48 - يباح للمرأة سدل الخمار على وجهها بلا عصابة فهي غير مشروعة، وإن مس الخمار وجهها فلا شيء عليها ويجب عليها ذلك عند وجود الرجل الأجنبي. أما النقاب فلا يجوز لها حال كونها محرمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن ذلك وعن لبس القفازين، لكن تغطي وجهها ويديها بغير ذلك.
49 - من جامع زوجته قبل التحلل الأول بطل حجه وحجها ووجب على كل واحد منهما بدنة مع إتمام مناسك الحج، فمن عجز منهما عنها صام عشرة أيام، وعليهما الحج من قابل مع الاستطاعة والاستغفار والتوبة.
50 - من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فعليه وعلى
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 133)
زوجته إن كانت مطاوعة شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، ومن عجز منهما صام عشرة أيام.
51 - من جامع قبل طواف الإفاضة أو بعده قبل السعي إذا كان عليه سعي فعليه دم.
52 - من أنزل عامدا بعد التحلل الأول وقبل الثاني من غير جماع فلا شيء عليه، فإن صام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع فهو حسن؛ خروجا من خلاف من قال بوجوب الفدية وأحوط، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52)، ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599).من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
53 - من احتلم وهو محرم فلا شيء عليه سوى الغسل.
باب الفدية
54 - ليس على المحرم شيء إن قلم أظافره أو نتف إبطه أو قص شاربه أو حلق عانته أو تطيب ناسيا أو جاهلا؛ لقوله تعالى: سورة البقرة الآية 286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 134)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه مسلم في (الإيمان) باب بيان أن الله سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق برقم (126).قال الله قد فعلت، ولحديث صاحب الجبة.
55 - من خلع الإحرام ولبس المخيط جاهلا أو ناسيا فعليه المبادرة بخلع المخيط متى علم أو ذكر ولا شيء عليه؛ لعموم قول الله تعالى: سورة البقرة الآية 286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح مسلم الإيمان (126)، سنن الترمذي تفسير القرآن (2992)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 233).أن الله قال: قد فعلت، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلا أحرم في جبة وتضمخ بخلوق واستفتاه في ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الحج) باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج برقم (1789)، ومسلم في (الحج) باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة برقم (1180).اغسل عنك أثر الخلوق ثلاثا وانزع الجبة. ولم يأمره بالفدية من أجل جهله.
باب صيد الحرم
56 - الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، وتضاعف بكميات كثيرة في الزمان الفاضل كرمضان وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 135)
كالحرمين. وأما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها تضاعف من حيث الكيفية لا من حيث العدد؛ لقول الله سبحانه: سورة الأنعام الآية 160مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
57 - من هم بالإلحاد في الحرم المكي فهو متوعد بالعذاب الأليم؛ لأن الله تعالى قال: سورة الحج الآية 25وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ فإذا ألحد أي إلحاد - وهو: الميل عن الحق - فإنه متوعد بهذا الوعيد لهذه الآية الكريمة؛ لأن الوعيد على الهم بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشد وأعظم.
باب دخول مكة
58 - لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدخول من باب السلام، وإنما دخل منه، فإن تيسر ودخل منه فهو أفضل وإلا فلا حرج.
59 - السنة للمحرم تغطية كتفيه بالرداء إلا في طواف القدوم فإنه يضطبع بردائه فإذا انتهى أعاد رداءه على كتفيه. والاضطباع هو: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 136)
وطرفيه على عاتقه الأيسر إلى أن ينتهي من الطواف، ثم يجعل الرداء على عاتقيه قبل ركعتي الطواف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/265)
60 - يشرع للطائف استلام الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط، كما يستحب له تقبيل الحجر الأسود واستلامه بيده اليمنى إذا تيسر ذلك بدون مشقة، أما مع المشقة والزحام فيكره، ويشرع أن يشير للحجر الأسود بيده أو بعصا ويكبر، أما الركن اليماني فلم يرد فيه فيما نعلم دليل يدل على الإشارة إليه. وإن استلم الحجر الأسود بيده أو بعصا قبل ما استلم به؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يتيسر تقبيل الحجر.
61 - يشرع للطائف صلاة ركعتي الطواف خلف المقام؛ للآية الكريمة، وللأحاديث الواردة، فإن لم يتيسر صلاهما فيما شاء من بقية المسجد.
62 - المعروف عند أهل العلم أنه يجوز أن يواصل بين طوافين أو أكثر ثم يصلي لكل طواف ركعتين.
63 - الوضوء شرط في صحة الطواف في أصح قولي العلماء، وهو قول أكثر أهل العلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ ثم طاف، كما صح ذلك عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم. وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سنن النسائي مناسك الحج (2922)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 64).الطواف
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 137)
بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام. فإذا انتقضت الطهارة فعليه أن يتطهر ويعيد الطواف من أول شوط كالصلاة، سواء كان الطواف فرضا أو نفلا.
64 - الأرجح أن خروج الدم لا يؤثر في الطواف إذا كان يسيرا من غير الدبر والقبل كالصلاة.
65 - متى طهرت النفساء قبل الأربعين جاز لها الطواف وغيره، وليس لأقل النفاس حد، أما أكثره فأربعون يوما، فإن لم تطهر بعد الأربعين اغتسلت وصامت وصلت وطافت وحلت لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة حتى ينقطع الدم كالمستحاضة.
66 - من قطع طوافه للصلاة بدأ من حيث انتهى ولا يلزمه العود إلى أول الشوط في أصح قولي العلماء، وإن بدأ من أول الشوط خروجا من الخلاف فهو حسن إن شاء الله؛ لما فيه من الاحتياط.
(أ) يجوز لحامل الطفل أن ينوي الطواف والسعي عنه
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 138)
وعن الطفل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في باب صحة حج الصبي برقم (1336).لما سألت المرأة عن الطفل فقالت: يا رسول الله، ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر، ولم يأمرها أن تخصه بطواف أو بسعي؛ فدل ذلك على أن طوافها به وسعيها به مجزئ عنهما.
67 - يستحب للحاج والمعتمر وغيرهما أن يشرب من ماء زمزم إذا تيسر له ذلك، ويجوز له الوضوء منه، ويجوز أيضا الاستنجاء به والغسل من الجنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نبع الماء من بين أصابعه ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء ليشربوا وليتوضئوا وليغسلوا ثيابهم وليستنجوا. كل هذا وقع؛ وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن فوق ذلك، فكلاهما ماء شريف.
68 - لا حرج في بيع ماء زمزم ولا نقله من مكة.
69 - في التفضيل بين كثرة النافلة وكثرة الطواف خلاف، والأرجح أن يكثر من هذا وهذا لو كان غريبا. وذهب
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 139)
بعض أهل العلم إلى التفصيل فاستحبوا الإكثار من الطواف في حق الغريب ومن الصلاة في حق غيره، والأمر في ذلك واسع ولله الحمد.
70 - من دخل الحرم بعد العصر أو بعد الفجر فليس له أن يصلي غير سنة الطواف وكل سنة ذات سبب كتحية المسجد.
71 - المشروع لمن سعى أن يقول في أول شوط: سورة البقرة الآية 158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ أما تكرار ذلك فلا أعلم ما يدل على استحبابه.
72 - لا يجب الصعود على الصفا والمروة ويكفي الساعي استيعاب ما بينهما، ولكن الصعود عليهما هو السنة والأفضل إذا تيسر ذلك.
73 - السعي في الطابق العلوي صحيح كالسعي في الأسفل؛ لأن الهواء يتبع القرار.
74 - الأرجح أن من ترك شيئا من السعي أو نسيه أكمله إن لم يطل الفصل.
75 - من ترك شوطا أو أكثر من السعي في العمرة فعليه أن
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 140)
يعود ويأتي بالسعي كاملا ولو عاد إلى بلده، وهو في حكم الإحرام الذي يمنعه من زوجته وكل المحظورات، وعليه أن يقصر مرة أخرى بعد السعي، والتقصير الأول لا يصح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/266)
76 - من سعى من غير طهارة أجزأه ذلك؛ لأن الطهارة ليست شرطا في السعي وإنما هي مستحبة.
77 - لا حرج على من قدم السعي على الطواف خطأ أو نسيانا، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال: رواه أبو داود في (المناسك) باب فيمن قدم شيئا قبل شيء في حجه برقم (2015).سعيت قبل أن أطوف؟ فقال: لا حرج؛ فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه، ولكن الأحوط أن لا يفعله عمدا، ومتى وقع منه نسيانا أو جهلا فلا حرج.
باب صفة الحج والعمرة
78 - المشروع للحاج الحلال أن يحرم بالحج يوم التروية من مكانه، سواء كان في داخل مكة أو خارجها أو في منى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين حلوا من العمرة أن يحرموا بالحج يوم التروية من منازلهم.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 141)
79 - من كان مقيما في منى يوم الثامن من ذي الحجة أحرم من مكانه ولا حاجة لدخوله إلى مكة؛ لعموم حديث ابن عباس الوارد في ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت: رواه البخاري في (الحج) باب مهل أهل الشام برقم (1526)، ومسلم في (الحج) باب مواقيت الحج والعمرة برقم (1181).ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة.
80 - لا يصح حج من وقف خارج حدود عرفة ولو كان قريبا منها.
81 - من وقف يوم عرفة قبل الزوال فقط فأكثر أهل العلم على عدم إجزاء الوقوف.
وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وجماعة إلى أن من وقف في عرفة قبل الزوال يجزئه ذلك؛ لعموم حديث عروة بن مضرس، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (مسند المدنيين) حديث عروة بن مضرس برقم (15775)، والترمذي في (الحج) باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع برقم (891) .. . . . وقد وقف بعرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا، فأطلق النهار، قالوا: فهذا يشمل ما قبل الزوال وما بعده، ولكن الجمهور على خلافه وأنه لا
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 142)
يجزئ الوقوف يوم عرفة إلا بعد الزوال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال وهذا هو الأحوط.
82 - من وقف بعد الزوال أجزأه فإن انصرف قبل المغرب فعليه دم إن لم يعد إلى عرفة ليلا أعني ليلة النحر.
83 - من وقف بعرفة ليلا أجزأه ولو مر بها مرورا.
84 - يمتد وقت الوقوف بعرفة من فجر اليوم التاسع إلى آخر ليلة النحر؛ للأحاديث الواردة في ذلك.
والأفضل والأحوط أن يكون الوقوف بعرفة بعد الزوال أو في الليل من اليوم التاسع؛ خروجا من خلاف الجمهور القائلين بعدم إجزاء الوقوف بعرفة قبل الزوال.
85 - يجب على الحاج المبيت في مزدلفة إلى نصف الليل، وإذا كمل وبقي إلى الفجر حتى يسفر كان أفضل.
86 - يجوز للنساء مطلقا الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل من ليلة المزدلفة وهي ليلة النحر ولو كن قويات، وهكذا بقية الضعفاء من كبار السن والمرضى وأتباعهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ذلك.
87 - من مر بمزدلفة ولم يبت بها ثم عاد قبل الفجر ومكث بها ولو يسيرا فلا شيء عليه.
88 - من ترك المبيت في مزدلفة فعليه دم.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 143)
89 - لا يتعين جمع الحصى من مزدلفة بل يجوز من منى.
90 - لا يجوز رمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل من ليلة النحر، وكذا طواف الإفاضة.
91 - الصحيح أن رمي جمرة العقبة في النصف الأخير من ليلة النحر مجزئ للضعفة وغيرهم، ولكن يشرع للمسلم القوي أن يجتهد حتى يرمي في النهار؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ سنن ابن ماجه المناسك (3053)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 400).لأنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس.
92 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما: رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن عباس برقم (2083)، والترمذي في (الحج) باب ما جاء في تقديم الضعفة من جمع بليل برقم (893).لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ضعيف؛ لانقطاعه بين الحسن العرني وابن عباس.
وعلى فرض صحته فهو محمول على الندب؛ جمعا بين الأحاديث، كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله.
93 - لا يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن لم يتعجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/267)
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 144)
المذكورة، وقال: رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا برقم (1297).خذوا عني مناسككم، ولأن العبادات توقيفية لا يجوز فيها إلا ما أقره الشرع المطهر.
94 - لم يثبت دليل على منع الرمي ليلا والأصل جوازه، والأفضل الرمي نهارا في يوم العيد كله وبعد الزوال في الأيام الثلاثة إذا تيسر ذلك، والرمي في الليل إنما يصح عن اليوم الذي غربت شمسه، ولا يجزئ عن اليوم الذي بعده.
فمن فاته الرمي نهار العيد رمى ليلة إحدى عشرة على آخر الليل، ومن فاته الرمي قبل غروب الشمس في اليوم الحادي عشر رمى بعد غروب الشمس في ليلة اليوم الثاني عشر، ومن فاته الرمي في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس رمى بعد غروب الشمس في ليلة اليوم الثالث عشر، ومن فاته الرمي نهارا في اليوم الثالث عشر حتى غابت الشمس فاته الرمي ووجب عليه دم؛ لأن وقت الرمي كله يخرج بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر.
95 - لا يشترط بقاء الحصى في المرمى ولكن يشترط وقوعه
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 145)
فيه، فلو وقعت الحصاة في المرمى ثم خرجت منه أجزأت في ظاهر كلام أهل العلم، وممن صرح بذلك النووي رحمه الله في المجموع، ولا يشرع رمي الشاخص بل السنة الرمي في الحوض.
96 - من شك هل وقع الحصى في المرجم أم لا فعليه التكميل حتى يتيقن.
97 - لا يجوز الرمي مما في الحوض، أما الذي بجانبه فلا حرج.
98 - الأحوط أن لا يرمي بحصى قد رمي به.
99 - من رمى الجمرات السبع كلها دفعة واحدة فهي عن حصاة واحدة، وعليه أن يأتي بالباقي.
100 - يجب الترتيب في رمي الجمرات، فيبدأ بالأولى ثم الثانية ثم الثالثة وهي جمرة العقبة.
101 - لا يستحب غسل الحصى بل يرمى به من غير غسل؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم.
102 - يصح تأخير الرمي كله إذا دعت الحاجة إلى ذلك إلى اليوم الثالث عشر ويرميه مرتبا، فيبدأ برمي جمرة العقبة عن يوم النحر، ثم يرجع فيرمي الصغرى ثم الوسطى ثم العقبة عن اليوم الحادي عشر، ثم يرجع فيرمي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 146)
الثلاث عن اليوم الثاني عشر، ثم يرجع ويرميهن عن الثالث عشر إن لم يتعجل، لكن السنة أن يرمي الجمار كما رماها النبي صلى الله عليه وسلم، فيرمي جمرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات ثم يرمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر بادئا بالصغرى التي تلي مسجد الخيف ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، ثم يرمي الثلاث في اليوم الثاني عشر كذلك، ثم يرمي الجمار الثلاث في اليوم الثالث عشر كما رماها في الحادي عشر والثاني عشر إذا لم يتعجل في اليوم الثاني عشر.
103 - تجوز الإنابة في الرمي عن العاجز، كالمريض وكبير السن والأطفال، ويلحق بهم ذات الأطفال التي ليس لديها من يحفظهم.
104 - لا تجوز الوكالة في الرمي إلا لعذر شرعي، كما تقدم ذلك.
105 - من وكل غيره في الرمي عنه من غير عذر شرعي، فالرمي باق عليه حتى ولو كان حجه نافلة على الصحيح، فإن لم يرم فعليه دم يذبح في مكة للفقراء إذا فات الوقت ولم يرم بنفسه.
106 - من ناب عن غيره بدأ بنفسه عند كل جمرة.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 147)
107 - من أراد الرمي عن غيره فله حالتان، وهما: أن يرمي عن نفسه جميع الجمار ثم عن مستنيبه.
والأخرى أن يرمي عن نفسه وعن مستنيبه عند كل جمرة، وهذا هو الصواب؛ دفعا للحرج والمشقة، ولعدم الدليل الذي يوجب خلاف ذلك.
108 - الذبح أو النحر في اليوم الأول خير وأفضل من الثاني والثاني خير من الثالث والثالث خير من الرابع.
109 - الحلق في الحج والعمرة أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاثا والمقصرين واحدة.
ولا يكفي أخذ بعض الرأس؛ بل لا بد من تقصيره كله كالحلق، إلا إذا كان أداء العمرة قريبا من وقت الحج فإن الأفضل فيها التقصير حتى يكون الحلق في الحج؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتقصير لما فرغوا من طوافهم وسعيهم في حجة الوداع، إلا من كان معه الهدي فإنه بقي على إحرامه ولم يأمرهم بالحلق؛ لأن أداءهم للعمرة كان قبل الحج بأيام قليلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/268)
(أ) من سبق له أن قصر من بعض رأسه جاهلا أو ناسيا وجوب التعميم فلا شيء عليه.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 148)
110 - والمرأة تقصر من كل ضفيرة أنملة فأقل.
(أ) من نسي الحلق أو التقصير وتحلل بعد الرمي فإنه ينزع ثيابه إذا ذكر ثم يحلق أو يقصر ثم يلبسها، فإن قصر وهو عليه ثيابه جهلا منه أو نسيانا فلا شيء عليه؛ لعموم قوله سبحانه: سورة البقرة الآية 286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا وحديث صاحب الجبة.
111 - لا دليل لمن قال بعدم جواز تأخير طواف الإفاضة عن ذي الحجة، والصواب جواز التأخير، ولكن الأولى المبادرة به.
112 - الواجب على من حاضت قبل طواف الإفاضة أن تنتظر هي ومحرمها حتى تطهر ثم تطوف الإفاضة، فإن لم تقدر جاز لها السفر ثم تعود لأداء الطواف، فإن كانت لا تستطيع العودة، وهي من سكان المناطق البعيدة كأندونيسيا أو المغرب وأشباه ذلك جاز لها على الصحيح أن تتحفظ وتطوف بنية الحج وأجزأها ذلك عند جمع من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم رحمهما الله وآخرون من أهل العلم.
113 - على القارن والمفرد سعي واحد، فإن فعلاه مع طواف
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 149)
القدوم أجزأهما ولا يلزمهما أن يأتيا بسعي آخر، فإن لم يفعلاه مع طواف القدوم وجب أن يأتيا به مع طواف الإفاضة.
114 - المبيت في منى يسقط عن أصحاب الأعذار كالسقاة والمريض الذي يشق عليه المبيت في منى، لكن يشرع لهم أن يحرصوا في بقية الأوقات على المكث بمنى مع الحجاج؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إذا تيسر ذلك.
115 - يرخص للسقاة والرعاة والعاملين على مصلحة الحجاج أن يتركوا المبيت في منى ويؤخروا الرمي لليوم الثالث إلا يوم النحر فالمشروع للجميع فعله وعدم تأخيره.
116 - من ترك المبيت في منى جاهلا حدودها مع القدرة على المبيت فعليه دم؛ لأنه ترك واجبا من غير عذر شرعي وكان الواجب عليه أن يسأل حتى يؤدي الواجب.
117 - إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه فلم يجد فلا حرج عليه أن ينزل خارجها، ولا فدية عليه؛ لعموم قول الله سبحانه: سورة التغابن الآية 16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الاعتصام بالكتاب والسنة) باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم (7288)، ومسلم في (الحج) باب فرض الحج مرة في العمر برقم (1337).إذا أمرتكم بأمر
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 150)
فأتوا منه ما استطعتم.
118 - من ترك المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر بلا عذر فعليه دم.
119 - من أدركه الغروب في اليوم الثاني عشر وقد ارتحل من منى فهو في حكم النافر، ولا شيء عليه. أما من أدركه الغروب ولم يرتحل فإنه يلزمه المبيت في ليلة الثالث عشر والرمي في اليوم الثالث عشر بعد الزوال؛ لقول الله سبحانه: سورة البقرة الآية 203فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ؛ ومن غابت عليه الشمس في اليوم الثاني عشر قبل أن يرتحل لا يسمى متعجلا.
120 - من ترك طواف الوداع أو شوطا منه فعليه دم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها، ولو رجع وأتى به فإن الدم لا يسقط عنه.
(أ) لا يصح الطواف بغير طهارة؛ لأن النبي صلى الله
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 151)
عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ، وقد قال: رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا برقم (1297).خذوا عني مناسككم، ولما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سنن النسائي مناسك الحج (2922)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 64).الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف أصح، وهو في حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال من جهة الرأي.
121 - ليس على الحائض والنفساء وداع؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض متفق على صحته. والنفساء مثلها عند أهل العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/269)
122 - من طاف طواف الوداع قبل تمام الرمي لم يجزئه عن الوداع؛ لكونه أداه قبل وقته، وإن سافر فعليه دم.
123 - من طاف للوداع واحتاج شراء شيء ولو لتجارة جاز ما دامت المدة قصيرة، فإن طالت المدة عرفا أعاد الطواف.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 152)
124 - لا يجب على المعتمر وداع؛ لعدم الدليل، وهو قول الجمهور، وحكاه ابن عبد البر إجماعا.
125 ـ من مات في أثناء أعمال الحج فإنه لا يكمل عنه؛ لحديث الذي وقصته راحلته فمات فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكمال الحج عنه، وقال: رواه البخاري في (الجنائز) باب الكفن في ثوبين برقم (1265)، ومسلم في (الحج) باب ما يفعل بالمحرم إذا مات برقم (1206).إنه يبعث يوم القيامة ملبيا.
126 ـ ما يفعله كثير من الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما وقد سبق أن اعتمر قبل الحج فلا دليل على شرعيته، بل الأدلة تدل على أن الأفضل تركه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك في حجة الوداع.
127 ـ حديث ابن عباس رضي الله عنهما: رواه مالك في الموطأ في (الحج) باب التقصير برقم (905)، وفي باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئا برقم (957).من ترك نسكا أو نسيه فليهرق دما، له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من جهة الرأى، ولم نعرف مخالفا له من الصحابة رضي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 153)
الله عنهم. فعلى كل من ترك واجبا عمدا أو سهوا أو جهلا كرمي الجمار أو المبيت ليالي منى وطواف الوداع ونحو ذلك - دم يذبح في مكة المكرمة ويقسم على الفقراء. والمجزئ في ذلك هو المجزئ في الأضحية، وهو رأس من الغنم أو سبع بدنة أو سبع بقرة.
باب الزيارة
127 - (أ) زيارة المسجد النبوي سنة في جميع الأوقات، وليس لها تعلق بالحج، وليست واجبة.
128 - حديث: رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم (12173).أن من صلى فيه - يعني المسجد النبوي - أربعين صلاة كانت له براءة من النار وبراءة من النفاق ضعيف عند أهل التحقيق فلا يعتمد عليه.
باب الفوات والإحصار
129 - الإحصار يكون بالعدو وغيره كالمرض وعدم النفقة، ولا يعجل بالتحلل إذا كان يرجو زوال المانع قريبا.
130 - من أحصر فليس له التحلل حتى ينحر هديا ثم يحلق أو يقصر، فإن كان قد اشترط حل ولم يكن عليه شيء، لا
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 154)
هدي ولا غيره، وإن عجز عن الهدي صام عشرة أيام ثم حلق أو قصر ثم حل.
131 - يذبح المحصر هديه في المكان الذي أحصر فيه، سواء كان داخل الحرم أو خارجه، ويعطي للفقراء، فإن لم يكن هناك فقراء وجب نقله إليهم.
باب الهدي والأضحية
132 - ليس على أهل مكة هدي تمتع ولا قران وإن اعتمروا في أشهر الحج وحجوا؛ لقول الله سبحانه لما ذكر وجوب الدم على المتمتع والصيام عند العجز عنه سورة البقرة الآية 196ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
133 - من ذبح هديه قبل يوم النحر فإنه لا يجزئه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلا أيام النحر، ولو كان الذبح جائزا قبل يوم النحر لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولو بينه لنقله أصحابه رضي الله عنهم.
134 - يجوز تأخير ذبح الهدي إلى اليوم الثالث عشر؛ لأن أيام التشريق كلها أيام أكل وشرب وذبح، والأفضل تقديمه يوم العيد.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 155)
135 - لا يجوز صيام أيام التشريق لا تطوعا ولا فرضا إلا لمن لم يجد الهدي؛ لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: رواه البخاري في (الصوم) باب صيام أيام التشريق برقم (1998).لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي رواه البخاري.
136 - الأفضل لمن عجز عن دم التمتع والقران أن يصوم قبل يوم عرفة الثلاثة الأيام، وإن صامها في أيام التشريق فلا بأس، كما تقدم ذلك في المسألة السابقة.
137 - من كان قادرا على هدي التمتع والقران وصام فإنه لا يجزئه صيامه وعليه أن يذبح ولو بعد فوات أيام النحر؛ لأنه دين في ذمته.
138 - لا يجوز إخراج قيمة الهدي وإنما الواجب ذبحه، والقول بجواز إخراج القيمة تشريع جديد ومنكر؛ قال تعالى: سورة الشورى الآية 21أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ
139 - تجوز الاستدانة لشراء الهدي، ولا يجب ذلك إذا كان عاجزا عن الثمن، ويجزئه الصوم.
140 - الإطعام في الفدية وكذا الذبح كلاهما لفقراء الحرم.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 156)
141 - يوزع الهدي على الفقراء والمساكين المقيمين في الحرم من أهل مكة وغيرهم.
142 - من ترك هديه في مكان لا يستفاد منه لم يجزئه ذلك.
143 - من ذبح هديه خارج الحرم كعرفات وجدة لم يجزئه ولو وزعه في الحرم، وعليه قضاؤه، سواء كان عالما أو جاهلا.
144 - يستحب أن يأكل ويتصدق ويهدي من هدي التمتع والقران والأضحية.
145 - يستحب له أن يقول عند ذبح الهدي أو نحره: " بسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك " ويوجهه إلى القبلة، والتوجيه للقبلة سنة وليس بواجب.
146 - الأضحية سنة مؤكدة في أصح قولي أهل العلم، إلا إن كانت وصية فيجب تنفيذها، ويشرع للإنسان أن يبر ميته بالأضحية وغيرها من الصدقة.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultD...st
قال الشيخ الألباني :
eyWordFound
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/270)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:35 ص]ـ
أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية > تصفح برقم المجلد > المجلد الأول - إصدار: سنة 1425 هـ - 2004 م > بيان المراد من قول الله تعالى في آية مصارف الزكاة وفي سبيل الله > القول الثاني المراد بسبيل الله: الغزاة والحجاج والعمار
القول الثاني: أن المراد بسبيل الله: الغزاة والحجاج والعمار، وقد قال بهذا القول مجموعة من العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء.
وفيما يلي بعض من أقوالهم:
قال ابن كثير: وأما في سبيل الله، فمنهم: الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان، وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق: والحج من سبيل الله؟ للحديث. اهـ[تفسير القرآن العظيم]، (2\ 366).
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 112)
وقال الخازن في تفسير قوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وقال قوم: يجوز أن يصرف سهم سبيل الله إلى الحج يروى ذلك عن ابن عباس وهو قول الحسن وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. اهـ[لباب التأويل في معاني التنزيل]، (3\ 92).
وقال الشوكاني في تفسير قوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وقال ابن عمر: هم الحجاج والعمار، وروي عن أحمد وإسحاق أنهما جعلا الحج من سبيل الله. اهـ[فتح القدير] (2\ 373).
وقال القرطبي: الثانية والعشرون: قوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وهم الغزاة وموضع الرباط ... إلى أن قال: وقال ابن عمر: الحجاج والعمار. ويؤثر عن أحمد وإسحاق رحمهما الله أنهما قالا: سبيل الله الحج. وفي البخاري: ويذكر عن أبي لاس: مسند أحمد بن حنبل (4/ 221).حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج. ويذكر عن ابن عباس: ويعتق من (زكاة) ماله ويعطى في الحج. خرج أبو محمد عبد الغني الحافظ، حدثنا محمد بن محمد الخياش، حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى، حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن عبد الرحمن بن أبي نعم ويكنى أبا الحكم قال: كنت جالسا مع عبد الله بن عمر فأتته امرأة فقالت له: يا أبا عبد الرحمن، إن زوجي أوصى بماله في سبيل الله، قال ابن عمر: فهو كما قال في سبيل الله، فقلت: ما زدتها فيما سألت عنه إلا غما، قال: فما تأمرني يا ابن أبي نعم، آمرها أن تدفعه إلى هؤلاء الجيوش الذين يخرجون
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 113)
فيعتدون في الأرض ويقطعون السبيل؟ قال: قلت: فما تأمرها؟ قال: آمرها أن تدفعه إلى قوم صالحين، إلى حجاج بيت الله الحرام، أولئك وفد الرحمن، أولئك وفد الرحمن، أولئك وفد الرحمن، ليسوا كوفد الشيطان، ثلاثا يقولها. قلت: يا أبا عبد الرحمن، وما وفد الشيطان؟ قال: قوم يدخلون على هؤلاء الأمراء فينمون إليهم الحديث، ويسعون في المسلمين بالكذب فيجازون الجوائز ويعطون عليه العطايا اهـ[الجامع لأحكام القرآن]، (8\ 185). .
وقال الجصاص: وإن أعطى حاجا منقطعا به أجزأ أيضا، وقد روي عن ابن عمر: أن رجلا أوصى بماله في سبيل الله، فقال ابن عمر: إن الحج في سبيل الله فاجعله فيه، وقال محمد بن الحسن في السير الكبير في رجل أوصى بثلث ماله في سبيل الله أنه يجوز أن يجعل في الحاج المنقطع به، وهذا يدل على أن قوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ قد أريد به عند محمد الحاج المنقطع به، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سنن الدارمي الوصايا (3304).الحج والعمرة من سبيل الله اهـ[أحكام القرآن]، (3\ 156) المطبعة البهية. .
وقال البخاري: باب قوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما: يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج. وقال الحسن: إن اشترى أباه من الزكاة جاز ويعطي في المجاهدين والذي لم يحج، ثم تلا: سورة التوبة الآية 60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ الآية، في أيهما أعطيت أجزأت. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الزكاة (1468)، صحيح مسلم الزكاة (983)، سنن النسائي الزكاة (2464)، سنن أبو داود الزكاة (1623)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 323).إن خالدا احتبس أدراعه في
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 114)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/271)
سبيل الله ويذكر عن أبي لاس: مسند أحمد بن حنبل (4/ 221).حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج اهـ[صحيح البخاري]، (2\ 104). .
وقال المجد تحت باب الصرف في سبيل الله وابن السبيل: وعن ابن لاس الخزاعي قال: مسند أحمد بن حنبل (4/ 221).حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل من الصدقة إلى الحج رواه أحمد، وذكره البخاري تعليقا. وعن أم معقل الأسدية سنن أبو داود المناسك (1988)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 406).أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله، وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له، فأمره أن يعطيها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحج والعمرة في سبيل الله رواه أحمد.
وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت: سنن أبو داود المناسك (1989).لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض، وهلك أبو معقل وخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من حجته جئته فقال: يا أم معقل، ما منعك أن تخرجي؟ " قلت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله قال: فهلا خرجت عليه، فإن الحج من سبيل الله رواه أبو داود.
قال الشوكاني: حديث ابن لاس سيأتي الكلام عليه. وحديث أم معقل أخرجه بنحو الرواية الأولى أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وفي إسناده رجل مجهول، وفي إسناده أيضا إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي الكوفي، وقد تكلم فيه غير واحد، وقد اختلف على أبي بكر بن
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 115)
عبد الرحمن فيه، فروي عنه عن رسول مروان الذي أرسله إلى أم معقل عنها، وروي عنه عن أم معقل بغير واسطة، وروى عنه عن أبي معقل، والرواية الثانية التي أخرجها أبو داود في إسنادها محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف.
قوله: (ابن لاس) هكذا في نسخ الكتاب الصحيحة بلفظ (ابن) والذي في البخاري (أبي لاس) وكذا في [التقريب]، من ترجمة عبد الله بن عنمة، ولاس؛ بسين مهملة خزاعي، اختلف في اسمه فقيل: زياد، وقيل: عبد الله بن عنمة - بمهملة ونون مفتوحتين-، وقيل غير ذلك، له صحبة وحديثان هذا أحدهما، وقد وصله مع أحمد: ابن خزيمة، والحاكم وغيرهما من طريقه، قال الحافظ: ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق؛ ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته.
وأحاديث الباب تدل على أن الحج والعمرة من سبيل الله، وأن من جعل شيئا من ماله في سبيل الله جاز له صرفه في تجهيز الحجاج والمعتمرين، وإذا كان شيئا مركوبا جاز حمل الحاج والمعتمر عليه، وتدل أيضا على أنه يجوز صرف شيء من سهم سبيل الله من الزكاة إلى قاصدي الحج والعمرة اهـ نيل الأوطار، (4\ 180، 181) الطبعة الثانية- 1371هـ.
وقال المباركفوري في معرض كلامه عن المراد بقوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وقيل: المراد منه: منقطع الحاج، وبه قال محمد، وروي
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 116)
عن أحمد وإسحاق: أن الحج أيضا من سبيل الله يعني: أن الحج من جملة السبل مع الغزو؟ لأنه طريق بر إلى أن قال:
قلت: واحتج للقول الثاني بما روى أبو داود عن ابن عباس: سنن أبو داود المناسك (1990).أن امرأة قالت لزوجها: احججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جملك فلان، قال: (ذاك حبيس في سبيل الله) الحديث، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله، وبما روي عن أم معقل الأسدية: مسند أحمد بن حنبل (6/ 406).أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله وأنها أرادت الحج .. الحديث، وفيه: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيها البكر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحج من سبيل الله أخرجه أحمد وغيره، وبما روي عن أبي لاس قال: مسند أحمد بن حنبل (4/ 221).حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل من الصدقة للحج ذكره البخاري تعليقا بصفة التمريض، ووصله أحمد وابن خزيمة والحاكم، وقال الشوكاني: حديث أم معقل، وحديث أبي لاس يدلان على أن الحج من سبيل الله، وأن من جعل شيئا من ماله في سبيل الله جاز له صرفه في تجهيز الحجاج، وإذا كان شيئا مركوبا جاز حمل الحاج عليه، ويدلان أيضا على أنه يجوز صرف شيء من سهم سبيل الله من الزكاة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/272)
على قاصدين الحج. انتهى، وبما روى أبو عبيد في [الأموال]، عن أبي معاوية، وابن أبي شيبة في [مصنفه] عن أبي جعفر كلاهما عن الأعمش عن حسان بن أبي الأشرس عن مجاهد عن ابن عباس: أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج، وأن يعتق منه الرقبة، وبما روي عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أوصت بثلاثين درهما في سبيل الله، فقيل له: أتجعل في الحج؟ فقال: (أما إنه من سبل الله) أخرجه أبو عبيد بإسناد
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 117)
صحيح عنه. اهـ[المرآة على المشكاة]، (3\ 117). .
وقال الكسائي في معرض كلامه عن المراد من قوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وقال محمد: المراد منه: الحاج المنقطع؛ لما روي أن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل عليه الحجاج. اهـ[بدائع الصنائع]، (2\ 45) الطبعة الأولى. .
وقال أبو الفرج ابن قدامة في معرض كلامه عن المراد بقوله تعالى: سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وروي عنه أن الفقير يعطى قدر ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه، يروى إعطاء الزكاة في الحج عن ابن عباس وعن ابن عمر، الحج من سبيل الله، وهو قول إسحاق؛ لما روي: مسند أحمد بن حنبل (6/ 406).أن رجلا جعل ناقة له في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اركبيها، فإن الحج من سبيل الله اهـ[الشرح الكبير] (2\ 702). .
وقال البهوتي: والحج من السبيل أيضا، روي عن ابن عباس وابن عمر، لما روى أبو داود: سنن أبو داود المناسك (1988)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 406).أن رجلا جعل ناقته في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اركبيها، فإن الحج من سبيل الله فيأخذ إن كان فقيرا من الزكاة ما يؤدي به فرض حج أو فرض عمرة أو يستعين به فيه، أي: في فرض الحج والعمرة؛ لأنه يحتاج إلى إسقاط الفرض، وأما التطوع فله عنه مندوحة، وذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض، وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي، وصححه بعضهم؛ لأن كلا من سبيل الله، والفقير
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 118)
لا فرض عليه فهو منه كالتطوع. اهـ[كشاف القناع عن متن الإقناع]، (2\ 256). .
وقال النووي ناسبا القول بكون الحج من سبيل الله إلى الإمام أحمد ما نصه: وقال أحمد رحمه الله تعالى في أصح الروايتين عنه: يجوز صرفه إلى مريد الحج، وروي مثله عن ابن عمر رضي الله عنهما.
واستدل له بحديث أم معقل الصحابية رضي الله عنها قالت: سنن أبو داود المناسك (1989).لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض فهلك أبو معقل، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من حجه جئته، فقال: يا أم معقل، ما منعك أن تخرجي معنا؟ " قالت: قلت: لقد تهيأنا، فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله. قال: "فهلا خرجت عليه، فإن الحج في سبيل الله ".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سنن أبو داود المناسك (1990).أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج، فقالت امرأة لزوجها: أحججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندي ما أحججك عليه، فقالت: أحججني على جملك فلان، قال: ذلك حبيس في سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، إنها سألتني الحج معك، قالت: أحججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما عندي ما أحججك عليه، فقالت: أحججني على جملك فلان، فقلت: ذلك حبيس في سبيل الله، فقال: أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله [قال]، الزيادة من [المجموع]، (6\ 159) تحقيق وتكميل\ محمد نجيب المطيعي (الناشر).: سنن أبو داود المناسك (1990).وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك، قال
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 119)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/273)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئها السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، وأخبرها أنها تعدل حجة يعني: عمرة في رمضان، رواهما أبو داود في [سننه]، في أواخر كتاب الحج في باب العمرة، والثاني: إسناده صحيح، وأما الأول: حديث أم معقل فهو من رواية محمد بن إسحاق وقال فيه: (عن) وهو مدلس، والمدلس إذا قال: (عن) لا يحتج به بالاتفاق. اهـ[المجموع، (6\ 212، 213) المطبعة المنيرية. .
واستدل أصحاب هذا الرأي بما استدل به أصحاب القول الأول بالنسبة لإرادة الغزاة من كلمة (في سبيل الله).
وأما بالنسبة لدخول الحجاج والعمار في ذلك فقد استدلوا عليه بما روى أبو داود عن ابن عباس: سنن أبو داود المناسك (1990).أن امرأة قالت لزوجها: أحججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جملك الفلاني، قال: ذاك حبيس في سبيل الله ... الحديث، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله، وبما روي عن أم معقل الأسدية مسند أحمد بن حنبل (6/ 406).أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله، وأنها أرادت الحج .. وفيه: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيها البكر وقال: الحج من سبيل الله أخرجه أحمد وغيره، وبما روي عن أبي لاس قال: مسند أحمد بن حنبل (4/ 221).حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل من الصدقة للحج ذكره البخاري تعليقا، ووصله أحمد وابن خزيمة والحاكم، وبما روى أبو عبيد في [الأموال]، عن أبي معاوية وابن أبي شيبة في [مصنفه]، عن أبي جعفر كلاهما عن الأعمش عن حسان بن أبي الأشرس عن مجاهد عن ابن عباس: أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج، وبما روي عن ابن عمر أنه سئل عن
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 120)
امرأة أوصت بثلاثين درهما في سبيل الله، فقيل له: أتجعل في الحج؟ فقال: (أما إنه من سبيل الله) أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح عنه.
وقال القرطبي في [تفسيره]: خرج أبو محمد عبد الغني الحافظ، حدثنا محمد بن محمد الخياش، حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن عبد الرحمن بن أبي نعم، ويكنى: أبا الحكم قال: كنت جالسا مع عبد الله بن عمر، فأتته امرأة فقالت له: يا أبا عبد الرحمن، إن زوجي أوصى بماله في سبيل الله، قال ابن عمر: (فهو كما قال في سبيل الله)، فقلت: ما زدتها فيما سألت عنه إلا غما، قال: (فما تأمرني يا ابن أبي نعم؟! آمرها أن تدفعه إلى هؤلاء الجيوش الذين يخرجون فيعتدون في الأرض ويقطعون السبيل)! قال: قلت: فما تأمرها؟ قال: آمرها أن تدفعه إلى قوم صالحين، إلى حجاج بيت الله الحرام، أولئك وفد الرحمن، أولئك وفد الرحمن، أولئك وفد الرحمن، ليسوا كوفد الشيطان، ثلاثا يقولها.
وقد أجيب بما يلي:
بأن المتبادر إلى الأفهام من كلمة سورة التوبة الآية 60وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ في آية المصارف: هو: الغزو.
وقال المباركفوري: وأما الأحاديث التي استدل بها أهل القول الثاني فقد أجيب عنها بوجهين:
الأول: الكلام فيها إسنادا، فإن حديث ابن عباس في إسناده عامر بن
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 121)
عبد الواحد الأحول، وقد تكلم فيه أحمد والنسائي، وقال الحافظ: صدوق يخطئ، وقد روى الشيخان عن ابن عباس نحو هذه القصة، وليس عندهما أنه جعل جمله حبيسا في سبيل الله، ولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سنن أبو داود المناسك (1990).لو أحججتها عليه كان في سبيل الله، وأما حديث أم معقل ففيه اضطراب كثير واختلاف شديد في سنده ومتنه حتى تعذر الجمع والترجيح مع ما في بعض طرقه من راو ضعيف ومجهول ومدلس قد عنعن، وهذا مما يوجب التوقف فيه، وذلك لا شك فيه، من ينظر في طرق هذا الحديث في [مسند الإمام أحمد]، وفي السنن، مع حديث ابن عباس عند الشيخين وأبي داود وابن أبي شيبة، ومع قصة أم طليق عند ابن السكن وابن منده والدولابي، وقد حمل ذلك بعضهم على وقائع متعددة ولا يخفي بعده، وأما حديث أبي لاس، فقال الحافظ في [الفتح]،: رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق؟ ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته. اهـ.
ويشير بذلك ما حكي عنه أنه قال: إن ثبت حديث ابن لاس قلت بذلك، قال الحافظ: وتعقب بأنه يحتمل أنهم كانوا فقراء وحملوا عليها خاصة ولم يتملكوها. انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/274)
وأما أثر ابن عباس فهو أيضا مضطرب صرح به أحمد، كما في [الفتح]، وقد بين اضطرابه الحافظ؛ ولذلك كف أحمد عن القول بالإعتاق من الزكاة تورعا، وقيل: بل رجع عن هذا القول.
والثاني: أنه لا ينكر أن الحج من سبيل الله، بل كل فعل خير من سبل الله، لكن لا يلزم من هذا أن يكون السبيل المذكور في هذه الأحاديث هو
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 122)
المذكور في الآية، فإن المراد في هذه الأحاديث المعنى الأعم، وفي الآية نوع خاص منه وهو الغزو والجهاد؛ لحديث أبي سعيد وإلا فجميع الأصناف من سبيل الله بذلك المعنى.
قال ابن حزم: فإن قيل: قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحج من سبيل الله، وصح عن ابن عباس أن يعطى منها في الحج قلنا: نعم، وكل فعل خير فهو من سبيل الله تعالى، إلا أنه لا خلاف في أنه تعالى لم يرد كل وجه من وجوه البر في قسمة الصدقات، فلم يجز أن توضح إلا حيث بين النص، وهي الذي ذكرنا. انتهى.
وقال ابن قدامة: هذا- أي: عدم صرف الزكاة في الحج - أصح؛ لأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين: محتاج إليها كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم وابن السبيل، أو من يحتاج إليه المسلمون كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين، والحج من الفقير لا نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم إليه ولا حاجة به أيضا إليه؛ لأن الفقير لا فرض عليه فيسقط ولا مصلحة له في إيجابه عليه وتكليفه مشقة قد رفهه الله منها، وخفف عنه إيجابها، وأما الخبر (يعني: حديث أن الحج في سبيل الله فلا يمنع أن يكون الحج من سبيل الله، والمراد بالآية غيره لما ذكرنا. انتهى.
وقال ابن الهمام متعقبا على الاستدلال المذكور: ثم فيه نظر؛ لأن المقصود ما هو المراد بسبيل الله المذكور في الآية؟ والمذكور في الحديث لا يلزم كونه إياه لجواز أنه أراد الأمر الأعم وليس ذلك المراد في الآية، بل
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 123)
نوع مخصوص، وإلا فكل الأصناف في سبيل الله بذلك المعنى انتهى. وقال صاحب تفسير [المنار]، بعد الكلام في سند حديث أم معقل ما لفظه: وأقول من جهة المعنى: أولا: إن جعل أبي معقل جمله في سبيل الله أو وصيته به صدقة تطوع وهي لا يشترط فيها أن تصرف في هذه الأصناف التي قصرتها عليها الآية. وثانيا: إن حج امرأته عليه ليس تمليكا لها يخرج الجمل عن بقائه على ما أوصى به أبو معقل ويقال مثل هذا في حديث أبي لاس. وثالثا: أن الحج من سبيل الله بالمعنى العام للفظ، والراجح المختار: أنه غير مراد في الآية. انتهى [المرآة على المشكاة]، (3\ 117، 118).
وقال أبو الفرج ابن قدامة: ولأن الزكاة إنما تصرف لأحد رجلين: محتاج إليها؛ كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون؛ كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين، والحج للفقير لا نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم إليه، ولا حاجة به أيضا؛ لأن الفقير لا فرض عليه فيسقطه، ولا مصلحة له في إيجابه عليه، وتكليفه مشقة قد رفعه الله منها، وخفف عنه إيجابها، وتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة من سائر الأصناف أو صرفه في مصالح المسلمين أولى. اهـ[الشرح الكبير]، (2\ 701) (الطبعة المشتركة مع المغني). .
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultD...st
قال الشيخ الألباني :
eyWordFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:59 ص]ـ
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز > تصفح برقم المجلد > المجلد السادس عشر > كتاب الحج القسم الأول > التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة > كتاب المناسك > الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 157)
كتاب المناسك
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 158)
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 159)
الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده محاضرة لسماحة الشيخ بنادي مكة الثقافي الأدبي في حج عام 1412هـ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخليله وصفوته من عباده نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/275)
أما بعد: فإني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء في خير بقعة بإخواني في الله؛ للتواصي والتناصح بالحق، والتعاون على البر والتقوى، والتذكير بالله وبحقه، والتذكير بهذه الشعيرة العظيمة شعيرة الحج، وما فيها من الخير العظيم والمنافع الكبيرة والعواقب الحميدة للمسلمين في كل مكان.
فأسأله جل وعلا أن يجعله لقاء مباركا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 160)
يتقبل منا ومن سائر إخواننا حجاج بيت الله الحرام وغيرهم من المسلمين، أسأل الله أن يتقبل منا جميع أعمالنا التي نتقرب بها إليه سبحانه وتعالى.
ثم أشكر أخي معالي الشيخ راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس هذا النادي على هذه الدعوة لهذا اللقاء، وأسأل الله جل وعلا أن يبارك في جهوده، وأن يعينه على كل خير، وأن يجعلنا وإياكم وإياه من الهداة المهتدين، إنه خير مسئول.
أيها الإخوة: شعيرة الحج أمرها عظيم وفوائدها كثيرة وحكمها متنوعة، ومن تأمل كتاب الله وتأمل السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا الموضوع عرف عن ذلك الشيء الكثير.
ولقد شرع الله سبحانه هذه الشعيرة لعباده لما في ذلك من المصالح العظيمة، والتعارف، والتعاون على الخير، والتواصي بالحق، والتفقه في الدين، وإعلاء كلمة الله، وتوحيده، والإخلاص له، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة والفوائد التي لا تحصى.
ومن رحمته سبحانه أن جعل الحج فرضا على جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فالحج فريضة عامة
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 161)
على جميع المسلمين: رجالا ونساء، عربا وعجما، حكاما ومحكومين، مع الاستطاعة، كما قال عز وجل: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ
فالآية الكريمة واضحة في أن هذا الحج واجب على جميع الناس مع الاستطاعة.
والحج مرة في العمر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن العباس برقم (2637)، والدارمي في (المناسك) باب كيف وجوب الحج برقم (1788).أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: لو قلتها لوجبت، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع. وهذا من تيسير الله أيضا ومن نعمته العظيمة أن جعلها مرة في العمر؛ لأنه لو كان أكثر من ذلك لكانت المشقة عظيمة بسبب الكلفة الكبيرة بالنسبة للبعيدين عن هذه البقعة المباركة، ولكن الله بلطفه ورحمته جعل الحج مرة في العمر، ومن زاد فهو تطوع. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم (1773)، ومسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1349).العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، متفق على صحته.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 162)
وفي الصحيحين أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: رواه البخاري في (الحج) باب فضل الحج المبرور، برقم (1521)، ومسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1350).من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند عبد الله بن مسعود برقم (3660)، والترمذي في (الحج) باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة برقم (810).تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة.
فالحج له شأن عظيم وفوائد كثيرة، ومن فوائده العظيمة أنه إذا كان مبرورا فجزاؤه الجنة والسعادة وغفران الذنوب، وهذه فائدة كبيرة وكسب لا يقاس بغيره.
والله جل وعلا جعل هذا البيت مثابة للناس وأمنا، كما قال جل وعلا: سورة البقرة الآية 125وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا يثوبون إليه من كل مكان مرة بعد مرة، ولا يشبعون من المجيء إليه؛ لأن في المجيء إليه خيرا عظيما وفوائد جمة، وهو مؤسس
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 163)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/276)
على توحيد الله والإخلاص له، قال تعالى: سورة الحج الآية 26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
فالله هيأ هذا البيت لخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ليقيمه على توحيد الله، والإخلاص له، وعدم الإشراك به. وقد رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء) باب قول الله تعالى: ^ ووهبنا لداود سليمن ^ برقم (3425)، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) أول الكتاب (باب) برقم (520).سئل عليه الصلاة والسلام عن أول بيت وضع للناس، قال: هو المسجد الحرام. والله يقول في كتابه العظيم: سورة آل عمران الآية 96إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فهو أول بيت وضع للعبادة العامة، وقد بين سبحانه وتعالى أنه أسس على توحيد الله والإخلاص له.
فمن الواجب على كل مسلم قصد هذا البيت أن يخلص العبادة لله وحده، وأن يجتهد في أن تكون أعماله كلها لله وحده: في صلاته ودعائه، في طوافه وسعيه، وفي جميع عباداته؛ ولهذا قال الله تعالى: سورة الحج الآية 26وَطَهِّرْ بَيْتِيَ أي طهر مكان البيت من الشرك سورة الحج الآية 26لِلطَّائِفِينَ وقد بدأ بالطواف؛
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 164)
لأن الطواف لا يفعل إلا في هذا البيت العتيق، ما من عبادة في الدنيا فيها طواف إلا حول البيت العتيق، أما الطواف بالقبور والأشجار والأحجار فهو من الشرك الأكبر، كالصلاة لها والسجود لها.
وإن طاف بها تقربا لله فهو بدعة، ليس هناك طواف يتقرب به لله إلا بالبيت العتيق، وتطهيره يكون بتنزيهه من الشرك بالله والبدع المضلة، وألا يكون حوله إلا توحيد الله والإخلاص له وما شرع من العبادة.
فالواجب على حماة هذا البيت والقائمين عليه، أن يطهروا هذا البيت من الشرك والبدع والمعاصي، حتى يكون كما شرع الله بيتا مقدسا مطهرا من كل ما حرمه الله.
وفي البيت العتيق آيات بينات: مقام إبراهيم، وأرض الحرم كلها مقامات لإبراهيم، فالصفا والمروة والبيت العتيق ومنى ومزدلفة وعرفات، كلها مقامات تذكر بهذا النبي العظيم، والرسول الكريم، وما بذله من الجهود والأعمال الجليلة في سبيل توحيد الله والإخلاص له، ودعوة قومه إلى توحيد الله واتباع شريعته.
ويقول سبحانه في شعيرة الحج العظيمة: سورة البقرة الآية 197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ وهي شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 165)
الحجة، أي شهران وبعض الشهر. ثم يقول تعالى: سورة البقرة الآية 197فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ هذه من المنافع العظيمة والفوائد الكبيرة، أن الوافد لهذا البيت العتيق وفد لإخلاص العبادة لله وحده دون الشرك به سبحانه وتعالى، مع التطهر والحذر من كل ما يخالف شرع الله سبحانه، حتى تكون العبادة كاملة لله عز وجل، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه، وبذلك يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، إذا حج فلم يرفث ولم يفسق.
والرفث هو: الجماع وما يدعو إليه من ملامسات ونظرات وكلمات وغيرها، كما وضح ذلك العلماء رحمهم الله. والفسوق: المعاصي كلها، المحرمة في الحج، والمحرمة مطلقا.
ومن المحرم في الحج: قص الأظافر بعد الإحرام، وقص الشعر، والتطيب، ولبس المخيط، وتغطية الرأس للرجل، ولبس القفازين للرجل والمرأة، والنقاب للمرأة، إلى غير هذا مما حرم الله على المحرم.
وهناك محرمات عامة، كالزنا والسرقة والظلم في النفس والمال والعرض وأكل الربا إلى غير ذلك مما هو محرم على الجميع في الحج وغيره.
سورة البقرة الآية 197وَلَا جِدَالَ وعلى المؤمن أن يكون بعيدا عن الجدال والمراء الذي يثير العداوات والشحناء فالحج وسيلة للمحبة والتعاون والصفاء، ومن حكمه العظيمة ترك ما يسبب البغضاء
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 166)
والشحناء من رفث أو فسوق أو جدال، فهو وسيلة عظيمة إلى صفاء القلوب واجتماع الكلمة والتعاون على البر والتقوى، والتعارف بين عباد الله في سائر أرض الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/277)
ولقد كان عند العرب جدال في جاهليتها فنهى الله عن ذلك، فلا جدال في الحج، لا من جهة ما كانت عليه في الجاهلية ولا من جهة ما يسبب البغضاء والشحناء، كل ذلك لا يجوز، فإذا صدر منك لأخيك غيبة فتب إلى الله منها واستسمحه من ذلك حتى تكون الكلمات في الحج كلها تدعو إلى الخير والبر والتقوى والتعاون على الخير والصفاء، والبعد عن كل ما يسبب الفرقة والاختلاف.
أما الجدال بالتي هي أحسن فهذا مطلوب دائما في كل وقت، قال تعالى: سورة النحل الآية 125ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ هذا مطلوب في حق المحرم وغيره، قال تعالى: سورة العنكبوت الآية 46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا فلا حرج في الجدال بالتي هي أحسن لإزالة الشبه وإيضاح الحق بأدلته مع البعد عن أسباب الشحناء والعداوة.
ثم قال جل وعلا: سورة البقرة الآية 197وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 167)
وفي هذا حث وتحريض على أنواع الخير، فعلى الحاج أن يحرص على فعل الخير بكل وسيلة، والله سبحانه يعلمه ويجازيه عليه، والخير يشمل القول والعمل؛ فالكلمة الطيبة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كله خير، والصدقة والمواساة وإرشاد الضال وتعليم الجاهل كله خير، فجميع ما ينفع الحاج أو ينفع المسلم من قول أو عمل مما شرعه الله وما أباحه جل وعلا كله خير.
ثم قال سبحانه وتعالى: سورة البقرة الآية 197وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى فالله جل وعلا أمر الحاج بالتزود بالنفقة وبكل ما ينفعه في الحج، من العلم النافع والكتب المفيدة وكل ما ينفع نفسه أو غيره، وكلمة سورة البقرة الآية 197وَتَزَوَّدُوا كلمة مطلقة تشمل أنواع التزود من أمور الدنيا والدين.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان أناس يحجون من غير زاد ويقولون: نحن المتوكلون، فأنزل الله تعالى: سورة البقرة الآية 197وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى والآية عامة تعم جميع الناس، فعلى جميع الناس في كل أصقاع الدنيا أن يتزودوا من العلم ومن المال ومن كل ما ينفعهم في حجهم، حتى لا يحتاجوا للناس.
والله تعالى يقول: سورة البقرة الآية 197فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى أي: خير الزاد للمؤمن ولإخوانه التقوى، أن يتقي الله بطاعته والإخلاص له، وفي نفع إخوانه الحجاج، وتوجيههم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 168)
ومواساة المحتاج منهم بالطريقة الحسنة وبالأسلوب المناسب.
ثم كرر سبحانه فقال: سورة البقرة الآية 197وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ أمر بعد أمر أكد فيه سبحانه وتعالى التقوى لما فيها من الخير العظيم، كما قال سبحانه: سورة الحجرات الآية 13يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وسئل النبي عليه الصلاة والسلام: رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء) باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3353)، ومسلم في (الفضائل) باب من فضائل يوسف برقم (2378).أي الناس أكرم؟ قال: أتقاهم.
فأتقى الناس لله هو أكرمهم عنده وأفضلهم عنده، من عرب وعجم، وأحرار وعبيد، ورجال ونساء، وجن وأنس، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام والأنبياء، ثم بعدهم الأفضل فالأفضل.
وقد قال تعالى: سورة البقرة الآية 197يَا أُولِي الْأَلْبَابِ؛ لأن أولي الألباب - وهي العقول الصحيحة - هم الذين يعقلون عن الله، وهم الذين يفهمون مراده، وهم الذين يقدرون النصائح والأوامر، بخلاف فاقدي العقول فلا قيمة لهم، ومن أعرض عن الله وغفل عنه فليس من أولي الألباب، وإنما أولو الألباب المقبلون على الله، الراغبون في طاعته، الراغبون فيما ينفع
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 169)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/278)
الناس، الناس كلهم مأمورون بالتقوى، لكن أولي الألباب لهم ميزة؛ لما أعطاهم الله من العقل والبصيرة، كما قال جل وعلا في آية أخرى: سورة إبراهيم الآية 52وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ فكلنا مأمورون بالتذكر والتقوى لكن أولي الألباب لهم شأن ولهم ميزة في فهم أوامر الله وتنفيذها، وهكذا قوله تعالى: سورة آل عمران الآية 190إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ فيه آيات للجميع لكل أحد، لكن لا يفهمها ولا يعقلها ولا يقدرها إلا أولو الألباب.
ويقول سبحانه: سورة الحج الآية 27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ أي: أذن يا إبراهيم وأعلن للناس بالحج، وقد فعل ونادى الناس وأعلن عليه الصلاة والسلام، والدعاة إلى الله ينادون بالحج اقتداء بإبراهيم والأنبياء بعده، وبنبينا عليه الصلاة والسلام. سورة الحج الآية 27يَأْتُوكَ رِجَالًا أي: مشاة.
وقد استنبط بعض الناس من الآية الكريمة أن الماشي أفضل ولكن ليس بظاهر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حج راكبا وهو القدوة والأسوة، عليه الصلاة والسلام، ولكن الراجل يدل على فعله على شدة الرغبة وقوتها في الحج، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون أفضل،
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 170)
فمن جاء ماشيا فله أجره والراكب الذي رغب في رحمة الله وإحسانه له أجره وهو أفضل. سورة الحج الآية 27وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ من كل فج، أي: طريق واسع بعيد من المشرق والمغرب ومن كل مكان، يريدون وجه الله والدار الآخرة.
لماذا أتوا؟ سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ هذه المنافع أبهمها الله تعالى، ولكنه شرحها في مواضع كثيرة، منها قوله بعد ذلك: سورة الحج الآية 28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ وكل ما يفعله الحاج من طاعة لله ونفع لعباده مما ذكر ومما لم يذكر كله داخل في المنافع. وهذه من حكم الله في إبهامها، حتى يدخل فيها كل ما يفعله المؤمن والمؤمنة من طاعة لله ونفع لعباده. فالصدقة على الفقير منفعة، وتعليم الجاهل منفعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منفعة، وفي الدعوة إلى الله منافع عظيمة، والصلاة في المسجد الحرام منفعة، والقراءة منفعة، وتعليم العلم منفعة، وكل ما تفعله مما ينفع الناس من قول أو عمل أو صدقة أو غيرها مما شرعه الله أيضا داخل في المنافع.
فينبغي للحاج أن يستغل هذه الفرصة العظيمة ويعمرها بتقوى الله، والحرص على جميع المنافع التي ترضي الله وتنفع
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 171)
عباده، فيشتغل بذكر الله في مكة وفي المشاعر وفي جميع الأماكن، ويشتغل بطاعة الله فيما ينفع الناس، إن كان عنده علم، يعلم الناس ويفقه الناس ويدعو إلى الله ويرشد إليه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان عنده مال يحسن إلى الناس ويواسي الفقير ويعين على نوائب الحق، ويعمر الوقت بذكر الله وقراءة القرآن، ويعتني بأداء المناسك كما شرعها الله ويتحرى في ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعظم المنافع أن يكون هدفه في جميع الأمور توحيد ربه والإخلاص له ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى.
ومما ينبغي للحاج، أن يتفقه في دينه، ويسأل إذا لم يكن عنده علم، ويحضر حلقات العلم في المسجد الحرام وفي مساجد مكة وفي المسجد النبوي، ويسأل أهل العلم، ويطلب الكتب المفيدة، ويلتمس المنسك الإسلامي الذي ليس فيه ما يخالف الشرع، ويحذر البدع والأقوال المرجوحة، ويتحرى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يكون حجه مبرورا، وحتى تكون رحلته مباركة نافعة له ولغيره، وحتى يستفيد منها بعد ذلك في بلاده.
والحج أحكامه معروفة ومناسكه معلومة لأهل العلم، وقد عرفها الكثير من المسلمين الذين ارتادوا الحج، ولكن الكثير من الناس يجهل الأحكام، فعليه أن يتعلم ويسأل أهل
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 172)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/279)
العلم عما أشكل عليه ويحرص على معرفة الأحكام الشرعية في مسائل الحج، وهكذا كل منسك يتحرى فيه صاحبه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعض عليها بالنواجذ، وهكذا يحرص على كتب أهل العلم التي تعتني بالدليل وإيضاح الحق بحجته ينبغي أن يعتني بها.
ويجب على المؤمن الحاج وغيره أن يحذر كل ما حرم الله في الحج وفي غيره، في بيته وفي طريقه وفي مجتمعه مع إخوانه وفي كل مكان، وأن يسأل الله التوفيق والإعانة على ذلك، والله جل وعلا يحب من عباده أن يسألوه ويتضرعوا إليه وهو جواد كريم سبحانه وتعالى.
والمشروع للحاج عند وصوله إلى الميقات أن يغتسل إذا تيسر له ذلك، وأن يتوضأ ويصلي ركعتين سنة الوضوء إلا أن يكون إحرامه بعد فريضة فإن ذلك يكفيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم في حجة الوداع بعد صلاة الظهر في ذي الحليفة، وإذا كان منزله قريبا من الميقات كأهل الطائف والمدينة واغتسل في بيته كفاه ذلك، لكن لا يحرم إلا إذا وصل الميقات، والمراد بالإحرام نية الحج أو العمرة أو كليهما والتلبية بذلك، أما التجرد من المخيط فلا بأس أن يفعله قبل ذلك في بيته أو في الطريق، وهكذا الغسل كما تقدم. ويتجرد من المخيط ويلبس ملابس الإحرام، ثم يركب سيارته
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 173)
والأفضل أن يكون إحرامه بالحج أو العمرة بعد الركوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد أن ركب دابته، والمراد بذلك نية الدخول في الحج أو العمرة. ثم يكثر من التلبية ويستمر فيها مع ذكر الله وتسبيحه والاستغفار والتوبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله عز وجل، إلى أن يشرع في طواف العمرة إن كان إحرامه بعمرة، فإذا شرع في الطواف قطع التلبية. أما إن كان إحرامه بالحج فإنه يستمر في التلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة، فبعد الرمي صباح العيد يقطع التلبية ويشتغل بالتكبير.
ولا بد في رمي الجمار من أن يتحقق أو يغلب على ظنه أن الحجر وصل إلى الحوض، فإن لم يتحقق ذلك أو يغلب على ظنه أعاد الرمي في الوقت، فإن خرج من منى ولم يعد فعليه دم؛ لأنه ترك واجبا، أما إذا تيسر له أن يعيد الرمي في أيام منى أعاده مرتبا بالنية ولا شيء عليه.
ومن المعلوم أنه يمكن للحاج أن يتعجل في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة بعد رمي الجمار، بعد الزوال. وإذا أحب أن يسافر طاف للوداع وسافر، هذا إذا كان قد طاف طواف الحج، أما إذا لم يكن قد طاف طواف الحج فلا مانع أن يكون طواف الحج هو طواف الوداع، فطواف الإفاضة يكفيه عن طواف الوداع إذا سافر بعده، وإن تأخر ورمى الجمار يوم
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 174)
الثالث عشر بعد الزوال فهذا هو الأفضل وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن غابت عليه شمس يوم الثاني عشر وهو في منى لزمه المبيت وأن يرمي يوم الثالث عشر بعد الزوال، ومن فاته الرمي حتى غابت الشمس يوم الثالث عشر لزمه دم عن ترك هذا الواجب العظيم.
أما فيما يتعلق بعرفة فهي الركن الأعظم للحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (مسند الكوفيين) حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي برقم (18475)، والترمذي في (الحج) باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج برقم (889).الحج عرفة، فلا بد في الحج من الوقوف بعرفة يوم التاسع بعد الزوال، هذا هو المشروع عند جمهور أهل العلم، ويقول بعضهم: إذا وقف قبل الزوال أجزأه؛ لأنه يعد من عرفة. لكن المشروع أن يقف بعد الزوال إلى غروب الشمس، وإن وقف ليلة النحر أجزأه ذلك قبل طلوع الفجر، ومن فاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر فاته الحج، ومن وقف نهارا وانصرف قبل الغروب فقد ترك واجبا فعليه دم عند جمهور أهل العلم.
ويشرع للحاج أن يكثر في عرفات من الدعاء والذكر والتلبية، مع رفع الأيدي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم مع القصر، بأذان
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 175)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/280)
وإقامتين في مسجد نمرة إن تيسر له ذلك، فإن لم يتيسر ذلك، فعلى كل جماعة أن يصلوا في مكانهم تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم يبقى الحاج في محله من عرفة، وعرفة كلها موقف، ويدعو الله في جميع الأحوال: جالسا أو مضطجعا أو قائما، ويكثر من الذكر والتلبية إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس انصرف بسكينة ووقار وهدوء إلى مزدلفة، ويصلي بها المغرب والعشاء قبل أن يحط الرحال، بأذان واحد وإقامتين، يصلي المغرب ثلاثا والعشاء اثنتين، ولا يصلي بينهما شيئا، ولا بين الظهر والعصر في عرفات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بينهما شيئا.
ويمكن للحاج بعد صلاة المغرب والعشاء أن يفعل ما يشاء، فإن شاء نام، وإن شاء أكل، وإن شاء قرأ القرآن، وإن شاء ذكر الله. ويمكن للضعفاء أن ينفروا إلى منى في النصف الأخير من الليل، والأفضل بعد غروب القمر قبل الزحمة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لهم، رحمة بهم وتخفيفا عنهم. ويمكنهم الرمي قبل الفجر، ومن أخر الرمي إلى الضحى فلا بأس، والرمي في الضحى للأقوياء هو الأفضل وهو السنة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن طاف بعد الرمي أو قبل الرمي أجزأه، ولكن تأخير الطواف بعد الرمي والذبح والحلق يكون أفضل، تأسيا بالنبي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 176)
صلى الله عليه وسلم، لكن لو قدم فلا بأس، رواه البخاري في (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83)، ومسلم في (الحج) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم (1306).وما سئل النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: لا حرج؛ في الرمي والذبح والحلق والتقصير والطواف والسعي.
والخلاصة أن السنة في يوم العيد: الرمي أولا، ثم النحر، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل، ثم يتحلل، ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي.
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يفقههم في الدين، وأن يرزقهم النشاط المتواصل لمعرفة أمور الدين والتعلم والرغبة فيما عند الله.
كما نسأله سبحانه أن يولي عليهم خيارهم، وأن يصلح قادتهم، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين في كل مكان لتحكيم شريعة الله والرضا بها وإيثارها على ما سواها، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله عليه وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=3038&searchScope=4&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=5336&RightVal=5337&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 05:37 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد التاسع والخمسون - الإصدار: من ذو القعدة إلى المحرم لسنة 1420هـ > البحوث > القول الحق في نسك الحج الذي أحرم به خير الخلق صلى الله عليه وسلم > المبحث الثالث فسخ الحج إلى عمرة
المبحث الثالث: فسخ الحج إلى عمرة:
لا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز فسخ الحج إلى عمرة مفردة لا يأتي بعدها بالحج، كما أنه لا خلاف بينهم في أنه لا يجوز لمن ساق الهدي أن يفسخ ما أحرم به إلى عمرة. وإنما الذي فيه الخلاف هو بالنسبة لمن كان مفردا أو قارنا ولم يسق الهدي، هل له أن يفسخ حجه إلى عمرة ليكون متمتعا أم لا؟ كما أن أهل العلم قد اتفقوا على صحة الأحاديث الواردة في أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر كل من لم يسق الهدي من أصحابه أن يفسخ حجه ويجعله عمرة.
قال ابن عبد البر: " تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه في حجته من لم يكن معه منهم هدي ولم يسقه وكان قد أحرم بالحج أن يجعلها عمرة.
وقد أجمع العلماء على تصحيح الآثار بذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ولم يدفعوا شيئا منها، إلا أنهم اختلفوا في القول بها والعمل " التمهيد 8\ 355، 356 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 216)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/281)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " لم يختلف أحد من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه إذا طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، وهذا مما تواترت به الأحاديث " مجموع الفتاوى 26\ 61، 62 ..
وبعدما اتفق العلماء على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه عام حجه بفسخ الحج إلى العمرة بقوله صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة. وأمره من لم يسق الهدي من أصحابه أن يفسخ حجه إلى عمرة، اختلفوا هل كان ذلك خاصا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن خاصا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل هو واجب أو مستحب؟ اختلفوا إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن فسخ الحج إلى العمرة لا يجوز، سواء ساق الهدي أم لم يسقه، وأن ذلك كان خاصا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
1 - ما روي من طريق الحارث بن بلال عن أبيه قال: قلت: سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2808)، سنن أبو داود المناسك (1808)، سنن ابن ماجه كتاب المناسك (2984)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 469)، سنن الدارمي المناسك (1855).يا رسول الله، أرأيت فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: " بل لكم خاصة. رواه أحمد وأبو داود
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 217)
والنسائي وابن ماجه مسند الإمام أحمد 3\ 469، وسنن أبي داود 2\ 161 حديث رقم 1808، وسنن النسائي 5\ 179.2 - عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن سليمان بن الأسود، أن أبا ذر رضي الله عنه كان يقول- فيمن حج ثم فسخها بعمرة-: سنن أبو داود المناسك (1807)، سنن ابن ماجه المناسك (2985).لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود في سننه 2\ 161 حديث رقم 1807 ..
3 - عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: صحيح مسلم الحج (1224)، سنن النسائي مناسك الحج (2812)، سنن ابن ماجه المناسك (2985).كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة. رواه مسلم مسلم بشرح النووي 8\ 203.وفي رواية عند مسلم عن أبي ذر، قال: صحيح مسلم الحج (1224)، سنن ابن ماجه المناسك (2985).لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة: متعة النساء ومتعة الحج قالوا: والمراد. بمتعة الحج هنا فسخ الحج إلى عمرة المجموع 7\ 169 ..
4 - إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفسخ؛ ليحرموا بالعمرة في أشهر الحج، ويخالفوا ما كانا الجاهلية عليه من تحريم العمرة في أشهر الحج، وقولهم: إنها من أفجر الفجور التمهيد 8\ 356، والمجموع 7\ 168 ..
ونوقشت هذه الأدلة بما يلي:
حديث الحارث بن بلال لا يصح، وحديثه لا يكتب، ولا
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 218)
يعارض. بمثله الأحاديث الصحيحة. وقالوا: وهو حديث ساقط بالمرة باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفرد به ربيعة عن الحارث بن بلال المجهول الذي لا يعرف؛ فهو من افترائه أو من غلطه ووهمه، فإن الحديث المقطوع بصحته قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف هذا، وأن ذلك إلى الأبد، مما هو قاطع بكذب هذا الحديث وبطلانه.
وأما المروي عن أبي ذر رضي الله عنه أن المتعة في الحج كانت لهم خاصة، فهذا إن أريد به أصل المتعة فهذا لا يقول به أحد من المسلمين، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم القيامة، وإن أريد به متعة الفسخ فهذا رأي رآه أبو ذر رضي الله عنه، وقد قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما: إن ذلك عام للأمة، فرأي أبي ذر رضي الله عنه معارض برأيهما، وسلمت النصوص الصحيحة الصريحة.
ثم من المعلوم أن دعوى الاختصاص باطلة، بنص النبي صلى الله عليه وسلم أن تلك العمرة التي وقع السؤال عنها، وكانت عمرة فسخ لأبد الأبد، لا تختص بقرن دون قرن، وهذا أصح سندا من المروي عن أبي ذر رضي الله عنه، وأولى أن يؤخذ به منه لو صح عنه.
وأيضا فإذا رأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا في أمر قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله وأمر به، فمال بعضهم: إنه منسوخ
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 219)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/282)
أو خاص، وقال بعضهم: هو باق إلى الأبد، فقول من ادعى نسخه أو اختصاصه مخالف للأصل، فلا يقبل إلا ببرهان، وإن أقل ما في الباب معارضته بقول من ادعى بقاءه وعمومه، والحجة تفصل بين المتنازعين، والواجب عند التنازع الرد إلى الله ورسوله؛ فإن قال أبو ذر: إن الفسخ منسوخ أو خاص، وقال أبو موسى وابن عباس: إنه باق وحكمه عام، فعلى من ادعى النسخ والاختصاص الدليل.
على أن المروي عن أبي ذر يحتمل ثلاثة أمور:
أحدها: اختصاص جواز ذلك بالصحابة، وهو الذي فهمه من حرم الفسخ.
والثاني: اختصاص وجوبه بالصحابة، وهو الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، وأما الجواز والاستحباب فللأمة إلى يوم القيامة.
والاحتمال الثالث: أنه ليس لأحد من بعد الصحابة أن يبتدئ حجا قارنا أو مفردا بلا هدي، بل هذا يحتاج معه إلى الفسخ، لكن فرض عليه أن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في آخر الأمر، من التمتع لمن لم يسق الهدي، والقران لمن ساق الهدي، كما صح عنه ذلك.
وأما أن يحرم بحج مفردا ثم يفسخه عند الطواف إلى عمرة مفردة ويجعله متعة، فليس له ذلك، بل هذا إنما كان للصحابة، فإنهم ابتدأوا الإحرام بالحج المفرد قبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتمتع والفسخ إليه، فلما استقر أمره بالتمتع والفسخ إليه لم يكن لأحد أن يخالفه ويفرد ثم يفسخه.
وإذا تأملت هذين الاحتمالين الأخيرين، رأيتهما إما راجحين على الاحتمال الأول أو مساويين له، وتسقط معارضة الأحاديث
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 220)
الصريحة به جملة انظر: زاد المعاد 2\ 191 - 194 بتصرف يسير ..
وأما المروي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقول- فيمن حج ثم فسخها بعمرة-: سنن أبو داود المناسك (1807)، سنن ابن ماجه المناسك (2985).لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود تقدم تخريجه ص 217 ..
فقد قال النووي: " إسناد هذا لا يحتج به؛ لأن محمد بن إسحاق مدلس، وقد قال " عن "، واتفقوا على أن المدلس إذا قال " عن " لا يحتج به " المجموع 7\ 169 ..
قلت: وعلى فرض صحته فقد تقدم الجواب عن ذلك. وأما القول بأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالفسخ؛ ليبين الجواز، وليخالف ما كانت الجاهلية تعتقده من عدم جواز العمرة في أشهر الحج.
فالجواب عنه:
1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل ذلك عمره الثلاث في أشهر الحج في ذي القعدة، فكيف يظن أن الصحابة رضي الله عنهم لم يعلموا جواز الاعتمار في أشهر الحج إلا بعد أمرهم بفسخ الحج إلى عمرة؟
2 - أنه ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قد قال لهم عند الميقات: صحيح البخاري الحج (1786)، صحيح مسلم الحج (1211)، سنن النسائي مناسك الحج (2763)، سنن أبو داود المناسك (1782)، سنن ابن ماجه المناسك (2963).من شاء أن يهل بعمرة فليفعل، ومن شاء أن يهل بحجة فليفعل، ومن شاء أن يهل بحج وعمرة فليفعل، فبين لهم جواز الاعتمار في أشهر الحج عند الميقات وعامة
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 221)
المسلمين معه، فكيف لم يعلموا جوازها إلا بالفسخ؟
3 - أنه أمر من لم يسق الهدي أن يتحلل، وأمر من ساق الهدي أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله، ففرق بين محرم ومحرم. وهذا يدل على أن سوق الهدي هو المانع من التحلل لا مجرد الإحرام الأول، والعلة التي ذكروها لا تختص بمحرم دون محرم فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل التأثير في الحل وعدمه للهدي وجودا وعدما لا لغيره زاد المعاد 2\ 213 ..
4 - وأيضا فالذين حجوا معه متمتعين كان في حجهم ما يبين الجواز، فلا يجوز أن يأمر جميع من حج معه بالتحلل من إحرامه وأن يجعلوا ذلك تمتعا لمجرد بيان جواز ذلك، ولا ينقلهم عن الأفضل إلى المفضول؛ فعلم أنه إنما نقلهم إلى الأفضل. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ فقال: صحيح مسلم الحج (1241)، سنن الترمذي الحج (932)، سنن أبو داود المناسك (1790).بل للأبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/283)
5 - وأيضا فإذا كان الكفار غير متمتعين ولا معتمرين في أشهر الحج، والنبي صلى الله عليه وسلم قصد مخالفة الكفار، كان هذا من سنن الحج، كما فعل في وقوفه بعرفة ومزدلفة؛ فإن المشركين كانوا يعجلون الإفاضة من عرفة قبل الغروب، ويؤخرون الإفاضة من جمع اسم من أسماء مزدلفة.
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 222)
إلى أن تطلع الشمس، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأخر الإفاضة من عرفة إلى أن غربت الشمس، وعجل الإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس. وهذا هو السنة باتفاق المسلمين.
فهكذا ما فعله من التمتع والفسخ، إن كان قصد به مخالفة المشركين فهذا هو السنة، وإن فعله لأنه أفضل وهو سنة، فعلى كلا التقديرين يكون الفسخ أفضل، اتباعا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه- والله أعلم-.
القول الثاني: أن الفسخ جائز بل مستحب. وهو قول الإمام أحمد والحسن ومجاهد وداود، وهو الذي يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.
القول الثالث: وجوب فسخ الحج إلى عمرة لمن لم يسق الهدي. وبه قال ابن عباس رضي الله عنه، وهو قول ابن حزم ومال
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 223)
إليه ابن القيم.
والأدلة لهذين القولين هي:
1 - الأحاديث الصحيحة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل من لم يسق الهدي أن يفسخ حجه إلى عمرة، وهي متواترة كما تقدم، ولم يختلف أهل العلم في صحتها.
قال الإمام أحمد في رده على سلمة بن شبيب: " عندي أحد عشر حديثا في فسخ الحج، أتركها لقولك؟ " المغني 5\ 254، ومجموع الفتاوى 26\ 54، وزاد المعاد 2\ 183 ..
وقال ابن القيم: " روى عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بفسخه الحج إلى العمرة أربعة عشر من أصحابه ". ثم ذكرهم، ثم ذكر أحاديثهم التي رووها زاد المعاد 2\ 178.، ومنها:
حديث جابر في الصحيحين- وفيه-: فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة، وفيه: صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7367)، صحيح مسلم الحج (1240)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2805)، سنن أبو داود المناسك (1787)، سنن ابن ماجه المناسك (2980)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 366).لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي فحلوا "، فحللنا وسمعنا وأطعنا، وفيه- أي في الحديث- سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2805).فقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله، لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: " للأبد. . . الحديث تقدم تخريجه ص 213 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 224)
قال ابن القيم: " وهذا اللفظ الأخير صريح في إبطال قول من قال إن ذلك كان خاصا بهم، فإنه حينئذ يكون لعامهم ذلك وحده، لا للأبد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه للأبد " زاد المعاد 2\ 179، 180 ..
2 - ما ثبت عن أبي موسى رضي الله عنه أنه أفتى الناس بالفسخ الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفي، ثم زمن أبي بكر، ثم زمن عمر رضي الله عنهما انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 8\ 200، 201 ..
3 - أن ابن عباس رضي الله عنه كان يأمر بالفسخ كل من لم يسق الهدي ويجعله عمرة، بل كان يرى أن كل من طاف بالبيت وسعى فقد حل، شاء أم أبى انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 8\ 229، 230، وصحيح البخاري مع فتح الباري 3\ 534 ..
إلا أن أصحاب القول الثاني يحملون هذه الأدلة على الاستحباب، وأصحاب القول الثالث يحملونها على الوجوب انظر: المصادر المتقدمة ص 222، 223 ..
يقول ابن القيم رحمه الله: " ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحجج لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمرة؛ تفاديا من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا لأمره، فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صح حرف واحد يعارضه، ولا خص به أصحابه دون من
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 225)
بعدهم، بل أجرى الله سبحانه على لسان سراقة أن يسأله هل ذلك مختص بهم؟ فأجاب بأن ذلك كائن لأبد الأبد. فما ندري ما نقدم على هذه الأحاديث، وهذا الأمر المؤكد الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من خالفه. . . ".
مناقشة أصحاب القول الأول للقولين الثاني والثالث، والجواب عن هذه المناقشة:
1 - أن حديث سراقة بن مالك المقصود به إبطال ما كان يعتقده أهل الجاهلية من امتناع العمرة في أشهر الحج المجموع 7\ 168، وشرح النووي لمسلم 8\ 166 ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/284)
قلت: قد تقدم الجواب عن هذا.
2 - أن حديث الحارث بن بلال، قال عنه النووي: لم أر في الحارث جرحا ولا تعديلا، وقد رواه أبو داود ولم يضعفه، وقد ذكرنا أن ما لم يضعفه أبو داود فهو حديث حسن عنده إلا أن يوجد ما يقتضي ضعفه المجموع 7\ 169 ..
قلت: قد تقدم الجواب عن سبب تضعيف العلماء لحديث الحارث بن بلال، ثم كون الحديث لم يضعفه أبو داود لا يلزم
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 226)
منه أن لا يكون ضعيفا، فقد أورد أبو داود حديث أبي ذر برقم 1807، وحديث الحارث برقم 1808، ولم يضعف حديث أبي ذر، وقد قال النووي: " حديث أبي ذر إسناده لا يحتج به؛ لأن محمد بن إسحاق مدلس وقد قال " عن "، والمدلس إذا قال " عن " لا يحتج به ". اهـ.
فلم يكتف النووي بعدم تضعيف أبي داود لهذا الحديث، فكذلك حديث الحارث. ذكر أهل العلم أن الحارث مجهول، وحديثه يخالف الحديث الصحيح، مما يدل على بطلان حديث الحارث، ولم يروا عدم تضعيف أبي داود له دليلا على صحته.
3 - قالوا: إن حديث سراقة بن مالك قد اختلف العلماء في معناه، على أقوال:
قال النووي: " أصحها - وبه قال جمهورهم- معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إلى يوم القيامة. والمقصود به إبطال ما كانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في أشهر الحج.
والثاني: معناه جواز القران. وتقدير الكلام: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إلى يوم القيامة.
والثالث: تأويل بعض القائلين بأن العمرة ليست واجبة؛ قالوا: معناه سقوط العمرة. قالوا: ودخولها في الحج معناه: سقوط وجوبها، وهذا ضعيف أو باطل.
والرابع: تأويل بعض أهل الظاهر أن معناه جواز فسخ الحج
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 227)
إلى العمرة، وهذا أيضا ضعيف ". اهـ شرح النووي لمسلم 8\ 166 ..
وتعقبه الحافظ ابن حجر بقوله- بعدما أورد كلام النووي -: " وتعقب بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل، بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عما هو أعم من ذلك، حتى يتناول التأويلات المذكورة إلا الثالث. والله أعلم " فتح الباري 3\ 609 ..
قلت - بعد إيراد الأدلة والمناقشات-: فالذي يترجح عندي هو القول باستحباب الفسخ، وليس القول بالوجوب أو التحريم، وأن الوجوب كان خاصا بالصحابة، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، أما الاستحباب فباق إلى يوم القيامة؛ وبه تجتمع الأدلة، فقول من قال من الصحابة بأنه خاص بهم، أي وجوب الفسخ، وقول من قال من الصحابة بعموم الفسخ يحمل على جواز ذلك واستحبابه انظر: مجموع الفتاوى 26\ 51، 52، 95، 96، وزاد المعاد 2\ 193، 194 ..
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: " والذي يظهر لنا صوابه في حديث صحيح مسلم الحج (1241)، سنن الترمذي الحج (932)، سنن أبو داود المناسك (1790).بل للأبد، وحديث الخصوصية بذلك الركب، هو ما اختاره العلامة الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، وهو الجمع المذكور بين الأحاديث بحمل الخصوصية المذكورة على الوجوب والتحتم، وحمل التأبيد المذكور على المشروعية والجواز أو السنة، ولا شك أن هذا
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 228)
هو مقتضى الصناعة الأصولية والمصطلحية كما لا يخفى " أضواء البيان 5\ 151 ..
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=8367&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=17377&RightVal=17378&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 05:59 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد الرابع - الإصدار: من المحرم إلى جمادى الثانية لسنة 1398هـ > أبحاث هيئة كبار العلماء > هَدْي التمتُّع والقِران > وجهة نظر لصاحب الفضيلة الشيخ عبد اللَّه بن منيع
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 215)
وجهة نظر
لصاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
إن وجهة نظري تتلخص في الملاحظات الآتية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/285)
أولا: جاء في الصفحة الثالثة من البحث الاستدلال على تحديد وقت ذبح هدي التمتع والقران بالإطلاق في قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.، وبالتقييد في قوله تعالى: سورة الحج الآية 28فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ سورة الحج الآية 29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ.، الآية ولا شك أن بعض أهل العلم استدل بهذا ولكن الأمانة العلمية تقتضي مناقشة هذا الاستدلال.
إذ يمكن مناقشته بما يلي:
إن كمال الآية المراد بها تقييد عموم قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وقوله تعالى: سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ سورة الحج الآية 29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، الآية. وقد ذكر جمع كثير من العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء أن المراد بالأيام المعلومات عشر ذي الحجة فقد ذكر الجصاص في كتابه " أحكام القرآن " أنه روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أن المعلومات العشر والمعدودات أيام التشريق وهو قول الجمهور من التابعين منهم الحسن ومجاهد وعطاء والضحاك وإبراهيم في آخرين منهم، وقد روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أن المعلومات العشر والمعدودات أيام التشريق أحكام القرآن ج5 ص67. .
وروى البيهقي بإسناده إلى الشافعي أنه قال: الأيام المعلومات أيام العشر كلها والمعدودات أيام منى فقط اهـ أحكام القرآن للشافعي جمع البيهقي ج1 ص 134 ..
وقال النووي في المجموع:
وأما الأيام المعلومات فمذهبنا أنها العشر الأوائل من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر إلى أن قال: وقال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره: قال أكثر المفسرين: الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة اهـ المجموع ج8 ص 295 ..
فعلى هذا لا حجة في الآية على القول بتحديد وقت الذبح بيوم النحر وأيام التشريق بل قد يكون فيها دليل على القول بذبح هدي التمتع والقران في الأيام المعلومات التي هي العشر الأوائل من ذي الحجة؛ لأن المقصود بذكر الله على بهيمة الأنعام في هذه الآية أمر صريح بتحديد وقت الذبح وإذا كان الدليل
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 216)
يفهم من ترتيب قضاء التفث على ذكر الله على بهيمة الأنعام فإن هذا يعني بطلان أعمال الحج يوم العيد من رمي وحلق أو تقصير وطواف زيارة إذا فعل ذلك قبل الذبح أو النحر، ولا يخفى ما عليه إجماع أهل العلم قاطبة من أن الترتيب فيها مستحب وأنه لا حرج في تقديم واحد منها على الآخر لقوله - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل عن تقديم بعض هذه الأفعال على بعض قال: صحيح البخاري العلم (83)، صحيح مسلم الحج (1306)، سنن أبو داود المناسك (2014)، موطأ مالك الحج (959)، سنن الدارمي المناسك (1907).افعل ولا حرج فدل ذلك على أن غاية الأمر أن يكون مفهوم الترتيب الاستحباب، وبذلك ينتفي الاستدلال بالآية.
* * *
ثانيا: جاء في الصفحة الثالثة من البحث مناقشة الجصاص الاعتراض على منع تقديم ذبح هدي التمتع والقران بإجازة الصوم الذي هو بدل عنه قبل يوم النحر وقد كانت مناقشته في حاجة إلى مناقشة بما يلي:
أ - جاء في قوله إنه ثبت بالسنة امتناع ذبح الهدي قبل يوم النحر ويرد على ذلك بأنه لو كان الأمر كما ذكر من ثبوت امتناع ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر بالسنة لما حصل الخلاف في ذلك والثابت بخصوص الهدي إنما هو في الهدي المسوق تطوعا فلا يجوز ذبحه قبل يوم النحر، أما هدي المتعة والقران فإن القائلين بجواز ذبحه قبل يوم النحر يطالبون بالنص الصريح الثابت في امتناع ذبحه قبل يوم النحر من كتاب أو سنة بل إنهم يستدلون بهما على جواز ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/286)
ب - (ما ذكره بأن الصوم مراعى ومنتظر به شيئان إلى آخر قوله: هذا القول يمكن أن يقال في هدي المتعة وأيضا فإذا وجد المعنيان إتمام الحج والعمرة صح الهدي عن المتعة وإذا عدم أحدهما بطل أن يكون هدي متعة وصار هدي تطوع كصيام التطوع. ت - (قوله بأن الهدي رتب عليه أفعال أخرى من حلق وقضاء تفث وطواف زيارة فلذلك اختص بيوم النحر مناقشة ذلك ما مر في الملاحظة الأولى.
* * *
ثالثا: جاء في الصفحة الثامنة من البحث ما نصه: فهذه الأحاديث منها ما هو نص في أن بدء وقت النحر للمتمتع والقارن يوم الأضحى ومنها ما يدل عليه بمفهومه أو مع أمره - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ عنه المناسك وقد نحر عن نفسه وعن أزواجه يوم الأضحى ونحر أصحابه كذلك
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 217)
ولم يعرف عن أحد منهم أنه نحر هديه لتمتعه أو قرانه قبل يوم الأضحى فكان ذلك عمدة في التوقيت بما ذكر من جهات عدة.
وإن ذلك ممكن أن يناقش بما يلي:
أ - إن المتتبع لجميع ألفاظ الأحاديث الواردة في البحث لا يجد فيها نصا على تحديد بدء وقت نحر هدي التمتع والقران بيوم الأضحى، وإنما النص في بعضها على أن من ساق الهدي فلا يجوز له الإحلال حتى ينحر هديه، ولا شك أن الهدي الذي ساقه - صلى الله عليه وسلم - وساقه بعض أصحابه ودخلوا به مكة في حجهم معه - صلى الله عليه وسلم - هدي تطوع دخل فيه هدي التمتع أو القران فهو متصل به اتصال الجزء بكله بحيث لا يمكن فصله عنه.
ب - إن القول بأن منها (أعني الأحاديث الواردة في البحث) ما يدل مع أمره - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ عنه مناسكنا على بدء التحديد بيوم النحر يرد عليه بإجماع الأمة على جواز ذبح هدي التمتع أو القران في اليوم الأول أو الثاني من أيام التشريق وهو - صلى الله عليه وسلم - ذبح يوم العيد وقال: سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم فلو كان عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم وارد على ذلك لكان الذبح في أيام التشريق غير جائز للمخالفة وقد لا يمكن القول بأن العموم مخصص بقوله - صلى الله عليه وسلم - مسند أحمد بن حنبل (4/ 82).وكل أيام التشريق ذبح فقد تكلم رجال الحديث في هذه الزيادة بما لا يتسع المقام لذكره وبما يبطل الاستدلال به للتخصيص مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم - سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم عام في جميع أفعال النسك من ركن وواجب ومستحب وفي قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، تخصيص لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم.
ت - إن ما نحره عن نفسه هو هديه الذي ساقه - صلى الله عليه وسلم - تطوعا ودخل به مكة محرما وكان سوقه سبب امتناعه عن الإحلال، وأما نحره - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه في حجه فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك أضحية منه عنهن قال ابن حزم: ووجدنا ما رويناه من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبده بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: صحيح البخاري الحج (1786)، صحيح مسلم الحج (1211)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 177).خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة فكنت فيمن أهل بعمرة فقدمنا مكة فأدركني يوم عرفة
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 218)
وأنا حائض لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج " قالت: ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة وقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم إلى أن قال: فإن قيل: قد صح أنه عليه السلام أهدى عن نسائه البقر قلنا: نعم وقد بين معنى ذلك الإهداء سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنه كان أضاحي لا هدي متعة ولا هديا عن قران اهـ " المحلى ج7 ص 193 - 194 .. وعلى فرض أن ما ذبحه - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه هدي تمتع أو قران فقد فعل الأفضل ولا شك أن الأفضل ذبح ذلك يوم العيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/287)
د - وأما القول بأنه لم يعرف أحد من أصحابه نحر هدي تمتعه أو قرانه قبل يوم الأضحى فإنه يمكن مناقشته بأن عدم معرفة أحد من الصحابة نحر هديه قبل يوم الأضحى لا يعني منع ذلك ولا نفي أن أحدا من الصحابة فعله ثم إن الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه وذكر أنه على شرط مسلم وأقره الذهبي صريح في أن سعد بن أبي وقاص ذبح هديه قبل يوم النحر، وقد أخرجه الطبراني في الكبير وذكر أن رجاله ثقات.
وسيأتي مزيد نقاش لهذا الحديث والاعتراض عليه بما في مجمع الزوائد عن عكرمة.
* * *
رابعا: جاء في الصفحة الثامنة من البحث الاحتجاج لذلك القول بالإجماع بما ذكره ابن عابدين ويمكن أن يناقش ذلك بما يلي:
لعل ابن عابدين - رحمه الله - يقصد بالإجماع إجماع أهل مذهبه مع أن ابن قدامة - رحمه الله - نسب إلى أبي حنيفة القول بوجوب هدي التمتع بالإحرام بالحج وذلك في كتابه " المغني "، كما نسب ذلك إليه ابن العربي في كتابه " أحكام القرآن " وابن مفلح في كتابه " الفروع " أما أن يقصد ابن عابدين إجماع الأمة على منع ذلك فبعيد جدا لوجود الخلاف القوي في المسألة بين العلماء من مالكيين وشافعيين وحنابلة وغيرهم، ولأن مثل ابن عابدين لا يخفى عليه الخلاف في المسألة لا سيما وهو خلاف مشهور وعلى فرض أن ابن عابدين يقصد بالإجماع إجماع الأمة فما ذكره غير صحيح والخلاف في ذلك مشهور يعرفه الخاص والعام.
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 219)
خامسا جاء في الصفحة الثامنة من البحث الاحتجاج بالمعنى بما ذكره ابن قدامة - رحمه الله - بقوله؛ لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز ذبح الأضحية فيه إلى آخره، ويمكن نقاش ذلك بما ذكره ابن قدامة نفسه توجيها للقول بجواز تقديم ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر حيث قال: ووجه جوازه أنه دم يتعلق بالإحرام وينوب عنه الصيام فجاز قبل يوم النحر كدم الطيب واللباس ولأنه يجوز إبداله قبل يوم النحر فجاز أداؤه قبله كسائر الفديات اهـ " المغني ومعه الشرح ج3 ص 505.، وبما ذكره في توجيه رواية الوجوب بعد الإحرام بالحج بقوله: لأن الله تعالى قال: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وهذا قد فعل ذلك ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كاف كقوله تعالى: سورة البقرة الآية 187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ. . اهـ " المغني ومعه الشرح ج3 ص503 ..
وبما ذكره الشافعي - رحمه الله - بقوله: وإذا ساق المتمتع الهدي معه أو القارن لمتعته أو قرانه فلو تركه حتى ينجزه يوم النحر كان أحب إلي، وإن قدم فنحره في الحرم أجزأ عنه من قبل أن على الناس فرضين فرضا في الأبدان فلا يكون إلا بعد الوقت، وفرضا في الأموال فيكون قبل الوقت إذا كان شيئا مما فيه الفرض اهـ " الأم للشافعي ج2 ص217. . وبما ذكره ابن رجب في قواعده قال: العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما، لا يجوز تقديمها على سبب الوجوب ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة - وذكر منها ما ذكر ثم قال: ومنها صيام التمتع والقران فإنه سبب العمرة السابقة للحج في أشهره فبالشروع في إحرام العمرة قد وجد السبب فيجوز الصيام بعده وإن كان وجوبه متأخرا عن ذلك، وأما الهدي فقد التزمه أبو الخطاب في انتصاره، ولنا رواية أنه يجوز ذبحه لمن دخل قبل العشر لمشقة حفظه عليه إلى يوم النحر اهـ " قواعد ابن رجب ص6، 7 ..
كما أنه يمكن مناقشة ما ذكره ابن قدامة - رحمه الله - من قياسه الهدي على الأضحية بما ذكره ابن مفلح في الفروع حيث قال: وقاسوه على الأضحية والهدي وهي دعوى اهـ " الفروع ج7 ص249 ..
* * *
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 220)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/288)
سادسا: جاء في الصفحة التاسعة من البحث اعتراض الراهوني على ما ذكره الأبي عن القاضي عياض في شرحه رواية مسلم صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم، مع أن في الحديث حجة لمن يجيز للمتمتع نحر هديه بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج إلى آخره حيث ذكر الرهوني أن لديه نسخة عتيقة مظنونا فيها الصحة وليس فيها جواز نحر هدي المتمتع بعد التحلل من العمرة وإنما ذكر فيها جواز تقليد الهدي قبل الإحرام بالحج إلى آخر ما ذكره الرهوني.
ويمكن مناقشة ذلك بما يلي:
أ - إن عبارة القاضي عياض في جواز نحر الهدي قبل الإحرام بالحج قد تناقلها شيوخ كبار في مذهب الإمام مالك فقد نقلها عنه الأبي والسنوسي والدسوقي والبناني ومحمد عابد فلم يعترض عليها واحد منهم بل احتج بها بعضهم على رد تأويلات بعض شراح مختصر خليل في قوله وأجزا (أي دم التمتع) قبله (أي قبل يوم النحر) حينما قال بعضهم: إن المقصود بذلك تقليد الهدي وإشعاره لا ذبحه.
ب - (إن احتجاج الرهوني لدعواه التصحيف بما لديه من نسخة يدعي قدمها والوثوق بها فيه نظر، ولو سلم له احتجاجه لكان ذلك من أقصر الطرق لرد آراء العلماء وأقوالهم بإنكار نسبتها إليهم بالتصحيف فيما كتب عنهم، ثم هل يمكن أن تكون نسخة الرهوني هي الصحيحة الثابتة دون ما عداها مما لدى شيوخه وشيوخهم، إن العكس هو القريب الممكن المعقول.
ج - (إن اللجنة أيدت دعوى التصحيف بما ذكره بأن اللخمي ذكر الخلاف في التقليد لا في النحر وهذه الحجة ليست أكثر عجبا من سابقتها فإن عدم ذكر الشخص الشيء لا يعني نفيه من الوجود واللخمي كغيره من العباد ينطبق عليه القول: " علمت شيئا وغابت عنك أشياء ".
على أن المرء يقف حائرا في تكييف وجه الخلاف بين علماء المذهب المالكي في جواز تقليد الهدي وإشعاره بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج إلا أن يكون المراد بذلك مآل التقليد والإشعار وهو الذبح حسبما يفهم من التمثيل على جواز ذلك بقياسه على تقديم الكفارة قبل الحنث والزكاة قبل الحول وأن ذلك مما تقتضيه السنة توسعة في جميع ذلك فإن اقتضاء السنة التوسعة على العباد لا يعني الحرج وإيجاد العسر والمشقة في رعاية الهدي المقلد والمشعر حتى يأتي يوم النحر فينحر فإن الحاج في شغل عنه بتهيئة أسباب حجه من زاد وراحلة وغير ذلك وإنما التوسعة عليه في إراحته من ملازمته ورعايته بذبحه بعد وجوبه، ولا شك
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 221)
أن المتتبع بإنصاف لنصوصهم يقوى لديه الظن بأنهم يقصدون بذلك الذبح لما في جميع ذلك من التوسعة التي تقتضيها السنة.
د - إن الرهوني تعقب ما نقله الأبي عن المازري من قوله: مذهبنا أن هدي التمتع إنما يجب بالإحرام بالحج وفي وقت جوازه ثلاثة أوجه: فالصحيح والذي عليه الجمهور أنه يجوز بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج اهـ " إكمال إكمال المعلم ج3 ص 451 ..
فقال: ليس فيه أن المراد بالجمهور جمهور أهل المذهب وقد تقدم أن المراد بهذه العبارة حيث أطلقها أهل الخلاف الكبير جمهور المجتهدين وإن كانت تشمل الإمام مالكا لكن لا تصريح بنسبة ذلك إليه اهـ " حاشية الرهوني على شرح عبد الباقي مختصر خليل ج2 ص434 ..
وهذا ما يفرح به القائلون بتقديم ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر فلأن يكون هذا القول قول جمهور المجتهدين من علماء الإسلام أمثال الإمام مالك أحب إليهم من أن يكون قول جمهور المالكيين من أمثال الرهوني وأترابه.
هـ - إن المتتبع لحواشي الرهوني يخرج من تتبعها بالحكم عليه بأنه ليس في مستوى قيادي في مذهبه فهو يريد أن يقلل من شأن القول بجواز الذبح قبل يوم النحر بإنكار أن الجمهور القائلين به حسبما ذكره المازري جمهور المالكيين وإنما هم جمهور المجتهدين أمثال مالك وغيره، وهذا تقوية للقول من حيث لا يدري من أن المتتبع لقول المازري يخرج من تتبعه أنه يتحدث عن مذهبه وعن فقهاء مذهبه وأقوالهم مما يدل على أن ما ذكرنا في الرهوني وارد، وإذا كان الرهوني على مستوى يسمح باعتباره إماما في مذهبه ومحققا وإذا كانت نسخته هي المظنون بها الصحة فكيف لنا تفسير نقله من نسخته هذه التي لم يجد غيرها في ذلك الوقت حسبما ذكر، نقله آية من كتاب الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/289)
وأوردت خطأ دون أن يشير إلى تصحيحها فقد جاء في حاشيته ونقلته اللجنة عنه في السطر الثامن من الصفحة التاسعة من البحث ما نصه: ونصه وقوله للمتمتعين (: فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم نص في كتاب الله تعالى مما يلزم التمتع إن صحة الآية: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ.
* * *
سابعا: جاء في الصفحتين العاشرة والحادية عشرة من البحث نقل طويل لشيخنا محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - وفيه يشير إلى تغليظ من يجيز على المذهب المالكي ذبح
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 222)
الهدي قبل الإحرام بالحج بعد أن أورد مجموعة نصوص لشراح مختصر خليل يؤولون قوله: وأجزأ قبله ويمكن مناقشة ما ذكره بعض شراح المختصر من التأويلات بما قاله الدسوقي بعد أن أورد قول بعضهم: إن المراد بذلك تقليد الهدي وإشعاره لا ذبحه.
قال: فيه نظر فقد قال الأبي في شرح مسلم على أحاديث الاشتراك في الهدي على قول الراوي وأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ما نصه: (عياض) في الحديث حجة لمن يجوز نحر الهدي للمتمتع بعد الإحلال من العمرة وقبل الإحرام بالحج وهي إحدى الروايتين عندنا والأخرى أنه لا يجوز إلا بعد الإحرام بالحج؛ لأنه بذلك يصير متمتعا وذكر بعضهم أنه يجوز بعد الإحرام بالعمرة اهـ
وبه نعلم أنه يتعين صحة إبقاء كلام المصنف أي خليل على ظاهره وسقوط تعقب الشراح عليه وتأويلهم له من غير داع لذلك اهـ حاشية الدسوقي على شرح الدردير على مختصر خليل. . وقال الشيخ محمد عابد في شرح قول الماتن: ولا يجوز نحر هدي التمتع قال: تبع في ذلك الخطاب في مناسكه والدردير وعبد الباقي على خليل عند قوله: وأجزا قبله حيث قال كل منهم أي إشعاره وتقليده لا نحره إذ لم يقل به أحد وفي البناني ما يخالف ذلك وحاصل ما فيه أنه أطبق كثير من شراح خليل على تأويل قوله: أجزأ قبله أي الإشعار والتقليد محتجين بأنه لم يصرح أحد من أهل المذهب بأن نحر الهدي قبل الإحرام بالحج مجزئ وهو غير ظاهر لقول الأبي في شرح مسلم على أحاديث الاشتراك في الهدي على قول الراوي.
وأمرنا إذا أحللنا أن نهدي، ما نصه: عياض في الحديث حجة لمن يجوز نحر الهدي للمتمتع بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج ثم ساق بقية كلام القاضي (عياض) وكلام المازري عن طريق الأبي " حاشية الدسوقي على شرح الدردير على مختصر خليل ..
* * *
ثامنا: جاء في الصفحة الرابعة عشرة من البحث مناقشة الرواية عن الإمام أحمد بجواز ذبح هدي من قدم به مكة قبل العشر خشية ضياعه أو سرقته، ويمكن نقاش ذلك بأن هذه المسألة خارجة عن موضوعنا فإنها خاصة فيمن قدم مكة ومعه هدي، وموضوعنا خاص فيمن تمتع بالعمرة إلى الحج فاستوجب الهدي أيذبحه بعد وجوبه أم يؤخر ذبحه حتى يوم النحر.؟
* * *
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 223)
تاسعا: جاء في الصفحة الرابعة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال على جواز الذبح قبل يوم النحر بآية: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.، بأن هذا مجرد فهم للآية باجتهاد عارضه نص هو قوله تعالى: سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ، الآية وقد سبق مناقشة الاستدلال بهذه الآية في الملاحظة الأولى مما يغني عن إعادته.
* * *
عاشرا: جاء في الصفحة الخامسة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال بحديث أبي الزبير عن جابر صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدي وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث أمور ثلاثة يمكن أن تناقش بما يلي:
أ - التسليم بنفي التعارض بينه وبين الأحاديث الواردة في البحث إذ ليس فيها ما يدل بصريح العبارة على منع تقديم ذبح هدي التمتع أو القران على يوم النحر وقد سبقت مناقشة القول بدلالتها على المنع في الملاحظة الثالثة وعليه فإن دلالة الحديث على إجازة الذبح بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج قد فهمها علماء كبار من رجال الحديث وشراحه أمثال النووي والقاضي عياض والمازري والأبي والسنوسي وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/290)
ب - إن القول بأن المقصود بقول جابر: صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي التحلل من الحج يرده مزيد التأمل والتدبر في نهاية الحديث وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم فلقد أمر - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الذين أحرموا بالحج معه أن يحلوا منه إلى عمرة واشتد غضبه - صلى الله عليه وسلم - على قوم ترددوا في الأخذ بقوله وأمره أما التحلل من الحج يوم العيد فإنه لا يكون بأمر وإنما يحصل بأفعال يفعلها الحاج يوم العيد من رمي وحلق أو تقصير وطواف زيارة وفضلا عن ذلك كله فإن راوي الحديث عن جابر وهو أبو الزبير قد أبان المقصود من ذلك فقد ذكر أبو عبد الله الأبي في شرحه صحيح مسلم عند كلامه على حديث جابر ما نصه: ويعني بقوله حين أمرهم يعني إحلال الفسخ الذي أمرهم به في حجة الوداع. اهـ.
إن القول بأن في الحديث زيادة شاذة لمخالفتها ما سبق من الأدلة الصحيحة الخالية من هذه الزيادة وأن مدارها على محمد بن بكر البرساني يمكن أن يناقش بما يلي:
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 224)
1 - نفي الشذوذ في هذه الزيادة إذ هي لم تخالف غيرها من الروايات فليس هناك حديث صريح صحيح ينص على بدء وقت ذبح هدي التمتع والقران بيوم النحر وإنما غاية ما في الأمر مفاهيم لا يجوز أن يحكم بها على زيادة من عدل رواها مسلم في صحيحه إذ الزيادة من العدل مقبولة.
2 - إن القول بأن مدار هذه الزيادة على محمد بن بكر البرساني غير صحيح فقد روى الإمام أحمد في مسنده هذا الحديث بكامل هذه الزيادة عن محمد بن بكر وروح بن عبادة القيسي فقال: حدثنا محمد بن بكر وروح قالا: حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مسند أحمد بن حنبل (3/ 378).فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في البدنة وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجتهم اهـ " مسند الإمام أحمد ج3 ص378 ..
وروح هو روح بن عبادة القيسي قال الحافظ ابن حجر: كان أحد الأئمة وثقه علي بن المديني ويحيى بن معين ويعقوب بن شيبة وأبو عاصم وابن سعد والبزار وأثنى عليه أحمد وغيره وقال يعقوب بن شيبة: قلت لابن معين: زعموا أن ابن القطان كان يتكلم فيه فقال: باطل ما تكلم فيه إلى أن قال الحافظ: قلت احتج به الأئمة كلهم اهـ هدي الساري ج2 ص127 ..
وقال الحافظ ابن حجر في محمد بن بكر ما نصه: وثقه أبو داود والعجلي وقال عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة وقال أبو حاتم: شيخ محله الصدق إلى آخر ما قال هدي الساري ج2 ص159. . وقال في تهذيب التهذيب: قال حنبل بن إسحاق عن أحمد صالح الحديث وقال الدوري عن ابن معين: ثنا البرساني وكان والله ظريفا صاحب أدب وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة وقال أبو داود: والعجلي ثقة.
قال الحافظ: وذكره ابن حبان في الثقات وقال: هو وابن سعد وآخرون: مات سنة ثلاث ومائتين زاد ابن سعد بالبصرة في ذي الحجة وكان ثقة وذكر الحافظ أنه أجاب عن قول الذهبي في البرساني روي عن عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة في حديث بسرة في مس الذكر: أو أنثييه أو فرجه فرفع الزيادة وإنما هي من قول عروة قال: قد أوضحت ذلك
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 225)
في المدرج وذكرت فيه من شاركه في رفع هذه الزيادة لكن عن غير شيخه وبينت سبب الإدراج ومستنده تهذيب التهذيب ج9 ص78 ..
3 - إن هذه الزيادة غير شاذة ففضلا عن أن محمد بن بكر لم ينفرد بها بل اشترك معه في روايتها عند أحمد روح بن عبادة وأنه ليس في الروايات الأخرى نص صريح في مخالفتها فقد تأيدت بما روى الحاكم في مستدركه والطبراني في الكبير من أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بالإحلال من الحج وفسخه إلى عمرة إلا من ساق معه الهدي ثم قسم - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسا فذبحه وسيأتي مزيد نقاش لحديث الحاكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/291)
د - إن القول: بأن مسألة ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر من الأمور التي تتوافر الهمم والدواعي على نقلها لو كان فيها نص بالجواز يمكن نقاشه بأن الهمم والدواعي تتوافر أيضا على نقل ما فيها من نصوص تقتضي المنع لو كانت هناك نصوص في ذلك وحيث لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص صريح في منع ذلك وتعيين البدء بيوم النحر حتى يمكن أن يكون مخصصا لعموم قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، تعين الأخذ بعموم الآية مع ما هناك من أدلة أخرى تسند الجواز فمتى دخل الحاج في معنى التمتع وجب عليه الهدي واستقر في ذمته حتى يؤديه كاستقرار الكفارات في ذمة مستوجبها وكوجوب الدماء في ذمة من استوجبها.
* * *
الحادية عشر جاء في الصفحة الخامسة عشر من البحث الاستدلال للقائلين بجواز تقديم الذبح قبل يوم النحر بما ذكره الشيرازي ولو أضيف إليه ما ذكره الشافعي في الأم وابن قدامة في المغني وابن رجب في قواعده مما تقدم لنا ذكره في الملاحظة الخامسة لكان ذلك من إيفاء البحث حقه ومع ذلك فإن مناقشته بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص قد تقدم ردها بالمطالبة بالنص الصريح الثابت من كتاب أو سنة أو قول صحابي في تحديد بدء وقت ذبح هدي التمتع والقران بيوم النحر.
* * *
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 226)
جاء في الصفحة السادسة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال بآية سورة البقرة الآية 187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ في أن التمتع يحصل بأول جزء من الحج وهو الإحرام إلى آخره من أن التمتع قد لا يتحقق بإحرام الحج لاحتمال فوات الوقوف بعرفة ويمكن نقاش ذلك بأن هذا لا يمنع من لم يجد هديا أن يعدل إلى بدله وهو الصوم مع احتمال عدم التمكن من إكمال التمتع فإذا جاز ذلك في البدل جاز في المبدل عنه.
* * *
الثانية عشر: جاء في الصفحة السابعة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال بحديث الحاكم بما رواه الإمام أحمد في مسنده عن طريق عكرمة مولى ابن عباس وفيه مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ غنما يوم النحر في أصحابه وقال: " اذبحوها لعمرتكم فإنها تجزئ إلى آخره من أن رواية الإمام أحمد مفسرة لرواية الحاكم.
ويمكن مناقشة ذلك بما يلي:
إن الروايتين لا يصلح أن تكون إحداهما مفسرة للأخرى لانتفاء الإجمال في رواية الحاكم فإنها صريحة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الغنم في أصحابه بعد الإحلال من العمرة وقبل الوقوف بعرفة كما يتضح ذلك من سياق الحديث الذي لم تذكره اللجنة بتمامه وتأسيسا عليه في النقاش فإنه يتعين ذكر نصه بتمامه، روى الحاكم في مستدركه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم ثنا حمد بن النضر بن عبد الوهاب ثنا يحيى بن أيوب ثنا وهب بن جرير ثنا أبي عن محمد بن إسحاق ثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد وعطاء عن جابر بن عبد الله قال: كثرت القالة من الناس فخرجنا حجاجا حتى لم يكن بيننا وبين أن نحل إلا ليال قلائل أمرنا بالإحلال فيروح أحدنا إلى عرفة وفرجه يقطر منيا فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام خطيبا فقال: سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2805).أبالله تعلموني أيها الناس فأنا والله أعلمكم بالله وأتقاكم له ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت هديا ولحللت كما أحلوا فمن لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن وجد هديا فلينحر، فكنا ننحر الجزور عن سبعة قال عطاء: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسا فذبحه عن نفسه فلما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اصرخ أيها الناس هل تدرون أي شهر هذا؟ إلى آخر الحديث ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه وأقره الذهبي على تصحيحه.
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 227)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/292)
فقوله - صلى الله عليه وسلم - أبالله تعلموني أيها الناس إلى قوله: ومن وجد هديا فلينحر صريح في الأمر بالنحر في ذلك الوقت الذي ألقى فيه كلمته التوجيهية وقول جابر: سنن الترمذي الأضاحي (1502)، سنن أبو داود الضحايا (2807)، سنن ابن ماجه الأضاحي (3132)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 335)، موطأ مالك الضحايا (1049)، سنن الدارمي الأضاحي (1955).فكنا ننحر الجزور عن سبعة صريح في الامتثال لأمره - صلى الله عليه وسلم - يومئذ وقول ابن عباس مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه بين أن ذلك هو زمن أمره - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتحلل من الحج وفسخه إلى عمرة ويؤيد ذلك روايتا مسلم وأحمد عن أبي الزبير عن جابر صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم.
ورواية عكرمة عن ابن عباس صريحة في أن الغنم التي قسمها - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه سعد كان يوم النحر.
وبذلك يتضح التعارض بين الروايتين ويتعين المصير إلى الترجيح وعليه فيمكننا ترجيح رواية الحاكم على رواية الإمام أحمد بالأمور الآتية:
أ - إن رواية الحاكم فيها قصة ورجال الحديث وحفاظه متفقون على أن القصة في الحديث من أدلة حفظه قال ابن القيم - رحمه الله - في معرض توجيهه: القول بالأخذ بحديث عائشة في إنكارها على زيد بن أرقم بيعه بالعينة قال: وأيضا فإن في الحديث قصة وعند الحفاظ إذا كان فيه قصة دلهم على أنه محفوظ إعلام الموقعين ج3 ص217 ..
ب - إن دلالة رواية الحاكم على أن سعد بن أبي وقاص ذبح تيسه بعد إحلاله من العمرة مؤيد برواية مسلم وأحمد عن جابر صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم قال أبو الزبير راوي الحديث عن جابر: ويعني بقوله: حين أمرهم يعني إحلال الفسخ الذي أمرهم به في حجة الوداع اهـ.
ت - إن رجال رواية الحاكم ثقات وعلى شرط مسلم كما ذكر ذلك الحاكم وأقره الذهبي وفيهم عطاء أفقه الناس في المناسك ومن أكثرهم علما وورعا وتقى وقد روى صدرها عن جابر عطاء ومجاهد وروى عجزها عن ابن عباس عطاء.
ث - إن رواية الحاكم مؤيدة بما روى الطبراني عند الهيثمي في مجمع الزوائد في باب الخطب في الحج حيث قال: وعن ابن عباس مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه فلما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته وكان رجلا صيتا فقال: " اصرخ أيها الناس: أتدرون أي شهر هذا؟ " إلى
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 228)
آخره - قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات مجمع الزوائد ج3 ص271.، فقد رتب رواية وقوفه - صلى الله عليه وسلم - بعرفة وخطبته في الناس على رواية تقسيمه - صلى الله عليه وسلم - الغنم في أصحابه وإصابة سعد بن أبي وقاص تيسا منها وذبحه كما هو الحال في رواية الحاكم.
ج - إن رواية الإمام أحمد التي فيها قسم غنما يوم النحر في أصحابه من طريق عكرمة مولى ابن عباس ولا يخفى ما لعطاء على عكرمة من الفضل والتقديم والثقة فإن عكرمة وإن اعتبره بعض أهل العلم فيكفينا لرد الاحتجاج بروايته إذا عارضت رواية رجال ثقات أمثال عطاء وغيره ممن اعتبرهم أهل العلم ووثقوهم يكفينا لذلك ما ذكره الحافظ الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال حيث قال عن عكرمة ما يلي:
قال محمد بن سيرين: ما يسوءني أن يكون من أهل الجنة ولكنه كذاب وقال ابن المسيب لمولاه برد: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس، وقال وهيب: شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري ذكر عكرمة فقال: كذاب، وروى جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث قال: دخلت على علي بن عبد الله فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش فقلت له ألا تتقي الله، فقال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي، وقال ابن أبي ذئب: رأيت عكرمة وكان غير ثقة، وقال مطرف بن عبد الله: سمعت مالكا يكره أن يذكر عكرمة ولا رأى أن يروى عنه، قال أحمد بن حنبل: ما علمت أن مالكا حدث بشيء لعكرمة إلا في الرجل يطأ امرأته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/293)
قبل الزيارة، رواه عن ثور عن عكرمة، وقال محمد بن سعد كان عكرمة كثير الحديث والعلم بحرا من البحور وليس يحتج بحديثه ويتكلم الناس فيه وقال خالد بن خداش: شهدت حماد بن زيد في آخر يوم مات فيه فقال: أحدثكم بحديث لم أحدث به قط لأني أكره أن ألقى الله ولم أحدث به سمعت أيوب يحدث عن عكرمة أنه قال: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به، قلت: القائل الحافظ الذهبي ما أسوأها عبارة وأخبثها بل أنزله ليهدي به وليضل به الفاسقين، وقال قطر بن خليفة: قلت لعطاء: إن عكرمة يقول: قال ابن عباس سبق الكتاب الخفين فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس يقول: لا بأس بمسح الخفين وإن دخلت الغائط، قال عطاء: والله إن كان بعضهم ليرى أن المسح على القدمين يجزئ وثبت عن أحمد بن حنبل أنه قال في عكرمة: كان يرى رأي الصفرية وقال ابن المديني: كان يرى رأي نجدة الحروري، وقال عطاء: كان إباضيا وقال مصعب الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج، وقال يحيى بن بكير: قدم عكرمة مصر وهو يريد المغرب قال: فالخوارج الذين هم بالمغرب عنه أخذوا إلى آخر ما ذكره ميزان الاعتدال ج3 ص93 - 96.
و - ما في رواية عكرمة من الإشكال في قوله مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).اذبحوها لعمرتكم فإنها تجزئ إذ ليس على العمرة دم والتمتع والقران لا يسمى أحدهما عمرة فما نوع هذه العمرة المستوجبة للدم؟ ثم إن التعبير بلفظ: فإنها تجزئ تعبير رديء ركيك ساذج ينزه الأسلوب النبوي عن مستواه إنه يشبه من يقدم لشخص
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 229)
جائع طعاما ثم يقول له كله فإنه يرفع الجوع ويدفعه اللهم إلا أن يكون الغرض من ذلك أنه قسم غنما رديئة لا يجزئ مثلها هديا فاعتبر لها حكما خاصا في الإجزاء كعناق خال البراء بن عازب وهذا مما لا نستطيع اعتباره والقول به فمقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرفع وأعلى من أن يرتضي لربه نسائك رديئة يتقرب بها إليه وقد تقرب - صلى الله عليه وسلم - لربه بهدي جزل بلغ مائة بدنة.
* * *
الثالثة عشرة: جاء في الصفحة السابعة عشرة من البحث مناقشة ما ذكره الشيرازي من الأمر المعنوي في جواز الذبح قبل يوم النحر بأمور ثلاثة يمكن نقاش أحدها بنفي وجود النص الصريح المقتضي منع ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر حتى يقال بمصادمته للاجتهاد فضلا عن أن القول بالجواز مؤيد بالكتاب والسنة وعمل الصحابة وقد مر بسط ذلك مما يغني عن إعادته، كما يمكن نقاش الأمر الثاني بما ذكره في الملاحظة الثانية ويمكن نقاش الأمر الثالث بأن ما يذكره ابن القيم - رحمه الله - أو غيره من أهل العلم لا يكون حجة حتى يستند قوله على ما يؤيده من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح أما إذا كان قوله مجرد رأي فإنه رجل وغيره رجال.
الرابعة عشرة: جاء في الصفحة الثامنة عشرة من البحث نفي الفرق بين الأضحية والهدي في الوقت ويمكن نقاش ذلك بأنه قياس مع الفارق فالأضحية عبادة مستقلة جاء النص الصريح بتحديد بدء وقت جواز ذبحها وكاد الإجماع ينعقد على تحديد نهاية الوقت بنهاية اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق على خلاف بين أهل العلم أما الهدي الواجب للتمتع أو القران فليس عبادة مستقلة وإنما هو جزء من أعمال الحج لم يرد نص صريح من كتاب أو سنة بتحديد انتهاء وقته وقد جاء النص بوجوبه عند حصول التمتع قال تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.، فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فقد وجب عليه واستقر في ذمته حتى يؤديه قال ابن حزم - رحمه الله - بعد أن ذكر أن هدي التمتع يجب بالإحرام بالحج بعد التحلل من العمرة قال ما نصه: وأما ذبحه ونحره بعد ذلك فلأن هذا الهدي قد بين الله تعالى أول وقت وجوبه ولم يحدد آخر وقت وجوبه بحد وما كان هكذا فهو دين باق أبدا حتى يؤدى والأمر به ثابت حتى يؤدى، ومن خصه بوقت محدود فقد قال على الله تعالى ما لم يقله عز وجل وهذا عظيم جدا اهـ المحلى (7) ص 155 ..
وقد رد بعض أهل العلم قياس هدي التمتع والقران على الأضحية أو هدي التطوع، فقال ابن مفلح: وقاسوه على الأضحية والهدي وهي دعوى اهـ الفروع ج2 ص 249 ..
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 230)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/294)
وقال النووي: ويخالف الأضحية؛ لأنه منصوص على وقتها اهـ " المجموع ج7 ص 180 ..
* * *
الخامسة عشرة: جاء في الصفحة الثامنة عشر الاحتجاج على تحديد وقت انتهاء الذبح باليوم الثاني من أيام التشريق بالإجماع بما ذكره الجصاص عن بعض الصحابة وأنه لا يجوز لمن بعدهم مخالفتهم ويمكن نقاش ذلك بأمرين: أحدهما أن المقصود بالذبح ذبح هدي التطوع والأضاحي لا ذبح هدي المتعة والقران لورود النص فيهما دون هدي المتعة والقران ولاختلافه عنهما، الثاني استبعاد أن الجصاص يقصد بقوله: أنه لا يجوز لمن بعدهم مخالفتهم انعقاد الإجماع على ذلك وعلى فرض أنه يقصد الإجماع فإن النقل عن بعض الصحابة في حكم مسألة لا يعني إجماع كل الصحابة على القول به حتى يرد النص بنفي الخلاف بينهم فيها ما لم تكن مبنية على نص صريح ثابت من كتاب أو سنة.
* * *
السادسة عشرة: جاء في الصفحة الثانية من البحث نقول عن الرملي والفتوحي من الشافعية بأن وقت ذبح الهدي محدد بوقت ذبح الأضحية على الصحيح، وصحح ذلك النووي والرافعي ويمكن نقاش ذلك بأن مقصود الرملي والنووي والرافعي بالهدي هو هدي التطوع وفيما يلي بعض النصوص في بيان ذلك.
قال النووي: فرع في وقت ذبح الأضحية والهدي المتطوع بهما والنذور فيدخل وقتهما إذا مضى قدر صلاة العيد وخطبتين معتدلتين بعد طلوع الشمس يوم النحر سواء صلى الإمام أو لم يصل وسواء صلى المضحي أو لم يصل ويبقى إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق ويجوز في الليل لكنه مكروه إلى أن قال: وأما الدماء الواجبة في الحج بسبب التمتع أو القران أو اللبس أو غير ذلك من فعل محظور أو ترك مأمور فوقتها من حين وجوبها بوجود سببها ولا تختص بيوم النحر ولا غيره اهـ " الإيضاح من ص375 - 376 ..
وقال في موضع آخر: ووقت وجوب دم التمتع إذا أحرم بالحج فإذا وجب جازت إراقته ولم يتوقت بوقت كسائر دماء الجبرانات اهـ " الإيضاح ص 522 .. وقال الشربيني على قول النووي وسيأتي في آخر الباب محرمات الإحرام على الصواب ما نصه:
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 231)
ووقته وقت الأضحية على الصحيح هذا بناه المصنف على ما فهمه من أن مراد الرافعي بالهدي هنا المساق تقربا إلى الله تعالى، فاعترضه هنا وفي الروضة والمجموع، واعترض الأسنوي المصنف بأن الهدي يطلق على دم الجبرانات والمحظورات، وهذا لا يختص بزمان، وهو المراد هنا، وفي قوله: أولا ثم يذبح من معه هدي، وعلى ما يساق تقربا إلى الله وهذا هو المختص بوقت الأضحية على الصحيح، وهو المذكور في آخر باب محرمات الإحرام فلم يتوارد الكلامان على محل واحد حتى يعد ذلك تناقضا. وقد أوضح الرافعي ذلك في باب الهدي من الشرح الكبير فذكر أن الهدي يقع على الكل وأن الممنوع فعله في غير وقت الأضحية هو ما يسوقه المحرم لكنه لم يفصح في المحرر عن المراد كما أفصح عنه في الكبير فظن المصنف - هو النووي - أن المسألة واحدة فاستدرك عليه وكيف يجيء الاستدراك مع تصريح الرافعي هناك بما يبين المراد. اهـ مغني المحتاج ج1 ص504 ..
وبهذا يتضح أن النووي والرافعي والرملي يقصدون بتوقيت ذبح الهدي بوقت الأضحية ما يساق هديا تقربا إلى الله تعالى على سبيل التطوع أو النذر، أما هدي المتعة والقران فنصوصهم صريحة متضافرة على جواز ذبحها بعد وجوبها.
هذا ما تيسر إيراده، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. . .
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=654&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=1359&RightVal=1360&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:08 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد الرابع - الإصدار: من المحرم إلى جمادى الثانية لسنة 1398هـ > أبحاث هيئة كبار العلماء > هَدْي التمتُّع والقِران > وجهة نظر لصاحب الفضيلة الشيخ عبد اللَّه بن منيع
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 215)
وجهة نظر
لصاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
إن وجهة نظري تتلخص في الملاحظات الآتية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/295)
أولا: جاء في الصفحة الثالثة من البحث الاستدلال على تحديد وقت ذبح هدي التمتع والقران بالإطلاق في قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.، وبالتقييد في قوله تعالى: سورة الحج الآية 28فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ سورة الحج الآية 29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ.، الآية ولا شك أن بعض أهل العلم استدل بهذا ولكن الأمانة العلمية تقتضي مناقشة هذا الاستدلال.
إذ يمكن مناقشته بما يلي:
إن كمال الآية المراد بها تقييد عموم قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وقوله تعالى: سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ سورة الحج الآية 29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، الآية. وقد ذكر جمع كثير من العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء أن المراد بالأيام المعلومات عشر ذي الحجة فقد ذكر الجصاص في كتابه " أحكام القرآن " أنه روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أن المعلومات العشر والمعدودات أيام التشريق وهو قول الجمهور من التابعين منهم الحسن ومجاهد وعطاء والضحاك وإبراهيم في آخرين منهم، وقد روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أن المعلومات العشر والمعدودات أيام التشريق أحكام القرآن ج5 ص67. .
وروى البيهقي بإسناده إلى الشافعي أنه قال: الأيام المعلومات أيام العشر كلها والمعدودات أيام منى فقط اهـ أحكام القرآن للشافعي جمع البيهقي ج1 ص 134 ..
وقال النووي في المجموع:
وأما الأيام المعلومات فمذهبنا أنها العشر الأوائل من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر إلى أن قال: وقال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره: قال أكثر المفسرين: الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة اهـ المجموع ج8 ص 295 ..
فعلى هذا لا حجة في الآية على القول بتحديد وقت الذبح بيوم النحر وأيام التشريق بل قد يكون فيها دليل على القول بذبح هدي التمتع والقران في الأيام المعلومات التي هي العشر الأوائل من ذي الحجة؛ لأن المقصود بذكر الله على بهيمة الأنعام في هذه الآية أمر صريح بتحديد وقت الذبح وإذا كان الدليل
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 216)
يفهم من ترتيب قضاء التفث على ذكر الله على بهيمة الأنعام فإن هذا يعني بطلان أعمال الحج يوم العيد من رمي وحلق أو تقصير وطواف زيارة إذا فعل ذلك قبل الذبح أو النحر، ولا يخفى ما عليه إجماع أهل العلم قاطبة من أن الترتيب فيها مستحب وأنه لا حرج في تقديم واحد منها على الآخر لقوله - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل عن تقديم بعض هذه الأفعال على بعض قال: صحيح البخاري العلم (83)، صحيح مسلم الحج (1306)، سنن أبو داود المناسك (2014)، موطأ مالك الحج (959)، سنن الدارمي المناسك (1907).افعل ولا حرج فدل ذلك على أن غاية الأمر أن يكون مفهوم الترتيب الاستحباب، وبذلك ينتفي الاستدلال بالآية.
* * *
ثانيا: جاء في الصفحة الثالثة من البحث مناقشة الجصاص الاعتراض على منع تقديم ذبح هدي التمتع والقران بإجازة الصوم الذي هو بدل عنه قبل يوم النحر وقد كانت مناقشته في حاجة إلى مناقشة بما يلي:
أ - جاء في قوله إنه ثبت بالسنة امتناع ذبح الهدي قبل يوم النحر ويرد على ذلك بأنه لو كان الأمر كما ذكر من ثبوت امتناع ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر بالسنة لما حصل الخلاف في ذلك والثابت بخصوص الهدي إنما هو في الهدي المسوق تطوعا فلا يجوز ذبحه قبل يوم النحر، أما هدي المتعة والقران فإن القائلين بجواز ذبحه قبل يوم النحر يطالبون بالنص الصريح الثابت في امتناع ذبحه قبل يوم النحر من كتاب أو سنة بل إنهم يستدلون بهما على جواز ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/296)
ب - (ما ذكره بأن الصوم مراعى ومنتظر به شيئان إلى آخر قوله: هذا القول يمكن أن يقال في هدي المتعة وأيضا فإذا وجد المعنيان إتمام الحج والعمرة صح الهدي عن المتعة وإذا عدم أحدهما بطل أن يكون هدي متعة وصار هدي تطوع كصيام التطوع. ت - (قوله بأن الهدي رتب عليه أفعال أخرى من حلق وقضاء تفث وطواف زيارة فلذلك اختص بيوم النحر مناقشة ذلك ما مر في الملاحظة الأولى.
* * *
ثالثا: جاء في الصفحة الثامنة من البحث ما نصه: فهذه الأحاديث منها ما هو نص في أن بدء وقت النحر للمتمتع والقارن يوم الأضحى ومنها ما يدل عليه بمفهومه أو مع أمره - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ عنه المناسك وقد نحر عن نفسه وعن أزواجه يوم الأضحى ونحر أصحابه كذلك
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 217)
ولم يعرف عن أحد منهم أنه نحر هديه لتمتعه أو قرانه قبل يوم الأضحى فكان ذلك عمدة في التوقيت بما ذكر من جهات عدة.
وإن ذلك ممكن أن يناقش بما يلي:
أ - إن المتتبع لجميع ألفاظ الأحاديث الواردة في البحث لا يجد فيها نصا على تحديد بدء وقت نحر هدي التمتع والقران بيوم الأضحى، وإنما النص في بعضها على أن من ساق الهدي فلا يجوز له الإحلال حتى ينحر هديه، ولا شك أن الهدي الذي ساقه - صلى الله عليه وسلم - وساقه بعض أصحابه ودخلوا به مكة في حجهم معه - صلى الله عليه وسلم - هدي تطوع دخل فيه هدي التمتع أو القران فهو متصل به اتصال الجزء بكله بحيث لا يمكن فصله عنه.
ب - إن القول بأن منها (أعني الأحاديث الواردة في البحث) ما يدل مع أمره - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ عنه مناسكنا على بدء التحديد بيوم النحر يرد عليه بإجماع الأمة على جواز ذبح هدي التمتع أو القران في اليوم الأول أو الثاني من أيام التشريق وهو - صلى الله عليه وسلم - ذبح يوم العيد وقال: سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم فلو كان عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم وارد على ذلك لكان الذبح في أيام التشريق غير جائز للمخالفة وقد لا يمكن القول بأن العموم مخصص بقوله - صلى الله عليه وسلم - مسند أحمد بن حنبل (4/ 82).وكل أيام التشريق ذبح فقد تكلم رجال الحديث في هذه الزيادة بما لا يتسع المقام لذكره وبما يبطل الاستدلال به للتخصيص مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم - سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم عام في جميع أفعال النسك من ركن وواجب ومستحب وفي قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، تخصيص لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم.
ت - إن ما نحره عن نفسه هو هديه الذي ساقه - صلى الله عليه وسلم - تطوعا ودخل به مكة محرما وكان سوقه سبب امتناعه عن الإحلال، وأما نحره - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه في حجه فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك أضحية منه عنهن قال ابن حزم: ووجدنا ما رويناه من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبده بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: صحيح البخاري الحج (1786)، صحيح مسلم الحج (1211)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 177).خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة فكنت فيمن أهل بعمرة فقدمنا مكة فأدركني يوم عرفة
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 218)
وأنا حائض لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج " قالت: ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة وقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم إلى أن قال: فإن قيل: قد صح أنه عليه السلام أهدى عن نسائه البقر قلنا: نعم وقد بين معنى ذلك الإهداء سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنه كان أضاحي لا هدي متعة ولا هديا عن قران اهـ " المحلى ج7 ص 193 - 194 .. وعلى فرض أن ما ذبحه - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه هدي تمتع أو قران فقد فعل الأفضل ولا شك أن الأفضل ذبح ذلك يوم العيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/297)
د - وأما القول بأنه لم يعرف أحد من أصحابه نحر هدي تمتعه أو قرانه قبل يوم الأضحى فإنه يمكن مناقشته بأن عدم معرفة أحد من الصحابة نحر هديه قبل يوم الأضحى لا يعني منع ذلك ولا نفي أن أحدا من الصحابة فعله ثم إن الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه وذكر أنه على شرط مسلم وأقره الذهبي صريح في أن سعد بن أبي وقاص ذبح هديه قبل يوم النحر، وقد أخرجه الطبراني في الكبير وذكر أن رجاله ثقات.
وسيأتي مزيد نقاش لهذا الحديث والاعتراض عليه بما في مجمع الزوائد عن عكرمة.
* * *
رابعا: جاء في الصفحة الثامنة من البحث الاحتجاج لذلك القول بالإجماع بما ذكره ابن عابدين ويمكن أن يناقش ذلك بما يلي:
لعل ابن عابدين - رحمه الله - يقصد بالإجماع إجماع أهل مذهبه مع أن ابن قدامة - رحمه الله - نسب إلى أبي حنيفة القول بوجوب هدي التمتع بالإحرام بالحج وذلك في كتابه " المغني "، كما نسب ذلك إليه ابن العربي في كتابه " أحكام القرآن " وابن مفلح في كتابه " الفروع " أما أن يقصد ابن عابدين إجماع الأمة على منع ذلك فبعيد جدا لوجود الخلاف القوي في المسألة بين العلماء من مالكيين وشافعيين وحنابلة وغيرهم، ولأن مثل ابن عابدين لا يخفى عليه الخلاف في المسألة لا سيما وهو خلاف مشهور وعلى فرض أن ابن عابدين يقصد بالإجماع إجماع الأمة فما ذكره غير صحيح والخلاف في ذلك مشهور يعرفه الخاص والعام.
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 219)
خامسا جاء في الصفحة الثامنة من البحث الاحتجاج بالمعنى بما ذكره ابن قدامة - رحمه الله - بقوله؛ لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز ذبح الأضحية فيه إلى آخره، ويمكن نقاش ذلك بما ذكره ابن قدامة نفسه توجيها للقول بجواز تقديم ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر حيث قال: ووجه جوازه أنه دم يتعلق بالإحرام وينوب عنه الصيام فجاز قبل يوم النحر كدم الطيب واللباس ولأنه يجوز إبداله قبل يوم النحر فجاز أداؤه قبله كسائر الفديات اهـ " المغني ومعه الشرح ج3 ص 505.، وبما ذكره في توجيه رواية الوجوب بعد الإحرام بالحج بقوله: لأن الله تعالى قال: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وهذا قد فعل ذلك ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كاف كقوله تعالى: سورة البقرة الآية 187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ. . اهـ " المغني ومعه الشرح ج3 ص503 ..
وبما ذكره الشافعي - رحمه الله - بقوله: وإذا ساق المتمتع الهدي معه أو القارن لمتعته أو قرانه فلو تركه حتى ينجزه يوم النحر كان أحب إلي، وإن قدم فنحره في الحرم أجزأ عنه من قبل أن على الناس فرضين فرضا في الأبدان فلا يكون إلا بعد الوقت، وفرضا في الأموال فيكون قبل الوقت إذا كان شيئا مما فيه الفرض اهـ " الأم للشافعي ج2 ص217. . وبما ذكره ابن رجب في قواعده قال: العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما، لا يجوز تقديمها على سبب الوجوب ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة - وذكر منها ما ذكر ثم قال: ومنها صيام التمتع والقران فإنه سبب العمرة السابقة للحج في أشهره فبالشروع في إحرام العمرة قد وجد السبب فيجوز الصيام بعده وإن كان وجوبه متأخرا عن ذلك، وأما الهدي فقد التزمه أبو الخطاب في انتصاره، ولنا رواية أنه يجوز ذبحه لمن دخل قبل العشر لمشقة حفظه عليه إلى يوم النحر اهـ " قواعد ابن رجب ص6، 7 ..
كما أنه يمكن مناقشة ما ذكره ابن قدامة - رحمه الله - من قياسه الهدي على الأضحية بما ذكره ابن مفلح في الفروع حيث قال: وقاسوه على الأضحية والهدي وهي دعوى اهـ " الفروع ج7 ص249 ..
* * *
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 220)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/298)
سادسا: جاء في الصفحة التاسعة من البحث اعتراض الراهوني على ما ذكره الأبي عن القاضي عياض في شرحه رواية مسلم صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم، مع أن في الحديث حجة لمن يجيز للمتمتع نحر هديه بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج إلى آخره حيث ذكر الرهوني أن لديه نسخة عتيقة مظنونا فيها الصحة وليس فيها جواز نحر هدي المتمتع بعد التحلل من العمرة وإنما ذكر فيها جواز تقليد الهدي قبل الإحرام بالحج إلى آخر ما ذكره الرهوني.
ويمكن مناقشة ذلك بما يلي:
أ - إن عبارة القاضي عياض في جواز نحر الهدي قبل الإحرام بالحج قد تناقلها شيوخ كبار في مذهب الإمام مالك فقد نقلها عنه الأبي والسنوسي والدسوقي والبناني ومحمد عابد فلم يعترض عليها واحد منهم بل احتج بها بعضهم على رد تأويلات بعض شراح مختصر خليل في قوله وأجزا (أي دم التمتع) قبله (أي قبل يوم النحر) حينما قال بعضهم: إن المقصود بذلك تقليد الهدي وإشعاره لا ذبحه.
ب - (إن احتجاج الرهوني لدعواه التصحيف بما لديه من نسخة يدعي قدمها والوثوق بها فيه نظر، ولو سلم له احتجاجه لكان ذلك من أقصر الطرق لرد آراء العلماء وأقوالهم بإنكار نسبتها إليهم بالتصحيف فيما كتب عنهم، ثم هل يمكن أن تكون نسخة الرهوني هي الصحيحة الثابتة دون ما عداها مما لدى شيوخه وشيوخهم، إن العكس هو القريب الممكن المعقول.
ج - (إن اللجنة أيدت دعوى التصحيف بما ذكره بأن اللخمي ذكر الخلاف في التقليد لا في النحر وهذه الحجة ليست أكثر عجبا من سابقتها فإن عدم ذكر الشخص الشيء لا يعني نفيه من الوجود واللخمي كغيره من العباد ينطبق عليه القول: " علمت شيئا وغابت عنك أشياء ".
على أن المرء يقف حائرا في تكييف وجه الخلاف بين علماء المذهب المالكي في جواز تقليد الهدي وإشعاره بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج إلا أن يكون المراد بذلك مآل التقليد والإشعار وهو الذبح حسبما يفهم من التمثيل على جواز ذلك بقياسه على تقديم الكفارة قبل الحنث والزكاة قبل الحول وأن ذلك مما تقتضيه السنة توسعة في جميع ذلك فإن اقتضاء السنة التوسعة على العباد لا يعني الحرج وإيجاد العسر والمشقة في رعاية الهدي المقلد والمشعر حتى يأتي يوم النحر فينحر فإن الحاج في شغل عنه بتهيئة أسباب حجه من زاد وراحلة وغير ذلك وإنما التوسعة عليه في إراحته من ملازمته ورعايته بذبحه بعد وجوبه، ولا شك
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 221)
أن المتتبع بإنصاف لنصوصهم يقوى لديه الظن بأنهم يقصدون بذلك الذبح لما في جميع ذلك من التوسعة التي تقتضيها السنة.
د - إن الرهوني تعقب ما نقله الأبي عن المازري من قوله: مذهبنا أن هدي التمتع إنما يجب بالإحرام بالحج وفي وقت جوازه ثلاثة أوجه: فالصحيح والذي عليه الجمهور أنه يجوز بعد الفراغ من العمرة وقبل الإحرام بالحج اهـ " إكمال إكمال المعلم ج3 ص 451 ..
فقال: ليس فيه أن المراد بالجمهور جمهور أهل المذهب وقد تقدم أن المراد بهذه العبارة حيث أطلقها أهل الخلاف الكبير جمهور المجتهدين وإن كانت تشمل الإمام مالكا لكن لا تصريح بنسبة ذلك إليه اهـ " حاشية الرهوني على شرح عبد الباقي مختصر خليل ج2 ص434 ..
وهذا ما يفرح به القائلون بتقديم ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر فلأن يكون هذا القول قول جمهور المجتهدين من علماء الإسلام أمثال الإمام مالك أحب إليهم من أن يكون قول جمهور المالكيين من أمثال الرهوني وأترابه.
هـ - إن المتتبع لحواشي الرهوني يخرج من تتبعها بالحكم عليه بأنه ليس في مستوى قيادي في مذهبه فهو يريد أن يقلل من شأن القول بجواز الذبح قبل يوم النحر بإنكار أن الجمهور القائلين به حسبما ذكره المازري جمهور المالكيين وإنما هم جمهور المجتهدين أمثال مالك وغيره، وهذا تقوية للقول من حيث لا يدري من أن المتتبع لقول المازري يخرج من تتبعه أنه يتحدث عن مذهبه وعن فقهاء مذهبه وأقوالهم مما يدل على أن ما ذكرنا في الرهوني وارد، وإذا كان الرهوني على مستوى يسمح باعتباره إماما في مذهبه ومحققا وإذا كانت نسخته هي المظنون بها الصحة فكيف لنا تفسير نقله من نسخته هذه التي لم يجد غيرها في ذلك الوقت حسبما ذكر، نقله آية من كتاب الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/299)
وأوردت خطأ دون أن يشير إلى تصحيحها فقد جاء في حاشيته ونقلته اللجنة عنه في السطر الثامن من الصفحة التاسعة من البحث ما نصه: ونصه وقوله للمتمتعين (: فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم نص في كتاب الله تعالى مما يلزم التمتع إن صحة الآية: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ.
* * *
سابعا: جاء في الصفحتين العاشرة والحادية عشرة من البحث نقل طويل لشيخنا محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - وفيه يشير إلى تغليظ من يجيز على المذهب المالكي ذبح
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 222)
الهدي قبل الإحرام بالحج بعد أن أورد مجموعة نصوص لشراح مختصر خليل يؤولون قوله: وأجزأ قبله ويمكن مناقشة ما ذكره بعض شراح المختصر من التأويلات بما قاله الدسوقي بعد أن أورد قول بعضهم: إن المراد بذلك تقليد الهدي وإشعاره لا ذبحه.
قال: فيه نظر فقد قال الأبي في شرح مسلم على أحاديث الاشتراك في الهدي على قول الراوي وأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ما نصه: (عياض) في الحديث حجة لمن يجوز نحر الهدي للمتمتع بعد الإحلال من العمرة وقبل الإحرام بالحج وهي إحدى الروايتين عندنا والأخرى أنه لا يجوز إلا بعد الإحرام بالحج؛ لأنه بذلك يصير متمتعا وذكر بعضهم أنه يجوز بعد الإحرام بالعمرة اهـ
وبه نعلم أنه يتعين صحة إبقاء كلام المصنف أي خليل على ظاهره وسقوط تعقب الشراح عليه وتأويلهم له من غير داع لذلك اهـ حاشية الدسوقي على شرح الدردير على مختصر خليل. . وقال الشيخ محمد عابد في شرح قول الماتن: ولا يجوز نحر هدي التمتع قال: تبع في ذلك الخطاب في مناسكه والدردير وعبد الباقي على خليل عند قوله: وأجزا قبله حيث قال كل منهم أي إشعاره وتقليده لا نحره إذ لم يقل به أحد وفي البناني ما يخالف ذلك وحاصل ما فيه أنه أطبق كثير من شراح خليل على تأويل قوله: أجزأ قبله أي الإشعار والتقليد محتجين بأنه لم يصرح أحد من أهل المذهب بأن نحر الهدي قبل الإحرام بالحج مجزئ وهو غير ظاهر لقول الأبي في شرح مسلم على أحاديث الاشتراك في الهدي على قول الراوي.
وأمرنا إذا أحللنا أن نهدي، ما نصه: عياض في الحديث حجة لمن يجوز نحر الهدي للمتمتع بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج ثم ساق بقية كلام القاضي (عياض) وكلام المازري عن طريق الأبي " حاشية الدسوقي على شرح الدردير على مختصر خليل ..
* * *
ثامنا: جاء في الصفحة الرابعة عشرة من البحث مناقشة الرواية عن الإمام أحمد بجواز ذبح هدي من قدم به مكة قبل العشر خشية ضياعه أو سرقته، ويمكن نقاش ذلك بأن هذه المسألة خارجة عن موضوعنا فإنها خاصة فيمن قدم مكة ومعه هدي، وموضوعنا خاص فيمن تمتع بالعمرة إلى الحج فاستوجب الهدي أيذبحه بعد وجوبه أم يؤخر ذبحه حتى يوم النحر.؟
* * *
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 223)
تاسعا: جاء في الصفحة الرابعة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال على جواز الذبح قبل يوم النحر بآية: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.، بأن هذا مجرد فهم للآية باجتهاد عارضه نص هو قوله تعالى: سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ، الآية وقد سبق مناقشة الاستدلال بهذه الآية في الملاحظة الأولى مما يغني عن إعادته.
* * *
عاشرا: جاء في الصفحة الخامسة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال بحديث أبي الزبير عن جابر صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدي وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث أمور ثلاثة يمكن أن تناقش بما يلي:
أ - التسليم بنفي التعارض بينه وبين الأحاديث الواردة في البحث إذ ليس فيها ما يدل بصريح العبارة على منع تقديم ذبح هدي التمتع أو القران على يوم النحر وقد سبقت مناقشة القول بدلالتها على المنع في الملاحظة الثالثة وعليه فإن دلالة الحديث على إجازة الذبح بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج قد فهمها علماء كبار من رجال الحديث وشراحه أمثال النووي والقاضي عياض والمازري والأبي والسنوسي وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/300)
ب - إن القول بأن المقصود بقول جابر: صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي التحلل من الحج يرده مزيد التأمل والتدبر في نهاية الحديث وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم فلقد أمر - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الذين أحرموا بالحج معه أن يحلوا منه إلى عمرة واشتد غضبه - صلى الله عليه وسلم - على قوم ترددوا في الأخذ بقوله وأمره أما التحلل من الحج يوم العيد فإنه لا يكون بأمر وإنما يحصل بأفعال يفعلها الحاج يوم العيد من رمي وحلق أو تقصير وطواف زيارة وفضلا عن ذلك كله فإن راوي الحديث عن جابر وهو أبو الزبير قد أبان المقصود من ذلك فقد ذكر أبو عبد الله الأبي في شرحه صحيح مسلم عند كلامه على حديث جابر ما نصه: ويعني بقوله حين أمرهم يعني إحلال الفسخ الذي أمرهم به في حجة الوداع. اهـ.
إن القول بأن في الحديث زيادة شاذة لمخالفتها ما سبق من الأدلة الصحيحة الخالية من هذه الزيادة وأن مدارها على محمد بن بكر البرساني يمكن أن يناقش بما يلي:
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 224)
1 - نفي الشذوذ في هذه الزيادة إذ هي لم تخالف غيرها من الروايات فليس هناك حديث صريح صحيح ينص على بدء وقت ذبح هدي التمتع والقران بيوم النحر وإنما غاية ما في الأمر مفاهيم لا يجوز أن يحكم بها على زيادة من عدل رواها مسلم في صحيحه إذ الزيادة من العدل مقبولة.
2 - إن القول بأن مدار هذه الزيادة على محمد بن بكر البرساني غير صحيح فقد روى الإمام أحمد في مسنده هذا الحديث بكامل هذه الزيادة عن محمد بن بكر وروح بن عبادة القيسي فقال: حدثنا محمد بن بكر وروح قالا: حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مسند أحمد بن حنبل (3/ 378).فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في البدنة وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجتهم اهـ " مسند الإمام أحمد ج3 ص378 ..
وروح هو روح بن عبادة القيسي قال الحافظ ابن حجر: كان أحد الأئمة وثقه علي بن المديني ويحيى بن معين ويعقوب بن شيبة وأبو عاصم وابن سعد والبزار وأثنى عليه أحمد وغيره وقال يعقوب بن شيبة: قلت لابن معين: زعموا أن ابن القطان كان يتكلم فيه فقال: باطل ما تكلم فيه إلى أن قال الحافظ: قلت احتج به الأئمة كلهم اهـ هدي الساري ج2 ص127 ..
وقال الحافظ ابن حجر في محمد بن بكر ما نصه: وثقه أبو داود والعجلي وقال عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة وقال أبو حاتم: شيخ محله الصدق إلى آخر ما قال هدي الساري ج2 ص159. . وقال في تهذيب التهذيب: قال حنبل بن إسحاق عن أحمد صالح الحديث وقال الدوري عن ابن معين: ثنا البرساني وكان والله ظريفا صاحب أدب وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة وقال أبو داود: والعجلي ثقة.
قال الحافظ: وذكره ابن حبان في الثقات وقال: هو وابن سعد وآخرون: مات سنة ثلاث ومائتين زاد ابن سعد بالبصرة في ذي الحجة وكان ثقة وذكر الحافظ أنه أجاب عن قول الذهبي في البرساني روي عن عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة في حديث بسرة في مس الذكر: أو أنثييه أو فرجه فرفع الزيادة وإنما هي من قول عروة قال: قد أوضحت ذلك
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 225)
في المدرج وذكرت فيه من شاركه في رفع هذه الزيادة لكن عن غير شيخه وبينت سبب الإدراج ومستنده تهذيب التهذيب ج9 ص78 ..
3 - إن هذه الزيادة غير شاذة ففضلا عن أن محمد بن بكر لم ينفرد بها بل اشترك معه في روايتها عند أحمد روح بن عبادة وأنه ليس في الروايات الأخرى نص صريح في مخالفتها فقد تأيدت بما روى الحاكم في مستدركه والطبراني في الكبير من أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بالإحلال من الحج وفسخه إلى عمرة إلا من ساق معه الهدي ثم قسم - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسا فذبحه وسيأتي مزيد نقاش لحديث الحاكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/301)
د - إن القول: بأن مسألة ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر من الأمور التي تتوافر الهمم والدواعي على نقلها لو كان فيها نص بالجواز يمكن نقاشه بأن الهمم والدواعي تتوافر أيضا على نقل ما فيها من نصوص تقتضي المنع لو كانت هناك نصوص في ذلك وحيث لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص صريح في منع ذلك وتعيين البدء بيوم النحر حتى يمكن أن يكون مخصصا لعموم قوله تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، تعين الأخذ بعموم الآية مع ما هناك من أدلة أخرى تسند الجواز فمتى دخل الحاج في معنى التمتع وجب عليه الهدي واستقر في ذمته حتى يؤديه كاستقرار الكفارات في ذمة مستوجبها وكوجوب الدماء في ذمة من استوجبها.
* * *
الحادية عشر جاء في الصفحة الخامسة عشر من البحث الاستدلال للقائلين بجواز تقديم الذبح قبل يوم النحر بما ذكره الشيرازي ولو أضيف إليه ما ذكره الشافعي في الأم وابن قدامة في المغني وابن رجب في قواعده مما تقدم لنا ذكره في الملاحظة الخامسة لكان ذلك من إيفاء البحث حقه ومع ذلك فإن مناقشته بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص قد تقدم ردها بالمطالبة بالنص الصريح الثابت من كتاب أو سنة أو قول صحابي في تحديد بدء وقت ذبح هدي التمتع والقران بيوم النحر.
* * *
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 226)
جاء في الصفحة السادسة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال بآية سورة البقرة الآية 187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ في أن التمتع يحصل بأول جزء من الحج وهو الإحرام إلى آخره من أن التمتع قد لا يتحقق بإحرام الحج لاحتمال فوات الوقوف بعرفة ويمكن نقاش ذلك بأن هذا لا يمنع من لم يجد هديا أن يعدل إلى بدله وهو الصوم مع احتمال عدم التمكن من إكمال التمتع فإذا جاز ذلك في البدل جاز في المبدل عنه.
* * *
الثانية عشر: جاء في الصفحة السابعة عشرة من البحث مناقشة الاستدلال بحديث الحاكم بما رواه الإمام أحمد في مسنده عن طريق عكرمة مولى ابن عباس وفيه مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ غنما يوم النحر في أصحابه وقال: " اذبحوها لعمرتكم فإنها تجزئ إلى آخره من أن رواية الإمام أحمد مفسرة لرواية الحاكم.
ويمكن مناقشة ذلك بما يلي:
إن الروايتين لا يصلح أن تكون إحداهما مفسرة للأخرى لانتفاء الإجمال في رواية الحاكم فإنها صريحة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الغنم في أصحابه بعد الإحلال من العمرة وقبل الوقوف بعرفة كما يتضح ذلك من سياق الحديث الذي لم تذكره اللجنة بتمامه وتأسيسا عليه في النقاش فإنه يتعين ذكر نصه بتمامه، روى الحاكم في مستدركه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم ثنا حمد بن النضر بن عبد الوهاب ثنا يحيى بن أيوب ثنا وهب بن جرير ثنا أبي عن محمد بن إسحاق ثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد وعطاء عن جابر بن عبد الله قال: كثرت القالة من الناس فخرجنا حجاجا حتى لم يكن بيننا وبين أن نحل إلا ليال قلائل أمرنا بالإحلال فيروح أحدنا إلى عرفة وفرجه يقطر منيا فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام خطيبا فقال: سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2805).أبالله تعلموني أيها الناس فأنا والله أعلمكم بالله وأتقاكم له ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت هديا ولحللت كما أحلوا فمن لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن وجد هديا فلينحر، فكنا ننحر الجزور عن سبعة قال عطاء: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسا فذبحه عن نفسه فلما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اصرخ أيها الناس هل تدرون أي شهر هذا؟ إلى آخر الحديث ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه وأقره الذهبي على تصحيحه.
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 227)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/302)
فقوله - صلى الله عليه وسلم - أبالله تعلموني أيها الناس إلى قوله: ومن وجد هديا فلينحر صريح في الأمر بالنحر في ذلك الوقت الذي ألقى فيه كلمته التوجيهية وقول جابر: سنن الترمذي الأضاحي (1502)، سنن أبو داود الضحايا (2807)، سنن ابن ماجه الأضاحي (3132)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 335)، موطأ مالك الضحايا (1049)، سنن الدارمي الأضاحي (1955).فكنا ننحر الجزور عن سبعة صريح في الامتثال لأمره - صلى الله عليه وسلم - يومئذ وقول ابن عباس مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه بين أن ذلك هو زمن أمره - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتحلل من الحج وفسخه إلى عمرة ويؤيد ذلك روايتا مسلم وأحمد عن أبي الزبير عن جابر صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم.
ورواية عكرمة عن ابن عباس صريحة في أن الغنم التي قسمها - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه سعد كان يوم النحر.
وبذلك يتضح التعارض بين الروايتين ويتعين المصير إلى الترجيح وعليه فيمكننا ترجيح رواية الحاكم على رواية الإمام أحمد بالأمور الآتية:
أ - إن رواية الحاكم فيها قصة ورجال الحديث وحفاظه متفقون على أن القصة في الحديث من أدلة حفظه قال ابن القيم - رحمه الله - في معرض توجيهه: القول بالأخذ بحديث عائشة في إنكارها على زيد بن أرقم بيعه بالعينة قال: وأيضا فإن في الحديث قصة وعند الحفاظ إذا كان فيه قصة دلهم على أنه محفوظ إعلام الموقعين ج3 ص217 ..
ب - إن دلالة رواية الحاكم على أن سعد بن أبي وقاص ذبح تيسه بعد إحلاله من العمرة مؤيد برواية مسلم وأحمد عن جابر صحيح مسلم الحج (1318).فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم قال أبو الزبير راوي الحديث عن جابر: ويعني بقوله: حين أمرهم يعني إحلال الفسخ الذي أمرهم به في حجة الوداع اهـ.
ت - إن رجال رواية الحاكم ثقات وعلى شرط مسلم كما ذكر ذلك الحاكم وأقره الذهبي وفيهم عطاء أفقه الناس في المناسك ومن أكثرهم علما وورعا وتقى وقد روى صدرها عن جابر عطاء ومجاهد وروى عجزها عن ابن عباس عطاء.
ث - إن رواية الحاكم مؤيدة بما روى الطبراني عند الهيثمي في مجمع الزوائد في باب الخطب في الحج حيث قال: وعن ابن عباس مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه فلما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته وكان رجلا صيتا فقال: " اصرخ أيها الناس: أتدرون أي شهر هذا؟ " إلى
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 228)
آخره - قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات مجمع الزوائد ج3 ص271.، فقد رتب رواية وقوفه - صلى الله عليه وسلم - بعرفة وخطبته في الناس على رواية تقسيمه - صلى الله عليه وسلم - الغنم في أصحابه وإصابة سعد بن أبي وقاص تيسا منها وذبحه كما هو الحال في رواية الحاكم.
ج - إن رواية الإمام أحمد التي فيها قسم غنما يوم النحر في أصحابه من طريق عكرمة مولى ابن عباس ولا يخفى ما لعطاء على عكرمة من الفضل والتقديم والثقة فإن عكرمة وإن اعتبره بعض أهل العلم فيكفينا لرد الاحتجاج بروايته إذا عارضت رواية رجال ثقات أمثال عطاء وغيره ممن اعتبرهم أهل العلم ووثقوهم يكفينا لذلك ما ذكره الحافظ الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال حيث قال عن عكرمة ما يلي:
قال محمد بن سيرين: ما يسوءني أن يكون من أهل الجنة ولكنه كذاب وقال ابن المسيب لمولاه برد: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس، وقال وهيب: شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري ذكر عكرمة فقال: كذاب، وروى جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث قال: دخلت على علي بن عبد الله فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش فقلت له ألا تتقي الله، فقال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي، وقال ابن أبي ذئب: رأيت عكرمة وكان غير ثقة، وقال مطرف بن عبد الله: سمعت مالكا يكره أن يذكر عكرمة ولا رأى أن يروى عنه، قال أحمد بن حنبل: ما علمت أن مالكا حدث بشيء لعكرمة إلا في الرجل يطأ امرأته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/303)
قبل الزيارة، رواه عن ثور عن عكرمة، وقال محمد بن سعد كان عكرمة كثير الحديث والعلم بحرا من البحور وليس يحتج بحديثه ويتكلم الناس فيه وقال خالد بن خداش: شهدت حماد بن زيد في آخر يوم مات فيه فقال: أحدثكم بحديث لم أحدث به قط لأني أكره أن ألقى الله ولم أحدث به سمعت أيوب يحدث عن عكرمة أنه قال: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به، قلت: القائل الحافظ الذهبي ما أسوأها عبارة وأخبثها بل أنزله ليهدي به وليضل به الفاسقين، وقال قطر بن خليفة: قلت لعطاء: إن عكرمة يقول: قال ابن عباس سبق الكتاب الخفين فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس يقول: لا بأس بمسح الخفين وإن دخلت الغائط، قال عطاء: والله إن كان بعضهم ليرى أن المسح على القدمين يجزئ وثبت عن أحمد بن حنبل أنه قال في عكرمة: كان يرى رأي الصفرية وقال ابن المديني: كان يرى رأي نجدة الحروري، وقال عطاء: كان إباضيا وقال مصعب الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج، وقال يحيى بن بكير: قدم عكرمة مصر وهو يريد المغرب قال: فالخوارج الذين هم بالمغرب عنه أخذوا إلى آخر ما ذكره ميزان الاعتدال ج3 ص93 - 96.
و - ما في رواية عكرمة من الإشكال في قوله مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).اذبحوها لعمرتكم فإنها تجزئ إذ ليس على العمرة دم والتمتع والقران لا يسمى أحدهما عمرة فما نوع هذه العمرة المستوجبة للدم؟ ثم إن التعبير بلفظ: فإنها تجزئ تعبير رديء ركيك ساذج ينزه الأسلوب النبوي عن مستواه إنه يشبه من يقدم لشخص
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 229)
جائع طعاما ثم يقول له كله فإنه يرفع الجوع ويدفعه اللهم إلا أن يكون الغرض من ذلك أنه قسم غنما رديئة لا يجزئ مثلها هديا فاعتبر لها حكما خاصا في الإجزاء كعناق خال البراء بن عازب وهذا مما لا نستطيع اعتباره والقول به فمقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرفع وأعلى من أن يرتضي لربه نسائك رديئة يتقرب بها إليه وقد تقرب - صلى الله عليه وسلم - لربه بهدي جزل بلغ مائة بدنة.
* * *
الثالثة عشرة: جاء في الصفحة السابعة عشرة من البحث مناقشة ما ذكره الشيرازي من الأمر المعنوي في جواز الذبح قبل يوم النحر بأمور ثلاثة يمكن نقاش أحدها بنفي وجود النص الصريح المقتضي منع ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر حتى يقال بمصادمته للاجتهاد فضلا عن أن القول بالجواز مؤيد بالكتاب والسنة وعمل الصحابة وقد مر بسط ذلك مما يغني عن إعادته، كما يمكن نقاش الأمر الثاني بما ذكره في الملاحظة الثانية ويمكن نقاش الأمر الثالث بأن ما يذكره ابن القيم - رحمه الله - أو غيره من أهل العلم لا يكون حجة حتى يستند قوله على ما يؤيده من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح أما إذا كان قوله مجرد رأي فإنه رجل وغيره رجال.
الرابعة عشرة: جاء في الصفحة الثامنة عشرة من البحث نفي الفرق بين الأضحية والهدي في الوقت ويمكن نقاش ذلك بأنه قياس مع الفارق فالأضحية عبادة مستقلة جاء النص الصريح بتحديد بدء وقت جواز ذبحها وكاد الإجماع ينعقد على تحديد نهاية الوقت بنهاية اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق على خلاف بين أهل العلم أما الهدي الواجب للتمتع أو القران فليس عبادة مستقلة وإنما هو جزء من أعمال الحج لم يرد نص صريح من كتاب أو سنة بتحديد انتهاء وقته وقد جاء النص بوجوبه عند حصول التمتع قال تعالى: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.، فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فقد وجب عليه واستقر في ذمته حتى يؤديه قال ابن حزم - رحمه الله - بعد أن ذكر أن هدي التمتع يجب بالإحرام بالحج بعد التحلل من العمرة قال ما نصه: وأما ذبحه ونحره بعد ذلك فلأن هذا الهدي قد بين الله تعالى أول وقت وجوبه ولم يحدد آخر وقت وجوبه بحد وما كان هكذا فهو دين باق أبدا حتى يؤدى والأمر به ثابت حتى يؤدى، ومن خصه بوقت محدود فقد قال على الله تعالى ما لم يقله عز وجل وهذا عظيم جدا اهـ المحلى (7) ص 155 ..
وقد رد بعض أهل العلم قياس هدي التمتع والقران على الأضحية أو هدي التطوع، فقال ابن مفلح: وقاسوه على الأضحية والهدي وهي دعوى اهـ الفروع ج2 ص 249 ..
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 230)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/304)
وقال النووي: ويخالف الأضحية؛ لأنه منصوص على وقتها اهـ " المجموع ج7 ص 180 ..
* * *
الخامسة عشرة: جاء في الصفحة الثامنة عشر الاحتجاج على تحديد وقت انتهاء الذبح باليوم الثاني من أيام التشريق بالإجماع بما ذكره الجصاص عن بعض الصحابة وأنه لا يجوز لمن بعدهم مخالفتهم ويمكن نقاش ذلك بأمرين: أحدهما أن المقصود بالذبح ذبح هدي التطوع والأضاحي لا ذبح هدي المتعة والقران لورود النص فيهما دون هدي المتعة والقران ولاختلافه عنهما، الثاني استبعاد أن الجصاص يقصد بقوله: أنه لا يجوز لمن بعدهم مخالفتهم انعقاد الإجماع على ذلك وعلى فرض أنه يقصد الإجماع فإن النقل عن بعض الصحابة في حكم مسألة لا يعني إجماع كل الصحابة على القول به حتى يرد النص بنفي الخلاف بينهم فيها ما لم تكن مبنية على نص صريح ثابت من كتاب أو سنة.
* * *
السادسة عشرة: جاء في الصفحة الثانية من البحث نقول عن الرملي والفتوحي من الشافعية بأن وقت ذبح الهدي محدد بوقت ذبح الأضحية على الصحيح، وصحح ذلك النووي والرافعي ويمكن نقاش ذلك بأن مقصود الرملي والنووي والرافعي بالهدي هو هدي التطوع وفيما يلي بعض النصوص في بيان ذلك.
قال النووي: فرع في وقت ذبح الأضحية والهدي المتطوع بهما والنذور فيدخل وقتهما إذا مضى قدر صلاة العيد وخطبتين معتدلتين بعد طلوع الشمس يوم النحر سواء صلى الإمام أو لم يصل وسواء صلى المضحي أو لم يصل ويبقى إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق ويجوز في الليل لكنه مكروه إلى أن قال: وأما الدماء الواجبة في الحج بسبب التمتع أو القران أو اللبس أو غير ذلك من فعل محظور أو ترك مأمور فوقتها من حين وجوبها بوجود سببها ولا تختص بيوم النحر ولا غيره اهـ " الإيضاح من ص375 - 376 ..
وقال في موضع آخر: ووقت وجوب دم التمتع إذا أحرم بالحج فإذا وجب جازت إراقته ولم يتوقت بوقت كسائر دماء الجبرانات اهـ " الإيضاح ص 522 .. وقال الشربيني على قول النووي وسيأتي في آخر الباب محرمات الإحرام على الصواب ما نصه:
(الجزء رقم: 4، الصفحة رقم: 231)
ووقته وقت الأضحية على الصحيح هذا بناه المصنف على ما فهمه من أن مراد الرافعي بالهدي هنا المساق تقربا إلى الله تعالى، فاعترضه هنا وفي الروضة والمجموع، واعترض الأسنوي المصنف بأن الهدي يطلق على دم الجبرانات والمحظورات، وهذا لا يختص بزمان، وهو المراد هنا، وفي قوله: أولا ثم يذبح من معه هدي، وعلى ما يساق تقربا إلى الله وهذا هو المختص بوقت الأضحية على الصحيح، وهو المذكور في آخر باب محرمات الإحرام فلم يتوارد الكلامان على محل واحد حتى يعد ذلك تناقضا. وقد أوضح الرافعي ذلك في باب الهدي من الشرح الكبير فذكر أن الهدي يقع على الكل وأن الممنوع فعله في غير وقت الأضحية هو ما يسوقه المحرم لكنه لم يفصح في المحرر عن المراد كما أفصح عنه في الكبير فظن المصنف - هو النووي - أن المسألة واحدة فاستدرك عليه وكيف يجيء الاستدراك مع تصريح الرافعي هناك بما يبين المراد. اهـ مغني المحتاج ج1 ص504 ..
وبهذا يتضح أن النووي والرافعي والرملي يقصدون بتوقيت ذبح الهدي بوقت الأضحية ما يساق هديا تقربا إلى الله تعالى على سبيل التطوع أو النذر، أما هدي المتعة والقران فنصوصهم صريحة متضافرة على جواز ذبحها بعد وجوبها.
هذا ما تيسر إيراده، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. . .
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=654&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=1359&RightVal=1360&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:12 ص]ـ
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز > تصفح برقم المجلد > المجلد السابع عشر > الحج (القسم الثاني) > باب محظورات الإحرام > المحاورات والجدال في الحج تثير النزاع والعداوة
(الجزء رقم: 17، الصفحة رقم: 144)
84 - المحاورات والجدال
في الحج تثير النزاع والعداوة نشرت هذه الكلمة في (نشرة رابطة العالم الإسلامي) بتاريخ 12 - 18\ 12 \ 1416 هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/305)
حول حرمة الحج وفرضيته على المسلمين والإحرام به والآداب التي لا يجوز معها الجدال وتقليد قبائل الجاهلية يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة: يقول تعالى: سورة البقرة الآية 197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ
يخبر تعالى أن الحج في أشهر معلومات وهي: شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، وقال تعالى: سورة البقرة الآية 197مَعْلُومَاتٌ لأن الناس يعرفونها من عهد إبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام -، فالحج وقته معروف لا يحتاج إلى بيان كما احتاج الصيام والصلاة إلى بيان مواقيتهما. وقوله تعالى: سورة البقرة الآية 197فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ معناه من أحرم بالحج في
(الجزء رقم: 17، الصفحة رقم: 145)
هذه الأشهر سواء في أولها أو في وسطها أو في آخرها، فإن الحج الذي يحرم به يصير فرضا عليه يجب عليه أداؤه بفعل مناسكه ولو كان نفلا.
فإن الإحرام به يصير فرضا عليه لا يجوز له رفضه، لقول الله سبحانه: سورة البقرة الآية 196وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وقوله تعالى: سورة البقرة الآية 197فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ بيان لآداب المحرم وما يجب عليه أن يتجنبه حال الإحرام، أي يجب أن تعظموا الإحرام بالحج وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه من "الرفث" وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية. "والفسوق" وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام. "والجدال" وهو المحاورات والمنازعة والمخاصمة؛ لأن الجدال يثير الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر الله. والمقصود من الحج الذل والانكسار بين يدي الله وعند بيته العتيق ومشاعره المقدسة، والتقرب إلى الله بالطاعات وترك المعاصي والمحرمات ليكون الحج مبرورا.
فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم (1773)، ومسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1349).أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. ولما كان التقرب إلى الله
(الجزء رقم: 17، الصفحة رقم: 146)
تعالى لا يتحقق إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات، فإنه سبحانه بعد أن نهى عن المعاصي في الحج أمر بعمل الطاعات، فقال تعالى: سورة البقرة الآية 197وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وهذا يتضمن الحث على أفعال الخير، خصوصا في أيام الحج وفي تلك البقاع الشريفة والمشاعر المقدسة وفي المسجد الحرام، فإن الحسنات تضاعف فيه أكثر من غيره، كما ثبت أن الصلاة الواحدة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، والمراد بالمسجد الحرام جميع الحرم، فيدخل في ذلك منى ومزدلفة وجميع المساجد التي في داخل الحرم، وهكذا بقية الحرم. لا سيما وقد اجتمع للحاج في هذا المكان وهذا الوقت شرف الزمان وشرف المكان، ومن الجدال الذي نهى عنه في الحج ما كان يجري بين القبائل في الجاهلية في موسم الحج وفي أرض الحرم من التنازع والتفاخر ومدح آبائهم وقبائلهم حتى حولوا الحج من عبادة إلى نزاع وخصام. ومن تحصيل فضائل إلى تحصيل جرائم وآثام، حيث يقول سبحانه: سورة البقرة الآية 197فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وقال تعالى عن الحرم: سورة الحج الآية 25وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ أما الجدال بالتي هي أحسن فلا حرج
(الجزء رقم: 17، الصفحة رقم: 147)
فيه في مكة وغيرها، يقول الله سبحانه: سورة النحل الآية 125ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/306)
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=3241&searchScope=4&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=5663&RightVal=5664&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:16 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد التاسع والخمسون - الإصدار: من ذو القعدة إلى المحرم لسنة 1420هـ > البحوث > القول الحق في نسك الحج الذي أحرم به خير الخلق صلى الله عليه وسلم > المبحث الأول أنواع نسك الحج
المبحث الأول: أنواع نسك الحج:
النسك في اللغة: العبادة وكل ما يتقرب به إلى الله تعالى، والنسيكة الذبيحة انظر: القاموس المحيط 1233، والمصباح المنير 2\ 603 ..
وفي الشرع: قال في المطلع: المناسك المتعبدات كلها؛ وقد غلب إطلاقها على أفعال الحج لكثرة أنواعها المطلع على أبواب المقنع 156 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 208)
أنواع نسك الحج:
أنواع نسك الحج ثلاثة: " تمتع " و " قران " و " إفراد " المغني 5\ 82 .. والتمتع في اللغة: الانتفاع المصباح المنير 2\ 562 .. وفي الشرع: هو أن يهل بعمرة مفردة من الميقات في أشهر الحج، فإذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه المجموع 7\ 171، والمغني 5\ 82.وسمي المتمتع متمتعا؛ لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت الحج، ولأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين بجعله النسكين في سفرة واحدة شرح العمدة لابن تيمية 1\ 480، وفتح الباري 3\ 423 ..
القران في اللغة: الجمع بين الشيئين مطلقا، وقرن بين الحج والعمرة قرانا- بالكسر- أي جمع بينهما انظر: المصباح المنير 2\ 500، والقاموس المحيط 1579 ..
وفي الشرع: أن يجمع بين الحج والعمرة في الإحرام بهما، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف المغني 5\ 82، وفتح الباري 3\ 423 ..
قلت: ويطلق على القران تمتع في عرف السلف.
قال ابن عبد البر: " ومن التمتع أيضا القران؛ لأنه تمتع بسقوط سفر للنسك الآخر من بلده " التمهيد 8\ 354 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 209)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والذين قالوا تمتع- أي الرسول صلى الله عليه وسلم- لم تزل قلوبهم على غير القران، فإن القران كان عندهم داخلا في مسمى التمتع بالعمرة إلى الحج. ولهذا وجب عند الأئمة على القارن الهدي؛ لقوله: سورة البقرة الآية 196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وذلك أن مقصود حقيقة التمتع أن يأتي بالعمرة في أشهر الحج، ويحج من عامه، فيترفه بسقوط أحد السفرين، قد أحل من عمرته ثم أحرم بالحج، أو أحرم بالحج مع العمرة، أو أدخل الحج على العمرة، فأتى بالعمرة والحج جميعا في أشهر الحج من غير سفر بينهما، فيترفه بسقوط أحد السفرين؛ فهذا كله داخل في مسمى التمتع. . . مجموع الفتاوى 26\ 81،82.
ومن التمتع أيضا فسخ الحج إلى عمرة فتح الباري 3\ 423 ..
والإفراد في اللغة: الفرد الوتر وهو الواحد والجمع أفراد، وفرد يفرد من باب قتل، صار فردا، وأفردته بالألف جعلته كذلك، وأفردت الحج عن العمرة فعلت كل واحد على حدة. . . المصباح المنير 2\ 466.
وفي الشرع: أن يهل بالحج مفردا المغني 5\ 282، وفتح الباري 3\ 423 ..
وعمل المفرد والقارن واحد عند الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد، فالقارن يكفيه طواف واحد عن طواف الركن،
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 210)
ويقتصر على أفعال الحج، وتندرج أفعال العمرة كلها في أفعال الحج، أما عند الحنفية فالقارن يلزمه أن يطوف طوافين ويسعى سعيين، ولا تدخل أفعال العمرة في الحج عندهم، بل يقدم العمرة ثم يتبعها أفعال الحج، وإنما يشتركان في الإحرام خاصة شرح النووي لمسلم 8\ 141، والأسرار لأبي زيد: كتاب المناسك 278، والإفصاح1\ 263 ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/307)
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=8365&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=17373&RightVal=17374&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:21 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد التاسع والستون - الإصدار: من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1424هـ > البحوث > مع السلف الصالح في الحج > المبحث الرابع أقوالهم في الحج المبرور وتطبيقهم ذلك
المبحث الرابع: أقوالهم في الحج المبرور وتطبيقهم ذلك
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2622)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 246)، موطأ مالك الحج (776)، سنن الدارمي المناسك (1795).العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وللسلف رحمهم الله في المراد بالحج المبرور أقوال كثيرة، وكانت أفعالهم وأحوالهم في
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 281)
الحج تطبيقا لهذه المعاني الفاضلة، والصفات الشريفة.
فمن معاني الحج المبرور فعل الطاعات كلها، والإتيان بأعمال البر، وقد فسر الله تعالى البر بذلك في قوله: سورة البقرة الآية 177وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: (فتضمنت الآية أن أنواع البر ستة أنواع، من استكملها فقد استكمل البر، أولها: الإيمان بأصول الإيمان الخمسة، وثانيها: إيتاء المال المحبوب لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وثالثها: إقام الصلاة، ورابعها: إيتاء الزكاة، وخامسها: الوفاء بالعهد، وسادسها: الصبر على البأساء والضراء وحين البأس.
وكلها يحتاج الحاج إليها، فإنه لا يصح حجه بدون الإيمان، ولا يكمل حجه ويكون مبرورا بدون إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فإن أركان الإسلام بعضها مرتبطة ببعض، فلا يكمل الإيمان والإسلام حتى يؤتى بها كلها، ولا يكمل بر الحج بدون الوفاء بالعهود في
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 282)
المعاقدات والمشاركات المحتاج إليها في سفر الحج، وإيتاء المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه، ويحتاج مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر، فهذه خصال البر، فمن حج من غير إقام الصلاة، لا سيما إن كان حجه تطوعا كان بمنزلة من سعى في ربح درهم وضيع رأس ماله، وهو ألوف كثيرة) لطائف المعارف 414، 415.
وقد كان السلف -رحمهم الله- يواظبون على فعل الطاعات ونوافل القربات في حجهم، ويستثمرون ساعاته ويعمرون أيامه بالأعمال الصالحة، كانوا حريصين على قيام الليل، وتلاوة القرآن وأنواع الذكر، على العكس من حال بعض الحجاج الآن -هدانا الله وإياهم- الذين شغلوا بالقيل والقال والخوض في أعراض الناس والمجادلة بالباطل، مع كثرة اللهو واللعب والمزاح، وقد يتعدى الأمر بهم إلى السب والشتم وفعل ما لا يليق بالمسلم، خصوصا في تلك المشاعر المقدسة وفي أجل القربات وأفضل الطاعات الحج.
كان مسروق -رحمه الله- يكثر من السجود والإطالة فيه، لعلمه أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، كما ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكان محمد بن واسع يكثر من نوافل الصلوات، وإذا ركب راحلته أومأ إيماء، ويأمر حاديه أن يرفع صوته
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 283)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/308)
خلفه حتى يشغل عنه الناس بسماع صوته فلا يتفطن له، وكان المغيرة بن الحكم الصنعاني يحج من اليمن ماشيا وكان له ورد من الليل يقرأ فيه كل ليلة ثلث القرآن ينظر هذه الآثار: لطائف المعارف 415. ومن معاني بر الحج كثرة ذكر الله تعالى فيه، وقد أمر الله تعالى بكثرة ذكره في إقامة مناسك الحج مرة بعد أخرى، قال تعالى: سورة البقرة الآية 198لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّين سورة البقرة الآية 199ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة البقرة الآية 200فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ سورة البقرة الآية 201وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ سورة البقرة الآية 202أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَالله سَرِيعُ الْحِسَابِ سورة البقرة الآية 203وَاذْكُرُوا الله فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فانظر -أخي الحاج- كيف أمر الله بذكره واستغفاره ودعائه في هذه المواضع، ونبه على ذلك حثا لحجاج بيته الحرام أن يستغلوا تلك الأزمات الشريفة والأماكن الفاضلة بما هي أهله من الطاعات
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 284)
والقربات، وأعظمها ذكره جل وعلا واستغفاره، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي الحج (902)، سنن أبو داود المناسك (1888)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 75)، سنن الدارمي المناسك (1853).إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى رواه أبو داود والترمذي وصححه، ولفظه: سنن الترمذي الحج (902)، سنن أبو داود المناسك (1888)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 75)، سنن الدارمي المناسك (1853).إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى ورواه غيرهما، قال بعض أهل العلم: إنما كان ختام الأعمال الصالحة، ومنها الحج بالذكر والاستغفار لأن العبد محل تقصير في أداء تلك الطاعة، يعتوره النقص والخلل وعدم أداء ما وجب عليه حق القيام. ومن الذكر في الحج التلبية فيه ورفع الصوت بذلك والدعاء معه، كما هو فعل الصحابة رضي الله عنهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهم، صحيح مسلم الحج (1184).أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل -أي رفع صوته- فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وكان عبد الله يزيد مع هذا: صحيح البخاري المظالم والغصب (2451)، صحيح مسلم الحج (1184)، سنن الترمذي الحج (825)، سنن النسائي مناسك الحج (2747)، سنن أبو داود المناسك (1812)، سنن ابن ماجه المناسك (2918)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 120)، موطأ مالك الحج (738)، سنن الدارمي المناسك (1808).لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل متفق عليه.
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 285)
وعن جابر رضي الله عنه قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر التلبية. مثل حديث ابن عمر، والناس يزيدون " ذا المعارج رواه أبو داود في سننه -كتاب الحج- باب كيف التلبية 2\ 162 برقم 1813ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع، فلا يقول لهم شيئا قال الهيثمي في المجمع 3\ 223^ رواه البزار مرفوعا وموقوفا، ولم يسم شيخه في المرفوع^، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: رواه مسلم في صحيحه -كتاب الحج- باب جواز التمتع في الحج والقران 8\ 232خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نصرخ بالحج صراخا الحديث، أي: نرفع أصواتنا بالتلبية، وما ذاك إلا لأن التلبية من شعار الحاج في الظاهر، وفيها اشتغال بذكر الله المتضمن كلمة التوحيد وتحقيقها ونفي الشرك ومخالفة المشركين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/309)
ومن معاني الحج المبرور الإحسان إلى الناس ومعاملتهم بالمعروف وحسن الخلق معهما، ففي صحيح مسلم رواه مسلم في صحيحه -كتاب البر والصلة والآداب- باب تفسير البر والإثم 16\ 111 من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البر فقال: حسن الخلق، وهذا الأمر يحتاج إليه الحاج كثيرا، فينبغي له أن يتحلى به ويجاهد نفسه في تحقيقه، فيعامل الناس بالمعروف ويحسن إليهم بالقول والفعل، وما سمي السفر
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 286)
سفرا إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.
ويتبع ذلك إطعام الطعام وإفشاء السلام، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2629)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 246)، موطأ مالك الحج (776)، سنن الدارمي المناسك (1795).الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام، وفي لفظ آخر: وطيب الكلام حديث حسن رواه أحمد والطبراني في الأوسط سبق تخريجه، ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج وصية النبي صلى الله عليه وسلم أباجري الهجيمي بقوله: سنن الترمذي البر والصلة (1970)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 360).لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك المسلم فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وغيرهما. وأقوال الصحابة ومن بعدهم في بر الحج ومروءة السفر وحقوقه كثيرة، منها قول ابن عمر رضي الله عنهما: (البر شيء هين، وجه طليق وكلام لين)، وسئل سعيد بن جبير: أي الحاج أفضل؟ قال:
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 287)
(من أطعم الطعام وكف لسانه)، وقال ربيعة: (المروءة في السفر: بذل الزاد، وقلة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله عز وجل)، وقال أبو جعفر الباقر: (ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به غضبه، وحسن صحابة لمن يصحبه من المسلمين)، وجاء رجلان إلى ابن عون يودعانه ويسألانه أن يوصيهما، فقال لهما: (عليكما بكظم الغيظ وبذل الزاد)، وروى عبد الرزاق عن الثوري قال: (سمعنا أن بر الحج طيب الطعام وطيب الكلام) ينظر لهذه الآثار: لطائف المعارف 411، 412.
وفي حج السلف من الصحابة والتابعين -رحمهم الله- تحقيق لهذه المعاني، قال مجاهد: (صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمني)، وكان إبراهيم بن أدهم يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان، وخدمتهم لأصحابهم ليس لعدم شغلهم بشيء، بل كانوا في خدمة أصحابهم مع اشتغالهم بطاعة الله، وروي عن كثير من السلف أنه كان يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم، اغتناما لأجر ذلك، منهم عامر بن عبد قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد، مع اجتهادهما في العبادة في أنفسهما، وروي عن بعضهم أن كان يصحب إخوانه في سفر الجهاد وغيره، فيشترط
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 288)
عليهم أن يخدمهما، (فكان إذا رأى رجلا يريد أن يغسل ثوبه قال له: هذا من شرطي فيغسله، وإذا رأى من يريد أن يغسل رأسه قال: هذا من شرطي فيغسله) ينظر لهذه الآثار: لطائف المعارف 412، 413، سير أعلام النبلاء 4\ 17.
إن المسلم في أوقات العبادة والحضور في الرحاب الطاهرة، يلتزم بأكمل الآداب، ويتحلى بشريف الخصال، فكيف بالحضور في بيت الله المحرم والمشاعر المقدسة، فمما يكمل بر الحج اجتناب الإثم والمعاصي فيه، قال تعالى سورة البقرة الآية 197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب وفي الحديث الصحيح: صحيح البخاري الحج (1820)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن الترمذي الحج (811)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/310)
بن حنبل (2/ 410)، سنن الدارمي المناسك (1796).من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه، واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال أهل العلم: (الرفث: الجماع ودواعيه، والفسوق: المعاصي، والجدال: المخاصمة بالباطل) ينظر: تفسير القرآن العظيم 1\ 543 - 547.، فنهى سبحانه عن هذا كله، وأمر حجاج بيته وهم في رحابه أن يتزودوا بزاد التقوى، فهو
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 289)
خير الزاد، فيتحرى الحاج كل بر، ويتباعد عن كل منكر وإثم، فما تزود حاج ولا غيره بأفضل من زاد التقوى، ولا وصية أجل من الوصية بالتقوى وتحقيقها، وهكذا كان السلف يوصي بعضهم بعضا، قال بعضهم لمن ودعه: (اتق الله، فمن اتقى الله فلا وحشة عليه)، وقال آخر لمن ودعه للحج: أوصيك بما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذا حين ودعه سنن الترمذي البر والصلة (1987)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 177)، سنن الدارمي الرقاق (2791).اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذي - كتاب البر والصلة - باب ما جاء في معاشرة الناس 4\ 313 رقم 1987 ..
إن تقوى الله عز وجل جنة يستجن بها العبد من المعاصي والذنوب، وزاد مبارك يبلغه رضوان الله وجنته، يقول علي رضي الله عنه: (التقوى الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة من الدنيا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل)، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (تقوى الله: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر) رواه عنه الطبري في تفسيره 7\ 65.، وقال الحسن البصري -رحمه الله-: (التقوى ألا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك).
ومن بر الحج سقي الماء وبذله للآخرين، فالحجاج في تلك
(الجزء رقم: 69، الصفحة رقم: 290)
المشاعر، وبخاصة في وقت الزحام الشديد، بأمس الحاجة إلى الماء يروون به عطشهم، ويستعينون به على قضاء نسكهم، تبذل ذلك -أيها الحاج- لإخوانك بنفس طيبة، ويد حانية، عن ابن عباس أنه سئل أي الصدقة أفضل؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنن النسائي الوصايا (3664)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 7)، موطأ مالك الأقضية (1489).أفضل الصدقة سقي الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا: سورة الأعراف الآية 50أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّه،.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultD...st
قال الشيخ الألباني :
eyWordFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:25 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد الأول - الإصدار: من رجب إلى رمضان لسنة 1395هـ > متنوعات > هيئة التوعية في الحج تستقبل ملايين الحجاج
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 427)
هيئة التوعية في الحج
تستقبل ملايين الحجاج
يهتدي اليوم ملايين الحجاج - الذين يأتون من كل فج عميق إلى الأراضي المقدسة - إلى معرفة الأماكن والشعائر المقدسة والمزارات والمواقيت بوسائل لم تتيسر من قبل.
ففي 18\ 7 \ 1392 هـ صدرت الموافقة الكريمة على إنشاء هيئة التوعية في الحج، ومنذ ذلك التاريخ والعمل العلمي الجاد المتصل ترى نتائجه.
والذين يعرفون طبيعة هذا التجمع الدولي للمسلمين من مختلف بقاع العالم يدركون جسامة وتعقيد المهام الموكلة إلى هيئة التوعية.
فهناك اختلاف اللغات باختلاف جنسيات الحجيج.
وهناك المدة الزمنية القصيرة التي ينبغي أن يتم خلالها تقديم مختلف الخدمات الإرشادية للحجاج.
كما يواجه المشاركون في التوعية عقبة اختلاف المستويات الثقافية اختلافا شاسعا بين مختلف نوعيات الحجيج.
ولذا فقد عمدت الهيئة إلى تقييم النشاطات التي قامت بها عقب كل موسم، وذلك لتتمكن من تطوير نشاطاتها في الأعوام التالية لخدمة الحجيج. هذه الخدمة التي تعتبرها المملكة العربية السعودية تحت رعاية الفيصل -رحمه الله - من أوجب الخدمات عليها للعالم الإسلامي.
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 428)
وكان آخر هذه الاجتماعات الذي انعقد في المدة ما بين 21\ 12 \ 1394 هـ حتى يوم 10\ 1 \ 1395 لإقرار التقرير النهائي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/311)
في 12\ 10 \ 1394 هـ انعقدت أولى اجتماعات اللجنة في مكة المكرمة وقد استمرت هذه الاجتماعات حتى ختام الموسم في 10\ 1 \ 1395 ولم تكتف اللجنة بذلك، بل قامت بعقد جلسات فرعية في المدن الآتية: المدينة المنورة. جدة. منى ز
وكان الغرض من عقد هذه الجلسات في هذه المدن الحرص على التأكد من أداء الخدمات المقررة للحجيج على الوجه الأكمل في مواقع نشاط الهيئة التي سبق تقريرها.
* **
وتبعا للزيادة الهائلة في أعداد حجاج هذا العالم، ولما تلاقيه من أعباء جديدة على هيئة التوعية، فقد تم اختبار 111 داعية من رجال الدعوة من داخل المملكة، كما وقع الاختيار على ستة من رجال الدعوة الإسلامية في الخارج.
* * *
ولما كانت مخاطبة هذا التجمع الدولي الذي تتعدد ألسنته وأجناسه يحتاج إلى كفاءات لغوية عديدة، فقد بذلت الهيئة جهدها حتى تمكنت من اختيار ثلاثين مترجما من الجامعة الإسلامية وجامعة الملك عبد العزيز لتولي هذه المهام المختلفة في مدة قصيرة.
...
وقد راعت الهيئة تلبية مختلف الاحتياجات المكانية فقامت بتوزيع دعاتها على الأماكن الرئيسية الآتية: - الحرم المكي.
- الحرم المدني.
- مدينة حجاج الجو.
- مدينة حجاج البحر.
- منافذ المملكة والمواقيت.
- المساجد والمزارات بمكة المكرمة.
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 429)
- المساجد والمزارات في المدينة المنورة.
- المشاعر المقدسة في عرفات.
- المشاعر المقدسة في منى.
- المشاعر المقدسة في مزدلفة.
* * *
النشاط الإذاعي
قامت الهيئة بإعداد برنامج إذاعي ضخم تبلغ مدته الزمنية 1800 دقيقة تم تقسيمه إلى 40 حلقة تستغرق كل منها 45 دقيقة، وذلك للتوعية الإسلامية للحجيج.
ونظرا لأهميته فقد قامت الإذاعة ببثه وإرساله إلى جدة والمدينة والرياض. كما تمت ترجمة هذا البرنامج الكبير إلى عشر لغات يتفاهم بها عدد كبير من حجاج العالم الإسلامي.
* * *
النشاط التليفزيوني
أعدت الهيئة برنامجا يستغرق 400 دقيقة وذلك للإرسال التليفزيوني تحت عنوان: " وأذن في الناس بالحج "، وذلك في 20 حلقة يستمر كل منها 20 دقيقة.
الكتب والمحاضرات
باللغة العربية أما في عالم الكتب فبعد أن قدمت هيئة التوعية في الحج توصياتها إلى الرئاسة العامة للبحوث العلمية والفئات والدعوة والإرشاد للطباعة محاضرات التوعية لعام 1393 هـ، فقد قامت الرئاسة بطباعتها باللغة العربية وتم توزيعها في موسم الحج الحالي.
اللغات العربية والأردية والإنجليزية والفرنسية
وقد قامت الهيئة أيضا بتوزيع أكثر من 60000 كتاب إسلامي بلغات مختلفة كالعربية والأردية والإنجليزية والفرنسية.
المحاضرات
وقد أعد برنامج خاص للمحاضرات الإسلامية قام بإعداده أعضاء الهيئة مقرها " بمنى "، وتم تنفيذه طبقا لخطة مسبقة.
وإذا كانت الخطوط الجوية السعودية تمثل شريانا حيويا يربط المملكة بالعالم الإسلامي خاصة في موسم الحج، فقد قامت اللجنة بالاطلاع على مطبوعاتها ثم أصدرت توصياتها خاصة بطباعتها كي توزع على الحجيج
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 430)
قبل مقدمهم إلى المملكة بوقت كاف.
* * *
الزيارات الشخصية
وإذا كانت الصلات الشخصية تلعب دورا هاما في توثيق الصلة بين أطراف العالم الإسلامي، فقد عمدت اللجنة إلى إقرار برنامج لزيارة كبار الشخصيات من الحجاج وبعثات الحج ومخيمات بعض المطوفين.
وكان لذلك أثر بالغ في النفوس. كما قامت على أثره كثير من الوفود والشخصيات برد هذه الزيارات في مخيم الهيئة بمنى؛ حيث قدمت لهم هدايا من المصاحف الشريفة والكتب الإسلامية.
النشرات
وقد ارتأت اللجنة إعداد نشرة مختصرة تتناول كثيرا من المسائل الهامة التي ينبغي أن يحافظ عليها الحاج ويلتزم بها أثناء حجه.
وتتناول صفة الحج - العمرة - أداء الزيارة.
كما أصدرت نشرة أخرى تتناول - الهدي - النحر - الذبح - وما يتعلق بها من أحكام.
3 - أعيد طبع هذه النشرات بعدة لغات أخرى وتم توزيعها في الموسم.
* * *
ونظرا لأهمية تدارس العقبات التي واجهت أعمال التوعية في العام الماضي والأعوام التي سبقته، فقد قامت اللجنة باستعراضها ومناقشة المقترحات التي قدمت بهذا الصدد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/312)
كان من أهم المقترحات تنظيم الجانب الزمني وإفساح المجال قبل موسم الحج بوقت كاف لوضع المخطط الشامل للعمل وتنفيذه.
ولذا فقد اقترح: العنصر الزمني:
1 - أن تعقد الاجتماعات التمهيدية في النصف الأول من شهر شعبان لاختيار الدعاة، وذلك بعد إقرار المخطط الشامل.
العنصر المكاني: 2 - أن يختار مقر دائم لهيئة التوعية في مكة المكرمة بالقرب من الحرم المكي ما أمكن ذلك، ولا يخفى أن قرب المقر من الحرم ييسر حركة المشتركين في التوعية لصعوبة الحركة من وإلى الحرم خلال الموسم.
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 431)
كما اقترح أن يتوفر في المبنى الشروط الآتية:
أ - أن يكون مناسبا للأهداف التي تضطلع بها الهيئة.
ب - أن يتسع المبنى لقاعة للمحاضرات والندوات، والمؤتمرات، ومكتبة مناسبة للمطالعة، ومكاتب للموظفين.
بالنسبة للمدينة المنورة.
وبعد دراسة واستعراض أوضاع مكتب الهيئة في " المدينة المنورة " فقد اقترح تطوير ذلك المكتب بحيث تتوفر فيها الإمكانيات الإدارية بزيادة عدد الموظفين. وأن يتوفر مكان قريب للحرم النبوي. . لتيسير أداء مهمة هيئة التوعية الإسلامية.
إذاعات الدول الإسلامية
وقد اقترحت اللجنة للاستفادة من إذاعات الدول الإسلامية في نشر التوعية بمناسك الحج وأخلاقه، وذلك بتشكيل لجان خاصة من العلماء المتخصصين وأساتذة الجامعات؛ لتسجيل أشرطة خاصة بتوضيح مناسك الحج وشرح آدابه وأخلاقه.
على أن تكلف هذه اللجان بهذه الأعمال قبل حلول الإجازة الصيفية. كما تقوم أيضا بترجمتها إلى اللغات المطلوبة؛ بحيث تتوفر هذه الأشرطة قبل الموسم طبقا لبرنامج زمني محدد. وعلى أن يتم توزيعها تحت إشراف الهيئة بالتعاون مع وزارة الإعلام في المملكة على الجهات الآتية: أ - إذاعات الدول الإسلامية.
ب - شركات البواخر الناقلة للحجاج.
جـ - شركات الطائرات الناقلة للحجاج.
شركة الطيران السعودية وكان من ضمن المقترحات تطوير دليل الخطوط السعودية بإضافة المعلومات اللازمة للحاج أثناء إقامته بالمملكة، كطرق المملكة والمستشفيات والمراكز الصحية وفئات العملات والفنادق وأحوال المناخ. . . على أن تتم ترجمته إلى عدة لغات. . بالإضافة إلى اللغة العربية والإنجليزية على أن يتم توزيع هذا الدليل على السفارات وشركات الطيران. . إلخ.
* * *
كما اقترح فيما يختص بتوزيع النشرات الآتي:
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 432)
سفارات المملكة في الخارج
أن تقوم السفارات بتوزيع كتب المناسك ونشرات الحج بلغة البلد التي تقوم بها السفارة، والتي يفد منها عدد كبير من الحجاج، ولدى إعطاء الحاج تأشيرة الحج.
شركة الطيران السعودية
وتقوم بنفس المهمة لدى تسليم التذاكر للراغبين في الحج.
مداخل المملكة
وذلك في " عمار " " الخفجي " " سلوى " منطقة الجنوب ويقوم بمهمة التوزيع فيها مكاتب الدعوة.
* * *
التعريف بـ " عرفة "
وذلك بوضع لوحات داخل مسجد نمرة تبين الجزء الداخل في عرفة والجزء الخارج منها؛ حيث إن بعض الحجاج يتخذ من المسجد موضع إقامة ظنا منه أن كله من عرفة.
مراكز موسمية جديدة
إنشاء مراكز موسمية جديدة للتوعية في كل من بدر كدى، رابغ، الجحفة، الطائف، سلوى، الجنوب غار ثور، غار حراء، جبل أبي قبيس، جبل عرفة.
تفرغ الدعاة
وحتى يتمكن الدعاة من مباشرة الأعمال التي أوكلت إليهم، فقد اقترح التأكيد على الجهات الحكومية التي يرشح منها الدعاة على تفريغ مرشحيها للدعوة في المدة المحددة ابتداء من 20 ذي القعدة بالنسبة لمن ينتدبون للعمل خارج مقر عملهم، واعتبارا من العاشر من ذي القعدة لمن يعمل في مقر عمله.
توسعة مسجد السيدة عائشة
وقد أصبحت الحاجة ماسة بعد الزيادة الهائلة في عدد الحجاج. . والمنتظرة في السنوات القادمة أن تتم توسعة مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها بالتنعيم، وتخصيص جانب منه للنساء، وزيادة دورات المياه بصورة كافية ويخصص قسم منها للرجال وآخر للنساء.
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 433)
توزيع المخيمات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/313)
ولا شك أن تعميم الفائدة يقتضي حسن توزيع أماكن المخيمات، فقد لوحظ تجمع مخيم جامعة الملك عبد العزيز والجامعة الإسلامية ومخيم التوعية في منطقة واحدة، وكلها تقوم ببرنامج محاضرات طيلة أيام منى، ونرى توزيع هذه المخيمات على مناطق مختلفة متباعدة في جهات متعددة منعا للتشويش؛ ولذا تقرر العناية بذلك لرئيس لجنة الحج العليا.
وزارة الحج والأوقاف
وقد أوصت اللجنة بالكتابة لوزارة الحج والأوقاف بإعادة طباعة كتاب (ماذا يجب أن يعرفه المسلم عن دينه باللغات التي طبع بها مع إعادة النظر في طباعة بعض اللغات وخاصة التركية؛ وترجمته إلى اللغات التي لم يترجم بها، كالفارسية وبعض اللغات الأفريقية، كالهوسا واليوربا والسواحلية، وفي حالة عدم استعداد وزارة الحج لذلك نرى أن تقوم رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بنفس المهمة.
الاستضافة
وقد بدا للجنة أن من الأمور الهامة استضافة عدد من رجال الدعوة الإسلامية لدى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من مختلف البلاد الإسلامية للمشاركة في التوعية، الأمر الذي سيمكن من توسيع رقعة التفاهم بين الحجيج من مختلف الدول الإسلامية.
حفل نهاية الموسم
كما ترى اللجنة إقامة حفل بعد نهاية الموسم يدعى إليه علماء المسلمين والقائمين بالدعوة من الحجاج، ويختار المكان والزمان بمعرفة سماحة الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
* * *
وسوف تسعى هيئة التوعية الإسلامية في الحج دوما إلى تحقيق الواجبات السامية التي أنيطت بها لخدمة المسلمين في الحج يحدوها الإيمان العميق بقوله تعالى. . سورة آل عمران الآية 110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وكما قال الفيصل -رحمه الله - " إن سكان هذا البلد ليزيدهم شرفا واعتزازا أن أنعم الله سبحانه وتعالى، عليهم بالقيام على خدمة هذه الأماكن المقدسة، وعلى خدمتكم أيها الإخوان حينما تأتون تؤدون فريضتكم وتقضون مناسككم. وهذا نعتبره أكبر فخر وأكبر نعمة نعتز بها بعد نعمة الإسلام.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=214&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=436&RightVal=437&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:29 ص]ـ
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز > تصفح برقم المجلد > المجلد السادس عشر > كتاب الحج القسم الأول > التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة > كتاب المناسك > أهداف الحج ومقاصده
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 196)
أهداف الحج ومقاصده محاضرة لسماحته ألقاها بنادي مكة الثقافي الأدبي مساء يوم 26\ 11\1410هـ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه نبينا محمد بن عبد الله، إمام الدعاة إليه، صلى الله وسلم وكرم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء لإخوة في الله، للتناصح والتواصي بالحق، والتعاون على البر والتقوى، والدعوة إلى الخير، وبيان أهداف هذا الحج العظيم والركن الخامس من أركان الإسلام؛ ليعلم المؤمن أهداف هذه العبادة ومقاصدها، فيكون لها أشوق، وفي أداء المناسك أرغب، ويسأل ربه المزيد من كل خير، والعون على كل خير والقبول لعمله. ثم أشكر القائمين على هذا النادي الأدبي، وعلى رأسهم صاحب الفضيلة معالي الدكتور راشد الراجح على دعوتهم لهذا اللقاء، وأسأل الله أن يجزيهم عن ذلك خيرا، وأن
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 197)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/314)
يضاعف مثوبتهم، وأن يتقبل منا جميعا أعمالنا وأقوالنا، وأن يعيننا على كل خير وأن يوفق جميع المسلمين لكل ما فيه رضاه، وأن يصلح أحوالهم ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، إنه جل وعلا ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الإخوة في الله: الحج له أهداف عظيمة ومقاصد متنوعة وفيه منافع عاجلة وآجلة، منافع في الدنيا والآخرة، من صلاة وصوم وزكاة وحج وغير ذلك، كل شرائعه سبحانه فيها الخير العظيم والمنافع الجمة للعباد في عاجل أمرهم في هذه الدنيا، من صلاح القلوب، واستقامة الأحوال، والرزق الطيب، وراحة الضمير، إلى غير ذلك، مع ما في ذلك من العاقبة الحميدة، والفوز الكبير بدار النعيم، مع النظر إلى وجهه جل وعلا، والفوز برضاه.
ومن ذلك الحج، وهو عبادة عظيمة سنوية شرعها الله للعباد؛ لما فيها من المنافع العظيمة وما تهدف إليه من المقاصد الجليلة ولما يترتب عليها من خير في الدنيا والآخرة، وهي عبادة فريضة على جميع المكلفين في جميع أقطار الدنيا، رجالا ونساء، إذا استطاعوا السبيل إليها، كما قال جل وعلا: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وفي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 198)
الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رواه البخاري في (الإيمان) باب بني الإسلام على خمس برقم (8)، ومسلم في (الإيمان) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام برقم (16).بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. فهذه الدعائم الخمس هي أركان الإسلام وهي عموده التي يقوم بناؤه عليها، وكان فرضه في السنة التاسعة أو العاشرة من الهجرة. وفي صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله تعالى عنه في سؤال جبرائيل عن الإسلام والإيمان قال له عليه الصلاة والسلام: رواه مسلم في (الإيمان) باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان برقم (8).الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رواه البخاري في (الحج) باب فضل الحج المبرور، برقم (1521)، ومسلم في (الحج) باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1350).من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. وهذا يعم الحج والعمرة جميعا. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رواه البخاري في (الحج) باب وجوب العمرة وفضلها برقم (1773)، ومسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1349).العمرة إلى
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 199)
العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
هذا من مقاصد الحج ومقاصد العمرة، فمن أداها على الوجه المرضي كان جزاؤه الجنة والكرامة وغفران الذنوب وحط الخطايا. ويا لهذا الهدف من خير عظيم وفضل كبير.
إن من أتى هذا البيت مخلصا لله جل وعلا يريد وجهه الكريم، من قريب أو بعيد، ثم أدى هذا الحج على وجه البر لا رفث فيه ولا فسوق، فإن الله جل وعلا يكتب له به الجنة وغفران الذنوب، وهكذا العمرة، يقول: صحيح مسلم الحج (1350).من أتى هذا البيت، ويقول صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2629)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 462)، موطأ مالك الحج (776).العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.
هذا الهدف العظيم لقاصدي هذا البلد المبارك هو مطلب كل مؤمن وكل مؤمنة، الفوز بالجنة والنجاة من النار وغفران الذنوب وحط الخطايا، والله جل وعلا أخبر عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أنه دعا لأهل هذا البلد، فقال جل وعلا على لسان خليله إبراهيم: سورة البقرة الآية 129رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/315)
واستجاب الله هذا الدعاء، فبعث خليله محمدا عليه الصلاة
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 200)
والسلام، في هذه الأمور التي بينها، ويتلو عليهم كتاب الله المنزل، ويعلمهم الكتاب وهو القرآن، والحكمة وهي السنة، ويزكيهم بما بعثه الله به من الأخلاق العظيمة والعبادات الرفيعة المتنوعة، ويطهرهم من الأخلاق الذميمة والصفات المنكرة. فالإسلام طهرة لهم وزكاة لهم من جميع أعمالهم وجميع أخلاقهم المنحرفة، وتوجيه لهم إلى طيب الأعمال وزكي الأعمال، ومن ذلك الحج.
والله بعث محمدا وسائر الأنبياء بما فيه طهارة القلوب وطهارة الأعمال، وصلاح القلوب وصلاح الأعمال، وصلاح الأخلاق.
فمن الزكاة والطهرة إقام الصلوات كما شرعها الله، وأداء الزكاة كما شرعها الله، وصوم رمضان كما شرعه الله، وحج البيت كما شرعه الله، وهكذا أداء بقية الأوامر مع اجتناب النواهي. فالرسل عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، بعثوا ليطهروا الناس من أخلاقهم الذميمة وأعمالهم الخبيثة، ويزكوهم بالأعمال الطيبة والأخلاق الكريمة، التي أعظمها وأساسها توحيد الله سبحانه وتعالى، وإخلاص العبادة له جل وعلا في جميع الأحوال، وترك عبادة ما سواه، والإيمان به ورسله، وبكل ما أخبر الله به ورسله عما كان وما يكون، والإيمان بنبيه محمد
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 201)
صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على دينه، هذا أصل الدين وأساسه، توحيد الله والإخلاص له، وهو أعظم هدف للحج وأعظم مقصد، أن يأتي العبد مخلصا لله، يقصد وجهه الكريم ويلبي ويقول: " لبيك لا شريك لك "، يريد إخلاص العبادة له وحده، يريد توجيه قلبه وعمله لله سبحانه وتعالى ويكرر: " لبيك اللهم لبيك "، يعني: أنا عبدك مقيم لعبادتك إقامة بعد إقامة، ومجيب لدعوتك على دين رسولك وخليلك إبراهيم وعلى دين حفيده محمد عليه الصلاة والسلام، مجيب لذلك إجابة بعد إجابة، أقصد وجهك، وأخلص لك العمل، وأنيب إليك في جميع الأعمال، من صلاة وحج وغير ذلك: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ". هذا أول شيء يبدأ به قاصد البيت العتيق، إخلاص العبادة لله وحده، والتوجه إليه، والإقرار بأنه سبحانه الواحد الأحد، لا شريك له في الخلق والتدبير والملك، ولا في الأسماء والصفات، فله الأسماء الكاملة، والصفات الكاملة العالية جل وعلا، لا شبيه له ولا مثيل له في ذلك، وله العبادة وحده دون كل ما سواه، فهو مختص بالعبادة وحده دون كل ما سواه، كما قال جل وعلا: سورة البينة الآية 5وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وقال عز وجل
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 202)
سورة الزمر الآية 2فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ سورة الزمر الآية 3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وقال سبحانه: سورة الفاتحة الآية 5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال عز وجل: سورة الحج الآية 62ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
فالعبادة حقه وما سواه معبود بالباطل، فمن عبد الرسل أو الأنبياء أو الملائكة أو الصالحين أو الجن أو الأصنام أو غير ذلك فقد عبد الباطل. فالرسل أفضل عباد الله، لكن لا حق لهم في العبادة، فالعبادة حق الله، والملائكة والصالحون من خير عباد الله، من جن وإنس، لكن لا حق لهم في العبادة.
العبادة حق الله وحده ليس له فيها شريك قال عز وجل: سورة الإسراء الآية 23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وقال سبحانه: سورة الجن الآية 18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وقال جل وعلا: سورة فاطر الآية 13ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ سورة فاطر الآية 14إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ فبين
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 203)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/316)
سبحانه أن الدعوة لغيره شرك بالله تعالى، سواء كان المدعو ملكا أو رسولا أو نبيا أو صالحا أو جنيا أو صنما أو غير ذلك. ويقول جل وعلا: سورة المؤمنون الآية 117وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ فسماهم كفرة بذلك.
فمن أعظم مقاصد الحج وأعظم أهدافه إخلاص العبادة لله وحده، وتوجيه القلوب إليه جل وعلا، إيمانا بأنه يستحق العبادة، وإيمانا بأنه المعبود الحق، وإيمانا بأنه رب العالمين وحده، وأنه صاحب الأسماء والصفات الكريمة وحده لا شريك له ولا شبيه له ولا ند له سبحانه وتعالى. وقد أشار إلى هذا في قوله جل وعلا: سورة الحج الآية 26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وفي البقرة: سورة البقرة الآية 125وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ يعبدانه وحده عند بيته الكريم، ويطهران ما حول البيت من الأصنام والأوثان وسائر ما حرم الله من النجاسات ومن كل ما يؤذي الحجيج أو العمار أو يشغلهم
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 204)
عن هدفهم. فالبيت للمصلين وللطائفين وللعاكفين وهم المقيمون عنده يعبدون الله فيه وفي حرمه، يجب أن يطهر لهم من كل ما يصد عن سبيل الله، أو يلهي الوافدين إليه من قول أو عمل. ثم يقول سبحانه بعد ذلك: سورة الحج الآية 27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
وقد أذن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الناس وأسمع صوته لمن شاء من العباد وأجاب الناس هذه الدعوة المباركة من عهد إبراهيم إلى يومنا هذا. وقد جاء في آثار فيها نظر أن آدم حج البيت ومن بعده إلى عهد إبراهيم، ولكن الأدلة الثابتة أن أول من قام بتعميره والدعوة إليه هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولكن الله حرمه يوم خلق السماوات والأرض ثم حرمه بحرمة الله إلى يوم القيامة. ثم قال جل وعلا: سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ أطلقها وأبهمها لعظمها وكثرتها، منافع عاجلة وآجلة، منافع دنيوية وأخروية، فمنها وأعظمها ليشهدوا توحيده والإخلاص له، في الطواف ببيته، والصلاة في رحاب بيته، والدعوة له سبحانه، والإنابة إليه، والضراعة إليه بأن يقبل حجهم، ويغفر لهم ذنوبهم، ويردهم سالمين إلى بلادهم،
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 205)
ويمن عليهم بالعودة إليه مرة بعد مرة، ليضرعوا إليه جل وعلا.
هذه أعظم المنافع، أن يعبدوه وحده، وأن يأتوا قاصدين وجهه الكريم لا رياء ولا سمعة، بل جاءوا ليطوفوا في بيته، وليعظموه، وليصلوا في رحاب بيته ويسألوه من فضله جل وعلا. هذه أعظم المنافع وأكبرها، توحيده والإخلاص له، والإقرار بذلك بين عباده، والتواصي بذلك بين العباد الوافدين. يتعرفون هذا الأمر العظيم، ويلبون بأصوات يسمعها كل أحد؛ ولهذا شرع الله رفع الصوت بالتلبية، ليعرفوا هذا المعنى، وليحققوه، وليتعهدوه في قلوبهم وألسنتهم. وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: رواه الإمام أحمد في (مسند المدنيين) حديث السائب بن خلاد برقم (16122)، والترمذي في (الحج) باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية برقم (829).إن جبرائيل أتاني فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال. فالسنة رفع الصوت بهذه التلبية، حتى يعلمها القاصي والداني، ويتعلمها الكبير والصغير، والرجل والمرأة، وحتى يستشعر معناها ويتحقق معناها، وأن معناها إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه إلههم الحق، خالقهم ورازقهم ومعبودهم جل وعلا في الحج وغيره.
ومن مقاصد الحج أن يتعارف المسلمون ويتواصوا بالحق
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 206)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/317)
ويتناصحوا. يأتون من كل فج عميق من غرب الأرض وشرقها وجنوبها وشمالها، يجتمعون في بيت الله العتيق، في عرفات، في مزدلفة، في منى، في رحاب مكة، يتعارفون ويتناصحون، ويعلم بعضهم بعضا، ويرشد بعضهم بعضا، ويساعد بعضهم بعضا، ويواسي بعضهم بعضا، مصالح عاجلة وآجلة، مصالح التعليم والتوجيه والإرشاد والدعوة إلى سبيل الله، وتعليم مناسك الحج، وتعليم الصلاة، وتعليم الزكاة، يسمعون من العلماء ما ينفعهم؛ لأن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بما يزكيهم وبما يعلمهم الكتاب والحكمة، فيسمعون في رحاب البيت العتيق وفي رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذهبوا إليه وزاروه، يسمعون من العلماء ما فيه الهداية والبلاغ والإرشاد إلى طريق الرشاد، وسبيل السعادة إلى توحيد الله والإخلاص له، إلى ما أوجبه على عباده من الطاعات وإلى ما حرم عليهم من المعاصي ليحذروها، وليعرفوا حدود الله ويتعاونوا على البر والتقوى.
فمن أعظم المنافع وأجلها أن يتعلموا دين الله، ويتبصروا في رحاب البيت العتيق، ورحاب المسجد النبوي، من العلماء والمرشدين والمذكرين ما قد يجهلون من أحكام دينهم، وما قد يجهلون من أحكام حجهم وعمرتهم، حتى يؤدوها على علم وبصيرة، وحتى يعبدوا الله في أرضهم وأينما كانوا على علم وبصيرة.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 207)
من هنا نبع هذا العلم، ونبع علم التوحيد وصدر، ثم من المدينة، ثم من سائر هذه الجزيرة ومن سائر بلاد الله التي وصلها العلم وأهله، لكن أصله من هنا من رحاب بيت الله العتيق.
فعلى العلماء أينما كانوا، وعلى الدعاة أينما كانوا، ولا سيما هنا في رحاب بيت الله، أن يعلموا الناس، أن يعلموا الحجيج ويعلموا العمار ويعلموا القاطنين والوافدين والزائرين، يعلمونهم مناسك حجهم، يعلمونهم لماذا خلقوا، وبماذا أمروا. خلقوا ليعبدوا الله، وأمروا بعبادة الله: سورة الذاريات الآية 56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ سورة البقرة الآية 21يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فعلى العلماء - وفقهم الله - أينما كانوا، ولا سيما الموجودين في رحاب البيت العتيق، أن يعلموا الناس، أن يعلموا ضيوف بيت الله الحرام، وأن يرشدوهم في المساجد وفي الطرقات وفي السيارة وفي الطائرة وفي السفينة، في أي مكان، عليهم أن يعلموهم دينهم وما خلقوا له، وأن يرشدوهم إلى أسباب النجاة، وأن يحذروهم من أسباب الهلاك، وعليهم بوجه خاص أن يعلموهم مناسك حجهم وعمرتهم التي جاءوا ليؤدوها، يعلموهم في البيوت إذا اجتمعوا
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 208)
في البيوت، وفي الخيمة وفي الطريق وفي المسجد وفي السيارة وفي الطائرة وفي السفينة وفي أي مكان. هكذا المؤمن، هكذا العالم، هكذا طالب العلم لا يدع فرصة إلا انتهزها للتعليم والتوجيه والإرشاد، والمؤمن هكذا لا يدع فرصة إلا انتهزها للتعليم والاستفادة من العالم وطالب العلم أينما كان، ولا سيما في رحاب بيت الله العتيق في أيام الحج، هذا الموسم العظيم.
فالمسلم مأمور بالتعلم وبالتفقه أينما كان في أي مكان وزمان، ولكن في رحاب بيت الله العتيق الأمر أعظم، هذا له خصائص والحاجة ماسة والحج حاضر فأنت في أشد الحاجة إلى أن تتعلم، ويجب عليك أن تتعلم؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71)، ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037).من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين رواه الشيخان. فمن علامات الخير لك والسعادة أن تتفقه في دين الله، هنا في بلد الله العتيق وفي بلادك وفي أي أرض كنت من أرض الله متى وجدت العالم، متى وجدت العلم فانتهز الفرصة ولا تتكبر ولا تكسل، فالعلم لا يناله المتكبرون ولا يناله الكسالى والعاجزون، فهو يحتاج إلى نشاط وهمة عالية، ولا يناله المستحون، وهو ليس حياء في الحقيقة الذي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 209)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/318)
يمنع من العلم، ولكنه خور وضعف وعجز؛ يقول مجاهد رحمه الله التابعي الجليل: " لا يتعلم العلم مستح ومستكبر ". المؤمن عادة لا يستحي في هذا، يتقدم، والمؤمنة كذلك، كل منهما يتقدم، يسأل ويبحث ويبدي ما لديه من الإشكال حتى يزول إشكاله.
ومن علامات السعادة والتوفيق والخير أن تتعلم وأن تتفقه في دين الله؛ يقول صلى الله عليه وسلم: رواه مسلم في (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن برقم (2699).من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رواه البخاري في (العلم) باب فضل من علم وعلم برقم (79)، ومسلم في (الفضائل) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم برقم (2282).مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 210)
فعلى كل مؤمن ومؤمنة التفقه في دين الله.
ومن أهداف الحج والعمرة التبصر والتفكر في دين الله وهذا من أعظم المنافع.
ومن منافع الحج نشر العلم بين الحجاج لمن جاء وافدا وعنده علم أيضا ينشره بين الناس مع إخوانه في مكة، ينشر العلم بين الحجيج وبين رفقائه، في الطريق، في السيارة، في الطائرة، في الخيمة، في كل مكان ينشر علمه. فرصة ساقها الله إليك؛ فمن أهداف الحج أن تنشر علمك، وأن توضح للناس ما لديك، لكن بالاعتماد على قول الله ورسوله لا بالآراء الخارجة عن الكتاب والسنة، تعلم الناس عن كتاب الله وعن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعما استنبطه أهل العلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا عن جهل وعدم بصيرة بل بالعلم والبصيرة: سورة يوسف الآية 108قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
ومن أهداف الحج ومقاصده ومنافعه الاستكثار من الصلوات والطواف: سورة الحج الآية 29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فعلى الحاج والمعتمر أن
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 211)
يكثر من الطواف متى قدر عليه من غير مزاحمة ولا مشقة، والإكثار من الصلاة في الحرم وفي مساجد مكة. فالصواب أن التفضيل في الثواب يعم المساجد كلها، يعم الحرم كله، وهو أرجح ما قاله العلماء. فاغتنم الفرصة في المسجد الحرام وفي مساجد مكة وفي بيتك، تطوع من الطواف والإكثار من الصلاة والإكثار من التسبيح والتهليل والذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله.
فانتهز فرصة اجتماع هذا الجمع الغفير من الناس من أفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا وغيرها، واحرص على التبليغ عن الله، وعلم مما أعطاك الله، ثم احرص على العمل الصالح من صلاة وطواف، ودعوة إلى الله، وتسبيح وتهليل، وذكر وقراءة قرآن، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعيادة المريض، وإرشاد الحيران، إلى غير ذلك من وجوه الخير.
ومن منافع الحج العظيمة إيفاء ما عليك من نذور، من عبادات نذرتها تؤدى في المسجد الحرام، ومن هدايا تذبحها في منى وفي مكة، ومن صدقات تؤديها. وإن كان النذر لا ينبغي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: رواه البخاري في (الأيمان والنذور) باب الوفاء بالنذر برقم (6694)، ومسلم في (النذر) باب النهي عن النذر برقم (1639).النذر لا يأتي بخير، ولكن إن نذرت طاعة وجب الوفاء بها؛ يقول النبي
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 212)
صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الأيمان والنذور) باب النذر في الطاعة برقم (6696).من نذر أن يطيع الله فليطعه. إذا فإن نذرت في هذا الحرم صلاة أو طوافا أو غير ذلك، فيجب أن تؤديها في هذا البلد الحرام: سورة الحج الآية 29وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/319)
ومن المقاصد العظيمة والأهداف العظيمة للحج أن تواسي الفقير وتحسن إليه، من الحجاج وغير الحجاج، في هذا البلد الأمين وفي الطريق وفي المدينة المنورة، تواسي مما أعطاك الله، تواسي الحجيج الفقراء، تواسي من قصرت به النفقة، من عدموا القدرة على الهدي.
هذه هي الأهداف والمقاصد العظيمة، وقد أطلقها عز وجل: سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ في منافع منوعة، ومواساة الحجيج الفقراء، والإحسان إليهم، وسد خلتهم مما أعطاك الله عز وجل، أو الشفاعة لهم عند من يعطيهم ويحسن إليهم ويسد خلتهم. ومن ذلك مداواة المريض وعلاجه والشفاعة له عند من يقوم بذلك، وإرشاده إلى المستشفيات والمستوصفات حتى يعالج، وإعانته على ذلك بالمال وبالدواء، كل هذا من المنافع.
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 213)
ومن المنافع العظيمة التي لا ينبغي لك أن تلزمها دائما الإكثار من ذكر الله في هذا البلد الأمين، والإكثار من ذكر الله في كل الأحوال قائما وقاعدا: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " والدعاء والإلحاح به. فمن المنافع العظيمة أن تجتهد في الدعاء إلى ربك والضراعة إليه أن يتقبل منك، وأن يصلح قلبك وعملك، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعينك على أداء الحمد الذي عليك على الوجه الذي يرضيه، وأن يعينك على الإحسان إلى عباده ونفعهم، وأن تكون في منفعتهم وفي مواساتهم وفي إعانتهم على الخير، وأن لا يتأذوا منك بشيء. تسأل الله أن يجعلك مباركا لا تؤذي أحدا، وتنفع ولا تؤذي.
فمن المنافع العظيمة أن تحرص على النفع وعدم الأذى ولا تؤذ الناس، لا في الطريق ولا في الطواف ولا في السعي ولا في عرفات ولا في مزدلفة ولا في منى ولا في أي مكان، ولا في الباخرة ولا في الطائرة ولا في السيارة ولا في الخيمة ولا في أي مكان. ولا تؤذهم، لا بسب ولا بكذب، ولا بيدك ولا برجلك، ولا بغير ذلك؛ تتحرى أن تنفع ولا تؤذي أينما كنت، تتحرى أن تنفع الناس من الحجيج وغيرهم، وألا تؤذي أحدا، لا بقول ولا بعمل، هذه من المنافع العظيمة.
ومن المنافع العظيمة للحج أن تؤدي المناسك في غاية
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 214)
من الكمال، في غاية من الإتقان، في غاية من الإخلاص: طوافك وسعيك ورمي الجمار، وفي عرفات، وفي مزدلفة، تكون في غاية الإخلاص، في غاية من حضور القلب، في غاية من جمع القلب على الله، في دعائك وذكرك وقراءتك وصلاتك، وغير ذلك، تجمع قلبك على الله وتحرص أينما كنت على الإخلاص لله.
ومن المنافع الهدايا، سواء كانت واجبة عند التمتع والقران، أو غير واجبة، تهديها تقربا إلى الله سبحانه وتعالى. وقد أهدى النبي صلى الله عليه وسلم سبعين بدنة وأهدى الصحابة، فالهدي قربة إلى الله، تشتري وتنحر وتوزع على الفقراء والمحاويج، في أيام منى أو غيرها، هدايا تطوع تنفع بها الناس في منى، وفي غير منى، قبل الحج وبعده.
أما هدي التمتع فهو في منى وفي مكة أيضا، في أيام منى وهي أربعة. أما الصدقة بالذبائح وبالمال ففي أي وقت، لو ذبحت هذه الأيام وتصدقت ووزعتها على الفقراء، ووزعت أطعمة أو ملابس أو دراهم، كله خير. إنما الذي يخص به أيام منى - الأيام الأربعة - الهدايا والضحايا، أما التطوعات بالذبائح فوقتها واسع، في جميع الزمان.
هذا وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح قلوبنا وعملنا جميعا، ويتقبل منا
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 215)
ومن سائر الحجاج حجنا وعمرتنا، وأن يعيد الحجاج جميعا إلى بلادهم سالمين موفقين، مغفورا لهم، متعلمين متبصرين، وقد عرفوا الحق بدليله، وعرفوا التوحيد على بصيرة، حتى يرجعوا إلى بلادهم غانمين موفقين، قد عرفوا دين الله على بصيرة، وقد أدوا حجهم على بصيرة، وعمرتهم ومناسكهم على بصيرة.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يمنحنا الفقه في دينه، وأن يوفق حجاج بيت الله الحرام وعماره لكل ما يرضيه، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعلمهم ما ينفعهم، وأن يردهم غانمين موفقين سالمين إلى بلادهم، وأن يتقبل من الجميع، إنه جل وعلا جواد كريم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=3040&searchScope=4&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=5340&RightVal=5341&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/320)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:39 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد التاسع والخمسون - الإصدار: من ذو القعدة إلى المحرم لسنة 1420هـ > البحوث > القول الحق في نسك الحج الذي أحرم به خير الخلق صلى الله عليه وسلم > المبحث الخامس الجمع بين الأحاديث الصحيحة المروية في نسك الحج
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 249)
المبحث الخامس: طريق الجمع بين الأحاديث الصحيحة المروية في نسك الحج الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم:
قد سبق أن ذكرنا أن من الصحابة من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع مفردا، ومنهم من روى أنه كان متمتعا، ومنهم من روى أنه كان قارنا؛ وهذه الروايات صحيحة في قصة واحدة، فكيف يمكن الجمع بينها؟ والعلماء كما اختلفوا في النسك الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم، اختلفوا في كيفية الجمع بين ما روي في ذلك.
قال النووي: (والصواب الذي نعتقده أنه صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالحج مفردا، ثم أدخل عليه العمرة، فصار قارنا، وإدخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا، وعلى الأصح لا يجوز لنا، وجاز للنبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة، وأمر به في قوله: صحيح البخاري الحج (1534)، سنن أبو داود المناسك (1800)، سنن ابن ماجه المناسك (2976)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 24).لبيك عمرة في حجة.
فإذا عرفت ما قلناه سهل الجمع بين الأحاديث. فمن روى أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا - وهم الأكثرون كما سبق - أراد أنه اعتمر في أول الإحرام ومن روى أنه كان قارنا، أراد أنه اعتمر آخره وما بعد إحرامه ومن روى أنه كان متمتعا، أراد التمتع اللغوي، وهو الانتفاع والالتذاذ، وقد انتفع بأن كفاه عن النسكين فعل واحد ولم يحتج إلى إفراد كل واحد بعمل. ويؤيد هذا الذي ذكرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر تلك السنة عمرة مفردة لا. قبل الحج ولا بعده) المجموع 7\ 159، 160 ..
قلت: وهذا الذي ذكره النووي رحمه الله يعترض عليه بأن
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 250)
رواة الإفراد ليسوا هم الأكثرين، وأن الأحاديث الصحيحة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالنسكين معا، كما تقدم.
وذكر الخطابي في كيفية الجمع: (أن كلا أضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر به اتساعا، ثم رجح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا معالم السنن 2\ 161. وكذا قال عياض، وزاد: وأما إحرامه هو فقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردا، وأما رواية من روى أنه كان متمتعا، فمعناه أمر به؛ لأنه صريح بقوله: صحيح البخاري الحج (1651)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2805)، سنن أبو داود المناسك (1787)، سنن ابن ماجه المناسك (2980)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 366).ولولا أن معي الهدي لأحللت، فصح أنه لم يتحلل، وأما رواية من روى القران، فهو إخبار عن آخر أحوآله، لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادي، وقيل له: صحيح البخاري الحج (1534)، سنن أبو داود المناسك (1800)، سنن ابن ماجه المناسك (2976)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 24).قل عمرة في حجة ا هـ.
قال الحافظ ابن حجر: (وهذا الجمع هو المعتمد، وقد سبق إليه قديما، ابن المنذر، وبينه ابن حزم في حجة الوداع بيانا شافيا، ومهد له المحب الطبري تمهيدا بالغا، يطول ذكره، ومحصله: أن كل من روى عنه الإفراد حمل على ما أهل به في أول الحال، وكل من روى عنه التمتع أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روى عنه القران أراد ما استقر عليه أمره، ويترجح رواية من روى القران بأمور. . .) ثم ذكرها الحافظ ابن حجر فتح الباري3\ 429.
قلت: هذا الذي ذكروه يعترض عليه بأمور:
منها: أن الأحاديث الصحيحة قد تضافرت على أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا وليس مفردا كما ذكروه، وقد تقدم بيان ذلك.
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 251)
ومنها: أن الأحاديث الصحيحة قد دلت على أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالنسكين معا، وأنه جمع بينهما، لا أنه أحرم مفردا ثم أدخل العمرة على الحج. ثم إن المالكية والشافعية يرجحون أنه كان مفردا، فكيف يستقيم هذا مع الجمع بأنه كان قارنا آخر الأمر؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/321)
أما القول بأن كل من روى عنه صلى الله عليه وسلم التمتع أراد به ما أمر به أصحابه، فيعترض عليه أن هناك أحاديث صحيحة دلت على أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا والمراد به القران.، غير الأحاديث التي أمر بها أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة. والله أعلم.
ومن أحسن ما جاء في الجمع بين الأحاديث المروية في النسك الذي أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم - من أحسن الجمع - ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: (والصواب أن الأحاديث متفقة ليست مختلفة إلا اختلافا يسيرا يقع مثله في غير ذلك، فإن الصحابة ثبت عنهم أنه تمتع، والتمتع عندهم يتناول القران، والذين روي عنهم أنه أفرد روي عنهم أنه تمتع).
ثم ذكر - رحمه الله - المروي في ذلك، وجمع بين ذلك بما محصله: (أن التمتع عند الصحابة يتناول القران، فتحمل عليه رواية من روى أنه. حج متمتعا، وكل من روى الإفراد، قد روى أنه صلى الله عليه وسلم حج تمتعا وقرانا، فيتعين الحمل على القران، وأنه أفرد أعمال
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 252)
الحج).
وقد نقل ابن القيم ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وارتضاه، إلى أن قال ابن القيم: (قال أي شيخ الإسلام ابن تيمية.: وأما الذين نقل عنهم إفراد الحج فهم ثلاثة: عائشة وابن عمر وجابر، والثلاثة نقل عنهم التمتع، وحديث عائشة وابن عمر أنه تمتع بالعمرة إلى الحج، أصح من حديثهما (أنه أفرد الحج) هذه الجملة من مجموع الفتاوى 26\ 73، ولا يستقيم الكلام بدونها وليست موجودة في الزاد.، وما صح في ذلك عنهما فمعناه: إفراد أعمال الحج، أو أن يكون وقع منه غلط كنظائره، فإن أحاديث التمتع متواترة، رواها أكابر الصحابة، كعمر وعثمان وعلي وعمران بن حصين، ورواها أيضا عائشة وابن عمر وجابر، بل رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر من الصحابة.
قلت - القائل ابن القيم -: وقد اتفق أنس وعائشة وابن عمر وابن عباس، على أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، وإنما وهم ابن عمر في كون إحداهن في رجب، وكلهم قالوا: وعمرة مع حجته، وهم - سوى ابن عباس - قالوا: إنه أفرد الحج، وهم - سوى أنس - قالوا: تمتع، فقالوا: هذا وهذا وهذا، ولا تناقض بين أقوآله م، فإنه تمتع تمتع
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 253)
قران، وأفرد أعمال الحج، وقرن بين النسكين، وكان قارنا باعتبار جمعه بين النسكين، ومفردا باعتبار اقتصاره على أحد الطوافين والسعيين، ومتمتعا باعتبار ترفهه بترك أحد السفرين.
ومن تأمل ألفاظ الصحابة، وجمع الأحاديث بعضها إلى بعض، واعتبر بعضها ببعض، وفهم لغة الصحابة، أسفر له صبح الصواب، وانقشعت عنه ظلمة الاختلاف والاضطراب. والله الهادي لسبيل الرشاد، والموفق لطريق السداد.
فمن قال: إنه أفرد الحج، وأراد به أنه أتى بالحج مفردا، ثم فرغ منه وأتى بالعمرة بعده من التنعيم أو غيره - كما يظن كثير من الناس -، فهذا غلط لم يقله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا الأئمة الأربعة، ولا أحد من أئمة الحديث. وإن أراد به أنه حج حجا مفردا لم يعتمر معه - كما قاله طائفة من السلف والخلف - فوهم أيضا، والأحاديث الصحيحة ترده كما تبين. وإن أراد به أنه اقتصر على أعمال الحج وحده، ولم يفرد للعمرة أعمالا فقد أصاب، وعلى قوله تدل جميع الأحاديث.
ومن قال: إنه قرن، فإن أراد به أنه طاف للحج طوافا على حدة، وللعمرة طوافا على حدة، وسعى للحج سعيا والعمرة سعيا، فالأحاديث الثابتة ترد قوله. وإن أراد أنه قرن بين النسكين، وطاف لهما طوافا واحدا، وسعى لهما سعيا واحدا، فالأحاديث الصحيحة تشهد لقوله، وقوله هو الصواب.
ومن قال: إنه تمتع، فإن أراد أنه تمتع تمتعا حل منه ثم أحرم بالحج إحراما مستأنفا، فالأحاديث ترد قوله، وهو غلط. وإن أراد أنه
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 254)
تمتع تمتعا لم يحل منه، بل بقي على إحرامه لأجل سوق الهدي، فالأحاديث الكثيرة ترد قوله أيضا، وهو أقل غلطا. وإن أراد تمتع القران، فهو الصواب الذي تدل عليه جميع الأحاديث الثابتة، ويأتلف به شملها، ويزول عنها الإشكال والاختلاف).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/322)
قلت: فالراجح من الجمع بين الأحاديث هو ما ذكره شيخا الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وقد قال الشوكاني عن الجمع الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه جمع حسن.
نيل الأوطار 4\ 310.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=8369&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=17381&RightVal=17382&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 06:50 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد التاسع والخمسون - الإصدار: من ذو القعدة إلى المحرم لسنة 1420هـ > البحوث > القول الحق في نسك الحج الذي أحرم به خير الخلق صلى الله عليه وسلم > تمهيد في تعريف الحج وحكمه وفضله وشروط وجوبه
تمهيد في تعريف الحج، وحكمه، وفضله، وشروط وجوبه:
تعريف الحج:
الحج بكسر الحاء وفتحها في اللغة: القصد المصباح المنير 1\ 121، والقاموس المحيط 234 ..
وفي الشرع: عرف بتعريفات متقاربة، منها:
ما ذكره ابن أبي هبيرة في الإفصاح من أنه: أفعال مخصوصة في أماكن مخصوصة في زمان مخصوص
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 203)
وقوله: أفعال مخصوصة، تشمل جميع ما يفعله المحرم وما يتجنبه، وقوله: في أماكن مخصوصة، تشمل المسجد الحرام والمشاعر، وقوله: في زمان مخصوص، أي وقت أداء أفعال الحج.
وعرفه فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين بأنه: " التعبد لله عز وجل بأداء المناسك على ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
حكم الحج:
هو أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام.
الأصل فى وجوب الحج والأصل في وجوبه:
الكتاب والسنة والإجماع المغني لابن قدامة 5\ 5 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 204)
أما الكتاب:
فقول الله تعالى: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.
وحرف " على " للإيجاب لا سيما إذا ذكر المستحق، فقيل: لفلان على فلان. وقد أتبعه بقوله: سورة آل عمران الآية 97وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ؛ ليبين أن من لم يعتقد وجوبه فهو كافر شرح العمدة 1\ 76 .. وقال الله تعالى: سورة البقرة الآية 196وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ.
وأما السنة:
فقول النبي صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس، وذكر منها الحج. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن الترمذي العلم (2679)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن الترمذي العلم (2679)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. ثم قال: ذروني ما تركتكم
وأجمعت الأمة على وجوبه على المستطيع في العمر مرة واحدة المغني 5\ 6، والإجماع لابن المنذر ص 54، والإفصاح 2\ 262، والحاوي 4\ 6 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 205)
فضل الحج:
ورد في فضل الحج أحاديث كثيرة صحيحة، منها:
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صحيح البخاري الحج (1519)، صحيح مسلم الإيمان (83)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1658)، سنن النسائي الجهاد (3130)، سنن الدارمي الجهاد (2393).سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال: " إيمان بالله ورسوله " قيل ثم ماذا؟ قال: " جهاد في سبيل الله " قيل: ثم ماذا؟ قال: " حج مبرور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/323)
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صحيح البخاري الحج (1521)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن الترمذي الحج (811)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 248)، سنن الدارمي المناسك (1796).من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
3 - وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: صحيح البخاري الحج (1520)، سنن النسائي مناسك الحج (2628)، سنن ابن ماجه المناسك (2901).يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: " ولكن أفضل الجهاد حج مبرور.
والمبرور قيل: المقبول، وقيل: الذي لا يخالطه شيء من الإثم، وقيل: إن الأقوال التي ذكرت فيه متقاربة المعنى، وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه، ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، والله أعلم انظر: فتح الباري 3\ 382 ..
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 206)
شروط وجوب الحج:
شروط وجوب الحج خمسة، هي:
الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة وهي متفق عليها بين الفقهاء.
وتنقسم هذه الشروط ثلاثة أقسام:
منها- ما هو شرط للوجوب والصحة؛ وهو الإسلام والعقل، فلا يجب على كافر، ولا مجنون، ولا يصح منهما؛ لأنهما ليسا من أهل العبادات أي على هذه الحالة، فالكافر لا تصح منه حتى يسلم، والمجنون حتى يفيق.- ومنها ما هو شرط للواجب والإجزاء؛ وهو البلوغ والحرية،
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 207)
وليس بشرط للصحة؛ فلو حج العبد والصبي صح منهما ولم يجزئهما عن حجة الإسلام.
- ومنها ما هو شرط للوجوب فقط؛ وهو الاستطاعة، فلو تجشم غير المستطيع المشقة وسار بغير زاد وراحلة، فحج كان حجه صحيحا مجزئا؛ كما لو تكلف القيام في الصلاة والصيام من يسقط عنه أجزأه انظر هذه الشروط في: المغني 5\ 6، 7، والإفصاح 1\ 262، والمهذب مع المجموع 7\ 18، والحاوي 4\ 5 ..
واختلف العلماء في شرطين، وهما:
1 - تخلية الطريق، بمعنى ألا يكون في الطريق مانع من عدو أو غيره.
2 - إكمال المسير، وهو اكتمال هذه الشرائط والوقت متسع يمكنه الخروج إليه انظر: المصادر السابقة ..
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=8364&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=17371&RightVal=17372&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 07:00 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد التاسع والخمسون - الإصدار: من ذو القعدة إلى المحرم لسنة 1420هـ > الافتتاحية المقصود بالحج تحقيق التقوى وليس إتعاب البدن
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 6)
المقصود بالحج تحقيق التقوى وليس إتعاب البدن
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: إخواني المسلمين، يقول الله عز وجل: سورة المائدة الآية 97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ الآية، أي قواما لهم في أمر دينهم ودنياهم ما دام في الأرض دين وما حج عند الكعبة حاج، وعندها المعاش والمكاسب. هذا البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس، قال تعالى: سورة آل عمران الآية 96إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ سورة آل عمران الآية 97فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. وهو في واد غير ذي زرع، وضع فيه إبراهيم الخليل ابنه إسماعيل وأمه ودعا ربه متضرعا: سورة إبراهيم الآية 37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/324)
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 8)
والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام دعا ربه عز وجل أن يجعل ذريته موحدين مقيمين للصلاة التي هي من أخص وأفضل العبادات الدينية، ودعاه أيضا أن يجعل أفئدة - أي قلوبا - من الناس تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه، فأجاب الله تعالى دعاء خليله، فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنبياء والمرسلين وإمام الموحدين، فدعا إلى الدين الإسلامي وإلى ملة إبراهيم، فاستجابوا وصاروا مقيمين للصلاة. وافترض الله حج هذا البيت وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد إليه شوقه وعظم ولعه وتوقه. وجعل سبحانه هذا البلد أيضا آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء، فإنك ترى مكة كل وقت والثمار فيها متوفرة والأرزاق تتوالى إجابة لدعوة خليله عليه السلام وفضلا منه سبحانه على هذا البلد الحرام وأهله.
ومن خصائص هذا البلد أيضا أنه بلد حرام حرمه الله. ففي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: صحيح البخاري الحج (1587)، صحيح مسلم الحج (1353)، سنن النسائي مناسك الحج (2892)، سنن أبو داود المناسك (2017)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 259).إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها متفق عليه.
ومن خصائصه أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما عداه. فعن ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الجمعة (1190)، صحيح مسلم الحج (1394)، سنن الترمذي الصلاة (325)، سنن النسائي مناسك الحج (2899)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1404)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 485)، موطأ مالك النداء للصلاة (461).صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي رواه أحمد وابن خزيمة
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 9)
وابن حبان، وإسناده صحيح، وصححه ابن عبد البر، وحسنه النووي في شرح مسلم. وأصل الحديث في مسلم من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - بدون زيادة: سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1406)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 343).وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي. وقد روي موقوفا، قال ابن عبد البر: ومن رفعه أحفظ وأثبت من جهة النقل. وقال أيضا بعد أن ساق الحديث مرفوعا من طريق حبيب المعلم: وليس في هذا الباب عن ابن الزبير ما يحتج به عند أهل الحديث إلا حديث حبيب هذا. وقال: ولم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه قوي ولا ضعيف ما يعارض هذا الحديث، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، وهو حديث ثابت لا مطعن فيه لأحد.
ومن خصائصه أنه لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد هو أحدها. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يبلغ به عن النبي عن - صلى الله عليه وسلم - قال: صحيح البخاري الجمعة (1189)، صحيح مسلم الحج (1397)، سنن النسائي المساجد (700)، سنن أبو داود المناسك (2033)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 234)، سنن الدارمي الصلاة (1421).لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى.
ومن خصائصه أن شرع الله لعباده الحج إليه، وأمر خليله بتطهيره من الأدناس وأعظمها الشرك بالله، وأمره بالأذان في الناس ليحجوا بيت الله، يقول تعالى: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ، وقال تعالى: سورة البقرة الآية 125وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وقال عز وجل:
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 10)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/325)
سورة الحج الآية 26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ سورة الحج الآية 27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ الآية. والمنافع في هذه الآية هي منافع الدنيا والآخرة كما قال مجاهد رحمه الله.
وفضائل الحج كثيرة قد وردت بها النصوص، فمنها الآية المتقدمة، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - حين صحيح البخاري الإيمان (26)، صحيح مسلم الإيمان (83)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1658)، سنن النسائي الجهاد (3130)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 308)، سنن الدارمي الجهاد (2393).سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور متفق عليه. وحين قالت عائشة رضي الله عنها: صحيح البخاري الحج (1520)، سنن النسائي مناسك الحج (2628).يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور رواه البخاري.
واختلفت عبارات السلف في تفسير الحج المبرور، فمنهم من قال: الذي لا يخالطه إثم، ومنهم من قال: الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق، وقيل: الذي لا معصية بعده، يجمعها أنه الذي يؤدى تقربا لله وطاعة له خالصا من أدران الشرك صغيره وكبيره والبدع والمعاصي، ويكون حاملا لصاحبه على إحسان العمل بعده.
ومن كانت هذه صفة حجه كان مقبولا مأجورا، يقول صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الحج (1521)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 248)، سنن الدارمي المناسك (1796).من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه، وفي رواية لمسلم: صحيح البخاري الحج (1521)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن الترمذي الحج (811)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 248)، سنن الدارمي المناسك (1796).من أتى هذا البيت فلم يرفث. . . الحديث،
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 11)
وهذه الرواية أعم من التي قبلها. والرفث: قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم: إنه الجماع، والفسوق قالا: إنه المعاصي صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2629)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 246)، موطأ مالك الحج (776)، سنن الدارمي المناسك (1795).والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، صح ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجاه في الصحيحين.
والحج أيها الإخوة في الله واجب على كل مسلم استكمل شروطه، بل هو أحد أركان الإسلام ودعائمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الإيمان (8)، صحيح مسلم كتاب الإيمان (16)، سنن الترمذي الإيمان (2609)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5001)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 26).بني الإسلام على خمس وذكر منها: وحج بيت الله الحرام أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقد أوجبه الله على عباده بقوله سبحانه: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ. وقد روى سعيد في سننه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: (لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/326)
ووجوبه ثابت بإجماع المسلمين ومعلوم بالضرورة من الدين، فمن جحد وجوبه كفر. ووجوبه مرة في العمر؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سنن النسائي مناسك الحج (2620)، سنن أبو داود المناسك (1721)، سنن ابن ماجه المناسك (2886)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 291)، سنن الدارمي المناسك (1788).خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (إن الله كتب عليكم الحج) فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: لو قلتها لوجبت، الحج مرة فما زاد فهو تطوع رواه الخمسة إلا الترمذي، وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة.
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 12)
وشروط الحج خمسة: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة وهي الزاد والراحلة، وتزيد المرأة وجود المحرم.
وينبغي للمسلم إذا أراد الحج وعزم على السفر أن يوصي أهله بتقوى الله، وأن يتخلص مما عليه من حقوق الناس، أو يكتب ما له وما عليه ويشهد على ذلك، ثم أيضا يجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، قال تعالى: سورة النور الآية 31وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، ويقول صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2499)، سنن ابن ماجه الزهد (4251)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 198)، سنن الدارمي الرقاق (2727).كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
وعند تجرد العبد من ثيابه ولبسه لإحرامه واستعداده لأداء المناسك ينبغي أن يتذكر بذلك الموت والاستعداد له وما يكون بعده.
وعند إهلاله بالإحرام يجب عليه أن يجرد نيته لله عز وجل، ولا ينو بحجه عرضا من الدنيا فإنها متاع زائل، قال تعالى: سورة هود الآية 15مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ سورة هود الآية 16أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وهذا واجب في كل العبادات ومنها الحج. وبعد إهلاله بالإحرام ينطلق إلى البيت الحرام ويطوف بالكعبة، وهذا الطواف طواف العمرة للمتمتع وطواف القدوم للقارن والمفرد.
وبعد السعي في حق المتمتع يحلق شعره أو يقصر ثم يحل إحرامه.
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 13)
وفي يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة يذهب الحجاج إلى منى، ويحرم المتمتع بالحج، ويبيتون تلك الليلة بمنى استحبابا، ثم ينطلقون في اليوم التاسع إلى عرفة بعد طلوع الشمس ويبقون بها ويخطب بهم الإمام أو نائبه بعد الزوال، ويصلون الظهر والعصر قصرا وجمعا، ثم يتفرغون لذكر الله ودعائه إلى الغروب، وهذا الموطن من المواطن العظيمة التي يباهي الله بالحجاج ملائكته، فيوم عرفة يوم مشهود؛ ففي صحيح مسلم من حديث عائشة - رضي الله - عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صحيح مسلم الحج (1348)، سنن النسائي مناسك الحج (3003)، سنن ابن ماجه المناسك (3014).ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء. فينبغي للحاج أن يكثر من الذكر والدعاء وخاصة قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
وبعد الغروب ينطلق الحجاج إلى مزدلفة، فإذا وصلوها صلوا بها المغرب والعشاء، المغرب ثلاث ركعات، والعشاء ركعتين جمعا بأذان وإقامتين، ويبيت الحجاج بها تلك الليلة، ويجوز للضعفة من النساء والصبيان ونحوهم الدفع إلى منى آخر الليل، أما غيرهم فيقيمون بها إلى صلاة الفجر. وبعد الصلاة يقفون عند المشعر الحرام ويستقبلون القبلة ويكثرون من ذكر الله وتكبيره والدعاء إلى أن يسفروا جدا، ثم يذهبون إلى منى فيرمون جمرة العقبة، ثم يذبح المتمتع والقارن هديه، ثم يحلقون رؤوسهم ويتوجهون إلى مكة ويطوفون بالبيت طواف الإفاضة، ثم يعودون إلى منى ليبيتوا بها تلك الليلة.
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 14)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/327)
وفي اليوم الحادي عشر بعد الزوال يبدأ وقت الرمي، فيرمي الحاج الجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى كل واحدة بسبع حصيات، ويبيت بمنى تلك الليلة، ويفعل في اليوم الثاني عشر كما فعل في اليوم الذي قبله. ويبيت بمنى تلك الليلة من أراد التأخر، أما المتعجل فعليه أن يخرج من منى قبل غروب الشمس.
فإذا أنهى الحاج أعمال الحج وجب عليه طواف الوداع متى أراد مغادرة مكة.
إخواني، ليس المقصود من الحج تلك الأعمال فقط، وليس المراد مجرد إتعاب البدن أو بذل المال، إنما المقصود الأعظم هو تحقيق التقوى وما يحصل في القلب ويقوم به من معاني العبودية والخضوع والانقياد لأمر الله وتعظيم شعائره، يقول الله تعالى: سورة الحج الآية 32ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ، ويقول جل وعلا: سورة البقرة الآية 197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم: صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2564).إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
إخواني الحجاج، إنكم قد قدمتم هذا البلد الأمين طائعين لله راغبين فيما عنده، فاستغلوا هذا الموسم في الازدياد من الطاعات،
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 15)
والإكثار من القربات والبعد عن المعاصي والمنكرات، احرصوا أن يكون حجكم سالما في المخالفات الشرعية حتى تكونوا ممن كتب الله لهم حجا مبرورا. والحج أيضا فرصة للتعارف بين المسلمين وتدارس قضاياهم، فإن هذا هو ديدن المسلمين، فإنهم كما قال: صحيح البخاري الصلاة (481)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585)، سنن الترمذي البر والصلة (1928)، سنن النسائي الزكاة (2560)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 405).المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا أخرجه البخاري وغيره، وقال - صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الأدب (6011)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2586)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 270).مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
إخواني الحجاج، أوصيكم بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، والاجتماع على الحق، وتحقيق معنى الأخوة الإسلامية. تجنبوا الشقاق والجدال فيما لا فائدة فيه، فإنه يورث الخلاف والنزاع وتفريق صف المسلمين. عظموا هذا البلد الحرام واعرفوا له قدره وحرمته، وإياكم والسعي فيما يخل بأمنه أو يعكر صفو هذه الشعيرة العظيمة، فإن هذا من أعظم الجرم، وقد توعد الله من هم بذلك ونحوه بالعذاب الأليم، قال تعالى: سورة الحج الآية 25وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، هذا في حق من أراد ولم يفعل فكيف بمن فعل والعياذ بالله. ثم ينبغي لكم حجاج بيت الله التقيد بالأنظمة التي وضعتها الدولة؛ لأنها إنما وضعت للمصلحة العامة، تسهيلا لضيوف بيت الله، حتى يؤدوا مناسكهم بيسر وسهولة، آمنين
(الجزء رقم: 59، الصفحة رقم: 16)
مطمئنين، فعلينا جميعا التعاون مع المسؤولين بالالتزام بهذه الأنظمة وعدم الإخلال بها.
هذا والله أسأل أن يوفقنا جميعا لما يرضيه، وأن يمن علينا بفضله ورحمته، ويعين حجاج بيت الله على أداء مناسكهم في أمن ويسر وسهولة، ويجعله خالصا لوجهه سبحانه، مقبولا مبلغا لمرضاته، وأن يوفق حكومة خادم الحرمين الشريفين ويجزيها عن المسلمين خير الجزاء على ما يولونه لحجاج بيت الله من خدمات لتسهيل أداء هذه الشعيرة وما بذلوه ويبذلونه في الحرمين الشريفين والمشاعر من مشاريع عظيمة نافعة قد لمس نفعها كل من حج أو اعتمر، فجزاهم الله عن المسلمين خيرا وأعانهم وسددهم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره وسلم تسليما كثيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/328)
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=8211&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=17059&RightVal=17060&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 07:05 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد الرابع والثلاثون - الإصدار: من رجب إلى شوال لسنة 1412هـ > البحوث > بيان الحكمة في التشريع الإسلامي > المطلب الثاني حكمة التشريع الإسلامي في تشريع أصول العبادات وأركان الإسلام > حكم الحج
خامسا: حكم الحج:
والحج عبادة تنطوي على حكم وأسرار نفسيه وخلقية واجتماعية الشيخ، السيد سابق: إسلامنا، ص 125 - 127.: من الناحية النفسية، فإن الحج يحيى في الأنفس ذكريات أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. ولعل أعظم هذه الذكريات رفع القواعد وانتصار الدعوة الإسلامية، ولقد جاشت نفس النبي محمد صلى الله عليه وسلم وانفعلت بذلك، فبكى وهو يقف أمام الكعبة وقال سنن ابن ماجه المناسك (2945).يا عمر: هنا تسكب العبرات. ومن الناحية الخلقية: فإن الحج يدرب المسلم على مجاهدة النفس، والوصول إلى أسمى المراتب الروحية حيث تنطلق الحناجر هاتفة باسم الله مثنية عليه، بينما المرء في ملابس الإحرام التي تخلو من كل زينة وتتجرد من كل أسباب الخيلاء، فيعيش الإنسان جو العفاف حيث، لا رفث ولا فسوق ولا جدال. قال تعالى سورة البقرة الآية 197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ. ومن حكم الحج
(الجزء رقم: 34، الصفحة رقم: 208)
الإجتماعية، أنه تجمع عظيم تعدد كبير من أبناء الأمة الإسلامية، يلتقون ليشهدوا منافع روحية واقتصادية وسياسية لهم، وفيه تتوحد الغايات، ويتم تبادل الثقافات، ووضع أسس الالتقاء الدائم من أجل تحقيق منافع الأمة الإسلامية.
قال تعالى: سورة الحج الآية 27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ سورة الحج الآية 28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ.
والحج بحكمه تلك هو حق لله وحده، به يعلن المسلم عن امتثاله لشرع الله تعالى، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " ولله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق: كالعبادات والإخلاص والتوكل والخوف والرجاء والحج والصلاة والزكاة والصيام والصدقة" مجموع فتاوى شيح الإسلام ابن تيمية، المجلد السادس والعشرون، ص 158.ولذا فإن من يخلص في أداء حق الله يكون متقيا إياه "والذين يتقون الله ويقومون بما أمرهم به من عبادته وطاعته يعزهم وينصرهم " مجموع فتاوى شيح الإسلام ابن تيمية، ص 312 ..
وحسب الحج، بهذه المثابة، أن الله سبحانه وتعالى قد جعله قياما للناس، فيه تقوم أمور دينهم ودنياهم، كما أن الحج مبني على توحيد الله الذي هو أصل الأصول كلها، ولذا يبدأ بالتلبية، التي هي دليل التزام العبودية لله تعالى، من خلال نفس اطمأنت إلى شرع ربها، فانشرح به صدرها، وأثبتت جميع المحامد وأنواع الثناء لبارئها، وهكذا ينفي المسلم عن ربه العظيم أن يكون له شريك في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وبذلك يحظى المسلم بالوصول
(الجزء رقم: 34، الصفحة رقم: 209)
إلى بيت الله الحرام، ويتمتع "بالتنوع في عبوديته والذل له والانكسار بين يديه " ويسأل المسلمون ربهم "جميع مطالبهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية في تلك المشاعر العظام والمواقف الكرام ليجزل لهم من قراه وكرمه. . . . وليحط عنهم خطاياهم ويرجعهم كما ولدتهم أمهاتهم، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، فإن الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار إنما هي لإقامة ذكر الله، من خلال اجتماع المسلمين في مكان واحد، على شكل واحد، في عبادة واحدة، تتحقق فيها أسمى معاني الوحدة الإسلامية، والأخوة الإيمانية، فيرتبط الجميع برباط الدين الشامل، ويشعر الجميع بأن دعاء الله من خلال أعظم مظاهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/329)
المساواة، غايته الفوز والرضوان، من الملك الديان.
ولا يتسع المجال للتعرض لكافة حكم متعلقات الحج وحسبنا الإشارة إلى بعض متعلقات حكمه الأساسية فيما يلي:
- إن الإحرام يستلزم حرمة اتخاذ المسلم أي وسيلة من وسائل الرفاهية والزينة "وحكمة الامتناع عن هذا. . . . أن الحج عبادة، الغرض منها التقرب إلى الله والوصول إلى ما أعده سبحانه للنفس المحسنة من خير الجزاء ولا يكون ذلك عادة إلا بإبعاد النفس عن شهواتها، وخروجها من مألوفها، وكفها عن لذائذها، ومظهر هذا الاقتصار على الضروريات من الحياة، والتجرد لله في جميع الحركات والسكنات " عفيف عبد الفتاح طباره، المرجع السابق، ص 261.، وعندئذ يجد الإنسان راحة نفسه في التقشف والزهد، والارتفاع فوق أدران المادة، وأوزار الجسد، فيحتمل المشاق راضيا، وكيف لا وهو في لباسه الموحد مع غيره، يستشرف عفو الرحمن، ويطمع في رضا الديان، فقد أطاعه مخلصا، وكل من تجرد عن
(الجزء رقم: 34، الصفحة رقم: 210)
مطالب الحياة؛ ابتغاء مرضاة الله، لا بد أن يفيء الله عليه من سابغ عطاياه. كذلك فإن حكمة الطواف حول الكعبة تتمثل في تكريمها عن يقين، وتحيتها عن عقيدة صافية، تثق في أن تكريم أول بيت وضع لعبادة الله في أرضه، هو أهم أسباب استجلاب الرحمة، فالمزور كريم، وبيته عظيم، ولذا فإن الزائر وهو يطوف حول الكعبة يتشبه "بالملائكة الحافين بعرش الله، الطائفين حوله، المسبحين له، لا يفترون. وفي هذا من سمو الروح ما فيه " المرجع السابق، ص 263 ..
- ومن حكم السعي بين الصفا والمروة، تأكيد اللجوء إلى الله، لكي يكشف الضر عمن قصد مسعاه، طالبا غفران الذنوب، مبتهلا إليه بأصفى القلوب، وكيف لا وقرب هذا المكان بالذات، كشف الله الضر عن هاجر وولدها إسماعيل، وفجر لهما نبع ماء (زمزم)، بعد أن بلغ بهما العطش كل مبلغ، وكاد يودي بهما.
- كذلك فإن من حكم الوقوف بعرفة، تجديد المسلم ذاته والانعتاق من ماضيه "المشوب بالإثم والباطل " المرجع السابق، ص 264.، وقطع العهد أمام الله، على بدء حياة نظيفة بالإيمان، مستقيمة بالإحسان.
- وعن الحكمة في الهدي والأضاحي، فإنه من المعلوم أن من الدماء دماء يقصد بها التقرب إلى الله تعالى كدماء الهدي والأضاحي، فالنحر لله من أشرف العبادات وأجلها. قال تعالى: سورة الكوثر الآية 2فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، وقال سبحانه: سورة الأنعام الآية 162قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فهذه الدماء عبادة شرعت لمحبة الله تعالى، والإخلاص له، والإحسان إلى الخلق، وقد اقترن الهدي والأضاحي بعيد النحر، حتى يتحقق الجمع بين
(الجزء رقم: 34، الصفحة رقم: 211)
الصلاة والنحر، وشرع الهدي، أن يهدي لخير البقاع في أشرف الأزمان في أجل العبادات، فصار الذبح أحد أنساكها، على أن يساق الهدي من الحل أو قبل ذلك، تعظيما لحرمات الله وشعائره وشرائعه، وفيه من الحكمة ما لا يخفى، فهو اقتداء بالخليل صلى الله عليه وسلم حيث فدى ابنه إسماعيل بذبح عظيم، وأمر الله تعالى هذه الأمة بالاقتداء به، خصوصا في أحوال البيت الحرام، حيث تكفل الله بأرزاق سكانه، برهم وفاجرهم، ومن حكمة ذلك أيضا أنه شكر لنعمة الله تعالى بالتوفيق لحج بيته الحرام، ولهذا وجبت في حالتي التمتع والقران، وهذه العبادة شملت مشروعيتها جميع المسلمين في هذه الأيام فشرع الله لهم الأضاحي تحصيلا لفوائد هذه العبادة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الإرشاد إلى معرفة الأحكام 1400 هـ، الرياض، ص 97 - 99 ..
- وأما عن الحكمة في إيجاب الهدي على المتمتع والقارن دون المفرد بالحج فإن دم النسك عبادة مستقلة من جملة عبادات النسك، فالمتمتع عليه دم المتعة، والقارن عليه دم القران، أما المفرد فلا دم عليه، وحكمة شرع الدم في حق المتمتع والقارن، أنه شكر لنعمة الله تعالى، حيث جمع العبد بين نسكين في سفر واحد وزمن واحد، ولذا يجب أن يكون كل من المتمتع والقارن قد أحرم بالعمرة في شهر الحج، ليكون كزمن واحد، كما يجب أن يكون من المسافرين وليس من حاضري المسجد الحرام، لأن حاضريه ليس عليهم هدي، ومن اللائق شرعا، أنه إذا قدم العبد بيت الله بنسكين كاملين أن يهدي لأهل البيت. أما المفرد فلا دم عليه لأنه لم يحصل له إلا نسك واحد، فلم يأت بالعمرة إلى الآن مثل المتمتع والقارن الإرشاد إلى معرفة الأحكام، ص 92 - 95 ..
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=4827&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=9956&RightVal=9957&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/330)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 07:10 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد الخمسون - الإصدار: من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1417هـ 1418هـ > البحوث > أنواع الطواف وأحكامه > أنواع الطواف > المبحث الأول في طواف القدوم > المطلب الثالث طواف القارن > المسألة الثانية هل يشرع طواف القدوم لمن لم يدخل مكة إلا بعد الوقوف بعرفة أم لا
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 227)
أما المسألة الثانية: وهي هل يشرع طواف القدوم لمن لم يدخل مكة إلا بعد الوقوف بعرفة أم لا؟ فإنها تشمل القارن والمفرد على حد سواء، كما سبق التنبيه إليه.
مسألة: ماذا يلزم القارن من طواف؟
اختلف العلماء فيما يلزم القارن من طواف على قولين:
القول الأول: لا يلزم القارن بين الحج والعمرة إلا ما يلزم المفرد، وأنه يجزئه طواف واحد، وسعي واحد، لحجه وعمرته.
وإلى هذا ذهب: مالك، والشافعي، وأحمد - من أصحاب المذاهب - وبه قال: ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعائشة رضي الله عنهم وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن البصري، وأبو ثور، وإسحاق، وداود، وابن المنذر وابن حزم - رحمهم الله -.
القول الثاني: يلزم القارن طوافان وسعيان، طواف وسعي للعمرة، وطواف وسعي للحج، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية. وبه قال: مجاهد، والشعبي، والنخعي، وجابر بن زيد، وعبد الرحمن بن الأسود، والثوري، وحماد بن
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 228)
أبي سليمان، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والحكم بن عتبة، وشريح القاضي، ومحمد بن علي بن الحسين، والأسود بن يزيد، والحسن بن صالح - رحمهم الله - وروي هذا عن علي، وابن مسعود رضي الله عنهما.
الأدلة:
1 - استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 - بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها - وقد قرنت بين الحج والعمرة -: صحيح مسلم الحج (1211)، باقي مسند الأنصار (6/ 124).يسعك طوافك لحجك وعمرتك. .
2 - وبحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي الحج (948)، سنن ابن ماجه المناسك (2975)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 67)، سنن الدارمي المناسك (1844).من أحرم بالحج والعمرة، أجزأه طواف واحد، وسعي واحد منهما جميعا.
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 229)
وجه الاستدلال منهما:
أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها بأن طوافها للإفاضة يكفيها لحجها وعمرتها، وأن من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف وسعي واحد منهما جميعا، دليل على أن القارن لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد لحجه وعمرته. وهو نص صريح في المراد.
3 - وبحديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الحج (1785)، صحيح مسلم كتاب الحج (1218)، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850).دخلت العمرة في الحج.
وجه الاستدلال منه:
أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بدخول العمرة في الحج، أي: تداخل أفعالهما، واتحادهما، فيطوف لهما طوافا واحدا، ويسعى لهما سعيا واحدا، كما لا يحرم لهما إلا إحراما واحدا انظر: سنن البيهقي 5\ 107. .
4 - وبحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (. . . وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا) أخرجه البخاري في الحج، باب طواف القارن (77) 2\ 168 ..
5 - وبحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 230)
الحج والعمرة، فطاف لهما طوافا واحدا.
6 - وبحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف طوافا واحدا لحجه وعمرته. .
وجه الاستدلال منها:
أن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم أخبروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان مثله ممن جمع بين الحج والعمرة إنما طافوا طوافا واحدا لحجهم وعمرتهم، فدل ذلك على أن القارن لا يلزمه إلا طواف واحد لحجه وعمرته.
7 - وبأثر ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: (من جمع بين الحج والعمرة، كفاه طواف واحد، ولم يحل حتى يحل منهما جميعا) أخرجه مسلم في الحج، باب جواز التحلل بالإحصار وجواز القران 8\ 214 ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/331)
8 - وقالوا: (إنه يدخل فيهما بتلبية واحدة، ويخرج منهما بحلاق واحد، فوجب أن يطوف لهما طوافا واحدا، ويسعى لهما سعيا واحدا كالمفرد بالحج) انظر: المغني 5\ 348 المهذب مع المجموع 8\ 263 ..
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 231)
9 - وقالوا: (إن العمرة والحج عبادتان من جنس واحد، فإذا اجتمعتا دخلت أفعال الصغرى في الكبرى، كالطهارتين) انظر: المغني 5\ 348. .
واستدل الفريق الثاني بما يلي:
1 - بقوله تعالى: سورة البقرة الآية 196وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وجه الاستدلال منها:
أن إتمامها أن يأتي بأفعالهما على الكمال، ولم يفرق بين قارن وغيره، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك) انظر: المغني 3\ 347، شرح فتح القدير 2\ 525. .
2 - وبحديث إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال: (طفت مع أبي، وقد جمع الحج والعمرة، فطاف لهما طوافين، وسعى لهما سعيين. وحدثني أن عليا رضي الله عنه فعل ذلك، وحدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك).
3 - وبحديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 232)
صلى الله عليه وسلم طاف طوافين وسعى سعيين.
4 - وبحديث الصبي بن معبد، وأنه لما طاف طوافين، وسعى سعيين، قال له عمر رضي الله عنه: (هديت لسنة نبيك).
وجه الاستدلال منها:
إخبار عمر، وعلي، وعمران رضي الله عنهم بأن
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 233)
النبي صلى الله عليه وسلم طاف طوافين وسعى سعيين - وقد كان قارنا. فدل ذلك على أن القارن يلزمه طوافان وسعيان لحجه وعمرته.
5 - بأثر علي رضي الله عنه أنه قال: (إذا أهللت بالحج والعمرة فطف لهما طوافين واسع لهما سعيين بالصفا والمروة).
6 - وبأثر علي، وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا في (القارن): (يطوف طوافين ويسعى سعيين). .
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 234)
7 - قالوا: إن القران ضم عبادة إلى عبادة، وذلك إنما يتحقق بأداء عمل كل واحدة على الكمال؛ لأنه لا تداخل في العبادات.
مناقشة أدلة القول الثاني:
1 - من الكتاب:
ليس في الآية ما يصلح أن يكون دليلا على أن القارن يأتي بأفعال الحج والعمرة على الكمال، والأثر دليل على ذلك؛ لأن المراد بالإتمام في الآية: إما أداؤهما والإتيان بهما، كقوله تعالى: سورة البقرة الآية 124فَأَتَمَّهُنَّ. وقوله سبحانه: سورة البقرة الآية 187ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ. أي: ائتوا بالصيام. وإما أن المراد بها: تمامهما بعد الشروع فيهما؛ لأن من أحرم بنسك وجب عليه المضي فيه ولا يفسخه انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2\ 365 ..
وليس في الأثر ما يدل على أنه يفرد عمل كل واحد من النسكين إذا قرن بينهما، بل غايته أن يدل على أن النسكين يمكن جمعهما بسفر واحد، فتحرم بهما من دويرة أهلك. وهذا لا خلاف فيه. .
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 235)
2 - من السنة:
قد أشرت على كل واحد منها في التعليق عليه بما يغني عن إعادته، وجملة القول فيها: أنها لا تخلو من مقال في سندها أو في متنها، أو فيهما معا. ولو قيل: بتعاضدها وارتقائها إلى درجة الاحتجاج.، فإنها لا تقوى على معارضة الأدلة الصحيحة الصريحة التي استدل بها أصحاب القول الأول، وقد تعين في هذه المسألة عند التعارض الترجيح، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة.
3 - من الآثار:
قد أشرت عند الاستدلال بها إلى اختلاف العلماء فيها صحة وضعفا، وذكرت قول ابن المنذر - رحمه الله -: (لا يثبت عن علي خلاف قول عمر). وأزيد هنا قول سلمة بن كهيل: (حلف طاوس ما طاف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجه وعمرته إلا طوافا واحدا).
(الجزء رقم: 50، الصفحة رقم: 236)
قال الحافظ ابن حجر: (وفيه بيان ضعف ما روي عن علي، وابن مسعود من ذلك) فتح الباري 3\ 495.وعلى التسليم بصحتها فإنها لا تكون معارضة للسنة الصحيحة الصريحة في أن القارن يسعه طواف واحد لحجه وعمرته. .
الرأي المختار:
الذي أختاره هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن القارن بين الحج والعمرة إنما يلزمه طواف واحد، وسعي واحد لحجه وعمرته. وذلك لما يلي:
1 - قوة أدلة الجمهور بكثرة طرقها وتعدد رواتها، وصحتها، وصراحتها في الموضوع، فهي نص في المسألة.
2 - ضعف أدلة أصحاب القول الثاني، إذ لا تقوى على معارضة أدلة أصحاب القول الأول.
3 - تعارض الأدلة في هذه المسألة يقتضي الترجيح بينها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة والله أعلم.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=7040&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=14544&RightVal=14545&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/332)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 08:13 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد الثاني والسبعون - الإصدار: من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1425هـ > البحوث > منسك الإمام عطاء بن أبي رباح المكي > المقدمة
(الجزء رقم: 72، الصفحة رقم: 238)
منسك الإمام عطاء بن أبي رباح المكي رحمه الله
لفضيلة الدكتور عصام بن عبد المحسن الحميدان الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية بجامعه الملك فهد للبترول والمعادن.
المقدمة:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان أما بعد:
فإن فقه مناسك الحج من أهم أقسام الفقه الإسلامي، ذلك أنه يتناول ركنا من أركان الإسلام، يجب على كل مسلم ومسلمة مستطيع في العمر مرة: لقوله سبحانه: سورة آل عمران الآية 97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.
والحج شعيرة إسلامية، ومجمع إسلامي عظيم، يظهر فيه جلال الإسلام، وقوته، وتلاحم أفراده، ووحدتهم في مشعر واحد، وهدف واحد، ونظام متقن، وهتاف مجيد: لبيك اللهم لبيك. . لبيك لا شريك لك لبيك.
(الجزء رقم: 72، الصفحة رقم: 240)
فحسبك بهذه الشعيرة من فخر، وحسبك بالبحث فيها من أهمية.
ولأهمية هذا المنسك سمى الله تعالى سورة من كتابه العزيز باسمه، وهي سورة الحج، مكية في نزولها، وهي السورة الوحيدة في القرآن التي تتضمن سجدتين؛ تعظيما لهذا المنسك وأنزل الله تعالى على رسوله قوله تعالى: سورة النحل الآية 44وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ.
فمن أجل أن يبين للناس كيفية الحج، حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة واحده بعد هجرته.
وحج بعده خلفاؤه الراشدون - رضي الله عنهم -، والمسلمون، وسيظل الحج إلى أن يأذن الله تعالى.
وقد يتساءل بعض الناس: لماذا أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحج - هذا المنسك العظيم - إلى آخر عمره، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: سنن أبو داود المناسك (1732)، سنن ابن ماجه المناسك (2883)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 314)، سنن الدارمي المناسك (1784).تعجلوا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له؟!
(الجزء رقم: 72، الصفحة رقم: 241)
والجواب كما قال العلماء في عده احتمالات المغني (5\ 37):
الأول أنه لم يرد أن يحج مع المشركين. فأذن أبو بكر في الناس سنة تسع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري الحج (1622)، صحيح مسلم الحج (1347)، سنن أبو داود المناسك (1946)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 299)، سنن الدارمي الصلاة (1430).ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
والثاني: أنه أخره حتي تكون حجته في السنه التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، ويصادف وقفته يوم الجمعة التي أكمل الله فيها الخلق.
والثالث: أنه كان له عذر من عدم الاستطاعة.
دور الفقهاء:
وفقهاء المسلمين هم الموقعون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمبينون للناس كيف السنة في الحج، فلم يزالوا منذ عهد الصحابة - رضي الله عنهم - يفتون بما يعتقدون أنه موافق للسنة التي جاء فيها قوله - صلى الله عليه وسلم -: سنن النسائي مناسك الحج (3062).خذوا عني مناسككم.
(الجزء رقم: 72، الصفحة رقم: 242)
فمن أبرز من كان الناس يرجعون إليه في الفتوى في الحج عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -، حيث قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: هو أعلم الناس بالحج.
وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وقد سئل في الحج: سل ابن عباس، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - الأثران في: (أخبار مكة) للفاكهي (2\ 341) ..
وليس هذا بغريب، حيث كان ابن عباس - رضي الله عنهما - إمام أهل مكة، وصاحب المدرسة العلمية المعروفة فيها.
وبعد عهد الصحابة كان عهد التابعين، وهم من خير القرون، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: صحيح البخاري المناقب (3650)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2535)، سنن الترمذي الفتن (2222)، سنن النسائي الأيمان والنذور (3809)، سنن أبو داود السنة (4657)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 427).خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
وبرز من التابعين جماعة كانوا أعلم من غيرهم بمناسك الحج
(الجزء رقم: 72، الصفحة رقم: 243)
وهم تلاميذ ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال ابن القيم: أهل مكة علمهم عن أصحاب عبد الله بن عباس إعلام الموقعين (1\ 21) ..
فلا غرو أن تنصرف الهمة إلى التعرف على أقوال أئمة الفقه السلفي، وتأصيل فقههم، في هذا المنسك العظيم.
وقد اخترت الإمام عطاء - رحمه الله - ليكون موضع هذه الدراسة؛ لما يأتي:
1 - أنه من أقرب تلاميذ ابن عباس - رضي الله عنهما - إليه، وقد كان خليفته في الإفتاء في مناسك الحج.
2 - أنه المفتي الرسمي للدولة الأموية في موسم الحج.
3 - أنه يتميز بالتقوى، وحسن العلاقة مع الله تعالى.
4 - أنه كان شديد الاتباع للسنة، والسلف الصالح في أقواله وأفعاله.
وأحتسب على الله تعالى أن يكون في هذه الدراسة الفائدة المرجوة.
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=10654&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=22169&RightVal=22170&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/333)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 08:16 ص]ـ
أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية > تصفح برقم المجلد > المجلد السابع - إصدار: سنة 1423 هـ - 2002 م > حكم طواف الوداع > نقول عن الطواف من كتب الفقهاء > الحنابلة
وفي [التحفة] للشافعية: (وإذا أراد الحاج أو المعتمر المكي وغيره الخروج من مكة أو منى عقب نفره منها، وإن كان طاف للوداع عقب طواف الإفاضة عند عوده إليها طاف وجوبا للوداع إذ لا يعتد به، ولا يسمى طواف وداع إلا بعد فراغ جميع النسك) انتهى ملخصا بتصرف في التقديم والتأخير.
قال في [المغني]: (فصل): ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي لا وداع عليه، ومن كان منزله خارج الحرم قريبا منه فظاهر كلام الخرقي أنه لا يخرج حتى يودع البيت، وهذا قول أبي ثور وقياس قول مالك، ذكره ابن القاسم، وقال أصحاب الرأي في أهل بستان ابن عامر وأهل المواقيت: إنهم بمنزلة أهل مكة في طواف الوداع؛ لأنهم معدودون من حاضري المسجد الحرام، بدليل سقوط دم المتعة عنهم، ولنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الحج (1759)، صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 431)، سنن الدارمي المناسك (1932).لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت، ولأنه خارج عن الحرم فلزمه
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 451)
التوديع كالبعيد) انتهى، وكذا في [الشرح الكبير]، قال في [الإقناع وشرحه]: (ومن كان خارجه: أي: خارج الحرم، ثم أراد الخروج من مكة فعليه الوداع، وهو على كل خارج من مكة) انتهى ملخصا، وتقدم أول الفصل أنه إذا أقام بمكة أو حرمها لا وداع عليه، وأنه على كل خارج من مكة ووطنه في غير الحرم، ثم بعد طواف الوداع يصلي ركعتين خلف المقام كسائر الطوافات، قال في [المنتهى] و [الإقناع] وغيرهما: ويأتي الحطيم نصا أيضا وهو تحت الميزاب فيدعو) انتهى.
قال في [الإقناع وشرحه]: (فإن خرج قبله: أي: قبل الوداع فعليه الرجوع إليه، أي: إلى الوداع لفعله إن كان قريبا دون مسافة القصر ولم يخف على نفسه أو ماله أو فوات رفقته أو غير ذلك من الأعذار ولا شيء عليه إذا رجع قريبا سواء كان ممن له عذر يسقط عنه الرجوع أو لا؛ لأن الدم لم يستقر عليه؛ لكونه في حكم الحاضر، فإن لم يمكنه الرجوع لعذر مما تقدم أو لغيره أو أمكنه الرجوع للوداع ولم يرجع، أو بعد مسافة قصر عن مكة - فعليه دم رجع إلى مكة وطاف للوداع أو لا؛ لأنه قد استقر عليه ببلوغه مسافة القصر فلم يسقط برجوعه، كمن تجاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم ثم رجع إلى الميقات، وسواء تركه أي: طواف الوداع عمدا أو خطأ أو نسيانا لعذر أو غيره؛ لأنه من واجبات الحج فاستوى عمده وخطؤه والمعذور وغيره، كسائر واجبات الحج، ومتى رجع مع القرب لم يلزمه إحرام؛ لأنه في حكم الحاضر ويلزمه مع البعد الإحرام بعمرة يأتي بها فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر ثم يطوف للوداع إذا فرغ من أموره) انتهى.
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 452)
قال الخرقي: (مسألة) فإن خرج قبل الوداع رجع إن كان بالقرب، وإن بعد بعث بدم، قال في [المغني]: هذا قول عطاء والثوري والشافعي وإسحاق وأبي ثور، والقريب: هو الذي بينه وبين مكة دون مسافة القصر، والبعيد من بلغ مسافة القصر، نص عليه أحمد، وهو قول الشافعي، وكان عطاء يرى الطائف قريبا، وقال الثوري: حد ذلك الحرم فمن كان في الحرم فهو قريب ومن خرج منه فهو بعيد، ووجه القول الأول: أن من دون مسافة القصر في حكم الحاضر في أنه لا يقصر ولا يفطر، ولذلك عددناه من حاضري المسجد الحرام.
وقد روي (أن عمر رد رجلا من مر إلى مكة؛ ليكون آخر عهده بالبيت) رواه سعيد، وإن لم يمكنه الرجوع لعذر فهو كالبعيد ولو لم يرجع القريب الذي يمكنه الرجوع لم يكن عليه أكثر من دم، ولا فرق بين تركه عمدا أو خطأ لعذر أو غيره؛ لأنه من واجبات الحج فاستوى عمده وخطؤه والمعذور وغيره كسائر واجباته، فإن رجع البعيد فطاف الوداع، فقال القاضي: لا يسقط عنه الدم؛ لأنه قد استقر عليه الدم ببلوغه مسافة القصر فلم يسقط برجوعه، كمن تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه ثم رجع إليه، وإن رجع القريب فطاف فلا دم عليه، سواء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/334)
كان ممن له عذر يسقط عنه الرجوع أو لا؛ لأن الدم لم يستقر عليه لكونه في حكم الحاضر، ويحتمل سقوط الدم عن البعيد برجوعه؛ لأنه واجب أتى به فلم يجب عليه بدله كالقريب.
(فصل): إذا رجع البعيد فينبغي أن لا يجوز له تجاوز الميقات إن كان جاوزه إلا محرما؛ لأنه ليس من أهل الأعذار، فيلزمه طواف لإحرامه بالعمرة والسعي، وطواف لوداعه، وفي سقوط الدم عنه ما ذكرنا من
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 453)
الخلاف، وإن كان دون الميقات أحرم من موضعه، فأما إن رجع القريب فظاهر قول من ذكرنا قوله: أنه لا يلزمه إحرام؛ لأنه رجع لإتمام نسك مأمور به، فأشبه من رجع لطواف الزيارة، فإن ودع وخرج ثم دخل مكة لحاجة، فقال أحمد: أحب إلي أن لا يدخل إلا محرما، وأحب إلي إذا خرج أن يودع البيت بالطواف؛ وهذا لأنه لم يدخل لإتمام النسك، إنما دخل لحاجة غير متكررة، فأشبه من يدخلها للإقامة بها) انتهى كلام صاحب [المغني].
ومثله في [الشرح الكبير] ونصه: (وإن أخر طواف الزيارة أو القدوم فطافه عند الخروج كفاه ذلك الطواف عن طواف الوداع).
قال الشيخ مرعي في [الغاية]: (ويتجه من تعليلهم ولو لم ينو طواف الوداع حال شروعه في طواف الزيارة أو القدوم) انتهى؛ لأن المأمور به أن يكون آخر عهده بالبيت وقد فعل، ولأنهما عبادتان من جنس فأجزأت إحداهما عن الأخرى، ولأن ما شرع مثل تحية المسجد يجزئ عنه الواجب من جنسه؛ كإجزاء المكتوبة عن تحية المسجد، وكإجزاء المكتوبة أيضا عن ركعتي الطواف، وعن ركعتي الإحرام، وكغسل الجنابة عن غسل الجمعة، فإن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة ولو كان ناسيا لطواف الزيارة؛ لأنه لم ينوه، وفي الحديث: صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبو داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 43).وإنما لكل امرئ ما نوى.
فإن قيل: كيف يتصور إجزاء طواف القدوم عن طواف الوداع، وقد قال الأصحاب: ثم يفيض إلى مكة فيطوف مفرد وقارن لم يدخلاها قبل للقدوم برمل ثم للزيارة؟ قلنا: يتصور فيما إذا لم يكن دخل مكة لضيق وقت الوقوف بعرفة مثلا، وقصد عرفات فلما رجع منها طاف للزيارة أولا، ثم
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 454)
طاف للقدوم إما نسيانا أو غيره، فطواف القدوم هذا وإن كان متأخرا عن طواف الزيارة يكفيه عن طواف الوداع، وهذا على القول بسنية طواف القدوم بعد الرجوع من عرفة للمتمتع، وللمفرد والقارن اللذين لم يدخلا مكة قبل وقوفهما بعرفة، وهو نص الإمام أحمد، اختاره الخرقي، أما على اختيار الموفق، والشارح، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن رجب، فلا يسن طواف القدوم بعد الرجوع من عرفة، وهو الذي تدل عليه السنة، كما تقدم في فصل: (ثم يفيض إلى مكة، ويكتفي بطواف الزيارة الذي هو ركن في الحج) والله أعلم. ولا وداع على حائض ونفساء لحديث ابن عباس وفيه: (إلا أنه خفف عن الحائض) وتقدم، والنفساء في معناها؛ لأن حكمه حكم الحيض فيما يمنعه وغيره، ولا فدية على الحائض والنفساء؛ لظاهر حديث صفية المتقدم، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بفدية إلا أن تطهر الحائض والنفساء قبل مفارقة بنيان مكة فيلزمهما العود، ويغتسلان للحيض والنفاس؛ لأنهما في حكم المقيم بدليل أنهما لا يستبيحان الرخص قبل مفارقة البنيان ثم يودعان، فإن لم تعودا للوداع مع طهرهما قبل مفارقة البنيان ولو لعذر فعليهما دم؛ لتركهما نسكا واجبا، فأما إن فارقت الحائض والنفساء البنيان قبل طهرهما لم يجب عليهما الرجوع لخروجهما عن حكم الحاضر، فإن قيل: فلم لا يجب الرجوع عليهما مع القرب كما يجب على الخارج لغير عذر؟ قلنا: هناك ترك واجبا فلم يقسط بخروجه مع القرب كما تقدم تفصيله، وهاهنا لم يكن واجبا عليهما ولم يثبت وجوبه ابتداء إلا في حق من كان مقيما وهما حين الإقامة لا يجب عليهما لحصول الحيض والنفاس. والله أعلم، وأما المعذور غير الحائض والنفساء، كالمريض
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 455)
ونحوه فعليه دم إذا ترك طواف الوداع؛ لأن الواجب لا يسقط جبرانه بالعذر) وتقدم.
3 - قال ابن حزم رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/335)
(وأما قولنا: من أراد أن يخرج من مكة من معتمر أو قارن أو متمتع بالعمرة إلى الحج ففرض عليه أن يجعل آخر عمله الطواف بالبيت، فإن تردد بمكة بعد ذلك أعاد الطواف ولا بد، فإن خرج ولم يطف بالبيت ففرض عليه الرجوع ولو كان بلده بأقصى الدنيا حتى يطوف بالبيت، فإن خرج عن منازل مكة فتردد خارجا ماشيا فليس عليه أن يعيد الطواف، إلا التي تحيض بعد أن تطوف طواف الإفاضة فليس عليها أن تنتظر طهرها لتطوف لكن تخرج كما هي.
فإن حاضت قبل طواف الإفاضة فلا بد لها أن تنتظر حتى تطهر وتطوف وتحبس عليها الكرى والرفقة، فلما رويناه من طريق مسلم قال: نا سعيد بن منصور، نا سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله: صحيح البخاري الحج (1759)، صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 431)، سنن الدارمي المناسك (1932).لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.
ومن طريق مسلم، نا محمد بن رمح، نا الليث عن ابن شهاب، عن أبي سلمة -وهو عبد الرحمن بن عوف - أن عائشة أم المؤمنين قالت: - صحيح مسلم الحج (1211)، سنن الترمذي الحج (943)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (391)، سنن أبو داود المناسك (2003)، سنن ابن ماجه المناسك (3072)، موطأ مالك الحج (945)، سنن الدارمي المناسك (1917).حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، فذكرت حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: أحابستنا هي؟ فقلت: يا رسول الله، إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلتنفر.
قال أبو محمد: فمن خرج ولم يودع من غير الحائض فقد ترك فرضا لازما فعليه أن يؤديه، روينا من طريق وكيع عن إبراهيم بن يزيد، عن أبي الزبير بن عبد الله:
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 456)
(أن قوما نفروا ولم يودعوا فردهم عمر بن الخطاب حتى ودعوا).
قال علي: ولم يخص عمر موضعا عن موضع، وقال مالك: بتحديد مكان إذا بلغه لم يرجع منه، وهذا قول لم يوجبه نص ولا إجماع ولا قياس ولا قول صاحب، ومن طريق عبد الرزاق، نا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن نافع قال: (رد عمر بن الخطاب نساء من ثنية هرشي كن أفضن يوم النحر، ثم حضن فنفرن، فردهن حتى يطهرن، ويطفن بالبيت، ثم بلغ عمر بعد ذلك حديث غير ما صنع فترك صنعه الأول).
قال أبو محمد: هرشي هي نصف الطريق من المدينة إلى مكة بين الأبواء والجحفة على فرسخين من الأبواء، وبها علمان مبنيان علامة؛ لأنه نصف الطريق، وقد روي أثر من طريق أبي عوانة عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن الحارث بن عبد الله بن أوسي: سنن الترمذي الحج (946)، سنن أبو داود المناسك (2004)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 416).أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر بن الخطاب أفتياه في المرأة تطوف بالبيت يوم النحر، ثم تحيض أن يكون آخر عهدها بالبيت.
قال أبو محمد: الوليد بن عبد الرحمن غير معروف، ثم لو صح لكان داخلا في جملة أمره عليه السلام أن لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت وعمومه، وكأن يكون أمره عليه السلام: الحائض التي أفاضت بأن تنفر حكما زائدا مبنيا على النهي المذكور مستثنى منه ليستعمل الخبران معا ولا يخالف شيء منهما. وبالله تعالى التوفيق.
وأما قولنا: من ترك عمدا أو بنسيان شيئا من طواف الإفاضة أو من السعي الواجب بين الصفا والمروة - فليرجع أيضا كما ذكرنا ممتنعا من النساء حتى يطوف بالبيت ما بقي عليه، فإن خرج ذو الحجة قبل أن يطوف
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 457)
فقد بطل حجه، وليس عليه في رجوعه لطواف الوداع أن يمتنع من النساء، فلأن طواف الإفاضة فرض.
وقال تعالى: سورة البقرة الآية 197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ وقد ذكرنا أنها: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فإذ هو كذلك فلا يحل لأحد أن يعمل شيئا من أعمال الحج في غير أشهر الحج فيكون مخالفا لأمر الله تعالى.
وأما امتناعه عن النساء؛ فلقول الله تعالى: سورة البقرة الآية 197فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ فهو ما لم يتم فرائض الحج فهو في الحج بعد، وأما رجوعه لطواف الوداع فليس هو في حج ولا في عمرة، فليس عليه أن يحرم ولا أن يمتنع من النساء؛ لأن الله تعالى لم يوجب ذلك ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا إحرام إلا بحج أو عمرة، وأما لطواف مجرد فلا) [المحلى] (7\ 241 - 244) فقه عام. .
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=756&searchScope=1&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=EXACT&bookID=&LeftVal=1573&RightVal=1574&simple=&SearchCriteria=Allwords&siteSection=1&searchkeyword=216167217132216173216172#first
قال الشيخ الألباني :
eyWor dFound
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/336)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:42 ص]ـ
أركان الحج من سلسلة العلامتين الالباني وابن باز
1ـ الإحرام (النية): وهو نية الدخول في النسك.
2ـ الوقوف بعرفة.
3ـ طواف الإفاضة.
4ـ السعي بين الصفا والمروة.
ومن ترك شيئا من هذه الأركان لم يصح حجه حتى يأتي به.
واجبات الحج
1 - الإحرام من الميقات
2 - الوقوف بعرفة الى الليل.
3 - المبيت بمزدلفة.
4 - المبيت بمنى ليالي أيام التشريق.
5 - رمي الجمار.
6 - الحلق أو التقصير.
7 - طواف الوداع.
ومن يترك شيئًا من هذه الواجبات فإنه يجبر بدم في الحرم ويوزع على فقراء مكة ولا يأكل شيئًا منها وحجه صحيح.
سنن الحج
1 - الاغتسال عند الإحرام.
2 - الإحرام في إزار ورداء أبيض.
3 - التلبية ورفع الصوت بها.
4 - المبيت بمنى ليلة عرفة.
5 - تقبيل الحجر الأسود ز
6 - الاضطباع (جعل الرداء تحت الابط الأيمن في طواف القدوم أو العمرة)
7 - الرمل (الاسراع في الأشواط الثلاثة الأول من واف القدوم أو العمرة)
8 - طواف القدوم للقارن والمفرد.
محظورات الاحرام تسعة
1 - حلق الشعر.
2 - تقليم الأظافر.
3 - تغطية رأس الرجل بملاصق.
4 - لبس المخيط.
5 - استعمال الطيب.
من فعل شيئا من هذه المحظورات الخمسة جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه، ومن فعل شيئا منها متعمدا فعليه الكفارة على التخيير (صيام ثلاثة أيام، أو اطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة)
6 - قتل صيد البر أو المعاونة في ذلك، أو تنفيره من مكانه، وفي قتله عمدًا الفدية بما يماثله.
7 - مباشرة الزوجة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزل لم يفسد حجه وعليه بدنه.
8 - عقد النكاح ولا فدية عليه
9 - الوطء في الفرج: فإن كان قبل التحلل الأول فسد حجه ويمضي فيه، ويمضيه وجوبا في العام التالي، ويجب عليه بدنه يذبحها في الحرم، وإن كان بعد التحلل الأول فالحج صحيح وعليه شاة.
الهدي
مكان الذبح: منى ويجوز في مكة وبقية الحرم
نوعه: الإبل أو البقر أو الغنم (الضان والماعز)
السنة المجزئة: الضأن ما تم ستة أشهر، ومن المعز ماتم له سنة، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الابل ما تم له خمس سنين، تجزئ الواحدة من الضأن أو المعز عن شخص واحد، والواحد من الابل او البقر عن سبعة اشخاص، ومن لم يجد الهدي أو عجز عن قيمتها يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام اذا رجع الى اهله سواء صامها متتالية أو متفرقة.
مالا يجوز من الأضاحي: العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والهزيلة التي تنقى، والسلامة من عضب القرب وهو ذهاب أكثرها.
مواقيت الحج
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهم ولكل آت أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دور دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة، رواه مسلم.
ملخص دليل الحاج لما ينبغي أن يفعله خلال أيام الحج كل حسب نسكه
أولا: المتمع
ما يفعله الحاج (المتمتع) قبل اليوم الثامن من ذي الحجة
1ـ الإحرام من الميقات ويلبي قائلا: "لبيك عمره متمتعا إلى الحج".
2ـ طواف القدوم (العمرة).
3ـ السعي.
4ـ تقصير الشعر أو حلقه.
5ـ التحلل من الإحرام، والبقاء حلالا إلى يوم التروية (8 ذو الحجة).
ما يفعله الحاج يوم الثامن من ذي الحجة
يذهب الحاج إلى منى – بعد الإحرام من محل إقامته- ويصلي فيها خمس صلوات قصرا من غير جمع.
ما يفعله الحاج يوم التاسع من ذي الحجة
1ـ يتوجه إلى عرفة بعد شروق الشمس (يصلي فيها الظهر والعصر في وقت الأولى بآذان واحد وإقامتين (جمعا وقصرا) جمع تقديم- ويكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والدعاء، مستقلا القبلة، لا الجبل، ولا يشرع صعوده إياه، وادي عرفة ليس من أرضها فلا يصح الوقوف فيه.
2ـ يتوجه إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
3ـ يصلي المغرب والعشاء حين الوصول إلى مزدلفة جمعاً وقصراً (جمع تأخير) بأذان واحد وإقامتين.
4ـ يلتقط سبع حصويات لرمي جمرة العقبة (الكبرى) وإن أخذها من منى فجائز (الحصاة مثل حبة البازلاء).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/337)
5ـ يبيت في مزدلفة ويصلي فيها صلاة الفجر مبكراً بها، ويكثر من الدعاء والذكر بعد الصلاة، ويستحب الوقوف عند المشعر الحرام إكثار الدعاء حتى الإسفار، وهو بياض النهار وقبل طلوع الشمس والضعفة يجوز لهم الخروج بعد منتصف الليل (بعد غروب القمر).
ما يفعله الحاج يوم العاشر من ذي الحجة
1ـ يتوجه إلى منى (قبل شروق الشمس).
2ـ يرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصوات مكبرا مع كل حصاة.
3 - نحر الهدي ويستمر إلى غروب الشمس من اليوم الثالث ويستثنى من ذلك سكان الحرم.
4 - حلق الشعر أو تقصيره.
5 - التحلل من الإحرام ولبس الثياب.
6 - طواف الإفاضة (ركن)
7 - السعي (ركن) ويجوز تأخيرهما لليوم التالي أو الذي يليه أو مع طواف الوداع.
ما يفعله الحاج يوم 11 من ذي الحجة
1ـ يبيت في منى (واجب).
2ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
ما يفعله الحاج يوم 12 من ذي الحجة
1ـ يبيت في منى (واجب).
2ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
3ـ يجوز له التعجيل يوم الثاني عشر، فينفر من منى إلى مكة قبل الغروب ثم يطوف للوداع.
ما يفعله الحاج يوم 13 من ذي الحجة
1ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
2 - مغادرة منى إلى مكة وطواف الوداع وهو واجب، وفي تركه دم إلا الحائض والنفساء ثم الرحيل من مكة.
ثانيًا: القارن
ما يفعله الحاج (القارن) قبل اليوم الثامن من ذي الحجة
1ـ الإحرام من الميقات ويلبي قائلا: لبيك عمرة وحجا".
2ـ طواف القدوم.
3ـ السعي: ويجوز تأخيره بعد طواف الإفاضة (يبقى المحرم في إحرامه، وعليه أن يتجنب محظورات الإحرام إلى يوم النحر).
ما يفعله الحاج يوم الثامن من ذي الحجة
يذهب الحاج إلى منى – بعد الإحرام من محل إقامته- ويصلي فيها خمس صلوات قصرا من غير جمع.
ما يفعله الحاج يوم التاسع من ذي الحجة
ـ يتوجه إلى عرفة بعد شروق الشمس (يصلي فيها الظهر والعصر في وقت الأولى بآذان واحد وإقامتين (جمعا وقصرا) جمع تقديم- ويكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والدعاء، مستقلا القبلة، لا الجبل، ولا يشرع صعوده إياه، وادي عرفة ليس من أرضها فلا يصح الوقوف فيه.
ـ يتوجه إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
ـ يصلي المغرب والعشاء حين الوصول إلى مزدلفة جمعاً وقصراً (جمع تأخير) بأذان واحد وإقامتين.
ـ يلتقط سبع حصويات لرمي جمرة العقبة (الكبرى) وإن أخذها من منى فجائز (الحصاة مثل حبة البازلاء).
ـ يبيت في مزدلفة ويصلي فيها صلاة الفجر مبكراً بها، ويكثر من الدعاء والذكر بعد الصلاة، ويستحب الوقوف عند المشعر الحرام إكثار الدعاء حتى الإسفار، وهو بياض النهار وقبل طلوع الشمس والضعفة يجوز لهم الخروج بعد منتصف الليل (بعد غروب القمر).
ما يفعله الحاج يوم العاشر من ذي الحجة
1ـ يتوجه إلى منى (قبل شروق الشمس).
2ـ يرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصوات مكبرا مع كل حصاة.
3 - نحر الهدي ويستثنى من ذلك سكان الحرم فلا هدي عليهم.
4 - حلق الشعر أو تقصيره، والمرأة تقص شعرها قدر أنمله.
5 - التحلل من الاحرام وليس الثياب.
6 - طواف الإفاضة (ركن) والسعي إن لم يسع أولا.
ما يفعله الحاج يوم 11 من ذي الحجة
1ـ يبيت في منى (واجب).
2ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
ما يفعله الحاج يوم 12 من ذي الحجة
1ـ يبيت في منى (واجب).
2ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
3ـ يجوز له التعجيل يوم الثاني عشر، فينفر من منى إلى مكة قبل الغروب ثم يطوف للوداع.
ما يفعله الحاج يوم 13 من ذي الحجة
1ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/338)
2 - مغادرة منى إلى مكة وطواف الوداع وهو واجب، وفي تركه دم إلا الحائض والنفساء ثم الرحيل من مكة.
ثالثًا: المفرد
ما يفعله الحاج (المفرد) قبل الثامن من ذي الحجة
1ـ الإحرام من لميقات ويلبي قائلا: "لبيك حجا".
2ـ لا يحرم من الميقات ساكنو مكة ولا المقيمون فيها ويحرمون بالحج من منازلهم بمكة.
3ـ طواف القدوم.
4ـ السعي: إذا لم يسمع المفرد بعد الطواف، أو ذهب إلى منى مباشرة، عليه أن يسعى بعد طواف الإفاضة (الزيارة) ويبقى على إحرامه إلى يوم النحر.
ما يفعله الحاج يوم الثامن من ذي الحجة
يذهب الحاج إلى منى – بعد الإحرام من محل إقامته- ويصلي فيها خمس صلوات قصرا من غير جمع.
ما يفعله الحاج يوم التاسع من ذي الحجة
ـ يتوجه إلى عرفة بعد شروق الشمس (يصلي فيها الظهر والعصر في وقت الأولى بآذان واحد وإقامتين (جمعا وقصرا) جمع تقديم- ويكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والدعاء، مستقلا القبلة، لا الجبل، ولا يشرع صعوده إياه، وادي عرفة ليس من أرضها فلا يصح الوقوف فيه.
ـ يتوجه إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
ـ يصلي المغرب والعشاء حين الوصول إلى مزدلفة جمعاً وقصراً (جمع تأخير) بأذان واحد وإقامتين.
ـ يلتقط سبع حصويات لرمي جمرة العقبة (الكبرى) وإن أخذها من منى فجائز (الحصاة مثل حبة البازلاء).
ـ يبيت في مزدلفة ويصلي فيها صلاة الفجر مبكراً بها، ويكثر من الدعاء والذكر بعد الصلاة، ويستحب الوقوف عند المشعر الحرام إكثار الدعاء حتى الإسفار، وهو بياض النهار وقبل طلوع الشمس والضعفة يجوز لهم الخروج بعد منتصف الليل (بعد غروب القمر).
ما يفعله الحاج يوم العاشر من ذي الحجة
1ـ يتوجه إلى منى (قبل شروق الشمس).
2ـ يرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصوات مكبرا مع كل حصاة.
3 - حلق الشعر أوتقصيره.
4 - التحلل من الإحرام ولبس الثياب (التحلل الأصغر)
5 - طواف الإفاضة (التحلل الأكبر) ركن
6 - يجوز تأخير طواف الإفاضة الى اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر أو مع طواف الوداع.
7 - السعي بعد الطواف الإفاضة إن لم يسع أولا.
ما يفعله الحاج يوم 11 من ذي الحجة
1ـ يبيت في منى (واجب).
2ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
ما يفعله الحاج يوم 12 من ذي الحجة
1ـ يبيت في منى (واجب).
2ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
3ـ يجوز له التعجيل يوم الثاني عشر، فينفر من منى إلى مكة قبل الغروب ثم يطوف للوداع.
ما يفعله الحاج يوم 13 من ذي الحجة
1ـ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال ابتداءً بالصغرى فالوسطى ثم الكبرى (سبع حصيات لكل جمرة) يكبر مع كل حصاة ويدعو بعد الصغرى والوسطى.
2 - مغادرة منى إلى مكة وطواف الوداع وهو واجب، وفي تركه دم إلا الحائض والنفساء ثم الرحيل من مكة.
ملاحظة
بعد التحلل الأصغر يحل للحاج كل شيء سوى وطء الزوجة، أما بعد طواف الإفاضة (التحلل الأكبر) فيحل له كل شيء حتى الوطء إذا قدم السعي في الإفراد والقران، اما المتمتع فلابد من السعي قبل التحلل الأكبر.
تذكرة
أيام الحج أيام دعاء وقراءة القرآن فاستغل وقتك فيما ينفع، واحذر الخوض في الجدال والكلام الباطل قال تعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) البقرة 197.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:44 ص]ـ
معجم مصطلحات الحج
* أبطح:
الأبطح: هو المكان الناتج عن سيل السيول، ويكون عادة مكانًا سهلاً لا حصى فيه ولا حجارة، وكل موضع من مسايل الأودية يسويه الماء ويدوسه، فهو الأبطح، والبطحاء، والبطح.
والبطحاء: هو المكان الذي بين مكة ومنى، سمي بذلك؛ لانبطاح الوادي فيها واتساعه، ويقال لها: المحصِّب والمعرِّس.
* إحرام:
الإحرام لغة: المنع، وأحرم الرجل: دخل في الشهر الحرام؛ وأحرم بالحج والعمرة فهو محرم، سُمي بذلك؛ لأنه يحرم عليه ما كان حلالاً من قبل، كالصيد والنساء ..
والإحرام شرعًا عرَّفه العلماء بأكثر من تعريف، كلها متقاربة، نختار منها التعريف التالي: نية الدخول في نُسك الحج أو العمرة.
* إحصار:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/339)
الحَصَر: العيُّ وضيق الصدر، ومنه قوله تعالى: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} (النساء:90) يقال: حصر صدره، إذا ضاق، وكل من امتنع من شيء فلم يقدر عليه فقد حُصِر عنه؛ و (أحصره) المرض، أي: منعه من السفر أو من قضاء حاجة يريدها؛ وقد (أحصره) العدو يحصرونه، أي: ضيقوا عليه وأحاطوا به من كل جانب. والمشهور عن أكثر أهل اللغة أن (الإحصار) إنما يكون بالمرض، وأما بالعدو فهو الحصر؛ وقال غيرهم: يقال في جميع ما يَمْنَع الإنسان من التصرف.
والإحصار شرعًا: هو كل حابسٍ من عدوٍ أو مرض أو غير ذلك، يمنع الحاج من إتمام نُسكه.
* استطاعة:
الاستطاعة لغة: القدرة على الشيء، وقد تحذف التاء تخفيفًا، كما في قوله تعالى: {فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا} (الكهف:97).
والاستطاعة اصطلاحًا: قدرة المكلف على القيام بما كُلِّف به بنفسه، من غير افتقار إلى غيره، وهي على أنواع مفصلة في كتب الفقه. والاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج إنما يقصد بها: مِلك الزاد والراحلة، على تفصيل في ذلك، يُرجع إليه في مظانه من كتب الفقه.
* استلام:
الاستلام في اللغة يطلق على معان، منها: اللمس باليد أو الفم.
واستلام الحجر في عرف الشرع: يُقصد به تقبيل الحجر، أو مسحه باليد؛ وفي حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله: ( ... حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن ... ). فإن لم يمكن الطائف استلامه وتقبيله، قام حياله واستقبله بوجهه، وأشار إليه، وكبَّر؛ وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: (طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير، كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده، وكبَّر). وقوله صلى الله عليه وسلم ل عمر رضي الله عنه: (يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر، فتؤذى الضعيف، إن وجدت خَلْوة فاستلمه، وإلا فاستقبله، فهلِّل وكبِّر)؛ فإن أمكن استلام الحجر بشيء في يده، كالعصا ونحوها فعل؛ لفعله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عباس رضي الله عنه، قال: (طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن).
* اشتراط:
الشَّرْط: إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه، كالشريطة؛ والجمع شروط. وشارطه: شَرَط كل منهما على صاحبه.
والاشتراط في الإحرام: أن يقول المحرم عند الإحرام: لبيك حجًا، مثلاً، أو عمرة، فإن حبسني حابس، فمحلِّي حيث حبستني. والحابس قد يكون مرضًا، وقد يكون عدوًا، وقد يكون مانعًا يمنع المحرم من متابعة النسك الذي أحرم فيه. ولا يجوز التحلل مباشرة مع عدم الاشتراط، لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} (البقرة:196). ودليل الاشتراط: حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضُباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحج، قالت: والله لا أجدني إلا وَجِعَةٌ، فقال لها: حجي واشترطي؛ قولي: اللهم محلِّي حيث حبستني) وفي رواية بزيادة: (فإن لك على ربك ما استثنيت).
* إشعار:
الإشعار لغة: الإعلام، ومنه قوله تعالى: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} (الأنعام:109) و (أشعر) الهدي: إذا طعن في سنامه الأيمن حتى يسيل منه دم، ليُعْلَم أنه هديٌ، ومنه قولهم: ليت شعري، أي: ليتني علمتُ.
والهدي: ما يُهدى إلى الحرم من الأنعام (البقر والإبل .. ) واحده: هدِيَّة، وهدْيَةٌ.
وإشعار الهدي عند جمهور أهل العلم هو: أن يطعن صفحة سَنام الإبل، وهي مستقبلة القبلة، فيدميها، ويُلطِّخُها بالدم؛ ليُعْلَم أنها هديٌ؛ ولا يختص ذلك بالإبل، وإنما يشمل البقر أيضًا.
* أشهر الحج:
أشهر الحج: هي الثلاثة الأشهر التي جعلها الله عز وجل ظرفًا لأداء فريضة الحج، وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة كله عند المالكية، وعشر منه عند الجمهور؛ قال الله تعالى: {الحج أشهر معلومات} (البقرة: 197) ودليل الفريقين ليس هذا موضعه؛ وفائدة الخلاف تظهر في تعلق الدم بتأخير طواف الإفاضة عن أشهر الحج.
* أشهر حرم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/340)
الأشهر الحرم: هي ذو القَعْدَة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر؛ وفي التنزيل قوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم} (التوبة:36) وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا؛ منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان).
* اضطباع:
الضَّبْع لغة العَضُد؛ والاضطباع: إدخال الرداء تحت الإبط الأيمن، ورد طرفيه على الإبط الأيسر، فيكشف المنكب الأيمن، ويغطى المنكب الأيسر؛ سُميَ بذلك؛ لإبداء أحد الضَّبْعَين، وكان يفعل ذلك من كان يريد أن ينشط للعمل. وهو ما يفعله الحاج في لباس إحرامه.
* إفاضة:
فاض الخبر: أي: شاع، وفاض الماء: أي كُثُر حتى سال على ضفة الوادي، وأفاض الناس من عرفات إلى منًى، إذا دفعوا منها بعد انقضاء الموقف؛ وكل دفعة إفاضة.
والإفاضة شرعًا: انصراف الحجيج بعد انقضاء الموقف في عرفات، قال تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات} (البقرة:198).
* آفاقي:
الأُفْق والأُفُق، مثل عُسْر وعسُر: ما ظهر من نواحي الفَلَك وأَطراف الأَرض، وكذلك آفاق السماء نواحيها.
والفقهاء يطلقون هذا المصطلح على كل من كان خارج المواقيت المكانية للإحرام، حتى لو كان مكيًّا؛ ويُقابل الآفاقي: الحِلِّي، وقد يسمى (البستاني) وهو من كان داخل حدود المواقيت، وخارج الحرم؛ والحَرَميُّ، وهو من كان داخل حدود حرم مكة. وقد يطلق الآفاقي على كل من كان خارج حدود حرم مكة.
* إفراد:
الفرد: الوتر، وفَرَد بمعنى انفرد وتفرد، تقول: فَرَد فلان بالأمر، إذا انفرد؛ وأفرد الشيء: جعله فردًا. وفَرَدَ الحج عن العمرة: فعل كل واحد على حِدَة.
والإفراد شرعًا: هو الإهلال بالحج وحده، في أشهر الحج.
* إهلال:
أَصل الإِهْلال لغة: رفعُ الصوتِ عند رؤية الهلال، تقول: أَهَلَّ الرجل واستهلَّ: إِذا رفع صوتَه، وكلُّ متكلم رفع صوته أَو خفضه فقد أَهَلَّ واستهلَّ، وأَهَلَّ المحرِمُ بالحج يُهِلُّ إِهْلالاً: إِذا لَبَّى ورفَع صوتَه؛ فالإِهْلالُ بالحج: رَفْعُ الصوت بالتَّلْبية؛ وأَهَلَّ المُعْتَمِرُ: إِذا رفع صوتَه بالتَّلْبِية. والمُهَلُّ، بضم الميم: موضعُ الإِهْلال، وهو الميقات الذي يُحْرِمون منه، ويقع على الزمان والمصدر.
والإهلال في الاصطلاح: هو التلبية بالحج أو العمرة عند الإحرام؛ تقول: أَهَلَّ بحجَّة أَو بعُمْرة، في معنى أَحْرَم بها؛ وإِنما قيل للإِحرام إِهْلال، لرفع المحرِم صوته بالتَّلْبية؛ وفي حديث عائشة رضي الله عنها، في حجة الوداع، قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فمنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحج، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن أهلَّ بحج فليتم حجَّه).
* أيام التشريق:
الأصل اللغوي للتشريق مادة (شرق) تقول: شَرَقت الشمس تشرق شروقًا وشرقًا، طلعت. والتشريق يطلق على ثلاثة معانٍ:
الأول: الأخذ من ناحية المشرق، تقول: شتان بين مشرِّق ومغرِّب.
الثاني: صلاة العيد، مأخوذ من شروق الشمس؛ لأن ذلك وقتها، وفي الحديث عن علي موقوفًا: (لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع) قال ابن حجر: أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح.
الثالث: ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وهو اليوم الأول من أيام عيد الأضحى. وهذا هو الاستعمال الأغلب.
وسُميت هذه الأيام بذلك؛ لأنهم كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس، وتشريق اللحم كما قال أهل اللغة: تقطيعه وتقديده وبسطه (نشره).
قال ابن حجر: سميت أيام التشريق؛ لأنهم كانوا يُشرِّقون فيها لحوم الأضاحي، أي: يقطعونها ويقددونها.
وتسمى أيام التشريق: الأيام المعدودات، قال تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} (البقرة:203) وتسمى أيضًا: أيام منى، لأن الحاجَّ يكون موجودًا فيها تلك الأيام.
* أيام منى:
مِنَى، بكسر الميم وفتح النون مخففة، بوزن ربًا، تذكر وتؤنث: قرية قرب مكة، سميت بذلك؛ لأن الأقدار وقعت على الضحايا بها فذُبحت، ومنه أخذت المنية، يقال: وافته المنية، أي: جاء أجله.
وأيام منًى هي: أيام التشريق، كما تقدم عند الحديث عن أيام التشريق، أضيفت إلى منًى؛ لإقامة الحاج بها لرمي الجمار.
* بدر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/341)
بدر، بفتح فسكون، أصله في اللغة الامتلاء، يقال: غلام بدر إذا كان ممتلئًا شابًا، ويقال: قد بدر فلان إلى الشيء وبادر: إذا سبق؛ و (بدر) ماء مشهور بين مكة والمدينة، يقال: إنه يُنسب إلى بدر بن يَخْلُد بن النضر بن كنانة، سكن هذا الموضع فنسب إليه. وعند هذا الماء كانت الوقعة المباركة التي انتصر فيها الحق على الباطل، وقد نسب إلى (بدر) جميع من شهدها من الصحابة رضي الله عنهم.
* بدنة:
البدنة: ناقة أو بقرة تُنحر بمكة قربانًا، والهاء فيها للواحدة، لا للتأنيث؛ سُميت بذلك لِسِمَنِها، يقال: بَدُنَ الرجل إذا سَمِن. و (البدنة) عند جمهور أهل اللغة تطلق على الإبل والبقر والغنم، الذكر منها والأنثى.
و (البدنة) في اصطلاح أهل الفقه: الواحد من الإبل والبقر والغنم، ذكرًا كان أم أنثى.
* بقيع:
أصل (البقيع) في اللغة: الموضع الذي فيه أُروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد، والغرقد: كبار العوسج، وهو مقبرة أهل المدينة، وهي داخل المدينة.
* البيت العتيق:
قد يكون (العتيق) بمعنى القديم، وقد يكون بمعنى الكريم؛ إذ كل شيء كَرُم وحسُن قيل له: عتيق.
والبيت العتيق اصطلاحًا: هو الكعبة، وفي التنزيل قوله تعالى في حق الهدي: {ثم محلها إلى البيت العتيق} (الحج:33) وقيل: هو اسم من أسماء مكة؛ سمي بذلك لعتقه من الجبارين، أي: لا يتجبرون عنده، بل يتذللون؛ وقيل: بل لأن جبارًا لا يدعيه لنفسه.
* تحلُّل:
التحلُّل مأخوذ من حَلَّ، وأصل الحلِّ في اللغة: فتح الشيء، وفك العقدة. ومنه حَلَّ المُحرم من إحرامه يَحِلُّ حِلاًّ وحلالاً، إذا خرج من إحرامه؛ وأحلَّ يُحِلُّ إحلالاً، إذا حلَّ له ما حَرُمَ عليه من محظورات الحج؛ والحلال ضد الحرام، وتقول: رجل حلال، أي: غير مُحْرِم، ولا متلبسٍ بأسباب الحج.
* تضلع:
تضلع: امتلأ شبعًا وريًّا حتى بلغ الماء أضلاعه؛ وفي الحديث: (فشرب حتى تضلع) أَي: أَكثر من الشرب حتى تمدَّد جنبه وأَضلاعه.
* تفث:
أصل التفث في اللغة: الوسخ؛ تقول العرب للرجل تستقذره: ما أتفثك، أي: ما أوسخك وأقذرك. قال أمية بن أبي الصلت:
شاحين آباطهم لم ينزعوا تفثًا ولم يسلُّوا لهم قملاً وصِئبانًا
والتَّفَثُ في الحج: نَتْفُ الشَّعر، وقَصُّ الأَظْفار، وكأَنه الخُروجُ من الإِحرام إلى الإِحْلال. وفي التنزيل العزيز: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم} (الحج:29) أي: ليقضوا حوائجهم من الحَلْق والتَّنْظيف. وفي حديث الحج: ذِكْرُ التَّفَثِ، وهو ما يفعله المحرم بالحج، إذا حَلَّ من إحرامه؛ من قصِّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونَتْف الإِبط، وحَلْق العانة، ونحو ذلك مما لا يجوز للمحرم فعله وقت الإحرام.
* تقليد الهدي:
التقليد مأخوذ من قولهم: قلّده القِلادة إذا جعلها في عنقه، وقلَّد البدنة (الإبل) علَّق في عنقها شيئًا، ليُعْلَم أنه هديٌّ؛ والهديُّ: ما يهدى إلى الحَرَم من النِّعَم (الإبل، البقر، الغنم .. ) وعلى هذا يكون معنى تقليد الهديِّ: أن يُعلَّق في عنق الهدي قطعة من جلد وغيره؛ لِيُعْلَم أنه هديٌّ.
* تلبية:
التلبية: مصدر لبَّى، وأصل التلبية الإقامة بالمكان؛ يقال: ألبَّ بالمكان ولبَّ به: إذا أقام به. والتلبية: أن يقول الحاج: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ويُشرع للحاج أن يقولها في سائر أحواله.
* تمتع:
التمتع: مأخوذ من المتاع، وهو المنفعة وما يُتمتع به، قال تعالى: {ابتغاء حلية أو متاع} (الرعد:17) وتمتع بكذا واستمتع به بمعنى واحد، والاسم المتعة، ومنه متعة الحج؛ لأنها انتفاع.
والتمتع في الشرع: هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ثم التحلل منها، ثم الإحرام بالحج في العام نفسه.
* تنعيم:
التنعيم، بالفتح ثم السكون، وكسر العين المهملة، موضع بمكة، سمي بذلك؛ لأن جبلاً عن يمينه، يقال له: نعيم، وآخر عن شماله، يقال له: ناعم، والوادي نعمان، منه يُحْرِم المكيون بالعمرة.
* ثجُّ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/342)
الثجُّ لغة: الماء الكثير، ومنه قوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا} (النبأ:14) أي: منصبٌّ جدًا؛ وفي الاصطلاح الشرعي يطلق (الثجُّ) على سيلان دماء الهدي والأضاحي، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (أفضل الحج العجُّ والثج) رواه الترمذي و ابن ماجه وغيرهما، وهو حديث صحيح كما قال أهل العلم؛ و (العَجُّ) هو رفع الصوت بالتلبية.
*جبل أحد:
هو على بعد (4) أربعة كيلو مترات شمال المدينة، وطوله من الشرق إلى الغرب (6) ستة كيلو مترات، وارتفاعه (1200) مائتان وألف متر؛ وقد كانت به غزوة أحد في السنة الثالثة للهجرة، وفيه حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا جبل يحبنا ونحبه).
* جبل الرحمة:
جبل الرحمة: جبل بوادي عرفات، ألقى عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة حجة الوداع؛ واسمه إلاَل، على وزن هلال. ويقال له: جبل الدعاء؛ لحديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... فجعل بطن ناقته القصواء على الصخرات، وجعل حَبْل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة ... ) ولا يُشرع صعوده إجماعًا.
* جبل ثور:
جبل ثور: اسم جبل بمكة، فيه الغار الذي اختبأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طريق هجرته إلى المدينة، وهو المقصود بقوله تعالى: {إذ هما في الغار} (التوبة:40).
* جحفة:
الجحفة، بضم الجيم وسكون الحاء: قرية كبيرة على طريق المدينة من مكة، سميت بذلك؛ لأن السيل اجتحفها، وحمل أهلها في بعض الأعوام. ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة استوبأها وحُمَّ أصحابه، فقال: (اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، وصحِّحها وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها إلى الجحفة) متفق عليه، وهي ميقات أهل مصر والشام والمغرب، لكن لما خربت وصارت مكانًا غير مناسب للحجاج، جعل الناس بدلاً عنها (رابغًا) وهو أقرب إلى مكة بقليل، ويبعد عن مكة ستًا وثمانين ومئة (186) كم.
* جعرانة:
الجعرانة، بكسر الجيم وسكون العين وفتح الراء: ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزلها النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن بعد رجوعه من غزوة حُنين وأحرم منها، وله فيها مسجد، وبها آبار متقاربة.
* جمرات:
الجمرات: مكان رمي الجمار، وهو ركن من أركان الحج، والجمار ثلاث: الجمرة الأولى والوسطى، وهما قرب مسجد الخيف مما يلي مكة، والجمرة الكبرى، وتسمى جمرة العقبة، وهي في آخر منًى مما يلي مكة.
* جؤار:
جَأَرَ يَجْأَرُ جَأْرًا وجُؤَارًا: رَفَعَ صوته مع تضرّع واستغاثة؛ وقال بعضهم: هو رَفْعُ الصوت بالدعاء؛ وجَأَر الرجلُ إِلى اللَّه عزّ وجلّ: إِذا تضرَّع بالدعاءِ إليه؛ وجأَرَ القومُ جُؤَاراً: رفعوا أَصواتهم بالدعاء متضرِّعين؛ وفي التنزيل: {إذا هم يجأرون} (المؤمنون:64).
والجؤار في الحج، خاص بالإهلال، أي: التلبية؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (كأني أنظر إلى موسى، له جؤار إلى ربه بالتلبية) وقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا: (جاءني جبريل، فقال: يا محمد، مُرْ أصحابك، فليرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعار الحج).
* جدال:
أَصل الجَدْل: الفَتْل، ثم استعمل في اللَّدَدِ في الخُصومة، والقدرة عليها؛ يقال: جادله مجادلة وجدالاً؛ ورجل جَدِل: إِذا كان أَقوى في الخِصام. وفي الحديث: (ما ضلَّ قوم بعد هُدًى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) والمراد به الجَدَلُ على الباطل، وطَلَبُ المغالبة به، لا إِظهار الحق. وقوله تعالى: {ولا جِدال في الحج} (البقرة:197) معناه: لا ينبغي للرجل أَن يجادل أَخاه، فيخرجه إِلى ما لا ينبغي.
* حج:
الحج، بفتح الحاء وكسرها، فالفتح على المصدرية، والكسر على الاسمية؛ وهو لغة: كثرة القصد، وسميت الطريق محجَّة لكثرة التردد. وشرعًا: قصد بيت الله الحرام لأداء النسك في أشهر الحج. وسمي (الحاجُّ) بذلك؛ لأنه يتكرر للبيت لطواف القدوم، وغيره من مناسك الحج.
* الحج الأكبر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/343)
الحج الأكبر: هو يوم النحر، وفيه قوله تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر} (التوبة:3) وإنما قيل: الحج الأكبر؛ من أجل قول الناس: الحج الأصغر، كما ثبت من حديث أبي هريرة عند البخاري. وروي (العمرة الحج الأصغر) وهذا الحديث لم يصح عند أهل العلم، وقيل: سُمي بذلك لكثرة الأعمال فيه.
* حِجْر:
الحجر، بكسر الحاء وسكون الجيم، وهو في اللغة: ما حجَرْت عليه، أي: منعته من أن يُوصل إليه، وكل ما منعت منه فقد حجرت عليه. والحِجْر يطلق على مواضع، لكن أغلب ما يطلق على حِجْر الكعبة، وهو ما تركت قريش في بنائها من أساس إبراهيم عليه السلام، وحَجَرت على الموضع ليُعلم أنه من الكعبة، فسُمي حِجْرًا لذلك. وقد شاع بين الناس أنه حِجْر إسماعيل عليه السلام، ولا أصل لهذه التسمية؛ ف إسماعيل بنى البيت مع أبيه عليهما السلام، وكان كاملاً.
* الحجر الأسود:
الحجر الأسود: موضعه جدار الكعبة من الركن الشمالي، وفيه قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: (الحجر الأسود من الجنة) رواه أحمد في "مسنده" ورواه الترمذي في "جامعه" وقال: حديث حسن صحيح.
* حديبية:
الحديبية: اختفلوا في ضبطها؛ فمنهم من شدد الياء الثانية (الحديبيَّة) ومنهم من خففها. وروي عن الشافعي أنه قال: الصواب التشديد، وأخطأ من نص على تخفيفها؛ وقيل كلٌّ صواب، أهل المدينة يثقلونها. وهي قرية قريبة من مكة، سميت ببئر فيها، بينها وبين مكة خمسون كيلو مترًا تقريبًا، وبعضها في الحلِّ، وبعضها في الحرم. بايع النبي صلى الله عليه وسلم فيها أصحابه بيعة الرضوان، عند الشجرة، وصالح المشركين صلح الحديبية، ومنها اعتمر أول عمراته؛ عمرة الحديبية؛ وقد صُدَّ عن البيت.
* حطيم:
الحطيم، بفتح الحاء وكسر الطاء، اختلفوا في تعين مكانه، فقال بعضهم: هو ما بين مقام إبراهيم إلى الباب، وقال آخرون: هو ما بين الركن والمقام وزمزم والحِجْر، وقال فريق: هو ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام، حيث يتحطم الناس للدعاء. قالوا: كانت الجاهلية تتحالف هناك يتحطمون بالأَيمان، فكل من دعا على ظالم وحلف إثمًا عُجلت عقوبتُه؛ والأقرب أنه الحِجْر نفسه، سمي بذلك؛ لأنه احتطم وقُطع من بناء الكعبة.
* خبب:
الخَبُّ - بالفتح والكسر -: الرجل الخدَّاع، و الخَبَبُ ضرب من العَدْو، وفي الحديث: (أَنه صلى الله عليه وسلم كان إِذا طافَ، خَبَّ ثلاثًا).
وفي الشرع: سرعة المشي في الطواف، مع تقارب الخطا، وهو الرَّمَلُ.
* خيف:
الخيف، بفتح الخاء وسكون الياء، وهو في اللغة: ما انحدر من غِلَظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، ومنه سمي مسجد الخيف من منًى.
* ذات عرق: عِرق، بكسر عينه وسكون رائه، واحد أعراق الحائط، يقال: وقع الحائط بعِرْق أو عرقين، والأصل فيه أن العراق في كلام العرب هو الأرض السبخة التي تنبت الطرفاء (الشجر).
وذات عِرْقٍ: مُهَلُّ أهل العراق وخراسان، سُميت بذلك لأن فيه عِرْقًا، وهو الجبل الصغير. وتبعد ذات عرق عن مكة مسافة مئة (100) كم، وهي اليوم مهجورة، لعدم وجود طرق إليها. وبجوارها (العقيق) وهو وادٍ عظيم يبعد عن ذات عرق عشرين (20) كم، وعن عرفة عشرين ومئة (120) كم، ومنه يحرم الناس.
* ذو الحليفة:
والحُلَيفة تصغير الحلْفَاء - بسكون اللام وفتح الفاء - والحَلَفُ والحَلْفاء: نوع من النبات أو الشجر، واحدتها حَلِفَةٌ وحَلَفَةٌ وحَلْفَاء وحَلْفاة؛ سُمي المكان به لكثرة ذلك الشجر فيه.
وذو الحليفة: ميقات أهل المدينة، وهو أبعد المواقيت عن مكة، حوالي (400) أربع مئة كيلو متر، ويُعرف اليوم بأبيار علي، سُمي بذلك لقصة مكذوبة تقول: إن عليًا قاتل الجن فيه، وقد بيَّن ابن تيمية رحمه الله أن هذه القصة لا أصل لها، ولم تثبت عن علي رضي الله عنه.
* رابغ:
الرَّبْغ: التراب المدقَّق كالرفغ، والأربغ: الكثير من كل شيء، والإرباغ: إرسال الإبل على الماء ترده أي وقت شاءت.
و (رابغ) بطن وادٍ عند الجُحفة، أصبح مُهَلَّ أهل الشام ومصر والمغرب بدل الجُحفة.
* رمل:
الرمل، بفتح الراء والميم، الهرولة، تقول: رَمَل يَرْمُل رَمَلاَ ورَمَلانًا، إذا أسرع في المشي وهزَّ كتفيه؛ وهو في الاصطلاح: المشي في الطواف سريعًا، مع مقاربة الخطو من غير وثب.
* رفث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/344)
الرَّفَثُ، بفتح الراء والفاء: اللغو في الكلام؛ يقال: رَفَثَ في كلامه يَرْفُثُ رَفْثًا، ثم جُعل كناية عن الجماع، وعن كل ما يتعلق به. والرَّفَثُ: التعريض بالنكاح؛ وقيل: الرَّفَثُ كلمة جامعة لكل ما يريده الرجلُ من المرأَة. وقوله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} (البقرة:197) يجوز أَن يكون المقصود بذلك: النهي عن الإِفْحاش في الكلام، كذِكْرِ دواعي النكاح؛ ويجوز أن يكون بمعنى: لا جِماعَ، ولا كَلِمة من أَسباب الجماع.
والرَّفث حال الإحرام: الجماع، وإتيان ما كان من دواعيه؛ كتقبيل، ولمس، ومغازلة، وتعريض بالنكاح، ونحو ذلك؛ وهو محرَّم حال الإحرام.
* رفض:
الرَّفْضُ لغة: تركُكَ الشيءَ.
ورَفْضُ الإحرام: هو ترك المُضيِّ في النسك، ونية التحلل منه، قبل إتمامه؛ وهو لغو باتفاق أهل العلم، ولا يبطل به الإحرام، ولا يخرج به عن أحكامه.
* ركن: (الركن اليماني)
رُكْن الشيء جانبه الأقوى؛ وهو يأوي إلى ركن شديد: أي إلى عز ومنعة، ومنه قوله تعالى: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (هود:80).
والركن اليماني: ركن من أركان الكعبة، سمي بذلك نسبة إلى رجل من أهل اليمن اسمه أُبيُّ بن سالم؛ الذي بناه.
* رمي: (رمي الجمار)
الرمي لغة: يطلق بمعنى القذف، وبمعنى الإلقاء، تقول: رميت الشيء وبالشيء، إذا قذفته، ورميت الشيء من يدي، إذا ألقيته فارتمى. و (الجمار) جمع جمرة، و (الجمرة) اسم للحصاة التي يُرمى بها، و (الجمار) اسم لمجتمع الحصى؛ سميت بذلك لاجتماع الناس بها، يقال: تجمَّر القوم، إذا تجمعوا واجتمعوا. وحاصل ما قيل في معنى الجمار أمران، الأول: أنها الحصى التي يُرمى بها، والثاني: اسم للمكان الذي تُرمى فيه الجمار، سُمي بذلك؛ لاجتماع الحصى فيه؛ ورمي الجمار: هو ما يفعله الحاج يوم النحر وأيام التشريق، من رمي سبع حصيات، على صفة مخصوصة، مبينة في كتب الفقه.
* زمزم:
زمَّ الشيءَ يَزُمُّه زَمّاً فانْزَمَّ: شده، والزِّمامُ: ما زُمَّ به، والجمع: أَزِمَّةٌ؛ وماء زَمْزَمٌ وزُمازِمٌ: كثير.
وزمزم: هي البئرُ المعْرُوفةُ بمكة؛ قيل: سُمِّيت بها لِكَثْرة مائها، يقال: ماءٌ زُمازم وزَمَزمٌ، وقيل: هو اسم عَلَمٍ لها؛ وهي: زَمْزَمُ وزَمَّمُ وزُمَزِمٌ؛ وفي الحديث: (ماء زمزم لما شُرِب له).
* سعي:
سعى فلان سعيًا: تصرف في أي عمل كان؛ ويُستعمل (السعي) في المشي كثيرًا، ومنه قوله تعالى: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} (يس:20) وقوله: {فاسعوا إلى ذكر الله} (الجمعة:9).
وفي اصطلاح الشرع: قطع المسافة بين الصفا والمروة سبع مرات ذهابًا وإيابًا، بعد طواف في نسك حجٍّ أو عمرة.
وقد يُطلق على السعي: الطواف، والتطواف، قال تعالى: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} (البقرة:158).
* شاذروان:
الشاذروان، بفتح الذال وسكون الراء، وهو الذي تُرك من عرض الأساس خارجًا، وهو ظاهر من جوانب البيت، لكن لا يظهر عند الحجر الأسود، ويرتفع عن الأرض قدر ثلثي ذراع؛ ويسمى تأزيرًا، لأنه كالإزار للبيت؛ واختلف هل هو من البيت، أم جُعل عمادًا له؟
* صفا:
الصَّفا في الأصْل جمع صَفاة، وهي الصَّخرةُ والحجر الأملَس؛ والصَّفَاءُ: ضد الكدر، والصَّفَاةُ: صخرة ملساء، والصَّفْواءُ: الحجارة، وكذا الصَّفْوانُ، الواحدة صَفْوانَةٌ، ومنه قوله تعالى: {كمثل صفوان عليه تراب} (البقرة: 264).
والصَّفا: اسم أَحد جبلَي المَسْعى؛ وهو مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، من وقف عليه كان بحذاء الحجر الأسود.
* صواف:
صفَّت الإبل قوائمها، فهي صَافَّة وصَوافُّ؛ ومنه قوله تعالى: {والبُدْن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوافَّ} (الحج:36) صواف: من صفَّ يَصُف، أي: قد صفت قوائمها؛ والإبل تُنحر قيامًا على ثلاث قوائم، قد صفَّت رجليها وإحدى يديها، ويدها اليسرى مربوطة، فينحرها كذلك.
* طواف:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/345)
الطواف لغة: الدوران حول الشيء، ومنه سُميِّ (الطائف) لمن يدور حول البيت حافظًا له، ومنه أيضًا استعير (الطائف) من الجن ونحوه، قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا} (الأعراف:201) والمطاف: موضع الطواف، وتطوف وطوَّف: بمعنى طاف. واُستعمل (الطواف) في القرآن بمعنى السعي، قال تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} (البقرة:158).
والطواف شرعًا: الدوران حول الكعبة سبعة أشواط متتالية، من غير فاصل يُعتد به.
* طواف الإفاضة:
الإفاضة لغة: تعني الرجوع، أو الدفع بكثرة، مصدر أفاض؛ وأفاض الحجيج: أسرعوا من دفعهم من عرفة إلى المزدلفة، وأيضًا: رجعوا من منى إلى مكة يوم النحر.
وطواف الإفاضة في الاصطلاح: هو الطواف الذي يؤدَّى بعد الإفاضة من عرفة، ويكون يوم النحر، وهو ركن من أركان الحج، ويسمى ركن الحج.
* طواف الزيارة:
طواف الزيارة، يسمى أيضًا طواف الإفاضة، والطواف الواجب، وطواف الصدر. وتسميته بطواف الزيارة؛ لأنه يُفعل عندها، وتسميته بطواف الإفاضة؛ لأنه يُفعل بعدها، وتسميته بالطواف الواجب؛ لأنه ركن من أركان الحج، وتسميته بطواف الصدر؛ لأنه يكون بعد الصَّدور من عرفات، أي: بعد الرجوع من عرفات؛ والصدر: بفتح الصاد، رجوع المسافر من مقصده.
* طواف القدوم:
طواف القدوم: هو الطواف الذي يؤديه الحاج عند قدومه لأداء فريضة الحج؛ وهو سُنَّة بالاتفاق.
* طواف الوداع:
طواف الوادع: هو الطواف الذي يؤديه الحاج بعد أدائه مناسك الحج، واستعداده للرجوع إلى موطنه، وهو طواف واجب.
* عج:
العجُّ لغة: رفع الصوت، وفي الاصطلاح الشرعي: رفع الصوت بالتلبية، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (أفضل الحج العج والثج) رواه الترمذي و ابن ماجه وغيرهما، وهو حديث صحيح كما قال أهل العلم، وقد تقدم الكلام عن (الثج).
* عرفات:
(عرفة) و (عرفات) واحد عند أكثر أهل العلم؛ تقع على الطريق بين مكة والطائف، شرقي مكة بنحو (22) اثنين وعشرين كيلو مترًا، وعلى بعد (10) عشرة كيلو مترات من منى، وعلى بعد (6) ستة كيلو مترات من المزدلفة، وهي سهل منبسط محاط بقوس من الجبال، ووَقْرُ هذا القوس وادي عرفة.
و (وقوف عرفة) هو المشعر الأقصى من مشاعر الحج، وهو الوحيد الذي يكون خارج الحرم. وعرفة كلها موقف، كما جاء في الحديث، والوقوف بها بعد صلاة الظهر من يوم التاسع من ذي الحجة.
* عضد:
عَضَدَ الشَّجرَ يَعْضِدُه، بالكسر، عَضْدًا، فهو مَعْضودٌ وعَضِيدٌ؛ وفي خطبة الفتح، قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يعضد شجرها) أَي: يقطع.
* عطب:
العَطَبُ: الهلاك، يكون في الناس وغيرهم. عَطِبَ، بالكَسْر، عَطَبًَا، وأَعْطَبَه: أَهْلَكَه. والمَعاطِبُ: المَهالِكُ، واحدُها مَعْطَبٌ. وعَطِبَ الفَرَسُ والبعيرُ: انْكَسَرَ، أَو قامَ على صاحِبه.
وعَطَب الهدي: هلاكُه؛ وقد يُعبَّر به عن آفة تعتريه، وتمنعه من السير فيُنحر؛ وفي الحديث عن ناجية الخزاعي رضي الله عنه، صاحب بُدْن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله، كيف أصنع بما عَطِب من البُدْن، قال: انحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم خلِّ بين الناس وبينها فيأكلوها).
* فدية: (فدية الأذى)
الفدية والفدى والفداء، بكسر الفاء في الجميع، كله بمعنى واحد: وهو ما يُقدَّم من مال ونحوه، مقابل أمر ما.
وفدية الأذى في الاصطلاح الشرعي: ما يُقدم لله تعالى جزاء ارتكاب بعض محظورات الإحرام؛ كلبس المخيط، ومس الطيب ونحو ذلك.
* فوات:
الفوات، من فات الأمر يفوت فَوْتًا وفَواتًا: ذهب، ويُطلق بمعنى السَّبْق؛ تقول: فاتني فلان بكذا، أي: سبقني به.
وفي الاصطلاح: هو عدم إدراك الوقوف بعرفة؛ فمن فاته الوقوف بعرفة، فقد فاته الحج، ولزمه التحلل بعمرة عند الجمهور، والقضاء من العام القادم، إن كان حجه فرضًا بلا خلاف، ولا يجب القضاء والهدي عند الاشتراط.
* قُباء:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/346)
قباء: أصله اسم بئر عرفت القرية بها، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار، وهي قرية على بعد (3) ثلاثة كيلو مترات تقريبًا من المدينة المنورة، على يسار القاصد إلى مكة، وفيها المسجد الذي ذكره القرآن في قوله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} (التوبة:108) وهو المسجد الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام إلى بيت المقدس، قبل أن يؤمر بالصلاة إلى المسجد الحرام. وفيها مسجد الضرار، الذي ذكره القرآن أيضًا في قوله تعالى: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا} (التوبة:107).
* قِرَان:
لغة مأْخوذ من الاقْتِران، تقول: قَرَن الشيءَ بالشيءِ، وقَرَنَه إِليه يَقْرنه قَرْنًا: شَدَّه إِليه. وقَرَنَ بين الحج والعمْرة قِرانًا، بالكسر: جمع بينهما بإحرام واحد؛ وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم: ( .. قَرَن بين الحج والعمرة .. ) أَي: جمع بينهما بنيَّة واحدة، وتلبية واحدة، وإِحرام واحد، وطواف واحد، وسعي واحد، فيقول: لبيك بحجة وعمرة.
* قرن المنازل:
القرن - بفتح قافه، وسكون رائه -: يُطلق في اللغة على معانٍ، منها: أعلى الجبل، ورأس الأَكَمَة، وأول الفلاة، والجُبَيْل المنفرد، والجبل الصغير؛ وقرن كل شيء: أوله الصغير، ويطلق أيضًا على معانٍ أُخر.
وقرن المنازل: ميقات أهل اليمن والطائف، وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل نجد قرنًا) وفي رواية: (قرن المنازل). ويبعد عن مكة (75) خمسة وسبعين كيلو مترًا؛ وقيل: اسمه قرن الثعالب، ولكن الصحيح أن قرن المنازل غير قرن الثعالب، فالأخير جبل مشرف على أسفل منًى؛ ويُعرف قرن المنازل اليوم بـ (السيل الكبير).
* مخيط:
خَاطَ الثوب يخيطه خِيَاطةً، والخِياطُ والمِخْيَطُ: ما خِيطَ به، وهما أَيضًا الإِبرَةُ؛ ومنه قوله تعالى: {حتى يلج الجمل في سَمِّ الخِياطِ} (الأعراف:40) أَي: في ثَقْبِ الإِبرة.
والمخيط في الاصطلاح: ما يخاط على قَدْر الملبوس عليه، كالقميص والسروال؛ ولُبْس المَخِيطُ مما يُحظر فعله على المُحْرِم.
* مروة:
المَرْوُ حجارة بيض براقة، تُقدح منها النار، الواحدة مَرْوَةٌ؛ وبها سُميت المَرْوَةُ بمكة. والمروة جبل بمكة.
* مزدلفة:
المزدلفة: سميت بذلك إما من الاجتماع، أو الاقتراب؛ لأنها مقربة من الله، وإما لازدلاف الناس إليها بعد الإفاضة من عرفات، وإما لاقتراب الناس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات، وقيل في سبب تسميتها غير ذلك. وهي مكان بين بطن محسِّر والمأزمين؛ تقع في منتصف الطريق الموصل بين منى وعرفات، على بعد نحو (5’5) خمسة كيلو مترات ونصف من منى، وهي مبيت للحاج ومجمع الصلاة، بعد الإفاضة من عرفات؛ وللمزدلفة ثلاثة أسماء: مزدلفة، وجَمْع، والمشعر الحرام.
* مسجد القبلتين:
وهو على حافة وادي العقيق، شمال غربي المدينة؛ سمي بذلك لأن فيه قبلتين، الأولى منهما نحو الشمال لبيت المقدس، وهي التي صلَّى إليها المسلمون في بداية أمرهم؛ والثانية إلى الجنوب نحو مكة، وهي التي استقر إليها أمر التوجه بعدُ، في قوله تعالى: {فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام} (البقرة:144).
* مسجد نمرة:
نَمِرَة: موضع بعرفة، نزل به النبي صلى الله عليه وسلم، وخطب الناس فيه خطبة الوداع، وفي حديث الحج: ( ... فأمر بقُبَّة من شعر تُضرب له بنَمِرَة ... ) هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم بعرفات.
* مشعر حرام:
المَشْعَر الحرام، بالفتح؛ والمِشعَر، بالكسر: يطلق على مزدلفة كلها، وهو مصلى الناس بعد الإفاضة من عرفات، يصلون فيه المغرب والعشاء جمع تأخير، ويصلون فيه فجر أول أيام الأضحى قبل التوجه إلى الرمي، والمبيت فيه واجب؛ كما يُطلق "المشعر الحرام" على "قُزَح" بضم القاف، وفتح الزاي، وهو جبل معروف في المزدلفة، وقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فجر يوم النحر، فدعا الله وكبره وهلَّله، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، ثم توجه تلقاء منًى.
* معضوب:
العَضْبُ: القطع، والعرب تدعو على الرجل، فتقول: ماله عَضَبَه الله؟ يدعون عليه بقطع يده ورجله. وسيف عَضْبٌ: قاطع، ولسان عضب: ذليق؛ ويقال: إنه لمعضوب اللسان، إذا كان مقطوعًا، عييًَّا؛ وناقة عضباء: مشقوقة الأذن، والمعضوب: الضعيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/347)
والمعضوب في الاصطلاح: من كان به علة مرضية مزمنة تمنعه من أداء مناسك الحج، كشلل مقعد، وكِبَرٍ مهرم، ونحو ذلك، فيُؤدي عنه غيره.
* مقام: (مقام إبراهيم)
المَقام في المسجد الحرام، هو الحجر الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام حين رفع بناء البيت. وهو المشار إليه في قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (البقرة:125) وجاء في بعض الآثار أنه كان ياقوتة من الجنة، وهو إلى البيت أقرب من زمزم.
* ملتزم:
الملتزم: بضم الميم وسكون اللام وفتح التاء؛ سمي بذلك لالتزامه الدعاء والتعوذ، وموضعه ما بين الحجر الأسود والباب؛ ويقال له: المَدْعَى والمتعوَّذ؛ روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول: (ما بين الركن والباب يدعى الملتزم، لا يلزم بينهما أحد يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه) وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه بين الركن والباب.
* ميقات:
المِيقاتُ: الوقت المضروب للفِعْل، والميقات أيضًا: الموضع؛ يُقال: هذا ميقات أهل الشام، للموضع الذي يُحرمون منه. وتقول: وَقَتَهُ، بالتخفيف، من باب وعد، فهو مَوْقُوت، ٌ إذا بيَّن له وقتًا.
وهو في الاصطلاح: ما قدر فيه عمل من الأعمال، سواء أكان زمانًا أم مكانًا؛ وهو أعم من التاريخ. وقيل موضع العبادة وزمنها، وميقات الحج شرعًا: وقت الإحرام به، وموضعه.
* مِيلان أخضران:
المِيلان الأخضران: هما العلامتان في جدار المسجد الحرام، في موضع السعي بين الصفا والمروة، عَلَمًا لموضع بطن الوادي، وضعتا علامة لموضع الهرولة، فيسعى الساعي من أول بطن الوادي من أول ميل إلى منتهى بطن الوادي عند الميل الثاني، ثم يمشي في الباقي.
* هِمْيان:
الهميان - بكسر الهاء، وسكون الميم -: تِكَّةُ السَّرَاويل، والمِنْطقة، والحزام الذي يشده الحاج على وسطه، وكيس تُجعل فيه النفقة، يشده الحاج في وسطه. ويجمع على همايين. وفي "صحيح البخاري" قول عطاء: (يَتختَّم ويَلْبَس الهِمْيان. وطاف ابن عمر رضي الله عنهما وهو محرم، وقد حَزَم على بطنه بثوب). ولُبْسُ الهِمْيان مباح للمُحْرِم، في قول أكثر أهل العلم.
* يلملم:
اللَّمُّ: الجمع الكثير الشديد؛ واللَّمُّ: مصدر لَمَّ الشيء يَلُمُّه لَمًّا، جمعه وأصلحه. ولَمَّ الله شَعَثَه: جمع ما تفرق من أموره وأصلحه.
ويَلَمْلَم - ويقال له: ألملم -: اسم جبل من جبال تهامة جنوب مكة، بينه وبينها (92) اثنان وتسعون كيلو مترًا تقريبًا، ويُعرف اليوم بـ (السعديَّة) وهو ميقات أهل اليمن، والهند، وجزيرتي جاوة وسومطرة؛ وفي حديث المواقيت: ( .. ولأهل اليمن يلملم .. ). وفيه مسجد معاذ بن جبل رضي الله عنه.
* يوم التروية:
يوم التروية: هو يوم الثامن من ذي الحجة، سُمي بذلك؛ لأن الناس كانوا يرتوون فيه من الماء، تزودًا للخروج لمنًى وعرفة. وهو اليوم الذي يخرج فيه الحجيج لمنًى للمبيت فيها.
* يوم الرؤوس:
يوم الرؤوس: هو ثاني أيام التشريق، لحديث سرَّاء بنت نَبْهَان الغنوية، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: (هل تدرون أي يوم هذا؟ - قال: وهو اليوم الذي يدعون يوم الرؤوس - قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا أوسط أيام التشريق) وإسناده ضعيف. وسمي يوم الرؤوس؛ لأنهم يأكلون فيه روؤس الأضاحي.
* يوم الصدر:
يوم الصدر: هو يوم الثالث عشر من ذي الحجة، ويسمى يوم النفر الثاني، والصَّدَر في اللغة نقيض الورد، ومنه قوله تعالى: {حتى يصدر الرعاء} (القصص:23) ومعنى الصدر على هذا: رجوع المسافر من سفره، وسمي هذا اليوم بيوم الصدر؛ لأن الناس يَصْدُرون فيه عن مكة إلى ديارهم، أي: يرجعون.
* يوم عرفة:
يوم عرفة: هو يوم التاسع من ذي الحجة، سُمي بذلك؛ لأن الوقوف بعرفة يكون فيه، والوقوف بعرفات في هذا اليوم ركن أساس من أركان الحج، وفي الحديث (الحج عرفة) رواه أحمد حديث صحيح.
* يوم القر: القرُّ: مأخوذ من القرار، وهو المستقر من الأرض؛ ويوم القرِّ: هو اليوم التالي ليوم النحر، وهو الحادي عشر من ذي الحجة، سُمي بذلك؛ لأن الحجيج يقرِّون فيه، أي: يسكنون ويقيمون بمنًى لاستكمال الرمي.
* يوم النحر:
يوم النحر: هو اليوم الأول من أيام عيد الأضحى المبارك، العاشر من ذي الحجة، سمي بذلك؛ لأن الأنعام تذبح وتنحر في هذا اليوم تقربًا إلى الله.
* يوم النفر:
النفر: مأخوذ من نفرت الدابة تنفِر نفارًا وتنفُر نفورًا، والنفر والنفير لغة: الجماعة من الناس، والجمع أنفار، ومنه قوله تعالى: {كأنهم حمر مستنفرة} (المدثر:50) أي: نافرة.
ويقال لليوم الذي يلي يوم القر (يوم الحادي عشر من ذي الحجة): يوم النفْر بالسكون، ويوم النفَر بالفتح، وهو اليوم الذي ينفر الناس فيه من منًى، ويُسمى: يوم النفر الأول، وهو يوم الثاني عشر من ذي الحجة، ويوم النفر الثاني، هو يوم الثالث عشر من ذي الحجة، آخر أيام التشريق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/348)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 02:57 ص]ـ
حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم
حديث جابر رضي الله عنه الذي نقل لنا صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، حديث عظيم في بابه، وأصل عتيد في بيان أحكام الحج. وقد روى الحديث بطوله الإمام مسلم في "صحيحه" ولم يروه البخاري في "جامعه" فالحديث مما انفرد به الإمام مسلم.
وفيما يأتي نص الحديث بكامله، كما رواه مسلم في "صحيحه" قال رحمه الله:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، و إسحاق بن إبراهيم، جميعًا عن حاتم، قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فسأل عن القوم، حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زري الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي، وأنا يومئذ غلام شاب، فقال: مرحبًا بك يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته - وهو أعمى - وحضر وقت الصلاة، فقام في نساجة ملتحفًا بها، كلما وضعها على منكبه، رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بيده فعقد تسعًا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين، لم يحج، ثم أذَّن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به. فأهلَّ بالتوحيد؛ لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (البقرة:125) فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول: - ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين: {قل هو الله أحد} و {قل يا أيها الكافرون} ثم رجع إلى الركن، فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} (البقرة:158) أبدأ بما بدأ الله به؛ فبدأ بالصفا، فرقي عليه، حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله، وكبره، وقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك. قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي، سعى حتى إذا صعدتا، مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة، كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي، فليحل، وليجعلها عمرة. فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا، أم لأبد؟ فشبَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه، واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج، مرتين، لا بل لأبد أبد. وقدم عليٌّ من اليمن ببُدُن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حلَّ، ولبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال، فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشًا على فاطمة للذي صنعت، مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: صدقت صدقت، ماذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/349)
قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أُهلُّ بما أهلَّ به رسولك، قال: فإن معي الهدي، فلا تحل. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن، والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم، وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء، فرحلت له. فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا؛ دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعًا في بني سعد، فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله. وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات. ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص. وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد شنق للقصواء الزمام - حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس! السكينةَ السكينةَ، كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسَبِّح بينهما شيئًا. ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح. بأذان وإقامة ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، فدفع قبل أن تطلع الشمس. وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر، أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر. حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي. ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًا، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قِدْرٍ، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر. فأتى بني عبد المطلب، يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوًا فشرب منه.
وقفات مع حديث جابر:
قال الإمام النووي: حديث جابر رضي الله عنه - وهو حديث عظيم - مشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد، وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا. وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءًا كبيرًا، وخرَّج فيه من الفقه مائة ونيفًا وخمسين نوعًا، ولو تقصى لزيد على هذا القدر قريب منه.
شرح غريب الحديث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/350)
- نساجة: هي نوع من الملاحف منسوج.
- الرَّمَل: هو تسارع الخُطى في الأشواط الثلاثة الأُوَل من الطواف.
- استثفري: الاستثفار، أن تشد الحائض في وسطها شيئًا، وتأخذ خرقة عريضة، تجعلها في محل الدم، وتشد طرفيها في ذلك المشدود في وسطها.
- القصواء: بفتح القاف والمد، اسم ناقة النبي صلى الله عليه وسلم.
- لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه: قال النووي: معناه: أن لا يأذنَّ لأحدٍ تكرهونه في دخول بيوتكم، والجلوس في منازلكم، سواء كان امرأة أم رجلاً، أجنبيًا أم محرمًا.
- حبل المشاة: أي: صفَّهم ومجتمعهم.
- ظَعَن: بفتح الظاء والعين، جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج؛ قال النووي: وأصله البعير الذي يحمل المرأة، ثم أطلق على المرأة مجازًا لملابستها له.
- ما غَبَر: أي بقي.
- كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع: موضوع: أي: كالشيء الموضوع تحت القدم، وهو مجاز عن إبطاله؛ والمعنى: عفوت عن كل شيء فعله رجل قبل الإسلام، حتى صار كالشيء الموضوع تحت القدم.
- فلولا أن يغلبكم الناس: أي لولا خوفي أن يعتقد الناس أن ذلك من مناسك الحج، فيزدحمون عليه، بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء، فتزول الخصوصية به الثابتة لكم، لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء.
ما يستفاد من الحديث:
اشتمل حديث جابر رضي الله عنه على العديد من الفوائد والأحكام، نقتصر منها على ما يتعلق بأهم أحكام الحج، فمن ذلك:
- يستحب للإمام إيذان الناس بالأمور المهمة ليتأهبوا بها.
- يستحب الغسل للإحرام، للرجال والنساء، حتى من لا تصلي، فإنها تغتسل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء: (اغتسلي) فإذا كانت النفساء - وهي لا تصلي - تؤمر بالغسل، فكذلك من سواها.
- مشروعية رفع الصوت بالتلبية من حين الإحرام؛ والمستحب الاقتصار على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- مشروعية تعيين النسك في التلبية؛ فإذا كان في العمرة، يقول: لبيك اللهم عمرة؛ وفي الحج يقول: لبيك اللهم حجًا؛ وفي القِران يقول: لبيك اللهم حجًا وعمرة.
- ينبغي للحاج والمعتمر حال الوصول إلى مكة أن يبادر إلى المسجد الحرام ليطوف فيه؛ لأن الطواف هو المقصود الأهم لطالب الحج أو العمرة.
- مشروعية استلام الحجر الأسود عند ابتداء الطواف.
- مشروعية تقبيل الحجر الأسود حال الطواف، لكن لا يزاحم عليه؛ ولا يشرع تقبيل غيره من الجمادات والإحجار، كمقام إبراهيم، أو جدران الكعبة.
- السنة أن يَرْمُل الثلاثة الأشواط الأُوَل، ويمشي على عادته في الأربعة الأخيرة. والرَّمَل: هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى؛ ولا يستحب الرَّمَل إلا في طواف حج أو عمرة؛ أما إذا طاف في غير حج أو عمرة فلا يشرع الرَّمَل حينئذ.
- ويسن الاضطباع في طواف يسن فيه الرَّمَل؛ والاضطباع: أن يُدخل الطائف رداءه تحت إبطه الأيمن، ويغطي به الأيسر.
- يُسن لكل طائف بالبيت إذا فرغ من طوافه أن يصلي خلف مقام إبراهيم عليه السلام ركعتي الطواف؛ فإن لم يستطع أن يصليهما خلف المقام، ففي أي مكان تيسر له في المسجد الحرام.
- ينبغي المبادرة إلى السعي بعد الطواف دون تأخير، وهذا على سبيل الأفضلية، وإن كان ثمة عذر يستدعي التأخير فلا حرج حينئذ.
- السعي يشترط فيه أن يبدأ من الصفا، وبهذا قال جمهور أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ابدأوا بما بدأ الله به).
- يستحب أن يصعد على الصفا والمروة حتى يرى البيت إن أمكنه؛ ويسن للحاج أن يقف على الصفا مستقبل الكعبة، ويذكر الله تعالى بما ورد في حديث جابر، ويدعو ويكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات.
- إذا ساق الحاج الهدي معه فلا يتحلل من إحرامه حتى ينحر، ولا ينحر إلا يوم النحر، فلا يصح له فسخ الحج بعمرة. بخلاف من لم يسق الهدي معه، فإنه يجوز له فسخ الحج.
- أفاد الحديث أن الأفضل بالنسبة للمتمتع التقصير من شعره بعد الانتهاء من أداء منسك العمرة، فالتقصير في حقه أفضل؛ لكي يبقى شعر يُحْلق في الحج.
- السنة أن لا يتقدم أحد إلى منى قبل يوم التروية. والسنة أن يصلي الحاج بمنى خمس صلوات؛ وليس من السنة جمع الصلوات في منى.
- يُسن للحاج أن يبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة، ليلة الوقوف بعرفة، وهذا المبيت سنة، ولو تركه فلا دم عليه، بالإجماع.
- السنة أن لا يخرج الحاج من منى حتى تطلع شمس يوم عرفة، وهذا باتفاق أهل العلم.
- أفاد الحديث جواز الاستظلال للمحرم بقبة وغيرها، ولا خلاف في جواز ذلك.
- دلَّ الحديث على أن أرض نمرة ليست من أرض عرفات؛ فلو وقف فيها الحاج لم يجزئه ذلك.
- مشروعية استقبال القبلة حال الدعاء يوم عرفة، ورفع اليدين، والإكثار من الدعاء، ومن الذكر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) رواه الترمذي.
- السُّنَّة للحاج بعد الإفاضة من عرفات أن يؤخر صلاة المغرب إلى وقت العشاء، وأن يصليهما معًا في مزدلفة جمع تأخير.
- السُّنَّة في رمي جمرة العقبة (الجمرة الكبرى) أن يقف الرامي بحيث تكون منى وعرفات والمزدلفة عن يمينه، ومكة عن يساره.
- لا يشرع الوقوف للدعاء، بعد رمي جمرة العقبة.
- أفاد الحديث استحباب تعجيل ذبح الهدي في يوم النحر، بعد الرمي، ولا يؤخر إلى أيام التشريق؛ وفيه استحباب الأكل من هدي التطوع.
- أفاد الحديث جواز التوكيل في ذبح الهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل عليًا رضي الله عنه أن ينحر الباقي.
- من السنة الشرب من ماء زمزم، والإكثار منه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولأن هذا الماء خير.
تلك هي أهم الفوائد والأحكام المستفادة من هذا الحديث؛ على أن في الحديث فوائد وأحكامًا أُخر، لا يناسب المقام بسط القول فيها؛ ومن المفيد أن نحيل على شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لهذا الحديث، إذ أفرد لشرحه كتابًا خاصًا، ضمَّنه العديد من الفوائد والأحكام المستفادة من هذا الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/351)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:35 ص]ـ
مناسك الحج والعمرة لسماحة الشيخ محمد حسان
للاستماع للمادة: http://www.mohamedhassan.org/alkhotab%20wa%20aldoros/audio/PlayFilesDt.aspx?hAudVidID=271&hRateID=1
الرابط: http://www.mohamedhassan.org/alkhotab%20wa%20aldoros/audio/aldoroswalkhotabLst.aspx?hID=271
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:41 ص]ـ
كلمة الشيخ للموقع عن الحج لسماحة الشيخ محمد حسان
خطب مرئية
تاريخ الإضافة: 08/ 12/2005
(لحفظ هذا الملف من فضلك اضغط على الزر الأيمن للماوس واختر حفظ بأسم)
من هنا: http://www.mohamedhassan.org/al%20salasel%20wal%20mo7adarat/video/SaveFiles.aspx?hAudVidID=1099&hRateID=6
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:47 ص]ـ
حج البيت دروس وعبر لسماحة الشيخ محمد حسان:
http://www.mohamedhassan.org/alkhotab%20wa%20aldoros/audio/aldoroswalkhotabLst.aspx?hID=237
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:54 ص]ـ
الحج المبرور لسماحة الشيخ محمد حسان:
http://www.mohamedhassan.org/alkhotab%20wa%20aldoros/audio/aldoroswalkhotabLst.aspx?hID=1620
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:55 ص]ـ
الحج آيات وأحكام لسماحة الشيخ محمد حسان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [1])
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ([2])
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ([3])
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار. ([4])
أما بعد:
أحبتى فى الله:
رحلة إيمانية كريمة مباركة .. تغفر فيها الذنوب .. وتمحى فيها العيوب .. وتطمئن فيها القلوب، رحلة تسكب فيها العبرات .. وتستجاب فيها الدعوات .. وتتجلى فيها الرحمات. ويرجع أصحابها إن صدقوا بمغفرة رب الأرض والسموات .. وقد طهروا من كل ذنب وعيب كيوم ولدتهم الأمهات.
تلكم هى رحلة الحج لبيت الله الحرم .. فتعالوا بنا لنعيش هذا الوقت القليل مع هذه الرحلة الكريمة المباركة والتى اخترت لها هذا العنوان:
(رحلة الحج آيات وأحكام)
يقول الله عز وجل: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ([5])
وفى الصحيحين من حديث أبى ذر رضى الله عنه قال: قلت: يارسول الله أى مسجد وضع أول؟ قال المسجد الحرام، قلت: ثم أى. قال: المسجد الأقصى قلت: كم بينهما قال: أربعون سنة قلت: ثم أى. قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصل (فالأرض) كلها مسجد" ([6])
فأول بيت وضعه الله للعبادة فى هذه الأرض هو بيت الله الحرام.
واختلف الناس فى أول من بناه فقيل: الملائكة.
وقيل: إن أول من بناه هو آدم عليه السلام.
وقيل: إن أول من بناه هو إبراهيم عليه السلام.
والراجح أن قواعد البيت قديمة وأمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يرفعا هذه القواعد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/352)
كما فى قول الله عز وجل: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ([7])
وفى الحديث الطويل الذى رواه البخارى ([8]) من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال: "أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقاً لتعفى أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبإبنها إسماعيل وهى ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحه فوق زمزم فى أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى إبراهيم منطلقاً (أى عائداً فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه أنس ولا شئ، فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له: الله أمرك بهذا، قال: نعم، قالت إذن لا يضيعنا.
وفى رواية صحيحة قالت هاجر عليها السلام (قد رضيت بالله) ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ([9]) وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء
حتى إذا نفد ما فى السقاء، عطشت، وعطش ابنها، وجعلت اتنظر إليه يتلوى- أو قال: يتلبط- فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل فى الأرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادى تنظر هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا حتى غذا بلغت الوادى رفعت طرف درعها، ثم سعت سعى الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادى، ثم أتت المروة، فقامت عليها، فنظرت، هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات- قال ابن عباس: قال النبى:" فذلك سعى الناس بينهما- فلما شرفت على المروة سمعت صوتاً، فقالت صه – تريد نفسها- فإذا هى بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبة- أو قال بجناحه – حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء فى سقائها، وهو يفور بعدما تغرف، قال ابن عباس: قال النبى
:" يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم - أو قال-: لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عيناً معيناً:، قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن هاهنا بيت الله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعاً من الأرض.
(وفى حديث على عند الطبرى بإسناد حسنه الحافظ ابن حجر فى فتح البارى فناداها جبريل فقال: من أنت، قالت: أنا هاجر أو أم ولد إبراهيم، قال: فإلى من وكلكما، قالت: إلى الله، فقال: وكلكما إلى كاف.
... وبعد ذلك جاء إبراهيم إلى إسماعيل بعد ما بلغ إسماعيل مبلغ الشباب وقال إبراهيم: "يا إسماعيل إن الله أو فى بأمر قال: فاصنع ما أمرك ربك قال وتعيننى قال وأعينك قال: فإن الله أمرنى أن أبنى هاهنا بيتاً وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال ابن عباس: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتى بالحجارة وإبراهيم يبنى حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه إبراهيم وهو يبنى وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ([10])
وهذا الحجر الذى قام عليه إبراهيم ليتم البناء هو المقام وكان لصيقاً بالكعبة حتى أخره إلى موضعه عمر بن الخطاب حتى لا يعوق الطواف.
وهكذا بنى إبراهيم البيت وبقى موضع الحجر الأسود فقال إبراهيم لإسماعيل اذهب فالتمس لى حجراً وضعه ههنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/353)
كما فى الحديث الذى أخرجه ابن أبى شيبة وإسحاق بن راهوية فى مسنده وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبى حاتم والأزرقى ورواه الحاكم فى المستدرك وصححه ورواه البيهقى فى الدلائل من حديث على بن أبى طالب (فذهب إسماهيل يطوف فى الجبال فنزل جبريل بالحجر فوضعه، فجاء إسماعيل فقال لأبيه: من أين هذا الحجر؟ قال: جاء به من لم يتكل على بنائى ولا بنائك فلما فرغ إبراهيم من بناء البيت أمره الله عز وجل أن يأذن فى الناس بالحج فقال إبراهيم: رب وما يبلغ صوتى فقال أذن وعلينا البلاغ قال إبراهيم: كيف؟ فماذا أقول؟ قال: قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون) أى يقولون لبيك اللهم لبيك.
والحديث رواه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبى حاتم والحاكم والبيهقى عن ابن عباس بأسانيد قوية كما قال الحافظ ابن حجر فى الفتح فى كتاب الحج. وذكر الإمام السيوطى فى الدر المنثور كل هذه الروايات لمن أراد أن يراجعها.
* هذه هى قصة بناء البيت بإيجاز شديد فى قوله جل وعلا: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ([11])
وبكة هى مكة، وسميت مكة ببكة لشدة الزحام، فالبك هو الازدحام. والبك أيضاً دق العنق. وقيل سميت بذلك لأن مكة تدق فيها رقاب الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم.
كما قال عبد الله بن الزيد لم يقصدها جبار بسوء قط إلا كسره ودقه وحادثة الفيل لا يجهلها مسلم بحال وقد جعلها الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة كما قال الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ([12])
أقول قولى هذا واستغفر اله لى ولكم.
* * *
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا اله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
أحبتى فى الله:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ([13])
والبركة كثرة الخير وقد جعل الله البيت مباركاً لتضاعف الأعمال الصالحة فيه كما فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة أن النبى قال: " صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام". ([14])
{فيه آيات بينات مقام إبراهيم}
والمقام فى اللغة موضع القدمين.
والقول الصحيح كما ذكرنا أنه الحجر الذى قام عليه إبراهيم لتم البناء فغاصت فيه قدماه، وهو الذى نراه اليوم مواجهاً لباب الكعبة شرفها الله، وكان المقام لصيقاً بالبيت حتى أخره إلى مكانه الذى فيه الآن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ليسهل للطائفين طوافهم.
{ومن دخله كا آمنا}
قال قتادة: وذلك أيضاً من الآيات لأن الناس كانوا يتخطفوا من حواليه وأهل الحرام آمنون بفضل الله، كما أمتن الله عليهم بذلك فى قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} ([15]) وفى قوله تعالى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ([16])، وقال بعض أهل اللغة فى قوله تعالى: ٍ {ومن دخله كان آمنا} صورة الآية خبر
ومعناها أمر فتقديرها ومن دخله فأمنوا كقوله تعالى: فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي
الْحَجِّ ([17]) أى لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا فى الحج.
وقال الإمام القرطبى فى الجامع لأحكام القرآن الكريم:
وإنما يكون آمنا من النار من دخله لقضاء النسك معظماً له عارفاً بحقه متقرباً بذلك إلى الله عز وجل وقال أحدهم: من دخله على الصفاء كما دخله الأنبياء والأولياء كان آمناً من عذاب الله وهذا معنى قوله: كما فى الحديث الصحيح:
"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" ([18])
وفى رواية صحيحة أخرى: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" ([19])
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/354)
فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ([20])
وهذه الآية الكريمة من أبلغ الآيات فى فرضية الحج فاللام فى قوله تعالى: {ولله} هى لام الإيجاب، والإلزام، ثم أكد الله الأمر بقوله {على الناس} ولا خلاف فى فرضيته، فهذا أحد أركان الدين وقواعد الإسلام.
ومن رحمة الله بهذه الأمة أن الحج لا يجب فى العمر إلا مرة واحدة لمن استطاع.
كما فى الحديث الذى رواه مسلم وأحمد وغيرهما عن ابى هريرة قال: خطبنا رسول الله فقال:
" يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " فقال رجل: أفى كل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال النبى:" لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال: ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه" ([21])
(وهذا لفظ مسلم).
{لمن استطاع إليه سبيلا}
فمن يسر الله له الاستطاعة وجب عليه أن يعجل، وأن يبادر بحج بيت الله عز وجل، كما فى الحديث الذى رواه أحمد وأبن ماجه من حديث ابن عباس أن
النبى قال:
"من أراد الحج فيتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض" ([22])
وفى رواية لأحمد قا رسول الله:
"تعجلوا إلى الحج (يعنى الفريضة) فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له" ([23])
ومن حدود الاستطاعة للمرأة المسلمة أن يوجد المحرم حتى ولو كانت تحج حجة الفريضة.
فلقد نهى النبى نهياً صريحاً شديداً أن تسافر المرأة المسلمة إلا مع ذى محرم. ومن عظيم اهتمام النبى بهذا الأمر أن رجلاً خرج مجاهداً فى سبيل الله وخرجت امرأته حاجه وحدها بغير محرم وجاء يسأل النبى فأمره النبى أن يرجع عن الجهاد وأن يخرج ليحج مع امرأته حتى لا تذهب بغير محرم ففى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه سمع النبى يخطب، يقول:
"لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذى محرم" فقال رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتى خرجت حاجة، وإنى اكتتبت فى غزوة كذا وكذا، قال:" انطلق فحج مع امرأتك" ([24])
وفى البخارى ومسلم عن أبى هريرة عن النبى.
" لا يحل لأمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة وليس معها ذو حرمة منها". ([25])
وقد ضيع المسلمون والمسلمات إلا من رحم الله هذا الأمر النبوى الكريم .. !! ومنهم والعياذ بالله من جادلك فى هذا الأمر فى عصر الحضارة والمدنية الزائفة الذى تسمح فيه للمرأة أن تخرج للعمل أو للسفر بدون محرم .. !! وإنا لله وإليه راجعون.
ويختم الله الآيات بقوله:
وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ قال ابن عباس ومن كفر بفرض الحج ولم يره واجباً فإن الله غنى عن العالمين لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية.
* * *
------------------------
(*) ألقيت هذه الخطبة بمسجد الراجحى – بالقصيم. المملكة العربية السعودية.
(1) سورة آل عمران: 102.
(2) سورة النساء: 1
(3) سورة الأحزاب: 70، 71.
(4) هذه خطبة الحاجة التى كان النبى يستفتح بها خطبة ودروسه ومواعظه، وللعلامة الألبانى رسالة نافعة فيها فراجعها.
(1) سورة آل عمران: 96، 97.
(2) متفق عليه: رواه البخارى ومسلم رقم (520) فى المساجد.
(1) سورة البقرة: 127، 128.
(2) صحيح: {6/ 282 – 288} فى الأنبياء.
(3) سورة إبراهيم: 37.
(1) سورة البقرة: 127.
(1) سور آل عمران: 96.
(1) سورة الفيل.
(1) سور آل عمران: 96.
(2) متفق عليه: {ص. ج.: 3839}، رواه البخارى (3/ 54) فى التطوع، ومسلم رقم (394) فى الحج، والموطأ (1/ 196) فى القبلة، والترمذى رقم (325) فى الصلاة، والنسائى (2/ 35) فى المساجد.
(1) سورة العنكبوت: 67.
(2) سورة قريش: 3، 4
(3) سورة البقرة: 197.
(4) صحيح: {ص. ج.: 6197}، رواه أحمد (2/ 229)، ورواه البخارى (1521) فى الحج، ورواه مسلم رقم (1350) فى الحج، والترمذى رقم (811) فى الحج.
(5) حسن: {ص. ج.: 3170} رواه أحمد والطبرانى.
(6) سورة آل عمران: 97.
(1) صحيح: {الإرواء: 980} رواه مسلم (4/ 102)، والنسائى (2/ 2)، والدار قطنى (281)، وأحمد (2/ 508)، والبيهقى (4/ 326).
(2) حسن: {ص. ج.: 6004) رواه أحمد فى السمند رقم (1973)، (1974)، والحاكم (1/ 448)، والترمذى رقم 1732) فى الحج، والبيهقى فى سننه (4/ 740).
(3) حسن: {الارواء: 990}، رواه أحمد (1/ 314، 323، 355)، وابن ماجه رقم (3883)، وأبو نعيم (1/ 114)، والخطيب فى الموضح (1/ 232، 4/ 340).
(1) متفق عليه: رواه البخارى (4/ 64، 65) فى الحج، ومسلم رقم (1341) فى الحج.
(2) متفق عليه: رواه البخارى (2/ 468) فى تقصير الصلاة، ومسلم رقم (1339) فى الحج، والموطأ (2/ 979) فى الاستئذان، وأبو دواد رقم (1723)، (1724)، (1725)، والترمذى رقم (1170).
الرابط: http://www.mohamedhassan.org/alkhotab%20wa%20aldoros/written/khotabmaktobahDt.aspx?hRateID=5&hAudVidID=1517
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/355)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 05:58 ص]ـ
برنامج الحج المبرور لسماحة الشيخ محمد حسان:
http://www.mohamedhassan.org/TV%20Program/ProgramsTvLst.aspx?hID=600
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 06:02 ص]ـ
حج البيت دروس وعبر لسماحة الشيخ محمد حسان:
http://www.mohamedhassan.org/alkhotab%20wa%20aldoros/video/SaveFiles.aspx?hAudVidID=347&hRateID=6
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 06:13 ص]ـ
الشوق إلى الحج لسماحة الشيخ محمد حسين يعقوب
من إنتاج: فريق عمل إذاعة طريق الإسلام
نبذة عن المحاضرة: هذه المحاضرة لمن لم يحج من قبل أو لمن لم يستطع أن يحج ... فليس الحجيج هم من وقفوا على عرفات فقط ... ولكن هناك أقوام ما سلك الحجيج واديا و ما تعبدوا بعبادة و ما عملوا عملا إلا كان هؤلاء الأقوام لهم مثل أجرهم ... حبسهم العذر و بلغهم الشوق
تاريخ إضافته: 13 - 12 - 2005
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: مسجد التوحيد يوم 22/ 3/1998 الموافق24/ذي القعدة 1419
حجم الملفات: ( RM : 5.53 MBytes ) - ( MP3 : 15.45 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49056
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 06:17 ص]ـ
يا سائق الحجيج لسماحة الشيخ محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: رسالة إلى سائق قافلة الحجيج
تاريخ إضافته: 29 - 12 - 2005
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: مشروع هدية الحاج بالمشاركة مع مؤسسة مكة المكرمة الخيرية التابعة لرابطة العالم الإسلامي
حجم الملفات: ( RM : 2.59 MBytes ) - ( MP3 : 7.24 MBytes )
لحفظ أو للاستماع المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49401
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 06:21 ص]ـ
شرح مناسك الحج والعمرة لسماحة الشيخ محمد حسين يعقوب
لحفظ أوللاستماع المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=57282
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 11 - 07, 06:25 ص]ـ
نسائم الحج لسماحة الشيخ محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: حلقة من حلقات برنامج فضفضة الذي تبثة قناة الناس الفضائية شرح فيها الشيخ مناسك الحج و كيفية أدائها وتوقف مع الوقفات التربوية التي يجب أن يستحضرها العبد في الحج.
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=58485
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 08:57 ص]ـ
الحجّ منافعه وآثاره للشيخ عبدالله الجبرين
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2774.rar
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 08:59 ص]ـ
للنساء في الحج عبد الله بن أحمد آل علاف الغامدي
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2749.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:01 ص]ـ
هدية الحاج والمعتمرعبد الله بن أحمد آل علاف الغامدي
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2750.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:03 ص]ـ
الدعاء المشروع في الحج عبد الله بن أحمد آل علاف الغامدي
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2748.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:08 ص]ـ
كيف يؤدي المسلم مناسك الحج والعمرة؟! أم وليد
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2693.rar
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:09 ص]ـ
دليل الحاج العراقي .. شامخ أمين حسن الهيتي
هذا كتاب يتحدث عن كل ما يحتاجه الحاج في سفرته الميمونة حيث يتناول كل مستلزمات الحج وكذلك شرح مصور للمناسك ونبذة عن المشاعر المقدسة ويستفاد منه الحاج العراقي خصوصا لان المؤلف ركز على ذلك حيث انه ركز على ما يحتاجه الحاج العراقي خصوصا
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/open.php?cat=87&book=3791
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:10 ص]ـ
سلسلة تيسير الفقه الإسلامي (2): كتاب الزكاة والصوم والحج سليمان بن محمد اللهيميد
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2567.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:13 ص]ـ
الدعاء في الحج سامي بن محمد بن جادالله
رابط التحميل: http://saaid.net/Doat/sami/s1.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:16 ص]ـ
مشاهد الحج .. محمد الحسن الددو
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2035.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:18 ص]ـ
B] المسائل في الحج والعمرة والزيارة خالد الهويسين [/ B]
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2022.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:20 ص]ـ
الطواف أنواعه وأحكامه د. سليمان العيسى
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2021.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:23 ص]ـ
الآخطاء التي يفع فيها الحجاج والعمار ندا أبو أحمد
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2018.zip
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/356)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:24 ص]ـ
فضائل الحج والعمرة وفضائل مكة المكرمة والمدينة المنورة هيثم محمد حيدر
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2017.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:26 ص]ـ
افعل ولا حرج سلمان بن فهد العودة
فقد سمعت هذه الرسالة الموسومة بـ «افعل ولا حرج»، بقراءة كاتبها فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة وفقه الله، وسرني ما تتضمنه من التسهيل والتوسعة على الحجاج؛ بحيث إن الكثير يتعرضون للزحام الشديد والمضايقات، والتي قد تؤدي إلى الوفيات، وإلى الأضرار، وإلى الصعوبة التي تشغل الحاج عن أهمية العبادة، وعن الحكمة والمصلحة التي شرعت لأجلها تلك العبادة، كما فصله الكاتب وفقه الله.
وهذا ما تطمئن إليه النفس في هذه الأزمنة التي تحدث فيها الوفيات، وزهوق الأرواح المحترمة، فنوصي بالتمشي مع هذه التسهيلات، فـ «إن الدين يسر - كما قال رسول الله ^ - ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا».
رابط التحميل: http://saaid.net/Warathah/salmanodah/s56.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:28 ص]ـ
البدع والمخالفات في الحج د. عبد المحسن بن محمد السميح
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2011.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:40 ص]ـ
اختصار مناسك الحج والعمرة للشيخ الألباني أم الليث
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/9/2005.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:50 ص]ـ
دمعة في الحج محمد المختار الشنقيطي
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/8/1976.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:51 ص]ـ
الخلاصة من أحكام الحج والعمرة المؤلف فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب
رابط التحميل: http://saaid.net/Doat/fuad/12.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:53 ص]ـ
تلخيص كتاب الحج من الشرح الممتع سلطان بن سراي الشمري
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/8/1947.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:55 ص]ـ
البشائر المأمولة فى آداب العمرة المقبولة أحمد شحاته السكندرى
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/8/1859.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 09:57 ص]ـ
البشائر المأمولة فى آداب العمرة المقبولة أحمد شحاته السكندرى
رابط التحميل: http://www.saaid.net/book/8/1859.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 10:00 ص]ـ
أوضح المسالك إلى أحكام المناسك الشيخ عبد العزيز السلمان
رابط التحميل: http://saaid.net/Warathah/alsalman/n1.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 11 - 07, 10:02 ص]ـ
تذكرة الحج محمد بن علي العرفج
رابط التحميل: http://www.saaid.net/Doat/arfaj/j1.zip
ـ[عبدالعزيز الشهري]ــــــــ[15 - 11 - 07, 10:07 ص]ـ
شكراً للجميع
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 02:40 ص]ـ
عمدة الناسك في الحج والمناسك
سعيد السواح
نبذة عن المحاضرة: محاضرة لخص فيها الشيخ حفظه الله أحكام الحج.
تاريخ إضافته: 14 - 11 - 2007
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64188&scholar_id=901&actioning=yes&dates=20071110
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 02:44 ص]ـ
سلسلة كتاب الحج
للشيخ: محمد حسن عبد الغفار
تصنيف: فقه الحج والعمرة
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=3394&actioning=yes&dates=20071110
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:25 م]ـ
سلسلة الحج المبرور
للشيخ: أبو بكر بن جابر الجزائري
تصنيف: ملفات الحج وعيد الأضحي
نبذة عن السلسلة: القيت دروس هذه السلسلة المباركة في رحاب المسجد النبوي الشريف.
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=2676
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 12:33 م]ـ
مكة: من أسرار الحج
خطب الحرمين الشريفين - سعود بن إبراهيم الشريم
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: 6 من ذي الحجة 1426هـ الموافق 6 - 1 - 2006م
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49805
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:05 م]ـ
مكة: الحج والحشر
خطب الحرمين الشريفين - سعود بن إبراهيم الشريم
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49812
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:09 م]ـ
مكة: الحج المبرور
خطب الحرمين الشريفين - صالح آل طالب
نبذة عن المحاضرة: ألقاها فضيلة الشيخ في 28 ذو القعدة 1426هـ
تاريخ إضافته: 30 - 12 - 2005
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: المسجد الحرام 28 ذو القعدة 1426هـ
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49409
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/357)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:11 م]ـ
مكة: الحج والحال بعده
خطب الحرمين الشريفين - صالح آل طالب
نبذة عن المحاضرة: ألقاها الشيخ بتاريخ 20 ذي الحجة 1426
تاريخ إضافته: 20 - 01 - 2006
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49984
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:14 م]ـ
مكة: الحج يناديكم
خطب الحرمين الشريفين - صالح آل طالب
نبذة عن المحاضرة: ألقاها فضيلة الشيخ بتاريخ 2 ذي الحجة 1427 هـ
تاريخ إضافته: 23 - 12 - 2006
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: 2 ذي الحجة 1427 هـ. المسجد الحرام
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=58409
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:17 م]ـ
مقاصد الحج
للشيخ: سلمان بن فهد العودة
تصنيف: فقه الحج والعمرة
نبذة عن السلسلة: برنامج إذاعي للشيخ يتحدث فيه عن أهمية المقاصد في الحج واستشعارها والمصادر التي تنشق منها
كتحقيق التوحيد وتزكية النفس والوحدة الإسلامية والتحلي بالأخلاق الفاضلة ونشرها وتربية النفس على ذلك
والحث على نبذ الخلافات والخصومات والجدال, كما الحث على فعل الخير وربط القيم الإيمانية وتحقيق التقوى وغيرها ...
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=3188
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:20 م]ـ
العشر والحج والأضحية
خطبة الجمعة - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
نبذة عن المحاضرة: ألقاها الشيخ بتاريخ 2 ذي الحجة 1427 هـ
تاريخ إضافته: 23 - 12 - 2006
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: 2 ذي الحجة 1427 هـ. الجامع الكبير في الرياض
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=58411
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:23 م]ـ
خطبة عرفات لعام 1427 هجرياً
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
نبذة عن المحاضرة: خطبة يوم الحج الأكبر من على صعيد عرفات
تاريخ إضافته: 29 - 12 - 2006
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: في يوم 9 من ذي الحجة عام 1427 الموافق 29 من ديسمبر عام 2006 من على صعيد عرافات
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=58492
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:32 م]ـ
سلسلة شرح حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم
للشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
تصنيف: فقه الحج والعمرة
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1420
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:33 م]ـ
الحج
عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
تاريخ إضافته: 26 - 10 - 2002
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=16953&scholar_id=105&series_id=713
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:35 م]ـ
سلسلة شرح كتاب جامع المسالك في أحكام المناسك
للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1448
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:45 م]ـ
دمعة في الحج
محمد بن محمد المختار الشنقيطي
من إنتاج: تسجيلات إيلاف الإسلامية للإنتاج الإعلامي - بالكويت.
تاريخ آخر تعديل: 2006 - 12 - 28
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=606
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:47 م]ـ
التوحيد في الحج
محمد بن محمد المختار الشنقيطي
تاريخ إضافته: 27 - 02 - 2001
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=3496
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:48 م]ـ
حجة النبي صلى الله عليه وسلم
محمد بن محمد المختار الشنقيطي
تاريخ إضافته: 27 - 02 - 2001
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=3510
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:50 م]ـ
زاد الحجيج
محمد بن محمد المختار الشنقيطي
تاريخ إضافته: 07 - 10 - 2002
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=16154
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:53 م]ـ
الحج (الجزء الأول)
محمد بن صالح العثيمين
تاريخ إضافته: 10 - 06 - 2001
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=4755&scholar_id=50&series_id=197
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:56 م]ـ
الحج (الجزء الثاني)
محمد بن صالح العثيمين
تاريخ إضافته: 10 - 06 - 2001
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=4756&scholar_id=50&series_id=197
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/358)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:59 م]ـ
الحج (الجزء الثالث)
محمد بن صالح العثيمين
تاريخ إضافته: 10 - 06 - 2001
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=4757&scholar_id=50&series_id=197
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 03:23 ص]ـ
أحكام الحج والعمرة والأضحية
لسماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ
للاستماع للمحاضرة: http://www.waady.com/Module/909.html
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 03:26 ص]ـ
التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج و العمرة و الزيارة
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن بازـ رحمه الله تعالى ـ
للاستماع للمحاضرة: http://www.waady.com/Module/125.html
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:48 م]ـ
الإخلاص في الحج
وحيد عبدالسلام بالي
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=37822
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:51 م]ـ
الحج .. وفضل العشر
من إنتاج::::موقع فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان:::
نبذة عن المحاضرة: تكلم الشيخ - حفظه الله تعالى - عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة وبيان أنها أفضل الأيام وبيان لما يحويه هذا الشهر المبارك من النسك
تاريخ إضافته: 01 - 01 - 2006
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: الجمعة 26 من ذي القعدة 1425هـ الموافق 7 - 1 - 2005م تم إلقائها بالمسجد الشرقي - سبك الأحد - أشمون - محافظة المنوفية
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=49483
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:53 م]ـ
سلسلة فقه الحج الميسر
للشيخ: أيمن سامي
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1418
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 01:55 م]ـ
سلسلة مجمل شرح مناسك الحج للنساء
للشيخ: محمد حسن عبد الغفار
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1566
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:01 م]ـ
تيسير أحكام الحج والعمرة
حامد بن عبد الله العلي
الحمد لله الذي فرض حج بيته المعظم على العباد، أشهد أن لا إله إلا هو إليه المبدأ والمعاد، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، عبده ورسوله، المبعوث بالهدى والسداد.
وبعد،
فإن حج بيت الله الحرام، ركن من أركان الإسلام، من جحده كفر، ومن تركه عمدا متهاونا فهو ـ إن لم يتداركه الله برحمته ـ لاشك هالك، ومن أخّره بغير عذر ـ إذ هو واجب على الفور في أصح قولي العلماء ـ فقد اقتحم المهالك.
وقد عظم النبي صلى الله عليه سلم شأنه، فجعله من الجهاد في سبيل الله تعالى , وذلك ذروة سنام الإسلام، وبشر الحاج أن يرجعه الله نقيا من الذنوب، وهو إجابة دعوة إبراهيم عليه السلام، قال الحق سبحانه: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ... الآية}.
وهذا مختصر في تيسر أحكام الحج، يصحبك أيها الحاج من انطلاق نيتك الصالحة لحج بيت الله العتيق، إلى أن ترجع ــ إن اتقيت ربك ــ كيوم ولدتك أمك، فأنت من نار جهنم إن شاء الله عتيق.
وهو مقسم إلى مسائل، مدعم بالدلائل، موضح مفصل، وعسى الله أن يتقبل، وصلى الله على نبينا محمد النبي المبجل، وعلى آله وصحبه القرن المكمل، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وارزقنا بفضلك إدامة الحج والعمرة، وثبتنا على صراطك المستقيم آمين.
حامد بن عبد الله العلي
الكويت ذو القعدة 1422هـ
----------------------
ابدأ بالإخلاص
وإنما الأعمال بالنيات
يبدأ الحاج أولا بإخلاص النية لله تعالى، امتثالا لأمره سبحانه بأداء الحج، قال تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}، إذ هو من أركان الإسلام، وطمعاً في ثوابه العظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) [متفق عليه].
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة، كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/359)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد، فقال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور) [رواه البخاري].
وعنها رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة) [رواه مسلم].
فتوجه إلى بيت الله الحرام، تعظيماً لشعائر الله تعالى، امتثالاً لطاعة الله تعالى، رغبة في ثوابه، خوفا من عقابه، واجتنب الرياء والسمعة، واحذر من طلب المكانة والمنزلة في قلوب المخلوقين، قال تعالى {وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى} وقال {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}.
النفقة الحلال
ثم أنفق على رحلة الحج من طيب المال، والكسب الحلال، ذلك أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، ومن حج من مال حرام لم يقبل الله تعالى حجه.
اشتراط المحرم للمرأة
وعلى المرأة أن تجد لها محرما يرافقها، لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) [متفق عليه]، ويجب أن يكون بالغا عاقلا، والمحرم: الزوج أو من يحرم على المرأة على التأبيد، بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهم أربعة بالمصاهرة: أبو زوجها، وابنه، وزوج أمها، وزوج ابنتها.
في الميقات
عند الوصول إلى الميقات، تغتسل و تتطيب في جسدك دون ثياب الإحرام، وتزيل عنك الأظفار والشعر الذي ترغب بإزالته وكل ذلك مستحب غير واجب، ثم تحرم قبل تجاوز الميقات.
ومعنى الإحرام: هو نية الدخول في النسك، وليس المقصود به هو التجرد من المخيط (والمخيط كل ثوب مفصل على قدر أعضاء الجسد مثل القميص والفانيلة والبنطلون ونحو ذلك مما فصل على قدر الأعضاء، وليس المقصود بالمخيط ما فيه خيط)، بل لبس المخيط من محظورات الإحرام، ولهذا يجب على الحاج أن لاينوي الإحرام ـ الدخول في النسك ـ إلا بعد أن يتجرد من الثياب، ولو نوى الحاج الدخول في النسك ناسيا أن يتجرد من كل الثياب، (مثلا نسي سروايله ولم ينزعها) ولبس الإزار والرداء، ثم نوى الدخول في النسك، فإنه يصح دخوله في النسك، ثم عليه أن ينزع عنه ما نسي أن يزيله، ولاشيء عليه إن كان ناسيا، والمقصود أنه يجب التفريق بين الإحرام وهو نية الدخول في النسك، والتجرد من المخيط.
أنواع الأنساك
ثم تقول عند نية النسك: لبيك اللهم بعمرة، أو بحج، أو بعمرة وحج، وفق النسك الذي تختاره، وهي ثلاثة أنواع:
أحدها: التمتع وهو أفضلها، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة، وصفته أنك تأتي بعمرة كاملة وتتحلل منها، تماما كما لو ذهبت إلى عمرة في غير أشهر الحج، ثم تبقى غير محرم، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، تحرم بالحج وتذهب إلى منى، وعلى المتمتع ـ إن كان من غير حاضري المسجد الحرام أي من غير ساكني مكة أو حدود الحرم ـ أن يذبح هديا كما سيأتي بيانه.
والثاني: الإفراد، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بحج، وهو أن تنوي الحج مفردا ليس معه عمرة، وفي هذه الحالة تبقى على إحرامك حتى تتحلل يوم النحر كما سيأتي بيانه.
والثالث القران: وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة وحج، ولا فرق بين الإفراد والقران في أعمال الحج، وإنما يفترقان في أمرين:
أحدهما: النية، فالقارن ينوى الحج مع العمرة، إن طاف نوى أن يكون طوافه طواف حج وفي نفس الوقت هو طواف عمرة، وإن سعى نوى بسعيه سعي حج وهو في نفس الوقت سعي عمرة، كما ينوي داخل المسجد تحيته وركعتي الفجر في نفس الوقت على سبيل المثال.
الثاني: أن القارن عليه هدي، والمفرد لاهدي عليه.
فإن اخترت أحد هذه الأنساك، ولبيت به، فإن كنت مريضا أو تخشى من حدوث طارئ يمنعك من إتمام الحج، فاشترط قائلا (لبيك اللهم بعمرة ــ أو حج أو عمرة وحج ــ ومحلي حيث حبستني) لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير (حجي واشترطي وقولي: اللهم إن محلي حيث حبستني) [متفق عليه].
وفائدة هذا الشرط أنك إذا حال بينك وبين إتمام الحج عذر شرعي، خارج عن إرادتك، مثل مرض أقعدك عن إتمام الحج، أو حادث سيارة على سبيل المثال، أو منعك مانع من إتمامه بعدما دخلت في الإحرام، فإنك تتحلل من إحرامك وتلبس ثيابك ولاشيء عليك، وترجع إلى بلدك، حتى يتيسر لك الحج مرة أخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/360)
والدليل على أن الحاج مخير بين الأنساك الثلاثة قول عائشة رضي الله عنها (فمنا من أهَلَّ بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما) [متفق عليه].
والدليل على أفضلية التمتع أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بذلك، وقوله (لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما آمرُكم به) [متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنهما].
وكان صلى الله عليه وسلم قارنا، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أتاني آت من ربي، فقال صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرةٌ في حجة) [رواه أحمد والبخاري وغيرهما].
وذلك أنه كان قد ساق الهدي معه ــ أي جاء به معه من خارج الحرم والهدي هي الأنعام التي تجلب للحرم، سميت بذلك لأنها تُهدى إلى الحرم لفقرائه ــ فمنعه ذلك من أن يكون متمتعا، وكذلك يستحب لمن جاء بهديه من خارج الحرم أن يكون قارنا.
والأفضل لمن حج مفردا أو قارنا أن يتحلل بعد طواف القدوم والسعي وينوي أن ما فعله عمرة، ويتحول إلى التمتع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك [متفق عليه].
هل للإحرام صلاة مخصوصة؟:
ولم يرد دليل على استحباب ركعتين للإحرام بخصوصه، إلا أن يصلى المحرم نافلة أخرى وافقته بعد إحرامه أو قبله، أو يحرم بعد صلاة الفريضة إن أدركته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فذلك حسن.
محظورات الإحرام
وعليك أن تتجنب محظورات الإحرام، حتى تتحلل من إحرامك.
وهي تسعة محظورات يجب على المحرم بحج أو عمرة أن يتجنبها:
أولا: تعمد لبس المخيط بالنسبة للرجل ــ وقلنا إن المخيط هو كل ما فصل على قدر أعضاء الجسد من الثياب، وليس هو ما فيه خيط ــ لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة، ولا البرنس ولا السروايل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران) [متفق عليه] , ويدخل في المخيط، لبس الخفين أو الجوربين فلا يجوز ذلك للمحرم، إلا إن لا يجد نعلين، فيجوز له أن يلبس الخفين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين) [متفق عليه].
ولابأس أن يلبس المحرم النظارة والساعة والحزام الذي يشد به إزاره ويحفظ فيه نفقته ولو كان فيه خيوط، ولا بأس أن يلبس نعلين فيهما خيوط، أو يكون طرف ردائه أو إزاره مخيط، كل ذلك جائز.
ثانيا: تغطية الرأس من الرجل، ولا بأس أن يستظل بخيمة أو مظلة (شمسية) أو سقف السيارة ونحو ذلك، لحديث أم الحصين قالت: (حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالاً أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة) [رواه أحمد ومسلم].
و تغطية الوجه للأنثى، ولكن تسدل على وجهها لحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين) [متفق عليه]، وعن عائشة رضي الله عنها (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة].
ثالثا: قصد شم الطيب ومسه واستعماله في أكل وشرب بحيث يظهر ريحه، ولا بأس أن يتطيب قبل الإحرام في بدنه دون ثيابه، حتى لو استمر هذا الطيب إلى بعد الإحرام، فذلك جائز، لأنه وضع الطيب قبل الإحرام لا بعده، لحديث عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أيام وهو محرم) [متفق عليه].
رابعا: إزالة الشعر من البدن عمدا، ولا بأس إن سقط شيء من الشعر بغير قصد بسبب الامتشاط أو الاستحمام ونحو ذلك، ويجوز للمحرم أن يستحم بالماء والصابون الذي لا يكون فيه عطر، فقد روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فاقبل بهما وأدبر [متفق عليه]، ويجوز له أن يبدل ثياب الإحرام التي أحرم فيها أولا، بأخرى نظيفة ليس فيها طيب، كل ذلك جائز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/361)
ويجوز للمحرم أن يحلق رأسه لعذر، أو يلبس ثوبا لعذر، مرض أو نحوه، وعليه أن يفدي في هذه الحالة، وذلك بأن يذبح شاة لفقراء الحرم، أو يطعم ستة مساكين من مساكين الحرم لكل مسكين مُدٌ من بُرٍ أو نصف صاع من غيره، أو يصوم ثلاثة أيام ولا يشترط أن يكون الصيام في الحرم.
خامسا: تقليم الأظافر، فإن انكسر الظفر فلا بأس بإزالته.
سادسا: صيد البر الوحشي المأكول، ومعنى الوحشي أي غير الأليف، والأليف مثل الدجاج والمعز والضان والبقر والإبل، والوحشي مثل الغزال وحمار الوحش والأرنب، ويجوز صيد البحر.
سابعا: عقد النكاح ولا يصح، وكذلك الخطبة فلا تجوز في أثناء الإحرام.
ثامنا: الوط ء في الفرج.
تاسعا: دواعي الجماع، والمباشرة دون الفرج، والاستمناء.
فإن وقع المحرم بشيء من محظورات الإحرام ناسيا أو جاهلا فلاشيء عليه، وإن فعل شيئا من ذلك عامدا، ففيه الفدية وهي التخيير بين إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، لكل مسكين مد من البر (القمح) أو نصف صاع من غير البر، أو ذبح شاة لمساكين الحرم، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان.
ويستنثى من ذلك ثلاثة أشياء:
أحدها: الصيد ففيه جزاء الصيد، سواء تعمد صيده أم لا.
والثاني: الجماع في الفرج ففيه تفصيل سيأتي لاحقا إن شاء الله تعالى.
والثالث: عقد النكاح أو الخطبة فليس فيهما فدية مع أنهما من محظورات الإحرام.
التلبية
ثم تنطلق إلى المسجد الحرام، ملبيا من أول دخولك الإحرام و أثناء الطريق قائلا (لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك) كذا روى التلبية عبد الله بن عمر رضي الله عنه في الصحيحين.
يرفع الرجل صوته، لحديث السائب بن خلاد قال صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية) [رواه الخمسة].
وتخفض المرأة صوتها، واحرص أن تردد هذه التلبية على قدر استطاعتك وجهدك، فذلك من أفضل أعمال الحج، قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الحج العج والثج) [رواه الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والعج أي رفع الصوت بالتلبية].
دخول المسجد الحرام
فإذا وصلت البيت أي الكعبة، فيستحب لك أن يكون أول شيء تفعله عند دخول المسجد الحرام، أن تقول دعاء دخول المسجد (اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، ثم تتجه إلى الحجر الأسود للطواف.
ولم تصح الأحاديث التي فيها رفع اليدين عند رؤية البيت، وكذا لم يصح في ذلك دعاء مخصوص، غير دعاء دخول المسجد.
الطواف
أولا: ويشترط أن تكون حال الطواف ساترا للعورة، طاهر الثياب والبدن، ويشترط له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وذلك كله عند جمهور العلماء.
واحتجوا بحديث (إن الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه) [رواه الترمذي وغيره]، وبحديث عائشة رضي الله عنها (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) [متفق عليه].
ثانيا: وإن كنت متمتعا، فإنك تنوي بطوافك أنه طواف عمرة.
وإن كنت قارنا نويت أنه طواف القدوم، على أن تطوف طواف العمرة والحج، بعدما تأتي من مزدلفة يوم النحر , ويجوز لك أن تسعى بعد طواف القدوم هذا، وتنوي به أنه سعي عمرتك وسعي حجك في نفس الوقت، وتكون في هذه الحالة قد قدمت سعي العمرة والحج على طوافهما الذي ستفعله يوم النحر، ويجوز لك أن تؤجل السعي إلى يوم النحر عندما تطوف طواف عمرتك الذي تنوي به أيضا أنه طواف حجك، فتسعى بعد ذلك سعي عمرتك الذي هو سعي حج، وبذلك تقرن أفعال العمرة بالحج.
وأما إن كنت مفردا فإنك تنوي أنه طواف القدوم فقط، ويجوز لك أيضا أن تقدم سعي الحج فتسعى بعد طواف القدوم، ولا يكون عليك سعي أخر إذا طفت طواف الحج يوم النحر، كما سيأتي بيان ذلك.
فإن طفت و لم تنو شيئا نسيانا أو جهلا، فلاشيء عليك وطوافك صحيح.
ثالثا: و معنى الطواف ببيت الله تعالى، إظهار عظيم حبك له إذ تعلق قلبك بمحبته حتى قادتك تلك المحبة العظيمة إلى التطواف حول بيته مرارا في صورة الإلحاح عليه، من أجل أن يقبلك في حضرته، ويقربك من محبته، ويتجاوز عن تقصيرك في حقه، وكلما استحضرت هذا المعنى الجليل، كان ثوابك أعظم عند الله تعالى.
رابعا: وتكون مضطبعا في هذا الطواف استحبابا، ومعنى الاضطباع أي تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن، وطرفيه على عاتقك الأيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كل طواف فيه اضطباع، وإنما طواف العمرة وطواف القدوم للحج، وأما طواف الإفاضة فحتى لو طافه الحاج وهو محرم، لا يكون فيه اضطباع، ويستمر الاضطباع إلى آخر الطواف.
عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى) [رواه أبو داود وغيره].
خامسا: ويستحب هنا أن يرمل الطائف أول ثلاثة أشواط، والرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى، ويكون الرمل في كل طواف فيه اضطباع، ولا يكون في طواف ليس فيه اضطباع، وقد قال جابر رضي الله عنهما في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم (حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا) [رواه مسلم].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا) [متفق عليه]، والطواف الأول هو القدوم، وخب أي رمل.
سادسا: ويجب أن تطوف سبعة أشواط كاملة لا تسقط منها خطوة، تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود.
وتجعل البيت على يسارك، واحذر أن تطوف وأنت مستقبل البيت أو جاعله عن يمينك ترجع القهقرى، وحتى لو كنت محمولا ... يجب أن تجعل البيت عن يسارك.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/362)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:02 م]ـ
سابعا: فإن شككت في عدد الأشواط، تعمل بغالب الظن ولاشيء عليك، فإن لم يكن لديك ظن غالب، واستوى الطرفان، فاجعل العدد هو الأقل، لأنه المتيقن، مثلا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة، فاجعلها ثلاثة، فإن جاءك الشك بعد انتهاء الطواف، فلا تلتفت إليه لان الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه مادام مجرد شك.
ثامنا: وعندما تبدأ من الحجر الأسود تحاذيه ببدنك، ثم تستلمه و تقبله إن استطعت، أو تستلمه و تقبل يدك، فإن لم تستطع لشدة الزحام، تشير إليه بيدك ولا تقبل يدك في حالة الإشارة، وتكون الإشارة باليد اليمنى، تستقبل الحجر وتشير بيدك اليمنى قائلا الله أكبر، وتفعل ذلك كله وفق هذا الترتيب كلما حاذيت الحجر الأسود في أثناء طوافك، وذلك إن تيسر لك، ولا تزاحم الناس فتؤذيهم.
تاسعا: ويستحب استلام الركن اليماني باليد، فإن لم تستطع فلا تشير إليه من بعيد، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا عند استلامه، ويستحب أن تقول بين الركن اليماني والحجر الأسود (ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وأن تكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء في أثناء الطواف.
عاشرا: واحذر أن تطوف من داخل الحجر، وهو الجزء الذي حوله حاجز رخامي يشبه شكل الهلال خلف أحد جدران الكعبة، بل يجب أن تكمل طوافك من وراءه، لأنك لو أكملت الطواف من داخله، فكأنك دخلت الكعبة في جزء من طوافك، ولم تطف حولها، ويجب على من فعل ذلك إعادة الطواف.
حادي عشر: وإذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف، أو حضرت جنازة، أو أردت شرب الماء، ونحو ذلك فإنك تتم الطواف بعد ذلك من حيث وقفت، إلا إذا أطلت الفصل بين الأشواط، فإن فعلت فابدأ من جديد، لان الموالاة بين أشواط الطواف شرط في صحته، وكذا إذا انتقض وضوءك في أثناء الطواف فيجب عليك أن تعيده من جديد، إذا قلنا بأن الوضوء شرط لصحة الطواف، وهو الاحوط. ثاني عشر: وبعد انتهاء الطواف، ينتهي الاضطباع، كما ينتهي الرمل بنهاية الشوط الثالث من الطواف، و يستحب للطائف بعد نهاية الشوط السابع، أن يتوجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام ويقول {واتخِذوا من مقام إبراهيم مصلىً} ثم يصلي ركعتين، ويستحب أن يقرأ فيهما سورة الكافرون {قل يا أيها الكافرون} في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص {قل هو الله أحد} في الركعة الثانية، والأفضل أن يصليهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام، فإن لم يتيسر ذلك لشدة الزحام، ففي أي موضع من المسجد الحرام.
ثالث عشر: ويستحب للطائف الوقوف بالملتزم وهو ما بين الحجر والباب، فيجعل خده وصدره على حائط الكعبة في ذلك الموضع الشريف، ويدعو الله تعالى.
رابع عشر: ويستحب إذا أردت أن تسعى بعد ذلك أن تعود إلى الحجر فتستلمه إن استطعت قبل أن تنطلق إلى المسعى.
خامس عشر: وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعدما أنهى طوافه في حجته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع إلى الركن فاستلمه [رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه].
شرب ماء زمزم
والدعاء عند شرب زمزم مستحب ومستجاب قال صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له) [رواه أحمد وابن ماجة من حديث جابر رضي الله عنه].
السعي بين الصفا و المروة
تتوجه بعد ذلك إلى الصفا، لتسعي بين الصفا والمروة.
ويجوز لك إن كنت قارنا أو مفردا أن تعجل السعي بعد طوافك طواف القدوم، فإذا كنت قارنا سيكون هذا السعي المعجل هو سعي حجك وعمرتك اللتين ستطوف طوافهما يوم النحر، وإن كنت مفردا يكون سعي حجك الذي ستطوف طوافه يوم النحر أيضا، وهذا أيسر عليك لأنك ربما تكون مرهقا يوم النحر بعد وقوفك بعرفة وبياتك بمزدلفة، فتكتفي بالطواف في هذه الحالة لأنك قدمت السعي عند قدومك، ويجوز لك أيضا أن تؤجل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة يوم النحر، فتسعى بعده سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا، وسعي حجك إن كنت مفردا.
مسائل السعي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/363)
أولا: إن كنت متمتعا، أي تريد أن تعتمر ثم تحج بعد التحلل من عمرتك، فهذا السعي هو سعي عمرتك، وإن كنت قارنا أو مفردا، فهذا السعي تنوي به أنه سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا، وسعي حجك إن كنت مفردا، هذا إذا أردت أن تقدم السعي، ويجوز لك تأخيره كما أسلفنا.
ثانيا: تبدأ من الصفا، فإذا دنوت من الصفا يستحب لك أن تتلو قوله تعالى {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} وتقول: أبدأ بما بدأ الله به، وترقى الصفا حتى ترى الكعبة إن استطعت، فإن لم تستطع ذلك، فالواجب أن تضع قدمك عند أول الارتفاع إلى الصفا، لتكون بدايتك من أول الصفا، لأن قطع كل المسافة بين الصفا والمروة واجب لا يصح السعي إلا به.
ثالثا: فإذا رقيت على الصفا فاستقبل الكعبة، وارفع يديك للدعاء، وابدأ قائلا الله أكبر ثلاث مرات، ثم تقول لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لاشريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم ادع الله بما شئت من خير الدنيا والآخرة، ثم أعد هذا كله ثلاث مرات، ويستحب أن تطيل في الدعاء، فإنه موضع أطال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء.
رابعا: فإذا فرغت من الدعاء، انزل ماشيا، إلى أن تصل إلى العلم الأول، وقد وضع لذلك إشارة خضراء، فإن بلغته، فيستحب لك أن تسعى سعيا شديدا، حتى تصل إلى العلم الثاني، وقد وضع لذلك أيضا إشارة خضراء، ثم تمشي بعد ذلك، حتى ترقى على المروة، فتفعل على المروة مثل ما فعلت على الصفا، فإن لم تستطع ذلك، فالواجب أن تنتهي عند أول ارتفاع من الأرض على المروة، من أجل أن تكون قد قطعت كل المسافة بين الصفا والمروة.
وتستطيع أن تستدل على مقدار المسافة التي يجب قطعها بين الصفا والمروة، بممر العربات، فعند انتهاءه تنتهي المسافة الواجب قطعها، ولكن يستحب أن ترقى على الصفا والمروة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسا: ويجب أن تسعى سبعة أشواط، و تكون البداية من الصفا والنهاية عند المروة، فالمسافة بينهما شوط واحد، حتى إذا انتهيت من آخر شوط على المروة، فقد أتممت السعي.
سادسا: ويستحب لك أن تكون في أثناء السعي، ذاكرا لله تعالى بأنواع الذكر من قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح والتهليل، كما يستحب الوضوء ولا يجب، فإن كنت غير متوضأ جاز لك أن تسعى من غير وضوء.
سابعا: ولا تجب الموالاة بين أشواط السعي، فيجوز لك أن شعرت بتعب، أن تستريح ثم تعود فتكمل على ما سبق، حتى لو طال الفصل، فلا بأس بذلك.
ثامنا: كما لا تجب الموالاة بين الطواف والسعي، فيجوز لك بعد الطواف أن تستريح إن احتجت إلى ذلك، ثم تعود إلى السعي بعد ذلك.
الحلق والتقصير
بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك، حج تمتع، أن تقصر من شعرك، وذلك بأن تقص من جميع الشعر، لا من أطرافه كما يفعل الجهال، والحلق أفضل، ولكن لأنك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا إن كنت قدمت مبكرا في شهر شوال مثلا فالحلق أفضل، لان شعر رأسك، سيتوفر إلى العاشر من ذي الحجة.
أما إن كنت قارنا أو مفردا للحج، فلا تقصر ولا تحلق، لأنه يجب عليك أن تبقى على إحرامك حتى تتحلل من الحج في يوم النحر.
والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة.
قطع التلبية للمعتمر والحاج
وإن كنت متمتعا فإنك تقطع التلبية إذا شرعت في الطواف، وأما إن كنت قارنا أو مفردا فإنك التلبية لا تنقطع إلا برمي جمرة العقبة يوم النحر.
التوجه إلى منى يوم التروية
إذا جاء يوم الثامن من ذي الحج، وهو يوم التروية، سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون الماء في ذلك اليوم، لحاجتهم إلى الماء في منى والمشاعر، إذا جاء هذا اليوم، تحرم قبل الزوال بالحج من أي مكان من الحرم أنت نازل فيه.
وأما إن كنت قارنا أو مفردا، فإنك لم تزل على إحرامك، ثم تتوجه إلى منى فتصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تقصر الصلاة الرباعية ــ إن كنت ممن يقصر الصلاة ــ والأفضل أن تصلي كل فرض لوقته بلا جمع، وتبيت بمنى ليلة عرفة، وهذا المبيت سنة ليس بواجب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/364)
من أين يحرم الحاج والمعتمر في مكة؟
والحاج يحرم بالحج من أي مكان من مكة، فقد أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منزلهم الذي نزلوه في مكة وهو الأبطح، [متفق عليه]، وأما المعتمر فيحرم من أدنى الحل، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة رضي الله عنها إلى أدنى الحل لتحرم بالعمرة [متفق عليه]، وسواء كان الحاج والمعتمر من أهل مكة أو جاء إليها من خارجها.
إلى عرفة
ثم الأفضل أن تصلي الفجر في منى بعد البيات فيها، وتبقى حتى تطلع الشمس، ثم تسير من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس، ويسن لك أن تنزل بنمرة وهو موضع بجانب عرفة، حتى إذا زالت الشمس، تدخل إلى عرفة، وتسمع خطبة الإمام، وتصلي الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم، وتبقى في عرفة إلى الغروب، يستحب لك في أثناء ذلك أن تكثر من الدعاء والتلبية وذكر الله تعالى.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) [رواه أحمد والترمذي].
والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج قال صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جَمْعٍ فقد تم حجه) [رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم].
القدر الواجب من الوقوف بعرفة
ويجب على كل حاج أن يقف بعرفة أي وقت من النهار أو الليل من أول طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، فمن فاته دخول عرفة في أثناء ذلك ولو للحظة فقد فاته الحج، ومن وقف بها ولو مرورا، فقد أدرك الحج، ولكن من دخلها من النهار يجب عليه أن يجمع مع ذلك جزءا من الليل ولو لحظة، فيخرج عند غروب الشمس لا قبلها، فإن خرج من عرفة قبل الغروب يجب عليه أن يعود فيبقى إلى الغروب، فإن لم يفعل صح حجه ولكن عليه دم شاة يذبحها بمكة في حدود الحرم لفقرائه، وذلك لتركه الواجب، وإن لم يتيسر له الوقوف إلا ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه.
عن عروة بن مضرس قال (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيء، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا، فقد تم حجه وقضى تفثه) [رواه الخمسة].
ويجب أن يكون مسلما عاقلا محرما ولو كان نائما أو جاهلا أنها عرفة.
وفي أي مكان وقفت من عرفة أجزأك، والوقوف عند جبل الرحمة ليس واجبا، كما يظنه الجهال، ويتزاحمون عليه، يظنون أن في ركوبه أجر، فيشقون على أنفسهم بغير طائل، بل في أي مكان وقفت من عرفة فقد أجزأ، قال صلى الله عليه وسلم (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) [رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنهما].
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:02 م]ـ
إلى مزدلفة
فإذا غربت الشمس، ادفع إلى مزدلفة وعليك بالسكينة، فإذا وصلتها اجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول شيء فعله في مزدلفة جمع صلاتي المغرب والعشاء، ثم عليك أن تبيت بها وتصلي فيها الفجر، حتى لو تأخرت فلم تصل إليها إلا فجرا بسبب زحمة الطريق، فعليك أن تصلي فيها الفجر، ولاشيء عليك في هذه الحالة، لأنك معذور، فإذا صليت الفجر، استحب لك أن تذهب إلى المشعر الحرام ــ مرتفع صغير في مزدلفة ـ وأن تبقى ذاكرا لله تعالى حتى يسفر الوقت جدا، هكذا فعل صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه، فإن لم يتيسر لك الذهاب إلى المشعر الحرام، فاذكر الله تعالى وادعه في مكانك الذي أنت فيه من مزدلفة، ويستحب أن تذكر الله حتى يسفر الصبح جدا، وتدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، عن عمر رضي الله عنه (كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس) [رواه الجماعة إلا مسلما].
ثم تخرج من مزدلفة إلى منى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/365)
ويجوز لك أن تدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل إن كنت من الضعفاء، كالمرضى الصغار وكبار السن والنساء وأهل الأعذار، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى) [متفق عليه].
وعن عائشة قالت (كانت سوده امرأة ضخمة ثبطة (بطيئة الحركة) فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع بليل فأذن لها) [متفق عليه]
إلى منى لرمي جمرة العقبة
ثم تدفع من مزدلفة إلى منى، متوجها إلى جمرة العقبة، فإن كان طريقك من وادي محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى استحب لك أن تسرع السير، غير أن هذا لا يتيسر الآن بسبب زحمة السيارات، فإذا وصلت إلى جمرة العقبة، فارمها بسبع حصيات، يجب عليك أن تسقط كل حصاة في الحوض رميا ـ لا وضعا باليد ـ، ولا يجب أن تصيب الشاخص، كما يظن ذلك الجهال، يرمون الشاخص حتى تضربه الحصاة، فترتد بعيدا عن الحوض، ومثل هذا لا يصح ولا يجزيء، لأن الشاخص إنما وضع لتستدل به على الحوض فقط، وليس ليكون هدفا للرمي.
ويجب أن تنتبه إلى أن حوض جمرة العقبة إنما هو من جهة واحدة فقط، فاحذر أن يكون رميك الحصى من الجهة الأخرى التي وضع لها حائط إسمنتي كبير، بل من الجهة التي فيها الحوض فقط، فترمي الحصى حتى تسقط في الحوض.
ويستحب أن تكبر مع كل رمية.
وجميع الحاج يوقف التلبية عندما يرمي جمرة العقبة.
عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) [رواه الجماعة].
ولك أن تلتقط الحصى من أي مكان، حتى من منى، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في تحديد مكان دون غيره يستحب أن يلقط فيه الحصى.
وتكون الحصى بين الحمص والبندق، قال جابر رضي الله عنه (مثل حصى الخذف) [رواه مسلم]، ولا يجزيء غير الحصى كالحديد وغيره.
وأفضل وقت الرمي بعد طلوع الشمس ضحى، ويجوز بعد الفجر، ولا يجوز قبله، إلا للضعفاء وأهل الأعذار الذين دفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل، ومن يقوم على أمرهم له حكمهم، فيجوز لهم أن يرموا عند وصولهم ولو قبل الفجر، لحديث عائشة قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت، [رواه أبو داود وغيره].
والأولى أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس أيضا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال (قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات، فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) [رواه أبو داود والنسائي].
أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبر
ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعا أو قارنا، أما المفرد فلا هدي عليه، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق، ويجب أن يكون في حدود الحرم، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلا أو أي مكان من الحل، ويجوز ليلا أو نهارا من أيام التشريق، وليس له اثر في تحلل الحاج. ومن لا يقدر على شراء الهدي، يصوم ثلاثة أيام في الحج، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق، ولا يجوز لأحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله.
ولا يجزيء في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر، والثني من المعز والبقر والإبل، وهو من المعز ماله سنة فأكثر، ومن البقر وهو ماله سنتان فأكثر، ومن الإبل وهو ماله خمس سنوات فأكثر، وتجزيء البقرة والبدنة عن سبعة.
ثم تحلق أو تقصر من شعرك والحلق أفضل، والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين قائلا رحم الله المحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة [متفق عليه].
والأفضل أن يبدأ المحلق من جانب الرأس الأيمن ثم الأيسر [رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه].
ثم تنطلق إلى البيت لتطوف طواف الإفاضة، وهو طواف الحج، ويسمى أيضا طواف الزيارة، وليس في هذا الطواف اضطباع ولا رمل.
وبعد الطواف تسعى بين الصفا والمروة إن كنت متمتعا، أو كنت قارنا أو مفردا ولم تسع بعد طواف القدوم، فيجب عليك أن تسعى هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/366)
فالمتمتع يسعى سعين، سعي لعمرته وسعي لحجه، وأما القارن والمفرد فيسعيان سعيا واحدا، لحديث عائشة رضي الله عنها (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فقد طافوا طوافا واحدا) تعني الطواف بين الصفا والمروة وهو السعي، [متفق عليه].
ويجوز لأهل الأعذار أن يطوفوا بعدما يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل. ويجوز لك أن تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة إن شئت، ولكنك في هذه الحالة لا تكون قد تحللت الحل كله، بل يجب عليك أن تعتزل النساء حتى تطوف طواف الإفاضة.
ويجوز لك أن تقدم أو تأخر بين هذه الأنساك، إذ لا يجب فيه الترتيب كما ذكر آنفا، بل الترتيب مستحب.
عن ابن عباس رضي الله عنها قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال لا حرج [متفق عليه].
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فرمى أولا جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ضحى، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف بالبيت وصلى الظهر بمكة، ثم رجع منى فصلى بها الظهر مرة أخرى أيضا نافلة.
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى) [متفق عليه]، وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر [رواه مسلم]، وجمع بينهما الإمام النووي رحمه الله أنه صلى بمكة الظهر، ثم رجع فصلى الظهر إماما لأصحابه في منى أيضا.
التحلل الأكبر والأصغر
وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، فقد حل لك كل شيء إلا النساء، ويسمى التحلل الأصغر.
فإن فعلت ما بقي مع السعي إن لم تكن قد سعيت من قبل، فقد حل لك كل شيء حتى النساء، ويسمى التحلل الثاني أو الأكبر.
ويتوجه القول بأن الحاج إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء، وهو أصح قولي الفقهاء، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت [رواه أحمد وغيره]، وهو رواية في مذهب أحمد، واختيار الإمام ابن قدامة رحمه الله، وسمعت العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه يفتي بذلك.
إذا جامع المحرم
ومن جامع قبل التحلل الأول فعليه أربعة أمور:
الأول: فساد النسك.
الثاني: المضي في فاسده، فيكمل حجه كأنه غير فاسد.
الثالث: وجوب القضاء ثاني عام.
الرابع: عليه أن يذبح بدنه ويوزع لحمها على فقراء الحرم.
عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج، فقالوا: (ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل والهدي)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه) [رواهما مالك في الموطأ].
ومن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني:
فهو مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من البر أو صاع مما سواه، وعليه إن يخرج إلى أقرب الحل، فيحرم منه لطواف الإفاضة، إلا إن كان قد طاف طواف الإفاضة ورمى ولكنه جامع قبل الحلق أو التقصير فلا حاجة ليجدد إحرامه.
ومن جامع قبل تمام العمرة فعليه شاة.
المبيت بمنى ليالي التشريق
ثم تعود إلى منى لتبيت بها ثلاث ليالي، أو ليلتين إن تعجلت، والواجب أن تبيت معظم الليل ـ أكثر من نصفه ـ في منى، ليلة الحادي عشر من ذي الحجة، وليلة الثاني عشر من ذي الحجة، ذلك إن تعجلت في يومين، وليلة الثالث عشر من ذي الحجة إن تأخرت، وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام التشريق، وهي التي قال الله عنها {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}.
والدليل على وجوب المبيت بمنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما (استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له) [متفق عليه] ويدل إذنه للعباس رضي الله عنه، على أنه واجب على غير أهل الأعذار.
رمي الجمار أيام التشريق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/367)
ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق، ووقت رميها في هذه الأيام، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، قال جابر رضي الله عنه (ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس) [رواه مسلم].
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، حتى تقع الحصاة في الحوض، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء، وأطل فيه، لان النبي صلى الله عليه وسلم أطال الدعاء في هذا الموضع، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلا عن الزحام وأطل في الدعاء، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه، ولا تقف عندها للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن أخللت بالترتيب، أعد الرمي.
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم، فترمي في اليوم الثاني، أولا رمي اليوم الأول، حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث، إن لم تتعجل في يومين، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بنية اليوم الثاني، ثم الثالث هكذا.
التعجل والتأخر
ويجوز لك أن تتعجل في يومين، فإذا رميت الجمار ثاني أيام التشريق، تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر مكة، والأفضل أن تتأخر، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وترمي الجمرات بعد الزوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة، ثم تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر.
ويشترط لمن عزم على التعجل في يومين أن يرمي الجمرات في اليوم الثاني قبل غروب الشمس ثم يخرج من منى، فإن بات بها، أو أدركه الليل وهو فيها، وجب عليه أن يأتي برمي اليوم الثالث بعد الزوال فيتأخر، ولا بأس إن حبس بسبب الزحام حتى أدركه الغروب وهو في منى بغير اختياره، فليرم وينفر إن شاء التعجل لأنه معذور.
طواف الوداع
ولا يجب عليك طواف الوداع إلا إذا عزمت الخروج من مكة، فإن أردت البقاء فيها، فإنك تؤخره إلى أن تعزم على مغادرتها.
ولا يجوز لك أن تنشغل بشيء بعد طواف الوداع، بل تبادر إلى مغادرة مكة، إلا أن تنتظر صحبة تلحق بك، أو تشتري حاجاتك في طريقك ونحو ذلك.
والحائض يسقط عنها طواف الوداع، فإذا أنهت رمي الجمار، فلها أن تسافر، عن ابن عباس رضي الله عنه قال (أُمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) [متفق عليه].
ويجوز لمن أخر طواف الإفاضة أن يطوفه وينوي به طواف الإفاضة والوداع، طوافا واحد، ويغادر، حتى لو كان عليه سعي بعد الطواف، لان ذلك لا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق فالسعي متعلق بالبيت أيضا.
فوات الحج
ومن أدركه من الحجاج طلوع فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة ولو للحظة، فقد فاته الحج، وانقلب إحرامه عمرة، فيطوف ويسعى ويتحلل، ويقضى من العام القادم، ويذبح هديا في قضاءه، إلا إذا كان قد اشترط فلا هدي عليه ولا قضاء.
الإحصار
ومن منع مانع عن إتمام حجه قبل أن يحرم بالنسك رجع ولاشيء عليه. وإن كان بعد إحرامه وقد اشترط قائلا عند إحرامه (ومحلي حيث حبستني) حل من إحرامه ولبس ثيابه ولاشيء عليه.
وإن لم يكن قد اشترط، فإن حبس عن الحج كله ولا يستطيع أن يصل إلى البيت، ذبح هديا في المكان الذي حصر فيه، أو بعث به إلى الحرم، ثم حلق أو قصر وصار حلالا.
وهذا هو الإحصار، وأصح قولي العلماء أن الحاج يصير محصرا يجوز له تحلل المحصر سواء أحصر بعدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/368)
فإن لم يجد هديا في موضعه الذي أحصر فيه، أناب من يذبح عنه الهدي في الحرم ثم حل، فإن كان فقيرا لا يقدر على ذبح الهدي، صام عشرة أيام ثم حل في قول الجمهور، والصحيح لاشيء عليه، فيحلق أو يقصر وقد حل. ومن حبس عن عرفة فقط، ذهب إلى البيت وتحلل بعمرة ولاشيء عليه، إن كان قبل الفوات، وإن كان تحلله بعمرة بعد الفوات، فعليه القضاء.
وإن وقف بعرفة وحصر عن إتمام بقية الحج، يذبح هديا بنية التحلل ويحلق أو يقصر، ويكون بذلك قد حل من إحرامه كمن احصر عن الحج كله.
صيد مكة
ويحرم صيد مكة على الحاج وغيره، فكل ما يحرم صيده حال الإحرام، يحرم صيده في حدود الحرم المكي، وكذلك الحرم المدني.
ولا يجوز قطع شجر الحرم وحشيشه، اللذين لم يزرعهما الآدمي.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة (إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولايختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف) [متفق عليه]، ومعنى لا يعضد شوكه أي لا يقطع الشجر الذي فيه شوك، والمقصود لا يقطع كل الشجر حتى الذي فيه شوك، ومعنى لا يختلى خلاه أي لا يقطع الحشيش الرطب منه، دون اليابس فيجوز، وكذلك رعي الأنعام يجوز مطلقا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكمموا أفواه ما معهم من النعم في الحرم.
ومعنى لا تلتقط لقطته إلا لمعرف، أن من وجد في الحرم لقطة وجب عليه أن يعرفها أبدا، وأما في غير الحرم فيعرفها سنة ثم يأخذها إن لم يأت صاحبها، فإن جاء يوما من الدهر، دفعها إليه أو دفع ثمنها إن طلبها صاحبها.
زيارة المدينة المنورة
ويستحب للحاج أن يغتنم فرصة وجوده بمكة، فيكثر من الطواف في البيت، ويزداد من الصلاة في المسجد الحرام، فعن جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه) [رواه أحمد وابن ماجة].
ويستحب له أن يصلي داخل الكعبة إن استطاع، أو في الحجر فإنه من الكعبة.
وأن يحمل معه من ماء زمزم.
وزيارة المسجد النبوي سنة مستحبة، ولكن لا تعلق لها بمناسك الحج، وكل ما ورد من أن الحج لا يقبل بغير زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أن ذلك جفاء له صلى الله عليه وسلم، مثل ما يروى (من حج فلم يزرني فقد جفاني)، كل ذلك لا يصح و لا تقوم به حجة.
ولا يجوز أن ينوي المسافر إلى المدينة شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) [متفق عليه] من حديث أبي هريرة.
ولكن ينوي زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وله أن يزور القبر الشريف مصليا ومسلما على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلما على صاحبيه رضي الله عنهما، وله أن يدعو الله تعالى عند الزيارة مع استقبال القبلة، ولا يستقبل الحجرة التي فيها القبر حال الدعاء، ولا يجوز لأحد أن يدعو عبدا من دون الله تعالى، لا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، قال تعالى {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا}.
ولا يجوز سؤال الشفاعة إلا من الله تعالى، قال تعالى {قل لله الشفاعة جميعا}، فيقول الزائر (اللهم ارزقني شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم) ونحو ذلك.
ولا يجوز التبرك بجدران الحجرة التي فيها القبر الشريف، ولا بشيء من قبور الصالحين وآثارهم، فذلك بدعة ضلالة، وقد قال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه الترمذي وأبو داود من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.
ويستحب لزائر المدينة المنورة، الصلاة في مسجد قباء، قال صلى الله عليه وسلم (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة) [رواه احمد والترمذي وابن ماجة].
كما يستحب له زيارة البقيع وقبور شهداء أحد، ويدعو لهم، وأما سائر المواضع التي لم يرد في زيارتها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل المساجد السبعة ومسجد القبلتين، فتخصيصها بالزيارة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وكل خير في اتباع من سلف **** وكل شر في ابتداع من خلف
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/369)
تمت رسالة تيسير أحكام الحج والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
كتبها الشيخ / حامد بن عبد الله العلي
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Articl...article_id=151
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:04 م]ـ
دروس من الحج
عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة على خير النبيين وإمام المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأما بعد ..
فإن الحج مدرسة إيمانية عظيمة، يتلقى فيه المسلمون الدروس العظيمة والفوائد الجليلة والعبر النافعة في شتى المجالات، وفي جميع أبواب الدين (العقائد والعبادات والسلوك) ويتفاوتون في قوة تحصيلها وحسن اكتسابها تفاوتاً عظيماً بين مقلٍّ ومستكثر؛ والتوفيق بيد الله وحده.
ولذا رأيت أن من المفيد استخلاص جملة من الدروس العظيمة المستفادة في الحج والمتعلقة بجانب الاعتقاد خاصة، إذ هو الأساس والأصل الذي تبنى عليه الأعمال، ويقوم عليه الدين كله، وهي مجرد إشارة إلى بعض الدروس المستفادة فيه، وإلا فإن ما يستفاد فيه من دروس وفوائد أمر يفوق الحصر، ولا يبلغه العدّ.
وقد بلغ عدد هذه الدروس المستخلصة هنا ثلاثة عشر درساً، راعيتُ أن تكون متجانسة في حجمها وطريقة طرحها، والله أسال أن ينفع بهذا الجهد وأن يتقبّله بقبول حسن إنه نِعمَ المجيب.
الأول: بيان أن الحج مدرسة عظيمة ..
لا ريب أن الحج من أفضل الطاعات، وأجلّ القربات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه تعالى، بل هو عبادة من العبادات التي افترضها الله وجعلها إحدى الدعائم الخمس التي يرتكز عليها الدين الإسلامي الحنيف، والتي بيّنها رسول الله بقوله في الحديث الصحيح: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت».
وثبت عنه في أحاديث كثيرة ترغيب أمته في الحج وحثّهم على هذه الطاعة العظيمة، وبيّن لهم ما يغنمونه في الحج من أجور عظيمة وثواب جزيل وغفران للذنوب.
روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه عند إسلامه: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟».
وروى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه».
وروى مسلم من حديث هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ... والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة».
وقد حجَّ صلوات الله وسلامه عليه بالناس -في السنة العاشرة من الهجرة النبوية- حجته التي رسم فيها لأمته عملياً كيفية أداء هذه الفريضة العظيمة، وحثّ على تلقّي كل ما يصدر منه من أعمال وأقوال، فقال عليه الصلاة والسلام: «خذوا عني مناسككم فلعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا»؛ فسُمِّيَتْ حجة الوداع، وفيها نزل على رسول الله قول الله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}
إنّ الواجب على كل مسلم قدِم لأداء هذه الطاعة العظيمة أن يجتهد تمام الإجتهاد في معرفة هدي النبي في الحج، وكيفية أدائه لمناسكه ليسلك منهجه وليسير على طريقه، وليقتفي أثره وليأخذ عنه مناسكه، وليتأتى له بذلك الإتيان بالحج على التمام والكمال؛ إذ لا كمال في هذه الطاعة -وفي غيرها من الطاعات- إلا بالاقتفاء لآثار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والسير على منهاجه.
لا ريب أن كل مسلم على وجه الأرض تتحرك نفسه في هذه الأيام المباركة شوقاً لأداء هذه الطاعة العظيمة، وطمعاً في تحقيق هذا النُسك الجليل، ومحبة لرؤية بيت الله العتيق إذ أن المسلمين جميعهم صلتهم ببيت الله الحرام وثيقة، وهي تنشأ منذ بدء انتماء المسلم لدين الإسلام وتستمر معه ما بقيت روحه في جسده. فالصبي الذي يولد في الإسلام أول شيء يطرق سمعه من فرائض الإسلام أركانه الخمسة التى أحدها حج بيت الله الحرام، والكافر إذا أسلم وشهِد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، أول ما يوجه إليه من فرائض الإسلام بقية أركانه بعد الشهادتين وهي: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام، وأول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/370)
أركان الإسلام بعد الشهادتين: الصلوات الخمس التي افترضها الله على عبادة في كل يوم وليلة، وجعل استقبال بيته الحرام شرطاً من شروطها.
قال الله تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}، فصلة المسلم ببيت الله الحرام مستمرة في كل يوم وليلة، يستقبله مع القدرة في كل صلاة يصليها، فريضة كانت أو نافلة كما يستقبله في الدعاء ..
ولهذا فإن هذه الصلة الوثيقة التي حصل بها هذا الإرتباط بين قلب المسلم وبيت ربه بصفة مستمرة، تدفع بالمسلم -ولا بد- إلى الرغبة الملحّة في التوجه إلى ذلك البيت العتيق ليمتع بصره بالنظر إليه، وليؤدي الحج الذي افترضه الله عليه إذا استطاع إليه سبيلا.
فالمسلم متى استطاع الحج بادر إليه أداء لهذه الفريضة ورغبة في مشاهدة البيت الذي يستقبله في جميع صلواته .. {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97]
ولهذا فإنّ الواجب عليك أخي الحاج، أن تحمد الله كثيراً على نعمته العظيمة عليك، بالتوفيق لإداء هذه الطاعة، والقدوم لتحقيق هذه العبادة، والتشرف برؤية بيت الله العتيق، قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن تجتهد في تكميل أعمال الحج على أحسن وجه وأكمل حال دون إخلال أو تقصير، ودون إفراط أو تفريط. بل تكون على هدي قاصد وطريق مستقيم متّبعاً في ذلك رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، تبتغي بعملك هذا مرضاة ربك ونيل ثوابه ومغفرة الذنوب، ولتعود إلى بلادك بعد هذه الرحلة المباركة وذنبك مغفور، وسعيك مشكور، وعملك صالح متقبّل مبرور، بحياة جديدة صالحة مليئة بالإيمان والاجتهاد في طاعة الله.
إنّ الحج فرصة عظيمة للتزوّد فيه من زاد الآخرة بالتوبة إلى الله، والإنابة إليه والإقبال على طاعته، والسعي في مرضاته.
ومن خلال الحج ومناسكه، يتهيأ للحاج فرص كثيرة لتلقّي الدروس النافعة والعبر المؤثرة، والفوائد الجليلة والثمار الكريمة اليانعة في العقيدة والعبادة والأخلاق، بدءاً بأول عمل من أعمال الحج يقوم به العبد في الميقات، وانتهاءً بآخر عمل من أعمال الحج، بطواف سبعة أشواط يودع فيها الحاج بيت الله الحرام، وهو -بصدق- مدرسة تربوية إيمانية عظيمة، يتخرّج فيها المؤمنون المتّقون،
فيشهدون في حجّهم المنافع العظيمة والدروس المتنوعة والعظات المؤثرة، فتحيى بذلك القلوب ويتقي الإيمان. يقول الله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ. لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ}.
ومنافع الحج لا تحصى، وفوائده لا تستقصى، وعبره ودروسه المستفادة منه لا يحاط بها، وسوف نقف بإذن الله تعالى من خلال هذه الرسالة على جملة طيبة ومجموعة نافعة من الدروس العظيمة والمنافع الجليلة المسفادة من حج بيت الله الحرام، وبالله وحده التوفيق.
الثاني: في بيان جملة من منافع الحج
تقدم الكلام على فضل الحج ورفعة مكانته وأنه من أجلّ العبادات وأعظم القربات، وأنه ركن من أركان الإسلام العظيمة، وأساس من أسسه المتينة التي بها يقوم وعليها بنيانه. وتقدّم الإشارة إلى الحج فيه من الفوائد والمنافع الدينية والدنيوية ما لا يحصيه المحصون ولا يقدر على عده العادون، وفي ذلك يقول الله تعالى في القران الكريم {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ. لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، فالحج مليء بالمنافع العظيمة الدينية والدنيوية، واللام في قوله تعالى: {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ} هي لام التعليل وهي متعلقة بقوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} الآية، أي: أن تؤذن فيهم بالحج يأتوك مشاة وركباناً لأجل أن يشهدوا -أي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/371)
يحضروا- منافع لهم، والمراد بحضورهم المنافع حصرها لهم.
وقوله تعالى في الآية {مَنَافِعَ} هو جمع منفعة، ونكّر المنافع لأنه أراد مختصة بهذا العبادة دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادات مجتمعة.
روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ} قال: "منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة. فأما منافع الآخرة فرضوان الله عزّ وجل، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من لحوم البدن في ذلك والذبائح والتجارات".
وروى عبد الرزاق عن مجاهد رحمه الله في قوله تعالى: {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ}، قال: "التجارة وما أرضى الله من أمر الدنيا والآخرة".
وروى ابن جرير والطبري في تفسيره عن مجاهد رحمه الله: {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ}، قال: " الأجر في الآخرة والتجارة في الدنيا"، فالمنافع التي يحصلها الحجيج ويجنونها في حجهم لبيت الله الحرام عديدة ومتنوعة؛ منافع دينية من العبادات الفاضلة والطاعات الجليلة التي لا تكون إلا فيه، ومنافع دنيوية من التكسّب وحصول الأرباح الدنيوية، كما قال تعالى في سياق آيات الحج من سورة البقرة: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانوا يتّقون البيوع والتجارة في الموسم والحج، يقولون: أيام ذكر، فانزل الله {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}.
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية أنه قال: "لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده".
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}، أنه ليس على الحاج إثم ولا حرج إذا ابتغى ربحاً بتجارة في أيام الحج، إن كان ذلك لا يشغله عن شيء من أداء مناسكه.
ومن المنافع الدنيوية أيضاً للحجاج، ما يصيبونه من البدن والذبائح كما قال تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، إلا أنّ ما يحصله الحاج من منافع دينية في حجه لا تقارن بهذه المنافع الدنيوية؛ إذ في الحج من الأجور العظيمة والثواب الجزيل ومغفرة الذنوب، وتكفير السيئات وغيره، ذلك مما لا يحصى من الفوائد الدينية العظيمة التي ينالها الحاج إن كان متقياً لله في حجه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
وأي خير أعظم وأي ربح أجلّ من أن يخرج الحاج من حجه كيوم ولدته أمه بلا إثم ولا خطيئة كما قال الله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}.
وقد اختار ابن جرير في تفسيره لهذه الآية، بعد أن ذكر أقوال أهل العلم في معناها، أن المراد {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني، فلا إثم عليه لحط الله ذنوبه إن كان قد اتقى الله في حجه، فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدود، ومن تأخر إلى الثالث فلا إثم عليه لتكفير الله ما سلف من آثامه وإجرامه، إن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده".
ثم ذكر رحمه الله تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» وقوله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد»
فهذه النصوص تدل على أن من حج فقضاه بحدوده على ما أمره الله فهو خارج من ذنوبه كما قال جل وعلا: {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} أي: اتقى الله في حجه بفعل الأوامر واجتناب النواهي. ولا ريب أن هذه فضيلة عظيمة ومنفعة جليلة تسارع في نيلها النفوس المؤمنة، وتطمع في تحصيلها النفوس الصادقة. فلله، ما أجلّها من فضيلة وأعظمها من منفعة عندما ينقلب الحاج إلى بلده بعد قضائه لحجه وذنبه مغفور، قد خرج من ذنوبه وآثامه طاهراً نقياً كيوم ولدته أمه، ليس عليه ذنب ولا خطيئة إذا كان متقياً ربه في حجه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/372)
بل إنّ الرب سبحانه من عظيم كرمه وجميل إحسانه بعباده الحجيج، يباهي ملائكته بحجاج بيته الحرام عندما يقفون جميعهم على صعيد عرفة ويقول: (انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم).
وبهذا يتبين أنّ الحاج يعود من حجه بأكبر ربح وأعظم غنيمة ألا وهي مغفرة ربه لذنبه، فيبدأ بعد الحج حياة جديدة صالحة مليئة بالإيمان والتقوى، عامرة بالخير والاستقامة والمحافظة على الطاعة. إلا أن حصول هذا الأجر مشروط كما تقدم بأن يأتي بالحج على وجه صحيح بإخلاص وصدق وتوبة نصوح، مع مجانبةِ لما يخل به من رفث وفسوق، فإذا كان كذلك جب ما قبله وخرج الحاج بتلك الحال الرائعة كيوم ولدته أمه بلا إثم ولا خطيئة.
الثالث: الدلالات العقدية في الإهلال بالتوحيد
إنّ من أجلّ الدروس العظيمة التي يفيدها المسلم في حجه لبيت الله الحرام، وجوب إخلاص العبادات كلها لله وحده لا شريك له فالمسلم يبدأ حجه أول ما يبدأ بإعلان التوحيد ونبذ الشرك قائلاً: " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، يقولها ويرفع بها صوته، وهو في الوقت نفسه مستشعر ما دلّت عليه من وجوب إفراد الله وحده بالعبادة، والبعد عن الشرك.
فكما أن الله متفرد بالنعمة والعطاء لا شريك له، فهو متفرّد بالتوحيد لا ند له، فلا يدعى إلا الله ولا يتوكل إلا على الله ولا يستغاث إلا به، ولا يصرف أي نوع من أنواع العبادة إلا له.
وكما أن العبد مطالب بقصد الله وحده في الحج، فهو مطالب بقصده وحده في كل عبادة يأتيها وكل طاعة يتقرب بها، فمن صرف شيئاً من العبادة لغير الله أشرك بالله العظيم، وخسر الخسران المبين وحبط عمله، ولم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.
لقد جاء الإسلام بهذا الإهلال العظيم -الإهلال بتوحيد الله وإخلاص الدين له والبعد عن الشرك كله صغيرة وكبيرة دقيقة وجليلة- بينما كان المشركون عبّاد الأصنام والأوثان يهلّون في إحرامهم بالحج بالشرك والتنديد، فكانوا يقولون في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك"، فيدخلون مع الله في التلبية آلهتهم الباطلة، ويجعلون ملكها بيده وهذا هو معنى قول الله عنهم في القران الكريم {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ}، أي ما يؤمن أكثرهم بالله بأنه الخالق الرازق المدبر إلا وهم مشركون معه في العبادة أوثاناً لا تملك شيئاً، وأصناماً لا تنفع ولا تضر ولا تعطي ولا تمنع، بل لا تملك من ذلك شيئاً لنفسها فضلاً عن أن تملكه لغيرها.
روى ابن جرير والطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من إيمانهم إذا قيل لهم من خلق السماء ومن خلق الأرض ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله، وهم مشركون".
وعن عكرمة أنه قال: "تسألهم من خلقهم ومن خلق السماوات والأرض فيقولون: الله، فذلك إيمانهم بالله وهم يعبدون غيره".
وعن مجاهد قال: "إيمانهم قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره". وعن ابن زيد قال: "ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله ويعرف أن الله ربه، وأن الله خالقه ورازقه وهو يشرك به، ألا ترى كيف قال إبراهيم {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ. فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون، قال: "فليس أحد يشرك إلا وهو مؤمن به، ألا ترى كيف كانت العرب تلبّي تقول: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، المشركون كانوا يقولون هذا".
لقد كان المشركون زمن النبي صلى الله عليه وسلم يقرّون بأن خالقهم ورازقهم ومدبر شؤونهم هو الله، ثم هم مع هذا الإقرار لا يخلصون الدين له بل يشركون معه غيره في العبادة، من الأشجار والأحجار والأصنام وغيرهم. وقد جلّى الله هذا الأمر وبيّنه في مواطن كثيرة من القران الكريم كقوله سبحانه {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/373)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "يقول تعالى مقرراً أنه لا إله إلا هو، لأن المشركين الذين يعبدون معه غيره معترفون بأنه المستقل بخلق السماوات والأرض والشمس والقمر وتسخير الليل والنهار، وأنه الخالق الرازق لعباده ومقدر آجالهم، واختلافها واختلاف أرزاقهم، فتفاوت بينهم، فمنهم الغني والفقير وهو العليم بما يصلح كلاً منهم، ومن يستحق الغنى ممن يستحق الفقر، فذكر أنه المستقل بخلق الأشياء المتفرد بتدبيرها، فإذا كان الأمر كذلك، فلم يعبد غيره؟ ولم يتوكل على غيره؟ فكما أنه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته، وكثيراً ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية. وقد كان المشركون يعترفون بذلك، كما كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك".
وهذا المعنى يكثر في القرآن الكريم والاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبية الله جل وعلا على وجوب توحيده في عبادته وإخلاص الدين له، ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية والتقرير، فإذا أقروا بربوبيته احتج بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده، ووبّخهم منكراً عليهم شركهم به غيره مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده لأن من اعترف بأنه الرب وحده، لزمه أن يخلص العبادة كلها له. وبهذا يتبين أن الاعتراف بأن الله هو الخالق الرازق المنعم المتصرف المدبر لشؤون الخلق لا يكفي في التوحيد ولا ينجي من عذاب الله يوم القيامة، ما لم تخلص العبادة كلها لله وحده، فالله لا يقبل من عبادة توحيدهم له في الربوبية إلا إذا أفردوه بتوحيد العبادة، فلا يتخذون له نداً ولا يدعون معه أحداً ولا يتوكلون إلا عليه ولا يصرفون شيئاً من العبادة إلا له سبحانه، فكما أنه سبحانه المتفرّد بالخلق فهو سبحانه المتفرّد بجميع أنواع العبادة. ولهذا قال تعالى للذين صرفوا العبادة لغيره مع أنهم يعلمون أنه خالقهم ورازقهم {فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أي لا تشركون بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيده هو الحق الذي لا شك فيه".
وقال قتادة: " أي تعلمون أن الله خلقكم وخلق السماوات والأرض ثم تجعلون له أنداداً ".
إن النعمة على أمة الإسلام عظيمة بهدايتهم إلى توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، والنعمة عليهم عظيمة بتوفيقهم الإهلال بتوحيد الله بعد أن كان غيرهم يهل بالشرك والتنديد .. فله الحمد سبحانه على توفيقه وإنعامه وهدايته حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا الكريم ويرضى ..
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=305
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:08 م]ـ
التشويق إلى حج البيت العتيق
ملفات متنوعة
الحمد لله الذي فرض على عباده حج بيته العتيق، وجعل الشوق إلى زيارته حاديا لهم ورفيقا، والصلاة والسلام على من أنار الله به الدرب والطريق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد ..
فإنّ الله تعالى فرض على عباده الحج إلى بيته العتيق في العمر مرة واحدة، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس ... وذكر منها: حج بيت الله الحرام» متفق عليه
فالحج فريضة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، فمن أنكر فرضيته وهو يعيش بين المسلمين فهو كافر، أما من تركه مع إقراره بفرضيته فليس بكافر على الصحيح، ولكنه آثم مرتكب كبيرة من أعظم الكبائر.
ولما كانت النفوس مجبولة على محبة الأوطان وعدم مفارقتها، رغب الشارع في الحج ترغيبا شديدا، وجعل له فضائل جليلة، وأجورا كبيرة، لأنه يتطلب مفارقة الأوطان والمألوفات من أهل ومال وصاحب وعشيرة، وكذلك حثا للعباد على قصد هذا البيت بالحج والزيارة، وتشويقا لهم إلى رؤية تلك المعالم التي هبط فيها الوحي ونزلت فيها الرسالة.
أخي سارع ولا تتأخر
قال تعالى: {وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإنّ الله غنيّ عن العالمين} [آل عمران: 97]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعجلوا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» أحمد وأبو داود،.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/374)
وقال صلى الله عليه وسلم: «من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة» أحمد وابن ماجة وحسنه الألباني.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فننظر كل من كانت له جدة ولم يحج، فيضربوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين .. ما هم بمسلمين. (صححه ابن حجر).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (استكثروا من الطواف بهذا البيت، قبل أن يحال بينكم وبينه)
وقال الحسن: (لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة)
الحج يهدم ما كان قبله
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: «لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يدك فلأبايعك، فبسط، فقبضت يدي. فقال: مالك يا عمرو؟ قلت: أشترط. قال: تشترط ماذا؟ " قلت: أن يغفر لي.
قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» رواه مسلم.
الحج طهارة من الذنوب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» لفظ البخاري.
ولفظ مسلم: «من أتى هذا البيت» وهو يشمل العمرة. وعند الدار قطني: «من حج واعتمر» والرفث: الجماع، أو التصريح بذكر الجماع أو الفحش من القول.
قال الأزهري: هي كلمة جامعة لما يريد الرجل من المرأة. والفسوق: المعاصي. ومعنى: «كيوم ولد ته أمه» أي بلا ذنب. قال ابن حجر: وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات.
الحج من أفضل أعمال البر
عن أبي هريرة قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: «أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مرور» متفق عليه.
قال أبو الشعثاء: نظرت في أعمال البر، فإذا الصلاة تجهد البدن، والصوم كذلك، والصدقة تجهد المال، والحج يجهدهما.
فضل الحج المبرور
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» متفق عليه
والحج المبرور: هو الذي لا يخالطه إثم. وقيل: المتقبل. وقيل الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق. وقيل: علامة بر الحج أن تزداد بعده خيرا، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه.
وعن الحسن البصري قال: الحج المبرور؟ أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في ا لآخرة.
وروي أن الحج المبرور هو إطعام الطعام، وطيب الكلام، وإفشاء السلام. والصحيح أنه يشمل ذلك كله.
الحج أفضل الجهاد
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لكن أفضل الجهاد حج مبرور» [متفق عليه]
الحج جهاد المرأة
وعنها قالت: «قلت يا رسول الله! ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور، قالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم». متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة» [النسائي وحسنه ا لألباني]
الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب
عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد» [رواه الطبراني والدار قطني وصححه الألباني]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» [أحمد والترمذي وصححه الألباني].
فضل النفقة في الحج
عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف» [أحمد والبيهقي وصححه السيوطي]
دعوة الحاج مستجابة
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله: دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم» [ابن ماجة وأبن حبان وصححه الألباني].
الحاج في ذمّة الله وحفظه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/375)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجل خرج غازيا في سبيل الله، ورجل خرج حاجا» رواه أبو نعيم وصححه الألباني.
حديث عظيم في فضل مناسك الحج
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة. وأما وقوفك بعرفة، إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج- أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك. وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك» الطبراني وحسنه الألباني.
أخي المسلم ..
لا تحرم نفسك من تلك الأجور وعظيم الهبات فإننا جميعا في أمس الحاجة إلى الحسنات، ومغفرة الذنوب والسيئات، فلماذا التسويف والتأجيل، ومن خطب جليل؟! ولماذا الفتور والكسل وأنت مأمور بإحسان العمل.
عن أبن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صرورة في الإسلام» [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي]. والصرورة: ترك الحج.
الحج واجب على الفور
واختلف العلماء: هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي. قال الشنقيطي رحمه الله: (أظهر القولين عندي، وأليقهما بعظمة خالق السموات والأرض هو وجوب أوامره - جل وعلا- كالحج على الفور لا التراخي، للنصوص الدالة على الأمر بالمبادرة، وللخوف من مباغتة الموت؟ كقوله: {وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم} [آل عمران: 133] .. وكقوله: {شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} [الأعراف: 185] .. )
إليك إلهي قد أتيت ملبيا
فبارك إلهي حجتي ودعائيا
قصدتك مضطرا وجئتك باكيا
وحاشاك ربي أن ترد بكائيا
كفاني فخرا أنني لك عابد
فيا فرحي إن صرت عبدا مواليا
أتيت بلا زاد وجودك مطمعي
وما خاب من يهفو لجودك ساعيا
إليك إلهي قد حضرت مؤملا
خلاص فؤادي من ذنوبي ملبيا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=442
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:09 م]ـ
أعمال العمرة
محمد بن صالح العثيمين
أضيفت بتاريخ: 10 - 01 - 2004 نسخة للطباعة القراء: 7114
العمرةُ إحرامٌ وطوافٌ وسعيٌ وحلقٌ أو تقصيرٌ.
فأما الإحرامُ فهو نية الدخول في النسك والتلبس به. والسنة لمريده أن يغتسل كما يغتسل للجنابة، ويتطيب بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته بدهن عودٍ أو غيره، ولا يضرهُ بقاؤه بعد الإحرامِ لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يُحرم تطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص المسكِ في رأسِه ولحيته بعد ذلك».
والاغتسال عند الإحرام سُنَّةٌ في حق الرجال والنساء، حتى المرأة الحائض والنفساء، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أسماء بنت عُميس حين ولدت محمد بن أبي بكر في ذي الحليفة في حَجّة الوداع أمرها فقال: «اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي» رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام، وهي للرجال إزارٌ ورداء، وأما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة، ولا تنتقب ولا تلبس القفازين وتغطي وجهها عند الرجال غير المحارم.
ثم يُصلي غير الحائض والنفساء صلاةَ الفريضة إن كان في وقت فريضة، وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سُنَّة الوضوء.
فإذا فرغ من الصلاة أحرمَ، وقالَ لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
هذه تلبية النبي صلى الله عليه وسلّم، وربما زاد: لبيك إله الحق لبيك.
والسنة للرجال رفع الصوت بالتلبية لحديث السائب ابن خلاد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يَرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية» أخرجه الخمسة.
ولأن رفع الصوت بها إظهارٌ لشعائر الله وإعلانٌ بالتوحيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/376)
وأما المرأة فلا ترفع صوتها بالتلبية ولا غيرها من الذكر لأن المطلوب في حقها التستر.
ومعنى قول الملبي: لبيك اللهم لبيك، أي: إجابةً لك يا رب، وإقامةً على طاعتك، لأن الله سبحانه دعا عباده إلى الحج على لسان الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام: {وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ لِّيَشْهَدُواْ مَنَفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاٌّنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ}.
وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نُسكهِ؛ من مرض أو غيره، فإنه يُسن أن يشترط عن نية الإحرام، فيقول عند عقده: «إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني»، أي: إن منعني مانعٌ من إتمام نُسكي من مرض أو تأخرٍ أو غيرهما، فإني أحلُّ بذلك من إحرامي، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم دخل على ضباعة بنت الزبير فقال: «لعلك أردت الحج؟» فقالت: والله ما أجدني إلا وَجعة، قال: «حجي واشترطي، وقولي: اللهم مَحلي حيث حَبَستني، وقال: إن لك على ربك ما استثنيتِ» حديث صحيح.
وأما من لا يخاف من عائق يمنعه من إتمام نُسكه فلا ينبغي له أن يشترط، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أحرم ولم يشترط، وقال: «لتأخذوا عني مناسككم»، ولم يأمر بالاشتراط كل أحدٍ أمراً عاماً، وإنما أمرَ به ضُباعة بنت الزبير لوجود المرض بها، والخوفِ من عدم إتمام نُسكها.
وينبغي للمُحرم أن يُكثر من التلبية لأنها الشعارُ القولي للنُسك خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان، مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يُقبل ليلٌ، أو نهار، أو يهمَّ بمحظور أو مُحرَمّ أو نحو ذلك.
ويستمر في التلبية في العمرة من الإحرام إلى أن يشرعَ في الطواف وفي الحج من الإحرام إلى أن يرمي جمرة العقبة يومَ العيد.
فإذا قَرُب من مكة سُنّ أن يغتسل لدخولها إن تيسر له، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يغتسل عند دخولها.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا دخل مكة دخل من الثنية العليا التي بالبطحاء، وإذا خرج خرَج من الثَّنيَّةِ السُّفلى» متفق عليه.
فإذا تيسر للحاج الدخول من حيث دخل النبي صلى الله عليه وسلّم والخروج من حيث خرج فهو أفضل.
فإذا وصل المسجد الحرامَ قدم رِجْلَه اليمنى لدخوله، وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذُ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبُسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.
ويدخل بخشوع وخضوع وتعظيم لله عز وجل، مُستحضراً بذلك نعمةَ الله عليه بتيسير الوصولِ إلى بيته الحرام.
ثم يتقدم إلى البيت مُتّجهاً نحوَ الحَجَرِ الأسود ليبتدىء الطوافَ، ولا يقول: نويت الطواف لأنه لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلّم.
والنيةُ محلُّها القلبُ.
فيستلم الحجرَ الأسودَ بيده اليمنى ويُقَبّله إن تيسّر له ذلك، يفعلُ ذلك تعظيماً لله عز وجل، واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلّم لا اعتقاداً أنّ الحجرَ ينفعُ أو يُضرُّ، فإنما ذلك لله عز وجل.
وعن أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أن كان يُقَبّل الحجَر ويقول: " إني لأعلم أنك حَجَر لا تضُرُّ ولا تنفعُ، ولولا أني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم يقبّلك ما قبّلتك " رواه الجماعة.
فإن لم يتيسر له التقبيل، استلمه بيده وقبّلها، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه استلم الحجَرَ بيدهِ ثم قبّل يده، وقال: ما تركتُه منذ رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله.
فإن لم يتيسر له استلامه بيده فلا يُزاحم، لأن الزحامَ يؤذيه، ويؤذي غيره، وربما حصل به الضرر، ويُذهب الخشوع، ويَخرج بالطواف عما شرع من أجله من التعبُّد لله، وربما حصل به لغوٌ وجدالٌ، ومقاتلةٌ.
ويكفي أن يُشير إليه بيده ولو من بعيد، وفي البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم طاف بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه.
وفي روايةٍ: أشار إليه بشيء كانَ عنده وكبّر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/377)
ثم يأخذُ ذات اليمين، ويجعلُ البيتَ على يساره، فإذا وصل الركنَ اليماني استلمه إن تيسّر له بدون تقبيلٍ فإن لم يتيسر له فلا يزاحم.
ولا يستلم من البيت سوى الحجر الأسود والركن اليماني؛ لأنهما كانا على قواعد إبراهيم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يستلم سواهما.
وروى الإمام أحمد عن مُجاهد عن ابن عباس أنه طاف مع مُعاوية بالبيت، فجعل مُعاوية يستلم الأركان كلها، فقال ابن عباس: لِمَ تستلم هذين الركنين ولم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً. فقال ابن عباس: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فقال معاوية: صدقتَ.
ويقول بين الركن اليماني والحجَر الأسود: «رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاٌّخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاٌّخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»
وكلّما مرَّ بالحجر الأسود فعل ما سبق وكبر ويقول في بقية طوافهِ ما أحبّ مِنْ ذكرٍ ودُعاء وقراءةٍ، فإنما جُعل الطواف بالبيتِ وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامةِ ذكر الله.
والسنةُ للرجل في هذا الطواف ـ أعني الطواف أول ما يَقدِمُ ـ أن يضطبعَ في جميع طوافهِ ويرملَ في الأشواطِ الثلاثةِ الأولى منه، دون الأربعةِ الباقيةِ.
فأمّا الاضطباع فهو أن يُبرز كتفَه الأيمنَ، فيجعلَ وسطَ ردائهِ تحتَ إبطهِ وطرفيهِ على كتفهِ الأيسر.
وأما الرَّمَلُ فهو: إسراعُ المشي مع مُقاربة الخُطا.
والطواف سبعةُ أشواط، يبتدىء من الحجر الأسود وينتهي به.
ولا يصحُّ الطوافُ من داخل الحِجْرِ.
فإذا أتم سبعةَ أشواط، تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَى إِبْرَهِيمَ وَإِسْمَعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْعَكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}، ثم صلى ركعتين خلفَه قريباً منه إن تيسَّر، وإلا فبعيداً، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية بعد الفاتحة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه إن تيسر له، وإلا فلا يشير إليه.
ثم يخرج إلى المسعى ليسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، ولا يقرؤها في غير هذا الموضع.
ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها ويرفع يديه فيحمدَ الله ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان من دُعاء النبي صلى الله عليه وسلّم هنا: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده أنجزَ وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده»، يُكررّ ذلك ثلاثَ مراتٍ، ويدعو بينها.
ثم ينزلُ من الصفا إلى المروة ماشياً حتى يصلَ إلى العمود الأخضر؛ فإذا وصَلَه، أسرع إسراعاً شديداً بِقَدْرِ ما يستطيع إن تيسر له بلا أذية، حتى يصلَ العمودَ الأخضر الثاني، ثم يمشي على عادته حتى يصلَ المروةَ، فيرقى عليها ويستقبلَ القِبلةَ، ويرفعَ يديه ويقولَ ما قاله على الصفا.
ثم ينزلُ من المروة إلى الصفا يمشي في موضعِ مشيه، ويُسِرعُ في موضع إسراعه، فيرقى على الصفا، ويستقبلُ القِبلَة ويرفع يديه ويقولُ مثلَ ما سبق في أول مرة، ويقولُ في بقية سعيه ما أحب من ذكرٍ وقراءةٍ ودعاء.
والصعود على الصفا والمروة، والسعي الشديد بين العَلَمين، كلها سُنَّةٌ وليست بواجبٍ.
فإذا أتمَّ سعيَه سبعةَ أشواطٍ، من الصفا إلى المروة شوطٌ، ومن المروةِ إلى الصفا شوطٌ آخر، حلق رأسه إن كان رجلاً أو قصره، والحلقُ أفضلُ إلا أن يكون مُتمتعاً والحجُّ قريب لا يمكن أن ينبتَ شعرُه قبلَه، فالتقصير أفضل، ليبقى الشعرُ فيحلقَه في الحج، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أصحابه حين قَدِموا صبيحة رابعةٍ ذي الحجة أن يتحللوا بالتقصير.
وأما المرأة فتُقَصر رأسها بكل حال، ولا تحلق، فتقصر من كل قَرنٍ أُنملة.
ويجب أن يكونَ الحلقُ شاملاً لجميع الرأس؛ لقولهِ تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَفُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً}، ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم حلق جميعَ رأسهِ، وقال: «لتأخذوا عني مناسككم».
وكذلك التقصير يعمُّ به جميع الرأس.
وبهذه الأعمال تمت عمرته وحل منها حِلاً كاملاً، يُبيح له جميعَ محظوراتِ الأحرامِ.
خلاصة أعمال العمرة
1 ـ الاغتسال كما يغتسل للجنابة والتطيب.
2 ـ لبس ثياب الإحرام، إزار ورداء للرجل، وللمرأة ما شاءت من الثياب المباحة.
3 ـ التلبية والاستمرارُ فيها إلى الطواف.
4 ـ الطواف بالبيت سبعة أشواط ابتداءً من الحجرِ الأسود وانتهاءً به.
5 ـ صلاةُ ركعتين خلفَ المقام.
6 ـ السعي بين الصفا والمروةِ سبعةَ أشواطٍ ابتداءً بالصفا وانتهاءً بالمروة.
7 ـ الحلقُ أو التقصيرُ للرجال، والتقصيرُ للنساء.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=590
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/378)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:11 م]ـ
أعمال الحج
محمد بن صالح العثيمين
الإحرامُ بالحجّ: إذا كان ضُحى يومِ التروية ـ وهو اليومُ الثامنُ من ذي الحجة ـ أحرم من يريد الحجَّ بالحجِّ من مكانه الذي هو نازلٌ فيه.
ولا يُسَنّ أن يذهبَ إلى المسجد الحرام أو غيره من المساجد فَيُحرم منه، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلّم، ولا عن أصحابه فيما نعلم.
ففي «الصحيحين» من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لهم: «أقيموا حلالاً حتى إذا كان يومُ التروية فأهلوا بالحج ... الحديث».
ولمسلمٍ عنه رضي الله عنه قال: «أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم لما أحللنا أن نُحرِم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح» وإنما أهلوا من الأبطح لأنه مكان نزولهم.
ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة، فيغتسل ويتطيب ويصلي سنة الوضوء، ويُهل بالحج بعدها، وصفة الإهلال والتلبية بالحج كصفتهما في العمرة، إلا أنه في الحج يقول: لبيك حجاً، بدل: لبيك عمرة، ويشترطُ أن مَحلِّي حيث حبستني، إن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نسكه، وإلا فلا يشترط.
الخروج إلى منى:
ثم يخرج إلى منى فيُصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم فعل كذلك.
وفي «صحيح مسلم» عن جابر رضي الله عنه قال: «فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب النبي صلى الله عليه وسلّم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر»
وفي «صحيح البخاري» من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صَدْراً من خلافته، ولم يكن صلى الله عليه وسلّم يجمع في منى بين الصلاتين في الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، ولو فعل ذلك لنُقلَ كما نُقل جمعه في عرفة ومزدلفة.
ويقصر أهل مكة وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يُصلي بالناس في حجة الوداع في هذه المشاعر ومعه أهل مكة، ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان الإتمام واجباً عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح حين قال لهم: «أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر».
لكن حيث امتد عمران مكة فشمل منى وصارت كأنها حي من أحيائها فإن أهل مكة لا يقصرون فيها.
الوقوف بعرفة:
فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سارَ من منى إلى عرفة فنزل بنَمِرَة إلى الزوال إن تَيسر له، وإلا فلا حرج عليه؛ لأن النزول بنمرة سنةٌ لا واجب.
فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمعَ تقديم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
ففي «صحيح مسلم» من حديث جابر رضي الله عنه قال: وأمر ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ـ بقُبة من شعر تُضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحِلَت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئاً.
ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غَرَبت الشمسُ «الحديث».
والقصر والجمع في عرفة لأهل مكة وغيرهم.
وإنما كان الجمع جمع تقديم ليتفرغ الناس للدعاء، ويجتمعوا على إمامهم، ثم يتفرقوا على منازلهم، فالسنة للحاج أن يتفرغ في آخر يوم عرفة للدعاء والذكر والقراءة ويحرص على الأذكار والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلّم، فإنها من أجمع الأدعية وأنفعها فيقول:
ـ اللَّهُمّ لك الحمد كالذي نقول وخيراً مما نقول، اللَّهُمّ لك صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي وإليك ربِّ مآبي ولك رب تُراثي.
ـ اللَّهُمّ إني أعوذُ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر.
ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من شر ما تَجيء به الريحُ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/379)
ـ اللَّهُمّ إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلمُ سِرّي وعلانيتي، لا يخفى عليك شيءٌ من أمري، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنوبي، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك إبتهال المذنب الذليل، وأدعوكَ دعاءَ من خَضَعت لك رقبته وفاضت لك عيناه، وذلّ لك جسده، ورَغم لك أنفه.
ـ اللَّهُمّ لا تجعلني بدعائك ربِّ شقياً، وكن بي رؤوفاً رحيماً يا خير المسؤولين ويا خيرَ المعطين.
ـ اللَّهُمّ اجعل في قلبي نوراً، وفي سَمعي نوراً وفي بصري نوراً.
ـ اللَّهُمّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري، اللَّهُمّ إني أعوذ بك من شرِّ ما يلج في الليل، وشَرِّ ما يلجُ في النهار، وشرِّ ما تهبُّ به الرياحُ، وشرِّ بوائق الدهر.
ـ اللَّهُمّ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقِنا عذابَ النار.
ـ اللَّهُمّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم.
ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء، ومن دَرك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتةِ الأعداء.
ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من الهمّ والحَزن، والعجز والكسل، والجُبن والبُخل، وضِلَعِ الدينِ وغَلبة الرجال، وأعوذُ بك من أن أُرَدَّ إلى أرذلِ العُمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا.
ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، ومن شرِّ فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر.
ـ اللَّهُمّ اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبَرَد، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب.
فالدعاء يومَ عرفة خيرُ الدعاء.
قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير»
وإذا لم يُحط بالأدعية الواردة عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم، دعا بما يعرفُ من الأدعية المباحة. فإذا حصل له مَللٌ، وأراد أن يستجم بالتحدث مع رفقته بالأحاديث النافعة، أو مُدارسة القرآن، أو قراءة ما تيسر من الكُتب المفيدة، خُصوصاً ما يتعلق بكرم الله تعالى وجزيل هباته، ليقوي جانب الرجاء في هذا اليوم، كان حَسنا ثم يعود إلى الدعاء والتضرع إلى الله، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء.
وينبغي أن يكون حال الدعاء مستقبلاً القبلة، وإن كان الجبل خلفه أو يمينه أو شماله، لأن السنة استقبال القبلة، ويرفع يديه، فإن كان في إحداهما مانعٌ رفع السليمة، لحديث أُسامة بن زيد رضي الله عنه قال: «كنت رِدفَ النبي صلى الله عليه وسلّم بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خِطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافعٌ الأخرى» رواه النسائي.
ويُظهر الافتقار والحاجة إلى الله عز وجل، ويُلح في الدعاء ولا يستبطىء الإجابة.
ولا يعتدي في دعائه بأن يسأل ما لا يجوز شرعاً، أو ما لا يُمكن قَدَراً، فقد قال الله تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. وليتجنب أكل الحرام فإنه من أكبر موانع الإجابة، ففي «صحيح مسلم» من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ... الحديث». وفيه، «ثم ذكر الرجل يطيل السفرَ أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمهُ حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام فأنى يُستجاب لذلك».
فقد استبعد النبي صلى الله عليه وسلّم إجابة من يتغذى بالحرام ويلبس الحرام مع توفر أسباب القَبول في حَقه وذلك لأنه يتغذى بالحرام.
وإذا تيسر له أن يقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلّم عند الصخرات فهو أفضل، وإلا وقف فيما تيسر له من عرفة، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «نحرتُ ههنا، ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ههنا وجَمعٌ ـ يعني مزدلفة ـ كلها موقف» رواه أحمد ومسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/380)
ويجب على الواقف بعرفة أن يتأكد من حدودها، وقد نُصبت عليها علامات يجدها من يتطلبها، فإن كثيراً من الحجاج يتهاونون بهذا فيقفون خارج حدود عرفة جهلاً منهم، وتقليداً لغيرهم، وهؤلاء الذين وقفوا خارج حدود عرفة ليس لهم حج؛ لأن الحج عرفة، لما روى عبدالرحمن بن يَعمر: «أن أُناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو واقفٌ بعرفة فسألوه فأمر مُنادياً ينادي: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثةَ أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، وأردف رجلاً ينادي بهن» رواه الخمسة.
فتجب العناية بذلك، وطلب علامات الحدود حتى يتيقن أنه داخل حدودها.
ومن وقف بعرفة نهاراً وجبَ عليه البقاءُ إلى غروب الشمس، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم وقف إلى الغروب، وقال: «لتأخذوا عني مناسككم» ولأن الدفع قبل الغروب من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بمخالفتها.
ويَمتد وقتُ الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر يوم العيد، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «من جاء ليلة جمعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدركَ»
فإن طلع الفجر يوم العيد قبل أن يقف بعرفة فقد فاته الحج.
فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه إن حبسني حابس فمَحلِّي حيث حَبَستني تحلل من إحرامه ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط فإنه يتحلل بعمرة فيذهب إلى الكعبة، ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق، وإن كان معه هدي ذبحه، فإذا كان العام القادم قضى الحج الذي فاته، وأهدى هدياً، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لما روى مالك في «الموطأ» أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أبا أيوب وهبّار بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يُحِلا بعمرةٍ ثم يرجعا حلالاً ثم يَحجا عاماً قابلاً ويهديا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
المبيت بمزدلفة:
ثم بعد الغروب يدفع الواقف بعرفة إلى مزدلفة فَيُصلي بها المغرب والعشاء؛ يُصلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين.
وفي «الصحيحين» عن أُسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «دفع النبي صلى الله عليه وسلّم من عرفة فنزل الشِّعب، فبال ثم توضأ ولم يُسبِغ الوضوء، فقلت: يا رسول الله الصلاة! قال: «الصلاة أمامك» فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أُقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كلُّ إنسانٍ بعيره في منزله ثم أُقيمت العشاء فصلاها»
فالسنة للحاج أن لا يُصلي المغرب والعشاء إلا بمزدلفة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلا أن يخشى خروج وقت العشاء بمنتصف الليل فإنه يجب عليه أن يُصلي قبل خروج الوقت في أي مكانٍ كان.
ويبيت بمزدلفة، ولا يُحيي الليل بصلاة ولا بغيرها، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يفعل ذلك.
وفي «صحيح البخاري» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلّم بين المغرب والعشاء بِجَمعٍ ولم يُسَبح بينهما شيئاً ولا على إثر كل واحدة منهما.
وفي «صحيح مسلم» من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحد وإقامتين، ولم يُسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر.
ويجوز للضعفة من رجال ونساء أن يدفعوا من مزدلفة بليل في آخره.
ففي «صحيح مسلم» عن ابن عباس رضي الله عنهما بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسَحَرٍ من جَمعٍ في ثِقَلِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وفي «الصحيحين» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يُقَّدِّمُ ضَعفةَ أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يدفعون، فمنهم من يَقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رَمَوا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخَصَ في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وأما مَن ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف، فإنه يبقى بمزدلفة حتى يُصلي الفجر اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلّم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/381)
وفي «صحيح مسلم» عن عائشة رضي الله عنها قالت: «استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة المزدلفة تدفع قَبله وقبل حَطمة الناس وكانت امرأة ثَبِطَةً، فأَذِنَ لها وحَبَسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولأن أكون استأذنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما استأذنت سَودةُ فأكون أدفعُ بإذنه أحبّ إلي من مَفروحٍ به».
وفي رواية أنها قالت: «فليتني كنتُ استأذنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما استأذنته سودة».
فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وهلّله ودعا بما أحب حتى يسفر جداً.
وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «وقفتُ ههنا وجمعٌ كلها موقف».
السيرُ إلى منى والنزول فيها:
ينصرف الحجاج المقيمون بمزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس عند الانتهاء من الدعاء والذكر، فإذا وصلوا إلى منى عملوا ما يأتي:
1 ـ رمي جمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة في منتهى منى، فيلقطُ سبع حصيات مثل حصا الخَذفِ، أكبر من الحمص قليلاً، ثم يرمي بهن الجمرة، واحدةً بعد واحدةٍ، ويرمي من بطن الوادي إن تيسر له فيجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، لحديثِ ابن مسعود رضي الله عنه «أنه انتهى إلى الجمرة الكُبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ورمى بسبع وقال: هكذا رمى الذي أُنزلت عليه سورةُ البقرة» متفق عليه.
ويُكبر مع كل حصاةٍ فيقول: الله أكبر.
ولا يجوزُ الرمي بحصاة كبيرة ولا بالخفاف والنعال ونحوها.
ويَرمي خاشعاً خاضعاً مُكبراً الله عز وجل، ولا يفعل ما يفعله كثيرٌ من الجهال من الصياح واللغط والسب والشتم؛ فإن رَمي الجمار من شعائر الله: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إنما جُعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمارِ لإقامة ذكر الله».
ولا يندفع إلى الجمرة بعنف وقوة، فيؤذي إخوانه المسلمين أو يضرهم.
2 ـ ثم بعد رمي الجمرة يذبح الهدي إن كان معه هدي، أو يشتريه فيذبحه.
وقد تقدم بيان نوع الهدي الواجب وصفته ومكان ذبحه وزمانه وكيفية الذبح، فَليُلاحَظ.
3 ـ ثم بعد ذبحِ الهدي يحلق رأسه إن كان رجلاً، أو يقصّره، والحلق أفضل، لأن الله قدمه فقال: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَفُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} ولأنه فِعلُ النبي صلى الله عليه وسلّم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلّم أتى منى، فأتى الجمرة، فرماها ثم أتى منزله بمنى ونَحَرَ ثم قال للحلاق: خُذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يُعطيه الناس» رواه مسلم.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا للمُحَلقين بالرحمة والمغفرة ثلاثاً وللمُقَصرين مرة، ولأن الحلق أبلغ تَعظيماً لله عز وجل حيث يُلقي به جميعَ شعرِ رأسِه.
ويجب أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً لجميع الرأس لقوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَفُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً}.
والفعل المضاف إلى الرأس يشمل جميعه، ولأن حلق بعض الرأس دون بعض منهي عنه شرعاً لما في «الصحيحين» عن نافع عن ابن عُمر أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن القَزع، فقيل لنافع: ما القزعُ؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضاً، وإذا كان القزعُ منهياً عنه لم يصحَّ أن يكون قُربة إلى الله، ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم حَلَق جميع رأسه تعبداً لله عز وجل وقال: «لِتَأخذوا عني مناسككم».
وأما المرأة فتقصر من أطراف شعرها بقدر أُنملة فقط.
فإذا فعل ما سبق حَلَّ له جميع محظورات الإحرام ما عدا النساء فيحل له الطيب واللباس وقص الشعر والأظافر وغيرها من المحظورات ما عدا النساء.
والسنة أن يتطيب لهذا الحِلِّ، لقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أُطيب النبي صلى الله عليه وسلّم لإحرامه قبل أن يُحرم ولحلِّه قبل أن يطوف بالبيت». متفق عليه واللفظ لمسلم.
وفي لفظ له: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلّم قبل أن يُحرم ويومَ النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيبٍ فيه مِسكٌ».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/382)
4 ـ الطواف بالبيت وهو طواف الزيارة والإفاضة لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.
وفي «صحيح مسلم» عن جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ثم ركب صلى الله عليه وسلّم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر ... الحديث.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: حَجَجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأفضنا يومَ النحرِ ... الحديث متفق عليه.
وإذا كان مُتمتعا أتى بالسعي بعد الطواف، لأن سعيه الأول كان للعمرة، فلزمه الإتيان بسعي الحج.
وفي «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «فطاف الذين كانوا أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلُّوا ثم طافوا طوافاً آخرَ بعد أن رجعوا من مِنى لحجهم، وأما الذين جَمَعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً».
وفي «صحيح مسلم» عنها أنها قالت: ما أتم الله حج امرىء ولا عُمرته لم يطف بين الصفا والمروة وذكره البخاري تعليقاً.
وفي «صحيح البخاري» عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ثم أَمَرَنا ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ـ عشية التروية أن نُهِلَّ بالحج، فإذا فَرغنا من المناسك جِئنا فَطُفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وقد تم حَجُّنا وعلينا الهدي» ذكره البخاري في: (باب ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
وإذا كان مفرداً أو قارناً فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يُعِدِ السعي مرة أخرى لقول جابر رضي الله عنه: «لم يَطفُ النبي صلى الله عليه وسلّم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً، طوافَه الأول» رواه مسلم.
وإن كان لم يَسْعَ وجب عليه السعي لأنه لا يتمُّ الحج إلا به كما سبق عن عائشة رضي الله عنها.
وإذا طاف طواف الإفاضة وسعى للحج بعده أو قبله إن كان مُفرداً أو قارناً فقد حلّ التحلل الثاني، وحلَّ له جميع المحظورات؛ لما في «الصحيحين» عن ابن عمر رضي الله عنهما في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ونحر هَديَه يومَ النحر وأفاضَ فطافَ بالبيت ثم حلَّ من كل شيء حُرِمَ منه».
والأفضل أن يأتي بهذه الأعمال يومَ العيد مُرتبة كما يلي:
1 ـ رمي جمرة العقبة.
2 ـ ذبح الهدي.
3 ـ الحلق أو التقصير.
4 ـ الطواف ثم السعي إن كان متمتعاً أو كان مُفرداً أو قارناً ولم يَسعَ مع طواف القدوم.
لأن النبي صلى الله عليه وسلّم رتبها هكذا وقال: «لتأخذوا عني مناسككم».
فإن قدّم بعضها على بعض فلا بأس لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم قيلَ له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: «لا حرج» متفق عليه.
وللبخاري عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلّم يُسأل يومَ النحر بمنى؟ فيقول: «لا حرج» فسأله رجلٌ فقال: حلقتُ قبل أن أذبحَ، قال: «اذبح ولا حرج» وقال: رميت بعد ما أمسيت قال: «لا حرج».»
وفي «صحيح مسلم» من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئل عن تقديم الحلقِ على الرمي، وعن تقديم الذبح على الرمي، وعن تقديم الإفاضة على الرمي، فقال: «ارمِ ولا حرج»، قال: فما رأيته سُئل يومئذٍ عن شيء، إلا قال: «افعلوا ولا حَرَجَ».»
وإذا لم يتيسر له الطواف يومَ العيد جاز تأخيره، والأَولى أن لا يتجاوزَ به أيامَ التشريق إلا من عُذرٍ كمرضٍ وحيضٍ ونفاسٍ.
الرجوعُ إلى منى للمبيت ورَميُ الجمار:
يرجع الحاج يوم العيد بعد الطواف والسعي إلى منى، فيمكثُ فيها بقيةَ يوم العيد وأيام التشريق ولياليها، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يمكث فيها هذه الأيام والليالي، ويلزمه المبيت في منى ليلةَ الحادي عشر وليلة الثاني عشر وليلة الثالث عشر إن تأخر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم باتَ فيها. وقال: «لتأخذوا عني مناسككم».
ويجوز ترك المبيت لعذرٍ يتعلق بمصلحة الحج أو الحجاج؛ لما في «الصحيحين» من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فَأَذِنَ له.
وعن عاصم بن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى ... الحديث. رواه الخمسة وصححه الترمذي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/383)
ويرمي الجمرات الثلاث في كل يومٍ من أيام التشريق كل واحدة بسبع حصيات مُتعاقبات، يكبر مع كل حصاة ويرميها بعد الزوال.
فيرمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف، ثم يتقدم فيسهّل فيقومُ مستقبل القبلة قياماً طويلاً فيدعو وهو رافعٌ يديه.
ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يأخذُ ذات الشمال فيسهّل فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً فيدعو وهو رافعٌ يديه.
ثم يرمي جمرةَ العقبةِ، ثم ينصرف ولا يقفُ عندها.
هكذا رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يفعل كذلك.
وإذا لم يتيسر له طول القيام بين الجمار، وقَفَ بقدر ما يتيسر له ليحصل إحياء هذه السنة التي تركها أكثرُ الناس، إما جهلاً أو تهاوناً بهذه السنة.
ولا ينبغي ترك هذا الوقوف فتضيع السنة، فإن السنة كلما أُضيعت كان فعلها أوكد لحصول فضيلة العمل ونَشِر السنة بين الناس.
والرمي في هذه الأيام ـ أعني أيام التشريق ـ لا يجوز إلا بعد زوال الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يَرمِ إلا بعد الزوال، وقد قال: «لتأخذوا عني مناسككم»: فعن جابر رضي الله عنه قال: «رمى النبي صلى الله عليه وسلّم الجمرة يوم النحر ضُحىً، وأما بعد فإذا زالت الشمس» رواه مسلم.
وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون.
ففي «صحيح البخاري» أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما سُئل: متى أرمي الجمار؟ قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا.
وإذا رمى الجمارَ في اليوم الثاني عشر فقد انتهى من واجب الحج فهو بالخيار إن شاء بقي في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار بعد الزوال، وإن شاء نفر منها لقوله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
والتأخرُ أفضلُ لأنه فعلُ النبي صلى الله عليه وسلّم، ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت ليلة الثالث عشر، ورمي الجمار من يومه.
لكن إذا غربت الشمس في اليوم الثاني عشر قبل نفره من منى فلا يتعجل حينئذٍ لأن الله سبحانه قال: {فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} فقيّد التعجل في اليومين، ولم يُطلق فإذا انتهت اليومان فقد انتهى وقتُ التعجل، واليوم ينتهي بغروب شمسه.
وفي «الموطأ» عن نافع أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: من غَرَبت له الشمس من أواسط أيام التشريق وهو بمنى فلا يَنفر حتى يرمي الجمار من الغد، لكن إذا كان تأخره إلى الغروب بغير اختياره مثل أن يتأهب للنفر ويشد رحله فيتأخر خروجه من منى بسبب زحام السيارات أو نحو ذلك فإنه ينفرُ ولا شيء عليه ولو غربت الشمس قبل أن يخرج من منى.
الاستنابة في الرمي:
رمي الجمار نسك من مناسك الحج، وجزءٌ من أجزائه، فيجب على الحاج أن يقومَ به بنفسه إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، سواءٌ كان حجه فريضة أم نافلة، لقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
فالحج والعمرة إذا دخل فيهما الإنسان وجب عليه إتمامهما وإن كانا نفلاً. ولا يجوز للحاج أن يُوكل مَنْ يرمي عنه إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه لمرضٍ أو كِبَر أو صِغَر أو نحوها، فيوكّل من يثق بعلمه ودينه فيرمي عنه سواء لقَطَ المُوَكل الحصا وسلمها للوكيل، أو لقطها الوكيلُ ورمى بها عن موكله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/384)
وكيفية الرمي في الوكالة أن يَرمي الوكيل عن نفسه أولاً سبعَ حَصيات، ثم يَرمي عن موكله بعد ذلك، فَيُعينه بالنيةِ.
ولا بأس أن يَرمي عن نفسه وعمن وكله في موقفٍ واحدٍ، فلا يلزمه أن يكمل الثلاث عن نفسه، ثم يرجع عن موكله، لعدم الدليل على وجوب ذلك.
طواف الوداع:
إذا نَفَرَ الحاج من منى وانتهت جميع أعمال الحج، وأراد السفر إلى بلده فإنه لا يخرجُ حتى يطوف بالبيت للوداع سبعةَ أشواط، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم طاف للوداع وكان قد قال: «لتأخذوا عني مناسككم».
ويجبُ أن يكون هذا الطوافُ آخر شيء يفعلهُ بمكة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان الناس ينصرفون في كلِّ وجهٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا ينفرنِّ أحدٌ حتى يكون آخرَ عهده بالبيت» رواه مسلم.
فلا يجوز البقاء بعده بمكة، ولا التشاغل بشيء إلا ما يتعلق بأغراض السفر وحوائجه؛ كشد الرحل وانتظار الرفقة، أو انتظار السيارة، إذا كان قد وَعَدَهم صَاحبها في وقتٍ معين فتأخر عنه، ونحو ذلك.
فإن أقام لغير ما ذُكر وَجَبَ عليه إعادة الطواف ليكون آخرَ عهده بالبيتِ.
ولا يجب طواف الوداع على الحائض والنُّفساء لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض» متفق عليه.
وفي «صحيح مسلم» عن عائشة رضي الله عنها قالت: حاضت صفية بنت حُيَيّ بعدما أفاضت، قالت عائشة: فَذَكرت حَيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «أحابستنا هي؟» فقلت: يا رسول الله إنها قد كانت أفاضَت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «فَلتنفر». والنفساء كالحائض لأن الطواف لا يصح منها.
مجمل أعمال الحج
عمل اليوم الأول وهو اليوم الثامن:
1 ـ يُحرمُ بالحج من مكانه فيغتسل ويتطيب ويلبس ثيابَ الإحرام ويقول: لبَّيْك حجاً، لبيك اللهم لبيك، لبَّيْك لا شريك لك لبَّيْك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
2 ـ يتوجه إلى منى فيبقى فيها إلى طُلوعِ الشمسِ في اليوم التاسع، ويُصلي فيها الظهر من اليوم الثامن، والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل صلاة في وقتها، ويقصُر الرباعية.
عمل اليوم الثاني وهو اليوم التاسع:
1 ـ يتوجه بعد طلوع الشمس إلى عرفة، ويُصلي الظهر والعصر قصراً وجمعَ تقديمٍ، وينزل قبل الزوال بنمرة إن تيسر له.
2 ـ يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء مستقبل القبلةِ رافعاً يديه إلى غُروب الشمس.
3 ـ يتوجه بعد غروب الشمس إلى مُزدلفة فَيُصلي فيها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، ويبيتُ فيها حتى يطلع الفجر.
4 ـ يُصلي الفجر بعد طلوع الفجر، ثم يتفرغ للذكر والدعاء حتى يُسفرَ جداً.
5 ـ يتوجه قبل طلوع الشمس إلى منى.
عمل اليوم الثالث وهو يوم العيد:
1 ـ إذا وصل إلى منى، ذهب إلى جمرة العقبة، فرماها بسبع حَصَياتٍ مُتعاقبات، واحدةً بعد الأخرى، يكبر مع كل حصاة.
2 ـ يذبحُ هَديه إن كان له هديٌ.
3 ـ يحلق رأسه أو يُقصره. ويتحلل بذلك التحلُّلَ الأولَ فيلبس ثيابه ويتطيب وتحِلُّ له جميع محظورات الإحرام سوى النساء.
4 ـ ينزل إلى مكة فيطوف بالبيت طواف الإفاضة، وهو طوافُ الحج، ويسعى بين الصفا والمروة للحج، إن كان متمتعاً، وكذلك إن كان غير متمتع ولم يكن سعى مع طواف القدوم.
وبهذا يَحل التحلل الثاني، ويَحل له جميع محظورات الإحرام حتى النساء.
5 ـ يرجع إلى منى فيبيت فيها ليلة الحادي عشر.
عمل اليوم الرابع وهو الحادي عشر:
1 ـ يَرمي الجمرات الثلاث، الأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يُكبر مع كل حصاة، يرميهن بعد الزوال ولا يجوز قبله. ويلاحظ الوقوف للدعاء بعد الجمرة الأولى والوسطى.
2 ـ يبيت في منى ليلة الثاني عشر.
عمل اليوم الخامس وهو الثاني عشر:
1 ـ يرمي الجمرات الثلاث كما رماهُنَّ في اليوم الرابع.
2 ـ ينفر من منى قبل غروب الشمس إن أراد التعجل، أو يبيت فيها إن أراد التأخر.
عمل اليوم السادس وهو الثالث عشر:
هذا اليوم خاص بمن تأخر ويعمل فيه:
1 ـ يرمي الجمرات الثلاث كما سبق في اليومين قَبلَه.
2 ـ يَنفر من منى بعد ذلك.
وآخر الأعمال طواف الوداع عند سفره، والله أعلم.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=595
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/385)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:14 م]ـ
حبذا .. لو فقهنا الحج
ملفات متنوعة
على مشارف قريتنا وفي نهاية يوم الخميس من كل أسبوع، اعتدنا أن نقف مع باقي الأطفال ننتظر القادمين من السوق الأسبوعي محمّلين بالبضائع .. باع منهم من باع واشترى منهم من اشترى .. فكسب منهم من كسب, وخسر منهم من خسر، فقدِم بعضهم سعيداً وجاء بعضهم منكسراً حزيناً.
واليوم وبعد عشرات السنين، رأيتني أقف على مشارف البلاد لأرى فلول الحجيج وقد عادوا من رحلتهم الكبرى ... وأرى في عيونهم تلك التعبيرات التي كنت أراها في عيون القادمين من السوق .. منهم فرِحٌ بما كسب من رضا الله ومغفرته فهو عائد كيوم ولدته أمه، فمطعمه حلال وملبسه حلال ... ولقد كان في حجه صابراً محتسباً، فلم يرفث ولم يفسق ولم يجادل، فهوعائدٌ من ضيافة ربه، فرِحٌ متهلل وكأنه قد سمع -بآذان قلبه- سمع الرحمن يقول له لبيك وسعديك، زادُك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور، غير مأزور، فهو فرحٌ برضوان ربه، متمسك بما أنعم عليه بفيض نعمه، عازمٌ على أن يتمسك بالنور الذي تلألأ في وجهه ولايعود أبداً إلى سابق عهده.
والآخر عائد مهزوماً نفسياً «فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى» أنفق ماله وبذل جهده ولكنه عاد محمّلاً بأوزاره وأوزارٍ مع أوزاره، فهو في حجه لم يكُف عن الجدال، ولم ينته عن الفسوق، و لم يتحرى النية، ولم يتحرى الحلال في ماله، ولم ينقِّ قلبه من أمراض القلوب .. فكأنه يشعر بيديه وقد رُدتا إليه خائبتين بعدما رفعهما ملبياً، وكأنه سمع صوتاً يهز كيانه وحده -بين الحاضرين الباكين الخاشعين المتذللين- ويقول له وحده:
لا لبيك ولا سعديك زادُك حرام ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور. فهذا خسر الدنيا والآخرة، خسر وقته, وخسر جهده وماله، فلقد ذهب إلى هناك، ذهب مع الذاهبين ولكنه كان يحمل حقده وضغينته وعنصريته، وتفاخره بمنصبه وجاهه وجنسيته بين جنبيه، ثم عاد مع العائدين وهو ما زال يحمل ما كان يحمل، ويعتز بما كان يعتز، ويتفاخر بما كان يتفاخر به من جنس ونوع وجاهلية، ويصر على ماكان يفعل من معاصي، ويحلم بالعودة لممارسة الرذيلة، ويتباهى بقدرته على الغش والخديعة والتلاعب، ونصب الفخاخ، والإيقاع بالآخرين، والطعن من الخلف.
فياليتنا فقهنا حكمة الحج ومشروعيته .. فهو لم يُفرض لكي يذهب الناس ليُعذبوا نفسياً وجسدياً بين طواف وسعي ورمي، ووقوف على الجبال طوال النهار، ومبيت في الصحراء طوال اليل يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ولا لكي ينفق الناس أموالهم في تنقلهم وإقامتهم.
ولكنه مؤتمرٌ سنويٌ عامٌّ لكل مسلمي العالم، يأتيه مندوبون من كافة الأقطار الإسلامية؛ ليجددوا البيعة لهذا الدين ويجددوا الانتماء لهذا الدين ويجددوا الولاء لهذا المكان، ولهذه الرسالة، وليعلنوا لأنفسهم وللعالم أجمع أنهم ومن خلفهم من المسلمين سائرون على نفس الخطى التي سار عليها رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم، سائرون على نفس الخطى الحسية والمكانية، سائرون على نفس الخطى النفسية والمعنوية والعقائدية .. وليقتبسوا الهدى والنور من النبع الأول للهدى والنور، ومن المحض الأول للرسالة والرسول، وليعودوا بعدها سفراءَ إلى بلادهم وإلى ذويهم ليسيروا على هدى ذلك النور الذي اقتبسوه حتى المؤتمر القادم من العام القادم، وهكذا كان الحجيج من الرعيل الأول يذهبون إلى هناك ليتعلموا المزيد عن الإسلام، ويجددوا البيعة على الثبات عليه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقابل الوفود هو وأصحابه فيسألون ويناقشون ويبايعون، ثم يعودون إلى بلدانهم سفراء لهذا الدين.
فهل شعر حجيجي اليوم بهذه المعاني! هل شعروا بأنهم وهم قرابة الثلاثة ملايين، لابد أن يعودوا بعد الحج أحسن مما ذهبوا إليه وأتقى مما ذهبوا؟! هل شعروا بأنهم لابد أن يتمسكوا بما اختلج في قلوبهم من معانٍ وأحاسيس وروحانية وشفافية عانقتها أرواحهم في هذه الرحلة؟! هل شعروا بأنهم لابد أن يتمسكوا بالدين وتعاليمه ويعضون عليه بالنواجذ لأنهم -من خلُصَت حجته منهم- عاد كيوم ولدته أمه، فلا بد أن يتمسك بهذه الفرصة، فلقد مُحيت ذنوب عشرات السنين؟! هل شعروا بأنهم كانوا سفراء لبقية من لم يكتب لهم الحج ليعودوا لهم محمّلين بمعانٍ جديدة وبدفعةٍ جديدة نحو الإيمان الصادق؟! هل شعروا بأنهم لابد أن ينتشروا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/386)
بين الناس مصححين ماأفسده الدهر، مذيبين ما تراكم على قلوبهم من ران، ليأخذوا بأيديهم نحو ماشعروا به من سمو الروح وشوق للجنة؟!
فوالله ثم والله، لو فقهنا ذلك ما كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من التفكك والتشرزم والحزبية والعنصرية، والسطحية الفكرية والميوعة العقائدية، فالعام تلو العام, والحج بعد الحج, والعمرة بعد العمرة, والسفراء بعد السفراء, والسفراء غير السفراء, كل هذا -لو فقهنا وعلمنا وصلحت نوايانا- لكنا قد تغَيرنا وغَيرنا وتأثرنا وأثَرنا .. ولكن للأسف أصبحنا -وكما حذّرنا رسولنا صلى الله عليه مسلم- غثاءٌ كغثاء السيل .. أفواج ذهبت للحج، أفواج تطوف, وأفواج تسعى, وأفواج تتدافع، وطائرات تنقل الحجيج من وإلى الأراضي المقدسة، وسيارات وحافلات وبواخر .. حالة طوارئ واستنفار في أجهزة الأمن والمطارات ومواقف السيارات .. جوازات سفر وتأشيرات وموافقات، ومسموحات وممنوعات، وشيكات ومراسلات .. أفواج بالملايين، ونفقات بالملايين، ولكن! وآهٍ مِن لكن! لكنها القلوب .. قلوبٌ شتى، مختلفة ومتخالفة، جامدة غير متآلفة، وانقسامات وعرقيات، وفرق وعنصريات، وطبقيات ومحسوبيات، وحُفر يحفرها الأخ لأخيه، وفخاخ ينصبها الزميل للزميل، وأحقاد يحملها الجار لجاره .. ومن كان غير هؤلاء وهؤلاء فهو تائه غافل لاهٍ عما يحدث لدينه ووطنه، لاتهمُّه النار التي تحوم حول بيته وولده، لايدري بل لايُتعب نفسه بأن يحاول أن يدري أن النار آكلته وولده وبيته لامحالة.
آهٍ ثم آهٍ .. آهٍ لو تلاحمت قلوبنا .. آهٍ لو أُزيل الران من عليها .. آهٍ لو صفت النفوس .. آهٍ لو خلُصت النوايا .. آهٍ لو تحررنا من جاذبيتنا للأرض وعلاقتنا بالطين .. آهٍ لو سمت الأرواح .. آهٍ لو ذابت الشحوم في سبيل الله، آهٍ لو تعانقت الأرواح بدلاً من تعانق الكروش, آهٍ لوخفقت بالحب القلوب .. أهٍ لو فقهنا درس الحج، والعبرة من الحج، وآهٍ لو عملنا بما فقهنا، وتحرَّينا عمّا جهلنا، لعدنا كما كنا خير أمةٍ أُخرجت للناس.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=600
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:17 م]ـ
ليلة فى الحرم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد,
فإن من رحمة الله بعبادة إمهاله إياهم وعدم التعجيل لهم بما كسبوا. فيقول المولى عز وجل
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل:61]
{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ} [الكهف: 58]
فسبحانه يحلم على عباده مع كثرة معاصيهم، ويصبر على تقلب قلوبهم بين حال وحال, حال ترتفع فيه درجة المحبين المُخلَصين, وحال تهبط فيه إلى درجة المتكبرين, نعوذ بالله من خُلُقِ إبليس اللعين.
وهو مع إمهاله إياهم يتودد إليهم بنعمه, ويتقرب إليهم وهو الغني عنهم, فمن تقرب إليه بشبر تقرب الله إليه ذراعاً, ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب الله إليه باعاً, ومن أتاه يمشي أتاه الله هرولةً.
بل وفوق ذلك يريهم من العبر والآيات ما ينبه غافلهم ويزجر عاصيهم ويثبت صالحهم. فمن هذا أنه حدث -لمن أثق في صدقه- أنه كان معتكفاً في بيت الله الحرام في شهر رمضان. وذات ليلة بعدما صلى صلاة التروايح، وقبل أن ينام يقول أنه أحس في قلبه بشيء من الكبر والعجب, بعمله وعلمه وفهمه. أحس كأنه -بصلاته وصيامه- قد أدى إلى الله خدمه, أو أنه -بهدايته لأحد من الناس- قد زاد في ملك الله. أو أنه -بما منّ الله به عليه من الفهم- قد أحاط بكل علم. المهم, نام صاحبنا وقلبه على هذا الحال, هو لم يصل بعد إلى هذه الدرجة لكنه كان قد وقف على أول هذا الطريق ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/387)
يقول أنه قد أكثر من شرب ماء زمزم قبل أن ينام. وبعدما أستغرق في النوم إذا به يستيقظ من نومه على ماذا؟ على بولته (يقصد أنه يريد أن يتبوّل) يقول:"لكن بشدة, بل بفظاعة" يقول:"قمت مسرعاً إلى دورات المياه وأنا أكاد لا أقدر على المشي مما أصابني, فلا أستطيع أن أسير إلا وأنا أحني قامتي قليلاً إلى الأمام, هذا وإلا .. !! " هذا الذي كان يتكبر عندما كان يحني قامته لله الواحد القهار, جعله الله يحني قامته لبولته .. ومن المعروف أن دورات المياه في الحرم تقع خارج المسجد الحرام. يقول"وكانت المسافة بين مكان نومي فى الحرم وبين دورات المياه تستغرق عشرة دقائق تقريباً, مرّوا عليّ كأنهم دهر، فأنا أسير بصعوبة ومع ذلك أريد أن أسرع, والعرق يتصبب من جبيني ومن كل جسدي بغزارة .. إلى أن وصلت -بحمد الله- من غير أن يقع المحظور .. لكني فوجئت أن دورات المياه كلها مشغولة, بل ويقف أمام كل واحدة منها إثنان على الأقل ينتظرون دورهم. في الحقيقة أنا لم أفاجأ, فهذا هو الحال دائماً طوال شهر رمضان لكني فى حالتي هذه كنت أرجو أن يكون الوضع أفضل من ذلك. فأحترت ماذا أفعل فقد بلغ بي الأمر أشده ولن أستطيع التماسك أكثر من ذلك!! "سبحان الله: ما أضعفك أيها الأنسان إن وكلك الله إلى نفسك .. يقول: "فوقفت أتفحص فى المنتظرين, فتلمست المروءة في إثنين ينتظرون دروهم أمام أحدى دورات المياه. فرجوتهم أن يتكرموا بالسماح لي بالدخول قبلهم -وأنا أعلم أن هذا من رابع المستحيلات فى دورات مياه الحرم-. وأستجديت عطفهم بمنظري هذا والعرق يتصبب مني وأنا أقف بالكاد, فوافقا جزاهم الله عني خيراً .. !! " وبعد أن قضى صاحبنا حاجته يقول:" تفكرت في حالي قبل أن أنام وبعدما أستيقظت وقلت سبحان الله، أهذا الذي كان قد وصل به الكبر والغرور مبلغة لا يستطيع أن يمسك بولته دقائق, بل ويقف يتوسل إلى الناس ليسمحوا له أن يقضي حاجته ... !! "
فسبحان الخالق القائل {قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ. مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس:17 - 19]
سبحان العليم الخبير, كم منا يصيب قلبه مثل ما أصاب قلب هذا, أقل أو أكثر. كم منا يتمادى في معاصيه الظاهرة والباطنة, العضوية والقلبية, وهو لا يرجو لله وقاراً، فماذا ننتظر حتى نفيق من غفلتنا ونتوب عن معاصينا ... ليس إلا الموت ..
يقول المولى عز وجل {وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=603
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:18 م]ـ
إشارات وبشارات للمعتمرين والمعتمرات
عبد الملك القاسم
أضيفت بتاريخ: 09 - 03 - 2004 نقلا عن: دار القاسم نسخة للطباعة القراء: 4039
الحمد لله ملاذ الخائفين ومُنجي المتقين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فقد ذَكَر المؤرخون في العصور الأولى من انبلاجِ نورِ الإسلام أن أهل المغرب الأقصى كانوا يسيرون إلى البيت الحرام بعد عيد الأضحى بأيام ليدركوا الحج القادم ..
ويستغرق سفرهم هذا إلى مكة وإقامتهم وحجهم سنة كاملة، فيها من مشقة السفر، وخوف الطريق، وانقطاع المؤنة ما الله به عليم.
ومن نِعَمِ اللهِ علينا في هذه البلاد تيسُّر السُّبُل، واستتبابِ الأمنِ ورغدِ العيشِ، فأسرع الموفقون إلى بيت الله الحرام، مُعتمرين وطائفين، وساجدين وراكعين، مصلين ومنفقين .. رغبة فيما عندَ الله عزّ وجلّ.
والعمرة في رمضان لها مزيةٌ خاصة وأجرٌ عظيم، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا رَجَعَ من حجةِ الوداع قال لامرأةٍ من الأنصار اسمها أُم سنان: «ما منعك أن تحجِّي معنا» قالت: أبو فلان- زوجها- له ناضحان، حج على أحدهما، والآخر نسقي به. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدلُ حجة». أو قال: «حجة معي». [متفق عليه].
وأجر العمرة عامة فيه جزيل الأجر، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنَّة» [متفق عليه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/388)
وقد أعظم الله الأجر، وأجزَل المثوبة لمن صلى في المسجد الحرام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي أفضل من أَلف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه» [رواه أحمد].
والمسلم يحرص على أن ينال أعلى الدرجات وجزيل الثواب، ساعياً إلى مرضاةِ ربِّه وطلباً لغفرانه، خاصة في هذا الشهر المبارك والمكان المبارك.
ورغبة في تمام الأجر وخوفاً من الزلل والوقوع في الخطأ، هذه إشارات وبشارات كُتبت في وقفات متتالية، والأخ المعتمر يعلم خيراً مني في ذلك:
- الوقفة الأولى: انتشرَت بين النساء السفر إلى العمرة بدون محرم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تسافر المرأة إلاَّ مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجلٌ إلاَّ ومعها محرم»، فقال رجل: يا رسول الله إنيِّ أُريد أن أَخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تُريد الحج! فقال صلى الله عليه وسلم: «اخرج معها» [رواه البخاري].
وهذا الرجل أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك الجيش الذي يريد أن يغزو معه، وأن يعود لينطلق مع زوجته التي خرجت في عبادة، ولم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم أهي كبيرة أم صغيرة؟ أمع نساء أو رجال؟! بل أمره باللحاق بها. والمؤمنة لا تذهب في سفر، لا لحج ولا لعمرة ولا غيره إلا مع محرم لها ولا تتعذر بطفل لم يبلغ الحلم.
- الوقفة الثانية: بعض الأولياء يترك أُسرته في بلدته ويضيع واجب رعايتهم والقيام عليهم، ويُقدم الذهاب إلى مكة على ذلك، وقد أَخطأ في هذا الاجتهاد. وحفظ الأهل والأبناء أولى وأجدر وأحق وأفضل، وبعض الشباب يضيِّع والديه الكبيرين وهما في حاجة إلى خدمته ومعونته، والأجر الأعظم هو في برهم ورعايتهم وبالإمكان الجمع بين عمرة لا تتجاوز مدتها يوماً، ثم العودة إليهما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}.
- الوقفة الثالثة: صلاة المرأة في بيتها خيرٌ لها من الصلاة مع جماعة المسلمين في المسجد، فعن أُم حُميد امرأة أَبي حميد الساعدي- رضي الله عنها- أَنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنِّي أُحب الصلاة معك، قال: «قَد علمت أنكِ تُحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خيرٌ من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في ممر دارك خيرٌ من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي» [رواه أحمد].
وتأمل أُختي المسلمة كيف تدرجَ الخير وتباينت الدرجات، ثم انظري في أعلاها وأفضلها وهي صلاة المرأة في بيتها، مقارنة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما ذاك إلاَّ صيانة للمرأة والرجل وسدّاً للذرائع. قالت عائشة- رضي الله عنها-: "لو عَلِمَ النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدَثت النساء بعده لمنعهن من الخروج"! هذا في زمن أم المؤمنين وفي صدر الإسلام الأول ولا تزال في الأمة وجوه الصحابة، فكيف لو رأت أم المؤمنين نساء هذه الأيام!
- الوقفة الرابعة: فَرِّغ نفسك أخي المسلم من لقاء الناس وكثرة الحديث! وتفرغ لأمر آخرتك، والبعض جعل البقاء في مكة وفي الحرم خاصة مكاناً للحديث وطول الكلام الذي لا فائدة من ورائه ولم يراعِ حرمة المكان ولا مشاعر المصلين، فتراه رافعاً صوته بالحديث مضيعاً وقته ومؤذياً غيره. واللسان أمره عظيم، وخطره جسيم قال تعالى: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عتيدٌ}. وقال صلى الله عليه وسلم: « ... وهل يُكَبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم». [رواه الترمذي].
وأحذِّر غيبة الأئمة والاستهزاء بهم، ولا تجعل لسانك يفري في أعراض المسلمين وغيبتهم وازدرائهم، وتجنب فحش الكلام وبذائته فأنت في شهر عظيم ومكان عظيم. ولا بد من الأدب والتأدُّب ومن ذلك إغلاق الهواتف النقالة وغيرها. وعدم الإتيان إلى الحرم بملابس النوم والله عزّ وجلّ يقول: {يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/389)
- الوقفة الخامسة: لا يكن للشيطان نصيبٌ من عملك الصالح فيوردك موارد الهلاك فإن الشيطان يقعدك عن العمل ويثبطك عن القيام به، فإذا جاهدت وقمت به، بدأ يركض عليك بخيله ورجله حتى يفسد عليك عملك بالرياء والسمعة والعجب والمباهاة! والله عزّ وجلّ لا يقبل من العمل إلاّ ما كان خالصاً لوجهه الكريم. قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}.
- الوقفة السادسة: السُّنَّة في القيام الإطالة، فلا تتأفف ولا تتذمر وجاهد نفسك فأنت في عبادة، واحذر من الحديث بعد التراويح أو القيام- أننا تعبنا وأنها صلاة طويلة! فربما يُحبط عملك! وصلاة القيام والتراويح الآن لا تتجاوز الساعة والنصف! وتأمل في أمور دنياك التي قد تقف وأنت تؤديها في إنتظار طويل ولا تتضجر، بل أنت فرح مسرور! وتذكر الأجر العظيم، قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه» [متفق عليه].
- الوقفة السابعة: تُقام في الحرم دروس متتابعة للعلماء فاحرص على حضورها فإن التزود من العلم الشرعي- خاصة لعامة الناس- أمر مهم وقد لا يتيسر لهم ذلك إلاَّ في هذا المكان. ويكفي مع تزودك بالعلم الشرعي أنها مجالس ذكر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قوم يذكرون الله إلاّ حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة، وتنزّلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم عن هذه المجالس: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا». قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: «مجالس العلم» [رواه الترمذي].
- الوقفة الثامنة: احذري أُختي المسلمة الذهاب للأسواق وضياع وقتك الثمين فيها، وليكن همك الطاعة والعبادة ورضى الله عزّ وجلّ! هاأنتِ من قبل تسيرين ساعات طوال في الأسواق ولا تملين .. ثم عن صلاة القيام تتراخين وتتكاسلين! وتجنبي مواضع الفتن فإن الشيطان يضع رايته في الأسواق، قال صلى الله عليه وسلم «أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» [رواه مسلم].
ولا يكن هذا الشهر وغيره سواء، واحذري أن تلحقك الذنوب في هذا الشهر المبارك والمكان المبارك بسبب رغبة شراء فستان أو حذاء، فاتّقي الله عزّ وجلّ في نفسك وفي شباب المسلمين، وما يضيرك لو تركتِ الذهاب إلى الأسواق، وتقربتِ إلى الله عزّ وجلّ بهذا الترك. خاصة أنك في سفر طاعة وقربة، فلا تحوليه إلى سفر معصية وذنوب وتعودين وأنت تحملين الآثام والأوزار.
والجنة- يا أُخية- لا تُنال بالسعي في الأسواق ولا تُطال بالجري وراء الموديلات .. بل الجنة سلعة الله الغالية، فبادري إليها بالعمل الصالح وسابقي إلى الخيرات، وابتعدي عن مواطن الزلل وعثرات الطريق.
قال الشيخ عبد الله بن جبرين عن حكم ذهاب المرأة إلى الأسواق: (لا يجوز الذهاب في كل الحالات إلا لضرورة شديدة بألا تجد من ينوب عنها في شراء حوائجها الخاصة أو لا يعرف ما تريده غيرها ... ).
- الوقفة التاسعة: مكة المكرمة بلد تُضاعف فيه الحسنات وكذلك السيئات يَعظُم إثمها، وقد توعد الله عزّ وجلّ من يرد فيه الفساد بعذاب أليم، فقال تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادِ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. قال ابن كثير- رحمه الله-: أي يهم بأمر فظيع من المعاصي الكبار. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة» وذكر منهم: «مُلحدٌ في الحرم» [رواه البخاري].
قال في فتح الباري: وظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أَشد من فعل الكبيرة في غيره.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: «لو أن رجلاً هم فيه بإلحاد وهو بعدن أَبين، لأَذاقه الله عذاباً أليماً». هذا فيمن همَّ فكيف بمن عمل!
- الوقفة العاشرة: مع كثرة دخول وخروج المصلين والمصليات إلى الحرم فإن على كل مسلم ومسلمة أن يحرصا على البعد عن المزاحمة مع غض أبصارهم. قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/390)
{وَقُل لِّلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}. قال ابن كثير رحمه الله: " وهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم لما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا لما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرمٍ من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً". والنبي صلى الله عليه وسلم يُذكِّر علي بن أبي طالب وهو من هو في الورع والتقى فيقول: «يا علي، إن لك كنزاً في الجنة فلا تُتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» [رواه أحمد].
وهذا ابن سيرين يقول: إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحلُّ لي، فأصرف بصري عنها .. فاستحضر يا من أنت في بلد الله الحرام .. عظمة الجبار، وهو المطلع، ويوماً تتطاير فيه الصحف وتشيب فيه الولدان. وبالإمكان تلافي الزحام بالتأخر لمدة دقائق واستثمارها في قراءة القرآن أو الذكر.
- الوقفة الحادية عشر: كما أن للوضوء شروطاً لا تصح الصلاة إلا بها، فإن للحجاب شروطاً لا بد من توافرها لكي تتعبد المسلمة الله عزّ وجلّ بهذا الستر والاحتشام.
ومن شروط الحجاب: أن يستر كل الجسم بلا استثناء، وأن لا يكون زينة في نفسه، وأن يكون سميكاً غير شفاف، وأن يكون واسعاً فضفاضاً غير ضيق، وأن لا يكون مشابهاً لملابس الرجال، وأن لا يكون معطراً، أو مبخراً.
فإلى المرأة المسلمة الحيية التقية النقية التي تسعى إلى رضا الله عزّ وجلّ وطلب مغفرته ومرضاته .. احرصي – بارك الله في أعمالك- على لباس العباءة الساترة غير المزركشة، وابتعدي عن النقاب والكاب ووضع العباءة على الكتف، وتجنبي- حرم الله وجهك عن النار- مزاحمة الرجال أو التعطر وأنتِ خارجة أمامهم.
ومن تمام الستر لبس الجورب والقفازين سترك الله بستره .. وبوأك من الجنة غرفاً تجري من تحتها الأنهار.
واحذري من أن تكوني ممن قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم: «رُب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» [رواه البخاري].
- الوقفة الثانية عشرة: لكل من أدركَ رمضان وأعانه الله على أداء العمرة والصلاة في المسجد الحرام، جدّد التوبة والأوبة وعد إلى الله عوداً حميداً، واستثمر وقتك في الطاعة والعبادة فإنها أيام قلائل وساعات معدودة. ولا يكن سفرك المسافات البعيدة لتعصي الله عزّ وّوجلّ بالفعل أو القول ولا تضيع أوقاتك في الأسواق ومراقبة الناس! واحرص على غض بصرك وتزود من الخير {وَتَزَوَّدُوا فَإِنّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ولا يكن آخر عهدك بهذا البيت العظيم العصيان والآثام! وأربأ بكل مسلم (ومسلمة) باحث عن الأجر وهو يجانب طريق الخير، وأربأ أن يجتمع عليهم في بلد الله الحرام: حرمة الشهر، وحرمة المكان، وحرمة الذنب! واعلم يا ابن آدم أنك تموت وحدك وتبعث وحدك وتحاسب وحدك .. فاستعد للأمر وتيقظ للقادم، وتأهب للسؤال فإن أمامك ناراً يُقال لها لظى، وجنة عرضها السموات والأرض، فكم من المسابقين إليها، وجُدَّ في طلبها وكم ممن أثنى الله عليهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَشِعِينَ}.
- الوقفة الثالثة عشر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلته في الإسلام عظيمة، وعده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، وقدمه الله عزّ وجلّ على الإيمان في قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}. وقدّمه الله عزّ وجلّ في سورة التوبة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وفي هذا التقديم بيان لشأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعظم منزلته وخطر تركه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الصالحين ومن أسباب التمكين في الأرض، ومن أسباب النصر وكذلك من أسباب قبول الدعاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/391)
قال الشيخ حمد بن عتيق- رحمه الله-: (فلو قُدِّر أن رجلاً يصوم النهار ويقوم الليل ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع هذا لا يغضب الله، ولا يتمعَّر وجهه، ولا يحمر، فلا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، فهذا الرجل من أبغض الناس عند الله وأقلهم ديناً وأصحاب الكبائر أحسن عند الله منه).
ودرجات تغيير المنكر ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم].
فهاهم أحبابك وإخوانك سد منهم النقص ودلهم على الخير وأمرهم به وانههم عن المنكر، وقابلهم بالرفق واللين وحسن الكلام وجميل المقابلة.
ومجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة، منها: إقامة الصفوف وتنبيه الغافل وتعليم الجاهل وإبعاد النساء عن الرجال والأمر بالحجاب والتحذير من السفور.
والمسلمة تُعلِّم النساء كيفية الصلاة الصحيحة وأمور الطهارة وتحذرهن من البدع والشرك وتأمرهن بالحجاب ...
- الوقفة الرابعة عشر: الدعاء ... الدعاء .. قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» [رواه أبو داود].
فأحرص أخي الكريم على الدعاء وأكثر منه بقلب حاضر، ورجاء في الإجابة إن الله جواد كريم، وقد اجتمع لك المكان الطاهر، والزمان الفاضل، وأنت صائم، ومسافر، فتحرَّ فتح الأبواب، وأكثر من الدعاء لخاصة نفسك، ولوالديك، وذريتك، وادعُ الله عزّ وجلّ أن يُصلح أمور المسلمين.
الوقفة الخامسة عشر: إلى كل أب وأُم وزوج أسوق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ... » [متفق عليه].
وإلى كل مسؤول عن أسرته، لا يكن بقاءك في مكة وانشغالك بالعبادة ضياع لحقوق الرعاية، والحفظ والصون لمحارمك، فإن إهمالهم خطراً عظيماً عليهم وتضييعاً لأمر رعايتهم، واصحب أبناءك معك، ولتصحب الأم بناتها ولا يخرجن ولا يدخلن إلى معها، مع تمام الستر والحشمة، وإن تيسر لك أن تعود بعد العمرة مباشرة بأهلك فذلك خير. و والله نرى ما يندى له الجبين من ترك الحبل على الغارب في تلك الأماكن المقدسة من سفور النساء وكثرة ترددهن على الأسواق واختلاطهن بالرجال.
أخي المسلم .. أختي المسلمة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أُمتي يدخلون الجنة إلا من أبى» قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» [رواه البخاري].
جعلني الله وإياكم ووالدينا من المقبولين في هذا الشهر الكريم، ومنَّ علينا برحته ورضوانه والعتق من نيرانه، وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=644
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:21 م]ـ
تكرار الحج
سلمان بن فهد العودة
يستعدّ الكثير - من أهل الخليج والسعودية بصفة أخص - هذه الأيام للسفر إلى الأماكن المقدسة لحج بيت الله الحرام.
حج الفريضة واجب على كل مسلم قادر توفّرت فيه الشروط بإجماع العلماء، بل هو أحد الأركان الخمسة التي عليها مدار الإسلام بالاتفاق، ومن جحد وجوبه كفر إجماعاً.
والتزوّد من النوافل خير، {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:158]
بيد أن ثمّة نوافلَ تخص الفرد ذاته, كالصلاة والصيام، فهذه تعود إلى المتطوّع دون غيره، والأغلب أن الآخرين لا يتضرّرون منها، ولا يستفيدون منها بصفة مباشرة.
وثمّة نوافل تنفع الناس, ويتعدّى برّها وخيرها لهم؛ كنوافل الصدقة والإحسان؛ فمهما أكثر منها المرء كان فضلاًًَ له، ونفعاًَ لغيره.
ولذا يُقال: لا إسراف في الخير, وإن كان هذا الأمر ليس على إطلاقه.
ولذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص عندما أوصى بماله كله، بأن يُمسِك بعضه فهو خير له. البخاري ومسلم.
وفي الصحيحين في قصة الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ونزلت توبتهم؛ «قال كعب بن مالك: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقاً, وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ. فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/392)
ويبقى قسم ثالث من النفل لا يتعلق بالمرء ذاته فحسب، بل له تعلّق بالآخرين بسبب المزاحمة في المكان أو في غيره.
والحج والعمرة من هذا القبيل، فإن المشاعر محدودة، والزمان موقوت لا يتقدم ولا يتأخر.
ويعلم كل ذي لُبّ أنه لو حجّ من المسلمين نسبة قليلة ممن لم يؤدّوا الحج أصلاً - ولتكن (1%) - لكان عدد الواقفين بعرفة (12 مليون حاجٍ)، ولما وَسِعهم المكان, ولفات الكثيرين منهم الحج, ولأساء بعضهم إلى بعض بالضرورة.
ولذا فالحجاج الآن (0.1%) من نسبة السكان (أي: واحد بالألف).
ومعنى ذلك أن شعباً كإندونيسيا (200 مليون) يحتاجون إلى ألف سنة ليتمكنوا من أداء الحج.
طبعاً هذا افتراض نظري بحت!!
زِد على ذلك المعاناة السنوية بالازدحام الهائل الذي يفقد الفريضة روحانيتها وقدسيتها، ويحيلها إلى صخب وضجيج وعِراك وجدل، ويتكرر المشهد دورياً بأن يموت المئات تحت أقدام إخوانهم، وهم – جميعاً – متلبسون بأداء فريضة من فرائض الله.
ويا للحزن العميق!
يُفترض أن الدافع إيماني دائماً لهذه الرحلة المباركة ... فكيف يغفل المسلم القريب في هذه الديار عن الآثار الصعبة التي يحدثها تكرار الحج كل عام، أو عاماً بعد عام على إخوانه المسلمين القادمين من بعيد، المؤدين للفريضة- وليس النافلة - من شيوخ ونساء وضعفاء وفقراء ومرضى .. وهو لا يبالي بهم، ولا يكترث لمعاناتهم، والمهم أن يداوم على ما اعتاده من الحج؟!
وفي سبيل هذا العمل قد يزوّر الترخيص، وقد يكذب، وربما استدان مالاً، أو ترك أهله مع حاجتهم له، أو صارت رحلة الحج عنده فسحة ومتعة وتسلية واستئناساً بالصحبة المعتادة ..
وإذا كانت تنظيمات الحج لا تسمح بتكراره الآن إلا بعد خمس سنوات، وهذا مبني على قرار هيئة كبار العلماء في المملكة حرصاً على تنظيم الحج وتفويج الراغبين فيه، وقد ورد في حديث فيه مقال عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول: «إِنَّ عَبْدًا أَصْحَحْتُ جِسْمَهُ وَأَوْسَعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ تَأْتِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَمْ يَفِدْ إِلَيَّ لَمَحْرُومٌ».رواه الطبراني وأبو يعلى والبيهقي وابن حبان، وضعّفه غير واحد. وإذا كانت صحة الجسم وسعة الرزق، وضمنها أمن الطريق محل رعاية، وهي أمور تعود للإنسان ذاته، فهذا يتضمن باللزوم رعاية حقوق الآخرين واحتياجاتهم ومصالحهم من أهل يعولهم، أو من لهم عليه استحقاق ما, ومنهم إخوانه المسلمون الحجاج الذين يطلبون ما يطلب ويريدون ما يريد.
والكثير من الناس يردّدون: ماذا يضرّ وجودي وأنا فرد واحد!
وماذا ينفع غيابي!
وهذا منطق غريب، يوحي باستفحال الرؤية الأنانية, وغياب الإحساس بالمسؤولية!
ولو أن كل من قرأ هذه السطور أخذ على نفسه أن يتصدق بقيمة حجة النافلة على إخوانه المسلمين, ويتصدق أيضاً بالمكان الذي سوف يحتله لو حج في منى أو عرفة أو مزدلفة أو عند البيت أو عند الجمرة أو في الطرقات أو المراكب؛ لأمكننا أن نساهم فعلياً في تخفيف الازدحام، وتيسير الحج، وتجنيب المسلمين مغبة الارتباك والقتل عند المشاعر.
والصدقة بقيمة الحج أفضل في مثل هذه الأوقات التي تتعاظم حاجة الناس فيها إلى المال، كما في الكوارث التي تضرب بلاد الإسلام من الزلازل، أو المجاعات أو الحروب التي لم تنقطع منذ عشرات السنين.
ذكر ابن مفلح في الفروع (ج2/ص497) أن الإمام أحمد سُئل: أيحج نفلاً أم يصل قرابته؟ قال: إن كانوا محتاجين يصلهم أحبّ إلي.
ونقل ابن هانئ في هذه المسألة أن الإمام أحمد قال: يضعها في أكباد جائعة.
وفي الزهد للإمام أحمد عن الحسن قال: يقول أحدهم أحجّ أحجّ, وقد حججت! صِلْ رحماً, تصدّق على مغموم, أحسن إلى جار.
وفي كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي: إن الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد.
وعن وكيع عن سفيان عن أبي مسكين قال: كانوا يرون أنه إذا حج مراراً أن الصدقة أفضل. وهو قول الإمام النخعي أيضاً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (ج: 4 ص: 465): والحجّ على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست واجبة, وأما إن كان له أقارب محاويج فالصدقة عليهم أفضل, وكذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/393)
وفي مثل هذه الأحوال التي يعاني الحجيج فيها من إشكالات عديدة في أداء النسك بسبب الجهل والازدحام وسوء التنظيم وغير ذلك يكون الأمر ألزم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: «يَا عُمَرُ، إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ لاَ تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلاَّ فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ». أخرجه أحمد والشافعي والبيهقي في الكبرى.
وعن ابن عباس قال: إذا وجدت على الركن زحاماً فانصرف ولا تقف.
وعن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه أنها كانت عند عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها: يا أم المؤمنين، طفت بالبيت سبعاً، واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً, فقالت لها عائشة: لا أجرك الله لا أجرك الله، تدافعين الرجال؟ ألا كبّرت ومرَرْت. وعن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص أنها قالت: كان أبي يقول لنا: إذا وجدتُن فرجة من الناس فاستلمن، وإلا فكبّرن وامضين.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عطاء عن ابن عباس قال: كان يكره أن يزاحم على الحجر تؤذي مسلماً أو يؤذيك.
وعن سعيد بن عبيد الطائي قال: رأيت الحسن أتى الحجر، فرأى زِحاماً فلم يستلمه، فدعا ثم أتى المقام، فصلى عنده ركعتين.
وهذا ليس خاصاً بالحجر أو الركن، بل هو قاعدة عامة أن ما يترتب عليه مشقة على الناس أو تضييق فعلى المرء تجنّبه.
نعم هنالك من يكون الحج أولى له، أو يلزمه بسبب غير سبب الوجوب الأصلي، كمن يذهب مَحْرَماً لزوجه أو قريبته، أو مصاحباً لوالد مسِن، أو قائماً على مسؤولية تتعلق بمصالح الحجيج، دينية كانت أو دنيوية، لكن يظل سواد عريض من مزمعي الحج هم من غير هؤلاء.
وإنني أتمنى من الشيوخ الأفاضل والدعاة والمفتين، وكبار العلماء, وأخصّ منهم سماحة المفتي العام للملكة؛ أن يُولوا هذا الموضوع عناية خاصة، وأن يوجّهوا نداءات متكرّرة وقويّة إلى الصالحين من أهل هذا البلد خاصة؛ أن يوفّروا على إخوانهم وعلى أنفسهم، وأن يتصدقوا بقيمة حجّهم، خصوصاً وقد صدر من هيئة كبار العلماء في شأن تنظيم الحج ما سبق.
وربك تعالى سيكتب لهم نياتهم الصالحة ومقاصدهم الحسنة، وليؤثروا إخوانهم ممن لم يؤدّوا الفريضة أصلاً، ولا يكونوا بفعلهم هذه النافلة سبباً -ولو غير مباشر- في ارتكاب ذنوب عظيمة من تفويت حجّ على مفترض، أو زِحام يؤدي إلى إزهاق الأنفس، وليراعوا المقاصد الشرعية العظيمة في سَن هذه العبادات وتشريعها للناس، فربما أدّى المرء نافلة، وتسبّب في مفسدة أعظم وأكبر.
وليس من أُخوّة الإيمان – بحال- أن يعزل المرء نفسه عن مشكلات الآخرين وهمومهم؛ فهؤلاء المسلمون الذين تزاحمهم عند الحجر، وفي المطاف والمسعى وعند الجمرة, هم الذين تتألم لهم وأنت تراهم على شاشة التلفاز جياعاً أو مشرَّدين أو مضطّهدين على أيدي الكفرة الغادرين.
والمشكلة الأهم ليست في حج المقتدرين الذين يترتب على حضورهم نفع متعد بعلم أو إحسان، ولكن في حضور غيرهم ممن يرمون بأنفسهم في الزّحام، فيفترشون الطرقات ويسدّون المنافذ، ويوقعون المهالك.
تقبّل الله منا ومنكم صدقاتكم, وغفر لنا ولكم.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1034
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:24 م]ـ
حجوا قبل أن لا تحجوا
عبد الملك القاسم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فاحمد الله عزّ وجلّ- أخي المسلم- أن مدّ في عمرك لترى تتابع الأيام والشهور، فأماك الآن موسم الحج الذي قد أشرق، وهاهم وفود الحجيج بدأوا يملأون الفضاء ملبين مكبرين أتوا من أقصى الأرض شرقاً وغرباً وبعضهم له سنوات وهو يجمع درهماً على درهم يقتطعها من قوته حتى جمع ما يعينه على أداء هذه الفريضة العظيمة.
وأنت هنا – أخي الحبيب- قد تيسرت لك الأسباب وتهيأت لك السبل فلماذا تؤخر وإلى متى تؤجل؟! أما سمعت قول الله عزّ وجلّ: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإنّ الله غنيٌ عن العالمين} [آل عمران:97].
وقوله تعالى: {وأتمُّوا الحج والعمرة لله} [البقرة:196].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/394)
وقوله جلّ وعلا: {وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} [الحج:27].
أخي المسلم: الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً» [متفق عليه].
ويجب على المسلم المستطيع المبادرة إلى الحج حتى لا يأثم ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» [رواه أحمد].
وعن عبد الرحمن بن سابط يرفعه: "من مات ولم يحج حجة الإسلام، لم يمنعه مرض حابس أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، فليمت على أي حال، يهودياً أو نصرانياً".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين" [رواه البيهقي].
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له مال يبلّغه حج بيت الله، أو تجب عليه فيه الزكاة، سأل الرجعة عند الموت».
فقال له رجل: يابن عباس اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكافر، فقال: سأتلوا عليكم بذلك قرآنا: {يا أيها الذين آمنوا لا تُلهكم ... } [المنافقون:9]. [رواه الترمذي وابن جرير].
فيجب عليك أخي المسلم المبادرة والإسراع إلى أداء هذه الفريضة العظيمة فإن الأمور ميسرة ولله الحمد، فلا يقعدنك الشيطان، ولا يأخذنك التسويف، ولا تلهينك الأماني ...
واسأل نفسك: إلى متى وأنت تؤخر الحج إلى العام القادم؟ ومن يعلم أين أنت العام القادم أفوق التراب أم تحته؟! وتأمل في حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم وهم يسيرون شهوراً وليالي ليصلوا إلى البيت العتيق؟! وبعض الناس يتلبسه الشيطان بأعذار واهية .. فتراه يؤجل عاماً بعد آخر معتذراً بشدة الحر وكثرة الزحام؟! فمتى عُرف عن أيام الحج عكس ذلك؟!
أخي المسلم: إن فضل الحج عظيم وأجره جزيل، فهو يجمع بين عبادة بدنية ومادية: فالأولى بالمشقة والتعب والنصب والحل والترحال، والثانية بالنفقة التي ينفقها الحاج في ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» [متفق عليه].
و «سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور» [رواه البخاري].
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على التزود من الطاعات والمتابعة بين الحج والعمرة فقال: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة» [رواه الترمذي].
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث يحرك المشاعر ويستحث الخطى: «العمرة العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» [رواه مسلم].
ومع هذا الأجر العظيم فإن أيام الحج قليلة لا تتجاوز أسبوعاً لمن هم في أقصى البلاد ولله الحمد، وأربعة أيام لأهل مكة وما حولها!! أليست هذه يا أخي المسلم نعمة عظيمة؟ بلى والله إنها نعمة عظيمة فلا تترد ولا تتهاون .. فالدروب ميسرة والطرق معبدة والأمن ضارب أطنابه ورغد العيش لا حد له .. نعم تحتاج إلى شكر، وحياة خُلقت فيها للعبادة، فلا تسوف ولا تؤخر، وأبشر وأنت من وفد الرحمن، وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم.
وأبشر بيوم عظيم تقال فيه العثرة وتغفر فيه الزلة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة» [رواه مسلم].
فلتهنأ نفسك ولتقر عينك واستعد للقاء الله عزّ وجلّ واستثمر أوقاتك فيما يعود عليك نفعها في الآخرة فإنها ستفرحك يوم لا ينفع مال ولا بنون ... يوم تتطاير الصحف، وترتجف القلوب، وتتقلب الأفئدة، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى .. ولكن عذاب الله شديد.
أخي الحبيب: اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها، وللآخرة بقدر بقائك فيها، ولا تسوف فالموت أمامك والمرض يطرقك والأشغال تتابعك ولكن هرباً من كل ذلك استعن بالله وتوكل عليه وكن من الملبين المكبرين هذا العام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/395)
أخي المسلم: أما وقد انشرح صدرك وأردت الحج وقصدت وجه الله عزّ وجلّ والدار الآخرة أذكرك بأمور:
1 - الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار، فاستخر الله في الوقت والراحلة والرفيق، وصفة الاستخارة أن تصلي ركعتين ثم تدعو دعاء الاستخارة المعروف.
2 - إخلاص النية لله عزّ وجلّ: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله ونفقاته مقرة إلى الله عزّ وجلّ. قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى» [متفق عليه].
3 - تعلّم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاء التي قد تفسد عليك حجك. وكتب الأحكام ولله الحمد متوفرة بكثرة.
4 - توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى: فينبغي بمن عزم على الحج أن يوفر لمن تجب عليه نفقتهم م يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.
5 - التوبة إلى الله عزّ وجلّ من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عند مظالم للناس ردّها وتحللهم منها سواء كانت عرضاً أو مالاً أو غير ذلك.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: من حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعاً ولا يصح حجه، أما إن كان تركها تساهلاً وتهاوناً فهذا فيه خلاف بين أهل العلم: منهم من يرى صحة حجه، ومنهم من لا يرى صحة حجه، والصواب أنه لا يصح حجه أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر».
وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» وهذا يعم من جحد وجوبها، ويعم من تركها تهاوناً، والله ولي التوفيق.
6 - اختيار النفقة الحلال: التي تكون من الكسب الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم. فإن الذي يحج وكسبه مشتبه فيه لا يُقبل حجه، وقد يكون مقبولاً ولكنه آثم من جهة أخرى. ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا خرج الحاج بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، حجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الحرام الخبيثة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك. زادك حرام، وراحلتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور» [رواه الطبراني].
إذا حججت بمال أصله سحت فما
حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل صالحة ما
كل من حجّ بيت الله مبرور
7 - اختيار الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة. وهم يحتسبون كل ذلك عبادة وقربة إلى الله عزّ وجلّ.
8 - عليك بالالتزام بآداب السفر: وأدعيته المعروفة التي منها دعاء السفر والتكبير إذا صعدت مرتفعاً والتسبيح إذا نزلت وادياً، ودعاء نزول منازل الطريق وغيرها.
9 - لا بد أن توطن نفسك: على تحمل مشقة السفر وعثائه وصعوبته، وتحتسب كل ذلك في ميزان حسناته؛ فإن بعض الناس يتأفف من حر أو قلة طعام أو طول طريق. فأنت لم تذهب لنزهة أو ترفيه، واعلم أن أعلى أنواع الصبر وأعظمها أجراً هو الصبر على الطاعة .. ومع توفر المواصلات وتمهيد السبل إلا أنه يبقى هناك مشقة وتعب ..
فلا تبطل أعمالك أيها الحاج بالمنّ والأذى وضيق الصدر ومدافعة المسلمين بيدك أو بلسانك بل عليك بالرفق والسكينة.
10 - غض بصرك عما حرم: واتق محارم الله عزّ وجلّ فأنت في أماكن ومشاعر عظيمة، واحفظ لسانك وجوارحك ولا يكن حجك ذنوباً وأوزاراً تحملها على ظهرك يوم القيامة.
11 - تقبل الله طاعاتنا وتجاوز عن تقصيرنا وجعلنا ووالدينا من المغفور لهم الملبين هذا العام والأعوام القادمة.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1029
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:25 م]ـ
رسالة عاجلة إلى كل معتمر .. ثلاثون تنبيهاً حول المخالفات الشرعية للمعتمرين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/396)
يوسف بن عبد الله الأحمد
العناصر:
أخطاء المعتمرين في الإحرام والطواف والسعي والتقصير.
تبرج النساء.
بدع المعتمرين.
اصطفاف النساء مع الرجال.
وسائل مهمة في الدعوة والاحتساب في مكة.
مسائل الإحرام من جدة.
صلاة المسافر.
سترة المصلي في الحرم.
صفة صلاة الجنازة.
الإجابة على أسئلة المعتمرين المتكررة.
صفة العمرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد.
فمن مظاهر الخير كثرة إقبال الناس على العمرة في رمضان وفي الإجازة الصيفية و سائر السنة، وحق لهم فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما .. » متفق عليه من حديث أبي هريرة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته، قال لأم سنان الأنصارية: ما منعك من الحج؟ قالت: أبو فلان ــ تعني زوجها ــ له ناضحان (أي جملان) حجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تقضي حجة معي» متفق عليه.
وقد لحظت ولحظ غيري من طلاب العلم كثرة أسئلة الناس وإشكالتهم في العمرة، وتكثر كذلك المخالفات الشرعية في أدائهم للنسك أو أثناء بقائهم في مكة، فرأيت من المناسب إعداد هذه المطوية لتتضمن الإجابة على ما أمكن من أسئلة المعتمرين المتكررة، وكذلك التنبيه على كثير من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعضهم، مع ذكر بعض الطرق والوسائل للدعاة وأهل الخير في كيفية الاحتساب عليها، ويمكن أن آتي عليها في النقاط الآتية:
1. يعتقد بعض الناس أن ثوب المرأة للإحرام محدد باللون الأخضر أو الأسود أو الأبيض؛ وهذا غير صحيح؛ فإنه لم يثبت في تحديد لون الثوب شيء.
2. التلفظ بالنية كأن يقول: (اللهم إني أريد، أو نويت نسك كذا فيسره لي) غير مشروع، والمشروع أن يلبي بنسكه فيقول: لبيك عمرة.
3. يجوز للمحرم أن يستعمل الصابون، ووسائل النظافة الأخرى، والمرهم؛ لأنها ليست من محظورات الإحرام، بشرط: ألا تكون معطرة.
4. يجوز للمحرم أيضاً أن يستعمل السواك و فرشاة و معجون الأسنان. أما النكهة الطيبة التي تصاحب معجون الأسنان كرائحة النعناع مثلاً فلا تضر؛ لأنها ليست طيباً.
5. التلبية الجماعية بصوت واحد - التي يفعلها بعض الحجاج - بدعة، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه. والصواب أن يلبي كل معتمر بصوت منفرد.
6. لا يلزم أن يستمر المحرم (رجلاً كان أو امرأة) في الثوب الذي أحرم فيه طيلة النسك، بل يجوز أن يغيره متى شاء، ويجوز له أن يغتسل للتنظف؛ لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام.
7. يجوز للمرأة أن تمشط شعرها، وأن تحك بدنها؛ بشرط أن لاتتعمد إزالة الشعر. لقول أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -: «كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام». أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
8. القادمون للعمرة بالطائرة إلى جدة: الواجب عليهم أن يحرموا في الطائرة إذا حاذوا الميقات. وإذا رغب القادم للعمرة أن يمكث في جدة يوماً أو يومين ثم ينزل إلى مكة، فالأفضل في حقه أن يبادر بالعمرة ثم يرجع إلى جدة، فإن لم يفعل مكث في جدة بإحرامه فإذا انتهى من عمله أكمل عمرته، أو أنه لا يحرم أصلا فإذا انتهى من عمله في جدة رجع إلى الميقات فأحرم منه.
9. من سافر إلى جدة وهو لم يرد العمرة، أو كان متردداً في العمرة، ثم عزم على العمرة وهو في جدة: أحرم من جدة لأنه لم يعزم على العمرة إلا منها، فأصبح حكمه حكم أهل جدة، وأهل جدة يحرمون منها لأنهم دون المواقيت كما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها» أخرجه البخاري ومسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/397)
10. من فعل محظوراً من محظورات الإحرام وهو ناسٍ أو جاهل فلا شيء عليه، لقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال ابن عباس: "لما نزلت هذه الآية، قال الله: قد فعلت" أخرجه مسلم.
11. على المعتمر أن يحرص على ستر عورته؛ فإن بعض الرجال قد تنكشف عورته أمام الآخرين أثناء الجلوس أو النوم وهو لا يشعر.
12. الطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير أهل العلم. بخلاف السعي فلا تشترط له الطهارة، فمن سعى على غير طهارة، فسعيه صحيح، ولا شيء عليه.
13. إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف، أو حضرت صلاة جنازة؛ فصلِّ معهم ثم أكمل الطواف من حيث توقفت. ولا تنس تغطية العاتقين أثناء الصلاة؛ فإن تغطيتهما في الصلاة واجبة.
14. إذا احتجت للجلوس قليلاً، أو لشرب ماء، أو للانتقال من الدور الأرضي إلى الدور العلوي، أو العكس أثناء الطواف فلا حرج.
15. إذا شككت في عدد الأشواط فتحرَّ الصواب؛ فإن غلب على ظنك شيء فاعمل به، وإن لم يغلب على ظنك شيء فابن على اليقين: وهو الأقل؛ فإذا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة فاجعلها ثلاثة.
16. بعض المعتمرين يضطبع من أول لبس الإحرام، ويبقى مضطبعاً حتى ينتهي من العمرة، وهذا خطأ، والمشروع أن يغطي كتفيه، ولا يضطبع إلا في الطواف الأول.
17. ركعتا الطواف يسن فعلهما خلف المقام. ومن الخطأ ما يفعله بعض المعتمرين من الصلاة خلف المقام في أوقات الزحام فيؤذون بذلك الطائفين، والصواب: أن يرجع إلى الخلف حتى يبتعد عن الطائفين فيجعل المقام بينه وبين الكعبة. وإن صلاها في أي موضع من الحرم أجزأت.
18. ينتشر بين بعض الناس في الطواف و السعي بدعتان:
الأولى: التزام دعاءٍ معين لكل شوط، كما هو موجود في بعض الكتيبات.
الثانية: دعاء مجموعة من الحجاج خلف قائد لهم بصوت واحد مرتفع. فعلى الحاج أن يحذر من هاتين البدعتين؛ لأنه لم يثبت فيهما شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه رضي الله عنهم. وفيه أيضاً إيذاء وتشويش شديد على الطائفين.
19. المحظور في حق المرأة مخيط الوجه واليدين؛ فلا يجوز أن تغطي وجهها بالنقاب، أو البرقع، أو اللثام، ويجوز لها أن تغطي وجهها بغير ذلك كالغطاء العادي. ولا يجوز أن تلبس القفازين، ولكن يجب أن تغطيهما أمام الرجال الأجانب بإدخال اليدين في العباءة؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « .. ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» أخرجه البخاري.
و يعتقد بعض النساء جواز كشف الوجه أمام الرجال ما دامت محرمة وهذا خطأ، والواجب تغطيته؛ ومن الأدلة على ذلك:
أ. قول عائشة رضي الله عنها-: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه» أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن.
ب. وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: «كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام». أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره. وكثير من النساء القادمات للعمرة يكشفن وجوههن أثناء الإحرام وبعدة، حتى أصبح كشف الوجه ظاهرة في الحرم، فلابد أن تعلم المرأة أن كشفها للوجه أمام الرجال الأجانب أمر محرم شرعاً لما سبق من الأدلة وغيرها، والواجب عليها التوبة إلى الله وستره أمام الرجال الأجانب.
20. كثير من النساء لايلبسن الجلباب، وتكتفي بلبس الثوب أو البنطال. والواجب على المؤمنة أن تلبس الجلباب (العباءة) إذا خرجت أمام الرجال، والدليل على ذلك قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً} [الأحزاب:59]. وعن أم سلمة ~ قالت: «لما نزلت {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ» أخرجه أبوداود بسند صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/398)
والدليل الثاني على وجوب لبس الجلباب: حديث أم عطية ~ قالت: «أُمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور (وهي المرأة التي لم تتزوج) فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيض عن مصلاهن قالت امرأة: يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب، قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها» أخرجه البخاري ومسلم.
21. بعض الناس يكتفي بتقصير جزء من شعر الرأس من الأمام والخلف، وهذا التقصير لا يكفي، والواجب أن يعمّ جميع الرأس بالحلق أو التقصير، لقوله تعالى: {محلقين رؤوسكم ومقصرين}.
22. المرأة الحائض يجوز لها أن تحرم بالعمرة ولكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر. وإذا كانت تخشى أن يرجع أهلها من مكة وهي لم تطهر وهي مضطرة للرجوع معهم، فالحل هنا: ألا تحرم وتدخل مكة بدون إحرام، فإن رجع أهلها وهي لم تطهر رجعت معهم ولا حرج عليها لأنها لم تحرم، وإن طهرت وهي في مكة أحرمت بالعمرة كأهل مكة من أدنى الحل كالتنعيم وطافت وسعت وقصرت؛ لأنها تجاوزت الميقات وهي غير جازمة بالعمرة.
أما إذا تجاوزت الميقات وهي عازمة على العمرة لكنها لا تريد أن تبقى محرمة عدة أيام قبل الطهر، فالواجب عليها أن ترجع إلى الميقات وتحرم منه؛ لأنه وجب في حقها الإحرام من الميقات.
23. لا يجوز المرور أمام المصلي إذا كان إماماً أو منفرداً. أما المأمومون فيجوز المرور أمامهم وبين الصفوف.
وينبغي على المصلي أن يبتعد عن مكان مرور الناس في الحرم. وعليه أن يتخذ سترة يصلي إليها ويقرب منها كالجدار والعامود ورف المصاحف ونحو ذلك ولا يضره من مرّ وراء السترة، وألا يقل طولها عن ذراع. فعن أبي سعيد _ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان» أخرجه البخاري ومسلم.
ولا فرق في أحكام السترة بين الحرم المكي وغيره على القول الراجح من قولي العلماء، فإذا كان المرور بين يدي المصلي في غير الحرم محرماً ففي الحرم من باب أولى، بل قد ثبت اتخاذ السترة في الحرم من فعل الصحابة؛ فعن يحي بن كثير قال: "رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئاً أو هيأ شيئاً يصلي إليه".رواه ابن سعد.
وعن صالح بن كيسان قال: " رأيت ابن عمر _ يصلي في الكعبة ولا يدع أحداً يمرّ بين يديه ". رواه أبو زرعة في تاريخ دمشق وابن عساكر في تاريخ دمشق. (وإسناد الأثرين صحيح كما قال الألباني في كتابه حجة الرسول صلى الله عليه وسلم ص22).
أما حديث المطلب بن أبي وِداعة قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي والناس يمرون بين يديه، ليس بينه وبين الكعبة سترة» فإن إسناده ضعيف أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وقال ابن حجر: " رجاله موثوقون إلا أنه معلول " الفتح (1/ 687) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ح 928.
24. من الخطأ ما يفعله بعض الناس من تكرار العمرة إذا وصل إلى مكة؛ فإن ذلك ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم ولو كان فيه فضل لسبقونا إليه.
25. من بدع بعض المعتمرين ذهابهم إلى غار حراء والتبرك به والدعاء أو الصلاة عنده.
ومن البدع أيضاً التبرك بالمكتبة الموجودة أمام ساحة المسعى أو الصلاة أو الدعاء عندها بل بعضهم يستقبلها ويستدبر الكعبة، كل هذا ظناً منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد فيها، ولو فرضنا جدلاً صحة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، فإن هذا لا يعني تخصيص هذا المكان بأي نوع من العبادة، فقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم واعتمر أصحابه ولم يذهبوا إلى غار حراء ولا إلى مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان في الذهاب إليهما فضل لسبقونا إليه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد» أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة، وفي رواية لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ومن أحب النبي صلى الله عليه وسلم اتبعه ولم يبتدع في دينه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/399)
26. المسافر القادم للعمرة يسن له في الطريق القصر والجمع، أما أثناء بقائهم في مكة فيسن له أن يقصر فقط، أما الجمع فجائز له وتركه أفضل. والمشروع في حقه أن يصلي الصلوات الخمس جماعة في المسجد، وإذا صلى في المسجد فيجب عليه أن يتم الرباعية متابعة للإمام حتى لولم يدرك منها إلا ركعة واحدة، والدليل عليه حديث ابن عباس _ أن موسى بن سلمة رحمه الله قال: «كنا مع ابن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين. قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم» أخرجه أحمد بسند جيد. و أصرح منه أثر ابن عمر رضي الله عنهما أن أبا مجلز قال: قلت لابن عمر: " أدركت ركعة من صلاة المقيمين وأنا مسافر؟ فقال: صل بصلاتهم " أخرجه عبدالرزاق بسند صحيح.
27. من المخالفات المؤلمة ظاهرة المعاكسات من قبل بعض الشباب، وظاهرة التبرج وكثرة التسوق ومزاحمة الرجال من بعض النساء الذين قدموا للعمرة، وكذلك تساهل الآباء والأمهات مع بناتهم في لبس العباءة المتبرجة والذهاب إلى الأسواق بدون محرم، وقد حصل بسبب هذا التساهل مفاسد عظيمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء».متفق عليه.
والواجب على المرأة المسلمة أن تقر في بيتها أولاً، فإذا احتاجت للخروج فلابد أن تحتجب عن الرجال الأجانب بلبس الجلباب الواسع (عباءة الرأس الواسعة) ولا يبدو منها شيء؛ لا وجهها ولا يداها ولا قدماها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان» أخرجه الترمذي بإسناد صحيح. (وأصل الاستشراف: وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر. والمعنى أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها).
28. نشاهد أحياناً مع الأسف الشديد أن يصلي الرجل بجانب المرأة، أو خلفها في ساحات الحرم، وهذا خطأ فاحش. والواجب أن يصلي الرجل مع الرجال، وأن تصلي المرأة مع النساء. فإذا أقيمت الصلاة والمرأة بين الرجال ولم تجد طريقاً إلى مكان النساء، فإنها لا تصلي معهم، بل تنتظر حتى تنتهي الصلاة، ثم تذهب إلى مكان النساء.
29. من المخالفات التي نشاهدها في الحرم أيضاً: مسك الحذاء باليد اليمنى، ثم يصافح بها، ويأكل بها. والصواب أن يكون مسك الحذاء باليد اليسرى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى» أخرجه أبو داود بسند صحيح.
30. أوصي طلاب العلم في ذهابهم إلى العمرة أن ينشطوا في الأعمال الدعوية والاحتسابية؛ ومن الوسائل المقترحة:
أ. الإكثار من توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات، فلايذهب أحد إلى مكة إلا وقد حمل معه قدراً كبيراً من ذلك.
ب. الانفتاح مع الآخرين والتعرف عليهم أثناء بقائه في الحرم، والحديث معهم بالدعوة إلى الخير والتنبيه على ما وقع فيه من مخالفة شرعية كلبس الدبلة وحلق اللحية والإسبال وغير ذلك .. ، وأخذ عناوينهم من أجل مراسلتهم بعد ذلك، وتهديه خلال جلوسك معه كتيباً أو مطوية نافعة، وكذلك ينبغي أن يفعل الأخوات مع النساء فلا تذهب إلى المسجد الحرام إلا ومعها عدد من المطويات أوالكتيبات أو الأشرطة، وبعد انتهائها من الصلاة تتحدث مع هذه وتعطيها شريطاً، وتتحدث مع تلك وتعطيها مطوية وهكذا.
ج. وضع مظروف يشتمل على العباءة الإسلامية وغطاء الوجه والقفاز والشراب الأسود ومعها نشرة عن الحجاب بلغات مختلفة، ويتم توزيعه بأعداد كبيرة على النساء، وأوصي الجمعيات الخيرية بهذه الفكرة.
د. ممارسة المناصحة والإنكار الميداني من قبل طلاب العلم على المتبرجات، وكاشفات الوجة، وعلى من يعاكس النساء، ويشرب الدخان، وغير ذلك في الحرم والطرقات والأسواق بالرفق والكلمة الطيبة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/400)
31. يكثر في المسجد الحرام الصلاة على الجنائز، وصفتها بإيجاز أن يكبر أربع تكبيرات وهو قائم ثم يسلم. ففي التكبيرة الأولى يرفع يديه ثم يقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي التي أمر بها أن تقال بعد التشهد في الصلاة ومنها: «اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بالمغفرة والرحمة ويخلص له في الدعاء، وإن دعا بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أفضل، ومما ثبت عن النبي من الأدعية: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا،وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان،اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح. ومما ثبت أيضاً «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسِّع ُمدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة،وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار» أخرجه مسلم من حديث عوف بن مالك. ثم يكبر الرابعة ويسلم عن يمينه.
32. وإتماماً للفائدة فهذه صفة العمرة بإيجاز:
أولاً: الإحرام من الميقات: اغتسل، وطيِّبِ بدنك كالرأس واللحية - ولا تطيب لباس الإحرام فإن أصابه طيب فاغسله - وتجرد من المخيط، والبس رداءً وإزاراً أبيضين ونعلين، (الشمسية والنظارة والخاتم والساعة والحزام جائزة للمحرم).
أما المرأة فإنها تغتسل ولو كانت حائضاً وتلبس ما شاءت؛ بشرط أن يتوافر فيه جميع شروط الحجاب فلا يظهر منها شيء و لا تتبرج بزينة ولا تتطيب ولا تتشبه بالرجال.
فإن لم يتيسر أن تقف عند الميقات -كالمسافر بالطائرة - فاغتسل من بيتك فإذا حاذيت الميقات فأحرم، وقل: (لبيك عمرة). وإن خفت ألا تتمكن من إكمال النسك لمرض أو نحوه؛ فقل: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) ثم ابدأ بالتلبية حتى تصل مكة. والتلبية سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسن للرجال رفع الصوت بالتلبية دون النساء. وصفة التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).ويسن الاغتسال قبل دخول مكة إن تيسر ذلك.
محظورات الإحرام.
إذا أحرم المسلم بالحج أو العمرة حرم عليه أحد عشر شيئاً حتى يتحلل من إحرامه وهي:
1 - إزالة الشعر. 2 - تقليم الأظافر. 3 - استعمال الطيب.
4 - قتل الصيد (البري أما البحري فجائز).
5 - لبس المخيط (على الرجال دون النساء). والمخيط هو المفصَّل على البدن كالثوب والفانيلة والسراويل والقميص والبنطلون والقفاز والجوارب. أما ما فية خياطة ولم يكن مفصلاً فلا يضر المحرم؛ كالحزام أو الساعة أو الحذاء الذي فيه خيوط.
6 - تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية والغترة والعمامة والقبعة وما شابه ذلك، ويجوز الاستظلال بالشمسية والخيمة والسيارة، ويجوز حمل المتاع على الرأس إذا لم يقصد به التغطية.
7 - لبس النقاب والقفازين (على المرأة) فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز، كسدل الخمار على الوجه وإدخال اليدين في العباءة.
8 - عقد النكاح. 9 - الجماع. 10 - المباشرة لشهوة. 11 - إنزال المني باستمناء أو مباشرة.
ثانياً: إذا وصلت المسجد الحرام: فقدم رجلك اليمنى قائلاً: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك" أو تقول "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ".وهذا الدعاء يقال عند دخول سائر المساجد.
ثالثاً: ثم ابدأ بالطواف من الحجر الأسود؛ فاستقبله وقل: (الله أكبر)، واستلمه بيمينك وقبله. فإن لم يتيسر التقبيل فاستلمه بيدك أو بغيرها وقبل ما استلمته به، فإن لم يتيسر فلا تزاحم الناس وأشر إليه بيدك مرة واحدة (ولا تقبل يدك). وتفعل ذلك في بداية كل شوط من أشواط الطواف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/401)
ثم تطوف سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يسارك؛ ترمل في الأشواط الثلاثة الأولى وتمشي في الباقي، وتضطبع في جميع الأشواط. (الرمل: سرعة المشي مع تقارب الخطى. والاضطباع: أن تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن وطرفاه على عاتقك الأيسر. والرمل والاضطباع مختصان بالرجال ومختصّان بالطواف الأول؛ أي طواف العمرة أو طواف القدوم للقارن والمفرد في الحج).
فإذا وصلت إلى الركن اليماني فاستلمه بيدك - إن تيسّر ذلك - ولا تقبّله، فإن لم يتيسر فلا تشر إليه. ويستحب فيه كثرة الذكر والدعاء، وإن قرأت شيئاً من القرآن فحسن. وليس في الطواف ذكر مخصوص ثابت إلا قول «ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» بين الركن اليماني والحجر الأسود، وقد أخرجه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث عبدالله بن السائب _ بإسناد رجاله ثقات إلا عبيد مولى السائب فمختلف فيه. قال عنه ابن حجر في التقريب: مقبول، وذكر ابن مندة، و أبو نعيم، وابن قانع: أن له صحبة. فإذا ثبتت له الصحبة فالحديث صحيح، وإلا فهو ضعيف. وقد حسنه ابن حجر، وحسنه من المعاصرين الألباني رحمه الله، ولم يظهر لي وجه تحسينه مع ضعف عبيد، والله تعالى أعلم بالصواب.
رابعاً: إذا انتهيت من الشوط السابع [عند محاذاة الحجر الأسود] فغط كتفك الأيمن، واذهب إلى مقام إبراهيم إن تيسر، واقرأ قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}. واجعل المقام بينك وبين الكعبة إن تيسر، وصل ركعتين تقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قل يا أيها الكافرون} وفي الثانية: {قل هو الله أحد}.
خامساً: ثم اذهب إلى زمزم فاشرب من مائها، وادع الله، وصب على رأسك، ثم إن تيسر فارجع إلى الحجر الأسود، واستلمه.
سادساً: ثم توجه إلى الصفا فإذا دنوت منه فاقرأ قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}. وقل: "نبدأ بما بدأ الله به". واصعد الصفا، واستقبل الكعبة، وكبر ثلاثاً وقل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". كرر هذا الذكر ثلاث مرات، وادع بين كل مرة وأخرى بما شئت من الدعاء.
سابعاً: ثم انزل لتسعى بين الصفا والمروة، وإذا كنت بين العلمين الأخضرين فاسع بينهما سعياً شديداً (والسعي الشديد خاص بالرجال دون النساء)، فإذا وصلت إلى المروة فاصعد عليها واستقبل الكعبة، وقل كما قلت على الصفا، وهكذا تصنع في باقي الأشواط، الذهاب شوط والعودة شوط حتى تكمل سبعة أشواط؛ فيكون نهاية الشوط السابع بالمروة. وليس للسعي ذكر مخصوص، فأكثر مما شئت من الذكر والدعاء وقراءة القرآن.
ثامناً: إذا انتهيت من السعي فاحلق رأسك أو قصره، والحلق أفضل للمعتمر، إلا أن يكون الحج قريباً فالتقصير أفضل ليكون الحلق في الحج، ولا يكفي تقصير بعض الشعر من مقدمة الرأس ومؤخرته كما يفعله بعض الناس، بل لابد من تقصير جميع شعر الرأس أو أكثره.
أما المرأة فتجمع شعرها وتأخذ منه قدر الأنملة، وإذا كان شعرها متفاوت الطول تأخذ من كل درجة. وبهذا تنتهي العمرة.
وأرجو بهذا أن تكون أحكام العمرة قد اتضحت، مع الإجابة على كثير من أسئلة الناس في العمرة، والتنبيه على الأخطاء والمخالفات. وبالله التوفيق.
يوسف بن عبدالله الأحمد
جامعة الإمام / كلية الشريعة بالرياض / قسم الفقه.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1239
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:26 م]ـ
الترغيب في الحج والعمرة
قد يعد كافياً في الترغيب في فعل هذه العبادة سرد ما يلي من الأحاديث النبوية:
- جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أفضل الأعمال: إيمان بالله ورسوله، ثم جهاد في سبيله، ثم حج مبرور»
وورد فيما أخرجه ابن ماجة في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج جهاد كل ضعيف»
وثبت عن أبي هريرة مرفوعاً: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة»
وورد: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»
وجاء فيما أخرجه البزّار عنه صلى الله عليه وسلم: «إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/402)
وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم «سمع رجلاً يقول في الطواف: اللهم اغفر لفلان بن فلان، فقال: من هذا؟ قال رجل حملني أن أدعو له بين الركن والمقام. فقال: قد غفر الله لصاحبك».
وبعد هذا، فأي مؤمن يطرق سمعه مثل هذه البشارات النبوية ولا يهتز طرباً، ويتمايل فرحاً، وهي تبلغه في صدق ووضوح أن الحج من أفضل الأعمال، وأن الحج في ثوابه كالجهاد في أجره، وأن الحاج كالمجاهد في المنزلة، وأن للحاج كرامة عند الله بها يستجاب دعاؤه ويغفر ذنبه وذنب من يريد له ذلك ما استغفر له.
القيود المفروضة على تزكية عبادة الحج للنفس إن قوله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنبه كيوم ولدته أمه» نجده قد قيد الحصول على نتيجة هذه العبادة من غفران الذنوب غفراناً كاملاً حتى لم يبق على النفس من أثر للتدسية فتطهر بعد ذلك وتصبح أهلاً لرضى الله تعالى والقرب منه، قيده بقيدين اثنين:
أولهما: عدم الرفث وهو اسم جامع لجنس الجماع وسائر مقدماته القولية كلحن الكلام والغناء والألفاظ الدالة على الغريزة الجنسية تصريحاً أو تلويحاً، أو الفعلية كالجس باليد واللمس، والغمز بالجفن والحاجب، والنظر المريب بالعين، والفكر الفاسد بالقلب، وما إلى ذلك.
وثانيهما: عدم الفسوق، وهو لفظ يندرج تحته سائر المعاصي والمخالفات الشرعية من الكفر والشرك إلى أدنى مخالفة، فمع السلامة من هذين القيدين الثقيلين يحصل صلاح النفس وزكاؤها وتصبح النفس طاهرة نقية قريبة من الله مرضية، ومع عدم السلامة منهما فإن الطهارة للنفس لا تتحقق، لأن طهارة النفس عبارة عن محو آثار الذنب عنها، فإذا لم يمح أثر الذنب فمن أين يأتي لها الصفاء والطهر؟
واعلم أن سر هذا الحرمان منشؤه أن المحرم بدخوله أرض الحمى، وبقوله: لبيك اللهم لبيك، قد أصبح وافدا لله ذي الجلال والإكرام، وأن وافدا لا يحترم نفسه ولا وفادته على ربه فيلوث نفسه بالذنب ويطمس نوره بمعصية من وفد إليه، ويذهب كرامته بالخروج عن حدود آداب الزيارة، وبانتهاكه لحرمات الوفادة لحري بأن لا يجد عند ربه أقل ما يسمى إكراماً أو حس وفادة.
ومن هنا كان عدد الناجحين في هذه العبادة دائماً قليلاً، ولو كان المقبلون عليها كثيرين، وقد قيل يوماً لعبد الله بن عمر رضي الله عنه: ما أكثر الحجاج!! فقال للمستكثر: ما أقلهم!
وكأن الشاعر كان معه لما قال:
خليلي قطاع الفيافي إلى الحمى ... كثير (وجمع) الواصلين قليل
ومن القيود لهذه العبادة: البرور فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «الحج البرور ليس له جزاء إلا الجنة» فنراه قد خصص مطلق الحج بصفة البرور فلا يعظم أجر الحاج ولا يجزل ثوابه إلا إذا اتصف حجه بالبرور المشار إليه في الحديث.
ومن هنا لزم أن نعرف معنى البرور الذي هو قوام الحج وملاك أمره. البرور: مصدر فعل بر يبر بالفتح بروراً في قوله: صدق، وبر خالقه: أطاعه، وبرّت الصلاة: قُبِلَت، وبرّ الله العبادة قبلها، فعلى هذا يكون من معاني البرور: القبول، ولنا أن نقول: الحج المبرور هو المقبول، لكن قبوله مبني على صدق الحاج في نياته، وأقواله، وأعماله على طاعته لربه. وهذه هي شروط قبول الحج قطعاً: الإخلاص فيه لله تعالى وحده، وطاعة الله باجتناب ما حرم من الفسق والرفث والجدال وغيرها، وصحة الأداء بحيث يكون أداؤه كاملا على ما حدد الشارع من هيئات وما وضع له من صفات.
هذا ولنذكر ما ورد عن السلف في معنى البرور، وهو وإن اختلف مع ما ذكرنا لفظاً فإنه يتحد معه معنى. سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر في الحج فقال: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وطيب الكلام. وسئل ابن عمر رضي الله عنه فقال: "إن البر شيء هين: وجه طليق، وكلام ليّن"، والمعروف عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا سئل عن أفضل الأعمال يجيب السائل بما يتفق وإصلاح حاله، فكثيراً ما كانت تختلف إجاباته صلى الله عليه وسلم، والسؤال واحد، فكان صلى الله عليه وسلم يعالج بذلك نفوس السائلين، فيصف لكل سائل دواءه الخاص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/403)
هذا والملاحظ في جوابه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يهدف إلى حمل الحاج على أن لا يقف بحجه عند الاقتصار على فعل الواجب وترك المحرم فقط، بل عليه أن يسارع في الفضائل وينافس في الكمالات حتى يصل بحجه إلى أعلى درجات القبول بعد أن وصل به إلى أكمل صفات البرور، وبهذا يتضح أن ما عرفنا به البرور لا يختلف أبدا مع ما عرفه به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مع ما عرفه به صاحبه رضي الله عنه.
وخلاصة القول، إن الحج المبرور هو الحج الذي استكمل سائر مؤهلات القبول من الإخلاص، وحسن الأداء والابتعاد به عن كل ما يخدش في قيمته كحج صادق ملؤه الخير والإحسان، وأن الحاج البار هو ذلك الحاج المطيع الذي لا يعصي، والمحسن الذي لا يسيء في خدمة سيده، والذي جمع إلى الطاعة الكاملة والإحسان العام فعل الخير وإسداء المعروف لوافدي بيت الله فأطعمهم طعامه، وألان لهم كلامه.
وإن حاجا كهذا قد ارتقى بحسن طاعته، وسما بطيب نفسه، لم يصبح جزاؤه حسنات، ولا محوا لسيئات فقط، لأن ذلك لا يعادل ما أهله الله له من سامي المنزلة، وعظيم الدرجة، فلم يكن له إذا من جزاء يعادل ثوابه إلا الجنة منزل الأبرار، ومقر الأصفياء الأخيار.
الترهيب لمن يترك الحج تهاوناً
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: "من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله، ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً"، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كانت له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين".
وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لم تحبسه حاجة ظاهرة، أو مرض حابس، ومنع من سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً».
وجاء فيما يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل قوله: «إن عبداً صححت له جسمه ووسعت عليه المعيشة يمضي خمسة أعوام لا يفد إليّ إنه لمحروم».
فهذه الأحاديث وتلك الآثار تدل على مدى ذنب المتهاون بأداء هذه الفريضة، وأنه بتهاونه وتسويفه قد وقف على شفا هاوية من الجحيم، لأنه لا يؤمن عليه أن ينقلب ذلك التهاون والتسويف إلى استباحة ترك هذه الفريضة، أو احتقارها وعدم المبالاة بها -والله يحول بين المرء وقلبه- فيصبح - والعياذ بالله تعالى- من الكافرين، ولا غرابة فإن هذا ظاهر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول صاحبه المتقدم: «فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً».
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1421
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:27 م]ـ
صفة الحج
عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» متفق عليه. فالحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر.
الاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته. ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم.
المسلم مخير بين أن يحج مفرداً أو قارناً أو متمتعاً. والإفراد هو أن يحرم بالحج وحده بلا عمرة.
والقران هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً.
والتمتع هو أن يحرم بالعمرة خلال أشهر الحج (وهي شوال و ذو القعدة وذو الحجة) ثم يحل منها ثم يحرم بالحج في نفس العام.
ونحن في هذه المطوية سنبين صفة التمتع لأنه أفضل الأنساك الثلاثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/404)
إذا وصل المسلم إلى الميقات يستحب له أن يغتسل ويُطيب بدنه، لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل عند إحرامه [صحيح الترمذي للألباني]، ولقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم» [متفق عليه]. ويستحب له أيضاً تقليم أظافره وحلق عانته وإبطيه.
والمواقيت خمسة هي:
1 - ذو الحليفة، وتبعد عن مكة 428كم. .
2 - الجحفة، قرية بينها وبين البحر الأحمر 10كم، وهي الآن خراب، ويحرم الناس من رابغ التي تبعد عن مكة 186كم.
3 - يلملم، وادي على طريق اليمن يبعد 120كم عن مكة، ويحرم الناس الآن من قرية السعدية.
4 - قرن المنازل: واسمه الآن السيل الكبير يبعد حوالي 75كم عن مكة.
5 - ذات عرق: ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة، وهو مهجور الآن لا يمر عليه طريق.
تنبيه: هذه المواقيت لمن مر عليها من أهلها أو من غيرهم.
ـ من لم يكن على طريقه ميقات أحرم عند محاذاته لأقرب ميقات.
ـ من كان داخل حدود المواقيت كأهل جدة ومكة فإنه يحرم من مكانه.
ثم يلبس الذكر لباس الإحرام (وهو إزار ورداء) ويستحب أن يلبس نعلين، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين» [رواه أحمد وصححه احمد شاكر (7/ 169)].
أما المرأة فتحرم في ما شاءت من اللباس الساتر الذي ليس فيه تبرج أو تشبه بالرجال، دون أن تتقيد بلون محدد. ولكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين» [رواه البخاري]، ولكنها تستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب، لقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: «كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام» [رواه الحاكم (1/ 454) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي].
ثم بعد ذلك ينوي المسلم بقلبه الدخول في العمرة، ويشرع له أن يتلفظ بما نوى، فيقول: (لبيك عمرة) أو (اللهم لبيك عمرة). والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركبه، كالسيارة ونحوها.
ليس للإحرام صلاة ركعتين تختصان به، ولكن لو أحرم المسلم بعد صلاة فريضة فهذا أفضل، لفعله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم].
من كان مسافراً بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات.
للمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه. كالمرض أو الخوف أو غير ذلك، فيقول بعد إحرامه: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من عمرته بلا فدية.
ثم بعد الإحرام يسن للمسلم أن يكثر من التلبية، وهي قول: (لبيك اللهم لبيك ن لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) يرفع بها الرجال أصواتهم، أما النساء فيخفضن أصواتهن.
ثم إذا وصل الكعبة قطع التلبية واضطبع بإحرامه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً [كما في صحيح أبي داود للألباني (1658)]، ثم استلم الحجر الأسود بيمينه (أي مسح عليه) وقبله قائلاً: (الله أكبر) [رواه البخاري]، فإن لم يتمكن من تقبيله بسبب الزحام فإنه يستلمه بيده ويقبل يده [متفق عليه].
فإن لم يستطع استلمه بشيء معه (كالعصا) وما شابهها وقبّل ذلك الشيء، فإن لم يتمكن من استلامه استقبله بجسده وأشار إليه بيمينه - دون أن يُقبلها - قائلاً: (الله أكبر) [رواه البخاري]، ثم يطوف على الكعبة 7 أشواط، يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود وينتهي به، ويُقَبله ويستلمه مع التكبير كلما مر عليه، فإن لم يتمكن أشار إليه بلا تقبيل مع التكبير - كما سبق -، ويفعل هذا أيضا في نهاية الشوط السابع.
أما الركن اليماني فإنه كلما مر عليه استلمه بيمينه دون تكبير [متفق عليه]، فإن لم يتمكن من استلامه بسبب الزحام فإنه لا يشير إليه ولا يكبر، بل يواصل طوافه.
ويستحب له أن يقول في المسافة التي بين الركن اليماني والحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) [صحيح أبي داود (1666)].
ليس للطواف ذكر خاص به فلو قرأ المسلم القرآن أو ردد بعض الأدعية المأثورة أو ذكر الله فلا حرج.
يسن للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طوافه. والرَمَل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطوات، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في طوافه [متفق عليه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/405)
ينبغي للمسلم أن يكون على طهارة عند طوافه، لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ قبل أن يطوف [متفق عليه].
إذا شك المسلم في عدد الأشواط التي طافها فإنه يبني على اليقين، أي يرجح الأقل، فإذا شك هل طاف 3 أشواط أم 4 فإنه يجعلها 3 احتياطاً ويكمل الباقي.
ثم إذا فرغ المسلم من طوافه اتجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام وهو يتلو قوله تعالى {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]، ثم صلى خلفه ركعتين بعد أن يزيل الاضطباع ويجعل رداءه على كتفيه.
ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة {قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الركعة الثانية سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [رواه مسلم].
إذا لم يتمكن المسلم من الصلاة خلف المقام بسبب الزحام فإنه يصلي في أي مكان من المسجد، ثم بعد صلاته عند المقام يستحب له أن يشرب من ماء زمزم، ثم يتجه إلى الحجر الأسود ليستلمه بيمينه [رواه مسلم]. فإذا لم يتمكن من ذلك فلا حرج عليه.
ثم يتجه المسلم إلى الصفا، ويستحب له أن يقرأ إذا قرب منه قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:158]، ويقول (نبدأ بما بدأ الله به) ثم يستحب له أن يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه، ويقول - جهراً -: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو - سراً - بما شاء، ثم يعيد الذكر السابق، ثم يدعو ثانية ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ولا يدعو بعده [رواه مسلم].
ثم ينزل ويمشي إلى المروة، ويسن له أن يسرع في مشيه فيما بين العلمين الأخضرين في المسعى، فإذا وصل المروة استحب له أن يرقاها ويفعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة ورفع اليدين والذكر والدعاء السابق. وهكذا يفعل في كل شوط.
أما في نهاية الشوط السابع من السعي فإنه لا يفعل ما سبق.
ليس للسعي ذكر خاص به. ولكن يشرع للمسلم أن يذكر الله ويدعوه بما شاء، وإن قرأ القرآن فلا حرج.
يستحب أن يكون المسلم متطهراً أثناء سعيه.
إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه.
ثم إذا فرغ المسلم من سعيه فإنه يحلق شعر رأسه أو يقصره، والتقصير هنا أفضل من الحلق، لكي يحلق شعر رأسه في الحج.
لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة.
المرأة ليس عليها حلق، وإنما تقصر شعر رأسها بقدر الإصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير» [صحيح أبي داود:1748].
ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة، فيحل المسلم إحرامه إلى أن يحرم بالحج في يوم (8 ذي الحجة).
إذا كان يوم (8 ذي الحجة) وهو المسمى يوم التروية أحرم المسلم بالحج من مكانه الذي هو فيه وفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الاغتسال والتطيب .... الخ، ثم انطلق إلى منى فأقام بها وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها (أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين).
فإذا طلعت شمس يوم (9 ذي الحجة وهو يوم عرفة) توجه إلى عرفة، ويسن له أن ينزل بنمرة (وهي ملاصقة لعرفة)، ويبقى فيها إلى الزوال ثم يخطب الإمام أو من ينوب عنه الناسَ بخطبة تناسب حالهم يبين لهم فيها ما يشرع للحجاج في هذا اليوم وما بعده من أعمال، ثم يصلي الحجاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر، ثم يقف الناس بعرفة، وكلها يجوز الوقوف بها إلا بطن عُرَنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة» [رواه الحاكم (1/ 462) وصححه الأرناؤط في تعليقه على شرح مشكل الآثار للطحاوي (3/ 229)]، ولكن يستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة، لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم]، إن تيسر ذلك. ويجتهد في الذكر والدعاء المناسب، ومن ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/406)
والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» [رواه الترمذي وحسنه الألباني في المشكاة (2/ 797)].
التروية: سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء، لأن منى لم يكن بها ماء ذلك الوقت
بطن عُرَنة: وهو وادي بين عرفة ومزدلفة.
جبل عرفة: ويسمى خطأ (جبل الرحمة) وليست له أي ميزة على غيره من أرض عرفة، فينبغي عدم قصد صعوده أو التبرك بأحجاره كما يفعل الجهال.
يستحب للحاج أن يكون وقوفه بعرفة على دابته، لأنه صلى الله عليه وسلم وقف على بعيره [صحيح النسائي للألباني (2813)]، وفي زماننا هذا حلت السيارات محل الدواب، فيكون راكباً في سيارته، إلا إذا كان نزوله منها أخشع لقلبه.
لا يجوز للحاج مغادرة عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس.
فإذا غربت الشمس سار الحجاج إلى مزدلفة بسكينة وهدوء وأكثروا من التلبية في طريقهم، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعاً، بأذان واحد ويقيمون لكل صلاة، وذلك عند وصولهم مباشرة دون تأخير. (وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت).
ثم يبيت الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا بها الفجر، ثم يسن لهم بعد الصلاة أن يقفوا عند المشعر الحرام مستقبلين القبلة، مكثرين من ذكر الله والدعاء مع رفع اليدين، إلى أن يسفروا - أي إلى أن ينتشر النور- لفعله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم].
يجوز لمن كان معه نساء أو ضَعَفة أن يغادر مزدلفة إلى منى إذا مضى ثلثا الليل تقريباً، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضَعَفة من جمع بليل» [متفق عليه].
مزدلفة كلها موقف، ولكن السنة أن يقف بالمشعر الحرام كما سبق، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف)» [رواه مسلم].
ثم ينصرف الحجاج إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم، ويسرعون في المشي إذا وصلوا وادي مُحَسِّر، ثم يتجهون إلى الجمرة الكبرى (وهي جمرة العقبة) ويرمونها بسبع حصيات (يأخذونها من مزدلفة أو منى حسبما تيسر) كل حصاة بحجم الحمص تقريباً.
المشعر الحرام: وهو الآن المسجد الموجود بمزدلفة.
جمع: جمع هي مزدلفة، سميت بذلك لأن الحجاج يجمعون فيها صلاتي المغرب والعشاء.
وادي مُحَسِّر: وهو وادي بين منى ومزدلفة وسمي بذلك لأن فيل أبرهة حَسَرَ فيه، أي وقف، فهو موضع عذاب يسن الإسراع فيه.
يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة قائلاً: (الله أكبر)، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه، لفعله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم]. ولا بد من وقوع الحصى في بطن الحوض - ولا حرج لو خرجت من الحوض بعد وقوعها فيه - أما إذا ضربت الشاخص المنصوب ولم تقع في الحوض لم يجزئ ذلك.
ثم بعد الرمي ينحر الحاج (الذي من خارج الحرم) هديه، ويستحب له أن يأكل منه ويهدي ويتصدق. ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم (13 ذي الحجة) مع جواز الذبح ليلاً، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد، لفعله صلى الله عليه وسلم. (وإذا لم يجد الحاج الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 و 7 أيام إذا رجع إلى بلده).
ثم بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر منه، والحلق أفضل من التقصير، لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة 3 مرات وللمقصرين مرة واحدة [متفق عليه].
بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء، ويسمى هذا التحلل (التحلل الأول)، ثم يتجه الحاج - بعد أن يتطيب - إلى مكة ليطوف بالكعبة طواف الإفاضة المذكور في قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29]. لقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت» [متفق عليه]، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج.
وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى النساء، ويسمى هذا التحلل (التحلل التام).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/407)
الأفضل للحاج أن يرتب فعل هذه الأمور كما سبق (الرمي ثم الحلق أو التقصير ثم الذبح ثم طواف الإفاضة)، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج.
ثم يرجع الحاج إلى منى ليقيم بها يوم (11 و 12 ذي الحجة بلياليهن) إذا أراد التعجل (بشرط أن يغادر منى قبل الغروب)، أو يوم (11 و 12 و 13 ذي الحجة بلياليهن) إذا أراد التأخر، وهو أفضل من التعجل، لقوله تعالى {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:203].
ويرمي في كل يوم من هذه الأيام الجمرات الثلاث بعد الزوال 35 مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، بسبع حصيات لكل جمرة، مع التكبير عند رمي كل حصاة.
ويسن له بعد أن يرمي الجمرة الصغرى أن يتقدم عليها في مكان لا يصيبه فيه الرمي ثم يستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه، ويسن أيضاً بعد أن يرمي الجمرة الوسطى أن يتقدم عليها ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه أما الجمرة الكبرى (جمرة العقبة) فإنه يرميها ولا يقف يدعو، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك [رواه البخاري].
بعد فراغ الحاج من حجه وعزمه على الرجوع إلى أهله فإنه يجب عليه أن يطوف (طواف الوداع) ثم يغادر مكة بعده مباشرة، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض) [متفق عليه]، فالحائض ليس عليها طواف وداع.
مسائل متفرقة:
أجاز النبي صلى الله عليه وسلم: الصغير الذي لم يبلغ، لأن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم، ولك أجر) [رواه مسلم]، ولكن لا تجزئه هذه الحجة عن حجة الإسلام، لأنه غير مكلف، ويجب عليه أن يحج فرضه بعد البلوغ.
يفعل ولي الصغير ما يعجز عنه الصغير من أفعال الحج، كالرمي ونحوه.
الحائض تأتي بجميع أعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها و اغتسلت، ومثلها النفساء.
يجوز للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة لكي لا يأتيها الحيض أثناء الحج.
يجوز رمي الجمرات عن كبير السن وعن النساء إذا كان يشق عليهن، ويبدأ الوكيل برمي الجمرة عن نفسه ثم عن موُكله. وهكذا يفعل في بقية الجمرات.
من مات ولم يحج وقد كان مستطيعاً للحج عند موته حُج عنه من تركته، وإن تطوع أحد أقاربه بالحج عنه فلا حرج.
يجوز لكبير السن والمريض بمرض لا يرجى شفاؤه أن ينيب من يحج عنه، بشرط أن يكون هذا النائب قد حج عن نفسه.
محظورات الإحرام:
لا يجوز للمحرم أن يفعل هذه الأشياء:
1 - أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره.
2 - أن يتطيب في ثوبه أو بدنه.
3 - أن يغطي رأسه بملاصق، كالطاقية والغترة ونحوها.
4 - أن يتزوج أو يُزَوج غيره، أو يخطب.
5 - أن يجامع.
6 - أن يباشر (أي يفعل مقدمات الجماع من اللمس والتقبيل) بشهوة.
7 - أن يلبس الذكر مخيطاً، وهو ما فُصّل على مقدار البدن أو العضو، كالثوب أو الفنيلة أو السروال ونحوه، وهذا المحظور خاص بالرجال - كما سبق -.
8 - أن يقتل صيداً برياً، كالغزال والأرنب والجربوع، ونحو ذلك.
من فعل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مُكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية.
أما من فعلها متعمداً - والعياذ بالله - أو محتاجاً لفعلها: فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يلزمه من الفدية.
تنبيه: من ترك شيئاً من أعمال الحج الواردة في هذه المطوية فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يترتب على ذلك.
الفيلم التعليمي الإرشادي دليل الحاج والمعتمر.
مطوية صادرة من دار الجواب بالرياض.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1423
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:28 م]ـ
خصوصيات النساء في الحج
السؤال:
لقد عزمت على الحج هذا العام إن شاء الله، فأرجو تزويدي ببعض النصائح والتوجيهات التي تنفعني في الحج. كما أود طرح هذا السؤال: هل للنساء خصوصيات في الحج تتميز بها عن الرجال؟
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/408)
الحمد لله أختي المسلمة هنيئاً لك ما عزمت عليه من الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، تلك الفريضة التي غابت عن كثير من نساء المسلمين، فبعضهن يجهلن أن الحج فريضة عليهن، وبعضهن يعلمن ولكن يركبن مركب التسويف حتى يفاجئهن الأجل وهن تاركات للحج، وبعضهن لا يدرين شيئاً عن المناسك، فيقعن في المحظور والمحرم، وربما بطل حجهن دون أن يشعرن، والله المستعان.
والحج فريضة الله على عباده، وهو ركن الإسلام العنها: وهو جهاد المرأة؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «جهادكن الحج» رواه البخاري.
- وهذه أختي المسلمة- بعض النصائح والتوجيهات والأحكام التي تختص بها من أرادت الحج، وهي مما يعين على جعل الحج متقبلاً مبروراً، والحج المبرور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «ليس له ثواب إلا الجنة» متفق عليه.
1 - الإخلاص لله شرط في صحة وقبول أي عبادة ومنها الحج، فأخلصي لله تعالى في حجك، وإياك والرياء فإنه يحبط العمل ويوجب العقوبة.
2 - متابعة السنة ووقوع العمل وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم شرط ثان في صحة وقبول العمل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» رواه مسلم.
وهذا يدعوك إلى تعلم أحكام الحج وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم مستعينة على ذلك بالكتب المفيدة التي تعتمد على الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة.
3 - احذري الشرك الأكبر والأصغر والمعاصي بجميع أنواعها، فإن الشرك الأكبر يوجب الخروج من الإسلام وحبوط العمل والعقوبة، والشرك الأصغر يوجب حبوط العمل والعقوبة، والمعاصي توجب العقوبة.
4 - لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو لغيره بدون محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» متفق عليه.
والمحرم هو الزوج وكل من تحرم عليه المرأة تحريما دائما بقرابة أو رضاعة أو مصاهرة، وهو شرط في وجوب الحج على المرأة، فإذا لم يكن للمرأة محرم يسافر معها لم يجب عليها الحج.
5 - للمرأة أن تحرم فيما شاءت من الثياب من أسود أو غيره، مع الحذر مما فيه تبرج أو شهرة كالثياب الضيقة والشفافة والقصيرة والمشقوقة والمزخرفة، وكذلك يجب على المرأة الحذر مما فيه تشبه بالرجال، أو مما هو من ألبسة الكفار.
ومن هنا نعلم أن تخصيص بعض العامة من النساء للإحرام لونا معينا كالأخضر أو الأبيض ليس عليه دليل، بل هو من البدع المحدثة.
6 - يحرم على المحرمة بعد عقد نية الإحرام التطيب بجميع أنواع الطيب، سواء كان في البدن أو في الثياب.
7 - يحرم على المحرمة إزالة الشعر من الرأس وجميع البدن بأي وسيلة وكذلك تقليم الأظافر.
8 - يحرم على المحرمة لبس البرقع والنقاب، ولبس القفازين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» رواه البخاري.
9 - المحرمة لا تكشف وجهها ولا يديها أمام الرجال الأجانب، متعللة بأن النقاب والقفازين من محظورات الإحرام، لأنها يمكن أن تستر وجهها وكفيها بأي شيء كالثوب والخمار ونحوهما، فقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه» رواه أبو داود وصححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة.
10 - بعض النساء إذا أحرمن يضعن على رؤوسهن ما يشبه العمائم أو الرافعات حتى لا يلامس الوجه شيء من الخمار أو الجلباب، وهذا تكلف لا داعي له؛ لأنه لا حرج في أن يمس الغطاء وجه المحرمة.
11 - يجوز للمحرمة أن تلبس القميص والسراويل والجوارب للقدمين، وأساور الذهب والخواتم والساعة ونحوها، ولكن يتعين عليها ستر زينتها عن الرجال غير المحارم في الحج وفي غير الحج.
12 - بعض النساء إذا مرت بالميقات تريد الحج أو العمرة وأصابها الحيض، قد لا تحرم ظناً منها أن الإحرام تشترط له الطهارة من الحيض، فتتجاوز الميقات بدون إحرام، وهذا خطأ واضح، لأن الحيض لا يمنع الإحرام، فالحائض تحرم وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، فتؤخر الطواف إلى أن تطهر، وإن أخرت الإحرام وجاوزت الميقات بدونه، فالواجب عليها الرجوع لتحرم من الميقات، فإن لم ترجع فعليها دم لترك الواجب عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/409)
13 - للمرأة أن تشترط عند الإحرام إذا خافت من عدم إكمال نسكها فتقول: " إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " فلو حدث لها ما يمنعها من إتمام الحج تحللت ولا شيء عليها.
14 - تذكري أعمال الحج:
أولاً: إذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، اغتسلي وأحرمي ولبي قائلة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ثانياً: اخرجي إلى منى، وصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر مع قصر الصلاة الرباعية ركعتين بدون جمع.
ثالثاً: إذا طلعت شمس يوم التاسع سيري إلى عرفة، وصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً في وقت الظهر، وامكثي في عرفة داعية ذاكرة مبتهلة تائبة إلى غروب الشمس.
رابعاً: إذا غربت الشمس اليوم التاسع سيري من عرفة إلى مزدلفة، وصلّي بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، وامكثي بها إلى صلاة الفجر، واجتهدي بعد الفجر في الذكر والدعاء والمناجاة حتى يسفر جداً.
خامساً: انطلقي من مزدلفة إلى منى قبل شروق شمس يوم العيد، فإذا وصلت إلى منى فافعلي ما يلي:
أ-* أرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، وكبّري مع كل حصاة.
ب-* اذبحي الهدي بعد ارتفاع الشمس.
ج*- قصري من كل أطراف شعرك قدر أنملة. (2 سنتيمتر تقريباً).
د-* انزلي إلى مكة، وطوفي طواف الإفاضة، واسعي بين الصفا والمروة سعي الحج إذا كنت متمتعة، أو لم تسعي مع طواف القدوم إذا كنت مفردة أو قارنة.
سادساً: ارمي الجمرات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد الزوال إذا أردت التأخر، أو الحادي عشر والثاني عشر إذا أردت التعجّل، مع المبيت بمنى تلك الليالي.
سابعاًَ: إذا أردت الرجوع إلى بلدك فطوفي للوداع، وبهذا تنتهي أعمال الحج.
15 - المرأة لا تجهر بالتلبية، بل تسر بها فتسمع نفسها ومن بجوارها من النساء، ولا تسمع الرجال الأجانب حذراً من الفتنة ولفت الأنظار إليها. ووقت التلبية يبدأ من بعد الإحرام بالحج ويستمر إلي رمى جمرة العقبة يوم النحر.
16 - إذا حاضت المرأة بعد الطواف وقبل السعي، فإنها تكمل بقية المناسك فتسعى ولو كان عليها الحيض؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة.
17 - يجوز للمرأة استعمال حبوب منع الحيض لتتمكن من أداء نسكها بشرط عدم حدوث ضرر عليها.
18 - احذري مزاحمة الرجال في جميع مناسك الحج، وبخاصة في الطواف عند الحجر الأسود والركن اليماني، وكذلك في السعي وعند رمي الجمرات، وتخيري الأوقات التي يخف فيها الزحام، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تطوف في ناحية منفردة عن الرجال، وكانت لا تستلم الحجر أو الركن إن كان هناك زحام.
19 - ليس على المرأة رمل في الطواف ولا ركض في السعي: والرمل هو إسراع الخطا في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف، والركض يكون بين العلمين الأخضرين في جميع أشواط السعي، وهما سنة للرجال.
20 - احذري هذا الكتاب: وهو كتاب صغير يحوي بعض الأدعية المبتدعة، وفيه دعاء مخصوص لكل شوط من أشواط الطواف أو السعي، وليس في ذلك دليل من كتاب أو سنة، فالدعاء مشروع في حال الطواف والسعي بما شاء الإنسان من خيري الدنيا والآخرة، وإن كان دعاء مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى.
21 - للمرأة الحائض أن تقرأ كتب الأدعية والأذكار الشرعية، ولو كان بها آيات من القرآن، ويجوز لها أيضاً أن تقرأ القرآن دون أن تمس المصحف.
22 - احذري كشف شيء من بدنك: وبخاصة في الأماكن التي يمكن أن يراك فيها الرجال، كأماكن الوضوء العامة، فإن بعض النساء لا تبالي بوجود الرجال قريباً من تلك الأماكن، فينكشف منها حال الوضوء ما لا يجوز كشفه من وجه وذراعين وساقين، وربما خلعت ما على رأسها من خمار، فتظهر الرأس والرقبة، وكل ذلك محرم لا يجوز، وفيه فتنة عظيمة لها ولغيرها من الرجال.
23 - يجوز للنساء الدفع من مزدلفة قبل الفجر: فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لبعض النساء ولا سيما الضعيفات بالانصراف من مزدلفة بعد مغيب القمر في آخر الليل، وذلك حتى يرمين جمرة العقبة قبل الزحام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن سودة رضي الله عنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع- أي مزدلفة- أن تدفع قبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة - أي ثقيلة- فأذن لها.
24 - يجوز تأخير الرمي إلى الليل إذا رأى ولي المرأة أن الزحام قد اشتد حول جمرة العقبة، وأن في ذلك خطراً على من معه من النساء، فيجوز تأخير رميهن الجمرة حتى يخف الزحام أو يزول، ولا شيء عليهن في ذلك.
وكذلك الحال عند الرمي في أيام التشريق الثلاثة، يمكن أن يرمين الجمرات بعد العصر، وهو وقت يخف فيه الزحام جداً كما هو مشاهد ومعلوم، فإن لم يمكن فلا حرج في تأخير الرمي إلى الليل.
25 - احذري احذري:
لا يجوز للمرأة أن تمكّن زوجها من جماعها أو مباشرتها طالما أنها لم تتحلل التحلل الكامل، ويحصل هذا التحلل بثلاثة أمور:
الأول: رمي جمرة العقبة بسبع حصيات.
الثاني: " التقصير من جميع الشعر قدر أنملة، وهي ما يقدر بـ (2 سنتيمتر).
الثالث: طواف الحج (طواف الإفاضة).
* فإذا فعلت المرأة هذه الثلاثة مجتمعة جاز لها كل شيء حرم عليها بالإحرام حتى الجماع، وإذا فعلت اثنين منها جاز لها كل شيء إلا الجماع.
26 - لا يجوز للمرأة أن تبدي شعرها للرجال الأجانب وهي تقصر من أطرافه، كما تفعل كثير من النساء عند المسعى؛ لأن الشعر عورة لا يجوز كشفه أمام أحد من الرجال الأجانب.
27 - احذري النوم أمام الرجال: وهذا ما نشاهده من كثير من النساء اللاتي يحججن مع أهاليهن دون مخيم أو أي شيء يسترهن عن أعين الرجال، فينمن في الطرقات وعلى الأرصفة وتحت الجسور العلوية وفي مسجد الخيف مختلطين مع الرجال، أو قريباً من الرجال، وهذا من أعظم المنكرات التي يجب منعها والقضاء عليها.
28 - ليس على الحائض والنفساء طواف وداع، وهذا من تخفيف الشرع وتيسيره على النساء، فللمرأة الحائض أن تعود مع أهلها وإن لم تطف طواف الوداع، فاحمدي الله أيتها المرأة المسلمة واشكريه على هذا التيسير وتلك النعمة.
الإسلام سؤال وجواب ( www.islam-qa.com)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/410)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:31 م]ـ
وبعد الحج صفحة بيضاء!!
إني في البداية أتمنى وأرجو من الله عز وجل أن يعود كل حاج إلى أهله سالماً غانماً مغفوراً له، مقبولاً سعيه، وأقول لكل حاج: كيف تجد قلبك الآن وبماذا تحس؟ وما هو شعورك؟ هل تعود فتنغمس في الدنيا كما كنت من قبل أو لابد من التغيير؟
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] .. وهذا التغيير، ما هي خطواته وما مراحله؟
أخي الحاج: لقد قضيت أياماً منذ خروجك من بيتك عاقداً العزم على الحج وأنت مع الله عز وجل قلباً وقالباً، مؤتمراً بأمره، بعيداً عن نهيه، تاركاً الأهل والدنيا وراء ظهرك، تنتظر حتى تأتي الميقات فتحرم، ثم تلبس الإحرام وتنوي، وتأتي البيت الحرام فتطوف وتسعى وتبيت وتقف بعرفات، وترمي وتتحلل .. خروج من طاعة إلى طاعة، ومن أمر الله إلى أمر الله، فاحذر أن ترجع إلى بلدك فتخالف أمره سبحانه، فلابد أن تستمر على ذلك؛ لأن أمر الله لا ينفك عنك منذ مجيئك إلى هذه الدنيا ومنذ ولادتك، وها قد عدت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك .. فاحذر أن تسود هذه الصفحة البيضاء بخطاياك، وزيّنها بحسناتك لتقابل الله عز وجل على ذلك.
ذكر في البخاري (1521) ومسلم (1350) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه». يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله: "مباني الإسلام الخمس، كل واحد منها يكفر الذنوب والخطايا ويهدمها، ولا إله إلا الله لا تبقي ذنباً، ولا يسبقها عمل، والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والحج الذي لا رفث فيه ولا فسوق، يرجع صاحبه من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، وقد استنبط معنى هذا الحديث من القرآن طائفة من العلماء، وتأولوا قول الله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203]، بأن من قضى نسكه ورجع منه فإن آثامه تسقط عنه إذا اتقى الله عز وجل في أداء نسكه، وسواء نفر في اليوم الأول من يومي النفر متعجلاً، أو تأخر إلى اليوم الثاني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قضى نسكه، وسلم المسلمون من لسانه ويده، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» رواه عبد بن حميد في مسنده (1150) وابن حجر في المطالب العالية (1162) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وفي صحيح مسلم (21) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، قوله صلى الله عليه وسلم: «وأن الحج يهدم ما قبله».
وفي البخاري (1773) ومسلم (1349) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» قيل للحسن: الحج المبرور جزاؤه الجنة، قال: آية ذلك أن يرجع زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، وقيل له: جزاء الحج المبرور المغفرة، قال: آية ذلك أن يدع سيء ما كان عليه من عمل.
فأنت أيها الحاج بينك وبين الله عهود أكيدة، أولها: يوم {أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} [الأعراف:172]، والمقصود الأعظم من هذا العهد ألا تعبدوا إلا إياه. وتمام العمل بمقتضاه أن اتقوا الله حق تقواه.
وثانيها: يوم أرسل إليكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه في كتابه {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة:40]. قال سهل التستري: من قال لا إله إلا الله فقد بايع الله، فحرام عليه إذا بايعه أن يعصيه في شيء من أمره، في السر والعلانية، أو يوالي عدوه، أو يعادي وليّه.
يا بني الإسلام من علمكم بعد إذ عاهدتم نقض العهود
كل شيء في الهوى مستحسن ما خلا الغدر وإخلاف الوعود
وثالثها: لمن حج إذا استلم فإنه يجدد البيعة، ويلتزم الوفاء بالعهد المتقدم: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ} [لأحزاب: 23]، والحر الكريم لا ينقض العهد القديم. فإذا دعتك نفسك إلى نقض عهد مولاك فقل لها: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/411)
من رجع من الحج فليحافظ على ما عاهد الله عليه، وعلامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية. ما أحسن الحسنة بعد الحسنة، وما أقبح السيئة بعد الحسنة!! ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها. النكسة أصعب من المرض الأول، ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة، ارحموا عزيز قوم بالمعاصي ذل، وغني قوم بالذنوب افتقر، سلوا الله الثبات إلى الممات، وتعوذوا من الحور بعد الكور. كان الإمام أحمد يدعو ويقول: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك.
تلك مقتطفات اختصرتها من لطائف المعارف للحافظ ابن رجب وأجملها في النقاط التالية:
أولاً: على الحاج أن ينمّي البواعث الإيمانية والنوايا الطيبة التي يحس بها الآن.
ثانياً: أن يجعل الدنيا في يده لا في قلبه؛ لأن الانغماس فيها يحبط هذه النوايا الطيبة ولا شك أن الدنيا لاهية فانية.
ثالثاً: لا تكفي أبداً هذه البواعث الإيمانية والنوايا الطيبة عن العمل، وإن كان فيها أجر إلا أن العمل هو الثمرة وهو دليل على استمرار هذه النوايا، وبه تصل النفس إلى لذة الطاعة، وسعادة المآل. كثير من الناس تجده يأمل الخير وأمله في ذلك واسع، ولا يتحرك قيد أنملة، واقف مكانه تاركاً العنان لبواعث الخير التي لا تنتهي إلى حد ثم تجده بعد ذلك وبعد هذا الأمل الطويل أصابه اليأس لأنه لم يجد الثمرة وهي العمل.
رابعاً: الترويح عن النفس بما هو مباح بين فترة وأخرى ليكون ذلك دافع النفس على الاستمرار على العمل.
خامساً: عدم العجب بما هو عليه من الخير، واحذر أن يدخل عليك الشيطان من باب العجب، واتهم نفسك دائماً بالتقصير، اجعلها دائماً بين الخوف والرجاء، الخوف من عدم قبول العمل ورجاء القبول والثواب. ولو كانت أعمالك كالرمال عدداً، والجبال ضخامة، فاحذر العجب.
سادساً: الدعاء بالثبات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قوله: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». رواه الترمذي (2140) وابن ماجه (3834) من حديث أنس رضي الله عنه.
سابعاً: الصحبة الطيبة التي تدفعه دفعاً إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات، وتساعده على جهاد نفسه، وإقامة شرع الله في بيته وأسرته.
هذا والله المستعان وعليه التكلان، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الرابط: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1710
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 11 - 07, 02:33 م]ـ
أيها الحاج استأنف عملك
عبد الوهاب بن ناصر الطريري
تضيفت الشمس للغروب عشية عرفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم باسط كفين ضارعتين، داعياً بخشوع وخضوع وإخبات، ثم أرسل يديه وأقبل على بلال يقول له:"يا بلال استنصت الناس". فنادى فيهم بلال واستنصتهم، فأطافت القلوب، وأصاخت الآذان، واشرأبت الأعناق، وأَبَّدَت العيون بصرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ناداهم:"إن جبريل أتاني فبشرني أن الله قد قَبِلَ من محسنكم، وتجاوز عن مسيئكم، وتحمل عنكم التبعات". وهنا انطلق إليه العبقري الملهم عمر بن الخطاب ليقول:" يا رسول الله هذه لنا خاصة أم للناس عامة"، فقال صلى الله عليه وسلم: "بل للناس عامة"، فقال عمر: "كثر خير ربنا وطاب".
ما أروع هذه البشرى النبوية وهي تسكب في قلوب الحجيج الواقفين بعرفات سويعة النفرة إلى المزدلفة، فتخب بهم مطاياهم وكأنما تعرج بهم إلى السماء، وقد تخففوا من سيئاتهم، وبوركت حسناتهم. وكما تجلّت في هذه البشرى النبوية الرحمة الإلهية والفيض الرباني الغامر، فقد تواردت نصوص أخر بهذه البشائر والفيوض الإلهية.
روى الإمام مسلم في صحيحه، في حديث لعمرو بن العاص رضي الله عنه قال: فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك. فبسط يمينه. قال فقبضت يدي. قال "مالك يا عمرو؟ " قال قلت: أردت أن أشترط. قال"تشترط بماذا؟ " قلت: أن يغفر لي. قال" أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ ".
إن الحج هدم لكل ركام الخطايا والذنوب السالفة، كما أنّ الإسلام يهدم كل خطايا الكفر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/412)
ومثل ذا قوله صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه». إن الحج ميلاد جديد للإنسان، فهل علمت مولوداً جاء إلى الدنيا وفي صحيفته ذنب فعله، أو خطيئة قارفها؟! ألا فإن الحاج يعود من حجه وصحيفته بيضاء نقية كأنما خرج إلى الدنيا من بطن أمه.
فإلى كل من حج بيت الله الحرام ووقف في تلك المواقف، حيث مشاهد التجلي الإلهي، وتنزل الرحمات، إلى من بسط في تلك المشاهد كفيه، وحسر رأسه، وتجرد لله في لباس العبودية والذل والمسكنة ..
أبشروا وأملوا ما يسركم، فبشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق، وموعود الله حق {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
أيها الحاج لقد دعوت رباً عظيماً، براً كريماً، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا فضل أن يعطيه، فأحسن ظنك بربك، وبالغ في الإحسان، فإن ربك عند ظنك، وعطاء الله أعظم من أملك، وجوده أوسع من مسألتك؛ لقد دعوت ربك الذي إذا تقربت إليه شبراً تقرب إليك ذراعاً، وإن تقربت إليه ذراعاً تقرب إليك باعاً، وإن أتيته تمشي أتاك هرولة.
احتسب عند ربك يوم تجلى الله على أهل ذاك الموقف -وكنت معهم-، فقال العزيز الجبار لملائكته وهو أعلم:» انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم «.
احتسب عند ربك يوم أفاض أهل الموسم حاسري الرؤوس -وأنت معهم-، فقال الله عز وجل: «أفيضوا مغفوراً لكم». احتسب عند ربك أن هذا الموسم الذي شهدته شهده معك شُعْثٌ غُبْر لا يعرفون ولا يُؤبه لهم، ولو أقسم أحدهم على الله لأبرّه، فقبلهم الله وقُبِل من معهم، وقال:"هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
أيها الحاج: ظن بربك ولا تظن إلا خيراً، ومن حسن ظنك بربك أن تظن بيقين أنه قد قبل حجك، وغفر ذنبك، وأجاب دعاءك، وضاعف عطاءك، وأنه ما استزارك إلا ليقبلك، ويهب لك خطأك، ويغفر زلتك، ويبيض صحيفتك، ومهما ظننت ففضل الله أوسع مما تظن وتؤمل. وهكذا كان شأن الصالحين والعلماء الراسخين في تلك المشاهد والعرصات.
قال ابن المبارك:"جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تهمِلان، فالتفت إليَّ، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظنُّ أن الله لا يغفر لهم".
وروي عن الفُضَيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشيَّة عرفة، فقال:"أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجلٍ فسألوه دانِقاً، يعني: سدس درهم، أكان يردُّهم؟ قالوا: لا. قال: والله، للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجلٍ لهم بدانِقٍ".
وإني لأدعو الله أسألُ عفوه وأعلم أن الله يعفو ويغفر
لئن أعظم الناس الذنوب فإنها وإن عظمت في رحمة الله تصغر
أخي الحاج، اجعل في أذنيك وقراً عن سماع نوع من المواعظ تُضيق الطريق إلى الله، وتتحجر واسع رحمته، وتقنط الناس من قبول صالح أعمالهم، فإذا جدَّ أحد في طاعة وقفوا له قائلين: ليست العبرة بالعمل ولكن الشأن في القبول، ولا تدري هل قُبِلَ عملك أم لا؟ وكأن هذا القبول ضربة حظ لا يدري أحد هل تصيبه أم لا؟ وهل اليأس من روح الله إلا هذا؟
إن يقيننا بالله أن كل عمل صالح ابتغي به وجهه فسبيله القبول والمضاعفة، وأن الله عز وجل أكرم وأفضل من أن يردّ على عبده عملاً صالحاً عمله خالصاً له، وأن من ظن بالله غير ذلك فقد ظن به ظن السوء؛ {مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً}
فيا أخي الحاج هنيئاً لك وبشرى وقرة عين، فقد ولدت بحجك هذا ميلاداً جديداً، وتركت وراءك ركام الذنوب، وحصيلة العمر من الآثام، وعدت كيوم ولدتك أمك، فاجعل من حجك بداية حياة جديدة، ومعاملة صادقة صالحة مع الله، واستأنف عملك فقد كفيت ما مضى، ولكن الشأن فيما بقي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/413)
واعلم -بورِكَتْ حياتك- أنه ليس من شرط قبول العمل العصمة بعده، ولا أنك بحجك ستتخفف من بشريتك وتعرج في ملكوت الملائكة بلا نوازع ولا شهوات .. كلا، فليس شيء من ذلك بمقدورك وإن جهدت، ولكنك ستبدأ بعد حجك جولة جديدة وأنت خفيف الظهر من تراكمات الماضي، وتبدأ حياتك برجاء كبير وإقبال على الله، تستكثر من الطاعات، وتجاهد النفس عن السيئات، فإن زللت بسيئة أتبعتها حسنة، «وأتبع السيئة الحسنة تمحها «، وكل حسنة فسبيلها المضاعفة والتكثير، وكل سيئة سبيلها المغفرة والتكفير، ولا يهلك على الله إلا هالك.
أخي الحاج، كان السلف الصالح يتلقون الحجيج عند قدومهم يسألونهم الدعاء، ويقولون: استغفروا لنا؛ لأنهم قد عادوا من حجهم بلا ذنب فهم مظنة قبول الدعاء.
وإني أستقبلك في هذا المقال سائلاً منك الدعاء لكل إخوانك المسلمين أن يغفر الله ذنوبهم، ويهدي قلوبهم، ويصلح شأنهم، ويصرف السوء عنهم، ويتولاهم بما تولى به الصالحين من عباده.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 08:48 ص]ـ
نقل مقام إبراهيم عليه السلام حيث وجد
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 357)
(8)
مقام إبراهيم عليه السلام
هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 358)
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 359)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقام إبراهيم عليه السلام
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتوى سماحة مفتى الديار السعودية
في جواز نقل مقام إبراهيم عليه السلام حيث وجد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل في كتابه الكريم: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ والصلاة والسلام على خاتم رسله الذي أتى بالحنيفية السمحة، وعلى آله وصحبه، ومن لسبيلهم نهج.
وبعد: فإنه لما كثر الوافدون إلى بيت الله الحرام في عصرنا هذا الذي توفر فيه من وسائل نقلهم ما لم يتوفر قبل، وازدادوا زيادة لم تعهد فيما مضى- أدى ذلك إلى وقوع الطائفين في حرج شديد فيما بين المقام وبين البيت؛ ولذلك قدمت الرابطة الإسلامية رغبتها إلينا في أن نكتب رسالة في حكم تأخير المقام عن ذلك الموضع إلى موضع في المسجد الحرام قريب منه محاذ له؛ رفعا للحرج، فاستخرت الله تعالى، وكتبت إجابة لها هذه الرسالة، ورتبتها على ما يلي:
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 360)
1 - بيان موضع المقام في عهد النبوة، وأن أول من أخره عنه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
2 - إيراد أدلة القائلين بأن موضع المقام اليوم هو موضعه في عهد النبوة، والجواب عنها.
3 - سرد العلل التي علل بها تأخير عمر المقام، وترجيح التعليل برفع الحرج عن الطائفين.
4 - بيان حكم تأخير المقام اليوم عن موضعه إلى موضع في المسجد الحرام قريب منه محاذ له.
والله أسأل أن يكون هذا الجواب خالصا لوجهه الكريم، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب:
بيان موضع المقام في عهد النبوة وأن أول من أخره عمر بن الخطاب:
ثبت عن السلف الصالح: أن مقام إبراهيم - عليه السلام - كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر - رضي الله عنه - في سقع البيت، وأن أول من أخره عن ذلك الموضع عمر بن الخطاب، وممن ثبت ذلك عنه من أعيانهم المذكورون في ما يلي:
1 - أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - عند البيهقي، قال في [سننه]: أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان، أخبرنا القاضي أبو أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 361)
السلمي، حدثنا أبو ثابت، حدثنا الدراوردي، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها -: أن المقام كان زمان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وزمان أبي بكر - رضي الله عنه - ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. اهـ صحح الحافظ ابن كثير إسناده في [تفسيره] في الكلام على آية المقام، وقواه الحافظ في [فتح الباري]، في كتاب التفسير في الكلام على تلك الآية، قال ج (8) ص (137): أخرج البيهقي عن عائشة مثله، أي: مثل ما روى عن عطاء وغيره من التصاق المقام بالبيت إلى أن أخره عمر بسند قوي، ولفظه: أن المقام كان في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي زمن أبي بكر ملتصقا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/414)
بالبيت ثم أخره عمر ا. هـ كلام [الفتح]، ولا يرد على جزم رواية أبي ثابت المذكورة.
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 362)
شك رواية يعقوب بن حميد بن كاسب عند الفاكهي قال يعقوب: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن هشام بن عروة عن أبيه قال عبد العزيز: أراه عن عائشة: أن المقام كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - في سقع البيت، فإن يعقوب بن حميد بن كاسب ليس بشيء.
قال ابن أبي حاتم في [الجرح والتعديل]: قرئ على العباس بن محمد الدوري أنه سأل يحيى بن معين عن يعقوب بن كاسب فقال: (ليس بشيء)، وقال أيضا: سمعت أبي يقول: (هو ضعيف الحديث)، وقال النسائي: في [الضعفاء والمتروكين]: يعقوب بن حميد بن كاسب ليس بشيء، مكي، وقال العقيلي في [الضعفاء]: حدثنا زكريا الحلواني قال: رأيت أبا داود السجستاني قد جعل حديث يعقوب بن كاسب وقايات على ظهور كتبه، وسألته عنه فقال: رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها فطالبناه بالأصول فدفعنا ثم أخرجها بعد، فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيرة بخط طري كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها. اهـ.
2 - عروة بن الزبير، قال عبد الرزاق في [مصنفه]: عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكر وعمر بعض خلافته كانوا يصلون صقع البيت حتى صلى عمر خلف المقام. وأصرح من هذه الرواية ما روى عبد الرحمن بن أبي حاتم في [العلل] عن أبي زرعة، عن أبي ثابت، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن المقام كان في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمان أبي بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وتقدم أن هذا الحديث رواه أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي عن أبي ثابت عن الدراوردي عن
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 363)
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، والروايتان ثابتتان، فدل ذلك على أن عروة روى هذا الحديث عن خالته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، فكان يحدث به عنها تارة، ويتكلم به تارة أخرى من غير أن يسنده إليها فروي عنه بالوجهين.
3 - عطاء وغيره من أصحاب ابن جريج عند عبد الرزاق، قال في [مصنفه]: عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أن عمر أول من رفع المقام، فوضعه موضعه الآن، وإنما كان في قبل الكعبة، صحح الحافظ ابن حجر العسقلاني إسناده في [فتح الباري] ج (8)، ص (137)، قال في كلامه على المقام في كتاب التفسير: (كان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أخره عمر إلى المكان الذي هو فيه الآن، أخرجه عبد الرزاق في [مصنفه] بسند صحيح عن عطاء وغيره. اهـ. ومعنى قول ابن جريج: (يزعمون): (يقولون) من باب استعمال الزعم في القول المحقق، نظير ما رواه البخاري في صحيحه في باب إذا حرم طعاما، وقوله تعالى: سورة التحريم الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ قال البخاري: (حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا الحجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: زعم عطاء: أنه سمع عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة تزعم: صحيح البخاري الطلاق (5267)، سنن النسائي الطلاق (3421)، سنن أبو داود الأشربة (3714)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 221). أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا. . . .) الحديث، وذكر الحافظ في شرح قول الراوي: (زعم عطاء أن أهل الحجاز يطلقون الزعم بمعنى: القول، وقرر الحافظ هو والنووي
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 364)
أن ذلك الاستعمال كثير، قال النووي في شرح قول ضمام بن ثعلبة: (يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك) قال: قوله: (زعم) و (تزعم) مع تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه دليل على أن (زعم) ليس مخصوصا بالكذب والقول المشكوك فيه، بل يكون أيضا في القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه، وقد جاء من هذا كثير في الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "زعم جبريل كذا"، وقد أكثر سيبويه وهو إمام العربية في كتابه الذي هو إمام كتب العربية من قوله: (زعم الخليل) (زعم أبو الخطاب) يريد بذلك: القول المحقق، وقد نقل ذلك جماعات من أهل اللغة وغيرهم، ونقله أبو عمرو الزاهد في [شرح الفصيح] عن شيخه أبي العباس ثعلب عن العلماء باللغة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/415)
من الكوفيين والبصريين. اهـ.
وقال الحافظ في [الفتح] في كتاب العلم في شرح قول ضمام بن ثعلبة المتقدم: إن الزعم يطلق على القول المحقق أيضا، كما نقله أبو عمرو الزاهد في شرح فصيح ثعلب، وأكثر سيبويه من قوله: (زعم الخليل) في مقام الاحتجاج.
ومما استدل به الحافظ في [فتح الباري] لاستعمال الزعم بمعنى القول المحقق قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في حديثه في (المواقيت): ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صحيح البخاري الحج (1525)، سنن النسائي مناسك الحج (2652)، سنن أبو داود المناسك (1737)، سنن ابن ماجه المناسك (2914)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 47)، موطأ مالك الحج (734)، سنن الدارمي المناسك (1790). ويهل أهل اليمن من يلملم يعني: ابن عمر بقوله: (يزعمون): الصحابة. قلت: ويشهد لكون (يزعمون) في رواية عبد الرزاق المتقدمة عن ابن جريج، عن عطاء وغيره من أصحاب ابن جريج بمعنى: القول المحقق- رواية عبد الرزاق الأخرى التي ذكرها
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 365)
الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فإنه (قال عبد الرزاق: حدثني ابن جريج عن عطاء وغيره من أصحابنا قالوا: أول من نقله- أي: المقام - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -) فقول ابن جريج في هذه الرواية: (قالوا) يفسر في الرواية الأولى (يزعمون).
4 - مجاهد عند عبد الرزاق قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى (قال عبد الرزاق: عن معمر عن حميد الأعرج عن مجاهد قال: أول من أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -) صححه الحافظ في [فتح الباري] في (كتاب التفسير) ج (8)، ص (137)، وذكر ابن كثير في تفسيره: أنه أصح مما في رواية ابن مردويه عن مجاهد، من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حوله. وعبارة
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 366)
ابن كثير بعد ذكر أثر مجاهد هذا (هذا أصح من طريق ابن مردويه مع اعتضاده بما تقدم). اهـ. يعني ابن كثير بما تقدم: الآثار التي أوردها قبل ذلك بأسانيد قوية عن عائشة وعطاء وغيره من أصحاب ابن جريج وسفيان ابن عيينة.
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=329&SectionID=1&MarkIndex=0&0#%d9%86%d9%82%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%85%d8%a5 %d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85%d8%b9%d9%84%d 9%8a%d9%87%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d8% ad%d9%8a%d8%ab%d9%88%d8%ac%d8%af
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 08:53 ص]ـ
حول عمر المقام وكان ملصقا بجدار الكعبة
5 - بعض مشايخ مالك، ففي [المدونة] في ج (2) في رسم في قطع شجر الحرم من كتاب الحج ما نصه (قال مالك: بلغني أن عمر بن الخطاب لما ولي وحج ودخل مكة أخر المقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم، وكان ملصقا بالبيت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وقبل ذلك، وكان قدموه في الجاهلية مخافة أن يذهب به السيل، فلما ولي عمر أخرج أخيوطة كانت في خزانة الكعبة قد كانوا قاسوا بها ما بين موضعه وبين البيت، إذ قدموه مخافة السيل، فقاسه عمر فأخرجه إلى موضعه اليوم، فهذا موضعه الذي كان فيه في الجاهلية وعلى عهد إبراهيم. اهـ.
6 - سفيان بن عيينة عند ابن أبي حاتم في [تفسيره]، قال في تفسير قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر العدني قال: قال
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 367)
سفيان: كان المقام في سقع البيت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 368)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/416)
قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فرده عمر إليه. وقال سفيان: لا أدري كم بينه وبين الكعبة قبل تحويله، قال سفيان: لا أدري أكان لاصقا بها أم لا. صحح الحافظ في [فتح الباري]، إسناده في (كتاب التفسير)، ج (8)، ص (137) في شرح باب قول الله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وصحح هذا الحديث قبل صاحب [فتح الباري] الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم إيراده في تفسيره الذي ذكر في أوله: أن جماعة من إخوانه طلبوا منه تفسيرا مختصرا بأصح الأسانيد وحذف الطرق، ثم قال: (فأجبتهم إلى مسألتهم، وبالله التوفيق، وإياه نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادا، وأشبهها متنا، فإذا وجدت التفسير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أذكر معه أحدا من الصحابة، ممن أتى بمثل ذلك، وإذا وجدته عن الصحابة، فإن كانوا متفقين ذكرته عن أعلاهم درجة بأصح الإسناد، وسميت موافقيهم بحذف الإسناد، فإن لم أجد عن الصحابة ووجدته عن التابعين عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة، وكذلك أجعل المثال في أتباع التابعين وأتباعهم). اهـ. ما ذكره ابن أبي حاتم في مقدمة تفسيره، وهو دليل على صحة هذا الحديث.
7 - الواقدي عند ابن جرير الطبري بتاريخه، قال في حوادث سنة ثمان عشرة: (وزعم- أي: الواقدي - أن عمر - رضي الله عنه - حول المقام في هذه السنة في ذي القعدة إلى موضعه اليوم، وكان ملصقا بالبيت قبل ذلك.
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 369)
اهـ. وذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه [البداية والنهاية]: أن الواقدي لم ينفرد بهذا وعبارته ج (7) ص (93): (قال الواقدي وغيره: في هذه السنة - أي: سنة ثمان عشرة في ذي الحجة منها - حول عمر المقام، وكان ملصقا بجدار الكعبة وأخره إلى حيث هو الآن؛ لئلا يشوش المصلون عنده على الطائفين ثم قال ابن كثير: (قلت: قد ذكرت أسانيد ذلك في سيرة عمر، ولله الحمد والمنة).
8 - مشايخ ابن سعد، قال في [الطبقات الكبرى] في ترجمة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (قالوا: وهو الذي أخر المقام إلى موضعه اليوم، وكان ملصقا بالبيت). اهـ.
هذه جملة من أعيان السلف الذين صرحوا بأن المقام كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في صقع البيت، وأن أول من أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقد جزم بما صرحوا به غير واحد من أئمة المتأخرين، منهم: الحافظ ابن حجر في [فتح الباري]، والحافظ ابن كثير في [التفسير] و [البداية والنهاية]، والشوكاني في [فتح القدير]، قال الحافظ في [الفتح] ج (8)، ص (137) في باب سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى من (كتاب التفسير): (كان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أخره عمر - رضي الله عنه - إلى المكان الذي هو فيه الآن) أخرجه عبد الرزاق في [مصنفه] بسند صحيح عن عطاء وغيره، وعن مجاهد أيضا، وأخرج البيهقي عن عائشة مثله بسند قوي، ولفظه: أن المقام كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي زمن أبي
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 370)
بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر، وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن مجاهد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حوله، والأول أصح، وقد أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عيينة قال: كان المقام في سقع البيت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحوله عمر، فجاء سيل فذهب به فرده عمر إليه. قال سفيان: لا أدري أكان لاصقا بالبيت أم لا. اهـ.
وبهذا ظهر رجوع الحافظ عما كتبه في باب سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى من كتاب الصلاة، فإنه كتب ما نصه: (قد روى الأزرقي في [أخبار مكة] بأسانيد صحيحة: أن المقام كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن، حتى جاء سيل في خلافة عمر فاحتمله حتى وجد بأسفل مكة فأتي به ربط إلى أستار الكعبة، حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول، فأعاده إليه، وبنى حوله، فاستقر، ثم إلى الآن اهـ. وهذا الذي كتبه الحافظ في (كتاب الصلاة) سبق قلم نبه على رجوعه عنه بالصواب الذي ذكره في (كتاب التفسير)، وكان يصنع ذلك تارة فيما سبق به القلم ويصرح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/417)
تارة بالرجوع عما كتبه أولا، ومما صرح فيه بالرجوع ما يلي:
1 - قوله في ج (8) ص (16) في الباب الذي بعده (باب منزل النبي - صلى الله عليه وسلم -) يوم الفتح بالكلام على حديث أبي شريح العدوي في تعظيم مكة قال: (قوله العدوي): كنت جوزت في الكلام على حديث الباب في الحج أنه
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 371)
من حلفاء بني كعب؛ وذلك لأني رأيته في طريق أخرى الكعبي نسبة إلى كعب بن ربيعة بن عمرو بن لحي، ثم ظهر لي أنه نسب إلى بني عدي بن عمرو بن لحي، وهم إخوة كعب، ويقع هذا في الأنساب كثيرا.
2 - قوله في شرح حديث عباد بن تميم عن عمه قال: صحيح البخاري الاستئذان (6287)، صحيح مسلم اللباس والزينة (2100)، سنن الترمذي الأدب (2765)، سنن النسائي المساجد (721)، سنن أبو داود الأدب (4866)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 39)، موطأ مالك النداء للصلاة (418)، سنن الدارمي الاستئذان (2656). رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى في باب الاستلقاء، في ج (11)، ص (68): (تقدم بيان الحكم في أبواب المساجد من كتاب الصلاة، وذكرت هناك قول من زعم أن النهي عن ذلك منسوخ، وأن الجمع أولى، وأن محل النهي حيث تبدو العورة، والجواز حيث لا تبدو، وهو جواب الخطابي ومن تبعه، ونقلت قول من ضعف الحديث الوارد في ذلك وزعم أنه لم يخرج في الصحيح، وأوردت عليه بأنه غفل عما في (كتاب اللباس) من الصحيح، والمراد بذلك [صحيح مسلم]، وسبق القلم هناك، فكتبت [صحيح البخاري]، وقد أصلحته في أصلي).
3 - قوله في باب الدعاء على المشركين، ج (11)، ص (162) في الكلام على قول البخاري: (حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا الأنصاري، حدثنا هشام بن حسان، حدثنا محمد بن سيرين، حدثنا عبيدة، حدثنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: صحيح البخاري الجهاد والسير (2931)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (627)، سنن الترمذي تفسير القرآن (2984)، سنن أبو داود الصلاة (409)، سنن ابن ماجه الصلاة (684)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 113)، سنن الدارمي الصلاة (1232). ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا الحديث. قال الحافظ: (قوله: حدثنا هشام بن حسان) يرجح قول من قال في الرواية التي مضت في الجهاد من طريق عيسى بن يونس، حدثنا هشام) أنه ابن حسان، وكنت ظننت أنه الدستوائي ورددت على الأصيلي حيث جزم بأنه ابن حسان، ثم نقل تضعيف هشام بن
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 372)
حسان يروم رد الحديث فتعقبته هناك، ثم وقفت على هذه الرواية فرجعت عما ظننت إلخ.
ويدل على رجوع الحافظ عما كتبه في (كتاب الصلاة) إلى ما بينه في (كتاب التفسير) تعذر الجمع بين تصحيح الحافظ أسانيد تلك الروايات الأزرقية التي تذكر: أن المقام كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن، وهو الذي رده إليه عمر بعدما ذهب به السيل وبين تصحيحه في (كتاب التفسير) أسانيد روايات كون المقام لزق البيت إلى أن أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأن الروايات الأزرقية التي أشار إليها ليس فيها شيء صحيح صريح، كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى عند الكلام على تلك الروايات، مع ذكر كلام الحافظ فيمن تكلم فيه من رواتها؛ ليتبين أن ما ذكره في (كتاب الصلاة) في الروايات الأزرقية كما لا يتفق ما في (كتاب التفسير) لا يتفق مع كلامه في رواية تلك الروايات الأزرقية في كتبه في [الجرح والتعديل] وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه [البداية والنهاية] ج (1) ص (162) تحت عنوان: (ذكر بناية البيت العتيق) في الكلام على مقام إبراهيم - عليه السلام -: (قد كان هذا الحجر ملصقا بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فأخره عن البيت قليلا؛ لئلا يشغل المصلون عنده الطائفين بالبيت)، وقال في الجزء السابع من التاريخ المذكور [البداية والنهاية] ص (13) في الكلام على حوادث سنة ثمان عشرة: (قال الواقدي وغيره: وفي هذه السنة في ذي الحجة منها حول عمر المقام، وكان ملصقا بجدار
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 373)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/418)
الكعبة، أخره إلى حيث هو الآن؛ لئلا يشوش المصلون عنده على الطائفين وقال في [التفسير] في الكلام على قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى (قلت: قد كان هذا المقام ملصقا بجدار الكعبة قديما، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر، يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك، وكان الخليل - عليه السلام - لما فرغ من بناء البيت وضعه إلى جدار الكعبة، وأنه انتهى عنده البناء فتركه هناك؛ ولهذا والله أعلم، أمر بالصلاة هناك عند الفراغ من الطواف، وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة فيه، وإنما أخره عن جدار الكعبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه -: أحد الأئمة المهديين والخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم وهو أحد الرجلين اللذين قال فيهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سنن الترمذي المناقب (3662)، سنن ابن ماجه المقدمة (97)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 382). اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر وهو الذي نزل القرآن بوفاقه في الصلاة عنده؛ ولهذا لم ينكر ذلك أحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين-)، وقال أيضا في تفسير قوله تعالى: سورة آل عمران الآية 97 فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ (قد كان- أي: المقام - ملتصقا بجدار البيت حتى أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في إمارته إلى ناحية الشرق، بحيث يتمكن الطواف منه، ولا يشوشون على المصلين عنده بعد الطواف؛ لأن الله تعالى
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 374)
قد أمرنا بالصلاة عنده، حيث قال: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى اهـ ما جمعناه من تاريخ ابن كثير وتفسيره.
وقال العلامة الشوكاني في [فتح القدير] في تفسير آية: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وهو: أي المقام الذي كان ملصقا بجدار الكعبة، وأول من نقله عمر بن الخطاب، كما أخرجه عبد الرزاق والبيهقي بأسانيد صحيحة، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق مختلفة. اهـ.
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=330&SectionID=1&MarkIndex=1&0#%d8%ad%d9%88%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%84 %d9%85%d9%82%d8%a7%d9%85%d9%88%d9%83%d8%a7%d9%86%d 9%85%d9%84%d8%b5%d9%82%d8%a7%d8%a8%d8%ac%d8%af%d8% a7%d8%b1%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b9%d8%a8%d8%a9
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 08:56 ص]ـ
موضع المقام اليوم هو موضعه في عهد النبوة
أدلة القائلين بأن موضع المقام اليوم هو موضعه في عهد النبوة والجواب عنها:
استدل القائلون: بأن موضع مقام إبراهيم - عليه السلام - هذا الذي هو فيه اليوم هو موضعه في عهد النبوة: بأمور نذكرها مع الإجابة عنها فيما يلي:
الأول: ما رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه قال: أخبرنا ابن عمر، وهو: أحمد بن محمد بن حكيم، أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أبي تمام، أخبرنا آدم، وهو: ابن أبي إياس في تفسيره، أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد قال: قال عمر بن الخطاب: صحيح البخاري الصلاة (402)، سنن الترمذي تفسير القرآن (2959)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1009)، سنن الدارمي المناسك (1849). يا رسول الله، لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فكان المقام عند البيت، فحوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى موضعه هذا، قال مجاهد: وكان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن).
والجواب عن هذا: ما ذكره الحافظان: ابن كثير في تفسيره، وابن حجر العسقلاني في [فتح الباري].
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 375)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره الآية الكريمة: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى بعد ذكر هذا الأثر الذي رواه ابن مردويه: (هذا مرسل عن مجاهد، وهو مخالف لما تقدم من رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد: أن أول من أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهذا أصح من طريق ابن مردويه مع اعتضادها بما تقدم اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/419)
وقال الحافظ في [الفتح] ج (8) ص (137) في باب سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى من (كتاب التفسير): أخرج ابن مردويه بسند ضعيف، عن مجاهد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حوله، والأول أصح). اهـ.
ووجه ضعف سنده: أن فيه شريكا النخعي، وإبراهيم بن المهاجر، وهما ضعيفان؛ أما شريك، فقد روى علي بن المديني عن يحيى بن سعيد تضعيفه جدا، وقال ابن المثنى: ما رأيت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن شريك شيئا، وروى محمد بن يحيى القطان عن أبيه قال: رأيت تخليطا في أصول شريك، وقال ابن المبارك: ليس حديثه بشيء، وقال الجوزجاني: سيئ الحفظ، مضطرب الحديث، ومائل، وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: أخطأ شريك في أربعمائة حديث، وقال الدارقطني: ليس شريك بالقوي فيما ينفرد به، وقال عبد الجبار بن محمد: قلت ليحيى بن سعيد: زعموا أن شريكا إنما خلط بآخره قال: ما زال مخلطا. نقل هذا عن
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 376)
هؤلاء الأئمة الحافظ الذهبي في [ميزان الاعتدال]. وأما إبراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي - فقد قال العقيلي في [الضعفاء]: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا صالح بن أحمد، قال: حدثنا علي، قال: قلت ليحيى: إن إسرائيل روى عن إبراهيم بن المهاجر ثلاثمائة حديثا، قال إبراهيم بن المهاجر: لم يكن بالقوي، حدثنا محمد، حدثنا صالح، عن علي قال: سئل يحيى بن سعيد عن إبراهيم بن المهاجر وأبي يحيى القتات فضعفهما. حدثنا عبد الله قال: سألت أبي عن إبراهيم بن المهاجر فقال: كان كذا وكذا، (وقال النسائي في [الضعفاء والمتروكين]: إبراهيم بن المهاجر الكوفي ليس بالقوي)، ونقل الحافظ في [تهذيب التهذيب] عن النسائي أنه صرح أيضا في [الكنى] بأنه ليس بالقوي في الحديث، قال الحافظ: (وقال ابن حبان في [الضعفاء]: هو كثير الخطأ، وقال الحاكم: قلت للدارقطني: فإبراهيم بن المهاجر! قال: ضعفوه، تكلم فيه يحيى بن سعيد وغيره، قلت: بحجة، قال: بلى، حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقد غمزه شعبة أيضا) قال الحافظ: وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، هو وحصين وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، ومحلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم ولا يحتج به، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟) قال: كانوا قوما لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطرابا ما
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 377)
شئت). اهـ. ما في [تهذيب التهذيب].
الثاني: مما استدل به القائلون بأن موضع مقام إبراهيم - عليه السلام - اليوم: هو موضعه في عهد النبوة: ما في مغازي موسى بن عقبة في سياق خبر فتح مكة بلفظ: (وأخر- أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - المقام إلى مقامه اليوم، وكان ملتصقا بالبيت).
والجواب عن هذا: أن هذا المنقول من مغازي موسى بن عقبة يخالف ما تقدم عن عائشة وعروة شيخ موسى بن عقبة ومشايخ ابن جريج هو: أن أول من حول المقام إلى مقامه اليوم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ ولذلك لم يلتفت الحافظ ابن كثير الذي نقل هذا عن مغازي موسى بن عقبة إليه، بل جزم بخلافه.
الثالث: مما استدلوا به: ما رواه الأزرقي في [تاريخ مكة] قال: حدثني جدي، قال: حدثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: موضع المقام هذا الذي هو فيه اليوم: هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر، فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده بمحضر الناس).
والجواب عنه بأمرين:
أحدهما: أن راوي هذا عن ابن أبي مليكة عبد الجبار بن الورد، وهو وإن كان ثقة يخالف في بعض حديثه، قال البخاري في [تاريخه الكبير]: (يخالف في بعض حديثه)، واعتمد العقيلي على كلام البخاري هذا، فذكره في [الضعفاء] ثم قال: (حدثني آدم بن موسى، قال: سمعت البخاري قال: (عبد الجبار بن الورد المكي يخالف في بعض حديثه). اهـ
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 378)
كلام العقيلي. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في [تقريب التهذيب] في عبد الجبار بن الورد: صدوق يهم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/420)
الثاني: أن ما قاله ابن أبي مليكة على فرض ثبوته عنه لم يأخذه عن الصحابة فيما يرى المحب الطبري صاحب [القرى]، بل إنما فهمه من سياق رواية كثير بن المطلب عن أبيه قصة احتمال سيل أم نهشل المقام)، ولا يسعنا ما دام الأمر كذلك أن نقدم ذلك الفهم على تصريح أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بأن المقام كان ملصقا بالبيت في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمان أبي بكر، ثم أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - روى حديث عائشة المشار إليه هنا البيهقي بسند صحيح، كما تقدم، وكلمة: (أين موضعه)؟ التي فهم منها ابن أبي مليكة ذلك- يفسرها ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره بسند صحيح، عن ابن عيينة أنه قال: (كان المقام في سقع البيت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعد قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فرده عمر إليه)، الحديث المتقدم، فإن هذا يدل على أن الموضع الذي سأل عنه عمر، ليرد المقام إليه: الموضع الذي وضعه فيه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أول مرة، لا موضعه في عهد النبوة.
الرابع: مما استدل به القائلون بأن موضع المقام اليوم هو موضعه في عهد النبوة- ما رواه الأزرقي في [تاريخ مكة] قال: حدثني جدي قال: حدثنا سليم بن مسلم ضبط الحافظ الذهبي سليم بن مسلم في [المشتبه] بفتح السين، وقال: (واه). عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبد الله بن السائب - وكان يصلي بأهل مكة - فقال: أنا أول من صلى خلف
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 379)
المقام حين رد في موضعه هذا، ثم دخل عمر وأنا في الصلاة فصلى خلفي صلاة المغرب). وجه الاستدلال به: أن قول عبد الله بن السائب: (حين رد في موضعه هذا) يفهم منه: أن له موضعا قبل التحويل، فيلزم عنه أنه موضعه في عهد النبوة.
والجواب عن هذا: أن سياق عبد الرزاق أحسن من سياق سليم بن مسلم، فقد قال عبد الرزاق في [مصنفه]: عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر وعمر بن عبد الرحمن بن صفوان وغيرهما، أن عمر قدم فنزل في دار ابن سباع، فقال: يا أبا عبد الرحمن، صل بالناس المغرب، فصليت وراءه، وكنت أول من صلى وراءه حين وضع، ثم قال: فأحسست عمر وقد صليت ركعة، فصلى ورائي ما بقي. اهـ. فكلمة (حين وضع) في رواية عبد الرزاق هذه هي التي غيرها سليم بن مسلم بقوله: (حين رد في موضعه هذا): وسليم بن مسلم غير مأمون، لا على عقيدته ولا على الحديث، كما بينه الأئمة، قال العقيلي في [الضعفاء]: حدثنا محمد قال: حدثنا عباس، قال: سمعت يحيى ذكر سليم بن مسلم المكي فقال: كان ينزل مكة، وكان جهميا خبيثا. اهـ. وقال النسائي في [الضعفاء والمتروكين]: (سليم بن مسلم الخشاب متروك الحديث). اهـ. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في [لسان الميزان]: (سليم بن مسلم المكي الخشاب الكاتب عن ابن جريج - قال ابن معين: جهمي خبيث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئا). قال الحافظ: (وقال أبو حاتم في ترجمة سليم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. وقال الدوري عن ابن معين: ليس بقوي، وقال مرة: متروك).
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 380)
اهـ. المراد من كلام الحافظ في [لسان الميزان].
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=331&SectionID=1&MarkIndex=2&0#%d9%85%d9%88%d8%b6%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82 %d8%a7%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%87%d 9%88%d9%85%d9%88%d8%b6%d8%b9%d9%87%d9%81%d9%8a%d8% b9%d9%87%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a8%d9%88%d8%a9
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 08:59 ص]ـ
المقام موضعه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/421)
الخامس: مما استدلوا به: ما ذكره الأزرقي في [تاريخ مكة] بعدما ساق حديث صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح في وجه الكعبة حذو الطرقة البيضاء: روى عن جده أنه قال: قال داود: وكان ابن جريج يشير لنا إلى هذا الموضع، ويقول: هذا الموضع الذي صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الموضع الذي جعل فيه المقام حين ذهب به سيل أم نهشل إلى أن قدم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فرده إلى موضعه الذي كان فيه في الجاهلية وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله عنه - وبعض خلافة عمر - رضي الله عنه - إلى أن ذهب به السيل.
والجواب عن هذا: أن ما ذكره الأزرقي عن ابن جريج يخالف ما صح عن مشايخ ابن جريج عطاء وغيره من رواية ابن جريج عنهم، فقد تقدم أن عبد الرزاق روى في [مصنفه] بسند صحيح: أنهم قالوا: إن عمر أول من رفع المقام فوضعه موضعه الآن
السادس: مما استدلوا به: ما رواه الأزرقي في [تاريخ مكة] قال: حدثني جدي، حدثنا داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن أبيه، عن جده، قال: كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر بن
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 381)
الخطاب الردم الأعلى، وكان يقال لهذا الباب: باب السيل، قال: فكانت السيول ربما دفعت المقام عن موضعه، وربما نحته إلى وجه الكعبة، حتى جاء سيل في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، يقال له: سيل أم نهشل، إنما سمي بأم نهشل؛ لأنه ذهب بأم نهشل ابنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد بن العاص، فماتت فيه، فاحتمل المقام من موضعه هذا، فذهب به حتى وجد بأسفل مكة، فأتى به فربطه إلى أستار الكعبة في وجهها، وكتب في ذلك إلى عمر - رضي الله عنه -، فأقبل عمر فزعا فدخل بعمرة في شهر رمضان، وقد غبي موضعه وعفاه السيل، فدعا عمر بالناس فقال: أنشد الله عبدا عنده علم في هذا المقام، فقال المطلب بن أبي وداعة السهمي: أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك، فقد كنت أخشى عليه، فأخذت قدره من موضعه إلى الركن، ومن موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بمقاط، وعندي في البيت، فقال له عمر: فاجلس عندي وأرسل إليها، وأتى بها فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا، فسأل الناس فشاورهم، فقالوا: نعم، هذا موضعه، فلما استثبت ذلك عمر - رضي الله عنه - وحق عنده أمر ربه فأعلم ببناء ربطه تحت المقام، ثم حوله، فهو في مكانه هذا إلى اليوم. ا هـ.
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 382)
والجواب عنه: أن المراد بالموضع المذكور في هذا الخبر الموضع الذي وضعه فيه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أول مرة، وهو الذي سأل عنه؛ ليضعه في المرة الثانية، بدليل رواية ابن أبي حاتم المتقدمة، عن أبيه، عن ابن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة أنه قال: كان المقام في سقع البيت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى الآية، قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا، فرده عمر إليه .. الخبر المتقدم.
السابع: مما استدلوا به: ما رواه الأزرقي في [أخبار مكة] قال: حدثني ابن أبي عمر قال: حدثنا ابن عيينة، عن حبيب ابن أبي الأشرس قال: كان سيل أم نهشل قبل أن يعمل عمر الردم بأعلى مكة احتمل المقام من مكانه، فلم يدر أين موضعه، فلما قدم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل من يعلم موضعه؟ فقال المطلب بن أبي وداعة: أنا يا أمير المؤمنين، قد كنت قدرته، وذرعته بمقاط، وتخوفت عليه، هذا من الحجر إليه، ومن الركن إليه، ومن وجه الكعبة إليه، فقال: إيت به فجيء به فوضعه في موضعه هذا، وعمل عمر الردم عند ذلك، قال سفيان: فذلك الذي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه: أن المقام كان عند سقع البيت، فأما موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن، وأما ما يقول الناس: أنه كان هناك موضعه فلا. قال سفيان: وقد ذكر عمرو بن دينار نحوا من حديث ابن أبي الأشرس هذا، لا أميز أحدهما عن صاحبه.
والجواب عن هذا: أن ما ذكره ابن أبي الأشرس، وذكر عمرو بن دينار نحوه من سؤال عمر عن موضع المقام - لا يدل على أن مراد عمر موضع
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 383)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/422)
المقام في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل الذي دلت عليه رواية ابن أبي حاتم المتقدمة عن سفيان بن عيينة: أن سؤال عمر - رضي الله عنه - إنما هو عن الموضع الذي وضعه فيه أول مرة؛ ليضعه فيه المرة الثانية مع أن أمر حبيب ابن أبي الأشرس هين؛ لأنه لا يحتج به، قال البخاري في [التاريخ الصغير]: (قال أحمد: متروك، وقال في [الضعفاء الصغير]: (منكر الحديث، وقال النسائي في [الضعفاء والمتروكين]: حبيب بن حسان، وهو حبيب بن أبي الأشرس كوفي متروك الحديث)، وقال العقيلي في [الضعفاء]: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن سفيان عن حبيب بن حسان بن أبي الأشرس شيئا. حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين قال: حبيب بن أبي الأشرس كوفي ليس حديثه بشيء، وقال في موضع آخر: حبيب بن حسان ليس بثقة، وكانت له جاريتان نصرانيتان فكان يذهب معهما إلى البيعة.
وقال في موضع آخر: حبيب بن حسان بن الأشرس هو حبيب بن هلال ليس بشيء، حدثنا الخضر بن داود قال: حدثني أحمد بن محمد بن هانئ قال: سألت أبا عبد الله، وذكر حبيب بن حسان، فقال: متروك الحديث، حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال: حبيب بن حسان الكوفي هو حبيب بن أبي الأشرس منكر الحديث). اهـ. وقال ابن أبي حاتم في [الجرح والتعديل] قرئ على العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: حبيب بن حسان بن أبي الأشرس، وهو حبيب بن هلال، روى عنه مروان الفزاري، وليس بثقة، وقال: سمعت أبي يقول: حبيب
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 384)
بن حسان موجه صالح البغدادي، وليس بقوي، منكر الحديث أحيانا. اهـ.
وقال ابن حبان في [كتاب المجروحين] في حبيب بن أبي الأشرس: (منكر الحديث جدا، وكان قد عشق امرأة نصرانية، وقد قيل: إنه تنصر وتزوج بها، وأما اختلافه إلى البيعة من أجلها فصحيح. أنبأ مكحول: سمعت جعفر بن أبان يقول: سئل يحيى بن معين - وأنا شاهد- عن حبيب بن حسان، فقال: ليس بثقة، كان يذهب مع جاريتين له إلى البيعة. اهـ. وفي [لسان الميزان] للحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمة حبيب بن أبي الأشرس: (قال أبو داود: ليس حديثه بشيء، روى عنه سفيان ولا يصرح به، وقال أبو بكر بن عياش: لو عرف الناس حبيب بن حسان لضربوا على بابه الختم. وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. ا هـ.
وأما رواية الأزرقي عن عروة أنه قال: (فأما موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن) إلخ .. فيعارضها ما روى عبد الرزاق في [مصنفه] عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر بعض خلافته كانوا يصلون صقع البيت، حتى صلى عمر بن الخطاب خلف المقام)، وما روى ابن أبي حاتم عن أبي زرعة عن أبي ثابت، عن عبد العزيز الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن المقام كان في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمان أبي بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولا شك في أنه إذا وقع التعارض بين رواية أبي الوليد الأزرقي مؤرخ مكة وبين روايتي: عبد الرزاق، وابن أبي حاتم - نقدم رواية عبد الرزاق وابن أبي حاتم على رواية أبي الوليد الأزرقي مؤرخ مكة؛
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 385)
لأنهما يحملان شهادات أئمة الحديث في زمانهما بالإمامة في الحديث، وأما أبو الوليد الأزرقي مؤرخ مكة فلم نر شهادة أي معاصر له، ولم يرها قبلنا الفاسي على سعة اطلاعه؛ ولذلك يقول في [العقد الثمين]،: (لم أر من ترجمه، وإني لأعجب من ذلك)، وأما الذين لم يعاصروه فأقدم من رأيناه تعرض له منهم ابن النديم صاحب [الفهرست]، قال فيه بعد ذكر نسبه: (أحد الأخباريين وأصحاب السير، وله من الكتب [كتاب مكة وأخبارها وجبالها وأوديتها، كتاب كبير). ا. هـ. وهذا لا يغني شيئا؛ لأمرين:
أحدهما: أن الغالب على الأخباريين والسيريين عدم الاعتناء بالروايات، وفي ذلك يقول الحافظ العراقي في [ألفية السيرة].
وليعلم الطالب أن السيرا تجمع ما صح وما قد أنكرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/423)
الثاني: أن ابن النديم قال الحافظ ابن حجر في [لسان الميزان]،: (هو غير موثوق به ومصنفه المذكور- يعني [الفهرست]- ينادي على مصنفه بالاعتزال والزيغ، نسأل الله السلامة) ثم قال الحافظ: (لما طالعت كتابه ظهر لي أنه رافضي معتزلي، فإنه يسمي أهل السنة: الحشوية، ويسمي الأشاعرة: المجبرة، ويسمي كل من لم يكن شيعيا: عاميا، وذكر في ترجمة الشافعي شيئا مختلقا ظاهر الافتراء) ا. هـ.
ومراد الحافظ بذلك الشيء المختلق الظاهر الافتراء: قول ابن النديم في [الفهرست]، ص (294، 295): (بخطه- يعني: أبا القاسم الحجازي - أيضا قرأت: قال: ظهر رجل من بني أبي لهب بناحية المغرب، فحمل إلى هارون الرشيد ومعه الشافعي، فقال الرشيد للهبي: سمت بك نفسك إلى هذا، قال: وأي الرجلين كان أعلى ذكرا وأعظم قدرا جدي أم جدك أنت؟
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 386)
ليس تعرف قصة جدك وما كان من أمره، وأسمعه كل ما كره؛ لأنه استقبل، قال: فأمر بحبسه، ثم قال للشافعي: ما حملك على الخروج معه؟ قال أنا رجل أملقت، وخرجت أضرب في البلاد طلبا للفضل، فصحبته لذلك، فاستوهبه الفضل بن الربيع فوهبه، فأقام بمدينة السلام مدة فحدثنا محمد بن شجاع الثلجي قال: كان يمر بنا في زي المغنين على حمار وعليه رداء محشا وشعره مجعد) ثم وصف ابن النديم الشافعي وذكر حكاية عن أخريين من نوع الافتراء الذي ذكر أولا. ثم بعد ابن النديم الحافظ عبد الكريم بن محمد السمعاني صاحب كتاب [الأنساب]، قال في [الأنساب]،: (الأزرقي هو: أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي صاحب كتاب [أخبار مكة]، وأحسن في تصنيف ذلك الكتاب غاية الإحسان، روى عن جده، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وغيرهما، روى عنه أبو محمد إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي. ا. هـ. وليس في هذا كبير فائدة من ناحية ترجمة أبي الوليد الأزرقي؛ لأن في إمكان كل من نظر في كتابه [أخبار مكة] أن يتحصل على مشايخه وعلى من روى ذلك الكتاب عنه؛ لأن جميع ذلك موجود في [أخبار مكة]، ومجرد كلمة روى فلان عن فلان، وروى عنه فلان، وأخرج له فلان- لا يروي الغلة، ولا يشفي العلة، كما بينه الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه [تهذيب التهذيب]، وأما ثناء السمعاني على كتاب [أخبار مكة]، فلا يوصله إلى درجة تقديم ما فيه على ما في مصنفات الإمامين الشهيرين: عبد الرزاق، وابن أبي حاتم، ثم بعد ابن السمعاني الإمام النووي قال في الكلام على حجر إسماعيل عليه السلام:
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 387)
(قد وصفه الإمام أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة، فأحسن وأجاد)، وقد بحثنا عن قول النووي هذا فوجدناه يعتقد في مؤرخ مكة: أنه هو جده الإمام أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، بدليل قوله في [المجموع] ج (7) ص (464) بعد ذكر حدود الحرم، (هكذا ذكر هذه الحدود أبو الوليد الأزرقي في [كتاب مكة] وأبو الوليد هذا أحد أصحاب الشافعي الآخذين عنه، الذين رووا عنه الحديث والفقه)، وقد نبه العلامة الفاسي في [العقد الثمين]، على وهم الإمام النووي في هذا قال: (وهم النووي في قوله في [شرح المهذب] بعد أن ذكر في حدود الحرم نقلا عن أبي الوليد الأزرقي هذا: أنه أخذ عن الشافعي وصحبه، وروى عنه، وإنما كان ذلك وهما لأمرين:
أحدهما: أن الذين صنفوا في طبقات الفقهاء الشافعية لم يذكروا في أصحاب الشافعي إلا أحمد بن محمد بن الوليد، جد أبي الوليد هذا.
والأمر الثاني: لو أن أبا الوليد هذا روى عن الإمام الشافعي لأخرج عنه في تاريخه؛ لما له من الجلالة والعظمة، كما أخرج عن جده، وابن عمر العدني وإبراهيم بن محمد الشافعي ابن عم الإمام الشافعي، ثم قال الفاسي: (والسبب الذي أوقع النووي في هذا الوهم: أن أحمد الأزرقي جد أبي الوليد هذا يكنى بأبي الوليد، فظنه النووي هو والله أعلم. وإنما
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 388)
نبهت على ذلك لئلا يغتر بكلام النووي، فإنه ممن يعتمد عليه، وهذا مما لا ريب فيه). اهـ المراد من كلام الفاسي؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/424)
وأما تاريخ وفاة مؤرخ مكة الأزرقي فقد بيض السمعاني في الأنساب لما بعد المائتين منها، وتعرض لتاريخ وفاته بعده محمد بن عمر بن عزم التونسي، وصاحب [كشف الظنون]، وصاحب [هداية العارفين]، لكن أخطأوا فيها، وبيان ذلك فيما يلي. أما محمد بن عمر بن عزم فيقول في [دستور الإعلام بمعارف الأعلام]،: (الأزرقي إلى جده الأزرق صاحب [تاريخ مكة] محمد بن عبد الله بن أحمد سنة مائتين وأربع، وجده أحمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمر بن الحارث بن أبي شمر الغساني المكي، روى عن سفيان بن عيينة، وداود بن عبد الرحمن العطار، روى عنه حفيده سنة مائتين واثني عشر. ا. هـ. وهذا غير صحيح لا من ناحية الجد ولا من ناحية الحفيد، أما الجد؛ فلأنه حدث بواقعة بعد تاريخ مائتين واثني عشر، ففي الجزء الأول من [تاريخ الحفيد]، ص (194) ما نصه: (قال أبو الوليد: قال جدي: أول من أثقب النفاطات بين الصفا والمروة في ليالي الحج وبين المأزمين- مأزمي عرفة - أمير المؤمنين إسحاق المعتصم بالله طاهر بن عبد الله بن طاهر، سنة تسع عشرة ومائتين، فجرى ذلك إلى اليوم. ا. هـ.
وأما الحفيد مؤرخ مكة فقد وجدناه حدث بحادث سنة ثلاث وأربعين ومائتين، ففي الجزء الأول من تاريخه ص (171) ما نصه: قال أبو الوليد:
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 389)
(أمر أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بإذالة الإذالة: بالذال المعجمة: الإسبال. القميص القباطي حتى بلغ الشاذروان الذي تحت الكعبة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين). ا. هـ. وأما صاحب [كشف الظنون] فقد قال في الكلام على تواريخ مكة، منها: تاريخ الإمام أبي الوليد محمد بن عبد الكريم المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين). ا. هـ. وهذا غلط في اسم والد مؤرخ مكة، فإن اسمه عبد الله لا عبد الكريم، وغلط في تاريخ وفاته، لما تقدم في الرد على التونسي، وقد تبع صاحب [كشف الظنون] في الغلط التاريخي إسماعيل باشا في [هداية العارفين]، وتنبه الكتاني لغلط صاحب [كشف الظنون] في تاريخ وفاة أبي الوليد الأزرقي، ذكر عنه في [الرسالة المستطرفة]، أنه أرخ وفاته بسنة ثلاث وعشرين ومائتين، ثم قال: (لكن جده - أي: جد أبي الوليد - أحمد المذكور ذكر في [التقريب]،: أنه توفي سنة سبع عشرة، وقيل: اثنتين وعشرين ومائتين، فيبعد عليه أن يكون حفيده مؤرخ مكة توفي في السنة المذكورة أولا يصح ذلك بالكلية)، ولم يذكر الكتاني من ناحية الأزرقي شيئا يجدي.
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=332&SectionID=1&MarkIndex=3&0#%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%85%d9%85%d9%88 %d8%b6%d8%b9%d9%87%d9%81%d9%8a%d8%b9%d9%87%d8%af%d 8%a7%d9%84%d9%86%d8%a8%d9%8a%d8%b5%d9%84%d9%89%d8% a7%d9%84%d9%84%d9%87%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%87%d9%88 %d8%b3%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b9%d9%87%d8%af%d8%a3%d 8%a8%d9%8a%d8%a8%d9%83%d8%b1%d9%88%d8%b9%d9%85%d8% b1
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:01 ص]ـ
لماذا أخر عمر بن الخطاب المقام؟
علل تأخير أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المقام بأربعة أشياء، نذكرها مع الكلام عليها:
1 - خشية عمر لما كثر الناس أن يطأوه بأقدامهم؛ لما رواه الفاكهي كما في [شفاء الغرام] ج (1) ص (307) قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال:
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 390)
حدثنا يحيى بن محمد بن ثوبان، عن سليم، عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير أنه قال: كان المقام في وجه الكعبة، وإنما قام إبراهيم عليه حين ارتفع البيت، فأراد أن يشرف على البناء، قال: فلما كثر الناس خشي عمر بن الخطاب أن يطأوه بأقدامهم، فأخره إلى موضعه الذي هو به اليوم حذاء موضعه الذي كان قدام الكعبة. ا. هـ.
وهذا في سنده سليم بن مسلم الراوي عن ابن جريج، وقد تقدم أنه جهمي خبيث متروك الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/425)
2 - مما علل به تأخير عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مقام إبراهيم - عليه السلام - عن موضعه الأول: رده إلى الموضع الذي كان فيه في عهد النبوة، وقد بينا فيما تقدم: أن صريح ما يستند إليه هذا التعليل غير صحيح، وغير الصريح يفسره ما تقدم عن سفيان بن عيينة أنه قال: كان المقام في سقع البيت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا، فرده عمر إليه) فإن هذا يدل على أن عمر إنما رده إلى الموضع الذي وضعه فيه أول مرة.
3 - مما علل به تأخير عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المقام: رده إلى موضعه في عهد إبراهيم الخليل - عليه السلام؛ لما في رواية [المدونة]، المتقدمة بلفظ: (فلما ولي عمر أخرج أخيوطة كانت في خزانة الكعبة قد كانوا قاسوا بها ما بين موضعه وبين البيت إذ قدموه مخافة السيل، فقاسه عمر، فأخرجه إلى موضعه اليوم، فهذا موضعه الذي كان فيه في الجاهلية وعلى عهد إبراهيم. ا. هـ. وهذا تعارضه رواية الفاكهي عن عثمان بن أبي
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 391)
سليمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في سياق قصة بناء البيت بلفظ: (فلما بلغ- أي: إبراهيم عليه السلام- الموضع الذي فيه الركن وضعه يومئذ موضعه، وأخذ المقام فجعله لاصقا بالبيت)، كما يعارضه ما ذكره الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] ج (8) ص (137) في باب سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى من (كتاب التفسير) قال: (كان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت، إلى أن أخره عمر - رضي الله عنه - إلى المكان الذي هو فيه الآن. أخرجه عبد الرزاق في [مصنفه]، بسند صحيح عن عطاء وغيره وعن مجاهد أيضا،. ا. هـ.
فهاتان الروايتان هما المانعتان من قبول ما في رواية [المدونة]، ولا يقال: إن رواية [المدونة] تتأيد برواية ابن الجوزي في [تاريخ عمر بن الخطاب]، في باب ذكر ما خص به في ولايته مما لم يسبق إليه: عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: كان مقام إبراهيم لاصقا بالكعبة، حتى كان زمن عمر بن الخطاب، فقال عمر: إني لأعلم ما كان موضعه هنا، ولكن قريش خافت عليه من السيل فوضعته هذا الموضع، فلو أني أعلم موضعه الأول لأعدته فيه، فقال رجل من آل عايذ بن عبد الله بن عمر
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 392)
بن مخزوم: أنا والله يا أمير المؤمنين أعلم موضعه الأول، كنت لما حولته قريش أخذت قدر موضعه الأول بحبل، وضعت طرفه عند ركن البيت الأول أو الركن أو الباب، ثم عقدت في وسطه عند موضع المقام فعندي ذلك الحبل، فدعا عمر بالحبل فقدروا به، فلما عرفوا موضعه الأول أعاده عمر فيه، قال عمر: إن الله عز وجل يقول: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
فإن هذه الرواية يمنع من اعتبارها: أن ابن الجوزي لم يذكر سندها إلى عبد الرحمن بن أبي الزناد - وما في عبد الرحمن بن أبي الزناد من المقال- ففي [الجرح والتعديل] حدثنا عبد الرحمن حدثنا محمد بن إبراهيم قال: سمعت عمرو بن علي قال: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عن عبد الرحمن بن أبي الزناد. حدثنا عبد الرحمن، حدثنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: قلت لأبي: عبد الرحمن بن أبي الزناد؟ قال: مضطرب الحديث. حدثنا عبد الرحمن، قرئ على العباس بن محمد الدوري، عن يحيي بن معين أنه قال: عبد الرحمن بن أبي الزناد دون الدراوردي، لا يحتج بحديثه، حدثنا عبد الرحمن، سئل أبي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد؟ فقال: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إلي من عبد الرحمن بن أبي الرجال، ومن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. حدثنا عبد الرحمن قال: سألت أبا زرعة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وورقاء، والمغيرة بن عبد الرحمن، وشعيب بن أبي حمزة، من أحب إليك ممن يروي عن أبي الزناد؟ قال: كلهم أحب إلي من عبد الرحمن بن أبي الزناد). ا. هـ. ما في [الجرح والتعديل]. وقال النسائي في [الضعفاء
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 393)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/426)
والمتروكين]،: عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف. ا. هـ. وفي كتاب [المجروحين]، لابن حبان في ترجمة عبد الرحمن بن أبي الزناد: أنه كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات، قال: وكان ذلك من سوء حفظه، وكثرة خطئه، فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد)، وفي [الميزان]: أن من مناكيره حديث: سنن أبو داود الترجل (4163). من كان له شعر فليكرمه، وحديث: سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (369). الهرة من متاع البيت، ومما يمنع اعتبار رواية ابن أبي الزناد المذكورة ما روى عبد الرزاق، عن معمر عن حميد، عن مجاهد قال: كان المقام إلى جنب البيت، وكانوا يخافون عليه عافية السيول، وكانوا يطوفون خلفه، فقال عمر للمطلب بن أبي وداعة السهمي: هل تدري أين موضعه الأول؟ قال: نعم، قدرت ما بينه وبين الحجر الأسود، وما بينه وبين الباب، وما بينه وبين زمزم، وما بينه وبين الركن عند الحجر، قال: تأتي بمقدار، فجاء بمقداره، فوضعه موضعه الأول). ا. هـ. فإن في هذه الرواية: أن الذي دل عمر بن الخطاب على موضعه الأول: سهمي، لا مخزومي، وهذا أشهر من رواية ابن الجوزي عن ابن أبي الزناد.
4 - مما علل به تأخير عمر المقام مخافة التشويش على الطائفين، قال الواقدي وغيره: وفي هذه السنة- أي: سنة ثماني عشرة- في ذي الحجة منها حول عمر منها المقام، وكان ملصقا بجدار الكعبة، فأخره إلى حيث هو الآن؛ لئلا يشوش المصلون عنده على الطائفين، نقله عن الواقدي وغيره الحافظ ابن كثير في الجزء السابع من تاريخه [البداية والنهاية] ص (93) ثم قال الحافظ ابن كثير: (قلت: قد ذكرت أسانيد ذلك في سيرة عمر، ولله الحمد والمنة). ا. هـ. إلى هذه العلة مال الحافظان ابن
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 394)
كثير في [التاريخ]، وابن حجر في [فتح الباري] في (كتاب التفسير). قال ابن كثير في التاريخ المذكور ج (1) ص (164): (قد كان هذا الحجر- أي: مقام إبراهيم عليه السلام- ملصقا بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فأخره عن البيت قليلا؛ لئلا يشغل المصلون عنده الطائفين بالبيت).
وقال الحافظ ابن حجر في [فتح الباري]، ج (8) ص (137): كان عمر رأى أن إبقاءه- أي: مقام إبراهيم عليه السلام - يلزم منه التضييق على الطائفين، أو على المصلين فوضع في مكان يرتفع به الحرج. ا. هـ.
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=333&SectionID=1&MarkIndex=4&0#%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7%d8%a3%d8%ae%d8%b1 %d8%b9%d9%85%d8%b1%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%84%d8%ae%d 8%b7%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d9% 85%d8%9f
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:13 ص]ـ
حكم تأخير المقام اليوم نظرا للحرج
أثبتنا فيما تقدم أن مقام إبراهيم - عليه السلام - كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر الصديق وبعض خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - في سقع البيت، ثم أخره عمر أول مرة مخافة التشويش على الطائفين، ورده المرة الثانية حين حمله السيل إلى ذلك الموضع الذي وضعه فيه أول مرة، ومادام الأمر كذلك فلا مانع من تأخير المقام اليوم عن ذلك الموضع إلى موضع آخر في المسجد الحرام يحاذيه ويقرب منه، نظرا إلى ما ترتب اليوم على استمراره في ذلك الموضع من حرج أشد على الطائفين من مجرد التشويش عليهم الذي حمل ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على أن يؤخره عن الموضع الذي كان فيه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر بتأخيره؛ نظرا لما ذكرنا نكون مقتدين بعمر بن الخطاب المأمور بالاقتداء به، ونرفع الحرج من ناحية أخرى عن الأمة المحمدية التي دلت النصوص القطعية على رفع الحرج عنها، قال الشاطبي
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 395)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/427)
في [الموافقات]: إن الأدلة على رفع الحرج في هذه الأمة بلغت مبلغ القطع، كقوله تعالى: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وسائر ما يدل على هذا المعنى، كقوله تعالى: سورة البقرة الآية 185 يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقوله: سورة النساء الآية 28 يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا وقوله تعالى: سورة الأحزاب الآية 38 مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ وقوله: سورة الأعراف الآية 157 وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ' قال الشاطبي: (وقد سمي هذا الدين: الحنيفية السمحة؛ لما فيه من التسهيل والتيسير)، وأطال الشاطبي في ذلك، وذكر أن قصد الشارع من مشروعية الرخص رفع الحرج عن الأمة، وقال السيوطي في [الإكليل]،: (قوله تعالى: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ هو أصل القاعدة: (المشقة تجلب التيسير)، وقال أبو بكر بن العربي في [أحكام القرآن]، في تفسير الآية الكريمة: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ قال: (كانت الشدائد والعزائم في الأمم، فأعطى الله هذه الأمة من المسامحة واللين ما لم يعط أحدا قبلها)، وقال عبد الرزاق في تفسيره: (أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله تعالى: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ قال: من ضيق، وقال: أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم يعطها إلا نبي: كان يقال للنبي: اذهب فليس عليك حرج، وقد قال الله تعالى: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 396)
يقال للنبي: أنت شهيد على قومك، وقال الله تعالى: سورة البقرة الآية 143 لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ويقال للنبي: سل تعط، وقال الله تعالى: سورة غافر الآية 60 وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ا. هـ. وفي كلام الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] ما يدل على أن تأخير عمر بن الخطاب المقام عن موضعه الأول إلى موضعه اليوم من قبيل رفع الحرج عن الأمة، ونصه ج (8) ص (137): (كان عمر رأى أن إبقاءه- أي: مقام إبراهيم عليه السلام - في الموضع الأول، يلزم منه التضييق على الطائفين، أو على المصلين فوضع في مكان يرتفع به الحرج). ا. هـ. ومثل نظر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في شأن المقام إلى رفع الحرج نظره إليه أيضا في شأن المطاف حينما كثر الناس فوسعه، وتبعه في ذلك عثمان، ففي [الأحكام السلطانية]، للماوردي ما نصه: (كان- أي: المسجد الحرام - فناء حول الكعبة للطائفين، ولم يكن له على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - جدار يحيط به، فلما استخلف عمر - رضي الله عنه - وكثر الناس، وسع المسجد، واشترى دورا هدمها، وزادها فيه، وهدم على قوم من جيران المسجد أبوا أن يبيعوا، ووضع لهم الأثمان، حتى أخذوها بعد ذلك، واتخذ للمسجد جدارا قصيرا دون القامة، وكانت المصابيح توضع عليه، وكان عمر - رضي الله عنه - أول من اتخذ جدارا للمسجد، فلما استخلف عثمان - رضي الله عنه - ابتاع منازل فوسع بها المسجد، وأخذ منازل قوم ووضع لهم أثمانها فضجوا منه عند البيت، فقال: إنما جرأكم علي حلمي عنكم، فقد فعل بكم عمر - رضي الله عنه - هذا، فأقررتم ورضيتم، ثم أمر بهم إلى الحبس، حتى كلمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسد، فخلى سبيلهم، وبنى للمسجد
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 397)
الأروقة، فكان عثمان - رضي الله عنه - أول من اتخذ للمسجد الأروقة). ا. هـ. المراد من كلام الماوردي في [الأحكام السلطانية] وهو آخر البحث. وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
محمد بن إبراهيم آل الشيخ
الرابط:
http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=334&SectionID=1&MarkIndex=5&0#%d8%aa%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%84%d9%85 %d9%82%d8%a7%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85%d 9%86%d8%b8%d8%b1%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8% ac
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:17 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/428)
بنقل المقام من مكانه الحالي إلى مكان آخر
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 398)
قرار رقم (35) وتاريخ 14\ 2\ 1395هـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فبناء على خطاب المقام السامي رقم (30560) وتاريخ 9\ 10\ 1394 هـ الموجه من جلالة الملك حفظه الله إلى فضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بخصوص عرض الرسالة التي هي من تأليف الشيخ\ علي الصالحي، الخاصة بنقل مقام إبراهيم - عليه السلام -، والبناء بمنى، وبعض المقترحات في المسجد الحرام - على هيئة كبار العلماء لدراسة المقترحات التي تضمنتها الرسالة، وبيان الرأي فيها.
وفي الدورة السادسة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر صفر عام 1395 هـ جرى من مجلس الهيئة استعراض الرسالة المذكورة، فوجدت تتلخص فيما يأتي:
أ- اقتراح بنقل المقام من مكانه الحالي إلى مكان آخر؛ ليتسع المطاف للطائفين أيام الحج.
ب- اقتراح بالبناء في منى بصفة جاء وصفها وتحديدها في الاقتراح.
ج- اقتراح ببناء طرق معلقة في المسعى فوق الساعين تنفذ إلى الحرم دون أن يتأذوا أو يتأذى الساعون.
د- اقتراح باستغلال هواء المطاف بتسقيفه بطريقة جاء وصفها وتحديدها في الاقتراح، واقتراحات بربط مبنى الحرم القديم بالجديد، وتبليط
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 399)
حصوات الحرم.
ثم جرى من المجلس مناقشة هذه المقترحات، ومداولة الرأي فيها، وتقرر ما يلي:
أولا: بالنسبة لموضوع نقل المقام، فمما لا شك فيه أن وضعه الحالي يعتبر من أقوى الأسباب فيما يلاقيه الطائفون في موسم الحج من المشقة العظيمة والكلفة البالغة التي قد تحصل بالبعض إلى الهلاك أو تقارب، وذلك بسبب الزحام والصلاة عنده، وقد سبق أن بحث موضوع نقله، وصدر من سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- فتوى بجواز نقله شرعا، إلا أنه رؤي الاكتفاء بتجربة تتلخص في إزالة الزوائد المحيطة بالمقام، ويبقى في مكانه، فإن كان ذلك كافيا ومزيلا للمحذور استمر بقاؤه في مكانه، وإلا تعين النظر في أمر نقله.
وحيث مضى على هذه التجربة عدة سنوات، واتضح أن بقاءه في مكانه الحالي لا يزال سببا في حصول الزحام والمشقة العظيمة به، ونظرا إلى أن من قواعد الشريعة الإسلامية: أن المشقة تجلب التيسير، وأن النصوص الشرعية قد تضافرت في رفع الحرج عن هذه الأمة، قال تعالى: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقال تعالى: سورة البقرة الآية 185 يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقال تعالى: سورة النساء الآية 28 يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا
وقد تتبعت الهيئة الآثار الواردة في تعيين مكان مقام إبراهيم - عليه السلام - في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ذكره بعض أهل التفسير والحديث والتاريخ أمثال: الحافظ ابن كثير، والحافظ ابن حجر، والشوكاني وغيرهم-
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 400)
فترجح لديها أن مكانه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وبعض من خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - في سقع البيت، ثم أخره عمر أول مرة؛ مخافة التشويش على الطائفين، ورده المرة الثانية حين حمله السيل إلى ذلك الموضع الذي وضعه فيه أول مرة.
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى بعد ذكره الأحاديث الواردة في الصلاة عنده- قال: قلت: وقد كان هذا المقام ملصقا بجدار الكعبة قديما، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك، وكان الخليل - عليه السلام - لما فرغ من بناء البيت وضعه إلى جدار الكعبة، أو أنه انتهى عنده البناء فتركه هناك؛ولهذا- والله أعلم- أمر بالصلاة هناك عند الفراغ من الطواف، وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة فيه، وإنما أخره عن جدار الكعبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أحد الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم، وهو أحد الرجلين اللذين قال فيهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/429)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سنن الترمذي المناقب (3662)، سنن ابن ماجه المقدمة (97)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 382). اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر، وهو الذي نزل القرآن بوفاقه في الصلاة عنده؛ ولهذا لم ينكر ذلك أحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -.
قال عبد الرزاق: عن ابن جريج، حدثني عطاء وغيره من أصحابنا، قال: أول من نقله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال عبد الرزاق أيضا: عن معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: أول من أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال الحافظ أبو بكر أحمد
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 401)
بن الحسين بن علي البيهقي، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي، حدثنا أبو ثابت، حدثنا الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر رضي الله عنه ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا إسناد صحيح مع ما تقدم، وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي، أخبرنا ابن أبي عمر العدني قال: قال سفيان- يعني: ابن عيينة - وهو إمام المكيين في زمانه: كان المقام في سقع البيت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد قوله: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فرده عمر إليه، وقال سفيان: لا أدري كم بينه وبين الكعبة قبل تحويله، وقال سفيان: لا أدري أكان لاصقا بها أم لا.
فهذه الآثار متعاضدة على ما ذكرناه، والله أعلم.
وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: أخبرنا ابن عمر، وهو: أحمد بن محمد بن حكيم، أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أبي تمام، أخبرنا آدم، هو: ابن أبي إياس في [تفسيره]، أخبرنا شريك عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد قال: صحيح البخاري الصلاة (402)، سنن الترمذي تفسير القرآن (2959)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1009)، سنن الدارمي المناسك (1849). قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فكان المقام عند البيت فحوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضعه هذا، قال مجاهد: وكان عمر يرى الرأي، فينزل به القرآن، هذا مرسل عن مجاهد، وهو مخالف لما تقدم من رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد: أن أول من
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 402)
أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا أصح من طريق ابن مردويه مع اعتضاد هذا بما تقدم، والله أعلم. اهـ.
وقال رحمه الله في معرض تفسيره قوله تعالى: سورة آل عمران الآية 97 فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ قد كان- أي المقام - ملتصقا بجدار البيت حتى أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إمارته إلى ناحية الشرق، بحيث يتمكن الطواف منه، ولا يشوشون على المصلين عنده بعد الطواف؛ لأن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة عنده حيث قال: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الجزء الثامن من [الفتح]،: كان عمر رأى أن إبقاءه- أي: مقام إبراهيم عليه السلام - يلزم منه التضييق على الطائفين، أو على المصلين فوضع في مكان يرتفع به الحرج. اهـ.
وقال الشوكاني في تفسيره [فتح القدير]، على قوله تعالى: سورة البقرة الآية 125 وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وهو- أي: المقام - الذي كان ملتصقا بجدار الكعبة، وأول من نقله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما أخرجه عبد الرزاق والبيهقي بأسانيد صحيحة، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق مختلفة. اهـ.
وبناء على ذلك كله: فإن الهيئة تقرر بالإجماع جواز نقله شرعا إلى موضع مسامت لمكانه من الناحية الشرقية؛ نظرا للضيق والازدحام الحاصل في المطاف، والضرورة إلى ذلك، ما لم ير ولي الأمر تأجيل ذلك لأمر مصلحي.
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 403)
ثانيا: بالنسبة إلى البناء في منى فلا يخفى أن منى مشعر من المشاعر المقدسة، وأنها مناخ من سبق، وأن أهل العلم رحمهم الله قد منعوا البناء فيها؛ لكون ذلك يفضي إلى التضييق على عباد الله حجاج بيته الشريف.
ونظرا إلى أن سفوح جبالها غير صالحة في الغالب لسكنى الحجاج فيها أيام منى، وأنه يمكن أن تستغل هذه السفوح بطريقة تحقق المصلحة العامة، ولا تتعارض مع العلة في منع البناء في منى - فإن المجلس يقرر بالأكثرية: جواز البناء على أعمدة في سفوح الجبال المطلة على منى على وجه يضمن المصلحة للحجاج، ولا يعود عليهم بالضرر، ويكون هذا البناء مرفقا عاما، وما تحته لمن سبق إليه من الحجاج كبقية أراضي منى، على أن يكون الإشراف على هذا البناء للدولة.
وقد توقف في ذلك صاحبا الفضيلة الشيخان: صالح اللحيدان، وعبد الله بن غديان ..
ثالثا: بالنسبة لما يتعلق بتسقيف المطاف فيرى المجلس أنه لا حاجة إلى ذلك، ولما فيه من المضرة والمضايقات.
رابعا: بالنسبة لبقية المقترحات؟ كبناء الجسور في المسعى، وتبليط حصوات الحرم، وتخطيط منى، وربط مبنى الحرم القديم بالبناء الجديد - فما كان منها محققا للنفع فإن الشريعة جاءت بتحقيق المصالح ودفع المضار، فتحال إلى الجهة المختصة لدراستها، وتقرير ما يحقق المصلحة
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 404)
في ذلك منها.
وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة السادسة. .
عبد الرزاق عفيفي
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1683&PageID=335&SectionID=1&MarkIndex=6&0#%d8%a8%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82 %d8%a7%d9%85%d9%85%d9%86%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86%d 9%87%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a5%d9% 84%d9%89%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86%d8%a2%d8%ae%d8%b1
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/430)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:20 ص]ـ
إقامة الجمعة بالقرى
وقال الطحاوي: فرأينا المسجد الحرام الذي كل الناس فيه سواء، لا يجوز لأحد أن يبني فيه بناء، ولا يحتجز منه موضعا. وكذلك حكم جميع المواضع التي لا يقع لأحد فيها ملك، وجميع الناس فيها سواء.
ألا ترى أن عرفة لو أراد رجل أن يبني في المكان الذي يقف فيه الناس فيها بناء لم يكن ذلك له. وكذلك منى لو أراد أن يبني فيها دارا كان من ذلك ممنوعا، وكذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدثنا أبو بكرة قال: حدثنا الحكم بن مروان الضرير الكوفي، قال: حدثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن يوسف بن ماهك، عن أمه، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نتخذ لك بمنى شيئا تستظل به؟ سنن الترمذي الحج (881)، سنن أبو داود المناسك (2019)، سنن ابن ماجه المناسك (3007)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 187)، سنن الدارمي المناسك (1937). فقال: "يا عائشة، إنها مناخ
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 342)
لمن سبق. أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأذن لهم أن يجعلوا له فيها شيئا يستظل به؛ لأنها مناخ من سبق، ولأن الناس كلهم فيها سواء. حدثنا حسين بن نصر قال: حدثنا الفريابي. ح. وحدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن يوسف بن ماهك، عن أمه، وكانت تخدم عائشة أم المؤمنين، فحدثته عن عائشة مثله. قال: وسألت أمي مكان عائشة رضي الله عنها بعد ما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أن تعطيها إياه. فقالت لها عائشة: لا أحل لك، ولا لأحد من أهل بيتي أن يستحل هذا المكان، تعني: منى. قال أبو جعفر: فهذا حكم المواضع التي الناس فيها سواء، ولا ملك لأحد عليها. ا هـ المقصود [شرح معاني الآثار] (2\ 224). .
وقال النووي في إجابته عن أدلة من منع بيع أرض مكة، وما في حكمها وكراء دورها: وأما حديث: سنن الترمذي الحج (881)، سنن أبو داود المناسك (2019)، سنن ابن ماجه المناسك (3007)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 207)، سنن الدارمي المناسك (1937). منى مناخ من سبق فمحمول على مواتها ومواضع نزول الحجيج منها. ا هـ[المجموع] (9\ 251) الطبعة الأولى. .
وقال عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي بعد أن ذكر الخلاف في منع بيع دور مكة وكرائها بناء على أنها فتحت عنوة وجواز ذلك بناء على أنها فتحت صلحا: قال ابن عقيل: وهذا الخلاف في غير مواضع المناسك، أما بقاع المناسك- كموضع المسعى والرمي - فحكمه حكم المساجد بغير خلاف. ا هـ[الشرح الكبير] (4\ 21). .
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 343)
وقال المرداوي: وعلى الرواية الثانية في أصل المسألة يجوز البيع والإجارة بلا نزاع. لكن يستثنى من ذلك بقاع المناسك؟ كالمسعى، والرمي، ونحوها- بلا نزاع. والطريقة الثانية: إنما يحرم بيع رباعها وإجارتها؛ لأن الحرم حريم البيت والمسجد الحرام، وقد جعله الله سورة الحج الآية 25 لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ فلا يجوز لأحد التخصص بملكه وتحجيره، لكن إن احتاج إلى ما في يده منه سكنه، وإن استغنى عنه وجب بذل فاضله للمحتاج إليه، وهو مسلك ابن عقيل في نظرياته، وسلكه القاضي في خلافه، واختاره الشيخ تقي الدين، وتردد كلامه في جواز البيع فأجازه مرة ومنعه أخرى. ا هـ[الإنصاف، (4\ 289، 290] الطبعة الأولى.
وقال القاضي أبو يعلى: فأما ما طاف بمكة من نصب حرمها فحكمه في تحريم البيع والإجارة حكمها، قال في رواية مثنى الأنباري وقد سأله: هل يشترى من المضارب- يعني: التي بمنى؟ - قال: لا يعجبني أن يشترى ولا يباع، وكذلك الحرم كله. فقد بين أن جميع الحرم حكمه حكم مكة. وقال في رواية أبي طالب: لم يكن لهم أن يتخذوا بمنى شيئا. فإذا اتخذوا فلا يدخله أحد إلا بإذنه، قد كان سفيان اتخذ بها حائطا وبنى فيه بيتين. وربما قال لأصحاب الحديث: بقوها فلا يدخل رجل مضرب رجل إلا بإذنه. وظاهر هذا أنه قد أجاز البناء بمنى على وجه ينفرد به.
وقال في رواية ابن منصور: (أما البناء بمنى فإني أكرهه). فظاهر هذا: المنع.
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 344)
فهذا كله إذا قلنا: إنها فتحت عنوة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/431)
فأما إذا قلنا: إنها فتحت صلحا فإنه يجوز بيعها وإجارتها. وقد قال أحمد في رواية أبي طالب فيما تقدم: إذا كانت أرضا حرة مثل مكة وخراسان - فعليهم الصدقة، لأنهم يملكون رقبتها. فقد نص على ملك رقبة مكة، وشبهها بخراسان، ومعلوم أن أرض خراسان يجوز بيعها. اهـ[الأحكام السلطانية] ص (175). .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد حدثنا بعض الوفد أنهم كانوا يجمعون ببعض أرضكم، ثم إن بعض أهل العراق أفتاهم بترك الجمعة، فسألناه عن صفة المكان، فقال: هنالك مسجد مبني بمدر، وحوله أقوام كثيرون، مقيمون مستوطنون، لا يظعنون عن المكان شتاء ولا صيفا، إلا أن يخرجهم أحد بقهر، بل هم وآباؤهم وأجدادهم مستوطنون بهذا المكان، كاستيطان سائر أهل القرى، لكن بيوتهم ليست مبنية بمدر، إنما هي مبنية بجريد النخل ونحوه، فاعلموا- رحمكم الله- أن مثل هذه الصورة تقام فيها الجمعة، فإن كل قوم كانوا مستوطنين ببناء متقارب، لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا- تقام فيه الجمعة إن كان مبنيا بما جرت به عادتهم من مدر وخشب أو قصب أو جريد أو سعف أو غير ذلك، فإن أجزاء البناء ومادته لا تأثير لها في ذلك، إنما الأصل أن يكونوا مستوطنين ليسوا كأهل الخيام والحلل الذين ينتجعون في الغالب مواقع القطر ويتنقلون في البقاع، وينقلون بيوتهم معهم إذا انتقلوا، وهذا مذهب جمهور العلماء.
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 345)
وبقصة أرضكم احتج الجمهور على أبي حنيفة حيث قال: لا تقام الجمعة في القرى - بالحديث المأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أول جمعة جمعت في الإسلام بعد جمعة المدينة جمعة بالبحرين بقرية يقال لها جواثى من قرى البحرين، وبأن أبا هريرة رضي الله عنه، وكان عامل عمر رضي الله عنه على البحرين فكتب إلى أمير المؤمنين عمر يستأذنه في إقامة الجمعة بقرى البحرين فكتب إليه عمر: أقيموا الجمعة حيث كنتم. ولعل الذين قالوا لكم: إن الجمعة لا تقام، قد تقلدوا قول من يرى الجمعة لا تقام في القرى، أو اعتقدوا أن معنى قول الفقهاء في الكتب المختصرة: إنما تقام بقرية مبنية بناء متصلا أو متقاربا بحيث يشمله اسم واحد. فاعتقدوا أن البناء لا يكون إلا بالمدر من طين أو كلس أو حجارة أو لبن، وهذا غلط منهم، بل قد نص العلماء على أن البناء إنما يعتبر بما جرت به عادة أولئك المستوطنين من أي شيء كان، قصب أو خشب ونحوه.
ولهذا فالعلماء الأئمة إنما فرقوا بين الأعراب أهل العمد، وبين المقيمين، بأن أولئك يتنقلون ولا يستوطنون بقعة، بخلاف المستوطنين، وقد كان قوم من السلف يبنون لهم بيوتا من قصب، والنبي صلى الله عليه وسلم سقف مسجده بجريد النخل، حتى كان يكف المسجد إذا نزل المطر. قالوا: يا رسول الله، لو بنينا لك- يعنون: بناء مشيدا- فقال: بل عريش كعريش موسى. وقد نص على مسألتكم بعينها- وهي: البيوت المصنوعة من جريد أو سعف- غير واحد من العلماء منهم أصحاب الإمام أحمد؛ كالقاضي أبي يعلى، وأبي الحسن الآمدي، وابن عقيل، وغيرهم- فإنهم ذكروا أن كل بيوت مبنية من آجر أو طين أو حجارة أو خشب أو قصب أو
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 346)
جريد أو سعف فإنه تقام عندهم الجمعة، وكذلك ذكرها غير واحد من أصحاب الشافعي- رضي الله عنهم- من الخراسانيين، كصاحب [الوسيط] فيما أظن، ومن العراقيين أيضا أن بيوت السعف تقام فيها الجمعة. وخالف هؤلاء الماوردي في [الحاوي]، فذكر أن بيوت القصب والجريد لا تقام فيها الجمعة، بل تقام في بيوت الخشب الوثيقة.
وهذا الفرق ضعيف مخالف لما عليه الجمهور والقياس، ولما دلت عليه الآثار وكلام الأئمة، فإن أبا هريرة كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، يسأله عن الجمعة وهو بالبحرين، فكتب إليه عمر بن الخطاب: أن جمعوا حيثما كنتم، وذهب الإمام أحمد إلى حديث عمر هذا.
وعن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يمر بالمياه التي بين مكة والمدينة وهم يجمعون في تلك المنازل- فلا ينكر عليهم. فهذا عمر يأمر أهل البحرين بالتجميع حيث استوطنوا، مع العلم بأن بعض البيوت تكون من جريد. ولم يشترط بناء مخصوصا، وكذلك ابن عمر أقر أهل المنازل التي بين مكة والمدينة على التجميع، ومعلوم أنها لم تكن من مدر، وإنما هي إما من جريد أو سعف.
وقال الإمام أحمد: ليس على البادية جمعة؛ لأفهم ينتقلون، فعلل سقوطها بالانتقال، فكل من كان مستوطنا لا ينتقل باختياره فهو من أهل القرى.
والفرق بين هؤلاء وبين أهل الخيام من وجهين:
أحدهما: أن أولئك في العادة الغالبة لا يستوطنون مكانا بعينه، وإن استوطن فريق منهم مكانا فهم في مظنة الانتقال عنه، بخلاف هؤلاء
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 347)
المستوطنين الذين يحترثون ويزدرعون، ولا ينتقلون إلا كما ينتقل أهل أبنية المدر. إما لحاجة تعرض، أو ليد غالبة تنقلهم كما تفعله الملوك مع الفلاحين.
الثاني: أن بيوت أهل الخيام ينقلونها معهم إذا انتقلوا، فصارت من المنقول لا من العقار، بخلاف الخشب والقصب والجريد، فإن أصحابها لا ينقلونها؛ ليبنوا بها في المكان الذي ينتقلون إليه، وإنما يبنون في كل مكان بما هو قريب منه. مع أن هذا ليس موضع استقصاء الأدلة في المسألة، وهذه المسألة- إقامة الجمعة بالقرى - أول ما ابتدأت من ناحيتكم، فلا تقطعوا هذه الشريعة من أرضكم فإن الله يجمع لكم جوامع الخير. ا هـ المقصود [مجموع الفتاوى] (24\ 166 - 170). .
والمشاهد من نقل كلام شيخ الإسلام: أن لا اعتبار لنوع ما أقيم به المسكن، فإن الحكم لا يختلف باختلاف نوعه، وإنما الاعتبار بنية من أقامه أو النازل من حيث القصد إلى الاستقرار أو عدمه، وغلبة أحد الأمرين عليه، سواء كان من مدر أم خشب أم قصب أو خيام أو نحو ذلك، وعلى هذا فلا أثر لكون ما أقيم من المنازل في منى من خيام أو خشب أو قصب أو نحوها، وإنما الأثر لما يغلب على الظن من اتخاذ ذلك من الدوام والاستقرار أو الظعن والارتحال عن المكان.
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1684&PageID=325&SectionID=1&MarkIndex=0&0#%d8%a8%d9%8a%d8%b9%d8%a3%d8%b1%d8%b6%d9%85%d9%83 %d8%a9
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/432)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:23 ص]ـ
إحياء شيء من موات مكه
وقال ابن القيم: وأما مكة فإن فيها شيئا آخر يمنع من قسمها، ولو وجبت قسمة ما عداها من القرى، وهي أنها لا تملك، فإنها دار النسك
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 348)
ومتعبد الخلق، وحرم الرب سبحانه وتعالى الذي جعله سورة الحج الآية 25 لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ فهي وقف من الله على العالمين، وهم فيه سواء، سنن الترمذي الحج (881)، سنن ابن ماجه المناسك (3007)، سنن الدارمي المناسك (1937). ومنى مناخ من سبق، قال تعالى: سورة الحج الآية 25 إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ والمسجد الحرام هنا المراد به: الحرم كله؛ لقوله تعالى: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فهذا المراد به: الحرم كله، وقوله سبحانه وتعالى: سورة الإسراء الآية 1 سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وفي الصحيح: أنه أسري به من بيت أم هانئ، وقال تعالى: سورة البقرة الآية 196 ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وليس المراد به حضور نفس موضع الصلاة، وإنما هو حضور الحرم، والقرب منه، وسياق آية الحج تدل على ذلك فإنه قال: سورة الحج الآية 25 وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وهذا لا يختص بمقام الصلاة قطعا، بل المراد به الحرم كله، فالذي سورة الحج الآية 25 جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ هو الذي توعد من صد عنه ومن أراد الإلحاد بالظلم فيه. فالحرم ومشاعره، كالصفا والمروة والمسعى ومنى وعرفة ومزدلفة - لا يختص بها أحد دون أحد، بل هي مشتركة بين الناس، إذ هي محل نسكهم ومتعبدهم، فهي مسجد من
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 349)
الله وقفه ووضعه لخلقه؛ ولهذا امتنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبنى له بيت بمنى يظله من الحر، وقال: سنن الترمذي الحج (881)، سنن أبو داود المناسك (2019)، سنن ابن ماجه المناسك (3007)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 207)، سنن الدارمي المناسك (1937). منى مناخ من سبق. ا هـ[زاد المعاد] (2\ 413، 414) مطبعة السنة المحمدية. .
وقال الحافظ محمد بن أحمد الفاسي: ذكر حكم البناء بمنى: أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي سماعا بالمسجد الحرام: أن أحمد بن أبي طالب أخبره قال: أخبرنا ابن الليثي قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداوودي قال: أخبرنا ابن حمويه قال: أخبرنا عيسى بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا إسحاق قال: أخبرنا وكيع قال: حدثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يوسف بن ماهك، عن أمه مسيكة - وأثنى عليها خيرا- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبني لك بيتا يظلك؟ سنن أبو داود المناسك (2019)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 187). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، إنما هو مناخ من سبق أخرجه أحمد بن حنبل في [مسنده] بهذا الإسناد، ولفظه: قال: قلت: يا رسول الله، ألا نبني لك بيتا أو بناء يظلك؟ سنن أبو داود المناسك (2019)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 187). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، إنما هو مناخ من سبق أخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل والترمذي، قال أبو اليمن بن عساكر بعد إخراجه لهذا الحديث: ومفهوم هذا الخطاب يدل على أنه لا يجوز إحياء شيء من مواتها، ولا تملك جهة من جهاتها، فلا ينبغي لأحد أن يختص بمكان من أماكنها دون غيره، فيحظر عليه حظارا، أو يتخذه دارا، وأهل مكة وسواهم في ذلك سواء، قال الله سبحانه: سورة الحج الآية 25 سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ والضمير في قوله: فيه مختلف بين أهل العلم: فمن قال: أراد به جميع الحرم - وهو الأكثر- منع
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 350)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/433)
من جواز إحياء مواتها وتملكها، ومن ملك منها شيئا قبل ذلك كان هو وسواه في منافعه سواء، فلا يجوز له بيعه ولا كراؤه، ثم قال: ومن تأول الآية على المسجد أجاز بيع دورها وكراءها، وبه قال أبو يوسف والشافعي، وكره مالك على جميعهم البيع والكراء، وفي جواز إحياء موات عرفة ومزدلفة اختلاف بين أهل العلم، وما ذكرنا في منى أولى بالمنع؛ سنن الترمذي الحج (881)، سنن أبو داود المناسك (2019)، سنن ابن ماجه المناسك (3007)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 187)، سنن الدارمي المناسك (1937). لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما هو مناخ لمن سبق، و (إنما) في كلام العرب لإثبات المذكور، ولنفي ما سواه، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى باختصار من كلامه عن بعض ما استدل به على عدم الاختصاص في ذلك.
وقال المحب الطبري في القرى لما تكلم على هذا الحديث: وقد احتج بهذا من لا يرى دور مكة مملوكة لأهلها، ثم قال: قلت: فيحتمل أن يكون ذلك مخصوصا بمنى؛ لمكان اشتراك الناس في النسك المتعلق بها، فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد اقتطاع موضع فيها لبناء ولا غيره، بل الناس فيها سواء، وللسابق حق السبق، وكذلك الحكم في عرفة ومزدلفة إلحاقا بها. انتهى.
وجزم النووي في [المنهاج] من زوائده بأن منى ومزدلفة لا يجوز إحياء مواتهما، كعرفة، والله أعلم. انتهى.
ونقل عن الشافعي: أنه بنى بمنى مضربا ينزل فيه أصحابه إذا حجوا. روى ذلك عنه أبو ثور، وهو أحد رواة القديم، وتمسك به بعضهم على جواز البناء بمنى، وفي العمل به على تقدير صحته عن الشافعي نظر لأمرين:
أحدهما: أن الشافعي قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي. والحديث
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 351)
الوارد في النهي عن البناء بمنى تقوم به الحجة، لأن الترمذي حسنه، وأبا داود سكت عنه، فهو في معنى الصحيح؛ لقيام الحجة به على ما هو مقرر في علم الحديث، فالشافعي حينئذ يقول به ويصير ذلك مذهبه وصحبه، ومثل هذا لا ينكر؛ لأنه وقع للنووي مثله في غير مسألة، ولعل هذا فيما ذكره من عدم جواز إحياء موات منى ومزدلفة مع قياسهما على عرفة، لمشاركتهما لعرفة في علة الحكم، والله أعلم.
والأمر الثاني: أنه لا ريب في أن الشافعي على تقدير ثبوت بنائه بمنى لم يكن يحجر بناءه بمنى عن أحد، ولا يأخذ على النزول فيه أجرا، وأن بناءه بمنى لأجل الارتفاق به من جهة الظل، وصيانة الأمتعة، وشبه ذلك، فلا يقاس عليه من لم يقصد ببنائه إلا الاختصاص بنزوله وأخذ الأجرة على نزوله، كما هو الغالب من أحوال أهل العصر، وإلحاق من هو بهذه الصفة لمن حسنت نيته عند الشافعي لا يحسن. والله أعلم.
وسمعت قاضي الحرم - جمال الدين أبا حامد بن ظهيرة أبقاه الله- يقول: إن جدي لأمي قاضي مكة، أبا الفضل النويري كان ينكر على البناء بمنى، ويشدد فيه، وينهى أشد النهي. انتهى بالمعنى.
وأما ما أفتى به الشيخ نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف الأصفوني الشافعي مؤلف [مختصر الروضة] من أن منى كغيرها في جواز بيع دورها وإجارتها - فإن ذلك غير سديد نقلا ونظرا:
أما النقل؛ فلمخالفته مقتضى الحديث، وكلام النووي، وابن عساكر، والمحب الطبري وغيرهم، وأما النظر؛ فلأن أعظم ما يمكن أن يتمسك به في ذلك كون موات الحرم يجوز إحياؤه، ومنى من الحرم فيملك ما أحيي فيها، ويجري فيها أحكام الملك، وهذا
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 352)
لا يستقيم؛ لأن في منى أمرا زائدا يقتضي عدم إلحاقها بموات الحرم، وهو كونها متعبدا ونسكا لعامة المسلمين- فصارت كالمساجد وغيرها من المسبلات، وما هذا شأنه لا اختصاص فيه لأحد إلا بالسبق في النزول لا بالبناء. إذ هو ممتنع فيه.
فالبناء بمنى ممتنع حينئذ، ولا يملك، ولا يكون كغيره مما يصح تملكه، ويجرى حكم البناء بمنى على حكم البناء بعرفة؛ لمساواتها لعرفة في السبب الذي لأجله امتنع البناء بعرفة على الأصح، فمنى كذلك. والله أعلم. ا هـ[شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام] (1\ 321، 322) مطبعة الحلبي.
هذا ما تيسر ذكره، وبالله التوفيق. وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
حرر في 22\ 9\ 1393 هـ
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن سليمان بن منيع: عضو
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان: عضو
عبد الرزاق عفيفي: نائب الرئيس
إبراهيم بن محمد آل الشيخ: رئيس اللجنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/434)
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1684&PageID=326&SectionID=1&MarkIndex=1&0#%d8%a5%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a1%d8%b4%d9%8a%d8%a1 %d9%85%d9%86%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%aa%d9%85%d9%83%d 9%87
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:26 ص]ـ
دخول الكفار المساجد والمسجد الحرام أقوال العلماء في ذلك
وأما جزيرة العرب وهي مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها، فقال مالك: يخرج من هذه المواضع كل من كان على غير الإسلام، ولا يمنعون من التردد بها مسافرين، وكذلك قال الشافعي - رحمه الله -، غير أنه استثنى من ذلك اليمن، ويضرب لهم أجل ثلاثة أيام كما ضربه لهم عمر رضي الله عنه حين أجلاهم، ولا يدفنون فيها ويلجأون إلى الحل. انتهى.
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 538)
الثالثة: واختلف العلماء في دخول الكفار المساجد والمسجد الحرام على خمسة أقوال: 1 - فقال أهل المدينة: الآية عامة في سائر المشركين وسائر المساجد، وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله، ونزع في كتابه بهذه الآية، ويؤيد ذلك قوله تعالى: سورة النور الآية 36 فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها
وفي [صحيح مسلم] وغيره: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر الحديث. والكافر لا يخلو عن ذلك. وقال صلى الله عليه وسلم: سنن أبو داود الطهارة (232). لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب والكافر جنب، وقوله تعالى: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فسماه الله تعالى نجسا، فلا يخلو أن يكون نجس العين أو مبعدا من طريق الحكم.
وأي ذلك كان فمنعه من المسجد واجب؛ لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، والحرمة موجودة في المسجد، يقال: رجل نجس، وامرأة نجس، ورجلان نجس، وامرأتان نجس، ورجال نجس، ونساء نجس، لا يثنى ولا يجمع؛ لأنه مصدر
فأما النجس (بكسر النون وجزم الجيم) فلا يقال إلا إذا قيل معه: رجس، فإذا أفرد قيل: نجس (بفتح النون وكسر الجيم) ونجس (بضم الجيم)، وقال الشافعي - رحمه الله -: الآية عامة في سائر المشركين، خاصة في المسجد الحرام، ولا يمنعون من دخول غيره، فأباح دخول اليهودي والنصراني في سائر المساجد.
قال ابن العربي: وهذا جمود منه على الظاهر؛ لأن قوله عز وجل: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ تنبيه على العلة بالشرك والنجاسة. فإن قيل: فقد ربط
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 539)
النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة في المسجد وهو مشرك.
قيل له: أجاب علماؤنا عن هذا الحديث - وإن كان صحيحا - بأجوبة:
أحدها: أنه كان متقدما على نزول الآية.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد علم بإسلامه فلذلك ربطه.
الثالث: أن ذلك قضية عين فلا ينبغي أن تدفع بها الأدلة التي ذكرناها؛ لكونها مقيدة حكم القاعدة الكلية، وقد يمكن أن يقال: إنما ربطه في المسجد، لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها، وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد، فيستأنس بذلك ويسلم، وكذلك كان.
ويمكن أن يقال: إنهم لم يكن لهم موضع يربطونه فيه إلا في المسجد، والله أعلم. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد الحرام ولا غيره، ولا يمنع دخول المسجد الحرام إلا المشركون وأهل الأوثان، وهذا قول يرده كل ما ذكرناه من الآية وغيرها.
قال الكيا الطبري: ويجوز للذمي دخول سائر المساجد عند أبي حنيفة من غير حاجة، وقال الشافعي: تعتبر الحاجة. ومع الحاجة لا يجوز دخول المسجد الحرام.
وقال عطاء بن أبي رباح: الحرم كله قبلة ومسجد، فينبغي أن يمنعوا من دخول الحرم؛ لقوله تعالى: سورة الإسراء الآية 1 سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وإنما رفع من بيت أم هانئ
وقال قتادة: لا يقرب المسجد الحرام مشرك إلا أن يكون صاحب جزية، أو عبدا كافرا لمسلم، وروى إسماعيل بن إسحاق، حدثنا يحيى بن عبد
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 540)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/435)
الحميد قال: حدثنا شريك عن أشعث عن الحسن عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقرب المسجد مشرك، إلا أن يكون عبدا أو أمة فيدخله لحاجة، وبهذا قال جابر بن عبد الله، فإنه قال: العموم يمنع المشرك عن قربان المسجد الحرام، وهو مخصوص في العبد والأمة [تفسير القرطبي] (8\ 103 ـ 106)، المتوفى سنة 671 هـ. .
4 - النقول من ابن كثير [تفسير القرآن العظيم]:
قال تعالى: سورة التوبة الآية 28 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا
أمر تعالى عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين، الذين هم نجس دينا عن المسجد الحرام، وأن لا يقربوه بعد نزول هذه الآية، وكان نزولها في سنة تسع؛ ولهذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بصحبة أبي بكر رضي الله عنهما عامئذ، وأمره أن ينادي في المشركين: صحيح البخاري الصلاة (369)، صحيح مسلم الحج (1347)، سنن النسائي مناسك الحج (2957)، سنن أبو داود المناسك (1946)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 299)، سنن الدارمي الصلاة (1430). أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان فأتم الله ذلك، وحكم به شرعا وقدرا
وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا إلا أن يكون عبدا، أو أحدا من أهل الذمة، وقد روي مرفوعا من وجه آخر، فقال الإمام أحمد: حدثنا حسين، حدثنا شريك عن الأشعث - يعني: ابن سوار - عن الحسن عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مسند أحمد بن حنبل (3/ 392). لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمهم تفرد به الإمام أحمد مرفوعا، والموقوف أصح إسنادا
وقال الإمام أبو
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 541)
عمرو الأوزاعي: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه قول الله تعالى: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
وقال عطاء: الحرم كله مسجد؛ لقوله تعالى: سورة التوبة الآية 28 فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك، كما ورد في الصحيح صحيح البخاري الغسل (285)، صحيح مسلم الحيض (371)، سنن الترمذي الطهارة (121)، سنن النسائي الطهارة (269)، سنن أبو داود الطهارة (231)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (534)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 235). المؤمن لا ينجس، وأما نجاسة بدنه: فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات؛ لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب، وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم، وقال أشعث، عن الحسن: من صافحهم فليتوضأ. رواه ابن جرير [تفسير ابن كثير] (2\ 346)، المتوفى سنة 774 هـ. .
5 - قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في [الفتاوى]:
وأما إذا كان دخله ذمي لمصلحة فهذا فيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد - رحمه الله -: أحدهما: لا يجوز، وهو مذهب مالك؛ لأن ذلك هو الذي استقر عليه عمل الصحابة. والثاني: يجوز وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وفي اشتراط إذن المسلم وجهان في مذهب أحمد وغيره [الفتاوى] لشيخ الإسلام (22\ 194). .
6 - قدوم وفد نجران على الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران بالمدينة، فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: لما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده بعد العصر فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 542)
مسجده فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعوهم " فاستقبلوا الشرق فصلوا صلاتهم [زاد المعاد] (3\ 79)، لابن القيم الجوزية المتوفى سنة 752 هـ. .
قال ابن القيم في [زاد المعاد]: إنه يؤخذ من هذه القصة أمور منها: جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين [زاد المعاد] (3\ 79)، لابن القيم الجوزية المتوفى سنة 752 هـ. .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/436)
7 - قال البرسوي في تفسيره المسمى بـ[تفسير روح البيان]: قال الواحدي: دلت الآية على أن الكفار ممنوعون من عمارة مسجد المسلمين. ويمنع من دخول المساجد، فإن دخل بغير إذن مسلم استحق التعزير وإن دخل بإذنه لم يعزر، والأولى تعظيم المساجد ومنعها منهم تفسير البرسوي المسمى [تفسير روح البيان] (3\ 398)، المتوفى سنة 1137 هـ. .
والآية هي قوله تعالى: سورة التوبة الآية 18 إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
وقال البرسوي: واعلم أن عمارة المساجد تعم أنواعا منها البناء وتجديد ما تهدم منها تفسير البرسوي المسمى [تفسير روح البيان] (3\ 398)، المتوفى سنة 1137 هـ. .
8 - قال رضا في [تفسير المنار]: وقد اختلف الفقهاء في دخول غير المشركين من الكفار المسجد الحرام وغيره من المساجد وبلاد الإسلام: وقد لخص أقوالهم البغوي في تفسير الآية، ونقله عنه الخازن ببعض
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 543)
تصرف وبغير عزو، فقال: وجملة بلاد الإسلام في حق الكفار ثلاثة أقسام:
أحدها: الحرم، فلا يجوز لكافر أن يدخله بحال ذميا كان أو مستأمنا؛ لظاهر هذه الآية، وبه قال الشافعي وأحمد ومالك، فلو جاء رسول من دار الكفر والإمام في الحرم فلا يأذن له في دخول الحرم، بل يخرج إليه بنفسه أو يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الحرم، وجوز أبو حنيفة وأهل الكوفة للمعاهد دخول الحرم.
الثاني: من بلاد الإسلام الحجاز، وحده ما بين اليمامة واليمن ونجد والمدينة الشريفة قيل: نصفها تهامي ونصفها حجازي، وقيل: كلها حجازي.
وقال الكلبي: حد الحجاز ما بين جبلي طيئ وطريق العراق، سمي الحجاز؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد، وقيل: لأنه حجز بين نجد والسراة، وقيل: لأنه حجز بين نجد وتهامة والشام.
قال الحربي: وتبوك من الحجاز، فيجوز للكافر دخول أرض الحجاز بالإذن، ولكن لا يقيمون فيها أكثر من مقام المسافر وهو ثلاثة أيام.
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1686&PageID=772&SectionID=1&MarkIndex=0&0#%d8%af%d8%ae%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%81 %d8%a7%d8%b1%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a7%d8%ac%d 8%af%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%ac%d8%af%d8% a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a3%d9%82%d9%88 %d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%85%d8%a7%d 8%a1%d9%81%d9%8a%d8%b0%d9%84%d9%83
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 11 - 07, 09:37 ص]ـ
دخول المشركين في جميع المساجد جائز حاشا حرم مكة كله
/ 33 روى مسلم / 33 عن ابن عمر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صحيح مسلم الجهاد والسير (1767)، سنن الترمذي السير (1607)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (3030)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 29). لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلما زاد فيه رواية لغير مسلم وأوصى فقال: صحيح البخاري الجهاد والسير (3053)، صحيح مسلم الوصية (1637)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 222). أخرجوا المشركين من جزيرة العرب فلم يتفرغ لذلك أبو بكر وأجلاهم عمر في خلافته وأجل لمن يقدم على تجارة ثلاثا.
عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (3007)، موطأ مالك الجامع (1651). لا يجتمع دينان في جزيرة العرب أخرجه مالك في [الموطأ] مرسلا.
وروى مسلم، عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صحيح مسلم صفة القيامة والجنة والنار (2812)، سنن الترمذي كتاب البر والصلة (1937)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 313). إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 544)
جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم قال سعيد بن عبد العزيز: جزيرة العرب: ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق إلى البحر، وقال غيره: حد جزيرة العرب: من أقصى عدن إلى ريف العراق في الطول ومن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/437)
الثالث: سائر بلاد الإسلام فيجوز للكافر أن يقيم فيها بعهد وأمان وذمة، ولكن لا يدخلون المساجد إلا بإذن المسلم.
وقد ذكرنا الأحاديث الصحيحة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج المشركين وأهل الكتاب من جزيرة العرب، وأن لا يبقى فيها دينان مع بيان حكمة ذلك في خاتمة الكلام على معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لليهود في السلم والحرب، وإجلائهم من جواره في المدينة، وإجلاء عمر ليهود خيبر وغيرهم ونصارى نجران، عملا بوصيته في مرض موته صلى الله عليه وسلم [تفسير المنار] لمحمد رشيد رضا (10\ 275 - 277). .
9 - قال ابن حزم في [المحلى]: ودخول المشركين في جميع المساجد جائز. حاشا حرم مكة كله - المسجد وغيره - فلا يحل البتة أن يدخله كافر.
وهو قول الشافعي وأبي سليمان.
وقال أبو حنيفة: لا بأس أن يدخله اليهودي والنصراني ومنع منه سائر الأديان.
وكره مالك دخول أحد من الكفار في شيء من المساجد.
قال الله تعالى: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا الآية.
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 545)
قال علي: فخص الله المسجد الحرام، فلا يجوز تعديه إلى غيره بغير نص وقد كان المحرم قبل بنيان المسجد وقد زيد فيه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري التيمم (335)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (521)، سنن النسائي المساجد (736)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 304)، سنن الدارمي الصلاة (1389). جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
فصح أن حرم مكة هو المسجد الحرام.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، ثنا إبراهيم بن أحمد، ثنا الغريري، ثنا البخاري، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، ثنا سعيد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هريرة قال: صحيح البخاري المغازي (4372)، صحيح مسلم الجهاد والسير (1764)، سنن أبو داود الجهاد (2679)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 452). بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: " ما عندك يا ثمامة؟ " قال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت؟ ذكر الحديث.
وأنه عليه السلام أمر بإطلاقه في اليوم الثالث، صحيح البخاري المغازي (4372)، صحيح مسلم الجهاد والسير (1764)، سنن النسائي الطهارة (189)، سنن أبو داود الجهاد (2679)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 452). فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين إلي. . . وذكر الحديث. . . فنص قول مالك.
وأما قول أبي حنيفة فإنه قال: إن الله تعالى قد فرق بين المشركين وسائر الكفار فقال تعالى: سورة البينة الآية 1 لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 546)
وقال تعالى: سورة الحج الآية 17 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ
قال: والمشرك هو من جعل لله شريكا، لا من لم يجعل له شريكا. قال علي: لا صحة له غير ما ذكرنا.
فأما ما تعلق في الآيتين فلا صحة له فيهما؛ لأن الله تعالى قال: سورة الرحمن الآية 68 فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ والرمان من الفاكهة.
وقال تعالى: سورة البقرة الآية 98 مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ وهما من الملائكة.
وقال تعالى: سورة الأحزاب الآية 7 وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وهؤلاء من النبيين ابن حزم [المحلى] (4\ 245 - 247)، المتوفى سنة 456 هـ. .
10 - قال الإمام الشوكاني في [نيل الأوطار]:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/438)
قوله: صحيح البخاري الغسل (283)، صحيح مسلم الحيض (371)، سنن الترمذي الطهارة (121)، سنن النسائي الطهارة (269)، سنن أبو داود الطهارة (231)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (534)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 471). إن المسلم لا ينجس تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر، وحكاه في [البحر] عن الهادي والقاسم والناصر ومالك، فقالوا: إن الكافر نجس عين، وقووا ذلك بقوله تعالى: سورة التوبة الآية 28 إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
وأجاب عن ذلك الجمهور: بأن المراد منه: أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك؛ لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 547)
صحة هذا التأويل: أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة
ومن جملة ما استدل به القائلون بنجاسة الكافر: حديث إنزاله صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف المسجد وتقريره لقول الصحابة: قوم أنجاس لما رأوه أنزلهم المسجد، وقوله لأبي ثعلبة لما قال له: صحيح البخاري الذبائح والصيد (5478)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1930)، سنن ابن ماجه الصيد (3207)، سنن الدارمي السير (2499). يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: " إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وسيأتي في باب آنية الكفار.
وأجاب الجمهور عن حديث إنزال وفد ثقيف: بأنه حجة عليهم لا لهم؛ لأن قوله: ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء، إنما أنجاس القوم على أنفسهم، بعد قول الصحابة: قوم أنجاس صريح في نفي النجاسة الحسية التي هي محل نزاع، ودليل على أن المراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار.
وعن حديث أبي ثعلبة بأن الأمر بغسل الآنية ليس لتلوثها برطوباتهم، بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها، يدل على ذلك ما عند أحمد وأبي داود من حديث أبي ثعلبة أيضا بلفظ: سنن أبو داود الأطعمة (3839)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 194). إن أرضنا أرض أهل كتاب، وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر، فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ وسيأتي.
ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازا فقرينته ما ثبت في [الصحيحين] من أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد، وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر، وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى، كما أخرجه أحمد وأبو داود من
(الجزء رقم: 7، الصفحة رقم: 548)
حديث ابن عمر، وأكل من خبز الشعير والإهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي، وسيأتي في باب آنية الكفار، وما سلف من مباشرة الكتابيات والإجماع على جواز مباشرة المسبية قبل إسلامها، وتحليل طعام أهل الكتاب ونسائهم بآية المائدة، وهي آخر ما نزل، وإطعامه صلى الله عليه وسلم وأصحابه للوفد من الكفار من دون غسل للآنية ولا أمر به، ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح، ولو توقوها لشاع.
قال ابن عبد السلام: ليس من التقشف أن يقول: أشتري من سمن المسلم لا من سمن الكافر؛ لأن الصحابة لم يلتفتوا إلى ذلك، وقد زعم المقبلي في [المنار]: أن الاستدلال في الآية المذكورة على نجاسة الكافر وهم؛ لأنه حمل لكلام الله ورسوله على اصطلاح حادث، وبين النجس في اللغة وبين النجس في عرف المتشرعة عموم وخصوص من وجه، فالأعمال السيئة نجسة لغة لا عرفا، والخمر نجس عرفا، وهو أحد الأطيبين عند أهل اللغة، والعذرة نجس في العرفين فلا دليل في الآية. انتهى.
ولا يخفاك أن مجرد تخالف اللغة والاصطلاح في هذه الأفراد لا يستلزم عدم صحة الاستدلال بالآية على المطلوب، والذي في كتب اللغة: أن النجس ضد الطاهر. قال في [القاموس]: النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك، وككتف وعضد ضد الطاهر. انتهى [نيل الأوطار] للشوكاني (1\ 25، 26)، المتوفى سنة 1255 هـ. .
هذا ما تيسر إيراده من النقول، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. .
الرابط: http://www.alifta.com/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?View=Page&NodeID=1686&PageID=773&SectionID=1&MarkIndex=1&0#%d8%af%d8%ae%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4 %d8%b1%d9%83%d9%8a%d9%86%d9%81%d9%8a%d8%ac%d9%85%d 9%8a%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a7%d8%ac%d8% af%d8%ac%d8%a7%d8%a6%d8%b2%d8%ad%d8%a7%d8%b4%d8%a7 %d8%ad%d8%b1%d9%85%d9%85%d9%83%d8%a9%d9%83%d9%84%d 9%87
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 05:06 م]ـ
جزاك الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/439)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[20 - 11 - 07, 11:52 م]ـ
الحج والعمرة خطوة خطوة
1 - يحرم الحاج بالحج، فيقول: لبيك حجا، فإذا دخل مكة طاف طواف القدوم، ثم إن أحب تقديم سعي الحج، فله أن يقدمه هنا، فيسعى سعي الحج بعد طواف القدوم، ويبقى على إحرامه حتى يوم التروية – اليوم الثامن من ذي الحجة -.
2 - في اليوم الثامن، يخرج إلى منى ليبقى فيها إلى يوم التاسع.
3 - في صبيحة يوم التاسع، يخرج من منى إلى عرفة، ويبقى في حدودها ذاكرا لله تعالى داعيا إياه، حتى غروب شمس ذلك اليوم.
4 - بعد غروب شمس يوم عرفة، يتوجّه إلى مزدلفة، فيصلّي فيها المغرب والعشاء، ويبقى فيها إلى الفجر.
5 - قبل أن تطلع عليه شمس يوم العاشر، يذهب من مزدلفة إلى منى، - إلا أن يكون من أهل الأعذار فيجوز له أن يذهب في النصف الأخير من الليل -، ليرمي جمرة العقبة الكبرى، ويحلق أو يقصّر، وليس عليه هديٌ لأنه مفرد، وبعد الانتهاء من هذه الأعمال يكون قد تحلل التحلل الأصغر.
6 - يتوجه إلى مكة، فيطوف طواف الإفاضة، ويسعى بين الصفا والمروة - إلا إذا كان قد سعى بعد طواف القدوم فليس عليه هنا إلا طواف الإفاضة -، وبعد الانتهاء من ذلك يحلّ له كل ما حرم عليه حتى النساء.
7 - إن لم يتمكن من طواف الإفاضة، جاز له أن يؤخره إلى أيام التشريق.
8 - بعد التحلل يوم العاشر، يتوجه إلى منى للمبيت ورمى الجمار، فيبيت بها ليلة الحادي عشر والثاني عشر إن أراد التعجل، ويزيد عليها ليلة الثالث عشر إن أراد التأخر.
9 - وفي أيام التشريق، يرمي الجمرات الثلاث، بعد زوال شمس كل يوم، مبتدئا بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى.
10 - إذا انتهى الحاج من أعمال أيام التشريق، طاف طواف الوداع وجوبا – عدا الحائض والنفساء فإنه لا يجب عليهما-، وبهذا تكون أعمال حج الإفراد قد انتهت.
الرابط: http://www.islamweb.net.qa/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=136265
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[20 - 11 - 07, 11:54 م]ـ
إن الصفا والمروة من شعائر الله
قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أَو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} (البقرة:158)
كان السعي بين الصفا والمروة من شعائر الحج منذ زمن إبراهيم عليه السلام؛ تذكيرًا بنعمة الله على هاجَر وابنها إسماعيل، إذ أنقذه الله من العطش، كما ثبت ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: ( .. فانطلقتْ كراهية أن تنظر إليه -ابنها- فوجدتْ الصفا أقرب جبل يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى من أحد، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا وأتت المروة، فقامت عليها فنظرت هل ترى أحدًا فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلذلك سعى الناس بينهما) رواه البخاري.
وعند البخاري أيضًا من حديث أنس بن مالك، وقد سُئل عن الصفا والمروة، فقال: (كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}).
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، استدلالاً بهذه الآية، وبفعله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ففي "صحيح مسلم " من حديث جابر يصف فيه حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( .. ولما فرغ من طوافه بالبيت عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من باب الصفا، وهو يقول: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} ثم قال: أبدأ بما بدأ الله به) وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام، قوله: (لتأخذوا عني مناسككم) رواه مسلم.
وروى الإمام أحمد في "المسند" بسند حسن، عن ابن محيصن رضي الله عنه، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه، وهو وراءهم وهو يسعى، حتى أرى ركبتيه من شدة السعي، يدور به إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي).
وقوله جل ثناؤه: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/440)
(الجُناح) الإثم، اشتق من جَنَحَ، إذا مال، وظاهر الآية أن السعي بين الصفا والمروة ليس بواجب، وليس الأمر كذلك، وقد بيَّن حديث عائشة رضي الله عنها المقصود من الآية، فيما رواه مالك من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال: قلت لـ عائشة - وأنا يومئذ حديث السن -: أرأيتِ قول الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما، فقالت رضي الله عنها: كلا، لو كان كما تقول لكانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما؛ إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهلِّون لمناة (اسم صنم) وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله: {إن الصفا والمروة من شعائر اللَّه} فالآية - كما دل حديث عائشة رضي الله عنها - نزلت لدفع وَهْمِ مَن توهَّم، وتحرَّج من المسلمين عن الطواف بين الصفا والمروة؛ لكونهما في الجاهلية تُعبد عندهما الأصنام، فنفى الله تعالى الجُناح لدفع هذا الوهم، لا لأن السعي بينهما غير لازم، كما قد يتبادر من ظاهر الآية.
وفي رواية أخرى لـ عائشة رضي الله عنها، ثبتت في "الصحيحين" قالت: (قد سنَّ رسول الله الطواف بهما، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما).
ثم إن تقييد نفي (الجُناح) في الآية، فيمن طاف للحج أو العمرة، فيه دلالة على أنه لا يُتطوع بالسعي مفردًا، إلا مع انضمامه لحج أو عمرة، وهذا بخلاف الطواف بالبيت، حيث يُشرع الطواف فيه مفردًا عن الحج والعمرة.
وقوله جلَّ من قائل: {ومن تطوع خيرا} أي فعل طاعة {فإن الله شاكر عليم} أي مثيب على الطاعة لا تخفى عليه.
فبين سبحانه أن الخير كل الخير فيما يفعله العبد من الطاعات، والقربات التي تقربه إلى ربه، وذلك أنه كلما ازداد العبد في طاعة خالقه ازداد خيره وكماله، ورُفعت درجته عند الله.
على أن في الآية دلالة أخرى، دلَّ عليها تقييد التطوع بالخير، إذ يُفهم من هذا التقييد أن من تطوع بالبدع، وبغير ما شرعه الله سبحانه، أو فَعَلَ ما أمره الله على غير الصفة التي شرعها الله، فإن عمله غير مقبول، ولا يحصل له من الأجر سوى العناء، ومن كانت حاله كذلك، فهو داخل في قوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} (الكهف:103 - 104).
وقوله تعالى: {فإن الله شاكر عليم}
هذا بيان من الله سبحانه أنه يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه العظيم من الأجر؛ كما أن في الآية إشارة إلى أن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، ومن تقرب منه شبرًا تقرب منه ذراعًا، وأنه سبحانه عليم بأحوال خَلْقه، ومن يستحق الثواب منهم، ومن يستحق العقاب.
ثم إن الآية بمجملها تدل على أن الساعي بين الصفا والمروة ينبغي أن يستحضر فقره لخالقه، وذلَّه بين يديه سبحانه، وحاجته إلى الله تعالى في هداية قلبه، وصلاح أمره، وغفران ذنبه، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه، قال سبحانه: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} (فاطر:15).
الرابط: http://www.islamweb.net.qa/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=136234
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:25 م]ـ
نصيحة لحجاج بيت الله الحرام
نصيحة للحجاج من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى كل من يطلع عليها من حجاج بيت الله الحرام والمسلمين في كل مكان. إخواني حجاج بيت الله الحرام:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فمرحباً بكم في بلد الله الحرام، وعلى أرض المملكة العربية السعودية التي شرفها الله تعالى بخدمة الحجاج والعمار والزوار الذين يفدون إليها من كل مكان، ومنَّ عليها بخدمة المقدسات وتأمينها للطائفين والعاكفين والركع السجود.
وأسأل الله عز وجل أن يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، في أمن وإيمان، وسكينة واطمئنان، ويسر وقبول، وأن تعودوا إلى دياركم سالمين مأجورين وقد غفر الله لكم وآتاكم من فضله إنه جواد كريم، وبالإجابة جدير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/441)
إخواني حجاج بيت الله الحرام: المسلمون بخير ما تناصحوا، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر، وتعاونوا على البر والتقوى، ولذلك فإني أذكر إخواني حجاج بيت الله الحرام، بأنهم في أيام فاضلة وأماكن مباركة، وأنهم قدموا من ديار بعيدة وتحملوا مشقات كثيرة استجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وقياماً بواجب عظيم، وعمل صالح جليل، أمرهم الله تعالى به حيث قال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [1] وهذا يقتضي منهم أموراً ينبغي المحافظة عليها والعناية بها، حتى يكون حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً بتوفيق من الله وعون، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. ومن هذه الأمور:
أولاً يجب على الحاج وغيره أن يخلص نيته وقصده لله تعالى فيجعل عمله خالصاً لوجهه الكريم حتى يقع أجره على الله، وينال ثوابه، قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [2]، وقال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} [3].
ثانياً: يجب على الحاج وغيره أن يكون العمل الذي يتقرب به إلى ربه مما شرعه الله تعالى لعباده، وأن يقتدي في أدائه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، القائل: ((خذوا عني مناسككم)) [4] رواه مسلم رحمه الله، والقائل: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) [5] رواه البخاري رحمه الله. وقد قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} [6]. فالعمل مهما كان صاحبه مخلصاً فيه لله ولم يكن متابعاً فيه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مردود عليه لا يقبله الله، للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) [7] رواه مسلم رحمه الله. والله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} [8].
ثالثاً: يجب على الحاج وغيره أن يكون على علم وبصيرة بأمور دينه حتى يقوم بها قياماً صحيحاً، ويؤديها أداءً سليماً على الوجه المشروع؛ فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} [9]. وقد أمرنا الله تعالى أن نسأل أهل العلم فيما أشكل علينا من أمور ديننا، فقال سبحانه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [10]. وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) [11]. وإنك أخي الحاج ستجد بعون الله في مكة المكرمة، والمدينة النبوية، وفي المشاعر المقدسة، وفي مؤسسات الطوافة بمكة، والأدلاء بالمدينة، علماء عينتهم الدولة –حرسها الله- للإجابة عن أسئلة واستفسارات الحجاج فيما أشكل عليهم من أمور حجهم وعمرتهم خاصة، ومن أمور دينهم عامة وذلك مما يسره الله تعالى للحجاج بفضل منه سبحانه، ثم بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية –وفقه الله- حتى يكون الحجاج على علم ومعرفة بالحق والصواب فيما يفعلون وفيما يتركون. فلا تتردد يا أخي في سؤالهم والاستفادة منهم حتى تكون على بينة من أمرك قال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [12]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقا إلى الجنة)) [13] رواه مسلم رحمه الله.
رابعاً: يجب على الحاج وغيره أن يعلم أن ما شرعه الله لعباده من طاعات وقربات، وما أحل لهم وحرم عليهم من أقوال وأفعال، إنما هي لتزكية أنفسهم وصلاح مجتمعاتهم، وعلى حسب إخلاصهم له، وصدقهم في العمل معه يكون انتفاعهم بذلك في الدنيا والآخرة، وثواب الله خير وأبقى، قال الله تعالى: {قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى} [14]. وقال تعالى: {ونفس وما سواها. فألهمهما فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها} [15]. وقال الله تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [16]. والحج –أخي الحاج-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/442)
من أعظم ما فرض الله على عباده لتزكية أنفسهم وسلامتها من العداوة والبغضاء، والشح والإيذاء، ورغبتها فيما عند الله وتذكيرها بلقائه يوم الدين، لما فيه من بذل الجهد، وإنفاق المال، وتحمل المشاق والصعاب، ومفارقة الأهل والأوطان، وهجر الأعمال الدنيوية، والإقبال على الله بالطاعة والعبادة، والاجتماع بالإخوان في الله الوافدين من سائر أنحاء الأرض: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} [17]. فليحرص الحاج على ما يرضي ربه، ويكثر من تلبيته وذكره ودعائه والتقرب إليه بالمواظبة على فعل الطاعات، والبعد عن السيئات، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الله تعالى قال: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه .. )) [18] من حديث رواه البخاري رحمه الله. وولي الله هو المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، المستقيم على دينه، بامتثال أمره واجتناب نهيه، كما قال سبحانه: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون} [19]. ومن أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الحاج وغيره المحافظة على أداء الصلوات المفروضة جماعة في أوقاتها وفي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه، ولا سيما المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فإن لهما ميزة عظيمة على سائر المساجد، والله يضاعف فيهما أجر الصلاة، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه)) [20] أخرجه أحمد، وابن ماجة رحمهما الله بإسناد صحيح. وأخرج الإمام أحمد مثله عن ابن الزبير وصححه ابن حبان وإسناده صحيح. وهذا خير جزيل وفضل من الله عظيم ينبغي العناية به والحرص عليه، يقول الله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين} [21]. خامساً: يجب على الحاج وغيره أن يحفظ لهذه الأماكن المقدسة حرمتها، فلا يهم فيها بعمل سوء، فقد توعد الله من فعل ذلك بعذاب أليم، قال تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [22] قال عطية العوفي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في بيان معنى الظلم في هذه الآية: هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك، من إساءة أو قتل؛ فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقاتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الأليم. ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن لا يؤذي بعضهم بعضاً، لا في نفس ولا في مال ولا في عرض، بل يجب أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يتناصحوا، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، التقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) [23] رواه مسلم رحمه الله في صحيحه. وقد حرم الله إيذاء المؤمنين والمؤمنات بأي نوع من الإيذاء، في كل مكان وفي كل زمان، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين، وفي الأشهر الحرم، وفي وقت أداء المناسك، وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؟! لاشك أن هذا يكون أشد إثماً وأعظم جرماً، قال الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [24] وقال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً} [25]. فالمطلوب من الحاج أن يكون سلماً على نفسه، سلماً على غيره، من إنسان وحيوان، وطير، ونبات، ولا ينالهم منه أذى، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وحرمة المسلم عند الله عظيمة، وظلمه معصية كبيرة، والظلم عاقبته وخيمة قال الله تعالى: {ومن يظلم منك نذقه عذاباً كبيراً} [26].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/443)
سادساً: يجب على الحاج وغيره أن يعلم أن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح لكل مسلم بالحكمة والموعظة الحسنة، من أعظم واجبات الدين، وبها قوامه وحفظه بين المسلمين، قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [27]، وقال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [28]، وقال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} [29]. وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم) [30] متفق عليه. فعلى كل مسلم أن يعنى بهذا الأمر تمام العناية، ولا يقصر فيه، كل بحسب استطاعته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) [31] رواه مسلم رحمه الله.
سابعاً: ينبغي على كل مسلم من الحجاج وغيرهم أن يهتم بأمور المسلمين في كل مكان، وإيصال الخير إليهم، والدفاع عنهم، وتعليم جاهلهم حسب طاقته وعلمه، وأن يعاون المجاهدين منهم الذين يجاهدون في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ورد الكافرين والملحدين من اليهود وغيرهم من أصناف الكفرة عن ديار المسلمين والمقدسات الإسلامية، نصرة للحق، ودفاعاً عن أهله، وذوداً عن بلاد المسلمين، وحماية لها من الأعداء. ويكون ذلك باللسان والمال والنفس وسائر أنواع المساعدات، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [32]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) [33]، متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا)) [34] متفق عليه. فلا يجوز للمسلمين أن يسلموا إخوانهم لعدوهم أو يسلموهم للجوع والعري والمرض وفتنة المنصرين والملحدين، يستغلون حاجتهم، وينفثون بينهم سمومهم وأباطيلهم وهذا ما يجب أن يهتم به كل مسلم ويحرص عليه أشد الحرص كلما رأى ضعفاً من المسلمين، لأنهم كما قال الله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق} [35].
وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يوفقنا والحجاج وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، ولكل ما فيه نصر ديننا، وصلاح أمرنا، وسلامة بلادنا من مكائد أعدائنا، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين وحكامهم، للحكم بشريعة الله سبحانه، وإلزام الشعوب بها؛ لأنها سبيل السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وأن يوفق حكام هذه البلاد بصفة خاصة لكل ما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين، وأن يزيدهم من كل خير، وأن يجزيهم بما قدموا للمسلمين عموماً ولحجاج بيت الله الحرام خصوصاً من مساعدات وتسهيلات أعظم الجزاء وأفضله، وأن يوفق حجاج بيته لأداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه، حتى يكون حجهم مبروراً وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفوراً، وأن يردهم إلى بلادهم سالمين غانمين. اللهم آمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة آل عمران، الآية 97
[2] سورة البينة، الآية 5
[3] سورة الكهف، الآية 110
[4] رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297
[5] رواه البخاري في (الأذان) باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة برقم 631
[6] سورة الأحزاب، الآية 21
[7] رواه البخاري معلقا في النجش، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718
[8] سورة آل عمران، الآية 31
[9] سورة يوسف، الآية 108
[10] سورة الأنبياء، الآية 7
[11] رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم 1037
[12] سورة الزمر، الآية 9
[13] رواه مسلم في (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن" برقم 2699
[14] سورة الأعلى، الآيتان 14، 15
[15] سورة الشمس، الآيات7 - 10
[16] سورة النحل، الآية 97
[17] سورة الحج، الآية 28
[18] رواه البخاري في (الرقاق) باب التواضع برقم 6502
[19] سورة يونس، الآيتان 62، 63
[20] رواه ابن ماجة في (إقامة الصلاة والسنة فيها) باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام برقم 1406
[21] سورة آل عمران، الآية 133
[22] سورة الحج، الآية 25
[23] رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم ظلم المسلم وخذله برقم 2564
[24] سورة البقرة، الآية 197
[25] سورة الأحزاب، الآية 58
[26] سورة الفرقان، الآية 19
[27] سورة النحل، الآية 125
[28] سورة آل عمران، الآية 104
[29] سورة التوبة، الآية 71
[30] رواه البخاري في (الإيمان) باب الدين النصيحة برقم 57، ومسلم في (الإيمان) باب بيان أن الدين النصيحة برقم 56
[31] رواه المسلم في (الإيمان) باب كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49
[32] سورة الصف، الآيتان 10، 11
ج بيت الله الحرام.
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.p...ion=news&id=13
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/444)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:43 م]ـ
صفة الحج للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين
حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» متفق عليه. فالحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر.
الاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته. ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم.
المسلم مخير بين أن يحج مفرداً أو قارناً أو متمتعاً. والإفراد هو أن يحرم بالحج وحده بلا عمرة.
والقران هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً.
والتمتع هو أن يحرم بالعمرة خلال أشهر الحج (وهي شوال و ذو القعدة وذو الحجة) ثم يحل منها ثم يحرم بالحج في نفس العام.
ونحن في هذه المطوية سنبين صفة التمتع لأنه أفضل الأنساك الثلاثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه.
إذا وصل المسلم إلى الميقات يستحب له أن يغتسل ويُطيب بدنه، لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل عند إحرامه [صحيح الترمذي للألباني]، ولقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم» [متفق عليه]. ويستحب له أيضاً تقليم أظافره وحلق عانته وإبطيه.
والمواقيت خمسة هي:
1 - ذو الحليفة، وتبعد عن مكة 428كم. .
2 - الجحفة، قرية بينها وبين البحر الأحمر 10كم، وهي الآن خراب، ويحرم الناس من رابغ التي تبعد عن مكة 186كم.
3 - يلملم، وادي على طريق اليمن يبعد 120كم عن مكة، ويحرم الناس الآن من قرية السعدية.
4 - قرن المنازل: واسمه الآن السيل الكبير يبعد حوالي 75كم عن مكة.
5 - ذات عرق: ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة، وهو مهجور الآن لا يمر عليه طريق.
تنبيه: هذه المواقيت لمن مر عليها من أهلها أو من غيرهم.
ـ من لم يكن على طريقه ميقات أحرم عند محاذاته لأقرب ميقات.
ـ من كان داخل حدود المواقيت كأهل جدة ومكة فإنه يحرم من مكانه.
ثم يلبس الذكر لباس الإحرام (وهو إزار ورداء) ويستحب أن يلبس نعلين، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين» [رواه أحمد وصححه احمد شاكر (7/ 169)].
أما المرأة فتحرم في ما شاءت من اللباس الساتر الذي ليس فيه تبرج أو تشبه بالرجال، دون أن تتقيد بلون محدد. ولكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين» [رواه البخاري]، ولكنها تستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب، لقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: «كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام» [رواه الحاكم (1/ 454) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي].
ثم بعد ذلك ينوي المسلم بقلبه الدخول في العمرة، ويشرع له أن يتلفظ بما نوى، فيقول: (لبيك عمرة) أو (اللهم لبيك عمرة). والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركبه، كالسيارة ونحوها.
ليس للإحرام صلاة ركعتين تختصان به، ولكن لو أحرم المسلم بعد صلاة فريضة فهذا أفضل، لفعله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم].
من كان مسافراً بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات.
للمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه. كالمرض أو الخوف أو غير ذلك، فيقول بعد إحرامه: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من عمرته بلا فدية.
ثم بعد الإحرام يسن للمسلم أن يكثر من التلبية، وهي قول: (لبيك اللهم لبيك ن لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) يرفع بها الرجال أصواتهم، أما النساء فيخفضن أصواتهن.
ثم إذا وصل الكعبة قطع التلبية واضطبع بإحرامه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً [كما في صحيح أبي داود للألباني (1658)]، ثم استلم الحجر الأسود بيمينه (أي مسح عليه) وقبله قائلاً: (الله أكبر) [رواه البخاري]، فإن لم يتمكن من تقبيله بسبب الزحام فإنه يستلمه بيده ويقبل يده [متفق عليه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/445)
فإن لم يستطع استلمه بشيء معه (كالعصا) وما شابهها وقبّل ذلك الشيء، فإن لم يتمكن من استلامه استقبله بجسده وأشار إليه بيمينه - دون أن يُقبلها - قائلاً: (الله أكبر) [رواه البخاري]، ثم يطوف على الكعبة 7 أشواط، يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود وينتهي به، ويُقَبله ويستلمه مع التكبير كلما مر عليه، فإن لم يتمكن أشار إليه بلا تقبيل مع التكبير - كما سبق -، ويفعل هذا أيضا في نهاية الشوط السابع.
أما الركن اليماني فإنه كلما مر عليه استلمه بيمينه دون تكبير [متفق عليه]، فإن لم يتمكن من استلامه بسبب الزحام فإنه لا يشير إليه ولا يكبر، بل يواصل طوافه.
ويستحب له أن يقول في المسافة التي بين الركن اليماني والحجر الأسود (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) [صحيح أبي داود (1666)].
ليس للطواف ذكر خاص به فلو قرأ المسلم القرآن أو ردد بعض الأدعية المأثورة أو ذكر الله فلا حرج.
يسن للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طوافه. والرَمَل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطوات، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في طوافه [متفق عليه].
ينبغي للمسلم أن يكون على طهارة عند طوافه، لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ قبل أن يطوف [متفق عليه].
إذا شك المسلم في عدد الأشواط التي طافها فإنه يبني على اليقين، أي يرجح الأقل، فإذا شك هل طاف 3 أشواط أم 4 فإنه يجعلها 3 احتياطاً ويكمل الباقي.
ثم إذا فرغ المسلم من طوافه اتجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام وهو يتلو قوله تعالى {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]، ثم صلى خلفه ركعتين بعد أن يزيل الاضطباع ويجعل رداءه على كتفيه.
ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة {قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الركعة الثانية سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [رواه مسلم].
إذا لم يتمكن المسلم من الصلاة خلف المقام بسبب الزحام فإنه يصلي في أي مكان من المسجد، ثم بعد صلاته عند المقام يستحب له أن يشرب من ماء زمزم، ثم يتجه إلى الحجر الأسود ليستلمه بيمينه [رواه مسلم]. فإذا لم يتمكن من ذلك فلا حرج عليه.
ثم يتجه المسلم إلى الصفا، ويستحب له أن يقرأ إذا قرب منه قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:158]، ويقول (نبدأ بما بدأ الله به) ثم يستحب له أن يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه، ويقول - جهراً -: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو - سراً - بما شاء، ثم يعيد الذكر السابق، ثم يدعو ثانية ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ولا يدعو بعده [رواه مسلم].
ثم ينزل ويمشي إلى المروة، ويسن له أن يسرع في مشيه فيما بين العلمين الأخضرين في المسعى، فإذا وصل المروة استحب له أن يرقاها ويفعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة ورفع اليدين والذكر والدعاء السابق. وهكذا يفعل في كل شوط.
أما في نهاية الشوط السابع من السعي فإنه لا يفعل ما سبق.
ليس للسعي ذكر خاص به. ولكن يشرع للمسلم أن يذكر الله ويدعوه بما شاء، وإن قرأ القرآن فلا حرج.
يستحب أن يكون المسلم متطهراً أثناء سعيه.
إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه.
ثم إذا فرغ المسلم من سعيه فإنه يحلق شعر رأسه أو يقصره، والتقصير هنا أفضل من الحلق، لكي يحلق شعر رأسه في الحج.
لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة.
المرأة ليس عليها حلق، وإنما تقصر شعر رأسها بقدر الإصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير» [صحيح أبي داود:1748].
ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة، فيحل المسلم إحرامه إلى أن يحرم بالحج في يوم (8 ذي الحجة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/446)
إذا كان يوم (8 ذي الحجة) وهو المسمى يوم التروية أحرم المسلم بالحج من مكانه الذي هو فيه وفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الاغتسال والتطيب .... الخ، ثم انطلق إلى منى فأقام بها وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها (أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين).
فإذا طلعت شمس يوم (9 ذي الحجة وهو يوم عرفة) توجه إلى عرفة، ويسن له أن ينزل بنمرة (وهي ملاصقة لعرفة)، ويبقى فيها إلى الزوال ثم يخطب الإمام أو من ينوب عنه الناسَ بخطبة تناسب حالهم يبين لهم فيها ما يشرع للحجاج في هذا اليوم وما بعده من أعمال، ثم يصلي الحجاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر، ثم يقف الناس بعرفة، وكلها يجوز الوقوف بها إلا بطن عُرَنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة» [رواه الحاكم (1/ 462) وصححه الأرناؤط في تعليقه على شرح مشكل الآثار للطحاوي (3/ 229)]، ولكن يستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة، لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم]، إن تيسر ذلك. ويجتهد في الذكر والدعاء المناسب، ومن ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» [رواه الترمذي وحسنه الألباني في المشكاة (2/ 797)].
التروية: سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء، لأن منى لم يكن بها ماء ذلك الوقت
بطن عُرَنة: وهو وادي بين عرفة ومزدلفة.
جبل عرفة: ويسمى خطأ (جبل الرحمة) وليست له أي ميزة على غيره من أرض عرفة، فينبغي عدم قصد صعوده أو التبرك بأحجاره كما يفعل الجهال.
يستحب للحاج أن يكون وقوفه بعرفة على دابته، لأنه صلى الله عليه وسلم وقف على بعيره [صحيح النسائي للألباني (2813)]، وفي زماننا هذا حلت السيارات محل الدواب، فيكون راكباً في سيارته، إلا إذا كان نزوله منها أخشع لقلبه.
لا يجوز للحاج مغادرة عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس.
فإذا غربت الشمس سار الحجاج إلى مزدلفة بسكينة وهدوء وأكثروا من التلبية في طريقهم، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعاً، بأذان واحد ويقيمون لكل صلاة، وذلك عند وصولهم مباشرة دون تأخير. (وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت).
ثم يبيت الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا بها الفجر، ثم يسن لهم بعد الصلاة أن يقفوا عند المشعر الحرام مستقبلين القبلة، مكثرين من ذكر الله والدعاء مع رفع اليدين، إلى أن يسفروا - أي إلى أن ينتشر النور- لفعله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم].
يجوز لمن كان معه نساء أو ضَعَفة أن يغادر مزدلفة إلى منى إذا مضى ثلثا الليل تقريباً، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضَعَفة من جمع بليل» [متفق عليه].
مزدلفة كلها موقف، ولكن السنة أن يقف بالمشعر الحرام كما سبق، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف)» [رواه مسلم].
ثم ينصرف الحجاج إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم، ويسرعون في المشي إذا وصلوا وادي مُحَسِّر، ثم يتجهون إلى الجمرة الكبرى (وهي جمرة العقبة) ويرمونها بسبع حصيات (يأخذونها من مزدلفة أو منى حسبما تيسر) كل حصاة بحجم الحمص تقريباً.
المشعر الحرام: وهو الآن المسجد الموجود بمزدلفة.
جمع: جمع هي مزدلفة، سميت بذلك لأن الحجاج يجمعون فيها صلاتي المغرب والعشاء.
وادي مُحَسِّر: وهو وادي بين منى ومزدلفة وسمي بذلك لأن فيل أبرهة حَسَرَ فيه، أي وقف، فهو موضع عذاب يسن الإسراع فيه.
يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة قائلاً: (الله أكبر)، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه، لفعله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم]. ولا بد من وقوع الحصى في بطن الحوض - ولا حرج لو خرجت من الحوض بعد وقوعها فيه - أما إذا ضربت الشاخص المنصوب ولم تقع في الحوض لم يجزئ ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/447)
ثم بعد الرمي ينحر الحاج (الذي من خارج الحرم) هديه، ويستحب له أن يأكل منه ويهدي ويتصدق. ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم (13 ذي الحجة) مع جواز الذبح ليلاً، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد، لفعله صلى الله عليه وسلم. (وإذا لم يجد الحاج الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 و 7 أيام إذا رجع إلى بلده).
ثم بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر منه، والحلق أفضل من التقصير، لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة 3 مرات وللمقصرين مرة واحدة [متفق عليه].
بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء، ويسمى هذا التحلل (التحلل الأول)، ثم يتجه الحاج - بعد أن يتطيب - إلى مكة ليطوف بالكعبة طواف الإفاضة المذكور في قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29]. لقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت» [متفق عليه]، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج.
وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى النساء، ويسمى هذا التحلل (التحلل التام).
الأفضل للحاج أن يرتب فعل هذه الأمور كما سبق (الرمي ثم الحلق أو التقصير ثم الذبح ثم طواف الإفاضة)، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج.
ثم يرجع الحاج إلى منى ليقيم بها يوم (11 و 12 ذي الحجة بلياليهن) إذا أراد التعجل (بشرط أن يغادر منى قبل الغروب)، أو يوم (11 و 12 و 13 ذي الحجة بلياليهن) إذا أراد التأخر، وهو أفضل من التعجل، لقوله تعالى {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:203].
ويرمي في كل يوم من هذه الأيام الجمرات الثلاث بعد الزوال 35 مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، بسبع حصيات لكل جمرة، مع التكبير عند رمي كل حصاة.
ويسن له بعد أن يرمي الجمرة الصغرى أن يتقدم عليها في مكان لا يصيبه فيه الرمي ثم يستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه، ويسن أيضاً بعد أن يرمي الجمرة الوسطى أن يتقدم عليها ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه أما الجمرة الكبرى (جمرة العقبة) فإنه يرميها ولا يقف يدعو، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك [رواه البخاري].
بعد فراغ الحاج من حجه وعزمه على الرجوع إلى أهله فإنه يجب عليه أن يطوف (طواف الوداع) ثم يغادر مكة بعده مباشرة، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض) [متفق عليه]، فالحائض ليس عليها طواف وداع.
مسائل متفرقة:
أجاز النبي صلى الله عليه وسلم: الصغير الذي لم يبلغ، لأن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم، ولك أجر) [رواه مسلم]، ولكن لا تجزئه هذه الحجة عن حجة الإسلام، لأنه غير مكلف، ويجب عليه أن يحج فرضه بعد البلوغ.
يفعل ولي الصغير ما يعجز عنه الصغير من أفعال الحج، كالرمي ونحوه.
الحائض تأتي بجميع أعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها و اغتسلت، ومثلها النفساء.
يجوز للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة لكي لا يأتيها الحيض أثناء الحج.
يجوز رمي الجمرات عن كبير السن وعن النساء إذا كان يشق عليهن، ويبدأ الوكيل برمي الجمرة عن نفسه ثم عن موُكله. وهكذا يفعل في بقية الجمرات.
من مات ولم يحج وقد كان مستطيعاً للحج عند موته حُج عنه من تركته، وإن تطوع أحد أقاربه بالحج عنه فلا حرج.
يجوز لكبير السن والمريض بمرض لا يرجى شفاؤه أن ينيب من يحج عنه، بشرط أن يكون هذا النائب قد حج عن نفسه.
محظورات الإحرام:
لا يجوز للمحرم أن يفعل هذه الأشياء:
1 - أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره.
2 - أن يتطيب في ثوبه أو بدنه.
3 - أن يغطي رأسه بملاصق، كالطاقية والغترة ونحوها.
4 - أن يتزوج أو يُزَوج غيره، أو يخطب.
5 - أن يجامع.
6 - أن يباشر (أي يفعل مقدمات الجماع من اللمس والتقبيل) بشهوة.
7 - أن يلبس الذكر مخيطاً، وهو ما فُصّل على مقدار البدن أو العضو، كالثوب أو الفنيلة أو السروال ونحوه، وهذا المحظور خاص بالرجال - كما سبق -.
8 - أن يقتل صيداً برياً، كالغزال والأرنب والجربوع، ونحو ذلك.
من فعل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مُكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية.
أما من فعلها متعمداً - والعياذ بالله - أو محتاجاً لفعلها: فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يلزمه من الفدية.
تنبيه: من ترك شيئاً من أعمال الحج الواردة في هذه المطوية فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يترتب على ذلك.
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=15
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/448)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:47 م]ـ
لبيك اللهم لبيك للشيخ سعيد عبد العظيم
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله , أما بعد
فقد أمر نبى الله إبراهيم – عليه السلام – بعد أن فرغ هو و إسماعيل – عليه السلام – من بناء الكعبة، ورفع القواعد من البيت أن يؤذن فى الناس بالحج) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ (" سورة الحج: 28 " و امتثل نبى الله إبراهيم لأمر ربه و نادى إن الله قد أمركم بالحج فحجوا، فتجاوب الكون و الأصداء مع هذا النداء العلوي، و أتى الناس من كل فج عميق و أوب سحيق، يعظمون شعائر الله) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب (" سورة الحج: 32 " مناسك و أماكن، جعل سبحانه تعظيمها تعظيمه و التفريط فى حقها تفريطاً فى حقه، جاء الصيني و الهندي و الإندونيسي و العربى ..... يؤدون. لو بذلوا المهج و ساروا على رؤوسهم بلوغاً لبيت الله الحرام، يملؤهم الشوق و الحنين تجاه هذه البقاع المباركة مصداق دعوة إبراهيم) فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون (" سورة إبراهيم: 37 " حنين لا يمكن أن ينقطع من نفوس المؤمنين، دعاهم فلبوا النداء و لسان حالهم قبل مقالهم ينطق لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك. لقد بورك فى الصوت الضعيف وربك على كل شئ قدير، و من الله الرسالة و على الرسول البلاغ و علينا التسليم، إن عليك إلا البلاغ، لا تكلف نفسك و حرض المؤمنين فإذا حدث الامتثال و تمت الطاعات، و تعلقت القلوب بخالق الأرض و السموات، فحدث عن الخيرات و البركات ولا حرج و إلا فمن كان يتخيل هذه الاستجابة لهذا النداء ممن اختلفت ألسنتهم و ألوانهم و أوطانهم، و قد توحدوا فى تلبيتهم يتوجهون فى صلاتهم إلى بيت الله العتيق، يرتدون إزاراً ورداء يرجون تجارة لن تبور، ينتقلون إلى منى ثم إلى عرفات و يمرون بمزدلفة فلا يقفون بها و فى عرفات يصلون الظهر و العصر جمعاً و قصراً ثم يدفعون بعد غروب الشمس إلى مزدلفة حيث يصلون بها المغرب و العشاء جمعاً و قصراً، و يبيتون بمزدلفة ولا يحيون ليلة النحر ثم يقفون بالمشعر الحرام بعد صلاة الفجر حتى تسقر الشمس ثم يدفعون إلى منى لرمى جمرة العقبة. و كان الحمس و هو المتشددون فى دينهم يأنفون من الوقوف بعرفات مع بقية الناس و يقفون بمزدلفة و ذلك لأن عرفات من الحل و المزدلفة من الحرم، فأمرهم سبحانه أن يقفوا حيثما وقف الناس قال) ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ (" سورة البقرة: 199 ". حركة واحدة و أندفاعة إيمانية هائلة من شأنها أن تغير الحياة و الأحياء لتقيم أمر الله فى دنيا الناس،و تكون الاستجابة من بعد الاستجابة و الطاعة من بعد الطاعة، على مستوى الحاكم و المحكوم و الكبير و الصغير و الرجل و المرآة و العربى و العجمي و الحياة لا تصلح إلا بأن تكون هكذا) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (" سورة الشورى: 52 ". شأن المؤمن المطيع المستجيب كشان الحيي، و شأن الكافر المعرض كشأن الميت) أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا (" سورة الأنعام: 122 ". هذه الطاعة و هذه الاستجابة التى تحكيها التلبية مطلوبة فى العسر و اليسر و المنشط و المكره، مطلوبة فى الظاهر و الباطن و السر و العلانية، مطلوبة فى الحج و الصلاة و الصيام ..... و فى السياسة و الاجتماع و الأخلاق .... فى المسجد و السوق فى الحرب و السلم، و مطلوبة أيضاً على مستوى الفرد و الدولة) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/449)
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (" سورة النساء: 65 ") وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (" سورة الأحزاب: 36 ") يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (" سورة النساء: 59 " لقد لبى السعداء الموفقون النداء، و أعرض التعساء المخذولون عنه، فبينما لبى الموحدون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، كان المشركون يلبون إلا شريكاً هو لك تملكه و ما مالك، و هذا على عادتهم فى الكفر و عبادتهم الأصنام و الأوثان التى تضر ولا تنفع، و ما كانوا يسوون آلهتهم بالله من كل وجه فقد كانوا إذا ركبوا فى البحر و هاجت الأمواج دعوا الله مخلصين له الدين، فلما أنجاهم إلى البر إذا هم يشركون، كانوا يقذفون بالأصنام إلى البحر و يقولون يا رب، و لسفاهة عقولهم و ضلالة أفئدتهم كانوا يعودون لعبادتها مرة ثانية. و كانوا قد ملأوا الكعبة بالأصنام، و كانوا يطوفون بالبيت عراة و يقولون لا نطوف بثياب عصينا الله فيها. لقد انتكست العقول و ارتكست الفطر عند أهل الجاهلية الأولى فكان التغيير و التبديل لمعاني التوحيد و التشريع فى الحج و غيره، و الجاهلية ليست حقبة تاريخية حدثت و انتهت، بل هى تصورات و معتقدات و ظنون و حمية و تبرج و حكم بغير ما أنزل الله، و كثير من الأوضاع ما زالت تتشبه بالجاهلية الأولى، فهذه الفلسفات و الدساتير و النظم التى تخالف دين الله، و تشريع العباد للعباد و الذبح لغير الله و التماس المدد من المخلوقين و الاستغاثة بالمقبورين، و دعاء الأولياء و الصالحين ...... كلها صور تخالف معانى التلبية و الاستجابة و الطاعة لله رب العالمين، بل ما زال الناس يعبدون الأصنام فى أدغال أفريقيا، ويجثون على الركب أمام العذراء، وفى أوربا يطوفون حول قبر لينين فى روسيا " يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ " إن التلبية بمثابة منهج حياة ودلالة على معنى الوحدة والتوحيد، والملبي لهو أوفر الحظ و النصيب مما كان عليه الأنبياء و المرسلين) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (" سورة الأنعام: 90 " فحياة نبى الله إبراهيم ووصله و هجره و حله و ترحاله، و نقضه و إبرامه، كانت ترجمة حقيقية لهذه التلبية، فمناظرته لأبيه و قومه و النمروذ، و تركه لهاجر وولده الوحيد إسماعيل ببلد الله الحرام كانت استجابة لأمر الله فلما أراد أن ينصرف إلى فلسطين تعلقت به هاجر و قالت له: " أآلله أمرك بهذا، قال لها: نعم، قالت: فإنه لن يضيعنا، و الله لا يضيع أهله، و بعد أن غاب عنهم توجه إلى ربه و قال) رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (" سورة إبراهيم: 37 " ثم رفع القواعد من البيت هو و إسماعيل نزولاً على أمره سبحانه) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (" سورة البقرة: 127 – 128 " ووقف النبى صلى الله عليه و سلم بعرفات و قال: " قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " و لبى صلوات الله و سلامه عليه لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك و لبى الصحابة معه – و سمع البعض يقول: لبيك بحجة، لبيك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/450)
تعبراً ورقاً، و لبى البعض، لبيك و سعديك، و الخير كله بيديك و الرغباء إليك و العمل، و حكى صلى الله عليه و سلم لأمته حال الأنبياء فى تلبيتهم، فقال: و كأنى بموسى بن عمران هابطاً الثنية له جؤر إلى الله بالتلبية، و قال: ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثنينهما، و حياتهم جمعاً صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين و جهادهم و مواصلتهم الليل بالنهار، كانت إقامة لمعاني التلبية و تعبيد الدنيا بدين الله و نشراً للشرائع و الشعائر فى الأرض) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (" سورة الأنبياء: 25 ") وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ (" سورة النحل: 36 ". و لذلك يجب أن تكون حياتنا الخاصة و العامة استجابة من بعد استجابة وطاعة من بعد طاعة، و كيف لا نعبد خالق الخلق و مالك الملك، القلوب له مفضية و السر عنده علانية و الغيب لديه مكشوف و كل أحد إليه ملهوف، عنت الوجوه لنور وجهه و دلت الفطر على امتناع مثله و شبهه، له الحمد بالإسلام و له الحمد بالإيمان، و له الحمد بالقرآن، أطهر أمننا و بسط رزقنا و أحسن معافاتنا، له الحمد بالمال و الأهل و الولد " و ما بكم من نعمة فمن الله " " و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار " و إذا أردت أن تعرف فأنظر أين أقامك، جعلك مسلماً و أقامك فى طاعة و يسر لك الحج و بلوغ بيته الحرام بمنه و كرمه " إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك " و هل النعم بيد أحد سواه، و هو جل فى علاه مالك الملك و ملك الملوك، الكبرياء رداؤه و العظمة إزاره، فمن نازعه واحداً مهما قصمه و لم يبالى و لذلك كان أخنع الأسماء رجل تسمى بملك الملوك و الشاهنشاه ولا ملك على الحقيقة إلا الله و من أنكر ذلك علمه و تيقنه، فى يوم يقال فيه لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. و إذا كانت النعم منه وحده و الملك بيده وحده، فكيف يخلق هو و يعبد سواه و يرزق هو و يشكر غيره، لا شريك له فى ربوبيته و ألوهيته " ألا له الخلق و الأمر " التلبية التى يلبى بها الحجيج، حرية أن تبح بها الأصوات، و أن يؤمر بها العباد فى كل زمان و مكان، كلمة انعطفت لها الجمادات، فمن ملبي يلبى إلا لبى ما عن يمينه و ما عن شماله من شجر و حجر، حتى تنقطع الأرض من هاهنا و هاهنا، نستشعر بها التناسب و الانسجام مع الكون من حولنا و تزول النفرة بين ظواهرانا و بواطننا و نسعد فى دنيانا و أخرانا عندما تكون حياتنا طاعة من بعد طاعة لخالق الخلق و مالك الملك لا شريك له.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الكعبة المشرفة
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله , أما بعد
فقد أمر نبى الله إبراهيم – عليه السلام – بعد أن فرغ هو و إسماعيل – عليه السلام – من بناء الكعبة، ورفع القواعد من البيت أن يؤذن فى الناس بالحج) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ (" سورة الحج: 28 " و امتثل نبى الله إبراهيم لأمر ربه و نادى إن الله قد أمركم بالحج فحجوا، فتجاوب الكون و الأصداء مع هذا النداء العلوي، و أتى الناس من كل فج عميق و أوب سحيق، يعظمون شعائر الله) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب (" سورة الحج: 32 " مناسك و أماكن، جعل سبحانه تعظيمها تعظيمه و التفريط فى حقها تفريطاً فى حقه، جاء الصيني و الهندي و الإندونيسي و العربى ..... يؤدون. لو بذلوا المهج و ساروا على رؤوسهم بلوغاً لبيت الله الحرام، يملؤهم الشوق و الحنين تجاه هذه البقاع المباركة مصداق دعوة إبراهيم) فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون (" سورة إبراهيم: 37 " حنين لا يمكن أن ينقطع من نفوس المؤمنين، دعاهم فلبوا النداء و لسان حالهم قبل مقالهم ينطق لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/451)
لك و الملك لا شريك لك. لقد بورك فى الصوت الضعيف وربك على كل شئ قدير، و من الله الرسالة و على الرسول البلاغ و علينا التسليم، إن عليك إلا البلاغ، لا تكلف نفسك و حرض المؤمنين فإذا حدث الامتثال و تمت الطاعات، و تعلقت القلوب بخالق الأرض و السموات، فحدث عن الخيرات و البركات ولا حرج و إلا فمن كان يتخيل هذه الاستجابة لهذا النداء ممن اختلفت ألسنتهم و ألوانهم و أوطانهم، و قد توحدوا فى تلبيتهم يتوجهون فى صلاتهم إلى بيت الله العتيق، يرتدون إزاراً ورداء يرجون تجارة لن تبور، ينتقلون إلى منى ثم إلى عرفات و يمرون بمزدلفة فلا يقفون بها و فى عرفات يصلون الظهر و العصر جمعاً و قصراً ثم يدفعون بعد غروب الشمس إلى مزدلفة حيث يصلون بها المغرب و العشاء جمعاً و قصراً، و يبيتون بمزدلفة ولا يحيون ليلة النحر ثم يقفون بالمشعر الحرام بعد صلاة الفجر حتى تسقر الشمس ثم يدفعون إلى منى لرمى جمرة العقبة. و كان الحمس و هو المتشددون فى دينهم يأنفون من الوقوف بعرفات مع بقية الناس و يقفون بمزدلفة و ذلك لأن عرفات من الحل و المزدلفة من الحرم، فأمرهم سبحانه أن يقفوا حيثما وقف الناس قال) ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ (" سورة البقرة: 199 ". حركة واحدة و أندفاعة إيمانية هائلة من شأنها أن تغير الحياة و الأحياء لتقيم أمر الله فى دنيا الناس،و تكون الاستجابة من بعد الاستجابة و الطاعة من بعد الطاعة، على مستوى الحاكم و المحكوم و الكبير و الصغير و الرجل و المرآة و العربى و العجمي و الحياة لا تصلح إلا بأن تكون هكذا) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (" سورة الشورى: 52 ". شأن المؤمن المطيع المستجيب كشان الحيي، و شأن الكافر المعرض كشأن الميت) أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا (" سورة الأنعام: 122 ". هذه الطاعة و هذه الاستجابة التى تحكيها التلبية مطلوبة فى العسر و اليسر و المنشط و المكره، مطلوبة فى الظاهر و الباطن و السر و العلانية، مطلوبة فى الحج و الصلاة و الصيام ..... و فى السياسة و الاجتماع و الأخلاق .... فى المسجد و السوق فى الحرب و السلم، و مطلوبة أيضاً على مستوى الفرد و الدولة) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (" سورة النساء: 65 ") وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (" سورة الأحزاب: 36 ") يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (" سورة النساء: 59 " لقد لبى السعداء الموفقون النداء، و أعرض التعساء المخذولون عنه، فبينما لبى الموحدون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، كان المشركون يلبون إلا شريكاً هو لك تملكه و ما مالك، و هذا على عادتهم فى الكفر و عبادتهم الأصنام و الأوثان التى تضر ولا تنفع، و ما كانوا يسوون آلهتهم بالله من كل وجه فقد كانوا إذا ركبوا فى البحر و هاجت الأمواج دعوا الله مخلصين له الدين، فلما أنجاهم إلى البر إذا هم يشركون، كانوا يقذفون بالأصنام إلى البحر و يقولون يا رب، و لسفاهة عقولهم و ضلالة أفئدتهم كانوا يعودون لعبادتها مرة ثانية. و كانوا قد ملأوا الكعبة بالأصنام، و كانوا يطوفون بالبيت عراة و يقولون لا نطوف بثياب عصينا الله فيها. لقد انتكست العقول و ارتكست الفطر عند أهل الجاهلية الأولى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/452)
فكان التغيير و التبديل لمعاني التوحيد و التشريع فى الحج و غيره، و الجاهلية ليست حقبة تاريخية حدثت و انتهت، بل هى تصورات و معتقدات و ظنون و حمية و تبرج و حكم بغير ما أنزل الله، و كثير من الأوضاع ما زالت تتشبه بالجاهلية الأولى، فهذه الفلسفات و الدساتير و النظم التى تخالف دين الله، و تشريع العباد للعباد و الذبح لغير الله و التماس المدد من المخلوقين و الاستغاثة بالمقبورين، و دعاء الأولياء و الصالحين ...... كلها صور تخالف معانى التلبية و الاستجابة و الطاعة لله رب العالمين، بل ما زال الناس يعبدون الأصنام فى أدغال أفريقيا، ويجثون على الركب أمام العذراء، وفى أوربا يطوفون حول قبر لينين فى روسيا " يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ " إن التلبية بمثابة منهج حياة ودلالة على معنى الوحدة والتوحيد، والملبي لهو أوفر الحظ و النصيب مما كان عليه الأنبياء و المرسلين) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (" سورة الأنعام: 90 " فحياة نبى الله إبراهيم ووصله و هجره و حله و ترحاله، و نقضه و إبرامه، كانت ترجمة حقيقية لهذه التلبية، فمناظرته لأبيه و قومه و النمروذ، و تركه لهاجر وولده الوحيد إسماعيل ببلد الله الحرام كانت استجابة لأمر الله فلما أراد أن ينصرف إلى فلسطين تعلقت به هاجر و قالت له: " أآلله أمرك بهذا، قال لها: نعم، قالت: فإنه لن يضيعنا، و الله لا يضيع أهله، و بعد أن غاب عنهم توجه إلى ربه و قال) رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (" سورة إبراهيم: 37 " ثم رفع القواعد من البيت هو و إسماعيل نزولاً على أمره سبحانه) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (" سورة البقرة: 127 – 128 " ووقف النبى صلى الله عليه و سلم بعرفات و قال: " قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " و لبى صلوات الله و سلامه عليه لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك و لبى الصحابة معه – و سمع البعض يقول: لبيك بحجة، لبيك تعبراً ورقاً، و لبى البعض، لبيك و سعديك، و الخير كله بيديك و الرغباء إليك و العمل، و حكى صلى الله عليه و سلم لأمته حال الأنبياء فى تلبيتهم، فقال: و كأنى بموسى بن عمران هابطاً الثنية له جؤر إلى الله بالتلبية، و قال: ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثنينهما، و حياتهم جمعاً صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين و جهادهم و مواصلتهم الليل بالنهار، كانت إقامة لمعاني التلبية و تعبيد الدنيا بدين الله و نشراً للشرائع و الشعائر فى الأرض) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (" سورة الأنبياء: 25 ") وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ (" سورة النحل: 36 ". و لذلك يجب أن تكون حياتنا الخاصة و العامة استجابة من بعد استجابة وطاعة من بعد طاعة، و كيف لا نعبد خالق الخلق و مالك الملك، القلوب له مفضية و السر عنده علانية و الغيب لديه مكشوف و كل أحد إليه ملهوف، عنت الوجوه لنور وجهه و دلت الفطر على امتناع مثله و شبهه، له الحمد بالإسلام و له الحمد بالإيمان، و له الحمد بالقرآن، أطهر أمننا و بسط رزقنا و أحسن معافاتنا، له الحمد بالمال و الأهل و الولد " و ما بكم من نعمة فمن الله " " و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار " و إذا أردت أن تعرف فأنظر أين أقامك، جعلك مسلماً و أقامك فى طاعة و يسر لك الحج و بلوغ بيته الحرام بمنه و كرمه " إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك " و هل النعم بيد أحد سواه، و هو جل فى علاه مالك الملك و ملك الملوك، الكبرياء رداؤه و العظمة إزاره، فمن نازعه واحداً مهما قصمه و لم يبالى و لذلك كان أخنع الأسماء رجل تسمى بملك الملوك و الشاهنشاه ولا ملك على الحقيقة إلا الله و من أنكر ذلك علمه و تيقنه، فى يوم يقال فيه لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. و إذا كانت النعم منه وحده و الملك بيده وحده، فكيف يخلق هو و يعبد سواه و يرزق هو و يشكر غيره، لا شريك له فى ربوبيته و ألوهيته " ألا له الخلق و الأمر " التلبية التى يلبى بها الحجيج، حرية أن تبح بها الأصوات، و أن يؤمر بها العباد فى كل زمان و مكان، كلمة انعطفت لها الجمادات، فمن ملبي يلبى إلا لبى ما عن يمينه و ما عن شماله من شجر و حجر، حتى تنقطع الأرض من هاهنا و هاهنا، نستشعر بها التناسب و الانسجام مع الكون من حولنا و تزول النفرة بين ظواهرانا و بواطننا و نسعد فى دنيانا و أخرانا عندما تكون حياتنا طاعة من بعد طاعة لخالق الخلق و مالك الملك لا شريك له.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=18
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/453)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:52 م]ـ
من منافع الحج وفوائده
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه، أما بعد:
فإن الله سبحانه تعالى شرع الحج لحكم كثيرة وأسرار عظيمة ومنافع جمة أشار إليها سبحانه في قوله عز وجل: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} [1]، فأوضح سبحانه في هذه الآيات أنه دعا عباده للحج ليشهدوا منافع لهم، ثم ذكر سبحانه منها أربع منافع: الأولى: ذكره عز وجل في الأيام المعلومات وهي عشر ذي الحجة وأيام التشريق. الثانية، والثالثة، والرابعة: أخبر عنها بقوله: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} [2]. وأعظم هذه المنافع وأكبرها شأناً ما يشهده الحاج من توجه القلوب إلى الله سبحانه، والإقبال عليه، والإكثار من ذكره بالتلبية وغيرها من أنواع الذكر، وهذا يتضمن الإخلاص لله في العبادة وتعظيم حرماته والتفكير في كل ما يقرب لديه ويباعد من غضبه، ومعلوم أن أصل الدين وأساسه وقاعدته التي عليها مدار أعمال العباد، هي تحقيق معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قولاً وعملاً وعقيدة.
فالشهادة الأولى: توجب تجريد العبادة لله وحده وتخصيصه بها من دعاء وخوف ورجاء وتوكل وصلاة وصوم وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة؛ لأن هذا كله حق لله وحده ليس له شريك في ذلك لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، كما قال عز وجل: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} [3]، وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [4]، وقال تعالى: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون} [5]، والدين هنا معناه العبادة وهي طاعته، وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، بفعل الأوامر وترك النواهي،، عن إيمان بالله ورسله، وإخلاص له في العبادة، وتصديق بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم رغبة في الثواب وحذراً من العقاب، وهذا هو معنى "لا إله إلا الله"، فإن معناها لا معبود حق إلا الله فهي تنفي العبادة وهي الألوهية بجميع معانيها عن غير الله سبحانه، وتثبتها بجميع معانيها لله وحده على وجه الاستحقاق، وجميع ما عبده الناس من دونه من أنبياء أو ملائكة أو جن أو غير ذلك فكله معبود بالباطل، كما قال الله عز وجل: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} [6]. ولهذا الأمر العظيم خلق الله الجن والإنس وأمرهم بذلك فقال عز وجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [7]، وقال تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} [8]، وعبادته سبحانه هي توحيده في ربوبيته وإلهيته، وأسمائه وصفاته وطاعة أوامره وترك نواهيه عن إيمان وتصديق ورغبة ورهبة، كما سبق بيان ذلك، وسمى الله سبحانه دينه عبادة؛ لأن العباد يؤدونه بخضوع وذل لله سبحانه ومن ذلك قول العرب: طريق معبد أي مذلل قد وطئته الأقدام، وبعير معبد أي مذلل قد شد عليه حتى صار ذلولاً، وهذه المسألة – أعني مسألة التوحيد والإخلاص لله، وتخصيصه بالعبادة دون كل ما سواه – هي أهم المسائل وأعظمها، وهي التي وقعت فيها الخصومة بين الرسل والأمم حتى قالت عاد لهود عليه السلام: {أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا} [9]، وقالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم لما أمرهم بالتوحيد: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب} [10]، وقالوا أيضاً فيما ذكر الله عنهم في سورة الصافات: {أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} [11]، بعد قوله سبحانه: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} [12]. فعلم بهذه الآيات وما جاء في معناها، أن أهل الشرك يستنكرون دعوة التوحيد، ويستكبرون عن التزامها؛ لكونهم اعتادوا ما ورثوه عن آبائهم من الشرك بالله وعبادة غيره. فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى أهل الدعوة إلى الله سبحانه، أن يهتموا بهذا الأمر، وأن يوضحوا حقيقة التوحيد والشرك للناس أكمل توضيح، وأن يبينوه أكمل تبيين؛ لأنه الأصل الأصيل الذي عليه المدار في صلاح الأعمال وفسادها وقبولها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/454)
وردها، كما قال عز وجل: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} [13]، وقال تعالى: {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} [14].
أما الشهادة الثانية: وهي شهادة أن محمداً رسول الله فهي الأصل الثاني في قبول الأعمال وصحتها وهي تقتضي المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبته وتصديق أخباره، وطاعة أوامره وترك نواهيه، وأن لا يعبد الله إلا بشريعته عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [15]، وقال سبحانه: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} [16]، ولا هداية للصراط المستقيم؛ إلا باتباعه والتمسك بهداه، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} [17]. وقال عز وجل: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} [18]، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) [19] رواه البخاري في صحيحه. ويدل على هذا المعنى قول الله سبحانه وتعالى: {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} [20]. والآيات في هذا المعنى كثيرة. ومن منافع الحج وفوائده العظيمة أنه يذكر بالآخرة ووقوف العباد بين يدي الله يوم القيامة؛ لأن المشاعر تجمع الناس في زي واحد، مكشوفي الرؤوس من سائر الأجناس، يذكرون الله سبحانه ويلبون دعوته، وهذا المشهد يشبه وقوفهم بين يدي الله يوم القيامة في صعيد واحد حفاة عراة غرلاً خائفين وجلين مشفقين، وذلك مما يبعث في نفس الحاج خوف الله ومراقبته والإخلاص له في العمل، كما يدعوه إلى التفقه في الدين والسؤال عما أشكل عليه، حتى يعبد ربه على بصيرة وينتج عن ذلك توجيهه لمن تحت يده إلى طاعة الله ورسوله وإلزامهم بالحق، فيرجع إلى بلاده وقد تزود خيراً كثيراً واستفاد علماً جماً، ولا ريب أن هذا من أعظم المنافع وأكملها، لا سيما في حق من يشهد حلقات العلم في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر، ويصغي إلى الدعاة إلى الله سبحانه ويحرص على الاستفادة من نصائحهم وتوجيههم. وفي الحج فوائد أخرى ومنافع متنوعة خاصة وعامة يطول الكلام بتعدادها، ومن ذلك الطواف بالبيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة والصلاة في المسجد الحرام ورمي الجمار والوقوف بعرفة ومزدلفة والإكثار من ذكر الله ودعائه واستغفاره في هذه المشاعر، ففي ذلك من المنافع والفوائد والحسنات الكثيرة والأجر العظيم وتكفير السيئات ما لا يحصيه إلا الله لمن أخلص لله العمل وصدق في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه والسير على سنته، وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)) [21]
وأسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً وأن يمنحهم الفقه في دينه ويتقبل منا ومنهم، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قلوبهم وأعمالهم، وينصر دينه ويخذل أعداءه إنه سميع قريب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
------------------------------------------
[1] سورة الحج، الآيات 27 - 29
[2] سورة الحج، الآية 29
[3] سورة الإسراء، الآية 23
[4] سورة البينة، الآية 5
[5] سورة غافر، الآية 14
[6] سورة الحج، الآية 62
[7] سورة الذاريات، الآية 56
[8] سورة البقرة، الآية 21
[9] سورة الأعراف، الآية 70
[10] سورة ص، الآية 5
[11] سورة الصافات، الآية 36
[12] سورة الصافات، الآية 35
[13] سورة الزمر، الآية 65
[14] سورة الأنعام، الآية 88
[15] سورة الحشر، الآية 7
[16] سورة آل عمران، الآية 31
[17] سورة النور، الآية 54
[18] سورة الأعراف، الآية 158
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/455)
[19] رواه البخاري في (الاعتصام بالكتاب والسنة) باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 7280
[20] سورة النساء الآيتان 13، 14
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=34
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:54 م]ـ
الحج فرصة لنشر دعوة الحق
بعد الحمد والثناء على الله عز وجل ثم الصلاة والسلام على أشرف المرسلين، إني أشكر الله عز وجل على ما من به علينا وعلى حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسك الحج في أمن وعافية وسلامة وهدوء، الحمد لله جل وعلا على ذلك ونسأله سبحانه أن يتقبل منا ومن جميع حجاج بيت الله الحرام، كما أسأله سبحانه أن يوفق حكومتنا لكل خير، وأن يجزيها عما فعلت من التسهيل لحجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم أفضل الجزاء وأن يعينها على كل ما فيه صلاح العباد والبلاد، كما أساله سبحانه أن يجزي أيضاً العاملين في هذه الدولة من عسكريين ومدنيين أحسن الجزاء عما فعلوا من الخير، وأن يضاعف مثوبتهم على ما فعلوه من تيسير وتسهيل وإعانة لإخوانهم حجاج بيت الله الحرام، وأسأله عز وجل أن يتقبل من الجميع عملهم وحجهم. ثم إني أشكر أخي صاحب الفضيلة معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ محمد بن عبد الله السبيل على كلمته القيمة وتوجيهاته السديدة المفيدة فجزاه الله خيراً، وقد أحسن وأجاد في نصيحة إخوانه الدعاة، ووصيتهم بما ينبغي أن يعتمدوه في نصحهم ودعوتهم إلى الله عز وجل وعنايتهم بإخوانهم حجاج بيت الله الحرام وغيرهم. فإن الدعوة إلى الله شأنها عظيم وهي من أهم الفرائض، وهي مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والعلماء هم ورثة الأنبياء فالواجب عليهم العناية بالدعوة، و تكون بالأساليب التي يرجى منها حصول المطلوب والسلامة من النفور عن الحق، ويرجى منها الإفادة للمدعو وقبوله الحق، وعليهم أن يحذروا الأساليب التي يخشى منها بقاء المنكر أو وجود ما هو أنكر منه، فالداعي إلى الله يجب أن ينظر في أسلوب دعوته، وأن يتحرى الأساليب التي يرجى من ورائها حصول الخير والفائدة، والسلامة من ضد ذلك، فجزى الله أخانا صاحب الفضيلة الشيخ محمد عن كلمته خيراً، كما أشكره أيضاً على جهوده العظيمة الإصلاحية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأسأل الله أن يزيده والعاملين معه من التوفيق والهداية وأن يبارك في جهودهم وينفع بهم عباده من حجاج بيت الله الحرام وزوار هذا المسجد العظيم للعمرة، وزواره للصلاة وزوار المسجد النبوي، نسأل الله أن يبارك في جهود القائمين على هذين المسجدين وأن يجعلهم هداة مهتدين، كما أشكره أيضاً هو وإخوانه على ما يبذلونه من الدعوة إلى الله في المسجدين وتوجيه الناس إلى الخير، وإفتائهم فيما يحتاجون إليه فجزاهم الله جميعاً خيراً. ثم أشكر الأمانة العامة للتوعية على جهودها في هذا السبيل، سبيل تسهيل أداء المناسك لحجاج بيت الله الحرام، أشكر الأمانة والعاملين فيها على جهودهم الطيبة في تسهيل أمر الحجيج وإعانتهم على أداء مناسكهم بما يسهل عليهم ذلك وبما يعينهم على فهم ما أوجب الله عليهم وعلى ترك ما حرم الله عليهم، ولاشك أن جهود الأمانة العامة لها ثمار عظيمة، ولها فوائد جمة، ونسأل الله أن يبارك في هذه الجهود وأن يجزي العاملين فيها جزاءً حسناً وأن يثيبهم ويأجرهم على ما فعلوه ويزيدهم من فضله، فإن الله سبحانه هو الجواد الكريم، وهو الذي يجازي العاملين بما يستحقون، فنسأل الله أن يجزي العاملين في سبيله جزاءً حسناً، وأن يثيبهم على ما قدموا، وأن يجعل لهم مثل ثواب إخوانهم الذين ساعدوهم في الخير، وسهلوا لهم طريق الخير، ثم أشكر إخواني الدعاة إلى الله عز وجل، وأدعو لهم بمزيد من التوفيق فقد بذلوا جهوداً كبيرة، وأسأل الله أن يجزيهم عن جهودهم خيراً، وأن يضاعف مثوبتهم، ولاشك أن الواجب عليهم عظيم، ونسأل الله أن يتقبل منهم جهودهم وأن يعطيهم مثل أجور من هداه الله على أيديهم، قال الله عز وجل في كتابه العزيز: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} [1]، فالدعوة إلى الله هي سبيل الأنبياء وأتباعهم على بصيرة، فنسأل الله أن يوفقنا وإخواننا الدعاة وسائر علماء المسلمين لما يرضيه وأن يجعلنا جميعاً من الدعاة إليه على بصيرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/456)
وأن يعيننا على أداء الواجب إنه خير مسؤول. ولاشك أن الدعاة إلى الله سبحانه في جهاد عظيم، وهم جديرون بأن يبذلوا وسعهم في هذا السبيل؛ لأن الله جل وعلا قد أتاح لهم في هذا الموسم أمماً كثيرة من سائر أرجاء الدنيا في حاجة إلى الدعوة والتوجيه فيما يتعلق بالعقيدة ومناسك الحج وفيما يتعلق بأحكام الدين، فهم جديرون بأن يوجهوهم ويرشدوهم إلى ما يجب عليهم وإلى ما يحرم عليهم حتى يفعلوا ما شرع الله ويدعوا ما حرم الله، وأسأل الله أن يبارك عملهم، وأن ينفع به عباده المسلمين، وأن يجزيهم عن ذلك جزاءً حسناً، وأن يجعلهم من الهداة المهتدين، ولا ريب أن الحجاج في أشد الحاجة إلى الدعوة والتوجيه والإرشاد، فالواجب أن تكون دعوتهم بالأساليب الحسنة التي يرجى منها قبول الحق وترك الباطل، قال الله جل وعلا: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [2]، فهذه الطريقة التي رسمها الله لعباده فيها الخير العظيم، فيها توجيه الناس وإرشادهم بالعلم والحكمة، فإن الحكمة هي العلم، وذلك بوضع الأمور في مواضعها عن علم وبصيرة، ثم الموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب ثم الجدال بالتي هي أحسن؛ لإزالة الشبه وإيضاح الحق، وبذلك يحصل المطلوب ويزول المرهوب، بخلاف الشدة والغلظة فإنه يترتب عليها شر عظيم وعواقب وخيمة، منها عدم قبول الحق، ومنها أنه قد يقع بذلك منكرات أخرى، قال الله جل وعلا: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [3]،وقال عز وجل لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى} [4]، فالواجب على الدعاة أن يسلكوا المسالك التي يرونها ناجحة ومفيدة صالحة لإرشاد المدعوين وتوجيههم إلى الخير، ولاشك أن الحكمة في الدعوة والتبصر فيها من أهم المهمات، والدعوة إلى الله أحسن ما بذله المسلم في نفع غيره، قال الله عز وجل: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً} [5]. وموسم الحج من أحسن مواضعها وأوقاتها، فالحج فرصة للدعاة إلى الله لينشروا فيه دعوة الحق ويرشدوا فيه الخلق إلى ما خلقوا له من توحيد الله وطاعته، ويحذروهم عما نهى الله عنه من سائر الأخلاق والأعمال، فهي نعمة من الله عظيمة على من دعا إلى الله عز وجل، ونعمة من الله عظيمة على المدعوين، فنسأل الله أن يجزي الداعين خيراً وأن يثيبهم عن دعوتهم وأن يزيدهم علماً إلى علمهم وخيراً إلى خيرهم، وأن يجعلهم هداة مهتدين وأن ينفع المدعوين بما سمعوا وبما شاهدوا وأن يرزقهم البصيرة والفقه في الدين، كما أسأله سبحانه أن يجزي ولاة أمرنا عما فعلوا وبذلوا من الخير في إعانة الدعاة على أداء واجبهم في إعانة الحجاج على أداء مناسكهم، نسأل الله أن يجزيهم على ذلك الجزاء الحسن وأن يضاعف مثوبتهم وأن يزيدهم من كل خير وأن يعينهم على إزالة كل شر. وإن واجب العلماء النصيحة لله ولعباده والنصيحة لولاة الأمر بالمكاتبة والمشافهة للأمير والرئيس، لكل ولي أمر من ملك أو رئيس جمهورية أو أمير أو رئيس عشيرة أو جماعة إلى غير ذلك، فكل من له رئاسة وكل من له شيء يستطيع أن يتصرف فيه، هو جدير بأن ينصح ويوجه، حتى يبذل جهوده في من تحت يديه، هذا واجب العلماء أينما كانوا في مشارق الأرض ومغاربها وفي هذه الدولة، وفي هذه البقعة بصورة خاصة وفي بقاع الدنيا عامة. والواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعته ويتعاونوا مع ولاة الأمور بالحكمة والأسلوب الحسن والكلام الطيب والنصيحة الطيبة بالمشافهة والمكاتبة، واجتناب الألفاظ والوسائل التي قد تنفر من الحق وقد تضر الدعوة، يجب على العلماء أينما كانوا أن يكونوا بصيرين في أمر الدعوة، وأن يتحروا الأسباب والوسائل التي يرجى من ورائها حصول المطلوب، وأن يحذروا كل سبب وكل وسيلة يخشى من ورائها عدم حصول المطلوب، أو حصول ضده، هذا هو الواجب على الجميع. وفي مكة الكرمة كان نبينا عليه الصلاة والسلام يدعو الناس بالكلام الطيب والأسلوب الحسن حسب الطاقة والإمكان، ويتابع البعد عن كل ما يضر الدعوة، وهكذا لما هاجر إلى المدينة فعل ذلك حتى شرع الله الجهاد وأعطاه قوة، فعند ذلك جاهد الناس وشرع في قتال الكفار إلى أن يستجيبوا للحق، وعلى الدعاة إلى الله أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/457)
يسلكوا مسلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأن يجتهدوا في إيصال الدعوة إلى المدعوين بالطرق التي يرجى منها حصول المطلوب، وإذا قوي من له سلطان قام على تنفيذ الحق بالقوة بطريقة يحصل بها المطلوب ولا يحصل منها ضده، وهذا هو الواجب على ولاة الأمور أن يقيموا الحق بالطريقة التي يمكن تنفيذه بدون حصول ما هو شر ومنكر. والواجب على الدعاة إلى الله أن يبلغوا ولاة الأمور الحق بالوسائل الكتابية والشفهية حتى يحصل التعاون بين الجميع بين السلطان وبين الأمير وبين كبير القبيلة وبين كبير الأسرة، حتى يحصل التعاون بين الجميع بالأسلوب الحسن والدعوة المباركة. ولاشك أن الدعوة إلى الله عز وجل يدخل فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أن الدعوة تدخل في الأمر والنهي عند الإطلاق، كما قال تعالى في كتابه العظيم: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً} [6]، وهكذا في قوله جل وعلا: {ادع إلى سبيل ربك} [7]، تعم الدعاة وتعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعم كل من قام بالإصلاح والدعوة إلى الله عز وجل، في درس أو مجلس أو غير ذلك، وهكذا الأمر بالمعروف إذا أطلق دخلت فيه الدعوة، كما في قوله جل وعلا: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [8]، فالواجب على كل إنسان أن يبذل وسعه في تنفيذ الحق حسب طاقته، فالسلطان عليه واجبه الأعظم حسب طاقته، والأمير في القرية أو البلد أو القبيلة عليه تنفيذ الحق حسب طاقته بالفعل والقول جميعاً، وكبير الأسرة وصاحب البيت عليه تنفيذ الحق بالقول وبالعمل حسب طاقته ومع أولاده وأهله، وهكذا كل إنسان عليه أن يعمل حسب طاقته، كما قال الله عز وجل: {فاتقوا الله ما استطعتم} [9] وكما قال عليه الصلاة والسلام: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) [10]. فمن كان يستطيع بيده مثل السلطان والأمير فيما حدد له، والهيئة فيما حدد لها، وصاحب البيت فيما يقدر عليه نفذ الأمر بيده، ومن كان بصفة أخرى نفذ بالكلام والتوجيه والإرشاد وبالتي هي أحسن حتى يحصل الحق وحتى يزول الباطل، وعليه أن يستمر ولا ييأس ويرجو ما عند الله من المثوبة فيصبر، كما قال الله عز وجل: {والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [11] هذه صفة الرابحين والمؤمنين السعداء، إيمان صادق وعمل صالح وتواص بالحق وتواص بالصبر. وقال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [12]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) [13] ويقول جل وعلا: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [14]. فالواجب نصر الله والعناية بأمره والاجتهاد في ذلك، ويشرع للمؤمن أن يجتهد في أن يكون في حاجة أخيه الدينية والدنيويه، وأن يعينه على الخير حسب طاقته، وبهذا تجتمع القلوب ويحصل التعاون والتآلف والمحبة في الله، وكثرة الخير وقلة الشر.
فنسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه وأن يوفقنا جميعاً إلى كل ما فيه صلاح العباد والبلاد أينما كانوا، كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع المسئولين لما يرضيه في كل مكان وأن يصلح بطانتهم وأن يصلح العلماء ويعينهم على أداء الواجب، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمور المسلمين في كل مكان للحكم بشريعته والتحاكم إليها والفقه فيها، كما أسأله أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وأن ينصر بهم الحق، وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يوفق علماؤنا وجميع المسلمين للتعاون على البر والتقوى إنه خير مسئول. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
-------------------------------
[1] سورة يوسف، الآية 108
[2] سورة النحل، الآية 152
[3] سورة آل عمران، الآية 159
[4] سورة طه، الآية 44
[5] سورة فصلت، الآية 33
[6] سورة فصلت، الآية 33
[7] سورة النحل، الآية 125
[8] سورة آل عمران، الآية 110
[9] سورة التغابن، الآية 16
[10] رواه مسلم في (الإيمان) باب كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49
[11] سورة العصر كاملة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/458)
[12] سورة المائدة، الآية 2
[13] رواه البخاري في (المظالم والغصب) باب لا يظلم المسلم المسلم برقم 2442، ومسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم الظلم برقم 2580
[14] سورة محمد، الآية 7
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=38
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:56 م]ـ
مرحباً ... بأيام عشر ذي الحجة أعظم وأحب أيام السنة إلى الله في العبادة أخي الكريم لتكن ليالي وأيام رمضان المبارك أسوة حسنة لك في استغلال أيام عشر ذي الحجة التي هي خير أيام السنة صيام، حج، تلاوة القرآن، صدقات، تكبير، تهليل، تحميد، تسبيح، إحسان، بر، صلة رحم أيها الإخوة… أكثروا في أيام عشر ذي الحجة من التكبير والتهليل والتحميد قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيها من التهليل والتكبير والتحميد)) قال صلى الله عليه وسلم: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله)) ولكن ... هل تعلم أن العبادة في عشر ذي الحجة أفضل من الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج في سبيل الله بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء. يوم عرفه صيامه يكفر السنة التي قبله والتي بعده قال صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)). حقيقة لا خيال!! حج وعمرة في بلدك .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة، تامة، تامة، تامة)) صحيح الجامع / الألباني للمعلومية فإن هذه الأيام يكون فيها الوقت ما بين انتهاء صلاة الفجر وطلوع الشمس حوالي خمس وأربعين دقيقة فلا تدع الفرصة تفوتك 1 ذكر الله مثل التسبيح والتهليل والتحميد وقراءة القرآن وغير ذلك. 2 هذا العمل لا يُجزئ عن أداء فريضة الحج والعمرة. 3 يُفضل الجلوس بعد طلوع الشمس لمدة ربع ساعة ثم يصلي ركعتين؛ لأن هذا الوقت وقت نهي. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام)) يعني أيام عشر ذي الحجة.قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشئ)) رواه البخاري.
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=43
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:57 م]ـ
فضل أيام عشر ذي الحجة راجعها فضيلة الشيخ: عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ويليها من أحكام الأضحية لفضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين .. وبعد: فإن من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم. عشر ذي الحجة وقد ورد في فضلها أدلة من الكتاب والسنة منها: 1 - قال تعالى: ((والفجر * وليال عشر)). قال ابن كثير رحمه الله: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم، ورواه الإمام البخاري. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". 3 - وقال تعالى: ((ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)) قال ابن عباس: أيام العشر التفسير ابن كثير،. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؟ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" رواه أحمد. 5 - وكان سعيد بن جبير رحمه الله- وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق- " إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه" رواه ا لدارمي 6 - وقال ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره. ما يستحب فعله في هذه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/459)
الأيام 1 - الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. روى ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة" رواه مسلم، وهذا عام في كل وقت. 2 - الصيام: لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كان رسول الله يصلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر" رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحبابا شديدا. 3 - التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". وقال الإمام البخاري رحمه الله: "كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما". وقال أيضا: "وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا". وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة. وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد ضاعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير- وللأسف- بخلاف ما كان عليه السلف الصالح. صيغة التكبير: أ*) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرأ. ب*) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد. ج*) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد. 4 - صيام يوم عرفة: يتأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صوم يوم عرفة: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " رواه مسلم،. لكن من كان في عرفة- أي حاجا- فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطرا. 5 - فضل يوم النحر: يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين، وعن جلالة شأنه وعظم فضله الجم الغفير من المؤمنين، هذا مع أن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة. قال ابن القيم رحمه الله: "خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر" كما في سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر". ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر. وقيل: يوم عرفة أفضل منه؟ لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده، ثم تباهي ملائكته بأهل الموقف، والصواب القول الأول؟ لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء. وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة فليحرص المسلم حاجا كان أم مقيما على إدراك فضله وانتهاز فرصته. بماذا تستقبل مواسم الخير؟ 1 - حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح، وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه،" وتحجب قلبه عن مولاه. 2 - كذلك تستقبل مواسم الخير عامة بالعزم الصادق الجاد على اغتنامها بما يرضي الله عز وجل، فمن صدق الله صدقه الله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) العنكبوت: 69. فيا أخي المسلم احرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم. وفقني الله وإياك لاغتنام مواسم الخير، ونسأله أن يعيننا فيها على طاعته وحسن عبادته. بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له، والأضحية عن الأموات على ثلاثة أقسام: الأول:أن يضحي عنهم تبعا للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، وينوي بهم الأحياء والأموات، وأصل هذا تضحية النبي صلى الله عليه وسلم عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل. الثانى: أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذا لها وأصل هذا قوله تعالى: ((فمن بدله بعدما سمعه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/460)
فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم)) البقرة: 181. الثالث: أن يضحي عن الأموات تبرعا مستقلين عن الأحياء، فهذه جائزة. وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع بها قياسا على الصدقة عنه، ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنة؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه، فلم يضح عن عمه حمزة، وهو من أعز أقاربه عنده، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته، وهن ثلاث بنات متزوجات وثلاثة أبناء صغار، ولا عن زوجته خديجة، وهي من أحب نسائه، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحدا منهم ضحى عن أحد من أمواته. ونرى آيضا من الخطأ ما يفعله بعض الناس، يضحون عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها (أضحية الحفرة)، ويعتقدون أنه لا يجوز آن يشرك في ثوابها أحد، أو يضخون عن أمواتهم تبرعا أو بمقتضى وصاياهم، ولا يضخون عن أنفسهم .. وأهليهم، ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهله الأحياء والأموات لما عدلوا عنه إلى عملهم ذلك. فيما يجتنبه من أراد الأضحية إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوما فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " رواه أحمد ومسلم، وفي لفظ: "فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا حتى يضحي " وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية. والحكمة في هذا النهي أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه، وعلى هذا فيجوز لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم. وهذا الحكم خاص بمن يضحي، أما المضحى عنه فلا يتعلق به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وأراد أحدكم أن يضحي ... " ولم يقل: أو يضحى عنه؟ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته، ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك. وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئا من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى و يعود، ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية كما يظن بعض العوام. وإذا أخذ شيئا من ذلك ناسيا أو جاهلا أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله، أو يحتاج إلى قصه لمداواة جرح ونحوه. أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك أخي الحبيب: نحييك بتحية الإسلام ونقول لك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونهنئك مقدما بقدوم عيد الأضحى المبارك ونقول لك: تقبل الله منا ومنك، ونرجو أن تقبل منا هذه الرسالة التي نسأل الله عز وجل أن تكون نافعة لك ولجميع المسلمين في كل مكان. أخي المسلم: الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمور حياتنا، والشر كلى الشر في مخالفة هدي نبينا صلى الله عليه وسلم لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحب فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها لك في نقاط هي: التكبير: يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال تعالى: ((واذكروا الله في أيام معدودات)). وصفته أن تقول: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) و جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلانا بتعظيم الله وإظهارا لعبادته وشكره. ذبح الأضحية: ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى عليه وسلم: "من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح " رواه البخاري ومسلم،. ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل أيام التشريق ذبح ". انظر: السلسلة الصحيحة برقم 2476. الاغتسال والتطيب للرجال. ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/461)
فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال. الأكل من الأضحية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته. زاد المعاد 1/ 441. الذهاب إلى مصلى العيد ما شيا أن تيسر والسنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلا فيصلى في المسجد لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم. الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة: والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة؟ لقوله تعالى: ((فصل لربك وانحر)) ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيض والعواتق، ويعتزل الحيض المصلى. مخالفة الطريق: يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. التهنئة بالعيد: لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها: التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص يقول التكبير. اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات. أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يضحي من أراد الأضحية لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله تعالى: ((ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)) الأنعام: 141. وختاما: لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم. نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام- أيام عشر ذي الحجة- عملا صالحا خالصا لوجهه الكريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. .
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=47
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 09:59 م]ـ
الأضحية وأحكامها عبدالإله بن سليمان الطيار دار اب
الحمدلله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين ... وبعد:
فإن الله عز وجل شرع الأضحية توسعة على الناس يوم العيد وقد أمر الله أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه إسماعيل فاستجاب لأمر الله ولم يتردد فأنزل الله فداء له من السماء وفديناه بذبح عظيم [الصافات:107] ومنذ ذلك الوقت والناس ينحرون بهيمة الأنعام امتثالاً لأمر الله بإراقة الدماء لأنها من أفضل الطاعات والأضحية سنة مؤكدة، ويُكره تركها مع القدرة عليها وفضلها عظيم.
تعريفها ومعناها في اللغة والشرع
قال الجوهري: (قال الأصمعي فيها أربع لغات: أُضحيّة وإِضحيّة بضم الهمز وكسرها والجمع أضاحي، والثالثة ضحيّة والجمع ضحايا، والرابعة: أضحاه، والجمع أضحى كأرطأة وأرطى وبها سمي يوم الضحى). أهـ.
ذكره النووي في تحرير التنبيه، وقال القاضي، سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار.
والأضحية شرعاً: اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى.
الحكمة من تشريعها
1 - التقرب إلى الله تعالى بها، إذ قال سبحانه فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، وقال عز وجل: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين [الأنعام:162] والنسك هنا هو الذبح تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى.
2 - إحياء سنة إمام الموحدين إبراهيم الخليل عليه السلام إذ أوحى الله إليه أن يذبح ولده إسماعيل ثم فداه بكبش فذبحه بدلاً عنه، قال تعالى: وفديناه بذبح عظيم [الصافات:107].
3 - التوسعة على العيال يوم العيد.
4 - إشاعة الفرحة بين الفقراء والمساكين لما يتصدق عليهم منهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/462)
5 - شكر الله تعالى على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:37،36].
حكمها: جمهور أهل العلم على أن الأضحية سنة مؤكدة، ويكره تركها مع القدرة عليها، والبعض قال: سنة واجبة على أهل كل بيت مسلم قدر أهله عليها، وذلك لقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: {من كان ذبح قبل الصلاة فليعد} [متفق عليه].
فضلها: لم يرد حديث صحيح في فضل الأضحية سوى حرص النبي على فعلها وإنما وردت أحاديث لا تخلو من مقال ولكن بعضها يعضد بعضاً ومنها قول الرسول: {ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله عز وجل من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها. وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً} [رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه].
وقوله وقد قالوا له: ما هذه الأضاحي؟ قال: {سنة أبيكم إبراهيم}، قالوا: ما لنا منها؟ قال: {بكل شعرة حسنة}، قالوا: فالصوف؟ قال: {بكل شعرة من الصوف حسنة} [رواه ابن ماجه والترمذي، وحسنه].
الأحكام التي تتعلق بالأضحية
1 - ما يتجنبه من عزم على الأضحية: من دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية وذلك لما روى عن مسلم في صحيحه عن أم سلمة أن النبي قال: {إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره} [رواه مسلم] وفي رواية: {فلا يأخذن شعراً ولا يقلمن ظفراً} [مسلم] والحكمة في النهي: أن يبقي كامل الأجزاء ليعتق من النار، وقيل: التشبه بالمحرم. ذكره النووي. [مسلم: شرح النووي:13120].
مسألة: ما على من قطع الشعر وقلم الظفر؟
قال ابن قدامة رحمه الله: (فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظافر فإن فعل استغفر الله تعالى ولا فدية فيه إجماعاً سواء فعله عمداً أو نسياناً) [المغني:13363].
2 - سِنُّها: أخرج مسلم في صحيحه: أن النبي قال: {لا تذبحوا إلا مُسنّة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن} [مسلم:1963] والمسنة من الأنعام هي الثنية.
وقال الإمام ابن القيّم في كتابه زاد المعاد 2/ 317: (وأمرهم أن يذبحوا الجَذَعَ من الضأن والثني مما سواه وهي المُسنة). أخرج البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر قال: قسم النبي بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة، فقال: (ضح بها أنت) والجذع عند الحنفية والحنابلة: هو ما أتم ستة أشهر ونقل الترمذي عن وكيع أنه ابن ستة أشهر أو سبعة أشهر، وقال صاحب الهداية: والثني من الإبل: ما استكمل خمس سنين، ومن البقر والمعز: ما استكمل سنتين وطعن في الثالثة.
3 - سلامتها: لا يجزئ في الأضحية سوى السليمة من كل نقص في خلقتها، فلا يجزئ العوراء ولا العرجاء ولا العضباء (وهي مكسورة القرن من أصلها، أو مقطوعة الأذن من أصلها) ولا المريضة ولا العجفاء (وهي الهزيلة التي لا مخ فيها) وذلك لقوله: {أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والكسيرة التي لا تُنقي ـ يعني لا نَقي فيها ـ أي لا مخ في عظامها وهي الهزيلة العجفاء} [أحمد:4/ 284، 281، وأبو داود:2802].
4 - أفضلها: أفضل الأضحية ما كانت كبشاً أملح أقرن، إذ هذا هو الوصف الذي استحبه الرسول وضحى به كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس أن النبي: {ضحى بكبشين أملحين أقرنين .. } الحديث [البخاري:5558 ومسلم:1966] وفُسّر الأملح بأنه الأبيض الذي يخالطه سواد كما جاء عند مسلم 1967 أن رسول الله {أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد .. } الحديث [مسلم: شرح النووي 13105] قال النووي: (معناه أن قوائمه وبطنه وما حول عينيه أسود والله أعلم) أهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/463)
ويسن استسمان الأضحية واستحسانها لقول الله تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]. قال ابن عباس: (تعظيمها استسمانها واستعظامها واستحسانها) [الطبري، جامع البيان:17156].
بل إنه كلما زاد الثمن وغلا صار أفضل إذا كان يريد بذلك قربه سواء من الرقاب أو الأضاحي كما جاء في صحيح البخاري أن رسول الله سُئل أي الرقاب أفضل؟ فقال: {أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها} [البخاري:2518].
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: (كل ما عظمت رؤيته عند المرء كان أعظم لثواب الله إذا أخرجه لله) [صحيح ابن خزيمة:14291].
5 - وقت ذبحها: المتفق عليه أنه صباح العيد بعد الصلاة، فلا تجزئ قبله أبداً، فيذبحها بعد صلاته مع الإمام، وحينئذ تجزية بالإجماع كما ذكر ذلك الإمام النووي. وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي قال: {من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نسكه وأصاب سنة المسلمين} [مسلم:5/ 1961] بل جاء التأكيد منه كما في مسلم من حديث البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله يوم النحر، فقال: {ولا يذبحن أحد حتى يصلي} [مسلم:5/ 1961] وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في الزاد: (فإنه لم يكن يدع الأضحية وكان يضحي بكبشين وكان ينحرهما بعد صلاة العيد وأخبر أن من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء، وإنما هو لحم قدّمه لأهله، هذا هو الذي دلت عليه سنته وهديه) أهـ. [زاد المعاد:2317].
6 - ما يستحب عند ذبحها: يستحب أن يوجهها إلى القبلة ويقول: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين). ثم إذا باشر الذبح أن يقول: (باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك). والتسمية واجبة بالكتاب الكريم قال تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [الأنعام:121].
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: (وكان من هديه أن يضحي بالمصلى، ذكره أبو داود عن جابر أنه شهد معه الأضحى بالمصلى فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتى بكبش فذبحه بيده وقال: {بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي} وفي الصحيحين أن النبي كان يذبح وينحر بالمصلى) أهـ. [متفق عليه].
قال ابن بطال: الذبح بالمصلى هو سنة للإمام خاصة عند مالك، قا لمالك فيما رواه ابن وهب: إنما يفعل ذلك لئلا يذبح أحد قبله. زاد المهلب: وليذبحوا بعده على يقين، وليتعلموا منه صفة الذبح. وعند مسلم [1967] من حديث عائشة رضي الله عنها وفيه: وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: {باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد} ثم ضحى به، فيه دليل لاستحباب قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير: اللهم تقبل مني واستحب بعضهم أن يقول ذلك بنص الآية: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم [البقرة:127].
7 - الإحسان حتى في الذبح: قال ابن القيّم: (وأمر الناس إذا ذبحوا أن يحسنوا الذبح وإذا قتلوا أن يحسنوا القتلة، كما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله قال: {إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحكم شفرته وليرح ذبيحته} [مسلم].
وكان يضع قدمه على صفاحهما يعني صفحة عنق الذبيحة عند ذبحها لئلا تضطرب وهذه رحمة منه كما ذكر أنس وهو يشاهد الرسول وهو يذبح، قال الإمام ابن حجر في الفتح: (واتفقوا على أن إضطجاعها يكون على الجانب الأيسر فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار) أهـ.
8 - صحة الوكالة فيها: يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه كما فعل، وإن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج ولا خلاف بين أهل العلم في هذا.
9 - قسمتها المستحبة: يستحب أن تقسم الأضحية ثلاثاً: يأكل أهل البيت ثلثاً، ويتصدقون بالثلث، ويهدون لأصدقائهم ثلثاً، لقوله: {كلوا وادخروا وتصدقوا} [مسلم:6/ 80] وإن لم يقسمها هذه القسمة جاز كأن يتصدق بها كلها أو يأكلها كلها أو يهديها كلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/464)
10 - أجرة جازرها من غيرها: لا يعطى الجازر أجرة عمله من الأضحية لقول علي رضي الله عنه: أمرني رسول الله أن أقوم على بدنة وأن أتصدق بلحومها وجلودها وجلالها، وأن لا أعطي الجازر منها شيئاً، وقال: {نحن نعطيه من عندنا} [متفق عليه].
مسائل مهمة وفوائد من كلام الأئمة
1 - مشروعية التضحية: وقد أجمع عليها المسلمون، قال شيخ الإسلام: (والأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، فإذا كان له مال يريد التقرب به إلى الله كان له أن يضحي) أهـ.
وقال الشيخ البسام: (وقد قرنها الله تعالى مع الصلاة في آيات القرآن الكريم منها قوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي .. الآية [الأنعام:162] وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] والأضحية التي تقع في ذلك اليوم العظيم، يوم النحر الأكبر فيها الصدقة على الفقراء والتوسعة عليهم) أهـ.
2 - قال الشيخ البسام: (الأصل في الأضحية أنها للأحياء، ويجوز أن تجعل صدقة عن الموتى، وفيها ثواب وأجر لهم، لكن يوجد خطأ في بعض البلاد أنهم لا يكادون يجعلونها إلا للموتى فقط، فكأنهم يظنون أن الأضحية خاصة للموتى، ولذا فإن الحي منهم يندر أن يضحي عن نفسه، فإذا كتب وصية أول ما يجعل فيها أضحية أو ضحايا، على حسب يُسره وعسره، ويندر أن يوصي الموصي بغير الأضحية وتقسيم الطعام في ليالي رمضان، وهذا راجع إلى تقصير أهل العلم الذين يكتبون وصاياهم، لا يذكرونهم ولا يعلمونهم أن الوصية ينبغي أن تكون في الأنفع من البر والإحسان والأضحية وإن كانت فضيلة وبراً وإحساناً إلا أنه يوجد بعض جهات من البر ربما تكون أحسن منها) أهـ.
3 - قال شيخ الإسلام: (تجوز الأضحية عن الميت كما يجوز الحج عنه والصدقة عنه، وإن ضحى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد فإن الصحابة كانوا يفعلون ذلك) أهـ.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم ومن المسلمين في كل مكان وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
راجعها فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - عضو الإفتاء - وقال: (قرأت هذه الصفحات المتعلقة بشرعية الأضحية وأحكامها فوجدتها صالحة موافقة حسب رأيي ونظرتي، والله الموفق).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اخوكم ابو يحيي المصري
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=51
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:02 م]ـ
نداء إلى حجاج بيت الله الحرام للعلامه عبد العزيز
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يطلع عليه من حجاج بيت الله الحرام، وفقني الله وإياهم لصالح الأقوال والأعمال، وأعاذنا جميعاًً من مضلات الفتن ونزغات الشيطان آمين .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الله سبحانه وتعالى أوجب على عباده المؤمنين التعاون على البر والتقوى، وحرم عليهم التعاون على الإثم والعدوان، فقال عز وجل في كتابه الكريم: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]. ومن التعاون على البر والتقوى: التناصح والتواصي بالحق والصبر عليه، كما قال عز وجل: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر]. أوضح - سبحانه - في هذه السورة العظيمة أن جنس الإنسان في خسران، وأقسم على ذلك وهو الحق - سبحانه - وإن لم يقسم، تأكيداً للمقام وتحريضاً على التخلق بهذه الصفات الأربعة التي هي أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: {الدين النصيحة، الدين النصيحة} قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: {لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم}. وفي الصحيحين عن جرير بن عبدالله البجلي قال: بايعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/465)
وفي الصحيحين أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه}، ففي هذه الآيات الكريمات والآحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الدلالة على أن الواجب على جميع المسلمين من الحجاج وغيرهم أن يتقوا الله وأن يتناصحوا بينهم، وأن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، وأن يحب كل واحد لأخيه الخير، ويكره له الشر، وأن يأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، بالحكمه والموعظه الحسنه، والجدال بالتي هي أحسن عند الحاجه إليه، ولاشك أن هذا من أعظم مقاصد الحج ومنافعه التي أشار إليها المولي سبحانه بقوله: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28] وقال سبحانه: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل:125].
وأنتم معاشر حجاج بيت الله الحرام قدمتم إلى هذا البلد الأمين لغرض نبيل، وعمل صالح، وهو أداء مناسك الحج والعمرة، فالواجب عليكم أن تتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن تتخلقوا بالآخلاق التي يرتضيها الله لكم، وأوصاكم بها في الآيات السابقات وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الآحاديث المذكورة وفي قوله عزوجل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197]. وقال النبي: {العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة} [متفق على صحته].
والحج المبرور هو الذي لارفث فيه ولافسوق كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه}. والرفث هو الجماع قبل التحلل من الإحرام، ويلحق بذلك كل كلام مستفحش مما يتعلق بالنساء، أماالفسوق فهو العصيان، ويدخل في ذلك جميع المعاصي من الظلم، والسب، وإيذاء المسلمين بغير حق، والسخريه، والكذب، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، والظلم للناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وسائر ما نهى الله عنه ورسوله، ويدخل في الفسوق أيضاً: إيذاء المسلمين بالقول أو بالعمل في المشاعر والطرقات، وفي الطواف والسعي وحين رمي الجمار، وفي غيرذلك من الأماكن. كما يدخل في ذلك أيضاً التظاهرات، والهتافات بالدعاء لقوم، والدعاء على آخرين، فيصبح موسم الحج موضع فوضى وإختلافات وتظاهرات، ويخرج بذلك عما شرع الله فيه من إقامة ذكره والدعوة إلى سبيله والتناصح بين المسلمين وتعاونهم على البر والتقوى، وأداء المناسك في غاية الإخلاص والهدوء والطمأنينة، والرغبة فيما عندالله، والحذرمن عقابه، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11].
نهى سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات في هذه الآية الكريمة عن أمور ثلاثة، السخرية: وهي الإستهزاء، واللمز: وهوعيب بعضهم بعض، والتنابز بالألقاب: يعني الألقاب التي يكرهونها ولايرضون أن يدعوا بها، مثل: يا فاجر، يا خبيث، يا عدوالله، وما ذاك إلا لأن إستعمال هذه الأمور فيما بين المسلمين مما يسبب الشحناء والعداوة وإثارة الفتن بينهم، وذلك مالا تحمد عقباه. ثم ختم الآية سبحانه بالحكم على وجوب التوبة من سائرالمعاصي، وأن الإصرار عليها ظلم لاتحمد عاقبته وقال عزوجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [الأحزاب:58]. وقال النبي: {المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولايكذبه، ولايحقره، ولايخذله، التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات، بحسب إمرىء من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/466)
الشرأن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه}، وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أنه خطب الناس يوم عرفة فقال في خطبته يوم النحر في حجة الوداع: {إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت}، وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: {من ضار مسلماً ضاره الله، ومن شقَّ على مسلم شقَّ الله عليه}.
والآيات والأحاديث في حث الحجاج وغيرهم على التمسك بدينهم والإستقامة عليه والإعتصام بالقرآن الكريم وتحكيمه والتحاكم إليه مع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتراحم والتعاطف بينهم، والإحسان من بعضهم إلى بعض كثيرة جداً.
فيا معشر حجاج بيت الله الحرام، إتقوا الله وأطيعوه وعظموا أمره ولا تعصوه، وإعتصوا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واجتهدوا في أداء المناسك كما شرعها الله، وسابقوا إلى الطاعات والأعمال الصالحات، وأكثروا من الصلوات في المسجد الحرام، ومن الطواف حيث تيسر ذلك، ومن قراءة القرآن، ومن التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، ومن الدعاء والإستغفار، ومن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتفقهوا في دينكم، وإستفيدوا من الحلقات العلمية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، واسألوا أهل العلم عما أشكل عليكم، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قا ل: {من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين}. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: {من سلك طريقاُ يلتمس فيه علماُ سلك الله به طريقاُ إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده}. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: {إقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة}. يعني بذلك الذين عملوا به واستقاموا على تعاليمه.
وعلى كل واحد منكم أن يُرشد أخاه بما لديه من العلم، ويوجهه إلى الخير، ويعينه عليه عملاً بالآيات والأحاديث السابقات، وأبشروا بالأجر الجزيل، والثواب العظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {من دل على خير فله مثل أجرفاعله}. وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأمير المؤمنين علي لما بعثه إلى اليهود في خيبر: {ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من الحق فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النَّعَم}. وقال عليه الصلاة والسلام: {والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه}.
والله المسؤول أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يسلك بنا وبكم صراطه المستقيم، وأن يعينكم على أداء المناسك على الوجه الذي يرضيه، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً، وأن يردّكم إلى بلادكم سالمين غانمين إنه سبحانه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم ابو يحيي المصري.
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=53
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:03 م]ـ
وماذا بعد الحج .. ؟
الحمد لله جعل لكل شيءٍ قدرًا، وأحاط بكل شيء خُبرًا، وأسبل على الخلائق رعايتَه سِترًا، أحمده تعالى على نعمائه شكرا، وأُسلِّمُ لقضائه وقدَره صبْرًا، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له خلَق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصِهرًا وأشهد أن نبينا محمدا عبدُه ورسولُه، أرسله إلى البشرية عُذْرًا ونُذْرًا، فدعى إلى الله سرًا وجهرًا، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأكرم بهم في نصرةِ الدينِ نصرًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وأَدِم لهم أجرًا، أما بعد أحبتي الكرام، اتقوا الله فإن تقواه أفضلُ زاد، وأحسنُ عاقبةٍ في معاد، واعلموا أن الدنيا مِضْمَارُ سِباق، سبق قومٌ ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فرحم الله عبدًا نظر فتفكر، وتفكر فاعتبر، وأبصر فصبر، ولا يصبر على الحق إلا من عرف فضله، ورجا عاقبته {إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/467)
أحبتي الكرام في الأيامِ القليلةِ الخاليةِ قضى الحجاجُ عبادةً من أعظم العبادات، وقربةً من أعظم القربات، تجردوا لله من المخيطِ عند الميقات، وهلتْ دموع التوبةِ في صعيد عرفاتٍ على الوجنات، خجلاً من الهفوات والعثرات، وضجتْ بالافتقار إلى الله كلُ الأصواتِ بجميع اللغات، وازدلفتِ الأرواحُ إلى مزدلفةَ للبَيَات، وزحفتِ الجموع بعد ذلك إلى رمي الجمرات، والطوافِ بالكعبة المشرفة، والسعيِ بين الصفا والمروة في رحلةٍ من أروع الرَحلات، وسياحةٍ من أجمل السياحات، عادَ الحجاج بعد ذلك فرحين بما آتاهم الله من فضله {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} فإلي كل من حج البيت العتيق، إليك هذه الوقفات من قلب محب لك شفيق، فأنت والله أعز علي من أخي الشقيق، فتقبلها مني واقبلها من فؤاد تقطع قلبه وسالت بالعبرة عينه، وإلى أولى هذه الوقفات ...
الوقفة الأولى: يا من حج البيت العتيق، وجئت من كلِ فج عميق، ولبيت من كل طرفٍ سحيق، ها أنت وقد كَمُلَ حجك وتمَّ تفثُك بعد أن وقفت على هاتيك المشاعر، وأديت تلك الشعائر، ها أنت تتهيأ للرجوع إلى ديارك احذر كل الحذر من العودة إلى التلوثِ بالمحرمات، والتلفُّع بالمَعَرَّات، والْتِحَافِ المسبَّات {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} فإياك إياك أن تهدم ما بنيت، وتُبدد ما جمعت، وتنقض ما أحكمتم.
الوقفة الثانية: يا من حج بيت الله الحرام، اشكر الله على ما أولاك، واحمده على ما حباك وأعطاك، تتابع عليك بِرُّه، واتصل خيرُه، وعمَّ عطاؤه، وكمُلت فواضله، وتمت نوافله {وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} فظُن بربك كلَ جميل، وأمِّل كلَ خيرٍ جزيل، وقوّي رجاءك بالله في قبولِ حجِك، ومحْوِ ما سلف من ذنوبك، فقد جاء في الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " قال الله تعالى: أنا عند ظنِ عبدي بي " [أخرجه الشيخان] فهنيئًا لك حجُك وعبادتُك واجتهادُك.
الوقفة الثالثة: يا من حج البيت الكريم: لقد فتحت في حياتك صفحةً بيضاء نقية، ولبست بعد حجك ثيابًا طاهرة نقية، فحذار حذار من العودةِ إلى الأفعال المخزية، والمسالكِ المردية، والأعمال الشائنة، فما أحسن الحسنةِ تتبعها الحسنة، وما أقبح السيئةِ بعد الحسنة، وإن من قبول العمل الصالح إتباعه بعمل صالح.
الوقفة الرابعة: إن للحج المبرور أمارة، ولقبوله منارة، سُئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحجُ المبرور؟ قال: أن تعودَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، فليكن حجُك حاجزًا لك عن مواقعِ الهلكة، ومانعًا لك من المزالقِ المُتلفة، وباعثًا لك إلى المزيد من الخيرات وفعلِ الصالحات، واعلم أن المؤمن ليس له منتهى من صالحِ العمل إلا حلولُ الأجل، فما أجملَ أن تعود بعد الحج إلى أهلك ووطنك بالخُلُقِ الأكمل، والعقلِ الأرزن، والوقارِ الأرْصَن، والعِرض الأصون، والشِيَمِ المرْضية، والسجايا الكريمة، ما أجملَ أن تعود حَسَنَ المعاملة لقِعادك، كريمَ المعاشرةِ لأولادك، طاهرَ الفؤاد، ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد، المُضْمَرُ منه خيرٌ من المظهر، والخافي أجملُ من البادي، فإن من يعودُ بعد الحج بهذه الصفات الجميلة والسمات الجليلة فهو حقًا من استفاد من الحجِ وأسراره ودروسه وآثاره.
الوقفة الخامسة: الحج بكل مناسكِه وأنساكه يعرفك بالله، يذكرك بحقوقه وخصائصِ ألوهيته جل في علاه، وأنه لا يستحقُ العبادةَ سواه، يعرفك ويذكرك بأن الله هو الأحدُ الذي تُسلَم النفس إليه، ويوجَّه الوجه إليه، وأنه الصمدُ الذي له وحده تَصْمُد الخلائق في طلب الحاجات، فكيف يهون عليك بعد ذلك أن تصرف حقًا من حقوق الله من الدعاء والاستعانةِ والذبح والنذر إلى غيره؟ فأي حجٍّ لمن عاد بعد حجه يفعل شيئًا من ذلك الشركِ الصريح والعمل القبيح، أي حج لم حج من يأتي المشعوذين والسحرة، ويُصَدِّقُ أصحابَ الأبراج والتنجيمِ وأهلَ الطِيرة ويتبرك بالأشجار، ويتمسح بالأحجار، ويعلق التمائمَ والحروز؟ أين أثرُ الحج فيمن عاد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/468)
بعد حجه مضيعًا للصلاة، مانعًا للزكاة، آكلاً للربا والرُشا، متعاطيًا للمخدرات والمسكرات، قاطعًا للأرحام، والغًا في الموبقات والآثام؟ فيا من امتنعتَ عن محظورات الإحرامِ أثناء حج بيت الله الحرام، إن هناكَ محظوراتٌ على الدوام، وطولَ الدهر والأعوام، فاحذر إتيانها وقربانها {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
الوقفة السادسة: من لبى لله في الحج مستجيبًا لندائه كيف يلّبي بعد ذلك لدعوةٍ أو مبدأ أو مذهب أو نداء يُنَاهِض دين الله الذي لا يُقبل من أحدٍ دين سواه؟ من لبّى لله في الحج كيف يَتحاكم بعد ذلك إلى غير شريعته، أو ينقادَ لغير حكمه، أو يرضى بغير رسالته؟ من لبى لله في الحج فليلبِّ له في كل مكان وزمان بالاستجابةِ لأمره أنى توجهت رِكائبُه، وحيثُ استقلَّت مضاربه، لا يتردد في ذلك ولا يتخير، ولا يتمَنَّعُ ولا يضجر، وإنما يَذِّلُ ويخضع، ويطيع ويسمع.
الوقفة السابعة: يا من غابت عنه شمسُ هذه الأيامِ ولم يَقْضِها إلا في المعاصي والآثام، يا من ذهبتْ عليه مواسمُ الخيرات والرحمات وهو منشغل بالملاهي والمنكرات، أما رأيت قوافلَ الحجاج والمعتمرين والعابدين؟ أما رأيت تجرُد المحرمين وأكفَّ الراغبين ودموعَ التائبين؟ أما سمعتَ صوت الملبين المكبرين المهللين؟ فما لك قد مرّت عليك خيرُ أيام الدنيا على الإطلاق وأنت في الهوى قد شُدَّ عليك الوَثاق؟ يا من راح في المعاصي وغدا، يقول: سأتوب اليوم أو غدًا، يا من أصبح قلبه في الهوى مُبددًا، وأمسى بالجهل مُجنَّدًا، وبالشهواتِ محبوسًا مقيدًا، تذكر ليلةً تبيتُ في القبر منفردًا، وبادرِ بالمتاب ما دمت في زمن الإنظار، واستدرك فائتًا قبل أن لا تُقال العِثار وأقلع عن الذنوب والأوزار، واعلم أن الله يبسط يده بالنهار ليتوبَ مُسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار.
الوقفة الثامنة: وأنت أنت يا من تقلبتَ في أنواع العبادة، الزم طريقَ الاستقامة، وداوم العمل فلستَ بدار إقامة، واحذر الإِدْلاَءَ والرياء فربّ عملٍ صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية، يقول بعض السلف: من سره أن يَكْمُلَ له عمله فليُحسن نيته، وكن على خوف ووجل من عدمِ قبول العمل، فعن عائشة رضي الله عنها زوجُ النبي قالت: سألت رسول الله عن هذه الآية {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال " لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا تُقبل منهم {أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْراتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} " [أخرجه الترمذي].
الوقفة التاسعة: يا من قصد البيت الحرام، ليكن حجك أول فتوحك، وتباشيرَ فجرك، وإشراقَ صبحك، وبدايةَ مولدك، وعنوانَ صدق إرادتك، تقبل الله حجك وسعيك، وأعاد الله علينا وعليك هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، والأمة الإسلامية في عزة وكرامة، ونصر وتمكين، ورفعة وسؤدد، اللهم تقبل من الحجاج حجهم، اللهم تقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، اللهم اجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، اللهم تقبل مساعيهم وزكها، وارفع درجاتهم وأعلها، وبلّغهم من الآمال منتهاها، ومن الخيرات أقصاها، اللهم اجعل سفرهم سعيدًا، وعودهم إلى بلادهم حميدًا، اللهم هون عليهم الأسفار، وأمنهم من جميع الأخطار، اللهم احفظهم من كل ما يؤذيهم، وأبعد عنهم كل ما يضنيهم، اللهم واجعل دربهم درب السلامة والأمان، والراحة والاطمئنان، اللهم وأعدهم إلى أوطانهم وأهليهم وذويهم ومحبيهم سالمين غانمين برحتمك يا أرحم الراحمين ...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=64
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:09 م]ـ
التمسح بالأبواب والجدران والشبابيك في المسجد الحرا
التمسح بالأبواب والجدران والشبابيك في المسجد الحرام والمسجد النبوي بدعة
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/469)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم الشيخ محمد واعظ زادة الخراساني، منحني الله وإياه الفقه في الدين، وأعاذنا جميعاً من طريق المغضوب عليهم والضالين آمين.
سلامٌ عليكم ورحمة الله، وبركاته، أما بعد:
فقد وصلني كتابكم، وصلكم الله بحبل الهدى والتوفيق وجميع ما شرحتم كان معلوماً.
وقد وقع في كتابكم أمور تحتاج إلى كشف وإيضاح، وإزالة ما قد وقع لكم من الشبهة، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» [رواه مسلم].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم] وغيرهما من الأحاديث الكثيرة في هذا الباب.
وقد أرشد إلى ذلك مولانا سبحانه في قوله عزّ وجلّ: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2]، وقوله سبحانه وتعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125].
فأقول: ذكرتم في كتابكم ما نصه: ((ومع احترامي وتقديري لجهودكم في هذا السبيل خطر ببالي بعض الملاحظات، أحببت أن أبديها لكم راجياً أن يكون فيها خير الإسلام والمسلمين، والاعتصام بحبل الله المتين في سبيل تقارب المسلمين، ووحدة صفوفهم في مجال العقيدة والشريعة.
أولاً: لاحظتكم تعبرون دائماً عن بعض ما شاع بين المسلمين من التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الأولياء كمسح الجدران، والأبواب في الحرم النبوي الشريف وغيره شركاً وعبادة لغير الله. وكذلك طلب الحاجات منه ومنهم، ودعاؤهم وما إلى ذلك. إني أقول: هناك فرق بين ذلك، فطلب الحاجات من النبي ومن الأولياء باعتبارهم يقضون الحاجات من دون الله أو مع الله، فهذا شرك جلي لا شك فيه، لكن الأعمال الشائعة بين المسلمين، والتي لا ينهاهم عنها العلماء في شتى أنحاء العالم الإسلامي. من غير فرق بين مذهب وآخر، ليست هي في جوهرها طلباً للحاجات من النبي والأولياء، ولا اتخاذهم أرباباً من دون الله، بل مرد ذلك كله- لو استثنينا عمل بعض الجهال من العوام- إلى أحد أمرين: التبرك والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وآثاره، أو بغيره من المقربين إلى الله عزّ وجلّ.
أما التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم من غير طلب الحاجة منه، ولا دعائه، فمنشأه الحب والشوق الأكيد، رجاء أن يعطيهم الله الخير، بالتقرب إلى نبيه، وإظهار المحبة له، وكذلك بآثار غيره من المقربين عند الله.
وإني لا أجد مسلماً يعتقد أن الباب والجدران يقضيان الحاجات، ولا أن النبي أو الولي يقضيها، بل لا يرجو بذلك إلا الله، إكراماً لنبيه، أو لأحد من أوليائه، أن يفيض الله عليه من بركاته. والتبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، كما تعلمون ويعلمه كل من اطلع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، كان معمولاً به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتبركون بماء وضوئه، وثوبه وطعامه وشرابه وشعره، وكل شيء منه، ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولعلكم تقولون: أجل كان هذا وهو معمول به الآن بالنسبة إلى الأحياء من الأولياء والأتقياء لكنه خاص بالأحياء دون الأموات لعدم وجود دليل على جوازه إلا في حال الحياة بالذات، فأقول: هناك بعض الآثار تدل على أن الصحابة قد تبركوا بآثار النبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّه كان يمسح منبر النبي صلى الله عليه وسلم تبركاً به.
وهناك شواهد على أنهم كانوا يحتفظون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم، كما كان الخلفاء العباسيون ومن بعدهم العثمانيون، يحتفظون بثوب النبي صلى الله عليه وسلم تبركاُ به، لا سيما في الحروب، ولم يمنعهم أحد من العلماء الكبار والفقهاء المعترف بفقههم ودينهم)) انتهى المقصود من كلامكم.
والجواب أن يقال: ما ذكرتم فيه تفصيل:
فأمّا التبرك بما مسّ جسده صلى الله عليه وسلم من وضوء أو عرق أو شعر ونحو ذلك فهذا أمر معروف وجائز عند الصحابة رضي الله عنهم، وأتباعهم بإحسان. لما في ذلك من الخير والبركة. وهذا أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/470)
فأما التمسح بالأبواب والجدران والشبابيك ونحوها في المسجد الحرام أو المسجد النبوي، فبدعة لا أصل لها، والواجب تركها؛ لأن العبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما أقره الشرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [متفق على صحته]، وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري رحمه الله في صحيحه جازماً بها: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: "أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" والأحاديث في ذلك كثيرة.
فالواجب على المسلمين التقيد في ذلك بما شرعه الله كاستلام الحجر الأسود وتقبيله، واستلام الركن اليماني.
ولهذا صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لما قبَّل الحجر الأسود:
(إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) [رواه البخاري، ومسلم].
وبذلك يعلم أن استلام بقية أركان الكعبة، وبقية الجدران والأعمدة غير مشروع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولم يرشد إليه، ولأن ذلك من وسائل الشرك. وهكذا الجدران والأعمدة والشبابيك وجدران الحجرة النبوية من باب أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع ذلك، ولم يرشد إليه، ولم يفعله أصحابه رضي الله عنهم.
وأما ما نُقِلَ عن ابن عمر رضي الله عنهما، لم يوافقه عليه أبوه ولا غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم منه بهذا الأمر، وعلمهم موافق لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة. وقد قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية لما بلغه أن بعض الناس يذهبون إليها ويصلون عندها، خوفاً من الفتنة بها، وسداً للذريعة.
وأما دعاء الأنبياء والأولياء والاستغاثة بهم والنذر لهم ونحو ذلك فهو الشرك الأكبر، وهو الذي كان يفعله كفار قريش مع أصنامهم وأوثانهم، وهكذا بقية المشركين يقصدون بذلك أنها تشفع لهم عند الله، وتقربهم إليه زلفى، ولم يعتقدوا أنها هي التي تقضي حاجاتهم وتشفي مرضاهم وتنصرهم على عدوهم، كما بيّن الله سبحانه وتعالى ذلك عنهم في قوله سبحانه: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} [يونس: 18]، فردّ عليهم سبحانه وتعالى بقوله: {قل أتُنبّئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يُشركون} [يونس: 18].
وقال عزّ وجلّ في سورة الزمر: {فاعبدِ الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدّين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ الله لا يهدي من هو كاذب كفار} [سورة الزمر: 2 - 3] فأبان سبحانه في هذه الآية الكريمة: أن الكفار لم يقصدوا من آلهتهم أنهم يشفون مرضاهم، أو يقضون حوائجهم، وإنما أرادوا منهم أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، فأكذبهم سبحانه ورد عليهم قولهم بقوله سبحانه: {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} سماهم كذبة وكفاراً بهذا الأمر.
فالواجب على مثلكم تدبر هذا المقام وإعطاؤه ما يستحق من العناية. ويدل على كفرهم- أيضاً- بهذا الاعتقاد قوله سبحانه: {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يُفلح الكافرون} [سورة المؤمنون: 117].
فسماهم في هذه الآية كفاراً وحكم عليهم بذلك لمجرد الدعاء لغير الله من الأنبياء والملائكة والجن وغيرهم.
ويدل على ذلك أيضاً قوله سبحانه في سورة فاطر: {ذلكُمُ الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا يُنبّئك مثل خبير} [فاطر: 13، 14] فحكم سبحانه بهذه الآية على أن دعاء المشركين لغير الله، من الأنبياء والأولياء، أو الملائكة أو الجن، أو الأصنام أو غير ذلك بأنه شرك، والآيات في هذا المعنى لمن تدبر كتاب الله كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/471)
وننقل لك هنا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ص157 ج1) ما نصه: ((والمشركون الذين وصفهم الله ورسوله بالشرك أصلهم صنفان: قوم نوح، وقوم إبراهيم. فقوم نوح كان أصل شركهم العكوف على قبور الصالحين ثم صوروا تماثيلهم، ثم عبدوهم، وقوم إبراهيم كان أصل شركهم عبادة الكواكب والشمس والقمر وكل من هؤلاء يعبدون الجن، فإن الشياطين قد تخاطبهم، وتعينهم على أشياء، وقد يعتقدون أنهم يعبدون الملائكة، وإن كانوا في الحقيقة إنما يعبدون الجن، فإن الجن هم الذين يعينونهم، ويرضون بشركهم، قال الله تعالى: {ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون* قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنَّ أكثرهم بهم مؤمنون} [سبأ: 40، 41].
والملائكة لا تعينهم على الشر، لا في المحيا ولا في الممات، ولا يرضون بذلك، ولكن الشياطين قد تعينهم وتتصور لهم في صور الآدميين، فيرونهم بأعينهم ويقول أحدهم: أنا إبراهيم، أنا المسيح، أنا محمد، أنا الخضر، أنا أبو بكر، أنا عمر، أنا عثمان أنا علي، أنا الشيخ فلان، وقد يقول بعضهم عن بعض هذا هو النبي فلان، أو هذا هو الخضر، ويكون أولئك كلهم جناً، يشهد بعضهم لبعض، والجن كالإنس فمنهم الكافر، ومنهم الفاسق، ومنهم العابد الجاهل، فمنهم من يحب شيخاً فيتزيّ في صورته ويقول: أنا فلان، ويكون ذلك في برية ومكان قفر، فيطعم ذلك الشخص طعاماً ويسقيه شراباً، أو يدله على الطريق أو يخبره ببعض الأمور الواقعة الغائبة، فيظن ذلك الرجل أن نفس الشيخ الميت، أو الحي فعل ذلك، وقد يقول: هذا سر الشيخ وهذه رقيقته، وهذه حقيقته، أو هذا ملك جاء على صورته، وإنما يكون ذلك جنياً، فإن الملائكة لا تعين على الشرك والإفك، والإثم والعدوان.
وقد قال الله تعالى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً. أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً} [الإسراء: 56، 57].
قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون الملائكة والأنبياء، كالعزيز والمسيح، فبين الله تعالى أن الملائكة والأنبياء عباد الله. كما أن الذين يعبدونهم عباد الله، وبين أنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه، ويتقربون إليه كما يفعل سائر عباده الصالحين.
والمشركون من هؤلاء قد يقولون: إنا نستشفع بهم، أي نطلب من الملائكة والأنبياء أن يشفعوا، فإذا أتينا قبر أحدهم طلبنا منه أن يشفع لنا فإذا صورنا تمثاله – والتماثيل: إما مجسدة، وإما تماثيل مصورة كما يصورها النصارى في كنائسهم- قالوا: فمقصودنا بهذه التماثيل تذكر أصحابها، وسيرهم ونحن نخاطب هذه التماثيل ومقصودنا خطاب أصحابها ليشفعوا لنا إلى الله، فيقول أحدهم: يا ستي الحنونة مريم، أو يا سيدي الخليل، أو موسى بن عمران، أو غير ذلك: اشفع لي إلى ربك.
وقد يخاطبون الميت عند قبره: سل لي ربك، أو يخاطبون الحي وهو غائب كما يخاطبونه لو كان حاضراً حياً وينشدون قصائد بقول أحدهم فيها: يا سيدي فلان أنا في حبك، أنا في جوارك اشفع لي إلى الله، سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا، سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة، أشكو إليك كذا وكذا فسل الله أن يكشف هذه الكربة، أو يقول أحدهم: سل الله أن يغفر لي.
ومنهم من يتأول قوله تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} [النساء: 64].
ويقولون: إذا طلبنا منه الاستغفار بعد موته كنا بمنزلة الذين طلبوا الاستغفار من الصحابة. ويخالفون بذلك الإجماع من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر المسلمين، فإن أحداً منهم لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يشفع له، ولا سأله شيئاً، ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم، وإنما ذكر ذلك من ذكره من متأخري الفقهاء، وحكموا حكاية مكذوبة على مالك رضي الله عنه، سيأتي ذكرها وبسط الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/472)
فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم، هو من أعظم أنواع الشرك الموجود في المشركين، من غير أهل الكتاب، وفي مبتدعة أهل الكتاب والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات ما لم يأذن به الله تعالى، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله} [الشورى: 21]. إلى آخر ما ذكره رحمه الله في رسالته الجليلة المسماة: "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة" قد أوضح فيها أنواع الشرك فراجعها إن شئت.
وقال أيضاً- رحمه الله- في رسالته إلى أتباع الشيخ عدي بن مسافر ص 31 ما نصه: ((فصل: وكذلك الغلو في بعض المشايخ إما في الشيخ عدي، ويونس القني، أو الحلاج وغيرهم، بل الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحوه، بل الغلو في المسيح عليه السلام ونحوه، فكل من غلا في حيّ، أو في رجل صالح، كمثل عليِّ رضي الله عنه أو عدي أونحوهما، أو في من يُعتقد فيه الصلاح كالحلاج أو الحاكم الذي كان بمصر أو يونس القني ونحوهم. وجعل فيه نوعاً من الألوهية مثل أن يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، أو يقول: إذا ذبح شاة باسم سيدي. أو يعبده بالسجود له، أو لغيره، أو يدعوه من دون الله تعالى مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل. فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله تعالى وحده لا شريك له، ولا نجعل مع الله إلهاً آخر.
والذين كانوا يدعون مع الله آلهةً أخرى مثل الشمس والقمر والكواكب والعزير والمسيح والملائكة واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ويغوث ويعوق ونسرا، وغير ذلك لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو أنها تنزل المطر، أو أنها تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدون الأنبياء والملائكة والكواكب والجن والتماثيل المصورة لهؤلاء، أو يعبدون قبورهم، ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.
ويقولون: هم شفعاؤنا عند الله، فأرسل الله تبارك وتعالى رسله تنهى أن يُدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء إستغاثة. قال تعالى: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضُّر عنكم ولا تحويلاً. أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً} [الإسراء: 56، 57].
قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيراً والملائكة فقال الله لهم: هؤلاء الذين تدعونهم يتقربون إليّ، كما تتقربون، ويرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي.
وقال تعالى: {قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير. ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} [سبأ: 22، 23].
فأخبر سبحانه أن ما يُدعى من دون الله ليس له مثقال ذرة في الملك، ولا شريك في الملك، وأنه ليس له في الخلق عون يستعين به وأنه لا تنفع الشفاعة عنده إلا بإذنه).
إلى أن قال رحمه الله: ((وعبادة الله وحده هي أصل الدين، وهو التوحيد الذي بعث الله تعالى به الرسل وأنزل به الكتب، فقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رُّسُلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يُعبدون} [الزخرف: 45]، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36]، وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رَّسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت. فقال: «أجعلتني لله نداً، بل ما شاء الله وحده» [رواه أحمد]
وقال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمّد ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمّد» [رواه الدارمي، وابن ماجه، وأحمد]
ونهى عن الحلف بغير الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» [رواه البخاري]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/473)
وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك» [رواه أبو داود والترمذي] وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، وإنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله» [رواه البخاري].
ولهذا اتفق العلماء على أنه ليس لأحد أن يحلف بمخلوق كالكعبة ونحوها. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود له، ولما سجد بعض أصحابه له نهى عن ذلك وقال: «لا يصلح السجود إلا لله» [رواه احمد] وقال: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» [رواه الترمذي، وابن ماجة وأحمد]
وقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجداً له؟»
قال: لا، قال: «فلا تسجد لي» [رواه أبو داود]
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد وقال في مرض موته:
«لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [رواه البخاري، ومسلم]. .
إلى أن قال رحمه الله: (ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المسجد على القبور ولا تشرع الصلاة عند القبور، بل كثير من العلماء يقول الصلاة عندها باطلة).
إلى أن قال رحمه الله: ((وذلك أن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كانت تعظيم القبور بالعبادة ونحوها، قال الله تعالى في كتابه: {وقالوا لا تذرُنّ آلهتكم ولا تذرُنّ وَدًّا ولا سُواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً} [نوح: 23].
قال طائفة من السلف: كانت هذه الأسماء لقوم صاحين فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم وعبدوها.
ولهذا اتفق العلماء على أن من سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها" انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
وقال العلامة ابن القيم- رحمه الله- في الجواب الكافي ص156 ما نصه: "فصل: ويتبع هذا الشرك الشرك به سبحانه في الأفعال والأقوال والإرادات والنيات، فالشرك في الأفعال كالسجود لغيره، والطواف بغير بيته، وحلق الرأس عبودية وخضوعاً لغيره، وتقبيل الأحجار غير الحجر الأسود الذي هو يمين الله في الأرض، وتقبيل القبور واستلامها والسجود لها، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من اتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يصلى لله فيها، فكيف بمن اتخذ القبور أوثاناً يعبدها من دون الله.
ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد»
وزفي الصحيح أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».
وفي مسند الإمام أحمد رضي الله عنه وصحيح ابن حبان عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله زوّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» [رواه ابن حبان].
وقال صلى الله عليه وسلم: «اشتد غضب الله على قوم إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [رواه مالك].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصورا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» [رواه البخاري].فهذا حال من سجد لله في مسجد على قبر، فكيف حال من سجد للقبر نفسه! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد» [رواه مالك] انتهى كلامه رحمه الله.
وبما ذكرنا في صدر هذا الجواب، وبما نقلناه عن شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وتلميذه العلامة ابن القيم- رحمه الله- يتضح لكم ولغيركم من القراء أن ما يفعله الجهال من الشيعة وغيرهم، عند القبور، من دعاء أهلها، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والسجود لهم، وتقبيل القبور طلباً لشفاعتهم، أو نفعهم لمن قبَّلها. كل ذلك من الشرك الأكبر؛ لكونه عبادة لهم، والعبادة حق لله وحده، كما قال الله سبحانه: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} [النساء: 36]، وقال سبحانه: {وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدّين حُنفاء} [البينة: 5].
وقال عزّ وجلّ: {وما خلقتُ الجنّ والإنس إلا ليعبدونِ} [الذاريات: 56].
إلى غير ذلك من الآيات التي سبق بعضها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/474)
أما تقبيل الجدران أو الشبابيك أو غيرها، واعتقاد أن ذلك عبادة لله، لا من أجل التقرب بذلك إلى المخلوق. فإن ذلك يسمى بدعة لكونه تقرباً لم يشرعه الله، فدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه البخاري، ومسلم].
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» [رواه أبو داود وأحمد].
وأما تقبيل الحجر الأسود، واستلامه واستلام الركن اليماني فكل ذلك عبادة لله وحده واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم لكونه فعل ذلك في حجة الوداع وقال:
«خذوا عني مناسككم» [رواه البيهقي، وابن عبد البر]
وقد قال الله عزّ وجلّ: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21].
وأما التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم وعرقه ووضوئه فلا حرج في ذلك كما تقدم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة عليه لما جعل الله تعالى فيه من البركة، وهي من الله سبحانه، وهكذا ما جعل الله في ماء زمزم من البركة حيث قال صلى الله عليه وسلم عن زمزم: «إنها مباركة، وإنها طعام طعم، وشفاء سقم» [رواه مسلم، وأحمد].
والواجب على المسلمين الاتباع والتقيد بالشرع، والحذر من البدع القولية والعملية. ولهذا لم يتبرك الصحابة رضي الله عنهم بشعر الصديق رضي الله عنه، أو عرقه أو وضوئه، ولا بشعر عمر، أو عثمان، أو علي، أو عرقهم أو وضوئهم، ولا بعرق غيرهم من الصحابة، وشعره ووضوئه، لعلمهم بأن هذا أمر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يقاس عليه غيره في ذلك، وقد قال الله عزّ وجلّ: {والسَّابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار والَّذين اتَّبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنَّاتٍ تجري تحتها الأنهارُ خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم} [التوبة: 100].
وقال كثير من الصحابة رضي الله عنهم: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم.
وأما توسل عمر رضي الله عنه والصحابة بدعاء العباس في الاستسقاء، وهكذا توسل معاوية رضي الله عنه في الاستسقاء بدعاء يزيد بن الأسود، فذلك لا بأس به، لأنه توسل بدعائهما وشفاعتهما ولا حرج في ذلك.
ولهذا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه: ادع الله لي، وذلك دليل من عمل عمر والصحابة رضي الله عنهم ومعاوية رضي الله عنه على أن لا يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ولا غيره بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ولو كان ذلك جائزاً لما عدل عمر الفاروق والصحابة رضي الله عنهم عن التوسل به صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بدعاء العباس، ولما عدل معاوية رضي الله عنه عن التوسل به صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بيزيد بن الأسود، وهذا شيء واضح بحمد الله.
وإنما يكون التوسل بالإيمان به صلى الله عليه وسلم ومحبته والسير على منهاجه وتحكيم شريعته وطاعة أوامره، وترك نواهيه. هذا هو التوسل الشرعي به صلى الله عليه وسلم بإجماع أهل السنة والجماعة وهو المراد بقول الله سبحانه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة} [الأحزاب: 21].
وبما ذكرنا يُعلم أن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم أو بذاته من البدع التي أحدثها الناس، ولو كان ذلك خيراً لسبقنا إليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أعلم الناس بدينه وبحقه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم.
وأما توسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم إلى الله سبحانه في رد بصره إليه فذلك توسل بدعائه وشفاعته حال حياته صلى الله عليه وسلم ولهذا شفع له النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له.
والله المسؤول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنحني وإياكم وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن يوفق جميع حكام المسلمين للفقه في الدين، والحكم بشريعة الله سبحانه، والتحاكم إليها، وإلزام الشعوب بها، والحذر مما يخالفها عملاً بقول الله عزّ وجلّ: {فلا وربّك لا يؤمنونَ حتى يُحكّموك فيما شجرَ بينهم ثُمَّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسلمياً} [النساء: 65]، وبقوله سبحانه: {أفَحُكْمَ الجاهليةِ يبغون ومن أحسن من الله حُكماً لِّقومٍ يُوقنون} [المائدة: 50]، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/475)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=105
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:18 م]ـ
حكم العمرة وفضليها
أجمع أهل العلم على أن العمرة مشروعة بأصل الإسلام، وأن فعلها في العمر مرة، وهل هي واجبة أم لا؟ قولان:
الأول: وجوبها وهو المشهور عن أحمد والشافعي وجماعة من أهل الحديث وغيرهم - رحمهم الله - ومن أدلتهم على ذلك: * ما رواه أهل السنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي - وافد بني المنتفق- أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال: حج عن أبيك واعتمر. صححه الترمذي. وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا، ولا أصح منه.
* وبحديث عمر في رواية الدارقطني، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: وتحج البيت وتعتمر.
* واستأنسوا بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله.
الثاني: أنها سنة وليست بواجبة، وهومذهب مالك وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الشافعي وأحمد، وقول أكثرأهل العلم، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أدلة ذلك: * حديث جابر- رضي الله عنه - مرفوعا: سئل- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- عن العمرة: أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك. صححه الترمذي.
ولأن الأصل عدم وجوبها، والبراءة الأصيلة لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك، مع اعتضاد الأصل بالأحاديث القاضية بعدم الوجوب.
* ويؤيده اقتصار الله تعالى على فرض الحج بقوله: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ولفظ الحج في القرآن لا يتناول العمرة، فإنه سبحانه إذا أراد العمرة ذكرها مع الحج كقوله: وأتموا الحج والعمرة لله.
ففي الآية الأولى آية آل عمران: أوجب سبحانه الحج ولم يذكر العمرة.
وفى الآية الثانية آية البقرة: أوجب تمام الحج العمرة، فإنهما يجبان بالشروع فيهما، وإيجاب الإتمام لا يقتضي إيجاب الابتداء، فإن إيجاب الابتداء يحتاج إلى دليل خاص به - فإنه محل النزاع - ولا دليل يخصه سالم من العلة حتى يصلح للاستدلال به على المراد.
* وأيضا فإن قوله سبحانه: وأتموا الحج والعمرة لله نزلت عام الحديبية سنة ست من الهجرة باتفاق أهل العلم، وليس فيها إلا الأمر بإتمام الحج والعمرة لمن شرع فيهما، وقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا نزلت متأخرة سنة تسع أو عشر، وقد اقتصرت على ذكر فرض الحج دون العمرة، ولهذا كان أصح القولين عند المحققين من أهل العلم أن فرض الحج كان متأخرا.
* ومما يؤيد ذلك اقتصارالنبي صلى الله عليه وسلم على ذكرالحج دون العمرة، كما في حديث ابن عمر- رضي الله عنه - في الصحيحين وغيرهما: بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام
* وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح - للذي قال بعد أن سأله عن الإسلام وبين له النبي صلى الله عليه وسلم أركانه: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص: لئن صدق ليدخلن الجنة.
مع أن العمرة ليس فيها عمل غيرأعمال الحج، والحج إنما فرضه الله مرة واحدة، فبذلك يترجح - والله أعلم - أن الله لم يفرض العمرة وإنما فرض حجا واحدا هو الحج الأكبر، الذي فرضه على عباده وجعل له وقتا معلوم ا لايكون في غيره، فلم يفرض الله الحج إلا مرة واحدة، كما لم يفرض شيئا من فرائضه مرتين، فالأظهر أن العمرة ليست بواجبة - لهذه الأدلة وغيرها - وأن من لم يعتمر فلا شيء عليه، وإنما هي سنة يطلب بها المزيد من فيضل الله وعظيم مثوبته.
وقت العمرة
الأحاديث الدالة على فضل العمرة وعظيم ما رتب الله عليها من الثواب، تدل على فضل الإكثار من الاعتمار، وأنه ليس للعمرة وقت خاص بها لاتصح إلا فيه، بل كل السنة وقت لها سوى أيام الحج. وحديث عائشة - رضي الله عنها - الثابت في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم سوى عمرتها التي كانت أهلت بها معه، أصل في جواز وقوع عمرتين في شهر واحد أو أقل، ويدل على التفريق بين العمرة والحج في التكرار في نفس العام، فمن فضل الله تعالى على عباده أن العمرة لا تختص بوقت- من العام- دون وقت، بل تفعل سائر شهور السنة.
وقد استحب بعض أهل العلم وقوع العمرة في رمضان وأنه أفضل لأدائها من غيره، لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم معقل - لما فاتها الحج- أن تعتمرفي رمضان، وأخبرها أن: عمرة في رمضان تعدل حجة. وفي لفظ: معي. أي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث دال على فضل العمرة في رمضان، لكن قيده بعض أهل العلم فيمن كان قد عزم على الحج فلم يتيسر له، لمرض أو نحوه كما هو ظاهر في سياق الحديث.
قلت: والأولى عدم التقييد فإن فضل الله واسع، لكن من كان قد عزم على الحج ولم يتمكن لمانع منعه ثم اعتمرفي رمضان كان أوفر حظا من هذا الفضل، ومن لم يكن كذلك فيرجى له ذلك فإن للعبد على ربه ما احتسب.
وذهب جماعة من أهل العلم أن العمرة في أشهرالحج أفضل من عمرة في غيرأشهرالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمرعمرة كلها في أشهر الحج.
قلت: وأذن لعائشة رضي الله عنها أن تعتمربعد فراغها من الحج حين راجعته في ذلك. قالوا: لم يكن الله ليختار لنبيه إلا أولى الأوقات وأحقها بها. فكان وقوع العمرة في أشهرالحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله بهذه العبادة، وجعلها وقتا لها، والعمرة حج أصغر فأولى الأزمنة بها أشهر الحج. والله أعلم.
الربط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=363
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/476)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:20 م]ـ
فضل الحج والعمرة والحكمة من تشريعها
قال تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله.
فالمقصود من تشريع الحج والعمرة أن يحضروا منافع لهم أي يحصلوها وإقامة ذكرالله عزوجل في تلك البقاع التي عظمها سبحانه وشرفها وجعل زيارتها على الوجه الذي شرعه من تعظيم حرماته وشعائر دينه، وذلك خير لصاحبه في العاجلة والآجلة، وأمارة على تقوى القلوب، التي - جعل الله لأهلها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وذلك من أعظم المنافع.
روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. متفق عليه.
وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. والمعنى: غفرت ذنوبه فلم يبق عليه منها شيء.
وفيهما عنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثرمن أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء أخرجه مسلم بهذا اللفظ.
وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تعدل حجة
وعند الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرخبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة.
ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي وزياداته للنبهاني، والتي صححها الشيخ العلامة محمد ناصرالدين الألباني - حفظه الله تعالى-:
قوله صلى الله عليه وسلم: من طاف بهذا البيت أسبوعا - يعني سبعا- فأحصاه كان كعتق رقبة، لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة.
قوله صلى الله عليه وسلم: ما أهل يعني لبى مهل ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة. وهذا يدل على فضل السفر إلى الحج والعمرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم. وفي ذلك تنبيه على ما لهم عند الله من الضيافة وإجابة الدعاء.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك.
فكل هذه الفضائل من المنافع العظيمة التي يحصلها الحجاج بحجهم إلى بيت الله الحرام.
ومن المنافع العظيمة: أن الحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطارالأرض، يكون من أسباب جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية أواصرالمودة والإخاء فيما بينهم، مع ما يحصل فيه من التفقه في الدين والتعاون على مصالح الدنيا، وقيام كل شخص وطائفة بما يجب عليه نحوإخوانه مغ الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمغروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر والمرحمة، والتفاهم في القضايا المهمة والحوادث المستجدة وتحصيل مارتب الله على القيام بهذه الطاعات من الأجورالعظيمة.
ومن المنافع الدنيوية: ما يصيبونه من لحوم الهدي من البدن وغيرها- مع عبوديتهم لله فيها بذكراسمه عليها -، فيأكلون ويهدون ويتصدقون، قال تعالى: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى.
ومن المنافع الدنيوية أيضا: ما يحصل لمن اتجر في الحج من الأرباح- غالبا - وزيادة الفضل من الله تعالى، وقد اتفق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم. أنه ليس على الحاج حرج ولا إثم إذا ابتغى فضل الله - خلال موسم الحج- بالتجارة والكرى- أي الإجارة- ما دام ذلك لا يشغله عن شيء من نسكه، ولا يعرضه ذلك إلى الوقوع في شيء مما يخل بالحج، من الرفث والفسوق والجدال ونحو ذلك.
وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=362(85/477)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[21 - 11 - 07, 10:22 م]ـ
فضائل يوم عرفة
فيوم عرفة له فضائل متعددة منها: أنه يوم إكمال الدين و إتمام النعمة و منها: أنه عيد لأهل الإسلام كما قاله عمر بن الخطاب و ابن عباس فإن ابن عباس قال: نزلت في يوم عيدين يوم الجمعة و يوم عرفة.
و منها: أنه روي أنه أفضل الأيام خرجه ابن حبان في صحيحه من [حديث جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: أفضل الأيام يوم عرفة].
و منها: أن صيامه كفارة سنتين و سنذكر الحديث في ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى
و منها: أنه يوم مغفرة الذنوب و التجاوز عنها و العتق من النار و المباهاة بأهل الموقف كما في صحيح مسلم [عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة و إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟].
أسباب العتق من النار ومغفرة الذنوب
فمن طمع في العتق من النار و مغفرة ذنوبه في يوم عرفة فليحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق و المغفرة فمنها: صيام ذلك اليوم ففي صحيح مسلم [عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله و التي بعده].
و منها: حفظ جوارحه عن المحرمات في ذاك اليوم.
و منها: الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص و صدق فإنها أصل دين الإسلام الذي أكلمه الله تعالى في ذلك اليوم و أساسه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
الرابط: http://www.alsalafway.com/cms/news.php?action=news&id=369
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[22 - 11 - 07, 12:31 م]ـ
المنتقى من رسائل وكتب العلماء حول الحج والعمرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبه أستعين وعليه أتوكل وهو المعين
1.مناسك الحج والعمرة
(كتاب)
للألباني - رحمه الله -: http://www.alalbany.name/books/books/manasek.zip
2. حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه
(كتاب)
للألباني - رحمه الله -: http://www.alalbany.name/books/books/hija_naby.zip
3. أسئلة في الحج وبعض أحكامه
(صوتي)
للألباني - رحمه الله -: http://www.binothaimeen.com/soft/MoridAlomrahaAlhajj.exe
4. مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف وسرد ما ألحق الناس بها من البدع
(كتاب)
للألباني - رحمه الله -: http://www.shamela.ws/books/007/0703.rar
5. المنهج لمريد العمرة والحج
(كتاب)
للعثيمين - رحمه الله -: http://www.binothaimeen.com/soft/MoridAlomrahaAlhajj.exe
6. مناسك الحج والعمرة والمشروع في الزيارة
(كتاب)
للعثيمين - رحمه الله -: http://www.ibnothaimeen.com/all/index/manasekalhajwaalomrahwaalmashrooafialzeyarah.exe
7. أخطاء يرتكبها بعض الحجاج
(كتاب)
للعثيمين - رحمه الله -: http://www.binothaimeen.com/soft/AkhtaaAlhojjaj.exe
8. صفة حجة النبي - شرح حديث جابر
(كتاب)
للعثيمين - رحمه الله -: http://www.ibnothaimeen.com/all/index/hadith_jaber.exe
9. الحث على وجوب أداء فريضة الحج وشروطه
(خطبة جمعة)
للعثيمين - رحمه الله -: http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_9.shtml
10. أحكام الحج ومحظورات الإحرام - نصيحة لأهل الحملات
(خطبة جمعة)
للعثيمين - رحمه الله -: http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_85.shtml
11. من آداب الحج وأحكامه وموجبات الغسل وكيفيته
(كتاب)
عبد العزيز الرّاجحي - حفظه الله -: http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?action=BookTree&docid=5
12. بيان ما يفعله الحاج والمعتمر
(كتاب)
للفوزان - حفظه الله -: http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/Library/tabid/90/Default.aspx?View=Tree&BookID=14&PageNo=1&SectionID=1
13. الحج (حكمه , أركانه, صفته وفضله وكل ما يتعلق به .. )
(صفحات على الشبكة)
للفوزان - حفظه الله -: http://www.alfawzan.ws/alfawzan/bookstree/tabid/91/Default.aspx?View=Tree&NodeID=1623&PageNo=1&SectionID=1
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[23 - 11 - 07, 12:53 م]ـ
المبادرة بالأعمال وتعجيل الحج
عبد المنعم الشحات
نبذة عن المحاضرة: بادروا بالأعمال سبعًا هل تنتظرون إلا فقرا منسيًا أو غنى مطغيًا أو مرضًا مفسدًا أو هرمًا مفندًا أو موتًا مجهزًا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر.
تاريخ إضافته: 23 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: يوم الجمعة 6 من ذي القعدة 1428 هـ - 16 من نوفمبر 2007 م. بمسجد عباد الرحمن بمنطقة الساعة بالاسكندرية
حجم الملفات: ( RM : 4.63 MBytes ) - ( MP3 : 12.93 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64403&scholar_id=571&actioning=yes&dates=20071116
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/478)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[23 - 11 - 07, 12:57 م]ـ
أحاديث الحج المعلة
عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
تاريخ إضافته: 23 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 10.14 MBytes ) - ( MP3 : 28.37 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64401&scholar_id=1223&actioning=yes&dates=20071116
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 01:52 م]ـ
أيام عشر من ذي الحجة وأيام التشريق
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ.
ماحكم التكبير بعد الصلوات الخمس في أيام التشريق هل هو واجب أم مستحب؟ عشر من ذي الحجة؟
من هنا: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2738
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:13 م]ـ
مجموعة فتاوى بالصوت تخص الحج و العمرة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ.
1. (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ... )) الآية فهل معنى هذا جواز صيد السمك للحاج؟ السمك الميت؟ البحر؟ السمك لاذي يطفو على سطح البحر؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1817
2. أخطا برمي الجمرات بين الوسطى والكبرى والصغرى ولم يكتشف إلا فيما بعد؟ الخطأ في ترتيب رمي الجمرات بسبب الجهل؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1981
3. أثناء إقامتي بمكة المكرمة أقوم كل يوم خميس بالإحرام بنية العمرة وأؤدي عمرة فهل هذا يجوز أم يجب أن يكون هناك أربعون يوماً بين كل عمرة وأخرى؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1489
4. أخونا يقول إذا كان أخونا محرماً وتمزق إحرامه هل له خياطته أو إبداله؟ ما هو المخيط المنهي عنه في الحج؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3888
5. أخونا يقول إذا كان أخونا محرماً وتمزق إحرامه هل له خياطته أو إبداله؟ ما هو المخيط المنهي عنه في الحج؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3888
6. أديت الحج عام سبع وتسعين وعند الإحرام نويت الحج والعمرة ولم أذبح وقد صمت عشرة أيام فما الحكم؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3133
7. أديت الحج مع زملائي ورمينا الجمرات يومين وخرجنا من مكة فما الحكم؟: http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3179
8. أديت فريضة الحج بدون محرم فما حكم حجي؟ لا تسافرامرأة إلا مع ذي محرم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3875
9. أديت فريضةالحج مع زوجتي منذ عامين وأكملت كل المناسك ولكن زوجتي أتاها الحيض بعد التحلل الأول بعد الرمي والتقصير وقبل طواف الإفاضة وبعد أن تطهرت جامعتها ثم أدت طواف الإفاضة فما الحكم؟ الجماع بعد التحلل الأول؟ http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3480
10. إذا أناب المعذور من يحج عنه وبعد أن أحرم بالحج وتلبس به شفي المعذور فهل يقع هذا الحج عن المعذور؟ ابن باز رحمه الله يتوقف في بعض الفتاوى؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2988
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:20 م]ـ
11. إذا اعتمر الإنسان في أشهر الحج وحج في عامه فهل عليه دم ويعتبر متمتعاً حتى لو فصل بسفر؟ دم التمتع؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1786
12. إذا تجاوز الحاج ميقاته فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3307
13. إذا تحلل الحاج التحلل الأصغر وبقي عليه الإفاضة والسعي فهل عليه الخطبة وعقد القران؟ الخطبة والعقد أثناء الحج؟ لا ينكح المحرم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3304
14. إذا تناوم الإنسان في منى ووجب عليه الماء للغسل ولكن لكثرة الحجاج يقل الماء فماذا يفعل هل يجوز له التطهر والتيمم من التراب؟ ما هو الاحتلام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3327
15. إذا حج شخص عن آخر بالنيابة وأعطاه وليه مالاً وبقي منه فهل يرجعه أو يتصرف به؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1870
16. إذا صار الحاج متمتعاً فهل يجوز له الجماع بعد الحل من العمرة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3226
17. إذا طاف الإنسان طواف الوداع لا يجوز أن يشتري شيئاً فهل هذا صحيح؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/479)
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2863
18. إذا طاف طواف الوداع ثم بات في مكة فهل عليه إعادة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2859
19. إذا كان أحدهم لم يحج فهل يجوز له أن يعطي أحدهم مالاً عن متوفى ليحج عنه؟ ما حكم أن يحجج الإنسان عن غيره ولم يحج عن نفسه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3559
20. إذا كان الحاج لمدة طويلة في منى فهل يقصر الصلاة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3676
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:27 م]ـ
21. إذا كنت لا أحفظ الكثير من الأدعية فهل يجوز أن أتناول كتاباً أقرأ منه الأدعية وأنا أطوف أو أسعى في البيت الحرام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3495
22. إذا ناب مسلم عن مسلم بالحج وعن آخر بالعمرة فما الحكم؟ الإنابة في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2986
23. إذا نقصت الأحجار التي أخذت من مزدلفة فهل يمكن أخذها من منى؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2851
24. إذا نويت الحج وبعت بعض المواشي واقترضت فهل يتم الحج؟ من لا يملك مالاً هل عليه حجاً؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3009
25. إذا نويت بالحج وبعت واقترضت فهل يتم الحج؟ الحج على المستطيع؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3172
26. إذاوصلت لأحد المواقيت فهل أصلي ركعتين قبل أم بعد الإحرام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3497
27. أرجو أن تعطونا تفسيراً واضحاً لقوله تعالى: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))؟ هل يجب إتمام الحج والعمرة عند الإحرام؟ أحكام الحج؟ أنواع التحلل وصفاته؟ أحكام العمرة؟ ما هو الإحصار؟ عام الحديبية؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1800
28. أفعال الحاج صباح العيد؟ الرمي؟ الذبح؟ الحلق؟ التحلل الأول؟ الطواف؟ لو رمى وحلق وطاف بالبيت ولم يذبح فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3020
29. إن في عيني شعراً لا بد من أخذه بالمنقاش فلو تركته أتعبني فهل يجوز أخذه وأنا محرم فما الحكم؟ الظفر إذا انكسر هل يجوز أخذه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3445
30. إن في عيني شعراً لا بد من أخذه بالمنقاش فهل يجوز أن آخذه وأنا محرم؟ ظفر الحاج إذا انكسر هل يجوز أن يقصه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1539
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:35 م]ـ
31. إن لي زوجة وتفيت دون حج وأنا أريد الحج فهل أنيب أحداً ليحج عنها وعني؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2870
32. إن والدتي عمرها خمس وستون سنة وزوجتي ست وعشرون سنة أوصتا بأن أعتمر مكانهما فهل يجوز ذلك؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3751
33. أنا حجيت بوالدتي والتقطت لها جمرات من مزدلفة فطلبت غسل الجمرات وتطيبها فقلت لها فعلت وأنا كاذب فهل يقبل حجي؟ تعطير الجمرات؟ نصيحة الأم؟ من سمع فائدة فليبغها غيره؟ فرب مبلغ أوعى من سامع؟ نقل الفائدة ونشر العلم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3021
34. أنا قاصد العمل مع الحج وحججت مع العمل فهل هذا جائز؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3239
35. أنا مواطن في السعودية وأسكن بين مكة والمدينة وأديت العمرة وكان الوقت عند منتصف النهار وعند ذهابي لأحد أصدقائي بمكة وأفطرت وعدت لمسكني أخبرني أصدقائك أنه يجب أن أودع البيت الحرام فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3735
36. إني شاب أبلغ الثامنة والعشرين وحججت عام تسعة وتسعين ولما أردت مغادة مكة لم أطف طواف الوداع فماذا يلزمني؟ حكم طواف الوداع؟ النهي أصله التحريم؟ والأمر أصله الوجوب؟ هل في طواف الوداع سعي؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3319
37. أهل مكة والمتمتع هل يجوز لهم الطواف والسعي قبل الصعود لعرفات قبل الذهاب للحل أما لابد من الإحرام من الحل لطواف القدوم والسعي؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1832
38. الأعرج هل عليه أن يحج أم يسقط عنه الحج؟ هل الأعمى يسقط عنه الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3885
39. الحاج المتمتع ماذا يفعل عند التلبية؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3121
40. الحج مؤتمر إسلامي عام فماذا يستفيد المسلمون منه؟ التكلم مع الزوجة بأحاديث القبلة أو الجماع في الحج؟ الرفث والفسوق؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1808
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/480)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:40 م]ـ
41. الذي يريد دخول مكة بغير نية الحج والعمرة هل عليه إحرام؟ ما حكم من تجاوز الميقات دون إحرام وماذا عليه أن يفعل حتى يكون حجه صحيح؟ المواقيت؟ من أين يكون الإحرام؟ مواقيت الإحرام؟ لماذا لم يحرم الرسول صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة؟ ماذا كان على رأس النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1787
42. العمال والمتعاقدون الذين وفدوا لمكة للإقامة هل يعتبرون موضع أهل مكة في الهدي؟ غير المستوطن؟ غير المستوطنين؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3317
43. المسافر بالطائرة الذي لم يحرم إلا بجدة لأن إحرامه كان بمخزن الطائرة فما الذي يلزمه؟ الإحرم بالقميص للخروج من الفدي؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3308
44. امراة قامت بأخذ عمرة في بيت الله الحرام وكان محرمها زوج ابنتها فهل تصح عمرتها أم تعيدها؟ من اعتمرت أو حجت بلا محرم فما حكم عمرتها أو حجتها؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1339
45. بالنسبة لطواف الوداع هل يجب على كل من زار الحرم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2861
46. بعدما أكملت كل المناسك زوجتي أتاها الحيض بعد التحلل الأول بعد الرمي والتقصير وقبل طواف الإفاضة وبعد أن طهرت جامعتها ثم أكملت طواف الإفاضة فما حكم حجها وهل يجب علي كفارة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1623
47. تركت واجباً في حج هذا العام ولم أستطع ذبح شاة فهل يجوز لي الصيام؟ أمثلة من ترك الواجبات؟ ترك الميقات دون إحرام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3324
48. تقول إنها حجت وكانت تترك منى حوالي منتصف الليل فهل حجها صحيح؟ المبيت في منى؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3841
49. توفي والدانا ولم يؤديا فريضة الحج ولم يوصيا بها فهل نقضيها عنهما؟ هل المعسر عليه حج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2826
50. توفي والدي ولم يحج فهل يجوز أن أحج عنه؟ الحج عن الميت أكثر من مرة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1781
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:49 م]ـ
51. حاج صلى يوم التروية الظهر مفرداً والعصر مفرداً والمغرب مفرداً والعشاء مفرداً؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3122
52. حجت وضاعت عن زوجها وتمنت في قلبها لو لم تكتب لها الحج وتحج في عام آخر وصليت العشاء بلا وضوء فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3330
53 . حججت مرتين واعتمرت أربعاً وحججت هذا العام عن والدتي التي لم تستطع المناسك وأخي الذي لم يستطع المناسك ولكبر سنهما وبعد وصولي للأراضي المطهرة قمت بالطواف ولم أقصر ولم اتحلل غلا بعد الجمرة الأولى ولم أسع مرة أخرى فهل تحسب حجة أم ماذا؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2878
54. حججت هذا العام وقد لبست كنادر تحت الكعب فيها خياط فما الحكم؟ الإزار المخيط في الحج؟ هل كل مخيط محرم في الحج؟ النعال؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3158
55. حججنا وذهبنا لمكة لأداء طواف الوداع لأن السائق لم يعرف طريق الحرم فما حكم حجنا؟ طواف الوداع والحائض والنفساء؟ هل في العمرة وداع؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3369
56. حججنا ومعنا طالب علم في الحج وتمتعنا بالحج وبعد طواف الإفاضة لم نسع فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2984
57. حجيت أول حج للفريضة وعند رمي الجمرات لليوم الثاني رميت في موقف واحد في مرجم واحد ولما انتهت حصياتي وتذكرتأخذت حصيات من أرجل الناس ورجمت في الأماكن الأخرى فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3280
58. حجيت بزوجتي وعرضت علي أخذ أختها معنا فما حكم حج أختها؟ سفر المرأة بغير ذي محرم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2856
59. حجيت من ملاي وكنت جمعته ولم أؤدي زكاته فما الحكم؟ تأدية الزكاة لما مضى؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3488
60. حجيت هذا العام وفي اليوم الأخير أديت طواف الوداع فأذن العصر فصليت العصر وذهبت لمزدلفة فوجدت أحد أصدقائي لم يحضر فصليت المغرب بمزدلفة وبعدها ذهبت للرياض فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3331
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/481)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:54 م]ـ
61. حجينا شباباً ومعنا سيارة فيها نساء وفي مزدلفة أحب صاحب العائلة أن ينزل لمكة ليطوف طواف الإفاضة وأصر الشباب على النزول فما حكم الحج؟ الضعيف يتبعه القوي؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3181
62. حكم العمرة؟ هل العمرة تسقط لفريضة إذا أديت في غير أشهر الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1760
63. دائماً ما أسمع في أشهر الحج عن الأنساك فما هي هذه الأنساك وما عددها؟ إفراد الحج وصفته؟ التمتع بالحج وصفته؟ القران بالحج وصفته؟ صفة التلبية؟ صفة الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1782
64. دفع شخص مال لشخص لكي يحج عن والدته ثم تبين أن الشخص يعمل عملاً غير صالح فما حكم الحجة؟ الإنابة في الحج؟ الإنابة في العمرة؟ هل يحج أو يعتمر عن الحي؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2802
65. ذهبت لأداء العمرة وقبل خروجي من مكة اغتسلت من الدورة الشهرية قبل انتهاء الدورة شهراً فهل علي شيء؟ هل على الحائض وداع؟ هل في العمرة وداع؟ طواف الحائض؟ صيام الحائض؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2374
66. ذهبت للحج لوادلتي المتوفاة ورميت جميع الجمرات ماعدا الأخيرة وكلت زوجي فرماها فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3705
67. رجل له مدة طويلة ولم يحج رغم امتلاكه الزاد والراحلة فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2865
68. سماحة الشيخ زوجي منعني من الحج لأني نذرت بالحج هذا العام فاعترض زوجي على النذر فما الحكم؟ الشيخ ابن باز رحمه الله يتوقف في بعض المسائل؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2989
69. صلاة التطوع إذا اعتاد عليه الإنسان هل تكون واجبة؟ الحج والعمرة إذا أحرم الإنسان هل تكون واجبة؟ صوم التطوع أو النفل هل هل يجوز أن يقطعه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=136
70. ضمن رسالته قول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)) هل يجوز للمحرم أن يقتل الحيوان الضار وكيف يتصرف؟ الحبارى؟ الأرنب؟ الذئب؟ الكلب؟ الغراب؟ العقاب؟ خمس من الدواب كلهن فواسق؟ الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور والحية وما جاء في معناها؟ الباعوض؟ الذباب؟ الفواسق؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1803
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 02:59 م]ـ
71. طريقة لباس الإحرام أن يكشف الحاج عن المنكب الأيمن ويغطي الأيسر ولكن أرى بعض الحاج يغطون الكتفين معاً ومنهم من يكشف عن الكتفين فهلا وضحتم المسألة؟ طريقة لبس الإحرام؟ العاتق؟ المنكب؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1804
72. طلبت من زوجي أداء الحج معه ولكن بيني وبينه سوء تفاهم وبعد عام أديت الفريضة مع العمرة مع إخواني دون رضاه فهل حجي صحيح من غير رضاه أم لا؟ هل حج الفريضة يشترط فيه رضى الزوج؟ صيام رمضان دون إذن الزوج؟ لعنتها الملائكة حتى تصبح؟ هل للمرأة أن تؤدي العمرة دون رضى الزوج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3805
73. عند طوافه بالبيت الحرام لم ستطع استلام الحجر بسبب المزاحمة وما حكم المزاحمة؟ التكبير عند موازاة الحجر؟ هل كبير النبي صلى الله عليه وسلم عند المرور بالحجر الأسود؟ بسم الله والله أكبر؟ الله أكبر؟ المزاحمة في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1828
74. فتاة ذهبت لأداء فريضة الحج وبعد الإحرام وعند وقوفها على عرفات أتتها العادة الشهرية فماذا تفعل؟ الحيض في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3120
75. في العام الثاني ذهب للحج ونويت عن والدي ولم أذبح فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3134
76. في حج الإفراد في طواف القدوم طفنا الشوط السادس من داخل الحجر ولم نكمل السابع فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2362
77. في سنة أحرمت مفردة وجاءتني العادة الشهرية ولم أطف ويقال أن تحية المسجد الطواف به فهل علي شيء؟ هل يجوز أن يغير الحاج ملابسه؟ البقاء على حكم الإحرام؟ هل تجلس صاحبة العذر في المسجد الحرام؟ هل ترمي الحائض؟ عائشة رضي الله تعالى عنها؟ من حاضت بعد الإحرام بالعمرة في رمضان وغيره؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2990
78. في نيتي الذهاب لبيت الله الحرم لأداء الحج للمرة الثانية فهل يجوز أن أكلف أحد المسلمين أن يؤديها عن والدي في نفس العام؟ ومن أين يحرم من أراد الحج ومن أين يحرم من أراد العمرة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1753
79. قال الله تعال ((ولله على الناس حج البيت ... )) الآية فما المقصود من كلمة الناس؟ شرط الإسلام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3156
80. قدم متمتعاً بالعمرة إلى الحج ولم يستطع أن يهدي ثم أهل بالحج فما الحكم؟ الدم في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1826
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/482)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:05 م]ـ
81. قدمت للحج مع عدد من النساء بلا محرم وعمري تجاوز الخمسين عاماً فما الحكم؟ حكم حج المرأة بدون محرم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1829
82. قدمت مكة حاجاً متمتعاً وقصرنا من بعض رأسنا فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2875
83. قرأت في بعض الكتب أنه يجوز للحاج الاتجار في الحج ((ليس عليكم جناحاً أن تبتغوا فضلاً من ربكم .. )) فهل هذا صحيح؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1812
84. قضيت عاماً كاملاً في مكة وأديت الفريضة فهل علي فداءً أم صياماً؟ (التسجيل غير صاف)
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3349
85. قمت أنا وابني بالحج وعندما وصلنا لطواف الإفاضة حسبنا الأشواط فقال بعضنا هيا ننصرف أتممنا الأشواط وبعضنا قال بقي شوط واحد واخيراً انصرف منا البعض والبعض أتى بشوط وكنت ممن انصرف فأفيدوني جزاكم الله خيراً؟ الشك في عدد الأشواط؟ متى يأتي الزوج زوجته في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3798
86. قمت بأداء فريضة الحج مع زملائي حجوا أكثر من مرة والذي حصل أننا رمينا الجمرات في يومين فقط وفي اليوم الثاني خرجنا على اعتبار اليوم الأول يوم العيد واليوم الذي يليه فما الحكم؟ التعجل في يومين؟ ما هو الدم في الحج؟ ما هو أول أيام التشريق وآخرها؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3016
87. قمت بأداء فريضة الحج مفرداً وبعد إكمال مناسك الحج طلب من أداء عمرة لمن لم يؤديها فأديناها فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2866
88. كسرت حجر كبير إلى واحد وعشرين حجر ورميت به فهل رمي صحيح؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3017
89. كم مرة تجب العمرة في العمر؟ قدمت لمكة ولم آخذ عمرة لأني أخذت أكثر من مرة ولكنني طفت بالبيت فما الحكم؟ هل للعمرة حداً؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2860
90. كنت في الحج هذا العام وبجوار مرمى الجمرات ووجدت نقوداً في جيب بائع فأخذا المال وأردت إعادتها ولكنني خفت وبعد ذلك ندمت ولا أعرف أين هو ولم أتمكن من معرفة شكله فما توجيهكم؟ السرقة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1343
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[24 - 11 - 07, 03:10 م]ـ
91. كيف كانت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تمتع أم أقرن أم أفرد؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1563
92. لقد توفيت والدلتي قبل أن تؤدي الحج فهل أنا ملزم بالحج عنها وهل يجوز توكيل شخص آخر للحج عنها؟ الحج عن الميت يكون من ماله أو لا؟ هل يجب الحج على العاجز؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1801
93. لم اتمكن من رمي جمرة العقبة بالعيد ورميت في ليلة التشريق فما الحكم؟ من غابت عليه الشمس ولم يرم ما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3018
94. ما الحكم إذا نوى الحاج أو المعتمر ولكن حصره أو حبسه حابس فما المطلوب منه؟ الموانع قبل الإحرام وبعد الإحرام؟ المرض الشديد في الحج؟ عام الحديبية؟ الصيام في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1802
95. ما السنة عند الوصول إلى مزدلفة؟ وقفنا يوم التاسع وجمعنا مع النهار طرفاً من الليل حيث أفضنا من عرفات بعد عشرين دقيقة من مغيب الشمس ووصلنا مزدلفة قبل دخول صلاة العشاء فهل نصلي أولاً أو نأخر الصلاة لأننا اختلفنا حيثالبعض امتنع حتى دخول العشاء. ففريق يقول هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فصلى أول الوصول لمزدلفة والفريق الآخر يريد جمع تأخير؟ البيان عند وقت الحاجة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1830
96. ما حكم الحصيات التي لم تنزل من الحوض أو التي لم تضرب بالعمود؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1982
97. ما حكم الشك في الطواف هل ناقص أو زائد؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2872
98. ما حكم المبيت بمزدلفة وهل للحاج أن يذهب إلى منى قبل طلوع الفجر؟ من صفة الحج؟ الاقتراب من المشعر؟ هل يكفي المرور بمزدلفة؟ أم سلمة رضي الله عنها؟ سودة رضي الله عنها؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2849
99. ما حكم حل ظفائر شعر المرأة خلال العمرة أو استعمال الحناء والخضاب في قدمياه أو يديها؟ الحناء مع الطيب ما حكمه للمعتمرة والحاجة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/483)
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1309
100. ما حكم طواف الوداع في العمرة وفي الحج هل يلزم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3357
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:19 م]ـ
101. ما حكم لبس الكمر من قبل المحرم ليحفظ نقوده أم يعتبر ذلك من المخيط؟ الحزام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1791
102. ما حكم من ترك الرمي للأيام الثلاثة بعذر أو بدون عذر؟ ما هو الدم في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3311
103. ما حكم من عكس العمرة فقدم السعي على الطواف وتحلل؟ افعل ولا حرج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3310
104. ا حكم من مرضي بعد نية العمرة والحج متمتعاً ولبس ثيابه؟ إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؟ الاستثناء؟ حج واشترط؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3313
105. ما حكم من نسي ركعتي الطواف وصلاها بعد السعي؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3312
106. ما معنى قوله تعالى ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) وما هي الكفارة؟ الجماع في الحج؟ التحدث مع الزوجة عن الجماع والتقبيل في الحج؟ الجدال في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1814
107. ا هو أفضل دعاء يقوله الحاج في عرفة؟ خير الدعاء دعاء يوم عرفة؟ لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؟ أفضل يوم في السنة؟ فضل يوم عرفة؟ ما معنى لا إله إلا الله؟ الدعاء لإمام المسلمين؟ أسباب الإجابة في الدعاء؟ رفع اليدين في يوم عرفة بالدعاء؟ الدعاء في مزدلفة؟ الدعاء بحسن الختام؟ تحكيم الشريعة الإسلامية؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1311
108. ما هو الراجح لأهل مكة بالنسبة للصلاة قصراً وجمعاً في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3314
109. ما هو المبلغ المخصص لأداء الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1798
110. ما هي أقل مدة للوقوف بعرفة ومتى ينصرف منها لمزدلفة؟ الركن الأعظم؟ وقت الوقوف في عرفة؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقف بعرفة؟ حكم من انصرف من الوقوف بعرفة قبل غروب الشمس؟ المرور بعرفات؟ مدة الوقوف بعرفات؟ خذوا عني مناسككم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1310
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:26 م]ـ
111. ما هي الفوائد التي تعود على المسلم عند أداء الحج وما حكم من تأخر لعذر ومات هل يجوز أحدهم أن يحج عنه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1788
112. ماحكم لبس الساعة من الذهب للحاج؟ والاكتحال؟ لبس خاتم الذهب؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1811
113. ماذا تفعل المرأة إذا جاءتها العادة الشهرية أو الدورة أو النفساء في الحج أو في عرفات؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1785
114. ماذا يفعل الحاج إذا احتلم؟ الصائم إذا احتلم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2871
115. ماهي مناسك العمرة؟ ماهي مناسك الحج؟ كيف أعتمر كيف أحج؟ صفة الحج والعمرة؟ من هو دون الميقات أين يحرم؟ صفة التلبية؟ حجة الوداع؟ يوم عرفة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=344
116. متى يكون الذبح؟ أربع أيام يوم العيد وثلاث بعده؟ طلب منا بعض الرفاق ذبح هدينا عند الوصول لمكة فذبحنا في الخامس والعشرين من ذي القعدة ورأينا الناس تذبح في أول أيام العيد فماذا نفعل؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3022
117. من أين يحرم بمن بمكة؟ الحل؟ التنعيم؟ جدة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1783
118. من قص شعره ناسياً أو جاهلاً وهو محرم بعد الطواف والسعي فما الحكم؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2868
119. نويت الذهاب لمقابلة والدتي القادمة للحج فهل يجوز النية لأداء الحج؟ النية من جدة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1547
120. ه يجوز استبدال الهدي بثمنه وتوزيعه على الفقراء؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1827
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:33 م]ـ
121. هل الحج عن والدي بعد موته جائز أم لا؟ الحج عن الأخ والأم والجدة والعاجز وكبير السن؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1668
122. هل العمرة تسقط الفريضة إذا أديت في غير أشهر الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1291
123. هل المبيت بمنى واجب على الحاج لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ((إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت))؟ صاحب العذر والمبيت في منى؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1819
124. هل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة أربعاً في عرفات؟ عرفة؟ الجمع والتقصير في الحج؟ النبي صلى الله عليه وسلم وخطبة واحدة في عرفة؟ هل يسافر المسافر جمعة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3104
125. هل صحيح أن الإنسان إذا حج تغفر جميع ذنوبه حتى الكبائر ومن أسباب دخول الجنة؟ العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3762
126. هل صلاة الجمع والقصر أمر واجب في نمرة أو أصلي كل واحدة في وقتها؟ عرنة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1313
127. هل لبس المخيط من محذورات المخيط؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3159
128. هل لطواف الوداع من سنة عند المقام؟ ركعتا المقام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2864
129. هل هناك إثم على الحاج لو ذبح قبل الرمي أو حلق قبل الذبح وهل هناك كفارة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1820
130. هل هناك أدعية يقولها الحاج في مزدلفة وما هو المشعر الحرام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2852
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/484)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:42 م]ـ
131. هل يأثم من لم يتمكن من أداء فريضة الحج وهو مستطيع بسبب منع السلطات منعه من أدائها؟ الحكومات الإسلامية ومنعها لبعض الناس بالحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1675
132. هل يجوز أداء العمرة عن والدي المتوفى وتكليف شخص آخر بأداء الفريضة عنه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2867
133. هل يجوز أن يعتمر الإنسان أو يحج عن غيره؟ هل يجوز الحج أو العمرة عن الغير قبل قضاء الفريضة عن النفس؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2985
134. هل يجوز أن يعتمر الإنسان أو يحج عن غيره؟ هل يجوز الحج أو العمرة عن الغير قبل قضاء الفريضة عن النفس؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2985
135. هل يجوز إهداء العمرة بدلاً من المتوفى وما الصيغة؟ (التسجيل غير صاف)؟ هل هناك ركعتان قبل كل صلاة مفروضة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3347
136. هل يجوز ذبح الفداء في بلدي بدلاً من مكة؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2980
137. هل يجوز قصر الصلاة لأهل مكة في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1790
138. هل يجوز للأب أن يحج من مال ابنه أم لا؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1951
139. هل يجوز للإنسان أن يحج عن غيره قبل حجته؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3509
140. هل يجوز للمرأة أن تحج عن شخص آخر كامرأة أو جار أو عن رجل؟ هل يجوز الحج عن شخص يحب في الله؟ الحج عن الشيخ الكبير؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1784
يتبع ...
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[25 - 11 - 07, 01:55 م]ـ
141. هل يجوز للمرأة المحرمة الاختضاب الحناء والتطيب والاكتحال؟ المناكير؟ تقليم الأظافر للمرأة التي تريد الإحرام؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1816
142. هل يحل من طاف طواف الإفاضة وقبل السعي أن يباشر زوجته؟ الحاج ومباشرة الزوجة بالجماع؟ التحلل الأول؟ التحلل الثاني؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1831
143. هل يصح أن أقوم بالعمرة عن والدتي المتوفاة بعد أداء فريضة الحج أو قبل أداء فريضة الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1890
144. هل يصح الحج من شخص عمره ثلاثون عاماً؟ ما حكم من حج قبل البلوغ؟ من حج قبل البلوغ هل يكون أدى حجة الإسلام؟ متى يبلغ الإنسان؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3759
145. هل يصح للإنسان الذي لم يحج عن نفسه أن يحج عن إنسان آخر له دين عليه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1561
146. والدتي الحاجة توفيت بالأراضي المقدسة وهي في طريقها للسودان ووالدي شيخ كبير طريح الفراش فهل أتركه وأذهب للحج؟ بر الوالدين؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2874
147. هل يصح أن تحرم المرأة في ثياب بيض؟ ثياب المرأة في الحج؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=1308
148. والدي بعد أن وصل منى ذبح كبشاً وحلق رأسه ولبس ثيابه فما الحكم؟ تقديم الذبح على الرمي؟ ما هي السنة للحاج يوم العيد؟ صفة تقصير الشعر؟ كيف يكون التحلل الأول؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3019
149. والدي توفي ولم يؤدي الحج فهل نقضي عنه؟ البر بالوالدين؟ الحج والعمرة عن الميت؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3171
150. والدي توفي ولم يقم بالحج فهل نحج عنه؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3008
151. يتردد أن الإنسان إذا حج الإنسان أو اعتمر عن غيرها يكون كل الأجر للمحجوج عنه فهل هذا صحيح؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=2987
152. يقولأريد أن أؤدي فريضة الحج عن خالي فهل لي أن أستصير أبناءه الصغار؟
http://www.alandals.net/Node.aspx?id=3769
تتمة فتاوى عن الحج و العمرة اسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله تعالى باز رحمه الله تعلى واسكنه الفردوس الأعلى. ـ
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:32 م]ـ
دروس في الحج
طارق بن محمد الطواري
تاريخ إضافته: 26 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 2.41 MBytes ) - ( MP3 : 6.72 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64479&scholar_id=81&actioning=yes&dates=20071119
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:35 م]ـ
الحج إيمان وإسلام وإحسان
علي بن عمر بادحدح
تاريخ إضافته: 26 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 2.93 MBytes ) - ( MP3 : 8.17 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64473&scholar_id=158&actioning=yes&dates=20071119
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:38 م]ـ
أصناف الناس في الحج
طارق بن محمد الطواري
تاريخ إضافته: 26 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 2.82 MBytes ) - ( MP3 : 7.88 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64471&scholar_id=81&actioning=yes&dates=20071119
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/485)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:41 م]ـ
الحج وتطهير الحرمين
علي بن عمر بادحدح
تاريخ إضافته: 26 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 3.78 MBytes ) - ( MP3 : 10.52 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64481&scholar_id=158&actioning=yes&dates=20071119
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:43 م]ـ
أسرار الحج الباطنة (مرئي)
محمد حسين يعقوب
تاريخ إضافته: 26 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 17.44 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64490&scholar_id=76&actioning=yes&dates=20071119
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:46 م]ـ
من أسرار الحج (مرئي)
عمر عبد الكافي
تاريخ إضافته: 24 - 11 - 2007
اريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج هذا ديننا - قناة الشارقة الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 25.45 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64410&scholar_id=48&actioning=yes&dates=20071119
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 12:48 م]ـ
فتاوي الحج والعمرة (مرئي)
عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف - محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: لقاء نادر وممتع مع فضيلة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وفضيلة الشيخ محمد يعقوب،يجيب فيها الشيخان على العديد من الأسئلة حول الحج والعمرة.
تاريخ إضافته: 24 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: قناة الشارقة الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 41.38 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64412&scholar_id=5&actioning=yes&dates=20071119
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 04:24 م]ـ
إتحاف الأبراربترتيب خطوات العمرة والحج باختصار
رتبها الفقير إلى ربه أبي عبد الرحمن السلفي المقدسي هشام بن فهمي العارف
1418هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (102) سورة آل عمران.
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (1) سورة النساء
(يا أيهاالذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم) 70) ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما (71) سورة الأحزاب.
أما بعد،
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرالأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
نصائح بين يدي الحاج
أخي قاصد بيت الله الحرام، اتق الله واحرص أن لا تقع فيما حرم الله عليك، لقوله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج (197) سورة البقرة. وقوله صلى الله عليه وسلم (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
واحذر أولا:
أن تقع في الشرك لقوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه.
واحذر ثانيا:
أن تقع في الفسق كالتزين والتشبه بالنساء، كحلق اللحى وهو للأسف مما ابتلي به كثير من الرجال، وقد عظمت المصيبة في هذا العصر بمخالفة الكثير فهم السنة ومحاربتهم اللحى، ورضاهم بمشابهة الكفار والنساء ولا سيما ممن ينتسب الى العلم والتعليم. وبلوى أخرى مثلها ألا وهو التختم بالذهب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/486)
وعليك أخي قاصد بيت الله الحرام، أن تلبي نداء الله تعالى بالطاعة، فبادر من فورك بالتوبة النصوح من جميع الذنوب، لقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) وإن كان عندك للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها اليهم قبل سفرك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه).
واصحب في سفرك الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين، واحذر صحبة السفهاء والفساق، وأكثر من الذكر والاستغفار والدعاء وتلاوة القرآن والمحافظة على الصلوات في الجماعة، وحفظ اللسان من كثرة القيل والقال، والخوض فيما لا يعنيك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).وعليك إذا أردت الحج ولم تسق الهدي أن تنوي حج التمتع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه به آخر الأمر، ولقوله عليه الصلاة وأزكى السلام: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة).
وإياك أخي الحاج أن تدع البيات في منى ليلة عرفة فإنه واجب.
وعليك البيات أيضا في المزدلفة حتى تصلي الصبح، فإن فاتك البيات فلا يفوتنك أداء الصلاة فيها فإنه أوجب منه، بل هو ركن من أركان الحج على القول الأرجح عند المحققين من العلماء، إلا النساء والضعفة فإنه يجوز لهم الانصراف بعد نصف الليل.
وإياك أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام، فضلا عن غيره من المساجد ولا تدع أحدا يمر بين يديك. لقوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا من أن يمر بين يديه).
وإياك الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس.
وأنبهك أنه من السنة شد الرحال إلى المسجد النبوي، كما أنه من البدع قصد قبره صلى الله عليه وسلم بالسفر، فإذا حصل الأول ثم زار القبر فلا بأس. إذ السنة قصد المسجد بالسفر لا قصد القبر.
وقد أدرجت لك أخي الحاج خطوات الحج متمتعا، فتعتمر وتتحلل ثم تحرم للحج يوم التروية، وأسأل الله تعالى أن يتقبل طاعتك.
أولا:
خطوات العمرة
(أ) عند الميقات
* يستحب الإغتسال للإحرام، الرجل والمرأة (وإن كانت المرأة حائضا أو نفساء).
* يلبس الرجل الإزار والرداء والنعلين، ولا يلبس ما يستر الرأس.
* وله أن يلبس الإحرام قبل الميقات.
* لكن إذا جاء الميقات وجب عليه الإحرام.
* والإحرام يعني أنه يعقد النية ملبيا قاصدا الإحرام، فيقول:
لبيك اللهم عمرة، .................... (وهو مستقبلا القبلة)
وإن أحب قرن مع تلبيته الاشتراط على ربه تعالى خوفا من العارض (من مرض أو خوف) ...... فيقول: اللهم محلي حيث حبستني، ............. (إن فعل ذلك فحبس أو مرض جاز له التحلل من عمرته وليس عليه دم وعمرة).
ويقول بعدها: اللهم هذه عمرة لا رياء فيها ولا سمعة.
وله قبل أن يحرم أن يتطيب في بدنه (وطيب النساء لا رائحة له).
* لو صلى فريضة قبل الإحرام فقد تأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم.
* ثم يبدأ بالتلبية من الميقات حتى وصوله مشارف مكة ملتزما بها يرفع بها صوته وترفع بها صوتها إذا أمنت الفتنة. لقوله صلى الله عليه وسلم (أفضل الحج العج (1) والثج (2)).
.... يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
وله أن يقول: لا إله إلا الله.
(ب) عند دخول المسجد الحرام
* يدخل برجله اليمنى ويقول: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
* إذا رأى الكعبة رفع يديه إن شاء ويدعو بما تيسر له.
* ثم يبادر إلى الحجر الأسود فيقول:
بسم الله، الله أكبر .................
ويستلمه بيده، ويقبله بفمه، ويسجد عليه أيضا (كل حسب الاستطاعة) يفعل ذلك في كل طوفة من غير أن يزاحم.وإلا أشار إليه بيده وكبر.
* يبدأ الطواف .... جاعلا الكعبة عن يساره، فيطوف من وراء الحجر سبعة أشواط، من
الحجر إلى الحجر شوط.
وفي الأشواط كلها يضطبع (يعني يكشف منكبه الأيمن ويغطي الأيسر).
لكنه يرمل في الثلاثة الأولى، ويمشي في سائرها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/487)
*ويستلم الركن اليماني بيده، فإن لم يستطع فلا يشير إليه بيده (وبين الركن اليماني والحجر الأسود) يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
* ليس للطواف ذكر خاص فله أن يقرأ من القرآن (أو) إن نطق فلا ينطق إلا بخير.
لقوله صلى الله عليه وسلم: الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير.
* وإن كانت المرأة حائضا فلا تطوف حتى تطهر.
* وإذا انتهى الشوط السابع غطى كتفه الأيمن وانطلق إلى مقام إبراهيم عليه السلام.
(ج) بعد الطواف
* يجعل مقام إبراهيم عليه السلام بينه وبين الكعبة، ويصلي ركعتين.
يقرأ في الأولى: الفاتحة وقل يا أيها الكافرون.
ويقرأ في الثانية: الفاتحة وقل هو الله أحد.
ولا يمر بين يدي مصلي ولا يدع أحدا يمر بين يديه وهو يصلي.
* إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى ماء زمزم يشرب منها ويصب على رأسه.
* ثم يرجع إلى الحجر الأسود فيكبر ويستلمه ثم يعود ليسعى.
(د) السعي بين الصفا والمروة فالتحلل
* إذا اقترب من الصفا يقرأ قوله تعالى:
(إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم).
* يصعد على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها ويقول:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير. لا إاله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ....... (يقولها ثلاث مرات) ويدعو بعدها بما شاء.
* ثم ينزل ليسعى بين الصفا والمروة، فيمشي الى العلم الموضوع عن اليمين واليسار ويسمى بـ (الميل الأخضر) يسعى منه سعيا شديدا الى العلم الأخضر الثاني، والمرأة لا تسعى سعيا شديدا بل تمشي.
* ثم يصعد الى المروة، ويفعل ما فعل على الصفا، من استقبال للقبلة والتكبير والتوحيد والدعاء.
* ثم يعود ليسعى ويصعد إلى الصفا ويفعل ما فعل سابقا، وهكذا حتى يتم له سبعة أشواط، وهو يدعو وينتهي على المروة.
* فإذا انتهى قص شعر رأسه أو حلق، وتقص المرأة قدر أنملة، وبذلك تنتهي عمرة المتمتع،
وله بعدها أن يتحلل منتظرا يوم التروية للإحرام للحج.
ثانيا:
خطوات الحج
(1) يوم التروية، يوم الإهلال بالحج، الثامن من ذي الحجة.
* إذا كان يوم التروية أحرم وأهل بالحج فيفعل كما فعل عند الإحرام بالعمرة من الميقات. (من الاغتسال، والتطيب، ولبس الإزار والرداء، والتلبية ولا يقطع التلبية إلا عقب رمي جمرة العقبة). جمرة العقبة: هي الجمرة الكبرى وأقربهن إلى مكة.
* يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، حتى أهل مكة يحرمون من مكة.
* ثم ينطلق من منى فيصلي فيها الظهر، ويبيت فيها حتى يصلي سائر الصلوات الخمس قصرا دون جمع.
* يبيت في منى حتى الفجر.
(2) يوم عرفة، اليوم التاسع من ذي الحجة.
* إذا طلعت شمس يوم عرفة انطلق إلى عرفة وهو يلبي أو يكبر.
* ينزل في نمرة، وهو مكان قريب من عرفات وليس منها ويظل بها الى ما قبل الزوال إن تيسر له ذلك لفعله صلى الله عليه وسلم.
* إذا زالت الشمس رحل إلى عرنة (وهي قبيل عرفة) وفيها يخطب الإمام، ثم يصلي بالناس الظهر والعصر قصرا وجمعا، في وقت واحد وقت الظهر (يؤذن لهما أذانا واحداً وإقامتين)، ومن لم يتيسر له صلاتهما مع الإمام فليصلهما كذلك وحده أو مع من حوله.
* ثم ينطلق إلى عرفة فيقف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة إن تيسر له.
* يقف مستقبلا القبلة رافعا يديه يدعو، ويلبي، ويكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لقوله صلى الله عليه وسلم:
(أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة .. فذكره).
ولا يزال هكذا حتى تغرب الشمس.
(3) إذا غربت شمس يوم عرفة
* إذا غربت الشمس أفاض من عرفات الى المزدلفة بهدوء وسكينة.
* إذا وصل المزدلفة أذن وأقام وصلى المغرب والعشاء قصرا وجمعا، تقديما أو تأخيرا.
* ثم ينام حتى الفجر.
* فإذا تبين له الفجر صلى في أول وقته بأذان وإقامة، ولا بد من صلاة الفجر في المزدلفة لجميع الحجاج إلا الضعفة والنساء.
* يأتي المشعر الحرام (وهو جبل في المزدلفة) فيصعد عليه ويستقبل القبلة، فيحمد الله ويكبره ويهلله ويوحده ويدعو.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/488)
* قبل طلوع الشمس ينطلق الى منى وعليه السكينة وهو يلبي.
* إذا أتى بطن محسر (وهو من منى) أسرع السير إذا أمكنه.
* ثم يأخذ الطريق الوسطى التي تخرجه على الجمرة الكبرى (جمرة العقبة).
(4) يوم النحر، (العيد) اليوم العاشر من ذي الحجة
الرمي، النحر، الحلق، الطواف.
* يلتقط الحصيات التي يريد أن يرمي بها جمرة العقبة في منى.
* يستقبل الجمرة ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه.
* يرميها بسبع حصيات (أكبر من الحمصة قليلا) ويكبر مع كل حصاة.
* يقطع التلبية مع آخر حصاة.
* إذا انتهى من الرمي حل له كل شيء إلا النساء، ولو لم ينحر أو يحلق.
(لكن عليه أن يطوف طواف الإفاضة في اليوم نفسه، وإلا فإنه إذا أمسى ولم يطف عاد
محرما كما كان قبل الرمي فعليه أن ينزع ثيابه ويلبس ثوبي الإحرام) لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما لهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، قبل أن تطوفوا به).
* ثم يأتي المنحر في منى فينحر هديه، ووقت الذبح أربعة أيام العيد.
* ثم يحلق رأسه كله أو يقصره والأول أفضل.
* ثم يفيض من يومه إلى البيت، فيطوف به سبعا، إلا أنه لا يضطبع ولا يرمل، ويصلي، ثم يسعى بين الصفا والمروة.
وبالطواف يحل له كل شيء حتى نساؤه ثم يعود الى منى.
(5) أيام التشريق 11و12و13 من ذي الحجة
* يمكث أيام التشريق في منى بلياليها، يرمي فيها الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال بسبع حصيات لكل جمرة، يبدأ بالجمرة الأولى فإذا رماها، تقدم قليلا عن يمينه فيقوم مستقبلا القبلة قياما طويلا ويدعو ويرفع يديه.
* ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها كذلك، ثم يأخذ ذات الشمال فيقوم مستقبلا القبلة قياما طويلا، ويدعو ويرفع يديه.
*ثم يأتي الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة فيرميها ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ولا يقف عندها.
*يفعل كذلك في اليوم الثاني والثالث، وإذا انصرف في اليوم الثاني جاز له.
*فإذا قضى حوائجه وعزم على الرحيل فعليه أن يودع البيت بالطواف، فإذا انتهى من الطواف خرج مقدما رجله اليسرى قائلا: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم إني أسألك من فضلك.
..............
(1) العج: رفع الصوت بالتلبية، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حجته يصرخون بها صراخا.
(2) الثج: إراقة الدماء.
الرابط: http://www.aqsasalafi.com/vb/showthread.php?t=5294
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:18 م]ـ
أحاديث الحج المعلة للشيخ عبد العزيز الطريفي
من هنا: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=64401
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 11 - 07, 10:35 ص]ـ
فرصة الحج
طارق بن محمد الطواري
تاريخ إضافته: 27 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 2.9 MBytes ) - ( MP3 : 8.08 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64518&scholar_id=81&actioning=yes&dates=20071120
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:16 م]ـ
تنبيهات في الحج على الكتابة المسماة (افعل ولاحرج) للشيخ عبدالمحسن العباد رد على
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد اطلعت على رسالة توسَّع كاتبها في التيسير في أعمال الحج، سماها: " افعل ولا حرج "، استكثر فيها من التقريظات لها حتى أوشكت أن تساوي حجمها، إذ بلغت التقريظات (اثنتين وأربعين صفحة) من جملة صفحاتها البالغة (اثنتين ومائة صفحة)، ومن اطمأن إلى كتابته لا يحتاج إلى الاستكثار من التقريظات.
وقد رأيت التنبيه على أمور فيها نصحًا لكاتبها ولغيره ممن يطلع عليها:
التسمية باسم (الإسلام اليوم) تسمية غير سليمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/489)
الأول: ذكر كاتبها أنها نُشرت في موقع (الإسلام اليوم)، وفي بعض الصحف السيارة، ووضع على غلاف الرسالة: (16: كتاب الإسلام اليوم)، وهذه التسمية عجيبة غريبة، فإن الإسلام هو الإسلام: اليوم وبالأمس وغدًا، ولا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، ولا شك أن الحق والهدى في كل زمان ومكان فيما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
قال الإمام مالك - رحمه الله -: (لا يُصلح آخر هذه إلا ما أصلح أولها) عَزاه إليه القاضي عياض في " الشفا ": (2/ 72)، وابن تيمية في " مجموع الفتاوى ": (1/ 231).
وذكر الشاطبي في " الاعتصام ": (1/ 28) أن ابن الماجشون قال: سمعت مالكًا يقول: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة، لأن الله يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دًينَكُمْ، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا).
وما أجمل هذه الكلمة للإمام مالك - رحمه الله -، وهي قوله: (فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا)، والمعنى أن ما لم يكن دينًا في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يكون دينًا إلى قيام الساعة.
وهذه الكتابة المسماة " افعل ولا حرج " هي الكتاب السادس عشر من كتب ما سُمي (الإسلام اليوم)، وقد اشتملت على تهوين أمر المسائل الخلافية في الحج وانتقاء منها ما فيه ترخيص وتيسير غير منضبط ولو كان مرجوحًا أو شاذًا، وهي من التجديد غير السديد.
توسعه في الاستدلال بحديث: (افعل ولا حرج)
الثاني: قال الكاتب (ص 63): (ومع هذا جعل الله في الحج سعة لا توجد في غيره من العبادات، ومن هذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قُدًّم ولا أُخًّر إلا قال: افعل ولا حرج)، وهكذا يحسن أن يكون شعار المفتي فيما لا نص فيه أو في جنس ما أفتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -: افعل ولا حرج).
وأقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بأعمال يوم النحر الأربعة: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف، وقد حصل من بعض الصحابة - رضي الله عنهم - فعل بعضها على خلاف ترتيبه، فسألوه فأجابهم بأن لا حرج، وجاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن ذلك يوم النحر، وأنه ما سُئل عن شيء يومئذ إلا قال: (لا حرج).
وجاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ما يدل على أن ذلك كان في مساء يوم النحر.
فقد روى البخاري في " صحيحه ": (1735) عن ابن عباس قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسأل يوم النحر بمنى، فيقول: لا حرج، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج، قال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: لا حرج).
وروى البخاري: (1737) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: (أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم النحر، فقام إليه رجل فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا، ثم قام آخر فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا: حلقت قبل أن أنحر؟ نحرت قبل أن أرمي؟ وأشباه ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: افعل ولا حرج، لهن كلهن، فما سُئل يومئذ عن شيء إلا قال، افعل ولا حرج).
ورواه أيضاً مسلم: (3163)، ولفظه: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة، فقال: يا رسول الله! إني حلقت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، وأتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، قال: فما رأيته سُئل يومئذ عن شيء إلا قال: افعلوا ولا حرج).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/490)
فهذا الحديث عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - في الصحيحين فيه أن تلك الأسئلة حصلت يوم النحر عن تقديم وتأخير في أعمال يوم النحر، ولهذا قال: (فما سُئل يومئذ) أي يوم النحر، وهذا يخالف ما أطلقه الكاتب في قوله: (وهكذا يحسن أن يكون شعار المفتي فيما لا نص فيه أو في جنس ما أفتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -: افعل ولا حرج)!!
فركعتا الطواف محلهما بعد الطواف ولا يجوز تقديمهما عليه، وترتيب رمي الجمرات في أيام التشريق رمي الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها في أيام التشريق الثلاثة على هذا الترتيب، ولا يقال لمن خالف هذا الترتيب فرمى العقبة، ثم الأولى، ثم الوسطى: لا حرج، بل عليه أن يعيد رمي الوسطى، ثم العقبة ما دام في أيام التشريق، وإن لم يُعد رميها فيها فعليه دم.
ولا عبرة بقول من قال بإجزاء رمي من خالف ترتيبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لرمي الجمرات، لأنه - صلى الله عليه وسلم - رماها على هذا الترتيب في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة، ولو كان غير هذا الترتيب سائغًا لفعله - صلى الله عليه وسلم - في يوم واحد من الأيام الثلاثة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه). رواه مسلم: (3137).
وهو مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صلّوا كما رأيتموني أصلي). رواه البخاري: (631).
وعلى هذا فإن المطلوب من المفتي أن يكون شعاره أن يقول للسائل: اتَّبع سنّة نبيك - صلى الله عليه وسلم - وافعل كما فعل، ولا يرد على ذلك أن جملة من أعمال الحج من المستحبات، كتقبيل الحجر، واستلامه، واستلام الركن اليماني، وصلاة ركعتين خلف المقام بعد الطواف وغير ذلك، لأن رمي الجمرات على ترتيبه هو المطابق لفعله - صلى الله عليه وسلم - المتكرر في أيام التشريق الثلاثة.
وتسميته هذه الكتابة باسم " افعل ولا حرج " واضح في توسعه في الاستدلال بحديث: (افعل ولا حرج)، وأنه يشمل الأخذ بما جاء في هذه الكتابة من أقوال مرجوحة أو شاذة.
زعمه أن السنّة المحمدية تجمع التيسيرات المتفرقة في كتب الفقه
الثالث: قال الكاتب: (ص 64): (والسنّة المحمدية تجمع التيسيرات التي تفرقت في كتب الفقه، فإن من العلماء من يأخذ بهذه الرخصة ولا يأخذ بالأخرى، ومنهم من يأخذ بغيرها ويدع هذه، بينما السنّة وسعت ذلك كله).
وأقول: إن هذا الكلام عجيب غريب، فإن السنّة لا تسع ما جاء عن الفقهاء من تيسير أو تشديد، بل إن ما جاء عن الفقهاء يُعرض على الكتاب والسنّة، فما وافقهما أُخذ به وعُوًّل عليه، وما خالفهما تُرك وأُعرضَ عنه، ومن أقوال الفقهاء ما يكون شاذًا غير مستند إلى دليل، بل يكون مبنيًا على الرأي المجرد، ولهذا يذكر العلماء في تراجم بعض الرواة أنه عيب عليه الإفتاء بالرأي، مثل عثمان بن مسلم البتي.
قال عنه الحافظ في " التقريب ": (عابوا عليه الإفتاء بالرأي).
قال الإمام الشافعي كما في كتاب " الروح " لابن القيم: (ص 395): (أجمع الناس على أن من استبانت له سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد).
ومن كان من الفقهاء من أهل الاجتهاد فاجتهد للوصول إلى الحق فهو مأجور إن أصابه أو أخطأه مع تفاوت المصيب والمخطئ في الأجر، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). رواه البخاري: (7352)، ومسلم: (1716) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
وهذا الحديث يدل على أنه ليس كل مجتهد مصيبًا الحق، بل يدل على إصابته الأجر، ولو كان كل مجتهد في اختلاف التضاد مصيبًا حقًا لم يكن لتقسيم المجتهدين في هذا الحديث إلى مصيب ومخطئ معنى، وعلى هذا فمن العجب أن يقال: إن السنة وسًعت تيسيرات الفقهاء مع ما عُلم من أقوالهم فيها الصواب والخطأ، وهي قاعدة من الكاتب ليس لها قاعدة، وهي من التجديد غير السديد.
والحمد لله رب العالمين.
وكتبه الشيخ العلامة: عبد المحسن بن حمد العباد البدر
نشر بصحيفة الوطن الكويتية
يوم الإثنين 16 ذي القعدة 1428 هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/491)
و هاهو كتاب العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله "تنبيهات في الحج
على الكتابة المسماة افعل ولا حرج! " - رد على العودة
للتحميل كامل من هنا: http://ppc.fm/F@s1/tanbiat-hadj.zip
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 11 - 07, 12:38 م]ـ
و تزودوا فإن خير الزاد التقوى - الشيخ عبدالله الغديان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و أصحابه أجمعين.
الله سبحانه و تعالى ذكر هذه الجملة من الآيات التي في سياق قوله جل و علا) و أتموا الحج و العمرة لله ([البقرة: 196] , و قال هنا) و تزودوا فإن خير الزاد التقوى ([البقرة:197] و إذا نظرنا إلى هذه الجملة و جدنا أنها تتكون من الأمور الآتية:
أما الأمر الأول: فهو الآمر بتزود
و الثاني: المأمور بتزود
و الثالث: الزاد المأمور بتزود به.
و الرابع: هو التزود
و الخامس: هي العوارض التي تعرض للإنسان من جهة إعاقته عن هذا التزود إما كلياً أو في بعض الأحوال
و السادس: الأمور التي يعالج أو تعالج بها هذه العوارض.
سأتكلم على كل واحد منها علي سبيل الاختصار حسب الوقت و أترك كثيراً من الوقت للإجابة على الأسئلة.
أما الأمر الأول فهو الآمر بتزود , و الآمر بتزود هو الله جل و علا و هذا الآمر هو الذي بيده مقاليد السماوات و الأرض , و هذا بخلاف أي فرد من أفراد المخلوقين فإنه لا يملك لنفسه نفعاً و لا ضراً و موتاً و لا حياةً و نشورا , هذا الآمر نحتاج إلى أن نقف وقفتاً من جهة علاقة الآمر بالمأمور , إذا نظرنا إلى هذا الآمر وجدنا أنه قال في الحديث القدسي: (يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته) فإذاً هداية الدلالة هداية التوفيق و الإلهام هي بيد الله جل و علا , لو أن جميع أهل السماوات و أهل الأرض اجتمعوا على أن يهدوا شخصاً ما أراد الله هدايته لما استطاعوا , و لو اجتمعوا على أن يضلوا شخصاً ما أراد الله إضلاله لما استطاعوا , (كلكم ضالٌ إلا من هديته فستهدوني أهدكم) , و أنتم تقرءون في الصلاة كل يوم سبع عشرة مرة) إهدنا الصراط المستقيم (, (يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني) فإذاً الله سبحانه و تعالى مهما كاد الخلق أو مهما اجتمعوا على أن يوصلوا نفعاً إلى الله فإنهم لا يستطيعون لا إيقاع ضرر أدنى ضرر و لا أدنى نفع لماذا؟ لأنه كما قال جل و علا:) و ما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه ([الزمر:67] ,) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلقٍ نعيده وعداً علينا ([الأنبياء:104] و يقول أيضا: (يا عبادي كلكم جائع , فستطعموني أطعمكم) فإذاً جميع الأرزاق التي على وجه الأرض هي من فضله على خلقه , هذا هو الآمر بتزود (يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فستكسوني أكسكم) , (يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص ذلك من ملكي شيء) يعني لو أن الآن بنو آدم من خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة كلهم فجار ما نقص ذلك من ملكه شيء , (يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم) يعني كانوا كلهم صالحون (ما زاد ذلك في ملكي شيء) , فلو كانوا فجاراً لما نقص ملكه , و لو كانوا أتقياء لما زاد ذلك في ملكه شيء , (يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل واحدٍ منكم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيء إلا كما ينقص المخيط إذا ألقي في البحر) هذا هو الذي يقول) و تزودا ((يا عبادي إنكم تخطؤن بالليل و النهار و أنا أغفر الذنوب فستغفروني أغفر لكم) هذا هو الذي يقول لك) و تزودوا فإن خير الزاد التقوى ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) وكلّ الله بك في الليل و النهار ثمانية من الملائكة , كل واحد , ملكان من صلاة العصر إلى صلاة الفجر على يمينك واحد يكتب الحسنات و على يسارك واحد يكتب السيئات , و جعل الله ملكاً أمامك و ملكاً خلفك يحفظانك مما يضرك , و في أربعة من صلاة الفجر إلى صلاة العصر و هكذا , و كل يوم تحفظ فيه هذه الأعمال , هذا هو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/492)
الذي يقول لك) و تزودوا فإن خير الزاد التقوى (لأنه أمرك بهذا الأمر و هو المالك لك و هو المتصرف فيك , و هو الذي يعلم مصالحك في الدنيا و مصالحك في الآخرة , يعلم ما سيؤول الناس إليه يوم القيامة , يعلم من هو من أهل الجنة و يعلم من هو من أهل النار بالأعمال التي عملوها) أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون ([النحل:32] ,) و سيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها و قال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم و ينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى و لكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ([الزمر:71] هذا يقوله الله لنا في الدنيا , يبين فيه أن هذا الصنف من الناس قامت عليهم الحجة في الدنيا و لكنهم لم يعبؤ بها هذا هو الذي يقول لك) و تزودوا فإن خير الزاد التقوى (و لهذا يقول بعض العلماء لا تنظر إلى الطاعة و لكن أنظر إلى من أطعت و لا تنظر إلى المعصية و لكن أنظر إلى من عصيت فهذا بنظر إلى .. و في كلام كثير لكن كما قلت لكم غرضي من هذه النقطة هي أن تقوم عظمة الله في قلب العبد , ما دام أنه هو الذي يملك أمرك من جميع الوجوه , في دنياك و في آخرتك يملك هدايتك إلى الصراط المستقيم و يملك رزقك و يملك غفران ذنبك و يملك الرحمة بك , كل هذه يملكها , هذا هو الذي يقول لك) وتزودوا (نأتي إليك أيها العبد المأمور بالزاد , هل أنت الآن تزودت لآخرتك؟ أنت الآن في سفر أنت مسافر , الدنيا هذه بمنزلة بلد ستنتقل عنها حتماً في يومٍ من الأيام طال عمرك أو قصر , كان ملك الموت يأتي إلى الناس و يطرق الباب لقبض روح صاحب البيت , و جاء لموسى عليه السلام فلما جاء لموسى أهوى عليه موسى بيده ففقع عينه , هو يعلم أنه ملك الموت لأنه قال: ما الذي جاء بك؟ قال: أقبض روحك , فذهب ملك الموت إلى ربه و أخبره بما حصل , فردّ الله له عينه و قال له: (ارجع و أخبره أنني أعطيته بقدر ما تحت يده إذا وضعها على جلد ثور) يعني عدد هذا الشعر من السنين من طول العمر فرجع إليه و أخبره فقال: بعد هذا قال: آتي إليك و أقبض روحك قال: إذاً الآن.
و نوح عليه السلام مكث يدعوا قومه تسع مئة و خمسين سنة) فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما (و مات , و فرعون يقول أنا ربكم الأعلى يقول لأهل مصر أربع مئة و خمسين سنة و مات , لكن ما الفرق بين ميتة موسى عليه السلام و بين موت فرعون؟ فرعون , يقول الله جل و علا في شأنه) و جاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون بجنوده بغيا و عدواً (إلى أن قال:) حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل و أنا من المسلمين (ماذا قال الله له؟ قال الله له):آلآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ([يونس 91:90] أنجى الله بدنه طفح على سطح الماء لكن روحه و روح أتباعه الذين غرقوا معه ماذا قال الله فيهم؟ قال:) النار يعرضون عليها غدواً و عشيا ([غافر46] يعني من أخذت أرواحهم من أبدانهم إلى أن تقوم الساعة يعرضون على النار مرتين , و الرسول r يقول في نار الدنيا يقول: (ناركم هذه جزءٌ من سبعين جزءاً من نار جهنم) يعني من جهة الحرارة ,) النار يعرضون عليها غدواً و عشيا و يوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ([غافر46] و يقول:) يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار و بئس الورد المورود~ و أتبعوا في هذه لعنةً و يوم القيامة بئس الرفد المرفود ([هود99:98] فأنت يا عبد الله أمرت بتزود لكن هل أنت تتزود؟ أنت مأمور, هل قمت بهذه المسؤولية؟ لأنك مكلفٌ فيها من جهة الله , و هيأ الله لك كل ما تحتاج إليه) هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ([البقرة: 29] و كما ذكرت لكم في الحديث القدسي: (كلكم جائع إلا من أطعمته , كلكم عار إلا من كسوته) ,) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ([الذاريات:58] فأنت أنظر إلى نفسك هل امتثلت هذا الأمر؟ ما مقدار امتثالك؟ لأنك أنت المسؤل ,) و نضع الموازين القسط ليوم القيامة في تظلم نفس شيئا و إن كان مثقال حبة من خردلٍ أتينا بها و كفى بنا حاسبين ([الأنبياء: 47] فأنت أنظر إلى نصيبك من ناحية امتثالك لهذا الأمر, إذا نظرنا إلى الناس على وجه البسيطة وجدنا أنهم باعتبار الإمتثال وجدنا أنهم أصناف , الصنف الأول: ملم يعبأ بهذا الأمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/493)
إطلاقاً و تزود زاداً إلى النار يكون خالداً مخلداً فيها لا يخرج منها أبدا , فمن أشرك شركاً أكبر بجميع أنواعه أو كفراً أكبر بجميع أنواعه أو نفاقاً أكبر بجميع أنواعه و مات على ذلك و لم يتب فإن الله سبحانه و تعالى يدخله النار و لا يخرجه منها أبدا , كما قال في مواضع كثيرة لكني أشير إلى موضع يقول الله جل و علا:) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار (في أسفل طبقة لأن طبقات النار طبقة فوق طبقة , و أسهلها الطبقة العليا هي أخف أهل النار عذاباً , لكن هنا في المنافقين) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيرا ([النساء: 145] هذا صنف , الصنف الثاني: تزودوا زاد خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئا , يعني زادٍ إلى الجنة و زادٍ إلى النار لكن هؤلاء تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنهم و إن شاء عذبهم و أدخلهم الجنة , إلا من كان مشرك شرك أصغر فهذا لا يغفر الله له , لكن إما أن يقتص من حسناته و إما أن يدخله النار و يطهره , يبقى بعد ذلك الأمور التي بينك و بين الخلق من حقوق الخلق , حقوق الخلق هذه تكون خاصة بينك و بينهم ظلمت زوجتك ظلمتك ولدك ظلمت جارك ظلمت أي واحد من المسلمين كل شي مكتوب ,) إن الله لا يظلم مثقال ذرة و إن تك حسنةً يضاعفها ([النساء:40]) فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره و من يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره ([الزلزلة: 8:7] ,) و وضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرةً إلا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلم ربك أحدا ([الكهف:49] فأنت يا عبد الله أنظر إلى نصيبك من امتثال هذا الأمر و أعلم أن الأعمال التي تعملها سواءٌ كانت صالحةً أو كانت طالحة هي زادك إلى الآخرة , فإما أن يكون هذا الزاد زادٌ إلى النار و إما أن يكون زاد إلى الجنة ,لأنه لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها , فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنه و إن بناها بشرٍ خاب بانيها , فأنت في هذه الحياة إمتثالك بمنزلة الإنسان الذي يبني له بيتاً سيسكنه بعد نزع روحه من بدنه , إذا نزعت روحك من بدنك و وضعت في قبرك شاهدت جميع ما وقع منك في الدنيا من خيرٍ أو شر , إن كان صالحاً تمثل لك بأحسن صورة و إن كان قبيحاً تمثل لك عملك بأقبح صورة و صار هو قرينك في قبرك , فنتبه لنفسك , و قد جاء في الحديث اغتنم خمساً قبل خمس: (شبابك قبل هرمك , حياتك قبل موتك , صحتك قبل مرضك , فراغك قبل شغلك , غناك قبل فقرك) فأنظر إلى أطوار حياتك و تزود و امتثل , لأنك كما قال جل و علا في سورة الأحزاب:) إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبينّ أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا ([الأحزاب:72] و ما هي الأمانة؟ هذي هي أمانة الدين , أمانة العلم , أمانة القرآن , أمانة سنة الرسول صلى الله عليه و سلم , هذه هي الآن قلت أنا مستعد أتحملها , لكن تحملتها هل أديتها؟ ستسأل عنها يوم القيامة) فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين^ فلنقصّن عليهم بعلمٍ و ما كنا غائبين ([الأعراف7:6] ,) و يوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون^ حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم و أبصارهم و جلودهم بما كانوا يعملون ([فصلت20:19] إلى آخره ... إلى أن قال) و قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ([فصلت:21] يعني سمعك يشهد بما سمع , بصرك يشهد عليك بما رأى , يدك تشهد عليك بما بطشت فيها , جلدك يشهد عليك بما ماسه من الأمور المحرمة , جميع جوارك و جميع أجزاء بدنك تشهد عليك , أضف إلى ذلك الأرض , أي موقع من مواقع الأرض عصيت الله فيه سيشهد عليك يوم القيامة كما قال في سورة الزلزلة:) يومئذٍ تحدث أخبارها ([الزلزلة:4] و في سورة الدخان) فما بكت عليهم السماء و الأرض ([الدخان29] لماذا؟ يعني هذا في الكفار , إذا مات الكافر فإن الأرض لا تبكي عليه و مصاعد الأعمال لا تبكي عليه لماذا؟ لأنه لم يعمل حسنةً على وجه الأرض و لم يصعد له عملٌ صالحٌ إلى الله جل و علا , و إذا مات فإنه لا تبكي عليه الأرض و لا تبكي عليه مصاعد الأعمال , بخلاف المؤمن مواضع صلاته مواضع عباداته أذا فقدته فإنها تبكي عليه و مصاعد أعماله إلى الله إذا فقدته فإنها تبكي عليه , فأنت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/494)
يا عبد الله لازم إنك تنظر إلى نفسك من ناحية مقدار الإمتثال , إمتثال هذا الأمر فأنت المأمور بتزود , أنت مأمور بتزود لكن في المتزود به , المتزود به هو ما يخصك من هذه الشريعة , لأن الواجب في الشريعة على قسمين: فرض كفاية و فرض عين و أنت مسئول في فرض العين , فعليك أن تتنبه لنفسك بما أوجب الله عليك لازم إنك تتعلمه و لازم إنك تعمل فيه على الوجه الذي يرضي الله جل و علا و إلا فستسأل لماذا لم تتعلم؟ و لماذا لم تعمل؟ , فالقرآن شريعة عامة إلى يوم القيامة كما قال جل و علا:) تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ([الفرقان: 1] و قال في سورة الأنعام) و أوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به و من بلغ ([الأنعام:19]) و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً و نذيرا ([سبأ:28] , (بعثت إلى الأحمر و الأسود) فإذاً القرآن شريعة عامة للإنس و للجن , و أنت فرد من هؤلاء الأفراد , فهذا هو الشيء الذي أنت أمرت أن تأخذ زادك إلى الآخرة منه , و هو معصوم هذه الشريعة شريعةٌ معصومة , فأنظر ما علاقتك بأوامر الله و ما علاقتك بنواهيه , هل علاقتك بالأوامر أنك تسمع الأمر لكنك تخالفه , تسمع النهي و لكنك تخالفه , فهذا الآمر هو الله و الناهي هو الله , فهذا الأمر و هذا النهي هو الزاد الذي تتزود منه لآخرتك , يعني ما تتزود من قوانين وضعية و لا تتزود من قال فلان و قال فلان و قال علان , لا, تتزود من شريعةٍ معصومة ,) لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميد ([فصلت:42] فأنت فرد في هذه الدنيا , و فردٌ في قبرك , و فردٌ في جميع مواقف القيامة ,) يوم يفر المرء من أخيه^و أمه و أبيه^و صاحبته و بنيه^لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه ([عبس37:34] الأم تتمنى أن يكون لها حسنة على ولدها , و الولد يتمنى أن يكون له حسنة على أمه و هكذا ,) فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ و لا يتساءلون ([المؤمنون:101] الأنساب الموجودة في الدنيا و التعارف و التكاتف و الأشياء هذه كلها تنقطع يوم القيامة و كلٌ يقول نفسي نفسي لا أسألك إلا نفسي , فنتبه لنفسك و تزود من هذه الشريعة المعصومة ليكون زاد إلى ما يرضي الله.
كيفية التزود , هذا هو الرابع: كيفية التزود هو أنك تأتي بما كلفت به كما أمرت , و لهذا أنقسم الناس ثلاثة أقسام: القسم الأول سابق بالخيرات و القسم الثاني: مقتصد و القسم الثالث ظالمٌ لنفسه , جميع من على وجه الأرض لا يخرج أي واحد منهم عن أن يكون في قسمٍ من هذه الأقسام , فسابقون , السابق بالخيرات هذا فعل الأوامر , ترك النواهي , و ترك المتشابهات , و فعل المندوبات , و ترك المكروهات , هذه خمسة فعل المأمور فعل الواجب و ترك المحرم و فعل المندوب و ترك المكروه و ترك المتشابه , هؤلاء هم السابقون و هؤلاء هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب , و الصنف الثاني: هم المقتصدون , المقتصد هذا فعل الواجبات و ترك المحرمات , بس , الصنف الثالث: هذا الذي هو ظالمٌ لنفسه هذا يتخبط في هذه الحياة و يكون بمنزلة الذي سقط في بحرٍ لا يدرى هل يحكم السباحة و ينجو أم أنه يغرق و يهلك , فأنظر هل أنت من الصنف الأول أو من الصنف الثاني أو من الصنف الثالث , لأن الصنف الثالث يدخل فيه جميع الخلق الذين حصلت منهم مخالفات لكنهم يختلفون في المخالفات , كما ذكرت لكم في بداية الكلام يختلفون .......... و المقصود هنا أن يموت الإنسان على هذه الهيئة) يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ([آل عمران:102] فأنت أنظر إلى هذه الدرجات الثلاث هل أنت من الدرجة الأولى تكون محسناً تكون سابق بالخيرات محسن , أو تكون مؤمن تنزل درجة أقل أو أنك مثلاً تكون ظالم لنفسك و لا في أحد يبي ينفعك , عملك هذا لك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/495)
بعد ذلك العوارض التي تعرض لك علشان ما تستقيم , الله سبحانه و تعالى خلق آدم و أسكنه الجنة و جاء إبليس لما رآه , أمره الله بالسجود أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس , لما رآه في الجنة , لما رأى آدم أضمر له الحقد و العداوة , الله سبحانه و تعالى أباح لآدم و حوا أباح لهما أن يأكلا من جميع ثمار الجنة , إلا شجرة نهاهما عن الأكل منها , إبليس طلع في صورة العابد الصالح إلي ما عندك بأحسن منه , و جاء لآدم وقعد يشغل فكره ينصحه , قال تبيني أقترح عليك إقتراحاً إنك تاكل من شجرة ما تموت أبد أغواه حتى أكل , لما أكل عاقب الله آدم و زوجته ,) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة و عصى آدم ربه فغوى^ ثم اجتباه ربه فتاب عليه و هدا^ قال اهبطا منها ([طه:123:121] نشأة العداوة بين إبليس و بين آدم في الجنة إلى أن تقوم الساعة , و لهذا جاء في القرآن في مواضع كثيرة المقام ما يتسع لاستيعابها , لكن أذكر لكم بعض الأدلة منها يقول إبليس لربه:) فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ([ص: 82] و يقول:) لأحتنكن ذريته إلا قليلا ([الإسراء:62] يعني يحطهم فوق الحنك الأسفل و تحت الحنك الأعلى و يلوكهم يعني يتصرف فيهم كما يتصرف الآكل في الأكل , و هذا موجود و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله , و هذا كله بشغل إبليس ,) و ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ([يوسف:103] ما في أحد على وجه يحصل منه ضلال أو يحصل منه معصية بترك واجب أو فعل محرم إلا و إبليس هو الذي يشتغل عنده , إذاً العارض الأول هو إبليس , و إبليس يتخذ مع الإنسان مراحل , إن استطاع إنه يخرجه عن الدين مشرك أو كافر أو منافق أو أنه يحمله على ترك واجب أو يحمله على فعل محرم , و بعد ذلك يقعد يضحك عليه , مافي واحد من بني آدم إلا و معه ولد من أولاد إبليس , يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: (ما منكم من أحدٍ إلا و معه شيطان قالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا إلا أن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلى بخير)
فما في واحد من بني آدم صغير أو كبير إلا و معه واحد من أولاد إبليس و وظيفة هذا الولد إنه يضلك عن سبيل الله , بقدر ما يستطيع , و لهذا جميع الجرائم إلي إتحصل في المجتمعات كلها من تسويل أولاد إبليس , الثاني , العارض الثاني: شيطان الإنس و هم قرناء السوء , قرناء السوء لأن هذولا تلاميذ لإبليس يستخدمهم.
الثالث: النفس الأمارة بالسوء , الرابع: الهوى , الخامس: الإغراق بالدنيا , لأن الإغراق بالدنيا ينسيك الآخرة و كذلك الإنسان إذا أغرق في الدنيا , يعني انتفا عنه الورع , و صار يتخبط يأكل الحلال و الحرام و الأشيا هذه كلها تأثر عليه , هذه عوارض كل عارض منها يعوقك عن العمل الصالح , لكن ما هو العلاج؟ العلاج هو بالنسبة لشيطان الجن تعصيه , شيطان الإنس تعصيه , النفس الأمارة بالسوء تعصيها , و كذلك بالنظر إلى الهوى تخالفه (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) فتعصي هذه الأمور كلها تخالفها , و تحرص على أن يكون الكسب طيب من جهة المال حتى تؤجر على كسبه و تؤجر على إنفاقه.
نأتي بعد ذلك إلى كلمة مختصرة في الآخر وهي النتيجة إلي تترتب على هالمراحل كلها ماهي , النتيجة هي تكون عند الخاتمة إما أن يختم لك بخاتمة حسنة و تذهب روحك إلى الجنة أو أنه يختم لك بخاتمةٍ سيئة و تذهب روحك إلى النار, بس , فأنت لا تظن إنك خلقت من أجل إنك تشتغل في هالدنيا و تكسب و تأكل و تشرب و تعمل ما تريد , لا , أنت خلقت لأمرٍ عظيم و خالقك عظيم , و عليك مسؤولية عظيمة و ستسأل فإنك في فترة إمتحان كما قال جل و علا:) تبارك الذي بيده الملك و هو على كل شيءٍ قدير الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ([الملك:1] و أنت يا عبد الله إذا جاء يوم القيامة و نظرت إلى الناس ذلك يوم التغابن, ما من أحدٍ يوم القيامة إلا و يندم , المحسن يندم على عدم إكثاره من الحسنات , و المسيء يندم على ما قدمه من إساءة, فأنت إحرص بقدر ما تستطيع سلوك الطريق المستقيم , و إذا حصل منك زلل إنت منت بمعصوم , إذا حصل منك زلل فباب التوبة مفتوح من جميع الذنوب) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ([الزمر:53] , في سورة الأنفال) قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ([الأنفال: 38] يقول للكفار توبوا من كفركم و أنا أغفر ذنوبكم , و حسناتكم التي عملتموها في الكفر أنا أسجلها لكم و أجازيكم بها يوم القيامة , يعني يغفر السيئات و يعتبر الحسنات التي عملوها في الكفر, فيحتاج بس الإنسان إلى إنه يلتفت إلى نفسه و كما ذكرت لكم في البداية أنني سأتكلم عن كل واحد منها على حسب قدر الوقت , و أسأل الله سبحانه و تعالى أن يوفقني و إياكم لما يحبه و يرضاه من القول و العمل و القصد أنه ولي ذلك و القدر عليه , و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و أصحابه أجمعين.
تفريغ من شريط و تزودوا فإن خير الزاد التقوى
الرابط: http://www.al-sunna.net/articles.php?ID=560&do=view
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/496)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[27 - 11 - 07, 09:29 م]ـ
أخلاقيات حاج
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: " الركب كثير والحاج قليل".
أخي الحاج: يا من فضلك الله واصطفاك على كثير من خلقه وأنعم عليك بنعمة الحج، كم من راكب للحج أنفق وتعب ولكن تسبب بأفعاله بما ينقص من أجره المأمول، لذا يا من يريد سلامة الوصول ولقاء الله بعمل مقبول عليك أن تكون حاجاً حقيقياً، وليس راكباً فعل أفعال الحجيج والله أعلم بما نال من أجر.
اعلم يا رعاك الله أنّ الأجر المأمول من وراء الحج المقبول بينه سيد الخلق وخير بني آدم بقوله فيما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»، وفي رواية له أيضًا: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» وعند مسلم نحوه.
قوله في رواية البخاري: «من حج لله» أي: ابتغاء وجه الله، وطلبًا لرضاه. والمراد الإخلاص في العمل، بأن لا يكون قصده الأول والأوحد في الأساس تجارة، أو سياحة، أو شبه ذلك.
فالنيات تجارة العلماء، وبالنية الصالحة ينال المسلم الأجر الوفير الجزيل بالعمل القليل. وكم من مصلين في صف واحد ترفع أحدهم صلاته درجات ودرجات والآخر تلقى في وجهه يوم القيامة صارخة، مع أنّهما أديا نفس الحركات ومع نفس الإمام بدئا سويا وختما سوياً ولكن الفرق الكبير بينهما بشيء وقر في القلوب فتمكن من قلب المؤمن فخلصت النية وصلح العمل وأينعت الثمرة. وكذا في الحج أخي الكريم وأختي المباركة، كم من قافلة من الحجيج يخرجون من بيوتهم في نفس التوقيت ويقطعون الفيافي والقفار وينفقون ويؤدون المناسك وينتهون سوياً ولكن رجل يرجع من حجه كيوم ولدته أمه ورجل لا يرفع له دعاء واحد إلى السماء بسبب نفقة حرام أو نفاق نبت في القلب أو رياء طرأ على العمل، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنّ الله طيب لا يقبل إلاّ طيباً، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومأكله حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك».
فاحذر أخي والتمس رحمة الله إنّ رحمة الله قريب من المحسنين.
واعلم يارعاك الله أنّ النية الصالحة وحدها لا تصلح العمل الفاسد، فصلاح العمل وقبوله يتوقف على شرطين: إخلاص النية وإخلاص المتابعة بأن تعبد الله كما أمرك، أي أن تتعلم أحكام الحج كما فعلها نبيك المختار عليه أفضل الصلوات والتسليمات، وهو القائل صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي في السنن الكبرى: «خذوا عني مناسككم».
فعليك بالسؤال عن كل كبيرة وصغيرة من أحكام الحج قبل سفرك حتى تؤدي عبادتك سليمة غير فاسدة صحيحة غير باطلة.
قالوا: و (الرفث): اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع؛ وبه فسروا قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة:187] وقيل: (الرفث): التصريح بذكر الجماع؛ وقال بعض أهل اللغة: (الرفث) كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة؛ وكان عمر و ابن عباس رضي الله عنهما، يخصصانه بما خوطب به النساء. وإذا كان جمهور أهل العلم - كما قال ابن حجر - قد فسروا الرفث في الآية بأنّه الجماع، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ اللفظ في الحديث أعم من ذلك؛ وفي هذا يقول الحافظ ابن حجر في (الفتح): "والذي يظهر أنّ المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في الصيام: «فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث» [متفق عليه] ". وعلى هذا، فالمقصود بـ (الرفث) في الحديث: الجماع، ومقدماته، وكل كلام فاحش.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/497)
فاحذر أخي الحاج وابتعد بنفسك عن مواطن الفتن والنظر المحرم، فكما نعلم جميعاً موسم الحج موسم للأمة الإسلامية جمعاء، فيه الزحام وفيه الاختلاط الذي يصعب تفاديه وما هذا إلاّ اختبار لك على الصبر والتقوى، فاتق الله واحذر أن تقع العين على محرم أو يهمس الشيطان في أذنك بلمسة محرمة أو أن يقل صبرك فتأتي أهلك وتفسد حجك، فالصبر والتقوى مع النية الصالحة والعمل السليم مفتاح الفلاح والقبول إن شاء الله.
وإيّاك والقول البذيء أو ردة الفعل الطائشة نتيجة الزحام ولكن ارحم الكبير وأشفق على الصغير وتحمل الضعيف من الرجال والنساء والولدان.
وأمّا (الفسوق) فهو في الأصل الخروج؛ يقال: انفسقت الرطبة، إذا خرجت، فسمي الخارج عن الطاعة فاسقًا؛ والمقصود به هنا فعل المعصية؛ إذ هي خروج عن الطاعة. وقوله عليه الصلاة والسلام: «ولم يفسق» المراد به: العصيان، وترك أمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق. والمعنى: لم يخرج عن حد الاستقامة، بفعل معصية، أو جدال، أو مراء، أو ملاحاة رفيق أو صديق.
فإيّاك إيّاك أن تخلط حجك بغيبة أو نميمة تظنها تسلية أو مضيعة وقت، وإيّاك أن تخلط حجك بسماع محرم لغناء أو مشاهدة ما حرم الله أو أن تخلط حجك بسيجارة، أو أذية لمسلم أو تضييق على مسلم بالنظر إلى محارمه وعوراته، أو التسبب في إيذاء المسلمين بالتسرع في المزاحمة والعنف في التعامل، فابتعد عن جنس كل فسق ينقص من أجرك حفظك الله.
واتبع قول الله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:197].
عن ابن مسعود قال: "الجدال في الحج أن تماري صاحبك حتى تغضبه". وبذلك قال أبو العالية وعطاء ومجاهد وسعيد ابن جبير وعكرمة وغيرهم. ومن أجل ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، فابتعد أخي الكريم أختي الكريمة عن كل مراء يجر إلى الخصام أو المغاضبة واعلم أنّ ذلك من أسباب نقصان الأجر ولتكن سهل المعشر لين الجانب لإخوانك.
ومعنى (كيوم ولدته أمه) أي: بغير ذنب؛ قال ابن حجر: "وظاهر الحديث غفران الصغائر والكبائر والتبعات".
فهنيئاً لك مقدماً أخي الحاج ولادة جديدة وطهارة ونقاء ومغفرة وصفاء، فلتكن بداية جديدة لصفحة سعيدة تظل بيضاء صافية مليئة بجواهر الفعال الصالحة إلى أن تلق الله بقلب سليم، ساعتها أبشر ببياض الوجه يوم تبيض وجوه الصالحين وأبشر بالنور يوم يبحث المنافق والكافر ويلتمسه فلا يجده، فأبشر بخير ومن الآن فالتوبة من كل ذنب سابق والإقلاع والعزم على عدم العودة يا مولود الإسلام الطاهر النقي.
وأخيراً أهمس في أذن من استطاع الحج ولم ينو الحج يكفيك أثر عمر بن الخطاب التالي:
"لقد هممت أن أبعث رجالا إلى الأمصار فينظرون إلى كل من عنده جدة ولن يحج فيضرب عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين".
فيا ضيوف الرحمن ويا آمين البيت الحرام تقبل الله منّا ومنكم وغفر لنا ولكم وجعلنا من المقبولين الذين يرجعون من الحج كيوم ولدتهم أمهاتهم.
وأسأله تعالى أن يردكم إلى أهلكم سالمين غانمين وأن يسهل عليكم سفركم ويرعاكم في حلكم وترحالكم.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[28 - 11 - 07, 10:15 ص]ـ
أحكام ومناسك الحج
علي بن عمر بادحدح
تاريخ إضافته: 28 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 7.14 MBytes )
لحفظ او للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64539&scholar_id=158&actioning=yes&dates=20071121
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[28 - 11 - 07, 06:20 م]ـ
معنى: (الحج عرفة).
سؤال:
ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)؟
الجواب:
الحمد لله
"معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة): أنه لا بد في الحج من الوقوف بعرفة، فمن لم يقف بعرفة فقد فاته الحج، وليس معناه أن من وقف بعرفة لم يبق عليه شيء من أعمال الحج بالإجماع، فإن الإنسان إذا وقف بعرفة بقي عليه من أعمال الحج كالمبيت بمزدلفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، والمبيت في منى، ولكن المعنى: أن الوقوف بعرفة لابد منه في الحج، وإن لم يقف بعرفة فلا حج له، ولهذا قال أهل العلم: من فاته الوقوف فاته الحج" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/ 24).
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:12 ص]ـ
نسائم الحج (مرئي)
محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: حلقة ماتعة يتناول فيها فضيلة الشيخ شرح عملي لمناسك الحج.
تاريخ إضافته: 28 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج فضفضة - قناة الناس الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 101.2 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64564&scholar_id=76&actioning=yes&dates=20071122
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/498)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:16 ص]ـ
حجة الوداع (مرئي)
أبو إسحاق الحويني
تاريخ إضافته: 28 - 11 - 2007
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64563&scholar_id=32&actioning=yes&dates=20071122
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:19 ص]ـ
خطبة عيد الأضحى المبارك 1427 هجري (مرئي)
ياسر برهامي
تاريخ إضافته: 28 - 11 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 21.3 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64560&scholar_id=96&actioning=yes&dates=20071122
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:22 ص]ـ
شرح مفصل لمناسك الحج (مرئي)
محمد حسان
نبذة عن المحاضرة: حلقة هامة ماتعة يقوم فيها فضيلة الشيخ بشرح مفصل لمناسك الحج، وقد تم بث هذه الحلقة على قناة الرحمة ليلة الثلاثاء الموافق 16 ذي القعدة 1428 هجري.
تاريخ إضافته: 28 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج فتاوي الرحمة - قناة الرحمة الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 72.29 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64565&scholar_id=28&actioning=yes&dates=20071122
ـ[مصعب الخضير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:07 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ,, نفع الله بكم ..
وهناك كتاب للعلامة ابن باز رحمه الله فتاوى ومقالات في الحج والعمرة .. جمعها الشيخ الدكتور عبدالله الطيار حفظه ووفقه ..
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[30 - 11 - 07, 04:26 ص]ـ
رسالة إلى الحجاج (مرئي)
محمد حسان
نبذة عن المحاضرة: حلقة هامة يشرح فيها فضيلة الشيخ مناسك الحج بالتفصيل ,ويجيب على العديد من الأسئلة حول الحج والمناسك.
تاريخ إضافته: 30 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: قناة الناس الفضائية - 1427 هجري
حجم الملفات: ( RM : 64.72 MBytes )
للحفظ أو للاستماع: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64571&scholar_id=28&actioning=yes&dates=20071123
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[01 - 12 - 07, 05:18 ص]ـ
ذكرياتي في الحج ..... دروس وعبر (مرئي)
محمد حسين يعقوب
من إنتاج: فريق عمل إذاعة طريق الإسلام
تاريخ إضافته: 30 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج فضفضة - قناة الناس الفضائية 1427 هجري
حجم الملفات: ( RM : 68.89 MBytes )
للحفظ أو للاستماع: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64569&scholar_id=76&actioning=yes&dates=20071124
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[02 - 12 - 07, 04:45 ص]ـ
الحج ........ ولماذا نحج؟ (مرئي)
محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: لقاء ماتع مع فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب وفضيلة الشيخ عبد المعبود حسن وفضيلة الشيخ عبد الفتاح الزيني.
تاريخ إضافته: 02 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج سهرة إيمانية - قناة الناس الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 89.07 MBytes )
لحفظ أو الاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64590&scholar_id=76&actioning=yes&dates=20071125
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[02 - 12 - 07, 04:52 ص]ـ
أحكام الحج والعمرة (مرئي)
محمد الحسن الددو الشنقيطي
من إنتاج: موقع فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطى
تاريخ إضافته: 02 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 33.02 MBytes )
لحفظ أو الاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64589&scholar_id=549&actioning=yes&dates=20071125
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[02 - 12 - 07, 04:53 ص]ـ
الحج ........ ولماذا نحج؟ (مرئي)
محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: لقاء ماتع مع فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب وفضيلة الشيخ عبد المعبود حسن وفضيلة الشيخ عبد الفتاح الزيني.
تاريخ إضافته: 02 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج سهرة إيمانية - قناة الناس الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 89.07 MBytes )
لحفظ أو الاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesso...&dates=20071125
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[02 - 12 - 07, 05:00 ص]ـ
أحكام الحج والعمرة (مرئي)
محمد الحسن الددو الشنقيطي
من إنتاج: موقع فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطى
تاريخ إضافته: 02 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 33.02 MBytes )
لحفظ أو الاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64589&scholar_id=549&actioning=yes&dates=20071125
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[03 - 12 - 07, 04:53 ص]ـ
مناسك الحج ...... خطوة خطوة (مرئي)
ملفات متنوعة
نبذة عن المحاضرة: فيلم تعليم مناسك الحج بالتفصيل.
تاريخ إضافته: 03 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: قناة الحكمة الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 42.63 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64612&scholar_id=82&actioning=yes&dates=20071126
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/499)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:20 ص]ـ
أفضل أيام الدنيا ... العشر الأول من ذي الحجة
محمد إسماعيل المقدم
نبذة عن المحاضرة: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا مِنْ أيَّامٍ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام)) يعني أيام العشر. قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قَالَ: ((وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ)) رواه البخاري.
وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه -، قَالَ: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: ((يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ)) رواه مسلم.
تاريخ إضافته: 04 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: مسجد الفتح الإسلامى بالإسكندرية
حجم الملفات: ( RM : 1.53 MBytes ) - ( MP3 : 4.27 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64649&scholar_id=33&actioning=yes&dates=20071127
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:27 ص]ـ
بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق وما ورد في ذلك من آيات وأحاديث وآثار:ابن باز
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد [1]:
فإني أشكر الله عز وجل على ما منَّ به من هذا اللقاء بإخوة في الله وأبناء أعزاء للتواصي بالحق والتذكير به والدعوة إليه، والنصح لله ولعباده. أسأل الله أن يصلح قلوبنا جميعاً، وأعمالنا وأن يمنحنا جميعاً وجميع المسلمين الفقه في الدين، والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً في كل مكان، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يوفق حكام المسلمين جميعاً للتمسك بشريعته، والحكم بها، وإلزام الشعوب بها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ثم أشكر إخواني القائمين على هذا النادي، وعلى رأسهم الأخ الكريم صاحب الفضيلة الدكتور راشد الراجح مدير جامعة أم القرى ورئيس النادي، على دعوتهم لي لهذه المحاضرة وعنوانها: حرمة مكة المكرمة ومكانة البيت العتيق، وما ورد في ذلك من الآثار.
أيها الأخوة في الله: لا يخفى على كل من له أدنى علم، وأدنى بصيرة حرمة مكة، ومكانة البيت العتيق، لأن ذلك أمر قد أوضحه الله في كتابه العظيم في آيات كثيرة، وبينه رسوله محمد عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة، وبينه أهل العلم في كتبهم ومناسكهم، وفي كتب التفسير. والأمر بحمد الله واضح ولكن لا مانع من التذكير بذلك والتواصي بما أوجبه الله من حرمتها والعناية بهذه الحرمة، ومنع كل ما يضاد ذلك ويخالفه، يقول الله عز وجل في كتابه المبين: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [2]، أوضح الله سبحانه في هذه الآيات أن البيت العتيق، وهو أول بيت وضع للناس وأنه مبارك، وأنه هدى للعالمين، وهذه تشريفات عظيمة، ورفع لمقام هذا البيت، وتنويه بذلك. وقد ورد في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي صل الله عليه وسلم عن أول بيت وضع للناس، فقال عليه الصلاة والسلام: ((المسجد الحرام)) قلت: ثم أي؟ قال: ((المسجد الأقصى)) قلت: كم بينهما؟ قال: ((أربعون عاماً)) قلت: ثم أي؟ قال: ((حيثما أدركتك الصلاة فصل، فإن ذلك مسجد)) [3]، ويبين هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ... )) [4] الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(85/500)
هذا البيت العتيق هو أول بيت وضع للناس للعبادة والطاعة، وهناك بيوت قبله للسكن، ولكن أول بيت وضع للناس ليعبد الله فيه، ويطاف به، هو هذا البيت، وأول من بناه هو خليل الله إبراهيم عليه السلام، وساعده في ذلك ابنه إسماعيل. أما ما روي أن أول من عمره هو آدم فهو ضعيف، والمحفوظ والمعروف عند أهل العلم أن أول من عمره هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأول بيت وضع بعده للعبادة هو المسجد الأقصى على يد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وكان بينهما أربعون سنة، ثم عمره بعد ذلك بسنين طويلة سليمان نبي الله عليه الصلاة والسلام، وهذا البيت العتيق هو أفضل بيت، وأول بيت وضع للناس للعبادة، وهو بيت مبارك لما جعل الله فيه من الخير العظيم بالصلاة فيه، والطواف به، والصلاة حوله والعبادة، كل ذلك من أسباب تكفير الذنوب، وغفران الخطايا، قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [5]. فالله سبحانه قد جعل هذا البيت مثابة للناس يثوبون إليه، ولا يشبعون من المجيء إليه، بل كلما صدروا أحبوا الرجوع إليه، والمثابة إليه، لما جعل الله في قلوب المؤمنين من المحبة له والشوق إلى المجيء إليه، لما يجدون في ذلك من الخير العظيم، ورفيع الدرجات، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، ثم جعله آمناً يأمن فيه العباد، وجعله آمناً للصيد الذي فيه، فهو حرم آمن، يأمن فيه الصيد الذي أباح الله للمسلمين أكله خارج الحرم، يأمن فيه حال وجوده به، حتى يخرج لا ينفر ولا يقتل. ويقول سبحانه: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [6] يعني وجب أن يؤمن، وليس المعنى أنه لا يقع فيه أذى لأحد، ولا قتل، بل ذلك قد يقع، وإنما المقصود أن الواجب تأمين من دخله، وعدم التعرض له بسوء. وكانت الجاهلية تعرف ذلك، فكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يؤذيه بشيء حتى يخرج، فهذا البيت العتيق، وهذا الحرم العظيم، جعله الله مثابة للناس وأمناً، وأوجب على نبيه إبراهيم وإسماعيل أن يطهراه للطائفين والعاكفين والركع السجود أي المصلين، وقال في الآية الأخرى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [7]. والقائم هنا هو المقيم وهو العاكف، والطائف معروف، والركع السجود هم المصلون. فالله جلت قدرته أمر نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل أن يطهرا هذا البيت، وهكذا جميع ولاة الأمور، يجب عليهم ذلك، ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يوم فتح مكة، وأخبر أنه حرم آمن، وأن الله حرمه يوم خلق السموات والأرض، ولم يحرمه الناس، وقال: لا ينفر صيده، ولا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، ولا يسفك فيه دم، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرِّف، ويعني عليه الصلاة والسلام بهذا حرمة هذا البيت، فيجب على المسلمين، وعلى ولاة الأمور، كما وجب على إبراهيم وإسماعيل والأنبياء وعلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم أن يحترموه ويعظموه، وأن يحذروا ما حرم الله فيه من إيذاء المسلمين، والظلم لهم، والتعدي عليهم حجاجاً أو عماراً أو غيرهم. فالعاكف: المقيم، والطائف: معروف، والركع السجود: هم المصلون. فالواجب تطهير هذا البيت للمقيمين فيه، والمتعبدين فيه، وإذا وجب على الناس أن يحترموه، وان يدفعوا عنه الأذى، فالواجب عليهم أيضاً أن يطهروا هذا البيت، وأن يحذروا معاصي الله فيه، وأن يتقوا غضبه وعقابه، وأن لا يؤذي بعضهم بعضاً، ولا أن يقاتل بعضهم بعضاً، فهو بلد آمن محترم يجب على أهله أن يعظموه وأن يحترموه، وأن يحذروا معصية الله فيه، وأن لا يظلم بعضهم بعضاً، ولا يؤذي بعضهم بعضاً، لأن السيئة فيه عظيمة كما أن الحسنات فيه مضاعفة. والسيئات عند أهل العلم والتحقيق تضاعف لا من جهة العدد، فإن من جاء بالسيئة فإنما يجزى مثلها، ولكنها مضاعفة بالكيفية. فالسيئة في الحرم ليست مثل السيئة في خارجه، بل هي أعظم وأكبر، حتى قال الله في ذلك: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [8] ومن يرد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/1)
فيه أي يهم فيه ويقصد. فضمَّن يُرِدْ معنى يَهُمُّ ولهذا عدَّاه بالباء، بقوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم}، أي من يهم فيه بإلحاد بظلم. فإذا كان من همَّ بالإلحاد أو أراده استحق العذاب الأليم، فكيف بمن فعله؟ إذا كان من يهمُّ ومن يريد متوعداً بالعذاب الأليم، فالذي يفعل الجريمة، ويتعدى الحدود فيه من باب أولى في استحقاقه العقاب، والعذاب الأليم. ويقول جل وعلا في صدر هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} وهذا يبين لنا أنه محرم، وأنه لا فرق فيه بين العاكف وهو المقيم، والباد وهو الوارد والوافد إليه من حاج ومعتمر وغيرهما. وهذا هو أول الآية في قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم}، وبين جل وعلا عظمة هذا المكان، وأن الله جعله آمناً وجعله حرماً، ليس لأحد من المقيمين فيه ولا من الواردين إليه، أن يتعدى حدود الله فيه، أو أن يؤذي الناس فيه. ومن ذلك يعلم أن التعدي على الناس وإيذائهم في هذا الحرم الآمن بقول أو فعل من أشد المحرمات المتوعد عليها بالعذاب الأليم، بل من الكبائر.
ولما فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، خطب الناس وقال: ((إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، ولم يحرمه الناس، وإن الله جل وعلا لم يحله لي إلا ساعة من نهار، وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالأمس، فليبلغ منكم الشاهد الغائب)) [9]، وقال: ((إنه لا يحل لأحد أن يسفك فيه دماً، أو يعضد فيه شجرة، ولا ينفر صيده، ولا يختلى خلاه، ولا تلتقط لقطته إلا لمنشد)) [10] أي معرف. فإذا كان الصيد والشجر محترمين فيه، فكيف بحال المسلم؟ فمن باب أولى أن يكون تحريم ذلك أشد وأعظم فليس لأحد أن يحدث في الحرم شيئاً مما يؤذي الناس لا بقول ولا بفعل، بل يجب أن يحترمه، وأن يكون منقاداً لشرع الله فيه، وأن يعظم حرمات الله أشد من أن يعظمها في غيره، وأن يكون سلماً لإخوانه يحب لهم الخير، ويكره لهم الشر، ويعينهم على الخير وعلى ترك الشر ولا يؤذي أحداً لا بكلام ولا بفعل، ثم قال جل وعلا في سورة آل عمران: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [11]. فالله جعل فيه آيات بينات، وهي التي فسرها العلماء بمقام إبراهيم، أي مقامات إبراهيم، لأن كلمة مقام لفظ مفرد مضاف إلى معرفة فيعم جميع مقامات إبراهيم، فالحرم كله مقام إبراهيم تعبَّد فيه، ومن ذلك المشاعر عرفات والمزدلفة ومنى، كل ذلك من مقام إبراهيم، ومن ذلك الحجر الذي كان يقوم عليه وقت البناء، والذي يصلي إليه الناس الآن كلهم من مقامات إبراهيم. ففي ذلك ذكرى لأولياء الله المؤمنين، ليتأسوا بنبي الله إبراهيم، كما أمر الله نبينا محمداً بذلك في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [12] فأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يتبع ملة إبراهيم الخليل أبي الأنبياء جميعاً. ونبي الله محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل جميعاً، وأكملهم بلاغاً ونفعاً للناس، وتوجيهاً لهم إلى الخير، وإرشاداً لهم إلى الهدى، وأسباب السعادة.
فالواجب على كل مسلم من هذه الأمة أن يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم في أداء الواجبات، وترك المحرمات، وكف الأذى عن الناس، وإيصال الخير إليهم. فمن الواجب على ولاة الأمور من العلماء أن يبينوا وأن يرشدوا، والواجب على ولاة الأمور من الأمراء والمسؤولين أن ينفذوا حكم الله، وينصحوا، وأن يمنعوا كل من أراد إيذاء المسلمين في مكة من الحجاج والعمار وغيرهم كائناً من كان من الحجاج أو من غير الحجاج، من السكان أو من غير السكان، من جميع أجناس الناس. يجب على ولاة الأمور تجاه هذا الحرم الشريف، أن يصونوه وأن يحفظوه، وأن يحموه من كل أذى كما أوجب الله ذلك، وأوجبه نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك يعلم أن ما حدث في العام الماضي عام 1407هـ من بعض حجاج إيران من الأذى، أمر منكر، وأمر شنيع لا تقره شريعة ولا يقره ذو عقل سليم، بل شريعة الله تحرم ذلك، وكتاب الله يحرم ذلك وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تحرم ذلك. وهذا ما بينه أهل العلم وأجمعوا عليه من وجوب احترام هذا البيت وتطهيره من كل أذى، وحمايته من كل معصية، ومن كل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/2)
ظلم، ووجوب تسهيل أمر الحجيج والعمار وإعانتهم على الخير، وكف الأذى عنهم، وأنه لا يجوز لأحد أبداً لا من إيران ولا من غير إيران أن يؤذوا أحداً من الناس، لا بكلام ولا بفعال ولا بمظاهرات ولا بمسيرات جماعية تؤذي الناس، وتصدهم عن مناسك حجهم وعمرتهم، بل يجب على الحاج أن يكون كإخوانه المسلمين في العناية بالهدوء والإحسان إلى إخوانه الحجاج وغيرهم، والرفق بهم وإعانتهم على الخير والبعد عن كل أذى.
هكذا يجب على الحجيج من كل جنس، ومن كل مكان طاعة لله عز وجل، وتعظيماً لبيته العتيق، وإظهاراً لحرمة هذا المكان العظيم: مكة المكرمة وتنفيذاً لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وسيراً على منهج رسوله، ومنهج أصحابه رضي الله عنهم. هذا هو الواجب على الجميع، وهذا الأمر بحمد الله واضح لا يخفى على أحد، وإنما يؤذي الناس في هذا البيت العتيق من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، أو من كان يجهل أحكام الله أو يقصد ظلم العباد، فيكون عليه من الوزر ما يستحق بسبب إيذائه وظلمه. وأما من آمن بالله واليوم الآخر، إيماناً صحيحاً، فإن إيمانه يردعه عن كل ما حرم الله في هذا المكان وغيره. فإن الإيمان يردع أهله عن التعدي على حدود الله، وارتكاب محارمه سبحانه، وإنما يقدم العبد على المعصية لضعف إيمانه. والواجب على ولاة الأمور إزاء المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة: العناية بحمايتهما ودفع الأذى عنهما وعن سكانهما، وعمن يقصدهما من العمار والحجاج والزوار طاعة لله، ولرسوله، وتعظيماً لأمر الله عز وجل، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعوناً للجميع على طاعة الله ورسوله وتأميناً لقلوبهم حتى لا يذهلوا عن بعض ما أوجبه الله عليهم، أو يقعوا في شيء مما حرمه الله عليهم، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [13]، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [14] فلابد من التواصي بالحق والصبر، والتعاون على البر والتقوى في هذا المكان وغيره، بل إن هذا المكان أعظم من غيره، وأفضل من غيره، فإن مكة المكرمة هي أفضل البقاع، وهي أحب البلاد إلى الله، وأفضل مكان وأعظم مكان، ثم يليها المدينة المنورة، والمسجد الأقصى، هذه المساجد الثلاثة التي خصها الله بمزيد التشريف على غيرها، هي أعظم مساجد الله، وأفضل مساجد الله، وأولى مساجد الله بالاحترام والعناية. وأعظم ذلك هذا البيت العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً. وواجب على أهله والوافدين إليه أن يعرفوا قدره، وأن يعرفوا فضله، حتى لا يقعوا فيما حرم الله.
وهذا واجب الجميع من المقيم والوارد، ويجب على المقيمين فيه والساكنين فيه أن يعرفوا قدره وأن يعظموه وأن يحذروا ما حرم الله. فإذا كان المريد فيه بذنب له عذاب أليم فكيف بالفاعل، وليس الوارد إليه هو المخاطب بهذا الأمر إذ المقيم أولى وأولى، لأنه دائم فيه. والواجب عليه أن يعلم ما حرم الله، وأن يبتعد عن معصية الله، وأن يجتهد في طاعة الله ورسوله وأن يكون عوناً لإخوانه في مكة وإخوانه الوافدين إليها في حج وعمرة، وأن يكون مرشداً لهم في الخير. وهكذا على سكان مكة أن يعينوهم ويوجهوهم إلى الخير، ويرشدوهم إلى أسباب النجاة، وأن يحذروا إيذاءهم بأي أذى من قول أو فعل، وأن يكونوا دعاة للحق. هكذا يجب في هذين المسجدين، وفي هاتين البلدتين، ويجب على المسلم في كل زمان ومكان أن يتقي الله وأن يعظم حرماته، وأن يتعاون مع إخوانه على البر والتقوى، وأن يبتعد عن كل ما حرم الله عز وجل، ويجب على ولاة الأمور الضرب بيد من حديد على كل من خالف أمر الله، أو أراد أن يتعدى حدوده، أو يؤذي عباده، طاعة لله سبحانه وتعالى، وطاعة لرسوله عليه الصلاة والسلام، وحماية للمسلمين من الحجاج والعمار والزوار وغيرهم، واحتراماً لهذا البلد العظيم، وهذا البلد الأمين، أن تنتهك فيه حرمات الله، أو يتعدى فيه على حدود الله، أو يؤمن فيه من لا يخاف الله ويراقبه، على إيذاء عباده وتعكير صفو حجهم وأمنهم بفعل سيئ أو بقول سيئ.
ونسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يوفق المسلمين في كل مكان لما فيه رضاه، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يرزقهم أداء حقه، والبعد عن محارمه أينما كانوا، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يعينهم على أداء الواجب، وعلى حماية بيته العتيق، ومدينة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام من كل أذى، ومن كل سوء، وأن يكبت أعداء الإسلام أينما كانوا، وأن يشغلهم بأنفسهم عن إيذاء عباده، وأن يجعل تدميرهم في تدبيرهم أينما كانوا، وأن يكفي المسلمين شرهم، إنه جل وعلا جواد كريم وسميع قريب، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
------------
[1] محاضرة ألقاها سماحته في النادي الأدبي في مكة مساء الأحد 26/ 11/1408هـ
[2] سورة آل عمران، الآيتان 96، 97
[3] رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء) باب قول الله تعالى: "ووهبنا لداود سليمان " برقم 3425، ومسلم في (المساجد مواضع الصلاة) أول الكتاب، باب برقم 520
[4] رواه البخاري في (التيمم) باب قول الله تعالى: "فلم تجدوا ماء " برقم 335
[5] سورة البقرة، الآية 125
[6] سورة آل عمران، الآية 97
[7] سورة الحج، الآية 26
[8] سورة الحج، الآية 25
[9] رواه البخاري في (العلم) باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب برقم 104، ومسلم في (الحج) باب تحريم مكة وصيدها برقم 1354
[10] رواه البخاري في (الجزية) باب إثم الغادر للبر والفاجر برقم 3189، ومسلم في (الحج) باب تحريم مكة وصيدها برقم 1353
[11] سورة آل عمران، الآية 97
[12] سورة النحل، الآية 123
[13] سورة المائدة، الآية 2
[14] سورة العصر، الآيات 1 - 3.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/3)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:37 ص]ـ
في حكم تخصيص الأكل من الكبد في الأضحية لسماحة الشيخ أبي عبدالمعز محمد علي فركوس ـ
الصنف: فتاوى الهدي والأضاحي
السؤال للفتوى رقم 544:
كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لا يُفْطِرُ حتى يأكلَ من أضحيتِه، فهل الأكلُ عامٌّ من أيِّ جزءٍ من الأُضحية أو -كما يقول العامَّة- مِن الكَبِدِ، وما حكمُ تخصيصِ الأكلِ مِنَ الكبد؟ وبارك الله فيكم.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالثابتُ من حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ» (1 - أخرجه الترمذي في «أبواب العيدين» (542)، وابن حبان (2812)، وابن خزيمة (1426)، من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه. قال ابن الملقن في «البدر المنير» (5/ 70): «حسن صحيح»، وصحّحه الألباني في «مشكاة المصابيح» (1440))، وفي رواية: «وَكَانَ لاَ يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ» (2 - أخرجه ابن ماجه في «الصيام» (1756)، من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح ابن ماجه» (1756)).
والحكمةُ من فِعْلِهِ صلَّى الله عليه وآله وسلم موافَقَتُهُ للفقراء -كما ذهب إليه أهلُ العلم-؛ لأنّ الظاهرَ أَنْ لا شيءَ لهم إلاّ ما أطعَمَهُمُ النَّاسُ من لحومِ الأضاحِي، وهو متأخِّرٌ عن الصَّلاة، بخلاف صدقةِ الفِطْرِ، فإنها متقدّمةٌ عن الصلاةِ، وقد ذُكِرَتْ حِكمةٌ أخرى وهي: لِيَكُونَ أَوَّلَ ما يَطْعَمُ من أضحيته امتثالاً لقوله تعالى: ?فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ? [الحج: 28]، سواءً قيل بوجوبه أو بِسُنِّيَّنِهِ.
هذا، وقد وردت سُنَّتُهُ في مُطلقِ الأكلِ من غير تحديدِ عُضْوٍ أو تخصيصِ مَوْضِعٍ، وإنما جاء اختيار الكَبِدِ في لسانِ بعضِهم لا -من جهة التعبُّدِ لافتقاره إلى دليل يعضده- وإنما الجاري عادةً كونُ الكبدِ أخفَّ الأعضاء انتزاعًا وأسرَع نُضْجًا وأسهلَ هضمًا.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 26 من ذي القعدة 1427ه الموافق ل: 17 ديسمبر 2006م
--------------------------
1 - أخرجه الترمذي في «أبواب العيدين» (542)، وابن حبان (2812)، وابن خزيمة (1426)، من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه. قال ابن الملقن في «البدر المنير» (5/ 70): «حسن صحيح»، وصحّحه الألباني في «مشكاة المصابيح» (1440).
2 - أخرجه ابن ماجه في «الصيام» (1756)، من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح ابن ماجه» (1756).
الرابط: http://www.ferkous.com/rep/Bo10.php
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[05 - 12 - 07, 10:37 ص]ـ
الحج دروس وعبر (مرئي)
محمد حسان
من إنتاج: موقع فضيلة الشيخ محمد حسان
تاريخ إضافته: 04 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 42.31 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64642&scholar_id=28&actioning=yes&dates=20071128
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[05 - 12 - 07, 12:03 م]ـ
يسأل عن فضل العشر من ذي الحجة
سؤال:
هل للأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة فضل على غيرها من سائر الأيام؟ وما هي الأعمال الصالحة التي يستحب الإكثار منها في هذه العشر؟.
الجواب:
الحمد لله
من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة، التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا ولا الجهاد في سبيل الله!! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري 2/ 457.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/4)
وعنه أيضا،ً رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي 1/ 357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/ 398.
فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها، حتى العشر الأواخر من رمضان. ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، لاشتمالها على ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. انظر تفسير ابن كثير 5/ 412
فينبغي على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح إلى الله، عز وجل، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة، عموما، ثم تتأكد عنايته بالأعمال التالية:
1 - الصيام
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة. لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر، والصيام من أفضل الأعمال. وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: " قال الله: كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري 1805
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر. أول اثنين من الشهر وخميسين " أخرجه النسائي 4/ 205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/ 462.
2 - الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير:
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى.
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة
قال الله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) الحج/28. والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (الأيام المعلومات: أيام العشر)
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) أخرجه احمد 7/ 224 وصحّح إسناده أحمد شاكر.
وصفة التكبير: الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد، وهناك صفات أخرى.
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولاسيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع.
إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً) أخرجه الترمذي 7/ 443 وهو حديث حسن لشواهده.
3 - أداء الحج والعمرة: إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرام، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
4 - الأضحية:
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى.
فلنبادر باغتنام تلك الأيام الفاضلة، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل.
الإسلام سؤال وجواب: http://www.islam-qa.com/index.php?ref=49042&ln=ara
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[05 - 12 - 07, 12:08 م]ـ
عشر ذي الحجة وما يفعل فيها من الأضحية الشرعية وغير الشرعية
الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/5)
إن هذه الأيام العشر هي الأيام المعلومات المخصوصة بالتفضيل في محكم الآيات في قوله تعالى: {والفجر وليال عشر} فأقسم الرب بها لشرفها على ما قيل في تفسيرها, والتي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: ((ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام العشر)).
وهذا العمل الصالح الذي يحب الله الإكثار منه خاصة هذه الأيام يشمل الصلاة والصيام والصدقة بالمال وسائر أفعال البر والإحسان, وللصدقة فيها شأن كبير, وأجر كثير لكون الصدقة في هذه الأيام تصادف من الفقير له ولعياله في يوم العيد موضع حاجة, وشدة فاقة لما يتطلبه الفقير من حاجة النفقة والكسوة وسائر المؤونة الضرورية, فهذا من العمل الصالح المتعدي نفعه إلى غيره, ومن العمل الصالح أيضاً الصيام في هذه الأيام, فقد كان السلف يصومون عشر ذي الحجة كلها, وبعضهم يصومون بعضها لأن الأيام أفضل أيام الدنيا من أجل أن فيها يوم عرفة الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: أفضل أيامكم يوم عرفة, وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي عشية يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم عرفة قال: يكفر السنة الماضية والباقية)) [رواه مسلم عن قتادة]. أي يكفر الصغائر, ومثله ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وهذا الغفران محمول على غفران الصغائر, أما كبائر الذنوب, كالربا, والزنا, وشرب الخمر, وقتل النفس, وأكل أموال الناس فإنه لا يكفرها الصلاة والصيام ولا الحج, وإنما تكفر بالتوبة النصوح ورد المظالم إلى أهلها.
ويستحب الجهر بالتكبير في عشر ذي الحجة في المساجد, وفي الأسواق والطرق, جهراً لا يؤذي أحداً, وفي البخاري أن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما حتى إن للسوق لضجة بالتكبير, وصفته أن يقول ((الله أكبر, الله أكبر لا إله إلا الله, والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)).
الأضحية وحكمها: والأضحية في حق الحي هي سنة ثابتة بالكتاب والسنة, وثابتة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله, وفعل الصحابة, وقد قال بعض العلماء بوجوبها على الغني المقتدر لكونها من شعائر الدين, ومن الطاعة لرب العالمين, فذبحها أفضل من الصدقة بثمنها بإجماع أئمة المذاهب الأربعة, لأنها من القرابين التي تقرب لرب العالمين، وفيها التشريف لعيد الإسلام وعيد حج بيت الله الحرام, وفي فعلها إظهار لشكر نعمة الغنى حيث جعل من يضحي من الأغنياء والمقتدرين ولم يجعله من الفقراء العاجزين, وهذا يعد من أسمى منازل الرفعة والفضيلة, إذ لا أعلى من طاعة الإنسان لمولاه, ثم التقرب إليه بوسائل رضاه, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسِّم الأضاحي بين أصحابه لتعميم العمل بهذه السنة, وإدخال السرور عليهم بفعلها, وكان يذب أضاحيه بمصلى العيد إشهاراً لشرف هذه الشعيرة, وإظهاراً لمكانها من الشريعة, لتكون أعياد المسلمين عالية على أعياد المشركين وما يقربونه فيها لآلهتهم من القرابين, وقد قال الإمام أحمد: أكره ترك الأضحية لمن قدر عليها. وثبت هذا قول عن الإمام مالك والشافعي أنهما قالا: نكره ترك الأضحية لمن قدر عليها. أما الإمام أبو حنيفة فقد قال بوجوبها على الغني المقتدر مستدلاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم العيد فقال في خطبته: ((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) [رواه أحمد وابن ماجه, وصححه الحاكم]
فالذبح في هذا اليوم يعد من العبادة لرب العالمين, كما أن الذبح للزار, والذبح للجن, والذبح للقبر, يعد من الشرك المبين, فمن الشرك بالله الذبح لغير الله, وفي البخاري عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات, فقال: لعن الله من ذبح لغير الله, لعن الله من لعن والديه, لعن الله من آوى محدثاً, لعن الله من غير منار الأرض, أي: مراسيها.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأضاحي قال ((هي سنة أبيكم إبراهيم)). قالوا: وما لنا فيها؟ قال: بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف؟ قال: وبكل شعرة من الصوف حسنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/6)
وكان مبدأ مشروعية الأضحية أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأن يذبح قرباناً يقربه إلى الله في عيد يوم النحر فذبح كبشاً, فكان سنة في ذريته, لأن الله سبحانه أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يتبع ملة إبراهيم, فسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فأنزل الله (فصل لربك وانحر) (الكوثر2) قال جماعة من المفسرين: نزلت في صلاة العيد, ثم في النحر بعد, فالأمر بالأضحية إنما شرع في حق من خوطب بفعل صلاة العيد, وهم الأحياء, وفي البخاري عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي, ثم نرجع فننحر, من فعل هذا فقد أصاب سُنتنا, ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله)). . فقال أبو برده ابن دينار وكان قد ذبح قبل الصلاة: يا رسول الله إن عندي عناقاً جذعة. فقال: اذبحها ولا تجزئ عن أحد بعدك)). فالنصوص الصحيحة الشرعية الواردة في فضل الأضحية إنما وردت في خصوص أضحية الحي عن نفسه وأهله, إذ هي الأضحية الشرعية المنصوص عليها بالكتاب والسنة وعمل الصحابة وسلف الأمة, فلا تكون أضحية ولا يترتب عليها هذه الفضائل إلا إذا وقعت موقعها من الصفة المأمور بها على الوجه المطابق للحكمة في مشروعيتها, بأن يقصد بها امتثال أمر الله, واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ,وتجردت عن البدع الخاطئة, والتصرفات السيئة, فيكون ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها لأن في ذبحها إحياء لسنتها وامتثالً لطاعة الله فيها, وخروجاً من عهدة من قال بوجوبها, ولكونه يتمكن من الصدقة كل وقت ولا يتمكن من فعل الأضحية إلا في الوقت المحدود لها, أشبه العقيقة, فإن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها بالإجماع.
الأضحية عن الميت. . . أما الأضحية عن الميت فإنه بمقتضى التتبع والاستقراء لكتب الصحاح والسنن والمسانيد لم نجد حديثاً صحيحاً, ولا دليلاً صريحاً من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يأمر فيه بالأضحية عن الميت, أو يشي إلى وصول ثوابها إليه, ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ضحى لميته, أو أنه أوصى أن يضحي عنه بعد موته, ولا يقف وقفاً في أضحية, فليس لها ذكر عندهم, لا في أوقافهم ولا وصاياهم ولا تبرعاتهم لموتهم, فلو كانت الأضحية عن الميت من السنة, أو أنه يصل إلى الميت ثوابها لسبقونا إليها, فعدم فعلها يعد من الأمر المجمع عليه زمن الصحابة, واستصحاب حكم الإجماع في محل النزاع حجة, كما أن ظاهر من مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة أنه لا أضحية للميت لعدم مشروعيتها, فهي شاة لحم, لكون الأضحية الشرعية إنما شرعت في حق الحي تشريفاً لعيد الإسلام وإظهار للفرح والسرور والشكر على بلوغه,
والنبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد الأولاد بأن يتصدقوا عن والديهم الميتين, ولم يأمرهم بأن يضحوا عنهم, من ذلك ما روى البخاري ومسلم أن سعد بن عبادة قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله, إن أمي افتلتت نفسها ولم توص, وأظنها لو تكلمت تصدقت, أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم, تصدق عن أمك. ولم يقل ضح عن أمك.
وروى مسلم في صحيحه أن رجلاً قال: يا رسول الله, إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص, فهل يكفر عنه أن أتصدق عن؟ قال: نعم, تصدق عن أبيك.
ومثله ما روى أبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه أن رجلاً من بني ساعده جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ,فقال: يا رسول الله, إن أبوي قد ماتا, فهل بقي من برهما شيء أبرهما به بعد موتهما, قال: نعم, الصلاة عليهما, والاستغفار لهما, وإنفاذ عهدهما من بعدهما, وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما, وإكرام صديقهما من بعدهما, فهذه وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالصلة والصدقة وبالدعاء التي يصل إليهما نفعهما, ولو كانت الأضحية عنهما بعد موتهما أنها من البر, أو أنه يصل إليهما لأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى فعلها, ويدل على ذلك ما روى مسلم حديث أبي هريرة ?أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, وعلم ينتفع به, أو ولدٍ صالحٍ يدعوا له. . ولم يذكر الأضحية ولا وصول ثوابها إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/7)
وحيث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أحداً أن يضحي عن ميته, ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه ضحى عن ميته, ولا أوصى أن يضحى عنه بعد موته, علمنا حينئذ أنها ليست بمشروعة عن الميت, ولا مرغب فيها, ولو كان خيراً لسبقونا إليه, لأن الصدقة بثمن الأضحية عن الميت أفضل من ذبح الأضحية عنه, لكون الصدقة في خاصة عشر ذي الحجة تصادف من الفقير موضع حاجة, وشدة فاقة لما يتطلبه العيد من الحاجة والنفقة والكسوة له ولعياله, فتقع هذه الصدقة من الفقير بالموقع الذي يحب الله من تفريج كربته, وقضاء حاجته, وإدخال السرور عليه وعلى أهل بيته, والقرآن الكريم مملوء بذكر الحث على الصدقة, وأنها لا تنقص المال بل تزيده, وهي من العمل الصالح الذي يحبه الله في خاصة هذه الأيام العشر يقول الله تعالى: {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرٍ فللوالدين والأكرمين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم} [البقرة 215].
وقد مدح الله من آتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب, وأقام الصلاة, وآتى الزكاة.
أفضل الصدقة:
ولا أفضل من كون الإنسان يرى صدقته ماضية في حالة صحته وحياته كما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح, تأمل الغنى وتخشى الفقر, ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا, أو لفلان كذا, وقد كان لفلان)) ,وأكثر الناس إنما يتصدق عند الموت, ثم يأكل الوصي صدقته ولا ينفذها, فما نفع الناس مثل اكتسابه لحسناته لنفسه دون أن يتَّكل على غيره.
فالإنسان المقتدر من رجل وامرأة لا ينبغي أن يبخل عن نفسه بأضحية أو أضحيتين, يذبحها في يوم عيد الأضحى, قربانا يقربها يرجو ثوابها عند الله, لأن له لكل شعرة حسنة, وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين, أما الفقير فلا ينبغي له أن يحزن, فقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل من لم يضح من أمته, فلا تحزن أيها الفقير فقد ضحى عنك البشير النذير.
وفي هذه الأيام يكثر سؤال الناس عن أخذ الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي, وقد قال بعض الفقهاء بأنه يجب كف اليد عن أخذ الشعر أو قلم الظفر في عشر ذي الحجة, مستدلاً بما روى مسلم عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ,قال: (من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره).
وقد أنكرت عائشة على أم سلمة رضي الله عنهما هذا الحديث, وقالت: إنما قال هذا في حق من أحرم بالحج خاصة (قاله في المغني) ,وهذا هو الأمر المعقول, فقد أباحوا لمن أراد أن يضحي الجماع والطيب, فما بالك بأخذ الشعر وقلم الظفر, وعائشة هي أعلم بالسنة من أم سلمة, وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يضحي كل سنة وعن أهل بيته ولم يجتنب شيئاً كان مباحاً له.
وعلى هذا. . إذا قص الإنسان شيئاً من شعره, أو قلم أظافره, أو نقضت المرأة رأسها فتساقط منه شعر, أو قصت شيئاً من شعرها, أو أظافرها فإن هذا لا يمنع من فعل الأضحية, بل تضحي وأضحيتها صحيحة, كما أنه يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء والكحل والطيب في عشر ذي الحجة, ولا بأس بذلك, ما شاع على ألسنة الناس من قولهم: إن من أراد أن يضحي فليمتنع عن سائر محذورات الإحرام, فهذا الكلام لا أصل له, بل يباح كل شيء لمن أراد أن يضحي أو يضحى عنه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع في عشر ذي الحجة عن شيء كان مباحاً له, وقد داوم على ذبح الأضحية عشر سنين في بالمدينة المنورة. . والله أعلم.
نسأل الله سبحانه تعالى أن يعمنا وإياكم بعفوه, وأن يسبغ علينا وعليكم واسع فضله, وأن يدخلنا برحمته في الصالحين من عباده وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
مجلة الأمة ذو الحجة1403هـ.
الرابط: http://islameiat.com/main/?c=156&a=2083
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[05 - 12 - 07, 12:12 م]ـ
عشره ذي الحجة - فضائلها - والأعمال المستحبة فيها
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،، وبعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/8)
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن الله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم.
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه.
بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حريّ بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1 - التوبة الصادقة:
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
2 - العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام:
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
3 - البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه، فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فاحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها. ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
فضل عشر ذي الحجة
1 - أن الله تعالى أقسم بها:
إذا أقسم الله بشيء دلّ هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم، قال تعالى: وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1 - 2]. والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين من السلف والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: هو الصحيح.
2 - أنها الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره:
قال تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الجح:28]، وذهب جمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، ومنهم ابن عمر وابن عباس.
3 - أن رسول الله شهد لها بأنها أفضل أيام الدنيا:
فعن جابر عن النبي قال: {أفضل أيام الدنيا أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب} [رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني].
4 - أن فيها يوم عرفة:
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاه ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي فيه في رسالة (الحج عرفة).
5 - أن فيها يوم النحر:
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال: {أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَرِّ} [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6 - اجتماع أمهات العبادة فيها:
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره).
فضل العمل في عشر ذي الحجة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: {ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء} [رواه البخاري].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/9)
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: {كنت عند رسول الله قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر، قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره، فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه} [رواه أحمد وحسن اسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحبُّ إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذا تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو عثمان النهدي: كانوا - أي السلف - يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم.
ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1 - أداء مناسك الحج والعمرة:
وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسّر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي: {العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة} [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2 - الصيام:
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: {كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به} [متفق عليه].
وقد خص النبي صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبيّن فضل صيامه فقال: {صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده} [رواه مسلم].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة؛ لأن النبي حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
3 - الصلاة:
وهي من أجلّ الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي فيما يرويه عن ربّه: {وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه} [رواه البخاري].
4 - التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: {ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد} [رواه أحمد]. وقال البخاري: كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
5 - الصدقة:
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254]، وقال: {ما نقصت صدقة من مال} [رواه مسلم].
وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه، والإستغفار، وبر الوالدين، وصلة الأرحام والأقارب، وإفشاء السلام وإطعام الطعام، والإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ اللسان والفرج، والإحسان إلى الجيران، وإكرام الضيف، والإنفاق في سبيل الله، وإماطة الأذى عن الطريق، والنفقة على الزوجة والعيال، وكفالة الأيتام، وزيارة المرضى، وقضاء حوائج الإخوان، والصلاة على النبي، وعدم إيذاء المسلمين، والرفق بالرعية، وصلة أصدقاء الوالدين، والدعاء للإخوان بظهر الغيب، وأداء الأمانات والوفاء بالعهد، والبر بالخالة والخال، وإغاثة الملهوف، وغض البصر عن محارم الله، وإسباغ الوضوء، والدعاء بين الأذان والإقامة، وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة، والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة، والمحافظة على السنن الراتبة، والحرص على صلاة العيد في المصلى، وذكر الله عقب الصلوات، والحرص على الكسب الحلال، وإدخال السرور على المسلمين، والشفقة بالضعفاء، واصطناع المعروف والدلالة على الخير، والدعوة إلى الله، والصدق في البيع والشراء، والدعاء للوالدين، وسلامة الصدر وترك الشحناء، وتعليم الأولاد والبنات، والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الرابط: http://kalemat.org/sections.php?so=va&aid=152
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/10)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[06 - 12 - 07, 10:44 ص]ـ
الأشهر الحُرُمُ وأشهر الحج لسماحة الشيخ أبو عمر أسامة من عطايا العتيبي.
---------------------
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن الله جل وعلا فاضََل بين الأزمان والأماكن والأشخاص والأشياء, وجعل لبعضها مزيَّةً على الآخر.
فمن الأزمان التي خصها الله ببعض الشرائع والأحكام:
أولاً: الأشهر الحرم.
وهي شهر ذي القعدة, وشهر ذي الحجة, وشهر الله المحرم, وشهر رجب.
قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
ومن الأحكام الشرعية المتعلقة بها حرمة القتال فيها.
وكان أهل الجاهليةِ يحترمونها فإذا رأى ولي المقتول قاتله لم يقتله إلا بعد انتهاء الأشهر الحرم.
ومن الحكمة من تحريمها تأمين طريق الحج والعمرة.
فالحج يكون في شهر ذي الحجة فكان من حكمة الله أن يُحَرِّم شهراً قبله وشهراً بعده لتأمين طريق الحاج في الذهاب والإياب.
وكانت العرب لا تعتمر في أشهر الحج, وإنما تعتمر في رجب.
فحرم الله ذلك الشهر لتأمين طريق المعتمرين ولم تكن العرب ملتزمة بحرمة شهر رجب إلا مُضَر فقد كانوا يحترمونه لذلك يسمى"رجب مُضَر".
ولا زالت حرمة الظلم في هذه الأشهر أعظم من الظلم في غيرها.
ولم يعد لتخصيص شهر رجب بالعمرة أي فضل ومزيَّة بل صارت العمرة مشروعة وطريقها محترمة في جميع أوقات السنة.
ثانياً: أشهر الحج.
اتفق العلماء على أن أشهر الحج تبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان حيث تكون تلك أول ليله من شهر شوال وهو أول أشهر الحج , واتفقوا على أن شهر شوال وشهر ذي القعدة والعشر الأولى من ذي الحجة أنها من أشهر الحج.
واختلفوا في أيام التشريق إلى ما بعدها من أيام شهر ذي الحجة هل هي من أشهر الحج أم لا؟ و الأظهر أنها منها.
ومن الأحكام المتعلقة بأشهر الحج أنها تَصِحُّ فيها عمرة التمتع فمن اعتمر في شوال من غير حاضري المسجد الحرام وبقي في مكة إلى الحج فهو متمتع.
ومن اعتمر في رمضان وبقي في مكة إلى الحج فأنه يكون مفرداً, لأنه اعتمر قبل أشهر الحج. وهذا على القول الصحيح من قَوْلَيْ العلماء.
فينبغي على المسلم أن يتعلم أحكام دينه, وأن يعرف الفرق بين الأشهر الحرم, وأشهر الحج, ويعمل بما تقتضيه تلك المعرفة.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
الرابط: http://otiby.net/makalat/articles.php?id=241
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[06 - 12 - 07, 10:51 ص]ـ
هل صحيح أن حجة الجمعة تعدل سبعين حجة؟.
-------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد ...
فقد شاع عند الناس أن يوم عرفة إذا صادف يوم الجمعه فإن ذلك الحج الأكبر , وأن هذه الحجة تعدل سبعين حجة أو سبع حجات أو اثنين وسبعين حجة , فإن هذا كله لا أصل له من الصحة , ولا دليل عليه وسبب هذا الظن الباطل أنه روي عن النبي _صلى الله عليه وسلم _ أنه قال: (أَفْضَلُ الأَيًامِ يوم عرفة وافق يوم جمعة ــ وهو أفضل من سبعين حجة في غير يوم جمعة) , وفي رواية: (خيرً يومٍ طلعت عليه شمسُ يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة وهو أفضل من سبعين حجة في عيرها) , فهذا الحديث باطل لا أصل له , قال الحافظ السخاوي: (هذا شيء انفرد به رزين بإيراده لم يذكر صحابيه ولا من خرجه والله اعلم) انتهى كلامه من كتابه: الأجوبة المرضية (2/ 1127).
وقال ابن عابدين الحنفي: (نقل المناوي عن بعض الحفاظ أن هذا الحديث باطل ولا أصل له) انتهى كلامه من كتابه حاشية رد المحتار (2/ 684) , وقال ابن القيم: (وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة , باطل لا أصل له عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ ولا عن أحد الصحابة والتابعين , والله أعلم) انتهى كلامه من كتابه: زادالمعاد (1/ 65).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/11)
& مسألة: هل إذا صادف يوم عرفة يوم جمعة كان لذلك مزية؟
إن يوم الجمعة يوم عظيم وهو أفضل أيام الأُسبوع , وإن يوم عرفة يوم عظيم وهو أفضل
أيام السنة هو ويوم النحر , لذا فإن لوقفة عرفة مزية إذا صادفت يوم من عدة وجوه:
1 - منها: اجتماع اليومين الفاضلين في يوم واحد , فيوم الجمعة أفضل أيام الأُسبوع ويوم
عرفة ويوم النحر أفضل أيام السنة.
2 - ومنها: أن يوم الجمعة فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء , وأرجح الأقوال أنها آخر ساعة
بعد العصر , لما رواه أبو داود في سننه عن جابر عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ
أنه قال: (يوم الجمعة اثنتا عشرة ـ يريد ساعة ـ لا يوجد مسلم يسأل الله ـ عز وجل ـ
شيئاً إلا أتاه الله ــ عز وجل ــ فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر) وهو حديث صحيح
ولا ريب أن الناس في هذه الساعة واقفين بعرفة راجين الدعاء والمغفرة يباهي الله بهم
الملائكة , فيغفر لهم فها هنا اجتمعت ساعتان عظيمتان جليلتان.
3 - ومنها: أن يوم الجمعة يوم عيد الأُسبوع ويوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة لما أخرجه الترمذي في سننه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
(يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام , وهي أيام أكل وشرب). وهو حديث صحيح
وهذا يعني أن في هذه الحالة قد اجتمع عيدان للمسلمين في يوم واحد.
4 - ومنها أن في هذا اليوم يجتمع المسلمون في المساجد لصلاة الجمعة والتعبد والدعاء.
وكذا يجتمع أهل عرفة للدعاء , وفي هذا يجتمع معظم المسلمين في هذا اليوم وهذا أدعى
لقبول الدعاء وأقرب , والله أعلم.
انظر زاد المعاد لابن القيم) 1/ 60ـ65).
فهذه الفضائل متحققة إذا اجتمع يوم الجمعة ويوم عرفة في يوم واحد , وأما أنه يعادل سبع
حجات أو سبعين حجة فهذا لا يصح ولا أصل له.
• كتبه: أبو عمر / عبدالله بن محمد الحمادي
3/ ذوالحجة / 1427 هـ
أسأل الله عزوجل أن يثيب شيخنا على ماقدم وأن يجزيه عنا خير الجزاء أرجوا أن تعم بما نقلنا الفائده والله الموفق.
الرابط: http://www.al-barq.net/showthread.php?t=13523
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[06 - 12 - 07, 10:58 ص]ـ
رحلة إلى الله (مرئي)
محمد حسين يعقوب
نبذة عن المحاضرة: حلقة ماتعة حول الحج والمناسك.
تاريخ إضافته: 06 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج فضفضة - قناة الناس الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 93.77 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64666&scholar_id=76&actioning=yes&dates=20071129
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[06 - 12 - 07, 12:31 م]ـ
جوانب الإعجاز العلمي في آيات الحج (مرئي)
زغلول النجار
من إنتاج: قناة الرحمة الفضائية
تاريخ إضافته: 06 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: قناة الرحمة الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 31.68 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64665&scholar_id=211&actioning=yes&dates=20071129
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[06 - 12 - 07, 08:45 م]ـ
دليل الحج والمعتمر بست لغات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موقع يشرح كل ما يتعلق بالحج والعمرة بست لغات
نفع الله به وسهل طريق الحجاج وتقبل منهم وجعلنا واياكم ممن يباهي بهم الله ملائكته.
من هنا: http://www.dalil-alhaj.com
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[07 - 12 - 07, 07:39 م]ـ
أعمال عشر ذي الحجة وتفسير سورة الجن (مرئي)
مصطفى العدوي
تاريخ إضافته: 26 - 11 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: برنامج فضفضة - قناة الناس الفضائية
حجم الملفات: ( RM : 75.45 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64488<br%20/>
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 12 - 07, 10:56 ص]ـ
منى:
سميت بذلك لكثرة ما يمنى فيها أي: يُراق فيها من الدماء. وهي داخلة في حدود الحرم، ويتعلق بها جملة من أعمال الحج:
1 - فيستحب الذهاب إليها في اليوم الثامن، والمبيت بها ليلة التاسع.
2 - ترمى فيها جمرة العقبة الكبرى في اليوم العاشر، وينحر فيها الهدي.
3 - يجب المبيت فيها ليالي أيام التشريق، أي ليلة الحادي عشر والثاني عشر وكذلك ليلة الثالث عشر لمن يتأخر.
4 - ترمى فيها الجمرات الثلاث: الصغرى والوسطى والكبرى في أيام التشريق.
الرابط: http://www.islam-qa.com/dls/hajj1428/hajj_2/a_mina.htm
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:01 ص]ـ
مزدلفة:
وتقع بين منى وعرفات. وسميت بذلك لأن الناس يزدلفون إليها من عرفات أي: يذهبون ويقتربون.
ويجب على الحاج أن يبيت بها ليلة العاشر من ذي الحجة، يسير إليها بعد غروب الشمس من يوم عرفة، ويصلي بها المغرب والعشاء جمعا وقصراً للعشاء، وينبغي أن لا ينشغل فيها شيء، بل ينام ليتقوى على أعمال يوم النحر، ويصلي فيها الفجر، ثم يقف يدعو ويذكر الله تعالى إلى أن يسفر الصبح جداً فيدفع منها إلى منى.
الرابط: http://www.islam-qa.com/dls/hajj1428/hajj_2/a_mozdalefah.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/12)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:02 ص]ـ
عرفة:
تبعد عن مكة بـ 25كم، وسميت بعرفة لأن الناس يتعارفون بها، أو لأن آدم وحواء لما أهبطا من الجنة التقيا وتعارفا بها.
ويتعلق بهذا المكان الشريف أعظم أركان الحج وهو الوقوف بعرفة، ووقت الوقوف من الزوال إلى غروب الشمس ويمتد إلى فجر يوم النحر لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرّس الطائي (من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى نفثه) رواه أصحاب السنن وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والمقصود بالوقوف: وجوده بعرفه ولو لحظة، سواء كان قائما أو جالساً أو راكباً أو قائماً، أو ماراً بها ولو لم يعلم أنها عرفة.
والسنة أن يجتهد في الدعاء والذكر إلى غروب الشمس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) رواه الترمذي. وحسنه الألباني في صحيح الترمذي. ويجب البقاء في عرفة إلى غروب الشمس، ومن دفع من عرفة قبل غروب الشمس ولم يعد إليها في الليل لزمه دم، لتركه واجباً.
الرابط: http://www.islam-qa.com/dls/hajj1428/hajj_2/a_arafah.htm
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:04 ص]ـ
المدينة: يا قوافل الحجيج
خطب الحرمين الشريفين - صلاح بن محمد البدير
نبذة عن المحاضرة: ألقاها الشيخ بتاريخ 27 ذي القعدة 1428 هـ
تاريخ إضافته: 07 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: 27 ذو القعدة 1428 هـ المسجد النبوي
حجم الملفات: ( RM : 0.91 MBytes ) - ( MP3 : 2.53 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64677&scholar_id=216&actioning=yes&dates=20071201
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:08 ص]ـ
أفضل إيام العام
خطبة الجمعة - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
نبذة عن المحاضرة: ألقاها الشيخ بتاريخ 27 ذي القعدة 1428 هـ
تاريخ إضافته: 07 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: 27 ذو القعدة 1428 هـ الرياض
حجم الملفات: ( RM : 2.6 MBytes ) - ( MP3 : 7.25 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64678&scholar_id=1199&actioning=yes&dates=20071201
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[08 - 12 - 07, 11:11 ص]ـ
موسوعة .. (الحج) .. فتاوى .. مواقع .. أشرطة .. فوائد .. !!
تفضل من هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=118864
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[09 - 12 - 07, 10:38 م]ـ
ضيوف الرحمن مالهم وما عليهم
الكاتب: عبد المحسن بن عبد الله آل الشيخ
الحمد لله الذي جعل حج بيته ركناُ من أركان الإسلام، وأحد أركانه العظام، كما قال تعالى:] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ [(آل عمران: 97). والصلاة والسلام على النبي القائل " من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " متفق عليه، والقائل " خذوا عني مناسككم ".
أما بعد:
فإن لضيوف الله علينا حقوقاً عظيمة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على قضائها بيسر وسهولة فنحن في هذه البلاد قد شرفنا الله بخدمة بيته الحرام ومسجد نبيه الكريم وأنعم علينا بنعمة الأمن والأمان وأفاض علينا من نعمه الظاهرة والباطنة مما يضاعف من مسئولياتنا لخدمة ضيوفه ووفود بيته. فأصبح لزاماً علينا الوفاء بهذه الحقوق التي شرفنا الله بها.
ولهذا فإن المسؤليات كبيرة ومتعددة ولهم علينا حقوق وواجبات سواء ما كان منها على مستوى الدولة التي لم تدخر جهداً في تقديم وتسهيل ما يحتاجه الحجاج من كافة الوجوه أو ما كان على مستوى المواطن عموماً، لذا فإنه يتعين علينا العناية التامة بهؤلاء الحجاج والإحسان إليهم والرفق بهم ومساعدتهم على أداء مناسكهم في يسر واطمئنان وأن نعاملهم بمقتضى الإخوة الإسلامية حيث يقول سبحانه وتعالى:] إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [(الحجرات: 10) ويقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه " مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/13)
الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ". وأن نستقبلهم كأعز ضيوف وأكرم وفود كيف لا وهم ضيوف الرحمن ووفوده.
فيجب علينا أن نساهم في خدمتهم والسهر على راحتهم ومساعدتهم وإرشادهم وتقديم النصح لهم بصدور رحبة ووجوه طلِقة حتى يشعروا أنهم بين أهليهم وذويهم في وطنهم الثاني فتتوثق أواصر المحبة وتتعمق الروابط وتزداد الصلات وتتألف القلوب فتتحد كلمة المسلمين وتقوى شوكتهم.
فعلي كل من له علاقة بخدمة الحجاج سواء كان موظفاً أو رجل أمن أو مطوفاً أو طبيباًُ أو داعية أو بائعاً أو سائقاً أن يتقوا الله فيهم ويؤدوا ما ائتمنوا عليه على الوجه الأكمل ابتغاء مرضاة الله وطلباُ لثوابه واحتساب ما ينالهم من تعب ومشقة عليه سبحانه وتعالى وتنفيذاً لتوجهات قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله وحكومته الرشيدة.
وإن على ضيوف بيت الله الحرام وقد قطعوا المسافات الطويلة من كل حدب وصوب يحدوهم الأمل في الوصول إلى هذه المشاعر المقدسة ورؤية بيت الله الحرام لأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام أقول إن عليهم واجبات ومسئوليات من أهمها:
1 - الحرص على أداء هذه الفريضة بما يوافق شرع الله وأمره وأن يخلصوا النية لله سبحانه وتعالى فيها ويهتدوا بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ويمتثلوا قوله عليه الصلاة والسلام: " خذوا عني مناسككم ".
2 - عدم إيذاء الحجاج الآخرين ومزاحمتهم في الطواف والسعي ورمي الجمار بأي نوع من أنواع الإيذاء امتثالا لقوله تعالى:] وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [(الأحزاب: 58).
3 - إتباع الأنظمة والتعليمات التي وضعتها الدولة من أجل راحتهم وسلامتهم ومساعدة القائمين على أمور الحج وتمكينهم من أداء مهامهم امتثالا لقول الله تعالى:] وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [(المائدة: 2).
4 - الاستفسار عن أمور دينهم لقول الله عز وجل] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [(النحل: 43).
5 - أن لا يُستَغل هذا المؤتمر الإسلامي العظيم للنزاعات السياسية أو الشعارات الطائفية أو الدعوات الحربية أو الهتافات الدعائية فيخرج عن هدفه الأساسي وهو عبادة الله وحده، و الدعوة إلى الله لجمع شمل المسلمين تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله يعبدون رباً واحداً، و يتبعون نبياً واحداً و يحتكمون إلى كتاب واحد و يدينون بدين واحد قال تعالى:] وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا [(آل عمران: 103).
نسأل الله عز وجل أن يتقبل حج الجميع وأن يردهم إلى بلادهم سالمين غانمين قد غفرت ذنوبهم ورجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم كما نسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها وأن يُوَفِق خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة لما يحبه ويرضاه و أن يجزيهم على ما يبذلونه في خدمة الإسلام والمسلمين عامة، وحج بيت الله خاصة أحسن الجزاء وأعظم المثوبة كما أساله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدي وأن يوحد صفوفهم ويصلح قادتهم وعامتهم وينصرهم على أعداء الله وأعدائهم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الرابط: http://www.denana.com./articles.php?ID=1700
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[12 - 12 - 07, 09:51 ص]ـ
والفجر وليال عشر
عبد المنعم الشحات
نبذة عن المحاضرة: خطبة رائعة تكلم فيها الشيخ عن الآيات الأول من سورة الفجر و عن فضل هذه الأيام و كيف ينبغي على كل ذي حجر أن يستغلها متبعاً لسنة الرسول عليه الصلاة و السلام بلا بدعة و لا اتباع لضعيف الأحاديث
تاريخ إضافته: 11 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: الجمعة 27 من ذي الحجة 1428 هـ - 7 من ديسمبر 2007 م. بمسجد عمار بن ياسر بمنطقة الساعة بالاسكندرية
حجم الملفات: ( RM : 3.58 MBytes ) - ( MP3 : 8.77 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64730&scholar_id=571&actioning=yes&dates=20071205
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[12 - 12 - 07, 09:54 ص]ـ
إسفار البشر بفضل الأيام العشر
صلاح الدين علي عبد الموجود
نبذة عن المحاضرة: تكلّم فضيلةُ الشيخ عن الأيام العشر الأول من ذي الحجة وبيان فضلها وما أعده الله من نعمة لأهلها .. إذ هي أحب الأيام إلى الله، ورغب فيها إلى العمل الصالح من صيام وقيام وذكر لله تعالى ثم بين حال السلف في هذه الأيام
تاريخ إضافته: 11 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: مسجد الأنصار - مطوبس - مصر
حجم الملفات: ( RM : 4.3 MBytes ) - ( MP3 : 12.01 MBytes )
لحفظ أوللاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64736&scholar_id=202&actioning=yes&dates=20071205
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/14)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[12 - 12 - 07, 10:12 ص]ـ
وأتموا الحج والعمرة لله
محتويات المحاضرة:
- تفسير قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ... ) [البقرة: 196]
- من أحكام الإحصار في الحج والعمرة
- من محظورات الحج
- محظورات الإحرام وأحكامها
- أحكام التمتع بالحج
- تقوى الله
لحفط أو للاستماع للمحاضرة: http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/tabid/53/Default.aspx?View=Page&NodeID=15&PageID=906
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 12 - 07, 11:07 ص]ـ
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة (مرئي)
محمد إسماعيل المقدم
من إنتاج: موقع أنا السلفي
تاريخ إضافته: 14 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 36.3 MBytes ) - ( MP3 : 0 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64743&scholar_id=33&actioning=yes&dates=20071207
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 12 - 07, 11:11 ص]ـ
لمن فاته الحج
مسعد أنور
من إنتاج: القراء للإنتاج الإسلامي والتوزيع - بالقاهرة.
تاريخ إضافته: 13 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 5.88 MBytes ) - ( MP3 : 16.41 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64738&scholar_id=400&actioning=yes&dates=20071207
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 12 - 07, 10:58 ص]ـ
الحج ... حقيقته،أحكامه وآدابه (مرئي)
سيد العربي
من إنتاج: فريق عمل إذاعة طريق الإسلام
نبذة عن المحاضرة: محاضرة نادرة لفضيلة الدكتور سيد العربي حول الحج والمناسك.
تاريخ إضافته: 15 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 61.37 MBytes ) - ( MP3 : 0 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64752&scholar_id=62&actioning=yes&dates=20071209
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 12 - 07, 11:01 ص]ـ
الحج إلى بيت الله الحرام (مرئي)
محمد إسماعيل المقدم
من إنتاج: موقع أنا السلفي
تاريخ إضافته: 15 - 12 - 2007
حجم الملفات: ( RM : 31.19 MBytes ) - ( MP3 : 0 MBytes )
لحفظ أو لمشاهدة المحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64751&scholar_id=33&actioning=yes&dates=20071209
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 12 - 07, 12:50 م]ـ
فضائل عشر ذي الحجة وخصائصها
عبد العزيز بن فوزان الفوزان
من إنتاج: فريق عمل إذاعة طريق الإسلام
تاريخ إضافته: 16 - 12 - 2007
تاريخ ومكان إلقاء المحاضرة: 04 - 12 - 1427هـ -قناة المجد العلمية - برنامج محاضرة اليوم
حجم الملفات: ( RM : 4.53 MBytes ) - ( MP3 : 12.6 MBytes )
لحفظ أو للاستماع للمحاضرة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64779&scholar_id=334&actioning=yes&dates=20071209
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 12 - 07, 10:29 م]ـ
فضل يوم عرفة
إن الليالي والأيام، والشهور والأعوام، تمضي سريعا، وتنقضي سريعا؛ هي محط الآجال؛ ومقادير الأعمال فاضل الله بينها فجعل منها: مواسم للخيرات، وأزمنة للطاعات، تزداد فيها الحسنات، وتكفر فيها السيئات، ومن تلك الأزمنة العظيمة القدر الكثيرة الأجر يوم عرفة تظافرت النصوص من الكتاب والسنة على فضله وسأوردها لك أخي القارئ حتى يسهل حفظها وتذكرها:
1 - يوم عرفة أحد أيام الأشهر الحرم قال الله- عز وجل-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [سورة التوبة: 39]. والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب ويوم عرفه من أيام ذي الحجة.
2 - يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج قال الله - عز وجل-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [سورة البقرة: 197] وأشهر الحج هي: شوال، ذو القعدة، ذو الحجة.
3 - يوم عرفة أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه قال الله - عز وجل-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [سورة الحج:28]. قال ابن عباس –رضي الله عنهما: الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/15)
4 - يوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها وعلو قدرها قال الله - عز وجل-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [سورة الفجر:2]. قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح.
5 - يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل-؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل.
6 - يوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [سورة المائدة:5]. قال عمر – رضي الله عنه-: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
7 - صيام يوم عرفة: فقد جاء الفضل في صيام هذا اليوم على أنه أحد أيام تسع ذي الحجة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها فعن هنيدة بن خالد-رضي الله عنه- عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر وخميسين) صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود.
كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم في الصحيح وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.
8 - أنه يوم العيد لأهل الموقف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام) رواه أبو داود وصححه الألباني.
9 - عظم الدعاء يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة) صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة. قال ابن عبد البر – رحمه الله -: وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.
10 - كثرة العتق من النار في يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح.
11 - مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصحح إسناده الألباني.
12 - التكبير: فقد ذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين: التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة قال ابن حجر –رحمه الله-: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث وأصح ما ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود _ رضي الله عنهم_ أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى).
وأما التكبير المطلق فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما) والمقصود تذكير الناس ليكبروا فرادى لا جماعة.
13 - فيه ركن الحج العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) متفق عليه.
هذا ما تيسر جمعه سائلا الله أن يتقبل منا ومن المسلمين أعمالهم وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
كتبه د. راشد بن معيض العدواني عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام
كلية الدعوة بالمدينة.
الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119886
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 12 - 07, 10:33 م]ـ
كيف أدعو إلى الله في الحج ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/16)
يتمنى الكثير من الناس أن يكونوا دعاة إلى الله خلال موسم الحج، من أجل كسب الأجر والمثوبة، وزيادة العمل الصالح لهم، ونفع المسلمين القادمين من مشارق الأرض ومغربها فيما ينفعهم ويصلح أعمالهم، ونشر التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي، وإبعاد الناس عن كل ما قد يشوب الحج من أعمال بدعية ناجمة عن الجهل أو التعاليم الغير صحيحة.
ولكن قد يحتار البعض في الطريقة التي تمكنه من الدعوة إلى الله في هذا الموسم، وقد تحبطه عن هذا العمل الصالح، الذي يحتاجه المسلمون خلال هذه الأيام المعدودة.
ويمكن الاستفادة من بعض الأفكار في هذا المجال، ومنها:
1 - خلال رحلتك إلى الحج، حاول أن تحمل معك عدداً من الكتيبات والمطويات التي تتضمن معلومات مفيدة عن الحج، وبعض الأدعية المأثورة، وعن الفرائض والآداب الإسلامية المتنوعة، وعن التوحيد والعقيدة. وحاول توزيعها على أكبر قدر ممكن من الناس هناك، واعمل على توزيعها في أماكن مختلفة، كي يستفيد أكبر قدر ممكن من الناس من تلك المطويات، وإن تيسّر لك الحصول على مطويات بلغات أخرى غير العربية، فاحملها معك، ووزعها على المسلمين القادمين من الدول الغير عربية، وفي هذا المجال يروي أحد الإخوة الذين سافروا إلى الحج عن قصة حصلت معه، يقول: " ذهبت إلى الحج لأول مرة في حياتي، وحاولت أن أتعلم معظم الأمور الخاصة بالحج، ولكن تفاجأت هناك ببعض الأمور التي لم أعرف التعامل معها، كالتصرف مع الحجر اليماني، هل أقبله أم ألمسه. فسألت عن ذلك، فلم يسعفني إلا شاب من دول عربية أخرى، أعطاني مطوية فيها بعض محذورات الحج، فقرأت فيها أنه يسن لمس الحجر اليماني فقط دون تقبيل، ودون تمسح.
2 - يقوم بعض القادمين من عدة دول، بممارسة بعض العادات والتصرفات التي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، والتي تعد مخالفة للتعاليم الإسلامية، بسبب الجهل وبعض الاعتقادات الخاطئة، وفي الحج ستكون الفرصة مناسبة جداً لتقديم معلومات للزائرين حول حرمة هذه التصرفات، وشرح التعاليم الإسلامية الحقيقية في ذلك. خاصة وأن معظم المسلمين في دول العالم، يثقون بآراء وبفتاوى العلماء من أهل العلم والصلاح، لذلك سيكون تقبلهم لهذه الأفكار أسهل في مكة لذلك، فإن على المسلمين مسؤولية وواجب هام فيما يتعلق بتبيان رأي الدين الإسلامي حول هذه التصرفات والممارسات الخاطئة. يقول أحد القادمين من مصر للحج: " حج والدي قبل عدة سنوات، وبعد عودته روى لنا حادثة حصلت معه، وقد علقت بذهني وتعلمتها منه، فقد كان يقف بجانب الحرم المكي ويدعو الله -عز وجل-، ويبتهل إليه، ويستعين بـ "السيد البدوي" في دعائه، فوقف بجانبه رجل صالح وسلّم عليه، وأخبره أنه لاحظ ملاحظة ويريد أن يفيد والدي لوجه الله -تعالى-، فتقبل والدي ذلك بصدر رحب، فأخبره الرجل عن البدعة التي يعتقدها والدي في التبرك "بالسيد البدوي" وحرمة ذلك في الإسلام، وأنه من باب الإشراك بالله -عز وجل-، وبيّن له بعض الآثار السابقة، كالرجال الصالحين من قوم نوح وكيف تحول الناس لعبادتهم بعد موتهم. فاتعظ والدي منه، وشكره. فالرجل يستحق الشكر على ما بينه لنا من خطأ كنا نقع به كلنا، كاد أن يهلكنا.
3 - تذكير الناس خلال بعض الأوقات، بأهمية الذكر والتكبير وقراءة القرآن، وعدم الانشغال عن عبادة الله -عز وجل- في هذه الأيام الفضيلة والساعات المحددة، التي قد لا تتجاوز الخمسة أيام. حيث يلاحظ انشغال كثير من الناس بالأحاديث المطولة، التي قد تدخل في أعراض الناس وفي النميمة عليهم، وقد ينشغل الآخرون بالشراء والتسوق من المحلات المقامة هنا وهناك، وبالتدخين في الحج، فيأتي هنا دور المسلم الواعي الداعي، بأن ينبه الناس إلى أن هذه الأيام القليلة المباركة ستنقضي بعد وقت قصير، ولن يكون من السهل العودة إلى نفس المكان، والوقوف بنفس الموقف، فيجب الاستفادة من هذه الساعات بأكبر قدر ممكن من العمل الصالح. وهذه الطريقة في الدعوة منتشرة كثيراً -ولله الحمد-، فلطالما شاهد الحجاج أحد الصالحين، يقف ويقرء الحجاج السلام، ويحمد الله -تعالى-، ويصلي على النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وينصحهم بكلام قليل مختصر، فيه فائدة وتذكير. وهي طريقة فيها فائدة عظيمة، فالإنسان مجبول على الخطأ والتقصير والنسيان والانسياق وراء ما يحدث معه، لذلك فإن التذكير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/17)
والخطبة الصغيرة تعيد للحجاج إحساسهم بالوقت الفضيل الذي يقضونه، فيعودون إلى صالح العمل. فيقع الأجر لهم وللداعية.
4 - الكثير من الحجاج قد لا يعلمون تماماً ما هي الأركان الكاملة للحج، وما هي الأمور المستحبة هناك، وما يسن القيام به. ويستعينون بالمطوف الذي قد تفوته هذه الأمور، أو قد لا يكون على دراية كاملة بهذه المسائل. فيأتي هنا دور الداعية لشرح بعض الأركان الخاصة بالحج، وتوضيح بعض السنن المستحبة، وتوجيه الناس إلى أفضل الأعمال وأصلحها. كرفع الصوت في التكبير والتهليل، والاكتفاء بالإشارة إلى الحجر الأسود بحال تعذر الوصول إليه وتقبيله، والدعاء عند الشرب من ماء زمزم، ووجوب رمي الحجرات السبعة في المكان المخصص لها تحديداً بحيث تسقط في الحوض، وغيرها.
5 - تقديم بعض الهدايا والأشرطة الصوتية والمطويات للحجاج خلال موسم الحج، من أجل الاستفادة منها بعد الرجوع من الحج إلى بلادهم. وهذه من الأمور الجليلة التي تعطي للداعية بعداً آخر يستفيد منه، بأن لا تنحصر دعوته بالأمور المتعلقة بالحج، وأن تكون شاملة للعديد من أوجه الدعوة الصالحة. كما أن أهل الحاج في معظم الدول العربية والإسلامية يترقبون عودته، ويقبلون على ما لديه من كتيبات وأشرطة ومطويات بجدية وبانشراح صدر، فهي القادمة من مكة المكرمة، فيكون تأثيرها واسع، ويقرأها عدد كبير من أهل الحاج، فيستفيدون منها، وتزرع فيهم الأمور الصالحة.
6 - الاشتراك في بعض الحملات بهدف خدمة الحجاج، ونصحهم وإرشادهم، وتوعيتهم في معظم أمور حجهم. خاصة إذا كان الإنسان طالب علم.
7 - دعوة الناس إلى أماكن المحاضرات والدروس التي تقام في منى، وتنبيههم إلى أهمية المحاضرات، وإرشادهم إلى أماكنها.
8 - قد يصادفك من يسأل في منى عن بعض الأمور الشرعية، وقد تكون لست أهلاً للفتيا، فالواجب هنا عدم تقديم فتوى بدون دليل شرعي، ويفضل إرشاد الناس إلى كبائن الفتاوى، وتزويدهم بأرقام هواتف العلماء من أجل الحصول على إجابة شرعية.
بالإضافة إلى العديد من الأفكار التي قد يجد المسلم أنه قادر على تنفيذها في الحج، وقادر على إيصال رسالة دعوية من خلالها إلى الحجاج هناك، في أي وقت وأي مكان.
على أن الدعوة إلى الله لا تنحصر في موسم الحج فقط، ولا تنحصر في أشخاص معينين، بل هي عمل صالح يناسب الجميع، ويتوجب على كل الناس القيام به، فالدين نصيحة، كما أخبر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وهي أمر واجب شرّعه الله -عز وجل- في كتابه الكريم بقول: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل: من الآية125).
موقع المسلم 29/ 11/1426
__________________
أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقم لكم على أرضكم
مقوله عن الإمام حسن البنا ذكره
الشيخ / محمد ناصر الألباني - في التصفية والتربية
الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69039
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:05 م]ـ
بعض ماجاء عن مزدلفة في السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد:
باب: لم سميت المزدلفة بهذا الإسم؟
بوب البخاري بابا قال فيه:
باب قوله: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الْلَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود: 114) وزُلفاً: ساعاتٍ بعدَ ساعات، ومنه سُمِيت المزدَلفة، الزُّلَف: منزلةٌ بعد منزلة، وأما زُلفى فمصدرٌ من القُربى. ازدَلَفوا: اجتمعوا. أزلَفنا: جمعنا.
باب: لم سميت بجمع؟
جاءت أحاديث عديدة فيها ذكر جمع فماهو سبب تسميتها؟
قال ابن حجر: (بجمع) بفتح الجيم وسكون الميم أي المزدلفة، وسميت جمعاً لأن آدم اجتمع فيها مع حواء، وازدلف إليها أي دنا منها، وروي عن قتادة أنها سميت جمعاً لأنها يجمع فيها بين الصلاتين، وقيل وصفت بفعل أهلها لأنه يجتمعون بها ويزدلفون إلى الله أي يتقربون إليه بالوقوف فيها، وسميت المزدلفة إما لاجتماع الناس بها أو لاقترابهم إلى منى أو لازدلاف الناس منها جميعاً أو للنزول بها في كل زلفة من الليل أو لأنها منزلة وقربة إلى الله أو لازدلاف آدم إلى حواء بها.
باب:مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين وإفاضته من عرفات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/18)
قال مسلم: .. حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً. إِلاَّ الْحُمْسَ. وَالْحمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ. كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً. إِلاَّ أَنْ تُعْطِيَهُمُ الْحُمْسُ ثِيَاباً. فَيُعْطِي الرِّجَالُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ. وَكَانَتِ الْحُمْسُ لاَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ يَبْلُغُونَ عَرَفَاتٍ. قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ: الْحُمْسُ هُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (2البقرة الآية: 991). قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ. وَكَانَ الْحُمْسُ يُفِيضُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. يَقُولُونَ: لاَ نُفِيضُ إِلاَّ مِنَ الْحَرَمِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رَجَعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ.
وقال ابن ماجة: حدثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قالت قريش نحن قواطن البيت لا نجاوز الحرم فقال الله عز وجل {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس.وقال الألباني: صحيح
باب أمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالسَّكينةِ عندَ الإِفاضةِ ويكون عند غروب الشمس، وإشارتهِ إليهم بالسَّوطِ
قال البخاري: حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي مريمَ حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ سُوَيدٍ حدَّثَني عمرُو بنُ أبي عمرٍو مَولى المطَّلبِ أخبرَني سعيدُ بنُ جُبَيرٍ مَوْلَى والِبةَ الكوفيُّ حدَّثَني ابنُ عباسٍ رضيَ اللّهُ عنهما «أنهُ دَفَعَ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يومَ عَرفةَ، فسمعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وراءهُ زَجْراً شديداً وضَرباً وصَوتاً للإِبلِ، فأشارَ بسَوطِه إليهم وقال: «أيُّها الناسُ، عليكم بالسَّكينةِ، فإِنَّ البِرَّ ليسَ بالإِيضاعِ». أوْضعوا: أسْرَعوا. خِلالكم منَ التَّخلُّل: بينكم. {وفجَّرْنا خِلاَلُهُما} (الكهف: 33): بينهما
وقال أبو دواد: حدثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن الأعمش ح وحدثنا وهب بن بيان ثنا عبيدة ثنا سليمان الأعمش المعنى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وعليه السكينة ورديفه أسامة وقال أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل قال فما رأيتها رافعة يديها عادية حتى أتى جمعا زاد وهب ثم أردف الفضل بن العباس وقال أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة قال فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى مني.قال الشيخ الألباني: صحيح
وقال أبو دواد: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال: ثم أردف أسامة فجعل يعنق على ناقته والناس يضربون الإبل يمينا وشمالا لا يلتفت إليهم ويقول السكينة أيها الناس ودفع حين غابت الشمس قال الألباني: حسن دون قوله لا يلتفت والمحفوظ يلتفت وصححه الترمذي.
قال أبو دواد: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الألباني: حسن صحيح
باب: كان صلى الله عليه وسلم يسير العنق فإن وجد خلوة نص
قال البخاري: حدَّثنا عبدُاللّهِ بنُ يوسفَ أخبرَنا مالكٌ عن هشامِ بن عُروةَ عن أبيهِ أنه قال: «سُئلَ أُسامُة وأنا جالسٌ: كيفَ كانَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم يَسيرُ في حَجَّةِ الوَداع حينَ دَفَع؟ قال: كان يَسيرُ العَنَقَ، فإِذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ». قال هشامٌ: والنَّصُّ فوقَ العنَقِ، قال: فَجْوَة: مُتَّسَع، والجمعُ فَجوات وفِجَاء، وكذلك رَكوة ورِكاء. «مَناصٌ» ليسَ حينَ فِرار.
باب: من أدرك جمعا قبل طلوع الفجر أدرك الحج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/19)
قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا حدثنا سفيان عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر: أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه قال وزاد يحيى وأردف رجلا فنادى.ورواه النسائي وقال الألباني: صحيح
قال الترمذي: والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انه من لم يقف بعرفات قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ... اهـ
وقال الترمذي: حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن داود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وزكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبلي طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد أتم حجه وقضى تفثه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال قوله تفثه يعني نسكه قوله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه إذا كان من رمل يقال له حبل وإذا كان من حجارة يقال له جبل. قال الترمذي: حسن صحيح وقال الألباني: صحيح.
باب:الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء بمزدلفة وجواز الفصل بينهما يسيرا ولايتنفل بينهما
قال البخاري: حدَّثنا عبدُ اللّهِ بنُ مَسْلَمَةَ عن مالِكٍ عنْ موسى بنِ عُقْبةَ عن كُرَيْبٍ مولى ابنِ عبّاسٍ عن أُسامةَ بنَ زَيدٍ: أَنَّهُ سَمِعَهُ يقول: دَفَعَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم مِنْ عَرَفَةَ، حتى إذا كانَ بالشِّعْبِ نَزَلَ فبالَ، ثمَّ تَوَضَّأ ولم يُسْبغِ الوُضوءَ. فقلتُ: الصلاةَ يا رسولَ اللّهِ. فقال: الصلاةُ أَمامَكَ. فَرَكِبَ. فلمّا جاءَ المُزْدلِفةَ نَزَلَ فتوَضَأ فأسْبَغَ الوُضوءَ ثمَّ أُقيمَتِ الصلاةُ فصلَّى المَغْرِبَ، ثمَّ أَناخَ كلُّ إِنسانٍ بَعيرَهُ في مَنزلِه، ثمَّ أُقيمَتِ العِشاءُ فصلَّى، ولم يُصَلِّ بينَهما.
وقال البخاري: حدَّثنا آدَمُ حدَّثَنا ابنُ أبي ذِئبٍ عنِ الزُّهريِّ عن سالمِ بنِ عبدِ اللّهِ عن ابنِ عمرَ رضيَ اللّهُ عنهما قال «جَمَع النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينَ المغربِ والعِشاءِ بجمْعٍ. كلُّ واحدةٍ منهما بإِقَامَة ولم يُسَبِّح بَيْنهما، ولا على إثْرِ كُلِّ واحدةٍ منهما».
وأخرج الرواية أبوداود فقال: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا. قال الألباني: صحيح
وقال أبو دواد: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا حماد بن خالد عن بن أبي ذئب عن الزهري: بإسناده ومعناه وقال بإقامة إقامة جمع بينهما قال أحمد قال وكيع صلى كل صلاة بإقامة. قال الألباني: صحيح
وقال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك قال: صليت مع ابن عمر المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين فقال له مالك بن الحرث ما هذه الصلاة قال صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة. قال الألباني: صحيح بزيادة لكل صلاة.
وقال البخاري: حدَّثنا خالدُ بنُ مَخْلدٍ حدَّثَنا سليمانُ بنُ بلالٍ حدَّثَنا يحيى بنُ سعيدٍ قال: أخبرَني عَديُّ بنُ ثابتٍ قال: حدَّثَني عبدُ اللّهِ بنُ يزيدَ الخَطْميُّ قال: حدَّثَني أبو أيُّوبَ الأنصاريُّ «أنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم جَمعَ في حَجَّةِ الوَداعِ المغرِبَ والعِشاءَ بالمُزْدلفةِ».
من الفوائد لهذا الباب:
1 - ماقاله النووي في شرحه على مسلم: وفيه الجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء في هذه الليلة في المزدلفة وهذا مجمع عليه لكن اختلفوا في حكمه، فمذهبنا أنه على الاستحباب فلو صلاهما في وقت المغرب أو في الطريق أو كل واحدة في وقتها جاز وفاتته الفضيلة،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/20)
2 - (ولم يصل بينهما شيئا) قال النووي: «ولم يصل بينهما شيئاً» ففيه أنه لا يصلي بين المجموعتين شيئاً، ومذهبنا استحباب السنن الراتبة لكن يفعلها بعدهما لا بينهما، ويفعل سنة الظهر التي قبلها قبل الصلاتين والله أعلم. قلت: فيه نظر في صلاة الرواتب فإنه يتركها الحاج والله أعلم.
3 - وماقاله ابن حجر في القتح: يستفاد منه –رواية ابن عمر - أنه ترك التنفل عقب المغرب وعقب العشاء، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم يتنفل بينهما، بخلاف العشاء فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفل عقبها لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل، ومن ثم قال الفقهاء تؤخر سنة العشاءين عنهما، ونقل ابن المنذر الاجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما. انتهى ويعكر على نقل الاتفاق فعل ابن مسعود الآتي في الباب الذي بعده (قلت: أي في صحيح البخاري ويقصد حديث ابن مسعود الآتي بعد بابين).
ومنه قوله:
(بالمزدلفة) -يقصد في حديث أبي أيوب - مبين لقوله في رواية مالك عن يحيى بن سعيد التي أخرجها المصنف في المغازي بلفظ «أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حجة الوداع المغرب والعشاء جميعاً» وللطبراني من طريق جابر الجعفي عن عدي بهذا الإسناد «صلى بجمع المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بإقامة واحدة» وفيه رد على قول ابن حزم: إن حديث أبي أيوب ليس فيه ذكر أذان ولاإقامة، لأن جابراً وإن كان ضعيفاً فقد تابعه محمد بن أبي ليلى عن عدي على ذكر الإقامة فيه عند الطبراني أيضاً فيقوى كل واحد منهما بالآخر.
باب: ذكر رواية فيها بيان أن الفصل كان بعد العشاء وليس بين الصلاتين كما في الرواية السابقة
قال مسلم: .. حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ أَنَّهُ سَأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ،: كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللّهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ للْمَغْرِبِ. فَأَنَاخَ رَسُولَ اللّهِ نَاقَتَهُ وَبَالَ (وَمَا قَالَ: أَهْرَاقَ الْمَاءَ) ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءاً لَيْس بِالْبَالِغِ. فقُلْتُ: يَا رَسُولُ اللّهِ الصَّلاَةَ. فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ حَتَّى جِئْنَا الْمُزْدَلِفَةَ. فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ. ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ. وَلَمْ يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ. فَصَلَّى. ثُمَّ حَلُّوا. قُلْتُ: فَكَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَيَّ. ورواه مسلم
فيه من الفوائد
تخفيف الوضوء ثم إسباغه بمكان آخر
باب: تنقل ابن مسعود بين صلاتي المغرب والعشاء
قال البخاري: حدَّثنا عمرُو بنُ خالدٍ حدَّثنا زهيرٌ حدَّثَنا أبو إسحاقَ قال سمعتُ عبدَ الرحمنِ بنَ يزيدَ يقول «حجَّ عبدُاللّهِ رضيَ اللّهُ عنه، فأتَينا المزدَلفة حينَ الأذانِ بالعَتَمةِ أو قَريباً من ذلكَ، فأمرَ رجُلاً فأذَّنَ وأقام، ثمَّ صلَّى المغرِبَ، وصلَّى بعدَها ركعتَينِ، ثمَّ دَعا بعَشَائهِ فَتَعَشَّى، ثمَّ أمَرَ ـ أُرَى رجلاً ـ فأذَّنَ وأَقَامَ» قال عمرٌو ولاأعلمُ الشكَّ إلاّ من زُهيرٍ «ثمَّ صلَّى العِشَاءَ ركعتين. فلمَّا طَلَع الفَجْرُ قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان: لايُصلِّي هذِه الساعةَ إلاّ هذِه الصلاةَ في هذا المكانِ من هذا اليوم. قال عبدُالله: هما صلاتان تُحوَّلانِ عن وقتهما: صلاةُ المغربِ بعدَ مايأتي الناسُ المزدلِفةَ، والفجرُ حينَ يَبزُغ الفجرُ، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَفعلُه».
من الفوائد:
ماقاله ابن حجر في الفتح:
1 - (فأمر رجلاً) لم أقف على اسمه، ويحتمل أن يكون هو عبد الرحمن بن يزيد فإن في رواية حسن وحسين المذكورتين «فكنت معه فأتينا المزدلفة، فلما كان حين طلع الفجر قال قم، فقلت له إن هذه الساعة مارأيتك صليت فيها».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/21)
2 - (حج عبدالله) في رواية أحمد عن حسن بن موسى، وللنسائي من طريق حسين بن عياش كلاهما عن زهير بالإسناد «حج عبدالله بن مسعود فأمرني علقمة أن ألزمه فلزمته فكنت معه» وفي رواية إسرائيل الآتية بعد باب «خرجت مع عبدالله إلى مكة ثم قدمنا جمعاً».
3 - واستدل بحديث ابن مسعود على جواز التنفل بين الصلاتين لمن أراد الجمع بينهما لكون ابن مسعود تعشى بين الصلاتين، ولاحجة فيه لأنه لم يرفعه، ويحتمل أن لايكون قصد الجمع، وظاهر صنيعه يدل على ذلك لقوله إن المغرب تحول عن وقتها فرأى أنه وقت هذه المغرب خاصة، ويحتمل أن يكون قصد الجمع وكان يرى أن العمل بين الصلاتين لايقطعه إذا كان ناوياً للجمع، ويحتمل قوله «تحول عن وقتها» أي المعتاد، وأما إطلاقه على صلاة الصبح أنها تحول عن وقتها فليس معناه أنه أوقع الفجر قبل طلوعها، وإنما أراد أنها وقعت قبل الوقت المعتاد فعلها فيه في الحضر، ولاحجة فيه لمن منع التغليس بصلاة الصبح لأنه ثبت عن عائشة وغيرها كما تقدم في المواقيت التغليس بها، بل المراد هنا أنه كان إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته ثم خرج فصلى الصبح مع ذلك بغلس، وأما بمزدلفة فكان الناس مجتمعين والفجر نصب أعينهم فبادر بالصلاة أول مابزغ حتى أن بعضهم كان لم يتبين له طلوعه، وهو بين في رواية إسرائيل الآتية حيث قال «ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع» واستدل الحنفية بحديث ابن مسعود هذا على ترك الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة وجمع لقول ابن مسعود «مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين» وأجاب المجوزون بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد ثبت الجمع بين الصلاتين من حديث ابن عمر وأنس وابن عباس وغيرهم وتقدم في موضعه بما فيه كفاية، وأيضاً فالاستدلال به إنما هو من طريق المفهوم وهم لايقولون به، وأما من قال به فشرطه أن لايعارضه منطوق، وايضاً فالحصر فيه ليس على ظاهره لإِجماعهم على مشروعية الجمع بين الظهر والعصر بعرفة.
باب: من رأى أن كل صلاة منهما تكون بأذانين وإقامتين
قال البخاري حدَّثنا عمرُو بنُ خالدٍ حدَّثنا زهيرٌ حدَّثَنا أبو إسحاقَ قال سمعتُ عبدَ الرحمنِ بنَ يزيدَ يقول «حجَّ عبدُاللّهِ رضيَ اللّهُ عنه، فأتَينا المزدَلفة حينَ الأذانِ بالعَتَمةِ أو قَريباً من ذلكَ، فأمرَ رجُلاً فأذَّنَ وأقام، ثمَّ صلَّى المغرِبَ، وصلَّى بعدَها ركعتَينِ، ثمَّ دَعا بعَشَائهِ فَتَعَشَّى، ثمَّ أمَرَ ـ أُرَى رجلاً ـ فأذَّنَ وأَقَامَ» قال عمرٌو ولاأعلمُ الشكَّ إلاّ من زُهيرٍ «ثمَّ صلَّى العِشَاءَ ركعتين. فلمَّا طَلَع الفَجْرُقال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان: لايُصلِّي هذِه الساعةَ إلاّ هذِه الصلاةَ في هذا المكانِ من هذا اليوم. قال عبدُالله: هما صلاتان تُحوَّلانِ عن وقتهما: صلاةُ المغربِ بعدَ مايأتي الناسُ المزدلِفةَ، والفجرُ حينَ يَبزُغ الفجرُ، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَفعلُه».
من الفوائد للأبواب المتقدمة
ماقاله الترمذي: ... إذا أتى جمعا وهو المزدلفة جمع بين الصلاتين بإقامة واحدة ولم يتطوع فيما بينهما وهو الذي اختاره بعض أهل العلم وذهب إليه وهو قول سفيان الثوري قال سفيان وإن شاء صلى المغرب ثم تعشى ووضع ثيابه ثم أقام فصلى العشاء فقال بعض أهل العلم يجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان وإقامتين يؤذن لصلاة المغرب ويقيم ويصلي المغرب ثم يقيم ويصلي العشاء وهو قول الشافعي.
وقال ابن حجر في الفتح: .. في هذا الحديث مشروعية الأذان والإِقامة لكل من الصلاتين إذا جمع بينهما، قال ابن حزم: لم نجده مروياً عن النبي صلى الله عليه وسلّم، ولو ثبت عنه لقلت به. ثم أخرج من طريق عبد الرزاق عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحق في هذا الحديث: قال أبو إسحق فذكرته لأبي جعفر محمد بن علي فقال: أما نحن أهل البيت فهكذا نصنع، قال ابن حزم: وقد روي عن عمر من فعله، قلت أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح عنه، ثم تأوله بأنه محمول على أن أصحابه تفرقوا عنه فأذن لهم ليجتمعوا ليجمع بهم، ولايخفى تكلفه، ولو تأتى له ذلك في حق عمر ـ لكونه كان الإِمام الذي يقيم للناس حجهم ـ لم يتأت له في حق ابن مسعود لأنه إن كان معه ناس من أصحابه لايحتاج في جمعهم إلى من يؤذن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/22)
لهم، وقد أخذ بظاهره مالك، وهو اختيار البخاري. وروى ابن عبد البر عن أحمد بن خالد أنه كان يتعجب من مالك حيث أخذ بحديث ابن مسعود وهو من رواية الكوفيين مع كونه موقوفاً ومع كونه لم يروه ويترك ماروي عن أهل المدينة وهو مرفوع، قال ابن عبد البر: وأعجب أنا من الكوفيين حيث أخذوا بما رواه أهل المدينة وهو أن يجمع بينهما بأذان وإقامة واحدة وتركوا مارووا في ذلك عن ابن مسعود مع أنهم لايعدلون به أحداً. قلت: الجواب عن ذلك أن مالكاً اعتمد على صنيع عمر في ذلك وإن كان لم يروه في «الموطأ» واختار الطحاوي ماجاء عن جابر يعني في حديثه الطويل الذي أخرجه مسلم أنه جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، وهذا قول الشافعي في القديم ورواية عن أحمد وبه قال ابن الماجشون وابن حزم وقواه الطحاوي بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وقال الشافعي في الجديد والثوري وهو رواية عن أحمد: يجمع بينهما بإقامتين فقط، وهو ظاهر حديث أسامة الماضي قريباً حيث قال «فأقام المغرب ثم أناخ الناس ولم يحلوا حتى أقام العشاء» وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عن أحمد.
باب: من رأى أنه بأذان وإقامتين
في حديث جابر الذي في صحيح مسلم في سرد صفة حجه عليه الصلاة والسلام بعد أن ذكر عرفة والصلاة فيها والدعاء قال:
فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ. وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ. وَدَفَعَ رَسُولُ اللّهِ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ. حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ. وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: «أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَليلاً. حَتَّى تَصْعَدَ. حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ. فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ. وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئاً. ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللّهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ. وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ. حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ. فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ. فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفَاً حَتَّى أَسْفَرَ جِدّاً. فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيماً. فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللّهِ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ. فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللّهِ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ. فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ. فَحَوَّلَ رَسُولُ اللّهِ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ. يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ. حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ. فَحَرَّكَ قَلِيلاً. ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى. رواه مسلم
وفيه من الفوائد:
1 - أنه لم يسبح بينهما
2 - وأنه نام ليلته ولم يثبت أنه صلى الوتر فدل على سنيته
3 - و بادر بالصبح في أول وقته ليتفرغ بعد للدعاء
4 - و ظل بالمزدلفة يدعو الله واقفا حتى أسفر جدا
5 - و دفع قبل طلوع الشمس
6 - وفيه توجيه وجه الفضل للشق الآخر خوفا عليه وعلى المرأة من الفتنة
7 - إسراعه بالمحسر
8 - سلوك الطريق الوسطى الأقرب للجمرة الكبرى وكان أول فعل فعله ذلك اليوم
9 - يترجح عندي التخيير بينهما وأنهما صفات متنوعة قال الحافظ: وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عن أحمد اهـ.
باب: تقديم الضعفة بليل ويكون معهم من يقوم بهم ولو لم يكن من الضعفة
قال البخاري حدَّثنا عليٌّ حدَّثَنا سفيانُ قال أخبرَني عُبيدُ اللّهِ بنُ أبي يزيدَ سمعَ ابنَ عبَّاسٍ رضيَ اللّه عنهما يقول «أنا ممن قدَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ليلةَ المزدلفةِ في ضَعَفَةِ أهله».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/23)
وقال مسلم: حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. جَمِيعاً عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللّهِ فِي الثَّقَلِ (أَوْ قَالَ فِي الضَّعَفَةِ) مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
وقال النسائي: أخبرنا أبو داود قال حدثنا أبو عاصم وعفان وسليمان عن شعبة عن مشاش عن عطاء عن بن عباس عن الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضعفة بني هاشم أن ينفروا من جمع بليل
وقال الألباني: حسن صحيح الإسناد
باب:تحري الخروج من المزدلفة بعد غياب القمر للضعفة
قال البخاري: حدَّثنا مسدَّدٌ عن يحيى عنِ ابنِ جُريجٍ قال حدَّثَني عبدُ اللّهِ مولى أسماءَ عن أسماءَ «أنها نزلَتْ ليلةَ جمعٍ عندَ المزدلفةِ فقامَتْ تُصلِّي، فصلَّتْ ساعةً ثم قالت: يابُنيَّ هل غابَ القمرُ؟ قلت: لا. فصلَّتْ ساعةً ثم قالت: هل غابَ القمرُ؟ قلت: نعم. قالت: فارْتحِلوا، فارتَحَلْنا ومَضَينا، حتى رَمتِ الجمرةَ، ثمَّ رجعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبحَ في منزِلها. فقلتُ لها: ياهنتاهُ، ماأُرانا إلاّ قد غَلَّسْنا. قالت: يابُنيَّ، إن رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم أذِنَ للظُّعُن».ورواه مسلم بنحوه
فوائد
1 - قال ابن حجر في الفتح «إذا غاب القمر» بيان للمراد من قوله في أول الترجمة «بليل»، ومغيب القمر تلك الليلة يقع عند أوائل الثلث الأخير، ومن ثم قيده الشافعي ومن تبعه بالنصف الثاني. قال صاحب «المغني»: لانعلم خلافاً في جواز تقديم الضعفة بليل من جمع إلى منى. ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث: الأول حديث ابن عمر.،
2 - وفي الفتح أيضا: قوله يا هنتاه: أي ياهذه
3 - قوله: (إذن للظعن) بضم الظاء المعجمة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج ثم طلق على المرأة مطلقاً، وفي رواية أبي داود المذكورة «إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم» وفي رواية مالك «لقد كنا نفعل ذلك مع من هو خير منك» تعني النبي صلى الله عليه وسلّم، واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة وعند من لم يخصص، وخالف في ذلك الحنفية فقالوا: لايرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها، وبهذا قال أحمد وإسحق والجمهور، وزاد إسحق «ولايرميها قبل طلوع الشمس» وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور، ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاوس والشعبي والشافعي، واحتج الجمهور بحديث ابن عمر الماضي قبل هذا، واحتج إسحق بحديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لغلمان بني عبد المطلب: لاترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» وهو حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن حبان من طريق الحسن العرني ـ وهو بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون ـ عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي والطحاوي من طرق عن الحكم عن مقسم عنه، وأخرجه أبو داود من طريق حبيب عن عطاء، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً، ومن ثم صححه الترمذي وابن حبان. وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس فمن لم يرخص له أولى. واحتج الشافعي بحديث أسماء هذا. ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب، ويؤيده ماأخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى ابن عباس عنه قال «بعثني النبي صلى الله عليه وسلّم مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر» وقال ابن المنذر: السنة أن لايرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم، ولايجوز الرمي قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذ فلا إعادة عليه إذ لاأعلم أحداً قال لايجزئه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/24)
4 - قال ابن حجر: واستدل به أيضاً على إسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة، ولادلالة فيه لأن رواية أسماء ساكنة عن الوقوف، وقد بينته رواية ابن عمر التي قبلها. وقد اختلف السلف في هذه المسألة فكان بعضهم يقول: من مر بمزدلفة فلم ينزل بها فعليه دم، ومن نزل بها ثم دفع منها في أي وقت كان من الليل فلا دم عليه ولو لم يقف مع الإمام. وقال مجاهد وقتادة والزهري والثوري: من لم يقف بها فقد ضيع نسكاً وعليه دم، وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحق وأبي ثور، وروي عن عطاء، وبه قال الأوزاعي لادم عليه مطلقاً، وإنما هو منزل من شاء نزل به ومن شاء لم ينزل به. وروى الطبري بسند فيه ضعف عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً «إنما جمع منزل لدلج المسلمين» وذهب ابن بنت الشافعي وابن خزيمة إلى أن الوقوف بها ركن لايتم الحج إلا به، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، ونقله ابن المنذر عن علقمة والنخعي، والعجب أنهم قالوا من لم يقف بها فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة، واحتج الطحاوي بأن الله لم يذكر الوقوف وإنما قال {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} [البقرة: 198] وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج فالموطن الذي يكون الذكر فيه أحرى أن لايكون فرضاً. قال: ومااحتجوا به من حديث عروة بن مضرس ـ وهو بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها مهملة ـ رفعه قال «من شهد معنا صلاة الفحر بالمزدلفة وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه» لإجماعهم أنه لو بات بها ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجه تام انتهى. وحديث عروة أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم ولفظ أبي داود عنه «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالموقف ـ يعني بجمع ـ قلت: جئت يارسول الله من جبل طيء فأكللت مطيتي وأتعبت نفسي، والله ماتركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه» وللنسائي «من أدرك جمعاً مع الإِمام والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الإِمام والناس فلم يدرك» ولأبي يعلى «ومن لم يدرك جمعاً فلا حج له» وقد صنف أبو جعفر العقيل جزءاً في إنكار هذه الزيادة وبين أنها من رواية مطرف عن الشعبي عن عروة وأن مطرفاً كان يهم في المتون، وقد ارتكب ابن حزم الشطط فزعم أنه من لم يصل صلاة الصبح بمزدلفة مع الإِمام أن الحج يفوته إلتزاماً لما ألزمه به الطحاوي، ولم يعتبر ابن قدامة مخالفته هذه فحكى الإِجماع على الإِجزاء كما حكاه الطحاوي، وعند الحنفية يجب بترك الوقوف بها دم لمن ليس به عذر، ومن جملة الأعذار عندهم الزحام. الحديث الرابع حديث عائشة أورده من طريقين .. اهـ
قال مسلم: .. حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللّهِ بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللّهِ. قُلْتُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي بِلَيْلٍ طَوِيلٍ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلِكَ، بِسَحَرٍ. قُلْتُ لَهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَأَيْنَ صَلَّى الْفَجْرَ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلَكَ.
وقال مسلم: حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى. جَمِيعاً عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ شَوَّالٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ بِهَا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/25)
وقال مسلم: .. حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ شَوَّالٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ. نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى. وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ. وأخرجه النسائي
فوائد الباب
1 - قال ابن حجر في الفتح: واحتج به ابن المنذر لقول من أوجب المبيت بمزدلفة على غير الضعفة لأن حكم من لم يرخص له ليس كحكم من رخص له، قال: ومن زعم أنهما سواء لزمه أن يجيز المبيت على منى لسائر الناس لكونه صلى الله عليه وسلّم أرخص لأصحاب السقاية وللرعاء أن لايبيتوا بمنى، قال: فإن قال لاتعدوا بالرخص مواضعها فليستعمل ذلك هنا، ولايأذن لأحد أن يتقدم من جمع إلا لمن رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلّم انتهى. وقد اختلف السلف في هذه المسألة فقال علقمة والنخعي والشعبي: من ترك المبيت بمزدلفة فاته الحج، وقال عطاء والزهري وقتادة والشافعي والكوفيون وإسحق: عليه دم، قالوا: ومن بات بها لم يجز له الدفع قبل النصف، وقال مالك: إن مر بها فلم ينزل فعليه دم، وإن نزل فلا دم عليه متى دفع،
2 - قال ابن حجر الفتح: ((وفي حديث ابن عمر دلالة على جواز رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس لقوله «إن من يقدم عند صلاة الفجر إذا قدم رمى الجمرة)) اهـ
باب: جواز الوقوف عند المشعر الحرام-وهو جبل قزح- بالليل للضعفة
قال مسلم: .. حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. فَيَقفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ. فَيَذْكُرُونَ اللّهَ مَا بَدَا لَهُمْ. ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ. وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلاَةِ الْفَجْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذلِكَ. فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللّهِ
قال أبو دواد:حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال: فلما أصبح يعني النبي صلى الله عليه وسلم ووقف على قزح فقال هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف ونحرت ها هنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم.قال الألباني: حسن صحيح
عرفة كلها موقف وجمع كلها موقف وكل فجاج مكة موقف ومنحر
قال مسلم: حدثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «نَحَرْتُ هَهُنَا. وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ. فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ. وَوَقَفْتُ هَهُنَا. وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ. وَوَقَفْتُ هَهُنَا. وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ». ورواه النسائي مختصرا بلفظ: ((المزدلفة كلها موقف))
وقال أبودواد:حدثنا الحسن بن علي ثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء قال حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر)) قال الألباني: حسن صحيح
باب: مراعاة حطمة الناس وجواز الدفع للضعفة قبل الناس
قال البخاري:حدَّثنا أبو نُعَيمٍ حدَّثَنا أفلحُ بنُ حُميدٍ عن القاسم بنِ محمدٍ عن عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها قالت «نزَلنا المزدَلفةَ، فاستأذَنتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سَودةُ أن تَدْفَعَ قبلَ حَطْمةِ الناسِ ـ وكانتِ امرأةً بطيئةً ـ فأذِنَ لها، فَدَفعتْ قبلَ حَطمةِ الناسِ، وأقمنا حتى أصبحنا نحنُ، ثمَّ دَفعنا بدَفعهِ، فلأنْ أكونَ استأذنتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم كما استأذَنت سَودةُ أحبُّ إليَّ من مَفْروحٍ به».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/26)
ورواه مسلم بنحوه فقال: .. حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا أَفْلَحُ (يَعْني ابْنَ حُمَيْدٍ) عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللّهِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ. تَدْفَعُ قَبْلَهُ. وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَكَانَتِ امْرَأَةً ثِبَطَةً. (يَقُولُ الْقَاسِمُ: والثَّبِطَةُ الثَّقِيلَةُ) قَالَ: فَأَذِنَ لَهَا. فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ. وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بِدَفْعِهِ. وَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللّهِ، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ، فَأَكُونَ أَدْفَعُ بِإِذْنِهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ.
وقال النسائي: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أنبأنا منصور عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة قالت: إنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة في الإفاضة قبل الصبح من جمع لأنها كانت امرأة ثبطة. وقال الشيخ الألباني: صحيح
من الفوائد
ماقاله ابن حجر في الفتح:
1 - قوله: (ثقيلة) أي من عظم جسمها.
2 - قوله: (ثبطة) بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها مهملة خفيفة أي بطيئة الحركة كأنها تثبط بالأرض أي تشبث بها،
3 - وقال النووي في شرحه على مسلم: فيه دليل لجواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر، قال الشافعي وأصحابه: يجوز قبل نصف الليل ويجوز رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل. واستدلوا بهذا الحديث، واختلف العلماء في مبيت الحاج بالمزدلفة ليلة النحر، والصحيح من مذهب الشافعي أنه واجب من تركه لزمه دم وصح حجه، وبه قال فقهاء الكوفة وأصحاب الحديث، وقالت طائفة هو سنة إن تركه فاتته الفضيلة ولا إثم عليه ولا دم ولا غيره وهو قول للشافعي وبه قال جماعة، وقالت طائفة لا يصح حجه وهو محكي عن النخعي وغيره، وبه قال إمامان كبيران من أصحابنا وهما أبو عبد الرحمن بن بنت الشافعي وأبو بكر بن خزيمة، وحكى عن عطاء والأوزاعي أن المبيت بالمزدلفة في هذه الليلة ليس بركن ولا واجب ولا سنة ولا فضيلة فيه، بل هو منزل كسائر المنازل إن شاء تركه وإن شاء لم يتركه ولا فضيلة فيه وهذا قول باطل، واختلفوا في قدر المبيت الواجب فالصحيح عند الشافعي أنه ساعة في النصف الثاني من الليل، وفي قول له ساعة من النصف الثاني أو ما بعده إلى طلوع الشمس، وفي قول ثالث له أنه معظم الليل. وعن مالك ثلاث روايات: إحداها كل الليل، والثاني معظمه، والثالث أقل زمان.
وقال مسلم: .. حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ شَوَّالٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ. نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى. وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ.
باب: خروج الضعفة بالليل ودليل من رأى الرمي لهم بالليل
قال مسلم: .. حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللّهِ بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللّهِ. قُلْتُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي بِلَيْلٍ طَوِيلٍ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلِكَ، بِسَحَرٍ. قُلْتُ لَهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَأَيْنَ صَلَّى الْفَجْرَ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلَكَ.
باب: باب الخروج للضعفة بالليل ودليل من أجاز الرمي بعد صلاة الفجر
قال النسائي: أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أشهب أن داود بن عبد الرحمن حدثهم أن عمرو بن دينار حدثه أن عطاء بن أبي رباح حدثهم انه سمع بن عباس يقول: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله فصلينا الصبح بمنى ورمينا الجمرة. وقال الألباني: صحيح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/27)
وقال النسائي: أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبيد الله عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أم المؤمنين عائشة قالت: وددت أني استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة فصليت الفجر بمنى قبل أن يأتي الناس وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها فصلت الفجر بمنى ورمت قبل أن يأتي الناس. قال الألباني: صحيح
باب: الخروج للضعفة بالليل واستحباب الرمي بعد طلوع الشمس وبعضهم يرى الوجوب
قال أبو داود:حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان قال حدثني سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن بن عباس قال: قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس قال أبو داود اللطخ الضرب اللين.وقال الألباني:صحيح
وفي رواية عنده قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا الوليد بن عقبة ثنا حمزة الزيات عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن بن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس ويأمرهم يعني لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس.قال الألباني: صحيح
قال الترمذي بعد إخراجه حديث ابن عباس: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم لم يروا بأسا أن يتقدم الضعفة من المزدلفة بليل يصيرون إلى منى وقال أكثر أهل العلم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا يرمون حتى تطلع الشمس ورخص بعض أهل العلم في أن يرموا بليل والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا يرمون وهو قول الثوري والشافعي ... اهـ
من الفوائد
يرى شيخنا ابن باز جواز الرمي قبل الفجر واستحباب الرمي بعد طلوع الشمس
جمعا بين الأدلة –على فرض صحة دليل الرمي بعد طلوعها-
ويرى الشيخ الألباني: وجوب الرمي بعد طلوع الشمس.
باب التلبية بجمع
وقال النسائي: أخبرنا هناد بن السري في حديثه عن أبي الأحوص عن حصين عن كثير وهو بن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال بن مسعود ونحن بجمع: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان لبيك اللهم لبيك.قال الألباني: صحيح
باب: لزوم التلبية حتى يرمي الجمرة يوم العيد
قال البخاري: حدَّثنا زُهير بنُ حربٍ حدَّثَنا وَهبُ بنُ جريرٍ حدَّثَنا أبي عن يونُسَ الأيليِّ عن الزُّهريِّ عن عُبيدِ اللّهِ بنِ عبدِ اللّهِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللّهُ عنهما «أنَّ أُسامةَ بنَ زيدٍ رضيَ اللّهُ عنهما كان رِدْفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من عرفة إلى المزدَلفةِ، ثمَّ أرْدَفَ الفضلَ منَ المزدلفِةِ إلى مِنًى، قال فكلاهما قالا: لم يَزَلِ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُلبِّي حتى رمى جمرة العقَبة».
باب: صلاة الفجر بجمع قبل ميقاتها
قال البخاري: حدَّثنا عمرُ بنُ حفصِ بنِ غياثٍ حدَّثَنا أبي حدَّثَنا الأعمشُ قال حدَّثَني عُمارةُ عن عبدِ الرحمنِ عن عبدِ اللّهِ رضيَ اللّهُ عنه قال «مارأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلّى صلاةً لغيرِ مِيقاتِها، إلاّ صلاتَينِ: جَمَعَ بينَ المغرِبِ والعِشاءِ، وصلَّى الفجرَ قبلَ مِيقاتِها».
وفي رواية أخرى عند البخاري أيضا قال: حدَّثنا عبدُ اللّهِ بنُ رجاءٍ حدَّثَنا إسرائيلُ عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ قال خرجْنا مع عبدِ اللّهِ رضيَ اللّهُ عنه إلى مكةَ، ثمَّ قدمنا جَمْعاً فصلّى الصلاتَين: كلَّ صلاةٍ وحدّها بأذانٍ وإقامة، والعَشاءُ بينهما. ثم صلَّى الفجرَ حينَ طلَعَ الفجر ـ قائلٌ يقول طَلَعَ الفجرُ، وقائلٌ يقول لم يَطْلُعِ الفجر ـ ثم قال: إنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم قال: إنَّ هاتين الصلاتَينِ حُوِّلَتا عن وَقتِهما في هذا المكانِ: المغرِبَ والعِشاءَ، فلا يَقدُمُ الناسُ جَمعاً حتى يُعتموا، وصلاةَ الفجرِ هذِه الساعةَ. ثم وقفَ حتى أسفرَ ثم قال: لو أنَّ أميرَ المؤمنينَ أفاضَ الآنَ أصابَ السنَّةَ. فما أدري أقولُه كان أسرعَ أم دَفعُ عثمانَ رضيَ اللّهُ عنه، فلم يزلْ يُلبِّي حتى رمى جَمرةَ العقبةِ يومَ النحر».
الفوائد
1 - قوله: (قبل ميقاتها) المقصود أول وقتها وليس كالعادة
2 - قوله: (حتى يعتموا) أي يدخلوا في العتمة وهو وقت العشاء الآخرة كما تقدم بيانه في المواقيت. الفتح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/28)
3 - وقوله (فما أدري) هو كلام عبد الرحمن بن يزيد الراوي عن ابن مسعود، وأخطأ من قال إنه كلام ابن مسعود، والمراد أن السنة الدفع من المشعر الحرام عند الإِسفار قبل طلوع الشمس، خلافاً لما كان عليه أهل الجاهلية كما في حديث عمر الذي بعده. الفتح
باب: خطبة النبي صلى الله عليه وسلم غداة جمع
قال ابن ماجة حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا ثنا وكيع ثنا بن أبي رواد عن أبي سلمة الحمصي عن بلال بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: غداة جمع يا بلال أسكت الناس أو أنصت الناس ثم قال إن الله تطول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطي محسنكم ما سأل ادفعوا باسم الله.
قال الألباني: صحيح
باب: متى يفيض من المزدلفة؟
قال البخاري: حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنهالٍ حدَّثَنا شُعبةُ عن أبي إسحاقَ سمعتُ عمرَو بنَ ميمونٍ يقول «شهِدتُ عمرَ رضيَ اللّهُ عنه صلّى بجَمْعٍ الصبحَ، ثم وقفَ فقال: إنَّ المشركينَ كانوا لايُفيضونَ حتى تطلُعَ الشمسُ ويقولون: أشْرِقْ ثَبيرُ. وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خالفَهم، ثمَّ أفاضَ قبلَ أن تَطلعَ الشمسُ».
الفوائد
1 - (باب متى يدفع من جمع) أي بعد الوقوف بالمشعر الحرام. الفتح
2 - (ويقولون: أشرق ثبير) أشرق بفتح أوله فعل أمر من الإشراق أي أدخل في الشروق، وقال ابن التين: وضبطه بعضهم بكسر الهمزة كأنه ثلاثي من شرق وليس ببين، والمشهور أن المعنى لتطلع عليك الشمس وقيل: ومعناه أضىء ياجبل، وليس ببين أيضاً. وثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة جبل معروف هناك، وهو على يسار الذاهب إلى منى، وهو أعظم جبال مكة، عرف برجل من هذيل اسمه ثبير دفن فيه. زاد أبو الوليد عن شعبة «كيما نغير» أخرجه الإسماعيلي، ومثله لابن ماجة من طريق حجاج بن أرطاة عن أبي إسحق، وللطبري من طريق إسرائيل عن أبي إسحق «أشرق ثيبر لعلنا نغير» قال الطبري: معناه كيما ندفع للنحر، وهو من قولهم أغار الفرس إذا أسرع في عدوه، قال ابن التين: وضبطه بعضهم بسكون الراء في ثبير وفي نغير لإرادة السجع. الفتح
3 - قوله: (ثم افاض قبل أن تطلع الشمس) الإِفاضة الدفعة قاله الأصمعي، ومنه أفاض القوم في الحديث إذا دفعوا فيه، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض عمر فيكون انتهاء حديثه ماقبل هذا، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض النبي صلى الله عليه وسلّم لعطفه على قوله خالفهم، وهذا هو المعتمد. وقد وقع في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة عند الترمذي «فأفاض» وفي رواية الثوري «فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلّم فأفاض» وللطبري من طريق زكريا عن أبي إسحق بسنده «كان المشركون لاينفرون حتى تطلع الشمس، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كره ذلك فنفر قبل طلوع الشمس» وله من رواية إسرائيل «فدفع لقدر صلاة القوم المسفرين لصلاة الغداة» وأوضح من ذلك ماوقع في حديث جابر الطويل عند مسلم «ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله تعالى وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس» وقد تقدم حديث ابن مسعود في ذلك وصنيع عثمان بما يوافقه، وروى ابن المنذر من طريق الثوري عن أبي إسحق «سألت عبد الرحمن بن يزيد: متى دفع عبدالله من جمع؟ قال: كإنصراف القوم المسفرين من صلاة الغداة» وروى الطبري من حديث علي قال «لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالمزدلفة غدا فوقف على قزح وأردف الفضل ثم قال: هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف. حتى إذا أسفر دفع» وأصله في الترمذي دون قوله «حتى إذا أسفر» ولابن خزيمة والطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس «كان أهل الجاهلية يقفون بالمزدلفة، حتى إذا طلعت الشمس فكانت على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين أسفر كل شيء قبل أن تطلع الشمس» وللبيهقي من حديث المسور بن مخرمة نحوه، وفي هذا الحديث فضل الدفع من الموقف بالمزدلفة عند الإسفار، وقد تقدم بيان الاختلاف فيمن دفع قبل الفجر. ونقل الطبري الإِجماع على أن من لم يقف فيه حتى طلعت الشمس فاته الوقوف قال ابن المنذر: وكان الشافعي وجمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذه الأخبار، وكان مالك يرى أن يدفع قبل الإسفار، واحتج له بعض أصحابه بأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يعجل الصلاة مغلساً إلا ليدفع قبل الشمس، فكل من بعد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/29)
دفعه من طلوع الشمس كان أولى. الفتح
باب:جوزا الإرداف في الحج إن كانت الدابة تتحمل ولزوم التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد
قال البخاري: حدَّثنا عبد الله بن محمَّد: حدَّثنا وهبْ بن جرير: حدَّثنا أبي عن يونس الأَيْلِيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْد اللهِ، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهُما: أَنَّ أُسَامَةَ رضي الله عنه كان رِدفً النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم، من عرفة إلى المزدلفةِ، ثمَّ أَرْدَفَ الفَضْلِ، مِنَ المزْدلفة إلى مِنًى، قَالَ: فكلاهما قال: ((لم يزل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم يُلَبِّي حتَّى رمى جمرةَ العَقَّبَةِ))
ورواه مسلم فقال: حدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ ابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللّهِ مِنْ عَرَفَاتٍ. فَلَمَا بَلَغَ رَسُولُ اللّهِ الشِّعْبَ الأَيْسَرَ، الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ، أَنَاخَ فَبَالَ. ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءاً خَفِيفاً. ثُمَّ قُلْتُ: الصَّلاَةَ، يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ رَسُولُ اللّهِ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى، ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللّهِ غَدَاةَ جَمْعٍ.
باب الإسراع بمحسر وسلوك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى
قال النسائي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا يحيى عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضع في وادي محسر. وقال الألباني: صحيح لغيره
قال في الفائق: الوضع: سير حثيث، يقال: أوضع الراكب البعير، ووضع البعير
يقال: وضع البعير وضعاً، ووضوعا: أسرع في سيره،
وفي لسان العرب: يقال وضع البعير وضعاً ووضوعاً أَسرع في سيره وأوضعه راكبه وأوضع بالراكب جعله موضعاً لراحلته يريد أنك بهرته بالمقابلة حتى ولى عنك ونفر مسرعاً
قال النسائي:أخبرني إبراهيم بن هارون قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فقلت أخبرني عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس حتى أتى محسرا حرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف رمى من بطن الوادي. قال الشيخ الألباني: صحيح
قلت: وأصل الحديث في صحيح مسلم وقد تقدم
قال النسائي: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا يحيى عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن أبي معبد عن عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس حين دفعوا عشية عرفة وغداة جمع: عليكم بالسكينة وهو كاف ناقته حتى إذا دخل منى فهبط حين هبط محسرا قال عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة قال والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان. قال الألباني: صحيح
الرابط: http://www.salafmisr.com/vb/showthread.php?t=3970
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 12 - 07, 01:25 م]ـ
بعض ماجاء عن مزدلفة في السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد:
باب: لم سميت المزدلفة بهذا الإسم؟
بوب البخاري بابا قال فيه:
باب قوله: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الْلَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود: 114) وزُلفاً: ساعاتٍ بعدَ ساعات، ومنه سُمِيت المزدَلفة، الزُّلَف: منزلةٌ بعد منزلة، وأما زُلفى فمصدرٌ من القُربى. ازدَلَفوا: اجتمعوا. أزلَفنا: جمعنا.
باب: لم سميت بجمع؟
جاءت أحاديث عديدة فيها ذكر جمع فماهو سبب تسميتها؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/30)
قال ابن حجر: (بجمع) بفتح الجيم وسكون الميم أي المزدلفة، وسميت جمعاً لأن آدم اجتمع فيها مع حواء، وازدلف إليها أي دنا منها، وروي عن قتادة أنها سميت جمعاً لأنها يجمع فيها بين الصلاتين، وقيل وصفت بفعل أهلها لأنه يجتمعون بها ويزدلفون إلى الله أي يتقربون إليه بالوقوف فيها، وسميت المزدلفة إما لاجتماع الناس بها أو لاقترابهم إلى منى أو لازدلاف الناس منها جميعاً أو للنزول بها في كل زلفة من الليل أو لأنها منزلة وقربة إلى الله أو لازدلاف آدم إلى حواء بها.
باب:مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين وإفاضته من عرفات
قال مسلم: .. حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً. إِلاَّ الْحُمْسَ. وَالْحمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ. كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً. إِلاَّ أَنْ تُعْطِيَهُمُ الْحُمْسُ ثِيَاباً. فَيُعْطِي الرِّجَالُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ. وَكَانَتِ الْحُمْسُ لاَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ يَبْلُغُونَ عَرَفَاتٍ. قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ: الْحُمْسُ هُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (2البقرة الآية: 991). قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ. وَكَانَ الْحُمْسُ يُفِيضُونَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. يَقُولُونَ: لاَ نُفِيضُ إِلاَّ مِنَ الْحَرَمِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رَجَعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ.
وقال ابن ماجة: حدثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قالت قريش نحن قواطن البيت لا نجاوز الحرم فقال الله عز وجل {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس.وقال الألباني: صحيح
باب أمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بالسَّكينةِ عندَ الإِفاضةِ ويكون عند غروب الشمس، وإشارتهِ إليهم بالسَّوطِ
قال البخاري: حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي مريمَ حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ سُوَيدٍ حدَّثَني عمرُو بنُ أبي عمرٍو مَولى المطَّلبِ أخبرَني سعيدُ بنُ جُبَيرٍ مَوْلَى والِبةَ الكوفيُّ حدَّثَني ابنُ عباسٍ رضيَ اللّهُ عنهما «أنهُ دَفَعَ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يومَ عَرفةَ، فسمعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وراءهُ زَجْراً شديداً وضَرباً وصَوتاً للإِبلِ، فأشارَ بسَوطِه إليهم وقال: «أيُّها الناسُ، عليكم بالسَّكينةِ، فإِنَّ البِرَّ ليسَ بالإِيضاعِ». أوْضعوا: أسْرَعوا. خِلالكم منَ التَّخلُّل: بينكم. {وفجَّرْنا خِلاَلُهُما} (الكهف: 33): بينهما
وقال أبو دواد: حدثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن الأعمش ح وحدثنا وهب بن بيان ثنا عبيدة ثنا سليمان الأعمش المعنى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وعليه السكينة ورديفه أسامة وقال أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل قال فما رأيتها رافعة يديها عادية حتى أتى جمعا زاد وهب ثم أردف الفضل بن العباس وقال أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة قال فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى مني.قال الشيخ الألباني: صحيح
وقال أبو دواد: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال: ثم أردف أسامة فجعل يعنق على ناقته والناس يضربون الإبل يمينا وشمالا لا يلتفت إليهم ويقول السكينة أيها الناس ودفع حين غابت الشمس قال الألباني: حسن دون قوله لا يلتفت والمحفوظ يلتفت وصححه الترمذي.
قال أبو دواد: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الألباني: حسن صحيح
باب: كان صلى الله عليه وسلم يسير العنق فإن وجد خلوة نص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/31)
قال البخاري: حدَّثنا عبدُاللّهِ بنُ يوسفَ أخبرَنا مالكٌ عن هشامِ بن عُروةَ عن أبيهِ أنه قال: «سُئلَ أُسامُة وأنا جالسٌ: كيفَ كانَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم يَسيرُ في حَجَّةِ الوَداع حينَ دَفَع؟ قال: كان يَسيرُ العَنَقَ، فإِذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ». قال هشامٌ: والنَّصُّ فوقَ العنَقِ، قال: فَجْوَة: مُتَّسَع، والجمعُ فَجوات وفِجَاء، وكذلك رَكوة ورِكاء. «مَناصٌ» ليسَ حينَ فِرار.
باب: من أدرك جمعا قبل طلوع الفجر أدرك الحج
قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا حدثنا سفيان عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر: أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه قال وزاد يحيى وأردف رجلا فنادى.ورواه النسائي وقال الألباني: صحيح
قال الترمذي: والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انه من لم يقف بعرفات قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ... اهـ
وقال الترمذي: حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن داود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وزكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبلي طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد أتم حجه وقضى تفثه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال قوله تفثه يعني نسكه قوله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه إذا كان من رمل يقال له حبل وإذا كان من حجارة يقال له جبل. قال الترمذي: حسن صحيح وقال الألباني: صحيح.
باب:الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء بمزدلفة وجواز الفصل بينهما يسيرا ولايتنفل بينهما
قال البخاري: حدَّثنا عبدُ اللّهِ بنُ مَسْلَمَةَ عن مالِكٍ عنْ موسى بنِ عُقْبةَ عن كُرَيْبٍ مولى ابنِ عبّاسٍ عن أُسامةَ بنَ زَيدٍ: أَنَّهُ سَمِعَهُ يقول: دَفَعَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم مِنْ عَرَفَةَ، حتى إذا كانَ بالشِّعْبِ نَزَلَ فبالَ، ثمَّ تَوَضَّأ ولم يُسْبغِ الوُضوءَ. فقلتُ: الصلاةَ يا رسولَ اللّهِ. فقال: الصلاةُ أَمامَكَ. فَرَكِبَ. فلمّا جاءَ المُزْدلِفةَ نَزَلَ فتوَضَأ فأسْبَغَ الوُضوءَ ثمَّ أُقيمَتِ الصلاةُ فصلَّى المَغْرِبَ، ثمَّ أَناخَ كلُّ إِنسانٍ بَعيرَهُ في مَنزلِه، ثمَّ أُقيمَتِ العِشاءُ فصلَّى، ولم يُصَلِّ بينَهما.
وقال البخاري: حدَّثنا آدَمُ حدَّثَنا ابنُ أبي ذِئبٍ عنِ الزُّهريِّ عن سالمِ بنِ عبدِ اللّهِ عن ابنِ عمرَ رضيَ اللّهُ عنهما قال «جَمَع النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينَ المغربِ والعِشاءِ بجمْعٍ. كلُّ واحدةٍ منهما بإِقَامَة ولم يُسَبِّح بَيْنهما، ولا على إثْرِ كُلِّ واحدةٍ منهما».
وأخرج الرواية أبوداود فقال: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا. قال الألباني: صحيح
وقال أبو دواد: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا حماد بن خالد عن بن أبي ذئب عن الزهري: بإسناده ومعناه وقال بإقامة إقامة جمع بينهما قال أحمد قال وكيع صلى كل صلاة بإقامة. قال الألباني: صحيح
وقال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك قال: صليت مع ابن عمر المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين فقال له مالك بن الحرث ما هذه الصلاة قال صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة. قال الألباني: صحيح بزيادة لكل صلاة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/32)
وقال البخاري: حدَّثنا خالدُ بنُ مَخْلدٍ حدَّثَنا سليمانُ بنُ بلالٍ حدَّثَنا يحيى بنُ سعيدٍ قال: أخبرَني عَديُّ بنُ ثابتٍ قال: حدَّثَني عبدُ اللّهِ بنُ يزيدَ الخَطْميُّ قال: حدَّثَني أبو أيُّوبَ الأنصاريُّ «أنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم جَمعَ في حَجَّةِ الوَداعِ المغرِبَ والعِشاءَ بالمُزْدلفةِ».
من الفوائد لهذا الباب:
1 - ماقاله النووي في شرحه على مسلم: وفيه الجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء في هذه الليلة في المزدلفة وهذا مجمع عليه لكن اختلفوا في حكمه، فمذهبنا أنه على الاستحباب فلو صلاهما في وقت المغرب أو في الطريق أو كل واحدة في وقتها جاز وفاتته الفضيلة،
2 - (ولم يصل بينهما شيئا) قال النووي: «ولم يصل بينهما شيئاً» ففيه أنه لا يصلي بين المجموعتين شيئاً، ومذهبنا استحباب السنن الراتبة لكن يفعلها بعدهما لا بينهما، ويفعل سنة الظهر التي قبلها قبل الصلاتين والله أعلم. قلت: فيه نظر في صلاة الرواتب فإنه يتركها الحاج والله أعلم.
3 - وماقاله ابن حجر في القتح: يستفاد منه –رواية ابن عمر - أنه ترك التنفل عقب المغرب وعقب العشاء، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم يتنفل بينهما، بخلاف العشاء فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفل عقبها لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل، ومن ثم قال الفقهاء تؤخر سنة العشاءين عنهما، ونقل ابن المنذر الاجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما. انتهى ويعكر على نقل الاتفاق فعل ابن مسعود الآتي في الباب الذي بعده (قلت: أي في صحيح البخاري ويقصد حديث ابن مسعود الآتي بعد بابين).
ومنه قوله:
(بالمزدلفة) -يقصد في حديث أبي أيوب - مبين لقوله في رواية مالك عن يحيى بن سعيد التي أخرجها المصنف في المغازي بلفظ «أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حجة الوداع المغرب والعشاء جميعاً» وللطبراني من طريق جابر الجعفي عن عدي بهذا الإسناد «صلى بجمع المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بإقامة واحدة» وفيه رد على قول ابن حزم: إن حديث أبي أيوب ليس فيه ذكر أذان ولاإقامة، لأن جابراً وإن كان ضعيفاً فقد تابعه محمد بن أبي ليلى عن عدي على ذكر الإقامة فيه عند الطبراني أيضاً فيقوى كل واحد منهما بالآخر.
باب: ذكر رواية فيها بيان أن الفصل كان بعد العشاء وليس بين الصلاتين كما في الرواية السابقة
قال مسلم: .. حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ. أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ أَنَّهُ سَأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ،: كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللّهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ للْمَغْرِبِ. فَأَنَاخَ رَسُولَ اللّهِ نَاقَتَهُ وَبَالَ (وَمَا قَالَ: أَهْرَاقَ الْمَاءَ) ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءاً لَيْس بِالْبَالِغِ. فقُلْتُ: يَا رَسُولُ اللّهِ الصَّلاَةَ. فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ حَتَّى جِئْنَا الْمُزْدَلِفَةَ. فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ. ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ. وَلَمْ يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ. فَصَلَّى. ثُمَّ حَلُّوا. قُلْتُ: فَكَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَيَّ. ورواه مسلم
فيه من الفوائد
تخفيف الوضوء ثم إسباغه بمكان آخر
باب: تنقل ابن مسعود بين صلاتي المغرب والعشاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/33)
قال البخاري: حدَّثنا عمرُو بنُ خالدٍ حدَّثنا زهيرٌ حدَّثَنا أبو إسحاقَ قال سمعتُ عبدَ الرحمنِ بنَ يزيدَ يقول «حجَّ عبدُاللّهِ رضيَ اللّهُ عنه، فأتَينا المزدَلفة حينَ الأذانِ بالعَتَمةِ أو قَريباً من ذلكَ، فأمرَ رجُلاً فأذَّنَ وأقام، ثمَّ صلَّى المغرِبَ، وصلَّى بعدَها ركعتَينِ، ثمَّ دَعا بعَشَائهِ فَتَعَشَّى، ثمَّ أمَرَ ـ أُرَى رجلاً ـ فأذَّنَ وأَقَامَ» قال عمرٌو ولاأعلمُ الشكَّ إلاّ من زُهيرٍ «ثمَّ صلَّى العِشَاءَ ركعتين. فلمَّا طَلَع الفَجْرُ قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان: لايُصلِّي هذِه الساعةَ إلاّ هذِه الصلاةَ في هذا المكانِ من هذا اليوم. قال عبدُالله: هما صلاتان تُحوَّلانِ عن وقتهما: صلاةُ المغربِ بعدَ مايأتي الناسُ المزدلِفةَ، والفجرُ حينَ يَبزُغ الفجرُ، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَفعلُه».
من الفوائد:
ماقاله ابن حجر في الفتح:
1 - (فأمر رجلاً) لم أقف على اسمه، ويحتمل أن يكون هو عبد الرحمن بن يزيد فإن في رواية حسن وحسين المذكورتين «فكنت معه فأتينا المزدلفة، فلما كان حين طلع الفجر قال قم، فقلت له إن هذه الساعة مارأيتك صليت فيها».
2 - (حج عبدالله) في رواية أحمد عن حسن بن موسى، وللنسائي من طريق حسين بن عياش كلاهما عن زهير بالإسناد «حج عبدالله بن مسعود فأمرني علقمة أن ألزمه فلزمته فكنت معه» وفي رواية إسرائيل الآتية بعد باب «خرجت مع عبدالله إلى مكة ثم قدمنا جمعاً».
3 - واستدل بحديث ابن مسعود على جواز التنفل بين الصلاتين لمن أراد الجمع بينهما لكون ابن مسعود تعشى بين الصلاتين، ولاحجة فيه لأنه لم يرفعه، ويحتمل أن لايكون قصد الجمع، وظاهر صنيعه يدل على ذلك لقوله إن المغرب تحول عن وقتها فرأى أنه وقت هذه المغرب خاصة، ويحتمل أن يكون قصد الجمع وكان يرى أن العمل بين الصلاتين لايقطعه إذا كان ناوياً للجمع، ويحتمل قوله «تحول عن وقتها» أي المعتاد، وأما إطلاقه على صلاة الصبح أنها تحول عن وقتها فليس معناه أنه أوقع الفجر قبل طلوعها، وإنما أراد أنها وقعت قبل الوقت المعتاد فعلها فيه في الحضر، ولاحجة فيه لمن منع التغليس بصلاة الصبح لأنه ثبت عن عائشة وغيرها كما تقدم في المواقيت التغليس بها، بل المراد هنا أنه كان إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته ثم خرج فصلى الصبح مع ذلك بغلس، وأما بمزدلفة فكان الناس مجتمعين والفجر نصب أعينهم فبادر بالصلاة أول مابزغ حتى أن بعضهم كان لم يتبين له طلوعه، وهو بين في رواية إسرائيل الآتية حيث قال «ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع» واستدل الحنفية بحديث ابن مسعود هذا على ترك الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة وجمع لقول ابن مسعود «مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين» وأجاب المجوزون بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد ثبت الجمع بين الصلاتين من حديث ابن عمر وأنس وابن عباس وغيرهم وتقدم في موضعه بما فيه كفاية، وأيضاً فالاستدلال به إنما هو من طريق المفهوم وهم لايقولون به، وأما من قال به فشرطه أن لايعارضه منطوق، وايضاً فالحصر فيه ليس على ظاهره لإِجماعهم على مشروعية الجمع بين الظهر والعصر بعرفة.
باب: من رأى أن كل صلاة منهما تكون بأذانين وإقامتين
قال البخاري حدَّثنا عمرُو بنُ خالدٍ حدَّثنا زهيرٌ حدَّثَنا أبو إسحاقَ قال سمعتُ عبدَ الرحمنِ بنَ يزيدَ يقول «حجَّ عبدُاللّهِ رضيَ اللّهُ عنه، فأتَينا المزدَلفة حينَ الأذانِ بالعَتَمةِ أو قَريباً من ذلكَ، فأمرَ رجُلاً فأذَّنَ وأقام، ثمَّ صلَّى المغرِبَ، وصلَّى بعدَها ركعتَينِ، ثمَّ دَعا بعَشَائهِ فَتَعَشَّى، ثمَّ أمَرَ ـ أُرَى رجلاً ـ فأذَّنَ وأَقَامَ» قال عمرٌو ولاأعلمُ الشكَّ إلاّ من زُهيرٍ «ثمَّ صلَّى العِشَاءَ ركعتين. فلمَّا طَلَع الفَجْرُقال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان: لايُصلِّي هذِه الساعةَ إلاّ هذِه الصلاةَ في هذا المكانِ من هذا اليوم. قال عبدُالله: هما صلاتان تُحوَّلانِ عن وقتهما: صلاةُ المغربِ بعدَ مايأتي الناسُ المزدلِفةَ، والفجرُ حينَ يَبزُغ الفجرُ، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَفعلُه».
من الفوائد للأبواب المتقدمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/34)
ماقاله الترمذي: ... إذا أتى جمعا وهو المزدلفة جمع بين الصلاتين بإقامة واحدة ولم يتطوع فيما بينهما وهو الذي اختاره بعض أهل العلم وذهب إليه وهو قول سفيان الثوري قال سفيان وإن شاء صلى المغرب ثم تعشى ووضع ثيابه ثم أقام فصلى العشاء فقال بعض أهل العلم يجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان وإقامتين يؤذن لصلاة المغرب ويقيم ويصلي المغرب ثم يقيم ويصلي العشاء وهو قول الشافعي.
وقال ابن حجر في الفتح: .. في هذا الحديث مشروعية الأذان والإِقامة لكل من الصلاتين إذا جمع بينهما، قال ابن حزم: لم نجده مروياً عن النبي صلى الله عليه وسلّم، ولو ثبت عنه لقلت به. ثم أخرج من طريق عبد الرزاق عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحق في هذا الحديث: قال أبو إسحق فذكرته لأبي جعفر محمد بن علي فقال: أما نحن أهل البيت فهكذا نصنع، قال ابن حزم: وقد روي عن عمر من فعله، قلت أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح عنه، ثم تأوله بأنه محمول على أن أصحابه تفرقوا عنه فأذن لهم ليجتمعوا ليجمع بهم، ولايخفى تكلفه، ولو تأتى له ذلك في حق عمر ـ لكونه كان الإِمام الذي يقيم للناس حجهم ـ لم يتأت له في حق ابن مسعود لأنه إن كان معه ناس من أصحابه لايحتاج في جمعهم إلى من يؤذن لهم، وقد أخذ بظاهره مالك، وهو اختيار البخاري. وروى ابن عبد البر عن أحمد بن خالد أنه كان يتعجب من مالك حيث أخذ بحديث ابن مسعود وهو من رواية الكوفيين مع كونه موقوفاً ومع كونه لم يروه ويترك ماروي عن أهل المدينة وهو مرفوع، قال ابن عبد البر: وأعجب أنا من الكوفيين حيث أخذوا بما رواه أهل المدينة وهو أن يجمع بينهما بأذان وإقامة واحدة وتركوا مارووا في ذلك عن ابن مسعود مع أنهم لايعدلون به أحداً. قلت: الجواب عن ذلك أن مالكاً اعتمد على صنيع عمر في ذلك وإن كان لم يروه في «الموطأ» واختار الطحاوي ماجاء عن جابر يعني في حديثه الطويل الذي أخرجه مسلم أنه جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، وهذا قول الشافعي في القديم ورواية عن أحمد وبه قال ابن الماجشون وابن حزم وقواه الطحاوي بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وقال الشافعي في الجديد والثوري وهو رواية عن أحمد: يجمع بينهما بإقامتين فقط، وهو ظاهر حديث أسامة الماضي قريباً حيث قال «فأقام المغرب ثم أناخ الناس ولم يحلوا حتى أقام العشاء» وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عن أحمد.
باب: من رأى أنه بأذان وإقامتين
في حديث جابر الذي في صحيح مسلم في سرد صفة حجه عليه الصلاة والسلام بعد أن ذكر عرفة والصلاة فيها والدعاء قال:
فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ. وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ. وَدَفَعَ رَسُولُ اللّهِ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ. حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ. وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: «أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَليلاً. حَتَّى تَصْعَدَ. حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ. فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ. وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئاً. ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللّهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ. وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ. حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ. فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ. فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفَاً حَتَّى أَسْفَرَ جِدّاً. فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيماً. فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللّهِ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ. فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللّهِ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ. فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ. فَحَوَّلَ رَسُولُ اللّهِ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ. يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/35)
الآخَرِ يَنْظُرُ. حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ. فَحَرَّكَ قَلِيلاً. ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى. رواه مسلم
وفيه من الفوائد:
1 - أنه لم يسبح بينهما
2 - وأنه نام ليلته ولم يثبت أنه صلى الوتر فدل على سنيته
3 - و بادر بالصبح في أول وقته ليتفرغ بعد للدعاء
4 - و ظل بالمزدلفة يدعو الله واقفا حتى أسفر جدا
5 - و دفع قبل طلوع الشمس
6 - وفيه توجيه وجه الفضل للشق الآخر خوفا عليه وعلى المرأة من الفتنة
7 - إسراعه بالمحسر
8 - سلوك الطريق الوسطى الأقرب للجمرة الكبرى وكان أول فعل فعله ذلك اليوم
9 - يترجح عندي التخيير بينهما وأنهما صفات متنوعة قال الحافظ: وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عن أحمد اهـ.
باب: تقديم الضعفة بليل ويكون معهم من يقوم بهم ولو لم يكن من الضعفة
قال البخاري حدَّثنا عليٌّ حدَّثَنا سفيانُ قال أخبرَني عُبيدُ اللّهِ بنُ أبي يزيدَ سمعَ ابنَ عبَّاسٍ رضيَ اللّه عنهما يقول «أنا ممن قدَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ليلةَ المزدلفةِ في ضَعَفَةِ أهله».
وقال مسلم: حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. جَمِيعاً عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللّهِ فِي الثَّقَلِ (أَوْ قَالَ فِي الضَّعَفَةِ) مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
وقال النسائي: أخبرنا أبو داود قال حدثنا أبو عاصم وعفان وسليمان عن شعبة عن مشاش عن عطاء عن بن عباس عن الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضعفة بني هاشم أن ينفروا من جمع بليل
وقال الألباني: حسن صحيح الإسناد
باب:تحري الخروج من المزدلفة بعد غياب القمر للضعفة
قال البخاري: حدَّثنا مسدَّدٌ عن يحيى عنِ ابنِ جُريجٍ قال حدَّثَني عبدُ اللّهِ مولى أسماءَ عن أسماءَ «أنها نزلَتْ ليلةَ جمعٍ عندَ المزدلفةِ فقامَتْ تُصلِّي، فصلَّتْ ساعةً ثم قالت: يابُنيَّ هل غابَ القمرُ؟ قلت: لا. فصلَّتْ ساعةً ثم قالت: هل غابَ القمرُ؟ قلت: نعم. قالت: فارْتحِلوا، فارتَحَلْنا ومَضَينا، حتى رَمتِ الجمرةَ، ثمَّ رجعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبحَ في منزِلها. فقلتُ لها: ياهنتاهُ، ماأُرانا إلاّ قد غَلَّسْنا. قالت: يابُنيَّ، إن رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم أذِنَ للظُّعُن».ورواه مسلم بنحوه
فوائد
1 - قال ابن حجر في الفتح «إذا غاب القمر» بيان للمراد من قوله في أول الترجمة «بليل»، ومغيب القمر تلك الليلة يقع عند أوائل الثلث الأخير، ومن ثم قيده الشافعي ومن تبعه بالنصف الثاني. قال صاحب «المغني»: لانعلم خلافاً في جواز تقديم الضعفة بليل من جمع إلى منى. ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث: الأول حديث ابن عمر.،
2 - وفي الفتح أيضا: قوله يا هنتاه: أي ياهذه
3 - قوله: (إذن للظعن) بضم الظاء المعجمة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج ثم طلق على المرأة مطلقاً، وفي رواية أبي داود المذكورة «إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم» وفي رواية مالك «لقد كنا نفعل ذلك مع من هو خير منك» تعني النبي صلى الله عليه وسلّم، واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة وعند من لم يخصص، وخالف في ذلك الحنفية فقالوا: لايرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها، وبهذا قال أحمد وإسحق والجمهور، وزاد إسحق «ولايرميها قبل طلوع الشمس» وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور، ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاوس والشعبي والشافعي، واحتج الجمهور بحديث ابن عمر الماضي قبل هذا، واحتج إسحق بحديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لغلمان بني عبد المطلب: لاترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» وهو حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن حبان من طريق الحسن العرني ـ وهو بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون ـ عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي والطحاوي من طرق عن الحكم عن مقسم عنه، وأخرجه أبو داود من طريق حبيب عن عطاء، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/36)
ومن ثم صححه الترمذي وابن حبان. وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس فمن لم يرخص له أولى. واحتج الشافعي بحديث أسماء هذا. ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب، ويؤيده ماأخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى ابن عباس عنه قال «بعثني النبي صلى الله عليه وسلّم مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر» وقال ابن المنذر: السنة أن لايرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم، ولايجوز الرمي قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذ فلا إعادة عليه إذ لاأعلم أحداً قال لايجزئه.
4 - قال ابن حجر: واستدل به أيضاً على إسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة، ولادلالة فيه لأن رواية أسماء ساكنة عن الوقوف، وقد بينته رواية ابن عمر التي قبلها. وقد اختلف السلف في هذه المسألة فكان بعضهم يقول: من مر بمزدلفة فلم ينزل بها فعليه دم، ومن نزل بها ثم دفع منها في أي وقت كان من الليل فلا دم عليه ولو لم يقف مع الإمام. وقال مجاهد وقتادة والزهري والثوري: من لم يقف بها فقد ضيع نسكاً وعليه دم، وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحق وأبي ثور، وروي عن عطاء، وبه قال الأوزاعي لادم عليه مطلقاً، وإنما هو منزل من شاء نزل به ومن شاء لم ينزل به. وروى الطبري بسند فيه ضعف عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً «إنما جمع منزل لدلج المسلمين» وذهب ابن بنت الشافعي وابن خزيمة إلى أن الوقوف بها ركن لايتم الحج إلا به، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، ونقله ابن المنذر عن علقمة والنخعي، والعجب أنهم قالوا من لم يقف بها فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة، واحتج الطحاوي بأن الله لم يذكر الوقوف وإنما قال {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} [البقرة: 198] وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج فالموطن الذي يكون الذكر فيه أحرى أن لايكون فرضاً. قال: ومااحتجوا به من حديث عروة بن مضرس ـ وهو بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها مهملة ـ رفعه قال «من شهد معنا صلاة الفحر بالمزدلفة وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه» لإجماعهم أنه لو بات بها ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجه تام انتهى. وحديث عروة أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم ولفظ أبي داود عنه «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالموقف ـ يعني بجمع ـ قلت: جئت يارسول الله من جبل طيء فأكللت مطيتي وأتعبت نفسي، والله ماتركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه» وللنسائي «من أدرك جمعاً مع الإِمام والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الإِمام والناس فلم يدرك» ولأبي يعلى «ومن لم يدرك جمعاً فلا حج له» وقد صنف أبو جعفر العقيل جزءاً في إنكار هذه الزيادة وبين أنها من رواية مطرف عن الشعبي عن عروة وأن مطرفاً كان يهم في المتون، وقد ارتكب ابن حزم الشطط فزعم أنه من لم يصل صلاة الصبح بمزدلفة مع الإِمام أن الحج يفوته إلتزاماً لما ألزمه به الطحاوي، ولم يعتبر ابن قدامة مخالفته هذه فحكى الإِجماع على الإِجزاء كما حكاه الطحاوي، وعند الحنفية يجب بترك الوقوف بها دم لمن ليس به عذر، ومن جملة الأعذار عندهم الزحام. الحديث الرابع حديث عائشة أورده من طريقين .. اهـ
قال مسلم: .. حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللّهِ بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللّهِ. قُلْتُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي بِلَيْلٍ طَوِيلٍ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلِكَ، بِسَحَرٍ. قُلْتُ لَهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَأَيْنَ صَلَّى الْفَجْرَ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلَكَ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/37)
وقال مسلم: حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى. جَمِيعاً عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ شَوَّالٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ بِهَا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
وقال مسلم: .. حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ شَوَّالٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ. نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى. وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ. وأخرجه النسائي
فوائد الباب
1 - قال ابن حجر في الفتح: واحتج به ابن المنذر لقول من أوجب المبيت بمزدلفة على غير الضعفة لأن حكم من لم يرخص له ليس كحكم من رخص له، قال: ومن زعم أنهما سواء لزمه أن يجيز المبيت على منى لسائر الناس لكونه صلى الله عليه وسلّم أرخص لأصحاب السقاية وللرعاء أن لايبيتوا بمنى، قال: فإن قال لاتعدوا بالرخص مواضعها فليستعمل ذلك هنا، ولايأذن لأحد أن يتقدم من جمع إلا لمن رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلّم انتهى. وقد اختلف السلف في هذه المسألة فقال علقمة والنخعي والشعبي: من ترك المبيت بمزدلفة فاته الحج، وقال عطاء والزهري وقتادة والشافعي والكوفيون وإسحق: عليه دم، قالوا: ومن بات بها لم يجز له الدفع قبل النصف، وقال مالك: إن مر بها فلم ينزل فعليه دم، وإن نزل فلا دم عليه متى دفع،
2 - قال ابن حجر الفتح: ((وفي حديث ابن عمر دلالة على جواز رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس لقوله «إن من يقدم عند صلاة الفجر إذا قدم رمى الجمرة)) اهـ
باب: جواز الوقوف عند المشعر الحرام-وهو جبل قزح- بالليل للضعفة
قال مسلم: .. حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. فَيَقفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ. فَيَذْكُرُونَ اللّهَ مَا بَدَا لَهُمْ. ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الإِمَامُ. وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلاَةِ الْفَجْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذلِكَ. فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللّهِ
قال أبو دواد:حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال: فلما أصبح يعني النبي صلى الله عليه وسلم ووقف على قزح فقال هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف ونحرت ها هنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم.قال الألباني: حسن صحيح
عرفة كلها موقف وجمع كلها موقف وكل فجاج مكة موقف ومنحر
قال مسلم: حدثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «نَحَرْتُ هَهُنَا. وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ. فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ. وَوَقَفْتُ هَهُنَا. وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ. وَوَقَفْتُ هَهُنَا. وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ». ورواه النسائي مختصرا بلفظ: ((المزدلفة كلها موقف))
وقال أبودواد:حدثنا الحسن بن علي ثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء قال حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر)) قال الألباني: حسن صحيح
باب: مراعاة حطمة الناس وجواز الدفع للضعفة قبل الناس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/38)
قال البخاري:حدَّثنا أبو نُعَيمٍ حدَّثَنا أفلحُ بنُ حُميدٍ عن القاسم بنِ محمدٍ عن عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها قالت «نزَلنا المزدَلفةَ، فاستأذَنتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سَودةُ أن تَدْفَعَ قبلَ حَطْمةِ الناسِ ـ وكانتِ امرأةً بطيئةً ـ فأذِنَ لها، فَدَفعتْ قبلَ حَطمةِ الناسِ، وأقمنا حتى أصبحنا نحنُ، ثمَّ دَفعنا بدَفعهِ، فلأنْ أكونَ استأذنتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم كما استأذَنت سَودةُ أحبُّ إليَّ من مَفْروحٍ به».
ورواه مسلم بنحوه فقال: .. حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا أَفْلَحُ (يَعْني ابْنَ حُمَيْدٍ) عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللّهِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ. تَدْفَعُ قَبْلَهُ. وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَكَانَتِ امْرَأَةً ثِبَطَةً. (يَقُولُ الْقَاسِمُ: والثَّبِطَةُ الثَّقِيلَةُ) قَالَ: فَأَذِنَ لَهَا. فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ. وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بِدَفْعِهِ. وَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللّهِ، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ، فَأَكُونَ أَدْفَعُ بِإِذْنِهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ.
وقال النسائي: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أنبأنا منصور عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة قالت: إنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة في الإفاضة قبل الصبح من جمع لأنها كانت امرأة ثبطة. وقال الشيخ الألباني: صحيح
من الفوائد
ماقاله ابن حجر في الفتح:
1 - قوله: (ثقيلة) أي من عظم جسمها.
2 - قوله: (ثبطة) بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها مهملة خفيفة أي بطيئة الحركة كأنها تثبط بالأرض أي تشبث بها،
3 - وقال النووي في شرحه على مسلم: فيه دليل لجواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر، قال الشافعي وأصحابه: يجوز قبل نصف الليل ويجوز رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل. واستدلوا بهذا الحديث، واختلف العلماء في مبيت الحاج بالمزدلفة ليلة النحر، والصحيح من مذهب الشافعي أنه واجب من تركه لزمه دم وصح حجه، وبه قال فقهاء الكوفة وأصحاب الحديث، وقالت طائفة هو سنة إن تركه فاتته الفضيلة ولا إثم عليه ولا دم ولا غيره وهو قول للشافعي وبه قال جماعة، وقالت طائفة لا يصح حجه وهو محكي عن النخعي وغيره، وبه قال إمامان كبيران من أصحابنا وهما أبو عبد الرحمن بن بنت الشافعي وأبو بكر بن خزيمة، وحكى عن عطاء والأوزاعي أن المبيت بالمزدلفة في هذه الليلة ليس بركن ولا واجب ولا سنة ولا فضيلة فيه، بل هو منزل كسائر المنازل إن شاء تركه وإن شاء لم يتركه ولا فضيلة فيه وهذا قول باطل، واختلفوا في قدر المبيت الواجب فالصحيح عند الشافعي أنه ساعة في النصف الثاني من الليل، وفي قول له ساعة من النصف الثاني أو ما بعده إلى طلوع الشمس، وفي قول ثالث له أنه معظم الليل. وعن مالك ثلاث روايات: إحداها كل الليل، والثاني معظمه، والثالث أقل زمان.
وقال مسلم: .. حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ شَوَّالٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ. نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى. وَفِي رِوَايَةِ النَّاقِدِ: نُغَلِّسُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ.
باب: خروج الضعفة بالليل ودليل من رأى الرمي لهم بالليل
قال مسلم: .. حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللّهِ بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ فِي ثَقَلِ نَبِيِّ اللّهِ. قُلْتُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ بِي بِلَيْلٍ طَوِيلٍ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلِكَ، بِسَحَرٍ. قُلْتُ لَهُ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَأَيْنَ صَلَّى الْفَجْرَ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ كَذِلَكَ.
باب: باب الخروج للضعفة بالليل ودليل من أجاز الرمي بعد صلاة الفجر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/39)
قال النسائي: أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أشهب أن داود بن عبد الرحمن حدثهم أن عمرو بن دينار حدثه أن عطاء بن أبي رباح حدثهم انه سمع بن عباس يقول: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله فصلينا الصبح بمنى ورمينا الجمرة. وقال الألباني: صحيح
وقال النسائي: أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبيد الله عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أم المؤمنين عائشة قالت: وددت أني استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة فصليت الفجر بمنى قبل أن يأتي الناس وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها فصلت الفجر بمنى ورمت قبل أن يأتي الناس. قال الألباني: صحيح
باب: الخروج للضعفة بالليل واستحباب الرمي بعد طلوع الشمس وبعضهم يرى الوجوب
قال أبو داود:حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان قال حدثني سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن بن عباس قال: قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس قال أبو داود اللطخ الضرب اللين.وقال الألباني:صحيح
وفي رواية عنده قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا الوليد بن عقبة ثنا حمزة الزيات عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن بن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس ويأمرهم يعني لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس.قال الألباني: صحيح
قال الترمذي بعد إخراجه حديث ابن عباس: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم لم يروا بأسا أن يتقدم الضعفة من المزدلفة بليل يصيرون إلى منى وقال أكثر أهل العلم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا يرمون حتى تطلع الشمس ورخص بعض أهل العلم في أن يرموا بليل والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا يرمون وهو قول الثوري والشافعي ... اهـ
من الفوائد
يرى شيخنا ابن باز جواز الرمي قبل الفجر واستحباب الرمي بعد طلوع الشمس
جمعا بين الأدلة –على فرض صحة دليل الرمي بعد طلوعها-
ويرى الشيخ الألباني: وجوب الرمي بعد طلوع الشمس.
باب التلبية بجمع
وقال النسائي: أخبرنا هناد بن السري في حديثه عن أبي الأحوص عن حصين عن كثير وهو بن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال بن مسعود ونحن بجمع: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان لبيك اللهم لبيك.قال الألباني: صحيح
باب: لزوم التلبية حتى يرمي الجمرة يوم العيد
قال البخاري: حدَّثنا زُهير بنُ حربٍ حدَّثَنا وَهبُ بنُ جريرٍ حدَّثَنا أبي عن يونُسَ الأيليِّ عن الزُّهريِّ عن عُبيدِ اللّهِ بنِ عبدِ اللّهِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللّهُ عنهما «أنَّ أُسامةَ بنَ زيدٍ رضيَ اللّهُ عنهما كان رِدْفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم من عرفة إلى المزدَلفةِ، ثمَّ أرْدَفَ الفضلَ منَ المزدلفِةِ إلى مِنًى، قال فكلاهما قالا: لم يَزَلِ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُلبِّي حتى رمى جمرة العقَبة».
باب: صلاة الفجر بجمع قبل ميقاتها
قال البخاري: حدَّثنا عمرُ بنُ حفصِ بنِ غياثٍ حدَّثَنا أبي حدَّثَنا الأعمشُ قال حدَّثَني عُمارةُ عن عبدِ الرحمنِ عن عبدِ اللّهِ رضيَ اللّهُ عنه قال «مارأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم صلّى صلاةً لغيرِ مِيقاتِها، إلاّ صلاتَينِ: جَمَعَ بينَ المغرِبِ والعِشاءِ، وصلَّى الفجرَ قبلَ مِيقاتِها».
وفي رواية أخرى عند البخاري أيضا قال: حدَّثنا عبدُ اللّهِ بنُ رجاءٍ حدَّثَنا إسرائيلُ عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ قال خرجْنا مع عبدِ اللّهِ رضيَ اللّهُ عنه إلى مكةَ، ثمَّ قدمنا جَمْعاً فصلّى الصلاتَين: كلَّ صلاةٍ وحدّها بأذانٍ وإقامة، والعَشاءُ بينهما. ثم صلَّى الفجرَ حينَ طلَعَ الفجر ـ قائلٌ يقول طَلَعَ الفجرُ، وقائلٌ يقول لم يَطْلُعِ الفجر ـ ثم قال: إنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلّم قال: إنَّ هاتين الصلاتَينِ حُوِّلَتا عن وَقتِهما في هذا المكانِ: المغرِبَ والعِشاءَ، فلا يَقدُمُ الناسُ جَمعاً حتى يُعتموا، وصلاةَ الفجرِ هذِه الساعةَ. ثم وقفَ حتى أسفرَ ثم قال: لو أنَّ أميرَ المؤمنينَ أفاضَ الآنَ أصابَ السنَّةَ. فما أدري أقولُه كان أسرعَ أم دَفعُ عثمانَ رضيَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/40)
اللّهُ عنه، فلم يزلْ يُلبِّي حتى رمى جَمرةَ العقبةِ يومَ النحر».
الفوائد
1 - قوله: (قبل ميقاتها) المقصود أول وقتها وليس كالعادة
2 - قوله: (حتى يعتموا) أي يدخلوا في العتمة وهو وقت العشاء الآخرة كما تقدم بيانه في المواقيت. الفتح
3 - وقوله (فما أدري) هو كلام عبد الرحمن بن يزيد الراوي عن ابن مسعود، وأخطأ من قال إنه كلام ابن مسعود، والمراد أن السنة الدفع من المشعر الحرام عند الإِسفار قبل طلوع الشمس، خلافاً لما كان عليه أهل الجاهلية كما في حديث عمر الذي بعده. الفتح
باب: خطبة النبي صلى الله عليه وسلم غداة جمع
قال ابن ماجة حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا ثنا وكيع ثنا بن أبي رواد عن أبي سلمة الحمصي عن بلال بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: غداة جمع يا بلال أسكت الناس أو أنصت الناس ثم قال إن الله تطول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطي محسنكم ما سأل ادفعوا باسم الله.
قال الألباني: صحيح
باب: متى يفيض من المزدلفة؟
قال البخاري: حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنهالٍ حدَّثَنا شُعبةُ عن أبي إسحاقَ سمعتُ عمرَو بنَ ميمونٍ يقول «شهِدتُ عمرَ رضيَ اللّهُ عنه صلّى بجَمْعٍ الصبحَ، ثم وقفَ فقال: إنَّ المشركينَ كانوا لايُفيضونَ حتى تطلُعَ الشمسُ ويقولون: أشْرِقْ ثَبيرُ. وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خالفَهم، ثمَّ أفاضَ قبلَ أن تَطلعَ الشمسُ».
الفوائد
1 - (باب متى يدفع من جمع) أي بعد الوقوف بالمشعر الحرام. الفتح
2 - (ويقولون: أشرق ثبير) أشرق بفتح أوله فعل أمر من الإشراق أي أدخل في الشروق، وقال ابن التين: وضبطه بعضهم بكسر الهمزة كأنه ثلاثي من شرق وليس ببين، والمشهور أن المعنى لتطلع عليك الشمس وقيل: ومعناه أضىء ياجبل، وليس ببين أيضاً. وثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة جبل معروف هناك، وهو على يسار الذاهب إلى منى، وهو أعظم جبال مكة، عرف برجل من هذيل اسمه ثبير دفن فيه. زاد أبو الوليد عن شعبة «كيما نغير» أخرجه الإسماعيلي، ومثله لابن ماجة من طريق حجاج بن أرطاة عن أبي إسحق، وللطبري من طريق إسرائيل عن أبي إسحق «أشرق ثيبر لعلنا نغير» قال الطبري: معناه كيما ندفع للنحر، وهو من قولهم أغار الفرس إذا أسرع في عدوه، قال ابن التين: وضبطه بعضهم بسكون الراء في ثبير وفي نغير لإرادة السجع. الفتح
3 - قوله: (ثم افاض قبل أن تطلع الشمس) الإِفاضة الدفعة قاله الأصمعي، ومنه أفاض القوم في الحديث إذا دفعوا فيه، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض عمر فيكون انتهاء حديثه ماقبل هذا، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض النبي صلى الله عليه وسلّم لعطفه على قوله خالفهم، وهذا هو المعتمد. وقد وقع في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة عند الترمذي «فأفاض» وفي رواية الثوري «فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلّم فأفاض» وللطبري من طريق زكريا عن أبي إسحق بسنده «كان المشركون لاينفرون حتى تطلع الشمس، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كره ذلك فنفر قبل طلوع الشمس» وله من رواية إسرائيل «فدفع لقدر صلاة القوم المسفرين لصلاة الغداة» وأوضح من ذلك ماوقع في حديث جابر الطويل عند مسلم «ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله تعالى وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس» وقد تقدم حديث ابن مسعود في ذلك وصنيع عثمان بما يوافقه، وروى ابن المنذر من طريق الثوري عن أبي إسحق «سألت عبد الرحمن بن يزيد: متى دفع عبدالله من جمع؟ قال: كإنصراف القوم المسفرين من صلاة الغداة» وروى الطبري من حديث علي قال «لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالمزدلفة غدا فوقف على قزح وأردف الفضل ثم قال: هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف. حتى إذا أسفر دفع» وأصله في الترمذي دون قوله «حتى إذا أسفر» ولابن خزيمة والطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس «كان أهل الجاهلية يقفون بالمزدلفة، حتى إذا طلعت الشمس فكانت على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين أسفر كل شيء قبل أن تطلع الشمس» وللبيهقي من حديث المسور بن مخرمة نحوه، وفي هذا الحديث فضل الدفع من الموقف بالمزدلفة عند الإسفار، وقد تقدم بيان الاختلاف فيمن دفع قبل الفجر. ونقل الطبري الإِجماع على أن من لم يقف فيه حتى طلعت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/41)
الشمس فاته الوقوف قال ابن المنذر: وكان الشافعي وجمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذه الأخبار، وكان مالك يرى أن يدفع قبل الإسفار، واحتج له بعض أصحابه بأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يعجل الصلاة مغلساً إلا ليدفع قبل الشمس، فكل من بعد دفعه من طلوع الشمس كان أولى. الفتح
باب:جوزا الإرداف في الحج إن كانت الدابة تتحمل ولزوم التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد
قال البخاري: حدَّثنا عبد الله بن محمَّد: حدَّثنا وهبْ بن جرير: حدَّثنا أبي عن يونس الأَيْلِيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْد اللهِ، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهُما: أَنَّ أُسَامَةَ رضي الله عنه كان رِدفً النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم، من عرفة إلى المزدلفةِ، ثمَّ أَرْدَفَ الفَضْلِ، مِنَ المزْدلفة إلى مِنًى، قَالَ: فكلاهما قال: ((لم يزل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم يُلَبِّي حتَّى رمى جمرةَ العَقَّبَةِ))
ورواه مسلم فقال: حدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ ابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللّهِ مِنْ عَرَفَاتٍ. فَلَمَا بَلَغَ رَسُولُ اللّهِ الشِّعْبَ الأَيْسَرَ، الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ، أَنَاخَ فَبَالَ. ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءاً خَفِيفاً. ثُمَّ قُلْتُ: الصَّلاَةَ، يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ رَسُولُ اللّهِ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى، ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللّهِ غَدَاةَ جَمْعٍ.
باب الإسراع بمحسر وسلوك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى
قال النسائي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا يحيى عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضع في وادي محسر. وقال الألباني: صحيح لغيره
قال في الفائق: الوضع: سير حثيث، يقال: أوضع الراكب البعير، ووضع البعير
يقال: وضع البعير وضعاً، ووضوعا: أسرع في سيره،
وفي لسان العرب: يقال وضع البعير وضعاً ووضوعاً أَسرع في سيره وأوضعه راكبه وأوضع بالراكب جعله موضعاً لراحلته يريد أنك بهرته بالمقابلة حتى ولى عنك ونفر مسرعاً
قال النسائي:أخبرني إبراهيم بن هارون قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فقلت أخبرني عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس حتى أتى محسرا حرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف رمى من بطن الوادي. قال الشيخ الألباني: صحيح
قلت: وأصل الحديث في صحيح مسلم وقد تقدم
قال النسائي: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا يحيى عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن أبي معبد عن عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس حين دفعوا عشية عرفة وغداة جمع: عليكم بالسكينة وهو كاف ناقته حتى إذا دخل منى فهبط حين هبط محسرا قال عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة قال والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان. قال الألباني: صحيح
الرابط: http://www.salafmisr.com/vb/showthread.php?t=3970(86/42)
سؤال عن لبس السراويل
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[18 - 10 - 07, 01:04 ص]ـ
السلام عليكم.
أما بعد.
حصلت عندنا في الأونا الأخيرة بعض البلبلة حول لبس السراويل للرجال ,حيث راما أحد المستقيمين بلبس السراويل فأنكر عليه إخوانه بشدة ووصفوه بالتميع و الإنحراف ,
و قالوا له أن لبس السراويل لا يجوز و انه يحجم العورة ,
من عنده معلومة عن هذه المسألة يوافيني بها مباشرة.
و باركة الله فيكم.
ـ[أبي يحيى المكاوي]ــــــــ[18 - 10 - 07, 03:04 ص]ـ
بارك الله فيك ستجد رأي الشيخ محمد ناصر الدين رحمه الله على هذا الرابط
http://www.fatawa-alalbany.com/fatawa_moutanaouia/hn(06_06.rm).html
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[18 - 10 - 07, 04:46 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
لبس البنطال إذا كان فضفاضاً واسعاً لا يجسّد العورة، وكان صفيقاً لا يشف عما تحته، ولم يكن مما يشتهر به الإنسان (ككونه في بلد يُلبَس فيها ولا يُنكَر)، ولم يكن مما يشابه فيه الفسقة جائز مباح.
وادعاء أنه تشبه بالكفار لا يظهر أنه صواب؛ لأنه لم يعُد مختصاً بهم. وقد أفتى علماء المسلمين في بعض لباس اليهود أنه قد تغير حكمه في زمن ما إلى الإباحة لأنه لم يعد شعاراً خاصاً لهم. والله أعلم.
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[18 - 10 - 07, 11:31 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
جزاكم الله خيرا إخواني.
و بارك الله في علمكم و عملكم.
ـ[خالد ابن عباس]ــــــــ[19 - 10 - 07, 02:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يراعى هنا حال دون حال فليس الذهاب إلى العمل بالبنطال هو الدخول إلى المسجد الذي قال فيه عزوجل ـ خذوازينتكم عند كل مسجد ـوإنه لمن سوء منظر المسلم أن يأتي إلى المسجد بهذه السراويل التي يقال لها ـ الدجينز ـ وبالخصوص إذا كانت ضيقة والله سبحانه المستعان على ماأتوا به لديار المسلمين، ورحم الله الشافعي ورضي عنه حين قال لو علمت أن الماء البارد ينقص مروءتي ماشربته إلا حارا.(86/43)
هنا تجمع المواد المرئية لتعليم مناسك الحج
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[18 - 10 - 07, 03:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
هنا يجمع ما يوجد من مواد مرئية في الشكبة لتعليم مناسك الحد وشرحها:
http://hajj.al-islam.com/arb/DATA/tabeeb/vedio-rec.asp
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[18 - 10 - 07, 03:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
http://www.islamway.com/?iw_s=Flash&iw_a=flashes&cat=1
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 10 - 07, 11:21 م]ـ
الحج العمره خطوه بخطوه وبا لصو ر .... المواقيت المكانيه في الحج والعمره: http://www.islam2all.com/vb/showthread.php?t=6093
ـ[أبو إلياس الرباطي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 12:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا على ما تقومون به تجاه إخوانكم(86/44)
مسائل وإشكالات في الحج
ـ[محمد أبا الخيل]ــــــــ[18 - 10 - 07, 03:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة هناك بعض المسائل في الحج التي يشوبها شيء من الغموض، فلو جمعت هنا لمناقشتها لكان حسناً.
وهذه أول مسألة مشكلة عندي، وهي:
ضابط المقيم في مكة؟
وبعبارة أخرى: متى يأخذ المرء أحكام أهل مكة؟
فمثلاً: من أراد الإقامة في مكة لسنوات طويلة وكان له فيها عمل، ولكن أهله خارج مكة يذهب إليهم بين الحين والآخر، فهل تكون له أحكام أهل مكة؟(86/45)
. " نوازلُ الحجِّ " للشَيْخِ د / عبد الله السكاكر ـ حفظهُ اللهُ ـ[وغيره]
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[18 - 10 - 07, 04:17 ص]ـ
الحمدُ للهِ وحدَه .. والصلاةُ والسلامُ على من لا نبيَ بعدَه ..
أما بعدُ ..
فهذهِ أحكامٌ لمسائلَ نازلةٍ من المسائلِ المتعلقة بفريضةِ الحجِّ ..
وأصلُها دروس ألقاها فضيلةُ الشيخ د / عبد الله بن حمد السكاكر ـ حفظه الله ـ
وكنتُ قد حضرتُ هذه الدروس واستفدتُ منها، فرأيتُ نقلها للأحبة مُنَسَّقةً ..
وليسَ لي منها إلاَّ الترتيب .. وإلا فهي موجودةٌ في شبكة صيد الفوائد، وفي موقع الإسلام اليوم ..
وقد تصرَّفتُ في المادةِ بحذف ما بدأ به الشيخ من مقدمة؛ كتعريف النوازل، وأهميَّة التحري فيها، وعدم التجاسر والإسراع في إصدارِ الفتاوي فيها .. فمن أرادها فليراجعها.
نفعَ اللهُ بالشيخ، وجزاه خير الجزاء.
وهذا رابط الموضوع:
نوازلُ الحجِّ للشيخ عبد الله السكاكر ( http://saaid.net/book/open.php?cat=87&book=3057)
فإلى المسائل ..
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[18 - 10 - 07, 04:28 ص]ـ
- النازلة الأولى: العجز عن الحصول على تصريح الحج.
انتم تعرفون أيها الإخوة أن المشاعر المقدسة لها طاقة استيعابية محدودة وانتم تشاهدون الآن منى قد استغلت بالكامل ومزدلفة في ليلة جمع تمتلئ بالكامل وعرفات ليست منها ببعيد والمسجد الحرام في يوم الثاني عشر والثالث عشر لا يحتمل المزيد.
... ومن أجل ذلك نظر الفقهاء والعلماء وولاة الأمر في تحديد نسب الحجيج في كل بلد إسلامي وإلا فإن الذين يرغبون تأدية الحج أضعاف هذه الأعداد عشرات المرات وكل الناس تهفو نفسه للوصول إلى بيت الله الحرام والوفود على الله عزوجل والطواف في بيته ولكن هذه هي طاقة هذه المشاعر وتلك الأماكن ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن هذا النسك وهذه الشعيرة وهذه الفريضة أن الله سبحانه وتعالى ربطها بالاستطاعة. فقال عز وجل {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فهذا الركن وهذه الشعيرة إنما هي فيمن يطيق ويستطيع فانتم تعرفون في البلاد الإسلامية أنها حددت نسبة بنظر أهل العلم وبنظر أهل الحل والعقد والرأي نسبة معينة من كل بلد إسلامي فمثلاً إذا قلنا إن النسبة واحد بالمئة وكنت أنت مثلاً في مصر أو في نيجيريا أو في اندونيسيا أو في الباكستان أو في غيرها وترغب الحج وعندك القدرة المالية والبدنية على حج بيت الله الحرام ولكنك حينما تقدمت لطلب الحج فوجئت بأن التصريح لا يمكن أن يصل إليك إلا بعد عشر سنوات أو عشرين سنة فحينئذ ماذا نقول بالنسبة لك هل أنت معذور أمام الله عزوجل بحيث أن الإنسان لو مات ولم يحج بسبب عدم حصوله على التصريح أنه لايسأل أمام الله عزوجل ولا يجب أن يحج عنه من تركته وماله. أم أنه مؤاخذ و يجب أن يحج عنه من ماله وتركته. هذه هي المسائلة التي بين أيدينا هذه المسألة والتصريح كما تعرفون أنها حادثة وليست قديمة.
لكن أهل العلم قبل ذلك بحثوا مسألة نظيرة هذه المسألة النظيرة هي. تخلية الطريق فقد بحث أهل العلم في شروط وجوب الحج مسألة تخلية الطريق هل هي شرط في وجوب الحج أم شرط للزوم أداء الحج؟
ومعنى تخليت الطريق يعني أن الطريق إلى بيت الله الحرام يكون متاحاً مفتوحاً سائغاً ليس هناك عدو يمنع أو سلطان يحول بين الإنسان وبين بيت الله الحرام هذا هو المقصود بتخلية الطريق فعدم الحصول على التصريح لاشك أنه من عدم تخلية الطريق فالطريق لم تكن خالية لمن لم يكن معه تصريح فإذا لم يكن معك تصريح لن تستطيع أن تسجل في الحج ولن تستطيع أن تركب الطائرة ولن تستطيع أن تدخل إلى المشاعر المقدسة ولا إلى هذه البلاد
فاأهل العلم اختلفوا في مسألة تخلية الطريق على قولين:
ـ فمن أهل العلم من قال إن تخلية الطريق شرط لوجوب الحج. فما لم يكن الطريق خالياً من الموانع والأعداء الذين يمنعون فإن الحج لا يجب على هذا الإنسان ولو وجد مالاً ولو كان صحيحاً سليماً معافى فإذا كان الطريق غير مخلى ولم يحصل الإنسان على تصريح فإنه عاجز عن الحج ولذلك يقولون إن الحج غير واجب عليه. هذا هو القول الأول
ـ القول الثاني من أقوال أهل العلم: إن تخلية الطريق ليست شرطاً في وجوب الحج لكنها شرط في لزوم الأداء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/46)
بمعنى أن الإنسان إذا كان قادر مالياً وبدنياً فإن الحج يجب عليه. لكن لا يجب عليه الأداء في الحال حتى يخلى بينه وبين الطريق ويستطيع.
والفرق بين القولين يا إخوة هو أن القول الأول الذي يقول إن تخلية الطريق شرط لوجوب الحج يقول إذا مات فإنه لا يحج عنه من تركته ولا يسأله الله سبحانه تعالى عن ذلك لأن الله عزوجل قال {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. هذا الذي لم يخلى بينه وبين الطريق ومنع من الإتيان إلى المشاعر المقدسة وإلى بيت الله الحرام ولم يستطع الحصول على التصريح. هل استطاع إلى بيت الله الحرام سبيلا؟ ما استطاع إلى بيت الله الحرام سبيلا ولهذا لا يجب عليه الحج وإذا مات على هذه الحال فإنه لا يقضى عنه ولا يحجج عنه من تركته.
أما الذين يقولون إنه شرط للأداء. فإنهم يقولون إنه لا يأثم ولكن الحج يبقى في ذمته فإذا مات يُخرج من تركته ويدفع لمن يحج عنه. فإذا مات يحجج عنه من تركته. لان الحج وجب عليه لكن سقط عنه الأداء في الحال لعدم القدرة على الوصول إلى بيت الله الحرام.
الذين قالوا إن الحج من شروط وجوبه تخلية الطريق هؤلاء استدلوا بظاهر قول الله سبحانه وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.وقالوا: هذا لم يستطع إلى بيت الله الحرام سبيلا وبتالي فإنه عاجز فلا يجب عليه الحج.
والذين قالوا إنه شرط للأداء وإذا مات على هذه الحال يحج عنه من تركته استدلوا على ما يقولون بأنه لما نزل قول الله سبحانه وتعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. قال رجل يا رسول الله ما السبيل _ يعني ما السبيل في قول الله عزوجل {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} _ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الزاد والراحلة.
فهؤلاء يقولون شروط الوجوب هي الزاد والراحلة فإذا وجدت وجب الحج و ماعدا ذلك فهي شروط أداء فإذا مات ولم توجد فإنه يخرج عنه من تركته.
ولكن هذا القول يمكن مناقشة دليله فإن هذا الحديث رواه الترمذي في جامعه وابن ماجه وهو حديث ضعيف عند أكثر أهل العلم بالحديث
وممن ضعفه الحافظ الزيلعي وابن حجر والبيهقي والالباني _ رحمة الله تعالى عليهم جميعاً _ بل إن الالباني _ رحمه الله تعالى _ قال إن هذا الحديث ليس بحسن ولا ضعيف ضعفا ينجبر وإنما هو ضعيف جدا. وبالتالي فالاستدلال به لا يستقيم وإنما هو من الآثار المروية عن بعض التابعين كالحسن وغيره وإذا كان كذلك فإنه لا حجة فيه وبناء على هذا فالراجح إنشاء الله تعالى هو القول الأول بأن تصريح الحج شرط في وجوب الحج وبناء على هذا الترجيح الذي أختاره العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز _ رحمة الله تعالى عليه _ والعلامة الشيخ محمد العثيمين _ رحمة الله تعالى عليه _ بناء على هذا الترجيح فإننا نقول لعموم إخواننا المسلمين الذين تهفو نفوسهم وتتعلق أفئدتهم بهذا البيت العتيق ويجدون الزاد والراحلة ولكنهم لا يستطيعون الحصول على التصريح نقول لهم إن الله سبحانه وتعالى قد عذركم ولم يوجب عليكم الحج فمن حصل على التصريح بعد ذلك وجب عليه الحج ومن مات قبل أن يحصل على التصريح فإنه غير آثم عند الله سبحانه وتعالى وغير مسئول عن ذلك والله عزوجل ارحم من أن يكلف عباده ما لا يستطيعون.
يُتْبَع بإذن الله.
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[18 - 10 - 07, 04:50 ص]ـ
بارك الله فيك ياأخ مهند ...
وجزى الله الشيخ دعبدالله بن حمد السكاكر خير الجزاء ..
وأذكر أن شيخنا الفاضل الشيخ محمد بن أحمد الخنين تكلم في مجلسين عن فقه النوازل ونوازل الحج ..
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 10 - 07, 10:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيك ونفعك بك، ووفقني وإياك لما يحب ويرضى.
وحفظ الله شيخنا/ دعبدالله بن حمد السكاكر وسدد خطاه، وجزاه عنا خير الجزاء.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[19 - 10 - 07, 04:34 م]ـ
سلام عليكم:وجزاك الله خيرا.
وهذه نوازل أخرى منقولة من صيد الفوائد نقلا عن موقع المسلم
نوازل في الحج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(86/47)