلْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ اَلْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ, وَجَعَلَ حَبْلَ اَلْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ, فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ اَلشَّمْسُ, وَذَهَبَتْ اَلصُّفْرَةُ قَلِيلاً, حَتَّى غَابَ اَلْقُرْصُ, وَدَفَعَ, وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ اَلزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ, وَيَقُولُ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى: " أَيُّهَا اَلنَّاسُ, اَلسَّكِينَةَ, اَلسَّكِينَةَ ", كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ.
حَتَّى أَتَى اَلْمُزْدَلِفَةَ, فَصَلَّى بِهَا اَلْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ, وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ اِضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ اَلْفَجْرُ, فَصَلَّى اَلْفَجْرَ, حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ اَلصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى اَلْمَشْعَرَ اَلْحَرَامَ, فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ, فَدَعَاهُ, وَكَبَّرَهُ, وَهَلَّلَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/322)
فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ, حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرَ فَحَرَّكَ قَلِيلاً، ثُمَّ سَلَكَ اَلطَّرِيقَ اَلْوُسْطَى اَلَّتِي تَخْرُجُ عَلَى اَلْجَمْرَةِ اَلْكُبْرَى, حَتَّى أَتَى اَلْجَمْرَةَ اَلَّتِي عِنْدَ اَلشَّجَرَةِ, فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ, يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا, مِثْلَ حَصَى اَلْخَذْفِ, رَمَى مِنْ بَطْنِ اَلْوَادِي، ثُمَّ اِنْصَرَفَ إِلَى اَلْمَنْحَرِ, فَنَحَرَ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى اَلْبَيْتِ, فَصَلَّى بِمَكَّةَ اَلظُّهْرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلاً.
[الشرح]
ثم بدأ المؤلف بحديث جابر الطويل في صفة الحج الذي جعله بعض العلماء عمدة صفة الحج، وجعله منسكا كاملا، لأن جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ضبط حجة الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ من أوله إلى آخره، فذكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقي في المدينة عشر سنين لم يحج، وفي العاشر أذّن فيهم أنه حاج قال: فقدم المدينة يسألون حج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويأخذون أحكامه من الرسول مباشرة، حتى قُدِّرُوا بمائة ألف، من مائة وأربع وعشرين كل الصحابة يعني يمثل خمسة أسداس المسلمين تقريبا، خمسة من ستة كثير، حتى كانوا كما قال جابر بين يدي الرسول وخلفه وعن يمينه وعن شماله مد البصر، عالم عظيم، يريدون أن يأخذوا من إمامهم صلوات الله وسلامه عليه، كيف يعبدون الله بهـ?ذا النسك العظيم.
خرج النّبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ من المدينة وقد بقي خمسة أيام ذي القعدة خرج في الخامس والعشرين يوم السبت بعد أن أعلن الناس بخطبة الجمعة كيف يُحرمون وماذا يلبس المحرم، وأوضح للناس مبادئ النسك، وبقي بذي الحليفة عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وبات بها، وفي اليوم التالي اغتسل، اغتسل ولبس إحرامه ثم أحرم.
والمؤلف رحمه الله اختصر الحديث اختصارا تاما لم يأتِ منه إلا ما يتعلق بالحج.
قال: (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ, فَخَرَجْنَا مَعَهُ, حَتَّى إذا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ, فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ) أتى بكلمة فاء لأنها معطوفة على جملة هي جواب الشرط، يعني حتى أتى ذا الحليفة ونزل وصار كذا وكذا فولدت.
وذو الحليفة هي مهل أهل المدينة وتعرف الآن بأبيار علي.
(فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ) وهي زوجة أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ولدت محمد بن أبي بكر، فأرسل للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كيف تصنع فقال لها: ((اِغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ, وَأَحْرِمِي)) اغتسلي عن الحيض أو للإحرام؟ للإحرام، ولا يصح أن نقول: عن النفاس؛ لأن النفاس باق، ومن شرط صحة الطهارة عن موجب للطهارة أن ينقطع ذلك الموجب، ولهذا لا يصح التنزه عن البول والإنسان يبول، ولا يصح التوضؤ من لحم الإبل والإنسان يأكل اللحم.
فالطهارة عن موجب لها لا تصح إلا بعد انقطاع الموجب.
إذن فطهارة الغسل الذي أمرها بها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسماء للإحرام.
قال: (وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ) ..
لما ولدت رَضِيَ اللهُ عَنْها أرسلت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف تصنع فقال: (((اِغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ, وَأَحْرِمِي)))، كيف تصنع من الآن إلى انقضاء النسك أو كيف تصنع الآن؟ كيف تصنع الآن؛ ولهذا لم يبين لها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ماذا تصنع في المستقبل، لم يقل لها كما قال لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) لأنها إنما تريد حل المشكلة الحاضرة، وبه نعرف خطأ ابن حزم رحمه الله في ه?ذه المسألة حيث قال: إنّ النفساء يجوز لها أن تطوف بالبيت بخلاف الحائض، قال: لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل لأسماء لا تطوفي بالبيت، وقال ذلك لعائشة.
والجواب على ه?ذا سهل أن نقول: إن أسماء إنما أرادت أن تسأل عما تصنع الآن، وبينها وبين مكة والوصول إلى البيت مفاوز، بخلاف عائشة فإن ذلك كان ... قريبا من مكة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/323)
قال: (اسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ) ما معنى (وَاسْتَثْفِرِي)؟ تلجمي به، ويسمى باللغة الحاضرة التحفظ، لأجل أن تمنع الخارج عند الاغتسال، من أجل أن تمنع الخارج عند الاغتسال.
وقال (وَأَحْرِمِي) وأطلق الإحرام؛ لأنه في ذي الحليفة أحرم الناس على الوجوه الثلاثة التي سبقت في حديث عائشة بحج وبعمرة وبهما. يقول: ()
(أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ) أي رفع صوته بالتوحيد قائلا: ((لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ, إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ, لا شَرِيكَ لَكَ)). قال: (أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ) رفع صوته بهـ?ذه الكلمات العظيمة التي سمّاها جابر توحيدا؛ لأنها تضمنت التوحيد والإخلاص.
قال: (لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ)، (لَبَّيْكَ) ه?ذا حرف جواب للدّاعي، وله?ذا إذا دعاك شخص وقلت: لبيك؛ يعني أجبت دعوتك. ولكن التّثنية هنا يراد بها مطلق التكرار لا حصْرُه، فهي بمعنى إجابة بعد إجابة، وهي منصوبة على الفعل المطلق المحذوف عاملُه؛ يعني ألبي لك تلبية بعد تلبية.
وقوله: (اَللَّهُمَّ) يعني يا الله، فهي منادى حذفت منها يا النداء وعوضت عنها ميم.
وقوله: (لَبَّيْكَ) من باب التوكيد؛ لأنّ المقام مقام عظيم ينبغي فيه توكيد القول.
(لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ) ه?ذا توكيد آخر؛ (لا شَرِيكَ لَكَ) لأيّ شيء؟ لكل شيء، فلا شريك لله في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته، ولا يستثنى من ذلك شيء، فإن الله لا يشركه أحد في ه?ذا أبدا.
ثم قال: (إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ)، (إِنَّ) أفصح وأعم من (أن) وإلا فإن بعض النحويين أجاز الفتح، والصواب الكسر لأنه أعم؛ لأن (إن) هنا استئنافية؛ لكن (أن) تعليلية؛ لأنه لو قال أن الحمد والنعمة لك، كأنه يقول بناء على ذلك أن الحمد والنعمة لك، مع أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يحمد على كل شيء فهي أعم.
(إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ) (اَلْحَمْدَ) وصف المحمود بالكمال على كماله وعلى إنعامه، (وَالنِّعْمَةَ) العطاء، وكل ذلك لله وحده، فالْمُنعم هو الله، والمحمود هو الله، والمستحقّ لذلك وحده، ولهذا قال: (وَالْمُلْكَ) والملك لله أيضا؛ ملك الذوات والأعيان، وملك التصرّف والأفعال، فالله مالك للسم?وات والأرض بأعيانهما والتصرف فيهما، قال: (لا شَرِيكَ لَكَ) في ملكك ولا في نعمتك، ولا في الحمد الذي تستحقه.
كانوا في الجاهلية يلبّون بنحو ه?ذه الكلمة؛ لكن يقولون: لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. ما دام أنه له ومملوك كيف يكون شريكا له، ولهذا قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى?: ?ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء? [الروم:28]، ما الجواب؟ الجواب له واضح، ?هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء? هل عبيدكم يشاركونكم في الأموال التي بين أيديكم التي أعطيناكم إياها، ما الجواب؟ لا، ه?ذا مثل من نفسك، تعرفه أنت من نفسك، كيف تجعل لله شريكا يكون مملوكا لك.
أظن الإلزام واضح؛ إذا كنتم أنتم لا تجيزون ولا تسوّغون أن يكون لكم شريك فيما رزقكم الله، وليس لكم حول ولا قوتكم، فكيف تسوغون أن يكون لله شريك في ملكه الذي خلقه.
ه?ذه جملة لبى بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع الناس يقولون: لا إلـ?ه إلا الله، وآخرون يكبرون ولا ينكر على ه?ذا؛ لأن المقصود الذِّكر وتعظيم الله، ولكن لا شك أن ما قاله الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فهو أولى.
يستفاد من ه?ذه الجملة من الحديث:
أنه إذا أحرم من ذي الحليفة فلا يلبي إلا إذا استوت به على البيداء، ولكن ابن عمر أنكر ذلك وقال: بيداؤكم ه?ذه التي تقولون -يعني ينكر ه?ذا- ما أهل رسول الله إلا من عند المسجد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/324)
إذن أهل قبل أن تستوي به ناقته على البيداء؛ ولكن الجمع بين قول جابر وقول ابن عمر قريب وظاهر، هو أن ابن عمر سمعه حين استوت به ناقته عند المسجد، وجابر سمعه حين استوت به على البيداء، وكل إنسان حسب ما سمع، وه?ذا هو الواجب على كل إنسان أن يحكي ما سمع أو ما ثبت عنده بطريق صحيح، فلا منافاة، ولهذا وردت أحاديث أنّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل دُبر الصلاة قبل أن يركب، ومع ه?ذا فالجمع بينه وبين حديث جابر وابن عمر قريب أيضا، كما جمع ذلك ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فيما رواه الحاكم وغيره وهو أن الناس يدركون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أوقات مختلفة:
فأدركه قوم عند صلاته وقالوا: أهل بعد الصلاة، وصدقوا.
وأدركه قوم بعد أن ركب عند المسجد، وقالوا: أهل عند استوت به ناقته عند المسجد، وصدقوا.
وأدركه آخرون حين استوت به على البيداء فقالوا: أهل حين استوت به ناقته على البيداء، وصدقوا.
والجمع ه?ذا قريب وليس فيه إشكال.
ومن فوائد الحديث أنه ينبغي للإنسان أن يستحضر أنه في مجيئه إلى مكة وإحرامه إنما يفعل ذلك تلبية لدعاء الله، فأين الدعاء؟ قال الله تَعَالى?: ?وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ? [الحج:27 - 28]، فالأذان بأمر الله يعتبر أداء من الله، فإذا كان الله هو الذي أذّن فأنا أجيبه وأقول: لبيك اللهم لبيك .. إلى آخره.
ثم قال جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا اَلْبَيْتَ اِسْتَلَمَ اَلرُّكْنَ)، (حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا اَلْبَيْتَ) يعني الكعبة (اِسْتَلَمَ اَلرُّكْنَ) أي مسحه بيده، أي اليدين؟ اليمنى لأن اليد اليمنى تُقدَّم للإكرام والتعظيم، واليد اليسرى في الإهانة فمسحه بيده اليمنى.
قال: (فَرَمَلَ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا)، (رَمَلَ) قال العلماء: الرّمل هو سرعة المشي مع مقاربة الخطى، (ثَلاثًا) أي ثلاثة أشواط، (وَمَشَى أَرْبَعًا) أي أربعة أشواط، وفيه دليل أن الطواف سبعة أشواط، وأن طواف القدوم يرمل فيه الإنسان في الأشواط الثلاثة الأولى ويمشي في الأشواط الأربعة الباقية.
وفيه دليل على أن الرمل من الحجر إلى الحجر، وليس من الحجر إلى الركن اليماني كما فعله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمرة القضاء.
فإن قلت: ما الحكمة من الرمل في الطواف في الأشواط الثلاثة الأولى دون الأربعة الباقية؟
فالجواب أن الحكمة في ذلك تذكير المؤمنين في أصل ه?ذا الرّمل؛ لأن أصله أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قاضى أهل مكة في غزوة الحديبية على أن يرجع في العام القادم معتمرا، أهل مكة أعداء للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، والعدو يحب الشماتة بعدوه،.
فقال بعض الكفار: دعونا نجلس هنا ننظر إلى ه?ؤلاء القوم الذي وهنتهم حمى يثرب، كيف يطوفون؛ لأن عند ه?ؤلاء أن القوم أصابهم المرض وأنهك قواهم، يريدون الشماتة وجلسوا في جانب الكعبة من جهة الشمال، وقالوا: ننظر، فأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه أن يرملوا ليظهروا الجلد القوة والنشاط ليغيضوا الكفار وإغاضة الكفّار -يا إخوتي المسلمين- إغاضة الكفار أمر مقصود لله عز وجل، كما قال الله تَعَالى?: ? مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ? [الفتح:29]، وقال تَعَالى?: ?لاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ? [التوبة:120]، أراد النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ من قومه أن يغيظوا الكفار؛ لكنه أمرهم أن يرملوا من الحجر إلى الركن اليماني دون ما بين الركنين؛ لأنهم بين الركنين يختفون عن المشركين، وأراد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/325)
أن يرفق بأصحابه، ولهذا جعل الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى؛ لأن الثلاثة أقل من الأربعة، فاعتبر الأقل في جانب الصعوبة، الرمل أصعب من المشي العادي فجُعل له الأقل، والثلاثة من سبعة، ثم إن اختيار الثلاثة دون الأربعة مثلا فيها القطع على وتر، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? إذا تأملنا مشروعاته وجدنا غالبها مقطوعا على وتر، ففيه فائدتان في كونه -أي الرمل- خاصا بالثلاثة الأولى فقط:
أولا اعتبار الأخف في باب المشقة.
وثانيا القطع على وتر.
ولكن في حجة الوداع رمل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأشواط كلها -كل الثلاث- من الحجر إلى الحجر؛ لأن العلة التي من أجلها شُرع الحكم وهي إغاظة الكفار الذي يشاهدون فقط انقطعت، فصار الرمل من الحجر إلى الحجر؛ لأنه صار الآن عبادة، ولا يكون القصد منه الإغاظة لأن الإغاظة انتهت، لكن صار الآن عبادة فأكملت الأشواط الثلاثة، فصار الرمل من الحجر إلى الحجر.
هل أنا أذكر حال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه حين قدموا في عمرة القضاء؟ أو إنني أذكر المعنى الأصلي المقصود وهو إغاظة الكفار؟ أو الأمرين؟ إذا تذكرنا الأمرين فهو خير؛ يعني أتذكر أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصابه فعلوا ذلك فأقتدي بهم ولاسيّما في حجة الوداع، وأيضا أتذكر أن من شأن المسلم أن يفعل ما يغيظ الكفار.
(فَرَمَلَ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا) وجعل المشي في الأربعة إبقاء على أصحابه حتى لا يتعبوا من الطواف بجميع البيت على وجه الرمل.
(ثُمَّ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ) مقام إبراهيم هو الذي قام عليه حين بناء الكعبة، فإن الكعبة لما ارتفع بناؤها احتاجت إلى بشيء يقوم عليه حتى يدرك أعلى البناء وهو حجر وه?ذا الحجر جعل الله فيه آية وهي أثر قدمي إبراهيم، وقد شهده أوابد ه?ذه الأمة، شهدوا أثر ه?ذه القدم؛ ولكنه انمحى بكثرة لمسه من الناس انمحى وزال، وقد أشار إلى ه?ذا أبو طالب بقوله:
على قدميه حافيا غير ناعل
وموضع إبراهيم في الصخر غضة
تقدم إلى مقام إبراهيم يقول: وقرأ: ?وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى? [البقرة:125]، ما ذكرها المؤلف، حذف المؤلف له?ذه الآية حذف مخل رحمه الله، وكان عليه أن يقولها لأنها من صفة الحج؛ فإنه يسن للإنسان إذا فرغ من الطواف أن يتقدم لمقام إبراهيم وأن يقرأ: ?وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى? وفائدة قراءتها شعور الإنسان أنه يتقدم إلى ه?ذا المقام فيصلي به امتثالا لأمر الله عز وجل، ولا شك أن شعور الإنسان حين القيام بالعبادة بأنه يفعله امتثالا لأمر الله لاشك أن ه?ذا يزيد في إيمانه بخلاف الذي يفعل العبادة وهو غافل عن ه?ذا المعنى، فإن العبادة تكون كالعادة، ولهذا قال المتكلمون على النيات: إن النية نوعان:
• نية العمل.
• ونية المعمول له.
والأخيرة أعظم مقاما من الأولى؛ لأن نية العمل تأتي ضرورة، ما من إنسان عاقل يقوم بعمل إلا وقد نواه وقصده، حتى قال بعض العلماء: لو كلَّفنا الله بعمل بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق. يقال لأحدنا: تَعَال صلّ لكن اسحب النية من الصلاة، تقول: ما أقدر.
لكن المقام الأسنى والأعلى نية المعمول له، التي تغيب عنا كثيرا، لو أننا عندما نتوضأ نشعر بالإخلاص والمتابعة فكيف نتذكر؟ نتذكر أن الله أمرنا بالوضوء ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ? [المائدة:06]، ه?ذا الإخبار، وكأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ أمامنا ه?ذا هو المتابعة.
فإذا فرغت من الطواف فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ ?وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى? [البقرة:125].
فيستفاد من ه?ذا أنه ينبغي أنه إذا فرغ من الطواف أن يتقدم فورا إلى مقام إبراهيم دون تأخر ويقرأ ه?ذه الآية.
كلمة: (تقدم إلى مقام إبراهيم) هل تشعر بأن المقام في مكانه الحاضر الحالي، أو يحتمل أنه في مكانه -كما قيل- الذي عند باب الكعبة؟ الحقيقة أنها لا يستفاد منها ولا ه?ذا؛ لأن التقدم في كلا الأمرين، إن كان في مكان فيتقدم إن كان كما قيل إنه لاصق بالكعبة فهو أيضا يتقدم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/326)
المقام اختلف المؤرخون فيه، هل هو في المكان الحالي منذ عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أنه كان لاصقا بالكعبة وأخره عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حين كثر الناس وكثر الطائفون الذين يطوفون بين يدي المصلين؟ وأكثر المؤرخين على أنه في مكانه الحالي، وأنه لم يجرِ فيه تغيير.
يقول: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.) متى؟ بعد أن صلى ركعتين، واعلم أن المشروع في هاتين الركعتين التخفيف، وأن يقرأ فيهما بـ: ?قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ? و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?، وأنه ليس قبلهما دعاء وليس بعدهما دعاء، والحكمة من تخفيفهما أن يفسح المجال لمن هو أحق منك، فالناس ينتهون من الطواف، فإذا انتهى الطائفون وأنت حاجز ه?ذا المكان تطيل الصلاة فمعناه أنك حجبت مكانا لمن هو أحق منك، فلا تطل الصلاة، ثم إنه قد يكون المطاف مزدحما فيحتاج الطائفون إلى المكان الذي أنت فيه أيضا، فمن ثم خفف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة واختار أن يقرأ بعد الفاتحة بسورة ?قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ? و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?؛ لأن إمام الحنفاء هو صاحب ه?ذا المقام وهو إبراهيم الذي قال الله لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ?ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) ? [النحل:123].
بعد الركعتين يدعو؟ لا يدعو، وهل للمقام دعاء؟ فإني جدت كتابا مكتوبا فيه دعاء المقام، مطبوع بحرف جيد ومعرب وعلى المذاهب الأربعة! ه?ذا ليس له دعاء، ولا دعاء قبل الركعيتن ولا بعدهما، لكن مثل ه?ذه البدع صارت كأنها قضايا مسلمة مشروعة، حتى إن الحاج يرى أن حجه ناقص إذا لم يفعل ه?ذا وكل ه?ذا بسبب تقصير العلماء أو قصورهم، وإلا فمن الممكن أن يعطى هؤلاء المناسك من بلادهم.
يقول: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.) الركن يعني الحجر الأسود، فيه استحباب الرجوع إلى الركن بعد الركعتين لاستلامهما، إذا لم يتمكن فلا إشارة؛ لأن العبادات مبنية على النقل فقط، فإذا لم يتمكن فلا إشارة لأن ذلك لم يرد، ولهذا قلنا إن الركن اليماني، فإنه لا يشير إليه.
بسم الله الرحمـ?ن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، سبق أن تكلمنا على أول حديث جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حتى انتهينا إلى قوله: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.).
إذن ذكرنا الطواف والصلاة ركعتين خلف المقام، وذكرنا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخففهما ولا يدعو قبلهما ولا بعدهما ولا يطيلهما، وأنه لم يقف للدعاء بعدهما أيضا، وبه نعلم ضلال من يجعلون للمقام دعاء يدعون به وأن ه?ذا بدعة ويحصل منه كونه بدعة أذية عظيمة للمصلين لأنهم يقفون، ويدعو لهم واحد بصوت مرتفع فينتج بها تشويش على الناس وأذية.
قال: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.) الركن الذي فيه الحجر، (فَاسْتَلَمَهُ) استلم الحجر ولم يقبّله، ولم يرد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أشار إليه، وعلى ه?ذا يكون هنا استلام بلا تقبيل ولا إشارة عند التعذر.
(ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اَلْبَابِ إِلَى اَلصَّفَا) من باب المسجد، (إِلَى اَلصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ اَلصَّفَا قَرَأَ: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللَّهِ? أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اَللَّهُ بِهِ) قوله: (قَرَأَ: ?إِنَّ اَلصَّفَا?) إشعار بأنه إنما اتجه إلى السعي امتثالا بما أرشد الله إليه، لقوله: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللَّهِ? ويعلم الناس أنه إنما يسعون إلى الصفا والمروة من أجل أنهم من شعائر الله، وليعلم الناس أيضا أنه ينبغي للإنسان أنه إذا فعل عبادة أن يشعر نفسه بأنه يفعلها طاعة لله عز وجل، كما لو توضأ الإنسان فينبغي أن يستشعر عند وضوئه أنه يتوضأ امتثالا لقوله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ? [المائدة:06]، ويشعر أيضا وأنه يتوضأ وكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمامه يتّبعه في وضوئه، وهكذا جميع العبادات، فإذا استشعر الإنسان عند فعل العبادة أنه يفعلها امتثالا لأمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/327)
الله فإنه يجد لها لذة وأثرا طيبا.
وقوله: (أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اَللَّهُ بِهِ) لأن الله بدأ بالصفا فقال: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ? وفيه إشارة إلى أن الله إذا بدأ بشيء كان دليلا على أنه مقدم إلا بدليل.
يقول: (فَرَقِيَ اَلصَّفَا) يعني رقي عليه (حَتَّى رَأَى اَلْبَيْتَ) أي الكعبة، (فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اَللَّهَ وَكَبَّرَهُ) أي قال: الله أكبر، (فَوَحَّدَ اَللَّهَ) يعني بالذكر، مثل (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ اَلْمُلْكُ, وَلَهُ اَلْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، (وَقَالَ) يعني بعد التكبير والتوحيد (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ اَلْمُلْكُ, وَلَهُ اَلْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقد سبق لنا مرارا شرح ه?ذه الجملة.
وقوله: (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ, وَنَصَرَ عَبْدَهُ, وَهَزَمَ اَلأَحْزَابَ وَحْدَهُ) في ه?ذا دليل على جواز السجع بشرط أن يكون غير متكلّف، (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ) يعني لا معبود حق إلا الله وحده، (أَنْجَزَ وَعْدَهُ) بماذا؟ بنصر المؤمنين، فإن الله أنجز لرسوله ما وعده، (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) يعني محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحتمل أن يراد به الجنس يعني نصر كل عبد له، (وَهَزَمَ اَلأَحْزَابَ وَحْدَهُ) الأحزاب متى؟ في غزوة الأحزاب، فإنه عز وجل هزمه بالريح التي والرعب الذي ألقاه في قلوبهم، ويحتمل أن يراد بالأحزاب هنا ما هو أعم؛ يعني كال حزب يحارب الله فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يهزمه كما قال الله تَعَالى?: ?إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) ? [المجادلة:20 - 21].
(ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قال مثل ه?ذا ثَلاثَ مَرَّاتٍ) إذن يقول ه?ذا الذكر ثم يدعو، ثم يقوله مرة أخرى ثم يدعو، ثم يقوله مرة ثالثة ثم يدعو؛ لأنه قال: (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) والبينية تقتضي أن يكون محاطا بالذكر من الجانبين، فيكون دعاؤه مرتين والذكر ثلاث مرات.
(ثُمَّ نَزَلَ إِلَى اَلْمَرْوَةِ, حَتَّى إذا اِنْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ اَلْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعَدَتَا مَشَى إِلَى اَلْمَرْوَةِ فَفَعَلَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ) يقول: ثم نزل إلى المروة ماشيا بدليل قوله: (حَتَّى إذا اِنْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ اَلْوَادِي سَعَى)، وبطن الوادي هو مجرى السيل، ومكانه ما بين العلمين الأخضرين الآن، وكان ذاك في عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسيل المياه النازل من الجبال، وإنما سعى لأن أصل السعي من أجل سعي أم إسماعيل رَضِيَ اللهُ عَنْها.
فإن أم إسماعيل لما وضعها إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هي وولدها في ه?ذا المكان، وجعل عندهما ماء وتمرا، فجعلت الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء وترضع الطفل، فنفذ التمر والماء، وجاعت الأم وعطشت، ونقص لبنها، فجاع الطفل، فجعل الطفل يصيح ويتلوى من الجوع، فأمه من أجل الأمومة رحمته، وخرجت إلى أدنى جبل إليها لعلها تسمع أحدا أو ترى أحدا، فصعدت الصفا وجعلت تستمع وتنظر فلم تجد أحدا، فرأت أقرب جبل إليها بعد الصفا المروة فاتجهت تمشي وهي تنظر الولد، فلما نزلت بطن الوادي احتجب الولد عنها فجعلت تركض ركضا شديدا من أجل أن تلاحظ الولد، فلما صعدت المثيل حتى أتت المروة ففعلت ذلك سبع مرات، وهي في أشد ما يكون من الشدة، لا بالنسبة إليها جائعة عطشى ولا بالنسبة للولد، وعند الشدة يأتي الفرج فبعث الله عز وجل جبريل فضرب بعقبه أو جناحه الأرض في مكان زمزم، فنبع الماء بشدة، فجعلت أم إسماعيل تحجر الماء تخشى أن يضيع من شدة شفقتها قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم لكانت عينا معينا)) لكنها حجرتها ثم شربت من ه?ذا الماء فكان ه?ذا الماء طعاما وشرابا، وجعلت تسقي الولد والحديث ذكره البخاري مطولا.
المهم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى من أجل أن الناس إنما سعوا من أجل سعي أم إسماعيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/328)
يقول: (حَتَّى إِذَا صَعَدَتَا مَشَى إِلَى اَلْمَرْوَةِ فَفَعَلَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ, كَمَا فَعَلَ عَلَى اَلصَّفَا …فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ) فعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ذلك سبع مرات، فلما كان آخر طواف على المروة نادى على المروة وأمر الناس أن من لم يسق الهدي منهم أن يجعلوه نسكهم عمرة، فجعوا يراجعون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قالوا: الحل كله يا رسول الله؟ قال: ((الحل كله))، قالوا: نخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منيا -يعني من جماع أهله- قال: ((افعلوا ما آمركم به لولا أني سقت الهدي لأحللت معكم)) فأحلوا رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، أما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن ساق الهدي فلم يحلوا ثم نزلوا بالأصبح في ظاهر مكة.
فلما كان يوم التروية خرجوا إلى منى، فمن كان منهم باقيا على إحرامه فهو مستمر في إحرامه، ومن كان منهم قد أحل أحرم بالحج من جديد، يقول: (فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ اَلتَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى)، ويوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة، وسمي بذلك لأن الناس يتروون فيه الماء بموسم الحج، ومن ه?ذا اليوم إلى اليوم الثالث عشر ومن كل يوم من ه?ذه الأيام الخمسة اسم خاص.
فالثامن يوم التروية، والتاسع يوم عرفة، والعاشر يوم النحر، والحادي عشر يوم القر، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر يوم النفر الثاني.
يقول: (تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى, وَرَكِبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهَا اَلظُّهْرَ, وَالْعَصْرَ, وَالْمَغْرِبَ, وَالْعِشَاءَ, وَالْفَجْرَ) قصرا بلا جمع، (ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتْ اَلشَّمْسُ، فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ, فَوَجَدَ اَلْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ) (فَأَجَازَ) بمعنى تعدّى، وإنما قال: (أَجَازَ) يعني تعدى؛ لأن ... يوم عرفة في مزدلفة المشعر الحرام ويقولون: إنا أهل مكة وأهل الحرم لا نقف بالحل، وه?ذا من الحمية الجاهلية والعياذ بالله، أما النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ) أمر أن تُضرب له قبة بنمرة وهي قرية قرب عرفة، ضُربت له قبة بنمرة فنزلها (حَتَّى إِذَا زَاغَتْ اَلشَّمْسُ)، وه?ذا النزول فيه استراحة بعد التعب من المشي من منى إلى عرفة؛ لأن ه?ذا أطول مسافة في الحج من منى إلى عرفة، من منى إلى مكة قليل، ومن منى إلى مزدلفة قليل، ومن عرفة إلى مزدلفة قليل، وأطول ما يكون من منى إلى عرفة، فبقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هناك واستراح فلما زالت الشمس يقول: (أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ, فَرُحِلَتْ لَهُ) القصواء اسم ناقته، (فَرُحِلَتْ لَهُ) أي جعل رحلها عليها، ثم ركب عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (فَأَتَى بَطْنَ اَلْوَادِي) أي وادي عُرنة (فَخَطَبَ اَلنَّاسَ. ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ) أذّن يعني من يؤذن وكذلك الإقامة، (فَصَلَّى اَلظُّهْرَ, ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى اَلْعَصْرَ) فبهذه الجملة أنه ينبغي الإحرام بالحج في اليوم الثامن، وأن يبقى الحاج بمنى يوم الثامن وليلة التاسع، وأن ينزل بنمرة إلى زوال الشمس، وه?ذا على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟ كل ه?ذا على سبيل الاستحباب.
ثم فيه أيضا أنه يصلي الظهر والعصر في بطن عرنة، وهو في مكان المسجد الموجود الآن.
وفيه أيضا ينبغي أن يخطب الخطبة، وه?ذه الخطبة قال بها حتى من لم يقولوا بخطبة صلاة الكسوف، والصحيح أن الخطبة في صلاة الكسوف سنة وكذلك الخطبة هنا سنة.
ه?ذه الخطبة بيّن فيها الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قواعد الإسلام وشيئا من الفروع العامة كتحريم الربا الذي قال فيه: ((ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله)) صلى الظهر والعصر جمع تقديم.
وفيه أن يسن جمع التقديم في عرفة، وإنما صلى جمع تقديم من أجل اجتماع الناس؛ لأن الناس إذا تفرّقوا بعد الصلاة، تفرقوا في مواقفهم، ولو أخرت صلاة العصر لكان كل طائفة يصلون وحدهم في مكانه، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب أن يجتمع الناس حتى وإن أدّى ذلك إلى جمع الصلوات التي يجمع بعضها إلى بعض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/329)
أرأيتم جمعه في المدينة من أجل المطر، ما المقصود منه، حرص على الجماعة إلا فبإمكانهم أن يذهبوا إلى بيوتهم ويصلوا فيها وهم معذورون في ه?ذه الحال؛ ولكن لأجل الجماعة جمع عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
كذلك جماعة من العلماء أبدى حكمة أخرى قال: من أجل أن يطول زمن الوقوف والدعاء حتى لا يشتغل الناس بالصلاة بالطهارة لها والنداء والاجتماع إليها، ويبقون في الدعاء والتضرع لله عز وجل من حين أن يصلوا الظهر والعصر جمع تقديم.
يقول: (وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.) يعني ما صلى بين الظهر والعصر شيئا لأن سنة الظهر تسقط عن المسافر، (ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى اَلْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ اَلْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ, وَجَعَلَ حَبْلَ اَلْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ) ذهب عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في موقفه إلى أقصى عرفة من الشرق من خلف الجبل، جعل بطن الناقة إلى الصّخرات، يعني يلي الصخرات، وحبل المشاة وهو طريق يمشون فيه الناس جعله بين يديه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، واستقبل القبلة ولم يزل واقفا على بعيره حتى غربت الشمس، وهو مشتغل بالابتهال إلى الله عزّ وجل، والتضرع إليه رافعا يديه إلى الله تَبَارَكَ وَتَعَالى?? حتى غربت الشّمس، ولم يَمَلْ ولم يتعب مع طول القيام؛ ولكنّ الله عزّ وجل أعانه على طاعته أعانه عونا.
وثبت أنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ سقط خطام ناقته فأخذه بإحدى يديه وهو رافع الأخرى، وه?ذا يدلّ على تأكد رفع اليدين هنا.
المهم أنه بقي يدعو، يقول: (فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ اَلشَّمْسُ, وَذَهَبَتْ اَلصُّفْرَةُ قَلِيلاً, حَتَّى غَابَ اَلْقُرْصُ, وَدَفَعَ)
في ه?ذا من الفوائد:
أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه ذهب في ذلك الموقف لأنه والله أعلم كان من عادته أن يكون في أخريات القوم، وه?ذا هو آخر حدود عرفة في الناحية الشرقية، أو هو آخر ما يصل إليه الحجاج في ذلك الوقت، ووقف ه?ذا الموقف وقال للناس: ((وقفت ههنا وعرفة كلها موقف)) حتى لا يجتمع الناس إلى ه?ذا المكان فيحصل الضيق والعنت عليه، كأنه يقول: الزموا أماكنكم فإن عرفة كلها موقف.
ويستفاد من ذلك استقبال القبلة حال الدعاء يوم عرفة، ورفع اليدين، وأن الإنسان إذا تشاغل بما ينفع المسلمين من إجابة سؤال أو أمر بالمعروف أو نهي عن منكر فإنّ ذلك لا يقطع دعاءه؛ لأن نفع ه?ذا متعد، والدعاء نفعه خاص غير متعدٍّ، فلا ينبغي للإنسان مثلا إذا اشتغل بالدعاء في عرفة وجاء شخص يسأله أن يكشِّر في وجهه، أو يقول: لا تشغلني، أو ما أشبه ذلك.
اللهم إلا في مسائل لا تفوت وه?ذا السائل الذي معك سيدركك ويسألك في وقت آخر، فهنا ربما نقول: إنه يسوغ لك أن تقول: لا تشغلني واشتغل بالدعاء.
قد يكون ه?ذا السائل من رفقتك، ويكون السؤال لا داعي له، لا حاجة إلى بيانه في ه?ذا الوقت؛ لأنها مسألة علمية تناقشوا فيها واختلفوا وجاءوا إليك يسألونك مثلا، فلكل مقام مقال، لكن لو كانت مسألة واقعة حادثة تحتاج إلى حلّ فإن التشاغل بإجابة السائل هنا أفضل من التشاغل بالدّعاء.
ومن فوائد ه?ذه الجملة أنه لا دفْع من عرفة إلا بعد الغروب لقوله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (حَتَّى غَابَ اَلْقُرْصُ, وَدَفَعَ) ولا يجوز الدّفع قبل الغروب؛ لكن لو دفع فهو آثم والحج صحيح، لحديث عروة بن مضرّس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وسيأتي إن شاء الله تَعَالى?.
الدفع قبل الغروب فيه عدة مفاسد:
المفسدة الأولى أنه خلاف هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثانيا أنه موافق لهدي المشركين؛ لأنّ المشركين كانوا يدفعون من عرفة إذا كانت الشمس على الجبال كالعمائم على الرؤوس دفعوا.
الثالث أن فيه نصّا في الوقوف الذي هو الرّكن، ومعلوم أن الأركان أفضل من الواجبات، والواجبات أفضل من السنن؛ لأنه كلّما تأكدت العبادة كانت أفضل لقوله تَعَالى? في الحديث القدسي: ((ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/330)
قال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (وَدَفَعَ, وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ اَلزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ) اللهم صل وسلم عليه، (شنقه) يعني جلبه (حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ) يعني رقبته لئلا تندفع؛ لأن دفع الناس جميعا والإبل ومشيها يأخذ بعضُها بعضا حتى تسرع، كما يقول العامة: بعضها يشيل بعض، لكن الرسول شنق الزمام لئلا تسرع، (وَيَقُولُ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى: ((أَيُّهَا اَلنَّاسُ, اَلسَّكِينَةَ, اَلسَّكِينَةَ))) يعني اسكنوا اطمئنوا.
يقول: (كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً [من الحبال] أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ) في ه?ذه الجملة:
كيف يدفع الإنسان من عرفة، يدفع بسكينة بقدر ما يستطيع، ويأمر الناس بالسكينة ليسكنوا، يأمرهم بالسكينة إما بصوته إن تمكّن أو بمكبر الصوت: أيها الناس السكينة السكينة، كما فعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
وفيه أيضا أن حسن رعاية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما هو مولا عليه، ه?ذه البهيمة إذا أتى حبلا من الحبال يعني شيئا مرتفعا أرخى لها قليلا حتى تصعد، رفقا بها، وثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه إذا وجد فجوة نص أي أسرع السير، فيؤخذ من ه?ذا وه?ذا أنه ينبغي للإنسان مراعاة ما هو راكب عليه وأنه إذا وجد فجوة ومتّسعا فليسرع.
يقول: (حَتَّى أَتَى اَلْمُزْدَلِفَةَ, فَصَلَّى بِهَا اَلْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ, وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ اِضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ اَلْفَجْرُ, وَصَلَّى اَلْفَجْرَ, حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ اَلصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى اَلْمَشْعَرَ اَلْحَرَامَ, فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ, فَدَعَاهُ, وَكَبَّرَهُ, وَهَلَّلَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا. فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ) ه?ذا موقف مزدلفة، دفع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة بسكينة وهو يسكّن الناس عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وفي أثناء الطريق نزل فبال وتوضأ وضوءا خفيفا، فقال له أسامة وكان رديفه: الصلاة يا رسول الله. قال: ((الصلاة أمامك))؛ لأنه لا يمكن الصلاة في الطريق؛ لأن إيقاف الناس وهم مندفعون فيه شيء من الصعوبة، ثم المبادرة ما دام ضوء النهار باقيا أرفق بالناس، ولهذا قال: ((الصلاة أمامك)) فلما وصلوا إلى مزدلفة أمر بلالا فأذن ثم أقام لصلاة المغرب ثم أناخ كل واحد بعيره، ثم صلى العشاء.
فيه أيضا دليل على أنه لا ينبغي في ليلة مزدلفة أن يشتغل الناس بالذكر أو بالقرآن أو بالصلاة؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطجع حتى طلع الفجر، وه?ذا من حسن رعايته لنفسه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ لأنه بعد التعب في المسير من عرفة إلى مزدلفة، وفي النهار أيضا كان مشتغلا بالدعاء وبتعليم الناس وتوجيههم، تحتاج النفس إلى راحة؛ فنام كل الليل.
ولم يذكر جابر ولا غيره فيما أعلم هل أوتر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا؟ والظاهر أنه أوتر لأنه لم يكن يدع الوتر لا حضر ولا سفرا.
وفيه أنه ينبغي تقديم صلاة الفجر في يوم العيد بمزدلفة؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الفجر من حين تبيّن له الفجر؛ ولكن يجب الحذر من الاغترار بفعل بعض الناس فإنه في ليلة مزدلفة تسمع بعض الناس يؤذن قبل الوقت بساعة أحيانا أو أكثر، يستطيلون الليل ثم يقوم يؤذن ويصلي الفجر ويمشي؛ وليته لم يضر إلا نفسَه؛ لكن إذا سمعه غيره يؤذن أذّن وتتابع الناس، ولهذا يجب الحذر في صلاة الفجر ليلة المزدلفة.
وفيه أنه ينبغي للإنسان أن يتقدّم إلى المشعل الحرام، إن كان على راحلته إن كان له راحلة أو على قدمه إن كان ماشيا؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقدم إليه، ومع ذلك قال: ((وقفتُ ههنا وجمع كلها موقف)) ويدعو إلى أن يُسفر جدا ويتبيّن النهار تماما ثم يدفع إلى منى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/331)
قال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرَ فَحَرَّكَ قَلِيلاً، ثُمَّ سَلَكَ اَلطَّرِيقَ اَلْوُسْطَى ... ) إلى آخره، (أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرَ) ه?ذا بطن الوادي وسمي محسرا؛ لأنه يُحسِّر سالكه لأن فيه رملا فيحسر سالكه. (فَحَرَّكَ قَلِيلاً) لماذا حرك؟
قيل: لأن ه?ذا هو المكان الذي نزلت فيه عقوبة أصحاب الفيل، فأسرع فيه، ولهذا أمر أن يسرع الناس إذا مروا بديار ثمود.
وقيل: إنه أسرع فيه من أجل أنه دع، وعادة يكون المشي في الدعة بطيئا فحرك،
وقيل: إنه حرّك لأن قريشا كانوا ينزلون في ه?ذا الوادي ويذكرون أمجاد آبائهم؛ يفتخرون بهم، فأراد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن يعاكسهم وأن يسرع بدلا من وقوف قريش.
على كل حال كل ه?ذا ممكن إلا القول بأنه أسرع لأن الله أنزل فيه عقوبة أصحاب الفيل ففيه نظر؛ لأن المعروف أن عقوبة أصحاب الفيل كانت في المغمس وليست هنا.
قال: (ثُمَّ سَلَكَ اَلطَّرِيقَ اَلْوُسْطَى) لأن منى فيها ثلاثة طرق شمالية وجنوبية ووسطى، فسلك عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، الجمرة يعني مكان اجتماع الناس؛ لأن الناس كلهم ينصبّون في ه?ذه الجمرة، ورمى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وهو راكب وكان معه أسامة وبلال أحدهما يقود به راحلته، والثاني يظلله بثوبه؛ يستره من الحر، قال: (حَتَّى أَتَى اَلْجَمْرَةَ اَلَّتِي عِنْدَ اَلشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ, يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا) يعني يقول: الله أكبر، (كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا, مِثْلَ حَصَى اَلْخَذْفِ, رَمَى مِنْ بَطْنِ اَلْوَادِي، ثُمَّ اِنْصَرَفَ إِلَى اَلْمَنْحَرِ, فَنَحَرَ) رمى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بطن الوادي لأنه أيسر، وكانت جمرة العقبة في ذلك الوقت، كانت في ذي الحجبة، وأنا أدركت ذلك، فرمى من ببطن الودي لأنه أيسر من أن يرمي من فوق.
ولكن كيف رمى؟ جعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه والجمرة أمامه، ه?ذا هو الذي ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. (فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ).
يستفاد من ه?ذا أنه ينبغي للإنسان في أسفاره أن يسلك أقرب الطرق إلى حصول المقصود؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلك الطريق الوسطى التي تخرج رأسا على جمرة العقبة.
وفيه أيضا المبادرة برمي جمرة العقبة، يرميها قبل أن ينزل من رحله.
وفيها أيضا أنها ترمى بسبع حصيات ويكبّر مع كل حصاة.
وفيه أن ه?ذا الحصى ليس بالكبير ولا بالصغير؛ بل هو مثل حصى الخذف قال العلماء: وهو بين الحمص والبندق.
وفيه أيضا أنه يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي، فلو رماها من فوق الجبل؛ لكن لا ينبغي للإنسان أن يسلك الأشق مع إمكان الأسهل، إلا أنه يقال: ربما يكون رميها من فوق الجبل أسهل إذا كثر الزِّحام، كما كان الناس يفعلونه من قبل؛ لكن هنا بنوا ه?ذا الجدار من خلف لما أزالوا الجبل لئلا تُرمى من الخلف، ومع الأسف أنها صارت الآن ترمى من الخلف لاسيّما في يوم العيد يأتي الناس بكثرة وزحام ه?ذا الجدار فيرمون.
يقول: (ثُمَّ اِنْصَرَفَ إِلَى اَلْمَنْحَرِ, فَنَحَرَ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى اَلْبَيْتِ, فَصَلَّى بِمَكَّةَ اَلظُّهْرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلاً).
(اِنْصَرَفَ إِلَى اَلْمَنْحَرِ) يعني مكان نحر الإبل وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أهدى مائة بعير، والواحد منا الآن يتعثر على شاة واحدة واجبة أيضا. ويقول: أي الأنساك الثلاثة أسهل، وأيها التي ما فيها ذبح؟ فيختارها خوفا من ه?ذه الشاة، وأما الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهدى مائة بعير وأشرك علي بن أبي طالب في هديها، ونحر منها ثلاثا وستين بيده، وأعطى عليا فنحر الباقي، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها تحقيقا لقوله تَعَالى?: ?فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ? [الحج:28].
قال العلماء: من الأمور العجيبة أنه نحر ثلاثا وستين بيده الكريمة وكان ه?ذا العدد مطابق لسنين عمره، فإن عمره كان ثلاثا وستين سنة صلوات الله وسلامه عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/332)
ثم إنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حلّ من إحرامه بعد أن رمى ونحر وحلق حلّ من إحرامه وتطيب ونزل إلى البيت فطاف وصلى بمكة الظهر.
والحقيقة أنه عند التأمل يجد الإنسان بركة عظيمة في ه?ذا الوقت الموجز، وكانت حجة الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في الاعتدال الربيعي -يعني النهار والليل متساويان تقريبا- في ه?ذه المدة الوجيزة عمل ه?ذه الأعمال الكثيرة، دفع من مزدلفة ورمى ونحر ثلاثا وستين بل مائة، وأمر بأن تطبخ وأكل من لحمها وشرب من مرقها، وحلق وحل ووقف للناس يسألونه ونزل إلى مكة وطاف وسعى وصلى الظهر بمكة، أعمال عظيمة في زمن قليل؛ ولكن الله عز وجل إذا بارك للإنسان صار يفعل في الوقت القصير أفعالا كثيرة، وه?ذا شيء مشاهد نسأل الله لنا ولكم أن يبارك في الأعمال والأعمار.
يقول هنا: (فَصَلَّى بِمَكَّةَ اَلظُّهْرَ) وفي حديث أنس في الصحيحين أنه صلى الظهر بمنى، فاختلف العلماء في ذلك:
فقال بعضهم: نقدم حديث أنس لأنه في الصحيحين.
وقال آخرون: نقدم حديث جابر؛ لأن جابرا ضبط الحج ضبطا وافيا، فكان أعلم بذلك من غيره.
وقال بعضهم: بل نجمع بينهما فنقول صلى الظهر بمكة في وقتها، ولما خرج إلى منى وجد جماعة من أصحابه لم يصلوا فصلى بهم، فيكون صلى الظهر مرتين.
الجمع أولى، كلما أمكن الجمع فهو أولى.
هنا يقول: (فطاف بالبيت)، ولم يذكر السعي لماذا؟ لأنه سعى بعد طواف القدوم، والقارن إذا سعى بعد طواف القدوم كفاه، ولهذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة: ((طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك)) فقد أدّى الواجب، وكذلك أصحابه الذين لم يَحلوا طافوا معه، ولم يسعوا لأنّهم كانوا قد سعوا، وعلى ه?ذا يحمل حديث جابر: (لم يطف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول)، فيعني بأصحابه هنا الذين لم يحلوا معه، يتعين ه?ذا؛ لأن الذين حلوا ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنه لما كان عشية يوم التروية أمرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحرموا، فلما قضوا المناسك طافوا بالبيت وبالصفا والمروة هكذا جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس، قال: طافوا بالبيت وبالصفا والمروة. وهو صريح بأنهم طافوا بالبيت وبالصفا والمروة.
وكذلك ثبت في الصحيح من حديث عائشة أن الذين أحرموا بالعمرة طافوا بالصفا والمروة مرتين.
ومادام عندنا حديثان صحيحان صريحان في أن المتمتع يطوف ويسعى مرتين فإن حديث جابر يتعين أن يحمل على الذين لم يحلوا.
وبهذا نعرف أن ما ذهب إليه جماعة من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في أن المتمتع يكفيه سعي واحد أنه قول ضعيف، ويتبين لنا أيضا أن الإنسان مهما بلغ من العلم والفهم فإنه لا يسلم من الخطأ لأنه لا معصوم إلا من عصم الله عز وجل، والإنسان يخطئ ويصيب، وحديث ابن عباس وعائشة كلاهما في البخاري، ومثل ه?ذا لا يخفى على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من حفاظ الحديث حتى قال بعضهم: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بصحيح؛ ولكن الإنسان بشر، فالصواب بلا شك أن المتمتِّع يلزمه طوافان وسعيان، والقياس يقتضي ذلك؛ لأنّ العمرة انفردت وفصل بينهما وبين الحج حلّ كامل، وأحرم الإنسان بالحج إحراما جديدا.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:30 ص]ـ
[الحديث الثامن والعشرون]
وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ سَأَلَ اَللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنَ اَلنَّارِ. رَوَاهُ اَلشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
[الشرح]
وإذا كان الإسناد ضعيفا فلا يكون ذلك سنة؛ بل يلبي بتلبية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا سأل اللهَ الجنة واستعاذ به من النار لا معتقدا أنه سنة فلا بأس.
[الحديث التاسع والعشرون]
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَحَرْتُ هَاهُنَا, وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ, فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ, وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ, وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
ه?ذا من تيسير الله عز وجل أن الرسول نحر في مكان معين وقال: (وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) انحروا في أي مكان منها، وكذلك الوقوف في عرفة وفي مزدلفة، وه?ذا من يسر الشريعة الإسلامية ولله الحمد.
وقوله: (وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) يفيد أنه لا نحر إلا في منى؛ ولكن قال الإمام أحمد: مكة ومنى واحد. فلو نحر الإنسان في مكة فلا بأس، وقد جاء فقد جاء في الحديث: ((فجاج مكة طريق ومنحر))، أما في الحل فلا، فلو ذبح الإنسان هديه في عرفة ولو في يوم العيد، فإنه لا يجزي على ما قاله أهل العلم، فلابد أن يكون النحر في الحرم.
[الحديث الثلاثون]
745 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا, وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
(مِنْ أَعْلاهَا) من شرق، (وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا) من المكان الذي يسمى ...
وهل ه?ذا على سبيل الاستحباب أو على سبيل المصادفة؟ المعروف عند كثير من أهل العلم أنه على سبيل الاستحباب، قالوا: ه?ذا كمخالفة الطريق في العيد، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج يوم العيدين خالف الطريق، يخرج من طريق ويرجع من آخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/333)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:17 م]ـ
[الحديث الواحد والثلاثون]
وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ لا يَقْدُمُ مَكَّةَ إِلاَّ بَاتَ بِذِي طُوَى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ, وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
ففيه استحباب البيات بذي طوى وهي المعروفة في الوقت الحاضر بآبار ... معروفة في مكة، وفيه استحباب الاغتسال لدخول مكة، وفيه جواز اغتسال المحرم ولو من غير جنابة.
[الحديث الثاني والثلاثون]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ اَلْحَجَرَ اَلأَسْوَدَ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ. رَوَاهُ اَلْحَاكِمُ مَرْفُوعًا, وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا.
[الشرح]
ومعنى السجود عليه أن يضع جبهته عليه.
[الحديث الثالث والثلاثون]
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَرْمُلُوا ثَلاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا أَرْبَعًا, مَا بَيْنَ اَلرُّكْنَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
المراد بالركنين الحجر الأسود واليماني، هكذا عندي أنا، أن يرموا ثلاثة أشواط ويمشوا أربعا ما بين الركنين. والذي نعرف (ويمشي) في عمرة القضاء، أما في حجة الوداع فإن الرسول رمل من الحجر إلى الحجر.
[الحديث الرابع والثلاثون]
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنَ اَلْبَيْتِ غَيْرَ اَلرُّكْنَيْنِ اَلْيَمَانِيَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
المعروف أنه عن ابن عباس في مناظرته رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مع معاوية.
[الحديث الخامس والثلاثون]
وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَبَّلَ اَلْحَجَرَ اَلأَسْوَدَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ, وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
ففيه ردّ على ما يفعله بعض الناس من الحجر الأسود والركن اليماني يظنون أن الرسول فعل ذلك للتبرك به، حتى إنك تشاهدهم يمسحون الركن اليماني بيده ثم يمسح بها وجه طفله وبدنه، يظن أن ه?ذا من باب التّبرك وليس من باب التبرك، وإنما من باب التعبّد، ولهذا قال عمر: (وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ).
[الحديث السادس والثلاثون]
وَعَنْ أَبِي اَلطُّفَيْلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْتَلِمُ اَلرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ, وَيُقْبِّلُ اَلْمِحْجَنَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
ففيه دليل على أن الإنسان إذا طاف بالبيت ولم يستطيع أن يستلمه بيده، ومعه شيء فإنه يستلمه بهـ?ذا الشيء ويقبله؛ ولكن يشترط في ذلك أن لا يؤذي أحدا، فإن كان يؤذي أحدا فإنه لا يفعل لأنّ الأذية محرمة واستلامه له?ذا الشيء سنة.
فإن قال قائل: النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ألا يمكن أن يؤذي أحدا؟
فالجواب: لا؛ لأن الناس إذا رأوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد أن يستلمه بالمحجن سوف يبتعدون ولا يتأذّون بذلك، وإنما فعل ه?ذا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لأنه كان راكبا ومعه محجن، المحجن العصا المنحنية الرأس، مرّ علينا في الرجل الذي كان يسرق الحجاج بمحجنه.
[الحديث السابع والثلاثون]
وَعَنْ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: طَافَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلاَّ النَّسَائِيَّ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.
[الشرح]
ه?ذا في الاضطباع، وهو أن يجعل وسط الرّداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر؛ لكن ه?ذا في الطواف أول ما يقدم، وليس في جميع الأحوال كما يفعله العامة.
[الحديث الثامن والثلاثون]
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ يُهِلُّ مِنَّا اَلْمُهِلُّ فَلا يُنْكَرُ عَلَيْهِ, وَيُكَبِّرُ مِنَّا اَلْمُكَبِّرُ فَلا يُنْكَرُ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
فيلبي الملبي ولا ينكر عليه، أما الملبي فظاهر؛ لكن المكبر والمهلل ربما يقول قائل: قد ننكر عليه؛ لأن المقام مقام تلبية؛ ولكن يقال: كلّه ذكر لله عز وجل، فلا ينكر على ه?ذا ولا على ه?ذا.
[الحديث التاسع والثلاثون والأربعون]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اَلثَّقَلِ, أَوْ قَالَ فِي اَلضَّعَفَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: اِسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ اَلْمُزْدَلِفَةِ: أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَهُ, وَكَانَتْ ثَبِطَةً -تَعْنِي: ثَقِيلَةً- فَأَذِنَ لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
[الشرح]
في ه?ذا دليل على أن الثقيل والضعيف ومن لا يتمكن من مزاحمة الناس في جمرة العقبة له أن يدفع بليل.
وكلمة (بليل) مبهمة.
فمن العلماء من يقيّدها بنصف الليل، وهو غالب المذاهب.
ومنه من يقول: إنها مقيدة بغروب القمر، وه?ذا ظاهر حديث أسماء بنت أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنها كانت ترقب غروب القمر فإذا غاب دفعت، وه?ذا هو الأولى.
وظاهر الحديث أنهم يرمون الجمرة من حين أن يصلوا إليها؛ لأنّه إذا جاز الدفع لمزدلفة فإنما يُدفع من أجل الرّمي؛ لأنّ الرمي تحية منى، وأول ما يفعل في منى، ولا يمكن أن الرّسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يأذن لهم في ترك المبيت بمزدلفة وهو واجب من واجبات الحج إلى أن يذهبوا إلى منى ويبقوا من غير أن رمي جمرة العقبة، ولهذا يكون حديث ابن عباس:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/334)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:26 م]ـ
[الحديث الواحد والأربعون]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَرْمُوا اَلْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلاَّ النَّسَائِيَّ, وَفِيهِ اِنْقِطَاعٌ.
[الشرح]
والانقطاع يوجب ضعف الحديث، فنقول: إن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أذن لهم أن يتقدموا قبل الفجر ليرموا؛ لأنه من المعروف أن الناس إذا قدموا إلى منى أول ما يفعلون الرمي، ولا نرى كحكمة من أن يقال: يدفع من مزدلفة وانتظروا في منى؛ فإنهم إن دفعوا من مزدلفة وانتظروا في منى لم يكن في حكمه إطلاقا؛ بل فيه ترك أمر واجب لأمر لا فائدة منه.
فالصواب بلا شك أن من جاز الدفع في آخر الليل من مزدلفة جاز له الرمي ولو قبل الفجر، والقوي إن قلنا بجواز الدفع له، إذا كان مع الضعفاء فأرجو أن لا يكون فيه بأس؛ لأنه في الوقت الحاضر من شاهد الناس ومشقة الرمي يرى أن الدين بيسره وسهولته لا يمنع ه?ذا الذي ذهب مع أهله أن يرمي معهم.
[الحديث الثاني والأربعون]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَرْسَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ اَلنَّحْرِ, فَرَمَتِ اَلْجَمْرَةَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ, ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ, وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
[الشرح]
وهو يقوي ما أشرنا إليه من أنه من دفع من مزدلفة فيرمي ولو قبل الفجر، وثبت في صحيح البخاري أن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان يدفع بأهله فكانوا يوافون منى مع الفجر أو قبل الفجر ويرمون، وقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للضعن؛ يعني للنساء.
[الحديث الثالث والأربعون]
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ شَهِدَ صَلاتَنَا هَذِهِ -يَعْنِي: بِالْمُزْدَلِفَةِ- فَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ, وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا, فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ.)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
[الشرح]
والحديث ه?ذا سببه أن عروة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان من حائل من جبل طيّ، فجاء إلى الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يسأله وهو في صلاة الفجر في مزدلفة، وقال: يا رسول الله أتعبت نفسي وأتعبت راحلتي، وما تركت جبلا إلا وقفت عنده، يعني هل لي من حج؟ فقال له ه?ذا الكلام.
وفيه دليل أن من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر لكن في وقت صلاة الفجر التي صلاها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإنه لا شيء عليه؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: (فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ).
وفي قوله: (قَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا) استدلّ الحنابلة رحمهم الله على أن من وقف بعرفة قبل الزّوال تم حجه، وإن لم يبق حتى الزّوال أخذا بعموم قوله: (لَيْلاً أَوْ نَهَارًا). حتى لو انصرف قبل الزوال صح حجه؛ لكن عليه الدم؛
لكن جمهور أهل العلم على خلاف ذلك قالوا: إن قوله: (لَيْلاً أَوْ نَهَارًا) يعني به وقت الوقوف، ووقت الوقوف لم يكن إلا بعد الزوال.
وينبني على ذلك رجل جاء وقت الضحى إلى عرفة ووقف بها، ثم طرأ له عذر فذهب من عرفة قبل أن تزول الشمس إما مرض أو ضياع شيء، المهم لو خرج من عرفة قبل زوال الشمس، ثم عاد إلى مزدلفة بعد الغروب وبات بمزدلفة، فعلى مذهب الحنابلة حجه صحيح؛ لكن عليه دم لترك واجب وعلى رأي الجمهور حجه ليس بصحيح وقد فاته الحج؛ لأنهم يرون أن وقت الوقوف يكون من بعد الزوال.
وقول الجمهور له وجه، ووجهه أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقف إلا بعد الزوال، وقال: ((خذوا عني مناسككم)).
والجواب عن حديث عروة بن مضرس أن النهار قد يراد به بعضه، فيحمل على النهار الذي وقف فيه الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وهو ما بعد الزوال.
[الحديث الرابع والأربعون]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/335)
وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ اَلْمُشْرِكِينَ كَانُوا لا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ. وَأَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ, ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
(ثَبِيرُ) جبل مرتفع يبين به طلوع الشمس قبل غيره، يقولون: (أَشْرِقْ ثَبِيرُ) كيف يوجهون الأمر إلى الجبل؟ ه?ذا من باب التمني، إذا وُجِّه الأمر أو الطلب إلى الجماد فهو من باب التمني، وليس أمرا ولكنه يتمنى ذلك:
ومنه قول الشاعر ():
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي
لا يمكن أن ينجلي بنفسه؛ لكنه على سبيل التمني، يريدون الشمس تشرق فيه؛ يعني وجهه مقابل الشمس نعم.
يقول: (وَأَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ, ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.) كما خالفهم في الدّفع من عرفة فدفع بعد الغروب وهم يدفعون قبل الغروب.
[الحديث الخامس والأربعون]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ قَالا: لَمْ يَزَلِ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ اَلْعَقَبَةِ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
(حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ اَلْعَقَبَةِ) حتى شرع في ذلك أو حتى أتم؟ الصواب أن المعنى حتى شرع؛ لأن حديث جابر فيه أنه رمى بسبع فيكبر مع كل حصاة ولم يذكر التلبية، وعلى ه?ذا فيقطع الإنسان التلبية إذا شرع في رمي جمرة العقبة.
[الحديث السادس والأربعون]
وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ اَلْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ, وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ, وَرَمَى اَلْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَقَالَ: هَذَا مَقَامُ اَلَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ اَلْبَقَرَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الجمرة أمامه ومنى عن يمنه والكعبة عن يساره، وإنما خص سورة البقرة لأن فيها آيات كثيرة في الحج ه?ذا وجه المناسبة في قوله: (هَذَا مَقَامُ اَلَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ اَلْبَقَرَةِ).
[الحديث السابع والأربعون]
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَمَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلْجَمْرَةَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ ضُحًى, وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
ففيه دليل على أن رمي الجمرات في الأيام التي بعد العيد بعد الزوال، وه?ذا واجب، ولا يصح الرمي قبل الزوال، وفي قوله: (فَإِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ) ولم يبين منتهى الوقت دليل على أنه أن يرمي ولو بعد غروب الشمس ويؤيده عموم الحديث: رميت بعدما أمسيت، فقال: ((لا حرج)).
[الحديث الثامن والأربعون]
وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي اَلْجَمْرَةَ اَلدُّنْيَا, بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ, يُكَبِّرُ عَلَى أَثَرِ كُلِّ حَصَاةٍ, ثُمَّ يَتَقَدَّمُ, ثُمَّ يُسْهِلُ, فَيَقُومُ فَيَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ, فَيَقُومُ طَوِيلاً, وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ, ثُمَّ يَرْمِي اَلْوُسْطَى, ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ اَلشِّمَالِ فَيُسْهِلُ, وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ, ثُمَّ يَدْعُو فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُومُ طَوِيلاً, ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ اَلْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ اَلْوَادِي وَلا يَقِفُ عِنْدَهَا, ثُمَّ يَنْصَرِفُ, فَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/336)
(وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي اَلْجَمْرَةَ اَلدُّنْيَا, بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ, يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ, ثُمَّ يَتَقَدَّمُ) لا حظ قوله: (يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ) وفي حديث جابر (مع كل حصاة) وظاهر حديث ابن عمر يخالف حديث جابر، وقد يقال: إن الأمر في ذلك هين سواء حذف مع الله أكبر أو يحذف بدون تكبير ثم يقول بعد الحذف: الله أكبر، الأمر في ذلك واسع، فإن كبر مع الرمي الجائز، وإن كبر على إثره فجائز أيضا.
يقول: (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ, ثُمَّ يُسْهِلُ, فَيَقُومُ فَيَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ, فَيَقُومُ طَوِيلاً, وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ, ثُمَّ يَرْمِي اَلْوُسْطَى, ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ اَلشِّمَالِ فَيُسْهِلُ, وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةِ, ثُمَّ يَدْعُو فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُومُ طَوِيلاً, ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ اَلْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ اَلْوَادِي وَلا يَقِفُ عِنْدَهَا, ثُمَّ يَنْصَرِفُ, فَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.) والله أعلم.
[الحديث التاسع والأربعون]
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ; أَنَّ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اَللَّهُمَّ ارْحَمِ اَلْمُحَلِّقِينَ)) قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ. قَالَ فِي اَلثَّالِثَةِ: ((وَالْمُقَصِّرِينَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
ففيه دليل على أن الحلق أفضل؛ لأنه دعا للمحلّقين ثلاثا، وللمقصرين واحدة.
[الحديث الخمسون]
وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوِ بْنِ اَلْعَاصِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ, فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ, فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ, فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ: ((اِذْبَحْ وَلا حَرَجَ)) فَجَاءَ آخَرُ, فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ, فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ, قَالَ: ((اِرْمِ وَلا حَرَجَ)) فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلا أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ: ((اِفْعَلْ وَلا حَرَجَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
ففي ه?ذا الترتيب بين الأفعال التي تفعل يوم العيد الخمسة: الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف ثم السعي. هكذا مرتبة، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج.
لكن هل يشترط أن يكون ذلك عن جهل أو نسيان لقوله: (لم أشعر) أو لا؟ في ه?ذا خلاف بين العلماء:
منهم من قال: إنه يشترط أن يكون ذلك عن جهل أو نسيان؛ لأنه قال: (لم أشعر)، والجواب .. ()
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:40 م]ـ
[الحديث الواحد والخمسون]
وَعَنْ اَلْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ, وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
ه?ذا الحديث فيه سنة فعلية وسنة قولية:
الفعلية قال: (نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ).
والقولية، (وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ)، أي بأن ينحروا قبل أن يحلقوا.
وه?ذا الحديث ذكره المؤلف هنا إنما كان في صلح الحديبية ووضْعه هنا فيه إيهام؛ لأن من قرأه يظن أن ذلك كان في حجّة الوداع، والأمر ليس كذلك، وإنما ه?ذا الحديث في صلح الحديبية، فإن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صالح قريشا على أن يرجع ذلك العام ويأتي من العام المقبل نحر هو ثم حلق وأمر أصحابه بذلك، أمر أصحابه أن ينحروا ثم يحلقوا وفي ه?ذا قال تَعَالى?: ?وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ? [البقرة:196]، والآية أيضا ظاهرة أنها في سياق الحديبية؛ لأنه قال: ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ? [البقرة:196]، وعلى ه?ذا فإننا نقول: إن الإنسان إذا أحصر في عمرة ومنع من الوصول إلى البيت فإنه يجب عليه أن ينحر الهدي الذي معه ويجب عليه أن يحلق رأسه؛ لأن النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك وأمر به، فإن لم يكن معه هدي وجب عليه شراؤه حتى يذبحه لقوله تَعَالى?:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/337)
? فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ? فإن لم يكن معه شيء -يعني أنه فقير- فالصحيح أنه لا شيء عليه خلافا لمن قال من أهل العلم: إنه يجب عليه أن يصوم عشرة أيام قياسا على هدي التمتع، وذلك لأن الفرق بينهما ظاهر فإن الهدي فإن هدي الإحصار عن عدم إتمام النسك، وأما هدي التمتع فهو كالشكر على إتمام النسك، لأن الإنسان يتم له فيه تمتع عمرة وحج، فبينهما فرق، فلا يمكن أن يقاس أحدهما على الآخر.
ولهذا لم يأمر النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أحدا من الصحابة أن يصوم مع أن كثيرا من الصحابة فقراء ليس معهم هدي ولم يأمرهم بالهدي.
إذن نقول ه?ذا الحديث في من أحصر، إذا أحصر عن إتمام العمرة فإنه ينحر الهدي إن كان معه، ويشتريه إن لم يكن، ثم ينحره ثم يحلق امتثالا لأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإقتداءً بفعله.
نأخذ من ه?ذا الحديث فوائد:
أولا جواز التحلل عند الحصر؛ لأن الحلق علامة التحلل؛ ولكن ما هو الحصر الذي يبيح التحلل؟ هل هو كل حصر أو الحصر بالعدو خاصة؟
في ه?ذا خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال إن المراد به حصر العدو فقط؛ يعني إذا حصره عدو -منعه من وصول البيت- فإنه يتحلل، واستدل بأن الآية نزلت بسبب حصرهم بالحديبية استدلالا بقوله: ?فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ? [البقرة:196]، والأمن ضد الخوف وعلى ه?ذا فقوله: ?إِنْ أُحْصِرْتُمْ? وإن كان مطلقا غير مقيد يقيّده السياق ويقيّده السبب الذي نزلت فيه الآية.
فإذا أحصر بعدو منعه عن الوصول إلي البيت فإنه يفعل كما أمه النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وكما عل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما إذا أحصر بمرض فإنه لا يتحلل؛ بل يبقى على إحرامه حتى يُشفى ثم يُنهي نسكه، فلو أن أحدا مُرض وقد أحرم بعمرة فإننا نقول: لا تتحلل تبقى محرما حتى يشفيك الله عز وجل، ثم تقضي؛ يعني تكمل العمرة، وكذلك لو كُسر الإنسان، إنسان أحرم بالعمرة ثم صار عليه حادث وانكسر وهو يعرف أنه لن يتمكن من قضاء أو من إتمام العمرة إلا بد شهرين أو ثلاثة، فإنه يبقى على ه?ذا القول -على قول من يخصون الحصر بالعدو- يبقى محرما إلى أن يبرى.
والقول الثاني في المسألة أن الحصر عام، وأن كل إنسان حصر عن إتمام نسكه فإنه يحل منه إن شاء لإطلاق الآية ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ?، وأما تفريع حكمه فيختص ببعض أفراد ه?ذا المطلق فإنه لا يدل على التخصيص، وكذلك السبب لا يدل على التخصيص؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ثم على فرض أن الحصر بغير العدو لا تتناوله الآية بلفظها فإنها تتناوله بمعناها؛ بجامع أن في حصر العدو منعا من النسك وكذلك في حصر المرض والكسر وما أشبه ذلك، فيُلحق به من باب القياس على فرض أن اللفظ لا يشمله، وه?ذا القول هو الراجح أن الحصر عام، فإذا حُصر الإنسان، قلنا: انحر هديا واحلق الرأس.
وفي ه?ذا دليل على وجوب حلق الرأس ووجوب الهدي:
أما الهدي فإنه بنص القرآن ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ?.
وأما الحلق فإنه بالسنة أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحلقوا.
وقد يقول قائل: إن في القرآن إشارة إليه وهو قوله: ?وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ? وعلى ه?ذا يدل على أن الحلق مشهور؛ لكن ثبت في السنة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أصحابه بذلك.
وعلى ه?ذا يكون الهدي واجبا وكذلك الحلق.
فإن قصر أجزأ أو لا؟ اجزأ، فإن خالف الترتيب؟ فالظاهر أن ه?ذا ليس بجائز لقوله: ?وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ?، ولم يرد الترخيص في التنكيس إلا في الأنساك في يوم العيد.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:49 م]ـ
[الحديث الثاني والخمسون والثالث والخمسون]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدَ حَلَّ لَكُمْ اَلطِّيبُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ اَلنِّسَاءَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/338)
وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَيْسَ عَلَى اَلنِّسَاءِ حَلْقٌ, وَإِنَّمَا يُقَصِّرْنَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
[الشرح]
الحديث الأول وإن كان في إسناده ضعف إلا أن يؤيده الحديث الثابت في الصحيحين الذي سنذكره إن شاء الله، يقول: (إِذَا رَمَيْتُمْ) يعني رمى جمرة العقبة يوم العيد، (وَحَلَقْتُمْ) وكذلك لو قصر الإنسان فهو بدل عن الحلق، (فَقَدَ حَلَّ لَكُمْ اَلطِّيبُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ اَلنِّسَاءَ)، الطيب يعني ما يتطيب به الإنسان من دهن أو بخور أو غيره، (وَكُلُّ شَيْءٍ) يعني من محظورات الإحرام؛ يعني ليس كل شيء محرم؛ لأن الحل لا يحل كل ما حرمه، إنما يحل المحظورات فقوله: (وَكُلُّ شَيْءٍ) يعني من محظورات الإحرام معروفة مثل: الطيب، والنساء، والصيد، حلق شعر الرأس، لبس السراويل والبرانس والعمائم والخفاف، والمرأة لبس القفازين، النقاب للمرأة، عقد النكاح الخطبة خطبة النكاح .. ه?ذه كلها تحل إلا النساء؛ قوله: (إِلاَّ اَلنِّسَاءَ) يعني ذلك كل ما يتعلق بالنساء من الجماع والمباشرة والنكاح والخطبة، كل ما يتعلق بالنساء فإنه لا يحل؛ لكن متى يحل؟ إذا طاف وسعى حل الحل كله وإن لم يرم.
في ه?ذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا رمى وحلق حل من كل شيء إلا النساء، ه?ذا منطوق الحديث، مفهومه إذا حلق فقط أو رمى فقط فإنه لا يحل.
أما إذا حلق فقط فإنه لا يحل قولا واحدا، وأما إذا رمى فقط فظاهر الحديث أنه لا يحل وهو الصحيح، وقال بعض العلماء: إنه يحل، واستدل على أن الحديث روي من وجه آخر بسند أصح وهو قوله: ((إذا رميتم جمرة العقبة فقد حللتم من كل إلا النساء))، واستدلوا أيضا بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع التلبية عند جمرة العقبة، وه?ذا يدل على أن شرع في التحلل وانتهى نسكه لأن التلبية تقال حتى ينتهي النسك.
ولكن القول الراجح ما دل عليه ه?ذا الحديث وإن كان ضعيفا فإنه يعضد بحديث عائشة الثابت في الصحيحين ((كنت أطيب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)) فجهلت الطواف مباشرا للحل، وه?ذا يدل على أن الحلق كان سابقا للحل؛ لأنها جعلت دليل الحل هو الطواف.
إذن فالحلق سابق على الحل، وه?ذا يدل على أن لا حل إلا بعد الحلق، وه?ذا أصح لمثل ه?ذا الحديث، وللحديث الذي أشرنا إليه في الصحيحين، والذهاب إليه أولى لأنه أحوط، وكلما كان أحوط مع اشتباه الأدلة كان سلوكه أولى إن لم نقل أوجب لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام))
ويستفاد من ه?ذا الحديث أن الطيب يحل بالتحلل الأول لقولها: (فَقَدَ حَلَّ لَكُمْ اَلطِّيبُ)، ولحديث الذي ثبت في الصحيحين: (كنت أطيب النبي لحله قبل أن يطوف بالبيت)، خلافا لقول بعض أهل العلم: إنه لا يحل له الطيب حتى يحل التحلل التام.
وفيه دليل على عظم محظور النساء وجهه أنه لا يحل النساء إلا بعد التحلل الكامل، بخلاف عيره من المحظورات.
فإن قلت: هل يشمل ه?ذا الصيد؟ فالجواب نعم يشمله، فيحل له الصيد.
فإن قلت: كيف يصيد وهو في منى، ومنى من الحرم، والحرم صيده حرام؟ فالجواب يمكن أن يخرج إلى عرفة، وعرفة من الحل ويصيد.
فهل يجوز أن يخرج من الحرم وهو لم يؤد النسك؟ الجواب: نعم لا مانع أن يخرج من الحرم وهو لم يؤد النسك؛ لأنه لا دليل من المنع.
أما الحديث الثاني ففيه دليل على أن النساء ليس عليهن حلق لقوله: (لَيْسَ عَلَى اَلنِّسَاءِ حَلْقٌ).
ومفهومه على الرجال الحلق وه?ذه الفائدة الثانية.
ويستفاد منه وجوب التقصير على النساء لقوله: (وَإِنَّمَا يُقَصِّرْنَ)؛ ولكن كيف تقصر؟ قال العلماء: تأخذ من كل ظفر من الظفائر التي عليها من الظفائر قدر أنملة. ما هي الأنملة؟ المفصل من الأصبع، إنما وجب عليها ذلك لأن لا يجتاح التقصير رأسها، والمرأة تحب أن يبقى رأسها لأنه جمال لها، فلو أمرت بالحلق أو بالتقصير الكبير لفات المقصود من تجملها وجمالها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/339)
فإن قلت: هل لها أن تقصر أكثر من ذلك؟ الجواب: لا مانع؛ لكن المعروف عند أهل العلم أنها لا تقصر إلا بهـ?ذا المقدار قدر أنملة.
وهنا نستطرد لنبحث هل يجوز للمرأة أن تقص شعر رأسها أو لا يجوز؟ نقول: ه?ذا على نوعين:
نوع لا يجوز، ونوع يمكن الحكم
النوع الذي لا يجوز أن تقص رأسها حتى يكون كرأس الرجل، ه?ذا حرام؛ لأنه من باب التشبه بالرجال، وقد لعن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتشبهات من النساء بالرجال، وكذلك أيضا لو قصته على وجه يشبه قص الكافرات بحيث لا يميز بين ه?ذا القص وقص الكافرات، فإن ه?ذا لا يجوز، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
أما إذا قصته على وجه يشبه قص العاهرات فهـ?ذا لاشك أنه منهي عنه، والعلماء حذروا منه؛ لأن بعض الفاسقات العاهرات يكون لهن زي معين في الشعر، فإذا قصته على ه?ذا الوجه وإن لم تكن عاهرا فإن العلماء نهوا عن ذلك نهيا شديدا يقرب من التحريم. ه?ذا نوع.
النوع الثاني أن تقص على وجه لا يشبه رؤوس الرجال ولا رؤوس الكافرات ولا رؤوس العاهرات، فاختلف العلماء في ه?ذا على ثلاثة أقوال:
قول بالتحريم وهو قول صاحب المستوعب من أصحاب الإمام أحمد وقالوا إن ه?ذا شهرة؛ لأن المعروف من عادة النساء أن لا يقصصن رؤوسهن، فإذا قصته صار شهرة، والشهرة منهي عنها.
وقال بعض العلماء إنه مكروه، ووجه ذلك أن يفوّت جمال المرأة الداعي إلى رغب الزوج فيها، فلا ينبغي أن تفعل.
القول الثالث أنه لا بأس به لأن زوجات الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بعد موته كن يفعلن ذلك، يقصص رؤوسهن ولوكان حراما أو مكروها لم يفعلن.
وعلى كل حال لا تجد في الواع دليلا واضحا لا على التحريم ولا على الكراهة.
ولكن الذي يخشى منه أنه إذا رُخص للنساء في ذلك صرن يتلقفن كل جديد يأتي من الخارج من غير تمييز بين الصالح والفاسد، والمرأة إذا فُتح لها الباب لقلة عقلها ونقص دينها لم يبق لها حاجز يمنعها من أن تتلقى كل ما يأتي من خير وشر، وه?ذا هو الواقع الآن، ولهذا تجد النساء أشياء لا تمت إلى اللباس الشرعي بصلة: منها ألبسة النعال وكذلك بعض القمصان، كل ذلك لأنها أي المرأة تتلقى وتتلقف ما يرد إليها من غير حاجة، ولاسيما أن كثيرا من الناس أصبحوا الآن في بيوتهم كالنساء أو أدنى من النساء تسيطر عليه المرأة وهي قوّامته عكس ما عليه الفطرة والشرع؛ من أن الرجل هو القوام على المرأة.
إذن نقول قص شعر المراة نوعان:
نوع حرام.
ونوع ليس بحرام لكن فيه خلاف.
قال لي بعض الإخوة: إنما ثبت في الصحيح من حديث معاوية رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه أخذ قصة من شعر وهو على المنبر يخطب الناس وقال: إنما هلك بنو إسرائيل من أجل اتخاذ نسائهم ه?ذه. ورفعها، وقال إن دليل على تحريم ما يسمى عند النساء بالقصة، وهي أن تقص مقدم الرأس؛ ولكن يحتاج ه?ذا إلى بحث نكله إلى من منكم؟ الحديث في صحيح مسلم.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 07:47 م]ـ
[الحديث الرابع والخمسون]
وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ اَلْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اِسْتَأْذَنَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى, مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ, فَأَذِنَ لَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
[الشرح]
العباس بن عبد المطلب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان يتولّى سقاية الحاج ماءَ زمزم؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل السقاية فيه، حتى إنه لما نزل يوم عيد وشرب قال: ((انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم)) يعني لولا يتبادر الناس إلى السقاية لأنني نزعت الدلو معكم، فيتخذها الناس عبادة، والعبادة لا تختص بأحد دون أحد، لو لا ذلك لنزعت معكم.
كان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يتولى سقاية الحاج فاستأذن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيت بمكة من أجل سقايته لأنه يريد أن يسقي الناس ليلا ونهارا فأذن له، أذن له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل السقاية.
فيستفاد من ه?ذا الحديث عدة فوائد:
الفائدة الأولى مشروعية المبيت بمنى، وهي الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة لمن تأخر لمن تأخر، وه?ذا متفق عليه بين العلماء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/340)
ولكن هل المبيت واجب يأثم الإنسان بتركه ويلزمه دم بذلك أو ليس بواجب؟ ه?ذا محل خلاف بين أهل العلم:
فمنهم من قال ليس بواجب لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بات بمنى.
وقال للناس: ((خذوا عني مناسككم)).
ثانيا لئلا العباس استأذن من الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأذن له، ولو لم يكن واجبا ما احتاج إلى الاستئذان.
ثالثا أنه داخل في عموم قوله تَعَالى?: ?وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ? [البقرة:203]، فإن ذكر الله يكون بالقول ويكون بالفعل وهو المبيت.
ومن العلماء من قال: إنه سنة واستدل لذلك بأنه مراد لغيره، فإن المقصود الأعظم هو رمي الجمرات لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار في إقامة ذكر الله)) ولم يقل: والمبيت بمنى لإقامة ذكر الله؛ ولأن الأصل براءة الذمة وعدم التأثيم بالترك، وأما قول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((خذوا عني مناسككم))، فمن المعلوم أن ه?ذا الحديث ليس على عمومه بالاتفاق، وإلا لوجبت الإشارة إلى الحجر الأسود ووجب الرمل ووجب الاضطباع وغير ذلك من الأشياء التي ليست بواجبة.
وأما استئذان العباس فلا يمتنع أن يستأذنه في ترك المستحب فيقول: ائذن لي وإن كان ليس بواجب.
ولكن الذي يظهر وجوب المبيت بمنى، وأنه لا يجوز للإنسان أن يدع المبيت.
ولكن ما مقدار الواجب منه؟ قال العلماء: مقدار الواجب منه أن يبيت معظم الليل، أن يبيت في منى معظم الليل من وله أوله من آخره، فإذا وصل إلى منى مثلا من مكة وهو في مكة في النهار ووصل إلى منى قبل منتصف الليل بساعة وبقي إلى الفجر يكون أدى الواجب؟ نعم؛ لأنه بقي معظم الليل ولو بقي في منى إلى ما بعد منتصف الليل بساعة مثلا أجزأه؛ لأنه بقي في منى معظم الليل.
إذا قلنا بالوجوب هل يلزمه دم بترك أو بترك الليلة جميعا أو بترك الثلاثة إن تأخر؟ نقول: لا يلزمه دم بترك ليلة إنما يلزمه الدم بترك الليلتين إن تعجل أو الثلاث إن تأخر، أما إن ترك ليلة واحدة فلا يلزمه دم؛ لكن قيل: لا يلزمه شيء لأنه لم يترك الواجب كاملا إذ الواجب المبيت ه?ذه الليالي، فإذا ترك ليلة لم يلزمه الدم لأنه لم يترك الواجب كله، وهو لا يتجزأ، وقيل: يلزمه أن يتصدق بشيء أي شيء يكون مدا من طعام أو قبضة من طعام أو أي شيء، وه?ذا رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، أما أن يلزم بدم مع أن لم يدع الواجب كله فلا وجه له.
إذا قلنا بالوجوب فهل يسقط ه?ذا الواجب عن أحد؟ نقول: إن الإنسان إذا تركه للتشاغل بمصالح الناس مصالح الحجاج فلا أس به؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للعباس أن يدع المبيت من أجل السقاية، وأذن للرعاة الذين يرعون إبل الحجاج أذن لهم أن يدعوا المبيت أيضا؛ لأنهم يشتغلون بحاجة عامة أيضا، ومثل ذلك في وقتنا الحاضر جنود الأمن أو جنود تسيير الحجاج، ومن ذلك أيضا الأطباء الذين يتلقون المرضى في المستشفيات فإنه يسمح لهم في ترك المبيت كل من يشتغل بمصلحة عامة، يعذر في ترك المبيت قياسا على السقاية وعلى الرعاة أيضا.
فإن كان لمصلحة خاصة مثل أن تضيع بعيره فيخرج من منى يتركها أو يضيع ولده مثلا فيخرج من منى يطلبه، أو يكون مريضا يحتاج إلى أن ينقل إلى المسنتشفى خارج منى، فهل يُلحق بهـ?ذا أو لا يلحق؟
قال بعض العلماء: إنه يلحق؛ لأن ه?ذا عذره عام وه?ذا عذره خاص وقد تكون الضرورة في العذر الخاص أشد.
وقال بعض العلماء: لا يلحق؛ وذلك لأن من يشتغل بالمصلحة العامة لا يشتغل بالواقع لنفسه إنما يشتغل لغيره، ولهذا يرخص للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يدع صلاة الجماعة ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يرخص الإنسان على وجه الإنفراد إلا بعذر عام يبيح ترك الجماعة.
ولكن الذي يظهر أنّ الشارع يخفف في ه?ذا الواجب؛ لأنه ما دام أذن للرعاة والغالب أن الراعي يشتغل بأجرة فيكون لمصلحته، فالظاهر أن الشارع يرخص في ه?ذا الشيء ويرخص فيه، فإن كان للإنسان عذر خاص من مرض أو غيره فإنه يعذر في ترك المبيت ولا شيء عليه.
ه?ذا الذي نزل للطواف وصار زحام إلى منى بعد منتصف الليل إن كان لعذر فلا بأس يسقط عنه، إن كان لغير عذر فلا يسقط عنه، مثلا رجل خرج من الطواف والسعي وركب السيارة لكن نظرا لازدحام السيارات ما وصل إلا عند طلوع الفجر ه?ذا لا شيء عليه؛ لأنه معذور، ثم كما قلنا قبل قليل: الليلة الوحدة ما فيها شيء، يعني ما فيها فدية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الرمي والحلق والطّواف، أما الرمي والحلق فهـ?ذا دليله عرفتموه، وأما الطواف فليس فيه دليل من السنة؛ لكن قالوا: إنه لما كان له تأثير في الحل الثاني فإن له تأثيرا في الحل أول، الحل الثاني كيف؟ لأنه إذا رمى وحلق حل التحلل الأول فإذا طاف وسعى حلّ التحلل الثاني، إذن فللطواف تأثير في الحل، فلما كان له تأثير في الحل قلنا: إنه إذا فعله في الرمي أو مع الحلق فإنه يحل التحلل الأول، ه?ذا وجهه، ومع ه?ذا فإنه ينبغي أن لا يحل حتى يرمي ويحلق اتّباعا للنص؛ لكن لو أفتى مفتٍ بذلك بناءً على ه?ذا القياس لم يكن بعيدا؛ ولكن الأولى المحافظة على? ما جاءت به السنة.
فيما مرّ علينا أيضا أن العباس بن عبد المطلب أنه يجوز للإنسان المشتغل بما ينفع عامة الناس أن يدع المبيت بمنى، من واجبات أو من أركان أو سنن الحج؟ والراجح أنه واجب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/341)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 07:53 م]ـ
[الحديث الخامس والخمسون]
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِرُعَاة اَلإِبِلِ فِي اَلْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى, يَرْمُونَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ, ثُمَّ يَرْمُونَ اَلْغَدِ ومن بعد الغد لِيَوْمَيْنِ, ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ اَلنَّفْرِ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.
[الشرح]
(رَخَّصَ) الرخصة في اللغة بمعنى السهولة، وعند الأصوليين: ما ثبت على خلاف دليل شرعي بمعارض راجح، ولو قالوا: ما ثبت على خلاف الأصل بمعارض راجح لكان أولى وأوضح وهو كذلك، ه?ذا هو مرادهم.
ما ثبت على خلاف الأصل بمعارض راجح، ه?ذا يسمى رخصة، يعني على خلاف الأصل، ومنه ((رخّص في العرايا، أن تباع بخرصها تمرا))، رخّص بمعنى سهل من الأصل، ما هو الأصل؟ الأصل التحريم في العرايا، والعرايا أن تبيع الرطب بالتمر، لأنه يشترط التماثل، والتماثل بين الرطب التمر مستحيل.
المهم أن الرخصة هي ما ثبت على خلاف الأصل بمعارض راجح هو السهولة.
وترك المبيت في منى على خلاف الأصل؛ لأن الأصل هو المبيت.
وقوله: (لِرُعَاة اَلإِبِلِ) جمع راعٍ، وهم الذين يرعونها في أماكن النبات، والمراد بالإبل هنا إبل الحجاج، لأن الحجاج في منى نازلون لا يحتاجون إلى إبلهم، والإبل تحتاج إلى الأكل فيذهب بها الرعاة إلى مواضع القطر والندى لترعى.
(فِي اَلْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى) كان مقتضى التركيب أن يقول: في البيتوتة في منى. لكن (عَنْ مِنًى) تحتاج إلى تأويل: إما بعن وإما بالبيتوتة، كما مر علينا في ه?ذا وأمثاله أنّ العلماء -علماء النحو- اختلفوا هل التجوّز في الحرف أو في الفعل أو في العامل الذي قلبه، وقلنا أن مذهب البصريين أن التجوز في العامل الذي قبله والكوفيين في الحرف، فمثلا يقولون: (عن) هنا بمعنى الباء؛ البيتوتة بمنى. أما البصريون فيقولون: إن البيتوتة هنا بمعنى النزوح؛ النزوح عن منى والبعد عنها، ومعلوم أنه إذا نزحوا عن منى فلن يبيتوا بمنى.
على كل حال رخص لهم أن لا يبيتوا بمنى.
لكن الرمي قال: (يَرْمُونَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ) وه?ذا لابد منه؛ لأن الحجاج على رواحلهم يوم النحر، فلم يسلموها للرعاة، وليس الرعاة في حاجة إلى أن يؤجلوا رمي يوم النحر أليس كذلك.
قال: (ثُمَّ يَرْمُونَ اَلْغَدِ ومن بعد الغد لِيَوْمَيْنِ) يعني يجمعون رمي الغد واليوم الثاني من أيام العيد والأول من أيام التشريق، (لِيَوْمَيْنِ) يعني اليوم الثاني عشر، فيكون المبيت ليلة إحدى عشر، وليلة اثني عشر، والرمي يوم إحدى عشر ما يرمون يؤجلون إلى اليوم الثاني عشر، ثم يرمون يوم الغد؛ لأنهم إذا جاؤوا في يوم الثاني عشر ما يذهبون للرعي، إذ أن من الناس من لم يتعجل فيحتاج إلى إبله، ومن الناس من يتأخر فلا يحتاج إلى إبله، وهؤلاء لا يذهبون خارج منى يرعون إبلهم، ولو كانوا يبقون في المرعى إلى اليوم الثالث عشر لأخروا رمي الجمرات إلى اليوم الثالث عشر؛ لكنهم يأتون اليوم الثاني عشر من أجل من يستعجل.
في ه?ذا الحديث من الفوائد:
منها العناية بالرواحل وأن لا تترك بدون رعي؛ لأن في ذلك تعذيبا لها وإيلاما لها بالجوع، وقد قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت)) فلا يجوز للإنسان أن يحبس البهائم في مثل ه?ذه المدة، وإن كانت الإبل قد تصبر مثل ه?ذه المدة؛ لكن تصبر مع التحمل والمشقة، والله عز وجل أوجب علينا أن نرعى ما تحت أيدينا رعاية تامة.
ومن فوائد الحديث شمول الإسلام، شمول الشريعة الإسلامية وأنها تلاحظ حتى البهائم، ترك ه?ذه الشعيرة من أجل مراعاة ه?ذه الإبل.
ومن فوائد الحديث أن المشتغل بالمصالح العامة يسقط عنه وجوب المبيت بمنى؛ لأنّ ه?ؤلاء الرعاة سقط عنهم وجوب المبيت بمنى؛ لقوله: (رَخَّصَ)، الترخيص بمعنى التسهيل، وإن لم يكن المبيت بمنى واجبا لكان رخصة لهؤلاء ولغيرهم؛ لأن غير الواجب لا يُلزم به الإنسان فهو في سهولة منه.
إذن ضٌم ه?ذا الدليل إلى ما سبق من الأدلة الثلاثة وربما يكون ه?ذا الدليل أقوى الأدلة السابقة في إفادة الوجوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/342)
ومن فوائد الحديث وجوب الرمي -رمي الجمرات-؛ لأنه لم يسقط عن ه?ؤلاء لإمكان قضائه، المبيت لا يمكن قضاؤه، لكن الرمي عمل يمكن قضاؤه. فيستفاد منه وجوب الرمي لأنه لو لم يجب لقلنا سنة فات محلها بيومها فلا تقضى؛ ولكنه يجب قضاؤه.
ومن فوائد الحديث منع الاستنابة في الرمي، وجهه أنّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرخّص لهم أن يستنيبوا غيرهم في الرمي عنهم، مع أن الحاجة قد تكون داعية لذلك، ولو كانت الاستنابة جائزة في الرمي لأجازه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم.
فيتفرّع على? هذا فائدة أخرى وهي خطأ أولئك القوم الذين يتساهلون في رمي الجمرات اليوم فتجد الواحد منهم يقول -وبكل سهول-: خذ يا فلان حصاي أرم بهن، وإن كان قادرا، لكنه جالس عشان يسوّي الشاي للجماعة نقول حرام.
وفيه أيضا بيان خطأ من يبيحون للنساء الاستنابة في الرمي مطلقا، لأن الواجب لا يسقط بهذه السهولة، لا يسقط على? المرأة لأنها مرأة، وإلا لقلنا بسقوط طواف الوداع مع الزحام؛ ولكن نقول: إنه يجب على? المرأة أن ترمي بنفسها، والزحام الذي يكون يمكن أن يتلافاه الإنسان بتأخر الوقت، بدل ما يرمي عند الزوال يرمي بعد العصر إن لم يمكن بعد الغرب إن لم يمكن بعد العشاء، ولهذا لم يأذن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لسودة والضعفة ومن أهله أن يوكلوا من يرمي عنهم بل أذن لهم أن يدفعوا قبل الفجر من أجل أن يرموا بأنفسهم.
ومن فوائد الحديث أنه يجوز جمع رمي أيام التشريق لكن تأخيرا لا تقديما، لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن لهؤلاء أن يجمعوا تأخيرا، ولو كان تقديما لرموا يوم العيد.
ومن فوائده أنه لا يجوز للقادر أن يؤخر رمي يوم إلى اليوم الذي بعده، وجه الدلالة أنه قال: (رَخَّصَ)، والترخيص يدل على أنه في غير ه?ذه الحال ممنوع؛ لأن الترخيص خص بحالة معينة، وعلى ه?ذا فلا يجوز أن نجمع رمي أيام التشريق إلى آخر يوم، بل نرمي كل يوم في يومه.
ومن ذهب في ذلك من أهل العلم فمذهبه ضعيف له?ذا الحديث ولأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرمي كل يوم في يومه ويقول: ((خذوا عني مناسككم))، ولأنه أظهر في العبادة وأطيب للقلب كيف ذلك؟ لأن الإنسان يتعبد لله تَعَالى? بهـ?ذه العبادة كل يوم، وإذا جمعها فاتت عليه أن يتعبد لله تَعَالى? بها كل يوم.
وه?ذا أمر له شأن لأن الشارع له نظر في أن يتعبد الناس لله عز وجل في الأوقات التي شرع لهم أن يتعبدوا لله فيها، وإلا لكنا نقول: تجمع الصلوات الخمس عند النوم وهو آخر اليوم، وتكون العبادة لله تَعَالى? في آخر اليوم لأجل أن يختم بها بومه؛ لكن نقول: للشارع نظر في أن تتوزع العبادات على الزمن حتى يبقى القلب عامرا بهـ?ذه العبادة في اليومين أو الثلاثة مثلا.
إذن فجمعها مع مخالفتها لهدي النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يفوت به ه?ذا المعنى العظيم وهو إشغال القلب بهـ?ذه العبادة في كل الأيام الثلاثة.
من فوائد ه?ذا الحديث أن ه?ذا الدين يسر وأنه كلما وجد سبب التيسير حل التيسير، ولهذا قال صاحب النظم:
جميع ما يشرعه قد يُسِّرَ من أصله وعند عارض طرأ
يعني الشرع.
على كل حال كل شيء شرعه ه?ذا الدين فهو ميسر من أصله، وعند عارض طرأ يعني إن وجد عارض يقتضي التيسير أكثر فإنه ييسره ((صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب))، ه?ذه من التيسير، بدل من أن يكلَّف العراة أن يأتوا فرضا كل يوم بيومه رخص لهم أن يؤخروا.
هل يقاس على الرعاة من يشبههم ممن يشتغلون بمصالح الناس الآن كجنود المرور وجنود الأمن وجنود الإطفاء والمشتغلين بالبريد وما أشبه ذلك؟
نعم لا شك في ذلك، أنهم يلحقون بهم، فلهم أن يدعوا المبيت ولهم أن يؤجلوا الرمي أو يجمعوا الرمي جمع تأخير في آخر يوم.
هل يلحق بهم في تأخير الرمي من كان معذورا بمرض أو نحوه، مثل أن يصيب الإنسان زكام في اليوم الثاني ويؤخر إلى اليوم الثالث؟
الجواب: نعم للمشقة، وما دمنا نعلم -والعلم عند الله- أن العلة في جواز التأخير لهؤلاء الرعاة هو المشقة، نقول: من شق عليه أن يرمي كل يوم في يومه فله أن يؤخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/343)
من لم يستطع أن يرمي أبدا ماذا يصنع؟ قال بعض العلماء: إنه يسقط عنه الرمي لماذا؟ قال: لأن الرمي واجب، والواجبات تسقط بالعجز عنها بنص القرآن، ?لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا? [البقرة:286]، ?فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? [التغابن:16].
وقال آخرون: بل إذا عجز فإنه يوكل؛ يستنيب، واستدلوا:
بأن الحج تجوز الاستنابة في جميعه عند العجز، ففي بعضه أولى، المرأة التي جاءت وقالت: إن أبي أدركته فريضة الحج شيخا كبيرا لا يستطيع الثبوت عل الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((نعم))، فإذا جاز في جميعه جاز في جزئه.
ثانيا ورد عن الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أنهم رموا عن الصبيان، وه?ذا يدل على أن الاستنابة في الرمي عن العاجز عنه جائزة.
وه?ذا هو الأقرب، الأقرب أنه يجوز أن يستنيب عنه؛ أي أن يقيم نائبا عنه في الرمي.
وإذا قلنا بالجواز فهل نقول للنائب: ارم أولا عن نفسك ثم اذهب إلى الخيمة وارجع لترمي عن صاحبك؟ لا، لا يجب؛ لأن السعي إلى الجمرات واجب لغيره لا واجب لذاته، وإذا كان واجبا لذاته فهو وسيلة، فإذا حصل المقصود بدونه سقط.
ننتقل من ه?ذه النقطة إلى نقطة مهمة أهم منها، وهي إذا وجب الحج على إنسان في القصيم، فهل له أن يوكّل أو أن يستنيب من يحج عنه من مكة أو لا، فيه خلاف؛ ولكن الأقرب عند القواعد أنه يجوز؛ لأن سير الإنسان من القصيم إلى مكة مطلوب لغيره، ولهذا لو سافرت إلى مكة لا للحج لا نقول: اذهب إلى القصيم وارجع حاجا، نقول: حج من مكانك.
إذن فالقول الراجح في المسألة الأخيرة أن الإنسان يجوز أن ينيب عنه من يحج ولو من مكة؛ لأن السعي من مكان الوجوب إلى مكة وسيلة مقصود لغيره، على ه?ذا نقول للرجل الذي استناب غيره ليرمي عنه، نقول: إن الذي استنبته إذا رمى عن نفسه فله أن يرمي عنك دون أن يرجع إلى مكان رحله.
هل يلزمه أن يرمي الجمرات الثلاث عن نفسه أولا، ثم يرجع من الأولى لمن استنابه؟ فيه خلاف،
من العلماء من يقول: لابد أن يرمي الثلاثة عن نفسه أولا ثم يعود من الأولى لمستنيبيه. حجتهم في ذلك يقولون: إن رمي الجمرات الثلاث عبادة واحدة، ليست كل واحدة عبادة مستقلة، والدليل في ذلك أنه يشرع بين الأولى والوسطى والوسطى والثالثة، وإذا رمى الثالثة لا يشرع الدعاء، وه?ذا دليل على أنها عبادة واحدة يشرع الدعاء في جوفها لا بعد الانفصال عنها.
إذن فلابد أن ترمي أولا عن نفسك واحد اثنان ثلاثة، ثم تعود وترمي عن موكلك.
وعللوا ذلك أيضا قالوا: لأنه إذا رمى عن نفسه أولا في الجمرة الأولى ثم عن وكيله فاتت الموالاة لأن فصل بين رميه الأولى والثانية بالرمي عن صاحبه فأدخل عبادة في جوف عبادة فلا تصح.
وقال بعض العلماء: بل يجزئ أن يرمي عنه وعن وكيله في مكان واحد، واستدلوا بذلك بعمل الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، وظاهر النقل أنهم لا يرمون أولا عن أنفسهم ثم يعودون لأنهم لو كانوا يفعلون ذلك لبينوه ونقلوه.
وكان شيخنا عبد الرحمـ?ن السعدي يرى الرأي الأول ويفتي به، فأخبرته برأي شيخنا الثاني عبد العزيز بن باز واستدلاله بهـ?ذا الحديث فاستحسنه، استحسن ه?ذا الرأي والاستدلال بالحديث عليه على أنه يجوز أن يرمي الرجل عنه وعن موكله في مكان واحد في موقف واحد، لاسيما في مثل حال الناس اليوم في الزحام الشديد المرير فإن إلزام الناس بأن يكمّلوا عن أنفسهم ثم يرجعوا لموكلهم وإن كان قد وكلهم اثنان فإنهم يرجعون مرتين إذا وكلهم ثلاثة ثلاث مرات .. وهلم جرًّا.
أقول: ه?ذا فيه مشقة في مثل ه?ذه العصور، وكل شيء فيه مشقة لا ينبغي أن تلزم الناس به إلا بدليل لابد منه لابد من العمل به، فما دامت الأدلة متكافئة ومتقاربة والمسألة ليس فيها رجحان بين، فإلزام الناس بهـ?ذا العمل الشاق قد يتوقف فيه الإنسان؛ لأن الإنسان ليس له أن يمنع عباد الله ما أحله لهم، ولا أن يلزمهم بما لم يلزمهم الله به إلا بدليل لأنك مسؤول.
الحقيقة العالم مسؤول عن توجيه الناس كما أن الأمير الذي ينفذ ويؤدب مسؤول، لو زاد سوط سئل عنه عند الله عز وجل، القاضي لو يفتي بثمانين جلدة لو قال حطوا واحد وثمانين سئل عن ذلك ويم القيامة.
أنت أيها العالم إذا قلت عن شيء مستحب أنه واجب تسأل عنه، فالفرق بين الواجب والمستحب كبير فالمسألة ليست سهلة.
ولهذا نحن في الحقيقة نوجه أنفسنا أولا وإخواننا طلبة العلم ثانيا إلى أن يتثبتوا في مسألة الإلزام، مسألة الاحتياط أو الاستحباب ه?ذا أمره أهون؛ لكن مسألة الإلزام تحليلا أو تحريما أو إيجابا ه?ذه مسألة تحتاج إلى شيء تثبت به قدمك عند الله إذا سألك يوم القيامة، المسألة ليست هينة، بعض الناس تجده لشدة غيرته على دين الله يغلب جانب التحريم، وبعض الناس لمحبته لتأليف الناس وعرض الدين عليهم ميسرا تجده يتساهل، وكل شيء زين خليه يمشي، ه?ذا غلط.
الواجب أنك تمشي على دين الله، وثق بأنك إذا مشيت على دين الله فلا يصلح عباد الله إلا دين الله، أبدا مهما فكرت.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عل نبينا محمد وعلى له وصحبه أجمعين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/344)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 07:58 م]ـ
[الحديث السادس والخمسون]
وَعَنْ أَبِي بِكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ ... اَلْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
يقول: (خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ) وذكّرهم رسول الله بحرمة ه?ذا اليوم وحرمة الدماء والأموال والأعراض إلى أن تلقوا ربكم، وكرر ه?ذا التحريم حين صار يسأل الصحابة: ((أي يوم ه?ذا؟ أي بلد ه?ذا؟ أي شهر ه?ذا؟)) والحديث معروف خطبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ه?ذا اليوم.
فأخذ العلماء من ه?ذا الحديث فائدة وهي استحباب خطبة الناس يوم النحر؛ ولكن لأي شيء أولا ليقرّروا ما قرّره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تحريم الدماء والأموال والأعراض؛ لأن أحسن ما نكلم به، ما تكلم به الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.
ثانيا أن نذكِّرهم بما يفعل ه?ذا اليوم من الأنساك وأحكامها؛ لأن الناس يحتاجون إلى بيان ذلك، ه?ذه خطبة، فيه خطبة قبل؛ في عرفة.
[الحديث السابع والخمسون]
وَعَنْ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ اَلرُّؤُوسِ فَقَالَ: ((أَلَيْسَ هَذَا أَوْسَطَ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ?)) اَلْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
[الشرح]
متى يوم الرؤوس؟ هو اليوم الحادي عشر، وسُمي يوم الرؤوس -والله أعلم- لأن الناس يأكلون رؤوس الأضاحي والهدايا في ذلك اليوم، فيسمى ه?ذا اليوم يوم الرؤوس فخطبهم النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وه?ذه الخطبة لتعليمهم الرّمي في ذلك اليوم، لأن الرمي في ذلك اليوم يختلف عن الرمي في اليوم الذي قبله، الرمي في اليوم الذي قبله فيه رمي جمرة واحدة فقط وهي جمرة العقبة، وه?ذا فيه رمي الجمرات الثلاث، فيحتاج الناس إلى تفهيمهم الشرع في ه?ذا، وربما تكون مسائل أخرى تأتي الحاجة إلى ذكرها فيشير إليها الخطيب، ففيه أيضا الخطبة الثانية في منى يوم عيد واليوم الثاني.
اليوم الذي بعده يسمى يوم النفر الأول والثالث يسمى النفر الثاني.
قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (أَلَيْسَ هَذَا أَوْسَطَ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ?) قال العلماء: يؤخذ من ه?ذا الحديث أن يوم العبد يدخل في أيام التشريق؛ ولكن ه?ذا من باب التغليب، وإلا فإن أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.
[الحديث الثامن والخمسون]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: ((طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةِ يَكْفِيكَ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
لما وصلت حاضت فقال: ((ما شأنك لعلك حضت؟)) قالت: نعم. ثم قال: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) وفي موطأ مالك ((ولا بين الصفا والمروة)) .. وقد صح عن البخاري وغيره.
على كل حال عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها فعلت ما يفعل الحجاج ولم تطف بالبيت، ولما كان بوم عرفة طهرت من الحيض فأمرها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن تغتسل وأن تجعلها حجا فأحرمت بالحج.
وهل أمرها أن تدع العمرة أن تدعها بالنية () والفعل أو بالحكم والفعل؟ الجواب: لا، لأن ه?ذا الحديث الذي معنا يدل على أنها أدْخلت الحج على العمرة، فكانت قارنة رَضِيَ اللهُ عَنْها، فلما طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طلبت من الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تعتمر، فقال لها: ((طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةِ يَكْفِيكَ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ))، ولكنها ألحّت على النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حتى قالت: ما يمكن الناس يرجعون بحج وعمرة وأرجع بحج. فلما رآها قد ألحت كان عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يحب أن يَجبر الخاطر فيما لا يخالف الشرع، أذن لها أن تعتمر، وأمر أخاها عبد الرحمـ?ن بن أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أن يخرج بها إلى التنعيم لتحرم بالعمرة ففعل، وكان في الليلة الرابعة عشرة بعد انتهاء أيام التشريق.
يستفاد من ه?ذا الحديث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/345)
أولا أن الطواف بالبيت والصفا والمروة لا يسقط عن الحائض؛ لأن عائشة كانت حائضا فلم يسقط عنها؛ بل أمرها الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن تطوف وتسعى.
ويستفاد من ه?ذا الحديث أن السّعي ركن لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرنه بالطواف، وقال: ((يسعك لحجك وعمرتك)) وه?ذا يدل على أنه لابد أن يكون موجودا في الحج والعمرة.
ومن فوائد الحديث أن القارن لا يلزمه طوافان وسعيان خلافا لمن قال بذلك من أهل العلم، وأنه يكفيه طواف وسعي.
ومن فوائده أن العبادتين إذا كانتا من جنس دخلت الصغرى منهما في الأخرى، إذا كانتا من جنس واحد فإن الصغرى تدخل في الكبرى، كيف ذلك؟ لأن العمرة هنا دخلت في الحج، وهما من جنس واحد كلاهما نسك، فقد سمى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العمرة سماها ((الحج الأصغر)).
ومثال آخر: المحدث حدثا أصغر لو نوى بغسله الحدثين أجزأه ولا حاجة للوضوء؛ بل القول الراجح أن غسل الجنب أنه إذا نوى الحدث الأكبر ارتفع الحدثان؛ لأن الله تَعَالى? لم يوجب على ذي الجنابة إلا الغسل فقط قال: ?وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ? [المائدة:06] ولم يذكر وضوءا.
ومن فوائد ه?ذا الحديث حسن خلق النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بالنسبة لأهله، وه?ذا مأخوذ من مجموع القصة لا من الحديث نفسه؛ وذلك بتسليته إياها حين قال: ((إن ه?ذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) وكذلك بتطييب خاطرها حين ألحت عليه بأن تأتي بعمرة مستقلة بعد الحج.
هل يستفاد من الحديث جواز تأخير الطواف عن السعي للقارن؟ نقول: ه?ذا لاشك فيه؛ جواز تأخير الطواف عن السعي للقارن؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارنا وسعى بعد طواف القدوم ولم يطف بعد طواف الإفاضة، وه?ذا واضح؛ ولكن لو فُرض أن الرجل لم يسع مع طواف القدوم وجعل السعي مع الطواف يوم العيد وقدمه على الطواف يجوز.
[الحديث التاسع والخمسون]
وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمُلْ فِي اَلسُّبْعِ اَلَّذِي أَفَاضَ فِيهِ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلاَّ اَلتِّرْمِذِيَّ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ.
[الشرح]
(اَلسُّبْعِ اَلَّذِي أَفَاضَ فِيهِ) هو طواف الإفاضة، وذلك أنّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع طاف ثلاثة أطوفة: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع فقط. ولو شاء أن يطوف غير ذلك لطاف؛ لأنه قدم في اليوم الرابع من ذي الحجة وبقي نازلا في الأبطح إلى اليوم الثامن، لو شاء لنزل وطاف بالبيت؛ لكنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لم يرد ذلك تشريعا للأمة، فيستفاد منه أن الحاج لا ينبغي له أن يزيد على ه?ذه الأطوفة الثلاثة؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لم يزد؛ ولأن في زيادته على ه?ذه الأطوفة الثلاثة تضييقا على الناسكين بعمرة أو حج من دون أن يكون مُلْجأ إلى ذلك، أما إن كان مُلْجَأ كان معتمرا أو حاجا فالأمر واضح.
إذن متى رمل؟ في طواف القدوم.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:01 م]ـ
[الحديث الستون]
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ, ثُمَّ رَكِبَ إِلَى اَلْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
رسول الله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لما رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر لأنه تأخر، لما رماها كان يرميها بعد الزوال وقبل صلاة الظهر، نزل من منى؛ لأن منى أو ل ما يفعل فيها الرمي وآخر الرمي، ولهذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لما قدم وهو على بعيره رمى الجمرة، وكذلك في آخر يوم رمى الجمرة ثم ارتحل وركب ولم يبق بعد رمي الجمرات، ارتحل عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في (الْمُحَصَّبِ)، المحصب يعني المكان الذي كثرت في الحصباء، وهو الشعب الذي يفيض على الأبطح، الآن أظن فيه مقر إمارة وصار الآن فه عماير وفلل ما يمكن المبيت فيه إطلاقا، ولهذا القول فيه بأن التحصيب سنة أو غير سنة أصبح غير وارد؛ لأنه لا يمكن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/346)
على كل حال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقد ثم ركب في آخر الليل ونزل إلى البيت وطاف طواف الوداع وصلى الصبح ثم ركب إلى المدينة، صبح اليوم الرابع عشر، كانت أم سلمة رَضِيَ اللهُ عَنْها استأذنته أو في طواف الوداع، وقالت: إنها مريضة فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) فقالت: سمعته وهو يقرأ في صلاة الفجر ذلك اليوم والطور وكتاب مسطور.
الشاهد من ه?ذا أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ نزل من ه?ذا المكان وصلى فيه كم وقتا؟ أربعة أوقات والخامس في المسجد الحرام،
[الحديث الواحد والستون]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ -أَيْ: اَلنُّزُولَ بِالأَبْطَحِ- وَتَقُولُ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلاً أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الشرح]
أعقب المؤلف حديث ابن عباس بهـ?ذا الحديث ليبين أن نزول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك المكان ليس على سبيل التعبد؛ بل هو أسمح لخروجه وأيسر؛ لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لما انتهى من منى وكان يحب أن يمشي في أول النهار، فأين يذهب؟ إذا كان قبل صلاة الظهر، وهو يريد أن يسافر إلى المدينة في أول النهار، لم يبق إلا أن ينزل في ه?ذا المكان ليستريح وينام ما شاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? أن ينام، ثم بعد ذلك يرتحل، فعائشة تقول: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعل ذلك تعبدا لأنه أسمح لخروجه. ولهذا كانت لا تفعله رَضِيَ اللهُ عَنْها.
وبعض العلماء يقول: بل فعله تعبدا، فيكون النزول في ه?ذا المكان سنة، فالعلماء اختلفوا في ه?ذا؛ ولكن إذا جاء مثل ه?ذا الخلاف، والأدلة فيه محتملة أن يكون ذلك على سبيل التعبد أو على سبيل الراحة والتيسير، فأيهما نأخذ به؟
قد يقول قائل: إن الأصل المشروعية وأن النزول بهـ?ذا سنة.
قد يقول قائل: لا، الأصل عدم المشروعية لأن العبادة لابد أن نعلم أن الشارع شرعها، وهنا ليس عندنا علم؛ لأن الحج بالاتفاق انتهى بعد رمي جمرة العقبة، وه?ذا المنزل لا نعلم أنه مكان نسك حتى نقول إن النزول به سنة، وما نزوله بهـ?ذا المنزل إلا كنزوله قبل أن يخرج إلى الحج في الأبطح، فهل أنتم تقول مثلا: إن نزوله في الأبطح قبل خروجه إلى منى سنة أو أنه منزل اختاره لا للتعبد؟ ليس سنة؛ لكنه فعله على سبيل أنه نزح عن مكة للتوسعة على من أتى حاجا في ذلك الوقت.
على كل حال المسألة محتملة أن يكون سنة أو لا يكون سنة، والمسألة الآن إنما الخلاف فيها خلاف نظري؛ لأنه لا يمكن النزول في الأبطح، لو فرض أن الأمور عادت وأن مكة عادت إلى حالتها الأولى يكون النزاع حينئذ له فائدة عملية أما الآن فالنزاع ما هو إلا مسألة نظرية.
[الحديث الثاني والستون]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ((أُمِرَ اَلنَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ, إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
قال: (أُمِرَ اَلنَّاسُ) ه?ذه الصيغة قال علماء المصطلح: إن لها حكم الرفع؛ لأن الصحابي قال (أمر) فإن الآمر هو الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه ليس فوق مرتبة الصحابة إلا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فيكون هو الآمر.
بل إن ه?ذا أحد ألفاظ الحديث وإلا فإن فيه لفظ آخر صريح بأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الذي أمر فقال ابن عباس: كان الناس ينفرون من كل وجه، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)) وه?ذا مرفوع صريح للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: (أُمِرَ اَلنَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ) كلمة (اَلنَّاسُ) ه?ذه لفظ عام؛ لكن يراد به الخاص، من ه?ذا الخاص؟ هم الذين ينفرون من الحج لقول ابن عباس: كان الناس ينفرون من كل وجه، وقيل هم الحجاج سواء نفروا أم لم ينفروا، وعلى ه?ذا يكون الطواف وداع لا للسفر لكن لانتهاء أعمال الحج، والإنسان عليه أن يودع سواء سافر أو لما يسافر، كما أنه إذا ودع فإنه لو بقي شهرين أو ثلاثة في مكة لا يعيد الطواف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/347)
ولكن جمهور أهل العلم أن المراد بالناس بهم النافرون من الحج؛ لقول ابن عباس: كان الناس ينفرون من كل وجه ولا ينفر أحد في وقت الحج إلا من كان حاجا، ه?ذا هو الغالب.
وقوله: (آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ) وفي رواية لأبي داوود ((آخر عهدهم بالبيت الطواف)) وتفسر ه?ذه الرواية معنى الآخرية هنا، وهي أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف، وقد يقال: إنه وإن لم ترد ه?ذه الرواية فإن المراد الطواف؛ لأن الذي يختص بالبيت من الأعمال هو الطواف، لو قال قائل: آخر عهدهم بالبيت الصلاة، قلنا: الصلاة لا تختص بالبيت، وإلا لقال بالمسجد مثلا لما قال البيت وقد علم أنه لا يختص به إلا الطواف، فه?ذه قرينة على أن المراد هنا الطواف.
ولهذا قيل: إن بعض الملوك نذر أن يتعبد لله عبادة لا يشركه فيها أحد من الناس أبدا، كيف تصور قال: لله علي نذر أن أفعل عبادة لا يشاركني فيها أحد من الناس حين فعله.
نقول: الصلاة ما يمكن، لأنه ممكن أحد يصلي في ذلك الوقت.
الصيام ما يمكن، الصدقة ما يمكن.
فسألوا العلماء، فقال بعض أهل العلم قال لهم: أفرغوا له المطاف واجعلوه يطوف وحده، حينئذ لا يشاركه أحد، يكون قد وفّى بنذره.
أقول: إن قوله: (آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ) حتى ولو لم ترد رواية أبي داوود المصرِّحة فإنه يتعين بالقرينة أن يكون المراد الطواف.
هنا يقول: (إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ)، (خُفِّفَ) يعني خفف الأمر عن الحائض، والحائض معروفة.
وهل مثلها النفساء؟ فيها خلاف، فابن حزم يرى أن النفساء لا يمتنع عنها الطواف، وقد مر علينا في أول كتاب الحج وجه استدلاله؛ ولكن الجمهور يرون أن النفساء كالحائض لا تطوف بالبيت، ويجيبون عن ه?ذا الحديث بأنه من باب التغليب، والقيد إذا كان أغلبيا لا يكون له مفهوم.
يستفاد من ه?ذا الحديث عدة فوائد:
أولا وجوب طواف الوداع على الحاج لقوله: (أُمِرَ اَلنَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ)، وه?ذا قاله النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في حجة الوداع.
لو قال قائل: قد يكون الأمر هنا للاستحباب قلنا لا يصح لوجهين:
الوجه الأول أن الأصل في الأمر الوجوب إلا بدليل.
الوجه الثاني أنه قال: (خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ) والتخفيف لا يقال غلا في مقابل الإلزام إذ لو كان ألمر هنا استحبابا لم يكن هناك فرق بين الحائض وغير الحائض لأنه مخفف عن الجميع، إذ أن المستحب لا يلزم به الإنسان.
فإن قلت: وهل يجب ذلك في العمرة؟
فالجواب أن ه?ذا محل خلاف بين العلماء:
ومنهم من قال: إنه يجب الطواف للعمرة كما يجب للحج، واستدل لذلك بأنّ العمرة حج أصغر، كما قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وبأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ليحيى بن أمية: ((اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك))، وه?ذا عام ويخرج منه ما لا يفعل في العمرة بالإجماع، مثل الطواف والمبيت والرّمي والوقوف، وطواف الإفاضة؛ بل نقول: الطواف ما يخرج لأن العمرة فيها طواف.
أيضا قالوا: إن المعتمر دخل البيت بتحية ولا يخرج منه -من باب القياس- إلا بتحية.
رابعا أن ه?ذا أحوط، أن الطواف أحوط؛ لأنك إن طفت لم يقل أحد: لم طفت؟ وإن لم تطف، قال لك الموجبون: لماذا لا تطوف؟ وما كان أحوط فهو أولى لقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه))، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))، ولكن مع ه?ذا ليس وجوبه في العمرة كوجوبه في الحج من أجل الخلاف فقط، وإلا فالأدلّة تدل على الوجوب.
ومن فوائد ه?ذا الحديث، أنه يجب أن يكون الوداع آخر عهد الإنسان لقوله: (آخِرَ عَهْدِهِمْ)؛ ولكن إذا بقي الإنسان بعد الطواف للصلاة أو اشترى حاجة في طريقه أو تغدّى أو تعشى أو ما أشبه ذلك من الأشياء الخفيفة فإن ه?ذا لا يضر؛ لأنه سبق لنا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الفجر بعد طواف الوادع، فه?ذه المسائل اليسيرة لا تضر إلا إذا كان المقصود به الاتجار؛ يعني أنه اشترى شيئا للتجارة فإن العلماء يقولون: إذا اشترى شيئا للتجارة فعليه أن يعيد الطواف.
ومن فوائد الحديث سقوط طواف الوداع عن الحائض، لقوله: (إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ)، الحائض لا يجب عليها الطواف لعذر شرعي أو حسي؟ شرعي، أما حسي فقد تكون قادرة، فهل يلحق العذر الشرعي العذر الحسي كما لو كان الإنسان مريضا؟
فالجواب: لا، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأم سلمة لما قالت إنها مريضة قال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة فلم يسقطه عنها للمرض)) فمادام ه?ذا الإنسان عاجزا، نقول: يحمل؛ لكن لو فُرض أنه لا يمكن حمله؛ يعني مرض مرضا مُدنفا، فهنا قد نقول بالسقوط؛ لأن ه?ذا عذر لا يمكن معه الفعل كالحيض، بخلاف العذر الذي يمكن معه الفعل كالمرض الخفيف الذي يمكن أن يحمل الإنسان فهـ?ذا لا يسقط.
ومن فوائد الحديث تحريم جلوس الحائض في المسجد؛ لأن العلة من منع الحائض من الطواف المكث في المسجد، والطواف مكث، فلا يحل لها أن تمكث في المسجد حتى ولو للدرس أو الموعظة أو ما أشبه ذلك، ولهذا أمر النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ للنساء أن يخرجن لصلاة العيد وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى.
ومن فوائد الحديث رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? بعباده حيث خَفف عن الحائض فلم يلزمها أن تبقى كما تبقى المرأة التي لم تطف طواف الإفاضة؛ بل تستمر في سفرها ولا عليها شيء.
أدلتهم يقولون: إن الرسول قاله في الحج، ونحن نقول: نعم هو قاله في الحج؛ لكن لأن أصل إيجابه لم يكن إلا في ذلك اليوم.
قالوا: ولأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر ولم يطف. فنقول: كان ذلك قبل إيجابه؛ لأنه لم يجب إلا في حجة الوداع، وكم من أشياء تأخر وجوبها ووجبت بعد.
.. ه?ذا ليس دليلا؛ بل هو دليل لما ترجم له البخاري رحمه الله أن المعتمر إذا خرج فإنه لا يحتاج إلى طواف الوادع يكفيه طواف الوداع لأنه طاف قريبا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/348)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:05 م]ـ
[الحديث الثالث والستون]
وَعَنِ اِبْنِ اَلزُّبَيْرِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ, وَصَلاةٌ فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةٍ فِي مَسْجِدِي بِمِائَةِ صَلاةٍ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ.
[الشرح]
قول الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ) ه?ذا قد يشكل من الناحية العربية حيث ابتدأ بالنكرة، فما الجواب؟ الجواب أنها أفادت بالوصف: (فِي مَسْجِدِي هَذَا) وقد قال ابن مالك:
ولا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تفد
ثم جعل مثلا له?ذا:
ورجل من الكرام عندنا
الحديث يطابق المثل الذي ذكره ابن مالك في قوله:
ورجل من الكرام عندنا.
وقوله: (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ)، (اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ) أفضل من مائة صلاة في المسجد النبوي سيكون أفضل من مائة ألف صلاة فيما عداه، إلا المسجد النبوي فهو أفضل منه بمائة.
يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حاثا ومرغّبا على الصلاة في هذين المسجدين؛ لأن ذكر الفضل في العمل يتضمن الحث عليه والترغيب فيه، ولولا أنه يتضمن ذلك لكان من باب اللهو والعبث، فإذا أثنى الشارع على فاعل أو فعل فهـ?ذا يدلّ على الحث عليه، إذْ أنه لم يكن كذلك كان عبثا لا فائدة منه.
وقوله: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا) أشار إليه لأنه مشاهد محسوس قال: (مَسْجِدِي هَذَا)، والإشارة كما عُرف تعيين الشيء بواسطة الإشارة بالأصبع فهي إشارة حسية في الأصل؛ لكن قد تكون إشارة معنوية كقول المؤلف: ه?ذا كتاب فيه كذا وكذا.
وقوله: (فِي مَسْجِدِي هَذَا) يعني مسجد المدينة، وأضافه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نفسه لأنه هو الذي بناه وابتدأه، فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوّل ما قدم المدينة فأول شيء بدأ به اختيار مكان المسجد وبناؤه.
وقوله: (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) أي من المساجد بدليل قوله: (إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ)، والأصل في المستثنى أن يكون من جنس المستثنى منه، فهو أفضل من ألف صلاة فيما عداه من المساجد إلا المسجد الحرام.
وقوله: (إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ) المسجد الحرام يعني الذي له الحرمة والتعظيم، فهو مسجد مكة خاصة، لقوله تَعَالى?: ?جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ? [المائدة:97]، ولقوله: ?وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ? [الفتح:25]، والنصوص في ه?ذا كثيرة.
وقوله: (وَصَلاةٌ فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةٍ فِي مَسْجِدِي بِمِائَةِ صَلاةٍ) يدل على أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في المسجد النبوي بمائة صلاة، فيكون أفضل من غيره بمائة ألف صلاة، يعني لو صليت جمعة واحدة في المسجد الحرام صارت أفضل من مائة ألف جمعة فيما عداه، كم مائة ألف جمعة من السنين؟ السنة فيها حوالي خمس وخمسين جمعة، إذا قلنا: خمسين كل سنتين بمائة، سبحان الله، على كل حال فضل عظيم للصلاة في ه?ذا المسجد.
نعود له?ذا الحديث مرة ثانية: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا) الإشارة تدل على تعين المشار إليه، فهل المراد المسجد الذي في عهد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وما زيد فيه فلا يدخل فيه، أم نقول: إن المراد المسجد وما زيد فيه؟ في ه?ذا خلاف بين العلماء:
فمنهم من قال المراد به مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو مسجده والمسجد، وأما ما زيد فيه فلا يدخل في ه?ذا التفصيل، وحجتهم في ذلك الإشارة لأن الإشارة تعين المشار إليه، وإلا لأطلق وقال: في مسجدي. وسكت ولما قال: (هَذَا) علم أنه لا يتناول ما زيد فيه. وإلى ه?ذا يذهب بعض أهل العلم وقالوا: الزيادة لاشك أن لها فضلا لأنها مسجدا لكنها لا يحصل فيها ه?ذا الفضل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/349)
وقال بعض أهل العلم: بل إن ما زيد فيه فله حكمه، واستدلوا بحديثين ضعيفين أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لو بلغ صنعاء فهو مسجده، وه?ذا الحديث ضعيف؛ لكن يعضده فعل الصحابة وإجماعهم رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فإن الصحابة أجمعوا على الصلاة في الزيادة التي زادها عمر وأجمعوا أيضا على الصلاة في الزيادة التي زادها عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ومعلوم أن الزيادة العثمانية في قبلي المسجد، وأن الصحابة كانوا يصلون في قبلي المسجد في الصف الأول، لم يذكر أنهم كانوا يتأخرون حتى يكونوا في مسجد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وه?ذا شبه إجماع من الصحابة على أنّ ما زيد فيه فله حكمه. وه?ذا هو الصواب بلا شك، وقد صرح به شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن ما زيد في المسجد فهو منه، ه?ذا لاشك فيه.
الثاني المسجد الحرام، ما هو المسجد الحرام؟ هل المراد به جميع الحرم أو المراد به مسجد الكعبة خاصة، في ه?ذا أيضا نزاع بين أهل العلم:
فمنهم من قال: المراد به كل الحرم، فإذا صلّيت في أي مكان من الحرم ولو خارج حدود مكة فصلاتك أفضل من مائة ألف صلاة، إلا المسجد النبوي.
واحتج ه?ؤلاء بقوله تَعَالى?: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا? [الإسراء:01]، وقرّروا ه?ذه الحجة بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسري به من بيت أم هانئ رَضِيَ اللهُ عَنْها، ومعلوم أن بيت أم هانئ خارج المسجد -مسجد الكعبة-.
واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ? [البقرة:210]، فقالوا: ?وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ? ومعلوم أن هؤلاء أنهم أخرجوا من بيوتهم وديارهم، وليسوا من المسجد نفسه لأنهم ليسوا ساكني المسجد؛ بل هم في بيوتهم، وهنا قال: ?وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ?.
واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ?هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ? [الفتح:25]، وهم إنما صدوهم عن مكة وعن المسجد الحرام لاشك.
واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا? [التوبة:28]، قال: ?فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ? وهم ممنوعون من دخول مكة، فدلّ ه?ذا على أن المراد بالمسجد الحرام؛ كل الحرم.
واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ? [الحج:25]، ?الْعَاكِفُ? معناه المديم المكث؛ طول المكث، والناس إنما يمكثون في البيوت يعكفون في بيوتهم، فقالوا: إنّ ه?ذه الآيات تدلّ على أن المراد بالمسجد الحرام جميع مكة.
أما من السنة فإنهم قالوا: إنه قد روى الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديبية كان مقيما في الحل، وكان إن حانت الصلاة دخل فصلى في الحرم، وه?ذا يدلّ على أن الصلاة في الحرم كله يشملها التضعيف.
وربما يستدلون بالمعنى والنظر فيقولون: لو خصصناه بالمسجد الحرام الذي هو مسجد الكعبة لضيقنا على الناس؛ لأن كل واحد في مكة لا يرغب أبدا أن يدع مائة ألف صلاة وبينه وبينها ه?ذه المسافة القريبة، بل لابد أن ذهب ويصلي وحينئذ يحصل الضيق والمشقة على الناس.
قالوا: ويدل له?ذا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام في الأبطح أربعة أيام قبل الخروج إلى منى ولم يكن ينزل إلى المسجد الحرام ليصلي فيه مع قرب المسافة وسهولتها.
كل ه?ذه الأدلة استدلوا بها على أن المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/350)
وقال آخرون -وهو ظاهر كلام الحنابلة رحمهم الله-: إن المراد بالمسجد الحرام مسجد الكعبة فقط، وقالوا: عندنا دليل لا يمكنكم معه الكلام إطلاقا، وهو أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال فيما رواه مسلم من حديث ميمونة رَضِيَ اللهُ عَنْها: ((صلاة في مسجدي ه?ذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة)) ه?ذا لفظ الحديث في مسلم، قال: (إلا مسجد الكعبة)، وه?ذا صريح في أن المراد بالمسجد الحرام في مثل ه?ذا الحديث مسجد الكعبة الذي فيه الكعبة، وبأن حديث أبي هريرة ((لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام))، فيه رواية في مسلم أيضا ((لا تشد الرحال إلا لثلاثة مسجد الكعبة ومسجدي ه?ذا والمسجد الأقصى))، وصرح بأن المراد بالمسجد الحرام مسجد الكعبة.
وه?ذا لو قال قائل: الحديث واحد، نقول: إن كان ه?ذا اللفظ (المسجد الحرام) و (مسجد الكعبة) من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد فسّر قوله بقوله، وإن كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل اللفظين فقد فسّره الصحابي هو أعلم بمدلول كلام الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن لم يكن من تفسير الصحابي فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أحد اللفظين وما دام لا مرجح بينهما فيكون كل واحد منهما مقابلا للآخر ويكونان سواء.
على كل حال ه?ذا الحديث ولا سيما حديث ميمونة لأنه نص في الموضوع يعتبر فيصلا للنزاع، وهو ((صلاة في مسجدي ه?ذا أفضل مما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة))،
وعندي أن ه?ذا يكفي عن كل شيء، ومع ذلك لابد من الإجابة على أدلة القائلين جميع الحرم.
يقولون: عندنا أيضا دليل آخر ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام)) فهل تقولون: إنه يجوز للإنسان أن يشد الرحل إلى مسجد الشعث والجدرية وأدنى مسجد في مكة؟
الجواب: ما أظنهم يقولون بذلك، اللهم إلا إن كان التزاما عند المضايقة، لأنه عند المناظرة قد يلتزم الإنسان بما لا يعتقده؛ لكن كما يقال: فك للمشكلة.
فنحن نقول: إذا كنتم لا تجيزون أن تشد الرحال إلى مسجد من مساجد مكة سوى مسجد الكعبة، فما الفرق بين قوله: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام)) وبين قوله: ((صلاتي في مسجدي ه?ذا أفضل من ألف صلاة إلا المسجد الحرام))؟ لا فرق، ثم إن المعنى يقتضيه وهو إنما جاز شد الرحال إلى ه?ذه المساجد لتميزها في الفضل، فإذا قلتم إن الذي تشد إليه الرحل هو مسجد الكعبة فقولوا: إن الذي فيه الفضل هو مسجد الكعبة، وإلا لصار ذلك تناقضا.
أما الجواب عن الأدلة التي استدل بها ه?ؤلاء:
أما قوله تَعَالى?: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا? [الإسراء:01]، فالثابت في الصحيحين أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسري به من الحطيم -حطيم الكعبة- ((بينما أنا نائم في الحطيم أو مضطجع إذ أتاني أتٍ)) وحينئذ يكون الإسراء به من المسجد الحرام الذي هو مسجد الكعبة لاغير.
ورواية بيت أم هانئ إن صحت، فقد جُمع بينها وبين ه?ذا الحديث الصحيح بأنه كان نائما في الأول في بيت أم هانئ ثم جاءه الملك، ثم قام حتى أتى المسجد واضطجع فيه أو نام ثم أُسري به من هناك.
وأما قوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا? [التوبة:28]، فهـ?ذا أحرى أن يكون دليلا عليهم لا دليلا لهم؛ لأن الله عز وجل لم يقل: فلا يدخلوا المسجد الحرام؛ بل قال: ?فَلاَ يَقْرَبُواْ? ولا يمكن أن تحولوا الآية إلى الدخول، وإذا قلنا: الآية ?فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ? كان ممنوعا أن يقرب الناس حول حدود الحرم أو أن يقرب المشركون حول حدود الحرم، ومن المعلوم أنكم لا تقولون بذلك، تقولون: إن المشرك يمكن أن يدنو من حدود الحرم إلى مسافة شبر أو أصبع بينما لو أخذنا بالآية وقلنا: المسجد الحرام هو كل الحرم لكان يجب أن يبتعدوا عن حدود الحرم بعدا ينتفي فيه القرب، وها أنتم لا تقولون به، إذن ?فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ? لا يدخلوا حدود الحرم لأنهم إذا دخلوا حدود الحرم فقد قربوا من المسجد الحرام فامنعوهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/351)
أما قوله تَعَالى?: ?هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ? [الفتح:25]، فالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ إنما جاء للحديبية، هل جاء ليزور مكة وأقاربه فيها وبيوتهم ثم يرجع، أو جاء ليصل إلى المسجد الحرام ه?ذا هو المقصود، ولو قدر أن الإنسان صدر عن كل مكة وننزل في المسجد الحرام ما همه. المقصود الذي عنه الصد هو المسجد الحرام -مسجد الكعبة- وحينئذ لا دليل في الآية.
قوله تَعَالى? ?وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ? [البقرة:210] ه?ذه هي أقوى دليل لو كانت دليلا لكانت هي أقوى دليل لمن قال إن المسجد الحرام هو مكة؛ لأن أهل الحرم أهل لكل الحرم، ولكن نقول: أهل الحرم إنما يفتخرون بانتسابهم إلى المسجد الحرام، هم أهل المسجد كما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى?? في سورة الأنفال: ?وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (34) ? [الأنفال:34]، فهنا نقول: هم أهل المسجد الحرام لأنهم إنما يشرفون به، كل ما قرب من ه?ذا المسجد إنما شرف بالمسجد، فصار هو المقصود الأعظم ولهذا سمي ه?ؤلاء أهلا له.
ثم نقول: أهل المسجد الحرام الذين يعمرونه بطاعة الله، وهم إنما يعمرون بطاعة الله مسجد الكعبة هو محل الصلاة والطواف وغير ذلك.
كذلك قوله: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ? [الحج:25]، نقول: إنهم يصدّون الناس عن العمرة والحج، وه?ذا لا يصح إلا بالوصول إلى المسجد الحرام، فتبين بهـ?ذا أنّ المراد بالمسجد الحرام هو مسجد الكعبة؛ لأن ه?ذا هو الذي ثبت عن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وه?ذا يقطع كل نزاع؛ لكن الإجابة عن ما احتجوا به لإزالة الشبهة.
بقي أن يقال: لو فرض أن المسجد الحرام زاد هل يدخل في الفضيلة أو لا؟ نقول: نعم يدخل، أولا لأنه ليس كالمسجد النبوي فيه التعيين بالإشارة بل قال: (المسجد الحرام) فكل ما كان مسجدا حول الكعبة فهو داخلا في الحديث.
لو قال قائل: لو صلى الإنسان حول المسجد في السوق هل ينال ه?ذا الأجر؟ نقول: فيه تفصيل، إن كان المسجد ممتلئا والصفوف متصلة فهو القوم لا يشقى بهم جليسهم، ينال الأجر ه?ؤلاء، أما إذا كان المكان واسعا في المسجد وصلى ه?ذا في سوقه فلا ينال ه?ذا الأجر.
ثم نرجع إلى ه?ذا التفضيل هل يشمل الفرائض والنوافل أو هو خاص بالفرائض؟
قال بعض أهل العلم: إنه خاص بالفرائض، وأن صلاة الفريضة في المساجد الثلاثة مفضلة على غيرها بل في المسجدين لأن الثالث ما ذكر في الحديث، وأما النافلة فلا.
والصحيح أنه شامل للفريضة والنافلة، وأن صلاة الفريضة في المساجد المفضلة وصلاة النّافلة سواء في المفاضلة، فلو صلى الإنسان التراويح في المسجد الحرام لكان خيرا من مائة ألف صلاة تراويح فيما عداه من المساجد، وتحية المسجد في المسجد الحرام خير من مائة ألف تحية في غيره، وعلى ه?ذا فقس.
تحت ذلك هل نقول: إن ه?ذا يقتضي أن فعل النافلة وأنت في مكة في المسجد أفضل من فعلها في بيتك، أو فعل النافلة وأنت في المدينة في المسجد خير من فعلها في بيتك؟
الجواب: لا، النافلة في البيت في مكة أو في المدينة أفضل منها في المسجد؛ لأن الذي فضّل مسجده على غيره من المساجد هو الذي قال: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) وعلى ه?ذا فإذا أردت أن تصلي الوتر وأنت في مكة، فهل الأفضل أن تذهب إلى المسجد الحرام وتصلي فيه أو الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك؟ الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك. وكذلك لو كنت في المدينة فهل الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك أو في المسجد النبوي؟ الجواب في بيتك، له?ذا الحديث ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة))، ولفعل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كان يتنفّل في بيته مع أنه قال للناس: ((صلاة في مسجدي ه?ذا خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/352)
إذن ما هو الجواب الذي يكون منضبطا؟ ما فُعل في المسجد النبوي أو المسجد الحرام فهو أفضل من غيره من المساجد بالتفضيل الذي ورد؛ ولكن إذا سُئلنا هل الأفضل أن نفعل النوافل في المسجد أو في البيت نقول: ما شرع في المسجد الصلاة في المسجد كصلاة الكسوف على قول من يرى أنها سنة، وكصلاة تحية المسجد، والصلاة في رمضان كقيام رمضان والاستسقاء إن فعل في المسجد، أما إذا كان تطوعا مطلقا ففي البيت أفضل ولو كان في المساجد الثلاثة.
بقينا في كون الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نازلا في الحل وكان يدخل ويصلي في الحرم، فهي من رواية ابن إسحاق -كما قلنا في الشرح- وإذا صح فنحن لا ننكر أن الحرم أفضل من الحل بلا شك، وأن الإنسان إذا كان في الحل وكان الحرم قريبا منه فالأفضل يدخل إلى داخل الحرم، ه?ذا لا إشكال فيه.
وأما كون الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ نزل بالأبطح، فلأنه لا يمكن أن ينزل في المسجد وهم حوالي مائة ألف الذين حجوا معه كيف ينزلون في المسجد، وهو عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لما قيل له عام الفتح: أتنزل غدا في دارك؟ قال: ((وهل ترك لنا عقيل من دار؟)) ليس له دار في مكة حتى ينزل فيها، إذن ليس له منزل إلا ظاهر مكة في الأبطح، والرّسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لا يحب أن يشقّ على أمته في أنه ينزل في كل صلاة من الأبطح إلى المسجد الحرام ليصلي فيه.
ويتبين أن الدين يسر، والأمر ليس بواجب غاية ما هنالك أن فيه فضيلة، وما يحصل من المشقة بالشد والنزول ما أشبه ذلك عليه وعلى أمته الذين معه لاشك أنه عذر في ترك ه?ذه السنة.
فوائد الحديث: الحديث له فوائد عديدة
الفائدة الأولى: التّرغيب في الصلاة في ه?ذا المساجد؛ بل المسجدين؛ لأنه لم يذكر المسجد الثالث وهو الأقصى: مسجد مكة ومسجد المدينة؛ ولكن هل يقال: إن ه?ذا أفضل من الصلاة في البيت؟ أو يقال: ما يشرع ما يكون في البيت فكونه في البيت أفضل؟ الجواب هو الثاني وأظن ذكرناه.
وقلنا: يدل له?ذا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) هو الذي قال: ((خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة))، وكان هو يصلي النوافل في بيته.
ومن ثمة حمل بعض العلماء ه?ذا الحديث على أنّ المراد بالصلاة هنا الصلاة فريضة -الصلوات الخمسة-؛ لكن ينبغي أن يقال: لا، كل ما فعل في ه?ذه المساجد من صلاة فهو أفضل ما سواه من المساجد الأخرى ويبقى النظر هل هو أفضل في المسجد أو في البيت ه?ذا له أدلة أخرى.
مثلا تحية المسجد في المسجد الحرام خير من مائة ألف تحية مما سواه.
كذلك أيضا لو أن أحدا تقدم إلى المسجد وصلى وصار يتنفل حتى أقيمت الصلاة، فهـ?ذا النفل كان يفعله في انتظار الصلاة خير من مائة ألف صلاة فيما عداه، وفي المسجد النبوي خير من ألف صلاة.
ومن فوائد الحديث أن الأعمال تتفاضل باعتبار المكان، والدلالة فيه واضحة (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ).
وهل يتناول ه?ذا جميع الأعمال أو هو خاص بالصلاة فقط؟ يرى بعض العلماء أنه خاص بالصلاة فقط، وأن ما عداها من الأعمال والصدقة والصيام وطلب العلم وما أشبه ذلك فلا يحصل فيه ه?ذا الفضل، وإن كان في الحرم أفضل؛ لكنه لا يصل إلى ه?ذا الفضل. وه?ذا هو الصحيح إن لم يوجد أدلة صحيحة عن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في المفاضلة في بقية الأعمال.
ووجه ذلك أن التفاضل أو إثبات الفضْل في العمل أمر توقيفي لا يتعدّى فيه الشرع، فنقول: الصلاة ورد فيها ه?ذا الفضل وما هداها يتوقف فيها على فإنه يتوقف على ثبوت ذلك على النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وقد أخرج ابن ماجه بسند فيه نظر أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: ((إن من صام رمضان في مكة كان بمائة ألف شهر))، فإن صحّ ه?ذا الحديث ألحقنا به الصيام، وإلا فلا نلحق به شيئا.
الدليل على عدم الإلحاق:
أولا أن إثبات الفضائل للأعمال توقيفي.
ثانيا أن للصلاة شأنا ليس لغيرها من بقية الأعمال، فهي آكد وأفضل أعمال البدن، حتى أن القول الراجح أن تاركها يكون كافرا، وإذا كانت بهـ?ذه الميزة فلا يمكن أن يلحق بها ما دونها إلا بنص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/353)
ومن فوائد ه?ذا الحديث إثبات التفاضل في الأعمال، وقد سبق لنا أن الأعمال تتفاضل بحسب المكان والزمان والعامل وجنس العمل ونوع العمل أيضا وكيفيته، كل ه?ذه وجوه للفضائل في الأعمال:
فالمكان هو كما رأيت.
الزمان ?لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) ? [القدر:03]، ((ما من أيام أحب فيها إلى الله من العمل الصالح من ه?ذه الأيام العشر)) يعني عشر ذي الحجة.
العامل ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)).
في كيفية العمل: ?لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً? ()
في جنسه: ((ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))
في نوعه: الصلاة أفضل من الزكاة والزكاة أفضل من الصيام والصيام أفضل من الحج .. وهكذا.
ومن فوائد ه?ذا الحديث أنه إذا ثبت تفاضل الأعمال لزم من ذلك تفاضل العامل، ثم يلزم منه تفاضل الناس في الإيمان، فيكون في الحديث دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، وه?ذا هو مذهب أهل السنة والجماعة؛ أن الإيمان يزيد وينقص؛ لكن كيف تكون الزيادة، أو بماذا تكون الزيادة؟ هل بالعمل؟ نقول: بكل ما ذكرنا من الأنواع المفاضلة، يزيد بالفرائض أكثر مما يزيد بالنوافل، ومن العجب أن الشيطان يضحك علينا؛ يجعلنا نعتقد أن النافلة أفضل من الفريضة، ولهذا تجد كثيرا من الناس يحسنون النوافل تماما، والفرائض يتساهلون فيها، ه?ذا من الغرائب، تجد مثلا في صلاة النافلة يخشع ويحضر قلبه ويستحضر ما يقول؛ ولكن في الفريضة يتهاون، وه?ذا من البلاء الذي يصاب به الإنسان.
والواجب أن يعلم الإنسان ويعتقد أن صلاته الفريضة أفضل من النافلة، وأنه يجب أن يعتني بالفريضة أكثر من أن يعتني بالنافلة، ولولا محبة الله لها ولولا أهميتها عنده عز وجل ما أوجبها على عباده، فإيجابها على العباد يدل على أنها أحب إلى الله وأنها أولى بالعناية من النافلة.
إذا قال قائل: أيّ ما أفضل المجاورة في مكة أو المجاورة في المدينة؟
اختلف فيها ه?ذا أهل العلم:
فمنهم من إن المجاورة في مكة أفضل، لأن مكة أفضل من المدينة بلا شك، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في مكة: ((إنك لأحب البقاع إلى الله ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت))، وه?ذا واضح صريح، وأما ما يرويه بعض الناس أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال في مكة ((أحب البقاع إلى الله)) وفي المدينة ((أحب البقاع إلي)) فهـ?ذا غير صحيح.
وقال بعض أهل العلم: إن المجاورة في المدينة أفضل لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حث على السكنى فيها وقال: ((المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)).
وقال بعض أهل العلم المجاورة في مكان يقوى فيه إيمانه وتكثر فيه تقواه أفضل من أي مكان، أي مكان يكون أنفع وأقوى إيمانا وأكثر تقوى لله عز وجل فهو أفضل، وه?ذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إذا فرضنا أن الشخص في مكة يضعف إيمانه وتقواه ويقل نفعه، فليخرج، كما فعل الصحابة. الصحابة ذهبوا إلى الشام وإلى الكوفة والبصرة وإلى مصر يلتمسون ما هو أفضل وأنفع للعباد، وسكنوا هناك، وصاروا يعلمون الناس ويدرسونهم العلم، وتركوا المدينة ومكة أيضا، وه?ذا القول أصح؛ لكن لو فرضنا أن الإنسان يتساوى عنده البقاء في مكان وفي مكة والمدينة قلنا: في مكة والمدينة أفضل بلا شك.
أما المفاضلة بين مكة والمدينة في عندي حل توقف بالنسبة للمجاورة، أما بالنسبة لفضل مكة فلاشك أن مكة أفضل.
يتفرع على تفاضل مكة والمدينة هل تتضاعف السيئات في مكة والمدينة؟
الجواب: أما بالكمية فلا، وأما بالكيفية فنعم، العقوبات على السيئات في مكة أعظم من العقوبات على السيئات في غيرها، وفي المدينة أعظم أيضا، ودليل ذلك قوله تَعَالى?: ?مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (160) ? [الأنعام:156]، وه?ذه الآية في الأنعام مكية، وبهذا نعرف بطلان ما يذكر عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنه قال: لا أسكن في بلد حسناته وسيئاته سواء. لما قيل له: أتسكن في مكة؟ فإن ه?ذا لا يصح عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، وابن عباس أفقه وأعلم من أن يقول مثل ه?ذا الكلام.
انتهى هذا الباب ويليه الباب الأخير:
بَابُ اَلْفَوَاتِ وَالإِحْصَارِ
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:08 م]ـ
بَابُ اَلْفَوَاتِ وَالإِحْصَارِ
[الشرح]
(اَلْفَوَاتِ) اسم مصدر لٍـ: فَاتَ يَفُوتُ، والمصدر: فَوْتًا. واسم المصدر فوات، فالفوت هو السبق الذي لا يُدرك، فإذا سبقك إنسان ولم تدركه تقول: فاتني، ه?ذا هو الفوت.
أما في الاصطلاح: فـ (الفوات) طلوع فجر يوم النحر قبل أن يقف الحاج بعرفة، ه?ذا الفوات في الاصطلاح؛ يعني لو أن أحدا أحرم بالحج واتّجه إلى المشاعر وطلع الفجر عليه قبل أن يصل إلى عرفة فهـ?ذا هو الفوات، نقول: ه?ذا الرجل فاته الحج. ودليل ذلك قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحج عرفة))، فإنه يدلّ على أن من فاته الوقوف فاته الحج، ه?ذا الفوات.
(الإِحْصَارِ) في اللغة المنع، يقال: حصر، ويُقال: أحصره، في القرآن ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ? [البقرة:196]، وفيه أيضا ?لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ? [البقرة:273] أي منعوا، الإحصار في اللغة المنع.
وفي الاصطلاح منع الناسك من إتمام نسكه، وهل يشترط أن يكون بعدو أو بأي مانع يكون؟ فيه خلاف بين أهل العلم:
منهم من قال: إنه يشترط أن يكون إحصار بعدو، وأنه لا إحصار بغير عدو.
ومنهم من قال: إنه عام في العدو وفي غيره؛ لأن الإنسان قد يُحصره عدو أو قد يحصره وقد يحصره مرض أو كسر أو ضياع ... أو ما أشبه ذلك.
فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه يشترط أن يكون الإحصار بعدو، فمن حصر بغير عدو لا يكون له حكم المحصر.
ومنهم من قال: إنه عام، وه?ذا هو الصحيح أنه عام، يشمل من أحصر بعدو ومرض أو ضياع أو ما أشبه ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/354)
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:12 م]ـ
[الحديث الرابع والستون]
عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَقَ وَجَامَعَ نِسَاءَهُ, وَنَحَرَ هَدْيَهُ, حَتَّى اِعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
[الشرح]
(قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أي مُنع من الوصول إلى البيت وذلك في عام الحديبية حين منعه المشركون من أن يتمم عمرته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، لماذا منعوه؟
قالوا: لا يتحدّث العرب أننا أُخذنا ضغطة، يعني أنك دخلت قهرا علينا، فصار ه?ذا المنع حمية الجاهلية كما قال تَعَالى?: ?إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ? [الفتح:26]، إلى آخر الآية، منعوا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن يؤدي العمرة وهم والله أحق أن يمنعوا من البيت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الله يقول: ?وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ? [الأنفال:34]، ولكن لله تَعَالى? في قضائه وقدره حكم عظيمة، فهم منعوا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(فَحَلَقَ رأسه وَجَامَعَ نِسَاءَهُ, وَنَحَرَ هَدْيَهُ, حَتَّى اِعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً) ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أتى بهـ?ذه الأفعال مرتبة بالواو، والمراد بها مطلق الجمع، فمثلا (فَحَلَقَ رأسه وَجَامَعَ نِسَاءَهُ, وَنَحَرَ هَدْيَهُ) فيه اختلاف في الترتيب بحسب الواقع؛ لأن الواقع أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحر أولا ثم حلق ثانيا ثم تحلل تحللا كاملا وجامع أهله، وإذا نظرنا إلى الحديث لكان فيه اختلاف؛ حلق رأسه ثم بعد ذلك جامع نساءه ونحر، والواقع أنه نحر ثم حلق ثم جامع؛ لكن الواو لا تقتضي الترتيب.
ومراد ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحلل بعد ه?ذا الإحصار تحللا كاملا والدليل على أنه تحللٌ كامل قال: (وَجَامَعَ نِسَاءَهُ).
قال: (حَتَّى اِعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً) من العام الثاني اعتمر عمرة تسمى عمرة القضاء؛ بمعنى القضيّة يعني عمرة المقاضاة، وليست قضاء للعمرة التي أحصر منها؛ لأن العمرة التي أحصر منها كتبت كاملة، ولهذا قال: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر أربع عمر منها العمرة التي صد عنها، فهو اعتمر كاملا؛ لكن الثانية عمرة بحسب المقاضاة التي صارت بين وبين قريش.
في ه?ذا الحديث دليل على أن الحصر يكون في العمرة، وهو كذلك، ويدل عليه أيضا القرآن ?وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ? [البقرة:196]، وفيه أيضا أنه يُشرع الحلق لقوله: (فَحَلَقَ رأسه)؛ ولكن هل يجب؟ الصحيح أنه يجب، الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر علينا في حديث المسور بن مخرمة حلق رأسه وأمر أصحابه، ولما تأخروا قليلا غضب عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فيجب عند الإحصار الحلق.
(وَنَحَرَ) هل يجب النحر؟ نعم، يجب النحر؛ لكن إن كان قد ساق الهدي نحر هديه كله الذي ساقه، فإن لم يسق فالواجب عليه أدنى ما يسمى هديا، لقوله تَعَالى?: ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ? [البقرة:196].
ومن فوائده أن المحصر يعتمر من السنة القابلة أو من الشهر القابل، المهم أنه إن زال الإحصار اعتمر، وهل ه?ذه العمرة قضاء للعمرة السابقة أو لا؟ في ه?ذا خلاف بين أهل العلم:
فمن العلماء من قال: إن المحصر يجب عليه القضاء إذا زال إحصاره. وهل يقضي من مكان الإحصار أو يستأنف نسكا جديدا؟ نقول: يستأنف نسكا جديدا؛ لأن النسك لا يتجزأ، فإن ه?ذا الرجل حل وانتهى وجامع وفعل جميع المحظورات فكيف يبني على ما سبق.
يعني يجب عليه أن يقضي سواء كان الذي أحصر عنه هو الفريضة أو كان تطوعا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/355)
حجتهم في ذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى العمرة التي أحصر عنها، وه?ذا استدلال بالأثر، قالوا: والأصل أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسوة أمته: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ? [الأحزاب:21]، وقد قضى ما أحصر عنه فلنقض.
وقالوا أيضا: لنا دليل نظري وهو أن النسك من حج أو عمرة إذا شرع الإنسان فيه وجب عليه إتمامه ولو كان نفلا، فإن كان وجب عليه إتمامه وجب عليه قضاؤه إذا أُحصر عنه، وصار فائدة الحصر أنه يتحلل ويترخص ويذهب، ه?ذا فائدة الحصر، أما براءة ذمته به فلا، فلابد أن يقضي.
واستدلوا أيضا بأن العمرة التي أتى بها الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ تسمى عمرة القضاء، والأصل أن القضاء لما فات، كما تقول إذا خرج وقت الصلاة: قضاء، وكما تقول إذا أفطر رجل في رمضان: إنه يقضي. كما قالت عائشة: فما أستطيع أن اقضيه إلا في شعبان.
وقال بعض أهل العلم: إنه إذا أحصر عن النسك لا يلزمه القضاء إلا إذا كان ه?ذا النسك واجبا، مثل أن يكون فريضة الإسلام أو يكون واجبا بنذر، فإنه يلزمه قضاء إذا أحصر عنه؛ لأن ذمته لم تزل مشغولة بهـ?ذا الواجب حتى يتمه.
أما إذا كان تطوعا فإنه لا يلزمه القضاء، واستدلوا بأثر ونظر:
أما الأثر فقالوا: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمر أصحابه أن يحلوا أمرهم أن يحلوا لم يأت عنه حرف واحد يقول: واقضوا من العام القادم. () ولو كان واجبا لبينه لهم؛ لأن يجوز أن بعضهم يذهب إلى بعض أهله ولا يلتقي بالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ. وأما أهل المدينة فقد يقال: يعلهم بعد ذلك، ولكن ليسوا كلهم من أهل المدينة قد يكون بعضهم يذهب إلى أهله ولا يعلم بأن القضاء واجب، فلما لم يبلغهم الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه واجب عُلم بأنه ليس بواجب لأنه لو كان واجبا لوجب على الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبلغهم.
ثانيا أن الذين قضوا العمرة من العام القابل -كما قال الشافعي وغيره- لم يكونوا جميعا الذين حضروا صلح الحديبية؛ بل كانوا أقل، الذين حضروا صلح الحديبية كانوا ألفا وأربع مائة والذين قضوا العمرة دون ذلك، وه?ذا يدل على أن القضاء ليس بواجب، إذْ لو كان واجبا لحضر كل من كان معه في الحديبية.
واستدلوا بالنظر قالوا: لأن ه?ذا واجب تعذر عليه إتمامه، -قصدي أن التطوع بالحج والعمرة يجب إتمامه- لكن ه?ذا واجب عجز عنه، والقاعدة الشرعية أن الواجبات تسقط بالعجز، فيكون ه?ذا الذي أحصر سقط عنه وجوب الإتمام بالعجز عنه.
فنرجع الآن لما سقط وجوب الإتمام بالعجز نرجع إلى الأصل أنه تطوع الذي شرع فيه أو واجب؟ أنه تطوع، فنقول: لاشك أن الأفضل أن تأتي به لكنه ليس بواجب، ولهذا أتى به الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أما أن نوجبه، وه?ذا الرجل إنما ترك الإتمام لعجزه عنه، فإننا لا نوجبه عليه، وه?ذا هو الحق، وهو الصحيح وأنه لا قضاء عليه؛ ولكن إذا كان ه?ذا الشيء واجبا كما قلنا فإنه يجب عليه القضاء لأنه مطالب به بالدليل الأول.
بماذا نجيب عن الذين أوجبوا القضاء؟
نقول: قولكم: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله والأصل أنه أسوة، نقول عن القاعدة المعروفة عند العلماء أن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب، ونحن نوافقكم أن الأفضل أن نأتي به، لكن الوجوب شيء والأفضل شيء آخر، ه?ذا واحد.
نقول: ه?ذا من المقاضاة أو القضية وليس من باب القضاء المعروف عند الفقهاء.
المهم الآن أننا فهمنا الفرق بينهما الفرق بينهما يظهر بالتعرف الإحصار منع الناسك من نسكه والفوات طلوع فجر يوم النحر على الحاج قبل أن يقف بعرفة.
سبق أننا بحثنا هل الإحصار خاص بالعدو أو عام وقلنا: فيه قولان لأهل العلم، والراجح العموم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ أنه عام، لعموم قوله تَعَالى?: ?وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ? [البقرة:196]، فمعنى ?أُحْصِرْتُمْ? منعتم عن إتمامهما الذي أمرناكم به ?فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ? ثم قال: ?فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ? [البقرة:196].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/356)
فيرى بعض العلماء إلى أنه خاص بالعدو لقوله: ?فَإِذَا أَمِنتُمْ ? لأن ه?ذه تدل على أن الإحصار كان بخوف.
ومنهم من قال: إن ذكر حكم يتعلق بفرد من أفراد العام لا يدل على الخصوص، وه?ذا له نظائر:
منها قوله تَعَالى?: ?وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ? إلى أن قال: ?وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ? [البقرة:228]، فهل نقول: إن قوله: ?وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ? يدل على المراد بالمطلقات الرّجعيات دون البوائن، جمهور أهل العلم على خلاف ه?ذا؛ على أن المطلقات يعم كل مطلقة الرجعية والبائنة.
وكذلك قول جابر: قضى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
فهنا عموم وهنا عود الحكم على بعض أفراد العموم، أو تفريع الحكم على بعض أفراد العموم؛ أي العموم: قضى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشعفة في كل ما لم يقسم.
الشفعة: إذا باع الإنسان نصيبه من شيء مشترك بينه وبين غيره فإن لشريكه أن يشفِّع؛ أن يأخذ نصيب شريكه من الذي اشتراه بثمنه.
بيني وبينك سيارة أنصافا فبعت نصيبي على فلان، فلك أنت أن تأخذ بالشفعة ما بعته على فلان بثمنه غصبا على فلان، ه?ذه الشفعة.
قضى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل ما لم يقسم، يعم كل شيء: الكتاب، السيارة، المسجل، الأرض، العقار، النخل .. كل شيء. ثم قال بنص الحديث: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. ه?ذا التفريع خاص بما إذا كان المشترك عقارا، هل نقول: إن العموم يخصص بهـ?ذا الفرع أو بهـ?ذا التفريع أو لا؟ خلاف بين العلماء.
على كل حال في الآية الكريم ?فَإِذَا أَمِنتُمْ? تفريع على فرد من أفراد قوله: ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ? فهل نجعل الإحصار هنا عاما أو خاصا بسبب ه?ذا الحكم الذي فرع؟ الصحيح أنه عام، فإذا أحصر الإنسان عن إتمام النسك فإن عليه ما ذكره الله عز وجل ما استيسر من الهدي وما ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوب الحلق.
الفوات، إذا حصل الفوات؛ رجل أحرم بالحج وصار من الميقات؛ ولكنه تعطلت سيارته، أو انكسرت راحلته، أو ضل الطريق، أو صار عنده خطأ في الشهر ظن أنه دخل يوم السبت وهو دخل يوم الجمعة هو يظن أن يوم عرفة يوم الأحد؛ لأنه يظن أن الشهر دخل يوم السبت، فيكون يوم عرفة يوم الأحد؛ لكن ثبت أن الشهر دخل يوم الجمعة فيكون يوم عرفة يوم السبت، ه?ذا الرجل بنى على أن يوم عرفة هو يوم الأحد وصار الهوينة، فلما جاء المشاعر وجد أن الأمر على خلاف ما ظن، وأن الوقوف قد فاته، متى مكان آخر الوقوف؟ صباح بوم يوم الأحد وهو يظن أنه صباح يوم الاثنين.
إذن نقول له?ذا الرجل: فاتك الحج؛ ولكن ماذا يصنع؟ يحوِّل ه?ذا الحج إلى عمرة، فيذهب إلى مكة يطوف ويسعى ويقصر؛ لأنه ليس بإمكانه إتمام الحج الآن، فإن الحج هو عرفة.
وقال بعض أهل العلم: بل ينقلب إحرامه عمرة؛ يعني لا يحتاج أن يتحلل بعمرة؛ بل ينقلب تلقائيا عمرة حتى ولو اختار أن يبقى على حجه إلى السنة الثانية فإنه يكون قد انقلب إحرامه عمرة.
ولكن إذا اختار أن يبقى على إحرامه للسنة الثانية يبقى أو لا؟ نعم يبقى، لكني لا أظن أن أحدا يختار البقاء على إحرامه إلى السنة الثانية، يتجنب كل محظورات الإحرام يتجنبها، وه?ذا فيه صعوبة جدا؛ يعني لا يلبس المخيط إن كان رجلا، ولا يتطيب ولا يحلق رأسه، ولا يصيد .. كل المحظورات، المهم لا أظن أن أحدا يختار أن يبقى على إحرامه عاما كاملا.
ومع ذلك العلماء يقولون: إذا أحب أن يبقى على إحرامه فله أن يبقى.
إذن ماذا يفعل من فاته الحج؟ يتحلل بعمرة يحول إحرامه بعمرة فيطوف ويسعى ويقصر وينتهي.
هل يلزمه القضاء؟ نقول: يلزمه القضاء إن كان ه?ذا هو الواجب، وإن كان تطوعا لم يلزمه؛ لأن ه?ذا حصل بغير اختياره، فإن كان هو الذي اختار أو تهاون حتى فاته الحج هنا يتوجه أن يقال بوجوب القضاء، وإن كان نفلا؛ لأن الحج والعمرة من خصائصهما من أحرم بهما لزمه الإتمام، وه?ذا هو الذي فرّط فيلزمه القضاء.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:15 م]ـ
[الحديث الخامس والستون]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/357)
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ اَلزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا, فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنِّي أُرِيدُ اَلْحَجَّ, وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حُجِّي وَاشْتَرِطِي: أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الشرح]
(اَلزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ) عم النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، إذن تكون ه?ذه المرأة ابنة عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تقول: (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنِّي أُرِيدُ اَلْحَجَّ, وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حُجِّي وَاشْتَرِطِي: أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) المؤلف رحمه الله أتى بهـ?ذا الحديث في ه?ذا الباب، وإن كان له مناسبة أن يذكر في أول باب الإحرام عند الإحرام، لكن ه?ذا الباب له فيه مناسبة.
المناسبة هو أن الإنسان إذا اشترط عند عقد الإحرام أن مَحِلَّهُ حيث حبس ثم حبسه حابس فإنه يتحلل بدون شيء: بدون حلق، بدون دم، بدون قضاء، إن لم يكن فرضا حتى على قول من يقول: إن المحصر يجب أن يقضي وإن كان نفلا في ه?ذه الحال إذا اشترط لا يقضي، يعني يحل. ه?ذا وجه المناسبة لسياق ه?ذا الحديث في باب الفوات والإحصار.
وه?ذا الحديث -كما ترون- الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ دخل على بنت عمه فكلمها وسألها كان ذلك في حجة الوداع، فقال: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي).
في ه?ذا الحديث عدة فوائد كثيرة:
منها أن صوت المرأة ليس بعورة، المرأة الأجنبية ليست من المحارم ليس بعورة، الدليل أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلّم ابنة عمه.
فإن قال قائل: ألا يحتمل أن تكون من محارمه بالرضاع؟ قلنا: بلى، الأصل عدم ذلك.
فإن قال قائل: ألا يحتمل أن يكون ه?ذا من خصائص الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما كان من خصائصه جواز كشف الوجه له، جواز الخلوة به قلنا: بلى يمكن أن يكون من خصائصه؛ لكن نقول: من خصائصه لو كان هناك نص يدل على أن صوت المرأة عورة وأنه يحرم مخاطبة المرأة، لو كان هناك نص لابد أن نقول: ه?ذا من خصائص الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ لكن ما فيه نص، لكن المعروف أن النساء يتكلمن أمام النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بحضرة الصحابة ولا يمنعهن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، إذن فليس صوت المرأة عورة؛ ولكن لا يجوز للإنسان أن يتلذذ بصوت المرأة -لا تلذذ شهوة ولا تلذذ تمتّع-.
تلذّذ شهوة أن يحس بثوران شهوته عند مخاطبتها.
والتمتع أن يعجبه صوتها وكلامها ويستمر كما يتمتع بنظر الأشجار والبناء الجميل والسيارة الفخمة .. وما أشبه ذلك.
المهم أن صوت المرأة ليس بعورة؛ فتجوز محادثتها إلا إذا كان هناك فتنة وذلك بالتلذذ ومحادثتها إذا تلذذ شهوة أو تلذذ تمتع.
ومن فوائد ه?ذا الحديث أنه يجوز الاشتراط عند الإحرام للمريض، الدليل أنها قالت: (إِنِّي أُرِيدُ اَلْحَجَّ, وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حُجِّي وَاشْتَرِطِي))).
ولكن هل يسن الاشتراط أو لا يسن أو في ذلك تفصيل؟ فيه خلاف بين العلماء:
منهم من أنكر الاشتراط مطلقا، وقال: لا اشتراط في الإحرام؛ لأن الإحرام واجب، يعني إذا دخل الإنسان في النّسك وجب عليه الإتمام، واشتراط التحلل ينافي ذلك ويناقضه، ه?ذا تعليلهم، وأما الدليل ففعل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإنه حج واعتمر ولم يشترط لا في عمرة الحديبية ولا في عمرة القضاء ولا في عمرة الجعرانة ولا في حجة الوداع، مع أنه لا يخلو من خوف فلا يسن الاشتراط مطلقا ولا يفيد أيضا.
قالوا: ولو كان يفيد ما كان الإحصار فائدة وقيمة.
ومنهم من فصل قال: إن الاشتراط سنة لمن كان يخشى مانعا من مرض أو غيره، وليس بسنة لمن لا يخشى مانعا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/358)
وه?ذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى ه?ذا فلا نقول لكل من أراد أن يحج أو يعتمر: اشترط. إلا إذا كان هناك خوف؛ يخاف من مانع يمنعه من إتمام نسكه فنقول: اشترط؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أمر ضباعة بنت الزبير ولم يشترط هو، وه?ذا جمع بين الأدلة واضح.
فإن قال قائل: أفلا تستحبون الاشتراط في ه?ذا الوقت مطلقا لكثرة الحوادث؟
فالجواب: لا، لا نستحب ذلك له، لأن الحوادث الواقعة في عصرنا إذا نسبتها إلى المجموع وجدت أنها قليلة، ما هي محل مخافة، قليلة جدا، ومطلق الحوادث موجود في عهد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإن الصحابي الذي وقصته ناقته في عرفة مات بحادث.
إذن نقول: إن وجود الحوادث في الزمن ه?ذا لا يوجب أن نستحب له الاشتراط.
نعم لو كان الإنسان مريضا وخاف أن لا يستطيع الإتمام فليشترط.
ومن فوائد الحديث أن المرض اليسير لا يمنع وجوب الحج، قال: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي)، ولم يأذن لها بالترك.
ومن فوائد الحديث جواز الاشتراط في العبادات، وهل نقول: إن الاشتراط في العبادات جائز في كل عبادة؟ أو نقول: هو خاص في الحج لطول مدته ولصعوبته ومشقته؟ قد يقول قائل: إنه يجوز في كل عبادة، مثل أن يشترط الإنسان عند دخوله في الصلاة قال مثلا: إن استأذن علي فلان فلي أن أقطع الصلاة وهي فريضة. وقد نقول بعدم الجواز للفرق بين الحج وغيره وهو: طول الزمن والمشقة؛ لكن الصلاة زمنها قليل، الصيام زمنه قليل، وإلا فقد يقول قائل: إذا جاءه رمضان وهو مريض يدخل في الصوم ويقول إن شق علي فلي أن أفطر. نقول: ما حاجة للاشتراط ه?ذا لأن الإنسان إذا كان مريضا وشق عليه يفطر اشترط أو لم يشترط فلا حاجة للاشتراط بخلاف الحج.
ومن فوائد ه?ذا الحديث أن المشترط يحل مجانا؛ أي بدون حلق وبدون دم وبدون قضاء؛ لقوله في اللفظ الآخر: ((فإن لكِ على ربك ما استثنيت)).
ومن فوائد ه?ذا الحديث أنه قال: (محلي حيث حبستني) فإنه بمجرد ما يحصل المانع يتحلل ولكن لو قال: (فلي أن أحل حيث حبستني) صار بالخيار, أيهما أحسن؛ أن يقول: فلي أن أحل أو فمحلي حيث حبستني؟ قد يقول قائل: الأول أحسن؛ يعني فلي أن أحل، ليكون الإنسان بالخيار، إن شاء استمر وإن شاء استمر وإن شاء أحل، وقد يقول الإنسان إن اللفظ الذي ذكره النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لا يعدل به شيء، معناه أنه أفضل من غيره، على أن قوله: فمحلي حيث حبستني يظهر لي أن المراد به الإباحة، مثل فأحل لي الأمر عند توهم المنع يفيد الإباحة فقط، وأنه لا يعني أنه بمجرد أن يحصل المانع للإنسان يحل الإنسان بل هو بالخيار إن شاء مضى وإن شاء حل.
ما الفائدة من الاشتراط؟ أنه يحل مجانا ليس عليه هدي ولا قضاء ولا حلق ولا تقصير إن كان امرأة، لكن لو لم يفعل ذلك لكان حكمه ما سبق.
هل يؤخذ من ه?ذا الحديث ترجيح قول من يقول: إن الإحصار عام؟ نعم، قد يؤخذ منه ترجيح قول من يقول: إن الإحصار عام من كل مانع، لقوله: فحبسني حابس. وهي إنما شكت المرض لم تشك غيره.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:18 م]ـ
[الحديث السادس والستون]
وَعَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ اَلْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو اَلأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كُسِرَ, أَوْ عَرِجَ, فَقَدَ حَلَّ وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ)) قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ? فَقَالا: صَدَقَ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.
[الشرح]
قال: (مَنْ كُسِرَ, أَوْ عَرِجَ) (كُسِرَ): في يده أو رجله أو أي عضو من أعضائه الذي يمنعه من إتمام النسك، (أَوْ عَرِجَ): ه?ذا في الرِّجل أصابه مرض في رجله وصار أعرجا ما يستطيع المشي، فماذا يصنع؟ قال: (فَقَدَ حَلَّ وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ)، (فَقَدَ حَلَّ) تحتمل ه?ذه الجملة معنيين:
المعنى الأول لقد جاز له الحل.
والمعنى الثاني فقد حل فعلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/359)
ونظير ه?ذا قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم))، هل المراد أنه حل له الفطر أو أفطر فعلا؟ نعم فقد حل له الفطر ه?ذا أحد القولين، القول الثاني فقد أفطر حكما يعني انتهى صومه.
هنا قد حل يحتمل المعنيين:
أحدهما (فَقَدَ حَلَّ) فقد جاز له الإحلال من نسكه.
والثاني (فَقَدَ حَلَّ) أي تحلل سواء كان مختارا للحل أم لا.
قال: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) لماذا؟ لأنه محرم بالحج فلزمه الحج.
يقول: (قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ? فَقَالا: صَدَقَ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.)
ه?ذا الحديث كما نشاهد من باب الإحصار وليس من باب الفوات.
فيستفاد منه أن الإحصار يحل من غير العدو؛ لأن الكسر والعرج ليس عدوا.
ويستفاد منه أيضا أنه إذا حصل ذلك جاز للإنسان أن يتحلل، فماذا يصنع؟ يذبح هديا ويحلق رأسه؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بحلق الرأس والله في القرآن أمر بالهدي، ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ? [البقرة:196]، ويذهب إلى أهله كما رجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمرة الحديبية إلى المدينة بدون اعتمار.
ويستفاد من ه?ذا الحديث وجوب القضاء لقوله (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) أضفه إلى حديث ابن عباس السابق (حَتَّى اِعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً) فيدل على أن المحصر يلزمه القضاء، وإلى ه?ذا ذهب الإمام أحمد في المشهور عنه وكثير من أهل العلم.
والقول الثاني أنه لا يلزمه القضاء إذا أحصر، إلا إذا كان الحج الذي أحصر فيه فريضة الإسلام أو كان واجبا بنذر فيلزمه القضاء لا من أجل الإحصار ولكن لأجل الأمر السابق -الفريضة أو النذر-.
الذين قالوا بوجوب القضاء الحديث ظاهر في تأييدهم؛ لأنه قال: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ).
والذين قالوا: لا يجب عليه القضاء، قالوا: الله لم يذكره في القرآن، إنما أوجب ما استيسر من الهدي، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكره في سنته إنما أوجب الحلق، وليس في المسألة إجماع حتى يكون دليلا عليه، فانتفاء الدليل الموجب يدل على عدم الوجوب؛ لأن الأصل براءة الذمة.
ثم قالوا: عندنا دليل إيجابي في عدم الوجوب، وهو أن الواجبات تسقط بالعجز، وه?ذا الذي شرع في النّسك وهو ليس بواجب شرع في نفل، ولما شرع فيه وجب عليه إتمامه، إتمامه عجز عنه بالحصر من عدو أو غيره، والواجبات تسقط بالعجز، فه?ذا دليل على عدم الوجوب، فصار دليل القائلين بعدم الوجوب مركّب من دليلين:
• البَراءة الأصْلية.
• ودليل آخر موجب؛ أي مُثبت لعدم وجوب القضاء.
البراءة في أي شيء استدللنا به في أن الله ذكر الحصر وذكر ما يجب فيه وهو ما استيسر من الهدي ولم يذكر القضاء؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر الحصر وأوجب فيه الحلق ولم يوجب القضاء، ه?ذا دليل براءة الذمة.
الدليل الإيجابي أن نقول: إن ه?ذا النسك ليس بواجب ابتداء؛ لأنه سنة، وإنما الواجب إتمامه، وإتمامه تعذر بالعجز عنه، الواجبات تسقط بالعجز.
ولم يوجب الله عز وجل على عباده الحج والعمرة إلا مرة واحدة فقط لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحج مرة فما زاد فهو تطوع))، نحتاج الجواب على ه?ذا الدليل.
أما حديث ابن عباس أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر عاما قابلا، فنحن إذا قلنا: لا يجب القضاء لسنا نقول: لا يجوز القضاء؛ بل ننفي الوجوب دون الجواز، ونقول: يجوز أن يقضي؛ بل نقول: إنه يستحب أن يقضي إقتداءً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأما الحديث الذي معنا فنقول: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) يحتمل أن يكون ه?ذا قضاء ويحتمل أن يكون ه?ذا أداءً؛ أي أنه يحتمل الحديث يمن كسر أو عرج في الفريضة، فقال: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) ويحتمل أن يكون في نافلة فيلزم القضاء.
والمعروف أنه إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال، وحينئذ يجب حمل الحديث على ما تدل عليه الأدلة السابقة، وهو أن يكون الإحصار في فريضة، ومعلوم أنه إن كان الإحصار في فريضة فإنه يجب عليه القضاء.
%%%%
انتهى كتاب الحج، والحمد لله رب العالمين
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[02 - 12 - 07, 05:31 ص]ـ
الخط غير واضح
الرجاء تصحيح الخلل(87/360)
ابحث عن معلومات حول القرض المتآكل
ـ[مبارك محمد]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:58 م]ـ
سمعت منذ مدة عن عقد من عقود القروض يسمونه القرض أو الدين المتآكل
وهو مشاركة البنك للعميل في مشروع معين، ويكون تسديد القرض من خلال ربح المشروع ومع مرور الأعوام يتآكل القرض لان المدين يدفع من ربه للبنك ويشتري منه رأس المال حتى ينتهي الدين.
اريد أية معلومات أو فتاوى أو قرارات مجامع او دراسات حول هذا الموضوع عاجلا وأكون لكم من الشاكرين.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:56 م]ـ
اصطلح كثير من الفقهاء المعاصرين على تسمية هذا العقد (بالمشاركة المتناقصة) , وبعضهم سماه بغير ذلك , وله صور عديدة منها التي ذكرت , والعبرة هي حقيقة العقد , والأسماء لاتغير الحقائق شيئاً كما لايخفى. و القاعدة في باب البيوع تقول:
(العبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني)
ـ[مبارك محمد]ــــــــ[20 - 11 - 07, 11:38 م]ـ
أحب أصحح كلامي من ذي قبل"مع مرور الأعوام يتآكل القرض لان المدين يدفع من [ربحه] للبنك"
أخي أبو الحارث اشكرك، وانا معك فيما ذكرته من ان العبرة بحقيقة العقد، لكني أريد صورا لهذا العقد.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 03:45 ص]ـ
اريد أية معلومات أو فتاوى أو قرارات مجامع او دراسات حول هذا الموضوع عاجلا وأكون لكم من الشاكرين.
تفضل أخي:
المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك
د. عبدالله بن محمد العمراني
1/ 5 / 1426هـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك تعد من الأدوات والصيغ الاستثمارية والتمويلية، والتي يجري التعامل بها على مستوى الشركات والمؤسسات المالية، وقد ظهرت هذه الصيغة وانتشرت خاصة في البنوك الإسلامية كأداة تمويلية واستثمارية تنافس المرابحة، والإجارة المنتهية بالتمليك، ونحوها من الأدوات.
وهذه المعاملة لها صور متعددة منها الجائز ومنها المحرم، وفيما يأتي بيان موجز لهذا الموضوع:
المبحث الأول: حقيقة المشاركة المتناقصة
المطلب الأول: تعريف المشاركة المتناقصة
عرفت المشاركة (1) المتناقصة (2) بتعريفات، متقاربة في معناها، ومن هذه التعريفات ما يأتي:
1 - «مشاركة يعطي البنك فيها الحق للشريك في الحلول محله في الملكية، دفعة واحدة أو على دفعات، حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها، وطبيعة العملية، على أساس إجراء ترتيب منتظم، لتجنيب جزء من الدخل المتحصل كقسط لسداد قيمة الحصة» (3).
2 - قيام المضارب المشترك بشراء الأشياء المنتجة للدخول بطريق العمل عليها (4)، كالسيارات -مثلاً- على أساس إجراء ترتيب منظم لتجنيب جزء من الدخل المتحصل إلى أن يصل مقداره إلى ما يساوي قيمة السيارة، حيث يقوم المضارب المشترك بالتنازل عن ملكية السيارة لصالح من عمل عليها خلال المدة التي سددت فيه قيمتها بالكامل (5).
3 - عقد شركة بين طرفين في عين معينة، يتفق الطرفان فيه على أن تؤول ملكية العين لأحد الطرفين في نهاية مدة معينة، يبيع أحدهما للآخر جزءاً محدداً من نصيبه فيها، كالخمس مثلاً - خلال مدة خمس سنوات مثلاً- لتصبح العين ملكاً للمشتري جميعها في نهاية المدة، وعلى أن يؤجره ما يملكه فيها سنة فسنة، خلال هذه المدة التي تتناقص فيها ملكيته، أو على أن يؤاجره لأجنبي عن العقد، ويقتسما الأجرة بنسبة ما يملكه كل منهما في هذه العين من أسهم (6).
4 - «هي اتفاق طرفين على إحداث (إنشاء) شركة ملك بينهما في مشروع أو عقار أو منشأة صناعية أو غير ذلك، على أن تنتهي بانتقال حصة أحد الشريكين (الممول) إلى الآخر تدريجياً بعقود بيع مستقلة متعاقبة» (7).
5 - «ولعل أقدم تعريف لهذا العقد هو التعريف الوارد في قانون البنك الإسلامي الأردني الصادر سنة 1978م، حيث عرفه بقوله في المادة الثانية: المشاركة المتناقصة: دخول البنك بصفة شريك ممول -كلياً أو جزئياً- في مشروع ذي دخل متوقع، وذلك على أساس الاتفاق مع الشريك الآخر بحصول البنك على حصة نسبية من صافي الدخل المتحقق فعلاً، مع حقه بالاحتفاظ بالجزء المتبقي، أو أي قدر منه يتفق عليه، ليكون ذلك الجزء مخصصاً لتسديد أصل ما قدمه البنك من تمويل» (8).
التعريف المختار:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/361)
بعد عرض التعريفات السابقة، يمكن تعريف المشاركة المتناقصة بأنها: عقد شركة بين طرفين في عين معينة، يتفق الطرفان على أن يبيع أحدهما نصيبه للآخر تدريجياً بعقود بيع مستقلة متعاقبة، ويصاحب ذلك -أثناء عقد الشركة غالباً- إجارة العين لأحدهما، أو لطرف ثالث، تقسم فيها الأجرة للشريكين بحسب نصيب كل منهما.
المطلب الثاني: صور المشاركة المتناقصة
هناك صور متعددة للمشاركة المتناقصة في الواقع العملي، وفيما يأتي أبرز هذه الصور:
الصورة الأولى: المشاركة في عين مع الوعد بالبيع.
وذلك بأن تتفق المؤسسة المالية مع العميل على تحديد حصة كل منهما في رأس مال المشاركة وشروطها. ويكون بيع حصص المؤسسة المالية إلى العميل بعد إتمام المشاركة بعقد مستقل، بحيث يكون له الحق في بيعها للمؤسسة المالية أو لغيرها، وكذلك بالنسبة للمؤسسة المالية بأن تكون لها حرية بيع حصصها للعميل الشريك أو لغيره (9).
الصورة الثانية: المشاركة المتناقصة بتمويل مشروع قائم.
وذلك بأن يقدم العميل للمؤسسة المالية أعياناً يعجز عن تشغيلها، كمن يملك مصنعاً لا يستطيع شراء معداته، فتدخل المؤسسة شريكة معه بقيمة المعدات، فتأخذ حصتها من الربح، وحصة لتسديد مساهمتها في رأس المال. ويتفقان على أن تبيع المؤسسة حصتها دفعة واحدة أو على دفعات، فتتناقص ملكيتها لصالح العميل الشريك، حتى يتم له الملك بسداد كامل الحصة (10).
الصورة الثالثة: المشاركة المتناقصة باقتناء الأسهم.
وذلك بأن يحدد نصيب كل من المؤسسة المالية وشريكها في الشركة، في صورة أسهم تمثل مجموع قيمة الشيء موضوع المشاركة -عقار مثلاً-، يحصل كل من الشريكين على نصيبه من الإيراد المتحقق من العقار، وللشريك إذا شاء أن يقتني من هذه الأسهم المملوكة للمؤسسة عددًا معينًا كل سنة، بحيث تكون الأسهم الموجودة في حيازة المؤسسة متناقصة، إلى أن يتم تمليك شريك المؤسسة الأسهم بكاملها، فتصبح له الملكية المنفردة للعقار دون شريك آخر (11).
الصورة الرابعة: المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك مع الإجارة.
وذلك بأن يتم التعاقد بين المؤسسة المالية والشريك على إقامة مشروع، مع وعد من الشريك باستئجار العين لمدة محددة، وبأجرة المثل، فيكون شريكاً مستأجراً، وتوزع الأرباح حينئذ وفق طريقة المشاركة المتناقصة حسب اتفاقهما (12).
ومن حالات هذه الصورة: أن يقول: (المؤسسة المالية المالكة لكامل العين): بعتك ثلث نصيبي في هذه العين بثمن هو كذا -معلوم ومحدد-، وأجرتك ثلثيه بأجرة هي كذا لمدة سنة تنتهي في 30/ 12/1424هـ، وبعتك في نهاية هذه المدة المذكورة ثلثه بثمن هو كذا، وأجرتك الثلث الباقي بأجرة هي كذا لمدة سنة تنتهي في 30/ 12/1425هـ وبعتك بنهاية هذه المدة المذكورة الثلث الباقي والأخير من نصيبي في هذه العين بثمن هو كذا. وعند انتهاء هذه المدة، وتمام هذه العقود، تكون العين كلها ملكًا للشريك (المستأجر) ذاتًا ومنفعة (13).
الصورة الخامسة: المشاركة المتناقصة بالتمويل المشترك.
وذلك بأن تتفق المؤسسة المالية مع عميلها على المشاركة في التمويل الكلي، أو الجزئي، لمشروع ذي دخل متوقع، وذلك على أساس اتفاق المؤسسة مع الشريك لحصول المؤسسة على حصة نسبية من صافي الدخل المحقق فعلاً، مع حقها في الاحتفاظ بالجزء المتبقي من الإيراد، أو أي قدر منه يتفق عليه؛ ليكون ذلك الجزء مخصصاً لتسديد أصل ما قدمته المؤسسة من تمويل (14).
الصورة السادسة: المشاركة المتناقصة بطريقة المضاربة.
وذلك بأن تدفع المؤسسة المالية كامل رأس المال لمشروع معين، ويقدم الشريك العمل، والربح بينهما، مع وعد من المؤسسة بتمليك المشروع بطريقة المشاركة المتناقصة (15).
المطلب الثالث: الألفاظ التي تطلق على المشاركة المتناقصة
يطلق على المشاركة المتناقصة عدة إطلاقات، ومنها:
1 - المشاركة المتناقصة (16). تسمى المشاركة المتناقصة أي بالنسبة للبائع، أي المصرف؛ لأنه يرضى بإنقاص حقه في رأس المال تدريجيًا إلى أن يصل إلى الصفر، حيث يتنازل عن ملكية المشروع محل العقد (17).
2 - المشاركة المنتهية بالتمليك (18). تسمى المشاركة المنتهية بالتمليك، أي بالنسبة للمشتري.
3 - المضاربة المنتهية بالتمليك (19). وهذه التسمية تصدق على بعض صور هذه المعاملة -كما تقدم-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/362)
المطلب الرابع: الخطوات الإجرائية لعقد المشاركة المتناقصة
هناك تطبيقات متعددة لعقد المشاركة المتناقصة في الواقع العملي، وتمر خطواتها الإجرائية بعدة مراحل، وفيما يأتي نموذج من النماذج التي اقترحت لهذا العقد (20).
أ- الاشتراك في شراء مشروع أو عقار ذي ربح، أو غير ذلك.
ب- يتواعد الطرفان على ما يأتي:
أولاً: الاشتراك في تأجير ما اشتريا لطرف ثالث، بحيث يستحق كل واحد منهما ما يقابل حصته في الملك من بدل الإجارة، أو على تأجير الطرف (الممول) حصته للعميل (الشريك).
ثانياً: أن يقوم العميل (الشريك) بشراء حصة شريكه (الممول) تدريجيًا، وفق جدول زمني يتفقان عليه، وكلما زادت حصةُ العميل في المشروع أو العقار نقصت حصة الممول بقدر تلك الزيادة، ونقص تبعًا لها نسبة نصيبه في بدل الإجارة، إلى أن يتم تخارج الممّول وحلول العميل محلّه بالكامل، في حصته من ذلك الملك المشترك.
جـ- يؤجر الطرفان الملك المشترك إلى طرف ثالث بعقد إجارة مستقل، ويقتسمان الأجرة بحسب حصة كل منهما في الملك، أو يؤجر الطرف (المموّل) حصته للعميل، ببدل معلوم، في عقد إجارة منفرد.
د - تبرم بين الشريك (الممول) والشريك (العميل) عقود متتالية لحصص المموّل، وفقًا للآجال المتواعد عليها مسبقًا، حتى يتم انتقال ملكية نصيب الممول بكامله إلى العميل بموجب تلك العقود المتعددة المتعاقبة، المنفصلة عن بعضها في الإنشاء، والتنفيذ، والآجال.
المبحث الثاني: التركيب في المشاركة المتناقصة
بالتأمل في تعريفات المشاركة المتناقصة وصورها، فإنه يتبين ما يأتي:
أن المشاركة المتناقصة عقد مركب من عدة عقود مرتبطة بعضها ببعض في أكثر الصور، وهذه العقود هي عقد الشركة والبيع، أو عقد الشركة والبيع والإجارة، سواء كانت الشركة شركة ملك، أو شركة عنان، أو شركة مضاربة.
وذلك أنه يتصور الحالات الآتية (21):
1 - إذا كان الاشتراك في عين - كأرض مثلاً -، ثم تقوم المؤسسة ببيعها تدريجياً للعميل، فهي شركة ملك وبيع، كما في الصورة الأولى، والثالثة.
2 - إذا كان رأس المال مشتركاً بينهما، والعمل من العميل فقط، فهي مضاربة مع بيع، كما في الصورة الثانية.
3 - إذا كان رأس المال كله من المصرف، والعمل على العميل، فهي مضاربة، كما في الصورة السادسة.
4 - إذا كان رأس المال مشتركاً بينهما، وعلى كل منهما عمل يؤديه فهي شركة عنان، فتكون شركة عنان وبيع، كما في إحدى حالات الصورة الخامسة.
5 - إذا كانت الشركة بإحدى وسائل الإنتاج، كوسائل النقل، ويشتركان في نمائها، فلها شبه بالمساقاة والمزارعة (22).
وعلى ذلك فالمشاركة المتناقصة عقد مركب من عقدين أو أكثر.
جاء في «العقود المستجدة» (23): «لقد اتضح لنا مما سبق أن المشاركة المتناقصة هي اتفاقية تتركب من عقدين رئيسين:
أولهما: إحداث شركة الملك بين الطرفين بشراء المشروع أو العقار -محلها- بماليهما.
والآخر: بيع الممول حصته في المال المشترك تدريجيًا إلى شريكه حتى يخلص للعميل (الشريك) ملكية جميعه، وأنه قد يتخلل هذين العقدين إجارة المموّل حصته في الملك المشترك للعميل. أو إجارة الملك المشترك بكامله لشخص ثالث ... ».
وجاء في «العقود المستجدة» (24): «عقد المشاركة المتناقصة عقد مركب من شركة وبيع، وقلنا: إنه مركب لعدم إمكانية فصل العقدين واستقلالهما عن بعضهما البعض؛ إذ لا تتحقق المصلحة المستهدفة من التعاقد بين الطرفين» أي بدون التركيب.
وجاء في «المشاركة المتناقصة طبيعتها وضوابطها الخاصة» (25): «وواضح أن طبيعة هذا العقد تقوم على تداخل بين مجموعة عقود تأخذ بعضها برقاب بعض، فهناك عقد شركة يقوم بين الشريك وطالب التمويل في مشروع معين، وهناك وعد من البنك يلتزم فيه ببيع أجزاء من حصته بشكل تدريجي بقدر المال الذي دفعه لإقامة المشروع، على أساس نسبة من الدخل الذي يتحقق للمشروع».
والمشاركة المتناقصة عقد مركب من عقدين أو أكثر، هي الشركة، والبيع، أو الشركة والبيع والإجارة - أو غيرها.
ويظهر من عرض صور المشاركة المتناقصة أنها تشمل نوعي العقود المالية المركبة الرئيسة، وهما:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/363)
اشتراط عقد في عقد، والجمع بين عقدين في عقد، فالصورة الأولى والثالثة يظهر منها أن العقدين -وهما عقدا الشركة والبيع- منفصلان لا علاقة لهما ولا ارتباط بالآخر، وعلى ذلك فليست من قبيل اشتراط عقد في عقد، وإنما من قبيل اجتماع عقدين في عقد.
وأما باقي الصور فيظهر منها الارتباط بين العقود، وسواء كان ذلك على سبيل الشرط أو على سبيل الوعد الملزم في الغالب، أو قيام العرف بذلك، وعلى ذلك فإنّ عقد المشاركة المتناقصة يعد من أبرز التطبيقات لموضوع العقود المالية المركبة.
وفيما يأتي بيان لأثر التركيب في المشاركة المتناقصة.
المبحث الثالث: أثر التركيب في حكم المشاركة المتناقصة
تقدم أن التركيب في المشاركة المتناقصة له صور متعددة، وأبرز هذه الصور هي:
الصورة الأولى: أن يكون التركيب من قبيل اشتراط عقد في عقد.
والصورة الثانية: أن يكون التركيب من قبيل الجمع بين عقدين في عقد.
وفيما يأتي بيان لأثر التركيب في صور المشاركة المتناقصة:
أولاً: اشتراط عقد في عقد.
تبين من خلال تعريفات المشاركة المتناقصة، وصورها، والنماذج التطبيقية لها، أن المشاركة المتناقصة لا تتم المصلحة منها إلا باشتراط عقد في عقد، وهما اشتراط عقد البيع في عقد الشركة، أو وعد ملزم بذلك، وعلى هذا فهل هذا الاشتراط والتركيب يؤثر في حكم المشاركة المتناقصة أو لا؟
إذا تم الاتفاق في المشاركة المتناقصة بصيغة اشتراط عقد في عقد مثل أن يقول: أشاركك في هذه الأرض مناصفة بيننا على أن تشتري نصيبي بعد سنة بكذا، وتربحني كذا، فإن التركيب في هذه الحالة يؤثر في حكم المشاركة المتناقصة، وبيان ذلك فيما يأتي:
1 - أن هذا الاشتراط يؤدي إلى ضمان رأس المال والربح، وهذا ينافي عقد الشركة القائم على أساس المشاركة في الربح أو الخسارة.
فيكون هذا الاشتراط حيلة ووسيلة يتوصل بها إلى محرم، فتكون المعامل شبيهة بالقرض الربوي.
وقد وردت ضوابط في كثير من البحوث التي تناولت المشاركة المتناقصة، ومن أبرز هذه الضوابط:
- ألا يتضمن عقد المشاركة المتناقصة شرطًا يقضي بأن يرد الشريك إلى البنك كامل حصته في رأس المال، بالإضافة إلى ما يخصه من أرباح؛ لما في ذلك من شبهة الربا، أي لا يجوز أن يشترط كون البيع بالقيمة الإسمية المدفوعة (26).
- ومن الضوابط التي ذكرت أيضاً: «لا يجوز أن تتفق المؤسسة المالية الإسلامية والشريك ابتداء على المشاركة والبيع في عقد واحد، بل لابد أن يكون ذلك بعقدين منفصلين» (27).
2 - أن هذه المعاملة بهذا الشرط محرمة؛ لأنها تكون من (بيع ما لا يملك) فإذا اشترط عليه أن يشاركه في أرض سيشتريانها، وشرط عليه أن يبيعه بكذا، فإنه في هذه الحالة باعه ما لا يملك. وقد ورد النهي عن ذلك، كما أن هذه الصورة تدخل في أحد التفسيرات للنهي عن بيعتين في بيعة.
3 - أن التركيب في هذه المعاملة بوجود شرط البيع يؤدي إلى جهالة الثمن في المستقبل، وقد يؤدي إلى الغبن، وذلك لأن الثمن في المستقبل قد يزيد وقد ينقص فأدى هذا التركيب إلى هذه المفاسد.
4 - أن فيها شبهًا ببيع الوفاء، وهو كما -تقدم (28) - حيلة للإقراض وأخذ منفعة زائدة، وبيع الوفاء كما تقدم: البيع بشرط أن البائع متى ما رد الثمن فإن المشتري يعيد إليه البيع.
وهنا فإن تملك البنك للسلعة غير دائم، وإنما متى ما رد العميل رأس المال والربح فإنّ البنك يعيد إليه السلعة (29).
وقد فرق بعض الباحثين (30) في هذه المسألة -والتي تناولها عرضًا- بين كون المشاركة المتناقصة شركة ملك أو شركة عقد.
فإذا كان المقصود بهذه الصيغة الاستثمار في المستغلات، أو في مشروع تجاري، فالظاهر أنها تصبح شركة عقد، ولا تبقى شركة ملك، وفي هذه الحالة: لا يجوز أن يقع الشراء التدريجي لحصة البنك بثمن محدد سابقًا؛ لأنه يستلزم أن يضمن الشريك لشركة العقد رأس المال للشريك الآخر.
أما إذا اعتبرنا الشركة المتناقصة شركة ملك كما هو الظاهر في تمويل المساكن والسيارات، فالذي يظهر أنه يمكن أن يجوز الشراء بثمن محدد سابقًا؛ لأن هذا النوع من الشركة لا يستهدف بها المشاركة في الربح والخسارة.
وأنا أوافقه في الشق الأول عندما تكون الشركة شركة عقد، فإنه لا يجوز اشتراط البنك أن يرد إليه الشريك رأس المال مع نصيبه من الربح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/364)
وأما الشق الآخر، وهو عند ما تكون الشركة شركة ملك؛ فإنّ الذي يظهر لي أنه لا يجوز - أيضاً- تحديد الثمن والربح مسبقًاً؛ لأنّ السلع والعقارات ونحوها تتغير أثمانها وقيمتها، وفي اشتراط البيع بثمن معين في عقد الشركة: ضمان لرأس المال مع الربح، كما أنه يدل على أن العقد ليس المقصود منه الشركة أصلاً، وإنما هو عقد تمويل مع أخذ فائدة عليه، فيدخل في القرض الربوي - والله أعلم -.
يتبين مما تقدم أن المشاركة المتناقصة بصيغة اشتراط عقد البيع بثمن محدد في عقد الشركة لا يجوز؛ لما يؤدي إليه هذا التركيب من المفاسد السابقة.
ولكن إذا شرط البيع دون تحديد الثمن، وإنما شرط البيع بثمن المثل أو بسعر السوق فهل يكون ذلك جائزًا أو لا؟
مثال ذلك: أن يقول أشاركك في كذا بشرط أن أبيعك نصيبي بعد سنة بسعر السوق.
فالذي يظهر: أن هذا التركيب في هذه الحالة يؤدي إلى جهالة الثمن، فتكون من الصور المحرمة.
علمًا بأن هذه المسألة، وهي تعليق البيع على سعر السوق لاحقًا، تختلف عن مسألة البيع بسعر السوق عند إنشاء العقد، والتي أجازها بعض الفقهاء، ويمكن أن تصاغ هذه الصورة بالكيفية السابقة، وهي شرط البيع بسعر السوق، مع جعل الخيار للمشتري أو للعاقدين. ففي هذه الحالة يجوز ذلك وتنتفي الجهالة المؤثرة في العقد (31). والله أعلم.
لكن يبقى ما يؤدي إليه التركيب من (بيع ما ليس عندك) أو (ما لا يملك)، فهو الآن يبيعه قبل أن يملك، وصيغة العقد: أشاركك في كذا على أن أبيعك نصيبي بعد سنة بسعر السوق.
أو تشاركني بكذا على أنّ تبيعني نصيبك بسعر السوق، وهل يمكن تخريج هذه المسألة على المشاركة بشرط البيع بمعنى العقد مع الشرط.
هذه المسألة تحتاج إلى تأمل؛ لأن الإشكال أن عقد البيع لا ينعقد حتى تتم الشركة، والشركة لا تنعقد حتى يتم البيع وهو لم يتملك ما يبيعه بعدُ؟ ويغني عن ذلك إبرام عقد المشاركة مع وعد بالبيع.
ثانيًا: المشاركة مع الوعد بالبيع.
وهذه المسألة لها حالتان:
الحالة الأولى: المشاركة مع الوعد غير الملزم بالبيع.
الحالة الثانية: المشاركة مع الموعد الملزم بالبيع.
أما الحالة الأولى، وهي المشاركة مع الوعد غير الملزم بالبيع كما في الصورة الأولى والثالثة من صور المشاركة المتناقصة.
فيتم عقد المشاركة المتناقصة أولاً، ثم يتلوه عقد البيع بعقد مستقل، بحيث يكون للشريك الحق في بيعها للمؤسسة المالية أو لغيرها، بالسعر الذي يتفق عليه لاحقًا دون إلزام لأحد العاقدين.
فهذه الحالة بهذا التصور جائزة -والله أعلم-.
وكما تقدم فإن العقدين منفصلان لا علاقة لهما ولا ارتباط بالآخر، وعلى ذلك فليسا من قبيل اشتراط عقد في عقد.
وإنما من قبيل اجتماع عقدين في عقد دون شرط.
وبالتأمل في اجتماع عقد البيع مع الشركة فإنه يتبين أنه لا مانع من ذلك، لأنه لا يؤدي إلى محرم، كالربا، والغرر، وليس بين العقدين تضاد أو تنافٍ في الأحكام والآثار، ولا يوجد في هذه المعاملة توسل إلى محرم فتكون جائزة.
وحقيقة هذه الحالة أن الشريك يبيع شريكه الآخر نصيبه، ولا مانع من ذلك شرعًا؛ لأنه يبيعه ما يملكه.
جاء في المغني (32): «وإن اشترى أحد الشريكين حصة شريكه جاز؛ لأنه يشتري ملك غيره».
وجاء في مجموع فتاوى ابن تيمية (33): «يجوز بيع المشاع باتفاق المسلمين كما مضت بذلك سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_».
هذا وقد أورد على هذه الحالة إشكالان:
الإشكال الأول:
مشابهة بيع الوفاء، وذلك أن هناك تواطؤاً على أنه متى ما رد له رأس ماله في الشركة فإنه يرد إليه المبيع، فيتنازل عن نصيبه متى ما رد إليه العميل رأس ماله، ويستفيد من حصته إلى حين تسديد الشريك الآخر ثمن تلك الحصة (34)، فتكون بذلك مثل بيع الوفاء، والذي ينتفع فيه البائع (المقرض) بالسلعة إلى أن يرد المشتري (المقترض) الثمن.
الإجابة:
وأجيب على ذلك من ثلاثة أوجه (35):
1 - أن البائع في (بيع الوفاء) لم يقصد بيعًا في الحقيقة ولم تتوجه إرادته إلى ذلك، وإنما عقد قرضًا بضمان الشيء المبيع، وأمكن المشتري من فائدة المبيع وثماره مقابل انتفاعه بالقرض، فهو قرض مستتر في صورة بيع صوري غير مقصود، أما في المشاركة المتناقصة، فقد توجهت الإرادات حقيقة إلى الاستثمار، فالمصرف يأخذ أموال الناس ليستثمرها في مشاركات شرعية، لا ليقرضها قروضًا ربوية.
المناقشة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/365)
قد يناقش هذا الوجه: بأن المشاركة المتناقصة -أيضاً- قد يقصد منها التمويل لا الاستثمار (36).
الإجابة:
أ- ويجاب بما يأتي: يمكن أن يسلم ذلك في الوعد الملزم، بينما الوعد غير الملزم فالغالب أن يكون القصد منه الاستثمار بصيغة المشاركة.
ب- على التسليم بأنه قد يكون القصد هو التمويل لا الاستثمار، لكن التمويل لا يمنع منه في كل صوره، وإنما إذا جاء بصيغة ليس فيها مخالفة شرعية فإنه جائز، والعقدان هنا منفصلان لا إلزام بترابطهما.
2 - أن المصرف يشارك في الغرم والغنم على حد سواء، فهو شريك في الربح والخسارة، وهذا بخلاف طبيعة القروض الربوية التي تقوم على ضمان القرض وفوائده على كل حال، فخالفها، وخالف بيع الوفاء.
3 - أنه يوجد شرط في (بيع الوفاء) يلتزم المشتري بمقتضاه أن يرد المبيع عند رد الثمن، وعلى ذلك فإنه يكون مالكًا وغير مالك، فهو مالك بمقتضى العقد، وغير مالك بمقتضى الشرط الذي يلزمه برد المبيع إلى المدين عند سداد الدين.
بينما في المشاركة المتناقصة لا يوجد شرط، وإنما هو وعد غير ملزم في هذه الحالة، والشريك مالك لنصيبه دون شرط يقضي بخلاف ذلك.
الإشكال الثاني:
أورد بعض الباحثين (37) أن المشاركة المتناقصة ما هي إلا نوع من بيع العينة، وذلك لأن هناك تواطؤًا على أن يعيد المشتري بيع الأصل الذي اشتراه إلى نفس البائع المالك الأصلي، وهذه نفس حالة عقد المشاركة المتناقصة فتكون من بيع العينة، إضافة إلى أن المقصود من هذا العقد التمويل، والقرض، من جهات متخصصة في منح الائتمان، عن طريق شراء السلع ثم إعادة بيعها بالأجل، فتكون من باب (بيعتين في بيعة)، و (بيع وسلف)، فتؤول إلى الربا.
المناقشة:
نوقش:
1 - أنه لا يسلم أن المشاركة المتناقصة من بيع العينة؛ لأن البنك والعميل يشتريان أصلاً من طرف ثالث، يشتركان فيه، وليس البنك يشتري من العميل، ثم يعيد البيع عليه بالأجل (38).
2 - أنه يسلم احتمال أن تؤول صيغة من صيغ المشاركة المتناقصة إلى العينة، مثل أن يشتري البنك من عميلة بالنقد، ثم يعيد عليه البيع بالأجل، ولكن ليس هذا هو التطبيق المنتشر في البنوك الإسلامية (39).
3 - أن العينة المحرمة هي التي تكون حيلة على الربا (40).
4 - ويمكن أن يناقش أيضاً بأنه يسلم قوله بالتحريم في حالة اشتراط عقد في عقد، أو الوعد الملزم بثمن معين، ولكن لا يسلم في حالة الوعد الملزم بسعر السوق أو الوعد غير الملزم (41).
وأما الحالة الثانية وهي: المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع، فلها صورتان:
أ- المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن محدد.
ب- المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل أو بسعر السوق.
أ - أما المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن محدد، فإنّ الذي يظهر لي أن الوعد الملزم في هذه الحالة يقاس على الشرط، فيكون كالشرط، فيترتب عليه ما يترتب على الشرط من المفاسد في المسألة السابقة، فيكون من العقود المركبة المحرمة.
ومن الضوابط التي ذكرها بعض الباحثين (42): ألا تتضمن المفاهمة أو المواعدات السابقة لعقود البيع المتتالية لحصة المموّل إلى العميل تحديدًا لثمن تلك الحصة الموزعة عليها، وفقًا للآجال المتفق عليها، إذ لو تضمنت ذلك لكانت المواعدة الملزمة على إبرام كل واحد من تلك العقود في حقيقتها بيعاً مضافاً إلى المستقبل في صورة وعد ملزم من الجانبين، وهو غير جائز شرعاً في قول جماهير أهل العلم.
والواجب في المفاهمة والمواعدة أن تكونا على أساس بيع الحصص بالقيمة (ثمن المثل/ سعر السوق) عند إبرام عقد بيع مستقل في أجله، إذ لو حُدِّد ثمن حصص المموّل فيها بما قامت عليه أو بأكثر لأدى ذلك إلى مسألة خفيّة محظورة، وهي ضمان العميل للمموّل رأس مال المشاركة الذي ساهم فيه، بالإضافة إلى ربح أو ريع حصته في العقار أو المشروع المشترك، ولانطوت المشاركة المتناقصة على توسل بعقود ووعود جائزة بمفردها إلى قرض ربوي يترتب على اجتماعها في حقيقة واحدة، وخصوصاً عند اقتران اتفاقية المشاركة المتناقصة بتأمين العميل على محل تلك المشاركة لدى شركات التأمين، كما هو معمول به لدى كثير من المؤسسات المالية الإسلامية.
ومن الضوابط التي ذكرها أيضًا (43):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/366)
اشتراك المموّل والعميل في ضمان الخسارة في حال وقوعها بحسب حصصهم في الملك، كيلا تكون هذه العملية التمويلية حيلة للقرض الربوي، حيث لابد فيها من وجود الإرادة الحقيقية للمشاركة من الطرفين، وأن يتحملا جميع ضروب الخسارة والتلف والنقصان مقابل استحقاقهم للأرباح والعوائد إن تحقق شيء من ذلك خلال فترة المشاركة.
ويرى بعض الباحثين (44) أن المشاركة لا يبطلها وعد ملزم للمؤسسة بأن تبيع نصيبها على الشريك إذا دفع قيمة حصتها في رأس المال، بالإضافة للربح المتفق عليه بينهما، فيبيع الشريك نصيبه لشريكه سواء كانت المشاركة المتناقصة شركة أموال أو شركة ملك بينهما.
واستشهد بما جاء في حاشية رد المحتار (45) فيما إذا اشترى أحد الشريكين جميع الدار المشتركة من شريكه قال: علم من هذا ما يقع كثيرًا، وهو أن أحد الشريكين في دار ونحوها يشتري من شريكه جميع الدار بثمن معلوم، فإنه يصح على الأصح بحصة شريكه من الثمن، وهي حادثة الفتوى فلتحفظ، وأصرح من ذلك في المرابحة في مسألة شراء رب المال من المضارب مع أن الكل ماله. اهـ.
نوقش بما يأتي:
أن تخريجه على الكلام الوارد في حاشية رد المحتار لا يسلم له؛ لأن ما في الحاشية يتناول شراء الشريك حصة شريكه من دار مملوكة لهما، لا من دار سيشتريانها، وفرق بين هذا، وذاك (46).
وعلى ذلك فلا يسلم له هذا القول؛ لما في ذلك من شبهة القرض الربوي، وغيرها من المفاسد المذكورة سابقًاً في مسألة اشتراط عقد في عقد.
ب- المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل أو بسعر السوق:
وأما الصورة الثانية من الحالة الثانية، وهي المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل، أو بسعر السوق.
فيرى بعض الباحثين (47): أنه تجوز المشاركة المتناقصة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل أو بسعر السوق.
ويفهم من كلامهم أنهم يعللون بما يأتي:
1 - أن الوعد الملزم ليس عقداً؛ لأنه لا يترتب عليه الدخول في البيع، أو في الشركة، وإنما يترتب عليه تعويض الضرر إذا كان هناك ضرر (48).
المناقشة:
قد يناقش: بأنه وإن سلم أن الوعد الملزم ليس عقدًا، وإنما هو في درجة أقل منه، إلا أنه يترتب عليه بعض آثار العقد، وهو هنا إما أن يبرم العقد بسعر السوق في المستقبل، وهذا فيه غرر، أو أن يعوض ما وقع على المصرف من تكاليف، وهذا فيه ضرر عليه أيضًا.
2 - أنه لا يترتب على هذا الالتزام محظور شرعي (49).
المناقشة:
قد يناقش: بأنه يسلم أنه لا يترتب عليه كثير من المحاذير الموجودة في اشتراط عقد في عقد، أو في الوعد الملزم بثمن معين، إلا أنه يترتب عليه الالتزام بالشراء في زمن مستقبل، وهذا فيه جهالة.
3 - أنه لا فائدة من صيغة المشاركة المتناقصة إلا بالشرط أو الإلزام، وإلا فإنه قد يتضرر المصرف المموّل (50).
المناقشة:
قد يناقش: بأنه إذا لم تكن الصيغة جائزة شرعاً، فإنه لا يسوغ تجويزها بحجة مصلحة أحد طرفي العقد.
الترجيح:
والذي يبدو لي راجحًا -والله أعلم- عدم جواز هذه الصورة؛ لما فيها من جهالة، خاصة وأنه لا فائدة كبيرة من الوعد الملزم في هذه الحالة إذا كان بسعر السوق، فهو إما أن يشتريها العميل أو أنها تعرض في السوق فتباع، وإن رغب فيها العميل فله حق الشفعة، ولذلك اقترح أن تكون الصيغة بالوعد غير الملزم، أو مع الخيار للعاقدين أو لأحدهما.
ثالثاً: الجمع بين عقدين أو أكثر في عقد من غير شرط.
تقدم أن من صور المشاركة المتناقصة أن يجتمع مع عقد الشركة عقد آخر مثل البيع دون شرط كما في الصورة الأولى والثالثة، أو عقد الإجارة كما في الصورة الرابعة.
وهذه الصور هي من قبيل اجتماع عقدين في عقد دون شرط، وقد تبين فيما سبق جواز اجتماع عقدين في عقد إذا لم يؤد هذا الاجتماع إلى محظور شرعي، ولم يكن بين العقدين تضاد في الأحكام والآثار.
وفي هذه الصور لا يترتب على اجتماع البيع مع الشركة أو الإجارة مع الشركة والبيع محظور شرعي، وليس بينها تضاد في الأحكام والآثار، والله أعلم.
وخلاصة ما تقدم يتبين أنّ التركيب في المشاركة المتناقصة قد يؤدي إلى أثر في الحكم فيؤثر على جواز المشاركة فتكون محرمة مثل اشتراط عقد البيع بسعر محدد في عقد الشركة؛ لما يترتب عليه من شبهة الربا، وجهالة الثمن، وبيع ما لا يملك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/367)
كما أنه يقاس عليه في الحكم الوعد الملزم بثمن محدد، وكذلك الوعد الملزم بسعر السوق، وإن كان لا يعتريه إلا سبب واحد أدى إليه التركيب، هو جهالة الثمن في المستقبل، أما باقي صور المشاركة المتناقصة وهي: المشاركة المتناقصة مع الوعد غير الملزم أو اجتماع عقدين في عقد في المشاركة المتناقصة دون شرط، فإنه يجوز ذلك إذا لم يؤد هذا الاجتماع إلى محظور، ولم يكن بين العقود تضاد في الأحكام والآثار، وقد تقدم أنه لا يترتب على اجتماع الشركة مع البيع والإجارة تضاد في الأحكام والآثار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
() المشاركة مفاعلة من الشركة.
(2) المتناقص من النقص، والنقص خلاف الزيادة.
ينظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (5/ 470)، ونقص الشيء نقصًا ونقصانًا وانتقص: ذهب منه شيء بعد تمامه.
ينظر: المصباح المنير للفيومي ص (237)، والقاموس المحيط للفيروز آبادي ص (817).
(3) الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية (1/ 28)، وينظر: سلسلة التوعية بأعمال المصارف الإسلامية لبنك دبي الإسلامي (3) ص (23)، وأشكال وأساليب الاستثمار في الفكر الإسلامي للضرير ضمن مجلة البنوك الإسلامية (19/ 23)، ومشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية للصاوي ص (619)، وأدوات الاستثمار الإسلامي لعز الدين خوجة ص (105)، والاستثمار في الاقتصاد الإسلامي لأميرة مشهور ص (287)، والمعاملات المالية المعاصرة لمحمد شبير ص (292)، والخدمات المصرفية لاستثمار أموال العملاء للشبيلي (4/ 1158).
(4) تطوير الأعمال المصرفية لسامي حمود ص (426)، بتصرف. وينظر: البنوك الإسلامية للطيار ص (176).
(5) تطوير الأعمال المصرفية لسامي حمود ص (426)، بتصرف. وينظر: البنوك الإسلامية للطيار ص (176).
(6) المشاركة المتناقصة وصورها للشاذلي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، العدد الثالث عشر (2/ 435)، بتصرف.
(7) المشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، العدد الثالث عشر (2/ 513).
(8) المشاركة المتناقصة طبيعتها وضوابطها الخاصة للعبادي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، العدد الثالث عشر (2/ 533).
(9) هذه هي الصورة الأولى المذكورة في توصيات وقرارات مؤتمر المصرف الإسلامي الأول بدبي.
ينظر: سلسلة التوعية بأعمال المصارف الإسلامية لبنك دبي الإسلامي ص (24).
(10) ينظر: المشاركة المتناقصة وصورها لعجيل النشمي ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جده، العدد الثالث عشر (2/ 571).
(1) هذه هي الصورة الثالث المذكورة في توصيات وقرارات مؤتمر المصرف الإسلامي الأول بدبي.
ينظر: سلسلة التوعية بأعمال المصارف الإسلامية لبنك دبي الإسلامي (3) ص (25).
(2) ينظر: المشاركة المتناقصة وصورها لعجيل النشمي، ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، العدد الثالث عشر (2/ 572).
(3) المشاركة المتناقصة وصورها للشاذلي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، العدد الثالث عشر (2/ 436).
(4) هذه هي الصورة الثانية المذكورة في توصيات وقرارات مؤتمر المصرف الإسلامي الأول بدبي.
ينظر: سلسلة التوعية بأعمال المصارف الإسلامية لبنك دبي الإسلامي (3) ص (24).
(5) ينظر: الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية (5/ 325)، بحث الضرير وقد سماها «المضاربة المنتهية بالتمليك»، والمشاركة المتناقصة وصورها لعجيل النشمي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، العدد الثالث عشر (2/ 573).
(6) ينظر: بحوث المجمع الفقهي بجدة الدورة الثالثة عشرة، والاقتصاد الإسلامي للسالوس (2/ 108).
(7) ينظر: دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة للشنقيطي (1/ 389).
(8) ينظر: المرجع السابق، والاقتصاد الإسلامي للسالوس (2/ 108)، والبنوك الإسلامية للمالقي ص (376)، والخدمات المصرفية للشبيلي (4/ 1158).
(9) ينظر: الموسوعة العلمية بحث الضرير (5/ 325).
(20) ينظر: المشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 518)، وينظر: نماذج لعقود المشاركة المتناقصة في مجلة المجمع، العدد الثالث عشر (2/ 541 - 556).
(21) ينظر: دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة للشنقيطي (1/ 392)، والمصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق للهيتي ص (504 - 507).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/368)
(22) ينظر: أشكال وأساليب الاستثمار للضرير ص (23)، والموسوعة العلمية (5/ 325)، وقد كيفها سامي حمود كما في التعريف الذي أورده بأنها إجارة.
(23) لنزيه حماد ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد العاشر (2/ 509)، وفي العدد الثالث عشر (2/ 539): «عبارة عن معاقدة واحدة مركبة من أجزاء مترابطة وفقًاً لشروط تحكمها كمعاملة واحدة».
(24) للقري ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد العاشر (2/ 556).
(25) للعبادي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 534).
(26) ينظر: أدوات الاستثمار الإسلامي لعز الدين خوجة ص (110)، والمشاركة المتناقصة وصورها للزحيلي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 489)، والمشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد - مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 522)، والمشاركة المتناقصة طبيعتها وضوابطها الخاصة للعبادي مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 539)، والمشاركة المتناقصة وصورها للنشمي مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 57).
(27) المشاركة المتناقصة وصورها لعجيل النشمي ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثالث عشر (2/ 575).
(28) ينظر: ص (25) من هذا البحث.
(29) ينظر: مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية للصاوي ص (625)، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 636).
(30) هو: محمد تقي العثماني ضمن التعقيب والمناقشة في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 646)، مع العلم بأنه أورد هذا الكلام في مسألة الوعد بأن يعد أحد الشريكين الآخر بشراء حصته بثمن متفق عليه بينهما عند الوعد.
(31) ينظر: تعقيب الضرير ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثاني عشر (1/ 657).
(32) لابن قدامة (7/ 167).
(33) (29/ 233).
(34) ينظر: مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية للصاوي ص (625)، والمعاملات المالية لشبير ص (294).
(35) ينظر: المرجعان السابقان.
(36) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، المناقشات، العدد الثالث عشر (2/ 642، 661).
(37) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة المناقشات، مناقشة حسين كامل فهمي، العدد الثالث عشر
(2/ 639، 667)، والشركات الحديثة، والشركات القابضة لحسين كامل فهمي ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الرابعة عشرة -لم يطبع أثناء إعداد هذا البحث-
(38) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 643، 659).
(39) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 669).
(40) مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجده، العدد الثالث عشر (2/ 669).
(41) يفهم من إطلاق كلام الباحث أن الحكم في جميع الحالات خاصة مع الوعد الملزم بثمن معين، ومن ذلك: ما جاء في مجلة المجمع العدد الثالث عشر (2/ 642): «إن الوعد الذي نلجأ إليه لإجازة عقد المشاركة والمرابحة للآمر بالشراء وغيرهما لهو الدليل القطعي الذي يبحث عنه الإمام الشافعي لتحريم مثل هذه الأنواع من العقود، والاستدلال منه على أنها جميعًا من جنس بيوع العينة»، وفي الشركات الحديثة ص (89): «إن انفصال العقد عن الوعد لا يعفي التعاقد بكامل صورته من شبهة التواطؤ».
لكن يفهم من كلامه في موضع آخر أن حالة الوعد غير الملزم تجوز لغير البنوك المتخصصة في الائتمان وأن هذا الوعد لا ثمرة منه، فتؤول المسألة إلى الشركة المعروفة ولا حاجة إلى المشاركة المتناقصة.
جاء في الشركات الحديثة ص (92): «أنه في حالة التزام البنوك حرفيًا بجميع الشروط التي تفرضها الهيئة ومنها (عدم جواز إصدار وعد ملزم من عميل البنك، بشراء حصة البنك، وعدم جواز اشتراط إصدار عقد البيع الجديد بالقيمة الاسمية لحصة البنك)، فإن كلا العقدين سيتماثلان تمامًا من حيث الشروط والأركان، بحيث يمكن لأي منهما تحقيق نفس النتائج والأهداف بالكامل التي يؤديها العقد الآخر. ويدعم هذه النتيجة حقيقة أخرى، هي أن عقد الشركة الموروث هو عقد غير لازم، بمعنى أن لكلا الطرفين الحق في التخارج منه وفسخه بعد بدايته بدون حاجة إلى شرط مسبق، حتى لو كان ذلك بعد البداية مباشرة».
(42) المشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 522) بتصرف.
(43) المشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد، ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد الثالث عشر (2/ 523) بتصرف.
(44) ينظر: المشاركة المتناقصة وصورها لعجيل النشمي، العدد الثالث عشر (2/ 569)، والمناقشات
(2/ 647، 648)، والمعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة ص (220).
(45) لابن عابدين (5/ 57)، وفي المغني (5/ 564).
(46) ينظر: مناقشة صالح المرزوقي ضمن مجلة المجمع، العدد الثالث عشر (2/ 637).
(47) ينظر: المشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد ضمن مجلة المجمع، العدد الثالث عشر (2/ 522)، والمناقشات العدد الثالث عشر (2/ 648)
(48) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي المناقشات، العدد الثالث عشر (2/ 648).
(49) ينظر: المشاركة المتناقصة وأحكامها لنزيه حماد، مجلة المجمع، العدد الثالث عشر (2/ 522).
(50) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي المناقشات، العدد الثالث عشر (2/ 643).
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_article_main.cfm?id=839
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/369)
ـ[مبارك محمد]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:30 ص]ـ
كفيت وففيت بارك الله فيك ونفع بك ورزقك من الخير أطيبه ومن الابناء أبرهم(87/370)
اليوم العلمي للشيخ الهويسين
ـ[رياض المالكي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أحبتي في الله
يقيم الشيخ خالد الهويسين غفر الله له ولوالديه ولمشائخه ولجميع المسلمين
يوماً علمياً لشرح كتاب " تحفة الناسك في أحكام المناسك "
الوقت:
وذلك بإذن الله إبتداءً من فجر يوم الخميس 12/ 11/1428هـ الموافق (22/ 11/2007م)
وحتى فجر يوم الجمعة 13/ 11/1428هـ (23/ 11/2007م)
(الفجر - الظهر - العصر - المغرب - العشاء - الفجر)
المكان:
مدينة بريدة، حي البشر، مسجد عمر
نفعنا الله وإياكم بما نقول ونسمع ويسر الله لنا ما فيه رضاه
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 03:58 م]ـ
جزا الله الشيخ والقائمين خير الجزاء
آمل إبلاغنا أخي الغالي ما إذا كان الدرس سينقل عبر الشبكة العنكبوتية كموقع البث الإسلامي المباشر أو موقع حامل المسك
بوركت(87/371)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ـ[الشويمان]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:06 م]ـ
من يخرج لنا حديث شبرمة في مسألة الحج عن النفس او الغير
الرجاء ان يكون التخريج مطولا
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:19 م]ـ
قد تجد ضالتك هنا إن شاء الله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4076&highlight=%D4%C8%D1%E3%C9)(87/372)
حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:29 م]ـ
حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة
بحث شرعي مبسط
بقلم: د. هاني السباعي (مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
هذا بحث شرعي مبسط أقدمه لإخواننا طلبة العلم المبتدئين، ولكل من يهمه أمر المسلمين. نسأل الله أن يستخدمنا لنصرة دينه. وقد سرت في هذا البحث المتواضع على النحو التالي:
أولاً: تقدمة.
ثانياً: هل صلاة الجمعة واجبة في الأصل على المرأة؟
ثالثاً: أدلة القائلين بإمامة المرأة للرجال في الصلاة.
رابعاً: أدلة القائلين بعدم جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة.
خامساً: نتف من أقوال علماء المذاهب الإسلامية.
صفوة القول.
تقدمة:
أستهل كلامي بحكاية ذكرها العلامة الونشريسي المتوفى سنة 914هـ في كتابه الماتع والموسوعي (المعيار المعرب) في الفرق بين علم القضاء وفقه القضاء وعلم الفتيا وفقه الفتيا: "ومن هذا المعنى ما ذكره ابن الرقيق أن أمير إفريقية استفتى أسد بن الفرات في دخول الحمام مع جواريه دون ساتر له ولهن، فأفتاه بالجواز لأنهن ملكه، فأجاب ابن محرز بمنع ذلك وقال له: إن جاز نظرهن كذلك، ونظرهن إليك كذلك، لم يجز نظر بعضهن بعضاً، فأغفل أسد النظر في هذه الصورة الجزئية فلم يعتبر حالتهن فيما بينهن، واعتبره ابن محرز" [1]
أقول: الشاهد من هذه القصة أن هناك فرقاً بين كون الشخص عالماً بالشئ، وبين كونه فقيهاً فيه، وهو الفرق نفسه بين العلم بالفتيا والفقه بالفتيا؛ فقد يكون الشخص عالماً بالأحكام الكلية للفتيا أو القضاء، لكنه ليس فقيهاً في الفتيا أو القضاء إذ أن الفقه في الفتيا أو القضاء هو العلم بالأحكام مع تنزيلها على النوازل وواقعات الدعوى وهو ما أراد أن يؤكد عليه الونشريسي إذ يقول: "إنما الغرابة في استعمال كليات الفقه وانطباقها على جزئيات الوقائع بين الناس، وهو عسير على كثير من الناس، فتجد الرجل يحفظ كثيراً من الفقه ويفهمه ويعلمه غيره، فإذا سئل عن واقعة لبعض العوام من مسائل الصلاة أو مسألة من الأعيان لا يحسن الجواب، بل ولا يفهم مراد السائل عنها إلا بعد عسر" [2]
لعل ما ذكره الونشريسي ينطبق على حالة الذين أفتوا تلكم المرأة (أمينة ودود) الأمريكية بجواز إمامتها للصلاة بسبب تمسكهم بشبهة تصيدوها من أحكام وأقوال مبثوثة في كتب الفقه فأفتوا لهذه المرأة أو هي أفتت لنفسها ولمن يحركها من أعداء الإسلام فصارت عالمة حسب مقاييسهم! لكنهم عندما أنزلوا الحكم على الواقع (إمامة المرأة لصلاة الجمعة) ضلوا ولم يفهموا مراد الحديث النبوي ولم يأخذوا في الاعتبار مواضيع أخرى متصلة بالصلاة مثل قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) [3]، وقوله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) [4]،
وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
(«يَا عَلِىُّ لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ" [5]
وحيث جرير بن عبد الله رضي الله عنه: "قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِى أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِى" [6]
وأحاديث أخرى كان ينبغي لمن أفتى بجواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة أن يضمها إلى سائر الأدلة لكي يكون عالماً بفقه الفتوى التي أشار إليها صاحب المعيار المعرب.
ثانياً: هل صلاة الجمعة واجبة على المرأة:
قال ابن القيم في خصائص يوم الجمعة: "الخاصة الثالثة: صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض الإسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين، وهي أعظم من كل مجمع يجتمعون فيه وأفرضه سوى مجمع عرفة، ومن تركها تهاوناً بها، طبع الله على قلبه، وقُربُ أهل الجنة يوم القيامة، وسبقهم إلى الزيارة يوم المزيد قربهم من الإمام يوم الجمعة وتبكيرهم" [7]
أقول: أما من أداها استخفافاً واستهزاءً بهذه الشعيرة العظيمة كما فعلت وتفعل هذه المرأة الأمريكية (أمينة ودود) ومثيلاتها ومن يؤيدها ومن يكثر سوادها ويذب عنها فإنهم جميعاً على شفا هلكة ونحسب أن آية براءة قد شملتهم (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) [8]
استدل القائلون بعدم وجوب الجمعة على المرأة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/373)
بحديث قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِى جَمَاعَةٍ إِلاَّ أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِىٌّ أَوْ مَرِيضٌ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ قَدْ رَأَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا" [9]
وكما هو معلوم فإرسال الصحابي حجة عند جمهور العلماء وقد استشهد الزيلعي بقول النووي في الخلاصة: "وهذا غير قادح في صحته، فإنه يكون مرسل صحابي، وهو حجة، والحديث على شرط الصحيحين" [10] وحكم الألباني عليه بالصحة في صحيح الجامع. [11]
قال الصنعاني: "والمرأة وهو مجمع على عدم وجوبها عليها" [12]
وقال الشوكاني في تعليقه على الحديث المذكور:
"فيه عدم وجوب الجمعة على النساء، أما غير العجائز (يقصد الشابة) فلا خلاف في ذلك، وأما العجائز فقال الشافعي: يستحب لهن حضورها" [13]
وقال في بداية المبتدي: "ولا تجب الجمعة على مسافر، ولا امرأة، ولا مريض، ولا عبد، ولا أعمى" [14]
وقال ابن العربي في شروط صلاة الجمعة: "العقل، والذكورية، والبلوغ، والقدرة، والإقامة، والقرية" [15]
قال الخرقي: "ولا جمعة على مسافر ولا عبد ولا امرأة" [16]
قالب الغزالي فيمن تلزمه الجمعة: "ولا تلزم إلا على مكلف، حر، ذكر، مقيم، صحيح؛ فالعاري من هذه الصفات لا يلزم فإن حضر لم يتم العدد به سوى المريض" [17]
قال ابن قدامة: "وأما المرأة فلا خلاف في أنها لا جمعة عليها قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا جمعة على النساء ولأن المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال ولذلك لا تجب عليها جماعة" [18]
وقال ابن حزم في مراتب الإجماع: "واتفقوا أن المرأة لا تؤم الرجال. وهم يعلمون أنها امرأة فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بإجماع" [19]
وفي فتاوى مشيخة الأزهر سئل الشيخ عطية صقر: " تذهب بعض النساء لصلاة الجمعة فى المسجد، فهل صلاتها واجبة عليها بحيث لو لم تصلها تعاقب عليها؟
أجاب: "صلاة الجمعة غير واجبة على المرأة، وذلك للحديث الذى رواه أبو داود والحاكم، وصححه غير واحد " الجمعة حق واجب على كل مسلم فى جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبى أو مريض (ولحديث أم عطية الذي أخرجه ابن خزيمة: نهينا عن اتباع الجنائز، ولا جمعة علينا.) لكن مع ذلك لو صلت الجمعة صحت وأغنتها عن صلاة الظهر باتفاق الفقهاء، وهل يستحب لها صلاتها؟ قال الأحناف: الأفضل لها أن تصلى فى بيتها ظهرا، لمنعها عن الجمعة، سواء أكانت عجوزًا أم غيرها، وقال المالكية: إن كانت عجوزًا لا أرب للرجال فيها جاز حضورها الجمعة، وإن كان فيها أرب كره حضورها، أما الشابة فإن خيف من حضورها الفتنة حرم عليها الحضور، وإلا كره. وقال الحنابلة: يباح لها الحضور لصلاة الجمعة إن كانت غير حسناء، فإن كانت حسناء كره. وقال الشافعية: يكره للمرأة حضور الجماعة إن كانت مشتهاة ولو فى ثياب بالية، وكذا غير المشتهاة إن تزينت أو تطيبت. وكل ذلك إذا أذن لها وليها بالحضور، وإلا حرم عليها حضور الجماعة كما يحرم حضورها إذا خيفت الفتنة " [20]
وفي فقه الإمامية: قال الحلي فيمن يجب عليه صلاة الجمعة: "ويراعى فيه شروط سبعة: التكليف، والذكورة والحرية، والحضر، والسلامة من العمى والمرض والعرج ... " [21]
قال الطوسي في النهاية تحت عنوان باب الجمعة وأحكامها: "وتسقط عن تسعة نفر: الشيخ الكبير، والطفل الصغير، والمرأة ... " [22]
ثالثاً: أدلة من يرى إمامة المرأة للرجال في الصلاة:
استند القائلون بهذا الرأي بالأدلة التالية:
(1): الدليل الأول:
حديث أم ورقة الأنصارية رضي الله عنها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/374)
"عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ نَوْفَلٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا غَزَا بَدْرًا قَالَتْ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِى الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَرِّضُ مَرْضَاكُمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِى شَهَادَةً. قَالَ (قِرِّى فِى بَيْتِكِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْزُقُكِ الشَّهَادَةَ). قَالَ فَكَانَتْ تُسَمَّى الشَّهِيدَةَ. قَالَ وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَتَّخِذَ فِى دَارِهَا مُؤَذِّنًا فَأَذِنَ لَهَا قَالَ وَكَانَتْ دَبَّرَتْ غُلاَمًا لَهَا وَجَارِيَةً فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَذَهَبَا فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِى النَّاسِ فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ" [23]
أقول: الحديث حسن ورواه ابن خزيمة أيضاً بسند حسن. وفي رواية أخرى لأبي داود قال راوي الحديث: عبد الرحمن بن خلاد: "فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا" [24]
وفي سنن الدراقطني: "حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ لَهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ نِسَاءَهَا" [25]
نلاحظ أن في هذه الرواية نصاً على (وتؤم نساءها) أي أنها فسرت لنا الرواية الأخرى التي في سنن أبي داود وغيره (وأمرها أن تؤم أهل دارها) [26]
إذن تعلقهم بإمامة هذا الشيخ الكبير الذي أذن لها بأنه صلى وراءها تعلق ضعيف! وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر لها بامرأة تؤذن
لها وهي تردد كلمات شرعية محضة فهل يجيز لها أن تؤم الرجال وهي تجهر بقراءة القرآن؟!. فهذا الحديث لا تنهض به حجة من يقول بإمامة المرأة للرجال لما فيه من الاحتمال طبقاً للقاعدة الأصولية التي اعتمدها متأخروا فقهاء المذاهب الإسلامية (ما تطرق به الاحتمال بطل به الاستدلال).
أما من فسر حديث أم ورقة بجواز إمامتها للرجل في النفل والتراويح دون الفرائض فلا وجه لتخصيصه لما ورد في رواية أخرى (تؤمهم في الفريضة) كما في سنن البيهقي: " وَأَمَرَ أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا فِى الْفَرَائِضِ" [27]
وكما هو معلوم فالأذان لا يكون إلا للفرائض.
أقول: فهذا الحديث هو عمدة ما استند عليه من يقول بإمامة المرأة للنساء والرجال وسبب ذلك أنهم يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم عين لها رجلاً يؤذن لها وكانت تؤمه مع أهل دارها إذن يصح لها أن تؤم الرجال وتخطب الجمعة أيضاً كما ذكر من زينوا للمرأة الأمريكية التي تدعى (أمينة ودود) بجواز إمامتها للرجال في الصلاة وجواز أدائها خطبة الجمعة.
مناقشة هذا الرأي:
نلاحظ أن الحديث لم يذكر لنا أن الرجل كان من أهلها أم لا؟ إذن فلعله من غيرأهلها؟ أو أنه كان يؤذن لها ثم يذهب ليصلي مع الصحابة في المسجد لأنه كان يؤذن لإعلامها بأوقات الصلاة أو أنه كان شيخاً كبيراً مقعداً فكان يصلي وحده بعد أن تنتهي أو يصلي وراءها على رأي من قال إنه كان من أهلها، ولم يكن يحسن قراءة القرآن مثلها فكانت هي أولى بالإمامة لأنها اقرأ منه وهو من محارمها على قول من يرى صحة إمامة المرأة لأهل دارها. وهو استثناء لا يجوز التوسع فيه لأن الأصل أن الإمامة في الصلاة للرجال للأدلة التي سنذكرها فيما بعد. ظ
(2): الدليل الثاني:
استنادهم إلى قول أبي ثور والمزني والطبري بجواز إمامة المرأة للرجال:
مناقشة هذا الرأي: لا يوجد كتاب مستقل لأبي ثور ولا للطبري مدون فيه هذا الرأي بل إن القائلين بهذا الرأي اعتمدوا على قول أبي ثور والطبري من خلال ما ذكره ابن رشد وابن قدامة وبعض الفقهاء من باب الأمانة العلمية لبعض الآراء الشاذة المنسوبة إلى أبي ثور والطبري وغيره. هذا ما سنبينه من خلال نقل بعض أقوال الفقهاء:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/375)
قال ابن رشد: "المسألة الرابعة اختلفوا في إمامة المرأة فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء فأجاز ذلك الشافعي ومنع ذلك مالك وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال لأنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الأول ولأنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخير عن الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم لقوله عليه الصلاة والسلام أخروهن حيث أخرهن الله ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات في المرتبة في الصلاة مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الأول" [28]
أقول: لم يجز الطبري إمامة المرأة للرجل في الصلاة على الإطلاق بل إنه أجازها بشرط كما قال الصنعاني: "أن المرأة لا تؤم الرجل وهو مذهب الهادوية والحنفية والشافعية وغيرهم، وأجاز المزني وأبو ثور إمامة المرأة، وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن" [29]
كلام صاحب المغني تعليقاً على الخرقي:
"مسألة قال (وإن صلى خلف مشرك أو امرأة أو خنثى مشكل أعاد الصلاة) وجملته أن الكافر لا تصح الصلاة خلفه بحال سواء علم بكفره بعد فراغه من الصلاة أو قبل ذلك وعلى من صلى وراءه الإعادة، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور والمزني لا إعادة على من صلى خلفه وهو لا يعلم لأنه ائتم بمن لا يعلم حاله فأشبه ما لو ائتم بمحدث. ولنا إنه ائتم بمن ليس من أهل الصلاة فلم تصح صلاته كما لو ائتم بمجنون، وأما المحدث فيشترط أن لا يعلم حدث نفسه والكافر يعلم حال نفسه وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجل بحال في فرض ولا نافلة في قول عامة الفقهاء وقال أبو ثور لا إعادة على من صلى خلفها وهو قياس قول المزني" [30]
أقول: إذا أمعنا النظر في كلام ابن قدامة نجد أن صورة المسألة تكون على النحو التالي:
رجل صلى خلف كافر ولم يعلم أنه كافر أو أنه كان يعلم قبل الصلاة.
فالشافعي وأصحاب الرأي وأصحاب المذاهب الإسلامية قاطبة ومعهم أبو ثور والمزني والطبري قالوا لا تصح الصلاة وراء الكافر إذا علم المأموم أنه كافر قبل الصلاة.
أما الخلاف هو شاذ إذا صلى المأموم خلف إمام كافر ثم تبين له بعد الصلاة أنه كافر فهل تصح صلاته وهل يعيد فعلى رأي أبي ثور والمزني والطبري لا إعادة عليه وحجتهم في ذلك أن المأموم صلى خلفه وهو لا يعلم أنه كافر لأنه ائتم بمن لا يعلم حاله فأشبه بحال ما لو ائتم بمحدث.
لذلك قالوا إن من صلى خلف امرأة وهو لا يعلم فإن صلاته صحيحة قياساً على من صلى وراء شخص محدث (أخرج ريحاً أو كان جنباً أو لم يكن متوضئاً في الأصل حسب رأي أبي ثور والمزني والطبري وهذا ما ذكره ابن قدامة في الفقرة السابقة: (وقال أبو ثور لا إعادة على من صلى خلفها وهو قياس قول المزني).
ولعل قائلاً يقول: ماذا يقصد ابن قدامة من هذه العبارة وهو قياس قول المزني؟
أقول: إن المزني قال بصحة الصلاة خلف المرأة أو الكافر للمأموم الذي لا يعلم أن الإمام امرأة أو أن الإمام كافر قياساً على رأيه القائل أن من صلى خلف المحدث وهو لا يعلم أنه محدث فإن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه حتى لو علم بعد الصلاة. هكذا تبين لنا بجلاء أصل المسألة التي يتخذها تكأة القائلون بجواز إمامة المرأة للرجال معتمدين على رأي شاذ لأبي ثور والمزني رغم أنهما لم يفتيا بصحة صلاة المأموم الذي يصلي وهو يعلم أن الإمام امرأة .. فلم يقولا ذلك ولم يذهبا إلى ما ذهب إليه القائلون بإمامة المرأة للرجال في الصلاة المفروضة والنافلة.
أما ابن جرير الطبري فإن هناك أقوالاً شاذة مبثوثة في بعض كتب الفقه منسوبة إليه كقوله بجواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة وقوله بجواز توليتها للقضاء والإمامة الكبرى. ولعل بعض من يعتمد على قول الطبري يأخذه على طريقة (فويل للمصلين)!! فالطبري كما يقول الصنعاني: "وأجاز الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن وحجتهم حديث أم ورقة" [31]
إذن الطبري يجيز إمامة المرأة للصلاة التراويح وليس الفريضة ويشترط ألا يوجد من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/376)
يحفظ القرآن غيرها. ويستند إلى حديث أم ورقة الأنصارية والحديثة حجة عليهم لا لهم لأنها كانت تؤم أهل دارها ومحارمها على افتراض وجود الشيخ الكبير فإنه قد يكون من محارمها وتكون هذه حالة خاصة بأم ورقة ولم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لغيرها.
وعلى أية حال فبعد التحقيق والتمحيص في الكتب المطبوعة للطبري لم نجد لهذه الآراء ذكر في كتبه خاصة كتابه الشهير جامع البيان عن تأويل آي القرآن المسمى بتفسير الطبري الذي يتعرض فيه للعديد من المسائل الفقهية حيث يناقش ويفند ويرجح ما يراه فلم نعثر على القول المنسوب إليه في هذا الكتاب فعلى سبيل المثال عندما تعرض لتفسير آية سورة النساء (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا ... الآية). يقول الطبري: يعني بقوله جل ثناؤه: (الرجال قوامون على النساء) الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن، فيما يجب عليهن لله ولأنفسهن؛ (بما فضل الله بعضهم على بعض): يعني بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن، وإنفاقهن عليهن أموالهن، وكفايتهن إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهن عليهن، ولذلك صاروا قوّاماً، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهنّ" [32]
فهذا قول الطبري في مسألة القوامة فهل يناقض نفسه ويجيز للمرأة أن تتولى الولاية الصغرى (إمامة الصلاة للرجال) والولاية العامة كالقضاء ورياسة الدولة؟!!
أما من يجيز إمامة المرأة للرجال في صلاة التراويح وليس في الفريضة وهو قول بعض الحنابلة إذ يقول ابن قدامة: "وقال بعض أصحابنا يجوز أن تؤم الرجال في التراويح وتكون وراءهم لما روي عن أم ورقة بنت عبد الله أن رسول الله صلى الله جعل لها مؤذناً يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود وهذا عام في الرجال والنساء" [33]
وقد ذكر المرداوي الحنبلي هذه الصورة بقوله:
" قال القاضي في المجرد ولا يجوز في غير التراويح: فعلى هذه الرواية قيل يصح إن كانت قارئة وهم أميون جزم به في المذهب والفائق وبن تميم والحاويين قال الزركشي وقدمه ناظم المفردات والرعاية الكبرى وقيل إن كانت أقرأ من الرجال وقيل إن كانت أقرأ وذا رحم وجزم به في المستوعب وقيل إن كانت ذا رحم أو عجوزاً، واختار القاضي يصح إن كانت عجوزاً. قال في الفروع واختار الأكثر صحة إمامتها في الجملة لخبر أم ورقة العام والخاص" [34]
ويذكر صاحب الإنصاف كيف تؤم المرأة الرجال في صلاة التراويح: "فائدة حيث قلنا تصح إمامتها بهم فإنها تقف خلفهم لأنه أستر ويقتدون بها" وينقل صاحب الإنصاف عن أحد الحنابلة قوله: "وعنه تقتدي هي بهم في غير القراءة فينوي الإمامة أحدهم" [35]
أقول: هذا الرأي في غاية العجب! يجيزون للمرأة أن تكون إماماً للرجال بشرطين:
(أ): الشرط الأول: أن تكون إماماً للرجال في صلاة التراويح وليس الفريضة.
(ب) الشرط الثاني: أن تكون عجوزاً وألا يوجد من الرجال من يحفظ القرآن.
(ب): الشرط الثالث: أن تصلي خلف صفوف الرجال أي أن الرجال وجوههم للقبلة بدون إمام وهي (الإمام) تقف خلفهم ويتبعونها في القراءة وفي الركوع والسجود!!
ولما وجد بعض الحنابلة أن الصورة في الشرط الثالث غير مقبولة لتعارضها مع حديث (إنما جعل الإمام ليؤتم به) قالوا بالصورة التي ذكرها المرداوي وهي أعجب: أن تصلي المرأة خلف الرجال تقرأ فقط والرجال يختارون إماماً منهم يقتدون به في الركوع والسجود بدون القراءة!!
وهذا ما يتمسك به من أفتى للمرأة الأمريكية وحرضها لاقتحام حرم الإمامة بزعم أن ابن قدامة ذكر أن بعض الحنابلة أجازوا ذلك!! وهذا تدليس على ابن قدامة فالصورة كما عرضناها أن ابن قدامة يستعرض رأي بعض الحنابلة على سبيل الاستنكار. وتصداقاً لذلك فإنه يرد على أصحاب هذا الرأي الغريب بقوله: "ولنا (يقصد المعتمد في المذهب الحنبلي) قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تؤم امرأة رجلاً)، ولأنها لا تؤذن للرجال فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون. وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها كذلك رواه الدارقطني. وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه. لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض بدليل أنه جعل لها مؤذنا والأذان إنما يشرع في الفرائض ولا خلاف في أنها لا تؤمهم في الفرائض ولأن تخصيص ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/377)
بالتراويح واشتراط تأخرها تحكم يخالف الأصول بغير دليل فلا يجوز المصير إليه ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة لكان خاصا لها بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة" [36]
رابعاً: أدلة القائلين بعدم جواز إمامة المرأة للرجال:
الدليل الأول:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا" [37]
وفي مسند أحمد: " أَحْسِنُوا إِقَامَةَ الصُّفُوفِ فِى الصَّلاَةِ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ فِى الصَّلاَةِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ فِى الصَّلاَةِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا" [38]
قال النووي: "أما صفوف الرجال فهي على عمومها فخيرها أولها وشرها أبداً أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها. والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها وثواباً وفضلاً وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال بعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم" [39]
قال الصنعاني: "وقد علل خيريته آخر صفوفهن بأنهن عند ذلك يبعدن عن الرجال وعن رؤيتهن وسماع كلامهم إلا أنها على لا تتم إلا إذا كانت صلاتهن مع الرجال، وأما إذا صلين وإمامتهن امرأة فصفوفها كصفوف الرجال أفضلها أولها" [40]
أقول: فما بالك بامرأة تصلي بالرجال وتختلط النساء بالرجال في صف واحد؛ حذو الكتف بالكتف، ولزق القدم بالقدم!! بل وصل الاستخفاف إلى درجة أن شاهدنا عبر المرئيات بأم أعيننا: تقام صلاة الجمعة في كنيسة في أميركا: الخطيب امرأة، والإمام امرأة، والمؤذن امرأة سافرة حاسرة، والمأمومون خليط من الرجال والنساء!!
الدليل الثاني:
"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ». قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ " [41]
قال الصنعاني: "وعلى أن المرأة لا تصف مع الرجال" [42]
أقول: ومن باب أولى ألا تصلي إماماً بالرجال.
الدليل الثالث:
"لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" [43]
قال الخطابي: "في الحديث أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء، وفيه أنه لا تزوج نفسها، ولا تلي العقد على غيرها" [44]
قال الشوكاني: "لأنا نقول قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور وهذا من جملة الأمور بل هو أعلاها وأشرفها فعموم قوله (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) كما في الصحيحين وغيرهما يفيد منعهن من أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال" [45]
الدليل الرابع:
"عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَضْحًى - أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ». قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/378)
عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا" [46]
قال النفرواي المالكي:
"وأشار إلى بيان من يصلح للإمامة بقوله ويؤم الناس أفضلهم وأفقههم لخبر أئمتكم شفعاؤكم وخبر وليؤمكم أكبركم وقال عليه الصلاة والسلام إن سركم أن تقبل منكم صلاتكم فليؤمكم خياركم فإنه وفد بينكم وبين ربكم فلا يؤمكم إلا الذكور ولا يصح أن تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء لخبر (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وسواء عدمت الرجال أو وجدت لأن الإمامة خطة شريفة في الدين ومن شرائع المسلمين واعلم أن الإمامة لها شروط صحة وشروط كمال فشروط صحتها ثلاثة عشر أولها الذكورة المحققة فلا تصح إمامة المرأة" [47]
الدليل الخامس:
قول الله سبحانه وتعالى (الرجال قوامون على النساء) [48]
قال الشافعي في الأم:
"وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبداً" [49]
وفي الدراري المضية:
"وأما عدم صحة إمامة المرأة بالرجل فلأنها عورة وناقصة عقل ودين والرجال قوامون على النساء، ولن يفلح قوم لوا أمرهم امرأة كما ثبت في الصحيح، ومن ائتم بالمرأة فقد ولاها أمر صلاته" [50]
خامساً: نتف من بعض أقوال العلماء:
قال في عين المعبود:
"قال الخطابي قلت فيه من الفقه جواز صلاة الجماعة في التطوع وفيه جواز صلاة المنفرد خلف الصف لأن المرأة قامت وحدها من ورائهما وفيه دليل أن إمامة المرأة للرجال غير جائزة لأنها لما زحمت عن مساواتهم من مقام الصف كانت من أن تتقدمهم أبعد وفيه دليل على وجوب ترتيب مواقف المأمومين وأن الأفضل يقدم على من دونه في الفضل ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولو الأحلام والنهي" [51]
قال الكاساني:
"ولا يجوز الاقتداء بالكافر ولا اقتداء الرجل بالمرأة لأن الكافر ليس من أهل الصلاة والمرأة ليست من أهل إمامة الرجال فكانت صلاتها عدما في حق الرجل فانعدم معنى الاقتداء وهو البناء ولا يجوز اقتداء الرجل بالخنثى المشكل لجواز أن يكون امرأة ويجوز اقتداء المرأة بالمرأة لاستواء حالهما إلا أن صلاتهن فرادى أفضل لأن جماعتهن منسوخة" [52]
ويقول الكاساني في حكم من يصلي بجوار أو خلف امرأة في نفس صفه: "وإذا عرف أن المحاذاة مفسدة فنقول إذا قامت في الصف امرأة فسدت صلاة رجل عن يمينها، ورجل عن يسارها، ورجل خلفها بحذائها" [53]
قال في التاج والإكليل:
قال المازوري: "لا تصح إمامة المرأة عندنا وليعد صلاته من صلى وراءها وإن خرج الوقت" [54]
قال في التلقين:
" ولا تجوز إمامة الفاسق ولا المرأة ولا الصبي إلا في نافلة" [55]
قال ابن حزم:
"وصلاة المرأة بالنساء جائزة؛ ولا يجوز أن تؤم الرجال" [56]
وفي فتاوى مشيخة الأزهر: سئل الشيخ عطية صقر"هل يجوز للمرأة أن تكون إماما فى الصلاة؟ أجاب: معلوم أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد، والنصوص في ذلك كثيرة، وإذا كان الإسلام يفضل أن تصلى المرأة في بيتها بدل أن تصلى في المسجد من أجل ثواب الجماعة فإنه يمكنها أن تقيم صلاة الجماعة في بيتها، أوفي المدرسة التي تتعلم أو تعلم فيها، أو العمل الذي تمارسه مع الزميلات. فإذا كان في البيت زوجها أو ولدها أو أبوها أو أخوها مثلا كان هو الإمام والمرأة مأمومة، وكذلك فى المدرسة أو العمل يجوز أن يصلى بالنساء أحد المدرسين أو أحد الزملاء، سواء أكانت الصلاة فى مسجد أو مكان مُعَدّ لذلك. فإذا لم يوجد رجل أمكن للمرأة أن تكون إماما لبناتها أو نساء أخريات فى المنزل أو للزميلات فى المدرسة والعمل. وذلك على رأى جمهور الأئمة. والإمام مالك هو الذي يمنع أن تكون المرأة إماما مطلقا، لا للرجال ولا للنساء، فلا يجوز أن يقتدي بها الرجل حتى لو كان ابنها أو أباها أو أخاها، فإمامتها على رأى الجمهور جائزة للنساء فقط. روى أبو داود والحاكم وابن خزيمة وصححه أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل لأم ورقة مؤذنا، وأباح لها أن تؤم أهل بيتها، أي النساء فقط " [57]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/379)
وعن الحكمة في تأخير صفوف النساء يقول الشيخ عطية صقر: "والحكمة فى جعل النساء فى الصفوف الخلفية تظهر فى أمور، منها (1) أن المرأة ليست فى مستوى الرجال وبخاصة أولوا الأحلام والنهى فيما يتميزون به مما سبق ذكره. (2) أن تقدمها أمام الرجال فيه صورة إمامتها لهم، وهى ممنوعة باتفاق الأئمة. (3) أنها تشغل الرجال عن الخشوع فى الصلاة بمجرد وجودها أمامهم، وذلك أمر طبيعي وعند ركوعها وسجودها يكون الانشغال أشد، وهو ما يفسر به حديث قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلى عند جمهور الفقهاء. (4) ألا تختلط صفوف الرجال بالنساء إذا تخللن صفوفهم فيكون انصرافهن بعد انتهاء الصلاة أيسر، وكان من المأثور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينصرف عقب الصلاة مباشرة بل ينتظر هو وأصحابه حتى ينصرف النساء أولا. (5) هذا، وكان من المتبع في ترتيب الصفوف في الجماعة أن يكون الرجال في الصفوف الأولى ثم يليهم الصبيان ثم يليهم النساء، كما رواه أحمد. وتوسط الصبيان فيه شدة حيطة من انشغال الرجال بالنساء، فمن الجائز أن بعض من فى الصف الذي يليه صف النساء إذا ركع لمح بنظره بعض النساء، ولا شك أن الخشوع في الصلاة أساس قبولها كما قال تعالى (قد أفلح المؤمنون. الذين هم فى صلاتهم خاشعون) " [58]
قال الطوسي في النهاية: "ولا تؤم المرأة بالرجال" [59]
قال المرداوي: "قوله ولا تصح إمامة المرأة للرجل: هذا المذهب مطلقا؛ قال في المستوعب هذا الصحيح من المذهب ونصره المصنف واختاره أبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي والمحرر والوجيز والمنور والمنتخب وتجريد العناية والإفادات وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والنظم ومجمع البحرين والشرح والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي" [60]
قال ابن مفلح في المبدع:
"لا يصح أن يأتم رجل بامرأة في الصحيح من المذهب وهو قول عامتهم قال البيهقي وعليه الفقهاء السبعة والتابعون" [61]
قال الشاشي في حلية العلماء:
"ولا تصح إمامة المرأة للرجال. وحكي عن أبي ثور وابن جرير الطبري أنه يجوز إمامتها في صلاة التراويح إذا لم يكن هناك قارىء غيرها وتقف خلف الرجال" [62]
قال في المحرر:
"ولا تصح إمامة المرأة، ولا الخنثى إلا بالنساء، ولا تصح إمامة كافر، ولا أخرس " [63]
وفي دليل الطالب:
"ولا تصح إمامة المرأة بالرجال" [64]
وفي عمدة الفقه:
"ولا تصح إمامة المرأة بالرجال ومن به سلس البول والأمي الذي لا يحسن الفاتحة أو يخل بحرف منها إلا بمثلهم" [65]
وفي منار السبيل:
"ولا تصح إمامة المرأة بالرجل" [66]
قال في السيل الجرار:
"أقول لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرجال شيء ولا وقع في عصره ولا في عصر الصحابة والتابعين من ذلك شيء وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهن بعد صفوف الرجال وذلك لأنهن عورات وائتمام الرجل بالمرأة خلاف ما يفيده هذا ولا يقال الأصل الصحة لأنا نقول قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور وهذا من جملة الأمور بل هو أعلاها وأشرفها فعموم قوله لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كما في الصحيحين وغيرهما يفيد منعهن من أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال" [67]
صفوة القول
بعد هذا التطواف حول آراء العلماء وبعد البحث والنظر والمناقشة أرجح الرأي القائل بعدم جواز إمامة المرأة للرجال في الفرض والنفل، وعدم صحة صلاة من يصلي وراءها .. كما أرى عدم جواز خطبة المرأة للجمعة وعدم صحة من يصلي وراءها ويجب عليهم إعادتها ظهراً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] الونشريسي: المعيار المعرب ـ دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ـ ج10 ـ ص78.
[2] الونشريسي: المعيار المعرب ـ دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ـ ج10 ص78.
[3] سورة النور آية 30.
[4] سورة النور آية 31.
[5] سنن الترمذي: الحديث رقم 3004. قال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. والحديث رواه أبو داود في سننه في كتاب النكاح برقم 2151. وفي مسند أحمد: مسند علي بن أبي طالب برقم 1389. وفي سنن الدرامي كتاب الرقاق 2765. وفي سنن البيهقي كتاب النكاح برقم 13898.
[6] صحيح مسلم الحديث رقم 5770.
[7] ابن القيم: زاد المعاد ـ تحقيق حمدي بن محمد آل نوفل ـ مكتبة الصفا ـ القاهرة ـ ط1 ـ 1423هـ ـ ج1 ص146.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/380)
[8] سورة التوبة آية 65، آية 66.
[9] أبو داود: سنن أبي داود ـ الدار المصرية اللبنانية ـ القاهرة ـ ج1 ص280 ـ الحديث رقم 1067.
[10] الزيلعي: نصب الراية ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ ج2 ص240.
[11] الألباني: صحيح الجامع الصغير وزيادته ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ ط3 ـ 1408هـ ج1 ص579 الحديث رقم 31111.
[12] الصنعاني: سبل السلام ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ج2 ص659.
[13] الشوكاني: نيل الأوطار ـ دار الوفاء ـ المنصورة ـ مصر ـ ج2 ص538، ص539.
[14] الميرغناني: الهداية شرح بداية المبتدي ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ مطبوع مع نصب الراية ـ ج2 ص239.
[15] ابن العربي: أحكام القرآن ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ج4 ص246.
[16] ابن قدامة: المغني ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ مطبوع مع الشرح الكبير ـ ج2 ص193.
[17] الغزالي: الوجيز في فقه الإمام الشافعي ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ج1 ص64.
[18] ابن قدامة: المغني ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ مطبوع مع الشرح الكبير ـ ج2 ص193.
[19] ابن حزم: مراتب الإجماع ـ مطبوع مع كتاب محاسن الإسلام لمحمد بن عبد الرحمن البخاري ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ ط3 ـ ص27.
[20] موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصر وفتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر: الموضوع رقم 62 فتوى الشيخ عطية صقر في مايو 1979م.
[21] الحلي: شرائع الإسلام ـ مؤسسة الوفاء ـ بيروت ـ ط3 ـ 1303هـ ـ ص73.
[22] الطوسي: النهاية في مجرد الفقه والفتاوى ـ درا الكتاب العربي ـ بيروت ـ ط1 ـ 1390هـ ص103.
[23] أبو داود: سنن أبي داود ـ ج1 ص158 ـ الحديث رقم 591. الحديث رواه أحمد في مسنده في مسند أم ورقة بنت عبد الله برقم 28042.
[24] أبو داود: سنن أبي داود ـ ج1 ص 159 ـ الحديث رقم 592.
[25] سنن الدراقطني رقم الحديث 1049.
[26] الحديث في سنن أبي داود برقم 592 ونصه: " عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلاَّدٍ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالأَوَّلُ أَتَمُّ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزُورُهَا فِى بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا". الحديث 5560.
[28] بداية المجتهد ج1/ص105
[29] سبل السلام ج2/ص29
[30] ابن قدامة: المغني ـ ج2ص33.
[31] الصنعاني: سبل السلام ـ ج2 ص581.
[32] الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن ـ دار الفكر ـ بيروت ـ مج4 ص74.
[33] ابن قدامة: المغني ـ ج2 ص193.
[34] المرداوي: الإنصاف للمرداوي ج2/ص264.
[35] المرداوي: الإنصاف للمرداوي ج2/ص264.
[36] ابن قدامة: المغني ـ ج2 ص33.
[37] صحيح مسلم رقم الحديث 1013.
[38] مسند أحمد: رقم الحديث 10561.
[39] النووي: صحيح مسلم بشرح النووي ـ مكتبة أبي بكر الصديق ـ القاهرة ـ مج2 ص142.
[40] الصنعاني: سبل السلام ـ ج2 ص586.
[41] صحيح البخاري رقم الحديث 380.
[42] الصنعاني: سبل السلام ـ ج2 ص588.
[43] صحيح البخاري: رقم الحديث 4425.
[44] ابن حجر: فتح الباري ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ج8 ص472.
[45] الشوكاني: السيل الجرار ـ تحقيق محمود زايد ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط1 ـ 1405هـ ـ ج1/ص250.
[46] صحيح البخاري: رقم الحديث 304.
[47] النفراوي: أحمد بن غنيم بن سالم: الفواكه الدواني ـ دار الفكر ـ بيروت ـ 1405هـ ـ ج1/ص205
[48] سورة النساء آية 34.
[49] الشافعي: الأم ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ط2 ـ 1393هـ ـ ج1ص164
[50] الشوكاني: الدراري المضية ـ دار الجيل ـ بيروت ـ ج1 ـ 1407هـ ـ ص134
[51] محمد شمس الحق آبادي: عون المعبود ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ج2/ص225
[52] الكاساني: بدائع الصنائع ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ ج1ص140.
[53] الكاساني: بدائع الصنائع ـ ج1 ص140.
[54] العبدري: محمد بن يوسف: التاج والإكليل ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ج2ص92
[55] الثعلبي المالكي: عبد الوهاب بن علي: التلقين ـ تحقيق محمد الغاني ـ المكتبة التجارية ـ مكة المكرمة ـ ج1ص116
[56] ابن حزم: المحلى ـ تحقيق د. عبد الغغار البنداري ـ دار الكتب العلمية ـ ييروت ـ ج3 ص135.
[57] موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصر وفتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر: الموضوع رقم 63 صدرت في مايو 1997م ..
[58] موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصر وفتاوى لجنة الإفتاء بالأزهر: الموضوع رقم 80 في مايو 1997م.
[59] الطوسي: النهاية في مجرد الفقه والفتاوى ـ ص112.
[60] المرداوي: علي بن سليمان: الإنصاف ـ تحقيق محمد حامد الفقي ـ دار إحياء التراث ـ بيروت ـ ج2/ص264.
[61] ابن مفلح: إبراهيم بن محمد: المبدع ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ ج2/ص72.
[62] الشاشي القفال: محمد بن أحمد: حلية العلماء ـ تحقيق د. ياسين أحمد درادكة ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ عمان ـ ج2/ص170
[63] ابن تيمية: عبد السلام ين عبد الله: المحرر في الفقه ـ مكتبة المعارف ـ الرياض ـ ج1ص104
[64] مرعي بن يوسف الحنبلي: دليل الطالب ـ المكتب السلامي ـ بيروت ـ ص46
[65] ابن قامة المقدسي: عمدة الفقه ــ مكتبة الطرفين ـ الطائف ـ ج1/ص23
[66] ابن ضوبان: إبراهيم بن محمد بن سالم: منار السبيل ـ تحقيق عصام القلعجي ـ مكتبة المعارف ـ الرياض ـ ج1/ص125.
[67] الشوكاني: السيل الجرارـ ج1ص250(87/381)
سجود السهو
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[20 - 11 - 07, 07:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كيفية إدراك ركعة
الصلاة الرباعية
ـــــــــــــــــــــــــــ
ـ إذا فاتتك ركعة واحدة،فعليك أن تقوم بعد سلام الإمام بدون تكبير، وتقضي تلك الركعة التي فاتتك على الشكل الذي فاتتك به الفاتحة والسورة، والسر والجهر، وبعدها تشهد وتسلم.
ـ إ ذا أدركت ركعتين مع الإمام في الصلاة الرباعية، فعليك أن تقوم بعد سلام الإمام بالتكبير، وتقضي الركعتين اللتين فاتتاك بالفاتحة والسورة، والسر والجهر،ثم تشهد وتسلم.
إذا أدركت ركعة واحدة مع الإمام في الصلاة الرباعية فعليك أن تقوم بعد سلام الإمام بدون تكبير، وتأتي بركعة بالفاتحة والسورة، ثم تشهد التشهد الأول وتقوم أيضاًوتأتي بركعتين،الأولى بالفاتحة والسورة والثانية بالفاتحة فقط، وتشهد، وتسلم مراعاة السر والجهر في ذلك.
الصلاة الثلاثية
ـــــــــــــــــــــــ
ـ إذا فاتتك ركعة في صلاة المغرب مع الإمام، فعليك أن تقوم بقضائها، بعد سلام الإمام، بالتكبير والفاتحة والسورة جهراً، أي على الشكل الذي فاتتك به، ثم تشهد وتسلم.
ـ إذا أدركت ركعة مع الإمام في صلاة المغرب فعليك أن تقوم، بعد سلام الإمام بدون تكبير، وتأتي بركعة بالفاتحة والسورة جهراً، وتشهد ثم تقوم أيضاً وتأتي بركعة بالفاتحة والسورة جهراً، وتشهد وتسلم.
والله ولي التوفيق
ـ[أبو معاذ اليمني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 07:33 م]ـ
أين الكلام على سجود السهو وفقكم الله
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[21 - 11 - 07, 03:17 ص]ـ
خطا في عنوان الموضوع(87/382)
مداخل الأئمة الأربعة
ـ[فيصل أيمن]ــــــــ[20 - 11 - 07, 07:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أبحث عن كتب المداخل إلى كل مذهب من المذاهب الأربعة، أي كتاب يشرح طريقة المذهب، مصطلاحاته، قواعده الفقهية و الأصولية .. إلخ، على غرار "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد"و"المدخل إلى مذهب الإمام الشافعي"لفهد الحبيش.
و جزاكم الله كل خير، و دعوة في جوف الليل تنتظر من يساعدني!
أخوكم
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:34 م]ـ
في المذهب الحنفي عليك بكتاب "المذهب الحنفي" لأحمد بن محمد النقيب من مطبوعات مكتبة الرشد
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هذا موضوع جيد
هل من مشايخنا من يتصدي لوضع هذا المنهج والتعرف على مدخل كل مذهب
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:57 ص]ـ
(المدخل إلى مذهبِ أبي حنيفة) ..
المؤلف / أحمد سعيد حوَّى.
ـ[فيصل أيمن]ــــــــ[25 - 11 - 07, 12:59 م]ـ
فضلا، من يصف كتابا رجاء وضع رابط التحميل له-إن وجد-على الشبكة.
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 03:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
نريد معرفة باقي المذاهب بارك الله فيك
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 03:30 ص]ـ
مما يفيدك: المدخل إلى دراسة المذاهب الأربعة , للشيخ الدكتور: عمر سليمان الأشقر.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[30 - 11 - 07, 07:04 م]ـ
رأيت كتاب للشيخ محمد أبو زهرة لاأعلم عنه الاعنوانه وهو (المذاهب الاربعة)
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[07 - 12 - 07, 09:05 م]ـ
مما أملكه في مكتبتي الصغيرة
- اصطلاح المذهب عند المالكية د / محمد ابراهيم أحمد علي من مطبوعات دار البحوث الاسلامية واحياء التراث بدبي ويقع في 660 صفحة
- دليل السالك للمصطلحات والأسماء في فقه الإمام مالك د/ حمدي شلبي 159 صفحة
- مصطلحات المذاهب الفقهية مريم الظفيري دار ابن حزم 457 صفحة
- المذهب عند الشافعية .................
- المدخل لابن بدران الدمشقي الحنبلي
- كتاب المدخل المفصل إلى مذهب الإمام أحمد بكر أبو زيد
ـ[أبو عبدالعزيز الحنبلي]ــــــــ[07 - 12 - 07, 09:40 م]ـ
كنت قد اقتنيت من إحدى معارض الكتاب مجموعة كتيبات صغيرة تمثل مداخل المذاهب الأربعة وهي:
ا1 - المدخل إلى المذهب الحنفي .. أعده (محمد رشاد منصور شمس)
2 - المدخل إلى المذهب المالكي .. أعده (منصور رابح أبو جلول)
3 - المدخل إلى المذهب الشافعي .. أعده (محمد طارق محمد هشام مغربية)
4 - المدخل إلى المذهب الحنبلي .. أعده (منصور رابح أبو جلول)
وكلها طبعة دار النهضة وأظنها سورية ..(87/383)
دراسة الأحاديث والآثار الواردة في ابتداء رمي الجمار أيام التشريق .. د. السعيد
ـ[الرايه]ــــــــ[20 - 11 - 07, 08:28 م]ـ
دراسة الأحاديث والآثار الواردة في ابتداء رمي الجمار أيام التشريق
د / عبدالعزيز بن محمد السعيد
بحث منشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،
العدد الثاني والخمسين ـ 1426 هـ
76صفحة
خطة البحث
الفصل الأول: الأحاديث والآثار التي يستدل بها على أن ابتداء وقت الرمي بعد الزوال، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الأحاديث المرفوعة.
المبحث الثاني: الآثار الموقوفة.
المبحث الثالث: الآثار المقطوعة.
الفصل الثاني: الأحاديث والآثار التي يستدل بها على أن الرمي يصح قبل الزوال، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الأحاديث المرفوعة.
المبحث الثاني: الآثار الموقوفة.
المبحث الثالث: الآثار المقطوعة.
الفصل الثالث: فقه الأحاديث والآثار، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: أقوال العلماء في المسألة.
المبحث الثاني: القول المختار ومرجحاته.
المبحث الثالث: الإجابة عن أدلة المخالفين.
الخاتمة.
(البحث في المرفقات)
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[21 - 11 - 07, 01:39 ص]ـ
جزاك الله خيراً، وبارك فيك، ونفع بك.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 11 - 07, 03:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
((2) أثر أبي معمر، وهو ما رواه عبدالرزاق ـ كما في الاستذكار (13/ 209) ـ قال: أخبرنا معمر عن أبيه قال: ((لا بأس بالرمي يوم النفر ضحى)).
ومعمر ثقة كما تقدم، وأما أبوه فلم أقف له على ترجمة. ()
)
ألا يحتمل بأن الأثر عن طاووس
معمر عن ابن طاووس عن أبيه
وقد جاء
معمر عن أبيه في غير هذا الموضع عند عبد الرزاق
(عبد الرزاق عن معمر عن أبيه والثوري عن عبد الكريم عن مجاهد في قوله فمن تطوع خيرا قالا أطعم مسكينا آخر وقاله بن جريج عن مجاهد)
وهذا أيضا جاء عن طاووس
(عبد الرزاق عن معمر عن أبيه عن بن عباس قال نكاح جديد وطلاق جديد)
وفي الاستذكار
(ذكر عبد الرزاق عن معمر عن أبيه عن طاوس عن بن عباس قال لا يهل أحد بالحج من مكة حتى يروح إلى منى)
انتهى
فائدة
أغلب الآثار المفقودة من مصنف عبد الرزاق في كتاب الحج
وتجد ابن عبد البر يذكر الآثار من مصنف عبد الرزاق في كتاب الحج خاصة وهي غير موجودة في المطبوع
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[22 - 11 - 07, 10:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن ينفع بك، وأن يجعل كل ما تقدمه من خدمات جليلة لطلبة العلم في ميزان حسناتك، وأن يجري لك ثوابها إلى يوم القيامة اللهم آمين.
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[23 - 11 - 07, 05:17 ص]ـ
بارك الله فيك ونفع بك وجزاك عنا خيرا الجزاء ..
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 06:52 م]ـ
نتمنى أن يطبع في غلاف ,, للحاجة إليه ..
ـ[الرايه]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:06 م]ـ
فائدة
أغلب الآثار المفقودة من مصنف عبد الرزاق في كتاب الحج
وتجد ابن عبد البر يذكر الآثار من مصنف عبد الرزاق في كتاب الحج خاصة وهي غير موجودة في المطبوع
هل هي مفقودة من المطبوع فقط
أم
من النسخ الخطية للكتاب؟
وجزاكم الله خير
ـ[بندر التويجري]ــــــــ[17 - 12 - 07, 07:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا على إفادتنا بهذا البحث القيم في بابه، القائم على:
1 ـ الهدوء في الطرح.
2 ـ اعتماد الدليل، وهذا ذكرنا بمنهج السلف، وسؤالهم المعروف: عمن أخذتم هذا؟
3 ـ الترجيحات المنضبطة.
4 ـ العمق في البحث تأصيلا ونقدا.
فشكر الله للدكتور عبد العزيز السعيد هذا البحث، ونتمنى أن تقوم جهة من الجهات بطبعه ونشره لتعم الفائدة، فوجوده في مجلة الجامعة فقط يحرم كثيرا من الناس هذه الفائدة.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 12 - 07, 11:14 ص]ـ
فائدة
أغلب الآثار المفقودة من مصنف عبد الرزاق في كتاب الحج
وتجد ابن عبد البر يذكر الآثار من مصنف عبد الرزاق في كتاب الحج خاصة وهي غير موجودة في المطبوع
فائدة وأي فائدة
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 10 - 09, 01:56 ص]ـ
لتذوق فائدة الشيخ ابن وهب وفقه الله(87/384)
كراهة السجود على كور العمامة
ـ[توبة]ــــــــ[21 - 11 - 07, 03:23 ص]ـ
(لمن يقول بحكم الكراهة)
هل يقاس على ذلك سجود المرأة على مقدمة خمارها -وهو متصل بها-؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[21 - 11 - 07, 06:07 م]ـ
السؤال
هل يجب أن تكون الجبهة مكشوفة عند السجود، وما الحكم فيما لو جاء طرف الخمار على موضع السجود فسجدت عليه؟
الجواب
الأعضاء التى يسجد عليها الإنسان سبعة هى اليدان والركبتان والقدمان والجبهة، وهى كلها من العورة فى الصلاة بالنسبة إلى المرأة يجب سترها على خلاف فى القدمين عند بعض الفقهاء، وذلك فيما عدا الجبهة فلا يجب سترها، لأن الوجه ليس بعورة فى الصلاة. لكن هل يجوز سترها أو لا يجوز؟ الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل قالوا: يجوز سترها بحيث لا تلمس موضع السجود وهى مكشوفة. والإمام الشافعى قال: يجب كشفها ولا يجوز أن يحول بينها وبين موضع السجود حائل.
وعلى رأى الجمهور يجوز السجود على جزء من الملبوس الذى يتحرك بحركة المصلى، كالكم وطرف الثوب وطرف الخمار، وكور العمامة التى يلبسها الرجال. ودليلهم على هذا ما رواه البخارى ومسلم عن أنس قال:
كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود. كما قاسوا الجبهة على بقية أعضاء السجود حيث يصح السجود وهى مستورة.
وممن رخص فى السجود على طرف الثوب عطاء وطاوس من التابعين، وكذلك النخعى والشعبى والأوزاعى، وذلك لاتقاء شدة الحر والبرد من الرمل أو الحصباء التى يسجدون عليها.
ورخص أيضا فى السجود على كور العمامة ومثله -طرف الخمار الحسن البصرى ومكحول وعبد الرحمن بن زيد. وسجد شريح القاضى على برنسه، والبرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دُراعة أو جبة أو مِمْطر أو غيره، وقال الجوهرى: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها فى صدر الإسلام. وهو من البرس -بكسر الباء -وهو القطن والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربى كما فى النهاية لابن الأثير: وما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة فسنده ضعيف، والاستدلال هو القياس على طرف الثوب المتقدم ذكره.
ودليل الشافعى على وجوب كشف الجبهة حديث رواه مسلم عن خباب قال: شكونا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فى جباهنا وأكفنا فلم يُشكنا-يعنى لم يُزل شكوانا بالترخيص بالسجود على حائل يقينا حرارة الأرض -كما قال فى الاستدلال على ذلك: لو سجد على ما هو حامل له لأشبه ما إذا سجد على يديه -أى وضع جبهته على يديه وهو ممنوع.
قال ابن قدامة فى "المغنى ج 1 ص 561، 652": المستحب مباشرة المصلى بالجبهة واليدين ليخرج من الخلاف ويأخذ بالعزيمة.
قال أحمد: لا يعجبنى-أى الستر. إلا فى الحر والبرد. وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة. وكان عبادة بن الصامت إذا قام إلى الصلاة يحسر عمامته، أى يكشف جبهته بإزاحة العمامة عنها. وقال النخعى:
أسجد على جبهتى أحب إلىَّ.
فالخلاصة: أن الجمهور على جواز السجود على طرف الثوب والكم والخمار وكور العمامة، ولكن يكره إلا عند الحاجة كَشدة الحر والبرد فى موضع السجود. أما الشافعى فلا يرى جواز ذلك أبدا، ورخص فى المنديل الذى يحمله فى يده أن يضعه ليسجد عليه، كما رخص فى ستر الجبهة لعذر كجراحة يخاف من نرغ العصابة أو الساتر حصول مشقة.
أما السجود على اليد أو اليدين فلا يجوز، وتبطل الصلاة به عند الجمهور.
وأبو حنيفة رخص فيه مع كراهة.
(فتاوى الأزهر)
ـ[توبة]ــــــــ[21 - 11 - 07, 11:59 م]ـ
جازاكم الله خيرا.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[22 - 11 - 07, 03:28 ص]ـ
وإياكم أختنا الفاضلة.
ـ[الثمالي]ــــــــ[03 - 12 - 07, 12:06 م]ـ
السجود على الطاقية والعمامة ومع لبس القفازين
سؤال:
هل يجوز السجود بالطاقية إذا كانت على موضع السجود في الجبهة؟ وهل يجوز الصلاة بالقفازات؟.
الجواب:
الحمد لله
اتفق العلماء على أن الأفضل للمصلي أن يباشر الأرض بجبهته ويديه عند السجود إلا من عذر.
وقد اختلفوا في وجوب ذلك، فذهب الإمام الشافعي إلى وجوبه، وذهب جمهور العلماء إلى أنه مستحب فقط وليس واجباً.
قال النووي رحمه الله مبينا مذاهب الفقهاء في ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/385)
" فرع في مذاهب العلماء في السجود على كمه وذيله ويده وكور عمامته وغير ذلك مما هو متصل به، قد ذكرنا أن مذهبنا: أنه لا يصح سجوده على شيء من ذلك، وبه قال داود وأحمد في رواية.
وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وإسحاق وأحمد في الرواية الأخرى: يصح، قال صاحب التهذيب: وبه قال أكثر العلماء. واحتج لهم بحديث أنس رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض يبسط ثوبه فيسجد عليه) رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير وهو يتقي الطين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه) رواه ابن حنبل في مسنده. وعن الحسن قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل على عمامته " رواه البيهقي ".
وقال: " العلماء مجمعون على أن المختار مباشرة الجبهة للأرض " انتهى من "المجموع" (3/ 397 - 400).
وقال ابن قدامه رحمه الله: " ولا تجب مباشرة المصلي بشيء من هذه الأعضاء. قال القاضي: إذا سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله، فالصلاة صحيحة رواية واحدة. وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة. وممن رخص في السجود على الثوب في الحر والبرد: عطاء وطاوس والنخعي والشعبي والأوزاعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي.
ورخص في السجود على كور العمامة: الحسن ومكحول وعبد الرحمن بن يزيد. وسجد شريح على برنسه " انتهى من "المغني" (1/ 305).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا سجد المصلي وجعل عمامته وقاية بينه وبين الأرض فما حكم صلاته؟
فأجاب: " صلاة ذلك المصلي صحيحة، ولكن لا ينبغي أن يتخذ العمامة وقاية بينه وبين الأرض إلا من حاجة، مثل: أن تكون الأرض صلبة جدا، أو فيه حجارة تؤذيه، أو شوك ففي هذه الحال لا بأس أن يتقي الأرض بما هو متصل به من عمامة، أو ثوب لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه). فهذا دليل على أن الأولى أن تباشر الجبهة مكان السجود، وأنه لا بأس أن يتقي الإنسان الأرض بشيء متصل به من ثوب، أو عمامة إذا كان محتاجا لذلك لحرارة الأرض، أو لبرودتها، أو لشدتها، إلا أنه يجب أن يلاحظ أنه لابد أن يضع أنفه على الأرض في هذه الحال، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين) " انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/ سؤال رقم 519).
والله أعلم.
ـ[ام سلمان الجزائرية]ــــــــ[21 - 12 - 09, 08:34 م]ـ
للرفع ...
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 01:29 م]ـ
نقل بعض السلف كالأوزاعي وغيره أن الصحابى كانوا يسجدون على كم الثوب وكور العمامة دون كراهة
ـ[ام سلمان الجزائرية]ــــــــ[22 - 12 - 09, 08:51 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
نكاد لا نرى من تلامس جبهته الارض عند سجوده في وقتنا هذا
ومساجدنا كلها مفروشة زرابي
ما القول الراجح في المسألة:
الاستحباب ام الوجوب؟!!!
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 11:59 م]ـ
الأخت أم سلمة الجزائرية وفقك الله
المسألة ليست عن السجود على الحائل المنفصل عن الجسد فهذا جائز بالإجماع
وإنما كلام الإخوة عن الحائل المتصل بالجسد , كطرف العمامة أو طرف الخمار
ـ[العوضي]ــــــــ[23 - 12 - 09, 08:32 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
نكاد لا نرى من تلامس جبهته الارض عند سجوده في وقتنا هذا
ومساجدنا كلها مفروشة زرابي
ما القول الراجح في المسألة:
الاستحباب ام الوجوب؟!!!
عفوا ولكن ما معنى (زرابي)؟
ـ[بو عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 12 - 09, 10:39 ص]ـ
الأخ ابن البجلي حفظنا الله وإياك
يقول مؤلف كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الجزء الأول ما نصه:
(واختلفوا أيضا هل من شرط السجود أن تكون يد الساجد بارزة وموضوعة على الذي يوضع عليها الوجه أم ليس ذلك من شروطه؟ فقال مالك: ذلك من شرط السجود أحسبه شرط تمامه. وقالت جماعة: ليس ذلك من شرط السجود. ومن هذا الباب اختلافهم في السجود على طاقات العمامة، وللناس فيه ثلاثة مذاهب: قول بالمنع، وقول بالجواز، وقول بالفرق بين أن يسجد على طاقات يسيرة من العمامة أو كثيرة، وقول بالفرق بين أن يمس من جبهته الأرض شيء أو لا يمس منها شيء، وهذا الاختلاف كله موجود في المذهب وعند فقهاء الأمصار، ... ) انتهى.
فانظر رحمنا الله وإياك إلى أن العلماء عندهم تفصيل في المسألة وانظر خصوصاً إلى آخر قولين، فإن أحدهما فرَّق بين ما إذا كانت لفافة العمامة قليلة أو كثيرة، والقول الأخير المحكي بين أن يمس من جبهته -أي وهو في حال لبس العمامة- الأرض شيء أو لا يمس منها شيء البتة.
وفي هذين القولين يأتي سؤال الأخت أم سلمان حفظنا الله وإياكم.
كذلك يأتي سؤال آخر في هذين القولين وهو: هل تصح صلاة الإمام الذي يسجد على سجادة (وأحياناً أرى في بعض المساجد أكثر من واحده توضع للإمام) على الرغم من أن المسجد مفروش بالسجادة العادية التي يصلي عليها المأمومين؟
أما عن سؤال الأخ العوضي
فالزرابي تعني البُسُط، كذا قال ابن كثير والقرطبي من قول أبو عبيدة وابن عباس، وانظر في تفسير قول الله عز وجل: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} من سورة الغاشية الآية 16، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/386)
ـ[عبد المحسن الأثري]ــــــــ[24 - 11 - 10, 11:29 م]ـ
قال الإمام البخاري رحمه الله:
باب السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِى شِدَّةِ الْحَرِّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِى كُمِّهِ. اهـ.
صحيح البخاري 2/ 169.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
(قوله باب السجود على الثوب في شدة الحر)
التقييد بشدة الحر للمحافظة على لفظ الحديث وإلا فهو في البرد كذلك. بل القائل بالجواز لا يقيده بالحاجة.
قوله وقال الحسن: كان القوم؛ أي الصحابة؛ كما سيأتي بيانه.
قوله والقلنسوة بفتح القاف واللام وسكون النون وضم المهملة وفتح الواو وقد تبدل ياء مثناة من تحت وقد تبدل ألفا وتفتح السين فيقال قلنساة وقد تحذف النون من هذه بعدها هاء تأنيث: غشاء مبطن يستر به الرأس. قاله: القزاز في شرح الفصيح. وقال ابن هشام: هي التي يقال لها العمامة الشاشية. وفي المحكم: هي من ملابس الرأس معروفة. وقال أبو هلال العسكري: هي التي تغطي بها العمائم وتستر من الشمس والمطر كأنها عنده رأس البرنس.
قوله: ويداه، أي يد كل واحد منهم، وكأنه أراد بتغيير الأسلوب بيان إن كل واحد منهم ما كان يجمع بين السجود على العمامة والقلنسوة معا، لكن في كل حالة كان يسجد ويداه في كمه. ووقع في رواية الكشميهني ويديه في كمه وهو منصوب بفعل مقدر، أي ويجعل يديه.
وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن الحسن أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا يسجدون وايديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته.
وهكذا رواه ابن أبي شيبة من طريق هشام. اهـ.
فتح الباري 1/ 493.
ـ[عبدالله الكناني]ــــــــ[25 - 11 - 10, 03:12 م]ـ
عفوا ولكن ما معنى (زرابي)؟
قال في النهاية في غريب الأثر
({زرب} (س) في حديث بني العنبر [فأخذُوا زِرْبيَّة أُمِّي فأمَر بها فرُدَّت] الزَّربيَّة: الطِّنفِسَة. وقيل البساطُ ذو الخَمْل وتُكسر رايُها وتفتح وتضم وجمعُها زَرَابيُّ)
ـ[عبد الله بن عثمان]ــــــــ[26 - 11 - 10, 01:17 ص]ـ
قد يقال أنّ: الخمار لا يشبه العمامة من جهة ان الخمار غالبا رقيق و العمامة ليست كذلك و الاشكال الذي يرد ان العمامة من غلظتها جعلت الشك في التصاق الجبة بالارض و هذا ليس الخمار , فالتصور للشكلين يبين بعض الشيء(87/387)
التعاريف المهمة لطلاب الهمة
ـ[مداد]ــــــــ[21 - 11 - 07, 08:57 ص]ـ
التعاريف المهمة لطلاب الهمة
أبو عثمان المزيني
أولاً
العبادات
1 - الفقه: معرفة الأحكام العملية بأدلتها التفصيلية.
2 - المذهب:ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلاً به.
3 - الطهارة: ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال الخبث.
4 - الحدث:وصف قائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها.
5 - ارتفاع الحدث: زوال الوصف القائم من الصلاة ونحوها.
6 - معنى ارتفاع الحدث: كل طهارة لا يحصل بها رفع حدث ولا تكون عن حدث.
7 - النجاسة: كل عين يحرم تناولها لا لضررها ولا لاستقذارها ولا لحرمتها.
8 - النجاسة العينية: ماحكم الشارع بنجاسة عينها.
9 - النجاسة الحكمية: الأعيان النجسة اطارئة على محل طاهر.
10 - الماء الطهور: الماء الباقي على خلقته حقيقة وحكمًا.
11 - الماء الطاهر: ما تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بشيء طاهر من غير جنس الماء.
12 - الماء النجس: ما تغير بنجاسة أو لاقاها وهو يسير أو انفصل عن محل نجاسة قبل زوالها.
13 - الدبغ: تنظيف الأذى والقذر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تضاف إلى الماء.
14 - الاستنجاء: إزالة الخارج من السبيلين بماء أو حجر.
15 - الختان للذكر: قطع الجلدة التي فوق الحشفة.
16 - الختان للأنثى: قطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج.
17 - الوضوء: التعبد لله تعالى بغسل الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة.
18 - النية: عزم القلب على فعل الطاعة تقربًا لله تعالى.
19 - الخفين: كل ما يلبس في القدمين من جلد وغيره.
20 - الجبيرة: أخشاب ونحوها تشد على الكسر أو دواء يوضع على الجبيرة.
21 - الغسل: التعبد لله تعالى في استعمال ماء طهور مباح في جميع البدن على وجه مخصوص.
22 - الخنثى: الذي لا يُعلم اذكر هو أم أنثى؟!
23 - التيمم: التعبد لله تعالى بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين.
24 - الحيض: دم طبيعة وجبلة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة يصيب المرأة في أيام معلومة إذا بلغت.
25 - الاستحاضة: سيلان دم في غير أوقاته من مرض وفساد من عرق في أدنى الرحم يسمى العاذل.
26 - المستحاضة: هي التي ترى دمًا لا يصلح أن يكون حيضًا ولا نفاسًا.
27 - النفاس: دم يخرج من المرأة عند أو معها قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق وبعدها بأربعين يومًا.
28 - الصلاة: التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
29 - الأذان: التعبد لله تعالى بالإعلام بدخول وقت الصلاة أو قرب فجر فقط بذكر مخصوص.
30 - الإقامة: التعبد لله تعالى بإعلام القيام للصلاة بذكر مخصوص.
31 - التطوع: كل طاعة ليست بواجبة.
32 - الجمع: ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى.
33 - الكسوف: ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه.
34 - الزكاة: نصيب مقدر شرعًا في مال معين يصرف لطائفة مخصوصة.
35 - الخلطة: اشتراك اثنين فأكثر من أهل الزكاة في نصاب ماشية لهم جميع الحول.
36 - المعدن: كل متولد من الأرض لا من جنسها.
37 - الركاز: ما وجد من دفن الجاهلية أو ممن تقدم من الكفار عليه أو على بعضه علأمة كفر فقط كأسمائهم وأسماء ملوكهم.
38 - عروض التجاة: ما يعد للبيع والشراء من أجل الربح.
39 - زكاة الفطر: هي صدقة واجبة الفطر في آخر رمضان.
40 - الفقراء: هم من لا يجدون شيئًا، أو يجد نصف كفايتها.
41 - المساكين: من يجدون أكثر كفايتهم أو نصفها.
42 - العاملون عليها: هم جباتها وحفاظها.
43 - المؤلفة قلوبهم: من يرجى أسلامه، أو كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه.
44 - الرقاب: المكاتب.
45 - الغارمون: الغارم لإصلاح ذات البين.
46 - في سبيل الله: الغزاة المتطوعة الذين لا ديوان لهم.
47 - ابن السبيل: المسافر المنقطع به.
48 - الصيام: التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
49 - الاعتكاف: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى.
50 - الحج: التعبد لله بأداء المناسك على ما جاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
51 - العمرة: التعبد لله تعالى بالطواف بالبيت وبالصفا والمروة وبالحلق والتقصير.
52 - المواقيت: موضع وأزمنة معينة لعبادة مخصوصة.
53 - المحظورات: ما يحرم على المحرم فعلها شرعًا بسبب الإحرام.
54 - الفدية: ما يجب بسبب الإحرام أو الحرم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/388)
55 - التحلل: إباحة فعل ما كان ممنوعًا على المحرم فعله بعد الإتيان بأفعال التحلل.
56 - جزاء الصيد: ما يستحق بدله من مثله أو قيمته ما لا مثل له.
57 - الطواف: الاستدارة بالكعبة المعظمة سبع مرات وبدأ من الركن الذي فيه الحجر الأسود.
58 - السعي: التردد بين الصفا والمروة سبع مرات، ذهابه سعية ورجوعه سعية، ويبدأ بالصفا ويختم بالمروة.
59 - الفوات: طلوع فجر يوم النحر على من لم يقف بعرفة لعذر أو غيرة.
60 - الإحصار: المنع عن الوصول إلى البيت.
61 - الهدي: ما يهدى للحرم من النعم وغيرها تقربا إلى الله تعالى.
62 - الأضحية: ما يذبح من إبل وبقر وغنم أعلية أيام النحر بسبب العيد تقربا إلى الله تعالى.
63 - العقيقة: الذبحة التي تذبح عن المولود.
64 - الجهاد: قتال الكفار خاصة.
65 - الرباط: لزوم ثغر الجهاد تقوية للمسلمين.
66 - الثغر: المكان الذي يخيف أهله العدو أو يخيفهم.
67 - الهجرة: الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام.
68 - الغنيمة: ما أخذ من مال حربي قهرا بفتال.
69 - الفيء: ما أخذ من مال الكفار بحق من غير قتال أو من مال المسلمين لأسباب مخصوصة.
70 - الأمان: عدم التعرض للكفار بقتل أو رق أو أسر أو أخذ مال.
71 - الهدنة: عقد على ترك القتال مدة معلومة بعوض أو غيره.
72 - عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على عل كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الإسلام.
73 - الجزية: ما يؤخذ من الكفار على وجه الصغار كل عام بدلا من قتلهم وإقامتهم بدارنا.
ثانيًا
المعاملات
1 - البيع: مبادلة مال بمال ولو في الذمة أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا ولا قرض.
2 - الصفقة: أن يجمع ما يصح بيعه وما لا يصح صفقة واحدة بثمن واحد.
3 - الشروط في البيع: إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ماله فيه غرض صحيح، وتعتبر مقارنته للعقد.
4 - العربون: دفع بعض الثمن أو الأجرة بعد العقد.
5 - الخيار: طلب خير الأمرين من فسخ وإمضاء.
6 - الغبن: بيع ما يساوي عشرة بثمانية أو شراء ما يساوي ثمانية بعشرة.
7 - التدليس: كتمان عيب في المبيع عن المشتري.
8 - العيب: ما ينقص قيمة المبيع عادةً.
9 - الأرش: قسط ما بين قيمته صحيحًا ومعيبا من ثمنه.
10 - التولية: البيع برأس المال.
11 - الشركة: بيع بعضه بقسط من الثمن.
12 - المرابحة: بيع بثمنه وربح معلوم.
13 - المواضعة: بيع برأس ماله وخسران معلوم.
14 - الخلف في قدر الثمن: أن يختلف المتعاقدان في قدر الثمن أو الأجرة.
15 - الأصول: الدور والأرض والبساتين ونحوها.
16 - الثمار: الحمل الذي تخرجه الشجرة وإن لم يؤكل.
17 - الإقالة: فسخ أحد المتعاقدين اعقد بعد تمامه ترضية للنادم.
18 - الربا: تفاضل في أشياء، ونساء في أشياء مختص بأشياء ورد الشرع بتحريمها.
19 - ربا الفضل: بيع المكيل أو الموزون بجنسه زائدًا أحدهما عن الآخر.
20 - ربا النسيئة: بيع الكيل أو الموزون بجنسه أو غير جنسه مؤجلاً ليس أحدهما نقدًا.
21 - الجنس: ما له اسم خاص يشمل أنواع كثيرة.
22 - النوع: هو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها.
23 - العرايا: بيع الرطب خرصًا بمثل ما يؤول إليه الرطب إذا جف وصار تمرًا فيما دون خمسة أوسق لمحتاج لرطب ولا ثمن معه، بشرط الحلول والتقابض فبل التفرق.
24 - الصرف: بيع نقد بنقد.
25 - السلم: عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في زمن مجلس العقد.
26 - القرض: دفع مال إرفاقًا لمن ينتفع به ويرد بدله.
27 - الرهن: توثقة دين بعين يمكن أخذه أو بعضه منها أو من ثمنها.
28 - الضمان: التزام جائز التصرف ما وجب أو يجب على غيره مع بقائه على المضمون عنه.
29 - الكفالة: التزام جائز التصرف بإحضار ن عليه حق مالي يصح ضمانه إلى ربه.
30 - الحول: انتقال مال من ذمة إلى ذمة أخرى بدين مماثل.
31 - المليء: القادر على الوفاء وليس مماطل ويمكن حضوره لمجلس العقد.
32 - الصلح: معاقدة يتوصل بها إلى إلى إصلاح بين متخاصمين.
33 - الحجر: منع إنسان من تصرفه في ماله.
34 - المفلس: من دينه أكثر من ماله.
35 - الوكالة: استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة.
36 - الشركة: اجتماع في استحقاق أو تصرف.
37 - شركة العنان: أن يشتك بدنان بمالهما المعلوم ولو متفاوتًا ليعملا فيه ببدنيهما.
38 - شركة المضاربة: أن يدفغ شخص ماله لآخر ليتجر فيه وله جزء من الربح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/389)
39 - شركة الوجوه: أن يشترك اثنان لا مال لهما في ربح ما يشتريانه من الناس في ذممهما بجاههما.
40 - شركة الأبدان: أن يشترك اثنان فيما يكسبان بأبدانهما مما تقبله أحدهما من عمه يلزمه الآخر.
41 - شركة المفاوضة: أن يفوض كل منهما صاحبه كل تصرف مالي أو بدني من أنواع الشركات.
42 - المساقاة: دفع شجر مغروس لمن يقوم بمصالحه بجزء من الثمر.
43 - المزارعة: دفع أرض وحب لمن يزرعه يقوم ويقوم بمصالحه بجزء مشاع من التحصل.
44 - المغارسة: دفع أرض لشخص يغرسها بجزء من الغرس والثمرة تتبع الأصل.
45 - الإجارة: عقد على منفعة معلومة أو عمل معلوم بعوض معلوم.
46 - الأجير الخاص: من قدر نفعه بالزمن.
47 - الأجير المشترك: من قدر نفعه بالعمل.
48 - المسابقة: المجاراة بين الحيوان وغيره.
49 - المناضلة: المسابقة بالرمي.
50 - العارية: العين المأخوذة من مالكها للانتفاع بها بلا عوض.
51 - الغصب: استيلاء غير حربي على حق غيره قهرًا بغير حق.
52 - الشفعة: استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي بثمن الذي استقر عليه العقد.
53 - الوديعة: المال المدفوع لمن يحفظه بلا عوض.
54 - الموات: الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم.
55 - الجعالة: جعل مال معلوم لمن يعمل له عملا مباحًا ولو مجهولاً أو مدة ولو مجهولة.
56 - اللقطة: مال أو مختص ضائع أو ما في معناه لغير حربي.
57 - اللقيط: طفل لا يعرف نسبه أو رقه نبذ أو ضل.
58 - الوقف: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.
59 - الهبة: تبرع جائز التصرف بمال معلوم أو مجهول تعذر علمه موجود مقدور على تسليمه غير واجب في الحياة بلا عوض، بما يعد هبة عرفًا.
60 - الوصية: الأمر بالتصرف بعد الموت أو التبرع بالمال بعده.
61 - الموصى إليه: المأذون له بالتصرف بعد موت الموصي في المال وغيره مما للموصي التصرف فيه حال الحياة مما تخله النيابة.
ثالثًا
الأحوال الشّخصيّة
1 - الفرائض: العلم بقسمة المواريث فقهًا وحسابًا.
2 - الحجب: منع من قلم به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من اوفر حظيه.
3 - العاصب: من يرث بغير تقدير.
4 - ذوي الأرحام: كل قرابة ليست بذي فرض ولا عصبة.
5 - الملة: الدين والشريعة.
6 - الولاء: ثبوت حكم شرعي بسبب العتق أو تعاطي أسبابة.
7 - العتق: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق.
8 - التدبير: تعليق العتق بالموت.
9 - الكتابة: بيع السيد رقيقه نفسه بمال معلوم مباح في ذمته.
10 - أم الولد: من ولدت ن المالك ما فيه صورة ولو كانت خفية.
11 - النكاح: عقد يعتبر فيه لفظ الإنكاح أو التزويج والمعقود عليه منفعة الاستمتاع.
12 - الصداق: العوض المسمى في عقد النكاح وبعده.
13 - تفويض البضع: أن يزوج الأب ابنته المجبرة أو غيرها بإذنها أو يزوج غير الأب موليته بإذنها بلا مهر أو بهر فاسد.
14 - تفويض المهر: أن يزوج الأب ابنته على ما شاءت الزوجة، أو على ما شاء الزوج أو الأجنبي.
15 - الوليمة: اجتماع لطعام عرس خاصة.
16 - العشرة: ما يكون بين الزوجين من الألفة والانضمام.
17 - القسم: توزيع الزمن على الزوجات.
18 - النشوز: معصيتها أياه فيما يجب عليها.
19 - الخلع: فراق الزوج امرأته بعوض يأخذه منها أو من غيرها بألفاظ مخصوصة.
20 - الطلاق: حل قيد النكاح أو بعضه.
21 - سنة الطلاق: ما أتى به الطلق على الوجه المشروع.
22 - بدعة الطلاق: ما أتى به المطلق على الوجه المحرم المنهي عنه.
23 - الاستثناء في الطلاق: إخراج بعض الجملة بإلا أ و ما قام مقامها من متكلم واحد.
24 - الطلاق بالشروط: ترتيب الطلاق على شيء حاصل أو غير حاصل بإن أو إحدى أخواتها.
25 - التأويل: أن يريد بلفظه ما يخاف ظاهره.
26 - الشك في الطلاق: مطلق التردد في وجود لفظ الطلاق أو عدده أو شرطه أو عدده.
27 - الإيلاء: حلف الزوج بالله أو صفته على ترك وطء الزوجة الممكن جماعها في قبلها أكثر من أربعة أشهر.
28 - الظهار: أن يشبه الزوج امرأته أو عضوًا منها بمن تحرم عليه بنسب أو رضاع أو بمن تحرم عليه إلى أمد.
29 - اللعان: الشهادات المؤكدات بأيمان المصحوبة بلعنة وغضب.
30 - العدة: التربص المحدود شرعًا بسبب فرقة نكاح وما ألحق به.
31 - الاستبراء: تربص يقصد به العلم ببراءة الرحم.
32 - الإحداد: ترك ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها من الزينة والطيب ونحوهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/390)
33 - الرضاع: مص من دون الحولين لبنًا ثاب عن حمل أو شربه أو نحوه.
34 - النفقة: كفاية ما يمونه من طعام وكسوة وسكن.
35 - الحضانة: حفظ المحضون بالقيام بمصالحه وحفظه عما يضره.
رابعًا
قسم الإمامة والقضاء والعقوبات
1 - الجناية: التعدي على البدن خاصة بما يوجب قصاصًا أو مالاً.
2 - استيفاء القصاص: فعل مجني عليه أو فعل أو فعل ولي بجانٍ مثل فعله أو شبهه.
3 - العفو: المحو والتجاوز والإسقاط.
4 - ما يوجب قصاصا فيما دون النفس: هو القود فيما ليس بقتل المقود من الجراح وقطع الأعضاء ونحو ذلك.
5 - الدية: المال المدفوع لجني عليه أو وليه لسبب غير مأذون فيه.
6 - الجائفة: هي التي تصل إلى الجوف.
7 - الحكومة: أن يقوم المجني كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم والجناية قد برأت فما نقص من القيمة فله مثل نسبته من الدية.
8 - القسامة: أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم.
9 - الحد: العقوبة المقدرة شرعًا في معصية لتمنع من الوقوع بمثلها وتكفر ذنب صاحبها.
10 - الزنا: في الفاحشة في قبل أو دبر.
11 - القذف: الرمي بالزنا أو اللواط.
12 - المسكر: الذي ينشأ عنه السكر، وهو اختلاط العقل.
13 - التعزير: التأديب.
140 - السرقة: أخذ مال على وجه الاختفاء من مالكه أو نائبه.
15 - قطاع الطرق: الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان يغصبونهم المال المحترم مجاهرة لا سرقة.
16 - البغاة: قوم لهم شوكة ومنعة خرجوا على الإمام بتأويل سائغ.
17 - المرتد: من كفر بعد إسلامه طوعًا.
18 - الأطعمة: كل ما يؤكل ويشرب وأصلها الحل.
19 - الذكاة: ذبح ونحر حيوان مقدور عليه، مأكول بري، أو عقر ممتنع، لا جراد ونحوه.
20 - الصيد: اقتناص حيوان مأكول متوحش طبعًا غير مقدور عليه.
21 - اليمين: تأكيد حكم من أحكام بذكر اسم من أسماء الله تعالى، أو صفة من صفاته.
22 - الاسم الشرعي: ما له موضوع في الشرع وموضوع في اللغة.
23 - الاسم الحقيقي: هو الذي لم يغلب مجازه على حقيقته.
24 - الاسم العرفي: ما اشتهر مجازه فغلب على الحقيقة.
25 - النذر: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئًا غير محال بكل قول يدل عليه.
26 - القضاء: تبين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات.
27 - الحكم: فصل الخصومات.
28 - القسمة: تميز بعض الأنصباء عن بعض، وإفرازها عنها.
29 - قسمة التراضي: ما يحصل بها ضرر على الشركاء أو رد عوض.
30 - قسمة إجبار: ما لا يحصل بها ضرر أو رد عوض.
31 - الدعوى: إضافة إنسان إلى نفسه شيء في يده أوذمته.
32 - الشهادة: الإخبار بما علمه بلفظ أشهد ونحوها.
33 - العدالة: استواء أحواله في دينه، واعتدال أقواله وأفعاله.
34 - المدعي: من إذا سكت تُرك.
35 - المدعى عليه: من إذا لم يسكت لم يُترك.
36 - الإقرار: اعتراف إنسان بما عليه أو على موكله أو موليه أو مورثه بما يمن صدقه بلفظ أو كتابة أو إشارة من أخرس.
37 - الإقرار بالمجمل: ما احتمل أمرين فأكثر على السواء ضد المفسر.
تمّ بحمد الله
والمراجع: الشرح الممتع للعثيمين - زاد المستقنع للحجاوي - دليل الطالب للكرمي - تلخيص مختصر المقنع لمحمد عبدالوهاب الفارس - المجلى في الفقه الحنبلي للأشقر.
http://saaid.net/bahoth/45.htm
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:58 ص]ـ
جزاك الله خيراً على النقل المفيد المختصر
ـ[ماجد العتيبي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 11:00 ص]ـ
جزاك الله خير وكتب اجرك
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 02:46 م]ـ
بارك الله فيكم(87/391)
أبحث عن معلومات حول منظومة الكنز وشرحها للمقدسي (فقه حنفي)؟
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[21 - 11 - 07, 11:42 ص]ـ
وقد ذكرها الرافعي في أحد تقريراته على حاشية ابن عابدين ونقل منها, وأحتاج للرجوع إليها, فأين أجدها (مخطوطة أو مطبوعة .. آلخ) , وأقدر أي معلومة عنها
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:31 م]ـ
أما نظم الكنز فهو «مُستَحْسن الطرائق في نظم كنز الدقائق» لأحمد بن علي بن أحمد، الهمداني، المعروف بـ "ابن الفصيح" المتوفى سنة 755ه.
أما الشرح فهو الموسوم بـ "أوضح رمز على نظم الكنز" لابن غانم.
هكذا سمّي في خطبة النسخة التي هي منقولة عن نسخة المؤلف وفي كشف الظنون وهدية العارفين ومعجم المؤلفين.
أما الأعلام ومعجم المطبوعات وخلاصة الأثر ففيها كلها «الرمز في شرح نظم الكنز» والأول أصح.
قال المؤلف في خطبته:” الحمد لله العلي العظيم، والصلاة والتسليم على سيدنا محمد الرسول الكريم، وآله وصحبه وتابعيهم على المنهج القويم، وبعد:
فهذا أوضح رمز على نظم الكنز، للعلامة الشهير بابن الفصيح، قصدتُ فيه تمامَ التوضيح ومزيدَ التهذيب والتنقيح، والتنبيهَ على ما فيه من الغلط الصريح، وزيادةَ ما غفل عنه، وقد وجدتُ نسخةً بخط المصنف، مفقودًا منها كثيرٌ من المسائل التي في الكنز، فنظمتُها وألحقتُها فيه، بل باب الأشربة جميعه مفقود منها فألحقتُها ... الخ.“
والكتاب ما زال مخطوطا، له نسخة منقولة عن نسخة المؤلف ومقابلة عليها في الأزهرية
وهي موجودة عندي
يمكن المراسلة على الخاص إذا كنت تريد نقلا معينا
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:57 م]ـ
وجدت أحد الأخوة في الملتقى رفع مخطوط النظم:
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70431
وشرح أوضح رمز على نظم الكنز:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39231
فجزاه الله خيرا
وللأخ لأبو محمد الأفريقي: هل هذا الذي رفعه الأخ نفس المخطوط الذي عندك, وهل هو كامل؟
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 05:04 م]ـ
نعم هو الملجد الاول من النسخة التي عندي
عندي الأول والثاني فقط
وكتاب الجنايات - التي تريد- في المجلد الرابع!
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 04:21 ص]ـ
الحمد لله على كل حال
إذا الثالث والرابع مفقود أم ماذا؟؟
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 04:48 ص]ـ
هما موجودان في مكتبة الأزهر ولم يكونا على الموقع
وهما موجودان في السعودية كما ذكرت في رسالة خاصة بعثتها إليك
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 07:06 ص]ـ
أجزل الله لك المثوبة يا أبا محمد, ونفع الله بك ووفقنا وأياك لكل خير
ـ[السمرقندي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 09:42 م]ـ
الأخ أبا محمد الأفريقي
جزاكم الله خيرا على هذه المشاركة.
و كنت أود أن أسأل هل تقدر تبعث لي نسخة عما عندك من منظومة الكنز؟
و السلام
ـ[السمرقندي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 09:44 م]ـ
السلام عليكم أبا فاطمة.
أخي إذا كنت حققت المنظومة و طبعتها فأعلمنا من فضلك فإننا مجموعة طلاب العلم بدأنا في دراسة الكنز و من المفيد أن نحفظ المنظومة.
و السلام
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[09 - 12 - 07, 08:12 م]ـ
أخي السمرقندي ليس عندي نية لذلك, والحنفية أولى به إن كان سيعمل, وإنما أريد الوقوف على بعض النقول فيه لغرض البحث والفائدة ..
أسأل الله لكم التوفيق
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[11 - 12 - 07, 05:05 ص]ـ
بعض طلبة العلم في دمشق كان يعمل عليها، ولا أعرف إن طبعها أم لا.
ـ[السمرقندي]ــــــــ[11 - 12 - 07, 02:28 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
شكرا للإخوة على المشاركات الطيبة.
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[30 - 03 - 09, 05:30 م]ـ
السلام عليكم,
الإخوة الكرام و لا سيما أبو محمد بارك الله فيه: قلت أن الشرح لابن غانم وأنه هو المقدسي, وقد وجدت في الموسوعة الفقهية الكويتية عندما ذكروا المسالة التي أبحث فيها نقلوا عن الشرح فقالوا:
وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَال بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْكَنْزِ.
فهل ابن غانم هذا مقدسي أم طرسوسي؟؟ احترت.
وهل أخطأ أصحاب الموسوعة ووقعوا في الوهم, فبعد هذا الكلام نقلوا كلاما لأبي بكر الطرسوسي في أخبار الخلفاء المتقدمين؟! فهل خلطوا بين النقلين وجعلوا صاحبهما واحد.
أيضا متى توفي المقدسي, ومن هو الطرسوسي ومتى توفي؟ - إن كان أصحاب الموسوعة لم يهموا -
جزاك الله خيرا
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[30 - 03 - 09, 05:37 م]ـ
وعبد العزيز عامر في كتابه (التعزير في الشريعة الإسلامية) يقول: " وهذا هو الذي قال به الطرابلسي في شرح منظومة الكنز " ص441.
وأنا يهمني معرفة القائل بالقول مع تاريخ وفاته, لأني أريد تتبع أول من قال بعدم التفويض, والآن عند الطرابلسي والمقدسي والطرسوسي, فمن منهم القائل وما تاريخ وفاته؟؟
أريد حلا!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/392)
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[30 - 03 - 09, 06:33 م]ـ
وعليكم السلام
نقلت الموسوعة هذا النص عن السندي فأخطأت في تسمية كتاب السندي فإنه "طوالع الأنوار" لا "مطالع الأنوار" كما أخطأت في تسمية شارح الكنز بـ "الطرسوسي" بيننا المثبت في الصفحة المنقولة عنها من طوالع الأنوار هو "الطرابلسي"
وقد قال ابن عابدين في حاشيته في مسألة أخرى:
رد المحتار - ط. بابي الحلبي - (1/ 367)
"ونقل بعضهم مثله عن شرح نظم الكنز للشيخ موسى الطرابلسي"
فاستفدنا أن الكتاب للشيخ موسى الطرابلسي
ولكن لم أقف على ترجمة له
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[30 - 03 - 09, 07:55 م]ـ
جزاك الله خيرا على الإفادة, لكن الطرابلسي هذا هل هو نفس ابن غانم المقدسي أم آخر؟
وهل بإمكانك تحديد تاريخ تقريبي لوفاته أو من أي قرن هو؟
ثم هل تتكرم بمزيد من الفضل وتنقل الكلام الموجود في كتاب السندي لأني لا يتيسر لي الوقوف على مخطوطه.
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[30 - 03 - 09, 08:34 م]ـ
يبدو أن موسى الطرابلسي شارح آخر للكنز, فالمقدسي كما في مواضع من حاشية ابن عابدين هو نور الدين علي المقدسي.
عبد العزيز عامر لم يذكر مصدر أو إحالة تثبت أن الشارح الذي نقل عنه القول بعدم التفويض في حاشية ابن عابدين هو الطرابلسي وليس المقدسي.
هل عندك أخي أبو محمد معلومات عن شرح نظم الكنز للطرابلسي؟ هل هو مخطوط أو مفقود أو ماذا؟
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[31 - 03 - 09, 07:23 ص]ـ
عبد العزيز عامر لم يذكر مصدر أو إحالة تثبت أن الشارح الذي نقل عنه القول بعدم التفويض في حاشية ابن عابدين هو الطرابلسي وليس المقدسي.
لعله وهم ..
علق الشيخ عبد القادر الرافعي صاحب التقريرات على حاشية ابن عابدين قائلا: " لكن قال المقدسي في شرح منظومة الكنز، والذي ينبغي أن يعول عليه الأول، يعني عدم التفويض إلى رأي القاضي في هذا الزمن ". فصرح أن صاحب هذا الرأي هو المقدسي ابن غانم, المتوفي سنة 1004 هـ
ـ[أبو محمد الإفريقي]ــــــــ[31 - 03 - 09, 12:28 م]ـ
وعليكم السلام
لعله خطأ مطبعي في تقريرات الرافعي، فإن الظاهر أن الرافعي نقله بالحرف عن السندي في الطوالع وعندي صورة من نسخة الرافعي للطوالع والمثبت فيه "الطرابلسي" لا "المقدسي"
وثانيا وجدت كتاب الجنايات في المجلد الثاني من نسخة الأزهر لشرح المقدسي وقد طالعت باب التعزيز كاملا فلم أجد النص فيه(87/393)
مجمع الفقه الإسلامي في الهند، ومجمع علماء الشريعة بأمريكا، والمجمع الأوربي
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[21 - 11 - 07, 01:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: فلا يخفى على مشائخنا في هذا الملتقى المبارك ما لمجمع الفقه الإسلامي في الهند ومجمع علماء الشريعة بأمريكا والمجمع الأوربي من بحوث وقرارات مهمة وجيدة فأرجو ممن يجدها أو تكون عنده أن يتحفنا بها وجزاه الله عنا خيرا.
ملاحظة: أنما خصصت هذه المجامع لكثرة الجهل بها، ولأن قراراتها لم تنتشر كبقية المجامع الفقهية.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:09 م]ـ
وعليكم السلام
هذا موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا
http://www.amjaonline.com/arabic/
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[22 - 11 - 07, 01:28 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك.
ـ[أبو إلياس الرباطي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 11:55 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك.(87/394)
موسوعة القواعد الفقهية للبورنو
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[21 - 11 - 07, 08:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل موسوعة القواعد الفقهية للبورنو موجودة على الشبكة،أرجو وضع رابط إن وجد.
وشكر الله لكم.
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل موسوعة القواعد الفقهية للبورنو موجودة على الشبكة،أرجو وضع رابط إن وجد.
وشكر الله لكم.
إليك ما طلبت، فادع لنا وعامة المسلمين.
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=1365&page=2 (http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=1365&page=7)
ـ[كريم أحمد]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:51 م]ـ
أو من هنا (مدمجة في 4 مجلدات):
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=13&book=1285
ـ[عبد الله بن آدم]ــــــــ[22 - 11 - 07, 01:23 م]ـ
جزاكما الله خيراً ونفع بكما الإسلام والمسلمين(87/395)
ميراث الأولاد غير الشرعيين
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:14 م]ـ
هلكت عن زوج وابن غير شرعي؟
هلك عن زوجة وابن غير شرعي؟
وهذه أمور منتشرة في الغرب بين المسلمين الجدد.
نسأل الله السلامة.
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 09:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وابن الزنا وابن الملاعنة لا توارث بينهما وبين أبويهما بإجماع المسلمين لانتفاء النسب الشرعي. وإنما التوارث بينهما وبين أميهما.
فعن ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق النبي بينهما وألحق الولد بالمرأة.
رواه البخاري وأبو داود. ولفظه " جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث ابن الملاعنة لامه ولورثتها من بعدها "
والله أعلم - عن الشاملة - كتاب فقه السنة-
ومن الأدلة على ذلك - أنه لا يرث أباه من الزنا - قوله عليه الصلاة والسلام: الولد للفراش
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:54 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك أخي عبدالباسط.
ليت الإخوة يساهمون في الموضوع.
ماذا عن قول بعض أهل العلم إن ابن الزنا يرث بالفرض فقط ولا يعصب غيره؟
وماذا عن حجبه لغيره ... الخ.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وابن الزنا وابن الملاعنة لا توارث بينهما وبين أبويهما بإجماع المسلمين لانتفاء النسب الشرعي.
هذا يحتاج لتفصيل لأن بإمكان الأب استلحاق ابنه من الزنا إذا لم ينازعه أحد كما فعل أبو سفيان رضي الله عنه مع زياد بن سمية
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:25 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل: محمد الأمين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:وذكر - أي الإما أحمد - أن ولد الزنا يلحق بأبيه الزاني إذا استلحقه عند طائفة من العلماء وأن عمر بن الخطاب ألاط - أي ألحق - أولاد الجاهلية بآبائهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
هذا إذا كان للمرأة زوج وأما البغي التي لا زوج لها ففي استلحاق الزاني ولده منها نزاع وبنت الملاعنة لاتباح للملاعن عند عامة العلماء وليس فيه إلا نزاع شاذ مع أن نسبها ينقطع من أبيها ولكن لو استلحقها للحقته وهما لا يتوارثان باتفاق الأئمة وهذا لأن النسب تتبعض أحكامه فقد يكون الرجل ابنا في بعض الأحكام دون بعض فابن الملاعنة ليس بابن لايرث ولا يورث وهو ابن في باب النكاح تحرم بنت الملاعنة على الأب والله سبحانه وتعالى حرم من الرضاعة ما يحرم من النسب فلا يحل للرجل أن تتزوج بنته من الرضاعة ولا أخته مع أنه لا يثبت في حقها من أحكام النسب لا ارث ولا عقل ولا ولاية ولا نفقة ولا غير ذلك وإنما تثبت في حقها حرمة النكاح والمحرمية.
مجموع الفتاوى (32|139)(87/396)
من هو أفقه علماء مصر الآن
ـ[أبو النفير]ــــــــ[22 - 11 - 07, 05:27 م]ـ
أريد أن أعلم من إخوتي الباحثين وطلبة العلم من هو أفقه علماء مصر في هذا الزمان ومن هو أفقه علماء المسلمين على الإطلاق في هذا الزمان ولكن أرجو ان يكون الرأي موضوعيا وليس لمجرد التعصب لشيخ أو لهوى
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[22 - 11 - 07, 05:51 م]ـ
أعلم شيخ في مصر هو شيخ كل طالب علم!!
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[22 - 11 - 07, 06:08 م]ـ
أحب أن أستغل هذه الفرصة وهذا السؤال بذكر الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ولا يعرفه الكثيرون وهو من أعظم المحدثين في هذه الأمة ...
ولعل من بعده الشيخ أبو اسحاق الحويني والعلم عند الله ...
ولعل في الفقه يكون الشيخ محمد عبد المقصود في مصر ...
ـ[ابو عمر وصهيب]ــــــــ[22 - 11 - 07, 07:13 م]ـ
نسأل الله الخشية مع العلم
والجميع نحسبه على خير
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[22 - 11 - 07, 07:14 م]ـ
أخي الكريم، لم تسأل هذا السؤال؟(87/397)
مسأل هل على المتمتع سعي أم اثنين؟؟
ـ[أبو مالك الشيباني]ــــــــ[22 - 11 - 07, 08:31 م]ـ
مسأل هل على المتمتع سعي أم اثنين؟؟
قال الشيخ الطريفي في كتابه شرح حديث جابر الطويل ... :
بالنسبة للتمتع، السعي الذي سعاه مع عمرته وتحلل منها هل يجزئه فلا يسعى سعياً آخر بعد بعد طوافه؟
على خلاف عند أهل العلم والمترجح أنه لا يجب عليه أن يسعى سعياً آخر وهذا هو المروي عن الإمام احمد ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الذي تعضده الأدلة بعد جمعها والنظر فيها أن المتمتع لا يجب في حقه إلا سعي واحد فإذا قدم من منى بعد إفاضته من مزدلفة يأتي إلى منى ويطوف طواف الحج، وهو ركن في حق المتمتع والمفرد والقارن.
انتهى كلام الشيخ
ماهي أدلة من يقول أن علية سعيين و من يقول أن عليه سعي واحد
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[23 - 11 - 07, 11:49 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=46353&highlight=%C7%E1%E3%CA%E3%CA%DA+%D3%DA%ED%C7%E4
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69608&highlight=%C7%E1%E3%CA%E3%CA%DA+%D3%DA%ED%C7%E4
ـ[أبو مالك الشيباني]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:37 م]ـ
جزاك الله خيرا
بحث في حكم السعي الثاني للمتمتع وأنه ليس بواجب!!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
- أولاً: كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في "منسكه" ص 80 [طبعة دار عالم الفوائد]: ((ثم يسعى بعد ذلك سعي الحج, وليس على المفرد إلا سعي واحد, وكذلك القارن عند جمهور العلماء, وكذلك المتمتع في أصحِّ أقوالهم, وهو أصح الروايتين عند أحمد, وليس عليه إلا سعي واحد,
لم?فإن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي يطوفوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف [أي: الوقوف بعرفة. حاشية الأصل] , فإذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه ذلك, كما يجزئ المفرد والقارن,
وكذلك قال عبدالله بن أحمد بن حنبل, قيل لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين - يعني بالبيت وبين الصفا والمروة – فهو أجود, وإن طاف طوافاً واحدا فلا بأس, وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي.
وقال أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم, حدثنا الأوزاعي, عن عطاء, عن ابن عباس, أنه كان يقول: المفرد والمتمتع يجزئه طوافٌ بالبيت, وسعيٌ بين الصفا والمروة.
وقد اختلفوا في , مع اتفاق الناس على أنهم طافوا أولا بالبيت, وبين?الصحابة المتمتعين مع النبي الصفا والمروة.
ولما رجعوا مِن عرفة قيل: إنهم سعوا أيضاً بعد طواف الإفاضة, ?وقيل: لم يسعوا, وهذا هو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر, قال: لم يطف النبي وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا, طوافه الأول.
وقد رُوي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين, لكن هذه الزيادة قيل إنها من قول الزهري, لا من قول عائشة, وقد احتجَّ بها بعضهم على أنه يُستحبُّ طوافان بالبيت, وهذا ضعيف, الأظهر ما في حديث جابر, ويُؤيده قوله: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)) فالمتمتع مِن حين أحرم بالعمرة دخل بالحج, لكنه فُصِلَ بتحلل ليكون أيسر على الحاج, وأحبُّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة)) ا. هـ كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
- ثانياً: كلام الشيخ إسحق بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله:
((سُئِل الشيخ إسحق بن عبدالرحمن بن حسن عن المتمتع, هل يكفيه سعي واحد؟ أم يجب عليه سعيان؟
فأجاب: المتمتع يكفيه سعي واحد, وعليه جمعٌ من الصحابة والتابعين ومن بعدهم, وإن كان كثير من العلماء اختار أن عليه سعيين, لكن من زعم أن تركه ذلك مخلٌّ بالحج فقد أبعد عن الصواب, فلعله ظن أنَّ جعل الأصحاب السعي للعمرة من أركانها يقتضي فساد الحج, وهذا خطأ؛ لأنَّ مرادهم العمرة المطلقة, أما المتمتع فلم يقصدوه, وإنما قالوا: ويسعى المتمتع سعيين, والخلاف في هذه المسألة مشهور, حتى ذكر الشيخ تقي الدين في منسكه الأخير أنه أصح قولي العلماء, وأصح الروايتين عن أحمد رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/398)
لم يطوفوا بين الصفا?وذكر أن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي والمروة إلا مرةً واحدة, وساق ما رواه أحمد بسنده إلى ابن عباس أن المفرد والقارن والمتمتع يجزئه طوافٌ بالبيت وسعيٌ بين الصفا والمروة, وذكر ما ثبت في صحيح مسلم عن وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً, طوافه?جابر, قال: لم يطف النبي الأول, وردَّ ما روي عن عائشة أنهم طافوا طوافين, وذكر أنه زيادة في آخر الحديث من قول بعض الرواة, وكلامه في هذه المسألة وكلام تلميذه وغيرهما من المحققين معروف, والدليل معهم ظاهر بحمد الله.
فالمنكر في الحقيقة إنما أنكر على السلف, ومَن أَلِفَ العادة مِن غير بصيرةٍ ولا ورعٍ استنكر الحق, ولو قال هذا خلاف ما عليه العمل, أو أن الفتوى على خلافه لكان أسهل, فالحق الذي لا مرية فيه أن مثل هذا إذا صدر مِن طلبة العلم فالإنكارُ عليه والتَّشديد في أمره إنكارٌ في الحقيقة على من عمل به من الصحابة فمن بعدهم)) ا. هـ. كلام الشيخ إسحق رحمه الله [الدرر السنية 5/ 385].
- ثالثاً: كلام فضيلة الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان - حفظه الله -:
قال حفظه الله في كتابه "النكت العلمية على الروضة الندية" ص 323, النكتة: (296):
((قال المصنف [أي صديق حسن خان صاحب الروضة الندية]:
قال في المسوى: والتحقيق في هذه مِن أنه?المسألة: أنَّ الصحابة لم يختلفوا في حكاية ما شاهدوه مِن أفعال النبي أحرم مِن ذي الحليفة, وطاف أول ما قدم, وسعى بين الصفا والمروة, ثم خرج يوم التروية إلى منى, ورمى ونحر وحلق, ثم طاف طواف الزيارة, ثم رمى الجمار في الأيام الثلاثة, وإنما اختلفوا في التعبير عما فعل باجتهادهم وآرائهم.
فقال بعضهم: كان ذلك حجاً مفرداً, وكان الطواف الأول للقدوم, والسعي لأجل الحج, وكان بقاؤه على الإحرام لأنه قصد الحج.
وقال بعضهم: كان ذلك تمتعاً بسوق الهدي, وكان الطواف الأول للعمرة, كأنهم سموا طواف القدوم والسعي بعده عمرة, وإن كان للحج, وكان بقاؤه على الإحرام لأنه كان متمتعاً بسوق الهدي.
وقال بعضهم: كان ذلك قراناً, والقران لا يحتاج إلى طوافين وسعيين.
وهذا الاختلاف سبيله سبيل الاختلاف في الاجتهاديات.
أما أنه سعى تارة أخرى بعد طواف الزيارة - سواء قيل بالتمتع أو القران – فإنه لم يثبت في الروايات المشهورة, بل ثبت عن جابر أنه لم يَسْعَ بعده. انتهى.
قال الفقير إلى عفو ربه [أي الشيخ عبدالله]:
وهذا هو الأرجح, سواء كان قارنا أو مفردا أو متمتعا, وذلك لوجوه:
الأول: أن الله تبارك ?وتعالى لم يذكر بعد الوقوف بعرفة وقضاء التفث إلا الطواف بالبيت؛ قال تعالى: , ولم يذكر السعي بين الصفا والمروة.?وليطوفوا بالبيت العتيق
الثاني: باتفاق أهل المعرفة والتحقيق لم يسع إلا?أن النبي سعيه الأول, وقد قال: ((خذوا عني مناسككم)) , ولو كان السعي بعد الوقوف بعرفة.?واجباً على المتمتع دون غيره لأمر به وبينه للأمة, ولم يفعل
الثالث: أنه قد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر - حينما أمرهم بالتحلل -: (فأتينا النساء ومسسنا الطيب, فلما كان اليوم الثامن وأحرمنا?النبي بالحج, وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة).
الرابع: أنه قد ثبت عن ابن عباس أنه قال: (يكفي المتمتع المفرد سعي واحد) [صح عن ابن عمر أنه طاف لهما طوافاً واحدا. ابن أبي شيبة (14325).حاشية الأصل].
الخامس: أن طاووس - تلميذ بين الصفا والمروة) [أخرجه?ابن عباس -: (أقسم أنه لم يطف أحد من أصحاب النبي ابن أبي شيبة (14320).حاشية الأصل].
قال الحافظ: (وهذا إسناد صحيح) [الفتح (3/ 579). حاشية الأصل].
فإن قيل: فما الجواب على حديث عائشة , وفيه: (وأما الذين حلوا فطافوا طوافاً آخر)؟
فالجواب: أن هذه الزيادة في هذا الحديث قد أعلها كبار أهل العلم كالإمام أحمد وابن تيمية بأنها مدرجة وليست من الحديث, وعلى فرض ثبوتها فقد اختلف العلماء على أقوال ثلاثة في مرادها من قولها: (فطافوا طوافاً آخر).
وعلى فرض أن مرادها: السعي الآخر؛ فقد تعارض قولها وقول جابر وابن عباس, ولا بد من تقديم أحدهما على الآخر.
فجابر يتحدث عن نفسه حيث كان متمتعا؛ ومن كان مثله؛ فينفي السعي الآخر, وأما هي فهي تتحدث عن غيرها؛ لأنها كانت قارنة, ولا ريب أن صاحب النسك أعلم به من غيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/399)
فإن قيل فما الجواب على أثر ابن عباس الذي علقه البخاري [كتاب الحج رقم: 1572.حاشية الأصل] , وفيه: (أنهم لما رجعوا من عرفة طافوا بين الصفا والمروة)؟
فالجواب عليه من وجوه:
الأول: ضعف إسناده [انظر الفتح 3/ 507.حاشية الأصل].
الثاني: على فرض لهم على ذلك, وهذا يدل على الاستحباب لا على?ثبوته, فإن غاية ما فيه إقرار النبي ومن تطوع خيراً فإنَّ الله شاكر عليم?الوجوب, وعليه يُحمل قول الله تبارك وتعالى: , وإلى هذا ذهب الإمام أحمد حيث قال?: (أعجبُ إليَّ أن يسعى المتمتع سعياً آخر) , وبهذا أخذ شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد راجعتُ محقق العصر " وجوب السعي الآخر على?الألباني رحمه الله في هذه المسألة حيث قرر في "حجة النبي المتمتع , فرجع عن القول بالوجوب إلى الاستحباب, وهذا من إنصافه رحمه الله)) ا. هـ. كلام الشيخ عبدالله حفظه الله.
رابعاً: وهذا بحث للشيخ سعيد بن هليل الشمري حفظه الله في هذه المسألة أخذته من موقع بوابة العلم:
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الأخ الفاضل / الشيخ / علي بن عبد الرحيم الغامدي وفقه الله لطاعته وبصرنا وإياه بالحق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
فقد أشرت علي أن أنظر في حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه وأثر ابن عباس المعلق في صحيح البخاري بشأن سعي المتمتع. فأقول وبالله التوفيق أما حديث عائشة وقولها ـ (ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) فلعلماء السلف في فهمه أقوال منها: ما اختاره شيخ الإسلام أنه من كلام الزهري أما الإمام أحمد فقد فهم منه طواف قدوم للحاج بعد عرفة حيث قال استحب للمتمتع أولاً إذا رجع من منى أن يطوف أولاً للقدوم ثم يطوف طواف الفرض
الفتاوى (40 - 26).
ومنها أنه سعي ثانٍ على المتمتع. ومنها أنه مستحب قال عبد الله بن الإمام أحمد: قلت لأبي المتمتع يسعى بين الصفا والمروة قال: إن طاف طوافين فهو أجود وإن طاف طوافاً واحداً فلا بأس الفتاوى (38 - 26).
ومنها: أنه لا يستحب قال شيخ الإسلام لما نقل أقوال الإمام أحمد في التفريق بين القارن والمتمتع: وقول أن المتمتع لا يستحب له طواف القدوم (يعني إذا رجع من منى) هذا هو الصواب بل ولا يستحب له سعي ثان فإن الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يسعوا إلا مرة واحدة. الفتاوى (36 - 26).
هذا مجمل ما فُهم من حديث عائشة، إذاً هو حديث لا يدل على المقصود بحال لاختلاف فهم أهل العلم له لعدم صراحته.
أما أثر ابن عباس فهو معلق ولا يخفى عليكم حكم المعلق، وتكلم الحافظ ابن حجر في أحد رجاله وهو (عثمان بن غياث) ومن وصله من الرواة قالوا عثمان بن سعد وعثمان بن سعد قال الحافظ في الفتح (507 - 3) .. ضعيف، إذاً هو أثر في سنده اضطراب. وأيضا قال شيخ الإسلام: فيه عله. الفتاوى (41 - 26). ولكن روى الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال: المتمتع والقارن والمفرد يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة، وهذا هو المشهور عن ابن عباس لصحة سنده ولعمل الصحابة بمقتضاه.
ثم ما الموجب للتعلق بهذين الأثرين مع ما فيهما، والإعراض عن النصوص الصريحة كحديث جابر في مسلم قال: تمتعنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ... إلى أن قال: فكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة وبالإجماع فإن جابر بن عبد الله من المتمتعين.
وفي لفظ في مسلم: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لصفية: أحابستنا هي؟ قالوا إنها أفاضت يا رسول الله، قال: فلتنفر إذاً.
وقال الإمام أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقول المفرد والمتمتع يجزئه طواف بالبيت وسعي بين الصفاء والمروة.
قال شيخ الإسلام الفتاوى (138 - 26) فإذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه ذلك كما بجزيء المفرد والقارن.
وكذلك قال عبد الله بن أحمد بن حنبل قيل لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين يعني بالبيت وبين الصفا والمروة فهو أجود وإن طاف طوافاً واحداً فلا بأس وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي. الفتاوى (138 - 26)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/400)
وقال شيخ الإسلام: وقد اختلفوا في الصحابة المتمتعين مع النبي صلى الله عليه وسلم مع اتفاق الناس على أنهم طافوا أولاً بالبيت وبين الصفا والمروة.
لما رجعوا من عرفة قيل أنهم سعوا أيضا بعد طواف الإفاضة وقيل لم يسعوا وهذا هو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر قال: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول.
وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين لكن هذه الزيادة قيل أنها من قول الزهري لا من قول عائشة، وقد احتج بها بعضهم على أنه يستحب الطوافان في البيت. وهذا ضعيف، والأظهر ما في حديث جابر ويؤيده قوله: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) فالمتمتع من حيث أحرم بالعمرة دخل في الحج لكنه فصل بتحلل ليكون أيسر على الحاج وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.
الفتاوى (139 - 26).
وقال سملة بن كهيل: حلف لي طاووس أنه لم يسع أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة بعد أن رجعوا من منى. أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
فما الرد أخي الفاضل على هذه النصوص الصريحة الصحيحة؟
قال شيخ الإسلام: وكذلك السعي عن أحمد في أنص الروايتين عنه لا يوجب على المتمتع إلا سعياً واحدا. الفتاوى (197 - 26).
أخي الفاضل، أن طالب العلم إذا نشأ على مذهب معين قد تربى عليه طول عمره ثم عرضت عليه مسالة من مسائل النزاع بنى على ما عنده!!
قال شيخ الإسلام: وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع وإنما الحجة النص والإجماع ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشريعة ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية ومن تربى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسر أو يتعذر إقامة الحجة عليه، ومن كان لا يفرق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم مثل المحدث عن غيره والشاهد على غيره لا يكون حاكما، والناقل المجرد يكون حاكياً لا مفتيا. الفتاوى (203 - 26).
أما قول بعض الجهلة المقلدين: إنكم خالفتم المفتى به في هذا الزمان، فنقول: إن الإمامين الجليلين العالمين الربانيين ابن باز وابن عثيمين. قدس الله أرواحهم في الجنة قد اختلفوا في طواف المحدث حدثاَ أصغر، فالشيخ ابن باز رحمه الله يشترط الطهارة ويلزم من هذا أنه إن طاف محدثاً لم يتم حجه لأنه طاف طواف الإفاضة وهو محدث ولو جامع زوجته جامعها وهو محرم ... إلى غير ذلك من اللوازم، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله وافق شيخ الإسلام في صحة طوافه مع الحدث الأصغر وانتفاء تلك اللوازم وكذلك الشيخ ابن باز _ رحمه الله وافق شيخ الإسلام في طواف الحائض عند الضرورة.
وهذا الشيخ عبد الله ابن حبرين. يفتي بجواز الرمي قبل الزوال يوم الثاني عشر موافقة لجمع من الأئمة المتقدمين، وقد صح الأثر عن عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه أنه رمى قبل الزوال. فعلى أولئك الجهلة المقلدين أن يعظموا النصوص وأن يبحثوا عن الحق كما قال الإمام أحمد رحمه الله: لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً وخذوا من حيث أخذنا.
أخي الفاضل آمل إطلاع الإخوة المشاركين على هذه الرسالة الموجزة وأخص الشيخ الدكتور صالح الغزالي لأني رأيته معظماً للنصوص ..
زادنا الله وإياكم هدى وتوفيقاً وعلماً.
أخوكم / أبو طارق سعيد بن هليل العمر الشمري
مدير المعهد العلمي في حائل
15/ 12/1423هـ
منقول للفائدة(87/401)
ما حكم إسكات الناس للاستماع إلى المؤذن؟
ـ[سعد السويلم]ــــــــ[23 - 11 - 07, 09:03 ص]ـ
بعض الناس يكون في مجلس أو اجتماع ونحوه فيؤذن المؤذن فيأمر الناس بالإنصات للمؤذن، فهل إسكاتهم مشروع؟ وهل يمكن الجمع بين متابعة المؤذن والناس يتكلمون؟
نحن نعلم فضل متابعة المؤذن، لكن وردت آثار عن السلف أنهم كانوا يتكلمون والمؤذن يؤذن، ولم ينقل عنهم إسكات الناس، فهل هذا أمر محمود أو ميعد تنطعا؟
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:39 ص]ـ
هذا ما وجدته الآن ولعلي لاحقاً أبحث أكثر ... لأن الموضوع ذا أهميه
...................
اختلف العلماء في حكم إجابة المؤذن ومتابعته في كلمات الأذان والصحيح - هو قول جمهور العلماء -: أن متابعته مستحبة غير واجبة. وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/ 127):
" مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة، وبه قال جمهور العلماء، وحكى الطحاوي خلافا لبعض السلف في إيجابها " انتهى.
وفي "المغني" (1/ 256) عن الإمام أحمد أنه قال: " وإن لم يقل كقوله فلا بأس " انتهى بتصرف.
ويدل على ذلك " قول النبي عليه الصلاة والسلام لمالك بن الحويرث ومن معه: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم).
فهذا يدل على أن المتابعة لا تجب، ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم، وتدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه، وهؤلاء وَفْدٌ قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في متابعة الأذان، فلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه، وكون هؤلاء وفدًا لبثوا عنده عشرين يوما ثم غادروا - يدل على أن الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأرجح " انتهى من الشرح الممتع (2/ 75).
وروى مالك في "الموطأ" (1/ 103) عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره: (أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يُصَلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة: جلسنا نتحدث. فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد.
قال ابن شهاب: " فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام ".
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "تمام المنة" (340):
" في هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن، لجريان العمل في عهد عمر على التحدث في أثناء الأذان، وسكوت عمر عليه، وكثيرا ما سئلت عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبت بهذا " انتهى.
بناء على ما سبق، فلا إثم على من ترك إجابة المؤذن ولم يتابعه، سواء كان تركه لانشغاله بطعام أو غيره، غير أنه يفوته بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى.
فقد روى مسلم (385) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=101582&ln=ara&txt= الأذان
...................
سؤال:
ما حكم ترديد الأذان ودعاء الأذان بعد الأذان المسجل.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان هذا الأذان المسجل يذاع في وقت الصلاة شرعت إجابته.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل تجوز مجاوبة الأذان الصادر من جهاز المذياع؟
فأجاب:
" إذا كان في وقت الصلاة فإنها تشرع الإجابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة) أخرجه مسلم في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) رواه البخاري في صحيحه، وزاد البيهقي رحمه الله بإسناد حسن بعد قوله: (الذي وعدته): (إنك لا تخلف الميعاد) " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/ 363).
والله أعلم.
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=87667&ln=ara&txt= الأذان
...................
السؤال:
دخلت المسجد وكان يؤذن للصلاة فهل أصلي تحية المسجد أو أنتظر حتى ينتهي الأذان؟
الجواب:
الحمد لله
الأفضل أن يجيب الأذان أولاً، ثم يصلي تحية المسجد ليجمع بين الفضيلتين، والأمر في ذلك واسع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/ 373
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=5070&ln=ara&txt= الأذان
..................(87/402)
أجوبة فضيلة الشيخ/ سعد بن ناصر الشثري على أسئلة اللقاء الثاني من لقاءات المجلس العلمي
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[23 - 11 - 07, 11:01 ص]ـ
س (3): ما هو حكم الاكتحال للرجال والنساء؟ وهل نفرق بين من يضعه للعلاج ومن يضعه لورود الحديث فيه ومن يضعه للتجمل؟
ج (3): اختلف أهل العلم في حكم الاكتحال لغير المحرم والصائم والمعتدة فقال الحنفية: لا بأس بالاكتحال للرجال إذا قصد به التداوي دون الزينة وقال المالكية: الاكتحال بالإثمد من زينة النساء فيجوز لهن من غير ضرورة ويحرم على الرجال لغير ضرورة لاختصاص النساء به ولا يجوز للرجال التشبه بهن، وقالوا: الاكتحال بغير الإثمد يجوز للرجال ولو من غير ضرورة، وقال الشافعية والحنابلة الاكتحال بالإثمد وغيره مستحب حتى للرجال وهو الأرجح لما رواه الترمذي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر)).
من يريد باقى الاجوببة يدخل المجلس العلمى ثم المجلس الشرعى
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[23 - 11 - 07, 11:13 ص]ـ
س (33): هل يجوز التسمية بسلسبيل، ريان ... ؟ وهل يستحب التسمية بأسماء الصحابة؟
ج (33): لا ما نع من التسمية باسم سلسبيل وريان لأن الأصل في الأسماء جوازها؛ والتسمية بأسماء الصحابة من الأمور المباحة أيضاَ.(87/403)
صور للحج قبل 100 عام
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع منقول
هذه صور وجدتها للحج قبل 100 سنه - وصور أخرى للحرم المدني والمدينه.
الصورمن كتاب الرحله الحجازيه لمؤلفه محمد لبيب البتانوني
الصادر في سنه 1910 ميلاديه والذي كان يصف فيه
رحله الحج للخديوي عباس حلمي الثاني سنه 1327 هجريه.
ميناء جده
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/23450175.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/28816664.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/58748121.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/11647040.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/90127959.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/71735942.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/20131057.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/79379734.jpg
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[23 - 11 - 07, 03:54 م]ـ
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/18693805.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/06/23/13863541.jpg
تنبيه من المشرف:
هذه القبب المبنية مخالفة للسنة النبوية، وقد أزيلت الآن ولله الحمد.
http://www2.0zz0.com/2007/11/07/00/84654055.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/07/00/93356507.jpg
http://www2.0zz0.com/2007/11/07/00/15279613.jpg
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[23 - 11 - 07, 05:26 م]ـ
جزاكم الله خيراً أختنا الكريمة
وأسأل الله أن يمن علينا جميعاً بالحج
ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[23 - 11 - 07, 05:59 م]ـ
اللهم اكتب لنا الحج الى بيتك الحرام
اللهم آمين
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[23 - 11 - 07, 07:47 م]ـ
اللهم اكتب لنا الحج الى بيتك الحرام
آمين و نسأله تعالى أن يجعله حجا مبرورا.
و جزاكم الله خيرا على الصور.
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:17 ص]ـ
الله المستعان صور مؤثرة ...
أين هؤلاء الحجيج الأن ... ؟
اللهم أرحم موتى المسلمين ..
ـ[أبو إبراهيم الجنوبي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:28 ص]ـ
هل كان بالبقيع في ذلك الوقت قبور مبنية؟؟
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 08:46 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أحمد بن الخطاب]ــــــــ[26 - 11 - 07, 05:48 ص]ـ
اخواني اسالكم الدعاء ان يرزقني الله الحاج فانا اشتاق لاداء الفريضه
اسالكم الدعاء بظهر الغيب
بارك الله فيكم جميعا وهداكم واياي للحق وثبتني واياكم عليه
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[06 - 12 - 07, 08:23 م]ـ
الحمد لله فنحن الىن في نعمة عظيمة ..
لك الحمد ياالله ..
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[06 - 12 - 07, 09:03 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[المحب الأثري]ــــــــ[07 - 12 - 07, 12:25 ص]ـ
جزيتم خيرا
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:12 ص]ـ
هل كان بالبقيع في ذلك الوقت قبور مبنية؟؟
كانت هذه القبب في العهد السابق وقد أزيلت منذ زمن طويل
وهذه صورة حديثة لمقبرة البقيع
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52072&stc=1&d=1197148247
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا
ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحج المبرور
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:35 م]ـ
والفضل لله تعالى ثم للعلماء الذين اهتمّوا بهذه القضية - وهي هدم القبب التي على القبور في مكة والمدينة- وعلى رأسهم فضيلة الشيخ السلفي عبد الله آل بليهد رحمه الله
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 08:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
تنبيه
تاريخ ضرب العملة العثمانية 1327
ومكتوب عليه شعار
الحرية - العدالة - المساواة
شعار الماسونيين
وهذا التاريخ 1327 هو التاريخ الذي سيطر فيه أعضاء جميعة الإتحاد والترقي
على الحكم في الدولة العثمانية
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 10:46 م]ـ
فائدة
بارة = بالتركية الحديثة para = النقود
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[11 - 12 - 07, 12:43 ص]ـ
وهذا التاريخ 1327 هو التاريخ الذي سيطر فيه أعضاء جميعة الإتحاد والترقي
على الحكم في الدولة العثمانية
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه الفائدة وأضيف ...
أنه في عام 1908 م / 1326 هـ أمست ديار الخلافة خرابا
يعبث بإدارتهاكل وضيع فاجر ... وهاهى الدولة التى سادت العالم
وأذلت الشرك واهله وأذعن لها الشرق والغرب .....
على مرآى ومسمع العالم بأسره وهو يستمتع بمنظر الأسد الجريح
وهو يلفظ أنافسه الأخيرة ويرتعش من وقع سكرات الموت عليه
ولكن لا حراك فقد كسرت أنيابه و قلمت مخالبه وفقد هيبته
وركض وحيدا ينتظر تلكم اللحظة الحاسمة .... التى تنفلت فيها روحه
ولتظلم فيها الدنيا بعد أن ملائها نورا وعدلا وهداية ورشدا
ومع بداية القرن العشرين انتشرت جمعيات سرية كثيرة،
تتعاون مع جمعية الاتحاد والترقي، لمعارضة الحكومة العثمانية،
وتمكنت هذه الجمعيات أخيرًا من الثورة سنة 1326 هـ وإسقاط السلطان عبدالحميد 1327 هـ
وبهدم الخلافة انفصلت الدولة وتنظيماتها وأشكالها ومسارها عن الدين
وسيطرعليها أعضاء جمعية الأتحاد والترقي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/404)
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 06:59 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابو معاذ البحريني]ــــــــ[20 - 12 - 07, 10:55 م]ـ
جزاكم الله خيراً ...
ـ[محمد براء]ــــــــ[21 - 12 - 07, 12:01 ص]ـ
الصور في ملف واحد
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[21 - 12 - 07, 01:57 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وجزاك الله خيرا أخي الفاضل على جمع الصور في ملف
وهنا صور أخرى
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52276&stc=1&d=1198191029
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52281&stc=1&d=1198191302
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52277&stc=1&d=1198191029
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52278&stc=1&d=1198191029
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52279&stc=1&d=1198191029
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[21 - 12 - 07, 02:12 ص]ـ
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52282&stc=1&d=1198192013
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52283&stc=1&d=1198192013
الصفا
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52284&stc=1&d=1198192013
المروة
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52285&stc=1&d=1198192013
المسعى قديما كانت تحيط به البيوت والدكاكين
http://72.232.160.194/~ahl/vb/attachment.php?attachmentid=52286&stc=1&d=1198192013
ـ[أبو مالك الأثري]ــــــــ[01 - 01 - 08, 08:12 ص]ـ
مجهود متميز
وتنبيه ممتاز من المشرف والعضو ابن وهب فجزى الله الجميع خيرا(87/405)
مسألة جديدة في الحج لمن لم يستطع إليه سبيلاً
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[23 - 11 - 07, 04:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخوة والمشايخ الكرام
هذه مسألة عرضت لى أحببت عرضها عليكم وهى كثيرة ومنتشرة هذه الأيام في كثير من بلادنا
فرص الحج في بلادنا قليلة لأسباب عديدة فهناك حج رخيص عن طريق القرعة وثمنه حوالى 15 ألف جنيه وهناك حج عن طريق شركات السياحة أو النقابات ويتكلف من 20إلى 50 ألف جنيه وقد يصل إلى أكثر
وهناك وسيلة جديدة عن طريق الزيارة وغيرها لمن فاته الوسائل القانونية أو عجز عنها
وسؤالى هو: صديق لي فاته الحج لعدم ملكيته للمال الذي يحج به بالوسائل السابقة.
فخطرت في ذهنه فكرة جديدة ... فهو يملك خمسة آلاف جنيه ووجد من مواطنى المملكة ممن سبق أن أدى الفريضة من وافق على أن يحج عنه بالخمسة آلاف ... فهل يجب عليه أن يؤدى الحج بالإنابة بهذه الطريقة كما هو حال من كبر في السن أو وهنت صحته فأرسل رجلاً ليحج عنه ...
السؤال هو ... هل يجب عليه أن يؤدى الحج بالإنابة بهذه الطريقة ... أي أن هذا من استطاعة السبيل؟ وهل هذا مسقط للفريضة عنه أم يجب عليه الحج إن تيسر له بعد ذلك بالطرق العادية؟
وجزاكم الله خيراً.(87/406)
فتوى حول من مات وعليه نذر
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[23 - 11 - 07, 07:20 م]ـ
رقم الفتوى 24584 من مات وعليه نذر
تاريخ الفتوى: 27 شعبان 1423
السؤال
رجل كنا نعده من الصالحين فمات وعليه نذر ولم يكن له أهل يقضون عنه فما الحل؟ وهل يكون محجورا عن جزائه يوم القيامه؟
أفيدونا مأجورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر الذي على الميت لا يخلو من واحد من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون مالاً نذره.
الأمر الثاني: أن يكون عبادة محضة من صوم أو حج، أو نحو ذلك.
فإذا كان هذا النذر عبارة عن مال نذره الشخص في حياته، ثم مات قبل الوفاء به، فإنه يخرج من تركته قبل قسمتها على الورثة إن كان ترك مالا، لأنه من جملة الديون المقدمة على الوصية وعلى الورثة.
أما إذا كان هذا النذر عبارة عن صوم أو حج أو عبادة محضة، فإنه يطلب من وليه أن يقضي عنه.
قال البخاري: باب (من مات وعليه نذر): وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء، فقال: صلي عنها.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".
وعلى كل حال، فمن لزمه نذر، ثم مات قبل التمكن من أدائه، فنرجو من الله أن لا يحلقه إثم، ولا تبعة منه لعدم تفريطه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[23 - 11 - 07, 07:39 م]ـ
إن كان النذر عبارة عن مال و لم يترك شيئا، ما العمل في هذا الحال؟(87/407)
اين اجد كتاب احمد حطيبه في مناسك الحج
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[23 - 11 - 07, 11:28 م]ـ
هل موجود في السعوديه وفي اي مكتبه وهل باستطاعتي احصل عليه من مصدره واين وكذلك كتابيه الدعاء واحكام الصلاة بارك الله فيكم
ـ[أبو العباس السكندري]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:14 ص]ـ
http://www.hotaybah.com/index.php?op=ad_click&bid=4
http://www.hotaybah.com/
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 01:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرًا و بارك الله فيكم.
أسأل الله أن يمدكم بالصحة والخير والعافية وأن يبارك لكم في جهدكم ووقتكم وأهلكم ومالكم.
حياكم الله.
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 05:06 م]ـ
اخي ابو العباس التحميل مكلف ورق وحبر اريد شراءه اختصارا للوقت اين اجده(87/408)
فى المحرم تحريم مؤبد
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[24 - 11 - 07, 12:52 ص]ـ
ما الدليل على أن المحرم على المرأة تحريما مؤبدا يعامل له أن يرى منها ما يرى ابنها؟ (زوج الابنة مثلا)(87/409)
سؤال عن زكاة عروض التجارة
ـ[سامي الراشد]ــــــــ[24 - 11 - 07, 09:24 ص]ـ
لدي مبلغ من المال ولم يبق إلا قرابة شهر ونصف ثم يحول عليه الحول، وقبل أن يحول عليه الحول دخلت في مساهمة تجارية ثم بعد قرابة تسعة أشهر بيعت المساهمة وجاءني فيها ربح فكيف أقوم بأداء زكاة هذا المال سواء ما كان منه قبل الدخول في التجارة وما كان أثناءها وما كان بعدها؟ جزاكم الله كل خير.(87/410)
أريد فتوى لبراءة ذمتي عاجلا.
ـ[سامي الراشد]ــــــــ[24 - 11 - 07, 09:28 ص]ـ
أنا موظف وكل مرة يأتي راتبي على حسابي في البنك، وأصرف منه، والسؤال: هل الزكاة متعلقة بعين الدراهم التي سلمتها للبنك؟ وخاصة أن دراهمك تخلط بدراهم غيرك فلا تستطيع تمييزها أم أن الزكاة متعلقة بالمبلغ بغض النظر عن عين الدراهم؟ ثم كيف أعرف في الشهر الرابع ـ مثلا ـ أنني صرفت من راتب الشهر الأول أو راتب الشهر الثاني أو راتب الشهر الثالث بحيث أنني أريد أن أزكي راتب كل شهر بعينه حيث لا أستطيع أن أجعل شهرا معينا في السنة وأقوم بأداء الزكاة عن المال جميعا.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:31 ص]ـ
أولاً: أخي الكريم: لم أفهم قولك: (وخاصة أن دراهمك تخلط بدراهم غيرك فلا تستطيع تمييزها)
كيف ذلك؟ ألا تستطيع أن تميز دراهمك التي في حسابك؟!
ثانياً: قولك: (أم أن الزكاة متعلقة بالمبلغ بغض النظر عن عين الدراهم؟) اشرحه لنا بارك الله فيك.
ثالثاً: إذا لم تُرِد أن تجعل شهراً في السنة تخرج مجموع ما عليك من الزكاة فيه فعليك عندئذ أن تتخذ سجلاَ (دفتراً) وتكتب فيه -كل شهر- ما دخل عليك من مال زكوي مثلاً:
شهر محرم .. عشرون ألفاً
فإذا مضى الحول وحضر محرم من العام التالي فإنك تنظر: ما الذي حال عليه الحول من هذه العشرين؟ فإن بلغ نصاباً فإنك تخرج زكاته (اثنان ونصف في المائة أو تقسم المبلغ على أربعين). وتصنع مثل ذلك كل شهر. وبالله التوفيق
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:40 ص]ـ
سؤال رقم 26113 - زكاة راتب الموظف
أنا موظف براتب شهري 2000ريال سعودي. العائلة كلهم يعتمدون علي وأعطي المصاريف كلها من راتبي. ولي زوجة وبنت ووالدي واخوة وأخوات أقوم بالنفقة عليهم.
ولكن السؤال كيف أعطي زكاة مالي ومصدر مالي هو الراتب فقط، ولكن كل راتبي مصروف في عائلتي. ولذا متى أعطي زكاتي؟ بعض الناس يقول الراتب كالزرع وليس فيه اعتبار الحول ولذا متى تحصل الراتب تلزم الزكاة.
الحمد لله
من كان له راتب شهري، ويقوم بصرفه ولا يوفر منه شيئاً بحيث لا يجيء آخر الشهر إلا وقد نفذ ماله فإنه لا تلزمه الزكاة؛ لأن الزكاة لا بد فيها من حولان الحول (أي مرور سنة كاملة على ملك النصاب).
وبناءً عليه فلا يلزمك أيها السائل زكاة، إلا إذا ادخرت من مالك شيئاً يبلغ النصاب، وحال عليه الحول.
وأما من قال لك بأن زكاة الراتب كزكاة الزرع لا يشترط له الحول فكلامه غير صحيح.
ولما كان أكثر الناس يعملون بالراتب يحسن بنا أن
نذكر طريقة إخراج الزكاة بالنسبة للرواتب:
زكاة راتب الموظف:
للموظف مع راتبه حالان:
الحال الأولى: أن يصرفه كله، ولا يدخر منه شيئاً، فلا زكاة عليه، كحال السائل.
الحال الثانية: أن يدخر منه مبلغاً معيناً أحياناً يزيد وأحياناً ينقص فكيف يحسب الزكاة في هذه
الحال؟
الجواب: " إن كان حريصاً على الاستقصاء في حقه، حريصاً على أن لا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة
فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه، يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول
يبدأ من يوم ملكه، ويُخرج زكاة كل مبلغ على حِدَه كلما مضى عليه حول من تاريخ
امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه
أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من
النقود حينما يحول الحول على أول نصابٍ مَلَكه منها،وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته
، وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة وما زاد فيما
أخرجه عما تم حوله يُعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله " انتهى من فتاوى
اللجنة الدائمة (9/ 280)
مثال ذلك: استلم راتب شهر محرم، وادخر منه ألف
ريال، ثم صفر ثم بقية الشهور .. فإذا جاء محرم من السنة الثانية فإنه يحسب جميع ما
عنده ثم يخرج زكاته.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(87/411)
حكم التصفيق للرجال؟؟
ـ[أم أبو بكر]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك أحاديث صحيحية وردت في تحريم التصفيق بالنسبة الى الرجال؟؟؟
وجزاكم الله خيرا ... وبارك فيكم ... وزادكم علما
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:44 م]ـ
روى البخاري عن سهل بن سعد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم:
[يا أيها الناس!: ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق، إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله، إلا التفت].
وهذا المنع على الرجال إنما هو في الصلاة، كما هو ظاهر النص.
* أما التصفيق خارج الصلاة، فهذا على أصل الإباحة، ولا يوجد نص يمنع.
السؤال:
ما حكم التصفيق والتصفير, وأي نوع من التصفير محرم, وما دليل التحريم؟
الجواب:
[الآن لو أنك قمت تصفق وتصفر ماذا سنقول: هذا مجنون أم عاقل؟!! فما هو سبب التصفيق والتصفير؟
السائل: ما يحدث في المباريات ونحوها!
الشيخ: قل مثلا التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح، أو أجاب جواباً صواباً، أو ما أشبه ذلك، فأنا لا أرى فيه بأساً, أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية، ولا أستطيع أن أقول: إنه مكروه كراهة شرعاً, لأنه ما عندي دليل.
السائل: التصفيق؟
الشيخ: ما فيه شيء.
وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وتصفق النساء)، فهذا في الصلاة؛
وأما قوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35] والمكاء: التصفير, والتصدية: التصفيق, فهذا كانوا قريش عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك, بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر.
أما إنسان رأى شخصاً تقدم و تفوق على غيره وأراد أن يشجعه وصفق فلا أرى في هذا بأساً.
السائل: والآية فيها دليل؟
ما فيها دليل، سمعت: يتخذونها عبادة.
السائل: التصفير يا شيخ أي نوع من التصفير؟ مثل صفارة الحكم في المباريات؟
أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية, وليس عندي دليل, ولو أن شخصاً طالبني بالدليل، فلا أستطيع أن أقول: عندي دليل].
الشيخ العلامة ابن عثيمين. " لقاء الباب المفتوح " شريط (119).
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 06:56 م]ـ
بارك الله فيكم
( http://www.islam-qa.com/special/index.php?ref=20047&ln=ara&subsite=17
حكم التصفيق
سؤال رقم 20047
سؤال:
سمعت أن التصفيق لا يجوز في الإسلام. مثلا , التصفيق للأطفال إذا قاموا بتأدية أي عمل حلال. هل يمكن أن توضح إذا كان هذا صحيح وهل هناك أي حديث يتعلق بذلك.
الجواب:
الحمد لله
التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية، وأقل ما يُقال فيه الكراهة، والأظهر في الدليل تحريمه، لأن المسلمين منهيون عن التشبّه بالكفرة، وقد قال الله سبحانه في وصف الكفار من أهل مكّة: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية)، قال العلماء: المكاء الصفير، والتصدية: التصفيق.
والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول: سبحان الله أو يقول الله أكبر، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة.
ويشرع التصفيق للنساء خاصة، إذا نابهنّ شيء في الصلاة أو كنّ مع الرجال فسها الإمام في الصلاة فإنه يُشرع لهنّ التنبيه بالتصفيق، أما الرجال فينبّهونه بالتسبيح كما صحّت بذلك السنّة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا يُعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبّه بالكفرة والنساء وكل ذلك منهيّ عنه. والله ولي التوفيق. الشيخ ابن باز
وسئلت اللجنة الدائمة عن التصفيق من الرجال لمداعبة الأطفال أو تصفيق الأطفال لتشجيع زميلهم فأجابت:
لا ينبغي هذا التصفيق، وأقل أحواله الكراهة الشديدة لكونه من خصال الجاهليّة، ولأنه أيضاً من خصائص النساء للتنبيه في الصلاة عند السهو. وبالله التوفيق ..
من كتاب فتاوى إسلامية ج/4 ص/332 - 333
ويمكن تشجيع الأطفال بتكبير إذا فعلوا ما يعجب الرائي والسامع أو بنداء مناسب أو برفع اليد، أو رفع الصوت بكلمة ثناء مثل جيّد أو ممتاز وما شابه ذلك. والله الموفق.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
http://www.islamqa.com/index.php?ref=20047&ln=ara
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/412)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 06:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم التصفيق
السؤال:
ما حكم التصفيق للرجال؟ و هل هو من قبيل التشبه بالكفار؟
الجواب:
أقول مستعيناً بالله تعالى:
إن كلَّ مَن حَكم على التصفيق بالكراهة أو التحريم، عدَّه مِن التشبه بالنساء اللائي أُمرنَ بالتصفيق إن نابهنَّ شيءٌ في الصلاة، أو مِن التشبه بالمشركين في صلاتهم عند البيت الحرام.
فمن عدَّه تشبهاً بالنساء أثبت كونه من فعل النساء بالسنة، و استدل على النهي عنه كراهةً أو تحريماً بما جاء في السنة أيضاً من تحريم التشبه بالنساء و لعن فاعليه.
أما كونه من فعل النساء فدليله ما ثبت في الصحيح و غيره عن سهل بن سعد الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم و الناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفَّق الناس، و كان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التصفيق الْتَفَتَ، فرأى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أمكث مكانك. فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، و تقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى، فلما انصرف قال: (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟). فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ؟ مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، و إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ).
و ظاهر هذا الحديث قَصرُ التصفيق على النساء، لاستهلاله بأداة الحصر (إنَّما) فيكون معناه: لا تصفيق إلا للنساء. قال الشوكاني [في نيل الأوطار]: (قوله: " إنما التصفيق للنساء " يدل على منع الرجال منه مطلقاً).
غير أنَّ ظاهر الحديث لا دليل فيه على أن نهي الرجال عن التصفيق يسوي في الحكم بين كونه داخل الصلاة أو خارجها، و إن كان ذلك محتملاً، و القاعدة تقول: إذا وقع الاحتمال بطل الاستدلال.
بل الظاهر أن الترخيص في التصفيق للنساء مقتصر على كونهن في الصلاة إذا نابهن فيها شيء، أما خارج الصلاة فهن و الرجال في الحكم سواء، و النهي عن التصفيق خارجها يحتاج إلى دليل خاص، و الله أعلم.
أما مَن عدَّ التصفيق تشبهاً بالمشركين في صلاتهم عند البيت العتيق فقد استند في حكمه إلى قوله تعالى: ? وَ مَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً و َتَصْدِيَةً? [الأنفال: 35].
و المشهور عند أهل التفسير أن المراد بالمكاء هو التصفير، و المراد بالتصدية هو التصفيق، و أصله في اللغة كما قال الإمام الطبري في تفسيره من مَكَا يَمْكُو مَكْوًا وَمُكَاء , وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَكْو: أَنْ يَجْمَع الرَّجُل يَدَيْهِ ثُمَّ يُدْخِلهُمَا فِي فِيهِ ثُمَّ يَصِيح، و هذا هو الصفير، وَ أَمَّا التَّصْدِيَة فَإِنَّهَا التَّصْفِيق، يُقَال مِنْهُ: صَدَّى يُصَدِّي تَصْدِيَة، وَ صَفَّقَ وَ صَفَّحَ بِمَعْنىً وَاحِد.
غير أن في النفس شيءٌ من اعتبار مطلق التصفيق تشبهاً بما يفعله المشركون أو كانوا يفعلونه في صلاتهم عند البيت، لأن التشبه لا بد فيه من النية، و في الواقع صور من التصفيق تقع من أناسٍ لا عِلمَ لهم أصلاً بأن أهل الجاهلية كانوا يصفقون عند البيت، فكيف ننسبهم إلى التشبه بالمشركين مع أن ذلك لم يدُر في خَلَدهم قط!!
و عليه فلا بد في هذا المقام من تقرير أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، و حيث إنَّ صُوَرُ التصفيق تختلف باختلاف نية المصفقين و حالهم، فإن حكمه يختلف من حال إلى حال، بحسب التفصيل التالي:
أولاً: اتخاذ التصفيق عبادة في ذاته، أو التصفيق أثناء عبادة مشروعة الأصل، حرامٌ مطلقاً، لما فيه من التشبه بالكفار في عبادتهم من جهة، و لأنه بدعة محدثة من جهة أخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/413)
و كثيراً ما يقع التصفيق في مجالس الذكر البدعية على نحو ما يفعله غلاة الصوفية، و قد ذمَّ العلماء هذا النوع من التصفيق، و شنعوا على فاعله، و بالغوا في إنكاره، سواء كان بباطن الأكف، أو بظاهرها، أو بباطنٍ على ظاهرٍ، أو العكس.
قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله: (و من هاب الإله و أدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص و لا تصفيق، و لا يصدر التصفيق و الرقص إلا من غبي جاهل، و لا يصدران من عاقل فاضل، و يدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب و لا سنة، و لم يفعل ذلك أحد الأنبياء و لا معتبر من أتباع الأنبياء، و إنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء، و قد قال تعالى: ? وَ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ? و قد مضى السلف و أفاضل الخلف و لم يلابسوا شيئا من ذلك، و من فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه و ليس بقربة إلى ربه، فإن كان ممن يقتدى به و يعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات، و إنما هو من أقبح الرعونات). [قواعد الأحكام: 2/ 220 و ما بعدها].
ثانياً: تصفيق المرء ابتهاجاً بأمر مباح أو مستحسنٍ ـ عقلاً أو نقلاً ـ بَلَغَهُ، أو رآه، أو سمعه. أو تشجيعاً لمن صدر منه، فهذا أمر لم يقم الدليل على تحريمه، و لكن الواجب أن يزم بزمام الشريعة، فلا يسوغ إلا إذا انتظمت فيه ثلاثة شروط:
أولها: أن لا يعتقد فاعله أنه مما يستحب شرعاً، لأن الاستحباب الشرعي توقيفي لا يقال به إلا بدليل.
و ثانيها: أن لا يضاهي بفعله سنةً كالتكبير أو التسبيح عند استحسان الأمور، أو نحو ذلك، لأن مضاهاة المشروع من أمارات البدع المنكرة.
و ثالثها: أن لا يراد بفعله مجاراة الكافرين أو التشبه بهم على سبيل استحسان ما هم عليه أو تفضيله على ما هو معروف عند أهل الإسلام في مثل محله.
فائدة: تكلم بعض أهل العلم في صِيَغ التصفيق، ففرَّق بين ما كان عبارةً عن ضَرب باطن الكفين ببعضهما، و بين ما كان عبارةً عن ضرب باطن كفٍّ بظهر الأُخرى.
قال الإمام النووي في المجموع [1/ 196]: (و يسنّ لمن نابه شيءٌ في صلاته كتنبيه إمامه لنحو سهوٍ، و إذنه لداخل استأذن في الدخول عليه، و إنذاره أعمى مخافة أن يقع في محذورٍ، أو نحو ذلك؛ كغافلٍ و غير مُمَيِّز، و مَن قَصَدَه ظالمٌ أو نحوُ سَبُعٍ؛ أن يسبح و تصفق المرأة، و مِثْلها الخنثىِ، بضرب بطن اليمين على ظهر اليسار، أو عكسهِ، أو بضرب ظهر اليمين على بطن اليسارِ، أو عكسهِ ... و أما الضرب ببطن إحداهما على بطن الأخرى؛ فقال الرافعي: لا ينبغي فإنه لعبٌ، و لو فَعَلَتْه على وجه اللعب عالمةً بالتحريم بطلت صلاتها و إن كان قليلاً؛ فإن اللعب ينافي الصلاة).
قلتُ: و لا أعرف دليلاً على هذا التفريق في صفة التصفيق إلا أن يكون خروجاً مِنْ ذَمِّهِ عند من عدَّه لعباً، و ذلك بالردِّ إلى لغة العرب، حيث ذهب بعضهم إلى أنَّ ضربَ باطِنِ الكفٍّ بظهر الأخرى يسمَّى تصفيحاً لا تصفيقاً، فلا يُذمُّ فاعِلُه، و قد رأيت من المتصوفة في حلب من يفعله و يعدُّه تصفيحاً لا تصفيقاً في مجالس الذكر، أو حينما يَطرَبُ لنشيدٍ و قصيدٍ و نحوه.
و لهم رواية (إنما التصفيح للنساء) في الصحيحن و غيرهما، بدَل رواية (التصفيق للنساء) المتقدمة.
و عند أبي داود (بإسناد قال عنه الشيخ الألباني: صحيح مقطوع): عن عيسى بن أيوب قال: قوله: " التصفيح للنساء " تضربُ بإصبعين من يمينها على كفها اليسرى. ا هـ.
قال الإمام النووي [في شرح صحيح مسلم: 4/ 146]: (السنة لمن نابه شيءٌ في صلاته؛ كإعلام من يستأذن عليه، و تنبيه الإمام و غير ذلك أن يسبح إن كان رجلاً؛ فيقول: سبحان الله، و أن تُصفِّق و هو التصْفيح إن كانتْ امرأةً؛ فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر، و لا تضرب بطن كفٍّ على بطن كفٍّ على وجه اللعب و اللهو، فإن فعلت هكذا على جهة اللعب بطلت صلاتها لمنافاته الصلاة).
و قال الإمام الشوكاني رحمه الله [في نيل الأوطار]: (قوله " فإنما التصفيق للنساء " هو بالقاف. و في رواية لأبي داود " فإنما التصفيح ". قال زين الدين العراقي: و المشهور أن معناهما واحد، قال عقبة: و التصفيح التصفيق، و كذا قال أبو علي البغدادي، و الخطابي، و الجوهري. قال ابن حزم: لا خلاف في أن التصفيح و التصفيق بمعنى واحد و هو الضرب بإحدى صفحتي اليدين على الأخرى. قال العراقي: و ما ادعاه من نفى الخلاف ليس بجيد بل فيه قولان آخران: إنهما مختلفا المعنى؛ أحدهما: أن التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على الأخرى، و التصفيق الضرب بباطن إحداهما على الأخرى، حكاه صاحب الإكمال، و صاحب المُفهِم. و القول الثاني: أن التصفيح الضرب بإصبَعَين للإنذار والتنبيه، و بالقاف بالجميع للهو و اللعب).
هذا، و الله أعلم و أحكم، و ما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت و إليه أنيب.
وكتب
د. أحمد بن عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad Najeeb
alhaisam@msn.com
http://www.saaid.net/Doat/Najeeb/f127.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/414)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 06:59 م]ـ
العنوان حكم التصفيق
المجيب العلامة/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
التصنيف الفهرسة/ اللباس والزينة/مسائل متفرقة
التاريخ 11/ 3/1424هـ
السؤال
ما حكم التصفيق؟ هل يمكن التكرم بإعطائي رأي ابن عثيمين –رحمه الله- في المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك فإليك السؤال والجواب:
سـ/ ما قول فضيلة الشيخ في اعتراض بعض المدرسين على التصفيق داخل الفصول من قبل الطلبة لتشجيع زملائهم، بحجة أن هذا ليس من فعل المسلمين ولا يجوز؟
جـ/ إن من يرى أن هذا الأمر لا يجوز فعليه بالدليل قبل كل شيء حتى نعرف الحكم الشرعي، وإذا كان لديه دليل مقتنع به فإنه لا يجوز أن يمكن الطلاب منه، وأما من يرى أن ذلك لا بأس به وأن هناك مصلحة في تشجيع الطلاب وتنبيههم فعليه ألا ينكر عليهم، والذي يفعله الكفار هو أنهم يجعلون المكاء والتصدية بدلاً من الصلاة والدعاء، ولا يفعلونها عند العجب من الشيء أو استحسانه حتى يقال: إن الإنسان المسلم لو صفق عند التعجب من شيء أو استحسانه لكان بذلك مشابهاً للكفار، إنما يقول الله عز وجل:"وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" [الأنفال: 35]، فالمكاء التصفير والتصدية هي التصفيق فهم يجعلون هذا عبادة.
[سلسلة كتاب الدعوة، الفتاوى لفضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- (3/ 164)].
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=17645
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:05 م]ـ
حكم التصفيق
السؤال: ما حكم التصفيق في بعض المدارس للرجال وللنساء؟
الجواب: ليس بوارد وليس بجائز، وليس من السنة، والتصفيق لم يأتِ إلا في مورد الذم، قال سبحانه: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35] قيل: صفيق وصفير، والتصفيق أتى من الغزو الاستعماري والغزو الفكري على بلاد الإسلام، ولم يأتِ من بلاد الإسلام أبداً. فليُعْلَم ذلك.
والمسلمون إذا أعجبوا بشيء يكبرون: الله أكبر، فهذا هدينا، فإن أجاب الطالب أو أجابت الطالبة فنقول: الله أكبر، قال ابن مسعود: {كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما ترضون أن تكونوا نصف أهل الجنة؟ فقلنا: الله أكبر} وقتل علي عمرو بن وُد في الأحزاب فقال الصحابة وقد انجلى الغبار: الله أكبر، هذا تكبيرنا، أما التصفيق فليس من الإسلام وهو أقرب إلى آراء أهل الجاهلية ومذاهبهم الجاهلية فليُعْلَم ذلك.
الشيخ عائض القرني
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=20015
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:09 م]ـ
لتحقيق في حكم التصفيق
أرسل بتاريخ الأحد 20 ربيع الثاني 1426 هـ / الموافق 29 ماي 2005 م
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله
" ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا و أنتم مسلمون"
"ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "
" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد: فقد سألني بعض طلبة العلم عن حكم التصفيق في المحافل و بعد إلقاء المحاضرات و الخطب للتشجيع و التعجب، فأجبت من المعلوم أن التصفيق لم يشرع في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة و هو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته، فإنه يستحب بمن اقتدى به تنبيهه، فالرجل ينبه بالتسبيح والمرأة تنبه بالتصفيق، وهذا لثبوت السنة به من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: التسبيح للرجال و التصفيق للنساء. رواه البخاري ومن حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/415)
عليه وسلم: إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال ولتصفح النساء - رواه أبوداود ((قال أيوب: قوله، التصفيح للنساء، تضرب بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى)). وأما التصفيق في غير هذه الحالة فهو محرم و بدعة مذمومة، قال ابن الجوزي - رحمه الله - والتصفيق منكر، يطرب، ويخرج عن الاعتدال وتتنزه عن مثله العقلاء، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من التصدية و هي التي ذمهم الله بها فقال "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" سورة الأنفال. فالمكاء: الصفير، والتصدية التصفيق، ثم قال وفيه أيضا تشبه بالنساء، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار إلى أفعال الكفار و النسوة. هـ.
وللأسف الشديد فقد أحدث في الأمة التعبد بالتصفيق لدى بعض المبتدعة عند قراءة القرآن والأذكار والأوراد والمدائح في البيوت والمساجد وفي زمننا هذا أصبح عادة في المحافل وعند إلقاء المحاضرات والخطب للتشجيع والتعجب وماذاك إلا تشبها بالمشركين أهل الكفر والضلال - وأيضا فإن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على جهل الكثير من المسلمين بكتاب الله و سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فإن من المعلوم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب هو الثناء على الله تعالى وذكره باتكبير والتسبيح والتهليل ونحوها، والأحاديث في هذا كثيرة و شهيرة في كتب السنة، ترجم لبعضها الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه، فقال: باب التكبير والتسبيح عند التعجب وأدخلها العلماء في كتب الأذكار، منهم الإمام النووي رحمه الله - في كتاب الأذكار، فقال: باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوها. وعلى هذا الهدي المبارك، درج سلف هذه الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم فمن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا - والحمد لله - وفي هذا استمرار حال المسلم بتعظيم الله، وتمرين لسانه على ذكر الله تعالى.
وعليه فإن التصفيق في الاحتفالات وعند الخطب والمحاضرات وغيرها، إن وقع على وجه التعبد، فهو بدعة محرمة شرعا، لأن التصفيق لم يتعبدنا الله به، وهو نظير ماابتدعه بعض المتصوفة من التصفيق حال الذكر، وإن وقع التصفيق على وجه العادة فهو منكر محرم، لأنه تشبه بالكافر وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، فعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر قريشا أنه أسرى به إلى بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين طهرانينا، قال: نعم قال فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه مستعجبا للكذب زعم. رواه أحمد والنسائي وغيرهما. وقال صلى الله عليه وسلم ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت رمحي، وجعلت الذلة و الصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم. وبالله التوفيق و صلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه اجمعين.
تقديم الشيخ محمد عبد الهادي إمام مسجد السنة الكبير - بمرسيليا -
http://www.assalafia.com/modules.php?name=News&file=article&sid=9
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:10 م]ـ
التصفيق والتصفير في المهرجانات
أجاب عليه فضيلة الشيخ أ. د. ناصر العمر
التصنيف الفهرسة/ الركن العلمي/ الفقه/مسائل متفرقة في الفقه
التاريخ 8/ 5 / 1426 هـ
رقم السؤال 3968
السؤال
ما حكم التصفيق والتصفير في المهرجانات الصيفية ونحوهما؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الذي يترجح من أقوال العلماء في ذلك هو القول بالكراهة للرجال، فيكره للرجل أن يقوم بالتصفيق والتصفير، سواء كان في مناسبات عامة أو خاصة، وهناك من العلماء من قال بتحريم هذا الفعل؛ لقوله _تعالى_: "وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً" (الأنفال: من الآية35)، أي صفيراً وتصفيقاً، فهو من أعمال الجاهلية.
وقال آخرون بتحريم هذا الفعل لما فيه من التشبه بالكفار؛ لقوله _صلى الله عليه وسلم_: " ومن تشبه بقوم فهو منهم"، أخرجه أبو داود بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر _رضي الله عنه_، والله أعلم
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_question_main.cfm?id=3968
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:19 م]ـ
التصفيق للرجال والنساء أجاب عليه: فضيلة الشيخ د. عبدالكريم الخضير التاريخ: 24/ 5/1425هـ
السلام عليكم ورحمة الله
اريد ان يتولي الرد علي هذه الاسئلة الشيخ عبدالكريم الخضير مع احترامي الشديد لكل المشايخ
ما حكم التصفيق في الاسلام سواء كان للرجال ام للنساء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
التصفيق في غير الصلاة بالنسبة للنساء لا يجوز؛ لأنه من عمل أهل الجاهلية ومثله الصفير؛ قال تعالى: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) (الأنفال: من الآية35)، فالمكاء الصفير، والتصدية التصفيق، وأما المرأة إذا نابها في صلاتها شيء فإنها يشرع في حقها التصفيح وهو ضرب إحدى الكفين على الأخرى، والله أعلم.
أما بالنسبة للرجال، (ففي قصة صلاة أبي بكر رضي الله عنه بالناس، لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ذهابه للصلح بين بني عمرو بن عوف، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الناس في التصفيق لتنبيه أبي بكر رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ياأيها الناس مالكم حين نابكم شئ في الصلاة أخذتم في التصفيق، إنما التصفيق للنساء، من نابه شئ في صلاته فليقل سبحان الله) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، ففي هذا الحديث مايدل على أن التصفيق يخص النساء وفي أحوال خاصة، والله تعالى أعلم.
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/print_question.cfm?id=2583
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/416)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:23 م]ـ
كم الزغاريد في الأفراح والأتراح
السؤال:
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم التصفيق والزغاريد في الأعراس؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد ..
فإجابة عن سؤالك نقول:
التصفيق جائز عند التشجيع وشبهه، والأحسن تركه، فقد كرهه جماعة من أهل العلم، وقال آخرون بتحريمه.
وأما الزغرودة فهي: صوت مرتفع ينتج عن تردد اللسان في الفم، ويفعل عند الفرح غالباً. وقيل: وأصله هدير الإبل يردده الفحل في جوفه، كما قال في تاج العروس (7/ 2008). وقد استخرج لها بعض العلماء أصلاً من السنة، والذي يظهر أنه يشير إلى ما ذكره بعض أهل العلم من أنه هل يحصل إعلان النكاح بهذه الزغاريد والأصوات أو لا؟ قال العدوي في حاشيته على الرسالة (2/ 52): (فإن قلت: هل يقوم مقام الدف والدخان، ما يحصل الفُشُوُّ به في زماننا من زغردة ونحوها، أم لا؟ قلت: الظاهر نعم). وما استظهره رحمه الله نقله عن بعض فقهاء المالكية، وهو قول قريب من حيث حصول الإعلان والإفشاء؛ لأنه صوت مرتفع يفعل عند الفرح، لكن قد ذكر بعض فقهاء المالكية أنه بدعة، قال في مواهب الجليل (2/ 241): (ومن معنى هذا، ما يفعله النساء من الزغردة عند حمل جنازة الصالح، أو فرح يكون، فإنه من معنى رفع النساء الصوت، وأحفظ عن الشيخ أبي علي القروي أنه بدعة يجب النهي عنها)، والقول بالبدعية والنكارة فيما إذا كان عند الجنازة ظاهر بيّن، أما في الأفراح فإنه عادة من العادات، والأصل فيها الحِل، فالظاهر لي أنه لا بأس بالزغرودة، لكن ينبغي أن يراعى فيها ألا يصل الصوت إلى الرجال الأجانب، والله أعلم.
http://www.almosleh.com/almosleh/article_1255.shtml
أخوكم/ د. خالد المصلح
http://www.almosleh.com/almosleh/article_1255.shtml
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:25 م]ـ
ومن أجاز التصفيق الشيخ على الطنطاوي الدمشقي المكي - رحمه الله
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:26 م]ـ
والمسألة مذكورة في كتب الفقه وشروح الحديث
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 11:28 م]ـ
ما شاء الله بارك الله.
أحسنت شيخ ابن وهب.
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[24 - 11 - 07, 11:54 م]ـ
بارك الله في جهود الجميع على هذه النقولات المباركة
ـ[أم أبو بكر]ــــــــ[25 - 11 - 07, 07:18 م]ـ
الأخوة الأفاضل
علي الفضلي
ابن وهب
بارك الله فيكما وجزاكم الله عنا خير الجزاء
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 09:49 م]ـ
للشَّيخ ناصر الفهد بحثٌ في المسألة ردَّ فيها فتوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ أسماه: (التحقيق في حكم التصفيق) ...
وعنده بعض الاستدلالات تحتاج إلى تأمل.
والبحثُ موجودٌ في الشاملة.(87/417)
كيف يُثبت الإغتصاب؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:30 ص]ـ
السلام عليكم
كيف يُثبت الإغتصاب؟
هل يجب أن يكون الشهود أربعة لإثباتها؟
وهل يمكن اثباتها عن طريق الدي ان اي Dna؟
أم أنه غير مقبول لإثبات الإغتصاب؟
وفي أي أبواب الفقه اقرأ عن هذه المسألة؟
أرجو الإفادة بارك الله فيكم
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[25 - 11 - 07, 03:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم العقيدة وفقني الله وإياك
الاغتصاب كزنا لا يثبت إلا بما يثبت به الزنا؛ إذ لا فرق بين الإكراه والمطاوعة والزنا يثبت بالإقرار وبالبينة وهي أربعة شهود توفرت فيهم الشروط.
لكن المغتصب قد يقام عليه حد الحرابة إذا كان باختطاف ونحوه وهذا يكفي فيه شاهدان عدلان وقد سبق أن أقيم حد الحرابة في رجل اختطف فتاة تحت تهديد السلاح وفعل بها الفاحشة ونفذ الحكم فيه عام 1405هـ في أحد مناطق المملكة.
وجمهور أهل العلم يرون الحرابة تكون داخل العمران وخارجه خلافا لأبي حنيفة.
أما إثبات الزنا عن طريق Dna وهو ما يسمى بالبصمة الوراثية فالصحيح أنه لا يثبت به وجمهور أهل العلم لا يثبتون الزنا بالقرائن كالحمل ونحوه حتى ممن لا زوج لها فكيف بالبصمة الوراثية التي يجوز فيها الخطأ و يجوز فيها التزوير والتبديل في نتائج التحليل، والحدود تدرء بالشبهات وهذا يعتبر شبهة.
وهذه المسألة تبحث في كتاب الحدود حد الزنا وتبحث في كتاب القضاء في طرق الحكم ومن ذلك الكتب التي ألفت في أحكام القضاء خاصة كالطرق الحكمية لابن القيم وادب القاضي لابن القاص وأدب القاضي للماوردي وكذا كتب المعاصرين في طرائق الحكم والحكم بالقرائن ومن ذلك:
1 - كتاب طرائق الحكم المتفق عليها والمختلف فيها للشيخ الدكتور سعيد بن درويش الزهراني
2 - والإثبات بالقرائن في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة تأليف إبراهيم بن محمد الفايز.
3 - والإثبات والتوثيق امام القاضي تأليف عبد الرحمن بن عبد العزيز القاسم.
4 - أسس علم البصمات تأليف عبد الرحمن بن عبد العزيز الفدا.
5 - طرائق الحكم المختلف فيها في الشريعة الإسلامية (رسالة دكتوراه) للشيخ علي الحذيفي.
6 - وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والأحوال الشخصية د. محمد مصطفى الزحيلي.
7 - القضاء ونظامه في الكتاب والسنة (رسالة دكتوراه) د. عبد الرحمن الحميضي.
8 - أحكام الشهادات في المذاهب الربعة تأليف محمد بن عثمان المنيعي.
9 - عقوبة الزنا وشروط تنفيذها تأليف الشيخ الدكتور صالح الخزيم رحمه الله.
10 - عقوبة الإعدام للشيخ الدكتور محمد بن سعد الغامدي.
11 - أثر الشبهات في درء الحدود للشيخ (رسالة ماجستير) الدكتور سعيد بن مسفر الوادعي.
12 - النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته (دراسة فقهية تحليلية) (رسالة دكتوراه) تاليف سفيان بورقعة.
13 - أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي (رسالة دكتوراه) للشيخ الدكتور هشام بن عبد الملك آل الشيخ.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[25 - 11 - 07, 03:33 ص]ـ
اريد فتوى منقولة لاحد العلماء فهل من الممكن ان نجدها
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:05 م]ـ
بارك الله فيك اخي الفاضل
لكن لدي سؤال
أنت قلت:
(أما إثبات الزنا عن طريق Dna وهو ما يسمى بالبصمة الوراثية فالصحيح أنه لا يثبت به وجمهور أهل العلم لا يثبتون الزنا بالقرائن كالحمل ونحوه حتى ممن لا زوج لها فكيف بالبصمة الوراثية التي يجوز فيها الخطأ و يجوز فيها التزوير والتبديل في نتائج التحليل، والحدود تدرء بالشبهات وهذا يعتبر شبهة.)
لماذا لا يمكن اثباتها بالحمل إذا لم تكن متزوجة؟
والحمل لا يحصل إلا عن طريق الرجل أما من زواج أو زنا
فإذا لم تكن متزوجة فلا يكون الحمل إلا عن طريق الزنا
فلماذا لا يكون الحمل دليلا على الزنا؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[25 - 11 - 07, 07:01 م]ـ
ما تعريف الاغتصاب شرعا؟
ـ[ابو عبدالله الرشيدي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 07:25 م]ـ
تعريف الاغتصاب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/418)
* (غصب) الغَصْبُ أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْباً واغْتَصَبَه فهو غاصِبٌ وغَصَبه على الشيءِ قَهَره وغَصَبَه منه والاغْتِصَابُ مِثْلُه والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب الأَزهري سمعت العرب تقول غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عنه شَعَرَه أَو وَبَره قَسْراً بِلا عَطْن في الدِّباغِ ولا إِعْمالٍ في نَدًى أَو بَوْلٍ ولا إِدراج وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً وفي الحديث أَنه غَصَبَها نَفْسَها أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً فاستعاره للجِماعِ. (لسان العرب)
**الغصب أو الاغتصاب: هو أخذ الشّيء قهراً وعدواناً. (الموسوعة الفقهية الكويتيه، ومعجم لغة الفقهاء)
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[25 - 11 - 07, 08:31 م]ـ
بارك الله فيك
الاغتصاب في الأصل افتعال من الغصب وهو أخذ الشيء ظلماً وقهراً و المراد به هنا إكراه على فعل الزنا واللواط.
وهو عند العلماء المتقدمين يسمى إكراهاً وله أحكامه الخاصة به من جهة الحد ومن جهة الحمل والإجهاض ومن جهة رتق غشاء البكارة ونحو ذلك مما تكلم عنه أهل العلم قديماً وحديثاً.
أما ما يتعلق بمسألة إقامة الحد اعتماداً على الحمل فهي مسألة مختلف فيها:
فجمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة لا يوجبون الحد إلا بالبينة أو الاعتراف فإذا ادعت الشبهة أو الإكراه أو أن لها زوجاً أو غير ذلك من وجوه الدفع فإنه لا يقام عليها الحد حتى وإن لم تأت ببينة على مادعته.
وعند المالكية يقام الحد اعتماداً على الحمل إلا أن تظهر علامات الإكراه من استغاثة وصراخ عند نزول الأمر بها وهو اختيار ابن القيم.
وعمدة الجمهور أمران:
1 - أقضية الصحابة رضي الله عنهم عمر وعلي رضي الله عنهما.
2 - قاعدة درء الحدود بالشبهات وهي قاعدة مجمع عليها وذلك أنه يحتمل أن تكون مكرهة وربما تسكت خوفاً من العار والفضيحة فإذا تبين الحمل تفصح عن واقعها، أو يكون وقع عليها وهي نائمة وهي ثقيلة النوم، أو أنها وطئت بشبهة، أو أن الحمل حصل بدون إيلاج كأن يدخل الماء في فرجها بفعلها أو بفعل غيرها فمع هذه الاحتمالات تحصل الشبهة التي يدرء بها الحد.
وعمدة المالكية وابن القيم:
1 - ما رواه البخاري ومسلم عن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه قال: " والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف "
وقد حمله الجمهور على ما إذا كان خالياً من من موجبات الدرء جمعاً بين ما وري عنه في هذا الباب.
2 - ما رواه ابو داود عن ابن جريج عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار قال ابن أبي السري من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يقل من الأنصار ثم اتفقوا يقال له بصرة قال: " تزوجت امرأة بكرا في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لها الصداق بما استحللت من فرجها والولد عبد لك فإذا ولدت " قال الحسن " فاجلدها " وقال ابن أبي السري " فاجلدوها " أو قال " فحدوها "
وأجيب عنه بانه حديث ضعيف معلول أُعلَّ بثلاث علل:
الأولى: أن الراجح فيه الإرسال.
الثانية: أن ابن جريج لم يسمعه من صفوان بن سليم وإنما رواه عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو متروك الحديث تركه أحمد والنسائي والدارقطني و كذبه يحيى بن سعيد وابن معين وابن المديني.
الثالثة: أن ابن جريج مدلس وقد عنعن.
3 - القياس على البينة بل اعتبروه قياس أولى.
وأجيب عنه بأنه قياس في الحدود وقد منعه بعضهم ولو سلم فإنما يصح ذلك لو لم يقدح في الحمل دعوى الإكراه.
وينظر المصادر السابقة وكتاب الحدود والتعزيرات عند ابن القيم للشيخ بكر أبو زيد حفظه الله (ص 148 - 157)
والله أعلم
ـ[صالح الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 09:45 م]ـ
إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة
تاريخ الفتوى: 24 ذو القعدة 1426
السؤال
سؤالي هو عن إثبات الاغتصاب في الإسلام ... فكما قرأت في أحد الفتاوى أن الاغتصاب عقوبته للمغتصب الرجم إن كان محصنا و إن لم يكن محصنا فعقوبته الجلد .. ولكن هل يثبت الاغتصاب بأربعة شهود كالزنا؟؟؟؟ خاصة أن الاغتصاب لا يكون له شهود عادة و بهذا قد لا تستطيع الفتاة إثبات أنها اغتصبت فعلا!
هل من الممكن إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة وهل يقبل الإسلام هذه الوسائل؟
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أن الزنا لا يثبت بأقل من أربعة من الشهود، بخلاف سائر الأمور الأخرى، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}.
ومن صفة الشهود أن يكونوا عدولا، ومن شرط الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأن تكون بالتصريح لا بالكناية.
ولا فرق بين الاغتصاب والزنا إلا في كون الإثم والحد ساقطين عن المرأة في الاغتصاب دون الزنا، وأن لها حقوقا على المغتصب.
وأما إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة فلا يصح، لأن الله تعالى جعل للزنا أربعة من الشهود مع تحديد كيفية معينة لأداء الشهادة فيه، وكل ذلك من أجل الستر وصيانة الأنفس والأعراض، فلا يجوز العدول عن ذلك والاكتفاء بوسائل قد لا يثبت بها ما هو أخف من الزنا.
ثم إنه غير صحيح أن الاغتصاب لا يكون له شهود عادة، بل الشهادة عليه أقرب من الشهادة على الزنا. لأن المرأة المغتصبة يفترض أن تصيح وتستنجد، بخلاف الزنا، فإنها مثل الرجل في التستر عن الناس. ولو افترضنا أن امرأة استنجدت ووجد من يحاول اغتصابها، فإن للسلطات أن تحقق معه، فإن أقر بأنه قام بالاغتصاب فإقراره كاف عن إحضار الشهود فالإقرار سيد الأدلة.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/419)
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:24 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعا
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[29 - 11 - 07, 10:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن في النفس شيئا من هذا!
و لكن:
هل يثبت الزنا أو الإغتصاب بالقرائن بأن يكون ذلك مصورا مثل ما نسمع في بعض القضايا و العياذ بالله؟
إن كان الجواب بنعم فلما التفريق بين هذا و نتائج ال Dna إذا علمنا أن من قام بتحليل النتائج اطباء مسلمون ثقات عدول و إن كان الجواب بالنفي فهل يشترط بالشهود حضور الواقعة في لحظتها أم تعتبر المشاهدة للفلم كافية و في مقام حضور الواقعة في هذه الحال؟ كأن يشهد أربعة أنهم شاهدوا الفلم و الفلم بحوزتهم كقرينة اثتبات الواقعة!
إن كان النفي مقترن بشبهة أن الفلم قد يكون مفبركا أقول: ذلكم مستبعد لاستحالة الفبركة، لعدم توفر التقنية أولا و لاستحالة إيجاد صوت و صورة فتاة و شاب معينين، في بلادنا العربية خصوصاَ, في الفلم فهذا من الخيال خصوصا إن كان الحدث و اضحا!! و إن افترضنا جدلا أن الفبركة حصلت فالتقنية الموجودة حاليا قادرة تماما على كشف أي تزييف حاصل.
أظن من الأفضل التريث و البحث في المسألة فهي مسألة دقيقة و خصوصا في ضوابط الشبه الدارئة لحد في و قتنا الحالي و مدى تطبيقها على أرض الواقع؟
نفع الله بكم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 11 - 07, 12:14 م]ـ
ثم إنه غير صحيح أن الاغتصاب لا يكون له شهود عادة، بل الشهادة عليه أقرب من الشهادة على الزنا. لأن المرأة المغتصبة يفترض أن تصيح وتستنجد، بخلاف الزنا، فإنها مثل الرجل في التستر عن الناس.
بل هو صحيح، فالذي يغتصب لن يفعل ذلك في مكان عام مزدحم! هذه بداهة، وقل الشيء نفسه في اغتصاب الأولاد واللواطة بهم. ولو اشترطنا أربعة شهود عدول لكان هذا تشجيعاً على الاغتصاب لتعسر حصول هذا. ومن تتبع حوادث الاغتصاب في ملفات القضاء لوجد أن توفر الأربع شهود العدول الذين شاهدوا كل التفاصيل يكاد يكون مستحيلاً.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[29 - 11 - 07, 02:14 م]ـ
الشيخ محمد الأمين والإخوة الكرام وفقكم الله
قولكم بارك الله فيكم: (ولو اشترطنا أربعة شهود عدول لكان هذا تشجيعاً على الاغتصاب لتعسر حصول هذا):
أولاً: هذا تعليل في مقابل النصوص التي تشترط أربعة شهود في الزنا ومنها:
1 - قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}.
2 - وقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم}
3 - وقوله تعالى: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون}
4 - وفي صحيح مسلم عن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى أتي بأربعة شهداء؟ قال: " نعم "
5 - والإجماع منعقد على هذا إلا خلافا عند الحنفية في اللواط.
ثانياً: من قال إن من اغتصب سينجو وبالتالي يكون تشجيعاً على الاغتصاب؟ بل جريمة الاغتصاب أشد؛ لأنه سيكون حده حد الحرابة و ربما يكون القتل بغض النظر هل أحصن أولا وبشهادة عدلين بدل أربعة فظهر أنه أقرب إلى العقوبة من الزنا عن رضا.
وأما قولكم: (ومن تتبع حوادث الاغتصاب في ملفات القضاء لوجد أن توفر الأربع شهود العدول الذين شاهدوا كل التفاصيل يكاد يكون مستحيلاً) فهذا يجاب عنه بأن هذا لم يحصل حتى في الزنا بدون اغتصاب فهل وجدت حادثة زنا في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو الصحابة أو من جاء بعدهم أو نقلت في تاريخ الأمة أن أقيم حد الزنا بالشهادة؟ بل كل حد زنا أقيم كان الاعتماد فيه على الإقرار أو أنه ألحق بالحرابة وإن وجد إقامة حد الزنا بالشهود فهو نادر جداً.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 11 - 07, 02:24 م]ـ
سبقني الشيخ الكريم أبو حازم في الرد فأحسن
هذا صحيح .. سيكون حده حد الحرابة وهو أشد وأنكى.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:54 م]ـ
شكرا لكم ولكل من شارك فى هذا الموضوع لاسيما الاخ الاستاذ ابوحازم الكاتب
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[01 - 12 - 07, 12:54 ص]ـ
الشيخ محمد الأمين والإخوة الكرام وفقكم الله
قولكم بارك الله فيكم: (ولو اشترطنا أربعة شهود عدول لكان هذا تشجيعاً على الاغتصاب لتعسر حصول هذا):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/420)
أولاً: هذا تعليل في مقابل النصوص التي تشترط أربعة شهود في الزنا ومنها:
1 - قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}.
2 - وقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم}
3 - وقوله تعالى: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون}
4 - وفي صحيح مسلم عن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى أتي بأربعة شهداء؟ قال: " نعم "
5 - والإجماع منعقد على هذا إلا خلافا عند الحنفية في اللواط.
ثانياً: من قال إن من اغتصب سينجو وبالتالي يكون تشجيعاً على الاغتصاب؟ بل جريمة الاغتصاب أشد؛ لأنه سيكون حده حد الحرابة و ربما يكون القتل بغض النظر هل أحصن أولا وبشهادة عدلين بدل أربعة فظهر أنه أقرب إلى العقوبة من الزنا عن رضا.
وأما قولكم: (ومن تتبع حوادث الاغتصاب في ملفات القضاء لوجد أن توفر الأربع شهود العدول الذين شاهدوا كل التفاصيل يكاد يكون مستحيلاً) فهذا يجاب عنه بأن هذا لم يحصل حتى في الزنا بدون اغتصاب فهل وجدت حادثة زنا في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو الصحابة أو من جاء بعدهم أو نقلت في تاريخ الأمة أن أقيم حد الزنا بالشهادة؟ بل كل حد زنا أقيم كان الاعتماد فيه على الإقرار أو أنه ألحق بالحرابة وإن وجد إقامة حد الزنا بالشهود فهو نادر جداً.
بارك الله فيك
لقائل أن يقول: إن عقوبة الزنا حق لله, وحقوق الله مبنية على المسامحة, بينما الاغتصاب فيه حق لمخلوق هو المرأة المغتصبة, فيجب أن يتشدد فيه لأن حقوق الخلق مبنية على المشاحة
وهذا لا يعني أن نخالف الإجماع ونثبت الحد بما دون أربعة شهود, ولكنا نثبت وقوع الإكراه والاعتداء على هذه المرأة ولو بشاهدين, وإنما الذي لا يثبت إلا بأربعة هو الإيلاج الذي يوجب الحد
وعلى هذا يثبت الإكراه على ما دون الزنا وهو جريمة فيها تعدي على عرض هذه المرأة وترويع للآمنين وهتك للحرمات, فيوقع بالمجرم التعزير الذي يرتدع به هو وغيره من السفلة, وأما الحد فلا يثبت ولا يقام إلا بالشهود الأربعة
وهذه المقاربة تحقق مقصود الشارع من درأ الحد بالشبهة, وتحقق مقصود الشارع من حفظ الأعراض وتأديب المجرمين وردعهم
ويجب أن يشدد في التعزير ولو بلغ القتل كما هو عند المالكية ورجحه ابن القيم وغيره, لأن هذه الجرائم بدأت تنتشر بشكل مخيف, وبدأ الاستهتار واضحا متجليا في صور كثيرة منها تصوير الجريمة ونشرها بالبلوتوث ونحو ذلك
فلو قيل بذلك لكان له وجها قويا, ولعل هذا لا يخالف ما يقرره الأخوة, ولكن أردت به إبراز الجانب التعزيري الذي يمنع انتشار هذه الجرائم التي قد يصعب إثبات الحد فيها مع ثبوت الخطف والتعدي بما دون الإيلاج, والله أعلم
ـ[عبد العزيز بن سعد]ــــــــ[01 - 12 - 07, 04:54 ص]ـ
يثبت الاغتصاب:
1 - باعتراف المغتصب.
2 - بالشهادة الشرعية، فإن كان بزنا فيشترط أربعة شهود عدول، وإن كان لواطا فبشهادة عدلين.
وإذا وجدت آثار للمني فإن القاضي في السعودي يرسلها إلى الأدلة الجنائية لفحصها، مع عينة من شعر أو عرق المتهم.
وهي قرينة قوية، يأخذ بها بعض القضاة لإثبات وقوع الزنا أو اللواط.
ثم إن إثبات كون الجريمة تحت الإكراه يحتاج إلى إثبات آخر، ويُعمل القاضي القرائن في ذلك، بوجود مقاومة من المجني عليه/عليها.
ومع ذلك، فإذا لم تثبت الجريمة الموجبة للحد، فإن القاضي يعزر المتهم لخروجه في خلوة مع امرأة أو حدث، أو لتعريضه نفسه للشبهات ونحو ذلك.
وأكثر ما يصعب المسألة: احتراف المجرم، باستعمال الواقي المطاطي، وعدم ترك أي أثر لجريمته، وقد احتار أحد القضاة في قضية اغتصاب جماعي لحدث، ولم يوجد أي أثر للجناة، مع ثبوت اغتصاب الحدث، فلا سبيل إلى تحليل الحمض النووي، وصار الحدث مدعيا يحتاج إلى بينة، فاكتفى القضاة بسجنهم ثلاثة أشهر لثبوت ركوب الحدث معهم في السيارة، وما وراء ذلك فلم يثبت لديه شرعا ....
ولإن نجى الجناة من القضاء، فأمامهم التقاضي الذي لا يمكنهم إخفاء شيء مهما حاولوا، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ....
ـ[عبدالرحمن المسيرى]ــــــــ[01 - 12 - 07, 06:05 م]ـ
سواء ثبت الاغتصاب او لم يثبت فإن هذا لا يعفى الجانى من العقاب
فحد الحرابة وضع لمثل هذا
حتى لا يظن أحد ان عدم ثبوت الاغتصاب يجعل من الجانى ضحية والعكس
ـ[عمر الغامدي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 03:04 م]ـ
"يرى الامام مالك بأنه يجوز قتل الزاني المحارب ولو غير محصن ولا يشترط في الزنا حرابة الشروط الواجب توافرها في الزنا حداً بعكس الجمهور الذين يرون إقامة حد الزنا متى توارفرت شروطه بحيث يجب رجم الزاني المحصن بوصف كونه زانياً لا بوصفه محارباً وإذا كان غير محصن فإنه يجب بوصفه زانياً لا باعتباره محارباً"
العقوبة (139،140) لمحمد ابو زهرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/421)
ـ[عمر الغامدي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 07:55 ص]ـ
هل الصورتين مثماثلتين صورة الزنا بالاكراه (الاغتصاب) وصورة الزنا بالتراضي حتى نقول أن الزنا بالاكراه لا يثبت إلا بما يثبت به الزنا بالتراضي، امرأة غصبها مجرم نفسها فأخبرت بذلك لا تقصد بإخبارها تطهيرها من الذنب الذي وقعت فيه لأنها أكرهت على الزنا ولكن تقصد أخذ حقها من مجرم قد يكون احتال عليها.
خذ مثالاً لصورة من الحيل التي تعد من صور الاكراه: هذه امرأة ركبت مع سائق أجرة وهذا السائق عنده مادة مخدرة وفي أحد الشوارع المعزولة قام بنثر هذه المادة عليها فخدرها ثم فعل بها الفاحشة وصورها.
ـ[عمر الغامدي]ــــــــ[10 - 12 - 07, 08:38 ص]ـ
حكم على خمسة من الجناة في المملكة بالقتل تعزيراً وصدر الأمر السامي رقم/174 وتاريخ 7/ 4/1418هـ بإنفاذ ما تقرر شرعاً وتم التنفيذ بتاريخ 12/ 5/1418هـ وذلك لقيامهم بشرب المسكر واستدراج غلام وإركابه معهم وفعل الفاحشة فيه بالقوةوالإكراه.
لاحظ أخي الكريم بالقتل تعزيراً وليس بحد الحرابة.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[10 - 12 - 07, 04:49 م]ـ
يظهر أنه حكم عليه بالقتل تعزيراً لوجود الشبهة التي تدرأ الحد وهو ركوبه معهم برضاه واختياره بمعنى أنه لم يحصل اختطاف وبالتالي لا يكون هذا من قبيل الحرابة والله أعلم
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[10 - 12 - 07, 09:28 م]ـ
هناك تعميم يقضي بأن فعل فاحشة اللواط بمن هو دون الخامسة عشر يطلب فيه حد الحرابة كون هذا يعتبر اغتصاباً وى عبرة برضى الصبي ...
ـ[عمر الغامدي]ــــــــ[10 - 12 - 07, 10:58 م]ـ
إذاً أخي العزيز عبدالله نعود لأصل الموضوع بم يثبت الاغتصاب؟ وهل صورته مثل صورة الحرابة؟ وأيضاً كيف يثبت حد الحرابة؟
كل هذه الأسئلة تحتاج مزيد بحث وتأمل ولعل الله ييسر لها من يبحثها بحثاً وافياً لأهمية ذلك.
تساؤل: إذا لم يثبت حد الحرابة هل يطلب القتل تعزيراً والتعزير قد يقوم على الشبهة بينما الحدود لا تقوم إلا على البينات المتفق عليها فالمأخذ مختلف هل يتصور أن يطلب حد الزاني المحصن فإن لم يثبت فيطلب قتله تعزيرا على نفس الأفعال رغم أن الحكم محله واحد هذا إذا كان يقصد بطلب حد الحرابة القتل ليس غير ذلك من القطع من خلاف أو النفي.
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[10 - 12 - 07, 11:22 م]ـ
هل يتصور أن يطلب حد الزاني المحصن فإن لم يثبت فيطلب قتله تعزيرا على نفس الأفعال رغم أن الحكم محله واحد هذا إذا كان يقصد بطلب حد الحرابة القتل ليس غير ذلك من القطع من خلاف أو النفي.
أخي المحل واحد ولكن الجناية ليست واحدة من كل وجه, فالزاني بذلك المحل مع المطاوعة ليس كمن زنى بالكره مع الخطف ونحوه, والتعزير مشروع لردع مثل هذه الجرائم, وعقوبة التعزير هنا ليست مقابل الزنا بمجرده حتى يستشكل تغليظها ووصولها للقتل, بل هي مقابل الخطف والإكراه, ومما يراعى في التعزير ردع الجناة بتغليظ الأحكام إذا انتشر ذلك الجرم وأصبح يزعزع أمن الناس على أعراضهم أو غيرها من الضروريات التي جاءت الشريعة بحفظها
ولعلك لاحظت في نظرك في هذه المسألة مأخذ من منع أن يصل القاضي بالتعزير إلى الحد الذي من جنسه ذلك الجرم الذي يُوقَع التعزير مقابله, فيجعلون الجلد مثلا 79 كحد أقصى وهو قول لأبي يوسف, والسجن سنة ونحو ذلك, فالجواب ما ذكرته من أن التعزير هنا أوقع في مقابلة جريمة اشتملت على ما هو من جنس حد الزنا واشتملت على جرم آخر شنيع وهو الخطف وربما الضرب والرعب الذي يصاحب الاغتصاب, وغيره من الأذى المعنوي والحسي الذي يتقطع الإنسان ألما من مجرد السماع عنه, فكيف بمن تمر بذلك نسأل الله أن يعافينا والمسلمين, ويكف عنا كيد المجرمين, ويحفظ علينا نعمه إنه على ذلك قدير
ـ[عمر الغامدي]ــــــــ[11 - 12 - 07, 07:45 ص]ـ
هل يتصور أن يطلب حد الزاني المحصن فإن لم يثبت فيطلب قتله تعزيرا على نفس الأفعال.
قصدت أخي الكريم هنا التمثيل فقط ولعلي لم أحسن صياغة العبارة والذي أريد أن انتهي إليه هو أن الحدود لا يزاد فيها ولا ينقص وليس كل خطف أو زنا بالاكراه يطلب فيه حد الحرابة لأن اثبات الحكم بصورة الحد سيكون صعباً أمام الجهة القضائية ولإمكانية درئه بالشبهة أما طلب القتل تعزيراً فيكون أقوى من ناحية الأدلة لأن التعزير يقوم بالشبهة ولا ينتفي بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/422)
ولعلي اكتب في هذا شيئاً مستقلاً والله يتولى الجميع برحمته.
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[11 - 12 - 07, 07:51 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
لكن ربما يكون في الحادثة من القرائن ما يرجح أحد جوانبها , ففي كثير من المسائل لا يجد الحاكم أو القاضي من المرجحات إلا قرائن تحف بالشيء فيحكم له.
والحكم بالقرائن القوية أصل أصيل كما نبه إلى ذلك ابن القيم رحمه الله وغيره
قال رحمه الله: بم تكون الحجة
قلت وتارة تكون الحجة نكولا فقط من غير رد اليمين وتارة تكون يمينا مردودة مع نكول المدعى عليه كما قضى الصحابة بهذا وهذا
وتارة تكون علامات يصفها المدعي يعلم بها صدقه كالعلامات التي يصفها من سقطت منه لقطة لواجدها فيجب حينئذ الدفع إليه بالصفة عند الإمام أحمد وغيره ويجوز عند الشافعي ولا يجب
وتارة تكون شبها بينا يدل على ثبوت النسب فيجب إلحاق النسب به عند جمهور من السلف والخلف كما في القافة التي اعتبرها رسول الله صلى الله عليه و سلم وحكم بها الصحابة من بعده
وتارة تكون علامات يختص بها أحد المتداعيين فيقدم بها كما نص عليه الإمام أحمد في المكرى والمكترى يتداعيان دفينا في الدار فيصفه أحدهما فيكون له مع يمينه الظاهرة والظن الغالب الملتحق بالقطع في اختصاص كل واحد منهما بما يصلح له ورأوا أن الدعوى تترجح بما هو دون ذلك بكثير كاليد والبراءة والنكول واليمين المردودة والشاهد واليمين والرجل والمرأتين فيثير ذلك ظنا تترجح به الدعوى ومعلوم أن الظن الحاصل ههنا أقوى بمراتب كثيرة من الظن الحاصل بتلك الأشياء وهذا مما لا يمكن جحده ودفعه
أمارات الحق الموجود والمشروع
وقد نصب الله سبحانه على الحق الموجود والمشروع علامات وأمارات تدل عليه وتبينه قال تعالى وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات ومالنجم هم يهتدون
ونصب على القبلة علامات وأدلة
ونصب على الإيمان والنفاق علامات وأدلة قال النبي صلى الله عليه و سلم إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان فجعل اعتياد شهود المسجد من علامات الإيمان وجوز لنا أن نشهد بإيمان صاحبها مستندين إلى تلك العلامة والشهادة إنما تكون على القطع فدل على أن الأمارة تفيد القطع وتسوغ الشهادة
وقال آية المنافق ثلاث وفي لفظ علامة المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وفي السنن ثلاث من علامات الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله والجهاد ماض منذ بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار
وقد نصب الله تعالى الآيات دالة عليه وعلى وحدانيته وأسمائه وصفاته فكذلك هي دالة على عدله وأحكامه والآية مستلزمة لمدلولها لا ينفك عنها فحيث وجد الملزوم وجد لازمه فإذا وجدت آية الحق ثبت الحق ولم يتخلف ثبوته عن آيته وأمارته فالحكم بغيره حينئذ يكون حكما بالباطل
وقد اعتبر النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه من بعده العلامات في الأحكام وجعلوها مبينة لها كما اعتبر العلامات في اللقطة وجعل صفة الواصف لها آية وعلامة على صدقه وأنها له وقال لجابر خذ من وكيلي وسقا فإن التمس منك آية فضع يدك على ترقوته فنزل هذه العلامة منزلة البينة التي تشهد أنه أذن له أن يدفع إليه ذلك كما نزل الصفة للقطة منزلة البينة بل هذا نفسه بينة إذ البينة ما تبين الحق من قول وفعل ووصف
وجعل الصحابة رضي الله عنهم الحبل علامة وآية على الزنا فحدوا به المرأة وإن لم تقر ولم يشهد أو تسعا آية وعلامة على كونهم ما بين الألف والتسعمائة فأخبر عنهم بهذا القدر بعد ذكر هذه العلامة
وجعل النبي صلى الله عليه و سلم كثرة المال وقصر مدة إنفاقه آية وعلامة على كذب المدعي لذهابه في النفقة والنوائب في قصة حيي بن أخطب وقد تقدمت وأجاز العقوبة بناء على هذه العلامة
واعتبر العلامة في السيف وظهور أثر الدم به في الحكم بالسلب لأحد المتداعيين ونزل الأثر منزلة بينة
واعتبر العلامة في ولد الملاعنة وقال أنظروها فإن جاءت به على نعت كذا وكذا فهو لهلال بن أمية وإن جاءت به على نعت كذا وكذا فهو للذي رميت به فأخبر أنه للذي رميت به لهذه العلامات والصفات ولم يحكم به له لأنه لم يدعه ولم يقر به ولا كانت الملاعنة فراشا له
واعتبر نبات الشعر حول القبل في البلوغ وجعله آية وعلامة له فكان يقتل من الأسرى يوم قريظة من وجدت فيه تلك العلامة ويستبقى من لم تكن فيه ولهذا جعله طائفة من الفقهاء كالشافعي علامة في حق الكفار خاصة
وجعل الحيض علامة على براءة الرحم من الحمل فجوز وطء الأمة المسبية إذا حاضت حيضة لوجود علامة خلوها من الحبل فلما منع من وطء الأمة الحامل وجوز وطأها إذا حاضت كان ذلك اعتبارا لهذه العلامة والأمارة واعتبر العلامة في الدم الذي تراه المرأة ويشتبه عليها هل هو حيض أو استحاضة واعتبر العلامة فيه بوقته ولونه وحكم بكونه حيضا بناء على ذلك
وهذا في الشريعة أكثر من أن يحصر وتستوفى شواهده
إطلاق لفظ الشرع
فمن أهدر الأمارات والعلامات في الشرع بالكلية فقد عطل كثيرا من الأحكام وضيع كثيرا من الحقوق والناس في هذا الباب طرفان ووسط.
الطرق الحكمية (145)
ففي مسألة الاغتصاب ربما يلجأ القاضي إلى القرائن القوية التي تحف بالحادثة
كوجود شعر أو لحم المغتصب في أظافر الضحية التي تدل على دفعه وك dna وغير ذلك فتكون هذه من المرجحات والقرائن.
أي لا يسلم لها بالاطلاق لكن قد تكون من المرجحات التي تضاف إلى أدلة أخرى - قرائن أخرى ظاهرة - تعين على الحكم بالحادثة.
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/423)
ـ[عبد العزيز بن سعد]ــــــــ[07 - 01 - 08, 04:58 م]ـ
وما رأيك بالقضية التي ذكرت لك
والتي لم يثبت للقاضي الاغتصاب من المتهمين، مع وجود أثر الاغتصاب، باستعمال الواقيات، أو لتأخر الإبلاغ؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 05 - 08, 10:08 ص]ـ
للمزيد من البحث
ـ[أسامة بن سعد الهادي]ــــــــ[16 - 07 - 10, 11:04 م]ـ
وماذا أيها الأفاضل عن الإثبات بفحص الطب الشرعي؟!
وقد تكون فيه قرائن تثبت بما لا يدع للشك مجالاً وقوع الاغتصاب، بفحص المدعي والمدعى عليه وله في ذلك طرائق كثيرة.
أفلا يؤخذ بها؟!
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[17 - 07 - 10, 11:13 م]ـ
يؤخذ بالقرائن فقط في توجيه التهمة، وتختلف القرائن من حيث توجيه التهمة من تهمة ضعيفة إلى تهمة قوية تصل إلى قرب حد اليقين.
ولكن الحد لا يقام إلا بالبينة القاطعة ولا التفات للقرائن.
أما الشخص الذي قال: (إن في هذا تشجيعا للاغتصاب) فأقول إن الاغتصاب لو احتفت به أمور تشدد العقوبة كأن كان المجني عليه صغيرا والجاني معروفا بالفساد وقد أخذه وخرج به إلى خارج المدينة وصوره ونحو ذلك واحتفت قرائن تدينه فقد تصل عقوبته إلى القتل
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[17 - 10 - 10, 01:17 ص]ـ
في قرار " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " - التابع لرابطة العالم الإسلامي - بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها، فيه قولهم:
أولاً: لا مانع شرعاً من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص؛ لخبر (ادْرَؤوا الحُدُودَ بالشُّبُهاتِ) وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة.
انتهى
ـ[أبو أنس السائر]ــــــــ[28 - 10 - 10, 03:05 ص]ـ
على حسب ما فهمت إن البصمة الوراثية إنما تنفي النسب ولا تثبت نسبا لأحد فهل هذا صحيح؟؟(87/424)
ما حكم صلاة الرجل لوحده في الصف
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[25 - 11 - 07, 11:00 ص]ـ
إخواننا الكرام هل يجوز للرجل ان يصلي لوحده في الصف خلف الإمام إذا لم يجد مكانا يقف فيه في الصف عندما يأتي متأخرا؟ وهل يجوز له ان يسحب أحد من الصف الأمامي ويترك فرجة في الصف أرجو اقوال العلماء في ذلك مع بيان الراجح.
ـ[ابو عبد الله الهلالى]ــــــــ[26 - 11 - 07, 01:18 ص]ـ
قال الشيخ الالبانى فى الضعيفة 922
" ألا دخلت في الصف، أو جذبت رجلا صلى معك؟! أعد صلاتك ".
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (2/ 322):
ضعيف جدا. أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " و أبو الشيخ في " تاريخ
أصبهان " و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " من طريق يحيى بن عبدويه: حدثنا قيس
بن الربيع عن السدي عن زيد بن وهب عن وابصة بن معبد: " أن رجلا صلى خلف الصف
وحده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "، فذكره. قلت: و لكن إسناده واه
جدا، فلا يصلح للشهادة، فإن قيسا ضعيف، و ابن عبدويه أشد ضعفا منه، كما
بينته في المصدر المشار إليه آنفا، فأغنى عن الإعادة، فإعلال الحافظ إياه
بقيس وحده قصور. و أفاد أن الطبراني أخرجه أيضا في " الأوسط " فرفعه السري بن
إسماعيل و هو متروك، و أما الهيثمي فعزاه لأبي يعلى من طريق السري هذا و هو في
" مسنده " (2/ 445). (فائدة): إذا ثبت ضعف الحديث فلا يصح حينئذ القول
بمشروعية جذب الرجل من الصف ليصف معه، لأنه تشريع بدون نص صحيح، و هذا لا
يجوز، بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن و إلا صلى وحده، و صلاته صحيحة،
لأنه (لا يكلف الله نفس إلا وسعها)، و حديث الأمر بالإعادة محمول على ما إذا
قصر في الواجب و هو الإنضمام في الصف و سد الفرج و أما إذا لم يجد فرجة، فليس
بمقصر، فلا يعقل أن يحكم على صلاته بالبطلان في هذه الحالة، و هذا هو اختيار
شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال في الاختيارات " (ص 42): " و تصح صلاة الفذ
لعذر، و قاله الحنفية، و إذا لم يجد إلا موقفا خلف الصف، فالأفضل أن يقف
وحده و لا يجذب من يصافه، لما في الجذب من التصرف في المجذوب، فإن كان
المجذوب يطيعه، فأيهما أفضل له و للمجذوب؟ الاصطفاف مع بقاء فرجة، أو وقوف
المتأخر وحده؟ و كذلك لو حضر اثنان، و في الصف فرجة، فأيهما أفضل وقوفهما
جميعا أو سد أحدهما الفرجة، و ينفرد الآخر؟ الراجح الاصطفاف مع بقاء الفرجة
، لأن سد الفرجة مستحب، و الاصطفاف واجب ". قلت: كيف يكون سد الفرج مستحبا
فقط، و رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: " من وصل صفا
وصله الله، و من قطع صفا قطعه الله "! <1> فالحق أن سد الفرج واجب ما أمكن،
و إلا وقف وحده لما سبق. و الله أعلم. (تنبيه): هذا الحديث لم يورده
السيوطي في " الجامع الكبير " البتة!!.
---------
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[26 - 11 - 07, 01:48 ص]ـ
الجمهور يرون صحة صلاة المنفرد خلف الصف
والحنابلة يرون بطلانها ..
والقول الثالث لشيخ الاسلام أن الصلاة صحيحة
عند عدم وجود مكان في الصف واختاره ابن عثيمين ...
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:11 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على إفادتكم.
ـ[نافع الشافعي]ــــــــ[01 - 12 - 07, 02:53 م]ـ
بارك الله في كل من شارك في هذا الموضوع،وقد رجّح الشيخ وليد السعيدان،صحّة صلاة المنفرد خلف الصفّ،إذا لم يجد فرجةً فيه،وعلّل ذلك بأن لا تكليف إلا بمقدورٍ عليه.
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[04 - 12 - 07, 06:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[منصور بن يوسف]ــــــــ[07 - 12 - 07, 12:38 ص]ـ
يقول الشيخ عبد الله البسام في توضيح الأحكام ما معناه: أن حديث وابصة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا صلى خلف الصف وحده فأمره بإعاده الصلاة. يحمل على من وجد فرجة فصلى وحده أما من لم يجد وصلى وحده فتصح صلاته لانه معذور.
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[30 - 03 - 08, 07:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(87/425)
ما حكم من حج ثلاث حجج متواليات ولم يطف في أيٍّ منهن طواف الافاضة؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[25 - 11 - 07, 04:00 م]ـ
ما حكم من حج ثلاث حجج متواليات ولم يطف في أيٍّ منهن طواف الافاضة؟(87/426)
أحاديث الحج المعلة للشيخ عبد العزيز الطريفي
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[25 - 11 - 07, 04:09 م]ـ
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64401
ـ[أبو مالك الشيباني]ــــــــ[26 - 11 - 07, 06:50 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:01 م]ـ
السَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَسْْأَلُ اللهَ - العَلِيَّ العَظِيْمَ - أَنْ يُجْزِيْكَ خَيْراً وَعافِيَةً (آمِيْن (َ.
وَاصِلْ وَصَلَكَ اللهُ بِطاعَتِهِ.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:03 م]ـ
السَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَسْْأَلُ اللهَ - العَلِيَّ العَظِيْمَ - أَنْ يُجْزِيْكَ خَيْراً وَعافِيَةً (آمِيْن).
وَاصِلْ وَصَلَكَ اللهُ بِطاعَتِهِ.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:20 ص]ـ
أبشركم أنها نزلت الأن في تسجيلات الراية.
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[30 - 11 - 07, 11:35 ص]ـ
من ينشط من الشباب لتفريغها فجزاه الله خيرا.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:27 م]ـ
لعله يكون أول الناشطين أنت ياسعود ....
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 01:45 م]ـ
ولازال السؤال مطروحاً ..
هل أحد من الإخوة فرغها .. ؟(87/427)
وعدنا إليكم في سلسلة محاضرات (زاد الحج) ومـ&
ـ[جامع الأميرة نوره]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:39 م]ـ
http://www.arb-up.com/files/arb-up-Nov2/TrC95903.jpg
ـ[عبد المتين]ــــــــ[26 - 11 - 07, 03:51 ص]ـ
أثابكم الله، نحن في إنتظار النقل الحي إن شاء الله خاصة للشيخ الحبيب: عبد العزيز الطريفي.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك.
أسأل الله لك الجنة وأن يرزقك الفردوس الأعلى.
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:28 م]ـ
شكر الله لكم جهودكم
وأسأل الله أن لا يرحمكم الأجر
وأن يجزل لكم المثوبة
ـ[ابو صلاح السلفي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 08:11 ص]ـ
الرابط لا يعمل
هل من الممكن إنزال الجدول عاجلاً
و جزاكم الله خير
ـ[جامع الأميرة نوره]ــــــــ[27 - 11 - 07, 02:16 م]ـ
الإعلان ظهر عندي وعند غيري ممن شاهد الموضوع، عموما الجدول على النحو الآتي/
سلسلة المحاضرات الرابعة عشرة بعنوان (زاد الحج)
والمُقامة -بمشيئة الله- في جامع الأميرة نوره بنت عبدالله بن عبدالعزيز بحي النخيل بشمال الرياض
1 - شرح كتاب الحج من كتاب التسهيل في الفقه للبعلي.
سماحة الشيخ: عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل
عشاء السبت21/ 11
مغرب الأربعاء25/ 11
2 - النوازل في الحج
فضيلة الشيخ: عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي
الأحد22/ 11
الاثنين23/ 11
بعد العشاء
3 - الصالحون في الحج
فضيلة الشيخ د. محمد بن عبدالرحمن العريفي
مغرب الثلاثاء24/ 11
4 - قواعد الحج الفقهية
فضيلة الشيخ د. محمد بن حسين الجيزاني
مغرب الجمعة27/ 11
5 - تفسير آيات الحج من سورة البقرة
فضيلة الشيخ د. عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر
السبت28/ 11
الأحد29/ 11
بعد العشاء.
6 - مقاصد الحج
فضيلة الشيخ د. حسين بن ناصر الحكمي
مغرب الاثنين 30/ 11
7 - التيسير المشروع في الحج
فضيلة الشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك
مغرب الأربعاء2/ 12
للاستفسار/ 0533440093
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:20 ص]ـ
ماشاء الله
نفع الله بكم ..
متميزين دائماً.
ـ[جامع الأميرة نوره]ــــــــ[01 - 12 - 07, 08:06 ص]ـ
ستبدأ السلسلة عشاء اليوم السبت 21/ 11 مع سماحة الشيخ العلامة: عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل -أمتع الله به- وشرح كتاب الحج من كتاب التسهيل في الفقه بمشيئة الله تعالى.(87/428)
دراسات في الحجر
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل توجد رسالة علمية مطبوعة تخص الحجر في الفقه
أو أي كتاب يختص بهذا الموضوع رفع الله قدركم
ـ[أبو بكر التركي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 07:21 م]ـ
يحضرني في الوقت الحاضر عنوانان:
1_ بحث في الحجر (هكذا عنوان الكتاب) لمحمد الهواري. و هو مطبوع في مصر.
2_ الحجر على المدين لحق الغرماء لأحمد علي الخطيب. و هو في الأصل رسالة دكتوراه , و قد طبعت في مصر سنة 1964.(87/429)
هل الجَدي فيه خلاف معتبر في الأضحية؟
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل الجَدي فيه خلاف معتبر في الأضحية؟
و ما هي أدلة كلٍ؟
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[26 - 11 - 07, 03:05 م]ـ
?????????????
?????????????
?????????????
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:56 ص]ـ
السؤال
هل يجوز ذبح جدي فى العقيقة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي عليه جمهور أهل العلم أن الشاة التي يجزئ ذبحها في العقيقة هي التي تجزئ في الأضحية.
والأضحية يشترط فيها أن تكون ثنية، يعني سقطت ثنيتاها ونبت لها بدلهما، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تذبحوا إلا مُسِنَّة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن. رواه مسلم.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: والمسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها. انتهى.
ولا يجزئ في الأضحية أقل من مسنة بدليل ما ثبت في الصحيحين: أن رجلاً قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة، قال اذبحها ولا تفي عن أحد بعدك.
والجمهور على أن العقيقة يطلب فيها ما يطلب في الأضحية، ومن الأمثلة من كلام أهل العلم على ذلك قول محمد بن أحمد الشربيني في مغني المحتاج: وجنسها وسنها وسلامتها من العيب والأفضل منها، والأكل وقدر المأخوذ منها والادخار والتصدق والإهداء، وتعيينها إذا عينت، وامتناع بيعها كالأضحية.
وعليه فإن ذبح الجدي لا يجزئ عنك في العقيقة، هذا إذا كنت تريد بالجدي مدلوله عند أهل اللغة أما إذا كنت تقصد ذكر المعز الذي تجاوز السنة فهو مجزئ، وراجع الفتوى رقم: 15288.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[27 - 11 - 07, 01:20 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 11 - 07, 01:26 م]ـ
وإياك
ـ[أحمدسالم]ــــــــ[06 - 10 - 08, 07:09 م]ـ
ما هو المدلول اللغوي للجدي؟ وكيف أميز أن هذا الجدي يجزأ؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 10 - 08, 01:03 م]ـ
إن كان السائل يقصد المعز الذي أتم سنة أو أكثر فهذا مجزئ في الأضحية بلا إشكال ..
وإن كان يقصد ولد المعز منذ ولادته، وهو الجدي في اللغة، فلا يجزئ .. سواء كان سَخلةً أو بَهمةً أو جفرة .. ثم لا يسمى جدياً، فهو يكون بعد ذلك جَذَعاً (ستة أشهر)، ثم يكون ثنياً (سنة) وهكذا.(87/430)
ما الدليل على عدم الاخذ من الاظافر والاشعار للحاج والمعتمر؟
ـ[بن العربى الشافعى]ــــــــ[25 - 11 - 07, 09:01 م]ـ
هل يوجد دليل من الكتاب أو السنة على أن الأخذ من الأشعار أو الأظفار من محظورات الإحرام؟
ـ[أبو أسامة الشمري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 10:01 م]ـ
هل يوجد دليل من الكتاب أو السنة على أن الأخذ من الأشعار أو الأظفار من محظورات الإحرام؟
محظورات الإحرام: هي الممنوعات التي يمنع منها الإنسان بسبب الإحرام، ومنها:
1 - حلق شعر الرأس، لقوله تعالى: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلَّه) البقرة/196، وألحق العلماء بحلق الرأس حلق سائر شعر الجسم، وألحقوا به أيضاً تقليم الأظافر، وقصها.
...
من كتاب فتاوى منار الإسلام للشيخ ابن عثيمين ج/2 ص/391 - 394
http://www.islamqa.com/index.php?ref=11356&ln=ara
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لكعب بن عجرة: "آذاك هوام رأسك؟ " قال: نعم. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "احلق رأسك ثم اذبح شاة نسكًا أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين".
وفي نفس الملتقى المبارك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16311
بخصوص من أراد الأضحية
ـ[بن العربى الشافعى]ــــــــ[25 - 11 - 07, 10:56 م]ـ
اخي الفاضل أسامة:
سؤالي بوضوح ما هو الدليل .. من الكتاب والسنة على ماذا؟ الأشعار! وليس شعر الرأس وعن الأظفار!!! فلم تذكرلي الدليل على ذلك من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ...... وجزاك الله خيراً
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:51 ص]ـ
أما حلق شعر الرأس فهذا محل اجماع نقل الاجماع فيه عشرات العلماء
والمستند هو قوله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله)
أما قلم الأظافر وحلق شعر البدن فالجمهور يرونه محظورا بل حكاه ابن المنذر اجماعا
والدليل قوله تعالى (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم)
ورد عن ابن عباس كما في تفسير ابن جرير أنه قال
في تفسير هذه الاية: يعني بالتفث وضع احرامهم من
حلق الرأس و لبس الثياب وقص الأظافر ونحو ذلك)
ـ[بن العربى الشافعى]ــــــــ[26 - 11 - 07, 01:01 ص]ـ
أخي أبو معاز بارك الله فيك وزاك علماً وجزاك الله خيراً(87/431)
دليل حجك خطوة خطوة
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[25 - 11 - 07, 09:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما بعد
من موقع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أنقل لكم هذا الموضوع الذي يوضح مناسك الحج خطوة خطوة لمن لا يفقه حرفا في الحج فيها توضيحات وتعريفات بالصوت والصورة ميسرة ومفيدة باذن الله
وهي دعوة لمن سيحج ان شاء الله نسأل الله أن يتقبل منهم ولغيرهم أيضا
مناسك الحج
ايضاح حركى
http://hajj.al-islam.com/hajjGatem/mov/mov.asp# (http://hajj.al-islam.com/hajjGatem/mov/mov.asp#)
عرض مصور
http://hajj.al-islam.com/arb/data/steps/hajj-steps.htm# (http://hajj.al-islam.com/arb/data/steps/hajj-steps.htm#)
شرح مناسك حج التمتع
1 - الحج ركن من اركان الاسلام
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot2.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot2.rm)
2- خدمات المملكة العربية السعودية
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot3.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot3.rm)
3- شرح الانساك الثلاثة
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot5.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot5.rm)
4- المواقيت المكانية
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot6.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot6.rm)
5- ملابس الاحرام
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot7.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot7.rm)
6- محظورات الاحرام
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot8.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot8.rm)
7- دخول المسجد الحرام
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot9.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot9.rm)
8- الطواف
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot10.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot10.rm)
9- السعى
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot11.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot11.rm)
10- الحلق والتقصير
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot12.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot12.rm)
11- الاحرام بالحج يوم الترويةو الخروج الى منى
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot13.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot13.rm)
12- الوقوف بعرفة
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot14.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot14.rm)
13- أخطاء الوقوف بعرفة
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot15.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot15.rm)
14- المبيت بمزدلفة
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot17.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot17.rm)
15- الى منى لرمى جمرة العقبة يوم النحر
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot18.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot18.rm)
16- يوم النحر وصلاة عيد الاضحى
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot19.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot19.rm)
17- أخطاء الرمى
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot20.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot20.rm)
18- طواف الافاضة والسعى
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot21.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot21.rm)
19- المبيت بمنى ايام التشريق
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot50.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot50.rm)
20- طواف الوداع
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot23.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot23.rm)
زيارة المدينة المنورة
1 - زيارة المدينة
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot24.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot24.rm)
2- زيارة قبر الرسول صلى الله علية وسلم وصاحبية
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot25.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot25.rm)
3- زيارة البقيع وشهداء احد
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot26.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot26.rm)
4- زيارة مسجد قباء
http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot27.rm (http://hajj.al-islam.com/arb/Media/vedio/shot27.rm)
ولمن أراد المزيد فما عليه إلا زيارة الموقع الشامل والمتعدد اللغات
المملكة العربية السعودية
وزارة الشئون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد
http://hajj.al-islam.com/arb/ (http://hajj.al-islam.com/arb/)
نسأل الله تعالى ان يرزقنا واياكم حج بيتة الحرام.
منقول للاستفادة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/432)
ـ[ابو حمزة المحلى]ــــــــ[25 - 11 - 07, 09:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:39 م]ـ
و جزاك الله بمثله
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 10:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
جزاك الله خيرًا و بارك الله فيك.
ـ[ابو سما]ــــــــ[27 - 11 - 07, 03:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي عبدرحمن
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[27 - 11 - 07, 03:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 05:40 م]ـ
الإخوة
عيسى
أبو سما
أبو زارع
بارك الله فيكم
ـ[أبو مدين زين العابدين آل زيد]ــــــــ[27 - 11 - 07, 08:08 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 02:05 م]ـ
و جزاك الله بمثله
ـ[المستشار]ــــــــ[28 - 11 - 07, 04:40 م]ـ
http://www.swahl.com/up/m118/swahlcom_f31d.jpg (http://www.swahl.com/up)
حياك الله أخي
موضوع قيم
جزاك الله خير ونفع بكم
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 06:32 م]ـ
بارك الله فيكم ..
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 11:24 ص]ـ
الأخ المستشار
الأخ مصعب الخضير
بارك الله فيكما على المرور(87/433)
انتبهوا .... احذروا ... أنتم ضيوف الرحمن، دعاكم فأجبتموه
ـ[أم الليث]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتبهوا .. احذروا
أخي الحاج ... أختي الحاجة
أنتم ضيوف الرحمن، دعاكم فأجبتموه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم" (أخرجه ابن ماجه، وحسنه الألباني) ... احرصوا على أن يكون حجكم مبرورا، واحذروا ما يلي:
-لا يجوز للرجل لمس المرأة الأجنبية ولا العكس ... فالكثيرين لا يأبهون لهذا ... فلتحذروا،قال عليه الصلاة والسلام:" لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" (صححه الألباني في الصحيحة 226)
-اصبر واصبري ... فهذه عبادة ... فالكثيرين لا يصبرون ويريدون إنهاء العمرة أو الحج بسرعة .. فيدفعون الناس وهذا لا ينبغي، حافظوا على سلامة حجكم، قال عليه الصلاة والسلام:"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (متفق عليه)
-حافظي أختي على حجابك، ولا تتزيني وتكشفي مفاتنك، لقد أمرنا الله بالحجاب، قال الله تعالى:" يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" (الأحزاب 59)
-لا تتعطري أخيتي، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا تعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا" قال قولا شديدا أخرجه أبو داود والنسائي ولفظه "فهي زانية" والترمذي وصححه)
-عظموا الحرم باجتناب المعاصي فيه، وحافظوا على نظافته، أيرضى أحدكم أن يدنس بيته؟ فالحرم أعظم من بيوتكم ....
قال الله تعالى في سورة الحج:"ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه"
وقال عليه الصلاة والسلام:"لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها، فإذا تركوها وضيعوها هلكوا" (أخرجه أحمد وابن ماجه، وحسنه ابن حجر)
-تخلقوا بأخلاق الإسلام، فأعظم درجة غدا للذي حسن خلقه، كونوا منهم، قال عليه الصلاة والسلام:"أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا" (صححه الألباني في الصحيحة 432)
-إن آذاك أي كان فلا ترد بالسيئة، وسامحوا ليسمح لكم، قال عليه الصلاة والسلام:"اسمح يسمح لك" (صححه الألباني في الصحيحة 1456)
-لا تؤذي أحدا، واحرص على نفع الناس، قال عليه الصلاة والسلام:" أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينا أو يطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني: مسجد المدينة) شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له؛ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام" (حسنه الألباني في الصحيحة 906)
-تنظفوا، وغيرا ملابسكم، ولا تؤذوا الناس والملائكة برائحة العرق الكريهة قال عليه الصلاة والسلام:"إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" (متفق عليه)، فالإسلام يحثنا على الطهارة وحسن المظهر، والروائح الكريهة والأوساخ تجلب الأمراض كما هو معلوم
-أجمع أكثر أهل العلم على أن الحسنات تضاعف في مكة إلى مئة ألف حسنة، فاحرصوا على الخير، والإكثار منه، أكثروا من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والصلاة ..
-اسأل الله حاجتك، ولا تسأل الناس، فمن كان له قوت يومه لا ينبغي له أن يسأل الناس وإلا سيأتي يوم القيامة ووجهه مخدوش،قال عليه الصلاة والسلام:"من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته خدوشا او كدوحا في وجهه يوم القيامة" (صححه الألباني في الصحيحة 449)
-أكثر من الصدقة، فهي من أعظم القربات لله، وهي تدفع البلاء قال عليه الصلاة والسلام:" صدقة السر تطفئ غضب الرب" (صححه الألباني في الصحيحة 1908) وقال عليه الصلاة والسلام:" إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته" (صححه الألباني في الصحيحة 3484)
-اقرأ عن صفة الحج والعمرة لتؤديها كما ينبغي، وإذا جهلت شيئا فاسأل أهل العلم
-لا تجوز الكتابة على الكعبة، فهذا من البدع
-لا يجوز التبرك والتمسح بأستار الكعبة، والمقام، والحجر، وأبواب الحرم،والعباد، فهذا من البدع
-إذا أنهيت مناسكك فلك أن تخرج موليا ظهرك للكعبة، فهذا الفعل ليس فيه شيء، وليس من الدين أن ترجع القهقرى عند خروجك، فلست أتقى من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من الصحابة الذين كانوا لا يخرجون بالقهقرى، احذر البدع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " (متفق عليه)
أسأل الله أن يجعل حجكم مبرور
أختكم أم الليث
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[26 - 11 - 07, 03:54 ص]ـ
-لا يجوز التبرك والتمسح بأستار الكعبة، والمقام، والحجر، وأبواب الحرم،والعباد، فهذا من البدع
جزاكم الله خيراً
وما الشأن في الالتزام؟ حبذا لو بُيِّن الأمر حتى لا يختلط على بعض الإخوة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/434)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
-أجمع أكثر أهل العلم على أن الحسنات تضاعف في مكة إلى مئة ألف حسنة، فاحرصوا على الخير، والإكثار منه، أكثروا من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والصلاة ..
أختكم أم الليث
أرجو أن تحرير العبارة: الإجماع لا يكون من الكثرة.
و أيضا مادليل المضاعفة إلى مئة ألف؟
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 08:11 م]ـ
الحديث الاول معلول أعله الائمة بأن الصحيح فيه أنه من قول كعب والله أعلم.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:01 م]ـ
تنبيهات مهمة ونافعة. كتب الله لكم الأجر وزادكم من فضله.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:22 م]ـ
جزاكم الله خيراً
وما الشأن في الالتزام؟ حبذا لو بُيِّن الأمر حتى لا يختلط على بعض الإخوة.
ياحبذا شيخنا الكريم
كذلك هل ورد الدعاء في هذا الموضع .. ؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[28 - 11 - 07, 08:24 م]ـ
ياحبذا شيخنا الكريم
كذلك هل ورد الدعاء في هذا الموضع .. ؟
أخي أبا زارع بارك الله فيك
في تلخيص الحبير (3/ 260): (وَقَدْ وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ قَالَ: {طُفْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْت: أَلَا نَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: تَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ}، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: {رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلْزِقُ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ بِالْمُلْتَزَمِ}، وَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: طَافَ جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَعَ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس مَرْفُوعًا: {مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ مُلْتَزَمٌ}.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَقْلُوبًا بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْهُ).
وصحح الألبانيُّ -رحمه الله- الأول بشواهده في "السلسلة الصحيحة" (
2138)، على أن فيه المثنى بن الصَّبَّاح، ضعَّفه الإمام أحمد وابن معين وغيرهما.
وروى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن صفوان قال: (فرأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد صفوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم) وفيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعفه بعض أهل العلم.
وفي أخبار مكة للأزرقي (برقم 499) قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن يحيى بن سليم، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: كان يقال: «ما بين الباب والحجر يدعى الملتزم، ولا يقوم عبد عنده فيدعو إلا رجوت أن يستجاب له» قال أبو الوليد: ذرع الملتزم - وهو ما بين باب الكعبة وحد الركن الأسود - أربعة أذرع.
وفي مصنف ابن أبي شيبة (برقم 13778) قال:
حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: الملتزم ما بين الركن والباب.
وجاء في موطأ مالك مثله (1604) بَلاغاً عن ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
وأما حديث: (ما دعا أحد بشيء في هذا الملتزم؛ إلا استجيب له).
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 9/ 433:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/435)
(موضوع. أخرجه الديلمي (4/ 47) من طريق محمد بن الحسن بن راشد الأنصاري: سمعت أبا بكر محمد بن إدريس: سمعت عبدالله بن الزبير
قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به الأنصاري هذا؛ كما في "الميزان" و "اللسان").
وروى عبد الرزاق (9051) بإسناد صحيح عن نافع أن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان لا يلزم شيئا من البيت.
سئل الشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله-:
س: رأيت الناس يتمسحون بالمقام ويحبونه ويتمسحون بأطراف الكعبة، وضح الحكم في ذلك؟
فأجاب: (التمسح بالمقام أو بجدران الكعبة أو بالكسوة كل هذا أمر لا يجوز ولا أصل له في الشريعة، ولم يفعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإنما قبَّل الحجر الأسود واستلمه واستلم جدران الكعبة من الداخل، لما دخل الكعبة ألصق صدره وذراعيه وخده في جدارها وكبر في نواحيها ودعا، أما في الخارج فلم يفعل صلى الله عليه وسلم شيئاً من ذلك فيما ثبت عنه، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه التزم الملتزم بين الركن والباب، ولكنها رواية ضعيفة، وإنما فعل ذلك بعض الصحابة رضوان الله عليهم. فمن فعله فلا حرج، والملتزم لا بأس به، وهكذا تقبيل الحجر سنة.
أما كونه يتعلق بكسوة الكعبة أو بجدرانها أو يلتصق بها، فكل ذلك لا أصل له ولا ينبغي فعله؛ لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك التمسح بمقام إبراهيم أو تقبليه كل هذا لا أصل له ولا يجوز فعله؛ لأنه من البدع التي أحدثها الناس) مجموع فتاوى ومقالات ابن باز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26/ 142):
: (وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ فَيَضَعُ عَلَيْهِ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَيَدْعُوَ وَيَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى حَاجَتَهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ طَوَافِ الْوَدَاع فَإِنَّ هَذَا الِالْتِزَامُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَالُ الْوَدَاعِ أَوْ غَيْرِهِ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حِينَ يَدْخُلُونَ مَكَّةَ وَإِنْ شَاءَ قَالَ فِي دُعَائِهِ الدُّعَاءَ الْمَأْثُورَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك وَسَيَّرْتنِي فِي بِلَادِك حَتَّى بَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك إلَى بَيْتِك وَأَعَنْتنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضَا وَإِلَّا فَمِنْ الْآنَ فَارْضَ عَنِّي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتنِي وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وَلَوْ وَقَفَ عِنْدَ الْبَابِ وَدَعَا هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامٍ لِلْبَيْتِ كَانَ حَسَنًا).
قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرحه على الزاد: (هذا يسمى: الملتزم، وخفف العلماء فيه وقالوا: لا بأس أن يلتزمه الإنسان بأن يلصق صدره به ويدعو ويسأل الله عز وجل من فضله، وينبغي أن يكون خالياً من المحظور، كالتمسح بجدران الكعبة والاعتقاد في هذا الموضع، يعني: لا يجوز للمسلم أن يحدث في مثل هذه الأمور التعبدية زائدة عن الوارد، وإنما قالوا: أثر عن بعض السلف رحمهم الله وفيه حديث مرفوع لكنه تكلم في سنده، وأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن بعض الصحابة أيضاً، وأشار المحب الطبري في كتابه: القرى لقاصد أم القرى إلى آثار في ذلك، فالوارد عند الملتزم قالوا: يلتزم ويدعو ويسأل الله من فضله، ولا بأس بذلك ولا ينكر على الإنسان إذا فعله، إما إذا كان هناك زحام وتأذى الطائفون بوقوف الإنسان في هذا فإنه يتقي هذا؛ لأنه لا يجوز أذية الطائف، والطواف في البيت هو المقصود، وهي عبادة مقصودة أكثر من الالتزام، ولا ينبغي للإنسان أن يحرص على شيء لم تثبت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/436)
فيه سنة قوية ثابتة، ومع ذلك قد يؤذي فيه الطائفين، أو يقع في محظور، كمزاحمة النساء ونحو ذلك، فعلى الإنسان أن يتقي مثل هذا، وليس هناك دعاء مخصوص وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا).
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:36 م]ـ
بارك الله فيكم و فيكن. أما حديث: وفد الله ثلاثة: الغازي والحاج والمعتمر. فقد أختلف في وقفه و رفعه و في ما يلي تعليق الدارقطني في العلل:
وسئل عن حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وفد الله ثلاثة: الغزي والحاج والمعتمر ".
فقال: يرويه سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه، فرواه بكير بن عبد الله بن الاشج عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، تفرد به عنه ابنه مخرمة بن بكير، وخالفه روح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار، والدراوردي، وابن أبي حازم، ووهيب بن خالد، رووه عن سهيل عن أبيه عن مرداس الجندعي عن كعب الاحبار قوله وهو الصحيح.
ثنا عبد الله بن محمد بن زياد قال: ثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي وإبراهيم بن منذر بن عبد الله الخولاني وأحمد بن عبد الرحمن قالوا: ثنا عبد الله بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أب ه سمعت سهيلا يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وفد الله ثلاثة: الغزي والحاج والمعتمر ".
ثنا علي بن محمد المصري ثنا مطلب بن شعيب ثنا يحيى بن بكير ثنا ميمون بن يحيى عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال: سمعت سهيل بن ذكوان يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أب ا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وفد الله ثلاثة: الغازي والحاج والمعتمر ".
ثنا النيسابوري ثنا العباس بن محمد بن أمية بن بسطام ثنا يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن مرداس عن كعب قال: وفد الله ثلاثة: الغزي في سبيل الله وافد على الله، والحاج إلى بيت الله وافد على الله، والمعتمر وافد على الله.
ثنا النيسابوري ثنا أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي ثنا حبان بن هلال ثنا وهيب ثنا سهيل بمثل ذلك.
ثنا النيسابوري ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو عامر العقدي ثنا سليمان عن سهيل بنحوه.
و قال إبن أبي حاتم في العلل:
وسألت أبي عن حديث؛ رواه محمد بن أيوب، عن حفص المهرقاني، عن محمد بن سعيد بن سابق، عن عمرو بن أبي قيس، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الغازي والحاج، والمعتمر وفد الله، سألوا الله، فأعطاهم، ودعوا الله، فأجابهم.
فقال أبي: هذا حديث خطأ، إنما هو: أبو بكر بن حفص، عن عمر مرسلا، وقد أدرك أبو بكر بن حفص بن عمر، ولم يدرك عمر.
وكنت قدمت قزوين، فكتبت حديث محمد بن سعيد بن سابق، عن عمرو بن أبي قيس، عن إبراهيم بن مهاجر، عن كثير بن شهاب.
فإذا هذا الحديث كما قال أبي: إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن حفص، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:45 م]ـ
أما الحديث الثاني فالأقرب وقفه على معقل بن يسار و الله أعلم.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:02 م]ـ
أخي أبا زارع بارك الله فيك
في تلخيص الحبير (3/ 260): (وَقَدْ وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ قَالَ: {طُفْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْت: أَلَا نَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: تَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ}، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: {رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلْزِقُ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ بِالْمُلْتَزَمِ}، وَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: طَافَ جَدِّي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/437)
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَعَ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس مَرْفُوعًا: {مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ مُلْتَزَمٌ}.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَقْلُوبًا بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْهُ).
وصحح الألبانيُّ -رحمه الله- الأول بشواهده في "السلسلة الصحيحة" (
2138)، على أن فيه المثنى بن الصَّبَّاح، ضعَّفه الإمام أحمد وابن معين وغيرهما.
وروى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن صفوان قال: (فرأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد صفوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم) وفيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعفه بعض أهل العلم.
وفي أخبار مكة للأزرقي (برقم 499) قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن يحيى بن سليم، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: كان يقال: «ما بين الباب والحجر يدعى الملتزم، ولا يقوم عبد عنده فيدعو إلا رجوت أن يستجاب له» قال أبو الوليد: ذرع الملتزم - وهو ما بين باب الكعبة وحد الركن الأسود - أربعة أذرع.
وفي مصنف ابن أبي شيبة (برقم 13778) قال:
حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: الملتزم ما بين الركن والباب.
وجاء في موطأ مالك مثله (1604) بَلاغاً عن ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
وأما حديث: (ما دعا أحد بشيء في هذا الملتزم؛ إلا استجيب له).
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 9/ 433:
(موضوع. أخرجه الديلمي (4/ 47) من طريق محمد بن الحسن بن راشد الأنصاري: سمعت أبا بكر محمد بن إدريس: سمعت عبدالله بن الزبير
قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به الأنصاري هذا؛ كما في "الميزان" و "اللسان").
وروى عبد الرزاق (9051) بإسناد صحيح عن نافع أن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان لا يلزم شيئا من البيت.
سئل الشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله-:
س: رأيت الناس يتمسحون بالمقام ويحبونه ويتمسحون بأطراف الكعبة، وضح الحكم في ذلك؟
فأجاب: (التمسح بالمقام أو بجدران الكعبة أو بالكسوة كل هذا أمر لا يجوز ولا أصل له في الشريعة، ولم يفعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإنما قبَّل الحجر الأسود واستلمه واستلم جدران الكعبة من الداخل، لما دخل الكعبة ألصق صدره وذراعيه وخده في جدارها وكبر في نواحيها ودعا، أما في الخارج فلم يفعل صلى الله عليه وسلم شيئاً من ذلك فيما ثبت عنه، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه التزم الملتزم بين الركن والباب، ولكنها رواية ضعيفة، وإنما فعل ذلك بعض الصحابة رضوان الله عليهم. فمن فعله فلا حرج، والملتزم لا بأس به، وهكذا تقبيل الحجر سنة.
أما كونه يتعلق بكسوة الكعبة أو بجدرانها أو يلتصق بها، فكل ذلك لا أصل له ولا ينبغي فعله؛ لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك التمسح بمقام إبراهيم أو تقبليه كل هذا لا أصل له ولا يجوز فعله؛ لأنه من البدع التي أحدثها الناس) مجموع فتاوى ومقالات ابن باز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26/ 142):
: (وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ فَيَضَعُ عَلَيْهِ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَيَدْعُوَ وَيَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى حَاجَتَهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ طَوَافِ الْوَدَاع فَإِنَّ هَذَا الِالْتِزَامُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَالُ الْوَدَاعِ أَوْ غَيْرِهِ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حِينَ يَدْخُلُونَ مَكَّةَ وَإِنْ شَاءَ قَالَ فِي دُعَائِهِ الدُّعَاءَ الْمَأْثُورَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك وَسَيَّرْتنِي فِي بِلَادِك حَتَّى بَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك إلَى بَيْتِك وَأَعَنْتنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي فَإِنْ كُنْت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/438)
رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضَا وَإِلَّا فَمِنْ الْآنَ فَارْضَ عَنِّي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتنِي وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وَلَوْ وَقَفَ عِنْدَ الْبَابِ وَدَعَا هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامٍ لِلْبَيْتِ كَانَ حَسَنًا).
قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرحه على الزاد: (هذا يسمى: الملتزم، وخفف العلماء فيه وقالوا: لا بأس أن يلتزمه الإنسان بأن يلصق صدره به ويدعو ويسأل الله عز وجل من فضله، وينبغي أن يكون خالياً من المحظور، كالتمسح بجدران الكعبة والاعتقاد في هذا الموضع، يعني: لا يجوز للمسلم أن يحدث في مثل هذه الأمور التعبدية زائدة عن الوارد، وإنما قالوا: أثر عن بعض السلف رحمهم الله وفيه حديث مرفوع لكنه تكلم في سنده، وأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن بعض الصحابة أيضاً، وأشار المحب الطبري في كتابه: القرى لقاصد أم القرى إلى آثار في ذلك، فالوارد عند الملتزم قالوا: يلتزم ويدعو ويسأل الله من فضله، ولا بأس بذلك ولا ينكر على الإنسان إذا فعله، إما إذا كان هناك زحام وتأذى الطائفون بوقوف الإنسان في هذا فإنه يتقي هذا؛ لأنه لا يجوز أذية الطائف، والطواف في البيت هو المقصود، وهي عبادة مقصودة أكثر من الالتزام، ولا ينبغي للإنسان أن يحرص على شيء لم تثبت فيه سنة قوية ثابتة، ومع ذلك قد يؤذي فيه الطائفين، أو يقع في محظور، كمزاحمة النساء ونحو ذلك، فعلى الإنسان أن يتقي مثل هذا، وليس هناك دعاء مخصوص وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا).
أحسن الله إليك يا أبا عبدالتواب
وجزاك خيرا
رد كافي شافي
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:03 م]ـ
أما حديث لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا ... فقد جاء عند إبن ماجة، قال رحمه الله: أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر وابن الفضيل عن يزيد بن أبي زياد أنبأنا عبد الرحمن بن سابط عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي مرفوعا وفي إسناده يزيد بن أبي زياد واختلط بآخره.
و الله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:11 م]ـ
قال رحمه الله في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير:
حديث: {إن صدقة السر تطفئ غضب الرب}.
الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل منه في ترجمة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، من رواية أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عنه، وإسناده ضعيف.
و الله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:14 م]ـ
قال رحمه الله في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:
وعن عقبة بن عارم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته. رواه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه كلام.
و الله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:21 م]ـ
قال رحمه الله في تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق:
روى الإمام أحمد ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله من سأل وله ما يغنيه جاءت يوم القيامة خدوشا أو كدوحا في وجهه قالوا يا رسول الله وما غناه قال خمسون درهما أو حسابها من الذهب
قال المؤلف حكيم بن جبير مجروح قال أحمد بن حنبل هو ضعيف
الحديث مضطرب
وقال يحيى والنسائي ضعيف
وقال يحيى مرة ليس بشيء وقال السعدي كذاب
وقد احتج من صحح هذا الحديث بما حكاه الترمذي قال حدثنا محمود بن غيلان حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن حكيم بن جبير بهذا الحديث
فقال عبد الله بن عثمان صاحب شعبة لو غير حكيم حدث بهذا فقال له وما لحكيم لا يحدث عنه شعبة
قال نعم
قال سفيان سمعت زبيدا يحدث بهذا عن محمد ابن عبد الرحمن فأجبت من قال هذا
فقيل له ليس في هذا حجة فإن سفيان ما أسنده إنما قال حدثنا زبيد عن محمد ابن
عبد الرحمن فحسب ولم يرفعه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/439)
وقد روى هذا الحديث عبد الله بن سلمة بن أسلم-بضم اللام - عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي
قال الدارقطني ابن أسلم ضعيف
ورواه بكر بن خنيس عن أبي شيبة عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي
وبكر وأبو شيبة ضعيفان بمرة ثم ليس في الحديث أن من ملك خمسين درهما لم تحل له الصدقة وإنما فيه أنه كره له المسألة فقط والمسألة إنما تكون مع الضرورة ولا ضرورة لمن يجد ما يكفيه في وقته
ز وقد روي حديث حكيم بن جبير أبو داود عن الحسين بن علي عن يحيى ابن آدم عن سفيان عنه قال يحيى فقال عبد الله عثمان لسفيان حفظي أن شعبة لا يروى عن حكيم بن جبير فقال سفيان فقد حدثناه زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد
ورواه الترمذي عن قتيبة وعلي بن حجر عن شريك عن حكيم بن جبير وقال ك حديث ابن مسعود حسن وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث ثم ذكر ما حكاه عنه المؤلف
ورواه النسائي عن أحمد بن سليمان عن يحيى بن آدم وقال لا نعلم أحدا قال في هذا عن زبيد غير يحيى بن آدم ولم يذكر عبد الله بن عثمان ورواه ابن ماجة عن الحسن بن علي به سواء
وقال علي بن المديني سألت يحيى بن سعيد عن حكيم بن جبير فقال كم روى إنما روى شيئا يسيرا قلت من تركه قال شعبة من أجل حديث الصدقة وكان يحدث عمن دونه وقال أحمد بن سنان القطان قلت لعبد الرحمن بن مهدي لم تركت حديث حكيم بن جبير فقال حدثني يحيى القطان قال سألت شعبة عن حديث حكيم بن جبير فقال أخاف النار
وقال معاذ بن معاذ قلت لشعبة حدثني بحديث حكيم بن جبير فقال أخاف النار
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبا زرعة عن حكيم بن جبير فقال في رأيه شيء قلت ما محله قال الصدق إن شاء الله وسألت أبي عنه فقال ما أقربه من يونس بن خباب في الضعف والرأي وهو ضعيف الحديث منكر الحديث له رأي غير محمود نسأل الله السلامة
قلت هو أحب إليك أو ثوير
قال ما فيهما إلا ضعيف غال في التشيع وهما متقاربان
وقال البخاري كان شعبة يتكلم فيه وقال يعقوب بن شيبة ضعيف الحديث
وقال النسائي ليس بالقوي
وقال الدارقطني متروك وقال ابن عدي حدثنا ابن حماد وقال حدثني أبو الحسين محمد بن عبد الله ابن مخلد ثنا إسحاق بن راهويه قال قال يحيى بن آدم قال سفيان الثوري شعبة ينكر على حكيم بن جبير حديث الصدقة أما أني قد سمعته من زبيد
قال وثنا ابن أبي بكر ثنا عباس قال سمعت يحيى يقول-وسألته عن حديث حكيم بن جبر حديث ابن مسعود لا تحل الصدقة لمن كان عنده خمسون درهما يرويه أحد غير حكيم فقال يحيى نعم يرويه يحيى بن آدم عن سفيان عن زبيد ولا أعلم أحدا يرويه إلا يحيى بن آدم وهذا وهم ولو كان هذا كذا لحدث به الناس جميعا عن سفيان ولكنه حديث منكر
هذا الكلام قاله يحيى أو نحوه
وقال عمرو بن علي كان عبد الرحمن لا يحدث عن حكيم بن جبير و كان يحيى يحدث عنه
وقال محمد بن عبد الرحمن العنبري سئل عبد الرحمن بن مهدي عن حكيم بن جبير فقال إنما روى أحاديث يسيرة وفيها أحاديث منكرات وقال أبو بكر الأثرم قلت لأحمد بن حنبل حديث حكيم بن جبير في الصدقة رواه زبيد أيضا فقال كذا يحيى بن آدم قال سمعت سفيان يقول لعبد الله بن عثمان أبو بسطام -يعني شعبة - يروي عن حكيم بن جبير شيئا فقال لا فقال سفيان فحدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد
وقال ابن عدي سمعت أحمد بن حفص يقول سئل أحمد بن حنبل -يعني وهو حاضر- متى تحل الصدقة قال إذا لم يكن خمسون درهما أو حسابها من الذهب قيل له حديث حكيم بن جبير قال نعم
ثم حكى عن يحيى بن آدم أن الثوري قال يوما قال ابن بسطام يحدث ـ يعني شعبة ـ هذا الحديث عن حكيم بن جبير قيل له لا قال حدثني زبيد عن محمد بن عبد الرحمن ولم يزد عليه قال أحمد كأنه أرسله أو كره أن يحدث به ما تعرف الرجل كلاما نحو ذا
وذكر ابن عدي لحكيم أحاديث ثم قال وله غير ما ذكرت من الحديث شيء يسير والغالب في الكوفيين التشيع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/440)
وقال أبو حاتم بن حبان في كتاب الضعفاء حكيم بن جبير الأسدي من أهل الكوفة يروي عن سعيد بن جبير والنخعي روي عنه الثوري وشريك كان غاليا بالتشيع كثير الوهم فيما يروي كان أحمد بن حنبل لا يرضاه وهو الذي يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله أن رسول الله قال من سال الناس وهو غني جاء يوم القيامة كدوحا وخدوشا في وجهه قيل يا رسول الله ما غناؤه قال خمسون درهما أو قيمتها من الذهب أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا حماد ابن سلمة ثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد هكذا ابنا الساجي عن إسرائيل عن حكيم بن جبير نفسه ولقد أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو القرشي ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا حماد بن سلمة عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود مثله وهذا أشبه
قال ابن حبان وليس له طريق يعرف ولا رواية إلا من حديث حكيم بن جبير
كذا وجدته وليس فيه عن أبيه
قال البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان بن سعيد عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة خموش أو خدوش أو كدوح في وجهه فقيل يا رسول الله وما الغنى قال خمسون درهما أو قيمتها من الذهب
قال يحي ابن آدم فقال عبد الله بن عثمان لسفيان حفظي أن شعبة كان لا يروي عن حكيم بن جبير فقال سفيان فقد ثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد قال البيهقي وأنا أبو الحسن بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان فذكر معنى هذه الحكاية بلاغا عن يحي بن آدم عن سفيان ثم قال يعقوب هي حكاية بعيدة لو كان حديث حكيم بن جبير عن زبيد ما خفي على أهل العلم
وقد سئل الحافظ الدارقطني عن هذا الحديث في العلل فقال يرويه حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه حدث عنه الثوري وشريك وإسرائيل وحماد بن شعيب ورواه محمد بن مصعب القرقساني عن حماد بن سلمة عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ووهم في قوله عن أبي إسحاق وإنما رواه إسرائيل عن حكيم بن جبير ورواه شعبة عن حكيم بن جبير أيضا حدث به عنه إبراهيم بن طهمان ويحي القطان ورواه زبيد ومنصور بن المعتمر عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد لم يجاوزا به محمدا وقولهما أولى بالصواب ثنا يحي بن محمد بن صاعد ثنا أبو هشام الرفاعي وعبد الأعلى بن واصل قالا ثنا يحي بن آدم ثنا سفيان
وحدثنا ابن غيلان ثنا أبو هشام الرفاعي ثنا يحي بن آدم ثنا سفيان عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله لا يسأل عبد مسألة وله ما يغنيه إلا جاءت يوم القيامة شيئا أو خدوشا أو كدوحا في وجهه
قالوا يا رسول الله وماذا اغناه أو ماذا يغنيه قال خمسون درهما أو حسابها من الذهب قال أبو هشام في حديثه في هذا الموضع قال يحيى بن آدم قيل لسفيان لو كان غير حكيم بن جبير فقال حدثناه زبيد بن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد وقال عبد الأعلى بن واصل في حديثه قال يحي بن آدم قال سفيان وقد سمعت زبيدا يحدث عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد نحوه أو شبهه انتهى كلام الدارقطني
وقد روى الإمام أحمد بن حنبل هذا الحديث في مسنده من وجه آخر ضعيف
فقال حدثنا نصر بن باب عن الحجاج عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود أنه قال قال رسول الله من سأل مسألة وهو عنها غني جاءت يوم القيامة كدوحا في وجهه لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو عوضها من الذهب
حجاج هو ابن أرطأة وقد اشتهر بالكلام فيه والحمل في هذا الحديث على نصر بن باب فإنه مشهور بالضعف قال يحي بن معين ليس بثقة وقال مرة ليس حديثه بشيء
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي عنه فقال إنما أنكر الناس عليه حين حدث عن إبراهيم الصايغ وما كان به بأس
قلت له إن أبا خيثمة قال نصر بن باب كذاب فقال ما اجترئ على هذا أن أقوله استغفر الله
وقال السعدي لا يساوي حديثه شيئا
وقال أبو حاتم الرازي والنسائي متروك الحديث
وقال البخاري يرمونه بالكذب
وقال ابن عدي وهو مع ضعفه يكتب حديثه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/441)
وقال ابن حبان كان ممن ينفرد عن الثقات بالمقلوبات ويروي عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات فلما كثر ذلك في رواياته بطل الاحتجاج به.
و الله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:26 م]ـ
قال أبو إسحاق الحويني في النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة:
أحب الناس إلى الله تعالى، أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا. ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهرا. ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة. ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له، أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13646) وفي ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 194) -وفي ((الصغير)) (2/ 35)، والشجري في ((الآمالي)) (2/ 177)، وابن حبان في ((المجروحي)) (1/ 360) مختصرا من طريق عبد الرحمن بن قيس الضبي، ثنا سكين بن سراج، ثنا عمرو بن دينار، عن ابن عمر، أن رجلا جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أي الناس أحب إلى الله تعالى؟ وأي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟!.
قال … فذكره.
قال الطبراني: ((لم يروه عن عمرو بن دينار، إلا سكين بن سراج، ويقال: ابن أبي سراج البصري، تفرد به عبد الرحمن بن قيس)).
قلت: وهذا سند واه جدا.
أما عبد الرحمن بن قيس كذبه ابن مهدي. وقال صالح بن محمد: ((كان يضع الحديث)). وتركه أحمد والنسائي.
وسكين بن سراج قال فيه ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الإثبات، والملزقات عن الثقات)). وقال الهيثمي: ((ضعيف))!!
ولكن له طريق آخر.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (36) من طريق بكر بن خنيس، عن عبد الله بن دينار، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره وفيه زيادة: ((وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل)).
قلت: وهذا سند ضعيف.
وبكر بن خنيس ضعفه النسائي، وعمرو بن علي، ويعقوب بن شيبة وقال ابن معين في رواية: ((ليس بشيء)).
وتركه الدارقطني، وابن خراش، وأحمد بن صالح المصري.
ولكن قال أبو حاتم: ((لا يبلغ به الترك)).
كما في ((الجرح والتعديل)) (1/ 1/384).
وقال الحافظ: ((صدوق له أغلاط)).
وهذا تسامح منه. لا سيما وقد قال في ((الفتح)) (9/ 243): ((ضعيف)). وهو الصواب.
ثم بعد كتابة ما تقدم بزمان رأيت هذا الحديث في ((الصحيحة)) (906) لشيخنا حافظ الوقت ناصر الدين الألباني. فرأيته خرج من الطريقين المذكورين وقال عن الطريق الثاني: ((لكن جاء بإسناد خير من هذا …. فذكره ثم قال: وهذا إسناد حسن فان بكر بن خنيس صدوق له أغلاط كما قال للحافظ. وعبد الله بن دينار ثقة من رجال الشيخين فثبت الحديث الحمد لله تعالى)).
قلت: كذا قال شيخنا حفظه الله تعالى! ... ... =
=والصواب أن هذا الإسناد كان خيرا من الأول. فهو ضعيف؛ لما ذكرته من حال بكر بن خنيس. وقد قدمت ما في قول الحافظ وأنه تسامح فيه. لاسيما فقد ضعف شيخنا بكر بن خنيس في بعض تحقيقاته وانظر مثلا ((الصحيحة)) (رقم 491) و ((الضعيفة)) (رقم 11، 821، 1291). فلو جعلنا هذا الإسناد أصلا - وهو ضعيف - والتمسنا له الشواهد المجدية لكان حسنا، أما وشاهده ساقط فإن الحديث يظل ضعيفا.
وعليه فهذا الحديث يجب أن يكون من جملة الكتاب الآخر للشيخ وهو ((الضعيفة)). والله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:54 م]ـ
أما حديث عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية فقد ساقه الترمذي رحمه الله في الجامع فقال:حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ثابت بن عمارة الحنفي عن غنيم بن قيس عن أبي موسى مرفوعا.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
و ثابت بن عمارة الحنفي البصري , كنيته أبو مالك , صدوق فيه لين من السادسة.
وأخرجه أبو داود والنسائي.
والله أعلم.
ـ[عبد المتين]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:59 م]ـ
قال الهيثمي رحمه الله في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:
باب السماحة والسهولة وحسن المبايعة
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمح يسمح لك. رواه أحمد وفيه مهدي بن جعفر وثقه ابن معين وغيره وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح.
والله أعلم.
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 03:29 م]ـ
الذي اعلمه ان الشيخ الالباني رجع عن تصحيح حديث: أحب الناس ....
ـ[عبد المتين]ــــــــ[29 - 11 - 07, 03:36 م]ـ
نعم أصبت يا أخي العزيز.
ـ[أم الليث]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:06 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على ما أتحفتموني به من تعليقات وفوائد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/442)
ـ[أم الليث]ــــــــ[29 - 01 - 08, 07:36 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
على الفوائد التي أتحفتموني بها
جعلها الله في ميزان حسناتكم غدا ..(87/443)
تحريم العينة، وجواز التورق بلا قيد ولا شرط العلوان
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[26 - 11 - 07, 10:24 ص]ـ
تحريم العينة، وجواز التورق بلا قيد ولا شرط
سليمان بن ناصر العلوان 26/ 3/1424
كتب هذا البحث جواباً على سؤال ورد لفضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حول صورة التورق والعينة، وحكمهما، ويسر الموقع أن ينشر البحث الذي خص فضيلة الشيخ سليمان العلوان الموقع به.
العينة: في اللغة السلف 0
وصورتها في الشرع: أن يبيع من رجل سلعة بحوزته بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعه به، ومن ذلك أن يبيع سلعة بنقد ثم يشتريها منه بأكثر منها نسيئة 0
وهي محرمة في قول أكثر العلماء، وهي وسيلة إلى الربا، وموصلة إليه، خلافاً للشافعي وأبي يوسف رحمها الله تعالى حيث أجازاها 0
قال النووي في روضة الطالبين (3/ 416) فصل: ليس من المناهي بيع العينة بكسر العين المهملة وبعد الياء نون، وهو أن يبيع غيره شيئاً بثمن مؤجل ويسلمه إليه ثم يشتريه قبل قبض الثمن بأقل من ذلك الثمن نقداً 0
وكذا يجوز أن يبيع بثمن نقداً ويشتري بأكثر منه إلى أجل، سواء قبض الثمن الأول أم لا. وسواء صارت العينة عادة له غالبة في البلد أم لا. هذا هو الصحيح المعروف في كتب الأصحاب، وأفتى الأستاذ أبو إسحق الاسفراييني، والشيخ أبو محمد بأنه إذا صار عادة له صار البيع الثاني كالمشروط في الأول فيبطلان جميعاً 0
ونقل أيضاً في المجموع (9/ 261) عن الرافعي قوله - بعد كلام له سبق - لأن الاعتبار عندنا بظاهر العقود، لا بما ينويه العاقدان، ولهذا يصح بيع العينة، ونكاح من قصد التحليل ونظائره 0
وجاء في حاشية ابن عابدين (5/ 273) وعن أبي يوسف العينة جائزة مأجور من عمل بها، كذا في مختار الفتاوى الهندية .. ) 0
والصواب منع ذلك، وتأثيم مَنْ فعلها، وذلك لوجوه:
1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيعتين في بيعة) أخرجه الإمام أحمد (2/ 432) والشافعي (532) والنسائي (7/ 295) والترمذي (1231) كلهم من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه 0
وقال الترمذي حديث حسن صحيح 0
والعينة هي المقصودة في هذا الخبر 0
2 - أن الوسيلة إلى الربا حرام، ولا يختلف العلماء في تحريم الربا، والعينة وسيلة إليه، وحين سئل ابن عباس عن حريرة بيعت إلى أجل، ثم اشتريت بأقل. فقال: دراهم بدراهم، دخلت بينهما حريرة. رواه سعيد وغيره، وجاء نحوه عند عبد الرزاق في مصنفه. وسئل أنس عن العينة، فقال: إن الله لا يُخْدَع هذا مما حرم الله، ورسوله. عزاه ابن القيم لمطين في كتاب البيوع 0
3 - ما جاء عند الإمام أحمد في مسنده، من طريق الأعمش، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاء، فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم) 0
وهذا خبر ضعيف، وقد جاء من غير وجه، ولا يصح، وذهب شيخ الإسلام، وابن القيم، إلى تقويته بمجموع طرقه 0
4 - ما رواه علي بن الجعد في مسنده (80) ومن طريقه البيهقي في سننه (5/ 330) عن شعبة عن أبي إسحاق قال دخلت امرأتي على عائشة، وأم ولد لزيد بن أرقم، فقالت لها أم ولد زيد: إني بعت من زيد عبداً بثمانمائة نسيئة واشتريته منه بستمائة نقداً، فقالت عائشة رضي الله عنها (أبلغي زيداً أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب بئسما شريت وبئس ما اشتريت) 0
قال البيهقي رحمه الله تعالى: كذا جاء به شعبة عن طريق الإرسال 0
وهذا الخبر: طُعِن فيه بعلتين:
1 - جهالة العالية، وقد رد حديثها الشافعي في الأم، والدارقطني، وابن حزم في المحلى 0
ورُد هذا، بأن العالية معروفة، فقد دخلت على عائشة، وسمعت منها 0
قال ابن الجوزي في التحقيق – العالية - جليلة القدر، معروفة 0
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/ 558) هذا إسناد جيد، وإن كان الشافعي قد قال: إنا لا نثبت مثله على عائشة رضي الله عنها، وكذلك قول الدارقطني في العالية إنها مجهولة لا يحتج بها، فيه نظر. وقد خالفه غيره) 0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/444)
2 - وعلة أخرى، الاختلاف فيه، فقد رواه الثوري، عن أبي إسحاق، عن امرأة أبي السفر: أنها باعت من زيد بن أرقم.
ورواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن امرأته قالت: سمعت امرأة أبي السفر تقول: سألت عائشة 0
تابعه عبد الله بن الوليد، عن الثوري 0
قال ابن حزم رحمه الله تعالى في المحلى (7/ 550) قد صح أنه مدلس – يعني: أبا إسحاق - وأن امرأة أبي إسحاق لم تسمعه من أم المؤمنين، وذلك أنه لم يذكر عنها زوجها، ولا ولدها: أنها سمعت سؤال المرأة لأم المؤمنين، ولا جواب أم المؤمنين لها، إنما في حديثها: دخلت على أم المؤمنين، أنا، وأم ولد لزيد بن أرقم، فسألتها أم ولد زيد ابن أرقم – وهذا يمكن أن يكون ذلك السؤال في ذلك المجلس، ويمكن أن يكون في غيره ثم روى أبو محمد بسنده إلى محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق عن امرأة أبي السفر: أنها باعت من زيد بن أرقم خادماً لها بثمانمائة درهم إلى العطاء ...... فذكره 0
قال: وبما رويناها من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق عن امرأته، قالت: سمعت امرأة أبي السفر تقول: سألت عائشة ..... فذكره. قال أبو محمد: فبين سفيان وجه الدفينة التي في هذا الحديث، وأنها لم تسمعه امرأة أبي إسحاق من أم المؤمنين، وإنما روته عن امرأة أبي السفر، وهي التي باعت من زيد، وهي أم ولد لزيد، وهي في الجهالة أشد وأقوى من امرأة أبي إسحاق، فصارت مجهولة عن أشد منها جهالة ونكرة، فبطل جملة، ولله تعالى الحمد، وليس بين يونس، وبين سفيان نسبة في الثقة والحفظ، فالرواية ما روى سفيان 0
وقيل إن هذا الاختلاف غير مؤثر، وقد جزم ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين بصحته، ورد على المخالفين في ذلك، ولم أر لأحد من أهل الحديث المتقدمين تصحيحاً له، وقد جزم الشافعي وغيره بضعفه، والله أعلم 0
وفي الباب غير ذلك، فقد جاءت آثار كثيرة في تحريم العينة، والقياس، والنظر الصحيح يقتضي ذلك 0
وقد قال مسروق: العينة حرام. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 282) 0
وجاء عن الحسن وابن سيرين، أنهما كرها العينة، وما دخل الناس فيه منها. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 283) 0
وقال طاووس: من اشترى سلعة بنظرة من رجل فلا يبيعها إياه، ومن اشترى بنقد فلا يبيعها إياه بنظرة. رواه عبد الرزاق في مصنفه (8/ 186) 0
وقال معمر سألت حماداً عن رجل اشترى من رجل سلعة، هل يبيعها منه قبل أن ينقده بوضيعة؟ قال: لا، وكرهه حتى ينقذه. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (8/ 186) 0
وقال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى في الكافي (3/ 325) وأما بيع العينة فمعناه أنه تحيل في بيع دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل بينهما سلعة محللة، وهو أيضاً من باب بيع ما ليس عندك، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن كانت السلعة المبيعة في ذلك طعاماً دخله أيضاً مع ذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى، مثال ذلك أن يطلب رجل من آخر سلعة ليبيعها منه بنسيئة، وهو يعلم أنها ليست عنده ويقول له اشترها من مالكها هذا بعشرة، وهي علي باثني عشر أو القدرة عشر إلى أجل كذا فهذا لا يجوز لما ذكرنا، واختلف أصحاب مالك في فسخ البيع المذكور بالعينة إذا وقع على ذلك، فمنهم من رأى فسخه قبل الفوات، وبعده يصلحه بالقيمة على حكم البيوع الفاسدة 0
وقال أبو محمد ابن حزم في المحلى (7/ 549) فإن ابتاع سلعة بثمن مسمى إلى أجل مسمى، فإنه لا يجوز له أن يبيعها من الذي باعها منه بثمن أقل من ذلك الثمن، أو بسلعة تساوي أقل من ذلك الثمن نقداً، أو إلى أجل أقل من ذلك الأجل أو مثله: لم يجز شيء من ذلك، وله أن يبيعها من الذي باعها منه بثمن أكثر من ذلك الثمن نقداً، أو إلى أجل أقل من ذلك الأجل أو مثله، وليس له أن يبيعها من بائعها منه بثمن أكثر من ذلك الثمن إلى أبعد من ذلك الأجل، ولا بسلعة تساوي أكثر من ذلك الثمن إلى أبعد من ذلك الأجل 0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/445)
وقال ابن قدامة في المغني (4/ 256) وجملة ذلك أن من باع سلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها بأقل منه نقداً لم يجز في قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن ابن عباس وعائشة والحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي، وبه قال أبو الزناد وربيعة وعبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والأوزاعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي، وأجازه الشافعي لأنه ثمن يجوز بيعها به من غير بائعها فجاز من بائعها كما لو باعها بمثل ثمنها. ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: العينة أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة، فإن باعه بنقد ونسيئة فلا بأس. وقال: أكره للرجل أن لا يكون له تجارة غير العينة لا يبيع بنقد، وقال ابن عقيل إنما كره النسيئة لمضارعتها الربا فإن الغالب أن البائع بنسيئة يقصد الزيادة بالأجل، ويجوز أن تكون العينة اسما لهذه المسألة، وللبيع بنسيئة جميعاً، لكن البيع بنسيئة ليس بمحرم اتفاقاً، ولا يكره إلا أن يكون له تجارة غيره 0
وقال في الإنصاف (4/ 335) ومن باع سلعة بنسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقداً، إلا أن تكون قد تغيرت صفتها 0
قال: هذه مسألة العينة، فعلها محرم. على الصحيح من المذهب. نص عليه. وعليه الأصحاب، وعند أبي الخطاب يحرم استحساناً، ويجوز قياساً. وكذا قال في الترغيب: لم يجز استحساناً. وفي كلام القاضي وأصحابه: القياس صحة البيع 0
قال في الفروع: ومرادهم أن القياس خولف لدليل راجح، فلا خلاف إذاً في المسألة. وحكى الزركشي بالصحة قولاً، وذكر الشيخ تقي الدين أيضاً: أنه يصح البيع الأول، إذا كان بياناً، بلا مواطأة، وإلا بطلا، وأنه قول أحمد 0
وجاء في السؤال: ما صورة التورق 0
والتورق هو: شراء سلعة بثمن مؤجل بقصد بيعها على غير البائع 0
وحكم ذلك: الجواز في أصح قولي العلماء، وهو قول إياس بن معاوية، والإمام أحمد في إحدى الروايتين، وهي المشهورة عند الحنابلة 0
قال في كشاف القناع (3/ 186) ولو احتاج إنسان إلى نقد، فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين، فلا بأس بذلك. نص عليه، وهي مسألة التورق) 0
ودليل الجواز:
(1) أن الأصل في العقود والمعاملات الحل حتى يقوم الدليل على تحريمها 0
(2) وبدليل العموم المستفاد من قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) وقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) 0
فمن اشترى سلعة قرضاً، سواء قصد ذاتها أو ثمنها فالآية مفيدة بجواز هذا البيع ويتأكد هذا بالأصل في حكم العقود والمعاملات، فلا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل 0
ولا أعلم دليلاً شرعياً يمنع هذه المعاملة، وأما تعليل من منعها بكون المقصود منها الدراهم، أو التحايل على الربا، فليس فيه تحيل على الربا بوجه من الوجوه، مع مسيس الحاجة إليها، لأنه ليس كل أحد اشتدت حاجته إلى النقد يجد من يقرضه بدون ربا، وما دعت إليه الحاجة، وليس فيه محذور شرعي، لم يجز تحريمه على العباد 0
· وذهب عمر بن عبد العزيز، وطائفة من أهل المدينة، والإمام أحمد في رواية إلى التحريم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم0
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الفتاوى (29/ 303) إن كان المشتري محتاجاً إلى الدراهم، فاشتراها ليبيعها، ويأخذ ثمنها، فهذا يسمى التورق وإن كان المشتري غرضه أخذ الورق، فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء، كما قال عمر بن عبد العزيز: التورق أخية الربا. وقال ابن عباس: إذا قومت بنقد، ثم بعت بنسيئة: فتلك دراهم بدراهم، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد 0
ومعنى قول عمر بن عبد العزيز أخية الربا، يعني: أصل الربا قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، كما في الفتاوى (29/ 431)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/446)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أيضاً، في بيان الدليل في إبطال التحليل (119) ولهذا كره العلماء أن يكون أكثر بيع الرجل أو عامته بنسيئة لئلا يدخل في اسم العينة، وبيع المضطر، فإن أعاد السلعة إلى البائع فهو الذي لا يشك في تحريمه، وأما إن باعها لغيره بيعاً بتاتاً، ولم تعد إلى الأول بحال فقد اختلف السلف في كراهيته ويسمونه التورق لأن مقصوده الورق، وكان عمر بن عبد العزيز يكرهه، وقال التورق أخية الربا وإياس بن معاوية يرخص فيه، وعن الإمام أحمد فيه روايتان منصوصتان، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر 0
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين (3/ 370) وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها فهي العينة وإن باعها لغيره فهو التورق وإن رجعت إلى ثالث يدخل بينهما فهو محلل الربا والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون وأخفها التورق، وقد كرهه عمر ابن عبد العزيز وقال هو أخية الربا، وعن أحمد فيه روايتان وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر، وهذا من فقهه رضي الله عنه قال فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر، وكان شيخنا رحمه الله يمنع من مسألة التورق وروجع فيها مراراً وأنا حاضر فلم يرخص فيها وقال المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها؛ فالشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه 0
وقال أيضاً في تهذيب السنن (9/ 249 - 250 المطبوع ضمن عون المعبود) فإن قيل فما تقولون إذا لم تعد السلعة إليه بل رجعت إلى ثالث هل تسمون ذلك عينة؟
قيل هذه مسألة (التورق) لأن المقصود منها الورق، وقد نص أحمد في رواية أبي داود على أنها من العينة، وأطلق عليها اسمها 0
وقد اختلف السلف في كراهيتها، فكان عمر بن عبدالعزيز يكرهها، وكان يقول (التورق أخية الربا) ورخص فيها إياس بن معاوية 0
وعن أحمد فيها روايتان منصوصتان، وعلل الكراهة في إحداهما بأنه بيع مضطر وقد روى أبو داود عن علي أن النبي نهى عن المضطر، وفي المسند عن علي قال سيأتي على الناس زمان يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك، قال تعالى (وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر ... ) وذكر الحديث 0
فأحمد رحمه الله تعالى أشار إلى أن العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نقد لأن الموسر يضن عليه بالقرض فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم يبيعها فإن اشتراها منه بائعها كانت عينة، وإن باعها من غيره فهي (التورق) ومقصوده في الموضعين: الثمن فقد حصل في ذمته ثمن مؤجل مقابل لثمن حال أنقص منه، ولا معنى للربا إلا هذا لكنه ربا بسلم لم يحصل له مقصوده إلا بمشقة، ولو لم يقصده كان ربا بسهولة 0
وقال ابن مفلح في الفروع (4/ 126) ولو احتاج إلى نقد فاشترى ما ساوى مائة بمائتين فلا بأس، نص عليه، هي التورق، وعنه: يكره. وحرمه شيخنا، نقل أبو داود إن كان لا يريد بيع المتاع الذي يشتريه منك هو أهون؛ فإن كان يريد بيعه فهو العينة وإن باعه منه لم يجز، وهي العينة نص عليه 0
وفيه أدلة أخرى للذين يجيزون التورق، والذين يحرمون ذلك0
والصواب من قولي العلماء جواز التورق، وهذا مذهب الجمهور، فإن الأصل في البيوع والمعاملات الحل، ولم يأت دليل يقضي بأن التورق ربا، أو فيه شبهة ربا، فقد بيعت السلعة على غير المشترى منه، فانتفت شبهة الربا الموجودة في بيع العينة، والعجيب في المسألة أن بعض الفقهاء يجيز العينة إذا لم يكن فيه تواطأ بين البائع والمشتري ويمنع التورق، وهذا تناقض، وتفريق بين المتماثلين، والله أعلم 0
هذا ونحث المسلمين، ممن آتاهم الله بسطة في المال، وثروة في الاقتصاد، مواساة ومساعدة إخوانهم المعسرين، والقيام معهم في معيشتهم، والنظر في شؤنهم، فالمسلمون بعضهم لبعض كالعضو الواحد، وقد جاء الإسلام بالتكافل الاجتماعي، وجاء الركن الثالث من أركان الإسلام، الزكاة، ومما رغب فيه الصدقة، ومما حث عليه إنظار المعسر والتعاون مع المعوزين، والتوسيع على المعسرين مما يعزز عمق الأخوة الصادقة، وينشر المودة الخالصة، ويبث روح الرحمة بين أفراد المجتمع، يحسن فيها القوي على الضعيف والغني على الفقير 0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/447)
إن الإسلام ضرب القدح المعلى، وصور المثل العليا في التكافل الاجتماعي والتضامن الإسلامي، فجاء في الإنفاق على المحتاجين، والبذل للمعوزين، والعطف على الفقراء والمدينين، ورتب على ذلك تجاوز الله تعالى عن الذنوب والآثام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، قالوا: أعملت من الخير شيئاً؟ قال: كنت آمر فتياني أن ينظروا ويتجاوزوا عن المعسر، قال: قال: فتجاوزوا عنه) متفق عليه من طريق زهير، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي الله عنه 0
وإنظار المعسر، من أسباب تنفيس كرب يوم القيامة، كما جاء في صحيح مسلم (1563) من طريق أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، أن أبا قتادة طلب غريماً له فتوارى عنه، ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟، قال: آلله قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه) 0
وإنظار المعسر، من أسباب الاستظلال بظل الله يوم لا ظل إلا ظله، روى مسلم في صحيحه (3006) من طريق يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد ابن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار، قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليسر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له، معه ضمامة من صحف، وعلى أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري، فقال له أبي: يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب، قال: أجل كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال، فأتيت أهله فسلمت، فقلت ثم هو؟ قالوا لا فخرج عليَّ ابن له جفر، فقلت له أين أبوك؟ قال سمع صوتك فدخل أريكة أمي، فقلت اخرج إلي فقد علمت أين أنت، فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال أنا والله أحدثك، ثم لا أكذبك خشيت، والله أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت والله معسراً، قال قلت آلله، قال الله، قلت آلله، قال الله، قلت آلله، قال الله، قال فأتى بصحيفته فمحاها بيده، فقال إن وجدت قضاء فاقضني، و إلا أنت في حل، فأشهد بصر عيني هاتين (ووضع إصبعيه على عينيه) وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي هذا (وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول (من أنظر معسراً، أو وضع عنه، أظله الله في ظله) 0
إن النفوس الكريمة، مجبولة على حب من أحسن إليها، وصنائع المعروف ساترة لعيوب صاحبه، غافرة لزلته، متجاوزة عن هفوته
ويُظهرُ عيبَ المرءِ في الناس بخلُه
ويَسترُه عنهم جميعاً سخاؤُه
تَغطَّ بأثوابِ السخاءِ فإنني
أرى كلَّ عيبٍ والسخاءُ غطاؤُه
إن صاحب المعروف يستعبد قلوب الأحرار، ويعطف قلوبهم إليه، ويحبب الناس إليه ولو لم ينل الناس من إحسانه
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ
فطالما استعبد الإنسان إحسانُ
من جاد بالمال مال الناس قاطبة
إليه والمال للإنسان فتانُ
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة
فلن يدوم على الأنسان إمكانُ
إن البذل والسخاء خلق كريم، من أشرف القيم العالية، والأخلاق الفاضلة به يتبؤ صاحبه الرتب العلية، وينال الشرف الرفيع، ذلك لأن الجود من أشرف المكارم وأخص الفضائل، وأهله هم المكرمون عند الله تعالى الجود مكرمةٌ والبخل مبغضةٌ
لا يستوي البخل عند الله والجودُ
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[08 - 12 - 07, 05:54 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[سمرقندي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 04:55 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه التفاصيل وارجو ان تفصلو القول في المرابحة والايجار وفي الضوابط والشروط التي تشرطها البنوك الاسلامية وغير الاسلامية في اقتناء السكن لان كثيرا من الناس يقع في الربا عن غير علم فيجب التوضيح والتفصيل في هذه المسالة حتى لا يبقى الالتباس حاصلا للناس(87/448)
هل يعتبر الحيض والمنع في نقاط التفتيش ممايحبس المرء عن المناسك
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:33 م]ـ
هل يعتبر الحيض والمنع في نقاط التفتيش ممايحبس المرء من اداء المناسك
بمعنى انه ينفعه من خاف حدوث شي من ذلك الاشتراط حين الاحرام؟؟
وماالمراد بما استيسر من الهدي للمحصر وهل لابدفيه من السلامة من العيوب نرغب في النقاش العلمي الهادف والهادي؟؟
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:35 م]ـ
هذه الفتوى للشيخ سليمان الماجد القاضي بمحكمة الرياض
الفتاوى: الحج و العمرة: صفة الإحرام و أحكامه
: الفتاوى: الحج و العمرة: صفة الإحرام و أحكامه
إحرام الحائض مع الاشتراط فبراير 10, 2007
س: وهي ذاهبة مع أهلها للعمرة و يترجح لديها أنها لن تطهر إلا بعد رجوع أهلها هل تحرم وتشترط؟ أرجو الإجابة للضرورة.
ج: إذا أرادت المرأة العمرة وبلغت الميقات وهي حائض فيجوز أن تحرم وتشترط بأن لها التحلل عند سفر رفقتها، فإن طهرت قبل رجوع أهلها اعتمرت وإن لم تطهر حلت من إحرامها دون إهراق دم، وقد دل على ذلك حديث ضباعة بنت الزبير، ولا فرق بين أن يكون حبسها بأمر واقع أو متوقع؛ إذْ المقصود من الاشتراط رفع الحرج. والله أعلم.
http://www.salmajed.com/artman2/publish/_100/_1586.shtml
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا وغفر لكم ورزقكم العتق من النار وجميعَ المسلمين.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 05:14 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وغفر لكم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[07 - 12 - 07, 02:18 م]ـ
تم الاجابة عن إحرام الحائض مع الاشتراط
وبقية الاسئلة لم يتم الجواب عليها فاين اهل الفقه
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - 10 - 10, 08:15 ص]ـ
للتذكير(87/449)
صلاة التطوع
ـ[ابو معاذ عبدالرحمن]ــــــــ[26 - 11 - 07, 08:36 م]ـ
1 - ركعتا سنة الفجر:-
عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الصبح). متفق عليه.
ما يقرأ فيها:-
أ -عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد). رواه مسلم.
ب -عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا. الآية التي في البقرة وفي الآخرة منهما: آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون). رواه مسلم.
2 - سنة الظهر:-
أ -عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها .......... الحديث). متفق عليه.
ب -عن عبد الله بن شقيق قال: (سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين ....... ). رواه مسلم.
ت -عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى قبل الظهر أربعاً وبعدها أربعاً حرمه الله على النار). رواه ابو داود والترمذي وقال الألباني بثبوته.
3 - سنة المغرب وسنة العشاء:-
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين وبعدها سجدتين وبعد المغرب سجدتين وبعد العشاء سجدتين وبعد الجمعة سجدتين فأما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. متفق عليه. وقوله سجدتين يعني ركعتين.
ما يقرأ في سنة المغرب:-
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر ب: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد). رواه الترمذي وغيره.
4 - ركعتين بين الأذان والإقامة:-
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (بين كل أذانين صلاة بين كل أذنين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء). ماعدا صلاة الجمعة.
5 - سنة الجمعة:-
قبلها ليس لها سنه راتبه وإنما يصلي ما شاء كما ثبت عن بعض الصحابة.
وبعدها يصلي ركعتين أو أربع والأربع أفضل أذا صلى في المسجد:-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل بعدها أربعاً). رواه مسلم.
وحديث ابن عمر رضي الله عنه أنه وصف تطوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته). رواه مسلم.
6 - الوتر:-
يبدأ وقته من بعد صلاة العشاء حتى الفجر:- لحديث أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة فقال: إن أبا بصرة حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر).رواه أحمد وغيره وصححه الألباني رحمه الله.
وأقله ركعة وأفضله إحدى عشرة ركعة لقول عائشة رضي الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة. متفق عليه.
7 - تحية المسجد:-
عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس). متفق عليه.
8 - صلاة الضحى:-
سنه أقلها ركعتين ولا حد لأكثرها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام).متفق عليه.
ويسن فعلها في المسجد أحياناً:- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين). رواه أبو داود وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب.
9 - صلاة القدوم من السفر وتكون في المسجد:-
لحديث جابر رضي الله عنه قال: (اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين).متفق عليه. فهذه سنة ينبغي للمسلم الحريص على تطبيق السنن أن يفعلها أذا قدم من سفر على بلده والله الموفق.
10 - الصلاة عقب الوضوء:-
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة؟) قال: ما عملت عملاً أرجى أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي).متفق عليه. أيه ألأخوة هذا أرجى عمل عمله بلال رضي الله عنه وفيه من الخير ما ترى في هذا الحديث. هذه بعض صلاة التطوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/450)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[27 - 11 - 07, 01:11 ص]ـ
اسعدك الله مرتين
مرة على الأحاديث
ومرة على تخريج الشيخ رحمه الله
ـ[أبو عبد العزيز الكناني]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:21 ص]ـ
وهل يدخل في هذا صلاة ركعتين بعد العصر للحديث كان لا يدع ركعتين قبل الفجر وركعتين بعد العصر؟
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 12:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
هل هناك فرق بين العبارتين.
ترك الصلاة متهاونا,
ترك الصلاة متكاسلا.
أفيدوني رعاكم الله
ـ[أبو العباس السالمي الأثري]ــــــــ[01 - 12 - 07, 08:18 م]ـ
أخانا أبا عبد العزيز الكناني حفظه الله
لقد اختلفت أقوال العلماء في مسألة الركعتين بعد العصر إلى خمسة أقوال:
الأول: النهي عنهما وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ووجه للحنابلة.
الثاني: يصليهما إن فاتته الركعتان قبل الظهر بعد العصر، ولا يداوم على ذلك لأن المداومة عليهما من خصائصه صلى الله عليه وسلم بعد العصر وهو قول الشافعي.
الثالث: لا يصليهما ولا أنكر على من صلاهما وهو قول الإمام أحمد.
الرابع: جواز صلاتهما بل ذهبوا إلى سنيتهما وهو قول ابن حزم وذهب إلى ذلك الإمام الكبير الألباني رحمه الله.
الخامس: التوقف حتى يرد الترجيح بأمر خارج وهو ما ذهب إليه الشوكاني رحمة الله على الجميع.
ولقد رجحت قول الشافعي الإمام رحمه الله في كتابي (الحافل في فقه النوافل، الجزء الأول/ طبعة دار الضياء بطنطا مصر) فارجع إليه إن شئت فقد توسعت في هذا البحث شيئاً ما.
نسأل الله أن يتقبل من ومنكم صالح الأعمال
ـ[أبو العباس السالمي الأثري]ــــــــ[01 - 12 - 07, 08:34 م]ـ
وهل يدخل في هذا صلاة ركعتين بعد العصر للحديث كان لا يدع ركعتين قبل الفجر وركعتين بعد العصر؟
أخانا أبا عبد العزيز الكناني حفظك المولى
هذه المسألة (الركعتان بعد العصر) اختلفت أقوال العلماء فيها إلى خمسة أقوال:
الأول: النهي عنهما وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ووجه عند الحنابلة.
الثاني: من فاتته ركعتان قبل الظهر أو بعده فله أن يصليهما بعد العصر وهو مذهب الشافعي.
الثالث: لا يصليهما ولا أنكر على من صلاهما، وهو مذهب الإمام أحمد.
الرابع: جواز صلاتهما بل ذهبوا إلى سنيتهما وهو مذهب ابن حزم ورجحه الألباني.
الخامس: التوقف حتى يقع الترجيح بأمر خارج، وهو ما ذهب إليه الإمام الشوكاني رحمة الله على الجميع.
هذا ... ولقد رجحت ما ذهب إليه الشافعي الإمام رحمه الله في بحث نفيس - أحسبه - في كتابي (الحافل في فقه النوافل) الجزء الأول/ طبعة دار الضياء بطنطا / مصر) فارجع إليه غير مأمور.
نسأل الله أن يتجاوز عنا وعنكم ويرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.(87/451)
عن التعجل ومايتعلق به من أحكام وضوابط ...
ـ[أبوأسامة عبدالله]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:03 م]ـ
من المسائل المهمة التي يكثر الحديث حولها كل سنة مايتعلق بالتعجل في الحج من جهة حكمه وشروطه وبعض المسائل المتعلقة به كالخروج قبل الغروب ثم الرجوع للمبيت ليلا مع عدم الرمي يوم الثالث عشر، وتقديم طواف الوداع على الرمي، ونحوذلك من مسائل؟ فمن كان لديه مايفيد في هذا الموضوع فنأمل كتابته هنا لعموم الفائدة ..
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[06 - 12 - 07, 08:22 م]ـ
هذه موجودة كثيرة في كتب المناسك فمثلا منسك العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله واسمه التحقيق والإيضاح.
وكذلك من موسوعة الفقه الميسر اصدروا مجلد لطيف عن الحج والعمرة وذكروا هذه المسائل .. وغيرها كثير جداً.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[14 - 12 - 07, 03:09 م]ـ
أخي: إن كنت طالب علم فانظر في أقوال العلماء واربطها بالقواعد والضوابط والأصول وإلا فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
الصفحة الرئيسية / آخر الأخبار / العمار: لا يلزم المتعجل الخروج من منى قبل الغروب وله البقاء إلى طلوع الفجر
تكفي نية التعجل ولا يلزم الخروج من منى .. والرجوع إليها بعد طواف الوادع للراحة جائز
العمار: لا يلزم المتعجل الخروج من منى قبل الغروب وله البقاء إلى طلوع الفجر
2007 - December - 11
في إطار الجلسات الفقهية ضمن اللقاء الفقهي الثاني الذي عقده موقع الفقه الإسلامي دار النقاش حول اشتراط الخروج من منى قبل غروب شمس يوم الثاني عشر لمن أراد التعجل.
وقد أثارت فتوى الدكتور عبد الله العمار أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام بأنه لا يلزم الحاج بالخروج قبل الغروب بل يجوز له البقاء في منى حتى طلوع الفجر نقاشا واسعاً ففيما يتمسك الدكتور العمار بفتواه معللا لها بأن وقت الرمي يمتد إلى الفجر من اليوم الثالث كما هو المفتى به الآن عند أكثر العلماء وعليه فلا وجه لإلزام الحاج بالخروج من منى قبل الغروب بينما يرى بقية الفقهاء المشاركون أن على المتعجل أن يخرج من منى قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر.
وعلى الصعيد نفسه دار النقاش حول مسألة التعجل هل يشترط فيها الخروج من منى فعلا أم يكفي فيها مجرد النية خاصة مع الزحام الشديد الذي يعاني منه الحجاج في الأعوام الأخيرة.
فيرى الأستاذ الدكتور/ علي محي الدين القره داغي. عضو المجمعين الفقهيين وأستاذ الفقه بجامعة قطر وعضو الهيئة التأسيسية لموقع الفقه الإسلامي أن الحاج إذا كان قد نوى التعجل فإن هذه النية تكفيه للتعجل حتى ولو لم يتمكن من الخروج من منى إلا بعد غروب الشمس إذا كان له عذر معتبر ويؤيده في ذلك عدد من المشاركين منهم الأستاذ الدكتور/ عبد الكريم بن يوسف الخضر أستاذ الفقه بجامعة القصيم حيث يرى أنه إذا نوى الحاج التعجل جاز له التعجل حتى ولو لم يتمكن من الرمي إلا بعد غروب الشمس.
وهذا هو رأي فضيلة الدكتور علي القصير عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود إذا كان هناك عذر.
أما فضيلة الدكتور سعد الخثلان أستاذ الفقه المشارك بجامعة الإمام فيرى أنه يلزم المتعجل الخروج من منى قبل غروب الشمس ولا تكفي مجرد النية.
أما فضيلة الدكتور محمد عبد الله السواط عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى فيتوسط بين الرأيين إذ يرى أن نية التعجل معتبرة وكافية شريطة أن يصاحبها الاشتغال بأمر الخروج.
وهذا الرأي هو ما يفتي به فضيلة الدكتور حسين بن عبد الله العبيدي أستاذ الفقه بجامعة الإمام حيث يرى إن من نوى التعجل وأضاف مع نيته عمل كحمل متاع أو ركوب سيارة ونحو ذلك فهذا في حكم المتعجل أما مجرد النية وحدها فلا يعتد بها ويعلل الدكتور العبيدي ذلك بأن الرخص لا تستباح بمجرد النية بل لا بد فيها من العمل كما في رخص السفر فإنها لا تستباح بمجرد النية بل بمباشرة السفر ..
وهذا ما نحى إليه فضيلة الشيخ يوسف الشبيلي أستاذ الفقه المشارك بالمعهد العالي للقضاء. والدكتور/ توفيق الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وكذلك الدكتور/ أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
وحول ما يقد يحدث من بعض الحجاج من رجوعهم إلى منى بعد طواف الوداع للراحة قبل سفرهم
فيرى الدكتور حسين العبيدي جواز ذلك إذا لم يكن عودتهم من أجل البقاء لأن خروجهم من منى بنية التعجل يصدق عليهم أنهم متعجلون ويظل هذا الحكم مصاحبا لهم ما لم ينووا خلافه
ويؤيده في ذلك الدكتور أحمد الخليل عضو هيئة الدكتور بجامعة القصيم وعلل ذلك بعدم ورود المانع من عودتهم فبقي الأمر على الإباحة.
وجواز عودة الحاج المتعجل إلى منى بعد التعجل للحاجة هو رأي فضيلة الدكتور سعد الخثلان والشيخ الدكتور عبد الله الطيار شريطة ألا يبيت فيها وغيرهم كثير.
أما فضيلة الدكتور/ محمد بن عبد الله السواط. جامعة أم القرى فيرى عدم جواز رجوع المتعجل إلى منى.
وهذا هو رأي الدكتور عبد الرحمن الجلعود لأن من فعل ذلك لا يعد خارجا حقيقة وعلى ذلك يلزمه المبيت بمنى.
وعلى نفس الرأي فضيلة الدكتور صالح بن حسن المبعوث عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى حيث يرى أنه لا يجوز الخروج من منى لطواف الوداع ثم العودة للراحة فيها ثم الخروج منها لبلده، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكون آخر عهد الناس بالبيت يعني طواف الوداع.
-----------------------------------------------
للفائدة هذا الرابط
http://www.islamfeqh.com/news.php?go=fullnews&newsid=103
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/452)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 12 - 07, 07:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم.(87/453)
الحدث المستنكح و الشك المستنكح
ـ[توبة]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:25 م]ـ
الحدث المستنكِح هوالذي يغلب صاحبه فلا يستطيع التحرز منه.
هل هو نفسه السلس؟
وهل هذا اللفظ مستعمل عند المالكية فقط؟
و ما هو تعريف السلس لغة؟ و شرعا
ـ[أم حنان]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:47 م]ـ
أختي الفاضلة توبة، وجدت هذا عند البحث في الجوجل:
ص (كحدث مستنكح)
ش: إطلاق الحدث على ما يستنكح مجاز فقهي ; لأن الحدث كما سيأتي في باب نواقض الوضوء هو الخارج المعتاد في الصحة وهذا رأي العراقيين الذين يجعلون بول صاحب السلس كالعدم ويشترطون في الحدث الصحة والاعتياد , وذكر في التوضيح قولا بأن بول صاحب السلس حدث وإنما سقط عنه الوضوء لكل صلاة للمشقة ذكره في فرائض الوضوء في الكلام على النية وعلى هذا القول فإطلاق الحدث على المستنكح حقيقة والله تعالى - أعلم.
ونكره ليعم كل حدث وسواء أصاب الثوب , أو البدن ولم يذكر المكان فأما إن أصابه في غير الصلاة فظاهر ; لأنه يمكنه أن يتحول إلى مكان طاهر. وأما إذا أصابه وهو في الصلاة فهو من [ص: 143] جملة ما هو ملابس له ويعسر الاحتراز منه ودم الاستحاضة داخل في الحدث ; لأنه إذا لم يستنكح كان حيضا وهو حدث. وأما الدم الخارج من الدبر , أو من قبل الرجل فلا يدخل في الحدث , وذلك من قبيل الحرج بمصل والظاهر أنه يصح في المستنكح فتح الكاف وكسرها وانظر ما ضابط الحدث المستنكح هنا هل هو ما لا يجب منه الوضوء على التفصيل الآتي في نواقض الوضوء , أو يغتفر هنا كل ما خرج على وجه السلس , ولو كان انقطاعه أكثر من إتيانه إذا أتى في كل يوم مرة , أو أكثر لمشقة الاحتراز منه وهذا هو الظاهر , وقد فسر الجزولي والشيخ يوسف بن عمر الاستنكاح في باب السهو بأن يأتي في كل يوم مرة أو أكثر قالا.
وأما إذا أتى بعد يوم , أو يومين فليس بمستنكح قال الوالد - رحمه الله تعالى - وهو الذي يظهر هنا وقد قال في التوضيح إن الأحداث المستنكحة مثل الدمل انتهى.
ومسألة الدمامل سيأتي أنه يعفى عن كل ما يسيل منها إذا لم تنك إذا تكرر ذلك وشق الاحتراز منه , وقال في الطراز في صاحب السلس في الوجه الذي يستحب له فيه الوضوء هل يستحب له غسل فرجه قال ابن حبيب يستحب اعتبارا بالوضوء , وقال سحنون لا يستحب اعتبارا بسائر النجاسات السائلة كالقروح وشبهها لا تغسل إلا أن تتفاحش وتخالف طهارة الحدث ; لأنها أوكد إلا أنه يستحب له نضحه إذا كان مستنكحا انتهى.
ونقله ابن ناجي فانظره وأيضا فقد قال أصحابنا العراقيون إن السلس جميعه لا ينقض الوضوء , وكلام ابن عرفة يشعر بأن ذلك فيما لا ينقض فإنه قال , وقول ابن شاس وعن حدث مستنكح لا أعرفه نصا لغير الكافي وقياسه على ما مر وعدم نقضه قائم.
(قلت:) مراده بما مر مسألة الدمل وما ذكره صاحب الطراز عن سحنون وابن حبيب نص في العفو عن الحدث المستنكح فتأمله.
(فرع) واستحب في المدونة أن يدرأ ذلك بخرقة قال سند , ولا يجب ; لأنه يصلي بالخرقة وفيها النجاسة كما يصلي بثوبه قال سند هل يستحب تبديل الخرقة قال الإبياني يستحب له ذلك عند الصلاة ويغسلها وعلى قول سحنون لا يستحب وغسل الفرج أهون عليه من ذلك وحكى ابن ناجي - رحمه الله تعالى - عن القرافي أنه قال مذهب الإبياني لزوم الخرقة وليس في كلامه ما يدل على ذلك والله أعلم.
اسم الكتاب مواهب الجليل على موقع الشبكة الاسلامية.
وهذا أيضا:
فالشك المستنكح هو أن يعتري المصلي كثيرا بأن يشك كل يوم ولو مرة هل زاد أو نقص أو لا أو هل صلى ثلاثا أو أربعا ولا يتيقن شيئا يبني عليه وحكمه أن يلهى عنه ولا إصلاح عليه بل يبني على الأكثر ولكن يسجد بعد السلام استحبابا كما في عبارة عبد الوهاب وإلى هذا أشار المصنف بقوله أو استنكحه الشك ولهي عنه والشك غير المستنكح هو الذي لا يأتي كل يوم كمن شك في بعض الأوقات أصلى ثلاثا أم أربعا أو هل زاد أو نقص أو لا فهذا يصلح بالبناء على الأقل والإتيان بما شك فيه ويسجد , وإليه أشار بقوله كمتم لشك ومقتصر على شفع إلخ فإن بنى على الأكثر بطلت ولو ظهر الكمال حيث سلم عن غير يقين والسهو المستنكح هو الذي يعتري المصلي كثيرا وهو أن يسهو ويتيقن أنه سها وحكمه أنه يصلح ولا سجود عليه وإليه أشار المصنف بقوله لا إن استنكحه السهو ويصلح ; والسهو غير المستنكح هو الذي لا يعتري المصلي كثيرا وحكمه أن يصلح ويسجد حسبما سها من زيادة أو نقص وإليه أشار بقوله سن لسهو والفرق بين الساهي والشاك أن الأول يضبط ما تركه بخلاف الثاني.
حاشية الدسوقي،موقع الشبكة الاسلامية
وفقك الله إلى كل خير، وزادك علما وفقها
ـ[توبة]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:16 ص]ـ
بارك الله فيكِ أختي الكريمةعلى هذه النقولات القيمة.
لقد قرأت في مصادر كالتي نقلتِ منها،وكلها في المذهب المالكي عادة ما يطلقون هذا اللفظ بمعنى السلس، أقصد الحدث المستنكِح.
و أضيف للفائدة بعض ما وجدت
في المصباح: استنكح بمعنى نكح، وفي تاج العروس وأساس البلاغة: ومن المجاز استنكح النّومُ عينَهُ غلبها. وفقهاء المالكيّة فقط هم الّذين يعبّرون بهذا اللّفظ عن معنى الغلبة مسايرين المعنى اللّغويّ فيقولون: استنكحه الشّكّ أي اعتراه كثيراً.
لكني لم أجد ما أصل كلمة سلَس في اللغة،و تعريفها اصطلاحا_عند الفقهاء_
و هل المالكية يفرقون بين السلَس و الحدث المستنكِح،هل اللفظ الثاني أعم مثلا؟ أم لا فرق بينهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/454)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:43 ص]ـ
في مواهب الجليل: (وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ دَاخِلٌ فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَنْكِحْ كَانَ حَيْضًا وَهُوَ حَدَثٌ)
والمستنكِح هو الغالب المتكرر أياً كان ذلك الحدث.
قال بعدها: (وَقَدْ فَسَّرَ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الِاسْتِنْكَاحَ فِي بَابِ السَّهْوِ بِأَنْ يَأْتِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ قَالَا.
وَأَمَّا إذَا أَتَى بَعْدَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ هُنَا وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ الْأَحْدَاثَ الْمُسْتَنْكَحَةِ مِثْلُ الدُّمَّلَ انْتَهَى).
ولعل الأخت أم حنان قد نقلت منه ولم تعزُ إليه.
ـ[توبة]ــــــــ[27 - 11 - 07, 01:14 ص]ـ
جازاكم الله خيرا
ولعل الأخت أم حنان قد نقلت منه ولم تعزُ إليه.
بل قد فعلت أختنا أم حنان/بارك الله فيها
اسم الكتاب مواهب الجليل على موقع الشبكة الاسلامية
ولكن ماذا عن سؤالي بخصوص السلس؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 11 - 07, 01:19 ص]ـ
أحسنت
تقصدين: أصل كلمة سلس؟
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[27 - 11 - 07, 07:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله فيكم وبارك في الشيخ الكريم أبي يوسف
السلِس في اللغة السهل يقال سلِس الشيء سلَساً أي سهل وانقاد ولان فهو سلِسٌ ويقال شراب سلِس أي سهل الانحدار في الحلق، وسلِس البول يعني استرسل ولم يستمسك، وسلَس البول عدم استمساكه بمعنى أنه يخرج من مخرجه بدون إرادة ويقال لمن به هذا المرض سلِس بالكسر.
والمعنى الشرعي هنا هو المعنى اللغوي؛ لأن هذا من الحسيات الصرفة التي لا يختلف فيها الشرع عن اللغة.
والله أعلم
ـ[توبة]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:40 ص]ـ
بارك الله فيكم(87/455)
هل نقل الاجماع على؟
ـ[بن العربى الشافعى]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:35 م]ـ
هل نقل الاجماع على عدم نجاسة الاصنام؟ Question(87/456)
أمر مخجل، و للأسف .. ظاهرة تأخير الحج مع القدرة
ـ[عبدالله العزاز]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
في العام الماضي و قبل موسم الحج بينما كان الشيخ يوسف الأحمد - حفظه الله - يشرح كتاب الحج من عمدة الأحكام كان الحضور قرابة الثلاث مائة طالب علم، أغلبهم من الشباب، كان الشيخ يُشدد على قضية تأخير الحج لمن وجب عليه، و قال أن الناس تساهلوا في القيام بهذا الركن العظيم، و لو أنك ذهب إلى المدارس الثانوي و سألت الطلاب عن عدد الذين أدوا فريضة الحج لوجدت في الفصل الواحد ما لا يزيد عن الخمسة، وهذا خلل كبير، فيبغي للمسلم منذ أن يبلغ و يكون مستطيعاً أن يبادر إلى الحج على الفور .. وذكر قصصاً عن المسلمين في الدول النائية و كيف حالهم مع أداء فريضة الحج، فمنهم من جعل الحج أمنيته الأولى و الأخيرة، ومنهم من بدأ بجمع ماله منذ صغره ثم وافته المنية ولم يحصل على المبلغ الذي يؤهله للحج، و منهم من حج وهو في سن الثمانين ..
وبعد هذا كله ..
سأل الشيخ الطلاب حوله، فقال (من منكم أدى فريضة الحج) فرُفعت أيدٍ قليلة، فابتسم الشيخ و قال: أمرٌ مخجل، أنتم الآن الصفوة، فكيف بغيركم .. ؟!
وأنا هنا في هذا المقام أنادي بما نادى به الشيخ - حفظه الله -
ومعلوم أن الأمر يقتضي الفورية فقد قال تعالى: ((و أتموا الحج و العمرة لله))
و قال تعالى: ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفرَ فإنَ الله غني عن العالمين))
وقد كره السلف من الصحابة و التابعين تأخير الحج، و ذهب بعضهم إلى تأثيم من أخر الحج، وهو قادرٌ عليه ..
فبادر إلى أداء فريضة الله يامن وجب عليك الحج ..
فإنك لاتدري ماذا سيحدث في أمركـ
قال الني صلى الله عليه و سلم: (تعجلوا إلى الحج- يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) اخرجه الإمام احمد - رحمه الله- و فيه مقال.
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج؛ لقول الله سبحانه: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن غني عن العالمين) آل عمران/97
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" متفق على صحته
ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عليه السلام عن الإسلام، قال:" أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " أخرجه مسلم في صحيحه، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والله ولي التوفيق. ا. هـ.
وهذا الأمر وهو الحج على الفور ذهب إليه مالك والإمام أحمد، وأيضاً قول قوي عند الأحناف وغيرهم.
أسأل الله أن يتقبل من الجميع
و شكرا لكم
smsam_asas@hotmail.com
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[27 - 11 - 07, 07:39 ص]ـ
جزاك الله خيرا على تذكيرك وتنبيهك
لكن السؤال الذي يطرح نفسه؟
هل طلاب الثانوي ومن في حكمهم ممن ليس لهم رواتب أو مكافآت مرتبة هل تحقق فيهم شرط الاستطاعة المالية التي هي أحد شروط وجوب الحج؟
بمعنى هل يملكون مالا يؤدؤن به الحج من غير طلب مساعدة من آبائهم ونحوهم؟
فإن كانوا يملكون فيجب عليهم الحج،
وإن كانوا لا يملكون مالا لكن يمكن أن يطلبوا من آبائهم مالا ليحجوا بها فهنا وقع خلاف هل يعتبر هذا من الاستطاعة أو لا؟
والمذهب عند الحنابلة: أن الإنسان لا يعتبر مستطيعا ببذل غيره له، ولو كان من أقاربه، وهذا أحد قولي شيخنا ابن عثيمين رحمه الله ولعله آخر قوليه، فقد ذكره في اللقاء الشهري (53أو54) الشك مني فلعلك ترجع إليه
وهذه مسألة ينبغي تحقيقها لأنها تتعلق بأمر المسلمين عامة والله المستعان.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 11 - 07, 10:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
جزاك الله خيرًا وبارك فيك، وأحسن إليك وغفر لك ما تقدم من ذنبك لما قدمت من خير ونفع.
ـ[الشهبي جمال]ــــــــ[27 - 11 - 07, 03:04 م]ـ
السلام عليكم
الامر مخجل ومؤسف حقا ...
نحن في المغرب نعاني من شدة الاجراءات ..
لا تنسونا في دعائكم.
ـ[ابو سما]ــــــــ[27 - 11 - 07, 07:48 م]ـ
جزاك الله خير
ـ[مناهل]ــــــــ[27 - 11 - 07, 11:15 م]ـ
جزاك الله خيرا
خاصة النساء يماطلن كثيرا والله المستعان وترى أحد محارمها ذاهب للحج ولا ترافقة!!
والأدهى بدعة أن الفتاة لاتحج الا اذا تزوجت!!!
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:31 ص]ـ
نسأل الله السلامة من الفتن والبدع
وأن ييسر لنا الحج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/457)
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:32 ص]ـ
وأهدي هذه القصة للمخالفين
طفل أمريكي يجمع مصروفه ليزور المسجد الحرام طفل في الثانيه عشر من عمره يختار الدين الاسلامي ليعتنقه عن اقتناع تام وايمان. ودون تدخل اي شخص أو دعوته له. بل دون التقائه بأي شخص مسلم! هذا ماحدث فعلا مع الطفل الكسندر الذي اسلم وسمى نفسه محمد بن عبد الله كما ذكر الدكتور انس بن فيصل الحجي في مقاله في جريده الوطن الكويتية. ويقول هذا الطفل ان امه تركت له حريه الاختيار بين الديانات بعد ان احضرت له كتبا من جميع العقائد السماويه وغير السماويه. وبعد قرائه متفحصه قرر الكساندر ان يكون مسلما .. فتعلم الصلاه وكثيرا من الكلمات العربيه والاحكام الشرعيه وحفظ بعض السور. كل هذا دون ان يلتقي بمسلم واحد! وعندما سئل عن الصعوبات التي يواجهها لكونه مسلم يعيش بجو غير اسلامي. كان جوابه الذي تلفه الحسره هو ان تفوته بعض الصلوات احيانا بسبب عدم معرفته لاوقات الصلاه بدقه. وعندما سئل عن طموحه وامانيه اجاب بان لديه الكثير من الامنيات منها ان يتعلم اللغه العربيه وان يحفظ القران الكريم ,, واهم امنياته ان يذهب الى مكه المكرمه ويقبل الحجر الاسود. واكمل قائلا انه يحاول جمع مصروفه الاسبوعي ليتمكن من زياره بيت الله يوما ما. واستطاع ان يجمع 300 دولار حتى الان وينتظر ان يستطيع ان يجمع 1000 دولار امريكي لكي يستطيع الذهاب الى هناك. وعن المهنه التي يطمح اليها قال بانه يريد ان يصبح مصورا لينقل الصوره الصحيحه عن المسلمين. فقد قرأ الكثير من المقالات وشاهد العديد من الافلام التي تحاول تشويه صوره الاسلام. وعندما سئل عن ما اذا كان يؤدي الصلاه في المدرسه قال محمد بأنه يصلي هناك فقد اكتشف مكانا سريا في مكتبه المدرسه يصلي فيه كل يوم. هذا كلام الطفل المسلم الذي تبنى الاسلام دينا وعقيده , رغم انه ولد لابوين نصرانين ويعيش بعيداَعن اي مسانده او دعم ..
انك لاتهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء
المصدر http://www.alfeqh.com/montda/index.php?showtopic=5549
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 06:38 م]ـ
ياأخي الكريم المشكلة ليست في طلاب الثانوي .. المشكلة في طلاب الجامعات وبعضهم في كليات الشريعة نسأل الله لهم الإسراع إلى الحج .. والطامة إذا أتاك شخص مقتدر وبلغ من عمره الثلاثون ..
ـ[أبو محمد العمرى]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:11 ص]ـ
ياأخي الكريم المشكلة ليست في طلاب الثانوي .. المشكلة في طلاب الجامعات وبعضهم في كليات الشريعة نسأل الله لهم الإسراع إلى الحج .. والطامة إذا أتاك شخص مقتدر وبلغ من عمره الثلاثون ..
عجباً ... بعض الناس ليس بينه وبين الحرم إلا ركوب حافلة ولا يحج!
اللهم نسألك العافية وأن تمن علينا بالحج.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:30 م]ـ
للأسف والله ياأبى محمد قابلت رجلاً بلغ من عمره مايقارب الأربعين وهو مقتدر ولم يحج طوال هذه المدة ولكن الحمد لله حج .. لكن بعد اربعين سنة.
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:51 ص]ـ
هذا على القول بانه على الفور
ولكن يشكل على كلام الشيخ بن باز رحمه الله
ان من حج بعد ان بلغ الستين متعمدا انه آثم من بلوغه حتى حجه فهل يقول احد بذلك من السلف!
وقد نقل القرطبي اجماع اهل العلم على عدم الاثم لمن حج بهذه الطريقة -
وعهدي قديم بكلام القرطبي فلعلكم ترجعون اليه
ولو قلنا بوجوب الحج على الفور والزمنا الناس بذلك فكم سيموت من شدة الزحام!!!
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[04 - 12 - 07, 05:56 ص]ـ
جزاكم الله خير واللي فهمته ان الموضوع عن الشباب السعودي الذي لايجد منتصف الشهر من راتبه ولا ريال
الشباب الملزم بالتعاقد مع الشركات بمبالغ تتجاوز 2500ريال وكم من مره أسافر في يوم 8 الى جده او
العكس الى الباحه وانظر الى المستوقفين الممنوعين من الحج لعدم وجود ترخيص وخاصة فئه معينه
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[17 - 02 - 08, 01:39 م]ـ
مازلت أنتظر من الاخوة ازلة هذا الاشكال من كلام الشيخ لرحمه الله(87/458)
هل يوجد كتاب مفرد عن صلاة الضحى
ـ[عماد الجراري]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يوجد كتاب مفرد عن صلاة الضحى
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[06 - 12 - 07, 10:14 م]ـ
- جزء في صلاة الضحى للسيوطي مطبوع وموجود ضمن رسائله.
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[07 - 12 - 07, 10:17 م]ـ
عندي كتاب في مكتبتي عن صلاة الضحى عنوانه (صلاة الضحى أحكامها وفضلها) إن لم تخني الذاكرة ولعلي أبحث عنه , وأفيدك يا أخي
ـ[عماد الجراري]ــــــــ[14 - 12 - 07, 12:26 ص]ـ
بارك الله فيكم(87/459)
هل يقتصر موضوع "الفقه المقارن" على اتجاهات الفقه الإسلامي؟
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:15 ص]ـ
هل يقتصر موضوع "الفقه المقارن" على اتجاهات الفقه الإسلامي؟ أم يقتصر على الموازنة بين الفقه الإسلامي وفقه القوانين الأخرى؟ أم الاثنين معا؟(87/460)
ما حكم استقدام الخادمة من الخارج من غير مح
ـ[أبو عثمان السبيعي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:56 ص]ـ
ما حكم استقدام الخادمة من الخارج من غير محرم؟؟؟
أفيدونا بارك الله فيكم ولكم منا الدعاء.
وحبذا لو زودتمونا بأقوال وفتاوى أهل العلم في ذلك.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 12:05 ص]ـ
استقدام الخادمة من غير محرم
المجيب د. عبدالله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 25/ 11/1424هـ
السؤال
إن مما عمَّت به البلوى الخادمات في المنازل، والحاجة إليها لكثرة متطلبات الحياة، وإني بحاجة لإحضار خادمة؛ لتعب أهلي عند الحمل والولادة وظروفهم العملية، ولكني في حرج في إحضار الخادمة -وإن كانت مسلمة- لتعذر المحرم الذي يأتي بها، فأفتوني مأجورين في إحضار خادمة بدون محرم، وتنقلها معنا في بلادنا في الذهاب والإياب، والسفر إلى مكة وهي مع أهلي، وإن كان ثم دليل فلكم الشكر الجزيل.
الجواب
مسألة الخادمة أصبحت من المشاكل الاجتماعية التي لها خطر عظيم، وكم نسمع من أمور يندى لها الجبين جراء استقدام هؤلاء الخدم ذكوراً أو إناثاً، وقد تبين ضررها العظيم في المجتمع مع كونها مظهر ترف، ولا تدفع الحاجة إليه، وفيه من أسباب الفتنة ما يقتضي أن تكون الحكمة منعه.
فأولاً: لا ينبغي لأي عاقل أن يستقدم خادماً لبيته إلا عند الضرورة القصوى، وليس لمجرد الحاجة أو الرفاهية، فهذا ضرر للدين، وسفول في العقل، وضياع للمال.
ثانياً: لا بد أن تكون الخادمة ملتزمة بالشرع، فتتحجب حجاباً كاملاً عن الرجال في البيت، ولا يجوز أن تكون سافرة متبرجة.
ثالثاً: لا بد أن يكون حضورها مع محرم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" البخاري (1862) ومسلم (1341).
هذا الجواب منقول بحرفه من كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين -عليه رحمة الله-، من دروسه في الحرم المكي، راجع (دروس وفتاوى الحرم المكي 3/ 347)، وفق الله الجميع لطاعته.
----------------------------------
المصدر: فتاوى واستشارات موقع الإسلام اليوم
www.islamtoday.net
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 06:08 م]ـ
أنا أنصح من أراد استقدام خادمة من أي بلدٍ أن يسافر إليها ويعقد عليها عقد نكاحٍ يبيح له مخالطتها والسفر بها ومجالستها والخلوة بها وقضاء حاجته منها في حال رغبته ,وبذلك يزول المحذور وتنتفي الشرور حتى وإن كرهت الزوجة ذلك بل من الممكن إخفاؤه عنها وعدم إعلامها بالزواج , واستدفاع سخط الناس بسخط الله عين الهلاك والخسران, وقد قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله قريبا من هذا الكلام ثمّ علق عليه مازحاً وهو يقول:
لكني أخشى إن تزوجها أن تطلب الخادمةُ خادمةً لها والذمة لا تتسع.
ـ[توبة]ــــــــ[28 - 11 - 07, 07:16 م]ـ
أنا أنصح من أراد استقدام خادمة من أي بلدٍ أن يسافر إليها ويعقد عليها عقد نكاحٍ يبيح له مخالطتها والسفر بها ومجالستها والخلوة بها وقضاء حاجته منها في حال رغبته ,وبذلك يزول المحذور وتنتفي الشرور حتى وإن كرهت الزوجة ذلك بل من الممكن إخفاؤه عنها وعدم إعلامها بالزواج , واستدفاع سخط الناس بسخط الله عين الهلاك والخسران, وقد قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله قريبا من هذا الكلام ثمّ علق عليه مازحاً وهو يقول:
لكني أخشى إن تزوجها أن تطلب الخادمةُ خادمةً لها والذمة لا تتسع.
و ماذا عن الاشهار أو الاعلان في النكاح؟ إن كانت الزوجة صاحبة البيت لا تعلم بزواجه منها و هي معها في نفس المكان؟؟
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 08:21 م]ـ
الزوجة ليست ولياً للزوج حتى يُستنكَر عدمُ علمها بزواجه , فبإمكانه التزوج من ثلاثٍ دون علمها , ولا صلة لذلك بالإشهار والإعلان , لأنه يكون على أوسع نطاق والزوجة لا يشترط علمها, وتوضيحاً لذلك:
لو أن رجلاً في المغرب استقدم خادمةً من دولةٍ مّا وذهب إليها وعقد عليها عند أهلها وأحضرها لزوجته ولم يعلم بزواجه منها أي أحد في المغرب فلا ينافي فعلُه هذا تحقق الإشهار والإعلان لأنه حصل في هذه الدولة
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 08:41 م]ـ
ما رأيك في الذهاب هناك مع زوجته المرضع وارضاع طفلة في الحولين هناك لتكون مستقبلا أختا لهم بالرضاع.ألا يكون حلا آخر كالنكاح.
أرجوا أن يفهم الكلام على أنه حل لمشكلة. فقط لا غير.
ثم إن من الناس من يأخذ بالقول الثاني في مسألة رضاع الكبير وتقيدها بالحاجة أو الضرورة كمسألة سالم مولى أبي حذيفة رضى الله عنهم. وهو اختيار ابن تيمية والشوكاني وسلفهم فيه عائشة رضي الله عنها.
ولا شك أن الأخت من الرضاع مقبولة عند الجميع بخلاف عقد الزوجية وما يترتب عليه من أحكام شرعية
اضافة للمشاكل والذرية وآخرها الطلاق واختلاف الأنظمة في حضانة الأولاد، وقد تهرب بهم يوما من الأيام كما هو الحاصل في الزواج من خارج البلاد كسوريا والمغرب ....... الخ
الموضوع للمدارسة لحل مشكلة عامة ومنكر تلبسنا به وفساد عند ضعاف الدين.
فأرجوا اثرائه بما يفيد. أسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/461)
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:01 م]ـ
عفا الله عنك أبا أحمد
ومن هذه التي سترضع طفلةً في الحولين وتنتظرها حتى تبلغ لتخدمها , فهذا غريب جداً إن لم يكن مستحيلاً, ولا يوجد -في نظري- حلٌ خيرٌ من النكاح.
من فتاوى الشيخ بن عثيمين رحمه الله المتعلقة بنفس الموضوع
مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): النكاح
السؤال: إذا كانت الخادمة تربي طفل صغير معوق وهي مسلمة منذ صغره وتعود عليها هذا الطفل وأخذا تربيه مدة كبيرة تقوم بتغسيله وتأكيله والعناية به لمدة ما يقارب من عشر سنوات فهل يكون لها محرم ويجوز أن تسلم عليه؟
الجواب
الشيخ: إذا كانت هذه المرأة غير متزوجة فما أحسن أن يزوجوه بها حتى تتمكن من كل شيء يصلح به أمر هذا الرجل ولعل الله سبحانه وتعالى أن يقدر بينهما ولدا ينفعهما جميعا أما إذا كانت مزوجه فإنه لا يمكن أن يتزوج بها والذي أرى أن يطلبوا خادما غير متزوجه فيزوجوه بها فيحصل بذلك مصلحة. مصلحة الخدمة ومصلحة المتعة إذا كان يريدها.
************************************************** ****************************
مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): متفرقه
السؤال: رسالة وردت من السائل المواطن ص ل ل يقول في رسالته تحية وتقدير لمقدم هذا البرنامج وللعلماء وفقهم الله لما يحبه ويرضاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد مشكلة لها عواقب وخيمة أطلب منكم وقفكم الله مناقشتها وتوضيح سلبيتها على الوطن والمواطنين النساء أخذت تفد إلى بلادنا وبكثرة وللأسف أخذ تفد علينا نساء غير مسلمات من هنا ومن هناك وفي بيوت المسلمين ويربين أولادنا وهؤلاء يا فضيلة الشيخ يشكلون بدورهم آثاراً لا تخفى على المسلمين ولا سيما أنهم يكرهون الإسلام ويبطنون الكراهية للمسلمين وحيث إن اختلاطهم معنا فيه خطر علينا وعلى أولادنا وشبابنا فنرجو النصح والتوضيح للمواطنين وتحذيرهم من عواقبها الوخيمة وفقكم الله؟
الجواب
الشيخ: هذا السؤال الذي ذكره الأخ هو من الأمور التي وقع فيها كثير من الناس بجلب الخدم من ذكور وإناث وفي الحقيقة أن جلب كلا الصنفين فيه خطر من ناحيتين النواحي الاجتماعية والنواحي الأخلاقية أما النواحي الاجتماعية فإن اعتياد الإنسان على الترف وعدم العمل وعدم المهنة بالبيت والتكاسل والاتكال على الغير كل هذا عليه خطره النفسي على سلوك الإنسان ونفسيته وفكره لأنه يعتاد الترف والنعيم والتواكل على الغير وهذا يؤثر فيه ويبقي في نفسه فراغاً عظيماً لا يتمتع في حياته منه أي بسببه ولهذا ترى المرأة التي جلبت لها الخادمة تراها فارغة الذهن فارغة الفكر ليست تعمل ولا تتحرك دمها ساكن وطعامها غير هاضم وذلك لأنها تبقى كأنها ندمانة في طرف من بيتها تضع يدها كما يقولون على خدها لا تتحرك ولا تصنع شيئاً وهذا يؤثر عليها نفسياً ويؤثر عليها جسمياُ هذا من الناحية الإجتماعية ومن الناحية الخلقية أن هؤلاء الخدم إذا كنا إناثاً فإنهن خطر لا على الشباب الذين في البيت بل وحتى على رب البيت لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وربما يغريه بامرأة قد لا تكون ذات حسب وجمال ولكن من أجل أنه منع منها شرعاً فيزينها الشيطان في قلبه فيكون ممن زين له سوء عمله فرآه حسناً نسأل الله السلامة وقد يقول الإنسان إننا ولله الحمد على دين متين ونأمن على أنفسنا ولكن هذا حديث نفس والإنسان إذا تعرض إلى الفتن فإنه يقع فيها ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان إذا سمع بالدجال أن ينأى عنه لأن الرجل قد يأتي ويقول أنا مؤمن أنا لا أصدق بالدجال فلا يزال به يوقعه في الفتن حتى يضله عن سبيل الله وهكذا أيضاً بالنسبة للخدم الوافدين من الذكور فإنه بسببهم يكون الإنسان متكلاً على غيره مفض بأموره إلى غيره غير مهتم بها مباشرة وهذا ضرر اجتماعي وبالنسبة للعائلات من بنات وأخوات وزوجات هو أيضاً خطر عليهن لأنه مع الأسف الشديد نسمع أن بعض الناس يرسل ابنته أو أخته أو زوجته مع هذا السائق وحده يمشي بها في السيارة يتسكع بها في أسواق البلد الداخلية أو المتطرفة وربما يخرج بها عن البلد ثم لو أراد أن يخرج بها من الذي يمنعه ولهذا لا يحل لإنسان أن يمكن زوجته أو ابنته من أن تركب مع السائق وحدها لأن هذا من أعظم الخلوة التي نهى عنها رسول الله صلى الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/462)
عليه وسلم في قوله في حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين (لا يخلون رجل بامرأة) لا يقال إن هذا ليس بخلوة لأنهم يمشون في السوق صحيح إنهم يمشون في السوق لكنهم في خلوة لأن هذه السيارة بمنزلة غرفة أو حجرة انفرد بها هذا الرجل بهذه المرأة فهو يستطيع أن يتكلم معها بما يشاء وأن يضحك إليها وتضحك إليه ويستطيع أن يتفق معها بكل سهولة على أن يخرجا إلى خارج البلد ويصنعا ما شاءا فالمسألة خطيرة جداً سواء قلنا إنها خلوة كما هو الذي يتضح لنا أو قلنا أنها ليست بخلوة فإنها معرض للفتن بلا ريب ثم إن بعض الناس يقول إن زوجتي والحمد لله مأمونه تخاف الله أو إن ابنتي كذلك مأمونه تخاف الله وتخشى العواقب في الدنيا والآخرة نقول مهما كان الأمر فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وليس هذا القرن الذي نحن فيه بأفضل من القرن الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيحين أن رجلاً استأجر رجلاً ليعمل عنده فزنا هذا الرجل بامرأته أي بامرأة من استأجره فأُخبر والد الرجل أن على ابنه الرجم فافتدى منه بمائة شاة ووليدة ثم إنه سأل أهل العلم فأخبروه بأنه بأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام لأن هذا الابن لم يكن قد تزوج ثم ترافع الرجل وزوج المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما بكتاب الله تبارك وتعالى فرد الغنم والوليدة على والد الابن وأخبره بأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام وقال لأنيس رجل من الأنصار اغدو يا أنيس لامرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فذهب إليها فاعترفت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها والحاصل أن هذه القصة وقعت بين الأجير وبين زوجة من استأجره في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وهو خير القرون وأسلمها من الفتن وأبعدها عن الفساد ومع ذلك حصلت هذه القصة أفلا يمكن أن تحصل في عهدنا هذا إنه يمكن بل أقرب وأقرب وأقرب بكثير من وقوعها في عهد النبي عليها الصلاة والسلام ولهذا نقول إن هذه المسألة فيها خطر عظيم وأن الواجب على الإنسان أن لا يستجلب خادماً إلا عند الحاجة ثم إذا استجلب خادماً ذكراً فإنه يجعله في بيت خارج بيته وكذلك بالنسبة لمن استخدم خادماً في البيت امرأة فليحرص غاية الحرص أن لا تنفرد بأحد من الرجال فيقع المحظور.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:20 م]ـ
أنا أنصح من أراد استقدام خادمة من أي بلدٍ أن يسافر إليها ويعقد عليها عقد نكاحٍ يبيح له مخالطتها والسفر بها ومجالستها والخلوة بها وقضاء حاجته منها في حال رغبته ,وبذلك يزول المحذور وتنتفي الشرور حتى وإن كرهت الزوجة ذلك بل من الممكن إخفاؤه عنها وعدم إعلامها بالزواج , واستدفاع سخط الناس بسخط الله عين الهلاك والخسران, وقد قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله قريبا من هذا الكلام ثمّ علق عليه مازحاً وهو يقول:
لكني أخشى إن تزوجها أن تطلب الخادمةُ خادمةً لها والذمة لا تتسع.
بسم الله والصلاة على رسول الله
أما بعد فيا أخي أبو زيد،، الحقيقة هذا الذي تفضلت به ليس بحل ....
فبدلا أن يسافر إلى الخارج ويعقد على خادمة! فلماذا لا يتزوج ثانية؟؟ وثالثة وربما رابعة؟؟
ثم إذا هو عقد على هذه (الخادمة) وأصبحت زوجة، فيجب عليه العدل بينهما، ولا يجوز له بأي حال أن يخدم أحداهما الأخرى، أليس كذلك؟.
فالزواج الثاني والثالث والرابع هو الحل ..
أما إذا أراد أن يتجارى مع الآخرين، المنهمكين في التفاخر والإنشغال في الحياة الدنيا وزخرفها، فهذا شيء آخر .. حيث كثيرا من أحوالهم يلفها الحرام وهم لا يكترثون، من الإختلاط بأجنبية، والتفاخر المحرم، والإسراف ... الخ وتقع مصائب يقشعر لها البدن، خصوصا عند إخواننا في الدول الخليجية الثرية ...
وكثير منا، في هذا الباب مغبون بنعمة دلنا عليها نبي الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال لفاطمة وعلي رضي الله عنهما:
" ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ , قالا: بلى, فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين. " البخاري وغيره.
والمحزن أن كثيرا من الناس أصبح موقفهم من تعدد الزوجات مثل النصارى بالضبط، حيث من المصائب العظمى أن يفكر المرء بزوجة ثانية ... !!!
والتعدد متاح لإخواننا في الدول الثرية .... فعليهم بهذا ............
أما عندنا هنا (الأردن) فالوضع مختلف ....... فلو تسمح الظروف فلما توانينا بإذن الله .... ولو لإعلاء شرائع الإسلام ............
والله أعلم والله ولي التوفيق
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:33 م]ـ
[ QUOTE= أبو عامر الصقر;706140]، ولا يجوز له بأي حال أن يخدم أحداهما الأخرى، أليس كذلك؟.
لا والله ليس كذلك, وهذا التعميم منك وعدم الاستثناء مصيبة لا تعادلها مصيبة و فلو قلت: لا يجوز لأحدهما وسكتَّ لكان الأمر هيناً, أمّا أن تضيف جملة (بحال) فهذا هو سبب تعقيبي عليك.
لو تنازلت عن حقها في العدل هل تستطيع التفوه بعدم جواز ذلك , جاوبني بجوابك وحينها نكمل النقاش
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/463)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[29 - 11 - 07, 09:21 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله،
أراك أخي أبي زيد زعلت، وما ينبغي ذلك، فالكل يخطيء ولا ينجو من الخطأ أحد ................
---------------
ونرجع لموضوعنا،،،
فليس كل شيء تستطيع المرأة التنازل عنه ....
هل تستطيع التنازل عن ولي لها ليعقد نكاحها .. ؟
هل تستطيع التنازل عن الصداق .. ؟
الجواب: لا ..... وهذاثابت بالدليل القاطع.
وكذلك في أن تصبح المرأة خادمة لضرتها، هذا لا يجوز ولا بحال من الأحوال
وإلا فما معني قوله تعالى:
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) النساء.
فأي ميل وظلم أعظم من أن تجعل أحد المرأتين خادمة للأخرى؟؟.
ثم أنت أخي توقع أسفل مشاركاتك بقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي يأمر به بالعفو ومعاملة الآخرين بما تحب أن تعامل به!! أم نسيت؟؟
وتذكر قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون* كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) الصف.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 12:43 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله،
أراك أخي أبي زيد زعلت، وما ينبغي ذلك، فالكل يخطيء ولا ينجو من الخطأ أحد ................
---------------
ونرجع لموضوعنا،،،
فليس كل شيء تستطيع المرأة التنازل عنه ....
هل تستطيع التنازل عن ولي لها ليعقد نكاحها .. ؟
هل تستطيع التنازل عن الصداق .. ؟
الجواب: لا ..... وهذاثابت بالدليل القاطع.
وكذلك في أن تصبح المرأة خادمة لضرتها، هذا لا يجوز ولا بحال من الأحوال
وإلا فما معني قوله تعالى:
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) النساء.
فأي ميل وظلم أعظم من أن تجعل أحد المرأتين خادمة للأخرى؟؟.
ثم أنت أخي توقع أسفل مشاركاتك بقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي يأمر به بالعفو ومعاملة الآخرين بما تحب أن تعامل به!! أم نسيت؟؟
وتذكر قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون* كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) الصف.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
ليتك لم تتحمّل عناء الكتابة يا أبا عامر هداني الله وإياك وأصلح بالي وبالك وجميع إخوتنا الأكارم
ما علاقة التنازل عن الولي يا أخي ,فالتنازل لا يكون إلا فيما تملكه المراة , والولي ليس كذلك , بل تنازلها عنه كتنازلها عن طلوع الشمس.!!!
وعجبي منك حين تزعم أن الصداق لا يمكن التنازل عنه وتزعم وجود الدليل القاطع الذي يثبت ذلك والذي أعوزك إيراده , بل الدليل القاطع الواضح على خلاف ما ذهبت إليه من عدم إمكان تنازلها عن الصداق , ففي القرآن الكريم يا أخي آيةٌ يقول الله فيها (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) ويقول فيها أهل العلم من غير مخالف لهم:إنّ المرأة التي تهب صداقها لزوجها طيبةً بالهبة نفسُها فهبتها نافذة عليها ولا سبيل لها في إرجاعها مرة أخرى , قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما من صداقها ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء فيجمع الله عز وجل له الهنيء والمرء والماء المبارك. قال ابن حجر: أخرجه بن أبي حاتم في التفسير بسند حسن (الفتح 10/ 170)
واقرأ تفسير الاية ومظان المسألة في كتب الفقه ثم هات لنا الدليل القاطع الذي تزعمه أصلحك الله.!
أمّا مسألة جعل إحدى الزوجتين خادمةً للأخرى وغصبها على ذلك احتقاراً وظلماً لها فأبرأ إلى الله من قصده في كلامي , لكن إن تنازلت هي بإرادتها ورضيت بخدمة الزوج وزوجاته وبنيه ووالديه رغبةً في استدامة نكاحها وخطب وده والاستفادة المادية منه فلا مانع من ذلك بل الأدلة على إباحته.
قال تعالى:
(وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن خافت امرأة من بعلها يقول: علمت من زوجها {نشوزا} يعني: استعلاء بنفسه عنها إلى غيرها أثرة عليها وارتفاعا بها عنها إما لبغضه وإما لكراهة منه بعض أسبابها: إما دمامتها وإما سنها وكبرها أو غير ذلك من أمورها {أو إعراضا} يعني: انصرافا عنها بوجهه أو ببعض منافعه التي كانت لها منه {فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا} يقول: فلا حرج عليهما يعني: على المرأة الخائفة نشوز بعلها أو إعراضه عنها {أن يصلحا بينهما صلحا} وهو أن تترك له يومها أو تضع عنه بعض الواجب لها من حق عليه تستعطفه بذلك وتستديم المقام في حباله والتمسك بالعقد الذي بينها وبينه من النكاح يقول: {والصلح خير} يعني: والصلح بترك بعض الحق استدامة للحرمة وتماسكا بعقد النكاح خير من طلب الفرقة والطلاق وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل)
ختاماً أرجو قراءة توقيعي وشكرا لك على التنبيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/464)
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:23 م]ـ
من فتاوى الشيخ بن عثيمين رحمه الله , التي تتعلق بالتنازل:
مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): النكاح
السؤال: بارك الله فيكم هذا السائل فضيلة الشيخ يقول شخصٌ لديه زوجة وتزوج بزوجةٍ أخرى وطلبت الأولى أن يعطيها من الحلي مثلما يعطي الزوجة الثانية فهل يلزمه ذلك أم لا مأجورين
الجواب
الشيخ: لا يلزمه أن يعطي الأولى مثلما ما أعطى الثانية فيما جرت العادة به أن تعطى المرأة المتزوجة أما إذا أعطاها أكثر مما تعطاه المرأة المتزوجة فإنه يلزمه أن يعطي الزوجة الأولى مثلما أعطاها بقدر الزائد مثال ذلك إذا كان من العادة أن الرجل إذا تزوج امرأةً أعطاها من الحلي ما قيمته عشرة آلاف ريال ففي هذه الحال لا يعطي الزوجة الأولى شيئاً وأما إذا أعطاها من الحلي ما قيمته أحد عشر ريال فإنه يلزمه أن يعطي الزوجة الأولى ألفاً لأن هذا الألف زائد على ما جرت به العادة مما تعطاه المرأة المتزوجة والقول الصحيح في العدل بين الزوجات أنه يجب على الزوج أن يعدل بينهن في كل ما يمكنه العدل فيه سواءٌ من الهدايا أو النفقات بل وحتى الجماع إن قدر يجب عليه أن يعدل فيها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) إلا أن ترضى الزوجة الأخرى بإسقاط حقها من العدل فلا حرج عليه حينئذ أن يفضل الأخرى على التي أسقطت حقها بقدر ما أسقطت ودليل ذلك أن سودة بنت زمعة إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنها وهبت يومها لعائشة فكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة فإذا رضيت الزوجة الأخرى أن يفضل ضرتها عليها بنفقة أو هدية أو غير ذلك فالحق لها ولا حرج على الزوج في هذا أن يقبل تنازل هذه المرأة عن حقها لكنه لا يحل له أن يضيق عليها حتى تتنازل لأن تنازلها هذا يكون كرهاً ولا يحل لإنسان أن يُكره على إسقاط حقه.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:38 م]ـ
بسم الله والصلاة على رسول الله،،،
بارك الله بك أخي أبي زيد، وأحسن اليك وزادك الله ورعا وتقوى ووقوفا عند حدوده نحن وإياك، وهذا هو الفلاح ....
أخي العزيز: بخصوص الصداق، أنا أقصد أن تتنازل عنه ابتداءا، أي تتزوج بدون صداق .....
أما أثناء حياتهما الزوجية، فأصبح ذلك الصداق حقا لها، تتصرف به كيف شاءت بما هو مباح، ولو وهبته لزوجها أيضا مباح والله أعلم.
والآية (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا ... ) تبقى على عمومها لأتفاق أهل العلم أن القرآن يفهم بعموم اللفظ.
أما التنازل عن ليلتها، فأنا قلت لك أنه ليس كل شيء تستطيع المرأة التنازل عنه.أي أن هناك أشياء يمكن ان تتنازل عنها لحديث سودة رضي الله عنها.
مع أن وضع سودة مختلف كلية عن أية حالة أخرى، لأنها أرادت، مقابل ذلك، أن تبعث في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. ولذلك لم تتنازل مجرد تنازل عن ليلتها وإنما وهبتها لأحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
على كل حال هناك فرق شاسع بين أن تتنازل عن حق لها، وهو فضيلة لها أو أن يجحف في كرامتها. وربما ترضى من ذلك نظرا للفقر أو قلة الأزواج أو أي شيء آخر ..............
وعلى العموم أخي العزيز طالما أنك قلت: (أمّا مسألة جعل إحدى الزوجتين خادمةً للأخرى وغصبها على ذلك احتقاراً وظلماً لهافأبرأ إلى الله من قصده في كلامي , لكن إن تنازلت هي بإرادتها ورضيت بخدمة الزوجوزوجاته وبنيه ووالديه رغبةً في استدامة نكاحها وخطب وده والاستفادة المادية منهفلا مانع من ذلك بل الأدلة على إباحته. (
فنحن متفقون إنشاء الله إلى حد بعيد ....
أسأل الله أن يجمعنا سويا في جنات الخلد مع الصالحين والأبرار ...
والله أعلم والله الموفق ....
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:29 م]ـ
مع أني أكره الدخول في النقاشات إلا أن هذا الموضوع شدني وأجبرني على الدخول
وأنا أنصح أن يسافر ويختار الخادمة ثم يختار خادم ويزوجهم هناك ... أو يأتي بأخيها أو محرم لها للخدمة عنده ....
لم تأتينا الكوارث إلا من الخدم .... لأن يتزوج الرجل بثانية وثالثة ورابعة خير من أن يتزوج بهذه الطريقة!
وإن رضت هذه الخادمة بخدمة الزوج وأهله (رغبةً في استدامة نكاحها وخطب وده والاستفادة المادية منه) فظني أن هذه الرغبة لن تدوم ... ولعلها تشتاق للولد والمساواة ولو اشترطت عليك من قبل أنها لن تطلب مثل هذه الأمور .. هذا إن كانت خادمة تخشى الله وليست من تلك الفئة التي تمارس السحر والشعوذه ... وإلا لجعلت زوجها ومن تخدمهم عبيداً عندها ... ساعتها لا ينفع الندم
فقرة وحيدة أدخلت السرور علي
وكثير منا، في هذا الباب مغبون بنعمة دلنا عليها نبي الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال لفاطمة وعلي رضي الله عنهما:
" ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ , قالا: بلى, فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين. " البخاري وغيره.
أحسنت أخي أبو عامر الصقر .... لو تفكر الكثير في هذه الكلمات لكانت غناً عن الخدم ... وهذه الكلمات مجربة ولها تأثير عجيب في زيادة طاقة الجسم
وفي هذا السياق أخبرتني إحدى صديقاتي أنها من المداومات على هذا الذكر قبل النوم .. وفي يوم احتاجت لفحص الدم .. فقالت لها الممرضة إن دمك كدم الرجال ... أي أن نسبته أعلى من نسبة دم النساء .... فقالت لي وهي موقنه هذا بفضل ما دلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم ... والله تعالى أعلم
أخيراً
الزواج من الخادمة لا نراه حلاً .. بل غصة ... وفتح أبواب جديده لمشاكل ربما لم تكن في الحسبان
.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/465)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 12 - 07, 05:13 ص]ـ
بارك الله بك أختي محبة طيبة،،،
وقد أوردت قصة عجيبة عن صديقتك، بارك الله بكما جميعا،،
ويقينا ما قاله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو الحق المطلق المبين. فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ...
أما قولك أختي:
(ولعلها تشتاق للولد والمساواة ولو اشترطت عليك من قبل أنها لن تطلب مثل هذه الأمور .. )
فلها الحق في ذلك حتى لو اشترطت، لأنه شرط باطل أصلا. وقال صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مئة شرط) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها-في قصة بريرة رضي الله عنها).
والله أعلم والله الموفق
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[03 - 12 - 07, 08:52 م]ـ
ياإخوان أرى أنكم خرجتم بالموضوع عن مساره وهو سؤال الاخ الكريم
ما حكم استقدام الخادمة من الخارج من غير محرم؟؟؟
فأرجو الالتزام بالموضوع لأنه مهم من جهة:
أن رب الاسرة يحتاج الى الخادمة وليس عنده من الامكانيات لدفع اجرة خادمة من الداخل لتكلفتها الباهضة
ثانيا ليس في مقدوره استقدامها مع محرمها ... الخ
ثم ألا ترون معي أنه لايشترط في حقه وجوب استقدامها مع محرم
لأنه ليس مطالباً بهذا وانما الذي يُطالب به هي المرأة الخادمة وهذا على القول بوجوب المحرم
أما على القول الآخر فلا اشكال في استقدامها لعدم اشتراط المحرم ..
وأرجو أن لاتقل لي أن هذا من باب التعاون على الاثم والعدوان ..
والا سيلزم من هذا ألاّ تستقدم عاملاً يدخن أو حليق
لأنه سيأتي الى هذه البلاد ويشتري دخان ويحلق لحيته
في الصوالين وكل هذا محرم وهذا من باب التعاون على الاثم والعدوان
وأرجو أن لايخرج موضوعنا الى النقاش على مسألة:
اشتراط المحرمية!!
وهل العلة معقولة أم أنها تعبدية .. ؟؟
فقد قُتلت بحثاً في هذا المنتدى ..
وأذكر أن أحد العلماء الكبار رحمهم الله له كلام جميل
حول هذه المسأله وكأنه يميل الى جواز استقدام الخادمة
ولو بدون محرم والإثم عليها ان جاءت من غير محرم ..
فأرجو من الاخوة ان كانوا يذكرون كلاما
لأهل العلم في هذه المسألة
فلتحفونا به مأجورين ..
&&&
&&
&
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[06 - 12 - 07, 07:09 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[10 - 12 - 07, 09:21 م]ـ
بسم الله والصلاة على رسول الله،،،
بارك الله بك أخي أبي فيصل 44 .....
(كنت أريد أن أرسل إليك هذا الرد منذ اسبوع ولكن انقطعت عني خدمة الأنترنت حتى اليوم)
أخي العزيز: لم يخرج الموضوع عن مساره أبدا ولا زلنا في صلب الموضوع ............
أما وجوب أن يكون مع المرأة المسافرة مثل هخذا السفر محرما فهو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول الجماهير القاطبة من أهل العلم ..... وقول بعض العلماء بما هو مخالف لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجعل هذا القول معادلا للحق، وكلنا يصيب ويخطيء إلا النبي صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى):وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) 36 الأحزاب.
والعالم الحجة إذا إجتهد فهو مأجور ولو أخطأ.
وحتى لو كان الأمر ليس مسؤوليته أن تأتي الخادمة بمحرم أم لا فيبقى وجودها معه في البيت فتنة عظيمة ..... وكما حصل لكثير من الناس من الأمور التي يندى لها الجبين ........
وأيضا (وسنقول لأنه الحق) أنه من باب التعاون على الأثم والعدوان!!
أما التعاون على شرب الدخان والحلاقة وهو مما عمت به البلوى هذا الزمان، فما هو المانع أن يكون الأمران من التعاون على الأثم، وولوج الناس به لا يجعله حلالا، ولا استقدام خادمة حلالا .......
أما اشتراط المحرمية لسفر المرأة فهو ثابت في الأحاديث الصحيحة المتفق عليها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم" وفي رواية "فوق ثلاث" وفي رواية "ثلاثة" وفي رواية "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم" وفي رواية "لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها" وفي رواية "نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين" وفي رواية "لا يحل لامرأة مسلمة تسافر ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها" وفي رواية "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم".
وفي رواية "مسيرة يوم وليلة" وفي رواية "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم".متفق عليه.
ولو كانت أجنبية فإن في استقدامها إعانة لها على الأثم والباطل أولا ومن ثم فإن في ذلك فتنة عظيمة، وممكن للمرء أن يقع في الزنا بسهولة، حيث إن ذلك إقتراب من الزنا، وقد نهينا عن مجرد الأقتراب من الزنا، قال تعالى:
(ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) الإسراء.
والله أعلم والله ولي التوفيق
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[05 - 01 - 08, 11:42 م]ـ
مشكور أخي أبا عامر على ماذكرت ..
ولكن في تصوري أن الموضوع محتاج
الى مزيد من التأمل والتفاعل من الاخوة
جزاهم الله خيرا ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/466)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[06 - 01 - 08, 10:33 ص]ـ
مشكور أخي أبا عامر على ماذكرت ..
ولكن في تصوري أن الموضوع محتاج
الى مزيد من التأمل والتفاعل من الاخوة
جزاهم الله خيرا ..
بارك الله بك أخي أبي فيصل،
طال غيابك فلعل المانع خيرا!!
ـ[مناهل]ــــــــ[06 - 01 - 08, 12:39 م]ـ
قضية خطيرة رغم استفحالها وانتشارها!!
هل يأثم الكفيل على استقدامها دون محرم وذلك لجهل الخادمات بالحكم؟؟
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[06 - 01 - 08, 02:00 م]ـ
قضية خطيرة رغم استفحالها وانتشارها!!
هل يأثم الكفيل على استقدامها دون محرم وذلك لجهل الخادمات بالحكم؟؟
نعم أختي العزيزة والله أعلم يؤثم، فالكثير ممكن أن يأتي خادمة وغيرها مع العلم بالحكم وهم مسلمون، ذلك أن أكثر الناس لا يقاومون أمام الدينار والدرهم ....
وغيرهم من المشركين لا يهم طبعا الحكم طالما أنهم على الشرك وليس أكبر منه خطيئة أبدا قال تعالى:
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفرما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) النساء.
ثم أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك؟؟
والله يقول (لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) الإسراء.
والله يقول (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) 33 ألأعراف.
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بنبذ الفتن والتعوذ بالله منها، فعن زيد بن ثابت:
قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة قال كذا كان يقول الجريري فقال: " من يعرف أصحاب هذه الأقبر فقال رجل أنا قال فمتى مات هؤلاء قال ماتوا في الإشراك فقال إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل علينا بوجهه فقال تعوذوا بالله من عذاب النار قالوا نعوذ بالله من عذاب النار فقال تعوذوا بالله من عذاب القبر قالوا نعوذ بالله من عذاب القبر قال تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال قالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال ". رواه مسلم.
والله أمرنا ألا نعين على الفواحش فقال تعالى:
(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة
فلهذا من فعل ذلك فهو آثم ...
وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتناصح ولإخواننا الموسرين خصوصا في السعودية والخليج العربي كل الحب والنصيحة ونسأل الله لنا ولهم الهدى. ولنتذكر نحن وإياهم أن هذه الدار دار مرور وهي متاع الغرور، وكل شيء فيها ذاهب ولا يبقى إلا الباقيات الصالحات.
والله أعلم والله الموفق
ـ[مناهل]ــــــــ[09 - 01 - 08, 12:37 ص]ـ
نعم أختي العزيزة والله أعلم يؤثم، فالكثير ممكن أن يأتي خادمة وغيرها مع العلم بالحكم وهم مسلمون،
أيعقل تلك الجموع لاتعلم وتؤثم ومادور الدعاة لم أسمع أو أرى فتوى أو داعية يحذر من ذلك والله المستعان
ليتك تزودنا بروابط لفتاوى ابن عثيمين وابن باز لطباعتها ونشرها ..
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[09 - 01 - 08, 02:03 ص]ـ
الحمد لله وبعد: فإنني ارى أن السؤال فاسد حالا ومآلا وأفسد منه واقبح تطلب الدليل على جواز استقدام الخادمات بغير محرم.يا اخوان أين يذهب بكم؟ أترونه جائزا للرجل أن يدخل بيته امرأة اجنبية عنه مع عدم الأمن من وقوع الخلوة بها معه او مع احد رجال بيته؟ أم تضنونها أمة مملوكة لمستخدميها جائز لهم منها كل شيء.
رحم الله ابن الخطاب فقد كان يكره استقدام العجم للعمل في بيوت المسلمين .......
وأما أولئك الذين يتكلمون عن الزواج بالخادمات أو ارضاعهن ووو ... فإني سائلهم بالله أيهم يرضى أن تكون أمه خادمة ما تزوجها مستخدمها لنسبها ولا لدينها ولا لحسبها ولا حتى لجمالها ولااستنجابا للولد منها وإنما تزوجها ليستحل استقدامها الى بلده واسكانها مع أهله؟ أهذا هو الزواج في الإسلام؟ فأين المودة والرحمة والسكينة؟ وقد علمتم أن العرق دساس
نزاع و الكفاءة مطلوبة .. ؟؟ ... إن القضية ليست قضية عين ولامسألة خادمة أو خادمتين إنها اعمق من ذلك
واعظم انكم بفتواكم هذه تضربون الأسرة المسلمة في الصميم وتوقعون المجتمع في شر وخيم وعميم.
فاتقوا الله.ومن علم أن كلامه محصي عليه، احترز من فيه.
فلا تكتب يمينك غير شيء * * * * يسرك في القيامة أن تراه.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[09 - 01 - 08, 10:11 ص]ـ
نعم أيها الأخوة .... ونقول الله المستعان
ـ[مناهل]ــــــــ[09 - 01 - 08, 02:25 م]ـ
وأفسد منه واقبح تطلب الدليل على جواز استقدام الخادمات بغير محرم.يا اخوان أين يذهب بكم؟
لماذ أخي هذا التعنيف
صدقا لا أعلم بعظم الأمر!!
بل عائلتنا تعتمد اعتمادا كليا على الخدم والله المستعان
ولايكاد يخلو بيت من خادمة
لذلك أريد روابط الفتوى لطباعتها ونشرها
خاصة مقال الشيخ بن عثيمين رحمة الله في مسألة زواج المخدوم من خادمتة لعل نساءهم يرتدعن
جزاكم الله خير ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/467)
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[10 - 01 - 08, 12:19 ص]ـ
الأخت مناهل ــ لازال بيتكم بالنعم آهل ــ لو كنت أخاطب بنات حواء،لحق لك ان تعتبري كلامي " عنيفا''وأن تقولي لي رفقا بالقوارير،ولكني أخاطب من قال الله لهم (قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة .. )
تقولين (صدقا لا أعلم بعظم الأمر!!) بلى والله إنه لعظيم. ولئن سلم بيتكم ـ أدام الله عليكم السلامة ـ فإن بيوتا كثيرة يحدث فيها من جراء هذا الهوس باستقدام الخادمات "الإماء" مايغضب الرب، ولولا خوف الإطالة والملالة
لأوردت أمثلة تجعلك تصفينني بالتخفيف بدل التعنيف ولكن:
قد كان ما كان مما لست أذكره * * * فظن "شرا" ولاتسأل عن السبب
ـ[مناهل]ــــــــ[10 - 01 - 08, 02:34 م]ـ
مازلت أنتظر روابط لفتاوى العلماء لطباعتها ونشرها ..
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[19 - 01 - 08, 08:04 ص]ـ
على رسلكم .... على رسلكم ..
فقد كان في بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام أمرأة يقال لها
(بريرة)
رضي الله عنها كانت تخدمه وتخدم عائشة رضي الله عنها ..
فليس كلامنا في وجود الخادمة في البيت فهذا لااشكال فيه
اذا انتفت الخلوة وامنت الفتنة.
وانما كلامنا في استقدامها بدون محرم ..
ومما يبسط المسألة من ناحية فقهية هو أن تحريم سفر المرأة بدون محرم
انما هو من باب حماية المرأة فيكون تحريمه تحريم وسائل
بمعنى أنه من باب سد الذرائع وليس محرماً لذاته ..
وقد تقرر في القواعد أن
ماكان تحريمه تحريم وسائل فإنه يباح للحاجة
.. كلبس الحرير لمن به حكة، أو كاتخاذ يسير الفضة لتضبيب القدح ..
وكما حصل لعرفجة رضي الله عنه عندما اتخذ انفا من ذهب لما قطعت انفه ..
وماكان تحريمه تحريما لذاته فإنه يباح للضرورة
كأكل لحم الميتة لمن خاف على نفسه الهلاك
وكشرب الخمرة لمن أراد دفع غصة في حلقه اذا لم يوجد سائل مباح.
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[19 - 01 - 08, 02:13 م]ـ
الحمد لله.أمابعد ياأبافيصل فقد والله قلبت القوس ركوة وابعدت النجعة ألا فاعلم ــ إن كنت لاتعلم ــ (وهذه بعض عيوب تدليس الأسماء في المنتديات. لاتعرف قدر الذي تخاطبه ولامبلغه من العلم) ان بريرة كانت أمة لعائشة و
الإماء يجوز لهن من التكشف مالايجوز للحرائر.إنك بقولك هذا تصدق قولي من ان بعض الناس يعامل الخادمات
معاملة الإماء فإنا لله وإنا إليه راجعون .....
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[20 - 01 - 08, 01:44 ص]ـ
مارأي الاخوة الفضلاء؟؟
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[20 - 01 - 08, 04:10 م]ـ
أنا أنصح من أراد استقدام خادمة من أي بلدٍ أن يسافر إليها ويعقد عليها عقد نكاحٍ يبيح له مخالطتها والسفر بها ومجالستها والخلوة بها وقضاء حاجته منها في حال رغبته ,وبذلك يزول المحذور وتنتفي الشرور حتى وإن كرهت الزوجة ذلك بل من الممكن إخفاؤه عنها وعدم إعلامها بالزواج , واستدفاع سخط الناس بسخط الله عين الهلاك والخسران, وقد قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله قريبا من هذا الكلام ثمّ علق عليه مازحاً وهو يقول:
لكني أخشى إن تزوجها أن تطلب الخادمةُ خادمةً لها والذمة لا تتسع.
[السؤال] هل يجوز للرجل أن يخالط الشغالة في البيت، وماذا يحل له منها؟
الجواب: إذا تزوجها فلها أن تكشف وجهها له وهذا هو الحل، وإلا فلا يحل له منها شيء، هي كالمرأة التي في السوق، يجب عليها أن تحتجب، ويتأكد الحجاب في حقها أكثر من غيرها؛ لأنها في البيت ويسهل الخلوة بها، فإذا كشفت وجهها فإن الشيطان يجعل هذا الوجه وإن كان ليس بذاك يجعله جميلاً ليفتتن بها والعياذ بالله، فيجب على الخادمة أن تحتجب ويجب على أهل البيت أن يأمروها بذلك؛ لأنها امرأة أجنبية.
وإذا أرادوا الحل الذي ذكرتُه فهو سهل، إذا لم يكن لها زوج، يستأذن من الجهات المسئولة أن يتزوجها وتبقى عنده في البيت،
لكن أخشى إذا أصبحت زوجة أن تطلب خادمة فيما بعد وهذه مشكلة!!
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[23 - 01 - 08, 12:33 ص]ـ
المشكلة الأساسية هي خروج النساء من المنزل للعمل فأصبحن لا يستطعن التفرغ لعمل المنزل و حتى إذا تفرغت المرأة لبيتها إذا طرأ عليها طارئ فلن تجد من يعينها من أقاربها كحماتها أو أخت زوجها فهم إما في العمل أو يقولون لها و لو تلميحا نحن لسنا مكلفين بابنك استقدمي لك خادمة حالك من حال بقية الناس، و النساء في هذا الزمان تكثر المناسبات لديهن من أعراس و زيارات واستقبالات فلا تستطيع الأم أن تأخذ رضيعها معها لهذه الأماكن فالمشكلة من وجهة نظري هي "اللخبطة" إن صحت التسمية في دور المرأة في زمننا هذا.
سبب آخر لهذه المشكلة هو عدم وجود العبيد أو الإماء و ذلك لتعطل الجهاد.
و الله أعلم.
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[23 - 01 - 08, 10:55 م]ـ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لانزال نسمع العجائب والغرائب ..... فياغربة الدين ويا ضيعة المسلمين. أيؤمر المسلم أن يتزوج خادمته لالشيء إلا لكي يستحل النظر إليها؟ أرأيت لو كان له اربع خادمات أتأمره أن يطلق زوجته ويمسك بعصم الخادمات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم أخبروني يا أهل العقل والدين أين تجدون في كتاب ربكم وسنة نبيكم أن الجهاد إنما شرع لاستعباد الرجال واسترقاق النساء حتى يتحسر هذا المسكين على تعطيل الجهادلأنه وسيلة إلى حل مشكلة الخدم؟
ولعلني الآن أدرك أكثر من ذي قبل أن أعظم أسباب تخلف المسلمين هو جهل أبنائه بمقاصد شرائعه ومرامي أحكامه وقديما قيل:عدو عاقل خير من صديق جاهل. وإياك وصحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ... ورحم الله عبدا إن قال قال بعلم وإن سكت سكت بحلم .......... /
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/468)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - 01 - 08, 02:28 ص]ـ
اخي الحبيب / ابورشيد الهلالي , رفقا بالاخوة فاني اراك اعصارا يعصف بكل ما امامه .. وما ذلك الا لقوة ما ذكرت وصواب ما اسلفت , فوالله ان لخطر هذه الخادمات لهو اشد من ترك الميتة للمضطر , فموته اهون من ان يقع في محارم الله , اعاذنا الله واياك والاخوة من ذلك. ولقد قال احد السلف: والله اني لا آمن على نفسي ان ابقى مع جارية سوداء قبيحة او كما قال رحمه الله.
ولكن يبقى ايها الحبيب: ان المسألة تحتاج الى نظر! وذلك ان القول بتحريم استقدام الخادمات لهذا السبب قفط (وهو سفرهن من دون محرم) يترتب عليه امر عظيم خطير وهو: تأثيم جمع غفير من المسلمين ممن وقع في هذا الامر , وهذه مسألة خطيرة ينبغي للمسلم ان يربأ بنفسه عن اقحام نفسه في مثل ذلك , فان السلامة لا يعدلها شيء , سيما في مسألة كهذه قد سبق فيها الخلاف بين اهل العلم , فلا يخفاك ايها الحبيب ان القول بجواز سفر المراة بدون محرم اذا كانت مع رفقة آمنة هو محل خلاف بين اهل العلم (قال النووي في: "المجموع" (7/ 70): " (فرع) هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع؟ أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات؟ أو امرأة ثقة؟ فيه وجهان، وحكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في: (باب الإحصار). وحكاهما القاضي حسين والبغوي والرافعي وغيرهم. أحدهما: يجوز كالحج. والثاني: وهو الصحيح باتفاقهم، وهو المنصوص في (الأم) " أ. هـ المراد. وقال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 81): "فإن كانا ـ أي: الحج والعمرة ـ تطوعين، أو سفر زيارة أو تجارة، ونحوها من الأسفار التي ليست واجبة. فقال الجمهور: لا تجوز إلا مع زوج أو محرم. وقال بعضهم: يجوز لها الخروج مع نسوة ثقات لحجة الإسلام. وفي مذهب مالك ثلاثة أقوال عند عدم الولي" أ. هـ المراد ........
وقد اسْتَوْجَه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا القول، حكاه عنه ابن مفلح في: "الفروع" (3/ 236) بقوله ـ وسبق ـ: "وعند شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: (إن هذا مُتَوَجِّه في كل سفر طاعة) كذا قال ـ رحمه الله ـ "أ. هـ. وفي بعض ما ذُكِر سابقاً من أدلة دلالة على صحة هذا القول، ويؤكِّده أنه جاء في الخبر ـ وسبق ـ فعل عائشة رضي الله عنها له. قال البدر العيني في: "عمدة القاري" (7/ 128): "روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تُسَافر بغير محرم، فأخذ به جماعة وجَوّزوا سفرها بغير محرم" أ. هـ المراد. وقال الحافظ في: "الفتح" (4/ 88): "واستُدِلّ به على جواز حج المرأة بغير محرم" أ. هـ.
ودليل الجمهور حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم" ونحوه. لكن قال ابن عبد البر في:"الاستذكار" (27/ 274): "والذي جَمَعَ معاني آثار الحديث ـ على اختلاف ألفاظه ـ أن تكون المرأة تُمْنَع من كل سفر يُخْشى عليها فيه الفتنة، إلا مع ذي محرم أو زوج، قصيراً كان السفر أو طويلاً. والله أعلم" أ. هـ. وبنحوه في: "التمهيد" (21/ 55).)
ا. هـ مختصرا من فتوى للشيخ صالح الاسمري.
واذا تأملت اخي الحبيب في حال هؤلاء الخادمات , فانهن:
1 - فقيرات وانما سافرن لللحاجة وربما للضرورة ولولاها ماهجرن اوطانهن واولادهن واهليهن لكي يخدمن في البيوت.
2 - يأتين في العادة في رفقة كثيرة من النساء يمتنع في العادة تواطؤهن على الحرام.
3 - اذا وصلن الى المطار فلا يمكن لأحدهن الفرار يمنة او يسرة بل تسلم الى كفيلها الذي هو أشبه بالأمين عليها.
وهذا انما هو في المسلمات لا في الكافرات فيخرج ما ذكرته من كلام عمر رضي الله عنه في الاعاجم فالمراد بهم الكفار.
اذا تقرر هذا , فتبقى مسألة الخلوة في البيوت بالخادمات؟
فهذه مسألة لا تتعلق بالخادمات المستقدمات من الخارج فحسب بل هي تصدق حتى على الخادمات من اهل البلد بل حتى على القريبات من غير المحارم , فالخلوة بالمرأة من غير المحارم ايا كانت خادمة او غيرها حرام بالاتقاق , والمقصود ان مسألة الخلوة لا تلزم من استقدام الخادمات لأن تلافي هذا الامر ليس بمحال بل وليس بشاق حتى يجعل سببا في تحريم استقدامهن في الاصل.
وليس الامر هنا من التعاون على الاثم فقد قدمنا ان المسألة محل خلاف ثم هي مضطرة للخدمة لتأمين عيشها وعيش ابناءها , فالسفر في حقها حينئذ جائز.
واما استخدام الخدم في البيوت فلا سبيل لأحد ان يمنعه فان الاصل جوازه كما هو معلوم واما مسألة الافضل كما في حديث فاطمة فهذا خارج عما نحن فيه فليس هو المرد بالمسألة.
وأما التزوج بها واخدامها للزوجة الاولى فهذا مخاطره لا تخفى سيما مع انتشار السحر بينهن , ولا شك ان النفس بطبيعتها تأبى مثل ذلك فحملها على غير طبيعتها مصيره الى الانفجار وهو الانتقام واسهل طرقه السحر عندهن أعاذنا الله واياكم من الشرور والفتن.
والمعافى هو من عافاه الله من سائر الخدم واختار ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيته.
وهذاالكلام مني ليس تقريرا للجواز ولا فتوى به وأنى لي ذلك , وانما هو مشاركة احببت طرحها لأعلم صوابها من خطأها من أشياخ هذا الصرح المبارك.
والله أعلم(87/469)
رمي الجمار قبل الزوال
ـ[أبو عثمان السبيعي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 03:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أيها الأخوة الفضلاء, ما رأيكم في الرمي قبل الزوال في اليوم الثاني عشر من كان عنده بحث جيد أو كلام جميل يفيدنا فيه فليتفضل مشكورا مأجورا ,
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله الصبيح]ــــــــ[27 - 11 - 07, 08:47 م]ـ
قد كتب جمع من أهل العلم وطلابه في هذه المسألة، وقد استدل كل منهم بأدلة تؤيد ما ذهب إليه. لكن يتنبه إلى أن بعض من أجاز الرمي قبل الزوال في اليوم الثاني عشر قد خلّط حيث طرد المسألة أيضا في اليوم الحادي عشر والثالث عشر بينما الأدلة المذكورة خاصة باليوم الثاني عشر فيحتاج القول بجوازه في اليومين الآخرين إلى أدلة خاصة أيضا.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:19 ص]ـ
هناك بحث للشيخ الدكتور عبدالعزيز السعيد حفظه الله بحث مؤصل ومفيد جداً ..
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[30 - 11 - 07, 07:52 ص]ـ
تفضل بالنظر في هذا الرابط ففيه تفصيل طويل:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26408(87/470)
المرضع ان طلقت كيف تحسب عدتها وهى لاتحيض
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[27 - 11 - 07, 05:17 م]ـ
السلام عليكم
سمعت أحد الدعاة يرد على فتوى عن المرضع تطلق وهى لاتحيض بسبب الرضاعة فكيف تحسب عدتها وقد تستمر الرضاعة اكثر من عام
فقال الشيخ عدتها ثلاثة اشهر قياسا على اللائى يئسن من المحيض والصغيره التى لم تحض
ولما عدت الى مراجعى وجدتنى ناقل عن بعض اهل العلم ان المرضعة التى تطلق ولاتحيض فعليها العدة سنة وقيل ان كان الرضيع اقل من عام تعتد سنة وان كان اكبر من عام تعتد ثلاثة اشهر ولكن للاسف لم اكن دونت المصدر ولكنى ومعرفة بحالى لا اكتب فى مدوناتى الا نقلا اما عن السلف او الثقات من اهل العلم المعاصرين
ولكن كلام الشيخ الاول جعلنى فى شك مما دونته فارجو ممن عنده علما بالمسئلة ان يرشدنا للصواب وجزاكم الله خيرا
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 06:52 م]ـ
قال علماء اللجنة:
المعتدات ستة أصناف:
الصنف الأول: الحامل وعدتها من موت زوج أو طلاق هي: وضع كامل الحمل؛ لقول الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
الصنف الثاني: المتوفى عنها زوجها من غير حمل، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام من حين موته؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}.
الصنف الثالث: المرأة ذات الحيض، وعدتها من طلاق وفسخ هي ثلاثة قروء؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}.
الصنف الرابع: المرأة التي لا تحيض إما لصغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} ومثلهاالمستحاضة.
الصنف الخامس: المرأة التي ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه فعدتها سنة؛ لقول الشافعي هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار لا ينكره منهم منكر علمناه.
الصنف السادس: امرأة المفقود، وتعتد بعد مدة التربص أربعة أشهر وعشرا عدة الوفاة.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز، عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (20/ 402 - 404).
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 06:54 م]ـ
وقال الشيخ العثيمين في " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (11):
وإن كانت من ذوات الحيض لكن ارتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع: فإنها تبقى في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به.
فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً: فإنها تعتد بسنة كاملة من زوال السبب، هذا هو القول الصحيح، الذي ينطبق على القواعد الشرعية، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم.
وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم: فإنها تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل احتياطاً غالب الحمل، وثلاثة أشهر للعدة.
انتهى
ـ[توبة]ــــــــ[27 - 11 - 07, 07:08 م]ـ
وجدتُ هذه الفتوى
إذا طلقت المرأة وهي ترضع مع العلم أن بعض النساء لا يحضن في فترة الرضاعة وأيضا عدم الحيض لايمنع الحمل في هذه الفترة فما هي عدة مثل هذه المراة؟
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن مثل الحالة فأجاب (تبقى في العدة حتى تحيض ثلاث حيض وإن تأخر ذلك إلى انقضاء مدة الرضاع) وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم، وبذلك قضى عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب بين المهاجرين والأنصار ولم يخالفهما أحد. فإن أحبت المرأة أن تسترضع لابنها من يرضعه لتحيض، أو تشرب ما تحيض به فلها ذلك. والله أعلم.
المصدر اسلام ويب
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=6612&Option=FatwaId
وهذا يوافق ماذهب إليه الشيخ بن عثيمين
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[28 - 11 - 07, 05:22 ص]ـ
شيخنا احسان العتيبى
الأخت توبة
سجلت المصادر فى مدونتى
جزاكم الله خيرا
ـ[عَامِّيَّةُ]ــــــــ[31 - 01 - 09, 09:46 م]ـ
وقال الشيخ العثيمين في " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (11):
وإن كانت من ذوات الحيض لكن ارتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع: فإنها تبقى في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به.
فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً: فإنها تعتد بسنة كاملة من زوال السبب، هذا هو القول الصحيح، الذي ينطبق على القواعد الشرعية، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم.
وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم: فإنها تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل احتياطاً غالب الحمل، وثلاثة أشهر للعدة.
انتهى
جزاكم الله خيرا
لم أفهم فأرجوا التوضيح- بارك الله فيكم-
لو امرأة انتهت من الرضاع بعد سنة من طلاقها و بقي الحيض مرتفعاً.؟ نقول لها أعتدي بتسعة أشهر أخرى لعلك حامل!! كيف هذا؟(87/471)
دروس الشيخ محمد عبد الواحد رحمه الله عن الحج ..
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[28 - 11 - 07, 12:57 ص]ـ
دروس الشيخ محمد عبد الواحد رحمه الله عن الحج ..
مع السعداء في عرفات
http://download340.mediafire.com/5zzmyzidopng/2zycbjmtiw0/12.rm (http://download340.mediafire.com/5zzmyzidopng/2zycbjmtiw0/12.rm)
مناسك الحج1
http://download340.mediafire.com/euoozmehmywg/ezmnn2bmtvo/13.rm (http://download340.mediafire.com/euoozmehmywg/ezmnn2bmtvo/13.rm)
مناسك2
http://download340.mediafire.com/jioimazd9tng/ddiyma5zzrt/14.rm (http://download340.mediafire.com/jioimazd9tng/ddiyma5zzrt/14.rm)
احرام القلب
http://download475.mediafire.com/937yx854ikrg/0unduulynxm/03.rm (http://download475.mediafire.com/937yx854ikrg/0unduulynxm/03.rm)
أركان الإسلام وموقع الحج منها
http://download475.mediafire.com/zxoytxhiwjyg/d42j0inmgtw/04.rm (http://download475.mediafire.com/zxoytxhiwjyg/d42j0inmgtw/04.rm)
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[06 - 12 - 07, 08:13 م]ـ
جزاك الله خيرا(87/472)
هل تريد أن تعرف ما هو الحج المبرور؟؟ إذاً تفضل ..
ـ[احمد بن الحنبلي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأكارم:
يلقي فضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله محاضرة بعنوان
((الحج المبرور))
المكان: جامع ابن سعيدان بحي النفل الغربي بشمال الرياض.
(الدائري الشمالي، مخرج (5) شمالا خلف بنك الجزيرة)
الوقت: المغرب.
اليوم: الأربعاء
التاريخ: 18/ 11/1428 هـ الموافق 28/ 11/2007 م
للاستفسار هاتف الجامع: 0096614859111
النقل المباشر:
1. ستنقل الدروس في قسم البث المباشر في موقع الشيخ حفظه الله http://www.khudheir.com/live
2 . موقع البث الإسلامي www.liveislam.net
3 . غرفة رياض المسك الرئيسية في برنامج البالتوك
0 o0 Riyadh ALmisk ChanneL 0o0
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:46 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
والله أسأل أن يرزقنا وإياكم حج مبرورا وسعياً مشكورا ..
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:15 ص]ـ
جزاك الله خيراً ..
ونفع الله بشيخنا العلامة عبدالكريم الخضير. وأبشركم المحاضرة موجودة في موقع البث الإسلامي.(87/473)
سعودي يحصل على براءة اختراع، و فتوى من هيئة كبار (سروال الحج)!!
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:52 ص]ـ
تم إنتاج سروال الحج لمنع الإحتكاك، و يقال أن هيئة كبار العلماء أفتت بجوازه، فمن منكم رأه؟ و ما رأيكم فيه.
سعودي يخترع «سروالا» للحجاج للحماية من تسلخ الفخذين
حصل على براءة اختراع وأجازته هيئة كبار العلماء
الدمام: سامي العلي وسلطان الخليف
حصل الدكتور طه عمر الخطيب، على براءة اختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية عن اختراعه المسمى «اللباس الواقي للمحرم ـ السروال»، الذي يقوم بالحد من التسلخات والأمراض الجلدية بين الفخذين والمنطقة المحيطة بهما. وقال الدكتور طه الخطيب مدير الإدارة العامة للخدمات الصحية للحج والعمرة في وزارة الصحة، لـ «الشرق الأوسط»: ان اللباس عبارة عن سروال يغطي الجزء السفلي من البطن إلى أسفل الفخذين غير مخيط يمكن ارتداؤه للمحرم (الحاج أو المعتمر) تحت الإحرام لمنع الاحتكاك بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها عند المحرم.
وذكر أن اللباس يحد من التسلخات الناتجة عند بعض الحجاج والمعتمرين نتيجة المشي لمسافات طويلة خلال أدائهم لنسك الحج والعمرة، إضافة لإمكانية استخدامه لعلاج التسلخات بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها في حال استخدام مواد طبية بطريقة خاصة. وأشار إلى أن هذا الابتكار تمت إجازته من قبل هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، وذلك في سؤال رفعته إدارة الحج والعمرة في مكة المكرمة، بشأن الاستفتاء عن حكم لبس الحجاج والمعتمرين واقيا من نفس نوع الإحرام، وذلك لمنع التسلخات الجلدية على الفخذين. حيث أفادت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برئاسة مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ـ وفقا للخطيب ـ أنه إذا كان الواقي المسؤول عنه حسب النموذج الوارد إلينا بالكتاب فإنه لا مانع من استعمال الشخص المحرم لهذا الواقي عند الحاجة إليه. ويستخدم في تصنيع اللباس الواقي (السروال) قماش من القطن بأنواع مختلفة، يتم تفصيله بطرق مختلفة كلباس واق بصناعة حديثة دون خياطة، وذلك بما يتوافق مع أحكام الشريعة في شروط الإحرام، مع إمكانية تصغيره وتكبيره حسب المقاس من خلال رباط أو حزام على وسط الجسد بأحجام ومقاسات مختلفة.
ويحد اللباس الواقي من الاحتكاك بين الفخذين والأعضاء التناسلية، ويتميز أنه يغطي منطقة أسفل البطن ومنطقة العانة والأعضاء التناسلية والفخذين، إضافة إلى أنه قطعة من الشاش القطني غير مخيط، مكون من عدة اغشية ذات طبقات تقوم بامتصاص العرق والإفرازات ومنع الرطوبة عن الجلد. كما أن هذه القطعة مشبعة بالمواد الطبية التي تحتوي على مواد طبيعية وعلاجية في صورة مراهم وكريمات ومواد عازلة للجلد من المشتقات الطبية المختلفة للكورتيزونات ومضادات الفطريات وسلفات الزنك ومضادات البكتيريا والتي توضع في المنطقة السفلية من السروال.
ويراعى في تصنيع السروال الطرق والاشتراطات الصحية السليمة، التي تضمن الحصول على لباس واق صحي ومعقم، ويتم تثبيت الأغشية المشبعة بالمواد الطبية والعلاجية في السروال من الداخل بطرق التصنيع الحديثة وهي اللصق والكبس الحراري أو اللاصق الذاتي (الفيلكرو) لتصبح كوحدة واحدة مع اللباس.
وقال الخطيب: انه خلال عمله لسنوات طويلة في الخدمات الصحية المقدمة للحجاج، انتابته فكرة عمل لباس واق، نظرا لما يعانيه الكثير من الحجاج والمعتمرين من احمرار وتسلخات بين الفخذين والأعضاء التناسلية والتهابات فطرية في الجلد، نتيجة المشي على الأقدام لمسافات طويلة.
وأضاف إن عدد المصابين بالأمراض الجلدية وخاصة التسلخات بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها عند الرجال هي أكثر من النساء، نتيجة أن النساء يرتدين ملابس داخلية مخيطة في حين أن الرجال لا يصح لهم لبس المخيط عند الإحرام.
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=43&article=422012&issue=10415
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 02:28 ص]ـ
اختراع مأجور - إن شاء الله - لما فيه من اهتمام بأمر المسلمين وعناية بشؤونهم ويا ليت أبناء الأمة جميعا يقدمون - كل في مجال اختصاصه - ما يخدم الناس ويسعدهم
بارك الله في الدكتور طه عمر الخطيب وكثر أمثاله
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[28 - 11 - 07, 08:14 م]ـ
في الحقيقة إني ابحث عن نص الفتوى ويقال إنها موجودة على كيس السروال، ولكني لم أرها.
أما صروته فأنا لم أره و بحثت عن الصورة في الإنترنت و لم أجدها فقد يكون بحثي قاصرا
فلعل الإخوة يفيدوننا
و جزاكم الله خيرا
ـ[نايف سعد]ــــــــ[28 - 11 - 07, 11:22 م]ـ
نأمل الإطلاع على نص فتوى من هيئة كبار العلماء
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[28 - 11 - 07, 11:41 م]ـ
لم تتضح عندي صورة وشكل هذا السروال , لو تكرم أخونا عبدالرحمن النافع بصورة للسروال حتى يتبين المراد به , هذا أولاً.
وأما ثانياً: الرجاء إرفاق فتوى هيئة كبار العلماء , حتى يحصل التوثيق.
ثالثاً: ليس المقصود من كلام أهل العلم في باب محظورات الإحرام لبس المخيط كون اللباس المنهي عن لبسه المحرم مخيطاً (بمعنى: مخيوط بالإبرة والخيط ونحوها) , وإنما مقصودهم بالمخيط: ما فُصِّل على قدر العضو , فليتنبه لهذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/474)
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:18 ص]ـ
الذي اعرفه انه ماأعلن عن فتوى هيئة كبار العلماء .. ولكن يوم السبت اتصل على الإفتاء ويجيبونك هل أفتوا فيها ام لا .. ؟
لكن أين يباع هذا الإحرام أو سروال الحج .. ؟
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[29 - 11 - 07, 12:31 م]ـ
حتى انا لم أر و أرجوا ممن رأه أن يخبرنا عنه، و يقال إن الفتوى موضوعة علي كيس الإحرام
و أخبرني البعض بأنه يباع من العام الماضي
أما نقاط بيعة فعند الصيدليات حسب ما جاء في التقرير، و بالتأكيد في المواقيت
ـ[أبوأسامة الحلواني]ــــــــ[29 - 11 - 07, 12:50 م]ـ
من الأفضل أن يؤتى بنص الفتوى!!!
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:34 م]ـ
سأتصل بإذن الله يوم السبت على الإفتاء وأكلم الشيخ صالح الفوزان أو المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ وآتيكم بالجواب .. بإذن الله.
ـ[عبد الرحمن علي عبد الرحمن]ــــــــ[02 - 12 - 07, 10:48 ص]ـ
الشيخ بن عثيمين رحمه الله أجاز الإحرام الذي يوضع به مغاط ويخاط على المغاط أي أنه يلبس بدون الحاجة لحزام وهو مايشبه الوزرة - زر هذا الموقع وستجد الإجابة إن شاء الله تعالى www.ibnothaimeen.com
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[03 - 12 - 07, 02:07 ص]ـ
الذي فهمته من هذا الموضوع أنه يتكلم عن مسمى سروال المحرم , وليس غن الإزار الذي رأى الشيخ العلامة محمد بن عثيمين - عليه رحمة الله - جواز لبسه للمحرم , وأنه كحال من وضع الحزام.
أما الموضوع هنا فهو عن سروال المحرم والذي يتبادر إلى الذهن عند إطلاق هذا المسمى - سروال المحرم - أنه كهيئة السراويل المعروفة.
قال البخاري - رحمه الله - في صحيحه: (بَاب مَا لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ 1542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ).
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[03 - 12 - 07, 03:12 ص]ـ
الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[14 - 12 - 07, 10:56 م]ـ
أخي مصعب!
ما الذي حصل على سؤال الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ؟
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[15 - 12 - 07, 12:31 ص]ـ
ثالثاً: ليس المقصود من كلام أهل العلم في باب محظورات الإحرام لبس المخيط كون اللباس المنهي عن لبسه المحرم مخيطاً (بمعنى: مخيوط بالإبرة والخيط ونحوها).
أظن أن صانع أو مخترع هذا السروال فهم هذا من المخيط , ولذلك حرص على ألا يكون فيه خيط , وأن يكون مصنوعا بطريقة النسج الكامل له.
ننتظر الفتوى وصورة السروال.
والله أعلم
ـ[أكرم بن محمد]ــــــــ[15 - 12 - 07, 02:11 م]ـ
ننتظر صورة السروال
ـ[فيصل البريكي]ــــــــ[15 - 12 - 07, 07:03 م]ـ
أحد عنده صوره عن السروال
ـ[أبو الأشبال الأثري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 11:23 م]ـ
أين السروال؟؟؟
ـ[نائف البضيعي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 12:03 ص]ـ
صورة المسألة موجودة كامله في جريدة الرياض عدد يوم الاحد الموافق 7/ 12/1428هـ
((إضافة من المشرف))
المفتي أجازه .. ومدينة الملك عبدالعزيز تمنحه سروال الحاج
د. الخطيب يخترع سروالاً للحجاج
المشاعر المقدسة - خالد بخش:
أجاز مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ اللباس الواقي للمحرم المسمى "التبان" الذي منحت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية براءة اختراعه للدكتور طه الخطيب مديرالإدارة العامة للخدمات الصحية في الحج والعمرة في وزارة الصحة حيث ذكر سماحته بعد ان عرض عليه اللباس بانه لا مانع من استعماله عند الحاجة إليه.
وأوضح الدكتورطه الخطيب أن اللباس الواقي عبارة عن سروال يغطي الجزء السفلي من البطن إلى أسفل الفخذين غير مخيط يمكن ارتداؤه للحاج أو المعتمر تحت الإحرام لمنع الاحتكاك بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها عند المحرم للحد من التسلخات الناتجة عند بعض الحجاج والمعتمرين نتيجة المشي لمسافات طويلة خلال أدائهم النسك إضافة لإمكانية استخدامه لعلاج التسلخات بين الفخذين والمنطقة المحيطة بها في حال استخدام مواد طبية بطريقة خاصة مبيناً أن الابتكار تمت إجازته من قبل. وأضاف الخطيب أن هذا الاختراع كفيل بالقضاء على مشكلة التسلخات الجلدية التي يعاني منها الحجاج والمعتمرون نتيجة المشي لمسافات طويلة في ظل الجو الحار والرطوبة مما ينتج عنه عرق وإفرازات خصوصاً في المنطقة السفلية من الجسم.
http://www.alriyadh.com/2007/12/16/article301987.html
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/475)
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:08 ص]ـ
اخي الكريم نحن نريد صورة هذا التبان او السروال و الموضوع في الجريدة ليس فيه شيء، و ذلك لان الاخوة لم يتخيلوا هيئته
ـ[نائف البضيعي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 04:02 م]ـ
الصورة ياعبد الرحمن موجودة في الجريدة في عدد يوم أمس الاحد7/ 12 وفيما يبدو أنك لم تبحث في الجريدة إنما بحثة في موقع الجريدة على الانترنت!
المسألة مع صورة السروال موجودة في الجريدة التي تباع في المراكز التجارية. . .
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[17 - 12 - 07, 04:09 م]ـ
الصورة ياعبد الرحمن موجودة في الجريدة في عدد يوم أمس الاحد7/ 12 وفيما يبدو أنك لم تبحث في الجريدة إنما بحثة في موقع الجريدة على الانترنت!
المسألة مع صورة السروال موجودة في الجريدة التي تباع في المراكز التجارية. . .
هل يمكنك أن تصور لنا الصفحة التي عُرضت فيها صورة السروال؟
ـ[ابن وهب]ــــــــ[23 - 10 - 08, 07:05 م]ـ
للفائدة
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[01 - 12 - 08, 11:11 م]ـ
حتى الساعة لم تر عيني هذا المخترع.
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[01 - 12 - 08, 11:21 م]ـ
أتمنى من المشرفين تعديل الخطأ في عنوان الموضوع
و فتوى من هيئة كبار (سروال الحج)!!
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[02 - 12 - 08, 12:43 ص]ـ
اختراع ممتاز
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[02 - 12 - 08, 01:11 ص]ـ
لم ينبِّه أحد إلى خطأ كلمة " سروال "!!!
فالمفرد " سراويل "
والجمع " سراويلات "
وعليه:
فالعنوان ينبغي أن يكون:
... و فتوى من هيئة كبار العلماء في (سراويلات الحج)!!
لكن أخشى أن يوضع مع كل كيس فيه " سروايلات " عدة فتاوى للجنة!!
ـ[الموسى]ــــــــ[02 - 12 - 08, 08:52 ص]ـ
المشايخ الفضلاء ..
المقال الخبر المنشور في جريدة الشرق الوسط يبين عدم جواز الهيئة للمنتج بصورته النهائية
وانما كان الجواز لصورة بعث بها المخترع للهيئة وحصل عليها تغير أخرجها من صورتها الأولى وبسبب هذا بعث سماحة المفتي بالخطاب الى شخص المخترع منكراً عليه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 12 - 08, 09:18 ص]ـ
المشايخ الفضلاء ..
المقال الخبر المنشور في جريدة الشرق الوسط يبين عدم جواز الهيئة للمنتج بصورته النهائية
وانما كان الجواز لصورة بعث بها المخترع للهيئة وحصل عليها تغير أخرجها من صورتها الأولى وبسبب هذا بعث سماحة المفتي بالخطاب الى شخص المخترع منكراً عليه
بارك الله فيكم ونفع بكم
وهذا توثيق لما ذكرتم
----------
سعودي يخترع «سروالا» للحجاج للحماية من تسلخ الفخذين
حصل على براءة اختراع وأجازته هيئة كبار العلماء
الدمام: سامي العلي وسلطان الخليف
حصل الدكتور طه عمر الخطيب، على براءة اختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية عن اختراعه المسمى «اللباس الواقي للمحرم ـ السروال»، الذي يقوم بالحد من التسلخات والأمراض الجلدية بين الفخذين والمنطقة المحيطة بهما. وقال الدكتور طه الخطيب مدير الإدارة العامة للخدمات الصحية للحج والعمرة في وزارة الصحة، لـ «الشرق الأوسط»: ان اللباس عبارة عن سروال يغطي الجزء السفلي من البطن إلى أسفل الفخذين غير مخيط يمكن ارتداؤه للمحرم (الحاج أو المعتمر) تحت الإحرام لمنع الاحتكاك بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها عند المحرم.
وذكر أن اللباس يحد من التسلخات الناتجة عند بعض الحجاج والمعتمرين نتيجة المشي لمسافات طويلة خلال أدائهم لنسك الحج والعمرة، إضافة لإمكانية استخدامه لعلاج التسلخات بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها في حال استخدام مواد طبية بطريقة خاصة. وأشار إلى أن هذا الابتكار تمت إجازته من قبل هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، وذلك في سؤال رفعته إدارة الحج والعمرة في مكة المكرمة، بشأن الاستفتاء عن حكم لبس الحجاج والمعتمرين واقيا من نفس نوع الإحرام، وذلك لمنع التسلخات الجلدية على الفخذين. حيث أفادت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برئاسة مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ـ وفقا للخطيب ـ أنه إذا كان الواقي المسؤول عنه حسب النموذج الوارد إلينا بالكتاب فإنه لا مانع من استعمال الشخص المحرم لهذا الواقي عند الحاجة إليه. ويستخدم في تصنيع اللباس الواقي (السروال) قماش من القطن بأنواع مختلفة، يتم تفصيله بطرق مختلفة كلباس واق بصناعة حديثة دون خياطة، وذلك بما يتوافق مع أحكام الشريعة في شروط الإحرام، مع إمكانية تصغيره وتكبيره حسب المقاس من خلال رباط أو حزام على وسط الجسد بأحجام ومقاسات مختلفة.
ويحد اللباس الواقي من الاحتكاك بين الفخذين والأعضاء التناسلية، ويتميز أنه يغطي منطقة أسفل البطن ومنطقة العانة والأعضاء التناسلية والفخذين، إضافة إلى أنه قطعة من الشاش القطني غير مخيط، مكون من عدة اغشية ذات طبقات تقوم بامتصاص العرق والإفرازات ومنع الرطوبة عن الجلد. كما أن هذه القطعة مشبعة بالمواد الطبية التي تحتوي على مواد طبيعية وعلاجية في صورة مراهم وكريمات ومواد عازلة للجلد من المشتقات الطبية المختلفة للكورتيزونات ومضادات الفطريات وسلفات الزنك ومضادات البكتيريا والتي توضع في المنطقة السفلية من السروال.
ويراعى في تصنيع السروال الطرق والاشتراطات الصحية السليمة، التي تضمن الحصول على لباس واق صحي ومعقم، ويتم تثبيت الأغشية المشبعة بالمواد الطبية والعلاجية في السروال من الداخل بطرق التصنيع الحديثة وهي اللصق والكبس الحراري أو اللاصق الذاتي (الفيلكرو) لتصبح كوحدة واحدة مع اللباس.
وقال الخطيب: انه خلال عمله لسنوات طويلة في الخدمات الصحية المقدمة للحجاج، انتابته فكرة عمل لباس واق، نظرا لما يعانيه الكثير من الحجاج والمعتمرين من احمرار وتسلخات بين الفخذين والأعضاء التناسلية والتهابات فطرية في الجلد، نتيجة المشي على الأقدام لمسافات طويلة.
وأضاف إن عدد المصابين بالأمراض الجلدية وخاصة التسلخات بين الفخذين والأعضاء التناسلية والمنطقة المحيطة بها عند الرجال هي أكثر من النساء، نتيجة أن النساء يرتدين ملابس داخلية مخيطة في حين أن الرجال لا يصح لهم لبس المخيط عند الإحرام.
انتهى
من صحيفة الشرق الأوسط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/476)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 12 - 08, 11:50 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=155281
أبها: الوطن
أوضحت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برئاسة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن المنتج المسمى "اللباس الطبي الوقائي للحاج والمعتمر" والموجود في الأسواق ومرفق به فتوى إجازة من مفتي عام المملكة, يعتبر من المخيط الذي لا يجوز لبسه للحاج أو المعتمر (الذكر) إلا في الضرورة القصوى مع وجوب الفدية في حال لبسه وهي صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية.
وقالت اللجنة في بيان توضيحي حول فتوى سابقة من المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ تجيز استخدامه: إن فتوى إجازة هذا المنتج جاءت بناء على نموذج غير مخيط, أما النموذج النهائي الموجود في الأسواق فهو مخيط, ولاشك أنه من الممنوع على المحرم (الذكر) لبسه إلا في حال وجود ضرر يدعو المحرم لاستعماله مع وجوب الفدية.
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[02 - 12 - 08, 03:52 م]ـ
(سبق) الرياض: أوضحت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برئاسة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن المنتج المسمى "اللباس الطبي الوقائي للحاج والمعتمر" والموجود في الأسواق ومرفق به فتوى إجازة من مفتي عام المملكة, يعتبر من المخيط الذي لا يجوز لبسه للحاج أو المعتمر (الذكر) إلا في الضرورة القصوى مع وجوب الفدية في حال لبسه وهي صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية.
ووفقا لما نشرته صحيفة " الوطن" اليوم قالت اللجنة في بيان توضيحي حول فتوى سابقة من المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ تجيز استخدامه: إن فتوى إجازة هذا المنتج جاءت بناء على نموذج غير مخيط, أما النموذج النهائي الموجود في الأسواق فهو مخيط, ولاشك أنه من الممنوع على المحرم (الذكر) لبسه إلا في حال وجود ضرر يدعو المحرم لاستعماله مع وجوب الفدية.
رابط الخبر على صحيفة سبق الإلكترونية ( http://www.sabq.org/?action=shownews&news=881)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 12 - 08, 03:43 م]ـ
لا داعي لهذا المنتج فالتبان جائز لبسه للحاج
لا بأس بلبس التبان للرجل المحرم. و التبان هو: لباس قصير بغير أكمام، يستر العورة المغلظة دون الفخذين، وبذلك يختلف عن السراويل.
قال البخاري (2\ 558): باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن. وقال بن عباس رضي الله عنهما: يشم المحرم الريحان، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن. وقال عطاء: يتختم ويلبس الهميان. وطاف بن عمر رضي الله عنهما وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب. ولم تر عائشة رضي الله عنها بالتُبَّانِ بأساً للذين يرحلون هودجها.
وأثر أمنا عائشة قد رواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أمنا عائشة: أنها حجت ومعها غلمان لها، وكانوا إذا شدوا رحلها يبدو منهم الشيء، فأمرتهم أن يتخذوا التبابين فيلبسونها وهم محرمون. رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور، واللفظ له. انظر تغليق التعليق (3\ 50). ومن الواضح أنهم ما كانوا معذورين لا بحساسية ولا بغيرها. وما أمرتهم أبداً فالافتداء. ولو أمرتهم لنقل ذلك الراوي عنها وهو القاسم، وكان من أفقه التابعين.
فقد أجازته أمنا عائشة رضي الله عنها (وهي أفقه من تكلم في هذه المسألة) وأجازه عمار بن ياسر رضي الله عنهما، ولا مخالف لهما من الصحابة. والصحابي إن تفرد برأي لم يخالفه أحد من الصحابة، كان ذلك حجة عند الجمهور وعند الأئمة الأربعة كما ذكره بعض المحققين. والبعض يعد ذلك إجماعاً. فكيف إن وافقه صحابي آخر وكان ذلك موافقاً للأصول؟ وقد زعم بعض المتأخرين أن التبان محرم قياساً على السراويل، وهو قولٌ مردودٌ لأنه قياسٌ مع الفارق. فالسروال طويل يستر ما بين السرة إلى الركبة، وغالبا يصل إلى الكعبين. أما التبان فقصير جداً لا يستر إلى السوئتين وليس له أكمام. وأما مسألة أن التبان مخيط، فكلمة مخيط لم ترد أصلاً لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه. وإنما هي مصطلح فقهي وظاهره -كما يفهمه العوام- غير مراد. فإنه لو كان لباس الإحرام فيه رقعة مخيطة، لجاز لبسه بغير كراهة، لا خلاف في ذلك. والنبي صلى الله عليه وسلم قد حدد الملابس التي لا يجوز للمحرم لبسها. ولم يذكر من بينها التبان قطعاً. ومن كذب عليه فليتبوء مقعده من النار. وحاشا الله أن يجتمع أصحابه على معصيته أو على سوء فهم فوله، وهم أفقه الناس به وأعرفهم بدلالاته. لا يتهمهم بذلك إلا مبتدع.
وقد سمعنا الكثير من القصص. منها أن الكثير من الحجاج تصيبه الحساسية والتسلخ لأنه معتاد طوال حياته على التبان. ومنها شخص يسقط رداءه أثناء الطواف، سترنا الله في الدنيا والآخرة. كما تجد بعض الحجاج النائمين وقد ظهرت عوراتهم المغلظة. وكل ذلك بسبب عدم لبسهم للتبان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/477)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 12 - 08, 04:20 م]ـ
بارك الله فيكم حول حكم لبس التبان للمحرم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=55937
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[03 - 12 - 08, 04:53 م]ـ
لا داعي لهذا المنتج فالتبان جائز لبسه للحاج
لا بأس بلبس التبان للرجل المحرم. و التبان هو: لباس قصير بغير أكمام، يستر العورة المغلظة دون الفخذين، وبذلك يختلف عن السراويل.
...
وقد سمعنا الكثير من القصص. منها أن الكثير من الحجاج تصيبه الحساسية والتسلخ لأنه معتاد طوال حياته على التبان. ومنها شخص يسقط رداءه أثناء الطواف، سترنا الله في الدنيا والآخرة. كما تجد بعض الحجاج النائمين وقد ظهرت عوراتهم المغلظة. وكل ذلك بسبب عدم لبسهم للتبان.
أخي محمد
التسلخ يكون عادة أعلى الفخذين من داخلهما (منطقة التقاء الفخذين)، والتبان أظنه يشبه ما يسميه الناس اليوم (الكلسيون) وفي بعض كتب اللغة أنه دِقرار، أو دقرور، ويلبسه الملاحون، وهذا يغطي العورة فقط ولا أكمام له تنزل على الفخذين، وفي التاج أنه قدر شبر، وأظن الشبر من أعلى لا من أسفل، أما السراويلات التي يلبسها الناس اليوم، ويسمونها (هاف) ( half) وتعني بالأعجمية: نصف، فأظنها تُلحق بالسراويل، لأنها تُلبس عادة، كما يلبس السراويل. وورد عن بعض اللغويين أنها أندرورد، قالوا: هي فوق التبان، ودون السراويل، مشمَّر يغطي الركبة، ولبسه أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه.
والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - يجعل التبان ما له أكمام قصيرة، لا تصل إلا إلى نصف الفخذ، ويلحقها بالسراويل. وجوز للمحرم لبس التبان إن خاف الضرر، واستَحب له أن يطعم.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[03 - 12 - 08, 05:00 م]ـ
لم ينبِّه أحد إلى خطأ كلمة " سروال "!!!
فالمفرد " سراويل "
والجمع " سراويلات "
وعليه:
فالعنوان ينبغي أن يكون:
... و فتوى من هيئة كبار العلماء في (سراويلات الحج)!!
لكن أخشى أن يوضع مع كل كيس فيه " سروايلات " عدة فتاوى للجنة!!
أخي إحسان
عن الأزهري (سرل) 12/ 390 أنه سمع غير واحد من الأعراب يقول: سِروال.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 12 - 08, 06:13 م]ـ
أخي محمد
التسلخ يكون عادة أعلى الفخذين من داخلهما (منطقة التقاء الفخذين)، والتبان أظنه يشبه ما يسميه الناس اليوم (الكلسيون) وفي بعض كتب اللغة أنه دِقرار، أو دقرور، ويلبسه الملاحون، وهذا يغطي العورة فقط ولا أكمام له تنزل على الفخذين، وفي التاج أنه قدر شبر، وأظن الشبر من أعلى لا من أسفل، أما السراويلات التي يلبسها الناس اليوم، ويسمونها (هاف) ( half) وتعني بالأعجمية: نصف، فأظنها تُلحق بالسراويل، لأنها تُلبس عادة، كما يلبس السراويل. وورد عن بعض اللغويين أنها أندرورد، قالوا: هي فوق التبان، ودون السراويل، مشمَّر يغطي الركبة، ولبسه أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه.
قد يكون التسلخ في أعلى الفخذين وقد يكون غير ذلك. ويجوز للحاج استخدام الدهون بما فيها المستخرجة من النفط مثل الفازلين وغيره. أما عن كلامك عن التبان والسروال فأنا أوفقك عليه وأرى أن هذا يظهر الفرق الجوهري بين الاثنين، والتبان الذي له أكمام قصيرة، لا يصح تسميته بالتبان بل يصبح سروال قصير، والله أعلم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 12 - 08, 11:18 ص]ـ
أخي الحبيب .. التبان في لغة العرب سراويل، نص عليه في الأساس والصحاح واللسان وغيرها.
فإن صح أنه لغة سراويل شمله قوله ولا السراويلات.
فالسراويل سواء كان تبانا أو طويلاً أو قصيراً لا يلبسه المحرم إلاّ إذا لم يجد غيره أو كانت به إليه ضرورة، وعلى هذا يحمل ما روي وإلاّ فالواجب اتباع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 12 - 08, 04:15 م]ـ
قد بين عمل الصحابة أن تسمية السراويلات لا تشمله، والله الموفق
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 12 - 08, 05:59 م]ـ
هذا غريب!! هل عمل الصحابة يغير المسمى اللغوي؟
وقد جعلوا من شرط حجية قول الصحابي عدم مخالفته للنص، ولم يجعلوه حجة مغيرة لمعنى اللغة!
ـ[أبو سليمان الغامدي]ــــــــ[05 - 12 - 08, 02:18 م]ـ
المفتي العام: اللباس الطبي للحاج والمعتمر حرام .. وعلى المضطر الفدية
الثلاثاء, 2 ديسمبر 2008
(المدينة) - جدة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/478)
أصدر سماحة المفتي العام للمملكة توضيحًا بشأن الفتوى الخاصة بمنتج يسمى (اللباس الطبي الوقائي للحاج والمعتمر) وأنه مجاز شرعًا غير ان المنتج المذكور بعد تصميمه النهائي اتضح أنه مخالف للنموذج الذي صدرت بموجبه الفتوى حيث أن (المنتج) يعد من (التبان) وهو مخيط ولا يلبس إلا في الضرورة مع وجوب الفدية على من لبسه.
وعليه صدرت الفتوى التالية من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بتوقيع أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء اللجنة.
فتوى رقم (24168) وتاريخ 24/ 6/1429هـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من فضيلة الشيخ محمد بن فهد الفريح، القاضي بوزارة العدل، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (443) وتاريخ 16/ 3/1429هـ وقد سأل المستفتي سؤالا ً هذا نصه: (سماحة الشيخ .. اطلعت على عمل مسمّاه: اللباس الطبي الوقائي للحاج والمعتمر، وقد كتب عليه أنه مجاز شرعاً، ومرادهم فتوى لسماحتكم وأنه لا مانع من استخدامه عند الحاجة، ولم يذكروا غير ذلك من ضابط الحاجة، وأن الفاعل له تجب عليه فدية، بل وأخذوا على ذلك براءة اختراع مما جعل الناس يتسابقون إليه، وقد أرفقت بهذا الخطاب نموذجاً منه لكي تطلعوا عليه، وتبينوا الحق في ذلك، علماً أنهم سموه غير مخيط، ولا شك أنه مخيط).
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن هذا التبان مخيط، وهو من الممنوع على المحرم الذّكر لبسه حال الإحرام، فإن وّجد ضرر يدعو المحرم الذكر إلى استعماله فلا مانع، مع الفدية وهي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية، لقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)، ولما جاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: (أتى عليّ النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية والقمل يتناثر على وجهي، فقال: أيؤذيك هوام رأسك، قلت: نعم. قال: فأحلق وصمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو أنسك نسيكة) متفق عليه. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،،
التوقيع / اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نص التوضيح:
من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ الى حضرة الأخ المكرم الدكتور طه بن عمر صادق الخطيب المشرف على الادارة العامة للخدمات الصحية للحج والعمرة بوزارة الصحة وفقه الله
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأشير الى السؤال الوارد منكم سابقا عن طريق معالي وزير الصحة عن: حكم اللباس الطبي الوقائي للحاج والمعتمر وما صدر منا جواباً على السؤال برقم 4194/ 2 وتأريخ 21/ 6/1425هـ الذي جاء فيه ما نصه: (انه اذا كان الواقي المسؤول عنه حسب النموذج الوارد الينا بكتاب معاليكم رقم 93579/ 11 وتاريخ 1/ 6/1425هـ فإنه لا مانع من استعمال الشخص المحرم لهذا الواقي عند الحاجة اليه) وقد وردنا من فضيلة الشيخ محمد بن فهد الفريح القاضي بوزارة العدل رسالة ومعها نموذج للمنتج المشار اليه بعد تصميمه بصورته النهائية وبالاطلاع على النموذج اتضح انه مخالف للنموذج الذي صدرت الاجازة له بكتابنا المشار اليه اعلاه.
ومع ذلك مكتوب على غلاف هذا المنتج انه مجاز شرعاً مع نص الفتوى الصادرة منا ونظراً الى ان الاجازة صدرت بناءً على نموذج غير مخيط والنموذج الذي نُفّذ وطرح في الاسواق مخيط فان ما صممتوه اخيراً مخالف للنموذج الذي صدرت عليه الفتوى ويعد من التّبان وهو مخيط ولا يلبس الا في حالة الضرورة مع وجوب الفدية على من لبسه وهي: صيام ثلاثة ايام او اطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع او ذبح شاة تجزئ في الاضحية وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء توضح ذلك وهي برقم (24168) وتاريخ 24/ 6/1429هـ المرفق صورتها ويجب اثباتها على غلاف المنتج بدلاً مما اُلحق عليه سابقاً بأنه مجاز شرعاً لما يحققه هذا الايضاح من براءة ذمتكم وذمة من يستعمله، واسأل الله ان يوفقني واياكم لما يحبه ويرضاه وان يعين الجميع على كل خير انه سميع قريب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
المفتي العام للمملكة العربية السعودية
رئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء
الرابط/ http://al-madina.com/node/78928
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 12 - 08, 05:51 م]ـ
هذا غريب!! هل عمل الصحابة يغير المسمى اللغوي؟
سبحان الله أليس الصحابة الذين نزل عليهم القرآن مبيَّناً بلغتهم أعلم بلغتهم من الفيروزأبادي؟!
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 08, 08:03 م]ـ
كأن الأسئلة المتوجهة:
هل قال أحد من الصحابة إن التبان ليس سروالاً؟ أما فعلهم فلا تنكر به لغة العرب، لأنه محتمل لأن يكون لبسهم ذلك الضرب من السراويلات بسبب حاجة أو ضرورة أو عن اجتهاد ونظر أو عدم علم بالمنع أو غير ذلك، وليس القول بأنهم فعلوا ذلك لأنه ليس سروالاً عندهم بأولى من الاحتمالات الأخرى.
ثم هل إذا خالف قول الصحابي نصاً اقتضى ذلك أن يغير قوله أو فعله معنى النص المنقول عن أصحاب اللغة؟
فكيف والإجماع منعقد على تحريم التبان وما في معناه، قال النووي: "أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم لبس شئ من هذه المذكورات وأنه نبه بالقميص والسراويل على جميع ما في معناهما وهو ما كان محيطا أو مخيطا معمولا على قدر البدن أو قدر عضو منه كالجوشن والتبان والقفاز وغيرها".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/479)