الله عليه وسلم، ويختم بما تيسر له من صلاة الليل أو في الوتر مع عدم الإطالة التي تضر بالمصلين، وهذا الأمر معروف عن السلف وتلقاه الخلف عن السلف.
وكان أنس رضي الله عنه إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا رضي الله عنه في خارج الصلاة، أما في الصلاة فلا أحفظ عنه شيئاً في ذلك ولا عن غيره من الصحابة لكن ما دام يفعله في خارج الصلاة، فهكذا في الصلاة، لأن الدعاء مشروع في الصلاة وليس بأمر مستنكر. ولا أعلم عن السلف أن أحداً أنكر دعاء ختم القرآن من داخل الصلاة، كما أنني لا أعلم من أنكره خارج الصلاة، وهذا هو الذي يعتمد عليه أنه معلوم عند السلف وقد درج عليه أولهم وآخرهم، فمن قال: إنه منكر فعليه بالدليل.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] نشر في مجلة الدعوة العدد 1710 في 13/ 6/1420هـ.
المصدر:
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثلاثون.
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=fatawa&id=4522
=========================================
حكم ختم القرآن في صلاة التراويح , والقيام
القسم: صوتيات > نور على الدرب
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=audio&id=279
حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة
القسم: فتاوى > أخرى
السؤال:
بعض الناس ينكرون على أئمة المساجد الذين يقرؤون ختمة القرآن في نهاية شهر رمضان ويقولون: إنه لم يثبت أن أحداً من السلف فعلها، فما صحة ذلك؟ [1]
الجواب:
لا حرج في ذلك؛ لأنه ثبت عن بعض السلف أنه فعل ذلك، ولأنه دعاء وجد سببه في الصلاة، فتعمه أدلة الدعاء في الصلاة، كالقنوت في الوتر والنوازل، والله ولي التوفيق.
المصدر:
نشر في مجلة الدعوة العدد 1658 في 19/ 5/1419هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد السادس والعشرون.
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=fatawa&id=3461
القسم: فتاوى > أخرى
السؤال:
يحرص كثير من الأئمة على أن يختموا القرآن في التراويح والتهجد لإسماع الجماعة جميع القرآن فهل في ذلك حرج؟
الجواب:
هذا عمل حسن فيقرأ الإمام كل ليلة جزءاً أو أقل لكن في العشر الأخيرة يزيد حتى يختم القرآن ويكمله هذا إذا تيسر بدون مشقة، وهكذا دعاء الختم فعله الكثير من السلف الصالح وثبت عن أنس رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله وفي ذلك خير كثير والمشروع للجماعة أن يؤمنوا على دعاء الإمام رجاء أن يتقبل الله منهم وقد عقد العلامة ابن القيم رحمه الله باباً في كتابه: "جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام" ذكر فيه حال السلف في العناية بختم القرآن فنوصي بمراجعته للمزيد من الفائدة.
المصدر:
من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته المنشورة في رسالة: (الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح) - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الحادي عشر
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=fatawa&id=1034
--------------------------------------------------------------------------------
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[26 - 10 - 07, 08:24 م]ـ
س38: ما قولكم فيما يذهب إليه بعض الناس من أن دعاء ختم القرآن من البدع المحدثة؟
ج38: لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم. وغاية ما في ذلك ما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله إذا أراد إنهاء القرآن من أنه كان يجمع أهله ويدعو، لكنه لا يفعل هذا في صلاته.
والصلاة كما هو معلوم لا يشرع فيها إحداث دعاء في محل لم ترد السُّنَّة به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أُصلي» (39).
وأما إطلاق البدعة على هذه الختمة في الصلاة فإني لا أحب إطلاق ذلك عليها؛ لأن العلماء ـ علماء السنة ـ مختلفون فيها. فلا ينبغي أن نعنف هذا التعنيف على ما قال بعض أهل السنة إنه من الأمور المستحبة، لكن الأولى للإنسان أن يكون حريصاً على اتباع السنة.
ثم إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصين على تطبيق السنة. وهي أنهم يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن، فإذا جاءت الركعة الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة، وهذا أمر لا ينبغي لما يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر، ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة الفجر ومع ذلك يقول: «إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه، وليؤمن على دعائه».
ونظير هذه المسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في صلاة التراويح إذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة انصرفوا إذا تجاوز الإمام هذا العدد، وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاً أنكروا عليه الإتمام ومع ذلك كانوا يصلون خلفه ويتمون. ومن المعلوم أن إتمام الصلاة في حال يشرع فيها القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة، ومع هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه. وهم بلا شك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً، وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية.
فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه.
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16898.shtml
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/343)
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 04:00 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لم يثبت هذا الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم , وكل ما ذكر فيه لا يغني في بناء الأحكام والأصل في العبادات التوقف كما هو معلوم.
فما ذكر مرفوعاً في هذا الباب:
روى الدارمي [جزء 2 - صفحة 559] قال:
حدثنا سليمان بن حرب ثنا صالح المري عن أيوب عن أبي قلابة رفعه قال: من شهد القرآن حين يفتتح فكأنما شهد فتحا في سبيل الله ومن شهد ختمه حين يختم فكأنما شهد الغنائم حين تقسم.
وقال السيوطي رواه الديلمى من طريقين عن ابن مسعود
قلت: ورواه أيضاً المروزي في قيام رمضان (ج 1 / ص 89) , والخطيب في تاريخ بغداد - (ج 9 / ص 307) , ومحمد بن الضريس في فضائل القرآن (ج 1 / ص 96).
وهذا الحديث ضعيف لا يصح. فهو من رواية (صالح بن بشير المري) وهو ضعيف.
ضعفه يحيى بن معين , وعلي بن المديني , وقال عنه البخاري منكر الحديث.
وقال الحافظ عنه (ضعيف) وكذلك الذهبي قال (ضعفوه) و قال أبو داود: لا يكتب حديثه.
وقال حسبن أسد: في إسناده علتان: الإرسال وضعف صالح بن بشير المري.
================================
روى الطبراني في المعجم الكبير (ج 18 / ص 259) قال:
حدثنا الفضل بن هارون البغدادي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة ومن ختم القرآن فله دعوة مستجابة.
وهذا الحديث من رواية (عبد الحميد بن سليمان الخزاعى)
وهو مجمع على تضعيفه. ضعفه كلاً من أحمد , وابن معين , والنسائي وغيرهم.
وقال الحافظ في التقريب (ضعيف).
==================================
ما ذكر عن أنس رضي الله عنه.
روى الدارمي - (ج 2 / ص 560) قال:
حدثنا عفان حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت قال كان أنس إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته فدعا لهم.
ورواه أيضاً سعيد بن منصور في سننه (ج 1 / ص 140) , والطبراني في الكبير.
وقال الهيثمي في الزوائد - (ج 7 / ص 172)
وعن ثابت أن أنس بن مالك كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم.
|رواه الطبراني ورجاله ثقات.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان (ج 2 / ص 368) قال:
أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو منصور النضروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن أنس أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله
ثم قال: هذا هو الصحيح موقوف وقد روي من وجه آخر عن قتادة عن أنس مرفوعا وليس بشيء.
قلت: وقد روى بسنده مرفوعاً ثم قال: وفي إسناده مجاهيل والصحيح رواية بن المبارك عن مسعر موقوفا على أنس.
قلت: وهذا الموقوف صحيح (إن ثبت توثيق جعفر بن سليمان) والله أعلم.
=================================
وهناك آثار صحيحة عن مجاهد وغيره أنهم كانوا يرون الدعاء عن الختم (انظر مصنف ابن أبي شيبة)
قلت: وكل هذا لا يغني في بناء الأحكام والأصل في العبادات التوقف كما هو معلوم.
=================================
وبالجملة: لا يصح في هذا الباب حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم , وما ذكر عن أنس رضي الله عنه ليس له حكم الرفع ولا يبنى عليه حكماً شرعياً.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة تحت حديث رقم (6135).
إن الدعاء المطبوع في آخر بعض المصاحف المطبوعة في تركيا وغيرها، تحت عنوان: (دعاء ختم القرآن)
والذي ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فهو مما لا نعلم له أصلا عن ابن تيمية أو غيره من علماء الإسلام،
وما كنت أحب أن يلحق بآخر المصحف الذي قام بطبعه المكتب الإسلامي في بيروت سنة (1386) على نفقة الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله، وإن كان قد صدر بعبارة (المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية) فإنها لا تعطي أن النسبة إليه لا تصح فيما يفهم عامة الناس، وقد أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم.
وما لا شك فيه أن التزام دعاء معين بعد ختم القرآن من البدع التي لا تجوز، لعموم الأدلة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) وهو من البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ (البدعة الإضافية)،
وشيخ الإسلام ابن تيمية من أبعد الناس عن أن يأتي بمثل هذه البدعة، كيف وهو كان له الفضل الأول – في زمانه وفيما بعده – بإحياء السنن وإماتة البدع؟ جزاه الله خيرا
والحمد لله رب العالمين.
==========================
كلام الشيخ سليمان العلوان عن هذا الفعل:
والدعاء عند ختم القرآن له حالتان:
الأولى: في الصلاة فهذا بدعة
فإن العبادات مبناها على الشرع والاتباع وليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه الله أو سنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ودون ذلك ابتداع في الدين قال صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه من حديث عائشة.
وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام وشيخ الإسلام في الاقتضاء قاعدة عظيمة المنفعة في التفريق بين البدعة وغيرها، وهي أن ما وجد سببه وقام مقتضاه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة ولم يقع منهم فعل لذلك مع عدم المانع من الفعل فإنه بدعة كالأذان للعيدين والاستسقاء ونحو ذلك.
ودعاء الختمة في الصلاة من ذلك فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقومون في رمضان ليلاً طويلاً ويتكئون على العصي من طول القيام فهم في هذه الحالة يختمون القرآن أكثر من مرة ولم ينقل عن أحد منهم دعاء بعد الختمة.
وقد قال الإمام مالك رحمه الله: ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن وما هو من عمل الناس. ذكر ذلك عنه ابن الحاج في المدخل.
الحالة الثانية: الدعاء عقيب الختمة في غير الصلاة وهذا منقول عن أنس بن مالك بسند صحيح.
ومأثور عن جماعة من أهل العلم.
ولا أعلم في المرفوع شيئاً ثابتاً والله أعلم انتهى كلامه حفظه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/344)
ـ[عادل أبو الفتوح]ــــــــ[29 - 10 - 07, 07:56 م]ـ
قال العلامة الشيخ بن باز رحمه الله تعالى في
السؤال:
ما حكم دعاء ختم القرآن؟
الجواب:
لم يزل السلف يختمون القرآن ويقرءون دعاء الختمة في صلاة رمضان ولا نعلم في هذا نزاعا بينهم ......
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=fatawa&id=1052
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 10:13 م]ـ
الإخوة الأفاضل: السلام عليكم
المسألة لا تحتاج نقل فتاوى من عالم لعالم حي أو ميت بقدر ما تحتاج إلى تحقيق وبحث ومعرفة شروط قبول العمل ومعرفة قواعد وضوابط السنن والبدع وإلى أيهما أقرب وبم تكون الأدلة الشرعية المثبتة للأحكام الفقهية، وما شروط قبول العمل سواء كان من صحابي أو تابعي فضلا عن من بعدهم، وهل قاعدة قبول العمل مطردة أو لها ضوابط مع البعد عن التعصب المذهبي وإنما تعظيما للسنة وتكميلا للدين وبياناً للحق.
واعتذاراً للأئمة الأعلام ومعرفة سبب الخلاف، وهل هي من المسائل الاجتهادية أم من المسائل الخلافية، وهل الخلاف معتبر أم لا؟
وما موقفنا لو كانت مسألة حكم عليها العلماء بالبدعة واحتج محتج بفعل إمام معتبر من أهل السنة وأن العمل عليها وفعلها فلان وفلان وأوردت فيها فتاوى مختلفة ما بين مؤيد ومعارض كصلاة التسابيح، وتلقين الميت الشهادة بعد الدفن أو الأذان أو الإقامة أو التعريف يوم عرفة في الأمصار ...... الخ
----------------------
وأخيرا فإن أبيتم نقل الفتاوى فلن تعجز ناقل في عصر (النت) ولن تحل مسألة ولن يترك مقلد تقليده ولن يجتهد طالب علم، أرجوا قراءة مشاركتى السابقة
وشكرا لكم مجتهدين أو مقلدين.
**********************************
قنوت رمضان ودعاء ختم القرآن بين الإتباع والابتداع
فضيلة الشيخ محمد عيد العباس
شاعت في كثير من المساجد منذ سنوات معدودات في صيام وقيام شهر رمضان بعض الظواهر الجديدة التي لم تكن من قبل (فيما أعلم) وأهمها إطالة دعاء القنوت إطالة مملة، والزيادة في ألفاظه على ما ورد في السنة زيادة مفرطة، وتبلغ هذه الإطالة وتلك الزيادة ذروتها ليلة السابع والعشرين حيث يكون بعض الأئمة النشيطين قد أتموا قراءة القرآن كله في الأيام السابقة وينهون ختمته في هذه الليلة، فيتوجونها بدعاء طويل عريض في صلاة الوتر في هذه الليلة.
حكم الدعاء بهذه الكيفية
إن الباحث المدقق والدارس المحقق إذا نظر في الأمر جلياً وتأمل فيه ملياً فسيجد أن هذا الدعاء (ولو كان يرافقه ما يرافقه من الأمور التي ظاهرها الصلاح والخير) إلا أنه يبقى بدعة منكرة ينطبق عليها كل تعاريف البدعة التي وضعها العلماء، وذلك أنه:
أولاً: أمر جديد في الدين.
وثانياً أنه يراد به التقرب إلى الله جل وعلا.
وثالثاً: أن الداعي له والمقتضي- وهو زيادة التقرب إلى الله- كان موجوداً زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرشد إليه.
رابعاً: أنه لم يمنعه من فعله مانع، إذ يمكن أن يكون أمر ما مشروعاً ولكن يمنع منه مانع واقعي أو شرعي كحدوث مفسدة من فعله كما هو الشأن في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام.
خامساً: يضاف إلى ذلك أن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأئمة العلم والدين لم يفعلوه خلال القرون الطويلة كلها، ولم يظهر إلا حديثاً في السنوات الأخيرة. دين الحق إن الدين الحق هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قرآن وسنة، مفهومين على ضوء فهم السلف رضي الله عنهم، فكل ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ديناً فليس هو عند الله بدين، والعبادات كلها توقيفية كما هو مقرر عند العلماء، وهي محصورة في الوحي، وليس لها مصدر آخر، والأصل فيها الإتباع وليس الابتداع، والقاعدة فيها قوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (رواه مسلم) فقد كمل الدين وتمت النعمة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" (سورة المائدة/3)
أوجه مخالفة دعاء القنوت ودعاء ختم القرآن للشرع
فإذا طبقنا ما سبق فسنجد أن هذا الأمر والمبالغة والزيادة في قنوت وتر رمضان ودعاء ختم القرآن في صلاة القيام في ليلة القدر ليس بدعة فقط، بل فيه مجموعة من البدع والمخالفات للشرع، ومن هذه الأمور:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/345)
1 - أنهم يداومون عليه مع أن الوارد في دعاء القنوت ألا يستمر عليه المسلم دائماً وأبداً فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعه أحياناً. قال أستاذنا الألباني في (صفة الصلاة) ص 179): وإنما قلنا أحياناً لأن الصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه، فلو كان صلى الله عليه وسلم يفعله دائماً لنقلوه جميعاً عنه، نعم رواه عنه أبي بن كعب وحده، فدل على أنه كان يفعله أحياناً، ففيه دليل على أنه غير واجب، وهو مذهب جمهور العلماء .. "
من أوجه المخالفة الزيادة في دعاء القنوت
الأدعية المشروعة في القنوت
2 - المشروع في دعاء القنوت التزام الصيغة التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان، ذلك لأن هذا القنوت عبادة وهو ذكر شرعي فلا يجوز الخروج عما ورد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظ القنوت الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ما ذكره الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود: "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني واصرف عني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت لا منجى منك إلا إليك". (رواه ابن مندة في "التوحيد" والحاكم في المستدرك- 2/ 188، والبيهقي في السنن 2/ 38 - 39، وهو حديث صحيح
(ذكر أستاذنا الألباني في رسالة "قيام رمضان ص31" أنه لا بأس من جعل القنوت بعد الركوع ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه") فأين هذا من دعاء الأئمة في هذا الزمان، فقد غيروا وبدلوا، وزادوا وأضافوا، وأطالوا وأطنبوا من غير إذن من الله ولا سلطان من الشرع، فكيف سوغوا لأنفسهم ذلك؟ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على البراء بن عازب (رضي الله عنه) حينما استبدل كلمة (رسولك) بـ (نبيك) في دعاء النوم مع أن كلمة الرسول أوسع وأشمل.
من أوجه المخالفة التغني به كالقرآن
التغني بالدعاء كالقرآن
3 - إن دعاء القنوت الحالي وخاصة دعاء ختم القرآن يتغنى فيه كالقرآن، ولم ينقل مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من سلف الأمة فيما بلغنا، فالتلاوة والتغني المعهود هو من خصائص القرآن الكريم، وأما الدعاء فالمشروع فيه والمنقول أن يكون على السجية والبساطة وليس فيها ذلك. ضعف دليل الدعاء عند ختم القرآن
4 - إن المستند الوحيد لهم على الدعاء عند ختم القرآن، هو ما نقل عن بعض السلف كأنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا لهم.) رواه الدارمي "ص 734" وسنده ضعيف فيه صالح بن بشر المري وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات) ولم يرد أنه كان يفعل ذلك في الصلاة بل الظاهر من هذا الأثر أنه كان يفعل ذلك خارج الصلاة، فنقل هذا إلى الصلاة مخالفة أخرى وليس لها مستند البتة.
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقصد ختم القرآن؟
5 - هذا بالإضافة إلى أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يتقصدون ختم القرآن كله في صلاة قيام رمضان، ويجزئون القراءة بحيث يكملون الختمة في آخر الصلاة، بل كانوا على سجيتهم يقرؤون ما تيسر من القرآن.
من المخالفة جعل الدعاء في الشفع
6 - المشروع في دعاء القنوت في رمضان أن يكون الوتر من صلاة الليل- أي من الركعة الأخيرة- بينما أصحاب دعاء ختم القرآن قد جعلوه أيضاً في الشفع من هذه الصلاة، وليس لها أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف.
الختم في ليلة السابع والعشرين مما أحدثه المعاصرون
7 - ومما أحدثه المعاصرون أنهم لم يجعلوا الدعاء في صلاة آخر ليلة من رمضان، بل في ليلة السابع والعشرين منه، وهذا من بنات أفكارهم، وليس له مستند إطلاقاً فإن قيل: لأن هذه الليلة ليلة القدر. نقول لهم: إن كون ليلة القدر في هذه الليلة أمر فيه خلاف بين الصحابة أنفسهم، وبين من بعدهم من العلماء كذلك، وليس هذا محل بسطه، وعلى فرض ترجيح ذلك فإنه لا يسوغ جعل دعاء ختم القرآن في هذه الليلة لعدم وجود ما يخصصه بذلك أو يرجحه على الليالي الأخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/346)
من أوجه المخالفة الإطالة الزائدة في الدعاء
التطويل في الدعاء من الاعتداء
8 - إن الدعاء الحالي يطيلون فيه إطالة تتعب المصلين وتجهدهم وتدخل الملل إلى نفوسهم، وإنني أجزم بأنه من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه والذي هو من الأمور المنكرة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "بأنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" إسناده صحيح ومن ناحية أخرى فإطالة دعاء القنوت مما يشق على الناس ويوقعهم في الحرج، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أشد النهي عن إطالة الصلاة فقد روى البخاري (1/ 172 - 173) عن أبي مسعود – رضي الله عنه أن رجلاً قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا. قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً منه يومئذ، ثم قال: " يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة".
ولو نظرت إلى ما ورد من خطبه صلى الله عليه وسلم في الجمعة والعيدين ونحوهما لوجدتها قصيرة لا تكاد تزيد على عشر دقائق أو خمس عشرة دقيقة، وكذلك في دعائه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء وغيره. فإنك لن تجد أطول دعاء له يبلغ خمس دقائق على أبعد تقدير، ومن شاء فليرجع إلى كتب السنة ليطالع صيغ أدعيته عليه الصلاة والسلام.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم تقصير الدعاء
فهذه الإطالة غير معهودة في الشرع ومخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي لبيان ذلك أن نتذكر حديث عائشة رضي الله عنه فقد روى الإمام الترمذي رحمه الله تعالى عنها أنها قالت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة. ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني" (سنن الترمذي 5/ 534 وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ورواه كذلك ابن ماجة والحاكم عنها بألفاظ متقاربة، وصححه أستاذنا الألباني في (تخريج المشكاة 2091 وصحيح الجامع 4423) فهذا كل ما علم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أحب الناس إليه قاطبة إذا علمت يقيناً متى ليلة القدر، كلمات معدودات قليلات لا يتجاوز الدعاء بها لو كررت عشر مرات دقيقة واحدة.
فأين هذا مما اصطنعوه من الدعاء المملوء بالمترادفات التي لها من الصنعة البلاغية والبيانية نصيب كبير؟ الخير كل الخير في الإتباع وعدم الابتداع
وفي الختام أنصح إخواني الخطباء والأئمة والدعاة أن يلتزموا السنة ويدعوا البدعة ولو أعجبتهم، فليس المعول في أمور الدين على الذوق بل على الشرع، ولذكروا قول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ". وما أحسن ما روي عن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حيث سأله أحد أصحابه عن المغبِّرة هل يجلس معهم؟ وهم قوم يجلسون مجالس يذكرون الله تعالى وينشدون بعض الأناشيد التي ترقق القلوب وتهيج النفوس وتحدث فيها الخشوع، ويضربون بعصي معهم الأرض إذا انشدوا، فيثيرون الغبار، فسموا بذلك، فأمره أن يدعوهم، ويجلسه وراء ستارة ليطلع على ما يجري في مجلسهم، فلما انتهى المجلس وانصرفوا دخل تلميذ الإمام عليه، فوجده يبكي متأثراً من ذكرهم وأناشيدهم، فسأله عن رأيه، فقال له: يا بني لا تحضر معهم، فإن هذا لم يكن عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان.
قال أستاذنا الألباني حفظه الله معلقا ًعلى ذلك: وهذا غاية الإتباع للسنة وهدي السلف. وفقنا الله إلى إتباع سنته والاهتداء بهديه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين0
--------------------------------
نقله برمته مع التصحيح
عبد الله بن عويض المطرفي الهذلي
alma.trfi@hotmail.com
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 03:25 م]ـ
الأصل الذي لابد الرجوع إليه عند تضارب تلك الأقوال والفتاوى هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعالى ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ))
ولم يثبت هذا الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم وكل هذه الأقوال والفتاوى لا تغني في بناء الأحكام
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 04:33 م]ـ
هل الإمام مالك قال إنها بدعة
أين الأئمة المتقدمون من التجاسر على إطلاق البدعة من بعض المعاصرين
قد يكون في النفس البعض عدم ارتياح لها أو عدم رغبة وقد لا يختم إذا كان إماما
لكن هذا التجاسر الكبير على شيء فعله عثمان بن عفان وأحمد وسفيان وأهل مصر والحجاز والشام
هذا ليس من هدي السلف أبدا
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 06:42 م]ـ
نعم، يا شيخنا المقرئ، لا فض فوك، يعملها أئمة كبار ونحكمهم إلى تعريف للبدعة بعدهم بقرون!!
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 03:50 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , وبعد:
المروي عن الإمام مالك رحمه الله: أنه هذا الدعاء ليس من عمل الناس. وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان.
(لفتة من الشيخ العلوان حفظه الله) قال: كان الصحابة رضي الله عنهم يقومون في رمضان ليلاً طويلاً ويتكئون على العصي من طول القيام فهم في هذه الحالة يختمون القرآن أكثر من مرة ولم ينقل عن أحد منهم دعاء بعد الختمة. انتهى
قال العلامة (المحقق) بكر أبو زيد حفظه الله:
أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم , يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد. انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/347)
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 04:23 م]ـ
لكن هذا التجاسر الكبير على شيء فعله عثمان بن عفان وأحمد وسفيان وأهل مصر والحجاز والشام
الأخ الكريم
رجاء التحقق من هذا الكلام.
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 11 - 07, 06:02 م]ـ
الأخ الكريم
رجاء التحقق من هذا الكلام.
بارك الله فيكم أخي الكريم
نقل بعضه أخونا أبو خباب وفقه الله
قال ابن قدامه في المغنى (فصل: في ختم القرآن: قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله فقلت: أختم القرآن، أجعله في الوتر أو في التراويح؟ قال: اجعله في التراويح، حتى يكون لنا دعاء بين اثنين.
قلت كيف أصنع.
؟ قال إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا ونحن في الصلاة، وأطل القيام.
قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت.
قال: ففعلت بما أمرني، وهو خلفي يدعو قائما، ويرفع يديه، وقال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءة {قل أعوذ برب الناس} فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع.
قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه، وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة.
قال العباس بن عبد العظيم: وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة.
ويروي أهل المدينة في هذا شيئا، وذكر عن عثمان بن عفان.)
وذكره جماعة من العلماء المتقدمين في عصر الرواية وهي منتشرة فيما بينهم
وكما ذكرت قبل التبديع خطير لشيء فعله الأئمة أما قولك ليس له أصل أو الأولى تركه أو ما شابه ذلك ففي نظري أن عبارتك لها وجه
أما التبديع ففيه اندفاع غير محمود والله أعلم(86/348)
اختلف العلماء في المراد بالمسجد الحرام التي تضاعف فيه الصلاة، على أقوال:
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[21 - 10 - 07, 11:08 م]ـ
هذا المبحث للشيخ عبد الطيف القرني نقلته من موقع المسلم:
مضاعفة الصلاة في الحرم المكي:
اختلف العلماء في المراد بالمسجد الحرام التي تضاعف فيه الصلاة، على أقوال:
القول الأول: أن المسجد الحرام يراد به الكعبة:
واستدلوا بقوله تعالى: " فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" (البقرة: من الآية144) والمقصود أن الاستقبال في هذه الآية للكعبة فقط وأجيب بأن إطلاق لفظ المسجد الحرام هنا من باب التغليب.
واستدلوا بقوله _صلى الله عليه وسلم_: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا الكعبة" (أخرجه أحمد 2/ 386، وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 371).
وأجيب بأن المقصود هنا مسجد الكعبة بدلالة حديث ميمونة _رضي الله عنه_ا قال: سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يقول: "الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة" (أخرجه مسلم 1/ 1014).
واختار هذا القول بعض المتأخرين من الشافعية. (أعلام الساجد ص 121).
القول الثاني: أن المسجد الحرام يراد به المسجد حول الكعبة وهو قول الحنابلة (الفروع 1/ 600) ورجحه بعض الشافعية (المجموع 3/ 190)، واختاره من المتأخرين ابن عثيمين _رحمه الله_ (الفتاوى المكية ص 37).
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:
1 – قوله تعالى: "وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" (البقرة: من الآية191).
وقوله تعالى: "إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" (التوبة: من الآية28).
وقالوا إن المقصود في هاتين الآيتين مسجد الجماعة الذي حول الكعبة.
2 – قوله _سبحانه وتعالى_: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى" (الإسراء: من الآية1).
والنبي _صلى الله عليه وسلم_ أسري به من الحجر عند البيت وقيل أسري به من بيت أم هاني وهو خارج المسجد ولذلك استدل به من يرى أن المضاعفة تشمل جميع الحرم.
ومسألة من أين أسري بالرسول _صلى الله عليه وسلم_ مسألة خلافية.
ولكن الثابت في البخاري عن أنس بن مالك بن صعصعة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ حدثهم عن ليلة أسري به قال: "بينما أنا في الحطيم وربما قال: في الحجر .. الحديث" (أخرجه البخاري 7/ 201).
3 – ما رواه مسلم عن ميمونة _رضي الله عنه_ا قالت: "من صلى في مسجد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فإني سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يقول: الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة" (سبق تخريجه).
ومفهوم الحديث أن المضاعفة مختص بمسجد الكعبة.
4 – أن الرحال لا تشد إلا إلى ثلاثة مساجد كما جاء في حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى" (أخرجه البخاري 3/ 63، ومسلم 1/ 1014).
ومعلوم أننا لو شددنا الرحال إلى مسجد من مساجد مكة غير المسجد الحرام لم يكن هذا مشروعاً بل كان منهياً عنه فما يشد الرحل إليه هو الذي فيه المضاعفة. (انظر الفتاوى المكية لابن عثيمين ص 31).
5 – ما تقرر من أن الجنب لا يجوز له اللبث في المسجد الحرام كبقية المساجد ومع ذلك يجوز له اللبث في بقية الحرم مما يدل على أن المقصود بالمسجد الحرام مسجد الجماعة لا كل الحرم.
القول الثالث: أن المسجد الحرام يطلق على الحرم كله وهو قول الأحناف (بدائع الصنائع 2/ 301)، والمالكية (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/ 1275)، والشافعية (مغني المحتاج 6/ 67)، ورجحه ابن تيمية (الفتاوى 22/ 207)، وابن القيم (زاد المعاد 3/ 303)، وابن باز (مجموع فتاوى ومقالات 17/ 198).
واستدلوا بأدلة منها:
1 – قوله _تعالى_: "إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" (التوبة: من الآية28).
فهذه الآية تدل على أن المقصود بالمسجد الحرام هو الحرم كله وليس المسجد فقط، قال ابن حزم بلا خلاف. (المحلى 4/ 243).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/349)
ونوقش هذا الاستدلال بأن الله _تعالى_ قال: "فَلا يَقْرَبُوا" ولم يقل: فلا يدخلوا، فالمشرك عندما يأتي إلى حدود الحرم فإنه يصبح قريباً من المسجد مما يدل على أن المقصود بالمسجد الحرام في هذه الآية عين المسجد ويجاب عن ذلك بأنه ليس من المسلم أن مقصوده فلا يقربوا المسجد الحرام أي عين المسجد لأنه قربا لكافر من الحرم لا يلزم منه قربه من ذات المسجد وخاصة في العهد القديم وانعدام الوسائل الحديثة فبعض حدود الحرم تبعد عن المسجد أكثر من واحد وعشرين كيلو مما يدل على أن القرب من الحرم لا يلزم منه القرب من عين المسجد الذي هو مكان للطواف.
2 – قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" (الحج:25).
والمقصود بالمسجد الحرام هنا الحرم كله ونوقش هذا الاستدلال بأن المراد بالمسجد الحرام في هذه الآية هو المسجد حول الكعبة وهو ظاهر القرآن وقال به النووي (تهذيب الأسماء واللغات 9/ 250)، وابن القيم (أحكام أهل الذمة 1/ 189)، وثبت أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_- كما سيأتي – أنه كان يصلي في الحرم فعلم من ذلك أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لم يكن صد عن الحرم.
3 – أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ – عندما كان في صلح الحديبية – (أخرجه أحمد مطولاً 4/ 323) كان يصلي في الحرم مع أن إقامته في الحديبية بالحل وذكر الشافعي أن الحديبية بعضها في الحل وبعضها في الحرم. (الأم 2/ 341).
وهذا من أصرح الأدلة على أن مضاعفة الصلاة تتعلق بجميع الحرم وليس مسجد الجماعة فقط قال ابن القيم رحمه الله: "وفي هذا دلالة على أن مضاعفة الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم لا يخص بها المسجد الذي هو مكان الطواف. (زاد المعاد 3/ 303).
ونوقش هذا الاستدلال بأن غاية ما يدل عليه الحديث فضيلة الصلاة في الحرم مقارنة بالحل وهذا لا شك فيه قال الرحيباني وهذا لا يستريب به عاقل". (مطالب أولي النهى 2/ 384). وأما المضاعفة فهي خاصة بالمسجد.
وأجيب بأن أفضلية الصلاة في الحرم إنما كانت بالمضاعفة المتعلقة بجميع الحرم وإلا لما كان للحرم مزية في الصلاة فيه عن باقي الأماكن.
وورد عن ابن عباس _رضي الله عنه_ما قوله: الحرم كله هو المسجد الحرام. (أخرجه الفاكهي 2/ 106 وفيه مقال).
كما ورد ذلك عن عطاء (مصنف عبد الرزاق 5/ 151، وابن أبي شيبة 1/ 4/392)، ومجاهد (مصنف عبد الرزاق 4/ 345، وابن أبي شيبة 1/ 4/392)، وقتادة (تفسير الطبري 3/ 359).
مضاعفة أعمال البر الأخرى في الحرم:
اختلف العلماء هل التضعيف خاص بالصلاة أم يشمل جميع الأعمال الصالحة كالصوم والصدقة والتسبيح على قولين:
القول الأول: أن الأعمال الصالحة لا تضاعف في الحرم كالصلاة واستدلوا بأن الأدلة الثابتة في التضعيف مختصة بالصلاة فقط والقول بمضاعفة الطاعات الأخرى يحتاج إلى دليل ثابت وهذا هو قول الجمهور.
القول الثاني: أن الأعمال الصالحة تضاعف كالصلاة وقال به الحسن البصري فذكر أن من صام في الحرم كتب له صوم مئة ألف يوم ومن تصدق فيها بدرهم كتب له مئة ألف درهم صدقة. (أخبار مكة للفاكهي 2/ 292).
واستدل أصحاب هذا القول بما رواه ابن ماجه عن ابن عباس _رضي الله عنه_ما قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "من أدرك رمضان بمكة فصام وقام منه ما تيسر له كتب الله له مئة ألف شهر رمضان فيما سواه ... " (أخرجه ابن ماجه 3117 وفي إسناده عبد الرحيم بن زيد العمي، متروك الحديث).
قال الألباني في (الضعيفة 2/ 232): "الحديث موضوع".
ونوقش الاستدلال بأن الحديث لا يثبت.
واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار ولكن كلها لا ترقى لدرجة الاحتجاج.
وخلاصة الكلام أنه لم يثبت دليل ينص على مضاعفات الطاعات في المسجد الحرام كمضاعفة الصلاة أي بمئة ألف.
ولكن تبقى الأعمال الصالحة في الحرم لها تعظيم ومزية عن غيرها وذلك لفضيلة الحرم على الحل. (انظر الفروع 1/ 600).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/350)
وقال ابن باز _رحمه الله_: وبقية الأعمال الصالحة تضاعف – أي في الحرم – ولكن لم يرد فيها حد محدود، إنما جاء الحد والبيان في الصلاة، أما بقية الأعمال الصالحة كالصوم والأذكار وقراءة القرآن والصدقات فلا أعلم. فيها نصاً ثابتاً يدل على تضعيف محدد. (مجموع فتاوى ومقالات 17/ 198).
وفي الختام نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_article_main.cfm?id=1742
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[22 - 10 - 07, 10:40 م]ـ
هذا المبحث للشيخ عبد الطيف القرني نقلته من موقع المسلم:
3 – أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ – عندما كان في صلح الحديبية – (أخرجه أحمد مطولاً 4/ 323) كان يصلي في الحرم مع أن إقامته في الحديبية بالحل وذكر الشافعي أن الحديبية بعضها في الحل وبعضها في الحرم. (الأم 2/ 341).
وهذا من أصرح الأدلة على أن مضاعفة الصلاة تتعلق بجميع الحرم وليس مسجد الجماعة فقط قال ابن القيم رحمه الله: "وفي هذا دلالة على أن مضاعفة الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم لا يخص بها المسجد الذي هو مكان الطواف. (زاد المعاد 3/ 303).
ونوقش هذا الاستدلال بأن غاية ما يدل عليه الحديث فضيلة الصلاة في الحرم مقارنة بالحل وهذا لا شك فيه قال الرحيباني وهذا لا يستريب به عاقل". (مطالب أولي النهى 2/ 384). وأما المضاعفة فهي خاصة بالمسجد.
وأجيب بأن أفضلية الصلاة في الحرم إنما كانت بالمضاعفة المتعلقة بجميع الحرم وإلا لما كان للحرم مزية في الصلاة فيه عن باقي الأماكن.
وورد عن ابن عباس _رضي الله عنه_ما قوله: الحرم كله هو المسجد الحرام. (أخرجه الفاكهي 2/ 106 وفيه مقال).
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_article_main.cfm?id=1742
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
ليس في هذا الذي ذكرت أدنى دلالة على أن الصلاة في الحرم يضعف فيها الأجر فصلاته عليه الصلاة و السلام في الحرم هي من باب " استحباب الصلاة في الأرض المباركة " و قد ورد في ذلك نصوص صريحات كما جاء في قوله تعالى لموسى: " فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " و كان في شريعة بني اسرائيل أنهم لا يصلون الا محتفين و قوله تعالى لموسى ذلك هو مثل قوله لرسول الله صلى الله عليه و سلم كما في البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة) فالصلاة في الأرض المباركة " سنة الأنبياء " فحيثما وجدتها فصل فيها دون أن تشد لها الرحال بل أن أبا هريرة رضي الله عنه بناءا على هذا الفهم " أي استحباب الصلاة في الأرض المباركة " سافر إلى الطور ليصلي فيه كما في حديث أبي بصرة أنه لقي أبا هريرة هو جاء، فقال: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من الطور، صليت فيه، قال: أما إني لو أدركتك لم تذهب، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى.) و قد صحح الألباني إسناده في أحكام الجنائز و قد أنكر أبو بصرة عليه شده الرحال و لم ينكر عليه اعتقاد البركة في تلك البقعة لأن بركتها ثابته بقوله تعالى (من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة) و لم ينكر عليه قصد الصلاة فيها.
فليس في صلاته عليه الصلاة و السلام دليل على أن الحرم داخل في مسألة مضاعفة الصلاة ,
والله أعلم
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[23 - 10 - 07, 11:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيك ونفعك بك، ووفقني وإياك لما يحب ويرضى.(86/351)
سؤال عن علم النفس
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[22 - 10 - 07, 12:48 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد.
ماحكم الشارع في علم النفس؟
و جزاكم الله خيرا.
ـ[حازم أبوعمر]ــــــــ[09 - 11 - 07, 11:05 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم علم النفس كسائر العلوم الدنيوية حسنه حسن وقبيحه قبيح وله فوائد ومنافع كعلاج بعض الأمراض النفسية وقياس الذكاء ومعرفة الفروق الفردية والمواهب عند الأطفال بمقاييس علمية وحل المشاكل الأسرية وتحسين القدرات البشرية وعلاج أمراض الإدمان ونحو ذلك
ولكنه تشوبه شوائب أخرى بحكم أن منشأه ومصادره غربية الأصل بل وإلحادية في بعض الأحيان
ولا أعلم من نبغ فيه من أهل العلم والإلتزام
لذلك غلب عليه في بلاد المسلمين - فيما أعلم - العلمانيون والحداثيون
ولم تجر فيه محاولات جادة لتنقيته - كما هو الحال في علوم التقنية والطب والاقتصاد ونحو ذلك - والاستفادة مما فيه من منافع وترك كما فيه شوائب ومضار والله أعلم
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:24 ص]ـ
ولكنه تشوبه شوائب أخرى بحكم أن منشأه ومصادره غربية الأصل بل وإلحادية في بعض الأحيان
الطب الحديث المتبع اليوم في الدول الاسلامية كلها طب غربي ...
ولم تجر فيه محاولات جادة لتنقيته - كما هو الحال في علوم التقنية والطب والاقتصاد ونحو ذلك -
ما هي محاولات تقنين الطب؟
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[14 - 11 - 07, 07:44 ص]ـ
علم النفس من العلوم النافعة جدا، بل ربما يتأكد فى عصرنا أن يكون من آلة الداعية ـ انظر على سبيل المثال الشيخ محمد إسماعيل المقدم ومنهجه في الدعوة ـ وهو كغيره من العلوم فيه مسائل مرجوحة ومسائل خاطئة في نظر الشارع، لكنه غاية الأمر علم تجريبي بحثي يتجدد ويصوب باستمرار.
ومحاولة أسلمته ـ إن صح التعبير ـ ليست صعبة بل سهلة لمن درس ذلك العلم، بل لكثير من العلماء جهود نافعة في ذلك المجال من الغزالي إلى الآن.
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 04:13 م]ـ
ـ انظر على سبيل المثال الشيخ محمد إسماعيل المقدم ومنهجه في الدعوة ـ.
أحسنت أخي فالشيخ حفظه الله كم أحسن في مثل ذلك من علوم النفس والأجتماع وجمع بينهم وبين الدين جمعا حسنا ولعل الباحث ينظر الى شرائطه في تربيه الأولاد والبيت المسلم وكتابه المرأه وغير ذلك حفظ الله الشيخ من كل أذى وسوء
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 02:13 م]ـ
السلام عليكم:
اقرأوا إن شئتم كتاب: التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية، (البحث في النفس الإنسانية والمنظور الإسلامي) للدكتور عز الدين توفيق طبعة دار السلام، مصر، 1998(86/352)
أحكام الاقتناء
ـ[أم العز]ــــــــ[22 - 10 - 07, 01:37 ص]ـ
السلام عليكم.
ما هي الأدلة الواردة في مسألة اقتناء المباحات أو المختلف في إباحته أو المباح الذي خالطته شبهة؟
وما هي القواعد الضابطة لهذه المسائل؟
وما حكم اقتناء الدفوف واتخاذها لحاجة أو دون حاجة؟
وهل هناك كتب أو بحوث فقهية أو أصولية تكلمت عن أحكام الاقتناء
وإذا أحد عندة هل بالإمكان وضعها هنا على ملف وورد؟
وفق الله الجميع
(ملاحظة: وضعت هذه المشاركة في المنتدى الفقهي وفي الشرعي العام أرجوا أن لا يكون هذا مخالفاً للأنظمة)
ـ[أم العز]ــــــــ[23 - 10 - 07, 04:24 ص]ـ
بانتظار الرد
نفع الله بكم وزادكم علماً
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[23 - 10 - 07, 01:04 م]ـ
جيد جدا
ـ[أم العز]ــــــــ[26 - 10 - 07, 12:46 ص]ـ
هل من رد؟؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[26 - 10 - 07, 02:00 ص]ـ
ما حرم استعماله مطلقاً حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال.
فآلات الملاهي المحرمة مطلقاً يحرم اتخاذها وادخارها واقتناؤها. هذا عند الجمهور
وأما الحرير مثلاً فلا؛ لأنه يباح للحاجة ويباح للنساء، وليس محرماً مطلقاً.
وعذراً، فقد كتبت رداً طويلاً على سؤالك قبل أيام ولكنه ذهب أدراج الرياح، وليس عندي وقت للإسهاب، فلعل المشايخ الأفاضل يفيدون في الموضوع.
ـ[أم العز]ــــــــ[27 - 10 - 07, 12:04 ص]ـ
شكر الله لكم أخي يوسف:
وخسارة ما كتب أسأل الله أن لا يكون منعاً للعلم بسبب ذنوبي
هلا أفدتموني بالخلاف في هذا الموضوع في (الدف) فقط وأحلتموني على من أشار لها. لأن ما كتب يتكلم عن آلات اللهو عموماً و الحرير وغيرها لذا سأحتاج إلى تحرير المسألة وردها إلى كل القواعد التي لها صلة بها ولا علم عندي في الأصول.
ـ[أم العز]ــــــــ[01 - 11 - 07, 12:10 ص]ـ
أصبحنا نرى من يخصص ركناً في منزلة للبيانو أو الهارب ويعتبر ذلك جزء مهم من ديكور المنزل
وهناك إقبال في تخصيص مكان يؤثث بقطع من التراث وقد يُوضع فيه دفاً له جلاجل من ذهب.
ونظراً للتطورات الناشئة على صناعة الآلات الموسيقية أصبح يُدخل في صناعتها الذهب والفضة والنحاس والأصداف بل وصل الأمر أن يُصنع الدف من الزجاج ..... و ... و ....
وهذا وغيره يجعل مناقشة هذه المسألة وإن كانت فرعية ذا أهمية قبل أن تصبح واقعاً منتشراً ومستساغاً ونحن لا نعرف الأحكام المتعلقة به.
فهل من مناقش لعل إشاراته تسلط الضوء على جوانب لم أتنبه لها.
إنما العلم بالمدارسة.
ـ[أم العز]ــــــــ[27 - 01 - 08, 08:04 م]ـ
السلام عليكم.
انتظرت طويلاً لعلي أجد من يجد متسعاً من الوقت من الأفاضل في المنتدى فيوضح أو يثير النقاش لعلي أصل إلى ما أريد في أكثر من سؤال في المنتدى وإلى الآن لم يجب أحد؟
؟؟
ـ[يوسف العابد]ــــــــ[31 - 01 - 08, 10:54 م]ـ
أختي أم العز
يجوز اقتناء المجوهرات الغالية والذهب والفضة كتحف في المنزل , فالنهي ورد في الأكل والشرب فقط وهذا اختيار الشافعي والشوكاني وابن عثيمين في الشرح الممتع وأشك في الشوكاني , وطلبك عن الاقتناء صعب أما لو كان عن الاستعمال لكان سهلاًَ, فهل تقصدين الاستعمال؟ , بمعنى أن هناك فرقا بين الاستعمال والاقتناء فالاستعمال اقتناءٌ وزيادة.
ـ[أم العز]ــــــــ[05 - 02 - 08, 11:59 م]ـ
السلام عليكم:
ماأقصده ورد ذكر بعضه آنفاً في المشاركة رقم (1) و (7).فقد يقتنى الدف للإعارة وهذا الظاهر أن حكمه حكم ما يُعار لأجله. وقد يُقتنى لتزيين المنزل. أو في المتاحف مثلاً فما حكمه في هذه الحالة؟ و ما هي الأدلة التي استُدِل بها؟
حفظكم الله ورعاكم(86/353)
مات محرم امرأة بطريق الحج فهل ترجع أو تستمر؟
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[22 - 10 - 07, 10:59 ص]ـ
نص السؤال رقم الفتوى 211:
إذا حجت المرأة مع محرمها، وقدر الله على محرمها فتوفي في أثناء الطريق، وليس لها محرم غيره. فهل تستمر في سفرها للحج وتؤدي مناسك الحج بدون محرم أم يلزمها أن ترجع إلى بلدها، مع أنها لا تجد محرمًا يوصلها لبلدها؟.
الجواب:
إذا مات محرمها قريبًا من بلدها، وأمكنها الرجوع بلا مشقة ـ رجعت إلى بلدها. وإن كان موته في موضع بعيد عن بلدها، فإنها تستمر في سفرها للحج؛ لأنها لا تستفيد برجوعها شيئًا؛ لأنها لو رجعت إلى بلدها فإنها سترجع بدون محرم؛ فلهذا ينبغي لها أن تستمر في سفرها للحج، لاسيما إذا كانت مع رُفقة مأمونة، وستبقى معهم مصونة حتى ترجع. قال في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" للشيخ مصطفى السيوطي الرحيباني: وإن مات محرم سافرت معه في الطريق وكان بعيدًا عن وطنها مضت في حجها؛ لأنها لا تستفيد برجوعها شيئًا؛ لأنه بغير محرم، ولم تعد محصورة؛ إذ لا تستفيد برجوعها زوال ما بها كالمريض. وإن مات المحرم قريبًا، فعليها أن ترجع؛ لأنها في حكم العاجزة. وإن كان المحرم زوجًا، فيأتي في كتاب "العِدد" أنه إن مات قبل أن تحرم: فإن كان دون مسافة قصرٍ اعتدت بمنزله، وبعدها تُخير بين مضي ورجوع. انتهى.
المفتي: عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل
الرابط: http://fatawa.al-islam.com/fatawa/Di...ntID=33&Page=2(86/354)
رفع اليدين عند سجود السهو ..
ـ[النعيمية]ــــــــ[22 - 10 - 07, 11:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
اخوتي الكرام أريد اسم كتاب في الفقه الحنبلي يذكر حكم رفع اليدين عند سجود السهو إي هل يجب رفعهما أم لا سواء طال الفصل أم قصر بين الصلاة والسجود .. ولكم جزيل الشكر والعرفان ..(86/355)
ما حكم الحج بالدين؟؟
ـ[أبو يحيى الكندي]ــــــــ[22 - 10 - 07, 11:45 ص]ـ
السلام عليكم. ما حكم من أراد أن يستدين من أجل الحج؟ و حجته في ذلك أن ذلك الوقت مناسب بسعر مناسب لا يتوقع أن يتيسر له في السنوات القادمة؟
و بغض النظر عن حكم السؤال السابق, فما حكم من قد حج بدين فيما سبق؟ هل تسقط عنه الفريضة؟ هل يلزمه أن يحج حجة أخرى بعد أن تتيسر أموره ماديا؟
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[22 - 10 - 07, 12:44 م]ـ
سئل العلاّمة بن عثيمين - رحمة الله عليه وعلى موتى المسلمين - عن هذا السؤال فقيل له:
السؤال: هذا المستمع سوداني يقول من حج وعليه دين.؟
الجواب
الشيخ: حج من عليه الدين صحيح ولكن لا يجب الحج على من عليه دين حتى يؤدي دينه لأنه الله تعالى يقول (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والمدين الذي ليس عنده مال لا يستطيع الوصول إلى البيت فيبدأ أولاًَ بقضاء الدين ثم يحج و العجب أن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يذهبون إلى العمرة أو إلى الحج تطوعاً من غير فريضة وهم مدينون في ذمتهم ديون وإذا سألتهم لما تأتون بالعمرة أو الحج وأنتم مدينون قالوا لأن الدين كثير وهذا جواب غير سديد لأن القليل مع القليل يكون كثيراً وإذا قدر أنك تَعْتَمِر بخمسمائة ريال فهذه الخمسمائة أبقيها عندك لتوفي بها شيئاًَ من دينك ومعلوم أن من أوفى من المليون ريالاً واحداً فإنه يسقط عنه ويكون عليه مليوناً إلا ريالاً وهذه فائدة يستفيد بها فنصيحتي لأخواني الذين عليهم ديون أن لا يأتوا لتطوع من حج أو عمرة لأن قضاء الواجب أهم من فعل مستحب بل حتى من لم يؤدي الفريضة من حج وعمرة لا يجب أن يؤدي الفريضة وعليه دين لأن الدين سابق ولا يجب الحج أو العمرة إلا بعد قضاء الديون نعم
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[23 - 10 - 07, 11:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم بارك الله فيك وجزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك.
ورحم الله الشيخ محمد بن صالح العثيمين واسكنه الفردوس الأعلى.
وأسأل من الله العلي القدير أن يجمعنا ومشايخنا مع محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم.(86/356)
الواجبات والمحظورات التي يعذر فيها بالمرض ولا كفارة
ـ[علي موجان الشامي الشافعي]ــــــــ[22 - 10 - 07, 09:58 م]ـ
هناك من الواجبات الحج ما يُعذر المريض ومَن في حكمه في تركه من غير كفارة.
وكذا بعض المحضورات يُعفى عن فاعلها للعذر ولا تجب عليه كفارة.
وهذه المسألة تحتاج إلى بحث وتقرير ..
قد يوجد شيءٌ من ذلك في هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=657497(86/357)
كيفية الذكر الذي يقوله الإمام بين السجدتين
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 02:06 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
اخوتي في الله، من المعلوم أن الذكر المسنون بين السجدتين (اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي)، و نعلم أن الإمام يجب عليه أن لا يختص نفسه بالدعاء دون المأمومين لحديث الرسول صلى الله عليه و سلم (من أم قوماً فخص نفسه بالدعاء فقد خانهم)، و إن كنت لا أعلم درجة صحته، فكيف تكون صيغة الدعاء بين السجدتين، و إن كان بلفظ الجماعة فهل يجوز مخالفة لفظ الحديث، و جزاكم الله خيرا.
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[24 - 10 - 07, 02:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
اخوتي في الله، انتظر اجاباتكم و جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[24 - 10 - 07, 06:34 م]ـ
أخي الكريم حديث (من أم قوم ....... ) فهو ضعيف وقد ضعفه الألباني في ضعيف الجامع وابن ماجه والنسائي
وأما بالنسبة لبقية سؤالك فادخل فضلاً على هذا الرابط فقد تجد بغيتك جزاك الله خيراً:
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=104447&ln=ara&txt=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1%20%D8%A8% D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D8%AF%D8%AA %D9%8A%D9%86
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[25 - 10 - 07, 01:37 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي مجاهد جزاك الله خيرا و نفع الله بك.
ـ[عادل أبو الفتوح]ــــــــ[25 - 10 - 07, 11:41 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[صالح العقل]ــــــــ[25 - 10 - 07, 01:43 م]ـ
جميع الأذكار المقيدة الواردة بين السجدتين ضعيفة، ولا يثبت منها شيء.
"ولكن يكثر من الدعاء بالمغفرة فيما بين السجدتين كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم"
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[28 - 10 - 07, 02:08 ص]ـ
ورد في كتاب " صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام " للعلامة الألباني، في الذكر بين السجدتين: " رب اغفر لي اغفر لي " وعزاه لابن ماجه .... فهل وقف أحدكم على هذا اللفظ؟؟ فقد بحثت عنه كثيرا ولم أجده، وإنما الذي وجدته هو: " رب اغفر لي، رب اغفر لي "، أم هو خطأ مطبعي؟؟
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[01 - 11 - 07, 02:37 م]ـ
ما جاء في سنن ابن ماجة في باب ما يقول بين السجدتين:
عن حذيفة-رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يقول بين السجدتين: ((ربِّ اغفرْ لي، ربِّ اغفرْ لي)).
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[01 - 11 - 07, 02:45 م]ـ
ما ورد في المشاركة أعلاه هو في صحيح السنن وليس في السنن فاليتنبه لذلك ولم أبحث في السنن(86/358)
المداومة على دعاء القنوت في صلاة الصبح
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 02:18 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
اخوتي في الله، يداوم الأئمة في مساجدنا يوميا على دعاء القنوت في صلاة الصبح، فهل عليّ أن أتابعهم أو ألزم الصمت، و هل قصة أن الإمام أحمد قنت في الصبح عندما صلى في مسجد الإمام أبي حنيفة صحيحة أم لا، و جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[23 - 10 - 07, 03:17 ص]ـ
في المحيط البرهاني (2/ 205): (وإذا صلى الفجر خلف (من) لا يقنت فيها لا يتابعه في القنوت في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: يتابعه، ولو صلى الوتر خلف من يقنت في الوتر بعد الركوع تابع فيه).
وفي الفروع لابن مفلح (2/ 453): (وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنْقِرِيُّ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ خَلْفَ مَنْ يَقْنُتُ وَمَنْ لَا يَقْنُتُ، فَإِنْ زَادَ فِيهِ حَرْفًا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ جَهَرَ بِمِثْلِ (إنَّا نَسْتَعِينُك) أَوْ (عَذَابَك الْجَدَّ) فَإِنْ كُنْت فِي صَلَاةٍ فَاقْطَعْهَا، كَذَا قَالَ).
وفي المبدع (2/ 238): (وذكر أبو الحسين رواية فيمن صلى خلف من يقنت في الفجر أنه يسكت ولا يتابعه).
قلت: المسألة محل اجتهاد، وقد قال بالقنوت فيها جمع من السلف، وقول أبي يوسف أعجب إليّ.
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 01:28 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي أبو يوسف جزاك الله خيرا و زادك الله نورا و علما.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 01:58 م]ـ
في المحيط البرهاني (2/ 205): (وإذا صلى الفجر خلف (من) لا يقنت فيها لا يتابعه في القنوت في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: يتابعه، ولو صلى الوتر خلف من يقنت في الوتر بعد الركوع تابع فيه).
هل " لا " من كلام المؤلف أم أنها سبق قلم - أو لوحة مفاتيح - (ابتسامة)؟
ـ[عادل أبو الفتوح]ــــــــ[25 - 10 - 07, 11:44 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[25 - 10 - 07, 11:55 ص]ـ
وعليكم السلام -أخي أيمن- ورحمة الله وبركاته
وجزاك خيراً، وأثابك.
وبارك فيك أخي عادل.
وجزاك خيراً أخي زكرياء على التنبيه.(86/359)
ماهي أدلة الحج على وجوب الحج على الفور مع بيان صحيحها وضعيفها؟
ـ[ابا الوليد النجدي]ــــــــ[23 - 10 - 07, 03:35 ص]ـ
ارجو من الإخوة الأفاضل من طلبة العلم والبيان أن يحصرو لنا الأحاديث التي دلت على وجوب الحج على الفور مع بيان صحيحها وضعيفها؟
ـ[ابا الوليد النجدي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 02:11 ص]ـ
للرفع .............................. !!!(86/360)
مسائل تحتاج لدراسة وتنبيه فيما يتعلق بأحكام الحج
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 10 - 07, 10:51 ص]ـ
الحمد لله وحده، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
فقد ذكر لي بعض الإخوة أن هناك رسالة للشيخ عبدالعزيز الحميدي حول مشعر مزدلفة.
وذكروا أنه يرى أن حدود مزدلفة الحالية من جهة عرفة فيها نظر، وأن مزدلفة تمتد أكثر من المكان المحدد الآن من جهة عرفة.
وحيث أني لم أقف على هذه الرسالة فلا أستطيع مناقشة الشيخ في ذلك، فلعل بعض من وقف عليها أن يذكر أدلة الشيخ في ذلك.
ثم تتم مناقشتها هنا بإذن الله تعالى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 10 - 07, 10:54 ص]ـ
جبل إلال المسمى جبل الرحمة.
ومن يذهب إليه الآن يجد ما يندى له الجبين من البدع والتمسح والصلاة عنده وغير ذلك.
وقد كتب الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله رسالة قيمة حول هذا الجبل، ولكن الأمر يحتاج إلى كتابة رسالة مختصرة تحذر الناس من ارتكابهم للبدع عند هذا الجبل، وهذا لايختص بالوقوف في عرفة بل في سائر العام.
ـ[تركي الفضلي المكي]ــــــــ[23 - 10 - 07, 11:06 ص]ـ
رسالة الشيخ الحميدي تباع بمكتبة الفرقان بجوار جامعة أم القرى،، رسالة صغيرة الحجم ....
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 07:32 ص]ـ
رسالة الشيخ الحميدي تباع بمكتبة الفرقان بجوار جامعة أم القرى،، رسالة صغيرة الحجم ....
جزاك الله خيرا يابن عبد رب الرسول على ما تفضلت به، وقد ذهبت البارحة إلى مكتبة الفرقان فوجدتها مقفلة.(86/361)
هل تلحق الشماغ لالرداء في الاستسقاء؟
ـ[يوسف السبيعي]ــــــــ[23 - 10 - 07, 12:34 م]ـ
جرت عندنا عادة وهي قلب الشماغ في الدعاء عند الاستسقاء، فهل تقاس عليه؟ حبذا النقل عن أهل العلم.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[23 - 10 - 07, 11:38 م]ـ
أما شيخنا محمد العثيمين رحمه الله فيرى أن القلب خاص بالرداء وما قام مقامه كالمشلح والجاكيت ونحوهما، أما الغترة والشماغ فلا يقلبان لأنهما بمثابة العمامة ولم يرد في السنة قلب العمامة.(86/362)
كتاب ((جامع المناسك))
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[23 - 10 - 07, 12:45 م]ـ
كتاب جامع المناسك للشيخ سلطان العيد
http://www.sultanal3eed.com/public/books/manassik.zip
تقديم اصحاب الفضيلة
الشيخ: عبد الله بن عبد العزيزالعقيل
الشيخ: احمد النجمى
الشيخ: زيد بن محمد المدخلى
الشيخ: عبد المحسن بن ناصر أل عبيكان
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[23 - 10 - 07, 12:50 م]ـ
صفة الحج والعمرة للشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=81
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 10 - 07, 10:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 05:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
اللهم امين وأياك
بارك الله فيك أخى
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[24 - 10 - 07, 10:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى
هذا كتيب لمناسك الحج جمعته وأثنى عليه علماء وإخوان كثر نسأل الله القبول لعله يفيد وأرجوا منكم الدعاء
http://upload.9q9q.net/file/bBaXXSHHCzx/-------------------------.doc.html-Accounting.html
واسميته تسهيل المناسك للناسك
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 04:14 م]ـ
كتاب جامع المناسك للشيخ سلطان العيد
http://www.sultanal3eed.com/public/books/manassik.zip
تقديم اصحاب الفضيلة
الشيخ: عبد الله بن عبد العزيزالعقيل
الشيخ: احمد النجمى
الشيخ: زيد بن محمد المدخلى
الشيخ: عبد المحسن بن ناصر أل عبيكان
اين يباااااااااااع الكتاااااااااااااااااااااااب
ـ[سلام السالم]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:34 م]ـ
جزى الله خيراً صاحب الموضوع محمد حماصه
أخي الطائفي الكتاب بحجميه (الكبير والصغير) تجده في غالب مكتبات الرياض والمدينة، منها:
دار التدمرية ومكتبة الرشد والصميعي وغيرها ..
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:21 ص]ـ
هناك كتاب للشيخ الدكتور عبدالله الطيار عن الحج جميل ولكن طبعته قديمة ماأدري هل يوجد الآن في السوق أم لا؟(86/363)
صدر حديثا
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 01:55 م]ـ
كتاب الحج من المسائل المستخرجة من الأسمعة مما ليس في المدونة
للعتبي (ت 255)
وفيه أيضا:
كتاب الحج من كتب عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون (ت 164)
بالاعتماد على المخطوطات الفريدة في المكتبة العتيقة بالقيروان
دار ابن حزم , بيروت , 2007
213 ص
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 10 - 07, 03:56 م]ـ
الحمد لله
ولكن لماذا تفرد مسائل الحج من المستخرجة بمفردها، مع أن هناك نسخة خطية كاملة من المستخرجة كما ذكر موراني في كتابه مصادر الفقه المالكي، فلماذا لايكون العمل على سائر الكتاب.
أمر آخر وهو أن ابن رشد في البيان والتحصيل قد نقل غالب مسائل المستخرجة مع التمحيص والتحقيق.
فهل في هذا الجزء إضافة أو زيادة على مافي البيان والتحصيل؟
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 05:23 م]ـ
عبد الرحمن الفقيه المحترم , وفقكم الله ,
لم أذكر في دراسات في مصادر الفقه المالكي نسخة كاملة للمستخرجة لأنها للأسف غير موجودة. كل ما موجود منها وذكرتها هي أجزاء مبتورة وأوراق متفرقة ما عدا الجزء فيه كتاب الحج وهو كامل. قريء جميع هذه الأجزاء على ابن أبي زيد القيرواني وهي نسخ سابقة على ما اعتمد عليه صاحب البيان والتحصيل وأقدم منه رواية
لقد ذكرت ما جاء في البيان والتحصيل واعتمدت على النص المحقق له مع عديد من التحفظات.
كل عام وأنتم بخير وعافية
موراني
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 10 - 07, 06:21 م]ـ
وفقك الله
نعم صحيح ليس بمذكور في مصادر الفقه المالكي، وقد ذكرها غيرك
قد ذكر هذه النسخة فؤاد سزكين في تاريخ الأدب (3/ 155) حيث قال
باريس 1055 (115 ورقة، في القرن الخامس الهجري)،6150 (21ورقة في القرن الخامس الهجري، انظر: فايدا= vajda)، والاسكوريال 612/ 1 (قسم واحد، الأوراق 1 - 5) قطعة منه في القيروان، انظر مجلة معهد المخطوطات العربية 2/ 360.
وانظر كذلك بروكلمان (3/ 284).
وأقدم المخطوطات العربية ص (210).
وفي معلمة الفقة المالكي (ص 124 - 143)
توجد نسخة كاملة من العتبية في المكتبة الوطنية بباريس (عدد ((1055)) أول).
اصطلاح المذهب عند المالكية ص 125.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[23 - 10 - 07, 08:23 م]ـ
عبد الرحمن الفقيه ,
في جميع المعلومات التي تفضلت بذكرها نظر.
الرقم 1055 في باريس يحتوي على جزء من كتاب العتق الأول فحسب أخذه المستشرق الفرنسي Fagnan هدية (!) من أسرة قيروانية وأرسله من الجزائر الى المكتبة الوطنية. وعلى الورقة الأولى توثيق هذه (الهدية) عام 1906. هذا الجزء أيضا بترسيم وتبويب ابن أبي زيد القيرواني. وهو ليس بنسخة كاملة.
أما الرقم 612 وفيه أوراق من المدونة لسحنون (يوافق ج 1 ص 397 إلى ص 421 وسقطت فيه أوراق) , يليه 3 صفحات من كتاب كراء الدور والأرضين ... من المستخرجة (أنظر الفقرات في البيان والتحصيل , ج 9 , ص 5 إلى ص 12
أما باقي الأجزاء من العتبية فهي كما ذكرتها في الدراسات في مصادر الفقه المالكي.
أما الاحالة على القطع في القيروان عند سزجين فهي ترجع عنده إلى السجل القديم للمكتبة العتيقة الذي نشره إبراهيم شبوح. وهذا السجل وما جاء فيه لا يتفق والمخطوطات المحفوظة اليوم بالقيروان.
أما الرقم 6151 وهو أيضا جزء من المدونة.
بتحياتي
موراني
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 12:11 ص]ـ
أما الاحالة على القطع في القيروان عند سزجين فهي ترجع عنده إلى السجل القديم للمكتبة العتيقة الذي نشره إبراهيم شبوح. وهذا السجل وما جاء فيه لا يتفق والمخطوطات المحفوظة اليوم بالقيروان.
الله المستعان، والظاهر أن هناك بعض الأسباب لذهاب بعض المخطوطات من القيروان ...
عموما أشكرك على ما تفضلت به من معلومات حول القطع الموجودة من العتبية،وقد اعتمدت في إثبات وجود نسخة كاملة على المصادر المذكورة آنفا.
ويبقى أن إخراج العتبية كاملة عمل ممكن مع وجود البيان والتحصيل والنسخ الخطية الناقصة المتفرقة.
هناك بعض الأمور لعلي أذكرها لاحقا بإذن الله تعالى ..
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[24 - 10 - 07, 10:53 ص]ـ
فيما يتعلق بهذا السجلّ القديم الذي عثر عليه بمجرد صدفة في مقصورة الجامع الكبير
فهو من أواخر القرن السابع الهجري.
أما الحالة السيئة للمخطوطات بالقيروان فقد وصفها العالم محمد بك بيرم عام 1314 الهجري في مجلة المقتطف , ج 4 من السنة الحادية والعشرين , ص 241 وما بعدها.
إخراج العتبية كاملة غير ممكن بسبب عدم وجود نسخة كاملة للكتاب فمن هنا علينا الاعتماد على ما جاء عند ابن رشد فحسب.
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[24 - 10 - 07, 12:11 م]ـ
شكرا جزيلا للدكتور موراني
وما ذا عن مجالس أشهب؟ فقد أخبرت بالانتهاء من تحقيقها فهل طبعت أم لا؟ وما هي النسخ المعتمدة في التحقيق؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/364)
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[24 - 10 - 07, 12:18 م]ـ
أشكر لك على اهتمامك
هناك المجالس لأشهب وكتابان من الحج وكتاب الدعوى والبنيات له
تم نسخ المخطوطات وهي متعبة جدا وستنشر قريبا
جميع النسخ المعتمدة على الرق القيرواني في المكتبة العتيقة ما عدا الدعوى والبينات وهو على الكاغذ القيرواني
بتحياتي
ـ[توفيق الصائغ]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:43 ص]ـ
لم أجده في جدة أبدا .. وشددت الرحل إلى مكة فلم أجده فهل من مخبر عنه؟
ـ[توفيق الصائغ]ــــــــ[13 - 11 - 07, 11:20 م]ـ
بحثت مليا عن الكتاب الذي أعلن عنه موراني .. نفد من المكتبات ولا وكيل لابن حزم في جدة ولا في مكة ولا الرياض .. أفيعجز أحد أن يصور لنا الكتاب .. هذا وقته وأوانه .. كتب الله لنا وإياكم حجا مبرورا وسعيا مشكورا .. دامت لكم العافية
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[14 - 11 - 07, 09:33 ص]ـ
ibnhazim@cyberia.net.lb
لقد اشترت وزارة الأوقاف بدولة الكويت ألف نسخة من الكتاب
ـ[توفيق الصائغ]ــــــــ[14 - 11 - 07, 04:31 م]ـ
شكرا موراني .. وخالص الدعاء بأن يفتح الله عليك بالإسلام عاجلا غير آجل.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[14 - 11 - 07, 04:59 م]ـ
دكتور موراني بعد التحية.
قلت في صـ 15 - 16: ( ... إلا أن الناس تكلموا فيها وفي منهج مؤلفها العلمي، منهم ابن وضاح القرطبي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وذلك بسبب كثرة المسائل الشاذة - كما زعموا - ومسائل المجالس في كتابه ... ) الخ
فهل أنت في شك من تضمنها مسائل شاذة ومنكرة بل فاسدة لا تصح نسبتها لمذهب مالك؟
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:21 م]ـ
الفهم الصحيح
لم أنو , فلن أنوي حوارا في هذا المكان وهو فقط بمثابة إعلان عن إصدار كتاب من كتب التراث.
عندما تشير الى ما جاء ذكره , عليك أيضا أن تذكر ما جاء في الجملة بعده. (كما زعموا) , نعم , ليس لي محققا أن أرفض ما جاء عند القاضي عياض , كما ليس لي أن أشك فيه. لك طرح هذا السؤال على كتاب نفسه وهو من تراثنا جميعا وأنت أولى به
بتحياتي
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 11 - 07, 03:24 ص]ـ
شكرًا دكتور موراني.
ولكن لاحظ أن كتابتك بالعربية اعتراها بعض الضعف بسبب عزوفك عن الكتابة الحوارية لمدة طويلة ... وإن كنت أتوقع زيادة انتاجك من تحقيق التراث ... وأنا أتمنى ذلك ولكن مع سلامة لغتك العربية حتى تكون قراءتك للنصوص صحيحة ... فحاول أن تجمع بينهما ...
أما ماجاء بعد جملة < كما زعموا > فهو قولك: (ومسائل المجالس في كتابه التي لم يوقف على أصحابها، غير أن علماء المالكيين في الأجيال التالية قد عنوا بهذه المجموعة من المسائل ورووها واعتمدوا عليها في كتبهم، منهم - كما ذكرنا - ابن أبي زيد القيرواني الذي قام بتبويب الكتاب وترسيمه، وذكره في النوادر والزيادات عدة مرات، وجعله من المصادر الرئيسية في ديوانه، كما قام بشرحه أبو الوليد ابن رشد القرطبي المتوفى عام 520هـ في كتابه المشهور بالبيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليق [كذا] في مسائل المستخرجة.
كذلك قام كذلك قام عبد الله بن محمد بن أبي الوليد " تـ 309 من أهل شذونة، صاحب العتبي بتبويب المستخرجة على تبويب المدونة لسحنون بن سعيد، وكان أهل المغرب يقصدونها فيها، وفي الأجيال التالية قام محمد بن عبد الله بن سيد من أهل بجانة، المتوفى عام 363هـ بتبويب آخر للعتبة للأمير المستنصر بالله، كل ذلك يدل على اهتمام علماء المذهب المالكي بهذا الكتاب في حياة مؤلفه وبعد وفاته أيضا عبر القرون إذ يأتي ذكر المستخرجة - أو العتبية - عند المتأخرين في المذهب، منهم صاحب المنتقى أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي < توفي 494 هـ > وابن شاس < تـ 616 هـ > في كتابه عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة الذي تم تحقيقه وإخراجه منذ ثلاثة أعوام، وغيرهم، وكما ذكره ابن حجر العسقلاني < تـ 852 هـ > في المعجم المفهرس له بروايتين: مرة باسم العتبية في مذهب مالك، ومرة أخرى باسم المستخرجة للعتبي، ربما ظنا منه بأنهما عنوانان مختلفان لكتابين).
هل هذا ما تريد دكتور؟
وأضيف لهذا قول حافظ المذهب الفقيه ابن رشد الجد في البيان والتحصيل1/ 28: ( ... على أنه كتاب قد عوّل عليه الشيوخ المتقدمون من القرويين والأندلسيين، واعتقدوا أن من لم يحفظه، ولا تفقه فيه كحفظه للمدونة وتفقهه فيها؛ بعد معرفة الأصول، وحفظه لسنن الرسول – صلى الله عليه وسلم – فليس من الراسخين في العلم، ولا من المعدودين فيمن يشار إليه من أهل الفقه).
ولكن يضاف عليه جملة واحدة: أن كلَّ أؤلئك كانوا يسلمون بأن في المستخرجة خطأً كثيرًا ... وأراك لا يعجبك قولهم .... وهذا ما أحببت معرفة سببه ... ومستندك فيه.
وقد كنت قلت في مشاركة سابقة: ( ... تقدم لنا ذكر الجانب المضئ من المستخرجة، واهتمام العلماء بحفظ مسائلها ... وقيامهم عليها، ومناظرتهم فيها ... ومع هذا لم يفت أهل العلم – من باب الحرص على دينهم، والنصيحة للمسلمين – أن يبينوا مواطن الضعف في المستخرجة، وأن يُحذّروا مَن بعدهم من بعض المسائل الغريبة والشاذة التي حوتها، ويحفظ لنا ذلك القاضي عياض في مداركه 4/ 254 فيقول: (وقال ابن وضاح: وفي المستخرجة خطأ كثير ... وقال أحمد بن خالد: قلت لابن لبابة: أنت تقرأ المستخرجة للناس، وأنت تعلم من باطنها ما تعلم؟
فقال: إنما أقرؤها لمن أعرف أنه يعرف خطأها من صوابها.
وكان أحمد ينكر على ابن لبابة قراءتها للناس شديدا).
وجمع ابن عات هارون بن أحمد بن جعفر النَّفزِي أبو محمد (ت582) تنبيهات على المستخرجة. كما في صلة الصلة 4/ 231).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/365)
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[15 - 11 - 07, 02:47 م]ـ
الفهم الصحيح ,
حقيقة , لا أريد أن أفتح بابا لأي حوار لا نهاية له. بل أجيب على ما تفضلت بذكره إجاب وهي من باب الأدب فحسب لكي لا يتحامل عليّ أحد تجاهلا لما ذكرته أنت أعلاه.
ومنه:
أن كلَّ أؤلئك كانوا يسلمون بأن في المستخرجة خطأً كثيرًا ... وأراك لا يعجبك قولهم .... وهذا ما أحببت معرفة سببه ... ومستندك فيه.
أذكّرك على قول عبد الله بن وهب تعليقا على ما جرى بين مالك بن أنس والماجشون:
لا يقبل قول بعضهم في بعض (تجده بهذا المعنى عند القاضي عياض)
رأي ابن وضاح في العتبي وفي عبد الملك بن حبيب خاصة معروف.
عندما تذكر الفقرات التي ذكرتها أعلاه فعليك أن تتساءل (بدلا من كتابة ما هو في الكتب فحسب وهو معروف)
نعم عليك أن تتساءل عن الموقف الاجتماعي الديني الفقهي (كما تريد) لهؤلاء النقاد تجاه غيرهم: ما هي الأسباب؟ أنظر العداوة (نعم!) بين يحيي بن يحيي وابن حبيب .... أنت تكتفي , كما يبدو لي , باعادة الكلام الذي يقرأه كل طالب العلم في الكتب.
فما هو الشاذ والباطل في هذه المسائل العتبية .... الاجابة يجب تأتي من القاريء العزيز للكتاب (منك مثلا) بدلا من مجرد اعادة الكلام في الطبقات باعتدام التساءلات: لماذا قيل ما قيل؟ ولذلك أقول: (كما زعموا) وأتوقف باعتباري محققا للكتاب فحسب.
###
ـ[توفيق الصائغ]ــــــــ[16 - 11 - 07, 12:53 ص]ـ
وبعد هذا الحوار ماخلاصة القول في العتبية؟
مع التدليل لكل قول ..
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[16 - 11 - 07, 05:12 م]ـ
شكرًا دكتور موراني.
ما تقوله جميل ومعقول ... وينبغي لكل باحث وناقد أن يضعه نُصبَ عينيه ... ولكن لا ينبغي كذلك أن نفسر الأمور دائما على هذا الأساس ... وخاصة إذا تبين لنا أن الناقد بعيد مكانًا عن العتبي مثل ابن عبد الحكم ... أو كان يقرئ المستخرجة ويقرّ بوجود أخطاء بها مثل ابن لبابة ... فلا مجال لاتهام مثل هؤلاء بالمنافسة أو التحامل على العتبي ... ثم لو أدمت النظر في البيان والتحصيل لعلمت يقينًا أين الصواب في مرويات العتبي ... وأين الخطأ ... فحيث كان الصواب سكت ابن رشد ... أو قال: هذه مسألة صحيحة جارية على أصولهم ... وحيث الخطأ يقول - مثلا - هذا خلاف ما في المدونة ... أو يقول: فسياق العتبي لرواية يحيي على أنها مثل قول ابن عبد الحكم سياقة فاسدة .. الخ ما يقف عليه الناظر في البيان.
ومعرفة الصواب والخطأ في المستخرجة - د: موراني - لا تتأتى للقارئ العادي غير الملم بأصول المذهب ... قليل الخبر بفروعه ... عديم الإطلاع على مصادره الموثقة رواية ودراية ... فكيف تطلب منه ذلك؟
والمسألة برمتها دكتور ننظر إليها باعتبارها تتعلق بالأمور الشرعية وأحكام المكلفين ... وليس فقط باعتبارها مسألة تراث قديم احتوته مجموعة من الرقاع ... أو أوراق البردي ... أو الرقاق الجلدية ... فمضمونها يهمنا لأنه حوى اجتهادات في المسائل الشرعية منسوبة لأئمتنا ... فلذا يجب أن يخضع للضوابط النقدية التي اعتمدها أهل العلم الشرعي شكلا ومضمونًا ... فما استقام من خلال تطبيق تلك المعايير والضوابط قبلناه ... وما خالف رفضناه ونبذناه ...
وقد جرّ اهمال ذلك بعض الناس للفتوى بأقوال أناس لم تحرر اجتهاداتهم ... بل لم تنقل بطرق صحيحة متصلة ... وهذه احدى المؤخذات على العتبي فيما جمعه بالمستخرجة.
وجرّ أخذ كلام ابن الحكم - مثلا - بدون تأمله جيدًا لاتهام المالكيين عمومًا بنسبة أقوال واجتهادات لإمامهم لم تصح عنه ... وكلا طرفي الأمور ذميم.
الخلاصة أن ما تضمنته المستخرجة لا يؤخذ عند المالكيين بالتسليم مطلقًا ... ولا يرد مطلقًا ... بل الواجب أخذ ما فيها على أيدي شيوخ العلم الذين عرفوا صحة ما فيها من خطائه ... وكتاب البيان والتحصيل اليوم خير معين على ذلك ... والله الموفق لا إله غيره ولا معبود بحق سواه.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[16 - 11 - 07, 05:26 م]ـ
الفهم الصحيح يقول:
ولكن لا ينبغي كذلك أن نفسر الأمور دائما على هذا الأساس
فأقول: ليس هناك أساس غيره.
ودمتم جميعا بخير
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[17 - 11 - 07, 02:32 ص]ـ
لعل هذا في زمانك دكتور موراني ... أو بين من تعرفهم ... أما في زمان أؤلئك فالأساس حمل نقدهم وانتقادهم على النصحية في الدين ... والنصح في العلم ... - أصاب الناصح أو أخطأ ليس بحثنا - ... لولا ذلك ما استقام لنا دين ... ولا نما أو تطور علم ...
أما باب المنافسة ... وما يقال: كلام الأقران يطوى ولا يروى ... والمعاصرة حرمان ... فذلك استثناء ... وليس أساسًا ...
هداني الله وإياك لما فيه الخير.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:27 ص]ـ
هذا الكلام يدخل من باب الدين ولا أغمس لساني فيه
إلا أن الكلام هذا لا علاقة له بالعلم الوضعي والوصف الموضوعي لهذه الأمور بتة
كما لا علاقة له بما بين يدينا من التراث المخطوط
نعم , متى ينتهي الكلام حول:
قال فلان وفلان , وذكر فلان في كتابه كذا وكذا؟
إذ أنا أسألك مباشرة: فماذا تقول أنت يا طالب العلم؟ لكي نفهم كل ما أنت بصدده (فهما صحيحا)؟
على سيبل المثال: لماذا رتّب ورسّم ابن أبي زيد القيرواني المستخرجة , وهي بين يدينا! , إن وقعت فيها مسائل شاذة ومرفوضة؟ - فأسأل هنا أيضا: فما هي المسائل الشاذة في الكتاب لكي نفهما (فهما صحيحا)؟
ما هو السبب لدراسة هذا الكتاب وذكره ورواياته في القرون القادمة بعد العتبي؟ (لكي نفهم الموضوع كله فهما صحيحا أيضا)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/366)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 11 - 07, 02:47 ص]ـ
مذ قلتَ دكتور موراني: كما زعموا ... وأنت تتكلم في الدين ومنغمس فيه بكُليتك ... ولكن ما علينا ...
الأمور عندنا تتداخل دكتور موراني ... فالدين يوجه المنهج ويؤسس له ... والمنهج يخدم الدين ...
عمومًا يبدو أننا لم نتفاهم على ما هو الخطأ أو الشذوذ في بعض مسائل المستخرجة ... عندما يأتي نص في المستخرجة يقول: (قال: وسئل عن رجل قرأ في ركعة من الصبح بأم القرآن فقط، وأسر بها، أترى عليه إعادة الصلاة؟ فقال لا أرى عليه إعادة، وأرى ذلك مجزيا عنه، ولا سجود سهو عليه.
فقيل له: إذا قرأ بأم القرآن فقط سرًا فيما يجهر فيه بالقراءة لم تر عليه سجود السهو؟ قال: نعم، ولا إعادة عليه، وأرى ذلك مجزئًا عنه).
فهذا خلاف ما في المدونة ... وخلاف ما عليه الفتوى في المذهب المالكي من قرون متطاولة ... فحري أن يوصف بالخطأ والشذوذ.
وقوله: (قال: ورأيت مالكًا أحرم بالصلاة خلف الإمام فكبر .... .... فإذا سلم الإمام فقضى سلامه سلّم مالك عن يمينه، فقال: السلام عليكم، ثم سلم عن يساره، فقال: السلام عليكم، ثم ردّ على الإمام وقال: السلام عليكم ... ) الخ ما جاء في المسألة 1/ 413 من البيان.
فهذا أيضا كان من مذهب مالك رحمه الله فتركه ... والعمل اليوم على خلافه ... بل نص ابن القاسم في المدونة على أنه كان يأخذ به ثم تركه ... فهذا خطأ أيضا ينبغي أن يتفطن القارئ له ... ولا يظن أنه من مذهب مالك المعمول به ... وعلى هذا فقس دكتور موراني.
أما عمل الأئمة حول المستخرجة واحتفالهم بها فقد أجبتك عنه ... من خلال أقوالهم التي نقلتها لك من كتب طبقات المالكيين ... ولا غنى لنا عن النظر فيها جميعًا ... مطابقين ما فيها على ما نشاهده في الواقع الملموس ... ففي الكثير الغالب ما نجد توافقًا عجيبا ... وصدقا يدعو إلى الافتخار بأؤلئك القوم الكرام الذين حفظوا الأمانة قلبا وقالبا فما ضعفت ولا وهنت بين أيديهم ...
هداني الله وإياك - دكتور موراني - لما فيه الخير.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[21 - 11 - 07, 03:04 ص]ـ
نعم , هداك الله
غير أنك لم تأت باجابة مقنعة على ما أنا كنت بصدده , ربما يراه غيرك من المشاركين ما هو الفهم الصحيح في قراءة التراث العتيق
فدمت بخير
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 11 - 07, 11:18 ص]ـ
نعم أسأل الله أن يهديني صراطه المستقيم.
قراءة التراث لها جوانب متعددة ... وحديثنا منها الآن مقتصر على صحة نسبة بعض الأقوال للإمام مالك وتلامذته جاءت في المستخرجة ... بعض علماء مذهب مالك - وهم أدرى بمذهبه - قالوا: إن في المستخرجة خطأ كثيرا ... وفيها مسائل شاذة ... بل مسائل مكذوبة ... ولم يتركوا الأمر هملا هكذا ... بل جاءت في أقاويلهم إشارات لأسباب ذلك ... منها أن صاحب المستخرجة كان مقصده الجمع ... ولم يهذب أو يفتش بعد التقميش والجمع ... ومنها: أن هناك مسائل لم تتصل له بالسماع ... ومنها: أن بعض تلامذته كان لهم دور في تجميع ما تضمنته المستخرجة ... ومن قال ذلك ليس بمتهم ولا جاهل ... لأنهم أئمة في مذهب مالك ... وأعرف بمذهب إمامهم وأقاويله من كل من وقعت له بعض الوريقات فنظر فيها بدون أن يكون له معرفة بأصول المذهب المالكي تفصيلا ... ولا معرفة بمنهج أصحابه في توثيق المرويات ... وطرق الترجيح بينها ... ومعرفة ما يقدم أو يؤخر منها ... ولا بمراتب كتب السماعات ... أو أمهات كتب المذهب ... أو مراتب رجالات المذهب ... و ممن تكلم في المستخرجة أئمة كانوا يقرئونها للتلاميذ فلا مجال لإتهامهم بشئ ... أو كانت تفصل بينهم وبين العتبي مفاوز ... فلا مكان للمنافسة أو الإقليمية حتى يقال الأمر مريب ...
وهذا كله لا يعني غمطا للكتاب أو جهلا بمكانته في حفظ أجوبة الإمام أو بعض تلاميذه ... أو أنه ليس من مصادر الفقه المالكي الأولى ... حتى يعترض معترض بأن المالكية الأُوَل احتفوا به وشرحوه ولخصوه وهذبوه ... فهؤلاء فعلوا ذلك مع علمهم بما فيها جملة وتفصيلا ... وربما لو تأمل متأمل في تهذيب ابن أبي زيد لوجد مصداق ذلك ماثلا بين عينيه ... فإن لم يجد تصريحا فليسأل نفسه إن وجد مسائل كثيرة حذفها ابن أبي زيد في تهذيبه للمستخرجة لمَ حذفها ... ثم ليتأمل جيدًا في بيان ابن رشد ... وليسأل نفسه لمَ يقول: وهذا على أصل مالك صحيح ... وهذه المسألة صحيحة على أصولهم ... أو كلاما هذا معناه ... ويقول أحيانا أخرى: هذا خلاف ما في المدونة ... فعلى ماذا يدل كل هذا ... ؟!!
دكتور موراني المسلمون - والعلماء منهم خاصة وتلامذتهم - لا يعتقدون العصمة في كتاب أبدًا إلا في كتاب ربهم ... فتراهم يعلمون يقينا أن في الكتاب الفلاني مرويات أو مسائل خطأ محض ... أو افتراء وكذب ... ومع هذا يدرسون الكتاب ... ويشرحونه ... ويلخصونه ويهذبونه ... لا يتركونه جملة إلا إذا تفاحش ذلك وغلب ... فهنا ربما تركوه بل حذروا تلامذتهم وغيرهم من المسلمين منه ... هذا شئ لا يخفى على مثلك ... ولكن أقوله للتذكير ورجاء أن أنتفع به وغيري ... والمستخرجة من هذا الباب ... وما حوته مسائل شرعية دينية ... فكل من تناولها بالبحث أو التحقيق حري به أن ينبه على ما قاله أئمة المذهب في بعض مسائلها ... مع التوضيح وضرب الأمثلة في ذلك كله ... فإن رأى خلافه كان حقًا عليه أن يبين ما في الكتاب مسألة مسألة .. وأنها لا تخالف ما نقل عن مالك أو تلامذته ... أو أنها موافقه لأصل مذهبه وطريقته في الاستنباط والاجتهاد ...
أما من أراد عدم غمس لسانه في الدين فليقف به حديثه عنها عند نسخها وأماكن وجودها وورقها ورقها وحبرها وخطها ... وطرق وصولها إلينا وأسانيد مؤلفها في نقل السماعات التي تضمنها كتابه ... ولا يزيد ...
فإن كان لك رأي آخر - دكتور - فعلى يديك انحجوا - من الحج وليس من الحُجة - كما تقول العامة عندنا ... وخاصة أنك قد حققت جملة صالحة من كتاب الحج بالمستخرجة ... فأنت فقيه في مسائل الحج الآن.
هداني الله لفهم صحيح في قراءة كتب التراث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/367)
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[23 - 11 - 07, 02:01 م]ـ
كثر الكلام بعد اعلان صدور هذا الكتاب بلا فائدة تذكر ,
بما فيه من كتاب الماجشون
فيما يتعلق بقراءة التراث المخطوط فأنت في واد وأنا في واد آخر
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:20 ص]ـ
كثر الكلام بعد اعلان صدور هذا الكتاب بلا فائدة تذكر ,
بما فيه من كتاب الماجشون ...
كثرة الكلام وقلته تعود أحيانًا لحال المُخَاطَب ... وربما وجد غيرك ما فقدتَه.
... ...
فيما يتعلق بقراءة التراث المخطوط فأنت في واد وأنا في واد آخر
صدقتَ ... وما أتيتَ بجديد ... فقد تيقنا من هذا منذ زمن ... ووادينا خصب ... فماذا عن واديكم؟
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[26 - 11 - 07, 03:20 ص]ـ
الفهم الصحيح ,
انه غريب , إذ أصبح كلامك جدلا فحسب بغير مضمون
غير أنك مرزوق كما أنه متاح لك أكثر مما أنا عليه أن تذهب إلى القيروان وهي قريب منك لكي تدرس هذا التراث بدلا من الكلام الكثير والمتعب هنا.
شدّ الرحال إلى القيروان وهو بديل حسن لهذا الجدل من جانبك
أتمنى لك رحلة طيبة وموفّقة
ـ[سعيد العباسي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:35 م]ـ
الأخ الفهم الصحيح،
الذي فهمته من مداخلاتك أن المسائل المنتقدة على المستخرجة انتقدت لكونها مخالفة لما في المدونة، أو لأصول مذهب مالك .. أو لأنه نص أحد العلماء على خطأها.
هذا الكلام يحتاج منك إلى إيضاح لمَ جعلتَ المدونة أصلاً تحاكم إليه باقي الأصول؟
فمثلاً الحنابلة يعتبرون مثل هذا (رواية) عن أحمد. فلم يجعلوا رواية عبد الله أو صالح أو الكوسج أصلاً تحاكم إليه باقي الأصول.
والأمر الآخر لمَ حكمت بخطأ مثل هذه المسائل ولم تحكم بخطأ غيرها؟
ومن أين تسرب الخطأ إلى المستخرجة؟
وهناك أسئلة منهجية كثيرة لا يكون الجواب عنها بأن علماء المالكية انتقدوا بعض المسائل من المستخرجة.
بل الأمر يحتاج إلى دراسة المستخرجة نفسها ..
ولك تحياتي
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:04 ص]ـ
الفهم الصحيح ,
انه غريب , إذ أصبح كلامك جدلا فحسب بغير مضمون
... ...
شكرًا لك دكتور ... ولكن لا يعجز أحد عن قول مثل هذا في حقك ... سؤال صغير ... جماعة من علماء المالكية الأقدمين قالوا: في المستخرجة خطأ ... لماذا تنكر عليهم دكتور؟ أعطنا جوابًا علميا صحيحًا ... أما مجرد التشكيك فيحسنه كل أحد ... أنا لا أبحث في تطور المذهب المالكي ... و لا في دور التلاميذ في ما نسب لمالك شيخهم ... ولا في تعدد أقوال المدنيين ... ولا في مذاهبهم ... ولا في مدى صحة نقول ابن أبي زيد في ديوانه النوادر من مصادره الأولى لتلاميذ الإمام أو تلاميذ تلاميذه .... أو تصرف غيره في هذه النُقول ... كل هذا وغيره مما هو مثله أو أهم منه لا يعنيني الآن الخ
... ....
غير أنك مرزوق كما أنه متاح لك أكثر مما أنا عليه أن تذهب إلى القيروان وهي قريب منك لكي تدرس هذا التراث بدلا من الكلام الكثير والمتعب هنا.
شدّ الرحال إلى القيروان وهو بديل حسن لهذا الجدل من جانبك
أتمنى لك رحلة طيبة وموفّقة
مضى الكلام في مثل هذا مستوفى ... فلا فائدة من تكراره وتكرار الجواب عليه ... خلينا في المهم الآن ... في المستخرجة خطأ أم لا؟
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[27 - 11 - 07, 10:01 ص]ـ
الحمد لله.
الأخ الفهم الصحيح،
الذي فهمته من مداخلاتك أن المسائل المنتقدة على المستخرجة انتقدت لكونها مخالفة لما في المدونة، أو لأصول مذهب مالك .. أو لأنه نص أحد العلماء على خطأها.
أو لأسباب أخرى ... ربما يكون منها في بعض الأحيان: المنافسة ... والمعاصرة فهي حرمان.
هذا الكلام يحتاج منك إلى إيضاح لمَ جعلتَ المدونة أصلاً تحاكم إليه باقي الأصول؟
تجد الجواب عند علماء المالكية ...
فمثلاً الحنابلة يعتبرون مثل هذا (رواية) عن أحمد. فلم يجعلوا رواية عبد الله أو صالح أو الكوسج أصلاً تحاكم إليه باقي الأصول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/368)
فإذا اختلفت الرواية عن الإمام المبجل ... ما العمل؟ يفتى بها كلها؟!! ... أم يرجعون للترجيح ... من جهة الراوي مثل ما رواه السبعة مقدم ... أو ما رواه الكثرة ... أو الأشهر ... أو ما رواه الأعلم ... أو الأورع ... ؟!! الخ فإذا قلتَ: يفتى بها كلها باعتبارها روايات عن الإمام خالفت الواقع ... وإذا قلت: لجأنا أو رجعوا للترجيح ... فما رجحوه إذن كان أصلا حكمت به على باقي الأصول ... وهذا عين ما سألتني عنه فما كان جوابك فهو جوابي.
والأمر الآخر لمَ حكمت بخطأ مثل هذه المسائل ولم تحكم بخطأ غيرها؟
تكرار لا معنى له ... وقد كان جوابه في الأسطر الأولى من مشاركتك
ومن أين تسرب الخطأ إلى المستخرجة؟
ربما تجد إشارة لجوابه في بعض مشاركاتي السابقة.
وهناك أسئلة منهجية كثيرة لا يكون الجواب عنها بأن علماء المالكية انتقدوا بعض المسائل من المستخرجة.
هذا كلام من لم يتمعن جيدًا في سبب مشاركتي من أساسه ... وليس هناك عاقلا يجيب بجواب واحد عن أسئلة متعددة مختلفة ...
والأسئلة المنهجية لا تكاد تنقطع ... فأهم من هذا كله: لماذا وجدت المذهبية عند المسلمين من أولُ أصلا؟
ولماذا الإقتصار على مذاهب هؤلاء المشهورين واطراح مذاهب غيرهم؟
وعلامَ انفرد المغاربة مثلا بمذهب مالك؟ ولمَ كان قول ابن القاسم ونقله مقدمًا على قول تلاميذ مالك؟ بل لماذا يقدمون قول مالك في المدونة على قوله في الموطأ وقد كتبه بيده ... ورواه لتلاميذه جلّ حياته؟
ولماذا هجروا الأسدية ... وقد كان لها السبق؟ وما علاقة المدونة بالأسدية؟
ولمَ كان للشافعي مذهب قديم ومذهب جديد؟ ولمَ استأثر البويطي والمزني .. الخ بالرجوع إليهم لمعرفة مذهبه دون غيرهم؟
وما سبب هذا الاختلاف الكثير في الروايات المنقولة عن الإمام أحمد؟ وما الراجح منها ... وما طرق الترجيح بينها؟ وهذه التخاريج والقياس على مذهبه من طرف أتباعه تنسب إليه مذهبًا كيف هذا؟ فهل هناك فرق بين المذهب حقيقة و المذهب اصطلاحًا؟
ولمَ عرف الأحناف بأصحاب الرأي أو فقهاء الرأي؟ هل طرحوا الكتاب والسنة وراء ظهورهم واعتمدوا العقل نبراسًا لمعرفة حكم الله؟ وما حقيقة ظاهر الرواية عندهم؟ ولماذا هذه التسمية؟ وهل يجتمع الأخذ بالظاهر و الشهرة بإعمال الرأي؟ ولماذا اعتبروا من بين تلاميذ أبي حنيفة - رحمه الله رحمة واسعة - مخالفة تلميذيه أبي يوسف ومحمد دون بيقيتهم؟
بل الأمر يحتاج إلى دراسة المستخرجة نفسها ..
نعم هو كذلك ... ولكن في مسألتنا هنا لا يكفي دراستها وحدها ... بل مع أخواتها من كتب أمهات الفقه المالكي ليتضح الفرق ...
وهنا أسئلة منهجية كثيرة ... منها على سبيل المثال: علامَ ترك المالكيون الواضحة وانصرفوا للمستخرجة ... على الرغم مما قاله بعض شيوخهم المتقدمين فيها؟
ولك تحياتي
والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[27 - 11 - 07, 05:55 م]ـ
من صفات الجدل والمناظرة:
الإجابة على الأسئلة الوجيهة بأسئلة أخرى لا نهاية لها
ومن يقول إن مالك بن أنس كتب الموطأ بيده فقوله بمثابة الشك في مصداقيته العلمية.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:04 ص]ـ
من صفات الجدل والمناظرة:
الإجابة على الأسئلة الوجيهة بأسئلة أخرى لا نهاية لها
ومن يقول إن مالك بن أنس كتب الموطأ بيده فقوله بمثابة الشك في مصداقيته العلمية.
مضى زمن الجدل يا دكتور موراني ... سؤال صغير: هل في المستخرجة خطأ كما قال - وليس كما زعم - بعض أئمة المالكية أم لا؟
وربما كان في الأسئلة التي لا نهاية لها جواب الأسئلة الوجيهة لو تفطنتَ ...
وحديثك عن الموطأ وصاحبه نتركه لمقام آخر ... فقد تفطنت لما تعنيه بحمد الله ...
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:40 ص]ـ
الفهم الصحيح
إنه بيّن انك من أصحاب الجدل والمناظرة
وقد نبهك غيري على قراءة المستخرجة نفسها قبل الحكم المسبق فيها وفقا لما قرأت في الطبقات الماليكة. من فضلك: لا تعيد هنا لما قرأت , إذ قرأناه جميعا.
خذ سيارة الأجرة إلى القيروان , ربما من طريق سوسة أو غيرها لكي تلحق شخصيا بهذا التراث وترى ما تحيطك هناك بعلم كثير من التراث المالكي ...
أما الخطأ في المستخرجة: فما هو الخطأ مقارنة مع من؟ أليس للمذهب المالكي اتجاهات؟ الجنون فنون .... فالعلوم فنون أيضا.
نصيحة: اقرأ في التراث المخطوط المالكي وتعمق فيه بما في ذلك الحواشي العلمية والنادرة في نسخ المدونة غير المطبوعة وما فيها من الآراء المعارضة لما جاء عند سحنون ومالك.
وبعد دراساتك لهذا التراث المخطوط في مكانه المذكور والقريب منك رببا تتاح فرصة أخرى لحوار آخر.
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 01:49 ص]ـ
الفهم الصحيح
إنه بيّن انك من أصحاب الجدل والمناظرة
وقد نبهك غيري على قراءة المستخرجة نفسها قبل الحكم المسبق فيها وفقا لما قرأت في الطبقات الماليكة. من فضلك: لا تعيد هنا لما قرأت , إذ قرأناه جميعا.
خذ سيارة الأجرة إلى القيروان , ربما من طريق سوسة أو غيرها لكي تلحق شخصيا بهذا التراث وترى ما تحيطك هناك بعلم كثير من التراث المالكي ...
أما الخطأ في المستخرجة: فما هو الخطأ مقارنة مع من؟ أليس للمذهب المالكي اتجاهات؟ الجنون فنون .... فالعلوم فنون أيضا.
نصيحة: اقرأ في التراث المخطوط المالكي وتعمق فيه بما في ذلك الحواشي العلمية والنادرة في نسخ المدونة غير المطبوعة وما فيها من الآراء المعارضة لما جاء عند سحنون ومالك.
وبعد دراساتك لهذا التراث المخطوط في مكانه المذكور والقريب منك رببا تتاح فرصة أخرى لحوار آخر.
دكتور موراني .. وفقني الله وإياك ...
بعد التحيَّة ...
ليس كلُّ جدلٍ أو مناظرةٍ يُذَمُّ صاحبُها ..
والأخ (الفهم الصحيح) قد سألك سؤالاً أكثر من مرة، ووصف سؤاله بأنَّه (بسيط) ..
فهل يمكنك الجواب؛ ليستفيد الجميع؟ ..
شُكراً لك ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/369)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 11 - 07, 06:54 ص]ـ
ومن يقول إن مالك بن أنس كتب الموطأ بيده فقوله بمثابة الشك في مصداقيته العلمية.
يحتاج إلى بيان من المستشرق موراني
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[28 - 11 - 07, 11:36 ص]ـ
ابن وهب:
لو كتب مالك الموطأ بيده كان لديا نسخة بنص واحد , أي النسخة النهائية منه
بلا اختلاف بين الموطآت وبلا اختلاف رواياته
وليس لدينا أدلة أنه كتبه إلا ما جاء من الأخبار في الطبقات وهي في الغالب بدون أسانيد مقنعة
مهنَّد المعتي:
أنا أقول: في المستخرجة مسائل شاذة على لسان النقاد مثل ابن وضاح وغيره (كما يزعمون)
وأضيف: إذا كان الأمر كذلك فيمكن القول إنّ كبار علماء المذهب قد رووا المسائل الشاذة وعنوا بها وأدخلوها في كتبهم.
ومن يصرّ على صحة هذه الأقاويل حول الشواذ بكتاب ما فعليه أن يبحث الكتاب أولا ويأتي بدليل على صحة هذه الأقاويل. وبذلك ينفي أيضا أن في المالكية جهات كما ينفي أنّ للحلقات المالكية مذاهب باختلاف العصور والأماكن. وهذا أمر كبير وهو بمثابة رفض التطور في المذهب.
ودام الجميع بخير
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 11 - 07, 11:40 ص]ـ
ابن وهب:
لو كتب مالك الموطأ بيده كان لديا نسخة بنص واحد , أي النسخة النهائية منه
بلا اختلاف بين الموطآت وبلا اختلاف رواياته
وليس لدينا أدلة أنه كتبه إلا ما جاء من الأخبار في الطبقات وهي في الغالب بدون أسانيد مقنعة
هل أفهم من هذا أنك ترى أن مصنف الموطأ ليس هو مالك بل تلاميذه
وكل تلميذ ألف كتابا سماه الموطأ ونسبه لمالك
هل هذا ما ترمي إليه
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[28 - 11 - 07, 11:53 ص]ـ
لا أرمي اليه بشيء
كلامي أعلاه واضح
لموطأ مالك روايات باختلافها وليس هناك نسخة نهائية (أو قل: أصلية) له بإخراج مالك
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 11 - 07, 12:03 م]ـ
لا أرمي اليه بشيء
كلامي أعلاه واضح
لموطأ مالك روايات باختلافها وليس هناك نسخة نهائية (أو قل: أصلية) له بإخراج مالك
أي شخص يذكر عبارة لا بد أنه يريد بها معنى
فأنت ذكرت عبارة فلابد أنك تقصد أمر ما
فالسؤال ما هو مقصودك
ثم ذكرت
(لموطأ مالك روايات باختلافها وليس هناك نسخة نهائية (أو قل: أصلية) له بإخراج مالك)
إذا من الذي أخرج الكتاب
حبيب أو إسماعيل بن أبي أويس مثلا
؟
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[28 - 11 - 07, 02:11 م]ـ
أخشى أنّ هناك أمرا يفوتك عند قراءة التراث عامة وقراءة الموطأ خاصة
هناك كتاب أخرجه المؤلف بنفسه وكتبه بيده. وهذا ما يسمى في علم نقد النص:
النسخة النهاية الأصلية (باليد الأخيرة) وهو المؤلف.
هناك كتاب يرجع إلى مؤلف واحد غير أن له نصوص مختلفة لم يدققه المؤلف نهائيا بل أضاف اليه شيئا مرة وأسقط منه شيئا مرة أخرى وحوّق على عبارة هنا وعلى فقرات هناك وبدّلها بغيرها ولم يصل الى كتاب واحد بنص واحد. في هذه الحالة لا يوجد (اليد الأخيرة) للكتاب بل بقي الكتاب على مراحله المتواصلة عبر النشاط العلمي للمؤلف.
عند دراسة مثل هذا الكتاب ينبغي تحديد تلك المراحل للكتاب وتمييز بينها وفقا للترتيب الزمني لها حسب الاستطاعة.
ـ[أبا مسلم]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا
هل يمكن استقصاء علماء المالكية الذين تكلموا في (المستخرجة) وكلام كل واحد بحروفه حسب التاريخ أو الطبقة مع عزو كلامهم لكتاب موثوق .. ؟؟
واستفدنا من المشاركة 16 للشيخ (الفهم الصحيح) أن ممن تكلم فيها:
* - أبو عبد الله محمد بن وضاح (تـ 287 هـ) قال: (وفي المستخرجة خطأ كثير ... )
* - أحمد بن خالد
* - ابن لبابة
(وقال أحمد بن خالد: قلت لابن لبابة: أنت تقرأ المستخرجة للناس، وأنت تعلم من باطنها ما تعلم؟
فقال: إنما أقرؤها لمن أعرف أنه يعرف خطأها من صوابها.
وكان أحمد ينكر على ابن لبابة قراءتها للناس شديدا).
* - هارون بن أحمد بن جعفر النَّفزِي أبو محمد (ت582) تنبيهات على المستخرجة. كما في صلة الصلة 4/ 231).
(ولكن قد يقال في هذا الأخير .. كونه جمع تنبيهات لا يعني هذا شيء، فقد يجمع تنبيهات على المدونة أيضا وقد يجمع تنبيهات على الموطأ ... فنحن لا ندري ماذا حوت هذه التنبيهات، وليس هذا صريحا أنه تكلم في المستخرجة، والله أعلم)
فهل من مزيد من علماء المالكية ممن تكلم في المستخرجة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/370)
أين تكلم فيها ابن عبد الحكم المصري؟
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[29 - 11 - 07, 05:16 ص]ـ
اللهم ارزقنا الأدب.
الفهم الصحيح
إنه بيّن انك من أصحاب الجدل والمناظرة
كل من خالفك فهو من أهل الجدل ... انتهينا من هذه لا تتكررها رجاءًا ... فقد علمت من قديم أنك من أهل العناد.
وقد نبهك غيري على قراءة المستخرجة نفسها قبل الحكم المسبق فيها وفقا لما قرأت في الطبقات الماليكة. من فضلك: لا تعيد هنا لما قرأت , إذ قرأناه جميعا.
أنا ما أعدت شيئا ... ولكنه كلام تقوله لتحرجني وما أنت بمدرك ذلك بإذن الله ... بعض علماء المالكية يقولون: في المستخرجة خطأ ... لماذا تشكك في هذا ... وأنت - أصلا - ما تدري ماذا يريدون بكلمة " خطأ " أو " شذوذ "؟
ثم تدعوني لعدم الإلتفات لما في كتب الطبقات ... وأنت أول المستفيدين مما فيها ... هذا عجب عجيب.
خذ سيارة الأجرة إلى القيروان , ربما من طريق سوسة أو غيرها لكي تلحق شخصيا بهذا التراث وترى ما تحيطك هناك بعلم كثير من التراث المالكي ...
شكرًا على النصيحة التي كرهت سماعها ... وقد أغنانا الله بكثير من التراث المطبوع عن كثير من ذلك.
أما الخطأ في المستخرجة: فما هو الخطأ مقارنة مع من؟ أليس للمذهب المالكي اتجاهات؟ الجنون فنون .... فالعلوم فنون أيضا.
نعم الجنون فنون ... كما أن الكفر ملة واحدة ... وكلامك هذا يدل على أنك إلى ساعتنا ما فهمت ما يعنونه بالخطأ والشذوذ في المستخرجة ... فابق حيث أنت ... ودع عنك الحديث عن اتجات المالكيين والمدنيين والمصريين والعراقيين وحتى القزونيين واليمنيين .. فما عن هذا نتحدث ... ولا يعلقن بذهنك أو غيرك أن خطأ المستخرجة يكمن فقط في أسمعة خالفت ما في المدونة ...
نصيحة: اقرأ في التراث المخطوط المالكي وتعمق فيه بما في ذلك الحواشي العلمية والنادرة في نسخ المدونة غير المطبوعة وما فيها من الآراء المعارضة لما جاء عند سحنون ومالك.
ما أحوجك أنت لمثل هذا النصح ... فلو عملت به حقا ما كنت لتشكك في أقاويل علماء المذهب ... وهم أولى منك بتراثهم العلمي ... وأدق منك فهما ... وأوسع إحاطة به.
وبعد دراساتك لهذا التراث المخطوط في مكانه المذكور والقريب منك رببا تتاح فرصة أخرى لحوار آخر.
أنا أحاورك في القدر الذي أظنك تحسنه أو تفهمه ... أما دون ذلك فلا ... فلا تحسبن أنك بإخراج جزء من المستخرجة أو بحيازة جميع ما يوجد في الدنيا من مخطوطات المدونة أصبحت الخبير بمذهب مالك ومذاهب المدنيين عموما ... أو بك قدرة على تحليل ما فيها أو كتابة تاريخ المذهب كتابة صحيحة مستوفاة ... لا بل دون ذلك أمور أخرى تفقدها للأسف ...
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[29 - 11 - 07, 05:32 ص]ـ
...
....
مهنَّد المعتي:
أنا أقول: في المستخرجة مسائل شاذة على لسان النقاد مثل ابن وضاح وغيره (كما يزعمون)
وأضيف: إذا كان الأمر كذلك فيمكن القول إنّ كبار علماء المذهب قد رووا المسائل الشاذة وعنوا بها وأدخلوها في كتبهم.
ومن يصرّ على صحة هذه الأقاويل حول الشواذ بكتاب ما فعليه أن يبحث الكتاب أولا ويأتي بدليل على صحة هذه الأقاويل. وبذلك ينفي أيضا أن في المالكية جهات كما ينفي أنّ للحلقات المالكية مذاهب باختلاف العصور والأماكن. وهذا أمر كبير وهو بمثابة رفض التطور في المذهب.
ودام الجميع بخير
دع عنك الحديث عن مذاهب المالكيين وأقاويلهم ... وعن تطور المذهب ... مع علمي بأن ما تعنيه بالتطور أوسع مما يفهمه بعض إخواننا هنا ...
أخبرنا ماذا فهمتَ من كلمة < خطأ " و < شذوذ " الذين حوتهما المستخرجة.
جاء في المستخرجة: (وسئل عمن خرج إلى مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يريد الصلاة فيه، فلقي الناس منصرفين من الصلاة ... ... بل يصلي في المسجد).
قال الفقيه ابن رشد: (ووقع في النسخ: بل يصلي في المسجد بالجماعة، وذلك خطأ في الرواية لا وجه له، والله أعلم، وبه التوفيق).
وقال في موطن آخر بعد ذكر مسألة وشرحها: ( ... فسياقة العتبي لرواية يحيي على أنها مثل قول ابن عبد الحكم سياقة فاسدة، فتدبر هذا وقف عليه إن شاء الله، وبه التوفيق).
وقال في موطن آخر ( ... ووقع في بعض الروايات ... وهو خطأ لا يصح له معنى ... ).
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[29 - 11 - 07, 05:42 ص]ـ
إلغضبان خىّ المجنون
الخى وهو الأخ , ولا ريب في أنّ الغضبان إذا هاج غضبه (كما هاج عند الفهم الصحيح) يشبه المجنون فيأتي بما لا يحسن من الأقوال والأفعال
(أنظر: الأمثال العامية للعلامة أحمد تيمور بك. القاهرة 1956 , (الرقم 2060
........
وما يقوله ابن رشد فلا يعني أنّ المسألة كانت (شاذة) لدى العتبي.
غير أنني لا أتحدث مع صاحب الغضب , اذ الغضب عيب الرجل كما يقال
ودام الجميع بخير
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[29 - 11 - 07, 09:33 ص]ـ
ومن يتكلم على ما يظنه العتبي - رحمه الله - الكلام على ما يراه من انتقد المستخرجة ... أما صاحب التصنيف فهو يظن دائما أنه قدّم أفضل ما لديه ... وإذا كان ردك على كل ما يمكن أن يذكر لك من أخطاء المستخرجة وشواذها بهذه الطريقة فلمَ تطلب أمثلة أو اثباتات على وجود خطأ بها؟!!
جاء في المستخرجة: (قال يحيي بن سعيد: سمعت ابن المسيب يقول: حوِّلت القبلة بعد بدر بشهرين ... ).
في الموطأ: (مالك عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب ... ... ثم حوِّلت القبلة قبل بدر بشهرين ... ).
أدام الله لك برودك ... وأدام الله علينا غضبنا فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/371)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:59 ص]ـ
أسأل الله أن يحفظكم، وأن يتقبل منكم، شيخنا الجليل الفهم الصحيح.
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:27 م]ـ
ولكن لماذا تفرد مسائل الحج من المستخرجة بمفردها، مع أن هناك نسخة خطية كاملة من المستخرجة كما ذكر موراني في كتابه مصادر الفقه المالكي، فلماذا لايكون العمل على سائر الكتاب.
الشيخ الكريم، عبدالرحمن الفقيه ... هذه ملاحظة عامة في كثير مما يعتزم موراني اخراجه وتحقيقه فلابد من (التجزئة) لنصوص التراث!!!
ليزداد المربح
وقد اشرتُ الى هذا وعن سببه قبل سنة في صفحات الملتقى .. مستشرفا للمستقبل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=438716&postcount=130
فهذا جواب سؤالكم حفظكم الله .. لا اشك فيه ولا ارتاب
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[29 - 11 - 07, 02:02 م]ـ
لكي نتجنّب هذا الهراء من قلم أبي يوسف العامري (والقلم أحد اللسانين)
أود أن أشير الى المشاركات الرقم 4 الى 7 مع عبد الرحمن الفقيه المحترم
اذا: ليس هناك (تجزئة) فانتبه , فليس هناك كتاب كامل للمستخرجة ولا للواضحة التي ستنشر قريبا. بدلا من هذا حبّ الثرثرة والتهم السيئة بلا أساس عليك أيضا شد الرحال إلى القيروان لكي تقتنع بنفسك وبعينيك عدم صحة هذا الكلام الفارغ.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 11 - 07, 02:41 ص]ـ
ما علاقة ما تنشره من الواضحة بما سبق نشره منها ... بتقديم وتحقيق وترجمة ماريا أركاس كامبوي، المجلس الأعلى للأبحاث العلمية بمدريد، مدريد، 2002
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 11 - 07, 02:54 ص]ـ
... ...
.... ....
هناك كتاب يرجع إلى مؤلف واحد غير أن له نصوص مختلفة لم يدققه المؤلف نهائيا بل أضاف اليه شيئا مرة وأسقط منه شيئا مرة أخرى وحوّق على عبارة هنا وعلى فقرات هناك وبدّلها بغيرها ولم يصل الى كتاب واحد بنص واحد. في هذه الحالة لا يوجد (اليد الأخيرة) للكتاب بل بقي الكتاب على مراحله المتواصلة عبر النشاط العلمي للمؤلف.
عند دراسة مثل هذا الكتاب ينبغي تحديد تلك المراحل للكتاب وتمييز بينها وفقا للترتيب الزمني لها حسب الاستطاعة.
هذا كلام معروف ليس به جديد ... السؤال ما يمنع من أن يكون الكتاب بالطريقة الثانية قد كتبه مؤلفه بيده ... ثم تتابع في اجراءات الزيادة والتنقيح والحذف عليه؟ بل في الموطأ خطأ يعلمه مالك وتركه لسبب ...
وكيف يقول عاقل إن من يقول: إن مالكا كتب الموطأ بيده يشكك في مصداقيته العلمية .. ؟ سبحان الله.
وكأني بموراني فوق تشكيكه بتأليف مالك للموطأ بنفسه ... يقول لنا احذروا أن تنسبوا رأيًا أو حتى حديثا أنه من رواية مالك - رحمه الله - لأنه لم ينته من وضع اللمسات الأخيرة عليه ... فربما لو بقي حيًا غيّره.
وكم كان لجماعة المستشرقين قديما وحديثا من صولات وجولات محبطة حول اختلاف الموطآت أوصلتهم لآراء عقيمة ... ونتائج تدل على فهم ساذج لكتب التراث ... بل على أغراض مريضة في دراسة مصادر التشريع الإسلامي.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 04:39 ص]ـ
ما علاقة ما تنشره من الواضحة بما سبق نشره منها ... بتقديم وتحقيق وترجمة ماريا أركاس كامبوي، المجلس الأعلى للأبحاث العلمية بمدريد، مدريد، 2002
هذه المعلومة بقلم شيخكم في هذا الملتقى لا علاقة لها بما أنا بصدده. يبدو لي كأنه يقرأ عناوين الكتب كما يقرأ التراث للأسف , يا خسارة على التراث
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 11 - 07, 07:32 ص]ـ
إذا كان هناك خسارة فعلا فهي عليك دكتور ... فأنا أربأ بك أن تسفل إلى مثل هذه الدركات ... والشأن أن تترقى بك سنُّك و درجتك العلمية إلى علوٍّ ...
أما كان يكفيك أن ترد بعلم ... أو تصلح إن كان خطأ بأدب؟
أعيد السؤال هل سبق أن نشرت الأستاذة ماريا جزءًا من الواضحة مع دراسة عن الكتاب.
وما معلوماتك عن هذه الدراسة:
- Ana Fern?ndez Félix, Cuestiones legales del Islam temprano : la ’Utbiyya y el proceso de formaci?n de la sociedad isl?mica andalus?, Consejo Superior de Investigaciones Cient?ficas, Madrid, 2003, 604 p.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 08:47 ص]ـ
أنظر المشاركة 45 والسطر قبل الأخير فيها
المعلومات على كل حال غير صحيحة.
ودام الجميع بخير متمنيا للجميع القدرة على معاملة التراث معاملة علمية ودقيقة وسد الأبواب أمام (قال فلان , وقال فلان في كتاب كذا وكذا) بلا نهاية
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 11 - 07, 10:19 ص]ـ
من استغضب ولم يغضب فهو حمار يا دكتور موراني ... وتعيبنا ثم تطمع أن نكرمك كما ذكرت لك ذلك غير مرة لا يكون هذا أبدًا ...
ويبدو أن المعلومات صحيحة ... ولكنك تخشى المنافسة فهي حرمان.
وأتمنى أن تمتلك الأدوات العلمية ذات الكفاءة العالية حتى تتمكن من الإستفادة مما بين يديك من تراث أجدادنا الذين تحاول أن تبعدنا عنهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/372)
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 11:39 ص]ـ
هذا الشيخ في الملتقى لا يكتفي بما سبق له أن كتب , بل بقلة أدبه وبنيته السيئة يحاول تكذيبي! هل هذا معقول؟
المعلومات عنده غير صحيحة , نعم , استشارتني المستشرقة حين ألفت كتابها فلم تخرج الواضحة لأن المخطوطات ليست في حوزتها.
المنافسة فاشية بين العلماء العرب المعاصرين , وهذا المعلوم.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 11 - 07, 11:48 ص]ـ
انظر هنا جيدًا لعلك تستفيد:
إلغضبان خىّ المجنون
الخى وهو الأخ , ولا ريب في أنّ الغضبان إذا هاج غضبه (كما هاج عند موراني) يشبه المجنون فيأتي بما لا يحسن من الأقوال والأفعال
(أنظر: الأمثال العامية للعلامة أحمد تيمور بك. القاهرة 1956 , (الرقم 2060
........
....
غير أنني لا أتحدث مع صاحب الغضب , اذ الغضب عيب الرجل كما يقال
ودام الجميع بخير
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 12:08 م]ـ
الخى وهو الأخ , ولا ريب في أنّ الغضبان إذا هاج غضبه (كما هاج عند الفهم الصحيح) يشبه المجنون فيأتي بما لا يحسن من الأقوال والأفعال
(أنظر: الأمثال العامية للعلامة أحمد تيمور بك. القاهرة 1956 , (الرقم 2060
تنبيه: لا يجوز تغيير المشاركات الأصلية! قلة أدبك ربما لا حدّ لها كما يبدو:
التكذيب , الاتهام ب (منافسة) , تزوير المشاركة الأصلية
ربما بأتي جديد .... هذا هو شيخكم يا طلبة العلم ....
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 11 - 07, 06:31 م]ـ
هذا أنموذج لعدم مقدرتك دكتور موراني على فهم ما تضمنته كتب التراث ...
فقد سألتك سؤالا بريئا ... سؤال من يريد الإستفادة حقا وصدقا ... فسراعًا حولتني إلى إنسان سيئ النية ... واتهمتني بما شئت ... وكل هذا - علم الله - باطل عاطل ... ولكن ما علينا فليس ... ...
انظر هنا دكتور موراني وأنت تعلم من أين استقيت معلوماتي ... و حتى تتيقن أني ما سألتك إلا لأصحح ما أجده من معلومات:
http://www.ribatalkoutoub.ma/spip.php?article8
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[01 - 12 - 07, 05:10 ص]ـ
استق معلوماتك من حيث تريد
أنت كنت بداية بصدد الواضحة ولا العتبية وقلت ما قلت: المنافسة والتكذيب وتزوير المشاركة الأصلية
لا تتظاهر انك بريء من هذا كله
أخلاقك غير الأخلاق التي ينبغي احترامها
للعلم: أنا أعرف هذه الدوائر الأسبانية شخصيا ولي علاقة بهم منذ أعوام طويلة وبيننا التبادل العلمي عادي , ولا الغيرة والمنافسة في مجال العلم.
أرجوك عدم مخاطبتي مرة أخرى للأسباب المذكورة أعلاه ربما لديك شيء من النقد الذاتي .... فأتمنى أن يكون كذلك.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[01 - 12 - 07, 06:30 ص]ـ
ما كنت يوما - بفضل الله وعونه - محتاجًا لك ولا لأمثالك ... ولكن كن على يقين أنك إذا خالفت العلم فإني - وبقية إخواني - لك بالمرصاد.
وأنتم لستم من بني البشر فلذلك ليس بينكم لا منافسة ولا غيرة ... والدليل أنك ربما مددت المستشرقة بمخطوطات الواضحة أول ما عرفت أنها تبحث فيها ... فنسيت أن تخرجها أو بعضها مترجمة في بحثها؟!!
أما عن التزوير يا صاحب التنوير ... فقد ميزت ما غيرته من مشاركتك باللون الأحمر ليعلم ... ثم إن ما نقلته نسخة من مشاركتك وليس الأصل فتفطن ... يعني هذا: اقتباس ... وفي فنّ كتابة البحوث ... من الممكن أن يتصرف المرء في الاقتباس بالاختصار وغيره مع التنصيص على ذلك ... ولذلك تجد بعض الباحثين يكتب بالهامش: باختصار وتصرف .. وحذف اسمي من الاقتباس ووضع اسمك مكانه ... مع تلوينه بلون مغاير ... وتقارب المشاركات ... والمناسبة التي دعت لهذا كله ... ينفي عني ما تروم احراجي به ...
وأما التكذيب فما كذبتك ابتداءا قط ... ولا دار بخلدي ... علم الله ... وإن احتمل لفظي ذلك ... ولكن اجابتك المقتضبة دعتني لسؤالك مرة أخرى ... وقد كان عندي احتمال أنك لم تطلع على عمل المستشرقة ... وأنها تحصلت على بعض الواضحة من غيرك فترجمتها ... وفي المصدر الذي نقلت منه توجد كلمة " ترجمة " واضحة بينة ...
و قولي: ويبدو أن المعلومات صحيحة
مع ما فيه من الاحتمال ... كان قائما على أساس أنك لم تطلع على العمل مطبوعًا.
والنقد الذاتي موجود بحمد الله وفضله ... ولكن لن أعتذر منك لأني لم أغلط معك ... ثم ليقيني بأنك أنت المخطئ الخاطئ في أول الأمر وآخره ... ثم لأنك لا تراعي ذلك وتأخذك الغزة بالإثم ... وسبق أن فعلتُ معك ذلك جبرًا لخاطرك وما راعيتَه ... ثم إنك لا تتجرأ على الإعتذار من غيرك وقد تتابعت أخطاؤك وساءت فعالك ... وقلّ أدبك ... وبرزت عنجهيتك وتكبرك واستعلاؤك بغير موجب في أكثر من مشاركة ... وفي أكثر من موضوع.
وأخيرًا فقد صدق المتنبي قديما حيث قال:
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ - - وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 - 12 - 07, 08:00 ص]ـ
حدثني بعض أصحابي المفتونين بالنقد الذاتي ... أنهم حاولوا نقد موراني ذاتياً ... فقابلوا الصفحات التي صورها من مخطوطة ((المحاربة)) بتحقيق موراني نفسه فوقفوا على أخطاء لا يقع فيها إا مستشرق ... كان أدناها فشل موراني الذريع في التفريق بين اللحق وبين الحاشية والتعليق ...
فسألتهم: ولما كان الحال هكذا فعلام ينتفخ علينا موراني في الملتقى (؟؟؟!!!)
فقالوا: إنما هو افتخار من امتلك مالا يحسن ... فظنه إرث آبائه ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/373)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[02 - 12 - 07, 06:50 ص]ـ
قال الفقيه ابن رشد بعد مسألة أوردها من المستخرجة: ( ... ذكر ابن زيد [كذا في المطبوع] هذه المسألة في النوادر، وقال: إن قوله: عند أجل الصفقة الأولى غلطٌ في النقل، قال: ورأيت في بعض النسخ من المجموعة فأعطاه عند الأجل عدد الصفقة الأولى، قال: وهذا أصح ... ).
وقال - أيضا - بعد مسألة أخرى ذكرها: ( ... هذه مسألة شاذة .. ).
وقال: ( .. هذه مسألة فيها نظر، وقعت على غير تدبر ... ).
وقال بعد مسألة أخرى: ( ... راعى ابن القاسم في هذه الرواية قول من ذهب من أهل العلم ... = ومراعاته فيه شذوذ في المذهب ... ).
وقال عقب مسألة أخرى: ( ... ليست هذه المسألة على بني عليه أصل المذهب من مراعاة المعاني ... ).
وقال: ( ... هذه مسألة ليست على الأصول، والصحيح ما مضى في رسم ... ).
وقال: ( ... كذا وقع في هذه المسألة: " قال ابن القاسم " ... وصوابه: " قال مالك " ... ).
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[04 - 12 - 07, 09:54 ص]ـ
الحمد لله.
وقال أيضا: ( ... المعنى في هذه المسألة معلوم، ولفظه فيها فاسد معلول ... ).
وقال: ( ... مسألة المزارع هذه مخالفة للأصول، وليست كالمساقاة، ... والمسألة مضروب عليها في كتاب أحمد، وذكر أنها لا تصح لأبي صالح ... ).
وقال: ( ... سقط من بعض الروايات ... واسقاطه أولى لأنه أصح في المعنى ... ).
وقال: ( .. كذا وقع في أكثر الكتب: وسئل ابن القاسم عن مسافر صلى بمسافرين ركعة واحدة، وفي بعض الكتب: وسئل ابن القاسم عن مسافر صلى وحده، فجاءه مقيم، وليس شئ من ذلك بصواب ... ).
وقال: ( .. فأمر ابن لبابة بطرح هذه الرواية ... ).
وقال بعد أن أورد العتبي مسألة لسحنون خالفها العتبي نفسه: ( ... قول سحنون شذوذ في المذهب ... ).
ـ[الموسوي]ــــــــ[04 - 12 - 07, 10:44 ص]ـ
أقول:
ومن وقف على طبعته هذه التي يشيد بها, علم حقيقة أن هؤلاء المستشرقين لا يمكنهم أن يخرجوا كتابا من كتب تراثنا إخراجا صحيحا عريّاً عن التصحيح والتحريف.
فالدكتور موراني يحسب أن اعتماده على تلك النسخة المخطوطة المحفوظة بالقيروان, كفيل بإخراج النص سليما, أو أنه يكسب الطبعة سمعة تجعلها محل اعتماد الباحثين
والخلاصة أن من اقتنى البيان والتحصيل فلا يلتفت إلى هذه الطبعة, ومن أراد اقتنائها وليس لديه البيان والتحصيل فلا يفعل؛ لأن قراءة النص في "البيان" أسلم ولا تمتاز طبعة موراني بأي ميزة؛ لكثرة الأخطاء بها؛ فالدكتور يثبت ما في مخطوطته -لعجمته وهو سبب ما قدمناه- ولو كان هجينا لا يقبل بحال
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:54 م]ـ
معنى قول الموسوي أعلاه:
إننا لسنا في الحاجة الى هذا التراث المخطوط القديم , بل علينا أن نكتفي بما في البيان والتحصيل نصا
ونتجاهل النص بما عني بتبويبه وترسينه ابن أبي زيد القيرواني (كما جاء في المخطوط) ولا نلفت النظر إلى ما فيه من الخلافات لفظا كانت أو معنى (حتى ولو كانت بسيطة) بين النص المحقق للبيان والتحصيل وإحالات المحققين إلى هذه الخلافات في المخطوط (رمز:ق) في الحواشي الذي أقرب إلى النص القيرواني.
إن كان موقف طلبة العلم من التراث كما وصفه (الموسوي) فاشيا وموافقا على ما قاله أعلاه فإنني لا أرى فيه خيرا ينفع في سبيل إحياء هذا التراث القديم إ ذ يقول (بالمعنى): علينا أن نترك هذا التراث المخطوط جانبا ونتركز على ما جاء في المطبوع مهما كان.
هل طلبة العلم اليوم هكذا؟ هل هذا هو الموقف طلبة العلم من التراث المخطوط؟
أنتم وشأنكم!
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[05 - 12 - 07, 02:30 ص]ـ
المشتسرق موراني
أنا حزين لما تصورتموه عن طلبة العلم، ولذلك اجتهدتُ أن أقدم لك ما تقر به عينك، بل عينيك:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=710928&posted=1#post710928
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 12 - 07, 05:53 م]ـ
حدثني بعض أصحابي المفتونين بالنقد الذاتي ... أنهم حاولوا نقد موراني ذاتياً ... فقابلوا الصفحات التي صورها من مخطوطة ((المحاربة)) بتحقيق موراني نفسه فوقفوا على أخطاء لا يقع فيها إا مستشرق ... كان أدناها فشل موراني الذريع في التفريق بين اللحق وبين الحاشية والتعليق ...
فسألتهم: ولما كان الحال هكذا فعلام ينتفخ علينا موراني في الملتقى (؟؟؟!!!)
فقالوا: إنما هو افتخار من امتلك مالا يحسن ... فظنه إرث آبائه ...
وهو هو ...
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=118479
ـ[الموسوي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:09 ص]ـ
معنى قول الموسوي أعلاه:
إننا لسنا في الحاجة الى هذا التراث المخطوط القديم , بل علينا أن نكتفي بما في البيان والتحصيل نصا
ونتجاهل النص بما عني بتبويبه وترسينه ابن أبي زيد القيرواني (كما جاء في المخطوط) ولا نلفت النظر إلى ما فيه من الخلافات لفظا كانت أو معنى (حتى ولو كانت بسيطة) بين النص المحقق للبيان والتحصيل وإحالات المحققين إلى هذه الخلافات في المخطوط (رمز:ق) في الحواشي الذي أقرب إلى النص القيرواني.
إن كان موقف طلبة العلم من التراث كما وصفه (الموسوي) فاشيا وموافقا على ما قاله أعلاه فإنني لا أرى فيه خيرا ينفع في سبيل إحياء هذا التراث القديم إ ذ يقول (بالمعنى): علينا أن نترك هذا التراث المخطوط جانبا ونتركز على ما جاء في المطبوع مهما كان.
هل طلبة العلم اليوم هكذا؟ هل هذا هو الموقف طلبة العلم من التراث المخطوط؟
أنتم وشأنكم!
هذا هو منتهى فهم الدكتور ... !
كنت أحسب أن ما يعوق الدكتور في عمله عجمة لسانه, فإذا به يفجأنا بهذا المستوى في الفهم
عجمة في اللسان, وعجمة في العقل, وقبلهما عجمة في القلب نسأل الله السلامة والثبات
(ومن يهن الله فما له من مكرم)
آمل من الإخوة الأفاضل عدم متابعة النقاش؛ لأن الدكتور -وللأسف- لا يمتلك أوّليات الحوار
ودمتم بخير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/374)
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[12 - 12 - 07, 12:27 ص]ـ
ibnhazim@cyberia.net.lb
لقد اشترت وزارة الأوقاف بدولة الكويت ألف نسخة من الكتاب
هذا صحيح،،، فخبر تجارتك قد علمناه من شيوخ الكويت، منذ وصولك هناك!!
هذا كلامٌ عجيب .. يحق لموراني أن يتكلم و يجب على غيره أن يسكت!! بأي عقل هذا الكلام؟
و لكنك يا هذا من أبعد الناس عن السكوت لما جئتنا في الكويت! فقد كنتَ مهذاراً جداً ...
فما السبب يا ترى؟ نعم ...... المال ... المال يُنطِقُ الحجرَ الأخرسَ كما تعلمون ..
و ليس العلم ..
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73319&highlight=%C7%E1%CA%D1%C7%CB+%C7%E1%E3%CE%D8%E6%D8 +%E6%E3%DD%E5%E6%E3%E5+%E1%CF%ED+%D1%E6%C7%CF+%C7% E1%E3%E1%CA%DE%EC(86/375)
التحذير من البدع والمنكرات في الحج للعلامة صالح الفوزان
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 12:20 ص]ـ
التحذير من البدع والمنكرات فى الحج للعلامة صالح الفوزان
http://38.100.87.57/2006/12/daawah1401.rm
ـ[مشعل العياضي]ــــــــ[24 - 10 - 07, 02:55 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 10:26 ص]ـ
وجزاك بالمثل اخى الفاضل
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 10 - 07, 10:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، ونفع بك، وجعلنا وإياك من خدمة السنة النبوية المطهرة.
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[24 - 10 - 07, 02:46 م]ـ
بارك الله فيك .. ونفع الله بشيخنا العلامة الشيخ صالح الفوزان.
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[24 - 10 - 07, 04:02 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 05:46 م]ـ
الاخوة
عيسى بنتفريت
عبد الرحمن السعد
نايف ابو محمد
بارك الله فيكم ونفع بكم وجعلنى واياكم ممن نصروا دينه وذبوا عنه
وحفظ الله شيخنا الشيخ صالح الفوزان(86/376)
حمل كتيب تسهيل المناسك للناسك
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[24 - 10 - 07, 10:29 م]ـ
هذا كتيب صغير روجع وأثنى عليه مجموعة من العلماء الأفاضل أمثال الشيخ البري وقد قدم له وراجعه, والشيخ وهبى الزحيلي , والشيخ محمد عبد المقصود , وشيخنا أبو خالد وليد المنيسي
و غيرهم نسأل الله القبول
وهذا رابط التحميل
http://upload.9q9q.net/file/bBaXXSHHCzx/-------------------------.doc.html-Accounting.html
ـ[محمد حماصه]ــــــــ[24 - 10 - 07, 11:42 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك وتقبل الله منا ومنك
وجزاك الله خيرا
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 10 - 07, 10:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرًا و بارك الله فيك.
أسأل الله أن يغفر لك وان يثبتك على الحق وان يقر عينك في الجنة.(86/377)
مسألة متعلقة بالصلاة
ـ[خالد عبدالكريم]ــــــــ[25 - 10 - 07, 12:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
نجد كثير ممن ينتسب الى السلف يصلى كالاتي
اولا: القضاء
هناك من يصلى بهذه الصفة ومن أفتاه الله اعلم، اذا فاته المغرب مثلا يدخل المسجد ولا يقضى المغرب وبعد ذلك يصلى العشاء بل ينتظر اقامة الصلاة ثم يدخل مع الامام بنية المغرب والامام يصلى العشاءفعندما يرتفع الامام الى الركعة الرابعة يجلس هو ولا يقف مع الامام بل يقرأ التشهد الاخير ومن ثم يسلم ويدخل مع الامام الى العشاء.
الصورة الثانية:
في حال السفر
مثلا اذا صلى المغرب في جماعة وهو يريد ان يقصر ووجد قوما قد يصلون المغرب دخل معهم وصلى ركعتين وانتظر الامام وسلم معه أو يفارقه في الثانية ويذهب وفي اعتقاده انه صلى في جماعة واخذ اجر الجماعة. اما اذا كان في سفر وادك الامام الراتب في صلاة العصر دخل معه بالظهر وعند قيام الامام الى الثالثة سلم هو ثم دخل معه العصر ويكون بذلك قد صلى الظهر والعصر في جماعة علما لقد وقفت على فتوى للشيخ بن باز ويرى بطلان ذلك.
ما قولكم وهل وقفتم على قول للعلماء بذلك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:22 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=92014(86/378)
اشرح لنا الحج سهلا؟ الشيخ حامد العلي
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[25 - 10 - 07, 07:47 ص]ـ
جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
... ابدأ بالإخلاص… وإنما الأعمال بالنيات:
يبدأ الحاج أولا بإخلاص النية لله تعالى، امتثالا لأمره سبحانه بأداء الحج، قال تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، إذ هو من أركان الإسلام، وطمعا في ثوابه العظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) متفق عليه
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة، كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد، فقال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور) رواه البخاري.
وعنها رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم http://www.elshouraa.ws/vb/images/smilies/frown.gif ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم.
فتوجه إلى بيت الله الحرام، تعظيما لشعائر الله تعالى، امتثالا لطاعة الله تعالى، رغبة في ثوابه، خوفا من عقابه، واجتنب الرياء والسمعة، واحذر من طلب المكانة والمنزلة في قلوب المخلوقين، قال تعالى (وما لاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى) وقال (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).
... النفقة الحلال:
ثم أنفق على رحلة الحج من طيب المال، والكسب الحلال، ذلك أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، ومن حج من مال حرام لم يقبل الله تعالى حجه.
... اشتراط المحرم للمرأة:
وعلى المرأة أن تجد لها محرما يرافقها، لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه، ويجب أن يكون بالغا عاقلا، والمحرم الزوج أو من يحرم على المرأة على التأبيد، بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهم أربعة بالمصاهرة: أبو زوجها، وابنه، وزوج أمها، وزوج ابنتها.
... في الميقات:
عند الوصول إلى الميقات، تغتسل و تتطيب في جسدك دون ثياب الإحرام، وتزيل عنك الأظفار والشعر الذي ترغب بإزالته وكل ذلك مستحب غير واجب، ثم تحرم قبل تجاوز تجاوز الميقات، ومعنى الإحرام هو نية الدخول في النسك، وليس المقصود به هو التجرد من المخيط (والمخيط كل ثوب مفصل على قدر أعضاء الجسد مثل القميص والفانيلة والبنطلون ونحو ذلك مما فصل على قدر الأعضاء، وليس المقصود بالمخيط ما فيه خيط)، بل لبس المخيط من محظورات الإحرام، ولهذا يجب على الحاج أن لاينوي الإحرام ـ الدخول في النسك ـ إلا بعد أن يتجرد من الثياب، ولو نوى الحاج الدخول في النسك ناسيا أن يتجرد من كل الثياب، (مثلا نسي سروايله ولم ينزعها) ولبس الازاء والرداء، ثم نوى الدخول في النسك، فإنه يصح دخوله في النسك، ثم عليه أن ينزع عنه ما نسي أن يزيله، ولاشيء عليه إن كان ناسيا، والمقصود أنه يجب التفريق بين الإحرام وهو نية الدخول في النسك، والتجرد من المخيط.
... أنواع الانساك:
ثم تقول عند نية النسك، لبيك اللهم بعمرة، أو بحج، أو بعمرة وحج، وفق النسك الذي تختاره،
وهي ثلاثة أنواع:
أحدها: التمتع وهو أفضلها، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة، وصفته أنك تأتي بعمرة كاملة وتتحلل منها، تماما كما لو ذهبت إلى عمرة في غير أشهر الحج، ثم تبقى غير محرم، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، تحرم بالحج وتذهب إلى منى، وعلى المتمتع ـ إن كان من غير حاضري المسجد الحرام أي من غير ساكني مكة أو حدود الحرم ـ أن يذبح هديا كم سيأتي بيانه.
والثاني: الإفراد، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بحج، وهو أن تنوي الحج مفردا ليس معه عمرة، وفي هذه الحالة تبقى على إحرامك حتى تتحلل يوم النحر كما سيأتي بيانه.
والثالث القران: وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة وحج، ولافرق بين الإفراد والقران في أعمال الحج، وإنما يفترقان في أمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/379)
أحدهما: النية، فالقارن ينوى الحج مع العمرة، إن طاف نوى أن يكون طوافه طواف حج وفي نفس الوقت هو طواف عمرة، وإن سعى نوى بسعيه سعي حج وهو في نفس الوقت سعي عمرة، كما ينوي داخل المسجد تحيته وركعتي الفجر في نفس الوقت على سبيل المثال.
الثاني: أن القارن عليه هدي، والمفرد لاهدي عليه.
فإن اخترت أحد هذه الانساك، ولبيت به، فإن كنت مريضا أو تخشى من حدوث طارئ يمنعك من إتمام الحج، فاشترط قائلا (لبيك اللهم بعمرة ــ أو حج أو عمرة وحج ــ ومحلي حيث حبستني) لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير (حجي واشترطي وقولي: اللهم إن محلي حيث حبستني) متفق عليه.
وفائدة هذا الشرط أنك إذا حال بينك وبين إتمام الحج عذر شرعي، خارج عن إرادتك، مثل مرض أقعدك عن إتمام العج، أو حادث سيارة على سبيل المثال، أو منعك مانع من إتمامه بعدما دخلت في الإحرام، فإنك تتحلل من إحرامك وتلبس ثيابك ولاشيء عليك، وترجع إلى بلدك، حتى يتيسر لك الحج مرة أخرى.
والدليل على أن الحاج مخير بين الانساك الثلاثة قول عائشة رضي الله عنها (فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما) متفق عليه.
والدليل على أفضلية التمتع أمر النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بذلك، وقوله (لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما آمركم به) متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنهما.
وكان صلى الله عليه وسلم قارنا، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول http://www.elshouraa.ws/vb/images/smilies/frown.gif أتاني آت من ربي، فقال صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة) رواه احمد والبخاري وغيرهما.
وذلك أنه كان قد ساق الهدي معه ــ أي جاء به معه من خارج الحرم والهدي هي الأنعام التي تجلب للحرم، سميت بذلك لأنها تهدى إلى الحرم لفقرائه ــ فمنعه ذلك من أن يكون متمتعا، وكذلك يستحب لمن جاء بهديه من خارج الحرم أن يكون قارنا.
والأفضل لمن حج مفردا أو قارنا أن يتحلل بعد طواف القدوم والسعي وينوي أن ما فعله عمرة، ويتحول إلى التمتع لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك متفق عليه.
... هل للإحرام صلاة مخصوصة:
ولم يرد دليل على استحباب ركعتين للإحرام بخصوصه، إلا أن يصلى المحرم نافلة أخرى وافقته بعد إحرامه أو قبله، أو يحرم بعد صلاة الفريضة إن أدركته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فذلك حسن.
... محظورات الإحرام:
وعليك أن تتجنب محظورات الإحرام، حتى تتحلل من إحرامك.
وهي تسعة محظورات يجب على المحرم بحج أو عمرة أن يتجنبها:
*أولا: تعمد لبس المخيط بالنسبة للرجل ــ وقلنا إن المخيط هو كل ما فصل على قدر أعضاء الجسد من الثياب، وليس هو ما فيه خيط ــ لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة، ولا البرنس ولا السروايل ولاثوبا مسه ورس ولازعفران) متفق عليه , ويدخل في المخيط، لبس الخفين أو الجوربين فلا يجوز ذلك للمحرم، إلا إن لايجد نعلين، فيجوز له أن يلبس الخفين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين) متفق عليه.
ولابأس أن يلبس المحرم النظارة والساعة والحزام الذي يشد به إزاره ويحفظ فيه نفقته ولو كان فيه خيوط، ولابأس أن يلبس نعلين فيهما خيوط، أو يكون طرف ردائه أو إزاره مخيط، كل ذلك جائز.
*ثانيا: تغطية الرأس من الرجل، ولاباس أن يستظل بخيمة أو مظلة (شمسية) أو سقف السيارة ونحو ذلك، لحديث أم الحصين قالت http://www.elshouraa.ws/vb/images/smilies/frown.gif حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة) رواه أحمد ومسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/380)
و تغطية الوجه للأنثى، ولكن تسدل على وجهها لحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم (لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين) متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
*ثالثا: قصد شم الطيب ومسه واستعماله في أكل وشرب بحيث يظهر ريحه، ولابأس أن يتطيب قبل الإحرام في بدنه دون ثيابه، حتى لو استمر هذا الطيب إلى بعد الإحرام، فذلك جائز، لانه وضع الطيب قبل الإحرام لا بعده، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أيام وهو محرم) متفق عليه.
*رابعا: إزالة الشعر من البدن عمدا، ولابأس إن سقط شيء من الشعر بغير قصد بسبب الامتشاط أو الاستحمام ونحو ذلك، ويجوز للمحرم أن يستحم بالماء والصابون الذي لا يكون فيه عطر، فقد روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فاقبل بهما وأدبر متفق عليه، ويجوز له أن يبدل ثياب الإحرام التي احرم فيها أولا، بأخرى نظيفة ليس فيها طيب، كل ذلك جائز.
ويجوز للمحرم أن يحلق رأسه لعذر، أو يلبس ثوبا لعذر، مرض أو نحوه، وعليه أن يفدي في هذه الحالة، وذلك بأن يذبح شاة لفقراء الحرم، أو يطعم ستة مساكين من مساكين الحرم لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره، أو يصوم ثلاثة أيام ولا يشترط أن يكون الصيام في الحرم.
*خامسا: تقليم الأظافر، فإن انكسر الظفر فلابأس بإزالته.
سادسا: صيد البر الوحشي المأكول، ومعنى الوحشي أي غير الأليف، والأليف مثل الدجاج والمعز والضان والبقر والإبل، والوحشي مثل الغزال وحمار الوحش والأرنب، ويجوز صيد البحر.
*سابعا: عقد النكاح ولا يصح، وكذلك الخطبة فلاتجوز في أثناء الإحرام.
*ثامنا:الوط ء في الفرج.
تاسعا: دواعي الجماع، والمباشرة دون الفرج والاستمناء.
فإن وقع المحرم بشيء من محظورات الإحرام ناسيا أو جاهلا فلاشيء عليه، وإن فعل شيئا من ذلك عامدا، ففيه الفدية وهي التخيير بين إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، لكل مسكين مد من البر (القمح) أو نصف صاع من غير البر، أو ذبح شاة لمساكين الحرم، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان.
ويستنثى من ذلك ثلاثة أشياء:
أحدها: الصيد ففيه جزاء الصيد، سواء تعمد صيده أم لا.
والثاني: الجماع في الفرج ففيه تفصيل سيأتي لاحقا إن شاء الله تعالى.
والثالث: عقد النكاح أو الخطبة فليس فيها فدية مع أنهما من محظورات الإحرام.
... التلبية:
ثم تنطلق إلى المسجد الحرام، ملبيا من أول دخولك الإحرام و أثناء الطريق قائلا (لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك) كذا روى التلبية عبد الله بن عمر رضي الله عنه في الصحيحين.
يرفع الرجل صوته، لحديث السائب بن خلاد قال صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية) رواه الخمسة.
وتخفض المرأة صوتها، واحرص أن تردد هذه التلبية على قدر استطاعتك وجهدك، فذلك من أفضل أعمال الحج، قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الحج العج والثج) رواه الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والعج أي رفع الصوت بالتلبية.
... دخول المسجد الحرام:
فإذا وصلت البيت أي الكعبة، فيستحب لك أن يكون أول شيء تفعله عند دخول المسجد الحرام، أن تقول دعاء دخول المسجد (اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، ثم تتجه إلى الحجر الأسود للطواف.
ولم تصح الأحاديث التي فيها رفع اليدين عند رؤية البيت، وكذا لم يصح في ذلك دعاء مخصوص، غير دعاء دخول المسجد.
... الطواف:
*أولا: ويشترط أن تكون حال الطواف ساترا للعورة، طاهر الثياب والبدن، ويشترط له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وذلك كله عند جمهور العلماء.
واحتجوا بحديث (إن الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه) رواه الترمذي وغيره، وبحديث عائشة رضي الله عنها (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) متفق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/381)
*ثانيا: وإن كنت متمتعا، فإنك تنوي بطوافك أنه طواف عمرة.
وإن كنت قارنا نويت أنه طواف القدوم، على أن تطوف طواف العمرة والحج، بعدما تأتي من مزدلفة يوم النحر , ويجوز لك أن تسعى بعد طواف القدوم هذا، وتنوي به أنه سعي عمرتك وسعي حجك في نفس الوقت، وتكون في هذه الحالة قد قدمت سعي العمرة والحج على طوافهما الذي ستفعله يوم النحر، ويجوز لك أن تؤجل السعي إلى يوم النحر عندما تطوف طواف عمرتك الذي تنوي به أيضا أنه طواف حجك، فتسعى بعد ذلك سعي عمرتك الذي هو سعي حج، وبذلك تقرن أفعال العمرة بالحج.
وأما إن كنت مفردا فإنك تنوي أنه طواف القدوم فقط، ويجوز لك أيضا أن تقدم سعي الحج فتسعى بعد طواف القدوم، ولا يكون عليك سعي أخر إذا طفت طواف الحج يوم النحر، كما سيأتي بيان ذلك.
فإن طفت و لم تنو شيئا نسيانا أو جهلا، فلاشيء عليك وطوافك صحيح.
*ثالثا: و معنى الطواف ببيت الله تعالى، إظهار عظيم حبك له إذ تعلق قلبك بمحبته حتى قادتك تلك المحبة العظيمة إلى التطواف حول بيته مرارا في صورة الإلحاح عليه، من أجل أن يقبلك في حضرته، ويقربك من محبته، ويتجاوز عن تقصيرك في حقه، وكلما استحضرت هذا المعنى الجليل، كان ثوابك أعظم عند الله تعالى
*رابعا: وتكون مضطبعا في هذا الطواف استحبابا، ومعنى الاضطباع أي تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن، وطرفيه على عاتقك الأيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كل طواف فيه اضطباع، وإنما طواف العمرة وطواف القدوم للحج، وأما طواف الإفاضة فحتى لو طافه الحاج وهو محرم، لا يكون فيه اضطباع، ويستمر الاضطباع إلى آخر الطواف.
عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى) رواه أبو داود وغيره.
*خامسا: ويستحب هنا أن يرمل الطائف أول ثلاثة أشواط، والرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى، ويكون الرمل في كل طواف فيه اضطباع، ولا يكون في طواف ليس فيه اضطباع، وقد قال جابر رضي الله عنها في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم (حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا) رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما http://www.elshouraa.ws/vb/images/smilies/frown.gif أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا) متفق عليه، والطواف الأول هو القدوم، وخب أي رمل.
*سادسا: ويجب أن تطوف سبعة أشواط كاملة لاتسقط منها خطوة، تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود.
وتجعل البيت على يسارك، واحذر أن تطوف وأنت مستقبل البيت أو جاعله عن يمينك ترجع القهقرى، وحتى لو كنت محمولا يجب أن تجعل البيت عن يسارك.
*سابعا: فإن شككت في عدد الأشواط، تعمل بغالب الظن ولاشيء عليك، فإن لم يكن لديك ظن غالب، واستوى الطرفان، فاجعل العدد هو الأقل، لانه المتيقن، مثلا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة، فاجعلها ثلاثة، فإن جاءك الشك بعد انتهاء الطواف، فلا تلتفت إليه لان الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه مادام مجرد شك
*ثامنا: وعندما تبدأ من الحجر الأسود تحاذيه ببدنك، ثم تستلمه و تقبله إن استطعت، أو تستلمه و تقبل يدك، فإن لم تستطع لشدة الزحام، تشير إليه بيدك ولاتقبل يدك في حالة الإشارة، وتكون الإشارة باليد اليمنى، تستقبل الحجر وتشير بيدك اليمنى قائلا الله أكبر، وتفعل ذلك كله وفق هذا الترتيب كلما حاذيت الحجر الأسود في أثناء طوافك، وذلك إن تيسر لك، ولاتزاحم الناس فتؤذيهم.
*تاسعا: ويستحب استلام الركن اليماني باليد، فإن لم تستطع فلا تشير إليه من بعيد، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا عند استلامه، ويستحب أن تقول بين الركن اليماني والحجر الأسود (ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وأن تكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء في أثناء الطواف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/382)
*عاشرا: واحذر أن تطوف من داخل الحجر، وهو الجزء الذي حوله حاجز رخامي يشبه شكل الهلال خلف أحد جدران الكعبة، بل يجب أن تكمل طوافك من وراءه، لانك لو أكملت الطواف من داخله، فكأنك دخلت الكعبة في جزء من طوافك، ولم تطف حولها، ويجب على من فعل ذلك إعادة الطواف.
*حادي عشر: وإذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف، أو حضرت جنازة، أو أردت شرب الماء، ونحو ذلك فإنك تتم الطواف بعد ذلك من حيث وقفت، إلا إذا أطلت الفصل بين الأشواط، فإن فعلت فابدأ من جديد، لان الموالاة بين أشواط الطواف شرط في صحته، وكذا إذا انتقض وضوءك في أثناء الطواف فيجب عليك أن تعيده من جديد، إذا قلنا بأن الوضوء شرط لصحة الطواف، وهو الاحوط.
*ثاني عشر: وبعد انتهاء الطواف، ينتهي الاضطباع، كما ينتهي الرمل بنهاية الشوط الثالث من الطواف، و يستحب للطائف بعد نهاية الشوط السابع، أن يتوجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام ويقول (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) ثم يصلي ركعتين، ويستحب أن يقرأ فيهما سورة الكافرون (قل يا أيها الكافرون) في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص (قل هو الله أحد) في الركعة الثانية، والأفضل أن يصليهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام، فإن لم يتيسر ذلك لشدة الزحام، ففي أي موضع من المسجد الحرام.
*ثالث عشر: ويستحب للطائف الوقوف بالملتزم وهو ما بين الحجر والباب، فيجعل خده وصدره على حائط الكعبة في ذلك الموضع الشريف، ويدعو الله تعالى.
*رابع عشر: ويستحب إذا أردت أن تسعى بعد ذلك أن تعود إلى الحجر فتستلمه إن استطعت قبل أن تنطلق إلى المسعى.
*خامس عشر: وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعدما أنهى طوافه في حجته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع إلى الركن فاستلمه رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
*شرب ماء زمزم:
والدعاء عند شرب زمزم مستحب ومستجاب قال صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له) رواه أحمد وابن ماجة من حديث جابر رضي الله عنه.
... السعي بين الصفا و المروة:
تتوجه بعد ذلك إلى الصفا، لتسعي بين الصفا والمروة.
ويجوز لك إن كنت قارنا أو مفردا أن تعجل السعي بعد طوافك طواف القدوم، فإذا كنت قارنا سيكون هذا السعي المعجل هو سعي حجك وعمرتك اللتين ستطوف طوافهما يوم النحر، وإن كنت مفردا يكون سعي حجك الذي ستطوف طوافه يوم النحر أيضا، وهذا أيسر عليك لانك ربما تكون مرهقا يوم النحر بعد وقوفك بعرفة وبياتك بمزدلفة، فتكتفي بالطواف في هذه الحالة لانك قدمت السعي عند قدومك، ويجوز لك أيضا أن تؤجل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة يوم النحر، فتسعى بعده سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا، وسعي حجك إن كنت مفردا
مسائل السعي:
*أولا: إن كنت متمتعا، أي تريد أن تعتمر ثم تحج بعد التحلل من عمرتك، فهذا السعي هو سعي عمرتك، وإن كنت قارنا أو مفردا، فهذا السعي تنوي به أنه سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا، وسعي حجك إن كنت مفردا، هذا إذا أردت أن تقدم السعي، ويجوز لك تأخيره كما أسلفنا.
*ثانيا: تبدأ من الصفا، فإذا دنوت من الصفا يستحب لك أن تتلو قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلاجناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم) وتقول أبدأ بما بدأ الله به، وترقى الصفا حتى ترى الكعبة إن استطعت، فإن لم تستطع ذلك، فالواجب أن تضع قدمك عند أول الارتفاع إلى الصفا، لتكون بدايتك من أول الصفا، لان قطع كل المسافة بين الصفا والمروة واجب لا يصح السعي إلا به.
*ثالثا: فإذا رقيت على الصفا فاستقبل الكعبة، وارفع يديك للدعاء، وابدأ قائلا الله أكبر ثلاث مرات، ثم تقول لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لاشريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم ادع الله بما شئت من خير الدنيا والآخرة، ثم أعد هذا كله ثلاث مرات، ويستحب أن تطيل في الدعاء، فإنه موضع أطال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/383)
*رابعا: فإذا فرغت من الدعاء، انزل ماشيا، إلى أن تصل إلى العلم الأول، وقد وضع لذلك إشارة خضراء، فإن بلغته، فيستحب لك أن تسعى سعيا شديدا، حتى تصل إلى العلم الثاني، وقد وضع لذلك أيضا إشارة خضراء، ثم تمشي بعد ذلك، حتى ترقى على المروة، فتفعل على المروة مثل ما فعلت على الصفا، فإن لم تستطع ذلك، فالواجب أن تنتهي عند أول ارتفاع من الأرض على المروة، من أجل أن تكون قد قطعت كل المسافة بين الصفا والمروة.
وتستطيع أن تستدل على مقدار المسافة التي يجب قطعها بين الصفا والمروة، بممر العربات، فعند انتهاءه تنتهي المسافة الواجب قطعها، ولكن يستحب أن ترقى على الصفا والمروة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
*خامسا: ويجب أن تسعى سبعة أشواط، و تكون البداية من الصفا والنهاية عند المروة، فالمسافة بينهما شوط واحد، حتى إذا انتهيت من آخر شوط على المروة، فقد أتممت السعي.
*سادسا: ويستحب لك أن تكون في أثناء السعي، ذاكرا لله تعالى بأنواع الذكر من قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح والتهليل، كما يستحب الوضوء ولا يجب، فإن كنت غير متوضأ جاز لك أن تسعى من غير وضوء.
*سابعا: ولا تجب الموالاة بين أشواط السعي، فيجوز لك أن شعرت بتعب، أن تستريح ثم تعود فتكمل على ما سبق، حتى لو طال الفصل، فلا بأس بذلك.
*ثامنا: كما لا تجب الموالاة بين الطواف والسعي، فيجوز لك بعد الطواف أن تستريح إن احتجت إلى ذلك، ثم تعود إلى السعي بعد ذلك.
... الحلق والتقصير:
بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك، حج تمتع، أن تقصر من شعرك، وذلك بأن تقص من جميع الشعر، لا من أطرافه كما يفعل الجهال، والحلق أفضل، ولكن لانك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا إن كنت قدمت مبكرا في شهر شوال مثلا فالحلق أفضل، لان شعر رأسك، سيتوفر إلى العاشر من ذي الحجة.
أما إن كنت قارنا أو مفردا للحج، فلا تقصر ولا تحلق، لانه يجب عليك أن تبقى على إحرامك حتى تتحلل من الحج في يوم النحر.
والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة.
... قطع التلبية للمعتمر والحاج:
وإن كنت متمتعا فإنك تقطع التلبية إذا شرعت في الطواف، وأما إن كنت قارنا أو مفردا فإنك التلبية لا تنقطع إلا برمي جمرة العقبة يوم النحر.
... التوجه إلى منى يوم التروية:
إذا جاء يوم الثامن من ذي الحج، وهو يوم التروية، سمى بذلك لان الناس كانوا يتروون الماء في ذلك اليوم، لحاجتهم إلى الماء في منى والمشاعر، إذا جاء هذا اليوم، تحرم قبل الزوال بالحج من أي مكان من الحرم أنت نازل فيه.
وأما إن كنت قارنا أو مفردا، فإنك لم تزل على إحرامك، ثم تتوجه إلى منى فتصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تقصر الصلاة الرباعية ــ إن كنت ممن يقصر الصلاة ــ والأفضل أن تصلي كل فرض لوقته بلا جمع، وتبيت بمنى ليلة عرفة، وهذا المبيت سنة ليس بواجب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
من أين يحرم الحاج والمعتمر في مكة:
والحاج يحرم بالحج من أي مكان من مكة، فقد أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منزلهم الذي نزلوه في مكة وهو الابطح، متفق عليه، وأما المعتمر فيحرم من أدنى الحل، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة رضي الله عنها إلى أدنى الحل لتحرم بالعمرة متفق عليه، وسواء كان الحاج والمعتمر من أهل مكة أو جاء إليها من خارجها.
... إلى عرفة:
ثم الأفضل أن تصلي الفجر في منى بعد البيات فيها، وتبقى حتى تطلع الشمس،، ثم تسير من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس، ويسن لك أن تنزل بنمرة وهو موضع بجانب عرفة، حتى إذا زالت الشمس، تدخل إلى عرفة، وتسمع خطبة الإمام، وتصلي الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم، وتبقى في عرفة إلى الغروب، يستحب لك في أثناء ذلك أن تكثر من الدعاء والتلبية وذكر الله تعالى.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) رواه أحمد والترمذي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/384)
والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج قال صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم.
القدر الواجب من الوقوف بعرفة
ويجب على كل حاج أن يقف بعرفة أي وقت من النهار أو الليل من أول طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، فمن فاته دخول عرفة في أثناء ذلك ولو للحظة فقد فاته الحج، ومن وقف بها ولو مرورا، فقد أدرك الحج، ولكن من دخلها من النهار يجب عليه أن يجمع مع ذلك جزءا من الليل ولو لحظة، فيخرج عند غروب الشمس لا قبلها، فإن خرج من عرفة قبل الغروب يجب عليه أن يعود فيبقى إلى الغروب، فإن لم يفعل صح حجه ولكن عليه دم شاة يذبحها بمكة في حدود الحرم لفقرائه، وذلك لتركه الواجب، وإن لم يتيسر له الوقوف إلا ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه.
عن عروة بن مضرس قال (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيء، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا، فقد تم حجه وقضى تفثه) رواه الخمسة
ويجب أن يكون مسلما عاقلا محرما ولو كان نائما أو جاهلا أنها عرفة.
وفي أي مكان وقفت من عرفة أجزأك، والوقوف عند جبل الرحمة ليس واجبا، كما يظنه الجهال، ويتزاحمون عليه، يظنون أن في ركوبه أجر، فيشقون على أنفسهم بغير طائل، بل في أي مكان وقفت من عرفة فقد أجزأ، قال صلى الله عليه وسلم وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
... إلى مزدلفة:
فإذا غربت الشمس، ادفع إلى مزدلفة وعليك بالسكينة، فإذا وصلتها اجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول شيء فعله في مزدلفة جمع صلاتي المغرب والعشاء، ثم عليك أن تبيت بها وتصلي فيها الفجر، حتى لو تأخرت فلم تصل إليها إلا فجرا بسبب زحمة الطريق، فعليك أن تصلي فيها الفجر، ولاشيء عليك في هذه الحالة، لانك معذور، فإذا صليت الفجر، استحب لك أن تذهب إلى المشعر الحرام ــ مرتفع صغير في مزدلفة ـ وأن تبقى ذاكرا لله تعالى حتى يسفر الوقت جدا، هكذا فعل صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه، فإن لم يتيسر لك الذهاب إلى المشعر الحرام، فاذكر الله تعالى وادعوه في مكانك الذي أنت فيه من مزدلفة، ويستحب أن تذكر الله حتى يسفر جدا، وتدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، عن عمر رضي الله عنه (كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس) رواه الجماعة إلا مسلما.
ثم تخرج من مزدلفة إلى منى.
ويجوز لك أن تدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل إن كنت من الضعفاء، كالمرضى الصغار وكبار السن والنساء وأهل الأعذار، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى) متفق عليه.
وعن عائشة قالت (كانت سوده امرأة ضخمة ثبطة (بطيئة الحركة) فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع بليل فإذن لها) متفق عليه
... إلى منى لرمي جمرة العقبة:
ثم تدفع من مزدلفة إلى منى، متوجها إلى جمرة العقبة، فإن كان طريقك من وادي محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى استحب لك أن تسرع السير، غير أن هذا لا يتيسر الآن بسبب زحمة السيارات، فإذا وصلت إلى جمرة العقبة، فارمها بسبع حصيات، يجب عليك أن تسقط كل حصاة في الحوض رميا ـ لاوضعا باليد ـ، ولا يجب أن تصيب الشاخص، كما يظن ذلك الجهال، يرمون الشاخص حتى تضربه الحصاة، فترتد بعيدا عن الحوض، ومثل هذا لا يصح ولا يجزيء، لان الشاخص إنما وضع لتستدل به على الحوض فقط، وليس ليكون هدفا للرمي.
ويجب أن تنتبه إلى أن حوض جمرة العقبة إنما هو من جهة واحدة فقط، فاحذر أن يكون رميك الحصى من الجهة الأخرى التي وضع لها حائط إسمنتي كبير، بل من الجهة التي فيها الحوض فقط، فترمي الحصى حتى تسقط في الحوض
ويستحب أن تكبر مع كل رمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/385)
وجميع الحاج يوقف التلبية عندما يرمي جمرة العقبة.
عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) رواه الجماعة.
ولك أن تلتقط الحصى من أي مكان، حتى من منى، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في تحديد مكان دون غيره يستحب أن يلقط فيه الحصى.
وتكون الحصى بين الحمص والبندق، قال جابر رضي الله عنه (مثل حصى الخذف) رواه مسلم، ولايجزيء غير الحصى كالحديد وغيره.
وأفضل وقت الرمي بعد طلوع الشمس ضحى، ويجوز بعد الفجر، ولا يجوز قبله، إلا للضعفاء وأهل الأعذار الذين دفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل، ومن يقوم على أمرهم له حكمهم، فيجوز لهم أن يرموا عند وصولهم ولو قبل الفجر، لحديث عائشة قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت، رواه أبو داود وغيره.
والأولى أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس أيضا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال (قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات، فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) رواه أبو داود والنسائي.
... أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبر:
ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعا أو قارنا، أما المفرد فلا هدي عليه، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق، ويجب أن يكون في حدود الحرم، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلا أو أي مكان من الحل، ويجوز ليلا أو نهارا من أيام التشريق، وليس له اثر في تحلل الحاج.
ومن لا يقدر على شراء الهدي، يصوم ثلاثة أيام في الحج، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق، ولا يجوز لاحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله.
ولايجزيء في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر، والثني من المعز والبقر والإبل، وهو من المعز ماله سنة فأكثر، ومن البقر وهو ماله سنتان فأكثر، ومن الإبل وهو ماله خمس سنوات فأكثر، وتجزيء البقرة والبدنة عن سبعة.
ثم تحلق أو تقصر من شعرك والحلق أفضل، والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين قائلا رحم الله المحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة متفق عليه.
والأفضل أن يبدأ المحلق من جانب الرأس الأيمن ثم الأيسر رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه.
ثم تنطلق إلى البيت لتطوف طواف الإفاضة، وهو طواف الحج، ويسمى أيضا طواف الزيارة، وليس في هذا الطواف اضطباع ولا رمل.
وبعد الطواف تسعى بين الصفا والمروة إن كنت متمتعا، أو كنت قارنا أو مفردا ولم تسع بعد طواف القدوم، فيجب عليك أن تسعى هنا.
فالمتمتع يسعى سعين، سعي لعمرته وسعي لحجه، وأما القارن والمفرد فيسعيان سعيا واحدا، لحديث عائشة رضي الله عنها (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فقد طافوا طوافا واحدا) تعني الطواف بين الصفا والمروة وهو السعي، متفق عليه.
ويجوز لاهل الأعذار أن يطوفوا بعدما يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل.
ويجوز لك أن تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة إن شئت، ولكنك في هذه الحالة لاتكون قد تحللت الحل كله، بل يجب عليك أن تعتزل النساء حتى تطوف طواف الإفاضة.
ويجوز لك أن تقدم أو تأخر بين هذه الانساك، إذ لايجب فيه الترتيب كما ذكر آنفا، بل الترتيب مستحب.
عن ابن عباس رضي الله عنها قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال لاحرج متفق عليه.
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فرمى أولا جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ضحى، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف بالبيت وصلى الظهر بمكة، ثم رجع منى فصلى بها الظهر مرة أخرى أيضا نافلة.
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى) متفق عليه، وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر رواه مسلم، وجمع بينهما الإمام النووي رحمه الله أنه صلى بمكة الظهر، ثم رجع فصلى الظهر إماما لأصحابه في منى أيضا
... التحلل الأكبر والأصغر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/386)
وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، فقد حل لك كل شيء إلا النساء، ويسمى التحلل الأصغر.
فإن فعلت ما بقي مع السعي إن لم تكن قد سعيت من قبل، فقد حل لك كل شيء حتى النساء، ويسمى التحلل الثاني أو الأكبر.
ويتوجه القول بأن الحاج إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء، وهوأصح قولي الفقهاء، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت رواه أحمد وغيره، وهو رواية في مذهب أحمد، واختيار الإمام ابن قدامة رحمه الله، وسمعت العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه يفتي بذلك.
... إذا جامع المحرم:
ومن جامع قبل التحلل الأول فعليه أربعة أمور:
الأول: فساد النسك.
الثاني: المضي في فاسده، فيكمل حجه كأنه غير فاسد.
الثالث: وجوب القضاء ثاني عام.
الرابع: عليه أن يذبح بدنه ويوزع لحمها على فقراء الحرم.
عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم الحج، فقالوا http://www.elshouraa.ws/vb/images/smilies/frown.gif ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل والهدي) وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه) رواهما مالك في الموطأ.
ومن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني:
فهو مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من البر أو صاع مما سواه، وعليه إن يخرج إلى أقرب الحل، فيحرم منه لطواف الإفاضة، إلا إن كان قد طاف طواف الإفاضة ورمى ولكنه جامع قبل الحلق أو التقصير فلا حاجة ليجدد إحرامه.
ومن جامع قبل تمام العمرة فعليه شاة.
... المبيت بمنى ليالي التشريق:
ثم تعود إلى منى لتبيت بها ثلاث ليالي، أو ليلتين إن تعجلت، والواجب أن تبيت معظم الليل ـ أكثر من نصفه ـ في منى، ليلة الحادي عشر من ذي الحجة، وليلة الثاني عشر من ذي الحجة، ذلك إن تعجلت في يومين، وليلة الثالث عشر من ذي الحجة إن تأخرت، وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام التشريق، وهي التي قال الله عنها (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).
والدليل على وجوب المبيت بمنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما (استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له) متفق عليه ويدل إذنه للعباس رضي الله عنه، على أنه واجب على غير أهل الأعذار.
رمي الجمار أيام التشريق:
ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق، ووقت رميها في هذه الأيام، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، قال جابر رضي الله عنه (ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس) رواه مسلم.
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، حتى تقع الحصاة في الحوض، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء، وأطل فيه، لان النبي صلى الله عليه وسلم أطال الدعاء في هذا الموضع، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلا عن الزحام وأطل في الدعاء، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه، ولاتقف عندها للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن أخللت بالترتيب، أعد الرمي.
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم، فترمي في اليوم الثاني، أولا رمي اليوم الأول، حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث، إن لم تتعجل في يومين، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بينة اليوم الثاني، ثم الثالث هكذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/387)
***التعجل والتأخر:
ويجوز لك أن تتعجل في يومين، فإذا رميت الجمار ثاني أيام التشريق، تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر مكة، والأفضل أن تتأخر، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وترمي الجمرات بعد الزوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة، ثم تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر.
ويشترط لمن عزم على التعجل في يومين أن يرمي الجمرات في اليوم الثاني قبل غروب الشمس ثم يخرج من منى، فإن بات بها، أو أدركه الليل وهو فيها، وجب عليه أن يأتي برمي اليوم الثالث بعد الزوال فيتأخر، ولابأس إن حبس بسبب الزحام حتى أدركه الغروب وهو في منى بغير اختياره، فليرم وينفر إن شاء التعجل لانه معذور
... طواف الوداع:
ولا يجب عليك طواف الوداع إلا إذا عزمت الخروج من مكة، فإن أردت البقاء فيها، فإنك تؤخره إلى أن تعزم على مغادرتها.
ولا يجوز لك أن تنشغل بشيء بعد طواف الوداع، بل تبادر إلى مغادرة مكة، إلا أن تنتظر صحبة تلحق بك، أو تشتري حاجاتك في طريقك ونحو ذلك.
والحائض يسقط عنها طواف الوداع، فإذا انهت رمي الجمار، فلها أن تسافر، عن ابن عباس رضي الله عنه قال (أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق عليه.
ويجوز لمن أخر طواف الإفاضة أن يطوفه وينوي به طواف الإفاضة والوداع، طوافا واحد، ويغادر، حتى لو كان عليه سعي بعد الطواف، لان ذلك لا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق فالسعي متعلق بالبيت أيضا.
... فوات الحج:
ومن أدركه من الحجاج طلوع فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة ولو للحظة، فقد فاته الحج، وانقلب إحرامه عمرة، فيطوف ويسعى ويتحلل، ويقضى من العام القادم، ويذبح هديا في قضاءه، إلا إذا كان قد اشترط فلاهدي عليه ولاقضاء.
... الاحصار:
ومن منع مانع عن إتمام حجه قبل أن يحرم بالنسك رجع ولاشيء عليه.
وإن كان بعد إحرامه وقد اشترط قائلا عند إحرامه (ومحلي حيث حبستني) حل من إحرامه ولبس ثيابه ولاشيء عليه.
وإن لم يكن قد اشترط، فإن حبس عن الحج كله ولا يستطيع أن يصل إلى البيت، ذبح هديا في المكان الذي حصر فيه، أو بعث به إلى الحرم، ثم حلق أو قصر وصار حلالا.
وهذا هو الإحصار، وأصح قولي العلماء أن الحاج يصير محصرا يجوز له تحلل المحصر سواء احصر بعدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة.
فإن لم يجد هديا في موضعه الذي أحصر فيه، أناب من يذبح عنه الهدي في الحرم ثم حل، فإن كان فقيرا لا يقدر على ذبح الهدي، صام عشرة أيام ثم حل في قول الجمهور، والصحيح لاشيء عليه، فيحلق أو يقصر وقد حل.
ومن حبس عن عرفة فقط، ذهب إلى البيت وتحلل بعمرة ولاشيء عليه، إن كان قبل الفوات، وإن كان تحلله بعمرة بعد الفوات، فعليه القضاء.
وإن وقف بعرفة وحصر عن إتمام بقية الحج، يذبح هديا بنية التحلل ويحلق أو يقصر، ويكون بذلك قد حل من إحرامه كمن احصر عن الحج كله.
... صيد مكة:
ويحرم صيد مكة على الحاج وغيره، فكل ما يحرم صيده حال الإحرام، يحرم صيده في حدود الحرم المكي، وكذلك الحرم المدني.
ولا يجوز قطع شجر الحرم وحشيشه، اللذين لم يزرعهما الآدمي.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة (إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولايختلى خلاه ولا ينفر صيده وتلتقط لقطته إلا لمعرف) متفق عليه، ومعنى لا يعضد شوكه أي لا يقطع الشجر الذي فيه شوك، والمقصود لا يقطع كل الشجر حتى الذي فيه شوك، ومعنى يختلى خلاه أي لا يقطع الحشيش الرطب منه، دون اليابس فيجوز، وكذلك رعي الأنعام يجوز مطلقا لان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكمموا أفواه ما معهم من النعم في الحرم.
ومعنى لا تلتقط لقطته إلا لمعرف، أن من وجد في الحرم لقطة وجب عليه أن يعرفها أبدا، وأما في غير الحرم فيعرفها سنة ثم يأخذها إن لم يأت صاحبها، فإن جاء يوما من الدهر، دفعها إليه أو دفع ثمنها إن طلبها صاحبها.
... زيارة المدينة المنورة:
ويستحب للحاج أن يغتنم فرصة وجوده بمكة، فيكثر من الطواف في البيت، ويزداد من الصلاة في المسجد الحرام، فعن جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه) رواه أحمد وابن ماجة
ويستحب له أن يصلي داخل الكعبة إن استطاع، أو في الحجر فإنه من الكعبة.
وأن يحمل معه من ماء زمزم
زيارة المسجد النبوي وإحذر الشرك ووسائله:
وزيارة المسجد النبوي سنة مستحبة، ولكن لاتعلق لها بمناسك الحج، وكل ما ورد من أن الحج لا يقبل بغير زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أن ذلك جفاء له صلى الله عليه وسلم، مثل ما يروى (من حج فلم يزرني فقد جفاني)، كل ذلك لا يصح و لاتقوم به حجة.
ولا يجوز أن ينوي المسافر إلى المدينة شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
ولكن ينوي زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وله أن يزور القبر الشريف مصليا ومسلما على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلما على صاحبيه رضي الله عنهما، وله أن يدعو الله تعالى عند الزيارة مع استقبال القبلة، ولا يستقبل الحجرة التي فيها القبر حال الدعاء، ولا يجوز لاحد أن يدعو عبدا من دون الله تعالى، لاملكا مقربا، ولانبيا مرسلا، قال تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).
ولا يجوز سؤال الشفاعة إلا من الله تعالى، قال تعالى (قل لله الشفاعة جميعا)، فيقول الزائر (اللهم ارزقني شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم) ونحو ذلك.
ولا يجوز التبرك بجدران الحجرة التي فيها القبر الشريف، ولا بشيء من قبور الصالحين وآثارهم، فذلك بدعة ضلالة، وقد قال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه الترمذي وأبو داود.
http://h-alali.info/f_open.php?id=a364cc58-e0be-1029-a62a-0010dc91cf69
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/388)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 10 - 07, 09:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
ـ[أبوعبدالرحمن القحطاني]ــــــــ[25 - 10 - 07, 09:23 ص]ـ
جزى الله المتكلم والناقل خير الجزاء والله استفدت كثيرا من الموضوع
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 07:01 ص]ـ
بارك الله فيكما اخواني .. أسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم الأجر.
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 04:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
بحث ماتع رفع الله قدركم ..(86/389)
حقوق الملكية الفكرية وطرق حمايتها
ـ[صادق صبور]ــــــــ[25 - 10 - 07, 12:48 م]ـ
الإخوة الأعزاء في المنتدى بارك الله فيكم
وجدت مقالة لابأس بها حول ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية وطرق حمايتها،فأحببت إنزاله هاهنا لتعم الفائد، لاسيما وأنه يكثر في المنتدى نسخ بعض المؤلفات،وهذا المقال من إعداد الأستاذ/أحمد محمد العنزاوي، فإلى المقال:
وفي البدء كلمة:
مع بدء استقرار الإنسان في الأرض، ورغبته في تأمين مسكن له، يؤويه ويحميه من وحوش الغابة، ومن العوامل والكوارث الطبيعية، والصنعية التي ابتكرها بنفسه. نتجت حقوق طبيعية إنسانية من أولها: حق الملكية، وبدأت هذه الحقوق تتشعب وتتنوع مع تطور حياة الإنسان، وظهور المخترعات، وتطور اللغة المحكية والمكتوبة.
من أهم هذه الحقوق، الحقوق المعنوية، وحقوق الملكية الفكرية. وقد بدأت تظهر في مختلف الدول، التشريعات التي تحمي هذه الحقوق، وكيفية التصرف بها، وطرق نقلها إلى الآخرين.
نتطرق في هذه الدراسة للحديث عن حقوق الملكية الفكرية، وطرق حمايتها بين الفقه والقانون، بعد أن نقدم تعريفاً مختصراً لأنواع الحقوق.
1 - تعريف الحقوق وأنواعها:
لقد وردت كلمة الحق بمعاني متعددة بالنظر لما يراد منها من جهة، ولأن معناها اللغوي يدل أكثر من دلالة واحدة.
1 - 1 - تعريف الحق لغةً واصطلاحا:
الحق لغةً: إن المعنى العام لكلمة الحق تعني: الثبوت والوجوب، ولم يبتعد علماء الفقه عن هذا المعنى اللغوي كثيراً، ومن هذه المعاني:
- الثبوت والوجوب: وفي هذا المعنى تفيد ثبوت الحكم ووجوبه كقوله تعالى:) لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ((يس: 7).
- الأمر الثابت: أي الأمر الموجود كقوله تعالى:) ونادى أصحابُ الجنَّة أصحابَ النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ((الأعراف: 44).
- الحق ضد الباطل: كقوله تعالى:) ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ((البقرة:42).
- الحق بمعنى اليقين: كقوله تعالى:) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ((الذاريات: 23).
- ويستعمل الحق بمعنى العدل: كقوله تعالى:) والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير ((غافر: 20).
وقوله تعالى:) ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ((الأنعام: 151).
- ويرد الحق بمقابل الواجب أو الحكم: كقوله تعالى:) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ((الذاريات: 19). [1]
- الحق اصطلاحاً: فقد وردت تعريفات كثيرة لعلماء القانون تنحصر كلها بالمفهوم القانوني لمدلول كلمة الحق، ومن هذه التعريفات:
- الحق عبارة عن فائدة مادية أو أدبية يحافظ عليها القانون بوساطة منح صاحبها قوة يعمل بها الأعمال اللازمة للتمتع بهذه الفائدة. [2]
- وقد عرف الدكتور السنهوري الحق: بأنه مصلحة ذات قيمة عالية يحميها القانون. [3] وقد انتقد هذا التعريف لأنه حصر الحق بالقيمة المالية، مع أن هناك حقوقاً لا تقدر بالأموال ولكنها من قبيل السلطة كحق الولي على الصغير مثلاً.
- ويعرف شرّاح القانون المدني المصري الحق: بأنه سلطة أو قدرة إرادية يحولها الشخص لتمكينه من القيام بأعمال معينة، تحقيقاً لمصلحة له يعترف بها القانون. [4]
الحق في الفقه: فقد وردت تعريفات كثيرة نكتفي منها باثنين:
- عرف الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقاء الحق: الحق هو اختصاص يقر به الشرع سلطة أو تكليفاً. [5]
- عرف الشيخ علي الخفيف الحق: هو المصلحة المستحقة شرعاً. [1]
1 - 2 - أنواع الحقوق:
قسم علماء القانون الحقوق إلى عدة أقسام وذلك لنظرتهم إليه باعتبارات مختلفة من وجوه مختلفة وهذه النظرة عبارة عن بيان وتوضيح لمدلول ومفهوم أنواع الحقوق، فهي وصف لواقع يظهر ما يدل عليه إطلاق كلمة الحق وليست بمنشئة لحقوق جديدة، والمثال على ذلك تقسيم الحق إلى مطلق ونسبي.
فالحق النسبي: هو الحق الذي وجد لمصلحة شخص أو أكثر تجاه آخر، كالالتزمات بين الأفراد، فالدَيْنُ عبارة عن ارتباط بين دائن و مَدينِه يلتزم فيه المدين بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/390)
أما الحق المطلق فهو امتياز يمنح لشخص معين و يكفل القانون حفظ هذا الحق دون أن يكون هناك التزام معين من فرد معين بل إن الناس جميعاً يلتزمون باحترام هذا الحق كحق الملكية مثلاً. [6]
وقسم علماء القانون الحقوق إلى حقوق سياسية وحقوق غير سياسية، و إلى حقوق عامة وحقوق خاصة، وإلى حقوق الأسرة، وإلى حقوق مالية، و إلى حقوق شخصية وعينية وذهنية.
وقد قسم الفقه الإسلامي الحقوق إلى قسمين باعتبارات مختلفة:
1. باعتبار صاحب الحق: إلى ثلاثة أنواع: حق الله وحق الإنسان وحق مشترك وهو ما اجتمع فيه الحقان معاً.
2. باعتبار القوة المؤيدة: وقسمه فقهاء المسلمين باعتبار القوة الملزمة له إلى نوعين: حق دياني وحق قضائي. [6]
2 - حق الملكية الفكرية:
إن الحقوق الاعتبارية والأدبية والذهنية كحقوق التأليف وتحقيق المخطوطات، والاختراعات وغير ذلك. هي من الحقوق الفكرية التي تعطي لصاحبها الحق بالاحتفاظ بالربح الناتج عن عمله، وهو حق مشروع موجه يقره الفقه الإسلامي على أساس الجهد المبذول من قبل صاحبه ويعطيه السلطة بمنع أي إنسان آخر من أن يقوم بنشر مؤلفه أو اختراعه، ولهذا الحق جانبان مادي ومعنوي. فالجانب المادي يتعلق بالفائدة المادية التي يحققها صاحب هذا الاختراع من عمله، والجانب المعنوي أنه لا يجوز لأحد أن ينسب هذا العمل له لأنه يعد متجاوزاً حق صاحب الإنتاج الذي له وحده الحق بحمل اسم عمله المبتكر. [6]
وقد نصت المادة 89 من القانون المدني السوري على أن: " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة." [7]
2 - 1 - حق التأليف:
المصنف: هو الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أم علمياً أو فنياً مبتكراً مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه [8]
المؤلف: من ينشر المصنف منسوباً إليه سواء بذكر اسمه على المصنف أم بأية طريقة أخرى بما في ذلك استعماله اسماً مستعاراً إلا إذا قام الدليل على غير ذلك. [8]
حق ملكية المؤلف: هو مجموعة المصالح المعنوية و المادية التي تثبت للشخص على مصنفه. [8]
2 - 2 - حق الطباعة:
وقد تنوعت أشكال الطباعة و لم تعد تقتصر على الشكل الورقي وتشمل المصنفات المكتوبة، و المصنفات الفنية ومصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية والتصوير الفوتوغرافي ومصنفات المصورات والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات المتصلة بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو العلوم ومصنفات البرمجيات الحاسوبية، بما في ذلك وثائق تصميمها ومجموعات البيانات. [8]
ومن التشريعات المحلية التي صدرت وتتعلق بالحماية الفكرية لحق الطباعة ما يلي:
1 - قانون المطبوعات العام رقم 53 تاريخ 8/ 10/1949، وقد عدل بعدد من المراسيم التشريعية وقد عرفت المادة 32 منه المؤلفات الأدبية و الفنية بأنها " كل ما تنتجه المواهب البشرية خطياً، أو شفوياً، أو صوتياً، أوصناعياً أو بالحركة. [9]
2 - قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 12/ 6/1949 وتعديلاته، المواد من رقم 708 حتى 715 [10]
وخلال فترة الانتداب الفرنسي أصدر المفوض السامي القرار 2385 تاريخ 17/ 1/1924 والذي ينظم حقوق الملكية التجارية و الصناعية و الملكية الأدبية و الفنية في الجزء السابع، وبذلك ضمت سورية و لبنان إلى اتفاقيات حماية الملكية الفكرية الدولية [9،11]
وهناك مجموعة من الاتفاقات الدولية لا مجال لذكرها، حيث لا تسمح الورقة بذلك.
2 - 3 - حق النشر:
النشر: نقل المصنف أو إيصاله بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى الجمهور أو استخراج نسخ أو صور منه أو من جزء من أجزائه يمكن قراءتها أو سماعها أو رؤيتها أو أداؤها. ولمؤلف المصنف المشمول بالحماية وحده الحق في تقرير نشر مصنفه وفي اختيار طريقة هذا النشر، وله وحده ولمن يأذن له خطياً حق استثمار مصنفه مالياً بأية وسيلة أو شكل كان و لا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابي منه أو ممن يخلفه. [8]
إن حماية حقوق المؤلف لا تتنافى و حق الدولة في حظر تداول أي مصنف يشكل مساً بالنظام العام أو الآداب.
هذا تعريف مختصر بحقوق الملكية الفكرية أو ما يسمى بالحقوق "الاعتبارية والأدبية" في القوانين الوضعية، ولكن ماذا عن هذه الحقوق في ميزان الشرع والفقه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/391)
والسؤال الذي نطرحه في هذا المجال هو: هل الجهد الفكري في التأليف، يورث صاحبه، في ميزان الشرع، أي اختصاص حاجز يتضمن معنى الحق؟ [12].
والجواب على ذلك: نعم، بل لا نعلم في هذا القدر خلافاً، ومن أبرز ما يدل على ذلك ما هو ثابت من حرمة انتحال الرجل قولاً لغيره، أو إسناده إلى غير مصدره. بل كانت الشريعة وما تزال، قاضية بنسبة الكلمة و الفكرة إلى صاحبها، لينال هو دون غيره أجر ما قد تنطوي عليه من خير، وليتحمل وزر ما قد تجره من شر. وقد ذهب الإمام أحمد في تحديد هذا الاختصاص و تفسيره مذهباً جعله يمتنع عن الإقدام على الاستفادة بالنقل والكتابة عن مقال أو مؤلف عرف صاحبه، إلا بعد الاستئذان منه. فقد روي عن الغزالي أن الإمام أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها، أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردها؟ فقال: لا، بل يستأذن ثم يكتب. [12]
إذن، التأليف يورث صاحبه حقاً يتعلق بمحله الذي هو ثمرة جهد فكري أو علمي.
ولكن ما هي طبيعة هذا الحق؟ أهو حق مادي مالي، أم هو حق معنوي خال عن شوائب النفع المادي أو المالي؟ لن ندخل في التفاصيل لأن الدراسة لا تسمح بذلك، و إنما نقول بما ورد في كتب الفقه: إن مالك المصنف بهبة أو شراء، إنما يحق له أن يتصرف بالعين المادية التي اشتراها، إذ هي التي وقع العقد عليها، كما أنه يملك أن يعبر عن الأفكار التي في المصنف وأن يناقشها ويرفضها ويرويها، و لكن ليس له أن ينتحلها لنفسه، ثم إنه لا يملك إذن من باب أولى أن يبيع هذا الحق المنسوب إلى غيره ويستقل هو بثمنه اعتماداً على مجرد أنه قد امتلك نسخة من مصنف تحوي صورة هذا الحق، لا شك أن هذه النسخة تغدو عندئذ في يد أشبه ما تكون بكوة فتحت في جدار، لتتسرب اليد الأجنبية منها إلى الداخل، ثم لتقتنص كل ما قد يوجد فيه دون حق. [12]
وتتمثل هذه الحقوق في أكثر الأحيان بعبارة تدون على المصنف المطلوب حمايته لصاحبه الذي أنتجه "حقوق التأليف و الطباعة و النشر محفوظة " أو " جميع الحقوق محفوظة ".
يتبع ...
ـ[صادق صبور]ــــــــ[25 - 10 - 07, 12:50 م]ـ
3 - الحقوق الأخرى التي تطبق على حق الملكية الفكرية:
حقوق ثلاثة مترابطة مع بعضها و مع الحقوق الثلاثة السابقة التي ذكرت و نبين حكم القانون والشريعة في هذه الحقوق بشكل موجز، في حرية استعمال المصنفات المحمية.
3 - 1 - حق نسخ المؤلف:
تعد أوجه الاستعمال التالية للمصنف المتمتع بالحماية بلغته الأصلية أو بنصه المترجم إليه مشروعة دون الحصول على موافقة المؤلف:
استنساخ أي مصنف يمكن مشاهدته أو سماعه أو عرضه، وذلك عن طريق التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي أو وسائل إعلام الجمهور أو جعل ذلك المصنف في متناول الجمهور في الحدود التي يسوغها الهدف الإعلامي المنشود. [8]
استنساخ أعمال فنية تشكيلية أو معمارية لعرضها سينمائياً أو تلفازياً وإبلاغها للجمهور، إذا كانت هذه الأعمال موجودة بصفة دائمة في مكان عام. [8]
استنساخ عمل أدبي أو فني أو علمي بالتصوير الفوتوغرافي أو بطريقة مشابهة إذا كان قد سبق وضعه في متناول الجمهور بصورة مشروعة، وذلك إذا جرى الاستنساخ من قبل مكتبة عامة أو مركز للتوثيق غير تجاري أو مؤسسة علمية أو معهد تعليمي بشرط أن يكون ذلك الاستنساخ وعدد النسخ مقتصراً على احتياجات أنشطة الجهات المستنسخة، وبشرط ألا يضر ذلك بالاستثمار المادي للمصنف أو يتسبب في ضرر لا مسوغ له لمصالح المؤلف المشروعة. [8]
3 - 2 - حق بيع المؤلف:
للمؤلف أن ينقل إلى غيره الحق في مباشرة حقوق الاستثمار المنصوص عليها في قوانين الحماية. ويكون ذلك بصورة كتابية و بتحديد واضح لكل حق في التصرف على حدة. [8]
إذا نقلت ملكية النسخة الأصلية من مصنف فلا يتضمن ذلك نقل حق المؤلف ومع ذلك يحق لمن يمتلك تلك النسخة أن يعرضها على الجمهور دون أن يكون له حق نسخها ما لم يتفق على خلاف ذلك. [8]
تنتقل حقوق المؤلف كاملة إلى ورثته بعد وفاته، بما في ذلك اتخاذ قرار نشر المصنف إذا لم يكن منشوراً قبل الوفاة وفي حال عدم وجودهم تنتقل هذه الحقوق إلى الوزارة المسؤولة عن مثل هذه الحماية. [8]
3 - 3 - حق التنازل عن المؤلف:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/392)
إن حق التنازل عن المؤلف يتمثل بشكل مشابه بحق البيع، ويكون التنازل في أكثر الأحيان دون عوض مادي، و لذلك فإن ما ورد من نصوص بحق البيع تنطبق على حق التنازل.
هذا في القوانين الوضعية التي تختلف من بلد إلى آخر، ولكن ما الأحكام التي نصت عليها الشريعة والفقه في هذه الحقوق.
فقد ثبت كما بينا سابقاً أن حق الابتكار حق تقره الشريعة الإسلامية بفضل أسبقيته إلى ابتكار ذلك الشيء، فينطبق عليه ما ينطبق على حق الأسبقية من أحكام، وأن بعض الشافعية و الحنابلة أجازوا بيع هذا الحق، ولكن المختار عندهم عدم جواز البيع، ولكن يجوز التنازل عنه بمال، وقد أجاز البهوتي في شرح منتهى الإرادات التنازل عن حق التحجير وحق الجلوس في المسجد، وهذه من حقوق الأسبقية والاختصاص، ومقتضى ذلك أنه يجوز التنازل عن حق الابتكار أو حق الطباعة لرجل آخر بعوض يأخذه المتنازل، ولكن هذا يتأتى في أصل الذي يبذله المبتكر من أجل جهده وماله ووقته، والذي يعطي هذا الحق مكانة قانونية تمثلها شهادات مكتوبة بيد المبتكر وفي دفاتر الحكومة، وصارت تعد في عرف التجار مالاً متقوماً فلا يبعد أن يصير هذا الحق المسجل ملحقاً بالأعيان والأموال بحكم هذا العرف السائد، ونظراً إلى هذه النواحي أفتى أكثر العلماء المعاصرين بجواز بيع هذا الحق. ومن الجدير بالذكر أن العلامة المفتي محمد شفيع تقي العثماني- رحمه الله تعالى- كان يفتي بعدم جواز بيع حقوق النشر، وله في ذلك رسالة وجيزة مطبوعة في كتابه (جواهر الفقه)، ولكنه بعد أن انتهى من تأليف كتابه أراد أن يعيد النظر في فتواه وأن يدرس المسألة من جديد ببحث وتحقيق مستفيض بما ينقح مسألة الحقوق والاعتياض عنها، وكان منفتحاً لكل رأي جديد يسنح له، ولكن وافته المنية قبل الشروع في ذلك. [13]
4 - متى تسقط هذه الحقوق:
إن النظم العربية والغربية وإن كانت متفقة في الأصل على ضرورة الحماية لحقوق المؤلفين لصالحهم ولصالح الأمة أيضاً إلاّ أنها تختلف من بلد لآخر في بعض جزئيات النظام ومواده، وهذا الاختلاف تفرضه السلطة القضائية التي تتبناها الحكومة التي تصدر هذا النظام أو ذاك، وهكذا شأن ما كان من عند غير الله يكون فيه الاختلاف.
ونبين المدة التي يحتفظ بها المؤلف لمصنف ما مهما كان نوعه، ومتى تسقط هذه الحقوق أو تنتقل، وذلك من خلال قانون حماية الملكية الفكرية الصادر في سورية برقم (12) لعام 2001 وأكثر القوانين الوضعية في مختلف دول العالم تشابه ما سنذكره مع بعض الاختلاف البسيط.
تتمتع بالحماية حقوق المؤلف طوال حياته وحتى خمسين سنة من وفاته، وإذا اشترك في تأليف المصنف أكثر من شخص فإن الحماية تشمل المؤلفين كافة حتى غاية خمسين سنة من وفاة آخر المشاركين في تأليف المصنف. [8]
كذلك يتمتع بالحماية المصنف الذي ينشر دون اسم مؤلفه أو ينشر باسم مستعار مدة خمسين سنة بدءاً من تاريخ النشر بطريقة مشروعة. [8]
وإن حماية المصنفات السمعية/ البصرية أو الإذاعية أو السينمائية تمتد طوال خمسين سنة بدءاً من تاريخ إنتاج المصنف، وإذا وضع المصنف بمتناول الجمهور بموافقة المؤلف خلال تلك الفترة فإن الحماية تمتد طوال خمسين سنة اعتباراً من تاريخ الوضع. [8]
إن حماية المصنفات الفوتوغرافية أو مصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية تمتد طوال عشر سنوات بدءاً من تاريخ إنتاج المصنف. [8]
تؤول إلى الملك العام جميع المصنفات غير المحمية أو التي انقضت مدة حمايتها. [8]
والمسألة في الفقه تتمثل في أن الأفكار والحقائق والنتائج هي حصيلة جهد وعمل وسهر وبحث المؤلف، لذلك فهي حقوقه الخاصة التي يحرص عليها، ويدافع عنها. ويزعجه أن تنتزع منه بأن ينتحلها إنسان لنفسه ويدّعيها له، بينما لم يجتهد في تحصيلها ولا بحثها ولا أنفق المال والوقت في سبيلها. ولقد سمى العلماء منتحل أعمال الآخرين (العلمية أو الأدبية أو الفنية) سارقاً، فهتكوا ستره، و فضحوا جريمته، و ألفوا في شأنه الكتب التي تكشف سوء فعلته. وإذا كانت هذه المؤلفات و الإبداعات والابتكارات حقاً لمن اجتهد في تحصيلها وتأليفها و إظهارها، و كان في الناس من يحرص على الانتفاع بها، فإنها إذن: منفعة، والمنفعة (مال)، و المنفعة لها قيمة مادية معترف بها شرعاً. إن بائع الكتاب إنما يبيع (الورق والحبر و الجلد الذي يحتويه). أما الحقائق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/393)
العلمية التي في الكتاب، فإن المؤلف إنما أتاح للآخرين الانتفاع بها من خلال حيازتهم لهذا الكتاب، و هي (أعني الحقائق العلمية) ملك لصاحبها. [11]
5 - الخاتمة و المقترحات و التوصيات:
تلك هي مختصرات و إشارات إلى حقوق حماية الملكية الفكرية و طرق حمايتها بين الفقه و القانون، و إلى شذرات من بحر لجي واسع، لا تكفيه الصفحات المعدودات و الدقائق التي لا تزيد في أكثر الأحيان عن الثلاثين دقيقة أن توفيه حقه من الشرح و التفصيل.
لذلك نشير بملاحظات لعدد من الأمور توضح ما يكون أسساً شرعية لحق حماية الملكية الفكرية:
1. وجوب التزام الأمانة العلمية، و ذلك بتوثيق الأخبار بالأسانيد، وفق الضوابط المرسومة في علم مصطلح الحديث.
2. تخريج النصوص بنسبتها إلى أصحابها، وعزوها إلى المصادر التي استقيت منها بدقة و أمانة.
3. تحريم قرصنة الكتب و المؤلفات، بأي شكل كانت، و كشف من مارس سرقة عمل غيره و انتحاله لنفسه.
4. التخليد، أو ما يسمى اليوم (الإيداع) والذي عرف لوناً منه اليونان، وعرفه المسلمون، فقد كان كبار العلماء في العصر العباسي يخلدون أعمالهم في دار العلم في بغداد التي أنشأها البويهي سابور بن أردشير عام 382هـ.
5. صنعة الاستنساخ التي كانت رائجة ويكتسب بعض الناس بها لمعيشتهم.
6. مسألة أخذ الأجرة عن التحديث، وقد احتج من قال بصحة ذلك بالقياس على أخذ الأجرة على كتاب الله. فقد صح عن النبي r قوله أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) (البخاري، رقم الحديث 5296).
7. إن هذا السبق العلمي أو الأدبي أو الفني ملك لصاحبه بمعنيين: بالمعنى الأدبي: بأن لا ينتحل من قبل الآخرين، وبالمعنى المادي: بأن يملك صاحبه أن يستثمره لنفسه أو يسمح لغيره بأن يستثمره يجعله مباحاً يملك من شاء أن يستفيد منه.
وفي الختام نقول: هذا ما يمكن تصنيفه من مجامع الاستدلال للخلاف في هذه المسألة، والناظر يعرف الراجح من الموازنة بين أدلة القولين (الفقه والقانون)، وما على المرء إلا أن يسلك مسلك الورع تحقيقاً لخلوص النية وتجريدها مما يشوبها من الخلاف. [14]
المصادر والمراجع
1. الحق والذمة: الأستاذ الشيخ علي الخفيف، ص35.
2. أصول القوانين: د. محمد كامل مرسي، ص408.
3. مصادر الحق في الفقه الإسلامي ج1: د. السنهوري، ص4.
4. المدخل لعلم القانون: د. سليمان مرقس، ص419.
5. المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي: الشيخ مصطفى الزرقاء، ص11.
6. المدخل لدراسة التشريع الإسلامي ج2: د. عبد الرحمن صابوني، ص9 - 15.
7. القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (84) تاريخ 18/ 5/1949.
8. قانون حماية حقوق المؤلف رقم (12) لعام 2001 في الجمهورية العربية السورية.
9. شرح القانون المدني السوري- الحقوق العينية الأصلية: د. محمد وحيد سوار.
10. قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم _148) لعام 1949 وتعديلاته، المواد 708 وحتى 715.
11. البيوع الشائعة: د. محمد توفيق رمضان البوطي، ط1، دار الفكر، ص208 وما بعد.
12. قضايا فقهية معاصرة ج2، ط1، 1419هـ- 1999م، مكتبة الفارابي، دمشق: د. محمد سعيد رمضان البوطي، ص43 - 50.
13. بحوث في قضايا فقهية معاصرة: محمد تقي العثماني، دار القلم، دمشق، ط1، 1419هـ- 1998م، بحث بيع الحقوق المجردة، ص75 وما بعد.
14. فقه النوازل- قضايا فقهية معاصرة ج2: بكر بن عبد الله أبو زيد، حق التأليف تاريخاً وحكماً، ص101 وما بعد.(86/394)
ما حكم هذه المسألة من مسائل الجنائز؟
ـ[سعد السويلم]ــــــــ[25 - 10 - 07, 02:54 م]ـ
انتشر بين كثير من الحرصين على الخير الذهاب إلى مغاسل الموتى والصلاة على الأموات الموجودين فيها، أو الذهاب إلى المساجد القريبة منهم ليصلوا على الأموات الذين أحضروا للصلاة عليهم، فيصلي عليهم جماعة من هؤلاء، ثم يتوجهون لمسجد آخر للصلاة على الأموات فيه، ثم يتوجهون لمسجد ثالث، بحيث إنه يصلي في أربع مساجد أو خمسة قبل أن يصلى عليهم من قبل إمام المسجد، فهل هذا العمل مشروع، ثم أليس هذا يعد تكرارا للصلاة على الجنائز بحيث إنه يصلى علهم مرتين أو أكثر.
وسؤال آخر يتعلق بهذا الموضوع وهو أنه ينتظر بعض الأخيار الصلاة بعد الصلاة، لكن إذا لك يكن في هذا المسجد الذي ينتظر الصلاة فيها جنازة خرج إلى مسجد آخر ربما لم يبق على الإقامة فيه للصلاة إلا ربع ساعة أو أقل، فأيهما أولى: هل أقطع انتظاري للصلاة وأذهب لأصلي على تلك الجنائز أم أبقى منتظرا للصلاة بعد الصلاة؟
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[02 - 04 - 09, 03:48 م]ـ
بالنسبة للسؤال الأول فقد سأل أحد الاخوة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى عن هذه المسألة فشدد في ذلك ونهى عنه.
وأعرف احدى المغاسل (الخيرية) تأتي بالجنازة وبعد الانتهاء من تغسيلها وتكفينها يلزمون أهلها بالصلاة عليها داخل مسجدهم بحجة (أن لأهل المسجد حق في الأجر) ومن ثم يحملها أهلها للصلاة عليها في مسجد آخر ونسوا بل تناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أسرعوا بالجنازة))
وأنا على علم واطلاع تام بمثل هذه الأمور ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
العلمُ يرفعُ بيتاً لا عِمادَ لهُ ........... والجهلُ يهدِمُ بيتَ العزِّ والشَّرفِ
ـ[أبو مجاهد العوفي]ــــــــ[03 - 04 - 09, 01:35 ص]ـ
انتشر بين كثير من الحرصين على الخير الذهاب إلى مغاسل الموتى والصلاة على الأموات الموجودين فيها، أو الذهاب إلى المساجد القريبة منهم ليصلوا على الأموات الذين أحضروا للصلاة عليهم، فيصلي عليهم جماعة من هؤلاء، ثم يتوجهون لمسجد آخر للصلاة على الأموات فيه، ثم يتوجهون لمسجد ثالث، بحيث إنه يصلي في أربع مساجد أو خمسة قبل أن يصلى عليهم من قبل إمام المسجد، فهل هذا العمل مشروع، ثم أليس هذا يعد تكرارا للصلاة على الجنائز بحيث إنه يصلى علهم مرتين أو أكثر.
مالذي يمنع أن يصلى على الجنازة أكثر من مرة؟
بالنسبة للسؤال الأول فقد سأل أحد الاخوة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى عن هذه المسألة فشدد في ذلك ونهى عنه.
أرجو أن تبين لنا المصدر وفقك الله اخي الفاضل أوتفصيل الشيخ في ذلك.
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[03 - 04 - 09, 03:28 ص]ـ
أرجو أن تبين لنا المصدر وفقك الله اخي الفاضل أوتفصيل الشيخ في ذلك.
حفظك الله أخي أبا مجاهد ونفع بك:
أعلم جيداً أنه من الصعب نقل الفتوى بمجرد ذكرها من شخص لم تَلْقَهُ ولم تعرفه وهذا الأمر يمرُّ علينا جميعاً في كثير من المسائل.
وبالنسبة للسؤال الذي وُجِّه للشيخ حفظه الله:
فقد طلبت من أحد الاخوة سابقاً وهو من المواضبين على درس الشيخ أن يسأله هذا السؤال بعد درس سنن الترمذي بمدينة جدة ففعل وأفادني بما ذكرته سابقاً - وأحببت أن أنقله لكم_(86/395)
ما حكم قراءة الفاتحة خارج الصلاة
ـ[عبدالله ابوحسان]ــــــــ[25 - 10 - 07, 04:54 م]ـ
السلام عليكم
اود ان اسال عن تفصيل القول في قراءة الفاتحة خارج الصلاة هل من بحث عنها؟ اي بمعنى القراءة في خطبة الزواج، على الاموات، عند اتمام العقود، وما شابه
وبورك فيكم
ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[26 - 10 - 07, 03:10 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
....................
لا شك ان سورة الفاتحة هي اعظم سورة في القرآن الكريم وهي السبع المثاني كما قال الحق سبحانه وتعالى" ولقد ءاتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم"
قال القرطبي" سميت بذلك لانها تثنى في كل ركعة"
وقد ثبت فضل سورة الفاتحة في عدة احاديث منها:
عن ابي سعيد بن المعلى رضي الله عنه وارضاه قال "مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وانا اصلي فدعاني فلم آته حتى صليت. ثم أتيت فقال:فقال: ما منعك ان تأتي؟؟ فقلت: كنت اصلي فقال: الم يقل الله " يا ايها الين آمنوا استجيبوا لله وللرسول " ثم قال: الا اعلمك اعظم سورة في القرآن الكريم قبل ان اخرج من المسجد. فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرته فقال: الحمد لله رب العلمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته " رواه البخاري " صحيح البخاري مع الفتح 9\ 453
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند رسول صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط الا اليوم فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل الى الارض لم ينزل الا اليوم فسلم وقال: ابشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما الا اعطيته"رواه مسلم " صحيح مسلم بشرح النووي 2\ 416 - 417
وقراءة سورة الفاتحة وغيرها من السور عبادة من العبادات والاصل في العبادات التلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عن رسول الله انه كان يقرأ الفاتحة بعد وعظه وارشاده ولا بعد صلاة الجنازة ولا عند الزواج ولا في المناسبات التي شاع فيها قراءة الفاتحة في زماننا هذا
وكل ذلك من الامور المبتدعة المخالفة لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ محمد رشيد رضا: "فاعلم ان ما اشتهر وعم البدو و الحضر من قراءة الفاتحة للموتى لم يرد في حديث صحيح ولا ضعيف
فهو من البدع المخالفة لما تقدم من النصوص القطعية ولكنه صار بسكوت اللابسين لباس العلماء وباقرارهم له ثم بمجاراة العامة عليه من قبيل السنن المؤكدة او الفرائض المحتمة"
وقال الشيخ الالباني:" .... ومما سبق تعلم ان قول الناس اليوم في بعض البلاد: الفاتحة على روح فلان مخالف للسنة المذكورة فهو بدعة بلا شك"
وقراءة الفاتحة بنية قضاء الحاجات وتفريج الكربات وهلاك الاعداء بدعة لم يأذن بها الدين .... وقراءة الفاتحة عند خطبة الزواج واعتقاد الناس ان قراءتها عهد لا ينقض بدعة واعتقاد فاسد جاهل
واجابت اللجنة الدائمة للافتاء السعودية برئاسة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن سؤال حول حكم القول: الفاتحة على روح فلان او الفاتحة ان الله ييسر لنا ذلك الامر وبعد ذلك بعيد الميلاد ... وكذلك جرى العرف على قراءة الفاتحة قبل الزواج فما حكم ذلك؟؟ فأجابت اللجنة:
"قراءة الفاتحة بعد الدعاء او بعد قراءة القرآن او قبل الزواج بدعة لان ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن احد من صحابته رضوان الله عليهم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:" من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد"
كتاب اتباع لا ابتداع
الدكتور حسام الدين عفانه
..........................
منقول
..........................
فتاوى الالباني
السؤال: قراءة الفاتحة، عندما يريد رجل أن يخطب فتاة، يقرأون فاتحة، هل هذا وَرَد؟
الشيخ: (لم ترد) اهـ
المصدر: سلسلة الهدى والنور - الشريط 345 - الدقيقة 40 - الثانية 47
_____
السائل: هل وردت قراءة سورة الفاتحة بعد عقد قران الزوجين؟
الشيخ: (لا لا، ما وردت) اهـ
المصدر: سلسلة الهدى والنور - الشريط 325 - الدقيقة 25 - الثانية 39
.......
فتاوى العثيمين
السائل: قراءة الفاتحة عند عقد الزواج حتى قد أصبح البعض يطلق عليها قراءة الفاتحة وليس العقد ويقول قرأت فاتحتي على فلانة ...
الشيخ: (هذا بدعة ... )
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/396)
السائل: أهذا مشروع؟
الشيخ: (هذا ليس بمشروع، بل هذا بدعة، هذا بدعة، وقراءة الفاتحة أو غيرها من السور المعينة لا تُقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع، فإن قُرأت في غير الأماكن تعبدًا فإنها تعتبر من البدع، وقد رأينا كثيرًا من الناس يقرأون الفاتحة في كل المناسبات، حتى أننا سمعنا من يقول اقرأوا الفاتحة على الميت وعلى كذا وعلى كذا، وهذا كله من الأمور المبتدعة المنكرة، فالفاتحة وغيرها من السور لا تُقرأ في أي حال، وفي أي مكان، وفي أي زمان، إلا إذا كان يُنكر على فاعلها) اهـ
المصدر: فتاوى نور على الدرب - الشريط 105ب - الدقيقة 21
_____
حكم قراءة الفاتحة عند الزواج [2]- الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
السائل: جزاكم الله خيرًا، يسأل أيضًا عن حكم قراءة الفاتحة أثناء عقد الزواج.
الشيخ: (ليس بسنة، وإنما يُسن أن يخطب بخُطبة ابن مسعود رضي الله عنه:
"الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) .. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) .. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) "
ولا يقرأ سوى هذا، نعم) اهـ
المصدر: فتاوى نور على الدرب - الشريط 371 أ - الدقيقة 11
........................
منقول
.......................
ـ[عبدالله ابوحسان]ــــــــ[28 - 10 - 07, 09:19 م]ـ
انا في الحقيقة ابحث عن اراء اهل العلم من المتقدمين من المذاهب الاربعة، وليس من المحدثين فانا اعرف رايهم رحمهم الله تعالى كما ذكرت(86/397)
كفارة اليمين لاقل من عشرة مساكين
ـ[ابوالبيان]ــــــــ[25 - 10 - 07, 09:28 م]ـ
يشترط اكثر العلماء في كفارة اليمين ان تكون لعشرة مساكين؟
ما حكم الكفارة اذا دفعة لما دون العشرة مرة واحدة؟(86/398)
السلام
ـ[بن ردعان]ــــــــ[26 - 10 - 07, 12:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[26 - 10 - 07, 10:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم، هذه تسمية، ثم ماذا؟(86/399)
خطبة جمعة عن عشر ذي الحجة
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 01:38 ص]ـ
خطبة عشر ذي الحجة (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn1)
الخطبة الأولى:
الحمد لله مدبرِ الليالي والأيام، ومصرِّفِ الشهور والأعوام، المتفرِّدِ بالكمال والتَّمام، أبصَرَ ما في بواطنِ العُروق و دواخلِ العِظام، سمع ألطف القول وأخفى الكلام، إله عظيم الإنعام، ورب قدير شديد الانتقام، وأُصلِّي وأسلّم على نبيه محمد؛ أخشع من صلى وقام، وأتقى من حج وصام، وأُثنّي بالصلاة والتسليم على آله الميامين؛ ما أضاء برقٌ ولاح، وما اتصل ليل بصباح، وما غرّد قُمريٌ وناح، وما نادى المنادي (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، وما غدا غادٍ إلى المسجد أو راح، أما بعد:
فمعاشرَ المسلمين .. أوصيكم ونفسي المقصرةَ بوصيةِ الله للأولين والآخِرين، وصية تقّطعت لنيلِها قلوبُ العُبَّاد، وذرفت خشيةَ العِثارِ دونَها عيونُ النُّسّاك، وكان أَولاهُم بها، وأوثقُهُم تلقِّياً لمُكمِّلاتِها؛ محمد صلى الله عليه وسلم إمامُ العبّاد والنساك، قال الله تعالى:
?ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم إنِ اتقوا الله ?.
وحقيقةُ التقوى؛ أن يجعل العبد المسلم بينه وبين عذاب الله وقاية، تكون سبباً لحمايتِهِ، وذلك لا يتأتَّى إلا لمن التزم ما أمر الله به، وانتهى عما نهى الله سبحانه عنه ..
وتفاصيلُ تلك التقوى على القلوب والأبدان لا يُحصيها إلا من حقَّق مقام العبودية عِلما وعملاً باختلاف مراتِبِها.
ومن أعظمِ تلك المراتب: معرفةُ أوجبِ الواجبات، وأهمِ المهمات، وهو: معرفة حقيقةِ دينِ الإسلام، والاعتناءُ بذلك في جميعِ الأحيان، وتجديدُهُ في كل الساعات، إذ بصِحَّتِهِ واستقامتِهِ، يستقيم للعبد جميع فرائضه ونوافله،وبالخلل يحصل الاضطراب في نظامِ توحيدهِ؛ بل في جميعِ مقاصده.
فأسألُ الله أن يمنَّ علينا بها ..
ومن تلك المراتب: ملاحظةُ فرائدِ ونفائسِ الأوقات في تضعِيفِ أجورِ العبادات، لأن الله تعالى لم يجعل فرائضَ العبادات متتاليةً ـــ و هذه نعمةٌ وفضل ـ لأن من طِباع البشر ـ وهم خلقٌ ضعيفٌ يكلُّ ويملّ ـ أنهم لا يستطيعون أن يجعلوها شُغُلَهُم الشَّاغل ..
وعلة ذلك أيضاً أن الله سبحانه قدَّر عليهم أموراً و واجباتٍ يلزمهم القيام بها وتحقيقُها؛ لضمانِ استمرارِ عباداتِهم على وجهٍ لا إهمالَ يلُفُّهُ ..
ومن أجل ذلك كلِّه تخوَّلنا بمواسمَ يجتهد العبد فيها لربِّه، يُهِلُّ الودودُ الكريمُ البَرُّ الرحيمُ كرمَه، وجودَه، وإحسانَه على عبادِهِ الفقراءِ أمثالنا ...
وفيها يُجدِّد العبدُ العلاقةَ مع مولاه، وذلك بالانقطاعِ له سبحانه، وتركِ الملذات الفاضلات، وهجرانِ الشهوات، والانكبابِ على الطاعة والتماسِ مواطنِ الرحمة والصفح ..
فحريٌ بكلِّ مسلمٍ عاقلٍ عالمٍ بمغبَّاتِ الدنيا ومصائبِها، أن يستغلَّ هذه الدُّررَ من اللحظاتِ؛ ثوانيها قبل دقائِقِها وساعاتِها؛ حتى تُدَّخر له نوراً عند الله من الباقياتِ الصالحات ..
اللهم آمين ..
ومن أخصِّ رياضِ الخيراتِ والعطايا وأوفرِها حظَّاً (رمضان) وقد انصرم بما يحمل في طياتِهِ من خيرٍ بذلَه العاملون المخلصون، ومن سوءٍ اجترحَهُ واكتسبه الخاسرون الكادحون ?يا أ يَّها الإنسان ُ إنك كادح ٌ إلى ربِّك كدحاً فمُلاقيه ?فإما خيرٌ تملأُ عينيك منه، أو شرٌّ تراه بارزاً شاخصاً، تمنّيتَ لو أن بينك وبينه بُعد المشرقين ...
فاللهم تقبّل صيامنا وقيامنا ..
ومن المراتعِ البهيّةِ، العامرةِ بالمسرَّات والجوائزِ (أيامكم هذه) الأوائلُ العشرِ من شهرِ ذي الحجة. قال الله: ?والفجرِ. وليال عشر ?.
قال ابن كثير: المراد بها عشر ذي الحجة قاله ابن عباس وغيره.
أقسمَ الله بها لعِظَم أمرِها، وجليلِ قدرِها وفضلِها، ونبيكم محمد صلى الله عليه وسلم قال عنها: (ما من أيام أعظم عند الله سبحانه، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر) وقد انقضى منها ما يربوا عن النصف، ورأَيْنا جميعاً حال الناس؛ فالبعض ألهتْهُ الدنيا بجَهَدِها ولَمِّ شتاتِها؛ من أن يُخصِّصوا جزءاً ولو يسيراً لهذا الفضل، خاصةً في أمرِ الصلاة ثاني أركانِ الدين ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/400)
وكيف لا نقلق، ولا نشير لهذا الشأن، ونُلْمِحُ لأمرٍ جَلَل،ونحن نرى صفوف المصلين في المساجد لا زالت تزخَرُ وتكتضُّ بالكهول الصادقين، وبعضِ الشباب الصالحين، وبمُضَاعَفِ عدَدِهم في مختلف السُّبُلِ والطُرُق، أو في البيوتاتِ كالأبكارِ والعوانس؛ حُجَّتُهُم داحضةٌ، وصنائِعُهُم تَبَاب، أو كأصنمةِ قريشٍ لكن ليست حوالَيَّ الكعبة؛ بل أمامَ القنوات الفضائِحيةِ التي تضمُّ بين أروِقَتِها (خبيث وخبيثة يُعلنان الفاحشةَ بوقاحة، ومسلسلاتٍ آثمة، وأغانٍ ساقطة، وسهراتٍ
فاضحة، وقصصٍ داعرة، وعباراتٍ مثيرة، وحركاتٍ فاجرة، وإغراقٍ في المجون، لا رقيب ولا حسيب، ولا راعٍ للرعية .. ) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn2) .
آلنصر والتَّمكين يكون حليفَ أمةٍ هذا حالها؟! وتلك بضاعةُ أفرادِها؟!
قيل ليهوديٍّ: أن الإسلام بأهلِهِ قادم إليكم، وسيدُكُّ صروحَ إسرائيل، ويطردونكم من الأرض المقدَّسة. أتدرون ماذا أجاب؟
قال هذا صحيح؛ ولكنهم كما أُخبرنا في كُتُبِنا وأسفارِنا، أن اكتضاضَهم لصلاة الفجر في المسجد، مثل اكتضاضِهِم لصلاة الجمعة.
ضيعوا ركن الدين، وأساسَهُ المتين، متى؟؟
في موسمِ العفوِ والغفرانِ والتعرُّضِ لنسائمِ الصفحِ والإيمان ... يا للعجب!!
الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم مبيِّناً العلامةَ الفارقةَ بين المسلم وبين من لعنهم الله وغضب عليهم وأعدَّ لهم جهنم وساءت مصيرا (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) ...
اعلموا رحمني الله وإياكم:
رقيُّ الأمةِ، وتأييدُ قُواها، وتأمينُ عُدَّتِها، قائمٌ ــ بعد التوحيد ــ على إقامةِ الصلاة؛ بما تعنِيهِ كلمة (إقامة) من معنىً مرادٍ للشارع الحكيم ..
فإن صفوف المصلّين في جميع الأمكنة، هي الصفوفُ التي لازالت تُخيف الأعداء، وهي التي يُخطط لتدميرها العلمانيون وأذنابُهُم، وإلا لكانت الأمةُ الإسلامية في إحدى أسطرِ كُتُبِ (المواضي والذكريات) .. !
قال ابن تيمية ((اتفق الأنبياء على فرضية الصلاة، واختلفوا في هيئاتِها عندهم)) وقال: ((فرض الله العبادات كلَّها في الأرض إلا الصلاة)).
فكفى عبثاً بالصلاة: لأجل دنياً ظلها زائل.
فكم راحةٍ أتعبَت أهلها وكم دَعَةٍ نتجت عن تعبْ
أنتم أنتم لا غيركَم أعني (أيها الهازلون) دعوا المصلحين يُكْمِلون مسيرَ موكبٍ قادَ أولَّ أشواطِهِ محمد صلى الله علي وسلم،فجراحُ الأمةِ غائرةٌ،قتلٌ وتجويع، هتكٌ للحرمات الممنوعةِ ديناً وقانونا، وسلبٌ للممتلكات ..
أيها الهازلون؛ لازلتم تعطِّلون وتعرقلون حركةَ المصلحين، ففيقوا وأفيقوا.
كلما انطلق الأخيارُ خطوة؛ أرجعتموهم ألفَ ميل!!
فاللهَ اللهَ بالرَّشادِ، فإن بابَ الله مفتوح، وجودَه لطالِبِهِ ممنوح، وإلا يكن ما طلبناه؛ فلا تلُم إلا نفسك، وابكِ على ذنبِك طولَ عُمُرِك ...
ومن العجائب والعجائبُ جمَّةٌ قُرب المكان وما إليه سبيلُ
كالعِيسِ يقتُلُها الظما والماء فوق ظهورِها محمولُ.
...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين:
ومن الأمور التي ينبغي أن نُخصِّص لها جزءا من وقتِنا اليومي في هذه الأيام الفاضلات (الصوم)، قال الله تعالى في الحديث القدسي (] كل عمل ابن آدم فهو له إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به .. (فيُستحب صومُ هذه الأيامِ أيُّما استحباب، قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ ((يستحب صوم أيام العشر استحبابا شديدا)) وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فضلَ صوم النافلةِ فقال: ((من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا)) أي سبعين سنة.
وثبت من حديث هنيدةَ بنِ خالدٍ رضي الله عنه عن امرأتِهِ عن بعض أزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت ((كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة، ويومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيام من كل شهر))، وغداً هو يومُ عرفة الذي احتسَبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن صيامَه يكفِّرُ السنةَ الماضية والقابلةَ، فاحرصوا على صومِه، يارعاكم الله ...
والصوم بالنسبة للمسلم ـ ذكراً وأنثى ـ قد يَحمِلُهُ على الإرهاق والضعف، فلذلك كان للصابر عليه أجراً لا يُحصِّلُهُ إلا هو؛ مع من أنعمَ الله عليهم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/401)
ومن أعزِّ القُربات وأقربِها للفطرة الإحسان إلى الوالدين، قال ابن مسعود: ((سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أي العمل أحبُّ إلى الله؟ قال الصلاة على وقتِها. قلتُ ثم أي؟ قال برُّ الوالدين)) فالبر فريضةٌ لازمة، وواجبٌ مُتَحَتِّمُ الإيقاعِ، والعقوق ذنبٌ عظيم، حرام شرعا، ومَنْقَصَةٌ طبعاً ..
ودليل جليلِ أمرِ البِرِّ للوالدين قول الله تعالى ? وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ? فقرن الله حق الوالدين بحقه سبحانه، وهو حق توحيده.
فأعظم الناس مِنَّةً، وأكبرُهُم نعمةً على المرء؛ والداهُ اللذانِ تسبَّبا في وجوده، واعتنيا به. فأمُّه تحمله تسعةَ أشهر في بطنِها، تعاني ألمَ الوحمِ وثقلَ الحمل، ثم تضعه كرها، تشاهد الموت وتقاسي الأسقامَ والآلام ما الله به عليم، ثم ترضعه حولين كاملين، تقومُ به مُثقَلةٌ، وتقعدُ به مُثقلة، فتجوع بعد ذلك ليشبع، وتسهرُ كي ينام، وتتعبُ ليستريح، عليه شفيقة، وبه رحيمة ..
والأب: أجهَدَ نفسَه، وشغل وقته، وادمى يده، واغرورق العرقُ من جبينِه، وتعبت عيناه بالسهر، واحدودب ظهرُه، واعتلَّ بدنُه، وشاب شعرُه، وشقَّ عليه سمعُه، كل ذلك من أجل إسعادِك أيَّها الابن الأمير!!
ولكن هل حفظ الأبناءُ جزءا من أفضالِهما، كما يحفظون جميع أفضالِ الغريب؟!!
فالبعض التزم الجميلَ وأدَّى الواجب ديانةً وفطرةً، فيصدق فيهم قول الله تعالى:
? أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا .. ?
وآخرون: جحدوا المواثيق، وغدروا بالعهود، وخانوا يداً سخّرها الله لهم، فعقَّ والديه وآذاهما، وجاهر بالسوء وفاحشِ القول تجاههما، وقهرهما ونهرهما، وتجرأ برفعِ الصوت عليهما،إن صنع إحسانا منَّ عليهما، وإن أطاعهما في أمرٍ ألحَقَ فعلَهُ اللعناتِ والإهاناتِ،بل استطال ذلك الشقيُّ بركلِهما وضربِهما ـ واِتباعِ كلماتٍ جارحةٍ لأبٍ شفيقٍ وأمًٍَّ صبورة رحيمةٍ مكلومة ..
يا لله: كم تبع ذلك الشقي من ذل وعار وشنار؟!!
خاب أمثالُهُ وخسروا ..
فلما بلغتَ السِنَّ والغايةَ التي إليها مدى ماكنتُ فيك أُؤمِّلُ
جعلت جزائي غلظةً وفظاظةً كأنك أنت الُمنعِمُ المتفضِّل ُ
ومن أعظمِ القربات أيضا التزامُ حلقات العلم والذكر؛ لأن أزمةَ الأمة الإسلامية اليوم ونكباتِها، ناتجٌ عن الجهل بدين الله وشريعةِ محمد صلى الله عليه وسلم، فالجهل بالدِّين أردى بأمتِنا، وجعل الذين أغواهم الشيطان، ويأسوا أو استبطأوا فرج الله ـ أن يُنَكّسوا رؤسهم، و ينكّسوا دستورهم (كتابُ الله وسنة محمد) زعماً منهم؛ أنهما مصدرا الانحطاطِ والرجعية ...
ألا فاعلموا:
أن العلم الشرعيَّ والعملَ به، هما اللذانِ سيرفعانِ ما نراه من ضياعٍ وتحلُّل، في خِضَمِّ تياراتِ الجهل والمعاصي المواتية، أو التنظيماتِ التي تريد إبادةَ الإسلام وأهلِه، إلى غير رجعة، أو للتشريعاتِ القائمة على حريةٍ مزعومة.
أُمَّتُكم هذه:
كان الألمُ بموضعٍ منها يقضُّ فراشَ كلِّ المنتسبين إليها، ولكن غدت لهفى وشتى ..
قطَّعوها ـ أبادهم الله ـ ليسهُل الخلاص منها.
فصار الإسلام في كلِّ إقليمٍ عربي، له شعارٌ ورمز، بل هُوِيّةٌ إسلامية خاصة به، مختلفةٌ عن غيره من الأقاليمِ العربيةِ والأعجمية.
فهل هذا داعي أمان؟
ونزعم اليوم بالوحدة الإسلامية. نعم قد تكون صوتاً لا فعلا ...
من أجل الجهل والعبث بالدين، والتعاليمِ الربانية التي وضعها الله دليلا مُرشِدا للناس، أصبح الكل يبحث عن الانحياز، أو التبعيةِ الذليلة ليَسلَم ويُلقي العبءَ
والعُهدةَ ـ الموكولةَ على كل مسلم ـ على كاهن أصحاب الثُّغور البارزة من المجاهدين،أو المناصبِ الإسلامية الُمدوِيَة!!
فالحال الآن وصل بأمُتنا؛ جرَّاء الجهل بحقائق الدين ـ حُكَّاماً ومحكومين ـ أنها غدت موؤودةٌ يُنهش ُفي أجزاءَ كبيرةٍ من جسدِها المتخدِّرِ المسمومِ، ورُدَّت وظيفةُ القادرين المُعتَنِينَ إلى القُنُوتِ في الصلوات، وإطلاقِ الآهات والزفرات، وإنهاكِ المنابرِ بالويلات، وجمعِ الزكوات والتبرعات ..
فلا بد مِن حلٍّ!!
ولن يكون إلا بالعلم الصالِح، والعملِ النبيلِ الدَّؤوب؛ كما استبان ....
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .....
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref1) هذه خطبة جمعة ألقيتها عام (1426هـ) في جامع البراك الكبير بالدمام، أخوكم / محمد بن علي البيشي، المعهد العالي للقضاء ـ عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref2) هذا من كلام الشيخ د/ صالح بن حميد
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 10 - 07, 11:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
جزاك الله خيرًا وبارك فيك، وأحسن إليك وغفر لك ما تقدم من ذنبك لما قدمت من خير ونفع.(86/402)
حمل / مختارات من فتاوى الشيخين في الحج والعمرة - علق عليها الشيخ حامد العلي
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 07:03 ص]ـ
الملف في المرفقات.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 10 - 07, 11:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا وغفر لك ورزقك العتق من النار وجميعَ المسلمين.
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:08 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي عيسى
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[08 - 11 - 08, 12:50 م]ـ
للرفع والنفع.!(86/403)
تحذير للذين يمتهنون المعالجة بالقرآن أن يتقوا الله
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[26 - 10 - 07, 10:42 ص]ـ
نحذر الذين يمتهنون المعالجة بالقرآن، أن فعلهم ذلك غير جائز ولا سلف لهم في المسألة قط!! وحيث ثبت نصا وفعلا أن القرآن شفاء.لكن لم يمتهن أحد من الصحابة المعالجة به حتى أصبح كالطبيب يأتيه الناس من بلد إلى بلد!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 10 - 07, 12:24 م]ـ
التفرغ لعلاج الناس مطلوب، والرقية نوع من الطب، فحكمهاكسائر أنواع الطب في التفرغ لها وأخذ أجرة على العلاج بها وغير ذلك.
والطب من الأمور المباحة والعادية فيجوز التفرغ له وأخذ أجرة ونحو ذلك
ويستثنى من ذلك ما فيه مخالفة شرعية.
فالذي يشكل على بعض الناس أنه يجعل الرقية عبادة ويطبق عليها شروط البدعة ونحو ذلك ويقول إن السلف لم يفعلوا كذا وكذا، فإنكارهم على التفرغ للرقية فرع عن جعل الرقية عبادة شرعية.
وأما إذا نظرنا للرقية على أنها مسألة عادية من باب التطبب والعلاج زالت هذا الإشكالات، فيجوز التفرغ للرقية وأخذ أجرة عليها وإقامة أماكن خاصة بها وغير ذلك.
والرقية تصح بالقرآن و بالأدعية المباحة، وتصح الرقية من غير المسلم إذا لم يكن في رقيته شركا
روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: "جاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى. قال: فعرضوها عليه. فقال: ما أرى بأساً من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه"
فهذا دليل على أن آل عمرو بن حزم كان عندهم رقية وكان الناس يأتونهم للرقية.
ومن استطاع أن ينفع الناس بالتفرغ للرقية والعلاج بالقرآن فليفعل فإن في هذا نفع للمسلمين وصرف لهم عن الذهاب إلى السحرة والمشعوذين.
فإنه كثر الحديث في عصرنا حول موضوع العلاج بالرقى الشرعية؛ بسبب كثرة الأمراض بالعين والسحر أو مس الجن وعجز الطب الحديث عن معالجتها من جهة، وظهور بعض مستعملي الرقى الشرعية، وفي المقابل بروز كثير من السحرة والمشعوذين من جهة أخرى، ومما لاشك فيه أنه كما أنّ من يستعمل الرقى الشرعية ينبغي أن يُعان ويناصر فكذلك من يستعمل الرقى بالسحر والشعوذة يجب أن يُهان ويُعاقب.
إلا إنه حدث خلط عند بعض الناس بين الأول والثاني إمّا بسبب عدم العلم بأحكام الشرع عامة، أو عدم المعرفة بضوابط الرقى الشرعية خاصة، فأخذ الصالح بالطالح والمصلح بالمفسد، ومع هذا الخلط في المفهوم توجه بعض الشباب المتحمس للقضاء على ظاهرة السحر والشعوذة فوضعوا أنفسهم موضع أهل الفتيا، وأقحموها في دقائق الأحكام. فأخذوا بالأمر والنهي، ولم يعتدوا بآراء أهل الفتوى من العلماء الذين قال الله فيهم: [فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] وتسرعوا فوقعوا في أعراض بعض ((القراء)) من أهل العلم والتقى والصلاح وحفظة كتاب الله ممن نذروا أنفسهم لنفع إخوانهم عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)).
والوقوع في الأعراض من الكبائر ففي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق)) [، وقال أيضاً: ((إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق))، وقال: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) وهذا الحماس الزائد الذي ربما أفضى ـ كما ذكرت ـ إلى إنكار المعروف أو المسائل الاجتهادية التي فيها سعة قد يجرِّئ العلمانيين الذين يصفون هذا الدين وأهله بالرجعية والتخلف ويعدون العلاج بالرقى الشرعية من الخرافات التي ينبغي التخلص منها، كما إنه يتيح الفرصة للمنافقين والحاسدين المندسين في صفوف المتحمسين للمكر والكيد لأهل الخير والصلاح والإصلاح ..
فالقصد أن الرقية بالقرآن أو بغيره تدخل في باب التطبب وحينئذ لايدخها التبديع وغيره، فمن استطاع أن ينفع المسلمين فليفعل، وقد لايتم لأحد نفع المسلمين إلا بالتفرغ وأخذ أجرة على ذلك.
فما دام أنه من الأمور العادية المباحة فلا يشترط وجود سلف أو غيره لهذا الفعل لأنه ليس من العبادات.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 03:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
السؤال:
كثير من المتصوفة -وهم لا علم لهم- جلسوا للرقية يتكسبون منها, فيفرضون على المريض بعضاً من المال قبل العلاج وبعد العلاج, فهل يجوز هذا الفعل منهم؟ وإذا حذا حذوهم بعض طلبة العلم فما نقول لهم؟
الجواب:
[هذه المسألة كثرت عندنا, أما الصوفية و المتصوفة الحمد لله بلادنا إن شاء الله نزيهة من هذا, لكن التكسب بالرقية كثر جداً, ومن أناس الله أعلم بحالهم من ناحية الاستقامة, لكن المؤمن الذين يريد أن ينفع أخاه وهو الذي يقرأ, فإن أعطي أخذ وإن لم يعطَ لم يسأل, وهذا هو الذي يجعل الله تعالى في رقيته بركة, أما من جعل القرآن الكريم وسيلة للتكسب فقد اشترى الدنيا بعمل الآخرة -والعياذ بالله- وما له في الآخرة من نصيب, وهذه مسألة في الواقع صارت على مستوى كبير الآن, وينبغي أن تعالج من قبل المسئولين في الدولة].
الشيخ العلامة ابن عثيمين. " لقاء الباب المفتوح ". شريط (116).
السؤال:
طلبَت مني زوجتي أن أذهب بها إلى أحد الأشخاص الذين يرقون على المرضى، إلا إنني لم أتشجع لذلك، مع علمي بجواز الرقية بشروطها، والسبب في ذلك هو أن كثيرا من هؤلاء الذين يقرؤون جعلوا من عملهم وسيلة للتكسب، فينظرون ماذا يدفع لهم وقد يطلبون مبلغاً معيناً فهل عملي في محله؟.
الجواب:
[أقول: إن تأثير الإنسان في قراءته على حسب إخلاصه ونيته، والذي ينبغي للقراء الذين ينفع الله بهم أن يخلصوا النية لله عز وجل، وأن ينووا بذلك أي: بقراءتهم على المرضى، التقرب إلى الله والإحسان إلى عباد الله، حتى ينفع الله بهم ويجعل في قراءتهم خيراً وبركة].
الشيخ العلامة ابن عثيمين. " نور على الدرب ".شريط (239).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/404)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 10 - 07, 04:18 م]ـ
نعم هناك أشخاص من الرقاة قد يقعون في بعض الأخطاء، فينبغي توجيههم أو التحذير منهم إذا كانوا مبتدعة ويخشى أن ينشروا بدعهم من خلال الرقية.
وهناك من يغش الناس ويخدعهم ويبيع عليهم الماء والزيت بأسعار مرتفعة وهناك أمور أخرى تقع من بعضهم، ففي هذه الحالة يكون الواجب المناصحة لهم، وأما تحريم هذا الأمر أو تبديعه فهذا لاينبغي الاستعجال فيه لأن الأصل فيها الإباحة.
وأما الرقية وأخذ الأجر عليها فهو من أحق ما أخذ الإنسان عليه أجرا كما في صحيح البخاري رحمه الله حيث قال: " باب: الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب " وروى بسنده عن ابن أبى مليكة عن ابن عباس أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ - أو سليم - فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال: هل فيكم من راق إن في الماء رجلا لديغا أو سليما. فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا. حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»
قد يكون المعطى من الأجر على الرقية من باب الإجارة وقد يكون من باب الجعالة وتفصيل ذلك كما يلي:
لو قال المريض للراقي ارقني بمبلغ كذا والاتفاق بينهما على القراءة فقط سواء شفي المريض أم لم يشف فهذا من باب الإجارة، لأن الإجارة لا بد فيها من مدة أو عمل معلوم، وهذا الاتفاق على عمل معلوم ألا وهو القراءة فقط.
أما إن اشترط المريض الشفاء فقال للراقي لك مبلغ وقدره كذا إن شفيت، فهذا من باب الجعالة لأنها تجوز على عمل مجهول والشفاء أمر مجهول) (أحكام الرقى والتمائم - ص 79).
* قال ابن قدامة: (قال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء لأن أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء) (المغني - 5/ 541).
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز، كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي، فرقاه بعضهم حتى برأ، فأخذوا القطيع، فإن الجعل على الشفاء لا على القراءة، ولو استأجر طبيبا إجارة لازمة على الشفاء لم يجز لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفيه فهذا ونحوه مما تجوز فيه الجعالة دون الإجارة اللازمة) (مجموع الفتاوى - 20/ 507).
* وقد خالف ابن أبي زيد القيرواني المالكي في هذه المسألة حيث قال: (لا يجوز الجعل على إخراج الجان من الإنسان لأنه لا يعرف حقيقته ولا يوقف عليه وكذا الجعل على حل المربوط والمسحور) (نقلا عن كتاب الشرك ومظاهره للميلي - ص 169).
* وقد أجاب على ذلك الميلي حيث قال: (إخراج الجن من الإنسان وحل المربوط والمسحور إن كان بما هو مشروع فالجهل بحقيقة الإصابة وعدم الوقوف عليها لا يضر لأن الجعل على الشفاء وذلك يوقف على حقيقته ويعرف هل شفي المريض أو لا والجعالة جائزة على ذلك.
إلا إذا أراد ابن أبي زيد شفاء مطلقا بحيث لا يعود الجن للمريض ولا العقد إلى المربوط، ولا السحر إلى المسحور فهذا نعم لا يوقف على حقيقته، ولا يمكن القول به، ولا يستطيع أحد أن يضمن ذلك مطلقا والمتعارف عليه في حصول الشفاء الذي يستحق به الجعل هو حصوله في ذلك الوقت) (الشرك ومظاهره - ص 170).
* سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عن جواز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية من الكتاب والسنة دون طلب أجر أو اشتراط؟
فأجاب - حفظه الله -: (لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره، والدليل على ذلك حديث أبي سعيد أن بعض الصحابة نزلوا بقوم فلم يقروهم، فلدغ سيد القوم فسعوا له بكل شيء ولا يغني عنه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء النازلين فأتوهم، فقال بعضهم: والله إني لأرقي ولكن قد نزلنا بكم فلم تقرونا، فما أنا بقارئ إلا بشيء، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فجعل يتفل عليه ويقرأ " الحمد لله رب العالمين " فقام وكأنما نشط من عقال، فأوفوا لهم جعلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اقسموا واضربوا لي معكم سهما ". فأقرهم على الاشتراط وأسهموا له ليدل على إباحته، ولكن بشرط أن يرقي رقية شرعية، فإن كانت غير شرعية فلا تجوز، ولا يشترط إلا بعد السلامة من المرض وزواله، والأولى بالقراء عدم الاشتراط، وأن تكون الرقية لتنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض، فإن دفعوا له شيئا بدون اشتراط أخذه دون أن يكون هو قصده، وإن دفعوا له شيئا أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط بل بقدر الحاجة الضرورية، والله أعلم) (فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين - ص 349).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/405)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 07:30 م]ـ
قال الشيخ عبد الكريم بن صالح في كتابه " بيان الأدلة العقلية والنقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية؛ وبيان وجوب تعظيم واحترام ذكر الله عزَّ وَجل":
[إنَّ أعظمَ ما يحتج به مَن جعل ذلك له صنعةً ومَجْلبةَ مالٍ لا تَعَب فيه ولا نَصَبَ حديث قصة " اللديغ " الذي رُقي بسورة الفاتحة فشُفي، ففي «الصحيحين» عن أبي سعيد الخدري t أن رهطاً من أصحاب رسول الله r انطلقوا في سفْرَةٍ سافروها حتى نزلوا بحيٍّ من أحياء العرب فاستضافوهم، فأبَوْا أن يضيِّفوهم، فلَدُغ سيِّد ذلك الحيِّ، فسعَوْا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: " لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء ".
فأتوْهم فقالوا: " يا أيها الرهط .. إنَّ سَيِّدنا لُدِغ فسعَيْنا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء؟! ".
فقال بعضهم: (نعم، واللهِ إني لَرَاقٍ، ولكن واللهِ لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلاً)، فصالحوهم على قطيعٍ من الغَنَم، فانطلق فَجَعَل يتفل ويقرأ:} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {حتى لكأنما نَشِطَ من عِقَال، فانطلق يمشي ما به قَلَبَة (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn1)1)، قال: فأوْفوْهُم جُعلَهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله r فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فَقَدِموا على رسولِ الله r فذكروا له، فقال: (وما يُدريك أنها رُقية!، أصَبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم بسَهم) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn2)1) .
وأخرج البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نفراً من أصحاب النبي r مرُّوا بماءٍ فيهم لديغ أو سَلِيم، فعرَض لهم رجلٌ من أهل الماء، فقال: " هل فيكم من راقٍ، إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً؟! "، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ، فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: (أخَذْتَ على كتابِ اللهِ أجراً!)، حتى قَدِموا " المدينة " فقالوا: (يا رسول الله .. أخَذَ على كتاب الله أجراً!)، فقال رسول الله r : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn3)2) .
وبعض الناس يفهم أن أخذ الأجر أو الْجُعل على إطلاقه، وهذا خطأ ظاهر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ~ لَمَّا ذَكَر قوله r : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)؛ قال: (وكان الْجُعْل على عافيةِ مريض القوم لا على التلاوة) انتهى (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn4)3) ، وقال - أيضاً -: (فإن الْجُعل كان على الشفاء لا على القراءة) انتهى (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn5)4) ، يعني أن الْجُعْل - وهو الأجرة - إنما هو على شرط الشفاء.
أمَّا ما يفعله المحترفون لهذا الأمر في وقتنا فهو خلاف ما تقدَّم بيانه، فهم يأخذون الأجر على التلاوة، سواء كان ذلك بمباشرة النَّفْثِ على المريض أو النفث في أدوية يُغالون في ثَمَنِها لأجل نفْثهم وقراءتهم فيها، فيكون ما زاد على ثمنها الأصلي من أجل ذلك!، وقد يكتبون الرُّقَى في قراطيس يبيعونها على المريض بأثمانٍ باهظة!؛ وهذا كله وما شابهه لا تدل عليه قصة الحديثين حيث إنَّ الْجُعل يُدفع للراقي بعد شفاءِ المريض، وهذا ظاهر هذه الأحاديث حيث جَرَت الرقية على مقتضى المشارطة على الشفاء، فأين هذا من فعل هؤلاء الذين يأخذون المال دون شرط الشفاء؟!، ولو كانت ريالاً أو ريالين - مثلاً - لَهَانَ الْخَطْب ولكنها أموال باهظة يأخذونها بالباطل!؛ وسيأتِي - إن شاء الله تعالَى - بيان أنه لا يُشترط ثَمَن ولا على شرط الشفاء إلاَّ في مثل هذه الحالة الاستثنائية، ولذلك لا يُعهد عن الصحابة y ولا العلماء بعدهم أخذ الأجرة على الرقية بهذه الكيفية التي يفعلها أهل الوقت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/406)
وقد بلغني أن بعضهم يأخذ (خمسمائة) ريالٍ مقابل ورقة يكتبها لا تساوي رُبعَ ريال!، وبعضهم يصفّ أوانِي الْمَاء، ثم ينفخ عليها نفْخةً، ثم يبيعها بأغلى من ثمنها وكأنه عيسى - عليه السلام - الذي يُبرئ الأكْمَهَ والأبرصَ - بإذن الله -!.
وبعضهم قد جعَل لِمَحَلِّه بوَّاباً أجنبياً يأخذ ممن يريد الدخول على هذا الراقي خمسة ريالات (رَسْم الدخول!)، وهذا ليس أجرة الرقية، فتلك شيء آخر!.
وبعضهم يَنفُث في ماء مخلوط بزعفران، ثم يأتي برزمة أوراق فَيُدْخِل عُوداً في الزعفران، فيخط في كل ورقة خطوطاً ليس فيها حرفاً واحداً ويضع الورقة في الظرف ويبيعها وتباع له!، بل وبعضهم يأتي بورقة طويلة بطول القامة، ثُم يكتب فيها بعض الآيات ويسميها " البَدن "، ثم يجعل قيمتها ثمانمائة وخمسين ريالاً!؛ وهذا كله من أكل أموال الناس بالباطل تحيّلاً بالدِّين بلا شرط على الشفاء مُسَبَّق - كما في الحديثين المتقدِّمَين -؛ فتأمَّل!].
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftnref1) ( قلَبَة) بفتح القاف واللام والباء، أي: ألََمٌ وعِلَّة؛ انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 98)، و «لسان العرب» (1/ 687).
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftnref2) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (2156) واللفظ له، ومسلم في «صحيحه» برقم (2201).
(2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftnref3) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (5405).
(3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftnref4) أنظر: «مجموع الفتاوى» (18/ 128).
(4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftnref5) أنظر: «مجموع الفتاوى» (20/ 507).
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:41 م]ـ
العلاج بالقرآن.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ....
الأخوة الأعزاء:
عبد الرحمن الفقيه
علي الفضلي
بارك الله بكما وجزاكما الله خيرا، لما تفضلتما بالرد به على هذه المسألة، وأرجوا التكرم بقراءة الموضوع التالي والرد عليه على سبيل التناصح، فقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتناصح فيما بيننا:
فأقول والله المستعان:
إن هذه ألمسألة ليست من ألأمور العادية التي ألأصل فيها الأباحة مالم يثبت التحريم بدليل ........
فالقرآن موجود والأمراض أيضا ولم يشرع الله ولا نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينتدب أحد لعلاج أحد أو على الأقل أن يتخذ ذلك مهنة له.
وقال شيخ الإسلام: كل شيء كان يمكن فعله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، ففعله بدعة .....
فلم يعهد النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أن يعالج الناس من الأمراض أو لأخراج الجان منهم ....
ولا عمر بن الخطاب رضي الله عنه،وقال عنه صلى الله عليه وسلم: (أيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك) متفق عليه.
قال النووي: هذا الحديث محمول على ظاره وهو أن الشيطان يهرب إذا رأى عمر ....
وقال ابن حجر: هي فضيلة عظيمة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وهي كذلك بنص الحديث النبوي ..
ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج الشياطين من الناس –ولو بعده – والصحابة بكل تأكيد أنفع لبعضهم البعض منا في هذا الزمان ...
هذا مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار الى بعض أصحابه بإمور تميزوا، لمنفعة المسلمين منهم، من ذلك:
(من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد)
رواه الإمام أحمد وابنماجهوغيرهما، وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم:
قال عليه السلام: (أقرؤكم لكتاب الله أبي بن كعب وأقضاكم علي وأفرضكم زيد وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل) وكل هذه الفضائل أيضا وردت بأحاديث مستقلة صحيحة في البخاري ومسلم أو كليهما ...
وأبو بكر وعموم الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وفضل فاطمة وعائشة رضي الله عنهم جميعا .... ولا خلاف أنهم أفضل من الجميع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/407)
ومع ذلك لم يؤثر (على حد علمي المتواضع) أن الناس كانوا يقصدونهم لتخريج الجن والتطبب بقراءة القرآن والدعاء لهم ........
بل أوثر العكس تماما فقد روي أن رجلا جاء سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: يا صاحب رسول الله استغفر لي، فاستغفر له، فجاءه آخر فقال استغفر لي فقال: لا غفر الله لك ولا له، أو تحسبني نبي) وقد فطن لما قد يحسب ... (الأثر أورده أبو اسحق الشاطبي في الأعتصام).
وعن سحيم بن نوفل قال: كنا عند عبدالله نعرض المصاحف فجاءت جارية اعرابية إلى رجل منا فقالت: إن فلاناً قد لقع مهرك بعينه فهو يدور في فلك، لا يأكل ولا يشرب ولا يبول ولا يروث، فالتمس له راقياً، فقال عبدالله: لا تلتمس له راقياً، ولكن ائته فانفخ في منخره الأيمن أربعاً، وفي الأيسر ثلاثاً، وقل: لا بأس، أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا يكشف الضر إلا أنت، فقام الرجل فانطلق، فما رحنا حتى رجع فقال لعبدالله: الذي أمرتني به، فما رحت حتى أكل وشرب وبال وراث رواه أبن عبد البر بسند له (التمهيد).
· ألأدلة التي يرجع اليها في هذا الباب ليست على ما يذهبون إليه، ومن ذلك: (أ) حديث أبي سعيد الخدري:
(أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَتَوْا عَلَى حَىٍّمِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْلُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍفَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَاجُعْلاً. فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّالْقُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ، وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ، فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلمفَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ " وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا، وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ) متفق عليه.
فهذه حجة عليهم وليس لهم لما يلي:
(1) لأنه وقع في الروايات الصحيحة الثابتة الدلالة على أن الذي رقى هو أبو سعيد الخدري إما تصريحا
وإما بالتورية. على كل حال لنأخذ ما كان بالتصريح أنه هو، فنقول: لم يصبح أبو سعيد رضي الله عنه يرقى الناس بعد ذلك واتخذ ذلك خاصا به يقصده الناس لأجله ولا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم!!.
(2) إن الرجل سيد الحي كان كافرا على ظاهر الروايات. والقرآن لا يزيد الكفار إلا خسارا.قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الأسراء.
(ب) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِفَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ " اعْرِضُواعَلَىَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ ". مسلم
فهذه رقى بالأسباب المادية من أعشاب وخلافه، لأن رقاهم تلك كانت في الجاهلية قبل الإسلام. وهذه من كان عالما بها فمن ذا الذي يحرم، وقال صلى الله عليه وسلم: (تداووا ولا تداووا بحرام) -
(ج) إن آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَارَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَالْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى. قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ " مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُفَلْيَنْفَعْهُ ". مسلم أيضا.
وهذه أيضا كانت في الجاهلية ومن الأمراض المادية من لدغة وخلافها ......
(د) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى اللهعليه وسلم لآلِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَقَالَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ " مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ ". قَالَتْ لاَ وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ. قَالَ " ارْقِيهِمْ ". قَالَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ " ارْقِيهِمْ " مسلم.
فهذه رقيا من العين ولم يقل صلى الله عليه وسلم لأسماء رضي الله عنها التمسي راقيا بل قال ارقيهم أنت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/408)
أما المعالجون الحاليون فيقرؤون على إخراج الجن وليس على الأمراض المادية من لدغة وغيرها، بل في احوال الأمراض العادية يقولون: إذهب الى الأطباء العاديين!! مما يدل على ضعف اليقين.
· أن الأمر فيه ما فيه من تزكية النفس وان الراقى عنده الإخلاص والتقوى والقبول .......
والله تعالى يقول: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) النجم. وقال تعالى: (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا) النساء.
فأين بعض الأخوان الذين يتخذون الرقية بالقرآن كمهنة و منهم من بلغ به الحد –عندنا في الأردن - إلى حد الأعلان عن ذلك بالجرايد وكتابة ذلك على يافطات محلاتهم وعلى بطاقاتهم الشخصية عبارة: "رقيا شرعية".
ولا أدري ما وجه ذلك غير تزكية النفس ودعوى القبول والإخلاص وأي شيء هو غير ذلك إذ يدعون الناس ليعالجوهم بالفاتحة مع أن "المراجعين" يحفظون الفاتحة!!!.
· ومن مفاسد ذلك أيضا فتح الباب على مصراعيه لهذا الأمر الغريب أمام من هب ودب فإذا كان زيد يعالج بالقرآن فلماذا لا يفعل ذلك عمرو؟!!. وفي ذلك التعامل مع النساء والإختلاء بهن. فما وجه الإجازة بذلك؟؟ وهل يحق لكل إنسان أن يجيز نفسه ويفعل لذلك؟؟ مستغلين بذلك جهل الناس أو عدم إهتمام الكثير منهم ... !!
· إن أخذ الأجر من ناحية أخرى يجب أن يكون مقابل الشفاء التام كما افتى بذلك شيخنا عبد الله الجبرين حفظه الله لأنه خلاف ذلك لا يجوز أخذ أجر مقابل لا شيء. والتثبت من الشفاء في هذه الحالات يكاد يكون مستحيلا لأن الشيطان ربما يخنس لوقت معين ثم يعود من جديد.
وأقول أن من المعالجين من يأخذ أجورا باهظة مقابل ذلك ومنهم من يحتال إلى ذلك –كما حدثني بعض الأخوة عن معالج صاحب تكسي أجرة في مدينة المفرق (شمال الأردن) يقول: أنا أعالج مجانا ولكن أريد أجرة التاكسي فيأخذ 15 دينارا أجرة التاكسي مقابل ما أجرته حقيقة لا يتعدى 3 دنانير.
· السبيل للشفاء منه بترك المعاصي والأستعاذة بالله منه بقلب حي يقظ مليء باليقين: قال تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون (النحل ألآيات 98 - 100
ومن كان ملتزما مؤمنا وأصيب بشيء من هذا فليصبر حتى يشفيه الله تعالى. وقال تعالى: (إن رحمة الله قريب من المحسنين) الأعراف
حتى من أصيب بمرض عضوي فليصبر، وليبحث فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" البخاري.
ورواه أيضا النسائي وابن ماجة مع الزيادة: "علمه من علمه وجهله من جهله" وأخرجه أيضا بهذه الزيادة ابن حبان والحاكم وصححاه.
فطالما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالعمل بالقرآن على وجه معالجة الناس به كمهنة فإن عمل ذلك بدعة في الدين، أي حرام.
ولا يتداوى بحرام، فقال صلى الله عليه وسلم: (تداووا ولا تداووا بحرام)
وقال ابن حجر في شرح حديث:" ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء"
"وفيها التقييد بالحلال فلا يجوز التداوي بالحرام ".
· منهم من يقول بالقراءة على الماء والزيت وقال صلى الله عليه وسلم: "كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة) رواه الترمذي وقال حسن صحيح. ولم يقل صلى الله عليه وسلم: أقرؤوا عليه القرآن!!
وإن كان بعض الأئمة فعل ذلك ففعله مرة أو مرات قليلة وليس كمهنة، وكل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
بل من بعض المعالجين الحاليين –كما سمعت -من يقرأ على ماء زمزم!!!
لم أقصد في مقالتي أعلاه الصوفية وأصحاب الرأي وأمثالهم، فأولئك موضوع آخر
هذا، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان .........
والله ولي التوفيق والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على هذا التفصيل الطيب المفيد وعلى إثارة البحث في هذا الموضوع المهم للمدارسة والمباحثة كما تفضلت حفظك الله وبارك في علمك.
وحول النقل السابق من كتاب (بيان الأدلة العقلية والنقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/409)
وبعض الناس يفهم أن أخذ الأجر أو الْجُعل على إطلاقه، وهذا خطأ ظاهر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ~ لَمَّا ذَكَر قوله r : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)؛ قال: (وكان الْجُعْل على عافيةِ مريض القوم لا على التلاوة) انتهى (3)، وقال - أيضاً -: (فإن الْجُعل كان على الشفاء لا على القراءة) انتهى (4)، يعني أن الْجُعْل - وهو الأجرة - إنما هو على شرط الشفاء.
أمَّا ما يفعله المحترفون لهذا الأمر في وقتنا فهو خلاف ما تقدَّم بيانه، فهم يأخذون الأجر على التلاوة، سواء كان ذلك بمباشرة النَّفْثِ على المريض أو النفث في أدوية يُغالون في ثَمَنِها لأجل نفْثهم وقراءتهم فيها، فيكون ما زاد على ثمنها الأصلي من أجل ذلك!، وقد يكتبون الرُّقَى في قراطيس يبيعونها على المريض بأثمانٍ باهظة!؛
فهم الحديث على إطلاقه ليس بخطأ ظاهر بل هو قول عدد من علماء الإسلام وهو ما يفيده عموم الحديث
1 - في شرح النووي للحديث ج 13 - 14 ص41 دار المعرفة تحقيق شيحا قال:
وهذا صريح لجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر وأنها حلال لاكراهة فيها وكذا الأجرة على تعليم القران وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وآخرين من السلف ومن بعدهم ومنعها أبو حنيفة في تعليم القران وأجازها في الرقية
2 - قال المباركفوري في تحفة الأحوذي وأجاز أخذ الأجرة على تعليم القران من بعده من متأخرين الحنفية
3 - قال المباركفوري في شرحه للترمذي بعد ماساق الحديث (وفي الحديث جواز الرقية بشيء من كتاب الله تعالى ويلحق ماكان من الدعوات المأثورة أو مما يشبهها
4 - قال الترمذي بعد ماساق الحديث ورخص الشافعي للمعلم أن يأخذ على تعليم القران أجرا ويرى له أن يشترط على ذلك واحتج بهذا الحديث
قال المباركفوري في شرح كلامه (قوله (ويرى) أي يعتقد الشافعي (له) أي يجوز للمعلم (أن يشترط) أي أخذ الأجرة (على ذلك) أي على تعلم القران (واحتج بهذا الحديث) أي احتج به على جواز أخذ الأجرة على الرقية واضح
5 - ولو كان أخذ الأجرة محرما لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم لأن تأخير الحكم عن وقت الحاجة لايجوز أيضا لبين النبي صلى الله عليه وسلم سدا للذرائع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=536749#post536749
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:06 ص]ـ
اتخاذ القراءة مهنة يتكسب بها، وفتح العيادات لأجل ذلك .. أمر غير محمود وإن كان مباحاً في الأصل
وأبرز ما يؤيد هذا: سد ذريعة التأكل والتكسب بهذا الأمر، وسد ذريعة امتهانها ممن ليسوا من أهل العلم والصلاح.
وأما قاعدة: كل شيء كان يمكن فعله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، ففعله بدعة.
فالأولى أن يقال: (كل عبادة) بدل (كل شيء). هذا ما أعتقده. والله أعلم.
والعجب أن بعض الرقاة أصبح يتندر بأنه سيدخل الجان في فلان، ويخرجه من فلان .. فأي عبث عقدي كهذا؟!
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الشيخ عبد الرحمن وبارك الله بك على هذه الإفادات الجديده ... ونرجو البحث عن المزيد منا جميعا لنفع المسلمين ...
بارك الله بك أخي الشيخ أبي يوسف، القصد طبعا (كل شي في الدين)، لأن لأمور الحياتية مباحة أصلا ما لم يكن هناك تحريم في الكتاب والسنة، فقال تعالى: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الجاثية 13. فالأشياء العادية الأصل فيها أنها مسخرة لنا. (وهذا نص عليه علماء الأصول بإسهاب والحمد لله)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[28 - 10 - 07, 10:34 م]ـ
ألذي ينبغي أن يفهم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه في قصة اللديغ، وهو العمدة للذين يعالجون بالقرآن:
أنه قرأ على رجل كافر وهذا ما تدل عليه سياق القصة، ومعلوم بالضرورة أن القرآن لا يشفى به الكفار. قال تعالى: (وقالوا لولا فُصلت آياته ءأعجميٌ وعربي قل هو للذين آمنوا هدىٌ وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد) فصلت 44
وهذا كان ثابتا في زمن بعث النبي صلى الله عليه وسلم للسرايا في المدينة لأن كثيرا من السور التي فيها هذه الآيات مكية، مما يرجح أن للحديث فقها خاصا وهو أن ذلك الحي لم يضيفوهم على العرف الجاري عند العرب ذلك الزمان. أي منعوهم حقهم. ولذا رخص لهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد بأخذ حق الضيف ... كما هو في صحيح مسلم وغيره وكما أورد الأخوة اعلاه ..
ومما يقوي هذا التوجيه أنه لم يعرف عن الصحابة رضوان الله عليهم معالجة الناس بالقرآن ...
ولو كان ذلك ممكنا لكانوا أولى الناس بهم وهم الأبرار المنصورون من الله الثابت أفضليتهم في الكتاب والسنة .......................
أما معالجوا هذا الزمان فيقرؤون على مسلمين مثلهم مما يبين أنه ليس لهم حجة في ذلك الحديث ....
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/410)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[28 - 10 - 07, 11:14 م]ـ
أرى -أخي أبا عامر- أننا نحتاج لتنقيح المناط في هذه القصة، وأن وصف الكفر هنا وصف غير مؤثر ..
وأن الشفاء المذكور في الآية قد يحمل على شفاء الروح والنفس. والله أعلم.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[29 - 10 - 07, 08:25 م]ـ
أخي العزيز أبا يوسف،
بارك الله بك ويسعدنا ردودك البليغة دوما، نفع الله بك ........
أما قصر قوله تعالى "هدى وشفاء" لما في الصدور فقط فهو قول متأخري المفسرين -على حد علمي_ ولماذا لا يكون شفاء لما في الصدور وما في الأبدان طالما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن في آيات القرآن مثل الفاتحة والكرسي والمعوذات شفاء من العين والشيطان .............
وقال تعالى: (يا أيها الناس قد جائتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) 57 يونس.
أما سيد الحي، أي اللديغ فالذي فهمته أنه كان كافرا ..... ؟؟ فهل عندك ما يدل على خلاف ذلك؟؟
والله ولي التوفيق ........
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[30 - 10 - 07, 01:47 ص]ـ
أخي الكريم بارك الله فيك وهداني وإياك
وجزاك خيراً على وصفي بما لست له بأهل.
قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)).
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله: (فقَيْد {للمؤمنين} متعلق بـ {رحمة} بلا شبهة وقد خصه به جمهور المفسرين. ومن المحققين من جعله قيداً ل {هدى ورحمة} ناظراً إلى قوله تعالى: {هدى للمتقين} [البقرة: 2] فإنه لم يجعله هدى لغير المتقين وهم المؤمنون.
والوجه أن كونه موعظة وصف ذاتي له، لأن الموعظة هي الكلام المحذّر من الضر ولهذا عقبت بقوله: {من ربكم} فكانت عامة لمن خوطب ب {يأيُّها الناس}. وأما كونه شفاء فهو في ذاته صالح للشفاء لكن الشفاء بالدواء لا يحصل إلا لمن استعمله.
وأما كونه هدى ورحمة فإن تمام وصف القرآن بهما يكون بالنسبة لمن حَصَلت له حقيقتُهما، وأما لمن لم تحصل له آثارهما، فوصف القرآن بهما بمعنى صلاحيته لذلك، وهو الوصف بالقوة في اصطلاح أهل المنطق).
إلى أن قال: (وأما رجوعه إلى {شفاء} فمحتمل، لأن وصف {شفاء} قد عُقب بقيد {لما في الصدور} فانقطع عن الوصفين اللذين بعده، ولأن تعريف {الصدور} باللام يقتضي العموم، فليحمل الشفاء على معنى الدواء الذي هو صالح للشفاء للذي يتناوله. وهو إطلاق كثير. وصَدَّر به في «اللسان» و «القاموس»، وجعلوا منه قوله تعالى في شأن العسل {فيه شفاء للناس} [النحل: 69]).
قلت: وهو ليس خاصاً بالمتأخرين كما ذكرتَ أخي العزيز، فعدد من كتب التفسير قد نص على هذا الأمر.
وكونه شفاءً لعموم الناس من هذا الوجه قد يحمل على شفاء الأمراض الباطنة، وقد يحمل على شفاء الأمراض الباطنة (القلوب) والظاهرة (الأبدان). وعلى كل حال فالفائدة هنا جواز إرقاء المؤمن والكافر بالقرآن. والله أعلم.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[30 - 10 - 07, 10:44 ص]ـ
ورَدّاً على ما سبق تقريره في مشاركات بعض الإخوة الكرام
قال في الفواكه الدواني (6/ 108): (فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: {حَتَّى تَجْعَلُوا لِي جُعْلًا} يَرُدُّ عَلَى مَنْ نَظَرَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِقَضِيَّةِ الرَّهْطِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُمْ عَلَى ذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إيَّاهُ بِالضِّيَافَةِ، كَمَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَةٌ} مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ} فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا أَخَذُوهُ فِي نَظِيرِ الرُّقْيَةِ لَا الضِّيَافَةِ، وَقَدْ مَضَى عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ عَلَى تَوَالِي الْأَعْصَارِ).
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[09 - 11 - 07, 06:26 م]ـ
للرفع
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[10 - 11 - 07, 08:31 م]ـ
للرفع
أخي العزيز السلام عليكم ورحمة الله
لا أعرف المقصود من كلمة "للرفع"
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:07 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/411)
سلمك الله ورفع قدرك كلمة للرفع كلمة متداولة في المنتديات العربية عبر شبكة الانترنت يقصد بها رفع الموضوع لاعلى ليتسنى للكل النظر فيه وتذكر والدخول والاثراء بالمداخلات فهي كلمة تكتب ليرتفع الموضوع فقط لاغير
اتمنى ان اتكون فهمت مقصدي سلمك الله ورفع قدرك
أخوك ابو عاصم النبيل
ـ[كاتب]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:34 م]ـ
لا تذهب إلى أيِّ " معالج بالقرآن "!!!
نعم ...
لا تذهب إلى " المعالج بالقرآن "
لا تذهب إلى أي " معالج بالقرآن " .. فأصل السنة النبوية أن ترقي نفسك بنفسك .. وترقي زوجتك وأولادك وبناتك ..
يقول الدكتور علي بن نفيع العلياني (1): لقد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة بعض طلاب العلم بالرقية على المرضى، وبلغت شهرتهم الآفاق نظراً لكثرة المواصلات وسهولتها، وأمام كثرة الناس وكثرة ما يعطونه من المال للراقي، تفرغ هؤلاء القُرّاء من أعمالهم وقصروا أوقاتهم على القراءة على المرضى، ووسعوا دورهم واستعدوا للزائرين، ورتبوا لهم مواعيد كما تفعل المستشفيات المتخصصة تماماً، واتخذوا هذا العمل حرفة لهم .. ، فما حكم هذه الصورة بهذه الكيفية التي لا يُعرف لها مثيل في العصور المتقدمة ? وأمام هذا التساؤل أقول - وبالله التوفيق -: من المعلوم أن الله - عز وجل - أباح الرُّقى بضوابطها الشرعية، وأباح أخذ الأجرة عليها كما في صحيح البخاري:- يرحمه الله - حيث قال: “ باب: الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب “ وروى بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نفراً من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- مروا بماء فيهم لديغ أو سليم فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً ? فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذتَ على كتاب الله أجراً، حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: “ إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله “ (2).
فإذا عُلِمَ إباحة الرُّقى، وعُلم إباحة أخذ الأجرة عليها انحصر موضوع البحث في الكيفية التي تتم بها الرقية عند بعض القراء المتأخرين وهي: التفرُّغ لهذا العمل واتخاذه حرفة والاشتهار به بين الناس، وهذه الكيفية في نظري قد يترتب عليها مفاسد كثيرة بالنسبة للقاريء وبالنسبة للناس المقروء عليهم، ومنها ما يلي:
* أولا: أن من وجود الجموع الكثيرة من الناس عند القاريء قد يظن عوام الناس أن لهذا القاريء خصوصية معينة بدليل كثرة زحام الناس عليه، وتطغى حينئذ أهمية القارئ على أهمية على المقروء - وهو كلام الله - بل لا يكاد يفكر كثير من هؤلاء في أهمية المقروء وفائدته، وإنما تتجه الأنظار للقاريء.
والأصل في الرقية هو المقروء، والقاريء تبعٌ لذلك، يقول الله تعالى:) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ((3)، و يقول سبحانه:) قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ((4)، ولا يُنكَرما لصلاح القاريء وقوة إيمانه وثقته بربه وتوكله عليه من تأثير، ولكنه تابع للمؤثر الأصلي وهو كلام رب العالمين. فكل ذريعة تضعف ثقة الناس بالمقروء فإنه ينبغي أن تُسدَّ ولا تُفتح. يقول ابن القيم: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهّل ولا يوفّق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروط لم يقاومه الداء أبدا. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها (5).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/412)
* ثانيا: أنه بالنظر إلى سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وسيرة أصحابه وسيرة علماء الإسلام الموثوق بعلمهم وفضلهم لم نر أحداً منهم انقطع عن أعماله وقصر نفسه على معالجة المرضى بالرُّقى، واتخذها حرفة، واشتهر بها بين الناس، بحيث إذا ذُكر اسمه اقترن بهذه الحرفة، ولا شك أن الناس في كل زمان تكثر فيهم الأمراض، ولم نر أحداً من خلفاء المسلمين نصب قارئا يقرأ على نفسه من كتاب الله، وإن قابله عالم ذو فضل وديانة وطلب منه الرقية وقرأ عليه فلا حرج، ومن المعلوم أن المشروع بأصله قد يُمنع إذا صاحبته كيفية مستحدثة. فقد صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه مرَّ بامرأة معها تسبيح تُسبِّح به فقطعه وألقاه، ثم مر برجل يسبح بحصى فضربه برجله، ثم قال: لقد جئتم ببدعة ظلماً، أو لقد غلبتم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- علماً (6). ولو كان الانقطاع لمعالجة المرضى بالرُّقى واتخاذها حرفة والاشتهار بها بين الناس خيراً لسُبقنا إليه، ولا يظن أحد أن المرضى في هذا الزمان أكثر منهم في الأزمان الأخرى، ولأجل ذلك لم يتكاثروا على الخلفاء، ولا على الأئمة الأربعة كتكاثرهم على مَن اشتُهر بالقراءة في هذه الأزمان، وإنما الذي يجلب الشهرة للقاريء هو تخصيص مكان لهم واستقبالهم فيه متى ما أرادوا وتخصيص مواعيد معينة مثل ما يصنع الطبيب وصاحب المتجر وصاحب المصنع، وفي ظني أن شيخ الإسلام ابن تيمية لو فتح دكانا للقراءة على المرضى واستقبلهم متى ما أرادوا لما استطاع أن يكتب سوادء في بيضاء لاسيما في زمن الجهل وتفشِّي الأمية والخرافات، والتعلق بالمشائخ وأصحاب الطرق، وما ترك علماء أهل السنة هذا الأمر إلا من فقههم - رحمهم الله رحمة واسعة -.
* ثالثا: إن الشياطين عندما ترى تعلُّق الناس بشخص ما قد تساعده وهو لا يشعر، فتعلن خوفها منه وخروجها من المريض ونحو ذلك، لتزداد ثقة الناس بالشخص أكثر من ثقتهم بما يتلوه، وليعتقدوا أن فيه سراً معيَّنا. فقد قال عبد الله بن مسعود لزوجته عندما قالت له: كانت عيني تقذف فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها، وكان إذا رقاها سكنت. قال: إنما ذلك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقيتها كف عنها .. الحديث (7).
ومكر الشياطين بالناس مكر كبير لا يدركه إلا أصحاب الفقه في دين الله، فإن الناس إنما يتزاحمون على القاريء ويضربون له أكباد المطي، إذا سمعوا ما يُنشر عنه من الحكايات الغريبة، وكيف أن أكثر المصروعين تكلمت الشياطين على ألسنتهم أمام القاريء وتعهد عليها الشيخ بعدم العودة إلى ذلك المصروع!! فإذا كثرت هذه الأخبار كثرة كبيرة حفزت كل مريض لرؤية هذا الشيخ، للتأكد من أنه ليس فيه جني، وهذه الحال بهذه الكثرة لو كانت من الكرامات فينبغي للقاريء أن يخاف من عاقبتها. فكيف إذا كان لا يضمن أن يكون الأمر استدراجاً واحتيالاً من الشياطين، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: ولما كانت الخوارق كثيرا ما تنقص بها درجة الرجل، كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك، ويستغفر الله تعالى، كما يتوب من الذنوب كالزنا والسرقة، وتعرض على بعضهم فيسأل الله زوالها، وكلهم يأمر المريد السالك ألا يقف عندها ولا يجعلها همه، ولا يتبجح بها مع ظنهم أنها كرامات فكيف إذا كانت بالحقيقة من الشياطين تغويهم بها ?، فإني أعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من المنافع وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها!، وأعرف من يقصد صيد الطير فتخاطبه العصافير وغيرها، وتقول: خذني حتى يأكلني الفقراء، ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الإنس ويخاطبه بذلك (8).
* رابعاً: قد يتوهم القاريء الذي يزدحم الناس على بابه، ويرى كثرة المرضى الذين يعافيهم الله بسبب رقيته، وكيف أن الشياطين تخاف منه، وتخرج من المصروعين، قد يتوهم أنه من الأولياء الأبرار ويصيبه العُجب ونحو ذلك، وقد كان السلف الصالح - رضوان الله عليهم – يخشون من هذا الأمر ويسدون مداخله.
قال ابن عيينة: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه جماعة فعلاه بالدّرة (9) فقال أُبيُّ: اعلم ما تصنع - يرحمك الله -، فقال عمر: أما علمتَ أنها فتنة للمتبوع مذلّة للتابع ? (10).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/413)
فهذا عمر رضي الله عنه خاف على أُبيِّ رضي الله عنه من كثرة الأتباع والتلاميذ الذين يطأون عقبه، فغيرهم أولى بالخوف وسد الذريعة. وليس حال القاريء المتقدم صفته كالطبيب الذي يزدحم الناس على بابه، فإن الطبيب يعالج بعلاج معروف، ولا يشعر أن العلاج لا ينفع إلا إذا وصفه هو، بل يعتقد أن الأمر مرتبط بالعلاج لا بالطبيب؛ بخلاف الراقي فإنه قد يظن أن الأمر مرتبط به هو لا بالعلاج، لأن القرآن موجود عند المسلمين جميعاً، ويستطيعون قراءته، ومع هذا يحرصون على أن يقرأ هو، فقد يدخله العُجب والزهو، ويظن بنفسه الظنون، ولاشك أن الابتعاد عن مثل هذا أولى. والله أعلم بالصواب.
* خامساً: أنه من الملاحَظ على القراء أصحاب الكيفية المتقدمة أنهم قد يقولون بغير علم، وذلك أنهم إذا قرأوا على المريض ولم يتكلم الجني على لسانه، قالوا: ليس فيك جني، وأنت بك عين، أو ليس بك جني ولا عين ونحو هذا، ولسان حالهم يقول: إننا لا نقرأ على مصروع إلا ويلزم أن تخاطبنا الجن وتتكلم فَرَقَاً منا أو من قراءتنا، وليس على هذا أثارة من علم، فإن المصروع إذا قُريء عليه وخُوِّف الجن الذي بداخله فقد يتكلم الجني ويخاف وقد لا يتكلم ولا يخاف!، فمن أين لهم القطع بأنه ليس في المقروء عليه جني أو عين ? وقد يترتب على هذا أن المريض يترك الأدعية النبوية في مثل هذه الحالات، بناء على قول القاريء، والله - عز وجل - يقول:) وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ((11).
* سادساً: من الملاحظ على القراء أصحاب الكيفية المتقدمة، أنهم يجمعون الفئام من الناس فيقرأون عليهم جميعاً قراءة واحدة حرصاً على كسب الوقت أمام كثرة الزائرين، ثم يدورون على أوعيتهم يتفلون فيها واللعاب والرذاذ الذي خالط القراءة قد ينقضي في الوعاء الأول والثاني، فمن أين لهذا القاريء أن لعابه كله مبارك حتى ولو لم يخالط قراءة واحدة ?، وأين الدليل على أن هذه الصورة من عمل السلف الصالح ?.
* سابعاً: نظراً لما تُدرّه تلك الكيفية السابقة على أصحابها من أموال طائلة، فقد يقوم بعض المشعوذين والدجالين فيتظاهرون بالقراءة، فيفتحون دكاكين لهذا الغرض، ويخلطون الحق بالباطل، فيفتح على الناس باب شر كبير، ولا يحصل إنكار على المشعوذين لاختلاط أمرهم بالقراء الذين لا يخلطون مع قراءتهم شعوذة وكهانة فيصعب التمييز، والذرائع المُفضية إلى الشر يجب سدها، حتى وإن كان قصد صاحبها الحق، وقد منع عبد الله بن مسعود وأصحابه وجمع من العلماء المحققين تعليق القرآن - مع أنه كلام الله – سداً للذريعة، لئلا يفضي ذلك إلى تعلق التمائم (12)، وأفتى بهذا التعليل أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة في الفتوى رقم 992 و تاريخ 4/ 4/1395 هـ (13).
* ثامناً: إن بعض القراء أصحاب الكيفية المتقدمة الذين يتفرغون للقراءة على الناس، ويتخذونها حرفة لهم، يظنون أن ذلك من المستحبات، والاستحباب حكم شرعي، وهو عبادة، وهذا قد يجرهم إلى الوقوع في البدعة فإن مَن استحب شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولم يفعله خلفاؤه الراشدون - مع وجود المقتضي له في عصرهم - قد أتى بابا ًمن البدع، والرسول - صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم وإن قرأوا على المرضى وأخذوا الأجرة على ذلك كما تقدم إلا أنهم لم يتفرغوا لهذا الأمر، ولم يشتهروا به شهرة واضحة بين الناس، بحيث إذا ذُكر أحدهم ذُكر بأنه هو القاريء على المصروعين لاقتصاره على هذا العمل، ولم يتخذوه حرفة ومهنة لاكتساب الرزق يقتصرون عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/414)
* تاسعأ: لقد اشتهر بعض الصحابة بإجابة الدعاء كسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن الذين دعا لهم رسول الله باستجابة الدعاء (14)، وبعض التابعين كأويس القرني رضي الله عنه ومع هذا لم يؤْثَر أن المسلمين تزاحموا على أبوابهم أفواجاً إثر أفواج لطلب الدعاء مع حاجة المسلمين إلى إجابة دعائهم في صلاح دينهم ودنياهم، مع أنه لا مانع شرعاً من أن يأتي الفرد من المسلمين ويطلب من أحدهم الدعاء، وقد فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك مع أويس القرني، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أرشده إلى ذلك، ومع هذا لاشك أن عمر بن الخطاب لو رأى أن أهل المدينة اجتمعوا على أويس لطلب الدعاء، وقدم أهل مكة وأهل العراق لأجل هذا الغرض لَمَنَعهم مع فِعله هو له، وذلك خشية على الناس من الفتنة، وخشية على أويس القرني من الفتنة أيضاً، ومن فقه أويس القرني رضي الله عنه أنه حاول إخفاء نفسه، ولم يُعرِّض نفسه ولا غيره للفتنة، فعن أُسَيْر بن جابر قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتى عليه أمداد (15) أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر ? حتى أتى على أويس. فقال: أنت أويس بن عامر ? قال: نعم!، قال: من مراد ثم من قَرَن ? قال: نعم!، قال فكان بك بَرَص فبرئتَ منه إلا موضع درهم ? قال: نعم! قال: لك والدة? قال: نعم!، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: “ يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبريء منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بَرٌّ، لو أقسَمَ على الله لأبَرَّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل “ ... فاستغفِر لي! فاستغفَرَ له. فقال له عمر: أين تريد?، قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها ?، قال: أكون في غبراء الناس (16) أحب إليَّ. قال: فلما كان من العام المقبل حجَّ رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس قال: تركته رَثَّ البيت قليل المتاع!، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: “ يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قَرَن، كان به بَرَص فبريء منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بَرٌّ لو أقسم على الله لأبَرَّه، فإن استطعت أن يستعفر لك فافعل “ فأتى أويساً فقال: استغفر لي! قال (17): أنت أحدثُ عهداً بسفرصالح فاستغفِر لي، قال: أنتَ أحدثُ عهداً بسفرصالح فاستغفِر لي!!. قال (18): لقيتَ عُمَرَ? قال: نعم! فاسْتَغفَرَ له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه. قال أُسَيْر: و كَسَوْتُهُ بُردة، فكان كلما رآه إنسان يقول: من أين لأويس هذه البُردة ?! (19).
وفي نظري أن الرقية كالدعاء، بل هي دعاء .. ، ومثل ذلك لو تقاطر أهل بلد على رجل يظهر من حاله الصلاح بأولادهم لأجل تحنيكهم بتمرة ونحو ذلك، فإنه لا ينبغي، خشية عليه وعليهم من الافتتان. يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في مثل هذه الصورة وغيرها من صور التبرُّك: ومنها أن فعل هذا مع غيره - صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن أن يفتنه وتعجبه نفسه فيورثه العجب والكبر والرياء، فيكون هذا كالمدح في الوجه بل أعظم (20).
قلت: فما الظن بالذي يقدم عليه الآلاف من الناس لأجل القراءة عليهم، ويتركون القضاة والمفتين وأهل العلم ألا يخشى عليه الفتنة ?!.
* عاشراً: إذا تبين أن هذا الأمر فيه مفسدة على الناس وخاصة العوام منهم الذين يتعلقون بالقاريء أكثر من تعلقهم بالله وبكلامه!!، حتى يظنوا ارتباط الشفاء بالشخص نظراً لما يرونه من شدة الزحام عليه، الأمر الذي لا يرونه عند كثير من العلماء الصلحاء، وفيه مفسدة على القاريء نفسه من جهة الشهرة والعجب، وابتداع كيفية في الرقية لم تكن معروفة عند السلف الصالح، كالقراءة على مئات من الناس جميعاً بقراءة واحدة، والنفث في أوعيتهم جميعاً بعد هذه القراءة فلاشك أن درء المفسده مقدم على جلب المصلحة، خاصة إذا عظمت المفسدة على المصلحة، كما قال تعالى:) وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ((21)، فسب المشركين لله - عز وجل - مفسدة عظيمة، وسب المؤمنين لآلهة المشركين مصلحة عظيمة، وهنا قدّم درء المفسدة على جلب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/415)
المصلحة لِعِظَم المفسدة بذلك.
* الحادي عشر: أن المتفرِّغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس، فالرقية والدعاء من جنس واحد، فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس: تعالوا إليَّ أدعوا لكم!!، وهذا مخالف لهدْي السلف الصالح، فقد كان عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يكرهون أن يُطلب منهم الدعاء ويقولون: أأنبياء نحن ?! (22).
* الثاني عشر: أن انتشار هذه الظاهرة قد يوهم عوام الناس ومَن لا علم عنده بأن هذه الكيفية هي الطريقة الصحيحة للرقية، فيظل الناس يطلبون الرقية من غيرهم، وتتعطل سُنّة رقية الأفراد لأنفسهم (23) وانطراحهم بين يدي رب السماوات والأرض وسؤاله الشفاء (إنتهى كلامه).
* فتوى للشيخ الألباني عن التفرغ للرقية:
وقال الشيخ الألباني رحمه الله: أُنكرُ أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة، ويتخذون من استحضار الجن ومخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين والمصابين بالصرع، ويتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة القرآن الكريم مما لم ينزل الله به سلطاناً، كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحياناً قتل المصاب، كما وقع هنا في عمان، وفي مصر، مما صار حديث الجرائد والمجالس، لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفراداً قليلين صالحين فيما مضى، فصاروا اليوم بالمئات، وفيهم بعض النسوة المتبرجات، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة، إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها الشرع ولا الطب معاً، فهي – عندي – نوع من الدجل والوساوس يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان،) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ((24)، وهو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى:) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ((25) فمن استعان بهم على فك سحر – زعموا – أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟ مسلم أم كافر؟ وصدقه المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده؛ فقد شملهم جميعاً وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم-: “ من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد “ (26) وفي حديث آخر: “ ... لم تقبل له صلاة أربعين ليلة “ (27) فينبغي الانتباه لهذا، فقد علمتُ أن كثيراً ممن ابتُلوا بهذه المهنة من الغافلين عن هذه الحقيقة، مذكراً لهم بقوله تعالى:) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((28) .. إنتهى كلامه رحمه الله (29).
ـــــــــــــــ
تخريجات:
(1) في كتابه:” الرُّقى على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة واتخاذها حرفة “ ط. دار الصفوة القاهرة (ص 75 - 79).
(2) رواه البخاري (5737)، وابن حبان (5124)، والبيهقي (1866، 14182)، والدارقطني (3019 – 3020).
قلت: وقد وقع نحو هذا في رواية مماثلة لأبي سعيد الخدري [رواه البخاري (5736،2276)، ومسلم (2201)، وأبو داود (3900،3419،3418)، والترمذي (2063 - 2064)، والنسائي في الكبرى (7533،7534)، وفي عمل اليوم والليلة له (1035 - 1038)، وابن ماجه (2156)، وأحمد (3/ 44،10)، وابن حبان (6079 - 6080)، والبيهقي (1866، 11456) والحاكم (1/ 559)، وابن السني (636)، والدارقطني (3015 - 3018)، وابن الجارود في المنتقى (588)]، فانتبه إلى أنه لم يرد في السنة - حتى ولا في أثر ضعيف - أن الناس توافدت إلى بيت أبي سعيد رضي الله عنه لطلب العلاج والرقية منه بعد هذه الحادثة!! ... ؛ لأن القلوب لم تلتفت لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ بل تعلقت القلوب بالمقروء - وهو القرآن!! - .. ولو وقع مثل هذا الأمر لأحد الصالحين في زماننا هذا وسمع به الناس لهجموا عليه وحاصروا داره، ومنعوه من الخروج منها حتى ولو للصلاة، وضربوا إليه أكباد المطيّ وشدُّوا الرحال إليه لطلب العلاج منه ... ، فتأمَّل.
(3) الإسراء: 82.
(4) فصلت: 44.
(5) زاد المعاد (3/ 178).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/416)
(6) سنن الدارمي (204)، البدع لابن وضاح (ص 8)، وإسناده صحيح.
(7) عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قالت: إن عبد الله رأى في عنقي خيطاً فقال: ما هذا؟، قلت: خيط رُقِي لي فيه، قالت: فأخذه ثم قطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ إن الرُّقى والتمائم والتولة شرك “ فقلت: لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي، فإذا رقى سكنت، فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان، وكان ينخسها بيده، فإذا رقى كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما “ رواه أحمد (1/ 381)، وأبو داود (3883)، وابن ماجه (3530)، وابن حبان (6058)، والبيهقي (19387)، وأبو يعلى (5208)، والطبراني في الكبير (9/ 174)، والحاكم (4/ 418) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي، وصححه الألباني في الصحيحة (1/ 854)، وصحيح سنن ابن ماجه (2/ 269)، قلت: وفي رواية الطبراني أنها تقرأ الإخلاص والفلق والناس.
(8) مجموع الفتاوى (11/ 30).
(9) الدرة: التي يُضرب بها (عصا).
(10) عن سليم بن حنظلة قال: بينا نحن حول أُبيِّ بن كعب نمشي خلفه إذ رآه عمر، فعلاه بالدِّرة، فقال: انظر ياأمير المؤمنين ما تصنع!، فقال: إن هذا ذلة للتابع وفتنة للمتبوع [أخرجه ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (51)، وابن المبارك في الزهد (48 - زيادات نعيم)، والدارمي (523)، وابن عبد البرفي جامع بيان العلم وفضله (1/ 144)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (1/ 8)، والغزالي في إحياء علوم الدين (3/ 428)].
وخرج ابن مسعود ذات يوم فاتبعه ناس، فقال لهم: ألكم حاجة ?، قالوا: لا، ولكننا أردنا أن نمشي معك، قال: ارجعوا فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع [سنن الدرامي (527)، صفة الصفوة (1/ 214) لابن الجوزي].
(11) الإسراء: 36.
(12) انظر فتح المجيد (132)، ومعارج القبول (1/ 469).
(13) مجلة البحوث الإسلامية العدد 25 عام 1409 هـ، (ص 40).
(14) سير أعلام النبلاء (1/ 11)، والحاكم في المستدرك (3/ 499) وصححه الذهبي، والبيهقي في الدلائل (6/ 189)، والسيوطي في الخصائص الكبرى (2/ 165).
(15) هم الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو، واحدهم: مدد.
(16) أي ضعافهم وصعاليكهم الذين لا يؤبه لهم، وهذا من إيثار الخمول وكتْم حاله.
(17) القائل هنا هو أويس القرني.
(18) القائل هنا هو أويس القرني.
(19) رواه مسلم (2542)، والإمام أحمد في المسند (1/ 38 - 39)، وفي كتاب الزهد له (ص 416)، والحاكم (3/ 403 - 404)، والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 375 - 377)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 79 - 87)، وأبو يعلى (212)، سير أعلام النبلاء (5/ 69 - 74)، تاريخ دمشق (9/ 416 - 440).
(20) تيسير العزيز الحميد (ص 186).
(21) الأنعام: 108.
(22) الحكم الجديرة بالإذاعة بين يدي الساعة، لابن رجب الحنبلي (ص 54).
(23) يُلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يرقي نفسه بنفسه حتى اللحظات الأخيرة من مرضه إلى أن ثقل فرقته عائشة رضي الله عنها .. الحديث رواه البخارى (5735)، ومسلم (2192)، وأبو داود (3902)، والترمذي (2056)، والنسائي في الكبرى (7086، 7530)، وابن ماجه (3529)، ومالك في الموطأ (ص 942 - 943)، وأحمد (6/ 104، 114، 124، 181، 256، 263)، وابن حبان (6556)، وعبد بن حميد (1474)، وابن راهويه (795)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (188).
(24) الأنعام: 112.
(25) الجن: 6.
(26) أخرجه أحمد (2/ 429)، والحاكم في المستدرك (1/ 8) وقال هذا حديث صحيح على شرطهما جميعاً، والبيهقي (16273)، وابن راهويه (503).
(27) رواه مسلم (2230)، وأحمد (4/ 68)، (5/ 380)، والبيهقي (16287)، والطبراني في الكبير (23/ 215)، عن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وللحديث رواية عن ابن عمر عند الطبراني في الأوسط (1424)، ورجاله ثقات كما في مجمع الزوائد (5/ 118).
(28) النور: 63.
(29) السلسلة الصحيحة ج6 قسم 2 ص 1009 - 1010.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/417)
ـ[كاتب]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:45 م]ـ
على ضوء ما سبق لعلك تدرك لماذا اختفى ثُلَّة من أفضل الرقاة وأخلصهم، كالشيخ أبي يوسف (الدكتور صالح الزهراني) والشيخ وحيد عبد السلام بالي، غفر الله لهما حيث كانا ورضي عنهما حيث ما أقلتهما أرض وأظلتهما سماء. وسار على دربهما جمٌ غفير من الأخوة الرقاة، فتركوا التفرغ لهذا الأمر، وما فعلوا ذلك إلا لفقههم رحمهم الله.
قبل أن تذهب إلى المعالج
فإن اضطُررت للذهاب لمعالج من المعالجين، فاحرص أشد الحرص على مراعاة جملة أمور، نذكرها لك هنا، وحريُّ أن تُكتب بماء الذهب:
يقول أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني وفقه الله (*): كثر في الآونة الأخيرة انتشار السحرة والمشعوذين والدجالين، وأكثر من ذلك وأدهى وأمر انتشار مدعي الرقية الشرعية الذين صالوا وجالوا وأكلوا أموال المسلمين بالسحت والباطل، وانتهكوا أعراضهم، وأساؤوا إلى الرقية الشرعية أيما إساءة، وجعلوا من الرقية موضع قذف وتشهير مما لا خلاق لهم.
ومن هنا كان حري بالمسلم قبل الذهاب إلى هؤلاء سؤال العلماء وطلبة العلم والدعاة عن أحوالهم ومنهجهم وعقيدتهم، وسوف أستعرض معكم [أهم] الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعالج كي يكون أهلاً لحمل أمانة هذا العلم، ومنها:
1) - التحري والتثبت والتأكد من منهج الراقي وسلامة عقيدته وتوجهه: فانتفاء هذه المقومات لدى المعالج تورث إثما عظيما للمريض لعدم تثبته منها ومن كافة الجوانب المتعلقة بها، ولا بد أن يعلم أن فاقد الشيء لا يعطيه، وهنا تكمن أهمية سؤال العلماء وطلبة العلم الثقاة.
2) - الحذر من الاستجابة للعامة فيما يختص بالعلاج أو المشورة: أو الذهاب معهم إلى أناس يزعمون أنهم يرقون وهم حقيقة من الجهلة أو الدجالين والسحرة والمشعوذين.
3) - يجب الحرص على أصول العقيدة والعودة في كل المسائل التي قد تشكل على المصاب إلى العلماء وطلبة العلم: وربما ذهب الشخص إليهم فيقع فريسة لعبثهم واحتيالهم، وقد يزين الشيطان للمصاب الشفاء بعد ذهابه لهذا الجاهل أو الساحر أو الكاهن فيفقد دينه وماله وصحة بدنه، ولو صح بدنه لكانت خسارته في دينه فادحة لا تعادل ما كسبه، وبقاء المرض مع حفظ العقيدة والصبر وتحمل الابتلاء فيه أجر عظيم وثواب جزيل، إذا احتسب ذلك عند الله سبحانه وتعالى.
4) - وكل ذلك لا يقاس بعدد رواد فلان من الناس؛ بل الأساس في ذلك التثبت من المنهج والمسلك وصحة العقيدة لذلك الرجل، وهذه مسؤوليتنا جميعا، فإن كانت كل تلك المقومات صحيحة سوية لا يشوبها شك أو لبس ونحوه، إضافة إلى إقرار العلماء وطلبة العلم لذلك المعالج، عند ذلك يكون الأمر قد سلك المسلك الشرعي الذي لا بد أن يكون عليه، إضافة للمتابعة والتوجيه والإرشاد، أما ارتياد هؤلاء الجهلة بناء على قول فلان وفلانة وازدحام الناس عليه، فهذا من أعظم الجهل، ولا غرابة فسوف تتبدد الحيرة والدهشة، عند الحديث عن المخالفات الشرعية لدى بعض المعالجين، والتي سوف يتضح من خلال اقتراف بعضها تدمير العقائد وتشتيت الأفكار، مع أن الواجب الشرعي يملي مخافة الله وتقواه لكل من يتصدر ذلك الأمر، والذي نراه اليوم ونسمعه أن هذه الفئة استغلت ضعاف الإيمان وحاجتهم للعلاج فأصبحت تنفث سمومها بادعاء الرقية الشرعية، ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أبين بأن البعض بتصرفاته وأفعاله، يقوم بعمل لا يقل خطورة عما يقوم به السحرة والمشعوذون، فإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وتحت هذا العنوان لا بد من الإشارة الإجمالية لبعض النقاط التي لا بد من الاهتمام بها لإلقاء نظرة عامة على المعالج وتقييمه وتحديد منهجه وطريقته، ويجب الحرص أن تكون هذه النظرة نظرة شمولية لا تقتصر على جوانب معينة دون الاهتمام بالجوانب الأخرى التي بمجملها تحدد طبيعة الشخص ومنهجه ومدى اتساق طريقته مع منهج أهل السنة والجماعة، وأوجز ذلك بالأمور التالية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/418)
1) - صحة العقيدة، فمن فسدت عقيدته فلن يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولقي الله وهو عليه غاضب، فلا يجوز الذهاب مطلقاً إلى من اتخذ مسلكاً وطريقاً غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين ومن سار على نهجهم من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، خاصة بعض أصحاب الطرق الصوفية البدعية، فقد وصلت بدعهم إلى حد يفوق الوصف والتصور في مسائل الرقية والعلاج والاستشفاء.
2) - إخلاص العمل، فلا بد أن تكون الغاية والهدف من الاشتغال في هذا العلم هو التقرب إلى الله سبحانه وتعالى ثم تفريج كربة المكروبين والوقوف معهم وتوجيههم الوجهة الشرعية في مواجهة هذه الأمراض على اختلاف أنواعها ومراتبها، لا كما يشاهد اليوم من ابتزاز فاضح لأموال المسلمين، واتخاذ طرق شيطانية في سبيل تحصيل ذلك، ومنها بيع ماء زمزم بقيمة قدرها ستون ريالاً سعودياً، حتى وصل الأمر بالبعض لنظرة يشوبها الكره والحقد على أمثال هؤلاء الذين لم يرعوا في مسلم إلا ولا ذمة.
ومن غرائب القرن العشرين ظهور فئات من المعالجين لم تكتفي بجمع المئات من الريالات فحسب بل تعدت ذلك لتحصيل الألوفات، ومن ذلك ما وصلني وتأكد لي خبر أحد المدعين ممن أفقده المال لذة الإيمان فأعمى بصره وبصيرته، ولم يذق طعماً لحلاوة الإيمان، ولا فهماً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت الذي رواه [ابن عمر]- رضي الله عنهما – حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (متفق عليه)، حيث عمد إلى عمل أعشاب مركبة مع إضافة قليل من العسل، واستخدام كمية بسيطة لا تتجاوز مقدار خُمس كوب من البلاستيك الأبيض الصغير لبيعها على أولئك المرضى المساكين وبسعر قدره ثمانون ريالاً للكأس الواحد، ليس هذا فحسب إنما يجب على المريض أو المريضة أن يستعمل أكثر من عشر كاسات لتنظيف معدته من مادة السحر الموجودة، وعلى هذا فمن أراد استعمال هذه المادة فعليه دفع مبلغ وقدره (80 × 10 = 800) ريال سعودي، ليس ذلك فحسب إنما وصل به الأمر إلى أن يبيع شريط التسجيل بمبلغ وقدره ثلاثون ريالاً، ناهيك عن وجود جلد ذئب في بيته ظناً منه في أن ذلك يحفظ من الجن والشياطين، فقلي بربك هل وصل بنا الانحطاط إلى هذا المستوى من التردي، هل هان على أنفسنا أن نبيعها للشيطان، هل مات الضمير في قلوب من يدعون العلاج بالقرآن، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نصدق بأمثال هؤلاء على أنهم يريدون الخير والسعادة للمسلمين، أين هم من آية في كتاب الله عز وجل يقول فيها الحق جل شأنه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (سورة الفتح – الآية 29)، أين هم من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت من حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (متفق عليه)، ألم يعلموا يقيناً أن دفع الظلم عن الناس ومساعدة المكروب والسير في حاجة المسلم من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، إن كان لي كلمات أعبر فيها عمّا أراه من مآسي تحرّق القلوب فهي نصيحة خالصة أوجهها لهذا الرجل وأمثاله: أن يتقوا الله عز وجل، وأذكرهم بقول الحق تبارك وتعالى: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم) (سورة الشعراء – الآية 88، 89)، فالله الله في أنفسكم قبل أن تقفوا بين يدي الله سبحانه وتعالى فتحاسبوا يوم الحساب لا يوم العمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/419)
3) - العلم الشرعي، وبالقدر التي يحتاجه المعالج في حياته لمتابعة الطريق القويم الذي يؤصل في نفسيته تقوى الله سبحانه أولاً، ثم توقّي الابتداع في مسائل الرقية، فلا يأخذ من هذا العلم إلا ما أقرته الشريعة أو أيده علماء الأمة وأئمتها.
4) - المظهر والسمت الإسلامي، فمن الأمور التي لا بد أن يهتم بها المرضى مظهر المعالج العام من حيث التزامه بالسنة في شكله ومظهره، والمعنيّ من هذا إطلاق اللحية وتقصير الثوب ونحو ذلك من أمور أخرى، مع الالتزام في التطبيق العملي قدر المستطاع لنصوص الكتاب والسنة، واقتفاء آثار الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة وأئمتها.
5) - المحافظة على الفرائض والنوافل، من حيث أداء الصلوات مع الجماعة والمحافظة عليها في وقتها ونحو ذلك من أمور العبادات الأخرى.
6) - الورع والتقى، وهي من أهم الصفات التي لا بد من الاهتمام بها وتوفرها في المعالج لكي يستطيع تقديم صورة بيضاء ناصعة عن هذا الدين وأهله، ويجب على المعالِج تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، والتورع قدر المستطاع في التعامل مع المرضى، ويجب أن تكون غايته وهدفه مرضاة الله سبحانه وتعالى، لا كما يفعل بعض المعالجين اليوم، فتقتصر النظرة إلى ما في جيوب المرضى من دينار ودرهم، ونسوا أو تناسوا ما عند الله سبحانه وتعالى من نعيم مقيم لا يفنى ولا يبلى، وفيه الخلود والسعادة الأبدية.
7) - التواضع وخفض الجناح والبشاشة ورحابة الصدر، وحقيقة الأمر أن هذا الموضوع من الأمور المهمة التي لا بد من الاهتمام بها غاية الاهتمام لكلا الطرفين المعالِج والمعالَج، حيث أصبحنا نرى كثيراً ممن سلك طريق الرقية الشرعية وبدأ فيها بداية طيبة محمودة، أصبحت تراه بعد فترة من الزمن يمشي مشية المتكبرين ويتكلم بكلام المترفعين، وينظر إلى الناس من حوله نظرة احتقار وازدراء، وهذا والله هو الخسران المبين، ولا بد للمعالج من تقوى الله سبحانه وتعالى وإعادة الأمر كله له، فلولا حفظ الله سبحانه وتعالى له لتلقفته الشياطين منذ أمد بعيد، فليشكر الله، وليعامل الناس بما يحب أن يعامل، فعليه أن يكون متواضعاً ليناً، البشاشة تعلو محياه، وخفض الجناح أساس مسعاه، فيصبر على المرضى ويتفاعل مع مشاعرهم وأحزانهم، ويظهر لهم حقيقةً أنه يشاركهم فيما يحملون من مرض وابتلاء، وعندئذ سوف يكون التواصل بين المعالج والمريض، ومن ثم تتجسد المحبة والألفة وهذا من أكبر دواعي الشفاء بإذن الله سبحانه وتعالى.
8) - المنطق والحديث، وأعني بذلك أن المعالج لا بد أن يكون له منهجاً واضحاً يعتمد أساساً على مرجعية الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة الأجلاء، وعليه أن يعود في المسائل المشكلة إلى العلماء وطلبة العلم للاسترشاد بآرائهم والتوجه بتوجيهاتهم، لا كما يفعل كثير من جهلة المعالجين فجعلوا قائدهم في التوجه والتصرف الأهواء والشهوات وأصبحوا وكأنما يمتلكون علماً لدنياً لم يحزه أحدٌ سواهم، بل أصبحوا وكأنما قد جمعوا العلم من أطرافه، وإليك قصة أحدهم نقلاً عمن راجع هذا المعالج: جاءني رجل في العقد الثالث من عمره وقد رأيته حالق الرأس فسألته عن سبب ذلك، فأخبرني بأنه قد راجع معالجاً فأشار عليه بحلق رأسه والعودة إليه مرة ثانية، ففعل، وما أن عاد إلى هذا المعالج حتى أخذ يعمد لإجراء قياسات له في رأسه بواسطة (المغيض – مطاط)، ويكون ذلك القياس عرضاً وطولاً فإن توافق القياس فالرجل سليم، وإن لم يتوافق هذا القياس فالرجل يعاني من أمر ما، وبعد انتهاء المعالج من أخذ قياسات جميع أنحاء الرأس، أشار هذا المعالج الحاذق الجاهل بمعاناة الرجل من تنسيم في الرأس؟؟؟!!!.
ليس هذا فحسب، إنما واجب المعالج أن يحرص كل الحرص على كل كلمة يقولها أو يتفوه بها وأن يضبطها بالشريعة أولاً، وأن تضبط بسلامة الناحية العضوية والنفسية ثانياً، بل يجب عليه أن يحرص على نمط العلاقات الاجتماعية بين الأسر، فلا يتكلم بما قد يؤدي إلى الفرقة أو قطيعة الرحم دون القرائن والأدلة القطعية، وكذلك مراعاة المصالح والمفاسد، وقد يعجب الكثير من هذا الكلام، ولكنه واقع كثير من المعالجين الذين أساؤوا السلوك والتصرف، وبناء على التصرفات الهوجاء لهذا الصنف من المعالجين ترى فلان قد طلق زوجته، وآخر قد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/420)
قذف أهله بالسحر والعين، وثالث ترك بيته ورابع وخامس، وكل ذلك ما كان لولا تفشي الجهل في تلك الفئة التي لم تراعي إلا ولا ذمة في مسلم قط، ومن هنا فلا بد أن يحرص المعالج على قوله وعمله، فلربما تكلم بكلام أو فعل فعلاً كلفه الكثير في الدنيا والآخرة.
9) - التعامل مع النساء، ومما يجب الاهتمام به من قبل المرضى تعامل المعالِج مع النساء، ولا أريد أن أطيل الحديث في هذا الموضوع حيث قد تعرضت له في سلسلة (القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى) تحت عنوان (التقيد بالأمور الشرعية الخاصة بالنساء) و (اتقاء فتنة النساء).
وكل ما ذكر تحت هذا العنوان يعطي الانطباع الحقيقي والرؤية الساطعة عن حقيقة المعالج وتوجهه وغاياته وأهدافه، ولا بد للمرضى من الاهتمام غاية الاهتمام بهذه الأمور وقياس كل ذلك على من تصدر الرقية والعلاج، وواجب المريض يحتم أحياناً تقديم النصح والإرشاد فيما يراه من تجاوزات في بعض الأمور المذكورة آنفاً، وأحياناً أخرى يكون واجباً شرعياً على المسلم رفع أمر بعض هؤلاء لولاة الأمر وأهل الحسبة للنظر في أمرهم وتحري ما يقومون به من أفعال تخالف الأسس والقواعد والأخلاقيات في الرقية والعلاج، وحقيقة الأمر أن هذا الأمر مسؤولية الجميع ابتداء من ولي الأمر وأهل الحسبة والعلماء وطلبة العلم والدعاة، فيجب تضافر الجهود في تقييم ما هو موجود على الساحة اليوم، فمن أراد أن يقدم لهذا الدين فنعما هو، ومن أراد العبث بالعقيدة والقيم والأخلاق فليس بلد التوحيد مجالاً لذلك كله، وهذا ما عهدناه من ولاة الأمر ومن خلفهم العلماء وطلبة العلم والدعاة في هذا البلد الطيب، يقفون صفاً واحداً للذود عن حمى العقيدة وصونها وحفظها من دجل الدجالين ودعوى المدعين، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الجميع وأن يوفقهم في هذا العمل المبارك إنه على كل شيء قدير.
سُئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين السؤال التالي: ماذا تنصح العوام قبل الذهاب لشخص بعينه من أجل الرقية والاستشفاء بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب – حفظه الله –: ننصح المصاب بمس أو عين أو صرف أن يعالج نفسه بكثرة الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والأعمال الصالحة وكثرة القربات من صدقة أو صوم أو حج أو عمرة أو تلاوة أو نفع عام للمسلمين، وننصحه بالتوبة عن المعاصي والبعد عن السيئات والمخالفات، وهجر العصاة وأهل الملاهي والأغاني والصور والصحف الماجنة والأفلام الهابطة وكل ما يدعو إلى الشر أو يدفع إلى المعاصي وذلك لأن الاستشفاء بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إنما تنفع أهل الإيمان والتقوى كما قال تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَء امَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي ءاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (سورة فصلت – الآية 44)، وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا) [سورة الإسراء: 82]، وننصحه أن يعتقد ويجزم بأن كتاب الله تعالى هو الشفاء والدواء النافع، ولا يشك ولا يتردد في أثر نفعه، ولا يجعله كتجربة، وننصحه أن يختار من القراء أهل التقى والورع وقوة الإيمان والخوف من الله تعالى والنصح للمسلمين، ولا يذهب إلى النفعيين الذين جعلوا الرقية حرفة يأكلون معها أموال الناس، فإن تأثيرهم قليل والله أعلم .. (القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين – ص 345، 346).
وبعد فقد اتضحت الرؤيا، وأصبح الأمر سهلاًُ ميسراً بإذن الله سبحانه وتعالى، فلنحرص جميعاً على تتبع ذلك قبل الذهاب إلى المعالجين، وتوعية الناس بذلك كي نقي العقيدة والمنهج والدين والأعراض والأموال من فئة باعت نفسها للشيطان، سائلاً المولى عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) منقول من:
http://www.gesah.net/vb/vb/showthread.php?t=2681
http://www.gesah.net/vb/vb/showthread.php?t=2764
ـ[كاتب]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:49 م]ـ
اشتراط الشفاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/421)
يقول الدكتور فهد بن ضويان السحيمي عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، في منظومته العلمية لنيل درجة الماجستير: قد يكون المعطى من الأجر على الرقية من باب الإجارة وقد يكون من باب الجعالة وتفصيل ذلك كما يلي:
لو قال المريض للراقي ارقني بمبلغ كذا والاتفاق بينهما على القراءة فقط سواء شفي المريض أم لم يشف فهذا من باب الإجارة، لأن الإجارة لا بد فيها من مدة أو عمل معلوم، وهذا الاتفاق على عمل معلوم ألا وهو القراءة فقط 0
أما إن اشترط المريض الشفاء فقال للراقي لك مبلغ وقدره كذا إن شفيت، فهذا من باب الجعالة لأنها تجوز على عمل مجهول والشفاء أمر مجهول) (أحكام الرقى والتمائم – ص 79) 0
قال ابن قدامة: (قال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء لأن أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء) (المغني - 5/ 541) 0
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز، كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي، فرقاه بعضهم حتى برأ، فأخذوا القطيع، فإن الجعل على الشفاء لا على القراءة، ولو استأجر طبيبا إجارة لازمة على الشفاء لم يجز لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفيه فهذا ونحوه مما تجوز فيه الجعالة دون الإجارة اللازمة) (مجموع الفتاوى - 20/ 507) 0
وقد خالف ابن أبي زيد القيرواني المالكي في هذه المسألة حيث قال: (لا يجوز الجعل على إخراج الجان من الإنسان لأنه لا يعرف حقيقته ولا يوقف عليه وكذا الجعل على حل المربوط والمسحور) (نقلا عن كتاب الشرك ومظاهره للميلي – ص 169) 0
وقد أجاب على ذلك الميلي حيث قال: (إخراج الجن من الإنسان وحل المربوط والمسحور إن كان بما هو مشروع فالجهل بحقيقة الإصابة وعدم الوقوف عليها لا يضر لأن الجعل على الشفاء وذلك يوقف على حقيقته ويعرف هل شفي المريض أو لا والجعالة جائزة على ذلك 0
إلا إذا أراد ابن أبي زيد شفاء مطلقا بحيث لا يعود الجن للمريض ولا العقد إلى المربوط، ولا السحر إلى المسحور فهذا نعم لا يوقف على حقيقته، ولا يمكن القول به، ولا يستطيع أحد أن يضمن ذلك مطلقا والمتعارف عليه في حصول الشفاء الذي يستحق به الجعل هو حصوله في ذلك الوقت) (الشرك ومظاهره – ص 170) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن جواز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية من الكتاب والسنة دون طلب أجر أو اشتراط؟
فأجاب – حفظه الله -: (لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره، والدليل على ذلك حديث أبي سعيد أن بعض الصحابة نزلوا بقوم فلم يقروهم، فلدغ سيد القوم فسعوا له بكل شيء ولا يغني عنه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء النازلين فأتوهم، فقال بعضهم: والله إني لأرقي ولكن قد نزلنا بكم فلم تقرونا، فما أنا بقارئ إلا بشيء، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فجعل يتفل عليه ويقرأ " الحمد لله رب العالمين " فقام وكأنما نشط من عقال، فأوفوا لهم جعلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اقسموا واضربوا لي معكم سهماً " 0 فأقرهم على الاشتراط وأسهموا له ليدل على إباحته، ولكن بشرط أن يرقي رقية شرعية، فإن كانت غير شرعية فلا تجوز، ولا يشترط إلا بعد السلامة من المرض وزواله، والأولى بالقراء عدم الاشتراط، وأن تكون الرقية لتنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض، فإن دفعوا له شيئاً بدون اشتراط أخذه دون أن يكون هو قصده، وإن دفعوا له شيئاً أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط بل بقدر الحاجة الضرورية، والله أعلم) (فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين) 0
والظاهر من الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال أهل العلم هو جواز أخذ الأجرة على الرقية، وأن ذلك قد يكون من باب الإجارة إن لم يشترط الشفاء ومن باب الجعالة إذا اشترط الشفاء لأن ذلك مجهول وهو مما تجوز فيه الجعالة لا الإجارة 0
أما التوسع في هذا المجال على نحو ما نراه أو نسمعه اليوم فهو عين الظلم وأكل مال بغير حق وهو من السحت الذي حرمه الله، والله تعالى أعلم 0
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[11 - 11 - 07, 10:04 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سلمك الله ورفع قدرك كلمة للرفع كلمة متداولة في المنتديات العربية عبر شبكة الانترنت يقصد بها رفع الموضوع لاعلى ليتسنى للكل النظر فيه وتذكر والدخول والاثراء بالمداخلات فهي كلمة تكتب ليرتفع الموضوع فقط لاغير
اتمنى ان اتكون فهمت مقصدي سلمك الله ورفع قدرك
أخوك ابو عاصم النبيل
بارك الله بك أخي الحبيب أبي عاصم وأحسن اليك ............
فأنا حديث عهد باستخدام المنتديات على الشبكة الألكترونية، أقل من عشرة أشهر فقط .......
وفقك الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/422)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[11 - 11 - 07, 10:46 ص]ـ
أخي العزيز "كاتب" بارك الله بك على هذا الشرح الجيد الطيب ........
المسألة كما تفضلت هي من جنس الدعاء، بل هو دعاء، فكلهم يرقون بالدعاء الصحيح الثابت (أذهب البأس رب الناس ....... ) متفق عليه. عقب القراءة.
فكيف ينتصب رجل ليدعو للناس، ألا يسمع قول الله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) النجم.
وهذا أصل ثابت
ثم إن المريض هو المضطر للشفاء وليس المعالج. فدعاء المريض إذن أقرب للإستجابة لقوله تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ... ) النمل.
ثم إن المراجعين عليهم (الزبائن) -كما أسمع عندنا هنا في الأردن- لا يهمهم أيعالج بالقرآن أم بالسحر والشعوذة!!! وكثير منهم يحسبونهم سحرة وحجابين!!
فجزاك الله خيرا وأحسن اليك .........
والله أعلم والله ولي التوفيق
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[12 - 11 - 07, 10:43 ص]ـ
وجزاك وحياك وبياك أبا عامر الصقر(86/423)
تداخل العبادات و الجمع بين النيات
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[26 - 10 - 07, 07:10 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
اخوتي في الله من لديه تفصيل لأقوال أهل العلم في هذه المسألة فليمدني به، و من عنده شرح لكلام الشيخ العثيمين (و الذي استشكل على فهمي) فلا يبخل به عليّ و جزاكم الله خيرا.
ـ[ياسر ابو عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 10 - 07, 09:30 م]ـ
راجع هذا المقال للشيخ إحسان العتيبي حفظه الله.
مسألة جمع النيات، يكثر السؤال عنها خاصة في شوال
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/18.htm
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[27 - 10 - 07, 01:39 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي ياسر جزاك الله خيرا و نفع الله بك
هل الشيخ إحسان العتيبي هو نفسه من يكتب في هذا المنتدى؟ و إن كان هو فعلا، فعلى يد مَن مِن العلماء تتلمذ؟
ـ[ندى الشمرية]ــــــــ[27 - 10 - 07, 01:46 ص]ـ
كنت قد سألت هذا السؤال ورد على أحد الفضلاء بمراجعة كتاب
التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي
تأليف:خالد بن سعد بن فهدالخشلان
وقد أشتريت هذا الكتاب وهو ممتاز جدا في هذا الجانب بل متخصص فيه
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[28 - 10 - 07, 02:03 ص]ـ
الجمع بين نيتين في عمل واحد، الأَوْلى: عدم فعله، لقوله عليه الصلاة والسلام: " إنما الأعمال بالنيات "، و " الأعمال ": جمع، و " النيات ": جمع، والقاعدة عند أهل العلم: " مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمةَ آحادًا "، فيكون المعنى: كل عمل ونيته.
والله أعلم.(86/424)
متى ستنشر أجوبة الدكتور علي السالوس فقد تأخرت جدا؟
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[27 - 10 - 07, 01:10 ص]ـ
وذلك في لقائه في هذا الملتقى .. منذ أكثر من عشرة أشهر ..
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[27 - 10 - 07, 01:30 ص]ـ
نحن ننتظر الأجوبة مثلك، فالأخ الذي نسق اللقاء وعدنا بإرسال الأجوبة، ولم يرسلها إلى الآن، بالرغم من أن الشيخ أجاب عليها في حينها، فحسبنا الله ونعم الوكيل
ونتمنى ممن يستطيع الاتصال بالشيخ أن يأخذ منه نسخة من الإجابات ويرسلها للملتقى.
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[23 - 02 - 08, 02:22 م]ـ
هل من خبر؟
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[03 - 05 - 08, 05:42 م]ـ
هل من أحد يعرف الشيخ ويكلمه في الأمر؟(86/425)
أريد المساعدة في البحث عن بعض الكتب ...
ـ[أم الزبير]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ....
أرجو منكم إخواني و أخواتي في هذا المنتدى المبارك أن تذكروا بعض أسماء الكتب المختصة بالنظريات الفقهية , وأماكن وجودها في أي مكتبة علما بأني من سكان مدينة الرياض .. وأنا بحاجة إليها الآن وبشدة.
أريد فقط اسم الكتاب ومؤلفه وأين أجده.
حتى لو كان الكتاب مترجم للغة العربية.
وفقكم الله وأعانكم على ما فيه خير ...
ـ[محمد بن عبدالله بن محمد]ــــــــ[30 - 10 - 07, 02:32 م]ـ
1 - نظرية الأجور
2 - نظرية العقد لابن تيمية
3 - نظرية الملكية والعقد محمد يوسف موسى
4 نظرية الضمان
5 نظرية الإفساد
6 نظرية الضرورة
7 النظريات الفقهية لمحمد الزحيلي
ولا يمكن أن تجد كل الكتب في مكتبة بل لا بد من الذهاب لها وسؤالها او الاتصال عليها
لا تنسنا من صالح دعائك
وفقك الله
ـ[أم الزبير]ــــــــ[31 - 10 - 07, 12:41 ص]ـ
أخي محمد بن عبدالله بن محمد جزاك الله خيراً ,,
لكن لدي سؤال وهو أنني أريد كتب تتحدث عن نشأة النظريات الفقهية وتاريخها وفائدة دراسة الفقه من خلالها
هذا مرادي ولعلك فهمت ما أنا بحاجته الآن ... للأسف وجدت عند بحثي في المكتبات ومراكز البحث كتب للنظريات الفقهية لكنها مختصة بالقوانين الفلسفية والاجتماعية ..... وهكذا
ولأنني جاهله بهذا العلم وقرر علي بحث فيه أرجو منك المساعدة .. فلعلك تساعدني بما من الله به عليك ..
وفقكم الله وأعانكم لما فيه خير.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 02:23 ص]ـ
عليكِ بجرد فهارس الكتب ... والنظر في ببلوغرافيا مادة النظريات الفقهية عند مراكز البحوث والمكتبات المتخصصة ...
وهذا رابط ذو صلة بالموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=90974&highlight=%22%C7%E1%E4%D9%D1%ED%C7%CA+%C7%E1%DD%DE %E5%ED%C9%22
ـ[أم الزبير]ــــــــ[31 - 10 - 07, 07:03 م]ـ
أبو الحارث البقمي ...
سبق لي الإطلاغ على هذا الموضوع .. واستفدت منه كثيراً
ومازلت بحاجة للزيادة في قراءة الموضوع ..
بارك الله فيكم ونفع بكم ...
ـ[محمد بن عبدالله بن محمد]ــــــــ[07 - 11 - 07, 10:02 م]ـ
في مقدمة هذه الكتب التي ذكرت لك يذكرون ذلك ن مقدمة في النظريات
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:25 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115471
ـ[أم الزبير]ــــــــ[13 - 11 - 07, 11:41 ص]ـ
أبو الحارث , زادك الله علماً وفهماً.
لدي سؤال وهو أين أجد كتاب وائل حلاق لأني بحثت عنه ولم أجده ذكر لي أن المدار الإسلامي طبعته لأول مرة 2007م , ترجمة أحمد موصللي , فهد الحمودي , وبقي الإشكال في عدم الوجود.
وكذلك الكتب التي ذكرت في الرابط أعلاه من أين يمكن الحصول عليها؟ إن ذكرت لي ذلك فأنت تختصر علي الكثير من الوقت.
في أي مكتبة أجدها , أرجو منك إخباري بذلك عاجلاً , ولك مني خالص الشكر والتقدير.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:32 م]ـ
الكتب التي ذكرت مقيدة عندي في كناشات , وللأسف ليست عندي الآن , ولم أقيد دور نشرها.
فعذراً.
ـ[أبو نظيفة]ــــــــ[03 - 02 - 08, 12:17 م]ـ
كتاب وائل موجود الآن في مكتبة التدمرية
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[03 - 02 - 08, 03:35 م]ـ
كتاب وائل موجود الآن في مكتبة التدمرية
جزاك الله كل الخير على الدلالة.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[03 - 02 - 08, 03:35 م]ـ
كتاب وائل موجود الآن في مكتبة التدمرية
جزاك الله كل الخير على الدلالة.(86/426)
كتاب المناسك من زاد المستقنع للشيخ العلامة محمد المختار الشنقيطي المدرس بالحرم النبوي
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 05:08 ص]ـ
قال المصنف-رحمه الله-: [كتاب المناسك]:
يقول-رحمة الله عليه-: [كتاب المناسك]: هذا الكتاب المراد به بيان أحكام الحج والعمرة وما يتصل بهما من بيان أحكام الهدي والأضاحي، وما أوجب الله- U- في هذه الفريضة العظيمة الجليلة الكريمة التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام.
يقول-رحمة الله-[كتاب المناسك]: ذكر كتاب المناسك عقب كتاب الصيام؛ لأنها الركن الخامس من أركان الإسلام مراعاة للترتيب في حديث ابن عمر: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا)) فلما رتب النبي- r- هذه الأركان بهذا الترتيب اعتنى الفقهاء-رحمة الله عليهم- بذكرها مرتبة على هذا الوجه.
[كتاب المناسك]: المناسك: جمع منسك، والنسك يطلق ويراد به العبادة ويكون بالمعنى العام وبالمعنى الخاص فيراد به مطلق العبادة وحملوا عليه قوله-سبحانه-: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn1) ، قيل النسك كل ما يتقرب به إلى الله- I- فيكون قوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} من عطف العام على الخاص، وقيل - أيضاً -: يطلق النسك ويراد به العبادة الخاصة، كالذبح ومنه قوله-عليه الصلاة والسلام-: ((انسك نسيكة)) كما في حديث كعب ابن عجرة في الصحيحين أي اذبح ذبيحة فالنسك يطلق بمعنى الذبح وهو الوجه الثاني في تفسير قوله-تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} أي ذبحي كما قال-تعالى-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn2) والقرآن يفسر بعضه بعضاً.
والمناسك المراد بها هنا: أفعال الحج والعمرة يشمل ذلك الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى وبقية الطواف فهذه مناسك في الحج، كذلك - أيضاً - مناسك العمرة من الإحرام والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير، أي في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل الشرعية المتعلقة بعبادة الحج وعبادة العمرة.
[كتاب المناسك]: فرض الله- U- الحج على عباده بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn3) وكذلك العمرة على أصح قولي العلماء، فرضها الله- I- على عباده كما في الحديث الصحيح عند الإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه أن عائشة-رضي الله عنها- لما سألت النبي- r- هل على النساء جهاد؟ فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة)) فقال: ((عليهن)) وعليهن يعني أنهن ملزمات وهي صيغة الإلزام {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn4) أي ألزموها، فدل هذا الحديث على أن العمرة واجبة، ولذلك قال: ((عليهن)) أي فريضة واجبة فدل على أن الحج والعمرة كل منهما واجب على الذكر ولأنثى بقيود وشروط سيأتي بيانها - إن شاء الله تعالى -.
فضل الله البيت الحرام {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاس} (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn5) يقيمون فيها طاعته ويتقربون إليه -سبحانه- بأفضل وأحب وأجل ما يتقرب إليه وهو التوحيد، والله جعل هذا البيت لشيء واحد وهو توحيده - I- فتكون العبادة خالصة لوجهه فالمسلم يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة وكذلك يقف بعرفة ويبيت بمزدلفة ويفعل سائل أفعال الحج توحيداً لله- I- ، إنما جعل الطواف بالبيت وبقية المناسك من أجل توحيد الله - I- ، ولذلك ما من منسك من هذه المناسك إلا وفيه معلم من معالم عديدة من معالم التوحيد قصد منها أن يخرج الإنسان من هذه العبادة وهو أخلص ما يكون لله- U- في قوله وفعله وظاهره وباطنه، وعبادة الحج والعمرة فيها خير كثير من منافع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/427)
الدنيا كما أنها تحصل أعظم منفعة في الدين فإن فيها منافع ومصالح عظيمة دينية ودنيوية.
فمنافع هذه المناسك الدينية: توحيد الله- U- ، وكذلك - أيضاً - جمع المسلمين في صعيد واحد يستشعرون به أخوة الإسلام وما ألف الله به بين قلوبهم حتى يحس المسلم أن الله جمع بينه وبين أخيه المسلم بهذا الدين وبهذه الرابطة التي هي أعز وأكرم وأشرف عند الله-سبحانه- من رابطة النسب، ولذلك يجمع الله المسلم مع جيرانه وأهل حيه في اليوم خمس مرات فإذا تم الأسبوع جمعه مع أهل البادية وضاحية المدينة حتى يأتلف الناس ويحسون أنه لا فرق بينهم وأن هذه الأشكال والصور والألوان والأماكن والبلدان لا تفرق بينهم في دين الله- U- فيركعون ويسجدون بإمام واحد ويتقيدون بهذا الإمام ينصتون إليه تجد المليون يستمعون لرجل واحد حتى نشعر بالألفة وبالأخوة وهل وجدت على وجه الأرض يجتمع المليون والمليونين برجل واحد يتكلم؟ وهل وجدت على وجه الأرض لو اجتمع مائة ألف يعجز الناس عن إسكاتهم ولو جاءوا بعدد من الخلق من أجل أن يسكتوا هؤلاء المائة ألف لحظة أو ساعة مؤقتة لكان من الصعوبة بمكان ولحصل اللغط؛ ولكن في الإسلام يجتمع المليون والأكثر من المليون ويستمعون لخطيب واحد على صعيد عرفة لا يتكلمون ولا ينبسون، وكذلك - أيضاً - يجتمعون في الجمعة من أجل أن يشعر المسلم بأخوة هذا الدين وأن هذا الإسلام جمع بين القلوب وألف بين الأرواح وهي دعوة الرسل، ولذلك جعل الله- U- مسلمين دعوة الرسول- r- ، ولذلك جعل الله المسلمين بمثابة الجسد الواحد وأشار إلى ذلك النبي- r- بقوله: ((مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم)) المسلمون الكاملون المسلمون الحقيقيون قال: ((في توادهم)) أي أن الإسلام يدعو للمودة ((وتراحمهم)) لأن الإسلام يدعوا إلى الرحمة ((وتعاطفهم))؛ لأن الإسلام يدعو إلى العطف عطف ((المسلمين بعضهم إلى بعض كمثل الجسد الواحد إذا شتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) فيجتمعون في الأسبوع على مستوى المدينة والأحياء القريبة من المدينة، فإذا كان يوم العيد اجتمعوا على أبعد من المدينة وتجد الناس تنزل من أماكن بعيدة من أجل شهود العيد في داخل المدينة كل ذلك من أجل جمع القلوب وتألف الأرواح {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُم} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn6) وهذا هو مقصود الإسلام، ولذلك يقول بعض العلماء: إن الله امتن على عباده بالألفة والأخوة والتوادد والتراحم قبل منة الدين فقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn7) فجعل نعمة الاعتصام والائتلاف والتوادد والتراحم واجتماع الكلمة قبل قوله: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} وهذا يدل على عظيم أمر الائتلاف والإجتماع والإعتصام بحبل الله- U- وهذا مقصود في الحج ومراد في الحج، ولذلك يجتمع الناس بإمام واحد ولا حج إلا بإمام ويدفعون بدفع الإمام وتراهم جميعا بثوبٍ واحد وزي واحد وكأنهم على هيئة واحدة في مقام واحد وصعيد واحد ويتقيدون بإمام واحد كل ذلك لكي يشعروا بإخوة الإسلام وما ربط الله- U- بينهم.
كذلك من مصالح الحج أن المسلم يجتمع بأخيه المسلم يسأله عن حاله وأشجانه وأحزانه فإن وجد خيراً حمد الله وأمره أن يشكر الله على فضله وإن وجد غير ذلك ثبته وقواه ودعاه إلى الاعتصام بحبل الله وتواصى المسلمون بالثبات على الحق إلى الممات والصبر على ما يكون من بلايا الدنيا ومصائبها فتجدهم متألفين متعاطفين متكاتفين متراحمين متواصلين كالجسد الواحد فالمسلم يتأوه لأخيه وهو في مشرق الأرض لأخ له مسلم في مغرب الأرض برابطة هذا الدين، فالمقصود من الحج جمع الكلمة وائتلاف القلوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/428)
وكذلك - أيضاً - هناك مصالح دنيوية من التجارة وحصول المنافع، ولذلك فضل الله أهل البيت الحرام فساق إليهم الخيرات فجعل بلدهم أمناً مطمئناً تجبى إليه ثمرات كل شيء رزق منه-سبحانه- لكي يشكروه ويحمدوه وبعظموه فحق جيران بيت الله الحرام أكد من غيرهم فلما يرون الناس تتوافد عليهم من كل حدب وصوب شعروا بحرمة هذا البيت وشعروا بنعمة الله عليهم وفضل الله عليهم كيف تهوى القلوب إلى هذا البيت فتجد المسلم في أقصى الشرق تسأله عن أمنيةٍ عزيزةٍ عليه يقول: أتمنى أن أرى البيت الحرام، وأتمنى أن أحج، وأتمنى أن أعتمر، وهذا كله لا شك أنه يدعو الإنسان أن يشعر بنعمة الله- U- عليه، ومن مصالح الحج الدينية كما ذكرنا التجارة وكذلك - أيضاً - يجتمع الناس فيتعارف بعضهم على بعض وتتعرف على عادات وتقاليد وترى أشياء عجيبة وصنوفاً غريبة من تصرفات الناس وأفعالهم فترى الحكيم بحكمته والجاهل بجهله فإن وجدت خيراً تعلمته وإن وجدت غير ذلك حمدت الله على نعمته عليك وفضله لديك ففي الحج غايات عظيمة وأسرار كريمة فليس المقصود أن الإنسان يحج هكذا من أجل أن يصيب هذه العبادات خالية عن المعاني.
وقال بعض العلماء: من أعظم معاني التوحيد في الحج في خاصة الإنسان أن الحج يذكره بالآخرة، فإن الإنسان من أول لحظة في الحج إذا خرج من بيته يتوجه إلى الميقات فيأتيه أمر الله- U- في الميقات أن يتجرد من ثيابه وأن ينزع عنه المخيط فإذا تجرد من ثيابه تذكر إذا جرده أهله من ثيابه واليوم يجرد نفسه لكنه غداً يُتجرد فتذكر الآخرة، ثم لبس الثوبين فتذكر إذ يلبس الأكفان، ثم إذا لبس الثوبين منع من الطيب ومنع من قص الشعر ومنع من الترفة فيتذكر أنه إذا صار إلى قبره يحال بينه وبين أي شيء من ملاذ الدنيا ومتعها وما فيها من الشهوات والملهيات، كذلك هو في حجه يمنع من هذه الأمور لكي يتذكر هذه الحال، ثم إذا صار إلى صعيد عرفات تذكر وقوف الناس بين يدي الله- U- حفاة عراة غرلا ضاحين بين يدي الله- I- فيتذر مثل هذه المواقف، ولذلك يقولون: الحج يعين على ذكر الآخرة ".
ومن غايات الحج وأهدافه وأسراره أنه يقوي شكيمة المسلم، ولذلك وصفه النبي- r- لكونه جهاداً فتتعود على التغرب عن الأوطان، ولذلك جعل الله- U- شهواتك تستجيب لك ولست بمستجيب لتلك الشهوات فأنت إذا كنت في النوم جاءك الأمر أن تقوم لصلاة الفجر فتقوى على نفسك فتقوى إرادتك على النفس الأمارة بالسوء فتقوم من النوم ويأتيك أمر الله- U- بأن لا تأكل ولا تشرب ولا تجامع الأهل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فتقوى على شهوتك خاصةً إذا كان الإنسان دعي إلى الحرام، فإذا ترك الحلال من باب أولى أن يترك الحرام فبقيت شهوة الأوطان وشهوة المساكن فأنت طيلة العام بين أهلك وولدك فيأتيك أمر الله أن تخرج فتتعلم الغربة لله والتغرب في سبيل الله وفي طاعة الله- U- فإذا جاءك الأمر بجهاد أو تحمل مشقة تخرج لأنك اعتدت ذلك وألفته فيخرج الإنسان من متاعه فالأغنياء والأثرياء يخرجون من اللذة ويخرجون من الراحة والدعة والسرور ومن الخدمة إلى الشظف فهذا يضربه بكتفه وهذا يضيق عليه خناقه ويدخل في شديد الزحام مع الفقير والضعيف فيحس بمعانٍ كثيرة لا يجدها وهو على فراشه الوثير،
فهذه معاني عظيمة تخرج المسلم إلى قوة الشكيمة وقوة العزيمة بدل أن كان في وهن وفي ضعف من الخلود إلى الراحة خاصةً الأثرياء والأغنياء وإذا خرج إلى الحج فإنه إذا كان في ثرائه ونعمائه قد لا يستطيع أن يرى الفقير، وقد لا يستطيع أن يرى الضعيف لكن إذا خرج إلى الحج رأى الضعفاء ورأى الفقراء ورأى نعمة الله- U- عليه من المرضى وكبار السن ونحوهم من الضعفة والحطمة فيتذكر فضل الله- I- عليه فهذه معاني جليلة.
كذلك - أيضاً - تستفيد العبر فسبحان الله من الأمور الغريبة أنك ترى في الحج الرجل من حطمة الناس كبير السن في آخر عمره والله تراه يتوكأ على عكازه أو يسند مع أولاده وأحفاده فتقول سبحان الله العظيم هؤلاء كبار السن مع الضعف والحطمة ومع ذلك يتكلفون الحج ويخرجون إلى طاعة الله ومحبة الله وتجد أهل الإنسان في النعمة والرخاء والثراء لا يخرجون فتقول سبحان الله الموفق للخير تجد هذا الفقير ضعيفاً مريضاً وتجده وهو في شدة المرض حطمه من الناس ومع ذلك تجده يتكلف الحج وأيضاً ترى الناس يعطف بعضهم على بعض وترى الناس يحلم بعضهم على بعض فتحس بنعمة الإسلام لكن لو كانت القلوب حية، لقد عهدت بعض العلماء والمشائخ-رحمة الله عليهم- من مشائخنا كنا إذا حججنا معهم نرى أموراً عجيبة فبعض الأحيان تراه يبكي أرى الشيخ يبكي، فأقول له سبحان الله ما يبكيك؟ يقول: أنظر هذا لا يبكي يقول حينما تنظر إلى اجتماع الناس وهم يعجون بالدعاء والتضرع إلى الله والمسألة والفاقة، تحس بأن الله أغنى الأغنياء وأن فقرك ينبغي لله فتقول سبحان الله من يجيب هذه المسائل
أستودع الله أموري كلها إن لم يكن ربي لها فمن لها
من هذه الصيحات ولهذه الدعوات وما هذا الفضل والكرم والجود والإحسان حينما يخرجهم من بيوتهم وأهليهم وأولادهم لكي يرحمهم-سبحانه- وقد يأتيه الرجل ابن تسعين سنة وهو حياته في المعاصي والفجور والفسوق ولكن يأبى إلا أن يحسن له الختام ويأبى إلا أن يرحمه ويأبى إلا أن يلطف به فيأتي به في آخر عمره لكي يوقفه هذا الموقف، ولربما يموت في عشية عرفة مغفور له مرحوماً ويخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه! حينما ترى هذه الأمور يزداد إيمانك بالله- Y- وحينما ترى الصيحات والدعوات وهي تجأ إلى الله- I- بسائر اللغات واللهجات فتقول سبحان الله العظيم سبحان من وسع سمعه الأصوات! فلا تخفى عليه لهجة ولا تخفى عليه لغة ولا يخفى عليه صوت ولا تعيه مسألة وهو- I- يجيب المضطر إذا دعاه، فلما ترى هذه المواقف تحس بعظمة الله- Y- وتحس بأنه ينبغي عليك أن تجعل فقرك كله غناك كله بالله- I- وحده لا شريك له وهذه من معاني التوحيد ومن معاني اليقين بالله- U- .
- نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم أن يرحمنا برحمته، وأن يرزقنا التفكر وحسن التدبر وأن يجعل لنا من ذلك أوفر الحظ والنصيب -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/429)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يجزيك خير الجزاء، وأن يرفع قدرك في الدنيا والآخرة، وأن يعافيك من كل بلاء. اللهم آمين.
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 03:57 ص]ـ
قال المصنف-رحمه الله-: [والحج والعمرة واجبان]:
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد شرع المصنف-رحمه الله- في بيان حكم الحج والعمرة وهما النسك، فبين-رحمه الله- أن كلاً من الحج والعمرة يعتبر فريضة من فرائض الله-?-.
أما بالنسبة للحج فهذا محل إجماع واتفاق بين أهل العلم-رحمهم الله-، وذلك لأن الله-?- قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} وقال-عليه الصلاة والسلام-: ((بني الإسلام على خمس. وذكر منها حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)) وأجمع المسلمون على أن الحج ركن من أركان الإسلام.
وأما بالنسبة للعمرة ففيها قولان مشهوران لأهل العلم-رحمة الله عليهم-:
القول الأول: فمن أهل العلم من يقول: إن العمرة سنة وليست بواجبة، وبهذا القول قال فقهاء الحنفية، والمالكية، وهي رواية عن الإمام أحمد، وقول للشافعي-رحمة الله على الجميع-.
والقول الثاني: إن العمرة واجبة وبهذا القول قال الشافعية، والحنابلة في المشهور.
فأما دليل من قال إن العمرة سنة وليست بواجبة فقد استدلوا بظاهر قوله-?-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} قالوا: ولو كانت العمرة بواجبة لقال الله ولله على الناس الحج والإعتمار؛ ولكن الله -سبحانه- خص الفريضة بالحج فدل على أن العمرة لا تأخذ حكم الحج، واستدلوا كذلك بالأحاديث الصحيحة عن النبي-?-.
استدلوا بحديث عبدالله ابن عمر في الصحيح: ((بني الإسلام على خمس وفيه حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)) قالوا: إن النبي-?- لم يذكر العمرة مع الحج فدل على أن الحج فريضة والعمرة سنة.
وكذلك استدلوا: بحديث عمر في الصحيحين حينما سأل جبريل رسول الله-?- عن الإسلام فذكر شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت قالوا: ولم يذكر العمرة.
وكذلك استدلوا - أيضاً - بحديث ظعام ابن ثعلبة-?-، وذلك أنه وفد على رسول الله-?- وسأله فقال: زعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً قال: ((صدق))، فقال بعد ذلك: والذي بعثك بالحق لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال-?-: ((لئن صدق ليدخلن الجنة))، فقال: لا أزيد على هذا، والعمرة زائدة عن الحج، فدل على أن العمرة ليست بواجبة.
كذلك - أيضاً - استدلوا بحديث جابر بن عبدالله-رضي الله عنهما-، وفي هذا الحديث أن النبي-?- سأله: أعرابي عن العمرة أواجبة هي؟ فقال-?-: ((لا، وأن تعتمر خير لك))، وهذا الحديث رواه الإمام الترمذي في سننه وقال: إنه حديث حسن صحيح، وكذلك رواه الإمام أحمد في مسنده، قالوا: فهذا الحديث الصحيح يدل على أن العمرة ليست بواجبة حيث إن رسول الله-?- لما سأله السائل أهي واجبة، قال: ((لا))، وهذا يدل على أنها ليست بلازمة، ثم قال: ((وأن تعتمر خير لك))، أي أنه سنة مستحبة وليست بفريضة واجبة.
كذلك استدلوا بحديث طلحة بن عبيدالله-?- وفيه أن النبي-?- قال: ((الحج جهاد، والعمرة تطوع)) وهذا الحديث رواه إبن ماجة بسند ضعيف هذه هي حاصل حجج من قال: بأن العمرة ليست واجبة.
أما من قال: بأن العمرة واجبة، فقد استدل بقوله-سبحانه-: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وجه الدلالة: أن الله قرن العمرة بالحج، فدل على أن حكمهما واحد، وهذه الدلالة تسمى عند العلماء بـ (دلالة الاقتران)، وهي دلالة ضعيفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/430)
والدليل على ذلك: أن الله يقرن الواجب وغير الواجب، كما قال-?-: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فإن الله قرن الأكل بأداء الزكاة، فدل على أنه قد يقرن الواجب بغير الواجب، ثم إن هذه الدلالة في الآية محل نظر، وذلك أن الله-تعالى- قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ففي قراءة والعمرة لله على العطف وهناك قراءة علىالاستئناف {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وعلى هذه القراءة لا يستقيم الاستدلال.
وكذلك - أيضاً - استدلوا بالسُّنة، وذلك لما ثبت في حديث أبي رزين العُقيلي-?- أنه سأل النبي-?-: عن أبيه الذي أدركته فريضة الحج وهو لا يستطيع أن يحج ولا أن يعتمر ولا أن يسافر، قال: إنه لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الضعن فقال-?-: ((حج عن أبيك واعتمر)) وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وكذلك الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وصححه غير واحد من الأئمة، قالوا: إن هذا الحديث أمر فيه النبي-?- أبا رزين أن يعتمر عن أبيه، فدل على أن العمرة واجبة.
واستدلوا - أيضاً - بحديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- وذلك أنها سألت النبي-?- هل على النساء جهاد؟ قال-عليه الصلاة والسلام-: ((عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة)) فقوله: ((عليهن))، أي: يلزمهن، كقوله-تعالى-: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُم} أي: إلزموها، فهذه الصيغة، صيغة إلزام وصيغة الإلزام تدل على الوجوب، وبناءً عليه فإن هذا الحديث يدل على وجوب العمرة، وبناءً على ذلك قالوا: إن العمرة واجبة.
وهذا القول - أعني القول بوجوب العمرة - وهو أصح القولين والعلم عند الله وذلك لقوة دلالة الأدلة التي استدلوا بها، وأما الآية فدلالتها ضعيفة، وهي قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؛ ولكن الأقوى حديثي أبي رزين وحديث أم المؤمنين عائشة.
وكيف نجيب عن دليل القائلين بالسُّنة؟
الجواب عن ذلك: من وجوه أقواها ما أختاره شيخ الإسلام-رحمه الله- من أن الحج ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: حج أكبر.
والقسم الثاني: حج أصغر.
وهذا هو الذي دله عليه القرآن في قوله-?-: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} فهناك حج أكبر وهو الحج المعروف، وهناك حج أصغر وهو العمرة، فلما قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} يشمل الحج الأكبر والأصغر، وكذلك ماورد من الأحاديث في قوله: ((وأن تحج البيت)) فإنه يشمل حج البيت الأكبر والأصغر، لأنه مطلق فيشمل الاثنين وهذا هو أنسب الوجوه؛ لأن الله وصف الحج بكونه أكبر وأصغر، وكذلك - أيضاً - أجيب أن سكوت الأدلة عن ذكر هذه الفرائض في العزائم
والأركان لا يدل على عدم وجوبها، وكان وجوبها شرع متأخرة، وهذا الوجه يختاره بعض الأئمة-رحمهم الله-، وبناءً على ذلك فإنه يترجح قول القائل بوجوب العمرة.
إذا ثبت أن الحج فريضة والعمرة واجبة فيرد السؤال: هل هذا الوجوب وهذه الفريضة عامة أو خاصة.
أما بالنسبة للحج فهو واجب على من استطاع وفريضة على من يستطيع عموما بالشروط التي سنذكرها.
أما العمرة فللعلماء الذين قالوا بوجوبها وفرضيتها مسلكان:
الأول: منهم من يقول: العمرة واجبة على الجميع، دون فرق بين أهل مكة وغيرهم.
الثاني: ومنهم من يقول: هي واجبة على غير أهل مكة، أما أهل مكة فلا تجب عليهم العمرة.
وهذا طبعاً التفصيل أو الخلاف عند من يقول بفرضية العمرة، فمنهم من يرى فرضيتها على الجميع، ومنهم من يرى فرضيتها على غير المكي، والصحيح فرضيتها على الجميع، وذلك لأنه لم يدل دليل على استثناء المكي وأخراجه من هذا العموم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/431)
وأما بالنسبة لقوله: [الحج والعمرة واجبتان] على المستطيع هذا الشروع الذي بدأه المصنف في هذا الباب، أعني - كتاب المناسك - إنما هو في بيان حكم هذه العبادة، وهذه الفرضية وهذا الوجوب مقيد بشروط بدليل قوله-?-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} فقال: {حِجُّ} في قراءة {حَج البيت من استطاع إليه سبيلا}، ((وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً)) فقيد هذا الوجوب وهذا اللزوم بالاستطاعة، ولذلك قال العلماء: إن هذه الفرضية تتفيد بشروط وهي التي سيعتني المصنف-رحمه الله- بذكرها.
[الحج والعمرة واجبان على المسلم الحر]: واجبان على المسلم، أما الكافر فلا يجب عليه أن يحج ولا يجب عليه أن يعتمر حتى يحقق أصل الإسلام، من التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله-?-، ثم بعد ذلك يخاطب بفروع الإسلام.
أما الدليل على أن الكافر لا يحج ولا يعتمر فلأن الله-?- قال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} وقوله-?-: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} فهذا يدل على أنه لا يجوز دخول المشرك والكافر إلى مكة، ويشمل ذلك الحج والعمرة، وقد ثبت في الصحيح عن النبي-?- أنه بعث علياً-?- ينادي بنداءه: ((أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان))، ولذلك قالوا: لا يدخل الكافر الحج ولا العمرة ومنع المشركون من الحج والعمرة بعد نزول هذه الآية الكريمة.
[على المسلم الحر]: يجب الحج والعمرة على الحر، أما الرقيق فلا يجب عليه حج ولا تجب عليه عمرة؛ لأن الله قال: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} والرقيق ليس عنده مال، فشرط الاستطاعة ليس بمتوفر ولا بمتحقق فيه.
والدليل على أن الرقيق لا يملك: في حديث ابن عمر الذي ذكرناه في كتاب الزكاة وبينا أن الشرع أخلى يد العبد عن الملكية وإذا خلت يده عن ملكية المال، فإنه لا يتحقق فيه شرط الوجوب، فلا يخاطب بالحج حتى يعتق ولا يخاطب بالعمرة حتى يعتق، لكن لو حج العبد وأذن له سيده بالحج أو أذن له بالعمرة فحج أو اعتمر فحجه صحيح وعمرته صحيحة.
وخالف الظاهرية-رحمة الله عليهم- جمهور العلماء فقالوا: إن العبد يطالب بالحج لعموم الأدلة.
ولكن يجاب عنهم بأن هذا العموم مقيد بشروط، وذلك في قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} والاستطاعة تشمل الاستطاعة المالية، والعبد لا يملك المال فلا يتوجه عليه الخطاب بوجوب الحج، لكن لو حج بإذن سيده وأذن له سيده، فلا إشكال.
وقوله: [على الحر]: مفهومه أن العبد لا يجب عليه، ويشمل ذلك العبد الذي هو متمحض الرق، كامل الرق، والعبد المبعض الذي بعضه حر وبعضه عبد، فلا يطالب بالحج وذلك لوجود حق السيد فيه وإذا ازدحم الحقان حق المخلوق، وحق الخالق، فإنه تقدم حقوق العباد لوجود المشاحة فيها.
[المكلف]: المكلف والمراد بذلك شرطاً التكليف، البلوغ والعقل، والمكلف مأخوذ من الكلفة والمشقة؛ والسبب في ذلك، أن شرائع الإسلام فيها مشقة مقدور عليها، وأما المشقة غير المقدور عليها فلا يكلف الله بها، فإذا كان الشرع فيه مشقة وكلفة، ظهر المطيع من العاصي، ولذلك حفت الجنة بالمكاره حتى يظهر من يمتثل أمر الله، ومن يتركه، والتكليف شرطه العقل والبلوغ
وَكُلُّ تَكْلِيْف بِشَرطِ الَعقْلْ مَعَ البُلوغِ بَدمٍ أَوْ حَمْلْ
فلا يحكم بكون الإنسان مكلف بشرائع الإسلام إلا إذا كان عاقل فالمجنون لا يكلف ولا يجب عليه الحج، وهل إذا حج المجنون وأحرم عنه وليه يصح حجه؟
للعلماء وجهان:
الوجه الأول: من أهل العلم من قال: إن النبي-?- لما سئل فج الروحاء، وسألته المرأة وقد رفعت صبي لها فقالت: ألهذا حج، قال: نعم ولك أجر، قالوا: والصبي في حكم المجنون، والمجنون في حكم الصبي كل منهما فاقد للحلم والعقل، فقالوا: كما صحح النبي-?- حج الصبي نصحح أيضاً حج المجنون، وبناءً على ذلك إذا أحرم عنه وليه واستقامت له أركان الحج وشرائط صحته حكمنا باعتبار حجه وصحته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/432)
الوجه الثاني: ومن أهل العلم من قال: المجنون لا يصح منه الحج البتة، لا يحرم بنفسه ولا يحرم عنه وليه، وذلك أنهم يرون أن الصبي يستثنى بالنص وبقي المجنون على الأصل لقوله-عليه الصلاة والسلام-: ((رفع القلم عن ثلاث وذكر منهم المجنون حتى يفيق))
والمجنون له حالتان:
الحالة الأولى: إن كان جنونه مطبقاً فإنه لا يجب عليه الحج ولا تجب عليه العمرة، ولا تجب عليه الشرائع، قد رفع عنه القلم وسقط عنه التكليف.
والحالة الثانية: إما أن يكون جنونه متقطعاً، وهو الذي يجن تارة ويفيق أخرى، فإذا أفاق فإنه إذا حج في حال الإفاقة إذا كان قادراً مستطيعاً في حال إفاقته فإنه يجب عليه الحج ويصح منه الحج.
وأما بالنسبة لشرط البلوغ فهو أن يبلغ الصبي طور الحلم وقد بينا ذلك في كتاب الصلاة وبينا تعريف البلوغ وضابط البلوغ، والمراد بذلك أننا لا نوجب الحج على الصبي؛ ولكن لو حج الصبي وأحرم عنه وليه صح حجه؛ ولكن لا يجزيه عن حجة الإسلام وفريضته كما في حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- ويلزمه أن يعيد الحج بعد بلوغه؛ لأن النافلة لا تجزئ عن الفريضة فإذا حج في حال صباه، فإنها نافلة والرقيق إذا حج حال رقه فإنها نافلة، لأن الله لم يوجب عليه الحج، فإذا عتق العبد وبلغ الصبي لزمهما أن يعيدا حجهما وعمرتهما.
[القادر]: القادر وهذا هو الذي نص القرآن عليه بشرط الإستطاعة فقال-سبحانه-: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} أي من أستطاع إلى بيت الله سبيلاً وهذه الاستطاعة تشمل الزاد والراحلة فلا يجب الحج على من ليس عنده زاد أو ليست عنده راحلة تبلغه البيت، إن كان على مسافة القصر من مكة أما من كان من أهل مكة، فإنما يشترط وجود الزاد أما الراحلة فلا تشترط؛ لأنه كان في داخل مكة، ويمكنه أن يخرج إلى المناسك ويمشي على رجليه، فشرط الزاد والراحلة لمن كان أفاقياً خارجاً عن مكة بمسافة القصر وفي حكم أهل مكة من كان دون مسافة القصر، فهؤلاء إنما يجب عليهم الحج إذا وجدوا الزاد، والمراد بالزاد طعامهم ومؤونتهم التي تكفيهم لحجهم بشرط أن تكون فاضلة عن قوتهم وقوت من تلزمهم نفقتهم كما سيأتي.
يدخل في شرط القدرة عبر المصنف-رحمه الله- بالقدرة، وهذه القدرة تشمل الزاد والراحلة وقد جاءت في ذلك أحاديث موصولة ومرسلة وموقوفة وقال شيخ الإسلام: إنها أحاديث حسان وينضم بعضها إلى بعض ويقوي بعضها بعضاً، تدل على أن شرط الاستطاعة قائم على الزاد والراحلة، وبناءً على ذلك فإن الزاد تعتبر به نفقة الذهاب ونفقة الرجوع، فيقدركم يحتاج للسفر إلى مكة، ذهاباً وإياباً إلى بلده.
ومن أهل العلم من قال: العبرة بالذهاب.
وأما الإياب فلا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إما أن يكون رجوعه إلى بلده لازماً، لوجود من يقوم عليه من أولاده وأهله، فيكون شرط الرجوع لازماً، أي أنه يكون قادراً على نفقة الذهاب والإياب، وإما أن يكون لا أهل له ويمكنه أن يبقى بمكة فالرجوع وزاد الرجوع ليس بلازم.
وفائدة الخلاف: لو كان الرجل يسافر من المدينة إلى مكة فيحتاج إلى زاد بمبلغ خمس مائة ريال في الذهب، وخمس مائة ريال للرجوع فبلغ ماله خمس مائة وليس عنده ألف فحينئذٍ إن كان له أهل ورجوعه إلى المدينة متعين لم يجب عليه الحج، وإن كان لا أهل له ويمكنه البقاء بمكة فيلزمه الحج ويعتبر مخاطباً بفريضة الحج، هذا بالنسبة على القول بأنه تقدر نفقة الإياب كما تقدر نفقة الذهاب، {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} يدخل في ذلك أمن الطريق، فإذا كان الطريق مخوفاً لوجود السباع والعوادي أو كان سفره إلى مكه يتوقف على ركوب البحر والسفن، وكان الزمان ضيقاً بحيث بينه وبين الحج ثلاثة أيام أو أربعة أيام، وهاج البحر فيها وغلب على ظنه أنه لو ركبه يهلك، لم يجب عليه الحج؛ لأن الله يقول: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وقال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} فالله لا يخاطب بما فيه خواطر بالأنفس، إلا ما شرع من الجهاد، وأما ما عدا ذلك من الفرائض فإنها لا تكون لازمة على وجه يؤدي إلى فوات الأنفس، وبناءً على ذلك فإنه إذا خاف من الطريق لوجود السباع العادية، أو وجود ضرر كركوب البحر، أو نحو ذلك من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/433)
المسائل فإنه لا يلزمه الحج.
أما إذا أمن الطريق فحينئذٍ لا إشكال، وفصل العلماء إذا كان الطريق مخوفاً بين أن يجد بديلاً أو لا يجد، فإن وجد بديلاً كأن يكون الطريق فيه سباع عادية أو طريق هو أشق وأكثر كلفة ولكنه أمن ويمكنه أن يسلكه فإنه يلزمه أن ينصرف ويجب عليه الحج، وهذا بالنسبة لشرط القدرة، أما المكي فالأمر فيه خفيف بالنسبة للحج وبالنسبة للعمرة؛ والسبب في ذلك أنه لا يفتقر إلى سفر، ومن هنا قالوا فقط ينظر إلى زاده في الحج، بحيث لو خرج إلى الحج وأمكنه أن يحج فإنه يجب عليه أن يحج إذا كانت عنده نفقة مثله.
[في عمرة مرة على الفور]: يجب على المسلم الحر المكلف القادر أن يحج ويعتمر مرة في العمر، فهذه الفريضة تجب على الإنسان مرة في عمره؛ وذلك لأن النبي-?- لما وقف للناس في حجة الوداع وسئل أفي كل عام؟ فقال: ((أيها الناس إن الله كبت عليكم الحج فحجوا))، فقيل: - يا رسول الله -: أفي كل عام، فسكت -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم، ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم وإختلافهم على أنبيائهم ... إلخ الحديث)) وجه الدلالة من هذا الحديث: أنه لم يقل نعم والصحابي سأل: أفي كل عام فلم يجب بنعم قال: ((لو قلت نعم لوجبت))، أي لوجب عليكم الحج فريضة في كل عام ولكنه لم يقل ذلك فدل على أن الحج؛ إنما يجب مرة في العمر وهذا بإجماع المسلمين.
[على الفور]: على الفور فلا يتراخى ولا يتأخر على أصح قولي العلماء-رحمة الله عليهم-.
[فإن زال الرق والجنون والصبا في الحج بعرفة وفي العمرة قبل طوافها صح فرضاً]: [فإن زال الرق]: لو خرج الرقيق من المدينة إلى مكة وهو في حج فإننا ننظر إن وقع عتقه قبل الوقوف بعرفة فللعلماء فيه خلاف، أصح الأقوال أنه يجزيه عن حجة الإسلام ولا يجب عليه أن يرجع إلى الميقات.
وقال فقهاء الحنفية: إنه يرجع إلى الميقات لأنه وجب عليه الحج من ميقاته، فيرجع لكي يحرم من ميقاته فإن لم يرجع لا يجزيه فقيل لهم لماذا قالوا: لأن نيته الأولى وقعت نافلة، لأنه لم يكن الحج واجباً عليه، فلما وقعت نافلة فلا ينقلب النفل إلى الفريضة.
وقال بعض العلماء: يجب عليه أن يرجع إلى الميقات حتى يسقط عنه الدم، فإن حج من مكانه ومضى فإنه يصح حجه ولكن يجب عليه دم، فهذه ثلاثة أقوال لأهل العلم:
القول الأول: منهم من يقول: يمضي ما دام أنه قد عتق قبل الوقوف بعرفة أو أثناء وقوفه بعرفة قبل أن يدفع فحجه صحيح ويجزيه عن حجة الإسلام.
القول الثاني: ومنهم من قال يلزمه الرجوع إلى الميقات حتى يحرم بنية الفريضة بدل نيته الأولى نافلة.
القول الثالث: ومنهم من قال: إنه يلزمه الرجوع إلى الميقات لسقوط الدم؛ لأنه سيحرم بالحج وينقلب إلى حجة الفرض من موضع دون الميقات.
والصحيح أنه يجزيه في حجه أن يمضي. لما ثبت في حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي-?- سمع رجل وهو يطوف بالبيت ويقول: لبيك عن شبرمة، لبيك عن شبرمة فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((ومن شبرمة)) قال: أخي أو ابن عم لي، مات ولم يحج، قال: ((أحججت عن نفسك))، قال: لا، قال: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)) فهذا الحج الذي وقع من هذا الرجل وقع عن شبرمة، وكان في الميقات قد نوى عن شبرمة فلو كان يلمه الرجوع إلى الميقات لقال له: ارجع إلى الميقات، وأنوي عن نفسك لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فاغتفر الشرع ذلك وصار من سماحة الشرع ويسره، وإلا الأصول تقوي أن يرجع، فلما استثنى النبي-?- هذا دل على أن من طرأ له الحكم وانقلبت نيته أن ذلك لا يؤثر وقد قال علي-?-: " أهللت بما أهل به رسول الله-?- " وقد قدم من اليمن، ولم يقل له إرجع إلى يلملم وجدد النية بما نويت به، فهذا كله يقول العلماء: أنه يدل على أنه لا يلزم الرجوع إلى الميقات وأنه إذا عتق الرقيق وبلغ الصبي قبل الوقوف بعرفة يجزيه أن يمضي في حجه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/434)
أما في العمرة فتنظر إلى أول الأركان وهذا مسلك الشافعية والحنابلة-رحمة الله عليهم-، أن العبرة عندهم في العمرة في تغيير النية وانقلابها وصحة هذا التغيير والانقلاب أن يكون قبل بداية الطواف، فإذا ابتدأ الطواف فقد تلبس بالنسك نافلة، أما لو غير نية قبل الطواف، فإنه يجزيه ذلك، ولذلك مسائل الفسخ - كما سيأتنا - الحج إلى العمرة ونحوها من المسائل؛ إنما تكون قبل أن يدخل ويتلبس بالطواف فإذا وقع عتقه قبل طواف الركن، الطواف الركن الذي هو طواف العمرة، فإنه حينئذٍ تجزيه عن عمرة الإسلام وتعتبر عمرة فريضة؛ لأنها وقعت قبل ركن الطواف.
وهذا بالنسبة للرقيق، أما بالنسبة للصبي فالحكم مثل الرقيق، فإن وقع بلوغ الصبي بحتلامه قبل الوقوف بعرفة أو أثناء وقوفه بعرفة قبل دفعه أجزأه وصح حجه، عن حجة الإسلام وإن وقع بلوغه واحتلامه قبل طوافه بالبيت في عمرته أجزأه وانقلبت عمرته إلى فريضة الإسلام.
[فإن زال الرق والجنون والصبا في الحج بعرفة وفي العمرة قبل طوافها صح فرضاً]: صح فرضاً أي أجزأه عن عمرة الإسلام وحجه.
[وفعلهما من الصبي والعبد نفلاً]: أي أن الصبي والعبد إذا حج كل منهما أو إعتمر في حال الصبا والرق فهي عمرة نافلة وحجة نافلة ولا تجزئ عن الفريضة، هذا مراد المصنف-رحمه الله-، وفي ذلك حديث ابن عباس كما ذكرنا، الذي ذكره الشافعي في مسنده وغيره ((أنه أيما صبي حج ثم بلغ أنه يعيد حجه)) وهذا أصل عند العلماء-رحمة الله عليهم- يقول به جمع من السلف أنه يلزمه أن يعيد حجة ولا يجزيه بحج نافلة ولا العمرة النافلة عن حجة الإسلام وفريضته.
[والقادر من أمكنه الركوب ووجد زاد وراحلة صالحين بمثله بعد قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية]: [والقادر من أمكنه الركوب]: والقادر أي الشخص الذي يجب عليه الحج بوجود شرط القدرة، والقادر من وجد راحلة وهذه مسألة الركوب وللعلماء فيها وجهان:
الوجه الأول: بعض العلماء يقول: الحج لا يجب إلا على من وجد الراحلة، طبعاً هذا في غير المكي، أما المكي وأمره يسير محل الخلاف بين العلماء في غير أهل مكة؛ لأنهم يقدمون من بلدان بعيدة، وخاصةً فيما إذا كانوا أفاقيين بعيدين عن مكة فلابد من وجود الراحلة في قول الجمهور.
وقال بعض السلف: إذا كان يطيق المشي يلزمه الحج؛ لأن الله-تعالى- يقول: {يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} فوصفهم بكونهم يأتون رجالاً ولا شك أن القول بوجود الراحلة مع وجود الأحاديث التي أشرنا إليها بمجموعها لا تتقوى وكما وصفها الأئمة والعلماء أنها ترتقي إلى درجة الحسن بالاعتضاد، تقوي شرط الراحلة، وبناءً عليه فإنه لا يجب الحج على من أطاق المشي، لكن لو مشى وبلغ مكة وحج فحجه صحيح، فليس بهذا بشرط صحة؛ وإنما هو شرط وجوب، فلا يجب عليه إلا إذا ملك الراحلة، والراحلة في زماننا تشمل ما أن يكون قادراً على الركوب بالبر أو بالجو أو البحر، بأن تكون عنده مئونة الركوب، فإذا كان عنده المال الذي يستطيع أن يكتري به ويستأجر به سيارة لبلوغ مكة، أو طائرة أونحو ذلك حتى يبلغ، فحينئذٍ يجب عليه الحج، فلو كان سفره إلى مكة، يحتاج فيه إلى استئجار سيارة بثمانين، فحينئذٍ نقول لا يجب عليه الحج إلا إذا ملك مائتي ريال لركوب سيارته، زائدة عن حاجته وحاجة أولاده والحقوق الواجبة عليه، فلو كان مديوناً وعنده مال لا يفي بسداد دينه لم يجب عليه الحج؛ لأن هذا المال مستحق للغير؛ وإنما يجب عليه الحج إذا ملك ما فضل عن استحقاق الغير، كذلك - أيضاً - إذا كان يملك المائتين ولكن هناك حقوق واجبة عليه لنذر أو كفارة، أو عتق أو نحو ذلك من الحقوق الواجبة فاحتاج المائتين لشراء طعام الكفارة فحينئذٍ لا يجب عليه الحج، ويبدأ بهذه الحقوق الواجبة حتى يخاطب بعد ذلك بما فضل، إن كان يملك به القدرة بالحج إلى بيت الله الحرام، وإلا فلابد من أن تكون مؤونته والمال الذي عنده فاضلاً عن حاجته وحاجة من تلزمه نفقته كزوجته وأولاده، فلو كان الحج يكلفه ألف ريال، أو ألفين ريال فحينئذٍ نقول لا يجب عليه الحج إلا إذا ملك هذا المبلغ فاضلاً عن حقوقه الواجبة عليه، الحقوق الواجبة عليه لنفسه ولأهله، وهكذا للناس كالديون والنذور والكفارات إذا كانت لله-?- فهذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/435)
مشترط للحكم، بالقدرة والاستطاعة، فلابد أولاً من الزاد ثم بعد الزاد الراحلة فيملك الراحلة التي يستطيع أن يركب عليها، فلو ملك الزاد وملك الراحلة فلابد من شرط القدرة البدنية، وهي الاستطاعة البدنية فقد يكون الإنسان غنياً وعنده الزاد وعنده الراحلة ولكنه لا يستطيع أن يركب السيارة، بل قد لا يستطيع أن يقوم بأعمال الحج لشللٍ أو نحو ذلك، فحينئذٍ لا يجب عليه الحج، لأنه لا يستطيع والله فرض الحج على المستطيع، ولذلك لما سأل أبو رزين العقيلي-? وأرضاه- رسول الله-?- عن فريضة الحج التي أدركت أباه شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يحج ولا أن يعتمر ولا أن يظعن، الظعن هو السفر، فمنه قوله-تعالى-: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} أي يوم سفركم، إرتحالكم ويوم إقامتكم إي نزولكم، فالمقصود أن النبي-?- أمره أن يحج عن أبيه.
قال العلماء: في هذا دليل على أن الشخص إذا كان عنده قدرة مالية وعنده - أيضاً - راحلة يركب عليها لا يكفي لوجوب الحج حتى يكون قادراً ببدنه، فإن كان مبتلاً بالمرض نظرنا فيه، إن كان المرض يمنع مثله من الحج فحينئذٍ لا يخلو:
إما من أن يكون مرضاً مزمناً فهذا ينظر في توكيله للغير بشرطه.
وإما أن يكون مرضاً يرجى برءه، فيسقط عنه الحج في السنة التي مرض فيها، فإن شفي بعد ذلك لزمه أن يحج، وهذا مبني على وجود العذر والعذر يسقط ما دام موجوداً فإن زال زال الحكم بزواله، فعندنا في شرط الاستطاعة، أن يكون واجداً للزاد والراحلة مع قدرة البدن، فلا يكفي أن يجد الزاد ولا أن يجد الراحلة وهو غير قادر بديناً.
كذلك - أيضاً - يشترط أن يأمن الطريق فيكون طريقه آمناً فإن كان طريقه يخشى معه من السباع أو نحوها مما يؤدي إلى هلاكه أو تلفه أو حصول الضرر والبلاء عليه، فكما ذكرنا فيما سبق فإنه يعذر حتى يزول عنه هذا المانع.
[زاداً وراحلة صالحين لمثله]: [صالحين لمثله]: وهذا مبني على أن العرفة محتكم إليه؛ لأن الشرع جعل لكل ذي قدر قدره، فلو وجد سيارة لا تصلح لمثله، مثلاً الآن الشخص كبير السن يمكنه أن يحج إذا كانت السيارة محفوظة أو مثلاً فيها وسائل الراحة التي تمكنه من بلوغ البيت دون أن يصل إلى درجة الحرج والمشقة الغير مقدورة عليها، فنقول: يجب عليه أن يحج إن وجد هذا النوع من السيارات، لكن إذا لم يجد إلا نوعاً لا يأمن معه زيادة المرض ولا يأمن معه حصول المشقة الفادحة عليه، فوجود هذا النوع وعدمه على حد سواء، فلا يجب عليه الحج.
[بعد قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والجوائج الأصلية]: بعد قضاء الواجبات والنفقات، الدين، عليه دين فيجب عليه أن يسدده؛ لكن المديون فيه تفصيل فالشخص المديون في الأصل ينبغي أن يبادر بسداد دينه ثم يحج، ولا يجوز للمديون أن يحج بدون إذن أصحاب الدين، لأن حقوقهم متعلقة به، والأصل أنه يطالب بسداد ديون المخلوقين، ثم بعد ذلك يجب عليه الحج، ولأنه يتعلق ذمته بالدين، أصبح غير مستطيع للحج، فيستأذن أصحاب الحقوق أن يسمحوا له بالحج فإن سمحوا له بالحج صح حجه وأجزأه وإن لم يسمحوا له بالحج، صح حجه وأثم، ولو كانت عليه ديون ولم يرضى أصحاب الدين أن يسافر فحينئذٍ يأثم بإضاعة حقوقهم؛ لأنه كان المفروض أن يضع هذا المال سداداً لدينه وأن يبدأ بسداد ديونه، ثم بعد ذلك يحج ويعتمر فلما تجاوز هذا الحكم فإننا نقول يأثم ويصح حجه، وعلى هذا فإنه إذا أذن صاحب الدين باللفظ أو كان هناك إذن ضمني.
يقول بعض العلماء: إن الديون المقسطة التي تكون على أشهر يجزيه إذا سيحج الشهر الأخير الذي هو قبل شهر ذي الحجة أن يحج؛ والسبب في ذلك أنه ديون غير حالة وإنما غير حلة بجميعها، وإنما حلت أقساطاً، فيؤدي للناس حقوقهم في زمانها، بالزمان الذي أوجبوا عليه الآداء، فلما أدى قسط ذي القعدة حل له أن يحج في ذي الحجة، وإذا أدى قسط شعبان حل له أن يعتمر في رمضان، وقس على هذا فسامحوا في حجه، لكن لا نقول بوجوب الحج عليه ما دام عليه دين، ففرق بين قولنا يجوز له أن يحج، إذا كان نافلة ونحو ذلك، وبين قولنا يجب عليه فلو كان عليه دين خمسة آلاف ريال ومقسطة في كل شهر ألف ريال، أو في كل شهر خمسمائة ريال، فأدى قسط ذي القعدة وبقيت عليه الأقساط الباقية فإننا لا نقول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/436)
بوجوب الحج عليه، وفرضية الحج عليه، لأن ذمته لا تزال مشغولة بهذا الحق حتى يؤديه كاملاً، وهكذا إذا كانت عليه حقوق واجبة لله-?-، كأن يكون عنده خمسة آلاف ريال وفي الحج يكفيه لحجه ألفان مثلاً، فإذا كان يكفيه الألفان فحينئذٍ ننظر في الخمسة آلاف، فلو كان عليه كفارات تقدر بثلاثة آلاف ريال، وعليه نذور تقدر بألف وخمسمائة فالباقي يكون خمسمائة ريال فحينئذ لا يجب عليه الحج لأنه مطالب بحقوق لا يكون معها قادراً على الحج أو مستطيعاً الحج بماله.
[والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية]: [والنفقات الشرعية]: فإذا أراد أن يحج الأصل أنه ينبغي أن يترك عند أهله نفقتهم حال الغيبة فإذا كان حجه يكلف ألف وخمسمائة ريال مثلاً، وعنده ألفان، فالألفان التي عنده نفقة أهله في حال الغيبة، خمسمائة ريال وحجه يحتاج فيه إلى ألف وخمسمائة، نقول: يجب بمثله أن يحج، لأنه إذا أدى الخمسمائة، فقد أدى الحقوق التي عليه، ففضل الفضل الذي يجب بحيله أن يحج.
وأما إذا كانت الحقوق التي لأهله تحتاج إلى ألف ريال وعنده ألفان وهو يحتاج لحجه إلى ألف وخمسمائة فقد سقط الحج عنه؛ لأنه لا يكفيه المال للقيام بهذه الفريضة.
[والحوائج الأصلية]: والحوائج الأصلية من مأكل ومشرب وملبس، فهذه الحوائج الأصلية تعتبر، فلو كان الشخص مثلاً في نهاية ذي القعدة يريد أن يسافر وحوائجه الأصلية في بيته تقدر نفقتها بخمسمائة ريال وعنده ألف وخمسمائة وحجه لا يمكن أن يكون إلا بهذا الألف والخمسمائة، فوجود العوز في الخمسمائة يسقط الحج عنه، فالحوائج الأصلية لنفقته ونفقة أولاده، وهكذا من تلزمه مؤنته، تسقط الحج عنه إذا استغرقت ماله على وجه لا يملك به الفضل الذي يجب معه الحج وتجب معه العمرة.
[وإن أعجزه كبراً]: وإن عجز بسبب الكبر أي عجز عن الحج إلى بيت الله فيكون من الحطمة.
والدليل على أن الكبر من الأعذار حديث أبي رزين، وكذلك لما سئل-عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، إن فريضة الله أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستقيم على الراحل، فهذا يدل على أن الكبر يعتبر من الأعذار؛ لأن الكبر يوهن الإنسان كما قال-?- حكاية عن نبيه زكريا-?-، لما سأل ربه، قال: {إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} فذكر حال الكبر أنه وهن في الداخل، وهن في الظاهر، فقال: {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي}، وهذا بلاء الكبر في النفس، واشتعل الرأس شيباً، هذا بلاء الكبر في الظاهر، فالكبر يضعف الإنسان ظاهراً وباطناً، ولذلك لا يجب الحج على من أصابه الكبر على وجه لا يستطيع معه أن يقيم الفرائض ويقوم بالأركان، فالحج يحتاج إلى جلد وإلى صبر وإلى تحمل، ولذلك وصفهم النبي-?- بكونه جهاداً، والجهاد لا يجب على الكبير، لا يجب على الشيخ الكبير الحطمة من الناس الذي يستضر، والكبر نسبي فبعض الناس يكون كبيراً وهو أجلد من الشاب فهذا يحج وبعض الناس يكون كبيراً وقد يعاجله الكبر ويبكر عليه لمهمومه وما يصيب بدنه وما يعتريه من الأمراض فهذا أمر نسبي لا يتأقت بزمان، لا نقول من بلغ خمسين سنة فهذا لا يجب عليه الحج، ولا نقول: من بلغ ستين سنة، وإنما نرد ذلك إلى أحوال الناس، فقد ترى الإنسان كبير السن والله -?- أبقى له العافية، فهذا يجب عليه أن يحج فليس الكبر عذر إلا إذا منع وجال واستضر الإنسان معه بالقيام بفريضة الله في الحج والعمرة.
[أو مرض]: فالمرض يكون مانعاً من الحج إذا كان مزمناً فإن كان المرض مزمناً مقعداً كالشلل ونحو ذلك من الأمراض والأسقام، وفي حكم ذلك الكسور التي تكون في الإنسان ويلزم بها فراشة فلا يستطيع أن يبرحه فهذه تعتبر عذراً في حال وجودها فإن انجبر الكسر حج من عام يليه، أما في العام الذي ينكسر فيه ويكون الإنسان لازماً لفراشه فإنه يسقط عنه الحج في ذلك العام،
فالمرض له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون مانعاً على الدوام وهو المرض الزمن وقد يكون الإنسان مصاب بمرض في قلبه لا يستطيع معه أن يحج ولا يتحمل معه مشقة الحج فهذا يسقط عنه الحج.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/437)
الحالة الثانية: وأما بالنسبة للمرض المؤقت وهو الذي يكون للإنسان في فترة زمنية فهذا يكون مانعاً مؤقتاً فالتفصيل في المرض على هاذين الوجهين وشرط كون المرض مانعاً من الحج والعمرة أن يكون مؤثراً.
وإذا شك الإنسان في مرضه هل يستطيع معه الحج أو لا؟ فيرجع إلى قول الطبيب العدل المسلم.
وأما الكافر فمذهب طائفة من السلف أنه لا تقبل شهادة الطبيب الكافر في ترك النسك والعبادة؛ لأنه متهم في شهادته ومذهب طائفة من العلماء أن الطبيب الكافر إذا وثق فيه وعرف فيه الأمانة عمل بقوله؛ لأن النبي-?- عمل بشهادة الكافر كما في استأجاره لعبدالله بن أريقط وقد تكلم شيخ الإسلام-رحمه الله- على هذه المسألة في الفتاوى كلاماً نفيساً وبين فيه أن هدي الشرع بالرجوع إلى مثله، الشاهد أن المرض إذا شهد به الطبيب العدل أو من يوثق بقوله فحينئذٍ يعتبر مانعاً، فإذا شك الإنسان في كونه يضر أو لا يضر حجه فإنه يرجع إلى قول الأطباء الذين عرفوا بالخبرة وعرفوا بكونهم مهرة في هذا الأمر ولا يرجعوا لكل طبيب، فإن اختلفت أقوال الأطباء رجح بالأكثرية فإن لم يستطع وتساوى عددهم رجح بالمهارة يعني أن يكون إنسان معروفاً بمهارته وهذا أصل ذكره بعض فقهاء الحنفية-رحمهم الله- في تعارض شهادة أهل الخبرة في مسائل العبادات والعادات.
[ومرض لا يرجى برؤه]: كالمرض المزمن-نسال الله السلامة والعافية- بشرط أن يكون عائقاً.
[لزمه أن يقيم من يحج أو يعتمر عنه من حيث وجبا]: الشخص الذي لا يستطيع الحج لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يلزمه أن يقيم غيره أن كان قادراً؛ لأن الله-?- فرض عليه الحج في نفسه إن استطاع، فإن لم يستطع فهو قادر على استئجار من يقوم بالحج عنه وإذا استئجرت رجلاً للحج عن الغير،
فالإجارة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: يسمى بإجارة البلاغ وهي أن تأخذ من الشخص الذي تريد أن تحج عنه مقدار نفقتك وما يبلغك الحجة، فلو كانت النفقة تقدر بثلاثة آلاف ريال للحج متمتعاً أو قارناً تقول تعطيني ثلاثة آلاف ريال فتذهب وتسافر فإن نقص المبلغ وجب عليه أن يكمل، فلو حججت وسرت بالقصد وعلى حسب الشرط وعلى حسب الاتفاق فحصل عجز عندك بخمس مائة لزمه أن يدفع الخمسمائة وتخرج من تركة الميت وتضمن، هذه الإجارة تسمى إجارة البلاغ، وهي جائزة بإجماع العلماء-رحمة الله عليهم- ولما فيها من المعونة على البر والتقوى والإنسان لا يأخذ فيها حظاً لنفسه؛ وإنما يتقوى بها على عبادة الله-?- وإسقاط الحق على أخيه المسلم.
القسم الثاني من الإجارة: يسمى بإجارة المقاطعة والمفاصلة فيكون فيها شيء أشبه بالسوم، يقول له: تحج عن ميت بألفين، قال: لا بثلاثة، قال: لا بل بأربعة، فيكون السوم بينهم والمقاطعة كأنه يبحث عن ربح وعن مفاضلة فإذا بت في هذا النوع
فللعلماء قولان:
القول الأول: بعض العلماء يقول: لا يجوز هذا النوع من الإجارة؛ لأنه يتخذ العبادة وسيلة للدنيا والحج؛ إنما يراد به وجه الله-?-، ولا يراد به أي شيء سواه، وشددوا في هذا النوع من الإجارة.
القول الثاني: ومنهم من قال: يجوز لأنها قربة ليست بفرض عين، والقرب التي هي من فروض الكفايات يجوز أخذ الأجرة عليها ولو فضلت كما في الأذان قالوا: لأن النبي-?- ألقي الآذان علي أبي مخذورة فلما أذن ألقى عليه سرة من فضة، قالوا: هذا يدل على مشروعية المكافأة على الطاعة إذا لم تكن فرض عين على الإنسان، فلما قام بها تفضلاً عن أخيه المسلم جاز له أن يأخذ الفضل والزيادة، وفي النفس شيء من هذا القول، فالأفضل أن الإنسان يأخذ أجرة البلاغ حتى يصيب الأجر من الله-?- وهذا المنبغى وفي حق طلاب العلم وأهل العلم أكد لما فيه من صيانه وجوههم وصيانة العلم وحفظ حقه الذي جعله الله-?- نوراً في صدورهم، أن يكون من ضمنة الإمتهان والابتذار واستخفاف الناس بهم فالأفضل والأكمل أن طالب العلم ونحوهم من أهل الفضل أن لا يأخذوا مثل هذه الإجازة إلا على سبيل البلاغ، فإن قدرت من نفسك أن تحج تفضلا فهذا أفضل وأعظم أجراً وثوابك على الله، ومن كان أجره على الله فنعم الأجر ونعم الثواب في الدنيا وفي المرآب فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ومن أعظم الإحسان أن تحس إلى أخيك الميت أو أخيك المسلم فتسقط عنه فريضة، ولذلك يأجرك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/438)
الله الفريضة الخاصة إذا لم تأخذ عليها مالاً، فكأنك حججت فرضاً، وهذا لا إشكال فيه من جهة وجود العناء والتعب والنصب، إذا قصد الإنسان وجه الله-?-.
[لزمه أن يقيم من يحج أو يعتمر عنه من حيث وجبا]: من حيث وجب عليه الحج؛ لأن الوكيل ينزل منزلة الأصيل، فلو كان من أهل المدينة، فإن الذي يحج عنه لابد وأن يحج من المدينة وهذا أصل شرعي صحيح، لأن الحج فرض عليه من المدينة، وهذا الذي يريد الحج؛ إنما يريد الحج لا عن نفسه وإنما عن غيره، فإذا أراد أن يحج عن غيره وجب أن يتقيد بذلك الغير، وهذا هو مذهب جمهور العلماء وهو أصح قولي العلماء أنه يحج من حيث وجب الحج على الأصيل فالوكيل منزل بمنزلة الأصيل، وأصول الشريعة تدل على هذا، لأنهم أقاموا البدل مقام مبدله، فلما كان المبدل مطالب مخاطب بالحج - مثلاً - لو أن شخصاً وجب عليه الحج وهو قادر على الحج من المدينة، فإنه إذا حج عنه من الجحفة أو من يلملم أو من السيل فقد حج من الأدنى ولا يصح للإنسان أن يحج من الأدنى وقد وجب عليه الحج من الأبعد وقد فرض الله عليه الحج من ميقات ذو الحليفة فحينئذٍ يلزمه أن يحج من ميقات ذو الحليفة وهذا أحوط وأبرأ للذمة وأبلغ في القيام بحق الله-?- وأداءه على وجهه.
[ويجزئ عنه وإن عوفي بعد الإحرام]: ويجزئ الحج عنه وإن عوفي بعد الإحرام إذا أقام وكيلاً عنه وهو معذور، ثم شفي بعد إحرام الوكيل فقالوا: إنه يجزئ عنه حج الوكيل ولو كان تغير الحال وزال العذر بعد الإحرام، فالعبرة عندهم بالإحرام.
وبعض العلماء يرى أن العبرة بالطواف فإذا طاف بالبيت في عمرته أو وقف بعرفة في حجة فإنه حينئذٍ يمضي هذا الوكيل ولا يقوم الموكل بإعادة الحج ثانية ويجزئه هذا عن حجة الإسلام.
وقال بعض العلماء: إذا شفي وعوفي أو زال العذر قبل نهاية حجه فإنه يلزم بإعادة هذا الحج؛ والسبب في ذلك: أنه عذر في حال العجز أما بعد قدرته وزوال العذر عنه رجع الأمر إلى وجوب الحج عليه، وهذه المسألة تعرف بـ (مسألة زوال العذر) ولها صور يزول العذر قبل الشروع، ويزول العذر أثناء الشروع، ويزول العذر بعد الانتهاء، فتارة يكون زوال العذر موجباً للقطع والاستئناف من الأصل والرجوع إلى الأصل على خلاف مثل مسألة المتيمم إذا تيمم في أول الوقت ثم كبر تكبيرة الإحرام فرأى الماء أو وجد الماء وقدر على استعماله فالصحيح أنه يقطع صلاته؛ لأن هذه الصلاة زال العذر أن يصلي وهو على تيممه وقد قال-?-: ((فإذا وجد الماء فليتقي الله وليمسه بشرته))، فخوطب بالرجوع إلى الأصل ولا يمكن الحكم بثبوت العذر إلا إذا تم العمل حتى يوصف الإنسان بكونه قد برئت ذمته على الوجه المعتبر، والفقه أنه إذا كان الأصل أنه مخاطب بفعل العبادة وأن هذا الوكيل منزل لحاجة، وزالت الحاجة وشككنا هل يمضي أو لا يمضي؟ رجعنا إلى الأصل، من كون الأصيل أو الموكل مخاطب شرعاً بالقيام بالحج بنفسه فلما شككنا في إجزاء الوكيل عنه رجعنا إلى الأصل من مخاطبته بالفعل بنفسه.
ـــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 06:47 م]ـ
قال المصنف-رحمه الله-: [ويشترط لوجوبه على المرأة وجود محرمها]:
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد شرع المصنف-رحمه الله- في بيان شرط من الشروط المعتبرة للحكم بوجوب الحج على المرأة فلا، يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت المحرم، ولا يجوز لها أن تخرج لحج ولا لعمرة إلا إذا كان معها محرمها وهذا كله إذا لم تكن بمكة.
أما إذا كانت بمكة، أو من حاضري المسجد الحرام دون مسافة القصر، فإنه إذا أُمنت الفتنة، وأمكنها أن تحج مع الرفقة المأمونة فلا بأس به، لأن خروجها إلى البيت الحرام والمناسك ليس هو بسفر ولا في حكم السفر؛ وإنما أوجب الله المحرم في ما كان سفراً، لما ثبت في الحديث الصحيح عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا ومعها ذو محرم))، فهذا الحديث الصحيح يدل على أن المرأة يجوز لها أن تخرج لما دون مسافة القصر بدون محرم ولكن بشرط أمن الفتنة، ولذلك كن أمهات المؤمنين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/439)
-رضي الله عنهن-، يخرجن إلى المناصع من أجل البراز وقضاء الحاجة، وهذا خارج عن حجراته-عليه الصلاة والسلام- وبأطراف العمران بالمدينة، ويشترط وجود محرمها.
والمحرم: أصله من حرّم الشيء يحرم فهو حرام ومحُرّم، ووصف المحرم بكونه محرماً؛ لأن الله حرمّ عليه نكاح هذا النوع من النساء، فمن حرم عليه نكاح المرأة، بسبب النسب أو بسبب الرضاعة أو بسبب المصاهرة فإنه يعتبر محرماً لهذه المرأة إضافة إلى الزوج فإذا حرّم الله-?- عليه نكاحها هذا لسبب المباح فإنه حينئذٍ يجوز له أن يسافر معها وأن يختلي بها وأن يصافحها وأن يرى وجهها ويديها ونحو ذلك مما لافتنة فيه.
ومسألة المحارم مسألة مهمة ويحتاجها الناس عامة سواء كانوا طلاب علم أو كانوا من غير طلاب العلم، فالمنبغي على المسلم أن يعلم إذا بلغ ما الذي أحل الله له من النساء أن يختلي بهن وأن يصافحهن وأن يعطيهن حكم المحارم ومن الذي حرّم الله عليه، وما الذي حرم الله عليه الخلوة بهن، والسفر معهن، وكذلك النظر ولمسهنّ.
وهذه المسألة كما يصفها العلماء من المسائل التي تعم بها البلوى، والمنبغي تعليم أبناء المسلمين، والعناية بهذه المسألة خاصةً من الخطباء والوعاظ والمرشدين.
فالناس يحتاجون إلى بيان من هم المحارم؟ حتى يكونوا على بينة من أمرهم، فيأتوا ما أحل الله، ويذروا ما حرم الله عليهم،
والمحرمية لها ثلاث جهات:
الجهة الأولى: محرمية بسبب النسب.
والجهة الثانية: محرمية بسبب الرضاعة.
والجهة الثالثة: محرمية بسبب المصاهرة.
فأما الذين حرم الله على المسلم نكاحهن والزواج منهن من جهة النسب فسبع في حكمهن من حرم الله من جهة الرضاعة.
وأما المصاهرة فأربعة أنواع من النساء - كما سيأتي إن شاء الله تفصيله -. وسنذكر هذه الثلاث جهات من جهة النساء، فإذا قلنا الأم فيقابلها الأب بالنسبة للمرأة، فإذا قلنا مثلاً: أول المحارم الأم، فنحن تكلم بالنسبة للرجل، فتعكس المرأة، وتعلم أن المراد الأب، وإذا قلنا الأخ فتعكس الأخت بالنسبة للرجل تعكس المرأة وتقول الأخ، وإذا قلنا بنت الأخ بالنسبة للرجال فيعلم النساء أن ابن الأخ، لأنهن يسألن بالنسبة للذكور، والرجال يسألون من جهة الإناث.
فأما بالنسبة للجهة الأولى: وهي النسب. فهن سبعٌ من النسوة:
الأولى: الأم. والأم: هي كل أنثى لها عليك ولادة سواءً كانت مباشرة أو كانت بواسطة، فكل أنثى لها عليك ولادة مباشرة أو بواسطة فهي محرمة لك يشمل ذلك الأم المباشرة وأم الأم، وأم أم الأم وإن علت، ويشمل - أيضاً - أم الأب، وأم أب الأب وإن علا ما ذكرناه.
فأم الإنسان المباشرة حرام، وأم أصوله أم له، فلو سألك السائل وقال: أم أب الأب هل هي محرمة لي؟ تقول: نعم. ولا يجوز لك نكاحها، ويجوز لك مصافحتها، والسفر معها وأنت محرم لها.
أما الدليل فقوله-تعالى-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فنص الآية الكريمة جاء بالجمع، قال بعض المفسرين: تنبيها من الله-?- على أن التحريم لا يختص بالأم المباشرة؛ وإنما يشمل الأم المباشرة والأم بواسطة كأمهات الأصول.
النوع الثاني: البنات. والبنت: هي كل أنثى لك عليها ولادة، سواء كانت مباشرة كبنت الصلب التي هي مباشرة من صلبك أو بنت بنتك، أو بنت ابنك وإن نزل.
فجميع الإناث اللاّتي ولدن منك، أو من فروعك من الذكور والإناث فهن محارم لك، وهذا دليله قوله-تعالى-: {وَبَنَاتُكُمْ} فجمعت الآية الكريمة تنبيهاً على البنت المباشرة والبنت بواسطة.
الثالثة: الأخت: والأخت ضابطها: هي كل أنثى لأحد أصليك عليها ولادة أو هما معاً، فيشمل ذلك ثلاث أنواع من الأخوات:
النوع الأول: الأخت الشقيقة؛ لأن الولادة من اصليك.
النوع الثاني: الأخت لأب وقد شاركتك في الأصل الواحد وهو الأب.
النوع الثالث: الأخت لأم وقد شاركتك في أصل وهو الأم.
فالأخت محرمة لك، سواء كانت شقيقة أو كانت لأب أو كانت لأم.
أما دليل كونها محرمة فقوله-تعالى-: {وَأَخَوَاتُكُمْ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/440)
الرابعة: العمة. العمة هي كل أنثى شاركت أباك في أحد أصليه أوفيهما معاً، فيشمل العمة الشقيقة والعمة لأب والعمة لأم، فكل أنثى اجتمعت مع والدك سواء من جهة أحد أصليك كالعمة لأب أخت الأب من أبيه، والعمة لأم وهي أخت الأب من أمه، أو العمة الشقيقة وهي أخته من أبيه وأمه شاركته في الأصلين معاً. العمة محرمة.
والدليل على ذلك: قوله-تعالى-: {وَعَمَّاتُكُمْ}، ويستوي في العمات عماتك المباشرة وعماتك بواسطة من جهة الأصول، فعمة أبيك محرماً لك، وعمة جدك محرماً لك، وعمة جدتك محرماً لك، وعمة أمك محرماً لك، فاجعل العمات والخالات من جهة الأصول عمات لك، ولذلك إذا سألك السائل فقال: عمة جدي هل هي محرمٌ لي؟ تقول عمة أصلك عمة لك. ولو سألك عن عمة أمه أهي محرمة له؟ تقول: عمت أصلك عمة لك فهي محرم لك.
الخامسة: الخالة. وهي كل انثى شاركت الأم في أحد أصليها أو فيهما معاً. فيشمل الخالة لأب شاركت الأم في أحد أصليها وهو الأب، الخالة لأم لأنها شاركت الأم في أحد أصليها وهي الجدة أم الأم، والخالة الشقيقة وهي أخت الأم من جهة الأب والأم شاركت الأم من أصليها معاً.
فالخالة محرمة لك سواءً كانت خالة مباشرة وهي أخت أمك لأب أو أم، أو لهما معاً، أو خالة لأصلك، فلو سألك سائل عن خالة أبيه: هل يجوز له أن يختلي بها أو يسافر معها؟ تقول: نعم. خالة أصلك خالة لك، وخالة أب الأب وخالة جد الأب كل هؤلاء من النسوة محارم للفروع.
والدليل: قوله-تعالى-: {وَخَالاتُكُمْ} قال المفسرون بالإجماع: أن خالات الأصول خالات للفروع، وعمّات الأصول عمّات للفروع.
السادسة: بنت الأخ. وضابط بنت الأخ: هي كل أنثى لأخيك عليها ولادة. ويشمل الأخ الشقيق والأخ لأب والأخ لأم، ويشمل الولادة المباشرة كبنت أخيك الشقيق، والولادة بواسطة كبنت بنت أخيك الشقيق، وبنت ابن أخيك الشقيق، فالفروع يأخذن حكم ما تفرّعن عنه، فبنت الأخ محرمة لك سواءً كان أخاً شقيقاً أو لأبٍ أو لأم.
والدليل قوله-تعالى-: {وَبَنَاتُ الأَخِ}.
وأما السابعة: فبنات الأخت. وضابطهن: كل أنثى لأختك عليها ولادة سواء كانت مباشرة أو كانت بواسطة، وسواء كانت الأخت شقيقة أو لأب أو لأم. فجميع ما تنجبه الأخت، يعتبر من محارمك من الإناث، سواءً باشر أو كان بواسطة.
هؤلاء السبع تحريمهن جاء من جهة النسب، والنسب معناه مأخوذ من النسبة. يقال: نسب الشيء إلى الشيء إذا أضافه. وسمّي النسب نسباً، لأن الإبن يضاف إلى أصله، فيقول محمد بن عبدالله، وعبدالله بن عبدالرحمن، فيضاف الإبن لأبيه والأب للجد والجد لأبيه وهكذا، فهؤلاء السبع إذا تأملتهن، وجدت التحريم جاء من جهة القرابة، فتجد إما من جهة الأصول أو من جهة الفروع، أو من جهة فروع الأصول، أو من جهة فروع من شارك في الأصول.
فهذا فهؤلاء النسوة من السبع الجهات يعتبرْن محارم للرجل والعكس في الأناث، فتقول في الأمهات الآباء، وتقول في البنات الأبناء، وتقول في الأخوات الإخوان الإخوة الذكور، وتقول في العمّات الأعمام، وفي الخالات الأخوال، وفي بنات الأخ أبناء الأخ، وفي بنات الأخت أبناء الأخت.
هذا بالنسبة للتحريم من جهة النسب، وكل واحد منا المنبغي أن يكون حافظاً لهؤلاء السبع حتى يعلم أن الله أحل له الخلوة بهذا النوع من النساء ومصافحتهن والسفر معهن وغير ذلك من أحكام المحرمية المعروفة.
أما بالنسبة للجهة الثانية للمحرمية: فهي جهة الرضاعة. وجهة الرضاعة كجهة النسب سواءً بسواء، فتقول: تحرم الأم من الرضاعة وأم أمها وإن علت، وأمهات الأصول من الرضاعة أمهات للفرع الراضع الرضيع.
كذلك - أيضاً - البنات من الرضاعة وإن نزلن فبنتك من الرضاع تعتبر محرماً لك، وبنت بنتها وبنت ابنها إن نزل الجميع.
كذلك - أيضاً - الأخت من الرضاعة سواء اجتمعت معك في المرأة المرضعه من الأصلين فكان الزوج أرتضعت هذه الأخت من نفس اللبن، فهي أخت لك من الرضاعة شقيقة أو كانت ابناً بنتاً لهذا الرجل من هذه المرأة التي رضعت فهي أخت من الرضاعة شقيقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/441)
ولكن هذا الرضاع يعتبر فيه - أيضاً - هي أخت من الرضاعة شقيقة يعتبر فيما يعتبر في النسب، فلو أن هذا الرجل الذي رضعْت من لبنه من هذه المرأة تزوج امرأة ثانية، أو كانت عنده امرأة ثانية فأنجبت، فجميع ما ينجبه هذا الرجل الذي إرتضعت لبنه يعتبر أخاً لك من الرضاعة، إن كان من المرأة نفسها أخ شقيق وأخت شقيقة، وإن كان من غير المرأة قبل أو بعد فهو أخ من الرضاع لأب، ثم هذه المرأة التي إرتضعت منها جميع ما تنجبه من قبل هذا الرجل أو من بعد يعتبر أخاً لك من الرضاعة وأخت لك من الرضاعة من جهة الأم إذا كان من غير هذا الرجل، أما إذا كان من الرجل فالحكم كما ذكرنا يعتبر أخاً شقيقاً من الرضاعة وأختاً شقيقة من الرضاعة، هذا بالنسبة للرضاعة.
فالأخت من الرضاعة، وكذلك بنات الأخت وبنات الأخ من الرضاعة والعمة من الرضاعة والخالة من الرضاعة كلهن هؤلاء السبع من جهة الرضاعة ينزلن منزلة السبع من جهة النسب لقوله-عليه الصلاة والسلام-: ((يحرُم من الرضاعة مايحَرم من النسب)) فدل هذا الحديث الصحيح على أننا ننزل الحكم في الرضاع مثل الحكم أو منزلة الحكم الموجود في النسب.
أما بالنسبة للتحريم من جهة المصاهرة فيشمل أربع نسوة أربعة أنواع من النساء وفي المصاهرة حتى تتضح عندك الصورة، المصاهرة تقوم على الصهر وهو الزواج من الناس والإنسان يصاهر القوم إذا تزوج منهم وصهرهم زوج بنتهم أو زوج أختهم.
فالمصاهرة تحسب فيها حتى تتضح لك الأربع ما كانت المصاهرة في أصولك وما كانت المصاهرة من جهة فروعك، فتنظر إلى أصولك وهم آبائك وإن علو كالجد، وتنظر إلى فروعك وهم أبناؤك وإن نزلوا، وتنظر إلى المرأة التي تزوجتها، أصلها وفرعها فهذه أربع جهات.
أما أصولك، فكل من تزوجه الأب من النساء بمجرد عقده عليهن يعتبر محرماً لك.
النوع الأول: من المحرمات من جهة المصاهرة زوجات الآباء وإن علا الآباء، فزوجة الأب وهي المرأة التي عقد عليها الأب بمجرد عقده عليها تعتبر محرماً لك سواءً دخل بها أو لم يدخل بها طلقها أو مات عنها ما دام أنه قد عقد على هذه المرأة وهي حرامٌ عليك إلى الأبد فهي محرمٌ لك إلى الأبد يستوي في ذلك أن يكون أباً مباشرة وهو الذي ولد الإنسان مباشرة أو أب أبيه وإن علا.
فإذا سألك سائل: عن امرأة عقد عليها أب الأم وهو جدك من جهة الأم أو امرأة عقد عليها أب الأب؟ تقول: إنه لا يحل لك نكاحها وهي محرم لك ما الدليل؟
قوله-تعالى-: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قال-سبحانه-: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} والأب أب تمحض بالذكور أو تمحض بالإناث، فإن جدك من جهة الأم كأبيك ويعتبر أباً لك وفي حكم الأب، ولذلك قالوا: كل ما عقد عليها الأب وأبوه وإن علا والجد وجده وإن علا فهو محرم للفروع هذا بالنسبة للنوع الأول.
وقلنا العبرة بالعقد فأي امرأة بمجرد ما يعقد عليها الوارث أو يقع بينه وبينها الإيجاب والقبول بحضور شاهدين عدلين يتم ويصح بهما العقد فإنه يحل لك أن تجلس معها وأن تصافحها وأن تختلي بها وتسافر معها وأنت محرمٌ لها زوجات الآباء.
النوع الثاني: عكسها، زوجات الأبناء. عرفنا اللاتي تزوجهن الأصول أنهن محارم عكسهن اللاتي تزوجهن الفروع فكل امرأة عقد عليها ابنك أو ابن ابنك وإن نزل بمجرد العقد تصير محرماً لك، فزوجات الأبناء وأبناء الأبناء وأبناء البنات كل هؤلاء من النسوة محارم لك والدليل على ذلك قوله-تعالى-: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} أي حرمت عليكم نكاح الحليلة للابن إذا كان من الصلب يراد من أصلابكم حتى يخرج ابن التبني الذي كانت الجاهلية تفعله، كزيد كان يقال زيد بن محمد هذا التبني فقوله: {مِنْ أَصْلابِكُمْ} ليس المراد به قصر الحكم على الإبن المباشر وإنما المراد به من أصلابكم فيشمل جميع ما كان من صلبك ومن ولدك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/442)
فالإبن الذي من صلبك وولدك سواءً كان مباشراً أو كان بواسطة تمحض بالذكور أو تمحض بالإناث فإنه ابن لك وزوجته التي عقد عليها محرمٌ لك بمجرد ما يعقد الإبن تحرم زوجته على أبيه فتحرم على أبيه وإن علا وعلى جده وعلى جد جده وإن علا سواءً كانت من جهة الذكور أو من جهة الإناث. هذا بالنسبة لزوجات الأبناء دليل على أنه مجرد العقد على الزوجة يحرمها أن الله-تعالى- قال: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} فقال: {حَلائِلُ} والمرأة حلال للولد بمجرد العقد فلا يشترط دخول الولد حتى تصبح محرماً لأبيه؛ وإنما بمجرد عقد الإبن على هذه المرأة تصير محرماً لأصوله.
النوع الثالث: من المحرمات من جهة الصهر أم الزوجة هذه الأم تعتبر محرماً لك وتكون أم الزوجة محرماً لزوج بنتها بمجرد العقد، فلا يشترط الدخول ببنتها فكل امرأة عقدت عليها بمجرد عقدك عليها فإن أمها تعتبر محرماً لك وحينئذٍ يحرم عليك نكاحها إلى الأبد سواءً طلقت بنتها أو بقيت في عصمتك أو ما تت عنك فهي محرم إلى الأبد.
والدليل على ذلك قوله-تعالى-: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} فلما قال: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} قال: {نِسَائِكُمْ} والمرأة تكون من نساء الرجل بمجرد العقد عليها، ولذلك تقول هذه من نسائي بمجرد عقدك عليها ولا يشترط الدخول هذا بالنسبة لأم الزوجة فهي محرم لك بمجرد العقد عليها يستوي في ذلك أن تكون أماً مباشرة أو أماً بواسطة فأم أم الزوجة وأم أم أم الزوجة تعتبر محرماً لزوج بنتها سواءً تمحضت بالذكور أو تمحضت بالإناث.
فالحكم في ذلك سواء؛ لأن الله قال: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} فأم أب الزوجة تعتبر محرماً لك لأنها أم لزوجتك ويستوي في ذلك تمحضها بالذكور كأم أب أ ب الزوجة أو تمحضت بالإناث كأم أم أم الزوجة فهؤلاء النسوة جميعهن يعتبرن محارم بمجرد العقد على بنات بناتهن.
النوع الرابع: بنت الزوجة. وهي التي تسمى الربيبة وسميت الربيبة؛ لأنها تتربى عند زوج أمها وجاء التعبير في القرآن متضمناً لهذا المعنى في قوله-تعالى-: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} فقوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب إذا تزوج إنسان امرأة ولها بنات من رجل قبله أن يعطف عليهن وأن يربيهن كأنهن بنات له فهذه الربيبة تحرم على الإنسان بشرط الدخول على أمها.
وهي التي تنفرد من بين المحرمات في الصهر بشرط الدخول فلو عقد على أمها لا تزال أجنبية حتى يدخل بأمها فإن دخل بأمها حرمت عليه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، فإذاً شرط تحريم الربيبة وهي التي تنفرد من بين الأربعة في المحرمات من الصهر تنفرد بكونه يشترط في تحريمها أن يدخل الزوج على أمها فإن لم يدخل الزوج على أمها فلا تزال حلالاً وهذا يدل على حكمة الله-?- ولطفه بالعباد فإن أم الزوجة الغالب أن تكون أكبر ولا ترغب، ولذلك حرمت بمجرد العقد ولكن بنت الزوجة قد ترغب ولذلك لو كان مجرد العقد على أمها يحرمها لكان فيه تضييق، فجعل الله في الأمر سعة، فلو عقد على أمها ثم نفر من أمها ورغب الزواج منها كان الأمر أوسع، ولذلك قالوا حتى أدفع للفتنة لأنه ربما أفتتن بها أو تعلق بها لكان ذلك أدعى بدفع الفتنة قبل أن يدخل بأمها، أم بنت الزوجة وهي الربيبة يشترط في تحريمها الدخول بأمها ولا يشترط أن تكون ربيبة في حجرك.
وقال الظاهرية: يشترط فلا تحرم عليك بنت الزوجة إلا إذا تربت في حجرك.
والصحيح أنه لا يشترط وهو مذهب الجمهور؛ لأن النبي-?-: قال لأم حبيبة لما عرضت على رسول الله -?- أختها قال-عليه الصلاة والسلام-: ((أترضين ذاك؟!)) فقالت: إني لست لك بمخلية إني سمعت أنك ناكح يعني ترغب في النكاح ورأيت أن أحب من يشاركني أختي فعرضتها عليك فقال-?-: ((من؟!)) يعني سمعت أني أنكح من بنت أبي سلمة إنها لو لم تكن ربيبةِ في حجري لما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/443)
ثم قال كلمة هي الحجة والفيصل في هذه المسألة: ((فلا تعرضن يخاطب زوجته أم حبيبة فلا تعرضن علي أخواتكن ولا بناتكن)) فقال: ((وبناتكن)) ولم يقل اللاتي تربين في حجري؛ وإنما قال بناتكن وأطلق ففهم من هذا أن تعبير القرآن في قوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} خرج مخرج الغالب والقاعدة في الأصول: " أن النص إذا خرج مخرج الغالب لا يعتبر مفهومه "، وعلى هذا فلو كانت بنت الزوجِ قد بلغت قبل أن تدخل بأمها فإنها محرم لك إذا دخلت بأمها وهكذا لو تربت من باب أولى وأحرى وهي مسألة الإجماع.
هؤلاء أربع من النسوة من أربع جهات، هؤلاء النسوة من أربع جهات إن جئت تحصرها وتتضح صورتها وتنظر إلى الآتي:
فتقول تحريم بالمصاهرة من جهة أصلي ومن جهة فرعي.
فأما من جهة أصلي فزوجات آبائي ومن جهة فرعي فزوجات أبنائي وإن نزلن.
وأما بالنسبة للثالث والرابع منهن فأم زوجتي وبنت زوجتي فالأمر فيهن واضح، وجمعهن يكون على هذه الصورة أن تنظر إلى أصولك وفروعك، وتسند الزوجية إليهما، وتنظر إلى أصل زوجتك وفرع زوجتك فيصبح المجموع أربعة أنواع من النسوة.
هذا بالنسبة للمحرمات يضاف إلى هذه الأنواع من النسوة، سبع من النسب وسبع من الرضاع وأربع من المصاهرة، وأضيف أربع من المصاهرة من جهة الرضاعة، فأصبح المجموع اثنتين وعشرين امرأة هذا من جهة الجهات.
هؤلاء النسوة يعتبرن محارم بالنسبة للرجل، يضاف إليهن الزوجة، وهي لا تحرم على الإنسان، ليس من المحرمات، لكنها أبيحت له، ولذلك لا تتعلق بنسب، ولا تتعلق برضاعة، ولا تتعلق بالمصاهرة من جهة الأصول والفروع، ولكنها هي التي أحل الله، فأصبح على هؤلاء النسوة عددهن ثلاث وعشرون امرأة هذا بالنسبة للمحرمات من جهة التأبيد.
هناك نوع من المحرمات حرم الشرع نكاحهن على التأقيت، فأخت الزوجة حرام على الإنسان أن ينكحها مؤقتاً، فلا نقول إنها محرمة ومن المحارم، وهذا يغلط فيه البعض، بل بلغني عن بعض طلاب العلم أنه يجلس مع أخت زوجته، يقول لأن الله-?- عدها في المحرمات، وهي كالأم وكالبنت وهذا خطأ، لأن التحريم لها مؤقت، وإنما تثبت المحرمية في التحريم المؤبد.
كذلك - أيضاً - من التحريم المؤقت الخامسة من النسوة ومن كان عنده أربع من النسوة، لا يحل له أن ينكح الخامسة، وليست الخامسة حلالاً له، وهي محرم عليه نكاح ولكن تحريماً مؤقتاً وكذلك المحصنات من النساء كما ذكر الله في القرآن من المحرمات لكنهم لسن من المحارم، فلينتبه لقولنا محرمات ومن المحارم.
فالمحارم شيء والمحرمات أعم من المحارم، لكن وصف هؤلاء النسوة بكونهن محارم بوجود التحريم من جهة التأبيد، بقي الإشكال هناك نوع من النسوة يحرمن على التأبيد ولسن من المحارم، ويلغز فيها بعض العلماء ويقول: امرأة محرمة إلى الأبد ليست بمحرم؟ فجوابه زوجة الملاعن، فإن الزوج إذا لاعن زوجته-والعياذ بالله- والزوجة لاعنت زوجها، فرق بينها فراقاً أبدياً، ولا تحل له إلى الأبد.
وهذا التحريم يسمونه تحريم مؤبد. لكنه لا يقتضي المحرمية، وليست بمحرم له، وإنما هي أجنبية تبين منه بمجرد انتهاء المرأة من قولها في اللعنة الخامسة-والعياذ بالله- أن غضب الله عليها إن كان صادقاً فيما ذكر، فإذا قالت هذه الكلمة حينئذٍ يفرق بينهما فِراقاً أبدياً، ولذلك قال-?- لعويمر العجلاني بعد أن انتهت وفرغت المرأة من اللعان وقالت الموجبة الخامسة قال-عليه الصلاة والسلام-: ((حسابكما على الله، الله أعلم أن أحدكما كاذب)) فقال عويمر: كذبت عليها إن أمسكتها هي - يا رسول الله - ثلاثاً. فقال: ((إنها لا تحل لك))، يعني إلى الأبد، فهذا يدل على أن التحريم إلى الأبد لكن ليست بمحرم، وعلى هذا اختص التحريم في المحرمات من جهة النسب، والمحرمات من جهة الرضاعة، والمحرمات من جهة الصهر أو المصاهرة، إلا أن التحريم من جهة الرضاعة يشترط فيه ما يشترط في الرضاعة المؤثر - وسيأتي إن شاء الله بيان حدود الرضعات المؤثرة وضابط ذلك - إن شاء الله - في كتاب النكاح -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/444)
هؤلاء النسوة وما يقابلهن بالإضافة من جهة الذكور فإنه يعتبر محرمات للرجال ومحرمات للنساء على التفصيل الذي ذكرناه، فلا يحل للمرأة أن تسافر إلى الحج ولا إلى العمرة ومن باب أولى غيرهن مع وجوب الحج والعمرة لا يحل لها أن تسافر إلا ومعها محرم.
قد يقول قائل: سفر الحج والعمرة واجب عليها وإن لم تجد محرماً فإنها تخاطب بالخروج إبراءً للذمة قد يقول قائل هذا. فما الدليل على أنه لا يجوز لها الخروج إلا بعد المحرم؟
أولاً: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لايحل لإمرأة أن تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا ومعها ذو محرم)) وجه الدلالة: إن الحديث عام لم يفرق بين سفر وآخر، فشمل السفر الواجب وغير الواجب.
ثانياً: أن النبي-?- قال له الصحابي: - يا رسول الله - إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وإن امرأة انطلقت حاجة، فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((انطلق فحج مع امرأتك)).
فدل على أنه ولو كان السفر واجب على المرأة أنه لا يجوز لها أن تسافر وليس معها محرم.
[وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح]: قال-رحمه الله-: [أو سبب مباح] فالسبب المباح يخرج به السبب غير المباح كبنت الزنا-والعياذ بالله- والأخت من الزنا-والعياذ بالله- فهؤلاء وأمثالهن من النسوة لسن بمحارم للإنسان، أي لا يسافر مع أخته من الزنا، كأن تزني أمه-والعياذ بالله-، أو يزني أبوه، فتكن له أخت من الزنا لأب أو لأم، أو تكون بنت من الزنا كأن يزني الرجل بالمرأة-والعياذ بالله- ثم يتزوجها بعد أن تلد بنته التي من الزنا، فالبنت التي وقعت قبل الزواج الشرعي بنت سفاح. وما كان من بعد ذلك فهو ابن بنت نكاح وابن نكاح، فلا تكون هناك نسبة بين الحلال والحرام ولا يجوز لأحد مثلاً أن يسافر مع بنته من الزنى ويقول هذه محرم لأنها بنتي بل إنها تعتبر أجنبية عنه؛ لأن النبي-?- قال: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) فقطع الصلة بين الزاني-والعياذ بالله- وما كان من ماءه الحرام،، ولذلك حتى لا يحقق أن هذه البنت بنته وأنها لم تزن هذه المرأة بغيره، فهي ليست ببنته، وليس له إلا ما قال رسول الله-?-: ((وللعاهر الحجر)) كناية على أنه لا شيء له ولا ينسب البنت إلا لأمها، والحرام لا يحلل، فلو-والعياذ بالله- وطئها وحملت ثم عقد عليها بعد انعقاد الحمل وهو يعلم أن هذا الحمل حمله، وأن هذا الولد ولده، ثم عقد عليها ودخل بها وولدت هذه البنت من الزنى فهي بنت زنى، ويكون ما وقع من ماءه بعد العقد سقيٌ للحرام بالحلال.
وهذا هو الذي عناه النبي-?- في سبي أوطاس لما رأى الرجل يريد أن يلم بالمرأة من السبي، وهي قائمة على الباب، فقال-عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح: ((أيغذوه في سمعه وبصره، لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه إلى قبره))، والمراد بذلك: أن هذه المرأة السبي كانت قد حملت قبل الغزو ثم أسرت، فأصبح حملها للأول الذي كان يطئها وهو زوجها فلما وقعت في السبي حلت للغنيمة حلت لمن أخذها وأصبحت من سبي ومن إمائه، ويجوز له وطؤها ولكن لما حملت لا يجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء، وحينئذٍ ينتظر حتى تضع حملها ثم يستمتع بها بما أحل الله؛ لكن الرجل استعجل فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((أيغذوه في سمعه وبصره)) يعني أنه لو جامعها فأنزل الماء أغتذى الولد وانتشى بماء الثاني فقال: ((أيغذوه في سمعه وبصره لقد همت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره)) -والعياذ بالله-.
فهذا يدل على حرمة إدخال الماء على الماء وأنه لا يجوز - كما يفعل بعض العامة-نسأل الله السلامة والعافية- إذا زنى الرجل بالمرأة زوجوه بها قبل أن تستبرئ، وهذا أنه لا شك أن من حكم الجاهلية، ولا يجوز ذلك، وإذا أراد أن يتزوجها-والعياذ بالله- فإنه إذا تاب توبة نصوحة حرم عليه أن يتزوجها حتى تتوب توبة نصوحة. فإن تاب توبة نصوحة، فلا يجوز له أن يعقد عليها ولا أن يدخل بها إلا بعد أن يستبرئها من الحرام حتى لا يخلط النكاح بالسفاح وما أحل الله بما حرم.
فالشاهد أن السبب المباح إخراج للسبب الحرام، والسبب الحرام البنت من الزنى ليست بمحرم لأبيها الزاني وهكذا بالنسبة لفروعها من الإناث.
[وإن مات من لزماه أخرجا من تركته]: [وإن مات]: من لزمه [من لزماه]: أي من لزمه الحج ولزمته العمرة أخرج من تركته بقدر ما يحج به عنه، فإن كان موته بالمدينة ووجد شخص يحج عنه ويعتمر عنه نظر إلى كلفة ومؤونة الحج والعمرة فإذا هي ألف ريال أو ألفان فيخرج من تركته قبل قسمتها، لأن النبي-?- قال: ((دين الله أحق أن يقضى))، والميت إذا مات أول ما يؤدى عنه أول ما يقام به مؤونة التجهيز، من تغسيله وتكفينه وحمله ودفنه، ثم بعد ذلك تقضى عنه ديونه، تقضى الديون التي عليه إبراءً لذمته، فيشمل الديون التي للآدميين والديون التي لله-?-، لأن النبي-?- سمى الحج ديناً، فقال: ((فدين الله أحق أن يقضى))، فعلى هذا يخرج ألف ريال أو تخرج الألفين من تركته ويحج عنه، فإن وجد من ورثته من يتبرع لا يخرج عنه المال ويترك ماله حظاً للورثة يقتسمونه بقسمة الله-?- في كتابه وعلى لسان رسوله-?-.
[وإن مات من لزماه]: فدل على أنه مات من لا يلزمه الحج كأن يموت من كان فقيراً ولا يجد الزاد الذي يجب معه الحج فحينئذٍ لا يجب أن يخرج من تركته ما يحجج به عنه، ولو صار غنياً بعد الحج.
مثال ذلك: فقير جاءه شهر ذي الحجة من آخر عمره وهو على الفقر طيلة حياته وهو لايجد الزاد لكي يؤدي فريضة الحج والعمرة عنه، فلما ولى شهرالحج اغتنى، فحينئذٍ إذا اغتنى ينتظر إلى السنة القادمة حتى يحج فعاجله الموت قبل أن يأتي الحج القادم فحينئذٍ هذا المال يخرج عنه، حينئذٍ هذا المال لا يخرج عنه ما يؤدى به هذا الحج، لأنه لم يجب الحج عليه، وإنما يجب عليه الحج إذا جاء زمانه ودخلت أشهر الحج فحينئذٍ يخاطب بالحج إلى بيت الله الحرام، أما قبل زمانه فإنه ليس بواجب عليه وحينئذٍ لا يجب أن يخرج من تركته ما يحج عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله، وأوله [باب المواقيت]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/445)
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 01:50 ص]ـ
[باب المواقيت]:
يقول-رحمه الله-: [باب المواقيت]: والمواقيت جمع ميقات، أصله موقات ثم أبدلت الواو ياءً، فصار ميقاتاً. الميقات مأخوذة من قولهم: أقت الشيء يوقته تأقيتاً إذا حدده، سواءً كان الشيء المحدد زماناً بالزمان أو بالمكان، فإذا حد بالزمان فهو مؤقت زماناً وإذا حد بالمكان فهو مؤقت مكاناً، عبادة الحج لها ميقات زماني وميقات مكاني، وعبادة العمرة لها ميقات مكاني.
وأما الزمان فإن العمرة تؤدى في سائر أيام السنة، ولا حرج في آدائها في سائر أيام السنة ولا كراهة في أيام التشريق، أن تؤدى في أيام التشريق، ولا حرج في ذلك خلافاً لمن قال من بعض السلف أنها تكره.
فالعمرة ليس لها حد معين بالنسبة للميقات الزماني، ولكن لها ميقات مكاني.
وأما بالنسبة للحج فله ميقات زماني، وميقات مكاني.
والأصل في المواقيت الكتاب والسُّنة.
فأما الكتاب: فإن الله-?- قال في الحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَج} وجه الدلالة من هذه الآية الكريمة: أن الله-?- جعل الحج الشرعي في أشهر معلومات، فدل على أنه لا حج في غير هذه الأشهر المعلومات التي أقتها الله-?- وحددها، وبناءً عليه فإنه يقال إن الحج يصح في زمانٍ ولا يصح في زمانٍ آخر، وينعقد إحرامه في زمان ولا ينعقد في زمان.
وأما بالنسبة للعمرة فإنه ليس لها ميقات زماني، ويدل على ذلك القرآن فإن الله-?- قال: {الْحَجُّ} ولم يقل الحج والعمرة، ولذلك أجمعت الأمة على أن العمرة ليس لها ميقات زماني بمعنى أنه يجوز آداؤها في سائر أيام السنة وكانت العرب في الجاهلية تمنع من العمرة في أِشهر الحج، ويعدون ذلك من أفجر الفجور، وكانوا يقولون إذا برأ الدبر وعفى الأثر وانسلخ صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر وهذه يسمونها مختلقات العرب في الجاهلية أو مسائل العرب في الجاهلية التي أحدثوها على الحنيفية، وبدّلوا بها دين الله-?- أنهم اختلقوا أنه لا يعتمر في أشهر الحج، وكانوا يرون العمرة في هذا أشهر الحج من أفجر الفجور، فجاء النبي-?- وأبطل ذلك وبين أن العمرة صالحة في أشهر الحج كما هي صالحة في غير أشهر الحج.
وأما بالنسبة للميقات المكاني فهي أمكنة حددها الشرع لا يجوز لمن مر عليها مريداً الحج، أو مريداً العمرة، أو مريدهما معاً أن يجاوز هذه الأمكنة إلا وقد أحرم فأصبح كأنه مؤقت بمكان وحد معين لا يجوز له أن يجاوزه وهذه المواقيت جمعها رسول الله-?- في حديثين في الصحيحين أحدهما حديث عبدالله بن عمر والثاني حديث عبدالله بن عباس-رضي الله عن الجميع-، يقول عبدالله بن عباس-رضي الله عنهما-: " وقت رسول الله-?- لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ولأهل يمن يلملم، ولأهل نجد قرن المنازل، وقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهله ممن أراد الحج والعمرة)) هذا حديث عبدالله بن عباس في الصحيح، حديث عبدالله بن عمر-رضي الله عنهما- في الصحيح: " يهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن المنازل، وأهل اليمن من يلملم، فهذان الحديثان أصل في تأقيت وتحديد الحج والعمرة بالمكان حيث لا يجوز لمن مر بهذه المواقيت وعنده نية الحج والعمرة أن يجاوزها إلا وقد أحرم منها.
________________
قال المصنف-رحمه الله-: [وميقات أهل المدينة ذو الحليفة]:
قد تقدم معنا أن للحج والعمرة ميقاتين:
الميقات الأول: يسمى بالميقات الزماني.
والميقات الثاني: يسمى بالميقات المكاني.
وابتدأ المصنف-رحمه الله- ببيان الميقات المكاني، وهي أماكن حدها الشرع، لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو هما معاً قاصداً إلى مكة أن يجاوز هذه الأمكنة حتى يحرم منها، وقد بينت السُّنة هذه المواقيت، وذلك في حديثين هما أشهر ما ورد في المواقيت:
حديث عبدالله بن عمر وحديث عبدالله بن عباس-رضي الله عن الجميع-، بين فيهما النبي- r- المواقيت مفصلة - أعني المواقيت المكانية - فابتدأ المصنف-رحمه الله- بميقات أهل المدينة، والأصل فيه قوله-عليه الصلاة والسلام-: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)) وهذا حديث عبدالله بن عمر في الصحيحين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/446)
وحديث عبدالله بن عباس: " وقت رسول الله- r- لأهل المدينة ذا الحليفة " والحليفة واحدة الحلفاء، وهو نوع من الشجر؛ والسبب في ذلك أن هذا الوادي وهو ذو الحليفة كانت فيه شجرة أي في وسطه، وقيل: لأنه كان يكثر فيه هذا النوع من الشجر، وهو الوادي الذي يسمى في المدينة بوادي العقيق، ويسمى في عرف العامة اليوم وادي عروة؛ لأن عروة بن الزبير-رحمه الله- كانت له مزارع في هذا الوادي، وهذا الوادي ثبت في الصحيح من حديث عمر، أن النبي- r- وصف هذا الوادي بكونه مباركاً، قال-عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح: ((أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال: أهل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة))، فأهلّ رسول الله- r- منه، فاجتمعت السُّنة القولية والسُّنة الفعلية على اعتبار ميقات المدينة وهو ذو الحليفة.
وهذا الميقات هو أبعد المواقيت عن مكة، ولذلك يبعد فوق عشر مراحل، فبينه وبين مكة ما لا يقل عن عشرة أيام بسير الإبل في الأزمنة الماضية، ويقع هذا الوادي أو المهل الذي أهل منه رسول الله بحذاء جبل عَيْر، فيحد هذا الوادي من الجهة الشرقية إلى الجهة الجنوبية جبل عير وهو آخر حدود المدينة، كما قال: ((ما بين عير إلى ثور))، فهذا الجبل المعترض وهو جبل عير يكون طرفه مشرفاً على وادي العقيق، وعلى المهل مهل رسول الله الذي يسميه الناس اليوم بأبيار علي.
وهذا الميقات أجمع العلماء-رحمهم الله- على أنه ميقات أهل المدينة، ومن مر من غير أهل المدينة بالمدينة وفي نيته أن يحج، أو في نيته أن يعتمر، أو في نيته أن يجمع بين الحج والعمرة فيقرنهما معاً أنه يجب عليه أن يهل من المدينة، إلا الشامي فله فيه تفصيل ربما ستأتي الإشارة إليه، فأهل الشام خلاصة ما يقال فيهم أنهم إذا مروا بالمدينة، ونزلوا بها كما هو موجود اليوم في الحملات التي تأتي من جهة الشام أنهم يدخلون المدينة، ويصلون بمسجدها؛ فحينئذٍ يتعين عليهم أن يحرموا من المدينة؛ لأن النبي- r- قال: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن))، فنص على أن من أتى على هذه المواقيت من غير أهلها أنه يلزمه الإحرام منها.
فأهل الشام إذا نزلوا المدينة مروا بالمدينة ونزلوا بها ولو ساعة؛ فإنه يلزمهم أن يحرموا من ميقاتها، وهلّ إذا مروا بحذاء المدينة، ولكنهم لم ينزلوا بها وأخذوا طريق الساحل الذي يعرف بطريق جدة القديم الآن، لو أخذوا طريق الساحل ولكنهم لم ينزلوا بالمدينة، كأن يأخذوا من أطراف المدينة أو من الشوارع التي بأطراف المدينة لكن لا يدخلون المدينة، فحينئذٍ ميقاتهم رابغ؛ والسبب في ذلك أنهم لم يأتوا على الميقات حقيقة، فهم مارون بالمدينة وليسوا بنازلين بها حتى يأخذوا حكم أهلها، ولأنهم سيمرون بميقات ثانٍ على طريق هو ميقات لهذا الطريق وهو الذي يسمى بطريق الساحل، فطريق الساحل إذا سُلِك من أهل الشام أو من أهل مصر أومن أهل المغرب فإنهم حينئذٍ يحرمون من رابغ، لكنهم إذا نزلوا بالمدينة ولو ساعة ولو لحظة ودخلوا المدينة فقد وجب عليهم ميقات المدينة أن يهلوا منه ولو كانوا مارين بطريق الساحل.
قال عليه الصلاة والسلام: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)) هذا الإهلال يأتي على صورتين:
الصورة الأولى: أكمل الصور وأفضلها لما اشتملت عليه من التأسي برسول الله- r- والاقتداء به، وهي أن تنزل في الوادي، وتصنع ما صنع رسول الله- r- من الاغتسال، ثم بعد ذلك تصلي الفريضة وتهل بعد الفريضة، لأن رسول الله- r- بات، ثم بعد ذلك أحرم من الميقات، اغتسل وأصبح ينضخ طيباً-بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه-، ثم أهل بعد الفريضة.
وعلى هذا فالأكمل أن الإنسان يغتسل في الوادي، ثم بعد ذلك يصلي الفريضة وينشىء عمرته، أو ينشىء حجه، كذلك - أيضاً - إذا لم يتيسر له الفرض واغتسل وصلى ركعتي الوضوء يهل بعدها، وليست للإحرام ركعتان مقصودتان وهما اللتان تسميان سنة الإحرام ليس له ركعتان مقصودتان؛ إنما هو يقع بعد الفريضة أو النافلة حتى ولو كانت نافلة مطلقة؛ لأن النبي- r- قال في حديث عمر في الصحيح: ((أهلّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة)) وفي رواية: ((صلِّ في هذا الوادي المبارك)) فاستحبوا أن يقع الإحرام عقب صلاة، ولا تشترط صلاة مقصودة، هذا الأكمل والأفضل، ويكون الإهلال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/447)
والنية والإنسان جالس في مصلاه كما جاء في حديث ابن عباس-رضي الله عنهما-.
أما الصورة الثانية: وهي صورة الإجزاء، فهي أن تمر بالوادي، وتمر مروراً وتقول: (لبيك حجاً، لبيك عمرة)، ولا يشترط النزول وليس بلازم وواجب بحيث نقول: لابد أن تنزل إلى داخل الوادي ثم تهل، فلو مررت بمحاذاة الميقات وقلت: (لبيك عمرةً، لبيك حجاً) فقد انعقد إحرامك وصح، لكن فاتك الأفضل والأكمل الذي هو تأسٍ برسول الله- r- ، على هذا إن تيسر لك النزول نزلت، وإذا لم يتيسر لك النزول فحينئذٍ تعتبر المحاذاة.
بقيت مسألة: وهي مسألة الطائرة، إذا كان الشخص مسافراً بالطائرة من المدينة إلى جدة وهو محرم بالحج أو العمرة أو بهما معاً، أو سافر من أي صقع من الأصقاع وهو يريد أن يصل إلى جدة، فجدة ليست بميقات، جدة لا تعتبر ميقاتاً، وعلى هذا فإنه من أحرم منها لا يحرم منها إلا إذا كانت نيته مبتدأة في جدة.
أما إذا كان قد قدم على جدة وهو في نيته أن يحج ويعتمر فيعتبر المواقيت التي ذكرناها، فمن مر بالطائرة بالميقات فإنه لا يستطيع النزول، فحينئذٍ بمجرد محاذاته للميقات يلبي وينوي، ويصح منه ذلك ويجزيه، فإذا لم يمكنه أن يطلع أو يطلع ولا يعرف المواضع ولا يعرف الأماكن فيحسب بالزمان، فيكون له التقدير الزماني، يقال مثلاً: بعد إقلاع الطائرة بدقيقة، دقيقة ونصف، لأنه في المدينة يكون إقلاعها على حالتين:
في حالة يكون الإقلاع والطائرة متجهة على جدة فتكون المسافة قصيرة جداً، بمجرد إقلاعها لا تأخذ إلا في حدود دقيقة أو أقل من دقيقة، دقيقة وشيء قليل حتى يحاذي الإنسان أبيار علي؛ لكن إذا كان مثلاً إقلاعها على الجهة التي هي خلاف جهة مكة أو جهة القبلة فإنها تأخذ وقتاً حتى تعتدل وتأخذ مسارها، فحينئذٍ قد تصل كما يقول بعض المختصين أنها تصل إلى ثلاث دقائق، فهذا يعني لابد من ضبطه ومعرفته على حسب المواقيت ولا يختص بالمدينة، فإذاً عندنا صورتان:
الصورة الأولى: أن يتمكن الإنسان من النزول في الوادي وإصابة سنة النبي- r- فيغتسل ويتنظف ويتطيب تأسياً برسول الله- r- ويصلي الركعتين ثم بعد ذلك يحرم، وإن كانت فريضة فإنه يحرم عقب الفريضة، ولا حاجة له بعد الفريضة أن يصلي ركعتي النافلة لكي يحرم بعدها، بل إنه إذا فعل ذلك خالف السُّنة، لأن السُّنة أن النبي- r- أحرم بعد الفريضة، وبعض العوام يفعل هذا للجهل فإنهم يصلون الفريضة، ثم بعد الفريضة تجدهم يقومون للركعتين لينشئوا الإحرام وهذا مصادم للسُّنة تماماً، فإنه الأفضل والأكمل أن يقع إحرامه في هذه الحالة بعد الفريضة مباشرة هذا الأكمل.
وأما الإجزاء فإنه بمجرد مروره على بالميقات يحرم.
المسألة الثانية عرفنا الآن أن الشخص يحرم من الميقات كمالاً وإجزاءً.
بقيت مسألة فرضية: وهي أن يحرم قبل الميقات أو يؤخر بعد الميقات.
أما إحرامه قبل الميقات فإنه خلاف الأفضل، فالأفضل والأكمل أن يحرم من الميقات، فلو لبس إحرامه من المدينة واغتسل وتطيب في المدينة ولبس الإحرام ولبّى، فحينئذٍ إذا لبى من المدينة
فللعلماء وجهان:
بعضهم يقول: إنه أفضل؛ لأنه سيكون تعبه أكثر، والقاعدة في الشرع: " أن ما كان تعبه أكثر فأجره أعظم "؛ لأن النبي- r- قال في الحديث الصحيح: ((ثوابك على قدر نصبك))، فهذا سيتعب أكثر؛ لأنه سيكون مانعاً نفسه من محظورات الإحرام من أكثر -تقريباً- سبع كيلو أو ثمانية كيلو قبل الميقات، هذه السبعة أو الثمانية الكيلوات تقرب فيها إلى الله بطاعة زائدة، فقالوا: هذا أفضل، وكما لو أحرم من مكان أبعد من المواقيت الأخر كأن يحرم مثلاً من الرياض، فإنه إذا أحرم من الرياض قبل ميقاته وهو قرن المنازل لا شك أنه ستمضي عليه مئات الكيلو مترات وهو متلبس بالطاعة والنسك، قالوا: فهذا أفضل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/448)
والصحيح ما ذهب إليه طائفة من السلف أن الأفضل والأكمل أن يؤخر إلى الميقات، وأن من أحرم من قبل الميقات فإنه لا يعتبر مصيباً للسُّنة، فالسُّنة الأكمل والأفضل أن يكون من الميقات، ولذلك سئل الإمام مالك إمام دار الهجرة-رحمة الله عليه-، قال له رجل: يا أبا عبدالله، إني أريد أن أحرم من مسجد النبي- r- ، فقال له الإمام مالك-رحمة الله عليه-: لا تفعل رحمك الله، لا تفعل فقال: إني أريد أن أفعل، قال: لا تفعل، قال: ولم رحمك الله؟ قال: إني أخاف عليك الفتنة، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأن النبي- r- أحرم من الميقات، وإنك إن أحرمت من المسجد خالفته أو ظننت أنك أفضل من النبي- r- ، والله-تعالى- يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}، فلا شك أن كون النبي- r- يؤخر إحرامه إلى الميقات يدل دلالة واضحة على أن الأفضل والأكمل أن يحرم من الميقات.
طيب إذا قلنا: إن الأفضل والأكمل أن يحرم من الميقات، فلو لبّى قبل الميقات وعقد إحرامه فإنه قد دخل في النسك، ويعتبر حينئذٍ متلبساً بالنسك، وعليه ما على من أحرم، ويمتنع من المحظورات، فإن مر من الميقات جدد نيته، إن مر بالميقات جدد النية. عرفنا الآن الإحرام من الميقات، والإحرام قبل الميقات.
بقي السؤال: الإحرام دون الميقات، فالإحرام دون الميقات دون ميقات المدينة أو غيره من المواقيت يعتبر خلاف الشرع فيأثم من قصده، فلو أن إنساناً تعمد، وقال: ما أريد أن أحرم من ميقات المدينة وهو في المدينة وأخر إلى جدة فإنه يأثم - هذا أول الشيء - لأنه خالف الشرع وعصى، ثم يلزمه دم جبراناً لهذا النقص، وهذا الدم سيأتي - إن شاء الله بيانه وبيان دليله -، وفتوى جماهير السلف والخلف والأئمة الأربعة-رحمة الله عليهم- به، ووجه استنباط حبر الأمة- t- عبدالله بن عباس له من كتاب الله-?- وعمل الأمة في فتاويهم به.
هذا الدم جبراناً للنقص، وحينئذٍ من جاوز الميقات لا يخلو من حالتين:
لو أن إنساناً من أهل المدينة، أو قدمت المدينة، وفي نيتك أن تحج أو تعتمر فجاوزت ميقات المدينة أبيار علي وتخطيته وأنت تريد النسك، فلا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تعقد النية وتصمم وتمضي، فتحرم من دون الميقات ولو بكيلو واحد ولو بنصف كيلو؛ فحينئذٍ يلزمك الدم الذي ذكرناه، ويعتبر إخلالاً بالنسك كما ذكرنا.
الحالة الثانية: أن يتذكر الإنسان كأن يكون ناسياً، أو يتعمد مجاوزة الميقات ثم لا يلبي ولا ينوي ويرجع إلى الميقات وينوي، فإن رجع إلى الميقات ونوى من الميقات سقط عنه الدم، وحينئذٍ يعتبر متلافياً للإخلال ولا شيء عليه.
إذاً هناك حالتان لمن جاوز الميقات:
إما أن يستمر وينوي دون الميقات ولو بيسير فعليه الدم، ويعتبر آثماً بتعمده، وإما أن يتدارك ويرجع، فإن رجع وتدارك سقط عنه الدم إذا لم يكن قد أحرم، ولم ينوِ بعد الميقات.
بقي السؤال في ميقات المدينة: الآن الموجود الخط الذي هو خط الهجرة يمر بالمدينة، ثم يمر بقرى دون ميقات المدينة كاليتمة، ووادي الفرع، والمهد ونحو من هذه القرى، فهل يحرمون بمحاذاة رابغ ويعتبرون للميقات الأدنى أو يعتبرون دون المدينة؟ لأنهم في سمت المدينة؟!
الجواب: أنهم يعتبرون دون المدينة، فمن كان من أهل اليتمة وأراد الإحرام فإحرامه من اليتمة نفسها، ولا يحرم من دون اليتمة بمحاذاة رابغ؛ والسبب في ذلك أن النبي- r- قال: ((فمن كان دون ذلك)) والإشارة راجعة إلى المواقيت، فإحرامه من حيث أنشأ، فالذي يكون في المهد، أو يكون في اليتمة، أو يكون في وادي الفرع يحرم من مكانه، ولو أنه في وادي ريم وهو الذي يبعد عن المدينة قرابة ستين كيلو، فإنه يحرم من وادي ريم، وقد دل على ذلك فعل السلف الصالح، فإن ابن عمر-رضي الله عنهما- وهو راوي حديث المواقيت كانت له مزرعة بوادي الفُرع، فلما أراد الحج أنشأ النية منها فأحرم من وادي الفُرع، ولم يؤخر إلى محاذاة رابغ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/449)
فالتأخير إلى محاذاة رابغ خطأ بالنسبة لهؤلاء، لكن الذين هم على الساحل، مثل أهل بدر، ومثل القرى التي يكون مرورها بطريق الساحل فإنهم دون ميقات المدينة، لكن طريقهم على طريق الساحل، فهؤلاء ميقاتهم ما يقدمون عليه - أعني رابغ - وإن أحرموا من موضعهم كأهل بدر يحرمون من بدر، وأهل الروحاء يحرمون من الروحاء، فهذا حسن وأفضل.
لكن لو أن البدري أو من بالروحاء يريد أن يمر عن طريق خط الهجرة الموجود الآن فإنه يدخل بمحاذاة سمت المدينة فيحرم من موضعه، يحرم من بدر؛ لأنه سيكون دون ميقات المدينة من بلده أو موضعه الذي أنشأ، هذا حاصل ما يقال بالنسبة لميقات أهل المدينة وهو ذو الحليفة.
قال بعض العلماء: إنه أفضل المواقيت، وفضله من جهة كونه أبعد، ولا شك أن الأبعد أكثر عناءً وأكثر نصباً وأكثر تعباً، والقاعدة: " أن الأكثر تعباً يعتبر أعظم أجراً "، هذا على الأصل لقوله-عليه الصلاة والسلام-: ((ثوابك على قدر نصبك))، فعلى هذا قالوا: إنه أفضل؛ ولأن الله- U- اختاره لنبيه فهو أبعد المواقيت، أبعد المواقيت عن مكة، وقد أحرم منه رسول الله- r- .
[ وأهل الشام ومصر والمغرب الجحفة]: وميقات أهل الشام وأهل مصر والمغرب الجحفة، والجحفة مأخوذة من قولهم: اجتحف السيل القرية إذا أخذها بما فيها من بناء ومن ماشية ومن زرع ونحو ذلك، سميت بذلك؛ لأنها كان بها قوم عصاة، فأرسل الله عليهم السيل فاجتحفهم عن بكرة أبيهم-والعياذ بالله- إلى البحر فأغرقهم الله- U- ، فسميت الجحفة.
وهذا الموضع كان معروفاً إلى ما قبل الإسلام، ثم إن رسول الله- r- لما نزل المدينة كانت المدينة فيها الحمى، وهي التي تسمى اليوم في عصرنا بالملاريا، كانت وبيئة؛ والسبب في ذلك وجود النجل بها، وكانت السيول تحيط بها والمستنقعات بها كثيرة، قالت أم المؤمنين عائشة: " قدمنا المدينة وبطحان نجله "، يعني كالمستنقعات، فلكثرة المياه فيها كانت وخيمة ووبيئة، فلما قدم الصحابة على المدينة أصابتهم الحمى، واستضر بها أصحاب النبي- r- أبوبكر وبلال، وقصتهم في الصحيحين مشهورة، فدخل النبي- r- عليهم وهم يحنون إلى مكة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((اللهم حبّب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد)) أي وأشد، لأن أو بمعنى الواو، كقوله-تعالى-: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} أي وأدنى، {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} أي ويزيدون، فقال: ((حبّب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد، وصححها وانقل حماها إلى الجحفة)) فاستجيبت دعوته-عليه الصلاة والسلام-، وإلا كانت المدينة لا تطاق، لا ينزل بها أحد إلا أصابته الحمى، ولذلك كانت العرب في الجاهلية إذا قدم الرجل بالعير، كانوا يسافرون بالعير إلى الشام، فإذا قدم من الشام ينهق كما ينهق الحمار، وذلك خوفاً من حمى يثرب، كما أشار إلى ذلك بعض الفضلاء بقوله: واختلقوا - يعني أهل الجاهلية، وهي من المسائل التي أحدثوها -
واختلقوا التعشير أن يعشرا من النهيق بحذاء خيبرا
فكانوا يخافون من حمى المدينة، فيظنون ويعتقدون أن هذا النهيق يعصم صاحبه من حمى المدينة، وهي من الأمور الجاهلية التي كانوا يحدثونها، فكانت معروفة بالوباء، فدعا النبي- r- بنقل الوباء إلى الجحفة.
فالشاهد: أنه لما نقل الوباء إلى الجحفة امتنع الناس منها، وتحاموها ولا تزال خربة، حتى خشية أن يصيب الإنسان الحمى؛ لأن النبي- r- دعا أن ينقل الوباء إليها، وأصبح الناس يحرمون من رابغ، بحذاء الجحفة، ولذلك إذا سمعت الجحفة أو رابغ فالمعنى واحد، والخطب يسير، إنما هو ميقات معدول به خوف الوباء.
فالجحفة هو ميقات أهل الشام وميقات أهل مصر وأهل المغرب؛ والسبب في ذلك أنهم كانوا قبل قناة السويس كانوا يأتون حجاج أفريقيا وبلاد المغرب وبلاد الأندلس يأتون على مصر، ومن مصر يأتون من جهة العقبة على شمال المملكة ثم يأخذون طريقاً يسمى بطريق الساحل، كان مسلكاً للتجارة والعير، فيأخذون بطريق الساحل، فيمرون برابغ، ومنها يفيضون إلى قديد ثم إلى عسفان ثم إلى مكة، فهذا طريق في القديم، فجعل لهم ميقاتهم الجحفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/450)
وهذا الذي جعل العلماء يفرقون بين من سلك طريق الساحل ومن سلك طريق غير الساحل، فأصبح من يسلك طريق الساحل كأنه يخرج عن حدود ميقات المدينة، ويصبح كأنه صار في حكم الشامي والمصري الذي يقدم من الشام أو مصر، وحينئذٍ يكون ميقاتهم الجحفة، وهذا الميقات هو الذي يلي ميقات المدينة في البعد عن مكة، وهو يبعد فوق المائتين كيلو عن مكة.
وهذا الميقات ميقات من ذكرنا وأشار إليه المصنف لحديث عبدالله بن عباس، وكذلك حديث عبدالله بن عمر ((وأهل الشام من الجحفة)) وقال: ((ولأهل الشام الجحفة)) حديث عبدالله بن عباس، وقال في حديث ابن عمر: ((وأهل الشام من الجحفة)) أي ويهل أهل الشام من الجحفة.
[وأهل اليمن يلملم]: وأهل اليمن ميقاتهم يلملم، وهي التي تسمى اليوم بالسعدية، وتبعد عن مكة بمرحلتين، وهذا الميقات نص النبي- r- عليه: "ولأهل اليمن يلملم" وهو ميقات في حكم ميقات قرن المنازل، المواقيت الباقية قرن المنازل الذي يسمى بالسيل الكبير، وذات عرق، ويلملم، هذه الثلاثة المواقيت متقاربة في البعد، ولذلك تكون في حكم الميقات المتقارب، لكنها في الجهات اختلفت.
وبسبب قرب هذه المواقيت أخطأ بعض المعاصرين فجعل جدة ميقاتاً، لأنه سامت بها يلملم، وسامت بها السيل الكبير، فقال: إن المسافة واحدة، فيعتبر ميقات من نزل بجدة فإنه يحرم منها، وهذا خطأ فاحش، فليست جدة بميقات، لأن جدة كانت معروفة حتى من عهد النبي- r- ، ولذلك لما سئل ابن عباس عن قصر الصلاة إلى الجموم؟ قال: لا، ولكن إلى جدة وعسفان والطائف، فجدة ليست بميقات، ولذلك لم يسمها النبي- r- ميقاتاً؛ والسبب الذي جعل بعض المتأخرين يقولون: إن جدة ميقات كما هو موجود عند بعض متأخري الحنفية وهم وقع في بعض كتب المتقدمين من الحنفية، فإنهم ذكروا أن من قدم من البحر فميقاته من طرف جدة، بحيث إذا سامت البحر ما يبعد عن مكة بسمت الجحفة، فكأنهم جعلوه عوضاً بالسمت، وهذا المراد به أن يحرم وهو في داخل البحر، وهي مسألة مشهورة، يحرم في داخل البحر مُقَدِّراً مسافة كبعد الجحفة، بحيث يسير كبعد الجحفة، لأنه يكون مثلاً قادماً من أفريقيا فيدخل في البحر الأحمر؛ فحينئذٍ يقدر المسافة التي هي بُعد الجحفة من مكة، فيزيد عن بُعْد جدة ما فضل من الفرق، فلو كان مثلاً بُعْد جدة الآن فرضنا في القديم يصل إلى خمسة وسبعين كيلو، وإذا جئت تنظر إلى الجحفة تبعد مائتين كيلو، فتحسب مائة وخمسا وعشرين كيلو في البحر حتى تسامت الجحفة، وهذا هو الذي عني وهو من باب الرأي والاجتهاد، وهذا من باب السمت، ولكن مع ذلك لا يعنون به، وهذا معنى قولهم: غربي جدة، لما نصوا في بعض كتب الحنفية على أنه يحرم من غربي جدة يعني من البحر، من داخل البحر في الغرب، بحيث يقدر مسافة قبل وصول الباخرة والسفن إلى الميقات بقدر بُعد المراحل الموجودة في الجحفة، وهذا يسمونه ميقات السمت، وهو أن ينظر إلى السمت بتقدير المسافة، ولكن القول بأن نفس جدة تعتبر ميقاتاً هذا قول يخالف النصوص، وليست جدة بذاتها ميقاتاً وعلى ذلك الفتوى قديماً وحديثاً، ولا زال علماؤنا ومشايخنا-نسأل الله أن يحفظهم ويرعاهم- يفتون بهذا، يرون أن جدة ليست بميقات، وهذا هو الذي أدركنا عليه أهل العلم، أن جدة ليست بميقات، وعلى هذا يمكن أن تكون ميقاتاً في مسألة السمت إذا كان في البحر بعرض البحر، وقدر مسافة تسامت الجحفة؛ لأنه لا يمكنه أن يمر بالجحفة، في بعض الأحيان لا يتيسر لمن كان في البحر أن يسامت الجحفة، كأن يأتي ولا يمكن أن يسامت الجحفة بالعرض يعني مسامتّا لجدة مباشرة، فإذا سامت جدة مباشرة كأن يأتي من شاطئ مصر فيقدر المسافة الموجودة وهو في عرض البحر حتى يسامت البعد الموجود في الجحفة عن مكة، هذا يسمونه بُعْد السمت، فإذا كان بنفس السمت الموجود في الجحفة حينئذٍ يحرم، على هذا يتخرج أن لو كان في الطائرة، لا يمر بالجحفة، ولكنه يقدر المسافة الزمنية التي تسامت المسافة المكانية التي يكون بها بعيداً فيدخل في حدود المواقيت - أعني ميقات الجحفة - فحينئذٍ له أن يحرم، هذا كله من باب السمت وليس أن جدة بذاتها تعتبر ميقاتاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/451)
[وأهل اليمن يلملم وأهل نجد قرن]: ولأهل نجد قرن المنازل، وهذا الميقات نص عليه النبي- r- ، وهو الذي يعرف الآن بـ (السيل الكبير)، فهذا الميقات ميقات أهل نجد، ومن جاء من المشرق كأهل خراسان وبخارى وسمرقند ونحوهم، كل هؤلاء كانوا في القديم يقدمون من جهة الشرق، ويكون ميقاتهم هذا الميقات، ويكون في حكمها ذات عرق، وذات عرق ميقات يسامت ميقات قرن المنازل، فقرن المنازل وذات عرق التي هي الضريبة سمتها واحد وبعدها متقارب، وثبت في الحديث عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه وقتها.
واختلف العلماء هل عمر هو الذي وقتها أو النبي- r- ؟
والصحيح أن النبي- r- وقتها، وسئل عمر عن ميقات يسامت السيل الكبير الذي هو قرن المنازل، فوقت لهم ذات عرق، فوافق اجتهاده سنة النبي- r- ، وقد كان-? وأرضاه- محدثاً ملهماً، فالصحيح أن ذات عرق تعتبر ميقاتاً مؤقتاً من النبي- r- وليس باجتهاد من عمر، وإنما وافق اجتهاد عمر، لأن الحديث الصحيح في توقيته -عليه الصلاة والسلام- لأهل المشرق ذات عرق.
[وأهل المشرق ذات عرق وهي لأهلها ولمن مر عليها من غيرهم]: لو أن رجلاً من أهل المدينة سافر إلى الرياض وهو يريد الحج فلا يخلو من حالتين:
إن مضى من الرياض إلى مكة فميقاته قرن المنازل فيحرم من قرن المنازل، ويعتبر آخذاً حكم أهلها - يعني أهل قرن المنازل -.
وأما إذا كان يريد أن يرجع إلى المدينة بعد سفره إلى الرياض فميقاته ميقات المدينة، ولو أن رجلاً من أهل الرياض أراد أن يسافر إلى الحج، ولكن قال: أريد أن أذهب إلى المدينة ثم أحج؛ فحينئذٍ سفرته الأولى تمحضت إلى غير النسك فلا يلزمه أن يحرم من قرن المنازل؛ وإنما يؤخر إلى أن يذهب إلى المدينة فيحرم من المدينة.
طيب لو كان ماراً على قرن المنازل كأن ينزل من الرياض إلى الطائف ومن الطائف إلى المدينة فحينئذٍ يكون ميقاته ميقات أهل المدينة؛ لأن له سفرتين، هذا إذا أراد المدينة قبل حجه له سفرتان: السفرة الأولى تمحضت إلى المدينة قصداً فليست بسفر النسك، وقصد به موضعاً آفاقياً خارجاً عن المواقيت، فأصبحت سفرة ليست للنسك لذاتها، أي ليست هذه السفرة تكون آخذه حكم من مر بقرن المنازل ويلزم بالإحرام من قرن المنازل فلا يلزمه إذا مر بالسيل الكبير أن يحرم؛ وإنما يتأخر إلى أن يأتي المدينة ثم يحرم، هذا يسمونه الانتقال من الأقرب للأبعد ولا إشكال فيه؛ لأنه لو انتقل إلى المدينة فيحصل المسافة التي في ميقاته وزيادة.
لكن الإشكال: لو أن المدني لو أن رجلاً من أهل المدينة أو طالباً يدرس في المدينة أراد أن يسافر إلى أهله في الطائف وعنده نية أن يحج هذه السنة فحينئذٍ أراد أن يقصد إلى الطائف ومن الطائف يريد أن ينزل إلى مكة، أو كان يريد مثلاً تربة أو يريد موضعاً بعد الطائف فحينئذٍ نقول له: لك أن تسافر إلى أهلك ولا يلزمك ميقات المدينة؛ لأنه سيسافر إلى أفق، إلى موضع هو من الأفق، وليست بسفرته الأولى متمحضة للنسك؛ وإنما هي لخارج المواقيت، ومن سافر السفرة الأولى لخارج المواقيت فلا يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه، فيؤخر إلى أن يأتي الطائف؛ لأنه في حل وليس في حدود المواقيت، فإذا جاء إلى الطائف أحرم من ميقات أهل الطائف؛ وحينئذٍ يكون منتقلاً من الأبعد إلى ما هو أدنى، وهكذا لو كان في رابغ وأراد أن يسافر إلى المدينة ثم يحج، فنقول له: أخر إحرامك بالنسك إلى وصولك للمدينة حتى تأخذ حكم أهلها.
والعكس لو أن المدني، لو أن رجلاً أو طالباً يدرس في المدينة وعنده نية أن يحج ولكن قال: أريد أن أمر على أهلي بينبع، أو أريد أن أمر على حاجة لي في ينبع، فحينئذٍ تمحض إلى مكان هو من الأفق، وخارج عن حدود المواقيت، وسفرته هذه ليست بسفرة النسك أصلاً، فحينئذٍ يكون ميقاته ميقات أهل الساحل، ويحرم من رابغ؛ لأنه خرج عن حدود المواقيت فلم يأخذ حكم أهلها.
[ومن حج من أهل مكة فمنها وعمرته من الحل]: عندنا ثلاثة أنواع:
النوع الأول: يسمى الآفاقي.
ومن كان في حكم الآفاقي، وهذا طبعاً الذي يكون من حدود المواقيت فما فوق في الأصل، في حكمه طبعاً الذي هو دون المواقيت، لكن نعتبره نوعاً مستقلاً.
النوع الثالث: من كان من أهل مكة.
فهؤلاء ثلاثة أنواع:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/452)
الأول: أن يكون فوق المواقيت.
الثاني: أن يكون دون المواقيت وقبل مكة ولو بيسير، كأهل النوارية - مثلاً -.
الثالث: أن يكون داخل حدود الحرم، ومكة من أهلها.
فأما بالنسبة للنوع الأول وهم الذين يكونون في حدود المواقيت فما فوق، فيلتزمون بالمواقيت والحكم على حسب الميقات الذي يمرون به.
النوع الثاني: من كان دون المواقيت وخارج حدود الحرم فيحرم من موضعه، أهل النوارية من النوارية، أهل عسفان من عسفان، أهل خليص من خليص، أهل قديد من قديد وقس على هذا، فإنهم يعتبرون ميقاتهم من المكان الذي هم فيه، لأن النبي- r- ذكر الثلاثة الأنواع؛فقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس: " وَقَّت رسول الله- r- لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن يلملم ولأهل نجد قرن المنازل " وقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) فإذاً عرفنا النوع الأول وهم الذين يكونون خارج المواقيت، أو مروا بالمواقيت من غير أهله هذا النوع الأول.
فمن كان دون ذلك - هذا النوع الثاني - فإحرامه من حيث أنشأ، وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين،
من كان دون ذلك ينقسمون إلى قسمين:
من كان ساكناً دون المواقيت -كما ذكرنا-كأهل قديد وعسفان وخليص والنوارية فيحرمون من موضعه، فمن كان دون ذلك فإحرامه من حيث أنشأ.
والنوع الثاني من هؤلاء: من كان منشئاً النية طرأت عليه النية وهو دون المواقيت، كرجل خرج من المدينة لغرض له في جدة، وهو لا يريد الحج ولا يريد العمرة، فخرج إلى جدة وهو يريد -مثلاً- معاملة له في جدة، أو رحماً يصلها، أو والدين يبرهما، فلما وصل إلى جدة وجد الوقت متسعا فقال: لو أني اعتمرت أو قويت نفسه وعزيمته على الحج فقال: لو أني حججت، فطرأت له النية فيكون في حكم من كان دون المواقيت، فإذاً الذي دون المواقيت ينقسم إلى قسمين:
إما أن يكون أهله دون المواقيت ويحرم من موضعه فلا إشكال.
وإما أن يكون شخصاً طرأت عليه النية وهو دون المواقيت؛ فحينئذ نقول له: حيث طرأت عليك النية يلزمك الإحرام، بناء عليه أهل جدة يكون إحرامهم إذا أحرموا من المكان الذي أنشأوا فيه ولا يؤخر إلى طرف جدة كما يفعله بعض العامة اليوم، يؤخرون إلى المحطات التي تكون خارج جدة، وهذا يلزمه الدم، من أخر وخرج من جدة كمن جاوز الميقات؛ لأن النبي - r- قال: ((إحرامه من حيث أنشأ)) وهذا يدل على أنه يلزمه من الموضع الذي أنشأ فيه نيته، حتى قال بعض العلماء: لو أنشأها في بيته لا يخرج من بيته إلا وهو محرم، ولو أنشأها من مسجد فإنه لا يخرج من ذلك المسجد يدخل إلى دوراته يغتسل ويتهيأ وينوي من ذلك الموضع ولا يؤخر، إلا إذا كان يذهب إلى بيته وهو أبعد كأن يكون المسجد -مثلاً- في طرف جدة من جهة مكة وبيته في داخل جدة؛ حينئذ يذهب إلى بيته ويغتسل لأنه ينتقل إلى أبعد ولا حرج، لكن لو أنه أنشأ النية وهو في مسجد ما ويكون هذا المسجد -مثلاً- في طرف جدة من جهة المدينة، وبيته - مثلاً - في طرف جدة من جهة مكة، فحينئذٍ يقترب ويأخذ بعض الأحيان عشرة كيلو وهو ناوٍ للنسك غير محرم به، فلا يصح له أن يعقد النية من الطرف الأدنى وقد انعقدت نيته من الطرف الأبعد؛ لأن السُّنة نصت وقالت: ((إحرامه من حيث أنشأ)) وهذا يدل على التأقيت بالموضع، وأنه لا يجوز له أن يجاوز ذلك الموضع إلى موضع أدنى منه، وأن من خرج إلى المحطات التي هي خارج جدة يعتبر مجاوزاً لميقاته، ويلزمه ما يلزم المجاوز لميقاته ولو كان بفرق كيلو واحد، بل ولو بنصف كيلو، لأنه حينئذٍ خالف النص الذي قيده بالموضع فـ ((إحرامه من حيث أنشأ)).
بقي النوع الثالث: وهم أهل مكة، فقال عليه الصلاة السلام: ((حتى أهل مكة ينشئون من مكة)) فقوله: ((حتى أهل مكة ينشئون من مكة)) أي حتى أهل مكة تكون نيتهم وإحرامهم من مكة هذا في الحج، وجاء ما يبين الحكم في العمرة؛ وذلك بأمره-عليه الصلاة والسلام- لعائشة أن تخرج إلى الحل، وهذه سنة ظاهرة واضحة في أنه -?- لم يأمرها بالتنعيم وإنما أمرها أن تخرج إلى الحل، ولذلك تقول عائشة في الرواية عنها: " والله ما ذكر التنعيم ولا غيره" ولكنها طلبت التنعيم لأنه أرفق بها، والأصل أنه يخرج إلى أدنى الحل حتى يجمع بين الحل والحرم، وبناءً على ذلك لما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/453)
جاء حديث عائشة،
حديث عائشة أنت بالخيار بين أمرين:
إما أن تقول: عائشة مدنية، ومن أهل المدينة، وأمرها النبي-?- أن تخرج إلى الحل، فيكون دليل على أن أهل المدينة يجوز لهم أن يتركوا ذا الحليفة وأن يحرموا من طرف مكة وأن يدخلوا مكة محرمين، وهذا لا قائل به وهو خلاف السُّنة.
وإما أن تقول: إن عائشة في حكم أهل مكة، أحد أمرين:
الأول: إما أن تقول إنها آفاقية.
والثاني: إما أن تقول إنها مكية، وليس هناك فرض ثالث، فأصبحت إما مكية وإما آفاقية، فلما أمرها أن تخرج إلى الحل فهمنا من هذا أن العمرة يجمع فيها بين الحل والحرم، بخلاف الحج فإنه لو أحرم من الحرم سيخرج إلى عرفات وهي خارج حدود الحرم فيجمع بين الحل والحرم في نسكه، قالوا: فالحج أخف وكان إحرامه من حيث أنشأ في حجه.
واستثنيت العمرة لورود النص عنه-عليه الصلاة والسلام- في عائشة تنبيهاً من الشرع، ولذلك يقول بعض العلماء: لولا حديث عائشة لأشكل الأمر في عمرة المكي، هذا على القول بأن المكي يعتمر، لأشكل الأمر في عمرة المكي؛ لأنه لو كان يحرم من مكانه وموضعه كان الأفضل له أن يطوف بالبيت، وهذا الذي جعل بعض السلف يقول كعطاء وغيره لا يرى لأهل مكة أن يعتمروا؛ لأنهم يرون أن عمرتهم أن يطوفوا بالبيت؛ لأنه إذا كان يحرم من نفس مكة فالأفضل بدلاً من أن يذهب إلى بيته وأن ينوي من بيته ويرجع هذه الخطوات الأفضل أن يقضيها وهو يطوف بالبيت، ولذلك قال: لا أدري هؤلاء الذين يذهبون إلى التنعيم - يعني يتكلفون الذهاب إلى التنعيم والخطى إلى التنعيم - هلاّ جعلوا هذه الخطى في الطواف بالبيت، فهذا أفضل وأكمل، لأن المقصود من العمرة أن يزور البيت، وأن يطوف بالبيت، فهذا هو وجه تشديد بعض السلف في عمرة المكي، وهو يقوى على مذهب من يقول: إن المكي يحرم بالعمرة من نفس موضعه من مكة، وهو قول ضعيف، لكن السُّنة لما ألحت عائشة-رضي الله عنها- على النبي-?-، وكان لا يرد سائلاً سأله-بأبي وأمي صلوات الله سلامه عليه- أذن لها.
وهذا الإلحاح من عائشة كان فيها خير للمسلمين، فقد بت في هذه المسألة وبين أن المكي إن نوى العمرة فإنه ينويها من الحل، ولو قلنا: إن المكي لا يعتمر، فإنه على القول بأنه لا يعتمر، قد يعتمر ويشرع له أن يعتمر كأن يريد أن يعتمر عن أبيه، يريد عمرة عن أبيه، فإنه حينئذٍ يخرج إلى الحل، فحتى عند من يقول: إن المكي لا يعتمر فقد تكون عمرة عن الغير، فيحتاج إلى أن يعرف ما ميقاته، فهو يقول: لو لا حديث عائشة لأشكل الأمر، يعني كيف المكي يحرم من موضعه إذ يستوي حينئذٍ يستوي هو والطائف، يعني يكون هو والطائف على حد سواء، ممكن أي شخص وهو يطوف بالبيت ينويها عمرة وهو مكي، ممكن وهو داخل الحرم يقول: نويت العمرة ويأتي ويطوف بالبيت ويذهب ويسعى ثم يتحلل، فيقول: أشكل الأمر، ولكن لما جاء حديث عائشة وأمرها أن تنزل إلى حدود الحل دل على أن المكي في عمرته لابد أن يجمع بين الحل والحرم، كما أنه في نسك الحج قد جمع بين الحل والحرم.
فهذا بالنسبة للثلاثة الأنواع:
من كان آفاقياً.
ومن كان دون المواقيت وليس من أهل مكة.
ومن كان داخلاً في حدود حرم مكة.
يستوي في المكي أن يكون من أهل المساكن - هذا في القديم - أو ضواحي مكة التي لا تخرج عن حدود الحرم، لأنه في القديم كانت هناك المساكن وهي مكة القديمة التي هي بمساكنها، وكان ربما أن الإنسان لو وصل إلى قبور المعلاة لا يجد مساكن، ويبدأ في منقطع الطريق ويجد فقط الناس أرسالاً، لأنها كأنها يعني خارج المساكن ذاتها، ولذلك تجدهم يقولون: أهل مكة ومن في حكمهم داخل الحرم، أما يومنا هذا تكاد تكون مكة ممتلئة، وهذا يقول العلماء: أهل مكة وذي طوى.
ذي طِوَى أو طَوَى أو طُوَى لأنه مثلث الطاء، الوادي المعروف الذي يسمى الآن بـ (الزاهر)، فهذا الوادي كان في القديم فيه زروع وفيه مساكن وفيه أناس، فكانوا يقولون: أهل مكة ومن في حكمهم ممن هم داخل حدود الحرم.
[وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة]: بعد أن فرغ رحمه الله من بيان ميقات الحج المكاني، شرع في ميقات الحج الزماني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/454)
وميقات الحج الزماني دل عليه دليل الكتاب في قوله-سبحانه-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات} وحده رسول الله -?- ابتداءً، فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا)) وهذا في يوم عيد الأضحى، وهو يوم النحر، صبيحة يوم النحر قال: ((من صلى صلاتنا هذه - يعني بالمزدلفة - ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه)) فكأنه جعل ميقات الزمان ينتهي بطلوع الفجر من صبيحة اليوم العاشر، وفي الحقيقة عشر من ذي الحجة ليست بكاملها داخلة في الميقات، لأنه لو أحرم بعد طلوع الفجر الصادق في يوم العيد لم يصح إحرامه بالحج، وهكذا لو جاء الوقوف لم يدرك وقوفه بعرفة أحرم ولكن لم يدرك الوقوف لحظة قبل طلوع الفجر من صبيحة يوم النحر، فحينئذٍ يتحلل بعمرة، ويقضي حجه من عام قابل، وعليه الدم كما هو قضاء عمر في هبار بن الأسود لما فاته الحج.
الشاهد أن هذا الميقات ميقات زماني، لماذا يقولون: عشر من ذي الحجة؟ ليس المراد أنه في اليوم العاشر ينوي الحج، لأنه لا يتأتى منه ذلك، إنما هذا دقة من العلماء-رحمة الله عليهم- لأنهم لا يستطيعون، عندك الآن عشية عرفة الذي هو اليوم التاسع ينتهي اليوم التاسع بمغيب الشمس، هذا الأصل، فالأصل أن التاسع من ذي الحجة تنتهي بمغيب الشمس، لكن لما مد الشرع الموقف إلى طلوع الفجر دخل اليوم العاشر لكن لم يدخل بكماله، وإنما دخل بصورة مؤقتة محددة معروفة معهودة، فلذلك يقولون: وعشر من ذي الحجة، وهذا على سبيل التنبيه على أن ليلة النحر داخلة في الإحرام، فيجوز لك أن تحرم وأن تقف بعرفة وتكون مدركاً للحج، لا أن العشرة بتمامها وكمالها تعتبر محلاً للنسك، هذا لا يقول به أحد، لا يقول إنه لو جاء صبيحة يوم العيد بعد طلوع الفجر وقال: لبيك حجاً، لم ينعقد حجه، وهل تنقلب عمرة أو يفسد إحرامه وجهان مشهوران عند العلماء-رحمة الله عليهم-، إذا لم يكن الزمان زمان حج؛ لكن قالوا: عشر من ذي الحجة تنبيهاً على هذا؛ لأن كل يوم تكون عشية النهار عشيته متى؟ في الليلة التي تسبقه، فيكون اليوم يسبقه ليلته ثم بعد ذلك النهار، ولكن في يوم عرفة العكس، يكون النهار ثم بعد ذلك عشية عرفة بالليل، وهذا الذي دعا بعض العلماء يقول: الرمي رمي الجمار يستمر في أيام التشريق إلى طلوع الفجر من سحب الليالي، فجعل ليلة الحادي عشر لما بعد؛ لأن ليلة النحر تكون لليلة التاسعة حكماً، ولذلك صح فيها الإحرام، ثم بعد ذلك في يوم العيد ترمي جمرة العقبة إلى طلوع الفجر من صبيحة الحادي عشر؛ وحينئذٍ كأنك سحبت ليلة الحادي عشر إلى العاشر، ثم تسحب ليلة الثاني عشر إلى الحادي عشر، وتسحب ليلة الثالث عشر للثاني عشر، هذا بالنسبة لمن يقول: بأن الرمي يستمر إلى طلوع الفجر، كأنهم رأوا أن استمرار الوقوف إلى طلوع الفجر صبيحة يوم النحر هذا وجهه وهذا حكمته، وهذه هو السر في قول العلماء: وعشر من ذي الحجة، هذا بالنسبة لابتداء الحج.
انتهاء الحج له ميقات آخر، يقولون: شوال وذو القعدة وذو الحجة، بمعنى أنه إذا طاف طواف الإفاضة قبل مغيب شمس آخر يوم من ذي الحجة فإنه لا فدية عليه، لا تلزمه الفدية؛ لأن الركن وقع في الميقات الزماني، وأما إذا أوقعه بعد مغيب شمس آخر يوم من ذي الحجة؛ فحينئذٍ يكون أشبه بالقضاء ويلزمه دم جبراناً لهذا النقص؛ فحينئذٍ إذا قالوا: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة قصدهم الابتداء، يعني الدخول بنية النسك، وإن أرادوا التمام والكمال إتمام المناسك من شوال وذي القعدة وذي الحجة، فتجد بعض الأحيان لبسا، حتى أن بعض الأحيان قد يستغرب بعض طلاب العلم، يقول: كيف يقولون؟
قال بعض العلماء: إنها شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملة، وكيف يقال: إنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. فوجهها أنه تارةً يؤقت الحج ابتداءً، وتارةً يؤقت الحج انتهاءً.
وفائدة الخلاف: فيمن أخر طواف الإفاضة إلى آخر لأنك إذا قلت عشرة من ذي الحجة يرى بعض العلماء أنك إذا قلت: عشرة من ذي الحجة تأقيتاً يقولون: لو طاف طواف الإفاضة في اليوم الأول من أيام التشريق يلزمه الدم؛ لأنهم يرون أنه لابد من إيقاعه في يوم النحر؛ لأن النبي-?- أوقعه في يوم النحر وحينئذٍ يرونه تأقيتاً وإلزاماً بيوم النحر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله تعالى
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:29 ص]ـ
سأكمل بإذن الله في وقت لاحق، وذلك لأسباب معينة
ثم في الأخير سأضع شرح الكتاب كاملا في ملف واحد للتحميل
وفقنا الله وإياكم
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 04:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي الكرام ..
رأيت من المناسب وضع الملف كاملاً بدل تقطيع الدروس تباعا وذلك لما يلي:
1 - محافظة على سلامة النص من تغيير لفظة الجلالة والصلاة على النبي بسبب اختلاف برامج الوورد ونحو ذلك.
2 - سهولة الحصول على المذكرة كاملة بدل جمعها وإعادة ترتيبها وخشية السقط بين ذلك.
3 - سهولة طباعتها سريعا، وقراءتها مطبوعة أفضل من قراءتها كمبيوتريا (ابتسامة إن صحّ هذا اللفظ)
4 - قلة الوقت لدي من إنزالها درسا درسا.
5 - رغبة كثير من الإخوة في ذلك.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق والعلم النافع الشافع، والعمل الصالح والإخلاص والقبول، وحسن الختام، ورضا الرب الكريم.
والسلام عليكم ورحمة الله.
والملف بالمرفقات ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/455)
ـ[عبد الله آل صالح]ــــــــ[26 - 11 - 07, 10:11 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء وأحسن إليك
ـ[أبو الحسن النووي]ــــــــ[02 - 12 - 07, 10:52 ص]ـ
جزى الله الشيخ والناقل خير الجزاء
وأمتع به
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[06 - 12 - 07, 08:33 م]ـ
جزاكم الله خيراً ..
ورفع الله قدر الشيخ محمد ..
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[10 - 11 - 08, 12:29 ص]ـ
تجديد العهد ..(86/456)
صدر منسك الشيخ عبد المحسن العباد، وكذا رده على كتاب: افعل ولا حرج لـ د. سلمان العودة
ـ[أبو محمد]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:03 م]ـ
أما المنسك فسماه: (تبصير الناسك بأحكام المناسك) ويقع في 168 صحيفة
وأما الرد فسماه: (تنبيهات في الحج على الكتابة المسماة: افعل ولا حرج)
ويقع في 72 صحيفة
ـ[صالح العقل]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:57 م]ـ
جزاهم الله خيرا
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 04:00 م]ـ
هل نزل في السوووووووق واين اجده
ـ[ابن وهب]ــــــــ[27 - 10 - 07, 06:29 م]ـ
جزاكم الله خيرا ولماذا لا ينزل على الشبكة
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[27 - 10 - 07, 06:54 م]ـ
وفق الله الشيخ عبدالمحسن البدر لما يحبه ويرضاه
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا ولماذا لا ينزل على الشبكة
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:33 م]ـ
جزاك الله خيرا.
وقد رأيت ردا للشيخ / فهد أباحسين بعوان (كيف نفهم التيسير؟ وقفات مع كتاب "افعل ولا حرج")، وقد قدم له الشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالعزيز الراجحي والشيخ عبدالله السعد حفظهم الله وهو من مطبوعات دار المحدث.
ـ[سلام السالم]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:39 م]ـ
جزى الله خيراً الشيخ المحدث عبد المحسن العباد ونسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين
وبالنسبة لكتابيه - وفقه الله- تجدها في مكتبة التدمرية بالرياض
وكذلك كتاب الشيخ أبا حسين في الرد على كتاب سلمان العودة ومناقشته مناقشة علمية تجده في التدمرية والرشد أيضاً ..
ـ[محمد بن سليمان الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:26 ص]ـ
بارك الله في الجميع
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 04:56 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالله الصبيح]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:09 م]ـ
هل من متبرع يقوم بإنزال هذه الكتب في هذا الملتقى المبارك ليستفيد منها طلاب العلم.
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[28 - 11 - 07, 02:07 ص]ـ
كتابي الشيخ عبدالمحسن موجودة في دار ابن الجوزي
في الفرع الجديد أمام جامعة الإمام
و قيمة كلا الكتابين خمسة ريالات.
ـ[أبو الدرداء]ــــــــ[02 - 12 - 07, 04:49 م]ـ
إذا كان الرد علميا فى بيان الحق والصواب ويجب على المخالف الرجوع للحق وكفى المؤمنين القتال
ـ[نبض القلم]ــــــــ[02 - 12 - 07, 05:01 م]ـ
محتوى كتاب الشيخ أبا حسين ضعيف، فهو لا ينتهض لموافقة عنوانه.
ـ[ياسر الوائلي]ــــــــ[02 - 12 - 07, 06:12 م]ـ
جزاكم الله خيرًا.
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[03 - 12 - 07, 05:53 ص]ـ
لا أظن أن كتاب أبا حسين ضعيف بل إنه رائع جدا، و لكن يبنغي التنبيه أن الشيخ لم يقصد من الكتاب الحديث عن مسائل خلافية محددة إنما حديثه عن المفهوم أي مفهوم التيسير.
و قد بين في الكتاب عددا النفول التي وضعت في غير موضعها و سيقت في غير مساقها و هذا في رأي أهم و أبرز ما في الكتاب.
ـ[نبض القلم]ــــــــ[04 - 12 - 07, 02:22 م]ـ
لا أظن أن كتاب أبا حسين ضعيف بل إنه رائع جدا، و لكن يبنغي التنبيه أن الشيخ لم يقصد من الكتاب الحديث عن مسائل خلافية محددة إنما حديثه عن المفهوم أي مفهوم التيسير.
و قد بين في الكتاب عددا النفول التي وضعت في غير موضعها و سيقت في غير مساقها و هذا في رأي أهم و أبرز ما في الكتاب.
من يقرأ عنوان الكتاب يتطلع أن يرى مناقشة منهج و فكر، والحقيقة خلاف ذلك إذ قضي أكثر من نصفه في مناقشة تقديم لا يلزم مؤلف الكتاب بالاقرار بكل ما فيه من آراء، ثم عرج على مناقشة الشيخ سلمان في مسائل اجتهادية تقبل تعدد الآراء حولها، فلم يأتِ بجديد.
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[04 - 12 - 07, 05:58 م]ـ
أخي هو يناقش منهج التيسير لا المسائل الفردية التي قد تحتمل أكثر من رأي
و قد تحدثت مع الشيخ فهد فقال ما هدفت إليه المنهج لا المسئل لأن مشكلتنا مع المنهج
أما المسائل - و هذا رأيي لا رأي الشيخ - قد يتبناها شخص لا يتبنى منهج التيسير
و شواهد ذلك كثيرة
ـ[أبو مالك الشيباني]ــــــــ[06 - 12 - 07, 06:32 ص]ـ
بعض الناس للأسف الشديد يصف الدين بالتشدد ويرى كل من خالف مذهبه و رأيه أو أرآء علمائه بأنه متساهل ويبحث عن الرخص
وهذا غير صحيح
فإذا كانت المسألة محتملة فالأمر واسع كل حسب فهمه للدليل
والله المستعان
ـ[أبو محمد]ــــــــ[07 - 12 - 07, 09:32 م]ـ
أوصي الإخوة بمنسك الشيخ: تبصير الناسك .. فهو مفيد جدا على وجازته .. وفيه تنبيهات نافعات ونكات لطيفات وترجيحات مهمات ...
والشيخ عبد المحسن -متع الله به- من القلائل الذين حجوا كثيرا وتصدوا لإفتاء الناس في الحج وكانوا مرجعا لطلاب العلم فيه عشرات السنين .. لذا فهو -فيما أحسب- ممن حقق مسائل الحج ..
وبالمناسبة: أول حجة حجها الشيخ -كما في نبذة كتبها الشيخ في ترجمته، مطبوعة في ختام بعض كتبه- كانت سنة 1370هـ .. ولعله لم يتخلف عن الحج إلا سنوات قليلة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/457)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 12 - 07, 10:05 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=712782#post712782
ـ[أبو حازم السنيدي]ــــــــ[07 - 12 - 07, 10:41 م]ـ
كتاب قدم له وقرظه المشايخ: صالح الفوزان، وعبد العزيز الراجحي، وعبد الله السعد، لا ريب في قوة طرحه.
ـ[بن نصار]ــــــــ[07 - 12 - 07, 11:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا(86/458)
ما حكم حج امراة من غير محرم؟؟؟
ـ[ابو الدحداح الشافعي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:06 م]ـ
السلام عليكم
ما حكم حج امراة من غير محرم؟؟؟
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 04:07 م]ـ
استعمل زر البحث وستجد إن شاء الله
ـ[ابو الدحداح الشافعي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 05:02 م]ـ
استعمل زر البحث وستجد إن شاء الله
بدل هذا الكلام كان اجبت بارك الله فيك
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:15 م]ـ
حكم سفر المرأة من غير مَحْرَم
الشيخ صالح بن محمد الأسمري
السؤال: ـ
ما حكم سفر المرأة من غير مَحْرَم؟
الجواب:
سفر المرأة من غير محرم له ثلاث حالات:
? الحالة الأولى: أن تسافر من بلد لا تستطيع فيه إظهار دينها الواجب وما إليه. فهذه الحال لا يُشْتَرط للمرأة فيها مَحْرم اتفاقاً. قال ابن الملقن رحمه الله في: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (6/ 79): "أما سفر الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام فاتفق العلماء على وجوبه، وإن لم يكن معها أحد من محارمها"أ. هـ. وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله في: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (3/ 450): "اتُّفِق على أنه يجب عليها ـ أي: المرأة ـ أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها، وتهاجر من دار الكفر كذلك" أ. هـ. وذلك (لأن القيام بأمر الدين واجب، والهجرة من ضرورة الواجب، وما لا يتم الواجب إلا به واجب) قاله في: "مطالب أولي النهى" (3/ 433).
? والحالة الثانية: أن تسافر المرأة للحج الواجب. فهذه الحال مُخْتَلف في اشتراط المَحْرميَّة لها على قولين مشهورين:
ـ أولهما: أن المحرم شرط فيها. (وممن ذهب إلى هذا: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق وأبو ثور) قاله ابن عبد البر رحمه الله في: "التمهيد": (21/ 50). وقال أبو العباس في: "المفهم" (3/ 449): "وقد رُوي ذلك عن النخعي والحسن، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحاب الرأي، وفقهاء أصحاب الحديث". وقال العيني رحمه الله في: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (7/ 126): "وبه قال النخعي والحسن البصري والثوري والأعمش". إلا أن أبا حنيفة جعل ذلك شرطاً في السفر الطويل كما في: "بدائع الصنائع" (2/ 124) و"حاشية ابن عابدين" (2/ 464)، وقال ابن الملقن في "الإعلام" (6/ 80): "واشترط أبو حنيفة المحرم لوجوب الحج عليها ـ أي: المرأة ـ إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل" أ. هـ المراد. وبِشَرط أبي حنيفة قال جماعة. قال ابن عبد البر رحمه الله في: "التمهيد" (21/ 54): "هذا قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وهو قول ابن مسعود". وجعله البدر العيني رحمه الله قول: النخعي والحسن البصري والأعمش ـ وسبق ـ.
ـ والثاني: أن المحرم ليس بشرط فيها. قال أبو العباس في: "المفهم" (3/ 449): "وذهب عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والأوزاعي ومالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بشرط، ورُوي مثله عن عائشة رضي الله عنها" أ. هـ. وقال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 79): " فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يُشترط المحرم ... وبه قال عطاء وسعيد ابن جبير وابن سيرين، ومالك والأوزاعي".
والمختار عدم اشتراط المَحْرَميَّة في ذلك، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال ابن مفلح رحمه الله في: "الفروع" (3/ 236): " وعند شيخنا ـ أي: ابن تيمية ـ: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة، كذا قال ـ رحمه الله ـ " أ. هـ. وكذا عنه في: "الإنصاف" (8/ 79). وفي: "الاختيارات" (ص/171) للبعلي قوله: "وتَحُجُّ كل امرأة آمنة مع عدم محرم. قال أبو العباس: وهذا مُتوجِّه في سفر كل طاعة " أ. هـ. وجعله جماعة قول الجمهور والأكثر، قال ابن بطال رحمه الله في: "شرح صحيح البخاري" (4/ 532): " هذه الحال ترفع تَحْريج الرسول عن النساء المسافرات بغير ذي مَحْرم.كذلك قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة، وإن لم يكن معها محرم. وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحج معه نسوة من جيرانه. وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري. وقال الحسن: المسلم مَحْرَم ـ أي: الصالح التقي كالمحرم الحقيقي في كونه مأموناً على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/459)
المرأة ـ، ولعل بعض من ليس بمحرم أوثق من المحرم " أ. هـ.
ويدل على صحة ذلك شيئان:
ـ أولهما: ما أخرجه البخاري في: "صحيحه" (برقم: 1860) من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال: (أَذِن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حَجّة حَجَّها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف". وفيه (اتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك) قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في: "فتح الباري" (4/ 91).
فائدة: ـ
قال البدر العيني رحمه الله في: "عمدة القاري" (10/ 219):
"وفي الحديث المذكور: ما خرجت أزواج النبي صلى الله عليه و آله وسلم إلى الحج إلا بعد إذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لهن وأرسل معهن من يكون في خدمتهن. وكان عمر رضي الله تعالى عنه متوقفاً في ذلك أولاً، ثم ظهر له الجواز؛ فأذن لهن وتبعه على ذلك جماعة من غير نكير. وروى ابن سعد من مرسل أبي جعفر الباقر قال: منع عمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة. وروى أيضاً من طريق أم دُرَّة عن عائشة رضي الله عنها قالت:منعنا عمر الحج والعمرة حتى إذا كان آخر عام فأذن لنا" أ. هـ وبنحوه في: "الفتح" (4/ 88،89).
ـ والثاني: القياس على الحال الأولى المتفق عليها، وهي: عدم اشتراط المحرمية للمرأة التي تنتقل من بلد لا تستطيع إظهار دينها الواجب فيه. ويَعْضده ما حكاه الحافظ في: "الفتح" (4/ 91) بقوله: "وقد احتج له بحديث عَدِيّ بن حاتم مرفوعاً: "يوشك أن تخرج الظعينة من الحِيْرة تؤم البيت لا زوج معها" الحديث. وهو في البخاري. وتُعقِّب بأنه يدل على وجود ذلك على جوازه. وأجيب بأنه خبر في سياق المدح ورفع منار الإسلام، فيُحمل على الجواز" أ. هـ. وكذلك ما حكاه ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 82) بقوله: "قال ابن بزيزة: والصحيح عندنا أن فريضة الله لازمة والمؤمنون إخوة، وطاعة الله واجبة، وقد قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، والمسجد الحرام أجل المساجد فكان داخلاً تحت مقتضى هذا الخبر" أ. هـ. لكنه قال: "ولا يَتَّجه ذلك لكونه عاماً في المساجد، فيمكن أن يخرج عنه المسجد الذي يحتاج إلى السفر في الخروج إليه بحديث النهي"أ. هـ. وبنحوه في "الفتح" (4/ 91).وكذلك قول ابن عبد البر في: "التمهيد" (21/ 52): "ليس المَحْرَم عند هؤلاء من شرائط الاستطاعة، ومن حجتهم: الإجماع في الرجل يكون معه الزاد و الراحلة ـ و فيه الاستطاعة، ولم يمنعه فساد طريق ولا غيره ـ أن الحج عليه واجب. قالوا: فكذلك المرأة؛ لأن الخطاب واحد، والمرأة من الناس" أ. هـ.
تنبيه: ـ
للقول بعدم شرطية المحرم في الحج الواجب ـ شرط، وهو الأمن على المرأة، لكن اختُلِف بما يقع، قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في: "المغني" (5/ 31): "قال ابن سيرين: تَخْرج مع رجل من المسلمين لا بأس به. وقال مالك: تخرج مع جماعة النساء. وقال الشافعي: تخرج مع حُرَّة مسلمة ثقة. وقال الأوزاعي: تخرج مع قوم عدول، تَتَّخذ سُلَّماً تصعد عليه وتنزل. ولا يقربها رجل، إلا أنه يأخذ رأس البعير وتضع رجلها على ذراعه" أ. هـ المراد. وقال النووي رحمه الله في: "شرح مسلم" (9/ 148): "وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها. قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز لها الحج معها، هذا هو الصحيح. وقال بعض أصحابنا: يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة. والمشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو الأول" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/460)
والمقصود وجود الأمن على المرأة في ذلك كما سبق، ويكفي ظن وقوعه بلا شَرْط العلم، كسفر المرأة للحج الواجب مع جَمْعٍ من النساء في (حملة حجٍ) رسميَّة؛ لأنها رفقة مأمونة عادة، قال ابن الملقن رحمه الله في: "الإعلام" (6/ 82): "والذين لم يشترطوه ـ أي: المحرم ـ قالوا: المشترط الأمن على نفسها مع رفقة مأمونين رجالاً أو نساء" أ. هـ. المراد. وكذا أمن الطريق، وهو ظاهر، وأشار الحافظ في: "الفتح" (4/ 91) إليه بقوله: "جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق" أ. هـ.
فائدة:ـ
حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حُرْمة" ـ أي: ذو مَحْرَميَّة ـ " وقد خَرَّجه البخاري (رقم:1088) ومسلم (رقم: 1339). وفي لفظ: "لا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" ـ أي: فيَحِلّ ـ: قد أُجيب عنه بأجوبة، منها قول أبي العباس القرطبي في: "المُفْهِم" (3/ 450): "إن المنع في هذه الأحاديث إنما خرج لما يُؤدِّي إليه من الخلوة، وانكشاف عوراتهن غالباً. فإذا أُمِن ذلك، بحيث يكون في الرفقة نساء تنحاش إليهن، جاز. كما قاله الشافعي ومالك"أ. هـ.
وَصْلٌ: الظاهر إلحاق الأسفار الواجبة بالحج، وهو المشهور. قال ابن بطال في: "شرح صحيح البخاري" (4/ 533): "ألا ترى أن عليها أن تهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام إذا أسلمت فيه ـ بغير محرم، وكذلك كل واجب عليها أن تخرج فيه" أ. هـ المراد.
? وثالث الحالات: أن تسافر المرأة سفراً غير واجب، كعمرة مستحبة أو زيارة لذوي رحم. فهذه الحال السفر فيها يأتي على ضربين:
ـ أولهما: أن يكون السفر قصيراً، فمذهب الحنفية جوازه من غير اشتراط محرم ـ كما في: "بدائع الصنائع" (2/ 124)، و"حاشية ابن عابدين" (2/ 464،465) ـ، خلافاً للجمهور فلا فرق بين سفر طويل وقصير عندهم، وهو مذهب المالكية ـ كما في: "إرشاد السالك" (1/ 165)، ومذهب الشافعية ـ كما في: "المجموع" (7/ 69ـ70) و"الإيضاح مع حاشية الهيتمي" (ص/102) ـ، ومذهب الحنابلة ـ كما في: "الإنصاف" (3/ 410،411) ـ والخلاف فيه مشهور. قال العكبري رحمه الله في: "رؤوس المسائل الخلافية" (2/ 591): "يعتبر المحرم في سفر المرأة الطويل والقصير. خلافاً لأبي حنيفة في قوله: (يُعْتَبر في الطويل) ". إلا أنه اختُلِف في تحديد السفر الطويل، فمذهب الحنفية ثلاثة أيام فصاعداً ـ كما في: "حاشية ابن عابدين" (2/ 464) ـ، وبه قال جماعة. قال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 80،81): "واشترط أبو حنيفة (المحرم) لوجوب الحج عليها، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل ـ أي: أيام، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث والرأي. وحُكِي أيضاً عن الحسن البصري والنخعي والشعبي والحسن بن حُيَي … وقال سفيان: إن كانت من مكة على أقل من ثلاث ليال فلها أن تحج مع غير ذي حرم أو زوج، وإن كانت على ثلاث فصاعداً: فلا. قال ـ لعله: ابن بزيرة ـ: والذي عليه جمهور أهل العلم أن الرفقة المأمونة من المسلمين تنزل منزلة الزوج أو ذي المحرم. وذَكَر ـ لعله: ابن بزيرة ـ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم، وقالت: ليس كل النساء تجد محرماً*! " أ. هـ. وقال ابن عبد البر في: "التمهيد" (21/ 54): "وقال آخرون: لا يقصر المسافر الصلاة إلا في مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً، وكل سفر يكون دون ثلاثة أيام: فللمرأة أن تسافر بغير محرم. هذا قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وهو قول ابن مسعود" أ. هـ.
وحجة الحنفية في التفريق لخصها الحافظ في: "الفتح" (4/ 90) بقوله: "وحجتهم: أن المنع المقيد بالثلاث مُتَحَقِّق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمُتَيَقَّن" أ. هـ. وهي كذلك في الصلاة، قال ابن بطال في: "شرح صحيح البخاري" (3/ 79): "واحتج الكوفيون بحديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم". وقالوا: لما اختلفت الآثار والعلماء في المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وكان الأصل الإتمام لم يجب أن ننتقل عنه إلا بيقين، واليقين ما لا تنازع فيه، وذلك ثلاثة أيام" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/461)
إلا أن حجة الحنفية نَقَضها جماعة، قال الحافظ في: "الفتح" (4/ 90): "ونوقض: بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر، فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها؛ فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية: تقديم الخبر العام على الخاص، وترك حمل المطلق على المقيد. وقد خالفوا ذلك هنا" أ. هـ. وأما اختلاف ألفاظ الحديث فقال عنه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 10): "قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد" أ. هـ.
تنبيه: ـ
قال الحافظ في: "الفتح" (2/ 660): "الحكم في نهي المرأة عن السفر وحدها متعلق بالزمان، فلو قطعت مسيرة ساعة واحدة مثلاً في يوم تام لتعلَّق بها النهي، بخلاف المسافر فإنه لو قطع مسيرة نصف يوم مثلاً في يومين لم يَقْصر، فافترقا. والله أعلم" أ. هـ. وعليه لو قيل: إن ثلاثة أيام عند القائلين بها، المقصود منها ألا تَبْقى المرأة في سفرها مدة ثلاثة أيام، لكن لو قطعت مسافة مسيرة ثلاثة أيام في يومٍ لجاز لها السفر، وعلى القول به: فيجوز السفر للمرأة إلى مشارق الأرض ومغاربها بالطائرة؛ لأن السفر فيها تُقطع فيه المسافات في أقل من ثلاثة أيام عادة!
ـ والثاني: أن يكون السفر طويلاً. فاختلف فيه على قولين:
ـ أولهما: جواز السفر مع غير محرم مع شرط الأمن ـ وسبق ـ، وهو وجه عند الشافعية وقول محكي عن مالك رحمه الله. قال النووي في: "المجموع" (7/ 70): " (فرع) هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع؟ أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات؟ أو امرأة ثقة؟ فيه وجهان، وحكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في: (باب الإحصار). وحكاهما القاضي حسين والبغوي والرافعي وغيرهم. أحدهما: يجوز كالحج. والثاني: وهو الصحيح باتفاقهم، وهو المنصوص في (الأم) " أ. هـ المراد. وقال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 81): "فإن كانا ـ أي: الحج والعمرة ـ تطوعين، أو سفر زيارة أو تجارة، ونحوها من الأسفار التي ليست واجبة. فقال الجمهور: لا تجوز إلا مع زوج أو محرم. وقال بعضهم: يجوز لها الخروج مع نسوة ثقات لحجة الإسلام. وفي مذهب مالك ثلاثة أقوال عند عدم الولي" أ. هـ المراد.
ـ والثاني: عدم جواز السفر إلا بمحرم. وهو مذهب الجمهور ـ كما سبق ـ، وحكاه بعضهم اتفاقاً. قال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 82): "قال القاضي عياض: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم إلا الهجرة من دار الحرب"أ. هـ. وكذا حكاه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 148) عن عياض.
وقد اسْتَوْجَه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول الأول، حكاه عنه ابن مفلح في: "الفروع" (3/ 236) بقوله ـ وسبق ـ: "وعند شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: (إن هذا مُتَوَجِّه في كل سفر طاعة) كذا قال ـ رحمه الله ـ "أ. هـ. وفي بعض ما ذُكِر سابقاً من أدلة دلالة على صحة هذا القول، ويؤكِّده أنه جاء في الخبر ـ وسبق ـ فعل عائشة رضي الله عنها له. قال البدر العيني في: "عمدة القاري" (7/ 128): "روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تُسَافر بغير محرم، فأخذ به جماعة وجَوّزوا سفرها بغير محرم" أ. هـ المراد. وقال الحافظ في: "الفتح" (4/ 88): "واستُدِلّ به على جواز حج المرأة بغير محرم" أ. هـ.
ودليل الجمهور حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم" ونحوه. لكن قال ابن عبد البر في:"الاستذكار" (27/ 274): "والذي جَمَعَ معاني آثار الحديث ـ على اختلاف ألفاظه ـ أن تكون المرأة تُمْنَع من كل سفر يُخْشى عليها فيه الفتنة، إلا مع ذي محرم أو زوج، قصيراً كان السفر أو طويلاً. والله أعلم" أ. هـ. وبنحوه في: "التمهيد" (21/ 55).
متممات:ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/462)
1ـ قال أبو العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 449): "وسبب هذا الخلاف ـ أي: في اشتراط المحرم للمرأة في الحج الواجب ـ: مخالفة ظواهر هذه الأحاديث لظاهر قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل}. وذلك أن قوله: {من استطاع} ظاهره الاستطاعة بالبدن، كما قررناه آنفاً، فيجب على كل من كان قادراً عليه ببدنه. ومن لم تجد مَحْرماً قادرة ببدنها، فيجب عليها فلما تعارضت هذه الظواهر: اختلف العلماء في تأويل ذلك" أ. هـ.
2ـ قال القاضي عياض رحمه الله في: "إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم" (4/ 446): " قال الباجي: وهذا عندي ـ يعني: اشتراط المحرم ـ في الانفراد ـ أي: عندما تسافر المرأة مُنْفردة لوحدها ـ، والعدد اليسير، فأما في القوافي ـ لعله: القوافل ـ العظيمة فهي عندي كالبلاد، يَصِح فيها سفرها دون نساء وذوي محارم. قال غيره: وهذا في الشابة، فأما المُتَجَالَّة ـ وهي الطَّاعِنة في السن ـ فتسافر كيف شائت للفرض والتطوع مع الرجال ودون ذوي المحارم " أ. هـ. لكن رَدّه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 149): "وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة. وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها؛ لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك والله أعلم " أ. هـ. وكلام الباجي الذي ذكره القاضي عياض هو في: "المنتقى" (7/ 304) للباجي رحمه الله. إلا أن أبا العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 450) فَنّده بأحسن من مقول النووي، حيث قال: " وفيه بُعْدٌ؛ لأن الخَلْوة بها تحرم، وما لا يطلع عليه من جسدها غالباً عورة، فالمظنة موجودة فيها. والعموم صالح لها، فينبغي ألا تخرج منه. والله تعالى أعلم" أ. هـ.
3ـ قال النووي رحمه الله في: "شرح مسلم" (9/ 149ـ150): " (إلا ومعها ذو محرم) فيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن جميع المحارم سواء في ذلك، فيجوز لها المسافرة مع محرمها بالنسب، كابنها وأخيها وابن أخيها وابن أختها وخالها وعمها، ومع محرمها بالرضاع، كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن اختها منه ونحوهم، ومع محرمها من المصاهرة، كأبي زوجها وابن زوجها، ولا كراهة في شيء من ذلك. وكذا يجوز لكل هؤلاء الخلوة بها، والنظر إليها من غير حاجة، ولكن لا يحل النظر بشهوة لأحد منهم. هذا مذهب الشافعي والجمهور، ووافق مالك على ذلك كله إلا ابن زوجها: فكره سفرها معه؛ لفساد الناس بعد العصر الأول، ولأن كثيراً من الناس لا يَنْفرون من زوجة الأب نفرتهم من محارم النسب. قال: والمرأة فتنة إلا فيما جبل الله تعالى النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب. وعموم هذا الحديث يرد على مالك. والله أعلم" أ. هـ. وَردّه ابن دقيق العيد رحمه الله في: "إحكام الأحكام" (3/ 48) وجماعة.
4ـ أخرج البخاري (رقم 3006) ومسلم (رقم: 1341) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بقول: "لا يَخْلُونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تُسافِر امرأة إلا مع ذي مَحْرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجتْ حَاجَّة وإني اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا. قال: انطلق فحُجّ مع امرأتك". قال أبو العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 453): " قوله: صلى الله عليه وسلم للرجل: "انطلق فحج مع امرأتك" هو فَسْخ لما كان التزم من المُضِيّ للجهاد. ويدل على تأكُّد أمر صيانة النساء في الأسفار" أ. هـ. المراد.
الرابط: http://saaid.net/Doat/asmari/fatwa/1.htm
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:17 م]ـ
حكم حج المرأة من غير محرم؟
القسم: صوتيات > نور على الدرب
إن كانت في مكة فلا بأس عليها أن تحج من غير محرم لأنها ليست مسافرة
للتحميل أو للاستماع: http://binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=audio&id=537
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:20 م]ـ
حج المرأة لابد أن يكون مع محرم
السؤال: عندنا خادمة سيلانية مسلمة، نريد أن نذهب بها إلى الحج، هل ممكنٌ من غير محرم لها؟ الشيخ: لا يمكن إلا بمحرم. السائل: لكن هي خادمة, ونريد الأجر بأخذها معنا؟ الشيخ: أقول: هي امرأة أم لا؟ السائل: هي امرأة. الشيخ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم). السائل: يعني: الخادمة لا نستطيع أخذها؟ الشيخ: لا تقدرون، إلا إذا لم يبق في البيت أحد. السائل: نعم؟ الشيخ: إذا كان البيت سيبقى فيه أحد فتبقى في البيت، أما إذا كان كل من في البيت سيحجون ولن يبقى في البيت أحد، فلها أن تذهب معكم للضرورة وتحج. السائل: لا. البعض سيذهب، والبعض الآخر يجلس في البيت. الشيخ: إذاً: تبقى في البيت. السائل: شكراً. ......
الرابط: http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=112692#112717
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/463)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:23 م]ـ
حج المرأة بدون محرم
سؤال:
بعض النساء تأتي إلى الحج دون محرم وليس لها أحد ويأتي بعضهن عن طريق مكاتب خاصة وليس مع حملات، ولا تعرف أحداً في بلادنا ويوجد من بني قومها من دولتها من يستطيع أن يعلمها أحكام الحج ولا تعرف أين تذهب، مع أنه أجنبي عنها فهل تطلب منه الاعتناء بها من حيث الطعام والمسكن وتعليمها المناسك ? وما ذا يفعل من عرض عليه ذلك ?
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ..
فإجابة عن سؤالك نقول:
إنما أجاز العلماء جواز السفر للمرأة بدون محرم للحج والعمرة في حال وجود رفقة آمنة، أما أن تسافر وحدها دون مثل هذه الرفقة، فلا يجوز وأما مسألة اعتناء الأجنبي بها لهو سبب للفتنة، لا سيما وهي ضعيفة غريبة منفردة محتاجة، فالواجب الحذر.
أخوكم /
خالد بن عبد الله المصلح
22/ 5/1426هـ
السؤال:
ما حكم حج المرأة بدون محرم إذا كانت من أهل مكة؟ علماً بأن زوجتي فعلت ذلك بناءا على سؤال أحد المشايخ وأجابها بالجواز.
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ..
فإجابة عن سؤالك نقول:
حج المرأة بدون محرم لا يجوز.
أخوكم /
خالد بن عبد الله المصلح
الرابط: http://www.almosleh.com/almosleh/article_1071.shtml
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:25 م]ـ
الفتوى أجاب عنها د. عبد الحي يوسف
السؤال ما الحكم الشرعي في الرفقة المأمونة؟ وهل المرأة تكون قد التزمت الشرع إذا كانت في سفرها مع رفقة مأمونة؟ وما هي شروط وضوابط الرفقة المأمونة؟ وما هي الضرورة التي تبيح السفر بلا محرم؟
الإجابة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
أولاً: لا يجوز للمسلمة السفر بغير محرم؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في موطأ مالك كذلك، وفي رواية لمسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم) وفي رواية له وللترمذي وأبي داود عن أبي سعيد رضي الله عنه (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها) وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها) وفي رواية ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم واحد ليس لها ذو حرمة) وروى أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر يوماً إلا مع ذي محرم) وروى مالك في الموطأ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها) وقد نقل الحافظ ابن حجر الإجماع على ذلك فقال: استدل به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك. أ.هـ
هذا وقد يتعلق بعض الناس باختلاف الروايات المذكورة في تحديد المدة التي يحرم فيها سفر المرأة بلا محرم؛ فيقول: إن النهي خاص بالزمن الماضي نسبة لطول المدة التي كان يستغرقها سفر المرأة حتى تصل إلى الغاية التي تريد، أما في زماننا فالسفر ما عاد يستغرق سوى ساعات معدودات وقد تطورت وسائله فلا يشمله النهي، والجواب كما قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن؛ وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة الليلة أو البريد. قال البيهقي رحمه الله: كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم؟ فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم؟ فقال: لا. وسئل عن سفرها يوماً؟ فقال: لا. وكذلك البريد. فأدَّى كلٌ منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفاً عن رواية واحدٍ فسمعه في مواطن، فروى تارة هذا وتارة هذا، وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يُرد صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/464)
تحديد أقل ما يسمى سفراً؛ فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً. والله أعلم. أ.هـ بنقل النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم. وقال المنذري رحمه الله: وليس في هذه تباين؛ فإنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قالها في مواطن مختلفة بحسب الأسئلة، ويحتمل أن يكون ذلك كله تمثيلاً لأقل الأعداد؛ واليوم الواحد أول العدد وأقله، والاثنان أول الكثير وأقله، والثلاثة أول الجمع؛ فكأنه أشار إلى أن هذا في قلة الزمن لا يحل لها السفر مع غير محرم، فكيف إذا زاد. أ.هـ وقال الحافظ رحمه الله: وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات. أ.هـ
وقد يقول بعض الناس: إن علة النهي أن السفر فيما مضى كانت تصحبه مشقة عظيمة في مدته ووسيلته، أما في زماننا فقد يكون السفر في كثير من الأحيان نوعاً من الترفيه نسبة لتطور وسائله وما يعتريه من سبل الراحة والأمان!! والجواب على ذلك أن علة النهي هي السفر، ووجود المشقة حكمة لا علة، والأحكام الشرعية منوطة بالعلل لا بالحكم، وعليه فالنهي متوجه لسفر المرأة بلا محرم سواء وجدت المشقة أو عدمت، مثلما يقال في قصر الصلاة: إن العلة في الترخيص به هي السفر، فمن سافر سفراً مريحاً جاز له القصر مثلما يجوز لمن سافر سفراً صحبته مشقة.
والعلة في هذا النهي والله تعالى أعلم أن المرأة فتنة وانفرادها سبب للمحظور؛ لأن الشيطان يجد السبيل بانفرادها فيغري بها ويدعو إليها. وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ... الحديث) قال الباجي رحمه الله: والنهي خرج بمعنى التغليظ؛ يريد أن مخالفة هذا ليست من أفعال من يؤمن بالله ويخاف عقوبته في الآخرة؛ أ. هـ وقد عدَّها بعض أهل العلم في الكبائر كما قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: الكبيرة المائة: سفر المرأة وحدها بطريق تخاف فيها على بُضعها. إلى أن قال: عدُّ هذا بالقيد الذي ذكرته ظاهر لعظيم المفسدة التي تترتب على ذلك غالبا، وهي استيلاء الفجرة وفسوقهم بها؛ فهو وسيلة إلى الزنا وللوسائل حكم المقاصد؛ وأما الحرمة فلا تتقيد بذلك بل يحرم عليها السفر مع غير محرم وإن قصر السفر وكان أمناً ولو لطاعة كنفل الحج أو العمرة ولو مع النساء من التنعيم، وعلى هذا يحمل عدهم ذلك من الصغائر. أ.هـ
وعليه: فلا يجوز للمرأة السفر إلا بصحبة محرم، وهو الذكر البالغ العاقل الذي يحرم نكاحه على التأبيد، وقوله صلى الله عليه وسلم إلا مع ذي محرم يدل على أن جميع المحارم سواء في ذلك، فيجوز لها السفر مع محرمها بالنسب كابنها وأخيها وابن أخيها وابن أختها وخالها وعمها، ومع محرمها بالرضاع كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن أختها منه ونحوهم، ومع محرمها من المصاهرة كأبي زوجها وابن زوجها، بغير كراهة في شيء من ذلك.
ثانياً: الرفقة المأمونة رخَّص في الخروج معها لحجة الفريضة الإمامان مالك والشافعي رحمهما الله تعالى، وهي عند المالكية قد تكون رجالاً أو نساءً، أو رجالاً ونساء. قال مالك رحمه الله في الصرورة من النساء التي لم تحج قط: إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها، أو كان لها، فلم يستطع أن يخرج معها: أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج، لتخرج في جماعة النساء) الموطأ ? 425 وفي مواهب الجليل قال: تحصل من كلام القاضي عياض ثلاثة أقوال: أحدها اشتراط المجموع، الثاني الاكتفاء بأحد الجنسين، الثالث: اشتراط النساء سواء كن وحدهن أو مع رجال، وهو ظاهر الموطأ. مواهب الجليل ? 527 وإلى هذا الخلاف أشار خليل بقوله: وفي الاكتفاء بنساء أو رجال أو بالمجموع تردد. مختصر خليل/ 73 وقال الشيرازي رحمه الله في المهذب: إن كانت امرأة، لم يلزمها إلا أن تأمن على نفسها بزوج أو محرم أو نساء ثقات، قال في الإملاء: أو امرأة واحدة. وروى الكرابيسي عنه إذا كان الطريق آمناً جاز من غير نساء، وهو الصحيح؛ لما روى عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (حتى لتوشك الظعينة أن تخرج منها بغير جوار حتى تطوف بالكعبة. قال عدي: فلقد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالكعبة بغير جوار) المجموع شرح المهذب ? 72
وعليه فلو خرجت المرأة إلى حجة الفريضة مع رفقة مأمونة من رجال أو نسوة ثقات فلا حرج عليها إن شاء الله؛ لما أفتى به هؤلاء الأئمة الأعلام استدلالاً بحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه. وهذا الكلام بالنسبة لحجة الفريضة لا يشمل حج التطوع ولا السفر للتجارة أو السياحة وما أشبه ذلك مما اعتاده الناس.
أما الضرورة التي تبيح السفر بلا محرم فقد مثَّل لها العلماء بخروج المرأة من دار الكفر إلى دار الإسلام كما فعلت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها، وفيها نزلت الآية ?يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن? قال النووي رحمه الله في المجموع: اتفق أصحابنا على أن المرأة إذا أسلمت في دار الحرب لزمها الخروج إلى دار الإسلام وحدها من غير اشتراط نسوة، ولا امرأة واحدة قال أصحابنا: وسواء كان طريقها مسلوكاً أو غير مسلوك؛ لأن خوفها على نفسها ودينها بالمقام فيهم أكثر من خوف الطريق، وإن خافت في الطريق سبعاً لم يجب سلوكه، هكذا ذكر هذه المسألة بتفصيلها هنا القاضي حسين والمتولي وغيرهما وذكرها الأصحاب في كتاب السير. أ.هـ
ومن أمثلة الضرورة أن يصيب المرأة داء عضال لا يتأتى علاجه إلا بالسفر، وهي لا تجد محرماً أو لا تملك نفقة سفر المحرم، ومثله أن تكون المرأة في مكان مخوف لا تأمن فيه على نفسها، فتنتقل إلى مكان آمن ونحو ذلك من الأحوال، والعلم عند الله تعالى.
الرابط: http://meshkat.net/new/*******s.php?catid=10&artid=10855
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/465)
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:27 م]ـ
قول الرسول صلى الله عليه وسلم مقدم على الشافعي وغيره
فلا يجوز السفر بدون محرم إلا للضرورة كالهجرة والخوف على نفسها.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:02 ص]ـ
نسأل الله السلامة و العافية و نسأله سبحانه الثباث على ديننا فقد كثر الرويبضات في هذا الزمان و الله المستعان ....
ألا يكفي لهؤلاء الناس أن ينتهوا بنهي النبي صلى الله عليه و سلم الذي رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه و سلم قال:"لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم. فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج؟. فقال: اخرج معها"
لماذا الإجتهاد في ثوابث لن تزول؟ و الإجتهاد لا يكون مع الدليل.
فنسأل الله تعالى السلامة و العافية.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:11 ص]ـ
السلام عليكم
أخي المسألة سبق البحث فيها بعنوان:
هل تستطيع المرأة الحج بدون محرم مع مجموعة من النساء الثقات؟
فأرجوا عدم التكرار.ومن عنده مسألة أو غيرها فلينظر هل هي موجودة ضمن العناوين خاصة نحن منحصرين بمسائل الحج فلا داعي للتكرار
* أخيرا أرجوا نقل الفتاوى المعتمدة المحققة الراجحة المعتمدة على الدليل تعضيما للسنة فالملتقى: " أهل الحديث " اسم على مسمى، أما نقولات عن أأئمة أو تخريجات من أتباعهم منذ أكثر من 1000 سنة مع اختلاف الزمان فضلا عن المكان سيوقع الطالب في تناقض وفي عصبة التقليد0
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 07:19 ص]ـ
* أخيرا أرجوا نقل الفتاوى المعتمدة المحققة الراجحة المعتمدة على الدليل تعضيما للسنة فالملتقى: " أهل الحديث " اسم على مسمى، أما نقولات عن أأئمة أو تخريجات من أتباعهم منذ أكثر من 1000 سنة مع اختلاف الزمان فضلا عن المكان سيوقع الطالب في تناقض وفي عصبة التقليد0
!!!!!؟؟؟
الله المستعان
____________________________
المقدمه المنطقية التي لا يسع الطالب جهلها (خاص طلبة الأصول) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102475)
كَيْف نثبت بَعَد رَمَضَان؟؟؟ يَلَمْلَم لِلرَّحِيلِ ونلَمْلَم للمَرَاجَعهِ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=113663)
حَكَمُ تَارِك الْأَعْمَال الظَّاهِرة بالْكُلْيَةِ عَنْدَ أَهَلِِ السَّنَةِ وَالْجَمَا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112618) عة
(ا? lkr,g - حمّل الآن (31) كتابا للشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- pdf (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=110326)
الشيخ د/عبد الرحمن بن عايد العايد: برنامج مقترح لطالب العلم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=111626)
ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[28 - 10 - 07, 10:31 ص]ـ
جزى الله جميع المشاركين خير الجزاء وبارك فيهم
ـ[علي الكناني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 05:25 م]ـ
نسأل الله السلامة و العافية و نسأله سبحانه الثباث على ديننا فقد كثر الرويبضات في هذا الزمان و الله المستعان ....
ألا يكفي لهؤلاء الناس أن ينتهوا بنهي النبي صلى الله عليه و سلم الذي رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه و سلم قال:"لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم. فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج؟. فقال: اخرج معها"
لماذا الإجتهاد في ثوابث لن تزول؟ و الإجتهاد لا يكون مع الدليل.
فنسأل الله تعالى السلامة و العافية.
بارك الله فيك أخي
ليتك اجتهدت في مناقشة من أسميتهم بالرويبضة
فهذا هو المنهج الأصيل ...
وهي اجدى من الحوقلة والحسبلة
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[30 - 10 - 07, 05:46 م]ـ
على الإخوة -جزاهم الله خيراً- أن لا يلمزوا القول الآخر في المسألة، فهو قول أئمة يقتدى بهم، والمسألة يدخلها الاجتهاد .. فلا تثريب على المخالف وله أدلته. فاتقوا الله تعالى وأمسكوا عن هذا الأمر فهو من البلاء العظيم. نسأل الله السلامة والعافية.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 03:31 م]ـ
لايجبرالحج على المرأة إذا لم تجد محرماً .. ويحرم عليها السفر بدون محرم.لحديث " لاتسافر المرأة إلا مع ذي محرم .. فقال رجل يارسول الله إني أريد ان اخرجفي جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج , فقال اخرج معها " متفق عليه. ولحديث لايحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرةيوم إلا مع ذي محرم" متفق عليه.
أما القول بجواز سفرها مع رفقة صالحة فلا أعلم له أصلاً من السنة .. (د/ يوسف الأحمد)
ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[07 - 12 - 07, 09:13 م]ـ
شكرا ياعيسى
ـ[أبو محمد]ــــــــ[08 - 12 - 07, 12:30 ص]ـ
أود التنبيه على ما ورد في النقل الأول للأخ الكريم عيسى .. فقد جاء في جواب المجيب نسبة القول بالجواز إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .. وأود أن أضيف أن لشيخ الإسلام رحمه الله قولا آخر بالتحريم قاله في شرح العمدة .. وفي كتاب الشيخ فهد أبا حسين في رده على الدكتور سلمان العودة تنبيه حسن على هذه المسألة في إحدى الحواشي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/466)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[08 - 12 - 07, 12:35 ص]ـ
إخواني
تعقيباً على ما ذكره أخونا الكريم أبو محمد:
يخطئ كثيرون فينسبون لشيخ الإسلام ما ليس من اختياراته ..
وذاك أن الأصل في كلام شيخ الإسلام في "شرح العمدة" ليس قوله واختياره هو، بل الراجح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
ـ[أبو آلاء الحدادي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 02:02 ص]ـ
كيف الجواب عن الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بقول: "لا يَخْلُونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تُسافِر امرأة إلا مع ذي مَحْرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجتْ حَاجَّة وإني اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا. قال: انطلق فحُجّ مع امرأتك"
أليس قوله صلى الله عليه و سلم للرجل: (انطلق فحج مع امرأتك) صريحا في هذه المسألة؟
إذ لم يسأله النبي صلى الله عليه و سلم عن امرأته هل خرجت برفقة نساء أو هي آمنة؟
ـ[أبو محمد]ــــــــ[08 - 12 - 07, 08:33 م]ـ
أخي الكريم أبا يوسف .. نفعنا الله بعلمه ..
الأصل يا رعاك الله أن كلام شيخ الإسلام له .. وأنه يعبر عن اختياره .. ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل ..
ومنهجه في شرح العمدة واضح .. فهو ينقل الأقوال في المذهب .. ويجتهد في الترجيح بين الروايات، وقد يرجح خلاف المشهور في المذهب ..
أما عما يتعلق بمسألتنا ..
فهل ترى -يا رعاك الله- أن الشيخ يمكن أن يذكر أن الحكم في هذه المسألة أو تلك التحريم وينسبه إلى الشرع ويستدل له .. وهو في قرارة نفسه يعتقد خلاف ذلك، ثم لا يبين ذلك؟!
هل يُظن بشيخ الإسلام هذا؟
تأمل معي قوله في هذه المسألة:
يقول رحمه الله (1/ 172 فما بعدها): (المرأة لا يجب عليها أن تسافر للحج، ولا يجوز لها ذلك إلا مع زوج أو ذي محرم) .. ثم استدل على هذا بجملة من النصوص.
ثم قال: (فهذه النصوص من النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم سفر المرأة بغير محرم، ولم يخصص سفرا من سفر، مع أن سفر الحج من أشهرها وأكثرها، فلا يجوز أن يغفله ويهمله ويستثنيه بالنية من غير لفظ.
بل قد فهم الصحابة منه دخول سفر الحج، وأقرهم على ذلك لما سأله ذلك الرجل عن سفر الحج، وأمره أن يسافر مع امرأته ويترك الجهاد الذي قد تعين عليه بالاستنفار فيه، ولولا وجوب ذلك لم يجز أن يخرج سفر الحج من هذا الكلام وهو أغلب أسفار النساء؛ فإن المرأة لا تسافر في الجهاد ولا في التجارة غالبا؛ وإنما تسافر في الحج، ولهذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم جهادهن.
وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز لها السفر إلا على وجه يؤمن فيه البلاء، ثم بعض الفقهاء ذكر كل منهم ما اعتقده حافظا لها وصاينا كنسوة ثقات ورجال مأمونين ومنعه أن تسافر بدون ذلك.
فاشتراط ما اشترطه الله ورسوله أحق وأوثق، وحكمته ظاهرة فإن النساء لحم على وضم إلا ماذب عنه.
والمرأة معرضة في السفر للصعود والنزول والبروز محتاجة إلى من يعالجها ويمس بدنها، تحتاج هي ومن معها من النساء إلى قيم يقوم عليهن، وغير المحرم لا يؤمن ولو كان أتقى الناس؛ فإن القلوب سريعة التقلب، والشيطان بالمرصاد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
قال أحمد في رواية الأثرم: لا تحج المرأة إلا مع ذي محرم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تحج المرأة إلا مع ذي محرم.
وليس يشبه أمر الحج الحقوق التي تجب عليها؛ لأن الحقوق لازمة واجبة مثل الحدود وما أشبهها، وأمر النساء صعب جدا؛ لأن النساء بمنزلة الشيء الذي يذب عنه، وكيف تستطيع المرأة أن تحج بغير محرم؟ فكيف بالضيعة وما يخاف عليها من الحوادث؟).
ولعل الأمر بعد هذا النقل يكون قد اتضح.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[08 - 12 - 07, 09:27 م]ـ
الشيخ يذكر قول المذهب ويذكر دليله وينتصر له .. فلو قمت -أخي الحبيب- بمقارنة كثير مما على هذه الصفة مع اختياراته لوجدتَ ما قلتُه صحيحاً
ولو تتبعت كلام تلاميذه الذين عُنوا بنقل اختياراته لما رأيت من يشير إلى ما يؤيده في شرح العمدة.
وهذا منهج لأهل العلم في شرح الكتب .. أن يوضح للكلام المشروح ويستدل له، وإذا قال: "الصحيح" فالأغلب الأعم أنه يريد: الصحيح في مذهب أحمد. وفقك الله.
ـ[أبو محمد]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:57 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/467)
أخي الكريم أبا يوسف .. زاده الله توفيقا وسدادا ..
نحن طلاب علم .. وطلاب حق إن شاء الله .. وما هذه المباحثات العلمية عندي إلا وسيلة للإفادة من الأفاضل مثلك ومثل بقية الإخوان ..
------------------------
ما أوردته -أخي الحبيب- من منهج شيخ الإسلام في كتابه يكفي أن يقال فيه: إنه تحكمٌ لا دليل عليه ..
ثم .. ما تفضلت به -يا رعاك الله- لا يستقيم البتة مع ما أوردته لك من كلام الشيخ رحمه الله .. فآمل أن تنعم النظر فيه لترى أنه يمتنع مع ما ذكره من حجج وشواهد أن يكون هذا خلاف ما يعتقده ..
هذا يا رعاك الله: شيخ الإسلام ابن تيمية! الإمام الصداع بالحق .. فما الذي يحول بينه وبين أن يشير -على الأقل- إلى الوجه الآخر في المسألة إن كان هو رأيه؟ لا سيما والكتاب ليس مختصرا حتى يقال إنه أراد الاقتصار على الراجح من المذهب فقط .. الكتاب خلافي واسع مبسوط كما هو معلوم.
أفتراه -يا أيها الموفق- يشير إلى الرأي الذي يقول بالجواز ثم يقول: (فاشتراط ما اشترطه الله ورسوله أحق وأوثق) ثم يكون ذاك الرأي المجيز هو الأرجح عنده؟ تأمل يا رعاك الله ..
أفتراه يتفنن في ذكر الحجج على المنع، وسوق المفاسد التي تترتب على السفر بدون محرم .. ومع هذا كله يراه قولا مرجوحا .. وما يراه راجحا يسكت عنه تماما .. ولا يستدل له ولو بحرف واحد؟! سبحان الله!
وأما قولك الكريم: (ولو تتبعت كلام تلاميذه الذين عُنوا بنقل اختياراته لما رأيت من يشير إلى ما يؤيده في شرح العمدة)
فليسمح لي أخي الحبيب أن أقول: إنه غير دقيق .. ولعله سبق قلم .. ولعلك لو تأملت ما أورده لك فسيظهر ذاك جليا ..
شرح العمدة أيها الكريم محل حفاوة تلاميذ شيخ الإسلام فمن بعدهم .. لا سيما في نقل اختياراته وترجيحاته ..
ودونك أيها الموفق نبذة من الشواهد .. أفدتها من المكتبة الشاملة .. ليس المقصود منها الجمع وإنما التمثيل ..
الفروع 1/ 38: نْبِيهَاتٌ (أَحَدُهَا) قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ النَّجِسِ عَيْنِيَّةٌ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَا، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ فَنَفْسُهُ أَوْلَى، وَأَنَّهُ كَثَوْبٍ نَجِسٍ، انْتَهَى.
الفروع 1/ 56: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْيَابِسَاتِ، مَعَ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ.
الفروع 1/ 76: وَقَالَ شَيْخُنَا: ذَلِكَ كُلُّهُ بِدْعَةٌ، وَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَوْلًا يُكْرَهُ نَحْنَحَةٌ وَمَشْيٌ وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَسْوَاسٌ.
الفروع 1/ 125: قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الطَّبَقَاتِ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ بْنَ جَلَبَةَ قَاضِي حَرَّانَ كَانَ يَخْتَارُ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ انْتَهَى، وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ إنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ حَامِدٍ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَمْسَحَهُمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ، قَالَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى
الفروع 1/ 247: وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقِيلَ: لَا بِعَيْنِهَا وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ صَلَاتُهُ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ
الفروع 1/ 272: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: هَذَا أَقْوَى الْوُجُوهِ
الفروع 2/ 9: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ
الفروع 2/ 12: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْوَى
الإنصاف 1/ 128: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْيَابِسَاتِ، مَعَ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/468)
وَفِي الْأُخْرَى: لَا يُبَاحُ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ.
فَأَمَّا قَبْلَ الدَّبْغِ: فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا. انْتَهَى.
الإنصاف 1/ 448: وَقِيلَ: هُمَا فَرْضُهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ
الإنصاف 2/ 19: وَأَمَّا الْمَنِيُّ إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ.
قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ
الإنصاف 8/ 476: قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ إلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ جَنَاحًا وَلَا سَابَاطًا).
وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ دِكَّةً.
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا.
نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَمُهَنَّا، وَغَيْرِهِمْ.
انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
وَحُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُهُ بِلَا ضَرَرٍ.
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.
وَاخْتَارَهُ هُوَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
شرح منتهى الإيرادات 1/ 69: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: مَا دَامَ الْمَاءُ يَجْرِي عَلَى بَدَنِ الْمُغْتَسِلِ وَعُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى وَجْهِ الِاتِّصَالِ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ، حَتَّى يَنْفَصِلَ فَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ عُضْوٍ إلَى عُضْوٍ لَا يَتَّصِلُ بِهِ، مِثْلُ أَنْ يَعْصِرَ الْجُنُبُ شَعْرَ رَأْسِهِ عَلَى لُمْعَةٍ مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ يَمْسَحَ الْمُحْدِثُ رَأْسَهُ بِبَلَلِ يَدِهِ بَعْدَ غَسْلِهَا فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، كَمَا لَوْ انْفَصَلَ إلَى غَيْرِ مَحِلِّ التَّطْهِيرِ، وَالْأُخْرَى لَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ وَهُوَ أَصَحُّ انْتَهَى.
لَكِنْ صَحَّحَ الْأُولَى فِي الْإِنْصَافِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ رِوَايَةَ الْإِجْزَاءِ رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْهَا وَاسْتَقَرَّ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ.
لا عدمنا فوائدك أخي الكريم.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:40 ص]ـ
أخي الكريم أبا محمد
بل أنا من يستفيد من أمثالكم
لا أنازع في أن شيخ الإسلام إمام بحاثة
ولكنني سائلك -بارك الله فيك- كيف القول فيما نراه من اختلاف كبير كبير بين ما جاء في كتابه واختياراته الذائعة الشائعة في كتبه الأخرى؟
فانظر إلى ما قاله في شرح العمدة في حكم الصوم إذا لم يُرَ الهلال ومنع مانع من ذلك
وكيف أنه يقول: "قال أصحابنا" ثم يستدل لهم بأدلة كثيرة ولا تعليق بعد حكاية المذهب ورواياته
ثم أين الخلاف العالي في الكتاب؟! ليس كتاباً للخلاف العالي
وأين هو رأي شيخ الإسلام المشهور في عدم الفطر بالكحل في شرح العمدة، ولمَ تنصيصه على أن الواصل للجوف من الأنف أو الأذن أو العين يفطر ..
أتعتقد -أخي- أن هذا رأي شيخ الإسلام؟!
ويقول في السعوط: (لأنه واصل إلى الدماغ فيفطر؛ كما لو وصل من الأنف والعين وأولى).
وأين قوله المشهور في تعدية الحكم في التفطير بالحجامة إلى ما كان مثله من فصاد ونحوه؟! ليس له ذكر.
وأين رأيه فيمن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً؟!! إنه يجري مع المذهب ..
ويحكي اتفاق الصحابة على إيجاب القضاء بالجهل ويلزم بالقضاء، ثم يفرِّق بينه وبين الناسي.
(هذا غيض من فيض)
فلعل الأمر واضح جلي أخي الكريم أبا محمد
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:43 ص]ـ
وأما ما نقلت من ذكرهم بعض أقواله في العمدة؛ فهي اختيارات داخل المذهب (من رواياته ووجوهه لا من غيره).
بارك الله فيك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:55 ص]ـ
ولعل قولك أنه كتاب: "خلافي واسع مبسوط كما هو معلوم"
يرده ما جاء في تقديم المحقق للجزء الثاني من كتاب "شرح العمدة": د. صالح بن محمد الحسن حيث قال: (اقتصر الشيخ -رحمه الله- في شرحه هذا على ذكر رأي المذهب الحنبلي -في جميع المسائل التي يبحثها- دون ذكر آراء المذاهب الأخرى، وقد تتبعتُ ذلك، فلم أجده ذكر قول الإمام مالك إلا في ستة مواضع) ثم سرد المواضع الست .. قال: (وذكر الإمام الشافعي في موضعين) ..... الخ (في المبحث الثالث: منهج المؤلف في شرح الكتاب)
أفيكون بعد هذا كتاباً 1 - خلافياً 2 - واسعاً 3 - مبسوطاً 4 - كما هو معلوم؟!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/469)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:31 ص]ـ
أخي المفضال أبا يوسف .. زادك الله هدى وسدادا وتوفيقا ..
ليس لدي جديد! ولعلي أقف عند هذا التعليق.
كلما أوردت لك شيئا لم أجد جوابا عنه، ولا أظن أننا سنخرج بفائدة كبيرة من مباحثة هذه صورتها ..
وأكرر ثانية: التقرير الذي ذكرتَه وابتدأ النقاش به يكفي في عدم قبوله عدمُ الدليل عليه ..
ولا أعلم أن أحدا سبقك إليه (وعلمي قاصر جدا).
أمر آخر .. الحق أن ردك الأخير برقم 25 قد تعجبت منه كثيرا!
اقرأ كلامك أولا .. ثم تعليقي عليه وما سقتُه .. ثم ردك الأخير .. فسينكشف لك سر التعجب.
أيضا .. أنبه إلى أني قلت: الكتاب خلافي .. ولم أقل: الخلاف العالي .. وإنما قلت: خلافي (فقط) .. وحينما كتبتها استحضرت هذه القضية التي نبهت عليها .. وهممت بحذفها، لكني قلت في نفسي لا أظن أن الأخ سيقف عندها لأنه يعلم قطعا أني أقصد الخلاف في المذهب .. على أن الخلاف العالي موجود فيه لكن على ندرة ..
بصراحة -أبا يوسف- تعليقك برقم 26 - وعلامات التعجب المتعددة- لم أر له وجها .. ولم يعجبني ..
أنت تعلم أيها الكريم أنني لم أقل هذه الجملة إلا تأكيدا على جزئية معينة .. وهي: أن هذا الكتاب ليس مختصرا يقتصر فيه مؤلفه على رأي واحد فقط بحيث نحمل سكوته عن بيان رأيه في المسألة على ذلك .. الكتاب مبسوط .. يصول فيه المؤلف ويجول وينقل الأقوال المتعددة -ولو داخل المذهب- وينقل فيه الأدلة .. ويصوب هذا القول أو الاستدلال ويزيف ذاك .. فما الذي حال بينه وبين التصريح برأيه؟
هذا أصل البحث .. هذا سبب تلك الجملة أخي الفاضل .. فهل اتضح المقصود .. أو أشرح أكثر؟
لم أجد عندك جوابا على هذا .. بل وجدت شيئا آخر ..
(ألا يزعجك -مثلي- ترك أصل القضية وأجزائها المهمة والتعلق بفروع من القول لا أثر لها فيما البحث بصدده؟!)
أخيرا .. جواب مختصر على سؤالك: (ولكنني سائلك -بارك الله فيك- كيف القول فيما نراه من اختلاف كبير كبير بين ما جاء في كتابه واختياراته الذائعة الشائعة في كتبه الأخرى؟) ثم الأمثلة التي ذكرتها ..
وهو: القول نفسه الذي نقوله في الاختلاف بين اختياراته في كتبه الأخرى -سوى ما في شرح العمدة- ..
فلماذا شرح العمدة فقط!
بعبارة أخرى: الأمر سهل! اختلف قوله رحمه الله .. فكان له في المسألة الواحدة أكثر من رأي واجتهاد .. وليس هذا الأمر محصورا بكتاب شرح العمدة ..
كان لدي -قديما- عناية بموضوع: "ما لشيخ الإسلام فيه قولان" .. كنت أتتبعه وأجمعه عندي في رسالة خاصة .. سواء ما ذكره البعلي في الاختيارات أو كنت أقف عليه في كتبه الأخرى .. وسواء أكان هذا الاختلاف في مسائل الفقه أو في غيره .. ولولا رغبتي أن يقف الحديث في هذا الموضوع عند هذا الحد لسردت لك أمثلة تبين أن هذا الاختلاف واقع بين كتب الشيخ الأخرى، أو بين ما يقرره في كتبه الأخرى وما ينقله تلاميذه والمعتنون بنقل اختياراته ..
وأطلب منك التكرم في النظر في الاختيارات للبعلي -فقط- لترى حجم ما اختلف فيه قوله رحمه الله ..
لعل في هذا القدر كفاية ..
سعدت بالحوار معك .. وفقك الله وزادك من فضله.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:44 ص]ـ
أخي المفضال أبا يوسف .. زادك الله هدى وسدادا وتوفيقا ..
ليس لدي جديد! ولعلي أقف عند هذا التعليق.
كلما أوردت لك شيئا لم أجد جوابا عنه، ولا أظن أننا سنخرج بفائدة كبيرة من مباحثة هذه صورتها ..
وأكرر ثانية: التقرير الذي ذكرتَه وابتدأ النقاش به يكفي في عدم قبوله عدمُ الدليل عليه ..
ولا أعلم أن أحدا سبقك إليه (وعلمي قاصر جدا).
أمر آخر .. الحق أن ردك الأخير برقم 25 قد تعجبت منه كثيرا!
اقرأ كلامك أولا .. ثم تعليقي عليه وما سقتُه .. ثم ردك الأخير .. فسينكشف لك سر التعجب.
أيضا .. أنبه إلى أني قلت: الكتاب خلافي .. ولم أقل: الخلاف العالي .. وإنما قلت: خلافي (فقط) .. وحينما كتبتها استحضرت هذه القضية التي نبهت عليها .. وهممت بحذفها، لكني قلت في نفسي لا أظن أن الأخ سيقف عندها لأنه يعلم قطعا أني أقصد الخلاف في المذهب .. على أن الخلاف العالي موجود فيه لكن على ندرة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/470)
أخيرا .. جواب مختصر على سؤالك: (ولكنني سائلك -بارك الله فيك- كيف القول فيما نراه من اختلاف كبير كبير بين ما جاء في كتابه واختياراته الذائعة الشائعة في كتبه الأخرى؟) ثم الأمثلة التي ذكرتها ..
وهو: القول نفسه الذي نقوله في الاختلاف بين اختياراته في كتبه الأخرى -سوى ما في شرح العمدة- ..
فلماذا شرح العمدة فقط!
بعبارة أخرى: الأمر سهل! اختلف قوله رحمه الله .. فكان له في المسألة الواحدة أكثر من رأي واجتهاد .. وليس هذا الأمر محصورا بكتاب شرح العمدة ..
كان لدي -قديما- عناية بموضوع: "ما لشيخ الإسلام فيه قولان" .. كنت أتتبعه وأجمعه عندي في رسالة خاصة .. سواء ما ذكره البعلي في الاختيارات أو كنت أقف عليه في كتبه الأخرى .. وسواء أكان هذا الاختلاف في مسائل الفقه أو في غيره .. ولولا رغبتي أن يقف الحديث في هذا الموضوع عند هذا الحد لسردت لك أمثلة تبين أن هذا الاختلاف واقع بين كتب الشيخ الأخرى، أو بين ما يقرره في كتبه الأخرى وما ينقله تلاميذه والمعتنون بنقل اختياراته ..
وأطلب منك التكرم في النظر في الاختيارات للبعلي -فقط- لترى حجم ما اختلف فيه قوله رحمه الله ..
لعل في هذا القدر كفاية ..
سعدت بالحوار معك .. وفقك الله وزادك من فضله.
====
هل تقصد -أخي الكريم- أن شيخ الإسلام كان جارياً مع المذهب بهذه الصورة العجيبة الغريبة التي لا يشذ فيها عن أقواله فيما يزيد على أربع مجلدات
ثم رجع عن جلها رجوعاً غريباً واختلف اجتهاده بصورة لا أظنها تُقبَل عقلاً.
وعندما قلت -أخي الكريم- بأن الكتاب خلافي مبسوط
الأصل الذي يتبادر إلى الذهن أن ذلك شامل لخلاف العلماء والمذاهب .. فلا تعجب من أنني بادرتُك بما قلتُ.
ولعلك تعيد النظر في هذا الأمر ..
وإن قول بعض تلامذة شيخ الإسلام (قال في شرح العمدة: كيت وكيت) لا يدل على أن الأمر هو الراجح عنده شرعاً ..
لا سيما أن من قرائن ما يقوي هذا النظر أن الجادة عند أهل العلم في شروح المتون أن لا يستطردوا بذكر ما ترجح لديهم هم مما خالف مذهب المؤلف.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 12 - 07, 01:47 ص]ـ
مكرر ........(86/471)
صوم الست من شوال قبل القضاء
ـ[صالح العقل]ــــــــ[27 - 10 - 07, 05:55 م]ـ
كثر الاختلاف في مسألة صوم الست قبل صيام المرأة ما عليها من القضاء خاصة وأن القضاء، قد يستغرق شهر شوال كله، فكيف تصنع في هذه الحالة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
اختلف الفقهاء أولاً في صوم النفل عامة، قبل قضاء المرء ما عليه من رمضان، فعند الحنابلة أنه لا يصح.
وعند الحنفية والمالكية: يجوز تقديم التطوع على القضاء، لكن عند المالكية يُكره إلا ما تأكد استحبابه.
وعند الشافعية: إن كان التأخير لعذر جاز، وإلا فلا يجوز [بدائع الصنائع (2/ 104) مواهب الجليل (2/ 448)، نهاية المحتاج (3/ 211)، شرح منتهى الإرادات (1/ 456)].
ودليل من أجاز تقديم التطوع على القضاء قوله تعالى: "فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" فالآية دلت على أن القضاء على التراخي، فيجوز التطوع قبل القضاء، ولقول عائشة -رضى الله عنها-: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ الشُّغُلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-[متفق عليه].
ودليل من منع تقديم التطوع على القضاء: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ" [رواه البخاري].
ولأن صوم الواجب متعلق بذمته، ولو مات قبل فعله مع تساهله فيه فإنه يؤاخذ بذلك بخلاف النفل، وهذا فيه نظر وتفصيل، ولكون الأجر المترتب على أداء الواجب أعظم من الأجر المترتب على أداء النفل.
وكذا ما ورد أن أبا هريرة رضي الله عنه سُئل عن صيام العشر قبل قضاء رمضان فقال: "ابْدَأْ بِحَقِّ اللَّهِ فَاقْضِهِ، ثُمَّ تَطَوَّعْ بَعْدُ مَا شِئْتَ" [رواه عبد الرزاق، وسنده صحيح].
واختلف الفقهاء ثانياً في صوم الست من شوال خاصة قبل القضاء.
فمنعه الحنابلة في رواية عندهم؛ لأصلهم في تقديم القضاء، ولحديث أبي أيوب مرفوعاً: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ". وهذا لا يتحقق إلا بصيام رمضان قبل الست على رأيهم.
والأقرب: الجواز؛ وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة اختارها ابن قدامة وغيره؛ لظاهر القرآن، وفعل عائشة، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلّم لها.
ولأن قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ" خرج مخرج الغالب، أو يقال إن قوله: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ" يشمل صيام رمضان بعينه وصيام القضاء، ولذا لو صام من رمضان وأفطر بعضه، ثم قضاه في شوال صح فعله، مع أنه ما صام رمضان في وقت رمضان ولكنه قضاه، فدل على أن كلمة "صَامَ رَمَضَانَ" تشمل من صامه في وقته ومن قضاه بعد ذلك، وكان فطره لعذر شرعي كالسفر والمرض ونحوهما.
ولو أخذ قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ" على ظاهره لم يدخل في هذه الفضيلة الكثير من النساء؛ لأن المرأة يأتيها العذر أثناء رمضان فيكون عليها قضاء، فإذا قيل إنها إذا صامت بعد انتهاء يوم العيد صامت قضاءها، ثم صامت الست بعد ذلك فإنها قد صامت رمضان فحينئذ يحصل لها الفضل، ويستوي أن تصوم من شعبان أو تصوم من غيره، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ" ليس على ظاهره، وإنما المراد أن يجمع العدد وهو ست وثلاثون يوماً أو خمس وثلاثون يوماً، فإذا كان الإنسان قد صام ستاً وثلاثين من رمضان يستوي أن تكون أداءً أو قضاءً، وستاً من شوال فحينئذ يكون محصلاً لهذه الفضيلة، سواءً سبق القضاء أو تأخر.
ولو قيل بأنه لا بد من تقديم القضاء فإن المرأة النفساء قد يستمر معها النفاس شهر رمضان كله، وتحرم هذا الفضل، وهكذا بعض أهل الأعذار غير المرأة.
ومن المعلوم أن الفرض إذا كان موسعاً فإنه لا حرج أن يتنفل صاحبه، بدليل ما لو أذن الظهر مثلاً فإن الإنسان يصلي الراتبة القبلية مع أنه مخاطب بالفرض، لأن الوقت واسع، وكذلك بالنسبة لرمضان فإن وقت قضائه واسع كما ثبت ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِى شَعْبَانَ الشُّغُلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-[متفق عليه] ولظاهر الآية "فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" [البقرة:184]، ولم يحدد، كما أن حديث عائشة هذا يدل -والله أعلم- على أنها كانت تتنفل قبل الفريضة، والغالب أنها كانت تصوم الست؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يندب إليها، وثبت عنها رضي الله عنها أنها صامت يوم عرفة.
وحديث أبي أيوب: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا .. ". الحديث.
ليس حجة ظاهرة لأحد القولين؛ لأن من راعى فيه صيام رمضان سيقول بقضاء الست من شوال بعد شوال لمن يستغرق قضاؤه الشهر كله، كما نص عليه بعض الفقهاء، فحينئذ لا تكون الست من شوال، أو يكون هذا الذي استغرق قضاؤه الشهر محروماً من هذه الفضيلة.
والأولى أن يكون المقصود صوم رمضان أداءً أو قضاء ولو متأخراً، لأن من أفطر لعذر وقضى فله الأجر كاملاً، ويصح وصفه حينئذ بأنه صام رمضان والحسنة بعشر أمثالها، ثم له الست من شوال بشهرين أيضاً.
وهذا أيسر على الناس، وأدعى لأداء هذه السنة، إذ الكثير منهم لا يستطيعون جمع القضاء في شوال، ثم صيام الست، فينقطعون أو يشق عليهم.
لكن: الأفضل والأكمل للإنسان -بغض النظر عن كونه خروجاً من الخلاف- أن يقدم القضاء لما فيه من المسارعة في الخير، والمبادرة بإبراء الذمة، وذلك مندوب إليه شرعاً، والمسألة فوق هذا من مسائل الفروع اليسيرة، ولا بأس بتناولها برفق دون الإيغال في جدل طويل لا حاجة إليه. والله الموفق للصواب.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=141571
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/472)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 11 - 07, 04:53 م]ـ
بارك الله بك أخي العزيز صالح العقل، موضوع شيق للغاية وفيه فوائد جمة.(86/473)
حكم إسقاط الجنين
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[27 - 10 - 07, 05:56 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كثيرا ما تثار مسألة إسقاط الجنين ما قبل الأربعة أشهر مستدلين بما رواه البخاري و مسلم عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ,ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أم سعيد. فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبقعليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة "
و قد ذكر أن من فوائد الحيث:
*بيان تطور خلقة الإنسان في بطن أمه , وأنه أربعة أطوار.
الأول: طور النطفة أربعون يوما ... والثاني: طور العلقة أربعون يوما ... والثالث: طور المضغة أربعون يوما ... والرابع: الطور الأخير بعد نفخ الروح فيه فالجنين يتطور في بطن أمه إلى هذه الأطوار.
*أن الجنين قبل أربعة أشهر لا يحكم بإنه إنسان حي , وبناء على ذلك لو سقط قبل تمام أربعة اشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه , لأنه لم يكن إنسانا بعد.
* أنه بعد أربعة أشهر تنفخ فيه الروح ويثبت له حكم الإنسان الحي , فلو سقط بعد ذلك فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كلما لو كان ذلك بعد تمام تسعة أشهر.
و قد قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم و الحكم ما نصه: {و قد رخص طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاط ما في بطنها ما لم ينفخ فيه الروح و جعلوه كالعزل و هو قول ضعيف لأن الجنين ولد انعقد و ربما تصور و في العزل لم يوجد ولد بالكلية و إنما تسبب إلى منع انعقاده. و قد لا يمتنع انعقاده بالعزل إذا أراد الله خلقه .. - إلى أن قال - و قد صرح أصحابنا بأنه إذا صار الود علقة لم يجز للمرأة إسقاطه لأنه ولد انعقد بخلاف النطفة فإنها لم تنعقد بعد. و قد لا تنعقد ولدا} ص: 58.
ف
فقد صرح ابن رجب هنا أن ما قبل العلقة يجوز إسقاطه لأنه يكون نطفة لم تنعقد بعد هذا مع تضعيفه للرأي الأول الذي يرى جواز إسقاطه قبل مائة و عشرين يوما ...
و كما هو معلوم فإن المرأة في عصرنا الحالي يمكنها أن تعرف بأمر حملها من شهرها الأول فإذا كان الأمر كذلك فهل يمكن القول بجواز إسقاط الجنين ما قبل الأربعين يوما ...
أفيدونا جزاكم الله خيرا ...
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[27 - 12 - 07, 09:15 م]ـ
للرفع والمذاكرة لوقوع كثير من الناس فيه
ـ[أبو أيوب المصري]ــــــــ[03 - 01 - 08, 12:19 م]ـ
أذكر سريعا ما أستحضره الآن في هذا الأمر
فقد ذكر الشيخ: صالح آل الشيخ - فيما أخبرني أحد إخواني -، وكذلك الشيخ العدوي - فيما سمعت -: أن الروح قد تنفخ بعد أربعين يوما، وأن المقصود في الحديث من قوله " مثل ذلك ": ليس عدد الأيام، وإنما مثلية في التكوين
وهذا أيده الطب الحديث - فيما ذكره الشيخ العدوي -
وعليه: فبعد الأربعين يوما تقريبا: لا يجوز الإسقاط
والله أعلم بالصواب
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[03 - 01 - 08, 01:15 م]ـ
قال الشيخ العلاّمة محمد المختار الشنقيطي , المدرس بالحرم النبوي الشريف –حفظه الله- في شرحه لكتاب العدد من متن الزاد عند قول الماتن رحمه الله: [ويباح إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً بدواء مباح]:
هذه المسألة وهي مسألة إسقاط ما في البطن من النطفة والعلقة والمضغة والأجنة هذا الإسقاط والإجهاض للأجنة فيه تفصيل:
أجمع العلماء-رحمهم الله- على أنه لا يجوز أن تجهض الأجنة وتسقط بعد نفخ الروح، وأنه إذا نفخت الروح في الجنين وأسقطت المرأة ذلك الجنين فإنها تعتبر قاتلة وهكذا إذا أعانها الطبيب فأعطاها دواء أو علاجاً للإسقاط، وهكذا لو أعانتها المرأة من غيرها من النساء أو الرجال على هذا الإسقاط بترويعٍ، أو تخويفٍ، أو حمل ثقيلٍ أو نحو ذلك فبعد نفخ الروح لا يجوز إسقاط الأجنة لأنها أنفس محترمة وهذا محل إجماع بين العلماء-رحمهم الله-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/474)
أماقبل نفخ الروح: ففيه خلاف بين أهل العلم-رحمهم الله-، والذي دل عليه حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضعة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فيؤمر بنفخ الروح فيه)) فدل هذا الحديث على أن نفخ الروح يكون بعد المائة والعشرين يوم، ومن هنا اختلف فيما قبل نفخ الروح هل يجوز أو لا يجوز؟
فمن أهل العلم -رحمهم الله- من حرم ذلك ومنعه وقال إنه لا يجوز.
ومن أهل العلم من رخص فيه وجوز، وكلا القولين موجود في المذاهب الأربعة.
إلا أن الذين شددوا من الحنفية، والمالكية، وبعض أصحاب الإمام أحمد، والشافعية استدلوا بأدلة صحيحة قوية، فإن الأصل في الأجساد والأرواح أنه لا يجوز الإقدم على العبث بها أو تعريضها للتلف، أو تغيير الخلقة وهذا أصل دلت عليه نصوص الكتاب والسنة.
فإن الله لما ذكر قبائح الشيطان بين منها تغيير الخلقة: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} فأخبر الله-تبارك وتعالى- أن مما يسوله الشيطان لعصاة بني آدم العبث في خلقته، وقد نص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث الصحيح الذي تقدمت الإشارة إليه أن ما قبل نفخ الروح من الخلقة، ولذلك قال: ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك)) ولذلك قال: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} فدل على أنها من الخلقة.
ونص السنة يدل أيضاً على أنه لا يجوز العبث في الخلقة حتى إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما لعن الواشرة، والمستوشرة، والواصلة، والمستوصلة، والواشمه والمستوشمة قال: ((المغيرات خلق الله)) فجعل العلة في اللعن-والعياذ بالله- إقدامهن على تغيير خلقة الله عز وجل، وثبت في الحديث الصحيح من كلامه-عليه الصلاة والسلام- بنص الكتاب والسنة على أن مراحل التخليق خلق قال: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} فهذا يدل على أنها مخلوقة وأنها من خلقة الله-سبحانه وتعالى-؛ لأنه نسب الخلقة إليه، فالإقدام على إتلاف هذه الخلقة وإزهاقها الأصل الشرعي يقتضي تحريمه، ولم نجد في كتاب الله، ولا سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تفريقاً بين ما قبل نفخ الروح وما بعد نفخ الروح.ثم استدلوا بالعقل بدليل وهو النظر الصحيح وهو قياس قوي جداً وهو أن جمهور العلماء - لكن منهم بعض أصحاب المذاهب - قالوا: إن هذه لم تخلق قالوا لهم أرأيتم بيض الصيد فإن الله حرم علينا قتل الصيد فسئلوا عن بيض الصيد هل يجوز إتلافه؟ قالوا لا يجوز وفيه الضمان، مع أن بيض الصيد سيؤول إلى الخلقة المكتملة وهذا يدل على حرمة الإقدام على إتلاف هذه الأشياء، ثم لا يشك عاقل هذا خلق الله عز وجل الذي سينتهي إلى الخلقة المعتبرة شرعاً فبأي دليل يقدم على إسقاطه ومنعه من البقاء؟
رابعاً: أن هذا الفعل مخالف للأصول الشرعية فإن من المقاصد الأصلية في النكاح تكثير سواد الأمة، وتكثير النسل نسل الأمة، وهذا يضاده تماماً: ((تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مفاخر بكم الأمم)) وهذا يمنع من مقصود الشرع من النكاح.
فالذي تطئمن إليه النفس من حيث الأصول الشرعية والأدلة: أنه ليس هناك دليل قوي يدل على جواز الإقدام على إسقاط الأجنة قبل التخلق أو بعد التخلق، أو قبل نفخ الروح أو بعد نفخ الروح، وهذا الأصل تدل عليه أدلة الكتاب والسنة، وكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخبر أن الروح لا تنفخ إلا بعد المائة والعشرين يوماً ليس فيه دليل على جواز إتلاف هذه الروح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/475)
فإن العبث بهذه الخلقة والإسقاط للأجنة له آثار سلبية حتى الأطباء أنفسهم يقررون هذا فإن المرأة إذا أقدمت على تعاطي الدواء، أو تعاطي الأسباب التي تسقط الجنين فإنه لا بد من وجود أثر لهذا التعاطي ولهذا الفعل، ولا بد من وجود تبعات ومضاعفات تضر بالمرأة وتضر بجسدها، ولا يمكن أن الإنسان يشك في هذا، فالجسد إذا أخرج عن عادته وطبيعته لا بد وأن يتضرر، فلو استعملت دواء لا بد له من أثر، ولو تعاطت الأسباب الشنيعة الفظيعة من الترويع أو حمل الأشياء الثقيلة فإنها قد تسلب ويحدث معها النزيف وتضطرب عدتها ويحدث لها من الأضرار في جسدها ما لا يخفى في كثير من الأحوال التي يفعل، أو يقدم فيها على الإسقاط.
وبناءً على ذلك فالذي نعرفه من نصوص الشرع وأصول الشريعة أن الواجب على الطبيب أن يقدم على علاج الأبدان ووقايتها من الضرر، أما أن يقدم على إسقاط الأجنة، والعبث بخلقة الله عز وجل فهذا ليس له دليل لا من كتاب الله، ولا من سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وليس للذين قالوا بجواز الإسقاط إلا دليل واحد، وهو حديث ابن مسعود الذي تقدم وقد أجبنا عنه، بل حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يقوي عدم جواز الإسقاط؛ لأن كونه من خلق الله والنصوص تدل على عدم جواز العبث بخلق الله يقتضي المنع.
ثم أيضاً تجد نفس الأقوال التي أجازت الإسقاط تجدها مضطربة في الفتوى والقول بجواز الإسقاط، والذي تطمئن إليه النفس ترك هذه الأجنة وترك هذه الخلقة وعدم إقدام الأطباء على إسقاط الأجنة سواءً كانت قبل نفخ الروح أو بعده؛ لكن تستثنى من هذا مسائل:
منها إذا كان بقاء الجنين يغلب على ظن الطبيب أنه سيفضي إلى هلاك المرأة وموتها وهذا يسمى عند الأطباء بـ (الحمل المنتبذ) أو (الحمل القنوي) أو (الحمل المهاجر) وحقيقته: أن الجنين يتخلق في غير موضعه الطبيعي ثم ينتفخ ويفجر القناة وينفجر في بطن المرأة فيقتلها ويموت الجنين نفسه، فحينئذ يجوز الإسقاط ويجوز التدخل الجراحي لإخراج هذا الجنين إن تعذر إسقاطه؛ لأنه لإنقاذ نفس محرمة وليس من باب إسقاط الأجنة؛ وإنما هو تلافٍ لضرر فالحياة المتيقنة مقدمة على الحياة المظنونة، فنحن لا يمكننا أن نعرض حياة الأم اليقينية للخطر والضرر بسبب حياةٍ قد تبقى وقد لا تبقى؛ بل بعض الأطباء يقول: حياة الجنين نفسها مستبعدة لأنه إذا تم الاكتمال في هذا الموضع سيفجر القناة فيموت الجنين في بطن الأم وتموت الأم تبعاً لذلك، فإذاً حتى حياة الجنين غير مستقرة، وبناءً على ذلك يجوز إسقاط الأجنة في هذه الحالة وأشباهها مما تتعرض فيه الأم للهلاك والضرر، وهذا من باب درء المفسدة العظمى بالمفسدة الصغرى؛ لأن نصوص الكتاب والسنة دالة على هذه القاعدة التي هي: " إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما " ومن الأدلة على ذلك أن موسى عليه السلام كسر لوحاً من السفينة لأجل إنقاذ السفينة كاملةً، وهذا يدل على أنه يجوز إتلاف الأقل لما هو أعظم منه، والجنين هنا ليس في مقام الأم، وكذلك حياته ليست غالبة ولا متيقنة فتقدم الحياة المتيقنة وهي حياة الأم على الحياة المظنونة وهذا هو الذي يفتى فيه بجواز الإسقاط.
وأما بالنسبة للتساهل في هذا فالمرأة تتساهل في هذا الأمر وتقول أتعبتني تربية الأولاد وأريد ما بين الأولاد متفاوتاً هذه كلها شهوات، ونزوات ليست رغبات النساء موجبة للإقدام على هذه الحدود الشرعية، من العبث في خلقة الله عز وجل وتعريض الأنفس للضرر وإزهاق الأرواح - خاصةً إذا كان بعد نفخ الروح -، فإن الله عز وجل شرع في سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضمان الأجنة كما جاء في قصة المرأتين لما هما اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى فألقت جنينها فقتلتها وألقت ما في بطنها فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بضمان الجنين، وهذا يدل على أنه له حرمة، فعلى كل حال على النساء أن يتقين الله عز وجل، ويشرع للزوج أن يمنع زوجته؛ لأن الولد ولده إلا إذا قرر الأطباء أن المرأة تتعرض للخطر والضرر كما ذكرنا فهذا يستثنى، ولا يجوز للطبيب أن يعين على مثل هذه الأعمال لما فيها من الاعتداد على حرمات الله عز وجل والإقدام على إتلاف الأجساد، والعبث فيها بدون مبرر شرعي.
انتهى كلامه بنصه حفظه الله ورعاه(86/476)
لا تفوتوا على أنفسكم قراءة هذا الكتاب قبل الحج!
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[27 - 10 - 07, 06:21 م]ـ
الحمد لله , وبعد:
فقد نزل في دار المحدث كتاب قيّم جداً وهو بعنوان:
كيف نفهم التيسير؟
وقفات مع كتاب افعل ولا احرج
لمؤلفه فضيلة الشيخ: فهد أباحسين.
وتقديم كل من: الشيخ العلامة صالح بن فوزان , والشيخ العلامة عبدالعزيز الراجحي , والشيخ المحدث عبدالله السعد.
وحجم الكتاب من القطع المتوسط , وقيمته 7 ريالات , ويباع في دار المحدث بحي الربوة عند مخرج 15.
والحمد لله أولا وآخراً.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[27 - 10 - 07, 06:29 م]ـ
جزاكم الله خيرا ولماذا لا ينزل على الشبكة
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[27 - 10 - 07, 09:30 م]ـ
خصم خاص للتوزيع الخيري
0551574315
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن ينفع بك، وأن يجعل كل ما تقدمه من خدمات جليلة لطلبة العلم في ميزان حسناتك، وأن يجري لك ثوابها إلى يوم القيامة اللهم آمين.
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:10 م]ـ
سليمان البدراني
نحن خارج المملكة والكتب قليلة في بلدي لذلك لماذا لا ينزل على الشبكة
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 11:09 م]ـ
الإخوة الكرام
شكر الله مروركم وبإذن الله سأسعى في موضوع إنزال الكتاب على الشبكة
رعاكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم.
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[30 - 10 - 07, 11:59 م]ـ
بارك الله فيك سليمان
نحن بانتظار الكتاب مصورا
ـ[مشعل العياضي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 02:18 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[المدني1]ــــــــ[06 - 11 - 07, 11:59 م]ـ
نعم والله الكتاب قيم - جزى الله المؤلف خير الجزاء وجزاك الله خيرا أخي على التذكير به
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[07 - 11 - 07, 01:17 ص]ـ
هل من يرفع الكتاب مصورا؟
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[08 - 11 - 07, 07:18 م]ـ
قرأت الكتاب قيم جداً، نفع الله بالمؤلف، وياليت ينزل على الشبكة
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:38 م]ـ
ياليت ينزل على الشبكة
ـ[صالح العقل]ــــــــ[09 - 11 - 07, 12:14 ص]ـ
للفائدة
ـ[الزياني]ــــــــ[09 - 11 - 07, 06:10 ص]ـ
الكتاب قيم جداً، نفع الله بالمؤلف، وياليت ينزل على الشبكة
صدقت يا أخي.
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 07:59 ص]ـ
الإخوة جميعا:
بارك الله فيكم وإن شاء الله يتحقق ما أردتموه قريباً , وأبشركم أن مبيعات الكتاب وانتشاره كان كبيرا ولله الحمد والفضل والمنة.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 03:15 م]ـ
تم قرائته ولله الحمد ..
لكن يقال أن هناك كتاب سيخرج كذلك رد على كتاب افعل ولاحرج لبدر المشاري .. هل خرج؟
ـ[أبو حازم السنيدي]ــــــــ[07 - 12 - 07, 10:48 م]ـ
في الكتاب فوائد جمة
جزاك الله خيرا
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[09 - 12 - 07, 12:44 ص]ـ
قد تم رفع الكتاب على الشبكة من قبل أحد الإخوة - بارك الله فيه -
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=118894(86/477)
ما هي المسافة التي توجب الصلاة في المسجد
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:12 م]ـ
ما هي المسافة التي توجب الصلاة في المسجد
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:14 ص]ـ
حد ذلك بعضهم بما إذا كان يمكنه من مكانه أن يسمع النداء بلا حاجة إلى مكبر صوت ونحوه. أخذاً من حديث: (من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) وفي رفعه نظر.
ويظهر من قول آخرين تعميم الحكم بالوجوب ولو كان المسجد بعيداً جداً.
هذا عند من أوجبوها. والله أعلم.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[28 - 10 - 07, 01:56 ص]ـ
حد ذلك بعضهم بما إذا كان يمكنه من مكانه أن يسمع النداء بلا حاجة إلى مكبر صوت ونحوه. أخذاً من حديث: (من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) وفي رفعه نظر.
ذكر هذا جمع من أهل العلم، وسمعتُ بعض أهل العلم يحدد المسافة بالفرسخ - كالجمعة عند بعض العلماء - ويقول إن هذه هي المسافة التي كان يُسمع النداء معها في الزمن الأول! والله أعلم.(86/478)
درس جديد للشيخ المحدث عبد الله السعد في كتاب الحج من المنتقى لابن الجارود
ـ[يزيد الماضي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.nabd.net/vb/uploaded/505_01193440839.gif
يسر إدارة نبض الوفاء أن تزف إلى طلاب العلم بشرى إفتتاح الغرفة الصوتية لفضيلة الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد حفظه الله
وسيتم بث جميع دروس الشيخ فيها إن شاء الله , وستكون الدروس بعد صلاة العشاء من كل يوم اثنين
في الساعة 7,45 بتوقيت مكة المكرمة ..
وسيفتتح الشيخ هذه الدروس وم الاثنين المقبل , الموافق 18/شوال / 1428هـ , 29/ 10 /2007 م
بشرح كتاب الحج من المنتقى لابن الجارود رحمه الله (لتحميل المتن اضغط هنا حفظ بإسم ( http://www.almeshkat.net/books/archive/books/almontka%20s.zip))
http://www.9m.com/upload/27-10-2007/0.34859011934631.png
للدخول إلى الغرفة والاستماع للبث المباشر لدروس الشيخ عبد الله السعد وإرسال الأسئلة والتواصل, تفضل عبر هذا الرابط:
http://207.44.194.5:443/wchat.rl=3adallahsa3d (http://207.44.194.5:443/wchat.rl=3adallahsa3d)
http://www.nabd.net/al-d3ah/baner/24.gif
(http://207.44.194.5:443/wchat.rl=3adallahsa3d)
وللدخول إلى الصفحة الرئيسة للغرف الصوتية (تفضل من هنا ( http://www.nabd.net/al-d3ah/voice.htm) )
http://www.9m.com/upload/27-10-2007/0.34859011934631.png
لمعرفة كيفية دخول الغرفة وقراءة الشرح الموضح بالصور تفضل هنا ( http://www.nabd.net/al-d3ah/user/20.htm)
http://www.nabd.net/al-d3ah/images/voice/button9.jpg
(http://www.nabd.net/al-d3ah/user/20.htm)
وهذه روابط مهمة: صفحة المشاكل والحلول ( http://www.nabd-alwafa.com/al-d3ah/problem/), صفحة منتدى الدعم الفني للغرف ( http://www.nabd-alwafa.com/vb/forumdisplay.php?f=109)
http://www.9m.com/upload/27-10-2007/0.34859011934631.png
على الأخوة الراغبين في الحصول على معرفات خاصة وحجز أسماءهم للدخول مع كلمات مرور المراسلة على هذا البريد
alsa3d@nabd.net (alsa3d@nabd.net)
كما يمكن عن طريقه الاستفسار أو ارسال الأسئلة للشيخ عبدالله حفظه الله (بريد وماسنجر)
نسأل الله أن يبارك في علم الشيخ ويرزقه الصحة والعافية , ولا تنسونا من صالح دعاءكم
ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[28 - 10 - 07, 05:03 م]ـ
اسأل الله أن يحفظ هذا الجبل من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه وأعوذ بعظمته أن يغتال من تحته.
ـ[الخالدي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 05:27 م]ـ
الأخ الفاضل يزيد الماضي سلمه الله
بشرك الله بروح وريحان
هل أفهم أن هذه بداية انطلاقة دروس الشيخ أم أنها كالدورة العلمية وماذا بعد أشهر الحج وهل سيكمل الشيخ
دروس شرح سنن الترمذي والنسائي؟
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 07:00 م]ـ
بارك الله فيكم هل هذه الغرفة في البالتوك أم لها نظام مستقل
ـ[صالح العقل]ــــــــ[28 - 10 - 07, 07:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ونفع بالشيخ الفاضل.
ـ[أبوعبدالله الرياض]ــــــــ[28 - 10 - 07, 09:12 م]ـ
بشرك الله بالجنان أخي يزيد
نسأل الله أن يبارك في الشيخ وعلمه وينفع به.
أخي أبو أنس , الغرفة نظام مستقل عن البالتوك.
ـ[أبوعبدالله الرياض]ــــــــ[29 - 10 - 07, 06:32 م]ـ
نذكر الأخوة أن الدرس سيبدأ الليلة بعد قرابة الساعتين إن شاء الله
وهذا رابط إضافي لمن لم يتسطع الدخول للغرفة من الرابط الأول:
wchat://3adallahsa3d@207.44.194.5/
ورابط تحميل البرنامج يدويا:
http://www.nabd.net/al-d3ah/al-d3ah.exe
ـ[يزيد الماضي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:16 م]ـ
الأخ الخالدي وفقه الله،،
هذه الدروس ستكون بإذن الله انطلاقة لدروس الشيخ الأخرى، وسيكمل الشيخ كتاب المنتقى لان الجارود في هذا اليوم من كل أسبوع حتى ننهي الكتاب بإذن الله.
ـ[الخالدي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:27 م]ـ
الله يبشرك بالخير
وأسأل الله أن يوفق الشيخ عبدالله ويسدده ويبارك في علمه
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:01 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرًا و بارك الله فيك.
أسأل الله أن يغفر لك وان يثبتك على الحق وان يقر عينك في الجنة.
ـ[يزيد الماضي]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:49 م]ـ
آمين آمين،،
وإياك أخي عيسى،،
شكر الله لك هذه الدعوات.
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:46 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:30 ص]ـ
نتمنى تفريغ كلام الشيخ المحدث عبدالله السعد حفظه الله ووفقه ..
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:37 م]ـ
هل أحد حضر الدرس ... ؟
أو قيد الفوائد من الشيخ ... ؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/479)
ـ[يزيد الماضي]ــــــــ[02 - 12 - 07, 11:49 ص]ـ
الأستاذ مصعب،،
أشكر لك تعليقك،،
المشكلة ليست في التفريغ، وإنما المشكلة في المراجعة بعد ذلك؛ فهي تأخذ وقتا كبيرا، والشيخ لا يسمح بتفريغ دروسه ونشرها حتى تراجع.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 01:42 م]ـ
طيب يااستاذ يزيد .. هل هي موجودة على روابط .. ؟ لكي نتمكن من سماعها.
وجزاك الله خيرا
ونفع الله بالشيخ العلامة عبدالله السعد ..(86/480)
تحرير رأي شيخ الإسلام في حكم التائب من المال الحرام
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[28 - 10 - 07, 05:52 ص]ـ
تحرير رأي شيخ الإسلام في حكم التائب من المال الحرام
الشيخ عبد المجيد المنصور الثلاثاء 12 / شوال / 1428 هـ
الحمد لله وحده، وصلاةً وسلاماً على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد كثرت الأسئلة والنقاشات حول حكم الأموال المحرمة التي تاب المسلم وهي عنده وثارت نقاشات في أوساط طلاب العلم حول رأي شيخ الإسلام إزاء هذه المسألة، فمن قائل بأنه يرى تمليك التائب تلك القبوض والأموال المحرمة، ومن قائل خلاف ذلك.
ومهما يكن من أمر فإن الجميع متفقون بأن العبرة بالدليل لا بالرجال، فمن ظفر بالدليل فالحق معه، والقاعدة المقررة أن: (أقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها)، وقد قال شيخ الإسلام نفسه: (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء، فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية) (1)، ولكن هذا كله لا يمنع من تحقيق القول في رأي هذا العالم؛ لما له من ثقل ووزن في الفقه الإسلامي، ولما لآرائه من الاحترام والتقدير عند ذوي الشأن وطلاب العلم وسائر المؤمنين.
ومن خلال التتبع والبحث وجدت أن الخلاف الواقع بين أوساط طلاب العلم في بيان رأي شيخ الإسلام راجع في الغالب إلى الاعتماد على موضع واحد من كلامه.
والمنهج العلمي الصحيح لاستخراج آراء العالم في المسائل المشكلة إنما يكون باستقصاء كلامه في عامة كتبه، وبهذه الطريق يمكن لطالب العلم أن يصل إلى رأي العالم، مما قد يقف من خلاله إلى أكثر من رأي، وهذا طبعي حصوله من العلماء، خاصة من مثل هذا العالم الذي حاز لقب شيخ الإسلام على مر التاريخ؛ لفضله وجهاده وغزارة علمه وكثرة كتبه والظروف والأحوال التي مر بها.
ولما رأيت كثرة النقاش حول رأي شيخ الإسلام في هذه المسألة حاولت جهدي أن أحقق القول في بيان رأيه عن طريق تتبع كلامه في عامة ما كتبه حول هذا الموضوع في (مجموع الفتاوى) و (اقتضاء الصراط المستقيم)، وما نقله عنه تلميذه ابن القيم في (زاد المعاد) و (أحكام أهل الذمة) و (مدارج السالكين)، ثم بعد ذلك تلخيص آراءه وإثبات ذلك الرأي من كلامه بالجزء والصفحة.
وبعد التتبع لما كتبه في كل ما يمت إلى الموضوع بالصلة وجدت أن له قولين في المسألة، وحرصت أن أضع القارئ الكريم على أقوال الشيخ مجموعة بين يديه ليقارن بنفسه، وإليك بيانها بالتفصيل.
القول الأول:
أن الأموال المحرمة والقبوض الفاسدة وخاصة الربوية تملك بعد التوبة، ويقر عليها صاحبها، وتنقلب له حلالاً حتى لو كان عين المال المحرم باقياً وبيده بعد التوبة، فإنه يطيب له أيضاً، ولا يجب عليه رده لصاحبه، ولا التخلص منه، وهذا الرأي هو المشهور عن شيخ الإسلام في هذه المسألة، ومن نَسَبَ إليه هذا القول إنما اعتمد في ذلك على ما ذكره في كتابه (تفسير آيات أشكلت) (2) وأول المجلد (الثاني والعشرين من مجموع الفتاوى) (3).
وإليك كلامه في الموضعين:
قال في (تفسير آيات أشكلت): (وأما المسلم فله ثلاثة أحوال: تارة يعتقد حل بعض الأنواع باجتهاد أو تقليد، وتارة يعامل بجهل، ولا يعلم أن ذلك رباً محرم، وتارة يقبض مع علمه بأن ذلك محرم) (4)، وهذا النوع الثالث هو الذي يخصُّنا ثم قال بعد ذلك بصفحات: (والكافر إذا قبضه لكونه قد تاب فالمسلم أولى بطريق الأولى، والقرآن يدل على هذا بقوله: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ)) (5) وهذا عام في كل من جاءه موعظة من ربه فقد جعل الله له ما سلف، ويدل على أن ذلك ثابت في حق المسلم ما بعد هذا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا)) فأمرهم بترك ما بقي، ولم يأمرهم برد ما قبضوه، فدل على أنه لهم مع قوله: ((فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ))) (6) والله يقبل التوبة عن عباده، فإذا قيل: هذا مختص بالكافرين، قيل: ليس في القرآن ما يدل على ذلك، إنما قال: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ)) (7) وهذا يتناول المسلم بطريق الأولى) (8) ثم قال بعد ذلك بصفحات – وهي أصرح مما سبق-:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/481)
(بل قد يقال: إن هذا يتناول من كان يعلم التحريم إذا جاءته موعظة من ربه فانتهى، فإن الله يغفر لمن تاب بتوبته، فيكون ما مضى من الفعل وجوده كعدمه، والآية تتناوله ((فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ))) (9) ويدل على ذلك قوله بعد هذا ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ)) (10).والتوبة تتناول المسلم العاصي، كما تتناول الكافر ... وهذا وإن كان ملعوناً على ما أكله وأوكله، فإذا تاب غُفر له، ثم المقبوض قد يكون اتجر فيه وتقلب، وقد يكون أكله ولم يبق منه شيء، وقد يكون باقياً، فإن كان قد ذهب وجُعِل ديناً عليه كان في ذلك ضرر عظيم، وكان هذا منفراً عن التوبة ... وإن كان عين المال باقياً فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه كالسارق والغاصب بل قبضه باتفاقهما ورضاهما بعقد من العقود، وهو لو كان كافراً ثم أسلم لم يرده، وقد قال تعالى: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ)) (11)
ثم قال مبيناً صعوبة هذه المسألة ودقتها (وهذه المسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق، وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو ما قبضه بتأويل أو جهل فهنا له ما سلف بلا ريب كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار وأما مع العلم بالتحريم فيحتاج إلى نظر، فإنه قد يقال: طردُ هذا أن من اكتسب مالاً من ثمن خمر مع علمه بالتحريم، فله ما سلف، وكذلك كل من كسب مالاً محرما، ثم تاب إذا كان برضا الدافع، ويلزم مثل ذلك في مهر البغي، وحلوان الكاهن، وهذا ليس ببعيد عن أصول الشريعة، فإنها تفرق بين التائب وغير التائب ... ) (12) فيلاحظ من كلامه هنا أنه لم يجزم في هذه المسألة، وعبّر عنها بـ (قد يقال)، وأن (المسألة تحتاج إلى نظر وتدقيق) ثم قال: (وأما الربا فإنه قبض برضا صاحبه والله سبحانه يقول: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ)) ولم يقل فمن أسلم ولا من تبين له التحريم بل قال: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ)) والموعظة تكون لمن علم التحريم أعظم مما تكون لمن لم يعلمه قال الله تعالى: ((يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين)) وقال: ((أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا))
وأما المقطع الثاني من كلامه في مجموع الفتاوى فأسوق للقارئ ما يبين رأيه في هذا الموضع إذ يقول: (فصل: ولكن النظر في فصلين: أحدهما من ترك الواجب أو فعل المحرم لا باعتقاد ولا بجهل يعذر فيه ولكن جهلا وإعراضا عن طلب العلم الواجب عليه مع تمكنه منه أو أنه سمع إيجاب هذا وتحريم هذا ولم يلتزمه إعراضا لا كفرا بالرسالة فهذان نوعان يقعان كثيراً من ترك طلب العلم الواجب عليه حتى ترك الواجب وفعل المحرم غير عالم بوجوبه وتحريمه أو بلغه الخطاب في ذلك ولم يلتزم إتباعه تعصباً لمذهبه أو إتباعاً لهواه فإن هذا ترك الاعتقاد الواجب بغير عذر شرعي كما ترك الكافر الإسلام فإن الاعتقاد هو الإقرار بالتصديق والالتزام فقد يترك التصديق والالتزام جميعاً لعدم النظر الموجب للتصديق وقد يكون مصدقاً بقلبه لكنه غير مقر ولا ملتزم إتباعاً لهواه فهل يكون حال هذا إذا تاب وأقر بالوجوب والتحريم تصديقاً والتزاماً بمنزلة الكافر إذا أسلم لأن التوبة تجب قبلها كما إن الإسلام يجب ما قبله فهذه الصورة أبعد من التي قبلها (13) فإن من أوجب القضاء على التارك المتأول وفسخ العقد والقبض على المتأول المعذور فعلى هذا المذنب بترك الاعتقاد الواجب أولى، وأما على القول الذي قررناه وجزمنا بصحته (14) فهذا فيه نظر، قد يقال هذا عاص ظالم بترك التعلم والالتزام فلا يلزم من العفو عن المخطئ في تأويله العفو عن هذا وقد يقال وهو أظهر في الدليل والقياس ليس هذا بأسوأ حالاً من الكافر المعاند الذي ترك استماع القرآن كبراً وحسداً وهوى أو سمعه وتدبره واستيقنت نفسه أنه حق من عند الله ولكن جحد ذلك ظلماً وعلواً كحال فرعون وأكثر أهل الكتاب والمشركين الذين لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/482)
الله يجحدون والتوبة كالإسلام فإن الذي قال الإسلام يهدم ما كان قبله هو الذي قال التوبة تهدم ما كان قبلها وذلك في حديث واحد من رواية عمرو بن العاص رواه أحمد ومسلم، فإذا كان العفو عن الكافر لأجل ما وجد من الإسلام الماحي والحسنات يذهبن السيئات، ولأن في عدم العفو تنفيره عن الدخول؛ لما يلزم الداخل فيه من الآصار والأغلال الموضوعة على لسان هذا النبي، فهذا المعنى موجود في التوبة عن الجهل والظلم، فان الاعتراف بالحق والرجوع إليه حسنة يمحو الله بها السيئات، وفى عدم العفو تنفير عظيم عن التوبة وآصار ثقيلة وأغلال عظيمة على التائبين، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبى ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يبدل لعبده التائب بدل كل سيئة حسنة، على ظاهر قوله (يبدل الله سيئاتهم حسنات)، فإذا كانت تلك التي تاب منها صارت حسنات لم يبق في حقه بعد التوبة سيئة أصلا، فيصير ذلك القبض والعقد من باب المعفو عنه، ويصير ذلك الترك من باب المعفو عنه فلا يُجعل تاركا لواجب ولا فاعلا لمحرم، وبهذا يحصل الجمع بين الأدلة الشرعية فان النبي صلى الله عليه وسلم قال (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ... ) (15) إلى أن قال: (فإن الرجل قد يعيش مدة طويلة لا يصلي ولا يزكي وقد لا يصوم أيضا ولا يبالي من أين كسب المال أمن حلال أم من حرام ولا يضبط حدود النكاح والطلاق وغير ذلك فهو في جاهلية إلا أنه منتسب إلى الإسلام، فإذا هداه الله وتاب عليه فإن أُوجب عليه قضاء جميع ما تركه من الواجبات وأُمر برد جميع ما اكتسبه من الأموال، والخروج عما يحبه من الأبضاع إلى غير ذلك صارت التوبة في حقه عذاباً، وكان الكفر حينئذ أحب إليه من ذلك الإسلام الذي كان عليه؛ فإن توبته من الكفر رحمة وتوبته وهو مسلم عذاب، وأعرف طائفة من الصالحين من يتمنى أن يكون كافراً ليسلم فيُغفر له ما قد سلف؛ لأن التوبة عنده متعذرة عليه أو متعسرة على ما قد قيل له واعتقده من التوبة، ثم هذا منفر لأكثر أهل الفسوق عن التوبة، وهو شبيه بالمؤيِّس للناس من رحمة الله ووضع الآصار ثقيلة والأغلال عظيمة على التائبين الذين هم أحباب الله فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، والله أفرح بتوبة عبده من الواجد لماله الذي به قوامه بعد اليأس منه، فينبغي لهذا المقام أن يحرر فإن كفر الكافر لم يسقط عنه ما تركه من الواجبات وما فعله من المحرمات لكون الكافر كان معذوراً بمنزلة المجتهد فإنه لا يعذر بلا خلاف، وإنما غفر له لأن الإسلام توبة، والتوبة تجب ما قبلها والتوبة توبة من ترْك تصديق وإقرار وترْك عمل وفعل، فيشبه -والله أعلم- أن يُجعل حال هؤلاء في جاهليتهم كحال غيرهم) (16).
وعلى رأي شيخ الإسلام في هذا القول فإنه ينسحب على كل تائب كالمغني والمغنية والبغي والنائحة والمرابي وغير ذلك كل هؤلاء بعد التوبة تحل لهم أموالهم المقبوضة بعقود فاسدة وهذا الرأي يخالف رأيه الثالث الذي يأتي بيانه بعد قليل.
القول الثاني:
أنه لا يملك المال الحرام والمقبوض بعقد فاسد.
واختلف قول الشيخ هنا في حكم المال بعد ذلك على قولين:
القول الأول: أنه يجب رده إلى صاحبه فيرد الربا على من أربى عليه ويجب على كلا الطرفين رد ما أخذه فيرد المشتري السلعة، ويرد البائع الثمن، فإن لم يستطع رد المقبوض تخلص منه بأن يتصدق به ويصرفه في مصالح المسلمين، وهذ الرأي لشيخ الإسلام وقفت عليه في أكثر من موضع وإليك كلامه في هذا:
الموضع الأول: قال في اقتضاء الصراط المستقيم: (المقبوض بالعقد الفاسد يجب فيه التراد من الجانبين، فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه) (17) ولم يفرق بين التائب وغيره.
الموضع الثاني: قال في مجموع الفتاوى: (والواجب رد المال المقبوض بالمعاملة الربوية الفاسدة إن كان باقياً، وإن كان فانياً رد مثله ولا يستحق الدافع أكثر من ذلك ... ) (18).
الموضع الثالث: وقال أيضاً في مجموع الفتاوى عن العقود والقبوض المحرمة كالربا والميسر ونحو ذلك: (والواجب على من حصلت هذه بيده ردها إلى مستحقها، فإذا تعذر ذلك فالمجهول كالمعدوم) (19) ولم يفرق أيضاً بين التائب وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/483)
الموضع الرابع: وهو أصرح المواضع حيث قال في المرابي التائب إنه يرد الربا على من أربى عليه أي إلى صاحبه فقال: (الأموال التي تعذر ردها إلى أهلها لعدم العلم بهم مثلاً، هي مما يصرف في مصالح المسلمين عند أكثر العلماء، وكذلك من كان عنده مال لا يعرف صاحبه كالغاصب التائب والمرابي التائب ونحوهم ممن صار بيده مال لا يملكه ولا يعرف صاحبه فإنه يصرف إلى ذوي الحاجات ومصالح المسلمين) (20) فنلاحظ هنا أنه لم يقض للتائب بملكية ما سلف من الأموال كما في القول السابق، وإنما ألحقها بالأموال المغصوبة بل قال: (هذا عند أكثر العلماء) (21) ولم يفرق بين ما كان بإذن صاحبه أو كان بغير إذنه، وعلى قوله هذا فإن من أخذ من البنك أرباحاً ربوية، فإنه إذا تاب يجب أن يرد تلك الأرباح على البنك الربوي ما دام أنه يعرفه، ويمكن الرد إليه، ولكن هذا يخالف ما قرره الشيخ من منع رد المال لأمثال هؤلاء كالزاني واللائط ومستمع الغناء ... فإنه قرر أنه لا يرد إليهم المال لئلا يجمع لهم بين العوض والمعوض، فإن البنك هنا يستفيد بهذا الرد –لو قيل به- القرض ثم الفائدة إذا ردت عليه، فجمع بين الأمرين، وهذا مالا يقول به شيخ الإسلام.
وقال: (وما تصدق به فإنه يصرف في مصالح المسلمين: فيعطى منه من يستحق الزكاة، ويقرى منه الضيف، ويعان فيه الحاج، وينفق في الجهاد وفي أبواب البر التي يحبها الله ورسوله كما يفعل بسائر الأموال المجهولة، وهكذا يفعل من تاب من الحرام وبيده الحرام لا يعرف مالكه) (22).
وقال: (المال الذي لا نعرف مالكه يسقط عنا وجوب رده، فيصرف في مصالح المسلمين، والصدقة من أعظم مصالح المسلمين، وهذا أصل عام في كل مال يجهل مالكه بحيث يتعذر رده إليه كالمغصوب والعواري والودائع يتصدق بها عن صاحبها أو يصرفها في مصالح المسلمين على مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم، وإذا صرفت على هذا الوجه جاز للفقير أخذها؛ لأن المعطي هنا إنما يعطيها نيابة عن صاحبها) (23).
ومن خلال كلام شيخ الإسلام السابق نفهم أنه يقسم المال الحرام والمقبوض بعقد فاسد بالنسبة للتائب إلى قسمين:
القسم الأول: المال المحرم الذي تعذر رده إلى صاحبه كالذي لا يعرف مالكه، فهذا يتصدق به أو يصرفه في مصالح المسلمين، ولا يتملكه حتى المرابي التائب.
القسم الثاني: المال المحرم الذي أمكن رده إلى صاحبه فهذا يجب رده إلى مالكه، ولا يملكه بحال وكذلك يسترد هو عوضه إن كان ثم معاوضة بينهما.
القول الثاني: أنه لا يملكه ولا يرده إلى مالكه ولو أمكن رده إليه، ولكن يجب عليه أن يتخلص منه بأن يتصدق به أو يصرفه في مصالح المسلمين، فالفرق بين القولين في رده إلى مالكه ففي القول الأول أوجب على التائب رده على صاحبه إن أمكن، وفي القول الثاني منع رده إلى صاحبه ولو أمكنه ذلك، وأوجب التخلص منه مباشرة بالتصدق.
وهذا القول-أعني به القول الثالث- إنما قضى به شيخ الإسلام وكذا تلميذه ابن القيم في كل من أخذ عوضاً محرماً عن عين محرمة أو نفع محرم استوفاه كما في مهر البغي إذا تابت، والمغني والمغنية التائبة، وثمن الخمر وأجرة النوح واللواط وحلوان الكاهن إذا تاب هؤلاء فإنهما أفتيا بالتخلص منه بعد التوبة، ولا يملك ولا يرد إلى من أخذت منه؛ لمأخذ جميل يأتي ذكره في معرض كلامهما.
والقاعدة عند شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة أن (كل كسب خبيث لخبث عوضه عيناً كان أو منفعة يكون التخلص منه بالصدقة به) (24).
ويظهر هذا القول في مواضع من كلامه وفتاويه.
الموضع الأول: أنه سئل -رحمه الله- عن امرأة كانت مغنية، واكتسبت في جهلها مالاً كثيراً وقد تابت وحجت إلى بيت الله تعالى، وهي محافظة على طاعة الله، فهل المال الذي اكتسبته من حل وغيره إذا أكلت وتصدقت منه تؤجر عليه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/484)
فأجاب: المال المكسوب إن كانت عين أو منفعة (25) مباحة في نفسها، وإنما حرمت بالقصد مثل من يبيع عنباً لمن يتخذه خمراً، أو من يستأجر لعصر الخمر أو حملها، فهذا يفعله بالعوض لكن لا يطيب له أكله، وأما إن كانت العين أو المنفعة محرمة كمهر البغي وثمن الخمر، فهنا لا يقضى له به قبل القبض، ولو أعطاه إياه لم يُحكم برده؛ فإن هذا معونة لهم على المعاصي إذا جمع لهم بين العوض والمعوض، ولا يحل هذا المال للبغي والخمار ونحوهما، لكن يصرف في مصالح المسلمين، فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل أعطي ما يكون له رأس مال، وإن اقترضوا منه شيئاً ليكتسبوا به ولم يردوا عوض القرض كان أحسن، وأما إذا تصدق به لاعتقاده أنه يحل عليه أن يتصدق به فهذا يثاب على ذلك، وأما إن تصدق به كما يتصدق المالك بملكه فهذا لا يقبله الله؛ إن الله لا يقبل إلا الطيب، فهذا خبيث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مهر البغي خبيث)) (26)) (27)
فهنا يلاحظ أن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يفتِ بملكية هذا المال الخبيث مع كونها قد تابت وحافظت على حدود الله، بل قال: (ولا يحل هذا المال للبغي والخمار ونحوهما، لكن يصرف في مصالح المسلمين) وسبق بيان رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في القول الأول أن من تاب على أموال محرمة قبضها في حال الفسق أنه يملكها.
ومن هنا يظهر أن بين الموضعين إشكالاً يحتاج التفريق بينهما إلى ضابط ظاهر، على أن شيخ الإسلام نفسه ذكر في (تفسير آيات أشكلت) حكم مهر البغي ... بعد أن قرر أن التائب يملك المال المحرم فقال: (قد يقال: لا يكون (28) لواحد منهما، كما لو كان ثمن خمر، أو مهر بغي أو حلوان كاهن، فإن هذا إذا تاب لايعيده إلى صاحبه، بل يتصدق به في أظهر قولي العلماء) (29).
ثم عاد بعد ذلك مخالفاً لكلامه هذا فقال: (وأما مع العلم بالتحريم فيحتاج إلى نظر، فإنه قد يقال: طَرْدُ هذا أن من اكتسب مالاً من ثمن خمر مع علمه بالتحريم، فله ما سلف، وكذلك كل من كسب مالاً محرماً، ثم تاب إذا كان برضا الدافع، ويلزم مثل ذلك في مهر البغي، وحلوان الكاهن، وهذا ليس ببعيد عن أصول الشريعة، فإنها تفرق بين التائب وغير التائب ... ) (30).
الموضع الثاني:
في اقتضاء الصراط المستقيم: قال (نعم، البغي والمغني والنائحة ونحوهم إذا أعطوا أجورهم، ثم تابوا، هل يتصدقون بها أو يجب أن يردوها على من أعطاهموها؟ فيها قولان: أصحهما أنا لا نردها على الفساق الذين بذلوها في المنفعة المحرمة، ولا يباح الأخذ بل يتصدق بها وتصرف في مصالح المسلمين كما نص عليه أحمد في أجرة حمل الخمر) (31). فهنا أفتى بالتصدق به ولم يفت بملكيته بعد توبتهم.
الموضع الثالث:
في مجموع الفتاوى قال: ( ... كما لو تراضيا بمهر البغي، وهناك يتصدق به على أصح القولين لا يعطى للزاني، وكذلك في الخمر ونحو ذلك مما أخذ صاحبه منفعة محرمة فلا يجمع له العوض والمعوض، فإن ذلك أعظم إثماً من بيعه، وإذا كان لا يحل أن يباع الخمر بالثمن فكيف إذا أُعطي الخمر وأعطي الثمن، وإذا كان لا يحل للزاني أن يزني وإن أعطى فكيف إذا أعطي المال والزنا جميعاً، بل يجب إخراج هذا المال كسائر أموال المصالح المشتركة، فكذلك هنا إذا كان قد باع السلعة وقت النداء بربح وأخذ سلعته فإن فاتت تصدق بالربح، ولم يعطه للمشتري فيكون أعانه على الشراء، والمشتري يأخذ ثمنه ويعيد السلعة، فإن باعها بربح تصدق به، ولم يعطه للبائع فيكون قد جمع له بين ربحين) (32) وهنا أمر بإخراج هذا المال المحرم ولم يفت بملكيته بعد التوبة.
الموضع الرابع:
في مجموع الفتاوى (سئل رحمه الله تعالى عن خياط خاط للنصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته وهل تكون أجرته حلالا أم لا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/485)
فأجاب: نعم إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها)، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما كقتال المسلمين والقتال في الفتنة، فإذا كان هذا في الإعانة على المعاصي فكيف بالإعانة على الكفر وشعائر الكفر، والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة ولا بيعه صليبا، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)،وثبت عنه أنه لعن المصورين، وأنه كان لا يرى في البيت صورة إلا قضبها، فصانع الصليب ملعون لعنه الله ورسوله.
ومن أخذ عوضا عن عين محرمة، أو نفع استوفاه، مثل أجرة حمال الخمر، وأجرة صانع الصليب، وأجرة البغي ونحو ذلك، فليتصدق بها، وليتب من ذلك العمل المحرم، وتكون صدقته بالعوض كفارة لما فعله فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به؛ لأنه عوض خبيث ولا يعاد إلى صاحبه؛ لأنه قد استوفى العوض ويتصدق به، كما نص على ذلك من نص من العلماء، كما نص عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر، ونص عليه أصحاب مالك وغيرهم (33)). فهذه الفتوى صريحة في أن شيخ الإسلام يقضي في المحرم لكسبه بأنه عوض خبيث، وأنه يجب التوبة من ذلك العمل والتصدق به، وأنه لا يعاد إلى صاحبه.
الموضع الخامس:
نقله عنه تلميذه ابن القيم فقال: (فإن قيل: فما تقولون فيمن سُلِّم إليهم المنفعة المحرمة التي استأجروه عليها كالغناء والنوح والزنى واللواط؟ قيل: إن كان لم يقبض منهم العوض لم يُقضَ له به باتفاق الأمة، وإن كان قد قبض لم يطب له أكله، ولم يملكه بذلك، والجمهور يقولون يرده عليهم لأنه قبضه قبضاً فاسداً، وهذا فيه روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد؛ إحداهما أنه يرده عليهم، والثانية لا يأكله ولا يرده بل يتصدق به، قال شيخنا: وأصح الروايتين أنه لا يرده عليهم ولا يباح للأخذ، ويصرف في مصالح المسلمين كما نص عليه أحمد في أجرة حمال الخمر) (34).
فهنا كلام صريح بأنه إذا قبض العوض المحرم أنه لا يطيب له ولم يملكه بالقبض.
وقال في موضع آخر: (فصل المسألة الثانية إذا عاوض غيره معاوضة محرمة، وقبض العوض كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم، ثم تاب والعوض بيده، فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله، ولم يقبضه بإذن الشارع، ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح، وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين) (35)
وقال في موضع ثالث: (فإن قيل: فما تقولون في كسب الزانية إذا قبضته، ثم تابت، هل يجب عليها رد ما قبضته إلى أربابه، أم يطيب لها، أم تتصد ق به؟
قيل: هذا ينبني على قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهي أن من قبض ما ليس له قبضه شرعاً، ثم أراد التخلص منه، فإن كان المقبوض قد أخذ بغير رضى صاحبه، ولا استوفى عوضه، رده عليه. فإن تعذر رده عليه، قضى به ديناً يعلمه عليه، فإن تعذر ذلك، رده إلى ورثته، فإن تعذر ذلك، تصدق به عنه، فإن اختار صاحب الحق ثوابه يوم القيامة، كان له، وإن أبى إلا أن يأخذ من حسنات القابض، استوفى منه نظير ماله، وكان ثواب الصدقة للمتصدق بها، كما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم.
وإن كان المقبوض برضى الدافع وقد استوفى عوضه المحرم، كمن عاوض على خمر أو خنزير، أو على زنا أو فاحشة، فهذا لا يجب رد العوض على الدافع؛ لأنه أخرجه باختياره، واستوفى عوضه المحرم، فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان، وتيسير أصحاب المعاصي له (36).
وأما قول أصحاب القول الأول إن هذا مال محرم فيقاس على المقبوض بعقد فاسد إذ حكمه وجوب رده إلى صاحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/486)
فنوقش: أن المقبوض بعقد فاسد يجب فيه التراد من الجانبين، فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه، كما في تقابض الربا عند من يقول المقبوض بعقد فاسد لا يملك كما هو معروف في المذهب الشافعي وأحمد، فأما إذا تلف المقبوض عند القابض وتعذر رده، فإنه لا يستحق استرجاع عوضه مطلقاً، ويجمع له بين العوض والمعوض فإن الزاني واللائط ومستمع الغناء والنوح قد بذلوا هذا المال عن طيب نفوسهم، واستوفوا العوض المحرم، والتحريم الذي فيه ليس لحقهم، وإنما هو لحق الله تعالى، وقد فاتت هذه المنفعة بالقبض، والأصول تقتضي أنه إذا رد أحد العوضين يرد الآخر، فإذا تعذر على المستأجر رد المنفعة لم يرد عليه المال، وهذا الذي استوفيت منفعته عليه ضرر في أخذ منفعته وأخذ عوضها جميعاً منه، بخلاف ما لو كان العوض خمراً أو ميتة، فإن ذلك لا ضرر عليه في فواته فإنها لو كانت باقية أتلفناها عليه، ومنفعة الغناء والنوح لو لم تفت لتوفرت عليه بحيث كان يتمكن من صرف تلك المنفعة في أمر آخر، أعني من صرف القوة التي عمل بها (37).
فإن قيل: فيلزمكم على هذا أن تقضوا له بها إذا طالب بقبضها، قيل: نحن لا نأمر بدفعها ولا بردها كعقود الكفار المحرمة، فإنهم إذا أسلموا قبل القبض لم نحكم بالقبض، لكن المسلم تحرم عليه هذه الأجرة؛ لأنه كان معتقداً لتحريمها بخلاف الكافر؛ و ذلك لأنه إذا طلب الأجرة قلنا له أنت فرطت حيث صرفت قوتك في عمل محرم فلا يقضى له بالأجرة.
فإذا قبضها ثم قال الدافع هذا المال اقضوا لي برده، فإنما أقبضته إياه عوضاً عن منفعة محرمة، قلنا له أنت دفعته بمعاوضة رضيت بها، فإذا طلبت استرجاع ما أخذ منك فاردد إليه ما أخذته منه إذا كان له في بقائه معه منفعة، فهذا ومثله يتوجه فيما يقبض من ثمن الميتة والخمر (38).
فإن قال:قد تعذر رد المنفعة التي استوفيتها منه قيل له: فلا يجمع لك بين ما استمتعت به من منفعته وبين العوض الذي بذلته فيها، فإن قال: أنا بذلت ما لا يجوز بذله وهو أخذ ما لا يجوز أخذه، قيل: وهو بذل لك من منفعته ما لا يجوز له بذله، واستوفيت أنت ما لا يجوز استيفاؤه، فكلاكما سواء، فما الموجب لرجوعك عليه و لا يفوت عليك شيء، وتفوت المنفعة عليه وكلاكما راض بما بذل مستوف لعوضه؟
فإن قال: ما بذلته أنا عين يمكن الرجوع فيها فيجب ردها، وما بذله منفعة لا يمكن الرجوع فيها إذا أمكن الرجوع في مُعوَّضها الذي بُذلت في مقابلته، أو إذا لم يمكن، الأول: مسلَّم والثاني هو محل النزاع فكيف يجعل مقدمته من مقدمات الدليل؟ وقياسه على المقبوض عوضاً عن الخمر والميتة لا يصح كما عرف الفرق بينهما.
على أنا لا نسلم أن مشتري الخمر إذا أقبض ثمنها وشربها ثم طلب أن يعاد إليه المال أن يقضى له به بل الأوجه ألا يرد إليه الثمن (39)، ولا يباح للبائع أيضاً، لا سيما ونحن نعاقب الخمار يبيع الخمر بأن يحرق الحانوت التي يباع فيها نص عليه أحمد وغيره من العلماء (40) انتهى كلام شيخ الإسلام وابن القيم في هذه المسألة.
وما ذكرته هو المذكور في كتبهم، ولا أزعم أني أحطت بها، ولكن هذا الذي وقفت عليه، ولم يبق بعد ذلك إلا تمحيص هذه الأقوال وتوجيهها إن أمكن، والموازنة بينها.
النتيجة والموازنة:
بعد هذه الجولة المفصلة في بيان رأي شيخ الإسلام يحسن بيان بعض النتائج التي توصلت إليها، وهي نتائج اجتهادية قابلة للنقاش والنظر، يمكن تلخيصها بما يلي:
أولاً: ظهر مما سبق أن لشيخ الإسلام قولين في المسألة، وليس قولاً واحداً.
ثانياً: أن كلام شيخ الإسلام مُشكِل في بعض المواضع، وفي مواضع أخرى لم يجزم برأيه، وقد مال في موضعين بتمليكه تلك الأموال بعد التوبة، وأكثر المواطن أنه يوجب صرفها في مصالح المسلمين، ولا يملكها بالتوبة. والظاهر أن القول بتمليك تلك الأموال بعد التوبة هو آخر قوليه لانتباهه إلى ما يترتب على القول بخلافه من تنفير وضرر، ولأن كتابه (تفسير آيات أشكلت) يعتبر من أواخر ما ألفه شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه قد ألفه في سجن القلعة بدمشق كما يفهم هذا من كلام ابن عبد الهادي في العقود الدرية (41).
ثالثاً: لم أجد نصاً صريحاً من كلامه يوجب رد مهر البغي وثمن الخمر واللواط وأجرة النوح على أصحابها بل كلامه واضح وصريح في أنه لايرد إليهم حتى لا يجمع لهم بين العوض والمعوض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/487)
أما في المرابي التائب: فقد نقلنا كلامه في القول الثاني أنه يرده إلى من أربى عليه إن أمكن وإلا تصدق به عنه، ولكن قد يقاس مال المرابي على مهر البغي واللواط وحلوان الكاهن ونحوهم في منع رده إلى صاحبه، وذلك لأن العلة التي من أجلها منع شيخ الإسلام رد العوض على الزاني واللائط ومستمع الغناء ونحوهم- وهي ألا يجمع له بين العوض والمعوض- قد توجد-أي العلة- في عقود الربا؛ وذلك مثل أن يقترض رجل من آخر بفائدة ربوية ثم ينتفع بهذا القرض، ثم بعد ذلك يطالب المقترض المقرضَ ما قبضه من الربا، وكان قبل ذلك قد انتفع بالقرض فإذا رُدَّت إليه الفائدة فقد جمع بين العوض والمعوض أي بين رأس المال (القرض) والفائدة كما جمع الزاني بين الزنا وعوض الزنا إذا رد إليه؛ لذا قال شيخ الإسلام: (وأيضاً ففي رده-أي الربا- عليه- أي على المقترض- تسليط لمن يحتال على الناس بأن يأخذها-أي أموالهم- بعقود ربوية فينتفع بها ثم يطالبهم بما قبضوه – أي منه من الربا- وقد انتفع برأس ماله-أي مال غيره- مدة بغير رضاهم فإنهم لم يعطوه قرضاً) (42).
رابعاً: ما الراجح من هذه الأقوال؟ وهذا سؤال متوقع بعد هذه الجولة الطويلة، ولئن كان المقصود من البحث هو تحرير رأي شيخ الإسلام في المسألة فقط (43) فإنه لا مانع من بيان الراجح في نظر الباحث – وهو خلاصة دراسة مسبقة في غير هذا الموضع- فأقول -والله أعلم- إن الجواب فيه تفصيل:
أما من حيث رد مهر البغي إلى الزاني، وأجرة الغناء إلى المستمع ... فهو قول ضعيف، والصواب كما قاله شيخ الإسلام وابن القيم أنه لا يُرد العوض إلى أمثال هؤلاء حتى لا يُجمع لهم بين العوض والمعوض، أما هل يملك هذا المال بعد التوبة؟ فهو محل اجتهاد ونظر،
والقول الأول قوي وهو أن تلك الأموال تملك بعد التوبة وتطيب له ويصير كمن لم يتعامل بمحرم لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، وهذا عام في باب العبادات والمعاملات، ومن أقوى ما يدعم هذا القول قوله تعالى: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ)) وهذا عام في كل من جاءته موعظة من ربه فيشمل المسلم والكافر، وإن كانت الآية نزلت في الكفار فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهو دليل قوي ولم أجد جواباً سليماً عنه لولا ما يعكر صفو الاستدلال به حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) (44). وهذا النص عام في العبادات والمعاملات فكل ما وقع منهما على خلاف الشرع يجب رده وإبطاله، والعقود المقبوضة بهذه الحال يجب ردها وإبطالها؛ لدخولها تحت هذا الحديث، كما قال الخطابي وابن حزم (45) وغيرهم من أهل العلم.
وقد يقال في المسألة: أنه إن كان المال المحرم موجوداً عنده ومعلوماً قدره ومتميزاً ولم يختلط بغيره، ويمكن إخراجه كأن يكون العقد قريباً فإنه يخرجه ويتصدق به، وإن لم يكن المال موجوداً بعينه أو اختلط بغيره، ولم يستطع تمييزه، أولم يعلم مقداره لطول الأمد عليه ونحوه فإنه يعفى عنه، وله ما سلف، ويمكن حمل رأيي شيخ الإسلام على هذا التفصيل، وهو قول فيه جمع أو تقريب بين القولين.
وأما في الربا، فهل يرد المال على من أربى عليه أو لا؟ فهذا فيه تفصيل أيضاً: إن كان من أربى عليه ممن يحتال على الناس بإجراء العقود الربوية معهم لينتفع بقروضهم ثم يطالب بعد ذلك بالفوائد، أو كان من أربى عليه معروفاً عنه التعامل بالربا فهذا لا يرد إليه الربا، ولكن يتصدق به كما لا يرد على الزاني ومعاملة له بنقيض قصده، وإن لم يكن المقترض معروفاً عنه التعامل بالربا فإنه يرد المال على من أربى عليه؛ لأنه في الواقع رضي بالربا للحاجة إليه.
وعليه فإذا كانت المعاملة بين بنك ربوي وعميل فلا يخلو من حالين:
الحال الأول: أن يكون العميل هو المقترض، والبنك هو المقرض بفائدة فإذا تاب البنك رد الفائدة على العميل؛ لأن الغالب أن العميل إنما يقترض للحاجة وبدون رضاه، فإن علم أنه يقصد منه التحايل لم يرد المال عليه وإنما يتصدق البنك به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/488)
الحال الثانية: أن يكون العميل هو المقرض بفائدة، والبنك الربوي هو المقترض، فإذا تاب العميل فإنه يتخلص من المال الربوي ولا يرده إلى البنك لئلا يُجمع للبنك بين العوض والمعوض، أي: القرض زائد الفائدة إذا ردت إليه، كما لا يرد مهر البغي على الزاني.
وأما الأموال المغصوبة، وما قبض بغير رضى صاحبه: كالمغصوب والمسروق والمنهوب فلا شك بأنه يجب رده إلى صاحبه، ولا يملكه بقبضه، فإن تعذر رده إلى صاحبه أو إلى ورثته تصدق به عنه كما قرر ذلك ابن القيم. وأما ما قبض برضى صاحبه بعقد محرم كالمقبوض بربا ثم تاب قابضه، فلشيخ الإسلام قولان: الأول: أنه يملك المال بعد التوبة، والثاني: لايملكه، ثم تردد قوله بعد ذلك، فقال مرة يجب التصدق به، وقال مرة يرده على صاحبه، وهذا مالا يصلح القول به في البنوك، والله تعالى أعلم.
وفي الختام أقدم شكري لكل من أبدى لي ملاحظاته من المشايخ وطلبة العلم، وكل من ناقشني في هذا الموضوع؛ ليثري العلم، ويوسع البحث بما يفيد، وأسأل الله عز وجل أن يدلنا للخير، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
___________________
() مجموع الفتاوى (26/ 202) و (11/ 265)، وانظر الفتاوى الكبرى (3/ 264)، وإعلام الموقعين (3/ 263)، (3/ 275).
(2) (تفسير آيات أشكلت) من 2/ 577 - 596
(3) مجموع الفتاوى (22/ 16 - 18)
(4) (تفسير آيات أشكلت) 2/ 577
(5) سورة البقرة، آية (275)
(6) سورة البقرة، آية (275)
(7) سورة البقرة، آية (275)
(8) تفسير آيات أشكلت (2/ 586)
(9) سورة البقرة، آية (275)
(0) سورة البقرة، آية (278 - 279).
(1) (تفسير آيات أشكلت) من 588 - 590
(2) (تفسير آيات أشكلت) من 592 - 593
(3) يقصد بالصورة التي قبلها: صورة قبض المال الحرام عن جهل وتأويل.
(4) يقصد بالقول الذي جزم به هو ما قرره قبل هذا بصفحات أن المقبوض بعقد فاسد عن جهل وتأويل يملكه صاحبه ويطيب له ولا يؤمر بفسخه ولا رده ومعنى كلامه فإن إيجاب الفسخ على العاصي إذا تاب فيه نظر فإن العفو عن الجاهل والمتأول لا يلزم منه عدم العفو عن العاصي إذا تاب.
(5) مجموع الفتاوى (22/ 16 - 18)
(6) مجموع الفتاوى (22/ 21 - 22)
(7) اقتضاء الصراط المستقيم ص (247 - 248).
(8) مجموع الفتاوى (29/ 437 - 438) بتصرف يسير.
(9) مجموع الفتاوى (28/ 594).
(20) مجموع الفتاوى (28/ 568 - 569) وانظر (30/ 413) و (29/ 263) (29/ 241) و (28/ 284)
(21) المراجع السابقة
(22) مجموع الفتاوى (30/ 328)
(23) مجموع الفتاوى (29/ 263) و (29/ 321)
(24) زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 779)
(25) هكذا في مجموع الفتاوى، ولعل الصواب: (إن كان عيناً أو منفعة مباحة)
(26) رواه مسلم في صحيحه بهذا اللفظ (كتاب المساقاة -باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي) (3/ 1199)
(27) مجموع الفتاوى (29/ 308)
(28) أي العوض المحرم المقبوض
(29) تفسير آيات أشكلت (2/ 595 - 591)
(30) (تفسير آيات أشكلت) من 588 - 590
(31) اقتضاء الصرط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 247)
(32) مجموع الفتاوى (29/ 292)
(33) مجموع الفتاوى (22/ 141 - 142)
(34) أحكام أهل الذمة (1/ 575)
(35) مدارج السالكين (1/ 390)
(36) زاد المعاد (5/ 779)
(37) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 247 - 248) و أحكام أهل الذمة (1/ 574 - 575) و زاد المعاد (5/ 781 - 782) بتصرف في الجميع
(38) المراجع السابقة
(39) في اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 248) (الأوجه أن يرد إليه الثمن) ولعله خطأ والصواب المثبت في المتن لسياق الكلام وهو الموجود في أحكام أهل الذمة لابن القيم (1/ 576) فيبدو أن (لا) سقطت من الناسخ والله أعلم
(40) المراجع السابقة.
(41) العقود الدرية (21 - 22)
(42) تفسير آيات أشكلت (2/ 592)
(43) ذكرت في غير هذا الموضع خلاف العلماء في هذه المسألة مستوفىً بالأدلة والمناقشات، وهي مسألة معضلة في نظري لقوة أدلة الفريقين، والله أعلم. انظر بحث المساهمة في الشركات التي أعلنت توقفها عن الأنشطة المحرمة للباحث في موقع الإسلام اليوم.
(44) رواه مسلم بهذا اللفظ من طريق القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (كتاب الأقضية -باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور) رقم 3243 (9/ 119).
(45) عون المعبود (12/ 234)، و المحلى (8/ 135).
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 06:43 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي محمدا على هذا النقل الطيب، وجزى الله تعالى أخانا الفاضل عبد المجيد خيرا على جهده وبحثه.
والحقيقة المسألة شائكة وعويصة، ومن مسائل الاجتهاد التي يعذر فيها المخالف ولا ينكر عليه.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 10 - 07, 01:21 م]ـ
جزى الله الشيخ المنصور خيرا على هذا البحث اللطيف المحرر، فقد أجاد وأفاد حفظه الله.
ولكنه حفظه الله جمع في هذا البحث بين قولي شيخ الإسلام في المال المقبوض من الربا قبل التوبة وبين الأموال المكتسبة من غير الربا ولم يفرق بينهما
والذي يذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير آيات أشكلت هو التفريق بين المال المقبوض من الربا وبين الأموال المكتسبة من المحرمات الأخرى غير الربا
فأجاز أخذ الأول وفصل في الثاني.
والذي يدل على تفريقه عدة أمور منها قوله (2/ 596) (وأما الربا فإنه قبض برضا صاحبه ......... )
وغير ذلك من سياق كلامه عند تأمله تأملا جيدا.
وأما قوله (وهذه المسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق .... ) فإنما يقصد به غير الربا، فهو تابع لقوله قبل ذلك (فإن قيل مثل هذا في الربا قياسا على هذا .... .
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/489)
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[28 - 10 - 07, 06:20 م]ـ
جزى الله الشيخ المنصور خيرا على هذا البحث المتميز.
والسؤال: أين تم نشر هذا البحث؟ هل هو في أحد المواقع أو في إحدى الصحف أو في كتيب منشور له؟
وأرجو من الشيخ الفقيه الغامدي أن يسارع بمناقشة هذا البحث حتى تتم الاستفادة من البحث والمناقشة.
ـ[المقرئ]ــــــــ[28 - 10 - 07, 09:26 م]ـ
بارك الله في الناقل والكاتب وجزاه خيرا وكذا المشايخ المشاركين
ابن تيمية له رأيان وتلاميذ ابن تيمية رحمه الله ذكروا بأن له رأيين وقالوا إن اختياره الذي يوافق الناس أولى
مع أن في بعض المواضع لم يوفق الباحث في فهمها
ـ[المقرئ]ــــــــ[28 - 10 - 07, 11:51 م]ـ
الفروع ج6/ص394
واختار شيخنا فيمن كسب مالا محرما برضا الدافع ثم تاب كثمن خمر ومهر بغي وحلوان كاهن أن له ما سلف للآية ولم يقل الله فمن أسلم ولا من تبين له التحريم قال أيضا لا ينتفع به ولا يرده لقبضه عوضه ويتصدق به كما نص عليه أحمد في حامل الخمر
وقال في مال مكتسب من خمر ونحوه يتصدق به فإذا تصدق به فللفقير أكله ولولي الأمر أن يعطيه أعوانه وقال أيضا فيمن تاب إن علم صاحبه دفعه إليه وإلا صرفه في مصالح المسلمين وله مع حاجته أخذ كفايته وفي رده على الرافضي في بيع سلاح في فتنة وعنب خمر يتصدق بثمنه وأنه قول محققي الفقهاء
كذا قال وقوله مع الجماعة أولى
هـ
ـ[المقرئ]ــــــــ[28 - 10 - 07, 11:59 م]ـ
وفي الاختيارات للبعلي
ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع ثم تاب كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن فالذي يتلخص من كلام أبي العباس أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه يتصدق به كما نص عليه أحمد في حامل الخمر وللفقير أكله ولولي الأمر أن يعطيه أعوانه وإن كان هو فقير أخذ كفايته وله فيما إذا عرف ربه هل يلزمه رده إليه أم لا قولان
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[29 - 10 - 07, 06:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا المقرئ على إفادتك.
والسؤال: ما مقصود ابن مفلح رحمه الله في قوله: (وقوله مع الجماعة أولى).
وسؤال آخر: إذا نقل عن أحد الأئمة قولان وأمكن الجمع بينهما أليس من الأولى أن نجمع بينهما بأن نحمل كل قول على حال، فيكون أولى من أن نقول إن له قولين في المسألة.
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 12:37 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا المقرئ على إفادتك.
والسؤال: ما مقصود ابن مفلح رحمه الله في قوله: (وقوله مع الجماعة أولى).
وسؤال آخر: إذا نقل عن أحد الأئمة قولان وأمكن الجمع بينهما أليس من الأولى أن نجمع بينهما بأن نحمل كل قول على حال، فيكون أولى من أن نقول إن له قولين في المسألة.
أهلا بشيخنا الميمان
مقصود ابن مفلح أن الجماعة رأو أن ثمن الخبيث كمهر البغي وحلوان الكاهن لا يملكه والقول الآخر أن له ما سلف ليس عليه الجماعة من العلماء
وسؤالكم الآخر: لاشك أن ما قلتم هو الصواب وهو الجمع بين القولين خلافا لمن قال إنه لا ينسب إليه قول أو يعتبر له قولان
لكن هنا الجمع متعذر
بارك الله فيكم
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[01 - 11 - 07, 06:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا المقرئ.
وعتبي عليك أنك وصفتني بالمشيخة ولستُ منها في صدر ولا ورد.
وفي انتظار بقية مناقشة البحث من مشايخنا الفضلاء.
ـ[توبة]ــــــــ[16 - 04 - 08, 11:59 م]ـ
ألا يُلحق الجاهل بالعامد في المعلوم من الدين بالضرورة؟
ـ[لييل]ــــــــ[11 - 07 - 08, 09:56 ص]ـ
الإخوة الأعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على هذا الموضوع ووجدت إضافة مختصرة من الأخ عبدالرحمن الفقيه ووعد بتابع لها بإذن الله، ونظرا لأهمية الموضوع وحرصا على معرفة الإضافة التي وعد بها أخونا عبدالرحمن من غير قصور في بقية الإخوة.
أرجو التفاعل مع الموضوع وإثراءه
حفظكم الباري
صلوا على رسول الله
ـ[الكاشغري]ــــــــ[12 - 07 - 08, 12:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم إخواني الأفاضل
وقد عرفنا أقوال الشيخ في هذه المسألة، فهل لنا أن نعرف الأدلة الشرعية على هذه الأقوال؟ وذلك تتميما للفائدة.
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[12 - 07 - 08, 04:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد دل على هذا قوله تعالى ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا فأمرهم بترك ما لم يقبضوا من الربا ولم يتعرض لما قبضوه بل أمضاه لهم
وكذلك الأنكحة لم يتعرض فيها لما مضى ولا لكيفية عقدها بل أمضاها وأبطل منها ما كان موجب إبطاله قائما في الإسلام كنكاح الأختين والزائدة على الأربع فهو نظير الباقي من الربا وكذلك الأموال لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أحدا بعد إسلامه عن ماله ووجه أخذه ولا تعرض لذلك
وكذلك للأسباب الأخرى كما تقدم في المستلحق في بابه
وهذا أصل من أصول الشريعة ينبني عليه أحكام كثيرة.
حاشية ابن القيم على تهذيب السنن (8|89)
ومن النص الذي نقله الباحث عن شيخ الإسلام رحمه الله أن المسلم من باب أولى إذا تاب أن يترك له ما مضى من الربا وهو قوله:وهذا النوع الثالث هو الذي يخصُّنا ثم قال بعد ذلك بصفحات: (والكافر إذا قبضه لكونه قد تاب فالمسلم أولى بطريق الأولى، والقرآن يدل على هذا بقوله: ((فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ)).
فيحتمل أن شيخ الإسلام كما ذكر الشيخ عبد الرحمن الفقيه يفرق بين الربا وبين غيره من المال الحرام.
وقال البعلي في الاختيارات لشيخ الإسلام: (167): ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع ثم تاب كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن فالذي يتلخص من كلام أبي العباس: أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه يتصدق به كما نص عليه أحمد في حامل الخمر .. .
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/490)
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[12 - 07 - 08, 05:15 م]ـ
وهذه فتوى للشيخ الفوزان تتعلق بهذه المسألة ولعل فيها ما أشار إليه الشيخ عبد الرحمن من التفريق بين الربا وبين غيره , وإن كان الشيخ الفوزان يرجح التصدق به أو صرفه في الأعمال الخيرية.
قال الشخ: صالح الفوزان:
التوبة مطلوبة وواجبة على العبد من كل ذنب في أسرع وقت ممكن قبل فوات أوانها، قال الله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيماً (17) وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً) الآيتان من سورة النساء 17، 18.
والربا من أعظم الذنوب بعد الشرك، فهو أحد السبع الموبقات فتجب المبادرة بالتوبة منه على من كان يتعاطاه، فإذا من الله على المرابي فوفقه فتاب وقد تعامل بالربا فماذا يفعل للتخلص من أموال الربا- إنه لا يخلو من إحدى حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه بعد ففي هذه الحالة قد أرشده الله تعالى إلى أن يسترجع رأس ماله ويترك ما زاد عليه من الربا فلا يستوفيه ممن هو في ذمته-قال الله تعالى: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)
قال الإمام القرطبي رحمه الله: (روى أبو داود عن سليمان بن عمر عن أبيه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا إن كل ربا الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموال لا تظلمون ولا تظلمون) -سنن أبي داود- فردهم تعالى مع التوبة إلى رؤوس أموالهم وقال لهم (لا تظلمون) في أخذ الربا (ولا تظلمون) في مطل لأن مطل الغني ظلم- فالمعنى: أنه يكون القضاء مع وضع الربا- إلى أن قال: قوله تعالى: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم).
تأكيد لإبطال ما لم يقبض منه وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه (تفسير القرطبي 3/ 365) وقال الإمام ابن القيم: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم).
يعني إن تركتم الربا وتبتم إلى الله منه وقد عاقدتم عليه فإنما لكم رؤوس أموالكم لا تزادون عليها فتظلمون الآخذ ولا تنقصون منها فيظلمكم من أخذها، فإن كان هذا القابض معسراً فالواجب إنظاره إلى ميسرة وإن تصدقتم عليه وأبرأتموه فهو أفضل لكم وخير لكم (التفسير القيم لابن القيم (172 - 173)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على أن التراضي بين الطرفين على فعل محرم لا يبيحه قال: وهذا مثل الربا فإنه وإن رضي به المرابي وهو بالغ رشيد لم يبح له ما فيه من ظلمه. ولهذا له أن يطالبه بما قبض منه في الزيادة ولا يعطيه إلا رأس ماله وإن كان قد بذله باختياره (مجموع الفتاوى 151/ 126) وقال أيضاً: وهذا المرابي لا يستحق في ذمم الناس إلا ما أعطاهم أو نظيره، فأما الزيادات فلا يستحق شيئاً منها- لكن ما قبضه قبل ذلك بتأويل يعفى عنه وأما ما بقي له في الذمم فهو ساقط لقوله تعالى (وذروا ما بقى من الربا) سورة البقرة من الآية 278.
الحالة الثانية: أن يكون التائب من الربا قد قبضه وتجمعت عنده أموال منه والفتوى في هذا خطيرة جداً- وأنا أنقل في هذا قاعدة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: (قاعدة في المقبوض بعقد فاسد وذلك أنه لا يخلو إما أن يكون العاقد يعتقد الفساد ويعلمه أو لا يعتقد الفساد- فالأول يكون بمنزلة الغاصب حيث قبض ما يعلم أنه لا يملكه- لكنه بشبهة العقد وكون القبض على التراضي هل يملكه بالقبض أو لا يملكه؟ أو يفرق بين أن يتصرف فيه أو لا يتصرف – هذا فيه خلاف مشهور في الملك. هل يحصل بالقبض في العقد الفاسد- وأما إن كان العاقد يعتقد صحة العقد مثل أهل الذمة فيما يتعاقدون بينهم من العقود المحرمة في دين الإسلام مثل بيع الخمر والربا والخنزير فإن هذه العقود إذا اتصل بها القبض قبل الإسلام والتحاكم إلينا أمضيت لهم ويملكون ما قبضوه بها بلا نزاع لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين) الآية 278 البقرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/491)
فأمر بترك ما بقي، وإن أسلموا أو تحاكموا قبل القبض فسخ العقد ووجب رد المال إن كان باقياً أو بدله إن كان فائتاً والأصل فيه قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) إلى قوله: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)
أمر الله تعالى برد ما بقي من الربا في الذمم ولم يأمر برد ما قبضوه قبل الإسلام، وجعل لهم مع ما قبضوه قبل الإسلام رؤوس الأموال، فعلم أن المقبوض بهذا العقد قبل الإسلام يملكه صاحبه- أما إذا طرأ الإسلام وبينهما عقد ربا فينفسخ وإذا انفسخ من حين الإسلام استحق صاحبه ما أعطاه من رأس المال ولم يستحق الزيادة الربوية التي لم تقبض، ولم يجب عليه من رأس المال ما قبضه قبل الإسلام لأنه ملكه بالقبض في العقد الذي اعتقد صحته وذلك العقد أوجب ذلك القبض. فلو أوجبناه عليه لكنا قد أوجبنا عليه رده وحاسبناه به من رأس المال الذي استحق المطالبة وذلك خلاف ما تقدم- وهكذا كل عقد اعتقد المسلم صحته بتأويل من اجتهاد أو تقليد مثل المعاملات الربوية التي يبيحها مجوزو الحيل ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته، ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوز بيعها، فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقص بعد ذلك لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد-ا نتهى- (مجموع الفتاوى 29/ 211 - 212)، وحاصل هذه القاعدة أن الشيخ يفرق بين من قبض مالاً بعقد فاسد يعتقد صحته كالكافر الذي كان يتعامل بالربا قبل إسلامه أو تحاكمه إلينا- وكالمسلم إذا عقد عقداً مختلفاً فيه بين العلماء وهو يرى صحته، أو يقلد من يرى صحته- فهذا النوع من المتعاقدين يملك ما قبضه.
أما من تعامل بعقد مختلف في تحريمه وهو لا يرى صحته أو بعقد مجمع على تحريمه فما قبضه بموجب ذلك العقد فهو كالغاصب حيث قبض ما يعلم أنه لا يملكه، ويقرب مما ذكره الشيخ ما قاله ابن القيم في كسب الزانية حيث قال: فإن قيل ما تقولون في كسب الزانية إذا قبضته ثم تابت، هل يجب عليها رد ما قبضته إلى أربابه أم يطيب لها أم تصدق به- قيل هذا ينبني على قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام- وهي أن من قبض ما ليس له قبضه شرعاً ثم أراد التخلص منه- فإن كان المقبوض قد أخذ بغير رضى صاحبه ولا استوفى عوضه رده عليه، فإن تعذر رده عليه قضى به ديناً يعلمه عليه فإن تعذر ذلك رده إلى ورثته، فإن تعذر ذلك تصدق به عنه – إلى أن قال: وإن كان المقبوض برضى الدافع وقد استوفى عوضه المحرم كمن عاوض عن خمر أو خنزير أو على زنا أو فاحشة فهذا لا يجب رد العوض على الدافع لانه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان وتيسير أصحاب المعاصي عليه- إلى أن قال: ولكن لا يطيب للقابض أكله بل هو خبيث، فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالصدقة به- فإن كان محتاجا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته ويتصدق بالباقي فهذا حكم كل كسب خبيث لخبث عوضه عيناً أو منفعة ولا يلزم من الحكم بخبث وجوب رده على الدافع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بخبث كسب الحجام ولا يجب رده على دافعه (زاد المعاد 4/ 779 - 780) انتهى.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (الفتاوى السعدية ص 303) على قول الأصحاب بالمقبوض بعقد فاسد أنه مضمون على القابض كالمغصوب: أقول واختار الشيخ تقي الدين أن المقبوض بعقد فاسد غير مضمون. وأنه يصح التصرف فيه، لأن الله تعالى لم يأمر برد المقبوض بعقد الربا بعد التوبة وإنما أمر برد الربا الذي لم يقبض، وأنه قبض برضى ملكه فلا يشبه المغصوب، ولأن فيه من التسهيل والترغيب في التوبة ما ليس في القول بتوقيف توبته على رد التصرفات الماضية مهما كثرت وشقَّت والله أعلم- وقال الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار على قوله تعالى: (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) البقرة 275.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/492)
أي فمن بلغه تحريم الله تعالى للربا ونهيه عنه فترك الربا فوراً بلا تراخ ولا تردد انتهاء عما نهى الله عنه فله ما كان أخذ فيما سلف من الربا لا يكلف رده إلى من أخذه منهم ويكتفى منه بأن لا يضاعف عليهم بعد البلاغ شيئاً (وأمره إلى الله) يحكم فيه بعدله ومن العدل أن لا يؤاخذ بما أكل من الربا قبل التحريم وبلوغه الموعظة من ربه (تفسير المنار 3/ 97 - 98) انتهى – أقول: ولعلنا من هذه النقول نستفيد أن من تاب من الربا وعنده أموال مجتمعة منه- فإن من مقتضى التوبة الإمساك والتوقف عن التعامل بالربا إلى الأبد- ولا يرد الأموال الربوية إلى من أخذها منهم لأن هذا يعينهم على المراباة مع غيره بحيث يستغلونه في ذلك- ولا يأكل هذه الأموال الربوية لأنها من كسب خبيث ولكن يتخلص منها بالتصدق بها أو جعلها في مشاريع خيرية.
وفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية (جـ5 ص 71 - 72) جواب للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ – رحمه الله قال فيه: (إذا وقع عقد فاسد في معاملة في الإسلام قد انقضت بالتقابض فيظهر مما قاله شيخ الإسلام رحمه الله في آية الربا في قوله تعالى: (فله ما سلف وأمره إلى الله).
فاقتضى أن السالف للقابض وأن أمره إلى الله ليس للغريم فيه أمر، وذلك أنه لما جاءه موعظة من ربه فانتهى كان مغفرة ذلك الذنب والعقوبة عليه أمره إلى الله إن علم من قلبه صحة التوبة غفر له وإلا عاقبه ثم قال: (اتقوا الله ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين).
فأمر بترك الباقي ولم يأمر برد المقبوض. وقال (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون).
إلا أنه استثنى منها ما قبض وهذا الحكم ثابت في حق الكافر إذا عامل كافراً بالربا وأسلما بعد القبض وتحاكما إلينا فإن ما قبضه يحكم له به كسائر ما قبضه الكافر بالعقود التي يعتقدون حلها. وأما المسلم فله ثلاثة أحوال- تارة يعتقد حل بعض الأنواع باجتهاد أو تقليد، وتارة يعامل بجهل ولا يعلم أن ذلك ربا محرم، وتارة يقبض مع علمه بأن ذلك محرم.
أما الأول والثاني ففيه قولان إذا تبين له فيما بعد أن ذلك محرم- قيل يرد ما قبض كالغاصب، وقيل لا يرده وهو أصح إذا كان معتقداً أن ذلك حلال، والكلام فيما إذا كان مختلفا فيه مثل الحيل الربوية فإذا كان الكافر إذا تاب يغفر الله ما استحله ويباح له ما قبضه- فالمسلم إذا تاب أولى أن يغفر له إذا كان أخذ بأحد قولي العلماء في حل ذلك فهو في تأويله أعذر من الكافر في تأويله، وأما المسلم الجاهل فهو أبعد، لكن ينبغي أن يكون كذلك فليس هو شراً من الكافر وقد ذكرنا فيما يتركه من الواجبات التي لم يعرف وجوبها هل عليه قضاء- على قولين أظهرهما لا قضاء عليه. إلى أن قال فمن فعل شيئاً لم يعلم أنه محرم ثم علمه لم يعاقب، وإذا عامل بمعاملات ربوية يعتقدها جائزة وقبض منها ثم جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ولا يكون شراً من الكافر، والكافر إذا غفر له ما قبضه لكونه قد تاب فالمسلم بطريق الأولى والقرآن يدل على هذا بقوله: (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف).
وهذا عام في كل من جاءه موعظة من ربه فانتهى، فقد جعل الله له ما سلف انتهى- لكن هذا الكلام ينصب على الكافر إذا أسلم وعنده أموال قد قبضها بطريق التعامل الربوي- والمسلم الذي تعامل ببعض المعاملات المختلف فيها هل هي من الربا أولا أو لكونه يجهل الربا وقبض بموجبها مالاً تحصل لديه ثم تبين له أنها من الربا وتاب منها- وتبقى قضية المسلم الذي تعامل بالربا متعمدا وهو يعلم أنه ربا ثم تاب منه وقد تحصل لديه منه مال فهذا موضع الإشكال- ولعل الحل لهذا الإِشكال أن يتصدق به ولا يرده للمرابين- كما ذكره ابن القيم في الكلام الذي نقلناه عنه في مهر البغي، والله أعلم.
عن موقع باب المقال
ـ[الكاشغري]ــــــــ[18 - 07 - 08, 12:52 ص]ـ
أخي عبد الباسط بن يوسف، جزاكم الله خيرا
أرى أنه لا يستقيم وجه الاستدلال الذي ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله بقوله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) لأن هذه الآية عفا عما سلف على العلم بالتحريم، أما ما كان بعد العلم بالتحريم فليس له أن يبقيه على ملكه. قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية: أي من بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه فله ما سلف من المعاملة.
ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أي بعد علمه بالتحريم.
وكذلك لا يصح القياس على أنكحة وأموال المشركين الذين أسلموا عليها؛ لأن الإسلام يهدم ما قبله. والمسألة في المسلم الذي تعاطى الربا بعد علمه بالتحريم، ثم تاب.
وهذه الأدلة تدل على أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه لا يجوز له أكله. وهو ما لخصه البعلي عن الإمام ابن تيمية.(86/493)
استفسار: هل ثبت عن النبي-صلى الله عليه و سلم-لبس خاتم الفضة في يده اليمنى و اليسرى؟
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[28 - 10 - 07, 02:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام لدي استفسار وهو:
هل ثبت عن النبي-صلى الله عليه و سلم-لبس خاتم الفضة في يده اليمنى و اليسرى؟
و هل لبسها للرجال مقيد بمقدار؟
بوركتم.
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 02:21 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي عبد الحق، وقع بحث هذا الموضوع في منتدانا و ستجده ان شاء الله على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14466&highlight=%C7%E1%CA%CE%CA%E3 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14466&highlight=%C7%E1%CA%CE%CA%E3)
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[18 - 11 - 07, 08:58 ص]ـ
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
جزيتم خير أخي "أيمن" وبارك الله فيكم ..
لكني ما زلت استشكل هل ثبت عن النبي-صلى الله عليه و سلم-لبس خاتم الفضة في يده اليمنى و اليسرى معا؟
ثم هل هناك حديث في البخاري يقيد مقدار لبس الفضة؟(86/494)
طلب عن بعض الكتب والمقالات التي تتحدث عن البيوع الفاسدة وأثرها السئ علي لإقتصاد
ـ[أبوحامد الشنقيطى]ــــــــ[28 - 10 - 07, 09:57 م]ـ
إخوتي الكرام أنا أبحث عن بعض الكتب والمقالات التي تتحدث عن البيوع الفاسدة وأثرها السئ علي لإقتصاد فمن كان منكم عنده معرفة بهد الموضوع فليدلي فيه بدلوه وينشر لنا بعض علمه والله يبارك فيه ويثيبه
ـ[محمد بن عبدالله بن محمد]ــــــــ[30 - 10 - 07, 02:45 م]ـ
هناك كتاب كتبه احد الخبراء وهو كوكيل وزارة مصري سابق
عنوان موسوعة الاقتصاد الإسلامي اسم المؤلف جمال (نسيت باقي اسمه).
ـ[أبوحامد الشنقيطى]ــــــــ[30 - 10 - 07, 11:37 م]ـ
بوركت أخي محمد ولاكن أين أجد هد الكتاب
ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[07 - 11 - 10, 07:04 م]ـ
للرفع(86/495)
نظم مفردات الحنابلة؟
ـ[أبو خباب المكى]ــــــــ[29 - 10 - 07, 12:22 ص]ـ
اين اجد نظم مفردات الحنابلة للشيخ منصور البهوتي؟
وفق الله الجميع.
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 01:34 ص]ـ
هو ليس للشيخ منصور البهوتي و إنما لـ: محمد بن علي الدمشقي الصالحي (ت 820 هـ).
طُبَع مفرداً بعناية:
1) محمد العجمي _ أظن _، و طبعَ في طار البشائر الإسلامية، و هي أفضل الثانية.
2) ناصر السلامة، و طبع في مكتبة الرشد.
و طبعَ مع شرحه للشيخ منصور البهوتي دار أشبيليا، بعناية د. عبد الله المطلق.(86/496)
ستون سؤالاً في الحج، الشيخ محمد بن محمدالمختار الشنقيطي رضي الله عنه وأرضاه
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 01:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم أما بعد.
فضيلة الشيخ هذه جملة من الأسئلة في مناسك الحج وردت من الاخوة وجاء ترتيبها على حسب المناسك نأمل منكم الإجابة عليها سائلين المولى أن يكتب لكم بها الأجر وأن يجعلها نافعة للمسلمين إنه سميع مجيب.
(((((ملحوظة: لم يراجعها الشيخ حفظه الله تعالى)))))
السؤال الأول:
هل يجب الحج على المديون؟
الجواب:
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد فرض الله الحج إلى بيته الحرام على من استطاع إلى البيت سبيلاً ولازم ذلك وجود الزاد، ومن كان مديوناً فإنه لا يقدر لأنه محاط بالدين فإذا كان الدين يستغرق ماله فإنه لا يملك الزاد، وعلى هذا فلا يجب الحج على مديون استغرق الدين ماله أو كان عليه دين لا يستطيع وفاءه، واستثنى بعض العلماء أقساط الدين فقالوا: إذا كان الدين مقسطاً على أنجم وأدى آخر نجم وهو نجم ذي القعدة فلا حرج عليه أن يحج، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثاني:
متى يجب الحج على المرأة؟
الجواب:
يجب الحج على المرأة إذا كانت قادرة على الحج بملك النفقة وكذلك إذا وجدت محرماً يحج معها؛ لأن النبي- r- قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)) وفي الحديث الصحيح أن رجلاً قال: - يا رسول الله - إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وإن امرأتي انطلقت حاجة وليس معها محرم؟ قال له النبي- r- : (( انطلق وحج مع امرأتك)) فدل هذا على أن المرأة لا يجب عليها الحج إلا إذا كان معها ذو محرم يستطيع أن يحفظها في سفرها ويقوم عليها في شأنها، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثالث:
لو كان الرجل أو المرأة عاجزين عن الحج بأنفسهما للمرض ونحوه ولكنهما يستطيعان التوكيل بالمال فهل يجب عليهما أن يوكلا؟
الجواب:
من كان عاجزاً عن الحج وعنده مال يستطيع أن يحجج به الغير فلا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إما أن يكون عجزه مؤقتاً.
والحالة الثانية: وإما أن يكون عجزه مستديماً.
العجز المؤقت كالمرض الذي يتأقت بالشهور ويرجى زواله أو بالسنوات ويرجى زواله فهذا ينتظر إلى أن يكتب الله له الشفاء والعافية، يسقط عنه الحج حال العجز ويجب عليه بعد القدرة ثم يحج بعد شفائه وقوته وقدرته فلو حجج الغير في حال عجزه ثم بعد ذلك قدر فإن حج الغير لا يجزيه لأنه لا يصح منه التوكيل على هذا الوجه.
والحالة الثانية: أما إذا كان عجزه مستديماً كإنسان عاجز لكبر أو معه مرض لا يمكن معه أن يقوم بالحج ولا أن يؤدي أركانه فإنه في هذه الحالة يُنتَقَل إلى القدرة بالمال فإذا قدر على أن يستأجر من يحج عنه وجب عليه أن يحجج عن نفسه سواء كان رجلاً أو كانت امرأة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الرابع:
إذا توفي الإنسان ولم يحج مع أنه كان قادراً على الحج في حياته فما الحكم وإذا قلنا بوجوب الحج عنه فهل يحرم من يحج عنه من ميقاته أو من ميقات الميت؟
الجواب:
-نسأل الله السلامة والعافية- من كان قادراً على الحج ولم يحج فإنه آثم، كره الله انبعاثه فثبطه وقيل اقعدوا مع القاعدين، كره الله أن يراه في هذه الجموع المؤمنة ولو كان عبداً صالحاً موفقاً لما تقاعس عن واجب الله-جل وعلا- وفريضته، فإن الله يبتلي الإنسان بماله ويبتليه بأهله وأولاده فيكره الخروج في طاعة الله وما فرض الله عليه فيجعل الله ماله شؤماً عليه ويجعل ذريته وأولاده بلاءً عليه، وهذه هي فتنة الأموال والأولاد فمن فعل ذلك فقد أثم واعتدى حد الله- U- بترك هذه الفريضة، فيجب على من استطاع الحج إلى بيت الله الحرام ولم يكن معذوراً أن يبادر بالحج وأن يقوم بفريضة الله-جل وعلا- عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/497)
أما بالنسبة لو مات ولم يحج فإنه آثم ثم يجب على ورثته أن يقوموا بالحج عنه يحججوا أو يخُرجوا من تركته ما يحج به عنه فإن وُجِد متبرع بدون مال فلا إشكال، وإن لم يوجد متبرع فإنهم يستأجرون من يقوم بهذا الحج على وجهه ويعتبر هذا من الديون التي تقضى قبل قسمة التركة فيؤخذ من ماله على قدر الحج عنه قبل أن تقسم التركة؛ لأن الله قال في قسمة المواريث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn1) فلما قال: {أَوْ دَيْنٍ} أطلق وقد سمى النبي- r- حق الله ديناً فقال للمرأة: ((أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته)) قالت نعم قال: ((فدين الله أحق أن يقضى)) فمن مات وهوقادر على الحج ولم يحج فإنه يحج عنه من ماله ويخرج من ماله على قدر نفقة الحاج عنه.
ثم السؤال لو أن الميت كان في المدينة ومن أراد أن يحج عنه بجدة فهل يكون إحرام الذي يريد أن يحج وهو الوكيل من ميقاته وهي جدة أو من ميقات من يقوم مقامه وهو الميت - أعني المدينة -؟
هذا فيه تفصيل:
إن كان الميت قد قصر في الحج فقد وجب عليه الحج من ميقاته وعلى الوكيل أن يحرم من ميقات الميت، وبناءً على ذلك فلا بد وأن يحج عنه من ميقاته.
أما في حجج النوافل والتي لا وجوب فيها فإنه يحج الوكيل من أي مكان، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الخامس:
الاستئجار للحج عن الميت هل هو مشروع وما هي أنواعه وما هو الجائز منها وما الذي ينبغي توفره في الشخص الأجير وكيف تكون نيته؟
الجواب:
أما بالنسبة للاستئجار للحج فالإجماع قائم كما حكاه الإمام ابن قدامة وابن رشد وابن المنذر-رحمة الله عليهم جميعاً- حكوا الإجماع على أن الاستئجار للمنافع المباحة شرعاً أنه مباح، وبناءً على ذلك فإن الحج عن الغير منفعة مباحة شرعاً وليست من فرائض الأعيان التي لا يصح التوكيل فيها، فلما دخلت النيابة جاز أن يحج عنه بالإجارة، وهو قول جماهير العلماء-رحمة الله عليهم-.
أما أنواع الإجارة عن الميت فعلى حالتين:
الحالة الأولى: يسمونها إجارة البلاغ، وإجارة البلاغ أن تستأجر شخصاً وتقول له أقوم بنفقتك حتى تبلغ الحج فتقوم بنفقة الركوب وبنفقة النزول وبنفقة الطعام والشراب ونحو ذلك من اللباس والهدي الذي يجب إن كان متمتعاً أو قارناً ولا تنفق عليه شيئاً زائداً على حاجته المحتاج إليها في حجه هذا النوع يسمونه (إجارة البلاغ) والإجماع قائم على مشروعيته عند من يقول بجواز الإجارة.
أما الحالة الثانية: فهي إجارة المقاطعة وهي التي يسمونها على سنن الإجارة يكون فيها السوم يقول له حج عن ميتي بألف يقول لا بل بألفين لا بل بثلاثة ثم يتداولان حتى يثبتان على سعر معين إن كان قد حج عنه قال أريد ألفين أو ثلاثة، فإن زادت الألفان أخذ الزائد وإن نقصت وجب عليه أن يكمل الناقص ولا يجب على صاحب الميت أن يدفع له الناقص هذا النوع يسمونه (الإجارة على سنن الإجارة) وهي إجارة مقاطعة وفي النفس منها شيء وإن كان الأقوى والأشبه أنه تجوز إجارة البلاغ دون إجارة المقاطعة، يشترط في هذا الأجير طبعاً أن يكون قد حج عن نفسه ولا يجوز أن يحج عن الغير إذا لم يحج عن نفسه لحديث ابن عباس أن النبي- r- سمع رجلاً وهو يطوف بالبيت يقول: لبيك عن شبرمة؟ قال: ((ومن شبرمة)) قال أخي أو ابن عمٍ لي مات ولم يحج قال: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة))، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السادس:
إذا حجت المرأة بدون محرم فما الحكم وهل يصح حجها أو لا يصح وما الدليل على ذلك؟
الجواب:
إذا حجت المرأة بدون محرم فللعلماء قولان:
القول الأول: جمهور العلماء أنها آثمة وحجها صحيح.
والقول الثاني: ذهب طائفة من السلف إلى أنها آثمة وحجها فاسد لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه.
والصحيح أن حجها صحيح؛ لأن النبي- r- قال: ((من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه)) فجعل الأركان والشرائط معتبرة للحكم بصحة العبادة دون نظر إلى الإخلال، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السابع:
إذا مات المحرم بالحج أو العمرة أثناء الحج والعمرة وكانت فريضة عليه فهل يلزمنا أن نقضي الحج والعمرة عنه وما الدليل؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/498)
للعلماء قولان في هذه المسألة منهم من يرى أنه لومات الحاج أو المعتمر أثناء حجه وعمرته لا يلزمنا إتمام ما شرع فيه ولا يقضى عنه ذلك الحج ولا تلك العمرة، وهذا هو المذهب الصحيح على ظاهر حديث عبد الله بن عباس أن النبي- r- وقف في حجة الوداع ووقف معه الصحابة فوقف رجل فوقصته دابته فمات فقال- r- : (( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) لم يقل النبي- r- اقضوا حجه أو أتموا حجه وهذا يدل على أن الواجب هو ما ذكر وأن ما زاد على ذلك فليس بواجب ولأنه قد قام بفرضه فأدى ما أوجب الله عليه وانتهت حياته عند هذا القدر، وعلى ذلك لا يجب أن يتم عنه ولا أن يحج عنه وإن حج عنه احتياطاً فلا حرج، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثامن:
هل من حق الزوج أن يمنع زوجته من حج الفرض وعمرة الفرض إذا أرادت القيام بهما مع محرمها وإذا لم يكن من حقه ذلك فهل إذا منعها وخرجت مع محرمها تعتبر عاصية آثمة؟
الجواب:
ليس من حق الزوج أن يمنع زوجته من حج الفريضة فهذا حق الله- I- الذي هو فوق الحقوق كلها، ولذلك يعتبر آثماً شرعاً؛ لأنه أمر بالمنكر ونهى عن المعروف فليس من حقه أن يمنع الزوجة وليس له عليها سلطان في هذا؛ ولكن استثنى العلماء-رحمة الله عليهم-?أن تكون تلك الحجة فيها مفسدة أو فتنة عظيمة لا يستطيع أن يحج معها ولا يوجد محرم يستطيع أن يحفظها من الفساد فهذه حالة مستثناه أما ما عدا ذلك فإنه لا يجوز له أن يمنعها وحينئذ إذا حجت مع محرمها فإنها مأجورة غير مأزورة وليس من حقه أن يمنعها من حق الله-سبحانه-، وفي الصحيح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع:
إذا أراد الإنسان أن يحج أو يعتمر عن ميت أو عاجز عن الحج فهل يشترط أن يكون مثله ذكورة وأنوثة أو لا؟
الجواب:
لا يشترط في الوكيل أن يكون مشابها لموكله جنساً فيحج الذكر عن الذكر أو الأنثى عن الأنثى فالكل يجزيء ويعتبر فيجوز حج الرجال عن النساء وحج النساء عن الرجال؛ لأن النبي- r- أفتى الخثعمية بذلك وحينئذ لا حرج في حج ذكر عن أنثى والعكس والإجماع قائم على ذلك، والله - تعالى - أعلم.
السؤال العاشر:
إذا توفي الوالدان ولم يحجا ولم يعتمرا وأردت أن أحج عنهما وأعتمر فهل أبدأ بالوالد أو الوالدة وما الدليل؟
الجواب:
تبدأ بالوالدة؛ لأن النبي- r- عظم حقها فقال لما سأله الصحابي: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أبوك)) قال العلماء: في هذا دليل على أن حق الأم آكد من حق الأب، حتى إن بعض العلماء قال: إذا تعارض بر الوالد والوالدة يقدم بر الوالدة على الوالد؛ وذلك لأن النص دل على أنها أحق بحسن الصحبة وهي أولى، وحينئذ تبدأ بأمك ثم بعد ذلك تثني بأبيك، والله - تعالى - أعلم.
مسائل الإحرام والتلبية
السؤال الحادي عشر:
ما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالحج؟
الجواب:
لما قدم-عليه الصلاة والسلام- على ذي الحليفة وكان قد توافد الناس على المدينة يقولون كيف يحج رسول الله- r- كلهم يريد أن يأتسي به ويقتدي فلما قدم على الميقات-صلوات الله وسلامه عليه- اغتسل وتجرد من المخيط، ثم بعد ذلك لبس رداءه وإزاره وقال للناس: ((من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بحج و عمرة فليهل)) وكان الوحي قد نزل عليه قبل أن يصل إلى الميقات قبل أن يحرم في ميقاته كما في الصحيح من حديث عمر في البخاري أنه قال: ((أتاني الليلة آت من ربي فقال أهل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة)) فاختار الله له من فوق سبع سموات أن يهل بالقران، ولذلك أهلَّ قارناً-صلوات الله وسلامه عليه- استجابة لأمر ربه فيخير الإنسان بين هذه الأنساك فإذا أهلَّ بالعمرة وكان في أشهر الحج فهو تمتع وإذا أهلَّ بالحج فهو إفراد وإذا أهلَّ بهما معاً فإنه يقول: لبيك حجة وعمرة ويعتبر قراناً قال أنس-tوأرضاه- كنت تحت ناقة النبي- r- أسمعه يقول: ((لبيك عمرة و حجة))، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثاني عشر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/499)
متى يصح الإحرام بالحج وما الحكم لو وقع إحرامه بالحج قبل أشهر الحج كأن ينوي الحج في رمضان؟
الجواب:
الحج له ميقات زماني أشار الله- I- إليه بقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn2) وهذه الأشهر قمرية لا شمسية بإجماع العلماء-رحمة الله عليهم-?ويبتدئ موسم الحج الزماني بثبوت عيد الفطر فإذا ثبت أن الليلة عيد الفطر فحينئذ تبتدئ هذه الشهور فأولها أول يوم من شوال وهو يوم عيد الفطر فلو أحرم ليلة عيد الفطر بالحج وقال لبيك حجة فإنه يصح وينعقد إحرامه وهكذا لو تمتع فيها، أما لو أحرم قبل ليلة العيد وهي مسألة مشهورة عند العلماء من أوقع الإحرام قبل أشهر الحج فللعلماء قولان:
منهم من يقول: لا ينعقد حجه وهو مذهب الشافعية، والظاهرية-رحمة الله على الجميع-.
ومنهم من يقول: ينعقد حجه وهو آثم إذا كان عالماً وهو مذهب الجمهور.
والصحيح مذهب الشافعية، والظاهرية أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج وأنه لا ينعقد إحرامه عن الحج؛ لأن الله-تعالى- يقول: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ولا فائدة من هذا إلا تخصيص الحكم بها، ولأنه كما لا يصح إيقاع الظهر قبل زوال الشمس لا يصح إيقاع الحج قبل زمانه المعتبر فأزمنة العبادات مؤقة لايصح إيقاعها قبل هذا الزمان المؤقت لأننا لو قلنا يصح لذهبت فائدة التخصيص بهذا الزمان، وعلى ذلك فإنه لا ينعقد إحرامه بالحج.
لكن إذا قلنا بقول الشافعية، والظاهرية لا ينعقد إحرامه بالحج فما الحكم في هذه التلبية التي نواها بحجه؟
لهم قولان قال الظاهرية: تفسد تلبيته ويفسد إحرامه بالكلية فلا حج له ولا عمرة.
قال الشافعية: ينقلب إحرامه من الحج إلى العمرة وهذا هو الصحيح؛ لأنه إذا بطل الحج ينفسخ إلى عمرة وقد فسخ النبي- r- الحج إلى عمرة، ولذلك ينعقد إحرامه عمرة لا حجة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثالث عشر:
إذا أحرم بالعمرة في آخر رمضان ثم أتمها في يوم العيد أو بعده ثم حج من عامه فهل يصير متمتعاً؟
الجواب:
هذه مسألة خلافية في المتمتع لو أنك أردت أن تتمتع بعمرتك إلى الحج ونويت العمرة في آخر يوم من رمضان ومضيت وغابت شمس آخر يوم من رمضان فدخلت عليك ليلة العيد الفطر فاختلف العلماء.
قال بعض العلماء: العبرة بالنية فإذا كانت نيته في ليلة عيد الفطر صحت عمرته تمتعاً وإن كانت نيته قبل ليلة عيد الفطر فإن عمرته ليست بتمتع فلو حج من عامه ليس بمتمتع إلا أن يأتي بعمرة ثانية في أشهر الحج وهذا مذهب الظاهرية.
القول الثاني: العبرة بالدخول إلى مكة وهو قول بعض السلف قالوا إذا دخلها قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان فإنه حينئذ لا يعتبر متمتعاً وإن دخلها بعد الغروب فهو متمتع وهو قول عطاء ومن وافقه من السلف.
القول الثالث: العبرة ببداية الطواف فإن ابتدأ طوافه قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان فهو ليس بمتمتع وإن ابتدأه بعد الغروب فهو متمتع وهو مذهب الشافعية، والحنابلة.
والقول الرابع: أن العبرة بأكثر الطواف فإن طاف أربعة أشواط قبل غروب الشمس فهو ليس بمتمتع وإن طاف الأربعة بعد غروب الشمس فإنه متمتع وهو للحنفية.
القول الخامس والأخير: العبرة بالتحلل وهو للمالكية وأصح هذه الأقوال وأقواها أن العبرة بالطواف فإن ابتدأ طوافه قبل غروب الشمس وقعت عمرته لأن الطواف هو الركن فكأنه أوقع أركان العمرة في الأشهر المعتد بها فحينئذ يكون متمتعاً وإن وقع قبل غروب الشمس فليس بمتمتع، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الرابع عشر:
إذا نوى الإنسان الحج والعمرة ثم لما مضى في طريقه امتنع عن إتمامها أو قطعها بعد الشروع في الطواف أو أثنائه أو بعده وقبل تمام حجه وعمرته فما الحكم؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/500)
هذه المسألة يفعلها بعض الناس فيحرم بالعمرة ثم إذا رأى الازدحام نكص على عقبيه وامتنع من إتمام عمرته ولبس ثيابه ورجع إلى بيته وربما فعل ذلك بالحج-نسأل الله السلامة والعافية- وهذا لا شك أنه من التلاعب بحدود الله- U- والتضييع لحقوقه والواجب على من أحرم بالحج والعمرة أن يتمها؛ لأن الله-تعالى- يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn3) قال العلماء: من رجع وقد أحرم بعمرته فهو محرم بعمرته إلى الأبد كونه يقول: لا أريد العمرة، كونه يقول فسخت العمرة لا تأثير له لابد لهذه العمرة من أن يتمها ولابد لهذا الحج أن يتمه إلا ما سمى الله في من أحصر وله حكمه الخاص.
أما كونه يمتنع من عند نفسه فهذا لا يجزيه ولا يعتد بهذا الامتناع ويجب عليه أن يتم ما أمر الله بإتمامه من حجه وعمرته فيمضي ويتم فلو رجع وجامع أهله فسدت عمرته وفسد حجه ولزمه حينئذ أن يمضي في هذا الفاسد وأن يتم قضاءه على ظاهر الآية الكريمة وهو قضاء السلف الصالح أفتى به عمر بن الخطاب- t- وهو الخليفة الراشد وسنته معتبرة ولم ينكر عليه من الصحابة، وبناءً على ذلك يتم عمرته الفاسدة ثم عليه القضاء من قابل ثم يفدي عن كل محظورٍ ارتكبه، فلما لبس ثيابه عليه الفدية ولما غطى رأسه عليه الفدية ولما تطيب عليه الفدية وكل محظور عليه فدية واحدة ولو تكرر، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الخامس عشر:
من كان مريضاً وأراد أن يحرم بالحج والعمرة وهو شاك في قدرته على الإتمام فما هي السنة في حقه وما الدليل؟
الجواب:
السنة في حق المريض الذي يشك في قدرته على الحج أن يشترط؛ لأن ضباعة-رضي الله عنها- لما اشتكت إلى النبي- r- قالت: - يا رسول الله - إني أريد الحج وأنا شاكية! فقال- r- : (( أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني)) قال العلماء: في هذا دليل على أنه يشرع لك أن تشترط عند خوفك عن العجز عن إتمام حجك وهذا مما دلت عليه السنة، وكان الشافعي-رحمه الله- يقول: إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به قال أصحابه وقد صح الحديث فهو مذهبه، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السادس عشر:
من مر بالمواقيت وهو جاهل بمروره بها أو كان نائماً ثم استيقط بعد مجاوزتها فما الحكم؟
الجواب:
من مر بالمواقيت وهو لا يدري بها وهو يريد الحج والعمرة أو كان نائماً في طيارة أو سيارة، ثم نبه بعد مجاوزتها فلا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إن رجع وأحرم من الميقات سقط عنه الدم وحينئذ حجه وعمرته معتبرة ولا إشكال.
والحالة الثانية: إن لم يرجع ولبى من مكانه ومضى فإن عليه دم الجبران، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السابع عشر:
ما هي صفة التلبية وهل تشرع الزيادة عليها وهل هي واجبة ومتى يشرع قطعها في العمرة والحج؟
الجواب:
أهلَّ النبي- r- بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك هل تشرع الزيادة عليها أو لا تشرع؟
للعلماء قولان:
جمهور العلماء على جواز الزيادة وقد جاء عن عبد الله بن عمر كما في الصحيح كان يقول: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل قالوا فلا حرج، وجاء في حديث ابن ماجه: ((لبيك حقا حقاً)) وهو حديث أنس: ((لبيك حقاً حقاً لبيك تعبداً ورقاً)) وقد كان النبي- r- يسمع الصحابة يزيدون في التلبية ويقولون: لبيك ذا المعارج، والمعارج هي: السماوات لأنه يعرج إليها فلما أقر النبي- r- الصحابة على الزيادة دل على مشروعية الزيادة بالثناء على الله- U- ؛ ولكن الأفضل والأكمل والأعظم أجراً أن تقتصر على الوارد عن النبي- r- مع كونه أقر الصحابة، فإنك إذا جئت بألفاظ فيها الثناء على الله والتمجيد له- I- فإن هذا يجوز ولكنه خلاف الأولى، والأولى والأفضل والأكمل الاقتصار على تلبيته بأبي وأمي-صلوات الله وسلامه عليه-، والقاعدة كما قرره العز بن عبدالسلام في كتابه النفيس: " قواعد الأحكام ": أن الوارد أفضل من غير الوارد. تطبيق هذه القاعدة إذا كان المجال أو الوقت أو الحال يسمح بأن يذكر الإنسان ربه بأذكار مختلفة وقد ورد عن النبي- r- ذكر مخصوص فإن التقيد بالمخصوص أعظم أجراً من غير المخصوص لأنك إذا تقيدت بالمخصوص أُجرت بأجرين أجر الذكر الذي تقوله، وأجر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/1)
الائتساء والاقتداء بالنبي- r- ولو لم يكن في الائتساء به-صلوات الله وسلامه عليه- إلا أن صاحب السنة يرحم ويهدى ويوفق لكفى بذلك شرفاً وفضلاً-نسأل الله العظيم، أن يرزقنا التمسك بالسنة، والعمل بها، وتطبيقها -.
أما متى يقطع التلبية؟ فإن كان في العمرة فالصحيح أنه يقطع التلبية عند استلامه للحجر ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص- t- أن النبي- r- في عمرة الجعرانة لم يزل يلبي حتى استلم الحجر قالوا: فدل هذا على مشروعية التلبية عند استلام الحجر يختاره بعض السلف وهو مأثور عن ابن عمر-رضي الله عنهما- أنه كان إذا قدم من المدنية يقطع التلبية في الحرار أي حرار مكة أي: قبل أن يدخل المسجد وهذا قول بعض السلف.
وإن كان الأقوى والأشبه أن يقطعهما في العمرة عند استلامه للحجر، ولا يلبي في عمرته في طوافه ولا في سعيه بين الصفا والمروة ولا بينهما.
وأما في الحج فللعلماء أقوال: أصحها أنه يقطع التلبية عند آخر حصاة يرمي بها جمرة العقبة يقول به طائفة من السلف منهم إسحاق بن راهويه، ورواية عن الإمام أحمد، وطائفة من أهل الحديث-رحمة الله عليهم- لحديث بن خزيمة أن النبي- r- لم يزل يلبي حتى رمى آخر حصاة من جمرة العقبة.
وقال المالكية: يقطعها إذا غدا إلى الصلاة يوم عرفة وهذا مذهب مرجوح؛ لأن النبي- r- ثبت أنه لبى ليلة النحر فإن ابن مسعود لبى بمزدلفة فأنكر الناس عليه فقال: سمعت الذي أنزلت عليه البقرة يقول هنا: ((لبيك اللهم لبيك)) فدل على مشروعيتها وأنها تقع، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثامن عشر:
من أين يحرم أهل مكة بالعمرة والحج مع ذكر الدليل؟
الجواب:
أهل مكة يحرمون بالحج من ديارهم ولا يلزمهم أن يذهبوا إلى البيت كما يقوله البعض.
والصحيح أنه يلزمهم أن يحرموا من ديارهم فدويرة أهليهم هي التي تعتبر ميقاتاً لهم قال حتى أهل مكة يهلون من مكة.
أما في العمرة فيلزمهم الخروج إلى التنعيم؛ وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة وهذا الحديث وهو مذهب جماهير العلماء والسلف والخلف أن العمرة للمكي أن يخرج إلى الحل، ولذلك قالت عائشة: والله ما ذكر التنعيم ولا غيره أي أنه أمرها أن تخرج إلى الحل فاجتهدت فخرجت إلى التنعيم وكان أرفق بها-رضي الله عنها- كما في الرواية الصحيحة عنها.
أما الدليل على أنه يحرم من أدنى الحل: فلأن عائشة مكية أي أنها أخذت حكم أهل مكة إذ لو كانت غير مكية للزمها أن تحرم من ميقات المدينة والدليل على أنها مكية أنها أنشأت عمرتها بعد الحج ولما أنشأت عمرتها بعد الحج فقد أنشأتها وهي في مكة وهذا نص واضح جداً ويقول به جمهور العلماء من السلف الصالح والأئمة الأربعة على أن ميقات المكي هو خارج الحل.
وهناك قول ضعيف أن ميقات المكي للحج والعمرة من بيته ولكنه مرجوح وظاهر السنة أنه يحرم من أدنى الحل، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع عشر:
هل يشرع تكرار العمرة في السنة الواحدة؟ وما الدليل؟
الجواب:
تكرار العمرة في السنة واحدة اختلف السلف الصالح-رحمة الله عليهم- فيه فقال الجمهور: يجوز تكرار العمرة ولا حرج في ذلك؛ لأن النبي- r- قال: ((العمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر)) فدل على فضيلة العمرة للاعتمار والإكثار منها لأنه لم يقيد وفي حديث الترمذي: ((تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر كما ينفي النار خبث الحديد)) قالوا: فهذا يدل على فضيلة التكرار.
ومن ألطف الأدلة وأعجبها في الاستنباط قول بعض العلماء مما يدل على جواز تكرار العمر أن النبي- r- كان يأتي قباء كل سبت، وقباء لا يؤتى إلا من أجل أن الصلاة فيه بعمرة قالوا: فدل على مشروعية التكرار لأنه قصد فضيلة العمرة فإذا كانت فضيلة العمرة بالبدل مقصودة ومطلوبة فلأن تشرع بالأصل من باب أولى وأحرى، ولا دليل للمالكية على كراهية تكرار العمرة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال العشرون:
ما الذي يحظر على المحرم من الملابس وهل يجوز لبس الإحرامات المفصلة وهل يشرع وضع المشابك والحزامات ونحوها في الإزار والرداء؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/2)
أما ما يحرم على المحرم فقد بينه النبي- r- بقوله في حديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف)) الأربع الأول من كمال بلاغته وحسن إيجازه-صلوت الله وسلامه عليه- فإن الملبوس إما أن يغطي أعلى البدن الرأس كالعمامة، وإما أن يغطي الصدر كالقميص، وإما أن يغطي الأسفل كالسروال فقال: ((لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات)) وإما أن يكون جامعاً لغطاء جميع البدن كالبرانس ((ولا البرانس)) فهذا من بديع كلامه-صلوات الله وسلامه عليه- وهذا يدل على أن كلمات الشرع في الكتاب والسنة قصدت وأنها تتضمن المعاني، ولذلك كأنه منع من تغطية أعلى البدن، وكذلك أوسطه، وأسفله، وجمع في الغطاء بين الجميع فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه بعمامة أو طاقية قالوا وكذلك لو حمل المتاع على رأسه قالوا لأنه في حكم التغطية فالتغطية تكون حقيقة، وتكون حكماً فذلك إذا حمل المتاع يبينه عن رأسه ما يجعله متصلاً بالرأس؛ لأنه إذا اتصل بالرأس صار مغطياً.
والدليل على ذلك: أنه لو قال قائل: أنه ليس بمغطي حقيقة فسألته عن الرجل قال: والله لا أغطي رأسي ثم وضع على رأسه الكرتون أو نحو ذلك قالوا إنه يعتبر حانثاً من هذا الوجه.
وقال بعضهم: لا أعتبره حانثاً؛ لأن الغطاء في الأيمان ينصرف إلى العرف فالكرتون ليس بغطاء في العرف هذا قول بعض العلماء-رحمة الله عليهم- لكن الصحيح والأولى، والمنبغي للإنسان أن يبينه من الرأس؛ لأن الشبهة موجودة وقد لامس الرأس وغطاه، كذلك - أيضاً - لا يغطي أوسط البدن كالصدر بلبس الكوت أو الفنيلة أو نحو ذلك هذا كله محظور على المحرم لا يجوز له لبسه وهكذا لو كان مفصلاً على أجزاء البدن كاليدين فإن المخيط لا يشترط فيه الخيط فليس مراد العلماء بالمخيط أن يكون مخيطاً؛ إنما مرادهم أن يكون محيطاً بالعضو كالعمامة فإن العمامة تحيط العضو، وكذلك لو أخذ القماش ولفه على العضو كالإحاطة المفصلة فإنه يعتبر في هذه الحال في حكم المحظور، وبناءً على ذلك يتقي هذه الملبوسات كلها، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الحادي والعشرون:
وهنا تقدم في السؤال الذي قبله وضع المشابك والحزامات ونحوها في الإزار والرداء؟
الجواب:
وضع المشابك الآن توجد بعض الإحرامات فيها بعض التفاصيل التي تأخذ حكم المخيط فيزررونها بأزارير من حديد هذه من لبسها عليه الفدية من لبس هذا النوع من الإحرامات عليه الفدية ويفصلون الإحرام كالفوطة فيجعلون له أزارير من حديد هذه ينبه الناس عليها وإذا رأيت محرماً تنبهه وتقول: هذه لا يجوز لبسها لأنها في حكم المخيط، ولذلك لو أنه فصل الفوط فإنه تجب عليه الفدية ولا يجزي أن يكون الملبوس مفصلاً على العضو ولابد أن يكون مباشرا للبدن بإزار ورداء على الصفة المعتبرة وهكذا المشابك الشبك وقد شدد السلف-رحمة الله عليهم- في ذلك.
وأما الحزام فعلى صورتين:
الصورة الأولى: أن يكون لحمل النقود وهو الكمر ونحو ذلك فهذا رخص فيه بعض السلف قالوا لأن الكمر يقصد للمال ولا يقصد للإحاطة بالعضو فرخصوا فيه والشبهة موجودة.
وقال بعضهم: إنه إذا لبس السير وهو الحزام الذي لا كمر فيه فإنه يقصد الإحاطة بالعضو أي شد الإزار، وبناءً ذلك تلزمه عليه الفدية وقد نص طائفة من السلف من أئمة التابعين-رحمة الله عليهم- على التشديد في ذلك ويحكى عن بعض أصحاب النبي- r- في السيور وهي الحزامات الموجودة التي يقصد منها شد الإزار فهذه تتقى به، بخلاف ما يقصد به حمل النقود ونحو ذلك لوجود الحاجة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثاني والعشرون:
هل يجوز استخدام الصابون المطيب للمحرم وكذلك الشامبو إذا كانت فيه رائحة عطرية؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/3)
الثابت عن النبي- r- في حديث ابن عمر: ((ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)) وفي الصحيح من حديث صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه- t- في الرجل الذي لقي النبي- r- بالجعرانة وهو قد لبس عليه جبة عليها أثر الصفرة قال: ما ترى في رجل أحرم بالعمرة وعليه ما ترى؟ قال: ((انزع عنك جبتك واغسل عنك أثر الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك)) فلما قال له: ((اغسل عنك أثر الطيب)) دل على أن المحرم لا يتطيب ولا يستصحب الطيب، وفي الصحيح من حديث ابن عباس في الرجل الذي وقصته دابته أن النبي- r- قال: ((اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه .. إلى أن قال: ولا تمسوه بطيب)) فدل على أنه لا يجوز أن يباشر المحرم الطيب لا في ثوب ولا بدن، وبناءً على ذلك فإن الصابون المطيب يتقى في حال الإحرام بالحج والعمرة، وهكذا الشامبو، ونحو ذلك من الأدهان المطيبة فإنه لا يجوز له أن يستعملها لنهي النبي- r- عن الطيب للمحرم، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثالث والعشرون:
هل يجوز استلام الحجر من المحرم إذا رأى عليه أثر الطيب؟
الجواب:
إذا كان على الحجر أو على الركن طيب فلا يمسه المحرم وذلك لأن تقبيل الحجر واستلامه سنة والمنع من الطيب يعتبر في مقام المنهيات ومقام المنهيات مقدم على الواجبات فضلاً عن السنن و المندوبات، وبناءً على ذلك لا يتأتى أن يصيب السنة ويخل بما يجب عليه تركه وعليه فإنه يتقي استلام الحجر ويكتب الله له أجر الاستلام بوجود العذر الشرعي والقاعدة: " أن العذر الشرعي كالعذر الحسي "، وبناءً على ذلك ينال أجره لوجود العذر، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الرابع والعشرون:
هل يجوز للمحرم إذا أراد النوم أن يغطي رأسه وقدميه؟ وما الحكم إذا رأيت المحرم قد غطى رأسه وهو نائم؟
الجواب:
أما بالنسبة للمحرم فإنه لا يغطي رأسه والنص في ذلك صريح في حديث العمائم حديث ابن عمر في الصحيحين، وكذلك لا يغطي قدميه للنهي عن الخفاف وبعض العلماء يقول: القدمان متسامح فيهما أكثر من الرأس والوجه فيقولون إن القدمين إنما يمتنع عليه لبس الخفاف، أما كون يسترها فلا حرج عليه ولكن لا يخلو هذا القول الثاني من النظر.
بناءً على ذلك فإنه لا يشرع له أن يغطي لكن المشكلة لو مررت على محرم نائم وقد غطى رأسه وغطى قدميه فهل يشرع لك أن توقظه أو تزيل ما عليه من غطاء الرأس هذه المسألة ذكرها الأصوليون وهي هل المكلف مكلف بغير المكلف؟ هو نائم ومعذور أثناء نومه، ومن أمثلتها لو أذن المؤذن فإنه إذا لم يسمع النداء والأذان غير مكلف ولا يأثم لكن هل أنت آثم بعدم إيقاظك له فبعض العلماء يقولون: المكلف مكلف بغير المكلف ويلزم بإثم غير المكلف أن قصر في أمره بما كلف به.
وأكدوا ذلك بحديث الأمر للولدان والصبيان لسبع فإنهم غير مكلفين فكلف المكلف بغير المكلف فدل على أنه يعتبر مكلفاً من هذا الوجه، وبناءً على ذلك قالوا: إذا رأيته نائماً فإنك تزيل الغطاء عن رأسه وعن وجهه على القول بأنه لا يشرع له تخمير الوجه وهكذا بالنسبة للقدمين وهذا أولى وأحرى، وإن كان نائماً وخشيت إزعاجه فإنك تزيلها برفق؛ لأن المقصود يتحقق بذلك، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الخامس والعشرون:
هل يجوز أكل الطعام المطيب بالورد والزعفران؟
الجواب:
أكل الطيب منع منه جمهور العلماء-رحمة الله عليهم- في الإحرام لوجود الترفه وقصد الشرع من المحرم أن لا يترفه فإن مقصود الإحرام أن يذكره بالآخرة بعيداً عن ترفهه وفضوله الذي كان فيه من محاسن الدنيا ومتاعها، وقد نص الجماهير على أنه لا يأكل الطيب إذا كان من المطعومات التي يقصد بها تطييب الأطعمة أما لو كان غير مقصود بأن وجد في أصل المادة مثلاً كالهيل في القهوة ونحو ذلك فهذا طيبه تبعي لا مقصود؛ لكن الزعفران مقصود فإنه يوضع في الطعام من أجل تطييب رائحته، وكذلك الورد يوضع في الماء من أجل تطييب رائحته؛ ولكن القهوة من حيث هي لو صنعت في الهيل فالهيل فيه الرائحة الزكية والطيبة لكنه لا يعتبر من الطيب المحظور ففرقوا بين المقصود وبين التبع فقالوا في هذه الحالة ما كان مقصوداً كالزعفران والورد فإنه على حالتين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/4)
الحالة الأولى: إن وضعته في مطعوم أو مشروب إن وضعته في المطعوم والمشروب وغلى بمعنى كان تحت نار وأصابته النار قالوا يجوز لك أن تأكله ولو كنت محرماً بالحج والعمرة وهذا مذهب الجمهور لكن في فرق بين المالكية، والشافعية حيث قالوا: مجرد الإصابة بالنار تجيز لك الأكل حتى لو بقيت رائحة الطيب، والشافعية، والحنابلة يشترطون استنفاذ الرائحة وذهابها بعد بالطبخ فيفرقون بين مذهبهم لكن بالنسبة للجميع يقولون في الإدخال ذات الإدخال يعتبرونه إذا أدخلت إلى النار مؤثرة فإن استنفذت أجازت عند الجميع وإن لم تستنفذ يقع الخلاف بين المذهبين اللذين ذكرناهما، وعلى هذا فإنه يتقي المطعومات التي تطيب ويقصد الطيب فيها، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السادس والعشرون:
إذا وضع المحرم الطيب ناسياً ثم تذكر أو غطى رأسه ناسياً ثم تذكر فما الحكم؟
الجواب:
هذه المحظورات التي يمكن تداركها الطيب والتغطية بخلاف المحظورات التي لا يمكن تداركها فالعلماء يقسمون المحظورات إلى قسمين في الحج والعمرة:
القسم الأول: ما يمكن التدارك فيه عند الإخلال بالنسيان ونحو ذلك.
القسم الثاني: وما لا يمكن التدارك فيه.
الذي يمكن التدارك فيه كالطيب تغسله وكتغطية الرأس تزيل الغطاء فيرجع الأمر إلى حالته وتتدارك؛ لكن الذي لا يمكن تداركه كتقليم الأظفار وحلق الشعر فإن هذا محظور ولو أن إنساناً حلق شعره لا يمكنه أن يرد هذا المحظور ولا يمكنه أن يتدارك، وكالجماع فإنه إذا جامع لا يمكن أن يتدارك اللذة ويعيدها، وهكذا بالنسبة لتقليم الأظفار إذا زال ظفره ففرقوا بين ما يكن التدارك فيه وما لا يمكن فما يمكن التدارك فيه كتغطية رأس وطيب كما ورد في السؤال فإنه لا حرج عليه في ساعته يغسل وفي ساعته يزيل ولا إثم عليه، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السابع والعشرون:
قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn4) .
والسؤال ما معنى قوله-سبحانه-: {فَلاَ رَفَثَ} وقوله: {وَلاَ فُسُوقَ} وقوله: {وَلاَ جِدَالَ} وهل يدخل في ذلك البيع والشراء والمراجعة فيهما؟
الجواب:
أما الرفث فهو الكلام الذي يكون عند النساء للإثارة والغزل، وكذلك الأفعال التي يقصد منها الإثارة بعين ونحو ذلك هذا الذي ذكره أئمة السلف، وفرق بعضهم كما هو مذهب ابن عباس-رضي الله عنهما- فأجاز أن يتكلم بأبيات الشعر الغزلية ونحوها إذا لم يكن عنده نساء وجعل الرفث خاصاً بما كان يقصد منه إثارة النساء فكان يأتي بأشنع الأبيات في غزل العرب وهو محرم بالحج والعمرة وينكر عليه-tوأرضاه- فيقول إنما الرفث عند النساء أي إذا كان هذا عند النساء، وإن كان الأولى والأفضل أن يتقى لأن النهي ورد بصيغة تدل على الإطلاق هذا بالنسبة للرفث أنه ما يكون للإثارة من مقدمات الجماع سواء كان من الأقوال، ومما يحث على الجماع حتى قال بعض العلماء: من الرفث لو قال لامرأته إذا تحللتِ أصبتك قالوا: إن هذا يعتبر من الرفث والمشكلة أنه إذا رفث حرم قول النبي- r- : (( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) قد تحجبه كلمة واحدة يقولها من الغزل لنسائه فيحرمه الله- U- من هذا الفضل العظيم-نسأل الله السلامة والعافية- الرفث.
{وَلاَ فُسُوقَ}: الفسوق: أصل من قول العرب فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وهذا الحرف لا تعرفه العرب في إطلاقه على المعاصي ما كان يسمون المعاصي فسقاً كما قرره غير واحد، وأشار إليه الإمام ابن جرير الطبري-رحمه الله- في تفسيره؛ ولكنه أدخل اصطلاحاً شرعياً، فالفسوق يصطلح في الشرع بثلاث معانٍ: إما أن يقصد به مطلق العصيان لله- U- فيشمل جميع المعاصي صغيرها وكبيرها، وإما أن يقصد به كبائر الذنوب، وإما أن يُقصد به كبائر الذنوب المخرجة من الملة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/5)
أما إطلاق الفسوق على المعاصي صغيرها وكبيرها فهو قول طائفة السلف في هذه الآية يحكى عن بعض تلامذة ابن عباس-رضي الله عنهما-، كعطاء وغيره أن الفسوق المعاصي كلها، ويحكى حتى عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن الفسوق: هي المعاصي كلها فيشمل الصغائر والكبائر فمن أساء إلى أخيه ولو بصغيرة فإنه يعتبر خارجاً من هذا الفضل في قوله: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق)).
وأما الحال الثانية: أن يطلق الفسوق بمعنى كبائر الذنوب وهذا في آية الحجرات: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn5) فأشار أن للذنوب ثلاث مراتب العصيان للصغائر والفسوق للكبائر والكفر للمخرج من الملة.
وقد يطلق الفسق بمعنى الكفر كقوله- I- : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn6) فقالوا: إن الفسق هنا بمعنى الكفر-والعياذ بالله- إذا استحل ذلك واعتقد حله فيطلق الفسق بهذه الثلاثة المعاني: إما أن يراد به عموم الذنوب؛ لأن قول العرب فسقت الرطبة بمعنى خرجت من قشرها قالوا: فالعاصي لله خارج عن أمره ونهيه قالوا فيوصف بكونه فاسقاً من هذا الوجه، وإما أن يراد به كبائر الذنوب، وإما أن يراد به المخرج من الملة، والمراد هنا عموم الذنوب صغيرها وكبيرها أي يجب وينبغي على الحاج أن لا يصيب صغائر الذنوب وكبائرها ويتقي ذلك.
وأما قوله: {وَلاَ جِدَالَ} الجدال: إما أن يكون على وجه مشروع، وإما أن يكون على قصد ووجه ممنوع فالوجه المشروع الذي يكون بالتي هي أحسن؛ لأن الله وصف المجادلة بالتي هي أحسن فأمرنا بمجادلة أهل الكتاب: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn7) فوصف الجدال بالتي هي أحسن فما كان من الجدال بالتي هي أحسن كطالب علم تناقشه في مسألة تريد الوصول فيها إلى الحق بنفس زكية طيبة مطمئنة وأسلوب هادف وهو كذلك يبادلك الشعور فهذا لا حرج فيه.
وإما أن يكون بأسلوب ممنوع وهذا الذي فسر به طائفة من السلف وهو أن يجادل الغير من أجل أن يحنقه وأن يغيظه وأن يجعله يخرج عن طوره، ولربما إلى درجة الغضب والضيق قالوا هذا هو الممنوع: {وَلاَ جِدَالَ} أي: ما أوصل إلى هذا الحد الممنوع، وأما إذا كان بالمشروع فلا حرج وكان بعض السلف يكره الجدال حتى في البيع والشراء قالوا إذا أراد الإنسان أن يشتري لا يجادل يحرص قدر المستطاع على أن لا يجادل إلا في أحوال مستثناة كأن يظلم في حقه فهذا مستثنى أن يقول بالمعروف، والله - تعالى - أعلم.
مسائل الطواف والسعي بين الصفا والمروة
السؤال الثامن والعشرون:
هل طواف القدوم واجب على المفرد للحج وما الدليل؟
الجواب:
طواف القدوم ليس بواجب على المفرد بالحج؛ لأن النبي- r- قال: ((من وقف موقفنا هذا وصلى صلاتنا هذه وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه)) قالوا: فهذا يدل على أن المفرد لايجب عليه طواف القدوم، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع والعشرون:
هل يجب على من ابتدأ الطواف أن يستلم الحجر أو لا؟
الجواب:
لا يجب عليه أن يستلم الحجر وإنما يشير إليه إن عجز وإنما هو سنة وليس بواجب، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثلاثون:
ما هو هديه-عليه الصلاة والسلام- في الرمل وفي أي طواف يكون؟ وهل يشرع للنساء الرمل في الطواف والسعي ولماذا؟
الجواب:
أما بالنسبة لهدي النبي- r- في الرمل فإنه كان أصله في عمرة القضية أنهم قالوا قدم عليكم أهل يثرب قد وهنتهم الحمى فنزل جبريل بالوحي على النبي- r- فقال لأصحابه: ((رحم الله امراءً أراه من نفسه جلداً)) فلما ابتدأ الطواف اضطبع-صلوات الله وسلامه عليه- ثم هرول الأشواط الثلاثة فقالت قريش: إنهم ينقزون نقز الظبى وهذا إشارة إلى أنهم على جلد وقوة حيث لم يرضوا بأن يسيروا حتى هرولوا، ثم كان-عليه الصلاة والسلام- يمشي بين الركنين ثم لما كانت عمرة الجعرانة رمل-عليه الصلاة والسلام- ولم يمشِ بين الركنين وإنما رملها الثلاث كاملة، وبناءً على
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/6)
ذلك قالوا من السنة أن يكون الرمل كاملاً وكان في أول التشريع يمشي بين الركنين؛ لأنهم كانوا على ناحية أبي قبيس لا يرونه-صلوات الله وسلامه عليه- فيتوارى بالبيت فإذا خرج عليهم خرج مهرولاً، والرمل يقولون تقارب الخطى مع هز المناكب قال عمر بن الخطاب فيما الرملان وهز المناكب وقد أطلع الله للإسلام ولكن لا ندع شيئاً فعله رسول- r- فهذه هي المشية المعتبرة ولا تكن بالجري؛ وإنما هو ضرب دون اشتداد السعي وفوق المشي المعتاد وهو ما يسمونه بالهرولة الثلاث الأشواط الأول، وأما بقيتها فقد مشى-صلوات الله وسلامه عليه- وذلك في طواف القدوم يكون في طواف العمرة ويكون كذلك في طواف القدوم بالنسبة للمفرد، وكذلك في طواف المتمتع وفي طواف القارن إذا طاف قبل يوم عرفة.
أما بالنسبة للنساء فلارمل عليهن قال عبد الله بن عمر: ليس على النساء رمل؛ والسبب في ذلك أن المراة إذا رملت تكشفت ولذلك يمنع النساء من الرمل لا يرملن لا في الطواف بالبيت ولا في السعي بين الصفا والمروة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الواحد والثلاثون:
هل يصح الطواف بغير وضوء وهل يجزيء طواف الحائض والنفساء؟
الجواب:
الصحيح أنه لايصح الطواف بدون وضوء لحديث ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي- r- قال: ((الطواف بالبيت صلاة))، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة- t- أن النبي- r- قال: ((لايقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ))، ومن الأدلة التي تقوي أن الطواف تشترط له الطهارة حديث أم المؤمنين عائشة في الصحيح لما نفست قال-عليه الصلاة والسلام-: ((اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) فهذا يدل على أنه تشترط له الطهارة.
ويقوي ذلك أن الطواف تشرع له الركعتان، ولذلك لا يستقيم أن يطوف بالبيت ثم يذهب ويتوضأ من أجل أن يصلي ركعتي الطواف بل قال بعض العلماء: لو فصل بين طوافه وبين الركعتين يقولون: إنه إذا كان فاصل مؤثر يستأنف وإن كان الصحيح أنه لا يستأنف؛ لكن لا يستقيم أن الإنسان يطوف ثم بعد ذلك يؤخر ركعتي الطواف على هذا الوجه على خلاف الوجه المعتبر بالسنة، وبناءً على ذلك يقوى القول باشتراط الطهارة للطواف ولا يصح الطواف إلا بطهارة.
وخالف الحنفية وقالوا قصد الشرع أن تطوف بالبيت بغض النظر عن كونك متوضئاً أو غير متوضيء لأنهم نظروا من جهة الرأي إلى المعنى، وهذا لا شك أنه اجتهاد أقوى منه حديث ابن عباس فإن حديث ابن عباس أقل ما قيل إنه موقوف على ابن عباس والموقوف على ابن عباس لا يخفى قوته خاصة وأنه قال: ((الطواف بالبيت صلاة)) هذا يدل على أنه يشترط له ما يشترط للصلاة من طهارة ولا معنى ذلك إلا بالطهارة وجاءت السنة في حديث عائشة تقوي ذلك وليس معنى ذلك أنه يشابه الصلاة من كل وجه لأن القياس لا يستلزم أن يكون من كل وجه وللمسألة بسط ذكرناه في مسائل الحج، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثاني والثلاثون:
إذا أقيمت الصلاة وأنا في الطواف فهل يشرع لي قطعه أو أتمه ثم أصلي وإذا كان يشرع لي أن أقطعه ثم انتهت الصلاة فهل يتم من المكان الذي قطعت فيه الطواف أوأبتدئ الشوط المقطوع من أوله؟
الجواب:
إذا أقيمت الصلاة تقطع الطواف وتدخل مع الجماعة؛ لأن النبي- r- قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) وقد سمى الطواف بالبيت صلاة فتدخل مع جماعة المسلمين وتصلي، ثم بعد ذلك هل تبدأ من المكان الذي وقفت فيه أو تبدأ بالشوط الذي وقفت في أثنائه؟ الأقوى والأولى أن تبدأ من بداية الشوط الذي وقفت في أثنائه وإن بدأت من المكان الذي قطعت فيه فلك وجه وله حظ من النظر، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثالث والثلاثون:
إذا لم أتمكن من ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم فهل أنتظر حتى يخف الزحام أو أصليها في أي موضع من المسجد وهل يجوز أن تصلى ركعتي الطواف خارج المسجد كركعتي طواف الوداع؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/7)
ركعتي الطواف السنة فعلها خلف مقام إبراهيم؛ لأن النبي- r- فعل ذلك وظاهر التنزيل يدل عليه: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn8) ثم إن مقام إبراهيم أن تجعله بينك وبين البيت فإن كان الزحام بقربه تباعدت وصليت في الأروقه والمقام بينك وبين البيت فإن لم يتيسر لك صليت في أي ناحية من البيت ولو شئت أن تصلي خارج المسجد فذلك خلاف السنة ولكنه يجزئ فإن عمر بن الخطاب- t- فعل ذلك فقد طاف بعد صلاة الصبح كما روى مالك في موطئه وأخر ركعتي الطواف إلى ما بعد طلوع الشمس فصلاها بذي طوى، وذي طِوى وطَوى وطُوى وهو وادي المثلث معروف الآن يسمى بـ (الزاهر) وهذا ليس في المسجد ولكنه داخل حدود الحرم، وقال بعض العلماء: إنه يصليها في أي موضع من مكة ولا حرج عليه في ذلك، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الرابع والثلاثون:
ما حكم السعي بين الصفا والمروة وهل هو سنة أو لازم في الحج والعمرة؟
الجواب:
السعي بين الصفا والمروة من أركان العمرة والحج فلا يصح ولا يتم الحج إلا بالسعي بين الصفا والمروة وهكذا بالنسبة للعمرة كما هو ظاهر خبر أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- وهذا هو قول جماهير العلماء-رحمة الله عليهم- ومنهم الأئمة الأربعه على تفصيل في اللزوم بعضهم يراه ركناً، وبعضهم يراه واجباً على تفصيل بينهم في ذلك؛ لكن الجماهير على أنه لازم واجب وهو مذهب أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- وجملة من أصحاب النبي- r- ، وفقهاء التابعين، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الخامس والثلاثون:
هل البداءة بالصفا لازمة أو يجوز لي أن أبدأ بالمروة قبل الصفا؟
الجواب:
البداءة بالصفا لازمة ومن ابتدأ بالمروة يلغي الشوط الذي بدأه من المروة، ولذلك قال- r- : (( أبدأ بما بدأ الله به)) وقد وقع فعله-عليه الصلاة والسلام- بياناً لواجب والقاعدة في الأصول: " أن بيان المجمل الواجب واجب "، وبناءً على ذلك يعتبر هذا من الواجبات ولا يصح شوطه الذي يكون من المروة إلى الصفا قال- r- : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) فكان أمره-عليه الصلاة والسلام- بالبداءة بالصفا في عمره وحجه-صلوات الله وسلامه عليه-، والله - تعالى - أعلم.
مسائل متفرقة في الحج:
السؤال السادس والثلاثون:
ما هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقوف بعرفة؟
الجواب:
كان من هديه-عليه الصلاة والسلام- أنه خرج بعد صلاة الفجر من منى والصحابة معه ما بين مهلل ومكبرٍ وملبٍ لم يعب أحدهم على الآخر، حتى نزل-صلوات الله وسلامه عليه- بنمرة - ونمرة المنبسط الذي يكون ما بين حدود الحرم وما بين الوادي وادي عرنة، وهو منبسط يقرب من نصف كيلو متر - هذا يسمى بنمرة نزل فيه-صلوات الله وسلامه عليه- وذلك قبل الزوال ثم إنه لما زالت الشمس مضى على ناقته القصواء-صلوات الله وسلامه عليه- وخطب الناس من بطن الوادي فأحل الحلال وحرم الحرام وبين ما على الناس من حقوق وواجبات، ثم بعد ذلك أقام لصلاته فصلى الظهر ثم أقام للعصر فصلاهما جمعاً وقصراً ثم بعد ذلك مضى إلى موقفه ومازال يتضرع ويسأل الله العظيم من فضله حتى غابت عليه الشمس-صلوات الله وسلامه عليه- استقبل القبلة وجعل بطن ناقته إلى الصخرات ومازال يتضرع ويسأل الله من فضله حتى غابت الشمس ولم يدفع بعد مغيب الشمس مباشرة؛ وإنما انتظر حتى ذهبت الصفرة كما في حديث جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما- أن النبي- r- انتظر حتى غابت الصفرة وهو الصفار الذي يكون بعد الشمس وهذا يقارب ما بين الخمس إلى عشر دقائق تقريباً بعد الغروب مباشرة ثم دفع -صلوات الله وسلامه عليه- فكان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص وكان يقول: ((أيها الناس عليكم السكينة السكينة)) -صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين-.
السؤال السابع والثلاثون:
ما حكم من وقف بعد الزوال ودفع قبل غروب شمس يوم عرفة؟
الجواب:
من وقف بعد الزوال ودفع قبل غروب الشمس فلا يخلو من حالتين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/8)
الحالة الأولى: إما أن يرجع قبل طلوع الفجر من صبيحة العيد فإن رجع إلى عرفة ومر بها ولو للحظة واحدة سقط عنه الدم وأجزأه ذلك المرور؛ لأن الوقوف بالليل يسقط وقوف النهار والعبرة بالليل بدليل إمساكه-صلوات الله وسلامه عليه- لجزء الليل بعد المغيب والأصل في ذلك حديث عروة بن مضرس- t- أن النبي- r- قال: ((من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار)) فهذا يدل على أن العبرة بالليل في أي أجزائه.
وأما النهار فقد بينت السنة الفعلية على أن هذا الإطلاق مقيد بفعله-عليه الصلاة والسلام- وذلك بمغيب الشمس؛ لأنه قال: ((خذوا عني مناسككم)) فأصبح بيانه الفعلي واجباً، ومن هنا قالوا من دفع قبل المغيب صح حجه ولزمه دم إن لم يرجع فإن رجع سقط عنه الدم، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثامن والثلاثون:
ما حكم المبيت بمزدلفة؟
الجواب:
المبيت بمزدلفة واجب وذهب طائف من السلف إلى أنه من ركن أركان الحج فعظموه لقوله-عليه الصلاة والسلام-: ((من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا)) وإن كان الصحيح أنه من الواجبات، ولذلك أذن-صلوات الله وسلامه عليه- للضعفة وعبر النص بالرخصة والرخصة لا تكون إلا فيما هو واجب لازم والمبيت بمزدلفة من واجبات الحج ويبيت بها الإنسان إن كان قادراً فإن كان من الضعفه والحطمة والعجزة والصغار يجوز أن يدفعوا إما بعد منتصف الليل، وعلى حديث أسماء بعد مغيب القمر ليلة العيد كما في صحيح البخاري، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع والثلاثون:
ماهو هديه-عليه الصلاة والسلام- في المبيت بمزدلفة؟
الجواب:
ثبت عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه دخل الشعب أفاض من عرفات بعد مغيب الشمس كما ذكرنا ثم دخل الشعب فبال ثم توضأ فأحسن الوضوء وقال له أسامة- t- : الصلاة - يا رسول الله - قال: ((الصلاة أمامك)) فمضى-عليه الصلاة والسلام- من طريق المأزمين وهو الطريق الذي بين الجبلين وكان قد دخل عرفات من طريق ظب وهو الذي يجعل مجرى العين عن يساره ويجعل المأزمين -أيضاً - عن اليسار وهو الطريق الذي يكون من أسفل جمرة العقبة فخرج-صلوات الله وسلامه عليه- من منى وسلك طريق ظب ثم لما دفع وأفاض أفاض من طريق المأزمين الذي بين الجبلين وهو الطريق الذي يسلكه المشاة الآن هذا هو طريق المأزمين فمضى-عليه الصلاة والسلام- على ناقته القصواء حتى بلغ المزدلفة فأمر بلالاً فأذن ثم أقام ثم صلى المغرب وصلى العشاء وفي الصحيحين من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- أنه لم يسبح بينهما ولا على إثرهما.
قال بعض العلماء: إنه لا يشرع حتى الوتر والصحيح أن قول ابن عمر- t- ولم يسبح بينهما ولا على إثرهما المراد بذلك سبحة الراتبة وليس المراد بذلك نفي الوتر وهذا مذهب جمهور العلماء على أن الوتر يبقى على الاستحباب لعموم قوله-عليه الصلاة والسلام-: ((أوتروا يا أهل القرآن))، ((وأوتروا قبل أن تصبحوا)) وقال: ((إذا خشي أحدكم الفجر فليوتر بواحدة)) هذه العمومات لم يستثن منها ليلة النحر، ولذلك قالوا: إن سكوت النص عن وجود الوتر لا يدل على عدم وجوده بدليل أنه لم يثبت عنه أنه صلى ركعتي الرغيبة في صبيحة العيد ومع ذلك الإجماع قائم على مشروعيتها ومع ذلك لم ينقل فيها نص فدل على البقاء على الأصول وهي التي دلت على مشروعية الوتر وركعتي الفجر، فمن ترك الوتر يتأول السنة فلا حرج وهو على خير ومن صلى فهو أحوط وأبلغ وأقرب وهو أولى بالقربى ويكون نفي ابن عمر- t- على السبحة الراتبة، ثم إنه اضطجع-صلوات الله وسلامه عليه- حتى بزغ الفجر فصلى الفجر بغلس فبكر بها ثم وقف بالمشعر وتضرع وابتهل وناجى ربه وسأله من فضله العظيم وهو من أجل المواقف قال بعض السلف: شهدت هذا الموقف أكثر من ثلاثين عاماً اسأل الله أن لا يجعله آخر العهد وكتب لي ذلك وإني لأستحي أن أسأله وكان عمره فوق التسعين فرجع ومات من سنته يقول: إنه ما سأل عبد ربه حاجة في عرفات أو في وقوف المشعر فمضى عليه حول إلا استجاب الله دعوته وهذا من المواقف العظيمة والناس فيه على قسمين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/9)
منهم من يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة ويسكت عن الآخرة ويغفل عنها، ومثال ذلك أن يقول: اللهم أصلح لي تجارتي اللهم أعطني مالاً اللهم أعطني زوجة اللهم افعل كذا وكذا، وكلها في أمور الدنيا فيجعل الدنيا هي أكبر همه ومبلغ علمه وغاية رغبته وسؤله وما له في الآخرة من خلاق-نسأل الله العافية-.
ومن الناس من يجمع بين خيري الدنيا والآخرة وهذا هو الأفضل والأكمل هدي الكتاب الذي دل عليه قوله-تعالى-: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn9) فهذا من معرض الثناء فالأفضل أن تجمع بين دعوة الدنيا والآخرة ثم إنه-عليه الصلاة والسلام- لما أسفر وكادت الشمس أن تشرق مضى-عليه الصلاة والسلام-، وخالف المشركين وكان المشركون يقولون: أشرق ثبير كيما نغير فما كانوا يدفعون من مزدلفة إلا بعد الشروق فدفع بأبي وأمي-صلوات الله وسلامه عليه- قبل طلوع الشمس من صبيحة يوم العيد، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الأربعون:
ما حكم رمي جمرة العقبة يوم النحر؟
الجواب:
رمي جمرة العقبة واجب والجمار كلها من واجبات الحج؛ لأن النبي- r- رماها وقال: ((خذوا عني مناسككم)) وعلى هذا فإنه يعتبر من الواجبات التي إذا فوتها الإنسان لزمه الدم، وقد رمى-عليه الصلاة والسلام- جمرة العقبة يوم النحر فلذلك نص العلماء على وجوبها ولزومها في الحج، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الحادي والأربعون:
ما هو هديه-عليه الصلاة والسلام- يوم النحر في حجة الوداع؟
الجواب:
مضى-عليه الصلاة والسلام- حتى دخل منى ودخلها من جهة وادي محسر فلما بلغ الوادي أسرع بناقته؛ لأنه موطن عذاب، ثم إنه-عليه الصلاة والسلام- لما دخل منى كان أول ما بدأ أن حيا منى برمي جمرة العقبة، ولذلك يقول العلماء: تحية منى يوم العيد رمي جمرة العقبة أي يبدأ قبل أن يذهب إلى مخيمه وقبل أن يذهب إلى منزله يبدأ بجمرة العقبة تأسياً بالنبي- r- مع أنه قد تكون هناك مشقة لبعض الناس؛ ولكن التأسي بالنبي- r- والحرص على السنة له لذة يعرفها من يعرفها وله حلاوة يجدها من وجدها، ولذلك يحرص الإنسان على لذة الحج في التأسي بالنبي- r- وما أروعها وألذها من ساعة وأنت تحس أنك تيسير في المسير الذي ساره-عليه الصلاة والسلام- وما أطيب الحج وأزكاه حينما تمضي كما مضى-عليه الصلاة والسلام-! تقتفي أثره في أقواله وأفعاله حتى تكون من المرحومين-جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل بمنه وفضله وهو أرحم الراحمين-، فيحرص الإنسان على البداءة برمي جمرة العقبة فضلاً لا فرضاً فإذا رماها فالسنة أن يرميها من بطن الوادي ويرميها بسبع حصيات ولا يقف للدعاء بعدها لا في يوم العيد ولا في الأيام التي تليها وهي أيام التشريق فإنه لا يشرع الوقوف بعد رمي جمرة العقبة رمى-عليه الصلاة والسلام- جمرة العقبة وهو على ناقته، ثم بعد ذلك كان يكبر الله مع كل حصاة وقطع التلبية عند آخر حصاة ثم انصرف ثم نحر ثلاثاً وستين بدنة بيده الشريفة-صلوات الله وسلامه عليه- وترك الباقي لعلي ينحره ثم أمر أن يطبخ من كل ناقة منها قطعة حتى يصيب من مرقها ويحسي-صلوات الله وسلامه عليه-، ثم حلق رأسه فأعطى الحلاق شقه الأيمن وهذا يدل على أنه السنة في حلاقة الرأس العبرة بالمحلوق لا بالحالق وذلك أن الذي يحلق الرأس له حالتان:
الحالة الأولى: إما أن يحلقك من قبل وجهك فيأتيك من قبل وجهك فهذا فيه خلاف.
قال بعض العلماء: العبرة بيمين الحالق لا بيمين المحلوق فيمين الحالق في هذه الحالة يسارك ويساره يمينك.
فقال بعض العلماء: العبرة بالحلاق وقال بعضهم العبرة بالمحلوق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/10)
الحالة الثانية: أما لو جاء من وراء ظهرك فلا إشكال فإن يمينه يمينك ويساره يسارك والصحيح أن العبرة بك سواء جاءك من الأمام أو من الخلف فتقول له ابدأ بشقي الأيمن خاصة إذا كان يجهل السنة فناول الحلاق شقه الأيمن فحلق رأسه، ثم حلق شقه الأيسر، وأعطى أبا طلحة- t- شعره كما في الصحيح وقسمه بين أصحابه؛ لأن هذا من خصوصياته-عليه الصلاة والسلام- لتمام المعجزة؛ لأن ذلك يقوي المعجزة والنبوة فاختص-صلوات الله وسلامه عليه- بالتبرك بشعره وبصاقه كما في الصحيح من حديث البخاري كل ذلك من باب خصوصياته-عليه الصلاة والسلام- لا يشاركه فيها أحد-صلوات الله وسلامه عليه-، ثم بعد أن رمى ونحر حلق رأسه ثم نزل وطاف طواف الإفاضة في يوم العيد ثم شرب من سقاية العباس ثم صعد إلى منى وصلى بها الظهر وهذا من بركة الوقت فإنك لو تأملت ذلك لما تيسر للإنسان أن يفعل بعض هذه الأفعال إلا بعناء قبل الظهر فضلاً أن يفعلها ثم يرجع ويصلي الظهر بمنى على الصحيح، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثاني والأربعون:
ما حكم المبيت بمنى ليالي التشريق وما هو الحد المعتبر للمبيت؟
الجواب:
المبيت بمنى ليالي التشريق يعتبر من واجبات الحج.
والدليل على ذلك: أن النبي- r- رخص للعباس من أجل سقايته قال العلماء: رخص للعباس يدل على أن الأصل واجب فلما قال رخص دل على أن الأصل واجب ولازم فالمبيت واجب والعبرة بأكثر الليل.
وللعلماء تفصيل:
قال بعضهم: أكثر الليل عندي الثلث؛ لأن النبي- r- قال: ((الثلث والثلث كثير)) فإذا مضى عليه ثلث الليل فأكثر وهو بمنى صح مبيته.
وقال بعضهم: العبرة بآخر الليل ولو أصاب جزءاً نام فيه فإنه قد بات فيه وإن كان الأقوى والأشبه أن العبرة بأكثر الليل فتقسم الليل ساعات الليل إلى نصفين ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر تقسمه إلى قسمين، ثم بعد ذلك تنظر إلى أكثرهما فلو كان أربع ساعات فيصبح العبرة أربع ساعات ونيف إن مضى عليه أربع ساعات وزيادة وهو بمنى فإنه قد بات وإلا لزمه الدم، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثالث والأربعون:
ما هو هديه-عليه الصلاة والسلام- في رمي الجمرات أيام التشريق؟
الجواب:
كان من هديه-عليه الصلاة والسلام- في أيام التشريق كما في حديث جابر وغيره أنه انتظر حتى زالت الشمس فابتدأ بالصغرى ورماها بسبع حصيات، ثم أخذ ذات اليسار وقام قياماً طويلاً يدعو ربه رافعاً يديه-صلوات الله وسلامه عليه- هذه من المواضع التي يشرع فيها رفع اليدين في الدعاء فسأل وتضرع وسأل الله من فضله، ثم مضى ورمى الجمرة الوسطى بسبع حصيات ثم أخذ ذات اليسار عنها ثم تضرع وسأل الله من فضله كمثل وقوفه أولاً، ثم مضى إلى جمرة العقبة ورماها بسبع حصيات يكبر في كل حصاة، ثم بعد ذلك انصرف-عليه الصلاة والسلام- ولم يدع بعد جمرة العقبة كما ذكرناه سابقاً، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الرابع والأربعون:
من رمى الجمرات منكسة فهل يصح رميه؟
الجواب:
من رمى الجمرات منكساً لها فابتدأ بالعقبة، ثم انتهى بالصغرى، أو ابتدأ بالوسطى ثم رجع إلى الصغرى المهم أنه لم يراع الترتيب فإنه لا يصح رميه حتى يوقعه مرتباً على الصفة المعتبرة شرعاً، وبناءً على ذلك يعتبر رميه في هذه الحالة لو رمى منكساً فانتهى بالصغرى فقد رمى الصغرى فنقول له: ارجع وارمِ الوسطى ثم الكبرى لأنه لما وقف على الصغرى ورماها فقد صح رميه للصغرى وحدها؛ لأن الصغرى لا يشترط لها سبق رمي ثم بعد ذلك يتبعها بالوسطى ثم بالعقبة حتى ينتهي من رمي جمراته؛ لأن النبي- r- قال: ((خذوا عني مناسككم)) فهي عبادة مؤقتة بالصفة التي وردت عنه-عليه الصلاة والسلام-، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الخامس والأربعون:
من عجز عن رمي الجمرات لمرض أو كبر ونحو ذلك مما يعتبر عذراً في إسقاط الرمي عن الشخص فهل يشرع له التوكيل؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/11)
نعم يشرع له التوكيل إذا كان لا يستطيع الرمي وكان شخصاً مثلاً قد عمل عملية ولا يستطيع أن يبرح مكانه كما لو عملت له ليلة العيد أو نحو ذلك لا يستطيع أن يرمي فمثل هذا له أن يوكل وقد رمى الصحابة عن النساء والصبيان على كلام في هذا الحديث؛ ولكن الأصول تدل على صحة متنه فإن التكليف شرطه الإمكان فلما عجز عن هذا جاز أن يقوم الوكيل، ومن الأدلة التي تعتبر أقوى الأدلة على مشروعية التوكيل عند العجز وهو ظاهر من السنة أن العاجز لما أذن النبي- r- بالحج عن من عجز عن الحج أو عن من مات فعجز عنه حقيقة قالوا: إن هذا في التوكيل بكل الحج فلأن يصح التوكيل بجزئه عند العجز من باب أولى وأحرى والشرع ينبه بالأعلى على الأدنى وبالأدنى على ما هو أعلى منه كما هو معلوم في الأصول، والله تعالى أعلم.
السؤال السادس والأربعون:
هل يشترط في الوكيل أن يكون محرماً أو يصح رمي الحلال؟
الجواب:
لا يصح إلا رمي المحرم لأن الرمي عبادة لا تصح إلا من محرم فلا يوكل الحلال في رميه، والله تعالى أعلم.
السؤال السابع والأربعون:
هل يصح رمي الوكيل عن وكيله قبل رميه عن نفسه وما الدليل؟
الجواب:
لا يصح رمي الوكيل قبل أن يرمي عن موكله يبتدئ فيرمي عن نفسه حتى يتم الجمرات كلها ثم يرجع ويرمي عن وكيله؛ لأن النبي- r- قال: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)) وهذا نص مطلق يشمل الكل والجزء وعلى هذا فلا بد وأن يتم الرمي حتى ينتهي من جمرة العقبة ثم يعود بعد ذلك لرمي وكيله، والله تعالى أعلم.
السؤال الثامن والأربعون:
من شك في وقوع الحصاة في الحوض فما حكمه؟
الجواب:
بنى على اليقين فإذا كان شك هل وقعت أو لم تقع فاليقين أنها لم تقع حتى يتأكد من وقوعها، ولو شك هل رمى ثلاث حصيات أو حصاتين فإنه يبني على اثنتين وهكذا بالنسبة للأحوال الأخرى، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع والأربعون:
ما حكم التعجيل وما هو شرط جوازه وهل إذا هيأ رحله ومتاعه ولم يخرج من منى بسبب الزحام ونحوه هل هو متعجل؟
الجواب:
التعجيل مشروع بنص القرآن كما في آية البقرة: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn10) قال بعض العلماء: {لِمَنْ اتَّقَى} لمن: قصد وجه الله- U- لا السآمة ولا الملل من العبادة بمعنى أنه اتقى الله- I- ، وقيل: {لِمَنْ اتَّقَى} أن المراد به أطاع أمره واجتنب نهيه على أنه وصفٌ عام وليس قيداً في الحكم.
والتعجيل شرطه أن تغيب عليه شمس اليوم ما قبل الأخير وهو الثاني عشر وقد خرج من منى فلو هيأ رحله بل لو حتى خرج بسيارته ولم يخرج من حدود منى فإن نص القرآن واضح في الدلالة على أنه غير متعجل.
وأما اجتهاد بعض العلماء وقولهم: بأنه يعتبر متعجلاً مع أنه في منى لأنه شد رحله وركب سيارته فهذا اجتهاد مع النص وليس بدليل واضح وظاهر الآية الكريمة كما يقول الجمهور يشترط أن يكون خارج منى بمعنى أن يخرج برحله ومتاعه؛ لأن الله قال: {تَعَجَّلَ} وهذه صفة والصفات معتبرة مفاهيمها فالذي لم يتعجل هذا يعتبر شرط؟ {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} وعلى هذا هذه الصفة وهي التعجل يعتبر إذا تأخر لزحام أو غيره لم يتعجل لأنه تباطأ ولو احتاط لنفسه فخرج مبكراً لكان متعجلاً حقيقة، ولذلك قالوا: إنه يلزمه الرجوع ويلزمه المبيت وهذا هو الحق الذي تطمئن إليه النفس لظاهر نص التنزيل.
وأما الاجتهاد فإنه لا يقوى في معارضة المنصوص من نص التنزيل فلابد وأن تغيب عليه شمس اليوم وهو خارج جرمه عن منى وإلا لزمه المبيت والله - تعالى - أعلم.
مسائل الهدي وأحكامه
السؤال الخمسون:
ما هو السن المعتبر لهدي التمتع والقران؟
الجواب:
لا يجزئ إلا الثني من بهيمة الأنعام من الإبل، والبقر، والغنم، ويجزئ في الضأن ما كان من الجذع وهو الذي تم له أكثر السنة قال بعض العلماء: أكثر من ستة أشهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/12)
وقال بعضهم: أكثر العام والصحيح أن ذلك يختلف باختلاف المرعى وباختلاف أحوال البهائم ولا يجزئ ما كان دون ذلك، ومن هنا قال العلماء: شروط الهدي كشروط الأضحية فلابد أن تكون في المعز قد تمت سنة ودخلت في الثانية فإذا كانت دون سنة لا يجزئ في المعز أن يهدي بها في تمتع ولا قران وهكذا في الدماء الواجبة.
وأما بالنسبة للبقر فما تمت له سنتان ودخل في الثالثة، وأما الإبل فما تمت له أربع سنوات ودخل في الخامسة هذا هو المعتبر في بهيمة الأنعام، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الحادي والخمسون:
هل تعتبر البقرة والناقة في الهدي عن سبع كما في الأضحية أو تجزئ عن واحد؟
الجواب:
نعم تجزئ عن السبع ولو اختلفت الدماء فلو أن سبعة تمتعوا واشتركوا في بدنة فلا إشكال ولو أن سبعة اثنان منهم يريدانها أضحية والخمسة يريد اثنان منهم عن تمتع وثلاث عن قران لا حرج سواء اتفقوا في الموجب أو اختلفوا كل ذلك يجزئ فيه التعدد عن سبعة في البدنة والبقرة على ظاهر حديث جابر-tوأرضاه- في الصحيح من إجزاء البدنة عن سبعة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثاني والخمسون:
إذا لم يتيسر لي ذبح هدي التمتع أو القران بمنى وذبحته بمكة أو خارج مكة فما الحكم مع الدليل؟
الجواب:
يجزء أن تذبح في مكة كلها؛ لأن النبي- r- قال: ((نحرت ها هنا وفجاج مكة وشعابها كلها منحر)) فمكة كلها يجزء أن ينحر الإنسان فيها وأن يذبح هدياً سواء كان لتمتع أو قران، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثالث والخمسون:
إذا لم يتيسر لي الهدي في التمتع ولم أتمكن من صيام ثلاثة أيام قبل يوم عرفة فما الحكم؟
الجواب:
إذا لم يتيسر لك الصيام قبل يوم عرفة تصوم أيام التشريق الثلاث فإذا لم تتمكن لا في هذه ولا في هذه فيجزئك أن تصومها سواء صمتها بعد حجك مباشرة والبقية تتمها في بلدك وهي السبع على ظاهر التنزيل فالثلاث مخير بين أن تتعجلها قبل وصول البلد وبين أن تتم العشرة في بلدك، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الرابع والخمسون:
أريد التمتع وليس معي من المال إلا ما يكفي لشاة واحدة فهل الأفضل أن أجعلها للتمتع أو للأضحية وأصوم عن التمتع؟
الجواب:
أولاً: إذا كنت قد أحرمت بالعمرة وأديت العمرة وكان تمتعك على هذا الوجه فبعض العلماء يستحب أن تجعل شاتك للأضحية وأن تحج مفرداً؛ وذلك لأن حج الإفراد من الحجج المعتبرة وحديث عروة بن مضرس يدل على أن فسخ الحج بالعمرة ليس بواجب وأنه يجزئ الإفراد حتى بعد وفاته وقد حج بالإفراد أبو بكر، وعمر- t- ، وعثمان-رضي الله عنهم- ثلاثة أئمة خلفاء راشدون كلهم ما حجوا إلا إفراداً فإذا كان الإنسان يريد أن يترك الأضحية في بيته فيكون حينئذ قد أصاب فضيلة هذه الأضحية خاصة وأن لها وجهاً من الوجوه وهو القول الراجح فبدل أن ينصرف إلى التمتع المخير ويترك الواجب عليه، فالأفضل أن يصرفها إلى الأضحية ثم يتمتع.
وأما إذا كان لم يعتمر وأراد أن يجمع عمرته وحجه، فحينئذٍ يجعل هديه للتمتع ولا يجزيه أن يصرفه إلى الأضحية ويصوم العشرة، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الخامس والخمسون:
هل يجوز لي الأكل من هدي التمتع والقران؟ وما الدليل؟
الجواب:
نعم يشرع؛ لأن النبي- r- فعل ذلك وطبخ له من مرق الإبل التي نحرها وأهداها-صلوات الله وسلامه عليه-، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السادس والخمسون:
ما حكم طواف الوداع وهل يسقط عن الحائض والنفساء مع الدليل؟
الجواب:
طواف الوداع واجب؛ لأن النبي- r- قال: ((اجعلوا آخر عهدكم بالبيت طوافاً))، وأما الحائض والنفساء رخص لهما كما في الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة إلا أنه رخص للحائض والنفساء وفي حديث صفية: ((عقرى حلقى أحابستنا هي)) ثم قال: ((ألم تكن طافت يوم النحر)) قالوا: نعم قال: ((انفري إذاً)) فهذا يدل على أن الحائض والنفساء لا يتأخران لطواف في الوداع، والله - تعالى - أعلم.
السؤال السابع والخمسون:
ما حكم طواف الإفاضة ولو تركه الإنسان وسافر إلى بلده ولم يطفه فما الحكم؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/13)
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج وقد أجمع العلماء-رحمهم الله- على ركنيته لقوله-تعالى-: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn11) أجمع العلماء-رحمهم الله- على أن المراد بالطواف في هذه الآية طواف الإفاضة وأنه لا يمكن أن يحكم باعتبار الحج إلا بطواف الإفاضة، وأنه لو رجع إلى بلده ولم يطف طواف الإفاضة فلا يزال طواف الإفاضة معه إلى الأبد ولو رجع بعد سنوات فيلزمه أن يرجع إلى هذا الطواف، ولذلك يبقى بطواف الإفاضة فلو أصاب أهله فهناك قضاء لبعض السلف أنا أتوقف في هذه المسألة قالوا فلو أصاب أهله يحرم بعمرة ثم يبدأ ويطوف طواف الإفاضة، ثم بعد ذلك يطوف ويسعى لعمرته ثم بعد ذلك يهدي هذا قضاء بعض أصحاب النبي- r- ويؤثر عن ابن عباس، وابن عمر-رضي الله عن الجميع-، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الثامن والخمسون:
ما حكم الحائض والنفساء إذا لم تتمكن من طواف الإفاضة وأصابها الحيض والنفاس وخافت فوات الرفقة؟
الجواب:
يلزمها البقاء حتى تطوف طواف الإفاضة طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ولو أنها تعطلت لأمور شخصية لتعطلت ولو كانت لأمور علاجية لجلست ولكن لركن الحج ولفريضة الله- U- فإننا نلتمس الرخص فإلي الله المشتكى، هذا الركن يقول النبي- r- فيه: ((عقرى حلقى أحابستنا هي)) هذا نص صحيح صريح عن النبي- r- وقوله: ((أحابستنا)) يقول العلماء: لأنه لا يخرج حتى تطوف وإذا كان هو لا يخرج فالمائة ألف من الصحابة لا يخرجون حتى يخرج فقال: ((أحابستنا)) أي هذه الأمة كلها ستحبس حتى يطاف طواف الإفاضة، ثم بعد ذلك يرخص لها أن تتلجم وأن تدخل وتطوف وهي حائض وهي نفساء يقولون للضرورة، ولذلك مذهب جمهور العلماء وهو الأرجح خلافاً للحنفية الذين يقولون إن الطهارة ليست بشرط في الطواف فيرخصون لها أن تطوف ولو كان معها الحيض والنفاس ويقولون: لا حرج عليها أن تتلجم وتطوف، ولو كان الأمر كذلك لما قال النبي- r- : (( عقرى حلقى أحابستنا هي)) لكان الأمر يسيراً ولم يحتج إلى هذا الأمر الذي فيه التهويل: ((أحابستنا هي)) ويقول: ((عقرى حلقى)) تقول العرب: عقرى أي عقرها الله، وحلقى أي حلقها الله وهذا لا يريد به النبي- r- الدعاء عليها؛ وإنما هو سياق تهويل وتعظيم يدل على لزوم هذا الطواف ولو كانت حائضاً أو نفساء لكن لو خافت فوات الرفقة تذهب ثم ترجع بعد ذلك وتطوف طواف الإفاضة.
أما أن تطوف وهي حائض فإن مذهب جمهور العلماء أنه لا يجزئها هذا الطواف ووجوده وعدمه على حد سواء إلا في حالة إذا استفتت من يرى أنه لا يشترط لها الطهارة وطافت فيجزئها ذلك إذا استفتت عالماً يرى عدم الطهارة كما هو مذهب الحنفية، ومن وافقهم فإنها تتعبد الله بما استفتت وهو قول طائفة من الأئمة والعلماء-رحمة الله عليهم- لكن الذي يظهر من السنة والأقوى حجة أنه لابد من طوافها، والله - تعالى - أعلم.
السؤال التاسع والخمسون:
هل يسقط طواف الوداع عن أهل جدة ومن كان دون مسافة القصر وهل صحيح ما يفعله بعض أهل جدة من الرجوع إلى جدة بعد الحج ثم يذهبون بعد الزحام لطواف الوداع؟
الجواب:
أما بالنسبة لطواف الوداع يلزم أهل جدة ومن أهل العلم من قال: يسقط طواف الوداع عن من كان دون مسافة القصر ويرون أن من كان دون مسافة القصر كأنه كانوا من أهل مكة وهذا اجتهاد ورأي.
والصحيح ما ذهب إليه طائفة من العلماء أن طواف الوداع يشمل كل من كان خارج مكة ولو كان من أهل الجموم؛ لأن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- قالت: كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات قالت: كان الناس فعممت فقال- r- : (( اجعلوا آخر - وهذا عام - عهدكم بالبيت طوافاً))، وعلى هذا كل من خرج من مكة سواء كان قريباً منها دون مسافة القصر أو فوق مسافة القصر فإنه يطوف طواف الوداع ويتخرج على القول الذي يشترط مسافة القصر.
أن أهل جدة لا يطوفون طواف الوداع وهو كما تلاحظون مبني على الرأي والاجتهاد، والصحيح أن طواف الوداع يشرع لمن كان دون مسافة القصر وغيره لعموم قوله-عليه الصلاة والسلام-: ((اجعلوا آخر عهدكم بالبيت طوافاً)) فيلزمهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/14)
أما ما ذكر في السؤال من كون البعض يرجع إلى جدة بعد الحج ثم بعد ذلك حتى يخف الزحام ويرجع ويطوف طواف الوداع لا شيء عليه إلا دم فقط؛ لأنه فوت الواجب يقول العلماء: من بلغ أهله قبل أن يطوف طواف الوداع فقد لزمه الدم رجع أو لم يرجع بل قال بعض العلماء: من خرج من حدود مكة لزمه الدم سواء رجع أو لم يرجع فطواف الوداع يشترط فيه أن لا يفارق مكة حتى يطوف طواف الوداع، وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز هذا الفعل، والله - تعالى - أعلم.
السؤال الستون:
ما هي علامات الحج المبرور؟
الجواب:
أما علامة الحج المبرور فالبر في الأصل هو كل عمل صالح يحبه الله ويرضاه والحج المبرور له دلائل وعلامات ومن أول هذه الدلائل والعلامات انشراح الصدر الذي يكون قبل الحج أن ينشرح صدر الإنسان لأداء هذه الطاعة والقربى وتظهر الدلائل من أول لحظة وهو يتلبس بهذه العبادة الجليلة فلا يخرج من بيته رياء ولا سمعة ويتمنى أن حجه بينه وبين الله- U- لا تراه عين، ولا تسمع به أذن، فإذا نظر إلى قلبه مخلصاً لربه فليعلم أن ذلك من بشائر القبول من أول لحظة يجدها.
ثانياً: انشراح الصدر لذكر الله- U- ، واستشعار هذه العبادة في مواطنها ومواضعها المختلفة، فالإنسان إذا خرج في حجه نظر كيف أن الله اختاره من بين الأمم فحمد الله وشكره وهلله وكبره وذكره وأثنى عليه بما هو أهله فاطمأنت نفسه أن الله ما أخرجه من بيته إلا وهو يريد به الخير يريد أن يرحمه، ويغفر ذنبه، ويستر عيبه، ويفرج كربه وأن يجود عليه من إحسانه وإلا لثبطه ولجعله مع المخلفين فإذا مضى في حجه وطاف استشعر وهو يطوف أنه يطوف فعمر وقته بذكر الله وتلاوة القرآن والتسبيح والإستغفار والتلبية ولا يفتر عن التلبية مهما استطاع لذلك سبيلاً، ولقد عهدت بعض العلماء-رحمة الله عليهم- غالباً لا يفترون عن التلبية وإذا لبوا بكوا حتى إن البعض ذكر لي عن بعض العلماء-رحمة الله عليهم- الفضلاء الذين حج معهم يقول: يسأل ويقول كلما ذكرت نعمة الله أن اختارني من بين الناس أبكي أقول: لبيك مجيباً لك بتوفيقك ورحمتك وإحسانك وفضلك وأنت أرحم الراحمين، فالإنسان إذا استشعر في عبادته وخشع وخضع وأناب وأحس أنه مقبل على الله فذلك من بشائر البرور.
كذلك من دلائل البرور في الحج العمل الصالح بالإحسان إلى المسلمين وتفقد ضعفة الحجاج ترى جائعاً تطعمه ترى فقيراً تعطيه ترى عارياً تكسوه ترى محتاجاً تسد حاجته ومكروباً تفرج كربته، وترى أنهم إخوانك وأن الله جمعك بهم حتى ترحمهم وتتواصل بهم، لا تتكبر عليهم أسودهم وأبيضهم أحمرهم وأصفرهم عربهم وعجمهم في عينك سواء، تحبهم في الله ولله وترى كبيرهم كالأب وصغيرهم كالابن، ومن في سنك كالأخ تعطف عليهم وترحمهم وتحمد الله- I- أنه جمعك بهم على طاعة الله ومحبة الله وانظر إلى عظمة الله فتقول لا إله إلا الله حينما تنظر إلى رجل من أقصى الشرق، ومن أقصى الغرب قد جعل الله كتفك إلى كتفه في هذا المكان وهو من أقصى الشرق وأقصى الغرب قد جاء الله به هنا إلى رحمته وعفوه ومنه ولطفه فتزال هذه المواقف لا تزال تزيد من إيمانك العطف على الناس في الحج من بر الحج وقد جاء في حديث أحمد والطبراني أن النبي- r- سئل عن بر الحج فقال: ((إطعام الطعام وإفشاء السلام)).
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref1) / النساء، آية: 11.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref2) / البقرة، آية: 197.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref3) / البقرة، آية: 196.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref4) / النساء، آية: 197.
(2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref5) / الحجرات، آية: 7.
(3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref6) / المائدة، آية: 47.
(2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref7) / العنكبوت، آية: 46.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref8) / البقرة، آية: 125.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref9) / البقرة، آية: 201.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref10) / البقرة، آية: 203.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref11) / الحج، آية: 29.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/15)
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 04:28 ص]ـ
ملحوظة: المذكرة لم تراجع من قبل الشيح حفظه الله.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 10 - 07, 10:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، ونفع بك، وجعلنا وإياك من خدمة السنة النبوية المطهرة.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 10 - 07, 11:23 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الحبيب على هذه الإفادة الجليلة المليئة فقهاً، وحبذا لو كان نقل نص الأحاديث من كتب السنة، فكما لا يخفى عليك أن بعض الأئمة قد فرق بين رواية الحديث بالمعنى وكتابته به.
وفقك الله للخير ونفع بك المسلمين.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[29 - 10 - 07, 12:04 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن جبير]ــــــــ[29 - 10 - 07, 02:29 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 10 - 07, 02:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 04:27 م]ـ
شكر الله لك أخي مشتاق وجزاك خيراً على هذه الهدية الغالية.
الحديث الواحد في المعنى الواحد قد يرد بألفاظ شتى يزيد بعض ألفاظها على بعض أو ينقص ويبقى المراد واحداً, على أن اختلاف ألفاظ الحديث قد يسوغ ويؤخذ به من أجل تكرير النبي صلى الله عليه وسلم له في مجالس ومناسبات مختلفة أو روايات ثلة من الصحابة كلٌ يحكيه بلفظ , ومن يعترض على لفظ معيَّن رآه ينبغي له الإحاطة بألفاظ الأثر فإن ثبت لديه حينها خروجه عن جميعها فحيَّهلاً بنقده, خصوصاً إن ذكر حديثا رأى أنه مرويٌ بالمعنى لأن لملاحظات بالجملة لا تخدم العلمَ كثيراً.
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 06:48 م]ـ
تراجع بإذن الله أخي يوسف التواب مسألة الثني وسنّه المعتبر.
وجزاك الله خيرا وبرا
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 10 - 07, 07:20 م]ـ
بل تخدم العلم -أخي أبا زيد- في زمن توافرت فيه أقراص البحث عن الحديث في عامة كتب السنة. ولا حرج على العالم أن يروي بالمعنى في درسه من حفظه، لكن ينبغي لنا عند الكتابة أن نعتني بنص الحديث. والله أعلم.
وجزاك الله خيراً وزادك براً - أخي مشتاق- على تَحَرِّيكَ. وأفدني إن تبين خلاف ما ذكرت لك في رسالتي.
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 07:14 م]ـ
ضع الاسئلة على ملف وورد بارك الله فيك
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[30 - 10 - 07, 08:55 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 11:00 م]ـ
الرفع مغلق هذه الفترة!!!
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[31 - 10 - 07, 08:56 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 10:14 م]ـ
هذا المرفق للفائدة وبارك الله فيكم ونفعنا وإياكم
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 04:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 04:16 م]ـ
مسائل الهدي وأحكامه
وأما الإبل فما تمت له أربع سنوات ودخل في الخامسة هذا هو المعتبر في بهيمة الأنعام، والله - تعالى - أعلم.
كما سبق فقد نبّهت أن الشيح حفظه الله لم يراجع هذه المذكرة
وقد نبهني أخي الفاضل أبو يوسف التواب جزاه الله خيرا على خطأ وقع في كلام الشيخ ألا وهو السن المعتبر في ثني الإبل.
والصواب هو أن ثني الإبل: ما استكمل خمس سنين ودخل في السادسة، كما ذكر النووي رحمه الله وغيره 8/ 365.
وبالله التوفيق.
ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ مشتاق
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:23 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أبو عبدالله الخليفة]ــــــــ[26 - 11 - 07, 05:21 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
كيف أتحصل على دروس الشيخ الصوتية؟
ـ[شفاء السلفية]ــــــــ[30 - 11 - 07, 03:39 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
ـ[أبو الحسن النووي]ــــــــ[02 - 12 - 07, 10:53 ص]ـ
نفع الله بالشيخ، علومه نافعة بإذن الله
ـ[نزار سليم]ــــــــ[05 - 12 - 07, 02:07 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وجزى الشيخ وإيانا الخير كله
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[07 - 02 - 08, 10:59 ص]ـ
لما العجلة يا شيخ مشتاق، لو عرضتَ الملف على الشَّيخ و الملحوظات كالتي ذكرتَ لكان خيرًا و أزكى، أليس كذلك؟
إلا أن تكون بعيد الدِّيار ... ذاك شيء آخر!
و شكرَ اللهُ لكَ موضوعكَ
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[10 - 11 - 08, 12:30 ص]ـ
تجديد العهد ..
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[10 - 11 - 08, 09:30 م]ـ
اللهم ارزقنا العلم النافع
ـ[فهد السيسي]ــــــــ[13 - 11 - 08, 07:37 ص]ـ
جزاك الله خيرا، من أجمل مشاركات هذا المنتدى. هنيأ لكم
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[18 - 11 - 09, 01:59 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[01 - 11 - 10, 03:04 م]ـ
للفائدة ....
ـ[صالح الرويلي]ــــــــ[01 - 11 - 10, 04:49 م]ـ
بارك الله فيك ... ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،(87/16)
بارك الله بكم .. اريد شرح صوتى لبداية المجتهد و نهاية المقتصد
ـ[إبنة الفاروق]ــــــــ[29 - 10 - 07, 02:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله بكم .. اريد شرح صوتى لبداية المجتهد و نهاية المقتصد لابن رشد القرطبى
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[29 - 10 - 07, 06:54 ص]ـ
هنا بالملتقى شرح الشيخ محمد حمود الوائلي حفظه الله تعالى وسدده - المدرس بالمسجد النبوي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102648&highlight=%C8%CF%C7%ED%C9+%C7%E1%E3%CC%CA%E5%CF (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102648&highlight=%C8%CF%C7%ED%C9+%C7%E1%E3%CC%CA%E5%CF)(87/17)
القياس على فدية الأذى بين الاضطراب و الفرية على الله
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 01:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
علمت بأن ابن حزم رحمه الله ينفي كل فدية و كفارة لا يثبت فيها دليل في الحج و لعل له سلف من أهل الصدر الأول ثم وافقه على ذلك الشيخ سليمان العلوان فقلت في نفسي السواد أحب الي من أفراد فلان و فلان ثم سمعت الشيخ الدكتور الصقير وهو و الشهادة لله و لا نزكي على الله أحد محقق لا يشرب العلم شرب الماء سمعته يقول بما قال به ابن حزم و لكنه قال لا ينبغي أن يفتى به الا لمن وقع منه ذلك أما نشر هذا القول بين العامة لا ينبغي لأنه ربما فتح باب التساهل في شعائر الله.
قلت و قد وقر في نفسي منذ زمن أن مسألة الفدية أو قل الكفارة في غير حلق الرأس أمر مخالف لأصول الفقه التي منها انه لا يقاس على علة تعبدية لا نعرفها فعلة الكفارة كحكم هي تكفير الذنب بغض النظر عن علة الواقعة التي يبنى عليها ايقاع الكفارة فالكفارة تعني التكفير للذنب و التجاوز عنه لحديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: 'أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يعضه بعضنا بعضا. فمن وقي منكم فأجره على الله ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارة له ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له'. وهو في الصحيحين. فكل كفارة لا يتم ايقاعها الا بعد العلم الجازم عن الله بأنه من أوقعت عليه تلك الكفارة تجاوز الله عنه و غفر له و ليس لدينا نص في كثير من الكفارات التي توقع الآن على الحجاج فمن أين لمن يوقعها العلم عن الله أن من وضع طيبا متعمدا على جسده و ثيابه ثم أتى بشيء من الثلاث التي في فدية الأذى أن الله سيغفر له و يتجاوز عنه؟.,و المشهور عند أهل العلم أن القياس في الكفارات ضعيف لأجل هذا السبب فإن اتحدت علية الايقاع بقيت علة " التعبد بهذا الحكم " وهي التكفير.
فهذا إما أن يكون افتراء على الله أو اضطرابا في ايقاع القياس , وكلاهما يقتضي الآخر.
قال بهذه الكفارات جمهور العلماء و لا يخفى عليهم إن شاء الله ما قلت ولكن لهم بالتأكيد نظرة رشيدة و مقالة سديدة فيما ذهبوا إليه هي إلى الآن لم تتضح لي فلعل من وجد شيئا من كلامهم الذي يشرحون فيه فقههم لايقاع هذا الحكم أن يضعه لنا هنا وله من الله الثواب و كل ما أعرفه هو أن بعضهم يجعل الفدية التي لا يثبت فيها نص " نسكا مستقلا " لكي لا يقع في مغبة " الفرية بوصفه بالكفارة " كعمل ابن عباس رضي الله عنه عندما قال: من ترك من نسكه شيئا، أو نسيه فليهرق دما. وهذا ثابت بسند حسن عنه فنقل المخالف إلى الدم دون غيره لأته هو الذي يوصف بالنسك في الحج وليس الصوم والاطعام من جنس أعمال الحج ليستقل عن البدل و الكفارة وهذا في نظري هو أحسن التوجيهات غير أن بعضهم جعلها من جنس العقوبات التي ينقصها معنى التكفير ولكن هذا أيضا ينقصه الدليل وكذلك ابن عباس رحمه الله فمن أين لمن وجه كلامه ذلك التوجيه بدليل على أنه يجوز جعل شيء لم يثبت به دليل نسكا مستقلا؟؟.
والله أعلم
ـ[الرقابة العلمية]ــــــــ[29 - 10 - 07, 02:17 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل هذا العنوان يحتاج إلى تعديل فكلمة الفرية على الله لايليق نسبتها لأهل العلم
لذلك سيتم إغلاق الموضوع ونتمنى منك نشره مرة أخرى مهذبا مع تعديل العنوان.(87/18)
فدية الأذى بين القياس المضطرب و بين تكفير ليس له دليل
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 07:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أعيد نشر الموضوع مهذباً - وقد كان كذلك بحسب نظري - غير أن الرقابة العلمية جزاهم الله خيرا لمسوا فيه شيء من الجفاء و سوء العبارة مني فغفر الله لي و جزاهم الله عني خيرا و عن أهل العلم و الحمد لله أن قيض لنا أخوة يقوموننا إن اعوججنا.
---------
علمت بأن ابن حزم رحمه الله ينفي كل فدية و كفارة لا يثبت فيها دليل في الحج و لعل له سلف من أهل الصدر الأول ثم وافقه على ذلك الشيخ سليمان العلوان فقلت في نفسي السواد أحب الي من أفراد فلان و فلان ثم سمعت الشيخ الدكتور الصقير وهو و الشهادة لله و لا نزكي على الله أحد محقق لا يشرب العلم شرب الماء سمعته يقول بما قال به ابن حزم و لكنه قال لا ينبغي أن يفتى به الا لمن وقع منه ذلك أما نشر هذا القول بين العامة لا ينبغي لأنه ربما فتح باب التساهل في شعائر الله.
قلت و قد وقر في نفسي منذ زمن أن مسألة الفدية أو قل الكفارة في غير حلق الرأس أمر مخالف لأصول الفقه التي منها انه لا يقاس على علة تعبدية لا نعرفها فعلة الكفارة كحكم هي تكفير الذنب بغض النظر عن علة الواقعة التي يبنى عليها ايقاع الكفارة فالكفارة تعني التكفير للذنب و التجاوز عنه لحديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: 'أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يعضه بعضنا بعضا. فمن وقي منكم فأجره على الله ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارة له ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له'. وهو في الصحيحين. فكل كفارة لا يتم ايقاعها الا بعد العلم الجازم عن الله بأنه من أوقعت عليه تلك الكفارة تجاوز الله عنه و غفر له و ليس لدينا نص في كثير من الكفارات التي توقع الآن على الحجاج فمن أين لمن يوقعها العلم عن الله أن من وضع طيبا متعمدا على جسده و ثيابه ثم أتى بشيء من الثلاث التي في فدية الأذى أن الله سيغفر له و يتجاوز عنه؟.,و المشهور عند أهل العلم أن القياس في الكفارات ضعيف لأجل هذا السبب فإن اتحدت علية الايقاع بقيت علة " التعبد بهذا الحكم " وهي التكفير.
فهذا إما أن يكون تألي على الله - من ناحية تفسيره وليس نسبته لأهل العلم - أو اضطرابا في ايقاع القياس , وكلاهما يقتضي الآخر.
قال بهذه الكفارات جمهور العلماء و لا يخفى عليهم إن شاء الله ما قلت ولكن لهم بالتأكيد نظرة رشيدة و مقالة سديدة فيما ذهبوا إليه هي إلى الآن لم تتضح لي فلعل من وجد شيئا من كلامهم الذي يشرحون فيه فقههم لايقاع هذا الحكم أن يضعه لنا هنا وله من الله الثواب و كل ما أعرفه هو أن بعضهم يجعل الفدية التي لا يثبت فيها نص " نسكا مستقلا " لكي لا يقع في مغبة " الفرية بوصفه بالكفارة " كعمل ابن عباس رضي الله عنه عندما قال: من ترك من نسكه شيئا، أو نسيه فليهرق دما. وهذا ثابت بسند حسن عنه فنقل المخالف إلى الدم دون غيره لأته هو الذي يوصف بالنسك في الحج وليس الصوم والاطعام من جنس أعمال الحج ليستقل عن البدل و الكفارة وهذا في نظري هو أحسن التوجيهات غير أن بعضهم جعلها من جنس العقوبات التي ينقصها معنى التكفير ولكن هذا أيضا ينقصه الدليل وكذلك ابن عباس رحمه الله فمن أين لمن وجه كلامه ذلك التوجيه بدليل على أنه يجوز جعل شيء لم يثبت به دليل نسكا مستقلا؟؟.
والله أعلم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[30 - 10 - 07, 02:03 ص]ـ
(و قد وقر في نفسي منذ زمن أن مسألة الفدية أو قل الكفارة في غير حلق الرأس أمر مخالف لأصول الفقه التي منها انه لا يقاس على علة تعبدية لا نعرفها فعلة الكفارة كحكم هي تكفير الذنب بغض النظر عن علة الواقعة التي يبنى عليها ايقاع الكفارة فالكفارة تعني التكفير للذنب و التجاوز عنه)
أخي المبارك: مَن أنبأك هذا؟! والحديث الذي أوردته في الحدود لم يقصر الكفارات على صاحب الذنب وينفي وجوبها عما عداه.
ثم: هل الكفارة حكم تكليفي أم وضعي يا أخي الكريم ليقال في شأنها ما قيل؟!
ولو قلنا: إن قاتل الخطأ، وحالق رأسه لعذر في الحج أو العمرة، ومن حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها فأتى الذي هو خير، ومن حلف فعجز عن الإبرار بيمينه، ومن أفطر من رمضان لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ..
كل هؤلاء لا إثم عليهم، ولكن عليهم الكفارة! فأي إثم حتى يكفَّر عنه؟!
قولك أخي: (فكل كفارة لا يتم ايقاعها الا بعد العلم الجازم عن الله بأنه من أوقعت عليه تلك الكفارة تجاوز الله عنه و غفر له و ليس لدينا نص في كثير من الكفارات التي توقع الآن على الحجاج فمن أين لمن يوقعها العلم عن الله أن من وضع طيبا متعمدا على جسده و ثيابه ثم أتى بشيء من الثلاث التي في فدية الأذى أن الله سيغفر له و يتجاوز عنه؟)
أعجب من سابقتها وأغرب، وأرجو أن تعيد النظر. وبالله التوفيق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/19)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 01:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخي الفاضل الكريم:
أرجو أن تعيد النظر في قراءة ما قلت و بالذات سياق و معنى استشهادي بحديث عبادة فقولك:" والحديث الذي أوردته في الحدود لم يقصر الكفارات على صاحب الذنب وينفي وجوبها عما عداه " يدل على أنك لم تتوصل لما عنيت.
فالحديث قاصر بلا شك في معناه فكل كفارة من وقعت عليه غفر ذنبه إن كانت حقا تسمى كفارة و قولك بأن قتل الخطأ و حلق الرأس للمعذور و غيره كفارات مع عدم وجود الذنب فأقول إن أثبت لي بأن الله أو رسوله صلى الله عليه و سلم وصفها بذلك أي أنها كفارة فأنا أوافقك على ما تقول و أرجع عن فهمي أما إن لم تستطع اثبات ذلك فيبقى أنها ليست كفارة و قد قلت سابقا بأن هناك من وصفها بالنسك الزائد وهناك من وصفها بالعقوبه و لكن كل ذلك أيضا لا يتم ايقاعه على المكلف الا بدليل.
و أرجو عدم التشتت في المسالك كي أستطيع أن أستفيد بشكل أكبر ..
البحث القادم هو كيف نثبت أن فدية الأذى كفارة؟
إن ثبت ذلك آمنت بأن القياس له وجه نوعا ما و أن الكفارة لا يتوقف وصفها باقتضاء تكفير الذنب.
بارك الله فيك و ما غريب الا الشيطان كما يقولون!(87/20)
هل هذه المسأله من صور بيع الكاليء بالكاليء
ـ[الألمعي]ــــــــ[29 - 10 - 07, 10:22 م]ـ
اذا اتصل مشتر على بائع عسل وطلب منه عشرة كيلوات من العسل بعد أن وصفه له البائع بما يكشف حال ذلك العسل ونوعه فقبل المشتري هذا العسل بقيمته التي طلبها بائع على أن يودع المشتري الثمن في حساب البائع ويرسل البائع العسل له , هل هذه المسألة من صور بيع الكاليء بالكاليء , فإن كانت فما المخرج. وفقكم الله وسددكم.
ـ[محمد بن عبدالله بن محمد]ــــــــ[30 - 10 - 07, 02:27 م]ـ
الذي يظهر أنها ليست كذلك
بل هو من باب بيع العين الغائبة على الصفة وقال بجوازه الحنفية والمالكية والشافيعة في القديم والحنابلة وهو قول الظاهرية
ـ[الألمعي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 08:31 م]ـ
بارك الله فيك أبا عبد الله لكن الثمن أيضاً مؤجل
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 12:44 م]ـ
نعم إذا عقدا البيع
لكن إن كانت من باب الوعد فلا إشكال
فالمخرج أن يعد البائع المشتري بأن يوفر له هذا العسل فإذا وفره عقدا البيع وسلم له النقود
فإن قلت إن البائع لا يرضى أن أن يأتي بالعسل حتى تودع
فالمخرج أن يكون البائع وكيلا عن المشتري ويأخذ أجرة عمله
فيقول المشتري للبائع بكم يباع في السوق فيقول بـ 500 ريال فيوكله بشرائه ويأخذ أجرة على توفيره ومصاريفه
فيكون البائع موكلا لا بائعا
لكن ستجري عليه أحكام الوكالة المعروفة عند الوفاة والتفريط وما شابه ذلك
ـ[الألمعي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 11:35 م]ـ
الشيخ (المقرىء) نفع الله بك ولا حرمنا إفاداتك ومثلك أردت رأيه في هذه المسأله , العسل بحوزة البائع ووسيلة اتصاله بالمشتري الهاتف والعقد يقع أثناء الاتصال على أن يبعث البائع هذا العسل بأي وسيلة نقل والمشتري يودع الثمن قبل أو بعد وصول العسل له, أشكلت عليّ هذه المسأله مع وقوعها كثيراً ولم يتضح لي لإي أنواع البيع تلحق.
والشكرلك لمرورك ولكل من أفاد ووضح لا حرمكم الله الأجر.
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 11 - 07, 05:45 ص]ـ
وفيك بارك الله
إذا لا مشكلة أبدا، مادام العسل في حوزة البائع فليست من صور بيع الدين بالدين أبدا
ما دام أن السلعة بحوزة البائع ووصفها للمشتري فليرسل النقود ولا إشكال
كنت فهمت من عبارتكم أن البائع يذهب ويشتري فتكون موصوفة في الذمة، أما والسلهة في حوزته فلا إشكال أبدا سواء دفعت النقود قبل تسلم السلعة أو بعد تسلمها
ولعله أشكل عليك أن السلعة موصوفة للمشتري؟
وهذا لا علاقة له أبدا عند من أباح بيع الموصوف (المملوك للبائع)
ـ[الألمعي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 09:15 م]ـ
جزاك الله خيراً , هذا ما أشكل عليّ ورُفِع , رفعك الله في الدراين صلاحاً ومنزلة.(87/21)
ممكن شروح مبسطة للمواريث
ـ[أم أُويس]ــــــــ[30 - 10 - 07, 09:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل لكم أن تفيدونا بروابط لشروح مسموعة أو مكتوبة للمواريث مبسطة لأن من بحاجتها منذ أن علم أنها تحتاج لمادة الرياضيات على قوله فلم يعد يستطيع مذاكرتها
والأمر ضروري
فهل لكم مساعدته
مشكورين
ودمتم موفقين مبرورين
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[30 - 10 - 07, 04:09 م]ـ
شرح كتاب الفرائض (المواريث) من منار السبيل للشيخ أحمد حطيبة. الشرح يتضمن مسائل متعددة موضحة على شاشة العرض بطريقة شيقة ومبسطة.
شروحات مرئية
http://www.hotaybah.com/modules.php?name=Lessons&act=series&s=1
ـ[أم أُويس]ــــــــ[31 - 10 - 07, 03:03 ص]ـ
جزاكم الله خير وأسألله أن يفي بالمراد
ودمتم موفقين مبرورين
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 03:02 م]ـ
أنصح المسترشد وفقه الله بأشرطة الشيخ ابن عثيمين في شرح البرهانية فهي سهلة جدا وموجودة في موقعه(87/22)
ترك التسمية عند الوضوء نسيانا وعمدا
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 09:52 ص]ـ
حكم ترك التسمية عند الوضوء عمدا ونسيانا؟
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 10:27 ص]ـ
التسمية عند الوضوء ظاهر مذهب احمد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -:
1 - ان التسمية مسنونة في طهارات الحدث كلها. رواه عنه جماعة من اصحابه.وقال الخلال:الذي استقرت الروايات عنه انه لاباس به.يعني اذا ترك التسمية. وهذا قول الثوري ومالك والشافعي وابي عبيدة وابن المنذر واصحاب الراي.
2 - وعنه انها واجبة فيها كلها ,الوضوء والغسل والتيمم وهو اختيار ابي بكر ومذهب الحسن واسحاق.لحديث ابي هريرة مرفوعا:لاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.
وهذا نفي في نكرة يقتضي ان لايصح وضوؤه بغير التسمية.
ووجه الرواية الاولى: انها طهارة فلاتفتقر الى التسمية كالطهارة من النجاسة, او عبادة فلاتجب فيها التسمية كسائر العبادات ولان الاصل عدم الوجوب وانما ثبت بالشرع والاحاديث.والحديث ضعيف وان صح ذلك فيحمل على تاكيد الاستحباب ونفي الكمال بدونها كقوله:لاصلاة لجار المسجد الا في المسجد.
وان قلنا بوجوبها فتركها عمدا لم تصح طهارته لانه ترك واجبا في الطهارة اشبه ما لو ترك النية.
وان تركها سهوا صحت طهارته.نص عليه احمد في رواية الوضوء؟ وقال ارجو ان لايكون عليه شيء.وهذا قول اسحاق.فعلى هذا اذا ذكرها في اثناء طهارته اتى بها حيث ذكرها لانه لما عفي عنها مع السهو في جملة الوضوء ففي بعضه اولى.
وان تركها عمدا حتى غسل لم يعتد بغسله لانه لم يذكر اسم الله عليه مع العمد. وقال الشيخ ابو الفرج:اذا سمى في اثناء الوضوء اجزأه يعني على كل حال لانه قد ذكر اسم الله على وضوئه. وقال بعض اصحابنا:لاتسقط بالسهو لعموم الخبر وقياسا لها على سائر الواجبات.
والاولى اولى ,لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عفي لامتي عن الخطا والنسيان.ولان الوضوء عبادة تتغاير افعالها فكان في واجباتها مايسقط بالسهو كالصلاة ولايصح قياسها على سائر واجبات الطهارة لان تلك تاكد وجوبها بخلاف التسمية.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 10:43 ص]ـ
الوضوء:
1 - تجب التسمية لحديث ابي هريرة مرفوعا:لاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.رواه احمد وغيره.
2 - وتسقط سهوا:لحديث:عفي لامتي عن الخطا والنسيان.
وان ذكرها في اثنائه ابتداء:صححه في الانصاف ,وقيل:يأتي لها حيث ذكرها ويبني على وضوئه قطع به في الاقناع وحكاه في حاشية التنقيح عن اكثر الاصحاب.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 11:06 ص]ـ
حديث ابي هريرة مرفوعا:لاصلاة لمن لاوضوء له ,ولاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.رواه احمد وابوداود وابن ماجه. (حسن).
اخرجه كذلك الدارقطني والحاكم والبيهقي عن يعقوب بن سلمة عن ابيه عن ابي هريرة مرفوعا.وصححه الحاكم وردوه عليه لان يعقوب بن سلمة واباه (مجهولان) كما بينته في صحيح سنن ابي داود 90.وذكرت له فيه اخرين عن ابي هريرة وبينت من خرجهما ومافيهما من الكلام واشرت الى ان له شواهد كثيرة وان النفس تطمئن لثبوت الحديث من اجلها.وقد قواه الحافظ المنذري والعسقلاني وحسنه ابن الصلاح وابن كثير.
وازيد هنا فأقول:ان الدولابي اخرج الحديث من احد الطريقين المشار اليهما في كتابه (الكنى) وقال:ان البخاري قال:انه احسن شيء في هذا الباب.
وقال الحافظ العراقي في (محجة القرب في فضل العرب) هذا حديث حسن.
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 02:17 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد:
آحاديث التسمية عند الوضوء لا يصح منها شيء.
فهذه الآحاديث وإن كانت لها من الشواهد الكثير فلا تصح بحالٍ من الأحوال لأنها قد خالفت آحاديث صحيحة قد بلغت حد التواتر.
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 04:07 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد:
آحاديث التسمية عند الوضوء لا يصح منها شيء.
فهذه الآحاديث وإن كانت لها من الشواهد الكثير فلا تصح بحالٍ من الأحوال لأنها قد خالفت آحاديث صحيحة قد بلغت حد التواتر.
جزاك الله خيرا و بارك فيك
هلا زدتنا بعض التوضيح أكثر مما ذكرت
فما هي هذه الأحاديث المتواثرة التي خالفتها أحاديث التسمية في الوضوء؟
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 04:08 م]ـ
الوضوء:
1 - تجب التسمية لحديث ابي هريرة مرفوعا:لاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.رواه احمد وغيره.
2 - وتسقط سهوا:لحديث:عفي لامتي عن الخطا والنسيان.
وان ذكرها في اثنائه ابتداء:صححه في الانصاف ,وقيل:يأتي لها حيث ذكرها ويبني على وضوئه قطع به في الاقناع وحكاه في حاشية التنقيح عن اكثر الاصحاب.
جزاك الله خيرا و بارك فيك على هذا البحث القيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/23)
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 04:53 م]ـ
جزاك الله خيرا و بارك فيك
هلا زدتنا بعض التوضيح أكثر مما ذكرت
فما هي هذه الأحاديث المتواثرة التي خالفتها أحاديث التسمية في الوضوء؟
الأخ الكريم بارك الله فيك انظر إلى هذه الآحاديث التي وصفت وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد ما ذكر في باب التسمية مع أهميتها!!
وهذا دليل على ضعف تلك الآحاديث.
فعن عثمان رضي الله عنه عند البخاري , ومسلم
أنه توضأ، فغسل وجهه ثلاثا، واستنشق ثلاثا، ومضمض ثلاثا، ومسح برأسه وأذنيه، ظاهرهما وباطنهما، ورجليه ثلاثا، وخلل لحيته، وأصابع الرجلين، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ *1
وفي رواية (فدعا بوضوء، فتمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه ورجليه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يتوضأ)
وفي رواية حمران مولى عثمان (عند البخاري)، أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء، فأفرغ على كفيه، ثلاث مرار، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين، ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه، ثلاث مرار، إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين، لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ماتقدم من ذنبه*2
==============================
حديث (ابن عباس في الوضوء) عند البخاري , ومسلم
عن عطاء بن يسار , قال: قال لنا ابن عباس:
أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة بيده اليمنى فتمضمض واستنشق ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه ثم غسل وجهه ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليمنى ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليسرى ثم قبض قبضة من الماء ثم نفض يده ثم مسح بها رأسه وأذنيه ثم قبض قبضة أخرى من الماء فرش على رجله اليمنى وفيها النعل ثم مسحها بيديه يد فوق القدم ويد تحت النعل ثم صنع باليسرى مثل ذلك*3
وفي رواية ((أنه توضأ فغسل وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء، فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى، فغسل بها رجله يعنى اليسرى ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ))
رواها البخاري بهذا اللفظ.
قلت: وهناك آحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما وهي صحيحة لا مطعن فيها تبين صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ولم تذكر التسمية.
فهذه دلالة على عدم تقوية هذه الآحاديث الضعيفة في التسمية مع كثرة شواهدها لمخالفتها تلك الآحاديث المتواترة , والصحيحة. والله أعلم.
__________________________________________________ __________________
1 - أخرجه أحمد1/ 57 (403) قال: حدثنا وكيع. و"عبد بن حميد"62 قال: حدثني ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نمير. و"الدارمي" 704 و708 قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل. و"أبو داود"110 قال: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا يحيى بن آدم. و"ابن ماجة"430 قال: حدثنا محمد بن أبي خالد القزويني، حدثنا عبد الرزاق. و"الترمذي"31 قال: حدثنا يحيى ابن موسى، حدثنا عبد الرزاق. و"ابن خزيمة"151 قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا خلف بن الوليد. وفي (152) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا عبد الرحمان، يعني ابن مهدي. وفي (167) قال: حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا أبو عامر.
سبعتهم (وكيع، ومالك بن إسماعيل، ويحيى بن آدم، وابن أبي زائدة، وخلف، وابن مهدي، وأبوعامر) عن إسرائيل بن يونس، عن عامر بن شقيق بن جمرة الأسدي، عن شقيق بن سلمة، أبي وائل، فذكره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/24)
2 - أخرجه أحمد 1/ 59 (418) قال: حدثنا أبو كامل، حدثنا إبراهيم، يعني ابن سعد. وفي (419) قال: حدثنا إبراهيم بن نصر الترمذي، حدثنا إبراهيم بن سعد. وفي (421) قال: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر. وفي 1/ 60 (428) قال: حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج. و"الدارمي" 693 قال: أخبرنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا عبد الأعلى، عن معمر. و"البخاري" 1/ 51 (159) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: حدثني إبراهيم بن سعد. وفي 1/ 52 (164) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب. وفي 3/ 40 (1934) قال: حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر. و"مسلم"1/ 141 (458) قال: حدثني أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح، وحرملة بن يحيى التجيبي، قالا: أخبرنا ابن وهب، عن يونس. وفي (459) قال: وحدثني زهير بن حرب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي. و"أبو داود"106 قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر. و"النسائي"1/ 64، وفي وفي "الكبرى"103 قال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن معمر. وفي 1/ 65، وفي وفي "الكبرى"91 قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة، قال: حدثنا عثمان، هو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، عن شعيب، هو ابن أبي حمزة. وفي 1/ 80 قال: أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، عن يونس. و"ابن خزيمة"3 قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس (ح) وأخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أن ابن وهب أخبرهم، قال: أخبرني يونس. وفي (158) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس.
خمستهم (معمر، وابن جريج، وإبراهيم بن سعد، وشعيب، ويونس) عن ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن حمران، فذكره.
3 - أخرجه أبو داود 137 قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة , حدثنا محمد بن بشر , حدثنا هشام بن سعد. و"ابن ماجة" 403 قال: حدثنا عبد الله بن الجراح , وأبو بكر بن خلاد الباهلي , حدثنا عبد العزيز بن محمد. وفي (439) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا عبد الله بن إدريس , عن ابن عجلان. والترمذي" 36 قال: حدثنا هناد , حدثنا عبد الله بن إدريس , عن محمد بن عجلان و"النسائي" 1/ 73 وفي "الكبرى" 92 و170 قال: أخبرنا الهيثم بن أيوب الطلقاني. قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد. وفي "الكبرى" 93 قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا عبد العزيز. وفي (106) قال: أخبرنا مجاهد بن موسى. قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. قال: حدثنا ابن عجلان. و"ابن خزيمة" 148 قال: حدثنا عبد الله بن سعيد الهاشمي , حدثنا ابن إدريس , حدثنا ابن عجلان.
ثلاثتهم (هشام بن سعد , وعبد العزيز , وابن عجلان) عن زيد بن أسلم , عن عطاء بن يسار , فذكره
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 05:02 م]ـ
الشيخ العلوان فك الله أسره , يقول أن أحاديث التسمية قبل الوضوء لا يصح منها شيء , أعتقد في شرحه على الموقظة قال هذا الكلام.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[31 - 10 - 07, 08:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا و بارك فيك على هذا البحث القيم
بارك الله فيك
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[31 - 10 - 07, 08:37 ص]ـ
التسمية مستحبة في الوضوء وجميع العبادات.فان نسي التسمية في اولها وذكر في اثنائها اتى بها فهكذا نص عليه الشافعي في الام وبوب لها بابا قال فيه:فان سها عنها سمى متى ذكر ان ذكر قبل ان يكمل الوضوء.ونقله ابو حامد والماوردي وابو علي البندينجي وغيرهم عن نصه في القديم ايضا.
فلو تركها عمدا صح وضوءه هذا مذهبنا وبه قال مالك وابوحنيفة وجمهور العلماء وهو اظهر الروايتين عن احمد وعنه رواية انها واجبة وحكى الترمذي واصحابنا عن اسحاق انها واجبة ان تركها عمدا بطلت طهارته وان تركها سهوا او معتقدا انها واجبة لم تبطل طهارته.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[31 - 10 - 07, 08:43 ص]ـ
قال البيهقي:اصح مافي التسمية حديث انس: ان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضع يده في الاناء الذي فيه الماء ثم قال:توضئوا باسم الله ,قال فرايت الماء ينبع من بين اصابعه والقوم يتوضأون حتى توضؤا من عند اخرهم وكانوا نحو سبعين رجلا.واسناده جيد (اخرجه النسائي في الكبرى).
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[31 - 10 - 07, 12:55 م]ـ
لا شك أن التسمية قبل الوضوء من مسائل الخلاف، فلم تتفق الآراء على قول، والصواب – والله أعلم-: أن التسمية في هذه الحال مكروهة، وهو قول عند المالكية.
قال الإمام أحمد: لا أعلم فيه حديثا له إسناد جيد، وكذا قال الترمذي.
والأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي –صلى الله عليه وسلم – كثيرة مخرجة في الصحاح وليس في واحد منها ذكر التسمية، وأشبه وصف لها هو البدعية ولكن لم أر من ذكرها في البدع فلذا أجبن عن وصفها بذلك، وأجد أن أقرب الأقوال المأثورة عن سلفنا للصحة هو القول بالكراهة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/25)
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[31 - 10 - 07, 01:01 م]ـ
قال البيهقي:اصح مافي التسمية حديث انس: ان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضع يده في الاناء الذي فيه الماء ثم قال:توضئوا باسم الله ,قال فرايت الماء ينبع من بين اصابعه والقوم يتوضأون حتى توضؤا من عند اخرهم وكانوا نحو سبعين رجلا.واسناده جيد (اخرجه النسائي في الكبرى).
أصل هذا الحديث في الصحيحين وليس فيه زيادة التسمية، وترك صاحبي الصحيح روايتها إعلال لها والله أعلم.
وقد تفرد بزيادتها معمر عن قتادة وثابت، وروايته عنهما فيها كلام مشهور.
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 02:38 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وبعد:
التسمية عند الوضوء وغيره جائزة , فقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه قال: التسمية علي كل حال، وعند الوقاع.
قال العيني رحمه الله: لما كان حال الوقاع أبعد حال من ذكر الله تعالي، ومع ذلك تسن التسمية فيه، ففي سائر الأحوال بطريق الأولي. انتهى.
قلت: أما الآحاديث المذكورة فلم يصح منها شيء.
لمخالفتها ما في الصحيحين من آحاديث وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[01 - 11 - 07, 08:31 ص]ـ
أصل هذا الحديث في الصحيحين وليس فيه زيادة التسمية، وترك صاحبي الصحيح روايتها إعلال لها والله أعلم.
وقد تفرد بزيادتها معمر عن قتادة وثابت، وروايته عنهما فيها كلام مشهور.
اخي الطيب راجع:
1 - كتاب كشف المخبوء بثبوت التسمية عند الوضوء ,لفضيلة الشيخ ابي اسحاق الحويني.
2 - صحيح ابي داود برقم 90 للعلامة الالباني رحمه الله تعالى.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[03 - 11 - 07, 05:58 ص]ـ
اخي الطيب راجع:
1 - كتاب كشف المخبوء بثبوت التسمية عند الوضوء ,لفضيلة الشيخ ابي اسحاق الحويني.
2 - صحيح ابي داود برقم 90 للعلامة الالباني رحمه الله تعالى.
أتمنى أن تراجع كلام أهل العلم في أحاديث معمر عن قتادة وثابت.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:39 م]ـ
لو صح الحديث فإن قوله: (لا وضوء) يحمل على نفي الكمال لا نفي الصحة، بقرينة أن واصفي وضوء النبي ? لم يذكروا التسمية، وحق الواجب أن لا يُترك ..
قالوا: ولم تذكر التسمية في آية الوضوء، ولعدم ورود حديث صحيح صريح في إيجابها، فحمله على نفي الكمال -لو صح- أظهر لهذه الوجوه كلها. والله أعلم.
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 02:55 م]ـ
لو صح الحديث فإن قوله: (لا وضوء) يحمل على نفي الكمال لا نفي الصحة، والله أعلم.
الأخ الكريم:
يفهم من ذلك أن الصحابة الذين وصفوا لنا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ليس بكامل؟؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[06 - 11 - 07, 03:13 م]ـ
هذا -أخي الكريم أبا رحمة- من باب التنزل مع الخصم القائل بتصحيح الحديث, وهذا كثير في كتب أهل العلم. والله تعالى أعلم.
ـ[عبدالله الشهرزوري]ــــــــ[13 - 07 - 08, 09:19 ص]ـ
1 - عن المهاجر بن قنفذ انه سلم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه وقال انه لم يمنعني ان ارد عليك الا اني كرهت ان اذكر الله الا على طهارة. رواه احمد وابن ماجه والنسائي وابوداود بلفظ (وهو يبول).
2 - عن ابي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال:لا صلاة لمن لاوضوء له ولا وضوء لمن لايذكر اسم الله عليه. رواه احمد وابوداود وابن ماجه.
كيف يجمع بين الحديثين؟
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[16 - 07 - 08, 09:17 ص]ـ
حديث (لاصلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)
فذهب قوم الى ان من لم يسم على وضوء الصلاة فلايجزيه وضوؤه واحتجوا بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك اخرون فقالوا من لم يسم على وضوئه فقد اساء وقد طهر بوضوئه تلك. واحتجوا بحديث المهاجر بن قنفد انه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويتوضأ فلم يرد عليه , فلما فرغ من وضوئه قال:انه لم يمنعني ان ارد عليك الا اني كرهت ان اذكر الله الا على طهارة.
ففي هذا الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ان يذكر الله الا على طهارة ورد السلام بعد الوضوء الذي صار به متطهرا. ففي ذلك دليل انه قد توضأ قبل ان يذكر اسم الله.
قوله (لاوضوء لمن لم يسم) لم يرد بذلك انه ليس بمتوضىء وضوءا لم يخرج به من الحدث ولكنه اراد انه ليس بمتوضىء وضوءا كاملا في اسباب الوضوء الذي يوجب الثواب.
فلما احتمل هذا الحديث من المعاني ماوصفنا ولم يكن هناك دلالة يقطع بها لاحد التأويلين على الاخر وجب ان يجعل معناه موافقا لمعاني حديث المهاجر. فثبت بذلك ان الوضوء بلا تسمية يخرج به المتوضيء من الحدث الى الطهارة.(87/26)
سؤال في الأوقاف؟؟
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[30 - 10 - 07, 03:10 م]ـ
أوقفت إمرأة بيتهاوقف مؤبد على أخيها ((زيد)) وذريته.
فهل يكون ريع هذا البيت على حسب البطون الأول ثم البطن الثاني ((أحفاد زيد)) أو يكون على جميع الذرية الصغير وكبير على أختلاف درجاتهم.
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 04:28 م]ـ
وفقكم الله
يختلف إن قالت على زيد ثم على ذريته من بعده
فهنا يكون في حال حياة زيد فهو خاص به ثم ينتقل إلى ذريته بعد وفاته ويكون بينهم بالتساوي الذكر كالأنثى
وإن كانت تعني وذريته أثناء حياته فهو بينهم بالتسوية جميعا فكل ولد من ذريته ذكر أو أنثى فهو معهم بالتساوي
ـ[أبو ليا النجدي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 01:19 م]ـ
الوقف بابه شائك
تتغير المعنى يتغير الحكم(87/27)
تحريم صوم يوم العيد سواء كان قضاء او كفارة او نذر او غير ذلك
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[30 - 10 - 07, 03:53 م]ـ
عن ابى عبيد قال شهدتالعيد مع عمر رضى الله عنه فبدأبالصلاة قبل الخطبة ثم قال
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين اما يوم الاضحى فتاكلون من لحم نسككم واما يوم الفطر ففطركم من صومكم رواه الشيخان وابو داود والترمذى والنسائى
قال النووى فى شرح مسلم
وقد اجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين باى حال سواء صامهما عن نذر او كفارة او تطوع او غير ذلك ولو نذر صومهما لعينهما متعمدا قال الشافعى والجمهور لاينعقد نذره ولايلزمه قضاؤهما خلافا لابى حنيفة قال ينعقد النذر ويلزمه قضاؤهما ان افطر فيهما فان صامهما اجزأه وخالفالنا كلهم فى ذلك
وقال الخطابى فى معالم السنن معلقا على الحديث ورأى ابى حنيفة
قوله صلى الله عليه وسلم اما يوم الفطر ففطركم من صيامكم يدل على انه من نذر صوم ذلك اليوم لم يلزمه صيامه ولاقضاؤه لان هذا كالتعليل لوجوب الافطار فيه وقد وسم هذا اليوم بيوم الفطر والفطر مضاد للصوم ففى اجازة صومه ابطال لمعنى اسمه
وقد ذهب عامة اهل العلم الى ان الصيام لايجوز فى هذين اليومين الا اهل العراق (يقصد اهل الرأى
فقد ذهبوا الى انه لو نذر صومهما لزمه قضاؤه)
والنذر انما يلزم فى الطاعة دون المعصية وصيام هذين اليومين معصية لنهى النبى صلى الله عليه وسلم فالنهى لاينعقد فيه ولايصح كما لايصح من الحائض لو نذرت ان تصوم ايام حيضها
والله تعالى اعلم(87/28)
هل أقبل وظيفة " عضو في هيئة شرعية " ماذا أقول له؟
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 07:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخوتي الكرام ...
سأل سائل عرض عليه وظيفة " عضو في هيئة شرعية " براتب مغر ٍ و هو رجل مؤهل إن شاء الله للفتوى ... و قد استشار ...
فبماذا تشير عليه؟
قلت له بأن الله قد أغناك فلك وظيفة حالية راتبها كبير كاستاذ في جامعة اسلامية و لم أعرف في تاريخ أهل العلم - على حد علمي القاصر - أن أحدا أجاز لنفسه أن يتوظف لدى رجل من عامة المسلمين لأجل غرض " تسييس تجارته بشكل شرعي " فاسلك طريق من سبق و اقتصر على وظيفة من ولاه الله أمرك كأي قاض ٍ أو إمام مسجد و دع عنك دراهم العامة نزه علمك عنها كما أن اهل العلم يحرمون على الجندي الحراسة للبنوك تحت قاعدة " عدم التعاون على الإثم و العدوان " فأنت إن كان صاحب المال فاسقاً يأكل الربا بيد و أنت تعلم ذلك و يعطيك حفنة دراهم بيده الأخرى لتطبق عليها شرع الله و تكون له " الوجه الديني " الذي يلم به مال الملتزمين ثم تدعمه بأرباح معاملاتك الاسلامية المباركة ليضعها في محل بيع دخان أو يفتح بها مجلة خليعة أو فرعا جديدا لبنك ربوي أو يضارب بها في قمار لاس فيجاس و شيكاغو ألا تكون شرا ً من حال ذلك الجندي المسكين الذي ما توظف الا ليغني أمه و أباه أو ليحصن فرجه بزوجة فأنت أغنى منه يا أخي.
هل أصبت في ذلك أم أخطأت مع العلم أن صاحب المال له نشاطات محرمه , أعني من ناحية شرعية و هل توجد رسالة ناقشت هذا الأمر أي العمل كمستشار شرعي براتب معلوم لدى فسقة عوام المسلمين المصرين على فسقهم فأدل الأخ الفاضل عليها؟.
و الله الموفق(87/29)
قواعد الصلاة ال (10) أثناء السفر
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 07:48 م]ـ
1) قصر الصلاة في السفر سنة مؤكدة، والإتمام جائز مع الكراهة.
2) أن القصر متعلق بالصلوات الرباعية فقط (الظهر، العصر، العشاء).
3) لا يشرع للمسافر أن يصلي الصلوات الرواتب؛ إلا راتبة الفجر و ركعتي الوتر.
4) أن النوافل المطلقة، والصلوات ذات السبب؛ يشرع للمسافر أداؤها، مثل: (الضحى، تحية المسجد، صلاة الجنازة ... ).
5) أن القصر متعلق بعلته وهي (السفر)، وليس متعلقاً بحكمته وهي (رفع المشقة).
أي: أن السفر سواء وجدت المشقة فيه أو انعدمت؛ فإنها لا تؤثر في مشروعية القصر.
6) أن مسافة القصر حسب أعراف الناس؛ وعند تضارب أقوالهم تكون المسافة: (80 كيلو متر براً، و43 ميلاً بحرياً).
7) أن وسيلة السفر لا تؤثر في القصر وعدمه " طائرة، قطار، سيارة .. "؛ والعبرة بالمسافة فقط.
8) أن الزمن طال أو قصر لا يؤثر في القصر وجوداً وعدماً، والعبرة بالمسافة فقط، سواءً أقطع المسافر المسافة في " ساعة، أو يوم، أو في أكثر من ذلك ".
9) أنه لا علاقة بين قصر الصلاة، وبين جمع الصلاة؛ إلا في حالين، هما:
o أثناء طريق السفر؛ فيجوز الجمع والقصر مطلقاً، معه جماعة أم كان منفرداً.
o إذا وصل إلى البلد المراد السفر إليها، فيجوز الجمع والقصر؛ مع مراعاة الآتي:
أ – أن يكون معه جماعة، وإلا فيذهب إلى مسجد الحي.
ب – وجود حاجة للجمع؛ وإلا فالأفضل ترك الجمع.
ج ـ ألا يجمع بين صلاتي " الجمعة وبين صلاة العصر "؛ لأنه محرَّم.
د – أن تكون مدة الإقامة (4 أيام) فأقل.
10) أن تأدية الصلاة مادامت داخل الوقت؛ فالعبرة فيها بحال الآداء لا بحال الوجوب،
ولكن بعد خروج الوقت " لعذرٍ شرعي " فإننا ننظر إلى آخر حالٍ كان عليها المصلي؛ فيكون قضاء الصلاة على آخر حاله؛ هل كان مسافراً أم مقيماً؟!.
للاستفسار أو إبداء ملاحظة عما سبق؛ أو غيره:
0564208085
أو mahbishi@gmail.com (mahbishi@gmail.com)
ـ[شاعون محمد السني]ــــــــ[06 - 02 - 08, 10:45 ص]ـ
بارك الله فيك
من قال بتحريم الجمع بين الجمعة و العصر.
هل يمكن التواصل حول مسائل في الجنائز
كالصلاة اوقات النهي و الصلاة على الجنازة في المسجد و المقبرة .......
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[08 - 02 - 08, 10:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
1/ أشهر من قالوا بمنع الجمع بين الظهرين هم الحنابلة، وكتبهم بذلك طافحة، وتشمل الجمعة أو الظهر.
2/ على القول بجواز الجمع بين الظهرين عند غير الحنابلة (وهو الراجح)، فإن الجمعة لا تدخل في هذا الجواز؛ للأسباب التالية:
أ ـ أن الجمعة مستقلة عن الظهر تماماً، فلها خصائص تختلف بها عن الظهر، والأحاديث دلت على ذلك.
ب ـ من الخصائص كما ينص على ذلك العلماء بالاتفاق (الوقت)، وهو غير دخول الوقت، فإن الجمعة مقيدة بوقت محدد لو فاتت عنه ـ ولو بعذرـ فلا تصلى ركعتين أبدا، بل تصلى أربعاً كاملة.
ج / أن صلاة الجمعة ـ وهي غير الظهر ـ يحتاج في جمعها مع العصر إلى دليل؛ ولا دليل من فعل النبي الكريم و لا من فعل السلف الصالح بجواز ذلك.
د/ وهذا فيما لو كان الرجل مسافراً مقيماً ولم يكن معه جماعة وكان بجواره جامع، وأما مع انعدام أيًّ منها فإن صلاة الجمعة لا تجب بحقه، قولا واحداً، والحنابلة لهم كلام في هذا كثير.
.................................................. ............................
و أما بشأن التواصل فلا بأس.
وفق الله الجميع، أخوكم محمد بن علي البيشي، عضو الجمعية الفقهية السعودية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[09 - 02 - 08, 12:54 م]ـ
* طبعاً ـ المنع مختص فيما لو كان الجمع بين الظهرين (نازلاً)، على غير المشهور من المذهب الحنبلي؛ موافقة لمشهور مذهب الإمام مالك، وأما حال جد السفر فيجوز عندهم، كما يعلم الجميع.
* وفائدة إيرادي لشرط (الوقت) وأنه غير دخول الوقت، هو: أن جمع التأخير سيكون متعذراً.
* إذا كان المسافر المقيم بجوار المسجد معه جماعة فله أن يقلب الجمعة ظهراً، ثم يجوز له القصر و الجمع، على قول في المذهب الحنبلي معروف لديكم.
ـ[ابن جبير]ــــــــ[13 - 02 - 08, 07:19 م]ـ
جزاكم الله خيراً
وهل هناك بحث حول رؤوس المسائل المطروحه بالتفصيل بارك الله فيكم عندكم؟
وهناك كتاب (المسافر وما يختص به من احكام العبادات) تأليف الدكتور / احمد الكبيسي
وكأنه فاته ذكر حكم الجماعة في حال السفر او الإشارة إليه
فهل اطلعتم عليه؟
وليتك راغباً موفي الأجر بإذن الله - تدلل على بعض المراجع المستقله من بحوث او اسماء كتب ترشح ترى انها اغنت في الباب عن غيرها
وجزاكم الله خيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/30)
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[14 - 02 - 08, 12:49 م]ـ
* أما عن الكتاب الذي ذكرته للدكتور الكبيسيي، فلم اطلع عليه.
* وأما عن مسألة الجماعة أثناء السفر: فإن الفقهاء قد أوردوها في مواطن عدة، وأهل الحديث قد أطالوا فيها؛ خاصة في أمثال صلاة النبي الكريم بأصحابه في منى، و في غيرها، إلا أن الراجح هو أن المسافر ـ إن كان جادا في سفره ـ فلا يلزمه الجماعة مع جواز القصر ولو كان لوحده، وأما ـ حال النزول ـ ففيه الأحكام المعروفة لديكم.
* وأما عن أهم الكتب: فإنني لا أذكر الآن سوى (صلاة المسافر لسعيد بن وهف القحطاني)، وهناك كتب أخرى نسيت أسماءها، والفقهاء قد أفردوا أحكامها في كتبهم بما لا يدع مجالاً للنظر في غيرها، إلا فيما شأنه الأحكام المعاصرة أو التفصيل، ومن أهم الكتب الفقهية:
1/ المغني، الشرح الكبير للحنابلة، و نهاية المطلب للشافعية، شرح ابن الكمال ابن الهمام للحنفية أو ابن عابدين لهم أيضا.
2/ ومن المعاصرة / فتاوى ابن باز فيها في بعض المواضع استقلال لأحكامها، الفقه المالكي وأدلته للحبيب بن طاهر، موسوعة عبدالحليم عويس ... الخ.
زادنا الله جميعا العلم والبصيرة
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 07:31 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اخي الكريم البيشي.
اود ان أعرف وجه مشروعية إقامة المسافر اقل من 4 أيام حتى يقصر وإن زاد لا يكون عليه قصر وحكمه حكم المقيم.
ولم اقف على اي دليل البتة يشفي الغليل على المسألة. وكل الأدلة على أن المسافر لا يزال يقصر حتى يرجع. وأفعال الصحابة تدل على الإطلاف ولم يكن هناك اي تقييد وقتي.
وكما قال الألباني رحمه الله لا يجوز لنا إطلاق ما قيده الشرع وتقييد ما أطلقه الشرع.
وإن كان هناك دليل فأرجو الإفادة منكم اخي الكريم.
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 11:25 ص]ـ
* ما ذكرته في مقام حديثك هو محل اعتبار ونظر؛ وأنا لا زلت محتفظاً برأيي لنفسي، وهو أن التقييد في عموم فعل الصحابة والنبي الكريم قبلهم يحتاج إلى مزيد تدليل.
* ومن المعلوم لديكم أن دليل القائلين بالتقييد ـ وهم الجمهور ـ فعل النبي صلى الله عليه وسلم عند نزوله منى وإقامته بها 4 أيام فقط يقصر بها، وهو ما يعبر به شيخ الحنابلة ابن قدامة بـ (21) صلاة) وقبله الإمام أحمد ـ إن صحت نسبة اللفظة له ـ.
والإشكال يكون في الاتي:
ـ النبي الكريم أقام أربعة أيام يقصر ولم يحددد المدة بتلك الأيام.
ـ النبي الكريم قد يقيم اكثر منها ولايزال يقصر.
ـ فعل الصحابة رضي الله عنهم يدل على الإطلاق، رغم تقييد البعض له بأنهم لا يعلمون زمن رجوعهم أيام الجهاد ـ فأصحبوا مسافرين حتى انتهائهم من الحرب؛ لأن النبي الكريم أقام مرة 19 يوما ومرة 17 يوماً يقصر الصلاة للجهاد ..
* على كل حال؛ فإن العلامة ابن باز كان رأيه القديم عدم التحديد بزمن لا أربعة أيام ولا أكثر من ذلك لعموم فعل المصطفى الكريم، ثم رجع إلى قول الجمهور؛ لأنه أكثر اطمأناناً إلى نفسه. . .
* والذي أذهب إليه (حتى سيتبين لي أمر غيره) هو:
التزام قول الجمهور. . . لأننا نستدل بفعله صلى الله عليه وسلم في موضع لا نص صريح فيه ببيان قولي، وإنما كان التشريع هنا في التحديد (فعله) وكان فعله منقسماً إلى أمرين 1/ حال جهاد و القصر فيه مطلق، ولأنه قد قصر في مرتين مختلفتين، فدل على عدم اعتبار الزمن، 2/ حال غير الجهاد ولم يزد على 4 أيام، ولم يرد عنه في فعل آخر يُفِيْدُ الزيادةَ عليها؛ حتى نحكم فيه كما حكمنا على الأولى بعدم التقييد.
ـ[ابن جبير]ــــــــ[15 - 02 - 08, 02:13 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ومن باب المباحثة والمدارسة بارك الله فيكم لعلنا ننتفع منكم
وفي مسألة (نية الجمع) في التقديم جعل الاكثر لزوم إستحضار نية الجمع قبل الإحرام بالاولى من شروط الجمع - عللوا - بأَن الثانية تفعل في وقت الاولى جمعاً، وقد تفعل سهواً فلا بد من تميز بينهما لحديث عمر (انما الاعمال بالنيات .... )
فهل يقال إن إيقاع الصلوات في اوقاتها هو الأَصل - فلما خرج عن هذا الاصل أُحتيج معه لقدر زائد في النية لسبب الخروج وهو الجمع؟
ولكن هذا القدر الزائد بالتحديد في استحضار النية لم يوضح من قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم يكتفى بحديث عمر في الاعمال بالنيات ويستجلب هاهنا
اذا كان عندكم مزيد توضيح بارك الله فيكم
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 10:39 م]ـ
السلام عليكم اخي الكريم.
انا كنت اضن ان قول الجمهور هو اللإطلاق وليس التقييد بأربعة أيام لكثرة القرائن.
واما مكوث النبي في منى اربعة أيام يدل ان هذا وقع إتفاقا ليس تشريعا. ولو كان تشريعا لتبين هذا في فعل الصحابة على الأقل. والوجه الثاني لبينه الرسول للحجاج الذين سيأتون بعده.
وبارك الله فيك ومناقشتك وأسلوبك أعجبني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/31)
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 11:28 م]ـ
* أما عن مسألة (نية الجمع) فالتعليل الذي ذكرته هو تماماً ما ذكره اصحاب هذا القول، القائلون باشتراط نية الجمع عند جمع التقديم.
* ولهم دليل آخر أيضاً هو أن كلا الصلاتين أصبحتا صلاة واحدة؛ وعليه: فإن النية لازمة لأي عبادة منذ الشروع فيها، وهناك رأي في مذهبنا ـ الحنابلة ـ يجيز تأخير النية إلى ما قبل الصلاة الثانية، وأكثر الحنابلة على الأول.
* وهذا الاشتراط هو رأي الجمهور،وممن نقله من الحنابلة ابن مفلح في نكته على المحرر؛ بل قال (ولا أعلم له مخالفاً)، يعني في مذهبنا وغيره.
* والغريب أن أبا العباس ابن تيمية (شيخ الإسلام) أيضاً ينقل رأي الجمهور في عدم اشتراطه، كما في الفتاوى والاختيارات، وقال هو الموافق لدليل وأصول الإمام أحمد، ودليل أبي العباس هو:
أن النبي الكريم إذا جمع للصلاة مع الصحابة لا يخبرهم بإرادته الجمع، ولم ينقل عنه ذلك أبداً، ولو كانت (نية الجمع) شرطاً لأخبرهم؛ لأن في ذلك تنبيهاً لهم على استحضار النية قبل الصلاة الأولى.
* وأما عن مسألة (المدة التي يطلق عليها مسافراً او مقيماً) وما ذكره الشيخ النيادي فهو حق فيما افترضه وبنى عليه استغرابه، إلا أنني اشيرعليه وعلى جميع الإخوة ـ من المهتمين في المسألة ـ مراجعة بحث أعدته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في المملكة، جمعوا فيه كل ما ورد عن الأئمة في هذا الشأن في كتاب (أبحاث هيئة كبار العلماء) المجلد (7) طبعة 1423هـ، وهو بحث أعد عام (1401هـ، وهو أهم مرجع في هذه المسألة إطلاقاً.
* كما أنني أرجو تنزيله ممن استطاع ذلك، وله من الله الأجر؛ لأنني امتلك الكتاب ولا ( cd) عندي له.
* وأشكر للشيخين الفاضلين هذا الاهتمام بمثل هذا الموضوع المهم، وأشكرهم على إتاحة الفرصة لي بتقديم ما أظنني سأنفع به أحداً.
ـ[ابن جبير]ــــــــ[16 - 02 - 08, 12:36 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
مبحث هيئة كبار العلماء - سحبته من الشاملة على ملف الورد في المرفقات
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[18 - 02 - 08, 01:00 ص]ـ
أثابك الله على تحميل هذا البحث الذي أعدوه، ويرجى الدعاية له بين أفراد المنتدى؛ حتى يعم النفع.
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[07 - 03 - 08, 10:17 م]ـ
السلام عليكم
أخي لعلك خلطت في مسألة الجمع بين الظهرين (الظهر والعصر)
بين مسألتين:
1 - في السفر: يجوز عند أصحابنا الحنابلة للنازل والسائر
2 - في المطر: لا يجوز الجمع بين الظهرين عندهم
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[02 - 05 - 08, 09:58 م]ـ
بارك الله فيك
من قال بتحريم الجمع بين الجمعة و العصر.
هل يمكن التواصل حول مسائل في الجنائز
كالصلاة اوقات النهي و الصلاة على الجنازة في المسجد و المقبرة .......
الشخ ابن عثيمين رحمه الله قال بمنع جمع الجمعة مع العصر .. وتعليله هو بأن صلاة الجمعة عبادة مخصوصة الهيئة فإن فيها خطبة وهي في الأصل ركعتان وليست أربعا فلا تشبه الظهر ولا تقاربها حتى تأخذ حكمها بالقياس للجمع مع العصر .. ولأجل ذلك لم يجوز جمع الجمعة مع العصر بل تصلى كل صلاة في وقتها.
ـ[أبو عمرو المكي]ــــــــ[06 - 05 - 08, 07:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أم مجاهد]ــــــــ[02 - 02 - 09, 11:40 م]ـ
ج ـ ألا يجمع بين صلاتي " الجمعة وبين صلاة العصر "؛ لأنه محرَّم.
سؤال:
هل يدخل في ذلك صلاة المسافر يوم الجمعة وهو ينوي بها صلاة الظهر لأنه صلاها لوحده، أم لا يدخل؟
ولدي أسئلة كثيرة بالنسبة لهذا الباب فهل لي ان أكتبها؟
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[03 - 02 - 09, 12:33 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله:-
أرجو إرسال جميع الأسئلة على بريد ( mahbishi1234@gmail.com )
وسأجيب عنها دفعة واحدة عند الفراغ من أعمالي بحول الله تعالى.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[04 - 02 - 09, 07:41 ص]ـ
الشخ ابن عثيمين رحمه الله قال بمنع جمع الجمعة مع العصر .. وتعليله هو بأن صلاة الجمعة عبادة مخصوصة الهيئة فإن فيها خطبة وهي في الأصل ركعتان وليست أربعا فلا تشبه الظهر ولا تقاربها حتى تأخذ حكمها بالقياس للجمع مع العصر .. ولأجل ذلك لم يجوز جمع الجمعة مع العصر بل تصلى كل صلاة في وقتها.
بحث هذه المسألة الشيخ سعود الشريم في كتابه الشامل في فقه الخطيب والخطبة وتوصل إلى الجواز.
والأدلة التي استدل بها شيخنا محمد العثيمين رحمه الله قوية جدا
ـ[أبو سلمان الفريجي]ــــــــ[04 - 02 - 09, 09:08 ص]ـ
السلام عليكم
أخي لعلك خلطت في مسألة الجمع بين الظهرين (الظهر والعصر)
بين مسألتين:
1 - في السفر: يجوز عند أصحابنا الحنابلة للنازل والسائر
2 - في المطر: لا يجوز الجمع بين الظهرين عندهم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل عامر بهجة
على هذا التوضيح
أشكل علي ما ذكره الشيخ , لأن الذي نعرفه عن أصحابنا الحنابلة هو ما ذكرت(87/32)
المختصر للصفة الصحيحة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 08:54 م]ـ
الصفة الصحيحة لصلاة النبي r
(( فهذه المادةُ قد جمعتُها ونثرتُها في هذه الوريقات؛ راجياً ثوابها الجزيل؛ مُشرِكاً بها والدي العزيز رحمه الله، و والدتي الفاضلة غفر الله لها وحفظها، وسترَ الزلات، والثبات في الحياة وبعد الممات، ثم إفادةً لغيري من إخواني المسلمين في أنحاء المعمورة؛ نظراً لِما يُلاحَظ ــ من بعض المصلِّين ــ التهاون في تطبيق أحكام الصلاة كاملة، بواجباتها و سننِها، فمن خلال ملامستي لذلك نظراً، وكثرةِ أسئلةِ من جماعة المسجد، علمتُ مدى حاجة الناس لصفةٍ كاملةٍ ـ إن شاء الله ـ و ميسرة، تساعدهم على التَّعلُم والتطبيق، والله الموفِّق)) أخوكم.
تكبيرة الإحرام ..
يكبر المصلي تكبيرة الإحرام؛ قائماً مع القدرة، ناطقا بـ (الله أكبر).
· أوقات رفع اليدين:
1. يرفع المصلي يديه مع ابتداء التكبير، وينهيه عند انتهائه، لحديث وائل بن حجر مرفوعا (كان النبي r يرفع يديه مع التكبير) صححه النووي.
2. يرفع المصلي يديه ثم يكبر، لحديث ابن عمر (كان رسول الله r إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر) مسلم.
3. أن يكبر ثم يرفع يديه، لحديث أبي قلابة (أنه رأى مالك بن حويرث إذا صلى كبر ثم رفع يديه .. وحدَّث أنه رأى النبي r يفعل ذلك) متفق عليه.
· صفة الأصابع:
ممدودة، غير مضمومة ولا متباعدة (أي طبيعية) لحديث أبي هريرة (كان رسول الله r إذا دخل في الصلاة يرفع يديه مدا) صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحديث (وكان لا يفِّرج بينها ولا يضمّها) صححه الألباني في صفة الصلاة.
· مواضع الرفع:
1. حذو المنكبين (أي موازياً للكتفين) لحديث ابن عمر (كان رسول الله r إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر) مسلم.
2. حذو فروع الأذنين، لحديث مالك بن الحويرث (أن رسول الله r كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما فروع أذنيه) مسلم.
· مكان اليدين بعد إنزالهما:
تكونان على الصدر لحديث قبيصة بن هلب الطائي (أن النبي r كان يضع يديه على صدره) صححه ابن باز.
· صفة اليدين على الصدر:
1. أن يقبض شماله بيمينه؛ لحديث وائل بن حجر (رأيت النبي r إذا كان قائما قبض بيمينه على شماله) صححه الألباني.
2. أن يضع اليد اليمنى على ذراع اليسرى، لحديث سهل بن سعد (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) البخاري
3. أن يضع اليد اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، لحديث وائل بن حجر (ثم وضع النبي r يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد) صححه الألباني.
· نظر المصلي:
قال الإمام بن حجر (يستحب للإمام النظر إلى موضع السجود، وكذا للمأموم إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه، وأما المنفرد فحكمه حكم الإمام) الفتح (2/ 271) بدليل حديث عائشة (أن النبي r لما دخل الكعبة وصلى، لم يخلف بصره موضع سجوده، حتى خرج منها) صححه الحاكم ووافقه الذهبي، ولحديث البراء (أنهم كانوا إذا صلوا مع النبي r فرفع رأسه من الركوع، قاموا قياما حتى يرونه قد سجد) البخاري.
· أخطاء عن تكبيرة الإحرام:
1/ تمطيط (الله أكبر) عند بعض الأئمة، 2/ بعض المأمومين يكبر قبل انتهاء إمامه من (الراء) في كلمة (الله أكبر)،3/ تغميض العينين، 4/ الصلاة في موضع ملهيات،5/ الصلاة على سجادة بها تصاوير ....
· مسائل:
1. حكم لفظ (الله وكبر) بالواو؟ قال ابن عثيمين: ولو قال الله وكبر فإن هذا يجوز في اللغة العربية.
2. لو عجز الرجل عن رفع إحدى يديه عند الإحرام؟ قال ابن عثيمين: وإذا كان لا يستطيع رفع واحدة، رفع الأخرى.
دعاء الاستفتاح ..
وبعد الانتهاء من تكبيرة الإحرام، يشرع في دعاء الاستفتاح ..
· حكمها:
قال العلامة ابن قاسم (الاستفتاح مسنون عند جمهور الأئمة) حاشية الروض المربع.
· صفتها:
لها صفات عديدة ثابتة عن النبي r ومنها حديث أبي هريرة (أرايت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول (يعني النبي) قال (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ... ) متفق عليه.، وحديث (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) صحَّحهُ ابن باز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/33)
· حكم الجمع بين هذين الدعائين في صلاة واحدة:
قال العلامة فيصل آل مبارك: وإن جمع بين قوله سبحانك اللهم وبحمدك وقول اللهم باعد بين خطاياي فهو حسن؛ ليجمع بين الثناء والدعاء) الكلمات السداد على متن الزاد /34
التعوذ والبسملة ..
ثم يتعوذ بالله بعد الاستفتاح.
· حكمه:
سنة، لعموم الأدلة.
· صفاته:
1. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لقول الله (فإذا قرأت القران فاستعذ بالله).
2. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، لقول الله (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله)
3. ما ثبت من حديث أبي سعيد الخدري (كان النبي rإذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه) حسَّنه الألباني.
ثم يبسمل ((بسم الله الرحمن الرحيم)).
· حكمها:
سنة، لعموم الأدلة.
· هل تقال جهرا:
قال ابن القيم (وكان يجهر (النبي) ببسم الله الرحمن الرحيم، وتارة يخفيها أكثر مما يجهر بها، ففي هذا القول جمع بين الأخبار وإعمال لها جميعا) زاد المعاد .. 1/ 206
الفاتحة والتأمين ..
ثم يقرأ الفاتحة (إماما ومأموما ومنفردا)
· حكمها:
قال الشيخ ابن باز (الفاتحة ركن في الصلاة في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم فهي واجبة في حقه، تسقط مع السهو والجهل، وإذا سبقه الإمام فوجده راكعا) قرة عيون المصلين .. /26
· الدليل:
حديث عبادة بن الصامت أن النبي r ( قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) متفق عليه.
· أخطاء عند قراءة الفاتحة:
1/ ترك التشديد مثل: إيَّاك فيقول: إيَاك، 2/عدم التمهل في القراءة آية آية، 3/ عدم صبر المأمومين حتى انتهاء الإمام من (نون) ولا الضالين؛ ليقولوا آمين.
· مسائل:
1. حكم رجل عامي غير حافظ للفاتحة؟ قال النبي r ( فإن كان معك قرآن فأقرأ به، وإلا فاحمد الله وكبره و هلِّله) صححه الألباني.
2. قول (ولا الظالين) بالظاء؟ قال ابن عثيمين: (صلاته صحيحة).
فإذا انتهى من قراءة الفاتحة قال (آمين).
· حكمه:
سنة للإمام والمأموم، و أما المنفرد تسن له في صلاة ليل؛ هذا إن جهر في صلاته.
· الدليل:
حديث أبي هريرة (أن النبي r قال: إذا أمن الإمام فأمنوا) متفق عليه.
· أخطاء عند التأمين:
1/ البعض لا يقولها أبدا، 2/ قول (آمِّين) بالتشديد، لأن معناها قاصدين، وهذا معنى باطل قد يفسدها ..
· مسألة:
حكم ما لو تركها الإمام، فهل يتركها المأموم؟ لا يتركها، بدليل (إذا قال الإمام ولا الضالين: فقولوا آمين) البخاري.
قراءة سورة بعد الفاتحة ..
فإذا فرغ المصلي قرأ سور مما تيسر.
· حكمها:
سنة.
· الدليل:
حديث أبي سعيد الخدري (أُمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر).
· مسائل:
1. حكم التركيز على سورة بعينها في أكثر الصلوات؟ قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
والإفتاء (الأفضل تجديد القراءة).
2. هل يلزم قراءة السورة كاملة؟ قال الشيخ ابن جبرين ((يفضل أن تكون كاملة، وإن قرأ بعضها؛ فإنه يُجزِئ سواءٌ من أول السورة، أو وسطها، أو آخرها ..
وعند الفراغ من الفاتحة والسورة، يسكت قليلا بقدار ــ استرداد النفس.
· الدليل:
حديث سمرة (أن النبي r كان يسكت سكتتين: إذا استفتح الصلاة، وإذا فرغ من القراءة كلها) صححه ابن القيم.
الركوع ..
ثم يشرع في الركوع مكبرا، رافعا يديه مثل تكبيرة الإحرام، لحديث ابن عمر أن النبي r كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا كبر للركوع) متفق عليه.
· متى يكبر للركوع:
قال ابن عثيمين: (فلا يبدأ بتكبيره عند القيام، ولا يؤخره حتى يصل إلى الركوع) وقال (لأن التكبير علامة على انتقال، فينبغي أن يكون في حال الانتقال).
· صفة اليدين على الركبة، وصفة الظهر:
قابضاً على ركبتيه مفرجتين، وممددا ظهره لحديث أبي حميد الساعدي (وإذا ركع ((النبي)) أمكن يديه من ركبتيه، وفرج أصابعه، ثم هصر ظهره) البخاري.
· ما يقول:
سبحان ربي العظيم لحديث حذيفة أن النبي r ( صلى فكان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم) مسلم وفي رواية (ثلاث مرات) صححها الألباني.
· الرفع منه: ثم يرفع من الركوع، رافعا يديه، لحديث ابن عمر أن النبي r ( كان يرفع يده إذا كبر للركوع، وإذا رفع من الركوع) متفق عليه.
· ما يقال عند الاعتدال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/34)
يقول الإمام والمنفرد (سمع الله لمن حمده) لحديث أبي هريرة ((ثم يقول (النبي) سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد)) متفق عليه.
· حكم القول:
واجب، ومن تركه لزمه سجود السهو.
· موضعها:
عند الرفع، لا عند الركوع، ولا بعده إلى أن ينتصب قائما ً (لأنها انتقالية).
· ما يقول بعد الاعتدال:
يقول وهو قائم (ربنا ولك الحمد) إماما و مأموما ومنفردا.
· صفاتها:
1/ ربنا ولك الحمد،2/ اللهم ربنا ولك الحمد،3/ ربنا لك الحمد،4/ اللهم ربنا لك الحمد.
وكلها أخرجها البخاري.
· أخطاء عند الركوع وعند السجود:
1/ عدم تسوية الظهر 2/ زيادة كلمة والشكر مع ربنا ولك الحمد 3/ النظر للأعلى 4/ رفع اليدين على هيئة الداعي 5/ ترك إرجاع اليدين على الصدر،لأن إرجاعهما بعد الركوع على الصدر هو السّنة، قاله (ابن باز وابن عثيمين).
السجود ..
ثم بعد أن ينتصب قائما، يخر للسجود، وتكبيرته انتقالية.
· يسجد على:
الأعضاء السبعة وهي: الكفان، الركبتان، القدمان، الجبهة، الأنف.
· حكمه ودليله:
يجب السجود عليها كلها لحديث ابن عباس (أمر النبي r أن يسجد على سبعة أعظم .. ) متفق عليه.
· ماذا يقول:
سبحان ربي الأعلى، لحديث حذيفة بن اليمان (أن النبي r كان يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى) مسلم.
· حال اليدين.
أ/ موضعهما:
3. على جانبي الوجه: سئل البراء عن ذلك فقال (كان النبي r يضع وجهه إذا سجد بين كفيه) صححه الألباني.
4. (كان يجعلهما أحيانا حذو منكبيه)،وأحيانا (حذو أذنيه) صححهما الألباني.
ب/ الذراعان: مرفوعتان عن الأرض متباعدة عن العضدين، لحديث ميمونة (كان النبي r إذا سجد لو شاءت بهيمة أن تمر بين يديه لمرت) مسلم.
ج/ أصابع اليدين: مضمومة متجهة للقبلة، لحديث وائل بن حجر أن (النبي r إذ سجد ضم أصابعه) صححه الحاكم و وافقه الذهبي.
· حال الفخذين:
يفرج بينهما ولا يضمهما، لحديث أبي حمبد الساعدي (أن النبي r إذا سجد فرج بين فخذيه) صححه الألباني.
· وضع القدمين:
مرصوصتان، لحديث عائشة (حين فقدت النبي r فوقعت يدها على قدميه وهو ساجد) مسلم.
· أخطاء في السجود:
1/ رفع اليدين أو الرجلين أو أحدهما في حال السجود عن الأرض، 2/ قراءة القرآن في السجود والركوع 3/ التمدد الزائد أو تقوس الظهر، 4/ بسط الذراعين كانبساط الكلب،5/ عند تطبيق سنة المجافاة بعضهم يضيق على المصلين ويزعجهم،6/ عدم توجيه أصابع القدمين تجاه القبلة،7/ رفع اليدين بالتكبير عند الخرور للسجود، والصواب التكبير فقط.
· مسألة:
هل ينزل المصلي على يديه أو ركبتيه؟
ثبت عن النبي r سنتان:
1. تقديم الركبتين: لحديث وائل بن حجر (رأيت النبي r إذا سجد وضع ركبتبه قبل يديه) صحح الحديث ابن باز.
2. تقديم اليدين: لحديث أبي هريرة (قال النبي r إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه) صحح الحديث الألباني.
وهل هناك تعارض بين النهي عن البروك، والأمر بالوضع؟
الجواب (لا)، لأن النبي r نهى فيه عن البروك وهو النزول بقوة، وأمر بالوضع وهو النزول برفق، فآخر الحديث يشهد لأوله ..
الجلوس بين السجدتين ..
بعد الرفع من السجدة الأولى، يجلس بين السجدتين.
· دليلها:
حديث المسيء (ثم ارفع حتى تطمئن جالسا) البخاري.
· وضع القدمين:
يفترش اليسرى، وينصب اليمنى، لحديث عائشة (وكان يفترش رجله اليسرى، وينصب اليمنى) مسلم.
· وضع اليدين:
1. يضعهما على الفخذين: لحديث ابن الزبير وفيه (أن النبي r وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه الأيسر) مسلم.
2. يضعهما على الركبتين: لحديث ابن عمر (أن النبي r إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه) مسلم.
· ما يقول:
ربي اغفر لي، لحديث حذيفة (وكان يقول ((النبي)) رب غفر لي رب اغفر لي) صححه الألباني.
· السجدة الثانية:
مثل الأولى تماما.
· مسائل:
1. حكم زيادة و (لوالدي) في دعاءها؟ بدعة لم تثبت عن النبي r في هذا الموضع.
2. حكم الإشارة بالسبابة؟ قال العلامة بكر أبو زيد (وقد قرر الشيخان أن الروايات مطبقة على أن الإشارة في الجلوس للتشهد الأول والثاني) فقط. (لا جديد في أحكام الصلاة /42.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/35)
3. هل يجلس للاستراحة عند قيامه من الأولى للركعة الثانية ومن الثالثة للرابعة؟ يجوز للضرورة فقط، قاله ابن عثيمين.
التشهد الأول ..
· حكمه:
واجب.
· صفة القدمين:
مثل الجلسة بين السجدتين، بدليل (فإذا جلست في وسك الصلاة: فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد) رواه البيهقي بسند جيد.
· وضع الكفين:
مثل الجلسة بين السجدتين إلا في السبابة، فيرفعها.
· ما يقول:
(ما علمه النبي ابن مسعود: لتحيات لله والصلوات والطيبات .. ) متفق عليه.
· الإشارة بالسبابة.
أ/ موضعها: عند كل دعاء لحديث وائل بن حجر وفيه (ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها) صححه الألباني.
ب/ صفاتها:
1. يقبض جميع الأصابع ويشير بالسبابة.
2. يحلق الإبهام و الوسطى، ويقبض الباقي ويشير بالسبابة (يحلق حلقة).
3. يجعل الإبهام تحت السبابة مفتوحة، ويقبض الباقي.
وكلها ثابت عن النبي بأدلة صحيحة صريحة.
ج/ مكان النظر: إلى السبابة، لحديث ابن الزبير (وكان لا يجاوز بصره إشارته) صححه الألباني.
القيام للثالثة والرابعة ..
يقوم للثالثة مكبرا رافعا يديه، لحديث أبي حميد (إذا قام من الركعتين رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) صححه الترمذي.
· هل يقرأ فيهما شيء؟
قال العلامة فيصل آل مبارك (قال شيخنا سعد بن عتيق: الزيادة في الأخريين سنة تفعل أحيانا و تترك أحيانا) الكلمات السداد /37، واختاره ابن القيم وابن عثيمين لحديث لأبي سعيد الخدري في مسلم / 452
التشهد الأخير والتسليم ..
وبعد الانتهاء من الركعتين الأخيرتين، لو كانت رباعية أو ثلاثية، يجلس للتشهد الأخير خاتما الصلاة.
· ما يقول:
مثل التشهد الأول ـ ويزيد 0 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ... )
· صفة اليدين:
مثل التشهد الأول.
· صفة القدمين:
1. افتراش اليسرى ونصب اليمنى، ويخرجها عن يمينه.
2. افتراش القدمين، وإخراجهما عن اليمين.
3. نصب اليمنى، وإخراج اليسرى مفروشة بين الساق والفخذ.
وكلها ثابتة بأدلة صحيحة عن النبي.
· التسليم:
1. اليمنى: السلام عليكم ورحمة الله. و اليسرى: نفسها، لحديث ابن مسعود صححه الترمذي.
2. اليمنى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واليسرى: نفسها،لحديث وائل بن حجر صححه ابن حجر.
3. اليمنى: السلام عليكم ورحمة الله. اليسرى: السلام عليكم، لحديث ابن عمر صححه الألباني.
مسائل:
1. حكم التعوذ بالله من الفتن الأربع بعد التشهد وقبل الدعاء المباح؟ قال العلامة الإمام القدوة ابن حزم بوجوبه وهو الأقرب، ومال ناحيته ابن عثيمين.
2. هل الالتفات ينبغي أن يكون كاملا للجهتين؟ نعم، لأن بعض الناس يكتفي بالالتفات اليسير ..
وهي مطبوعة بهذا العنوان، متداولة في المكتبات، وهي ولله الحمد منقولةٌ وبصدد طباعتِها إلى عِدة لغاتٍ على تكلفة مكتب الجاليات التابع للدعوة والإرشاد بسوق الدمام، أسأل الله القبول ـ أخوكم / محمد بن علي البيشي، عضو الجمعية الفقهية.
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:33 م]ـ
نزلها في وووووو1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رد
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:33 م]ـ
نزلها في وووووو1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رد بارك الله فيك
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 09:46 م]ـ
وعليكم السلام:
هي مطبوعة في دار الطرفين بالطائف، وموجودة في المكتبات على هيئة منشورة حائطية.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[04 - 11 - 07, 12:12 ص]ـ
قولكم أخي جزاكم الله خيراً: (فإذا انتهى من قراءة الفاتحة قال (آمين).
· حكمه:
سنة للإمام والمأموم، و أما المنفرد تسن له في صلاة ليل؛ هذا إن جهر في صلاته).
هل تعني: أن التأمين غير مسنون في الصلاة السرية؟ أم أن الجهر به غير مسنون فيها؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[04 - 11 - 07, 01:00 ص]ـ
(هل يجلس للاستراحة عند قيامه من الأولى للركعة الثانية ومن الثالثة للرابعة؟ يجوز للضرورة فقط، قاله ابن عثيمين)
كلمة "للضرورة" ليست بالجيدة في هذا المقام، وليتك قلت: للحاجة، كما هو قول طائفة من أهل العلم .. والفرق بيّن. والله أعلم(87/36)
المختصر في أحكام السواك
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 08:59 م]ـ
السِّواك
السنةُ المهجورة
أحببتُ أن اختصر الموضوع بهذا العنوان؛ لِطُولِه وكثرةِ مسائلِ الخلاف فيه، تقريباً لفَهْم العامَّةِ من الناس، ونشراً لسُنَّة المصطفى r ، وتكسُّباً لأجرِها، مُشرِكاً بها والدي العزيز و والدتي الفاضلة، أسأل الله القبول ..
· تعريف السواك لغة واصطلاحاً:
السِواك: بكسر السين يُطلق على الفعل وهو الاستياك، وعلى الآلة التي يُستاك بها، ويقال: في الآلة أيضا: مسواك.
وهو مُذكّرٌ: قاله الأزهري، ويُجمع بصيغة (سُوُك) بضم الواو، وربما قيل (سُؤاك) بالمهموز.
وعرَّفه الشافعية والحنابلة: أنه استعمالُ عودٍ ونحوِه في الأسنان؛ لإذهابِ التغيُّر ونحوِه.
· مشروعيته و فضله:
1. حديث أبي هريرة أن النبي r قال: لولا أن أشق على أمتي أو الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة (وفي رواية) عند كل وضوء.متفق عليه
2. حديث عائشة أن النبي r كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك. متفق عليه
3. حديث عائشة قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي r وأنا مسندُتُه إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبدَّهُ رسول الله بصرَه، فأخذتُ السواك فقضَمتُه وطيَّبته ُثم دفعتُه على النبي r فاستن به فما رأيت رسول الله استن استنانا أحسن منه قط. متفق عليه
4. حديث عمار بن ياسر أن رسول الله r قال خمس من الفطرة: وذكر منها السواك. حسَّنه الألباني.
قال الإمام أحمد بن حجر: المراد أن هذه الأشياء إذا فُعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها، وحثَّهم عليها، واستحبها لهم ليكونوا على أكملِ الصفات، وأشرفِها صورة ..
· حكم السواك:
ذهب أكثر أهل العلم إلى أن السواك (سُنَّة) وليس بواجب.
قالوا ولنا على ذلك أدلة:
1. حديث (لولا أن أشق على ... ) أنه لو كان واجباً لأمرهم به؛ شقَّ ذلك عليهم أم لم يشق، وقوله (لأمرتهم) دليل على عدم الأمر به، أورده الشافعي.
2. وُصِف السواك بأنه من الفطرة، والفطرة من معانيها السُنَّة، وأيضاً النظافة وهي مندوب إليها ..
· أوقات يتأكد فيها:
عند الوضوء، عند القيام للصلاة، عند دخول المنزل، عند الاستيقاظ من النوم، عند تغيُّر الفم، اصفرار الأسنان.
· حكمُهُ للصائم قبل وبعد الزوال:
اتفق العلماء من الفقهاء على جوازِه قبل الزوال للصائم، وأما بعد الزوال فالراجح الصحيح جوازه أيضاً.
واختار ذلك وأفتى به: أحمد بن تيمية، يحيى النووي، ابن القيم، عبد العزيز بن باز، محمد بن عثيمين ــ رحم الله الجميع ــ وذكروا أن الأحاديث الواردةَ في السواك ليس فيها ذِكرٌ لوقتٍ دونَ آخر، فحُمل على الإطلاق.
· ما أفضل أنواع السواك:
الأول:
أفضلُها سواك (شجرة الأراك) لحديث ابن مسعود كنت مع النبي r أجتني لرسول الله سِواكاً من أراك ــ حسنه الألباني ــ وثبت من خِلال الأبحاث المخبرية أن سِواكها:
1. يحتوي على (حمض التينيك) المضاد للتعفنات، والمطهر للثة، والمُوقِف لنزيف الدم منها ومن الأسنان.
2. بها مادة (الجيلوكوز) التي لها رائحة حادَّة، وطعمٌ حرَّاق، تساعد على الفتك بالجراثيم.
3. احتوائها على (قاتل للميكروبات) المسببة للتسوس.
4. تكوُّنها من أليافِ (السيليوز) و (الزيوت الطيَّارة) و (الراتنج العطري) و (أملاح معدنية) أهمها: كلوريد الصوديوم، والبوتاسيوم، وإكسالات الجير. إذن هي فرشاةٌ إلهيةٌ رخيصةُ الثمن.
الثاني:
(الزيتون) وذلك لكونها شجرة مباركة.
· ما الأنواع التي لا تستعمل للتسوك:
ما لا يزيل الرائحة، بعودٍ يابس يؤذي اللثة، أعواد الريحان والقصب؛ لأنهما يسبِّبان الأمراض، وكلُّ ما جُهِل أصلُهُ؛ قال ابن القيِّم: فرُبما كانت سُمَّاً.
· حكم التسوك بالأصبع:
اتفق الفقهاء على أن الإصبع اللينة لا يحصل بها السواك.
واختلفوا في الخَشِنَة؛ والراجح أنه عند عدم وجود غيرها يحصل بها السواك، بدليل قول النبي r لرجلٍ من الأنصار إصبعاك سواك عند وضوءك، تُمِرّها على أسنانك ــ أخرجه البيهقي وقال العراقي في الطَّرح: رجالُهُ ثقات ــ واختاره وأفتى به: يحيى النووي، محمد بن قدامة، الحافظ العراقي، محمد بن عثيمين.
· صفة التسوك:
المستحب البداءة باليمين لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (كان النبي r يعجبه التيامن في تنعُّلِه وترجُّله وطهوره وفي شأنه كُلِّه) قياساً على الوضوء.
وكيفيته: يستاك عرضاً في ظاهر الأسنان وباطنِها، ويُمِرُ السواك على أطرافِ أسنانه وكراسي أضراسِه، ويمرُّه على سقف حلقِه إمرارا خفيفا ً.
ويستحب تنظيفُ لسانِه به بالامرار عليه، لحديث أبي بردة (أتيت النبي r فوجدته يستن بسواك .. وطرف السواك في لسانه يستن إلى فوق) رواه مسلم.
· اليد المستعملة في التسوك:
قال ابن عابدين: (إن كان من باب التطهر: استُحب باليمين، وإن كان من باب إزالة الأذى: فباليسرى، والظاهر الثاني)، واختار أحمد وابن تيمية: كونها باليسرى؛ للتعليل السابق، ومن المعاصرين محمد ابن عثيمين قال: والأمر في هذا واسع لعدم ثبوت نص واضح.
· فوائده:
له فوائد عظيمة منها:
يرضي الرب، يعجب الملائكة، يكثر الحسنات، يطيب الفم، يشد اللثة، يقطع البلغم، يجلو البصر،يصح المعدة، يصفي الصوت، يعين على هضم الطعام، يسكن عروق الرأس ... يُراجع في ذلك (زاد المعاد، وحاشية ابن عابدين)
كتبه أخوكم / محمد بن علي البيشي ـ عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض
كتبته في (1423 هـ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/37)
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 04:17 م]ـ
[ CENTER][CENTER][COLOR=blue
[B]· حكم التسوك بالأصبع:
اتفق الفقهاء على أن الإصبع اللينة لا يحصل بها السواك.
[ B] واختلفوا في الخَشِنَة؛.
بارك الله فيكم
عبارتكم بنقل الاتفاق فيها نظر ظاهر وبين فلعلكم تراجعونها وفقكم الله فالخلاف محفوظ
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 01:14 ص]ـ
وبارك الله فيك على تعقيبك:
أولاً: أن ينقل الأئمة " الاتفاق " كمصطلح فهو يختلف باختلاف القائل به، فإن نقل بعض الأئمة مثلاً للاتفاق في مسألة معينة ليست نقلاً للـ"إجماع "، ونقل " الإجماع " عن الأئمة لا يعني اتفاق مجتهدي الأمة ... ، كما هو مصطلح الإمام ابن المنذر في نقله للإجماع في كتبه المعروفة؛ لأنه يقصد الأئمة الأربعة فقط.
وليس نقلُ إمامٍ " الاتفاق " الذي هو بمعنى " الإجماع المعروف " من إمام هو جزم ٌ منه بذلك، بل قد يكون عما بلغه علمه إليه في المسألة، كما هو معلومٌ لدى فضيلتكم، وهو ما يسميه بعض طلبة العلم (العلماء المتساهلون) وهو باب في مدحضة ومزلة.
ثانياً: الاتفاق نقله في هذه المسألة الإمام النووي في المجموع 1/ 282.
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 11 - 07, 05:51 ص]ـ
بارك الله فيكم
اطلعت على كلام النووي ولكن ظننت أن ما كتبته من رأيك لا من نقلك فلهذا عقبت لأنك لم تذكر النسبة
وعليه فأقترح أن تعدل العبارة إما بحذف الاتفاق
أو بكتابة على ما حكاه النووي
والأمر ما ترون
ـ[أبو ليا النجدي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 01:20 م]ـ
هناك فرق بين اتفاق واجماع؟
ـ[أبو طه المصرى]ــــــــ[06 - 11 - 07, 01:53 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتكم(87/38)
المختصر في (عقد المناقصة ـ صورته وتكييفه الفقهي).
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 09:14 م]ـ
عقد المناقصة * ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn1)
تعريف العقد:
في اللغة:
قال ابن فارس " العين والقاف و الدال: أصل واحد يدل على شدٍّ، وشدة وثوق "
وجاء في القاموس: عقد الحبل والبيع والعَهْد يعقِدُه: شدَّه.
والعقدُ: الضَّمان، والعهد، والجَمَلُ المُوَثَّق الظَّهر.
وبالتحريكِ " عَقَدَ ": قَبيلَةٌ من بَجِيلَة أو اليمن؛ جمعه: عقُود.
وموضعُ العَقدِ: وهو ما عُقِدَ عليه، والبيعَة المَعقودَة لَهُم.
وحاصل ما سبق أن لفظ " العقد " له فروع كثيرة ترجع إلى هذا الأصل؛ هي:
1) الربط والشد: في استعماليه الحسي: كعقدتُ الحبل، أو المعنوي: كعقدت البيع.
2) التوكيد، والتغليظ، التوثيق: ومنه قوله تعالى:) وَلَـ?كِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ?لأَيْمَـ?نَ (المائدة " 89 ".
3) الضمان و العهد: ومنه قوله تعالى:) وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ ?لنِّكَاحِ حَتَّى? يَبْلُغَ ?لْكِتَـ?بُ أَجَلَهُ (البقرة " 235 ".
4) الإلزاق: ومنه عقد البناء بالجص؛ ألزقه به.
في الاصطلاح:
للعقد في كتب الفقهاء دلالة على معنيين، هما:
o معنى عام: ويراد به إطلاق لفظ العقد على كل ما يصح أن يكون فيه التزام؛ سواء أكان؛ بتوافق إرادتين في مثل: البيع والنكاح .. ، أو بوجود إرادة فردية واحدة في مثل: النذر والطلاق والهبة .. ، وهو ما يذهب إليه بعض المفسرين عند تفسير قوله الله تعالى) يَـ??أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِـ?لْعُقُودِ×ـ (المائدة " 1 "، فقالوا: (هو كل ما ألزم به المرء نفسه)
o معنى خاص: و هو عبارة عن كل التزام صادر من إرادتين متوافقتين، وعُرِّف بـ (ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يظهر أثره في المحل).
فيظهر من خلال التعريف اشتراط اجتماع إرادتين لانعقاد العقد، وثبوت أثره وترتُّب الحقوق مُوقف أيضاً على اجتماع إرادتين.
ولا شك بأن أولى ما اختير للعقود المالية كـ " عقد المناقصات " المعنى الخاص؛ لأنه الأليق بمراد الفقهاء، ولأن بناء الآثار الحقوقية في العقود المالية إنما يكون عند وجود إرادتين متوافقتين؛ لا فردية.
تعريف المناقصات:
في اللغة:
على وزن مفاعلة من النقص، والنون والقاف والصاد: كلمة واحدة تدل على خلاف الزيادة، وانتقص واستنقص الثمن: استحطَّه، و النَّقص الخُسران في الحَظِّ.
ونَقَصَ لازِمٌ مُتَعَدٍّ.
ويُقال دَخَلَ عليه نَقْصٌ في دينِهِ وعَقْلِهِ، والنَّقيصَةُ: الوَقيعةُ في الناسِ، والخَصْلَةُ الدَّنِيئَةُ، أو الضَّعيفَةُ.
ويأتي النقص بمعنى ذهاب الشيء بعد تمامه، ومنه قول الحق تبارك وتعالى) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى ?لأَْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا (الرعد " 41 ".
و حاصل الأمر أن النقص مرجعه إلى التقليل والحط من الشيء، فإن ضعف الدين أو العقل مدعاة إلى الحط من قدر صاحبه، و كذلك لا يسمى الطعن في الناس انتقاصاً؛ إلا إذا شابه الحط من أقدارهم، ولذلك أطلق عليها الخصلة الدنيئة.
في الاصطلاح:
نظراً لجدة أمثال هذا العقد فقد تنوعت صياغات تعريفه عند فقهاء القانون و الإدارة، وأما فقهاء الشريعة فكانوا شبه مستندين إلى تعريفات أولئك الفقهاء.
1. فعرفها " الطماوي " بقوله:
طريقة بمقتضاها تلتزم الإدارة باختيار أفضل شروط من يتقدمون للتعاقد معها، سواء من الناحية المالية أو ناحية الخدمة المطلوب أداؤها.
2. وبمثله عرفه " د. الظاهر" و زاد عليه بـ (وفي الزمان والمكان الأكثر ملائمة)
3. وعرفها غيره من الفنيين بقوله:
الحصول على أفضل عطاء من الناحيتين المالية والفنية.
وقد يكون في هذه التعريف الأول والثاني ـ عند النظر إليهما ـ إشكالٌ؛ هو:
1.أنهما اعتمدا على أن أحد أسس عمليات الاختيار في المناقصات هو الأفضلية الفنية أو الخدمية، وكان الأولى الاعتماد على أساس العرض المالي؛ لأن الشركات ذات العرض الذي تقدمت به لا بد وأنه مطابق للشروط والمواصفات، ففيه إدخال لجانب التحايل بإرساء المناقصة على غير صاحب العطاء الأرخص، والسعر الأقل وهو ما يهم الإدارة في طرحها المناقصة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/39)
2. ومع اعتمادنا على الناحية المالية دون الفنية؛ فإن عقد " المزايدة " أيضا مبني على اختيار أفضل العروض المتقدمة للتعاقد وفق الشروط المعلنة؛ لكن بالأعلى سعراً.
فلزم أن يُعرَّف عقد المناقصة ـ بعد وضع قيدٍ مهم ـ بـ:
(الحصول على أفضل عطاء من الناحية المالية للأقل سعراً).
وقد عرفها آخرون بقولهم:
(طريقة تستهدف اختيار من يتقدم بأقل عطاء، في إنجاز عمل معين، مع مطابقته للشروط والمواصفات)
وتعريف آخر:
(إجراء بمقتضاه تلتزم الجهة المعلنة عنه، بالتعاقد مع صاحب عرض العوض الأقل من عروض المتنافسين للفوز فيه، نظير الوفاء بما التزم به مطابقاً للشروط والمواصفات المقررة).
وهما من أجمع التعاريف، إذ أبانا فيه أهم عناصر عقد المناقصة؛ وهي:
1. الالتزام من الجهتين؛ الإدارة المعلنة، والشركة التي سترسو عليها المناقصة، ففي الأول في قوله ( .. اختيار من يتقدم .. في إنجاز .. ) وفي الثانية (تلتزم الجهة .. نظير الوفاء .. ).
2. الاهتمام بالجانب المالي، دون الفني؛ لأنه الأصل المتنافس فيه، وبيان أنه متعلق بالأقل عرضاً وعطاءاً، ففيه القيد المهم؛ الفارق بينه وبين المزايدة.
3. ضابط الشروط والمواصفات هو ميزان الاختيار.
وأما عن وجه العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي: أن عقد المناقصة قائم على اختيار السعر الأنقص من بين عروض المتقدمين، فهو فيه طلب حط الثمن والتقليل منه.
أنواع عقود المناقصات:
تنقسم المناقصة إلى أنواع عدة؛ نظراً لاختلاف الوجهة التي كوَّنتها، أو للهدف الذي تمثل فيها، وهي:
النوع الأول. . باعتبار العموم والخصوص.
أولا: المناقصات العامة " المفتوحة ":
وهي التي يسمح فيها بالاشتراك لعدد غير محدود من المناقصين؛ لأن الأصل في تنفيذ المقاولات والمناقصات العامة تقوم على إفساح المجال لأكبر عدد ممكن من المناقصين للاشتراك والتنافس للفوز بالتعاقد، وتَتَّبِع ـ في سبيل الإعلان عنها، وضمانِ وصولها إلى كافة الشرائح المؤهلة لخوض غمار الولوج إلى عين المناقصة، والفوزِ بها ـ كافةَ إجراءات النشر الرسمية؛ من أجل إثارة المنافسة، و وضوح المرشحين، والتزام الإدارة بالشروط المعلنة لها.
أما المناقصات الأخرى كالمناقصات المحدودة وغيرها تعتبر استثناءً من هذه القاعدة
وأما عن سبب استخدام هذا الأسلوب، فهو تحقيق:
1. المصلحة المالية للإدارة: وذلك بالنظر في أقل الأسعار المطروحة، واعتمادها.
2. المصلحة الفنية للإدارة: وتشمل ثلاثة أشياء:
أ ـ انتقاء الأقرب مطابقة للمواصفات والشروط المعروضة من قبل الإدارة.
ب ـالسمعة الطيبة، واستبعاد من أشهروا إفلاسهم، أوثبت غشهم في عمليات سابقة.
ج ـ القدرة الفنية؛ المسماة بـ" سابقة الأعمال " والمهام التي قام بها المتقدم.
ثانياً: المناقصات الخاصة " المحدودة ":
وتعرف بالمقيدة، وهي التي يسمح فيها بالاشتراك لعدد محدود من المناقصين، ممن تتوافر لديهم الكفاءة المعنوية والمادية، لأسباب تتعلق بطبيعة العمل، أو نوعيته، أو ظروفه.
والمناقصة المحدودة هي طريق استثنائي للتعاقد على الشراء للمنقولات، أو على مقاولات الأعمال، أو غيرها، ويكون ذلك بقرار مسبَّب من السلطة المختصة، بحيث لا تخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتنافسين القلائل، في حالاتٍ مثل:
· عجز بعض الشركات مالياً، مما يستدعي اختيار المتوقع جدارته في كفاءته المالية.
· ثبوت عدم كفاءة بعض الشركات من الناحية الفنية.
· التباطئ في إنجاز الأعمال، الموكلة إليها من قبل الإدارة.
· ضخامة الإمكانات المطلوب توافرها في المشروع الذي يُراد طرحه للمناقصة، فتضطر الإدارة إلى التجزئة؛ مخففةً بذلك الوطأة على المتقدمين.
و تختلف المناقصة الخاصة عن المناقصة العامة بأشياء، هي:
1. لا يلجأ فيها إلى الإعلان في الصحف؛ وإنما يكتفى فيه بتوجيه خطابات رسمية لمن تتوفر فيهم الأهلية للاشتراك فيها "الخاصة "، مع جواز الإعلان عند اللجوء إليه، وغالب التوجيه يكون مباشرة لا بطريق الوسطاء؛ خفيفاً للتكلفة التابعة، إما بطريق المناولة، أو البريد، أو بطرائق معاصرة كـ: البريد الالكتروني، أو الدعاية في مواقع الشركات، رسائل الجوالات الخاصة بأصحابها أو المختصة بمعاملات الشركة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/40)
2. يقتصر فيها على أشخاص أو منشآت تجارية مقيَّدين في سجل المقاولين أو الموردين، تختارهم الجهة المعلنة عن المناقصة.
النوع الثاني .. باعتبار كونها وطنية أو أجنبية.
أولا: المناقصات الداخلية " المحلية أو الوطنية ":
وهي التي يُقتصر فيها على الموردين والمقاولين في داخل البلد، و يكتفى فيها بالإعلان الداخلي " الصحف المحلية ".
وأما عن سبب اختيار أمثال هذه الطريقة في عقد المناقصة:
1. فهو لكون المناقصة ذات قيمة معينة ضئيلة. وهذا النظام يجري على غالب الدول في مثل هذه الحالات، إلا أنه خاص بالعقود الإدارية.
2. ما يحققه من أهداف متعددة لمراعاة المواطنين، أو لاعتبارات تتعلق بالعقد، وبشكل خاص العقود ذات الطابع السياسي أو الحربي.
3. لما فيه إيجاد فرص عمل وافرة لأبناء البلاد، من خلال الثقة بالجوانب الفنية والعروض المالية المطروحة من قبلهم.
4. فيه دعم ركب الصناعات الوطنية من ناحية النصِّ في شروط العطاءات على استعمال المواد والمنتجات الصناعية المحلية في الأشغال، مادامت مطابقة للمواصفات المعتمدة.
ثانياً: المناقصات الخارجية " الأجنبية ":
وهي عبارة عن تلك المناقصات التي لا تقتصر على الموردين والمقاولين المحليين، بل يشترك فيها أيضاً موردون ومقاولون من خارج البلاد، ولا يقتصر الإعلان عنها داخل البلد؛ بل يتعدى إلى خارجها؛ دعوة للأجانب في تقديم عروضهم تجاه المناقصة.
وتكون في حدود قيم معينة، وتحت طائلة العقود الإدارية فقط، بشرط مراعاة أحكام القانون الخاص بالمشروع المراد إرساء المناقصة لإتمامه.
النوع الثالث .. باعتبار كونها العلنية والسرية.
أولاً: المناقصات المعلنة " الممارسة، أو الاختيار المباشر ":
وهي التي يحضر المناقصون فيها إلى الإدارة صاحبةِ المناقصة؛ لتقديم أسعارهم بصورة علنية، إلى أن ترسو المناقصة على صاحب السعر الأقل.
وطريقتها تتم من خلال دعوة المنافسين إلى جلسة واحدة، أو أن تطلب الإدارة دراسات معينة لا يمكن أن يقوم بها إلا أشخاص محدودون، أو مكاتب معينة، فتلجأ الإدارة بالطلب من كل منهم أن يتقدم بسعره؛ في حضور لفيف من المناقصين الباقين، وكل عرض يقدمه المناقص في المناقصة العلنية ينسخ العرض السابق، قياساً على ما يقع في المزايدة العلنية.
وأمثال هذه المناقصات قد توجد فيها النجش؛ بحصول التنقيص في الثمن ممن لا يريد بيعها ليغر غيره خدمة للجهة المعلنة.
ثانياًً: المناقصات المغلقة " السرية ":
وتعتبر المناقصات السرية هي الأصل، والعلنية حالة مستثناة، إذ الأصل أن تكون سرية،
ويتم هذا النوع من المناقصات عبر تقديم المناقصين المشتركين عروضهم وأسعارهم مكتوبة في مظاريف موقعة ومختومة، توضع في صندوق العطاءات دون إمكان استعادتها منه.
وأما عن سبب السرية؛ فقيل فيه:
· هو لما تحتوي عليه المناقصة من كمية كبيرة من السلع و الخدمات، فإذا كانت المناقصات علنية فقد يندفع البعض لتقديم عروض بأسعار منخفضة.
· أنها معقدة؛ فتحتاج العروض إلى دراسة وافية.
نوقش أن هذا فيه نظر من ناحية نقضه بالمناقصات العلنية؛ وما يتم فيها من اتخاذ قرارات إرساء المناقصة حالاً؛ بلا تعقيد في اتخاذ القرار المصيري لرُسوِّ المناقصة على أحد العارِضين.
التكييف الفقهي لعقد المناقصة
والحكم الشرعي له
إن أمثال هذا العقد المستحدث لا بد لنا قبل الحكم عليه بالجواز أو الحرمة؛ أن نعرف منزلته بين عقود الشرع المسماة أو غير المسماة، وإن كانت من غير مسماة؛ فبأي العقود هي أشبه؛ لتأخذ حكمه، ونلحق آثاره بهذا العقد الجديد ...
أم أننا نجعل لها حكماً خاصاً بها أمثال العقود المسماة شرعاً، ونجعل لها أحكاماً وآثاراً خاصة بها، مترتِّبةًً عليها؛ مسايرةً لإخوانها من العقود المتناثرة في جنبات كتب الفقه.
وعلى كل حال فإننا نقول:
اختلف فقهاء العصر في الحكم على عقد المناقصة بناءً على اعتبارات. . .
الاعتبار الأول
بالنظر إلى شكلها:
أي من حيث أنها " مجموعة من الإجراءات ... "، بغضِّ النظر عما تضمنته من هدفٍ تسعى لتحصيله؛ إلى آراء عدة بالنظر إلى اعتبارات مختلفة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/41)
1. أنها ليست عقداً؛ بل إجراء شكلي بحت في سبيل الوصول إلى العقد المتناقَص عليه، وممن قال به الشيخ عبدالله المنيع، و الشيخ علي القره داغي.
2. أن المناقصة ما هي إلا عقد بيع، إذ فيها الطرفان والمعقود عليه وباقي شروط صحة البيع المعلومة؛ وقد قال به الشيخ الجواهري.
3. أنها صنو عقد المزايدة، ينطبق عليها ما ينطبق علي على المزايدة، وقد قال به د. علي السالوس، و د. عبد الوهاب أبو سليمان، وأشار إليه الشيخ رفيق المصري.
4. أنها عبارة عن عقد مسابقة، من حيث الاسم، والمضمون، والشروط، أشار إليه الشيخ رفيق المصري.
5. أنها عبارة عن عقد مركب من " عقد الضمان و دفتر الشروط "، أشار إليه الشيخ رفيق المصري.
وأما عن أوجه اختيار أولاء الآراء عند أصحابها؛ فهي:
1. قولهم أنها ليست عقداً، إنما سميت عقداً تجوُّزاً، وإلا فهي عبارة عن قضية إجرائية أكثر من كونها فقهية؛ حتى يُبحث لها عن تكييف، بل إجراء حديث للتوصل إلى عقود أخرى.
ونوقش:
بل المناقصة عقد تام، إذ تقديم العرض إيجاب، وإبرام العقد بعد رسوِّ المناقصة قبولٌ، وهما من أركان أي عقد، وما تضمنه من وجوب الالتزام من كلا الطرفين.
2. قولهم أن المناقصة ما هي إلا عقد بيع، وتعليلهم هو أن هدف هذا العقد الوصول إلى عقد صحيح وهو البيع ونحوه بدليل عمومات حل البيع، فما دامت الغاية صحيحة بشروطها المعلومة؛ فالطريق إليها بالمناقصة كذلك.
ونوقش:
أن هذا حكم على ما آلت إليه المناقصة ورست عليها، لا على ذات المناقصة التي تحتوي على إجراءات معينة.
3. قولهم أنها عبارة عن عقد مسابقة؛ إذ كلاهما من حيث الاسم مفاعلة، ومن حيث المضمون يوجد بعقد المناقصة الفوز بعقد معين، وفي المزايدة الفوز بعين معينة، ومن حيث الشروط؛ فيشترط فيها ما يشترط في المسابقة من حيث المساواة بين المشتركين في كل شيء، في المعلومات، وفي الفرص، وفي سائر الشروط والمواصفات، ويمكن تجزئة العقد فيها كالمسابقة إذا ما تساوت الأسعار.
وقلتُ أنه مناقش بما يلي:
أن غاية عقد المناقصة التوصل إلى عقد آخر ناشئ عنه، وأما المسابقة فغايتها تملُّك المُسابَق عليه.
4. قولهم أنها صنو عقد المزايدة؛ لمشابهتها عقد المزايدة، من حيث أن المناقصة يعرضها المشتري، أما المزايدة فيعرضها البائع، بل ورُجِّحت المناقصة على المزايدة؛ لانتفاء السوم على السوم انتفاءً تاماً.
5. قولهم أنها عبارة عن عقد مركب من " عقد الضمان و دفتر الشروط "؛ لتخلله عقداً مرتبطاً بها وهو عقد الضمان، ومستقل عنها ذو صلة بعقد المناقصة من بعيد وهو عقد بيع أوراق المناقصة " دفتر الشروط "، وكونه مستقل عنها لأن مشتري الدفتر لا يشترط دخوله فيها.
الاعتبار الثاني
بالنظر إلى مضمونها:
فقيل أنها إذا كان الهدف منها رسوها على عقد مقاولة فهي تشبه عقد الإجارة؛ إن كان المقاول قدم عملاً فقط، وإن قدم العمل والمواد فتشبه الاستصناع، وإن كان الهدف منها رسوها على عقد توريد فهي أشبه بعقد البيع المطلق.
نوقش:
بأن تكييفه بالنظر للمضمون غير مناسب؛ لأن المراد هو تكييف المناقصة من حيث هي أي ذات المناقصة، وليس تكييف ما تؤول إليه؛ إذ أنها قد تؤول إلى بيع عن طريق التوريد، أو استصناع أو إجارة عن طريق المقاولة، فالمهم إنه تكييف ذات المناقصة التي تقوم على
اختيار المناقِص صاحب العطاء الأقل للتعاقد معه وفق إجراءات معينة؛ كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك في مناقشة القول الثاني للشيخ الجوهري.
ولعل أقرب التخريجات هو أن عقد المناقصة عبارة عن:
1. عقد مزايدة.
2. عقد بيع دفتر الشروط مع عقد الضمان مدمجاً.
وسنتكلم عن هذه العقود من ناحية شرعية ـ إن شاء الله ـ؛ لنبين مدى شرعية الصورة التي خُرِّجت عليها المناقصة؛ لنحكم عليها:
أولاً حكم عقد المزايدة:
المزايدة: مصدر زايد على وزن فاعل، وتزايد أهل السوق عن السلعة إذا بيعت فيمن يزيد، وعرفه ابن جزي بقوله: (وأما المزايدة فهي: أن ينادي على السلعة ويزيد الناس فيها بعضهم على بعض، حتى تقف على آخر زائد فيأخذها).
اختلف العلماء فيها على أقوال ثلاثة، هي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/42)
1. القول الأول: أن بيع المزايدة جائز مطلقاً، وبه قال جمهور العلماء؛ ومنهم الأئمة الأربعة، بل نقل ابن قدامة الإجماع على جوازه، ومن عباراتهم في ذلك:
.. قال البهوتي في الكشاف: " .. (فأما المزايدة في المناداة فجائزة) إجماعا؛ فإن المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة ".
.. قال السرخسي: " .. لأن بيع المزايدة لا بأس به على ما روي أن النبي e باع قعبا وحلسا ببيع من يزيد، وصفة بيع المزايدة أن ينادي الرجل على سلعته بنفسه أو بنائبه ويزيد الناس بعضهم على بعض، فما لم يكف عن النداء فلا بأس للغير أن يزيد ".
.. قال الشوكاني: " .. وأما بيع المزايدة فقد دل على جوازه ما أخرجه .. ".
2. القول الثاني: يكره بيع المزايدة مطلقاً، وبه قال إبراهيم النخعي.
3. القول الثالث: الكراهة إلا في بيع الغنائم والمواريث: قال به الحسن، وابن سيرين، الأوزاعي.
واستدل أصحاب الأقوال بجملة من الأدلة منها:
o أدلة أصحاب القول الأول:
استدل الجمهور لجواز المزايدة بـ:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا وقال: من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال النبي e: من يزيد على درهم من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه".
وجه الدلالة: إن قوله: " من يزيد على درهم "؟ واضح الدلالة على جواز الزيادة على الثمن إذا لم يرض البائع بما عين الطالب.
2. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: " أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر فاحتاج، فأخذه النبي e فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا فدفعه إليه".
وغيرها مما روي عن الصحابة والتابعين.
o أدلة أصحاب القول الثاني:
عن سفيان بن وهب رضي الله عنه أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المزايدة ".
وحديث أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم " نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه ".وجه الدلالة: أن المزايدة تدخل في باب السوم على السوم المنهي عنه في هذا الحديث.
o أدلة أصحاب القول الثالث:
سُأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن بيع المزايدة، فقال:
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع أحدكم على بيع أخيه حتى يذر؛ إلا الغنائم والمواريث ".
مناقشة القول الثاني والثالث:
1. أن حديث سفيان بن وهب و ابن عمر رضي الله عنهما كلاهما ضعيف؛ إذ في إسنادهما ابن لهيعة.
2. وحديث السوم ليس شاملاً للمزايدة؛ لأن المنهي عنه هو في غير حال المناداة، وحصل رضا البائع، وتقرر الثمن ووقع الركون به، فيكون حينئذ محرماً، أما المزايدة لأنه لا يقصد أحداً بعينه فلا يؤدي إلى النجش المحظور
· القول الراجح:
والناظر لهذه الأدلة لا بد وأن يرجح قول الجمهور لسلامة أدلتهم، وسقوط أدلة الآخرين.
ثانياً حكم عقد بيع دفتر الشروط " وثائق المنافسات ":
إن أمثال عقود المناقصات لابد فيها من إصدار دفاتر شروط، وذلك لأمرين:
1. بيان المواصفات والشروط المراد توافرها في الشركات المتقدمة بعروضها، وتلمُّس السعر الأقل؛ وهذا هو الهدف الأساس من إصدارها للدفاتر.
2. وتهدف تبعاً بعض الإدارات استيفاء التكاليف المصروفة تجاه هذه الدفاتر، حيث قيم التصميم، وطباعة الأوراق، بما يسمى برسوم اشتراك أو رسوم إصدار.
فما هو حكم بيع دفتر الشروط؟
اختلف العلماء المعاصرون في ذلك على أقوال هي:
القول الأول: أن الإدارة يجب أن تبذلها مجاناً، ويجوز أن تأخذ تأميناً نقدياً، يرد حال عدم رسو المناقصة على باذلها.
ودليله:
أ - أن المستفيد من هذه الدفاتر بإصدارها هي الجهة الإدارية فقط، لغلبة ظنها أنها الموصِّلة إلى أدنى الأسعار.
ب - أن المناقصة ستروا على أحد المتقدمين؛ فلماذا يدفع الباقي قيَماً؛لا حظَّ لهم فيها.
القول الثاني: إن مسؤولية دفع تكاليف دفتر الشروط تقع على المناقِص الذي رست عليه المناقصة.
ودليله:
أ - لأن الشركة هي صاحبة المصلحة في ذلك، إذ لو لم يصدر الدفتر؛ لتكبدت عناء جمع المعلومات، ومعرفة العمل المناط بها بدقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/43)
ب - أنه هو المستفيد من رسو المناقصة عليه، ليس من وجه تحميل العبء على الآخرين، ممن هم جاهلون بعاقبة الرسو وقد قال الحق:} يَـ??أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُو?اْ أَمْوَ?لَكُمْ بَيْنَكُمْ بِـ?لْبَـ?طِلِ {.
القول الثالث: يجوز بيع الدفتر على الشركات، ويجوز أن تبذلها بالمجان، سواء رست على أحدهم أم لم ترسُ.
ودليله:
أ - إن اشتراط الحصول على دفتر الشروط بثمن ليس مقصودا لذاته.
ب - إن شراء دفتر الشروط ليس إلزامياً، بل هي لمصلحته هو.
ت - إن اشتراط الحصول على دفتر الشروط بثمن لا مانع منه شرعاً.
مناقشة الأدلة:
مناقشة أدلة أصحاب القول الأول و الثاني:
أ - إن استفادة الإدارة من بيعها ليس هو المعوَّل عليه فقط، إنما رسو المناقصة على المناقِص صاحب أقل سعر، مما يحقق المصلحة بأدنى ثمن، هو المعول عليه.
ب - أن المناقِصين يتوقع كل واحد منهم الاستفادة من المناقصة برسوها عليه، ولا يمكن أن يدخل في منافسة الآخرين إلا إذا كان على علم مسبق بما هو مُلزم بالوفاء به، وإذا كان ذلك ضمن إمكاناته وقدراته أم لا، وهذا لا يتحقق إلا من خلال دفتر الشروط الذي يوفر له ذلك؛ وعليه فالفائدة من دفتر الشروط تعود بالقسط الأكبر على المناقِصين، فليس من العدالة إلزام المناقَص له ببذله بالمجان، بل الأصل أن يتحمل تكلفته المناقِصون.
ت - لو لم يكن معدّاً سابقاً لتكبدت الشركات عناءاً وجهداً، فوجود دفتر الشروط المتضمن لكل ذلك يوفر عليه هذا الجهد والعناء والوقت؛ ولذلك ينبغي أن يُكلف المناقِص بدفع قيمته، لا أن يبذله المناقَص له بالمجان.
فالراجح إذن هو أصحاب القول الثالث؛ لقول الأدلة العقلية الواقعية.
ثالثاً حكم عقد الضمان:
يشترط في المناقصات عدة أنواع من الضمان، منها الضمان الابتدائي، والضمان النهائي، ولكن لا بد لنا من بيان تحليل لفظ " الضمان " لغة واصطلاحاً أولاً، ثم مشروعيته عموماً:
الضمان لغة: يقال ضمن الشيء ضماناً و ضمناً فهو ضامن أي: كفله، وضمنه: جزم بصلاحيته وخلوه مما يعيبه، والضامن: الكفيل أو الملتزم أو الغارم.
الضمان اصطلاحاً:
1. أما المالكية والشافعية والحنابلة فيطلقون لفظَي الضمان والكفالة كلاً منهما على الآخر، ومرادهما ما يعم الضمان المالي والنفس و الطلب في عقد الالتزام، و يستعملونها مطلقة في عقود أعم، منها: عقود الضرر أو الاعتداء أو غيرهما.
2. وأما الحنفية فيطلقونها على ما هو أعم، أي على كل ضمان بعقد أو بغير عقد.
3. ومن المعاصرين قال مصطفى الزرقا: (الضمان التزام بتعويض مالي عن ضرر للغير).
4. وعلي الخفيف بـ (شغل الذمة بما يجب الوفاء به من مال أو عمل).
دليل مشروعية الضمان:
هو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
أولاً من الكتاب:
1 ـ قوله تعالى:} وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ {سورة يوسف 72. .
وجه الدلالة: قال القاسمي " إنها أصل في الضمان والكفالة ".
ثانياً من السنة:
عن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي والزعيم غارم ".
ثالثاً: الإجماع:
أجمع العلماء في الجملة على شرعية الضمان.
مما سبق يتبيّن أن الضمان مشروع، ولا حرج شرعاً في التعامل به.
أنواع الضمان المشترط في المناقصات:
لا بد في عقود المناقصات من ضمان؛ كتأمين تضعه الشركة حال الإقدام على قبول الدخول في المناقصة، منها:
1. الضمان الابتدائي " المؤقت ":
ويمثل 1 % من قيمة العرض إن كان من قبيل المقاولات العامة، و2% إن كان من قبيل العروض الأخرى؛ ويُقدم معه، والغرض من هذا الضمان المالي هو التأكد من جدية المناقِصين، والتأكد من التزامه بالعقد؛ في حال رسو المناقصة عليه، وكذلك الاطمئنان إلى مركزه المالي، وأيُّ عرض لا يُقدم معها هذا الضمان يُهمل، وإذا قُدِم الضمان معها ثم سُحِب العرض قبل البت فيها فإن هذا الضمان تتم مصادرته، وإيداعه خزينة الدولة، دون اللجوء إلى القضاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/44)
والضمان الابتدائي يُردُّ إلى المناقِصين الذين لم ترسُ عليهم المناقصة، أما المناقِص الذي رست عليه المناقصة فيلزمه تقديم ضمان آخر يُعرف بالنهائي، فيستعيد الضمان الابتدائي، أو يستكمله ليصل إلى قيمة الضمان النهائي.
وأما إذا أُلغيت المناقصة قبل فتح المظاريف والبت في العروض، لأي سبب من الأسباب فإن الضمان الابتدائي يُرد إلى جميع المناقِصين.
2. الضمان النهائي:
و يقدم هذا النوع من الضمان بعد أن يتم اختيار الجهة أو الشركة لأفضل المناقصين للقيام بتنفيذ العمل المتناقَص عليه، و يمثل هذا الضمان 5 % من قيمة العطاء في أعمال المقاولات، و10 % فيما عدا ذلك، ويقدمه المناقِص الذي رست عليه المناقصة خلال مدة محددة من تأريخ إخطاره برسو المناقصة عليه.
وهذا الضمان يُرد إلى المناقِص الذي أُبرم معه العقد بعد الوفاء بالتزاماته بصورة نهائية؛ بدون طلب منه، وإذا تخلف عن تنفيذ التزاماته أو الوفاء بها فإن ضمانه النهائي يُصادر كله، ويُنفّذ العقد على حسابه مع تحمله فوارق الأسعار، والتعويض عن الأضرار.
ويعفى المتعاقد معه من تقديم هذا الضمان إذا تم العمل كله المنوط به خلال المدة المحدودة لدفعه الضمان، أو كان ثمن الكمية المطلوب توريدها كافياً لتغطية هذا الضمان، فأصبح الضمان هنا هو البضاعة نفسها.
3. الضمان عن دفعات مقدمة:
يقدم في حالة الدفعات المقدمة التي يحصل عليها الموردون أو المقاولون من قيمة أوامر التوريد التي تصدر إليهم، أو عقود المقاولات التي تبرم معهم، بحيث لا تصرف هذه الدفعات إلا مقابل خطابات ضمان.
4. ضمان حسن أداء المعقود عليه بعد التسليم خلال مدة معينة:
وهذا النوع من الضمان يطلبه المناقَص له من المناقِص الذي أُبرم معه العقد، ويشمل هذا الضمان حسن أداء المعقود بعد التسليم مدة معينة، كما ويشمل ضمان تلف المعقود عليه، أو تلف بعض أجزائه من غير تعدٍ من المناقَص له، أو سوء استخدام له.
غالباً ما يكون الضمان المقدم في المناقصة على صورة خطاب ضمان، وهو:
تعريف خطاب الضمان:
" هو تعهد من البنك، يقدمه بناءً على طلب أحد عملائه إلى شخص أو جهة يحددها تسمى المستفيد، يتعهد فيه ـ أي البنك ـ بدفع مبلغ معين إلى ذلك المستفيد " الإدارة " نيابة عن طالب الضمان " الشركة " عند عدم قيامه بالتزاماته تجاه المستفيد ".
ولخطاب الضمان أهمية كبرى، حيث تتوقف المناقصات التي يطرحها المناقَص له ـ سواء كان جهة إدارية؛ حكومية عامة أو مدنية خاصة، أو مؤسسات وشركات اقتصادية ـ على هذه الضمانات.
و يترتب على إصدار خطاب الضمان علاقتان، هما:
· علاقة بين البنك والجهة المستفيدة ـ وهي هنا المناقَص له ـ من خطاب الضمان، وهذه العلاقة تتضمن تعهد البنك بدفع مبلغ الضمان في حالة عدم التزام المناقِص بالوفاء بتعهداته والتزاماته، دون أن يتحمل المناقَص له أي تبعات لصالح البنك.
· علاقة بين البنك وبين طالب خطاب الضمان ـ وهو هنا المناقِص ـ يلتزم فيها البنك بدفع قيمة الضمان المحددة في الخطاب للمناقَص له في حالة تحقق شروط ذلك، مقابل حصول البنك على عمولة أو أجرة نظير هذه الخدمة.
حال خطابات الضمان المقدمة من البنك:
1. قد يكون مغطى تغطية كاملة من قِبَل المناقِص.
2. وقد يكون مغطى تغطية جزئية بحيث يُودع المناقِص قيمة خطاب الكلية أو الجزئية في حساب خاص يسمى " احتياطي خطاب الضمان "، ولا يجوز له التصرف فيه حتى ينتهي التزام البنك الناشئ عن خطاب الضمان.
3. وقد يصدر البنك أحياناً خطابات ضمان بدون غطاء، خاصة لذوي المركز المالي المتين من الشركات الكبرى أو الأفراد، والذين يتمتعون بثقة البنك.
حكم خطابات الضمان السابقة:
بالنظر إلى العلاقتين الناشئتين عن خطاب الضمان يمكن بيان الحكم كما يلي:
إن كانت العلاقة هي ما بين البنك والإدارة المناقص لها، فالخطاب جائز؛ لأن تخريجها يكون على أنه كفالة دين " ضمان شخصي "، لما ذكرناه من أدلة الجواز العامة.
إن كانت العلاقة هي ما بين البنك والمناقِص " العميل " فقيل أن التخريج يكون بالنظر إلى:
1. إن كان الخطاب مغطى تغطية كاملة من قِبَل المناقِص، فهو وكالة.
2. إن كان مغطى تغطية جزئية بحيث يُودع المناقِص قيمة الخطاب الكلية أو الجزئية في حساب خاص، فهو وكالة جزئية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/45)
3. إن كان بدون غطاء، فهو كفالة.
وقيل إن الجميع يعتبر كفالة وضمان سواء كان الضمان مغطى أو لا؛ وهو ما ذكره الباحث الدكتور حسن كمال ضمن أبحاث الهيئة، وهو الأقرب عندي.
فالحكم الشرعي هو جواز خطاب الضمان؛ لأن جميع هذه العقود جائزة شرعاً. ... وأما عن حكم أخذ البنك أجراً من العميل في خطاب الضمان، فنقول:
1. من ذهب إلى التفصيل الأول فرق بين الأخذ على ما خُرِّج " وكالة " فيجوز، وما خرج "كفالة " فلا يجوز؛ لأنه من قبيل التبرع والإحسان، ولكن يجوز أخذها مقابل الأتعاب الإدارية الفعلية.
2. من ذهب إلى الثاني حرَّم أخذ الأجرة مطلقاً؛ مغطى كان أو لا، على أنه " كفالة " فهي من قبيل التبرع والإحسان، وأجاز أخذها مقابل الأتعاب الإدارية الفعلية.
وفي هذا الصدد ذكر مجمع الفقه الإسلامي في دورته المنعقدة في جدة في 22/ 12/1985، مجموعةً من الضوابط منها:
أ - خطاب الضمان مغطى أو غير مغطى لا يجوز أخذ الأجر عليه نظير عملية الضمان.
ب - المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان جائزة شرعاً مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
صور تطبيقية لعقود مناقصات
لا بد من عرض نموذج من عقود المناقصات الشهيرة والمتداولة، ولهذا اخترت عقدين هما " عقد الصيانة، عقد التوريد "، فإلى العقدين:
عَقْدُ الصِّيَانََة
الصيانة لغة:
الحفظ والوقاية، يقال: صان الشيء يصونه صوناً وصيانة إذا حفظه، وصان عرضه: وقاه مما يعيبه.
وتعريفها اصطلاحاً:
· " مجموعة الأعمال اللازمة لبقاء عين على الحالة التي تصلح فيها لأداء الأعمال المرادة منها ".
· وقيل " إصلاح الشيء المعمر كلما طرأ عليه عطل، أو أذى من حيث قدرته على إنتاج الخدمات والمنافع المقصودة منه ".
أنواعها:
1. صيانة وقائية دورية: أي الكشف عن المتعاقد عليه بشكل دوري؛ للتأكد من عمله بصورة صحيحة، مثل: ملاحظة أجهزة قياس الحرارة والماء وزيوت الآلات.
2. صيانة طارئة: ملاحظة الأخطاء غير المتوقعة؛ لتلافيها، وإعادة المتعاقَد عليه على مثل حالته الأولى الصحيحة.
تكييفها الفقهي وحكمها بناءاً عليه:
اختلف الفقهاء المعاصرون حول تكييفها، وذلك بإلحاقها بأي العقود المسماة، أو بإلحاق الأحكام الشرعية بها باعتبار أنها عقد مستقل، إلى أقوال:
1. أنها عقد إجارة على أجير مشترك؛ وذلك لأن رب العمل وهو هنا " الإدارة " لا يملك منفعته طول المدة كالأجير الخاص.
2. أنها من قبيل الأجير الخاص؛ وذلك لأن الشركة تستحق الأجر بمجرد مضي الوقت المنصوص عليه في العقد؛ ولو لم تعمل لظرف جاء من قبل الإدارة.
3. من قبيل عقد الجعالة؛ لجهالة المعقود عليه، من ناحية عدم استطاعة تحديد مقدار العمل المطلوب بشكل دقيق، و الأدوات التي ستستخدم.
4. أنها تأمين تجاري؛ لأن مقدم العرض يلتزم بإصلاح وتبديل القطع التي تحتاج لذلك، حيثما طلبت الإدارة، مقابل مبلغ مالي تدفعه للشركة.
5. أنه عقد مستقل جديد؛ لصعوبة إلحاقها بأي من العقود المسماة في الشرع؛ لعدم المشابهة.
المختار في التكييف:
أولاً: الحكم على مناقصة عقد الصيانة من خلال هذا العرض للتخريجات؛ يُظهر لنا أن عقد الصيانة " جائز "، لأنه لا يخرج عن دائرة العقود الجائزة المسماة شرعاً؛ خلا الرأي قبل الأخير.
ثانياً: مناقشة أدلة الأقوال؛ بالترتيب. . .
1) القول الأول: يعكر عليه أن الأجير المشترك لا يستحق الأجرة إلا بانتهاء العمل، وأما هنا فإن الإدارة ملزمة بإيفاء الشركة ما اتفقا عليه؛ ولو لم يحصل عمل من الشركة، إما لظرف من الإدارة، أو لعدم إيكال العمل المتعاقد عليه إليها من قبل الإدارة، خلال المدة المتعاقد عليه فيها.
2) القول الثاني: أن الأجير الخاص لا يشارك ربه الذي استأجره غيره داخل المدة، ولكن قد تتعاقد الشركة " الأجير الخاص " مع جهة أخرى، خاصة إذا كان المتعاقد عليه في
المناقصة عقد " صيانة الطوارئ "، وذلك في وقت العقد الذي تعاقدت الشركة فيه مع الإدارة، فلا تعتبر أجيراً خاصاً إذن.
3) القول الثالث: هناك فروق ظاهرة بين عقد الصيانة وعقد الجعالة من وجهين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/46)
· أن عوض الجعالة الأصل فيه أنه يُستحق آخر العمل، وعقد الصيانة قد يُعجَّل العوض فيه قبل الشروع في العمل.
أُجيب: بإمكانية جعل عوض الجعالة أيضاً مقدماً؛ في حال " تأكيد جدية الجاعل ".
· لا يشترط في عقد الجعالة ضرب الأجل، بخلاف عقد الصيانة.
4) القول الرابع: لا يصلح تكييفه بعقد التأمين، لأمرين:
· أن الصيانة قد تكون من قبل الدورية، ولا يكون التأمين منطبقاً عليه إلا إذا كانت الصيانة طارئة، فهو صحيح من وجه، منتقض من آخر.
· والتأمين التجاري محرم عند جمهور العلماء المعاصرين، فلا حجة إذن في تكييفه على عقد الصيانة الطارئ ولا الدوري.
5) القول الخامس: يعكر عليه أن العوض المبذول من الجهتين لا بد وأن يلحق بأصل شرعي صحيح، فلو ترك هذا العقد الجديد على ما هو عليه؛ لكان مؤدياً إلى الجهالة المفضية إلى النزاع، والتي جاءت الشريعة بحسم مادته.
ثالثاً: الذي يظهر هو أن المناقصة على الصيانة " عقد إجارة " و تفصيل العقد فيها إلى:
· إن كان عقد الصيانة مقصوراً على شركة واحدة تملك الإدارة كل أعمالها بأوقاتها، فهو إجارة خاصة.
· وإلا كانت إجارة عامة.
عَقْدُ التَوْرِيْد
التوريد لغة:
التوريد مصدر ورَّد يورِّد، والـ "واو والراء والدال " أصلان:
1) الموافاة إلى الشيئ.
2) لون من الألوان، وورِد يرِد وروداً حضر، واستورده: أحضره.
والمعنى الثاني هو المراد؛ فيكون التوريد: إحضار الشيء.
تعريف التوريد اصطلاحاً:
عُرِّف بعدة تعاريف؛ منها:
o " اتفاق بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام وبين فرد أو شركة، يتعهد بمقتضاه الفرد أو الشركة بتوريد منقولات معينة للشخص المعنوي لازمة لمرفق عام مقابل ثمن معين ".
واعترض عليه بأمرين:
· قصر التوريد على ما إذا كان أحد المتعاقدين جهة حكومية؛ ولكن واقع التوريد يشملها ويشمل الأفراد، والشركات غير الحكومية.
· تكرار لفظ التوريد في التعريف، مما يقتضي الدور.
o " عقد يتعهد بمقتضاه شخص أن يسلم بضائع معينة، بصفة دورية، أو منتظمة، خلال فترة معينة لشخص آخر، نظير مبلغ معين ".
o " عقد بين جهة إدارية عامة أوجهة خاصة ومنشأة خاصة أو عامة، على توريد أصناف محددة الأوصاف، في تواريخ معينة، لقاء ثمن معين، يُدفع على نجوم ".
o " عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين تسليم الطرف الآخر أشياء منقولة بثمن معين ".
صورتا عقد التوريد , و تخريجهما:
عقد التوريد لا يخلو من صورتين؛ هما:
1) كون البضاعة المراد استيرادها موجودة؛ بحيث يتفق العاقدان على أن يقوم المورد بجلبها من بلادها، فالعقد إذن بيع مشروط فيه التسليم في مكان يقرره المورّّد له.
2) كون البضاعة المراد استيرادها غير موجودة؛ والمراد إيجادها، فالعقد استصناع.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن لها عدة تكييفات غير ما ذكرنا مثل:
أنها تشبه عقد السلم، من حيث اشتراط تحديد أوصاف المعقود عليه، والقدرة على تسليمه، تحديد مواعيد التسليم.
بيع موصوف في الذمة غير معين على غير وجه السلم.
الشراء المستمر.
الجمع بين البيع والإجارة.
إلا أنني أرى أن عقد التوريد لا يخرج في تكييفه عن إطار صورتيه السابقتين.
حكم عقد التوريد:
فالعقد "جائز" باعتبار جواز العقدين الذين خُرِّج عليهما عقد التوريد.
B
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفهرس
1. القرآن الكريم.
كتب التفسير:
1. أحكام القرآن، الجصاص، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، ط 1405هـ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
2. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير،ط 1401هـ، دار الفكر ـ بيروت.
3. الجامع لأحكام القرآن الكريم، للقرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني، ط الثانية 1372هـ، دار الشعب ـ القاهرة.
4. فتح القدير، الشوكاني، دار الفكر ـ بيروت.
5. محاسن التأويل، القاسمي، دار إحياء التراث العربي بمصر.
6. معالم التنزيل، البغوي، تحقيق خالد العك ومروان سوار، ط الثانية 1407 هـ ـ 1987م، دار المعرفة ـ بيروت.
كتب السنة وشروحها:
1. تحفة الأحوذي، المبارك فوري، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
2. توضيح الأحكام بشرح بلوغ المرام، البسام، مكتبة الأسدي.
3. سنن أبي داوود السجستاني.
4. سنن الترمذي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/47)
5. سنن الدار قطني، تحقيق السيد عبد الله هاشم المدني، ط 1386هـ ـ 1966م، دار المعرفة ـ بيروت.
6. صحيح البخاري.
7. صحيح مسلم.
8. فتح الباري، ابن حجر، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، ط 1379هـ، دار المعرفة ـ بيروت.
9. مسند البزار، تحقيق د. محفوظ الرحمن زين الله، ط الأولى 1409هـ، مؤسسة علوم القرآن، مكتبة العلوم والحكم ـ بيروت.
10. نيل الأوطار، الشوكاني، ط 1973م، دار الجيل ـ بيروت.
كتب الفقه والمجلات الشرعية:
أبحاث هيئة كبار العلماء، المجلد الخامس، ط 1422.
بدائع الصنائع، الكاساني، ط الثانية 1982م، دار الكتاب العربي ـ بيروت.
روضة الطالبين، ط الثانية 1405هـ، المكتب الإسلامي ـ بيروت.
السيل الجرار، الشوكاني، تحقيق محمود إبراهيم زايد، ط الأولى 1405هـ، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
كشاف القناع، البهوتي، تحقيق هلال مصيلحي مصطفى هلال، ط 1402هـ، دار الفكر ـ بيروت.
المبسوط، السرخسي، ط 1406هـ، دار المعرفة ـ بيروت.
مجلة مجمع الفقه الإسلامي.
مختصر اختلاف العلماء، الطحاوي، تحقيق د. عبد الله نذير أحمد، ط الثانية 1417هـ، دار البشائر الإسلامية ـ بيروت.
المغني، ابن قدامة، مكتبة الرياض الحديثة، و طبعة هجر.
المهذب، الشيرازي،دار الفكر ـ بيروت.
مواهب الجليل، حطاب، ط الثانية 1398هـ، دار الفكر ـ بيروت. كتب اللغة و التعاريف:
1. القاموس المحيط، فيروز آبادي،ط 1398هـ، دار الفكر ـ بيروت.
2. القوانين الفقهية، ابن جزي، المكتبة الثقافية، بيروت.
3. لسان العرب، ابن منظور، ط 1، دار صادر ـ بيروت.
4. مختار الصحاح، الرازي، تحقيق محمود خاطر، ط جديدة 1415هـ ـ 1995م، مكتبة لبنان ناشرون ـ بيروت.
5. المصباح المنير، الفيومي،ط الثانية 1418هـ ـ 1997م، المكتبة العصرية ـ بيروت.
6. المعجم الوسيط، أنيس، مجمع البحوث والدراسات العربية، 1971م.
7. معجم لغة الفقهاء، قلعجي، و حامد قنيبي، ط1، دار النفائس.
8. مقاييس اللغة: ابن فارس، تحقيق عبد السلام هارون، ط1، دار الجيل بيروت.
كتب فقهية وقانونية معاصرة:
1. الأسس العامة للعقود الإدارية، الطماوي، ط الخامسة 1991م، مطبعة جامعة عين شمس ـ القاهرة.
2. أصول القانون الإداري، سليمان وغيره، ط 1989م، دار النهضة العربية ـ القاهرة.
3. بيع المزاد، المطلق، دار المسلم ط1 1414.
4. الضمان في الفقه الإسلامي، محمد أبو زيد، ط الأولى 1417هـ ـ 1996م، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ـ القاهرة.
5. عقد التوريد، المطلق، بحث منشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، العدد العاشر، ط 1414هـ ـ 1993م.
6. عقد المزايدة، السلامي، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثامنة، العدد الثامن، الجزء الثاني، ط 1415هـ ـ 1994م.
7. عقد المقاولة، العايد، ط جامعة الإمام، 1425.
8. عقود الصيانة، الزرقا والسويلم، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي عام 1419.
9. عقود الصيانة، السلامي، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي عام 1419.
10. عقود الصيانة، الضرير، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي عام 1411.
11. عقود الصيانة، منذر قحف، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي عام 1419.
12. عقود المناقصات، عاطف أبو هربيد، دار النفائس، ط1، 1426.
13. القانون الإداري، خالد الظاهر، دار المسير، الأردن.
14. القانون التجاري السعودي، الجبر، ط4.
15. المدخل الفقهي العام، الزرقا، دار الفكر بيروت 1384 ط3.
16. مصادر الحق، السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، المجمع العلمي العربي الإسلامي ـ بيروت.
17. المعاملات المالية المعاصرة، بن شبير، ط الأولى 1416هـ ـ 1996م، دار النفائس ـ عمان
18. مناقصات العقود الإدارية، رفيق المصري، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة التاسعة، العدد التاسع، الجزء الثاني، ط 1417هـ ـ 1996م.، وآخر مطبوع مفرد.
19. مناقصات عقود الاحتياط، الجواهري، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة التاسعة، العدد التاسع، الجزء الثاني، ط 1417هـ ـ 1996م.
20. نظرية الضمان، محمد الموسى، ط جامعة الإمام ط 1411.
21. الوجيز في القانون الإداري، الطماوي، ط 1992م، دار الفكر العربي ـ القاهرة.
* ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftnref1) هذا بحث كتبته أخوكم / محمد بن علي البيشي، المعهد العالي للقضاء، عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض، وقد حذفت منه الحواشي؛ وذلك لحفظ الحقوق، وأبقيت المراجع لتوثيق المراجع عموماً، وحذفتُ مصورات العقود أيضاً لذلك الغرض.
(3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftnref2) المراجع السابقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/48)
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 04:05 م]ـ
[ CENTER][CENTER][/CENTER ولعل أقرب التخريجات هو أن عقد المناقصة عبارة عن:
1. عقد مزايدة.
2.
أحسن الله إليكم وبارك فيكم
تخريجه على بيع المزايدة أو الدلالة في نظري فيه عدة إشكالات وفروقات
فبيع المزاد يدفع أحد العاقدية قيمة السمسرة بخلاف المناقصات
وبيع المزاد الإيجاب والقبول في مجلس واحد إلى غيرها من الفروقات
لكن لم لا يكون هذا العقد من العقود معلقة القبول كغيرها من البيوع كبعتك إن رضي زيد وما شابه ذلك
فالداخل في المناقصة بمنزلة الموجب وأتى بصيغة الإيجاب
وطارح المناقصة بمنزلة البائع بقي عليه صيغة القبول وهي معلقة
وهذه ظاهرة وأيسر في التخريج
ولا أدري عن نظام المناقصات فيما لو أن طارح المناقصة قام بفسخ المناقصة والرجوع عن قراره في طرح المناقصة مالذي يترتب عليه كما في بيع المزايدة في دفع العربون أحيانا
عموما أعتقد أن تخريجه على البيوع المعلقة تخريج جيد
وبارك الله فيكم
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[07 - 11 - 07, 10:02 ص]ـ
شيخنا المقرئ - بارك الله فيكم ونفع بعلمكم
لكن لم لا يكون هذا العقد من العقود معلقة القبول كغيرها من البيوع كبعتك إن رضي زيد وما شابه ذلك
بل يرد عدة إشكالات رأيتها فى إعتبار إنعقاد العقد من الأساس، هل لكم فى رفعها - حفظكم الله - وهى:
أولها: عدم تعيين شخص أو صفة المجيب فى جلسة قبول العطاءات من المتناقصين، فإن كان صاحب العطاء الأقل هو المتعين، فلماذا لا يقبله طارح العطاء فى نفس الجلسة؟؟
ثانيها: إحتفاظ طارح العطاء بحق خيار الرد لنفسه، وينص على ذلك صراحة فى كراسة الشروط والمواصفات دون ابداء الإسباب،وبذلك يُسقط جميع الخيارات عن الطرف المجيب وأولها خيار المجلس.
قال الكاشانى:
(وَأَمَّا) صِفَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَهُوَ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ لَازِمًا قَبْلَ وُجُودِ الْآخَرِ، فَأَحَدُ الشَّطْرَيْنِ بَعْدَ وُجُودِهِ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّطْرِ الْآخَرِ حَتَّى إذَا وُجِدَ أَحَدُ الشَّطْرَيْنِ مِنْ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، فَلِلْآخَرِ خِيَارُ الْقَبُولِ، وَلَهُ خِيَارُ الرُّجُوعِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ {: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ بَيْعِهِمَا}، وَالْخِيَارُ الثَّابِتُ لَهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ عَنْ بَيْعِهِمَا هُوَ خِيَارُ الْقَبُولِ، وَخِيَارُ الرُّجُوعِ؛ وَلِأَنَّ أَحَدَ الشَّطْرَيْنِ لَوْ لَزِمَ قَبْلَ وُجُودِ الْآخَرِ لَكَانَ صَاحِبُهُ مَجْبُورًا عَلَى ذَلِكَ الشَّطْرِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.
ثالثها: كون هذا العقد ملزما للمجيب دون طارح العطاء - أى من طرف واحد، فيلزم طارح العطاء المجيب بالعقد إذا قبله، وإن لم يفعل صادر عنه تأمينه، فى حين لا يلتزم هو بالعقد إذا استوفى الطرف المجيب بالشروط المحددة، بل ومن الممكن أن يتعدى فى ذلك الى الغاء المناقصة بدون مسئولية عليه، وينص على ذلك أيضا" فى كراسة الشروط، وغاية ما يقع عليه، أنه يرد ثمن كراسة الشروط للمتناقصين إن كان هناك ثمن، والمعلوم عن العقود اللازمة هو عدم نقضها الا بإتفاق طرفيها.
رابعها: على فرض أن المتناقصين هم طرف العقد المجيب، فصيغة الإيجاب والقبول تتأخر عن محل العقد، وتأخيرها لا يكتمل به أركان العقد الا فى وقت صدورها
قال الكاشانى:
(فَصْلٌ): فِي الشَّرْطِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ فَوَاحِدٌ وَهُوَ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ.
بِأَنْ كَانَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ لَا يَنْعَقِدْ حَتَّى لَوْ أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ فَقَامَ الْآخَرُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَبِلَ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ أَحَدُ الشَّطْرَيْنِ عَنْ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا انْعَدَمَ فِي الثَّانِي مِنْ زَمَانِ وُجُودِهِ فَوُجِدَ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ مُنْعَدِمٌ فَلَا يَنْتَظِمُ الرُّكْنُ إلَّا أَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى انْسِدَادِ بَابِ الْبَيْعِ فَتَوَقَّفَ أَحَدُ الشَّطْرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ حُكْمًا وَجُعِلَ الْمَجْلِسُ جَامِعًا لِلشَّطْرَيْنِ مَعَ تَفَرُّقِهِمَا لِلضَّرُورَةِ، وَحَقُّ الضَّرُورَةِ يَصِيرُ مَقْضِيًّا عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ لَا يَتَوَقَّفُ، وَهَذَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَوْرُ مَعَ ذَلِكَ شَرْطٌ لَا يَنْعَقِدُ الرُّكْنُ بِدُونِهِ.
هذا إذا لحق عقد المناقصة بعقد البيع - مع الإحتراز بتسميته عقدا"،
رابعا": الإنتهاء بصيغ عقود أخرى هى التى يتعامل وفقها المتعاقدان، فهى فى الأخير تكون إما عقد استصناع بالتوريد والتركيب و التصنيع، أو عقد إجارة بالأجور والمصنعيات فقط، أو عقد شراء وتوريد، وجميعها صيغ عقود معلومة مستوفية الأركان، فهل ما كان قبلها يسمى عقد مؤدى الى، أو منتهى بعقد آخر؟؟
،، والذى يظهر لى والله أعلم بأن المناقصة تفتقر الى أركان العقد التى اعتبها جمهور الفقهاء
وهى: العاقدان، صيغة العقد (الإيجاب والقبول)، المتعاقد عليه، ومجلس العقد
،، نرجو أن لا تبخلوا علينا بفضل علمكم.(87/49)
المرفق العام، في النظام الإداري السعودي
ـ[محمد بن علي البيشي]ــــــــ[30 - 10 - 07, 09:40 م]ـ
المرفق العام * ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn1)<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
المقدمة: < o:p></o:p>
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه وسلم، أما بعد:< o:p></o:p>
لقد أردتُ كتابة بحث في موضوع من مواضيع " القانون الإداري "، وجرى اختيار موضوع " المرفق العام " كموضوع أحببتُ أن أخوض عبابه، مُخرِجاً منه تعريفاتِهِ وأنواعَهَ، وطرقَ إدارتِهِ ومبادئَه، وما ذلك إلا لتوقِ نفسي إلى إدراك مرامي هذا الموضوع، وما ضمَّه من خفايا.< o:p></o:p>
وقد اتضح لي بعد ذلك؛ أن المرفق العام يُشكِّل عموداً فقرياً في كيان كل دولة، يُمارَس من خلاله ما يُشبع حاجات المواطنين والأفراد، ومن الضروري معرفته أن مناط تطبيق قواعد القانون الإداري على نزاعٍ معيَّن ينشأ بين الإدارة والأفراد، هو كون هذا النزاع متعلقاً بتنظيم أو سير أحد المرافق العامة، وعليه فالقضاء الإداري هو الموكل في فض هذا النزاع، وهو المسمى في المملكة بـ: " ديوان المظالم ".< o:p></o:p>
وقد سِرت في هذه الدراسة المصغَّرة على النحو الآتي:< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
الفصل الأول: المرفق العام " تأريخه، وتعريفه ".< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مباحث:< o:p></o:p>
المبحث الأول: تأريخ المرفق العام.< o:p></o:p>
المبحث الثاني: تعريف المرفق العام لغة ً.< o:p></o:p>
المبحث الثالث: تعريف المرفق العام اصطلاحاً.< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مطالب:< o:p></o:p>
المطلب الأول: المعنى الشكلي.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: المعنى الموضوعي.< o:p></o:p>
المطلب الثالث: الجمع بين الشكلي والموضوعي.< o:p></o:p>
الفصل الثاني: أنواع المرفق العام.< o:p></o:p>
وفيه أربعة مباحث: < o:p></o:p>
المبحث الأول: اعتبار النشاط الذي يقوم به المرفق.< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مطالب:< o:p></o:p>
المطلب الأول: المرفق الإداري.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: المرفق الاقتصادي.< o:p></o:p>
المطلب الثالث: المرفق المهني.< o:p></o:p>
المبحث الثاني: اعتبار النطاق الجغرافي للمرفق.< o:p></o:p>
وفيه مطلبان:< o:p></o:p>
المطلب الأول: المرفق القومي.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: المرفق محلي.< o:p></o:p>
المبحث الثالث: اعتبار استقلال المرفق عن السلطة المركزية.< o:p></o:p>
وفيه مطلبان:< o:p></o:p>
المطلب الأول: مرافق عامة ليست ذات شخصية معنوية.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: مرافق عامة ذات شخصية معنوية.< o:p></o:p>
المبحث الرابع: اعتبار تنفيذه الإجباري والاختياري.< o:p></o:p>
وفيه مطلبان:< o:p></o:p>
المطلب الأول: مرافق اختيارية الإنشاء.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: مرافق إلزامية الإنشاء.< o:p></o:p>
الفصل الثالث: طرق إدارة المرافق العامة.< o:p></o:p>
وفيه أربعة مباحث:< o:p></o:p>
المبحث الأول: أسلوب الاستغلال المباشر.< o:p></o:p>
المبحث الثاني: أسلوب المؤسسات العامة.< o:p></o:p>
المبحث الثالث: أسلوب الامتياز.< o:p></o:p>
المبحث الرابع: أسلوب الاقتصاد المختلط.< o:p></o:p>
الفصل الرابع: النظام الأساسي للمرفق العام.< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مباحث:< o:p></o:p>
المبحث الأول: انتظام سير المرفق العام.< o:p></o:p>
وفيه أربعة مطالب: < o:p></o:p>
المطلب الأول: تحريم الإضراب.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
المطلب الثاني: تنظيم الاستقالة.< o:p></o:p>
المطلب الثالث: نظرية الموظف الفعلي.< o:p></o:p>
المطلب الرابع: الظروف الطارئة.< o:p></o:p>
المبحث الثاني: تطور المرفق العام.< o:p></o:p>
المبحث الثالث: المساواة في الانتفاع بالمرفق العام.< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
وأشكر الله أولا وأخيراً على ما منَّ به من إنجاز هذا البحث المتواضع، كما أن الشكر ممتد إلى معهد الإدارة في مدينتي الدمام والرياض الذي فتح لي قلبه بموظفيه، قبل أن يفتح لي مكتبته القانونية العامرة.< o:p></o:p>
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/50)
< o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
الفصل الأول:< o:p></o:p>
" المرفق العام " تأريخه، وتعريفه: لغة، واصطلاحاً.< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مباحث:< o:p></o:p>
المبحث الأول: تأريخ المرفق العام. < o:p></o:p>
ظهر اصطلاح المرفق العام لأول مرة في كتابات الفقيه (برودن)، والذي استعمل هذا المصطلح بمثابة معيار دقيق للتفرقة بين المال العام، والمال الخاص المملوك للدولة) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn2)1( .<o:p></o:p>
ثم تطور هذا المصطلح بنشأة القانون الإداري واستقلاله بقواعده عن القانون المدني، والسبب الأساسي الذي خوَّل القضاء الإداري النظر في قضايا المرفق العام، والمنازعات التي تقام حوله، يرجع إلى أساس من الفلسفة الفردية التي أدت إلى ازدهار النظام الرأسمالي الحر، وذلك في القرن التاسع عشر الميلادي، والذي كان من نتائجه؛ حياد الدولة إزاء أوجه النشاط الفردي، وقصر وظيفتها على النواحي الإدارية، فكانت المرافق العامة طابعها موَّحد وهو " الإداري " البحت.< o:p></o:p>
وعلى أساس قضاء مجلس الدولة، ومحكمة تنازع، أنشأ فريق من فقهاء القانون العام في " فرنسا " نظرية المرافق العامة.< o:p></o:p>
ويعود سبب صدور قرار مجلس الدولة ومحكمة التنازع بهذا الصدد هو قصة " بلانكو " وخلاصتها:< o:p></o:p>
( أن عربة تابعة لإدارة التبوغ في مدينة " بورد " الفرنسية دهست طفلة، وأصابتها بالأذى، فرفع والد الطفلة شكوى لدى المحاكم المدنية مطالباً بالتعويض، فثارث مسألة تحديد القضاء المختص، ورفعت القضية إلى محكمة المنازعات للبتِّ في موضوع الاختصاص، فأعطت محكمة النزاع الاختصاص القضية إلى القضاء الإداري)) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn3)2( . <o:p></o:p>
ومن ذلك الحين غزت فكرة المرفق العام باصطلاحه هذا نظريات ومبادئ القانون الإداري، لكونه مظهراً رئيساً من مظاهر تدخل الدولة لإشباع الحاجات العامة للأفراد، فهي أوسع هذه المظاهر نطاقاً وأبعدها مدى.) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn4)3( <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
المبحث الثاني: تعريف المرفق العام لغة. < o:p></o:p>
" المرافق " في اللغة جمع مَُِرفق، بفتح الميم وكسرها وفتحها ثلاث لغات عند العرب، أشهرها الكسر، مأخذ هذه الكلمة من الارتفاق وهو الانتفاع، لذا يقول الحق سبحانه وتعالى: ? وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته، ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ?. (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn5) <o:p></o:p>
المبحث الثالث: المرفق اصطلاحاً.< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مطالب: < o:p></o:p>
المطلب الأول: المعنى الشكلي.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: المعنى الموضوعي.< o:p></o:p>
المطلب الثالث: الجمع بين الشكلي والموضوعي.< o:p></o:p>
تعددت في فقه القانون الإداري معاني المرفق العام، وتعريفه، وما ذاك إلا لأن فكرة المرفق العام في جوهرها تقوم على أساس عنصر النفع العام، وفكرة النفع العام في حدِّ ذاتها غير محددة المعنى، ويخضع مفهومها لاعتبارات السياسية، والظروف الاقتصادية، كما يرجع إلى اختلاف الفقهاء في مضمون تعريفه، بناءا على الزاوية التي ينظرون منها إلى المرفق العام من حيث:< o:p></o:p>
( الهيكلة، المهام، واجتماعهما معاً) < o:p></o:p>
فلا بد لنا من عرض التعريف من جهاته الثلاث، ثم نحدد مفهوماً قريباً للمرفق العام (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn6). <o:p></o:p>
.. المطلب الأول: التعريف بالمعنى الشكلي للمرفق العام. < o:p></o:p>
المرفق العام من الناحية الشكلية يعتمد على وجود جهة عامة، أو هيئة عامة، تعمل أو تتصرف في صالح النفع العام للمواطنين، بغض النظر عن طبيعة عملها، أو عن ماهية هذا التصرف، وحدوده. < o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/51)
فتعريفه أنه: (عبارة عن منظمة عامة تمارس بمالها وعمَّالها، النشاط ذات النفع العام) (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn7) .<o:p></o:p>
وبناءا عليه فالمرفق العام من هذه الناحية الشكلية، له عنصران يقوم عليهما، هما: < o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
أ ـ عنصر التكوين: وهو بذلك لا يعدو كونه كياناً ماديا، أي " طائفة من الوسائل المادية و البشرية ".< o:p></o:p>
أما الوسائل المادية فنعني بها: الأبنية والأثاث والأموال التي يدير من خلالها الجهاز المرفقي، أو الهيئة، نشاطها بواسطته.< o:p></o:p>
والوسائل البشرية: عبارة عن جماعة الموظفين والعاملين؛ الذين يقومون بإدارة ما ينشغل به هذا الجهاز من أعمال، وما يبرمه من تصرفات. < o:p></o:p>
وعلى نحو هذا التعريف فالمرفق العام يمثِّله " الجامعات، هيئة المياه، هيئة الكهرباء" فكلها مرافق عامة من الناحية العضوية (!) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn8). <o:p></o:p>
ب ـ عنصر التبعية: أي حتى تكتسب هذه الهيئة صفة المرفق العام، فلا بد لها وأن تتبع أحد أشخاص القانون العام، أي تكون فرعاً من فروع الإدارة أو جهازاً من أجهزة الدولة، وهي بهذا الاعتبار تتميز عن المرافق الخاصة (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn9) . <o:p></o:p>
ومفهوم المرفق العام من هذه الناحية الشكلية، هو السائد في الفقه والقضاء الفرنسي، لا سيما خلال أواخر القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر، إثر قصة " بلانكو " الشهيرة، فقد أضفت محكمة التنازع في هذا الحكم وصف " المرفق العام " على مصنع الدخان، باعتبار أنه كان تابعاً لأكبر أشخاص القانون العام، وهو " الدولة ".< o:p></o:p>
وبعد هذا الموجز نعرض لتعريف المرفق العام حسب ما ذكره بعض كبار الفقهاء، سواء أكانوا من القدامى، أم من المعاصرين، ونختار الأفضل منها: < o:p></o:p>
تعريف الفقيه هوريو (منظمة عامة من السلطات والاختصاصات، تكفل القيام بخدمة معينة تقوم بتقديمها للجمهور، بشكل منظم).< o:p></o:p>
تعريف الفقيه رولان (مشروع يعمل تحت إشراف السلطة الحاكمة، ومهمته القيام بآداء خدمات عامة للجمهور).< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
تعريف وحيد فكري (هي الهيئات والمشروعات التي تعمل باطراد وانتظام، تحت إدارة الدولة، أو أحد الأشخاص الإدراية الأخرى المباشرة، أو تحت إدارتها العليا لسد حاجات الجمهور، والقيام بأداء الخدمات العامة).< o:p></o:p>
وكل هذه التعاريف تشير إلى المرفق العام بالنظر إلى كونه عضوي شكلي، ولعل تعريف الفقيه " هوريو " جيد؛ لاختصاره، ولاشتماله على أركان عمل المرفق العام العضوي (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn10).<o:p></o:p>
فشل هذا المعيار:< o:p></o:p>
يظهر لنا جليا فشل هذا المعيار الشكلي لأمور هي: < o:p></o:p>
1. عدم مواكبة فكرة المرفق العام الشكلي للتطورات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة عقب الحرب العالمية الأولى.< o:p></o:p>
2. وإذا كان المرفق العام يقوم على الأشخاص العامة، فما طبيعة هذا الارتباط، وما نوع هذه التبعية؟ أهي إنشائية أم إشرافية أم رقابة الشخص العام أم تنظيمية، وما حدود نشاطها؟؟.< o:p></o:p>
3. أن احتكار المرفق العام للدولة أو الأشخاص العامة لم يعد موجودا، حتى يقال باللزوم إذ أصبحت هناك مرافق عامة تتبع أحد الأشخاص الخاصة في الإدراة ولها صفة العموم (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn11) .<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
.. المطلب الثاني: التعريف المعنى الموضوعي للمرفق العام.< o:p></o:p>
هو معيار ينظر إلى ذات العمل و التصرف الذي يقوم به المرفق، بغض النظر عن كونه جهة أو هيئة، أو حتى أن له مبنىً خاص به، أو موظفين، فتعريفه (كل نشاط يسعى لإشباع حاجة عامة، أو تحقيق مصلحة عامة، دون الالتفات إلى الجهاز الذي يقوم به). < o:p></o:p>
<o:p></o:p>
وسبب هذه النظرة للمرفق العام من وجهة الموضوع هو: < o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/52)
أن أساس الدولة ـ إيماناً بها بالقيام بوظائفها، وتحقيق الحاجات التي تلتزم بإشباعها، لجموع الناس، حين تجد أن الحاجة عامة يجب إشباعها، ولا يستطيع الفرد تحقيقها بمفرده، إما لعدم المالية، أو لندرة ما تدرُّ عليه من ربح هامشي ـ فإنها تنشأ بذاتها نشاطاً يقوم على إشباع المواطنين.< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
وهو من هذه الزاوية، ينقسم إلى قسمين: < o:p></o:p>
أ ـ مادي: < o:p></o:p>
يعتبر المرفق نشاطاً معيناً، تقوم به الدولة أو أحد الأشخاص العامة؛ له طابع الخصوصية، ويمثل له بمرفق: توزيع المياه، إنتاج الطاقة الكهرباء، التعليم .. .< o:p></o:p>
ب ـ الغاية: < o:p></o:p>
وهي تشمل المصلحة العامة؛ فهو يتميز عن المشروعات الخاصة التي يكون القصد منها هو الربح (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn12) .<o:p></o:p>
ومن أبرز القضايا التي نظرت إلى هذا الجانب، قضية السيد " تيريه " وقصته:< o:p></o:p>
( أنه لما رصدت إحدى المجالس البلدية مكافأة مالية لكل من يقتل عددا من الثعابين، وكانت تمثل خطراً على المجتمع آنذاك، فقام أهل البلد بالعمل المقرر حتى نفدت المكافأة، فلما جاء " تيريه " لينال أيضا نصيبه لم يحصل على شيئ، فرفع دعوى قضائية ضد ذلك المجلس البلدي، إلى مجلس الدولة، وأكد مجلس الدولة اختصاصه بالنظر في هذه القضية، باعتبار أنها تتعلق بمرفق عام، يشتمل على نشاط عام وهو " قتل الأفاعي " مما تقتضيه المصلحة العامة في البلد) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn13) .<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
ومن التعريفات حول المرفق بالمنظور الموضوعي: < o:p></o:p>
تعريف الفقيه " فرنسيس بول " (نشاط إداري هدفه ضمان خدمة الأفراد).< o:p></o:p>
تعريف الفقيه " ج. ريفيرو " (نشاط إداري لأحد أشخاص القانون العام، يُعهد إليه بإشباع حاجة ذات نفع عام) (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn14) .<o:p></o:p>
تعريف " سعاد الشرقاوي " (نشاط تمارسه جماعة عامة، بهدف إشباع حاجة من الحاجات، التي تحقق الصالح العام) (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn15) .<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
ولعل تعريف " بول " هو المختار؛ لأنه مختصر و شامل للمضمون الموضوعي للمرفق.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
فشل المعيار الموضوعي: < o:p></o:p>
من أسباب فشل المعيار الموضوعي، هو:< o:p></o:p>
1. أن ربط المرفق بالهدف، يؤدي إلى اضطراب تفسير المرفق وتطبيقه، فالربح المنتفي إزاء المصلحة العامة، قد يوجد في مرفق عام لتحقيق استمراره ليس إلا .. < o:p></o:p>
2. أن المصلحة العامة وتحقيقها ليس حِكراً على مرافق الحكومة العامة، بل قد تكون متوفرة أيضا ضمن المرافق الخاصة، فلا معنى لربط المرفق بالمصلحة المحتكَرة على الدولة.< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
.. المطلب الثالث: التعريف بالجمع بين المعيارين.< o:p></o:p>
وذلك بالجمع بين الناحية الشكلية من جهة، والناحية الموضوعية من جهة أخرى، بحث يكون شاملا لذات العمل والتصرف أي " النشاط "، و شاملاً لهيئة العمل والتصرف أي " الهيكل"، فيكون التعريف المرضي للمرفق العام، هو: < o:p></o:p>
( كل مشروع تتولاه الدولة بنفسها، أو يعمل تحت إشرافها؛ لأداء خدمة عامة، ويخضع لنظام قانوني متميز) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn16) .<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وهذا التعريف هو أصح التعاريف للمرفق وسببه: < o:p></o:p>
وجود ارتباط وثيق بين الشكل والمضمون على الأقل من الناحية الواقعية، وذلك لأن كل نشاط لا بد أن يصدر عن جهة أو هيئة معينة، كما أن كل منظمة أو هيئة لا بد وأن تمارس نشاطاً معينا (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn17).<o:p></o:p>
والتعريف المختار هذا، أشمل تعريف للمرفق العام، لأمور: < o:p></o:p>
o اشتماله على عناصر المرفق وهي: < o:p></o:p>
أ ـ مشروع تقوم به الدولة، أو من تنيبه.< o:p></o:p>
ب ـ هدفه النفع العام. < o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/53)
ج ـ يخضع لنظام قانوني يحكم سيره وتنظيمه.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
o أن لفظة مشروع، تشمل "الشكل والمضمون "، لضمها (الأموال، العمال، الأنشطة) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn18)<o:p></o:p>
ومجلس الدولة الفرنسي أخذ بهذا المعنى المزدوج للمرفق العام، وطبقه في العديد من المنازعات، لا سيما في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بالتحديد (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn19) .<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
الفصل الثاني:< o:p></o:p>
أنواع المرفق العام.< o:p></o:p>
وفيه أربعة مباحث: < o:p></o:p>
المبحث الأول: باعتبار النشاط الذي يقوم به المرفق. < o:p></o:p>
المبحث الثاني: باعتبار النطاق الجغرافي للمرفق.< o:p></o:p>
المبحث الثالث: باعتبار استقلاله و عدمه عن السلطة المركزية.< o:p></o:p>
المبحث الرابع: باعتبار تنفيذ السلطة الإجباري و الاختياري للمرفق.< o:p></o:p>
إن تقسيم المرفق العام إلى أنواع شتى لا يعني أبداً أنها تخرج عن نطاق اشتراك هذه الأنواع كلها في كونها " مشاريع أشخاص القانون العام "، ومن ثم فإن هذا القانون هو نظامها الأساس.< o:p></o:p>
ولكن هذا التقسيم نابع من واقع المرافق العامة، وممارساتها لأنشطتها، تحت المسمى التي تنطوي تحت صفته، وبسلطةٍ وامتيازات تختلف من جهةٍ لأخرى؛ على ضوء النظر إلى: < o:p></o:p>
المبحث الأول: باعتبار النشاط الذي يقوم به المرفق.< o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مطالب: < o:p></o:p>
.. المطلب الأول: المرفق الإداري: كإن هذا المرفق هو من أقدم المرافق التي تباشر بها الدولة نشاطها من خلاله؛ إذ كانت المرافق العامة في البداية جميعُها إدارية (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn20) . <o:p></o:p>
والمرافق الإدارية هي: (تلك المرافق التي تزاول نشاطاً لا يزاوله الأفراد عادةً؛ نظراً لعجزهم عن ذلك، أو لقلة ٍ أو انعدام مصلحتهم فيه) والمتمثلة في الربح.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وهو مرفق يتسم بالطابع الإداري البحت، إذ لا يقوم بعمليات اقتصادية، وإنما يتولى الأنشطة العامة على مستوى الدولة، بدون ربح مقصود، مثل " القضاء، الصحة، التعليم".< o:p></o:p>
ويخضع المرفق الإداري لأحكام القانون؛ لأنه يمارس نشاطه بوسائل وامتيازات القانون العام، ويظهر ذلك في (إصدار قرارات إدارية، إبرام عقود إدارية، نزع ملكية للمنفعة العامة .. )، وهو الأساس الذي قامت عليه نظريات، وقواعد القانون الإداري في " فرنسا " (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn21) . <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
.. المطلب الثاني: المرفق الاقتصادي:< o:p></o:p>
ويعرف "بالمرافق الصناعية والتجارية "، وهو (المرافق التي تتخذ موضوعاً لها نشاطاً تجارياً أو صناعياً، مماثلاً لنشاط الفرد والجماعات الخاصة) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn22) .<o:p></o:p>
وهو مرفق قديم يعود تأريخه إلى حكم شهير للقضاء الفرنسي، في القضية التي تعرف بـ ( BAC"D"ELO
قال الشيخ الألباني :
E ) ، المتعلقة بدعوى أقيمت ضد شركة نقل نهري، وقُضي فيها بأنها من اختصاصات القضاء العادي، لا القضاء الإداري، وازداد انتشار هذا النوع من المرافق إبَّان الحرب العالمية الثانية.< o:p></o:p>
ونظراً لطبيعة نشاطه، فهو يخضع لأحكام كلٍّ من القانون الخاص والقانون الإداري، ويعود ذلك لأمرين، هما: < o:p></o:p>
1. أن المرافق الاقتصادية تستخدم سلطات وأساليب القانون العام ـ مادامت حكومية ـ، حيث تتمتع بسلطة إصدار القرارات الإدراية، ولها حق نزع الملكية للمنفعة العامة.< o:p></o:p>
2. أنها تخضع لقواعد وضوابط سير المرافق العامة، مثل (قابلية التغيير، ضرورة سيرها بانتظام واطراد ... ).< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/54)
والمرافق الاقتصادية تخالف مثيلاتها من المشاريع الخاصة التي يقوم بها الأفراد، من ناحية أنها لا تكتسب صفة " التاجر " في مفهوم القانون الخاص؛ لأنها في الأصل مرفق عام، وإن كانت تقوم بنشاط تجاري أو صناعي (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn23) . <o:p></o:p>
<o:p></o:p>
ومن أجلى الأمثلة لهذا المرفق هو (البريد، والكهرباء، الهاتف، المياه، السكك الحديدية)، ومما يذكر في هذا الصدد، أن المملكة العربية السعودية استبعدت مرفق النقل الجوي (خطوط الطيران السعودي) عن إدارته بالأساليب الحكومية، وإخضاعه للإدارة التجارية، وذلك طبقاً لنص المادة (10) الصادر بمرسوم ملكي رقم (24) في 18/ 7/1385هـ، من نظام المؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn24) .<o:p></o:p>
.. المطلب الثالث: المرفق المهني أو النقابي: يعود تأريخ هذا المرفق إلى زمن ليس ببعيد، إذ الغالب فيه انتشاره بعد الحرب العالمية الثانية، و ينحصر عمل هذا المرفق في (رقابة وتوجيه النشاط المهني)، إذ يُعهد بإدارة نشاط المرفق إلى هيئات مهنية، أو نقابية، تكون مزودة ببعض مزايا وحقوق السلطة، ويكون اختيار أعضائها من بين الأفراد الذين يزاولون المهنة التي يقوم بها المرفق؛ لتوجيه الهيئة في المرفق.< o:p></o:p>
إذن فللمرافق المهنية بعض امتيازات القانون العام، مما يجعلها تخضع لأحكام القانون الإداري فيما يتعلق بممارستها لأساليب القانون الإداري، مثل (قرارات تأديب أعضائها، والقيد قي سجلات العضوية ... )، أما ما يتعلق بأنشطتها الخاصة كـ ـ الدفاع عن مصالح الأعضاء، ورعايتها، فتخضع لأحكام القانون العادي " المدني " (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn25). <o:p></o:p>
ومن أمثلة هذا المرفق المهني (الغرف التجارية والصناعية بالمملكة (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn26) ، ونظام نقابة السيارات .. ). < o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
المبحث الثاني: باعتبار النظر إلى النطاق الجغرافي.< o:p></o:p>
وفيه مطلبان:< o:p></o:p>
.. المطلب الأول: المرافق العامة القومية.< o:p></o:p>
والمراد بها (تلك المرافق التي من خلالها يتم قضاء حاجات مشتركة لجميع سكان الدولة، بدون حصر خدماتها على مدينة معينة، أو إقليم معين من أقاليم الدولة) (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn27) .<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وهذه المرافق غالبا ما تتولاها السلطة المركزية، مثل (مرفق البريد، والأمن .. )، وقد تتولاها سلطة غير مركزية مرفقية، أي " هيئة عامة ذات شخصية معنوية مستقلة " كـ (هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn28) .<o:p></o:p>
والسؤال المطروح هنا هو: هل يعني كون المرفق يُعنهى بإشباع الحاجات لجميع السكان، أن يُعنى بكل قرى ومُدن الدولة نفسها؟؟ < o:p></o:p>
الإجابة هي: بالنفي؛ إذ المرفق لا يجب عليه القيام بما يخدم مدن الدولة وقُراها، بل يكفيه أن يكون نظامه يسمح له بامتداد نشاطه إلى جميع أرجاء الدولة، ومن أجلى الأمثلة على ذلك في المملكة:< o:p></o:p>
( مرفق الخطوط الحديدية، الذي لا يباشر نشاطه في جميع مدن المملكة، حيث أن خدمة النقل الحديدي بالقطارات لا توجد إلا في مدينتين منها، ولكن يعتبر مرفقاً قومياً، وذلك طبقاً لما ورد في المادة (2) من نظام إنشاءه، وهي (أن تتخذ المؤسسة مقرها الرئيسي في مدينة الدمام، ولها أن تنشئ فروعاً لها في المدن والقرى التي تمر بها خطوطها الحديدية .. ) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn29).<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
.. المطلب الثاني: المرافق المحلية.< o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/55)
وهي تلك المرافق التي (تنحصر أنشطتها في إطار جزء محدود من مناطق الدولة، والتي يُسدُّ بها حاجات مشتركة، ومنافع معينة، لسكان إقليم معين أو بلدة معينة، و هي تتبع عادات المحافظات والمدن التي تنشأ فيها)، مثل " مرفق توريد الماء، النقل الداخلي في المدينة ".< o:p></o:p>
و هناك مرافق تدخل ضمن اختصاص البلديات مثل " مرافق النظافة، والمسالخ، والأسواق، وغيرها .. " (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn30) .<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
المبحث الثالث: باعتبار النظر إلى استقلال المرفق عن السلطة المركزية من عدمه. < o:p></o:p>
وفيه مطلبان:< o:p></o:p>
.. المطلب الأول: مرافق عامة ليست ذات شخصية معنوية.< o:p></o:p>
المراد بالمرافق العامة ليست ذات الشخصية المعنوية هي (تلك المرافق المرتبطة بجهة إدارية، تقوم بالإشراف على إدارة المرفق؛ وفقاً لنظام إنشائه الخاص).< o:p></o:p>
والجهات تختلف باختلاف تلك المرافق حسب ما ذكرناه في التقاسيم السابقة.< o:p></o:p>
والرفق العام في كل تلك الصور لا تكون له شخصية معنوية، مستقلة عن الشخص الإداري الذي يرتبط به، مثل " مرفق الشرطة، الدفاع، القضاء " (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn31). <o:p></o:p>
.. المطلب الثاني: مرافق ذات شخصية معنوية. < o:p></o:p>
وهي (تلك المرافق التي يكون لها شخصية معنوية مستقلة، معترف بها) أي: لا تديرها جهة معينة ترتبط بها، ويكون هذا الاعتراف عادةً " [بإصدر نظام إنشاء المرفق "، مثاله: < o:p></o:p>
( بنك التسليف السعودي، إذ نصت المادة (3) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn32) منه على أن يكون للبنك شخصية معنوية مستقلة، وذمة مالية مستقلة، يكون لها بموجبها أهلية التمليك، والتصرف، والتقاضي، طبقاً لأحكام هذا النظام) (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn33) ، و (جامعة الملك سعود (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn34) ، والجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية (5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn35) ). <o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
المبحث الرابع: اعتبار النظر إلى التزام السلطة العامة بتنفيذ المرفق من عدمه.< o:p></o:p>
وفيه مطلبان: < o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p></o:p>
.. المطلب الأول: مرافق اختيارية الإنشاء.< o:p></o:p>
الأصل في المرافق العامة أنها تُنشأ عن اختيار من السلطة العامة؛ خدمة منها للمواطنين المحتاجين لها، وتحقيقاً للنفع العام، ولها أن تقيمه في المكان الذي تريده في الوقت الذي تراه، إذ ذلك يدخل تحت السلطة التقديرية، التي تتمتع بها الإدارة.< o:p></o:p>
وذلك في حدود إمكانياتها المادية (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn36) .<o:p></o:p>
.. المطلب الثاني: مرافق إلزامية الإنشاء.< o:p></o:p>
أي تكون السلطة العامة مجبرة على إنشاء و تنفيذ المرفق العام، وإلا فقد أخلت بالتزام قانون يُلزمها بذلك الإنشاء، وهو المسمى بـ المرفق الإجباري.< o:p></o:p>
وهو غالباً يدخل ضمن اختصاصات الهيئات المحلية، مثل " مرفق التعليم الأساسي، مرفق صحي، القضاء .. "، وفي حال الإخلال بذلك تتدخل السلطة المركزية بإنشائه؛ لأن النشاط الذي تمارسه يدخل بطبيعته في نطاق وظائف الدولة الأساسية (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn37).<o:p></o:p>
الفصل الثالث:< o:p></o:p>
طرق إدارة المرافق العامة.< o:p></o:p>
وفيه أربعة مباحث: < o:p></o:p>
المبحث الأول: أسلوب الاستغلال المباشر.< o:p></o:p>
المبحث الثاني: أسلوب المؤسسات العامة.< o:p></o:p>
المبحث الثالث: أسلوب الامتياز.< o:p></o:p>
المبحث الرابع: أسلوب الاقتصاد المختلط.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/56)
إن الأصل في إدارة المرفق عائد إلى ما تتمتع به الدولة من سلطة تقديرية واسعة، في تحديد الوسيلة التي من خلالها تمارس السلطة ما تشاؤه في المرفق العام، وهي تختار أكثر الوسائل مناسبةً لنشاط وأهداف المرفق.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p></o:p>
وهذه الوسائل تختلف وتتنوع حسب طبيعة المرفق، وظروفه الملائمة له؛ والخاصة به، والقرار الأخير إذن في إدارة المرفق العام منوط بالسلطة، إذ لا سلطة لأحد عليها، وهذه الوسائل تنقسم إلى:< o:p></o:p>
المبحث الأول:< o:p></o:p>
أسلوب الاستغلال المباشر.< o:p></o:p>
ويسمى عند بعض الفقهاء" الإدارة المباشرة " والمعنى (أن تقوم الإدارة بنفسها بإدارة المرفق العام مباشرة، فتستخدم لذلك عمَّالها وأموالها، ومواردها، مستعينة في ذلك بالقانون العام، وما يخوله إياها من مزايا وسلطات، سواء أكانت الإدارة مركزية أو محلية).< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
وهذه الطريقة هي المعمول بها غالباً؛ نظراً لخطورتها، أو إحجام الأفراد عن القيام بها؛ إما لقلة أو انعدام أرباحها، وذلك في المرافق الإدارية غالباً.< o:p></o:p>
<o:p></o:p>
ويمثَّل لهذا الأسلوب بـ (القضاء، التعليم، الحج، الصحة .. )،وهو المستعمل في المملكة ودول الخليج، واستعمال هذا الأسلوب في غير المرافق الإدارية كـ " الاقتصادية، المهنية " يوجد في بعض البلدان كالعراق مثلاً، و بشكل واسع.< o:p></o:p>
ولكن هذا الأسلوب لا يساعد ـ على كل حال ـ في رفع كفاءة المرفق " الإداري، الاقتصادي، المهني " الإنتاجية؛ نظراً لما ينطوي عليه هذا الأسلوب من روتين وتعقيدات، لا تتفق وطبيعة هذه المرافق، وظروفها (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn38) . <o:p></o:p>
المبحث الثاني:< o:p></o:p>
أسلوب المؤسسات العامة.< o:p></o:p>
تعريف هذا الأسلوب هو: (مرفق عام مُنح الشخصية المعنوية؛ لتمكينه من الاستقلال في إدارته، وذمته المالية، عن السلطة الإدارية التي يتبعها، مع خضوعه لإشراف هذه السلطة، ورقابتها).< o:p></o:p>
أو (أشخاص عامة تتمتع بالشخصية المعنوية، تنشؤها الدولة؛ لإدارة المرافق العامة، ويمنحها القانون قدراً كبيراً من الاستقلال المالي والإداري، وهي صورة من صور< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
اللامركزية المرفقية) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn39) .<o:p></o:p>
وحدود هذا الأسلوب ممتدة، بحيث تشمل المرفق " الإداري، الاقتصادي، المهني، المالي، الثقافي، القومي،المحلي .. "، وله ميزات نجملها في النقاط التالية: < o:p></o:p>
1. الشخصية المعنوية، ويترتب عليه: < o:p></o:p>
أ ـ تُنشأ المؤسسة العامة استناداً إلى قانون يصدره المشرِّع لهذه الغاية.< o:p></o:p>
ب ـ تستقل المؤسسة تبعاً لذلك عن السلطة الإدارية التي تتبعها، من حيث< o:p></o:p>
( أن لها ذمة مالية مستقلة، لا تختلط إيرادات ومصروفات وديون المؤسسة بالشخص الإداري الذي تتبعه، ولا يعني هذا إنفكاكها عنه رقابياً).< o:p></o:p>
2. مبدأ التخصص، إذا كانت المؤسسات عبارة عن صورة من صور اللامركزية الإدارية، فالمؤسسات العامة التي تديرها المرافق تصلح أن تكون " لا مركزية مرفقية "، وهي إذن تمتاز عن " اللامركزية الإقليمية " بأنها أنشأت لتحقيق غرض محدد بالذات، لا تتجاوزه.< o:p></o:p>
3. خضوعها للقواعد العامة التي تحكم سير المرافق العامة، مثل " مبدأ دوام سيرها بانتظام، ومبدأ المساواة، ومبدأ قبول التعديل لقواعدها ".< o:p></o:p>
4. خضوع المؤسسة العامة لرقابة السلطة المركزية (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn40). <o:p></o:p>
مميزات هذه الطريقة: < o:p></o:p>
1. تخفيف خضوعها للوصاية الإدارية عليها، كما سبق.< o:p></o:p>
2. لها أن تضع نظاما قانونياً خاصاً لموظفيها.< o:p></o:p>
3. تتحرر من الروتين، وتتَّبع أسلوباً إدارياً يتفق مع طبيعة نشاط المرفق، وظروفه.< o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/57)
4. لا يوجد نظام موحد سارٍ على جميع المؤسسات، اللهم إلا في التنظيم القانوني، وذلك على النطاق الضيق أيضاً (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn41).<o:p></o:p>
ويمثل لهذا الأسلوب بـ " المؤسسة التعليمية، الاقتصادية، المالية .. ". < o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
المبحث الثالث: أسلوب الامتياز.< o:p></o:p>
المراد به (العقد الإداري الذي تلتزم بمقتضاه إحدى الشركات، أو أحد الأفراد بالقيام على نفقات المرفق، ويكون تحت مسؤوليته، من خلال أداءه خدمة عامة، نظير التصريح له بالحصول على الأرباح، واستغلال المشروع لمدة محددة) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn42) <o:p></o:p>
وأركانه ومميزاته تتضح من خلال التعريف في النقاط الآتية: < o:p></o:p>
1. التزام عقد إداري، وهو عقد ذو طبيعة خاصة، وفي المملكة العربية السعودية لا يجوز إبرامه إلا بصدور نظام يقرر ذلك؛ طبقاً للمادة (15).< o:p></o:p>
2. موضوعه إدارة مرفق عام، لا خاص.< o:p></o:p>
3. الالتزام بمدة محددة.< o:p></o:p>
4. تحمل النفقات والأخطار؛ تكون على عاتق المنفِّذ، ولا تتدخل الدولة هنا بتحمل شيئ من الأعباء، في حال حدث اختلال في التوازن، ينجم عن تغير الظروف الاقتصادية في الدولة؛ وذلك بهدف تمكين المرفق العام من الاستمرار في أداء خدمته للمنتفعين. < o:p></o:p>
5. أنه يتقاضى بنفسه عوضاً، على شكل رسوم، يحصل عليها من خلال الجمهور (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn43).<o:p></o:p>
أهم أبرز الصور النظامية لأحكام الامتياز في المملكة العربية السعودية: < o:p></o:p>
أ ـ امتياز التعدين: إذ يخول حامله الحق في إنتاج واستثمار كل أو بعض المعادن الموجودة في منطقة الامتياز، ولا يعطى أكثر من (50) كم2، وذلك لمدة لا تزيد عن (30) عاماً فقط.< o:p></o:p>
ب ـ امتياز المحاجر ومواد البناء: في استعمال استخراج المواد الفلزية، والصخور، وما في معناهما.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
ج ـ امتياز معامل التصنيع و امتيازات النقل: يهدف إلى بناء وتشغيل معامل التكرير، وخطوط الأنابيب .. < o:p></o:p>
د ـ أهم عقود امتياز النفط: مثل " عبر البلاد العربية، الشركة اليابانية، باسفيك وسترن كوريوريشن، الزيت العربية الإمريكية " (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn44).<o:p></o:p>
المبحث الرابع: أسلوب الاقتصاد المختلط.< o:p></o:p>
أو المسمى بـ " مشاطرة الاستغلال "، وهي (أن تقوم الدولة أو الشخص العام بالمشاركة في إقامة شركة اقتصادية، تكتتب برأس مالها مع الأفراد، أو الأشخاص المعنوية الخاصة، وتتخذ هذه الصورة مساهمة غالباً).< o:p></o:p>
وتخضع لقانون إداري، إذ يتم إنشاؤها بناءً على القانون المخول بإنشاء المرافق العامة.< o:p></o:p>
والفرق بين هذا الأسلوب وبين طريقة الامتياز، أن الفرد بالامتياز يحصل على الرسوم من الجمهور مباشرة؛ لنفسه، وهنا فيأخذ حقه من الدولة، فالدولة هنا هي المتحملة للأخطار، والتكاليف.< o:p></o:p>
ويمثَّل لهذا الأسلوب " شركة الكهرباء، شركة النقل العام الداخلي .. ) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn45) .<o:p></o:p>
الفصل الرابع: < o:p></o:p>
النظام الأساسي للمرفق العام< o:p></o:p>
( مبادئ المرفق العام) < o:p></o:p>
وفيه ثلاثة مباحث: < o:p></o:p>
المبحث الأول: انتظام سير المرفق العام.< o:p></o:p>
المبحث الثاني: تطور المرفق العام. < o:p></o:p>
المبحث الثالث: المساواة في الانتفاع بالمرفق العام. < o:p></o:p>
إن فكرة المرفق العام قائمة على هدف واحد وهو " نفع الأشخاص "، ولا يتم ذلك، بالشكل الصحيح إلا من خلال تطبيق المبادئ العامة الأساسية للمرافق، وهي على وجه التفصيل: < o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
المبحث الأول: انتظام سير المرفق العام.< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
وفيه أربعة مطالب:< o:p></o:p>
المطلب الأول: تحريم الإضراب.< o:p></o:p>
المطلب الثاني: تنظيم الاستقالة.< o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/58)
المطلب الثالث: نظرية الموظف الفعلي.< o:p></o:p>
المطلب الرابع: الظروف الطارئة.< o:p></o:p>
لما كانت المرافق العامة تؤدي خدمات جوهرية؛ ينظم الجمهور شؤون حياته من خلالها وعلى أساسها، كان لا بد من استمرار سير هذه المرافق بانتظام واطِّراد؛ حتى لا يدبَّ الخلل والاضطراب في حياة الناس حال تعطلها، وذلك مثل " انقطاع الكهرباء، والماء .. "، فلزم الاهتمام بهذا المبدأ، وجعله مقدماً على غيره، بل وأجمع القضاء والفقه على أهميته، وتأثير وجوده وعدمه على الناس طرداً وعكساً.< o:p></o:p>
وتتبين طريقة الانتظام من خلال:< o:p></o:p>
.. المطلب الأول: تحريم الإضراب.< o:p></o:p>
والمراد به (امتناع الموظفين أو المستخدمين العموميين عن عملهم، مع تمسكهم بوظائفهم)، ويلجأ الموظفون إلى مثل هذه الطريقة عادة إما إظهاراً لسخطهم على إجراءٍ، أو على عمل من أعمال الحكومة، أو لإرغامها على التراجع حيال موقفها لأمر معين، أو إجابةً لمطالبهم التي يريدونها منها. < o:p></o:p>
وهو عمل خطير إذ يشل حركة المرافق العامة، فلذا فإن الغالبية من الدول المحافظة، في موادِّها حرمت الإضراب، وذلك مثل " المملكة العربية السعودية في المواد من (189 ـ 192) من نظام العمل والعمال، والعراق، الأردن .. "، وخوَلت أمثال هذه الدول السلطة العامة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعه، وإيقاع العقوبات بحق الموظفين والمستخدمين المُضربين (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn46) .<o:p></o:p>
وبعض الدول الأخرى تجيز الإضراب من قبل الموظفين، مثل " فرنسا "، لكن في قرار مجلس الدولة في (7 تموز 1950 م) قرر أن إضراب الموظفين في مرفق عام؛ ولو كان< o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
يدار بطريق " الامتياز " هو عمل غير مشروع، فأعطى الحكومة الحق في إيقاع العقوبات، بل كان مبرراً لفصل البعض دون اتِّباع أي ضمانات (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn47).<o:p></o:p>
.. المطلب الثاني: تنظيم الاستقالة.< o:p></o:p>
ومعناه (إنهاء خدمة الموظف بناءً على رغبته، وهي حق له يقابل حقه في العمل)، ومع التسليم بأن الاستقالة حق له، إلا أنه لا يجوز استخدامه بصورة مطلقة، وإلا لأصبح المرفق العام مهدداً بالتوقف، ولذلك فإن الإدارة لها تنظيم استعمال هذا الحق، بما يتفق مع مصلحة المرفق العام، في مداومة قيامها بأداء وظيفتها في خدمة المجتمع (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn48) . <o:p></o:p>
أما عن أحكام استقالة الموظف المدني في المملكة، بناءً على المادة (30) الفقرة (1ـ3) من اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية، فهي: < o:p></o:p>
1. أن يقدم طلبه بنفسه؛ للتأكد بأنها صادرة من محض نفسه.< o:p></o:p>
2. كون الطلب مكتوباً.< o:p></o:p>
3. تقديمه لرئيسه مباشرة؛ لتقديره إمكانية قبولها أو رفضها.< o:p></o:p>
4. عليه الاستمرار في وظيفته حتى وقت قبولها (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn49).<o:p></o:p>
.. المطلب الثالث: نظرية الموظف الفعلي.< o:p></o:p>
هو (ذلك الشخص الذي يعترف القضاء بصحة تصرفاته في مجال المرفق العام، رغم أنه لم يعين تعييناً صحيحاً، لا يزال ساريَ المفعول في الوظيفة التي مارس اختصاصاتها).< o:p></o:p>
ففي الظروف الاعتيادية تعتبر الأعمال الصادرة عن الموظف الفعلي سليمة على أساس الأمر الظاهر، وذلك لضمان سير المرفق، وحماية المواطنين الذين قاموا بالتعامل مع هذا الموظف، بحسن نية؛ لعدم وضوح أمره.< o:p></o:p>
وفي الظروف الاستثنائية فيعمل عمله الآخرون، وذلك لأن في الظروف العادية يبرر عمل الموظف الفعلي بالاستناد إلى ظاهر الأمور، وفي الأمور الاستثنائية يبرر عمله استناداً إلى ضرورة تحقيق مبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام.< o:p></o:p>
وتعاملت المملكة العربية السعودية بهذا الأمر بما ورد في المادة (4) فقرة (8) من اللائحة < o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
التنفيذية لنظام الخدمة المدنية، وهي: < o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/59)
1. إذا اتضح أمر الموظف الفعلي قبل إكماله السن النظامية للتعيين، يطوى قيده، ويعتبر ما قبضه من راتب مكافأة نظير عمله، ويرد له ما استقطع من عائدات تقاعدية.< o:p></o:p>
2. وإن أكمل السن وهو قائم بواجبات وظيفته، يستمر في عمله، ومنذ إكماله تعتبر خدمته نظامية، و تبدأ فترة التجربة بالنسبة له، ولا يطالب باسترداد ما صرف له.< o:p></o:p>
فيظهر عدم الاعتراف بالموظف الفعلي إلا بعد بلوغ السن النظامي في المملكة العربية السعودية (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn50).<o:p></o:p>
.. المطلب الرابع: الظروف الطارئة.< o:p></o:p>
أنشأ هذا النظام مجلس الدولة الفرنسي، وذلك عقب نشوب الحرب العالمية الأولى، وذلك بناءً على قضية " شركة نمار " في مدينة برودو عام (1916م) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn51) .<o:p></o:p>
ومفادها أن ضرورات تسيير المرفق بشكل منتظم؛ تتطلب من المتعاقد مع الإدارة الاستمرار في تنفيذ التزاماته المنصوص عليها في العقد، حتى في ظل الظروف الطارئة على المرفق العام، والتي تجعل هذا التنفيذ مرهقاً، فيمكن للمتعاقد أن يطلب من المحكمة إعادة التوازن المالي للعقد؛ بالنسبة لصالحه، من خلال تعويض يُمنح للطرف المتضرر؛ وما ذاك إلا من أجل سير المرفق العام.< o:p></o:p>
فالتعويض منوط باختلال العقد أثناء التنفيذ، بفعل حادث استثنائي (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn52) .<o:p></o:p>
المبحث الثاني: تطور المرفق العام. < o:p></o:p>
أي أن إدارة المرفق يجوز لها التدخل في أي وقت لتعديل أو تغيير القواعد التي تحكم المرفق العام؛ حتى تتفق وتحقيق المصلحة العامة على أفضل وجه، إذ طبيعة تطور الحياة ومتطلباتها تقتضي أن تتابع السلطة العامة تحديث المرفق العام، وإدخال تعديلات عليه، وفقاً لما يستجد .. < o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
، نتيجة للتقدم العلمي، والتقنية الحديثة المصاحبة لها.< o:p></o:p>
وينطبق هذا المبدأ على جميع أنواع المرافق، سواء دِيرت بطريق الإدارة المباشرة، أو غير المباشرة.< o:p></o:p>
ولا يقف بوجه الإدارة في سبيل تعديل المرفق ادعاء الموظفين والعاملين به، بعدم اِحتياجه لذلك، خاصة إذا كان في تعديل المرفق تعديل لمراكزهم ومناصبهم؛ لأن الموظف في مركز تنظيمي (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn53) .<o:p></o:p>
المبحث الثالث: المساواة في الانتفاع بالمرفق العام. < o:p></o:p>
ومعناه (أن كل فرد من أفراد المجتمع يتساوى في تمتعه بالحقوق، والتزامه بالواجبات مع غيره من أقرانه في المجتمع، تجاه المرفق)؛ لأن الجميع أمام القانون سواء، لا يحظى أحد منهم بمزايا أو امتيازات أو استثناء دون بقية أفراد الجمهور.< o:p></o:p>
فمن توفر فيه شروط الانتفاع بالرفق، استحق الانتفاع منه، ومن مُنع منه إنما منع لأجل فقدان شرط منها.< o:p></o:p>
ويجوز التفرقة في الانتفاع بخدمات المرفق العام ـ وذلك لظرف ما ـ وِفق الظروف التي يحددها القانون.< o:p></o:p>
وهذه المساواة قد نودي بها في شريعتنا الغراء، وكانت من أساسيات قيام الله سبحانه بالقسط.< o:p></o:p>
ومن أمثلة المرافق التي لابد من توفر المساواة فيها (التعليم، الصحة، إعطاء الرخصة .. ) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn54) .<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p> </o:p>
<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<o:p> </o:p>
المراجع< o:p></o:p>
1. القانون الإداري ـ هاني علي الطهراوي ـ مكتبة دار الثقافة للنشر ـ ط1/عمّاَن سنة 1998م.< o:p></o:p>
2. أحكام القانون الإداري القسم العام ـ محمد باهي أبو يونس ـ دار الجامعة ـ سنة 1996م.< o:p></o:p>
3. القانون الإداري السعودي ـ السيد خليل هيكل ـ جامعة الملك سعود ـ ط1/ سنة 1994م.< o:p></o:p>
4. القانون الإداري في المملكة ـ جابر سعيد محمد ـ دار المؤيد ـ ط1/ 1421 هـ.< o:p></o:p>
5. القانون الإداري دراسة خاصة ـ نجيب بكير ـ مكتبة عين شمس ـ بدون.< o:p></o:p>
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/60)
6. المرفق المحلي دراسة مقارنة ـ منير شلبي ـ دار الفكر العربي ـ ط1/ سنة 1977م.< o:p></o:p>
7. القانون الإداري دراسة مقارنة الكتاب الأول ـ خالد خليل الظاهر ـ دار المسير للنشر ـ ط1/ سنة 1998م.< o:p></o:p>
8. القانون الإداري ـ ماجد راغب الحلو ـ دار المطبوعات الجامعية ـ 1987 م.< o:p></o:p>
9. الوجيز في القانون الإداري ـ سليمان الطماوي ـ عين شمس ـ 1974م.< o:p></o:p>
10. القانون الإداري ـ طعيمة الجرف ـ القاهرة ـ 1967م.< o:p></o:p>
11. القانون الإداري ـ مصطفى أبو زيد فهمي ـ الدار الجامعية ـ 1988م.< o:p></o:p>
12. الوجيز في القانون الإداري ـ مصطفى فهمي ـ المعارف ـ 1957م.< o:p></o:p>
13. مبادئ القانون الإداري ـ توفيق شحاته ـ دار النشر الجامعية ـ 1954 م. < o:p></o:p>
14. القضاء الإداري ـ مصطفى فهمي ـ اسكندرية ـ 1968م.< o:p></o:p>
15. القانون الإداري ـ سعاد الشرقاوي ـ النهضة العربية ـ 1984م.< o:p></o:p>
16. مبادئ القانون الإداري ـ ثروت بدوي ـ النهضة العربية ـ 1974م.< o:p></o:p>
17. القانون الإداري ـ ماهر جبوري ـ 1410 هـ.< o:p></o:p>
18. القانون الإداري السعودي ـ أنور رسلان ـ بدون ـ 1408هـ.< o:p></o:p>
19. الوسيط في القانون الإداري ـ محمد أنيس جعفر ـ مؤسسة المطبوعات التجارية ـ 1981م.< o:p></o:p>
20. القانون الإداري ـ عبد الغني بسيوني ـ الدار الجامعية ـ 1987م.< o:p></o:p>
21. القانون الإداري ـ وحيد فكري ـ بدون. < o:p></o:p>
<o:p></o:p>
<HR align=right width="33%" SIZE=1>* (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftnref1) بحث كتبه أخوكم / محمد بن علي البيشي، المعهد العالي للقضاء، قسم السياسة الشرعية، عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض، وقد حذفت الحواشي حفظاً لحوقي في الطبع، وأثبتُ المراجع فقط.(87/61)
هل يجوز المرور امام الشيعي وهو يصلي؟
ـ[بن غنيم الجهني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 10:59 م]ـ
وبالاخص في المسجد النبوي؟
ولكم جزيل الشكر
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[31 - 10 - 07, 01:10 م]ـ
إن كان من الشيعة الاثني عشرية أو الباطنية، فلا حرج في ذلك، فعباداتهم غير صحيحة فهي بحكم العدم، ولهذه المسألة شبه بمسألة الخطبة على الخطبة حيث التحريم مقصور على المسلم، أما الخطبة على خطبة الكافر فمباحة على الصحيح المنصوص عن الإمام أحمد.
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 05:19 م]ـ
وإن كنت لا تعلم
فالأصل إسلامه وله حق الأخوة في الدين إلا إذا تبينت
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 10:00 م]ـ
ربما يكون مالكيا ..
ـ[أبو ليا النجدي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 01:17 م]ـ
للضرورة أحكام
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[07 - 11 - 07, 04:19 م]ـ
وإن كنت لا تعلم
فالأصل إسلامه وله حق الأخوة في الدين إلا إذا تبينت
طبعا أخي العزيز فكيف سيحكم على بطلان صلاته إلا إذا كان على يقين أنه رافضي!!!.
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[10 - 11 - 07, 02:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
في كلمة مختصرة أقول وبالله التوفيق
كل المسلمين الذي أسلموا وجههم لله تتساوى ذممهم لا فرق بين هذا أو ذاك، ومن لا تجوز التفرقة بينهم، والله وحده الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فنحن نحكم على الظهائر والله يتولى السرائر. قال الله تعالى: وأن هذه أمكتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون.
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[10 - 11 - 07, 03:41 م]ـ
أخي رشيد .. هل تقصد أن الروافض مسلمون؟
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[10 - 11 - 07, 04:23 م]ـ
الصورة في المسجد النبوي واضحة, وذلك أن أغلب الروافض يصلون في ممرات التوسعة عن شرق وغرب البناء الذي قبل التوسعة الأخيرة, وهم يتقصدون هذا المكان من أجل ألا يصلوا على البسط, وبذلك يتميزوا عن أهل السنة لا سيما مع كونهم يرسلون, وأما إن وجد بعض المالكية ممن يرسل فلا يشتبه بهم, لأنهم لا يتقصدون الصلاة في البلاط, وإن وقع ذلك اتفاقا فهو نادر, فأغلب الناس يحرصون على البسط بعكس الروافض
يبقى هل كل أولئك الروافض اثنا عشرية؟؟ وما نسبة غيرهم فيهم؟؟
وهناك من يزعم أن الانتساب لهذه الطائفة المشركية لا يلزم منه التلبس بكل ما هم عليه, فهناك عوام (مع الخيل يا شقرة) كما يقال ولا يلزم أن تقوم بهم اعتقادات الاثنا عشرية كلها, والأصل في الأمور العدم, واليقين لا يزول بالشك
فالأمر يحتاج نظر ..
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:45 م]ـ
للرفع
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[15 - 11 - 07, 02:14 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
في كلمة مختصرة أقول وبالله التوفيق
كل المسلمين الذي أسلموا وجههم لله تتساوى ذممهم لا فرق بين هذا أو ذاك، ومن لا تجوز التفرقة بينهم، والله وحده الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فنحن نحكم على الظهائر والله يتولى السرائر. قال الله تعالى: وأن هذه أمكتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون.
ألحكم على ظاهر الأمر نعم هذا صحيح ....
فانظر إلى ظاهر أمر الشيعة،
اليسوا يكذبون الله تعالى في سب الصحابة والله يثني عليهم .... ؟ بل وينالون من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهذا الخميني يقول في خطبة له:أن السبب في الفرقة بين المسلمين أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يبلغ الدين كما ينبغي) بل كذب عدو الله الخميني فالله يقول قبل وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بزمن (أليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لك الإسلام دينا) المائدة.
أليسوا يقولون بأن القرآن يقع عليه التحريف والتبديل، والله تعالى يقول إنه محفوظ؟؟
أليسوا يقولون بالبداءة والله يقول أنه عالم الغيب والشهادة؟؟
أليسوا يقولون أن الله يحل في آل البيت وأنهم معصومون ... والله يقول إنه على عرشه استوى؟؟
أليسوا يتولون الكفار والله يقول "ومن يتولهم فإنه منهم" وإلا غرك خطب أبطال الميكرفونات؟؟.
أليسوا يحاربون الحق ويقتلون أهل الإسلام على الهوية؟؟ الآن كما نسمع القتل في العراق على الهوية، جيش المهدي الصدري يذبح المسلمين في المساجد خاصة؟؟ حتى يقال أن المساجد أصبحت خاوية من المصلين ... !
قد تقول أأنت سمعتهم يقولون ويفعلون ذلك، أقول لك إن هذا في أصولهم ودوواينهم المعتمدة إرجع إلى كتاب الكافي و ... و ........... وعن أخبار القتل فقد تواترت الأخبار عن ذلك ....
أليسوا يبطلون الأحكام الشرعية، فلا جمع ولا جماعات؟؟
أليسوا يبيحون الزنا والشذوذ بكافة أنواعه ..... ؟؟
وهذا هو مبتغاهم منذ تأسيس هذا المذهب الشيطاني، على يد عبد الله بن سبأ وغيره، يريدون ابطال الإسلام بالكامل بالقول أن القرآن وضعه الصحابة بأيديهم (حيث على زعمهم أن المصحف الحق هو مصحف فاطمة رضي الله عنها وهو مختفي مع العسكري الغائب في السرداب؟؟) فالقرآن الحق -حاشى لله، مختفي، وحلقة الوصل بين الناس والنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم قد غيروا وبدلوا-حاشى لله- فالحق الأصلي على زعم ألرافضة -ضائع، إلى أن يظهر الذي في السرداب!!!
فافعل ما شئت ..... والحق الوحيد الثابت الباقي هو حب آل البيت (طبعا مع أحفادهم الموجودون حاليا: الصدر وحسن نصر الله وخامئني و و وو) - فالمذهب شيطاني شرير بشكل لا يوصف وهؤلاء يحرمون ويحلون ويغفرون كما شاؤوا (فعبدهم الشيعة من دون الله) والعياذ بالله حتى تجد غاية منى الشيعي أن يقبل أرجل مثل هؤلاء الشياطين ....
أليسوا يقولون إن الحج إلى كربلاء والنجف أفضل من الحج إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي؟؟
فأي كفر بعد هذا؟؟؟
ثم ما الغرابة بذلك فقد ثبت مستفيضا في الكتاب والسنة أن أناسا يرتدون عن الحق، وفي عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حصل ذلك .........
وأخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحديث (تفرق أمتي ... ) وغيره أن أناسا يفترقون ويرتدون .... فما وجه الغرابة في أن الشيعة كفار مرتدون ........ ؟؟
هذا اختصارا وبسرعة شديدة ....
والله أعلم والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/62)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[15 - 11 - 07, 03:11 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
) صورة في المسجد النبوي واضحة, وذلك أن أغلب الروافض يصلون في ممرات التوسعة عن شرق وغرب البناء الذي قبل التوسعة الأخيرة, وهم يتقصدون هذا المكان من أجل ألا يصلوا على البسط, وبذلك يتميزوا عن أهل السنة لا سيما مع كونهم يرسلون, وأما إن وجد بعض المالكية ممن يرسل فلا يشتبه بهم, لأنهم لا يتقصدون الصلاة في البلاط, وإن وقع ذلك اتفاقا فهو نادر, فأغلب الناس يحرصون على البسط بعكس الروافض
يبقى هل كل أولئك الروافض اثنا عشرية؟؟ وما نسبة غيرهم فيهم؟؟)
الرافضة يعرفوا من أشكالهم
وأما كونهم من الإمامية نعم هم من الإمامية
وهناك طائفة الإسماعيلية والبهرة من الهنود وغيرهم (ولهم لبس مميز)
وهولاء أسوء من الإمامية كما لايخفى
بقي الزيدية من فرق الشيعة والزيدية نسبتهم قليلة جدا (أقصد في المسجد النبوي)
وهم من أهل اليمن
ومعروف تميز الزيدية عن فرقة الإمامية
فأكبر نسبة من الشيعة هم الإمامية
فالرافضي معروف وأهل الخبرة لا يخفى عليهم الرافضة
ومع أن الرافضة أشكالهم مميزة فأعطيكم شيء مميز للرافضة لا يفعله غيرهم
الجهر بالبسملة في الصلاة السرية
(باب استحباب الجهر بالبسملة في محل الإخفات وتأكده للإمام)
وأما
ومنها وهذا قد يفعله غيرهم (أقصد رفع اليدين ولكن أمرهم مختلف كما سيأتي بيانه
القنوت ورفع اليدين في كل صلاة
جاء في كتب الإمامية
((وَيُسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ) اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا، بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ (عَقِيبَ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ) فِي الْيَوْمِيَّةِ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهَا عَدَا الْجُمُعَةِ فَفِيهَا قَنُوتَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْأُولَى قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَالْآخَرُ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَهُ، وَالْوَتْرُ فَفِيهَا قُنُوتَانِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، وَقِيلَ يَجُوزُ فِعْلُ الْقُنُوتِ مُطْلَقًا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، وَهُوَ حَسَنٌ لِلْخَبَرِ، وَحَمْلُهُ عَلَى)
طبعا إذا اجتمع الجهر بالسملة مع القنوت في السرية فهذا هو الإمامي
والله أعلم
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[15 - 11 - 07, 03:40 ص]ـ
أكثر ما يأتون إلى الديار المقدسة لا لحج ولا عمرة وإنما لزيارة القبور
والله أعلم والله الموفق.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[15 - 11 - 07, 04:09 ص]ـ
نحن نتحدث عن الأثني عشرية أو الأمامية أو الجعفرية، فهذه كلها فرقة واحدة وهي المقصودة إذا أطلق اللفظ بـ (الرافضة). هذا على حد علمي.
أما غيرهم فحدث ولا حرج، فالعلوية والنصيرية يعبدون علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وهم أقبح من أن يوصف بهم القبح والعياذ بالله .. والأسماعيلية لا يوصف قبحهم ...
وأكثر ما يميز فرقهم هذه الأباحية المطلقة والعياذ بالله أي مثل البهائم. وإذا تيسر لهم رجل من (آل البيت) لنسائهم، فتلك ضربة حظ رهيبة قد أصابتهم العام ...... (رضي الله عن آل البيت الحقيقيون). (آسف .. ربما يتقزز بعض الأخوة أو الأخوات من هذه الألفاظ، ولكن هذه هي الحقيقة ... ).
أما العبيدية -وقد حكموا مصر في العصور الغابرة فيجوزون نكاح المحارم. (وهي عادة قذرة كانت منتشرة عند المجوس) وقد أمر عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - واليه هناك (عتبة بن فرقد) بالتفريق بين كل ذا محرم من المجوس ....
أما الدروز، فاختاروا -والعياذ بالله - الخروج طواعية من الأسلام، ودينهم سري لا يتعلمه منهم إلا من بلغ حوالي ألأربعين من العمر ويعبدون العز لدين الله الفاطمي، من دون الله. والأباحية عندهم فظاعات ...
وأما البهائية فيعبدون البهاء (واختاروا ترك الإسلام بأنفسهم) وقبلتهم عكا (أرض البهجة عندهم) ويقدسون اليهود ويرون أن تفضيلهم على الناس أبدي .. إضافة إلى ألأباحية. وخرجوا من الأسلام (وفي مصر الآن يستنكرون أن يكتب لهم في الهوية:الديانة: مسلم -ويعملوا مظاهرات واحتجاجات كثيرة لذلك ... ) ....
أما الزيدية فالذي أعرفه أنهم لا يختلفون عن الإمامية كثيرا، ولكن يقولون أن أبو بكر وعمر لم يتوثبا على الخلافة (أي لم يأخذوها بالقوة) ولكن بالإتفاق مع علي رضي الله عنهم جميعا. وذلك لأنهم كانوا أكثر قبولا عند المسلمين من علي.
ولهم قبائح أيضا، ومعاملات مضحكة ....
وكل هؤلاء وباقي فرق الشيعة، ينظرون إلى أهل السنة والجماعة المتبعون للصحابة، أنهم عدوهم الأول الذي يجب اجتثاثه والقضاء عليه، وإراحة العالم من إفسادهم!!!!!
وقال تعالى: (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) غافر.
هذا والله أعلم والله ولي التوفيق ....
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[16 - 11 - 07, 12:33 م]ـ
ومنهم المنصورية، وقد روى ابن ابي يعلى في طبقات الحنابلة عن أحمد بن محمد بن جعفر الفارسي الأصطخري أن الإمام أحمد قال عنهم:
"والمنصورية وهم رافضة من الروافض وهم الذين يقولون من قتل أربعين نفسا ممن خالف هواهم دخل الجنة وهم الذين يخيفون الناس ويستحلون أموالهم وهم الذين يقولون أخطأ جبريل عليه السلام بالرسالة وهذا هو الكفر الواضح الذي لا يشوبه إيمان فنعوذ بالله منهم."
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/63)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[16 - 11 - 07, 12:38 م]ـ
وقال الإمام أحمد عن الزيدية:
(و الزيدية وهم رافضة وهم الذين يتبرؤون من عثمان وطلحة والزبير وعائشة ويرون القتال مع كل من خرج من ولد علي برا كان أو فاجرا حتى يغلب أو يغلب.)
أنظر طبقات الحنابلة -ترجمة أحمد الأصطخري (نفس المذكور في المشاركة السابقة).
ومع ذلك نجد من عوام السنة الآن من يبريء الزيدية ويقول هم من أهل السنة.(87/64)
عبارة أعياني فَهمها
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[31 - 10 - 07, 05:44 م]ـ
تكلم ابن القيم رحمه الله عن أصول مذهب في كتابه الممتع "أعلام الموقعين"، وذكر فيما ذكر هذه العبارة التي أعيتني
قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُفْتِي بِمَا لَمْ يَسْمَعْ، قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ أَفْتَى بِفُتْيَا يَعِي فِيهَا قَالَ: فَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ أَفْتَاهَا، قُلْت: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يُفْتِي حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا؟ قَالَ: يُفْتِي بِالْبَحْثِ، لَا يَدْرِي أَيْشٍ أَصْلُهَا.
تنبيه هذه العبارة [أَفْتَى بِفُتْيَا يَعِي] في كتاب [أفتي بِفُتْيَا يعلم فيها]
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[31 - 10 - 07, 06:20 م]ـ
للرفع
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 10:25 م]ـ
تكلم ابن القيم رحمه الله عن أصول مذهب في كتابه الممتع "أعلام الموقعين"، وذكر فيما ذكر هذه العبارة التي أعيتني
قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُفْتِي بِمَا لَمْ يَسْمَعْ، قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ أَفْتَى بِفُتْيَا يَعِي فِيهَا قَالَ: فَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ أَفْتَاهَا، قُلْت: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يُفْتِي حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا؟ قَالَ: يُفْتِي بِالْبَحْثِ، لَا يَدْرِي أَيْشٍ أَصْلُهَا.
]
معناه والله أعلم
(وسألته عمن أفتى بفتيا يعي)
أي يجهل ويخفى عليه الجواب فيها
(فقال) أي الإمام أحمد
(فإثمها على من أفتاها)
أي إثم هذه الفتوى الخاطئة على المفتي وليس المستفتي
(قلت) أي قال ابن هانئ
(على أي وجه يفتي حتى يعلم مافيها)
أي إذا كان الإنسان لا يفتي إلا فيما يعلم فكيف يتحصل له العلم
(قال) أي الإمام أحمد
(يفتي بالبحث)
أي يحصل له العلم بالبحث والتروي
(لا يدري ايش أصلها)
أي ولِمَ لا يبحث وهو لا يدري ايش أصل المسألة ولم تمر عليه
هذا ما ظهر والله أعلم
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 10:27 م]ـ
ومن التوافق أنك استخدمت لفظة (أعياني) في سؤالك وهو الوارد في سؤال ابن هانئ هذا من التوافق
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 10:39 م]ـ
(عَيَّ يَعَيّ) و (عَيِيَ يَعْيَا)، مثل (حَيَّ يَحَيّ) و (حَيِيَ يَحْيَا)، قال ابن مالك:
وحَيِيَ افكك وادّغم دون حذر .......... كذاك نحو تتجلى واستتر
ومعذرة على التكلم بين يدي شيخنا المقرئ.
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[01 - 11 - 07, 12:46 م]ـ
معناه والله أعلم
(وسألته عمن أفتى بفتيا يعي)
أي يجهل ويخفى عليه الجواب فيها
(فقال) أي الإمام أحمد
(فإثمها على من أفتاها)
أي إثم هذه الفتوى الخاطئة على المفتي وليس المستفتي
(قلت) أي قال ابن هانئ
.........
بارك الله فيك وعليك وحولك ولك
وهذا ما يمكن فهمه من الفحوى
لكن ألا ترى أن العبارات لا تفي بذلك؟!
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 11 - 07, 01:57 م]ـ
بارك الله فيكم وشكرا على دعائكم
لابد أن تفرق بين كتب التأليف وكتب الدارسة والحوار، ولأجل أن تتأكد من هذا اقرأ تفريغا لحوار وأسئلة شفهية ثم اسمع هذه الأسئلة من الشريط سترى أن التفريغ لايفي عن السماع
فأسلوب الخطاب له أثر في فهم الجملة وهي مالا يمكن أن توجد في التفريغ
فمثلا قول الإمام أحمد (يفتي بالبحث لايدري ايش أصلها) كيف تتخيل طريقة لفظها من الإمام وهل هو ما فهمته من قراءة الكلام؟ كلا
فقراءة المسائل للإمام أحمد يجب استحضار هذا المعنى كثيرا كثيرا فهو ليس بمؤلف قد اختيرت ألفاظه بعناية كما المؤلفات بل هو مسائل
أرجو أن أكون قد وضحت المراد
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[01 - 11 - 07, 02:12 م]ـ
ازددت في نظري احتراما(87/65)
هل العادة السرية داخلة تحت هذا الحديث
ـ[الدميني]ــــــــ[31 - 10 - 07, 10:46 م]ـ
قال صلى الله عليه و سلم: (ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم في كتابه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن ينسى شيئا وما كان ربك نسيا) رواه الحاكم بإسناد صحيح.
ولم أعلم دليلاً من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرم العادة السرية أو يتحدث عنها
وهي ليست من النوازل الفقهية الحديثة بل ولا شك أنها كانت موجود على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرد ذكرها
أعرف أن الموضوع قد طُرح من قبل ولكن هذه المرة نرجو مناقشته من هذا الباب ومن هذه الناحية وعدم إهمالها
فكيف يمكن القول وبصريح العبارة أنها "حرام"!
يمكن أن نقول بالكراهة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الحث على الزواج: ( ... فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فتكون ممن يثاب تاركها ولا يعاقب فاعلها
هذا ولا شك عندي أنها حرام إذا ما أدت إلى أمور منكرة كمشاهدة الصور أو المقاطع الخليعة أو التفريط بالفرائض ونحو ذلك أو كانت ذات ضرر على شخص ما فهي بذلك كسائر المباحات والمكروهات إذا أدت إلى منكرات
وبالنسبة لكونها تفطر أو لا تفطر فهذا ما يقبل فيه إجتهاد العلماء لوجود الإنزال في ذلك مع ميلي للقول الذي يقول بأنها لا تفطر ولكن يلحقه إثم في ذلك لأن العادة السرية شهوة ولكنها ليست شهوة الجماع فيكون آثم مجروح الصيام ولكنها لا تفطر , والله أعلم
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يدع قول الزور أو العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فالقول بأن الكذب والغيبة والنميمة ونحوها تفطر ويلزم صاحبها القضاء أولى من القول بأن العادة السرية تفطر لوجود الدليل الصريح بالأول وفقدانه في الثاني ومع ذلك فهم لا يقولون بهذا بل يقولون أنها أمور تجرح الصيام ويأثم صحابها ولكنها لا تفطر ولا يلزم فيها القضاء
أرجو من مشايخنا وطلبة العلم تصويبي إن كان في كلامي خطأ وأرجو عدم إيراد أقوال العلماء لأنا نعرفها ولا حاجة للإعادة فهم على طرفين وكل سيتمسك بما يميل إليه ولكن نريد الكلام حسب أصول الفقه بناء على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 11 - 07, 01:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله،،،
أما بعد، فتقول أخي العزيز إنك لا تعلم دليلا على تحريم العادة السرية .... !!!
والدليل موجود وثابت على التحريم، فمن كتاب الله تعالى، قال تعالى:
"واللذين هم لفروجهم حافظون *إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" المؤمنون. ألآيات 5 - 7
فمن أراد الشهوة على غير الأزواج أو ملك اليمين فهو من العادين
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي شبابا لا نجد شيئا، فقال لنا رسول الله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء" صحيح البخاري.
وقد كانت تبلغ الحاجة إلى النساء ممن هو أفضل من منا من الصحابة مبلغا عظيما، حتى أنهم قالواو فعن سعد بن أبي وقاص قال: رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا" صحيح البخاري.
وفي رواية في صحيح البخاري، عن أبي هريرة أن النبي أجاز له الإختصاء: فعنه قال: "فقال النبي "يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاقي فاختصي على ذلك أو ذر" صحيح البخاري.
(هذا في عجالة سريعة وربما تكون هذه الأحاديث متفق عليها أي عند مسلم أيضا لأن أسانيدها متفق عليها عند الجميع فهي إمام عن إمام ....... )
ومع هذه الدرجة فلم يأذنلهم مع الحاجة الشديدة، ولأن الشهوة إذا بلغت بالرجل مبلغا، تمنع تفكيره بأي شيء آخر وتصبح آفة عظيمة ومع ذلك لم يسألوا هم ذلك ولم يرخص لهم بها مع أن إخراج الإنسان شهوته بيده، -حسب ما أتصور- معروفة منذ أقدم الأزمان ..... وجتى أنه رخص لهم بالأختصاء وهو إزالة عضو الذكورة أو تعطيله نهائيا!!!
كما الآية التي ذكرت أعلاه تقصر إخراج الشهوة الحلال فقد على الأزواج وملك اليمين. أما ما وراء ذلك فهو حرام .........
ومن المفاسد الهائلة لهذه العادة السيئة، غير الأمراض، أنها تسد حاجة الشاب بذاته فيستغني عن الزواج والستر على بنات المسلمين .............
فتكثر العنوسة ...............
وهذا يشبه انتشار الفاحشة والعياذ بالله كما هو حاصل هذا الزمان وهي من علامات الساعة ....
وهذا كثر في الآونة الأخيرة كما نرى ..............
أما في زمان الصحابة والتابعين وأسلافنا عموما فالرجل ربما يتزوج وهو أبن 15 عاما أو أقل!! وكذلك البنات , وقال الشافعي أنه رأى في اليمن جدة وهي أبنة أحدى أو أثنان وعشرين عاما!!
وكانت المرأة التي تطلق أو تترمل لا تمكث طويلا حتى تنكح ................
وربما يتم التعريض بخطبتها وهي في العدة ........... !! وقد أجاز الله ذلك والحمد لله.
فأين نحن من هذا بارك الله بك أخي؟؟؟
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
والله أعلم والله ولي التوفيق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/66)
ـ[الدميني]ــــــــ[01 - 11 - 07, 02:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
هذا الدليل ليس بصريح بل بالعكس هو بعيد جداً فالتعدي بالآية يكون من جنس ما لا لوم علينا فيه كالزنا واللواط _ نعوذ بالله منهما _ والإمام الشوكاني رحمه الله يقول بهذا وينفي الإستدلال بهذا الدليل على تحريم العادة السرية ولا يمكن إلزامنا به
وغير صحيح طبياً أن للعادة السرية مضار أو عوائد سيئة وقد بينت في مقالي السابق أنها إن كانت تعود بالضرر على شخص ما فهي حرام كسائر المباحات والمكروهات إن أدت إلى مثل ذلك
وأيضاً غير صحيح أنها تسد حاجة الشاب لأن الرجل بطبعه يميل إلى المرأة والعادة السرية مجرد إخراج شهوة أما الجماع الشرعي فهو نتاج غريزة وحب وإشتراك وهذا أمر غير مشاهد في المجتمع ولا أثر له
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالإختصاء هو دليل لنا وليس علينا فالعادة السرية لا تقوم مقام الجماع وليست مثله لذا فهي ليست بكافية قضاء الوطء والشهوة لا تكون إلا بجماع بين رجل وامرأة والعادة السرية ليست إلا عبث بالأعضاء التناسلية _ بطريقة أو بأخرى _ لإخراج الشهوة
وقولك أن العادة السرية تسد حاجة الشباب يلزمك بالقول أن الإحتلام يسد حاجتهم أيضاً وهذا ليس بصحيح
وللفائدة:
فإن القول بالكراهة هو قول للحنابلة وينسب لبعض الصحابة
وهناك من يقول بالإباحة من التابعين ومن الفقهاء ولا يخفاكم أن ابن حزم والشوكاني مع هذا القول
فأنا هنا لا أطرح رأي جديد أو إجتهاد شخصي بل أنا مسبوق فيه , والأمر واسع ولا دليل عليه فكيف تحكمون على الناس بالإثم وتقولون بالتحريم على شيء لا دليل عليه وهذا لا بأس إن اجتهد وتأول الآية السابقة ولكن لسنا بملزومين أبداً بالأخذ بذاك القول وخصوصاً إن ترجح لدينا غيره
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 11 - 07, 05:23 م]ـ
بسم الله والصلاة على رسول الله،،
أما بعد أخي فالآية فيها الدليل القاطع على أنه لا يجوز إخراج الشهوة إلى بنكاح الأزواج وملك اليمين!!!.
فعلى الأصل الذي تبني عليه، إذن لا دليل في الآية على تحريم نكاح البهائم!! لأن البهائم لسن من بني آدم، ولا يقمن مقام الأزواج؟؟ أليس كذلك؟؟
وفعلا هناك أناس ينكحون البهائم، فلا تستغرب ذلك!!
وقول الأطباء ليس موحدا في هذا المجال أبدا فمنهم من يقول بالضرر وهو الأكثر (على حد ما تجمع في ذهني من معلومات عن هذه العادة) وهذا أنت تقول أن منهم من يقول بعدم الضرر .... (وعدم وجود ضرر دليل لنا وليس علينا، لأن ما كان خاليا من الضرر فالله تبارك وتعالى أباحه لنا، وهذا نص عليه علماء الأصول محتجين بقوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما أثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما) البقرة ولذلك حرما. فلو كانت العادة السرية خالية من الضرر لنص عليها بالأباحة صريحا مع الحاجة الشديدة إليها إلى درجة أنهم هموا بالأختصاء .....................
لكن قول الأطباء لا يهمنا مع ثبات النصوص من الكتاب والسنة ..
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فعليه بالصوم فهو له وجاء) دل على عدم وجود طريق آخر ....
وطلب الأختصاء أيضا فيه دليل قاطع على تحريم العادة السرية، لأن أي رجل يعلم أن الأحتلام مثلا أو خروج هذه الشهوة يريح الإنسان ولو لأجل ....
فلم يؤمروا بالعادة السرية لأنها على كل حال أفضل من الأختصاء لو كانت حلالا. ولأن في الأختصاء مفاسد عظيمة على الشخص وعلى المجتمع. وحيث سيقابل الأختصاء حالات عنوسة عند الأناث، والرجل نفسه سيحرم مما أعطاه الله من المتعة الحلال، ومن الذرية أيضا!! والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرحم بنا من أنفسنا، ويقول تبارك وتعالى:
(لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) (التوبة -ألآية قبل الأخيرة)
ومع ذلك كله لم يؤمروا بهذه العادة .... دليل على أنها حرام ... ..
أما قولك بما تفضل به أمامنا الشوكاني رحمه الله، فكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب ذلك القبر الذي في المدينة المنورة صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ..
والله أعلم.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[01 - 11 - 07, 07:12 م]ـ
ومن قال لك -أخي الغالي الدميني- أن النصوص الشرعية لا بد أن تكون صريحة كلها؟!
فلماذا أحال الله تعالى المؤمنين ليرجعوا إلى أهل الذِّكر فيسألوهم؟!
ونفي الضرر عنها مطلقاً خطأ .. فلها أضرارها على من يدمنونها أخي .. فهي تضعف القوة وتوهن البدن والفكر بالمقام الأول.
وانظر في مسألة كونها مفطرة الرابط التالي: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24162&highlight=%ED%CF%DA+%D8%DA%C7%E3%E5+%E6%D4%D1%C7%C 8%E5+%E6%D4%E5%E6%CA%E5
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 11 - 07, 08:02 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا يوسف التواب، أنت دائما تسعفنا بحفظك وقولك ....
بارك الله بك وأحسن إليك وتبوأت من الجنة منزلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/67)
ـ[الدميني]ــــــــ[01 - 11 - 07, 08:43 م]ـ
بارك الله فيكما ,,,
حتى لا نشتت الموضوع سأطرح بعض النقاط:
1_ كون العادة السرية موجودة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وسكوت الشارع الحكيم عنها أمر لا يمكن إهماله.
2_ الأصل في العادة السرية عندي الكراهة لأن من تركها وإلتزم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم وهي الصوم كان على أجر وثواب وسيرى النتيجة المرضية لذلك
وقد تكون محرمة في حالات منها إذا جلبت ضرراً _ لذا لا حاجة لطرق هذا الأمر فإن علم الشخص أنها ترجع عليه بالضرر كانت محرمة بالنسبة له _
3_ العادة السرية لا يشترط فيها التعليم بل يكتشفها المرء بنفسه وقد يستمر عليها مدة وهو لا يعلم عما يمارسه شيئاً وهي منتشرة بين جميع الناس ولا تترك إلا بعد مدة تديناً أو تعففاً أو لعدم الحاجة لها بسبب زواج ومع ذلك لا نرى في الناس تلك الأمراض التي يشنعها البعض علينا.
الأخ الكريم / أبو عامر
العادة السرية ليست وطئاً!
لذا فهي لا تشترك مع النكاح سواءً النكاح الشرعي أو الزنا أو اللواط أو نكاح البهائم
كما أن الزنا واللواط ونكاح البهيمة أتى النهي عنها وتحريمها في أدلة شرعية صريحة وهذا الأمر غير موجود بالعادة السرية
وقد بينت في النقاط السابقة أن الأمر بالصوم في حديث الحث على الزواج هو ما جعلني أميل لمن قال بالكراهة فهو لم ينهاهم عن ممارسة العادة السرية بل أخبرهم و أوصاهم بالطب النبوي الذي لا ينطق على الهوى ولا شك أن الخير في إتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لا لوم على من مارس العادة السرية أو غلبته شهوته مرة أو أكثر ولا إثم عليه لعدم وجود الدليل
وبالنسبة للإختصاء فالرد عليه من وجوه:
أولاً: أن الشريعة لم تنهى عن العادة السرية
ثانياً: أن الصحابة ولا شك يعلمون بأمر العادة السرية
لذا فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس بحاجة لذكر ما هو معروف فهم لم يأتوه إلا طلباً للدواء والحل فأجابهم بذلك الجواب
وإستدلالك بهذا الحديث غريب جداً هل تقول بأن العادة السرية أسوء من الإختصاء مع ما قلت من مفاسدها الشرعية؟
ومن سبقك من أهل العلم بهذا القول؟
الأخ / أبو يوسف
لا أشترط أن تكون صريحة بل على الأقل تقبل التأويل أو يقويها أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي
أما الآية فالناظر المتجرد لا يجد لوماً على من قال لا يلزمني إجتهاد من استدل بهذه الآية
وجزاك الله خيراً على الرابط المفيد
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 11 - 07, 10:36 م]ـ
أخي العزيز، بارك الله بك وجزاك الله خيرا
أنا لا أقول أن العادة السرية أسوأ من ألإختصاء، بل أقول أن الأسوأ هو الإختصاء و أقول أذا كان العنت بلغ بهم درجة طلب الإختصاء (عن سعد بن أبي وقاص 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: "رد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا" البخاري. فأقول لو كانت العادة السرية حلالا لما بلغ بهم حد طلب الترخيص بالإختصاء. لأن في العادة السرية تخفيف على الإنسان بإخراج مادة الشهوة من تلك الطريق، أليس كذلك أخي الكريم؟؟.
وأقرأ قول ابن قدامة وغيره على الرابط الذي ذكره أبو يوسف جزاه الله خيرا.
والله ولي التوفيق
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[01 - 11 - 07, 10:51 م]ـ
باختصار شديد:
العادة السرية ثبت ضررها طبياً بلا شك.
فهي داخلة في عموم ((لا ضرر ولا ضرر)) وغيرها من النصوص المماثلة.
فلا تدخل في عموم حديث ((وما سكت عنه ... )).
وبالله التوفيق.
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[02 - 11 - 07, 01:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال صلى الله عليه و سلم: (ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم في كتابه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن ينسى شيئا وما كان ربك نسيا) رواه الحاكم بإسناد صحيح.
ولم أعلم دليلاً من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرم العادة السرية أو يتحدث عنها
وهي ليست من النوازل الفقهية الحديثة بل ولا شك أنها كانت موجود على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرد ذكرها
أعرف أن الموضوع قد طُرح من قبل ولكن هذه المرة نرجو مناقشته من هذا الباب ومن هذه الناحية وعدم إهمالها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/68)
فكيف يمكن القول وبصريح العبارة أنها "حرام"!
يمكن أن نقول بالكراهة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الحث على الزواج: ( ... فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فتكون ممن يثاب تاركها ولا يعاقب فاعلها
هذا ولا شك عندي أنها حرام إذا ما أدت إلى أمور منكرة كمشاهدة الصور أو المقاطع الخليعة أو التفريط بالفرائض ونحو ذلك أو كانت ذات ضرر على شخص ما فهي بذلك كسائر المباحات والمكروهات إذا أدت إلى منكرات
وبالنسبة لكونها تفطر أو لا تفطر فهذا ما يقبل فيه إجتهاد العلماء لوجود الإنزال في ذلك مع ميلي للقول الذي يقول بأنها لا تفطر ولكن يلحقه إثم في ذلك لأن العادة السرية شهوة ولكنها ليست شهوة الجماع فيكون آثم مجروح الصيام ولكنها لا تفطر , والله أعلم
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يدع قول الزور أو العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فالقول بأن الكذب والغيبة والنميمة ونحوها تفطر ويلزم صاحبها القضاء أولى من القول بأن العادة السرية تفطر لوجود الدليل الصريح بالأول وفقدانه في الثاني ومع ذلك فهم لا يقولون بهذا بل يقولون أنها أمور تجرح الصيام ويأثم صحابها ولكنها لا تفطر ولا يلزم فيها القضاء
أرجو من مشايخنا وطلبة العلم تصويبي إن كان في كلامي خطأ وأرجو عدم إيراد أقوال العلماء لأنا نعرفها ولا حاجة للإعادة فهم على طرفين وكل سيتمسك بما يميل إليه ولكن نريد الكلام حسب أصول الفقه بناء على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخي الدميني هذا ما اعتقده في هذه المسألة منذ مدة، ولكن لو سألني أحد هل يجوز لي الإستمناء دون أن أستعمل الصور والأفلام الخليعة، ولا أنظر الى ما يثير شهوتي أو أي شيء حرام، لقت له لا تفعل، لسببين:
أولا: أنها تقدح في المروؤة.
ثاني: الوسواس الذي تجلب للإنسان، فإن أهل هذا البلاء يشتكون من الوساوس التي تعرقل معيشتهم وتضنكها. ولتلك الوساوس أسبابا منها الندم، والحسرة، ولوم النفس بعد الإنتهاء من اقترافها، وسأل أهل هذا البلاء أو من يشتكون إليهم.
وقد سمعت العثيمين رحمه الله يقول أن أحد أهل هذا البلاء اشتكى له من كثرة الوساوس، ويقول أن سببها ادمانه للعادة السرية.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:48 م]ـ
الحمد لله
أردت التعليق على بعض الكلام
وقد تكون محرمة في حالات منها إذا جلبت ضرراً _ لذا لا حاجة لطرق هذا الأمر فإن علم الشخص أنها ترجع عليه بالضرر كانت محرمة بالنسبة له _
إذا كنت ترى ذلك فهي محرمة مطلقا لما يلي:
- لن يستطيع الفاعل أن يعرف إذا كانت تضره أو لا إلا بعد أن يقع فيها، والداخل في شرها يرجو الخلاص، ولات حين مناص.
- إذا وقع فيها فإنه لا يمكنه الخروج منها، ويكاد لا يهدأ إلا بعد أن يمارسها، وهو ما ذكره الإخوة من الوساوس ونحوه.
- إذا كان لن يخرج منها فاعلم انه مع الوقت تضعفه جنسيا، وتوهن بدنه، وتسبب التهاب البروستاتا وسرعة القذف.
- إذا سببت له ذلك قل إنتاجه وضعف تحصيله لضعف بدنه، ثم تظهر مشكلات أخرى إذا تزوج.
- يعتمد المستمني على ما يتخيله من صورة، وهذا يدفعه غلى النظر، وربما ضجر من أسى العادة وتطلع إلى الزنا.
ألا يكفي هذا - عندك وفقا لكلام - أن تكون محرمة؟
3_ العادة السرية لا يشترط فيها التعليم بل يكتشفها المرء بنفسه وقد يستمر عليها مدة وهو لا يعلم عما يمارسه شيئاً وهي منتشرة بين جميع الناس ولا تترك إلا بعد مدة تديناً أو تعففاً أو لعدم الحاجة لها بسبب زواج ومع ذلك لا نرى في الناس تلك الأمراض التي يشنعها البعض علينا.
رأيتها بنفسي تسبب أمراضا جنسية، وأخرى عضوية (غالبها ضعف الجسم والتركيز)، والأسوأ - وقد عاينته على قريب مني - نفسية!
وقد عرفت من بداها ثم انجرف حتى صار يمارسها خمس مرات في اليوم ... وغيره لا يأتيه نوم إلا بعدها .. عف الله شباب المسلمين وعصمهم.
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:51 م]ـ
أخي الدميني
بارك الله فيك
هل يجوز له تخيل مفاتن أمرأه أجنبيه عنه ومعاشرتها ..... ؟؟
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 10:41 م]ـ
جاء في الأم للإمام الشافعي رضي الله عنه:
باب الاستمناء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/69)
قال الله عزوجل (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم) قرأ إلى (العادون) (قال الشافعي) فكان بينا في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم تحريم ما سوى الازواج وما ملكت الايمان وبين أن الازواج وملك اليمين من الادميات دون البهائم ثم أكدها فقال عز وجل (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العدون) فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله تعالى أعلم
اهـ
قال شيخ الاسلام:
وكذلك من أباح " الاستمناء " عند الضرورة فالصبر عن الاستمناء أفضل. فقد روي عن ابن عباس: أن نكاح الإماء خير منه وهو خير من الزنا فإذا كان الصبر عن نكاح الإماء أفضل فعن الاستمناء بطريق الأولى أفضل. لا سيما وكثير من العلماء أو أكثرهم يجزمون بتحريمه مطلقا وهو أحد الأقوال في مذهب أحمد. واختاره ابن عقيل في المفردات، والمشهور عنه - يعني عن أحمد - أنه محرم إلا إذا خشي العنت. والثالث أنه مكروه إلا إذا خشي العنت. فإذا كان الله قد قال في نكاح الإماء: {وأن تصبروا خير لكم} ففيه أولى. وذلك يدل على أن الصبر عن كليهما ممكن. فإذا كان قد أباح ما يمكن الصبر عنه فذلك لتسهيل التكليف كما قال تعالى: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}. و " الاستمناء " لا يباح عند أكثر العلماء سلفا وخلفا سواء خشي العنت أو لم يخش ذلك.
وكلام ابن عباس وما روي عن أحمد فيه إنما هو لمن خشي " العنت " وهو الزنا واللواط خشية شديدة خاف على نفسه من الوقوع في ذلك فأبيح له ذلك لتكسير شدة عنته وشهوته. وأما من فعل ذلك تلذذا أو تذكرا أو عادة؛ بأن يتذكر في حال استمنائه صورة كأنه يجامعها فهذا كله محرم لا يقول به أحمد ولا غيره وقد أوجب فيه بعضهم الحد، والصبر عن هذا من [الواجبات لا من] المستحبات.
وقال أيضا:
وسئل رحمه الله تعالى عن " الاستمناء " هل هو حرام؟ أم لا؟
الجواب
فأجاب: أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد وكذلك يعزر من فعله. وفي القول الآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة: مثل أن يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به ومثل أن يخاف إن لم يفعله أن يمرض وهذا قول أحمد وغيره. وأما بدون الضرورة فما علمت أحدا رخص فيه. والله أعلم.
والله أعلم
ـ[أبو إبراهيم الجنوبي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 12:44 ص]ـ
بارك الله فيكما ,,,
1_ كون العادة السرية موجودة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وسكوت الشارع الحكيم عنها أمر لا يمكن إهماله.
لو صح نقل بهذا لكان قولك منصورا لكن دون ذلك جهد جهيد.
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[03 - 11 - 07, 02:07 ص]ـ
لو صح نقل بهذا لكان قولك منصورا لكن دون ذلك جهد جهيد.
،، دونكم القول،، بأن الله عز وجل قد سد المسالك والمنافذ الى مايؤدى الى تحريك هذه الشهوة،، فقال عز وجل:
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} النور30
فعطف عز وجل بين غض البصر وحفظ الفرج، لأن الأول يعين على الثانى
،، ثم إن حفظ الفرج فى الآية عام، يدل على أن الأصل فى الفروج الحفظ والمنع والتحريم، الا بما يأتى به الشارع الحكيم من أمور التحليل، وقد بينها سبحانه فى محكم كتابه بقوله:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {3}} - النساء
وقال عز وجل بعد آية المحرمات من النساء
{َالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً {24} ن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {25}} - النساء
،، فقد بينت الآيات الكريمات أحكام زواج الحرة والإماء والتسرى والتعدد، المصارف الطبيعية للشهوة
، وبينت السنة المطهرة مصرف آخر لهذه الشهوة لمن لم يستطع الزواج والتسرى
،، ولو كان ثمة مصرف آخر، لبينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولما تأخر فى بيانه لأهميته فى وقته
،، والسكوت عليه من قبل الصحابة رضوان الله عليهم لا يفسر بأنهم فهموه على الإباحة، بل أنهم تورعوا عن ذكره، لما علموا من تحريمه، وقد بينا أن أصل استعمال الفرج فى قضاء الوطر، لا يتم الا فى مباح منصوص عليه نصا".
،، كما أود أن انبه الى بعض من كل من تلك الأمراض التى تجلبها هذه العادة الضارة، كالضعف والتسرب الوريدى وتهتك الانسجة وتليفها، و نقص أعداد النطف والتهابات البروستاتا و اصابة سائل الأنثيين بالإلتهاب الصديدى،، وغيرها الكثير، وإن كانت هذه الأمراض لا تظهر الا بتقدم السن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/70)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:39 ص]ـ
بارك الله بالجميع على هذا الأهتمام العظيم في المسائل الشرعية. وبقيت هذه القلوب عامرة بذكر الله وحبه وحب كتابه ورسوله والفقه في دينه العظيم .....
وأدام الله هذه الهمم العالية ............
أقول إضافة لما ذكرت أعلاه، وحيث أن الدليل ثابت عندنا على التحريم بالكتاب والسنة، بالتصريح والإستنباط، على تحريم كل شيء إلا الأزواج وملك اليمين، وفي هذا حث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشباب على الزواج أو تخميد هذه الشهوة بالصوم، وهذا من أسباب إكرام المرأة المسلمة وإبقاء الأعتبار لها شديدا حيث تبقى دوما مطلوبة مهما كان وضعها: بكرا أو ثيبا. صغيرة أو كبيرة ومهما كانت درجة جمالها .... وهذا ما كان جاريا على عهد سلفنا الصالح ألأول رضي الله عنهم.
وأقول أيضا أنه وردت أحاديث ضعيفة في تحريم العادة السرية، مثل:
(سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة – وذكر منهم – والناكح يده) مرفوعا.
راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/ 490) ح (319) للشيخ الألباني رحمه الله.
وورد عن أنس موقوفا (وأيضا في السند مجهول) = (أن يد فاعل ذلك تأتي حبلى يوم القيامة)
أقول هذا من باب حشد الأدلة
والله ولي التوفيق
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:37 ص]ـ
عفوا أيها ألأخوة، حديث أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الذي ذكرته أعلاه ليس موقوفا بل مرفوعا ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك قال: "يجيء الناكح يده يوم القيامة ويده حبلى". ضعيف.
أما الأثر عن أنس رضي الله عنه في شتم ناكح يده
فرواه عنه البيهقي أيضا من طريق مسلمة بن جعفر، و قال فيه الذهبي في ميزان الاعتدال: مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس في سب الناكح يدهه هو وشيخه مجاهيل. وبذلك قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان.
وقال سعيد بن جبير: عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم.
وقال عطاء: سمعت أن قوما يحشرون وأيديهم حبالى من الزنا.
ولا يقول هؤلاء الأئمة مثل هذا الأمر الغيبي من عندهم!!
إضافة لما قاله الشافعي من التحريم مستدلا بالآية ...
وهو قول الجمهور .... بل وقال القرطبي أن هناك إجماعا على التحريم ..........
والله أعلم والله ولي التوفيق.
ـ[الدميني]ــــــــ[03 - 11 - 07, 02:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ / أبو عامر
فهمت وجه إستدلالك وقد أجبت عليه في الرد السابق بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بحاجة لتعريف ما هو معروف وأن الصحابة _ رضي الله عنهم _ يعلمون بأمر العادة السرية ولو كانت مشهورة عندهم بالنهي لتواترت الأخبار في ذلك غير أنا لا نجد دليل واحد مما يقبل عند أهل الحديث الأخذ به ينهى عنها.
الأخ / أبو محمد القحطاني
بل لم يثبت ضررها وكثير من الأطباء والأخصائيين النفسيين قرأت لهم وسمعت بنفسي يقولون بأنها لا تضر إلا إذا زادت عن حدها وهذا ليس بحجة لنحرمها مطلقاً فالجماع إن زاد عن حده أيضاً ضر صاحبه ونعرف بعض أصحاب الأمراض يضرهم الجماع.
الأخ / أبو عائش وخويلد
نعم اتفق معك في ذلك بارك الله فيك فنحن لا ننصح أبداً ونحث الشباب على القيام بهذي العادة لا أبداً فالإبتعاد عنها خير من ممارستها وما أريده من الموضوع هو بيان الحكم الشرعي فيها وهل يأثم فاعلها؟
الأخ / عبدالملك السبيعي
تقول:
- لن يستطيع الفاعل أن يعرف إذا كانت تضره أو لا إلا بعد أن يقع فيها، والداخل في شرها يرجو الخلاص، ولات حين مناص.
كذلك لن يستطيع من يمارس بعض المباحات أو المكروهات معرفة ضررها إلا بعد أن ممارستها فالبعض تضره لعب الكرة أو الركض وبعضهم يضره الإكثار من الجماع أو الأكل أو الشرب لذا فهي حاجات بديهية أن تسبب العادة السرية ضرر لبعض الأشخاص وخصوصاً عند الإكثار ويكون حكمها في ذلك كسائر المباحات والمكروهات إن سببت ضرراً.
- إذا وقع فيها فإنه لا يمكنه الخروج منها، ويكاد لا يهدأ إلا بعد أن يمارسها، وهو ما ذكره الإخوة من الوساوس ونحوه.
بل يستطيع وهناك أسباب معينة على ذلك يذكرها بعض المشايخ وطلبة العلم والأخصاء النفسيين.
- إذا كان لن يخرج منها فاعلم انه مع الوقت تضعفه جنسيا، وتوهن بدنه، وتسبب التهاب البروستاتا وسرعة القذف.
وهذه الأمور تحدث أيضاً مع الجماع
- إذا سببت له ذلك قل إنتاجه وضعف تحصيله لضعف بدنه، ثم تظهر مشكلات أخرى إذا تزوج.
هي حالات نادرة وشاذة وقليلة لأنها وبإختصار غير مشاهدة في المجتمع
- يعتمد المستمني على ما يتخيله من صورة، وهذا يدفعه غلى النظر، وربما ضجر من أسى العادة وتطلع إلى الزنا.
بعض الأئمة يقولون: أن العادة السرية مباحة إذا خشي العنت أي: الزنا أو اللواط
ومن لا يشاهد الصور أو المقاطع الخليعة أو ينظر إلى الأجنبيات تكون ممارسة العادة السرية عنده قليلة جداً بينما تكثر عند أصحاب المحرمات لذا نحن نقول أن العادة السرية محرمة إذا أدت إلى محرم أما غير ذلك فيلزمنا الدليل.
وقد سبق ورددت على أمر الأضرار أكثر من مرة وأن هذا الأمر يختلف من شخص لآخر ونحن هنا لبيان الحكم العام لهذه العادة السرية ويتغير الحكم بإختلاف الأحوال ,
الأخ / مصطفى مكاوي
نحن نقول / مكروه , ولا شك أن الإلتزام بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب وهي: الصوم فيها خيري الدنيا والآخرة وفي الحديث: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل) لذا فهو ليس دليل على تحريم العادة السرية أما إن أدت إلى مشاهدة صور ومقاطع وما إلى ذلك فهي لا شك حرام ,
وهذه ليست فتوى فتنبه! , فهذا منتدى للنقاش أما العلم والفتوى فيأخذ عن أهل العلم الراسخون فيه ومن قلد أحدهم ممن يثق به سواءً قال بالتحريم أو الكراهية أو الإباحة فلا إثم عليه إن شاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/71)
ـ[الدميني]ــــــــ[03 - 11 - 07, 02:18 م]ـ
الأخ / أبو زكريا الشافعي
للحق فهناك جماعة قالت / بالكراهة وجماعة قالت / بالإباحة والنقولات في هذا تطول لذا آثرت ألا نخوض فيها لأنهم مختلفون بالأمر أصلاً مع فضل علمهم علينا فكيف بنا؟
الأخ / أبو إبراهيم الجنوبي
أيكفيك حديث أن العين زناها النظر والأذن زناها السمع ثم قال: واليد زناها البطش!
ألا يمثل لك عدم ذكر العادة السرية أو التلميح إليها عند ذكر اليد شيئاً؟
بل آشار إلى البطش وهو الضرب والإعتداء هذا هو زنا اليد.
أقول: وهذا الدليل القوي ينفي الإستدلال بما أورده أخونا أبو عامر من أحاديث ضعيفة عن ناكح اليد , والله أعلم.
الأخ / مصطفى رضوان
أنت بهذا كأنك تتهم الصحابة بكتم العلم ومنذ متى أصبح كتم العلم تورعاً؟
يا أخي رعاك الله لا تقارن الوطء بما ليس وطئاً ولا تحمل الأدلة ما لا تحتمله لا شك أن النظر محرم لورود النص في ذلك وراجع الحديث السابق الذي أوردته في ردي على الأخ / أبو إبراهيم الجنوبي فإقحام العادة السرية في هكذا أدلة وإجتهادات بعيد جداً
الأخ / أبو عامر
قد عرجت على ما أوردته في ردودي على الاخوة
===============================
وهذا ما أدين الله عز وجل به وكل له إجتهاده ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً).
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
ـ[أبو آلاء الحدادي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 04:20 م]ـ
أخي الدميني
بارك الله فيك
هل يجوز له تخيل مفاتن أمرأه أجنبيه عنه ومعاشرتها ..... ؟؟
كلام سديد يا أخي
إذ كيف يمكن أن يستعمل العادة السرية و هو لم يتخيل امرأة يعاشرها!!!
و قد ترد مسألة هنا تابعة للموضوع نفسه و هي هل يجوز للمتزوج أن يتخيل امرأته و هو مسافر بعيد عنها و هو يواقعها فيستعمل بذلك العادة السرية؟
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 05:05 م]ـ
الأخ / أبو زكريا الشافعي
للحق فهناك جماعة قالت / بالكراهة وجماعة قالت / بالإباحة والنقولات في هذا تطول لذا آثرت ألا نخوض فيها لأنهم مختلفون بالأمر أصلاً مع فضل علمهم علينا فكيف بنا؟
.
أعرفها، تدجها في المحلى،، واشار ابن القيم إلى ذلك في بدائع الفوائد ثم رجح الحرمة، ولخص كلام أهل العلم في المسألة السيد سابق في فقه السنة
تأمل كلام شيخ الاسلام:
فأجاب: أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد وكذلك يعزر من فعله. وفي القول الآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة: مثل أن يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به ومثل أن يخاف إن لم يفعله أن يمرض وهذا قول أحمد وغيره. وأما بدون الضرورة فما علمت أحدا رخص فيه. والله أعلم.
مع اقراره باباحة بعضهم لها، إلا أنهم لم يبحوها مطلقا، إنما لحاجة، كالخوف الشديد من الوقوع في الزنا، أو اللواط، أو إن خاف على نفسه من المرض أو أن تنشق انثياه!! كما هو مذهب الحنابلة، أو إن غلبته الشوة (لا إن طلبها) كما هو منقول في كتب الحنفية، وذلك كله خلافا للشافعية والمالكية. فتأمل كلام شيخ الاسلام ثم تأمل ما كتبت
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 05:05 م]ـ
أخي العزيز، بارك الله بك وجزاك الله خيرا
أنا لا أقول أن العادة السرية أسوأ من ألإختصاء، بل أقول أن الأسوأ هو الإختصاء و أقول أذا كان العنت بلغ بهم درجة طلب الإختصاء (عن سعد بن أبي وقاص 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: "رد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا" البخاري. فأقول لو كانت العادة السرية حلالا لما بلغ بهم حد طلب الترخيص بالإختصاء. لأن في العادة السرية تخفيف على الإنسان بإخراج مادة الشهوة من تلك الطريق، أليس كذلك أخي الكريم؟؟.
والله ولي التوفيق
السلام عليكم ....
أولا أنا لا أقول بجواز العادة السرية اتباعا لمعظم العلماء من السلف و الخلف ...
لكن يثيرني أحيانا الإستدلال بأدلة لا تتوافق و البحث و من ذلك ما في هذا الحديث الذي استدل به الأخ الفاضل أبو عامر ...
{رد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا" البخاري.
فالتبتل هنا الإنقطاع عن النساء كما قال ابن العربي في تفسير قوله تعالى {و تبتل إليه تبتيلا} فقد ذكر الحديث و بين أن المقصود منه الإنقطاع عن النساء ...
فيكون معنى الحديث أن الصحابة رضوان الله عليهم أرادو التبتل -أي الإنقطاع عن النساء و بالتالي عن الزواج - تعبدا لله و تقربا إليه كما هو حال أحد النفر الثلاثة الذين جاءوا إلى بيت النبي صلى الله عليه و سلم فقال أحدهم أنه لا ينكح النساء ... أي تقربا و تعبدا لله ...
و لما كانت حاجة الرجال للنساء فطرية و غريزية فلن يكون من السهل على المتبتل ترك الجماع لذلك أرادوا الإستعانة على ذلك بالإختصاء ... فلو أذن النبي صلى الله عليه و سلم لعثمان بن مظغون بالتبتل لتبتل الصحابة و لاختصوا لكي يعينهم ذلك على ترك النساء و الإنقطاع عليهن. أما و أن النبي عليه الصلاة و السلام لم يأذن لهم بالتبتل فلا وجه لهم للإختصاء بعدها.
هذا و الله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/72)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[03 - 11 - 07, 08:59 م]ـ
ألأخ ألدميني، بارك الله بك وأحسن إليك،،،
فأنت تقول أن العادة مباحة ولا ضرر فيها ثم تعود وتحملها على الكراهة فما هو الدليل على الكراهة (عندك)؟؟.
وتقول أن العلماء بين الأباحة والكراهة ... وكأنك لا تعترف بما أورده شيخ الأسلام بأن الجمهور على التحريم!! وقال القرطبي:بل الأجماع على التحريم!!. (كما أورد أبو زكريا الشافعي)!!
إلى ألأخ الرباطي: ليس كل أحاديث الأختصاء والتبتل محمولة على ما ذهبت إليه وهو نبذ النساء للتفرغ للعبادة!!!. وهو ما هو محمول عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه. بل منها ما كان طلبا لما لا يستطيعيون الزواج به، ولذلك الشدة التي تجتاح المر لعدم وجود إمرأة!!
وهذا كان من غير عثمان بالرغم من وجود رواية عند الطبراني من حديث عثمان بن مظعون نفسه " أنه قال يا رسول الله إني رجل يشقعلى العزوبة، فأذن لي في الخصاء."
والمعنى: من الشدة لعدم وجود ما يتزوج به ثابتة لا نقاش فيها، فمن ذلك حديث البخاري) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ فَقُلْنَا أَلَانَسْتَخْصِي فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَبِالثَّوْبِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَلَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
(و أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ) البخاري.
فتدبر أخي الرباطي هذه المعاني ... ولا تتعجب فالمعني الآخر ثابت والله أعلم والله ولي التوفيق
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:27 م]ـ
أحاديث الإختصاء متفق عليها في الصحيحين ...
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:51 م]ـ
[ FONT='times new roman(arabic)'][FONT=Times New Roman] إلى ألأخ الرباطي: ليس كل أحاديث الأختصاء والتبتل محمولة على ما ذهبت إليه وهو نبذ النساء للتفرغ للعبادة!!!. وهو ما هو محمول عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه. بل منها ما كان طلبا لما لا يستطيعيون الزواج به، ولذلك الشدة التي تجتاح المر لعدم وجود إمرأة!!
وهذا كان من غير عثمان بالرغم من وجود رواية عند الطبراني من حديث عثمان بن مظعون نفسه " أنه قال يا رسول الله إني رجل يشقعلى العزوبة، فأذن لي في الخصاء."
والمعنى: من الشدة لعدم وجود ما يتزوج به ثابتة لا نقاش فيها، فمن ذلك حديث البخاري) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ فَقُلْنَا أَلَانَسْتَخْصِي فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَبِالثَّوْبِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَلَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
(و أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ) البخاري.
فتدبر أخي الرباطي هذه المعاني ... ولا تتعجب فالمعني الآخر ثابت والله أعلم والله ولي التوفيق
جزاك الله خيرا و بارك فيك و زادك علما و فهما ...
أصبت أخي الكريم بارك الله فيك
اللهم اغفر لي ذنبي و ارحمني و تب علي إنك أنت التواب الرحيم
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[06 - 11 - 07, 04:54 ص]ـ
الأخ / مصطفى رضوان
أنت بهذا كأنك تتهم الصحابة بكتم العلم ومنذ متى أصبح كتم العلم تورعاً؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/73)
يا أخي رعاك الله لا تقارن الوطء بما ليس وطئاً ولا تحمل الأدلة ما لا تحتمله لا شك أن النظر محرم لورود النص في ذلك وراجع الحديث السابق الذي أوردته في ردي على الأخ / أبو إبراهيم الجنوبي فإقحام العادة السرية في هكذا أدلة وإجتهادات بعيد جداً
،، هذا تحريف للكلم عن مواضعه ومعانيه،، ثم من الذى يتهم الصحاية رضوان الله عليهم؟ من ذكر اجماعهم على اباحة الإستمناء سكوتا" امن يربأ بهم رضوان الله عليهم وينزههم عن هذا الفعل المشين؟؟، وأنى سائلك، أين تعتقد يقع الإستمناء يوم القيامة، فى الحلال أو الحرام؟؟
،، أما علمت أن العام يبقى على عمومه حتى يخصصه مخصص، والمطلق على إطلاقه حتى يتقيد بمقيد؟؟
فالأية الكريمة ذكرت حفظ الفروج على عمومه، واستثنت منه فقط الزوجة والأمة، وليس كما فهمته بأن الأية تقصد الوطأ وتبيح ماخلا ذلك، هل لك فى هذا القول إمام، او عالم قال به؟؟!! أو هو تفسير من عند نفسك
"واللذين هم لفروجهم حافظون *إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" المؤمنون. ألآيات 5 - 7
وكان التأكيد بأية أخرى تتبعها فى اثبات تعدى من أبتغى وراء الزوجة والأمة ولم تذكر الآية الكريمة أو تحدد أن ماوراء ذلك هو بوطأ أو بغير وطأ، ولو كان هناك استثناء آخر بغير وطأ لاستثنته الأية بجانب الزوجة والأمة.
قال ابن كثير
وقد استدل الإمام الشافعي، رحمه الله، ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عَرَفَةَ في جزئه المشهور حيث قال:
حدثني علي بن ثابت الجَزَريّ، عن مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد (6)، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا يجمعهم مع العاملين، ويدخلهم النار أول الداخلين، إلا أن يتوبوا، فمن تاب تاب الله عليه: ناكح يده (7)، والفاعل، والمفعول به، ومدمن (8) الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره" (9).
هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف؛ لجهالته، والله أعلم.
وقال القرطبى
وقال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهى معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها. فإن قيل: إنها خير من نكاح الامة، قلنا: نكاح الامة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضا، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل، عار بالرجل الدنئ فكيف بالرجل الكبير. السادسة - قوله تعالى: (إلاعلى أزواجهم) قال الفراء: أي من أزواجهم اللاتى أحل الله لهم لا يجاوزون (2).
(أو ما ملكت أيمانهم) في موضع خفض معطوفة على " أزواجهم " و " ما " مصدرية.
وهذا يقتضى تحريم الزنى، وما قلناه من الاستنماء، ونكاح المتعة،.
إن جل علماء الأمة الجبال لا يرى دليل على اباحة هذه العادة السيئة، وتأتى انت لتقول بحلها أو كراهتها دونما أدنى دليل
،، فقد حرم الله عز وجل الفروج على عمومها بنص، وأحلها واستثنى من التحريم بنص وذكر المستثنيات بنص،، فهل عندك نص فى تحليل غير المستثنيات، أو حتى فى كراهته؟؟؟
قال القرطبى
لما لم يجعل الله له بين العفة والنكاح درجة دل على أن ما عداهما حرام ولا يدخل فيه ملك اليمين لانه بنص آخر مباح، وهو قوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانكم " فجاءت فيه زيادة، ويبقى على التحريم الاستمناء
قال فى المجموع
(فرع) يحرم الاستمناء، وهو إخراج الماء الدافق بيده، وبه قال أكثر أهل العلم، وقال ابن عباس: نكاح الامة خير منه وهو خير من الزنا، وروى أن عمرو ابن دينار رخص فيه عند الاضطرار وخوف الهلكة، وبه قال أحمد رضى الله عنه.
دليلنا قوله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وقد قرر علماء وظائف الاعضاء والطب البشرى أن الاستمناء مفض إلى قتل الرغبة الجنسية، ويجعل المرء لا ينتشر عند الوقاع إلا إذا أستمنى بيده مما يعطل وظيفته كزوج، ويقتل صلاحية عضوه أو يقلل كفاءته الزوجية، وكل هذا من المفاسد المنهى عنها.
وفى موضع آخر
(فصل) ويحرم الاستمناء لقوله عزوجل (والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) ولانها مباشرة تفضى إلى قطع النسل فحرم كاللواط.
فإن فعل عزر ولم يحد، لانها مباشرة محرمة من غير ايلاج فأشبهت مباشرة الاجنبية فيما دون الفرج وبالله التوفيق
،، قلت النصوص عامة ظاهرها تحريم إستخدام الفرج دون الزوجة والأمة، وليس لك دليل الا ما ذكرته عن أنه أمر معروف للصحابة ومسكوت عليه،، هل هذا دليل لإباحة شئ جاء الشارع الحكيم بتحريم أصله واستثنى منه مستثنيات؟؟!!
أعلم أخى الفاضل أن سكوت الصحابة رضى الله عنهم على أمر قد ثبت عندهم جليا" فى تحريمه بمقتضى الكتاب والسنة، لا يعد من أصول التشريع، ولو كان مباحا" لنقلوه الينا، ولسألوا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حين نزول الآيات الكريمات، ولأنهم فهموا وعلموا ماتحمله الآيات من مقاصد ومعانى فى أصل التحريم، فسألوا عن الإختصاء والتبتل، فكان لنا تشريعا" آخر فى هذا وهو الصوم، ولو كان سبيلا" غير ذلك، لبينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى وقته، وتأخير البيان لا يجوز وقت الحاجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/74)
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 07:05 ص]ـ
الأخ / مصطفى مكاوي
نحن نقول / مكروه , ولا شك أن الإلتزام بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب وهي: الصوم فيها خيري الدنيا والآخرة وفي الحديث: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل) لذا فهو ليس دليل على تحريم العادة السرية أما إن أدت إلى مشاهدة صور ومقاطع وما إلى ذلك فهي لا شك حرام ,
وهذه ليست فتوى فتنبه! , فهذا منتدى للنقاش أما العلم والفتوى فيأخذ عن أهل العلم الراسخون فيه ومن قلد أحدهم ممن يثق به سواءً قال بالتحريم أو الكراهية أو الإباحة فلا إثم عليه إن شاء الله.
شيخنا الجليل بارك الله فيك .. أنني لم أسأل عن فتوى فالفتوى بالتحريم مستقره عندي و الحمد لله ولكني أعرض ءاشكال على القائلين بلاباحه او بالكراهه ءاذ أن من المتعارف عليه تخيل النساء الى غير ذلك لممارسه هذه العاده الرذيله و ءان كان لا يشاهد شيئا بل هو خياله ومايعينه عليه الشيطان في ذلك. و أما حديث نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهو على القائلين بالاباحه وليس لهم ءاذ انه فعل وتخيل أمرأه لا تحل له وأنزل عليها و لا حول ولا قوه الا بالله
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 07:15 ص]ـ
الأخ الدميني .. أرجو أن تمهل نفسك تفكيرا في ما كُتب لك، ولا يدفعنك كثرة الردود إلى التعجل - بارك الله فيك -
قلت لك: لن يستطيع الفاعل أن يعرف إذا كانت تضره أو لا إلا بعد أن يقع فيها، والداخل في شرها يرجو الخلاص، ولات حين مناص.
فقلتم: كذلك لن يستطيع من يمارس بعض المباحات أو المكروهات معرفة ضررها إلا بعد أن ممارستها فالبعض تضره لعب الكرة أو الركض وبعضهم يضره الإكثار من الجماع أو الأكل أو الشرب لذا فهي حاجات بديهية أن تسبب العادة السرية ضرر لبعض الأشخاص وخصوصاً عند الإكثار ويكون حكمها في ذلك كسائر المباحات والمكروهات إن سببت ضرراً.
أقول: نحن لم نقرر أن العادة السرية مباحة بعد، فلا تقس الآن .. كذلك فإن اللازم أنه تضره، كما بينت في باقي كلامي .. ولم أسمع بأحد ما ضرته.
قلت لك: إذا وقع فيها فإنه لا يمكنه الخروج منها، ويكاد لا يهدأ إلا بعد أن يمارسها، وهو ما ذكره الإخوة من الوساوس ونحوه.
فقلتم: بل يستطيع وهناك أسباب معينة على ذلك يذكرها بعض المشايخ وطلبة العلم والأخصاء النفسيين.
أقول: نعم، ذكروا وسائل معينة .. لكن هل أنت متأكد أنه يستطيع؟ من واقع خبرتي لا يستطيع وإلا نجع الأمر مع من يشكون إلي .. ولاحظ أنهم سموها (معينة) لا (مخلصة) أو (معالجة) ..
قلت: إذا كان لن يخرج منها فاعلم انه مع الوقت تضعفه جنسيا، وتوهن بدنه، وتسبب التهاب البروستاتا وسرعة القذف.
فقلتم: وهذه الأمور تحدث أيضاً مع الجماع
أقول: لا، فالجماع يشبع ويطفيء الشهوة، أما العادة فلا تفعل ذلك إلا لفترة قصيرة، والذي اراه أنها تزيد الشهوة لا تطفئها.
قلت: إذا سببت له ذلك قل إنتاجه وضعف تحصيله لضعف بدنه، ثم تظهر مشكلات أخرى إذا تزوج.
فقلتم: هي حالات نادرة وشاذة وقليلة لأنها وبإختصار غير مشاهدة في المجتمع
أقول: إذا انت لم تشاهدها فهذا شأنك .. أما أنا فالحالات أمامي كثيرة جدا .. ويبدو أن ثمة فرق في مخابرة هذه المشكلة كبير بيننا.
قلت: يعتمد المستمني على ما يتخيله من صورة، وهذا يدفعه غلى النظر، وربما ضجر من أسى العادة وتطلع إلى الزنا.
فقلتم: ومن لا يشاهد الصور أو المقاطع الخليعة أو ينظر إلى الأجنبيات تكون ممارسة العادة السرية عنده قليلة جداً بينما تكثر عند أصحاب المحرمات لذا نحن نقول أن العادة السرية محرمة إذا أدت إلى محرم أما غير ذلك فيلزمنا الدليل.
أقول: من لا يشاهد الخلاعة ستدفعه العادة إلى ذلك، ليجد صورة يتخيل فيها المعاشرة أثناء ممارسة العادة .. وهذا من واقع المخابرة كذلك .. وما دام كذلك فهي مؤدية إلى محرم من النظر إلى الأجنبيات ونحوه لا شك.
وقد سبق ورددت على أمر الأضرار أكثر من مرة وأن هذا الأمر يختلف من شخص لآخر ونحن هنا لبيان الحكم العام لهذه العادة السرية ويتغير الحكم بإختلاف الأحوال ,
أقول: بل ما ذكرته لك في مشاركتي هو الضرر العام لها، واختلافه بين الأشخاص ليس كبيرا .. وهناك أضرار أخرى (تختلف من شخص إلى شخص)!
ـ[الدميني]ــــــــ[07 - 11 - 07, 02:54 م]ـ
الأخوة الكرام جميعاً بارك الله فيكم وأنا والله ليست شيخاً ولا عالماً بل طالب علم في بداية الطريق وأنا مقر أنا كل من يحاورني هنا أقوى مني علماً ودراية
قرأت كل ما أوردتموه وإن شاء الله آخذ بنصائح بعض الأخوة وتنبيهاتكم ووقفاتهم ونقولاتهم ولعل لي نظر في هذه المسألة ومراجعة في وقت لاحق
وبما أن هذه المسألة لا يتوقف عليها إيمان أو كفر بل هي داخلة في باب الإجتهاد والإختلاف فيها وارد ولست أهلاً للفتوى ولست ممن يفتي الناس والله بل لو سألني أحدهم أقول له يقول العالم الفلاني: كذا ويقول الشيخ الفلاني كذا
فإني آثرت التوقف عن النقاش لهذه الأسباب وأنا كما أخبرتكم في بداية طريقي لطلب العلم اسأل الله التوفيق وانشغالي بما ينفعني أحرى من انشغالي بهذه المسألة
وما أبديته هنا هو ما توصلت إليه إجتهادي المتواضع جداً ولي سلف بذلك والأيام حبلى بالكثير والعلم بحر لا ساحل له ولعل رأي اليوم لا يكون رأيي غداً
شاكر لكم حسن أخلاقكم وأدبكم الجم شاهد لكم بعلمكم سائل الله لكم التوفيق نحسبكم والله حسيبكم من الصالحين واسأل الله عز وجل كما جمعنا في هذا المنتدى المبارك أن يجمعنا في فيكم في الجنة.
بارك الله فيكم وأحسنوا الظن بأخيكم ولا تنسوه من دعائكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/75)
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 03:10 م]ـ
بارك الله فيك أخانا العزيز:
تأمل هدانا الله وإياك:
وبما أن هذه المسألة لا يتوقف عليها إيمان أو كفر بل هي داخلة في باب الإجتهاد والإختلاف فيها وارد ولست أهلاً للفتوى ولست ممن يفتي الناس والله بل لو سألني أحدهم أقول له يقول العالم الفلاني: كذا ويقول الشيخ الفلاني كذا
ثم قولك:
وما أبديته هنا هو ما توصلت إليه إجتهادي المتواضع جداً ولي سلف بذلك والأيام حبلى بالكثير والعلم بحر لا ساحل له ولعل رأي اليوم لا يكون رأيي غداً
فإن لم تلاحظ التناقض فراجع باب الاجتهاد والتقليد في كتب الأصول
ثم تأمل قولك: ولي سلف بذلك
ثم قول شيخ الاسلام يخبرك أن ذلك السلف لم يبحه على اطلاقه، بل مقيدا بأشياء ذكرها.
أكرمكم الله على حسن خلقكم وأدبكم
ـ[أبو ابراهيم العتيبي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 01:39 ص]ـ
بسم الله الرحيم الرحيم أما بعد:-
إخواني في الله أسأل الله أن يهدينا جميعا الى الحق وأن يرزقنا العمل بالعلم إنه جواد كريم
أحب أن أنبه على مسئله ذكرها الشيخ ابن العثيمين في شرح حلية طالب العلم على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) قال رحمه الله أن تبيين الحق للغير ليس من الجدال والمراء وإن طال النقاش بينكما بل لابد من تبيين الحق والمثال على المراء أن تقول خالد موجود والأخر يقول ليس بموجود فتقول رأيته والأخر يقول لم تره وهلما جرا في شيء لا فائدة منه.
بتصرف من كلام الشيخ رحمه الله.
ـ[الدميني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 06:01 ص]ـ
الأخ أبو زكريا الشافعي / إن شاء الله أفعل ,
الأخ أبو إبراهيم العتيبي / راجع الموضوع كاملاً وسترى نظير ما قصده الشيخ وخصوصاً عند حوارنا بعض الأخوة بخصوص أضرار العادة السرية!
ومسائل كهذه قد يكون الحوار فيها مراء لأنها غالباً لا تُأتي أُكلها فحسبي أن قد أبديت رأيي وما أراه في صحة هذا القول عن غيره من الأقوال وبينت علتي في ذلك ونقاط ما زالت حتى الساعة مبهمة , ومع هذا وذاك فالأخوة قد طرحوا من الفوائد والمسائل ما سأراجعه إن شاء الله في وقت لاحق.
وما أريد أن أوصله من الموضوع كله أننا وإن أقتنعنا برأي ما لا يمكننا إلزام غيرنا به وخصوصاً عند عدم وجود دليل واضح بل يمكن تأويله على أوجه كثيرة , وكما وعدت بالأخذ بنقاط الأخوة أتمنى أن يأخذوا هم بما ذكرت ويقلبوه في عقولهم قليلاً.
وسواءً اتفقنا أم لم نتفق ليس هذا الهدف من الموضوع بتاتاً بل الهدف ما بينته وبارك الله فيكم وغفر الله لنا ولكم
ورحم الله الشيخ / ابن عثيمين رحمةً واسعة وغفر له.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 07:13 ص]ـ
إن أقتنعنا برأي ما لا يمكننا إلزام غيرنا به وخصوصاً عند عدم وجود دليل واضح بل يمكن تأويله على أوجه كثيرة ..
هذا الكلام صحيح إذا قيل من عالم يجوز له الاجتهاد، ويكون عنده أوجه صحيحة لتأويل الحديث يا أخي الكريم.
لكن الواقع هنا -واسمح لي أن أقول هذه من باب النصيحة- أن صاحب الموضوع ليس من أهل الاجتهاد، وأنه أتى بما لا يصلح أن يكون تأويلاً، فضلاً عن أن يكون تأويلاً مقبولاً.
وهذا القول ليس حنقاً مني عليك ولا إرادة لتهوين شأنك ولكنه الحق الذي يجب أن يُصدَح به في مثل بعض هذه المناظرات حتى لا يغتر طالب العلم بنفسه ويركن إلى رأيه ويستمر على هذا النسق من ادعاء الاستنباط والتقليل من قوة بعض استنباطات أجلاء الأئمة المجمَع على إمامتهم. وأسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للحق والعلم النافع، وأن يبصِّرك ويهديك ويسددك.
ـ[الدميني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:50 م]ـ
الأخ / أبو يوسف التواب
بارك الله فيك , كلامك حق ولكن لا حظ أنني عنونت موضوعي بسؤال: (هل العادة السرية داخلة في هذا الحديث؟)
ثم رجحت قول عدد من العلماء كابن حزم والشوكاني والصنعاني
وهناك غيرهم طبعاً بل هناك آراء فقهية قائمة
ومن بعدها أوردت نقاط واستدلالات آملاً أن يأخذ بها ولا تهمل عند البحث في هذه المسألة
وحوارنا كان في الإستدلالات من أدلة وأضرار ونحو ذلك ...
لذا لا أرى أن هناك داعٍ لكلامك _ غفر الله لنا ولك _
وجُزِيت خيراً على دعائك لي ولك بمثل.
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 07:57 ص]ـ
كيف نجمع بين قولك:
وبما أن هذه المسألة لا يتوقف عليها إيمان أو كفر بل هي داخلة في باب الإجتهاد والإختلاف فيها وارد ولست أهلاً للفتوى ولست ممن يفتي الناس والله بل لو سألني أحدهم أقول له يقول العالم الفلاني: كذا ويقول الشيخ الفلاني كذا
وقولك:
وما أبديته هنا هو ما توصلت إليه إجتهادي المتواضع جداً ولي سلف بذلك والأيام حبلى بالكثير والعلم بحر لا ساحل له ولعل رأي اليوم لا يكون رأيي غداً
ثم قولك:
ثم رجحت قول عدد من العلماء
و
وحوارنا كان في الإستدلالات من أدلة
لا يجمع بينهم
لذلك قلت لك ناصحا، راجع باب الاجتهاد، فأنت بفعلك هذا تجتهد وترجح وتناقش الأدلة، مع اعترافك بكونك لست لها لذلك
ومع ذلك، لم تجب على ما ادعاه شيخ الاسلام من أن ما ورد عن السلف إنما ورد لحاجة أو ضرورة، وأنه لم يبح ذلك أحد على اطلاقه كما تقول، وفيه الرد على ابن حزم من وجه اسدتلاله بتلك الآثار.
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/76)
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:06 م]ـ
بارك الله بك أخي أبا زكريا، وأخي الدميني وجزيتم خيرا .........
ألترجيح والأستنباط لا يكون إلا من بحور العلم المشهود لهم بالعلم والفقه فقط لا غير، الذين يحفظون ألكتاب والسنة وتفسيرهما وأقوال أسلافهم العلماء إلى الصحابة رضوان الله عليهم .... وغير ذلك يجب عليه الأتباع، والأذعان ....
والله أعلم والله الموفق.
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[21 - 11 - 07, 02:57 م]ـ
بارك الله فيكم أيها الاخوة على توضيح هذه المسألة(87/77)
نقل الأعضاء البشرية وبيعها أو التبرع بها
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 11 - 07, 05:31 م]ـ
نريد جمع فتاوى السادة أهل العلم بخصوص مسألة نقل الأعضاء البشرية أو بيعها أو التبرع بها (بعد الوفاة) وكل ما يتعلق بهذا الأمر ..........
وجزى الله الجميع خير الجزاء
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[02 - 11 - 07, 10:33 م]ـ
هل من مجيب ........ أين الهمم .. ؟؟؟
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:42 ص]ـ
أسعفونا ... هل من مجيب ...... ؟؟
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:54 ص]ـ
انظر مأجوراً كتاب الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي حفظه الله
أحكام الجراحة الطبية، رسالة دكتوراه
ذكر فيها الأقوال والأدلة والترجيح
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:30 م]ـ
انظر مأجوراً كتاب الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي حفظه الله
أحكام الجراحة الطبية، رسالة دكتوراه
ذكر فيها الأقوال والأدلة والترجيح
سأفعل إنشاء الله، بارك الله بك
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[04 - 11 - 07, 12:37 ص]ـ
وللشيخ الدكتور: يوسف الأحمد -وفقه الله- رسالة دكتوراه بعنوان:
(أحكام نقل الأعضاء في الفقه الإسلامي)
ـ[الشيشاني]ــــــــ[04 - 11 - 07, 12:48 ص]ـ
وللشيخ الدكتور: يوسف الأحمد -وفقه الله- رسالة دكتوراه بعنوان:
(أحكام نقل الأعضاء في الفقه الإسلامي)
هل هي مطبوعة؟ وكيف سبيل الحصول عليها؟
بارك الله فيك!
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[06 - 11 - 07, 09:58 م]ـ
وللشيخ الدكتور: يوسف الأحمد -وفقه الله- رسالة دكتوراه بعنوان:
(أحكام نقل الأعضاء في الفقه الإسلامي)
نعم أخي أبي الحارث: أين نجدها؟؟ هل تستطيع أن تنزلها على الموقع مأجورا؟؟
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 12:26 ص]ـ
وفقكم الله.
كنت مِن مَن حضر مناقشتها. ولا علم لي بطباعتها.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[07 - 11 - 07, 12:38 ص]ـ
طبعة الرسالة في دار كنوز أشبيليا منذ مدة وهي في مجلدين عندي
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[07 - 11 - 07, 07:49 ص]ـ
طبعة الرسالة في دار كنوز أشبيليا منذ مدة وهي في مجلدين عندي
كيف السبيل للحصول عليها ورقيا أو الكترونيا؟؟
بارك الله بك وجزاك الله خيرا أخي أبي الحسن(87/78)
مساعدة على بحث
ـ[معاذ السعدي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 02:06 م]ـ
هل اجد شيئا عن موضوع (اخذ الاجرة على الطاعات او العبادات) من مصادر فقهيه او اصوليه
ـ[أبو معتصم الأندلسى]ــــــــ[09 - 11 - 07, 10:07 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115926
ـ[محمد بن عبدالله بن محمد]ــــــــ[15 - 11 - 07, 02:42 م]ـ
هناك رسالة مطبوعة في دار كنوز اشبيليا بالرياض عنونها أخذ المال على اعمل القرب مجلدين(87/79)
حمل كتاب (حواشي المجموع على التحقيق والإيضاح لابن باز رحمه الله) ..
ـ[خالد بن محمد الحربي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 02:11 م]ـ
يحتوي هذا الكتاب على حواشي من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ رحمه الله التي تتعلق بالحج على متن كتاب التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة.
http://www.binbaz.org.sa/mat/8852
أو مباشرة من هنا:
بصيغة الوورد
http://www.binbaz.org.sa/book/mgmoh.doc
بصيغة pdf
http://www.binbaz.org.sa/book/mgmoh.pdf
ـ[المدني1]ــــــــ[06 - 11 - 07, 11:57 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:30 ص]ـ
هل طبع الكتاب؟؟؟؟ وأين أجده؟(87/80)
الحج هل هو حرام على هذا .. ؟
ـ[مصطفى المدني]ــــــــ[02 - 11 - 07, 04:05 م]ـ
رجل لا يستطيع غض البصر بسهولة وتؤثر فيه رؤية النساء وملامستهن في الزحام عند الكعبة أو الرمي وغيره وربما سرح في عقله أو أنزل من شهوته فهل نقول له يحرم عليك التطوع بالحج لأنك انتهيت من الفريضة.؟
أرجو من الشيوخ البحث والجواب.
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:19 ص]ـ
هل هذا واقع أم شيء مفترض؟(87/81)
شرح كتاب الحج من عمدة الأحكام للشيخ محمد مختار الشنقيطي (صوت)
ـ[أبوسلمة السلفي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:00 م]ـ
كتاب الحج (كامل)
http://www.archive.org/details/alhag(87/82)
مسالة للمدارسة في الحج حكم الاحرام من البيت دون الميقات
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:36 م]ـ
حكم الاحرام من البيت دون الميقات هل هذا الاحرام منعقد ام لا مع الادلة؟؟؟؟؟؟
ـ[الجعفري]ــــــــ[03 - 11 - 07, 06:17 ص]ـ
ما المراد بقولك دون الميقات؟
أما الإحرام ممن منزله دون المواقيت - أي بين الميقات ومكة- فمن منزله، كما ورد ذلك في حديث المواقيت المشهور.
أردت أن أفتح الباب فقط.
ـ[ابوعبدالكريم]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:04 م]ـ
إن كان القصد الإحرام قبل الوصول للميقات فقد سأل رجل الإمام مالك رحمه الله أن يحرم من بيته في المدينه فقال له مالك: لاتفعل فقال الرجل: إنما هي بضعة أميال فقال له مالك إني أخاف عليك الفتنة فإن الله يقول فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ... الآية
ـ[ابو همام المكي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 12:54 ص]ـ
موضوع مهم أخي أبو محمد
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
من جاوز الميقات غير محرم وهو يريد الحج أو العمرة فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه إن أمكنه، سواء تجاوزه عالمًا به أو جاهلاً، عالمًا تحريم تجاوزه بلا إحرام أو جاهلاً ذلك، فإن رجع إليه فأحرم منه فلا شيء عليه، ولا خلاف في ذلك. وإن أحرم من دون الميقات الذي يجب الإحرام منه فعليه دم -أي فدية ذبح شاة-، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع، وبهذا قال الحنابلة ومالك وابن المبارك.
وعند الشافعية تفصيل، فقد قالوا: إن جاوز الميقات وأحرم دونه نظرنا؛ فإن كان له عذر بأن يخشى أن يفوته الحج أو أن الطريق مخوف لم يعد وعليه دم. وإن لم يخش شيئًا لزمه أن يعود، فإن لم يرجع لزمه الدم. وإن رجع نظرنا: فإن كان قبل أن يتلبس بنسك -أي بعمل من أعمال الحج- كالطواف والسعي سقط عنه الدم؛ لأنه قطع المسافة بالإحرام وزاد عليه فلم يلزمه دم، وإن عاد بعدما وقف بعرفة أو بعدما طاف لم يسقط عنه الدم؛ لأنه عاد بعد فوات الوقت، فلم يسقط عنه الدم.
وعند الحنفية: إن أحرم دون الميقات ولم يقم بفعل من أفعال الحج، ثم عاد إلى الميقات، فلا شيء عليه. هذا بانسبة للآفاقي الذي أتى من خارج مكة.
وأما من هو بمكة ويريد الحج فنقول له أحرم من بيتك في مكة ولايلزمك انت تخرج للميقات ولا للحل
قال بعض أهل العلم رحمة الله عليهم: إنه يحرم من أي مكان من مكة. وقال بعضهم: إنه يحرم من الحرم، أي: من داخل المسجد الحرام. والصحيح: مذهب جمهور العلماء: أنه يحرم من منزله، أو من أي موضع من داخل مكة قبل أن يصل إلى منى. ورخص بعض العلماء أن يؤخر إحرامه إلى منى، وفي النفس منه شيء، والذين رخصوا في تأخير الإحرام إلى منى، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه أن يحرموا قبل الخروج إلى منى. وهذا لا يخلو من نظر، فإن الأصل يقتضي أن من أراد المضي والذهاب إلى نسك حجه يقتضي أن يكون من موضعه، وبناء على ذلك فإنه إذا ذهب إلى منى فإنه ذاهب وقاصد لحجه، وبين مكة ومنى مسافة، خاصة في القديم فإنه كان هناك مسافة تفصل مكة عن منى، ولذلك أشبه بالرجل الذي يريد الإحرام من موضع من البلد، فإن الأولى والأحرى له أن يحرم من مسكنه الذي نوى منه. وقال بعض العلماء: البلد كله بمثابة الموضع الواحد. فعلى هذا القول الثاني في أن البلد كله بمثابة الموضع الواحد، فإنهم يرون أن له أن يؤخر إلى منى. ولكن الذي تطمئن إليه النفس أن يحرم من نفس مكة لإحرام الصحابة من الأبطح، وهذا هو الأولى والأحرى؛ لما فيه من زيادة العبادة، ولما فيه من الاحتياط لها، وكل منهما مندوب إليه ومطلوب شرعاً.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ..
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 01:55 م]ـ
اقصد الاحرام دون الميقات ((قبل الوصول للميقات)) كمن احرم من الطائف من بيته قبل ان يصل للسيل الكبير ميقات اهل الطائف
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي أبو محمد الطائفي
هذا بحث مسألتك قد كتبته قديما ضمن رسالتي للماجستير المطبوعة عام 1420هـ وقد استللته منها من باب نشر العلم، واستجابة لطلبك وأسأل الله أن لا يحرمنا الأجر.
واعتذر بشدة عن عدم تنسيق الحواشي
--------------------------------------
الإحرام قبل الميقات
* الروايات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/83)
ــ أخرج الإمام مسلم رحمه الله بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ ـ قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن. قال عبدالله: وبلغني أن رسول الله ــ قال: (ويهل أهل اليمن من يلملم) (1).
ــ وأخرج أيضا بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما ـ قال: أمر رسول الله ـ ـ أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن ... ) (2).
ــ وأخرج البخاري رحمه الله بسنده عن زيد بن جبير (3) أنه أتى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ـ في منزله ـ وله فسطاط وسرادق ـ فسألته: من أين يجوز أن اعتمر؟ قال: (فرضها رسول الله ـ ـ لأهل نجد قرنا، ولأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة) (4).
ــ وأخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما: (أن رسول الله ـ ـ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، وقال: (فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمن أهله، وكذا فكذلك حتى أهل مكة يهلون منها) (5).
* اتفق العلماء رحمهم الله جميعا على أن تقديم الإحرام للحج أو العمرة عن الميقات المكاني جائز وأنه محرم، وقد نقل الإجماع ابن المنذر والخطابي وغيرهما.
قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل أن يأتي الميقات فهو محرم) (6).
ـــــــــــــ
(1) ـ صحيح مسلم كتاب الحج 2/ 839، باب مواقيت الحج والعمرة ح1182.
(2) ـ المرجع السابق، ح1183ـ15.
(3) ـ زيد بن جبير بن حرمل الطائي ثقة. (تقريب التهذيب ص222).
(4) ـ صحيح البخاري كتاب الحج 2/ 553، باب فرض مواقيت للحج والعمرة، ح (1450).
(5) ـ صحيح البخاري، كتاب الحج 2/ 554، باب مهل أهل مكة للحج والعمرة ح (1452)، صحيح مسلم، كتاب الحج 2/ 838، باب مواقيت الحج والعمرة ح1181، وللفظ له.
(6) ـ الإجماع ص41، وانظر المغني 3/ 274.
************************************************** *************
إلا داود وتبعه ابن حزم حيث قال: (فإن أحرم قبل شيء من هذه المواقيت وهو يمر عليها فلا إحرام له ولا عمرة له إلا أن ينوي إذا صار في الميقات تجديد إحرام فذلك جائز وإحرامه حينئذ تام وحجه تام وعمرته تامة) (1). وقد رد النووي هذا القول: بإجماع من قبله من العلماء (2).
واختلف العلماء في أيهما أفضل، الإحرام من الميقات المكاني المحدد أم الأفضل تقديم الإحرام عن الميقات، كأن يحرم من دويرة أهله أو من بيت المقدس ونحوه (3).
ويلاحظ أن الخلاف هنا في الأفضلية لا في الجواز.
* رأي الراوي:
ثبت عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ خلاف روايته السابقة.
ــ أخرج البيهقي بسنده عن نافع عن ابن عمر أنه أحرم من إيلياء عام حكم الحكمين (4). وأخرج مالك عن الثقة عنده أن عبدالله بن عمر أهل من إيلياء (5). والثقة عنده نافع (6). وأخرجه ابن أبي شيبة بسنده عن ابن عمر أنه أحرم من بيت المقدس (7).
ــ أخرج ابن أبي شيبة بسنده أن ابن عباس أحرم من الشام في برد شديد (8).
ــــــــــــــــــ
(1) ـ المحلى 7/ 70، ووافقهم إسحاق كما في فتح الباري 3/ 383.
(2) ـ انظر المجموع 7/ 205، طرح التثريب 5/ 6.
(3) ـ هذا إذا كان منزله خارجا عنه، أما إذا كان منزله دون المواقيت فالواجب هو الإحرام من محله لقوله ـ ـ: (من كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)، رواه البخاري من حديث ابن عباس، وفي لفظ عنده: (فمهله من أهله). ولا يسن الذهاب إليها لا في حج ولا عمرة. والله أعلم.
(4) ـ السنن الكبرى 5/ 30، المعرفة 7/ 103.
(5) ـ الموطأ، كتاب الحج 2/ 331، باب مواقيت الإهلال ح26، وأخرجه ابن عبدالبر في التمهيد 15/ 144 من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عنه.
(6) ـ انظر الزرقاني على الموطأ 2/ 241.
(7) ـ المصنف ص79، الجزء المفقود. قال في المحلي 7/ 75، صح عن ابن عمر أنه احرم من بيت القدس.
(8) ـ المرجع السابق ص80، وذكره ابن حزم في المحلى 7/ 75 بدون إسناد.
************************************************** ***********
الأقوال في المسألة:
1 ـ القول الأول:
أن الإحرام من الميقات هو الأفضل وهو السنة. وإن الإحرام قبلها مكروه. وهو قول مالك (1). والشافعي في أصح القولين (2). وأحمد في أصح الروايتين (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/84)
وقد كرهه عمر (4) وعثمان (5) وأبوذر (6) رضي الله عنهم وهو قول إسحاق وعطاء بن أبي رباح والحسن (7). وعلقمة في رواية (8)، ومجاهد (9) واختاره النووي (10).
القول الثاني:
ــ أن الأفضل من منزله قبل أن ينتهي إلى المواقيت.
وأن الإحرام من المواقيت رخصة وتوسعة يتمتع المرء بحله حتى يبلغها ولا يجاوزها والإحرام قبلها فيه فضل لمن فعله وقوي عليه ومن أحرم من منزله فهو حسن لا بأس به (11).
وهو مذهب الحنفية (12)، والثوري والحسن بن حي (13)، والشافعي في القول الآخر (14). وحكاه ابن المنذر عن علقة ـ في رواية ـ والأسود وعبدالرحمن بن أبي ليلى وأبي إسحاق السبيعي (15).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ بداية المجتهد 1/ 446، التمهيد 15/ 143، الجامع لأحكام القرآن 2/ 366.
(2) ـ المجموع 7/ 206، نهاية المحتاج 3/ 263.
(3) ـ المغني 3/ 264، الإنصاف 3/ 430، كشاف القناع 2/ 404.
(4) (5) ـ سيأتي قولهما في الكراهة.
(6) ـ مصنف ابن أبي شيبة ص82 الملحق.
(7) ـ التمهيد 15/ 143.
(8) ـ (9) مصنف ابن أبي شيبة ص82.
(10) ـ المجموع 7/ 206.
(11) ـ انظر التمهيد لابن عبدالبر 15/ 144.
(12) ـ انظر الحجة 2/ 10، المبسوط 2/ 166، بدائع الصنائع 2/ 164، فتح القدير 2/ 427ـ428، حاشية ابن عابدين 2/ 477ـ478.
* على تفصيل عندهم أنه أفضل إذا كان يملك نفسه أن يمنعها ما يمنع منه الإحرام وإلا فلا. فبالتالي يكونون موافقين للقول الثالث. والله أعلم.
(13) ـ انظر التمهيد 15/ 144.
(14) ـ انظر طرح التثريب 5/ 5، مغني المحتاج 1/ 475.
(15) ـ المجموع /208.
************************************************** ***********
* القول الثالث:
ــ إن أمن على نفسه من ارتكاب محظورات الإحرام. فالإحرام من دويرة أهله أفضل وإلا فالميقات. حكاه النووي عن بعض الشافعية (1).
الأدلة والمناقشة:
أدلة القول الأول:
1 ـ الأحاديث السابقة من روايتي ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.
ووجه الدلالة: أنها السنة التي سنها رسول الله ـ ـ وفعلها فهي أفضل (2)، والرسول ـ ـ وأصحابه لا يفعلون إلا الأفضل فدل على أن الإحرام من الميقات هو الأفضل. حيث أحرم ـ ـ من ميقاته الذي وقته لأمته ـ ـ، وذلك في حجته وفي عام الحديبية، ولم يحرم من بيته وما فعله فهو الأفضل (3).
قال النووي رحمه الله:
(فترك النبي ـ ـ الإحرام من مسجده الذي صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وأحرم من الميقات فلا يبقى بعد هذا شك في أن الإحرام من الميقات أفضل) (4).
* اعتراض:
فإن قيل: إنما أحرم النبي ـ ـ من الميقات ليبين جوازه.
فالجواب من وجوه:
أحدها: أنه ـ ـ قد بين الجواز بقوله كما هو الحال في سائر المواقيت الأخرى.
الثاني: أن بيان الجواز إنما يكون فيما يتكرر فعله، ففعله ـ ـ مرة أو مرات يسيرة على أقل ما يجزئ بيانا للجواز، ويداوم في عموم الأحوال على أكمل الهيئات كما توضأ مرة مرة في بعض الأحوال وداوم على الثلاث ونظائر هذا كثيرة، ولم ينقل أنه ـ ـ أحرم من المدينة وإنما أحرم بالحج وعمرة الحديبية من ذي الحليفة.
ــــــــــــــــــ
(1) ـ المجموع 7/ 206.
ولم أجد لهذا القول دليلا يذكر ولذلك لن أشير إليه ضمن المناقشة. وهو في حقيقته عائد إلى أحد القولين.
(2) ـ انظر بداية المجتهد 1/ 446، المغني 3/ 265.
(3) ـ انظر التمهيد 15/ 445.
(4) ـ المجموع 7/ 207.
************************************************** *********
الثالث: أن بيان الجواز إنما يكون في شيء اشتهر أكمل أحواله بحيث يخاف أن يظن وجوبه ولم يوجد ذلك هنا (1).
2 ــ إن أكثر الصحابة ومن بعدهم أدركوا أفضلية الإحرام من الميقات ولم ينقل أن أحداً من الصحابة أحرم قبله في عهده ـ ـ بل نقل عنهم كراهته وإنكاره (2).
ــ فقد أنكر وعاب عمر على عمران بن الحصين حين أحرم من مصره فغضب عليه وقال: (يتسامع الناس أن رجلا من أصحاب رسول الله ـ ـ أحرم من مصره) (3).
ــ وكره عثمان ـ رضي الله عنه ـ أن يحرم من خراسان أو كرمان ـ أخرجه البخاري معلقاً (4). ووصله سعيد بن منصور بسنده عن الحسن البصري أن عبدالله بن عامر (5) أحرم من خرسان فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه (6).
3 ـ أن المرء بإحرامه قبل يضيق على نفسه ما قد وسع الله عليه وأن يتعرض لما لا يؤمن أن يحدث في إحرامه (7).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/85)
4 ـ إن الميقات المكاني أحد الوقتين فلم يكن الإحرام قبله مستحبا كالإحرام بالحج قبل أشهره (8).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ انظر المجموع 7/ 207، المغني 3/ 265، شرح العمدة لشيخ الإسلام 1/ 362.
(2) ـ انظر شرح العمدة 1/ 374.
(3) ـ رواه البيهقي في السنن الكبرى 5/ 31، والطبراني في الكبير 18/ 107، رقم 204، وابن أبي شيبة في المصنف ص79، 82، (الجزء المفقود)، وابن حزم في المحلى 7/ 77 من طريق الحسن البصري.
وقال الهيثمي في المجمع 3/ 217: رجاله ـ الطبراني ـ رجال الصحيحين إلا أن الحسن لم يسمع من عمر.
(4) ـ صحيح البخاري، كتاب الحج 2/ 565 باب قوله تعالى: {الحج أشهر معلومات}.
(5) ـ عبدالله بن عامر بن ربيعة الغزي ولد على عهد النبي ـ ـ ابن خال عثمان، مات بالمدينة سنة 57هـ.
(انظر الإصابة 3/ 60ـ61).
(6) ـ ذكره الحافظ في الفتح 3/ 420، وأخرجه عبدالرزاق من طريق ابن سيرين قال: أحرم عبدالله بن عامر بن خراسان فقدم على عثمان فلامه، وقال: (غزوت وهان عليك نسكك)، وأخرجه ابن حزم في المحلى 7/ 77 من طريق عبدالرزاق، وذكر الحافظ له طرقا، وقال: (وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضا). ولم أجده في المصنف.
(7) ـ التمهيد لابن عبدالبر 15/ 143، وانظر المغني 3/ 265.
(8) ـ انظر المغني 3/ 265، شرح العمدة 1/ 366.
************************************************** *********
أدلة القول الثاني:
1 ـ عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله ـ ـ يقول: (من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) أو (وجبت له الجنة) (1).
ووجه الدلالة:
أن فيه جواز تقديم الإحرام على الميقات من المكان البعيد مع الترغيب فيه، وقد فعله غير واحد من الصحابة (2) ـ كما سيأتي.
الجواب:
1 ـ أن إسناده ليس بالقوي ـ كما في الحاشية.
2 ـ أن فيه بيان فضيلة الإحرام من فوق الميقات، وليس فيه أنه أفضل من الميقات، ولا خلاف أن الإحرام من فوق الميقات فيه فضيلة، وإنما الخلاف أيهما أفضل.
3 ـ أن هذا معارض لفعله ـ ـ المتكرر في حجه وعمرته فكان فعله المتكرر أفضل.
4 ـ أن هذه الفضيلة جاءت في المسجد الأقصى لأن له مزايا عديدة معروفة ولا يوجد ذلك في غيره فلا يلحق به (3). فدلالته أخص.
قال ابن قدامه رحمه الله: (ويحتمل اختصاص هذا ببيت المقدس دون غيره ليجمع بين الصلاة في المسجدين في إحرام واحد، ولذلك أحرم ابن عمر منه ولم يكن يحرم من غيره إلا من الميقات) (4).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ أخرجه أبوداود في السنن، كتاب المناسك 2/ 355، باب في المواقيت، ح1741، وسكت عنه واللفظ له. وابن ماجه في كتاب المناسك 2/ 999، باب من أهل بعمرة من بيت المقدس، ح3001ـ3002، بلفظ: من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له)، وابن حبان في صحيحه (9/ 14 الإحسان)، وأحمد في المسند 6/ 299، والدارقطني في السنن 2/ 283، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 30، من طريق حكيمة عن أم سلمة. والحديث ضعيف قال المنذري: (وقد اختلف الرواة في متنه وإسناده اختلافا كثيرا)، وقال ابن القيم: (قال غير واحد من الحفاظ: إسناده ليس بالقوي)، مختصر السنن 2/ 284. وقال النووي في المجموع 7/ 1204: (إسناده ليس بالقوي).اهـ فيه حكيمة غير مشهورة ولم يوثقها غير ابن حبان قال في التقريب ص745: مقبولة). وضعفه ابن حزم في المحلى 7/ 76، وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ 248.
(2) ـ معالم السنن 2/ 284.
(3) ـ المجموع 7/ 207، وانظر المغني 3/ 265.
(4) ـ المغني 3/ 265.
************************************************** *************
2 ـ ما جاء عن بعض الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ أنهم قالوا في تفسير قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} (1)، إتمامها أن تحرم من دويرة أهلك (2).
الجواب:
ان قول عمر وعلي وغيرهما هو: إتمام العمرة أن تنشيء للعمرة سفرا من بلدك تقصد له ليس أن تحرم بها من أهلك. هكذا فسره أحمد وسفيان الثوري.
ولا يصح أن يفسر بنفس الإحرام فإن النبي ـ ـ وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم وقد أمرهم الله بإتمام العمرة فلو حمل قولهم على ذلك لكان النبي ـ ـ وأصحابه تاركين لأمر الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/86)
ثم إن عمر وعليا ما كانا يحرمان إلا من الميقات فهل كانا يريان أن ذلك ليس بإتمام لهما ويفعلانه! هذا لا يمكن أن يصح منهما ـ رضي الله عنهما ـ ولذلك أنكر عمر على عمران بن الحصين إحرامه من مصره وأشتد عليه (3).
3 ـ إن الصحابة رضي الله عنهم ـ قد أحرموا من قبل الميقات منهم ابن عمر وابن عباس راويا الحديث، وابن مسعود وعمران، وغيرهم وهؤلاء أعرف بالسنة وهم فقهاء الصحابة وقد شهدوا إحرام رسول الله ـ ـ في حجته من ميقاته وعرفوا مغزاه ومراده وعلموا أن إحرامه من ميقاته كان تيسيراً على أمته. وأحرم علي وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما ـ من اليمن فلم ينكر النبي ـ ـ ذلك عليهما (4).
ـــــــــــــــــــ
(1) ـ سورة البقرة، الآية (196).
(2) ـ أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 276، والبيهقي في السنن 5/ 30، وابن أبي شيبة ص81، (الملحق) وابن جرير في تفسير هذا الآية رقم 3193ـ3194، قال في التلخيص الحبير 2/ 228. (وإسناده قوي).
(3) ـ انظر المغني 3/ 266، شرح العمدة 1/ 369.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والذي يدل على هذا التفسير ما روى عبدالرحمن بن أذينة عن أبيه قال: أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فسألته عن تمام العمرة فقال: ائت عليا فسله، فعدت فسألته فقال: ائت عليا فسله، فأتيت عليا فقلت: إني قد ركبت الخيل والإبل والسفن فأخبرني عن تمام العمرة فقال: تمامها ان تنشئها من بلادك. قال: هو كما قال). رواه سعيد وذكره أحمد)، وأخرجه بن حزم في المحلى 7/ 76 مختصرا. ومعنى أن تحرم من دويرة أهلك أن ينشي لها سفراً من عند أهله مقصودا لها كما يخرج للحج عامداً. ولذلك كانت العمرة التي ينشئ لها سفرا مفردا أفضل من عمرة التمتع والقران. والله أعلم.
(4) ـ انظر المحلى 7/ 76.
************************************************** *************
الجواب:
إن من أحرم من الصحابة قبل المواقيت: فالأكثر منهم عدداً، والأعظم منهم قدرا لم يحرموا إلا من المواقيت بل أنكروا على من فعل ذلك كما سبق ذكره عن عمر وعثمان رضي الله عنهما (1).
ويمكن حمل ما ورد عن بعض الصحابة وغيرهم أنهم لم يمروا على الميقات، ومن لم يمر على الميقات فليحاذه أو يحرم من حيث شاء احتياطا (2).
وإذا اختلفت الصحابة لم يكن قول بعضهم على الآخر حجة، كيف وقد يقال فيه مخالفة ظاهرة للرواية. رواية ابن عمر رضي الله عنهما ـ صريحة في ذلك. وقد وردت: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ... )، ولفظ: (أمر رسول الله ـ ـ أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة ... ).
ويؤيد ذلك الرواية الأخرى:
(فرضها رسول الله ـ ـ وقد سأله زيد بن جبير من أين يجوز أن اعتمر؟ فقال له ذلك. وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه بابا بعنوان: ميقات أهل المدينة، ولا يهلون قبل ذي الحليفة. وباب: (فرض مواقيت الحج والعمرة)، وذكر قصة زيد بن جبير السابقة (3).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وهذا التوقيت يقتضي نفي الزيادة والنقص فإن لم تكن الزيادة محرمة فلا أقل من أن يكون تركها أفضل) (4).
4 ـ ولأنه إذا أنشأه من أهله كان ذلك أزيد في الإحرام (5).
الجواب:
أن زيادة الأجر في الإحرام إنما تكون في اتباع السنة، لا في مخالفتها والازدياد عليها.
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله حيث أتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله من أين أحرم؟، قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله ـ ـ فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل. فإني أخشى عليك الفتنة،
ــــــــــــــــــ
(1) ـ انظر شرح العمدة 1/ 374.
(2) ـ انظر المحلى 7/ 78.
(3) ـ انظر صحيح البخاري 2/ 553ـ554.
(4) ـ شرح العمدة 1/ 365.
(5) ـ المعرفة 7/ 103.
************************************************** ********
فقال: وأي فتنة في هذه؟، إنما هي أميال أزيدها!، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله ـ ـ إني سمعت الله يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (1) (2).
ثم لو كان الفضل في غير ذلك لبينه للمؤمنين ولدلهم عليه إذ هو أنصح الخلق للخلق وارحم الخلق بالخلق ـ ـ (3).
* الإعتذار عن رأي الراوي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/87)
قال الشافعي رحمه الله: (وإذا كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ روى عن النبي ـ ـ أنه وقت المواقيت وأهل من إيلياء، وإنما روى عطاء عن النبي ـ ـ أنه لما وقت المواقيت قال: (يستمتع الرجل من أهله وثيابه حتى يأتي ميقاته) (4). فدل على أنه لم يحظر أن يحرم من ورائه ولكنه أمر أن لا يجاوزه حاج ولا معتمر إلا بإحرام) (5).
ففهم ابن عمر: أن المراد من حديث المواقيت الذي رواه منع مجاوزتها حلالا لا منع الإحرام قبلها (6). لكن يلاحظ أن الإعتذار هنا ليس في الأفضلية وإنما في الجواز وهذا لا خلاف فيه. ولذلك أرى ان يعتذر عن فعل ابن عمر ـ أو غيره.
بأنه أراد أن يجمع بين الصلاتين في المسجدين ـ الأقصى والحرام ـ في إحرام واحد، حيث لم يكن ابن عمر يحرم من غيره إلا من الميقات. فلعله رأي خصوصية لبيت المقدس دون غيره. والله أعلم (7).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ سورة النور، آية (63).
(2) ـ أخرج هذا الأثر عن مالك ابن العربي في أحكام القرآن 3/ 432، والشاطبي في الاعتصام 1/ 131ـ132، من طريق الزبير بن بكار قال حدثني سفيان بن عيينة، قال سمعت مالك بن أنس فذكره.
(3) ـ شرح العمدة 1/ 364.
(4) ـ رواه البيهقي في السنن 5/ 30، والمعرفة 7/ 102، من مرسل عطاء.
وأخرجه البيهقي 5/ 30 من طريق واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب مرفوعا: (ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض له في حرمته)، وقال: (هذا إسناد ضعيف واصل بن السائب منكر الحديث قاله البخاري وغيره).اهـ وأبوسورة ضعيف. انظر التقريب ص647، وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ 249 رقم 212.
(5) ـ الأم 7/ 253.
(6) ـ انظر شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 241.
(7) ـ انظر المغني 3/ 265، شرح مختصر الخرقي 3/ 64.
************************************************** ***********
ومما يدل على أن مذهبه ليس على إطلاقه:
ــ ما أخرجه ابن أبي شيبة بسنده أن ابن عمر سئل: الرجل يحرم من سمرقند ومن البصرة ومن الكوفة، فقال: ياليتنا ننقلب من الوقت ـ الميقات ـ الذي وقت لنا (1).
ــ وفي رواية عن ابن عمر أنه سئل: الرجل يحرم من سمرقند أو من الوقت الذي وقت له أو من البصرة، أو من الكوفة فقال ابن عمر: قد شقينا إذاً (2).
قال ابن حزم رحمه الله:
(لا يحتمل قول ابن عمر إلا أنه لو كان الإحرام من غير الوقت مباحا لشقى المحرمون من الوقت) (3).
* أما ابن عباس رضي الله عنهما: فله رأي موافق لروايته.
ــ عن مسلم القري (4) قال: سألت ابن عباس بمكة من أين أعتمر؟ قال: من وجهك الذي جئت منه ـ يعني ميقات أرضه (5).
* أما علي وأبو موسى رضي الله عنهما فإنهما قدما من اليمن مهلين بإهلال كإهلال النبي ـ ـ فعلمهما عليه الصلاة والسلام كيف يعملان. وليس في الخبر ذكر للمكان الذي أحرما منه ولا دليل بأن ذلك كان بعد توقيته المواقيت. ولا شك أن الإحرام قبل توقيت المواقيت جائز من كل مكان (6). ولو سلم بالمكان الذي أحرما منه وهو اليمن وأن ذلك كان بعد توقيت المواقيت فإن العبرة بالرواية وبفعله ـ ـ ولا يفعل إلا الأفضل.
والله أعلم.
أخوك: عبد الله بن عويض بن عبد الله المطرفي الهذلي
alma.trfi@hotmail.comalma.trfi@hotmail.comALMA.TRF I@HOTMAIL.COM
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ المصنف ص81، الجزء المفقود، وانظر: المحلى 7/ 77.
(2) ـ انظر المحلى 7/ 77.
(3) ـ المحلى 7/ 77.
(4) ـ مسلم بن مخراق العبدي القري البصري، صدوق. (انظر التقريب ص530).
(5) ـ المحلى 7/ 77، والأثر رواه من طريق وكيع حدثنا شعبة عن مسلم القرى عنه، ومسلم صدوق.
(6) ـ انظر المحلى 7/ 76.
ـ[ابو همام المكي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:17 ص]ـ
بارك الله يك أخي الفاضل
كفيت ووفيت
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 09:02 م]ـ
اخي عبد الله الهذلي اين توجد رسالتك في اي جامعة وما اسمها
واتمنى ان تضع البحث على ملف وورد وبارك الله فيك
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 10:13 م]ـ
أين السلام؟ يا أخا الاسلام
فسلام الله عليك ورحمة الله وبركاته
أما بعد: فالرسالة مطبوعة (بمكتبة الرشد) 1420هـ بعنوان: حكم الإحتجاج بخبر الواحد إذا عمل الراوي بخلافه دراسة فقهية مقارنة اشراف الدكتور: عبد المجيد محمود عبد المجيد
مناقشة الدكتور: شرف بن علي الشريف والدكتور: محمد علي ابراهيم.
فابحث عنها في جميع المكتبات، وقد رأيتها في الطائف في مكتبة الصديق سابقا وغيرها.
واعتذر عن التنسيق على الوورد حتى آخذ دورة في ذلك.
ومعذرة عن العتاب وإطالة الخطبة.
أبو أحمد الهذلي: كنية (عبد الله بن عويض المطرفي الدخيلي الهذلي)
alma.trfi@hotmail.com(87/88)
مسألة في المواريث
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:37 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
ما حكم ميراث الحفده من الجد اذا كان أبيهم متوفى؟ علما بأن الحاكم يجعل لهم الحق في ذلك .... !
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
ـ[أبوحامد الحمادي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 12:08 ص]ـ
أنا لا أفتيك في هذه المسألة .... ولكن حسبي أن أكون ناقلا ...
هذه المسألة تسمى عند الفقهاء بالوصية الواجبة .... منعها الشافعية وأوجبها الأحناف .... وأخذ القانون المصري - كما سمعت - برأي الأحناف.
فيجب الرجوع في ذلك إلى ما يفتيك به علماء دولتك لأن الحكم الشرعي في تقسيم الإرث سيكون صادرا من المحاكم الشرعية تبعا لقوانين دولتك ...
والله أعلم بالصواب(87/89)
ماهو افضل كتاب يتحدث عن الحج
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 05:40 م]ـ
وهل هو منزل على الشبكة وفقكم الله
ـ[أبو إسرائيل السكندري]ــــــــ[03 - 11 - 07, 02:41 م]ـ
تجد بغيتك هنا إن شاء الله:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=114231
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[03 - 11 - 07, 06:01 م]ـ
النسخة الاكروبات حملها من هنا
http://www.hotaybah.com/downloads/hag1.pdf
ـ[عبدالمنعم الشنو]ــــــــ[06 - 11 - 07, 04:10 ص]ـ
أخي هذا موقع كتاب "حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه"
للألباني رحمه الله
http://saaid.net/book/open.php?cat=87&book=976
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 03:22 م]ـ
جزاكم الله خيراً ..(87/90)
إعلان و طلب: لقاء مع الشيخ الفوزان (مفهوم التيسيرفي الحج) في ديوانية الحمدان .....
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[02 - 11 - 07, 10:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيسرنا في ديوانية الشيخ عبدالعزيز الحمدان بحي الملك فهد
أن تستضيف الشيخ عبدالعزيز الفوزان في يوم الجمعة بتاريخ 27/ 11
بعد صلاة العشاء مباشرة
و عنوان اللقاء
(مفهوم التيسير في الحج)
فهذا هو الإعلان ...
أما الطلب
فهو طلب للإخوة الأكارم عامة بالحضور، و الإستمرار في الحضور في هذا اللقاء الشهري
و طلب خاص للإخوة المختصين أو المهتمين بهذا الموضوع خصوصا بالخضور و الإدلاء برأيهم في المسألة ـ سواء كانوا من أهل التيسير أو التوسط أو التشديد ـ، و نحن نعطي المعلق الرئيسي من الثلاث إلى الخمس دقائق و قد تصل إلى السبع ـ بحسب الحال ـ، فأنا أطلب من الأخوة المختصين و المهتمين ممن يرغب في التعليق ـ كمعلق رئيسي ـ مراسلتي على الخاص أو هنا في هذا الموضوع، و أريد على الأقل معلقا واحدا من كل طرف، و أرجوا التبكير في المراسلة قدر الإمكان لأني في طور التنسيق مع مع المهتمين بهذا الموضوع.
كما أرجوا تقديم أسماء مقترحة للتعليق على الموضوع.
و لكم جزيل الشكر و أوفره
# أرجوا نشر الإعلان قدر الإمكان، و إيصاله إلى أكبر قدر من الأخوة و المواقع و المنتديات #
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[04 - 11 - 07, 12:16 ص]ـ
جزاكم الله خيراً , ونفع بكم.
ولعل الإخوة هنا في الملتقى يحذون حذوكم في الإعلان عن الأمسيات والمحاضرات التي تقام في الدور والديوانيات ... الخ , وما يسمى مثلاً الأحدية ... وهكذا.
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 04:14 م]ـ
جزاكم الله خير على هذه الجهود
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[20 - 11 - 07, 09:17 م]ـ
و إياك أخي الكريم
و أنا أقترح أن يوضع شريط للإعلان في الملتقى
لعل هذا الإقتراح يلقى صدى لدى الاخوة
ـ[علي الكناني]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:29 م]ـ
ليتك تدلنا على مكان الديوانية أخي الكريم؟؟
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:04 ص]ـ
معذرة اخي المثابر!!
هل تصدق اني وضعت الموضوع و نسيت اني لم اضع الوصف:)؟!
و ذلك لاني وضعت الوصف في الألوكة و ظننت وضعته في كلا الموضعوين ....
شكرا لك على التذكير
و هذا هو الوصف:
موقع الديوانية:
حي الملك فهد ..
مع تقاطع الملك فهد مع شارع الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد (الجامعة) اتجه شرقًا (باتجاه الدائري الشرقي)، بعد حوالي 1.2 كلم تصل لشارع ثلاثين (المغيرة بن شعبة) اتجه يمينًا (جهة الجنوب)، مع أول فتحة في الجزيرة الوسطية ارجع باتجاه الشمال ( U turn)
أول شارع بعد المسجد يمين
بعد التقاطع الأول أول باب على اليسار
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:19 م]ـ
هذا كروركي الموقع
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:33 م]ـ
هل هناك طريقة للتواصل مع هذه الديوانية المباركة
وذالك بأن نرسل رسالة فراغة على جوال ما فيصلنا جديد الديوانية؟؟
ـ[زيد الزعيبر]ــــــــ[27 - 11 - 07, 02:16 م]ـ
هل هناك طريقة للتواصل مع هذه الديوانية المباركة
وذالك بأن نرسل رسالة فراغة على جوال ما فيصلنا جديد الديوانية؟؟
فكرة جميلة ليتكم شيخ عبدالرحمن تعرضونها على الإخوة لديكم في الديوانية
وأسأل الله أن يبارك في جهودكم شيخ عبد الرحمن ..
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[27 - 11 - 07, 07:32 م]ـ
الأخوان أبا عبدالملك التميمي و زيد الزعيبر:
غالين و الطلب رخيص:)
نعم هناك وسيلة للتواصل مع الديوانية، و ذلك بحضورك عندنا في 27 من هذا الشهر و تسجيل اسمك و رقم جوالك أو رقم جوالك فقط، و ستأتيك الرسالة بإذنه تعالى قبل الموعد بوقت كافي.
أو
بالإمكان إرسال رقمك لي على الخاص و سيضاف بإذن الله، و أنا أفضل الطريقة الأولى لأنني أطمع بحضوركم و جميع الإخوة في آخر لقاء لنا قبل الحج.
و إن اردت الثانية فلا بأس؟.
جزاكم الله خيرا و لا تحرموننا حضوركم.
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 03:16 م]ـ
جزاك الله خيراً ..
لكن اين مكان الديوانية .. ؟
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[05 - 12 - 07, 07:42 م]ـ
أخي مصعب الخضير
لقد وضعت الوصف في المرفقات في احد الردود السابقة.
و حياك الله يوم الجمعة القادم .... بعد غد ..... :)
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[06 - 12 - 07, 06:51 م]ـ
موعدنا غدا بإذن الله ....
أي استفسار فأنا على أتم استعداد(87/91)
أجد صعوبة في فهم باب البيوع من عمدة الفقه , فبماذا تنصحونني؟
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 10:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجد صعوبة في فهم باب البيوع من عمدة الفقه , فبماذا تنصحونني؟
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 11:31 م]ـ
أخي الفاضل /
خذ أشرطة الشيخ محمد المختار الشنقيطي في شرحه الذي ألقاه في دورة علمية في الرياض ..
فهو سهل وميسر .. يوجد في تسجيلات الراية ...
وهو خاصٌ بالبيوع فقط.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[02 - 11 - 07, 11:44 م]ـ
بارك الله فيك أخي مهند ,
هل الشرح موجود على الشبكة؟
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 01:34 م]ـ
بارك الله فيك أخي مهند ,
هل الشرح موجود على الشبكة؟
وفيك أخي الفاضل ........
ولا علم لي بوجوده على الشبكة أو لا.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 02:23 م]ـ
ستجد شروحا كثيرة لكتاب البيوع من عمدة الفقه على طريق افسلام .. وأذكر منها شرح الشيخ الفوزان والخضير والشنقيطي ومحمد حسن عبد الغفار ... اكتب كلمة (البيوع) في الباحث وانظر نتائج السلاسل والألبومات.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:50 م]ـ
باترك الله فيكم , فعلا هناك شروح كثيرة في الموقع المذكور.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:51 م]ـ
باترك الله فيكم , فعلا هناك شروح كثيرة في الموقع المذكور.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:15 م]ـ
طيب يا اخوان لدي الآن:
حاشية البسام على عمدة الفقه (وهي المقرر الدراسي).
والعدة في شرح العمدة.
وحاشية بن قاسم على الروض المربع.
والشرح الممتع لابن عثيمين.
فما هي الطريقة المثلى لكي أبدأ في دراسة باب البيوع من عمدة الفقه؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن عبدالله بن محمد]ــــــــ[15 - 11 - 07, 02:19 م]ـ
الشرح الممتع عليك به
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 04:56 م]ـ
الشرح الممتع عليك به
ا يستقيم أن ابدأ بالممتع وأترك المقرر.(87/92)
لاجديد في أحكام الحج
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 11 - 07, 10:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله على نبينا محمد وآله.
فلا جديد في أحكام الحج عما كان عليه عمل المسلمين قرنا بعد قرن، فالمناسك التي شرعها الله تعالى للمسلمين جعل عليها دلائل بينة واضحة، يحفظها الله تعالى إتماما لوعده بحفظ دينه، فلا مجال للزيادة فيها ولا النقصان منها.
ومن هذا الباب فقد ذهب بعض أهل العلم المعاصرين إلى بحث بعض المسائل المتعلقة بالمشاعر وتوصلوا إلى أن بعض الحدود الموجودة الآن للمشاعر كعرفة ومزدلفة ينقصها بعض الأماكن التي لم تدخل ضمن اللوحات المعدنية التي تحددها الآن، وحيث أن هذه المسائل تهم كل المسلمين وتخص مناسكهم ومشاعرهم فإن الكلام فيها ليس بالأمر الهين، ولاينبغي الإقدام على المخالفة إلا بأدلة قوية وتثبت ومشاورة لأهل العلم.
وقد وقفت قبل نحو أسبوع على رسالة للشيخ عبدالعزيز بن أحمد بن محسن الحميدي حفظه الله ورعاه بعنوان (المزدلفة) الطبعة الأولى 1427، وقد ذهب فيها إلى أن التحديد الموجود الآن لمزدلفة أسقط مساحة كبيرة تقع بين عرفة ومزدلفة من جهة وادي عرنة، وذكر عددا من الأدلة على إثبات إدخال هذه المساحة في مزدلفة.
قال الشيخ الحميدي في رسالته ص 10
الفصل الثاني
حدودها طولا وعرضا
وهذا هو المقصود الأهم في هذا البحث فإن معرفة حدود مزدلفة طولا وعرضا أمر عظيم الأهمية لتعلق ذلك بنسك مهم من أنساك الحج وهو المبيت بمزدلفة والصلاة بها المغرب والعشاء جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين. وكذلك صلاة الفجر يوم النحر بها. والوقوف بها بعد الفجر. والذكر والدعاء ثم الدفع منها قبيل طلوع الشمس.
هذا وقد تبين لي والحمد لله كما سيتبن لك إن شاء الله من خلال هذا البحث أن مزدلفة (المشعر الحرام) واسعة جدا وليس كما هي محددة الآن فإني أرى أن تحديدها بالحدود القائمة الآن بهذه اللوحات المعدنية قد ضيق حدود هذا المشعر الحرام جدا وحرم الحجاج من مثل وربما ضعف مزدلفة الحالية.
مما يترتب عليه عسر شديد يقع على الحجيج إذا أرادوا جميعا في وقت واحد دخول المزدلفة، والانكماش إلى داخل الحدود التي نصبت عليها هذه اللوحات المعدنية.فنكون بذلك قد ضيقنا ما وسع الله تعالى وبلا حجة وبرهان.
وسأسلك في تقرير هذه القضية المنهج الآتي:
سأنقل إن شاء الله كل ما وقفت عليه من آثار عن الصحابة والتابعين وكذلك كل ما وقفت عليه من نصوص العلماء في كتبهم ويشمل ذلك كتب اللغة والتفاسير وشروح الحديث وكتب الفقه وكتب التاريخ. ثم نستنبط منا مانريد إثباته من بيان حقيقة حدود هذا المشعر الحرام المزدلفة.
والله المستعان وعليه وحده التكلان ولاحول ولاقوة إلا به.
ولعلي أفتح موضوعا خاصا بإذن الله تعالى لمناقشة بعض ما ذكره في هذه الرسالة للمدارسة والفائدة.
والرسالة الثانية التي وقفت عليها هي (حدود المشاعر المقدسة) للشيخ عبدالملك بن دهيش حفظه الله، حيث قال في رسالته ص 122
4 - من الجنوب الخط المستقيم الممتد بين قرن جبل نمرة النادر على بطن عرنة إلى حوائط ابن عامر، إلى طريق الطائف القديم.
وقد اختلفت في هذا الحد الجنوبي مع ما قررته اللجنة المشكلة في سنة 1388 هـ والتي صدر قرارها ......
وقد وعدت مطالعي كتاب (أخبار مكة) ببيان أدلتي في مبحث أقوم بنشره لاحقا، وها أنا أوفي بما وعدت) انتهى.
ولعلي كذلك أفتح موضوعا خاصا لمناقشة ما ذكره الشيخ حفظه الله من باب المدارسة والفائدة.
أسال الله تعالى أن ييسر هذا الأمر وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 05:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
شيخنا هل المقصود بالجديد ما خالف الإجماع؟
أم ما خالف ما عليه عمل الناس في هذه الأعصار؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[10 - 11 - 07, 09:49 ص]ـ
المقصود حفظك الله مدارسة المسائل التي ذهبت إلى خلاف الحدود المعروفة الآن للمشاعر.
ولعل مما يلحق بذلك التوسعة الجديدة للمسعى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566
ـ[عبدالإله السبيعي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 12:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 02:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ننتظر البحث ..
على شوق بارك الله فيكم ..
ـ[الجعفري]ــــــــ[15 - 11 - 07, 10:07 ص]ـ
ونحن بالانتظار
وفقك الله.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 11 - 07, 03:08 ص]ـ
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم
(لاجديد في أحكام الحج) (1) رفع الكلمة في الرد على رسالة المزدلفة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=699427#post699427
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[20 - 11 - 07, 03:40 م]ـ
سلام عليكم
لماذا المشاركة مغلقة في هذا الموضوع
(لاجديد في أحكام الحج) (1) رفع الكلمة في الرد على رسالة المزدلفة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...427#post699427
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/93)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[25 - 11 - 07, 04:17 م]ـ
سلام عليكم
لماذا المشاركة مغلقة في هذا الموضوع
(لاجديد في أحكام الحج) (1) رفع الكلمة في الرد على رسالة المزدلفة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...427#post699427
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لعل هذا الموضوع يكون خاصا بالرد على ما جاء في الرسالة وهو مسودة للبحث، وقد يشارك في الموضوع الشيخ عبدالعزيز الحميدي حفظه الله، وبعد انتهاء البحث يمكن المشاركة في موضوع مستقل، وجزاك الله خيرا.
ـ[علي الكناني]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:26 م]ـ
أثابكم الله ...
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 12 - 07, 12:32 ص]ـ
تم بحمد الله تعالى كتابة الرد على مجمل رسالة الشيخ الفاضل عبدالعزيز الحميدي حفظه الله، ومن كان له تعقيب أو إفادة فيمكنه كتابة ذلك في هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119312
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 12 - 07, 12:45 ص]ـ
سلسلة لاجديد في أحكام الحج (2) مناقشة كلام الشيخ عبدالملك بن دهيش حفظه الله حول حدود عرفة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119375(87/94)
شَرْحُ زَادِ المُسْتَقْنِع " كِتَابُ الطَّهَارَةِ "للشيخ الشنقيطي
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 04:57 م]ـ
شَرْحُ زَادِ المُسْتَقْنِع
دروس مسجد التنعيم بمكة المكرمة
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد بن حبيب الله بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي
المدرس بالمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة
حفظه الله تعالى ونفع بعلمه وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين
...
هذه النسخة الوحيدة التي تمّت مُراجعتها، وإعتمادها من قِبلِ الشيخ حفظه الله تعالى ونفع به
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 04:59 م]ـ
تنبيه مهم
أولاً: هذا الشرح أصله شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع، والذي تمَّ بتوفيق الله، ومعونته في مسجد التنعيم بمكة، وتمَّ تسجيله، ثم فرغت الأشرطة بعد ذلك في مذكرات لم تستوعب جميع الشرح.
ثانياً: وبعد قراءة المذكرات تبين وجود الحاجة إلى تصحيحها نظراً إلى أن الشرح كان إلقاءاً، ولم يكن كتابة.
ثالثاً: تمت إعادة صياغة الجمل، والعبارات بما يتناسب مع الشرح الكتابي، وعليه فإن هذا التصحيح يختلف كثيراً عن الأصل المسجَّل، وقد أضيفت فيه بعض المسائل، وحذفت مسائل أخرى كما أضيفت بعض الأدلة، والفوائد التي يقتضيها الحال.
رابعاً: تعتبر هذه النسخة هي الوحيدة التي ينبغي إعتمادها، وجميع المذكرات السابقة ملغاة، فيما تمَّ تصحيحه، وإخراجه من هذه النسخة، وسيتمّ ذلك تباعاً بإذن الله عزوجل حتى يكمل الشرح.
خامساً: هذه هي المراجعة الأولى، وستتلوها المراجعة الثانية بعد الإنتهاء من تصحيح جميع الشرح بإذن الله تعالى.
سادساً: على الإخوة عدم توزيع المذكرات السابقة لهذه المذكرة، أو إعتماد ما فيها إذا خالف هذه النسخة، أو ما بعدها من النسخ المصححة.
سابعاً: لا يفوتني أن أشكر الإخوة الذين قاموا بجهود عظيمة في تفريغ النسخة السابقة، وتوزيعها على طلبة العلم، وكذلك الإخوة الذين ساهموا في إخراج هذه النسخة سائلاً المولى أن يُعظِم أجرهم، وأن يتقبل منا، ومنهم.
وأسأل الله العظيم أن يجعله علماً نافعاً، وعملاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم، موجباً لرضوانه العظيم، إنه ولي ذلك، والقادر عليه، وصلى الله، وسلم، وبارك على خير خلقه، وآله، وصحبه أجمعين.
الراجي عفو ربه ومغفرته
له ولوالديه وللمسلمين
محمد بن محمد المختار بن محمد بن حبيب الله
إبن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:08 م]ـ
شرح مقدمة الكتاب
قال المصنف رحمه الله: [الحَمْدُ للهِ حَمْداً لا يَنْفدُ أَفضَلَ ما ينْبغي أَنْ يُحْمَد، وصلّى اللهُ، وسَلّمَ على أفضلِ المُصْطَفين مُحمَّدٍ]:
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله، وسلم، وبارك على خير خلق الله أجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه مقدمة المصنف-رحمه الله- لهذا الكتاب المبارك (أعني زاد المستقنع) إبتدأها رحمه الله بقوله: [الحمد لله].
وهذه البدآءة من عادة أهل العلم-رحمهم الله- فإذا أرادوا التصنيف، أو الخطابة، أو الكتابة، صدّروها بحمد الله-جلّ وعلا-.
ودليلهم في ذلك الكتاب، والسُّنة، والإجماع.
أما دليل الكتاب: فإن الله-تبارك وتعالى- إستفتح كتابه المبين بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) فاستفتح أفضل الكتب، وأشرفها، وأجلَّها على الإطلاق، وهو القرآن بقوله سبحانه وتعالى: {الحَمْدُ للهِ}.
قال بعض العلماء: في هذا دليل على أنَّه يُشرع إِستفتاح كتب العلم بحمد الله-جل وعلا-.
وأما دليل السُّنة: فإن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - إستفتح خطبه بقوله: (الحمدُ لله) وثبت ذلك عنه-عليه الصلاة والسلام- في مواعظه المشهورة: كما في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة رضي الله عنها حيث قالت:" فحَمِد الله، وأثنى عليه، ثمَّ قال ".
فقولها: " فحمد الله " أي: استفتح كلامه، وخطابه للناس بحمد الله.
وأجمع العلماء-رحمهم الله- على مشروعية إِستفتاح الكتب، ونحوها بحمد الله-جل وعلا-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/95)
والمناسبة في ذلك: أن الله-جل وعلا- هو المستحق للثّناء، وما كان العبد ليعلَم، أو يتعلّم لولا أنّ الله علّمه، وما كان ليفهم لولا أن الله فهّمه.
فاستفتح بحمد الله الذي شرّفه، وكرّمه بالعلم كما قال سبحانه وتعالى: {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (2).
وقالوا: كما أن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - إستفتح الخطبَ بالحمد، فإنه يشرع استفتاح الكتب به؛ لأنّ الخطبة، والكتاب كلّ منهما هدفه واحد؛ وهو الدعوة إلى الله، فكما أنّ المراد من خُطبِه - عليه الصلاة والسلام - توجيه الناس، ودلالتهم على الخير، فكذلك المراد من كتابة الكتب، وتأليف المؤلفات توجيه الناس، ودلالتهم على الخير، فلهذا كلّه شُرع استفتاح كتب العلم، ورسائله، والخطب، والندوات، ونحوها مما فيه تعليم، وتوجيه بحمد الله؛ لما فيه من تعظيم الله-جلّ وعلا-، ولما فيه من الاعتراف بالجميل، والثّناء على الله العظيم الجليل.
قال المصنف رحمه الله: [الحَمْدُ للهِ]: الحمد في اللغة: الثَّناء، وقد أطبق على ذلك الأئمة، والعلماء في تعريفه اللغوي، ولذلك يقولون: حمدَ الشَّيءَ؛ إذا أثنى عليه.
والمراد بالحمد في إصطلاح العلماء: (الوصفُ بالجميلِ الاختياريّ على المنعم، بسبب كونه منعماً على الحامد، أو غيره).
فقولهم: (الوصف بالجميل الاختياريّ): المراد به: أن تذكر الصِّفة الجميلة في الإنسان، فإذا قلت مثلاً: محمد كريم، أو شجاع، أو فاضل فإنك تكون قد وصفته بالجميل فأنت حامد له، ومُثْنٍ عليه، وقولهم: (على المنعم) أي الذي أعطى النعمة، وهو الله تعالى وحده، والمخلوق بإذن الله تعالى، وبفضله.
فالصفات الجميلة تكون لله تعالى، فكلُّ صفاته جميلة جليلة سبحانه، وتكون للمخلوق بفضله سبحانه فإذا وصَفَ اللهَ تعالى، وأثنى عليه بما هو أهله فقد حمده، وإذا وصَفَ المخلوقَ بما فيه من الصفات الحميدة، وأثنى عليه بها فقد حمده.
وقولهم: (بسبب كونه منعماً على الحامد، أو غيره) أي: أن الحمد لا يتوقف على وجود إحسان، وإنعام من الشخص المحمود على الحامد، ومن هنا خالف الحمدُ الشكرَ لأن الشكر ينشأ بسبب الإحسان، والنعمة، وصار الحمد أعمَّ، فأنت تحمد من إتّصف بالصفات الجميلة بغضِّ النظر عن كونه أحسن إليك، أو أحسن إلى غيرك.
فأصبح الفرق بين الحمد، والشكر:
أنّ الشُّكر أعمُّ بالوسيلة التي يُعبّر بها، وأخصُّ من جهة السبب الباعث عليه.
والحمد أعمُّ من جهة السبب الباعث عليه، وأخصّ من جهة الوسيلة التي يُعبّر بها عنه.
فالحمد إنما يكون باللسان فهو أخصّ بالوسيلة التي يعبر بها عنه، والشُّكر أعمُّ منه؛ لأن الشكر يقع باللسان، وبالجنان، وبالجوارح.
أما باللسان فمنه قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (1) لأنّ الحديث عن النِّعمِ شكرٌ للمُنعِمِ.
كذلك أيضاً يقع بالجنان: ومنه قوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (2) أي: إعتقدوا أنها من الله، فمِنْ شُكْرك لنعمة الله أن تعتقد في قرارة قلبك أنّ الله أنعم بها عليك؛ وحده لا شريك له.
ويكون الشكر بالجوارح، والأركان فتشكره سبحانه بالعمل في طاعته، ومرضاته، ومنه قوله تعالى: {إِعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً} (3)، وتشكر المخلوق بالجوارح أيضاً؛ حينما تردُّ جميله بخدمته، وعمل ما يُحِبُّ.
فهذه ثلاثة أنواع من الشُّكر: الشكر بالجَنان، وباللِّسانِ، وبالجوارحِ.
فتشكر بلسانك؛ فتثني على الإنسان الذي أسدى إليك النّعمة بعد الله، وتشكر بجنانك، فتعتقد فضله، وتشكر بجوارحك، وأركانك بردّ الجميل إليه، أو فعل ما يردّ إحسانه إليه، وقد جمعها الشاعر بقوله:
أفادَتْكُمُ النَّعْماءُ منّي ثَلاثةً يَدِي ولِسَاني والضَّميرَ المُحَجَّبا
فقوله: (يدي) أي: أشكركم بيدي، فأعمل في خدمتكم.
وقوله: (ولساني) أي: أشكركم بلساني، فأتحدّث بفضلكم.
وقوله: (والضَّميرَ المُحَجّبا) أي: أشكركم بقلبي، فأعتقد فضلكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/96)
أما بالنسبة للحمد فلا يكون إلا باللسان، ولكن من جهة السبب الحمد أعمّ من الشكر، فتحمد الإنسان سواء أنعم عليك بعد الله، أو لم ينعم تقول: فلان كريم، ولم يعطك شيئاً، ولكن رأيت فيه هذه الخصلة الطّيبة فأثنيتَ عليه، وحمِدتَه، إذاً فالحمد لا يستلزم وجود فضلٍ للمحمود على الحامد؛ ولكن الشكر إنما يكون بعد جميل، ونعمةٍ من المشكور، فلا تشكر إلا من أحسن، وأسدى إليك المعروف.
إذاً فالفرق بينهما أنّ بينهما العُموم، والخُصوص.
قوله رحمه الله: [الحمدُ للهِ حمداً لا يَنْفدُ]: أي أحمد الله-تبارك وتعالى- حمداً لا ينتهي.
قوله رحمه الله: [الحمد لله]: العلماء يقولون استفتح الله كتابه بالحمد لله؛ فاختار اسم الله، ولم يقل الحمد للكريم، أو للعظيم، مع أنه سبحانه عظيم، وكريم بلا شكٍ، ولكن تخصيص الاسم الدّال على الذّات أبلغ في الحمد، والثناء من ذكر الوصف؛ لأنك لو قلت الحمد للكريم؛ لأشعر أنك حمدته من أجل أنه كريم، ولكن لما قلت الحمد لله، أثبت له الحمد لذاته-سبحانه وتعالى- فكان أبلغ.
قوله رحمه الله: [حَمْداً لا يَنْفدُ]: أي أحمده حمداً لا ينتهي، ولا ينقطع فالله هو المستحق للحمد الذي لا ينفد؛ لأن نعمه لا تنقطع، ولا تنتهي على العبد، وهو لا يستطيع عدّها فضلاً عن شكرها، والثناء على الله- عز وجل - بما هو أهله.
قال رحمه الله: [أفضلَ ما يَنْبغي أنْ يُحمد]: قوله [أَفضلَ]: على وزن أفعل، والعرب تأتي بهذه الصيغة، وهي صيغة أفعل التفضيل، لتدلّ على أن شيئين، فأكثر إشتركا في شيء، وأن أحدهما أفضل من غيره فيه، والفضل في اللغة أصله الزيادة أي: أن هذا الحمد مع كونه لا ينقطع، ولا ينتهي كذلك هو بأفضل، وأحسن ما ينبغي أن يكون عليه حمده سبحانه.
قال رحمه الله: [وصلّى اللهُ، وسلّم على أفضلِ المُصْطَفِينَ مُحمَّدْ]: قوله رحمه الله: [وصلّى الله]: الصلاة تطلق في اللغة بمعانٍ:
منها: الصلاة بمعنى الدعاء، ومنه قول الشاعر:
تَقُولُ بِنْتِي وَقَدْ قَرَّبْتُ مَُرتحلاً يَاربِّ جَنِّب أَبِي الأَوصَابَ وَالوَجَعَا
عَلَيكِ مَثْلُ الذِي صَلِّيتِ فَاغْتمِضِي عَيْنَاً فَإِنَّ لجِنْبِ المَرْءِ مُضْطَجَعَا
يقول الشاعر: إن إبنتي حينما هيأتُ رحلي للسفر قالت هذا الدعاء:- (يا ربِّ جنِّب أبي الأوصابَ والوجعا) أي: أنها دعت له بالسلامة، فقال ذلك الأب يجيبها: (عليك مثلُ الذي صلّيتِ)، أي: عليك مثل الذي دعوت به فقوله:- " مثل الذي صليت " أي: دعوت، وهو موضع الشاهد من البيت؛ أنه استعمل الصلاة بمعنى الدعاء، ومنه قول الحق تبارك وتعالى: {خُذْ مِنْ أمْوالهمْ صَدَقةً تُطَهرُهمْ وتُزَكِّيهمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (1) أي إذا أعطوا الزكاة لك يا رسولنا فصلِّ على من أعطاها لك، ولذلك قال العلماء: يسن للإمام، أو نائبه الذي يلي أخذ الزكاة من الناس إذا أخذها منهم أن يدعو لهم بالبركة، والخير في أموالهم فقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي: اُدعُ لهم؛ فالصلاة استعملت هنا بمعنى الدعاء.
ومن معاني الصلاة الرحمة، وهي من الله لعبده، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (2).
وصلاة الله على العبد رحمته، فالصلاة تطلق بمعنى الرحمة، ومنه قول الشاعر:
صَلَّى المَليْكُ عَلَى اْمرِئٍ وَدَّعتُهُ وَأَتمَّ نِعْمَتَهُ عَلِيهِ وَزَادَهَا
أي: رحم الله ذلك العبد، أو ذلك الأخ الذي ودَّعتُه.
ومن معاني الصلاة في لغة العرب: البركة، والزيادة، وفُسّر به قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري، وغيره: [اللهمَّ صَلِّ على آل أبي أوفى] قيل معناه: بارك لهم.
فهذه ثلاثة معانٍ للصلاة الدعاء، والرحمة، والبركة.
وقوله [وصلّى الله]: المراد به الرحمة، أي: رحم الله.
قوله رحمه الله: [وسلم على أفضل المصطفين محمد]: قوله رحمه الله: [وسلم] السلام: إما مأخوذ من السلامة من الآفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/97)
وإما أن يراد به التحية، قال بعض العلماء قول الإنسان: السلام عليكم؛ أي سلّمكم الله من الآفات، والشرور، وهي التحية، والسلام من السلامة، وهو إسم من أسماء الله جل وعلا قال تعالى: {المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ}.
وجمع المصنف بين الصلاة على النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -، والسلام عليه؛ لأنّ ذلك أكمل.
قال بعض العلماء: (أدب الصلاة على النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أن يُجْمَع فيها بين الصلاة، والسلام عليه، عليه أفضل الصلاة والسلام) اهـ.
والدليل على ذلك قوله تعالى: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} فجمع له بين الصلاة، والسلام عليه أفضل الصلاة، والتسليم.
قوله رحمه الله: [وعَلى آلهِ، وأصْحابِه] قوله: [وعلى آله]: (الآل) تطلق بمعنيين: آل الرجل بمعني قرابته؛ قالوا: لأن أصل آل أهل، وهو قول سيبويه، وأن الهاء في أهل أبدلت همزة؛ فقيل آل.
وتطلق بمعنى الأنصار، والأعوان، والأتباع، وشيعة الإنسان تقول: آل فلان: بمعنى أتباعه.
وهذا هو المراد بقول العلماء: (وعلى آله) أي: الذين آمنوا به، واتبعوه عليه الصلاة، والسلام، وليس المراد به خصوص قرابته، وهذا هو الصحيح ونصَّ عليه الإمام أحمد-رحمه الله-، وإختاره جمع من العلماء أن المراد بآل النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - الذين يُصلّى، ويسلم عليهم تبعاً للنبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أتباعه في كل زمان، ومكان.
قوله رحمه الله: [وأصحابه]: جمع صاحب، وهو من الصُحبة بمعنى الملازمة، والرفقة، وفي الإصطلاح: (كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته، وآمن به)، وخصّهم رحمه الله بالذكر لشرفهم، وحقهم في الإسلام حيث آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وصدّقوه، وإتبعوه، وناصروه، رضي الله عنهم، وأرضاهم أجمعين.
وقوله: [ومَنْ تَعَبّدَ]: من باب عطف الخاص على العام أي: أنه خصّ المتعبّدين أي: الذين هم أكثر عبادة، وصلاحاً أي خصَّ أهل الالتزام، والطاعة الأكثر، وهذا من باب التشريف، والتكريم.
وقوله: [تعبَّد]: تفعّلٌ من العبادة، والتَّفعل زيادة في المبنى تدلّ على زيادة المعنى، والتعبّد: مأخوذ من العبادة، والعبادة مأخوذة من قولهم: طريقٌ مُعَبّدٌ أي: مذلّل؛ لأن أصل العبودية: الذِّلة؛ فإن الإنسان إذا عبد ربه تذلّل له سبحانه.
أما حقيقة العبادة في الاصطلاح فمن أجمع التعاريف لها ما اختاره بعض الأئمة رحمهم الله: [أنها اسم جامع لكلِّ ما يُحبه اللهُ، ويرضاهُ من الأقوال، والأفعال الظاهرة، والباطنة] أي سواء: كانت متعلقة باعتقاد كالإيمان بالله، والخوف منه، والرجاء فيما عنده، فهذه كلها عبادات من أعمال القلوب الباطنة، وكذلك تطلق العبادة على الأقوال الظاهرة التي يحبها الله تعالى، مثل: التَّسبيحِ، والتَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ.
وكذلك تُطلق على الأفعال الظاهرة التي يحبها الله تعالى مثل: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج.
فالعبادة تشمل الإعتقادات، والأقوال، والأفعال؛ لكن بشرط أن تكون مما يحبه الله، ويرضاه، وشرط ما يحبه الله، ويرضاه: أن يكون مشروعاً؛ فلا يُعبد الله إلا بما شرع، ودلَّ على كونه مشروعاً منه سبحانه دليل الكتاب، أو السنة، أو الإجماع قولاً كان، أو فعلاً، أو إعتقاداً.
وقوله رحمه الله: [أما بعد]: كلمة يُؤْتى بها للفصل بين المقدمة، والمضمون، فالكلام إذا خاطب به الإنسان غيره سواء كان مكتوباً، أو مسموعاً جرت عادة العلماء أنهم يصدرونه بالثّناء على الله-جل وعلا-، والصلاة، والسلام على نبيِّه، وآله على السُّنة التي ذكرناها، هذه الكلمات التي يُصدَّر بها الكلام تُوصف بكونها مقدمة، ثم بعد هذه المقدمة يُشرع في المقصود أي الأمر الذي يُرادُ بيانه، وهو الهدف من إلقاء الكلمة، أو كتابة الكتاب، ولابد أن تَفْصِل بينه، وبين المقدمة، ولذلك قال بعض العلماء: إن كلمة (أما بعد): هي فصل الخطاب، قيل: إن أول من تكلم بها داود عليه السلام، وحملوا عليه قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/98)
الْخِطَابِ} (1) قالوا بدليل قَرنها بالحكمة، فيكون قوله سبحانه: {وفَصْلَ الخِطَابِ}: أي الفصل بين مقدمته، ومضمونه، وذلك أبلغ في نفع الناس، وتوجيههم حتى لا يختلط الكلام بعضه ببعض، وهذا قول الشعبي، وطائفة من المفسرين، والذي يظهر، والعلم عند الله أن فصل الخطاب هو علم القضاء، والفصل بين الناس في الخصومات، والنزاعات.
فقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} ليس المراد بقوله: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} أمابعد التي معنا، وإنما المراد به كما قال طائفة من العلماء معرفة الطريقة التي يُفْصَلُ بها بين خطاب الخصوم إذا تخاصموا؛ لأن الخصوم إذا تخاصموا إختلفت أقوالهم، وتباينت حججهم فيكثر كلامهم، وخطابهم ولغطهم؛ فيحتاجون إلى فصلٍ بينهم، فقوله سبحانه: {فَصْلَ الخِطَابِ} المراد به: علم الفصل في الخصومات، ومن ذلك قولهم (البيّنةُ على المُدَّعِي، واليمينُ على من أَنْكر)، ومن فصل الخطاب أيضاً: أنه يترك المُدَّعِي حتى يُكمل دعواه، ثم يسأل المُدَّعى عليه، ولذلك لما لم يفعله داود-عليه السلام-، وحكم على الخصم قبل سماع جواب خصمه عن دعواه، فقال: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} (2) عاتبه الله، ولذلك كان هذا من تعليم فصل الخطاب، فدلّ سياق الآية على أن المراد بفصل الخطاب ليس أما بعد التي معنا؛ وإنما المراد بها فصل الخطاب بين الخصوم، وهو الذي إمتن الله- عز وجل - به على داود، وعلّمه إياه، فالحاصل أن الصحيح في الآية أنها لا يراد بها كلمة: أما بعد، وهذا لا يعني عدم مشروعيتها، بل إنها مشروعة، حيث ثبتت هذه الكلمة في الأحاديث الصحيحة عن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - ومنها ما في الصحيح عنه-عليه الصلاة والسلام- من قوله: [أمّا بَعدُ: فَما بالُ أقوامٍ يَشترطونَ شروطاً ليستْ في كتابِ اللهِ؟] فكان يقول هذه الجملة، ولذلك من السُّنة أن تُقالَ بعد المقدمة.
وقد يُكرِّرها البعضُ فيقول: أما بعد، ثم يأتي بكلمة، ثم يقول " ثم أما بعد " والذي يظهر الاقتصار على السُّنة أن يُثنى على الله، ويحمده فإذا انتهى من الثَّناءِ، والحمدِ قال: أمّا بَعدُ، ودخل في المقصود، فتكرارها لا يحفظ له أصل؛ خاصة في خطب الجمع، ونحوها يقتصر على قوله: أمَّا بَعدُ مرةً واحدةً؛ لأنه هديه عليه الصلاة، والسلام، وسنته.
قال المصنف رحمه الله: [فهذا مُخْتَصرٌ]: قوله رحمه الله (هذا) إسم إشارة، وهناك حالتان:
الحالة الأولى: أن يُشار إلى شيءٍ موجود، فحينئذ لا إشكال؛ لأنه الأصل فيها أنها اسم إشارة تدل على شيء موجود، فتقول: هذا البيت، فإذا كان المصنف رحمه الله قد كتب هذه المقدمة بعد فراغه من الكتاب، فحينئذ لا إشكال في إشارته بقوله (هَذا مُخْتَصرٌ)؛ لأنه موجود مكتوب.
والحالة الثانية: أن يشار بها إلى شيءٍ غير موجود من باب تنزيل المعدوم منزلة الموجود، فإذا كان المصنف رحمه الله كتب هذه المقدمة عند إبتدائه لتصنيف الكتاب؛ فإنه يكون قد نزّلَ المعدومَ منزلةَ الموجودِ، وقد درج كثير من العلماء رحمهم الله على ذلك أعني كتابة المقدمة عند إبتداء التصنيف والتأليف؛ لا بعد الفراغ منه، وقد يصرح بعضهم بذلك فيقول: (هذا أوان الشروع فيه) ومنهم من يفهم منه ذلك حينما يقول في مقدمته (وأسأل الله أن يعين على إتمامه)، وهذه الطريقة هي الغالبة بدليل أن الكتب، والشروح التي لم يتمُّها مؤلفوها كلها وجدت بمقدماتها.
وعليه فإن إشارته لكتابه على هذا الوجه بقوله (فهذا مختصر) يكون من باب تنزيل المعدوم منزلة الموجود، لأن الإختصار لم يحصل بعد، ولكنه قصد حصوله، واحتاج للتنبيه عليه؛ فنزّلة منزلة الموجود أي هذا الكتاب الذي سأكتبه مختصر في الفقه.
قوله رحمه الله: [مختصر]: الاختصار ضد الإسهاب، وإذا خاطبت النّاس في خطبة، أو كتبت لهم كتاباً، أو أردت أن تتحدث في موضوع، فلك ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون كلامك أكثر من المعنى، فالمعنى قليل، ولكن الكلام كثير.
الحالة الثانية: أن يكون كلامك أقلّ من المعنى، فالمعنى كثير، ولكن تأتي بكلمات قليلة تحتها معان كثيرة، وهذه الحالة عكس الحالة الأولى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/99)
الحالة الثالثة: أن تأتي بكلام على قدر معناه.
هذه ثلاث حالات: إما أن تخاطب بكلام، ويكون معناه مساوياً، أو أكثر، أو أقل.
فإن كان الكلام كثيراً، والمعنى قليلاً؛ فإنه يُوصف بكونه إطناباً، ولذلك يقولون أطنب في الأمر، وهذا مذموم؛ إلا في حالات خاصة، فلا يكون إلا في خطاب ضعاف الفهم من الجهلة، والعوام الذين يحتاجون إلى شرح، فتكون المعاني قليلة، ولكنها تُشْرح بكلامٍ كثيرٍ، أما إذا خاطب علماء، أو طلاب علم فالمنبغي أن يكون على إحدى حالتين:
الحالة الأولى: أن يخاطبهم بكلام مساوٍ لمعناه، وهو ما يسمونه بالمساواة.
والحالة الثانية: أن يخاطبهم بكلام مختصر دالٍ على معانٍ كثيرة، وهو ما يسمى بالإيجاز، والإختصار وهذه الحالة هي الأفضل إن ناسبت المقام، وقد عُدَّت من دلائل الإعجاز في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث إنَّ الله خصَّ نبيَّه عليه الصلاة، والسلام بها كما في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام: [أُوتِيتُ خَمْساً لم يُعْطَهنَّ أحدٌ قبلي]، وذكر منها جوامع الكلم، وأنّه اختُصر له الكلام إختصاراً.
فكم من آيات قليلة الكلمات، وتحتها من المعاني، والدلالات الكثير، كما في آية الوضوء التي ذكر الإمام ابن العربي رحمه الله في تفسيرها في كتابه أحكام القرآن أن من العلماء من إستنبط منها ثمانمائة مسألة، وهكذا في أحاديثه عليه الصلاة والسلام التي جعلت أصولاً، فجمعت مسائل كثيرة في كلمات قليلة يسيرة؛ كقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: [إِنّما الأعمالُ بالنّياتِ]، ونحوه.
فقوله رحمه الله: (إِخْتَصرتُه) محمولٌ على الإيجاز، وأن الكلام قليل، والمعنى كثير، ومن عادة الفقهاء رحمهم الله في تصنيفهم للمتون الفقهية أن يراعوا فيها الإختصار، والإيجاز، بخلاف الشروح، والحواشي، والمطولات.
قوله رحمه الله: [في الفقه] بيان للعلم الذي ينسب إليه هذا المختصر، لأن المختصرات منها ما هو في علم العقيدة، ومنها ما هو في علم الفقه، ومنها ما هو في علم الأصول، أو اللغة، أو غيرها، فلما قال في الفقه بيّن العلم المصنّف فيه، وهو العلم الذي يريد إختصاره.
وقوله رحمه الله: (الفقه) الفقه لغة: الفهم، ومنه قوله تعالى حكاية عن نبيه موسى عليه السلام: {واحْلُلْ عُقْدةً منْ لِساني يَفْقَهوا قَوْلي} أي: يفهموا ما أقوله، ثم هذا الإستعمال للفقه بمعنى الفهم لغة فيه قولان: فقيل: إنّه الفهم عموماً، وقيل: إنّه الفهم للأمور الدقيقة التي تحتاج إلى إعمال فكر، وعناء، فلا يطلق على فهم الأمور الواضحة، وعلى هذا القول، فلا يصح أن تقول: فقهت أن الواحد نصف الإثنين، لأنه أمر واضح لا يحتاج إلى كبير عناء.
وعلى هذا يكون القول الأول: عاماً شاملاً لكل فهم، وعلى الثاني: يكون الفقه خاصاً بالفهم الذي يحتاج إلى إعمال فكر، وبذل جهد.
أما الفقه في الاصطلاح: فهو (العلم بالأحكام الشرعية، العملية، المكتسبة من أدلتها التفصيلية).
فقولهم: (العلم بالأحكام الشرعية)، العلم ضد الجهل، وحقيقته: إدراك الشيءِ على ما هو عليه، فإذا أدركت الشيء على حقيقته التي هو عليها؛ فقد علمته، أما لو أدركته ناقصاً عن حقيقته فإنك لم تعلمه.
و (الأحكام) جمع حكم، وهو في اللغة: المنع، والقضاء، والحكم: إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه، وله عدة تعاريف تختلف بحسب إختلاف أنواعه.
وقولهم: " إثبات أمر لأمر " مثاله: أن تقول زيد قائم أثبتَّ القيام لزيد هذا حكم حكمت عليه بالقيام، وقولهم: " أو نفيه عنه " أي تنفيه عنه فتقول مثلاً: زيد ليس بقائم؛ هذا حكم حكمت عليه بأنه ليس بقائم.
والحكم الشرعي في اصطلاح علماء الأصول: هو (خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع).
وقولهم (الشّرعية) قيد يخرج الأحكام غير الشرعية كاللغوية، والعادية، والمنطقية، وغيرها فهو يدل على أنها مختصة بالأحكام إذا كانت من الشرع فقط.
وقولهم (العملية) قيد يخرج بقيّة الأحكام الشرعية كالعقائدية، لأن العملية مختصة بالعبادات والمعاملات، فلا يدخل فيها ما كان متعلقاً بالعقائد؛ لأنه يبحث في كتبه المتخصصة فيه ككتب التوحيد والعقيدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/100)
وقولهم: (المكتسبة) أي: المستفادة التي حُصِّلت، واستفيدت.
وقولهم: (من الأدلة الشرعية) بيان لأصل الحكم، والأدلة الشرعية هنا عامة شاملة للأدلة النقلية، وهي: دليل الكتاب، والسُّنة، والإجماع، والأدلة العقلية كالقياس، والنظر الصحيح.
قوله رحمه الله: [منْ مُقْنِع الإمامِ الموفّق أَبي مُحمّدٍ]: قوله: [من]: للتبعيض، أي: أنه جعل كتاب المقنع للإمام الموفق أبي محمد رحمه الله أصلاً لكتابه هذا، فاختصره منه.
والمقنع: كتاب للإمام الموفق أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي-رحمة الله عليه- المتوفى عام 620هـ في يوم عيد الفطر هذا الإمام الجليل ألّف كتاباً إسمه: عمدة الفقه، وهذا الكتاب صاغ فيه الفقه بأخصر عبارة، واعتبره الدرجة الأولى لطالب الفقه، ثم ألّف بعده كتاباً إعتبره درجة ثانية فوقه، وهو المقنع، وتوسّع فيه قليلاً عن العمدة.
ثم وضع كتاباً ثالثاً وهو الكافي، وذكر فيه الخلاف مختصراً للخلاف في داخل مذهب الحنابلة، وهو فوق كتاب المقنع.
ثم وضع كتابه المغني ذكر فيه خلاف الروايات، واختلاف الفقهاء، فجمع بين الخلاف داخل المذهب، وخارجه، وهو كتابه لمن أراد أن يتأهل لدرجة الاجتهاد، فهذه درجات وضعها هذا الإمام الموفق-رحمة الله عليه- في دراسة الفقه، وهذه عادة المتقدمين أنهم يضعون الفقه على مراتب، ولا يمكن لطالب العلم أن يضبط علم الفقه، ويكون فقيهاً بمعنى الكلمة إلا إذا ضبطه بهذه الطريقة، وهي التدرج في دراسته.
فالكتاب الذي معنا هو الدرجة الثانية، وهو كتاب المقنع، ويعتبر درجة ثانية بعد العمدة فليس من الصواب أن الشخص يبدأ بالمغني أولاً، دون أن يتأهل بدراسة ما قبله حتى يتسنى له ضبطه، وفهمه.
فالإمام الحجاوي-رحمة الله عليه- إختصر المقنع؛ فألغى منه مسائل، وأضاف مسائل، فسماه زاد المستقنع، فالأصل في هذا الكتاب أنه كتاب المقنع، أُضيفت إليه مسائل، وحُذفت منه أخرى.
قوله رحمه الله: [على قولٍ واحدٍ، وهُو الرَّاجِحُ في مذهبِ أحمدَ] قوله: [على قول واحد]: الفقهاء-رحمة الله عليهم- كانوا يكتبون الفقه على طريقتين:
الأولى: طريقة المذهب.
والثانية: وطريقة الخلاف بين المذاهب.
أما طريقة المذهب: فهي طريقة يُعتنى فيها ببيان المذهب على إحدى صورتين:
الصورة الأولى: تكون ببيان خلاصة المذهب، دون تعرض لخلافه، وهذه طريقة المتون، وهذا هو منهج الكتاب الذي معنا.
والصورة الثانية: أن يذكر الخلاف في المذهب فيقول: في المذهب ثلاث روايات، أو أربع، وهكذا فإذا ذكر الخلاف في المذهب: فإما أن يذكره عن الإمام بالروايات، والأقوال، وإما أن يذكره عن أصحاب الإمام بالأوجه.
إذاً فكتب المذهب إما أن تعتني بحسم المذهب، بذكر الخلاصة؛ وإما أن تعتني ببيان الخلاف داخل المذهب، فالمصنف رحمه الله بيّن خلاصة المذهب، واختياره في كتابيه العمدة، والمقنع، وذكر الخلاف في الكافي، وذكره بإسهاب مقارناً بين المذاهب في المغني.
فإذا عرفنا أن هناك خلافاً في المذهب، وخلافاً بين العلماء-رحمهم الله- خارج المذهب، فبيّن رحمه الله أنه في هذا الكتاب المختصر لا يذكر الخلاف داخل المذهب، ولا خارجه، وأنه سيذكر الخلاصة للمذهب فقط.
قوله رحمه الله: [ورُبّما حَذفتُ منه مسائلَ نادرةَ الوقوعِ]: قوله: [ربَّ]: للتقليل، وقد تستعمل بمعنى التكثير، ولكن الأصل فيها التقليل، والحذف: يكون بقصد الاختصار، وقد يحذف لعدم وجود الحاجة الماسة للمسائل المحذوفة، فلذلك قال رحمه الله:
[ورُبّما حَذفتُ منه مسائلَ نادرةَ الوقوعِ]: النادر ضد الغالب، والنادر هو الأمر قليل الحدوث، والغالب عكسه؛ كثير الحدوث.
قوله رحمه الله: [وزدتُ ما على مثله يُعْتَمد]: أي أنني سأزيد بدل هذه المسائل التي حذفتها مسائل تشتد الحاجة إليها لكثرة وقوعها، أو أهمية دراستها.
وهذا الحذف، والزيادة من الإمام الحجّاوي رحمه الله، إختصاراً منه لمقنع الإمام الموفق أبي محمد رحمهما الله برحمته الواسعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/101)
قوله رحمه الله: [إذ الهِمَمْ قَدْ قَصُرت، والأَسْبابُ المثبّطةُ عن نَيْلِ المُرادِ قد كَثُرتْ] قوله: [إذ الهِمَمْ]: جمع همة، وهي إحدى مراتب الأمر إذا وقع في نفس الإنسان، ولا يمكن أن يقع الاهتمام بالأمر إلا بعد أن يحدّث نفسه به، فأولاً يكون الشيء في قلب الإنسان حديثاً، ووسواساً يخطر بالإنسان، وتُحدِّثه به نفسه فإذا حَدّثتهُ نفسه إهتم به، فإذاً الهمُّ يكون بعد الخاطر، والهاجس، ويكون بمعنى تهيئ النفس للعزم على الشيء، ثم بعد ذلك يكون عزمها عليه، فبيّن رحمه الله أن الهمم في زمانه قد ضعفت حتى إحتيج إلى المختصرات، تخفيفاً في الطلب، وتيسيراً للعلم، بعد أن كانت الهمّة في طلب العلم قويّة متعدية، لا تقف عند حدٍ، فأصبحت قاصرة ضعيفة تحتاج إلى ما يناسبها.
قوله رحمه الله: [والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت]: الأسباب: جمع سبب، وهو في الأصل ما يتوصل به إلى الشيء، كالحبل، ونحوه.
والتَّثْبِيطُ: هو التخذيل عن الشيء، والمراد: ما يقصده الإنسان ويطلبه.
والمعنى: أن المصنف رحمه الله أراد أن يبين ضعف الحال في طلب العلم فبعد أن كانت الهمم في الطّلب عالية، والأسباب المعينة عليه متوفرة تغيّر الحال، وإختلف، فأصبح على عكس ذلك، مما إقتضى وضع ما يناسب حال الناس من مختصرات تقرّب العلم، وتسهّل الوصول إليه؛ مراعاة لضعف حال الناس في طلب العلم، ثم إن الإنسان يضعف عن الخير بأمرين:
الأمر الأول: من نفسه.
والأمر الثاني: خارج عن نفسه.
فأشار إلى الأمر الأول بقوله: (إذِ الهِمَمْ قَدْ قَصُرتْ) وأشار إلى الثاني بقوله: (والأسبابُ المثبّطةُ عن نيلِ المرادِ قدْ كَثُرتْ).
قوله رحمه الله: [ومع صِغرِ حَجْمهِ حَوى ما يُغنيِ عَنِ التَّطْويل]: قوله [حوى ما يغني عن التطويل] والغناء المراد به الكفاية هذا يغنيني أي: يكفيني، وقد تستعمل مادته بمعنى حسن الصوت، ومنه التغني وحمل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لم يَتَغَنّ بالقرآنِ فَليسَ منّا)، وقد تستعمل بمعنى الإقامة: ومنه قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} (2) أي: لم تقم بمكانها.
والتطويل المراد به هنا كما ذكرنا الإسهاب، ومراده رحمه الله أن يبيّن أن إختصاره لم يكن مُخِلاً بالكتاب، بل كان مناسباً.
ويرد هنا إشكال، وهو أن: العلماء-رحمهم الله- في بعض الأحيان يذكرون عبارات فيها ثناء على كتبهم، أو بيان لفضل هذه الكتب، والمؤلفات، وهذا يتضمن التزكية، والمدح للنفس، وقد ثبت في الشرع النهي عن تزكية النفس أليس ثناؤه على كتابه من باب التزكية، والمدح؟ هذا إشكال، ويحتاج إلى جواب؟
والجواب: أن التزكية، والثناء على النفس لها حالتان:
الحالة الأولى: أن تتضمن الإدلاء على الله، والعُجْبَ بالنفس، والإغترار بها، والعياذ بالله فهذا نسأل الله السلامة، والعافية هو المحرّم، ولا يجوز؛ كأن يُثني الإنسان على نفسه بكثرة علم، وعبادة مغتراً، ومتعالياً، وقد عاتب الله-جل وعلا- موسى-عليه السلام- لما ذكر علمه، وهو عالم، ولم يكن ذلك منه تفاخراً كما ثبت في الصحيح، فكيف بمن فعل ذلك تفاخراً، وبيّن الله في كتابه أنّ الذين عذّبهم، وأهلكهم من شأنهم أنهم فرحوا بماعندهم من العلم، حتى حاق بهم ما كانوا به يستهزؤن.
الحالة الثانية: التَّزكية على سبيل معرفة الحق، والترغيب فيه، فمثلاً يقول: تعلمت هذا العلم من العلماء، أو أفتيتك بهذه الفتوى من العلماء، أو هذا الأمر الذي ذكرته لك من الكتاب، والسُّنة، فتثني على علمك حينما ترى إستخفاف الناس به، أو تريد حملهم على العمل بالحقِّ، والسُّنة، فهذا فَعَلَهُ الصحابة رضي الله عنهم، كما قال أنس رضي الله عنه في الحديث الصحيح: [ما تعدُّوننا إلا صبياناً، لقد كنت تحت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم يمسُّني لعابها أسمعه يقول: لبيك عمرةً، وحجةً] وقال أبو العباس سهل بن سعد الساعدي-1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - - كما في صحيح البخاري: [ما بقي أحدٌ أعلمَ بمنْبرِ النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - منّي] فهذا نوع من الثناء على نفسه بالعلم حتى يُقدَّر قدرُه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/102)
فأجاز العلماء أن يثني الإنسان على نفسه لمعرفة قدره؛ كما قال سبحانه حكاية عن نبيِّه يوسف عليه السلام: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (1) فإذاً إذا كان الإنسان عنده حقٌّ وعلم فبيّن نعمة الله عليه من باب معرفة قدره فإنه لا حرج عليه، فهذا من باب الترغيب في قبول الحق، والعمل به، ونرجو ألا يكون من باب التزكية، والثّناء المذموم شرعاً.
قوله رحمه الله: [ولا حول ولا قوة إلا بالله]: للعلماء فيها وجهان:
الوجه الأول: منهم من يقول لا حول: أي لا تَحوُّل من حالٍ إلى حالٍ، ولا قوة على ذلك التحول ولا بلاغ إلا بالله، فأصل الحول من التغيّر، والتبدل، ولذلك يطلق على السَّنة؛ لأن الغالب أن الإنسان إذا مرّتْ عليه سنة كاملة تحوّل حاله، وتغيّر فيمرض، ويصح، ويغنى، ويفتقر، ويهلك ماله، ويزيد إلى غير ذلك من العوارض، فالحول مدة ليست يسيرة.
وعلى هذا المعنى يكون قولهم لا حول أي: لا تحوّل من حال شر إلى حال خير إلا بالله العلي العظيم.
الوجه الثاني: لا حول في دفع ضُرٍّ، ولا قوة في بلوغ خير إلا بالله، فالله-جل وعلا- منه الحول، والطول، والقوة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أنّه لما سمعَ المؤذنَ يقولُ: حيَّ على الصلاةِ، حيّ على الفلاحِ قال: [لا حَوْلَ، ولا قُوةَ إِلا باللهِ] قال بعض العلماء: مناسبته أنه بَرِأَ من الحول، والقوة في إجابة داعي الله؛ إلا بعد توفيق الله-جل وعلا- ومعونته، فقد يكون الإنسان راغباً في حضور الصلاة، وأدائها، ولكن يُحالُ بينه، وبينها بسقمٍ، أو مرضٍ، وقد يحال بينه، وبينها بتأخرٍ، أو تقاعسٍ فلا حول للإنسان، ولا قوة في بلوغ الخير إلا بالله-جل وعلا-، وهكذا في دفع الشَّر، وهذه الكلمة كنزٌ من كنوز الجنة كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام.
قوله رحمه الله: [وهو حَسْبُنا]: وهو: أي الله، الحسب: الكفاية، حسبي: كفايتي، حسبنا: جاء بصيغة الجمع التي تشمله، وتشمل السامع، والقارئ، والمؤمنين المتوكلين عليه سبحانه، وهو حسبنا أي: كافينا.
قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: ثناء على الله-جل وعلا-، والوكيل: هو القائم على الشيء، المتوكل عنه، والله خالق كل شيء، وهو على كل شيء وكيل، فهو القائم على كل نفس، وهو المتوكل بكل نفس-سبحانه وتعالى-، وبكل شيء، فهو حسبنا في بلوغ هذا الأمر الذي رسمناه، والمنهج الذي ذكرناه.
قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: أي نعم من يُتَوكّلُ عليه، أو يُوْكَل إليه الأمر.
وهذه المقدمة فيها فوائد: نجملها فيما يلي:
أولاً: الثناء على الله- عز وجل -، واستفتاح الكتب بذلك، وفي حكمها الخطب، والمواعظ ونحوها.
ثانياً: الفصل بين مقدماتها، ومضامينها.
ثالثاً: أن تكون هذه المقدمة مشتملة على التعريف بالكتاب، وبيان منهج المؤلف فيه، وفي تقسيم مادته، وترتيبها.
هذه فوائد يستفيد منها طالب العلم في البحث، وكتابة رسالة، أو موضوع، ثم خَتْمُ ذلك بالثناء على الله-جل وعلا- وسؤاله المددَ، والعونَ.
فلذلك ينبغي لطالب العلم أن يستفتح مقدمته بالثناء على الله- عز وجل -، ويختمها أيضاً بسؤال الله-عز وجل- المعونة، والتوفيق.
ونسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يجزي هؤلاء الأئمة، وإخوانهم من علمائنا خير ما جزى عالماً عن علمه، اللهم أسبغ عليهم واسع الرحمات، وإجعل لهم جزيل المغفرات، وعلو الدرجات، وألحقنا بهم على أحسن ما تكون عليه الخاتمة، والممات؛ إنك عل كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والله تعالى أعلم.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 11:34 ص]ـ
كتاب الطهارة
قال المصنف رحمه الله: [كتاب الطهارة]: الكلام عن هذه الجملة في موضعين:
الموضع الأول: في بيان معنى قوله: كتاب الطهارة.
والموضع الثاني: في بيان مناسبة تقديم كتاب الطهارة، وجعله في إبتداء هذا الكتاب.
قال المصنف رحمه الله: [كتاب الطهارة]: الكتاب مصدر مأخوذ من قولهم: كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كتْباً، وكِتَابةً، وأصل الكَتْبِ في لغة العرب: الضَّمُ، والجمع، ومن ذلك قولهم: تَكتّبَ بنو فلان؛ إذا إجتمعوا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/103)
قال العلماء: سمي الكتاب كتاباً لاجتماع حروفه، وإنضمام كلماته بعضها إلى بعض.
قوله: [الطَّهارة]: الطهارة في لغة العرب: النّظافة، والنّقاء من الدَّنس يقال: طَهَُرَ الشيء بفتح الهاء، وضمِّها، يَطْهُر بالضم، طَهَارةً؛ إذا كان نقياً من الدنس نظيفاً.
وأما في اصطلاح العلماء رحمهم الله: فهناك عدة تعاريف منها ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: (ارتفاعُ الحدثِ، وما في معناهُ، وزوالُ الخَبثِ) وسيأتي بيان المراد بهذا التعريف في موضعه.
وعرّفها بعضهم بقوله: [صفةٌ حكميةٌ تُوجِبُ لموصوفها جوازَ استباحةِ الصّلاةِ به، أو فيه، أو له].
فقولهم: [صفةٌ حكميةٌ]: يدل على أن الطهارة من الأوصاف المعنوية، وهي الأوصاف غير المحسوسة، فإنها ليست كالطول، والقصر أوصافاً محسوسة مشاهدة في الموصوف، فأنت إذا قلت فلان متطهر فإن وصفك له بالطهارة ليس بشيء محسوس نراه عليه، بل هو متعلق بالمعاني كالعلم، والشجاعة، ونحوها من الأوصاف الحكمية المعنوية.
وقولهم: [تُوجِبُ] بمعنى: تُثبت.
وقولهم: [لموصوفها] أي: للشخص الذي يُوصف بها.
وقولهم: [جواز استباحة الصلاة] أي: الحكم بحلِّ الصلاة، وعليه فإنها تفيد الحلّ لا الوجوب، ولا غيره فمن تطهر حلّ له أن يصلي، ولم يلزمه ذلك، وثبوت هذا الوصف في حقه لا يستلزم منه فعل الصلاة، ومن هنا عبّر بالجواز المقتضي لمطلق الإباحة، والإذن بالشيء، دون لزومه على من إتصف به، ومثل الصلاة الطواف بالبيت، ونحوه مما تُشْترط له الطهارة؛ كلمس المصحف.
وقولهم: [به، أو فيه، أو له] إشارة إلى ثلاثة أمور لا بد من توفرها للحكم بصحة الصلاة، وهي طهارة: البدن، والثوب، والمكان.
فالمصلي لا بد له من تحصيل الطهارة في هذه الثلاثة الأمور في بدنه، وهو المُعبَّر عنه بقولهم: [له] وفي مكانه، وهو المُعبَّر عنه بقولهم: [فيه]، وفي ثوبه وهو المُعبَّر عنه بقولهم: [به] وبهذا جمع التعريف بين نوعي الطهارة، وهما: طهارة الحدث، والخبث، وقد أشار إلى طهارة الحدث بقوله: [جواز استباحة الصلاة] لأن هذا الجواز لا يكون إلا بعد تحصيل الطهارة من الحدث، وأما طهارة الخبث فقد أشار إليها بقوله: [به، أو فيه، أو له] فجمع أنواع طهارة الخبث في المواضع الثلاثة: وهي الثوب، والبدن، والمكان.
وهذا التعريف لا يعارض التعريف الذي ذكره المصنف رحمه الله كما سيأتي، بل معناهما واحد، وإن كانت ألفاظهما مختلفة، كما سيتضح عند شرحه، وبيانه بإذن الله تعالى.
وبعد ذكر معنى الطهارة في اللغة، والإصطلاح فإنه يرد السؤال: لماذا بدأ المصنف رحمه الله كتابه الفقهي بالطهارة؟
والجواب: أن الفقه منه ما هو متعلق بالعبادات: كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج؛ ومنه ما هو متعلق بمعاملة الناس بعضهم مع بعض: كالبيع، والنكاح، والجناية.
فأجمع العلماء على تقديم العبادة على المعاملة فيقدمون أبواب الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج على سائر أبواب المعاملات؛ والسبب في ذلك: أن العبادة هي الأصل، ولذلك قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [ليكُنْ أولَ ما تدعُوهمْ إِليه شَهادةُ أنّ لا إله إلا اللهُ، فإِنْ همْ أَطاعُوك لذلك؛ فأَعلمْهم أنَّ الله افترضَ عليهم خمسَ صلوات في كلِّ يومٍ، وليلةٍ] فقدَّم الصلاة، وجعلها بعد الشهادتين، ولذلك درج العلماء من المحدثين، والفقهاء على استفتاح كتب الحديث، والفقه بكتاب الصلاة من هذا الوجه، وقدّم الطهارة على الصلاة؛ لأنها مقدمة عليها، وتسبقها كما أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} فأمر كل من قام إلى الصلاة أن يتطهر قبل فعل الصلاة، وبناءً على ذلك قُدّم الكلام على الطهارة على الكلام عن الصلاة، وبعبارة علمية كما يقول العلماء: الطهارة وسيلة، والصلاة مقصد، والقاعدة: أن " الكلامَ على الوسائلِ مقدّمٌ على الكلامِ على المقاصدِ ".
فتقرر بهذا أن يُبدأ ببيان أحكام الطهارة، ثم يُثنَّى بعد ذلك ببيان أحكام الصلاة.
وبيان أحكام الطهارة يستلزم بيان ما يتطهر به، والصِّفة التي تحصل بها الطهارة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/104)
وبيان ما يُتَطَّهر به مُقدّمٌ على بيان الصِّفة؛ لأنها (لا تحصل) إلا بعد وجوده.
وما يُتَطَّهر به في الشرع: إما أن يكون أصلاً، وهو الماء، وإما أن يكون بدلاً عنه، وهو التراب في طهارة الحدث، وكلُّ طاهرٍ مُنق ٍ في الإستجمار في طهارة الخبث.
ولا شك أن البداءة ستكون بالأصل، ثم يُثنّى ببيان بدله بعده، وعليه فقد إعتنى الفقهاء رحمهم الله في كتاب الطهارة بالبداءة بأحكام المياه، وهذا هو الذي درج عليه المصنف رحمه الله بعد بيانه لتعريف الطهارة فقال رحمه الله: [وهي: إِرتفاع الحدثِ، وما في معناهُ، وزوالُ الخَبثِ].
قوله رحمه الله: [وهي إِرتفاع الحدث] الضمير عائد إلى الطهارة.
وقوله: [إِرتفاع] مصدر إرتفع ليطابق المُفَسِّر للمُفَسَّر في اللزوم.
وقوله رحمه الله: [الحدث] مأخوذ من قولهم: حَدَثَ الشَّيءُ إذا جدَّ، وطرأ، ومنه الحديث، وهو الجديد.
وأما في اصطلاح العلماء رحمهم الله: فإن الحدث: [صفةٌ حكميةٌ تُوجبُ منعَ موصوفِها من استباحةِ الصلاةِ، ونحوها من العبادات التي تُشْترطُ لها الطّهارةُ]، ومن أهل العلم رحمهم الله من عرَّفه بقوله: [ما أوجب وضوءاً، أو غسلاً] فشمل كلا التعريفين الحدث بنوعيه: الأصغر، والأكبر.
وعلى هذا فالمراد بقول المصنف رحمه الله: (إرتفاع الحدث) زوال الوصف الحاصل بالحدث المقتضي للمنع مما تجب له الطهارة.
وقوله رحمه الله: [وما في معناه] معطوف على ما قبله فيكون التقدير: (وإِرتفاع ما في معناه) والضمير في (معناه) عائد إلى إرتفاع الحدث، وقيل: إلى الحدث، والذي في معنى الحدث غسل الميت، والنوم، والغسل المستحب، وتجديد الوضوء، فهذه كلها ليست بأحداث حقيقية، وشرعت من أجلها الطهارة فهي طهارة شرعية لا ترفع حدثاً حقيقياً وإنما ترفع ما هو في حكم الحدث من جهة التعبّد، فالغسل من تغسيل الميت عند من يقول به، فإنه يرى أن من غسّل ميتاً لزمه الغسل، وتغسيل الميت لم يوجب حدثاً، وإنما هو تعبّديٌ أمر الشرع به؛ فنزّل منزلة الحدث، وكذلك النوم ليس بحدث حقيقي، ولكنه مظنّة الحدث؛ فنزّل منزلته، وأخذ حكمه؛ وهكذا بقية المذكورات.
وقوله رحمه الله: [وزوال الخبث] زوال الشيء ذهابه، والخبث: هو النجاسة، وزوالها يكون عن البدن، والثوب، والمكان، وبهذه الطهارة يستبيح المصلي العبادة بطهارة بدنه من الحدث، وطهارته من الخبث في ثوبه، وبدنه، ومكانه الذي يصلي فيه.
قوله رحمه الله: [المياه ثلاثة] المياه جمع ماء، وجمعها رحمه الله لتعدّدها، واختلاف أنواعها.
وقوله رحمه الله: [ثلاثة] وهي: الطهور، والطاهر، والنجس، وهذا هو مذهب جمهور العلماء رحمهم الله من المالكية، والشافعية، والحنابلة في المشهور.
وذهب الحنفية رحمهم الله إلى أن الماء قسمان: طاهر، ونجس، وأنه لا فرق بين الطهور، والطاهر.
وما ذهب إليه الجمهور هو الراجح في نظري والعلم عند الله، وذلك لما يلي:
أولاً: دليل الكتاب في قوله سبحانه وتعالى: {وأَنْزَلْنَا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً}
ووجه الدلالة: أن الله وصف الماء الباقي على أصل خلقته بقوله: {طهوراً} أي: أنه طاهر في نفسه مُطهِّرٌ لغيره فأصبحت فيه صفة زائدة على صفة الطهارة الأصلية فيه، وهي كونه: مطهراً لغيره، وقد دلّ على ذلك قوله سبحانه: {ويُنَزِّلُ عليكُمْ مِنَ السَّمآءِ مآءً ليُطَهِّركُمْ بِهِ} فلما وصف ماء السماء في هذه الآية بوصف زائد على وصف الماء الأصلي فيه من كونه يُطَهِّر دلّ على صحة ما ذكره الجمهور من أن الطّهور فيه معنى زائد، وهو كونه مطهراً لغيره ففارق الطاهر، والقرآن يفسّر بَعضُه بعضاً، فيكون معنى قوله في الآية الأولى {طَهُوراً} ما ورد في الآية الثانية من قوله سبحانه: {ليُطَهِركُمْ بِهِ}، وهذا هو معنى قول بعض المفسرين إن قوله سبحانه: {طهوراً} فيه زيادة في المبنى إقتضت أن يكون طاهراً مطهراً كما يقوله الإمام القرطبي رحمه الله، ويكون تعريف الجمهور للطّهور بأنه: هو الطّاهر في نفسه المطهر لغيره مستنبطاً من هذا الدليل الشرعي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/105)
ثانياً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّا نركبُ البَحْر ومعنا اليَسيرُ من الماءِ إِنْ تَوضّأْنَا بهِ عَطِشْنا؛ أفنَتوضّأ بماءِ البَحْرِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: [هو الطَّهُورُ مَاؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه].
ووجه الدلالة من وجهين:
الأول: أن الصحابة رضي الله عنهم سألوا عن ماء البحر، مع أنه ماء في ظاهره، فلم يكتفوا بذلك، فدلّ على أنهم كانوا يعرفون أنه لا يُتوضّأ بكلِّ ماءٍ، وأنه لا بد من ماء مخصوص، وهو الباقي على أصل خلقته الذي لم يتغير، والبحر ماؤه طاهر متغيّر، فظنّوا أن هذا التغيّر مؤثر في طهوريته، ولم ينكر عليهم عليه الصلاة والسلام سؤالهم على هذا الوجه الدّالِ على التفريق بين نوعي الماء الطَّهورِ، والطَّاهرِ، وإنما بيّن لهم أن ماء البحر لا زال طهوراً وأَنَّ تغيُّرَهُ بالقرار لا يؤثر في طُهُورِيّته، وهو ما يستفاد من قوله في جوابهم: [هو الطَّهور].
الوجه الثاني: في قوله: [هو الطَّهُورُ]، ولم يقل الطّاهر إشارة إلى الفرق بينهما حيث إختار صيغة فعول الدّال على زيادة المعنى فيه على غيره ليبيّن أنه ليس كالطاهر كما قدمنا في دليل الكتاب.
قوله رحمه الله: [طَهُورٌ: لا يرفعُ الحدثَ، ولا يُزيلُ النَّجِسَ الطارئَ غَيرُه]: بدأ رحمه الله بالطَّهور؛ لأنه الأصل في الماء فهو الباقي على أصل خلقته، وكلٌّ من الطَّاهر، والنَّجِس يحصل بتغير الطهور، فإن تغيّر الطهور بشيء طاهر صار طاهراً، وعكسه النجس، فصار الطهور أصل المياه من جهة بقائه على أصل خلقته، دون تغيّرٍ، ودلَّ على ذلك قوله سبحانه وتعالى: {وأَنْزلْنَا مِنَ السَّمآءِ مَآءً طَهُوراً} ومن أمثلته: ماء السماء، والبئر، والنهر، والعين، والسّيل، والبحر.
فأما ماء السماء: فإنه هو أصل الماء كما قدمنا، وقد نصّ الله تعالى على طَهُوريتِه، ثم هو إما أن يستقر في الأرض، وإما أن يجري على وجهها.
فأما المستقر في الأرض فإنه باقٍ على الأصل من طهوريته كما قال سبحانه وتعالى: {وأَنْزلْنَا مِنَ السَّمآءِ مَآءً بِقَدر ٍ فأَسْكَنَّاهُ في الأَرْضِ وإِنّا عَلى ذَهَابٍ بهِ لَقَادِرُونَ} فإن خرج بنفسه من جوف الأرض، كماء العيون؛ فهو طهور إعتباراً لأصله، وإن أخرجه الإنسان كماء البئر فهو طهور أيضاً، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في ماء بئر بضاعة: [إِنَّ الماءَ طَهورٌ، لا يُنَجِّسُهُ شَيءٌ] فدلّ على ما قدمنا من البقاء على الأصل من طهورية ماء السماء إذا إستقر في الأرض، سواء خرج بنفسه كماء العيون، أو أخرجه المكلف؛ كماء البئر.
وأما ما يجري على وجه الأرض بعد نزوله من السماء، فإنه ماء السماء، وهو باقٍ على الأصل أيضاً، ويشمل ماء السيل، والنهر، وماء البرد، والثلج إذا ذابا، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم صلاحيتهما للغسل، وحصول الطهارة بهما في قوله: [واغْسِلُه بماءٍ، وثلجٍ، وبَرَدٍ] فألحق الثلج، والبرد بالماء الطهور في كونهما تحصل بهما الطهارة، وكلٌ من ماء السيل، والنهر باقٍ على الأصل فيهما أنهما من ماء السماء الذي نصّ الله على طهوريته، وكونهما جاريان لا يسلبهما وصف الطهورية، وهكذا بالنسبة لتغيّرهما بلون الأرض؛ لأنه تغيّر بما يشقُّ صَونُ الماء عنه، وذلك لا يسلبه الطّهورية.
وأما ماء البحر فقد نصّ عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الصحيح أنه طهور بقوله: [هو الطَّهُورُ مَاؤُه]، وفيه خلاف ضعيف عن بعض الصحابة رضي الله عنهم لا يؤثر، حيث نصّت السنة على طُهوريّته، ولعلّ من خالف لم يبلغه الحديث، وقد جمع المصنف رحمه الله وصف الطَّهور في أمرين:
الأول: منهما تعبّدي؛ أي أنه متعلق بالعبادة، وهو قوله: [لا يرفعُ الحدثَ، ولا يزيل النجسَ الطاريء غيرُه].
والثاني: طبعي؛ حيث وصفه بكونه باقياً على أصل الخلقة في قوله: [وهو الباقي على خلقته].
فقوله رحمه الله: [لا يرفع الحدث] تقدم أن الحدث كل ما أوجب وضوءاً، أو غسلاً، فشمل نوعين: الأكبر: كالجنابة، والحيض، والنفاس، والأصغر: كالبول، والغائط، والريح فهذه كلها أحداث، وإزالتها تكون باستعمال الماء الطّهور على الوجه المعتبر شرعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/106)
فلا تحصل طهارة الوضوء، ولا الغسل إلا بالماء الطهور، وهذا معنى كونه لا يرفع الحدث، وهكذا الحال في طهارة الخبث التي أشار إليها بقوله رحمه الله: [ولا يُزيلُ النَّجِسَ الطَّاريءَ غَيرُه] فإزالة النجاسة من البدن، والثوب، والمكان لا تحصل بغير الطَّهور من المياه، ولا بغيره من المائعات، لما قدّمنا من دلالة النصوص الشرعية.
وقوله رحمه الله: [النَّجِسَ الطّاريءَ] التفريق بين النجاسة العينية، وغيرها فالنجاسة العينية لا تقبل التّطهير بحال، وذلك مثل: نجاسة الميتة، والخنزير؛ فهي نجاسة ذاتٍ، وعينٍ، فلو غُسلت الدّهر كله لم تَطْهُر، فهذا النوع يوصف بكونه نجساً، وأما غيره مما تطرأ عليه النجاسة؛ فيكون أصله طاهراً كالثوب، والفراش، ونحوه، ويوصف بكونه متنجساً لأن الأصل طهارته، والنجاسة طارئة عليه، يمكن إزالتها، فهذا هو الأصل، أنّه يفرّق بين النّجس، والمُتنجِّسِ، وقد يُتسامح فيعبّر بالنّجس عن المُتنجِّسِ، وبهذه العبارة بيّن المصنف رحمه الله أن الذي يقبل التطهير هو المُتنجّسُ، وهو الذي طرأت عليه النّجاسة دون النّجس العيني الذي لا يمكن تطهيره بحالٍ، كما قدمنا.
قوله رحمه الله: [فإن تغيّر بغيرِ مُمازِجٍ] بعد أن بيّن رحمه الله الأصل في الطهور شرع في بيان أحكام تغيّره، وإنتقاله عن ذلك الأصل، وهذا يستلزم بيان المسائل المتعلقة بما يُلقى في الماء، سواء غيّره، أو لم يغيِّره.
فبدأ رحمه الله بالأخفِّ، وهو الذي لا يسلب الطهورية، ولكنه يوجب الحكم بكراهة إستعمال الماء، وهو الذي لا يمازج الماء كالدُّهن، ونحوه فقال رحمه الله:
[فإن تغيّر بغيرِ مُمازِجٍ]: أشار بهذه العبارة إلى أن التغير نوعان: إما أن يكون بممازج للماء، أو يكون بغير ممازج، وهذا يستلزم معرفة حقيقة الممازجة أولاً؛ ليمكن التفريق بين الحالتين.
فأما الممازجة فحقيقتها إختلاط الشيئين ببعضهما؛ حتى لا يمكن أن يفرق بينهما، بحيث يصيرا كالشيء الواحد، ومن أمثلته في الطاهرات: أن يُلقَى الحِبرُ في الماء الطَّهور، فإنه بمجرد طرحه فيه يمتزج بالماء حتى يصيرا كالشيء الواحد لوناً، وطعماً، ومثاله في النجاسات: البول فإنه إذا ألقى في الطَّهور إمتزج معه، وخالطه فتجد رائحة البول، وطعمه، ولونه في الماء ظاهرةً.
فهذا النوع من الممازجة لا إشكال فيه، وهو ينقل الماء الطهور إما إلى طاهر، وإما إلى نجس؛ أي بحسب ما أُلقي فيه، ومن هنا قيل: [الماءُ إِن تَغيّر أخذَ حكمَ ما غَيّره].
ومثل هذا لا يُبْحث في الطّهور لأنه موجب للحكم بتغيّره، إلا ما كان من المسائل مستثنى مثل الحالات التي توجب المشقة، والتي سينبه عليها رحمه الله بعدُ، والذي يبحث هنا هو ما حُكِمَ ببقائه على أصل الطّهورية، وهو ما لم يتغيّر، ومن هنا إختار المصنف رحمه الله صوراً من التغيّر لا يُحكمُ فيها بانتقال الماء من الطّهورية، إلا أنه محكوم بكراهية إستعمال الماء فيها، وهي وسط بين الباقي على أصل الطهورية، وبين المتغيّر حقيقة، ومثل هذه الحالة مذهب بعض علماء الأصول أنها تأخذ حكم المكروه؛ فالحكم بكراهته من جهة توسّطه بين الطَّهور الباقي على الأصل، والمتغيّر الخارج عن الأصل؛ سواء كان تغيّره بطاهر، أو نجس، وهذا أصل عند طائفة من علماء الأصول؛ وبُني عليه الحكم الفقهي عند من يختار هذا القول، وله نظائر كثيرة، ومنها: مسألة مساواة الإزار للكعبين فهي وسط بين الحلال، والحرام فكرهت عند من يقول بكراهتها.
قال رحمه الله: [فإنْ تغَيّر بغيرِ مُمازجٍ؛ كَقِطعِ كَافُورٍ] أي: إذا وضع في الماء الطهور قطع الكافور، فغيّرته فإن هذا التغيّر حصل بغير ممازج، لأن قطع الكافور الجامدة لا تتحلّل في الماء كالممازج، والكافور هو الطيب المعروف، وفي حكمه ما كان مثله: كعود القماري، والقطران، والزّفت، ونحوها.
قوله رحمه الله: [أو دُهْنٍ] الدُّهن بجميع أنواعه لا يتحلل في الماء كالسَّمْنِ، والزيوت فإذا وقعت في الماء صارت فوقه، ولم تمتزج به، ومن هنا أخذت حكم التغيّر بغير ممازجة؛ وضعف تأثيرها، فلم يوجب تغييرها سلب الماء وصف الطهورية، وهذا ما عبّر عنه بالتغيّر بالمجاورة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/107)
[أو مِلحٍ مائيٍ]: الملح: إما أن يكون جبلياً، أو يكون مائياً، لأنه يُستخلص منهما فإذا كان الملح مائياً ووضع في ماء طهور لم يسلبه الطهورية، لأن أصله من الماء، وحينئذ لا يضره، لأنه يكون كالثلج، والبرد إذا أذيبا في الماء الطّهور، وأما إذا كان الملح أصله من غير الماء، وهو الملح المستخلص من الأراضي السبخة، ونحوها فإنه يسلب الماء الطهورية إن وضع فيه، لأنه يغير الطعم بطاهر، وهو مفهوم عبارة المصنف رحمه الله.
قوله رحمه الله: [أو سُخّنَ بنجسٍ] بيّن رحمه الله أن الماء إذا سُخِّن بنجسٍ فهو طهور؛ لكنه يكره إستعماله، والسبب في ذلك: أنه لم يتغيّر بشيء ممازج، وإنما تغيّر بمجاورة، فنجاسته ليست بمؤثرة كالممازج.
وهذا مبني على أنه إذا سخن بالنجس لم يسلم غالباً من صعود أجزاء لطيفة من النجاسة إليه كما يقولون، وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية: أنه لا يكره، ومن أصحاب الإمام أحمد رحمه الله مَنْ قصر حكم الكراهة على حاله ساخناً، فإذا برد لم يُكْره، وقد ذكر الإمام المرداوي رحمه الله الخلاف في هذه المسألة، وأن للأصحاب فيه أربع عشرة طريقاً، وقال: إن أصحها فيها روايتان مطلقاً، ومحل الكراهة إذا لم يوجد غيره، وهذا ما عبّر عنه بعض العلماء رحمهم الله بقوله: (إِنْ لمْ يَحْتَجْ إِليْهِ).
وفي حكم المُسخّنِ بالنّجسِ المُسَخّنُ بالمغصوب.
قوله: [كُرِهَ] أي: صار مكروهاً، والمكروه في اللغة ضدّ المحبوبِ، وأما في اصطلاح علماء الأصول فهو: (الذي يُثابُ تارِكُهُ، ولا يعاقبُ فاعِلُهُ).
وعليه فالتعبير بكون الماء مكروهاً في هذه الصور السابقة يدل على أنه باقٍ على الأصل أعني: كون الماء طهوراً، وأن الأفضل أن يستعمل غيره في الطهارة، فلو استعمله صحت طهارته، ومن أهل العلم رحمهم الله من جعل الكراهة في حال وجود غيره، فإذا لم يجد غيره لم يكن مكروهاً عندهم كما قدمنا.
والصحيح أن هذه الكراهة مبنيّة على ما قدمنا من أنه متردد بين ما هو باقٍ على الأصل، وبين ما هو منتقل عن الأصل، أي أنه في مقام وسطٍ: بين الطهور الباقي على أصله، وبين ما انتقل عن الأصل فهو متغيّر بشيء يسير، لم يتمحض خلوصاً كالأصل، ولم يتمحض تغيّراً كالمنتقل عن الأصل ومن هنا أعطى حُكماً يناسبه، وهو الكراهة، وهذا الأصل مشى عليه طائفة من علماء الأصول رحمهم الله كما قدمنا وهو معتبر حتى عند فقهاء الحنابلة رحمة الله على الجميع.
قوله رحمه الله: [وإِنْ تغيّر بِمُكْثِهِ] شرع رحمه الله بهذه العبارة في بيان النوع الثاني من الطهور المتغيّر وهو الذي لا يكره إستعماله، مع كونه متغيّراً كما قدمنا.
وذكر له صوراً منها: (أن يتغيّر بمكثه) وهو الماء الآسن، فتغيّره منه نفسه، وليس بشيء من خارج عنه، فلم يضرّ.
ومن أمثلته: ما يقع في المستنقعات، والبرك إذا طال بقاء الماء فيها، واستدلوا بما ثبت في صحيح البخاري عنه عليه الصلاة والسلام: [أنه توضَّأَ مِنْ بِئرٍ كان ماؤُه نُقَاعةَ الحِنّا] وليس هناك فرق بين أن يكون التغيّر بسبب طول المكث في الأرض كالمستنقعات، والبرك، أو يكون بسبب طول المكث في الآنية مثل القرب، وأواني النحاس، وفي زماننا إذا طال مكث الماء في خزانات المياه، أو المواصير فلا يؤثر، وجعله العلماء رحمهم الله تغيّراً يشق الإحتراز منه أشبه التغيّر بمنبعه.
قوله رحمه الله: [أو بما يَشُقُّ صَونُ الماءِ عَنْه] أي تغيّر بشيء يصعب صون الماء عنه فالتعبير بالمشقة الموجبة لصعوبة الشيء يستلزم ما هو أعلى منها من باب أولى، وأحرى، وهو المتعذر، فهذه الصورة موجبة للرخصة وسقوط المؤاخذة، فلا يؤثر فيها التغيّر فالقاعدة: (أنّ الأمرَ إذا ضاقَ إِتسع) فإذا كان في الماء نابت فيه كالطُّحلب البحري الذي يوجد في المستنقعات، والبحيرات، والبرك، أو تغيّر بورق شجر يسقط فيه كما يقع في البساتين حيث تسقط أوراقها، ثم تحركها الرياح إلى أفواه الآبار، فتسقط فيها، فتغيّر طعم الماء، أو تحركها إلى البرك، والمستنقعات الموجودة داخل البساتين، أو الغابات فجميع ذلك يشقُّ صون الماء عنه، ولا يؤثر تغيّر الماء به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/108)
قوله رحمه الله: [مِنْ نَابِتٍ فيهِ، ووَرَقِ شَجَرٍ] هذا كثير في البادية يكون على البئر شجرة مثل شجرة اللوز، وهذه الشجرة تسقط أوراقها فتسقط في البئر، ثم تصبح رائحة ماء البئر كرائحة اللوز، فإذا تغيّر الماء على هذا الوجه الذي يشق صون البئر عنه لم يؤثر، وهو أيضاً كثير في المستنقعات، والبرك التي توجد داخل الغابات، والبساتين، فكثيراً ما تجدها مغطاة بأوراق الأشجار خاصة في فصل الخريف، وتجد طعم الماء متغيّراً بطعم ذلك الورق، ولكنه تغيّرٌ يشقُّ صونُ الماء عنه؛ فلم يضر.
وفي حكم هذه الحالة مياه السيول، والأمطار فإنها تجرف التراب، ويتغير لونها، وطعمها بما يشق صونها عنه.
قوله رحمه الله: [أو بمجَاورةِ مَيْتَةٍ]: قوله [أو بمجاورة] المراد به الملاصقة، لأن مجاورة الميتة للماء الطهور لا تضر إذا لم تكن ملتصقة، وتضرُّ إذا كانت ملتصقة به، ثم فصّل بعض العلماء رحمهم الله في حال إلتصاقها؛ فحكم بضَرَرِهِ إذا تغيّر اللّون، والطّعم.
واختلف في الرائحة:
فقال بعضهم: تؤثر.
وبعضهم قال: لا تؤثر، وقد أشار بعض العلماء إلى هذه المسألة بقوله:
ليسَ المجاورُ إذَاْ لمْ يلتصقْ ... يَضرُّ مطلقاً وضَرَّ إن لَصقْ
في اللّونِ والطَّعمِ بالاتفاقِ ... كالرِّيحِ في مُعْتَمدِ الشِّقاق
فقوله: (ليس المجاور إذا لم يلتصق) يعني أن النجاسة لا تضرّ مطلقاً إذا لم تكن ملتصقة بالماء الطهور، سواء كانت بعيدة عن الماء، أو قريبة منه ما دام أنها لم تلاصقه لا تؤثر.
وقوله (وضرَّ إنْ لصِقْ) أي: أنه إذا كان ملتصقاً بالطهور؛ فإنه يضر.
وقوله (في اللَّون، والطَّعم) يعني: إذا تغير لون الماء الموجود في المستنقع، وطعمه فإنه يسلبه الطهورية بالإتفاق، وأما إذا تغيّر في الرائحة؛ فإنه يسلبه الطهورية على أرجح قولي العلماء في المسألة.
قوله رحمه الله: [أو سُخِّنَ بِالشَّمْسِ] أي: وضع الإناء في الشمس؛ فصار ساخناً؛ فإنه لا يسلبه الطهورية، ويجوز استعماله في الطهارة، وفيه أثر ضعيف، وكرهه بعض العلماء رحمهم الله بناء على قول بعض الأطباء إنه يورث البرص، وإذا ثبت فيه ضرر لم يجز استعماله دفعاً لذلك الضرر، وأما إذا لم يثبت فإن الأصل طهوريته، وسلامته، وقد نصّ الإمام أحمد رحمه الله على جواز الطهارة به.
وقوله رحمه الله: [أَوْ بِطَاهرٍ] أي: سُخِّن بطاهر كالحطب، والفحم، والغاز في زماننا، فيجوز استعماله بلا كراهة، مثلما جاز إستعمال المياه الحارة في العيون الحارة.
وعليه فالسخانات في زماننا يجوز استعمال مائها بلا كراهة، إلا أن هنا مسألة ينبغي التنبيه عليها، وهي أن الماء شديد الحرارة، أو شديد البرودة قد يتساهل البعض عند إستعماله في إدارته على الأعضاء وغسلها على الوجه المعتبر، فحينئذ ينبغي عند استعماله أن لا يتساهل مستعمله في القيام بالطهارة على وجهها المعتبر.
قوله رحمه الله: [وإِنْ استُعملَ في طَهارةٍ مُسْتَحبّةٍ] الطهارة إما واجبة، أو مستحبة، فالواجبة هي الأصلية، وهي التي تكون لرفع الحدث الأصغر، أو الأكبر، فإذا توضأ في الحدث الأصغر، أو اغتسل من الحدث الأكبر فإن الماء المستعمل في الطهارتين ماء مستعمل في طهارة واجبة، وأما إذا كان وضوؤه وغسله غير واجبين كتجديد الوضوء، والغسل للجمعة على القول بعدم وجوبه، أو الغسل للعيدين فإنه مستعمل في طهارة غير واجبة، ويلتحق به ماء مستعمل في الغسلة الثانية، والثالثة في الوضوء لأنها ليست بواجبة، والأولى هي الواجبة؛ لأن الأمر في آية الوضوء لا يقتضي التكرار، كما هو مقرر في الأصول.
فالمصنف رحمه الله بيّن أن الماء المستعمل في الطهارة المستحبة مكروه، وهذا يستلزم الحكم بكون الماء لا زال طهوراً.
والحكم بالكراهة مبني على ما قدمناه من الأصل عند العلماء رحمهم الله من تردد الأمر بين المأذون والمحظور، فأُعطي حكم الكراهة ترغيباً في الترك عند وجود غيره، لا تحريماً للحلال.
والأصل عندهم في هذا أنه مبني على طريق الورع كما نبّه عليه الإمام البهوتي رحمه الله، وغيره، فصار من جنس المشتبه، ودلّ حديث النعمان رضي الله عنه على الترغيب في تركه، وهذا كله ليس من تحريم الحلال في شيء، كما لا يخفى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/109)
ومفهوم قوله رحمه الله: [في طَهارةٍ مُسْتَحبّةٍ] أنه إذا استعمل في طهارة واجبة سلبه الطهورية كما سيأتي بيانه، وهذا على المذهب.
قوله رحمه الله: [وإذا بلغَ الماءُ قلّتين، وهو الكثير] القلتان: مثنى قُلّة، والقُلّة ما يُقَلُّ بمعنى يُحْمَل، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً} (1) أي إحتملته الريح، وسميت القُلّة قلّةً لأنها تحمل باليد، وهي الجرة مثلَ الأزيار، والشِرَابْ الموجودة الآن، ولا زال إلى الآن بعض أهل البادية يحملونها ويستقون بها يضعون فيها الماء من الآبار، ويجلبونه إلى منازلهم، فسئل النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - عن الماء، وما ينوبه من السباع فقال: [إذا بلغَ الماءُ قلّتينِ لم يحملِ الخَبَث] بمعنى أنه لو وقعت فيه نجاسة لم تغيّر لونه، أو طعمه، أو رائحته فإنه طهور هذه المسألة مسألة القلتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الضابط فيها بالقلتين، وهي من مشهورات مسائل الطهارة، والحديث المتقدم هو الأصل فيها، وحاصل كلام المصنف رحمه الله أنه يقول بمفهوم هذا الحديث الدّال على إعتبار القلتين حداً بين القليل، والكثير من الماء، وهذا هو مذهب الشافعية، والحنابلة في المشهور رحمهم الله.
وذهب الحنفية، والمالكية، والظاهرية إلى عدم إعتبار القلتين؛ وإن كانوا قد اختلفوا في التفصيل، فهم متفقون على أن القلتين ليستا حداً يضبط به، ثم إنفرد الحنفية رحمهم الله بضابط حركة الماء، والباقون على أن العبرة بالتغيّر، وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وإختارها شيخ الإسلام، وتلميذه الإمام إبن القيم رحمة الله على الجميع، وقد بيّنت الأدلة، ووجه دلالتها ومناقشة العلماء لها، والترجيح في شرح البلوغ.
وبيان محل الخلاف بينهم في هذه المسألة: أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة إما أن يتغيّر، أو لا يتغيّر؛ فإن تغيّر بالنجاسة فبالإجماع أنه متنجس سواء بلغ القُلّتين، أو كان دونها.
وأما إذا لم يتغيّر فإما أن يكون الماء بلغ قُلّتين فأكثر، وإما أن يكون دونهما، فإن كان بلغ القلتين فإنهم متفقون على عدم تأثره، وأنه طهور باقٍ على أصله؛ لأنه لم يتغيّر؛ إلا أن الحنفية إستثنوا حال حركته بالضابط المعروف في مذهبهم، وأما إذا كان دون القلتين فهو محل الخلاف، فمن قال باعتبار القلتين حكم بكونه نجساً بمجرد ملاقاته للنجاسة؛ سواء كانت قليلة، أو كثيرة، وهذا هو الذي مشى عليه المصنف رحمه الله، وهو المذهب عند الحنابلة، والشافعية رحمهم الله.
والذي يترجح في نظري، والعلم عند الله: هو ما ذهب إليه القائلون بأن العبرة بالتغيّر، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: [إِنَّ الماءَ طَهورٌ؛ لا يُنجِّسُه شَيءٌ] فدلّ على أن الأصل طهوريته، ولا يحكم بالإنتقال عنها إلا بدلالة صحيحة معتبرة، وهي التغيّر لأوصافه، وأما حديث القلتين ففيه منطوق، ومفهوم، فمنطوقه لا إشكال فيه، ومفهومه معارض بمنطوق حديث بضاعة المتقدم: [إِنَّ الماءَ طَهورٌ؛ لا يُنجِّسُه شَيءٌ] لأنه دال على أن الماء محكوم ببقائه على أصل الطهورية ما دام أنه لم يتغير فيقدم هذا المنطوق؛ لأن القاعدة أنه (إذا تعارض المنطوق، والمفهوم؛ قُدّم المنطوقُ على المفهومِ).
وبهذا كله يترجح أن العبرة بحصول التغيّر في الماء، فلا يلتفت عند وقوع النجاسة فيه إلى كثرة، ولا إلى قلة، ولا إلى حركة، ولا إلى غيرها وإنما يُلتفت إلى تأثير النجاسة فيه بتغييرها لأحد أوصافه على الوجه المعتبر والله أعلم.
قوله رحمه الله: [فخالطته نجاسةٌ غيرُ بولِ آدميٍ، أو عذرتِه المائعةِ فلم تغيّره] فرّق رحمه الله بين المائع من النجاسات الذي يمازج، ويتحلل، وبين الجامد الذي لا يتحلل، وهذا أخذه الحنابلة رحمهم الله من دليل السنة، فاستنبطه الإمام أحمد رحمه الله من حديث النّهي عن البول في الماء الراكد، ووجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خصّ البولَ، دون الغائط، ونظرنا فوجدنا الفرق بينهما أن الأول يمتزج بالماء؛ بخلاف الثاني، ثم إستثنى الحنابلة رحمهم الله العذرة المائعة، وألحقوها بالبول لوجود المعنى فيها، فهذا هو وجه التفريق، وهو مبني على سنة صحيحة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/110)
قوله رحمه الله: [ولا يَرفَعُ حَدثَ رجلٍ طهورٌ يسيرٌ خَلَتْ بهِ إمرأةٌ لطهارةٍ كاملةٍ عن حَدَثٍ] معناه أن الماء الطهور إذا إنفردت به المرأة بشرطه سلبه ذلك الطهورية، والدليل على هذه المسألة حديث أبي داود، وأحمد في مسنده عن الحكم بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: [نهى أنْ يَتوضّأَ الرجلُ بفضلِ طَهورِ المرأةِ]، وقد بيّن رحمه الله أن هذا الحكم مُقيّد بحالةٍ خاصة، وهي: أن يكون يسيراً، وأن تخلو به المرأة، وأن ترفع به حدثاً كاملاً، فخرج بقوله اليسير الكثير، والفرق بينهما بالقلتين على المذهب، وخرج بوصف " الخلو " أن لا تخلو به، وبقوله: [إمرأة] الرجلَ ففضلة طُهُوره لا تأخذ الحكم بالمنع، وخرج بقوله: [لطهارة كاملة] غير الطهارة، مثل أن تخلو بالماء لغسل كفيها، وكذلك يخرج به لو خلت لبعض الطهارة، دون بعضها مثل: أن تخلو للوضوء فتغسل وجهها، ثم تنقطع خلوتها بدخول زوجها، ونحو ذلك من الصور، وخرج بوصف الحدثِ الخبث مثل: أن تغسل به نجاسة في بدن، أو ثوب، أو مكان ثم تفضل من الماء الذي إستعملته في ذلك فضلة فإنها باقية على الطهورية.
وقوله رحمه الله: [ولا يَرفَعُ حَدَثَ] يدل على أنه إذا تحققت هذه الأوصاف حكم بسلب الماء الطهورية، فلا يوجب التطهر به إرتفاع الحدث.
وخالف الجمهور؛ فقالوا ببقائه على الطهورية لأنها الأصل، ولم يعتبروا النهي موجباً لفساد الماء، وسلب الطهورية عنه، وأكدوا ذلك بحديث إبن عباس رضي الله عنهما وأصله في الصحيح أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إغتسل في جَفْنةٍ، فأراد عليه الصلاة والسلام الإغتسال منها فقالت: إنِّي كنت جنباً!! فقال عليه الصلاة والسلام: [إنَّ الماءَ لا يُجْنِبُ] فدلّ على أنه باقٍ على أصل الطهورية وأن إستعمال المرأة له لا يوجب زوالها، وللحديث علّة بيناها في شرح البلوغ.
وأما اشتراط الخلوة فهو مبني على حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أنها كانت تغتسل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، فجُمع بينه، وبينَ حديث النهي باشتراطها، وهكذا بالنسبة للتفريق بين الرجل، والمرأة إضافة إلى كونه في المرأة أقوى ثبوتاً منه في الرجل.
قوله رحمه الله: [وإِنْ تَغيّر لونُه، أو طَعمُه، أو ريحُه] بدأ رحمه الله بهذه الجملة في بيان النوع الثاني من أنواع المياه، وهو الماء الطاهر، والماء الطاهر: طاهر في نفسه غير مطهِّرٍ لغيره، فكلّ طهور طاهرٌ؛ لا العكس، ونظراً لأن الماء ينتقل من أصله الموصوف بالطهورية إلى النوعين الآخرين وهما: الطاهر، والنجس عن طريق التغيّر بيَّن رحمه الله أن التغير يكون في أوصاف الماء الثلاثة، وهي: اللون، والطعم، والرائحة، وأنه لا يشترط أن تكون مجتمعة؛ بل لو حصل التَّغير في واحد منها فإنه يكون كافياً، وهذا ما أشار إليه بالعطف بين الأوصاف الثلاثة بـ[أو].
قوله رحمه الله: [بِطَبخٍ] الباء سببية، أي حصل تغيّر أحد أوصاف الماءِ الثلاثة، أو أكثرها، أو كلها بسبب الطبخ مثل: أن يُطبخ في الماء شيءٌ طاهرٌ كاللّحم فيغيّر لونَ الماءِ الطهور، أو طعمَه، أو رائحَته، فيتغير لون الماء الطهور بلون المرق، أو يطبخ فيه الطماطم، فيصبح لونه أحمر، أو يظهر طعم اللحم، أو الطماطم فيه، أو رائحتهما حكم بإنتقال الماء إلى كونه ماء طاهراً في جميع ما تقدم.
وقوله رحمه الله: [أو ساقطٍ فيه] أي: أن يقع فيه شيء طاهر فيغيّر لونَه، أو طعمَه، أو رائحته مثل أن يسقط فيه دقيق، أو حبر، ونحوه من الطاهر مما يمتزج في الماء، ويغيّر لونه، أو طعمه، أو رائحته.
قوله رحمه الله: [أو رُفِعَ بِقليلِه حَدثٌ] أي أن استعمال الماء الطهور في رفع الحدث يوجب الحكم بسلبه الطهورية.
وقوله: [بِقَليلِه] المراد به أن يكون دون القلتين، فلو كان قلتين فأكثر مثل مياه: البرك، والمستنقعات، وانغمس فيها لرفع حدث أصغر، أو أكبر فإنها لا تتأثر، إلا إذا تغير الماء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/111)
وقوله: [حدث] شامل للأصغر، والأكبر فلو أن رجلاً إغتسل في بركة صغيرة دون القلتين، وحفظ ذلك الماء المستعمل فيها، أو اغتسل في طشت، وحفظ الماء فيه، ثم أراد هو، أو غيره أن يرفع به حدثاً مرة ثانية لم يرتفع لأنه أصبح ماء طاهراً، لا طهوراً، بمعنى أن رفعَ الحدثِ به أوّلاً سَلَبه وصفَ الطّهورية وأصبح طاهراً، لا طهوراً؛ وقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، وذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ان الماء طهور في جميع ما تقدم بشرط ألا يتغير بالإستعمال، وهذا هو مذهب المالكية في المشهور، وقولٌ للشافعية، وروايةٌ عند الحنابلة إختارها شيخ الإسلام، وهو مذهب الظاهرية رحمة الله على الجميع.
القول الثاني: إنه طاهر، وليس بطهور، وهو مذهب الجمهور رحمهم الله.
القول الثالث: إنه نجس، وهو قول القاضي أبي يوسف من الحنفية، وبعض الحنابلة رحمة الله على الجميع.
وقد استدل أصحاب القول الأول على مذهبهم بما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: [إِنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُهُ شَيءٌ] فدلَّ على أن الأصل في الماء أنه طهور، وإستعماله هنا في رفع الحدث لم يؤثر في لونه، ولا طعمه، ولا ريحه فوجب البقاء على الأصل الموجب للحكم بطهوريته، واستدلوا أيضاً بقوله عليه الصلاة والسلام: [إِنَّ الماءَ لا يُجْنِب] فدلَّ على أن إستعمال الماء في رفع الجنابة، أو الحدث عموماً لا يوجب سلبه الطهورية، بل هو باقٍ عليها ما لم يتغير.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بكونه طاهراً، لا طهوراً: بما ثبت في الصحيحين: [أَنَّه نهى عليه الصَّلاةُ، والسَّلامُ عَنِ الإغْتِسالِ في الماءِ الدَّائمِ] قالوا: إنه لا معنى لذلك إلا أنه يسلبه الطهورية، فيصبح طاهراً لا طهوراً.
واستدل أصحاب القول الثالث، وهم القائلون بالنجاسة بما ثبت في الصحيح: [أنه نهى عليه الصلاة والسلام عن البول في الماء الدَّائِم، والإغتسالِ فيه] ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما لاتحاد حكمهما أي أن الإغتسال يسلب الماء الطهارة كالبول فيه، كما قاسوا رفع الحدث بالماء الطهور على إزالة الخبث بجامع حصول الطهارة في كل، فيحكم بنجاسته كغسالة النجاسة المتغيرة بها.
والذي يترجح في نظري، والعلم عند الله هو القول ببقاء الماء على الطُّهورية لما يلي:
أولاً: لصحة دلالة السنة على ذلك.
ثانياً: وأما الاستدلال بحديث النهي عن الإغتسال في الماء الدائم فيجاب عنه بأن علّته هو خشية إفساد الماء على الغير لأن الإستحمام في داخل الماء يؤذي من يريد شربه، والإنتفاع به، ولذلك جاء الإذن بالإغتراف منه، وهذه العلِّة أقوى مما ذكروه.
ثالثاً: وأما الإستدلال بحديث النهي عن البول فهو مبني على دلالة الإقتران، وهي ضعيفة كما هو مقرر في الأصول، إضافة إلى أن الرواية في الصحيح: [ثمَّ يَغْتَسل فيه] تبطل ما ذكروه.
وأما القياس المذكور فهو قياس مع الفارق، ثم إنه من ردِّ المختلف فيه إلى المختلف فيه، لأن غسالة النجس إذا لم تتغير فهي باقية على الأصل.
ومما يدل على عدم النجاسة حديث جابر رضي الله عنه حينما صبَّ النبي صلى الله عليه وسلم عليه وَضوءَه.
وعليه فإنه يترجح القول بطهورية الماء المستعمل في رفع الحدث؛ إلا إذا كان متغيّراً.
قوله رحمه الله: [أو غُمِسَ فيه يدُ قائمٍ من نومِ ليلٍ] قوله: [غُمِسَ فيه] أي أدخلها في ذلك الماء، وقوله: [يد] يدل على أنه لا يشترط غمس اليدين، وأن الواحدة كافية، والمذهب على أنه يجب غسل اليدين للمستيقظ من نوم الليل كما سيأتي إن شاء الله بيانه، ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إذا إستيقظَ أحدُكمْ مِنْ نومهِ فلا يُدخل يدَه في الإناءِ حتى يغسلَها ثلاثاً] فإذا غمس يده سلب الماء الطهورية، وأصبح طاهراً.
والصحيح أنه يأثم بمخالفة النهي الوارد في الحديث الصحيح، وأما الماء فإنْ تغيَّر حُكمَ بسلبهِ الطهورية، وإلا بقي على الأصل، ولا يحكم بانتقاله عنه بمجرد الغمس لقوله عليه الصلاة والسلام: [إن الماء طهورٌ لا يُنجِّسه شيءٌ].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/112)
وقوله: [مِنْ نومِ ليلٍ] مفهومه أن نوم النهار لا يأخذ الحكم، وهذا مبني على مذهب الحنابلة أن الأمر بغسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء مخصوص بنوم الليل، دون نوم النهار، واستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام: [فإنَّ أحدَكم لا يدري أَيْنَ باتَتْ يدُه] قالوا: والبيتوتة لا تكون إلا بالليل، ورُدَّ بأنه خرج مخرج الغالب لأن النوم يكون في الليل غالباً كما قال تعالى: {وجَعلَ اللّيلَ سَكَناً} وإذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومه، للقاعدة الأصولية: [إنّ النصَّ إذا خَرجَ مخرَج الغالبِ لم يُعتبرْ مَفهومُه] وسيأتي بيان هذه المسألة في موضعها بإذن الله تعالى.
وقوله رحمه الله: [أو كانَ آخرَ غَسْلةٍ زالتْ بها النَّجَاسةُ فَطاهرٌ] إزالة النجاسة على المذهب يجب فيها التثليث كما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى، فإذا كانت الغسلة آخر غسلة زالت بها النجاسة فإن أثر النجاسة فيها يكون ضعيفاً إن لم يكن مُنعدماً مع ملاحظة قوّة الواردِ خاصةً على مذهب من يفرق بين ورود النجاسة على الماء، وعكسه، وعليه فإن هذه الغسلة لا يحكم بكونها باقية على أصلها، وهو الطهورية فهي طاهرة في نفسها لكنها غير مطهرة لغيرها لزوال الخبث بها كارتفاع الحدث باليسير في المسألة المتقدمة معنا.
قال رحمه الله: [والنَّجِسُ ما تَغيَّر بِنجاسةٍ] هذا هو النوع الثالث من أنواع المياه، وهو الماء المتنجس، أي الذي أصابته نجاسة، وغيّرته فسلبته الطهورية، وكما تقدم معنا في الطاهر أن العبرة في تغيّر الماء وانتقاله عن الطهورية هو تأثره في أحد أوصافه الثلاثة، أو في أكثرها، أو كلها، فإن كان هذا التغيّر بطاهر إنتقل الماء طاهراً كما قدمنا، وإن كان هذا التغير بنجس حكمنا بانتقاله إلى نوع النجس، فصار ماء متنجساً، وعبّر المصنف رحمه الله (بالنّجِسِ)، وأصل النجس: القذر في لغة العرب، فالنجاسة ضد النظافة، والنقاء من الدّنسِ، إلا أن الشرع خصّها بنوع خاصٍّ من القاذورات، وهو الذي حكم الشرع بنجاسته كبول الآدمي.
وقوله: [ما تَغيّر بنَجاسَةٍ] مراده أننا نحكم بزوال الطّهورية، ولحوق وصف النجاسة متى ما حصل تغيّر الماء بمادة نجسة، مثل أن تُلقى فيه، أو تسخّن فيه فيُطبخ معها، ويحصل التّغير بصفته المؤثرة، وقد حكى الإمام ابن المنذر رحمه الله الإجماع على نجاسة الماء إذا تغيّر بالنجاسة.
وقوله رحمه الله: [أو لاقَاهَا، وهو يَسِيرٌ] الضمير عائد على النجاسة أي: أن الماء لاقى النجاسة، وهو يسير، أي قليل، وهو ما دون القلتين، فيحكم بكونه صار نجساً، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نصَّ في الإنصاف على أنها المذهب، وعليها جماهير الأصحاب، وهي مبنيّة على حديث القلّتين، وقد قدمنا أن الراجح أن العبرة بالتّغير، وهي الرواية الثانية في المذهب، واختارها شيخ الإسلام رحمه الله، ومحلّ الخلافِ: إذا لم يحصل التغيّر؛ فإن حصل فالجميع على أن الماء ينجس.
قوله رحمه الله: [أو إنفصلَ عن محلِّ نجاسةٍ قبلَ زوالِها] هذا على المذهب من أن ملاقاة الطهور اليسيرُ للنجاسة موجب للحكم بنجاسته، فإذا صبّ الماء الطهور على موضع نجس عمل فيه، وحكم بكونه باقياً على الأصل ما دام أنه في محل التطهير ما لم يتغير، أو ينفصل فإن إنفصل، وفارق محل النجاسة، وهي باقية لم تزل حُكِم بتأثره بها كمسألة الملاقاة للنجاسة، وقد قدمنا بيانها، وأن الصحيح أن العبرة بالتغيّر في جميع هذه المسائل.
وقوله: [قبل زوالها] الضمير عائد إلى النجاسة، ومفهوم هذه العبارة أنه إذا انفصل بعد زوالها؛ لم يحكم بكونه متنجساً، بل هو طاهر كما تقدم في قوله رحمه الله: [أو كانتْ آخرَ غسلةٍ زالتْ بها النجاسةُ].
قوله رحمه الله: [فإِنْ أُضيفَ إلى الماءِ النّجس طهورٌ كثيرٌ غيرَ ترابٍ] المراد به بيان مسائل تطهير الماء المتنجس، وهذه الطريقة تعرف بطريقة المكاثرة، وهي أن يصبَّ على الماء المتنجس ماءً طهوراً فوق القلتين إذا كان الماء قد تنجس بما تقدم، ومناسبتها: أنها عكس الصور المتقدمة، فاحتيج إلى بيان حكمها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/113)
فقوله: [طهورٌ كثيرٌ] أي: ماء طهور قلتان، فأكثر؛ لأن الكثير ما بلغ القلتين فأكثر، ومثال ذلك: لو كان هناك ماء يسير وقع فيه بول، وهو دون القلتين حكمنا بنجاسته بمجرد وقوع النجاسة فيه على المذهب، وكما تقدم في المسائل السابقة التي ذكرها رحمه الله، فإذا أردت تطهيره أضفت إلى هذا الماء طهوراً بلغ القلتين، فأكثر، فإذا أضفته، وزال التغيّر بعد الإضافة حكمنا بكونه صار طهوراً بالمكاثرة.
وعليه فإن مفهوم قوله: [كثير] أننا لو أضفنا ما دون القلتين إلى النجس لم يطهر، بل بقي على أصله وحُكِمَ بتأثر المضاف بملاقاته للنجس، لأنه يسير ورد على متنجس، فتنجس بمجرد ملاقاته.
وقوله رحمه الله: [غيرَ ترابٍ] أن التراب إذا وضع في ماء يسير وقعت فيه نجاسة، ولم تغيره، ثم استقر التراب في قاع الماء لم يحكم بطهورية الماء، وقوله: [ونحوه] أي المواد المؤثرة في النجاسة كالتراب، ويتفرع عليه ما يفعل في زماننا من إضافة المواد التي تقوم بمعالجة النجاسة الموجودة في المياه فإنها لا توجب الحكم بزوال النجاسة كالحال في التراب.
وقوله رحمه الله: [أو نُزِحَ منه فبَقي بعدَه كثيرٌ غيرَ متغيّرٍ طَهُر] أي أن الماء إذا وقعت النجاسة فيه وكان كثيراً فغيّرته مثل ماء بئر فوق القلتين، فإذا نزحنا النجاسَة، والماءَ المتغير بها، ثم بقي بعد ذلك ماء كثير حكمنا بكونه طهوراً، لأنه كالماء الجديد، فهناك شرطان:
الشرط الأول: أن يكون الباقي فوق القلتين، وهو ما أشار إليه بقوله: [فبَقِيَ بعدَه كَثيرٌ].
والشرط الثاني: أن يكون غير متغير في أوصافه وهو ما أشار إليه بقوله: [غيرَ متغيّرٍ] فإذا تخلف الشرطان، أو أحدهما لم يحكم بالطُّهورية على المذهب، وعلى ما ترجح تكون العبرة بزوال النجاسة، وبقاء الماء على أصله، سواء كان ما بقي يبلغ القلتين، أو لا يبلغهما.
قوله رحمه الله: [وإِنْ شكَّ في نجاسةِ ماءٍ، أو غَيرهِ، أو طَهارتِه بنى عَلى اليقينِ]:
شرع المصنف رحمه الله في بيان مسائل تعم بها البلوى، وهي مسألة الشكوك، وإلتباس حال الماء، وغيره طهارة، ونجاسة.
والشك: هو إستواء الإحتمالين، دون أن يوجد مرجّح لأحدهما على الآخر، والشك في نجاسة الماء مثل: أن يشكَّ في وقوع النجاسة فيه، وهذا أكثر ما يقع على مذهب من يعتبر القلتين، وأما على الراجح أن العبرة بالتَّغير فإنه يمكنه التّمييز؛ لأن النّجِس له لون، ورائحة، وطعم يميّزه عن الطهور، وقد تكون أكثرها، أو كلها فبيّن رحمه الله أن حكم المسألة أنه يجب عليه البقاء على اليقين، وهذه المسألة مبنية على القاعدة الشرعية [اليقينُ لا يُزال بالشَّكِ] وقد دلّت عليها أدلة الكتاب، والسنة، والعمل عليها عند أهل العلم رحمهم الله فإذا كان متيقناً طهارة شيءٍ، وشكّ في نجاسته فإنه يبقى على اليقين، ويُلغِي الشَّكَ، وهكذا لو كان على يقينٍ بنجاسة شيءٍ، وشكّ في كونه صار طاهراً بَقِيَ على النجاسة، وألغي شكَّ الطهارةِ حتى يستيقنه.
وفي مسألتنا: لو شكّ في وقوع قطرة البول في الماء الطهور اليسير على المذهب، فإنه لا يحكم بنجاسته حتى يتيقن وقوعها فيه، فيحكم ببقائه على الطهورية، وهكذا لو كان العكس بأن كان الماء، أو الثوب متنجساً، وشكَّ في زوال نجاسته، وذهابها بالمكاثرة كأن يشك في قدر الماء أنه بلغ القلّتين على المذهب، بنى على اليقين الموجب لكونه متنجساً حتى يستيقن الطهارة.
قوله رحمه الله: [وإن إشتَبه طَهورٌ بنجسٍ حَرُم استعمالُهما] أي إشتبه الماءُ الطهورُ بالماءِ النَّجس فإن الواجب عليه تركهما، ويحرم عليه إستعمالهما مجتمعين، أو منفردين، ولا تصح طهارته، ولا صلاته إذا إستعملهما، أو إستعمل أحدهما على هذا الوجه.
وذلك لأنه لو استعمل أحدهما إحتمل أن يكون النّجس، فيكون متنجساً بإستعماله مستبيحاً للصلاة بدون طهارة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/114)
وإذا إستعملهما معاً فإنه إما أن يقع منه تقديم الطّهور، أو تقديم النجس، فإن قدّم الطهور، ثم تطهّر بالنجس بعده صار متطهراً بالوضوء من الأول متنجساً بالوضوء من الثاني، فلم يطهر بدنه، ولا ثوبه، وإن عكس صار متنجساً بإستعمال النجس أولاً، ثم كان الطهور بعده غيرُ مُجْدٍ لأنه لا تزول النجاسة إلا بالتثليث على المذهب، فيكون وضوؤه إذا ثلثه مزيلاً للنجاسة؛ لا رافعاً للحدث، وعلى عدم إشتراط التثليثِ يكون وضوؤه مزيلاً للنجاسة، لا رافعاً للحدث.
فيحرم عليه استعمالهما، ويجب عليه العدول للتيمم إذا لم يجد طهوراً.
ولا يشترط لصحة تيمّمه أن يريقهما، ولا أن يخلطهما، وهذا ما عبّر عنه بقوله: [ولا يُشْترطُ للتّيممِ إراقتُهما، ولا خَلطُهما] أما عدم الإراقة فلأن من قال بها قال إن شرط صحة التيمم أن لا يجد الماء لقوله تعالى: {فلم تجدوا ماءً} وهذا ماء، ويجاب بأن الماء موجود حقيقة مفقود حكماً، فكان وجوده، وعدمه على حدٍ سواء، وأما إشتراط الخلط، فلأن اليقين بوجود الطهور في أحدهما، فلا بد من خلطهما لزواله، وجوابه ان جهالة عين الطهور، وعدم القدرة على تمييزه تجعله، والنّجسَ كالشيء الواحد؛ فكان كخلطهما معنىً، وإن لم يكونا مختلطين حقيقة، فاكتفي به، ولم يلزم خلطهما بالفعل.
وقوله: [ولم يتحرَّ] أي أنه لا يلزمه التّحري، والإجتهاد في هذه المسألة؛ لأنه إشتباهُ مباحٍ بحرامٍ لا تجيزه الضرورة، فلم يجز التّحري قياساً على إشتباه أُخته بأجنبية، وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية أخرى بالتّحري بشرط أن يكون عدد الطهور زائداً بواحد، وكان النجس غير بول.
والتّحري أن ينظر إلى الصِّفات الموجودة التي تُرجّح أحد الإحتمالين في الإناء، وتوجب تَرجيح كونه النجس، أو الطهور.
قوله رحمه الله: [وإن إشتبه بطاهرٍ توضأَ منهما وضوءاً واحداً]: الضمير عائد إلى الماء الطهور، والمراد أن يشتبه طهور بطاهر، وتعتبر هذه مسألة ثانية، ومثالها: لو كان عندك سطلان أحدهما: فيه ماء طهور، والثاني: فيه ماء طاهر، فإن الماء الطهور هو وحده الذي تصحّ به الطهارة، أما الطاهر فإنه لا يرفع حدثاً، ولا يزيل خبثاً، فهل إذا كان أحدهما طهوراً، والثاني طاهراً نحكم بنفس حكم المسألة المتقدمة؟
والجواب: لا، لأن الطاهر المشتبه بالطهور ليس كالنجس يستضرُّ البدن بصبّه عليه، والتّطهر منه، بل إن التطهر به يزيد البدن نقاءً، ونظافة، ومن هنا وجب عليه أن يتوضأ منهما، حتى يتحقق أنه توضأ بطهورٍ، وارتفع حدثه.
قوله رحمه الله: [من هذا غُرفة، ومن هذا غُرفة] أي: أنه يتوضأ وضوءاً واحداً يأخذ من كل ماء غرفة حتى يتم أعضاء الوضوء، وعليه فإنه لا يتوضّأ وضوؤين، وعلّة هذا القول: أن هذا يفضي إلى تردُّدِه في النّية في رفع الحدث، وهذا هو المذهب فيما جزم به الإمام البهوتي رحمه الله، وهناك قول إنه يتوضأ وضوءين، وهو الأقوى حتى يجزم بارتفاع حدثه، والتردّدُ في النية لا يؤثر، لأن كل وضوءٍ انفرد بنيته المعتبرة، ثم إن الصور المستثناة من الأصل لموجبها لا تَرِدُ على الأصل، ولا تخالفه.
وقوله رحمه الله: [وصَلّى صلاةً واحدةً] أي: أنه لا يصلي بكل وضوء صلاة بل يصلي مرة واحدة وهذا على كلا القولين سواء قلنا يتوضأ وضوءين، أو وضوءاً واحداً.
وعدم وجوب تكرار الصلاة بلا خلاف في مذهب الحنابلة أي أن اللازم في حقه صلاة واحدة هذا من جهة الوجوب، واللزوم.
قوله رحمه الله: [وإِنِ اشْتَبهتْ ثيابٌ طاهرةٌ بِنَجسةٍ، أو بِمحرَّمةٍ]: هذه مسألة ثانية وهي تتعلق بطهارة الثوب، فلو أن إنساناً أراد أن يصلي، ومن شرط صحة الصلاة ستر العورة، وعنده ثوبان: أحدهما نجس، والثاني طاهر، ولا يستطيع أن يعرف النجس منهما من الطاهر فما الحكم؟
في هذه الحالة قال العلماء: يصلي بعدد النجس، ويزيد صلاة، فلو كانت عنده ثلاثة أثواب واحد منها نجس يصلي في ثوبين، فيأخذ أحدهما، ويصلي، ثم يأخذ ثوباً ثانياً منها، ويصلي؛ فإنه إذا كان الأول نجساً؛ فإن الثاني طاهر يقيناً.
قوله رحمه الله: [صَلّى في كلِّ ثوبٍ صلاةً بِعَددِ النّجسِ، أو المُحرّمِ، وزادَ صلاةً]: قوله: [أو المحرّم] كأن يكون ثوباً مغصوباً، ولا يستطيع أن يميزه، ففي هذه الحالة يصلي بعدد النجس، أو المحرم، ويزيد صلاة واحدة، لأنه إذا اقتصر على عدد النجس، أو ما دونه إحتمل أن يكون صلى في الثياب النجسة، وأما إذا زاد ثوباً، فإنه يستيقن حينئذ أنه صلى في ثوب طاهرٍ.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[06 - 11 - 07, 01:27 م]ـ
أُخي الكريم أبا زيد هلا وضعت الكتاب على صيغة وورد
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 05:14 م]ـ
أخي الأكرم أبا حسن
لا أحسن طريقة وضعه على صيغة وورد فعلمنيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/115)
ـ[أبو راوية]ــــــــ[06 - 11 - 07, 07:02 م]ـ
أخي الكريم هل تقصد هذا الشرح؟
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 10:06 م]ـ
بوركت أبا راوية
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 10:07 م]ـ
لا يمنع وضع الملف كاملا من استمرارك يا أبا زيد فلعل البعض يريد القراءة دون التحميل
ـ[عيسى حسين]ــــــــ[05 - 05 - 08, 11:24 م]ـ
جزاك الله خيرا(87/116)
صلاة المسافر طويل السفر
ـ[محسن المصري]ــــــــ[03 - 11 - 07, 04:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يصلي المسافر من بلد إلى أخرى عن طريق الطائرة, وهل يجوز له الجمع بين الصلوات, وكيف ذلك إن سافر إلى بلد بعيدة مثل أمريكا فإنه يمكث في الطائرة ستة عشر ساعة متصلة, وسيذهب ولعل اليوم خرج كله أوبقي بعضه جزأ يسرا منه؟
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:55 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
إن أمكنه أن يصلي كل صلاة في وقتها بأركانها وواجباتها لزمه ذلك ..
ولو بأن يجمع العصر إلى الظهر قبل صعوده الطائرة، أو العشاء إلى المغرب. أو بأن يكون الجمع جمع تأخير إن كان مكثه في الطائرة يستغرق وقت الأولى وشيئاً من وقت الثانية.
فإن تعسر كل ذلك -كما في الحال التي ذكرتها- لزمه أن يصلي في الطائرة مجتهداً أن يأتي بما يقدر عليه من الأركان والواجبات. والله تعالى أعلم.(87/117)
الأذان الأول ..... يوم الجمعة
ـ[أبو بكر البيلى]ــــــــ[03 - 11 - 07, 09:10 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد
فقد كنَّا نُنكر على المساجد التي نذهب للخطابة فيها لأذانهم الأول الذي يسبق الأذان الثاني بدقائق معدودات،
ثم سألت نفسي سؤالاً: ماذا لو قال قائل نحن نفعل مثل الحرم ......
فقلت لنفسي: كيف أجيب في هذه الحالة؟
فماذا عندكم أخوتاه .... في ما قلتُه؟
والله المستعان .. وهو حسبي ونِعم الوكيل
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[03 - 11 - 07, 11:37 م]ـ
عثمان بن عفان رضي الله عنه هو من سن هذه السنة رضي الله عنه وكانت أول ما كانت بالزوراء ومن ذاك اليوم وهي تعمل ومشايخنا على جواز ذلك والحمد لله
ـ[أبو بكر البيلى]ــــــــ[28 - 12 - 07, 04:55 م]ـ
لماذا وضع عثمان رضي الله عنه الأذان الأول؟
من أجل أن يستعد الناس لصلاة الجمعة ......... أليس كذلك؟
فكم الوقت الذي يُستخدم من أجل أن يستعد الناس للصلاة ويأتون إلى مسجد الجمعة؟
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[28 - 12 - 07, 07:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنظر أخي ما كتبناه في هذه المسألة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=120098
والله الموفق(87/118)
بحث فقهي مقارن لحكم سفر المرأة من دون محرم
ـ[أبو الحسن اللاذقاني]ــــــــ[04 - 11 - 07, 12:47 ص]ـ
السلام عليكم
هذا بحث فقهي مقارن فيه عرض محترم للمسألة:
حكم سفر المرأة من غيرمَحْرَم ........
عسى دعوة صالحة في الأيام الرابحة
.................................................. ........
هذا بحث فقهي مقارن فيه عرض محترم للمسألة:
حكم سفر المرأة من غير مَحْرَم
الشيخ صالح بن محمد الأسمري
السؤال: ـما حكم سفر المرأة من غير مَحْرَم؟ الجواب:
سفر المرأة من غير محرم له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تسافر من بلد لا تستطيع فيه إظهار دينها الواجب وما إليه. فهذه الحال لا يُشْتَرط للمرأة فيها مَحْرم اتفاقاً.
قال ابن الملقن رحمه الله في: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (6/ 79): "أما سفر الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام فاتفق العلماء على وجوبه، وإن لم يكن معها أحد من محارمها"أ. هـ.
وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله في: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (3/ 450): "اتُّفِق على أنه يجب عليها ـ أي: المرأة ـ أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها، وتهاجر من دار الكفر كذلك" أ. هـ.
وذلك (لأن القيام بأمر الدين واجب، والهجرة من ضرورة الواجب، وما لا يتم الواجب إلا به واجب) قاله في: "مطالب أولي النهى" (3/ 433).
والحالة الثانية: أن تسافر المرأة للحج الواجب فهذه الحال مُخْتَلف في اشتراط المَحْرميَّة لها على قولين مشهورين:
ـ أولهما: أن المحرم شرط فيها. (وممن ذهب إلى هذا: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق وأبو ثور) قاله ابن عبد البر رحمه الله في: "التمهيد": (21/ 50).
وقال أبو العباس في: "المفهم" (3/ 449): "وقد رُوي ذلك عن النخعي والحسن، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحاب الرأي، وفقهاء أصحاب الحديث".
وقال العيني رحمه الله في: "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (7/ 126): "وبه قال النخعي والحسن البصري والثوري والأعمش".
إلا أن أبا حنيفة جعل ذلك شرطاً في السفر الطويل كما في: "بدائع الصنائع" (2/ 124) و"حاشية ابن عابدين" (2/ 464)
وقال ابن الملقن في "الإعلام" (6/ 80): "واشترط أبو حنيفة المحرم لوجوب الحج عليها ـ أي: المرأة ـ إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل" أ. هـ المراد.
وبِشَرط أبي حنيفة قال جماعة.
قال ابن عبد البر رحمه الله في: "التمهيد" (21/ 54): "هذا قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وهو قول ابن مسعود".
وجعله البدر العيني رحمه الله قول: النخعي والحسن البصري والأعمش ـ وسبق ـ.
ـ والثاني: أن المحرم ليس بشرط فيها.
قال أبو العباس في: "المفهم" (3/ 449): "وذهب عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والأوزاعي ومالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بشرط، ورُوي مثله عن عائشة رضي الله عنها" أ. هـ.
وقال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 79): " فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يُشترط المحرم ... وبه قال عطاء وسعيد ابن جبير وابن سيرين، ومالك والأوزاعي".
والمختار عدم اشتراط المَحْرَميَّة في ذلك، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال ابن مفلح رحمه الله في: "الفروع" (3/ 236): " وعند شيخنا ـ أي: ابن تيمية ـ: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة، كذا قال ـ رحمه الله ـ " أ. هـ. وكذا عنه في: "الإنصاف" (8/ 79).
وفي: "الاختيارات" (ص/171) للبعلي قوله: "وتَحُجُّ كل امرأة آمنة مع عدم محرم. قال أبو العباس: وهذا مُتوجِّه في سفر كل طاعة " أ. هـ.
وجعله جماعة قول الجمهور والأكثر
قال ابن بطال رحمه الله في: "شرح صحيح البخاري" (4/ 532): " هذه الحال ترفع تَحْريج الرسول عن النساء المسافرات بغير ذي مَحْرم.كذلك قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة، وإن لم يكن معها محرم. وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحج معه نسوة من جيرانه. وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري. وقال الحسن: المسلم مَحْرَم ـ أي: الصالح التقي كالمحرم الحقيقي في كونه مأموناً على المرأة ـ، ولعل بعض من ليس بمحرم أوثق من المحرم "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/119)
أ. هـ.
ويدل على صحة ذلك شيئان:
ـ أولهما: ما أخرجه البخاري في: "صحيحه" (برقم: 1860) من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال: (أَذِن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حَجّة حَجَّها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف".
وفيه (اتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك) قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في: "فتح الباري" (4/ 91).
فائدة: ـقال البدر العيني رحمه الله في: "عمدة القاري" (10/ 219):
"وفي الحديث المذكور: ما خرجت أزواج النبي صلى الله عليه و آله وسلم إلى الحج إلا بعد إذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لهن وأرسل معهن من يكون في خدمتهن. وكان عمر رضي الله تعالى عنه متوقفاً في ذلك أولاً، ثم ظهر له الجواز؛ فأذن لهن وتبعه على ذلك جماعة من غير نكير. وروى ابن سعد من مرسل أبي جعفر الباقر قال: منع عمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة. وروى أيضاً من طريق أم دُرَّة عن عائشة رضي الله عنها قالت:منعنا عمر الحج والعمرة حتى إذا كان آخر عام فأذن لنا" أ. هـ وبنحوه في: "الفتح" (4/ 88،89).
ـ والثاني: القياس على الحال الأولى المتفق عليها، وهي: عدم اشتراط المحرمية للمرأة التي تنتقل من بلد لا تستطيع إظهار دينها الواجب فيه. ويَعْضده ما حكاه الحافظ في: "الفتح" (4/ 91) بقوله:
"وقد احتج له بحديث عَدِيّ بن حاتم مرفوعاً: "يوشك أن تخرج الظعينة من الحِيْرة تؤم البيت لا زوج معها" الحديث. وهو في البخاري. وتُعقِّب بأنه يدل على وجود ذلك على جوازه. وأجيب بأنه خبر في سياق المدح ورفع منار الإسلام، فيُحمل على الجواز" أ. هـ.
وكذلك ما حكاه ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 82) بقوله: "قال ابن بزيزة: والصحيح عندنا أن فريضة الله لازمة والمؤمنون إخوة، وطاعة الله واجبة، وقد قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، والمسجد الحرام أجل المساجد فكان داخلاً تحت مقتضى هذا الخبر" أ. هـ. لكنه قال: "ولا يَتَّجه ذلك لكونه عاماً في المساجد، فيمكن أن يخرج عنه المسجد الذي يحتاج إلى السفر في الخروج إليه بحديث النهي"أ. هـ. وبنحوه في "الفتح" (4/ 91).
وكذلك قول ابن عبد البر في: "التمهيد" (21/ 52): "ليس المَحْرَم عند هؤلاء من شرائط الاستطاعة، ومن حجتهم: الإجماع في الرجل يكون معه الزاد و الراحلة ـ و فيه الاستطاعة، ولم يمنعه فساد طريق ولا غيره ـ أن الحج عليه واجب. قالوا: فكذلك المرأة؛ لأن الخطاب واحد، والمرأة من الناس" أ. هـ.
تنبيه: ـللقول بعدم شرطية المحرم في الحج الواجب ـ شرط، وهو الأمن على المرأة، لكن اختُلِف بما يقعقال الموفق ابن قدامة رحمه الله في: "المغني" (5/ 31): "قال ابن سيرين: تَخْرج مع رجل من المسلمين لا بأس به. وقال مالك: تخرج مع جماعة النساء. وقال الشافعي: تخرج مع حُرَّة مسلمة ثقة. وقال الأوزاعي: تخرج مع قوم عدول، تَتَّخذ سُلَّماً تصعد عليه وتنزل. ولا يقربها رجل، إلا أنه يأخذ رأس البعير وتضع رجلها على ذراعه" أ. هـ المراد.
وقال النووي رحمه الله في: "شرح مسلم" (9/ 148): "وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها. قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز لها الحج معها، هذا هو الصحيح. وقال بعض أصحابنا: يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة. والمشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو الأول" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/120)
والمقصود وجود الأمن على المرأة في ذلك كما سبق، ويكفي ظن وقوعه بلا شَرْط العلم، كسفر المرأة للحج الواجب مع جَمْعٍ من النساء في (حملة حجٍ) رسميَّة؛ لأنها رفقة مأمونة عادةقال ابن الملقن رحمه الله في: "الإعلام" (6/ 82): "والذين لم يشترطوه ـ أي: المحرم ـ قالوا: المشترط الأمن على نفسها مع رفقة مأمونين رجالاً أو نساء" أ. هـ. المراد. وكذا أمن الطريق، وهو ظاهر، وأشار الحافظ في: "الفتح" (4/ 91) إليه بقوله: "جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق" أ. هـ.
فائدة:ـ
حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حُرْمة" ـ أي: ذو مَحْرَميَّة ـ " وقد خَرَّجه البخاري (رقم:1088) ومسلم (رقم: 1339). وفي لفظ: "لا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" ـ أي: فيَحِلّ ـ: قد أُجيب عنه بأجوبة، منها قول أبي العباس القرطبي في: "المُفْهِم" (3/ 450):
"إن المنع في هذه الأحاديث إنما خرج لما يُؤدِّي إليه من الخلوة، وانكشاف عوراتهن غالباً. فإذا أُمِن ذلك، بحيث يكون في الرفقة نساء تنحاش إليهن، جاز. كما قاله الشافعي ومالك"أ. هـ.
وَصْلٌ: الظاهر إلحاق الأسفار الواجبة بالحج، وهو المشهور. قال ابن بطال في: "شرح صحيح البخاري" (4/ 533): "ألا ترى أن عليها أن تهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام إذا أسلمت فيه ـ بغير محرم، وكذلك كل واجب عليها أن تخرج فيه" أ. هـ المراد.
وثالث الحالات: أن تسافر المرأة سفراً غير واجب، كعمرة مستحبة أو زيارة لذوي رحم. فهذه الحال السفر فيها يأتي على ضربين:
ـ أولهما: أن يكون السفر قصيراً، فمذهب الحنفية جوازه من غير اشتراط محرم ـ كما في: "بدائع الصنائع" (2/ 124)، و"حاشية ابن عابدين" (2/ 464،465) ـ، خلافاً للجمهور فلا فرق بين سفر طويل وقصير عندهم، وهو مذهب المالكية ـ كما في: "إرشاد السالك" (1/ 165)، ومذهب الشافعية ـ كما في: "المجموع" (7/ 69ـ70) و"الإيضاح مع حاشية الهيتمي" (ص/102) ـ، ومذهب الحنابلة ـ كما في: "الإنصاف" (3/ 410،411) ـ والخلاف فيه مشهور.
قال العكبري رحمه الله في: "رؤوس المسائل الخلافية" (2/ 591): "يعتبر المحرم في سفر المرأة الطويل والقصير. خلافاً لأبي حنيفة في قوله: (يُعْتَبر في الطويل) ".
إلا أنه اختُلِف في تحديد السفر الطويل، فمذهب الحنفية ثلاثة أيام فصاعداً ـ كما في: "حاشية ابن عابدين" (2/ 464) ـ، وبه قال جماعة.
قال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 80،81): "واشترط أبو حنيفة (المحرم) لوجوب الحج عليها، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل ـ أي: أيام، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث والرأي. وحُكِي أيضاً عن الحسن البصري والنخعي والشعبي والحسن بن حُيَي … وقال سفيان: إن كانت من مكة على أقل من ثلاث ليال فلها أن تحج مع غير ذي حرم أو زوج، وإن كانت على ثلاث فصاعداً: فلا. قال ـ لعله: ابن بزيرة ـ: والذي عليه جمهور أهل العلم أن الرفقة المأمونة من المسلمين تنزل منزلة الزوج أو ذي المحرم. وذَكَر ـ لعله: ابن بزيرة ـ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم، وقالت: ليس كل النساء تجد محرماً! " أ. هـ.
وقال ابن عبد البر في: "التمهيد" (21/ 54): "وقال آخرون: لا يقصر المسافر الصلاة إلا في مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً، وكل سفر يكون دون ثلاثة أيام: فللمرأة أن تسافر بغير محرم. هذا قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وهو قول ابن مسعود" أ. هـ.
وحجة الحنفية في التفريق لخصها الحافظ في: "الفتح" (4/ 90) بقوله: "وحجتهم: أن المنع المقيد بالثلاث مُتَحَقِّق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمُتَيَقَّن" أ. هـ. وهي كذلك في الصلاةقال ابن بطال في: "شرح صحيح البخاري" (3/ 79): "واحتج الكوفيون بحديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم". وقالوا: لما اختلفت الآثار والعلماء في المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وكان الأصل الإتمام لم يجب أن ننتقل عنه إلا بيقين، واليقين ما لا تنازع فيه، وذلك ثلاثة أيام" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/121)
إلا أن حجة الحنفية نَقَضها جماعةقال الحافظ في: "الفتح" (4/ 90): "ونوقض: بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر، فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها؛ فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية: تقديم الخبر العام على الخاص، وترك حمل المطلق على المقيد. وقد خالفوا ذلك هنا" أ. هـ.
وأما اختلاف ألفاظ الحديث فقال عنه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 10): "قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد" أ. هـ.
تنبيه: ـقال الحافظ في: "الفتح" (2/ 660): "الحكم في نهي المرأة عن السفر وحدها متعلق بالزمان، فلو قطعت مسيرة ساعة واحدة مثلاً في يوم تام لتعلَّق بها النهي، بخلاف المسافر فإنه لو قطع مسيرة نصف يوم مثلاً في يومين لم يَقْصر، فافترقا. والله أعلم" أ. هـ. وعليه لو قيل: إن ثلاثة أيام عند القائلين بها، المقصود منها ألا تَبْقى المرأة في سفرها مدة ثلاثة أيام، لكن لو قطعت مسافة مسيرة ثلاثة أيام في يومٍ لجاز لها السفر، وعلى القول به: فيجوز السفر للمرأة إلى مشارق الأرض ومغاربها بالطائرة؛ لأن السفر فيها تُقطع فيه المسافات في أقل من ثلاثة أيام عادة!
ـ والثاني: أن يكون السفر طويلاً. فاختلف فيه على قولين:
ـ أولهما: جواز السفر مع غير محرم مع شرط الأمن ـ وسبق ـ، وهو وجه عند الشافعية وقول محكي عن مالك رحمه الله.
قال النووي في: "المجموع" (7/ 70): " (فرع) هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع؟ أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات؟ أو امرأة ثقة؟ فيه وجهان، وحكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في: (باب الإحصار). وحكاهما القاضي حسين والبغوي والرافعي وغيرهم. أحدهما: يجوز كالحج. والثاني: وهو الصحيح باتفاقهم، وهو المنصوص في (الأم) " أ. هـ المراد.
وقال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 81): "فإن كانا ـ أي: الحج والعمرة ـ تطوعين، أو سفر زيارة أو تجارة، ونحوها من الأسفار التي ليست واجبة. فقال الجمهور: لا تجوز إلا مع زوج أو محرم. وقال بعضهم: يجوز لها الخروج مع نسوة ثقات لحجة الإسلام. وفي مذهب مالك ثلاثة أقوال عند عدم الولي" أ. هـ المراد.
ـ والثاني: عدم جواز السفر إلا بمحرم. وهو مذهب الجمهور ـ كما سبق ـ، وحكاه بعضهم اتفاقاً. قال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 82): "قال القاضي عياض: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم إلا الهجرة من دار الحرب"أ. هـ. وكذا حكاه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 148) عن عياض.
وقد اسْتَوْجَه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول الأول، حكاه عنه ابن مفلح في: "الفروع" (3/ 236) بقوله ـ وسبق ـ: "وعند شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: (إن هذا مُتَوَجِّه في كل سفر طاعة) كذا قال ـ رحمه الله ـ "أ. هـ.
وفي بعض ما ذُكِر سابقاً من أدلة دلالة على صحة هذا القول، ويؤكِّده أنه جاء في الخبر ـ وسبق ـ فعل عائشة رضي الله عنها له.
قال البدر العيني في: "عمدة القاري" (7/ 128): "روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تُسَافر بغير محرم، فأخذ به جماعة وجَوّزوا سفرها بغير محرم" أ. هـ المراد.
وقال الحافظ في: "الفتح" (4/ 88): "واستُدِلّ به على جواز حج المرأة بغير محرم" أ. هـ.
ودليل الجمهور حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم" ونحوه.
لكن قال ابن عبد البر في:"الاستذكار" (27/ 274): "والذي جَمَعَ معاني آثار الحديث ـ على اختلاف ألفاظه ـ أن تكون المرأة تُمْنَع من كل سفر يُخْشى عليها فيه الفتنة، إلا مع ذي محرم أو زوج، قصيراً كان السفر أو طويلاً. والله أعلم" أ. هـ. وبنحوه في: "التمهيد" (21/ 55).
متممات:ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/122)
1ـ قال أبو العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 449): "وسبب هذا الخلاف ـ أي: في اشتراط المحرم للمرأة في الحج الواجب ـ: مخالفة ظواهر هذه الأحاديث لظاهر قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل}. وذلك أن قوله: {من استطاع} ظاهره الاستطاعة بالبدن، كما قررناه آنفاً، فيجب على كل من كان قادراً عليه ببدنه. ومن لم تجد مَحْرماً قادرة ببدنها، فيجب عليها فلما تعارضت هذه الظواهر: اختلف العلماء في تأويل ذلك" أ. هـ.
2ـ قال القاضي عياض رحمه الله في: "إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم" (4/ 446): " قال الباجي: وهذا عندي ـ يعني: اشتراط المحرم ـ في الانفراد ـ أي: عندما تسافر المرأة مُنْفردة لوحدها ـ، والعدد اليسير، فأما في القوافي ـ لعله: القوافل ـ العظيمة فهي عندي كالبلاد، يَصِح فيها سفرها دون نساء وذوي محارم. قال غيره: وهذا في الشابة، فأما المُتَجَالَّة ـ وهي الطَّاعِنة في السن ـ فتسافر كيف شائت للفرض والتطوع مع الرجال ودون ذوي المحارم " أ. هـ.
لكن رَدّه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 149): "وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة. وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها؛ لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك والله أعلم " أ. هـ.
وكلام الباجي الذي ذكره القاضي عياض هو في: "المنتقى" (7/ 304) للباجي رحمه الله. إلا أن أبا العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 450) فَنّده بأحسن من مقول النووي، حيث قال: " وفيه بُعْدٌ؛ لأن الخَلْوة بها تحرم، وما لا يطلع عليه من جسدها غالباً عورة، فالمظنة موجودة فيها. والعموم صالح لها، فينبغي ألا تخرج منه. والله تعالى أعلم" أ. هـ.
3ـ قال النووي رحمه الله في: "شرح مسلم" (9/ 149ـ150): " (إلا ومعها ذو محرم) فيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن جميع المحارم سواء في ذلك، فيجوز لها المسافرة مع محرمها بالنسب، كابنها وأخيها وابن أخيها وابن أختها وخالها وعمها، ومع محرمها بالرضاع، كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن اختها منه ونحوهم، ومع محرمها من المصاهرة، كأبي زوجها وابن زوجها، ولا كراهة في شيء من ذلك. وكذا يجوز لكل هؤلاء الخلوة بها، والنظر إليها من غير حاجة، ولكن لا يحل النظر بشهوة لأحد منهم. هذا مذهب الشافعي والجمهور، ووافق مالك على ذلك كله إلا ابن زوجها: فكره سفرها معه؛ لفساد الناس بعد العصر الأول، ولأن كثيراً من الناس لا يَنْفرون من زوجة الأب نفرتهم من محارم النسب. قال: والمرأة فتنة إلا فيما جبل الله تعالى النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب. وعموم هذا الحديث يرد على مالك. والله أعلم" أ. هـ. وَردّه ابن دقيق العيد رحمه الله في: "إحكام الأحكام" (3/ 48) وجماعة.
4ـ أخرج البخاري (رقم 3006) ومسلم (رقم: 1341) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بقول: "لا يَخْلُونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تُسافِر امرأة إلا مع ذي مَحْرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجتْ حَاجَّة وإني اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا. قال: انطلق فحُجّ مع امرأتك". قال أبو العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 453): " قوله: صلى الله عليه وسلم للرجل: "انطلق فحج مع امرأتك" هو فَسْخ لما كان التزم من المُضِيّ للجهاد. ويدل على تأكُّد أمر صيانة النساء في الأسفار" أ. هـ. المراد.
والله تعالى اعلم.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 05:16 م]ـ
بحث غير مقارن ينقصه حجج القول الآخر في المسألة والجواب عن الادلة والاستدلالات ومعرفة قواعد الشرع ومقاصده والاطلاع على فتاوى المحققين من أهل العلم0
***********************************
الدار قطني من ابن عباس مرفوعاً: " لا تحجنّ امرأة إلا ومعها ذو محرم ". صححه أبو عوانه. ()
وهذا اللفظ نص في الحج دون تحديد سفر قصير أو طويل 0
وللطبراني عن أبي أمامة مرفوعا: " لا يحل لامرأة مسلمة أن تحج إلا مع زوج أو ذي محرم " ()
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/123)
وما رواه الدار قطني في «سُنَنِه،» والبَزَّار في «مسنده»، عن ابن عباس، أَنَّ رسول الله ? قال: «لا تَحُجُّ المرأَةُ إِلاَّ ومَعَها مَحْرَمٌ»، فقال رَجُلٌ: يا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي اكْتَتَبْتُ في غزوةِ كذا، وامرأَتي حَاجَّة، قال: «ارْجِع وحُجَّ مَعَها».
وفي «سُنَنِ الدار قطني» من حديث أَبي أُمَامَةَ الباهِلِي مَرْفُوعاً:
«لا تُسَافِرُ امرأَةٌ ثلاثةَ أَيَّامٍ أَوْ تَحُجُّ إِلاَّ ومعها زَوْجُها».
-----------------------------------------------------
أخي: هل يتفق ما ذهب إليه بعض الفقهاء من جواز حج المرأة دون محرم مع الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تمنع سفر المرأة من غير محرم وأكثرها بصيغة النهي (لا الناهية) التي تفيد التحريم بل التحريم الصريح حينما ترد بصيغة (لا يحل لامرأة) بل وربط بعضها بالإيمان بالله واليوم الآخر.
كمثل آية في كتاب الله: (و لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر)
أخي الحبيب: إن لكل مسألة فقهية تأريخ من جهة بعدها عن النص ودخول الاجتهادات بل والآراء على حساب ما يعرف بفهم النص أو استدراكا عليه بتخصيص أو تقييد .... الخ
ومسألتنا من هذه فقد اشترط بعض الفقهاء شروطا لسفر المرأة من غير محرم (وانظر إلى اللفظ النبوي لم يشترط شرطا)
قال ابن سيرين: تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به
وقال مالك: تخرج مع جماعة من النساء
وقال الشافعي: تخرج مع حرة مسلمة ثقة.
وقال الأوزاعي: تخرج مع قوم عدول تتخذ سلما تصعد عليه وتنزل و لا يقربها رجل.
وقد رد على ذلك ابن المنذر المحدث المفسرالفقيه الشافعي فقال: " تركوا العمل بظاهر الحديث واشترط كل واحد منهم شرطا لا حجة معه عليه " 0
وقال ابن قدامة: المغني 3/ 192 " واشترط كل واحد منهم عند محل النزاع شرطا من عند نفسه لا من كتاب ولا من سنة فما ذكره النبي ? أولى بالاشتراط ".
ولا يخفى عليكم أنكم أهل حديث وسنة والملتقى يدل على ذلك فلكم نصيب في تعظيم السنة وتقديما على كل قول ... الخ
أخي: لقد توسّع الناس في سفر المرأة بلا محرم وليس لهم سلف ذلك فاجتهادات الأئمة كانت في حدود ضيقة كما فعل مالك في فتواه: لا تترك فريضة الحج تحج مع نسوة ..
فلاحظ في الفتوى: 1 - سفر حج.يخرج غيره من الأسفار
2 - حج فريضة لم تحج من قبل. (يخرج حج النافلة والتطوع)
3 - مع مجموعة نسوة (يخرج مع مجموعة الرجال) (ويخرج أن امرأة واحدة لا تكفي)
وانظر حال بعض المفتين اليوم لم يفتوا بمذهبه فصارت أقيسه واجتهادات أخرى وتوسعات فأدخلوا سفر العمرة الواجبة أو التطوع أو اطرد في كل الأسفار.
وحاول بعضهم تعليل الحكم بأمن الطريق (على أساس أنه غير تعبدي) وهي غير منضبطة وغير معلومة 0
الخلاصة أخي: لا يجوز ولا يحل أن تحج بدون محرم حج فريضة أو نافلة مكية أو مدنية بعيدة أو قريبة من منى والمشاعر 0
قال الخطابي: (قلت: في هذا بيان أن المرأة لا يلزمها الحج إذا لم تجد رجلا ذا محرم يخرج معها. . وقال الشافعي: تخرج مع امرأة حرة مسلمة ثقة من النساء. قلت: المرأة الحرة المسلمة الثقة التي وصفها الشافعي لا تكون ذا حرمة منها، وقد حظر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم الشريطة التي أثبتها النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف السنة، فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية، لم يجز إلزامها الحج وهو طاعة. بأمر يؤدي إلى معصية) معالم السنن 2/ 144. خاصة وأنه مع وجود غير المحرم قد تتعرض المرأة أثناء سفرها لما لا ينبغي لها لعدم وجود من يمنع عنها الردى، أو يشفق عليها لو حصل لها مكروه، ولذلك، نرى الإمام مالكا يكره خروج المرأة للحج مع ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها شرح الزرقاني على موطأ مالك ج 2/ 402 طبع دار الفكر. .
(الجزء رقم: 28، الصفحة رقم: 260)
وإذا كان مالك يكره ذلك مع ابن الزوج وهو محرم، فالقول بالحرمة مع غير المحرم أولى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/124)
ولا حاجة للتفريق بين المرأة الشابة والمتجالة، لأن مناط النهي للتحريم كما في الأحاديث كونها امرأة وهو وصف منضبط يصلح لأن يكون علة للتحريم، بخلاف كونها شابة أو متجالة، خاصة وأن بعض النفوس قد تتعلق بالمرأة المتجالة أيضا فكل ساقطة في الحي لها لاقطة، وقد رد النووي على هذا بقوله (وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها. لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته وخيانته، ونحو ذلك) صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 104، 105. .
ومما يؤيد حرمة سفر المرأة بدون محرم للحج ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: صحيح البخاري الجهاد والسير (2896) ,صحيح مسلم الحج (1341) ,سنن ابن ماجه المناسك (2900) ,مسند أحمد بن حنبل (1/ 346). جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إني كتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة قال ارجع وحج مع امرأتك ففي هذا الحديث دلالة على تقديم الأهم من الأمور المتعارضة، لأنه لما تعارض سفره في الغزو وفي الحج معها رجح الحج معها، لأن الغزو يقوم غيره مقامه بخلاف الحج معها صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 110. وهذا يدل على أن المحرم لا ينوب عنه جماعة المسلمين الصالحين أو النساء الثقات، وإلا لما أمره -صلى الله عليه وسلم- بالرجوع عن الجهاد والتخلف عنه لا سيما وأن من يتخلف عنه منافق معلوم النفاق.
والله أعلم 0
------------------------------للفائدة مراجع للموضوع
انظر هذاالكتاب أوضح البيان في حكم سفر النسوان
----------------------------------------------- وانظر هذا البحث من موقع صيد الفوائد
جمع المغنم في حكم سفر المرأة بلا محرم
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
مقدمة:
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فمن الأمور التي كثرت الحاجة بلّ مست الضرورة لبحثها، موضوع المحرم في السفر ن وذلك لتقدم وسهولة وسائل المواصلات وكثرة الأسفار ووفرة المطارات والمحطات والحافلات وقد لمسنا تساهل الكثيرين رجالاً ونساءً في مسألة المحرم في السفر فآلياً النساء غاديات رائحات من مطار لآخر ومن طائرة لأخرى بلا محارمهن بدعوى قرب المسافات وانتفاء الخلوات ولذا رأيت إفراد هذه المسألة ببحث شمولي مؤصل طلباً للفائدة وتعميمها وإبراءً للذمة ونصحاً للأمة والله الموفق.
تعريفُ السّفر لغةً:
قال الرازي: في مختار الصحاح (سفر): السّفَرَ: قطعُ المسافة والجمع أسفار .. وسفر: خرج إلى السفر وبابه: جلس، فهو سافر، وقوم سَفْر: كصَاحب، وصَحْب، وسُفّار كراكب وركاب .. والسافرة: المسافرون.
وقال ابن منظور في اللسان (سفر):
وقال الأزهري: وسُمّي المسافر مسافراً لكشفه قناع الكُنّ عن وجهه ن ومنازل الحضر عن مكانه، ومنزل الخفض عن نفسه ن وبروزه إلى الأرض الفضاء.
وسُمّى السفر سفراً؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافياً منها ".
وقال الفيومي في المصباح (ص 16): السَفَرُ بفتحتين وهو قطع المسافة يقال ذلك: إذا خرج للارتحال أو لقصد موضع فوق مسافة العَدْوَى؛ لأنّ العرب لا يسمون مسافة العدوى سفراً وقال بعض المصنفين: أقل السفر يوم ...
وجمع الاسم: أسفار، وقوم سَافِرَة، وسُفَّار.
تعريفُ السفر اصطلاحاً، وحدّه الشرعي:
قال ابن العربي المالكي: (ولم يذكر حدُّ السفر الذي يقع به القصر، لا في القرآن ولا في السُنّة، وإنما كان كذلك لأنّها كانت لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن. القرطبي ص 345)
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (24/ 31): " حدُّ السفر الذي علّق الشارع به الفطر والقصر، وهذا ممّا اضطرب الناس فيه قيل: ثلاثة أيام، وقيل يومين قاصدين، وقيل: أقل من ذلك حتى قيل: ميل!
والذين حددوا ذلك بالمسافة: منهم من قال ثمانية وأربعون ميلاً، وقيل: ستة وأربعون، وقيل: خمسة وأربعون. وقيل أربعون، وهذه أقوال عن مالك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/125)
وقال أبو محمد المقدسي: لا أعلم لما ذهب إليه الأئمة وجهاً، وهو كما قال رحمه الله فإن التحديد بذلك ليس ثابتاً بنص ولا إجماع ولا قياس وعامة هؤلاء يفرقون بين السفر الطويل والقصير، ويجعلون ذلك حداً للسفر الطويل، ومنهم من لا يُسمى سفراً إلا ما بلغ هذا الحد، وما دون ذلك لا يسميه سفراً ...
إلى أن قال:
" كل اسم ليس له حدٌّ في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف، فما كان سفراً في عرف الناس فهو السفر الذي علّق به الشارع الحكيم، وذلك مثل سفر أهل مكة إلى عرفة فإنّ هذه المسافة بريد، وهذا سفر ثبت فيه جواز القصر والجمع بالسُنّة.
والبريد هو نصف يوم يسير الإبل والأقدام .. "
تعريفُ المَحْرَم لغة واصطلاحاً:
تعريفه لغة:
قال في مختار الصحاح (1/ 56): المَحْرَمُ: الحَرَاْمُ ويقال: هو ذو مَحْرَم منها: إذا لم يحل له نكاحها:
تعريفه اصطلاحاً:
وقال ابنُ الأثير: " ذو المَحْرم: من لا يحل له نكاحها من الأقارب وكالأب والابن والأخ والعم ومن يجري مجراهم " [النهاية: 1/ 377]
وقال ابنُ قُدامة: " المَحرمُ: زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح كأبيها وابنها وأخيها من نسب أو رضاع " [المغني: 2/ 32]
وقال الحافظ: محرمُ المرأة: من حُرم عليه نكاحها على التأبيد إلا أمّ الموطوءة بشبهة، والمُلاعنة، فإنهما حرامان على التأبيد، ولا محرمية هناك، وكذا أمهات المؤمنين، وأخرجهن بعضهم بقوله في التعريف بسبب مباح، لا لحرمتها، وخرج بقيد التأبيد أخت المرأة وعمتها وخالتها وبنتها إذا عقد مع الأم ولم يدخل بها "
[الفتح: 9/ 332]
وقال ابن باز: " المَحْرَمُ: هو الرجل الذي تَحْرُمُ عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها أو بسبب مباح كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج، والابن من الرضاع والأخ من الرضاع ونحوهم) [الفتاوى: 8/ 336] [مجلة الدعوة عدد 1497.
حكم سفر المرأة بلا محرم:
نقل بعضُهم أنه لا خلاف بين أهل العلم في تحريم سفر المرأة بلا محرم إلا أنهم اختلفوا في سفرها للحج إذا أمنت الطريق ووجدت الرفقة من النساء المأمونات.
قال القاضي عياض: " اتفق العلماء على أنّه ليس لها أن تخرج غير الحج والعمرة، إلا العجزة من دار الحرب فاتفقوا أنّ عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم " (الفتح الرباني ص 170).
وقال البغوي فيما نقله عن ابن حجر في فتحه (4/ 76): " لم يختلفوا في أنّه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت "
وقد عدّ ابنُ حجر الهيثمي سفر المرأة وحدها بطريق تخاف فيه على بُضعها من الكبائر فقال:
" الكبيرةُ المائة: سفرُ المرأة وحدها بطريق تخاف فيه على بضعها .. ثم قال: تنبيه: عدُّ هذا بالقيد الذي ذكرته ظاهر لعظيم المفسدة التي تترتب على ذلك غالباً، وهي استيلاء الفجرة وفسوقهم بها فهو وسيلة إلى الزنا، وللوسائل حكم المقاصد، وأما الحُرمة فلا تتقيد بذلك، بل يحرم عليها السفر مع غير المحرم وإن قصر السفر، وكان أمناً، ولو لطاعة كنفل الحج أو العمرة ولو مع النساء من التنعيم، وعلى هذا يحمل عدهم ذلك من الصغائر " [الزواجر 1/ 150]
وقال الشيخ بكر أبو زيد في الحراسة ص 85: " ومن الأحكام: تحريم سفر المرأة بلا محرم، والأحاديث فيه متواترة معلومة "
قلت: ورغم ما نقله القاضي عياض والبغوي من الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم إلا إن المسألة لا تخلو من خلاف هذا ملخصه:
القول الأول:
ذهب أبو حنيفة وأحمد والشافعي وجماهير أصحابه إلى تحريم السفر بلا محرم في كل سفر مباح أو حج تطوع أو نحوهما إلا أنّ أبا حنيفة يشترط المحرم في السفر الطويل لا القصير وهو ما كان مسيرة ثلاثة أيام إلا أنّه قيده بالحاجة.
وعن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهية خروجها وحدها مسيرة يوم واحد قال ابن عابدين: وينبغي أن يكون الفتوى عليه لفساد الزمان ويؤيده حديث الصحيحين: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها))
وفي لفظ مسلم ((مسيرة ليلة)) وفي لفظ " يوم " ينظر الحاشية (2/ 465)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/126)
قلت: وحجةُ الحنفية في التفريق بين السفر الطويل والقصير ذكرها الحافظ في الفتح (4/ 75): " وحجتُهم أنّ المنع المقيد بالثلاث متحقق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمتيقن ..
ثم أجاب الحافظ عن هذه الحجة فقال: " ونوقض بأنّ الرواية المطلقة شاكلة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها فإنّه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية تقديم الخبر العام على الخاص وترك حمل المطلق على المقيد، وقد خالفوا ذلك هنا "
وقال النووي في المجموع (8/ 341): " قالوا – أي الشافعية – فإن كان الحج تطوعاً، لم يجز أن تخرج فيه إلا مع محرم، وكذا السفر المباح، كسفر الزيارة والتجارة، لا يجوز خروجها في شيء من ذلك إلا مع محرم أو زوج ..
قال الشيخ أبو حامد – في تعليقه – لا يجوز لها الخروج في حج التطوع إلا مع محرم، نصّ عليه الشافعي في كتاب العدد من الأم، فقال لا يجوز الخروج في حج التطوع إلا مع محرم ..
قلت: وقد قرر النووي – رحمه الله - أنّ الصحيح من مذهب الشافعية أنّه لا يجوز للمرأة السفر لغير الحج الواجب إلا بمحرم، ينظر: المجموع (8/ 343).
ونقل عن الحافظ في الفتح (4/ 75): " وقال النووي: كل ما يُسمّى سفراً فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم "
أدلةُ تحريم سَفَرِ المرأةِ بلا مَحْرَم:
دلّت الأحاديثُ الكثيرة الصحيحةُ الصريحةُ على تحريم سفر المرأة بلا محرم، صيانة لها من الأخطار، وحفظاً لها من الأضرار ورغبة في سلامتها، ورعايتها سيما في هذه الأزمان المتأخرة التي كثرت فيها الشرور، وعمّت خلالها نوائب الدهور والعصور.
ومن هذه الأدلة:
1/ عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً، إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها)) [مسلم: 1339].
2/ عن أبي هريرة رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر ميسرة يوم إلا مع ذي محرم)) [البخاري:] [مسلم: 1339].
3/ عن قَزَعة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد – وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتى عشرة غزوة قال: ((أربع سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال يحدثهن عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبتني وآنقنني: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم يومين: الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد الأقصى)) [البخاري: 1864] [مسلم: 827].
عن ابن عمر رضي الله عنهما: " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم)) [البخاري: 1036] [مسلم: 1338].
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو محرمة منها)). [مسلم: 1339].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم))، فقال رجل: يا رسول الله إنّي أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأة تريد الحج فقال: " اخرج معها)) [البخاري: 1862] [مسلم: 1341]
ولفظ مسلم: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال يا رسول الله إنّ امرأتي خرجت حاجّة، وإنّي اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)).
قال الحافظ في الفتح (4/ 75): " وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات .. وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين "
أقوال المبيحين لها في الخروج بلا محرم بشروط:
قال النووي في المجموع (8/ 341): " قال الماوردي: ومن أصحابنا – أي الشافعية – من جوّز خروجها مع نساء ثقات كسفرها للحج الواجب، قال: وهذا خلاف نص الشافعي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/127)
قال أبو حامد: ومن أصحابنا –أي الشافعية – من قال: لها الخروج بغير محرم،في أي سفر كان واجباً أو غيره .. وهكذا ذكر المسألة البندنيجي وآخرون.
وقال بعض أصحابنا، يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمناً، وبهذا قال الحسن البصري وداود "
وقال مالك: لا يجوز بامرأة ثقة، وإنما يجوز بمحرم، أو نسوة ثقات.
الترجيح:
لا ريب أنّ الراجح في هذه المسألة هو القول الأول لصراحة الأدلة وصحتها ووفرتها وليس فيها تفريق بين سفر وسفر ولم تتوقف على أغراض السفر أو دوافعه.
وليس مع أصحاب هذا القول أي دليل يُعتَدُّ به وليس ثمة إلا اجتهادات لا تُسلّم لقائليها، وناهيك عن مصادمتها لأدلة ونصوص صريحة في محلّ النزاع.
الخلاف في سفر الحج الواجب:
اختلف أهل العلم في مسألة سفر المرأة للحج بلا محرم باعتبار الحج فريضة، وركناً عظيماً من أركان الإسلام وهذا عرض لأقوالهم:
1/ القول الأول:
ذهب الأحناف والحنابلة في المشهور عن أحمد ومن وافقهم إلى تحريم السفر بلا محرم لعموم الأدلة المانعة للمرأة من السفر بدونه.
قال الجصاص الحنفي في (أحكام القرآن 2/ 309) تعليقاً على حديث ابن عباس الآنف ذكره: " وهذا يدل على أنّ قوله: لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم قد انتظم المرأة إذا أرادت الحج من ثلاثة أوجه: أحدها: أنّ السائل عقل منه ذلك، ولذلك سأله عن امرأته وهي تريد الحج ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه فدّل على أنّ مراده صلى الله عليه وسلم عام في الحج وغيره من الأسفار.
والثاني: قوله: حج مع امرأتك وفي ذلك إخباره منه بإرادة سفر الحج في قوله: لا تسافر إلا ومعها ذو محرم.
والثالث: أمره إيّاه بترك الغزو للحج مع امرأته، ولو جاز لها الحج بغير محرم، أو زوج لما أمره بترك الغزو، وهو فرض للتطوع وفي هذا دليل أيضاً على أنّ حج المرأة كان فرضاً ولم يكن تطوعاً، لأنّه لو كان تطوعاً لما أمره بترك الغزو الذي هو فرض لتطوع المرأة، ومن وجه أخر وهو أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأله عن حج المرأة أفرض هو أم نفل وفي ذلك دليل على تساوي حكمهما في امتناع خروجها بغير محرم فثبت بذلك أنّ وجود المحرم للمرأة من شرائط الاستطاعة "
وقال ابن قدامة في (المغني 5/ 30): " فمن لا محرم لها لا تكون كالرجل فلا يجب عليها الحج، وقد نصّ عليه أحمد فقال أبو داود قلت لأحمد: امرأة مُوسرة، لم يكن لها محرم، هل يجب عليها الحج؟ قال: لا .. "
أدلة القول الأول:
استدل المانعون من سفر المرأة إلى الحج بلا محرم سوء كان فريضة أو تطوعاً بعموم الأدلة المانعة من السفر بلا محرم وقد تقدم ذكر طرف منها، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين سفر الحج وغيره، ولأنّ المحذور في سفر المرأة بلا محرم موجود في كل أسفارها وإن كان للحج.
ويضاف لأدلة العموم ما رواه الدارقطني بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما (2/ 223) " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إنّ امرأتي خرجت حاجة، وإنّي اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحجّ مع امرأتك)) ([1]).
قلت: وهو نصٌّ في اشتراط المحرم في سفر الحج، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه أنّ يحلق بامرأته رغم أنّه قد اكتتب في غزوة جهادية في سبيل الله ولو لا وجود المحرم لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلي عن ذروة سنام الإسلام – وهو الجهاد – لأمر ليس بواجب!
القول الثاني:
أجاز بعض أهل العلم للمرأة الحج بلا محرم لكنّ بعض عباراتهم تدل على تقييد وليس بإطلاق.
قال مالك في (الموطأ 1/ 425): " الصَرُورَة [2] من النساء التي لم تحج قط أنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج، لتخرج في جماعة النساء "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/128)
وقال الشافعي في (الأم 2/ 117): " وإن كان فيما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنّ السبيل الزاد والراحلة وكانت المرأة تجدهما وكانت مع ثقة من النساء في طريق مأهولة آمنة فهي ممن عليه الحج عندي – والله أعلم – وإن لم يكن معها ذو محرم لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستثن فيما يوجب الحج إلا الزاد والراحلة وإن لم تكن معها حرة مسلمة ثقة من النساء فصاعداً لم تخرج مع رجال لا امرأة معهم ولا محرم لها منهم.
وقد بلغنا عن عائشة وابن عمر وابن الزبير مثل قولنا في أن تسافر المرأة للحج وإن لم يكن معها محرم "
وقال النووي في شرحه على مسلم (9/ 98): " جواز حج المرأة بلا محرم إذا أمنت على نفسها وهو مذهبنا "
وهذا القول بعدم وجوب المحرم في الحج رواية عن أحمد – رحمه الله – قال صاحب المغني (5/ 30) " وعنه رواية ثالثة أنّ المحرم ليس بشرط في الحج الواجب.
قال الأثرم: سمعت أحمد يُسأل: هل يكون الرجل محرماً لأمّ امرأته، يخرجها إلى الحج؟
فقال: أما في حجة الفريضة فأرجوا، لأنها تخرج إليها مع النساء ومع كلّ من أمنته وأما في غيرها فلا "
أدلة القول الثاني:
استدل المبيحون لسفر المرأة للحج الواجب بلا محرم بأدلة وهي:
1/ روى الدارقطني بإسناده (سند الدارقطني 2/ 215) عن جابر وبن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس وعائشة –رضي الله عنهم – أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة.
ووجه الدلالة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط المحرم.
2/ روى الترمذي (4084): عن ابن عمر رضي الله عنهما: " ... فقام رجل آخر فقال: ما السبيل يا رسول الله؟ قال الزاد والراحلة "
ووجه الدلالة كسابقه.
3/ روى الإمام أحمد عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً " قال رجل يا رسول الله ما السبيل؟ قال: " الزاد والراحلة " ووجه الدلالة كسابقه.
4/ روى البخاري عن عدي بن حاتم رضي الله عنه: " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤمّ البيت لا جوار معها، لا تخاف إلا الله " ووجه الدلالة: خروج الظعينة بلا محرم.
5/ قالوا: ولأنّه سفر واجب، فلم يُشترط له المحرم كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار.
الترجيح والمناقشة:
وبالنظر في أدلة الفريقين، يتضح بجلاء رجحان القول الأول لصحة وصراحة وعموم الأدلة التي استدلوا بها فضلاً عما رواه الشيخان من حديث ابن عباس فإنه نصٌّ في سفر الحج وكذا ما رواه الدارقطني عنه.
وأما الإجابة عن أدلة الفريق الثاني فأقول مستعيناً بالله:
1/ أما الدليل الأول والثاني والثالث [3]
فليس له أدنى إشارة إلى جواز حجّ المرأة بلا محرم وإنما هو لبيان السبيل فحسب مع استلزام الشروط الأخرى لأنّ حكم المسألة الشرعية، يؤخذ عن طريق جمع الأدلة كلها وتأملها.
قال ابن قدامة (5/ 32): " ويحتمل أنّه أراد أنّ الزاد والرحلة يوجب الحج مع كمال بقية الشروط ن ولذلك اشترطوا تخلية الطريق، وإمكان المسير، وقضاء الدين، ونفقة العيال، واشترط مالك إمكان الثبوت على الراحلة وهي غير مذكورة في الحديث واشترط كل واحد منهم في محلّ النزاع شروطاً من عند نفسه لا من كتاب ولا من سُنّة فما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاشتراط "
وقال ابن المنذر: " تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل واحد منهم شروطاً، لا لحجة معه عليه " (المغني 5/ 31).
وأما الجواب عن الدليل الرابع:
فيقال: هو وصف الحال، لا يترتب عليه حكم الإباحة، أو الإقرار ومثله أحاديث كثيرة تصف الحال منها:
1/ حديث أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات من جبل من ذهب يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل فئة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم، لعلّي أكون أنا الذي أنجو)) [مسلم: 2894].
2/ حديث أبي هريرة أيضاً – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قطحان يسوق الناس بعصاه " [البخاري: 3329] [مسلم: .... ]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/129)
3/ حديث أبي هريرة أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمرّ الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر ن وليس به الدّين إلا البلاء " [البخاري: 6698] و [مسلم: 157].
قلت: فهل يقول أحد بجواز الاقتتال على ذهب الفرات أو إقرار القطحاني على سوق الناس بعصاه أو مشروعية التمرغ على القبر وتمنى الموت بإطلاق.
وجواب آخر: وعلى فرض أنّ حديث الظعينة دال على مشروعية سفر المرأة بلا محرم، فإنّ ذلك إشارة إلى استتاب الأمن وشيوعه، وإنتشار الطمأنينة في أرجاء الجزيرة فلا يُخشى من قَطع طريق، أو بطش ظالم وحينئذ إذا سادت تلك الأحوال فأمنت النساء، وأطمأن الناس فلا مانع من سفرها بلا محرم والله أعلم.
وأما الجواب خامساً عن قولهم بأنّ سفرها للحج الواجب قياساً على تخلصها من أيدي الكفار.
فسبق القول أنّ أحاديث النبي – وهو أعلم – لم تفرق بين سفر واجب ومستحب أو بين الحج وغيره كما تقدم.
وأما سفر المرأة لوحدها من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين فسفر ضرورة، وبقاؤها في بلاد الكفار أبلغ خطراً من سفرها إلى بلاد المسلمين.
قال ابن قدامة في المغني (5/ 32) " وأمّا الأسيرةُ إذا تخلّصت من أيدي الكفار فإنّ سفرها ضرورة لا يُقاس عليه حالة الاختيار، ولذلك تخرج فيه وحدها، ولأنّها تدفع ضرراً متيقناً بتحمل الضرر المتوهم فلا يلزم ذلك من غير ضرر أصلاً "
سفر المرأة بوسيلة نقل جماعية:
غير غائب عن البال ما استحدث في هذا العصر من وسائل النقل الجماعية من طائرات وقطارات وحافلات حيث تنتفي الخلوة، وتنتظم الرحلات في مواعيد مجدولة، ومسارات جوية أو برية محدودة فهل يتغير الحكم وفقاً لتغيير الوسيلة؟
بالنظر إلى أقاويل وفتاوى علماء العصر في حكم السفر في هذه الوسائل العصرية نجدهم قد اختلفوا عل قولين:
1/ القول الأول:
وهو قول كثير من أهل العلم: أنّ سفر المرأة بلا محرم حرام سواء كانت وسيلة السفر هي الطائرة أو القطار أو الحافلة أو السيارة أو غيرها لعموم الأدلة الشرعية القاضية بتحريم سفرها بلا محرم.
ومن هؤلاء العلماء العلامة: عبد العزيز بن باز، والعلامة محمد بن صالح العثيمين والشيخ صالح الفوزان وغيرهم وهذا فتاواهم أسوقها كما هي:
1/ فتوى العلامة عبد العزيز بن باز
س: الأخت التي رمزت لاسمها بأم محمد صالح من المدينة المنورة تقول في سؤالها: امرأة مطلقة تبلغ من العمر أربعين سنة ليس لها محرم حيث أنها تعيش وحدها في المدينة المنورة، لأن أبناءها وأكبرهم 16 سنة يعيشون مع أبيهم في مدينة أخرى، هذه المرأة ذهبت في رمضان المبارك إلى مكة المكرمة للعمرة في حافلة النقل الجماعي الذي يوجد فيه مكان مخصص للنساء، وقد أوصلها النقل الجماعي أمام الحرم، وبعد انتهائها من العمرة استقلت حافلة أخرى تابعة للنقل الجماعي إلى الموقف الرئيسي خارج مكة المكرمة، ومن هنا سافرت إلى المدينة في حافلات النقل الجماعي، فهل هي آثمة بسفرها وهي في هذا السن وهذه الظروف؟
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة فالسفر المذكور محرم، وعلى المرأة المذكورة التوبة إلى الله من ذلك، وذلك بالندم على ما وقع منها، والعزم الصادق على أن لا تعود لذك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " متفق عليه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: وقد قال الله سبحانه: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (سورة الحشر:7).
والله الموفق.
وهذه فتاوى العلامة ابن عثيمين:
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
هل يجوز للمرأة أن تسافر بالطائرة مع وجود الأمن بدون محرم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/130)
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " قال ذلك. وهو يخطب على المنبر في أيام الحج، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلق فحجّ مع امرأتك، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزو ويحج مع امرأته، ولم يقل النبي له هل امرأتك آمنة على نفسها؟ أو هل معها نساء، أو هل مع جيرانها فدل ذلك على عموم النهي عن سفر المرأة بلا محرم، ولأن الخطر حاصل حتى في الطائرة ن ولنمش جميعاً في تتبع ذلك.فهذا الرجل الذي أراد أن تسافر امرأته بالطائرة، متى يرجع من شييعها إنه يرجع عند انتظارها ركوب الطائرة، وستبقى في هذه الصالة بدون محرم، ولنفرض أن الرجل معها حتى أدخلها الطائرة، وأقلعت الطائرة، أفلا يمكن أن ترجع الطائرة أثناء الطريق؟ هذا وارد ويحصل أنّ الطائرة قد ترجع لخلل فني، أو للأحوال الجوية، ولنفرض أنها استمرت في سيرها ووصلت إلى المدينة التي ستهبط فيها، ولكن المطار صار مشغولاً أو صارت أجواء المطار غير صالحة للهبوط، ثم انتقلت الطائرة إلى مكان أخر، فهذا محتمل، ولنفرض أن الطائرة قامت في الوقت المقرر وهبطت في المطار المقرر، ولكن المحرم الذي كان ينتظرها لم يحضر بسبب طارئ حدث له، ولنفرض أن هذا الاحتمال انتفى وجاء المحرم في الوقت المقرر، يتبقى عندنا من الخطر مَن الذي يكون إلى جنب هذه المرأة في الطائرة؟ لن تكون امرأة على حال، فقد يكون إلى جوارها رجل، وهذا الرجل قد يكون من أخوَن عباد الله يضحك إليها، ويتحدث إليها ويمزح معها، ويأخذ رقم تليفونها ويعطيها رقم هاتفه أليس هذا ممكناً؟ من الذي يسلم من هذه الأخطار؟
ولهذا تجد الحكمة العظيمة في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة بلا محرم بدون تفصيل وبدون تقييد لكن قد نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولم يعلم عن هذه الطائرات فلنحمل كلامه على السفر على الجمال لا على الطائرات، فلا تسافر المرأة على البعير إلا مع ذي محرم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يعلم عن الطائرة التي تقطع المسافة ما بين الطائف إلى الرياض في ساعة وربع بينما كان يقطع في شهر كامل؟ فالجواب على هذا: أنه إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم فإن رب الرسول سبحانه وتعالى يعلم، والله عز وجل يقول: ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ)) (سورة النحل:89).
فأنا أحذر إخوتي من هذه الظاهرة الخطيرة، وهي التساهل في سفر المرأة بلا محرم كما أحذرهم أيضاً من خلوة السائق بالمرأة في السيارة ولو في البلد؛ لأن الأمر خطير، كما أحذرهم أيضاً من خلوة قريب الزوج بالمرأة في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم قال: " إياكم والدخول على النساء " قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرأيت الحمو؟ قال: " الحمو الموت " أي احذر منه أشد الحذر، والغريب أب بعض العلماء – عفا الله عنا وعنهم – قال معنى قوله: " الحمو الموت " أي أن الحمو لا بد من دخوله على امرأة قريبه كما أن الموت لا بد منه ([4]).
وهذه فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السفر بالطائرة بدون محرم
السؤال الثالث من الفتوى رقم (9950).
س 3: هل يجوز للمرأة أن تسافر لوحدها في الطائرة بدون محرم؟
ج3 - لا تسافر المرأة إلا مع محرم لها أو زوج، سوء طالت المسافة أو قصرت.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عضو نائب الرئيس، الرئيس
عبد بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9355)
س 1: هل يجوز سفر الزوجة بمفردها بالطائرة لمدة ثلاث ساعات بدون محرم؟ مع العلم بأن الزوج يعمل ببلد لا يوجد به طبيبات من النساء للولادة، والغرض الرئيسي من السفر هو الوضع على يد طبيبات من النساء في بلد أهل الزوجة.
ج1: في مثل هذه الحالة يسافر معها زوجها أو أحد محارمها.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو نائب الرئيس، الرئيس
عبد بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبدالله بن باز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/131)
الفتوى رقم (11702)
س: أرجو أن تبينوا لي حكم سفر امرأتي بالطائرة من الظهران إلى الطائف وهي برفقة أختها المتزوجة من أخي، ومعهم أخي وأبناؤها الصغار، مع العلم أنه ليس باستطاعتي السفر معها لإيصالها والعودة، حيث إن مادياتي لا تسمح لي بذلك، وسوف يكون في استقبالهم في الطائف والدهم ووالدتهم – مدة السفر ساعتان -.
ج – لا يجوز سفر المرأة في الطائرة ولا في غيرها إلا مع محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) متفق على صحته، وزوج أختها لا يعتبر محرماً لها، وكذلك أختا ليست محرماً لها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو عضو عضو الرئيس
بكر أبو زيد عبد العزيز آل الشيخ صالح الفوازان عبد الله غديان عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم (2642)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من عميد شؤون الطلاب بجامعة الرياض، عن طريق الدكتور محيي الدين خليل، رئيس قسم الثقافة الإسلامية، إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إلى اللجنة برقم (2554/ 2/د) وتاريخ 7/ 8/99 هـ، ونصه:
إن طالبات الجامعة من خارج مدينة الرياض، يقمن بوحدة أم المؤمنين السكنية، وتسافر الطالبات إلى بلادهن في الإجازات الرسمية أو في نهاية الأسبوع، وغالبيتهن يتوجهن إلى جدة أو الظهران بالطائرة، وتشترط العمادة أن يرافق كل طالبة محرم، ولكن هذا لا يتيسر لجميعهن وفي كل الأحوال، وقد تكون الطالبة راغبة في السفر تحت ظروف اضطرارية، ويشكو البعض من هذا الإجراء، ويرون أن الشرع في مثل حالتنا هذه يبيح السفر بدون محرم، إذ أنه لا يتجاوز ساعات محدودة، مستندين إلى: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرمة منها)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها محرم " وعن أبي هريرة أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة غلا ومعها رجل ذو محرم منها)).
لذا نأمل إفادتنا عما إذا كان يجوز شرعاً السماح للطالبة بالسفر إلى جدة أو الظهران بالطائرة دون محرم.
إن الشريعة الإسلامية مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، ومن مقاصدها الضرورية المحافظة على الأنساب والأعراض، وقد ثبت في الكتاب والسنة ما يدل دلالة واضحة على سد الذرائع التي تفضي على اختلاط الأنساب، وانتهاك الأعراض؛ كتحريم خلوة المرأة بأجنبي، وتحريم إبدائها زينتها لغير زوجها ومحارمها، ومن في حكمهم ممن ذكرهم الله تعالى في سورة النور، كالأمر بغض البصر، وتحريم النظرة الخائنة، ومن الذرائع القريبة التي قد تفضي إلى الفاحشة، واختلاط الأنساب، وهتك الأعراض – سفر المرأة دون من فيه صيانة لها في اعتبار الشرع، من زوجها أو أحد محارمها، فكان حراماً؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم)) [5] رواه أحمد والبخاري ومسلم، ولما ثبت عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسافر المرأة بريداً إلا ومعها محرم يحرم عليها)) [6] رواه أبو داود والحاكم.
ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)) روه أحمد والبخاري ومسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/132)
وورد في بعض الروايات التقييد بيوم، وفي بعضها التقييد بليلة، وفي بعضها التقييد بثلاث أميال، وفي بعضها بيومين، والتحديد بذلك ليس بمراد، وإنما هو تعبير عن أمر واقع، فلا يعمل بمفهومه، ثم هو مفهوم عدد معارض بمنطوق حديث ابن عباس رضي الله عنهما وما في معناه، فلا يعتبر، وإنما يعتبر ما ثبت من الإطلاق في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو واضح في أن المرأة منهية عن كل ما يسمى سفراً إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها، سواء كان قليلاً أم كثيراً، وسواء كانت شابة أم عجوزاً، وسوء كان السفر براً أو بحراً أو جواً، ومن خالف في ذلك فخص النهي بالشابة أو قيده بما ذكر من التحديد في بعض الأحاديث أو بما إذا كانت الطريق غير مأمونة أو اكتفى بالرفقة الثقاة المأمونة، فقوله مردود بعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه منطوق فيقدم على مفهوم العدد في الأحاديث الأخرى.
وعلى هذا يكون سفر النساء بالطائرات بلا زوج أو محرم منهياً عنه، سوء كن طالبات أو غير طالبات، لكونه سفراً فيصدق عليه عموم النهي في الحديث.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن بازٍ
الفتوى رقم (3063)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
وأما القول الثاني:
فقد أجار بعض أهل العلم سفر المرأة بلا محرم إذا كانت الوسيلة مأمونة كالطائرة، أو مع عدد من النساء الثقات.
ومن العلماء الذين أفتوا بجواز سفر المرأة بالطائرة بلا محرم فضيلة العلامة عبد الله بن جبرين – حفظه الله – وهذا نصُّ سؤال وُجِّهَ لفضيلته وجوابه عنه.
السؤال: س 46
ما حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر؟
الجواب: لا بأس عند المشقة على المحرم كالزوج أو الأب إذا اضطرت المرأة إلى السفر ولم يتيسر للمحرم صحبتها فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار فلا يفارقها حتى تركب في الطائرة ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة، وذلك لعدم الخلوة المنهي عنها ولعدم المحذور من سفرها وحدها الذي تكون عرضة للضياع أو لاعتراض أهل الفساد، وأيضاً فالمدة قليلة إنما هي ساعة أو بضع ساعات، وهذه المدة قد لا تسمى سفراً أصلاً؛ لأن السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال، فلا ينطبق على المدة القصيرة ولأن الضرورات لها أحكامها، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الراجح من القولين:
ولا ريب أن القول بتحريم سفر المرأة بلا محرم، وإن كانت وسيلة السفر جماعية أو سريعة كالطائرات والقطارات والحافلات هو الصواب الذي تسانده الأدلة، وتبرأ به الذمة، وتتحقق به السلامة.
وأما ما ذهب إليه بعض أهل العلم من إباحة السفر بلا محرم فهو خلاف الأدلة الصريحة، والحجج الظاهرة، ويترتب عليه مفاسد محققة، سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الفساق وانخرقت فيه الأخلاق!
ولا تخلو وسيلة نقل جماعية من شباب ورجال، يتربصون بالنساء شراً، ويسعون جاهدين للإيقاع بهن عبر النظرات والابتسامات والتحرشات ومن ركب الطائرات واستقل القطارات والحافلات رأى وسمع ما يندى له الجبين حياء من تهتك النساء وتميع الشباب وتخنث الرجال في المطارات والمحطات ووسائل النقل العصرية!!
وأي مصلحة في إباحة سفر المرأة بلا محرم إذا تعرضت لمخاطر جسيمة، وعواقب وخيمة في نفسها وعرضها وشرفها وسمعتها؟!
مفاسدُ سفر المرأة بلا محرم:
لا ريب أنّ خروج المرأة من بيتها بحدّ ذاته ولداخل بلدها فيه من المحاذير الشيء الكثير ولذا أمر الله تعالى المؤمنات بالقرار داخل البيوت وعدم الخروج لغير حاجة فقال تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (سورة الأحزاب).
فكيف إذا كان خروجها سفراً قاصداً، وبلداً بعيداً؟ فلا شك أنّ الأمر يشتد خطورة، ويزداد حرجاً، سيما مع عدم مرافقة المحرم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/133)
وقد أثبتت الأيام، وبرهنت الأحداث على عظم المفاسد المترتبة على سفر النساء بلا محارم، سيما في هذه الأزمان المتأخرة، حيث كثرت الفتن، وعمّت المحن، ومهما كانت وسيلة السفر فمن تلك المفاسد:
1 - تعرض المرأة للابتزاز من قبل ضعاف الإيمان، وسفهاء الأحلام، وفساق الآفاق!
فالمرأة متى رؤيت وحيدة شجعت هؤلاء على النيل من كرامتها بعبارة نابية أو كلمة فاحشة أو مراودة صارخة، وهذا أمر لا ينكره أحد.
2 - افتتان الرجال بالمرأة المنفردة سفراً بلا محرم مهما كانوا على دين وخلق إذ ربّما زيّن لهم الشيطان إسداء خدمة للمرأة المسافرة، أو النظر إليها خلسة لأمنهم من غيرة المحرم أو ظنهم السوء بالمرأة لجرأتها على السفر بلا محرم.
3 - تعطيل عشرات الأدلة الشرعية القاضية بلزوم المحرم بالسفر، وتفريغها من مقاصدها السامية، وأهدافها النبيلة، فضلاً عن إذكاء العداوات بين النساء ومحارمهن حين يُهّمش دور المحرم، ويُجرّد عن وظيفته الشرعية.
هذا والله الموفق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
----------------------------------------
[1]- مسلم (2391).وأصله في البخاري (1863).
[2]- قال الزرقاني في شرحه على الموطأ (2/ 533): (الصرورة من النساء التي لم تحج قط) تفسير للصرورة لصرها النفقة وإمساكها، ويُسمّى من لم يتزوج صرورة أيضاً لأنّه صرّ الماء في ظهره وتبتل على مذهب الرهبانية.
[3]- تنبيه: رواية الترمذي في سندها: إبراهيم بن يزيد الخُوزي، أبو إسماعيل المكي وهو متروك الحديث وقال الترمذي عن هذا الحديث: لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد وقد تكلم بعض أهل العلم في إبراهيم من قبل حفظه ينظر سنن الترمذي مع التحفة (8/ 348).
2 - وأما رواية أحمد فهي عن الحسن البصري مرسلة، ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل: ينظر:
[4]- دروس وقتاوى الحرم المكي، للشيخ ابن عثيمين 3/ 225.
[5]- أحمد 2/ 13، 19، 142، - 143، 143، والبخاري 2/ 35، ومسلم 2/ 975، برقم (1338)، وأبو داود 2/ 348 برقم (1727)، وابن أبي شيبة 4/ 5 وابن خزيمة 4/ 133 برقم (2521) والطحاوي في (شرح المعاني) 2/ 113، وابن حبان 6/ 434، 440، 441برقم (2720، 2729، 2730)، والبيهقي 3//138، 5/ 227، كلهم من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
[6]- أبو داود 2/ 347 برقم (1724)، والحاكم 1/ 442، وابن حبان 6/ 439برقم (2727)، وابن خزيمة 4/ 136برقم (2526)، والبيهقي 3/ 139.
ـ[أبو الحسن اللاذقاني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 12:03 ص]ـ
السلام عليكم
اختلاف العلماء بالدليل رحمة ............
و اذا كان القول مخالف لما تعمل به فالاختلاف لا يفسد للود قضية
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 11:35 ص]ـ
صحيح أن الأدلة في وجود المحرم مع المرأة صحيحة صريحة.
لكن ههنا إشكال صغير هل يوجد في النصوص تحديد لعمر هذا المحرم فمثلا سفر المرأة مع أولادها بالطائرة وعمر أكبرهم 11سنة دون البلوغ هل يدخل في النهي الوارد وإن كانوا أكثر من ولد اثنان أو ثلاثة هل تدخل في النهي؟
مسألة تحتاج إلى تأمل
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 11:55 ص]ـ
اقتباس
اختلاف العلماء بالدليل رحمة ...
قد يكون رحمة وقد يكون ..... ولذلك وضع العلماء شروطا لفقه الاختلاف ومتى يكون معتبرا أو غير معتبر وما هي قواعد وضوابط الاختلاف وهل كل خلاف مقبول وما الفرق بين الاختلاف وبين الخلاف بعد التثبت من قوة الدليل وصحة الاستدلال وموافقته لقواعد ومقاصد الشريعة ......... الخ
وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلافا له حظ من النظر
-------------------------
جوابا على سؤال الأخ
شروط المحرم:
- 1 - أن يكون زوجها أو من تحرم عليه مؤبدا إما بنسب أو رضاع أو مصاهرة أو من تحرم عليه بسبب مباح كابن زوجها أو أبيه
- 2 - أن يكون ذكرا
- 3 - أن يكون مسلما حرا بالغا عاقلا
أما عبدها فليس بمحرم لها لأنها تحل له إذا أعتق وليس بمأمون عليها وكذا من حرمت عليه بسبب محرم كالزنا أو وطء لشبهة فليس بمحرم 0
* جواب الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح
السؤال: فضيلة الشيخ! الولد متى يكون محرماًَ لأمه؟ هل هو بالبلوغ أو بالتمييز؟
الجواب: المحرم بارك الله فيك! يكون مَحْرَماً إذا كان بالغاً عاقلاً، فمن لم يبلغ فليس بمحرم، ومن كان في عقله خلل فليس بمحرم.
[السؤال] فضيلة الشيخ: هل يشترط في المحرم أن يكون بالغاً، فهناك رجل يعمل في الخارج ومعه زوجته وابنه الذي يبلغ التاسعة من العمر، فأرادت الزوجة أن تحضر زواجاً لأخيها، فأرسلها زوجها عن طريق الطائرة مع هذا الابن، واتصل على أهلها لاستقبالها في مطار المملكة، فهل له ذلك؟ وهل يكفي هذا الصبي في المحرمية؟ جزاك الله خيراً.
الجواب: المحرم ذكر العلماء أنه لا بد فيه من شرطين: البلوغ والعقل، وأن من دون البلوغ لا يصح أن يكون محرماً، ومن ليس بعاقل لا يصح أن يكون محرماً؛ لأن المقصود بالمحرم هو حماية الزوجة وصيانتها ومنع الاعتداء عليها، والصغار لا يقومون بهذا. فأقول: الآن المرأة -حسب السؤال- وصلت البلد، لا ترجع إلى زوجها حتى يأتي زوجها ويأخذها معه، أو تذهب مع أحد محارمها الذين بلغوا وعقلوا، أما الصغير الذي في التاسعة من عمره فإنه لا يكفي أن يكون محرماً.
(47/ 17)
-------------------------------------
من فتاوى الشبكة الاسلامية
من شروط المحرم أن يكون بالغًا عاقلاً
الفهرس» فقه الأسرة المسلمة» قضايا المرأة» سفر المرأة (158)
رقم الفتوى: 24948
عنوان الفتوى: من شروط المحرم أن يكون بالغًا عاقلاً
تاريخ الفتوى: 06 رمضان 1423
السؤال
هل يجوزالسفر مع صبي عمره 14سنة وأربعة شهور هل يعتبر محرما؟؟؟ وشكراً ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الصبي قد بلغ بالاحتلام أو بإنبات الشعر فيصح أن يكون محرمًا للمرأة وإلا فلا، إذ من شروط المحرم أن يكون بالغًا عاقلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم:6744.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/134)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 12:00 م]ـ
الأخ ابو احمد .. ليس لك أن تصادر أقوال الفقهاء بهذه الطريقة وتعده خلافاً غير معتبر، وهو قول له حظ من النظر لا سيما في حج الفريضة. فتنبه بارك الله فيك لذلك.
ـ[أبو الحسن اللاذقاني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 12:08 م]ـ
قد يكون رحمة وقد يكون ..... ولذلك وضع العلماء شروطا لفقه الاختلاف ومتى يكون معتبرا أو غير معتبر وما هي قواعد وضوابط الاختلاف وهل كل خلاف مقبول وما الفرق بين الاختلاف وبين الخلاف بعد التثبت من قوة الدليل وصحة الاستدلال وموافقته لقواعد ومقاصد الشريعة ......... الخ
وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلافا له حظ من النظر
الأخ الهذلي دام عزك بالله ..........
أقول العلماء ومن شهدت لهم الدهور بسعة العلم واتقاد الزهن والاجتهاد ............
وهل أنتم من الذين يرجحون أقوال العلماء كالامام الشافعي والمزني ومالك وأحمد والحنفية؟؟
فبارك الله بكم فقد أصبحت مجتهد في المذهب ........
أخوكم الصغير بذنوبه الكبير باخوانه
أبو الحسن اللاذقاني(87/135)
حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه - الألباني
ـ[عبدالمنعم الشنو]ــــــــ[06 - 11 - 07, 04:16 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
هذا كتاب "حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه " للألباني رحمه الله تعالى بصيغتين: ورد و بي دي إف ( word, PDF)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[07 - 11 - 07, 10:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، ونفع بك.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 11:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم.(87/136)
القواعد الفقهية
ـ[عبد الفتاح بن محمد الرِفالي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 05:13 م]ـ
السلام عليكم
أبحث عن مؤلفات في هذا الفن: القواعد الفقهية، خصوصا ما تعلق منها بمذهب الإمام مالك.
وإن كانت هناك روابط لدروس سمعية أو مقروءة فأرجو الإفادة.
ـ[رشيد القرطبي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 10:02 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
يمكنكم الرجوع الى هذا البحث على الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32906&highlight=%22%D1%D4%ED%CF+%C7%E1%E3%CF%E6%D1%22
وفقك الله لكل خير
ـ[عبد الفتاح بن محمد الرِفالي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 09:47 م]ـ
شكرا أحي القرطبي
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:32 م]ـ
جزاك الله خيرا(87/137)
طلب مساعدة ابحث عن مراجع لموضوع سلم الاقوال الفقهية عندالمالكية
ـ[الحراني]ــــــــ[06 - 11 - 07, 10:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
اخواني طلبة العلم ابحث عن مراجع لموضوع سلم الاقوال الفقهية عندالمالكية اي المصطلحات التي يستعملها فقهاءالمالكية من قبيل المشهور والراجح وبيان الاقوى منها والضعيف وحبدا لوتدلوني على الروابط التي اجد فيها طلبتي.
و السلام عليكم.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 11 - 07, 03:46 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لعلك تجد فائدة هنا وفقك الله:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=27226&highlight=%C7%E1%E3%C7%E1%DF%ED%C9
وفي هذه المنظومة الشهيرة هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=111506&highlight=%C7%E1%E4%C7%C8%DB%C9+%C7%E1%DB%E1%C7%E6 %ED
ـ[الحراني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 01:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا فقد وجدت شيئا ما ضالتي في هذه المساعدة التي قدمتها لي ولكم جزيل الشكر والإمتنان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم الحراني
ـ[البيضاوي01]ــــــــ[11 - 11 - 07, 10:05 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لعلك تجد فائدة هنا وفقك الله:
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=13&book=147
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:49 م]ـ
للتدكير .......
ـ[سامى بن صالح الجعيدي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 11:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعلك اخي طالب العلم تجد الفائده
في:
الشرح الصغير للدرديري فهو كتاب معتمد في فقه المالكية
ـ[الصادقي]ــــــــ[13 - 02 - 08, 09:03 م]ـ
اخوتي الطلبة جزاكم الله خيرا هل ممكن ان تدلوني على كتاب نور البصر للهلالي وان وجد أطلب منكم ان تدلوني على رابط لتحميله وجزاكم الله خيرا
ـ[الحراني]ــــــــ[23 - 03 - 08, 04:47 م]ـ
احسن الله اليكم(87/138)
الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه وموضع الصلاة
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[07 - 11 - 07, 11:19 ص]ـ
الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه وموضع الصلاة
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[07 - 11 - 07, 11:38 ص]ـ
واذا لم تكن ثيابه طاهرة ,وموضع صلاته طاهرا اعاد. وجملة ذلك ان الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول اكثر اهل العلم ,منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي واصحاب الراي.
ويروى عن ابن عباس انه قال ليس على ثوب جنابة.ونحوه عن ابي مجلز وسعيد بن جبير والنخعي.وقال الحارث العكلي وابن ابي ليلى: ليس في ثوب اعادة.وراى طاوس دما كثيرا في ثوبه وهو في الصلاة فلم يباله.وسئل سعيد بن جبير عن الرجل يرى في ثوبه الاذى وقد صلى؟ فقال:اقرا على الاية التي فيها غسل الثياب.ولنا:قوله تعالى: (وثيابك فطهر).قال ابن سيرين:هو الغسل بالماء.وعن اسماء قالت سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن دم الحيض يكون في الثوب؟ قال:اقرصيه وصلي فيه. وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انه قال:انهما يعذبان في كبير اما احدهما فكان لايستتر من بوله.متفق عليه.
ولانها احدى الطهارتين فكانت شرطا للصلاة كالطهارة من الحدث.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[07 - 11 - 07, 12:31 م]ـ
وطهارة (موضع الصلاة) شرط ايضا ,وهو الموضع الذي تقع عليه اعضاؤه وتلاقيه ثيابه التي عليه ,فلوكان على راسه طرف عمامة وطرفها الاخر يسقط على نجاسة لم تصح صلاته.وذكر ابن عقيل احتمالا فيما تقع عليه ثيابه خاصة انه لايشترط طهارته لانه يباشرها بماهو منفصل عن ذاته اشبه مالوصلى الى جانبه انسان نجس الثوب فالتصق ثوبه به.والاول المذهب لان سترته تابعة له فهي كاعضاء سجوده.فاما اذا كان ثوبه يمس شيئا نجسا كثوب من يصلي الى جانبه او حائط لايستند اليه ,فقال ابن عقيل:لاتفسد صلاته بذلك لانه ليس بمحل لبدنه ولاسترته ويحتمل ان يفسد لان سترته ملاقية لنجاسة اشبه مالوقعت عليها.وان كانت النجاسة محاذية لجسمه في حال سجوده بحيث لايلتصق بها شيء من بدنه ولااعضائه لم يمنع صحة صلاته لانه لم يباشر النجاسة فاشبه مالو خرجت عن محاذاته.
ـ[عبدالله القاضى]ــــــــ[07 - 11 - 07, 03:01 م]ـ
أختلف العلماء فى هل يعد المني طاهر أم نجس
القول الأول
يقول بنجاسة المني وبة قال أبة حنيفة ومالك وهو رواية عن أحمد واستدلوا على ذلك بحديث عائشة لما سئلت عن المنتي يصيب الثوب فقالت. كنت أغسلة من ثوب رسول الله صلي الله علية وسلم فيخرج إلي الصلاة وأثر الغسل فى ثوبة بقع الماء)) متفق علية والغسل لا يكون إلا لشئ نجس
القول الثاني
قال أصحابة بطهارة المني وممن قال ذلك الشافعي وداود وهو أصح الروايتين عن أحمد واستدلوا بحديث عائشة فى المني قالت ((كنت أفركة من ثوب رسول الله صلي الله علية وسلم)) مسلم
وبحديثها ايضاً أن ضيفاً نزل بعائشة فأصبح يغسل ثوبة فقالت عائشة: إنما كان يجزئك إن رايتة أن تغسل مكانة.,فإن لم تر نضحت حولة , ولقد رأيتني أفركة من ثوب رسول الله صلي الله علية وسلم فركاً فيصلي فية)) مسلم
الراجح أن فعل عائشة هو من باب إختيار النظافة ويتأيد الحكم بطهارة المني أن الصحابة كانوا يحلمون على عهد النبي صلي الله علية وسلم وأن المني يصيب بدن أحدهم وثيابة؟ وهذا مما تعن البلوي، فلو كان نجساً لوجب على النبي صلي الله علية وسلم أمرهم بإزالتة كما أمرهم بالإستنجاء ولم ينقل أحد هذا فعلم يقيناً إن إزالتة لم تكن واجبة والله أعلم ,.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:18 ص]ـ
يجب على المصلي:
1 - تطهير ثوبه:لقوله تعالى: (وثيابك فطهر) المدثر 4.,ولقوله صلى الله عليه وسلم لمن ساله:هل يصلي في الثوب الذي ياتي فيه اهله؟ فقال نعم الا ان يرى فيه شيئا فبغسله.اخرجه ابن ماجه واحمد وصححه الالباني.
2 - تطهير البدن:لانه اولى من تطهير الثوب.
3 - تطهير مكانه من النجاسة:لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من رش الذنوب على بول الاعرابي.اخرجه البخاري.
وقد ذهب الجمهور الى وجوب تطهير الثلاث للصلاة.وذهب جمع الى ان ذلك شرط لصحة الصلاة , وذهب اخرون الى انه سنة والحق الوجوب فمن صلى ملابسا لنجاسة عامدا فقد اخل بواجب وصلاته صحيحة ,والشرطية التي يؤثر عدمها في عدم المشروط لايصلح للدلالة عليها الا ماكان يفيد ذلك:مثل نفي القبول او نحو:لا صلاة لمن صلى في مكان متنجس. او النهي عن الصلاة في المكان المتنجس لدلالة النهي على الفساد واما مجرد الامر فلا يصلح لاثبات الشروط اللهم الا على قول من قال ان الامر بالشيء نهي عن ضده.
ان مادل على الشرطية دل على الوجوب وزيادة وهو تاثير بطلان المشروط ومادل على الوجوب لايدل على الشرطية لان غاية الواجب ان تاركه يذم واما بطلان الشيء الذي ذلك الواجب جزء من اجزائه فلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/139)
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:38 ص]ـ
عن جابر بن سمرة قال:سمعت رجلا سال النبي صلى عليه وسلم اصلي في الثوب الذي اتي فيه اهلي؟ قال نعم الا ان ترى فيه شيئا فتغسله.رواه احمد وابن ماجه وصححه الالباني.
يدل على تجنب المصلي للثوب المتنجس وهل طهارة ثوب المصلي شرط لصحة الصلاة ام لا؟ فذهب الاكثر الى انها شرط.وروي عن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وهو مروي عن مالك انها ليست بواجبة ,ونقل صاحب النهاية عن مالك قولين:احدهما:ازالة النجاسة سنة وليست بفرض ,وثانيهما:انها فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان ,وقديم قولي الشافعي ان ازالة النجاسة غير شرط.
واحتج الجمهور:
1 - بقوله تعالى: (وثيابك فطهر).قال في البحر:والمراد (للصلاة) للاجماع على ان لا وجوب في غيرها.
ورد:ويستفاد من الاية الوجوب ,والوجوب لايستلزم الشرطية.
2 - حديث ابي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال لهم لم خلعتم قالوا رايناك خلعت فخلعنا فقال:ان جبريل اتاني فاخبرني ان بهما خبث فاذا جاء احدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فاذا راى فليمسحه بالارض ثم ليصل فيهما.رواه احمد وابو داود وصححه الالباني في الارواء.
وغاية مافيه الامر بمسح النعل ولايفيد الشرطية على انه بني على ماكان قد صلى قبل الخلع ولو كانت طهارة الثياب ونحوها شرطا لوجب عليه الاستئناف لان الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط.
وقال الجمهور:هو الشي المستقذر كالمخاط والبصاق ولايلزم من ان يكون نجسا واخبار جبريل له بذلك لئلا تتلوت ثيابه بشيء مستقذر.
ويرد هذا الجواب بماقاله في البارع في تفسير قوله: او جاء احد منكم من الغائط.النساء 43. انه كنى بالغائط عن القذر.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:44 ص]ـ
أختلف العلماء فى هل يعد المني طاهر أم نجس
القول الأول
يقول بنجاسة المني وبة قال أبة حنيفة ومالك وهو رواية عن أحمد واستدلوا على ذلك بحديث عائشة لما سئلت عن المنتي يصيب الثوب فقالت. كنت أغسلة من ثوب رسول الله صلي الله علية وسلم فيخرج إلي الصلاة وأثر الغسل فى ثوبة بقع الماء)) متفق علية والغسل لا يكون إلا لشئ نجس
القول الثاني
قال أصحابة بطهارة المني وممن قال ذلك الشافعي وداود وهو أصح الروايتين عن أحمد واستدلوا بحديث عائشة فى المني قالت ((كنت أفركة من ثوب رسول الله صلي الله علية وسلم)) مسلم
وبحديثها ايضاً أن ضيفاً نزل بعائشة فأصبح يغسل ثوبة فقالت عائشة: إنما كان يجزئك إن رايتة أن تغسل مكانة.,فإن لم تر نضحت حولة , ولقد رأيتني أفركة من ثوب رسول الله صلي الله علية وسلم فركاً فيصلي فية)) مسلم
الراجح أن فعل عائشة هو من باب إختيار النظافة ويتأيد الحكم بطهارة المني أن الصحابة كانوا يحلمون على عهد النبي صلي الله علية وسلم وأن المني يصيب بدن أحدهم وثيابة؟ وهذا مما تعن البلوي، فلو كان نجساً لوجب على النبي صلي الله علية وسلم أمرهم بإزالتة كما أمرهم بالإستنجاء ولم ينقل أحد هذا فعلم يقيناً إن إزالتة لم تكن واجبة والله أعلم ,.
الموضوع: ماحكم الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه وموضع الصلاة؟
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 09:02 ص]ـ
من صلى وعليه نجاسة ولم يعلم بها الا بعد الصلاة هل يعيدها؟
اختلف اهل العلم في هذه المسألة على عدة اقوال:
1 - صلاته باطلة وعليه الاعادة اذا علم بالنجاسة في الوقت ولا اعادة عليه بعد الوقت. وهو مذهب ربيعة ومالك والحسن.
2 - صلاته باطلة وعليه الاعادة ولو بعد الوقت: وهو مذهب الشافعي ورواية عن احمد ,قالوا لانه فقد شرطا من شروط صحة الصلاة فبطلت ولزمه الاعادة.
3 - صلاته صحيحه ولا اعادة عليه: وبه قال ابن عمر وعطاء وابن المسيب ومجاهد وابو ثور واسحاق والشعبي والنخعي والاوزاعي وهو رواية عن احمد واختاره ابن المنذر وحجتهم:
ا- انه لم يعلم بالنجاسة وقد قال تعالى: (ربنا لا تؤاخدنا ان نسينا او اخطانا).البقرة 286.وفي الحديث الصحيح ان الله تعالى قال: قد فعلت.رواه مسلم.
ب- حديث:خلع النعل.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 09:14 ص]ـ
قوله:ومن راى عليه نجاسة بعد صلاته وجهل كونها فيها لم يعد وان علم انها كانت فيها لكن نسيها او جهلها اعاد.
1 - اي لايدري اصابته وهو في الصلاة او بعد ان صلى؟ فلا اعادة عليه , لان صلاته قد انقضت من غير تيقن المفسد والاصل عدمه وصحة الصلاة.
2 - علم انها كانت فيها وانها اصابتها قبل الصلاة نسيها ,انه يعيد لانه تيقن انه صلى في نجاسة واجتناب النجاسة شرط في صحة الصلاة فتجب الاعادة كما لو نسي ان يتوضا من حدث وكما لوترك الوضوء جهلا بالحدث فان عليه الاعادة لان كل واحد منهما شرط للصلاة.
3 - اذا جهل الحكم اي لم يعلم ان هذه من النجاسات وصلى ثم تبين انها من النجاسات فتجب عليه الاعادة.
والراجح في هذه المسائل كلها:انه لا اعادة عليه.
والدليل:قوله تعالى (ربنا لاتؤاخدنا ان نسينا او اخطانا) وحديث (خلع النعل).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/140)
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 09:41 ص]ـ
ولو قال قائل:ماالذي منع قياسها على ما اذا صلى محدثا وهو جاهل او ناس؟
نقول:ان ترك الوضوء من باب ترك المأمور فالوضوء شيء مأمور به يطلب من الانسان ان يتلبس به ,والنجاسة شيء منهي عنه يطلب من الانسان ان يتخلى عنه فلا يمكن قياس فعل المحظور على ترك المامور وعلى هذا لو ان احدا اكل لحم ابل وهو لم يعلم انه لحم ابل وقام وصلى بلاوضوء ثم علم فعليه الاعادة لان هذا من باب ترك المامور بخلاف النجاسة فهي من باب فعل المحظور هذا هو الصحيح في هذه المسالة واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وهو رواية عن الامام احمد في هذه المسالة.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 09:47 ص]ـ
الصلاة بالنجاسة من باب فعل المحظور اذا فعله الانسان ناسيا او جاهلا فلاشيء عليه بخلاف ترك المامور فلايعذر بحهله ولانسيانه فلا بد من الاتيان به , فقد امر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المسيء في صلاته ان يعيدها.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:31 ص]ـ
واذا صلى على منديل طرفه نجس او كان تحت قدمه حبل مشدود في نجاسة وما يصلى عليه طاهر فصلاته صحيحة سواء تحرك النجس بحركته او لم يتحرك لانه ليس بحامل للنجاسة ولابمصل عليها وانما اتصل مصلاه بها اشبه مالو صلى على ارض طاهرة متصلة بارض نجسة.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:32 ص]ـ
نسبة صاحب "الروضة الندية" عدم اشتراط إزالة النجاسة للصلاة والاكتفاء بالوجوب للجمهور ليس بصواب. فحبذا -أخي الكريم- أن لا تكتفي بالنقل المجرد. وجزاك الله خير الجزاء.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:37 ص]ـ
واذا حمل في الصلاة حيوانا طاهرا او صبيا لم تبطل صلاته لان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى وهو حامل امامة ابنة ابي العاص وركب الحسن والحسين على ظهره وهو ساجد ولان ما في الحيوان من النجاسة في معدته فهي كالنجاسة في معدة المصلي ,ولو حمل قارورة فيها نجاسة مسدودة لم تصح صلاته.
ـ[محمد جان التركماني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:51 م]ـ
نسبة صاحب "الروضة الندية" عدم اشتراط إزالة النجاسة للصلاة والاكتفاء بالوجوب للجمهور ليس بصواب. فحبذا -أخي الكريم- أن لا تكتفي بالنقل المجرد. وجزاك الله خير الجزاء.
بارك الله فيك هذا معلوم عندي لكن منهجي ان انقل اقوال اهل العلم دون التعليق ,وقد نقلت قول الجمهور في المشاركة رقم 6.
ـ[عبدالله القاضى]ــــــــ[25 - 12 - 07, 11:49 ص]ـ
بارك الله فيكم إنما أنا أضفتها على سبيل إعتبار البعض أنها من النجاسات فهي جزء من كل.(87/141)
الحوار الوديع مع الشيخ عبد الله المنيع
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 03:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحوار الوديع مع فضيلة الشيخ عبد الله المنيع
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه؛ أمَّا بعد:
فقد اطلعت على ما نشر في جريدة عكاظ - ص24 من يوم الثلاثاء 3 ذي الحجة لعام 1426 هـ السنة السابعة والأربعين في العدد برقم 14374 – على مقالٍ للشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حول قضية الرمي قبل الزوال في يوم النفر الأول وهو اليوم الثاني من أيام التشريق حيث رجَّح القول بجواز الرمي قبل الزوال، واستدل على ذلك بأدلة:
1 - قوله: " ليس في كتاب الله تعالى، ولافي سنة رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم قولٌ صريحٌ في تحديد وقت الرمي بدءاً من الزوال " وأقول: إنَّ أهل العلم متفقون على أنَّ الرمي عبادةٌ موقتة، فرمي الجمرة الكبرى يوم العيد، وقته الإختياري قبل الزوال، ورمي أيام التشريق للجمرات الثلاث موقَّتٌ بما بعد الزوال إلى غروب الشمس هذا هو الوقت الإختياري.
ولمَّا حصل في السنوات الأخيرة شدة الزحام، ووقوع تلف بعض الأنفس عند الرمي عند ذلك رأى مجلس هيئة كبار العلماء توسعة الوقت في آخره بحيث قرَّر هذا المجلس برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله قرروا امتداد وقت الرمي في الليل، وأنَّ من لم يمكنه الرمي في أمسية ذلك اليوم له أن يرمي بعد الغروب إلى منتصف الليل أو إلى الليل كله، ومعنى ذلك أنَّ ما بعد طلوع الفجر وقتٌ يختلف عن الوقت الأول فلايجوز الرمي فيه لليوم الذي قبله ولا لذلك اليوم نفسه؛ والحقيقة أنَّهم وفِّقوا في هذا القرار، وذلك أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم في إجابته عن الأسئلة التي حصلت في اليوم الأول من أيام التشريق حيث قال السائل: ((إني حلقت قبل أن أذبح؟ فقال: لا حرج، فقال: إني رميت بعد ما أمسيت؟ قال: لا حرج فما علمته سئل عن شيء يومئذ إلا قال: لا حرج، ولم يأمر بشيء من الكفارة)) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 5 ص 150برقم 9452 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال البيهقي رحمه الله: " وأخرجه البخاري من حديث يزيد بن زريع وغيره عن خالد الحذاء " وورد في كتاب الإستذكار لابن عبد البر في ج13/ 222 برقم 893: ((عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه أنَّ ابنة أخٍ لصفية بنت أبي عبيد نفست بالمزدلفة، فتخلَّفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا، فلم ير عليهما شيئاً)) قال المحقق: وأخرجه مالكٌ في الموطأ برقم 409 وفي هذا دليلٌ على أنَّ الضرورات لها أحكام لكنَّ تلك الضرورة لايستدل بها من هو معافى، وأيضاً أنَّ ما بعد الوقت من الزمن الملاصق للوقت الإختياري يجوز أن يكون التوسع فيه، ولايدل على إبطال التوقيت إذ أنَّ التوقيت في أيام التشريق بما بعد الزوال مستفادٌ من الأحاديث الصحيحة، ومن ذلك ما ورد عن جابر بن عبد الله في صحيح مسلم قال: ((رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحىً، وأمَّا بعدُ فإذا زالت الشمس)) وفي البخاري، والموطأ، وأبي داود عن وبرة بن عبد الرحمن السُّلمي؛ قال: ((سألت ابن عمر رضي الله عنهما متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى إمامك فارمه، فأعدْتُ عليه المسألة، فقال: كنَّا نتحيَّن، فإذا زالت الشمس رمينا)) أخرجه البخاري، وفي رواية الموطأ عن نافعٍ أنَّ ابن عمر رضي الله عنه قال: ((لاتُرمى الجمار في الأيام الثلاثة حتى تزول الشمس)) وعند الترمذي عن عبد الله بن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس)) قال المحقق لجامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد في ج1/ 328 – 3039 وأقول هذه الأحاديث دالةٌ على التوقيت، وينظم إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عنِّي مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا)) رواه البيهقي في السنن الكبرى، وفي ذلك دلالةٌ واضحةٌ على وجوب التوقيت الذي حدَّده رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله، وقول الصحابي: ((كنَّا نتحيَّن)) دالٌّ على التوقيت، وأنَّه لايجوز الرمي قبل الزوال، فلو كان يجوز الرمي قبل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/142)
الزوال لم يتحينوا، وينتظروا حتى تزول الشمس؛ لأنَّ معنى نتحيَّن أي ننتظر إلى حين تزول الشمس، والله سبحانه وتعالى يقول:) ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (ويقول تعالى:) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم (فهل يجوز بعد هذا لأحدٍ أن يقول أنَّ الرمي ليس مؤقتاً؛ وهو ما دلَّ عليه قول الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عفا الله عنَّا وعنه بأنَّه: " ليس في كتاب الله، ولافي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولٌ صريح في تحديد وقت الرمي بدءاً من الزوال " فهذه الأدلة التي ذكرتها تدل صراحةً على أنَّ الرمي في أيام التشريق موقَّتٌ بما بعد الزوال، ومن خالف عن ذلك فإنَّ قوله هو الذي يجب أن يرد وإن كان من كان فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي خاطبنا الله بطاعته، وأخذ ما جاء به دون غيره، وغاية ما في الأمر أنَّ من قال خلاف هذا القول وهو التوقيت بما بعد الزوال من قال خلاف هذا فإنَّ قوله مرفوضٌ؛ لقول الله سبحانه وتعالى:) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم (قال في المغني في ج5/ 328: " فصلٌ، ولايرمى في أيام التشريق إلاَّ بعد الزوال؛ فإن رمى قبل الزوال أعاد؛ نصَّ عليه أحمد، وروي ذلك عن ابن عمر، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وروي عن الحسن، وعطاء؛ إلاَّ أنَّ إسحاق، وأصحاب الرأي؛ رخصَّوا في الرمي يوم النَّفر قبل الزوال، ولاينفروا إلاَّ بعد الزوال، وعن أحمد مثله " اهـ وأقول: تقدَّم الاستدلال على ذلك بما فيه كفاية؛ نسأل الله أن يعفو عنَّا، وأن يتوب علينا فيما قد يحصل منَّا من المخالفات بتأويلٍ؛ أو تساهلٍ؛ إنَّه جوادٌ كريم.
2 - قول الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حفظه الله: " صحَّ عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنَّه رخَّص للرعاة والسُّقاة برمي جمار اليومين من أيام التشريق متقدماً أو متأخرا، ولم ينههم صلى الله عليه وسلم عن الرمي قبل الزوال، وتأخير البيان عن وقت الحاجة منزَّهٌ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " اهـ وأقول: " روى مالكٌ في الموطأ، والترمذي، وأبو داود، والنسائي عن أبي البدَّاح عاصم بن عربي عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثمَّ يرمون الغد، ومن بعد الغد، ثمَّ يرمون يوم النَّفر؛ قال: مالكٌ تفسير ذلك فيما نُرى، والله أعلم أنَّهم يرمون يوم النحر فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد، وذلك يوم النَّفر الأول يرمون لليوم الذي مضى، ثمَّ يرمون ليومهم ذلك؛ لأنَّه لايقضي أحدٌ شيئاً حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك، فإن بدا لهم في النَّفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النَّفر الآخر ونفروا " أخرجه مالكٌ في الموطأ " وفي رواية الترمذي قال: ((أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثمَّ يجمعون رمي يومين بعد يوم النَّحر فيرمونه في أحدهما)) " قال: " قال مالكٌ: ظننت أنَّه قال في الأول منهما، ثمَّ يرمون يوم النَّفر له، ولأبي داود، والنَّسائي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص للرعاء أن يرموا يوماً، ويدَعوا يوماً، وفي رواية أخرى للنسائي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص للرعاء في البيتوتة يرمون يوم النَّحر واليومين اللذين بعده يجمعونهما في أحدهما " انتهى من جامع الأصول ج3/ 216 باب وقت الرمي؛ وأقول: إنَّ قوله في بعض هذه الروايات فيرمونه في أحدهما لابدَّ أن يكون المتعيِّن أنَّهم يرمون في اليوم الأخير منهما؛ لأنَّ قول مالك: " ذلك لأنَّه لايقضي أحدٌ شيئا حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك؛ فإن بدا لهم في النَّفر، فقد فرغوا .... الخ " وأقول: إنَّ هذا البيان يقضي على الروايات الموهمة للتقديم؛ وهو قوله: " ثمَّ يجمعون رمي يومين بعد يوم النَّحر، فيرمونه في أحدهما " وما جاء في مثل هذه الرواية يوهم التقديم؛ وهو أن يرمي اليومين؛ وهما الحادي عشر، والثاني عشر في أحدهما، وكأنَّه يظهر من قوله: " في أحدهما " أنَّه يجوز أن يرميهما تقديماً أو تأخيراً، فالبيان الذي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/143)
ذكره مالكٌ في الموطأ يقضي على هذا الوهم، ويعيِّن الرمي في أحد اليومين؛ وهو اليوم الثاني؛ فيرمي أولاً الحادي عشر، ثمَّ يرمي بعد ذلك لليوم الثاني عشر، وما يريد أن يتوصل إليه الشيخ عبدالله المنيع من جواز الرمي قبل الزوال فإنَّ ذلك باطلٌ بما بيَّنه مالكٌ رحمه الله، وأنَّه لايقضي أحدٌ شيئاً حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء، والقضاء يحكي الأداء بأن يكون بعد الزوال، فهذا الاستنتاج الذي ذكره الشيخ عفا الله عنَّا وعنه استنتاجٌ باطلٌ أخطأ فيه الشيخ وفقنا الله وإياه، ولكنَّه أي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يذهبوا بعد يوم النَّحر لرعاية الإبل بعيداً عن منى، ويغيبوا اليوم الحادي عشر، ثمَّ يأتوا في اليوم الثاني عشر، فيرمون لليومين مبتدئين باليوم الحادي عشر، فإذا انتهوا منه، رموا لليوم الثاني عشر، ويكون الرمي في وقته، ومن قال بجواز الرمي قبل وقته؛ فعليه الدليل الصحيح الصريح؛ علماً بأنَّ الفقهاء قالوا: أنَّ من قدَّم جمرةً متأخرةً، وأخَّر المتقدمة؛ بطل رمي المتأخرة؛ التي قدَّمها، وعليه أن يعيد، وإذا كان الرمي ليومين، فالترتيب واجبٌ من باب أولى، ولا أطيل بذكر أقوال الفقهاء، فالشيخ عبد الله يعلم ذلك.
3 - ثمَّ قال حفظه الله: " ذكر مجموعة من أهل العلم أنَّ للحاج تأخير رمي جماره إلى آخر يومٍ من أيام التشريق فيرميها مرتبةً على الأيام السابقة " أقول إلى هنا الكلام صحيح.
لكنَّ قوله: " ذكروا من تعليل ذلك أنَّ أيام التشريق مع يوم العيد وقتٌ واحد للرمي، وأنَّ الرمي آخر يومٍ لجميع أيام التشريق رمي أداءٍ لا رمي قضاء، واستدلوا على جواز ذلك بترخيصه صلى الله عليه وسلم للرعاة والسُّقاة بتقديم الرمي أو تأخيره.
ثمَّ قال عفا الله عنَّا وعنه: " ولايخفى أنَّ غالب العبادات لها أوقاتٌ تؤدَّى فيها " أقول: هذا صحيحٌ، ولكن هل يجوز أداء الصلاة قبل دخول وقتها؟ الجواب: أنَّ هذا لايجوز إلاَّ في جمع التقديم في السفر أمَّا ما عدا ذلك فلايجوز فيه تقديم العبادة على وقتها، ولاشكَّ أنَّ رمي الجمار مؤقتٌ بما بعد الزوال في أيام التشريق، فلايجوز تقديمه على وقته، وهذا واضحٌ كما بيَّنَّا أنَّ قرار هيئة كبار العلماء إنَّما كان في آخر الوقت؛ وهو إدخال الليل، وجعله وقتاً للأداء من أجل الضرورة، ولم يقولوا أنَّه يجوزتقديم الرمي لليوم قبل زواله وإنَّما جعلوا التوسعة في آخره، وكذلك الأوقات في الصلوات؛ فإنَّ الوقت الإضطراري يكون في آخر الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم: ((تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا؛ لايذكر الله فيها إلا قليلا)) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج 1/ 443 برقم 1927 ثمَّ قال: " لفظ حديث أبي الربيع رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن الصباح وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 2/ 254 برقم 7453 عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدركها من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها)) فالوقت الإضطراري في أوقات الصلاة إنَّما كان في آخر الأوقات، ولم يكن في أولها فقياسه هنا بقوله: " ولانعلم خلافاً بين أهل العلم في أنَّ الصلاة في وقتها الإضطراري جائزةٌ، وتعتبر أداءً لاقضاءاً " أقول للشيخ لكنَّ الأمر يختلف فيما استدللت عليه وهو الرمي قبل الزوال بينهما فارقٌ عظيم، فالوقت الإضطراري في الصلاة يكون في أواخر الأوقات؛ أمَّا قياسك للرمي قبل الزوال على الوقت الإضطراري في الصلاة فهو قياسٌ مع الفارق؛ لأنَّك أنت تستدل على جواز التقديم قبل الوقت أي قبل دخول وقت الرمي الذي دلَّ عليه قول الصحابي: " كنَّا نتحيَّن " كما سبق بيانه، ولايخفى بطلان هذا الإستدلال؛ علماً بأنَّ كلَّ يومٍ من أيام التشريق الرمي فيه عبادة مستقلة تبدأ من بعد الزوال، وقضاءه في اليوم الثاني يعدُّ قضاءاً، ومن أخَّر الرمي إلى اليوم الثالث عشر لعجزه عن الزحام في اليومين قبله فإنَّه يكون في حقِّه رمي اليومين الحادي عشر والثاني عشر قضاءاً، ورمي الثالث عشر أداءً، ولاشكَّ أنَّه إن أخَّر ذلك مع القدرة عليه يعدُّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/144)
ملوماً، وعلى هذا فلايجوز الإستدلال بهذا على الرمي قبل دخول وقته.
4 - قول الشيخ عبد الله المنيع حفظه الله: " الترخيص للرعاة والسُّقاة في تقديم رميهم أو تأخيره مبعثه رفع الحرج، ودفع المشقة، والأخذ بالتيسير ... الخ " وأقول ما ذكره الشيخ عفا الله عنَّا وعنه من أنَّ مبعث الترخيص للرعاة والسقاة هو دفعٌ للحرج والمشقة؛ فهذا صحيح؛ لكن كونه أذن لهم في تقديم رمي يومٍ قبل أن يجب؛ هذا القول غير صحيح كما قد بيَّنَّا ذلك فيما سبق، وعلى هذا فالترخيص تيسيرٌ لكنَّه مبنيٌّ على أنَّه لايرمي ذلك اليوم إلاَّ بعد الزوال؛ أمَّا قبل الزوال فقد بيَّنَّا أنَّه لايجوز لقول ابن عمر: ((كنَّا نتحيَّن، فإذا زالت الشمس رمينا)) وقول ابن عمر في رواية الموطأ عن نافعٍ أنَّ ابن عمر رضي الله عنه قال: ((لاتُرمى الجمار في الأيام الثلاثة حتى تزول الشمس)) وقول عبد الله بن عباس في رواية الترمذي: ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس)) هذه الأدلة الواضحة تدل على أنَّ رمي كلَّ يومٍ لايجوز قبل زواله؛ سواءً كان لليوم الحادي عشر أو الثاني عشر أو الثالث عشر، فبطل استدلال الشيخ عبد الله المنيع هدانا الله وإياه على جواز التقديم قبل الزوال.
5 - قوله: " الخلاف في حكم الرمي في الليل أقوى من الخلاف في الحكم قبل الزوال " اعترافٌ من الشيخ عبد الله بأنَّ الخلاف في ابتداء وقت الرمي للضرورة، وإن كان ضعيفاً؛ لكنَّه أقوى من الخلاف في الرمي قبل الزوال؛ ولذلك صدر من هيئة كبار العلماء بجواز الرمي في الليل إلى طلوع الفجر، وذلك لرفع الحرج، ودفع المشقة، والأخذ بالتيسير.
وقوله: " مع أنَّ القول بعدم جواز الرمي في الليل قول جمهور أهل العلم؛ ولكنَّ الفتوى تتغيَّر بتغيُّر الأحوال والظروف " وأقول إنَّ الفتوى لاتتغيَّر بتغيُّر الأحوال والظروف إلاَّ إذا كان لها ما يسندها، فقول هيئة كبار العلماء بجواز الرمي إلى طلوع الفجر أملته الضرورة، ولاتمل الضرورة جواز الرمي قبل مجيء وقته؛ بل كلُّ أمور الدنيا تكون خاضعةً للدين، فمن قال: أنَّه على عجل لأنَّ حجزه في مساء اليوم الثاني عشر؛ نقول له يجب أن يتأخر حجزك، وإذا لم يمكنك الرمي في هذا اليوم، فلابدَّ أن تبقى هذه الليلة لتعود إلى بلدك بحجٍّ صحيحٍ وأنت قد أنفقت الأموال، وتجشمت المصاعب، فإنَّه يجب عليك أن تخضع الظروف الدنيوية للدين، ولايجوز لك أن تخلَّ بالدين بأن ترمي قبل الزوال من أجل الأمور الدنيوية.
6 - قال الشيخ عبد الله المنيع: " لانظنُّ وجود منازعٍ ينازع في أنَّ رمي الجمار، وفي عصرنا الحاضر فيه من المشقة، وتعريض النَّفس للهلاك ما الله به عليم، ولايخفى أنَّ الإضطرار يبيح للمسلم تناول المحرم، ودفع هلاك النَّفس غير باغٍ ولاعاد، فالإحتجاج على الجواز بالاضطرار متَّجهٌ؛ بل أنَّ الحاجة الملحة قد تكون سبباً لجواز الممنوع " اهـ؛ وأقول: يا شيخ لقد عالجت هيئة كبار العلماء هذه الضرورة بتمديد وقت الرمي إلى طلوع الفجر من اليوم الثالث عشر، وهذا علاجٌ حاسمٌ، ولم يبق إلاَّ الاستعجال لبعض الناس، ومن العلاج ما عملته الدولة السعودية حفظها الله وأيَّدها من توسعة المرمى، وتهيئته ليكون فيه التسهيل على الحجاج، فلاداعي أن نبيح الرمي قبل الزوال، فما قبل الزوال ليس وقتاً للرمي كمَّا بيَّنَّا بالأدلة على ذلك من أقوال الصحابة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والإقتداء، ولايجوز أن نشرع شيئاً لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
7 - قال الشيخ عفا الله عنَّا وعنه: " جاء عن الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله رواية من الشيخ عبد الله بن عقيل في كتابه الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة في معرض تعليق الشيخ عبد الرحمن بن سعدي على رسالة الشيخ عبد الله بن محمود رحمه الله في حكم جواز الرمي قبل الزوال قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ما نصُّه: ويمكن الإستدلال عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سأل عن التقديم والتأخير كأنَّه جوابٌ لمن سأل عن التقديم والتأخير: افعل ولاحرج، وأحسن من هذا الإستدلال بحديث ابن عباس المذكور حيث قال له رجلٌ: رميت بعد ما أمسيت؟ قال: افعل ولاحرج ... إلى آخر ما ذكر ".
وأقول: أولاً: أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا إنَّما كان جواباً على أسئلة قومٍ قد حصلت منهم المخالفات جهلاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((افعل ولاحرج)) وهذا غاية ما يكون فيه دليلٌ على إسقاط الإثم عن الجاهل؛ إذا فعل ما فعل يحسب أنَّ ذلك جائزٌ، ولم يكن كذلك، فلاينطبق عليه، ولايؤخذ منه القول بجواز الرمي قبل دخول وقته أي قبل الزوال.
ثانياً: سبق أن قرَّرنا أنَّ الوقت الإضطراري يكون في آخر الأوقات؛ أمَّا الإستدلال به على تقديم الرمي قبل وقته؛ فهو استدلالٌ غير صحيح.
ثالثاً: أنَّ في قول الصحابي عبد الله بن عمر: ((كنَّا نتحيَّن حتى إذا زالت الشمس رمينا)) إخبارٌ منه بأنَّ ذلك كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولايفعلون ذلك إلاَّ بأمره.
رابعاً: أنَّه لاحجة في أحدٍ غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن مع احترامنا للشيخ السعدي رحمه الله، والاعتراف بعلمه، وجلالته، وفضله إلاَّ أنَّا نرى أنَّ الرمي قبل الزوال غير صحيح؛ لأنَّه قبل دخول وقته فيكون كمن صلَّى الصلاة قبل دخول وقتها.
خامساً: أنَّ العلاج قد حصل من هيئة كبا ر العلماء بتمديد وقت الرمي في الليل كله.
سادساً: ومن العلاج ما عملته الدولة السعودية من التوسعة في المرمى الذي يخفف الزحام، ويسهل الرمي، وبالله التوفيق.
وهذا ما رأيت أنَّه يجب بيانه وتوضيحه لمن يخفى عليه هذا الأمر لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها من شاء من عباده، وأسأل الله أن يصلح أحوالنا، وأن يرزقنا المتابعة لما جاء به نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه.
كتبها
أحمد بن يحيى بن محمد النَّجمي
5/ 12 / 1426 هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/145)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خير الجزاء وجعل جنات النعيم مقرك وسكناك.
وحفظ الله أحمد بن يحيى بن محمد النَّجمي وسدد خطاه، وجزاه عنا خير الجزاء.
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 02:40 م]ـ
المسألة خلافيه بين اهل العلم والتيسير مهم على الامة وخاصة مع كثرة الناس ارايت كيف رمى الصحابه عن النساء في حجة الوداع على الرغم من ان عدد الحجاج لم يتجاوز ال 100.000الف حاج ومع ذلك لم يمنعوا من ذلك فكيف في زماننا هذا وقد تجاوز العدد 3ملايين حاج والوقت غير كاف للرمي وحجوزات الطيران محدده والمبيت يكلف الحاج المسكين الكثير من المال الاضافي
فاين التيسير هداكم الله تعالى وايات التيسير ورفع الحرج تعرفونها دون ذكرها لكم والله ولي التوفيق
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 11 - 07, 03:02 م]ـ
الأخ أبو محمد وفقه الله .. لعلك تجد جواب سؤلك هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26408
ـ[أبو عبد الرحمن العكرمي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 04:30 م]ـ
الأخ أبو محمد الطائفي
مادام الأمر مختلف فيه كما زعمت و لا إشكال في إختلفت فيه أنظار العلماء
فعلاما تحمالك و كأن الشيخ أحمد حفظه الله يريد أن يشدد على الناس
فالشيخ أحمد علم على السنة في جنوب المملكة
فحسبكم هذا التفاوت بيننا /// و كل إناءٍ بالذي فيه ينضح
ـ[أبوالشيماء]ــــــــ[14 - 12 - 07, 11:06 م]ـ
(ارايت كيف رمى الصحابه عن النساء في حجة الوداع)؟!؟
راجع هذه المعلومة!!!
ـ[أبو الأشبال الأثري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 11:14 م]ـ
الحق لا يتعدد .. فالقول إما صواب وإما خطأ ..
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[17 - 12 - 07, 12:35 ص]ـ
الحمد لله وكفى , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى وبعد:
ممكا لا خلاف في هذه المسألة أن الرمي أيام التشريق بعد الزوال هو السنة وهو المجمع عليه بين أهل العلم
ويبقى الرمي قبل الزوال محل خلافٍ بين أهل العلم ولا يزال إلى يومنا , ومحل اجتهادٍ بين العلماء , ومَنْ أخذ به فله سلف فيه ولا تثريب عليه , ولو تأمنا قول اين عمر - رضي الله عنه - لكفانا وهو (عن وبرة قال: سألت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ متى أرمي الجمار؟ قال: ((إذا رمى إمامك فارمه))، فأعدت عليه المسألة؟ قال:
((كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا)). أخرجه البخاري وغيره , فيظر من هذا الأثر أن وقت الرمي فيه سعة؛ ولذلك أمره بمتابعة إمام المسلمين متى ما رمى فيرمي, ثم بين ابن عمر أن السنة هي الرمي بعد الزوال.
ويا إخواني المسألة ستبقى محل اجتهاد بين العلماء فلا يشنع بعضنا على بعضٍ فيما ظهر له رجحانه من الأقوال , والله أعلم.(87/146)
ما حكم قراءة الإمام لآية من آيات (سجود التلاوة) عامداً
ـ[كاتب]ــــــــ[07 - 11 - 07, 05:31 م]ـ
السلام عليكم ...
ما حكم قراءة الإمام لآية من آيات (سجود التلاوة) عامداً في الصلاة الجهرية!.
وليست الآية المقروءة آتية بترتيب الإمام في قراءة الآيات، بل قرأ في الركعة الأولى آيات من سورة أخرى!
ـ[أبو ابراهيم العتيبي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 12:50 ص]ـ
أخي كاتب حفظك الله وما الإشكال في ذلك؟
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 07:28 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد ..
فالأصل قوله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (المزمل: من الآية20)
فطالما أنه لم يخالف فلا مانع، خاصة لو قصد حكمة شرعية كتعليم أو غيره. والله أعلم
ـ[كاتب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 03:28 م]ـ
السلام عليكم ..
وجزاكما الله بخير الجزاء في الدنيا ن وجميل الثواب في الآخرة ..
وقد سألت السؤال بعدما أخبرني أخ فاضل بأن تعمُّد الإمام قراءة آية سجدة في الصلاة يبطلها ..
ولم أجد مستندا لذلك، ووجدت فقط كراهية (الحنفية) لهذا الصنيع ...
وهذا قد يبلبل الناس خاصة إذا كان بعض المصلين (النساء مثلا) في مكان لا يرون الإمام منه، فلا يتابعونه في السجود.والله أعلم.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[09 - 11 - 07, 06:29 ص]ـ
العلم نقطة كثرها الجاهلون
انصح من أخبرك بهذا ألا يقول في دين الله ما لا يعلمه فهو من العظائم
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[09 - 11 - 07, 08:58 ص]ـ
قال الإمام مالك: لا أحب للإمام أن يقرأ في الفريضة بسورة فيها سجدة لأنه يخلط على الناس صلاتهم. قال: وسألنا مالكا عن الإمام يقرأ السورة في صلاة الصبح فيها سجدة؟ فكره ذلك. وقال: أكره للإمام أن يتعمد سورة فيها سجدة فيقرأها لأنه يخلط على الناس صلاتهم فإذا قرأ سورة فيها سجدة سجدها. اهـ المدونة (1/ 200)
وروى ابن وهب عن مالك: أنه لا بأس أن يقرأ الإمام بسورة فيها سجدة في المكتوبة ويسجد.
قال يحيى بن عمر: وهو أحب إلي. اهـ الكافي لابن عبد البر (1/ 262)
قلت: و الذي تلقناه عن المشايخ الكراهة.
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 11:57 ص]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد ...
قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى: "حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى"
وفي سنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِ الم تَنْزِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا".
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَفِيهِ دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب قِرَاءَة هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصَّلَاة مِنْ هَذَا الْيَوْم لِمَا تُشْعِر الصِّيغَة بِهِ مِنْ مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ إِكْثَاره مِنْهُ، بَلْ وَرَدَ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود التَّصْرِيح بِمُدَاوَمَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَلَفْظه " يُدِيم ذَلِكَ " وَأَصْله فِي اِبْن مَاجَهْ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة وَرِجَاله ثِقَات، لَكِنْ صَوَّبَ أَبُو حَاتِم إِرْسَاله. وَكَأَنَّ اِبْن دَقِيق الْعِيد لَمْ يَقِف عَلَيْهِ فَقَالَ فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث الْبَاب: لَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يَقْتَضِي فِعْل ذَلِكَ دَائِمًا اِقْتِضَاء قَوِيًّا، وَهُوَ كَمَا قَالَ بِالنِّسْبَةِ لِحَدِيثِ الْبَاب، فَإِنَّ الصِّيغَة لَيْسَتْ نَصًّا فِي الْمُدَاوَمَة لَكِنَّ الزِّيَادَة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا نَصّ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ أَشَارَ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ فِي رِجَال الْبُخَارِيّ إِلَى الطَّعْن فِي سَعْد بْن إِبْرَاهِيم لِرِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/147)
، وَأَنَّ مَالِكًا اِمْتَنَعَ مِنْ الرِّوَايَة عَنْهُ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّ النَّاس تَرَكُوا الْعَمَل بِهِ لَا سِيَّمَا أَهْل الْمَدِينَة ا هـ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ سَعْدًا لَمْ يَنْفَرِد بِهِ مُطْلَقًا، فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ مِثْله، وَكَذَا اِبْن مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود، وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط مِنْ حَدِيث عَلِيّ. وَأَمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ النَّاس تَرَكُوا الْعَمَل بِهِ فَبَاطِلَة، لِأَنَّ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قَدْ قَالُوا بِهِ كَمَا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِرِ وَغَيْره، حَتَّى إِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَالِد سَعْد وَهُوَ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة أَنَّهُ أَمَّ النَّاس بِالْمَدِينَةِ بِهِمَا فِي الْفَجْر يَوْم الْجُمُعَة، أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَكَلَام اِبْن الْعَرَبِيّ يُشْعِر بِأَنَّ تَرْك ذَلِكَ أَمْر طَرَأَ عَلَى أَهْل الْمَدِينَة لِأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ أَمْر لَمْ يُعْلَم بِالْمَدِينَةِ، فَاَللَّه أَعْلَم بِمَنْ قَطَعَهُ كَمَا قَطَعَ غَيْره ا هـ. وَأَمَّا اِمْتِنَاع مَالِك مِنْ الرِّوَايَة عَنْ سَعْد فَلَيْسَ لِأَجْلِ هَذَا الْحَدِيث، بَلْ لِكَوْنِهِ طَعَنَ فِي نَسَب مَالِك، كَذَا حَكَاهُ اِبْن الْبَرْقِيّ عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين، وَحَكَى أَبُو حَاتِم عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ قَالَ: كَانَ سَعْد بْن إِبْرَاهِيم لَا يُحَدِّث بِالْمَدِينَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُب عَنْهُ أَهْلهَا. وَقَالَ السَّاجِيُّ: أَجْمَع أَهْل الْعِلْم عَلَى صِدْقه. وَقَدْ رَوَى مَالِك عَنْ عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس عَنْ شُعْبَة عَنْهُ، فَصَحَّ أَنَّهُ حُجَّة بِاتِّفَاقِهِمْ. قَالَ: وَمَالِك إِنَّمَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ لِمَعْنًى مَعْرُوف، فَأَمَّا أَنْ يَكُون تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا أَحْفَظ ذَلِكَ ا هـ"
قال ابن حجر رحمه الله: "وَقَدْ اِخْتَلَفَ تَعْلِيل الْمَالِكِيَّة بِكَرَاهَةِ قِرَاءَة السَّجْدَة فِي الصَّلَاة، فَقِيلَ لِكَوْنِهَا تَشْتَمِل عَلَى زِيَادَة سُجُود فِي الْفَرْض، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهُوَ تَعْلِيل فَاسِد بِشَهَادَةِ هَذَا الْحَدِيث. وَقِيلَ لِخَشْيَةِ التَّخْلِيط عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ بَعْضهمْ بَيْن الْجَهْرِيَّة وَالسَّرِيَّة لِأَنَّ الْجَهْرِيَّة يُؤْمَن مَعَهَا التَّخْلِيطُ، لَكِنْ صَحَّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَة فِيهَا سَجْدَة فِي صَلَاة الظُّهْر فَسَجَدَ بِهِمْ فِيهَا، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِم، فَبَطَلَتْ التَّفْرِقَة. وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ الْكَرَاهَة بِخَشْيَةِ اِعْتِقَاد الْعَوَامّ أَنَّهَا فَرْض، قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: أَمَّا الْقَوْل بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا فَيَأْبَاهُ الْحَدِيث، لَكِنْ إِذَا اِنْتَهَى الْحَال إِلَى وُقُوع هَذِهِ الْمَفْسَدَة فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَك أَحْيَانًا لِتَنْدَفِع، فَإِنَّ الْمُسْتَحَبّ قَدْ يُتْرَك لِدَفْعِ الْمَفْسَدَة الْمُتَوَقَّعَة، وَهُوَ يَحْصُل بِالتَّرْكِ فِي بَعْض الْأَوْقَات ا هـ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ اِبْن الْعَرَبِيّ بِقَوْلِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَل ذَلِكَ فِي الْأَغْلَب لِلْقُدْرَةِ، وَيُقْطَع أَحْيَانًا لِئَلَّا تَظُنّهُ الْعَامَّة سُنَّة ا هـ. وَهَذَا عَلَى قَاعِدَتهمْ فِي التَّفْرِقَة بَيْن السُّنَّة وَالْمُسْتَحَبّ ".
ـ[أبو الحارث الحنبلي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 12:38 ص]ـ
.......(87/148)
من قال بالتفرقة بين صيام النفل المعين والمطلق في تبييت النية
ـ[أبو عمر الطائي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 07:46 م]ـ
هذا إشكال أرسله لي أحد الأخوة الأعزاء علي وطلب مني أن أكتبه هنا وهو قد بحث المسألة وحسب علمه وبحثه أنه لم يقل بها أحد غير الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله.
وصورة المسألة:
من قال بالتفرقة بين صيام النفل المعين مثل صيام الست من شوال والخميس ونحوه والمطلق في تبييت النية؟
فالعثيين يفرق بينهما فالنفل المعين عنده لابد من تبييت النية من الليل
والمطلق لايلزم ذلك فيصح من النهار كما في الحديث المشهور (إذن أنا صائم)
..(87/149)
من قال بالتفرقة بين صيام النفل المعين والمطلق في تبييت النية
ـ[أبو عمر الطائي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 07:47 م]ـ
هذا إشكال أرسله لي أحد الأخوة الأعزاء علي وطلب مني أن أكتبه هنا وهو قد بحث المسألة وحسب علمه وبحثه أنه لم يقل بها أحد غير الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله.
وصورة المسألة:
من قال بالتفرقة بين صيام النفل المعين مثل صيام الست من شوال والخميس ونحوه والمطلق في تبييت النية؟
فالعثيين يفرق بينهما فالنفل المعين عنده لابد من تبييت النية من الليل
والمطلق لايلزم ذلك فيصح من النهار كما في الحديث المشهور (إذن أنا صائم)
..
ـ[حازم أبوعمر]ــــــــ[09 - 11 - 07, 12:25 م]ـ
الشيخ العثيمين لا يرى تبييت النية شرطا لصحة النفل المعين بل هو يرى - كما هو قول جمهور العلماء - أن النفل المطلق والمعين يصح بنية من النهار ولكن هل يصح أن يقال أن من نوى صيام يوم من الست من شوال بنية أثناء النهار أنه صام الست وهو في الحقيقة إنما صام من حين النية فصيامه صحيح ولكنه لم يصم ستا - كاملة - من شوال
هذه هي المسألة عند الشيخ وغيره وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة الذين يصححون صيام النفل بنية من النهار خلافا للمالكية
وهذه أقوالهم في المقدا ر الذي يثاب عليه من نوى الصيام من النهار:
قال الشافعي: يثاب من حين النية نقله عنه النووي في المجموع
وقال في الإنصاف: الثواب من وقت النية على الصحيح من المذهب
اما الأحناف فقال في الهداية:يثاب الناوي نهارا على اليوم كله
فالشيخ العثيمين لم يتفرد بشئ بل هذا هو مذهب الشافعية والحنابلة
والأحناف يرون أن النية في جزء من النهار تنعطف على سائر اليوم ويثاب على اليوم كله بوالتالي من نوى صيام يوم من الستة من شوال أثناء النهار عندهم أثيب على اليوم كله ويقال أنه صام يوما من الست.
أما المالكية فلا يصح عندهم نية صيام النفل من النهار أصلا بل لابد من تبييت النية من الليل
والله أعلم(87/150)
متى تكون الهجرة واجبة من الوطن
ـ[الشعفاطي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 09:53 م]ـ
السلام عليكم
عندي سؤال عن حكم الهجرة من أرض فلسطين التي تخضع مباشرة لحكم اليهود
هل المكوث شرعي عندهم خصوصا في منطقتي 48 و 67
وهل يدخل هذا في حديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: أنا بريء ممن يقيم بين ظهراني المشركين " ولقد رأيت عندنا في فلسطين من يغالي في هذا الموضوع ويحرم الهجرة مطلقا
وكما هو معلوم فقد هاجر ابن قدامة المقدسي منها الى دمشق ابان الغزو الصليبي
كما ان ابن العربي المالكي قد أفتى بالهجرة في ذلك الوقت وسمعت ان الشيخ الالباني قد أفتى بذلك
أفيدونا مأجورين
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[07 - 11 - 07, 09:57 م]ـ
متى تكون الهجرة واجبة؟
المجيب سلمان العودة
المشرف العام
التصنيف فقه الأقليات
التاريخ 14/ 7/1422
السؤال
ما حكم الهجرة من هذه البلاد، ومتى تكون الهجرة واجبة؟ وللعلم هي دول ظاهرياً تعتنق الإسلام.
الجواب
أما عن الهجرة من هذه البلاد، فيحتاج إلى تحديد ما هي البلاد التي تطلب الهجرة عنها؟ إن كانت دولاً كافرة كدول الغرب، وللمسلم موطن يؤوب إليه، وإنما ذهب إلى هناك مؤقتاًُ، ثم طال مكثه فنرى الهجرة لمن خاف على دينه، وذريته، وأهله، ووجد موطناً يؤويه. أما إن كان السؤال عن بلاد إسلامية، كما هو ظاهر السؤال، فإلى أين يهاجر الإنسان إذاً؟ ولمن يترك بلاد الإسلام والمسلمين؟ هل يتركها للعلمانيين وعباد الشهوات؟ إن تفريغ البلاد الإسلامية من طلبة العلم والدعاة والجادين بحجة الهجرة إلى هذا البلد أو ذاك؛ لأنه أكثر التزاماً، أو لأن حكومته تعلن تطبيق الشريعة، أو لأنه أرض جهاد، لهو من الخطأ المبين. نعم يجب أن ينفر من المؤمنين طوائف تجوب البلاد للدعوة والتبشير والإصلاح، وأن ينبري من المؤمنين فئام تقوم بحق الجهاد والدفاع عن الحرمات، لكن هذا شيء، ومبدأ الهجرة شيء آخر؛ لأنه يقوم على الانتقال الكلي والاستقرار في البلد الجديد، ولا يهدف إلى نشر الدعوة وترويجها بقدر ما يستهدف تعزيز الوطن الجديد.إن بقاء المسلمين، خصوصاً الفاعلين المؤثرين خير كثير، ونفع عظيم حتى حين يكونون في الولايات المتحدة، أو أوروبا، أو استراليا، فهم يأمنون غالباً على دينهم من الإكراه - بحمد الله -، ويقومون بواجباتهم، ويتواصلون فيما بينهم، ويناصرون إخوانهم في شتى بلاد الله، مع فسحة في العيش والرزق قد لا تتوافر لهم في غيرها. وهذا نفع لا يستهان به، وإن كان لا يجب أن ينسينا المعاناة التي يلاقونها هناك والتي تحتاج إلى البحث عن حلول جادة.وليس هذا مبيحاً للمسلم أن يساكن هؤلاء القوم إلا أن يكون عن ضرورة لا مدفع لها، أو حاجة ماسّة للأرض، أو للرزق، أو لغيرهما، أو أن تكون الإقامة لغرض دعوي، أو علمي، أو خيري، أو تكون إقامة مؤقتة بسبب تنتهي بانتهائه.
متى تكون الهجرة واجبة؟ ( http://www.islamtoday.net/pen/show_question_*******.cfm?id=3809)
ـ[الشعفاطي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 03:13 م]ـ
جزيت خيرا
لكن أقول للشيخ المحترم حقائق قد غابت عنه عندنا في بيت المقدس
يا أخي هنا يعتمد بناء المستوطنات اليهودية على المسلمين في جميع مراحل البناء فهم يوفرون جيش من البنائين والحرفيين وغيرهم
هل للمسلم أن يتذرع بحجة طلب الرزق عندما يعمل عند هؤلاء في الوقت الذي لا يسمح لنا ببناء غرفة الا بعد مسلسل مرير ومبالغ باهظة قد لا تصدقها
بل وصل الامر ان شركات الاسمنت العربية تساهم هي أيضا في ذلك
هذا غيض من فيض
هل الاقتصار على العمل في بعض الحرف جائز دون غيرها
وما حكم المشاركة في بناء المستوطنات من بناء وتوابعه مثل الكهرباء و التمديدات الصحية و التجهيزات الاخرى
هل نقول واقع لا بد من التعامل معه؟ أم هناك حل اخر
اسف للاطالة(87/151)
هل تحيض المرأة التي قد أزالت الرَّحم؟؟؟
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 10:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو السؤال. فقد سألت امرأة- قد أزالت الرحم من قديم - أنه قد نزل منها دم في أول رمضان وفي آخره , وكان لونه كالتراب. مع العلم أنها لا تأتيها الدورة الشهرية من قديم.
فهل هذا دم نزيف؟؟
وجزيتم خيرا
ـ[علي ياسين جاسم المحيمد]ــــــــ[07 - 11 - 07, 11:39 م]ـ
الأخ الكريم أبا ريان الله أعلم بالجواب ولست مفتيا لكن الذي نص عليه الفقهاء أن دم الحيض يخرج من قعر الرحم وهذا مشهور في كتب الفقه المذهبية والمقارنة والمشهور أن دم الاستحاضة يخرج من عرق يسمى العاذل في أسفل الرحم والحالة التي ذكرت أقرب ما تشبه به الاستحاضة لأنه قد لا يُستأصل مع الرحم حين استأصاله لكن لا بد من تدخل الأطباء في الإجابة عن الجانب الطبي في هذه المسألة وننتظر أجوبة شيوخنا الكرام في هذا الملتقى المبارك.
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[07 - 11 - 07, 11:48 م]ـ
أقول كما قال الشيخ علي ياسين , ولعل ما نزل معها نتيجة إصابة بالتهاب في الموضع أو غيره ... والله أعلم
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[08 - 11 - 07, 04:33 م]ـ
ثبت شرعا أن ليس كل دم يخرج من المرأة هو حيض ... فمثلا دم الأستحاضة ليس بحيض ولا يستلزم احكام الحيض الشرعية، (حديث فاطمة ابنة حبيش-متفق عليه) لأنه يستحيل أن يتكون الحيض خارج الرحم، والله أعلم ... ففي الحالة التي ذكرت لا تنقطع المرأة عن الصلاة ولا عن الصوم ....
والله أعلم
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:36 م]ـ
جزاكم الله جميعا كل خير
ـ[أبومهدي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:48 ص]ـ
من وجهة النظر الطبية؛ فدم الحيض هو الدم الذي ينزل من فرج المرأة مع الطبقة السطحية من بطانة الرحم خلال دورتها الشهرية المعروفة، فإذا أزالت المرأة الرحم، فلا يمكن لها أن تحيض.
و لكن نزول الدم من الفرج قد يكون له مصادر أخرى غير الرحم. فمثلاً لو كانت المرأة حديثة عهد باستئصال الرحم فقد يكون هذا النزيف من مواضع الجروح و الخياطات التي تمت في الجراحة، أو يكون بسبب بعض الإلتهابات التي حدثت لهذه الجروح. و قد يكون النزيف من المهبل (عند حدوث إلتهابات أو عدوى مهبلية مثلاً) أو من الفرج نفسه، و قد يكون النزيف بسبب بعض أمراض الدم التي يمكن تشخيصها بإجراء بعض التحاليل.
و يجب على هذه السيدة أن تلجأ للفحص الطبي من أجل تحديد مصدر هذا النزيف و التعامل معه بالشكل الأمثل. و يجب عليها ألا تتأخر أو تتكاسل، فنزول الدم بعد إستئصال الرحم قد يكون بسبب بعض الأمراض التي لا يمكن تداركها إلا إذا تم تشخيصها مبكراً. و الله هو الشافي، و هو أعلى و أعلم.
ـ[أبو ريان الزعبي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 10:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي أبا مهدي , وإن شاء الله سأوصل نصيحتكم(87/152)
حمل المرأة بعد الولادة وقبل أن ترى الحيض
ـ[سل بابكر]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:34 ص]ـ
هل يكن للمرأة أن تحمل بعد الولادة بسنة أو أكثرقبل أن تحيض ولو مرة واحدة؟
أفيدونا مأجورين!!!
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 11:28 ص]ـ
نعم يمكن هذا سيَّما إن كانت تعاني من مشاكل صحية تحبس دمَ العادة عن النزول ولذا فإن من النساء من تحيض في العام مرةً ومنهنَّ من تزيد على ذلك.
ـ[سل بابكر]ــــــــ[09 - 11 - 07, 01:20 ص]ـ
شكرا يا أبا زيد!!!
لقد رأيت جوابكم, إلا أنني بحاجة ماسة إلى مزيد من البيان مع ذكر مراجع يمكن الرجوع إليها عند الحاجة
وجزاكم الله خيرا(87/153)
ما حكم اخذ المال علي الاذان وتحفيظ القرآن والاعمال الشرعيه؟؟؟
ـ[معمر الشرقي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله
اخواني بارك الله فيكم اريد بحثا في هذا الموضوع
ما حكم اخذ المال علي الاذان وتحفيظ القرآن والاعمال الشرعيه؟؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:31 م]ـ
السؤال 189: هل يجوز أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن بمراكز التحفيظ للأطفال؟
الجواب: أما مقابل التفرغ فلا حرج، فالمتأخرون من الفقهاء يجوزون للأئمة والمؤذنين أن يأخذوا رواتب على إمامتهم وأذانهم، ولمعلمي القرآن والشريعة، مقابل التفرغ، لا مقابل الصلاة والآذان، والتعليم فالإمام لا يقول: إذا لم أعطى مالاً لا أصلي، فهذا والعياذ بالله يكون من أسوأ خلق الله وآخر يقول: لولا المال ما أدرس القرآن، وهذا يحرمه الأجر والثواب، و النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {خيركم من تعلم القرآن وعلمه}، فمقابل حبس الوقت والتفرغ لا حرج، والتورع حسن، لا سيما فيما وجد عنده غنى، والله أعلم
الشيخ مشهور حسن http://almenhaj.net/makal.php?linkid=611
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:34 م]ـ
أخذ الأجرة للمؤذن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8478&highlight=%C7%E1%C3%CC%D1%C9)
ـ[معمر الشرقي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 08:32 م]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[09 - 11 - 07, 11:00 م]ـ
بارك الله فيك(87/154)
قرارات المجمع الفقهي في دورته التاسعة عشرة
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:12 م]ـ
في موقع الفقه الإسلامي www.islamfeqh.com (http://www.islamfeqh.com)
يمكنك قراءة قرارات المجمع الفقهي في دورته التاسعة عشرة والتي انتهت فعالياتها هذا اليوم الخميس 28/ 10/1428هـ
معاً في خدمة الفقه والفقهاء
#############################3
بلغ عدد أعضاء رابطة أهل الفقه 180 عضواً يمكنك التسجيل في العضوية من خلال موقع الفقه الإسلامي
ـ[أبو أبي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 09:08 م]ـ
الله يجعلك مفتاحا للخير مغلاقا ومدافعا للشر
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[09 - 11 - 07, 06:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخنا الكريم على السبق الإعلامي المتميز في نشر الخير والعلم
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:53 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
نحن بحاجة إلى إعلام فقهي متميز ولعل موقع الفقه الإسلامي يسعى لسد هذه الثغرة.
ـ[حازم أبوعمر]ــــــــ[09 - 11 - 07, 12:48 م]ـ
الله يبارك فيك يا شيخ والله كنت جالس أدور على القرارات
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[09 - 11 - 07, 04:28 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم.
الموقع يا شيخ خالد لا يقبل التعليق، فهل ثمة مشكلة؟
ـ[د بندر الدعجاني]ــــــــ[10 - 11 - 07, 10:24 م]ـ
جزاك الله خيراً يا د. خالد , وزادك الله علماً وفقهاً
ـ[ mhamed] ــــــــ[12 - 11 - 07, 07:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[12 - 11 - 07, 07:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو سعد]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:58 م]ـ
وفقك الله و يسر لك أمرك
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 12:39 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[العوضي]ــــــــ[01 - 12 - 07, 02:00 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[عبدالرحمن المسيرى]ــــــــ[01 - 12 - 07, 05:35 م]ـ
وفق الله أهل الفقه فى زمن قل فيه الفقهاء
ـ[أبو عبد الرحمن المصري]ــــــــ[05 - 05 - 09, 02:17 ص]ـ
وهذه قرارات الدورة الأخيرة للمجمع في دورته التاسعة عشر من 1ــــ 5/ 5 /1430هـ بصيغة الشاملة تجدونها في المرفقات. جمعتها من المشاركة الموجودة على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=171859
وأبحاث المؤتمر على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=172270
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[07 - 05 - 09, 06:36 م]ـ
بارك الله في جهودكم يا شيخ خالد.
هل المجمع أصدر قراراً بشأن: العنف في نطاق الأسرة؟
لأني بحثتُ ولم أجد ذلك.
ـ[مثنى النعيمي]ــــــــ[07 - 05 - 09, 09:44 م]ـ
استاذي الفاضل د. خالد الدعيجي ....
لا املك ان اقول لك الا جزاك الله خيراً ... و نفع بعلمك و زادك علماً(87/155)
بحوث ندوة التداوي بالمستجدات الطبية وأثرها على الصيام
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:24 م]ـ
يمكنك تحميل بحوث ندوة التداوي بالمستجدات الطبية وأثرها على الصيام
وهي الندوة الأولى التي أقامها موقع الفقه الإسلامي
www.islamfeqh.com (http://www.islamfeqh.com)
###############
يمكنك الاطلاع على النتاج الفقهي لأعضاء رابطة أهل الفقه في موقع الفقه الإسلامي
ـ[المسيطير]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:29 م]ـ
أهلا وسهلا ومرحبا
بالشيخ الكريم ابن الكرام الدكتور /
خالد الدعيجي
سرنا - والله - مشاركتك معنا في ملتقى أهل الحديث.
أسأل الله تعالى أن يبارك لك في علمك، وعملك، وعمرك، ووقتك، وأهلك، وذريتك، ومالك،
وأن يرزقك من خيري الدنيا والآخرة من حيث لا تحتسب.
ـ[عبد الله بن عثمان]ــــــــ[08 - 11 - 07, 11:28 م]ـ
وهذه نقل مني لنتائج اول ندوة اقامها الموقع:التداوي بالمستجدات الطبية وأثرها على الصيام
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=113603
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:50 ص]ـ
أخي المسيطير
أشكرك على مشاعرك، وما نحن هنا إلا في خدمة الفقه
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:51 ص]ـ
أخي عبد الله بن عثمان
أكثر الله من أمثالك، وبارك الله في جهودك في خدمة الفقه والفقهاء(87/156)
إلى كل طالب علم ... هل لدى أحدكم نسخة مصورة pdf للمغني لابن قدامة
ـ[محمد السيد الخطيب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:53 م]ـ
السلام عليكم
إلى كل طالب علم ... هل لدى أحدكم نسخة مصورة pdf للمغني لابن قدامة، من كانت لديه فليوافنا بها، ونسأل الله له الأجر والمثوبة والحور العين في الجنة
ـ[محمد السيد الخطيب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:54 م]ـ
وجدت على موقع المكتبة الوقفية نسخة للمغني على هذا الرابط
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=14&book=498(87/157)
إليكم المغني لابن قدامة على هذا الرابط
ـ[محمد السيد الخطيب]ــــــــ[08 - 11 - 07, 08:55 م]ـ
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=14&book=498(87/158)
من قال لامرأته في الليل انت تحرمين علي وكانت حاملا وفي الصباح وضعت مولودها
ـ[نايف ابو معاذ]ــــــــ[08 - 11 - 07, 10:08 م]ـ
رجل حدث بينه وبين اهل زوجته شجار فقال لأمها ابنتك حرمت علي وكانت حاملا وفي الصباح وضعت مولودها ولم يراجعها قبل الوضع. فما الحكم؟ هل تعتبر طالقا منتهية العدة،او ان هذا اللفظ من باب اليمين؟ ارجو الافادة
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[15 - 11 - 07, 03:02 م]ـ
يُسأل عن نيته ....
السؤال
سألتني زوجتي: هل فعلت فعلاً معيناً من قبل –وسمته-؟ فقلت: عليَّ الحرام أنه ما صار. وكنت كاذباً ولا أقصد في كلمتي إلا أن أرتاح من الإزعاج وليس الطلاق ما العمل؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وبعد:
فقول الرجل "عليَّ الحرام" كلمة مجملة محتملة لعدة أحكام فقد تكون ظهاراً، وقد تكون يميناً، وقد تكون طلاقاً. وهذا عائد لنية القائل. فإن نوى بها الطلاق وقعت بها طلقة واحدة، وإن نوى الظهار فهي ظهار ولزمته كفارته، وإن نوى اليمين أو لم ينو بها شيئاً فيمين مكفَّرة. قال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "الصواب أن تحريمها على حسب نيته: فإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فيمين، وإن نوى به الطلاق فطلاق، وإن لم ينو شيئاً فالظاهر أنه يمين" حاشية الشيخ على الروض المربع (696).
وما اختاره شيخنا رحمه الله تعالى هو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى. انظر: زاد المعاد (5/ 304).
وهو قول قوي لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) من حديث أمير المؤمنين عمر –رضي الله عنه- ومما يدل على أن التحريم يكون يميناً مكفرة إن نواه. ما رواه أنس رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم كانت له جارية يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرَّمها، فأنزل الله عز وجل " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1 - 2]. رواه النسائي (3959) والحاكم (3824) والضياء (1694).قال الحافظ: (النسائي بسند صحيح) الفتح (9/ 376).
وقد ذكر السائل أنه قال ذلك لنفي أمر ماض كاذباً. ومن شروط اليمين المنعقدة أن تكون على أمر مستقبل؛ لذا فالذي يظهر لي أن على الأخ إن لم ينو طلاقاً أو ظهاراً التوبة النصوح مما ارتكبه، وأن لا يعود إلى ذلك مرة ثانية. فاليمين الغموس (وهي أن يحلف كاذباً على أمر ماض) لا كفارة لها؛ لعظمها. ومن تاب صادقاً تاب الله عليه. ولا يحل للإنسان لكي يرتاح من الإزعاج أن يرتكب ما حرَّم الله تعالى. فيجعل الأحكام الشرعية أهون شيء عليه. بل الواجب الخروج من ذلك بأمر آخر مباح. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(87/159)
إذا غابت المقاصد كثرت الحيل
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:59 ص]ـ
إذا غابت المقاصد كثرت الحيل
جاء النص الشرعي بالإذن بالبيع لما يترتب عليه من المصالح، لأن الشارع لا يشرع الأحكام عبثاً، وهذه المصلحة هي حاجة البائع إلى الثمن وحاجة المشتري إلى السلعة، فإذا باع شخص سلعة بعشرة إلى أجل ثم اشتراها من مشتريها قبل الأجل بخمسة نقداً، فإن مآل هذا البيع يحقق مفسدة هي الإقراض بالربا، ولم يحقق مصالح البيع، وفي هذا يقول الشاطبي:" لأن المصالح التي لأجلها شرع البيع لم يوجد منها شيء" أهـ. ومن ذلك التورق المصرفي المنظم وهو شراء السلعة بالأجل من البنك وبيعها بنقد أقل منه لطرف ثالث والشراء والبيع عمل ظاهره الجواز كما يترتب عليه من المصالح التي قصدها الشارع، ولكن له مآل على خلاف ما قصد الشارع منه، وهو حصول المتعامل مع البنك على نقد عاجل في نقد آجل أكثر منه مقابل الأجل، وهي مفسدة شرعية، تفوق مصلحة شراء المتعامل للسلعة بالأصل وإعادة بيعها بنقد أقل منه، بل إن المصلحة التي قصدها الشارع من شرع عقد البيع لم تتحقق منها شيء إذ أن المشتري ليس في حاجة للسلعة لاستهلاكها أو استعمالها أو للاتجار بها بقصد الربح بدليل بيعها نقداً بثمن أقل مما اشتراها به.
وعقد القرض من عقود التبرعات، وحث عليه الإسلام، وهو من المخارج الشرعية للتمويل النقدي، والحكمة من مشروعيته بناء التكافل والتراحم بين المسلمين، ولهذا تحرم المعاوضة فيه وعليه قرر الفقهاء القاعدة المشهورة " كل قرض جر نفعاً مشروطاً فهو ربا".
فماذا صنعت البنوك الإسلامية في هذا العقد الأصيل؟
لابد من فائدة على القرض ولابد من حيلة ومخرج فكان أن فرضت على المقترض رسوماً متنوعة بتنوع عصير الفواكه المشكلة، حتى تصل به في النهاية إلى الفائدة العالمية على القروض الربوية مع الزيادة المعهودة.
وما كان لهذه الحيل الشيطانية أن تأتي إلا عندما غابت المقاصد الشرعية.
من المعلوم أن عددا غير قليل من القيادات البنكية قد تربت في أحضان البنوك التقليدية، و قد تمرسوا بالمنهج الربوي القائم على وجوب التلازم بين الزمن والنمو المالي، وأن حصانة المال مقدمة على كل اعتبار، وأن العقود هي شريعة المتعاقدين. وبين أيدي هؤلاء الإداريين من وسائل الضغط المعنوي ما يتمثل في إبراز خطر المنافسة ومقتضياتها، وأنهم سيخسرون السوق إذا لم يفتح لهم المستشارون الشرعيون ما ينشط في نظراؤهم من البنوك التقليدية، ويتحدونهم بأنه لابد من وجود بديل، والسؤال الذي يتردد دائماً متحدياً الفقهاء: ما هو البديل؟ فيقوم بعض هؤلاء الفقهاء المستشارين بعمليات بهلوانية، إن نظرت في كل واحدة منها لا تستطيع رفضها، ولكن إن نظرت إلى المجموع تبينت أنها عقود صورية بعيدة عن تحقيق مقاصدها.
ولهذا لابد من منتجات البنوك أن تتجاوز المظهر إلى الجوهر، وأن تتجاوز الألفاظ والمباني إلى المقاصد والمعاني، ولابد من تجاوز نظام التقليد والمحاكاة إلى التأصيل والمبادرة، فلقد أضر كثيراً بتجربة العمل المصرفي أن حبس نفسه في إيجاد المخارج والحيل الشرعية لمعاملات ربوية الأصل والمنبت، تحولت بفضل الأوراق الإضافية والخطوات الهامشية إلى معاملات إسلامية، ولكنها ظلت وفية لمنبتها الربوي في نتاجها ودورها الاقتصادي وانقطاعها عن المنهج الرباني ومقاصده الشرعية.
كتبه
د. خالد الدعيجي
kaldoijy@hotmail.com (kaldoijy@hotmail.com)
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 03:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا ونفعنا الله بك.
وحياك الله نيابة عن الإخوة في ملتقانا المبارك.
--------------------------------------------------------------
عبد الله بن عويض المطرفي الهذلي (مكة المكرمة)
alma.trfi@hotmail.com
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 11 - 07, 05:10 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع القيّم.(87/160)
كتب الحج او من الف في المناسك
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[09 - 11 - 07, 02:44 م]ـ
نريد ذكرها هنا لاني سوف اكون مكتبه للحج في البيت مع ذكر افضل الطبعات ولكم جزيل الشكر
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[09 - 11 - 07, 03:09 م]ـ
* كتاب الحج من الحاوي الكبير للماوردي (مجلدان)
* الإيضاح في مناسك الحج .. النووي
* حاشية الحافط ابن حجر على الإيضاح
* إرشاد الساري إلى مناسك ملا علي قاري
* التحقيق والإيضاح .. ابن باز
* المنهج لمريد العمرة والحج .. ابن عثيمين
* حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه .. الألباني
* المغني في فقه الحج والعمرة .. سعيد باشنفر
* نظرات في كتاب حجة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني .. سعيد باشنفر
* قبس من الأفنان الندية لإيضاح مناسك الحج المروية .. زيد المدخلي
* الحج: أحكامه وصفته .. عبدالله السعد
هذا غيض من فيض
ـ[عبدالإله السبيعي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 12:44 م]ـ
ابويوسف
جزاك الله خيرا على الجهد
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[12 - 11 - 07, 01:42 م]ـ
وإياك أخي الكريم، ولم أجهد في هذا الأمر البتة.
وإلا فثمَّ كتب غيرها كثير ولكني لا أحفظ عناوينها، ولعلي أضيفها إن لم يضف بعض الإخوة ما عندهم.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[12 - 11 - 07, 02:10 م]ـ
لا شك في أن أقدم الكتب التي ألفت في هذا الموضوع هو كتاب الحج للماجشون (ت 164)
وكتاب المناسك لسعيد بن أبي عروبة (ت 156) بتحقيق عامر حسن صبري (دار البشائر الاسلامية , 2000)
أنظر أيضا كتاب الحج للمقدسي (ت 600) , بتحقيق محمود الأرناؤوط (دار ابن كثير 1987)
موراني
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 02:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
وأيضاً من الكتب المهمة في هذا المجال ..
كتاب: المسالك في أحكام المناسك، للإمام أبي منصور محمد بن مكرم الكرماني: دراسة وتحقيق الشيخ
سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام .. وهي رسالة أعدت لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى انصح به
وهي رسالة قيمة تقع في مجلدين ..
أيضاً كتاب منسك الإمام الشنقيطي، جمعه الإستاذ الدكتور: عبدالله الطيار والدكتور عبدالعزيز الحجيلان
وهو مجموع من أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن.
هذه بعض المراجع على عجل والله أعلم ..
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:54 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
وأيضاً من الكتب المهمة في هذا المجال ..
كتاب: المسالك في أحكام المناسك، للإمام أبي منصور محمد بن مكرم الكرماني: دراسة وتحقيق الشيخ
سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام .. وهي رسالة أعدت لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى انصح به
وهي رسالة قيمة تقع في مجلدين ..
أيضاً كتاب منسك الإمام الشنقيطي، جمعه الإستاذ الدكتور: عبدالله الطيار والدكتور عبدالعزيز الحجيلان
وهو مجموع من أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن.
هذه بعض المراجع على عجل والله أعلم ..
اين اجد رسالة سعود الشريم في مكة اي في اي مكتبه
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 08:02 ص]ـ
اين اجد رسالة سعود الشريم في مكة اي في اي مكتبه
حياك الله أخي بالنسبة للكتاب، فهو متوفر في مكتبات الرياض
مثل التدمرية والكوثر وغيرها ..
أما مكة فلعل الإخوة يفيدونك فلستُ من أهل مكة وليس عند علم ..
والله أعلم.(87/161)
كتاب المناسك وطرق الحج
ـ[سامي الفقيه الزهراني]ــــــــ[09 - 11 - 07, 08:32 م]ـ
هل تصح نسبة (كتاب المناسك وطرق الحج ومعالم الجزيرة)
الذي حققه الشيخ / حمد الجاسر -رحمه الله- إلى العالم الشيخ / أبي إسحاق إبراهيم الحربي, تلميذ الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى-المتوفى سنة388هـ
؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:08 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=514343#post514343
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:18 م]ـ
عفوا شيخنا عبد الرحمن الرابط لايعمل
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:29 م]ـ
جزاك الله خيرا، وسيتم إصلاح الروابط غدا إن شاء الله تعالى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 11 - 07, 09:52 م]ـ
حملها الآن من هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/alfageeh/115.rar
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[10 - 11 - 07, 10:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم.
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:48 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو إلياس الرباطي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 11:30 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم شيخنا الفاضل
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[05 - 12 - 07, 03:20 م]ـ
جزاك الله خيراً ياشيخ عبدالرحمن ..
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[05 - 12 - 07, 04:39 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ عبد الرحمن , ولكن نحن نطمع بالحصول على الكتاب بتحقيق - حمد الجاسر -(87/162)
المالكية: الموجبات متعددة .. و الفدية واحدة.فهل هذا جائز؟؟
ـ[محمد عبد الرحمن]ــــــــ[10 - 11 - 07, 12:32 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جاء في كتاب " تبيين المسالك لتدريب السالك إلى أقرب المسالك"للشيخ عبد العزيز حمد آل مبارك الأحسائي شرح الشيخ محمد الشيباني الشنقيطي. دار الغرب الإسلامي. جاء ما يلي:
قال اللخمي "إن لبِس و تطيب و حلق وقلم , فإن كانت نيته فعل جميعها فعليه فدية واحدة ,وإن بعُد ما بين تلك الأفعال فذلك سواء. وإن كان نيته أحدها ثم حدثت نية فعل أيضا كان لكل شيء من ذلك فدية, إلا إن فعل في فور واحد " نقله عن المواق (التاج و الإكليل3/ 165)
وقد ذكر الشيخ ميارة هذه القاعدة في تكميله وهي أنه: إذا اتحد الموجب و تعدد السبب يكفي أداءُُُُُ واحدُُ في المسائل التي ذكر بقوله:
إن يتعدد سبب والموجب *0*0* متحد كفى لهن موجب
كناقض سهو ولوغ والفدا *0*0* حكاية حد تيمم بدا
و معنى البيتين أن من انتقض وضوءه بنواقض متعددة كفاه وضوء واحد.و إن سها في صلاته عدة مرات كفاه سجود سهو واحد وإذا ولغ الكلب في إناء مرات متعددة كفى في جميعها غسل الإناء سبع مرات.
ومن تكررت منه أسباب الفدية –وهي مسألتنا – كفته فدية واحدة.و من سمع أذانات متعددة كفته حكاية واحدة. و إن زنى مرات و لم يقم عليه الحد أقيم عليه حد واحد. و من حكمه التيمم و أراد حمل المصحف و قراءة القرآن كفاه تيمم واحد " (أضواء البيان 5/ 477 - 478).
فإذا لبس شخص المخيط و وضع غطاء على رأسه و قلم أظفاره. وقد نوى عند إحرامه أنه سيفعل تلك المخالفات التي توجب كل واحدة منها فدية - لزمته فدية واحد على جميعها.
ما رأي الشيوخ الكرام - حفظهم الله ورعاهم- و الطلبة - زادنا الله وزادهم علما و فقها -؟
ـ[توفيق الصائغ]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:47 ص]ـ
قريبا أنقل لك كامل كلام اللخمي في المسألة بإذن الحي الذي لا يموت
ـ[محمد عبد الرحمن]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:37 ص]ـ
للرفع ....
فهل من مجيب؟ بارك الله فيكم
أخي توفيق , وفقك الله لما يحب و يرضى. شكرا لك على تفاعلك .. و في انتظار المزيد ...(87/163)
إلى أحد المشايخ الحنابلة وأرجوا أن يكون منهم الشيخ أبويوسف التواب
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[10 - 11 - 07, 02:17 ص]ـ
إلى السادة الحنابلة وفقهم الله لكل خير
وأرجوا أن يكون من بينهم الشيخ أبويوسف التواب
لى ولكل الطلاب المبتدئين فى دراسة الفقه الحنبلى
نرغب فى مدارسة فى بيان أصول المذهب الأحمد مذهب الإمام أحمد رحمه الله وكيف كان يفتى الناس رحمه الله وكيف كان يخرج الأصحاب على قواعده وما المعتمد فى المذهب عند المتقدمين وما المعتمد عند التأخرين وأيهم الذى عليه العمل والإفتاء فى هذا العصر عند أهل المذهب جزاكم الله عنا خيرا
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[10 - 11 - 07, 02:45 م]ـ
هذا يحتاج إلى أن تراجع مجموعة من الكتب التي أسهبت في الحديث عن هذا الباب
وباختصار شديد جداً .. ولعل الإخوة الفضلاء يفيدون بأكثر مما سأذكره:
أصول الإمام أحمد وأصحابه تنحصر في أصول -كما ذكرها ابن القيم وغيره-:
الأول: نصوص الكتاب والصحيح من السنة.
الثاني: قول الصحابي ما لم يكن نص ولا اختلاف بين الصحابة.
الثالث: الاختيار من أقوال الصحابة إن اختلفوا. بناءً على كون المختار أقرب للنصوص أو أوفق للقياس.
الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إن لم يكن في الباب شيء يدفعه.
قال ابن القيم: (وليس المراد بالضعيف عنده الباطل، ولا المنكر، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماعاً على خلافه، كان العمل به عنده أولى من القياس).
الخامس: القياس.
قال ابن القيم في "بدائع الفوائد": (ومن أصول أحمد الأخذ بالحديث ما وجد إليه سبيلاً، فإن تعذر فقول الصحابي ما لم يخالف، فإن اختلف أخذ من أقوالهم بأقواها دليلاً، وكثيرا ما يختلف قوله عند اختلاف أقوال الصحابة، فإن تعذر عليه ذلك كله أخذ بالقياس عند الضرورة، وهذا قريب من أصول الشافعي بل هما عليه متفقان).
وانظر أول كتاب "إعلام الموقعين" لابن القيم.
واعتبر بعض المتأخرين "الإجماع" أصلاً من هذه الأصول.
وقد يضاف عند بعضهم: الاستصحاب، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، وشرع من قبلنا إذا لم يثبت نسخه بشرعنا، والاستحسان، والعُرف.
وفي إثبات كون ذلك من أصوله خلاف بين الحنابلة.
والمشهور في المذهب: هو الأكثر شهرة وترجيحاً عند أكثر الأصحاب.
والمعتمد فيه: ما رجحه متأخرو الحنابلة -بعد الموفق رحمه الله- ممن اعتمدوا -غالباً- القول الراجح في المذهب.
والمنتهى إن وافق الإقناعا ... فذلك الحق فلا نزاعا
وإن يكن خُلفٌ فما في المنتهى ... معتمَدُ الأصحاب من أهل النهى
وقيل ما رجحه في الغايةِ ... مرعي الفقيه صاحب الدرايةِ
حكى ابنُ بدرانَ لذا في المدخلِ .....
هذا المعتمد عند المتأخرين: "منتهى الإرادات" لابن النجار الفتوحي، و"الإقناع" للحجّاوي، و"غاية المنتهى" لمرعي الكرمي. فإن اتفق الأولان فهو المعتمد بلا نزاع، وإن اختلفا قُدِّم ما في المنتهى، وقيل: بل يقدم ما في الغاية.
راجع: المدخل لابن بدران، أصول مذهب الإمام أحمد للتركي، المدخل المفصل لبكر أبو زيد، المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة لعبدالملك بن دهيش ..
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[10 - 11 - 07, 02:53 م]ـ
وهذا كلام ابن القيم رحمه الله تعالى في أول الإعلام:
(وَمَنْ تَأَمَّلَ فَتَاوَاهُ -يعني الإمام أحمد- وَفَتَاوَى الصَّحَابَةِ رَأَى مُطَابَقَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَرَأَى الْجَمِيعَ كَأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى إنَّ الصَّحَابَةَ إذَا اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ جَاءَ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَكَانَ تَحَرِّيهِ لِفَتَاوَى الصَّحَابَةِ كَتَحَرِّي أَصْحَابِهِ لِفَتَاوِيهِ وَنُصُوصِهِ، بَلْ أَعْظَمَ، حَتَّى إنَّهُ لَيُقَدِّمُ فَتَاوَاهُمْ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ فِي مَسَائِلِهِ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ بِرِجَالٍ ثَبَتَ أَحَبُّ إلَيْك أَوْ حَدِيثٌ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/164)
عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مُتَّصِلٌ بِرِجَالٍ ثَبَتَ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: عَنْ الصَّحَابَةِ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَكَانَ فَتَاوِيهِ مَبْنِيَّةً عَلَى خَمْسَةِ أُصُولٍ:
أَحَدُهَا: النُّصُوصُ، فَإِذَا وَجَدَ النَّصَّ أَفْتَى بِمُوجَبِهِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَا خَالَفَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَلِهَذَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى خِلَافِ عُمَرَ فِي الْمَبْتُوتَةِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَلَا إلَى خِلَافِهِ فِي التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ لِحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَلَا خِلَافِ فِي اسْتِدَامَةِ الْمُحْرِمِ الطِّيبَ الَّذِي تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا خِلَافِهِ فِي مَنْعِ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ مِنْ الْفَسْخِ إلَى التَّمَتُّعِ لِصِحَّةِ أَحَادِيثِ الْفَسْخِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْإِكْسَالِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا فَعَلَتْهُ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَسَلَا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ؛ لِصِحَّةِ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ مُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمَانِعِ مِنْ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّرْفِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِخِلَافِهِ، وَلَا إلَى قَوْلِهِ بِإِبَاحَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ كَذَلِكَ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، وَلَمْ يَكُنْ يُقَدِّمُ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَمَلًا وَلَا رَأْيًا وَلَا قِيَاسًا وَلَا قَوْلَ صَاحِبٍ وَلَا عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْمُخَالِفِ الَّذِي يُسَمِّيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إجْمَاعًا وَيُقَدِّمُونَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ كَذَّبَ أَحْمَدُ مَنْ ادَّعَى هَذَا الْإِجْمَاعَ، وَلَمْ يَسِغْ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا نَصَّ فِي رِسَالَتِهِ الْجَدِيدَةِ عَلَى أَنَّ مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ بِخِلَافٍ لَا يُقَال لَهُ إجْمَاعٌ، وَلَفْظُهُ: مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ فَلَيْسَ إجْمَاعًا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: مَا يَدَّعِي فِيهِ الرَّجُلُ الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَذِبٌ، مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ، لَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، مَا يُدْرِيهِ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ؟ فَلْيَقُلْ: لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالْأَصَمِّ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، أَوْ لَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ، هَذَا لَفْظُهُ وَنُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يُقَدِّمُوا عَلَيْهَا تَوَهُّمَ إجْمَاعٍ مَضْمُونُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُخَالِفِ، وَلَوْ سَاغَ لَتَعَطَّلَتْ النُّصُوصُ، وَسَاغَ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي حُكْمِ مَسْأَلَةٍ أَنْ يُقَدِّمَ جَهْلُهُ بِالْمُخَالِفِ عَلَى النُّصُوصِ؛ فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ، لَا مَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اسْتِبْعَادٌ لِوُجُودِهِ فَصْلٌ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/165)
[الْأَصْلُ الثَّانِي فَتَاوَى الصَّحَابَةِ] الْأَصْلُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ فَتَاوَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ: مَا أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ، فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَ لِبَعْضِهِمْ فَتْوَى لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ فِيهَا لَمْ يَعُدْهَا إلَى غَيْرِهَا، وَلَمْ يَقُلْ إنَّ ذَلِكَ إجْمَاعٌ، بَلْ مِنْ وَرَعِهِ فِي الْعِبَارَةِ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، كَمَا قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ التَّابِعِينَ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى تَسَرِّي الْعَبْدِ، وَهَكَذَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ، حَكَاهُ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَإِذَا وَجَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا النَّوْعَ عَنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهِ عَمَلًا وَلَا رَأْيًا وَلَا قِيَاسًا.
فَصْلٌ [الثَّالِثُ الِاخْتِيَارُ مِنْ فَتَاوَى الصَّحَابَةِ إذَا اخْتَلَفُوا] الْأَصْلُ الثَّالِثُ مِنْ أُصُولِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ تَخَيَّرَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَا كَانَ أَقْرَبَهَا إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَقْوَالِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ مُوَافَقَةُ أَحَدِ الْأَقْوَالِ حَكَى الْخِلَافَ فِيهَا وَلَمْ يَجْزِمْ بِقَوْلٍ.
قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ فِي مَسَائِلِهِ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَكُونُ الرَّجُلُ فِي قَوْمِهِ فَيَسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ، قَالَ: يُفْتِي بِمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمْسَكَ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: أَفَيُجَابُ عَلَيْهِ؟ قِيلَ: لَا.
فَصْلٌ [الرَّابِعُ الْمُرْسَلُ مِنْ الْحَدِيثِ] الْأَصْلُ الرَّابِعُ: الْأَخْذُ بِالْمُرْسَلِ وَالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ شَيْءٌ يَدْفَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّعِيفِ عِنْدَهُ الْبَاطِلَ وَلَا الْمُنْكَرَ وَلَا مَا فِي رِوَايَتِهِ مُتَّهَمٌ بِحَيْثُ لَا يَسُوغُ الذَّهَابُ إلَيْهِ فَالْعَمَلُ بِهِ؛ بَلْ الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ عِنْدَهُ قَسِيمُ الصَّحِيحِ وَقِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْحَسَنِ، وَلَمْ يَكُنْ يُقَسِّمُ الْحَدِيثَ إلَى صَحِيحٍ وَحَسَنٍ وَضَعِيفٍ، بَلْ إلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ، وَلِلضَّعِيفِ عِنْدَهُ مَرَاتِبُ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ فِي الْبَابِ أَثَرًا يَدْفَعُهُ وَلَا قَوْلَ صَاحِبٍ، وَلَا إجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ كَانَ الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا وَهُوَ مُوَافِقُهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، فَإِنَّهُ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ قَدَّمَ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ عَلَى الْقِيَاسِ.
فَقَدَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ حَدِيثَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَحْضِ الْقِيَاسِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِهِ، وَقَدَّمَ حَدِيثَ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يُضَعِّفُهُ، وَقَدَّمَ حَدِيثَ " أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ " وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَحْضِ الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّ الَّذِي تَرَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مُسَاوٍ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ وَالصِّفَةِ لِدَمِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ، وَقَدَّمَ حَدِيثَ {لَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ} - وَأَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ، بَلْ بُطْلَانِهِ - عَلَى مَحْضِ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ بَذْلَ الصَّدَاقِ مُعَاوَضَةٌ فِي مُقَابَلَةِ بَذْلِ الْبُضْعِ، فَمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ جَازَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(87/166)
وَقَدَّمَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ تَحْرِيمِ صَيْدِ وَجٍّ مَعَ ضَعْفِهِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَقَدَّمَ خَبَرَ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ مَعَ ضَعْفِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِقِيَاسِ غَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ، وَقَدَّمَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ حَدِيثَ {مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فَلِيَتَوَضَّأْ وَلِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ} عَلَى الْقِيَاسِ مَعَ ضَعْفِ الْخَبَرِ وَإِرْسَالِهِ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْبَلَاغَاتِ وَقَوْلَ الصَّحَابِيِّ عَلَى الْقِيَاسِ.
[الْخَامِسُ الْقِيَاسُ لِلضَّرُورَةِ] فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ وَلَا قَوْلُ الصَّحَابَةِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا أَثَرٌ مُرْسَلٌ أَوْ ضَعِيفٌ عَدَلَ إلَى الْأَصْلِ الْخَامِسِ - وَهُوَ الْقِيَاسُ - فَاسْتَعْمَلَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْخَلَّالِ، سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْقِيَاسِ، فَقَالَ: إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ.
فَهَذِهِ الْأُصُولُ الْخَمْسَةُ مِنْ أُصُولِ فَتَاوِيهِ، وَعَلَيْهَا مَدَارُهَا، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْفَتْوَى؛ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُ، أَوْ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهَا، أَوْ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ فِيهَا عَلَى أَثَرٍ أَوْ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكَانَ شَدِيدَ الْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ لِلْإِفْتَاءِ بِمَسْأَلَةٍ لَيْسَ فِيهَا أَثَرٌ عَنْ السَّلَفِ، كَمَا قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: إيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ.
وَكَانَ يُسَوِّغُ اسْتِفْتَاءَ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِمْ، وَيَمْنَعُ مِنْ اسْتِفْتَاءِ مَنْ يُعْرِضُ عَنْ الْحَدِيثِ، وَلَا يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُسَوِّغُ الْعَمَلَ بِفَتْوَاهُ.
قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ} قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُفْتِي بِمَا لَمْ يَسْمَعْ، قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ أَفْتَى بِفُتْيَا يَعِي فِيهَا قَالَ: فَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ أَفْتَاهَا، قُلْت: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يُفْتِي حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا؟ قَالَ: يُفْتِي بِالْبَحْثِ، لَا يَدْرِي أَيْشٍ أَصْلُهَا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي مَسَائِلِهِ: مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا فِيهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْعِلْمِ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا رَأَيْت مِثْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي الْفَتْوَى أَحْسَنَ فُتْيَا مِنْهُ، كَانَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: لَا أَدْرِي.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِهِ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْغَرْبِ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: لَا أَدْرِي فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَقُولُ لَا أَدْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَاءَك أَنِّي لَا أَدْرِي.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنْت أَسْمَعُ أَبِي كَثِيرًا يُسْأَلُ عَنْ الْمَسَائِلِ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي وَيَقِفُ إذَا كَانَتْ مَسْأَلَةٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَقُولُ: سَلْ غَيْرِي، فَإِنْ قِيلَ لَهُ: مَنْ نَسْأَلُ؟ قَالَ: سَلُوا الْعُلَمَاءَ، وَلَا يَكَادُ يُسَمِّي رَجُلًا بِعَيْنِهِ قَالَ: وَسَمِعْت أَبِي يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ لَا يُفْتِي فِي الطَّلَاقِ، وَيَقُولُ: مَنْ يُحْسِنُ هَذَا؟!) أهـ
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[10 - 11 - 07, 10:57 م]ـ
أسأل الله أن يبارك فيكم شيخنا الحبيب وهذا ما علمناه عنكم أنكم من الحريصين على إفادة الطلاب بالملتقى أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء
ـ[أبويوسف الحنبلى]ــــــــ[10 - 11 - 07, 11:01 م]ـ
عذرا شيخى الحبيب لدى سؤال وهو لماذا نأخذ المعتمد فى المذهب من الكتب التى ذكرتها فضيلتكم ولم نأخذ المعتمد من كتاب الإنصاف مع سماعى من بعض الشيوخ الحنابلة أنه هو العمدة فى هذا الباب وقد حقق الشيخ المرداوى رحمه الله فيه المذهب ونقحه حتى غدا من أفضل الكتب فى اعتماد المذهب؟؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[30 - 11 - 07, 02:35 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=707575#post707575
عذراً أخي
أحياناً أؤجل الجواب إلى حين تفرغ فأنسى .. وها هو الجواب في هذا الرابط (في مشاركة الأخ المبارك: أبي أسامة القحطاني)
فعندما قرأت الموضوع تذكرت. فعذراً أيها الكريم.(87/167)