أقول الأشاعرة فيهم الصالحون و العلماء و أناس من أهل الخير و هم على عقيدة تربوا عليها من نعومة أظفارهم و أخذوها من علمائهم وراثة فمن الصعب تغييرها بل هم يظنون أن الحق معهم و هذا لا يعني متابعتهم و لكن يجب نقاشهم بألطف العبارات لا كما نقرأ من البعض في هذا الملتقى من تجريح شديد و لو أن أحدهم وصف صلاح الدين الأيوبي أو العز ابن عبد السلام لتلطف بل لمدح و قد كانوا من الدعاة إلى عقيدتهم بل في ظل الدولة الأيوبية توسع مذهبهم و أصبحوا في أكثر البلدان ظاهرين على الحنابلة.
و أما من قال أن المتأخرين أشد من المتقدمين فالعكس هو الصحيح و هذا بين لم أظن أنه يحتاج إلى مناقشة.
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[12 - 06 - 10, 05:53 ص]ـ
الأشاعرة لا تقول الله في كل مكان بل هي بخلاف ذلك فهي تقول لا يوصف بمكان ....
المقصد اخي محمد هو التعمية لا غير. فأغلب الناس إما أن تقول في السماء أو تقول في كل مكان ولا أحد من العوام يقول في لا مكان أو لا داخل العالم ولا خارجه. فإذا طرح خيار اللامكان أو لا داخل العالم ولا خارجه كأننا نقول له لقد عرفنا عقيدتك يا أشعري!
دع الاشعري يحسب نفسه هو المعلم والذي سيصحح عقيدة المتخاصمين!
أما بالنسبة لوجهة نظرك بخصوص الاشاعرة نتفق معك في شئ ونخالفك في آخر. فقد إلتقينا ببعض المخلوقات الاشعرية على الطبيعة فرأينا منهم التقية والبغض الشديد لأهل السنة والطعن وهؤلاء عادة صوفية قبورية هذا فضلا عن الذين نجدهم على الشبكة فضلا مرة أخرى عن التكفيريين الاحباش.
أما الاشاعرة غير القبوريين أظنهم ألطف ولكنني لم أحتك بهم إلا واحدا على خفيف.
الفرق بين الاشاعرة و الاشاعرة القبوريين (شرك عبادة القبور) لأهل السنة كالفرق بين اليهود والنصارى بالنسبة للمسلمين
قال تعالى:
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [المائدة: 82]
== ملاحظة ==
الافضل أن لا يقال (بذاته) في مشاركتي السابقة لأن من يقول بذاته يكون على اطلاع وهذا سيجعل الاشعري يرتاب ويخشى الاجابة.
ـ[أبوالشيخ]ــــــــ[12 - 06 - 10, 02:47 م]ـ
كيف تكشف أشعريا؟
وقفاتٌ يسيرة من خلال مارقمته أنامل الكِرام:
1 - قضية الاعتناء بمثل هذه المسألة أمرٌ مهم وماذاك إلا للعناية والصيانة لعقائد العامة
مما يخالف الكتاب والسنة وماكان عليه أهل القرون المفضلة والأئمة المتبعون للأثر المجانبون
لبدع الكلام التي أفسدت عقائد الناس وعقولهم.
2 - قول البعض لمَ هذا الاهتمام بقضية الأشاعرة فأقول:
زيادة على النقطة الأولى، ليس الأمرُ قصداً لأشخاصٍ لذواتهم ولا تهويشاً يراد منه الفرقة
بل هو تنزيه للإعتقاد من البدع من خلال بيان الحق بدليله و رد الشبهات الكلامية وغيرها.
وبناء على هذه النقطة تأتي الأخرى:
3 - أرى أنَّ من أثارَ تلك الزوبعة وأراد أحياء ما أندرس هم من ينتسب للأشعرية اليوم
وأنظر إلى مواقعهم ومنتدياتهم ولا أريد أن أسميها لترى سوء الأدب، وقبيح اللقب، لأهل الإتباع للسنة
والأثر في القديم والحديث.
وكذا سوقُهم الشبهات البائدة والمنافحةِ عنها وهذا بلا شك مما يتعين رده ودفعه
إذ الشبكة العنكبوتية كلأ مباحاً فلا تأمن على القاصية أن ترتع حيثُ الشبه فتتشربها.
4 - الذي يبدو من كلامك أخي أبا حمدان أنَّ الرجل - هداه الله - في مجتمع يغلبه التمسك بمنهج سلف الأمة
والحمد لله، وأنت أعرفُ بالرجل ومدى فطنته منا ولكن:
يتبين منهجه من خلال طرحهِ للمسائل وتركيزه على نوعٍ منها:
- تجده يهون من شأن البدع من خلال الدعوى بأن العالم الفلاني والفلاني قد قال بها فلا نشدد في المسألة ونحو ذلك.
- وما ذكره الإخوة من الامتحان قد يُبين وقد لايبين حاله إن التقية مركبٌ حاضر، ولكن بحذقِ الشخص يستطيع
أن يتعرف على منهج الشخص من خلال حديثه و مواضيع طرحه و كيفية الطرح لها.ولاقتناء الكتب دلالة ...
- كذلك: ميله إلى الأغرار، والجُهال وأنصاف المتعلمين ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/314)
- طرحُه المسألة مما يخالف الحق - في قالب بارد إن صح التعبير - ثم طلب الرأي في المسألة رليجس نبض المخالف له ولقياس علميته ...
- ومنها تناول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ووصمه بالتكفير و خرقه للإجماع وغير ذلك!!
وغير ذلك- بأسلوب ماكر وحتى لا يقال غلواً فالشيخ ليس بمعصوم ولكنه غصة في حلوق أهل الكلام - وهذا يختلف حسب الحال.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
(الواجب على كل مؤمن أن يحب ما أحب الله ورسوله؛ وأن يبغض ما أبغضه الله ورسوله مما دل عليه في كتابه، فلا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص إلا لرسول الله ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل.
ومن نصب شخصاً كائناً من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو:
{مِنَ الَّذِينَ فَرقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً} الآية، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين مثل:
اتباع الأئمة والمشايخ؛ فليس له أن يجعل قدوته وأصحابه هم العيار، فيوالي من وافقهم ويعادي من خالفهم، فينبغي للإنسان أن يعود نفسه التفقه الباطن في قلبه والعمل به، فهذا زاجر. وكمائن القلوب تظهر عند المحن.
وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه، ولا يناجز عليها، بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله؛ أو أخبر الله به ورسوله؛ لكون ذلك طاعة لله ورسوله.
وينبغي للداعي أن يقدم فيما استدلوا به من القرآن؛ فإنه نور وهدى؛ ثم يجعل إمام الأئمة رسول الله ثم كلام الأئمة.
ولا يخلو أمر الداعي من أمرين:
الأول: أن يكون مجتهداً أو مقلداً، فالمجتهد ينظر في تصانيف المتقدمين من القرون الثلاثة، ثم يرجح ما ينبغي ترجيحه.
الثاني: المقلد يقلد السلف؛ إذ القرون المتقدمة أفضل مما بعدها.
فإذا تبين هذا فنقول كما أمرنا ربنا:
{قولُوا آمَنَّا باللهِ} إلى قوله: {مُسلمُون}، ونأمر بما أمرنا به؛ وننهى عما نهانا عنه في نص كتابه وعلى لسان نبيه (، كما قال تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَسُولُ فَخُذُوه} الآية، فمبنى أحكام هذا الدين على ثلاثة أقسام: الكتاب والسنة والإجماع).
ويقول وهو الخبير رحمه الله وتامل ما يقول:
(كثير من الناس يخبر عن هذه الفِرَق بحكم الظن والهوى؛ فيجعل طائفته والمنتسبة إلى متبوعه الموالية له هم أهل السنة والجماعة، ويجعل من خالفها أهل البدع، وهذا ضلال مبين؛ فإن أهل الحق والسنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر وطاعته في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن جعل شخصاً من الأشخاص غير رسول الله من أحبه ووافقه كان من أهل السنة والجماعة، ومن خالفه كان من أهل البدعة والفرقة - كما يوجد ذلك في الطوائف من أتباع أئمة في الكلام في الدين وغير ذلك - كان من أهل البدع والضلال والتفرق.
وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله وأعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها واتباعاً لها: تصديقاً وعملاً وحباً وموالاةً لمن والاها ومعاداةً لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة؛ فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول؛ بل يجعلون ما بُعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه.
وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف؛ فما كان من معانيها موافقاً للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفاً للكتاب والسنة أبطلوه، ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، فإن اتباع الظن جهل، واتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم).
وقال رحمه الله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/315)
(الخوارج هم أول من كفر المسلمين: يكفرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله، وهذه حال أهل البدع، يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم فيها، وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة ويطيعون الله ورسوله؛ فيتبعون الحق، ويرحمون الخلق).
قال الشيخ عبدالرحمن المحمود في مقدمة رسالته موقف شيخ الإسلام من الأشاعرة:
والتيار الثاني:
تيار أهل البدع من أهل الاعتزال والكلام والتصوف، وهم امتداد واضح وقوي لمن سبقهم من هذه الطوائف! وغيرها، ويقومون بجهود عظيمة في الدعوة إلى مذاهبهم، ونشر كتبهم، وإقناع الناس ممن حولهم، أو يسمع كلامهم بأن ما عندهم هو الحق وأن هذا اعتقاد كبار الشيوخ سلفا وخلفا. ويغضون من شأن الدعاة إلى مذهب السلف ويرمونهم بشتى التهم التى تنفر الناس منهم.
وأخطر ما يمثل هذا التيار:
الأشعرية والصوفية، حيث إن لهما امتدادا عريضا في أماكن مختلفة من العا لم الإسلامي، وساعد على ذلك أمور من أهمها:
1ـ تبني كثير من الجامعات والمراجع العلمية للمذهب الأشعرى- أو الماتريدي - على أنه المذهب الحق الذي يجب أن يكون ضمن مناهج التعليم.
2 - استمرار تبني هذا المذهب من خلال دروس المشايخ- في بعض البلاد منذ قرون مضت، وربطه في الغالب بالمذاهب الفقهية المشهورة، بحيث أصبح أمرا معهودا، وطريقة مسلمة.
3 - وفرة الكتب والمراجع المخطوطة والمطبوعة التى تخدم هذا المذهب، والتي نشرت وطبعت بتحقيق وبدون تحقيق.
4 - الترابط- أو الامتزاج- الذي وقع بين المذهب الصوفي والأشعرى، مما جعل الطرق الصوفية المختلفة تجعل العقيدة الأشعرية عقيدتها المفضلة. والتصوف وطرقه منتشر في غالب بلاد العا لم الاسلامي، ولهم أنشطة واضحة و متعددة.
كما نبه إلى:
ا- أن هناك خلطا في تحديد مذهب السلف، أهل السنة والجماعة، ومجمل اعتقادهم الذي يميزهم عن غيرهم من أهل البدع والأهواء. ومن المعلوم أن مذهب الأشاعرة قد اشتهر بين كثير من الناس على أنه هو مذهب أهل السنة والجماعة، وأن اعتقادهم يمثل اعتقاد السلف، ومن المؤسف أن هذا المفهوم سائد إلى الآن في كثير من البلاد الإسلامية.
ومن أبرز العلماء الذين عملوا- بشكل قوي ومركز وشامل- على بيان الحق في ذلك وتمييز مذهب السلف عما يدعيه هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى ـ.
2 - أن مذهب الأشاعرة قد انتشر في العا لم الإسلامي، قبل ابن تيمية، وقد حدثت له عدة تطورات قربته كثيرا من المعتزلة والفلاسفة والمتصوفة، و لم يأت عهد ابن تيمية إلا وقد بلغ أوجه في التطور والانتشار بعد الجهود الكبيرة التي قام بها علماء كبار من هذا المذهب كالغزالي والرازي وغيرهما، فلما جاء شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذلك ممثلا لمذهب السلف ومدافعا عنه ورادا على هؤلاء، تميز عهده بأمرين:-
أحدهما:
بروزه على أنه أول من تصدى بقوة للمذهب الأشعري- خاصة بعد تطوره الأخير- ولذلك يقول المقريزي- بعد عرضه لنشأة المذهب الأشعري وانتشاره على يد بعض العلماء والسلاطين:
" فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعري وانتشاره في أمصار الاسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب وجهل، حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه إلا أن يكون مذهب الحنابلة- أتباع الامام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل- رضي الله عنه-،فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف لا يرون تأويل ما ورد من الصفات- إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد ابن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، فتصدى للانتصار لمذهب السلف، وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة وعلى الصوفية.
ولا شك أنه كانت لعلماء السلف في كل زمن جهود مشكورة في الدفاع عن عقيدة السلف والرد على خصومها، ولكن ما قام به شيخ الإسلام كان من القوة والتأثير بحيث أصبح يمثل مرحلة بارزة من مراحل كل من مذهب الأشاعرة ومذهب السلف أيضا.
وهنا تحقيق جيد قال الشيخ حفظه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/316)
والثاني: أن مجيئه في وقت متأخر- حيث ولد سنة 661 هـ وتوفي سنة 728 هـ- وفر له وسائل الاطلاع على ما انتهى إليه هؤلاء الأشاعرة في شرح مذهبهم، والاستدلال له والرد على خصومه، ومن ثم تميزت ردود شيخ الإسلام ومناقشاته لهم بالقوة والعمق والشمول، وكشف خبايا هذا المذهب وتناقضاته، وتسجيل اعترافات شيوخه وردود بعضهم على بعض.
ولا شك ان هذه الأمور لها أثر كبير في بيان فساد أقوال الخصوم وتهافت أدلتهم.
ومذهب الأشاعرة لا يزال موجودا ومنتشرا- معتمدا على الأصول التي انتهى إليها المذهب الأشعري قبيل عهد ابن تيمية- ولم يحدث له تطور آخر، وإنما بقى معتمدا على من سبقه، ومن ثم فالرد عليه وبيان ما فيه من مخالفة لمذهب السلف لابد أن يكون معتمدا على ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا واقع الحال، فقلما يتصدى أحد للرد على المعتزلة أو الأشاعرة أو المتصوفة أو الرافضة أو غيرهم إلا ويكون جل اعتماده في ذلك- بعد الكتاب والسنة وأقوال السلف- على ردود ومناقشات هذا الإمام العظيم.
4 - وأخيرا فمما يلاحظ أن ردود شيخ الإسلام على كثير من الطوائف التي كانت أشد انحرافا من الأشاعرة، كالفلاسفة، وغلاة الصوفية، والمعتزلة، والجهمية، وغيرهم- لم تكن مقصودة لذاتها، لأن أصحابها كانوا قلة وكان المجتمع الاسلامى رافضا لها ولأفكارها، فلما تغلغلت آراء وأقوال هذه الطوائف عن طريق إدخالها في المذهب الأشعري، وتبني بعض أعلام الأشاعرة لها، صار خطرها يتهدد عامة المسلمين الذين كانوا يثقون في كثير من هؤلاء الشيوخ لأنهم علماء الأمة وفقهاؤها وقضاتها. فلما رأى شيخ الإسلام ذلك شمر للرد عليهم جميعا وعرض لفساد الأصول التى ترجع إليها هذه الأقوال وزيفها، وأطال في نقضها. وما كان شيخ الإسلام ليشغل نفسه بالرد على الفلاسفة مثلا لولا أن كثيرا من أصولهم صارت جزءا من كتب أهل الكلام، يعتمدون عليها، ويشرحونها في كتببهم، ويبنون عليها كثيرا من أدلتهم، حتى أصبحت هذه الأصول هي الأصل، وما جاء به الكتاب والسنة وأقوال السلف فرعأ لا حجة فيه ولاقيمة له إلا في حدود ضيقة.
.................................................. ...
وهنا فائدة ذكرها شيخ الإسلام في سوق الخلاف إذ إنَّ كثير من دعاة الأشعرية اليوم يضربون على وتر الخلاف
فذكر الشيخ رحمه الله ماملخصه:
حيث لاحظ على كثير ممن يحكي الخلاف والأقوال أنه لايخلو من:
1 - عدم استيعاب الأقوال، وقد يكون الحق في القول الذي أغفله.
2 - حكاية الخلاف بلا بيان للصحيح.
3 - حكاية الخلاف فيما لا فائدة تحته.
4 - تكثير الأقوال وهي ترجع إلى أقل مما ذكره.
لعلي أطلتُ في هذه النقطة ...
وللحديث صلة
ـ[عادل القطاوي]ــــــــ[14 - 06 - 10, 02:38 ص]ـ
الأشاعرة والماتريدية في العصر الحالي يدعون بملىء فيهم أنهم أهل السنة والجماعة!!
ساعد على ذلك توسع انتشارهم وامتلاكهم آلة التعليم الأكاديمية من جامعات ومعاهد وغيرها ..
ولأن أصل مذهيهم اعتزالي خالص، فقد شابوه بتوسط في الظاهر وميل الى السنة والحديث ..
وأعظم هذا التوجه في عيون الناس تلك الأسماء العلمية الكبيرة المنتسبة حقيقة أو ميلا إلى الأشعرية ..
وواجب كل سلفي أن يظهر عقيدة السلف خير القرون ويستميت في الدعوة إليها والمنافحة عنها وعن دعاتها ..
وقد لا يستتب الأمر إلا ببيان عوار المذهب الأشعري الكلابي الكلامي العقلي والرد عليه من منهج الحق قرآنا وسنة وهدي السلف الصالح في فهم العقيدة وشرحها ..
وبخصوص السؤال المطروح أصالة أعلاه:
أنصح بامتحان المعني هذا برجالات المذهبين (السلفي والأشعري) واظهار التحير في هذا الأمر ..
مثاله: موقف ابن حجر والنووي ومن قبلهما البيهقي رحم الله الجميع .. هذه واحدة ..
وأخرى: بيان ثبوت الإبانة عن أبي الحسن الأشعري من كتب أتباعه مثل تبيين كذب المفتري لابن عساكر الحافظ وطبقات السبكي .. ثم عرض ما في الرسالة على آراء المتأخرين من الأشاعرة .. وحينها سيظهر الأمر بجلاء بإذن الله ..
وبهذا قد تكون المناقشة فيها نوع من احترام العقول بلا نزول في المستوى قد يؤدي الخصم الى الهروب والتقية وغالب الاشاعرة يفعلون هذا ..
وقد ركبتني الدهشة من بعض المشاركين الذين يقولون هذا تفرقة في الصف!! وتبديد لجهود الأمة ولم الشمل!
وقد يكون لا يعرف من هم الأشاعرة وما هي عقيدتهم، أو يكون هو أشعري!!
ووالله لم أجد أسهل في هزيمتهم من أن تقول له: قال الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الأئمة الأربعة، روى أحمد والبخاري ومسلم ووو ......... وهو يقول: قال الرازي، قال الإيجي، قال الغزالي .. قال الأخطل!!
ولو علم عوام الناس ومثقفيهم رأي الاشاعرة في القرآن كلام الله لضربوهم بالأحذية ..
ولو قيل لهم: الأشاعرة يقولون إن الله ليس بحكيم في أفعاله .. وليس برحمن حقيقة لقتلوهم ..
والأمر يطول .. وعلى المنكر علينا أن يقرأ عقائدهم من كتبهم .. نسأل الله الثبات على مذهب السلف.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/317)
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[25 - 07 - 10, 04:28 ص]ـ
الحمد لله بالنهاية نسيت ان اخبركم ان الشيخ اعترف باشعريته رغم انه كان يقول باديء الامر عبارة نحن السلفيون الا انه افصح عن حاله وقال بانه اشعري وانه يخالف شيخ الاسلام ابن تيمية وكثير من الامور.
ـ[عادل القطاوي]ــــــــ[25 - 07 - 10, 05:20 م]ـ
نعم والله .. صدقت ..
فابن تيمية هو أكبر امتحان لبيان مذهب هؤلاء ..
ومثله ابن خزيمة وأبي يعلى وشيخ الاسلام الهروي .. وأمثالهم ..
أما القدماء كالامام احمد وأقرانه فإنهم يتمسحون فيهم ويؤولون كلامهم ويدعون أن عين مذهبهم هو مذهب أحمد!!!!!
وإن قيل لهم هاتوا اسنادكم .. سيقولون الايجي والرازي والغزالي .. ثم تجد مرجع أقوالهم الى فلاسفة اليونان وحكماء العقل ..
وسندنا الى ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن كثير وابن رجب .. ثم إلى أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة .. ثم إلى كبار التابعين وصغارهم ثم الى الصحابة ومن لا ينطق عن الهوى ومنه الى جبريل ثم الى رب العزة سبحانه ..
وصح لسان من قال: بيننا وبينهم القوائم (يعني الإسناد).
والحمد لله على الثبات.(59/318)
الغماري: الأشاعرة أفراخ المعتزلة وان سموا أنفسهم زوراً أنهم من أهل السنة / وثيقة
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[17 - 11 - 09, 06:42 ص]ـ
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/002.gif
الغماري: الأشاعرة أفراخ المعتزلة وان سموا أنفسهم زوراً أنهم من أهل السنة / وثيقة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه .. وبعد:
هدية متواضعة للصوفية الأشاعرة .. !!
قال المحدّث الصوفي أحمد بن صديق الغماري، في كتابه: جؤنة العطار في طرف الفوائد ونوادر الأخبار، مانصّه:
((ولكنهم سكتوا كما ذكرت لك، ولا [يستدل] من هذا أني موافق للأشعرية على بدعتهم , كلا وبلا ومعاذ الله من ذلك وأن أكذب على الله كذب الأشاعرة أفرخ المعتزلة لا مسهم الله بخير وان سموا أنفسهم زوراً وبهتاناً أنهم من أهل السنة والجماعة!!.)) .. [ص 37] .. !!
ملحوظة: الكلمة غير واضحة تماما، لكن مايقتضيه سياق الكلام كلمة: لايُستدل والله أعلم .. !!
:: الوثيقة::
http://www.soufia-h.com/soufia-h/wathaeq/goanaalattar/37.jpg
فماهو رأي الصوفية الأشاعرة بهذه الهدية المتواضعة .. !!
وإليكم كلام أولياء الصوفية ابن سبعين وابن عربي في الأشاعرة .. !!
http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=2661 (http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=2661)
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[17 - 11 - 09, 06:45 ص]ـ
الموضوع للأخ: محمد السلفي _1 وفقه الله
http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=3247
ـ[احمد بن الحنبلي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 08:22 م]ـ
بوركت أخي الأثري وبارك الله في الأخ محمد السلفي
ـ[أبو راشد التواتي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 10:31 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبد الله سفيان]ــــــــ[22 - 11 - 09, 03:25 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء واوفاه(59/319)
النور المحمدي بين الصوفية وأهل السنة
ـ[هشام مشالي]ــــــــ[17 - 11 - 09, 10:12 ص]ـ
أضع بين يدي إخواني مقدمة تعريفية لهذا المصطلح راجيًا المشاركة في تفنيد هذه البدعة تفنيدًا علميًا قائمًا على استقصاء أدلتهم والرد عليها، وعدم الاقتصار على تفنيد ثبوت حديث جابر: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) فقط.
يقول الراغب الأصفهاني: «النور: الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار، وذلك ضربان دنيوي، وأخروي، فالدنيوي ضربان: ضرب معقول بعين البصيرة، وهو ما انتشر من الأمور الإلهية كنور العقل ونور القرآن. ومحسوس بعين البصر، وهو ما انتشر من الأجسام النيرة كالقمرين والنجوم والنيرات» ([1]).
والمقصود هنا التعريف بالنور المحمدي أي بالنور المختص به –صلى الله عليه وسلم- وإلا فكل من آمن بالله له نور معنوي (البصيرة) في الدنيا، ونور حسي في الآخرة على قدر عمله، ولما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أكمل المؤمنين إيمانًا، كان أتمهم نورًا في الدنيا والآخرة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مختص بالوحي الذي سماه الله نورًا، فقال: {واتَّبِعُوا النُّورَ الذي أُنزل معه}.
لكن الصوفيةاستعملوا مصطلح "النور المحمدي" بمفهوم يغاير مفهوم أهل السنة، ولهذا المصطلح عندهم مترادفات عدة، يجدر الإشارة إليها قبل بيان المقصود منها.
أسماء النور المحمدي عند الصوفية
أشار المعجم الصوفي إلى بعضها فعدّ: نور محمد–صلى الله عليه وسلم-، والحقيقة المحمدية، والكلمة المحمدية، وحقيقة محمد –صلى الله عليه وسلم- ([1]).
وتوسع بعضهم في عدها، يقول عبد القادر الكيلاني: «قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: (أول ما خلق الله بروحي، وأول ما خلق الله نوري، وأول ما خلق الله القلم، وأول ما خلق الله العقل). فالمراد منها شيء واحد، وهو الحقيقة المحمدية -صلى الله تعالى عليه وسلم-، لكن سمي نورًا لكونه صافيًا عن الظلمات الجلالية، وعقلًا: لكونه مدرك للكليات، وقلمًا: لكونه سببًا لنقل العلم، كما أن العلم سبب في علام الحروف» ([2]). وتقول فاطمة اليشرطية: «ولهذا النور المحمدي -صلى الله تعالى عليه وسلم- أسماء متعددة يعرفها أهل هذا الشأن، منها (الحقيقة المحمدية) -صلى الله تعالى عليه وسلم- الموصوفة بـ (الاستواء الرحماني) حيث لا يحصرها (أين) ... ويسمى أيضًا بـ (القلم الأعلى) و بـ (الدرة البيضاء) وبـ (روح الأرواح) وبـ (العقل الأول) وبـ (الأب الأكبر) وبـ (الروح الكلي) وبـ (الإنسان الكامل) بـ (إنسان عين الوجود) وبـ (الحقيقة المحمدية) -صلى الله تعالى عليه وسلم- إلى غير ذلك من الأسماء المشهورة عند أهل التصوف» ([3]).
وجعل إسماعيل حقي اسم الله الأعظم عبارة عنه، فقال: «واعلم أن الاسم الأعظم عبارة عن الحقيقة المحمدية فمن عرفها عرفه وهي صورة الاسم الجامع الإلهي وهو ربها ومنه الفيض فاعرف تفز بالحظ الأوفى» ([4]).
حقيقة النور المحمدي عند الصوفية
أهم من تحدث عن الحقيقة المحمدية بالتفصيل هو ابن عربي، وذلك في مواضع كثيرة من كتبه، من ذلك قوله: «بدء الخلق الهباء، وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية، ولا أين يحصرها لعدم التحيز. ومم وجد؟ من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم. وفيم وجد؟ في الهباء ... ولم وجد؟ لإظهار الحقائق الإلهية» ([5]).
ويفصل ابن عربي في موطن آخر مبينًا كيفية خلق النور المحمدي فيقول: «فلما أراد وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه نفسه، انفعل عن تلك الإرادة المقدسة بضرب تجل، من تجليات التنزيه، إلى الحقيقة الكلية، انفعل عنها حقيقة تسمى الهباء ... ليفتح فيها ما شاء من الأشكال والصور، وهذا هو أول موجود في العالم .. ثم إنه سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء ... والعالم كله فيه بالقوة والصلاحية فقبل منه تعالى كل شيء في ذلك الهباء، على حسب قوته واستعداده كما تقبل زوايا البيت نور السراج ... فلم يكن أقرب إليه قبولًا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد –صلى الله عليه وسلم- المسماة بالعقل، فكان سيد العالم بأسره، وأول ظاهر في الوجود، فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ومن الهباء ومن الحقيقة الكلية، وفي الهباء وجد عينه وعين العالم من تجلياته» ([6]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/320)
والحقيقة المعلومة أو حقيقة الحقائق عند ابن عربي –كما جاء في المعجم الصوفي-: «هي عبارة عن حقيقة معقولة تجمع في ذاتها جميع ماهيات الحق والخلق المعقولة، فهي مجموع ماهيات الحضرتين الإلهية والكونية، وهبي بذلك أصل العالم» ([7]).
أما الهباء فهو: «المادة المحدثة التي خلق الله فيها صور العالم. فهي الجوهر المظلم الذي قبل صور أجسام العالم، وهي ما يسميها الفلاسفة: الهيولي» ([8]).
ولم يكن هذا المعتقد مختصًا بابن عربي، بل متأخريهم على ذلك: يقول أحدهم: «إن العالم الواسع الذي يحيط بالعالم المادي ويهيمن عليه، بلويتخلله، هو عالم روحي يسميه حضرة الشيخ محمد الكستزان (قدس الله سره): الحقيقةالنورانية المحمدية، وتلك الحقيقة هي نور مطلق يُستمد وجوده من ذات الله -سبحانهوتعالى- ويمدّ بوجوده العوالم والموجودات، أي هو الوسيط النوراني بين القديم (الله)،والحادث (المادة)» ([9]).
وخلاصة الأمر: أن النور المحمدي عند الصوفية هو أول ظاهر في الوجود، وأن وجوده من تلك الحقيقة الكلية التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم، ومن الهباء الذي هو جوهر مظلم يقبل صور الأجسام، ومن النور الإلهي الذي تجلى به على ذلك الهباء ([10]).
نسأل الله العافية ...
([1]) "المعجم الصوفي" لسعاد الحكيم ص347.
([2]) "سر الأسرار ومظهر الأنوار" ص6 - 7.
([3]) "مسيرتي في طريق الحق" ص62 - 64.
([4]) "روح البيان" (1/ 327).
([5]) "الفتوحات المكية" (1/ 118).
([6]) " الفتوحات المكية " (1/ 119).
([7]) " المعجم الصوفي " لسعاد الحكيم ص345.
([8]) " المعجم الصوفي " لسعاد الحكيم ص1096.
([9]) "خوارق الشفاءالصوفي والطب الحديث" للأستاذ الدكتور الشيخ نهرو بن الشيخ محمد عبد الكريمالكسنزان الحسيني ص78.
([10]) انظر أيضًا: "لطائف الإعلام" (2/ 366، 433)، و"معجم اصطلاحات الصوفية" للكاشاني ص37، و"الإنسان الكامل" للجيلي (1/ 25)، و"التعريفات" للجرجاني ص95.
([1]) "مفردات ألفاظ القرآن" (2/ 458).(59/321)
المرجو من الاخوة من لديه نظم الاخضري في الرد على المتصوفة
ـ[أبو محيي الدين]ــــــــ[17 - 11 - 09, 04:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي أبحث مند مدة على نظم الأخضري كاملا في الرد على المتصوفة وذم طرقهم
و جزاكم الله خير الجزاء
ـ[عبدالحكيم بنات]ــــــــ[18 - 11 - 09, 09:14 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أخي الكريم أنظرها ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ج4 ..
تحقيق: محمد منير الدمشقي.
ـ[أبو محيي الدين]ــــــــ[18 - 11 - 09, 12:40 م]ـ
بارك الله فيك اخي
ـ[عبدالحكيم بنات]ــــــــ[18 - 11 - 09, 11:21 م]ـ
وفيك بارك الله ..
لا تنسنا من دعائك ..(59/322)
حمل مسودة كتاب (حوار هادئ عن مقتل الشهيد السعيد وملك يزيد) حوار سني إثني عشري , النسخة الأولى
ـ[أبو عبد الرحمن العاقل]ــــــــ[17 - 11 - 09, 07:25 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
أحب أن أقدم لكم مسودة النسخة الأولى من كتاب
حوار هادئ حول مقتل الشهيد السعيد وملك يزيد
لأبي عبد الرحمن العاقل
علما أن هذه النسخة ليست معدلة ومصححة ومنقحة , وسيكون هناك الكثير من التعديلات على النسخة الثانية بإذنه تعالى , ستخرج قريبا. .
من هنا التحميل ( http://www.4shared.com/file/154000662/c3e8243c/_______.html)
فهرس المواضيع
إهداء
المقدمة
تمهيد وفيه ثلاث تنبيهات:
التنبيه الاول: قدر أهل البيت ومنهم الحسين عند أهل السنة ومن يتهم أهل السنة هو متهم أصلا. .
التنبيه الثاني: التحقيق في حال يزيد لايعني نصرته وحبه (مثال فرعون وموسى)
التنبيه الثالث: لعن يزيد مسالة خلافية يسوغ فيها الاجتهاد على مابلغ المجتهد.
التنبيه الرابع: ليس الخلاف بين السنة والشيعة يزيد بل أبي الشيخين رضي الله عنهما في المقام الأول. .
الفصل الأول: مناقشة هادئة لكتابي (كسر أنف العنيد) و (مخازي عثمان الخميس) وفيه:
الإضاءة الأولى: موقف سماحة الشيخ أبي الزهراء من الحسين t
الإضاءة الثانية: موقف سماحة الشيخ من يزيد.
ملاحظات هادئة على الكاتب وكتيبه.
الوقفة الأولى: الكاتب والثوابت التاريخية
مثال (1): المحدث القمي.
مثال (2): الملا الكاشفي
مثال (3): الملا الدربندي
نظرة في كتاب (مخازي عثمان الخميس)
الوقفة الثانية: أخلاقيات الكاتب
الوقفة الثالثة: اتهام سماحة الشيخ بالكذب!
مع كلام سماحة الشيخ وثلاثة عشر وجه.
الوقفة الرابعة: الكاتب وأقوال الرجال.
نقله عن ابن عساكر
نقله عن ابن الأثير
نقله عن ابن حبان
نقله عن الصفدي
أقوال لم يستدل بها الكاتب. . ومناقشتها:
كلام ابن كثير
كلام ابن الوزير
خلاصة الأقوال التي استدل بها الكاتب (قسمين)
أقوال القسم الثالث مما لم يذكره الكاتب
ما قد يستدل به لوجود أبي برزة في العراق.
عودة إلى الروايات التي استدل بها الكاتب
الوقفة الخامسة: مع قول الكاتب أتراهم يكذبون؟
الوقفة السادسة: مع | كتب الشيعة | هل ثبت أمر يزيد بالقتل؟
مناقشة هادئة لما قد يستدل به من أثبت أمر يزيد بالقتل
نظرة في حكم المجلسي
نظرة في حال ابراهيم بن هاشم
نظرة في حكم البهبودي
اعتراضات وأجوبة
الاعتراض الأول: الحسن من اقسام الصحيح!
الاعتراض الثاني: البهبودي مجهول الحال
الاعتراض الثالث: السند لايقتضي الضعف
الوقفة السادسة: مع | كتب الشيعة | هل ثبت حمل الرأس الشريف إلى يزيد؟
مناقشة هادئة لأربعة مباحث
المبحث الأول: نظرة في حال الصدوق
أ- بعض علماء الرجال واعتبار روايات الصدوق
ب - بعض مشايخ المحقق البحراني ووثاقة الصدوق
ج - تصريح الشيخ الماحووزي
د - العلامة المجلسي
هـ - المحقق الكاظمي أسد الله
و - الميرزا النوري الطبرسي
اعتراضات الخوئي ومناقشتها
الاعتراض الأول: جلالة قدر الصدوق
الاعتراض الثاني: لم يوجد شاهد على الدعوى
الاعتراض الثالث: لعل. . , وفعل ارباب الحديث.
المبحث الثاني: نظرة في حال الفضل بن شاذان
المبحث الثالث: نظرة في حال ابن عبدوس وابن قتيبة
اعتراضات الموثقين ومناقشته
في الحاشية (وقفة تأمل):
الحر العاملي: بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها عند التحقيق!
الشريف المرتضى: فمن أين يصح لنا خبر واحد يروونه ممن يجوز أن يكون عدلا
اعتراضات ومناقشتها:
الاعتراض الأول: شهرة الخبر يجبر ضعفه.
الاعتراض الثاني: خبث يزيد لايمنع ماقيل فيه ولا يستبعد.
الاعتراض الثالث: الروايات التاريخية والاسناد
مثال بحوث السيد مرتضى العسكري وانكاره شخصية تاريخية
الوقفة السابعة: مع الكاتب واستباحة المدينة
هل اخفى سماحة الشيخ وقعة الحرة؟ وكتم ماحصل في المدينة؟!
استفهام حول عدم ايراد الكاتب نقلا عن سماحة الشيخ تحت هذا الفصل
تصحيح أثر الإمام احمد رحمه الله.
مقارنة بين موقف الإمام احمد وموقف السيد الخوئي من النقدي والرؤاسي
الوقفة الثامنة: مع الكاتب و أقوال الرجال مرة أخرى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/323)
النقطة الأولى: مانقل عن الذين تكلموا في ايمان يزيد وكفره وإنكار الشيخ!
كلام الالوسي
كلام التفتازاني
مناقشة منهجية
النقطية الثانية: نقل مانقلوه!
النقطة الثالثة: تحرير الخلاف في يزيد.
الوقفة التاسعة: مع الكاتب وقوله (جهل النواصب) و كتاب (مخازي عثمان)
النقطة الأولى: كلام سماحة الشيخ حول حديث (مغفور لهم).
النقطية الثانية: التلازم بين تأويل الحديث وبين مناصرة يزيد هل هو حقيقي؟
النقطة الثالثة: الدعاء بالحشر مع يزيد!
النقطة الرابعة: من المقصود بالناصبي؟
الوقفة العاشرة: (أمير المؤمنين يزيد) ووجودها في الطبعات المنقحة!
الفصل الثاني: مناقشة هادئة لردود كتب على كتاب (من قتل الحسين؟) لعبد الله بن عبد العزيز. . وهي حلقات لأحد المخالفين يدعى (المقداد)
وفيه:
ملاحظات حول الحلقات
مناقشة الحلقة الأولى: هل القاتل يزيد أم عبيد الله أم شمر أم عمر بن سعد؟
يزيد. .
عبيد الله بن زياد. .
عمر بن سعد. .
مبحث قبول خبر عمر بن سعد ورده. .
شمر بن ذي الجوشن. .
الحلقة الثانية: عزرة بن قيس الأحمسي
الحلقة الثالثة: عمرو بن الحجاج
الحلقة الرابعة: شبث بن ربعي
الفصل الثالث: مناقشة هادئة لبعض ماكتبه المخالف زهير بن علي الحكيم في كتابه (مقتل أبي عبد الله الحسين من موروث أهل الخلاف) وما كتبه علي آل محسن في كتابه (لله وللحقيقة)
وفيه:
الفرق بين كتاب (من قتل الحسين) لعبد الله بن عبد العزيز السني وكتاب آخرج بنفس الإسم لزهير الحكيم. .!
اعتراض الكاتب (الحكيم) وجوابه. .
هل المتورط في خذلان الحسين الشيعة بالمعنى العام أم الخاص
علي آل محسن ينفي. . والحكيم يؤكد. .
الفصل الرابع: مناقشة هادئة لدعوى اتهام أبو العباس رحمه الله ببغض الحسين
النقطة الأولى: مامعنى قوله أن في خروج الحسين مفسدة؟ وقوله: لم يكن في الخروج مصلحة دين ولا دنيا؟
وفيه موقفه من الحسين. . ولومه يزيد على ترك الواجب عليه. .
النقطية الثانية: مامعنى إمامة يزيد؟ ولماذا يفتي مفتي السعودية بأن خلافة يزيد شرعية؟ مامعنى شرعية. . وهل هذا يعني أنه أفضل من الحسين؟!
النقطة الثالثة: هل الحسين – صانه الله – خارجي باغ على صاحب الملك في عصره؟
النقطة الرابعة: هل يمكن أن يقوم سبط رسول الله بخلاف الأولى وما يبنغي عليه؟ وهل تقولون أن خروج الحسين ذنب واثم وان الله سيعاقبه؟
النقطة الخامسة: هل يتحمل معاوية ما فعله ابنه يزيد لأنه نصبه بعده؟
النقطة السادسة: هل شيخ الإسلام برأ الشيعة من قتل الحسين رضي الله عنه؟!
النقطة السابعة: إن كان من الشيعة من خذل الحسين فلماذا لم ينصره السنة؟!
وختاما
الملحق
نسألكم الدعاء بظهر الغيب ,
ـ[أبو عبد الرحمن العاقل]ــــــــ[17 - 11 - 09, 07:31 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو عبد الرحمن العاقل]ــــــــ[19 - 12 - 09, 08:10 م]ـ
يرفع , لمناسبة نشر هذا المبحث في هذا الوقت من شهر الله المحرم
ـ[أبو عبد الرحمن العاقل]ــــــــ[04 - 01 - 10, 08:46 م]ـ
هنا بعض التعديلات على النسخة وفيها اضافتين:
1 - سؤال وجواب: حول الفائدة من كتابة هذه المسودة ,
2 - اضافة كلام الشريف المرتضى من كتابه تنزيه الأنبياء. .
يفضل التحميل لهذه النسخة.
http://www.edharalhaq.com/vb/showpost.php?p=38876&postcount=7(59/324)
(الطرائق في الحجاز) .. ضمن سلسلة: (الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا الوطني) [3]
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[17 - 11 - 09, 08:55 م]ـ
ضمن سلسلة: (الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا الوطني) [3]-----------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن هذه المقالات المهمة بعنوان (الطرائق في الحجاز) من مقال العلامة الشيخ محمد تقي الهلالي المغربي- رحمه الله تعالى، اخترتها للموضوع الثالث ضمن سلسلة: (الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا الوطني)، وأهميتها تأتي بمعرفة أسلوب الحكمة في الدعوة إلى توحيد العبادة و الرد على ضلال الطرقية، وحال الموحّدين في الحجاز- علماء و ولاة أمر-، وحال الناس وأقسامهم في الطرق الصوفية، وكيفية علاجها، وما إلى ذلك ..
أسأل الله تعالى أن ينفع بما نقلت و أن يكتب لي أجر الدلالة على الخير ولكل من ساهم في ذلك، آمين.
(الطرائق في الحجاز)
للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى
الحلقة الأولى
الطرائق المبتدعة في الإسلام من الطوام العظيمة و الأدواء الوخيمة بل هي الداء العضال و السم القتال بالأبدان و العقول و الأموال و الأعراض و المروءات فلا يبقى المصابين به غير أجسام كأنها خشب مسندة و عمد ممددة ولابد من الدليل بل البرهان فالدعوى بلا برهان باطلة.
سرح طرف في أنحاء البسيطة و اختبر الأمم اختبار الألمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع.
فكيف إذا رأى بعينه؟ هل رأيت امة انتشلت فيها علل الطرائق ولم ترها منحطة في دينها و دنياها و عقول أهلها و شجاعتهم و مروءتهم وسائر أخلاقهم بقدر تمكن الداء الطرقي فيهم إن قليلا فقليل و إن كثيرا فكثير فأمعن بربك في تاريخ الطرائق في أهل الهند الوثنيين الذين هم أول من اخترع للناس التصوف غير الشرعي الذي تولدت منه هذه الطرائق كما هو معلوم عند من له إلمام في تاريخ التصوف و طرائقه المبنية على الأوهام و الخيالات التي لا خلاق لها من العقل و الحس واختبر أحوالهم تشاهد ما قدمت لك يقينا و لو لم يكن عندنا معشر المحمديين دليل على بطلان الطرائق القدد إلاَّ البرهان المذكور لكفى فكيف و البراهين الشرعية الصريحة الصحيحة أكثر من أن تحصى والناس في الطرق فريقان:
[الفريق الأول] فريق مغتبط بها مؤيد لها جهده-وهذا الفريق أقسام:
الأول قوم نبتوا في دمنة الخرافات ولم يتفقوا إلى الاطلاع على شيء من العلم الصحيح ولا ساعدهم الحظ بلقيا مصلح ينقذهم من جهلهم أو هاد يخرجهم من عمههم فاعتقدوا بحكم النشأة و تقليد الىباء ولو كانوا لا يعقلون أن الطرائق هي أبواب الفتوح الربانية و مناهج السعادة البدية وهذا القسم هو أقل الأقسام تبعة.
القسم الثاني قوم صحاح العقول علماء القلوب خبثاء السرائرعرفوا بطلان الطرائق و آفاتها و لطنهم اخلدوا إلى ارض شهواتهم النفسية الخسيسية و راو أن جاههم و مالهم و استعبادهم للاحرار مبني على قواعد هي الطرائق فمتى تطرق البلى و التهري إلى الطرائق صارت نعمتهم و بغيتهم على شفا جرف هار وهم موقنون أنهم في عملهم خائنون لله خائنون للناس خائنون لانفسهم بتعريضها لعذاب الله و لكن غلبت عليهم شقوتهم و شهوتهم فلبسوا الحق بالباطل و كتموا الحق و هم يعلمون.
القسم الثالث قوم مكرة كائدون يتربصون بعدوهم الدوائر فلا تسنح لهم فرصة لكيده وصيده إلاَّ اعتنموها وهؤلاء قد وضعوا على أعينهم المنظار المكبر و صاروا ينظرون بإمعان إلى الأمة التي يريدون كيدها إما ثأرا و إما طمعا وصيدا و الطرائق من احسن الفرص لهؤلاء فمتى رأو لها منبتا في أمة يريدون إهلاكها زرعوها على قاعدة:
صلى وصام لأمر كان يطلبه .. لما قضى الأمر ما صلى ولا صام
وأول من برع في هذا الفن وحاز فيه قصب السبق الفرس المجوس وخلوفهم من الباطنية الملاحدة فإنه لهم أعمالا في هذا المضمار مدهشة استطاعوا بها أن يجعلوا الأمة الإسلامية شيعا يضرب بعضها بعض وصار باسها بينها فمن دهائهم أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويتقنون علومه و يظهرونه من الزهد و العبادة ما يصير عامة المسلمين بين أيديهم سامعين مطيعين و يمكنهم من إيقاد نيران الحروب بينهم حتى يفشلوا و تذهب ريحهم و ذلك ما قصد أعداؤهم الذئاب اللابسة جلود الضأن.
القسم الرابع قوم ضعفت مداركهم وهم الهمج الرعاع أتباع كل ناعق و آلة بيد كل منافق و هؤلاء كالأنعام بل هم أضل سبيلا ينصرون الطرائق و يجاهدون في سبيلها بأموالهم و أنفسهم ولا يعلمون لماذا نصروها و إنما هم آلات حركت فتحركت وما أجدر هؤلاء ان يسموا غنم الشيطان.
الفريق الثاني هم العلماء المصلحون ورثة النبياء و عباد الله المخلصون أولو البصائر النيرة و القلوب المبصرة كما قال غمامهم احمد بن حنبل رحمه الله في فاتحة كتابه الرد على الجهمية ((الحمد لله الذي جعل في كل زمن فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى و يصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى. ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة و أطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله و في الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام و يخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين)).
يتبع ..
محمد تقي الهلالي بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:150/السنة الرابعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/325)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 04:11 م]ـ
الطرائق في الحجاز (علاج داء الطرائق)
لما فتح الله هذه البلاد المباركة لعباده المصلحين وجدوا فيها داء الطرق يسمها و يمزق أوصالها ويهوي بها في دركات الانحطاط فتوجهت العناية منهم جزاهم الله خيرا إلى علاج هذا الداء الوبيل على احسن حال من اللين و السهولة و الملاطفة رفقا بالناس و تحميا من غعانتهم فنظر في ذلك رئيس هيئة مراقبة القضاء العالم العامل المصلح الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ أدام الله فضلهم فأمر بإحصار الزوايا التي بمكة المشرفة ثم دعا مشايخها فقال لهم ما تريدون بهذه الزوايا فقالوا لذكر الله و مذاكرة العلم فقال أحسنتم و إن الحكومة تريد مساعدتكم على هذا العمل الصالح بان ترتب في كل زاوية رجلا من طلبة العلم يصلي فيها المكتوبات ويعلم أهلها ما أوجب الله عليهم تعلمه و يذكرهم و يعظهم بكتاب الله و سنة نبيه وكلام أئمة أهل السنة رحمهم الله فأجاب أكثرهم لذلك فرتب في كل زاوية رجلا من المصلحين و تعلل بعضهم بان الزاوية ملك لهم لم يجعلوها وقفا وهي ملاصقة لبيوتهم فتارة يجعلون فيها ضيفا-يريدون الوفود التي تأتي بالنذور-وتارة يخزنون فيها أمتعتهم فلا يمكن أن تكون مسجدا ففحص الشيخ في دعواهم فوجدها غير صحيحة فقال لهم أنتم أقررتم بأنكم جعلتم هذا المكان لذكر الله و مذاكرة العلم فما كان لكم أن ترجعوا في ذلك ولا سيما بعد ما كفيتم مؤونة الإمام و الوعظ فاذعنوا لذلك وبه مات الشهيق و النهيق الذي كانوا يزعمون أنه ذكر الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وغاض ماء النذور الغمر:
(وساء ساوة أن غاضت بحيرتها .. ورد واردها بالغيظ حين ظمي)
ثم توجه الشيخ عبد الله بن حسن بارك الله في أعماله بأمر الملك أيده الله إلى المدينة ومعه معاونه الأستاذ الشيخ محمد بن التركي وكاتب هذه السطور و الأستاذ الشيخ محمد عبد الرزاق المصري خطيب المسجد النبوي ومراقب الأمور الدينية فيه إلى طيبة الطيبة لينظر الشيخ و معاونه في شؤونها الدينية فتفقد الدوائر كلها الأوقاف و المعارف و العسكريو و الشرطة و العدلية و الإدارة العامة ودائرة الأمير و نظمها الشيخ على أحسن ما يمكن وعزل بعض الموظفين ووضع لجماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر نظاما شرعيا يسيرون عليه ثم ألقى نظرة إلى مشائخ الطرائق فوجد أمرهم بالمدينة خفيا خفيفا وسترها لم يبحث عنهم أكثر من ذلك آخذا بقاعدة البدعة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت ضرت الناس كلهم. وقد كان أصحاب الطرائق في الزمن الماضي يجتمعون لأذكارهم المبتدعة بمسجد النبي صلى الله عليه و سلم بلا حياء ولا حشمة فلما دخل الإصلاح منعوا من ذلك وأمروا أن يذكروا الله في أنفسهم تضرعا و خيفة على وفق السنة فتركوا الاجتماع إلا التجانيين فإنهم نقلوا وظيفتهم من المسجد إلى الزاوية وهي قصر اشتروه بـ:1200ليرة ذهبا و الليرة الواحدة تساوي:120فرنكا.
وهنا شعرت بسؤال يصدر من أكثر القراء وهو من أين جاءهم هذا المال يا ترى أمن أهل الحجاز مع ضعفهم وقلة ما بأيديهم زيادة على أن من كان مغفلا منخدعا من أهل الحجاز إنما ينخدع في أمر فيه أخذ مال أما الدفع فهم أعقل من أن يدفعوا مالهم الذي جعل الله لهم قياما وقياما في سبيل الترهات فمن أين جاء التجانيون الذين تسعة أعشارهم سودان فقراء فقرا مدقعا أعني تجاني المدينة. فلأجل حل هذا الإشكال و غزالة الحيرة-و الحديث شجون-أقول إن ذلك المال و امثاله من الأموال التي تنفق هنا لتدعيم أساس الطريقة إنما هو صادر من بلاد الجزائر وحدها جمعه و جمع من قبل أضعافه رجل جزائري معروف ياتي هذه البلاد المقدسة كل سنة حاملا معه أموالا كثيرة ينفقها هنا وينتفع بها كثير من الناس و الرجل في حد ذاته متصف بالوفاء والكرم ولو مما يجمعه من فقراء الجزائر لكنه اشرب في قلبه خرافات طرقية ملكت عليه مشاعره وساعده على ذلك إلمامه بالعلم زيادة على النشأة في وسط ملآن بالأباطيل نسأل الله أن يهدينا و إياه سواء السراط فلو اجتهد في نصر سنة النبي صلى الله عليه و سلم عشر ما يجتهد في الطريقة لفاز فوزا عظيما. وبعد استقرارنا في المدينة علمنا أن الوظيفة التجانية وحدها تقرأ في زاويتهم المشتراة بـ:1200جنيه فقط ولو أنفق هذا المال على فقراء الجزائر أو فقراء المدينة لسد منهم خلات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/326)
كثيرة و التوفيق بيد الله فسألني الشيخ عبد الله عن الطريقة التجانية ما هي فأخبرته بما حضرني منها فاقشعر جلده واستعاذ بالله من تلك العقائد وفي ذات يوم دعاني ثم استدعى شيخ الطريقة التجانية بالمدينة وهو الفاهاشم السنغالي ابن أخ الحاج عمر الفوتي أحد أركان الطريقة ومن العجب أننا وجدنا الفاهاشم هداه الله من المدرسين الذين يأخذون راتبا شهريا من الحكومة زيادة على ما ياتيه من المغرب من النذور و الهدايا الطرقية و إنما تعطيه الحكومة ذلك الراتب ليدعو إلى السنة و التوحيد و ينفر من البدعة و الشرك لكنه أراد أن يجمع بين الفضيلتين بل بين العطاءين.
حضر الفاهاشم فرحب به الشيخ الرئيس وسأله عن الحال ثم بعد ما جلس و أدنى الشيخ مجلسه و أكرمه قال له يا شيخ نحن نظن بك الخير و نأمل أن تكون داعيا إلى الحق قامعا للباطل وأن يهدي الله بك من شاء من عباده لكن بلغنا أنك مستمسك بطريقة بل يقال إنك شيخ متبوع فيها فهل ذلك صحيح؟ فقال الفاهاشم: نعم أنا متمسك بطريقة التجانية جاء بها عمنا من المشرق حين حج و أخذناها عنه و هي ليس فيها شيء يخالف السنة إنما هي أذكار مشروعة الاستغفار و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وكلمة الإخلاص لا إله إلا الله. فنظر إلي الشيخ إماء إلى أن أتكلم فقلت يا الفاهاشم إني كنت تجانيا وقرأت كتب الطريقة و عرفتها مثل ما تعرفها أنت وهي ليست ذكرا مجردا بل هي أقوال و أفعال و عقائد ولو سلمنا أنها أذكار مجردة فأذكارها فيها بدع كثيرة من تحديد ما لم يحد الله ولا رسوله بالعدد و الوقت الاختياري و الضروري والقضاء لما فات والإجتماع على هيئة غير مشروعة و ألفاظ من كلام أهل الوحدة مثل اللهم صل و سلم على عين الحق-وعين ذاتك العلية-ووصف النبي بالأسقم أي الأمرض وغير ذلك فقال له الشيخ الرئيس أن فلانا يعنيني يعرف ما بهذه الطريقة مما يخالف الشريعة وهو عارضه عليك لتبدي رأيك فيه ثم قال اعرض عليه بعض الأمور المخالفة للشريعة من طريقته، فأخذت صحيفة كنت قد قيدت فيها بعض أباطيل تلك الطريقة من حفظي و أخذت أقرأ عليه ما نصه:
الأولى/ اعتقادهم باخبار شيخهم أن روحه كانت مع روح النبي صلى الله عليه و سلم هكذا وقرن بين إصبعيه السبابة و الإبهام.
الشيخ الرئيس لالفاهاشم هذا صحيح؟ فقال: نعم موجود في كتب الطريق و أنا لا اعتقده، فقال له الشيخ هذا حق أم باطل؟ فقال لا أعتقده (حاد عن الجواب ولات حين مناص) فقال الشيخ قل حق أو باطل فقال باطل ثم قال لي اقرأ فقرأت:
الثانية/اعتقادهم ما أخبرهم به شيخهم بقوله أنا محمد الولياء من لدن آدم إلى النفخ في الصور.
فقال الشيخ لالفاهاشم: هذا موجود عندكم؟ فقال: نعم و أنا لا أعتقده. فقال: حق أم باطل؟ فحاد كما فعل أولاً ثم أعاد عليه السؤال فقال باطل.
يتبع ..
محمد تقي الهلالي المدرس بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:151/السنة الرابعة.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 04:12 م]ـ
الطرائق في الحجاز (علاج داء الطرائق)
لما فتح الله هذه البلاد المباركة لعباده المصلحين وجدوا فيها داء الطرق يسمها و يمزق أوصالها ويهوي بها في دركات الانحطاط فتوجهت العناية منهم جزاهم الله خيرا إلى علاج هذا الداء الوبيل على احسن حال من اللين و السهولة و الملاطفة رفقا بالناس و تحميا من غعانتهم فنظر في ذلك رئيس هيئة مراقبة القضاء العالم العامل المصلح الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ أدام الله فضلهم فأمر بإحصار الزوايا التي بمكة المشرفة ثم دعا مشايخها فقال لهم ما تريدون بهذه الزوايا فقالوا لذكر الله و مذاكرة العلم فقال أحسنتم و إن الحكومة تريد مساعدتكم على هذا العمل الصالح بان ترتب في كل زاوية رجلا من طلبة العلم يصلي فيها المكتوبات ويعلم أهلها ما أوجب الله عليهم تعلمه و يذكرهم و يعظهم بكتاب الله و سنة نبيه وكلام أئمة أهل السنة رحمهم الله فأجاب أكثرهم لذلك فرتب في كل زاوية رجلا من المصلحين و تعلل بعضهم بان الزاوية ملك لهم لم يجعلوها وقفا وهي ملاصقة لبيوتهم فتارة يجعلون فيها ضيفا-يريدون الوفود التي تأتي بالنذور-وتارة يخزنون فيها أمتعتهم فلا يمكن أن تكون مسجدا ففحص الشيخ في دعواهم فوجدها غير صحيحة فقال لهم أنتم أقررتم بأنكم جعلتم هذا المكان لذكر الله و مذاكرة العلم فما كان لكم أن ترجعوا في ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/327)
ولا سيما بعد ما كفيتم مؤونة الإمام و الوعظ فاذعنوا لذلك وبه مات الشهيق و النهيق الذي كانوا يزعمون أنه ذكر الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وغاض ماء النذور الغمر:
(وساء ساوة أن غاضت بحيرتها .. ورد واردها بالغيظ حين ظمي)
ثم توجه الشيخ عبد الله بن حسن بارك الله في أعماله بأمر الملك أيده الله إلى المدينة ومعه معاونه الأستاذ الشيخ محمد بن التركي وكاتب هذه السطور و الأستاذ الشيخ محمد عبد الرزاق المصري خطيب المسجد النبوي ومراقب الأمور الدينية فيه إلى طيبة الطيبة لينظر الشيخ و معاونه في شؤونها الدينية فتفقد الدوائر كلها الأوقاف و المعارف و العسكريو و الشرطة و العدلية و الإدارة العامة ودائرة الأمير و نظمها الشيخ على أحسن ما يمكن وعزل بعض الموظفين ووضع لجماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر نظاما شرعيا يسيرون عليه ثم ألقى نظرة إلى مشائخ الطرائق فوجد أمرهم بالمدينة خفيا خفيفا وسترها لم يبحث عنهم أكثر من ذلك آخذا بقاعدة البدعة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت ضرت الناس كلهم. وقد كان أصحاب الطرائق في الزمن الماضي يجتمعون لأذكارهم المبتدعة بمسجد النبي صلى الله عليه و سلم بلا حياء ولا حشمة فلما دخل الإصلاح منعوا من ذلك وأمروا أن يذكروا الله في أنفسهم تضرعا و خيفة على وفق السنة فتركوا الاجتماع إلا التجانيين فإنهم نقلوا وظيفتهم من المسجد إلى الزاوية وهي قصر اشتروه بـ:1200ليرة ذهبا و الليرة الواحدة تساوي:120فرنكا.
وهنا شعرت بسؤال يصدر من أكثر القراء وهو من أين جاءهم هذا المال يا ترى أمن أهل الحجاز مع ضعفهم وقلة ما بأيديهم زيادة على أن من كان مغفلا منخدعا من أهل الحجاز إنما ينخدع في أمر فيه أخذ مال أما الدفع فهم أعقل من أن يدفعوا مالهم الذي جعل الله لهم قياما وقياما في سبيل الترهات فمن أين جاء التجانيون الذين تسعة أعشارهم سودان فقراء فقرا مدقعا أعني تجاني المدينة. فلأجل حل هذا الإشكال و غزالة الحيرة-و الحديث شجون-أقول إن ذلك المال و امثاله من الأموال التي تنفق هنا لتدعيم أساس الطريقة إنما هو صادر من بلاد الجزائر وحدها جمعه و جمع من قبل أضعافه رجل جزائري معروف ياتي هذه البلاد المقدسة كل سنة حاملا معه أموالا كثيرة ينفقها هنا وينتفع بها كثير من الناس و الرجل في حد ذاته متصف بالوفاء والكرم ولو مما يجمعه من فقراء الجزائر لكنه اشرب في قلبه خرافات طرقية ملكت عليه مشاعره وساعده على ذلك إلمامه بالعلم زيادة على النشأة في وسط ملآن بالأباطيل نسأل الله أن يهدينا و إياه سواء السراط فلو اجتهد في نصر سنة النبي صلى الله عليه و سلم عشر ما يجتهد في الطريقة لفاز فوزا عظيما. وبعد استقرارنا في المدينة علمنا أن الوظيفة التجانية وحدها تقرأ في زاويتهم المشتراة بـ:1200جنيه فقط ولو أنفق هذا المال على فقراء الجزائر أو فقراء المدينة لسد منهم خلات كثيرة و التوفيق بيد الله فسألني الشيخ عبد الله عن الطريقة التجانية ما هي فأخبرته بما حضرني منها فاقشعر جلده واستعاذ بالله من تلك العقائد وفي ذات يوم دعاني ثم استدعى شيخ الطريقة التجانية بالمدينة وهو الفاهاشم السنغالي ابن أخ الحاج عمر الفوتي أحد أركان الطريقة ومن العجب أننا وجدنا الفاهاشم هداه الله من المدرسين الذين يأخذون راتبا شهريا من الحكومة زيادة على ما ياتيه من المغرب من النذور و الهدايا الطرقية و إنما تعطيه الحكومة ذلك الراتب ليدعو إلى السنة و التوحيد و ينفر من البدعة و الشرك لكنه أراد أن يجمع بين الفضيلتين بل بين العطاءين.
حضر الفاهاشم فرحب به الشيخ الرئيس وسأله عن الحال ثم بعد ما جلس و أدنى الشيخ مجلسه و أكرمه قال له يا شيخ نحن نظن بك الخير و نأمل أن تكون داعيا إلى الحق قامعا للباطل وأن يهدي الله بك من شاء من عباده لكن بلغنا أنك مستمسك بطريقة بل يقال إنك شيخ متبوع فيها فهل ذلك صحيح؟ فقال الفاهاشم: نعم أنا متمسك بطريقة التجانية جاء بها عمنا من المشرق حين حج و أخذناها عنه و هي ليس فيها شيء يخالف السنة إنما هي أذكار مشروعة الاستغفار و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وكلمة الإخلاص لا إله إلا الله. فنظر إلي الشيخ إماء إلى أن أتكلم فقلت يا الفاهاشم إني كنت تجانيا وقرأت كتب الطريقة و عرفتها مثل ما تعرفها أنت وهي ليست ذكرا مجردا بل هي أقوال و أفعال و عقائد ولو سلمنا أنها أذكار مجردة فأذكارها فيها بدع كثيرة من تحديد ما لم يحد الله ولا رسوله بالعدد و الوقت الاختياري و الضروري والقضاء لما فات والإجتماع على هيئة غير مشروعة و ألفاظ من كلام أهل الوحدة مثل اللهم صل و سلم على عين الحق-وعين ذاتك العلية-ووصف النبي بالأسقم أي الأمرض وغير ذلك فقال له الشيخ الرئيس أن فلانا يعنيني يعرف ما بهذه الطريقة مما يخالف الشريعة وهو عارضه عليك لتبدي رأيك فيه ثم قال اعرض عليه بعض الأمور المخالفة للشريعة من طريقته، فأخذت صحيفة كنت قد قيدت فيها بعض أباطيل تلك الطريقة من حفظي و أخذت أقرأ عليه ما نصه:
الأولى/ اعتقادهم باخبار شيخهم أن روحه كانت مع روح النبي صلى الله عليه و سلم هكذا وقرن بين إصبعيه السبابة و الإبهام.
الشيخ الرئيس لالفاهاشم هذا صحيح؟ فقال: نعم موجود في كتب الطريق و أنا لا اعتقده، فقال له الشيخ هذا حق أم باطل؟ فقال لا أعتقده (حاد عن الجواب ولات حين مناص) فقال الشيخ قل حق أو باطل فقال باطل ثم قال لي اقرأ فقرأت:
الثانية/اعتقادهم ما أخبرهم به شيخهم بقوله أنا محمد الولياء من لدن آدم إلى النفخ في الصور.
فقال الشيخ لالفاهاشم: هذا موجود عندكم؟ فقال: نعم و أنا لا أعتقده. فقال: حق أم باطل؟ فحاد كما فعل أولاً ثم أعاد عليه السؤال فقال باطل.
يتبع ..
محمد تقي الهلالي المدرس بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:151/السنة الرابعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/328)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 04:15 م]ـ
أعتذر على تكرار المشاركة لخطأ غير مقصود.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[29 - 01 - 10, 07:11 ص]ـ
يمكن متابعة كامل المقال في: الملتقى العلمي للعقيدة و الفرق المعاصرة ..(59/329)
مساعدة
ـ[أبو حفص الشاطي]ــــــــ[18 - 11 - 09, 12:09 ص]ـ
أناطالب في كلية الشريعة لكن كتاب العقيدة ليس على منهج أهل السنة لذلك أحتاج الى مراجعة أحد المشايخ الفضلاء في ذلك أرجو المساعدة على muhammad8899@yahoo.com
ـ[بندر الظفيري]ــــــــ[20 - 11 - 09, 06:09 ص]ـ
أناطالب في كلية الشريعة لكن كتاب العقيدة ليس على منهج أهل السنة لذلك أحتاج الى مراجعة أحد المشايخ الفضلاء في ذلك أرجو المساعدة على muhammad8899@yahoo.com
صراحتةً شي غريب .. الله لايضرك بما يفسد عقيدتك(59/330)
سؤال في الطحاوية
ـ[فلاح حسن]ــــــــ[18 - 11 - 09, 12:57 م]ـ
بسم الله نبدأ، وعليه نتكل، ومنه نستمد، وبنوره نهتدي. ربنا هب لنا وعياً يُؤهلنا لحمل دينك، وامنحنا فهماً يَرتقي بنا إلى منزلة العبودية، ويسِّر لنا إرادةً نُحسِنُ بها عبادتك، وتعبيد الخلقِ لك، كي نستحقَ منزلةَ " إياك نعبد ".
إخوتي الكرام في هذا المنتدى الطيب المبارك:
ذكر الإمام أبو جعفر الطحاويّ في كتابه العقيدة الطحاوية مانصه (لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) فما هو الرد الصحيح على من يقول أنتم تثبتون لله تعالى جهة العلوّ، والجهة مكان. فإثباتها لله تعالى إثبات كونه تعالى في مكان. ولا يكون الشيء في مكان إلا إذا كان جسماً ومتحيّزاً. فهذا تشبيه لله تعالى بخلقه. لأن الله تعالى قبل أن يخلق العالم لم يكن ثمة عرش ولا غيره من المخلوقات، فقولكم إن الله تعالى مستقر متمكن الآن على العرش، وجعلكم العلوّ صفة له، هذا إثبات لصفة جدّت على الله تعالى لم يكن الله تعالى متّصفاً بها قبل أن يخلق
العالم
ـ[ابو عبد الرحمن القلموني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 01:34 م]ـ
السلام عليكم.
الله سبحانه و تعالى هو من أخبر عن نفسه انّه مستو على العرش (الرحمن على العرش استوى) استواء يليق بجلاله دون الخوض في الكيفية. وهذا ما كان عليه سلفنا الصالح.
وكذلك قال (اليه يصعد الكلم الطيب) , (وهو القاهر فوق عباده) ....
نحن نثبت ما اثبته الله لنفسه في كتابه دون الدخول في الكيفية وكلام الفلاسفة ... اذا كان كذلك فهو ... واذا اثبتنا العلو نقع في كذا .....
فلنقف على ما جاء في القرآن و السنة. وتكون عقائدنا سليمة ان شاء الله.
ولفظ المكان هو لفظ عام.
وان شاء الله الاخوة من بعدي يفصلون في المسألة.
ـ[فلاح حسن]ــــــــ[19 - 11 - 09, 12:51 م]ـ
من يكرمنا بجواب وله من الله جزيل الثواب
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 02:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخي العزيز الكلام في الجهة وإثباتها أو إنكارها ومن ثم بناء القواعد عليها واستخدام هذه القواعد لنفي ما أثبته الله لنفسه من مراوغات المعتزلة ومتأخري الأشاعرة من أهل الكلام: فالمقدمة باطلة وكل ما يترتب عليها باطل فصفات الله تعالى لا يمكن إخضاعها لأي قاعدة عقلية قابلة للخطأ والنقض وأنصحك بالبحث عن العقيدة الصحيحة عند من تلقوها مباشرة من المعصوم صلى الله عليه وسلم، وتجدها في كتاب (شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي) وفي أول ثمانية مجلدات من مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. والله تعالى أعلم
ـ[عبد الله محمد إبراهيم]ــــــــ[23 - 11 - 09, 01:16 م]ـ
إخوتي الكرام في هذا المنتدى الطيب المبارك:
ذكر الإمام أبو جعفر الطحاويّ في كتابه العقيدة الطحاوية مانصه (لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) فما هو الرد الصحيح على من يقول أنتم تثبتون لله تعالى جهةالعلوّ، والجهة مكان. فإثباتها لله تعالى إثبات كونه تعالى في مكان. ولا يكون الشيءفي مكان إلا إذا كان جسماً ومتحيّزاً. فهذا تشبيه لله تعالى بخلقه. لأن الله تعالىقبل أن يخلق العالم لم يكن ثمة عرش ولا غيره من المخلوقات، فقولكم إن الله تعالىمستقر متمكن الآن على العرش، وجعلكم العلوّ صفة له، هذا إثبات لصفة جدّت على اللهتعالى لم يكن الله تعالى متّصفاً بها قبل أن يخلق
العالم
باختصار أخي الكريم -وفقك الله-
ما ذكرته من ألفاظ وإن كان ورد بعضه عن بعض السلف إلا أنه صار لتعدد الاصطلاحات محتملا لحق وباطل
والقاعدة فيه وفيما أشبهه التوقف في اللفظ إثباتًا ونفيًا والاستفصال في المعنى
والكلام الذي ذكرتَه يظهر لي أن فيه اضطرابًا وتداخلاً، أحسب أنه نقل بالمعنى، لكن محصله يرجع إلى مسألتين:
أولاهما ما يتعلق بالمكان والجهة والجسم والحيز، والكلام فيها يمكن تلخيصه في نقطتين
1 - ما يتعلق بالجهة والمكان والحيز وما في معناهم، وهذا لابد فيه من مقدمة، فيقال:
مما لا ريب فيه أن الله تعالى مباين لعالمنا المشهود بذاته سبحانه وتعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/331)
وأن عالمنا المشهود ليس في عالم آخر، وإلا تسلسل الأمر ولزم نفي وجود الإله -سبحانه وتعالى-، ورفع التالي (اللازم) رفع للمقدم (الملزوم)، وبيان الملازمة أنه لو فرضنا هذا العالم في عالم ثانٍ، فالعالم الثاني إما أن يكون في عالم آخر أو لا، فإن كان الثاني فهو المطلوب، وإن كان الأول، فيرجع إليه السؤال، وهكذا، فيستمر الأمر في الثالث والرابع والخامس، فيلزم على هذا التقديرِ والتسلسلِ ألا يوجد في الخارج خالق متميز بنفسه عن العالم وهذا باطل ضرورة لا نظرا
وبناء على هذه المقدمة يقال: ما وراء العالم وهو ما قد يسمى جهة أو مكانا أو حيزا أو أو .. الخ
إن قيل حينئذ إن الله في جهة أو مكان أو حيز [طبعا على هذا التفصيل، وإلا فسبق أنها ألفاظ مجملة لا تثبت ولا تنفى باطلاق]
فإما أن يكون في أمر وجودي أو عدمي، أما الأول فسبق بيان امتناعه.
فيتعين الثاني، وقولنا في أمر عدمي كقولنا هو ليس في شيء، وهذا حق لا يمنع منه شرع ولا عقل.
فالخلاصة هي التفصيل في الجهة والمكان ونحو ذلك إما وجودي وإما عدمي، الوجودي غير مسلم لزومُه، والعدمي لا مانع منه
وحينئذ يسقط كل ما يتعلق بمسألة الجهة لأنه مبني على أنها وجودية.
كقولهم لو كان في جهة لكانت قديمة معه، فيتعدد القدماء.
وعلى هذا فقس.
فإن قيل لكن يلزم التركيب والقدر والافتقار لمخصص ونحو ذلك فهذا له كلام آخر لا يختص بموضوعنا.
2 - ما يتعلق بلفظ الجسم، فهذا أيضًا من المجمل الذي لم يرد في الكتاب ولا السنة ولا علق به إثبات ولا نفي، وقد أفردته لأن الكلام فيه لا يختص بمباحث العلو.
وخلاصته أن لفظ الجسم مجمل، يحتمل حقا وباطلاً، فيتعين الاستفصال:
- فإن قيل الجسم المركب من الجواهر الفردة فغير مسلم، ولا يلزم من اثبات الصفات عامة أو العلو خاصة ثبوت ذلك، على أن ثبوت الجواهر الفردة أصلا غير مسلم، بل هو باطل، ولا يتم إلا بإبطال بعض مسائل الهندسة كالمثلث المتساوي الأضلاع ونحوه! (ممكن نوقع بينهم وبين طلبة هندسة) -ابتسامة-
- وإن قيل هو المركب من الهيولى والصورة، فهذا أشد بطلانًا مما قبله، ولا يلزمنا شيء من هذا الباطل
- وإن قيل هو الذات المتصفة بالصفات، فهذا حقٌّ لازمٌ ضرورةً، ولو سماه المسمى جسمية وشنع ما شنع، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله- "ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت"
المسألة الثانية:
الكلام في الصفات الفعلية كما ذكرتَ ما حاصله لم يكن ثم عرش ثم كان ثم استوى عليه، فهذه صفة جدت لله تعالى.
فهذا الكلام إنما يلزم من ينفي صفات الفعل عن الله تعالى وأنها تقوم بذاته بمشيئته وقدرته، وأما من أثبت ذلك فلا إشكال عنده، وقولهم جدت وتجددت ونحو ذلك ألفاظ لا تدفع المعاني الثابتة بالشرع والعقل.
والبحث في مسألة صفات الفعل له كلام آخر، فالاحتجاج به على هذه الصورة لعله مصادرة.
لكن يتنبه إلى أن الصفات الفعلية أزلية الجنس حادثة الآحاد، فقولنا الله يتكلم متى شاء لا يعني هذا أنه صار متكلمًا بعد أن لم يكن -عياذا بالله- بل جنس الصفة أزلي وإنما الكلام في الآحاد.
هذا باختصار أخي الكريم.
واعذرني على عدم الترتيب والتنسيق نظرا للوقت، ولكن أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[30 - 11 - 09, 01:52 م]ـ
منقول من: http://as-salaf.com/article.php?aid=24&lang=ar
أبو حنيفة النعمان (ت 150 هـ):
قال الإمام الطحاوي في "العقيدة الطحاوية" التي أملى فيها عقيدة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه أبو يوسف ومحمد بن الحسن: «والعرش والكرسي حق كما بين في كتابه، وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وفوقه» قوله: (وفوقه) أي "وفوق كل شيء" إثبات لفوقية الله عز وجل فوق كل المخلوقات بما فيها العرش.
وقوله في موضع آخر «لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات» نفي لإحاطة الخلق بالله عز وجل، فـ (لا تحويه الجهات الست) التي هي مخلوقاته، بل هو فوق الجهات والمخلوقات كلها. وهو رد على الحلُولِيَّة والجهمية الذين كانوا يقولون بأن الله حالٌّ في خلقه، وأنه في كل مكان، تعالى الله علو الكبيرا.
ورُوي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال في الفقه الأكبر: «من قال: "لا أعرف الله أفي السماء أم في الأرض" فقد كفر، قال الله تعالى {الرحمن على العرش استوى} فإن قال: "أقول بهذه الآية ولكن لا أدري أني العرش في السماء أم في الأرض" فقد كفر أيضا» (4) وذلك لأن في كلا القولين شك في فوقية الله عز وجل، لا يدري هل الله فوق مخلوقاته أم لا، وفيه اعتقاد احتمال وجود الله عز وجل في الأرض داخل مخلوقاته، تعالى الله علوا كبيرا. فكان بذلك منكرا للنصوص الشرعية، ومعتقدًا جواز حلول الله في خلقه، وكلاهما كفر.(59/332)
هل الكلام النفسي فيه خلاف بين الأشاعرة؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[18 - 11 - 09, 04:59 م]ـ
من يستطيع أن يأتينا بكلام لأحد أئمة الأشاعرة يقول فيه بأن الله سبحانه يتكلم بحرف وصوت
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو اسحاق الصبحي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 01:06 ص]ـ
قلما تجد من الاشاعرة من يثبت الكلام بالصوت والحرف
بل أن الاشاعرة قد تميزوا بقولهم في كلام الله عز وجل بل أصبحت هذه المسألة من أخص مذهب لاشاعرة بأنه أزلي واحد قائم بنفسه وأول من أيتدع هذا الكلام هو ابن كلاب
ولكن ورد عن الجويني رحمه الله كلام يدل على إستشكال وحيرة في مذهب الاشعري حول صفة الكلام
فيقول رحمه الله في الشامل {ص 414}
"" وإذا لاح ذلك بقي النظر في أمر بلا مأمور، وهذا معضل الأرب، فإن الأمر من الصفات المتعلقة بالنفس، وفرض متعلق لا متعلق له محال، والذي ذكره (يقصد الاشعري) في قيام الأمر بنا في غيبة المأمور تمويه، ولا أرى ذلك أمرا حاقا، وإنما هو فرض تقدير- وما أرى الأمر لو كان كيف يكون- إذا حضر المٌخَاطَب قام بنفس الأمر إالحاق المتعلق به، والكلام الأزلي ليس تقديرا، فهذا مما نستخير الله تعالى فيه، وإن ساعف الزمان أملينا مجموعا من الكلام ما فيه شفاء الغليل إن شاء الله تعالى""
وهناك ايضا كلام للآمدي رحمه الله يدل على إستشكال في مسألة الكلام
فيقول رحمه الله تعالى في أبكار الأفكار {95/ 1 - ب-96 - أ}
""وما أوردوه من الإشكال على القول باتحاد الكلام وعود الاختلاف إلى التعلقات والمتعلقات فَمُشْكِل، وعسى أن يكون عند غيري حله، ولعسر جوابه فر بعض أصحابنا إلى القول بأن كلام الله تعالى القائم بذاته خمس وصفات مختلفة وهي الأمر والنهي والخبر والاستخبار والنداء ""
وورد عن العز بن عبد السلام في فتاويه {ص:163 - 166} أن من قال بالحرف والصوت مسلم ويجب رد السلام عليه
ويقول الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله في موقف ابن تيمية من الاشاعرة {1228/ 3}
"وقد اعترف الرازي – أحد أئمة الاشاعرة – بأن حلول الحوادث لازم لجميع الطوائف فقال (): "هل يعقل أن يكون محلا للحوادث؟ قالوا: إن هذا قول لم يقل به أحد إلا الكرامية. وأنا أقول: إن هذا قول قال به أكثر أرباب أهل المذاهب، أما الاشعرية: فإنهم يدعون الفرار من هذا القول إلا أنه لازم عليهم من وجوه…" ولما جاء إلى صفة الكلام، بين أنه ليس هناك فرق معقول بين الطب والإرادة – وهذا رد على مسألة الكلام النفسي – كما سبق – ثم بين أن الذين زعموا أن هذا الكلام – النفسي – قديم – هو قول بعيد، وذكر أدلة كون هذا القول بعيدا – وهي أدلة إلزامية قوية – ثم ذكر أدلة من قال بقدمه ورد عليها (1) ""
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: المطالب العالية للرازي {204،207/ 3}
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[19 - 11 - 09, 07:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا
إذا لا نجد من يصرح بذلك تصريحا منهم أن الله سبحانه يتكلم بصوت وحرف
ولعل بعض الإخوة يجد لنا تصريحا من بعضهم
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[19 - 11 - 09, 07:25 م]ـ
الامام النووي له رسالة مطبوعة
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[19 - 11 - 09, 08:06 م]ـ
لكن فيها شك فهو فيها ينقل عن الآرموي
وهو لا يعرف من علماء الشافعية
وكونه يكتب رسالة تخالف كتبه السابقة قبل موته بشهر ولا تكون معروفة مشهورة
هذا يثير الشك في الرسالة
فحبذا لو أن بعض طلبة العلم تجرد لبحث ذلك للوصول إلى رأي أكيد في الموضوع(59/333)
أرجو المساعدة في هذا البحث
ـ[أبو جعفر بن سلامة]ــــــــ[19 - 11 - 09, 12:12 م]ـ
ابحث عن تاريخ الشرك في الامم, فما هي المراجع الموسعة في هذا؟؟
ـ[عبدالحميد حسن]ــــــــ[07 - 12 - 09, 03:11 ص]ـ
للرفع
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[07 - 12 - 09, 06:23 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144730(59/334)
ما هو فضل عشر أيام دي الحجة و ما يجتنبه من أراد الأضحية؟
ـ[أم محمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 01:26 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/alsalam.gif
فضل عشر ذي الحجه والأعمال الواردة فيها\فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين
فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد …
فضل عشر ذي الحجة:
روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) وروى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الأيام يوم عرفة).
أنواع العمل في هذه العشر:
الأول: أداء الحج والعمرة، وهو أفضل ما يعمل، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وغيره من الأحاديث الصحيحة.
الثاني: صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها – وبالأخص يوم عرفة – ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه، كما في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي به، انه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً) متفق عليه. (أي مسيرة سبعين عاماً)، وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده).
الثالث: التكبير والذكر في هذه الأيام. لقوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقد فسرت بأنها أيام العشر، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه: (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) وذكر البخاري رحمه الله عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم انهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم. وروى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم انهم كانوا يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد. ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها، لقوله تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وانما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح، وسائر الأدعية المشروعة.
الرابع: التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد والطرد، والطاعات أسباب القرب والود، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ان الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه) متفق عليه.
الخامس: كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، فالعمل فيها وان كان مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/335)
السادس: يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق.
السابع: تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم، (وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما) متفق عليه.
الثامن: روى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره) وفي رواية (فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وهذا النهي ظاهره انه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر.
التاسع: على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى، وحضور الخطبة والاستفادة. وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وانه يوم شكر وعمل بر، فلا يجعله يوم أشر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر.
العاشر: بعد ما مر بنا ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
- - - - - - -
ومما جاء للشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
فيما يجتنبه من أراد الأضحية
إذاأراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم
عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره
وأظفاره) "رواهأحمد ومسلم"، وفي لفظ: (فلا يمس من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي) "
وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك في حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
* والحكمةفي هذا النهي أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى
بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعرونحوه، وعلى هذا فيجوز لأهل
المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم.
* وهذاالحكم خاص بمن يضحي، أما المضحى عنه فلا يتعلق به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(وأراد أحدكم أن يضحي .. ) ولم يقل: أو يضحى عنه؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن
أهل بيته، ولم يُنْقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
* وإذاأخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره، أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود،
ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك من الأضحية كما يظن بعض العوام.
* وإذاأخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه
فليأخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله،
أو يحتاج إلى قصه لمداواة جرح ونحوه.
- - - - -
و صلى الله وسلم على سيدنا محمد
ـ[أم محمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 01:54 م]ـ
ادعوا لي بالخير، جزاكم الله خيرا
ـ[معاذ الجلال]ــــــــ[19 - 11 - 09, 01:59 م]ـ
* وإذاأخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره، أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود، ..
ماهو القول الراجح في هذه المسألة ..
بارك الله فيك ...
ـ[أم محمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 02:08 م]ـ
هدا جواب للشيخ محمد بن صالح العثيمين.
إذا أخذ من أراد أن يضحي من شعره ناساً أو جاهلاً أو سقط الشعر بدون قصد فهل يمنعه ذلك من الأضحية؟
ج5: لا يمنعه من الأضحية أن يأخذ شيئاً من شعره أو بشرته أو ظفره أو يتساقط منه شيء من ذلك، لأن الأخذ شيء والأضحية شيء آخر، لكن إذا دخل العشر وقد أراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً وهذا من حكمة الله ـ عز وجل ـ من أجل أن يشارك الناس أهل المناسك في التقرب إلى الله ـ عزو وجل ـ بترك الأخذ من هذا كما يتقرب المحرم في ترك حلق رأسه ونحو ذلك، وحتى لو فعل الإنسان هذا أي أخذ من شعره أو ظفره أو بشرته شيئاً على وجه العمد فإنه لا يمنع من الأضحية، لكنه يكون عاصياً لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أخذ هذا متعمداً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/336)
ـ[في رحاب الله]ــــــــ[22 - 11 - 09, 04:10 م]ـ
وفقك لله واسعدك وجزاك الجنه ياختااه
آللهم آمين
::
::
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لاإله إلاالله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان لله بكرة واصيلا
ـ[أم محمد]ــــــــ[24 - 11 - 09, 02:51 ص]ـ
آآآآآآآآآمين
بارك الله فيكم وأنتم كدلك بإدن الله
ـ[محمد احمد صالح]ــــــــ[24 - 11 - 09, 01:38 م]ـ
جزاكم الله خير على هذه المشاركه ..... بس ممكن تفصلو في قضيت الالتكبير المقيد والمطلق
ـ[أم محمد]ــــــــ[24 - 11 - 09, 03:14 م]ـ
التكبير المطلق يجوز من أول ذي الحجة إلى أيام العيد.له أن يكبر في الطرقات وفي الأسواق، وفي منى، ويلقي بعضهم بعضًا فيكبر الله.
وأما التكبير المقيد فهو ما كان عقب الصلوات الفرائض، وخاصة إذا أديت في جماعة، كما يشترط أكثر الفقهاء.
وكذلك في مصلى العيد.في الطريق إليه، وفي الجلوس فيه، على الإنسان أن يكبر، ولا يجلس صامتًا.سواء في عيد الفطر، أو عيد الأضحى. لأن هذا اليوم ينبغي أن يظهر فيه شعائر الإسلام.
ـ[أبوعمر الحنبلي]ــــــــ[24 - 11 - 09, 04:03 م]ـ
جزاك الله جيرا ونفع بك وجعله الله في ميزان حسناتك يا أختاه
ـ[محمد المصري الأثري]ــــــــ[24 - 11 - 09, 04:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا وكتب الله لكم المثوبة والاجر
الشائع عندنا ان المضحي لا يأخذ شيئ من شعره او ظفره حتى يأكل من الاضحيه فيظل ممسك عن الاخذ من شعره بعد الذبح حتى يأكل من الاضحيه فهل على هذا دليل اوقال به احد من علماء
ـ[أم محمد]ــــــــ[24 - 11 - 09, 09:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا وكتب الله لكم المثوبة والاجر
الشائع عندنا ان المضحي لا يأخذ شيئ من شعره او ظفره حتى يأكل من الاضحيه فيظل ممسك عن الاخذ من شعره بعد الذبح حتى يأكل من الاضحيه فهل على هذا دليل اوقال به احد من علماء
1 - ليأكل كل رجل من أضحيته
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أبو نعيم - المصدر: حلية الأولياء - الصفحة أو الرقم: 4/ 402
خلاصة الدرجة: غريب من حديث عبد الله
2 - ليأكل كل رجل من أضحيته
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 4/ 28
خلاصة الدرجة: فيه عبد الله بن خراش وثقه ابن حبان وقال ربما أخطأ، وضعفه جمهور
3 - ليأكل كل رجل من أضحيته
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5349
خلاصة الدرجة: صحيح
جاء في الحديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه - قال: (كان النبي – صلى الله عليه وسلم - لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي) رواه الترمذي، ثم قال: وقد استحب قوم من أهل العلم أن لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم شيئاً ويستحب له أن يفطر على تمر ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع. والحديث رواه أيضاً ابن ماجة وابن حبان وقال الشيخ الألباني: صحيح.
وقال الإمام أحمد: والأضحى لا يأكل فيها حتى يرجع إذا كان له ذبح لأن النبي – صلى الله عليه وسلم - أكل من ذبيحته وإذا لم يكن له ذبح لم يبالِ أن يأكل.
وقال الشعبي: إن من السنة أن تطعم يوم الفطر قبل أن تغدو، وأن تؤخر الطعام يوم النحر حتى ترجع.
وقال سعيد بن المسيب: كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل المصلى ولا يفعلون ذلك يوم النحر
ـ[أبو معاذ فؤاد الأثري]ــــــــ[24 - 11 - 09, 09:54 م]ـ
بوركتم
ـ[محمد المصري الأثري]ــــــــ[24 - 11 - 09, 11:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ليس عن هذا اسأل بل عن قص الشعر والظفر هل هو مرتبط بالأكل من الاضحيه ام بمجرد الذبح يجوز له ان يهذب نفسه
ـ[أم محمد]ــــــــ[25 - 11 - 09, 01:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ليس عن هذا اسأل بل عن قص الشعر والظفر هل هو مرتبط بالأكل من الاضحيه ام بمجرد الذبح يجوز له ان يهذب نفسه
أقول أخي الله أعلم فلم أجد في الأمر شيئا، فلا يجوز لي أن أفتي من عندي إنما أنا أجتهد وأبحث حتى أجد ما صح عن كبار العلماء. ويمكنك كتابة سؤالك هدا وخصصه لأهل الدكر حتى تجد إن شاء الله الجواب
تقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم
ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[28 - 11 - 09, 01:54 م]ـ
تقبل الله منا منكم
ـ[أبو معاذ فؤاد الأثري]ــــــــ[28 - 11 - 09, 09:19 م]ـ
تقبل الله منا ومنكم
ـ[معاذ الجلال]ــــــــ[06 - 12 - 09, 08:06 ص]ـ
بارك الله فيك يا اختاه وجعل ذلك في ميزان حسناتك ..
اتمنى لك السعادة في الدنيا والاخرة ولكل مسلم ومسلمة.
ـ[أم محمد]ــــــــ[07 - 11 - 10, 01:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
الأحد أول أيام ذي الحجة و أرفع الموضوع لأذكر نفسي و إياكم بفضل هذه الأيام المباركة و أسأل الله أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يغفر لنا خطايانا إنه سبحانه سميع مجيب
ـ[أم محمد]ــــــــ[15 - 11 - 10, 02:12 ص]ـ
لا تنسوا الصيام و الذكر تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/337)
ـ[أم محمد]ــــــــ[15 - 11 - 10, 05:08 م]ـ
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا". أخرجه أحمد (4/ 114، رقم 17074)، والدارمي (2/ 14، رقم 1702)، والترمذي (3/ 171، رقم 807) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (1/ 555، رقم 17416)، وابن حبان (8/ 216، رقم 3429)، والبيهقي فى شعب الإيمان (3/ 480، رقم 4121).
فمن فَطَّرَ قوما في يوم عرفة فله عن كل صائم كفارة سنتين غير أجر الصيام.
منقول من موقع "بلغوا عني ولو آية"
ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[15 - 11 - 10, 05:25 م]ـ
أقول أخي الله أعلم فلم أجد في الأمر شيئا، فلا يجوز لي أن أفتي من عندي إنما أنا أجتهد وأبحث حتى أجد ما صح عن كبار العلماء. ويمكنك كتابة سؤالك هدا وخصصه لأهل الدكر حتى تجد إن شاء الله الجواب
تقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم
فتوى الشيخ ابن جبرين رحمه الله من موقعه
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=28&page=1260 (http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=28&page=1260)
http://img560.imageshack.us/img560/7/5555555555.jpg
( س 1) هل يجوز ذبح الأضاحي في خارج المكان المتبرع فيه كأن تتبنى مؤسسة خيرية المشروع في المملكة وترسل المبالغ إلى إحدى الدول الفقيرة لعمل المشروع؟
الجواب: لا شك أن الأضاحي تعتبر صدقات، وقصد أهلها حصول الأجر بالصدقة على الفقراء والمستضعفين حتى يشاركوا غيرهم في أيام الأعياد فرحتهم وسرورهم بالأكل من هذه اللحوم والتفكه بها، وحيث أن أهل المملكة عندهم الكثير والكثير من الأضاحي كوصايا عن الأحياء والأموات، فنرى إرسال كثير منها إلى خارج المملكة لذبحها في البلاد الفقيرة توسعة على المسلمين هناك وتأليفا لهم حتى يعرفوا أن إخوانهم في البلاد الإسلامية يحبونهم ويواسونهم ويوصلون إليهم ما يحتاجون إليه بقدر الإمكان، فإخراجها وإرسالها إلى الدول الفقيرة أولى من ذبحها في البلاد الغنية حيث أن أهلها قد يصبرونها في الثلاجات ويأكلون منها عدة أشهر، ولا يجدون الفقراء إلا قليلا، وقد يجتمع عند فقير أكثر من حاجته، وفي إرسالها إلى الدول الفقيرة تخفيف على المتبرعين لقلة أثمانها فعندنا الأضحية بمئات الريالات وهناك بربع الثمن أو أقل وذلك أن بعض الناس عنده عدد كثير من الأضاحي فيمكن إبقاء واحدة أو اثنتين وإرسال الباقي فيتصدقون بما زاد على ثمن الأضحية في وجوه الخير.
(س 2) هل يشترط ذكر اسم المتبرع على الأضحية عند الذبح حيث أن المؤسسات الخيرية يصعب عليها فعل هذا الأمر عند تنفيذ المشاريع؟
الجواب: نرى أنه لا يلزم تسمية صاحبها عند الذبح، حيث أن أهلها أرسلوها لتذبح وينتفع بلحمها ويصل الأجر إلى أصحابها، ولو لم تذكر أسماؤهم وقت ذبحها لصعوبة ذلك، كما يحصل في ذبح الهدي والفدية في أيام الحج.
(س 3) متى يبدأ المضحي بالتحلل علما أن أضحيته قد تتأخر يوما أو تتقدم يوما حسب الدولة المضحى فيها؟
الجواب: يراد بالتحلل إباحة أخذ الشعر والظفر، فمتى دخل وقت الذبح في البلاد التي فيها المتبرع جاز له التحلل، يعني القص من شعره وبشرته، ولو لم يتحقق ذبح أضحيته في ذلك اليوم كما يتحلل المحرم إذا رمي وحلق، ولو قبل ذبح أضحيته في بلاده، مع أنه لو تحلل قبل العيد بيوم أو أيام لم يلزمه فدية لعدم الدليل على لزومها.
(س 4) هل يجوز للمؤسسات الخيرية أخذ نسبة محددة من مشروع الأضاحي كمصروفات عن الذبح والمتابعة والسفر والمصروفات الأخرى التي تخص المشروع.
آمل توضيح ذلك، رعاكم الله؟
الجواب: يجوز ذلك إذا زاد على ثمن الأضحية، كما لو تبرع المضحى بثلاثمائة ووجدت الأضحية بمائتين وخمسين فيصرف ما بقي من التبرع كأجرة للجزار ونفقة للمسافر، وفي المصارف التي تحتاج إليها المؤسسة لتكميل وتنفيذ ذبح الأضاحي، فإن من الضروري توكيل من يشتري، وقد يحتاج إلى أجرة ودفع أجرة حملها إلى المجزرة وأجرة الجزار وأجرة الموزع، ولكن لا تدفع هذه الأجرة من لحم الأضاحي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- http://ibn-jebreen.com/images/h2.gif نحن نعطيه من عندنا http://ibn-jebreen.com/images/h1.gif لما نهى عن إعطاء الجزار أجرته من الأضاحي والهدايا.
(س 5) هل يشترط إشعار المتبرع بنوع أضحيته، هل هي من الغنم أو سبع من البقر أو يجوز للمؤسسات التصرف حسب ما تراه من مصلحة؟
الجواب: نرى أن على المؤسسة إخبار أهل الأضاحي بقيمة الأضحية من الغنم وبقيمة سبع البدنة أو البقرة الذي يجزئ في الأضحية، ثم بعد ذلك تنفيذ ما طلبه المتبرع إذا وجدت الأضاحي المطلوبة لكن إن تعذر وجود الغنم في منطقة وخيف فوات وقت الأضاحي جاز شراء بقر أو إبل وذبحها كل واحدة عن سبعة كما ورد في الحديث.(59/338)
فضل عشر ذي الحجه والأعمال الواردة فيها
ـ[أم محمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 03:06 م]ـ
فضل عشر ذي الحجه والأعمال الواردة فيها\فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين
فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد …
فضل عشر ذي الحجة:
روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) وروى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الأيام يوم عرفة).
أنواع العمل في هذه العشر:
الأول: أداء الحج والعمرة، وهو أفضل ما يعمل، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وغيره من الأحاديث الصحيحة.
الثاني: صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها – وبالأخص يوم عرفة – ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه، كما في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي به، انه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً) متفق عليه. (أي مسيرة سبعين عاماً)، وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده).
الثالث: التكبير والذكر في هذه الأيام. لقوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقد فسرت بأنها أيام العشر، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه: (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) وذكر البخاري رحمه الله عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم انهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم. وروى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم انهم كانوا يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد. ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها، لقوله تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وانما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح، وسائر الأدعية المشروعة.
الرابع: التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد والطرد، والطاعات أسباب القرب والود، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ان الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه) متفق عليه.
الخامس: كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، فالعمل فيها وان كان مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/339)
السادس: يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق.
السابع: تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم، (وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما) متفق عليه.
الثامن: روى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره) وفي رواية (فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي) ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وهذا النهي ظاهره انه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر.
التاسع: على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى، وحضور الخطبة والاستفادة. وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وانه يوم شكر وعمل بر، فلا يجعله يوم أشر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر.
العاشر: بعد ما مر بنا ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
- - - - - - -
ومما جاء للشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
فيما يجتنبه من أراد الأضحية
إذاأراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم
عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره
وأظفاره) "رواهأحمد ومسلم"، وفي لفظ: (فلا يمس من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي) "
وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك في حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
* والحكمةفي هذا النهي أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى
بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعرونحوه، وعلى هذا فيجوز لأهل
المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم.
* وهذاالحكم خاص بمن يضحي، أما المضحى عنه فلا يتعلق به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(وأراد أحدكم أن يضحي .. ) ولم يقل: أو يضحى عنه؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن
أهل بيته، ولم يُنْقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
* وإذاأخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره، أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود،
ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك من الأضحية كما يظن بعض العوام.
* وإذاأخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه
فليأخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله،
أو يحتاج إلى قصه لمداواة جرح ونحوه.
- - - - -
و صلى الله وسلم على سيدنا محمد
لا تنسوني من صالح دعائكم، جزاكم الله خيرا(59/340)
قال ابن ابي العز (وكل من التحريف و الانحراف مراتب .. ) استفسار!
ـ[وليد الزامل]ــــــــ[19 - 11 - 09, 06:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخنا الفضلاء
هنا إشكال عرض لي اثناء قراءتي لشرح ابن ابي العز للطحاوية عند قوله
(و كل من التحريف و الانحراف على مراتب، فقد يكون كفراً، وقد يكون فسقاً، وقد يكون معصية، و قد يكون خطأ.)
الإشكال هنا، متى يكون كفرا ومتى يكون فسقاً و متى يكون معصية و متى يكون خطأً؟
أحتاج لأمثلة فقط
وجزيتم خيرا
ـ[وليد الزامل]ــــــــ[21 - 11 - 09, 03:00 م]ـ
للرفع(59/341)
من له نظم الطحاوية
ـ[أبودجانة فارس الخميس الخشني]ــــــــ[19 - 11 - 09, 06:37 م]ـ
من له نظم الطحاوية(59/342)
هل من الأحكام ما هو تعبدي المعنى؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[19 - 11 - 09, 06:56 م]ـ
يا إخوتاه
هل في قول القائل الأحكام الشرعية منها تعبدية المعنى
ومنها معقولة المعنى مخالفة للعقيدة إذ إنني سمعت أنها مخالفة
فمن يتحفنا بفائدة في ذلك؟
ـ[الباحثة عن الأصول]ــــــــ[20 - 11 - 09, 12:08 ص]ـ
كتبت لكم الأمر مفصلاً ... ثم فقدته بسبب خلل ما ... وليس عندي مزيد وقتٍ لإعادته
ولكن خلاصة الأمر: أن هذا التقسيم لا مخالفة فيه ... بل ويكثر ذكره عند علماء الفقه والأصول عند الحديث عن علل الأحكام وحِكَمِها ... ومنهم الشاطبي في الاعتصام والموافقات، والسرخسي والآمدي والقرافي ووو إلخ.
وإن يسر الله قد أوافيكم ببعض نصوصهم ... إن يسر
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[20 - 11 - 09, 07:27 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ولكن من ذكرتيه هم أشاعرة
ونحن نتكلم عن عقيدة السلف الذين يثبتون حكمة الله سبحانه في كل شيء
فأرجو ملاحظة ذلك
ـ[بنت أزد]ــــــــ[20 - 11 - 09, 07:40 ص]ـ
يا إخوتاه
هل في قول القائل الأحكام الشرعية منها تعبدية المعنى
ومنها معقولة المعنى مخالفة للعقيدة إذ إنني سمعت أنها مخالفة
فمن يتحفنا بفائدة في ذلك؟
يبدو أنك تقصد:
ومنها معقول المعنى، مخالفة للعقيدة .. إلى آخر كلامك.
هكذا تستقيم العبارة حفظكم الله.
وعليه فاعلم أنها -والله تعالى أعلم- ليست مخالفة للعقيدة فمن الأحكام التعبدية ما لا نعلم حكمته كعدد أشواط الطواف، وعدد الصلوات، وعدد الركعات .. الخ
ومنها ما حكمته ظاهرة وهو ما يسمى بمعقول المعنى، كتحريم الزنا، وفرض الزكاة .. الخ
والله تعالى أجل وأعلم.
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[20 - 11 - 09, 11:58 ص]ـ
الإشكال بارك الله فيك في (منها تعبدية المعنى) لا في معقولة المعنى
كون مقصودهم أن الحكمة منها التعبد فقط فهل هذا يصلح على مذهب أهل السنة والجماعة(59/343)
ما الفرق بين الأشاعرة والأشعرية؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[19 - 11 - 09, 06:58 م]ـ
أشار بعض الإخوة في كتاب له لوجود فرق بين التعبيرين
وقد حاولت أن أعرف هذا الفرق ولكن دون جدوى فمن عنده ما يفيد في ذلك؟
أحسن الله إليكم
ـ[أبو اسحاق الصبحي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 07:02 م]ـ
العقيدة الاشعريه
يتبهعا الاشاعرة
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[19 - 11 - 09, 07:09 م]ـ
الاشاعرة هم الاشخاص
أما الاشعرية فهي العقيدة
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[19 - 11 - 09, 08:26 م]ـ
بحمد الله وجدت الجواب:
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون - (1/ 82):
الأشاعرة: الفرق بين الأشاعرة والأشعرية أن الأشعرية في مقابلة الماتريدية
وهم الذين تبعوا أبا الحسن الأشعري. والأشاعرة في مقابلة المعتزلة شاملة للماتريدية
والأشعرية. والأشاعرة إذا وقعت في مقابلة الحكماء فالمراد بها جميع المتكلمين.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 09:35 م]ـ
بحمد الله وجدت الجواب:
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون - (1/ 82):
الأشاعرة: الفرق بين الأشاعرة والأشعرية أن الأشعرية في مقابلة الماتريدية
وهم الذين تبعوا أبا الحسن الأشعري. والأشاعرة في مقابلة المعتزلة شاملة للماتريدية
والأشعرية. والأشاعرة إذا وقعت في مقابلة الحكماء فالمراد بها جميع المتكلمين.
هذا التفريق غير صحيح، ولا معول عليه. وقد ذكر هذا الشيخ علي الدخيل الله في تحقيقه للصواعق.
وأزيد: أن هذا التفريق لا يوجد ما يدل عليه حتى في استخدام الأشاعرة لهذين الاسمين، فيقولون الأشعرية والأشاعرة ويريدون بها أتباع أبي الحسن الأشعري ومن اعتقد معتقد تلامذته وأتباعه سواء من المتقدمين أو المتأخرين. وسواء أكان في مقابلة الماتريدية أو مقابلة المعتزلة.
ـ[أسامة الأثري]ــــــــ[19 - 11 - 09, 10:05 م]ـ
حرف العلة (ابتسامة)
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[20 - 11 - 09, 07:25 ص]ـ
هذا التفريق غير صحيح، ولا معول عليه. وقد ذكر هذا الشيخ علي الدخيل الله في تحقيقه للصواعق.
وأزيد: أن هذا التفريق لا يوجد ما يدل عليه حتى في استخدام الأشاعرة لهذين الاسمين، فيقولون الأشعرية والأشاعرة ويريدون بها أتباع أبي الحسن الأشعري ومن اعتقد معتقد تلامذته وأتباعه سواء من المتقدمين أو المتأخرين. وسواء أكان في مقابلة الماتريدية أو مقابلة المعتزلة.
جزاك الله خيرا
وأمتعنا بفوائدك(59/344)
ما معنى نفي واثبات
ـ[صالح الطريف]ــــــــ[20 - 11 - 09, 09:42 م]ـ
مامعنى النفي والاثبات ... ؟؟؟؟
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 01:18 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فقاعدة النفي والإثبات مشهورةٌ معلومة وتتعلَّق بأمرين في العقيدة:
الأمر الأول: كلمة التوحيد (لا إله إلاَّ الله).
والأمر الثاني: توحيد الأسماء والصفات ..
وهذه القاعدة معلومةٌ بالتَّتبُّع والاستقراء لنصوص الكتاب والسُّنة
فأمَّا الأمر الأول وهو ما يتعلَّقُ بكلمة التوحيد فإنِّ لها ركنين مهمَّيْن
وهما: النفي والإثبات
أي نفي المألوهات والمعبودات الباطلة من دون الله
وإثبات العبادة الحقَّة للمألوه بحقٍ وهو الله تبارك وتعالى.
قال الشيخ صال آل الشيخ في شرحه للعقيدة الطحاوية:
وتوحيد العبادة لله عز وجل لا يستقيم إلا بشيئين كما ذكرنا: بنفي وبإثبات.
فالنفي وحده لا يكون به المرء موحداً، والإثبات وحده لا يكون به المرء موحداً،
حتى يجمع ما بين النفي والإثبات.
وأمَّا الأمرُ الثاني وهو ما يتعلَّقُ بتوحيد الأسماء والصفات وهو أنَّ الله تعالى موصوف بالإثبات والنفي؛ بإثبات الأسماء الحسنى والصفات العُلى
وكل كمالٍ لله تعالى .. ونفي النقائص والمعائب عن الله تعالى ..
قال شيخ الإسلام في التدمرية: فالكلام في باب التوحيد والصفات هو من باب الخبر،
الدائر بين النفي والإثبات ...
فمنهج الرسل في صفات الله تعالى مشتمل على النفي والإثبات،
النفي المجمل لصفات النقص والعيب، والإثبات المفصل لصفات الكمال. أ – هـ
هذه إجابةٌ مختصرة عن سؤالك وفقك الله(59/345)
ما هي المؤلفات التي جمعت أدلة عقيدة أهل السنة والجماعة؟
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 04:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم احبتي في الله
لا حرمنا الله منكم في اي وقت وأي مكان
اسألكم عن أسماء المؤلفات التي جمعت أدلة القرأن والسنة على عقيدة أهل السنة والجماعة؟
على شاكلة العمدة والبلوغ في الأحكام, بخلاف الكتب التي يُستدل لها
ما هي؟
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[21 - 11 - 09, 08:46 م]ـ
من أجمل الكتاب في ذلك كتاب (بلوغ السعادة من أدلة توحيد العبادة)
للشيخ / صلاح البدير إمام المسجد النبوي
ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 09:21 م]ـ
من أحسن وأنفع ماقرأت في أدلة العقيدة كتاب الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد للدكتور سعود العريفي
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 09:29 م]ـ
كتاب المنهج الصحيح للشيخ عبدالله الغنيمان حفظه الله
ـ[اسامة الشامخ]ــــــــ[22 - 11 - 09, 12:01 ص]ـ
كتاب المنهج الصحيح للشيخ عبدالله الغنيمان حفظه الله
نعم هو بعينه.
وقبله كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب.
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 12:31 ص]ـ
بارك الله في الجميع
أخي الشامخ, أنا عنيت التي في مسائل الربوبية والاسما والصفات أما كتاب التوحيد سبق لي حفظه ودراسته
عموما شكرا لك ما قصرت
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 12:38 ص]ـ
من أحسن وأنفع ماقرأت في أدلة العقيدة كتاب الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد للدكتور سعود العريفي
لا علاقة لهذا الكتاب بسؤال الأخ.
كتاب الشيخ العريفي يتناول الأدلة النقلية التي حوت في مضمونها دليلاً عقليا على الاعتقاد كدليل التخصيص أو دليل دلالة الأثر على المؤثر وهكذا.
ـ[أبو القاسم البيضاوي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 03:23 ص]ـ
كتاب: التدمرية لشيخ الاسلام ابن تيمية
و هو احسن ما يريح الباحث عن الأدلة من القرآن و السنة في الاسماء و الصفات.
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 03:21 م]ـ
للإستزادة
ـ[ربى محمد]ــــــــ[22 - 11 - 09, 08:46 م]ـ
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي
والشريعة للآجري
وغيرها من كتب المتقدمين المسندة في الإعتقاد.
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 02:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عليكم أخي بكتب الأقدمين أهل الإسناد وتتبع أثر السلف ومن أعظمها
(1) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي
(2) الشريعة للآجُرِّي.
(3) التوحيد لابن خزيمة
(4) الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة العكبري الحنبلي
(5) السنة لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل
ـ[حماد عبدالجليل]ــــــــ[01 - 12 - 09, 04:09 ص]ـ
من أجمل الكتب في هذا الموضوع كتاب الإبانة لابن بطة وكتاب الشريعة للأجرى والتوحيد لابن خزيمة والتوحيد لابن منده والعلو والعرش للذهبي وكتاب التوحيد من صحيح البخاري. (نفع الله بك)(59/346)
مالمراد بهذه العبارة في كفر تارك الانكار
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 05:07 م]ـ
وقد قال بعض علماء السنة
: _ ((إن من ترك إنكار كل منكر بقلبه، فهو كافر))
ـ[حارث البديع]ــــــــ[22 - 11 - 09, 08:53 م]ـ
هذا أخي المبارك يدخل في معنى الاستحلال
فهو لاينكر المنكر حتى بقلبه
ولايفعل ذلك الا من اعتقد حلّه
او أنه جاحد له أصلا
وإلا علام ترك الانكار؟؟؟
وكلاهما كفر مجمع عليه معلوما من الدين بالضروروة
والله أعلم.(59/347)
كلام خطير في عدم انكار المنكرات
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 05:09 م]ـ
في المنتقى من بدائع الفوائد
مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) (2): أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن، لا أن من لم ينكر ذلك بقلبه، لم يكن معه من الإيمان حبة خردل.
قلت: ومن رضي بالذنب، واطمأن إليه، فهو كفاعله؛ لا سيما مع فعل ما يوصل إليه وعجز، وقد قال الشيخ- رحمه الله: _ ((إن من ترك إنكار كل منكر بقلبه، فهو كافر
ـ[المحبرة]ــــــــ[21 - 11 - 09, 05:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا
بالنسبة للانكار باليد أو اللسان .. هناك أشخاص يترددون في ذلك؛ خشية أن يقعوا في يوم ما فيما أنكروا عليه
فكيف يعملون؟ وما توجيهكم!
ـ[أبو مجاهد الحنبلي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 06:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا
بالنسبة للانكار باليد أو اللسان .. هناك أشخاص يترددون في ذلك؛ خشية أن يقعوا في يوم ما فيما أنكروا عليه
فكيف يعملون؟ وما توجيهكم!
هذا من باب اذا أنكر المنكر جلب مفسدة أكبر *
وهذا يرجع لكتاب الشيخ خالد السبت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو قيم.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 06:31 م]ـ
قال العلامة ابن باز رحمه الله:
وفي آية أخرى حصر سبحانه الفلاح في الدعاة إلى الخير، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فقال عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [11]، فأبان سبحانه أن هؤلاء الذين هذه صفاتهم وهي: الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - هم المفلحون، والمعنى أنهم هم المفلحون على الكمال والتمام، وإن كان غيرهم من المؤمنين مفلحا، إذا تخلى عن بعض هذه الصفات لعذر شرعي، لكن المفلحون على الكمال والتمام هم هؤلاء الذين دعوا إلى الخير، وأمروا بالمعروف وبادروا إليه، ونهوا عن المنكر وابتعدوا عنه. أما الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لأغراض أخرى: كرياء وسمعة، أو حظ عاجل أو أسباب أخرى،
أو يتخلفون عن فعل المعروف، ويرتكبون المنكر، فهؤلاء من أخبث الناس، ومن أسوئهم عاقبة. وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه - أي أمعاؤه - فيدور في النار كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: مالك يا فلان؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال فيقول لهم: بلى ولكني كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه))
هذه حال من خالف قوله فعله، - نعوذ بالله - تسعر به النار، ويفضح على رؤوس الأشهاد، يتفرج عليه أهل النار، ويتعجبون كيف يلقى في النار هذا ويدور في النار كما يدور الحمار بالرحى، وتندلق أقتاب بطنه، يسحبها، لماذا؟!. لأنه كان يأمر بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه،
فعلم بذلك أن المقصود الأمر بالمعروف مع فعله، والنهي عن المنكر مع تركه. وهذا هو الواجب على كل مسلم، وهذا الواجب العظيم أوضح الله شأنه في كتابه الكريم، ورغب فيه، وحذر من تركه، ولعن من تركه.
ـ[ابو خالد الطيب]ــــــــ[21 - 11 - 09, 07:34 م]ـ
في المنتقى من بدائع الفوائد
مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) (2): أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن، لا أن من لم ينكر ذلك بقلبه، لم يكن معه من الإيمان حبة خردل.
هذه لم تتضح لي تماما ..... أرجو زيادة التوضيح؟
ـ[أبو مجاهد الحنبلي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 09:18 م]ـ
هذه لم تتضح لي تماما ..... أرجو زيادة التوضيح؟
أي: لم يبقى بعد *الإنكار بالقلب* من عمل لكي يكون للعبد إيمان.
وممكن أن نقول: لا يوجد إيمان اذا لم ينكر الإنسان بقلبه المنكر.(59/348)
يقال أن الامام ابن أبي العز الحنفي اعتمد على شرحه على متن الطحاوية على كتب شيخ الاسلام ابن تيمية
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[22 - 11 - 09, 06:29 م]ـ
يقال أن الامام ابن أبي العز الحنفي اعتمد على شرحه على متن الطحاوية على كتب شيخ الاسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم دون التصريح باسميهما حتى ينتشر الكتاب عند العامة و عند المخالفين
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 06:33 م]ـ
ما أعلمه أنه كان ينقل ُ أقوالا لهما دون أن يصرّح .. ليس اعتمادا كاملا .. وكان وقت محنة فلو صرّح لأخذ نصيبَه من العذاب.
والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[03 - 12 - 09, 06:30 م]ـ
الكتاب مليئ بالنقل عن كتب الحبرين، وهو ما جمله وجعله عمدة عند أهل السنة.
أما لم فعل هذا ... فربما لما ذكر من الأسباب
مع أن معرفة السبب ليست مهمة.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 06:34 م]ـ
ألن تكون سرقة ً لو لم تُعلم الأسباب؟!
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 06:48 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
قال فضيلة الشيخ العلامة الدكتور / عبد الكريم الخضير حفظه الله كلاماً مفيداً جاء فيه:
( .... كما فعل ابن أبي العز لشرح الطحاوية في نقوله الكثيرة عن شيخ الإسلام وابن القيم -رحمهما الله تعالى- من أجل أن يروج الكتاب، نقل كثيراً من كتب شيخ الإسلام بل اعتمد عليه اعتماداً كلياً في غالب مباحثه، وعلى تلميذه ابن القيم، ولم يذكر ولم يصرح باسمهما من أجل أن يروج الكتاب، فهذا لا شك أنه فيه نوع من التماس المصلحة فلا مانع من أن يكنى عن الشخص أو ينسب أو يعمى أو لا يذكر اسمه إذا خشي على الكتاب من عدم الرواج، وإن كان فيه شبه مما يسمى في مصطلح الحديث بتدليس الشيوخ؛ لكن مثل هذا لا يترتب عليه عمل، ولا حكم من الأحكام فلا مانع من أن ينسب الكتاب إلى شخصٍ لا يكون في نسبته إليه كذب) أ- هـ.
وأيضاً هذا الصنيع من العلاَّمة ابن أبي العز – رحمه الله – نظراً لانتشار العقيدة الماتريدية في غالب الأحناف، وحتى لا ينفروا عن الحق الذي قرَّره شيخ الإسلام في المُعتقد في الإيمان والصفات وغيرها أخفى ابن أبي العز التصريح بالنقل، وسار على منواله بعض العلماء الأحناف ممن تأثروا بشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم دون التصريح بالنقل أمثال الشيخ محمد بن علي البركوي ت 981هـ صاحب التصانيف الكثيرة والتي من أشهرها دامغة المبتدعين وكاشفة بطلان الملحدين.
والله أعلم
ـ[صالح الطريف]ــــــــ[03 - 12 - 09, 07:42 م]ـ
العقيدة الطحاوية بشرح ابن أبي العز الحنفي تأتي في المركز الأول من بين كتب العقيدة ...
والله تعالى اعلم.،،،،،
ـ[علاء الحازمي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 07:37 ص]ـ
يوجد بحث مطبوع للشيخ عبدالعزيز العبد اللطيف بين فيه مصادر شرح ابن أبي العز من كتب الشيخين والكتاب مطبوع في مكتبة الرشد
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 02:17 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
مصادر ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية لفضيلة الشيخ الدكتور / عبد العزيز اللعبد اللطيف حفظه الله
يقول حفظه الله: ويصل عددها إلى مائة وسبع وثمانين إحالة، وقد أوردتُها وفق جدول يتضمن ابتداءً العدد التسلسلي، ثم الجزء والصفحة من شرح الطحاوية – كما في الطبعة الأولى التي حققها: د. عبدالله التركي والشيخ شعيب الأرناؤوط- وأضع رقم المخطوط بين قوسين كبيرين، ثم أنقل عبارة الشارح، ثم أسوق مصدر العبارة ومرجعها، محدداً الجزء والصفحة من ذلك المرجع، وأبيّن إن كان مصدر العبارة بالمعنى أو مختصراً، ثم أذكر إحالات أخرى في موضوع العبارة إن تيسّر ذلك.
وهذه المصادر والإحالات امتداد واستكمال لجهود العلماء والباحثين كالشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي- رحمه الله-، إذ دوّن ثبتاً أحال فيه إلى المواضع التي رجع إليها الشارح إلى كتب ابن تيمية وابن القيّم [/ URL]، وكذا ما كتبه المحققان: د. عبدالله التركي والشيخ شعيب الأرناؤوط من موارد وإحالات.
ولمن أراد الكتاب فليُراجع موقع الشيخ عبد العزيز اللعبد اللطيف
قسم المكتبة العلمية
[ URL]http://www.alabdulltif.net/ (http://www.way2jannah.com/vb/register.php)
لكن ذكر الشيخ كلاماً جميلاً في سبب نقل ابن أبي العز دون العزو وذِكْرِ المصادر؛
فقال حفظه الله:
أغلب مصادر الشارح هي مصنفات ابن تيمية، كما هو ظاهر بيّن في جدول الإحالات، ولا يعني أن يغمط الشارح –رحمه الله- حقه، فقد أجاد في سبك هذه النقول وصياغتها، وأوردها وفق نسق سديد، كما أنه جمع متفرّقها، وأوجز مبسوطها.
كما أن له من التحقيقات المفيده، والتعليقات الدقيقة ما يستقل به، ولا يوجد في تلك المورد – التي وقفت عليها.
وأما كونه اعتمد على مؤلفات ابن تيمية في جلّ هذا الكتاب دون عزو أو إشارة، فيمكن الجواب عن ذلك أن إظهار مؤلفات ابن تيمية آنذاك. يوجب العقوبة والأذى، كما بيّنه ابن عبدالهادي –رحمه الله- بقوله:- "لما حُبس (ابن تيمية) تفرّق أتباعه، وتفرّقت كتبه، وخوّفوا أصحابه من أن يظهروا كتبه، وذهب كل أحد بما عنده وأخفاه، ولم يظهروا كتبه، فبقي هذا يهرب بما عنده، وهذا يبيعه، أو يهبه، وهذا يخفيه ويودعه، حتى إن منهم من تسرق كتبه، فلا يستطيع أن يطلبها، ولا يقدر على تخليصها.
وقد يقال: إن الشارح عوّل على كتب ابن تيمية دون عزو أو إحالة، على طريقة السابقين في التصنيف، إذ يحررون المؤلفات –احتساباً لله تعالى- دون أن يذكروا مصادرهم.
فاللهم اغفر لابن أبي العز، وارفع درجته في المهديين.
منقول للفائدة(59/349)
انظروا ياأخوة إلى ماذا قادني التدبر في اية في كتاب الله
ـ[أبوسهل العتيبي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 10:35 م]ـ
نعم ايها الأخوة فائدة مهمة تتعلق بالعقيدة وقاعدة عظيمة لطالما قرأتها في كتب السلف
ولطالما أعتمد عليها العلماء الربانيين منهم علماء هذه االبلاد وكان ابن عثيمين رحمه كما سمعته يكررها كثيرا حتى لايكاد يخلوا درس منها
أولا دعوني اكتب لكم الاية ثم تدبروها ومن استنتج منها هذه القاعدة التي ذكرها ابن كثير في تفسيره فليبشر ان شاء الله انه فقيه كيس
كنت أقرأ في سورة الاحقاف في ايات عن كفار قريش قوله تعالى وقال الذين كفروا للذين امنوا لوكان خيرا ماسبقونا اليه
استفهمت وتوقفت كيف يقولون للمؤمنين هذا وبحكم دراستي للغة وكثرة معاني حروف الجر رجعت لكتب اللغة لأعرف معنى اللام في الذين ورجعت لكتاب النحاس ولم اجد شيئا
ثم انتقلت لتفسير ابن كثير ووجدت مااردت وهو ان اللام بمعنى عن وهو مستساغ في اللغه فيصبح المعنى عن الذين امنوا
الشاهد ليس هنا بل هو مازادنيه ابن كثير رحمه الله وهو منقول بالمعنى لأني بعيد عن الكتاب؛
قال مامعناه أن في هذه الاية فيها فائدة عظيمة وهو تزكية للصحابة مأخوذ من مفهوم المشركين الزاعم انه لوكان خيرا لكان هم اسبق والأمر خير وقد سبق الصحابة فزكاهم الله بذكر حديث المشركين على وجه الاستنكار عليهم ولوقوع عكس ماقالوه
وقال مامعناه ايضا وفيه قاعدة لأهل السنة ورد على الروافض الذين يطعنون في خير الأمة
حيث ان الصحابة بمفهوم الاية قد سبقوا للخير وهي قاعدة عظيمة للرد على المبتدعة
وهي لوكان خيرا لسبقونا إليه
كتب العقيدة لاغنى عنها لكن القران هوالمصدر الاول للعقيدة لاتنسوا هذا ياأخوة
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعلني وقارئ الموضوع وجميع المسلمين ممن يقرؤون القران بتدبر ويعملون بمافيه
اسف على الإطاله ولكنها قاعدة عظيمة لايستغني عنها عالم ولاطالب علم
اللهم ارض عن صحابة رسولك الكريم السباقين للخير واجعلنا من اتباعهم ياكريم
لوكان خيرا لسبقونا إليه(59/350)
انظروا ياأخوة إلى ماذا قادني التدبر في اية في كتاب الله
ـ[أبوسهل العتيبي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 10:37 م]ـ
نعم ايها الأخوة فائدة مهمة تتعلق بالعقيدة وقاعدة عظيمة لطالما قرأتها في كتب السلف
ولطالما أعتمد عليها العلماء الربانيين منهم علماء هذه االبلاد وكان ابن عثيمين رحمه كما سمعته يكررها كثيرا حتى لايكاد يخلوا درس منها
أولا دعوني اكتب لكم الاية ثم تدبروها ومن استنتج منها هذه القاعدة التي ذكرها ابن كثير في تفسيره فليبشر ان شاء الله انه فقيه كيس
كنت أقرأ في سورة الاحقاف في ايات عن كفار قريش قوله تعالى وقال الذين كفروا للذين امنوا لوكان خيرا ماسبقونا اليه
استفهمت وتوقفت كيف يقولون للمؤمنين هذا وبحكم دراستي للغة وكثرة معاني حروف الجر رجعت لكتب اللغة لأعرف معنى اللام في الذين ورجعت لكتاب النحاس ولم اجد شيئا
ثم انتقلت لتفسير ابن كثير ووجدت مااردت وهو ان اللام بمعنى عن وهو مستساغ في اللغه فيصبح المعنى عن الذين امنوا
الشاهد ليس هنا بل هو مازادنيه ابن كثير رحمه الله وهو منقول بالمعنى لأني بعيد عن الكتاب؛
قال مامعناه أن في هذه الاية فيها فائدة عظيمة وهو تزكية للصحابة مأخوذ من مفهوم المشركين الزاعم انه لوكان خيرا لكان هم اسبق والأمر خير وقد سبق الصحابة فزكاهم الله بذكر حديث المشركين على وجه الاستنكار عليهم ولوقوع عكس ماقالوه
وقال مامعناه ايضا وفيه قاعدة لأهل السنة ورد على الروافض الذين يطعنون في خير الأمة
حيث ان الصحابة بمفهوم الاية قد سبقوا للخير وهي قاعدة عظيمة للرد على المبتدعة
وهي لوكان خيرا لسبقونا إليه
كتب العقيدة لاغنى عنها لكن القران هوالمصدر الاول للعقيدة لاتنسوا هذا ياأخوة
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعلني وقارئ الموضوع وجميع المسلمين ممن يقرؤون القران بتدبر ويعملون بمافيه
اسف على الإطاله ولكنها قاعدة عظيمة لايستغني عنها عالم ولاطالب علم
اللهم ارض عن صحابة رسولك الكريم السباقين للخير واجعلنا من اتباعهم ياكريم
لوكان خيرا لسبقونا إليه
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 10:43 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[أبوسهل العتيبي]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:28 م]ـ
ابوهمام وجزاك
وياأخوة اكسروا ظهور القبورية والصوفية والمعتزلة وووووو بهذه القاعدة
أما الروافض أصلا هم مايعترفون فيها فهم اشبهو أخوانهم المشركين الأولين في قولهم عن الصحابة لوكان خيرا ماسبقونا إليه
قال شيخ الإسلام سئل اليهود من خير اتباع ملتكم قالوا أصحاب موسى وسئل النصارى من خير اتباع ملتكم قالوا الحواريين اتصحاب عيسى
وسئل الروافض من شر اتباع ملتكم قالوا اصحاب محمد.
وأقول سئل أهل السنة من خير اتباع ملتكم اجابوا صحب محمد صلى الله عليه وسلم
ـ[محمد بن سليمان الجزائري]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:44 م]ـ
كتب العقيدة لاغنى عنها لكن القران هوالمصدر الاول للعقيدة لاتنسوا هذا ياأخوة
ولهذا لما سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن أفضل وأحسن كتب العقيدة التي يعنى بها طالب العلم ,فكان جوابه القرآن عليه رحمة الله.
ـ[حماد عبدالجليل]ــــــــ[01 - 12 - 09, 04:16 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالحميد حسن]ــــــــ[07 - 12 - 09, 02:56 ص]ـ
جزاك الله خير(59/351)
قاموس البدع العقدية
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:25 م]ـ
قاموس البدع العقدية (1)
كانت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - صافية واضحة في كل معالمها، وأشد مناحي دعوته وضوحاً وأكثرها بياناً دعوته أمته إلى التوحيد الخالص، والعقيدة الصافية النقية، حيث كان – عليه الصلاة والسلام – حريصاً على بيان التوحيد بياناً لا لبس فيه، حريصاً على إرساء قواعد العقيدة حرصاً لا يعادله حرص، فكان ربما سمع اللفظ يقدح في التوحيد فينكره، وكان يرى السلوك المخالف لمقتضى الإيمان فينبه صاحبه، وكان يحرص على تكرار أحاديث التوحيد حتى يرسخ في النفوس وتتلقاه الأمة دون غشاوة أو كدر، إلا أنه وبعد وفاته - صلى الله عليه وسلم – ظهرت الخلافات، ولا سيما بعد الخليفتين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، حيث كان الإسلام في زمنهما في عنفوانه، وكان الناس حديثي عهد بالنبوة، أما بعد ذلك فقد كثرت البدع، - ولا سيما في زمن فرقة المسلمين أيام علي ومعاوية رضي الله عنهما – وانتشرت الفرق والأحزاب، وشذت كل فرقة منهم بأقوال تحزبت عليها، وتفرقت الأمة تفرقاً عظيماً، إلا أن العلماء ما زالوا يتلمسون نهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ويبنونه للناس، ويؤلفون الكتب في بيان البدع والتحذير منها، وقد جمعنا في هذا القاموس جملة من البدع التي حدثت في الأمة ونص عليها العلماء، مع ذكر الدليل على بدعيتها ومخالفتها للكتاب والسنة وإجماع السلف حتى يحذرها الناس، فمن تلك البدع:
1. القول بإلوهية علي رضي الله عنه:
وهي بدعة منكرة وفرية شنيعة قال بها قوم من أتباع عبد الله بن سبأ الحميري حيث أتوا إلى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – فقالوا له: أنت هو! فقال لهم: ومن هو؟ قالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر، وقال لهم: ارجعوا فتوبوا، فأبوا، فضرب أعناقهم ثم حفر لهم في الأرض حفراً ثم نادى خادمه قنبر قائلاً: ائتني بحزم الحطب فأحرقهم بالنار، ثم قال:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أوقدت ناري ودعوت قنبراً
والقصة رواها ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وذكرها الذهبي في "تاريخ الإسلام".
2. سب الصحابة الكرام وتكفيرهم: وهي بدعة شنيعة ذهب إليها البعض، وتحولت عندهم إلى سلوك دنئ، ينشأ عليه صغيرهم، ويموت عليه كبيرهم، وهو خلاف ما أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – أمته من إكرام صحابته، والقيام بحقهم، وعدم سبهم والتعرض لهم، فقال عليه الصلاة والسلام: (احفظوني في أصحابي) رواه النسائي وابن ماجة، وحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من سب أصحابه فقال: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه) رواه مسلم هذا فضلا عما مدحهم الله به من كونهم رحماء بينهم أشداء على الكفار قائمين بعبادة الله وطاعته، قال تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود} (الفتح: 29).
3. تكفير مرتكب الكبيرة: وهي بدعة قال بها الخوارج قديماً فكفروا بها عموم الأمة وحكامها، ولم يحكموا بإسلام إلا من انضم إليهم وقال بقولهم، وهو مذهب مخالف للكتاب والسنة والإجماع، فالمسلم الذي ارتكب بعض المعاصي كالزنا والسرقة من غير استباحة لها لا يكفر، بل هو فاسق ناقص الإيمان، وليس كافراً، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} (الحجرات: 9) حيث حكم بإيمان الطائفتين وإحداهما عاصية باغية بقتال أختها، فلو كان قتال المسلم – وهو من أكبر الكبائر - كفراً لما أطلق على الطائفة الباغية اسم الإيمان، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} (البقرة: 78) فقد سمى الله القاتل أخاً في الدين، ولو كان كافرا لنفى عنه الأخوة الإيمانية، وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجماعة من أصحابه: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/352)
ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه) فبايعناه على ذلك. متفق عليه. وهو حديث صحيح صريح بيّن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم – أن أصحاب الكبائر من السراق والزناة والقتلة إن أقيم عليهم الحد في الدنيا فهو كفارة لهم عن خطاياهم، وإن قدموا على الله بتلك الذنوب فهم تحت مشيئته إن شاء عفا عنهم، وإن شاء عاقبهم، ودخولهم تحت المشيئة دليل على عدم كفرهم، لأن مصير الكفار محسوم، وهو النار وبئس المصير.
4. تعطيل صفات الله عز وجل بحجة نفي التشبيه: وهو مذهب مبتدع أدى بأتباعه إلى نفي جميع أو جل صفات الله عز وجل، وقد رد علماء السلف هذا المذهب وأبطلوه، وأثبتوا ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم – مع نفي المشابهة بين الله وخلقه، قال نعيم بن حماد - شيخ الإمام البخاري -: " من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه ورسوله فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه!!. وهذا هو منهج القرآن في إثبات الصفات ونفي المماثلة، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى: 11).
5. تأويل الصفات: وهي بدعة أخرى قال بها طوائف هرباً من التشبيه، وذلك أنهم ظنوا أن إثبات ظواهر نصوص الصفات يقتضي تشبيه الله بخلقه، فدفعهم ذلك إلى تأويلها، فأولوا اليد وقالوا: هي بمعنى القدرة، وأولوا الوجه بمعنى الذات، إلى غير ذلك من أنواع التأويلات، فخالفوا بذلك السلف الذين رأوا أن إثبات هذه الصفات لا يقتضي تشبيهاً بل يمكن إثبات الصفات التي وصف الله بها نفسه مع نفي التشبيه عنه سبحانه، فأثبتوا لله يدا تليق بجلاله من غير تمثيل ولا تعطيل، وأثبتوا لله وجها يليق بجلاله، وعيناً تليق بجلاله، وأطبق قولهم: على إمرار الصفات كما جاءت من غير تكييف، فعن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات، فقالوا: " أمروها كما جاءت بلا كيف " (ذكر ذلك ابن عبد البر في "التمهيد").
6. تفويض معاني الصفات: وهي بدعة أخرى تتعلق بكيفية التعامل مع صفات الباري، وهذه البدعة نسبها أصحابها إلى السلف من الصحابة والتابعين، وزعموا أن مذهبهم في الصفات هو التفويض، فجمعوا إلى بدعتهم افتراءً على السلف وجهلاً بمذهبهم، وشرح مذهب التفويض – وفق هؤلاء - أن السلف ما كانوا يعرفون معاني صفات الله عز وجل، فأوكلوا وفوضوا علمها إلى الله سبحانه، وهذا تطاول بيّن على الصحابة - رضوان الله عليهم – ورمي لهم بأشنع الأوصاف، وهي الجهل بأعظم ما جاء الكتاب ببيانه من صفات الرب سبحانه، وإذا كان الصحابة الكرام يسألون النبي – صلى الله عليه وسلم - عن كل ما أشكل عليهم من الأهلّة والنفقة واليتامى والمحيض وما أحل لهم من الطيبات، وغير ذلك كثير، فكيف لا يسألون عن أعظم معارف الكتاب مع جهلهم بها! سبحانك هذا بهتان عظيم.
7. إنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة: وهذه بدعة مخالفة لما أخبر به الله في كتابه الكريم والنبي – صلى الله عليه وسلم - في سنته، حيث قال تعالى في سياق تعداد نعم أهل الجنة: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (القيامة: 22 - 23) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إنكم سترون ربكم) رواه البخاري ومسلم وقد اتفق السلف على ذلك، ورويت عنهم في ذلك آثار كثيرة.
8. إنكار الشفاعة في أصحاب الكبائر: وهي بدعة قال بها الخوارج والمعتزلة بسبب تكفيرهم أصحاب الكبائر، إذ الكافر لا شفاعة له، وهذه البدعة مخالفة للأحاديث المصرحة بالشفاعة لأصحاب الكبائر، والمصرحة بخروج المذنبين من النار بعد أن يشفع فيهم الشافعون أو يستوفوا عذابهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا) رواه مسلم، ولا شك أن من زنى أو سرق أو شرب الخمر لم يشرك بالله فهو ممن تناله الشفاعة إن شاء الله. وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/353)
لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال – بخطاياهم، فأماتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحماً أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر – أي جماعات - فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل – جانب - السيل) رواه مسلم.
9. إنكار عذاب القبر: ذهب إلى ذلك المعتزلة والخوارج وهو مذهب مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف قال تعالى: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} (غافر: 46) وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة .. فقال: (من يعرف أصحاب هذه الأَقْبُر؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر) رواه مسلم وعلى ذلك إجماع السلف قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله في ثبوت عذاب القبر ونعيمه - لمن كان لذلك أهلا - وسؤال الملكين. فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذا الدار ". وقال أبو الحسن الأشعري في الإبانة:" وقد أجمع على ذلك – أي عذاب القبر ونعيمه - الصحابة والتابعون رضي الله عنهم أجمعين "، وممن نقل الإجماع أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
10.عصمة أئمة آل البيت: وهي بدعة منشؤها الغلو في آل البيت، حيث زعم أصحاب هذه البدعة أن أئمة آل البيت يعلمون كل شيء أو كل شيء شرعي وبالتالي هم معصومون من الخطأ، وعليه فأقوالهم وأعمالهم حجة يجب اتباعها والأخذ بها، واستدلوا على ذلك بحديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما) رواه الترمذي وقال: حسن غريب. والحديث يدل على وجوب اتباع الكتاب، والتمسك بمحبة آل البيت، والمحافظة على حرمتهم، وحفظ حقوقهم، والعمل بروايتهم، والاعتماد على مقالتهم، ولا ينافي ذلك أخذ السنة من غيرهم، وليس في الحديث ما يشير من قريب أو بعيد إلى عصمتهم، والأمر بالتمسك بما هم عليه يحمل على مجموعهم في كل عصر لا على كل فرد منهم، وقد قال جماعة من الأصوليين بحجية إجماع أهل البيت، ولو صح هذا المذهب فليس فيه أنهم معصمون، وإلا صار جميع علماء الأمة معصومون أيضاً لحجية إجماعهم، ولا يقول بذلك أحد.
ثم إذا كان من الواجب اتباع آل البيت فأحق من يجب اتباعه منهم هم الصحابة، وقد كانوا على مذهب سائر الصحابة في الاعتقاد لم يخالفوهم في شيء من ذلك، فواجب على من يدعي اتباعهم الرجوع إلى مذهبهم فهم أولى بالاتباع ممن جاء بعدهم وخالفهم.
11.إنكار القدر وأن الله لا يعلم الأمور إلا بعد وقوعها: وهي بدعة شنيعة قديمة أنكرها الصحابي الجليل عبدالله بن عمر – رضي الله عنه – عندما بلغه قول أصحابها، وقال غاضباً لمن أبلغه: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر " ثم ساق حديث جبريل، وفيه أن جبريل أجاب عن الإيمان فقال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره " رواه مسلم. ومعنى الإيمان بالقدر: التصديق بأن الله علم الأشياء قبل خلقها، وأنه كتب ذلك العلم في اللوح المحفوظ، ثم خلق الخلق وفق علمه، فلا يتخلف عن علمه شيء، فهذه مراتب القدر التي يجب على كل مسلم الإيمان بها.
12.إنكار كرامات الأولياء: وهي بدعة قال بها المعتزلة متعللين بأنه لو ثبت القول بالكرامة لأشكل ذلك على إثبات المعجزة، ولما تم التفريق بين النبي والولي، ورد عليهم أهل السنة بالقول: إن النبوة انقطعت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكل من يأت بعده ويحدث له أمر خارق للعادة فلن يكون سوى ولي ليس إلا، فإيراد مثل هذا الاعتراض والتوصل به إلى نفي الكرامة ما هو إلا تشغيب على النصوص المصرحة بإثبات الكرامات للأولياء، وهي كثيرة جداً منها قول الله سبحانه عن مريم، وهي ليست من الأنبياء بل من الأولياء: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} (آل عمران: 27) ومنها حديث أنس - رضي الله عنه - أن أُسَيد بن حُضير وعبَّاد بن بشر – رضي الله عنهما - خرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما. رواه البخاري، وفي قصة أسر خبيب بن عدي - رضي الله عنه -، قالت من كان أسيرا عندها: " ما رأيت أسيراً خيراً من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة ثمرة وإنه لموثق في الحديد وما كان إلا رزقا رزقه الله إياه " رواه أحمد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 3/ 153: " ومن أصول أهل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة ".
الموضوع الأصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43566.html)
http://www.tunisia-web.com/vb/t43566.html
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/354)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:26 م]ـ
قاموس البدع العقدية (2)
1. القول بأن الإيمان مجرد تصديق القلب، وأن الرجل إذا صدّق بقلبه ولم ينطق لسانه بالتوحيد، ولم يقم بأي من الأعمال الصالحة فهو مؤمن ناج عند الله: وهو قول المرجئة، وهو بدعة مخالفة لأدلة الكتاب والسنة وإجماع السلف، قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} (الأنفال:4) فوصف سبحانه المؤمنين بأوصاف قلبية من الخوف والوجل وبأوصاف عملية من الصلاة والصدقة فدل ذلك على أن اسم الإيمان يجمعهما، ووصف - صلى الله عليه وسلم – الإيمان بأنه مجموع القول والعمل، فقال – عليه الصلاة والسلام -: (آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة ألا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا من الغنائم الخمس) متفق عليه، وعلى هذا إجماع السلف قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: " وكان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم ممن أدركنا: أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر " (اللالكائي شرح أصول اعتقاد أهل السنة).
2. حصر أسباب الكفر في جحود القلب، فلا يكفر إلا من كذّب بمعلوم من الدين بالضرورة كالتكذيب بفرض الصلاة والصوم والزكاة والحج، وهو مذهب مبتدع مفرّع على سابقه في حصر الإيمان بتصديق القلب، فلا غرو أن يقول أصحاب هذا المذهب بحصر الكفر في التكذيب، وحيث ثبت بالأدلة الشرعية بطلان القول بحصر الإيمان بالتصديق فما تفرّع عنه باطلٌ أيضاً، ونزيد على ذلك أن الله أكفر إبليس بتركه السجود لآدم، ولم يكن إبليس جاحداً لأمر الله منكراً له، وإنما كان معترضاً عليه حيث قال: {أأسجد لمن خلقت طيناً} (الإسراء: 61) فدل على أن الكفر لا يحصل بالجحود فقط وإنما قد يحصل بأسباب عديدة منها: الفعل المجرد كرمي المصحف في القاذورات، ومنها قول اللسان كالاستهزاء بالله ورسوله، ومنها اعتقاد القلب كإنكار الصلاة والزكاة والحج.
3. القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص: وهو بدعة تفرعت عن القول بأن الإيمان هو التصديق، وأن التصديق شيء واحد لا يتفاضل أهله فيه، وبالتالي فهو لا يزيد ولا ينقص، وأنكر أهل السنة هذا القول وأبطلوه وأبطلوا ما بني عليه، وبينوا أن الإيمان ليس مجرد التصديق فقط، وإنما تصديق وقول وعمل ولا يجزئ أحدهما عن الآخر، وأن إيمان القلب يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} (آل عمران: 173).
4. إنكار خروج المهدي عليه السلام: وهو إنكار ذهب إليه بعض المعاصرين ظناً منهم أنه يعارض عقيدة ختم النبوة، أو أن في الإيمان به تعلقاً بغيب يؤدي إلى تعطيل مهمة الإصلاح الواجب على الأمة، وهو تعليل عليل؛ إذ لا يمكن أن نجعل من فهم بعض الناس الخاطئ لبعض النصوص سبباً في إنكارها، وإلا لأدى ذلك إلى إنكار كثير من الأحكام، وأحاديث خروج المهدي كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطى المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً (يعني سنين) أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والأحاديث في هذا الباب كثيرة نص بعض العلماء على تواترها تواترا معنوياً.
5. إنكار نزول عيسى عليه السلام: وهو مذهب قال به بعض المعاصرين مخالفين في ذلك النص والإجماع، قال تعالى: {وإنه لعلم للساعة} (الزخرف: 61) روى أهل التفسير عن ابن عباس و مجاهد و الضحاك و السدي و قتادة في تفسير الآية أن المراد بها: خروج عيسى عليه السلام، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم بن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) رواه البخاري ومسلم والقول بأن نزول عيسى آخر الزمان معارض لعقيدة ختم النبوة مردود من وجهين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/355)
الوجه الأول: أن نبوة عيسى – عليه السلام – بعد نزوله هي استمرار لنبوته السابقة، وليس استحداثاً لنبوة جديدة، والحديث إنما نفى استحداث نبوة جديدة وليس استمرار نبوة سابقة.
الوجه الثاني: أن عيسى حين نزوله إنما يعمل بالإسلام، ويكون تابعاً لنبيه – صلى الله عليه وسلم - حيث يقتل الخنزير، ولم يقتله في زمن نبوته الأولى، ويصلي بصلاة المسلمين مأموماً لا إماماً، ويجاهد مع أهل الإسلام، ولم يجاهد مع أهل ملته.
6. القول بأن الله حل في بعض خلقه: وهو مذهب منكر وبدعة شنيعة كفر العلماء من قال بها، وبينوا أن الله لا يحل في أحد من خلقه ولا يتحد بهم، بل له سبحانه التفرد المطلق، فهو بائن من خلقه، مستو على عرشه يعلم ما في السموات والأرض، وهو على كل شيء قدير.قال الإمام العز بن عبد السلام في كتابه "قواعد الأحكام":" ومن زعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر ".
7. القول بوحدة الوجود: وتختلف هذه البدعة عن سابقتها، أن الأولى يدعي أصحابها الاتحاد الجزئي أي أن الله يحل في بعض مخلوقاته، بينما يدعي أصحاب هذه البدعة أن الكون كله من عرشه إلى فرشه ما هو إلا الخالق سبحانه، وألا وجود في الكون لسواه، حتى نطق بعضهم بالكفر جهراً فقال:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا راهب في كنيسة
وهذا كفر وإلحاد وزندقة، فالله واحد أحد متفرد متعال لا يحل في شيء من مخلوقاته ولا يحل شيء من مخلوقاته فيه قال تعالى: {الرحمن على العرش استوى} (طه: 5) فكيف يستوي على العرش ويبين عن الخلق إذا كان الخلق صورته وحقيقة وجوده، لا شك أن هذا القول أشبه بهذيان المجانين منه بكلام العقلاء فضلاً عن العلماء.
8. القول بتناسخ الأرواح: وهو قول الهندوس والبوذيين، وانتقل إلى بعض من ينتسب إلى الإسلام فقال به، ومفاده أن الروح إذا فارقت الجسد انتقلت إلى غيره، ويتحدد الجسد المنتقل إليه من خلال عمل الإنسان في حياته، فإن كان صالحاً انتقل إلى جسد ينعم فيه، وإن كان فاسقاً انتقل إلى جسد يعذب فيه، وهو قول باطل ومذهب عاطل، ليس عليه دليل من عقل ولا نقل، ولا معرفة لهم بما يقولون إذ لم يخبر أحد بما حصل له في حياته السابقة، وأمكننا التحقق مما يقول، فمن أين لهم ذلك؟!، وكيف عرفوا به؟! واحتجاج البعض بآيات من القرآن على هذا الهراء نوع من السخرية بآيات الله، حيث نزع البعض إلى بعض الآيات التي وردت في سياق معين ليركبها على مذهبه المشين كقوله تعالى: {في أي صورة ما شاء ركبك} (الانفطار: 8) وهي آية لا علاقة لها بالتناسخ من قريب ولا من بعيد، فهي تتحدث عن غرور الإنسان، وتتساءل كيف يغتر بنفسه وأمره كله بيد ربه؟ فهو الذي خلقه، وهو الذي صوره على صورته التي هو عليها، ولو شاء لصوره على غير خلقه المستقيم، كأن يصوره قرداً أو خنزيراً، فالآية تضمنت امتنان الله على عباده بخلقهم على ما هم عليه، ولا تعلق لها بتناسخ الأرواح البتة.
9. القول بأن النبي – صلى الله عليه وسلم - سيعود آخر الزمان ليرى أعمال أمته: وهو قول مبتدع لم يقل به أحد من سلف الأمة وأئمتها، واحتجاج البعض لهذا القول بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} (القصص: 85) استدلال باطل لإطباق السلف على خلافه، حيث نقل المفسرون أقوالاً في تفسير الآية ليس هذا منها فقالوا لرادك إلى معاد: أي إلى الجنة، وقيل: بل إلى الموت، وقيل: إلى مكة قاهرا لأعدائك، وهو الذي رجحه الإمام الطبري، وقال ابن عطية:" وهذه الآية نزلتفي الجحفة مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هجرته إلى المدينة، .. فالآية على هذا مُعْلِمَةٌ بغيب قد ظهر للأمة ومؤنسة بفتح ". ومما يدل على بطلان هذه البدعة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر بنزول عيسى – عليه السلام -، وخروج المهدي - عليه السلام – ولم يخبر ولو في حديث واحد أنه سيعود ليرى أعمال أمته في آخر الزمان، ولا شك أن رجوعه إلى الدنيا أعظم عند الأمة من نزول عيسى وخروج المهدي، فلما لم يخبر به - عليه السلام - دل على عدم وقوعه، وأنه غير مستثنى من امتناع العودة إلى الدنيا بعد أن الوفاة، قال تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} (القصص: 99 – 100
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/356)
).
10.القول بأن الإنسان مجبور على أفعاله لا قدرة له، ولا إرادة، ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال مجازاً، كما تنسب إلى الجمادات؛ كما يقال: أثمرت الأشجار، وجرى الماء، وتحرك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيمت السماء وأمطرت، واهتزت الأرض وأنبتت، وهو مذهب باطل بلا شك، فقد ذكر الله في كتابه أفعال العباد ونسبها إليهم، وأثبت لهم المشيئة في فعلها، فقال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم} (التكوير: 28) وقال تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} (الكهف: 29) ولو كان الإنسان مجبوراً على أفعاله لما صح نسبة المشيئة إليه، ولو كان الإنسان مجبوراً لما جاز معاقبته على أفعاله إذ لا يد له في إحداثها، والله عدل لا يظلم أحداً، وقد توعد سبحانه بمعاقبة الكافرين والعاصين، فدل ذلك على أن للإنسان إرادة ومشيئة، يختار بها طريق الخير أو طريق الشر لا مكره له ولا جابر.
11.اعتقاد جواز الاستغاثة بأصحاب القبور: وهي بدعة شنيعة، يجوّزُ صاحبها دعاء غير الله والاستغاثة به، ولا يخفى ما في ذلك من مخالفة النصوص الآمرة بدعاء الله وإفراده بهذه العبادة العظيمة، قال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} (الجن: 18) وقال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} (الكهف: 110)، والدعاء من العبادة، بل هو لبها ومخها، فعن النعمان بن بشير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ {ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي} (غافر: 60) رواه أحمد والترمذي وصححه. وعليه فمن كان داعياً فليدع ربه ولا يشرك به أحداً.
12.تشبيه الخالق بالمخلوق: وهي بدعة تجرأ أصحابها على الله جل جلاله فصوروه على صورة البشر، فقالوا: هو على صورة الإنسان، وهو نور ساطع يتلألأ بياضاً، وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان، ولا شك في بطلان هذا المذهب وفساده، لمخالفته الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {هل تعلم له سمياً} (مريم: 65) يقول ابن عباس في تفسير الآية: هل تعلم للرب مثلاً أو شبيهاً. وقال تعالى: {ولم يكن له كفؤا أحد} (الإخلاص:4) قال أبو العالية: لم يكن له شبيه، ولا عدل، وقال تعالى: {ليس كمثله شيء} (الشورى:11) قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس له نظير. وقال نعيم بن حماد - شيخ الإمام البخاري -: " من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه ورسوله فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه!!.
13.القول بزوال التكليف عمن بلغ مرتبة اليقين: وهو اعتقاد فاسد ومؤداه إلى الكفر والزندقة، قال الأشعري في "مقالات الإسلاميين":" وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى منزلة تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم " أ. هـ ويتأول أصحاب المذهب قول الله تعالى: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} (الحجر: 99) على أن من بلغ مرتبة اليقين سقط عنه التكليف، وهو تفسير باطل بلا شك، لأن المخاطب بالآية أصالة هو النبي – صلى الله عليه وسلم -، وتفسير الآية على وفق ما ذهب إليه هؤلاء النساك يدل على أن النبي لم يصل رتبة اليقين في إيمانه إلى مات - عليه الصلاة والسلام -، والواقع خلاف ذلك فالنبي – صلى الله عليه وسلم - هو أعظم الأمة إيماناً وأشدها يقيناً، ومع ذلك كان أشدهم تمسكاً بالطاعة وبعداً عن المعصية، فدل على أن تفسيرهم للآية باطل، وأن الصحيح في تفسير الآية هو ما ذهب إليه المفسرون من أن المراد باليقين هو الموت، وأن الله أمر نبيه بملازمة الطاعة حتى يتوفاه إليه، وهو ما فعله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان حريصاً على الصلاة والذكر والمسارعة في الخيرات والطاعات، حتى آخر حياته، وهو ينازع الموت، فكان يخرج إلى الصلاة أو يؤديها في فراشه، فأين هذا ممن اتخذ دينه هزوا ولعباً، وترك العبادات، وارتكب الموبقات، زاعماً أنه وصل إلى اليقين، فأيُّ يقين هذا الذي وصل إليه؟!!
الموضوع الأصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43566.html)
http://www.tunisia-web.com/vb/t43566.html
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:27 م]ـ
قاموس البدع العقدية (3)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/357)
1. إنكار وجود الجن: ذهب إليه البعض، وزعموا أنه ليس في الدنيا شيطان ولا جن غير الإنس الذين نراهم، وهو مذهب باطل، لثبوت خبر الجن في القرآن والسنة وأجمع المسلمون على وجودهم، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات:56)، قال الإمام ابن حزم في الفِصَل: " وقد جاء النص بذلك – أي بإثبات وجود الجن - وبأنهم أمة عاقلة مميزة متعبدة موعودة متوعدة متناسلة يموتون، وأجمع المسلمون كلهم على ذلك، .. فمن أنكر الجن أو تأول فيهم تأويلاً يخرجهم به عن هذا الظاهر فهو كافر مشرك ".
2. القول بفناء الجنة والنار: وهو مذهب جهم بن صفوان ومن وافقه، وهو قول باطل مخالف للنص والإجماع، قال تعالى في أهل النار: {خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون} (البقرة: 162) وقال سبحانه في أهل الجنة: {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} (آل عمران:15) وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد يا أهل الجنة: فيشرئبون – يرفعون رؤوسهم – وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي يا أهل النار: فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيُذبِح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت) متفق عليه، وهذه الأدلة صريحة في إبطال دعوى فناء الجنة والنار.
3. إنكار المعجزات: والمعجزات هي أمور خارقة للعادة يجريها الله على يد أنبيائه تأييداً لهم حتى يصدقهم الناس، وذلك كإحياء الموتى وشفاء البرص، ونزول القرآن، وانشقاق القمر، وشق البحر، وغيرها، وإنكارها يعد إنكاراً لمعلوم من الدين بالضرورة، إلا أن المنكرين زعموا أن إنكار المعجزات هو للتوفيق بين العلم والدين، وقالوا: إن عظمة النبي – صلى الله عليه وسلم - فيما قدمه للبشرية لا في التعلق بالغيبيات والخوارق، وخفي عليهم أن الإيمان بالغيب أحد ركائز الإيمان، وأن العظمة تكتمل بالتأييد الإلهي بالمعجزات ولا تنتقص بها، وأن المعجزات لا يمكن أن تتنافى في جوهرها مع حقائق العلم وموازينه، وقد سميت خوارق لخرقها ما هو مألوف للناس، وما كان للمألوف أو المعتاد أن يكون مقياساً علمياً لما هو ممكن وغير ممكن، ولما كان الله تبارك وتعالى هو صانع القوانين فإنه هو وحده القادر على خرقها متى شاء.
4. إنكار ختم النبوة: وهو مذهب كفري نص العلماء على أن من اعتقده فهو كافر؛ لأن اعتقاده يؤول إلى تكذيب خبر الله وخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم – في ختم النبوة بمحمد – صلى الله عليه وسلم - قال تعالى عن نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين} (الأحزاب:40)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أما أنه لا نبي بعدي) متفق عليه، قال العلامة ابن عاشور في "تفسيره": " وهذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفاً وسلفاً متلقاة على العموم التام مقتضية نصاً أنه لا نبي بعده - صلى الله عليه وسلم - ". وجاءت فتاوى العلماء مكفرة للقاديانيين الذين ينكرون ختم النبوة بمحمد – صلى الله عليه وسلم - ويؤمنون بنبوة ميرزا غلام أحمد.
5. القول ب"البداء" أي: أن الله لا يعلم الشيء إلا بعد وقوعه: وهو مذهب باطل وبدعة شنيعة يلزم قائلها اتهام الله بالجهل وعدم المعرفة، يقول بعضهم: قد يأمر الله بالشيء ثم يظهر له غير ما أمر به فيغيره، وقد يريد أن يفعل الشيء في وقت من الأوقات ثم يبدو له ألا يفعله، وليس هذا على معنى النسخ، ولكن على معنى أنه لم يكن في الوقت الأول حين أمر أو أراد عالماً بما يحدث عقب ذلك، ومن هنا يختلف البداء عن النسخ، فالقائلون بالنسخ وهم جماعة العلماء يثبتون العلم المطلق لله، ويرون أن الله علم ما كان وما يكون، ومن ذلك علمه بالناسخ والمنسوخ على السواء، وعلمه بأن أمره الأول (المنسوخ) له أمد ينتهي إليه، وأن أمره التالي (الناسخ) له أمد يبدأ العمل به، وأن كلا من الناسخ والمنسوخ متعلق العمل بهما هو المصلحة، فانتهاء العمل بالمنسوخ لانتهاء مصلحة العمل به، وبدء العمل بالناسخ لابتداء مصلحة العمل به، وأن مصلحة ذلك راجعة للمخلوقين لا الخالق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/358)
6. القول بخلق القرآن الكريم: وهو قول ذهب إليه طوائف من المسلمين كالمعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة، وهو قول باطل وبدعة شنيعة تتفرع عن القول بنفي الصفات الاختيارية عن الله، إذ يرى هؤلاء أن إثبات صفات لله يفعلها على وفق المشيئة في وقت دون وقت، يدل على الحدوث، وذلك أنهم رأوا أن الصفات الاختيارية تدل على التغيّر، والتغير من صفات المحدثات، وهو مذهب معارض لما في كتاب الله مما أخبر به عن نفسه، فالله قد أخبر عن نفسه بفعله أفعالاً كثيرة من الاستواء والنزول والكلام، ولم يدل دليل واحد من الكتاب والسنة على أن هذه الأفعال الاختيارية دليل على الحدوث، ولو صح ذلك لما جاز الإخبار بهذه الأفعال ونسبتها لله سبحانه.
7. القول بأن الإنسان خالق فعل نفسه: وهو مذهب المعتزلة إذ يرون أن الإنسان مستقل الفعل مستقل الإرادة، وأن الإنسان هو من يصنع أفعاله خيراً كانت أم شراً، وأنه لولا ذلك لما صح معاقبته على أفعاله، وهو مذهب مبتدع يخرج الإنسان بإرادته وفعله عن إرادة الله وفعله، وهو مناقض لنصوص القرآن الدالة على تابعية الإنسان في إرادته وفعله لإرادة الله ومشيئته، قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً} (الإنسان:30)، وهذه التابعية لا تقتضي الجبر؛ لأنها تابعية من جهة العموم، ذلك أن الله منح العباد حرية الاختيار في أمور دينهم ودنياهم، وبموجب هذه الحرية يريدون ويفعلون ما يريدون، فالناظر إن نظر إلى هذه الحرية مجردة دون نظر إلى مانحها ذهب إلى القدر، وإن نظر إلى الحرية من حيث هي منحة إلهية ذهب إلى الجبر، والحق التوسط بينهما وهو ظاهر لا يخفى.
8. اعتقاد القول بأن للأولياء خاتماً كما للأنبياء خاتم: وهي بدعة قال بها بعض من ينتسب إلى التصوف، وأرادوا بها تعظيم من يعتقدون فيهم الصلاح، وهي بدعة مخالفة للكتاب والسنة من حيث أن الله قد بين في كتابه شروط الولاية فقال تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون} (يونس: 62 - 63) وبين النبي مراتب الولاية فقال –عليه الصلاة والسلام -: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته) رواه البخاري. فأوضح الحديث مراتب الولاية، فالمرتبة الأولى: فيمن يأتي بالفرائض، والمرتبة الثانية: فيمن يأتي بالفرائض ويزيد عليها النوافل، فهؤلاء هم أولياء الله، ولا يعلم زمن انقطاعهم على وجه التحديد إلا الله، فمن الجهل ادعاء معرفة آخرهم وتعيينه.
الموضوع الأصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43566.html)
http://www.tunisia-web.com/vb/t43566.html
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 05:31 م]ـ
جزاك الله خيرا على النقل.
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[25 - 11 - 09, 02:13 م]ـ
جزاك الله خيرا على النقل.
و اياكم شيخ ابا سليمان .. رفع الله قدركم في الدارين
ـ[أبوعمر الحنبلي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 02:51 م]ـ
نقل موفق
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[26 - 11 - 09, 01:02 م]ـ
نقل موفق
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
و اياكم اخانا ابا عمر ... بورك فيك(59/359)
لمحة عن عقيدة الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:31 م]ـ
عقيدة الإمام أبي حنيفة - 150 هـ -
هذه طائفة من أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ... فيما يعتقده في مسائل أصول الدين ... مع بيان موقفه من علم الكلام:
أ - أقوال الإمام أبي حنيفة في التوحيد:
أولا: عقيدته في توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي:
1 - قال أبو حنيفة: (لا ينبغي لاحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه، المأمور به، ما استفيد من قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) [الدر المختار من حاشية المختار 6/ 396 - 397].
(2) قال أبو حنيفة: (يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام) [شرح العقيدة الطحاوية 234، واتحاف السادة المتقين 2/ 285، وشرح الفقه الأكبر للقاري 189].
(3) وقال أبو حنيفة: (لا ينبغي لأحد أن يدعوا الله إلا به، وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك، أو بحق خلقك). [التوسل والوسيلة ص82 , وانظر شرح الفقه الأكبرص198]
ثانيا: قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية:
(4) وقال: (لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى، ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه، ونصفه كما وصف نفسه، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق ايديهم، ليست كايدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه) [الفقه الابسط 56].
(5) وقال: (وله يد ووجه ونفس، كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس، فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته، لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال) [الفقه الأكبر 302].
(6) وقال: (لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئا تبارك الله وتعالى رب العالمين) [شرح الطحاوية 2/ 427، جلاء العينين 368].
(7) ولما سئل عن النزول الإلهي قال: (ينزل بلا كيف) [عقيدة السلف أصحاب الحديث 42، الأسماء والصفات للبيهقي 456، شرح الطحاوية 245، شرح الفقه الأكبر للقاري 60].
(8) وقال أبو حنيفة: (والله تعالى يدعى من أعلى لا من اسفل، لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء) [الفقه الابسط 51].
(9) وقال: (وهو يغضب ويرضى، ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه) [الفقه الأبسط 56].
(10) وقال: (ولا يشبه شيئا من الاشياء من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته) [الفقه الأكبر 301].
(11) وقال: (وصفاته بخلاف صفات المخلوقين، يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، ويسمع لا كسمعنا، ويتكلم لا ككلامنا) [الفقه الأكبر 302]. (12) وقال: (لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين) [الفقه الابسط 56].
(13) وقال: (من وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر) [العقيدة الطحاوية].
(14) وقال: (وصفاته الذاتية والفعلية، أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة، وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته) [الفقه الأكبر 301].
(15) وقال: (ولم يزل فاعلا بفعله، والفعل صفة في الأزل، والفاعل هو الله تعالى، والفعل صفة في الأزل، والمفعول مخلوق، وفعل الله تعالى غير مخلوق) [الفقه الأكبر 301].
(16) وقال: (من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض) [الفقه الأبسط 46، ونقل نحو هذا شيخ الإسلام في مجموع الفتاوي 48/ 5، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية 139، والذهبي في العلو 101 - 102، وابن قدامة في العلو 116، وابن أبي العز في شرح الطحاوية 301].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/360)
(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده؟، قال: (إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض)، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى {وهو معكم}؟ قال: (هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه) [الأسماء والصفات 429].
(18) وقال كذلك: (يد الله فو أيديهم، ليست كأيدي خلقه) [الفقه الأبسط 56].
(19) وقال: (إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض)، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى [وهو معكم]؟، قال: (هو كما تكتب لرجل إني معك، وأنت غائب عنه) [الأسماء والصفات 2/ 170].
(20) وقال: (قد كان متكلما ولم يكن، كلم موسى عليه السلام) [الفقه الأكبر 302].
(21) وقال: (ومتكلما بكلامه، والكلام صفة في الأزل) [الفقه الأكبر 301].
(22) وقال: (ويتكلم، لا ككلامنا) [الفقه الأكبر 302].
(23) وقال: (وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى، كما قال الله تعالى {وكلم موسى تكليما}، وقد كان الله تعالى متكلما ولم يكن كلم موسى عليه السلام) [الفقه الأكبر 302].
(24) وقال: (والقرآن كلام الله، في المصاحف مكتوب، وفي القلوب محفوظ، وعلى الألسن مقروء، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أنزل) [الفقه الأكبر 301].
(25) وقال: (والقرآن غير مخلوق) [الفقه الأكبر 301].
ب - أقوال الإمام أبي حنيفة في القدر:
(1) جاء رجل إلى الإمام أبي حنيفة يجادله في القدر، فقال له: (أما علمت أن الناظر في القدر كالناظر في عيني الشمس، كلما إزداد نظرا إزداد تحيرا) [قلائد عقود العقيان ق77ب].
(2) يقول الإمام أبو حنيفة: (وكان الله تعالى عالما في الأزل بالاشياء قبل كونها) [الفقه الأكبر 302 - 303].
(3) وقال: (يعلم الله تعالى المعدوم في حالة عدمه معدوما، ويعلم أنه كيف يكون إذا أوجده، ويعلم الله تعالى الموجود في حالة وجوده موجودا، ويعلم كيف يكون فناؤه) [الفقه الأكبر 302 - 303].
(4) يقول الإمام أبو حنيفة: (وقدره في اللوح المحفوظ) [الفقه الأكبر 302].
(5) وقال: (ونقر بأن الله تعالى أمر بالقلم أن يكتب، فقال القلم: ماذا أكتب يا رب؟ فقال الله تعالى: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، لقوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر * وكل صغير وكبير مستطر}) [الوصية مع شرحها 21].
(6) وقال الإمام أبو حنيفة: (ولا يكون شيء في الدنيا ولا في الآخرة إلا بمشيئته) [الفقه الأكبر 302].
(7) ويقول الإمام أبو حنيفة: (خلق الله الأشياء لا من شيء) [الفقه الأكبر 302].
(8) وقال: (وكان الله تعالى خالقا قبل ان يخلق) [الفقه الأكبر 304].
(9) وقال: (نقر بأن العبد مع اعماله وإقراره ومعرفته مخلوق، فلما كان الفاعل مخلوقا، فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة) [الوصية مع شرحها 14].
(10) وقال: (جميع أفعال العباد من الحركة والسكون: كسبهم، والله تعالى خالقها، وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره) [الفقه الأكبر 303].
(11) قال الإمام أبو حنيفة: (وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة، والله تعالى خلقها، وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره، والطاعات كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره، والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته، لا بمحبته ولا برضاه ولا بأمره) [الفقه الأكبر 303].
(12) وقال: (خلق الله تعالى الخلق سليما من الكفر والإيمان، ثم خاطبهم وأمرهم ونهاهم، فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده الحق بخذلان الله تعالى إياه، وآمن من أمن بفعله وإقراره وتصديقه بتوفيق الله تعالى ونصرته له) [الفقه الأكبر 302 - 303] … والصواب: خلق الله تعالى الخلق على فطرة الإسلام، كما سيبينه الإمام أبو حنيفة في قوله الآتي.
(13) وقال: (وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر، فجعلهم عقلاء، فخاطبهم وأمرهم بالإيمان، ونهاهم عن الكفر، فأقروا له بالربوبية، فكان ذلك منهم إيمانا، فهم يولدون على تلك الفطرة، ومن كفر بعد ذلك فقد بدل وغير، ومن آمن وصدق فقد ثبت عليه وداوم) [الفقه الأكبر 302].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/361)
(14) وقال: (وهو الذي قدر الأشياء وقضاها، ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره، وكتبه في اللوح المحفوظ) [الفقه الأكبر 302].
(15) وقال: (لم يجبر أحدا من خلقه على الكفر ولا على الإيمان، ولكن خلقهم اشخاصا، والإيمان والكفر فعل العباد، ويعلم الله تعالى من يكفر في حال كفره، فإذا آمن بعد ذلك، فإذا علمه مؤمنا أحبه من غير أن يتغير علمه) [الفقه الأكبر 303].
ج - أقوال الإمام أبي حنيفة في الإيمان:
(1) قال: (والإيمان هو الإقرار والتصديق) [الفقه الأكبر 304].
(2) وقال: (الإيمان إقرار باللسان، وتصديق بالجنان، والإقرار وحده لا يكون إيمانا) [كتاب الوصية مع شرحها 2]، ونقله الطحاوي عن ابي حنيفة وصاحبه [شرح الطحاوية 306].
(3) وقال أبو حنيفة: (والإيمان لا يزيد ولا ينقص) [الوصية مع شرحها 3].
قلت: قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه، وقوله في مسمى الإيمان، وأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان … قوله هذا هو الفارق بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام - مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم - والحق معهم، وقول أبي حنيفة مجانب للصواب، وهو مأجور في الحالين، وقد ذكر ابن عبد البر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن قوله [التمهيد لابن عبد البر 9/ 247، شرح الطحاوية 395] … والله أعلم.
د - أقوال الإمام أبي حنيفة في الصحابة:
(1) قال الإمام أبو حنيفة: (ولا نذكر أحدا من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بخير) [الفقه الأكبر 304].
(2) وقال: (ولا نتبرأ من أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نوالي أحدا دون أحد) [الفقه الأبسط 40].
(3) ويقول: (مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة واحدة، خير من عمل أحدنا جميع عمره، وإن طال) [مناقب أبي حنيفة للمكي 76].
(4) وقال: (ونقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين) [الوصية مع شرحها 14].
(5) وقال: (افضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل) [النور اللامع ق119 - ب].
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين:
(1) قال الإمام أبو حنيفة: (أصحاب الأهواء بالبصرة كثير، ودخلتها عشرين مرة ونيفا، وربما أقمت بها سنة أو أكثر أو أقل ظانا أن علم الكلام أجل العلوم) [مناقب أبي حنيفة للكردي 137].
(2) وقال: (كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغا يشار إلي فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتني امرأة فقالت: رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها؟ فلم أدر ما أقول، فأمرتها أن تسأل حمادا ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادا، فقال: يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقة ثم يتركها حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلت للأزواج، فرجعت فأخبرتني، فقلت: لا حاجة لي في الكلام، وأخذت نعلي فجلست إلى حماد) [تاريخ بغداد 13/ 333].
(3) وقال: (لعن الله عمرو بن عبيد، فإنه أحدث للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم في الكلام) [ذم الكلام للهروي 28 - 31].
(4) وقال حماد بن أبي حنيفة: (دخل علي أبي رحمه الله يوما وعندي جماعة من أصحاب الكلام، ونحن نتناظر في باب، قد علت أصواتنا، فلما سمعت حسه في الدار خرجت إليه، فقال لي: يا حماد من عندك؟ قلت: فلان وفلان وفلان، سميت من كان عندي، قال: وفيم انتم؟ قلت: في باب كذا وكذا، فقال لي: يا حماد دع الكلام، قال ولم أعهد أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهي عنه، فقلن له: يا أبت ألست كنت تأمرني به؟! قال: بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه، قلت: ولم ذاك؟! فقال: يا بني إن هؤلاء المختلفين في ابواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتباينوا …) [مناقب أبي حنيفة للمكي 183 - 184].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/362)
(5) وقال أبو حنيفة لأبي يوسف: (إياك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام، فإنهم قوم يقلدونك فيشتغلون بذلك) [مناقب أبي حنيفة للمكي 373]
هذه طائفة من أقواله رحمه الله … وما يعتقده في مسائل أصول الدين، وموقفه من الكلام والمتكلمين.
-------------------
(كتاب / اعتقاد أئمة السلف) جمع / د محمد بن عبد الرحمن الخميس
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:33 م]ـ
عقيدة الإمام مالك بن أنس - 179 هـ -
الحمد لله وبعد ...
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى: (إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إن الله يرى في الآخرة، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل الإمام مالك بن أنس والليث بن سعيد والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد). [منهاج السنة2/ 106]
وهذه طائفة من اقوال الإمام العالم الرباني مالك بن أنس رحمه الله تعالى فيما يعتقده في مسائل اصول الدين ...
أ - قوله في التوحيد:
(1) أخرج الهروي عن الشافعي قال: سُئل مالك عن الكلام والتوحيد، فقال مالك: (محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم، أنه علَّم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) فما عصم به المال والدم حقيقة التوحيد). [ذم الكلام (ق - 210)].
(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال: (سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا: أمروها كما جاءت). [أخرج هذا الدارقطني في الصفات ص 75، والآجري في الشريعة ص 314، والبيهقي في الاعتقاد ص 118، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 149)].
(3) وقال ابن عبد البر: (سُئل مالك أيُرى الله يوم القيامة؟ فقال: نعم يقول الله عزّ وجل: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}. وقال لقوم آخرين: {كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون}. [الانتقاء ص 36].
وأورد القاضي عياض في ترتيب المدارك (2/ 42) عن ابن نافع وأشهب قالا: وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبد الله {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} ينظرون إلى الله؟ قال: نعم بأعينهم هاتين؛ فقلت له: فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله، إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال: كذبوا بل ينظر إلى الله، أما سمعت قول موسى عليه السلام: {رب أرني أنظر إليك} أفترى موسى سأل ربه محالاً؟ فقال: {لن تراني} أي في الدنيا لأنها دار فناء، ولا ينظر ما يبقى بما يفنى، فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله: {كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون}.
(4) وأخرج أبو نعيم عن جعفر بن عبد الله قال: (كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟، فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج). [الحلية (6/ 326،325)].
(5) وأخرج أبو نعيم عن يحيى بن الربيع قال: (كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟. فقال مالك: زنديق فاقتلوه، فقال: يا أبا عبد الله، إنما أحكي كلاماً سمعته. فقال: لم أسمعه من أحد، إنما سمعته منك، وعظم هذا القول). [الحلية 6/ 325].
(6) وأخرج ابن عبر البر عن عبد الله بن نافع قال: (كان مالك بن أنس يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يتوب). [الانتقاء ص 35].
(7) وأخرج أبو داود عن عبد الله بن نافع قال: (قال مالك: الله في السماء وعلمه في كل مكان). [رواه أبو دواد في مسائل الإمام أحمد ص 263].
ب - قوله في القدر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/363)
(1) أخرج أبو نعيم عن ابن وهب قال: (سمعت مالكاً يقول لرجل سألتني أمس عن القدر؟ قال: نعم، قال: إن الله تعالى يقول: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}. فلا بد أن يكون ما قاله الله تعالى). [الحلية (6/ 326)].
(2) وقال القاضي عياض: (سُئل الإمام مالك عن القدرية: مَن هم؟ قال: من قال: ما خلق المعاصي، وسُئل كذلك عن القدرية؟ قال: هم الذين يقولون إن الاستطاعة إليهم إن شاءوا أطاعوا وإن شاءوا عصوا). [ترتيب المدارك (2/ 48)].
(3) وأخرج ابن أبي عاصم عن سعيد بن عبد الجبار قال: (سمعت مالك بن أنس يقول: رأيي فيهم أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا - يعني القدرية -). [السُنة لابن أبي عاصم (1/ 88،87)].
(4) وقال ابن عبد البر: (قال مالك: ما رأيت أحداً من أهل القدر إلا أهل سخافة وطيش وخفة). [الانتقاء ص 34].
(5) وأخرج ابن أبي عاصم عن مروان بن محمد الطاطري قال: (سمعت مالك بن أنس يسأل عن تزويج القدري؟ فقرأ: {ولعبد مؤمن خيرٌ من مشرك}. . .). [الانتقاء ص 34].
(6) وقال القاضي عياض: (قال مالك: لا تجوز شهادة القدري الذي يدعو إلى بدعته، ولا الخارجي والرافضي). [ترتيب المدارك (2/ 47)].
(7) وقال القاضي عياض: (سُئل مالك عن أهل القدر أنكف عن كلامهم؟ قال: نعم إذا كان عارفاً بما هو عليه، وفي رواية أخرى قال: لا يُصلى خلفهم ولا يقبل عنهم الحديث وإن وافيتموهم في ثغر فأخرجوهم منه). [ترتيب المدارك (2/ 47)].
ج - قوله في الإيمان:
(1) أخرج ابن عبد البر عن عبد الرزاق بن همام قال: (سمعت ابن جريح وسفيان الثوري ومعمر بن راشد وسفيان بن عيينه ومالك بن أنس يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص). [الانتقاء ص 34].
(2) وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن نافع قال: (كان مالك بن أنس يقول: الإيمان قول وعمل). [الحلية (327/ 6)].
وأخرج ابن عبد البر عن أشهب بن عبد العزيز قال: (قال مالك: فقام الناس يصلون نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً، ثم أُمروا بالبيت الحرام فقال الله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} أي صلاتكم إلى بيت المقدس، قال مالك: وإني لأذكر بهذه قول المرجئة: إن الصلاة ليست من الإيمان). [الانتقاء ص 34].
د - قوله في الصحابة:
(1) أخرج أبو نعيم عن عبد الله العنبري قال: (قال مالك بن أنس: من تَنَقَّصَ أحداً من أصحاب رسول الله صلى اله عليه وسلم، أو كان في قلبه عليهم غل، فليس له حق في فيء المسلمين، ثم تلا قوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً}. فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غل، فليس له في الفيء حق). [الحلية 327/ 6].
(2) وأخرج أبو نعيم عن رجل من ولد الزبير قال: (كنا عند مالك فذكروا رجلاً يَتّنقَّص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ مالك هذه الآية: {محمد رسول الله والذين معه أشداء - حتى بلغ - يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}. فقال مالك: من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أصابته الآية). [الحلية (327/ 6)].
(3) وأورد القاضي عياض عن أشهب بن عبد العزيز قال: (كنا عند مالك إذ وقف عليه رجل من العلويين وكانوا يقبلون على مجلسه فناداه: يا أبا عبد الله فأشرف له مالك، ولم يكن إذا ناداه أحد يجيبه أكثر من أن يشرف برأسه، فقال له الطالبي: إني أريد أن أجعلك حجة فيما بيني وبين الله، إذا قدمت عليه فسألني، قلت له: مالك قال لي. فقال له: قُل. فقال: من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. فقال: أبو بكر، قال العلوي: ثم مَن؟ قال مالك: ثم عمر. قال العلوي: ثم من؟ قال: الخليفة المقتول ظلماً، عثمان. قال العلوي: والله لا أجالسك أبداً. فقال له مالك: فالخيار إليك). [ترتيب المدارك (44/ 2 - 45)].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/364)
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين: (1) أخرج ابن عبد البر عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: (كان مالك بن أنس يقول: الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه، نحو الكلام في رأي جهم والقدر وكل ما أشبه ذلك، ولا يحب الكلام إلا فيما تحته عمل، فأما الكلام في دين الله وفي الله عزّ وجل فالسكوت أحَبُّ إليَّ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل). [جامع البيان وفضله ص 415، ط / دار الكتب الإسلامية].
(2) وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن نافع قال: (سمعت مالكاً يقول: لو أن رجلاً ركب الكبائر كلها بعدَ ألا يشرك بالله ثم تخلّى من هذه الأهواء والبدع - وذكر كلاماً - دخل الجنة). (3) وأخرج الهروي عن إسحاق بن عيسى قال: (قال مالك: من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طلب غريب الحديث كذب). [ذم الكلام (ق 173 - أ).
(4) وأخرج الخطيب عن إسحاق بن عيسى قال: (سمعت مالك بن أنس يعيب الجدال في الدين ويقول: كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أرادنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم). [شرف أصحاب الحديث ص 5].
(5) وأخرج الهروي عن عبد الرحمن بن مهدي قال: (دخلت على مالك وعنده رجل يسأله فقال: لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدعة من الكلام، ولو كان الكلام علماً لتكلَّم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع). [ذم الكلام (ق 173 - ب)].
(6) وأخرج الهروي عن أشهب بن عبد العزيز قال: (سمعت مالكاً يقول: إيّاكم والبدع، قيل يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعِلْمه وقدرته ولا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان). [ذم الكلام (ق 173 - أ)].
(7) وأخرج أبو نعيم عن الشافعي قال: (كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أما إني على بيّنة من ربي وديني، وأما أنت فاذهب إلى شاكً فخاصمه). [الحيلة (324/ 6)].
(8) روى ابن عبد البر عن محمد بن أحمد بن خويز منداد المصري المالكي قال في كتاب الإجارات من كتابه الخلاف: قال مالك لا تجوز الإجارات في شيء من كتب الأهواء والبدع والتنجيم وذكر كتباً ثم قال: وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم وتفسخ اجارة في ذلك). [جامع بيان العلم وفضله ص 416، 417 ط / دار الكتب الإسلامية].
فهذه لمحات من موقف الإمام مالك وأقواله في التوحيد والصحابة والإيمان وعِلم الكلام وغيره.
-------------------
[عن اعتقاد الأئمة الأربعة / لمحمد الخميس]
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:34 م]ـ
عقيدة الإمام الشافعي - 204 هـ -
أ - قوله في التوحيد:
1 - أخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: ((من حلف بالله أو باسم من أسمائه فحنث فعليه الكفارة ومن حلف بشيء غير الله مثل أن يقول الرجل: والكعبة وأبي وكذا , وكذا ما كان , فحنث فلا كفارة عليه ومثل ذلك قوله لعمري. . لا كفارة عليه ويمين بغير الله فهي مكروهة منهي عنها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله عز وجل نهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت). . .))
وعلل الشافعي لذلك بأن أسماء الله غير مخلوقة فمن حلف باسم الله فحنث فعليه الكفارة.
2 - وأورد ابن القيم في اجتماع الجيوش عن الشافعي أنه قال: ((القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/365)
3 - وأورد الذهبي عن المزني قال: ((قلت)) إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي فصرت إليه وهو في مسجد مصر فلما جثوت بين يديه قلت هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحدا يعلم علمك فما الذي عندك؟ فغضب ثم قال: ((أتدري أين أنت؟)) قلت: نعم. قال: ((هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟)) قلت: لا قال: ((هل تكلم فيه الصحابة)) قلت: لا. قال: ((تدري كم نجما في السماء؟)). قلت: لا. قال: ((فكوكب منها تعرف جنسه طلوعه أفوله مم خلق؟)). قلت: لا. قال: ((فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟)) ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال: ((تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى قول الله تعالى: [وإلاهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والأرض] فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف علم مالم يبلغه عقلك))
4 - وأخرج ابن عبد البر عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول: ((إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المسمى أو الشيء غير الشيء فاشهد عليه بالزندقة))
5 - وقال الشافعي في كتابه الرسالة: ((الحمد لله. . الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه))
6 - وأورد الذهبي في السير عن الشافعي أنه قال: ((نثبت هذه الصفات التي جاء بها القران ووردت بها السنة وننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه فقال: [ليس كمثله شيء]
7 - وأخرج ابن عبد البر عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل: [كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون]: ((أعلمنا بذلك أن ثم قوما غير محجوبين ينظرون إليه لا يضامون في رؤيته))
8 - وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال: حضرت محمد بن إدريس الشافعي جاءته رقعة من الصعيد فيها ما تقول في قوله تعالى: [كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون]. قال الشافعي: ((فلما أن حجبوا هؤلاء في السخط كان هذا دليلا على أنهم يرونه في الرضا)) قال الربيع: قلت يا أبا عبد الله وبه تقول؟ قال: ((نعم وبه أدين الله)).
9 - وأخرج ابن عبد البر عن الجارودي قال ذكر عند الشافعي إبراهيم بن إسماعيل بن عليه فقال: ((أنا مخالف له في كل شيء وفي قول لا إله إلا الله لست أقول كما يقول أنا أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى عليه السلام تكليما من وراء حجاب وذاك يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاما أسمعه موسى من وراء حجاب)).
10 - وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال الشافعي: ((من قال القرآن مخلوق فهو كافر))
11 - وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبير قال: قال رجل للشافعي أخبرني عن القرآن خالق هو؟
قال الشافعي: ((اللهم لا)) قال: فمخلوق؟ قال الشافعي: ((اللهم لا)) قال: فغير مخلوق؟ قال الشافعي: ((اللهم نعم)).
قال: فما الدليل على أنه غير مخلوق؟ فرفع الشافعي رأسه وقال: ((تقر بأن القرآن كلام الله؟))
قال: نعم. قال الشافعي: ((سبقت في هذه الكلمة قال الله تعالى ذكره: [وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام] [وكلم الله موسى تكليما] قال الشافعي: ((فتقر بأن الله كان وكان كلامه؟ أو كان الله ولم يكن كلامه؟)) فقال الرجل: بل كان الله وكان كلامه.
قال: فتبسم الشافعي وقال: ((يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من القول إذا كنتم تقرون بأن الله كان قبل القبل وكان كلامه فمن أين لكم الكلام: (إن الكلام الله أو سوى الله أو غير الله أو دون الله)
قال فسكت الرجل وخرج)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/366)
12 - وفي جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي من رواية أبي طالب العشاري ما نصه قال وقد سئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به فقال: ((لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحد من خلق الله عز وجل قامت لديه الحجة إن القرآن نزل به وصحيح عنده قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل خلافه فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله عز وجل فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية والفكر ونحو ذلك أخبار الله عز وجل أنه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل: [بل يداه مبسوطتان] أن له يمينا بقوله عز وجل: [والسموات مطويات بيمينه] وأن له وجها بقوله عز وجل: [كل شيء هالك إلا وجهه] وقوله: [ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام] وأن له قدما بقوله صلى الله عليه وسلم: (حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه) يعني جهنم لقوله صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله عز وجل (أنه لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه) وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذ ذكر الدجال فقال إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له أصبعا بقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من قلب إلا هو بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل) وأن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم لا يدرك حقه ذلك بالذكر والدراية ويكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه وإن كان الوارد بذلك خبرا يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع ((وجبت الدينونة)) على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كم عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نثبت هذه الصفات وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: [ليس كمله شيء وهو السميع البصير]. .)) آخر الاعتقاد
ب - قوله في القدر:
1 - أخرج البهقي عن الربيع بن سليمان قال سئل الشافعي عن القدر فقال:
((ما شئت كان وإن لم أشأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتن والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن))
2 - أورد البيهقي في مناقب الشافعي أن الشافعي قال: ((إن مشيئة العباد هي إلى الله تعالى ولا يشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين فإن الناس لم يخلقوا أعمالهم وهي خلق من خلق الله تعالى أفعال العباد وإن القدر خيره وشره من الله عز وجل وإن عذاب القبر حق ومساءلة أهل القبور حق والبعث حق والحساب حق والجنة والنار حق وغير مما جاءت به السنن)).
3 - أخرج اللالكائي عن المزني قال: قال الشافعي: ((تدر من القدري؟ الذي يقول: إن الله لم يخلق شيئا حتى عمل به))
4 - أورد البهقي عن الشافعي أنه قال: ((القدرية الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هم مجوس هذه الأمة) الذين يقولون إن الله لا يعلم المعاصي حتى تكون)).
5 - وأخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي أنه كان يكره الصلاة خلف القدري
ج - قوله في الإيمان:
1 - أخرج ابن عبد البر عن الربيع قال: (سمعت الشافعي يقول: ((الإيمان قول وعمل واعتقاد بالقلب ألا ترى قول الله عز وجل: [وما كان الله ليضيع إيمانكم] يعني صلاتكم إلى بيت المقدس فسمى الصلاة إيمانا وهي قول وعمل وعقد))
2 - وأخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: ((الإيمان قول وعمل يزيد وينقص)).
3 - وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال: قال رجل للشافعي: أي الأعمال عند الله أفضل؟ قال الشافعي: ((ما لا يقبل عملا إلا به)) قال: وما ذاك؟ قال: ((الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا)) قال الرجل: ألا تخبرني عن الإيمان قول وعمل أو قول بلا عمل؟ قال الشافعي: ((الإيمان عمل لله والقول بعض ذلك العمل)) قال الرجل: صف لي ذلك حتى أفهمه. قال الشافعي: ((إن للإيمان حالات ودرجات وطبقات فمنها التام المنتهي تمامه والناقص البين نقصانه والراجح الزائد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/367)
رجحانه)) قال الرجل: وإن الإيمان لا يتم وينقص ويزيد؟ قال الشافعي: ((نعم)) قال: وما الدليل على ذلك؟ قال الشافعي: ((إن الله جل ذكره فرض الإيمان على جوارح بني آدم فقسمه فيها وفرقه عليها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما ما وكلت به أختها بفرض من الله تعالى: فمنها: قلبه الذي يعقل به ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره ومنها: عيناه اللتان ينظر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي ألباه من قبله ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه فرض على القلب غير ما فرض على اللسان وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه فأما فرض الله على القلب من الإيمان: فالإقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله لا إله إلا هو وحده لاشريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على القلب وهو عمله [إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدره] وقال: [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] وقال: [من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم] وقال: [وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله] فذلك مافرض الله على القلب من إيمان وهو عمله وهو رأس الإيمان وفرض الله على اللسان: القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقر به فقال في ذلك: [قولوا آمنا بالله] وقال: [وقولوا للناس حسنا] فذلك ما فرض الله على اللسان من القول والتعبير عن القلب وهو عمله والفرض عليه من الإيمان وفرض الله على السمع: أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يغض عن ما نهى الله عنه فقال في ذلك: [وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم] ثم استثنى موضع النسيان فقال جل وعز
[وإما ينسينك الشيطان] أي: فقعدت معهم [فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين] وقال: [فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب] وقال: [قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون] إلى قوله: [والذين هم للزكاة فاعلون] وقال: [وإذا سمعوا اللغوا أعرضوا عنه] وقال: [وإذا مروا باللغوا مروا كراما] فذلك ما فرض الله جل ذكره على السمع من التنزيه عما لا يحل له وهو عمله وهو من الإيمان
((وفرض على العينين)): ألا ينظر بهما ما حرم الله وأن يغضهما عما نهاه عنه فقال تبارك وتعالى في ذلك: [قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم] الآيتين: أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه من أن ينظر إليه.
وقال: كل شيء من حفظ الفرج في كتاب الله فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر.
فذلك ما فرض الله على العينين من غض البصر وهو عملها وهو من الإيمان
ثم أخبر عما فرض على القلب والسمع والبصر في آية واحدة فقال سبحانه وتعالى في ذلك: [ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا]
قال: يعني وفرض على الفرج: أن لا يهتكه بما حرم الله عليه: [والذين هم لفروجهم حافظون] وقال: [وما كنتم تسترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم] الآية يعني بالجلود: الفروج والأفخاذ فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عما لا يحل له وهو عملها.
((وفرض على اليدين)): ألا يبطش بهما إلى ما حرم الله تعالى وأن يبطش بهما إلى ما أمر الله من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات فقال في ذلك: [يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق] إلى آخر الآية وقال: [فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء] لأن الضرب والحرب وصلة الرحم والصدقة من علاجها.
((وفرض على الرجلين)): ألا يمشي بهما إلى ما حرم الله جل ذكره فقال ذلك: [ولا تمشي في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض لن تبلغ الجبال طولا]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/368)
((وفرض على الوجه)): السجود لله بالليل والنهار ومواقيت الصلاة فقال في ذلك: [يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون] وقال: [وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا] يعني بالمساجد: ما يسجد عليه ابن آدم في صلاته من الجبهة وغيرها
قال: فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح وسمى الطهور والصلوات إيمانا في كتابه وذلك حين صرف الله تعالى وجه نبيه صلى الله عليه وسلم من الصلاة إلى البيت المقدس وأمره بالصلاة إلى الكعبة وكان المسلمون قد صلوا إلى بيت المقدس ستة عشرا شهرا فقالوا يا رسول أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها إلى بيت المقدس ما حالها وحالنا؟ فأنزل الله تعالى: [وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم] فسمى الصلاة إيمانا فمن لقي الله حافظا لصلواته حافظا لجوارحه مؤديا بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها - لقي الله مستكمل الإيمان من أهل الجنة ومن كان لشيء منها تاركا متعمدا مما أمر الله به - لقي الله ناقص الإيمان)). قال: وقد عرفت نقصانه وتمامه فمن أين جاءت زيادته؟
قال الشافعي: ((قال الله جل ذكره: [وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون] وقال: [إنهم فتية آمنوا برهم وزدناهم هدى]
قال الشافعي: ولو كان هذا الإيمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة - لم يكن لأحد فيه فضل واستوى الناس وبطل التفضيل ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله (في الجنة) وبالنقصان من الإيمان دخل المفرطون النار
قال الشافعي: إن الله جل وعز سابق بين عباده كما سوبق بين الخيل يوم الرهان ثم إنهم على درجاتهم من سبق عليه فجعل كل امرىء على درجة سبقه لا ينقصه فيه حقه ولا يقدم مسبوق على سابق ولا مفضول على فاضل وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها ولو لم يكن لمن سبق إلى الإيمان فضل على من أبطأ عنه - للحق آخر هذه الأمة بأولها.
د - قوله في الصحابة:
1 - أورد البيهقي عن الشافعي أنه قال: ((أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل وسيق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين فهم أدوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وغقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم)).
2 - وأخرج البيهقي عن ربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول في التفضيل: ((أبوبكر وعمر ثم عثمان وعلي))
3 - وأخرج البيهقي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: ((أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي - رضي الله عنهم -))
4 - واخرج البيهقي عن يوسف بن يحيى البويطي قال: سألت الشافعي أأصلي خلف الرافضي؟ قال: ((لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجىء)) قلت: صفهم لنا. قال: ((من قال: الإيمان قول فهو مرجىء ومن قال إن أبابكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري))
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين:
1 - أخرج الهروي عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: ((. . . لو أن رجلا أوصى بكتبه من العلم لآخر وكان فيها كتب الكلام لم تدخل في الوصية لأنه ليس من العلم))
2 - وأخرج الهروي عن الحسن الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: ((ما ناظرت أحدا في الكلام إلا مرة وأنا أستغفر الله من ذلك)).
3 - و أخرج الهروي عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: ((لو أردت أن أضع على كل مخالف كتابا كبيرا لفعلت ولكن ليس الكلام من شأني ولا أحب أن ينسب إلي منه شيء)).
4 - وأخرج بن بطة عن أبي ثور قال: قال لي الشافعي: ((ما رأيت أحدا ارتدى شيئا من الكلام فأفلح)).
5 - وأخرج الهروي عنيونس المصري قال: قال الشافعي: ((لأن يبتلي الله المرء بكل مانهى الله عنه خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه بالكلام)).
فهذه أقوال الإمام الشافعي - رحمه الله - في مسائل أصول الدين وهذا موقفه من علم الكلام.
-------------------
نقلا عن كتاب (اعتقاد أئمة السلف أهل الحديث) جمع / د. محمد بن عبد الرحمن الخميس
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/369)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:35 م]ـ
أصول السنة
[عقيدة الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد حنبل - 241 هـ -]
قال الشيخ الإمام أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمْداني:
حدثنا الشيخ أبو عبد الله يحيى بن أبي الحسن بن البنا، قال: أخبرنا والدي أبو علي الحسن بن احمد بن البنا، قال أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الوهاب أبو العنبر قراءة عليه من كتابه في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وتسعين ومائتين، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان المنقري البصري – بتنيس - قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل – رضي الله عنه – يقول:
أصول السنة عندنا:
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات، والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين.
والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسنة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن، وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هو الاتباع وترك الهوى.
ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة - لم يقبلها ويؤمن بها - لم يكن من أهلها:
الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها، لا يُقال لِمَ ولا كيف، إنما هو التصديق والإيمان بها، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُفِيَ ذلك وأُحكِمَ له، فعليه الإيمان به والتسليم له، مثل حديث " الصادق المصدوق " ومثل ما كان مثله في القدر، ومثل أحاديث الرؤية كلها، وإن نأت عن الأسماع واستوحش منها المستمع، وإنما عليه الإيمان بها، وأن لا يرد منها حرفاً واحدا ً، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات.
وأن لا يخاصم أحداً ولا يناظره، ولا يتعلم الجدال، فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه ومنهي عنه، لا يكون صاحبه و إن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدال ويسلم ويؤمن بالآثار.
والقرآن كلام الله وليس بمخلوق، ولا يضعف أن يقول: ليس بمخلوق، فإن كلام الله ليس ببائن منه، وليس منه شيء مخلوق، وإياك ومناظرة من أحدث فيه، ومن قال باللفظ وغيره، ومن وقف فيه، فقال: لا أدري مخلوق أو ليس بمخلوق، وإنما هو كلام الله فهذا صاحب بدعة مثل من قال: (هو مخلوق)، وإنما هو كلام الله وليس بمخلوق.
والإيمان بالرؤية يوم القيامة، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه، فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحيح، رواه قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ ورواه الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ ورواه علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، والحديث عندنا على ظاهره كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن كما جاء على ظاهره، ولا نناظر فيه أحداً.
والإيمان بالميزان يوم القيامه كما جاء، يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة، وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر، والإيمان به، والتصديق به، والإعراض عن من ردّ ذلك، وتركُ مجادلته.
وأن الله يكلم العباد يوم القيامه، ليس بينهم وبينه ترجمان، والتصديق به.
والإيمان بالحوض، وأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضا يوم القيامة تَرِدُ عليه أمته، عرضه مثل طوله، مسيرة شهر، آنيته كعدد نجوم السماء على ما صحت به الأخبار من غير وجه.
والإيمان بعذاب القبر، وأن هذه الأمة تُفتَن في قبورها، وتُسأل عن الإيمان والإسلام، ومن ربه؟ ومن نبيه؟
ويأتيه منكر ونكير، كيف شاء الله عزوجل، وكيف أراد، والايمان به والتصديق به.
والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبقوم يخرجون من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة كما جاء في الأثر، كيف شاء الله، و كما شاء، إنما هو الإيمان به، والتصديق به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/370)
والإيمان أن المسيح الدجال خارج، مكتوب بين عينيه كافر، والأحاديث التي جاءت فيه، والإيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لُدٍّ.
والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، كما جاء في الخبر: ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا)).
ومن ترك الصلاة فقد كفر، وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله.
وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، نُقدّم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يختلفوا في ذلك، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمسة: علي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد، كلهم يصلح للخلافة، وكلهم إمام، ونذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر: (كنا نعُدُّ ورسول الله حي وأصحابه متوافرون: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت) ... ثم من بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الهجرة والسابقة، أولاً فأولا، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، القرن الذي بعث فيهم.
وكل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة، أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه، وسمع منه، ونظر إليه نظرة، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه، ولو لقوا الله بجميع الأعمال، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه، ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة، أفضل لصحبتهم من التابعين، ولو عملوا كل أعمال الخير.
والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البَرّ والفاجر، ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه، ورضوا به، ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمي أميرالمؤمنين.
والغزو ماض مع الأمير إلى يوم القيامه البَرّ والفاجر لا يُترَك.
وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماضٍ، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة، من دفعها إليهم أجزأت عنه، بَرّاً كان أو فاجراً.
وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه، جائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء؛ إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم، فالسنة: أن يصلي معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة، لا يكن في صدرك من ذلك شك.
ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين – وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة، بأي وجه كان، بالرضا أو بالغلبة - فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية.
ولا يحل قتال السلطان، ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق.
وقتال اللصوص والخوارج جائز، إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدفع عنها بكل ما يقدر، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم، ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك، وينوي بجهده أن لا يقتل أحداً، فإن مات على يديه في دفعه عن نفسه في المعركة فأبعد الله المقتول، وإن قُتِل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله، رجوت له الشهادة، كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أُمِر بقتاله، ولم يُؤمَر بقتله ولا اتباعه، ولا يجهز عليه إن صُرِع أو كان جريحا، وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله، فيحكم فيه.
ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمة الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/371)
ومن لقى الله بذنب يجب له به النار تائبا غير مُصرٍّ عليه، فإن الله يتوب عليه، ويقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا، فهو كفارته، كما جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لَقِيَه مُصِرّا غير تائب من الذنوب التي استوجب بها العقوبة فأمره إلى الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له، ومن لَقِيَه وهو كافر عذّبه ولم يغفر له.
والرجم حق على من زنا وقد أُحصن، إذا اعترف أو قامت عليه بيّنة، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدون.
ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أبغضه بحدث كان منه، أو ذكر مساوئه، كان مبتدعا، حتى يترحم عليهم جميعا، ويكون قلبه لهم سليما.
والنفاق هو: الكفر، أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويُظهِر الإسلام في العلانية، مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه فهو منافق)) هذا على التغليظ، نرويها كما جاءت، ولا نفسرها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ترجعوا بعدي كفارا ضُلالا يضرب بعضكم رقاب بعض))، ومثل: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار))، ومثل: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))، ومثل: ((من قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما))، ومثل: ((كُفرٌ بالله تَبَرؤٌ من نَسَبٍ وإن دَقّ))، ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحُفِظ، فإنا نُسَلم له، وإن لم نعلم تفسيرها، ولا نتكلم فيها، ولا نجادل فيها، ولا نفسّر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت، لا نردها إلا بأحق منها.
والجنة والنار مخلوقتان، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دخلتُ الجنة فرأيت قصراً ... ))، و ((رأيت الكوثر))، و ((واطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها ... )) كذا، و ((واطلعت في النار، فرأيت ... )) كذا وكذا، فمن زعم أنهما لم تُخلقا، فهو مكذّب بالقرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار.
ومن مات من أهل القبلة مُوَحِداً يُصلّى عليه، ويُستغفر له، ولا يُحجب عنه الاستغفار، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا، أَمرُهُ إلى الله تعالى. آخر الرسالة والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وسلم تسليما.
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:36 م]ـ
أصُوُلُ السُنَّة
للإمام أبي بكر عبد الله بنْ الزبير الحميدي (ت 219 هـ)
حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال:
1ـ السنة عندنا: أن يؤمن الرجل بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وأن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن ذلك كله قضاء من الله ـ عزوجل ـ
2ـ وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ولا ينفع قول إلا بعمل ولا عمل وقول إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بسنة.
3ـ والترحم على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم، فإن الله ـ عزوجل ـ قال (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) [الحشر 10] فلم نؤمر إلا باستغفار لهم، فمن سبهم أو تنقصهم أو أحداً منهم فليس على السنة، وليس له في الفئ حق، أخبرنا بذلك غير واحد عن مالك بن أنس أنه قال: " قسم الله ـ تعالى ـ الفئ فقال: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم) ـ ثم قال ـ: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا) الآية [الحشر 8ـ10) فمن لم يقل هذا لهم فليس ممن جعل له الفئ ".
4ـ والقرآن: كلام الله، سمعت سفيان [بن عيينة] يقول:" القرآن كلام الله، ومن قال مخلوق فهو مبتدع، لم نسمع أحدا يقول هذا ".
ـ وسمعت سفيان يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص ".
فقال له اخوه إبراهيم بن عيينة:" يا أبا محمد، لا تقل ينقص ". فغضب وقال:" اسكت يا صبي، بلى حتى لا يبقى منه شئ ".
5ـ والإقرار بالرؤية بعد الموت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/372)
6ـ وما نطق به القرآن والحديث مثل: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم) [المائدة 64] ومثل (والسموات مطويات بيمينه) [الزمر:67] وما أشبه هذا في القرآن والحديث لا نزيد فيه ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة ونقول (الرحمن على العرش استوى) [طه:5] ومن زعم غير هذا فهو معطل جهمي.
7ـ وأن لا نقول كما قالت الخوراج:" من أصاب كبيرة فقد كفر ". ولا تكفير بشئ من الذنوب، إنما الكفر في ترك الخمس التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت ".
*ـ فأما ثلاث منها فلا يناظر تاركه: من لم يتشهد، ولم يصل، ولم يصم لأنه لايؤخر من هذا شئ عن وقته، ولا يجزئ من قضاه بعد تفريطه فيه عامداً عن وقته.
· فأما الزكاة فمتى ما أداها أجزأت عنه وكان آثماً في الحبس.
· ـ وأما الحج فمن وجب عليه، ووجد السبيل إليه وجب عليه ولا يجب عليه في عامه ذلك حتى لا يكون له منه بد متى أداه كان مؤدياً ولم يكن آثماً في تأخيره إذا أداه كما كان آثماً في الزكاة، لأن الزكاة حق لمسلمين مساكين حبسه عليهم فكان آثما حتى وصل إليهم وأما الحج فكان فيما بينه وبين ربه إذا أداه فقد أدى، وإن هو مات وهو واجد مستطيع ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا أن يحج ويجب على أهله أن يحجوا عنه، ونرجو أن يكون ذلك مؤدياً عنه كما لو كان عليه دين فقضي عنه بعد موته.
[تمت الرسالة والحمدلله رب العالمين]
----------------
ترجمة المؤلف:
- اسمه ونسبه: هو عبدالله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة، أبو بكر القرشي الأسدي الحميدي المكي (219هـ) شيخ الحرم وصاحب " المسند ".
شيوخه: حدث عن فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة - فأكثر عنه وجود - ووكيع، والشافعي، وغيرهم.
تلاميذه: حدث عنه البخاري في أول حديث في صحيحه، والذهلي وأبو زرعة وأبوحاتم الرازيّان، وأبوبكر محمد بن إدريس المكي - ورقة - وخلق سواهم.
- ثناء العلماء عليه: قال الإمام أحمد بن حنبل " الحميدي عندنا إمام ".وقال أبو حاتم: " أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي وهو رئيس أصحاب ابن عيينة وهو ثقة إمام ".وقال يعقوب الفسوي "حدثنا الحميدي وما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه وقال الحاكم: " كان البخاري إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره ".ووصفه أبو محمد حرب الكرماني، واللالكائي، وابن تيمية وغيرهم بالإمامة في السنة.
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:36 م]ـ
عقيدة السلف أصحاب الحديث
أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الشافعي (توفي سنة 449هـ) (1)
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم على بينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فإني لما وردت آمد طبرستان وبلاد جيلان متوجها إلى بيت الله الحرام وزيارة مسجد نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، سألني إخواني في الدين أن أجمع لهم فصولا في أصول الدين التي استمسك بها الذين مضوا من أئمة الدين وعلماء المسلمين والسلف الصالحين، وهدوا ودعوا الناس إليها في كل حين، ونهوا عما يضادها وينافيها جملة المؤمنين المصدقين المتقين، ووالوا في اتباعها وعادوا فيها، وبدّعوا وكفّروا من اعتقد غيرها، وأحرزوا لأنفسهم ولمن دعوهم إليها بركتها وخيرها، وأفضوا إلى ما قدموه من ثواب اعتقادهم لها، واستمساكهم بها، وإرشاد العباد إليها، وحملهم إياهم عليها، فاستخرت الله تعالى وأثبت في هذا الجزء ما تيسر منها على سبيل الاختصار، رجاء أن ينتفع به أولو الألباب والأبصار، والله سبحانه يحقق الظن، ويجزل علينا المن بالتوفيق والاستقامة على سبيل الرشد والحق بمنه وفضله.
قلت وبالله التوفيق.
[عقيدة أصحاب الحديث]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/373)
أصحاب الحديث - حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم - يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلت العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه، فيقولون:
إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله- عز من قائل: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقتُ بيدي) ولا يحرفون الكلم عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهما - بكيف أو شبهها - بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة- خذلهم الله - وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتشبيه والتكييف، ومنَّ عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). وكما ورد القرآن بذكر اليدين بقوله: (لما خلقت بيدي) وقوله: (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) ووردت الأخبار الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر اليد كخبر محاجة موسى وآدم وقوله له: (خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته) ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا أجعل صالح ذرية من خلقته بيدي كمن قلت له: كن فكان) وقوله صلى الله عليه وسلم: (خلق الله الفردوس بيده)
[قولهم في الصفات]
وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح - من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضى والسخط والحب والبغض والفرح والضحك وغيرها - من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر مستنكر، ويجرون على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولو الألباب).
[القرآن كلام الله غير مخلوق]
ويشهد أهل الحديث ويعتقدون أن القرآن كلام الله وكتابه، ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال بخلقه واعتقده فهو كافر عندهم، والقرآن الذي هو كلام الله ووحيه هو الذي ينزل به جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم قرآنا عربيا لقوم يعلمون، بشيراً ونذيراً، كما قال عز وجل: (وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين) وهو الذي بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته، كما أمر به في قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) فكان الذي بلغهم بأمر الله تعالى كلامه عز وجل، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: أتمنعوني أن أبلغ كلام ربي " وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه الألسنة ويكتب في المصاحف، كيفما تصرف بقراءة قارئ ولفظ لافظ، وحفظ حافظ، وحيث تلي، وفي أي موضع قرىء وكتب في مصاحف أهل الإسلام، وألواح صبيانهم وغيرها كله كلام الله جل جلاله، غير مخلوق فمن زعم أنه مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول سمعت أبا الوليد حسان بن محمد يقول سمعت الإمام أبا بكر محمد بن إسحق بن خزيمة يقول القرآن كلام الله غير مخلوق، فمن قال: "إن القران مخلوق" فهو كافر بالله العظيم، لا تقبل شهادته، ولا يعاد إن مرض ولا يصلى عليه إن مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ويستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
فأما اللفظ بالقرآن فإن الشيخ أبا بكر الإسماعيلي الجرجاني ذكر في رسالته التي صنفها لأهل جيلان: من زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق- يريد به القرآن - فقد قال بخلق القرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/374)
وذكر ابن مهدي الطبري في كتابه الاعتقاد الذي صنفه لأهل هذه البلاد أن مذهب أهل السنة والجماعة القول بأن القرآن كلام الله سبحانه، ووحيه وتنزيله، وأمره ونهيه غير مخلوق، ومن قال: مخلوق فهو كافر بالله العظيم، وأن القرآن في صدورنا محفوظ، وبألسنتنا مقروء، وفي مصاحفنا مكتوب وهو الكلام الذي تكلم الله عز وجل به، ومن قال: إن القرآن بلفظي مخلوق، أو لفظي به مخلوق فهو جاهل ضال كافر بالله العظيم. وإنما ذكرت هذا الفصل بعينه من كتاب ابن مهدي لاستحساني ذلك منه، فإنه اتبع السلف أصحاب الحديث فيما ذكره مع تبحره في علم الكلام، وتصانيفه الكبيرة فيه وتقدمه وتبرزه عند أهله.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: قرأت بخط أبى عمرو المستملي سمعت أبا عثمان سعيد بن إشكاب يقول: سألت إسحاق بن إبراهيم عن اللفظ بالقرآن فقال: "لا ينبغي أن يناظر في هذا، القرآن كلام الله غير مخلوق ".
وذكر محمد بن جرير الطبري رحمه الله في كتابه (الاعتقاد) الذي صنفه في هذه المسألة، وقال: " أما القول في ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي، ولا تابعي إلا عمن في قوله الغناء والشفاء، وفي إتباعه الرشد والهدى، ومن يقوم قوله مقام الأئمة الأولى أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله، فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: " اللفظية جهمية "، قال عز وجل (فأجره حتى يسمع كلام الله) ممن يسمع؟ قال ثم: سمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ أسماءهم يذكرون عنه رضي الله عنه أنه كان يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي: ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع".
قال محمد بن جرير: "ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله غير قوله إذ لم يكن لنا فيه إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمقنع، وهو الإمام المتبع رحمة الله عليه ورضوانه ". هذه ألفاظ محمد بن جرير التي نقلتها نفسها إلى ما ها هنا من كتاب الاعتقاد الذي صنفه.
قلت: وهو- أعني محمد بن جرير- قد نفى عن نفسه بهذا الفصل الذي ذكره في كتابه كل ما نسب إليه، وقذف به من عدول عن سبيل السنة، أو ميل إلى شيء من البدعة، والذي حكاه عن أحمد رضي الله عنه وأرضاه أن اللفظية جهمية فصحيح عنه، وإنما قال ذلك لأن جهما وأصحابه صرحوا بخلق القرآن، والذين قالوا باللفظ تدرجوا به إلى القول بخلق القرآن، وخافوا أهل السنة في ذلك الزمان من التصريح بخلق القرآن، فذكروا هذا اللفظ وأرادوا به أن القرآن بلفظنا مخلوق، فلذلك سماهم أحمد رحمه الله جهمية. وحكي عنه أيضا أنه قال: " اللفظية شر من الجهمية".
وأما ما حكاه محمد بن جرير عن أحمد رحمه الله أن من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع، فإنما أراد أن السلف من أهل السنة لم يتكلموا في باب اللفظ ولم يحوجهم الحال إليه، وإنما حدث الكلام في اللفظ من أهل التعمق وذوي الحمق الذين أتوا بالمحدثات، وعتوا عما نهو ا عنه من الضلالات وذميم المقالات، وخاضوا فيما لم يخض فيه السلف من علماء الإسلام، فقال الإمام أحمد: هذا القول في نفسه بدعة، ومن حق المتسنن أن يدعه، ولا يتفوه به ولا بمثله من البدع المبتدعة، ويقتصر على ما قاله السلف من الأئمة المتبعة أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولا يزيد عليه إلا تكفير من يقول بخلقه.
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجراحي بمرو، حدثنا يحيى بن ساسُويه عن أبيه عبد الكريم السكري قال: قال وهب بن زمعة: أخبرني علي الباشاني قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: " من كفر بحرف من القرآن فقد كفر بالقرآن، ومن قال: لا أؤمن بهذه اللام فقد كفر".
[استواء الله على عرشه]
ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله سبحانه وتعالى فوق سبع سمواته على عرشه مستوكما نطق به كتابه في قوله عز وجل في سورة الأعراف: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش)، وقوله في سورة يونس: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه) وقوله في سورة الرعد: (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها، ثم استوى على العرش) وقوله في سورة الفرقان (ثم استوى على العرش الرحمن، فاسأل به خبيرا) وقوله في سورة السجدة (ثم استوى على العرش) وقوله في سورة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/375)
طه: (الرحمن على العرش استوى)
[وأخبر الله سبحانه عن فرعون اللعين أنه قال لهامان: (ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب , أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) وإنما قال ذلك لأنه سمع موسى عليه السلام يذكر أن ربه في السماء , ألا ترى إلى قوله: (إني لأظنه كاذبا) يعني في قوله إن في السماء إلها , وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله تعالى على عرشه , وعرشه فوق سماواته]
يثبتون من ذلك ما أثبته الله تعالى، ويؤمنون به ويصدقون الرب جل جلاله في خبره، ويطلقون ما أطلقه سبحانه وتعالى من استوائه على عرشه، ويمرونه على ظاهره ويكلون علمه إلى الله، ويقولون: (آمنا به، كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب) كما أخبر الله تعالى عن الراسخين في العلم أنهم يقولون ذلك، ورضيه منهم، فأثنى عليهم به.
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى حدثني محمد بن داود بن سليمان الزاهد أخبرني علي بن محمد بن عبيد أبو الحسن الحافظ - من أصله العتيق - ثنا أبو يحيى بن كيسبة الوراق حدثنا محمد بن الأشرس الوراق أبو كنانة حدثنا أبو المغيرة الحنفي حدثنا قرة بن خالد عن الحسن عن أبيه عن أم سلمة في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) قالت: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي اسحاق المزكى بن المزكى حدثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي حدثنا شاذان حدثنا ابن مخلد بن يزيد القُهُستاني حدثنا جعفر بن ميمون قال سثل مالك بن أنس عن قوله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا ضالا) وأمر به أن يخرج من مجلسه.
أخبرنا أبو محمد المخلدي العدل حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الاسفراييني حدثنا أبو الحسين علي بن الحسن حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا مهدي بن جعفر بن ميمون الرملي عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس فسأله عن قوله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى قال: فما رأيته وجد من شيء كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء، وأطرق القوم، فجعلوا ينظرون الأمر به فيه، ثم سُري عن مالك فقال: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعه، وإني لأخاف أن تكون ضالا، ثم أمر به فأخرج".
وأخبرنيه به جدي أبو حامد أحمد بن إسماعيل عن جد والدي الشهيد، وهو أبو عبد الله محمد بن عدي بن حمدُوية الصابوني حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عون النسوى حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا مهدي بن جعفر الرملي حدثنا جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل لمالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال فما رأينا مالكأ وجد من شيء كوجده من مقالته، وذكر بنحوه.
وسئل أبو علي الحسين بن الفضل البجلي عن الاستواء، وقيل له كيف استوى على عرشه، فقال: إنا لا نعرف من أنباء الغيب إلا مقدار ما كشف لنا، وقد أعلمنا جل ذكره أنه استوى على عرشه، ولم يخبرنا كيف استوى.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثني عبد الله ابن أحمد بن شبويه المروزي، سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: " نعرف ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى بائنا من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية إنه ها هنا " وأشار إلى الأرض.
وسمعت الحاكم أبا عبد الله في كتابه (التاريخ) الذي جمعه لأهل نيسابور، وفي كتابه (معرفة الحديث) اللذين جمعهما ولم يسبق إلى مثلهما يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانىء يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: من لم يقل بأن الله عز وجل على عرشه قد استوى، فوق سبع سمواته، فهو كافر بربه، حلال الدم، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، وألقي على بعض المزابل حتى لا يتأذى المسلمون ولا المعاهدون بنتن رائحة جيفته، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين، إذ المسلم لا يرث الكافر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " [وأما إمامنا أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه احتج في كتاب المبسوط في مسألة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/376)
إعتاق الرقبة المؤمنة في الكفارة , وأن غير المؤمنة لا يصح التكفير بها بخبر معاوية بن الحكم , وأنه أراد أن يعتق الجارية السوداء لكفارة , وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إعتاقه إياها فامتحنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم لها: من أنا؟ فأشارت إليه وإلى السماء يعني أنك رسول الله الذي في السماء فقال صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة. فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية. وإنما احتج الشافعي رحمة الله عليه على المخالفين في قولهم بجواز إعتاق الرقبة الكافرة بهذا الخبر، لاعتقاده أن الله سبحانه فوق خلقه، وفوق سبع سماواته على عرشه، كما معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة، سلفهم وخلفهم، إذ كان رحمه الله لا يروي خبرا صحيحا ثم لا يقول به. وقد أخبرنا الحاكم أبو عبد الله رحمه الله قال أنبأنا الإمام أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه قال حدثنا إبراهيم بن محمود قال سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي رحمه يقول: إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب. قال الحاكم رحمه الله سمعت أبا الوليد غير مرة يقول: حدثت عن الزعفراني أن الشافعي رحمه الله روى يوما حديثا فقال السائل: يا أبا عبد الله تقول به؟ قال: تراني في بيعة أوكنيسة! ترى علي زي الكفار! هو ذا تراني في مسجد المسلمين علي زي المسلمين مستقبل قبلتهم أروي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا أقول به!!.
قال أبو عثمان والفرق بين أهل السنة وأهل البدعة أنهم إذا سمعوا خبرا في الصفات ردوه أصلا، ولم يقبلوه أو. . . - كلمة غير واضحة - للظاهر ثم تأولوه بتأويل يقصدون به رفع الخبر من أصله وإبطال. . . -كلمة غير واضحة -. . . . . . . . . . . . . . . . - بياض مقدار سطر - عقولهم وآرائهم فيه ويعلمون حقا يقينا أن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى ما قاله إذ هو كان أعرف بالرب جل جلاله من غيره، ولم يقل فيه إلا حقا وصدقا ووحيا، قال الله عز وجل: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى). قال الزهري إمام الأئمة وغيره من علماء الأمة رضي الله عنه: على الله البيان وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم.وروى يونس بن عبد الصمد بن معقل عن أن الجعد بن درهم قدم على وهب بن منبه يسأله عن صفات الله تعالى فقال ويلك يا جعد، بعض المسألة، إني لأظنك من الهالكين، يا جعد لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يدا وعينا ووجها لما قلنا ذلك، فاتق الله. ثم لم يلبث جعد أن قتل وصلب وخطب خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى بالبصرة، فقال في آخر خطبته: انصرفوا إلى منازلكم، وضحوا بارك الله لكم في ضحاياكم فإني مضح اليوم بالجعد بن درهم فإنه يقول: لم يتخذ الله إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما. سبحانه وتعالى عما يقول الجعد علوا كبيرا - ونزل عن المنبر فبحه بيده وأمر بصلبه.
[عقيدتهم بنزول الرب سبحانه ومجيئه]
ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف بل يثبتون ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله. وكذلك يثبتون ما أنزله الله عز اسمه في كتابه، من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله عز وجل: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) وقوله عز اسمه: (وجاء ربك والملك صفأ صفا). وقرأت في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) وقال: (وجاء ربك والملك صفا صفا) ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه إذ كنا قد أمرنا به في قوله عز وجل: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/377)
وابتغاء تأويله، وما يعم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب)
أخبرنا أبو بكر بن زكريا الشيباني سمعت: أبا حامد بن الشرقي يقول: سمعت حمدان السلمي وأبا داود الخفاف يقولان: سمعنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا. كيف ينزل؟ قال، قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف؟ إنما ينزل بلا كيف.
حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل، حدثنا محبوب بن عبد الرحمن القاضي، حدثني جدي أبو بكر بن محمد بن أحمد بن محبوب، حدثنا أحمد بن حمويه حدثنا أبو عبد الرحمن العتكي، حدثنا محمد بن سلام قال: سألت عبد الله بن المبارك عن نزول ليلة النصف من شعبان، فقال عبد الله: يا ضعيف في كل ليلة، فقال له رجل يا أبا عبد الله! كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان منه؟ فقال عبد الله: ينزل كيف يشاء " وفي رواية أخرى لهذه الحكاية أن عبد الله ابن المبارك قال للرجل: " إذا جاءك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخضع له ".
سمعت الحاكم أبا عبد الله يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: سمعت أحمد بن سعيد بن إبراهيم أبا عبد الله الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم وحضر إسحاق بن إبراهيم يعني ابن راهويه، فسئل عن حديث النزول: أصحيح هو؟ قال: "نعم " فقال له بعض قواد عبد الله يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: " نعم " قال: " كيف ينزل؟ " فقال له إسحاق: " أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: " أثبته فوق " فقال: إسحاق: قال الله عز وجل: (وجاء ربك والملك صفا صفا) فقال الأمير عبد الله: " يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة " فقال إسحاق: أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟
وخبر نزول الرب كل ليلة إلى السماء الدنيا خبر متفق على صحته مخرج في الصحيحين، من طريق مالك بن أنس عن الزهري عن الأغر وأبي سلمة عن أبي هريرة. أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد، حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك (ح). وحدثنا أبو بكر بن زكريا حدثنا أبو حاتم مكي بن عبدان، حدثنا محمد بن يحيى قال: وفيما قرأت على ابن نافع وحدثني مطرف عن مالك رحمه الله (ح)، وحدثنا أبو بكر بن زكريا، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن إبراهيم ابن باكويه، حدثنا يحيى بن محمد حدثنا يحيي بن يحيى، قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب الزهري، عن أبى عبد الله الأغر وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له ".
ولهذا الحديث طرق إلى أبي هريرة، رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة (ح). ورواه يزيد بن هارون وغيره من الأئمة عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبي هريرة، ومالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة، ومالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وعبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبى هريرة، وعبد الأعلى بن أبى المساور وبشير بن سليمان عن أبي حازم عن أبى هريرة. ورواه نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه، وموسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله، وعبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب، وشريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود ومحمد ابن كعب بن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء وأبو الزبير عن جابر وسعيد بن جبير عن ابن عباس وعن أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/378)
وهذه الطرق كلها مخرجة بأسانيدها في كتابنا الكبير المعروف بالانتصار، وفي رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مضى نصف الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح " وفي رواية سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة زيادة في آخره وهي " ثم يبسط يديه فيقول: من يقرض غير معدوم ولا ظلوم ". وفي رواية أبي حازم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فينادي هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ فلا يبقى شيء فيه الروح إلا علم به، إلا الثقلان الجن والإنس " قال: وذلك حين تصيح الديكة وتنهق الحمير وتنبح الكلاب. [وفي رواية موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت زيادات حسنة وهي التي أخبرنا بها أبو يعلى حمزة بن عبد الله المهلبي قال: أنبأنا عبد الله بن محمد الرازي قال: أنبأنا أبو عثمان محمد بن عثمان بن أبي سويد قال حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن المبارك - قال حدثنا فضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر فيقول ألا عبد من عبادي يدعوني فأستجيب له ألا ظالم لنفسه يدعوني فأغفر له ألا مقتر عليه رزقه فيدعوني فأرزقه ألا مظلوم يذكرني فأنصره ألا عان يدعوني فأفكه قال: فيكون كذلك إلى أن يطلع الصبح ويعلو على كرسيه. وفي رواية أبي الزبير عن جابر من طريق مرزوق أبي بكر الذي خرجه محمد بن إسحاق بن خزيمة - مختصرة. ومن طريق أيوب عن أبي الزبير عن جابر الذي خرجه الحسن بن سفيان في مسنده ومن طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عشية عرفة ينزل الله فيه إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء ويقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة. وروى هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مضى ثلث الليل أو شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري من يستغفرني فأغفر له؟ من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني أعطيه؟ حتى ينفجر الصبح".
أخبرنا أبو محمد المخلدي أنبأنا أبو العباس السراج، حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحق عن أبي مسلم الأغر قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أشهد عليهما أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول هبط إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مذنب؟ هل من مستغفر؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى تطلع الشمس".
أخبرنا أبو محمد المخلدي أنبانا أبو العباس الثقفي حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا شبابة بن سوار عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي مسلم الأغر قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يمهل حتى إذا كان ثلث الليل هبط إلى هذه السماء، ثم أمر بأبواب السماء ففتحت فقال: هل من ساثل فأعطيه؟ هل من داع فأجيبه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ هل من مضطر أكشف عنه ضره؟ هل من مستغيث أغيثه؟ فلا يزال ذلك مكانه حتى يطلع الفجر في كل ليلة من الدنيا".
أخبرنا أبو محمد المخلدي حدثنا أبو العباس يعني الثقفي، حدثنا مجاهد بن موسى والفضل بن سهل قالا: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأغر أنه شهد على أبى هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا كان ثلث الليل نزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فقال: ألا هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل يعطى سؤله؟ ألا هل من تائب يتاب عليه؟ ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/379)
حدثنا الأستاذ أبو منصور بن حمشاد، حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ببغداد حدثنا أبو منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينزل الله تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول: أنا الملك أنا الملك ثلاثا. من يسألني فأعطيه؟ من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فاغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر ".
سمعت الأستاذ أبا منصور على إثر هذا الحديث الذي أملاه علينا يقول سئل أبو حنيفة عنه فقال: "ينزل بلا كيف " وقال بعضهم: "ينزل نزولا يليق بالربوبية بلا كيف، من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق، بالتخلي والتملي، لأنه جل جلاله منزه أن تكون صفاته مثل صفات الخلق، كما كان منزها أن تكون ذاته مثل ذوات المخلوقين، فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق بصفاته، من غير تشبيه وكيف.
وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتاب التوحيد الذي صنفه وسمعت من حافده أبي طاهر رحمه الله تعالى.
باب ذكر أخبار ثابتة السند رواها علماء الحجاز والعراق في نزول الرب إلى السماء الدنيا كل ليلة من غير صفة كيفية النزول مع إثبات النزول
فنشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر النزول من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى السماء - الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله عز وجل ولّى نبيه صلى الله عليه وسلم بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول، غير متكلفين للنزول بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول. اهـ.
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد الصيدلاني، حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أحمد بن صالح المصري، حدثنا بن وهب، أنبأنا مخرمة بن بكير عن أبيه رحمه الله (ح) وأخبرنا الحاكم حدثنا محمد بن يعقوب الأصم واللفظ له، حدثنا إبراهيم بن منقذ، حدثنا ابن وهب عن مخرمة ابن بكير عن أبيه قال: سمعت محمد بن المنكدر يزعم أنه سمع أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسم تقول "نعم اليوم، يوم ينزل الله تعالى فيه إلى السماء الدنيا قالوا وأي يوم؟ قالت يوم عرفة".
وروت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل الله تعالى في النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ليلا إلى آخر النهار من الغد، فيعتق من النار بعدد شعر معزكلب، ويكتب الحاج وينزل أرزاق السنة، ولا يترك أحدا إلا غفر له إلا مشركا أو قاطع رحم أو عاقا أو مشاحنا ".
أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة، حدثنا جدي الإمام حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي (ح) قال الإمام وحدثنا الزعفراني عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا هشام الدستوائي (ح) وحدثنا الزعفراني حدثنا يزيد يعني ابن هارون الدستوائي (ح) وحدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون بالإسكندرية، حدثنا الوليد عن الأوزاعي جميعا عن يحيى بن أبي كثير، عن عطاء بن يسار، حدثني رفاعة بن عرابة الجهني (ح) قال الإمام، وحدثنا أبو هاشم بن زياد بن أيوب حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير حدثني هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال: صدرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فجعلوا يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يأذن لهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بال شق الشجرة الذي يلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبغض إليكم من الآخر، فلا ترى من القوم إلا باكيا قال يقول أبو بكر الصديق إن الذي يستأذنك بعدها لسفيه، فقام النبى صلى الله عليه وسلم، فحمد الله واثنى عليه وكان إذا حلف قال: والذي نفسي بيده أشهد عند الله ما منكم من أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ثم يسدد إلا سلك به في الجنة، ولقد وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب، وإني لأرجو أن لا تدخلوها حتى تتبوؤا ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكنكم في الجنة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إذا مضى شطر الليل أو قال: ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا، ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/380)
الذي يدعوفي فأجيبه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ حتى ينفجر الصبح " هذا لفظ حديث الوليد.
قال شيخ الاسلام: قلت: فلما صح خبر النزول عن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعتقدوا تشبيها له بنزول خلقه، ولم يبحثوا عن كيفيته، إذ لاسبيل إليها بحال، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علوا كبيرا، ولعنهم لعنا كثيرا.
وقرأت لأبى عبد الله ابن أبي حفص البخاري، وكان شيخ بخارى في عصره بلا مدافعة، وأبو حفص هذا كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني، قال أبو عبد الله:- أعني ابن أبى حفص هذا- سمعت عبد الله بن عثمان وهو عبدان شيخ مرو يقول: سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول: قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول الله عز وجل (وجاء ربك والملك صفا صفا) وقوله عز وجل: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) فهل يجيء ربنا كما قال؟؟ وهل يجيء الملك صفا صفا؟ قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك ولا ندري كيف جيئته. فقلنا لهم إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكن نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه. قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذاك، ولا ندري كيفية مجيئه، فقلنا لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم من أنكر أن الملك يجيء صفا صفا ما هو عندكم؟ قالوا: كافر مكذب. قلنا: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب.
قال أبو عبد الله بن أبي حفص البخاري أيضأ في كتابه: ذكر إبراهيم بن الأشعث قال سمعت الفضيل بن عياض يقول: إذا قال لك الجهمي: أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه. فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
[رؤية المؤمنين لله في الآخرة]
وروى يزيد بن هارون في مجلسه حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله في الرؤية، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم تنظرون إلى ربكم كما تنظرون إلى القمر ليلة البدر " فقال له رجل في مجلسه: يا أبا خالد: ما معنى هذا الحديث؟ فغضب وحَرد، وقال: ما أشبهك بصبيغ، وأحوجك إلى مثل ما فعل به! ويلك! ومن يدري كيف هذا؟ ومن يجوز له أن يجاوز هذا القول الذي جاء به الحديث، أو يتكلم فيه بشيء من تلقاء نفسه إلا من سفه نفسه؟ واستخف بدينه؟ إذا سمعتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعوه، ولا تبتدعوا فيه، فإنكم إن اتبعتموه ولم تماروا فيه سلمتم، وإن لم تفعلوا هلكتم.
وقصة صبيغ الذي قال يزيد بن هارون للسائل: ما أشبهك بصبيغ وأحوجك إلى مثل ما فعل به: هي ما رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، أن صبيغا التميمي أتى أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن (الذاريات ذروا) قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن (الحاملات وقرا) قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن (المقسمات أمرا) قال: الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن (الجاريات يسرا) قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته. قال: ثم أمر به فضرب مئة سوط، ثم جعله في بيت حتى إذا برأ دعا به، ثم ضربه مئة سوط أخرى، ثم حمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري: (أن حرم عليه مجالسة الناس) فم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى الأشعري، فحلف بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجده شيئا، فكتب إلى عمر يخبره، فكتب إليه: ما إخاله إلا قد صدق، خل بينه وبين مجالسة الناس.
وروى حماد بن زيد عن قطن بن كعب: سمعت رجلا من بني عجل يقال له: فلان- خالد بن زرعة - يحدث عن أبيه قال: رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير أجرب، يجيء إلى الحلق فكلما جلس إلى قوم لا يعرفونه ناداهم أهل الحلقة الأخرى: عزمة أمير المؤمنين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/381)
وروى حماد بن زيد أيضا عن يزيد بن أبي حازم عن سليمان بن يسار أن رجلا من بني تميم يقال له صبيغ قدم المدينة، فكانت عنده كتب فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر، فبعث إليه، وقد أعد له عراجين النخل، فلما دخل عليه جلس، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ. قال: وانا عبد الله عمر، ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك العراجين، فما زال يضربه حتى شجه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي.
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي أخبرنا محمد بن محمود الفقيه المروزي، ثنا محمد بن عمير الرازي ثنا أبو زكريا يحيى بن أيوب العلاف التجيبي بمصر، حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز سمعت مالك بن أنس يقول: إياكم والبدع! قيل: يا أبا عبد الله. وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه وعلمه وقدرته لا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عمر الزاهد الخفاف، أنبأنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الفقيه حدثنا الربيع بن سليمان سمعت الشافعي رحمه الله يقول: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من يلقاه بشيء من الأهواء.
اخبرني أبو طاهر محمد بن الفضل حدثنا أبو عمر والحيري حدثنا أبو الأزهر حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن جعفر بن برقان- قال: سأل رجل عمر بن عبد العزيز عن شيء من الأهواء، فقال: الزم دين الصبي في الكتاب، والأعرابي واله عما سوى ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن يزيد سمعت أبا يحيى البزاز يقول: سمعت العباس بن حمزة يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه.
أخبرنا أبو الحسين الخفاف حدئنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدثنا الهيثم بن خارجة سمعت الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي وسفيان ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف.
قال الإمام الزهري إمام الأئمة في عصره، وعين علماء الأمة في وقته: على الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
وعن بعض السلف: قدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.
أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة حدثنا جدي الإمام أحمد بن نصر، حدثنا أبو يعقوب الحنيني، حدثنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن هذا الدين بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء.
قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: الذين يحيون سنتي من بعدي ويعلمونها عباد الله ".
أخبرنا عبد الله الحافظ سمعت أبا الحسن الكارزي يقول: سمعت علي بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله.
وروي عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود فقال: "يا أيها الناس! من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل ما أسألكم عليه من أجر، وما أنا من المتكلفين) 0أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس المعقلي، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثني أبي وعبد الرحمن الضبي، عن القاسم بن عروة عن محمد بن كعب القرظي قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فجعلت أنظر إليه نظراً شديدا، فقال: إنك لتنظر إلي نظرا ما كنت تنظره إلي وأنا بالمدينة، فقلت: لتعجبي فقال: ومما تتعجب؟ قال: قلت: لما حال من لونك، ونحل من جسمك ونفي من شعرك؟ قال: كيف ولو رأيتني بعد ثلاثة في قبري، وقد سالت حدقتاي على وجنتي، وسال منخراي. في فمي صديداً؟ كنت لي أشد نكرة، حدثني حديثا كنت حدثتنيه عن عبد الله بن عباس قال: قلت: حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لكل شيء شرفا، وأشرف المجالس ما استقبل به القبلة، لا تصلوا خلف نائم ولا محدث، واقتلوا الحية والعقرب، وإن كنتم في صلاتكم، ولا تستروا الجدر بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار، ألا أنبئكم بشراركم؟ قالو ا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يجلد عبده، ويمنع رفده، وينزل وحده، أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ الذي يبغض الناس، ويبغضونه. أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ الذي لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ولا يغفر ذنبا. أولا أنبئكم بشر من ذلكم؟ الذي لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره، من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يد غيره، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله. إن عيسى عليه السلام قام في قومه فقال: يا بني إسرائيل لا تكلموا بالحكمة عند الجهال، فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها، فتظلموهم، ولا تظلموا، ولا تكافئوا ظالما، فيبطل فضلكم عند ربكم. الأمر ثلاثة: أمر بين رشده فاتبعوه، وأمر بين غيه، فاجتنبوه، وأمر اختلفتم فيه فكله لله عز وجل ".
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/382)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:38 م]ـ
عقيدة السلف أصحاب الحديث
أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الشافعي (توفي سنة 449هـ) (2)
[البعث بعد الموت والشفاعة]
ويؤمن أهل الدين والسنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، وبكل ما أخبر الله سبحانه من أهو ال ذلك اليوم الحق، و اختلاف أحوال العباد فيه والخلق فيما يرونه ويلقونه هنالك، في ذلك اليوم الهائل من أخذ الكتب بالأيمان والشمائل، والإجابة عن المسائل، إلى سائر الزلازل والبلابل الموعودة في ذلك اليوم العظيم، والمقام الهائل من الصراط والميزان، ونشر الصحف التي فيها مثاقيل الذر من الخير والشر، وغيرها، ويؤمن أهل الدين والسنة بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمذنبي أهل التوحيد، ومرتكبي الكبائر، كما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا أبو حامد بن الشرقي، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنبانا معمر عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ". وأنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد أنبأنا محمد بن المسيب الأغياني، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي، عن زياد بن خيثمة عن نعمان بن قراد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة، لأنها أعم وأكفى. أترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين". أخبرنا أبو محمد المخلدي، أنبأنا أبو العباس السراج حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو، (ح). وأخبرنا أبو طاهر بن خزيمة أنبأنا جدي الإمام محمد بن إسحق بن خزيمة، حدثنا علي بن حجر بن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: " لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه".
[الحوض والكوثر]
ويؤمنون بالحوض والكوثر، وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب، ومحاسبة فريق منهم حسابا يسيرا، وإدخالهم الجنة بغير سوء يمسهم وعذاب يلحقهم، وإدخال فريق من مذنبيهم النار ثم إعتاقهم و إخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إلى الجنة، ولا يخلدون في النار، فأما الكفار فإنهم يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبدا، ولا يترك الله فيها من عصاة أهل الإيمان أحدأ.
[رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة]
ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم تبارك وتعالى بأبصارهم، وينظرون إليه على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: " إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر" والتشبيه وقع للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، والأخبار الواردة في الرؤية مخرجة في كتاب (الانتصار) بطرقها.
[الإيمان بالجنة والنار وأنهما مخلوقتان]
ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما باقيتان لا يفنيان أبدا، وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبدا، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها خلقوا لها، لا يخرجون منها أبدا، وأن المنادي ينادي يومئذ " يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت " على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص]
ومن مذهب أهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ومعرفة، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال محمد بن علي بن الحسن بن شقيق: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله عن الإيمان في معنى الزيادة والنقصان، فقال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبوجعفر الخطمي عن أبيه عن جده عن عمير بن حبيب قال: الإيمان يزيد وينقص فقيل: وما زيادته وما نقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله فحمدناه سبحانه فتلك زيادته، وإذا غفلنا وضيعنا ونسينا فذلك نقصانه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/383)
أخبرنا أبو الحسن بن أبي إسحق المزكى، حدثنا أبي حدثنا أبو عمرو الحيري، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إدريس المكي، وأحمد بن شداد الترمذي، قالوا: حدثنا الحميدي حدثنا يحيى بن سُليم: سألت عشرة من الفقهاء عن الإيمان فقالوا: قول وعمل.
وسألت هشام بن حسان فقال: قول وعمل. وسألت ابن جريج فقال: قول وعمل. وسألت سفيان الثوري فقال: قول وعمل. وسألت المثنى بن الصباح فقال قول وعمل وسألت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فقال: قول وعمل وسألت محمد بن مسلم الطاثفي فقال: قول وعمل، وسألت فضيل بن عياض فقال: قول وعمل. وسألت نافع بن عمر الجمحي فقال: قول وعمل. وسألت سفيان بن عيينة فقال: قول وعمل.
وأخبرنا أبو عمرو الحيري، حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن إدريس وسمعت الحميدي يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول: ينقص؟ فقال: اسكت يا صبي بلى ينقص حتى لايبقى منه شيء.
وقال الوليد بن مسلم: سمعت الأوزاعي ومالكا وسعيد بن عبد العزيز ينكرون على من يقول: إقرار بلا عمل. ويقولون لا إيمان إلا بعمل، قلت فمن كانت طاعاته وحسناته أكثر فإنه أكمل إيمانا، ممن كان قليل الطاعة كثير المعصية والغفلة والإضاعة.
وسمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن باكويه الحلاب يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحق بن خزيمة يقول: سمعت أحمد بن سعيد الرباطي يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: يا أحمد إنكم تبغضون هؤلاء القوم جهلأ، وأنا أبغضهم عن معرفة. إن أول أمرهم أنهم لا يرون للسلطان طاعة. الثاني: أنه ليس للإيمان عندهم قدر، والله لا أستجيز أن أقول: إيماني كإيمان يحيى بن يحيى، ولا كإيمان أحمد بن حنبل، وهم يقولون: إيماننا كإيمان جبريل وميكائيل.
وسمعت الحاكم يقول سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانيء يقول: سمعت أبا بكر محمد بن شعيب يقول: سمعت إسحق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قدم ابن المبارك الري فقام إليه رجل من العباد، الظن به أنه يذهب مذهب الخوارج، فقال له: يا أبا عبد الرحمن ما تقول فيمن يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال لا أخرجه من الإيمان، فقال: يا أبا عبد الرحمن على كبر السن صرت مرجئا؟ فقال: لا تقبلني المرجئة. المرجئة تقول: حسناتنا مقبولة، وسيئاتنا مغفورة، ولو علمت أني قبلت مني حسنة لشهدت أني في الجنة، ثم ذكر عن شوذب عن سلمة بن كهيل، عن هزيل بن شرحبيل قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح.
سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني يقول: سمعت يحيى بن منصور القاضي يقول: سمعت محمد بن إسحق بن خزيمة يقول: سمعت الحسين بن حرب أخا أحمد بن حرب الزاهد يقول: أشهد أن دين أحمد بن حرب الذي يدين الله به أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
[لا يكفر أحد من المسلمين بكل ذنب]
ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبا كثيرة صغائر وكبائر فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله عز وجل إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنة يوم القيامة سالما غانما، غير مبتلى بالنار ولا معاقب على ما ارتكبه واكتسبه، ثم استصحبه إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها، بل أعتقه وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار.
وكان شيخنا سهل بن محمد رحمه الله يقول: المؤمن المذنب وإن عذب بالنار فإنه لا يلقى فيها إلقاء الكفار، ولا يبقى فيها بقاء الكفار، ولا يشقى فيها شقاء الكفار. ومعنى ذلك أن الكافر يسحب على وجهه إلى النار، ويلقى فيها منكوسأ في السلاسل والأغلال والأنكال الثقال، والمؤمن المذنب إذا ابتلى بالنار فإنه يدخل النار كما يدخل المجرم في الدنيا السجن على الرجل من غير إلقاء وتنكيس. ومعنى قوله "لا يلقى في النار إلقاء الكفار " أن الكافر يحرق بدنه كله، كلما نضج جلده بدل جلدا غيره، ليذوق العذاب كما بينه الله في كتابه في قو له تعالى (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارآ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودأ غيرها ليذوقوا العذاب) وأما المؤمنون فلا تلفح وجو ههم النار، ولا تحرق أعضاء السجود منهم، إذ حرم الله على النار أعضاء سجوده. ومعنى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/384)
قوله: "لا يبقى في النار بقاء الكفار " أن الكافر يخلد فيها ولا يخرج منها أبدا، ولا يخلد الله من مذنبي المؤمنين في النار أحدا. ومعنى قوله: " لا يشقى بالنار شقاء الكفار " أن الكفار يؤيسون فيها من رحمة الله، ولا يرجون راحة بحال، وأما المؤمنون فلا ينقطع طمعهم من رحمة الله في كل حال، وعاقبة المؤمنين كلهم الجنة، لأنهم خلقوا لها وخلقت لهم فضلا من الله ومنة.
[حكم تارك الصلاة عمدا]
واختلف أهل الحديث في ترك المسلم صلاة الفرض متعمدا، فكفره بذلك أحمد بن حنبل وجماعة من علماء السلف، وأخرجوه به من الإسلام، للخبر الصحيح: " بين العبد والشرك ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر" وذهب الشافعي وأصحابه وجماعة من علماء السلف رحمة الله عليهم أجمعين إلى أنه لا يكفر ما دام معتقدأ لوجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتد عن الإسلام، وتأولوا الخبر من ترك الصلاة جاحدا لها كما أخبر سبحانه عن يوسف عليه السلام أنه قال: (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون) ولم يك تلبس بكفر ففارقه، ولكن تركه جاحدا له.
[خلق أفعال العباد]
ومن قول أهل السنة والجماعة في أكساب العباد أنها مخلوقة لله ثعالى، لا يمترون فيه، ولا يَعُدُّون من أهل الهدى ودين الحق من ينكر هذا القول وينفيه، ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء لدينه ويضل من يشاء عنه، لا حجة لمن أضله الله عليه، ولا عذر له لديه، قال الله عز وجل (قل: فلله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين) وقال: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، ولكن حق القول مني) الآية وقال: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرأ من الجن والإنس) الآية. سبحانه وتعالى خلق الخلق بلا حاجة إليهم، فجعلهم فريقين، فريقا للنعيم فضلا، وفريقأ للجحيم عدلا، وجعل منهم غويا ورشيدا، وشقيا وسعيدا، وقريبأ من رحمته، وبعيدا، (لا يُسئَل عما يفعل وهم يُسألون).
أخبرنا أبو محمد المخلدي أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا يوسف بن موسى أنبأنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه الملك بأربع كلمات، رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد، فوالذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، ثم يدركه ما سبق له في الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يدركه ماسبق له في الكتاب فيعمل بعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ". [وأخبرنا أبو محمد المخلدي قال أنبأنا أبو العباس السراج: قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - هو ابن راهويه - قال: أنبأنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة وإنه لمكتوب في الكتاب أنه من أهل النار، فإذا كان عند موته تحول فعمل بعمل أهل النار فمات فدخل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمكتوب في الكتاب أنه من أهل الجنة، فإذا كان قبل موته عمل بعمل أهل الجنة فمات فدخل الجنة].
[الخير والشر]
ويشهد أهل السنة ويعتقدون أن الخير والشر والنفع والضر بقضاء الله وقدره، لا مرد لهما، ولا محيص ولا محيد عنهما، ولا يصيب المرء إلا ما كتبه له ربه، ولو جهد الخلق أن ينفعوا المرء بما لم يكتبه الله له. لم يقدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروه بما لم يقضه الله لم يقدروا. على ما ورد به خبر عبد الله بن عباس عن الني صلى الله عليه وآله وسلم. وقال الله عز وجل: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله) 0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/385)
ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم مع قولهم بأن الخير والشر من الله، وبقضائه - أنه لا يضاف إلى الله تعالى ما يتوهم منه نقص على الإنفراد فيقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان - وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه - وفي ذلك ورد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح " تباركت وتعاليت، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك " ومعناه والله أعلم والشر ليس مما يضاف إليك إفرادا وقصدا، حتى يقال لك في المناداة: يا خالق الشر و يا مقدر الشر، وإن كان هو الخالق والمقدر لها جميعا، لذلك أضاف الخضر عليه السلام إرادة العيب إلى نفسه، فقال: فيما أخبر الله عنه في قوله: (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون ي البحر، فأردت أن أعيبها) ولما ذكر الخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله عز وجل فقال: (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما، ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك) ولذلك قال مخبرا عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: (وإذا مرضت فهو يشفين) فأضاف المرض إلى نفسه، والشفاء إلى ربه، وإن كان الجميع منه.
ومن مذهب أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل مريد لجميع أعمال العباد خيرها وشرها، ولم يؤمن أحد إلا بمشيئته، ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة، ولو شاء أن لا يعصى ما خلق إبليس فكفر الكافرين وإيمان المؤمنين بقضائه سبحانه وتعالى وقدره، وإرادته ومشيئته، أراد كل ذلك وشاءه وقضاه، ويرضى الإيمان والطاعة، ويسخط الكفر والمعصية، قال الله عز وجل: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر، وإن تشكروا يرضه لكم).
[عواقب العباد مبهمة]
ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة، لا يدري أحد بما يختم له، ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار، لأن ذلك مغيب عنهم، لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان بم ولذلك يقولون: إنا مؤمنون إن شاء الله. [أي من المؤمنين الذين يختم لهم بخير إن شاء الله] ويشهدون لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة لذنوبهم التي اكتسبوها، ولم يتوبوا منها، فإنهم يردون أخيرا إلى الجنة ولا يبقى أحد في النار من المسلمين. فضلأ من الله ومنه، ومن مات والعياذ بالله على الكفر فمرده إلى النار لا ينجو منها، ولا يكون لمقامه فيها منتهى.
[المبشرون بالجنة]
فأما الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك، تصديقا منهم للرسول صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ووعده لهم، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك، والله تعالى أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على ما شاء من غيبه، وبيان ذلك في قوله عز وجل: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من أرتضى من رسول) وقد بشر صلى الله عليه وسلم عشرة من أصحابه بالجنة، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح، وكذلك قال لثابت بن قيس بن شماس: "أنت من أهل الجنة ". قال أنس بن مالك: فلقد كان يمشي بين أظهرنا ونحن نقول: إنه من أهل الجنة.
[أفضل الصحابة]
ويشهدون ويعتقدون أن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون الذين ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلافتهم بقوله فيما رواه سعيد بن جمهان عن سفينة "الخلافة بعدي ثلاثون سنة " وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض على ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. ويثبت أصحاب الحديث خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باختيار الصحابة واتفاقهم عليه، وقولهم قاطبة: رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، فرضيناه لدنيانا [يعني أنه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيام مرضه - وهي الدين - فرضيناه خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم علينا في أمور دنيانا] وقولهم: قدّمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يؤخرك! وأرادوا أنه صلى الله عليه وسلم قدمك في الصلاة بنا أيام مرضه، فصلينا وراءك بأمره، فمن ذا الذي يؤخرك بعد تقديمه إياك؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم في شأن أبي بكر في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/386)
حال حياته بما يبين للصحابة أنه أحق الناس بالخلافة بعده، فلذلك اتفقوا عليه واجتمعوا، فانتفعوا بمكانه والله، وارتفعوا به وارتفقوا حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف لما عُبدا الله. ولما قيل له: مه يا أبا هريرة! قام بحجة صحة قوله، فصدقوه فيه وأقروا به.
ثم خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه باستخلاف أبي بكر رضي الله عنه إياه، واتفاق الصحابة عليه بعده، وإنجاز الله سبحانه - بمكانه في إعلاء الإسلام، وإعظام شأنه - وعده.
ثم خلافة عثمان رضي الله عنه بإجماع أهل الشورى، وإجماع الأصحاب كافة، ورضاهم به حتى جعل الأمر إليه. ثم خلافة علي رضي الله عنه ببيعة الصحابة إياه، عرفه ورآه كل منهم رضي الله عنهم أحق الخلق، وأولاهم في ذلك الوقت بالخلافة ولم يستجيزوا عصيانه وخلافه، فكان هؤلاء الأربعة الخلفاء الراشدين الذين نصر الله بهم الدين، وقهر وقسر بمكانهم الملحدين، وقوى بمكانهم الإسلام، ورفع في أيامهم للحق الأعلام، ونور بضيائهم ونورهم وبهائهم الظلام، وحقق بخلافتهم وعده السابق في قوله عز وجل: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) وفي قوله: (أشداء على الكفار) فمن أحبهم وتولاهم، ودعا لهم، ورعى حقهم، وعرف فضلهم فاز في الفائزين، ومن أبغضهم وسبهم، ونسبهم إلى ما تنسبهم الروافض والخوارج ـ لعنهم الله ـ فقد هلك في الهالكين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فمن سبهم فعليه لعنة الله " وقال: "من أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن سبهم فعليه لعنة الله".
[الصلاة خلف البر والفاجر]
ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين، وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا. ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جَوَرة فجرة، ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف. ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل.
[الكف عما شجر بين الصحابة]
ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم. ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم. وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه رضي الله عنهن، والدعاء لهن ومعرفة فضلهن والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين.
[لاندخل الجنة بالعمل]
ويعتقدون ويشهدون أن أحدا لا تجب له الجنة وإن كان عمله حسنا، وطريقه مرتضى إلا أن يتفضل الله عليه، فيوجبها له بمنه وفضله، إذ عمل الخير الذي عمله لم يتيسر له إلا بتيسير الله عز اسمه، فلو لم ييسره له لم يهده له لم يهتد له أبدا. قال الله عز وجل: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا، ولكن الله يزكي من يشاء) وفي آيات سواها.
[لكل مخلوق أجل]
ويعتقدون ويشهدون أن الله عز وجل أجل لكل مخلوق أجلا، وأن نفسا لن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا، وإذا انقضى أجل المرء فليس إلا الموت، وليس له منه فوت، قال الله عز وجل: (ولكل أمة أجل، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة، ولا يستقدمون) وقال: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا).
ويشهدون أن من مات أو قتل فقد انقضى أجله، قال الله عز وجل: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) [وقال: (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)].
[وسوسة الشياطين]
ويعتقدون أن الله سبحانه خلق الشياطين يوسوسون للآدميين، ويقصدون استزلالهم ويترصدون لهم، قال الله عز وجل: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم، وإن أطعمتموهم إنكم لمشركون). وإن الله يسلطهم على من يشاء، ويعصم من كيدهم ومكرهم من يشاء، قال الله عز وجل: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك، وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا). وقال: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون).
[السحر والسحرة]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/387)
ويشهدون أن في الدنيا سحرا وسحرة، إلا أنهم لا يضرون أحدا إلا بإذن الله عز وجل، قال الله عز وجل: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) ومن سحر منهم واستعمل السحر، واعتقد أنه يضر أو ينفع بغير إذن الله تعالى فقد كفر. وإذا وصف ما يكفر به استتيب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، وإذا وصف ما ليس بكفر، أو تكلم بما لا يفهم نهى عنه فإن عاد عزر. وإن قال: السحر ليس بحرام، وأنا أعتقد إباحته وجب قتله، لأنه استباح ما أجمع المسلمون على تحريمه.
[من آداب أصحاب الحديث]
ويحرم أصحاب الحديث المسكر من الأشربة المتخذة من العنب أو الزبيب أو التمر أو العسل أو الذرة أو غير ذلك مما يسكر، يحرمون قليله وكثيره، وينجسونه ويوجبون به الحد. ويرون المسارعة إلى أداء الصلوات وإقامتها في أوائل الأوقات أفضل من تأخيرها إلى آخر الأوقات. ويوجبون قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام [1]. ويأمرون بإتمام الركوع والسجود حتما واجبا، ويعدون إتمام الركوع والسجود بالطمأنينة فيهما، والارتفاع من الركوع والانتصاب منه والطمأنينية فيه، وكذلك الارتفاع من السجود، والجلوس بين السجدتين مطمئنين فيه من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها. -10
ويتواصون بقيام الليل للصلاة بعد المنام، وبصلة الأرحام وإفشاء السلام وإطعام الطعام، والرحمة على الفقراء والمساكين والأيتام، والاهتمام بأمور المسلمين، والتعفف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والسعي في الخيرات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبدار إلى فعل الخيرات أجمع. [واتقاء سؤ عاقبة الطمع ويتواصون بالحق والصبر]، ويتحابون في الدين ويتباغضون فيه، ويتقون الجدال في الله، والخصومات فيه، ويجانبون أهل البدع والضلالات، ويعادون أصحاب الأهو اء والجهالات، [ويقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الذين هم كالنجوم بأيهم اقتدوا اهتدوا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم]. ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين. ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرت، وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت. وفيه أنزل الله عز وجل قوله: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره)
[علامات أهل البدع]
وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، واحتقارهم لهم وتسميتهم إياهم حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة، اعتقادا منهم في أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أنها بمعزل عن العلم، وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة، ووساوس صدورهم المظلمة، وهواجس قلوبهم الخالية من الخير، العاطلة، وحججهم بل شبههم الداحضة الباطلة. أولئك الذين لعنهم الله، فأصمهم وأعمى أبصارهم. ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء.
سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي يقول: سمعت أحمد بن سنان القطان يقول: ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه.
وسمعت الحاكم يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد يقول: سمعت محمد بن إسماعيل الترمذي يقول كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند إمام الدين أبي عبد الله
أحمد بن حنبل، فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء. فقام أحمد بن حنبل وهو ينفض ئوبه ويقول: زنديق زنديق، حتى دخل البيت.
وسمعت الحاكم أبا عبد الله يقول: سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى يقول: سمعت أبا نصر بن سلام الفقيه يقول: ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/388)
وسمعت الحاكم يقول: سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحق بن أيوب الفقيه وهو يناظر رجلا فقال الشيخ أبو بكر: حدثنا فلان، فقال له الرجل: دعنا من حدثنا! إلى متى حدثنا؟ فقال الشيخ له: قم يا كافر فلا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا أبدا، ثم التفت إلينا وقال: ما قلت لأحد قط لا تدخل داري إلا هذا.
وسمعت الأستاذ أبا منصور محمد بن عبد الله بن حماد العالم الزاهد يقول: سمعت أبا القاسم جعفر بن أحمد المقري الرازي يقول: قرىء علي عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وأنا أسمع: سمعت أبي يقول: عني به الإمام في بلده أباه أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي يقول: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل الأثر حشويه، يريدون بذلك إبطال الآثار، وعلامة القدرية تسميتهم أهل السنة مجبرة، وعلامة الجهمية تسميهم أهل السنة مشبهة، وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة، قلت: (وكل ذلك عصبية، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث)، قلت: أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة سلكوا معهم مسلك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اقتسموا القول فيه، فسماه بعضهم ساحرا وبعضهم كاهنا، وبعضهم شاعرا، وبعضهم مجنونا، وبعضهم مفتونا، وبعضهم مفتريا مختلقا كذابا، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تلك المعائب بعيدا بريئا، ولم يكن إلا رسولا مصطفى نبيا، قال الله عز وجل: (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلأ). كذلك المبتدعة خذلهم الله اقتسموا القول في حملة أخباره، ونقلة آثاره ورواة أحاديثه المقتدين بسنته، فسماهم بعضهم حشوية، وبعضهم مشبهة، وبعضهم نابتة، وبعضهم ناصبة، وبعضهم جبرية، وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعايب برية زكية نقية، وليسوا إلا أهل السنة المضية والسيرة المرضية والسبل السوية والحجج البالغة القوية، قد وفقهم الله جل جلاله لا تباع كتابه ووحيه وخطابه، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم في أخباره التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل، وزجرهم فيها عن المنكر منها، وأعانهم على التمسك بسيرته والاهتداء بملازمة سنته، وشرح صدورهم لمحبته، ومحبة أئمة شريعته، وعلماء أمته، ومن أحب قوما فهو معهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب".
[علامات أهل السنة]
وإحدى علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة، وعلمائها وأنصارها وأو ليائها، وبغضهم لأئمة البدع، الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلا منه جل جلاله ومنة.
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكى، حدثنا أحمد بن سلمة، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري، ومالك بن أنس والأوزاعي، وشعبة وابن المبارك، وأبا الأحوص وشريكا ووكيعا ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن ابن مهدي فاعلم أنه صاحب سنة، قال أحمد بن سلمة رحمه الله: فألحقت بخطي تحته: ويحيى بن بحبى وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، فلما انتهى إلى هذا الموضع نظر الينا أهل نيسابور، وقال: هؤلاء القوم يتعصبون ليحيى بن يحيى، فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى؟ قال رجل صالح إمام المسلمين، وإسحق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر من سميتهم كلهم، وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله، أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة أهل الحديث الذين بهم يقتدون، وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم ومتبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدون، وفي اتباعهم آثارهم يجدون جماعة آخرين، منهم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي، وسعيد بن جبير والزهري، والشعي والتيمي ومن بعدهم، كالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي، وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، ويونس بن عبيد، وأيوب وابن عون ونظرائهم. ومن بعدهم مثل يزيد بن هارون، وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد، ومن بعدهم محمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري، وأبي داود السجستاني وأبي زرعة الرازي، وأبي حاتم وابنه ومحمد بن مسلم بن واره، ومحمد بن أسلم الطوسي، وعثمان بن سعيد الدارمي،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/389)
ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الذى كان يدعى إمام الأئمة، والمقري كان إمام الأئمة في عصره ووقته، وأبي يعقوب إسحق بن إسماعيل البستي، وجدي من قبل أبوي أبي سعيد يحيى بن منصور الزاهد الهروي، وعدي بن حمدويه الصابوني، وولديه سيفي السنة أبي عبدالله الصابوني وأبي عبد الرحمن الصابوني، وغيرهم من أئمة السنة الذين كانوامتمسكين بها، ناصرين لها داعين إليها دالين عليها، وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم بعضا، بل أجمعوا عليها كلها، واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم وإخزائهم وابعادهم واقصائهم، والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم، قال الأستاذ الإمام رحمه الله: وأنا بفضل الله عز وجل متبع لآثارهم مستضيء بأنوارهم، ناصح لإخواني وأصحابي أن لا يزيغوا عن منارهم، ولايتبعوا غير أقوالهم، و لا يشتغلوا بهذه المحدثات من البدع التي اشتهرت فما بين المسلمين، وظهرت وانتشرت، ولو جرت واحد منها على لسان واحد في عصر أولئك الأئمة لهجروه، وبدعوه ولكذبوه وأصابوه بكل سوء ومكروه، ولا يغرن إخواني حفظهم الله كثرة أهل البدع، ووفور عددهم فإن ذلك من أمارات اقتراب الساعة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: " إن من علامات الساعة واقترابها أن يقل العلم ويكثر الجهل " والعلم هو السنة، والجهل هو البدعة، ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها واستقام عليها، ودعا إليها كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذه الجملة في أوائل الإسلام والملة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: " له أجر خمسين فقيل: خمسين منهم؟ قال: بل منكم".وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لمن يعمل بسنته عند فساد أمته.
وجدت في كتاب الشيخ الإمام جدي أبي عبد الله محمد بن عدي بن حمدويه الصابوني رحمه الله: أخبرنا أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي، أن العباس بن صبيح حدثهم، حدثنا عبد الجبار بن مظاهر حدثني معمر بن راشد، سمعت ابن شهاب الزهري يقول: تعليم سنة أفضل من عبادة مئتي سنة. أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني، أخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي، سمعت محمد بن حاتم المظفري يقول سمعت عمرو بن محمد يقول: كان أبو معاوية الضرير يحدث هارون الرشيد فحدثه بحديث أبي هريرة "احتج آدم وموسى"، فقال عيسى بن جعفر: كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما؟ قال فوثب به هارون وقال: يحدثك عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتعارضه بكيف؟ قال: فما زال يقول حتى سكن عنه.
هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق. وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد رحمه الله مع من اعترض على الخبر الصحيح، الذي سمعه بكيف؟ على طريق الإنكار، والاسبتعاد له، ولم يتلقه بالقبول كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد من الرسول صلى الله عليه وسلم. جعلنا الله سبحانه من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويتمسكون في دنياهم مدة محياهم بالكتاب والسنة، وجنبنا الأهواء المضلة والآراء المضمحلة، والأسواء المذلة، فضلا منه ومنة. آخره، الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
---------------------------------------------
[1]. في قراءة الفاتحة خلف الإمام خلاف بين أهل الحديث. -
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[22 - 11 - 09, 11:43 م]ـ
العقيدة القيروانية
[لأبي محمد القيرواني - الملقب بمالك الصغير - ت 386 هـ]
قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني رضي الله عنه وأرضاه:
باب ما تنطق به الألسنة و تعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/390)
من ذلك الإيمان بالقلب والنطق باللسان أن الله إله واحد لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا والد له، ولا صاحبة له، ولا شريك له، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، ولا يبلغ كُنْه صفته الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون، يعتبر المتفكرون بآياته، ولا يتفكرون في ماهية ذاته، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض، ولا يؤوده حفظهما، وهوالعلي العظيم، العالم الخبير، المدبر القدير، السميع البصير، العلي الكبير.
وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه.
خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهوأقرب إليه من حبل الوريد، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين.
على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وله الأسماء الحسنى والصفات العلى، لم يزل بجميع صفاته وأسمائه تعالى أن تكون صفاته مخلوقة وأسماؤه محدثةً، كلَّم موسى بكلامه الذي هوصفة ذاته، لا خلقٌ من خلقه، وتجلى للجبل فصار دكا من جلاله.
وأن القرآن كلام الله، ليس بمخلوق فيبيد، ولا صفةً لمخلوق فينفد.
والإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، كل ذلك قد قدره الله ربنا ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه ن علم كل شيء قبل كونه، فجرى على قدره، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به {ألا يعلم من خلق وهواللطيف الخبير}، يضل من يشاء فيخذله بعدله، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله، فكلٌ ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه، وقدره من شقي أوسعيد، تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أويكون لأحد عنه غنى، أو يكون خالقٌ لشيءٍ إلا هو رب العباد، ورب أعمالهم، والمقدر لحركاتهم وآجالهم.
الباعثُ الرسلَ إليهم لإقامة الحجة عليهم، ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه صلى الله عليه وسلم، فجعله آخر المرسلين، بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وانزل عليه كتابه الحكيم، وشرح بدينه القويم، وهدى به الصراطَ المستقيم.
وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من يموت، كما بدأهم يعودون.
وأن الله سبحانه ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات، وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات، وغفر لهم الصغائر باجتناب الكبائر، وجعل من لم يتب من الكبائر صائرا على مشيئته، {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، ومن عاقبه الله بناره أخرجه منها بإيمانه، فأدخله به جنته، {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}، ويخرج منها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم من شفع له من أهل الكبائر من أمته.
وأن الله سبحانه قد خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه، وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم، وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه بما سبق في سابق علمه، وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به وألحد في آياته، وكتبه، ورسله، وجعلهم محجوبين عن رؤيته.
وأن الله تبارك وتعالى يجيء يوم القيامة والملك صفا صَفا لعرض الأمم وحسابها وعقوبتها وثوابها، وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد، {فمن ثقلت موازينه فأولائك هم المفلحون}، ويؤتون صحائفهم بأعمالهم، فمن أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، ومن أوتي كتابه وراء ظهره فأولائك يُصلون سعيرا.
وأن الصراط حق يجوزه العباد بقدر أعمالهم، فناجون متفاوتون في سرعة النجاة عليه من نار جهنم، وقوم أوبقتهم فيها أعمالهم.
والإيمان بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترده أمته، لا يظمأ من شرب منه، ويذاذ عنه من بدل وغير.
وأن الإيمان قول باللسان، وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بزيادة الأعمال، وينقص بنقصانها، فيكون فيها النقص وبها الزيادة، ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ونية إلا بموافقة السنة، وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة.
وأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأرواح أهل السعادة باقية ناعمة إلى يوم يبعثون، وأرواح أهل الشقاوة معذبة إلى يوم الدين.
وأن المؤمنين يفتنون في قبورهم ويُسألون، {يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.
وأن على العباد حفظة يكتبون أعمالهم، ولا يسقط شيء من ذلك عن علم ربهم، وان ملك الموت يقبض الأرواح بإذن ربه.
وأن خير القرون الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم , وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وأن لا يُذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب.
والطاعة لأئمة المسلمين من ولاة أمورهم وعلمائهم.
واتباعُ السلف الصالح، واقتفاءُ آثارهم، والاستغفارُ لهم،وترك المراء والجدال في الدين، وترك كل ما أحدثه المحدثون.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t43574.html)
ركن عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/391)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 11 - 09, 06:46 م]ـ
كثير من هذه الأقوال لا تصح من ناحية السند
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[25 - 11 - 09, 02:04 م]ـ
كثير من هذه الأقوال لا تصح من ناحية السند
شكر الله لكم شيخنا محمد الأمين هلا تكرمت على اخوانك و بينت ما صح و ما لم يصح ولو باختصار .. و الطلب ذاته من كل الاخوة الفضلاء و مشائخنا بارك الله في الجميع و نفع بكم ..
دعواتكم يا اخوان(59/392)
عبد الرزاق الصنعاني وابن أبي شيبة الكوفي
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 02:31 ص]ـ
مشايخنا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم عدد الآثار في مصنف ابن أبي شيبة وهل هي أكثر منهافي مصنف عبد الرزاق؟ علماً أنها تتجاوز الواحد وعشرين ألف أثر في مصنف عبد الرزاق. وهل هناك طبعة محققة لمصنف ابن أبي شيبة؟(59/393)
التحولات الفكرية .. رؤية نقدية
ـ[أبو عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - 11 - 09, 07:11 ص]ـ
أقام مركز التأصيل للدراسات والبحوث يوم الأربعاء المواقف: 23/ 11/1430هـ , الحلقة النقاشية الثانية , وذلك ضمن سلسلة يقيمها المركز.
وقد كان عنوان الحلقة: التحولات الفكرية رؤية نقدية
قدم الورقة الأصلية فيها الدكتور: حسن بن محمد الأسمري , أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الملك خالد , وقد بين فيها أهمية دراسة الموضوع , وحدود ورقته.
وقد دارت ورقته على ثلاثة محاور:
المحور الأول: تأصيل نظري في الموضوع
المحور الثاني: أسباب الظاهرة:
السبب الأول: ثنائية الجهل والعلم
السبب الثاني: ظهور المشروعات الفكرية
السبب الثالث: الإعلام
السبب الرابع: عولمة التقلب
السبب الخامس: الأحداث الكبرى التي شهدها العالم عامة , والمنطقة العربية
المحور الثالث: أنواع التقلبات:
النوع الأول: من إسلامي إلى إنساني
النوع الثاني: من التعبد إلى التخلق
النوع الثالث: من السنة إلى البدعة
النوع الرابع: من النشاط إلى الفتور
النوع الخامس: من المروءة إلى الإمعية
ثم قُدم حول الورقة الأصلية تعقيبان:
التعقيب الأول: قدمه د/ محمد الفقيه , وقد ابتدأ الدكتور ورقته بالثناء على الورقة الأصلية.
ثم ذكر أبرز المظاهر التي تدل على التحولات الفكرية ومنها:
1 - ظهور الثناء على الزنادقة والمنحرفين , وإظهارهم على أنهم أصحاب فكر تنويري تجديدي ,
2 - ظهور النقد المعاكس.
3 - التصالح مع الواقع.
التعقيب الثاني: وقدمه أ. سلطان بن عبدالرحمن العميري , وقد تناول فيه عدة أفكار:
الفكرة الأولى: التنبيه على أن التحولات الفكرية أمر طبيعي في المجتمعات البشرية.
الفكرة الثانية: توصيف ظاهرة التحولات الفكرية.
وذكر أن التحولات نوعان: تحولات ظاهرة، وتحولات ملتبسة.
الفكرة الثالثة: أسباب ظاهرة التحولات الفكرية:
حاول أ. سلطان أن يضيف أسبابا أخرى للتحولات , وهي:
1. الوضع المعرفي والثقافي في الوسط السعودي.
2. سوء النشأة.
3. طغيان الإحساس بالهزيمة النفسية.
4. غياب الرموز المؤثرة.
5. تربص العدو.
الفكرة الرابعة: آثار ظاهرة التحول السلبية والإيجابية.
الفكرة الخامسة: حلول مقترحة:
1. بناء المنهجيات العلمية الواضحة.
2. توسيع مجالات البحث تأصيلا ونقدا.
3. إخراج القدوات والباحثين الجادين.
ثم بعد ذلك فتح المجال للحوارات والنقاشات , وقد شارك فيها عدد من المشايخ وطلبة العلم , وممن شارك فيها:
د/ عبدالله بن محمد القرني.
د/ لطف الله خوجه.
د/ عبدالرحيم السلمي.
د/ أبو زيد مكي.
http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&*******Id=982(59/394)
ماهي المتون والكتب العلمية التي الفها المالكية في العقيدة
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 04:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخواني الكرام ماهي المتون والكتب العلمية التي الفها المالكية في العقيدة اقصد عقيدة اهل السنة والجماعة فلا نسمع الا بالعقيدة الصغرى والكبرى وعقيدة ابن ابي زيد القيرواني
ـ[أبو راشد التواتي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 05:00 م]ـ
للرفع
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[24 - 11 - 09, 12:29 ص]ـ
اصول السنة للعلامة محمد بن عبدالله الأندلسي الشهير بابن أبي زمنين رحمه الله ت399هـ
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[24 - 11 - 09, 02:26 م]ـ
للرفع
ـ[محمد العياشي]ــــــــ[24 - 11 - 09, 06:50 م]ـ
مقدمة ابن أبي زيد القيرواني, اعتنى بها كثير من المعاصرين و شرحوها كمتن عقدي.
ـ[أبو معاذ فؤاد الأثري]ــــــــ[24 - 11 - 09, 10:15 م]ـ
هذه بعض تآليف أئمة المالكية في المعتقد (عقيدة أهل السنة والجماعة)
1 مقدمة الرسالة لابن أبي زيد القيرواني
2 عقيدة التوحيد الكبرى للشيخ محمد المكي بن عزوز المالكي المغربي (ت 1334هـ)
3 كتاب الجامع لابن أبي زيد القيرواني (احتوى على أبواب في المعتقد)
4 السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها لأبي عمرو الداني الأندلس.
5 أصول السنة لابن أبي زمنين.
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 04:08 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي فؤاد هل من الاخوة من يدكر لنا كتب ومتون اخرى
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 09, 06:07 م]ـ
نونية القحطاني
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 09, 06:09 م]ـ
نظم عقيدة ابن ابي زيد الأحسائي المالكي
ـ[أبو عبيدة التونسي السلفي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 06:43 م]ـ
2 عقيدة التوحيد الكبرى للشيخ محمد المكي بن عزوز المالكي المغربي (ت 1334هـ)
هو تونسي وليس مغربي
ولم يكن على عقيدة السلف بل كان أشعريا رحمه الله , وسمعت كثيرا أنه رجع عن ذلك في آخر حياته , ولكن لم أقف على مايدل على ذلك.
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[25 - 11 - 09, 08:01 م]ـ
هل القحطاني صاحب النونية من علماء المالكية
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[25 - 11 - 09, 08:41 م]ـ
الاخ الفاضل جمال السعدي ...
من قال بان القحطاني مالكي فيجب عليه اثبات دعواه
الرجل اظنه ظاهري المذهب من اتباع ابن حزم
وزيادة على هذا لم اجد له ترجمة عند من يحتج بنونيته؟؟؟؟
في انتظار رد الاخ الفاضل
ـ[أمين نواري]ــــــــ[25 - 11 - 09, 08:57 م]ـ
رسالة في الشرك ومظاهره للميلي
وأيضا العلامة أبوبكر الباقلاني من أعلام المالكية كتبه في العقيدة أصول منها التمهيد والإنصاف وهناك كتاب في الفقه المالكي هو الفواكه الدواني بشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي الفصل الأول يتكلم عن العقيدة
ننتظر المزيد ....
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[25 - 11 - 09, 09:33 م]ـ
الباقلانى من رؤوس الأشاعرة أيها الفاضل.
ـ[أبوعبد الله عادل المغربي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 12:26 ص]ـ
هو تونسي وليس مغربي
ولم يكن على عقيدة السلف بل كان أشعريا رحمه الله , وسمعت كثيرا أنه رجع عن ذلك في آخر حياته , ولكن لم أقف على مايدل على ذلك.
هناك مقال للشيخ سليمان الخراشي تحت عنوان قصة رجوع عالم تونس (محمد المكي بن عزوز) ... من القبورية إلى السلفية. راجعه أخي الكريم.
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/117.htm
ـ[عبد الرحمن السعودي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 05:12 ص]ـ
الاخ الفاضل جمال السعدي ...
من قال بان القحطاني مالكي فيجب عليه اثبات دعواه
الرجل اظنه ظاهري المذهب من اتباع ابن حزم
في انتظار رد الاخ الفاضل
باركَ الله ُ فيكِ، قال القحطانيُّ في نونيِّتِهِ:
متيمما صليت أو متوضئا ... فكلاهما في الشرع مجزيتان
والغسل فرض والتدلك سنة ... وهما بمذهب مالك فرضان
وقالَ:
قصر الصلاة على المسافر واجب ... وأقل حد القصر مرحلتان
كلتاهما في أصل مذهب مالك ... خمسون ميلا نقصها ميلان.
ثُمَّ لو قيلَ بأنَّه ليسَ مالكِيَّاً، فما الذي يجعلُهُ ظاهريّا على مذهبِ ابنِ حزمٍ،
فليسَ من آثارِهِ إلا نونيَّتُهُ وليسَ فيها ما يدلُّ على مذهبِ ابن حزمٍ، بل فيها ما يدلّ على خِلافِهِ.
فعندنا احتمالانِ:
- أن لايكون منتسباً لمذهبٍ، أو لا يُعرف مذهبهُ.
- أن يكونَ مالكيَّا لما أورده في نونيَّتِهِ وهو الظَّاهِرُ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/395)
لا يكونُ غير هذين الاحتمالينِ أبداً.
أمَّا قولكِ:
وزيادة على هذا لم اجد له ترجمة عند من يحتج بنونيته؟؟؟؟
كيف (يحتجّ بنونيّته؟!)، وعلى كُلٍ فلا يُعرَف له ترجمةٌ.
وفقكم الله.
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 09, 02:05 م]ـ
ترجمة الامام أبي عبدالله القحطاني
* قال السمعاني في الأنساب:
القحطاني: بفتح القاف وسكون الحاء وفتح الطاء المهملتين وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى قحطان، ونزل اليمن، وهو من ملوكها، وهو قحطان بن عابر بن أبي شالخ، وهو أول من سلمعليه وحيي ب "أبيت اللعن"، وقحطان هو الذي ينتسب جميع الأنصار إليه، واليمن كلها، وهم بنو يعرب بن يشجب بن قحطان، واسمه يقطن بن عامر بن شالخ بن أرفحشد بن بسام بننوح. قال ذلك ابن الكلبي. وقيل اسمه يقطان. وقال إسماعيل بن أبي اويس: اسم قحطان مهزم سمي قحطان لأنه كان أول من تجبر وغصب وظلم وقحط أموال الناس من ملوك العرب. وقيل: هو قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم. وهو قحطان جرثومةالعربواختص جماعة بالانتساب إليه؛ منهم:
أبو عبد الله محمد بن صالح بن السمحبن صالح بن هاشم بن غريب القحطاني المالكي المعاركي الأندلسي. وقال غنجار، في "تاريخ بخارى": هو محمد بن صالح بن محمد بن السمح المعافري الأندلسي، كان فقيهاً حافظاً، جمع تاريخاً لأهل الأندلس. روى عن محمد بنرفاعة، ومحمد بن الوضاح، وإبراهيم بن القزاز، والحسن بن سعد، وأحمد بن حزم، والقاسمبن أصبغ، الأندلسيين. وسمع بالشام خثيمة بن سليمان الأطرابلس، وببغداد إسماعيل بنمحمد الصفار. ذكره أبو سعد الإدريسي في تاريخ سمرقند وقال: أبو عبد الله الفقيه القحطاني، قدم علينا سمرقند قبل الخمسين والثلاثمائة، وكتبت بها عن مشايخنا للأندلسيين، سمعناه منه بسمرقند، وكان من أفضل الناس، ومن ثقاتهم، جمع منه الحديث شيئاً لا يوصف، من مشايخ الأندلس والمغرب والشام والحجاز والعراق والجبال وخراسان ما وراء النهر، مات رحمه الله ببخارى في نيف وسبعين وثلاثمائة. ذكره الحاكم أبو عبدالله في التاريخ لنيسابور فقال: محمد بن صالح بن محمد بن سعد بن نزار بن عمر بن ثعلبة القحطاني المعافري الفقيه الأندلسي المالكي، وكان ممنرحل من المغرب إلى المشرق، وإنا اجتمعنا بهمذان، في شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، فتوجه منها إلى أصبهان وقد كان سمع في بلاده وبمصر من أصحاب يونس بن عبدالأعلى وأبي إبراهيم المزني، وبالحجاز من أبي سعيد بن الإعرابي، وبالشام من خيثمة بن سليمان، وبالجزيرة من أصحاب عليّ بن حرب، وببغداد من إسماعيل الصفار، ورد نيسابور في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين، سمع الكثير، ثم خرج إلى مرون ومنها إلى أبي بكر بن حنيف فبقي بها إلى أن توفي رحمه الله ببخارى، في رجب سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. وقال غنجار: توفي أبو عبد الله الأندلسي ببخارى، سنة تسع وسبعين وثلاثمائة. إنتهى من الأنساب.
* قال ابن الفرضي في تاريخ علماء الأندلس محمد بن صالح المُعافري: من أهل قرطبة.
سمع بقرطبة: من قاسم بن أصبغ وغيره، ورحل إلى المشرِق فسمع بمكة: من ابن الأَعرابيّ ومن غيره من المكييّن ودخل العراق فكتبَ بها عن كثير من مُحَدِّثيها. وكان كتّابة للحديث، ورحلإلى خُراسَان فتَرَدّد بها، واستوطن بُخَارَى ولم يزل مقيماً فيها إلى أن تُوفِّيَ رحمه الله: سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة فيما ذكره عبد الرحمن بن عبد الله التَّاجر. إنتهى من تاريخ إبن الفرضي.
* وقال أحمد بن المقري التلمساني في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب أبو عبد الله محمد بن صالح القحطاني، المعافري الأندلسي المالكي رحل إلى المشرق فسمع بالشام خيثمة بن سليمان، وبمكّة أبا سعيد ابن الأعرابي، وببغداد إسماعيل بن محمد الصفّار، وسمع بالمغرب بكرابن حماد التّاهرتي ومحمد بن وضاح وقاسم بن أصبغ، وبمصر جماعة من أصحاب يونسوالمزني. روى عنه أبو عبد الله الحاكم وقال: اجتمعنا به بهمذان، مات ببخارى سنة 383، وقيل: سنة ثمان، وقيل: سنة تسع وسبعين. وقال فيه أبو سعيد الإدريسي: إنّه كان من أفاضل الناس، ومن ثقاتهم. وقال غنجار: إنّه كان فقيهاً حافظاً، جمع تاريخاً لأهل الأندلس. وقال السمعاني فيه: كان فقيهاً حافظاً، رحل في طلب العلم إلى المشرقوالمغرب، رحمه الله تعالى. إنتهى من نفح الطيب للتلمساني.
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 04:36 م]ـ
العجيب في الامر اخي البيلي ان ابن القيم في نونيته اوصى بالنظر في التمهيد للباقلاني ورسائله
وانظر الى قول الطحاوي الرضي ... وأجره من تحريف ذي بهتان
وكذلك القاضي أبو بكر هو ابن الباقلاني قائد الفرسان
قد قال في تمهيده ورسائل ... والشرح ما فيه جلي ببيان
في بعضها حقا على العرش استوى ... لكنه استولى على الأكوان
وأتى بتقرير العلو وأبطل اللام التي زيدت على القرآن
من أوجه شتى وذا في كتبه ... باد لمن كانت له عينان
و يبقى اشكال اخر هل الباقلاني مالكي في الفروع ام شافعي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/396)
ـ[أبو معاذ فؤاد الأثري]ــــــــ[27 - 11 - 09, 12:44 ص]ـ
الباقلاني يا إخوتاه من أئمة المتكلمين، بل علم من أعلامهم ومنظِّريهم فلا تدرج كتبه ضمن عقائد أهل السنة
وكذلك شرح النفراوي وشرح الآبي الأزهري على الرسالة جريا فيها على معتقد الأشاعرة وحرفا كلام الإمام القيرواني تحريفا سيئا.
ـ[أبو معاذ فؤاد الأثري]ــــــــ[27 - 11 - 09, 01:12 ص]ـ
أخي أبا عبيدة ... بارك الله فيك على حرصك ... وهذه بعض المعلومات والوثائق التي قد نستفيد منها فيما يتعلق بالشيخ بن عزوز:
الشيخ تونسي المولد جاب بلاد المغرب العربي لطلب العلم ثم رحل إلى تركية (الأستانة) فكان يلقب بـ: بن عزوز المغربي ... نسبة إلى المغرب العربي لأنه من أهل المغرب العربي (في مقابل المشرق.
http://www3.0zz0.com/2009/11/26/21/382422451.jpg
والشيخ في آخر حياته كان على معتقد أهل السنة والجماعة وهذا الكتاب بالذات من أروع ما قرأت في مؤلفات المالكية في المعتقد الصحيح
http://www3.0zz0.com/2009/11/26/22/320186334.jpg
http://www3.0zz0.com/2009/11/26/22/308985044.jpg
http://www3.0zz0.com/2009/11/26/22/663516394.jpg
http://www3.0zz0.com/2009/11/26/22/177189269.jpg
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[27 - 11 - 09, 05:24 م]ـ
ننتظر المزيد اخواني من المؤلفات اريد ان اسال هل من المغاربة من الف في توحيد الالوهية
ـ[أبو بكر المكي]ــــــــ[27 - 11 - 09, 10:00 م]ـ
هناك مصنفات كثيرة في العقيدة السنية لأتباع أئمة المذاهب (الأربعة وغيرهم)، وترى أسماء رسائلهم السلفية في:
1 - كتاب: المصادر العلمية في الدفاع عن العقيدة السلفية للشيخ المغراوي - حفظه الله -.
2 - كتاب: تاريخ تدوين العقيدة السلفية للشيخ عبد الكريم بن برجس - رحمه الله - وقد صنع فهرسًا ببيان أتباع المذاهب الفقهية، فكانت الشافعية أكثر من الحنابلة في المصنفات السلفية وتتلو الشافعية: المالكية.
3 - كتاب: دليل المكتبة العقدية: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=179584
وهذا التسلسل التاريخي - وحده - كافٍ لدحض شبهات المبتدعة الضلال أتباع كل أحمق جاهل بالكتاب والسنة، كذاب، متبع للهوى، وأن مذهب السلف قائم وموجود منذ العصور الأولى 100 % ..
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 04:21 ص]ـ
رسالة في الشرك ومظاهره للميلي
وأيضا العلامة أبوبكر الباقلاني من أعلام المالكية كتبه في العقيدة أصول منها التمهيد والإنصاف وهناك كتاب في الفقه المالكي هو الفواكه الدواني بشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي الفصل الأول يتكلم عن العقيدة
ننتظر المزيد ....
عفوا أخي هناك فرق بين العنوان العام للموضوع وبين ماذكرته بخصوص الكتب
إلا الميلي فللأسف لم أسمع به لقصور مني.
أما الباقلاني فقد أجابك عنه بعض الإخوة
وثالثهم صاحب الفواكه الدواني العلامة النفراوي رحمه الله ذكر في فصل العقيدة مايفيد بأن المالكية كانوا على طريقين سلف وخلف فالسلف ولكنه للأسف رجح مذهب الخلف واعتبره الأولى بالاعتبار راجع كلامه تحت شرحه لقول المصنف رحمه الله: وأنه فوق عرشه المجيد بذاته وستجد ماذكرته لك على مفصلا هناك
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[30 - 11 - 09, 06:20 ص]ـ
- كتاب: المصادر العلمية في الدفاع عن العقيدة السلفية للشيخ المغراوي - حفظه الله -.
2 - كتاب: تاريخ تدوين العقيدة السلفية للشيخ عبد الكريم بن برجس - رحمه الله - وقد صنع فهرسًا ببيان أتباع المذاهب الفقهية، فكانت الشافعية أكثر من الحنابلة في المصنفات السلفية وتتلو الشافعية: المالكية.
3 - كتاب: دليل المكتبة العقدية: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=179584
اسمه عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم.
هل نجد هذه الكتب على الشبكة أخى الفاضل؟
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[02 - 12 - 09, 04:31 م]ـ
اخواني هده بعض الكتب التي صنفها علماء المالكية في العقيدة وجدتها في خزانة السادة المالكية تجدها في قسم كتب العقيدة واصول الدين
http://malikiaa.blogspot.com
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[23 - 10 - 10, 07:27 م]ـ
كتب أبي عمر أحمد بن محمد المعافري الطلمنكي ( http://as-salaf.com/article.php?aid=38&lang=ar)
ألف في العقيدة:
- الوصول إلى معرفة الأصول في مسائل العقود في السنة
- الرسالة المختصرة في مذاهب أهل السنة
ـ[أبو علي بن عبد الله]ــــــــ[23 - 10 - 10, 08:24 م]ـ
بالنسبة للإمام القحطاني رحمه الله فهو مالكي المذهب، وقد كفانا مؤونة إثبات ذلك أخينا عبد الرحمن السعودي من نونيته الشهيرة المباركة، وقد نص السمعاني في الأنساب، وكذلك ابن المقري في نفح الطيب على أنه كان مالكيا، ومما يدل على ذلك أنه من أهل الأندلس ـ مع أنه توفي في بخارى ـ، وأغلب أهل الأندلس كانوا على مذهب الإمام مالك رحمه الله ...
وأما من زعم أنه كان ظاهريًا من أتباع ابن حزم فكيف يكون ذلك، وقد نص من ترجم له أنه توفي سنة 383 هـ، وابن حزم رحمه الله توفي سنة 456 هـ، إن هذا لشيء عجيب!!! فكيف يكون من أتباعه وقد أتى قبله؟؟!! ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/397)
ـ[المهيري]ــــــــ[24 - 10 - 10, 03:26 ص]ـ
وأما من زعم أنه كان ظاهريًا من أتباع ابن حزم فكيف يكون ذلك، وقد نص من ترجم له أنه توفي سنة 383 هـ، وابن حزم رحمه الله توفي سنة 456 هـ، إن هذا لشيء عجيب!!! فكيف يكون من أتباعه وقد أتى قبله؟؟!! ...
أضحك الله سنك جميل
هذه فائدة التسرع للأسف
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[24 - 10 - 10, 03:17 م]ـ
وهل يشترط في الظاهرية أن يكون تابعا لابن حزم .. بل هذا من التعنت في التحجج للرأي
ـ[أبو علي بن عبد الله]ــــــــ[24 - 10 - 10, 10:41 م]ـ
أختي الفاضلة: ربى الجزائرية ...
أنا لم أشترط أن يكون الظاهري من أتباع ابن حزم، بل إن أول من قال بالظاهر كما هو معروف عند أهل العلم هو داود الظاهري رحمه الله وهو من أعلام القرن الثالث ـ أحسبه كذلك ـ، ولكن لما قلتِ أنه من أتباع ابن حزم أحببت أن أفند الدعوى لا غير، وهذا نص كلامكِ ـ حفظك الله ـ:
الرجل اظنه ظاهري المذهب من اتباع ابن حزم
وإنما نُسب الظاهرية إلى ابن حزم لأنه هو الذي أقام المذهب ونصره بكل ما أوتي من قوة وحجة وبيان، مع تطاول على بعض أهل العلم ممن سبقه ـ غفر الله له ذلك ـ ...
وأما القحطاني فهو مالكي المذهب كما ذكرتُ قبل ذلك، نص عليه السمعاني في الأنساب، وابن المقري في نفح الطيب، وارجعي إلى كلاميهما فيما نقله عنهما الأخ جمال سعدي الجزائري في الرد السابع عشر، وقد سمعت النقل عن السمعاني من قبل، فلما رأيت الأخ الفاضل قد نقله، فرحت فقد كفانا مؤونة البحث من جديد في ترجمته، وبعد هذا لا أظن أن هناك أحدٌ يجادل في مالكيته بعدما نص عليها علمان من أعلام التاريخ والتراجم ...
وقد سمعت نونية القحطاني بصوت القارئ فارس عباد، وهو أفضل إخراج للنونية ـ حسب علمي ـ، والقحطاني يذكر مذهب الإمام مالك فيه بل وجوه الرواية عنه، ولم يذكر مذهبًا واحدًا من المذاهب الأخرى المتبوعة ...
فدل بالقرينة والنص أنه مالكي المذهب والله أعلم ...
إضاءة: عن أبي الذيال رحمه الله: (تعلم "لا أدري"، فإنك إن قلت "لا أدري"، علموك حتى تدري، وإن قلت "أدري" سألوك حتى لا تدري) ...
وقال بعضهم: (من أخطأ "لا أدري" أصيبت مقاتله) ...(59/398)
من مظاهر الإيمان في الحج (منقول)
ـ[محمد الباهلي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 11:37 م]ـ
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ولم يتركهم هملا ً، بل أمرهم سبحانه بعبادته، فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وأمر الله عباده بالحج ولم يشرعه عبثا ً، بل فيه من مظاهر الإيمان كثيرٌ لمن أدَّوا حجهم وهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم مقتدون، وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى ظاهرٌ في كل أعمال الحج؛ فالحاج يستهل حجه بالتلبية، ويطوف بالبيت، ويخرج إلى منى وعرفة ومزدلفة، ويرمي الجمار، ويذبح الهدي، ويقوم بجميع أعمال الحج، في خضوع وتسليم وتعظيم لشعائر الله، وإخلاص لله ومحبة، فتتحقق له العبودية في قيامه بأعمال الحج من الذل والخضوع لله سبحانه وتعالى. (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
فالمقصود تقوى القلوب لله، وهو عبادتها له وحده دون ما سواه بغاية العبودية له، فتحقيق العبودية لله في الصلاة والنسك والمحيا والممات، هو الأصل الذي تنبني عليه سائر العبادات من حج وغيره، وهو توحيد الله سبحانه وتعالى وإفراده بالعبادة دون سواه، كما قال سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
و من أعظم مظاهر الإيمان والتوحيد لله في الحج ذكر ُ الله سبحانه، فإن جميع الأعمال إنما شرعت لإقامة ذكر الله سبحانه. وقد أمر الله سبحانه بذكره في الحج في عدة مواضع، ففي التلبية والطواف والسعي ذكرٌ لله، وفي رمي الجمار والإفاضة من عرفات، وعند المشعر الحرام وعند الانتهاء من المناسك ذكرٌ لله. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مناسك الحج إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) فأساس التوحيد ذكر الله وتعظيمه، والحج إنما شرع لإقامة ذكر الله تعالى، فتلبية داع َ اللهِ بالحج تحققٌ لتوحيد الله.
ومن مظاهر الإيمان والتوحيد في الحج تقديم القرابين لله تعالى، وإراقة الدم لله وحده لا شريك له أبلغُ في الخضوع والعبادة، لا سيما وأهل الكفر والشرك يذبحون قرابينهم لطواغيتهم ومن اتخذوهم أربابا ً من دون الله. فالتقرب إلى الله يكون بسَوقه، وإشعاره، وذبحه، والعبد وهو يقدِّم نفسه قربة لله في الحج، ويبذل ماله قربة لله في النفقة على نفسه أو على مستحقه، يقدِّم شيئا آخر يختص بتك البقاع دون غيرها ألا وهو الهدي الذي يسوقه متقربا به إلى الله، ويذبحه معلنا ً إخلاصه لله وحده، وهذه من أعظم شعائر الحج وألصق مظاهر الإيمان والتوحيد فيه، قال تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/399)
سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ).
ومن مظاهر الإيمان والتوحيد في الحج مخالفة المشركين، وقد خالف النبي صلى الله عليه وسلم في حجه الكفار في مواضع كثيرة، فعن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: أن الأنصارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا هُمْ وَغَسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ فَتَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِى آبَائِهِمْ مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)
وهذه الآية قصد بها رفع ما توهم الناس أن الصفا والمروة من جملة الأحجار التي كان أهل الجاهلية يعظمونها، وهذا السبب يقتضي تعظيمهما وتشريفهما مخالفةً للمشركين وتعظيما لشعائر الله، فإن اليهود والنصارى لما أعرضوا عن تعظيم الكعبة قال الله (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) وأوجب حجُها على البيت فإذا كانت الصفا والمروة مما أعرض عنه بعض المشركين وهو من شعائر الله كان الأظهر إيجاب العبادة عنده كما وجبت العبادة عند البيت ولذلك سن النبي صلى الله عليه و سلم مخالفة المشركين حيث كانوا يفيضون من المزدلفة فأفاض من عرفات وصارت الإفاضة من عرفات واجبة ووقف إلى غروب الشمس فصار الوقوف بها واجبا، فقد رأينا كل مكان من الشعائر أعرض المشركون عن النسك فيه أوجب الله النسك فيه.
والطواف أيضا ً، فهو أحد مظاهر الإيمان والتوحيد لله في الحج، وهو أحد المواضع التي يظهر فيها إقامة ذكر الله، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمرة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى)
ومن إقامة ذكر الله في الطواف، التكبير عند الركن، وأيضا الدعاء حال الطواف كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة.
والطائفون بالبيت يقيمون ذكر الله على اختلاف وجوههم في الطواف، ذلك أن الناس في الطواف على وجوه، منهم من يقرأ القرآن يُسمع نفسه ويتدبر ما يقرأ، ومنهم من يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يعظم الله عز وجل بقلبه وبلسانه، ومنهم من يتفكر في نعم الله الكريم عليه فيشكره عليها، ومنهم من يتفكر في ذنوب بينه وبين الله عز وجل فيستغفر الله العظيم منها، ومنهم من له مسألة فيلحُّ في الدعاء لله فيها مع ذل وانكسار.
ومن مظاهر الإيمان والتوحيد لله في الحج، الدعاء على الصفا والمرة والتهليل والتكبير، قال جابر رضي الله عنه في وصفه حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ». فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِىَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كَلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِى بَطْنِ الْوَادِى سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا).
ومن مظاهر الإيمان والتوحيد في الحج، الوقوف بعرفة، ففي هذا الجمع الكبير للناس، وتَوحُدهم في اللباس، وفي كشف الرؤوس، وفي التلبية، وفي وقوفهم في صعيد عرفات جميعا لا فرق بين غني وفقير، ورئيس ومرؤوس، وقد ألف الله بين قلوبهم وجَمْعهم على هذا الدين، وخاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الوحدة فقال: (إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى).
وقد قال النبي صلى في خطبته في يوم عرفة: (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله).
ومما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وهذه الكلمة هي كلمة التوحيد وهي أعلى شعب الإيمان.
ومن مظاهر الإيمان والتوحيد لله تعالى الدفع من عرفة إلى مزدلفة فقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه المشركين، فقد كانوا يدفعون قبل أن تغرب الشمس، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم بعد غروبها.
وكذلك دفعه من مزدلفة إلى منى فقد كانوا يدفعون بعد طلوع الشمس فخالفهم ودفع بعدها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/400)
ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[28 - 11 - 09, 01:58 م]ـ
بسم الله الله اكبر(59/401)
"مناسك حج المشاهد"
ـ[معاذ القيسي]ــــــــ[24 - 11 - 09, 09:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخ الاسلام ابن تيمية دائما يذكر ان لابن النعمان الرافضي "المفيد" كتاب سماه"مناسك حج المشاهد"
واعترض بعض الشيعة بأن هذا الكتاب غير موجود
فهل توجد معلومات حول هذه الكتاب؟
وهل توجد جنس هذه الكتاب والمصنفات عند الشيعة الإمامية؟(59/402)
قراءة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)
ـ[ربى محمد]ــــــــ[26 - 11 - 09, 04:55 ص]ـ
د. نهى قاطرجي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
بدأت المخططات الدولية المتعلقة بالمرأة منذ عام 1949م. مع أول المؤتمرات العالمية الذي جاء يدعو إلى عدم التمييز بين الناس جميعاً، ليس فقط بين النساء والرجال بل أيضاً بين العبيد والأحرار، ففكرة المؤتمر تقوم على إثبات حق الناس في التساوي في الكرامة والحقوق وغيرها.
بعد ذلك بدأت تصدر الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة فكانت أول مرة خَصَّت فيها الأمم المتحدة المرأة عام 1967م.، حين أصدرت " إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة " الذي لم يكن إلزامياً، لهذا لم يحصل تجاوب من قبل معظم الدول خصوصاً دول العالم النامي، مما دعا الأمم المتحدة إلى اعتماد عام 1975م. سنة دولية للمرأة وذلك في 28 ايلول من عام 1972م. تحت شعار: مساواة – تنمية – سلام.
بعد ذلك عقد في العام نفسه المؤتمر العالمي للمرأة في مكسيكو سيتي عام 1975م.، وكان من أبرز إنجازات هذا المؤتمر " اعتماده خطة عمل عالمية تتبناها جميع الدول المنضمة إلى هيئة الأمم المتحدة، ويكون هدفها ضمان مزيد من اندماج المرأة في مختلف مرافق الحياة. وقد أطلق المؤتمر على السنوات الواقعة بين 1976 و1985 اسم "عقد الأمم المتحدة للمرأة " يقينا ًمنه أن هذا العقد قد يكون فترة زمنية كافية لتحقيق الأهداف ولتنفيذ الخطط الموضوعة لها في المجال العملي والتطبيقي".
وحرصاُ من المؤتمر على ضمان سير خطة العمل بمجراها الصحيح، رأت لجنة المتابعة أن يصار إلى عقد مؤتمر عالمي آخر في منتصف العقد. وبالفعل عقد هذا المؤتمر في مدينة كوبنهاجن – الدانمارك بين 14 و30 تموز من عام1980م. تحت شعار: " عقد الأمم المتحدة للمرأة العالمية: المساواة والتنمية والسلام ".
ومما تجدر الإشارة إليه أنه بين مؤتمري مكسيكو وكوبنهاجن، عقدت عدة مؤتمرات، ولعل أهم ما يعنينا من هذه المؤتمرات والاتفاقيات هو تلك الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18/ 12/1979 تحت اسم " اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ".
وبعد ذلك استمرت اللقاءات والمؤتمرات لمتابعة الخطط المدروسة في المؤتمرات السابقة، فكان من بينها مؤتمر نيروبي/ كينيا عام 1985م. الذي عقد لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ خطة العمل العالمية بعد مرور عشر سنوات على وضعها قيد التنفيذ، ولدراسة العقبات والمعوقات التي حالت دون تنفيذها كاملةً في جميع بلدان العالم.
ومنها أيضاً مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994م. ومؤتمر بكين الذي عقد عام 1995م.، ثم أخيراً مؤتمر بكين 5+ الذي عقد في نيويورك في صيف 2000م. والذي خصص لدراسة تطبيق التوصيات الصادرة عن مؤتمر بكين حول المرأة 1995م. في السنوات الخمس الماضية والتخطيط للسنوات الخمس المقبلة وذلك تحت شعار " المرأة عام 2000: المساواة بين الجنسين والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين ".
ولعل أبرز وأهم التوصيات التي صدرت عن مؤتمر بكين 5+ هو العمل على رفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعمل على المصادقة النهائية عليها، وذلك في أفق سنة 2005م. .
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
لماذا التخوف من هذه الاتفاقية؟ ولماذا تمتنع كثير من الدول عن التوقيع عليها ولماذا تتحفظ دول الأخرى على بعض المواد فيها؟
في البدء نقول أن اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "الصادرة عام 1979م. تتألف من ثلاثين مادة تتعلق بالمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل، في جميع الميادين المدنية والسياسية والثقافية.
بمعنى آخر أنها تدعو إلى عدم التمييز بين المرأة والرجل في مجالات العمل، فالمرأة تستطيع أن تقوم بكل الأعمال التي يقوم بها الرجل، مهما كانت شاقة، مما يعطيها الحق أن تحصل على فرص التوظيف والأجر نفسها التي يحصل عليها الرجل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/403)
أما المجال الصحي فالمقصود منه حصول المرأة على الخدمات الصحية كافة، وإن كان القصد المبطن هو التشديد على حقها في المحافظة على جمال جسدها الذي يفسد نتيجة الإنجاب المتكرر.
أما المجال القانوني فإنه يطالب بإعطاء المرأة الأهلية القانونية المماثلة لأهلية الرجل، مما يجعلها تستطيع مباشرة عقودها بنفسها ومن بين هذه العقود عقد الزواج الذي كما هو معلوم هو من العقود المدنية في الغرب، وقد حثت الاتفاقية الدول الأطراف على إلغاء جميع العقود الخاصة التي تمنع المرأة من حقها في ممارسة هذه الأهلية، ولمقصود بذلك طبعاً التشريعات الدينية التي تفرض الولاية في الزواج وتجعل شهادة المرأة كشهادة رجلين في بعض الحالات.
والاتفاقية لا تكتفي بإعطاء النصائح بل هي تدعو جميع الدول الموقعة على الاتفاقية إلى سن القوانين التي تمنع التمييز ضد المرأة، بما فيها اتخاذ التدابير الخاصة للتعجيل بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة، وباتخاذ خطوات لتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية التي تجعل من التمييز عرفاً متمادياً، وسيرد في خلال الحديث إن شاء الله تعالى ما المقصود بالأنماط الاجتماعية وما هو مجال التغيير المطلوب!
وفي الختام فرضت الاتفاقية نظم معينة لمراقبة الدول ومعرفة مدى التزامها ببنود الاتفاقية، وهذه المراقبة تتم عن طريق جواسيس لهذه المنظمة تعمل في إطار منظمات أهلية تقوم بإرسال التقارير إلى الأمم المتحدة، التي تقوم بدورها بإلزام الدول بتنفيذ بنود الاتفاقية بحذافيرها.
هذا ولقد وقَّع على هذه الاتفاقية إلى الآن – كما ذكرنا سابقاً 170 دولة، بينما لم توقع كل من أميركا وسويسرا على هذه الاتفاقية، فلماذا غاب عن بال الحكام العرب أسباب تمنع هذه الدول عن التوقيع؟ ولماذا تصرّ الأمم المتحدة على الدول النامية والفقيرة وتتناسى الدول الكبيرة التي لا تخلو مجتمعاتها من إهدار للحقوق يفوق بكثير إهدار الدول الفقيرة التي لا زالت تحافظ على الأعراف والتقاليد والتشريعات الدينية التي تحترم المرأة وتقدِّرها، الجواب سيكون عندكن بعض المحاضرة إن شاء الله تعالى!
ولنعد إلى الدول الموقعة والتي من بينها لبنان الذي صدق على الاتفاقية في 26/ 7/1996، بعد أن تحفظ على بعض البنود التي تشكل بنظره اعتداء على سيادة الدولة، ومن هذه البنود: المادة 2 التي تتعلق بحظر التمييز في دساتير الدول وتشريعاتها، والمعروف أن مثل هذا الحظر قد يطال المحاكم الشرعية التي تنظم بموجب القانون حياة الناس العائلية والاجتماعية.
أما المادة 9 التي تحفظ عليها لبنان أيضاً فهي تلك المتعلقة بقوانين منح الجنسية للمرأة، ومن العدل التأكيد في هذا المجال على عدم مخالفة الرؤية الإسلامية لهذا البند إذ أنها تعتبر حق المرأة في إعطاء الجنسية لزوجها حق شرعي بما أن هذا الحق لا يتعارض مع أحكام الشريعة.
وكذلك جاء التحفظ أيضاً على المادة 15 التي تتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل في الأهلية القانونية وقوانين السفر والسكن والإقامة، والمادة 16 التي تتعلق بقوانين الزواج والأسرة وخطورة هاتين المادتين تكمن في كونهما تطالبان بإلغاء التشريعات الدينية التي تتعلق بالقوامة والإرث وغير ذلك مما سنبينه لاحقاً إن شاء الله تعالى.
وفي الختام جاء التحفظ على المادة 29 التي تتعلق بإرجاع الخلاف في تفسير الاتفاقية أو تطبيقها بين الدول الأطراف إلى محكمة العدل الدولية، الأمر الذي يعطي للأمم المتحدة الحق في التدخل في سياسة الدول جاعلة من نفسها قوة فوق القانون، هذا الأمر تؤكده المادة 2 من أصول المحاكمات اللبناني التي تجعل الاتفاقيات الدولية تسمو فوق القانون، وهكذا إذا وقعت أي امرأة لبنانية في مشكلة ما فإنها تلجأ إلى الأمم المتحدة لتحل مشكلتها بدل أن تلجأ للقضاء اللبناني!.
أبرز ما تدعو إليه الاتفاقية
ما سبق كان اختصاراً لأبرز ما تدعو إليه اتفاقية التمييز، إلا ان دراسة تفصيلية لبنود هذه الاتفاقية تبرز الهدف الأساسي من وراء وجودها ووجود أمثالها من الاتفاقيات والذي يتمثل في نظام العولمة الجديد الساعي لإبعاد الناس عن دينهم وعقيدتهم وحضارتهم وثقافتهم، وفرض الأنظمة والقوانين العالمية عليهم كبديل وخيار مفروض لايمكن الفرار منه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/404)
من هنا يبرز الخطر الأكبر لهذه الاتفاقية، التي هدف واضعوها- وهم من الملاحدة - إلى إلغاء كل التشريعات السماوية واستبدالها بقوانين وضعية تقوم على أهواء أفراد وجماعات، لهذا وتنفيذاً لأهدافهم عمدوا عند صياغة اتفاقياتهم إلى إهمال ذكر الدين ودوره في حياة الفرد، وهذا الأمر يمكن ملاحظته في اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "، التي تعتبر الترجمة العملية للمؤتمرات التي عقدت للبحث في شئون المرأة، ويمكن ملاحظة هذا الإهمال للدين في النواحي التالية:
1 - الإهمال التام لذكر الله عز وجل، في محاولة للإيحاء بعدم وجود من يسيطر على الكون ويدبر أمره، مما يسهل عليها مهمتها في الطلب من الدول تنفيذ التشريعات الدولية التي تسنها والتي يمكن أن تتعارض مع الدين في حال كان التشريع الديني هو التشريع المعتمد في الدولة، وهذا الإهمال لا يقتصر على لفظ الجلالة فقط بل يمتد إلى كل ما يتعلق بالدين من كلمات وتعابير، حيث يحدث تجاهل تام لذكر كلمات: مثل الدين والديني والأخلاقيات والمثل الخ ... وحتى عندما تذكر فهي تذكر على أنها ممارسات سلبية تضر بحقوق المرأة ويجب العمل على إلغائها، مثال ذلك محاولتها الإيحاء أن قانون الأحوال الشخصية هو الذي يرسخ ويقنن تبعية المرأة للرجل في مسائل الزواج والطلاق والسفر والإرث وغير ذلك من الأمور التي تقف حائلاً في طريق تحقيق المساواة المزعومة.
2 - الحرب على جميع التشريعات الدينية والقيم الأخلاقية والأعراف الشعبية المتبعة لدى الشعوب منذ نشأته، فدعت الاتفاقية الحكومات إلى عدم وضع الاعتبارات الدينية والتقليدية موضع التنفيذ، وذلك كخطوة أولى قبل فرض العمل على استبدالها بالقوانين الدولية، وهذا ما ورد في المادة (2 - و) التي نصت على ما يلي: على الدول "اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأة ".
ما ورد كان أبرز مخاطر هذه الاتفاقية على الدين، إلا أن في الاتفاقية بنوداً تفصيلية عدة تبين السبل المتبعة في هدم هذا الدين الذي يعتبر التشريع الوحيد لعدد كبير من الشعوب.
وفي محاولة لمعرفة أنواع الهدم الداخلي الواردة في الاتفاقية، نقسم الموضوع تبعاً للشعار المرفوع في الاتفاقية المذكورة وفي غيرها من الاتفاقيات التي تختص بالمرأة، وهي "المساواة ـ التنمية – السلام ".
1 - المساواة
أقر الإسلام مبدأ المساواة بين الذكر والأنثى في القيمة الإنسانية، فاعتبر أن الرجل والمرأة متساويان أمام الله عز وجل في الخلقة والتكوين، وهما أيضاً متساويان في الحقوق والواجبات داخل الأسرة وخارجها، فقال تعالى في وصف هذه الحقيقة: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) وجاء في الحديث أيضاً: (النساء شقائق الرجال: لهن ما لهم وعليهن ما عليهم من الحقوق والواجبات).
إلا أن هذه المساواة بين الرجل والمرأة ليست مساواة تامة، فهي لا تشمل التكوين الحيوي (البيولوجي) ولا تشمل الوظائف الطبيعية (الفسيولوجية) التي ينتج عنها اختلاف في التكاليف والأعباء الحياتية، واختلاف في التبعات والمسؤوليات الدنيوية لكل منهما، لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذا الاختلاف في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، ولعل أبرز آية تبرز وجوده هي قوله تعالى على لسان مريم عليها السلام: (وليس الذكر كالأنثى).
فالله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى وجعل العلاقة بينهما علاقة تكامل وليست علاقة تماثل، لأن الله عز وجل خص كل من الرجل والمرأة بمميزات خاصة لا بد منها من أجل استمرار الحياة البشرية، فخص المراة بصفات اللين والعطف والحنان وما يتصل بهما من صفات لا غنى عنها في ممارسة وظيفتها المتعلقة بحضانة الأطفال وتربيتهم، بينما خص الرجل بكل صفات القوة والصلابة والخشونة وغيرها من الصفات التي لاغنى عنها لأداء واجبه في السعي لتأمين معيشته ومعيشة عياله، قال تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض * للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسئلوا الله من فضله، إن الله كان بكل شيء عليما).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/405)
إن هذه الحقيقة التي أقرها الإسلام أنكرتها اتفاقية التمييز بمجمل بنودها، ساعية لإثبات مساواة مزعومة ونفي حقائق ملموسة وردَّها إلى أسباب تاريخية واجتماعية، ومن الطرق التي استخدمتها هذه الاتفاقية في إثبات المساواة، مايلي:
1 - رفض الاختلافات بين المرأة والرجل
رفضت الاتفاقية وجود اختلافات بين المرأة والرجل، مدعين أن أسباب هذه الفروقات تعود إلى أسباب تاريخية واجتماعية، وإن الفروقات البيولوجية والطبيعية الموجودة بين الرجل والمرأة (والتي يقرون بوجودها) هي فروقات اجتماعية خاضعة لمنطق التطور وليست طبيعية فطرية منذ بدء الخليقة، فالاختلاف بين الذكر والأنثى ليس شيئاً من صنع الله عز وجل، وإنما هو أمر ناجم عن التنشئة الاجتماعية والبيئية التي يحتكرها الرجل عبر الزمن، فمفاهيم الزوج والزوجة والأبوة والأمومة مفاهيم ناتجة عن الواقع الثقافي والاجتماعي السائد، وهي نتاج تقاليد وتصورات نمطية وأحكام مسبقة.
إن في هذا الكلام محاولة لإثبات نظرية داروين التطورية التي تقوم على التفسير التطوري الطبيعي للخلق، مما يجعل كل أشكال الحياة الموجودة اليوم أشكالاً مرحلية قابلة للتغير مع مرور الزمن.
كما أن ربط الاختلاف بالأساس الثقافي والاجتماعي هو تمهيد لتغيير الشكل الطبيعي للأسرة، مما يؤدي فيما بعد إلى تقبل فكرة أن يكون الرجل أماً، أو أن تكون الأسرة مكونة من رجلين أو امرأتين، من هنا نفهم التركيز الشديد في أدبيات الأمم المتحدة على ضرورة تغيير الأدوار النمطية للعلاقات بين الجنسين.
2 - هدم الأسرة
تتعدد الأساليب التي اتبعتها الاتفاقيات الدولية في حربها على الأسرة التقليدية التي تصورها على أن وجودها بهذا الشكل التقليدي إنما يعود لمرحلة تاريخية زمنية لم تعد تتماشى مع العصر الحالي الذي أصبح أكثر تقبلاً لأشكال الأسرة الجديدة التي لا تفترض تكونها من امرأة ورجل على ما سنبين لاحقاً إن شاء الله تعالى، ومن هذه الأساليب المتبعة في هدم الأسرة التقليدية، الدعوة إلى تغيير الأدوار داخل الأسرة، وإبطال أحكام الميراث.
أ- تغيير الأدوار داخل الأسرة
إن إلغاء الدور الذي يقوم به كل من المرأة والرجل داخل الأسرة هو من أهم سبل الوصول إلى المساواة التي دعت إليها الاتفاقيات الدولية، هذه الاتفاقيات التي رأت أن تقسيم الجنس البشري إلى رجل وامرأة وتخصيص كل منهما بأدوار خاصة تسمى بالأمومة والأبوة هي من الأدوار النمطية التي لابد من الغائها في سبيل الوصول إلى المساواة بين الرجل والمرأة، والمقصود بالأدوار النمطية تلك الأدوار المخصصة لكل من المرأة والرجل، فلم تعد وظيفة الأم هي تربية الأولاد وحضانتهم، ولم تعد وظيفة الرجل مقتصرة على العمل من أجل تأمين المعيشة لأسرته.
إن تكريس هذه المفاهيم الغريبة البعيدة عن ديانات وثقافات الشعوب الموقعة على الاتفاقية دفع بالأمم المتحدة إلى إلزام الدول باتخاذ الخطوات التالية:
1 - حث البلدان الموقعة على الاتفاقية على إيجاد بنية اجتماعية – اقتصادية تفضي إلى إزالة الترغيب في الزواج المبكر، الأمر الذي يتعارض معارضة صريحة مع تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الزواج وتحث عليه عند القدرة والاستطاعة، وفي ذلك يقول تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج).
إلا أن منطق هؤلاء غير منطق الإسلام، إذ أنهم بمنعهم الزواج المبكر لا يمنعون العلاقة الجنسية بل هم يعتبرون العلاقة الجنسية أمراً أشمل من الزواج، لذلك نجدهم تشجيعاً للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج يرفعون ولاية الآباء عن الأبناء من خلال الاحتفاظ لهم بالخصوصية والسرية فيما يتعلق بالصحة الجنسية والتناسلية، ويحمون حق المراهقين والمراهقات في تعاطي الجنس، والاحتفاظ بسلوكياتهم الشخصية في سرية عن آبائهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/406)
2 - الدعوة إلى شغل جميع المناصب مناصفة بين الرجال والنساء حتى المهام المنزلية ورعاية الأطفال. فالأمومة في المجتمع بنظرهم هي وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أي شخص آخر، حتى أنها لا تختلف عن سائر الأعمال المنزلية غير المربحة الأخرى التي تعتبر أدواراً نمطية وتقليدية يجب تغييرها، لهذا جاءت المادة (5) فقرة (ب) تنادي بضرورة أن تتضمن التربية الأسرية تفهماً سليما ً للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أي انسان آخر، ولذا نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام إجازة للآباء برعاية الطفل حتى تتفرغ الأم لمهمتها الأساسية وهي العمل بأجر خارج البيت.
إن الهدف من تسمية وظيفة الأم الأساسية بالوظيفة الاجتماعية إنما يعود إلى سعي الاتفاقية إلى إخراج المرأة من بيتها والهائها بالعمل خارج المنزل فترة أطول مما يؤدي إلى إقلال فترة الخصوبة عندها، وهذا ما جاء في تفسير كتاب "السكان والمرأة "، الذي شدد على أن: " اشتراك النساء في القوى العاملة هي العامل الأساسي في تقليل الخصوبة وأن العمل يشجع المرأة على الشعور بعدم الحاجة إلى الزواج، ولوحظ في الدول الصناعية أنه كلما كثر عدد النساء العاملات كلما قلَّ معدل الخصوبة بسبب قيمة وقت الأم وأهدافها الشخصية وطموحاتها ".
هذا الهدف الذي ذكر سابقاً لم يكن في يوم من الأيام هدفاً معلناً لدى المخططين لهدم الأسرة، بل على العكس من ذلك فهم يرفعون لواء البناء والدفاع عن المرأة المظلومة والمقموعة جنسياً من قبل الرجل الذي يفرض عليها العمل والانجاب مما يؤدي إلى تأخرها وتخلفها وبالتالي خضوعها للرجل خضوعاً يفقدها استقلاليتها وشخصيتها.
إن الرؤية الإسلامية في هذا الموضوع تقوم على اعتبار " الذمة المالية للمرأة ذمة مستقلة استقلالاً تاماً عن ذمة زوجها، أو أي من أقاربها، ومع ذلك فهي ترفض التعريف المقدم للعمل المدفوع الأجر فقط، وذلك أن للمرأة من الوظائف الاجتماعية في الأسرة وفي المجتمع ما يفوق أهمية وظائفها الاقتصادية في الدولة "، فالغاء وظيفة الأمومة أمر يؤدي إلى " خلق مجتمع حاقد مجرد من جميع جوانب العطف والحنان التي يكتسبها من الأمهات، سواء عن طريق الرضاعة أو الحضانة أو غيرها".
وفي ختام موضوع الأسرة نورد هدفاً مهماً من أهداف هذه الاتفاقية الدولية التي لا تكتفي بهدم الأسرة بل تسعى لإيجاد الأسرة البديلة التي تتكون خارج الإطار الشرعي المتعارف عليه، وبذلك يمكن أن يطلق لفظ أسرة على أي مساكنة تقوم بين رجل وامرأة دون زواج أو أي علاقة شاذة بين رجلين، كما هو موجود في بلاد الغرب، أو بين امرأتين كذلك.
ب- إبطال أحكام الميراث
يدعو واضعو الاتفاقية إلى إبطال حكم الإسلام في قسمة الميراث بين الذكر والأنثى، محاولين بذلك إلغاء تشريع سماوي وارد ومفروض في قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً)، كما أنهم يحاولون إلغاء التحديد الشرعي لهذا النصيب الذي بيَّنه الله تعالى بقوله: (للذكر مثل حظ الأنثين).
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن قاعدة التنصيف في الإرث التي يعترض عليها البعض ليست قاعدة مطردة، لأن هناك حالات يتساوى فيها الذكر والأنثى كما في حال تساوي نصيب الأب وهو مذكر مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث ابنهما إضافة إلى أن هناك بعض حالات يتجاوز فيها نصيب المراة نصيب الرجل.
2 - التنمية
تربط اتفاقية التمييز ربطاً كاملاً بين زيادة السكان وبين الفقر واستحالة التنمية متجاهلة بذلك الأسباب الحقيقية وراء الفقر والموجودة في النظام الرأسمالي القائم على احتكار الثروات في يد فئة قليلة من الناس، وما يرافق هذا النظام من سباق على التسلح وإنفاق الأموال على صنع الأسلحة، وغير ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/407)
أما الادعاء بأن سبب الفقر هو زيادة السكان التي تزيد على الموارد الطبيعية الموجودة في العالم والآخذة في التناقص والندرة، فهذا القول إنما يشير إلى نظرة إلحادية عند قائله، ففيه إغفال كامل لخالق البشر " وتجاهل كامل لقدرته سبحانه وتعالى على رزقهم وعلى تدبير الموارد اللازمة لهم، وفيه كذلك إغفال لدور هؤلاء البشر في إنتاج الموارد التي أودعها الله تعالى لهم في هذا الكون وأمرهم باستخراجها وحسن الإفادة منها، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: (الرحمن على العرش استوى* له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى).
يقول العلماء المسلمون في قوله تعالى: (وما تحت الثرى) إشارة إلى أنه تعالى خبأ في تراب كل بلد من الخيرات ما يكفي أهلها أن يعيشوا في رفاهية من الحياة إلى آخر الزمان لو استخرجوه، ومن هنا الفقر ليس بسبب ندرة الموارد بل بسبب التكاسل من البشر أو بسبب من الطغاة واستبداد الأنظمة ".
ومن الأساليب التي اعتمدتها الاتفاقية من أجل تحديد النسل خطوات عدة منها:، اباحة الزنى والإجهاض وحرمة الزواج المبكر وكثرة النسل.
1 - تشريع الزنى وإباحته
لا تعتبر اتفاقية التمييز الزنى أمراً مشيناً على المرأة إلا في حالة حصل الأمر بالإكراه، أما إذا حصل الأمر برضى الطرفين، فهو حق مشروع ومطالب به لتعلقه بالحرية الشخصية للأفراد، والتي تحرص مثل هذه الاتفاقيات على حمايتها من جهة، ولكونه يساعد على منع الزواج المبكر الذي تدعو الاتفاقية إلى تجنبه.
ويظهر دعم الاتفاقية للزنى بدفاعها عن حقوق المراهقين الجنسية وما يتعلق بها من حرية في الممارسة دون رقابة الأهل، وبحقهم في الحصول على المعلومات والخدمات التي تساعدهم على فهم حياتهم الجنسية، وحمايتهم من حالات الحمل غير المرغوب بها، ومن الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، ومن خطر العقم بعد ذلك.
وهذه الدعوة إلى الإباحية فيها مخالفة صريحة للديانات والتشريعات السماوية وخاصة الدين الإسلامي الذي لا يكتفي بتحريم الزنى وفرض العقوبة عليه كما قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) وقوله عز وجل: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)، بل إن الإسلام يقطع على المسلم والمسلمة كل الطرق المؤدية إلى هذا الفعل، فيبدأ بتحريم خروج المرأة متبرجة من بيتها، فيقول صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية) ثم بعد ذلك ينتقل إلى تحريم النظرة ويعتبرها زنى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لامحالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)، ليصل في النهاية إلى تحريم الخلوة والاختلاط المحرم حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل وامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان).
2 - إباحة الإجهاض
يتحاشى برنامج هيئة الأمم المتحدة النص على إباحة الإجهاض بصراحة، بيد أن المدقق يشتم رائحة هذه الإباحة في مواطن كثيرة من البرنامج، مثل تلك العبارة التي وردت في الفقرة السابقة والتي تدعو إلى معالجة قضايا المراهقين المتصلة بالصحة الجنسية والتناسلية بما في ذلك الحمل غير المرغوب به.
إن هذا الاتجاه مناقض لأبسط مبادئ الإنسانية التي تدعي هذه البرامج أنها تحميها والتي منها حماية حق الإنسان في الحياة، فبأي منطق يسمح الإنسان تحت شعار الحرية الجنسية بحرية قتل روح انسان يتمتع بالحقوق كما يتمتع غيره؟ إن في إباحة الإجهاض مخالفة لأبسط الحقوق الإنسانية اضافة إلى ما فيه من مخالفة شرعية واضحة حرمها الدين الإسلامي تحريماً تاماً وهذا الأمر أجمع عليه جمهور العلماء حيث أكدوا على حرمة إسقاط الحمل (الإجهاض) حرمة مطلقة، حتى ولو كان الجنين ناتجاً عن زنى أو اغتصاب أو غير ذلك، فالجنين إنسان له حق الحياة، فلا يجوز منعه هذا الحق إلا في حال تعرض حياة الأم للخطر، كما لا يجوز إسقاط الجنين بسب العوامل الاقتصادية القائمة أو المتوقعة عملاً بقوله تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم واياهم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/408)
إن الهدف المستتر للدعوة إلى تحديد النسل هو الحد من تكاثر السكان في الدول النامية تكاثراً كبيراً يؤدي في المستقبل إلى تكوين كتلة بشرية كبيرة يمكن أن تقلب موازين القوى وتشكل خطراً على الدول الكبرى المسيطرة على زمام العالم.
ولعل من المفيد الإشارة هنا إلى سبب مهم في سياسة تحديد النسل التي تطالب فيها الأمم المتحدة الدول النامية، ألا وهي عجز الدول الكبرى عن حث شبابها وشاباتها على الإنجاب وتكوين الأسر، مما حدا بها إلى الدعوة إلى رفع سن الزواج وتشجيع الزنى والمطالبة بتحديد النسل في مجتمعات الدول النامية، هذا الكلام هو ما حذر منه علماء الإحصاء السكاني الذين توقعوا أن تكون زيادة السكان في الدول النامية أكثر من 90 % من الزيادة السكانية في الغرب، ذلك أنه "يوجد بالدول النامية حالياً 79 % من سكان العالم ويتوقع أن يكون في هذه الزيادة حوافز لتنمية هذه البلدان التي ظلت لعهود ماضية سوقاً لمنتجات الغرب الصناعية ومورداً للمواد الخام. ويتوقع إذا استمر الأمر على ما هو عليه أن يشكل ذلك تهديداً لقيادة الغرب للعالم ومكانته العسكرية والاقتصادية التي يتبوأها حالياً خصوصاً وأن نصف سكان الدول النامية تقل أعمارهم عن 25 عاماً في حين أن أكثر سكان الغرب من المسنين ".
3 - السلام
إن شعار السلام التي ترفعه الأمم المتحدة في اتفاقياتها يتخذ أساليب عدة من أجل تحقيقه، ومن هذه الأساليب:
1 - الحد من تسلح الدول، والمقصود هنا الدول الفقيرة والنامية طبعاً، فإذا امتلكت دولة مثل باكستان وإيران أسلحة نووية فإن هذا الأمر يشكل خطراً على السلام العالمي بينما لا يشكل تسابق الدول الكبرى بل وحتى الصغرى كالهند وإسرائيل مثلاً على هذا التسلح أي خطر على السلام العالمي، الذي تدافع عنه الأمم المتحدة.
2 - ربط السلام بالمساواة بين الرجل والمرأة وبعدها عن مراكز القرار، لذا نجد أن اتفاقية التمييز وغيرها من الاتفاقيات التي تتعلق بالمرأة تؤمن بقدرة المرأة الخارقة على حل النزاعات الوطنية والدولية ومواجهة آثار الحرب والقضاء على العنف الذي تبرز كأكبر ضحية له.
إن الرؤية الإسلامية في هذا الأمر "تؤيد اعتبار النساء أكبر ضحايا الحروب والعنف المسلح، إلا أنها ترفض تلك العلاقة الحتمية بين وضع المرأة كضحية للعنف وبعدها عن مراكز صنع القرار"، بل إنها تعتبر أن الأمر يعود إلى تقصير دولي في التعاطي مع هذه الجرائم التي يُسكت عنها عندما تكون دول العالم الثالث هي الضحية، كما حصل في البوسنة وكما يحصل في السجون الإسرائيلية وغيرها.
3 - المطالبة بالقضاء على جميع أشكال العنف التي تمارس ضد المرأة داخل الأسرة، وهذا الأمر يطالب به الإسلام منذ نشأته ويفرض الحدود على من يعتدي على النساء كما يلزم الرجل بحسن معاملة زوجته وبناته داخل الأسرة والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة،وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما أهانهن إلا لئيم وما أكرمهن إلا كريم)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدَّته كنَّ له حجاباً من النار يوم القيامة).
إن الرؤية الإسلامية تؤمن بوجوب ربط قضية العنف ضد المرأة بحقوق الإنسان، ولكن من على الأرضية الإسلامية التي تُعتبر المرجعية العليا لجموع المسلمين، وليس على أرضية الاتفاقيات الدولية التي تستعمل مصطلح العنف بشكل واسع جداً يمكن أن يدخل في إطاره أمور لا تعد في الإسلام عنفاً مثل تأديب الزوجة الناشز وتربية الأبناء التي اعتبرها الإسلام حقوقاً للزوج نابعة من مسؤوليته في القوامة والرعاية.
أما ما يسمى بجرائم الشرف، التي يحدث فيها قتل الإناث على خلفية الشرف، فهي أمور يرفضها الإسلام ولا يصح الربط بينهما كما تحاول أن توحي الاتفاقيات الدولية، هادفة بذلك إلى صبغ الإسلام بصبغة العنف، بينما الواقع أن جريمة الشرف هذه "مشكلة اجتماعية يمكن معالجتها بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية التي تسن عقوبات محددة للنساء والرجال على السواء ينفذها ولي الأمر وليس الأفراد ".
مخاطر هذه الاتفاقية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/409)
يصعب حصر الدوافع الحقيقية الكامنة خلف المؤتمرات والاتفاقيات الدولية كما يصعب حصر الأهداف التي تنوي الوصول إليها، إذ ليس "من الدقة في شيء أن نقول أنها قامت فقط لحرب المجتمعات الإسلامية فهناك الكثير من الأفراد والمؤسسات داخل المجتمعات الغربية نفسها فضلاً عن غيرها يعارض هذه المؤتمرات وقراراتها ".
إلا أن الواضح أن الهدف الأساسي لهذه المؤتمرات والاتفاقيات هو فرض النموذج الاجتماعي الغربي على العالم تكملة لنجاحه في فرض النموذج السياسي والاقتصادي، هذه النماذج التي لا تراعي في تشريعاتها القانونية اختلاف العقيدة أو تباين الثقافة بين المجتمعات، بل هي تسعى لفرض نمط حضاري موحد على العالم تلتزم به الدول كلها.
لذا لا يجدر بالمرء أن يستخف بهذه الاتفاقيات مطمئناً إلى سلامة المجتمعات الإسلامية من أي خروقات خارجية لأن الواقع يدعو إلى التخوف من الأمر، وذلك للأسباب التالية:
1 - " استخدام استراتيجية النفس الطويل في تحقيق الأهداف والرضا بالمكاسب المحددة في كل مرحلة حتى تتنامى النتائج وهذا يفسر المؤتمرات الدورية المتتابعة، وتبعاً لذلك تجاوزوا مرحلة ترويج الأفكار والرؤى إلى آليات التنفيذ والفرض وتغطية ذلك بمرجعية دولية قانونية ملزمة قد تصل مع الوقت إلى المقاطعة بطريقة ما لكل دولة تتحفظ على هذه الاتفاقيات ".
2 - النجاح في خرق مجتمعاتنا بواسطة الجمعيات الأهلية غير الحكومية، وقد سجل هذا الخرق في دول عدة منها المغرب الذي تفاقم فيها الصراع بين "الحكومة والتيارات الإٍسلامية على خلفية مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية يسمى " خطة اندماج المرأة في التنمية " بعدما كشف النقاب عن مواد في القانون وصفت بأنها مخالفة للشريعة وشبيهة بوضع المرأة في الغرب، من حيث أخذ الزوجة نصف ثروة زوجها في حالة الطلاق، والاستغناء عن مسألة وكيل الزوجة في حالات الزواج ورفع سن الزواج من 15 إلى 18 عاماً ...
والأمر لا يقتصر على المغرب فقط ففي مصر مثلاً أكدت د. سعاد صالح: أنه نظراً لأن الدول قد صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة (سيداو) فإن قوانين بعض البلاد بدأت تتأقلم وتتكيف لتحقيق هذه الاتفاقية وعلى سبيل المثال قانون الأحوال الشخصية الجديد في مصر يتضمن اتجاهاً لتطبيق هذه المبادئ، كما جاء حكم المحكمة الدستورية المصرية بجواز استخراج " وثيقة السفر" للمرأة دون إذن زوجها ليحقق جانباً من الاستجابة غير المباشرة للاتفاقية الدولية ".
لهذه الأمور كلها، إضافة إلى استخدام المؤيدين لهذه الاتفاقيات أسلوب النفس الطويل من أجل الوصول إلى أهدافهم، يجب علينا نحن المسلمون العملَ على حماية مجتمعاتنا مما يخطط لها، والعملََ على منع هؤلاء الملاحدة من الوصول إلى أهدافهم، ولكن كيف السبيل إلي ذلك؟
كيف نواجه هذه المخططات
"حذرت الدكتورة هبة رؤوف من أن المؤتمرات ستنعقد وستتكرر وستطبق هذه السياسات لأنها تنتشر في مساحة من الفراغ ما دام هناك هذا التقصير، وأوضحت أن الدعوة الإسلامية الواعية للأسف ليست مهمومة بقضايا المرأة على اعتبار أنها ليست أولوية، وأضافت: أعتقد أننا إذا لم نبدأ في إعادة النظر في هذه المسألة فلن يتقدم الأمر خطوة واحدة ونحن نتحمل أمام الله نتيجة تقصيرنا في حق أنفسنا وفي حق الناس كافة ".
وهذا الكلام يتضمن منتهى الصراحة، ويتضمن منتهى حسن قراءة الواقع، إذ أن المسملين اليوم يتحملون جزءاً كبيراً من المسئولية نتيجة تقصيرهم في مواجهة الواقع اعتماداً منهم على حفظ الله عز جل لهذا الدين، مع أن الله عز وجل أمر المؤمنين بالعمل فقال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
من هنا يأتي السؤال التالي: من أين نبدأ؟ وبمن نبدأ؟ وكيف نعمل؟
الإجابة عن هذه الأسئلة تتجه اتجاهات عدة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/410)
1 - تعريف المسلمة بدينها وعقيدتها وتعريفها بحقوقها التي أعطاها إياها الإسلام منذ أربعة عشر قرناً ونيف، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز المرأة بصريح اللفظ كلما تعرض للرجل بأمر و نهي، أو وعد ووعيد، أو ثواب وعقاب حتى يجعل مبدأ المساواة أمراً مسلماً به يشمل الجنسين في كافة الأحكام الشرعية والمعاملات الدنيوية في مجالات عدة، منها السياسي كمبايعتها النبي صلى الله عليه وسلم كما بايعه الرجل تماماً، ومنها الجهادي حيث صحبت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته داخل الجزيرة كما صحبه الرجل، واستشارها النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور الحياتية التي لم ينزل فيها نص قرآني صريح كما استشار الرجل، … وفرض عليها طلب العلم كما فرض على الرجل … وشرع لها الشرع الإسلامي أحكاماً تحفظ لها حقوقها المادية والمعنوية في الزواج والطلاق وحقها في العمل، وفي غيرها في كثير مما يضيق المقام عن ذكره الآن.
كل هذه الحقوق التي حصلت عليها المرأة المسلمة هي حقوق ثابتة غير متغيرة عبر الزمن، على عكس الاتفاقات البشرية التي وضعها الإنسان على هيئة إعلانات وصكوك ودساتير ومواثيق واتفاقيات، فإن مثل هذه الاتفاقيات تخضع للأهواء البشرية المتقلبة وَفْقَ المصالح والأهواء.
2 - تعريف المرأة المسلمة بمضمون الاتفاقيات الدولية التي تدعو الى المساواة التامة بين الرجل والمرأة، دون اعتبار لأي اختلاف جسمي أو نفسي، كما تدعو إلى تغيير للمفهوم الاجتماعي للأسرة، وتشجع على الإباحية والزنى، وغير ذلك من الأمور التي سبق ذكرها.
3 - العودة الصادقة إلى الذات ومحاولة إصلاح الخلل الذي طرأ على مجتمعاتنا وسمح لأعدائنا أن يقنعوا أبنائنا بالسير معهم في حربهم على ديننا وقيمنا، فالمعروف أن بعض بنود المواثيق الدولية تستند" إلى واقع يحتاج إلى تغيير فهي ليست شراً كلها بل إنه حقيقة تعالج مشكلة واقعية وكبيرة تعيشها المرأة وتحتاج من يتصدى لها. ".
ولعل أهم ما يجب فعله فيما يتعلق بالمرأة ما يلي:
1 - تحكيم شريعة الإسلام السمحة في كل الأمور المتعلقة بالأسرة والأحوال الشخصية.
2 - تعزيز القضاء الشرعي ودعم المراجع الإسلامية والمطالبة بإدخال الإصلاحات على المحاكم الشرعية.
3 - عقد ندوات ولقاءات ومؤتمرات لدراسة مدى تأثير القضايا المستجدة والمتزايدة على وضع الأسرة وبخاصة عمل المرأة خارج المنزل ومساهمتها المتنامية في الإنتاج وتعاطيها الشئون العامة تطوعاً أو تنظيما.
الخاتمة
إن إصرار الجهات الدولية على خرق مجتمعاتنا الإسلامية ينبع من يقينها أن هذا الدين الحنيف هو الدين الوحيد الذي يمكن أن يقف في وجه مخططاتها، لهذا فهي موقنة أن لا سبيل للانتصار على هذا الدين إلا بإبعاد أبنائه عنه وإلهائهم عن أمور عقيدتهم وهموم مجتمعاتهم، وهذا بالفعل ما يفعلون، فهم يستعينون بالعملاء من أبناء الإسلام الغافلين عما يخطط لهم، ويعملون بسرية تامة وعزم شديد على بث مخططاتهم التدميرية عبر المؤتمرات والندوات، وهذا ما حصل بالفعل في مؤتمر بكين 5+، فقد " بدأ هذا المؤتمر بشيء من التكتم فلم تخبر الجمعيات الأهلية غير الحكومية المعارضة بأوقات المؤتمر ولم تدع له، ومع هذا لاقى هذا المؤتمر معارضة شديدة، وإذا كانت هذه المعارضة نجحت حتى الآن فما يخشى منه أن تعجز في وقت ما أن تستمر في الوقوف أمام الضغوطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتعرض لها ".
أخيراً أذكّر بأكبر التحديات التي تنتظرنا والتي أجملها فيما يلي:
1 - تحدي استهداف السيادة الوطنية للدول الضعيفة بحيث تصبح الأمم المتحدة بمثابة حكومة عالمية.
2 - تحدي الحرمان من الحق في تنظيم الشأن العام وفق الهوية الوطنية، والتدخل في فرض نموذج إباحي.
3 - انتظار انبعاث معارك جديدة لتعديل مدوَّنات الأحوال الشخصية بل في جعلها أكثر انضباطا لتوصيات بكين ولاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري لهذه الاتفاقية.
كما أذكِّر أيضاً أننا أمام معركة طويلة الأمد، يشتغل فيها تيار العولمة المادي الإباحي الصهيوني بكل طاقاته، الأمر الذي يتطلب بلورة مبادرة مضادة في نفس المستوى والحجم تشارك فيها الحكومات والمنظمات غير الحكومية الإسلامية المهتمة بهذا الملف ولكل صاحب جهد يسعى للمحافظة على الدين والقيم والأخلاق.
الفهرس
القرآن الكريم
كتب السنة النبوية الشريفة.
1 - ا. د. عواطف عبد الماجد ابراهيم، رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مركز دراسات المرأة، الخرطوم، بدون رقم الطبعة والتاريخ.
2 - د. فتنت مسيكة، حقوق المرأة في شريعة الإسلام وشرعة الأمم المتحدة، كتاب المرأة بين عدالة الرحمن وظلم الإنسان، منشورات دار المنى طرابلس، دون طبعة.
3 - ليند مطر،قضايا المراة في المجال الدولي، كتاب المركز الثقافي الإسلامي 2000م.
4 - نهى القاطرجي، المرأة في منظومة الأمم المتحدة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 1426هـ.، 2006م.
الصحف والمجلات
1 - جريدة النهار، الجمعة 12 كانون الثاني 2001.
2 - مجلة الأسرة، العدد 91، شوال 1421هـ.
3 - مجلة الاصلاح، العدد 324 الثلاثاء 19 ربيع الأول 1416هـ، الموافق 15/ 8/1995م.
4 - مجلة المجتمع، العدد 1404، 11 ربيع الأول 1421هـ، 12 - 6 - 2000م.
5 - مجلة المجتمع، العدد 1405 18 ربيع الأو 1421هـ، 20 - 6 - 2000م.(59/411)
هل تصح عبارة وحدوا الله للناس؟
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[26 - 11 - 09, 10:26 ص]ـ
بعض الناس تقع بينهم بعض المشكلات أو أمور فيقول الرجل لصاحبه وحد الله أو صلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو اذكروا الله فهل تصح هذه العبارات فنحن نعلم بأن الأمر بالتوحيد أمر واجب وفرض لازم وهو إفراد الله بالعبودية ولكن هل يجوز ان نقول وحد الله دائما.بارك الله فيكم
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[27 - 11 - 09, 09:56 م]ـ
http://islamqa.com/ar/ref/139638
ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[28 - 11 - 09, 01:56 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أحمد بن عبد المنعم السكندرى]ــــــــ[28 - 11 - 09, 03:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[01 - 12 - 09, 05:13 م]ـ
جزاك الله خيرا(59/412)
كلمة للشيخ محمد البشير الإبراهيمي في الدعوة إلى الله
ـ[أبو عبد الله يربح]ــــــــ[26 - 11 - 09, 06:36 م]ـ
كلمةللشيخ محمد البشير الإبراهيمي في الدعوة إلى الله
للشيخ د/ رضا بوشامة ( http://www.rayatalislah.com/kouttab/sheykh-bouchama.htm)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه كلمة رائقة كتبها الإمام الداعية الكبير، والعالم الرباني الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، وجَّهها إلى إحدى المجلات العربية نصيحة لها في اقتفاء أثر من مضى في الدعوة إلى الله، بيَّن فيها فضل الدعوة والدعاة ومكانتهم في الدين، والطريقة المثلى التي ينبغي أن يتبعوها في الدعوة إلى الله، لتستقيم لهم، ويستقيم من يدعونهم على منهج قرآني مقتفين آثار أسلافهم في ذلك، ليتحقق لهم ما تحقق لأولئك؛ ولتفضي دعوتهم إلى ما أفضى إليه أصلها من خير وعزَّة وقوة وسيادة، بشرط أن تقتفي الأخيرة سنن الأولى في الجدِّ والقوة والحزم، والعمل بكتاب الله وسنة رسوله وتحكيمهما، والدعوة إليهما على بصيرة وحكمة، وهذا الذي يهديهم إلى الخير، ويقودهم إلى السعادة.
فقال رحمه الله:
الدعوة إلى الله وظيفة أهل الحق من أتباع محمد، وهي أثمن ميراث ورثوه عنه، وهي أدقُّ ميزان يوزنُ به هؤلاء الورثة ليتبيَّن الأصيل من الدَّخيل، فإذا قصَّر أهل الحقِّ في الدعوة إليه ضاع الدِّين، وإذا لم يحموا سننَه غمرتها البدع، وإذا لم يُجلوا محاسنه علتها الشوائب فغطَّتها، وإذا لم يتعاهدوا عقائده بالتصحيح داخلها الشكُّ ثم دخلها الشرك، وإذا لم يصونوا أخلاقهم بالمحافظة والتربية أصابها الوهن والتحلل، وكلُّ ذلك لا يقوم ولا يستقيم إلاَّ بقيام الدعوة واستمرارها واستقامتها على الطريقة التي كان عليها محمد وأصحابه الهُداة من العلم والبصيرة في العلم، والبيِّنة من العلم والحكمة في الدعوة، والإخلاص في العمل، وتحكيم القرآن في ذلك كلِّه.
ولا يظنُّ ظانٌّ أنَّ الدعوةَ إلى الله خُتمت بالقرآن، وأنَّه أغنى عنها فقطَع أسبابَها، وسدَّ أبوابها، بل الحقيقة عكس ذلك، فالقرآن هو الذي وصل الأسباب وفتح الأبواب، وجعل الدعوةَ سنَّةً متوارثة في الأعقاب، وما دامت عوارض الاجتماع البشري وأطوار العقل الإنساني تُدني الناس من القرآن إلى حدِّ تحكيمه في الخواطر والهواجس، وتُبعدهم عنه إلى درجة الكفر به، فالقرآن ذاته محتاج إلى دعوة الناس إليه، بل الدعوة إليه هي أصل دعوات الحق، ولم يمرَّ على المسلمين زمن كانوا أبعدَ فيه عن القرآن كهذا الزمن، فلذلك وجب على كلِّ من امتحنَ اللهُ قلبَه للتقوى، وآتاه هداه أن يصرفَ قوَّتَه كلَّها في دعوة المسلمين إلى القرآن ليُقيموه ويُحقِّقوا حكمة الله في تنزيله، ويُحكِّموه في أهواء النفوس ومنازع العقول، ويسيروا بهديه وعلى نوره، فإنَّه لا يهديهم إلاَّ إلى الخير، ولا يقودهم إلا إلى السعادة.
الحقُّ والباطل في صراع منذ ركَّب الله الطباع، وإنَّما يظهر الحقُّ على الباطل حين يُحسن أهلُه الدعوةَ إليه على بصيرة، والدفاع عنه بقوة، وقد قام الإسلام على الدعوة، فقوته ـ يوم كان قويًّا ـ آتية من قوة الدعوة، وضعفه ـ يوم أصبح ضعيفاً ـ آتٍ من ضعف الدعوة ..........
إلى أن قال رحمه الله: إنَّ شيوع ضلالات العقائد وبدع العبادات والخلاف في الدين هو الذي جرَّ على المسلمين هذا التحلل من الدين، وهذا البُعد من أصْلَيه الأصليين وهو الذي جرَّدهم من مزاياه وأخلاقه حتى وصلوا إلى ما نراه.
وتلك الخلال من إقرار البدع والضلالات هي التي مهَّدت السبيل لدخول الإلحاد على النفوس، وهيَّأت النفوس لقبول الإلحاد، ومُحال أن ينفذ الإلحاد إلى النفوس المؤمنة، فإنَّ الإيمانَ حصنٌ حصينٌ للنفوس التي تحمله، ولكن الضلالات والبدع ترمي الجد بالهوينا، وترمي الحصانة بالوهن، وترمي الحقيقة بالوهم، فإذا هذه النفوس كالثغور المفتوحة لكلِّ مهاجم.
[آثار البشير الإبراهيمي 4/ 201].(59/413)
نقد شروط المعجزة عند الأشاعرة
ـ[أبو عبد الله يربح]ــــــــ[26 - 11 - 09, 06:41 م]ـ
نقد شروط المعجزة عند الأشاعرة
بقلم أبي عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين والعاقبة للمتقين، أما بعد: فهذا تعليق موجز على مقال عنوانه «الإسراء والمعراج» نشر في إحدى المجلات السنية (1)، وموضوع التعليق حول ما ذكر فيه من معنى المعجزة وشروطها، فإن المسألة كما قال كاتب المقال: «قد زلَّت فيها أقدام أقوام وضلت فيها أفهام» لكنه لم يوفق لإصابة الحق في كثير مما ذكر في هذا الباب، فقد ذكر أن للأمر الخارق شروطا ينبغي أن تقترن به حتى يكون معجزة صحيحة تدل على صدق مدعي النبوة، فأتى بأشياء غير صحيحة.
وأول شيء أبتدئ به هو توضيح معنى المعجزة؛ فأقول هي عند أهل السنة الدلائل والأعلام التي تدل على صدق النبي وأنه مرسل من عند الله تعالى، وصفتها التي تمتاز بها هي عجز الإنس والجن عنها لأنهما المخاطبان بالرسالة (2)، وتسميتها آية وبرهانا أولى من تسميتها معجزة أو أمرا خارقا، لأن التعبير عن حقائق الإيمان بعبارات القرآن أولى من غيرها، ولأن التعبير بالاصطلاحات الحادثة قد أوجب غلطا كثيرا وإيهاما حيث يدخل فيها الحق والباطل (3)، وأما أهل الكلام فقد سموها معجزة وحدَّها أهل الاعتزال منهم بأنها الأمر الخارق للعادة ثم التزموا بعد ذلك إنكار الكرامات وتأثير السحر وقدرة الكهان، وهذا مذهب واضح البطلان. وأما الأشاعرة فقد انطلقوا من نفس المصطلح «المعجزة» المفسر بخرق العادة لكن زادوا على هذا التفسير قيودا بقصد تمييز المعجزة عن الكرامة والسحر فاختلفوا في ذلك اختلافا بينا، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أقوال متقدميهم فقال: «هي الفعل الخارق للعادة المقترن بدعوى النبوة والاستدلال به وتحدي النبي من دعاهم أن يأتي بمثله وشرط بعضهم أن يكون مما ينفرد الرب بالقدرة عليه، هذه الأربعة هي التي شرط القاضي أبو بكر ومن سلك مسلكه» (4)، وذكر القرطبي في تفسيره خمسة شروط (5)، هي التي ذكر صاحب المقال بعينها، إضافة إلى شرط سادس لم أنتقده (6)، وقد ذكره القرطبي في شرحه للشرط الأول، وذكر أبو منصور البغدادي في كتابه أصول الدين ستة شروط سادسها أن يحدُث المدَّعَى في زمن التكليف (7). وكاتب المقال المشار إليه –سدده الله - قد قرَّر شروطا موافقة لمذهب الأشعرية، يلزم من اشتراطها تعطيل أكثر معجزات الأنبياء (وفي مقدمتها الإسراء والمعراج).
النقد المفصل لشروط المعجزة
الشرط الأول: أن يكون الفعل الدال على صدق دعوة (الصواب دعوى) النبوة مما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه
أما هذا الشرط فيمكن حمله على معنى صحيح، وهو أن المعجزة أو الآية التي يأتي بها النبي تكون خارجة عن جنس ما يقدر عليه الجن والإنس المقصودين بالرسالة، لكن في تعبيره خلل من جهتين:
1 - منها قوله: «بأنه لا يقدر عليه إلا الله»، فإن الملائكة تقدر على معجزات الأنبياء وهذا أمر واضح ومعلوم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن آيات الأنبياء خارجة عن مقدور من أرسل الأنبياء إليه وهم الجن والإنس فلا تقدر الإنس والجن أن يأتوا بمثل معجزة الأنبياء كما قال تعالى:} قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا {[الإسراء 88]، وأما الملائكة فلا تضر قدرتهم على مثل ذلك فإن الملائكة إنما تنزل على الأنبياء ولا تنزل على السحرة والكهان كما أن الشياطين لا تتنزل على الأنبياء» (8). وأنبِّه هنا على أنَّ هذا الشرط بهذا اللفظ قد اشترطه بعض الأشاعرة، لكن لم يكن هذا الشرط مفيدا لشيء لأنهم يعتقدون أن لا قدرة لأحد إلا لله وحده، فاستوت عندهم المعجزة وغير المعجزة كالسحر وغيره، وقد صرحوا بأن السحر وما شابهه مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، لأجل هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فإذا قالوا هذا ظن الظان أنهم اشترطوا أمرا عظيما ولم يشترطوا شيئا» (9).
2 - وكذا تخصيصه لها بالفعل والقدرة؛ فإن المعجزة كما تكون فعلا غير مقدور للمرسَل إليهم، تكون أيضا خبرا غير معلوم بالنسبة إليهم كالأخبار الماضية والمستقبلة، قال شيخ الإسلام: «والآيات الخارقة جنسان جنس في نوع العلم وجنس في نوع القدرة» (10).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/414)
الشرط الثاني: أن تكون المعجزة خارقة للعادة المألوفة
وأما هذا الشرط فإن كان المقصود به العادة المألوفة لغير الأنبياء فهو شرط صحيح وإلا سيأتي ما فيه، وهو مع هذا التقييد يستغنى عنه بما ذكر في الشرط الأول، وبما ذكر في التقديم لهذه الشروط: «وقد ذكر أهل العلم للمعجزة شروطا وأوصافا لا يدل الأمر الخارق على صدق المدعي للنبوة إلا إذا تحققت فيه… نجملها فيما يلي». فعلى هذا يكون قد جعل الشيء شرطا لذات الشيء وهذا لا يستقيم. وأما الإطلاق المذكور ففيه نظر من وجوه بينها شيخ الإسلام في النبوات:
1 - أن كون العادة مألوفة أمر غير مضبوط وإضافي فما يألفه قوم لا يألفه آخرون، وما يعتاده أهل الفن لا يعتاده أهل الفن الآخر (11).
2 - أن هذا الشرط شرط لم يدل عليه دليل ولا نقل عن السلف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وكون الآية خارقة للعادة أو غير خارقة هو وصف لم يصفه القرآن ولا الحديث ولا السلف وقد بينا في غير هذا الموضع أن هذا وصف لا ينضبط وهو عديم التأثير فإن نفس النبوة معتادة للأنبياء خارقة للعادة بالنسبة لغيرهم .. » (12).
3 - أن الله تعالى لا ينقض عادته وهي سنته التي قال فيها:} ولن تجد لسنة الله تبديلا {[الفتح 23] ولم تكن له سبحانه عادة بأن يجعل مثل آيات الأنبياء لغيرهم حتى يقال إنه خرق عادته ونقضها، بل عادته وسنته المطردة أن لا تكون تلك الآيات إلا للأنبياء (13).
الشرط الثالث: أن يستشهد بها مدعي الرسالة على الله عز وجل فتقع عقب دعواه.
الشرط الرابع: أن تقع على وفق دعوة (ربما كان المراد دعوى) المتحدي بها المستشهد بكونها معجزة له.
وقد تضمن هذان الشرطان معنى الاستشهاد والتحدي وأن المعجزة تقع عقب الدعوى موافِقة لما أراده المستشهد المتحدي وفي كل ذلك نظر من وجوه:
1 - أن من معنى الشرط ما يتوقف المشروط على تحققه فما لم يتحقق فيه هذا الوصف لا يكون معجزة أي دلالة على صدق النبوة، وهذا أمر باطل فإن أكثر المعجزات لم يقع بها استشهاد أو استدلال، قال شيخ الإسلام: «إن آيات الأنبياء ليس من شرطها استدلال النبي بها ولا تحديه بالإتيان بمثلها بل هي دليل على نبوته وإن خلت عن هذين القيدين» (14).
2 - من الآيات الدالة على صدق نبينا صلى اله عليه وسلم حادثة الإسراء والمعراج مع أنه لم تتحقق فيها هذه الشروط «استشهادٌ وتحدٍ فوقوع»، لذلك إن قيل إن الاستشهاد شرط في المعجزات التي هي أخص من الآيات على رأيٍ!! قيل: هذه حادثة الإسراء قد عددتموها من المعجزات، فلو كنتم ترون هذا التفريق صحيحا لما وصفتموها بأنها من أعظم المعجزات.
3 - أن الآيات أو المعجزات أدلة في حد ذاتها على صحة النبوة وليس من شرط صحة الدليل أن يستشهد به أو أن يستدل به (15).
4 - ويلزم أيضا من اعتبار هذا الشرط تعطيل أكثر ما جاء به الأنبياء من الآيات عن أن يكون معجزا ودالا على صدقهم، قال شيخ الإسلام: «ومما يلزم أولئك أن ما كان يظهر على يد النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت من الأوقات ليست دليلا على نبوته لأنه لم يكن كلما ظهر شيء من ذلك احتج به وتحدى الناس بالإتيان بمثله، بل لم ينقل عنه التحدي إلا في القرآن خاصة، ولا نقل التحدي عن غيره من الأنبياء مثل موسى والمسيح وصالح ولكن السحرة لما عارضوا موسى أبطل معارضتهم» (16). وقال: «بل هذا إبطال لأكثر آيات الأنبياء لخلوها عن هذا الشرط ثم هو شرط بلا حجة» (17). وقال: «والقرآن إنما تحداهم لما قالوا إنه افتراه ولم يتحدهم ابتداء» (18).
5 - أنَّ هذين الشرطين قد تضمنا دعوى النبوة والاحتجاج بالآية على صدق المدعي، وهذا القيد ربما صرح من وضعه أن المراد به الاحتراز عن الكرامات وهذا خلاف ما اختاره أهل التحقيق من أهل السنة، قال شيخ الإسلام: «وهذا الذي قالوه يوجب أن لا تكون كرامات الأولياء من جملة المعجزات، وقد ذكر غير واحد من العلماء أن كرامات الأولياء معجزات لنبيهم وهي من آيات نبوته وهذا هو الصواب» (19). وقال أيضا: «وأما الرابع وهو أن يكون عند تحدي الرسول فبه يحترزون عن الكرامات وهو شرط باطل بل آيات الأنبياء آيات وإن لم ينطقوا بالتحدي بالمثل» (20).
الشرط الخامس: ألا يأتي أحد بمثل ما أتى به على وجه المعارضة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/415)
وهذا لو ذكر على أنه وصف من أوصافها فلا شيء في ذلك، لكن عدُّه هنا من الشروط لا يصح لأنه إذا حققنا أن المعجزة مما لا يقدر عليه الإنس والجن فلا شك أنها تسلم عن المعارضة، وأكثر من يذكر هذا الشرط تابع للأشعرية الذين تجاهلوا الشرط الأول الذي دل عليه القرآن، وجعلوا أول وصف لها أنها أمر خارق للعادة ثم زادوا في الحد قيودا تميز المعجزة عن غيرها من الخوارق، فقالوا هي أمر خارق مقترن بدعوى النبوة احترازا عن الكرامة مع السلامة عن المعارضة احترازا عن السحر والكهانة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فهي عندهم لم تدل لكونها في نفسها وجنسها دليلا، بل إذا استدل بها المدعي للنبوة كانت دليلا وإلا لم تكن دليلا، ومن شرط الدليل سلامته عن المعارضة وهي عندهم غاية الفرق، فإذا قال المدعي للنبوة ائتوا بمثل هذه الآية فعجزوا كان هذا هو المعجز المختص بالنبي وإلا فيجوز عندهم أن تكون معجزات الرسول من جنس ما للسحرة والكهان من الخوارق» (21). وما تعللوا به قد نقضه عليهم شيخ الإسلام من وجوه أَبْيَنُها أن هذا الوصف غير مانع فقد ادعى أناس كثيرون النبوة، وأتوا بخوارق تحدوا بها الناس ولم يأت أحد بمثل ما أتوا ولم يكن ذلك دليلا على صدقهم (22).
خاتمة النقد
أما قوله عن هذه الشروط: «وهي في حقيقة أمرها مما يفرق به بين المعجزة والكرامة لأنها متعلقة بدعوة (الصواب دعوى) النبوة» فيظهر لي أنه سبق قلم فإن غالب المقصود بهذه الشروط –سوى دعوى النبوة-التفريق بين معجزة النبي حقا وسحر وكهانة مدعيها كذبا، ومع ذلك فقد علم ما فيها، أما الفروق المعتبرة فكثيرة وليس هذا موضع تعديدها (23)، وكذا قوله: «وذكر أهل العلم للمعجزة شروطا وأوصافا …الخ» قد كان بودِّنا أن لو ذكر لنا المصدر الذي نقل منه هذه الشروط، فإنه قد لا يكفي في مثل هذه الأمور نسبتها إلى أهل العلم هكذا مبهمين، فضلا عن كون هذه العبارة توهم السامع اتفاق العلماء على الأمر المذكور والواقع خلاف ذلك.
ولا شك عندي أن المنقول عنه عالم أشعري -كالقرطبي رحمه الله -، أو آخر ناقل عنه، ولم يعلم مخالفته لأهل الحق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا ريب أن المؤمن يعلم من حيث الجملة أن ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل، لكن كثيرا من الناس لا يعلم ذلك في المسائل المفصلة ولا يعرف ما الذي يوافق الكتاب والسنة وما الذي يخالفه» (24). وقال أيضا وهو يتحدث عن المتكلمين الذين رجعوا في آخر أعمارهم: «لكن بقاء كلامهم وكتبهم محنة عظيمة في الأمة وفتنة عظيمة لمن نظر فيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله» (25). نسأل الله تعالى أن يجنبنا جميعا الزلل وأن يسد الخلل، وأن يوفقنا لمزيد من فضله هو ولي ذلك والقادر عليه،} والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر {.
1/ منابر الهدى العدد الخامس صفحة 32.
2/ انظر النبوات (2/ 778،864،984).
3/ انظر النبوات (2/ 828،867).
4/ النبوات (1/ 600).
5/ تفسير القرطبي (1/ 69 - 71).
6/ قال صاحب المقال:» الشرط السادس أن يأتي ذلك المدعي في زمن يصح فيه مجيء الرسل «وهو شرط نظري وفيه إشارة إلى انقطاع النبوة ببعثة النبي صلى اله عليه وسلم.
7/ أصول الدين (171) ومعنى هذا الشرط والله أعلم الاحتراز عما يحدث بعد طلوع الشمس من مغربها، فإنه زمن ارتفاع التكليف والله أعلم.
8/ النبوات (1/ 502).
9/ النبوات (1/ 597).
10/ النبوات (1/ 150) وانظر (2/ 865).
11/ انظر النبوات (1/ 170،489).
12/ النبوات (1/ 163).
13/ انظر النبوات (2/ 869 - 870).
14/ النبوات (1/ 498).
15/ انظر النبوات (1/ 502).
16/ النبوات (1/ 451).
17/ النبوات (1/ 605).
18/ النبوات (2/ 794).
19/ النبوات (1/ 451).
20/ النبوات (1/ 602) انظر كتاب الإنصاف في كرامات الأولياء للصنعاني (85) مع تعليق الدكتور عبد الرزاق العباد.
21/ النبوات (1/ 486).
22/ انظر النبوات (1/ 498) (2/ 852).
23/ وتُنظر في النبوات (1/ 558 - 559) و (2/ 1074 - 1091).
24/ النبوات (1/ 561).
25/ الاستقامة (1/ 79 - 80).(59/416)
زوائد قرة العيون على فتح المجيد
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[28 - 11 - 09, 01:27 م]ـ
السلام عليكم
لا شك أن كتابي فتح المجيد وقرة العيون للشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ من أعظم شروح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب، وقرة العيون فيه اضافات على ما في الفتح، فهل سبق أن قام أحد بجمع هذه الاضافات، وهل يمكن القول بأن القرة هو اختصار للفتح مع زيادة؟
افيدونا مأجورين.
ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[28 - 11 - 09, 01:45 م]ـ
الله المستعان
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 04:19 م]ـ
افيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 06:39 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فقد سُئل فضيلة الشيخ العلامة الدكتور / عبد الكريم الخضير
عن الفرق بين فتح المجيد وقرة عيون الموحدين؛ فقال حفظه الله:
فتح المجيد في الأصل هو مختصرٌ من كتاب تيسير العزيز الحميد
مع التكميل لما تركه الشيخ سليمان بن عبد الله،
ثمَّ ألَّف الشيخ عبد الرحمن كتاب قُرَّة عيون الموحدين وهو شرحٌ مُختصر. أ- هـ
وكتاب قُرَّةُ عيون الموحدين حاشية مفيدة على كتاب التوحيد
لم يُسمِّها المؤلف – رحمه الله – بهذا الاسم، إنَّما الذي سمَّاها هو ابنه
العلاَّمة عبد اللطيف رحمه الله،
وهي عبارة عن تعليقات على كتاب التوحيد وفيه بعض الزيادات على فتح المجيد.
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[04 - 12 - 09, 05:03 م]ـ
أخي حسين, استعن بالله ولا تعجز, وابدأ أنت بهذا المشروع, أسأل الله لي ولك الإعانة.
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[05 - 12 - 09, 05:20 م]ـ
جزاكم الله خيراً
الحمد لله فقد استمعت لتعليق الشيخ صالح الفوزان كاملاً على قرة العيون، وسجلتها في الكتاب، ولعل الله ييسر جمع هذه الزيادات من القرة على الفتح.
بارك الله فيكم وفي مشائخنا الأجلاء، وسأل الله أن ينفع بكم وبهم.
ـ[ولد محمد]ــــــــ[07 - 12 - 09, 09:50 م]ـ
اخي الحبيب
يوجد تحقيق لفتح المجيد للشيخ محمد حامد الفقي وعليه تعليقات للشيخ ابن باز رحمهما الله
هذا التحقيق اعتنى فيه الشيخ الفقي بزيادات قرة عيون الموحدين على فتح المجيد
ولكن لا أدري هل شمل كل الزيادات أم لا.
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 03:28 م]ـ
أخي ولد محمد
جزاك الله خيرا، فلم يسبق لي أن رأيته فإذا كان على الشبكة فياحبذا لو دللتني عليه
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[09 - 12 - 09, 03:58 م]ـ
الذى ذكره أخى ولد محمد صحيح، وأشار الشيخ ابن باز فى المقدمة أن الشيخ محمد حامد الفقى اعتنى فى أغلب تعليقاته بالقرة.(59/417)
الكلام بين الناس فى أرض المحشر
ـ[إبراهيم الشيخ]ــــــــ[28 - 11 - 09, 09:28 م]ـ
السلام عليكم
سمعت اليوم فى اشرطة احد الدعاة و هو يتكلم عن اهمية كتابة الوصية قبل الوفاة
أن من لم يكتب وصيته قبل موته فإنه يُحرم من محادثة أهل القبور
ويوم القيامة يمنعه الملائكة من الحديث مع من بجانبه من أهل المحشر
فهل ثبت فى هذا شئ بارك الله فيكم؟
ـ[عبدالحميد حسن]ــــــــ[07 - 12 - 09, 03:05 ص]ـ
والله اول مره اسمع بما قاله هذا الداعي لعل الاخوه يفيدونا
ولكن اخي ابراهيم هل هذا الداعي استدل لما قال؟؟؟ لان الاصل الدليل كما تعلم بارك الله فيك ام انه قالها هكذا بدون دليل؟؟
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[07 - 12 - 09, 09:03 ص]ـ
هذا ليس له أصلٌ
بل هو من كلام القُصَّاص
ـ[عبد الله موسى يعقوب]ــــــــ[07 - 12 - 09, 04:14 م]ـ
أما في أرض المحشر فقد قال تعالى: (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا)، وقال تعالى (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا).(59/418)
هل الخوارج يحكمون سلطنة عمان؟
ـ[أبو تراب السلفى الاثري]ــــــــ[28 - 11 - 09, 11:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل الخوارج (الإباضية) يحكمون سلطنة عمان؟؟؟؟؟
ـ[أنس العثمان]ــــــــ[28 - 11 - 09, 11:47 م]ـ
نعم اباضيه
وشيخهم ومفتيهم الخليلي
خارجي
اشعري في الاسماء والصفات
جبري في القدر
ـ[أبو تراب السلفى الاثري]ــــــــ[29 - 11 - 09, 12:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ياسبحان الله لهذا الحد
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 11 - 09, 12:04 ص]ـ
اشعري في الاسماء والصفات
جبري في القدر
الانطباع عندي أنهم معتزلة
ـ[خالد جمال]ــــــــ[29 - 11 - 09, 01:07 ص]ـ
الخليلي مفتي عمان من ورثة الجهمية والمعتزلة، وهو إباضي كما يصرح بهذا بنفسه!
وقد ألف في الرد عليه فضيلة الشيخ الدكتور علي بن ناصر الفقيهي – حفظه الله تعالى – في كتابه الماتع (الرد القويم البالغ على كتاب الخليلي المسمَّى بالحق الدامغ)
قال الشيخ الفقيهي في مقدمة رده:
وحيث إن المؤلف وطائفته - الإباضية - قد ورثوا الجهمية والمعتزلة …الخ. كما صرح بذلك في كتابه هذا صفحة:32، أنه يشارك الإباضية في هذه الأفكار الجهمية، والمعتزلة، والزيدية، والإمامية من الشيعة. واليوم نجد هذه الأفكار التي فرّقت كلمة الأمة، تُبْعَثُ من جديد، ويحمل لواءها الخليلي -ومن كان على شاكلته- في هذا الكتاب، وفي ملخص له لمبحث الرؤية في رسالة سماها «غرس الصواب في قلوب الأحباب» وهو جدير بأن يسمى: «غرس الباطل في قلب الغافل». اهـ
ـ[صالح عبد الله التميمي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 02:41 ص]ـ
نعم خوارج , وجهميه .. فلي محاورات معهم في منتدياتهم .. وأطلعت على بعض فتاوى علمائهم المعاصرين ..
1 - يكفرون مرتكب الكبيرة .. وعندي فتوى للخليلي بذلك .. رغم أنني أناقش كثيراً منهم ويعمد إلى الكذب في كثير من الاحيان .. (وهذه عقيدة الخوارج)
2 - ينكرون رؤية الله سبحانه وتعالى (وهذه عقيدة الجهمية والمعتزلة)
3 - يزعمون أن القرآن الكريم مخلوق (وهذه عقيدة المعتزلة وغيرهم)
4 - يكفرون كثير من الصحابة رضوان الله عليهم مثل عثمان وعلي ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم نسأل الله السلامه (وهذه من عقيدة الخوارج)
5 - أنكارهم المسح على الخفين .. (وهذه عقيدة الخوارج والرافضة)
وغيرها كثير من اثبات أن هؤلاء من الخوارج بل هم أشر من الخوارج الأوائل .. لأنهم خلطوا بين الاعتزال والتجهم وعقيدة الخوارج ..
ويسمون أنفسهم اباضية
ودونك هذا الرابط يبن حقيقة هؤلاء الشرذمه
http://alabadyah.com/indexform.php?id=45
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 03:59 ص]ـ
الانطباع عندي أنهم معتزلة
نعم بارك الله فيك ذاك المعروف عنهم بل إنه لايكون إباضي إلا وتجده معتزليا وقدريا
ـ[أنس العثمان]ــــــــ[30 - 11 - 09, 05:04 م]ـ
عذرا
هم معتزله
في الاسماء والصفات(59/419)
أصول خطيرة أقام الخلف عليها بناءهم في العقيدة!!!
ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[29 - 11 - 09, 01:17 ص]ـ
إذا كانت العقيدة عند السلف تقوم على تعظيم النص الشرعي والاستدلال به وفق القواعد العلمية المحررة في أصول الفقه والحديث فإن لعلماء الخلف منهجا خاصا في الاستدلال العقدي يرتكز على الأصول الآتية:-
1 - اشتراط القطعية في أدلة العقيدة، وهذا لايتحقق بزعمهم إلا في الأدلة العقلية، لأن النقل حتى لو كان قرآنا أو سنة متواترة يتطرق إليه عشرة احتمالات كل واحد منها كاف في رفع قطعية الدليل النقلي؛ كاحتمال النسخ أوالإضمار أو التخصيص أو المعارض العقلي .... الى آخر ماذكره الرازي في المحصل.
2 - تقديم العقل على النقل عند التعارض، ولهذا أنكروا كثيرا من الصفات حتى وإن جاء بها القرآن والسنة المتواترة، فاستواء الله مثلا وإن ذكر في سبع من آيات القرآن إلا أنه لايمكن القول بموجبها والأخذ بدلالتها، لأنها تعارض دلالة العقل على تنزيه الرب عن الجهة، لأنها من خصائص الأجسام!!
3 - اعتبار نصوص الصفات مجازا يمكن نفيه أوتأويله بما يتسق مع دلالة العقل، ولهذا أولو صفة اليد بالنعمة، وصفة الرحمة بالإرادة، وصفة النزول بنزول أمر الله تعالى أو نزول ملك من ملائكته مع أن الحديث نص في نزول الرب تبارك وتعالى، فلايمكن أبدا أن يقول الملك: (من يدعوني فأستجيب له) هذا لايقوله أبدا إلا رب العالمين!!
4 - رفض الاستدلال بأخبار الآحاد في العقيدة حتى لوكانت في الصحيح، لأنها بزعمهم إنما تفيد الظن، والظن لايجوز أن يكون أساسا تبنى عليه العقيدة، ولهذا ردوا كثيرا من الأحاديث الصحيحة بهذه الحجة الباطلة مع أن أكثر ماردوه يفيد القطع، لأن خبر الواحد يفيد القطع اذا احتفت به القرائن،كتلقي الأمة له بالقبول، وعامة أحاديث البخاري ومسلم من هذا الضرب.
وهكذا صالوا على النصوص حتى عزلوها عن الاستدلال العقدي أوكادوا، فلايذكرونها في كتبهم الاقليلا. وانظر في شرح المواقف أوالمقاصد أو النسفية تجد مصداق ماذكرت مع أنهم أقرب الخلف لأهل السنة فكيف لوطالعت شرح الأصول الخمسة أوالمغني للقاضي عبذالجبار وأضرابه من المعتزلة والشيعة الإمامية؟! لاشك أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، فبعدهم عن النص أظهر وأظهر وهيمنة العقل عندهم أعظم وأعظم!! فحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولخطورة هذه الأصول عني العلماء بنقضها وردها وأفردوا لذلك مؤلفات خاصة نقضوا فيها هذه الأصول التي انتهت بأهلها الى عزل النقل والاقبال على الفلسفة والمنطق حتى حلت محل العقيدة!! ومن أجمع هذه الكتب (مختصر الصواعق المرسلة) لمحمد بن نصر الموصلي. وقد طبع طبعة محققة في أربعة مجلدات.
ـ[أبو عبد الرحمن الطائفي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 01:41 ص]ـ
بارك الله فيك ياشيخنا ونفع بك الاسلام والمسلمين
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 01:27 م]ـ
جزاكَ اللهُ خيرَ الجزاء شيخنا الغالي أبو عبدِ الله ونفعنا بعلمك
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 11:39 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
أُكرر شكري وعرفاني لفضيلة شيخنا الشيخ الدكتور عيسى السعدي حفظه الله
على هذا المقال الرائع والذي استفدتُ منه كثيراً لما فيه من التأصيل والاختصار
وأودُّ أن أُوضِّحَ أنَّ مصطلح (الخَلَف) يُقصدُ به الأشاعرة والماتريدية
وهذا هو مقصود كاتب الموضوع حفظه الله؛
بدليل أنه ذكر في نهاية الكلام بعض الكتب كشرح المواقف والمقاصد والنسفيَّة؛
وهي من كتب المذهب الأشعري والماتريدي المشهورة والمعروفة عند المتخصِّصين.
ـ[نايف محمد علي القطاع]ــــــــ[06 - 12 - 09, 08:07 م]ـ
نفع الله بعلمك وزادك علما وعملا
ـ[أحمد سكر]ــــــــ[06 - 12 - 09, 08:13 م]ـ
جزاكم الله خيراً شيخنا الكريم، وزادك الله علماً وفقهاً.
ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[14 - 12 - 09, 01:51 م]ـ
أشكركم جميعا على مشاعركم الطيبة ودعواتكم الصادقة وأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا بما يكتب في هذا المنتدى الحريص على عقيدة أهل السنة والجماعة والتحذير من كل مايخالفها من عقائد الخلف تأصيلا وتفصيلا آمين
ـ[عمر بن الشريف]ــــــــ[14 - 12 - 09, 07:47 م]ـ
جزاك الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/420)
* خصائص منهج أهل السنة والجماعة:
1. انه منهج يقوم على اتباع الوحي المعصوم (الكتاب والسنة).
2. منهج أهل السنة والجماعة انه يضبط الاستدلال بنصوص القرآن والسنة بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين المشهود لهم بالإمامة.
3. منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة أن نصوص القرآن والسنة تحمل على الظاهر المتبادر من سياق الكلام، مع اعتقاد أن ظاهرها يطابق مراد المتكلم بها.
4. وكذلك أن لايعارض الكتاب والسنة بعقل أو رأي أو ذوق أو كشف فضلا على أن تقدم هذه الوسائل عليهما قال تعالى: {{يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم}}.
5. ومن مسلمات هذا المنهج أن الكتاب والسنة قد بينا الدين كله أصوله وفروعه بيانا لايحتاج معه الناس إلى فلسفة أو منطق قال تعالى: {{ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ}}.
6. من خصائص هذا المنهج انه يعتبر" الإجماع " اصلا في معرفة الحق فإن ما دل عليه الإجماع لا يكون إلا حقا لقوله تعالى: {{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}} فمن خالف سبيل المؤمنين بقول أو اعتقاد أو فعل فقد استحق الوعيد.
7. ومن خصائص منهج أهل السنة في الاستدلال انهم لا يفرقون بين الكتاب والسنة في الاستدلال ولايفرقون كذلك بين الحديث المتواتر والحديث الآحاد فكلاهما حجة يعتمد عليهما خلافا لأهل البدع.
8. ومن خصائص منهج السلف الثبات والاتفاق والسلامة من الاضطراب والتناقض فهذه الميزة لهذا المنهج تعود لانه يقوم على التسليم المطلق للوحي، والاعتماد على القرآن والسنة وما اجمع عليه سلف الامة.
9. منهج السلف سليم من الجدل والخصومات في الدين، وينأى بأهله عنها وذلك ان الاعتقاد مبناه على التوقيف، والجدل والخصومات مبناها على الرأي وكلام أهل الأهواء وهذه تورث الفرقة والإختلاف لتباين الآراء وتفاوت الأفهام.
10.منهج السلف منهج وسط في جميع مسائله من غير غلو أو تقصير.(59/421)
تلاوة ندية للشيخ / محمود المنشاوي رحمه الله
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[29 - 11 - 09, 02:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حصرياً لأهل الحديث أرفع هذه التلاوة الرائعة للشيخ رحمه الله تعالى
وهي صراحة من أفضل ما سمعت للشيخ
والآيات من سورة الأحزاب
وهما مجموعتين من الآيات
والملفات مرفقة
أتمنى أن تحصل الفائدة
ومن استمع لآية من كتاب الله كُتبت له حسنة
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[29 - 11 - 09, 02:44 ص]ـ
التحميل جار
بارك الله فيك
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[29 - 11 - 09, 03:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حصرياً لأهل الحديث أرفع هذه التلاوة الرائعة للشيخ رحمه الله تعالى
وهي صراحة من أفضل ما سمعت للشيخ
والآيات من سورة الأحزاب
وهما مجموعتين من الآيات
والملفات مرفقة
أتمنى أن تحصل الفائدة
ومن استمع لآية من كتاب الله كُتبت له حسنة
بارك الله فيك رابط جميل ووفقك الله لطاعته
ـ[عبدالرحمن مجاهد]ــــــــ[29 - 11 - 09, 01:00 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه التلاوة الطيبة
أخي الفاضل هل عندك السورة كاملة؟!
إذا كانت عندك فهلا رفعتها لنا ولك الأجر والثواب
ـ[ابراهيم النوبي]ــــــــ[29 - 11 - 09, 01:07 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه التلاوة الطيبة
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[29 - 11 - 09, 03:18 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً
أخ عبدالرحمن , جزاك الله خيراً
ليس عندي إلا هذه التلاوات فقط
ـ[ابوعبدالله المغربي]ــــــــ[29 - 11 - 09, 11:39 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الفاضل
بالفعل تلاوة طيبة
أخي مجاهد سأبحث لك عن السورة كاملة و أرفعها إن شاء الله لأني لم أجد الأسطوانة الخاصة بالمنشاوي الآن.
ـ[ربى الجزائرية]ــــــــ[29 - 11 - 09, 11:42 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه التلاوة الطيبة
ـ[همام النجدي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 12:21 ص]ـ
ومن استمع لآية من كتاب الله كُتبت له حسنة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[30 - 11 - 09, 01:06 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ,,,
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عباد بن ميسرة، عن الحسن، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة.
ـ[همام النجدي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 04:49 ص]ـ
فيه عبادة بن ميسرة واختلف في توثيقه عن الحسن عن أبي هريرة والجمهور على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة
وعباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره وضعفه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى ووثقه ابن حبان
ـ[أبو العلاء الأزدي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 04:53 ص]ـ
جزاك الله خيراً ..
ـ[عبدالرحمن مجاهد]ــــــــ[30 - 11 - 09, 11:35 ص]ـ
الحمد لله
جزاك الله خيرا يا أخي أبا عبدالله المغربي
وجدت السورة كاملة في هذا الرابط
http://quranicaudio.com/quran/41
أهداني إياه أخ فاضل جزاه الله خيرا
ـ[ابوعبدالله المغربي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 02:09 م]ـ
الحمد لله
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[30 - 11 - 09, 02:38 م]ـ
رحم الله الشيخ المنشاوي رحمة واسعة
وأسكنه فسيح جناته
ـ[حنين السلفية]ــــــــ[01 - 12 - 09, 01:36 ص]ـ
أحسن الله إليك
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[03 - 12 - 09, 01:53 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32599
ترجمة الشيخ رحمه الله ,,,
ـ[أحمد بن شاهد]ــــــــ[05 - 12 - 09, 12:47 ص]ـ
بارك الله فيك وجزاك خيرا
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[12 - 12 - 09, 01:40 ص]ـ
http://www.islamway.com/?iw_s=Quran&iw_a=view&id=11
تلاوة مميزة لسورة آل عمران بصوت أبوهاجر العراقي فك الله أسره
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[13 - 12 - 09, 07:49 ص]ـ
مصحف تسجيلات قناة المجد للشيخ عبد المنعم عبد المبدئ كاملاً
وما أدراك ما عذوبة صوت الشيخ عبدالمنعم
المصحف بجودة عالية ونقي جداً ومن أروع تسجيلات الشيخ عبد المنعم عبد المبدئ
السور مرتبة حسب المصحف
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/001.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/002.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/003.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/004.mp3
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/422)
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/005.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/006.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/007.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/008.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/009.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/010.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/011.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/012.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/013.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/014.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/015.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/016.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/017.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/018.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/019.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/020.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/021.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/022.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/023.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/024.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/025.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/026.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/027.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/028.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/029.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/030.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/031.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/032.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/033.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/034.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/035.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/036.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/037.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/038.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/039.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/040.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/041.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/042.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/043.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/044.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/045.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/047.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/048.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/049.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/050.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/051.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/052.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/053.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/054.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/055.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/056.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/057.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/058.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/059.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/060.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/061.mp3
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/423)
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/062.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/063.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/064.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/065.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/066.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/067.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/068.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/069.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/070.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/071.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/072.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/073.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/074.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/075.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/076.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/077.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/078.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/079.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/080.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/081.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/082.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/083.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/084.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/085.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/086.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/087.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/088.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/089.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/090.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/091.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/092.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/093.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/094.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/095.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/096.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/097.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/098.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/099.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/100.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/101.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/102.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/103.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/104.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/105.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/106.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/107.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/108.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/109.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/110.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/111.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/113.mp3
http://ia341335.us.archive.org/1/items/recommend/2005/114.mp3
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[01 - 11 - 10, 03:08 م]ـ
أرجو من الإشراف حذف المشاركة السابقة فهي لا تتبع الموضوع
وهذه تلاوات أخرى للشيخ محمد صديق المنشاوي
http://www.qoranway.com/maqamat/nahawand1/36.mp3
من الأعراف
http://www.qoranway.com/maqamat/nahawand1/31.mp3
من الأنبياء
ـ[سعد يحياوي]ــــــــ[01 - 11 - 10, 05:25 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[01 - 11 - 10, 11:08 م]ـ
أحسن الله إليكم
ـ[أبوالحارث خالد الأثري]ــــــــ[02 - 11 - 10, 06:40 م]ـ
شكرا اخواني واذكركم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم
((أحب الأعمال الى الله أدومها وان قَلّ))
ـ[أبوالفداء المصري]ــــــــ[02 - 11 - 10, 07:02 م]ـ
الرجاء تغيير عنوان الموضوع الى الشيخ محمد المنشاوي وليس محمود
فهناك فرق نعم كلاهما اخوان
فالشيخ محمد توفي رحمه الله
اما الشيخ محمود مازال حيا بارك الله فيه
وهناك فرق بين قراءتهما كذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/424)
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[02 - 11 - 10, 09:50 م]ـ
حياكم الله
نعم طلبت ذلك من الإدارة وبالفعل تغير العنوان ولكن عاد من جديد لـ محمود ولا أعرف السبب!!
ـ[أبو فراس السليماني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 06:19 م]ـ
جزاكم الله تعالى خيرا أخي الكريم
وأحسن الله إليكم ونفع بكم(59/425)
س: أهلَ العقيدة؛ ما رأيكم بـ "جامع المتون" و ما فيه؟
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[29 - 11 - 09, 05:09 م]ـ
سلام الله عليكم ـ أهلَ الحديث ـ و رحمته و بركاته؛ أما بعد:
فقد اشتريت كتاب: " المجموع الكبير من المتون فيما يذكر من الفنون "؛ نشر: المكتبة العصرية (ط:1/ 1426هـ)، و أوله قسمُ متون التوحيد و فيه من متون العقيدة:
1ـ أم البراهين للإمام أبي عبدالله محمد بن يوسف السنوسي.
2ـ الجوهرة في التوحيد للعلامة إبراهيم اللقاني.
3ـ الخريدة البهية.
4ـ الشيبانية.
5ـ رسالة في علم التوحيد للعلامة إبراهيم البيجوري.
6ـ بدء الأمالي لسراج الدين علي بن عثمان الفرغاني 569 هـ.
7ـ العقائد النسفية لعمر بن محمد النسفي 461 ـ 537 هـ.
8 ـ أسماء الرسل لمحمد الدمنهوري 1288 هـ.
فما رأيكم بهذا الكتاب ـ أولا ـ ثم رأيكم بما ذكر من متون ـ ثانيا ـ؟
.
.
ـ[جمال سعدي الجزائري]ــــــــ[30 - 11 - 09, 04:43 م]ـ
احرق الكتاب لاينفعك و يضرك المتون التي ذكرتها عقائد أشعرية
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 09:16 م]ـ
المجموع بشكل عام جيّد من ناحية احتوائه على متون مهمة، ويعيبه تلك المتون الأشعرية في العقيدة.
لذا، لو اقتصرت على ما فيه من متون في باقي العلوم غير متون التوحيد، فهذا مهم جداً، وخير منه في باب العقيدة والمتون ما جمعه (الشمراني) في (جامع المتون العلمية).
لكن يعيبه نقص بعض المتون المهمة كألفية العراقي والسلم المنورق.
إن استطعت أن تجد ما تريد من المتون (كل المتون) فهي موجودة ههنا في الملتقى، فحمّلها، وهو خير لك من ذلك المجموع، على الأقل في بداية طلب العلم.
واعلم أن العقيدة رأس مالك ومفتاحك إلى الجنة فلا تتهاون فيها وفي تأصليها والمحافظة عليها من شوائب البدع
والله يتولانا وإياك(59/426)
معنى " الإله " عند الأشعرية
ـ[محمد براء]ــــــــ[30 - 11 - 09, 02:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية معرفة مدلول هذه الكلمة " الإله " لا تخفى، إذ عليها ينبني تفسير كلمة التوحيد.
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله تعالى: "جميع العلماء من المفسرين، وشراح الحديث والفقه وغيرهم يفسرون الإله بأنه المعبود، وإنما غلط في ذلك بعض أئمة المتكلمين، فظن أن الإله هو القادر على الاختراع، وهذه زلة عظيمة، وغلط فاحش، إذا تصوره العامي العاقل، تبين له بطلانه، وكأنَّ هذا القائل، لم يستحضر ما حكاه الله عن المشركين، في مواضع من كتابه، ولم يعلم أن مشركي العرب، وغيرهم، يقرون بأن الإله هو القادر على الاختراع، وهم مع ذلك مشركون.
ومن أبعد الأشياء: أن عاقلاً يمتنعُ من التلفظ بكلمة يقرُّ بمعناها، ويعترف به ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً، هذا ما لا يفعله من له أدنى مسكة من عقل.
قال أبو العباس رحمه الله تعالى: ليس المراد بالإله هو القادر على الاختراع كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن الألوهية هي القدرة على الاختراع، وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع، دون غيره فقد شهد أن لا إله إلا الله، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا التوحيد، كما قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) [الزمر: 38] وقال تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله قل أفلا تذكرون) الآيات [المؤمنون: 84 - 89] وقال تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) [يوسف: 106]
قال ابن عباس: تسألهم، من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم مع هذا يعبدون غيره.
وهذا التوحيد، من التوحيد الواجب، لكن لا يحصل به الواجب، ولا يخلص بمجرده عن الإشراك، الذي هو أكبر الكبائر، الذي لا يغفره الله، بل لابد أن يخلص لله الدين، فلا يعبد إلا إياه، فيكون دينه لله، والإله، هو المألوه، الذي تألهه القلوب، فهو إله بمعنى مألوه لا بمعنى آله. انتهى - أي كلام شيخ الإسلام -.
وقال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرحه لكتاب التوحيد: " المتكلمون الأشاعرة والمعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا: إن كلمة (إله) هي بمعنى فاعل؛ لأن فِعَال تأتي بمعنى مفعول أو فاعل، فقالوا هي بمعنى آلِهْ والآلِهُ هو القادر، ففسروا الإله بأنه القادر الاختراع، ولهذا تجد في عقائد الأشاعرة ما هو مسطور في شرح العقيدة السَّنوسية التي تسمى عندهم بأم البراهين قال مانصه فيها: الإله هو المستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه. قال فمعنى لا اله إلا الله لا مستغنيا عما سواه و لا مفتقرا إليه كل ما عداه إلا الله، ففسروا الألوهية بالربوبية، وفسروا الإله بالقادر على الاختراع أو بالمستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه.
وبالتالي يقدرون الخبرموجود لا إله موجود؛ يعني لا قادر على الاختراع والخلق موجود إلا الله, لا مستغنيا عما سواه ولا مفتقرا إليه كل ما عداه موجود إلا الله؛ لأن الخلق جميعا محتاجون إلى غيرهم.
وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب الشرك في المسلمين؛ لأنهم ظنوا أن التوحيد هو إفراد الله بالربوبية، فإذا اعتقد أن القادر على الاختراع هو الله وحده صار موحدا، إذا اعتقد أن المستغني عما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه هو الله وحده صار عندهم موحدا، وهذا من أبطل الباطل أين حال مشركي قريش الذين قال جل وعلا فيهم ?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ? [العنكبوت:61] وفي آية أخرى?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ? [الزخرف:9]، ونحو ذلك من الآيات وهي كثيرة كقوله ?قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ? [يونس:31 - 32] الآيات من سورة يونس, هذا معلوم أن مشركي قريش لم يكونوا ينازعون في الربوبية ".
قلت: وقد وجدت نسبة هذا القول للأشعرية كافة في رسالة للشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد، وعلامة وقته، رحمه الله تعالى في الدرر السنية (1/ 320 - 321).
ورجعت إلى بعض كتب الأشعرية فوجدت أن نسبة القول هكذا إليهم قاطبة غلط ظاهر، ففي المواقف للعضد الإيجي وشرحه (3/ 314 - 315) في تفسير لفظ الجلالة: " (وهو من ألَه) بفتح اللام، أي: عبد، وهو المراد بقوله: (إذا تعبد). (وقيل) الإله (مأخوذ من الوله وهو الحيرة ومرجعهما صفة إضافية) هي كونه معبودا للخلائق ومختاراً للعقول (وقيل:) معنى الإله (هو القادر على الخلق) فيرجع إلى صفة القدرة، وقيل: هو الذي لا يكون إلا ما يريد. (وقيل: من لا يصح التكليف إلا منه فمرجعه) على هذين الوجهين (صفة سلبية) فعلية".
قلت: والقول الأول رجحه إمام الأشعرية المتأخرين ابن الخطيب في تفسيره في أكثر من موضع، وصرح بتضعيف القول الثالث، فقال في تفسير قوله تعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ: " قوله: (وإلهكم): يدل على أن معنى الإله ما يصح أن تدخله الإضافة، فلو كان معنى الإله القادر لصار المعنى وقادركم قادر واحد، ومعلوم أنه ركيك فدل على أن الإله هو المعبود ".
فالحاصل أن تفسير الإله بـ" القادر على الاختراع " لا تصح نسبته إلى الأشعرية قاطبة، وإنما يقال: هو قول بعض أئمة المتكلمين كما قال شيخ الإسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/427)
ـ[عبد الوهاب الأثري]ــــــــ[01 - 12 - 09, 09:09 ص]ـ
قلت: وقد وجدت نسبة هذا القول للأشعرية كافة في رسالة للشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد، وعلامة وقته، رحمه الله تعالى في الدرر السنية (1/ 320 - 321).
أخي محمد سددك الله وحفظك.
هلا ذكرت عبارة الشيخ عبد الرحمن بن حسن التي مفادها - كما تقول - نسبة هذا القول للأشعرية كافة.
ـ[محمد براء]ــــــــ[01 - 12 - 09, 11:19 ص]ـ
هذه رسالة الشيخ كاملة:
قال الشيخ ابن قاسم رحمه الله تعالى: " وكتب الشيخ: عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله تعالى - رسالة أرسلها، لما بلغه، أن الشيخ عبد اللطيف بن مبارك نصب في بعض مساجد الأحساء، من يتهم بمذهب الأشاعرة، سمن غير إذن الإمام.، وهذا ونصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن بن حسن، إلى الأخوين المكرمين: محمد بن عبد الله، وعبد الله بن سالم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وما ذكرتما: عن نصب الشيخ عبد اللطيف، لهؤلاء الثلاثة؛ فالعباد: أن مثل هذا يراجع فيه الإمام /لأن نصبه له في أمر خاص، وهو فصل القضايا بين الناس، وأما النظر فيما يصلح للإمامة، والتدريس، فيرد إلى الإمام، وربما أن الإمام يجعل لنا فيه بعض الشورى، لأن كثيراً من الناس ما يخفانا حالهم،وعقائدهم، ونصب الإمام القضاة بنجد كذلك.
والشيخ: أحمد بن مشرف، يسامى الأكابر، ومثلهم، ما ينسب له؛ والذي نعلم عنه: صحة المعتقد في توحيد الأنبياء والمرسلين، الذي جهله أكثر الطوائف، كذلك: هو رجل سلفي، يثبت من صفات الرب تعالى ما وصف به نفسه ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليق بجلال الله وعظمته.
وأما أهل بلدكم في السابق، وغيرهم، فهم: أشاعرة؛والأشاعرة: أخطأوا في ثلاث من أصول الدين، منها: تأويل الصفات، وهو صرفها عن حقيقتها، التي تليق بالله وحاصل تأويلهم: سلب صفات الكمال عن ذي الجلال.
أيضاً: أخذوا ببدعة عبد الله بن كلاب، في كلام الرب تعالى وتقدس، ورد العلماء عليهم في ذلك شهير، مثل: الإمام أحمد، والشافعي، وأصحابه، والخلال في كتاب السنة وإمام الأئمة: محمد بن خزيمة، واللالكائي، وأبو عثمان الصابوني الشافعي، وابن عبد البر، وغيرهم من أتباع السلف، كمحمد بن جرير الطبري، وشيخ الإسلام الأنصاري.
وقد رجع كثير من المتكلمين الخائضين، كالشهرستانى،شيخ أبي المعالي، وكذلك أبو المعالي، والغزالي، وكذلك الأشعري قبلهم في كتاب الإبانة،والمقالات،ومع هذا،وغيره، فبقي هذا في المتأخرين،المقلدين لأناس من المتأخرين،ليس لهم اطلاع على كلام العلماء، وكانوا يعدون من العلماء.
وأخطأوا أيضاً: في التوحيد،ولم يعرفوا من تفسير لا إله إلا الله، إلا أن معناها القادر على الاختراع ودلالة لا إلَه إلا ّ الله على هذا، دلاله التزام، لأن هذا من توحيد الربوبية الذي أقر به الأمم، ومشركوا العرب،كما قال تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله قل أفلا تذكرون) الآيات [المؤمنون: 84 - 89] وهي كثيرة في القرآن، يحتج تعالى عليهم بذلك، على ما أنكروه من توحيد الإلهية،الذي هو معنى لا إلَه إلا ّ الله، مطابقة، وتضمنا.
وهو: الذي دعا إليه الناس، في أول سورة البقرة، وفى سورة آل عمران، والنساء، وغيرها،ودعت إليه الرسل (ألا تعبدوا إلا الله) [هود: 2] وهو:الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران،ودعا إليه العرب قبلهم،كما قال أبو سفيان،لهرقل،لما سأله عما يقول،قال، يقول: (اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) [النساء:26] وكل السور المكية:في تقرير معنى لا إلَه إلا ّ الله، وبيانه.
فإذا كان العلماء في وقتنا هذا، وقبله،في كثير من الأمصار،ما يعرفون من معنى لا إله إلا الله، إلا توحيد الربوبية،كمن كان قبلهم في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية،وابن القيم، وابن رجب، اغتروا بقول بعض العلماء، من المتكلمين: إن معنى لا إلَه إلا ّ الله، القادر على الاختراع،وبعضهم يقول، معناها:الغنى عمن سواه، المفتقر إليه ما عداه، وعلماء الأحساء: ما عادوا شيخنا، رحمه الله، في مبدأ دعوته،إلا من أجل أنهم ظنوا: أن عبادة يوسف، والعيدروس، وأمثالهما، لا يستفاد بطلانها من كلمة الإخلاص.
والله سبحانه:بين لنا معنى هذه الكلمة، في مواضع كثيرة من القرآن،قال تعالى،عن خليله عليه السلام: (وإذ
قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون، إلا الذي فطرني فإنه سيهدين، وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) [الزخرف: 26 - 28] فعبر عن هذه الكلمة بمعناها، وهو: نفي الشرك في العبادة، وقصرها على الله وحده. وقال عن أهل الكهف: (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله) [الكهف: 16] فإذا كان هذا التوحيد، الذي هو حق الله على العباد، قد خفي على أكابر العلماء، في أزمنة سلفت، فكيف لا يكون بيانه أهم الأمور؟ خصوصاً إذا كان الإنسان لا يصح له إسلام، ولا إيمان إلا بمعرفة هذا التوحيد،وقبوله،ومحبته، والدعوة إليه، وتطلب أدلته، واستحضارها ذهناً، وقولاً، وطلباً، ورغبة. فهذه: نصيحة مني لكل إنسان، دعاني إليها غربة الدين، وقلة المعرفة، فينبغي: أن تشاع، وتذاع، في محاضر أهل العلم،يقبلها من وفقه الله للخير، فإنها خير مما كتبتم فيه، بأضعاف أضعاف، وصلى الله على محمد وآله وسلم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/428)
ـ[ابو إسحاق عبد الله السلفي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 01:51 م]ـ
بورك فيك
يلحظ ان الاشاعرة ضلوا ضلالا بعيدا في مسألة توحيد الألوهية
ـ[عبد الوهاب الأثري]ــــــــ[01 - 12 - 09, 10:51 م]ـ
وأما أهل بلدكم في السابق، وغيرهم، فهم: أشاعرة؛والأشاعرة: أخطأوا في ثلاث من أصول الدين ..... إلى أن قال: وأخطأوا أيضاً: في التوحيد،ولم يعرفوا من تفسير لا إله إلا الله، إلا أن معناها القادر على الاختراع ....
ما أراد كل الأشاعرة يفسرون الإله بالقادر على الاختراع بدليل أنه قال بعدها:
فإذا كان العلماء في وقتنا هذا، وقبله،في كثير من الأمصار،ما يعرفون من معنى لا إله إلا الله، إلا توحيد الربوبية،كمن كان قبلهم في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية،وابن القيم، وابن رجب، اغتروا بقول بعض العلماء، من المتكلمين: إن معنى لا إلَه إلا ّ الله، القادر على الاختراع، وبعضهم يقول، معناها:الغنى عمن سواه، المفتقر إليه ما عداه ..
فنسب هذا القول لبعض المتكلمين، ولو أنه أراد أن كل الأشاعرة يفسر الإله بالقادر على الاختراع، لما ساغ منه أن يذكر هاهنا قوله: وبعضهم يقول: معناها:الغنى عمن سواه، المفتقر إليه ما عداه .. فحاصل كلامه أن فيهم من يفسره بالقادر على الاختراع وفيهم من يفسره بالغنى التام.
ومما يدل على هذا:
نقل الشيخ عبد الرحمن بن حسن عن شيخ الإسلام قوله: وليس المراد بالتوحيد: مجرد توحيد الربوبية، وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم، كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف. ويظن هؤلاء أنهم إذا أثبتوا ذلك بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد. وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد. فإن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء، لم يكن موحدا حتى يشهد بأن لا إله إلا الله وحده، فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة: ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له. و " الإله " هو المألوه المعبود الذي يستحق العبادة. وليس هو الإله بمعنى القادر على الاختراع. فإذا فسر المفسر " الإله " بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله، وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي ينقلونه عن أبي الحسن وأتباعه لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم. فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء .... انتهى من فتح المجيد.
وقال الشيخ عبد الرحمن أيضا: ومما يرشد إلى الاهتمام بهذه الأمور: أن من العلماء من غلط في مسمى التوحيد، الذي هو أصل الدين، وأساس الملة، كما قال شيخ الإسلام، أحمد بن تيمية: وقد غلط في مسمى التوحيد، طوائف من أهل النظر، ومن أهل العبادة، حتى قلبوا حقيقته، وطائفة ظنت: أن التوحيد نفى الصفات، وطائفة ظنت أنه: الإقرار بتوحيد الربوبية.
ومنهم: من أطال في تقرير هذا، وظن أنه بذلك قرر الوحدانية، وأن الألوهية: نفي القدرة على الاختراع، ونحو ذلك، ولم يعلم: أن مشركي العرب مقرون بذلك، وساق الأدله، كقوله: (قل من يرزقكم من السماء والأرض) الآية ... انتهى من الدرر السنية.
وعلى هذا يكون معنى كلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن أن غالبية الأشاعرة تفسر الإله بالقادر على الاختراع، أو عنى أن المتأخرين منهم كذلك، من زمن شيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب إلى ما رآه منهم من أشاعرة زمانه رحمه الله كما في قوله: فإذا كان العلماء في وقتنا هذا، وقبله،في كثير من الأمصار،ما يعرفون من معنى لا إله إلا الله، إلا توحيد الربوبية،كمن كان قبلهم في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية،وابن القيم، وابن رجب، اغتروا بقول بعض العلماء، من المتكلمين: إن معنى لا إلَه إلا ّ الله، القادر على الاختراع ... "
ولا يخفى عليكم أن الأشاعرة ينسبون إلى إمامهم أبي الحسن القول بأن الإله هو القادر على الاختراع كما قال البغدادي في أصوله: واختلف أصحابنا في معنى الإله فمنهم من قال إنه مشتق من الإلهية وهي قدرته على اختراع الأعيان وهو اختيار أبي الحسن الأشعري. انتهى كلامه. ولهذا جعلوا أول واجب هو النظر، أو قصد النظر وهذا اعتناء بالربوبية وإقصاء للألوهية فناسب من علمائنا أن لا يذكروا لهم شأنا في الألوهية. هذه واحدة.
والثانية: كون كثير من الأشاعرة يجعل اسم الله جامدا مما زاد الطين بله، وجعلهم أبعد وأبعد عن الألوهية.
وثالثة الأثافي: ما كان عليه عامة علماء الأشاعرة وأخص المتأخرين كانوا يحسنون الشرك في الألوهية، يسمونه توسلا، ويجعلون الحنيفية السمحة تأمر بشرك أبي جهل وأبي لهب ... !!! ولم تجد الصوفية الخرافية القبورية مرتعا أحسن من مرتع الأشاعرة.
كل هذا جعل الشيخ عبد الرحمن بن حسن ومشايخنا لا يلوون على ذكر من فسر منهم الإله بالمعبود، فإنه وإن كان بعض علمائهم ذكر هذا التفسير إلا أنه عند الكثيرين منهم بمنزلة دعاء الهاذي. نسأل الله العافية.
وتذكر أخي محمد قول علمائنا: إن الأشاعرة لا تثبت من الصفات إلا سبعا، وإنما قصدوا المتأخرين منهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/429)
ـ[محمد براء]ــــــــ[02 - 12 - 09, 05:23 م]ـ
حتى لو لم يكن الشيخ أراد جميعهم، فإنه يُفهم ذلك من كلامه، بل هو ظاهر كلامه، وهذا ما فهمته أنا قبل أن أرجع لبعض كتبهم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[02 - 12 - 09, 05:49 م]ـ
هل المقصود الأشاعرة المتقدمين والمتاخرين
ام المتأخرين فقط؟
حيث ان هناك فرق بين المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة
ـ[عبد الوهاب الأثري]ــــــــ[02 - 12 - 09, 08:49 م]ـ
حتى لو لم يكن الشيخ أراد جميعهم، فإنه يُفهم ذلك من كلامه، بل هو ظاهر كلامه، وهذا ما فهمته أنا قبل أن أرجع لبعض كتبهم.
قوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله}
وقوله تعالى: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه}
هل تفهم من الآيتين أن كل اليهود وقع منهم ما هو مذكور في الآيتين والسؤال نفسه في النصارى؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[02 - 12 - 09, 11:11 م]ـ
الأخ الفاضل:
الشيخ عبد الرحمن رحمه الله يكتب ما ذكره في رسالة يبين فيها أخطاء الأشاعرة، للتحذير منهم، والحال كذلك: فإن المعروف أن من يكتب بهذا الصدد يكتب أموراً أجمع عليها الأشاعرة، حتى لا يعترض عليه بأن في المسألة عندهم قولان، ومن ثم فقد يكون الشخص الذي سيتولى التدريس أو غير ذلك ممن يقول بالقول الموافق لقول أهل السنة.
والشيخ يقرن بين مسألة الكلام النفسي - وهي إجماعية عند الأشاعرة -، وتأويل الصفات - وهي إجماعية بالمعنى الذي ذكره -، وبين قولهم في تفسير الألوهية، وهذا يدل أنها أيضاً إجماعية عندهم في نظره.
فهذا القرائن تدلك أن لفظ " الأشاعرة " في قوله: " والأشاعرة أخطؤوا .. " إلخ، لفظ عام باق على عمومه، بخلاف لفظي " اليهود والنصارى " في الآيتين المتقدمتين، لوجود القرائن الدالة على أنها عامة أريد بها الخصوص.
وليس في كلام الشيخ ما ينافي ذلك، وقوله: " اغتروا بقول بعض العلماء، من المتكلمين " لا ينافي ذلك، لأن الشيخ يخبر عن اغترار العلماء الذين ذكرهم بقوله: (العلماء في وقتنا هذا، وقبله)، ببعض علماء المتكلمين، أو الأشاعرة، وهذا لا يمنع أن يكون علماء الأشعرية جميعاً يقولون به. والله أعلم.
ـ[عبد الوهاب الأثري]ــــــــ[03 - 12 - 09, 09:33 م]ـ
.... والشيخ يقرن بين مسألة الكلام النفسي - وهي إجماعية عند الأشاعرة -، وتأويل الصفات - وهي إجماعية بالمعنى الذي ذكره -، وبين قولهم في تفسير الألوهية، وهذا يدل أنها أيضاً إجماعية عندهم في نظره.
فهذا القرائن تدلك أن لفظ " الأشاعرة " في قوله: " والأشاعرة أخطؤوا .. " إلخ، لفظ عام باق على عمومه، بخلاف لفظي " اليهود والنصارى " في الآيتين المتقدمتين، لوجود القرائن الدالة على أنها عامة أريد بها الخصوص.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد:
وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير (لا إله إلا الله) أي: لا معبود إلا هو .... وقال البقاعي: " لا إله إلا الله "، أي: انتفاء عظيما أن يكون معبود بحق غير الملك الأعظم .... وقال الطيبي: (الإله) فِعال بمعنى مفعول، كالكتاب بمعنى المكتوب، من أله إلهة أي: عبد عبادة. انتهى كلامه.
ونقل الشيخ عبد الرحمن بعض أقوال هؤلاء في رده على الكشميري.
فما قلتَه أنت في الآيتين السابقتين (عام يراد منه الخصوص) يقال مثله في كلام الشيخ عبد الرحمن لاسيما مع هذه النقول التي ذكرها عن بعض الأشاعرة، ولا يخفاك أن دلالة الاقتران التي ذكرتَها من الدلالات الضعيفة.
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 12:30 ص]ـ
الأشاعرة لايعتبرون توحيد الألوهية من أنواع التوحيد ويتضح ذلك من خلال هذه النقط المهمة:
تفسيرهم الإله بالقادر على الاختراع وهذا التفسير يدل على أنهم يرون أن توحيد الألوهية هو عين توحيد الربوبية.
أنهم أشاعرة في باب الإيمان والإيمان يشمل الدين كله بما في ذلك التوحيد وعلى هذا فإنهم يكونون مرجئة في التوحيد بتأخير التوحيد العملي عن أنواع التوحيد.
أن متأخريهم صرحوا بأنه لا يوجد ما يسمى بتوحيد الألوهية وذكروا أن ذلك من ابتداع شيخي الاسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب.
ثبوت علاقة وصلة وثيقة بين المتكلمين والشيعة والصوفية وهاتان الطائفتان هما اللتان نشرتا الشرك في حياة المسلمين.
فخلاصة الأمر أنهم يرون أن توحيد الألوهية من الدين والاسلام عموما لكنهم لا يرون أنه من حقيقة التوحيد الذي يقع فيه الشرك بل يرون أن العبادات من كمالات التوحيد الواجبة أو المستحبة ...
يراجع حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين فقط فصل في هذه النقط كلها وهو بحث طيب
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[08 - 11 - 10, 09:38 م]ـ
أحسن الله إليك.
توضيح جميل منكم لكلامٍ كثيرًا ما نسمعه من بعض المشايخ.
فقد عرف البيجوري والصاوي -شرّاح الجوهرة - الإله بأنه المعبود بحق.
قلت: والقول الأول رجحه إمام الأشعرية المتأخرين ابن الخطيب في تفسيره في أكثر من موضع، وصرح بتضعيف القول الثالث، فقال في تفسير قوله تعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ: " قوله: (وإلهكم): يدل على أن معنى الإله ما يصح أن تدخله الإضافة، فلو كان معنى الإله القادر لصار المعنى وقادركم قادر واحد، ومعلوم أنه ركيك فدل على أن الإله هو المعبود ".
الرازي له كلام غير صريح في كتابه الإشارة يفهم منه أن تفسير الإله عنده بمعنى القدرة على الاختراع. وذلك في الفصل الرابع من الباب الثالث (تفسير الإله).(59/430)
شرح مقولة للامام احمد
ـ[أبو راشد التواتي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 06:29 م]ـ
نريد شرح لما قاله الامام احمد بن حنبل:قولو لااهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[30 - 11 - 09, 06:48 م]ـ
خذ الكلام على هذه الجملة من كلام الشيخ ابي اسحق الحويني
يقول حفظه الله
قبل أن أدخل في الدروس المستفادة من حياة شيخ الإسلام رحمه الله أريد أن أقول: إن جنازة شيخ الإسلام ابن تيمية كانت من أكبر الجنازات التي شهدها العصر، حتى أن الذين ترجموا لشيخ الإسلام ابن تيمية قالوا: لن تُعرف جنازة فيها كثرة بعد الإمام أحمد مثل جنازة ابن تيمية، وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول للمبتدعة: بيننا وبينكم شهود الجنائز؛ لأن حضور الجنازة إنما تكون لوازع الحب المحض، لكن الدنيا ممكن أن يذهب الإنسان إلى الآخر وهو يكرهه لأجل مصلحة أو أنه خائف منه، والناس الذين يأتون العوام، يقولون: مات العمدة الكل ذهب يعزي ومات العمدة ولا أحد ذهب؛ لأن المطلوب رضا العمدة، فرضا العمدة حال حياته وكان لا يزال بينهم، لكن مات العمدة وانتهى الأمر.
وعندما تجد الجنازة حافلة بالناس تعلم أن هذا الرجل الميت كان طيب الذكر وله مآثر ومناقب، وأنه من أهل الجنة طالما النفس تحبه وإلا فهناك مثلاً جنازة جمال عبد الناصر كان فيها ملايين الناس، ولا يلزم أنه من أهل الجنة كذلك عبد الحليم حافظ مطرب الشباب لما توفي في الإسكندرية خرج الشباب يبكون حزناً على العندليب، طيب هذا نعمله ماذا؟ نحن نقول: إن الرجل المتطهر في حياته الملتزم بالكتاب والسنة، وظاهره الاستقامة، فالناس الذين خرجوا في جنازته يدل على أن هذا من حسن الخاتمة، لأنه كان ملتزماً بالكتاب والسنة، فهذا والله أعلم ظاهره الصلاح أو كان يصلي ويفتي في الناس لأجل أن يقال: عالم أو كان طيب الذكر، وهناك بعض العلماء والمصلحين لم يمش في جنازته إلا واحد أو اثنان، فهذا حسن البنا رحمه الله كما هو مذكور في ترجمته لم يُمكَّن لأحد أن يمشي وراءه إلا أبوه الشيخ عبد الرحمن البنا رحمه الله، والد الشيخ حسن البنا كان رجلاً بارعاً في علم الحديث، والحقيقة أن هذا الرجل كان لا يعرفه أحد، وهو أفضل من ابنه بالنسبة لخدمة العلوم الشرعية؛ لأنه عمل عملاً جباراً فعلاً، الرجل ظل خمساً وعشرين سنة وهو يؤلف كتاب الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد على الأبواب الفقهية بدءاً بكتاب الطهارة ثم الصلاة إلخ، ثم المسانيد يذكرها في نفس الأبواب الفقهية كمسند عمر و عثمان و علي حتى يمر على الصحابة ثم على أمهات المؤمنين المهم يذكر كل مسند صحابي فيه أحاديث متتابعة، فمثلاً: حديث: (توضئوا من ما مست النار) تلقاه عن أبي بكر وعن أبي هريرة وعن ابن مسعود وعن جابر وعن فلان وفلان، فيجمع كل الأحاديث هذه بمسانيدها ويضعها في باب واحد (باب: الوضوء مما مست النار) فهذا عمل جبار لا يعلمه إلا أهل العلم.
فعندما قتل حسن البنا رحمه الله فلم يسمح لأحد أن يمشي في جنازته إلا أبوه وواحد مثلاً، فلا يعني أننا نحط بقدر عبد الحليم حافظ أو أم كلثوم.
وأمامنا مثلاً واحد لا يمشي في جنازته إلا أبوه! لا، نحن نقول: الضابط أن يكون الرجل متظاهراً بالكتاب والسنة، عاملاً بهما، منافحاً عنهما، فعندما تنظر إلى الجمع من الناس في جنازته تعرف أنها من علامات حسن الخاتمة.
الإمام أحمد رحمه الله كان يقول: بيننا وبينكم شهود الجنائز.
فإذا مات الإنسان فإن الهيمنة تذهب حتى أشار إليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما طلب من عبد الله بن عمر أن يذهب إلى عائشة ويستأذنها في دفن عمر في الحجرة وقال لابنه قل لها:: عمر ولا تقل لها أمير المؤمنين، فإني لست اليوم بأمير للمؤمنين، فلما ذهب إليها عبد الله بن عمر فقالت: والله إني كنت أعدت هذا القبر لنفسي، لكني أوثر به عمر، فقال له عمر بن الخطاب: يا بني! إذا أنا مت استأذنها مرةً أخرى؛ حتى لا يلزمها الحياء وهو حي، أو قد يمنعها عيلة السلطان، فهو الآن بعدما مات وانتهت هيمنته وكل واحد راح لحاله استأذنها مرة ثانية ليعرف الرأي الحقيقي، هل يدفن مع صاحبيه، أم لا؟ فالمهم أن هذه الجنائز إقبال الناس عليها من علامات أن هذا الرجل كان طيب الذكر، لكن بالشرط الذي ذكرناه.
ذكر المترجمون الذين حضروا جنازة ابن تيمية أنهم زادوا على خمسمائة ألف، والنساء تزدن على خمسة عشر ألفاً، فأنت عندما تقرأ شيئاً في كتب المؤرخين لا تجعلها حجة شرعية، لا يأتي شخص يقول: هذا ابن عبد الهادي الحنبلي عندما ترجم لـ ابن تيمية ذكر أنه حضر جنازته خمسة عشر ألف امرأة، فهذا يدل على جواز أن النساء يخرجن لزيارة الميت، لا.
لا تأخذ الأحكام الفقهية من كتب المؤرخين، هذا مجرد حكاية ونص فقط لا غير، ليس له دخل في الأحكام الشرعية، ويخطئ كثير من الناس عندما يستنبط الأحكام الشرعية من هذا الوصف.
فهؤلاء الذين حضروا جنازة ابن تيمية والذين ما استطاعوا الحضور لبعد البلدان قيل: إنهم صلوا عليه صلاة الغائب أكثر من مائة وخمسين مرة.
انتهى من كتاب البدعة وأثرها في محنة المسلمين - (5/ 6)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/431)
ـ[أبو راشد التواتي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 06:58 م]ـ
بارك الله فيك اخي ابو القاسم(59/432)
مختصر لكتاب فرق معاصرة لغالب العواجي (الجزء السابع) القاديانية
ـ[أحمد الكندري]ــــــــ[01 - 12 - 09, 01:35 م]ـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو الجزء السابع من مختصر كتاب (فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها) للدكتور غالب العواجي حفظه الله تعالى، وهذا المختصر هو على هيئة سؤال وجواب، وإن الغالب في هذا التلخيص أن اللفظ هو لفظ المؤلف نفسه، إلا ما دعت الحاجة لتغييره كصيغة السؤال وربط الجمل، علما بأن هذا الكتاب قد طلب مني تلخيصه في مقرر الفرق الإسلامية في كلية الشريعة، وهذا الجزء هو تلخيص للباب التاسع.
الباب التاسع: القاديانية
الفصل الأول: كيف نشأت القاديانية
س: كيف نشأت القاديانية؟
ج: القاديانية وهي إحدى الفرق الباطنية – لتدينهم بكثير من المبادئ الباطنبية – الخبيثة، ظهرت في آخر القرن التاسع عشر المسيحي في الهند، وتسمى في الهند وباكستان بالقاديانية، وسموا أنفسهم في أفريقيا وغيرها من البلاد التي غزوها بالأحمدية؛ تمويهاً على المسلمين أنهم ينتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وصارت قاديان ثم الربوة عاصمة للقاديانية ومركز دعوة ودعاية لها، وبدأت تظهر في العراق وسوريا وتنتشر في أندونيسيا وبعض البلدان في أفريقيا.
الفصل الثاني: زعيم القاديانية
س: من هو زعيم القاديانية؟
ج: هو غلام أحمد القادياني، ولد في عام 1256هـ على أحد الأقوال في قرية قاديان إحدى قرى البنجاب بالهند، اشتهرت أسرته بعاملتها وتفانيها في خدمة الإنجليز المستعمرين لهم، وكان الغلام كثيراً ما يتباهى بأنه هو وأجداده كانوا من المخلصين لخدمة الإنجليز، وقرأ غلام أحمد مبادئ العلوم وقرأ في المنطق والعلوم الدينية والأدبية، إلا أن جميع معلوماته عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم كانت مشوشة ومملوءة بالأخطاء والخلط الشنيع، ومما يذكر عن القادياني أنه كان قليل الفطنة مستغرقاً تبدو عليه البساطة والغرارة، وفي رأيي أنه كان يتظاهر بهذه الغفلة والسذاجة لأشياء في نفسه تمهيداً للإيحاء إلى الناس بأنه في تلك القوة من الاحتجاج والمناظرة والخطابة وكثرة تأليف لكتب التي بثَّها في العالم- إنما كانت بقوة ربانية وإلهام منه، وقد وصف الغلام بالبذاءة وسوء الأخلاق وطول اللسان هجاءاً مقذعاً للمخالفين والعلماء المعاصرين وعباد الله الصالحين، كما عرف عنه التناقض في القضية الواحدة، وعرف عنه الاحتيال لأخذ أموال الناس وعدم الوفاء بالتزاماته لهم، وقد تمثل في وضوح تام ولاء القاديانية للإنجليز أنهم دائماً يظهرون سرورهم وابتهاجهم بسقوط أي دولة إسلامية في يد الاستعمار، ويحتفلون بذلك ويعتبرونه من أسعد أعيادهم، لأنهم يعتبرون المكان الذي تصل إليه بريطانيا هو المكان الذي تصل إليه القاديانية.
الفصل الثالث: ختم النبوة وموقف القادياني منه
س: ما موقف القادياني من ختم النبوة؟
ج: حاول القادياني التلاعب بعقول المسلمين وإيهامهم أن نبوته لا تتعارض مع القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ يتفنن في بيان مفهوم ختم النبوة على معان مختلفة وتأويلات ملفقة، منها:
1 - أن هذا المفهوم لا ينتقض إلا إذا ادعاه شخص من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
2 - أن معنى القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه قد تمت عليه كمالات النبوة وأنه لا يأتي بعده رسول ذو شريعة جديدة، ولا نبي من غير أمته.
3 - أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو صاحب الفيوضات الكمالية التي لم يعطها أحد غيره؛ ولذلك سمي بخاتم النبيين.
4 - أن معنى الختم هنا هو تأخير النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر قرناً لتظهر عظمة محمد صلى الله عليه وسلم.
5 - أن الغلام هو ظل للرسول صلى الله عليه وسلم لبقاء النبوة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الآن، وانعكاس ظلية الكمالات المحمدية في الغلام.
6 - أن القول بانقطاع النبوة وختمها بمحمد صلى الله عليه وسلم ينافي حاجة الناس إلى الرسل والأنبياء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/433)
7 - أن القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فيه اتهام لله بأنه نفذت خزائنه، وأنه لم يعد قادراً على إرسال الرسل.
الفصل الرابع: كيف وصل القادياني إلى دعوى النبوة
س: كيف وصل القادياني إلى دعوى النبوة؟
ج: لقد كان الميرزا في بدء حياته خامل الذكر، لا يُعبأ به ولا يُذكر بخير أو شر، ثم اتجه إلى التأليف والمناظرات، ومن هنا بدأت الأنظار تلتفت نحوه وذاع صيته وأعجبته نفسه ومواهبه، فبدأ يحتطب في حبله وطلب من الناس أن يبايعوه، ثم أعلن بعد ذلك أنه هو نفسه المسيح الموعود، ثم جاءت سنة 1900م وبدأ الخواص من أتباعه يلقبونه بالنبي صراحة، وفي سنة 1901م أسفر عن وجهه الحقيقي بأنه نبي كامل، ثم أدركه بعد ذلك عرق السوء في سنة 1904م، فاحتقر النبوة ورآها غير كافية في شخصه فادعى أنه ((كرشن))، وهو معبود من معبودي الهنادك، ولقد كثرت إلهامات الغلام التي جعلها بمثابة وحي من الله تعالى، وهي أفكار زخرفها، وتقوَّلَ فيها على الله تعالى وتنطع، وخرج عن الإيمان بالإسلام وبختم النبوة المحمدية، ولقد كان لصديقه نور الدين اليد العليا على الغلام؛ حيث كان يمهد له الصعاب ويشاركه في إبراز القضايا الخطيرة وطريقة حلها وتوجيهها.
الفصل الخامس: نبوءات الغلام المتنبئ
س: اذكر بعض الإلهامات التي جاء بها الغلام للتدليل على نبوته.
ج: 1 - قصة غرامية حصلت له، ومفاد هذه القصة أن الغلام أحب امرأة تسمى محمدي بيكم بنت الميرزا أحمد بك، وهو ابن خاله، خطبها الغلام بعد أن زعم أن الله أوحى إليها أنها ستكون زوجة له، وتحدى على ذلك كل من أراد أن يحول بينه وبين الزواج بها، وأن الذي يتزوجها غيره لا بد وأن يموت في خلال سنتين، وخاب أمله ورفض والدها أن يزوجها منه، وتزوجت هذه المرأة من غيره، وأنجبت له أولاداً وعاش زوجها عيشة هنيئة سنين عديدة.
2 - ادعاؤه علم الغيب ومعرفة وفيات الناس الذين يغضب عليهم، من ذلك ما تنبأ به من موت رجل نصراني اسمه عبد الله آثم، وزعم أنه سيموت إن لم يتب بعد خمسة عشر شهراً، وانتهت المدة والرجل في كمال صحته، ومن ذلك أيضا نبوءته عن نفسه بأنه لا يموت حتى يتجاوز سنة 1920م، ثم مات سنة 1908م.
3 - كان يتنبأ بأن زوجته ستلد ولداً جميلاً ذكراً، وأن الله أخبره بذلك، فتلد زوجته أنثى، وحدث هذا أكثر من مرة.
4 - ومن أكاذيب نبوءته أن الطاغوت لا يمكن أن يصل قاديان ما دام فيها، فكذبه الله ودخل الطاعون قاديان وفتك بهم، بل ودخل بيت الغلام نفسه، وكانت وفاته به.
5 - وتنبأ لأحد أتباعه - ويسمى منظور محمد- أن زوجته ستلد ولداً مباركاً، فكانت النتيجة أن زوجة منظور ولدت بنتاً، ثم لم تلد حتى ماتت.
6 - وتنبأ بأن الله أوحى إليه إلهاماً أنه سيتزوج بعد تاريخ سنة 1886م نساء ذوات بركة وخير، وكانت النتيجة أنه مات قبل تحقق هذا الوحي المزعوم.
7 - وتنبأ لمولود له اسمه مبارك أحمد بأنه يكون له فضل على العالمين، وكانت النتيجة أن الولد مات بعد ثمان سنوات من عمره.
الفصل السادس: غلوه وتفضيله نفسه على الأنبياء وغيرهم
س: هل فضل الغلام نفسه على الأنبياء؟
ج: لم يقتصر الميرزا على التنبؤ، بل حمله غروره على أن فضّل نفسه على أكثر الأنبياء والمرسلين، وله نصوص كثيرة في تفضيله نفسه على سائر البشر.
الفصل السابع: أهم عقائد القاديانية
س: ما هي أهم عقائد القاديانية؟
ج: 1 - اعتقاد التناسخ والحلول، وأن الأنبياء تتناسخ أرواحهم وتتقمص روح بعضِهِم وحقيقته جَسَد وحقيقَةَ آخرين، وتظهر في مظهر الجسد الآخر تماماً، وقد قال بهذا ليصل إلى تثبيت بعثته ونبوته، وهذه العقيدة المجوسية-أي عقيدة التناسخ- إنما تأثر بها لأمور: منها بعده عن الدين وعن الحقائق التي ذكرت فيه لمصير الروح بعد الموت، ومنها: مجاورته للهندوس وميله إليهم في هذا المبدأ خصوصاً.
2 - التشبيه: كما أن للقادياني أقوالاً كفرية في وصف الله تعالى؛ فهو يزعم أن الله قال عن نفسه جل وعلا: بأنه يصلي ويصوم ويصحو وينام، وأنه يخطئ ويصيب.
الفصل الثامن: علاقة القاديانية بالإسلام وبالمسلمين وبغير المسلمين،
وموقف علماء الهند وباكستان من القاديانيين
س: ما علاقة القاديانية بالإسلام وبالمسلمين وبغير المسلمين؟ وما موقف علماء الهند وباكستان من القاديانيين؟
ج: علاقة القاديانيين بالمسلمين تقوم على الأسس الآتية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/434)
1 - أن المسلمين كفار ما لم يدخلوا في القاديانية؛ لأنهم يفرقون بين الرسل.
2 - وعلى هذا فإنه لو مات مسلم، فإنه لا يجوز للقادياني الصلاة عليه ولا دفنه في مقابرهم.
3 - لا يجوز نكاح المسلم بالقاديانية، ويجوز ذلك للقادياني كما هو الحال بالنسبة لأهل الكتاب؛ أي إنهم يعاملون المسلمين معاملة أهل الكتاب.
4 - لا تصح الصلاة خلف غير القادياني مهما كانت منزلته، وإذا فعل ذلك تقية أو لمصلحة، فعليه أن يعيد تلك الصلاة حتماً، حتى وإن كان صلاها في أحد الحرمين الشريفين.
5 - لا يجوز حضور اجتماعات المسلمين سواء كانت في أفراحهم أو في مصائبهم، بل ولا يجوز أن يذكر المخالف للقاديانية من المسلمين أو يترحم عليه أو يستغفر له.
6 - لا يجوزون الصلاة على من يصلي من القاديانيين خلف المسلمين أو يتعامل معهم أو يوادهم.
وأما علاقتهم بغير المسلمين:
1 - لقد قامت بين القاديانيين وبين كثير من الملل المخالفة للإسلام علاقات قوية، خصوصاً بينهم وبين الدول المعادية للمسلمين، مثل بريطانيا وإسرائيل.
2 - رحب القوميون الهنود بالقاديانية وفرحوا بها وتحمسوا لها كثيراً، لأن هؤلاء الهنادك يحقدون على الإسلام حقداً لا يقل عن حقد اليهود والنصارى.
ومن هنا نجد أن لعلماء الهند وباكستان من المسلمين مواقف ونضالاً مريراً للقاديانية؛ حيث جعلوها بالعراء وبينوا زيف تظاهر القاديانيين بالإسلام ومدى عداوتهم له.
الفصل التاسع: أسباب انتشار القاديانية
س: ما أسباب انتشار القاديانية؟
ج: 1 - جهل كثير من الناس بحقيقة الدين الذي ارتضاه الله.
2 - وقوف الاستعمار إلى جانب هذه الدعوة الخبيثة وتأييده لها مادياً ومعنوياً.
3 - استغلال القاديانيين لفقراء بعض المسلمين، بمساعدتهم المادية.
4 - نشاط القاديانيين وذهابهم إلى الأماكن النائية من بلدان المسلمين التي يكثر فيها الجهل والعامية.
5 - تمويه القاديانيين على السذج من المسلمين، بأن القاديانية والإسلام شيء واحد.
6 - عدم قيام علماء الإسلام بالتوعية الكافية ضد القاديانية.
الفصل العاشر: وفاة القادياني
س: متى وكيف كانت وفاة القادياني؟
ج: وقعت في عام 1907م بين القادياني وبين العلامة ثناء الله الأمر تسري مناظرات خرج الغلام منها مدحوراً مغضباً، ثم تحدى القادياني الشيخ ثناء الله بأن الله سيميت الكاذب منهما في حياة الآخر، ودعا الله تعالى أن يقبض المبطل في حياة صاحبه، ويسلط عليه داء مثل الهيضة والطاعون يكون فيه حتفه، وفي شهر مايو 1908م أجيبت دعوته فأصيب بالهيضة الوبائية الكوليرا في لاهور، فمات في بيت الخلاء وكان جالساً لقضاء حاجته، ونقلت جثته إلى قاديان حيث دفن في المقبرة التي سماها بمقبرة الجنة بهشتي مقبرة.
الفصل الحادي عشر: بعض زعماء القاديانية
س: اذكر بعضا من زعماء القاديانية.
ج: 1 - الحكيم نور الدين البهيروي: هذا الرجل هو الشخصية البارزة بعد الغلام وصار هو الخليفة للقاديانية بعد موت الغلام، ويعتقد بعض الباحثين أنه صاحب الفكرة والتصميم في الحركة القاديانية كلها، ولد الحكيم نور الدين في عام 1258هـ في بهيرة من مديرية شاه بور في البنجاب غربي الباكستان، ولقب بالخليفة الأول وخليفة المسيح الموعد بمباركة الاستعمار البريطاني، وكان آخر حياته أن سقط عن فرسه وجرح واعتقل لسانه قبل وفاته بأيام، ومات في 13 من مارس عام 1914م.
2 - محمود أحمد: ابن غلام أحمد أو الخليفة الثاني للقاديانية. تولي زعامة القاديانيين بعد وفاة نور الدين، وأعلن أنه خليفة ليس للقاديانيين فقط، وإنما هو خليفة لجميع أهل الأرض بما فيهم بريطانيا، ثم ادعى أن لقمان هو والده، ومما يذكر عن سيرته أنها كانت مملوءة فحشاً وشناعة وفجوراً مما جعل القاديانيين يتألمون منه، واستمر في غيه إلى أن عاقبه الله بعده أمراض ألزمته الفراش إلى أن هلك سنة 1965م.
3 - الخواجة كمال الدين: كان يدعي لنفسه أنه مثل غلام أحمد في الإصلاح والتجديد، وقد أخذ كثيراً من الأموال وذهب إلى انجلترا لتبليغ القاديانية، وسكن في ((ووكنج مشن))، ومال إلى انتهاب اللذات وبناء البيوت الفاخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/435)
4 - وهناك شخصيات أخرى قاديانية، مثل: محمد أحسن أمر وهو الذي كان مصدر عون لقادياني، حيث كان يرسل إليه مسودات كتبه، ليصلح ما يحتاج إلى إصلاحه فيها ثم يرسلها للغلام ليجعل اسمه على الكتاب، ومنهم: محمد صادق، وكان مفتياً للقاديانية، وعبد الكريم السيالكوتي إمام مسجد الغلام وخطيبه وصديق الغلام الخاص، وهو أول من خاطب الغلام برسول الله ونبي الله، ومنهم: يار محمد، وهو من المؤسسين الأوائل لنبوة الغلام، وبعد هلاك الغلام استسهل يار محمد أمر النبوة فادعى هو الآخر أنه نبي لحضرة الغلام، ومنهم نور أحمد القادياني الذي أعلن أنه رسول الله أيضاً، ومنهم عبد الله تيمابوري، ادعى النبوة حسب بشارات غلام أحمد.
الفصل الثاني عشر: الفرع اللاهوري القادياني
س: ما هو الفرع اللاهوري القادياني؟
ج: أمير هذا الفرع هو محمد علي من أوائل المنشئين صرح القاديانية، وممن كان له يد ومنّة عظيمة في توجيه الغلام المتنبي ومساعدته بالفكر والقلم أيضاً، وكان هو الآخر من أشد المخلصين للإنجليز والمحرضين على بذل الطاعة التامة لهم، وبالنسبة لحقيقة معتقد هذا الرجل في غلام أحمد، وهل كان متلوناً أو كان له مبدأ أُمليَ عليه، أو كان مقتنعاً به دون تدخل أحد، فإن الذي اتضح لي من كلام العلماء الذين نقلوا عنه آراءه أنهم مختلفون على النحو الآتي:
1 - منهم من يرى أن (محمد علي) اختير من قبل الساسة الإنجليز لإتمام مخطط القاديانية.
2 - ومنهم من يرى أن (محمد علي) وفرعه كانوا يعتقدون أن الميرزا غلام أحمد لم يدَّعِ النبوة، وكل ما جاء عنه في ذلك إنما هي تعبيرات ومجازات.
3 - وذهب الأستاذ مرزا محمد سليم أختر إلى رأي آخر حيث قال بعد أن ذكر ما وقع بين محمد علي وجماعة الربوة من خلاف على منصب الخلافة بعد نور الدين-قال: ((وأنكر نبوة الميرزا ليكسب العزة عند المسلمين))، ثم قال: ((ولم ينكر أحد هذه الحقيقة: أن (محمد علي) أقر بنبوة الميرزا، وإنكاره لنبوته يعتبر كالعقدة في الهواء)).
والواقع أن القول بأن الفرع اللاهوري- وعلى رأسهم محمد- علي ما كانوا يؤمنون بنبوة الغلام عن اقتناع قول بعيد جداً؛ ذلك أن مواقفهم وتصريحاتهم كلها تشهد بإقرارهم بنبوة الغلام وليس فقط أنه مصلح ومجدد، والباطل لا بد وأن يتناقض أهله فيه، فقد صرح محمد علي نفسه بقوله عن الغلام: ((نحن نعتقد أن غلام أحمد مسيح موعود ومهدي معهود وهو رسول الله ونبيه، ونزله في مرتبة بينها لنفسه؛ أي إنه أفضل من جميع الرسل، كما نحن نؤمن بأن لا نجاة لمن لا يؤمن به))، ونصوص أخرى كثيرة كلها تثبت أن هذا الفرع لا يختلف في النتيجة عن الحركة القاديانية الأم في قاديان، وأنه كان يراوغ في إظهار معتقده نفاقاً وإيغالاً في خداع العامة.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسأضع الجزء الثامن إن شاء الله تعالى بعد أسبوعين إن يسر الله ذلك، والحمد لله رب العالمين.
من أراد الأجزاء السابقة:
الجزءالأول http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=188385 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=188385)
الجزء الثاني http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=189017 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=189017)
الجزء الثالث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=190080 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=190080)
الجزء الرابع http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1153689#post1153689 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1153689#post1153689)
الجزء الخامس
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1160282#post1160282 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1160282#post1160282)
الجزء السادس http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=193389(59/436)
الباطنيَّة أعظمُ ضرراً من اليهود والنصارى
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 02:58 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فالباطنيّة: لفظٌ يقال بالاشتراك على طوائف شتّى، يجمعها أمور عدّة، منها:
1 ـ تأويل النّصوص الظاهرة، وإثبات معانٍ باطنة لها، فلكلٍّ ظاهرٍ عندهم باطنٌ.
2 ـ اللجوء إلى الرّموز والإشارات في تفسير النّصوص وإخراجها عن معانيها الظّاهرة.
3 ـ الكيد للإسلام، وهدم الدِّين، وإبطال شعائره وأحكامه العمليَّة.
يقول الغزالي ـ مبيِّنًا حال الباطنيّة ـ:
((وأَمَّا الباطنيَّة فإنّما لُقِّبوا بها لدعواهم أَنَّ لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري مجرى اللبّ من القشر،
وأنها بصورها توهم عند الجهّال الأغبياء صورًا جليّة،
وهي عند العقلاء والأذكياء رموزٌ وإشارات إلى حقائق معيَّنة ...
وغرضهم الأقصى إبطال الشّرائع ... ))
فضائح الباطنيّة ص21 ـ 22، وانظر: الفَرْق بين الفِرَق ص281.
وللباطنيّة ألقابٌ أشهرها ثلاثة: ـ الباطنيَّة، والقرامطة، والإسماعيليّة.
وقد دَخَلَ الفكر الباطني في أغلب الفِرَق، وأصبح هناك ارتباط فكريّ بين بعض الفِرَق والباطنيَّة؛
فالصوفيَّة والتشيُّع مراتع خصبة للباطنيّة، وهكذا.
ومن الفِرَق الباطنيَّة الَّتي كان لها التَّأثير الأعظم في العالم الإسلامي:
الإسماعيليّة، والقرامطة، والصوفيَّة، والدّروز، والنُّصيريّة.
وتجلَّى تأثير الباطنيَّة في العالم الإسلامي في نواحي مختلفة، سواءً سياسيّة أم فكريّة أم اجتماعيّة،
وضررهم أعظم من ضرر اليهود والنَّصارى.
انظر: دراسة عن الفِرَق في تاريخ المسلمين، لأحمد جلي ص265 ـ 266، الحركات الباطنيَّة في العالم الإسلامي لمحمَّد أحمد الخطيب ص19 ـ 20، 435.(59/437)
سؤال هام حول حكم سب الله تعالى
ـ[حذيفة الفلسطيني]ــــــــ[02 - 12 - 09, 12:00 ص]ـ
السلام عليكم
رجل سب الذات الإلهيّة وهو يعلم أنّه قد كفر بفعله ويريد التوبة فهل يشترط في التوبة التلفّظ بالشهادتين والغسل أم فقط الاستغفار؟
أرجو بسط المسألة مع الأقوال والأدلّة إن وجدت
وبارك الله فيكم
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[02 - 12 - 09, 06:55 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
في حاشية الروض المربع – باب حكم المرتد 7/ 407
ولا تقبل" في الدنيا "توبة من سب الله" تعالى "أو" سب "رسوله" سبا صريحا أو تنقصه "ولا" توبة "من تكررت ردته" ولا توبة زنديق وهو المنافق الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر بل يقتل بكل حال لأن هذه الأشياء تدل على فساد عقيدته وقلة مبالاته بالإسلام ويصح إسلام مميز يعقله وردته لكن لا يقتل حتى يستتاب بعد البلوغ ثلاثة أيام.
وتوبة المرتد إسلامه "و" توبة " كل كافر إسلامه بأن يشهد" المرتد أو الكافر الأصلي "أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله" لحديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكنيسة فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته فقال هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آووا أخاكم" رواه أحمد "ومن كان كفره بجحد فرض ونحوه" كتحليل حرام أو تحريم حلال أو جحد نبي أو كتاب أو رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب "فتوبته" مع إتيانه بـ الشهادتين " إقراره بالمجحود به" من ذلك لأنه كذب الله سبحانه بما اعتقده من الجحد فلا بد من إسلامه من الإقرار بما جحده.
قال العلاَّمة ابن عثيمين رحمه الله: ثم اعلم أن العلماء اختلفوا فيمن سب الله أو رسوله أو كتابه: هل تقبل توبته؟ على قولين:
القول الأول: أنها لا تقبل، وهو المشهور عند الحنابلة، بل يقتل كافرا، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة، ويدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين، ولو قال: إنه تاب أو إنه أخطأ; لأنهم يقولون: إن هذه الردة أمرها عظيم، وكبير، لا تنفع فيها التوبة.
وقال بعض أهل العلم: إنها تقبل؛ إذا علمنا صدق توبته إلى الله، وأقر على نفسه بالخطأ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم، وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة; كقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر: من الآية53]، ومن الكفار من يسبون الله، ومع ذلك تقبل توبتهم. وهذا هو الصحيح، إلا أن سابَّ الرسول صلى الله عليه وسلم تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله; فإنها تقبل توبته ولا يقتل، لا لأن حق الله دون حق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد إليه؛ بأنه يغفر الذنوب جميعا.
القول المفيد 2/ 268
فحاصل الكلام الذي تقدَّم أن سبَّ الذت الإلهية من أعظم الردة عن الإسلام، ولذا يُعامل التائب من هذا الذنب معاملة المرتد عن الإسلام في حال توبته بأن يشهد الشهادتين ويدخل في الإسلام من جديد.
والله أعلم
ـ[عبد الوهاب الأثري]ــــــــ[02 - 12 - 09, 08:42 ص]ـ
وتتميما لما قاله الأخ سلطان
وعند الحنابلة إذا قال المرتد: أنا مسلم أو أسلمت أن ذلك توبة ويكفيه عن النطق بالشهادتين لحديث المقداد أنه قال: " يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلنى فضرب إحدى يدى بالسيف، فقطعها ثم لاذ منى بشجرة فقال: أسلمت, أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها? قال: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله, و إنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التى قالها " رواه مسلم.
ولما جاء عن عمران بن حصين قال: " أصاب المسلمون رجلا من بنى عقيل فأتوا به النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنى مسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح " رواه أيضا مسلم.
لكن قال ابن قدامة: ويحتمل أن هذا في الكافر الأصلي أو من جحد الوحدانية أما من كفر بجحد نبي أو كتاب أو فريضة ونحوها فلا يصير مسلما بذلك لأنه ربما اعتقد أن الاسلام ما هو عليه فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم هم المسلمون ومنهم من هو كافر. انتهى كلامه.
أما الغسل فليس من شروط صحة توبته وهو أمر مستقل.
وقد ذهب المالكية والحنابلة إلى القول بوجوبه لحديث أبي هريرة في قصة إسلام ثمامة بن أثال ففي الصحيحين أنه اغتسل وفي مسند أحمد وسنن البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بالغسل. وقد صحح الشيخ الألباني إسناد البيهقي، ومن أدلتهم حديث قيس بن عاصم وهو صريح في أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالاغتسال. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي. وصححه الشيخ الألباني.
وذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب الغسل، لكثرة من دخل الإسلام ومع ذلك لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل. وكلا القولين وجيه، والله أعلم.(59/438)
هل يوجد شرح صوتي لأي من الكتب المالكية في الفقه بارك الله فيكم؟
ـ[أبو سفيان محمد بن محمد الشملي]ــــــــ[02 - 12 - 09, 06:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم الباري أيها الأحبة.
هل يوجد شرح صوتي لأي من الكتب المالكية في الفقه بارك الله فيكم؟
ـ[أبو سفيان محمد بن محمد الشملي]ــــــــ[02 - 12 - 09, 06:22 م]ـ
أعتذر، لقد أخطأت وكتبت سؤالا خاصا بالفقه في المنتدى الخاص بالعقيدة، جزاكم الله خيرا أحبتي الله، سألكم بالدعاء لنا بالعلم النافع.
ـ[رشيد السلفي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 07:53 م]ـ
تجده في منتدى شدرات شنقيطية
ـ[أبو مجاهد الحنبلي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 11:29 م]ـ
http://www.el-bukhary.net
راجع موقع العلامة مساعد البشير فقد شرح متن العشماوية ..
أدم دخوله مراراً لعله يفتح بعون الله ..
ـ[أبو سفيان محمد بن محمد الشملي]ــــــــ[07 - 12 - 09, 01:57 م]ـ
جزاكما الله خيرا أحبتي في الله ورفع الله قدركما ونفع بكما وهذه إضافة وجدتها الحمد لله عسى الله أن ينفع بها، شرح مختصر خليل http://alkuwarih.com/library/25/sound.(59/439)
منهج المشككين فى التغرير بالعوام
ـ[سامح النجار]ــــــــ[03 - 12 - 09, 04:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فكرت فى الشروع فى تفصيل مقال عن ما يقوم به المشككين من ملاحدة و نصارى و روافض من أساليب فى هز ثوابت الايمان داخل القلوب و ساحاول ان أزود المناقشة بأمثلة من كتب و مقالات بحيث تتضح الرؤية اكثر من وجهة نظرى. و لكنى اتمنى ان ترشدوننى الى من سبقنى فى تناول هذه المواضيع بالدراسة من قبل.
ملحوظة أنا لا اسعى الى كتاب يتناول الرد على الشبهات بل ما اسعى عليه هو كتاب أو مقال يتناول أساليب الخداع و التغرير من حيث الانشاء و الاسلوب. مثلا كيف يبدأ المشكك المقال كيف يستغل سذاجة القارئ و و و ... اعتقد و الله اعلم أن اسلوبهم متشابه لحد بعيد و اتمنى أن اقرأ المزيد مما كتبه المتخصصون.
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو غندر]ــــــــ[03 - 12 - 09, 08:57 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي الكريم وأعانك الله على ما تريد.
من الكتب التي تكلمت في هذا الموضوع كتاب
1 - بصائر للمسلم المعاصر للشيخ عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني -رحمه الله-
لم أجده على الانترنت وكتبه تطبعها دار القلم
2 - كواشف زيوف في المذاهب الفكريّة المعاصرة للشيخ عبد الرحمن أيضا
خاصة الباب الثاني الفصل الأول و الفصل الثاني فهو مهم
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1735
وباقي كتب الشيخ فيها فوائد في هذا الموضوع وهذه بعضها
http://www.waqfeya.com/search.php
وإذا تذكرت كتبا أخرى سأكتبها بإذن الله
وفقك الله
ـ[سامح النجار]ــــــــ[06 - 12 - 09, 04:55 ص]ـ
السلام عليكم
اشكرك يا اخى الفاضل
و جدت كتاب بصائر للمسلم المعاصر للشيخ عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني -رحمه الله- على منتدى التوحيد سأبدأ به ان شاء الله.
جزاك الله خيرا و بارك فيك(59/440)
هل الاسم عين المُسمَّى أو غير المُسمَّى؟
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 08:00 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
هل الاسم عين المُسمَّى أو غير المُسمَّى؟
هذه المسألة من المسائل المهمَّة في الرد على المتكلِّمين عموماً وهي موجودة حتى في كتب التفسير في شرح البسملة.
إذن ما المقصود بالاسم عين المسمى أو غير المسمى؟
فإذا قلنا الاسم غير المسمى يلزمك أن تقول أن أسماء الله عز وجل وكلام الله غيره، وما كان غير الله فهو مخلوق؛ إذن كلام الله مخلوق.
قال شيخ الإسلام في الجزء السادس من الفتاوى ص 204: (ولكنَّ هؤلاء الذين أطلقوا من الجهمية والمعتزلة أن الاسم غير المسمى مقصودهم أن أسماء الله غيره وما كان غيره فهو مخلوق ... ) أ. هـ
إذن هذه بوَّابة للقول بخلْق الكلام؛ ولذلك يقول الشافعي رحمه الله: (إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المسمَّى فاشهد عليه بالزندقة)
لأن مقصود من يقول الاسم غير المسمى أن يكون القرآن مخلوقاً.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى 12/ 170: (مثل قول الجهمية إن الاسم غير المسمى فإنهم توسلوا بذلك إلى أن يقولوا أسماء الله غيره ثم قالوا وما كان غير الله فهو مخلوق بائن عنه فلا يكون الله تعالى سمى نفسه باسم ولا تكلم باسم من أسمائه ولا يكون له كلام تكلم به بل لا يكون كلامه إلا ما كان مخلوقا بائنا عنه ... ) أ - هـ
إذن الهدف من القول الاسم غير المسمى أن أسماء الله وصفاته غيره ومِنْ صفاته كلامه فهو غيره إذن هو مخلوق.
ولذلك جاء بعض المتأخرين من أهل السنة وقال الاسم عين المسمى، فرد عليهم المعتزلة أنك لو قلت نار إذن؛ فَمُكَ سيحترق.
وبعض أهل السنة قال لا أقول الاسم عين المسمى ولا غير المسمى، بل هي من حماقات علم الكلام، وهذا رأي الطبري رحمه الله.
لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله له كتاب مهم اسمه قاعدة في الاسم والمسمى يقول: (الاسم للمسمى ... ) مجموع الفتاوى 6/ 187، 206
فتارة يُراد به الاسم وتارةً يُراد به المُسمَّى؛ فإذا قلت: (قال الله) أنا أردتُ به المُسمى.
وإذا قلتُ (الله اسم عربي) أردتُ به الاسم.
إذن الخلاصة في هذه المسألة:
س: هل الاسم عين المسمى أو غيره؟
ج: اختلف الناس في ذلك على أقوال:
القول الأول: الاسم غير المسمى، وهذا قال به الجهمية، وهدفهم من ذلك التأسيس للقول بخلق القرآن.
القول الثاني: الاسم عين المُسمى، وأصحاب هذا القول يلزمهم لوازم باطله.
القول الثالث: التوقُّف.
القول الرابع: الاسم للمسمى، وتارةً يُراد به اللفظ وتارةً يُراد به المعنى وهذا هو الصحيح.
والله أعلم
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 09:52 م]ـ
للعلم؛ هذا الكلام المُختصر لهذه المسألة استفدته من حضوري
لدروس شرح العقيدة الطحاوية
لشيخنا الأستاذ الدكتور / عيسى بن عبد الله السعدى حفظه الله
ودوَّنتُها ثم عرضتُ ما كتبتهُ عليه فأجازه.
ـ[محمد المناوى]ــــــــ[06 - 12 - 09, 11:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخى الفاضل كلام مختصر مأصل(59/441)
هل أجد شرح الفتوى الحموية للمحمود؟
ـ[ابن مسعود العتيبي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 10:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهل أجد بينكم - بارك الله فيكم - شرحا كاملا للفتوى الحموية للشيخ المحمود؟
وأتمنى أ، يكون مجموعا في محل واحد حتى يتسنى لي تحميله وجزاكم الله خيرا.
ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 10:24 م]ـ
السلام عليكم و الرحمة
اذا كنت تقصد الدكتور عبدالرحمن المحمود ستجد شرحح لحموية في موقع الشيخ الدكتور ناصر العمر.
الرابط هنا:
http://almoslim.net/all_audio
اضغط في:
أنقر هنا لتحميل المادة كاملة (الفتوى الحموية الكبرى)
ستنزل السلسلة كاملة.
فجزى الله الشيخ العلامة عبدالرحمن المحمود
و جعلنا الله و اياكم من محبي العلم و اهله.
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[03 - 12 - 09, 10:32 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
شرح الحموية لفضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله
http://almoslim.net/audio/FH
قال الشيخ الألباني :
_FULL.zip
ـ[ابن مسعود العتيبي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 10:09 م]ـ
جزاكما الله خيرا أخوايا الكريمان إلا أن الروابط لاتعمل ولا يمكن تحميل المادة فهل من حل؟
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 10:35 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فهذا رابطٌ آخر لشرح الشيخ عبد الرحمن المحمود للحموية من موقع الشيخ حفظه الله
http://www.almahmood.islamlight.net/index.php?option=com_sound&catid=1839&Itemid=4 (http://www.almahmood.islamlight.net/index.php?option=com_sound&catid=1839&Itemid=4)
وهذا رابطٌ آخر من موقع طريق الإسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=3051
وحاول أخي نسخ الرابط ومن ثمَّ لصقه في المتصفِّح لديك
وفقني الله وإيَّاكم لكل خير وهُدى(59/442)
رد شبهة حديث ربيعة بن كعب الأسلمي (أعني على نفسك بكثرة السجود)
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[04 - 12 - 09, 09:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبة أجمعين.
وبعد:
اخرج الإمام مسلم في صحيحة برقم 489 من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال:
كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي سل
فقلت أسألك مرافقتك في الجنة.
قال أو غير ذلك؟
قلت: هو ذاك.
قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود
السؤال:
هل في هذا الحديث دليل على سؤال غير الله فيما لايقدر علية إلا الله؟
الجواب:
ليس في الحديث دليل على سؤال غير الله فيما لايقدر علية إلا الله.
وبيانه:
إن الصحابي الجليل ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنة خادم رسول الله صلى الله علية وسلم كان مجتهداً في خدمة رسول الله صلى الله علية وسلم على أشد مايكون إجتهاد الخادم لسيده.
فقد أخرج الإمام أحمد في مسندة من حديث ربيعة بن كعب برقم 16629
أنه قال:
كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فاجلس ببابه إذا دخل بيته أقول لعلها ان تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فما أزال اسمعه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده حتى أمل فارجع أو تغلبني عيني فارقد.
قال فقال لي يوما لما يرى من خفتي له وخدمتي إياه سلني يا ربيعة أعطك قال: فقلت: أنظر في أمري يارسول الله ثم أعلمك ذلك. قال: ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني قال: فقلت: أسال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به قال: فجئت فقال: ما فعلت يا ربيعة؟ قال: فقلت: نعم يارسول الله أسالك أن تشفع لي إلى ربك فيعقتني من النار قال: فقال: من أمرك بهذا يا ربيعة! قال: فقلت: لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت: سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة وأن لي فيها رزقا سيأتيني فقلت: أسال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأخرتي قال: فصمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طويلا ثم قال لي: إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود).
حسن إسنادة الشيخ الألباني في الإرواء 2/ 209
وعلق علية الشيخ شعيب الأرنؤوط بقولة: حديث حسن دون قوله: " فأعني على نفسك بكثرة السجود " فصحيح لغيره وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد وقد صرح بالتحديث هنا فانتفت شبهة تدليسه وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين
ولم يكن رضي الله عنة بخدمته تلك إلا يرجوا ثواب الله والدار الأخره وكمال الطاعة لله ولرسول الله صلى الله علية وسلم.
فطاعة رسول الله صلى الله علية وسلم هي الطريق لطاعة الله عزوجل.
فرسول الله صلى الله علية وسلم هو المبلغ عن الله عزوجل
وقد قال تعالى:
(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) (النساء: 80)
قال الإمام إبن كثير في تفسيرة:
يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني] وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن الأعمش به.
وكان ربيعة بن كعب رضي الله عنة يرجوا بطاعة الله ورسولة أعلى مراتب الجنة لما علم قولة تعالى:
(وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء: 69)
قال الإمام إبن كثير في تفسيرة للهذه الأية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/443)
أي من عمل بما أمره الله به وترك ما نهاه الله عنه ورسوله فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة وهم الصديقون ثم الشهداء والصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم. 1/ 693
لذلك عندما سأله رسول الله صلى الله علية وسلم عن حاجته لكي يكافئة على علمه.
طلب منه رضي الله عنة الثوب الذي من أجله قام بخدمته صلى الله علية وسلم.
ألا وهو مرافقته في الجنة فسأل رسول الله صلى الله علية وسلم الشفاعة له عند الله ليرافقه في الجنة
فقد أخرج الإمام أحمد في مسندة برقم: 16120 - عن زياد بن أبي زياد مولى بني مخزوم عن خادم للنبي صلى الله عليه وسلم رجل أو امرأة: قال كان النبي صلى الله عليه وسلم مما يقول للخادم ألك حاجة قال حتى كان ذات يوم فقال يا رسول الله حاجتي قال وما حاجتك قال حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة قال ومن دلك على هذا قال ربي قال أما لا فأعني بكثرة السجود.
قال الزين العراقي: رجاله رجال الصحيح فيض القدير 5/ 180
قال صاحب مجمع الزوائد رقم 3503 ج2 ص515: ورجاله رجال الصحيح
الصحيحة 2102
وعلق علية شعيب الأرنؤوط:
إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن أبي زياد - واسمه ميسرة وهو مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي - فمن رجال مسلم
قال تعالى في الشفاعة ولمن تكون:
(يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (طه: 109)
قال الإمام إبن كثير في تفسيرة لهذه الأية:
يقول تعالى: {يومئذ} أي يوم القيامة {لا تنفع الشفاعة} أي عنده {إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا} كقوله: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وقوله: {وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} وقال: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون} وقال: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} وقال: {يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا} وفي الصحيحين من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم وأكرم الخلائق على الله عز وجل أنه قال [آتي تحت العرش وأخر لله ساجدا ويفتح علي بمحامد لا أحصيها الان فيدعني ما شاء أن يدعني ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع واشفع تشفع ـ فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود]
فرسول الله صلى الله علية وسلم هو الذي يشفع لأمته
فعلى هذا كان سؤال ربيعة بن كعب لرسول الله صلى علية وسلم أن يشفع له يوم القيامة لمرافقته في الجنة
وكما هو معلوم فلابد أن يرضى الله عن الشافع والمشفوع.
فالشفاع هو رسول الله صلى الله علية وسلم والمشفوع هو ربيعة بن كعب
فلذلك حثه رسو ل الله صلى الله علية وسلم على كثرة السجود إذ أنه من الأعمال التي تدخل الجنة
فقد جاء عن
225 - (488) معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال قلت بأحب الأعمال إلى الله فسكت ثم سألته فسكت ثم سألته الثالثة فقال سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة قال معدان ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان.
فربيعة رضي الله عنة سأل رسول الله صلى الله علية وسلم فيما خص به الله رسوله عن سائر البشر
فبهذا علم أنه لم يسأله فيما لايقدر علية إلا الله بل فيما يقدر علية رسول الله لما خص به.
وربيعة سلك مسلكاً شرعياً في الأخذ بالأسباب الشريعة في سؤاله لرسول الله صلى الله علية وسلم مرافقته في الجنة فلو سأل بشراً اخرين لم يكن مسلكه شرعي إذ أنهم لايتمتعون بما أنعم الله على رسوله صلى الله علية وسلم من الشفاعة لأمته. والله أعلم
كتبة
ماجد عمر بايعقوب باعشن
ـ[البهناوي الشنقيطي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 06:54 م]ـ
لا يفضُضِ الله الكريمُ فاكا=ومن صنوفِ بدعةٍ عافاكا
ومن أذى دعاتِها أنجاكا=ومن عطائه السَّني أرضاكا
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[04 - 12 - 09, 08:17 م]ـ
آمين وإياك
ـ[ابو علي الفلسطيني]ــــــــ[05 - 12 - 09, 10:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا
ـ[السدوسي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 11:56 ص]ـ
الروايات يفسر بعضها بعضا فرواية أحمد تفسر رواية مسلم.
ومثله ماجاء في الصحيح لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ
وهي من حجج الصوفية
لكن رواية أحمد توضح المراد لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(59/444)
هل المعايدة بدعة؟
ـ[طالبة أصولية]ــــــــ[04 - 12 - 09, 11:43 ص]ـ
ما حكم قولنا في العيد "عساكم من عواده"
أو "تقبل الله طاعاتكم"
أو "كل عام وأنتم بخير"؟
وجرت عندنا العادة بالدعاء للمرء عند لقائه أول مرة في أيام العيد بالدعاء له أن يرزقه الله الذهاب للحج السنة القابلة، فهل هذه الأفعال كلها صحيحة؟
أفيدوني مأجورين.
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 01:02 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فأنقل لكم بعض الروابط المهمَّة والتي فيها حكم التهنئة بالعيد وصيغ التهنئة
حكم التهنئة بالعيد، والصيغ الواردة في ذلك
http://www.saaid.net/mktarat/eid/4.htm
[/URL]
حكم التهنئة بالعيد والمصافحة والمعانقة بعد الصلاة
[ URL]http://www.islam-qa.com/ar/ref/49021 (http://www.sahab.net/forums/showthread.php?p=731665)
ـ[عبدالحميد حسن]ــــــــ[05 - 12 - 09, 09:22 م]ـ
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: وكثير من التهاني التي تحدث بين الناس لايزعم احد انها بدعه الا بدليل لانها امور عادات لاعبادات
المرجع / مجموع فتاوى ورسائل فضيله الشيخ محمد صالح العثيمين (5/ 260)
فتاوى العقيدة جمع وترتيب فهد ناصر ابراهيم السليمان
ـ[أبو صالح المظهري]ــــــــ[06 - 12 - 09, 09:25 ص]ـ
وسمعت الشيخ الفاضل سعد الشثري في برنامج فتاوى الحج السنة الماضية وسئل عن ذلك فأجاب بما أجاب به الشيخ ابن عثيمين من أن التهنئة من العادات لا من العبادات(59/445)
دحضُ مقولةِ إن الزيديةَ، أقربُ طوائف الشيعة لأهل السنة الشيخ خالد عبدالمنعم الرفاعي
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 06:22 م]ـ
دحضُ مقولةِ إن الزيديةَ، أقربُ طوائف الشيعة لأهل السنة
محاولة لفهم تقارب الحوثيين والدولة الصفوية
دحض مقولة إن الزيدية أقرب طوائف الشيعة لأهل السنة (1)
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالزيديةُ فرقة من فرق الشيعة المبتدِعة الضُّلاَّل، تنسب إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم – وقد افترقت الزيدية فرقًا، أشرُّهم وأشنعُهم: الجاروديةُ (الحوثيون حديثًا)، جميعهم متفقون على أن من طلب الحكم، أو الإمامة من ولد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وجب الخروج، وسَلُّ السيف معه، كما اتفقوا على أن أصحاب الكبائر، مخلدون في النار، وجميعهم ينفون شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم – لعصاة الأمة، كما أنهم متفقون على أن عليًّا، أفضلُ من جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا ردٌّ صريحٌّ للقرآن والسنة، كما أنهم يقولون بتقية الروافض، ولكن إذا لزم الأمر.
وأكثر الزيدية، طعنت في الصحابة طعن الإمامية؛ كما قال الشهرستاني في كتابه " الملل والنحل".
قال أبو الحسن الأشعريُّ في "مقالات الإسلاميين" (ج 1 / ص 65): "سموا زيدية؛ لتمسُّكِهم بقول زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان زيد بن على، يفضل على بن أبي طالب على سائر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتولى أبا بكر وعمر، ويرى الخروجَ على أئمة الْجَوْر ... فلما سمع زيد من بعض أتباعه الطعنَ على أبى بكر وعمر، فأنكر ذلك على من سمعه منه؛ فتفرق عنه الذين بايعوه، فقال لهم: رفضتموني؟! فيقال: إنهم سموا الرافضة؛ لقول ذلك.
قال: ومنهم: الجارودية، يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على علي بن أبى طالب بالوصف، لا بالتسمية، فكان هو الإمامَ من بعده، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداءَ به بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم الحسنُ من بعد على، هو الإمام، ثم الحسينُ هو الإمام من بعد الحسن.
والفرقة الثانية: السليمانية، يزعمون أن الإمامةَ شورى، وأنها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول، وإن كان الفاضلُ أفضلَ في كل حال، ويثبتون إمامة الشيخين: أبى بكر، وعمر.
وحكى زرقانُ، عن سليمانَ بنِ جرير: أنه كان يزعم أن بيعة أبى بكر وعمر، خطأٌ، لا يستحقان عليها اسم الفسق؛ من قبل التأويل، وأن الأمة قد تركت الأصلح في بيعتهما، وكان سليمانُ بنُ جرير يكفر عثمان؛ عند الأحداث التي نُقمت عليه.
والفرقة الثالثة: البترية، يزعمون أن عليًّا أفضلُ الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَولاهم بالإمامة، وأن بيعة أبى بكر، وعمر، ليست بخطإٍ؛ لأن عليًّا ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمانَ، وفى قتلته، ولا يقدمون عليه بِإِكْفار، وينكرون رجعة الأموات إلى الدنيا.
والفرقة الرابعة: النعيمية، يزعمون أن عليًّا، كان مستحقًا للإمامة، وأنه أفضلُ الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن الأمة ليست بمخطئة خطأ إثم في أن ولت أبا بكرٍ، وعمرَ - رضوانُ الله عليهما - ولكنها مخطئةٌ خطأً بينًا في ترك الأفضلِ، وتبرؤوا من عثمانَ، ومن محاربِ علىٍّ، وشهدوا عليه بالكفر.
والفرقة الخامسة: يتبرءون من أبى بكر،وعمر، ولا ينكرون رجعة الأموات قبل يوم القيامة.
والفرقة السادسة: اليعقوبية، يتولون أبا بكر، وعمر، ولا يتبرؤون ممن هو برىءٌ منهما، وينكرون رجعةَ الأموات.
قال أبو الحسن الأشعري: وأجمعتِ الزيديةُ أن أصحاب الكبائر، كلهم معذبون في النار، خالدون فيها، محلدون أبدًا لا يخرجون.
وأجمعتِ الروافضُ، والزيديةُ على تفضيلِ علِىٍّ علَى سائر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أنه ليس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ منه. أهـ. مختصرًا وبتصرف يسير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/446)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (ج 13 / ص 34):"قال سفيانُ الثوريُّ: "من فضَّل عليًّا على أبي بكرٍ، وعمرَ، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وما أرى يصعد له إلى الله - عز وجل - عمل؛ وهو كذلك"؛ رواه أبو داود في سننه، وكأنه يعرض بالحسن بن صالح بن حيّ، فإن الزيدية الصالحية - وهم أصلح طوائف الزيدية - ينسبون إليه".
معتقدُ الشيعة الزيديةِ:
بالإضافة إلى ما ذكرناه عن ضلالات الزيدية، فقد تأثرت بعقائد المعتزلة الباطلة، حتى صارت معتقداتٍ راسخةً للزيديةِ؛ فقالوا بأصول المعتزلة الخمسة، وهي:
1 - التوحيد: ومعناه: نفي صفات الله - تعالى - كمذهب الجهمية الكفار.
2 - العدل: ومعناه: نفيُ القدر.
3 - المنزلة بين المنزلتين: حيث قالوا: إن مرتكب الكبيرة، ليس بمسلم، ولا كافر، ولكنه في منزلة بين المنزلتين.
4 - إنفاذ الوعيد: ومعناه: أن صاحب الكبيرة، مخلدٌ في نار جهنمَ - عياذًا بالله - وأهل السنة يقولون: إن صاحب الكبيرة - غير المستحل - أمره إلى الله - عز وجل - فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه، ثم يدخله الجنة، وإن شاء غفر له، وأدلة أهل السنة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، مشهورةٌ، وليس هذا موضعَ بسطِها.
5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وفي هذا يرون وجوب الخروج على الولاة إذا ظلموا، وإن لم يأتوا بالكفر الصريح.
والحاصل: أن الزيديةَ وعيديةٌ في "باب الأسماء، والأحكام"، قدرية في "باب القدر"، جهمية محضة في "باب الصفات".
وقال أبو محمد بن حزم في "الفصل في الملل والأهواء والنحل": " ثم اختلف الزيدية فرقًا، فقالت طائفة: إن الصحابة ظلموه – أي علي رضي الله عنه - وكفروا من خالفه من الصحابة، وهم الجارودية، وقالت أخرى: إن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يظلموه، لكنه طربت نفسه بتسليم حقه إلى أبي بكر، وعمر - رضي الله عنهما - وأنهما إماما هُدى، ووقف بعضهم في عثمان - رضي الله عنه - وتولاه بعضهم".
قال: "وجميع الزيدية، لا يختلفون في أن الإمامة في جميع ولد علي بن أبي طالب، من خرج منهم يدعو إلى الكتاب والسنة، وجب سَلُّ السيفِ معه".
قال: "وذهب جميع المعتزلة، وجميع الخوارج الزيدية: إلى أن سل السيوفِ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجب إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك، قالوا: فإذا كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع، ولا ييأسون من الظَفَر، ففرض عليهم ذلك، وإن كانوا في عدد لا يرجون؛ لقلتهم، وضعفهم بظفر، كانوا في سعة من ترك التغيير باليد".
ثم قال - رحمه الله -: ذِكرُ شنع الشيعة، أهل الشنع من هذه الفرقة، ثلاث طوائف، أولها: الجارودية من الزيدية، ثم الإمامية من الرافضة، ثم الغالية" اهـ. موضع الحجة منه مختصرًا.
قال العلامة المقبلي - المتوفَّى 1108 هـ، وهو من كبار علماء اليمن، وقد وسمه الشوكاني بالمجتهد المطلق، قال في كتابه " دليل العلم الشامخ ": "إن الزيدية ليس لهم قاعدة محددة، فإنهم – أحيانًا - يطعنون في بعض خيار الصحابة، كأبي هريرةَ، وجريرٍ البجليِّ، وأم المؤمنين حبيبةَ - رضي الله عنهم - لأنهم رووا ما يخالف هواهم، وإذا جاءهم الحديث على ما يوافق هواهم، قبلوه من طريق ذلك الصحابي، وإن كان أقل فضلًا ورتبةً ممن طعنوا فيه". اهـ. موضع الشاهد منه.
والذي يظهر: أن زيدية اليمن المعاصرين الحوثيين، هم (الجارودية)، وهم أقرب إلى الشيعة الإمامية الرافضية الجعفرية، حيث تحصر (الجارودية) الإمامة في أولاد فاطمةَ - رضي الله عنها – فقط، وقد تحول كثير من الشيعة الزيدية إلى المعتقد الرافضي، وهذا غير مستغرب، فالجارودية إخوة للرافضة، أو أخبث، وليس باليمن من فرق الزيدية غيرهم، وهم في صنعاءَ، وصعدةَ، وما يليها؛ كما قال نشوان بن سعيد الحِمْيرِي (573هـ).
ولعله قد بان لك سر التقارب الصفوي الحوثي، والدعم الرافضي (اللوجستي) لإخوانهم في المعتقد، الجارودية، أو الحوثية، على بَلَدَيِ الإسلام والعرب الخُلَّص؛ أملًا في إقامة الهلال الشيعي، الصفوي، الرافضي، وإعادةِ أمجاد ساسان – عليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - والعودةِ لأمجاد الفرس (الدولة الشعوبية)، فأنساهم حقدهم الدفين، وأعمتهم حميتهم الإيوانية الكِسروية، عن شدة بأس أهل السنة، حماة التوحيد الخالص، فدون ما أردوا - بعون الله وتوفيقه - خرط القتاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/447)
ولعلك أدركت مما سبق: أن أن مقولة أصحاب "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة 1/ 81": إن الزيدية أقرب فرق إلى أهل السنة، ليس مدحًا للزيدية؛ لأن الجارودية إن لم تكن أشرَّ من الرافضة، فهي مثلهم، أو يعتذر عنهم بأن يكون المعنى، كما يقال: الشمس أقرب نجم إلى الأرض، وهي تبعد عن الأرض 93 مليون ميلٍ، أو كما يقول علماء الجرح والتعديل: هذا الحديث، أصح ما في الباب، وهو في نفسه منكر؛ لأن جميع ما في الباب من الموضوعات.
وتصحيح العبارة أن نقول كما قال أبو محمد بن حزم في "الفصل في الملل والنحل" (ج 2 / ص 89): "وأقربُ مذاهبِ الشيعةِ إلى أهلِ السنةِ، المنتمون إلى أصحابِ الحسن بن صالح بن حيّ الهمذاني الفقيه، القائلون بأن الإمامة في ولد علي - رضي الله عنه - والثابت عن الحسن بن صالح - رحمه الله - أن الإمامة في جميع قريش، وتولِّي جميع الصحابة - رضي الله عنهم - إلا أنه كان يفضل عليًّا على جميعهم". اهـ مختصرًا.
وليس للحسن بن صالح بن حيّ الهمذاني – فيما نعلم – أتباع من عصور متباعدة، إلى يوم الناس هذا، وأن زيدية اليوم، جارودية، حوثية، ضُلَّال، خُلَّص.
هذا؛ وقد أسست الزيديةُ دولةً شيعيةً في اليمن، فخرجت على الدولة العثمانية في عام 1322هـ، مع إمامهم: يحيى بنِ منصور بنِ حميد الدين، واستمرت دولتهم حتى عام 1382هـ، إلا أنهم لا زالوا في اليمن؛ إذ يمثلون ربع السكان تقريبا.
http://www.alukah.net/articles/1/9080.aspx
دحض مقولة إن الزيدية أقرب طوائف الشيعة لأهل السنة (2)
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
بينّا في المقال السابق خطأَ إطلاق القول بأن الزيديةَ أقربُ لأهل السنة، ثم ذكرنا توجيهَ تلك المقولةِ، وأنها قيلت في أحد فرق الزيدية، وهي الصالحيةُ (الزيدية المفضِّلة) - على ما في هذه الفرقة من ضلال - كما قال سفيان الثوري: "من فضل عليًّا على أبي بكر، وعمر، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ وما أرى يصعدُ له إلى الله عمل مع ذلك"، وقال أيوب السِّخْتِيَاني: "من قدم عليًّا على عثمان، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار".
قال شيخ الإسلام - في "مجموع الفتاوى" (ج 4 / ص 428) -:
" ... وهذا إجماع منهم على تقديم عثمان على علي؛ فلهذا قال أيوب، وأحمد بن حنبل، والدارقطني: "من قدم عليًّا على عثمان، فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار"؛ فإنه وإن لم يكن عثمان أحقَّ بالتقديم وقد قدموه كانوا إما جاهلين بفضله، وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني.
ومن نسبهم إلى الجهل، والظلم، فقد أزرى بهم. ولو زعم زاعم، أنهم قدموا عثمان؛ لضَغَن كان في نفس بعضهم على علِيٍّ، وأن أهل الضَغَن كانوا ذوي شوكة، ونحو ذلك، مما يقوله أهل الأهواء - فقد نسبهم إلى العجز عن القيام بالحق، وظهورِ أهلِ الباطل منهم على أهل الحق، هذا وهْم في أعز ما كانوا، وأقوى ما كانوا. فإنه حين مات عمر، كان الإسلام: من القوة، والعز، والظهور، والاجتماع، والائتلاف، فيما لم يصيروا في مثله قط.
وكان عمر أعزَّ أهلَ الإيمانِ، وأذلَّ أهلَ الكفرِ والنفاقِ، إلى حد بلغ في القوةِ، والظهورِ مبلغًا لا يخفى على من له أدنى معرفةٍ بالأمور.
فمن جعلهم في مثل هذه الحال جاهلين، أو ظالمين، أو عاجزين عن الحق فقد أزرى بهم، وجعل خيرَ أمةٍ أُخْرجت للناس على خلافِ ما شَهِد اللهُ به لهم.
وهذا هو أصل مذهب "الرافضة"؛ فإنه يكونُ الرجل واقفًا، ثم يصيرُ مفضِّلًا، ثم يصير سبَّابًا، ثم يصيرُ غاليًا، ثم يصيرُ جاحدًا معطلًا.
فإن القدْحَ في خير القرون الذين صحبوا الرسولَ، قدْحٌ في الرسول - عليه السلامُ - كما قال مالكٌ وغيره من أئمة العلم.
هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما طعنوا في أصحابه؛ ليقول القائل: رجلُ سوءٍ كان له أصحابُ سوءٍ؛ ولو كان رجلًا صالحًا، لكان أصحابه صالحين". اهـ. موضع الحجة منه مختصرًا.
وقد أشرنا - فيما سبق – إلى الارتباط الوثيق بين الشيعة الزيدية المعتزلة، وأن الزيدية يقولون بعقائدهم الباطلة، فيما يتعلق بذات الله – تعالى - والقدر، وتخليد مرتكب الكبيرة في النار، وغيرها ذلك من العقائد المرذولة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/448)
وقد مال الشهرستاني في "الملل والنحل"، إلى أن الارتباط بين الفرقتين قديم، وزعم أن زيد بن علي، تتلمذ على يد واصلِ بنِ عطاءِ رأسِ المعتزلة، وأخذ العقيدة عنه، فقال: (ج 1 / ص155): "وزيد بن علي، لما كان مذهبه هذا المذهب أراد أن يحصل الأصول والفروع، حتى يتحلى بالعلم، فتلمذ في الأصول لواصل بن عطاء الغزَّالِ الألثغِ رأس المعتزلة ورئيسِهم، مع اعتقاد واصل، أن جده علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأهل الشام، ما كان على يقين من الصواب، وأن أحد الفريقين منهما كان على الخطأ لا بعينه، فاقتبس منه الاعتزالَ، وصارت أصحابُهُ كلُّهم معتزلةً" اهـ.
وقال أيضًا: (ج 1 / ص 30): "والقدرية ابتدؤوا بدعتهم في زمان الحسن، واعتزل واصل عنهم وعن أستاذه بالقول منه بالمنزلة بين المنزلتين، فسمي هو وأصحابه معتزلةً، وقد تتلمذ له زيد بن علي، وأخذ الأصول؛ فلذلك صارت الزيديةُ كلُّهم معتزلةً، ومن رفض زيد بن علي لأنه خالف مذهب آبائه في الأصول، وفي التبرئ، والتولي، وهم أهل الكوفة، وكانوا جماعة سموا رافضة، ثم طالع بعد ذلك شيوخ المعتزلة كتب الفلاسفة، حين نُشرت أيام المامون، فخلطت مناهجها بمناهج الكلام". اهـ.
وقال الشهرستاني "الملل والنحل" (1/ 162): وأكثرهم في زماننا مقلدون؛ لا يرجعون إلى رأي أو اجتهاد: أما في الأصول؛ فيرون رأي المعتزلة: حذوَ القذَّة بالقذَّة؛ ويعظمون أئمة الاعتزال أكثرَ من تعظيمهم أئمةَ أهل البيت.
وأما في الفروع: فهم على مذهب أبي حنيفة، إلا في مسائل قليلة، يوافقون فيها الشافعي - رحمه الله - والشيعة.
وقد حكى أبو الحسن الأشعري في "مقالات الإسلاميين" (ج 1 / ص 74) موافقة الزيدية لعقائد المعتزلة، ولكن لم يذكر أن ذلك كان قديمًا، ولا ذكر تتلمذ زيد على واصل، فقال: "وأجمعت الزيدية على أن أصحاب الكبائر كلَّهم معذبون في النار، خالدون فيها مخلدون أبدًا، لا يخرجون منها، ولا يغيبون عنها، وأجمعوا جميعًا، على تصويب علي بن أبى طالب في حربه، وعلى تخطئة من خالفه".
قال: والزيدية بأجمعها، ترى السيف والعرض على أئمة الجور، وإزالة الظلم، وإقامة الحق، وهى بأجمعها، لا ترى الصلاة خلف الفاجر، ولا تراها إلا خلف من ليس بفاسق".
ولا يخفى أن كل ما سبق من الأصول الكبار للمعتزلة.
وانظر العلم الشامخ: (319)، للعلامة المقبلي.
وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - في أكثر كتبه – وفي مواضع لا تحصى منها، يقرن بين الفرقتين في حكاية العقائد الباطلة، فقال في "منهاج السنة النبوية" (ج 3 / ص 461): وكذلك المعتزلة، باينوا جميع الطوائف، فيما اختصوا به من المنزلة بين المنزلتين، وقولهم: إن أهل الكبائر يخلدون في النار، وليسوا بمؤمنين ولا كفار؛ فإن هذا قولُهم الذي سُمُّوا به معتزلةً، فمن وافقهم فيه بعد ذلك من الزيدية، فعنهم أخذوا" وقال في: مجموع الفتاوى (ج 1 / ص 148):
"وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته، فمتفقٌ عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين الأربعة، وغيرهم، وأنكرها كثير من أهل البدع، من الخوارج والمعتزلة والزيدية، وقال هؤلاء: من يدخلُ النار لا يخرجُ منها".
وقال الفتاوى الكبرى (ج 6 / ص 550): "ذهبت المعتزلة والخوارج والزيدية الإمامية، ومن عداهم من أهل الأهواء، إلى أن كلام الباري - تعالى - عن قول الزائغين حادث، مستفتح الوجود، وصار صائرون من هؤلاء إلى الامتناع من تسميته مخلوقًا، مع القطع بحدوثه؛ لما في لفظ المخلوق من إيهام الخلق؛ إذ الكلامُ المختلق، هو الذي يبديه المتكلمُ تخرصًا من غير أصل، وأطلق معظم المعتزلة لفظَ المخلوق على كلام الله".
وقال في بيان تلبيس الجهمية (ج 1 / ص 410): "زعمت المعتزلة بأجمعها، والخوارج بأسرها، وأكثر الزيدية، وكثير من الشيعة والمرجئة - سوى أصحابِ الحديثِ من أهل الإرجاء - أن الله ليس بجسم ولا صورة، ولا جزء ولا عرض، وليس يشبه شيئًا من ذلك".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/449)
وقال - في معرض كلامه عن المعتزلة "منهاج السنة النبوية" (ج 1 / ص 70) -: "وأما التفضيل، فأئمتهم وجمهورهم، كانوا يفضلون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - وفي متأخريهم من توقف في التفصيل، وبعضهم فضل عليًّا، فصار بينهم وبين الزيدية نسبٌ واشِجٌ، من جهة المشاركة في التوحيد والعدل والإمامة والتفضيل، وكان قدماء المعتزلة وأئمتهم، كعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وغيرهم، متوقفين في عدالةِ عليٍّ".
وقال - في معرض كلامه عن إثابة الله للمطيع، والعفو عن العاصي أو تعذيبه "منهاج السنة" (2/ 302) -: "فهذا مذهب أهل السنة الخاصة وسائر من انتسب إلى السنة والجماعة، ... والخلاف في ذلك مع الخوارج والمعتزلة، فإنهم يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار، وأما الشيعة، فالزيدية منهم، أو أكثر الزيدية تقول بقول المعتزلة في ذلك، والإمامية على قولين".
وقال - منهاج السنة النبوية (ج 8 / ص 224) -: "والمعتزلة كان قدماؤهم يميلون إلى الخوارج، ومتأخروهم يميلون إلى الزيدية".
فلعله قد ظهر للقارئ الكريم من تلك النقولات، الصلةُ العلمية الوثيقة بين الزيدية والمعتزلة، وأن الزيديةَ معتزلةٌ في باب الأسماء والصفات، وفي باب القدر، وغيرهما من عقائد وأقوال المعتزلة الفاسدة، وأن المذهب الزيدي، حَفِظَ أصولَ المعتزلة؛ فلهم الفضلُ في حفظ بعض تراث المعتزلة من الاندثارِ والانطماس، حيث نقلوا ما أمكنهم من كتب المعتزلة، بعد إبادتهم في العراق إلى اليمن، ككتاب "المغني" للقاضي عبد الجبار، و"الأُصولِ الخمسةِ"، وغيرِهما من الآثار الكلامية، ولولاهم لكان مصيرُ آثار المعتزلة الاندثار.
إلا أن العلماء بالفرق مختلفون، فيما إذا كانت الزيدية على أصول المعتزلة منذ نشأتها - كما سبق نقله عن الشهرستاني - أم أن هذا التأثر قد تأخر إلى أواخر القرن الثالث الهجريّ، واستمر إلى يومنا هذا، أي: على مدى أكثرَ من ألف عام.
والذي يظهر، أن القول الأخير، هو ما تطمئن إليه النفس؛ لأنه لم يذكر أحد ممن له اهتمام بالفرق، كشيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية"، وابن حزم في "الفصل"، والأشعريِّ في "مقالات الإِسلاميين"، والنوبختيِّ في "فرق الشيعة"، والبغداديِّ في "الفرق بين الفرق"، وغيرهم؛ لم يذكروا تَتَلْمُذَ زيدِ بنِ الحسين عليٍّ على واصل بن عطاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - "منهاج السنة النبوية" (ج 1 / ص 31) -: " وكان متكلمو الشيعة، كهشام بن الحكم، وهشام بن الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمى، وأمثالهم، يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة والجماعة، من أن القرآن غيرُ مخلوق، وأن الله يُرى في الآخرة، وغيرِ ذلك من مقالاتِ أهل السنةِ والحديث، حتى يبتدعو في الغلو في الإثبات والتجسيم والتبعيض والتمثيل، ما هو معروف من مقالاتهم التي ذكرها الناس، ولكن في أواخر المائة الثالثة، دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة، كابن النوبختي صاحب كتاب "الآراء والديانات"، وأمثاله، وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعه، ولهذا تجد المصنفين في المقالات كالأشعريِّ، لا يذكرون عن أحد من الشيعة، أنه وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم، إلا عن بعض متأخريهم، وإنما يذكرون عن بعض قدمائهم التجسيم، وإثبات القدر وغيره".
هذا؛ وكونُ الصلةِ بين الزيديةِ والمعتزلةِ منذُ النشأة، أو من نهاية القرن الثالث، لا يغير من الأمر أو الواقع شيئًا، فلن ينفعَ الخلفَ كونُ سلفِهِم أقلَّ بدعةً وضلالًا منهم؛ كما لم ينفعِ الصوفيةَ القبوريةَ المعاصرةَ كونُ كثيرٍ من أسلافِهِم كانوا زُهَّادًا عُبَّادًا حقًّا، ولم يكونوا قبوريين.
ففي القرونِ الثلاثةِ الأخيرة، تحولتِ الصوفيةُ تحوُّلًا جزريًّا إلى القبورية، وأحسبه يشبه - تمامًا - التحولَ الزيديَّ إلى الاعتزال؛ فضلًا عن أصولها الشيعية الضالة الأخرى، قبل أكثرَ من عشَرة قرون. هذا؛ وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.
http://www.alukah.net/articles/1/9139.aspx
ـ[عبد الرحمن الخوجة]ــــــــ[11 - 12 - 09, 05:10 ص]ـ
مقال ثمين فجزاك الله خيرا
كالحوثيين في زماننا قاتلهم الله فهم قبل تحولهم للجعفرية الاثني عشرية كانوا زيدية وكثير من الناس في المجالس عندنا يقولون قريبين للسنة وهذا خطأ كما وضحتموه فهم معتزلة في باب الأسماء والصفات والتكفير ونحوه فكيف يكونون أقرب الفرق لأهل السنة؟
بارك الله فيك
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[11 - 12 - 09, 02:18 م]ـ
المقصود بأنهم أقرب الفرق الشيعية إلى أهل السنة، وليس معناه أنهم أقرب الطوائف مطلقا إلى أهل السنة، فلا يوجد طائفة من الشيعة أحسن حالا من الزيدية، وهذا قد يكون ذمًّا أكثر منه مدحًا، فإنه إذا كانت الزيدية أحسن طوائفهم وهم بهذا الانحراف فكيف بمن هم أكثر انحرافا منهم؟!.
والذي يدخل على موقع الجارودية لا يجد أدنى فرق بينهم وبين الرافضة الاثنى عشرية، فالعقائد واحدة، طهَّر الله بلاد المسلمين منهم،(59/450)
تقسيم شيخ الإسلام للصفات الاختياريَّة في درء التعارض تقسيمٌ مُحكم
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 11:08 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في درء التعارض 4/ 23: (وأما مورد النزاع أنه: هل يقوم به ما يتعلَّق بمشيئته وقدرته، إمَّا من باب الأفعال كالاستواء إلى غيره والاستواء عليه والإتيان والمجيء والنزول ونحو ذلك، وإمَّا من باب الأقوال والكلمات، وإمَّا من باب الأحوال كالفرح والغضب والإرادات والرضا والضحك ونحو ذلك، وإمَّا من باب العلوم والإدراكات كالسمع والبصر والعلم بالموجود بعد العلم بأنه سيوجد ... ) أ. هـ
فيكون تقسيم الصفات كالتالي:
1 - صفات اختياريَّة وهي أقسام كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله.
2 - وصفات ذاتية.(59/451)
من يتفضل علينا بترجمة ابن تومرت
ـ[ابو اسحاق]ــــــــ[05 - 12 - 09, 07:42 م]ـ
السلام عليكم
من يتفضل علينا بترجمة ابن تومرت و جزاكم الله كل خير
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[06 - 12 - 09, 12:08 ص]ـ
أخي الكريم أبا إسحاق،
يفيدك هذا الموضوع إن شاء الله تعالى:
حقيقة دعوة ابن تومرت د. حمد بن صالح السحيباني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23956)
وهذا أيضا:
من هو ابن تومرت؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=105499)
ـ[أحمد الصقعبي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 09:20 م]ـ
شيخ الإسلام أشار إليه في آخر كتابه (بغية المرتاد) عند الكلام عن العصمة(59/452)
التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم: تأصيل وضوابط [العلامة/ عبدالرحمن البراك]
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[05 - 12 - 09, 09:40 م]ـ
السؤال
نرجو من فضيلتكم توضيح مشروعية التوسل والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما ترونه في هذه الأدلة على جواز التوسل بالنبي.
أدلة التوسل:
1 - حديث الشفاعة المتواتر والمروي في الصحيحين وغيرهما من أن الناس يتوسلون بسيد الأنام عند اشتداد الأمر عليهم يوم القيامة، ويستغيثون به، ولو كان التوسل والاستغاثة من الكفر والشرك لم يشفع النبي صلى الله عليه وسلم للناس يؤمئذ، ولا يأذن الله له بالشفاعة. فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وأن التوسل والاستغاثة كفر في الدنيا ليس كفرًا في الآخرة، فإن الكفر كفر سواء كان في الدنيا أو في الآخرة. قبل موته صلى الله عليه وسلم، وبعد موته لا فرق.
2 - حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال: (إن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادعُ الله أن يعافيني. فقال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت وهو خير قال فادعه. فأمره أن يتوضأ ويحسن الوضوء، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم أني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى، اللهم شفعه في. قال عثمان: فعاد وقد أبصر). رواه الترمذي والنسائي والطبراني والحاكم، وأقره الذهبي والبيهقي بالأسانيد الصحيحة.
3 - حديث علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنه قال: "اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي" رواه الطبراني والحاكم مختصرا، وابن حبان وغيرهم، وفي إسناده روح بن صلاح قال الحاكم ثقة، وضعفه بعضهم، والحديث صحيح.
4 - وروى الإمام البخاري في صحيحة: "أن عمر رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قوله متوسلا به: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا قال فيسقون. وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وسلم، وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت ومن غيرهم. كما قال الحافظ في فتح الباري (2/ 497).
وأما أدلة الاستغاثة:
1 - فما روى البخاري في صحيحه وغيره من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في حديث الشفاعة بلفظ: (أن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم). وهذا صريح في الاستغاثة، وهي عامة في جميع الأحوال، مع لفت النظر أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره يبلغه سلام من يسلم عليه، وكلام من يستغيث به، لأن الأعمال تعرض عليه كما صح فيدعو الله لأصحاب الحاجات.
2 - روى الأمام أحمد بسند حسن كما قال الأمام الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 579) عن الحارث بن حسان البكري رضي الله عنه قال: خرجت أنا والعلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث وفيه -فقلت- أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد، قال -أي رسول الله- وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه ... الحديث. وقد استغاث الرجل بالله وبرسوله ولم يكفره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد خالف الألباني ذلك فكفر كل مستغيث به صلى الله عليه وسلم كما في توسله (ص7) الطبعة الثانية.
3 - قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعمى الصحيح عندما علم الرجل أن يقول: (يا محمد إني أتوجه بك إلى الله). في كل زمان ومكان.
4 - جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قص على أصحابه قصة السيدة هاجر هي وابنها في مكة قبل أن تبنى الكعبة بعد أن تركهما إبراهيم عليه الصلاة والسلام وفي القصة أنها لما سمعت صوتا عند الطفل قالت: "إن كنت ذا غوث فأغث" فاستغاثت فإذا بجبريل عليه السلام فغمز الأرض بعقبه فخرجت زمزم. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أنها كفرت كما يزعم الألباني، ولم ينبه أن تلك الاستغاثة منها كفر البتة. وهي تعلم أن صاحب الصوت لن يكون رب العالمين المنزه عن الزمان والمكان. هذه الأدلة حصلت عليها من أحد المواقع.
فنرجو من فضيلتكم الاطلاع عليها لتبيين الحق وفصله عن الباطل.
الجواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/453)
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه،
التوسُّل هو: اتخاذ الوسيلة التي يتوصل بها إلى المطلوب، وأعظم ذلك وأفضله التوسُّل إلى الله بالأعمال الصالحة، أي بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، والتوسل على وجوه منها المشروع ومنها الممنوع، والمقصود بالتوسُّل المسؤول عنه هو التوسُّل إلى الله بالدعاء،
فالتوسُّل إلى الله بدعائه يكون مشروعاً على وجهين، توسُّل إلى الله بأسمائه وصفاته كقول العبد: أسألك اللهم برحمتك، وقوله: اللهم اغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، وما أشبه ذلك، الثاني: التوسُّل إلى الله بدعاء الصالحين، وذلك بأن يطلب من العبد الصالح الدعاء، ومن ذلك ما كان الصحابة يفعلونه مع النبي –صلى الله عليه وسلم– إذ كانوا يطلبونه أن يدعو لهم، سواء كان ذلك لفرد أو لجماعة وهذا كثير، إذ كانوا يسألون النبي –عليه الصلاة والسلام– أن يستسقي لهم، كما في حديث الأعرابي الذي دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم– يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع النبي –صلى الله عليه وسلم– يديه ودعا - انظر ما رواه البخاري (933)، ومسلم (897)، فهذا توسُّل إلى الله بدعاء النبي –صلى الله عليه وسلم– ولهذا قال عمر –رضي الله عنه-: اللهم إنا كنا نتوسَّل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا – انظر ما رواه البخاري (1010)، ومن هذا القبيل حديث الأعمى الذي ورد ذكره في السؤال، قد جاء يطلب من النبي –صلى الله عليه وسلم– أن يدعو الله أن يرد بصره، فخيَّره، قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك قال: فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي لي اللهم فشفَّعه فيََّ –رواه الترمذي (3578)، وابن ماجة (1385) فهذا كله توسُّل إلى الله بدعاء النبي –صلى الله عليه وسلم– في حياته، وأما بعد موته فلم يكن أحد من الصحابة يأتي إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم– ليطلب منه الدعاء كما ذكر في حديث عمر-رضي الله عنه-، فقد عدل الصحابة –رضي الله عنهم– عن التوسُّل بالنبي –صلى الله عليه وسلم– بعد موته إلى التوسُّل بالعباس في الاستسقاء، يعني بدعاء العباس، وهكذا طلب الناس يوم القيامة من النبي –عليه الصلاة والسلام- حيث بطلب الناس يوم القيامة الشفاعة من آدم فنوح فإبراهيم فموسى فعيسى، وكلهم يعتذر، لعظم الأمر، فينتهي الأمر إلى النبي –صلى الله عليه وسلم– فيأتي ويسجد لربه ويحمده فيؤذن له في الشفاعة، ويقال له: "ارفع رأسك، وقل يُسْمَع لك، وسل تُعْطَهُ، واشفع تُشفَّع" – انظر ما رواه البخاري (4712) ومسلم (194)، وسؤاله –صلى الله عليه وسلم– أن يشفع عند الله يوم القيامة هو من سؤال الحي القادر.
وهكذا القول في الاستغاثة، فالاستغاثة طلب الغوث لكشف كربة من نصر على عدو، أو جلب رزق، فالقول في الاستغاثة كالقول في التوسُّل، منه الجائز ومنه الممنوع، فالاستغاثة بالحي القادر جائزة، كما صنع الرجل الذي من شيعة موسى، قال الله –تعالى-: "فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه" [القصص: 15] ومن هذا النوع استغاثة الناس من كرب يوم القيامة بالأنبياء ليشفعوا لهم عند الله -كما تقدم-، فهي استغاثة بحي قادر، وأما الاستغاثة بالغائبين وبالأموات لكشف الشدائد وجلب المنافع فذلك من الشرك بالله، وهو الذي كان يفعله المشركون، فيستغيثون بالملائكة، وبالأنبياء، وكما يفعل النصارى وأشباههم من أهل الغلو في الصالحين.
ومن الاستغاثة بالحي القادر ما ورد في قصة هاجر، فإنها إنما طلبت الغوث ممن شعرت بوجوده، لم تستغث بغائب، وقد حصل لها ما طلبته، فأغاثها الملك بما أمره الله به، من تفجير عين زمزم – انظر ما رواه البخاري (3365).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/454)
وأما حديث فاطمة بنت أسد، وقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "الله الذي يحيي ويميت وهو حيٌّ لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقَّنها حجتها، ووسع عليها مدخلها، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين" – رواه الطبراني في الأوسط (189)، والهيثمي في المجمع (9/ 257) والحديث -كما ورد في السؤال- حديث لا يصلح للاحتجاج به، والتوسُّل إلى الله بجاه النبي أو بحقه أو بحق الأنبياء، أو بجاه الأنبياء، أو أحد من الصالحين، كل ذلك من التوسُّل البدعي؛ لأنه توسُّل إلى الله بما لم يجعله الله وسيلة، وجاه النبي وغيره من الأنبياء والصالحين ليس وسيلة لأحد من الناس إلا لمن دعا له النبي –صلى الله عليه وسلم– فإن ذلك ينفعه، أما من لم يدع له النبي فإنه لا معنى للتوسُّل إلى الله بجاهه، وقول القائل: أسألك بجاه نبيك، أو بحقه، أو بحق عبدك الصالح فلان، لا معنى له، ولا مناسبة فيه للمطلوب، فإن منزلة العبد وجاهه وحقه إنما هو وسيلة له إلى الله –سبحانه وتعالى- وليست وسيلة لغيره، فهذا هو الفصل في هذا المقام، فيفرق بين من دعا له الرسول –عليه الصلاة والسلام– أو غيره من الأنبياء والصالحين، ومن لم يدع له، فالأعمى إنما توسَّل إلى الله بالنبي –عليه الصلاة والسلام- حيث دعا له وشفع له، فطلب من ربه أن يشفِّعه فيه.
وأما ما ذكر من أن الرسول –صلى الله عليه وسلم– حيّ في قبره، فهذا ليس على إطلاقه، وليس كما يظن الجاهلون، بل هو حيّ حياة خاصة، وهي التي يعبر عنها العلماء بالحياة البرزخية، فله من الحياة البرزخية أكملها، ولكن هذا لا يقتضي أن يكون في هذه الحياة كحاله قبل موته –صلى الله عليه وسلم– فقد مات وفارق هذه الدنيا، فلهذا لم يكن الصحابة يطلبون منه الدعاء، فضلاً عن أن يدعوه أو يستغيثوا به، بل ولا يسألونه عن مسائل الدين، فإنه في عالم آخر، ولا يعلم من أمر أمته إلا ما شاء الله أن يطلعه عليه، مثل عرض الصلاة والسلام، أو تبليغه الصلاة والسلام عليه من أمته،
وما ورد في السؤال من أن الشيخ ناصر الألباني –رحمه الله– يكفّر من يستغيث بالنبي –صلى الله عليه وسلم– ويعده مشركاً، ففي هذا مجازفة وافتراء على الشيخ، فإن هذا من رمي البريء فهو إفك وبهتان، فالشيخ –رحمه الله– من العلماء المحققين في عقيدة السلف، فلا يكفّر إلا من كفرّه الله ورسوله، والتوسل والاستغاثة التي أنكرها الشيخ ليست الاستغاثة به في حياته، ولا الاستغاثة به يوم القيامة، وإنما الاستغاثة به ودعاؤه وطلب الحوائج منه بعد موته عند قبره أو بعيداً عن قبره، كما يفعل الذين يستغيثون به –صلى الله عليه وسلم– وينادونه في الشدائد قائلين: "يا رسول الله المدد، أو انصرني على عدوي أو اشفني، أو اشفِ مريضي، كما يفعلون مثل ذلك مع من هو دون النبي –عليه الصلاة والسلام– من أولياء الله، بل قد يفعلونه مع من لا يعرف بولايته لله، أو من يعرف بالفسق والفجور، ممن يدعى لهم الصلاح وليسوا بصالحين، فاعلم أيها السائل، أنما نسب إلى الشيخ من ذلك كذب وبهتان، ولترجع إلى كتبه التي بيّن فيها حقيقة المسألة وفصلها، مثل كتاب "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" ومقالاته في التوسل التي جمعها الأستاذ عيد عباس وغير ذلك من مؤلفاته التي يقرر فيها مذهب أهل السنة والجماعة في توحيد العبادة وغيره، ويفرق فيه بين التوسُّل والاستغاثة الجائزين أو الممنوعين، وقد أحسنت أيها الأخ حيث تثبَّتَّ في الأمر، وهذا هو الواجب على المسلم إذا سمع بما لا يعلم ثبوته تثبَّتَّ وتبيّن، كما قال -سبحانه وتعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ... الآية" [الحجرات:6].
منَّ الله عليّ وعليك وجميع المسلمين بالبصيرة في الدين، وعصمنا من اتِّباع الهوى ومضلات الفتن، إنه –تعالى- على كل شيء قدير،
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر البراك
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 12:01 ص]ـ
بارك الله في أبي محمد عبد الله المحسن على نقله الطيب.
وحفظ الله الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك وبارك له في جهده العلمي, وشفاه الله من مرضه وأطال في عمره
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[09 - 12 - 09, 04:15 م]ـ
جزاااااااكم الله كل خير
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[09 - 12 - 09, 09:51 م]ـ
وجزاكم الله خيرا يا إخوة على مروركم ودعواتكم الطيبة،
بارك الله فيكم.
ـ[نايف محمد علي القطاع]ــــــــ[10 - 12 - 09, 05:15 م]ـ
جزى الله الشيخ عبد الرحمن البراك خير الجزاء
ـ[إبراهيم السماعيل]ــــــــ[11 - 12 - 09, 01:45 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي الشيخ.
ـ[عبد الرحمن الخوجة]ــــــــ[11 - 12 - 09, 02:57 ص]ـ
جزاكما الله خيرا
ـ[أبو عبد الرحمن الطائفي]ــــــــ[19 - 12 - 09, 09:03 ص]ـ
اسال الله تعالى ان يحفظ لنا علمائنا ويوفقهم لخير خير فهم نجوم في السماء ينورون للناس عقولهم ويبنون لهم دينهم الحق ويرفعون عنهم الشبه بما اتاهم الله من علم ورثوه من المصطفى صلى الله عليه وسلم
فالحمد الله على نعمة الاسلام ونعمة السنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/455)
ـ[سلمان الحائلي]ــــــــ[26 - 12 - 09, 11:45 ص]ـ
جزاك الله الجنة و أطال بعمر الشيخ على طاعته
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[03 - 01 - 10, 12:53 م]ـ
بارك الله فيكم يا إخوة،
وحفظ الله الشيخ عبدالرحمن البراك ونفع به.
ـ[علاء ابراهيم]ــــــــ[09 - 01 - 10, 08:38 م]ـ
بارك الله في شيخنا العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر البراك
وأطال الله في عمره ليظل نبراساً للعلم الصحيح.
ـ[أبو خالد عوض]ــــــــ[10 - 01 - 10, 08:01 م]ـ
بارك الله في شيخنا المفضال عبد الرحمن البراك
وأخينا أبي محمد عبد الله الحسن
الذي جلب لنا هذا العلم النافع المفيد
..
ـ[أبو نور النوبى]ــــــــ[10 - 01 - 10, 11:47 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الكريم ونفع بك
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 06:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وزادكم علماً وعملاً
أقوى ما يستدل به الصوفية والقبورية هو حديث الأعمى (أعني حديث عثمان بن حنيف) ولهم وجه في الإستدلال به فمن الصعب إقناع عوام الصوفية بأن هناك مضاف محذوف (أعني التقدير بأتوسل إليك ب ... دعاء ... نبيك) فهذا صعب على هؤلاء المساكين، والحديث صحيح. وهم يتمسكون به.
ولكن السؤال أن أكثر الصوفية والقبورية هم من أتباع المذهب الحنفي في الفقه وهؤلاء معظمهم عندهم حديث الآحاد لا يفيد العلم وتراهم هنا، يتمسكون بحديث فرد.
والثانية، أن حديث الآحاد إذا عارض صريح القرآن كقوله تعالى ( ... فلا تدعوا مع الله أحداً) فأرى أن هذه علة في متن الحديث كما أن هناك أحاديث أخرى صحيحة الإسناد ولكن معلولة المتن، كحديث اشتراط أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم زواج ابنته وهو في صحيح مسلم، وقد جهد العلماء في تأويله ولكن بتكلف شديد
وكما بين العلامة البراك حفظه الله أن الصحابة ومنهم عمر والعباس لم يروا التوسل بالأموات، وكذلك باقي العميان من الصحابة رضي الله عنهم لم يدعوا بهكذا دعاء كعبد الله بن أم مكتوم، أو عبد الله بن عباس آخر عمره
والله تعالى أعلم وأحكم
لا يتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 07:30 م]ـ
هذا وأظن أن أفضل ما كتب في تفسير الحديث ما سطره العلامة الألباني رحمه الله في كتابه التوسل،
والله تعالى أعلم
لا يتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[20 - 01 - 10, 10:05 ص]ـ
بارك الله في الإخوة أجمعين،
وشكر الله لأخينا فلاح على إضافته المفيدة.
ـ[أبو عبد الرحمن النجدي السلفي]ــــــــ[17 - 02 - 10, 06:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عاصم الموحد]ــــــــ[23 - 04 - 10, 05:38 م]ـ
أسأل الله أن يحفظ علماء السلفية
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[24 - 04 - 10, 11:07 م]ـ
أقوى شيء في الاستدلال للاستغاثة - ما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (12/ 31):
حدثنا أبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال: وكان خازن عمر على الطعام قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأُتي الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر فأقرئه السلام، وأخبره أنكم مسقيون وقل له: عليك الكَيس! عليك الكَيس! فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال: يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه.
وقد أخرجها البيهقي في دلائل النبوة (7/ 47).
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[24 - 04 - 10, 11:21 م]ـ
أقوى شيء في الاستدلال للاستغاثة - ما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (12/ 31):
حدثنا أبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال: وكان خازن عمر على الطعام قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأُتي الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر فأقرئه السلام، وأخبره أنكم مسقيون وقل له: عليك الكَيس! عليك الكَيس! فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال: يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه.
وقد أخرجها البيهقي في دلائل النبوة (7/ 47).
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/456)
الأخ الكريم:" أبو حبيب التتاري ". لقد ضعف العلامة الألباني رحمه الله تعالى هذا الأثر في كتابه:" التوسل أنواعه وأحكامة ". وتكلم عليه بكلام طويل ونفيس راجعه في الرسالة المذكورة: (ص116 وما بعده).
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
----------------
من مشاركاتي السابقة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/search.php?do=finduser&u=54632&starteronly=1 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/search.php?do=finduser&u=54632&starteronly=1)
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[24 - 04 - 10, 11:41 م]ـ
وما وجه التضعيف أخي؟
ـ[عبدالعزيز محمد أمين]ــــــــ[24 - 04 - 10, 11:52 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع و الفوائد التي فيها
يا إخوان أذكر قديما أني قرأت في تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله و غفر له عسى أن يرفع درجته في فسيح جناته ... فقد تكلم عن موضوع التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم و ذكر قصة عمر بن الخطاب و أمره العباس رضي الله عنهم جميعا, ذكر كلاما أشكل علي عندما بدأ يفسر الآية 60 من سورة البقرة و أنقل كلامه من نسخة المكتبة الشاملة:
---
وقوله تعالى:} وَإِذِ اسْتَسْقَىا مُوسَىا لِقَوْمِهِ { .. تدل على أن هناك مُستسقى بفتح القاف وأن هناك مستسقي بكسر القاف .. مستسقي بكسر القاف أي ضارع إلى الله لينزل المطر .. أما المستسقى بفتح القاف فهو الله سبحانه وتعالى الذي ينزل المطر ..
إن هذا الموقف خاص بالله تبارك وتعالى فلا توجد مخازن للمياه وليس هناك ماء في الأرض .. من أنهار أو آبار أو عيون ولا ملجأ إلا الله .. فلابد من التوسل لله تبارك وتعالى:
عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقي بالعباس بن المطلب رضي الله عنه فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال: فيُسقون "
بعض الناس يقولون هذا دليل على أن الميت لا يستعان به .. بدليل أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لم يتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وإنما توسل بعم رسول الله .. نقول وبمن توسل عمر؟ .. أتوسل بالعباس أم بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .. توسل بالرسول، وبذلك أخذنا الحجة أن الوسيلة ليست مقصورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإنما تتعدى إلى أقاربه ..
وهنا يأتي سؤال لماذا نقل الأمر من رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى عم الرسول؟ .. نقول لأن رسول الله قد انتقل ولا ينتفع الآن بالماء .. ولكن عمه العباس هو الحي الذي ينتفع بالماء .. لذلك كان التوسل بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يكن منطقيا أن يتوسلوا برسول الله عليه الصلاة والسلام وهو ميت ولا يحتاج إلى الماء .. والذين أرادوا أن يأخذوا التوسل بذوي الجاه .. نقول لهم أن الحديث ضدكم وليس معكم.
. لأنه أثبت أن التوسل جائز بمن ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
---
فما تعليقاتكم!؟
و جزاكم الله خيرا
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[25 - 04 - 10, 12:58 ص]ـ
مالك الدار (مالك بن عياض) مجهول الحال، والرجل الحالم مجهول العين، وما كان الدين لِيؤخذ من أحلام المجاهيل ليعلموا كبار الصحابة كعمر ومن معه رضي الله عنهم دينهم
نسأل الله العفو والعافية والخاتمة على التوحيد وإخلاص التوكل على الله
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[25 - 04 - 10, 01:08 ص]ـ
وما وجه التضعيف أخي؟
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
الأخ العزيز:" أبو حبيب التتاري ". الكلام طويل، وقد لخصه الأخ العزيز:" فلاح حسن البغدادي ". وهذا رابط الرسالة تجد كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى على هذا الأثر بكامله في الصفحة: (117). وما بعدها: http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/04/0320.rar (http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/04/0320.rar)
وفقق الله تعالى إلى كل خير، وحمى الله تعالى إخوتنا في روسيا من كل شر .. اللهم آمين.
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[25 - 04 - 10, 06:28 ص]ـ
من طلب دينه بلا إسناد كمن ارتقى السطح بدون سلم ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[25 - 04 - 10, 01:28 م]ـ
آمين يا أبا محمد لأن أهل الصوف في ازدياد في روسيا
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[25 - 04 - 10, 10:08 م]ـ
أخي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عليكم بدراسة ونشر كتاب كشف الشبهات، وشرحه للعلامة ابن عثيمين، وكتاب التوحيد وشرحه فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، ونواقض الإسلام العشرة وشرحها للعلامة الحافظ سليمان بن ناصر العلوان، ورسالة قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب التوسل للعلامة الألباني
ففيها التوحيد الخالص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/457)
ـ[محمد بن يحيى محمد]ــــــــ[29 - 04 - 10, 04:21 م]ـ
سمعت بكتاب التوسل لنسيب الرفاعي وأنه يرد فيه على العلامة المحدث الألباني يرحمه الله وأعلى في الجنة مثواه، فهل من سابر لغور هذا الكتاب وموقفه من التوسل الغير مشروع، وخصوصاً وأنه ينشر تحت اسم الدعوة السلفية؟
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[30 - 04 - 10, 01:36 ص]ـ
سمعت بكتاب التوسل لنسيب الرفاعي وأنه يرد فيه على العلامة المحدث الألباني يرحمه الله وأعلى في الجنة مثواه، فهل من سابر لغور هذا الكتاب وموقفه من التوسل الغير مشروع، وخصوصاً وأنه ينشر تحت اسم الدعوة السلفية؟
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
الذي يظهر أنَّ الشيخ نسيب الرفاعي رحمه الله تعالى لم يرد في كتابه:" التوصل إلى حقيقة التوسل ". على العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، لأنَّ الذي يظهر أنَّ كتاب الشيخ نسيب الرفاعي سبق صدور كتاب العلامة الالباني رحمه الله تعالى، نعرف هذا من كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى نفسه، حيث قال في كتابه التوسل ما نصه: (ص89) 0
(تنبيه) أطلعنا بعد صف هذه الملزمة على كتاب (التوصل إلى حقيقة التوسل). للشيخ محمد نسيب الرفاعي .. ". فهذا يدل - والله اعلم - على أنَّ كتاب الشيخ نسيب سابق في الصدور على كتاب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، والله أعلم.
أمَّا عن قولك: " فهل من سابر لغور هذا الكتاب وموقفه من التوسل الغير مشروع ". فقد بين العلامة الألباني رحمه الله تعالى شيئاً من حال هذا الكتاب والأخطاء العلمية الواردة فيه، حيث قال في تعليقه على هذا الكتاب: (91)
" هذا وقد تصفحنا الكتاب المشار إليه على عجل فوجدنا فيه بعض الأخطاء ننبه على بعضها في محله ".
ولعلَّ بعض الإخوة ينشط في جمع هذه التعقيبات للشيخ الألباني رحمه الله تعالى، من كتابه التوسل، فيفيد ويستفيد، والله اعلم.
أخوكم من بلاد الشام
ابو محمد السوري
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[30 - 04 - 10, 05:36 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع و الفوائد التي فيها
يا إخوان أذكر قديما أني قرأت في تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله و غفر له عسى أن يرفع درجته في فسيح جناته ... فقد تكلم عن موضوع التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم و ذكر قصة عمر بن الخطاب و أمره العباس رضي الله عنهم جميعا, ذكر كلاما أشكل علي عندما بدأ يفسر الآية 60 من سورة البقرة و أنقل كلامه من نسخة المكتبة الشاملة:
---
وقوله تعالى:} وَإِذِ اسْتَسْقَىا مُوسَىا لِقَوْمِهِ { .. تدل على أن هناك مُستسقى بفتح القاف وأن هناك مستسقي بكسر القاف .. مستسقي بكسر القاف أي ضارع إلى الله لينزل المطر .. أما المستسقى بفتح القاف فهو الله سبحانه وتعالى الذي ينزل المطر ..
إن هذا الموقف خاص بالله تبارك وتعالى فلا توجد مخازن للمياه وليس هناك ماء في الأرض .. من أنهار أو آبار أو عيون ولا ملجأ إلا الله .. فلابد من التوسل لله تبارك وتعالى:
عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقي بالعباس بن المطلب رضي الله عنه فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال: فيُسقون "
بعض الناس يقولون هذا دليل على أن الميت لا يستعان به .. بدليل أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لم يتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وإنما توسل بعم رسول الله .. نقول وبمن توسل عمر؟ .. أتوسل بالعباس أم بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .. توسل بالرسول، وبذلك أخذنا الحجة أن الوسيلة ليست مقصورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإنما تتعدى إلى أقاربه ..
وهنا يأتي سؤال لماذا نقل الأمر من رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى عم الرسول؟ .. نقول لأن رسول الله قد انتقل ولا ينتفع الآن بالماء .. ولكن عمه العباس هو الحي الذي ينتفع بالماء .. لذلك كان التوسل بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يكن منطقيا أن يتوسلوا برسول الله عليه الصلاة والسلام وهو ميت ولا يحتاج إلى الماء .. والذين أرادوا أن يأخذوا التوسل بذوي الجاه .. نقول لهم أن الحديث ضدكم وليس معكم.
. لأنه أثبت أن التوسل جائز بمن ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
---
فما تعليقاتكم!؟
و جزاكم الله خيرا
إن شاء الله تجد الرد هنا: مرئيات في الرد على اخطاء الشعراوي من موقع (طهروا بيوت الله من جثث الصوفية) ( http://alsoufia.weebly.com/15751604158815931585157516081610---160515851574161015751578.html)
الفيديو المطلوب بعنوان:
تبيين خطأ الشعراوي في التوسل بالعباس رضي الله عنه
ـ[محمد بن يحيى محمد]ــــــــ[30 - 04 - 10, 07:28 ص]ـ
جزيت خيراً أبا محمد
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[04 - 08 - 10, 06:06 م]ـ
بوركتم أجمعون يا إخوة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/458)
ـ[وليد سليمان علي]ــــــــ[09 - 08 - 10, 10:10 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[30 - 09 - 10, 09:08 م]ـ
وفيكم بارك الله أخانا الكريم.(59/459)
فسادُ قولِ القائلين بأَنَّ كلامَ الله كلامٌ نفسيٌّ من غير حرفٍ ولا صوتٍ باطلٌ من وجوه
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 06:43 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فسادُ قولِ القائلين بأَنَّ كلامَ الله كلامٌ نفسيٌّ من غير حرفٍ ولا صوتٍ باطلٌ من وجوه: ـ
الوجه الأَوَّل: أَنَّ كلام الله قديم النَّوع وحادث الآحاد، فهو متعلّق بمشيئة الله وقدرته، فهو سبحانه لم يزل متكلِّمًا إذا شاء، وكيف يشاء، ومتى يشاء. انظر: منهاج السُّنَّة 3/ 360
الوجه الثّاني: أَنَّ القول بنفي الحرف والصَّوت من المسائل الَّتي أحدثها الجهميَّة، والَّذي عليه سلف الأمَّة أن الله متكلّم بحرف وصوت، قال شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة: ((قد نصَّ أئمَّة الإسلام، أحمد ومن قبله من الأئمّة على ما نطق به الكتاب والسُّنَّة من أَنَّ الله ينادي بصوت، وأنّ القرآن كلامه تكلَّم به بحرف وصوت ... )). مجموع الفتاوى 2/ 584.
الوجه الثّالث: أَنَّ منشأ خطأ الماتريديّة في هذه المسألة هو عدم تفريقهم بين الخالق وصفاته، والمخلوق وصفاته. انظر: الرد على الجهميَّة للإمام أحمد ص131.
الوجه الرَّابع: أَنَّ من حججهم في قولهم هذا؛ أَنَّ كلام الله معنًى واحدًا لا يتعدَّد ولا يتبعَّض، وتصوّر هذا القول يكفي في فساده؛ لأنَّ أمْرَ الله بالصَّلاة ليس كأمْرِهِ بالصَّوم مثلاً وهكذا دواليك. انظر: مجموع الفتاوى 12/ 122.
هذه بعض الوجوه لبيان فساد من قال عن كلام الله أنَّهُ كلام نفسيّ من غير حرف ولا صوت.
وانظر للمزيد في هذه المسألة: الماتريدية للحربي من ص365 ـ 375.
ـ[محمد الطنطاوي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 06:58 م]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[عبد الله سفيان]ــــــــ[09 - 12 - 09, 11:14 ص]ـ
جزاك الله خيرًا، وبارك فيك، ونفع بك.
ـ[وكيع الكويتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 11:24 ص]ـ
بارك الله فيك وللسجزي رسالة في هذا وهي لأهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت وأيضا لابن تيمية مؤلف مستقل وهو التسعينية فقد رد على هذا القول من تسعين وجها(59/460)
شرح الطحاوية
ـ[الصالحي]ــــــــ[07 - 12 - 09, 09:06 م]ـ
مامميزات شرح الشيخ عثمان الخميس على العقيدة الطحاوية وشرح الشيخ الراجحي(59/461)
احاديث ترك العمل بها لمصلحة معينة؟؟
ـ[بنت الشريعه]ــــــــ[07 - 12 - 09, 10:17 م]ـ
هل يمكنكم مساعدتي في ايجاد الاحاديث
التي ترك العمل بها لمصلحه معينه وسياسة معينة يراها الأمام
مثل فعل عم1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ر بأنه لم يعمل باقامة حد القطع على السارق في عام الرمادة
ولكم جزيل الشكر
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 02:09 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3692
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24748
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 02:14 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
رابط لتحميل كتاب
الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء لعبد السلام علوش
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=29185
ـ[بنت الشريعه]ــــــــ[09 - 12 - 09, 06:15 ص]ـ
اشكركم على المساعده ولكن اقصد
انهم تركوا العمل بها من اجل مصلحه معينه(59/462)
مصادر ابن عثيمين الأساسية في العقيدة.
ـ[عيسى عبدالله السعدي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 03:03 م]ـ
المعاهد العلمية منارة من منارات العلم الشرعي في هذه البلاد وقد أكرمني الله بالتدريس فيها عدة سنوات، وكان من جملة ماشرفت بتدريسه فيها مادة العقيدة والتوحيد، وكان لابن عثيمين – رحمه الله ورفع درجته – عدة مؤلفات في العقيدة قرأتها ودرستها وأعجبت بدقتها وصفائها ووضوحها وموضوعيتها فاتصلت بفضيلة الشيخ، وكان الاتصال به آنذاك ميسورا، واطالة الكلام معه ممكنة، فأخبرته أني أدرس كتبه في المعهد العلمي وأود أن أعرف مصادره التي يعتمد عليها في العقيدة فقال:-
1 - الرسالة التدمرية لابن تيمية.
2 - شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي.
3 - مختصر الصواعق المرسلة للموصلي. فقلت هل من مصادر أخرى؟ فقال: لافقط هذه. ولاشك أن الشيخ يرجع الى غير هذه المصادر ولكن مداره على هذه المصادر الثلاثة وهذا ولاشك من أسباب الدقة والتركيز الظاهرة في كتب الشيخ وكلامه، لأن العبرة ليست بكثرة الكتب بل بالفهم، كما قال أحد الحكماء: لاتقل لي كم كتابا قرأت ولكن قل لي كم سطرا فهمت.
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 03:24 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
باركَ اللهُ فِي عِلْمِ الشيخ وعلْمِكَ يا شيخنا ونفعنا بكما
جزاك الله خيراً على هذه الفائدة
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 06:25 م]ـ
ما المقصود بمصادر الشيخ في العقيدة؟
أهي التي يرجع إليها عند التأليف، أو عند التحضير للدروس؟
لم يتضح لي سؤالك للشيخ ..
ـ[هيثم أبو عبد الله]ــــــــ[08 - 12 - 09, 06:59 م]ـ
ما شاء الله ولا قوة إلا بالله
ورحمة الله على الشيخ ابن العثيمين
فقد استفدنا من شروحاته في شتى العلوم والمجالات
فجزاه الله عنا خير الجزاء
وجزاك الله خيراً .. وبارك الله فيك
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 07:21 م]ـ
رحمَ الله ُ الشيخ َ العثيمين ..
وبارك فيك شيخَنا ابن سعدي .. :)
ـ[احمد ابو معاذ]ــــــــ[09 - 12 - 09, 01:57 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبو عبد الرحمن الطائفي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 05:00 ص]ـ
جزاك الله خير ياشيخنا ورفع قدرك ونفع بعلمك
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[09 - 12 - 09, 08:25 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[عبد الله سفيان]ــــــــ[09 - 12 - 09, 11:15 ص]ـ
جزاك الله خيرًا، وبارك فيك، ونفع بك.
ـ[حسن بن الشيخ علي وَرْسمه]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:05 م]ـ
مصادر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في العقيدة عموماً هي كتب الشيخين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمة الله عليهما. كما كان شيخه (بن سعدي) يهتم بهما كثيراً.(59/463)
مختصر الفرق وعن القديانية
ـ[أبو زرعة]ــــــــ[08 - 12 - 09, 07:36 م]ـ
الباب التاسع
القاديانية
تمهيد: التحذير من ظهور دجالين يدعون النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: ? مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ?. سورة الأحزاب:.
وقال تعالى: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ? سورة المائدة:.
وجاء في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام:
1. ((وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)). قال أبو الدرداء: ((صدق والله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)).
2. ويقول عليه الصلاة والسلام في بيان أنه لا خير إلا دلَّ أمته عليه، ولا شر إلا وحذرها منه: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا دلَّ أمته على ما يعلمه خيراً لهم، ويحذرهم ما يعلمه شراً لهم)).
فقد جمعت هذه النصوص بيان ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبيان إكمال الدين من عند الله عز وجل، وبيان إكماله من قبل المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبيان كمال النصح والشفقة من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث بيَّن كل ما يحتاج إليه المسلم في أمور دينه ودنياه، ولم يبق لأي متحذلق مجال في الزيادة في الدين أو النقص منه لأن ما أكمله الله لا يحتاج إلى إكمال.
وفي إثبات ختم النبوة وردت نصوص كثيرة نكتفي ببعضها هنا، ومن أراد التوسع فعليه بكتب الحديث والتوحيد وما كتبه العلماء عن هذه القضية بخصوصها، ومن تلك النصوص:
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي)).
2. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي حينما خرج إلى تبوك: ((ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي))
إذا لا نبي بعده عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك جريئون لا يبالون بالكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، يدعون النبوة بكل صلافة. وفي هؤلاء يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
1. عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين يدي الساعة كذابين)).
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن الفتن التي تكون قبل الساعة: ((وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله)).
وتوجد أحاديث كثيرة رواها أصحاب المسانيد والسنن، كلها تكذيب لمن ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، مهما زخرف صاحبها القول وتفنن في الخداع والاحتيال.
ولقد أجمعت الأمة الإسلامية وصار معلوماً من الدين بالضرورة أن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده؛ لوصول البشرية إلى نهاية الكمال الذي لا يحتاجون بعده إلى نبي ولا إلى رسالة جديدة، فقد أكمل الله الدين وصار صالحاً للبشرية إلى نهاية هذا الكون، وهذه نعمة من الله تعالى على البشر عامة؛ لتجتمع همتهم على هذا الدين القيم، وتطمئن نفوسهم إلى أنه لا تبديل ولا تغيير لأحكامه، وأن عليهم فقط تنفيذ ما جاء من أحكامه وشرائعه للوصول إلى السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.
واتفق المسلمون على أن كل من يدعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فإما أن يكون ملحداً كذَّاباً أو مجنوناً مهوساً، ومن المعلوم أن أعداء الإسلام والمستعمرين أصحاب المطامع الواسعة في بلاد المسلمين لم يرضهم هذا المنهج الإلهي، وكذلك لم يرض هذا المنهج أصحاب النفوس المريضة المتعطشة إلى السلطة والعلو في الأرض بغير الحق.
الفصل الأول
كيف نشأت القاديانية؟
القاديانية وهي إحدى الفرق الباطنية الخبيثة، ظهرت في آخر القرن التاسع عشر المسيحي في الهند، وتسمى في الهند وباكستان بالقاديانية، وسموا أنفسهم في أفريقيا وغيرها من البلاد التي غزوها بالأحمدية؛ تمويهاً على المسلمين أنهم ينتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. ((والقاديانية ثورة على النبوة المحمدية وعلى صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وثورة على الإسلام ومؤامرة دينية وسياسية كما يذكر الندوي)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/464)
احتضنها الإنجليز حينما كانوا حكاماً مستعمرين للهند، وتبنوها، وبذلوا لنصرتها ما في وسعهم من الإمكانيات المادية والمعنوية؛ وذلك لما رأوه فيها من تحقيق مآربهم والتمكين لهم في الهند وفي غير الهند، واحتضنتها كذلك اليهودية العالمية، ولهم مراكز في أنحاء العالم وفي إسرائيل لنشر الإسلام-كما يزعم القاديانيون.
وقد نبغت هذه الفتنة في عصر كثر الاضطراب فيه وخَيَّم الجهل وانتشرت الأفكار والمبادئ الهدامة على أوسع نطاق، وتغلغلت بين صفوف المسلمين على حين غفلة منهم، حتى أصبحت طائفة كبيرة خصوصاً حينما تولى وزارة الدولة الباكستانية المسلمة وزير قادياني هو ظفر الله خان؛ فقد تولى وزارة الخارجية وعمل كل ما في وسعه لتمكين القاديانية والقاديانيين من الانتشار والظهور.
وصارت قاديان ثم الربوة عاصمة للقاديانية ومركز دعوة ودعاية لها، وبدأت القاديانية توجه دعوتها إلى البلاد العربية والإسلامية، وبدأت تظهر في العراق وسوريا وتنتشر في اندونيسيا وبعض البلدان في أفريقيا، وتتمنى بإلحاح لو وُجِدَ من يصغي لها في الجزيرة العربية -حرسها الله من الفتن والارتداد الذي يراد لها- ففيها مهبط الوحي وإليها تهوي أفئدة المؤمنين بالله من كل قطر من أقطار الأرض.
الفصل الثاني
من زعيم القاديانية؟
1 - اسمه وأسرته:
ترجم الميرزا لنفسه ولأسرته في آخر كتابه ((ضميمة الوحي)) وجاء بخلط عجيب في ذلك.
أما اسمه فهو: غلام أحمد القادياني، واسم والده غلام مرتضى، واسم أمه جراج بي بي وفي نسبة أسرته يتضارب قوله؛ فهو يزعم أنه ينتمي إلى أسرة أصلها من المغول من فرع برلاس، ومرة قال: إن أسرته فارسية، ومرة زعم أن أسرته صينية الأصل، ومرة أنه من بني فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرى قال بأنها جاءت من سمرقند، وزعم مرة أنه يرجع إلى بني إسحاق.
وكل من سأله عن هذه التقلبات في نسبه يقول: هكذا أخبرني الله تعالى، أو هكذا أُلهِمَ من الله أو كُلمَ على التعبير الذي يحبه. أي أخبره الله بكل هذه التناقضات التي لا مبرر لها إلا الجهل والنفاق-و الله يتنزه عن هذا التناقض- ومهما قال عن أسرته، فإنها أسرة عميلة اشتهرت بعاملتها وتفانيها في خدمة الإنجليز المستعمرين لهم. وكان الغلام كثيراً ما يتباهى بأنه هو وأجداده كانوا من المخلصين لخدمة الإنجليز، كما سيأتي ذكر النصوص التي تبجح بها القادياني وأتباعه.
أما ولادته: فقد ولد غلام أحمد في عام 1256هـ على أحد الأقوال في قرية قاديان إحدى قرى البنجاب بالهند. يقول المودودي: ((ولد الميرزا غلام أحمد- كما أشرنا في البداية- حوالي سنة 1839م، أو سنة 1840م حسبما كتبه الميرزا في تأليفه كتاب البرية، إلا أن أحد مؤرخيه كتب أنه ولد سنة 1835م.
2 - أما هو وثقافته:
فقد قرأ مبادئ العلوم وقرأ في المنطق والعلوم الدينية والأدبية في داره على بعض الأساتذة، مثل فضل إلهي، وفضل أحمد، وكل على شاه، كما قرأ الطب القديم على والده الذي كان طبيباً ماهراً وعرافاً حاذقاً، وقد كان يكثر القراءة والطلب وأجهد نفسه في ذلك، إلا أن جميع معلوماته عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم كانت مشوشة ومملوءة بالأخطاء والخلط الشنيع، كما ذكر عنه الأستاذ إحسان إلهي وذكر الأمثلة على ذلك.
وقد بدأ حياته العملية بأن توظف في محكمة حاكم المديرية في مدينة سيالكوث إحدى المدن في باكستان، بمرتب يساوي خمس عشرة روبية في ذلك الوقت، وبقي على ذلك أربع سنوات من عام 1864 إلى عام 1868م، وقد استغل في هذه الفترة وقته فأقبل على تعلم الإنجليزية، كما التحق بدراسة الحقوق وأخفق في الامتحان، ثم استقال من وظيفته هذه عام 1868م وشارك والده في المحاكمات والقضايا التي كان مشغولاً بها.
وهكذا بدأ حياته في تقشف وحاجة شديدة عبر عنها في كتابه: ضميمة الوحي بعدة أساليب.
إلا أنه حينما تبوأ الزعامة الدينية أقبلت عليه الدنيا والهدايا الكثيرة التي تمدح بها في كتابه ضميمة الوحي في سبعة مواضع، بتعبيرات مختلفة زاعماً أنها فضل من الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/465)
ومن هنا وحين أقبلت عليه الدنيا بالزعامة الدينية رتع فيها كيفما حلى له على حساب المغفلين من أتباعه، وصار ينفق في المسكن والمأكل والمشرب بما في ذلك شرب أقوى المسكرات من الخمر والمعجونات المقوية الثمينة، وصارت حياته أشبه ما تكون بحياة الزعماء السياسيين حتى شكى كثير من أتباعه هذه الحياة المملوءة بالإسراف بالنسبة للغلام ولزوجاته، من لبسهن الحرير والحلي والحلل الفاخرة، بينما أتباعه يعيشون في فقر مدقع.
وكان الغلام يغضب كثيراً حينما يُسأل عن كيفية إنفاق تلك الأموال التي تأتي بكثرة، لكنها لا ترى بعد ذلك ولا يلمس لها أثر.
ومما يذكر في ترجمته أن الله قد عاجله بكثير من الأمراض، فقد أصيب بعدة أمراض حتى كان يغمى عليه كثيراً من شدة مرض السكر به، إضافة إلى الصداع الشديد الملازم له، إضافة إلى مرض المراق، وأمراض أخرى ذكرها المودودي والندوي وغيرهما في ترجمتهم له، مستندين إلى كتب الغلام وغيره من كبار أصحابه.
3 - صفاته وأخلاقه:
مما يذكر عن القادياني أنه كان قليل الفطنة مستغرقاً تبدو عليه البساطة والغرارة، فقد قيل عنه: إنه كان لا يحسن ملأ الساعة، وكان إذا أراد أن يعرف الوقت وضع أنملته على ميناء الساعة وعد الأرقام عداً، وكان لا يميز الأيمن من حذائه عن الأيسر منها، حتى اضطر إلى وضع علامة عليها، وكان يضع أحجار الاستنجاء التي يحتاج إليها كثيراً وأقراص القند التي كان مغرماً بها في مخبأ واحد ... هكذا يذكر عنه.
وفي رأيي أنه كان يتظاهر بهذه الغفلة والسذاجة لأشياء في نفسه تمهيداً للإيحاء إلى الناس بأنه في تلك القوة من الاحتجاج والمناظرة والخطابة وكثرة تأليف لكتب التي بثَّها في العالم- إنما كانت بقوة ربانية وإلهام منه؛ أي ولولا ذلك لما استطاع أن يحفظ اسمه أو يكتب كلمة.
وهذا من دهائه ومكره، فإن الذي كتب عن مدح الإنجليز ما يملأ 50 خزانة كيف لا يعرف أرقام الساعة وحذاءه الأيمن عن الأيسر وأحجار الاستنجاء وأقراص القند؛ بل وبين السكر والملح كما يذكر عنه، هذا بعيد جداً خصوصاً وأن هذه الأوصاف إنما ينقلها علماء المسلمين من كتب القاديانية وعن القادياني، ومن مصادره أنه كان كثير الأمراض
وقد ذكر هو عن نفسه وذكر عنه العلماء من المسلمين ومن كتَّاب القاديانيين من الأمراض ما لو جمعت على حجر لفلقته، فقد ذكر المودودي جملة من أمراض الغلام من مصادر القاديانيين أن الغلام كان فيه من الأمراض: -الهستيريا-القطرب-الماليخوليا-السل-أمراض الصدر-دوار الرأس-سلس البول-الأرق-التشنج القلبي-الذيابيطس-أي السكر-يبول في الليلة الواحدة أكثر من مائة مرة-الضعف العصبي-سوء الذاكرة ... إلخ ذلك.
وفيما أتصور أن هذه المبالغات في ذكر أمراض الغلام المتنبي -من قبل القاديانيين- إنما يراد من ورائها مكسب هام لإثبات النبوة.
وقد وصف الغلام بالبذاءة وسوء الأخلاق وطول اللسان هجاءاً مقذعاً للمخالفين والعلماء المعاصرين وعباد الله الصالحين، وكان مصداق صفة المنافقين التي جاءت في الأحاديث الصحاح: ((وإذا خاصم فجر))، وكان يكثر من سَبِّ مخالفيه مثل هذه الألفاظ: فلان الغوي الجاهل الخليع الكلب الأحمق الضال الكذاب اللعين ابن الزنا والبغي الشيطان الغوي، وأمثال هذه الكلمات والسباب البذيء الذي لا يصدر إلا عن السفهاء والسوقة.
ومن ذلك أنه تنبأ بموت رجل في زمن محدد، ولكن هذا الرجل لم يمت حسب تنبؤه في هذه المدة، فقال له بعض العلماء: أنت تظن أنك نبي ولا تتكلم إلا بوحي الله، فكيف يمكن أن يتخلف وعد الله؟، فبدل أن يجيبهم بدليل يرد به دعواهم ويثبت دعواه، بدلاً عن ذلك بدأ يَسُبُّهُم هم وجميع علماء المسلمين فقال: ((لا يوجد في الدنيا شيء أنجس من الخنزير، ولكن العلماء الذين يخالفونني هم أنجس من الخنزير، أيها العلماء يا آكلي الجيفة و أيتها الأرواح النجسة)).
وإذا كان هذا السباب لعلماء عصره لأغراض شخصية إن صرفنا النظر عن الأساس الديني فيها-وهو الأصل- فلماذا لم يقتصر في سبه على المخالفين له حين تطاول فسب أنبياء الله الأطهار دون أن يكون له أي مبرر-إلا تغطية ضعف جانبه وبطلان أفكاره وسقوطها-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/466)
ومن ذلك السباب سبه لنبي الله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ فقد قال عنه: ((إن عيسى ما استطاع أن يقول لنفسه إنه صالح؛ لأن الناس كانوا يعرفون أن عيسى رجل خمار، وسيء السيرة)).
وقد كذب وافترى وحاشا أن يوصف نبي الله عيسى بهذا الوصف أو الأوصاف الأخرى التي قالها عنه، مما يلزم تنزيه القارئ عن ذكرها هنا، وربما تصور الغلام أن نقضه لبناء الآخرين يشيِّد بنيانه، وأن ترفُّعه على الأنبياء يجعل منه نبياً أعلى منهم.
كما عرف عنه التناقض في القضية الواحدة؛ حيث يذكر شيئاً ثم يذكر آخر يدل على كذبه، وحبل الكذب قصير كما قيل، ومن الكذب الذي اشتهر به الكذب على الله؛ حيث يأتي بكلام من تلفيقه ثم يزعم أن الله قاله له، ثم يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع أحاديث من تلقاء نفسه.
كما عرف عنه الاحتيال لأخذ أموال الناس وعدم الوفاء بالتزاماته لهم، وتعليل ذلك بما لا مقنع فيه لأحد، كما في قصة الخمسين المجلد التي تزعم أنه سيؤلفها وأخذ ثمنها مقدماً، ثم كتب خمسة كتب فقط وامتنع من الباقي، ومن إرجاع الأموال أيضاً بحجة أنه لا فرق بين الخمسة والخمسين غير الصفر، ويظهر التناقض واضحاً في أفكاره حين تقارن بين قوليه الآتيين:
((أنا أعتقد كل ما يعتقده أهل السنة، كما أنا أعتقد أن محمداً خاتم النبيين ومن يدعي النبوة بعده هو كافر كاذب؛ لأني أومن أن الرسالة بدأت من آدم وانتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) وقوله: ((والله الذي في قبضته روحي هو الذي أرسلني، وسماني نبياً، وأظهر لصدق دعواي آيات بينات بلغ عددها ثلاثمائة ألف بينة)).
4 - عمالة القادياني وأسرته للإنجليز:
لقد جرَّت بريطانيا على المسلمين مصائب وفتناً عظيمة، لا يزال المسلمون يجترون آثارها إلى اليوم في الهند وفي بلاد العرب، وكثير من بلدان المسلمين؛ حيث فرقت كلمتهم وأوهنت قواهم وأوجدت عملاء لها في كل بلد إسلامي من أبناء ذلك البلد ومن جلدتهم، ويتكلمون بألسنتهم، ولكنهم أصبحوا بعد ذلك أشد عليهم من الأعداء الظاهرين، ونشرت الفساد والخلاعة، إلى جانب نشر النصرانية بين المسلمين، وقتلت في سبيل ذلك الأبرياء والصفوة الممتازة من العلماء ليفسحوا المجال للمبشرين، وليثبتوا كذلك استعمارهم إلى الأبد.
ومع كل هذا وغيره نرى الإنجليز وهم مسيطرون على الهند يبحثون فيها عن عميل لهم، فكان المطلوب، ووجدوا القادياني خير من يمتثل لتحقيق مآربهم، ويقدم طاعتهم على طاعة ربه ودينه الذي كان ينتمي إليه ويخون أمته الإسلامية التي كان ينتسب إليها، ولولا نكايته بعد ذلك بالإسلام والمسلمين وإدخال أفكار هدامة حارب بها العقيدة الإسلامية الصحيحة وأخرج بها كثيراً من المسلمين عن دينهم- لولا ذلك لما كان لنا بعمالته لبريطانيا أو غيرها أي غرض لإبراز دوره مع الإنجليز وخدمته لهم، لأنه كغيره ممن باعوا أنفسهم لأعدائهم، على أن عمالة هذا الشخص لبريطانيا فاقت التصور، فإنك لو رجعت إلى أي كتاب من كتب الغلام أو تصريحاته فسترى مدى تعلقه بهم وتفانيه في خدمتهم وتملقه لهم وطلب رضاهم، وتفضيلهم على غيرهم ودعوة الناس إلى الانضواء تحت لوائهم والسير خلفهم في كل شئونهم ومحاكاتهم بكل دقة.
وسترى كذلك في الجانب الآخر مدى تعلق الحكومة الإنجليزية به وبأتباعه، وكيف هيأت لهم المناصب وأغدقت عليهم الأموال ويسرت لهم في داخل الهند وخارجها إلى اليوم كل أسباب التفوق والراحة، ودافعت عنهم في كل موقف يتعرضون فيه للضغط، والنتيجة من كل تلك المواقف للجانبين غير خافية، فالمصلحة بينهم مشتركة والهدف واحد.
ومن الأمثلة- وهي كثيرة - على خدمة هذا المتنبئ لبريطانيا قوله في منع الجهاد: ((لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر-الإنجليز-من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة!! وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وتركيا، وكان هدفي دائماً أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة، وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك والمسيح السفاح، والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد وتفسد قلوب الحمقى)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/467)
ولاشك أن هذا الكلام من الخزي المفضوح لنبوته حتى لكأنه بُعث لتأييد بريطانيا والدفاع عن مصالحها وإضفاء الشرعية على استعمارها لبلاد المسلمين.
وبقدر ما ارتبط هو وزمرته بأعداء الإسلام بقدر ما ازداد بعده عن الإسلام والمسلمين ونفرت عنه القلوب واستحوذت عليه الشياطين، وكان موقفه هو وأتباعه في غاية المقت بالنسبة لأهل السنة وعامة المسلمين فإنه ناصبهم العداء، ورأى أن الثورات التي يقومون بها على المستعمرين- أنها من فعل العقول الجامدة والحماقة، وكان يثبطهم بكل ما لديه من قوة وحيلة لمنعهم من جهاد هؤلاء الغزاة للبلاد وللدين، ويصيح فيهم أن الجاهد حرام.
وقد تمثل في وضوح تام ولاء القاديانية للإنجليز أنهم دائماً يظهرون سرورهم وابتهاجهم بسقوط أي دولة إسلامية في يد الاستعمار، ويحتفلون بذلك ويعتبرونه من أسعد أعيادهم، لأنهم يعتبرون المكان الذي تصل إليه بريطانيا هو المكان الذي تصل إليه القاديانية.
وعلى هذا فإن عز القاديانية وانتشارها مرهون بعز الإنجليز وانتشارهم، فكيف لا يفرح القاديانيون بانتصار بريطانيا وانكسار المسلمين بعد ذلك؟ ولقد صرح بهذا كبار القاديانية ابتداء بالغلام وخلفائه، مثلهم في هذا مثل سائر الباطنية حين يفرحون بمصائب المسلمين ويحزنون من أفراحهم.
الفصل الثالث
ما هو ختم النبوة وما موقف القادياني منه؟
وقد حاول القادياني التلاعب بعقول المسلمين وإيهامهم أن نبوته لا تتعارض مع القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، مستعملاً في ذلك شتى أنواع التأويلات الباطنية للتمويه والتعميم على نبوته الجديدة، وقد رصد العلماء كل تلك المفاهيم والتأويلات الباطلة، وكانت هذه المواقف تمثل البدايات الأولى لظهور الغلام، ولكن بعد مدة من الزمن، وبعد أن اشتد طمعه في إثبات النبوة له تمرد وعتا وادعى هو وجماعته بكل وضوح أن النبوة لا تزال ولن تزال أبداً تحل بأشخاص وتنتهي عن أشخاص دون انقطاع، وأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وركبوا لذلك كل صعب وذلول، ولم يكترثوا بأن هذا كفر صريح بما جاء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، وبدلاً من أن يرجعوا إلى الحق أخذوا يتفننون في بيان مفهوم ختم النبوة على معان مختلفة وتأويلات ملفقة، منها:
1. أن الله تعالى حين يكرم أحداً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويوصله إلى درجة الوحي والإلهام والنبوة فإنه-ومع تسميته نبياً- لا يتعارض هذا المفهوم-مع مفهوم ختم النبوة- إذ إن الشخص لا يزال من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه، ولكن ينتقض هذا المفهوم إذا ادعاه شخص من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فحينئذ يتعارض قوله تماماً مع ختم النبوة.
2. أن معنى القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم: ((أنه قد تمت عليه كمالات النبوة وأنه لا يأتي بعده رسول ذو شريعة جديدة، ولا نبي من غير أمته)).
3. أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو صاحب الفيوضات الكمالية التي لم يعطها أحد غيره؛ ولذلك سمي بخاتم النبيين ((أي أن إطاعته تمنح كمالات النبوة، وأن التفاته الروحي يصنع الأنبياء)).
حقا لقد كفر القاديانيون-وبكل جرأة- بما جاء عن الله في كتابه الكريم، وفيما قررته السنة النبوية من ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي نصوص صريحة واضحة، تسلطت عليها الباطنية، من قاديانية وصوفية وبهائية، وغيرهم من فرق الضلال؛ فأولوها على حسب أهوائهم، بتأويلات في غاية الجهل والتكلف الشنيع، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
فإن الله تعالى يقول: ? مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ? سورة الإحزاب: 40.
فالآية صريحة وواضحة في معناها وفي دلالتها على انقطاع النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/468)
فجاء الدجاجلة كالقادياني وغيره وتسلطوا على معناها فأولوها تأويلات أجمع المسلمون على أنها باطلة، مثل تأويلاتهم السابقة لمعنى خاتم النبيين من أنه أفضلهم لا غير، أو تأويلهم لها بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل الخاتم الذي يختم به على المعاملات الرسمية-المهر-من كونه زينة لهم وغير ذلك من المعاني الباطلة، أو زعمهم-حين رأوا ضعف ذلك التأويل السابق-أن معنى الآية هو إثبات أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين أصحاب الشرائع المستقلة، لا الأنبياء الذي لم يأتوا بشرائع مستقلة عن التي قبلها؛ بل جاءوا متممين ومكملين للشرائع مثل حال القادياني بالنسبة للشريعة الإسلامية، التي هي في حاجة إلى من يكملها كالقادياني وغيره.
وهي أفكار لا تجد لها رواجاً إلا بين الجهال ومن قل خوفهم من ربهم، فآثروا الدنيا على الآخرة، أو من كان له هدف يريد تحقيقه من وراء هذه الحركات الهدامة، وفي شرح الآية هذه يقول بشير الدين محمود بن الغلام أحمد: ((إن الخاتَم بفتح التاء معناه الآلة التي يختم بها وليس الانتهاء- الخاتم يتخذ للتصديق- ومعنى الآية إذاً أنه صلى الله عليه وسلم آلة الختم التي ختم بها جميع النبيين)). إلى أن يقول: ((والخلاصة أن هذه الآية لا تحظر النبوة التي ذكرناها آنفاً، ولكنها تنفي النبوة التشريعية أو النبوة المباشرة)).
وفي قوله تعالى: ? يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ? سورة الأعراف: آية 35. استنتج من هذه الآية عدم انقطاع النبوة؛ قال: ويتبين من هذه الآية أن الأنبياء سيبعثون في هذه الأمة أيضاً؛ لأن الله تعالى يذكر هنا الأمة المسلمة بأن الأنبياء إن بعثوا إليكم فعليكم أن تؤمنوا بهم، إلى أن يقول أيضاً: إن سلمنا أن ((إما)) للشرط فإنها مع ذلك تدل على أن النبوة غير منقطعة.
وبعد هذا الكذب على الله في معنى الآية يضيف كذباً آخر على النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات عدم انقطاع النبوة بعده صلى الله عليه وسلم؛ حيث أثبت أن المسيح نبي، قال: ((وعلاوة على شواهد القرآن الحكيم يتبين من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً أن باب النبوة ليس بمسدود على الإطلاق، لأنه صلى الله عليه وسلم وصف المسيح الموعود بصفة النبي مراراً، ولو لم يمكن وجود النبوة مطلقاً لما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بصفة النبي)).
وكل تلك التأويلات- التي لفقها القادياني وأتباعه بعدم انقطاع النبوة-لا يقبلها إلا غافل فارغ عن العلم، وجاهل باللغة العربية، وجاهل بالدين الإسلامي؛ ذلك أن الختم معناه آخر الشيء ونهايته، كما يذكر علماء اللغة؛ لا أن معناه أفضل الشيء وأجوده.
وقد وردت النصوص من الكتاب والسنة على المعنى الأول، وأنه لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه آخر الأنبياء، به أكمل الله الدين وأتم به النعمة على العباد، ومن لم يعتقد هذا فلا حظ له من الإسلام، وقد قدمنا ذكر بعض الأدلة على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي واضحة صريحة، لولا بُعْدُ هؤلاء عن الدين واستحواذ الشياطين عليهم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة غير خافية على طلاب العلم.
الفصل الرابع
كيف وصل القادياني إلى دعوى النبوة؟
لقد تدرج غلام أحمد لدعواه النبوة وسلك مسالك عديدة، وقطع مراحل متفاوتة بينها اختلاف واضطراب، كل مرحلة بنت وقتها.
1 - اتجاهه إلى التأليف:
لقد كان الميرزا في بدء حياته خامل الذكر، لا يُعبأ به ولا يُذكر بخير أو شر.
ثم اتجه إلى التأليف والمناظرات التي كانت ملتهبة في القارة الهندية بين شتى الأفكار والفرق، وقد بدأ مناظراً جلداً عن الإسلام والمسلمين، مع ما كان يظهر منه بين الفينة والأخرى من غلو في نفسه وتمجيدها، وكان علماء المسلمين تجاهه بين الاستبشار والقلق من أن يجمح به فرسه إلى ما لا تحمد عقباه.
ومن هنا بدأت الأنظار تلتفت نحوه وذاع صيته وأعجبته نفسه ومواهبه، فبدأ يحتطب في حبله وطلب من الناس أن يبايعوه، ولم يبخل على نفسه بلقب مجدد العصر ((المأمور من الله شبيه المسيح في دعوته إلى الله وأحواله الشخصية)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/469)
وقد اقتضت سياسة بريطانيا أن يزيدوا من النار اشتعالاً؛ فشجعوا قيام المناظرات وافتعال الخصام والعنف بين الطوائف، ليشعر الجميع بالحاجة إلى دولة قوية تحميهم وتكون الملجأ لجميعهم وهي سياسة بارعة منهم.
وحين شمر القادياني في بدء أمره للدعوة إلى الإسلام ودحض حجج خصومه من الهندوس والنصارى، وحينما توجه إليه المسلمون أعلن أنه بدأ في تأليف كتاب كبير في إثبات فضل الإسلام وإعجاز القرآن وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والرد على الديانات السائدة في الهند كالمسيحية والآرية والبرهمية والبرهموسماجية، وسمى هذا الكتاب ((براهين أحمدية)) وتكفل المؤلف القادياني في أن يجمع في هذا الكتاب ثلاثمائة دليل على صدق الإسلام في خمسين مجلداً، يدفع فيه كل الاعتراضات والإيرادات التي يعترض بها الكفار عامة على الإسلام، وطلب من المفكرين أن يراسلوه بأفكارهم ليستعين بها، وطلب كذلك التبرع السخي بالمال لطبع الكتاب؛ فانخدع بذلك كثير من العلماء وعامة المسلمين، وفرحوا بهذا الإنجاز المرتقب، وبدأ القادياني يكتب، فكيف تم ذلك؟
الواقع أن الكتاب كان بمثابة صدمة عنيفة للمسلمين وخيبة أمل مريرة، فقد أصدر الجزء الأول منه وسماه براهين أحمدية سنة 1880م، وملأه بمدح نفسه وكراماته وكشوفاته وإعلانات أخرى زكّى بها نفسه، ثم أصدر الجزء الثاني وكان لا يختلف عن الأول من حيث المضمون، ثم أصدر الجزء الثالث سنة 1882م، ثم أصدر الجزء الرابع سنة 1884م.
وقد ضمن الجزء الثالث والرابع حث العلماء والجمعيات الإسلامية على إقناع الحكومة الإنجليزية بأن المسلمين أمة هادئة سلمية مخلصة للإنجليز، وأن جهاد الإنجليز حرام، وأن حكومتهم نعمة جسيمة من الله ورحمة، وأنها هي الدولة الوحيدة التي تحقق أهداف المسلمين، وأعاد ذلك وكرره مرة بعد مرة ففطن العلماء له وعرفوا أنه لا يريد إلا الشهرة وكسب المال لا الدفاع عن الإسلام.
ولقد مج الناس سماع هذا الكتاب؛ لأنه أتخمه بالإلهامات والمنامات والخوارق والكشوف والتكليمات الإلهية والنبوات والتحديات، ومدح الإنجليز مما يطول نقله وتثقل قراءته، ثم أعلن بعد ذلك أنه هو نفسه المسيح الموعود؛ لأنه تواتر-حسب قوله- عليه الإلهام ((إنك أنت المسيح الموعود)).
ثم جاءت سنة 1900م وبدأ الخواص من أتباعه يلقبونه بالنبي صراحة، وكان موقف الغلام إزاء هذه النقلة الخطيرة متسماً بالحذر والمراوغة، فكان يعجبه هذا اللقب ويبدي بين خاصته التأييد له ,ثم أدركه بعد ذلك عرق السوء في سنة 1904م، فاحتقر النبوة ورآها غير كافية في شخصه فادعى أنه ((كرشن))، وهو معبود من معبودي الهنادك، ولعله طمع في ميل الهنادك إليه، وهو في هذه الدعوى الخطيرة لم يأت بجديد؛ فهو خلف لأسلافه من الطغاة الذين ادعوا الألوهية على مر العصور.
2 - إلهاماته:
دعوى أي شخص أن الله ألهمه كذا وكذا، من الأمور اليسيرة التي هي بإمكان كل إنسان أن يدعيها، إلا أن الخطر يكمن في ظهور النتائج-على حد قول أحد الشعراء
من تحلى بما ليس فيه فضحته نتائج الامتحان
على أن ما يحصل للنفس من إلهام ليس له مورد واحد، بل عدة موارد، فقد يرد عليها الإلهام من الله تعالى، وهنا لابد من أهلية صاحبها وتقواه وصدق إخلاصه لربه وصفاء توحيده.
وقد يرد عليها الإلهام من وساوس الشياطين إذا كان صاحبها لائقاً بذلك بعيداً عن الله.
وإلهامات الغلام كلها من هذا النوع، وقد ظهر الكذب فيها والتكلف الممقوت رغم أنه يصوغها على غرار الآيات القرآنية، يريد أن يوحى به إلى الناس على أنه إلهام من الله له ووحي مباشر إليه، يتبين ذلك من خلال صيغته وإنشائه.
لقد كثرت إلهامات الغلام التي جعلها بمثابة وحي من الله تعالى، وهي أفكار زخرفها، وتقوَّلَ فيها على الله تعالى وتنطع، وخرج عن الإيمان بالإسلام وبختم النبوة المحمدية.
ثم تحول القادياني من شخص مسلم غيور على الدين في أول أمره إلى عدو لدود للمسلمين والإسلام، حينما رأى إقبال الناس عليه ودفع الحكومة الإنجليزية له إلى الأمام في غيه، كما هو عادة الإنجليز وخداعهم للناس.
ولهذا فقد وصل به التعلق بالإنجليز إلى حد أن الذي يأتيه بالوحي هو رجل في صورة شاب إنجليزي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/470)
وكتاب الغلام أو رسالته التي جعلها بعد ذلك ملحقة بكتابه ((براهين أحمدية)) وضميمة له، صاغها على طريقة القرآن الكريم في قصر الآيات وطريقة الوقوف على رأس كل آية. ثم خلط بين آيات متباعدة دون رابط مع تبديل كلمات القرآن بكلمات من عنده أحياناً، وتحريف لألفاظ القرآن أحياناً أخرى، مع الجسارة التامة على التلاعب بترتيب الآيات ونطقها وتبديل ما شاء وترك ما يشاء.
وليقف كذلك على جهل الغلام بخالق السموات والأرض وبدائيته في ذلك؛ حيث لفق 97 صفحة ليضاهي بها القرآن الكريم.
وقد تحدى الغلامُ البشر أن يأتوا بصفحات من مثل كلامه الذي هو كالقرآن فقال يرد على الذين يقولون إن كلامه مسروق وليس بإلهام من الله:
((ووالله إنه ظل القرآن ليكون آية لقوم يتدبرون. أتقولون سارق فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون)).
هذا وهو القائل:
((ألا لعنة الله على من افترى على الله أو كذّب الصادقين، وكل من كذّب الصادق أو افترى جمعهم الله في نار أعدت لهم وليسوا منها بخارجين، قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين)).
وهناك إلهامات كثيرة مملة، كما ذكر الندوي بعضها، وذكر المودودي بعضاً، وذكر إحسان إلهي بعضاً منها أيضاً، ويكفي مجرد قراءتها دليلاً واضحاً على شخصية القادياني وشعوذته.
3 - دعواه أنه المسيح الموعود:
بعد أن أعاد القادياني وأبدى في دعوى الإلهام انتقل إلى الدعوى الثانية وهي أنه المسيح الموعود، قال في ضميمة الوحي: ((وأتى المسيح الموعود مهجراً بأمر الله العلام؛ ليظهر الله ضياءه التام على الأنام بعد الظلام)).
إلا أن العلماء يذكرون أن الفضل في هذا التوجه يعود إلى صديقه الحكيم نور الدين، ويتضح ذلك في رسالة بعثها القادياني رداً على رسالة لصديقه الحكيم، الذي كتب إليه اقتراحه المشهور للغلام في أن يدعي أنه المسيح، فكتب له الغلام مبدياً تواضعه في أول الأمر وعدم طموحه إلى ذلك، جاء فيها قوله:
((لقد تساءل الأستاذ الكريم ما المانع من أن يدعي هذا العاجز أنه مثيل للمسيح؟، وينحي في جانب مصداق الحديث الذي جاء فيه أن المسيح ينزل في دمشق، وأي ضرر في ذلك، فليعلم الأستاذ الكريم أن العاجز ليست له حاجة إلى أن يكون مثيلاً للمسيح، إن همه الوحيد أن يدخله الله في عباده المتواضعين المطيعين)).
وما ألطفه من تواضع لو بقي عليه إن كان صادقاً في هذا الكلام، إلا أنه قد يتبادر إلى الذهن أن ما أظهره هنا من التحرج والتواضع يحتمل أنه:
1. كان يخاف مغبة هذه الدعوى.
2. أو أنه قالها قبل أن تختمر الفكرة في ذهنه.
3. أو أنه كان ماكراً يريد أن يستثبت من رغبات الناس ويسبر غورهم وبالأخص صديقه المذكور.
ومهما كان فقد وجهه الحكيم إلى دعوى أنه مثيل للمسيح، وبين له الخطة في ذلك بتأويل الأحاديث على وفق دعوى الغلام، وربما لم يكن الحكيم نور الدين وحده مصدر هذه الفكرة، بل الإنجليز أيضاً بطبيعة الحال كان لهم دور بارز في إضرامها ليوجهوها بعد ذلك الوجهة المطلوبة لهم، والتي أول أهدافهم منها محو فكرة الجهاد من أذهان المسلمين، وعلى أي حال كان، فقد قَبِلَ الميرزا مشورة صديقه في أن يصبح نبياً، وتأكد لديه أن الفرصة قد واتته، ومن هنا بدأ الميرزا غلام أحمد في تنفيذ تلك الفكرة وأخذ يدعو إلى ذلك بكل ما يستطيعه من إمكانيات.
دور صديقه الحكيم نور الدين في دفعه إلى الأمام:
لقد كان لنور الدين اليد العليا على الغلام؛ حيث كان يمهد له الصعاب ويشاركه في إبراز القضايا الخطيرة وطريقة حلها وتوجيهها، ومن ذلك تفسير دمشق الواردة في صحيح مسلم أن المسيح ينزل في دمشق. فكيف ذلك ونزول القادياني كان في قاديان وبين البلدتين من البعد وعدم العلاقة بينهما ما لا يخفى على أحد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/471)
ومن الأمور التي قررها بشير محمود هو أن والده الميرزا هو المثل للمسيح المتوفى، وأن القول بنزول المسيح عيسى ابن مريم مرة ثانية إلى الدنيا يعتبر احتقاراً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهضماً للقول بقدرة الله في إرسال الأنبياء والمصلحين؛ إذ كيف يضطر الله إلى إرسال ميت-حسب زعمه- من بني إسرائيل وأمة محمد صلى الله عليه وسلم موجودون، وهذا المفهوم مأخوذ عن ضميمة الوحي، حيث قال الغلام القادياني: ((ويدفنون خير الرسل في التراب ويُصْعِدون عيسى إلى السموات العلى فتلك إذا قسمة ضيزى يبصرون ثم لا يبصرون يرون الحق ثم يتعامون)).
4 - ادعاؤه النبوة:
وحينما وصل إلى الدرجة النهائية لتدرجه إلى مقام النبوة صرح بآخر تفاصيل الخطة، وأزاح الضباب الذي جعله سابقاً غطاء للوصول إلى هذه الدرجة التي أعلن فيها نبوته، وصال وجال وتحدى الناس وراهن على صدق نبوته وصدق نفسه أنه نبي، ومن هنا انطلق آخذاً في اعتباره أن يغطي الإسلام برداء نبوته الجديدة، وأن يتحول المسلمون على مر الزمن من الإسلام الذي ارتضاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه إلى يوم القيامة-أن يتحولوا إلى القاديانية فتصبح قاديان بدلاً من مكة والمدينة وبيت المقدس أيضاً، وتنتقل مهوى الأفئدة إلى قاديان، ويصبح زيارة مسجد القادياني والسلام على القادياني بدلاً عن زيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصبح تعاليم القادياني بديلة لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية إلى آخر ما كان يهدف إليه، وفي ظني أن المنية عاجلته قبل أن يكمل المخطط تماماً، ولربما لو امتدت به الحياة بعد تلك الفترة التي قضاها لكان له شأن آخر.
لقد كان القادياني لبقاً في إبداء فكرته، يمشي خطوة خطوة وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، فبدأ يتكلم عن الإلهام والعلم الباطني والعلم اليقيني كمنزلة طبيعية يصل إليها الإنسان بلزوم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاضمحلال فيه على طريقة الصوفية، ويتكلم عن صفات النبوة والنبي الذي يجمع هذه الخصائص وإمكان ذلك.
ولعله كان يدرس الأحوال ويتأكد من جود المحيط المناسب لهذه الدعوى الكبيرة التي ستحدث الضجة العظيمة التي كان يترقبها في المجتمع الإسلامي حين إعلانها. وقد حدث الحادث المرتقب عام 1900م حينما ألقى إمام مسجده-ويسمى عبد الكريم- خطبة الجمعة معلناً فيها أن الغلام صار نبياً رسولاً؛ لا يؤمن بالله من لا يؤمن به. وحصلت المفاجأة واندهش المصلون لهذا الحدث الغريب، وحصل الجدال والنقاش بين هذا الخطيب وبين المسلمين الذين ما كانوا يعرفون عنه إلا أنه عالم ومجدد وداعية إلى الإسلام ومناظراً لخصومه.
فعاد عبد الكريم وألقى خطبة أخرى في هذا المعنى في الجمعة الثانية، والتفت إلى الغلام أحمد وقال له: ((أنا أعتقد أنك نبي ورسول فإن كنت مخطئاً نبهني على ذلك، ولما قضيت الصلاة وهمّ الميرزا بالانصراف أمسك الخطيب عبد الكريم بذيله وطلب منه توضيح هذا الأمر، فأقبل إليه الميرزا قال: ((هذا الذي أدين به وأدعيه))، فارتفعت الأصوات بالنقاش فخرج الميرزا من بيته وقال: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ?.
ومن هنا شمر عن ساعد الجد في دعوى النبوة بل وتحدى على ذلك، وأنه نبي مرسل من الله صاحب شريعة، وكفّر جميع من لا يؤمن به وأثبت لنفسه أنه رسول من الله، وأنه نبي سماه الله بذلك حسب قوله: ((سماني الله نبياً تحت فيض النبوة المحمدية، وأوحى إليّ ما أوحى)).
وبعد أن صرح بالنبوة أخذ يتدرج أيضاً في تلطفه مع المخالفين إلى أن جاء الحكم الأخير عليهم بالكفر والنار فبدأ بالقضية هكذا: كل من لا يؤمن بنبوة الغلام ويكفر به يستوجب العقاب إلى حد ما، ولا يكون الإنسان كافراً أو دجالاً لأجل إنكاره لدعواه، إلا أنه يكون ضالاً منحرفاً عن جادة الصواب، ويكون فاسقاً وجاهلاً جهلاً محضاً ... إلى آخر ما وصف به مخالفيه في هذه الفترة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/472)
ثم جاءت الفترة النهائية وفيها الشدة والغلظة على المخالفين، وإخراجهم من الملة إن لم يدخلوا في دينه بخلاف من مات قبل مجيئه، ومن هنا قال: ((إن الذين خلوا من قبلي لا إثم عليهم وهم مبرءون، والذين بلغتهم دعوتي ورأوا آياتي وعرفوني وعرفتهم بنفسي وتمت عليهم حجتي ثم كفروا بآيات الله وآذوني أولئك قوم حق عليهم عقاب الله، خصوصاً بعد أن صار مهدياً متجسداً بمحمد صلى الله عليه وسلم كما زعم.
وعلى أساس هذا المفهوم، فكل من أنكر أو كذب بنبوة الغلام فهو نفسه تكذيب وإنكار لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكل جزاء يلحق بمن كذب بمحمد صلى الله عليه وسلم هو نفسه الجزاء الذي يحل بمن يكذب بالقادياني.
ولهذا فكل آية فيها ذكر محمد فإنها تنطبق أيضاً على الغلام المسيح الموعود لاتحادهما في الاسم وشمول الرسالة والتجسد، ومن هنا فلا غرابة في عدم تغيير القادياني لفظة الشهادة في الإسلام، بل أبقاها على صيغتها الشرعية: ((لا إله إلا الله محمد رسول الله))؛ لأن القاديانية يزعمون- كما زعم لهم الغلام لنفسه-أن من أسمائه ((محمداً))؛ فلهذا يكفي ذلك اللفظ عن الإتيان بصيغة جديدة. وفي هذا يقول بشير أحمد ابن الغلام القادياني: ((نحن لا نحتاج لديننا إلى كلمة جديدة للشهادة بنوبة غلام أحمد؛ لأنه ليس بين النبي وبين غلام أحمد أي فارق)).
هذا تعليلهم، ولعل الصحيح أنهم لم يغيروا الشهادة خبثاً وتقية؛ ليكملوا تحت شعار الإسلام ما يهدم الإسلام، ويحقق أهدافهم، وتنتشر تعاليمهم بين العامة من المسلمين على طرف من الحذر وعمق في التمويه، والسير إلى النهاية ببطء ودقة.
الفصل الخامس
ما هي نبوءات الغلام المتنبئ؟
وبعد أن أثبت لنفسه النبوة كان حتماً عليه أن يخبر بالمغيبات على طريقة الرسل الذين يطلعهم الله على غيبه لمصلحة يعلمها عز وجل.
فكان الغلام إذاً على نفس المسلك، ولكن كان بينه وبين المسلك النبوي كما بين السماء والأرض.
ما أبعد الفرق بين القوم في شرف وبيننا يا حثالات الحثالات لقد ظن الغلام أنه بمجرد الإخبار بالمغيبات تثبت نبوته، وتناسى مصداق ما يخبر به النبي ووقوعه على وفق ما أخبر، ولقد خانه الحظ السعيد في أغلب أخباره فكانت تأتي النتائج سلبية وبعكس ما يخبر به تماماً مرة بعد مرة، ولقد عانى هموماً شديدة من ذلك، إلا أنه كان يحاول إخفاء ذلك بشتى الأجوبة والحيل لتغطية الفشل الذريع الذي كان يمنى به، ولكنه كان من الثبات بمكان؛ فلا يفشل في خبر إلا وقد جاء بغيره على طريقة الكهان الذين يصدقون في كل مائة كذبة مرة واحدة، لتكون منطلقاً لنشرها بين الناس.
وفيما يلي نذكر بعض تلك الإلهامات التي جاء بها للتدليل على نبوته ومنها:
1. قصة غرامية حصلت له- لا يهمنا منها إلا جانب واحد، ومفاد هذه القصة أن الغلام أحب امرأة تسمى محمدي بيكم بنت الميرزا أحمد بك، وهو ابن خاله. خطبها الغلام بعد أن زعم أن الله أوحى إليها أنها ستكون زوجة له، وأن الله وعده بذلك، والله لا يخلف الوعد، وتحدى على ذلك كل من أراد أن يحول بينه وبين الزواج بها، وجاء بإلهامات وأخبار طويلة، وأن الذي يتزوجها غيره لا بد وأن يموت في خلال سنتين.
وخاب أمله ورفض والدها أن يزوجها منه رغم ما بذل في تحقيق ذلك، ورغم هذه الصولات والجولات فقد وقع المحذور وتزوجت هذه المرأة من غيره، وأنجبت له أولاداً وعاش زوجها عيشة هنيئة سنين عديدة، ومات الغلام وهو يتحدى من يشككه في إخبار الله له، وصدق عليه قوله حين قال متحدياً:
2. وتنبأ كذلك بأمور كثيرة خاب أمله فيها كلها، فقد جرؤ على ادعاء أمر خطير جداً يظهر فيه كذب الكاذب بعد فترة بسيطة مهما كان، وذلك هو ادعاؤه علم الغيب ومعرفة وفيات الناس الذين يغضب عليهم حيث قال: إن فلاناً الذي عاداني سيموت بعد كذا من المدة؛ يحددها بالتاريخ، فينتظر القاديانيون بفارغ الصبر تحقيق تلك النبوءة فينعكس الحال تماماً. والأمثلة على ذلك كثيرة، ولا يهمنا استقصاؤها؛ ذلك أنها جزء متمم لدعوى النبوة وفرع عنها. وما دام الأصل قد قام على شفا جرف هار؛ فإن الفرع تبع له.
وقد صارت أخبار نبوءاته وفشله فيها من الحكايات التي يتسلى بها الناس، ومن ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/473)
1. ما تنبأ به من موت رجل نصراني اسمه عبد الله آثم، ناظره فلم يفز الغلام عليه فغضب، وأراد أن يمحو العار عن قصوره أمام هذا النصراني فزعم أن عبد الله آثم سيموت إن لم يتب بعد خمسة عشر شهراً -حسب ما أوحى به الله إليه- وأكد ذلك بقوله: ((ما فتح علي الليلة هو هذا: بأني حينما تضرعت وابتهلت أمام الله عز وجل، ودعوت منه بأنه بفصل في هذا الأمر؛ فأعطاني آية بأن الكذاب يموت في خمسة عشر شهراً بشرط ألا يرجع إلى الحق، والصادق يكرم ويوقر، وإن لم يمت الكذاب في خمسة عشر شهراً، من 5مايو سنة 1893م، ولم يتحقق ما قلت، فأكون مستعداً لكل جزاء يسوِّد وجهي وأذلل ويجعل في جيدي حبل وأشنَق، وأنا أقسم بالله العظيم أنه يقع ما قلت ولا بد له أن يقع)).
رحم الله من قال: إن البلاء موكل بالمنطق، لقد أوقع الغلام نفسه في مأزق حرج لم يخرج منه بعد ذلك لا هو ولا أتباعه، وقد وقع له في هذا الخبر الذي زعم أنه عن الله تعالى- أمور:
1 - أنه وحي من الله.
2 - حدده بالمدة الدقيقة.
3 - وجدت فيه صفة الحلاف المهين.
4 - سب نفسه بأقذع السب إن كذب، وقد كذب.
5 - أنه يستحق أن يشنق إن كذب.
فماذا كانت النتيجة؟ لقد كان القاديانيون ونبيهم يلهثون مما يجدون من خوف العار وظهور الكذاب، وصاروا ينظرون إلى المدة بغاية القلق والهم، كأنما ((يساقون إلى الموت وهم ينظرون))، كلما مر يوم اصفرت وجوههم، وملئوا المساجد بالصلوات والابتهالات أن يموت عبد الله آثم، إلى أن انتهت المدة والرجل في كمال صحته، فأسقط في أيديهم وخاب أملهم.
فادعوا أن عبد الله آثم قد رجع عن النصرانية، ولهذا أمهله الله ولم يمته، فلما سمع بذلك كتب يكذبهم ويفتخر أنه مسيحي وعاش بعد ذلك مدة.
حوربت القاديانية من قبل المسلمين في الهند وباكستان حرباً شعواء، وخرجت مهزومة محكوم عليها بالارتداد والكفر بالله، ولم تنتشر إلا في بلدان نائية بين جهلة المسلمين وعوامهم.
الفصل السادس
كيف كان غلوه وتفضيله نفسه على الأنبياء وغيرهم؟
لم يقتصر الميرزا على التنبؤ، بل حمله غروره على أن فضّل نفسه على أكثر الأنبياء والمرسلين، وأنه جُمع فيه ما تفرق في أنبياء كثيرين؛ فما من نبي إلا وقد أخذ منه قسطاً حسب قوله الآتي: ((لقد أراد الله أن يتمثل جميع الأنبياء والمرسلين في شخص رجل واحد، وإنني ذلك الرجل)). وقوله: ((وآتاني ما لم يؤت أحداً من العالمين))، كما فضل نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال متطاولاً:
له خسف القمر المنير وإن لي غسا القمران المشرقان أتنكر وله نصوص كثيرة في تفضيله نفسه على سائر البشر، مع أنه كان في أول أمره يصف نفسه بالمسكين والضعيف.
ثم زعم أن كل المصائب التي حلت بالقارة الهندية إنما كانت توطئة لبعثته حيث قال: ((فاعلموا رحمكم الله أن هذه المصائب من الأقدار التي ما رأيتم قبل هذا الزمان ولا آباؤكم في حين من الأحيان، إنما هي آيات الرجل الذي بعث فيكم من الله المنان)).
وإذا كانت تلك الكوارث كلها بسببه فلا عيب بعد ذلك على من تشاءم به ورأى أنه مصدر الكوارث والعقاب الشديد على حد قول الله تعالى: ? وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ? سورة الأنفال: 25.
وهذه الإلهامات والكشوف والوحي الذي ادعاه في أقواله السابقة إنما تدل على جهله المطبق وجهل أتباعه، وعدم معرفة الغلام قدر الأنبياء العظيم الذي لا يصل إليه أحد غيرهم، وتدل كذلك على عدم معرفته بنفسه أيضاً؛ حيث ظن أنه بمجرد التفضيل الفارغ لشخصه ينقله إلى رتبتهم، فقوله: إن الله جمع فيه كل صفات الأنبياء، وأنه آتاه ما لم يؤت أحداً من العالمين-كذب ظاهر؛ فإن للأنبياء صفات لم يجرؤ القادياني على ادعائها؛ فلم يؤت ملك سليمان ولا صبر أيوب، ولا سفينة نوح، ولا بركات محمد صلى الله عليه وسلم وانتشار دينه في أقطار الأرض بسرعة مذهلة دون اللجوء إلى أي دولة من الدول، ولا الحب الذي كان يكنه المسلمون له، بخلاف القادياني الذي مات وهو يحاول جاهداً أن يزوجوه ببنت ابن خاله فرفضوه رغم إذلال نفسه لهم، وتوسل بشتى الوسائل دون جدوى.
الفصل السابع
ما أهم عقائد القاديانية؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/474)
لقد تخبط القادياني وأتباعه في متاهات عديدة وجاءوا بأفكار شاذة غريبة، وتناقضوا في أقوالهم وأفعالهم. ومن الأمور التي تظهر في معتقدات زعيمهم القادياني مبادئ كثيرة ننبه إلى أهمها بإيجاز فيما يلي:
1. التناسخ والحلول:
اعتقاد التناسخ والحلول، وأن الأنبياء تتناسخ أرواحهم وتتقمص روح بعضِهِم وحقيقَتُه جَسَد وحقيقَةَ آخرين، وتظهر في مظهر الجسد الآخر تماماً، وقد قال بهذا ليصل إلى تثبيت بعثته ونبوته.
وعلى هذا الاعتقاد الفاسد قرر أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد ولد بعادته وفكرته ومشابهته القلبية بعد وفاته بنحو ألفي سنة وخمسين، في بيت عبد لله بن عبد المطلب وسمي بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومثل هذه الولادة حصلت لعيسى عليه السلام حينما ظهر بمظهر القادياني أيضاً. وأن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم بعث مرتين-كما صرح القاديانيون بذلك- بعثته الأولى وبعثته الأخرى حينما حلت روحانيته في القادياني نفسه.
2. التشبيه:
كما أن للقادياني أقوالاً كفرية في وصف الله تعالى؛ فهو يزعم أن الله قال عن نفسه جل وعلا: بأنه يصلي ويصوم ويصحو وينام، وأنه يخطئ ويصيب.
قال القادياني: ((قال لي الله: إني أصلي وأصوم وأصحو وأنام)). وقال أيضاً: ((قال الله: إني مع الرسول أجيب؛ أخطئ وأصيب، إني مع الرسول محيط)).
ويبلغ منتهى التشبيه والتجسيم حين زعم أنه رأى في الكشف أنه قدم أوراقاً كثيرة إلى الله تعالى ليوقع عليها ويصدق على طلباته التي اقترحها؛ فوقع الله عليها بحبر أحمر، وكان عنده-كما يزعم- في وقت الكشف رجل من مريديه اسمه عبد الله، ثم نفض الرب القلم فسقطت منه قطرات الحبر على أثوابه وأثواب مريده، وحينما انتهى الكشف رأى-كما يكذب- بالفعل أن أثوابه وأثواب عبد الله لطخت بتلك الحمرة.
وقد وصف الله تعالى بأنه مثل الأخطبوط على طريقته البدائية؛ حيث قال: نستطيع أن نفرض لتصوير وجود الله تعالى بأنه له أياد وأرجل كثيرة، وأعضاءه بكثرة لا تعد ولا تحصى، وفي ضخامة لا نهاية لطولها وعرضها، مثل الأخطبوط له عروق كثيرة امتدت إلى أنحاء العالم وأطرافه. بل يصف القادياني إله العالمين بصفات في غاية القبح والشناعة، ننزه عن ذكرها أسماع وأبصار طلاب العلم؛ كلها تدور حول الجنس والولادة على طريقة الباطنية وغلاة التشبيه والتجسيم، بل وعلى طريقة النصارى الذين ادعوا أن لله ولداً.
لقد وصل في تشبيه رب العالمين إلى مثل ما وصل عتاة التجسيم والتشبيه؛ مثله مثل هشام بن الحكم الرافضي وغيره، ممن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يظن أنه يحسن صنعاً.
وأما كونه عز وجل يلحقه النوم والصحو، والخطأ والصواب، وغير ذلك من صفات النقص التي تحل بالبشر لنقصهم وافتقارهم إلى ذلك، فإن الله تعالى هو الخلاق العظيم، والقوي العزيز، يعلم ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
وورد في الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)).
وهو حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لا يكون إلا ما أراد، تنزه سبحانه عن الخطأ لأنه محال عليه عز وجل لنفاذ علمه بكل شيء.
ووصْفُه تعالى بالتوقيع والكتابة، أو أنه مثل الأخطبوط، أو أن له ولداً كل هذه الأوصاف إنما يطلقها على الله تعالى من خرج عن الحق واتبع هواه وأفسد عقله قرناء السوء من الجن والإنس، وصار أضل من الأنعام واتخذ دينه لهواً ولعباً وفضل العقائد الوثنية والخرافية على دين الإسلام، فانسلخ منه وأضله الله على علم. نعوذ بالله من الزيغ والضلال.
الفصل الثامن
ما علاقة القاديانية بالإسلام وبالمسلمين وبغير المسلمين؟
وما موقف علماء الهند وباكستان من القاديانيين؟
1. أن المسلمين كفار ما لم يدخلوا في القاديانية؛ لأنهم يفرقون بين الرسل، والله تعالى يقول: ? لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ? سورة البقرة: 285، فالمؤمن بالإسلام ونبيه إذا لم يؤمن بالقاديانية ونبيها فإنه يكون كافراً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/475)
2. وعلى هذا فإنه لو مات مسلم، فإنه لا يجوز للقادياني الصلاة عليه ولا دفنه في مقابرهم؛ لأنه كافر لعدم إيمانه بنبوة الغلام، فلا تجوز الصلاة عليه ولو كان طفلاً أيضاً، ويذكر أن ظفر الله خان وزير خارجية باكستان لم يُصَلِّ على القائد الشهير محمد علي جناح حين مات، لأنه في نظر ظفر الله كافر لعدم إيمانه بنبوة الغلام.
3. لا يجوز نكاح المسلم بالقاديانية، ويجوز ذلك للقادياني كما هو الحال بالنسبة لأهل الكتاب؛ أي إنهم يعاملون المسلمين معاملة أهل الكتاب.
4. لا تصح الصلاة خلف غير القادياني مهما كانت منزلته، وإذا فعل ذلك تقية أو لمصلحة، فعليه أن يعيد تلك الصلاة حتماً، حتى وإن كان صلاها في أحد الحرمين الشريفين، وهذه التقية أو النفاق هو الأساس الذي قام عليه مذهب الشيعة والباطنية والقاديانية.
5. لا يجوز حضور اجتماعات المسلمين سواء كانت في أفراحهم أو في مصائبهم، بل ولا يجوز أن يذكر المخالف للقاديانية من المسلمين أو يترحم عليه أو يستغفر له.
6. بل و أبعد من هذا أنهم لا يجوزون الصلاة على من يصلي من القاديانيين خلف المسلمين أو يتعامل معهم أو يوادهم.
ما علاقتهم بغير المسلمين؟
وأما علاقتهم بغير المسلمين فنوجزها فيما يلي:
1. لقد قامت بين القاديانيين وبين كثير من الملل المخالفة للإسلام علاقات قوية، خصوصاً بينهم وبين الدول المعادية للمسلمين، مثل بريطانيا وإسرائيل اليهودية الحاقدة، فهي تتمتع معهم بصداقات حميمة واتصالات وثيقة، وقد أعطتهم إسرائيل أمكنة لفتح المراكز والمدارس، وأغدقت عليهم الأموال سراً وجهراً.
2. رحب القوميون الهنود بالقاديانية وفرحوا بها وتحمسوا لها كثيراً، لأن هؤلاء الهنادك يحقدون على الإسلام حقداً لا يقل عن حقد اليهود والنصارى، وضايقهم جداً توجه المسلمين الهنود بقلوبهم إلى نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وكتاب ربهم، بل وإلى الجزيرة العربية إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولهذا فقد اعتبروا توجه الناس إلى قاديان انتصاراً للوطنية الهندية على الإسلام الأجنبي عن بلادهم، وفرصة سانحة للتحول العظيم في تفكير المسلمين الهنود وغيرهم من الإسلام إلى القوميات والتعصب لها بدلاً عن الإسلام.
وحينما تظاهر القاديانيون في خبث ودهاء ومكر بالإسلام، إنما أرادوا أن يموهوا على المسلمين ويدخلوا على عوامهم من طرق لا يفطنون لها ليسلخوهم عن دينهم شيئاً فشيئاً إن استطاعوا، ولن يتم لهم ذلك إن شاء الله تعالى.
ومن هنا نجد أن لعلماء الهند وباكستان من المسلمين مواقف ونضالاً مريراً للقاديانية؛ حيث جعلوها بالعراء وبينوا زيف تظاهر القاديانيين بالإسلام ومدى عداوتهم له.
والجدير بالذكر أن محكمة باكستانية موقرة أصدرت حكماً شرعياً بشأن هذه الفئة الشريرة من القاديانيين وبكل حزم وشجاعة، وقد ظهر في الأسواق في شكل كتاب، وقد صدر الكتاب مترجماً من الأردية إلى العربية تعريب الأستاذ/محمد بشير، باسم ((المحكمة الشرعية الفيدرالية بجمهورية باكستان الإسلامية تقرر: القاديانية فئة كافرة)).
جاء في أول الكتاب قوله: ((بإذن من المحكمة الشرعية الفيدرالية الباكستانية بإسلام آباد طبعنا النص الكامل لحكمها على الالتماس الشرعي رقم 17/ آيل لعام 1984م، والالتماس الشرعي رقم 2/آيل لعام 1984م والقاضي بوضع القاديانيين من كلتا الفرقتين: الفرقة اللاهورية والفرقة القاديانية)) (.
وكانت هذه المحكمة مؤلفة من سيادة القاضي: فخر عالم رئيس القضاة، القاضي: شودري محمد صديق، القاضي الشيخ: ملك غلام علي، القاضي الشيخ: عبد القدوس القاسمي.
وقد بحث هؤلاء القضاة مسألة القاديانية بكل جد وحزم، وقد استعانوا بمجموعة من العلماء في مناقشتهم لقضية القادياني وزعمه النبوة، ومواقف القاديانيين من المسلمين ومن الإسلام ونبيه وتعاليمه، على ضوء الالتماس الذي قدمه بعض المحامين والقاديانيين، ومنهم مجيب الرحمن، والنقيب المتقاعد عبد الواحد وغيرهما.
وقد استوفت المحكمة دراسة المسألة كاملة، وظهرت النتيجة بتاريخ 1984م كما يلي:
1. أصدر رئيس المحكمة فخر عالم مرسوماً يسمى: ((مرسوم حظر ومعاقبة النشاطات المناهضة للإسلام للفرقة القاديانية والفرقة اللاهورية والأحمديين)).
2. جعلت هذه البنود فعلاً إجرامياً من القادياني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/476)
أ- أن يسمي نفسه أو يتظاهر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بكونه مسلماَ أو أن يسمى مذهبه الإسلام.
ب- أن ينشر ويروج مذهبه أو أن يدعو غيره إلى قبول مذهبه أو يثير بطريقة ما المشاعر الدينية للمسلمين.
ج- أن يدعو الناس إلى الصلاة بقراءة الأذان، أو يسمي طريقة ندائه للصلاة أو شكله بكلمة الأذان.
د- أن يدعو أو يسمي محل عبادته مسجداً.
هـ- أن يذكر أي شخص غير أحد من خلفاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم بكلمة أمير المؤمنين أو خليفة المؤمنين أو خليفة المسلمين أو الصحابي أو رضي الله عنه، أو يذكر أحداً غير زوج من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة أم المؤمنين أو أن يسمى غير أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة أهل البيت.
ومما لا ريب فيه أن هذا توفيق عظيم من الله لهذه المحكمة، أجزل الله لهم ولمن ساعدهم الأجر والثواب إلى يوم الدين؛ فإنهم أصابوا القاديانية في مقتلها دون أن يظلموهم بكلمة واحدة أو قانون غير ما يستحقونه.
وفي أحكام العقوبات جاء في المرسوم:
((أي شخص يدنس اسماً مقدساً لأي من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (أمهات المؤمنين) أو أهل بيته أو خلفائه الراشدين أو صحابته، بأية كلمات منطوقة أو مكتوبة، أو بأي تعبير محسوس أو بأي تعريض أو تلميح أو إيماء ما، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة -سيعاقب بسجن لمدة يجوز أن تمتد إلا ثلاث سنوات عن كل تعبير، أو الغرامة أو العقوبتين كلتيهما.
ومنه: أي شخص من الفرقة القاديانية أو الفرقة اللاهورية الذين يسمون أنفسهم أحمديين أو بأي اسم آخر، يذكر بكلمات منطوقة أو مكتوبة أو بأي تعبير محسوس طريقة النداء للصلوات التي تستعملها فرقته بكلمة الأذان، أو يقرأ الأذان كما يقرؤه المسلمون -سيعاقب بسجن لمدة يجوز أن تمتد إلى ثلاث سنوات عن كل تعبير، وسيكون معرضاً للغرامة أيضاً)).
وقد بلغت دراسة المحكمة لهذه الطائفة مائة وثمان وثمانين صفحة استوعبت أهم ما يتعلق بأفكار القادياني وفرقته الشريرة، وانتهت بصرف النظر عن الالتماسات التي تقدم بها مجيب الرحمن وعبد الواحد وغيرهما من القاديانيين.
الفصل التاسع
ما أسباب انتشار القاديانية؟
الأسباب التي ساعدت على انتشار وباء القاديانية، ويمكن أن نوجز عناصر تلك الأسباب في الأمور التالية:
1. جهل كثير من الناس بحقيقة الدين الذي ارتضاه الله، فأكثرهم مسلم بالتبعية والتقليد يتأثرون بكل دعوة ويقلدون كل صائح.
2. وقوف الاستعمار إلى جانب هذه الدعوة الخبيثة وتأييده لها مادياً ومعنوياً.
3. استغلال القاديانيين لفقراء بعض المسلمين، بمساعدتهم المادية ببناء المدارس والمساجد والمستشفيات، وتوزيع الكتب وإيجاد بعض الوظائف وغير ذلك.
4. نشاط القاديانيين وذهابهم إلى الأماكن النائية من بلدان المسلمين التي يكثر فيها الجهل والعامية.
5. تمويه القاديانيين على السذج من المسلمين، بأن القاديانية والإسلام شيء واحد، وأن القاديانية ما قامت إلا لخدمة الإسلام.
6. عدم قيام علماء الإسلام بالتوعية الكافية ضد القاديانية وغيرها من الطوائف الضالة التي بدأت تنتشر في هذا الزمن أكثر من أي وقت مضى.
هذه هي أهم الأسباب وربما توجد أسباب أخرى كثيرة ساعدت في نشر القاديانية في أماكن كثيرة من بلدان المسلمين.
هل انتشرت القاديانية في هذه الأيام؟
نعم وبدأت تستعيد أنفاسها في أماكن متفرقة من العالم الإسلامي، مستغلين نفس الأسباب التي ذكرت آنفاً، والأمل في الله قوي أن يهيئ من عباده من يتصدى للقاديانية وغيرها من التيارات الهدامة المعاصرة، ويكشف زيفها ويبين خطرها على الإسلام والمسلمين وما ذلك على الله بعزيز.
ولقد عزى الشيخ إحسان إلهي-رحمه الله- سبب انتشار القاديانية في بلدان المسلمين وخصوصاً أفريقيا وأوروبا إلى أهم الأسباب الآتية:
1. مساعدة الاستعمار بشتى أشكاله لهم؛ حيث يمدونهم بكل أنوع المساعدات.
2. قلة وجود العلماء المسلمين الحقيقيين وشغور مناصبهم في تلك البلاد.
3. جهل أكثر المسلمين لحقيقة القاديانية الأصلية وأهدافهم.
4. غفلة العالم الإسلامي عن أفريقيا، في الوقت الذي تنشر فيها القاديانية أكثر من خمس مجلات راقية، بينما لا توجد مجلة واحدة للمسلمين في أفريقيا كلها تجابههم.
5. وجود مئات المبلغين القاديانيين الذي يتجولون من أدنى أفريقيا إلى أقصاها عبر القارات الأخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/477)
6. أقاموا فيها 47 سبعاً وأربعين مدرسة وبنوا 260 مائتين وستين مسجداً، هذا غير ما يتبع ذلك من المكتبات العامة والخاصة والمؤلفات والنشرات، وترجمة القرآن إلى لغات شتى.
7. كما فتحوا في الآونة الأخيرة مستشفيات ودوراً اجتماعية في مختلف أنحائها، وأصبح أتباعهم- حسب نشراتهم - أكثر من مليوني شخص في مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة.
هذا كله يجري في الوقت الذي شحت فيه الدول الإسلامية بإرسال الدعاة إلى تلك الأماكن النائية من العالم الإسلامي ليواجهوا نشاط آلاف القاديانيين، وما ذلك عن فقر في الدول الإسلامية، ولكنه ضعف الحماس للدين الإسلامي، وانشغالهم بأنفسهم وبأمور أخرى افتعلها أعداء الإسلام لإلهاء زعماء المسلمين بها، واشغالهم بعيدين عن واجبهم الذي يحتمه عليهم دينهم الإسلامي.
الفصل العاشر
متى وفاة القادياني؟
وقعت في عام 1907م بين القادياني وبين العلامة ثناء الله الأمر تسري مناظرات خرج الغلام منها مدحوراً مغضباً، ثم تحدى القادياني الشيخ ثناء الله بأن الله سيميت الكاذب منهما في حياة الآخر، ودعا الله تعالى أن يقبض المبطل في حياة صاحبه، ويسلط عليه داء مثل الهيضة والطاعون يكون فيه حتفه.
وفي شهر مايو 1908م أجيبت دعوته فأصيب بالهيضة الوبائية الكوليرا في لاهور، فمات في بيت الخلاء وكان جالساً لقضاء حاجته: ?وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ? سورة إبراهيم: 15.
ونقلت جثته إلى قاديان حيث دفن في المقبرة التي سماها بمقبرة الجنة بهشتي مقبرة، وعاش ثناء الله بعده أربعين سنة في نضال القاديانيين والرد عليهم، وانطبق على القادياني قوله: ((إن كنت كذاباً ومفترياً كما تزعم في كل مقالة لك فإنني سأهلك في حياتك؛ لأنني أعلم أن المفسد الكذاب لا يعيش طويلاً، في عاقبة الأمر يموت ذلاً وحسرة في حياة ألد أعدائه، حتى لا يتمكن من إفساد عباده)).
وبعد هلاك الميرزا خلفه في زعامة القاديانية صديقه الحميم وشريكه في قيام نبوته الحكيم نور الدين البهيروي.
والملاحظ أن القادياني أثبت أنه كان كذاباً في دعواه النبوة حتى في موته، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه)) كما رواه الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الحادي عشر
اذكر بعض زعماء القاديانية؟
برز كثير من زعماء القاديانية وكبرائهم متخذين من حيل القادياني وضلالاته منهجاً لهم.
وطمع بعضهم في نفس المكانة التي احتلها زعيمهم-أي مرتبة النبوة- إلا أن بريطانيا لم تشأ أن تقويهم إلى حد نصرتهم على ادعاء النبوة، كما فعلت مع الغلام؛ لئلا يذهب تأثير القاديانية من نفوس أتباع القادياني بحيث تصبح النبوءة متعددة في عصر واحد، مما يستدعي فتور الناس عن التصديق، أو الشك في نبوة الغلام، فتخسر ما بنته في أعوام عديدة، وكانوا أذكى من أولئك الذين تشوقوا للنبوة.
وفيما يلي نذكر بعض أولئك الزعماء بصورة موجزة؛ إتماماً للتعريف بالقاديانيين وهم بالإضافة إلى الغلام أحمد القادياني المؤسس الأول للقاديانية:
1 - الحكيم نور الدين البهيروي:
هذا الرجل هو الشخصية البارزة بعد الغلام وصار هو الخليفة للقاديانية بعد موت الغلام، ويعتقد بعض الباحثين أنه صاحب الفكرة والتصميم في الحركة القاديانية كلها.
ولد الحكيم نور الدين في عام 1258هـ في بهيرة من مديرية شاه بور في البنجاب غربي الباكستان وتسمى هذه المديرية الآن سركودها، وأبوه غلام رسول كان إماماً في مسجد بهيرة، وقد درس الحكيم نور الدين الفارسية وتعلم الخط ومبادئ العربية.
محمود أحمد:
ابن غلام أحمد أو الخليفة الثاني للقاديانية. تولي زعامة القاديانيين بعد وفاة نور الدين، وأعلن أنه خليفة ليس للقاديانيين فقط، وإنما هو خليفة لجميع أهل الأرض بما فيهم بريطانيا، التي تفانى في الجاسوسية لها.
وهناك شخصيات أخرى قاديانية - مثل:
محمد أحسن أمر وهو الذي كان مصدر عون لقادياني، حيث كان يرسل إليه مسودات كتبه، ليصلح ما يحتاج إلى إصلاحه فيها ثم يرسلها للغلام ليجعل اسمه على الكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/478)
ومنهم: محمد صادق، وكان مفتياً للقاديانية، وعبد الكريم السيالكوتي إمام مسجد الغلام وخطيبه وصديق الغلام الخالص الذي مدحه بقوله: ((لم يولد في القاديانية رجل ثالث يضاهي حضرة الشيخ عبد الكريم))، وهو أول من خاطب الغلام برسول الله ونبي الله، فأذاقه الله في الدنيا عذاباً تقشعر منه الجلود.
ومنهم نور أحمد القادياني الذي أعلن أنه رسول الله أيضاً فأعلن قوله: لا إله إلا الله نور أحمد رسول الله، أنا رسول الله أُرسلت رحمة للعالمين كما أنا مظهر لجميع الأنبياء، فردّ عليه ابن الغلام وخطأه وزعم بأن به مرض الجنون حسداً من ابن الغلام له.
ومنهم عبد الله تيمابوري، ادعى النبوة حسب بشارات غلام أحمد فقال: أنا هو الذي بشر عنه حضرة الأقدس المسيح الموعود غلام أحمد بأنه يرسل نبي، فها أنا أرسلت ببركة غلام أحمد وفيضانه، وسوف يظهر على يدي صداقة حضرة الغلام على الدنيا.
ولقد هان أمر النبوة في نظر صحابة الغلام، فادعى كل واحد أنه هو النبي المبعوث بعد الغلام، وكوّنوا جماعة قاديانية أخرى حصل بينهم نزاعات كثيرة إلا أنه كان يجمعهم تقريباً انتسابهم إلى الغلام، وأن الغلام القادياني نبي الله ورسوله كما أنهم أنبياء الله ورسله ولا نجاة لمن لم يؤمن بنبوة الغلام أحمد، كما لا نجاة لمن لم يؤمن بنبوتهم ورسالتهم هم أيضا.
هؤلاء هم أشهر زعماء القاديانية، وهناك مئات من الزعماء الأشقياء لهذه الفرقة الضالة، وقد خذلهم الله في أماكن كثيرة وانبرى لهم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم يردون عليهم ويبينون خروجهم عن الإسلام ويحذرون منهم، مما جعل القاديانيين يتتبعون بدعوتهم الديار النائية للمسلمين ومن تكثر بينهم الأمية، وقد نجحوا في دعوتهم بينهم.
الفصل الثاني عشر
ما الفرع اللاهوري القادياني؟
أمير هذا الفرع هو محمد علي من أوائل المنشئين صرح القاديانية، وممن كان له يد ومنّة عظيمة في توجيه الغلام المتنبي ومساعدته بالفكر والقلم أيضاً، وكان هو الآخر من أشد المخلصين للإنجليز والمحرضين على بذل الطاعة التامة لهم، وقد كانت لهم مواقف مع الغلام وأسرته؛ إذ كان أحياناً يتبرم من استبداد المتنبي بالأموال التي تصل إليه من أتباعه، فيصرح للمتنبي بهذا ويرد عليه المتنبي هذه التهمة.
وبعد وفاة الغلام استفحل الخلاف بين أسرة المتنبي ومحمد علي، حول اقتسام الأموال التي جاءتهم حيث استغلها ورثة المتنبي مع علمهم ((بأن هذه النبوة شركة تجارية وهم كلهم شركاء فيها))، ولعل هذه الخلافات الشخصية لم يكن لها تأثير على إتمام الخطة وإحلال القاديانية محل الإسلام، خصوصاً والقوة التي أنشأت الغلام وفكرته لا تزال هي القوة، والمتآمرون لا يزالون في إتمام حبكها وتنفيذها.
أما بالنسبة لحقيقة معتقد هذا الرجل في غلام أحمد، وهل كان متلوناً أو كان له مبدأ أُمليَ عليه، أو كان مقتنعاً به دون تدخل أحد، فإن الذي اتضح لي من كلام العلماء الذين نقلوا عنه آراءه أنهم مختلفون على النحو الآتي:
1. منهم من يرى أن (محمد علي) اختير من قبل الساسة الإنجليز لإتمام مخطط القاديانية بطريقة يتحاشى بها المواجهة مع مختلف طوائف المسلمين في الهند والباكستان وغيرهما، ويتحاشى بها كذلك مصادمة علماء الإسلام الذين نشطوا في فضح القاديانية وإخراجها عن الدين الإسلامي، فاقتضى الحال أن يتظاهر محمد علي وفرعه بأنهم معتدلون لا يقولون بنبوة الغلام، وإنما يثبتون أنه محدد ومصلح؛ لاستدراج الناس إلى القاديانية ولامتصاص غضب المسلمين على القاديانية، فتظاهر بعد ذلك محمد علي وفرعه بهذه الفكرة بغرض اصطياد من يقع في أيديهم.
2. ومنهم من يرى أن (محمد علي) وفرعه كانوا يعتقدون أن الميرزا غلام أحمد لم يدَّعِ النبوة، وكل ما جاء عنه في ذلك إنما هي تعبيرات ومجازات، وكابروا في ذلك اللغة وكابروا الواقع.
وقد لقبهم القاديانيون بالمنافقين ((لأنهم يحاولون الجمع بين العقيدة القاديانية والانتساب إلى مؤسسها وزعيمها، وبين إرضاء الجماهير)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/479)
3. وذهب الأستاذ مرزا محمد سليم أختر في كتابه: ((لماذا تركت القاديانية؟)) إلى رأي آخر حيث قال بعد أن ذكر ما وقع بين محمد علي وجماعة الربوة من خلاف على منصب الخلافة بعد نور الدين-قال: ((وأنكر نبوة الميرزا ليكسب العزة عند المسلمين))، ثم قال: ((ولم ينكر أحد هذه الحقيقة: أن (محمد علي) أقر بنبوة الميرزا، وإنكاره لنبوته يعتبر كالعقدة في الهواء)).
والواقع أن القول بأن الفرع اللاهوري-وعلى رأسهم محمد- علي ما كانوا يؤمنون بنبوة الغلام عن اقتناع قول بعيد جداً؛ ذلك أن مواقفهم وتصريحاتهم كلها تشهد بإقرارهم بنبوة الغلام وليس فقط أنه مصلح ومجدد.
ونصوص أخرى كثيرة كلها تثبت أن هذا الفرع لا يختلف في النتيجة عن الحركة القاديانية الأم في قاديان، وأنه كان يراوغ في إظهار معتقده نفاقاً وإيغالاً في خداع العامة، حتى إنه كان يوصي أتباعه في جزيرة مارشيس ألا ينشروا هناك أن الغلام نبي، وأن من لم يؤمن به فهو كافر؛ لأن هذا المسلك يضر بانتشار القاديانية، أي ولكن ينشروا أنه مجدد، لتقريب وجذب المسلمين إليهم.
وقد قام محمد علي بنشاط كبير في عرض القاديانية. ولعل من أهم أعماله ترجمته للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية؛ حيث ملأها بالأفكار القاديانية، مما جعل الكثير من الناس يقعون ضحية تلك الأفكار ظانين أنها ترجمة رجل مسلم، لقد اتجه هذا الرجل في تفسيره للقرآن وجهة خطيرة لم يتورع فيها عن الكذب والتعسف ومخالفة أهل العلم واللغة والإجماع، وإنما فسره بمعان باطنية، فيها التركيز على إنكار الإيمان بالغيب وبالقدرة الإلهية، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، منها على سبيل المثال:
1. قوله تعالى لموسى: ?اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً? سورة البقرة:60 أي أن الله أمر موسى بالمسير إلى جبل فيه اثنتا عشرة عيناً.
2. ? وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ? سورة البقرة:63؛ أي كنتم في منخفض من الأرض والجبل يطل عليكم.
3. ? فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ? سورة البقرة:65؛ أي مسخت قلوبهم وأخلاقهم.
وقد تلاعب بمعاني القرآن الكريم على هذا التفسير الباطني الهزلي المملوء بالأكاذيب والخرافات، وقد تلقفه المسلمون -خصوصاً من لم يعرف العربية- بكل سرور، لعدم علمهم بأن تفسير محمد علي للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية، إنما يراد به هدم معاني الشريعة الإسلامية والمفاهيم الصحيحة، وقد ذكر الأستاذ الندوي في كتابه القادياني والقاديانية كثيراً من مثل هذا التلاعب بالقرآن للتحذير وإبراء الذمة.(59/480)
هل هناك فرقٌ بينَ المشيئةِ والإرادةِ عند أهلِ السنةِ والجماعةِ؟!
ـ[أبو جياد]ــــــــ[08 - 12 - 09, 10:36 م]ـ
سلام الله عليكم!
سؤالي:
هل لأهلِ السنَّةِ تفريقٌ بين المشيئةِ والإرادةِ؟! وهل يصحُّ نسبتها للإنسانِ على الإطلاقِ؟!
وإن كانَ هنالكَ من دراساتٍ أو بحوثٍ أرجو إفادتي بها،
و جزاكم الله خيرًا.
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 01:26 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
قال علماء أهل السنة والجماعة – بعد استقراء نصوص الوحيين – إنَّ إرادة الله تبارك وتعالى على نوعين:
النوع الأول: إرادة كونية وهي التي تأتي بمعنى المشيئة وهي:
1 - التي يقع فيها مُراد الله تبارك وتعالى ولا بد.
2 - لا يلزم أن يكون مُراده تبارك وتعالى محبوباً إليه.
3 - الإرادةُ الكونية الخلْقية عامة للمؤمن والكافر.
فمثلا كُفْرُ الكافر, لا يقع إلا بإرادة الله الكونية أو إن شئت فقل: كُفْرُ الكافر يقع بمشيئة الله، وإن كان كُفْرُ الكافر غير محبوب إلي الله تبارك وتعالى.
وهكذا نفاق المنافقين ومعاصي العصاة فكلها أرادها الله تبارك وتعالى كوناً وإن كانت غير محبوبة إليه , وهذا واضح إن شاء الله تبارك وتعالى.
ومثال الإرادة الكونية - التي تأتي بمعنى المشيئة - في القرآن قوله تعالى: (وَلَوْ شَآءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) سورة البقرة 253
النوع الثاني: الإرادة الشرعية وهي التي تأتي بمعنى المحبة.
1 - ولا تكون إلا فيما يُحبه الله تعالى ويأمر به ويرضاه.
2 - ولا يلزم بها وقوع مُراده سبحانه وتعالى.
فالله تبارك وتعالى يرضى لعباده الإيمان ويأمرهم به وخلقهم لعبادته سبحانه وتعالى ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب , ولكن هل كل الناس يعبدون الله؟ الجواب: طبعا لا.
ومثال الإرادة الشرعية في القرآن الكريم قوله تعالى: (وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) سورة النساء: 27, وهذه الآية جاءت في سياق بيان ما حرَّم الله علينا من النساء وما أحلَّه لنا منهن.
تجتمع الإرادتان في حق المؤمن كأبي بكر - رضي الله عنه - فإن الله أراد منه الإيمانُ قدراً وشرعاً.
وتتخلَّف في حق الكافر، فإنَّ الله أراد الإسلام لأبي لهب ديناًوشرعاً، ولم يُرده كوناً وقدراً.
إذن نخلُص إلى أنَّ الإرادة الكونية هي التي تأتي بمعنى المشيئة أو مرادفة للمشيئة.
أمَّا المراجع في ذلك فهي كالتالي:
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 2/ 412 - 8/ 131، 188، 440 - 18/ 132، منهاج السنة 3/ 93، شفاء العليل لابن القيِّم في مواضع متعددة، أعلام السنة المنشورة للحكمي ص 204، التحفة العراقية ص 18، معارج القبول 1/ 230، دقائق التفسير 2/ 528 وغيرُها كثير ..
هذا رابط لبيان الفرق بين الإرادة والمشيئة
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=3140
الإرادة وما يتعلق بها ...
http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.Faidah&ID=71
المشيئة وما يتعلق بها ...
http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.Faidah&ID=72
أمَّا ما يتعلَّقُ بإرادة العبد فأنقلُ لكَ كلامَ عالمٍ ربَاني في هذه المسألة وبيان ضلال من ضلَّ فيها ..
يقول الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله – في القول المفيد 2/ 401:
وهاتان الطائفتان -الجبرية والقدرية- ضالتان طريق الحق؛ لأنهما بين مفرط غال ومفرط مقصر; فالجبرية غلوا في إثبات القدر وقصروا في إرادة العبد وقدرته، والقدرية غلوا في إثبات إرادة العبد وقدرته وقصروا في القدر. ولهذا كان الأسعد بالدليل والأوفق للحكمة والتعليل هم:
الطائفة الثالثة: أهل السنة والجماعة، الطائفة الوسط، الذين جمعوا بين الأدلة وسلكوا في طريقهم خير ملة; فآمنوا بقضاء الله وقدره، وبأن للعبد اختيارا وقدرة; فكل ما كان في الكون من حركة أو سكون أو وجود أو عدم; فإنه كائن بعلم الله تعالى ومشيئته، وكل ما كان في الكون فمخلوق لله تعالى، لا خالق إلا الله، ولا مدبر للخلق إلا الله عز وجل، وآمنوا بأن للعبد مشيئة وقدرة، لكن مشيئته مربوطة بمشيئة الله تعالى; كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ لْعَالَمِينَ} 1، فإذا شاء العبد شيئا وفعله; علمنا أن مشيئة الله تعالى قد سبقت تلك المشيئة.
وهؤلاء هم الذين جمعوا بين الدليل المنقول والمعقول; فأدلتهم على إثبات القدر هي أدلة المثبتين له من الجبرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة القدر. وأدلتهم على إثبات مشيئة العبد وقدرته هي أدلة المثبتين لذلك من القدرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة مشيئة العبد وقدرته.
وبهذا نعرف أن كلا من الجبرية والقدرية نظروا إلى النصوص بعين الأعور الذي لا يبصر إلا من جانب واحد; فهدى الله أهل السنة والجماعة لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. أ - هـ
والله تعالى أعلم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/481)
ـ[أبو جياد]ــــــــ[10 - 12 - 09, 04:18 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أخي سلطان:
جزاكَ الله خيرًا على ما أفدتني به،
واللهَ أسألُ لكَ التوفيقَ والسداد.
ـ[المروزية]ــــــــ[24 - 03 - 10, 09:38 م]ـ
قال الشيخ الغنيمان-حفظه الله-في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري "فمشيئته تعالى تتعلق بخلقه، وأمره الكوني والشرعي بما يحب ويكره كل شيءداخل تحت مشيئته ...... "
أشكل علي قوله "وأمره الشرعي"ضمن كلامه على المشيئة،
فهل من توضيح؟
ـ[أبو جياد]ــــــــ[26 - 03 - 10, 01:06 م]ـ
الأخت المروزية، ليتني أستطيع إفادتكِ.
أسألُ الله لكِ التوفيق، ولعل أحد الإخوة ينبري لجوابك.
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[26 - 03 - 10, 03:03 م]ـ
أما المشئية فلا تكون إلا كونية قدرية فمشئيته
جل في علاه كونية قدرية كما جاء في كتاب الله تعالى
مشيئة الله تعالى لاتنقسم إلى قسمين
بل هي مشيئة كونيّة قدريّة فقط
فماشاء كان وما لم يشأ لم يكن
فما وقع في الكون فهو بمشيئته ومالم يقع فهو لعدم مشيئته
ولايلزمها الرضا والمحبّة
فهي شاملة للخير والشر والنفع والضر ومايحبه ومايبغضه
مثل
قوله تعالى:
" بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ
بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ"
البقرة الآية 90
وقوله تعالى:
" مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ
وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ"
البقرة الآية 105
وقوله تعالى:
" سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا
قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"
البقرة الآية 142
وقوله تعالى:
" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ"
يونس الآية 99
وقوله تعالى:
"خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ"
هود الآية 107
وقوله تعالى:
"وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ"
هود الآية 108
وقوله تعالى:
" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"
هود الآية 118
وقوله تعالى:
"إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً"
الإسراء الآية 30
وقوله تعالى:
" إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً"
الكهف الآية 24
وقوله تعالى:
"أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً"
الفرقان الآية 45
وقوله تعالى:
"وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ"
القصص الآية 68
وقوله تعالى:
"وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا
لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً
كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ"
المدّثر الآية 31
وقوله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/482)
"تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ"
البقرة الآية 253
وقوله تعالى:
"اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"
البقرة الآية 255
وقوله تعالى:
"مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ
وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"
البقرة الآية 261
وقوله تعالى:
"لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ
وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ"
البقرة الآية 272
وقوله تعالى:
"لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ
فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
البقرة الآية 284
وقوله تعالى:
"قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ"
آل عمران الآية 13
وقوله تعالى:
"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء
وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
آل عمران الآية 26
وقوله تعالى:
"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"
آل عمران الآية 37
وقوله تعالى:
"قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ "
آل عمران الآية 40
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[26 - 03 - 10, 03:04 م]ـ
أما المشئية فلا تكون إلا كونية قدرية فمشئيته
جل في علاه كونية قدرية كما جاء في كتاب الله تعالى
مشيئة الله تعالى لاتنقسم إلى قسمين
بل هي مشيئة كونيّة قدريّة فقط
فماشاء كان وما لم يشأ لم يكن
فما وقع في الكون فهو بمشيئته ومالم يقع فهو لعدم مشيئته
ولايلزمها الرضا والمحبّة
فهي شاملة للخير والشر والنفع والضر ومايحبه ومايبغضه
مثل
قوله تعالى:
" بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ
بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ"
البقرة الآية 90
وقوله تعالى:
" مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ
وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ"
البقرة الآية 105
وقوله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/483)
" سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا
قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"
البقرة الآية 142
وقوله تعالى:
" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ"
يونس الآية 99
وقوله تعالى:
"خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ"
هود الآية 107
وقوله تعالى:
"وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ"
هود الآية 108
وقوله تعالى:
" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"
هود الآية 118
وقوله تعالى:
"إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً"
الإسراء الآية 30
وقوله تعالى:
" إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً"
الكهف الآية 24
وقوله تعالى:
"أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً"
الفرقان الآية 45
وقوله تعالى:
"وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ"
القصص الآية 68
وقوله تعالى:
"وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا
لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً
كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ"
المدّثر الآية 31
وقوله تعالى:
"تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ"
البقرة الآية 253
وقوله تعالى:
"اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"
البقرة الآية 255
وقوله تعالى:
"مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ
وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"
البقرة الآية 261
وقوله تعالى:
"لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ
وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ"
البقرة الآية 272
وقوله تعالى:
"لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ
فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
البقرة الآية 284
وقوله تعالى:
"قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ"
آل عمران الآية 13
وقوله تعالى:
"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء
وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
آل عمران الآية 26
وقوله تعالى:
"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"
آل عمران الآية 37
وقوله تعالى:
"قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ "
آل عمران الآية 40(59/484)
ما صحة ما يذكر من تحريم زواج الحنفي من المرأة الشافعية.
ـ[الدرة المصون]ــــــــ[09 - 12 - 09, 03:14 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
هل صحيح بأن بعض أتباع المذهب الحنفي لا يجيزون لأتباع مذهبهم من زواج المرأة اللتي تتبع المذهب الشافعي؟
لقد سمعت ذلك في محاضرة ...... يقول المحاضر ذلك بأن الشافعية يجيزون الإستثناء في الإيمان كقول "أنا مؤمن إن شاء الله" بينما يحرمه الحنفية و يعتبرونه كفرا و تشكيكا في إيمان الشخص ....... هل هذا صحيح؟
بينما يجيز البعض الآخر من الحنفية الزواج من المرأة الشافعية بالقياس على جواز الزواج بالمرأة الكتابية ..
كيف تتم مقارنة المرأة الشافعية بالكتابية في هذا السياق؟
أفيدونا أثابكم الله.
ـ[بندر عبدالله]ــــــــ[10 - 12 - 09, 11:21 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هل صحيح بأن بعض أتباع المذهب الحنفي لا يجيزون لأتباع مذهبهم من زواج المرأة اللتي تتبع المذهب الشافعي؟
لقد سمعت ذلك في محاضرة ...... يقول المحاضر ذلك بأن الشافعية يجيزون الإستثناء في الإيمان كقول "أنا مؤمن إن شاء الله" بينما يحرمه الحنفية و يعتبرونه كفرا و تشكيكا في إيمان الشخص ....... هل هذا صحيح؟
سبحان الله
والله إني استغرب من المحاضر لماذا قال هذا الكلام وهل وراءه ادنى فايده.
كلنا نعلم انه في زمن كان التعصب المذهبي في اعلى مستوياته وان الناس تركوا الدليل واتجهوا الى كلام العلماء وكلً على مذهبه حتى صاروا يرون الحق في العالم الفلاني وان كلامه عارض الدليل ولاحول ولاقوة الا بالله ..............
وانا اقول انها لافائدة منها ابدا ..
ـ[عبدالحميد حسن]ــــــــ[11 - 12 - 09, 02:02 ص]ـ
اختي الدرة المصون اعلمي بارك الله فيك العبره بما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم ونحن مأمورن باتباع الدليل اما قول الاحناف والشافعيه والمالكيه والحنابله وغيرهم اذا خالف الدليل فانه يرد
ـ[الدرة المصون]ــــــــ[11 - 12 - 09, 01:16 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سبحان الله
والله إني استغرب من المحاضر لماذا قال هذا الكلام وهل وراءه ادنى فايده.
كلنا نعلم انه في زمن كان التعصب المذهبي في اعلى مستوياته وان الناس تركوا الدليل واتجهوا الى كلام العلماء وكلً على مذهبه حتى صاروا يرون الحق في العالم الفلاني وان كلامه عارض الدليل ولاحول ولاقوة الا بالله ..............
وانا اقول انها لافائدة منها ابدا ..
لقد استغربت ذلك الأمر أيضا. و لكن كان المحاضر يشرح المبادئ الأساسية في العقيدة و اختلاف بعضها عند بعض الفرق و الطوائف. ثم تطرق إلى مسألة الإستثناء و اختلافها عند الشافعية و الحنفية ..
إذا ...... هل ما سمعته صحيح أم لا؟
جزاكم الله خيرا
ـ[خالد الغنامي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 01:48 م]ـ
ياا أخوان بارك الله فيكم السائل يسأل لكي يعرف هل هذا صحيح وأنتم تبدون أراءكم حول فائدة الموضوع وعلام ذكرها المحاضر!!
نعم يالدرة المصون مر على المذهب الحنفي أن أفتى بعدم جواز الزواج من الشافيه لأن الشافعيه يرون الأستثناء في الأيمان كأن يقول الشخص ((أنا مؤمن إن شاء الله)) فالحنفيه يرون أن هذا الأستثناء تشكيك في وجود الإيمان والشك كفر عند الحنفيه والمذاهب الأخرى وهو من أصول الرده لكن بعض علماء الحنفيه تساهل مع الشافعيه قليلاً فأنزلها منزلة أهل الكتاب .. والله المستعان، ولا شك أن هذه العصور التي قيل فيها هذا القول من العصور التي عصفت فيه المذهبيه وبلغت حد الذروه كما يقولون ..
بقي أن نعرف ماهو هذا الأستثناء الذي أستثنته الشافعيه وهو قول أهل السنه والجماعه؟؟
(إن كان الإستثناء صادراً عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا كفر وإن كان الشك صادراً عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولاً وعملاً وأعتقاداً فهذا واجب وإن كان المقصود التبرك بذكر المشيئة وأن ماقام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله فهذا جائز) تلخيص الحمويه
والله الموفق
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 07:08 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/485)
اعلمي ـ سلمك الله ــ أن مسألة الاستثناء في الإيمان من المسائل التي اختلف فيها الاولون لاختلافهم في مسمى الايمان، فالذين قالوا الايمان هو التصديق و أن الاعمال لا تدخل في مسماه وهم مرجئة الفقهاء،رأوا أن التصديق شيء واحد لا يتجزؤ ولا ينقسم فإما ان تصدق واما ان تكذب،ولما كان الشك فيه نوع تكذيب نقضوا به إيمان صاحبه، بل بالغ بعض المتعصبة منهم فزعم ان مجرد الاستثناء كفر حتى ولو لم يكن معه شك!! وهذا غلو و لاشك.
ولما كان مذهب أهل الحق أن الاعمال تدخل في مسمى الايمان فإنهم جوزوا للعبد أن يقول: (انا مؤمن ان شاء الله) باعتبار أن شعب الايمان كثيرة ودرجات العاملين بها متفاوتة،والعلم بقبول الطاعات غير متيسر، فاستثناؤه تورعا عن تزكية نفسه " ولا تزكوا انفسكم " ولذلك لما سئل أحمد بن حنبل عن هذا الاستثناء قال: [أقول مؤمن إن شاء الله، ومؤمن أرجو، لأنه لا يدري كيف أداؤه للأعمال على ما افترض عليه أم لا] فتبين أن الاستثناء في الايمان عند اهل الحق راجع الى كمال الايمان وتمامه، لكنهم مجمعون على كفر من قالها شاكا في تصديقه.بل وغالى بعض متعصبة اهل الحق فاستعمل الاستثناء في كل شيء فتراه يقول:صبيت ان شاء الله وأكلت ان شاء الله وهذا ثوب ان شاء الله!! ـ كذا نقل الطحاوي وارجوا الا يكون من تشنيعات الخصوم ـ وأما المسألة التي أثارت استغرابك فإنها كائنة واليك بعض ما "سودت" به كتب الفقه في تلك الاعصر
قال زين الدين ابن نجيم الحنفي في" البحر الرائق شرح كنز القائق" معددا شروط اقتداء الحنفي بالشافعي!!: (الْخَامِسُ مَسْأَلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ فَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُمْ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَنْ يَكُونَ شَاكًّا فِي إيمَانِهِ ... وَصَرَّحَ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَرْفَعُ إيمَانَهُ فَيَبْقَى بِلَا إيمَانٍ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ... قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَفْصٍ فِي فَوَائِدِهِ لَا يَنْبَغِي لِلْحَنَفِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ مِنْ رَجُلٍ شَفْعَوِيِّ الْمَذْهَبِ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِنْتَهمْ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ ا هـ.)
ثم قال ابن نجيم: (وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى تَكْفِيرِ مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِي إيمَانِهِ بِقَوْلِهِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَا مُسْلِمَ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ وَقَوْلُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنَّهُ يَكْفُرُ غَلَطٌ .... وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِمُطْلَقِ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَدْ عَلِمْت غَلَطَهُ وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ مَنَعَ مُنَاكَحَتَهُمْ وَلَيْسَ هُوَ إلَّا مَحْضُ تَعَصُّبٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا)
و نقل ابن عابدين القول بمنع زواج الحنفية بالشافعي ومرض فيه القول ونقل كلام ابن نجيم المتقدم في ابطاله،واشار الى تحرير محل النزاع بين الفريقين وهو ايمان الموافاة، والحق ان الامر غير ذلك كما اسلفت ,
هذه عجالة لعلها تفي بالغرض لمن كان مثلي من اهل السآمة والملالة.
ـ[الدرة المصون]ــــــــ[12 - 12 - 09, 11:27 ص]ـ
جزاكم الله كل الخير إخوتي خالد الغنامي و أبو العلياء الواحدي ..... و لكن أليس تعريف الإيمان غير الإسلام؟
الإيمان أعلى رتبة من الإسلام ....... فمن يشك في إيمانه قد لا يشك قي إسلامه، صحيح؟ لماذا يعتبر التشكيك في الإيمان كفرا؟
أم أن الأحناف يعتبرون الإسلام و الإيمان شيئا واحدا؟؟
جزاكم الله خيرا
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 11:47 ص]ـ
؟!
ماهذا الذي تقولينه ايتها المصونة؟
ـ[الدرة المصون]ــــــــ[12 - 12 - 09, 03:52 م]ـ
؟!
ماهذا الذي تقولينه ايتها المصونة؟
عذرا ... أنا أحتاج إلى توضيح و لهذا سألت إن كنت أعلم لما سألت .... أرجو إعلامي إن كنت قد أخطأت أو أسأت فهم شيء، اللهم اغفر لي إن كنت قد فعلت.
أليس الإيمان يختلف عن الإسلام؟
"لا تقولوا آمنا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم"
أليس هناك أركان للإسلام و أركان أخرى للإيمان؟
أرجو التوضيح جزاكم الله خيرا
ـ[الدرة المصون]ــــــــ[01 - 07 - 10, 02:39 ص]ـ
عذرا ... أنا أحتاج إلى توضيح و لهذا سألت إن كنت أعلم لما سألت .... أرجو إعلامي إن كنت قد أخطأت أو أسأت فهم شيء، اللهم اغفر لي إن كنت قد فعلت.
أليس الإيمان يختلف عن الإسلام؟
"لا تقولوا آمنا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم"
أليس هناك أركان للإسلام و أركان أخرى للإيمان؟
أرجو التوضيح جزاكم الله خيرا
للرفع ............
ما زلت بإنتظار الإجابة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/486)
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[01 - 07 - 10, 03:11 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سبحان الله
والله إني استغرب من المحاضر لماذا قال هذا الكلام وهل وراءه ادنى فايده.
كلنا نعلم انه في زمن كان التعصب المذهبي في اعلى مستوياته وان الناس تركوا الدليل واتجهوا الى كلام العلماء وكلً على مذهبه حتى صاروا يرون الحق في العالم الفلاني وان كلامه عارض الدليل ولاحول ولاقوة الا بالله ..............
وانا اقول انها لافائدة منها ابدا ..
السلام عليكم أخي بندر هذا المحاضر المشهور الذي يدندن حول هذا الكلام هو الشيخ العلامة المحدث الألباني إذا ذكر مذهب والده الشيخ الحنفي نوح رحمه الله و تجد ذكره في كتيب صغير مشهور إسمه التصفية و التربية بمعني تصفية الفقه و الحديث و تربية هذا الجيل علي عقيدة التوحيد و أستغرب قولك .... لو لم تكن ذا قيمة ما ذكرها العلامة الألباني.
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[01 - 07 - 10, 03:21 ص]ـ
بل تجد من يقدح في الألباني و يستغل هذا القول و لا حول و لا قوة إلا بالله.
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[03 - 07 - 10, 06:07 ص]ـ
للرفع ............
ما زلت بإنتظار الإجابة
تصحيح: الآية (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ... )
وبالنسبة للنقول عن ابن عابدين وابن نجيم، أرجوا عزوها؛ لنقف عليها.
وجزاكم الله خيرا
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[03 - 07 - 10, 06:11 ص]ـ
عذرا ... أنا أحتاج إلى توضيح و لهذا سألت إن كنت أعلم لما سألت .... أرجو إعلامي إن كنت قد أخطأت أو أسأت فهم شيء، اللهم اغفر لي إن كنت قد فعلت.
أليس الإيمان يختلف عن الإسلام؟
"لا تقولوا آمنا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم"
أليس هناك أركان للإسلام و أركان أخرى للإيمان؟
أرجو التوضيح جزاكم الله خيرا
عذرا قصدت هذا الموضع!
ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[03 - 07 - 10, 06:38 ص]ـ
الأخت المصون ..
ملخص معتقد أهل السنة في الإيمان والإسلام أن بينهما عموم وخصوص إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا .. بمعنى إنه إذا أفرد الإيمان قد يراد به الإسلام معه وإذا أفرد الإسلام قد يراد به الإيمان معه وإذا اجتمع لفظ الإيمان مع الإسلام فإن الإيمان يدل على الأعمال الباطنة والإسلام يدل على الأعمال الظاهرة ..
والاستثناء في الإيمان لا يجوز عندهم أي الأحناف مع باقي فرق المرجئة لأن الإيمان عندهم حقيقة واحدة لا تتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب كله فإذا شك في الإيمان عندهم بهذا المعنى فهو كافر بل وإذااستنثى في الإيمان عند أهل السنة وكان مراده هذا المعنى فهو كافر لأن الشاك ليس بمصدق ولا مؤمن .. لكن لما كان الإيمان عندهم حقيقة واحدة وكان أصل الإيمان في القلب أُثبتوا هذا المعنى من الاستثناء فقط أعني الشك في أصله وحقيقته الواحدة ولم يثبتوا ما أثبته عامة أهل السنة من حقيقة زيادة الإيمان ونقصانه ولا أثبتوا دخول الأعمال تحت مسمى الإيمان وبناء عليه لم يثبتوا الاستثناء بمعنى التقصير في العمل.
المقصود أن أهل السنة أثبتوا الاستثناء وحملوه على محامل حسنة ونفوا المعنى الباطل من ذلك وهو الشك في أصله الذي أثبته المرجئة بناء على أصولهم في الإيمان.
والله اعلم
ـ[الدرة المصون]ــــــــ[03 - 07 - 10, 03:24 م]ـ
الأخ صلاح السعدي .... جزيتم خيرا على التصحيح
الأخت المصون ..
ملخص معتقد أهل السنة في الإيمان والإسلام أن بينهما عموم وخصوص إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا .. بمعنى إنه إذا أفرد الإيمان قد يراد به الإسلام معه وإذا أفرد الإسلام قد يراد به الإيمان معه وإذا اجتمع لفظ الإيمان مع الإسلام فإن الإيمان يدل على الأعمال الباطنة والإسلام يدل على الأعمال الظاهرة ..
والاستثناء في الإيمان لا يجوز عندهم أي الأحناف مع باقي فرق المرجئة لأن الإيمان عندهم حقيقة واحدة لا تتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب كله فإذا شك في الإيمان عندهم بهذا المعنى فهو كافر بل وإذااستنثى في الإيمان عند أهل السنة وكان مراده هذا المعنى فهو كافر لأن الشاك ليس بمصدق ولا مؤمن .. لكن لما كان الإيمان عندهم حقيقة واحدة وكان أصل الإيمان في القلب أُثبتوا هذا المعنى من الاستثناء فقط أعني الشك في أصله وحقيقته الواحدة ولم يثبتوا ما أثبته عامة أهل السنة من حقيقة زيادة الإيمان ونقصانه ولا أثبتوا دخول الأعمال تحت مسمى الإيمان وبناء عليه لم يثبتوا الاستثناء بمعنى التقصير في العمل.
المقصود أن أهل السنة أثبتوا الاستثناء وحملوه على محامل حسنة ونفوا المعنى الباطل من ذلك وهو الشك في أصله الذي أثبته المرجئة بناء على أصولهم في الإيمان.
والله اعلم
جزاكم الله خيرا على التوضيح
ـ[أبو محمد الدمشقي المالكي]ــــــــ[05 - 07 - 10, 09:49 ص]ـ
والاستثناء في الإيمان لا يجوز عندهم أي الأحناف مع باقي فرق المرجئة
الأشاعرة يجوزون الاستثناء (و هم من المرجئة)
و المراد بالأحناف هنا الماتريدية و بالشافعية الأشاعرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/487)
ـ[أنس زيدان]ــــــــ[11 - 07 - 10, 04:08 م]ـ
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَفْصٍ فِي فَوَائِدِهِ لَا يَنْبَغِي لِلْحَنَفِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ مِنْ رَجُلٍ شَفْعَوِيِّ الْمَذْهَبِ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِنْتَهمْ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ ا هـ.)
ثم قال ابن نجيم: (وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى تَكْفِيرِ مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِي إيمَانِهِ بِقَوْلِهِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَا مُسْلِمَ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ وَقَوْلُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنَّهُ يَكْفُرُ غَلَطٌ .... وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِمُطْلَقِ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَدْ عَلِمْت غَلَطَهُ وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ مَنَعَ مُنَاكَحَتَهُمْ وَلَيْسَ هُوَ إلَّا مَحْضُ تَعَصُّبٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا)
و نقل ابن عابدين القول بمنع زواج الحنفية بالشافعي ومرض فيه القول ونقل كلام ابن نجيم المتقدم في ابطاله،واشار الى تحرير محل النزاع بين الفريقين وهو ايمان الموافاة، والحق ان الامر غير ذلك كما اسلفت ,
هذه عجالة لعلها تفي بالغرض لمن كان مثلي من اهل السآمة والملالة.
كنت قرأت للألباني أن مفتي الثقلين أبي السعود هو أول من جاء بهذا القول، وهو تنزيل الشافعية منزلة الكتابية. .فهل من مؤكد، أو ناف لهذا الخبر؟
الأخت الدرة المصون
إليك هذا الرابط الذي يتحدث عن نفس الموضوع وفيه المزيد من النقولات
أنا مؤمن إن شاء الله!! ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=118744)
ـ[أبوالفداء المصري]ــــــــ[11 - 07 - 10, 05:30 م]ـ
وأيضا هذه المسألة طرحت في كتاب الاقناع للشربيني في فقه الشافعية
ولكن على العكس
هل يجوز للرجل الشافعي أن يتزوج بحنفية؟
قالو قياسا على الكتابية يجوز
على ما اذكر في كتاب الطهارة
تعصب أعمى مقيت
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[11 - 07 - 10, 07:11 م]ـ
الحمد لله وحده،
نعم العصيبة إن كانت عقائدية أيها الأحبة.
قد مللت من تكرار الإخوة لسب العصبية فى هذا الباب بخصوصه، لأن المسألة مبنية على اعتقاد فكان عليهم استنكار اعتقاد الأحناف عدم دخول الأعمال فى مسمى الإيمان لا استنكارهم منعهم تزويج بناتهم للشافعية إذ لو قالوا غير هذا لاضطربوا.
أصل المسألة هو حد الإيمان.
فإن الأحناف وإن كانوا يقولون بأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأعمال مؤثرة فيه إلا أنهم يقولون أن الأعمال غير داخلة فى مسمى الإيمان فهى خارجة عنه وإن أثرت فيه.
وأهل السنة يقولون أن الأعمال مؤثرة فى الإيمان لأنها داخلة فيه وهى جزء منه.
فكأن الأمر خلاف لفظى لا حاصل له، وبمثل هذا وصفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال العلامة محمد عبد المقصود حفظه الله وفرج عنه ما معناه: بل له حاصل، وهو مسألة الاستثناء فى الإيمان.
فإن أهل السنة يعتقدون أن الإيمان تصديق القلب وإقرار اللسان وعمل الجوارح والأركان، و الحنفية يعتقدون أن الإيمان هو مجرد تصديق القلب وإقرار اللسان وأن عمل الجوارح ليس من مسمى الإيمان وإن كان عملها يؤثر فى الإيمان بالزيادة والنقصان.
وعلى هذا جاز الاستثناء فى الإيمان عند أهل السنة، ولم يجز عند الحنفية.
فصار من استثنى فى إيمانه الذى هو التصديق عند الحنفية شاك فى تصديقه أى غير مصدق أى .. غير مؤمن.
فالمسألة مسألة عقدية لا دخل للتعصب المذهبى فيها.(59/488)
الكون ينطق بتوحيد الله
ـ[أبو عاصم البركاتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 09:28 م]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا نظرت إلي الكون الفسيح وجدته يسير علي نظام دقيق بديع محكم،النجوم في أفلاكها , والأجرام والكواكب في مساراتها بلا اختلاف ولا اضطراب منذ ملايين السنين،وهذا لا شك انه من صنع اله خبير قدير (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء:33) (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّس:40) قال الشيخ صالح الفوزان:
ولم يجحد وجود الرب إلا نذر يسير من البشر:كفرعون والملاحدة الدهريين والشيوعيين في هذا الزمان، وجحودهم به من باب المكابرة، والا فهم مضطرون للإقرار به في باطن وقرارة أنفسهم كما قال تعالي) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14) وعقولهم تعرف أن كل مخلوق لابد له من خالق،وكل موجود لابد له من موجد, وان نظام هذا الكون المنضبط الدقيق لابد له من مدبر حكيم قدير عليم، من أنكره فهو: إما فاقد لعقله، أو مكابر قد الغي عقله،وسفه نفسه, وهذا لا عبرة به. كتاب التوحيد للفوزان ص7.
الله جل جلاله رب العباد المنفرد
آثاره لوجوده في كل شيء تشهد
عالي الصفات فما له فيها شبيه يوجد
الأوحد الباقي فما يفني ولا يتعدد
و جاء عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى فقال لهم دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه ذكروا إلى سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تخلص منها وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد فقالوا هذا شيء لا يقوله عاقل فقال ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع فبهت القوم ورجعوا إلي الحق وأسلموا علي يديه
وحدث مع عالم آخر من علماء السلف اذ جاءه بعض الملحدين وطلبوا الادلة علي وجود الله تعالي، فاعطاهم موعدا للمناظرة في مكان تم الاتفاق عليه، فلما حان موعد المناظرة تأخر عليهم، فظنوه قد عجز عن الحضور لضعف حجته، ولكنهم فوجئوا به يدخل مسرعا، فلما سألوه عن سبب التأخر قال لهم: أرأيتم لو أن رجلا أراد عبور النهر فلم يجد مركبا يحمله وبينما هو يقف ينتظر المركب إذ به يري بعض الألواح تظهر فجاه في النهر وتتجمع بعضها إلي بعض حتى صارت مركبا فاستقله هذا الرجل ليعبر إلي الشاطئ الأخر فماذا تقولون في ما حدث؟؟ فقالوا أتهزأ بنا؟ كيف يصنع زورق نفسه بنفسه؟ فقال لهم هذا هو ما اجتمعتم لتجادلونني فيه، إنكم لم تصدقوا أن زورقا صنع نفسه بنفسه،فهل يكون هذا الكون الفسيح العظيم قد اوجد نفسه من غير صانع؟؟ فبهتوا وآمن من آمن منهم وعاد الي الحق والرشاد.
وعن الشافعي رحمه الله تعالي أنه سئل عن وجود الخالق عز و جل فقال هذا ورق التوت طعمه واحد تأكله الدود فيخرج منه الإبرسيم وتأكله النحل فيخرج منه العسل وتأكله الشاء والبقر والأنعام فتلقيه بعرا وروثا وتأكله الظباء فيخرج منه المسك وهو شيء واحد.
وعن الإمام مالك رحمه الله تعالى أن الرشيد سأله عن ذلك فاستدل له باختلاف اللغات والأصوات والنغمات.
وسئل بعض الأعراب عن هذا وما الدليل على وجود الرب تعالي فقال يا سبحان الله إن البعر ليدل على البعير وإن أثر الأقدام ليدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير.
فيا عجبا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكةٍ ... وتسكينة أبداً شاهد
وفي كل شيء له آية ... تدل على إنّه واحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/489)
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} آل عمران.
{وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الذين كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النار} [ص: 27].
تأمل في نبات الأرض وانظر ... إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ... بأبصار هي الذهب السبيك
على قصب الزبرجد شاهدات ... أن الله ليس له شريك
من شعر أبي نواس كما قال ابن كثير في تفسيره (1|189)
وقال آخر:
تأمل سطور الكائنات فإنها ... من الملك الأعلى إليك رسائل
وقد خط فيها لو تأملت خطها ... ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وهل يكفر أحد بالله؟!!!!
قيل إن سودانيا قدم من قلب الصحراء إلي العاصمة الخرطوم في أثناء الاحتلال الانجليزي،فرأي رجل مرور بريطانيا في وسط الطريق، فسأل من هذا؟ قالوا:كافر، قال:كافر بماذا؟ قالوا: كافر بالله تعالي!! قال:وهل يكفر أحد بالله؟!!!! فأمسك علي بطنه ثم تقيأ مما سمع ورأي، ثم عاد إلي الصحراء.
إن الأرض وانبساطا، والنباتات وتنوعها،والسماء وارتفاعها وما فيها من نجوم وكواكب وسحب، والكون كله بدقته ونظامه لشاهد صدق انه من صنع وإبداع الله العليم القدير, (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ0 وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 0 تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (قّ: 6، 7، 8) (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ موْزُون) (الحجر:19).
فليخسأ إذاً الملاحدة والعلمانيون والدهريون والطبيعيون الذين لا يؤمنون بالله، ويرجعون الخلق إلي الصدفة أو الطبيعة أو المادة أو الضرورة أو غيرها من الأوهام،قال تعالي (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) (فاطر:40) وقال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الأحقاف:4) وقال (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور:35) و عن جبير بن مطعم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ} قَالَ كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ أخرجه: البخاري ومسلم.
فكانت سببا في إسلامه رضي الله عنه
فالخلق دليل علي وجود الله،وربوبيته للكون،فالكون الواسع الشاسع وما فيه من شموس وأقمار ونجوم وكواكب دليل وبرهان علي ذلك، والعجيب أن الوثنين وعباد البقر والحجر،وعباد الكواكب أو النار أو الشيطان أو غير هذا وذاك لم يأتهم من معبوداتهم رسول يعلمهم أنهم خلقوا الشمس أو القمر أو غيرها من المخلوقات، لكن الله تعالي أخبرنا أن الكون وما فيه من صنعه ودعانا إلي الإيمان به والي عبادته وحده، قال تعالي ((قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)) (يونس:35) وقال ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت:53) سبحان الله تعالي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (كيف يطلب الدليل علي من هو دليل علي كل شيء!!!!!!)
اخسأ أيها الملحد:
وقف مدرس ملحد لا يؤمن إلا بالمحسوسات المشاهدات أمام تلاميذه في الفصل فقال يا أولاد هل ترونني؟ قالوا:نعم، قال: إذا فأنا موجود، هل ترون السبورة؟ قالوا:نعم، قال الملحد:إذا السبورة موجودة، هل ترون الله؟ قالوا لا، قال الخبيث: فالله غير موجود، فقال واحد من الطلاب: هل ترون عقل الأستاذ؟ قالوا: لا، قال: فعقل الأستاذ غير موجود.
وكتب ذلك أبو عاصم البركاتي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/490)
ـ[أبو عاصم البركاتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 10:05 م]ـ
قال أبو العتاهية:
ألا! إنّه كلنا بائد ... وأي بني آدم خالد؟
وبدؤهم كان من ربهم ... وكل إلى ربه عائد
فيا عجبا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكةٍ ... وتسكينة أبداً شاهد
وفي كل شيء له آية ... تدل على إنّه واحد
ـ[أبو عاصم البركاتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 10:06 م]ـ
قال أبو العتاهية:
ألا! إنّه كلنا بائد ... وأي بني آدم خالد؟
وبدؤهم كان من ربهم ... وكل إلى ربه عائد
فيا عجبا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكةٍ ... وتسكينة أبداً شاهد
وفي كل شيء له آية ... تدل على إنّه واحد
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[10 - 12 - 09, 02:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا عاصم على موضوعك
إذا أردتَ مزيدا من هذا الباب فإخوانك في منتدى التوحيد بذلوا جهدا كبيرا في الرد على ترهات اللادينيين والملاحدة فجزاهم الله خيرا.(59/491)
كتاب "الإيمان بالله" الإصدار الأول في سلسة العقائد للدكتور الصلابي
ـ[احمد بن احمد بن عبدالله]ــــــــ[10 - 12 - 09, 03:16 ص]ـ
صدر للدكتور علي محمد الصلابي كتابه الجديد "الإيمان بالله" الذي طبع منه حتى الآن 65 ألف نسخة في أربعة دور نشر، وتقوم حاليا أربع عشرة دار نشر بطباعته، ويقع الكتاب كما في طبعة دار المعرفة ببيروت في أكثر من 220 صحفة من القطع المتوسط، وطبعت منه ثلاثون ألف نسخة بالتركية وترجم إلى لغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية والألمانية والفارسية. ويتصدر كتاب الإيمان بالله سلسة جديدة يعكف الصلابي على إعدادها تتناول عرض العقائد الإسلامية بعيدا عن المجادلات مستندا في تأليفه على القرآن الكريم والسنة النبوية.
عرض الكتاب
http://www.libya-alyoum.com/cgi-bin/get_img?NrImage=1&NrArticle=25074
" فهذا الكتاب يتحدث عن الخالق العظيم والرزاق الكريم، الفعال لما يريد، الكريم المنان، الواسع العليم، الذي رأيت خلال مسيرتي في عالم التاريخ عظمته في الحياة، وفي قيام الدول وزوالها، وانتشار الحضارات واندثارها، وعز الحكومات وإذلالها وقصص الناس، وفي مخلوقاته العجيبة الغريبة، وفي هذا الكون الفسيح وحركة التاريخ".
بهذه الكلمات بدأ الدكتور علي محمد الصلابي كتابه الأول في سلسلة العقائد واختار له عنوان "الإيمان بالله"، وحملت تلك الكلمات تأثير مشاهدات ومتابعات الدكتور الصلابي للتاريخ الإسلامي والإنساني على محتوى كتابه الإيمان بالله، فهو يحاول من خلال الكتاب أن يربط بين حركة البشرية في صناعة التاريخ والإيمان بالله تعالى، إذ لا تنفصل بحسب الصلابي تلك الحركة عن ذلك الإيمان سلبا وإيجابا.
والكتاب يقدم الإيمان من خلال تأثيره في النفس البشرية والمجتمعات الإنسانية حيث يطرح العلاقة بالله تعالى من خلال انضباط الإنسان والمجتمع بذلك الإيمان العميق بوجود الله وقدرته وحكمته وسلطته وهيمنته ورحمته ورزقه، فلا تخلو لحظات الحياة من ارتباط بأفعال الله تعالى، وبهذا يصبح الإيمان دافعا إيجابيا للبشرية في انفرادها واجتماعها للتجويد والتحسين، كما تحدث عن آثار الإيمان الحسنة في القسم الثامن من المبحث الخامس.
بالمقابل أسهب الصلابي في توضيح الآثار السيئة لعدم الإيمان بالله ورفض التحاكم إلى شرعه وما يترتب على ذلك من أضرار تلحق البشرية بسبب رفضها وتعنتها تجاه أمر ونهي الله تعالى.
وهكذا يعرض الصلابي "الإيمان بالله" تعالى بعيدا عن الجدل والخلاف ويختار من الآراء في مسائل الإيمان ما قال به جمهور علماء واقترب إلى مقولات الجيل الأول من المسلمين.
ولم يغفل الكتاب تناول مسائل الإيمان بلغة حية تستشهد بالقرآن الكريم والسنة النبوية واعتمد عددا كبير من المراجع والمصادر.
إلى جانب تأثر المؤلف بالتاريخ في كتابة مباحث الكتاب فإننا نجده يدعو إلى التأمل في الكون والخلق وتفاصيل الحياة ويسرد الآيات القرآنية التي تؤكد هذه الدعوة للتفكر والتأمل بل اعتبر في مبحثه الثاني عند الحديث عن إثبات وجود الخالق أن من أهم ما يستدل به على وجود الخالق هي أدلة الخلق والآفاق، وهو نداء واسع للتعمق ودعوة لاستخدام إيجابي للعلم يمكن المؤمن من التعرف على صفات الله تعالى من حوله بل داخل نفسه والذي سماه الصلابي دليل الأنفس.
وتوزعت مواضيع الكتاب على سبعة مباحث يتصدرها مبحثا يشرح كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، ويسرد الآثار الواردة النبوية في فضلها وأنها أفضل الذكر ليختم المبحث المهم بآثار الإقرار بلا إله إلا الله.
أدلة وجود الخالق
المبحث الثاني يختص بإثبات وجود الله تعالى ويقدم فيه الصلابي ثمانية أدلة هي الخلق، والفطرة والعهد، والآفاق، والأنفس، والهداية، وانتظام الكون وعدم فساده، والتقدير، والتسوية. وكل هذه الأدلة نجدها حولنا ونعيش فيها وبها وهذا ما يمكن القارئ من زيادة الأمثلة التي يذكرها الصلابي عند حديثه عن كل دليل. وبالتالي يجعل من الكتاب مادة أولية لتعليم مفهوم الإيمان للطلاب والدارسين في حلقات العلم مثلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/492)
وتناول الصلابي في مبحثه الثالث توحيد الربوبية. ثم تلاه بالمبحث الرابع وكان عن توحيد الأسماء والصفات ولكنه لم يجلب معه أي جدل سابق في الموضوع بل ركز على الاستشهاد بالقرآن الكريم والسنة النبوية فتحدث عن أسماء الله وصفاته بلغة تعود بقارئها إلى رحاب القرآن الكريم ولا يوجد من هو أولى من الحديث عن الخالق من الخالق نفسه كما نزل في كتابه الكريم.
وبانتهاء مبحث توحيد الأسماء والصفات يكون القارئ قد تعرف على عظمة الله تعالى فينطلق إلى المبحث الخامس ليتعرف على توحيد الإلوهية وهنا يستعرض الدكتور الصلابي منهج القرآن في الدعوة إلى توحيد الإلوهية والطريقة التي اختارها القرآن الكريم لدعوة الناس إلى هذا التوحيد.
ومن مفردات توحيد الإلوهية العبادة فشرح الصلابي معناها وحقيقتها وأنواعها وأفضلها. ثم دخل في مسألة غاية في الأهمية تتعلق بالحكم بما أنزل الله تعالى باعتباره تعبيرا عن العبودية لله تعالى واعتراف بألوهيته واستسلاما لآثار صفاته وأسمائه سبحانه وتعالى.
الإيمان وما يضاده
وبهدوء يلج القارئ إلى المبحث السادس حيث يلقى حديثا إيمانيا عن الإيمان فبعد تعريفه لغة وشرعا وعلاقته بالإسلام والإحسان كل ذلك مستشهدا بالقرآن والسنة، يشرح الصلابي الأسس التي يقوم عليها الإيمان بالله تعالى ويذكر أسباب قوة الإيمان ويذكر بعض صفات المؤمنين بالله تعالى كما وردت في القرآن والسنة ثم يختم المبحث عن فوائد الإيمان وثمراته في الدنيا والآخرة.
ولأن الإيمان يقابله عدم الإيمان فجاء المبحث السابع والأخير ليتحدث عن نقيض الإيمان سواء أكانت شركا أو كفرا أو نفاقا فعرف الصلابي بهم وبين أنواعهم، واختتم المبحث ببيان مفهوم الردة ليصل بك إلى خاتمة الكتاب.
كتاب "الإيمان بالله" يضيف إلى المكتبة الإسلامية بحثا عميقا ركز فيه المؤلف على عرض مسائل الإيمان والتوحيد بعيدة عن كثير من الجدل الذي صاحبها في مؤلفات كثيرة سابقة ربما تصلح للدراسة العلمية ولكن الدكتور الصلابي أراد لكتابه أن يجمع إلى جانب الرصانة العلمية البعد التأثيري على قلب ووجدان قارئه فهو اعتمد تقسيمات معروفة لدى العلماء لكنه قدمها مصحوبة بالشواهد القرآنية والنبوية.
لتحميل كتاب الإيمان بالله يرجى الضغط على الرابط:
http://www.alsallaby.com/books/allah.rar
ـ[رشيد أحمد]ــــــــ[07 - 02 - 10, 07:02 م]ـ
... وترجم إلى لغات أخرى كالإنجليزية ...
جزاك الله خيراً، أخي الكريم.
هل تعرف دار النشر للترجمة الإنجليزية؟
-
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[07 - 02 - 10, 07:13 م]ـ
اسال الله ان يجزيك كل الخير و ان يحفظ الشيخ الصلابي و يبارك في عمله ...
هل توجد لديك نسخة من الترجمة الفرنسية؟؟؟
ـ[رشيد أحمد]ــــــــ[07 - 02 - 10, 07:43 م]ـ
كنت أبحث عن هذا الكتاب في غوغل فوجدت أن ما كتبه أخونا أحمد - جزاه الله خيراً - منسوخ من موقع ليبيا اليوم:
http://www.libya-alyoum.com/look/article.tpl?Id********=17&IdPublication=1&NrArticle=25074&NrIssue=1&NrSection=3
ـ[رشيد أحمد]ــــــــ[07 - 02 - 10, 07:48 م]ـ
الرجاء ممن يعرف الشيخ الصلابي شيخصياً أو يستطيع أن يتصل به أخذ هذه المعلومات منه لنا، وجزاه الله خيراً.
ـ[رشيد أحمد]ــــــــ[01 - 03 - 10, 07:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
لم أجد للكتاب ميزة يتفرد بها عن كتب غيره من المعاصرين في الباب، بل توجد في النسخة الموجودة في موقع الشيخ أخطاء غير قليلة، والله المستعان.
وكأن المؤلف - في الغالب - يرجع إلى كتب معاصريه، والذي يظهر أن الكتاب أكثره نسخ ولصق منهم، وهو في الحقيقة - حسب ما ظهر لي - أقرب إلى الجمع من التأليف والتحقيق العلمي، والله تعالى أعلم.
ومنهجه عزو المعلومات واضطرابه فيه لا يليق به ولا يتوقع من أمثاله، والله المستعان.
ـ[صهيب الجواري]ــــــــ[01 - 03 - 10, 05:35 م]ـ
بارك الله فيكم
لدي نسخة من الكتاب طبعة دار المعرفة / بيروت / لبنان
ـ[هاني درغام]ــــــــ[02 - 03 - 10, 01:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا
ـ[أبومالك عدنان المقطري]ــــــــ[06 - 03 - 10, 06:06 م]ـ
الشيخ الصلابي كتاباته جيدة وهو باحث قوي نسأل الله أن ينفع به
ـ[رشيد أحمد]ــــــــ[06 - 03 - 10, 08:58 م]ـ
آمين.(59/493)
ماهو القول الفصل في ابن عربي عن عقيدتة؟؟
ـ[معاذ الجلال]ــــــــ[10 - 12 - 09, 12:43 م]ـ
الاخوة الكرام والمشائخ الاجلاء نرجوا من سيادتكم التكرم بترجمة فورية عن ابن عربي؟
وما هو القول الفصل في عقيدته وهل صحيح انه اشد كفرا من ابي جهل وهامان وقارون؟؟
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 03:15 م]ـ
.
.
.
.
.
.
اعتذر فهناك مشكلة فنية في تنسيق المشاركة عندي
لكن بالأسفل ربما تكون وضحت المشاركة
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 03:17 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
ابن عربيّ هو: أبو بكر محيي الدِّين محمَّد بن عليّ بن محمَّد الحاتمي الطائي الأندلسيّ الشَّيخ الأكبر والكبريت الأحمر عند الصوفيَّة، من غلاة المتصوفة. توفي سنة 638 هـ انظر: ميزان الاعتدال للذّهبي 3/ 659، لسان الميزان لابن حجر 5/ 311.
أمَّا كتابه فصوص الحكم فهو من مطبوعات دار الكتاب العربيّ ـ بيروت ـ لبنان، الطّبعة الثّانية 1400 هـ، تحقيق أبي العلاء عفيفي.
ويُعدُّ كتاب الفصوص من أعظم كتب ابن عربيّ، ويمثِّل خلاصة مذهبه، وقد نظمه في سبع وعشرين فصًّا، ابتدأها بفصّ حكمة إلهيّة في كلمة آدميّة، ثُمَّ مرورًا بفصوص مرتّبة على أسماء الأنبياء، ثُمَّ ختمها بفصّ حكمة فرديّة في كلمة محمَّدية.
وكلام ابن عربيّ في فصوصه فيه من الزّندقة والضلال الشّيء الكثير، فكلامه دائرٌ على الوحدة المطلقة، وليِّ أعناق النّصوص بما يوافق زندقته، وقد نقل البقاعي تكفير العلماء له. كما أن لابن عربي كتاباً أكبر من فصوصه سمَّاه الفتوحات المكيَّة في عدة مجلدات وهو طافحٌ بالفكر والزندقة أيضاً.
انظر: مصرع التَّصوُّف للبقاعي ص19 ـ 150، ابن عربيّ الصوفي في ميزان البحث والتَّحقيق لعبد القادر السّندي ص17.
واختلف النّاس في ابن عربي على ثلاثة أقسام: ـ
القسم الأَوَّل: حكم بكفره، وصنَّف رسائل في خروجه عن الإسلام، ومنهم: السّخاوي، والتَّفتازاني، وملاّ عليّ قاري. انظر: موقف ابن القيِّم من الصوفيَّة ص150.
وقد نقل البقاعي تكفير ابن عربي ومن كفَّره من الأئمَّة والعلماء. انظر: مصرع التَّصوُّف ص150.
القسم الثّاني: جعله من أكابر الأولياء، ومن سادة العلماء، كعبد الوهاب الشّعراني في طبقاته.
القسم الثّالث: يرى أنَّهُ من ليس الأولياء، ولا يجوز مطالعة كتبه، منهم السيوطي.
انظر في ذلك: موقف ابن القيِّم من الصوفيَّة ص151.
وهناك كتاب عظيم النفع لبيان ما في كتاب فصوص الحكم من الطوامِّ لكنَّ جزءاً منه كبير في عداد المفقود وقد نقل بعض أجزاءه الإمام السخاوي رحمه الله في كتابه: القول المنبي عن ترجمة ابن عربيّ 2/ 238، وهذا الكتاب اسمه ((بيان حكم ما في الفصوص من الاعتقادات المفسودة والأقوال الباطلة المردودة)). للسَّيف عبد اللّطيف بن عبد الله السّعودي.
وقد فنَّد شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة ـ رحمه الله ـ بعض مزاعم ابن عربي في كتابه فصوص الحكم كما في مجموع الفتاوى 2/ 122
ومن النماذج الكفرية في كتاب فصوص الحكم التالي:
وعند ابن عربيّ ومن تبعه أَنَّ نبوّة التَّشريع انقطعت، وأَمَّا نبوّة التَّحقيق فلم تنقطع، وهي الولاية عندهم.
وقد صرَّح ابن عربيّ في فصوص الحكم أَنَّ الولاية أعظم من النّبوّة، بل أكمل من الرِّسالة، ومن كلامه في ذلك قوله:
مقام النّبوّة في برزخٍ ....... فويق الرَّسول ودون الوليّ
انظر: فصوص الحكم ص134، وما بعدها، مجموع الفتاوى 2/ 221، 4/ 171، منهاج السُّنَّة 8/ 22.
وادّعاء سقوط التَّكاليف الشَّرعيَّة؛ من شعار أهل التَّصوُّف، فالعبادات عندهم إنّما هي للعوام وأَمَّا هم فلهم شعارات تعبّديَّة خاصّة، والوليّ عندهم يصل إلى مرحلة تسقط عنه التَّكاليف الشَّرعيَّة، وأَمَّا الحلال والحرام؛ فانطلاقًا من عقيدة الوحدة والوجود عندهم لا يُحرِّمون شيئًا؛ لأنَّ الكلّ عين واحدة، ولذلك كان منهم الزّناة واللّوطيّة. انظر: فصوص الحكم ص78
.
وقال ابن عربي في فصوصه أيضاً: ((إِنَّ الحقّ المنزَّه هو الخلْق المشبَّهة)) فصوص الحكم ص78، الفصّ الرَّابع، وهو بعنوان: فصّ حكمة قدّوسيّة في كلمة إدريسيّة.
ويقصد بقوله: ((الحقّ المنزّه)) أي الله تبارك وتعالى، ومعنى كلامه؛ أي لا فرق بين الخالق والمخلوق، وهذه عقيدة أصحاب وحدة الوجود.
وقال: ((من أسمائه الحسنى العليّ. على مَنْ وما ثمَّ إلاّ هو؟ فهو العليّ لذاته. أو عن ماذا، وما هو إلاّ هو؟ فعلوّه لنفسه. وهو من حيث الوجود عين الموجودات. فالمسمَّى محدثات هي العليَّة لذاتها، وليست إلاّ هو)) فصوص الحكم ص76.
وهذا تصريح من ابن عربيّ بوحدة الوجود، فالحقّ عين الخلْق عنده ومن تبعه، وهذا ظاهرٌ عندما جعل المحدثات هي الله بقوله: ((وليست إلاّ هو)). انظر: مصرع التَّصوُّف ص62 ـ 63.
هذا ما عندي والله تعالى أعلم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/494)
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 06:13 م]ـ
لا يزكي ابنَ عربي إلا جاهل بحاله، أو من هو على دينه ( http://soufia-h.net/showthread.php?t=947)
تنبيه الشريف والعَوَام إلى ما عند ابن عربي من الطوامّ [بقلم الشيخ أحمد الكوس] ( http://soufia-h.net/showthread.php?t=1209)
حقيقة ابن عربي .. عبد اللطيف بدر العثمان .. !! ( http://soufia-h.net/showthread.php?t=681)
من هو ابن عربي؟!!! ( http://soufia-h.net/showthread.php?t=557)
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 06:14 م]ـ
من هو ابن عربي؟
هل يمكن أن توضح من هو ابن عربي. لقد ارتبكت كثيراً من المصادر المتعددة فالشيخ محي الدين ابن عربي (رحمه الله ورضي عنه) لم يكن مهرطقاً (زنديقاً) فقد كان رجل يسبق زمانه وهؤلاء الذين لم يفهموا ما أوتي من الحكمة وسموه بالزندقة لكنه منها بعيد فإن لم تكن أستاذ في التصوف لكنت طلبت منك أن تكف عن تسمية خادم لله ; زنديق لقد وصل إلى درجة عالية من الفهم وتعاليمه كانت تنضح بالإسلام لكن ليس أحد يستطيع أن ينال نور حكمته حتى في أيامنا هذه هناك من يصفه بالخطأ وذلك لنقص فهمهم. للأسف فإن الناس حين لا يفهمون يحاولون أن يدمروا غيرهم. إن كان عندك وقت وقرأت كتبه فسوف تنال معرفة عظيمة ليس حسناً أن تحكم على شخص يسبق فهمه أعوامك ويضيء الطريق أمامك. لا تتبع الوهابيين أو السلفيين أو السعوديين فإنهم يكرسون الشك في كل من يفهم الحقيقة لكي يرجوا لضلالهم الشرير أن ابن عربي لم يضلل أحداً ولكنه سبق زمانه ولم يكن لابن تيميه نفس الفهم والعبقرية لكن ابن عربي كان عملاقاً ولم يكن نقص في جهل ابن تيميه الذي كان نملة يشكل رأي شخص يسبقه بأعوام ولا تظن أن ابن تيميه اقتبس هذا الكلام منه لكن ابن عربي كان عالماً بحق لقد كان ابن تيميه نفسه منحرفاً وضالاً كبيراً وكانت فتواه مصدر لجهل عظيم؟.
الجواب:
الحمد لله
من هو ابن عربي؟
هو الصوفي الجلد، بل هو من غلاة الصوفية: محمد بن علي بن محمد الطائي الأندلسي ويعرفنا العلماء بحاله إجابة عن سؤال طرح عليهم، وهذا نصه:
ما يقول السادة أئمة الدين وهداة المسلمين في كتاب أُظهر للناس، زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس، بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، في منامٍ زعم أنه رآه، وأكثر كتابه ضدّ لما أنزل الله من كتبه المنزّلة، وعكس وضدّ لما قاله أنبياؤه.
فمما قال فيه: إن آدم إنّما سمّي إنساناً، لأنه من الحق بمنزلة إنسان العين من العين، الذي يكون به النظر.
وقال في موضع آخر: إن الحقّ المنزّه، هو الخلق المشبّه.
وقال في قوم نوح: إنهم لو تركوا عبادتهم لودٍّ وسواعٍ ويغوث ويعوق، لجهلوا من الحق أكثر مما تركوا.
ثم قال: إن للحقّ في كلّ معبود وجهاً يعرفه من يعرفه، ويجهله من يجهله، فالعالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حين عُبد، وإن التفريق والكثرة، كالأعضاء في الصورة المحسوسة.
ثم قال في قوم هود: إنهم حصلوا في عين القرب، فزال البعد، فزال به حر جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق، فما أعطاهم هذا الذوقي اللذيذ من جهة المنّة وإنما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا على صراط مستقيم.
ثم أنكر فيه حكم الوعيد في حقّ من حقّت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد.
فهل يكفر من يصدّقه في ذلك، أو يرضى به منه، أم لا؟ وهل يأثم سامعه إذا كان بالغاً عاقلاً، ولم ينكره بلسانه أو بقلبه، أم لا؟
أفتونا بالوضوح والبيان، كما أخذ الله على العلماء الميثاق بذلك، فقد أضر الإهمال بالجهال.
" عقيدة ابن عربي وحياته " لتقي الدين الفاسي (ص 15، 16).
ونذكر أجوبة بعض العلماء:
قال القاضي بدر الدين بن جماعة:
هذه الفصول المذكورة، وما أشبهها من هذا الباب: بدعة وضلالة، ومنكر وجهالة، لا يصغي إليها ولا يعرّج عليها ذو دِين.
ثم قال:
وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأذن في المنام بما يخالف ويعاند الإسلام، بل ذلك من وسواس الشيطان ومحنته وتلاعبه برأيه وفتنته.
وقوله في آدم: أنه إنسان العين، تشبيه لله تعالى بخلقه، وكذلك قوله: الحق المنزه، هو الخلق المشبّه إن أراد بالحق رب العالمين، فقد صرّح بالتشبيه وتغالى فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/495)
وأما إنكاره ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد: فهو كافر به عند علماء أهل التوحيد.
وكذلك قوله في قوم نوح وهود: قول لغوٍ باطل مردود وإعدام ذلك، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا الكتاب، من أوضح طرق الصواب، فإنها ألفاظ مزوّقة، وعبارات عن معان غير محققة، وإحداث في الدين ما ليس منه، فحُكمه: رده، والإعراض عنه.
" المرجع السابق " (ص 29، 30).
وقال خطيب القلعة الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزري الشافعي:
الحمد لله، قوله: فإن آدم عليه السلام، إنما سمّي إنساناً: تشبيه وكذب باطل، وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر، لا يقر قائله عليه، وقوله: إن الحق المنزّه: هو الخلق المشبّه، كلام باطل متناقض وهو كفر، وقوله في قوم هود: إنهم حصلوا في عين القرب، افتراء على الله وردّ لقوله فيهم، وقوله: زال البعد، وصيرورية جهنم في حقهم نعيماً: كذب وتكذيب للشرائع، بل الحقّ ما أخبر الله به من بقائهم في العذاب.
وأمّا من يصدقه فيما قاله، لعلمه بما قال: فحكمه كحكمه من التضليل والتكفير إن كان عالماً، فإن كان ممن لا علم له: فإن قال ذلك جهلاً: عُرِّف بحقيقة ذلك، ويجب تعليمه وردعه مهما أمكن.
وإنكاره الوعيد في حق سائر العبيد: كذب وردّ لإجماع المسلمين، وإنجاز من الله عز وجل للعقوبة، فقد دلّت الشريعة دلالة ناطقة، أن لا بدّ من عذاب طائفة من عصاة المؤمنين، ومنكر ذلك يكفر، عصمنا الله من سوء الاعتقاد، وإنكار المعاد. " المرجع السابق " (ص 31، 32).
قال ابن تيمية:
وقد علم المسلمون واليهود والنصارى بالاضطرار من دين المسلمين، أن من قال عن أحد من البشر: إنه جزء من الله، فإنه كافر في جميع الملل، إذ النصارى لم تقل هذا، وإن كان قولهم من أعظم الكفر، لم يقل أحد: إن عين المخلوقات هي أجزاء الخالق، ولا إن الخالق هو المخلوق، ولا إن الحق المنزه هو الخلق المشبّه.
وكذلك قوله: إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام، لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها، هو من الكفر المعلوم بالاضطرار بين جميع الملل، فإن أهل الملل متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام، وكفّروا من يفعل ذلك، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً، حتى يتبرأ من عبادة الأصنام، وكل معبود سوى الله، كما قال الله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتّى تؤمنوا بالله وحده} [الممتحنة / 4]، - واستدل على ذلك بآيات أخر -، ثم قال:
فمن قال إن عبّاد الأصنام، لو تركوهم لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها: أكفر من اليهود والنصارى، ومن لم يكفّرهم: فهو أكفر من اليهود والنصارى، فإن اليهود والنصارى يكفّرون عبّاد الأصنام، فكيف من يجعل تارك عبادة الأصنام جاهلاً من الحق بقدر ما ترك منها؟! مع قوله: فإن العالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حين عبد، فإن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة، وكالقوة المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود، بل هو أعظم كفراً من عبّاد الأصنام، فإن أولئك اتخذوهم شفعاء ووسائط، كما قالوا: {ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى} [الزمر / 40]، وقال تعالى: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون} [الزمر /43] وكانوا مقرين بأن الله خالق السماوات والأرض، وخالق الأصنام، كما قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله} [الزمر / 38].
" المرجع السابق " (ص 21 - 23).
وقال شيخ الإسلام أيضاً:
وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام، لمّا قدم القاهرة، وسألوه عن ابن عربي، قال:
هو شيخ سوء مقبوح، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجاً أ. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/496)
فقوله بقدم العالم؛ لأن هذا قوله، وهو كفر معروف فكفّره الفقيه أبو محمد بذلك، ولم يكن ـ بعد ـ ظهر من قوله: أن العالم هو الله، وأن العالم صورة الله وهوية الله، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم الذي يثبتون واجباً لوجوده ويقولون أنه صدر عنه الوجود الممكن. وقال عنه من عاينه من الشيوخ: أنه كان كذاباً مفترياً، وفي كتبه مثل "الفتوحات المكية " وأمثالها من الأكاذيب مالا يخفى على لبيب.
ثم قال:
ولم أصف عُشر ما يذكرونه من الكفر، ولكن هؤلاء التبس أمرهم على يعرف حالهم، كما التبس أمر القرامطة الباطنية، لما ادعوا أنهم فاطميون، وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتشيعون مائلين إليهم، غير عالمين بباطن كفرهم. ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقاً منافقاّ، أو جاهلاً ضالاً هؤلاء الاتحادية، فرؤوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحد منهم إذا أخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة، الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم الذين يبهمون قولهم ومخالفتهم لدين الإسلام، ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظّم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، وأخذ يعتذر عنهم أو لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو، ومن قال: إنه صنف هذا الكتاب! وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان، على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله، فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم ويترك دينهم، كقطاع الطريق، و كالتتار الذي يأخذون منهم الأموال، ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أطمّ وأعظم من أن يوصف.
ثم قال:
ومن كان محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم: عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم وتظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم.
وأما من قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة، فإنه من رؤوسهم وأئمتهم، فإنه إن كان ذكياً: فإنه يعرف كتاب لهم فيما قال، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً: فهو أكفر من النصارى.
باختصار " المرجع السابق " (ص 25 - 28).
قال ابن حجر:
أنه ذكر لمولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، شيئاً من كلام ابن عربي المشكل، وسأله عن ابن عربي، فقال له شيخنا البلقيني: هو كافر.
" المرجع السابق " (ص 39).
قال ابن خلدون:
ومن هؤلاء المتصوفة: ابن عربي، وابن سبعين، وابن برّجان، وأتباعهم، ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها، مشحونة من صريح الكفر، ومستهجن البدع، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملّة أو عدّها في الشريعة.
" المرجع السابق " (ص 41).
وقال السبكي:
ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين، كابن العربي وأتباعه، فهم ضلاّل جهال، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلاً عن العلماء.
" المرجع السابق " (ص 55).
قال أبو زرعة ابن الحافظ العراقي:
لا شك في اشتمال" الفصوص" المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه، وكذلك " فتوحاته المكية "، فإن صحّ صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته: فهو كافر مخلد في النار بلا شك.
" المرجع السابق " (ص / 60).
وبعد،
فهل يستطيع عاقل أن يسمي هؤلاء الجهابذة من العلماء بأنهم لم يفهموا ابن عربي فإذا لم يفهمه هؤلاء فمن يفهمه إذاً.
حادثة فيهما عبرة
قال الفاسي:
وسمعت صاحبنا الحافظ الحجة، القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الشافعي يقول: جرى بيني وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي، حتى نلت منه لسوء مقالته، فلم يسْلَ ذلك بالرجل المنازع لي في أمره، وهددني بالشكوى إلى السلطان بمصر، بأمر غير الذي تنازعنا فيه، ليتعب خاطري، فقلت له: ما للسلطان في هذا مدخل! ألا تعال نتباهل، فقل أن تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب، قال: فقال لي: بسم الله، قال: فقلت له: قل: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال فالعني بلعنتك، فقال ذلك، وقلت أنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعني بلعنتك، وافترقنا، قال: ثم اجتمعنا في بعض متنزهات مصر في ليلة مقمرة، فقال لنا: مرّ على رجلي شيء ناعم، فانظروا فنظرنا فقلنا: ما رأينا شيئاً، قال: ثم التمس بصره، فلم يرَ شيئاً. (أي أصابه الله بالعمى)
هذا معنى ما حكاه لي الحافظ شهاب الدين بن حجر العسقلاني.
" المرجع السابق " (ص 75، 76).
فهذه بعض ضلالات الرجل وخزعبلاته لمن أراد الحق أو أراد أن يتبع سبيل الرشاد، فهو مهرطق زنديق لم يسبق زمانه إلا بالضلال والكفر، وليس له نور وحكمة بل هو في ظلمة الجهل.
وقد سقنا إليك من كلام العلماء غير ابن تيمية ما يبين كفر ابن عربي حتى لا تظن أن شيخ الإسلام انفرد بتكفيره
أما سوء أدبك مع شيخ الإسلام ابن تيمية وزعمك أنه جاء بعده بسنين فنقول: وأنت جئت بعد ابن تيمية بأضعاف ما كان بينه وابن عربي فأنت أولى بالسكوت منه.
ولا يجوز سوء الأدب مع شيخ كابن تيمية طبَّق علمه الدنيا وما فيها، فكيف لرجل مثلك أن يصفه بأنه نملة.
من أنت حتى تصف شيخ الشيوخ وشيخ الإسلام بأنه نملة أما تخاف أن تقف بين يدي الله ويسألك لم أسأت الأدب مع العلماء.
ونحن نسألك بالله الذي لا إله إلا هو هل الذي يقول إن المخلوق جزء من الخالق هو إنسان مسلم؟
بناء على جوابك تعرف حقيقة إسلامك، والله الهادي إلى سواء السبيل ..
الإسلام سؤال وجواب: الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله
( http://www.islamqa.com/ar/ref/7691/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%81)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/497)
ـ[أبو صاعد المصري]ــــــــ[13 - 12 - 09, 01:19 م]ـ
قال الذهبي في المستملح من كتاب التكملة لابن الأبار في آخر ترجمة هذا المدبر: و الله يرضى عنه و يرحمه إن كان مسلماً!!
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[13 - 12 - 09, 01:34 م]ـ
وقال الذهبي: إذا لم يكن في كتبه الكفر فأين الكفر(59/498)
لمذا نحبّ النبي صلى الله عليه وسلم؟
ـ[سمير محمود]ــــــــ[10 - 12 - 09, 02:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
يا إخواني!
هناك طالب العلم يقول إنّا لا نحبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا لأنه نبي وهو يعني أن المسلمين يحبون نبيهم لأنّه نبي ولا نحبه لذاته, ولولا نبوته ما كنّا نحبه.
وهل يصح هذا القول؟
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 04:27 م]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
لحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
من المعلوم والمقرر أن المحبَّة الحقيقية لرسول الله e هي المحبَّة الشرعية الإرادية الاختيارية، والتي هي عملٌ من أعمال القلوب، لا أن نكتفي بالمحبَّة الفطرية البشرية كما كان أبو طالبٍ في محبَّته للنبي e ؛ لأنها كانت محبَّة قرابة وحميَّة.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في مجموع الفتاوى 10/ 649 (وليس للخلْقِ محبةٌ أعظمَ ولا أتمَّ من محبَّة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحقُ أن يُحَبَّ لذاته من كل وجهٍ إلاَّ الله تعالى، وكل ما يُحَبُّ سواه فمحبَّته تبعٌ لحُبِّه؛ فإنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام إنَّما يُحَبُّ لأجل الله ويُطاعَ لأجل الله ويُتَّبع لأجل الله ... ) أ – هـ
فلا أحد يُحبُّ لذاته إلاَّ ربُّ العالمين سبحانه وتعالى ..
ثمَّ نخلُصُ إلى دواعي محبَّة الرسول e ومنها:
1 - أن حُبَّ النبي e تابعٌ لحب الله تعالى.
2 - لكمال رأفته ورحمته بأُمَّته وحرصه على هدايتها ..
3 - ما خصَّه الله به من كريم الخصال ورفيع الأخلاق مما ميَّزه على سائر الخلْق أجمعين.
هذه بعضها، فتكون المحبَّة الحقيقية النافعة هي المحبَّة الشرعية كما مرَّ معنا، لا أن تكون المحبَّةُ الفطريَّة لوحدها كما كان ذلك من بعض قرابته e .
وهو e بشرٌ من البشر ميَّزهُ الله بصفاتٍ ومزايا بشريَّة جعلتهُ محبوباً قبل نبوَّته ومبعثه كطيب أخلاقه وكريم معْشَرِهِ وصدقه وأمانته بأبي هو وأُمي، فلمّا بُعِثَ كانت المحبَّةُ شرعية وهي المُقدَّمة دون غيرها من المحابِّ البشرية والفطريَّة.
بعض ما ذكرته منقولٌ باختصارٍ وتصرُّفٍ يسير من رسالة ماجستير بعنوان:
محبَّة الرسول e بين الاتبَّاع والابتداع
تأليف فضيلة شيخنا الدكتور / عبد الرؤوف محمد عثمان
وتقديم العلاَّمة الدكتور / سفر الحوالي ..
حفظهمُ الله جميعاً
والله تعالى أعلم(59/499)
أدب العالم والمتعلم وقصة أربع دعوات.
ـ[إبراهيم أبولوحجي علم اليقين]ــــــــ[10 - 12 - 09, 03:25 م]ـ
أدب العالم والمتعلم
من هم العلماء؟ العلماء: هم أئمة الدين، والفقه، وأهل الذكر العاملون بالخير من أهل السنة والجماعة علي هدى وبصيرة ونور من ربهم.
كيف يعرف العالم؟ يعرف العالم الرباني برسوخه في العلم الشرعي، وشهادة الشيوخ له بالعلم، وثناء الناس عليه، وتمكنه من دفع الفتن والشبهات، وجهاده، وخشيته، واستعلائه عن الدنيا.
التفريق بين العالم والمفكر والواعظ:-
ليس كل قارئ للعلوم الشرعية يعد فقيها، وليس كل من ملك مكتبة كبيرة من شتي الفنون، يعتبر إماما، ولا كل من تخصص في العلوم الإنسانية يكون عالما بالشريعة والفقه، فالقراءة، والوعظ، والبلاغة شيء، والفقه والاستنباط، ومعرفة أحكام النوازل شيء آخر.
فالمفكر- ربما الواعظ، لا يصدق فيهم مسمي العالم، و لا يصح أن يطلق عليهم علماء.
صفات العالم وأحواله:-
قال الإمام الآجري رحمه الله: " لهذا العالم صفات وأحوال شتي، ومقامات لابد له من استعمالها، فهو مستعمل في كل حال ما يجب عليه، فله صفة في طلبه للعلم كيف يطلبه، وله صفة في كثرة العلم إذا كثرة عنده ما الذي يجب عليه فيه فيلزمه نفسه، وله صفة إذا أفتي الناس كيف يفتي، وله صفة كيف يجالس الأمراء إذا ابتلي بمجالستهم، ومن يستحق أن يجالسه ومن لا يستحق، وله صفة عن معاشرته لسائر الناس ممن لا علم معه، وله صفة كيف يعبد الله عز وجل فيما بينه وبينه، قد أعد لكل حق يلزمه ما يقويه علي القيام به، وقد أعد لكل نازلة ما يسلم به من شرها في دينه، عالم بما يجتلب الطاعات، عالم بما يدفع به البليات، قد اعتقد الأخلاق السنية واعتزل الأخلاق الدنية.
أخلاق العالم
للعالم أخلاق وآداب يجب أن يتصف بها، وهي ما يعرف بسمت العالم وشمائله، ومنها:-
1 - التواضع:- والتواضع مصدر تواضع أي أظهر الضعة والتواضع: التذلل
أما في الاصطلاح:- إظهار لتنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه و قيل هو تعظيم من فوقه لفضله.
قال تعالي:"واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" (الشعراء:215). عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن الله أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد ولا يبغ أحد".
2 - الاعتراف بالعجز:- العجز لغة: التعب وسلب القوة.
أما في الاصطلاح:- القصور عن فعل شيء، وهو ضد القدرة.
قيل لخليل بن أحمد: بم أدركت هذا العلم؟ قال كنت إذا لقيت عالما أخذت منه وأعطيته. وليكن في ذاكرة الإنسان دائما قول الله سبحانه وتعالي: " و فوق كل ذي علم عليم". وقوله تعالي: " و ما أتيتم من العلم إلا قليلا".
3 - اقتضاء العلم العمل:- حلية العالم عمله بما يعلم، " وليس يغدو عالما من لم يكن بعلمه عاملا". ويقبح بالعالم مخالفة قوله فعله. قال تعالي: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" (البقرة: 44).
4 - اجتناب قول ما لا يفعل:- علي العلم أن يجتنب أن يقول ما لا يفعل، ولا يجعل قول الشاعر هذا:
اعمل بقول وإن قصرت في عملي ## ينفعك قولي و لا يضررك تقصيري
من قال ما لا يفعل فقد مكر، ومن أمر بما لا يأتمر فقد خدع، ومن أسر غير ما يظهر فقد نافق. وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم: أنه قال:" المكر والخديعة في النار".
5 - عدم البخل بالعلم: من سؤ الخلق البخل بالعلم، والجود بالعلم أسمى من الجود بالمال، لأن شرف العلم أسمى من شرف المال، ومن بخل بعلمه وكتم ما عنده، فقد ظلم نفسه، وباء بالخسران المبين.
قال تعالي:" وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" (آل عمران-187). ومن جود الإنسان بالعلم: أنه لا يقتصر علي مسألة السائل، بل يذكر له نظائرها ومتعلقاتها ومأخذها، بحيث يشفيه ويكفيه، وقد سأل الصحابة رضي الله عنهم النبي صلي الله عليه وسلم، عن المتوضئ بماء البحر؟ فقال:" هو الطهور ماؤه الحل ميتته" فأجابهم عن سؤالهم، وجاد عليهم بما لعلهم في بعض الأحيان إليه أحوج مما سألوه عنه.
6 - نزاهة النفس:- النزاهة لغة: التباعد، أما في الاصطلاح: اكتساب المال من غير مهانة ولا ظلم، وإنفاقه في المصارف الحميدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(59/500)
7 - الزهد في الدنيا:- الزهد لغة: في "المصباح المنير" (98) زهد في الشيء وزهد عنه أيضا زهدا وزهاده بمعني تركه وأعرض عنه فهو زاهد، وجمع زهاد.
أما في الاصطلاح: انصراف الرغبة عن الشيء إلي ما هو خير منه. في الحديث عن سهل بن سعد مرفوعا:" ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما أيد الناس يحبك الناس". قال شيخ الإسلام: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: الزهد علي ثلاثة أوجه: الأول:- ترك الحرام، وهو زهد العوام، والثاني:- ترك الفضول من الحلال، وهو زهد الخواص، والثالث:- ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين.
8 - الإخلاص في التعلم والنصح:- الإخلاص لغة: تنقية الشيء وتهذيبه.
أم في الاصطلاح:- ألتبري عن كل ما دون الله تعالي، قال تعالي:" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء" (البينة-5). فالواجب علي كل معلم، أن يقصد بتعليمه وجه الله سبحانه، مخلصا لله في تعلمه وتعليمه ونصحه، لا ينبغي بذلك جاها، ولا مالا، ومنصبا
9 - الرفق بالمتعلمين:- الرفق لغة: لين الجانب ولطافة الفعل، وهو ضد العنف.
أما في الاصطلاح: حسن الانقياد لما يؤدي إلي الجميل. قال تعالي: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" (آل عمران-109). عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه".
10 - طيب الخلق مع مجالسيه:- إن أخلاقه مع مجالسيه، فصبور علي من كان ذهنه بطيئا عن الفهم حتى يفهم عنه، صبور علي جفاء من جهل عليه حتى يرده بحلم، يؤدب جلساءه بأحسن ما يكون من الأدب.
11 - أدبه مع السلطان أو الأمير: هناك التوجيهات الآداب التي ينبغي أن يتخلق بها العالم، وهي التالية:-
1 - لا يجعل ذلك ذريعة في الانبساط عنده والدلال عليه. بل يعطي ما يستحقه بسلطانه وعويده، فإن للسلطان حق الطاعة والإعظام، وللعالم حق القبول والإكرام.
2 - ولا ينبغي أن يبتدئه إلا بعد الاستدعاء، ولا يزيده علي قدر الاكتفاء.
3 - وليخرج تعليمه مخرج المذاكرة والمحاضرة لا مخرج التعليم والإفادة.
4 - ثم ليحذر أتباعه فيما يجانب
من ثمرات الأدب مع العلماء
1 - الأدب مع العلماء أدب مع الله – سبحانه وتعالي، وتعظيم لشعائره، قال تعالي:" ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".
2 - توقير حملة الشرعي وحماته من توقير الله سبحانه وتعالي، قال سبحانه، "وما لكم لا ترجون لله وقارا"
3 - قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه".
4 - أنهم خلفاء الرسول صلي الله عليه وسلم، في أمته، والمحيون لما مات من سنته.
توقير العلماء من العقيدة: يقول الإمام الطحاوي:" وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، ولا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو علي غير سبيل".
توقير العالم سنة ماضية:- قال طاووس بن كيسان:" من السنة أن يوقر أربعة: العلم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد". قال الشعبي: صلي زيد بن ثابت رضي الله عنه علي جنازة ثم قربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركبه، فقال له زيد: "خل عنك بابن عم رسول الله، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء". قال الناظم:
وقر مشايخ أهل العلم قاطبة ## حتى قر إن أفضى بك الكبر
واخدم أكابرهم حتى تنال به ## مثلا إذا ما شارف العمر
من حقوق العلماء
ويروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه،"من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة، وعلي القوم عامة، وتجلس قدامه، ولا تشر بيديك، ولا تغمر بعينيك، ولا تقل: قال فلان خلاف قولك، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال".
من آداب طالب العلم مع العالم:- كثير ما ذكره أهل العلم من هذا الأدب منها:-
1 - تواضع الطالب لشيخه:- قال الإمام الشافعي رحمه الله: "لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طالبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/1)
2 - أدب الطالب في مخاطبة شيخه:- من التوقير أن يراعي الطالب الأدب في مخاطبة شيخه، وقد أحسن الله إليك ما ذكره الله تعالي من الدلالة علي الأدب مع معلم الناس الخير صلي الله عليه وسلم في قوله تعالي: " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا" (النور-63). وهذا أصل في تمييز ذي المنزلة، ويفرق بينه وبين من لم يلحق بطبقته.
3 - أدب الطالب عند سؤال شيخه:- ينبغي لطالب العلم أن يلاطف الشيخ في مسألته، ويتجنب المراء. قال الإمام الشعبي (عامر بن شراحيل): كان أبو سلمة يماري ابن عباس رضي الله عنه، فحرم بذلك علما كثيرا.
4 - أدب الطالب في المشي مع شيخه:- من حسن الأدب لطالب العلم مع شيخه أن يمشي عن يمينه، وتقيمه مقام الإمام في الصلاة.
5 - دعاء الطالب لشيخه:- ينبغي له أن يقدم بين يدي سؤاله الدعاء له، كما كان بعض السلف يقول:" اللهم استر عيب معلمي، أو شيخي، ولا تذهب بركة علمه عني".
6 - أدب الطالب مع جلساء شيخه:- من التوقير أن يتأدب الطالب مع حاضري مجلس الشيخ.
7 - نسبة الفضل لأهل الفضل:- العاقل من اعترف بفضل من دله علي فائدة، لاسيما شيخه ومعلمه، وأحسن الناظم بقوله:
إذا أفادك إنسان بفائدة ## من العلوم فأدمن شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة ## أفادنيها وألق الكبر والحسد
8 - الصبر علي جفوة شيخه:- العقلاء هم الذين يصبرون علي جفوة الشيخ والمعلم، فمن صبر ظفر ونال مناه طول العمر. ومن ضاق صدره وتولي ونفر ولم يصبر، فقد خسر.
بعض الخوارم التي تخل بتوقير العلماء والأدب معهم
1 - الاعتراض والمراء والتجاسر:- إن العالم ليس معصوما، لا ينبغي لطالب العلم أن يبادر إلي الابتكار والاعتراض والنقد معلمه، لكن الآفة إثبات الذوات، وتصيد الأخطاء، والتشنيع ونشرها في الآفاق.
2 - إبرام الشيخ وإضجاره:- من الأخلاق السيئة إبرام الشيخ وإضجاره، وذلك عن طريق الأسئلة المعروفة والمكررة والمعادة، لما يترتب عليها من ضياع للوقت، وإجهاد للشيخ.
3 - الإجابة عن الشيخ وهو موجود:- قال سفيان الثوري لسفيان بن عينة: مالك لا تحدث؟ فقال: أما وأنت حي فلا!. هذا هو التوقير والإجلال للشيخ عند وجوده في المجلس
4 - مقاطعة الشيخ في الحديث:- من سوء الأدب مقاطعة الشيخ في الحديث لأنه مخالف لهدي النبي صلي الله عليه وسلم. الذي أدبنا وعلمنا، فقال: " ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه".
5 - مسابقة الشيخ في الحديث:- من سوء الأدب مسابقة الشيخ في الإجابة أو شرح المسائل والتقدم بين يديه دون إذن منه.
المنهج الحق الرشيد في التعامل مع زلات العلماء
إن العلماء هم عرضة للخطاء هم غير معصومين، كما في حديث أنس مرفوعا: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون". فمنهج الذي ينبغي أن يتبع في التعامل مع زلاتهم قائم بعد ثبوت كونها زلة علي ركنين.
الأول:- عدم اعتماد تلك الزلة والأخذ بها إذا جاءت علي خلاف الشريعة، ولو أخذ الناس بزلات العلماء ونوادرهم. قال الإمام الأوزاعي- رحمه الله تعالي: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام، والعلماء الأجلاء نصوا علي أن الأصل كتاب الله و سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وأنه متى ظهر خلاف ذلك لم تكن لهم طاعة.
الثاني:- العدل في الحكم علي صاحبها:- فلا ينسب إليه التقصير ولا يشنع عليه من أجلها، ولا ترد بقية أقواله وآرائه وفتاويه بسببها، لكن طاعة العلماء واعتبار العلماء في شرعنا ليس مقصودا لذاته، بل لما قام فيهم من العلم بالله والعلم عن الله عز وجل، وإلا أصبحنا كبني إسرائيل كما قال تعالي: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" (التوبة-33).
إن العالم بحكم كونه بشرا غير معصوم، قد يقع في خطاء غير مقصود، أو يزل وحينئذ لا يتابع في زلته، وعدم متابعته فيما أخطأ فيه لا يعني عدم توقيره.
قصة أربع دعوات
كان هناك رجل سكير دعا قوما من أصحابه ذات يوم فجلسوا ثم نادى علي خادمه ودفع إليه أربعة دراهم وأمره أن يشتري بها شيئا من الفاكهة للمجلس، و في أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار وهو يقول: من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب دعوت له أربع دعوات، فأعطاه الخادم الدراهم الأربعة، فقال له منصور بن عمار: ما تريد أن أدعو لك، فقال الغلام: لي سيد قاس أريد أن أتخلص منه والثانية أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة، والثالثة أن يتوب الله علي سيدي، والرابعة أن يغفر الله لي ولسيدي ولك والقوم، فدعا له منصور بن عمار، وانصرف الغلام ورجع إلي سيده الذي نهره وقال له: لماذا تأخر ت وأين الفكهة؟ فقص عليه مقابلته لمنصور الزاهد وكيف أعطاه الدراهم الأربعة مقابل أربع دعوات، فسكن غضب سيده وقال: وما كانت دعوتك الله؟ قال: سألت لنفسي العتق من العبودية، فقال السيد: قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالي، وما كانت دعوتك الثانية؟ قال أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة، فقال السيد: لك أربعة آلاف درهم، قال: وما كانت دعوتك الثالثة؟ قال: أن يتوب الله عليك، فطأطأ السيد رأسه وبكى وأزح بيديه كؤوس الخمر وكسرها، وقال: تبت إلي الله لن أعود أبدا وقال: فما كانت دعوتك الرابعة؟ قال: أن يغفر الله لي ولك وللقوم، قال: السيد: هذا ليس إلي وإنما هو للغفور الرحيم، فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفا يهتف به أنت فعلت ما كان إليك لقد غفر الله لك وللغلام وللمنصور بن عمار وللحاضرين أجمعين.
من قيم أخلاقية المستخرج من هذه القصة ما يلي:-
1 - فضل الصدقة وجزائها.
2 - الرغبة في الدعوة أهل الله.
3 - أن الله هو الغفور الرحيم وهو الواحد في ذلك ليس من قدرة الإنسان.(60/2)
أدب العالم والمتعلم وقصة أربع دعوات.
ـ[إبراهيم أبولوحجي علم اليقين]ــــــــ[10 - 12 - 09, 03:35 م]ـ
أدب العالم والمتعلم
من هم العلماء؟ العلماء: هم أئمة الدين، والفقه، وأهل الذكر العاملون بالخير من أهل السنة والجماعة علي هدى وبصيرة ونور من ربهم.
كيف يعرف العالم؟ يعرف العالم الرباني برسوخه في العلم الشرعي، وشهادة الشيوخ له بالعلم، وثناء الناس عليه، وتمكنه من دفع الفتن والشبهات، وجهاده، وخشيته، واستعلائه عن الدنيا.
التفريق بين العالم والمفكر والواعظ:-
ليس كل قارئ للعلوم الشرعية يعد فقيها، وليس كل من ملك مكتبة كبيرة من شتي الفنون، يعتبر إماما، ولا كل من تخصص في العلوم الإنسانية يكون عالما بالشريعة والفقه، فالقراءة، والوعظ، والبلاغة شيء، والفقه والاستنباط، ومعرفة أحكام النوازل شيء آخر.
فالمفكر- ربما الواعظ، لا يصدق فيهم مسمي العالم، و لا يصح أن يطلق عليهم علماء.
صفات العالم وأحواله:-
قال الإمام الآجري رحمه الله: " لهذا العالم صفات وأحوال شتي، ومقامات لابد له من استعمالها، فهو مستعمل في كل حال ما يجب عليه، فله صفة في طلبه للعلم كيف يطلبه، وله صفة في كثرة العلم إذا كثرة عنده ما الذي يجب عليه فيه فيلزمه نفسه، وله صفة إذا أفتي الناس كيف يفتي، وله صفة كيف يجالس الأمراء إذا ابتلي بمجالستهم، ومن يستحق أن يجالسه ومن لا يستحق، وله صفة عن معاشرته لسائر الناس ممن لا علم معه، وله صفة كيف يعبد الله عز وجل فيما بينه وبينه، قد أعد لكل حق يلزمه ما يقويه علي القيام به، وقد أعد لكل نازلة ما يسلم به من شرها في دينه، عالم بما يجتلب الطاعات، عالم بما يدفع به البليات، قد اعتقد الأخلاق السنية واعتزل الأخلاق الدنية.
أخلاق العالم
للعالم أخلاق وآداب يجب أن يتصف بها، وهي ما يعرف بسمت العالم وشمائله، ومنها:-
1 - التواضع:- والتواضع مصدر تواضع أي أظهر الضعة والتواضع: التذلل
أما في الاصطلاح:- إظهار لتنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه و قيل هو تعظيم من فوقه لفضله.
قال تعالي:"واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" (الشعراء:215). عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن الله أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد ولا يبغ أحد".
2 - الاعتراف بالعجز:- العجز لغة: التعب وسلب القوة.
أما في الاصطلاح:- القصور عن فعل شيء، وهو ضد القدرة.
قيل لخليل بن أحمد: بم أدركت هذا العلم؟ قال كنت إذا لقيت عالما أخذت منه وأعطيته. وليكن في ذاكرة الإنسان دائما قول الله سبحانه وتعالي: " و فوق كل ذي علم عليم". وقوله تعالي: " و ما أتيتم من العلم إلا قليلا".
3 - اقتضاء العلم العمل:- حلية العالم عمله بما يعلم، " وليس يغدو عالما من لم يكن بعلمه عاملا". ويقبح بالعالم مخالفة قوله فعله. قال تعالي: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" (البقرة: 44).
4 - اجتناب قول ما لا يفعل:- علي العلم أن يجتنب أن يقول ما لا يفعل، ولا يجعل قول الشاعر هذا:
اعمل بقول وإن قصرت في عملي ## ينفعك قولي و لا يضررك تقصيري
من قال ما لا يفعل فقد مكر، ومن أمر بما لا يأتمر فقد خدع، ومن أسر غير ما يظهر فقد نافق. وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم: أنه قال:" المكر والخديعة في النار".
5 - عدم البخل بالعلم: من سؤ الخلق البخل بالعلم، والجود بالعلم أسمى من الجود بالمال، لأن شرف العلم أسمى من شرف المال، ومن بخل بعلمه وكتم ما عنده، فقد ظلم نفسه، وباء بالخسران المبين.
قال تعالي:" وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" (آل عمران-187). ومن جود الإنسان بالعلم: أنه لا يقتصر علي مسألة السائل، بل يذكر له نظائرها ومتعلقاتها ومأخذها، بحيث يشفيه ويكفيه، وقد سأل الصحابة رضي الله عنهم النبي صلي الله عليه وسلم، عن المتوضئ بماء البحر؟ فقال:" هو الطهور ماؤه الحل ميتته" فأجابهم عن سؤالهم، وجاد عليهم بما لعلهم في بعض الأحيان إليه أحوج مما سألوه عنه.
6 - نزاهة النفس:- النزاهة لغة: التباعد، أما في الاصطلاح: اكتساب المال من غير مهانة ولا ظلم، وإنفاقه في المصارف الحميدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/3)
7 - الزهد في الدنيا:- الزهد لغة: في "المصباح المنير" (98) زهد في الشيء وزهد عنه أيضا زهدا وزهاده بمعني تركه وأعرض عنه فهو زاهد، وجمع زهاد.
أما في الاصطلاح: انصراف الرغبة عن الشيء إلي ما هو خير منه. في الحديث عن سهل بن سعد مرفوعا:" ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما أيد الناس يحبك الناس". قال شيخ الإسلام: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: الزهد علي ثلاثة أوجه: الأول:- ترك الحرام، وهو زهد العوام، والثاني:- ترك الفضول من الحلال، وهو زهد الخواص، والثالث:- ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين.
8 - الإخلاص في التعلم والنصح:- الإخلاص لغة: تنقية الشيء وتهذيبه.
أم في الاصطلاح:- ألتبري عن كل ما دون الله تعالي، قال تعالي:" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء" (البينة-5). فالواجب علي كل معلم، أن يقصد بتعليمه وجه الله سبحانه، مخلصا لله في تعلمه وتعليمه ونصحه، لا ينبغي بذلك جاها، ولا مالا، ومنصبا
9 - الرفق بالمتعلمين:- الرفق لغة: لين الجانب ولطافة الفعل، وهو ضد العنف.
أما في الاصطلاح: حسن الانقياد لما يؤدي إلي الجميل. قال تعالي: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" (آل عمران-109). عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه".
10 - طيب الخلق مع مجالسيه:- إن أخلاقه مع مجالسيه، فصبور علي من كان ذهنه بطيئا عن الفهم حتى يفهم عنه، صبور علي جفاء من جهل عليه حتى يرده بحلم، يؤدب جلساءه بأحسن ما يكون من الأدب.
11 - أدبه مع السلطان أو الأمير: هناك التوجيهات الآداب التي ينبغي أن يتخلق بها العالم، وهي التالية:-
1 - لا يجعل ذلك ذريعة في الانبساط عنده والدلال عليه. بل يعطي ما يستحقه بسلطانه وعويده، فإن للسلطان حق الطاعة والإعظام، وللعالم حق القبول والإكرام.
2 - ولا ينبغي أن يبتدئه إلا بعد الاستدعاء، ولا يزيده علي قدر الاكتفاء.
3 - وليخرج تعليمه مخرج المذاكرة والمحاضرة لا مخرج التعليم والإفادة.
4 - ثم ليحذر أتباعه فيما يجانب
من ثمرات الأدب مع العلماء
1 - الأدب مع العلماء أدب مع الله – سبحانه وتعالي، وتعظيم لشعائره، قال تعالي:" ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".
2 - توقير حملة الشرعي وحماته من توقير الله سبحانه وتعالي، قال سبحانه، "وما لكم لا ترجون لله وقارا"
3 - قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه".
4 - أنهم خلفاء الرسول صلي الله عليه وسلم، في أمته، والمحيون لما مات من سنته.
توقير العلماء من العقيدة: يقول الإمام الطحاوي:" وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، ولا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو علي غير سبيل".
توقير العالم سنة ماضية:- قال طاووس بن كيسان:" من السنة أن يوقر أربعة: العلم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد". قال الشعبي: صلي زيد بن ثابت رضي الله عنه علي جنازة ثم قربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركبه، فقال له زيد: "خل عنك بابن عم رسول الله، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء". قال الناظم:
وقر مشايخ أهل العلم قاطبة ## حتى قر إن أفضى بك الكبر
واخدم أكابرهم حتى تنال به ## مثلا إذا ما شارف العمر
من حقوق العلماء
ويروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه،"من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة، وعلي القوم عامة، وتجلس قدامه، ولا تشر بيديك، ولا تغمر بعينيك، ولا تقل: قال فلان خلاف قولك، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال".
من آداب طالب العلم مع العالم:- كثير ما ذكره أهل العلم من هذا الأدب منها:-
1 - تواضع الطالب لشيخه:- قال الإمام الشافعي رحمه الله: "لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طالبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/4)
2 - أدب الطالب في مخاطبة شيخه:- من التوقير أن يراعي الطالب الأدب في مخاطبة شيخه، وقد أحسن الله إليك ما ذكره الله تعالي من الدلالة علي الأدب مع معلم الناس الخير صلي الله عليه وسلم في قوله تعالي: " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا" (النور-63). وهذا أصل في تمييز ذي المنزلة، ويفرق بينه وبين من لم يلحق بطبقته.
3 - أدب الطالب عند سؤال شيخه:- ينبغي لطالب العلم أن يلاطف الشيخ في مسألته، ويتجنب المراء. قال الإمام الشعبي (عامر بن شراحيل): كان أبو سلمة يماري ابن عباس رضي الله عنه، فحرم بذلك علما كثيرا.
4 - أدب الطالب في المشي مع شيخه:- من حسن الأدب لطالب العلم مع شيخه أن يمشي عن يمينه، وتقيمه مقام الإمام في الصلاة.
5 - دعاء الطالب لشيخه:- ينبغي له أن يقدم بين يدي سؤاله الدعاء له، كما كان بعض السلف يقول:" اللهم استر عيب معلمي، أو شيخي، ولا تذهب بركة علمه عني".
6 - أدب الطالب مع جلساء شيخه:- من التوقير أن يتأدب الطالب مع حاضري مجلس الشيخ.
7 - نسبة الفضل لأهل الفضل:- العاقل من اعترف بفضل من دله علي فائدة، لاسيما شيخه ومعلمه، وأحسن الناظم بقوله:
إذا أفادك إنسان بفائدة ## من العلوم فأدمن شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة ## أفادنيها وألق الكبر والحسد
8 - الصبر علي جفوة شيخه:- العقلاء هم الذين يصبرون علي جفوة الشيخ والمعلم، فمن صبر ظفر ونال مناه طول العمر. ومن ضاق صدره وتولي ونفر ولم يصبر، فقد خسر.
بعض الخوارم التي تخل بتوقير العلماء والأدب معهم
1 - الاعتراض والمراء والتجاسر:- إن العالم ليس معصوما، لا ينبغي لطالب العلم أن يبادر إلي الابتكار والاعتراض والنقد معلمه، لكن الآفة إثبات الذوات، وتصيد الأخطاء، والتشنيع ونشرها في الآفاق.
2 - إبرام الشيخ وإضجاره:- من الأخلاق السيئة إبرام الشيخ وإضجاره، وذلك عن طريق الأسئلة المعروفة والمكررة والمعادة، لما يترتب عليها من ضياع للوقت، وإجهاد للشيخ.
3 - الإجابة عن الشيخ وهو موجود:- قال سفيان الثوري لسفيان بن عينة: مالك لا تحدث؟ فقال: أما وأنت حي فلا!. هذا هو التوقير والإجلال للشيخ عند وجوده في المجلس
4 - مقاطعة الشيخ في الحديث:- من سوء الأدب مقاطعة الشيخ في الحديث لأنه مخالف لهدي النبي صلي الله عليه وسلم. الذي أدبنا وعلمنا، فقال: " ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه".
5 - مسابقة الشيخ في الحديث:- من سوء الأدب مسابقة الشيخ في الإجابة أو شرح المسائل والتقدم بين يديه دون إذن منه.
المنهج الحق الرشيد في التعامل مع زلات العلماء
إن العلماء هم عرضة للخطاء هم غير معصومين، كما في حديث أنس مرفوعا: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون". فمنهج الذي ينبغي أن يتبع في التعامل مع زلاتهم قائم بعد ثبوت كونها زلة علي ركنين.
الأول:- عدم اعتماد تلك الزلة والأخذ بها إذا جاءت علي خلاف الشريعة، ولو أخذ الناس بزلات العلماء ونوادرهم. قال الإمام الأوزاعي- رحمه الله تعالي: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام، والعلماء الأجلاء نصوا علي أن الأصل كتاب الله و سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وأنه متى ظهر خلاف ذلك لم تكن لهم طاعة.
الثاني:- العدل في الحكم علي صاحبها:- فلا ينسب إليه التقصير ولا يشنع عليه من أجلها، ولا ترد بقية أقواله وآرائه وفتاويه بسببها، لكن طاعة العلماء واعتبار العلماء في شرعنا ليس مقصودا لذاته، بل لما قام فيهم من العلم بالله والعلم عن الله عز وجل، وإلا أصبحنا كبني إسرائيل كما قال تعالي: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" (التوبة-33).
إن العالم بحكم كونه بشرا غير معصوم، قد يقع في خطاء غير مقصود، أو يزل وحينئذ لا يتابع في زلته، وعدم متابعته فيما أخطأ فيه لا يعني عدم توقيره.
قصة أربع دعوات
كان هناك رجل سكير دعا قوما من أصحابه ذات يوم فجلسوا ثم نادى علي خادمه ودفع إليه أربعة دراهم وأمره أن يشتري بها شيئا من الفاكهة للمجلس، و في أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار وهو يقول: من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب دعوت له أربع دعوات، فأعطاه الخادم الدراهم الأربعة، فقال له منصور بن عمار: ما تريد أن أدعو لك، فقال الغلام: لي سيد قاس أريد أن أتخلص منه والثانية أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة، والثالثة أن يتوب الله علي سيدي، والرابعة أن يغفر الله لي ولسيدي ولك والقوم، فدعا له منصور بن عمار، وانصرف الغلام ورجع إلي سيده الذي نهره وقال له: لماذا تأخر ت وأين الفكهة؟ فقص عليه مقابلته لمنصور الزاهد وكيف أعطاه الدراهم الأربعة مقابل أربع دعوات، فسكن غضب سيده وقال: وما كانت دعوتك الله؟ قال: سألت لنفسي العتق من العبودية، فقال السيد: قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالي، وما كانت دعوتك الثانية؟ قال أن يخلف الله علي الدراهم الأربعة، فقال السيد: لك أربعة آلاف درهم، قال: وما كانت دعوتك الثالثة؟ قال: أن يتوب الله عليك، فطأطأ السيد رأسه وبكى وأزح بيديه كؤوس الخمر وكسرها، وقال: تبت إلي الله لن أعود أبدا وقال: فما كانت دعوتك الرابعة؟ قال: أن يغفر الله لي ولك وللقوم، قال: السيد: هذا ليس إلي وإنما هو للغفور الرحيم، فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفا يهتف به أنت فعلت ما كان إليك لقد غفر الله لك وللغلام وللمنصور بن عمار وللحاضرين أجمعين.
من قيم أخلاقية المستخرج من هذه القصة ما يلي:-
1 - فضل الصدقة وجزائها.
2 - الرغبة في الدعوة أهل الله.
3 - أن الله هو الغفور الرحيم وهو الواحد في ذلك ليس من قدرة الإنسان.(60/5)
حجية خبر الآحاد
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[11 - 12 - 09, 11:53 ص]ـ
تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها، أو التقدم عليها، من غير تفريق بين متواترها وآحادها، حتى شذت طوائف عبر التاريخ لم تقم للسنة وزناً، ولم ترفع بها رأساً، فمنهم من رفضها جملة وتفصيلاً، وأنكر أن تكون أصلاً من أصول التشريع، زاعمين أن في القرآن غنية لهم عن كل ما سواه، وأنه يتعذر الاطمئنان إلى الأحاديث من جهة الشك في طريقها، وأنه يجوز على رواتها الخطأ والنسيان والكذب، فقالوا بوجوب الاقتصار على القرآن، ومنهم من لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها، فرأى الحجية في نوع منها دون غيره، وقالوا: لا نقبل من السنة أخبار الخاصة التي تعرف عند المحدثين بأخبار الآحاد (وهي ما لم تجمع شروط التواتر) زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين، ورفضوا العمل والاحتجاج بها، مهما كان رواتها من العدالة والضبط، ولم يعتمدوا إلا ما تواتر نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية، ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على الوحي، وحاكموا النصوص إليها.
وقد تكاثرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وأقوال السلف - بل وإجماعهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد، ولزوم العمل به:
فمن أدلة القرآن: قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} (التوبة 122)، فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه، مما يدل على قيام الحجة بخبرها.
ومنها قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، وفي قراءة {فتثبتوا} (الحجرات 6)، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره، ولا يلزمنا التثبت فيه، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين.
ومنها قوله سبحانه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (النحل 43)، فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة.
وقوله سبحانه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} (المائدة67)، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد.
كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد، والعمل بمضمونه، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فجزم بخبره وخرج هارباً، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} (القصص 25)، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه، فتزوج إحداهما بناء على خبره.
وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} (يوسف50)، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/6)
وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) رواه ابن ماجه وغيره، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً، مما يدل على قيام الحجة بخبره، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر.
وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) متفق عليه، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن بليل، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) متفق عليه، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة، والإفطار والإمساك مع أنه واحد، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد.
واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم-: (واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها)، فاعترفت فرجمها، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها، مع ما فيه من إقامة حد، وقتل نفس مسلمة، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال: (من يأتيني بخبر القوم؟).
وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عن عمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت: " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد "، وحديث يزيد بن شيبان قال: كنا في موقف لنا بعرفة، بعيداً عن موقف الإمام، فأتانا ابن مربع الأنصاري قال: " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين: (لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين)، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم-، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم، وبلغ عنه أول سورة براءة، وبعث قيس بن عاصم، و الزبرقان بن بدر، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم، لتعليمهم الأحكام، وقبض الزكاة، وبعث معاذاً و أبا موسى و عماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن.
واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه، كان يتولى كتابتها واحد، ويحملها شخص واحد غالباً، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته، يكتبها واحد، ويحملها واحد، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً، ولحصل التوقف من المدعوين، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين، أو طلب منه جزية، أو زكاة أو نحوها: إن خبرك لا يفيد العلم، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت.
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به، ولم ينقل أن أحداً منهم قال: " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/7)
ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة "، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة.
وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال: " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ، فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها "، حيث قطعوا بتحريم الخمر، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر، ولم يقولوا: نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع قربهم منه، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت.
وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه: " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً، فقام حمل بن مالك فقال: " كنت بين جارتين لي، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنيناً ميتاً، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة، فقال عمر:" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه) متفق عليه، وقبل خبر عبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر، بعد أن قال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، وغيرها كثير.
ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك، قال الإمام الشافعي رحمه الله (الرسالة 1/ 451): " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ...... ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله، والانتهاء إليه، والإفتاء به، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه، ويقبله عنه من تحته، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ.
وقال في (الأم 7/ 460): " لم أسمع أحداً - نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم - يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتسليم لحكمه، فإن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قولٌ بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد لا يختلف فيه الفرض وواجب قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، إلا فرقة سأصف قولها- إن شاء الله تعالى – " أهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم (مختصر الصواعق 2/ 372): " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه، ولم يتواتر لفظه ولا معناه، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له … .... فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع " أهـ.
وبهذا يتضح - بما لا يدع مجالاً للشك- حجية أخبار الآحاد ولزوم العمل بها في أمور الدين كله متى ما ثبتت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم-، وأن القول بعدم حجيتها قول باطل لا يعرف إلا عن أهل البدع ومن تبعهم، ولو ترك الاحتجاج بها لهجرت السنة، وتهاوت أركان الشريعة، واندثر الحق، قال الإمام ابن حبان في مقدمة صحيحة (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/ 156): " فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد "، إلى أن قال: " وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد، فقد عمد إلى ترك السنن كلها، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد ".أهـ.
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t44573.html#post135108)
لا تحرمونا مشاركاتكم هنا اخواني الكرام
منتدى عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
ـ[خالد الغنامي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 01:54 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا النقل المفيد جداً ..
اسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى
والله الموفق
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[12 - 12 - 09, 12:45 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا النقل المفيد جداً ..
اسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى
والله الموفق
و اياك اخي الفاضل .. بارك الله فيك
---------------------
لا تحرمونا مشاركاتكم هنا اخواني الكرام
منتدى عقيدة اهل السنة و الجماعة ( http://www.tunisia-web.com/vb/382/)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/buttons/quote.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=1189575)(60/8)
هل لأسم " المهدي " وجود في السنة؟
ـ[أبو مسلم الشامي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 01:33 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
هل ورد أسم (المهدي) أو (المهدي المنتظر) في كتب السنن؟
اقصد كمسمى فقط (المهدي) أم انه فقط هو محمد بن عبد الله؟
و هل ثبت بدليل قطعي أنه من ذرية أل البيت؟
و جزاكم الله عنا الف خير،
ـ[أم محمد]ــــــــ[11 - 12 - 09, 03:03 م]ـ
عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر
نقلاً عن مجلة الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة في عددها الثالث من سنتها الاولى، ملخصاً لمحاضرة بعنوان «عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر» للشيخ عبد المحسن العباد
أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله) امته عن الامم الماضية بأخبار لابد من التصديق بها، وأنها وقعت وفق خبره (صلى الله عليه وآله)، كما أخبر عن أمور مستقبلة لابد من التصديق بها، والاعتقاد أنها ستقع على وفق ما جاء عنه (صلى الله عليه وآله) وما من شيء يقرب إلى اللّه إلاّ وقد دلّ الامة عليه. ورغّبها فيه، وما من شر إلاّ حذّرها منه.
إن من بين الامور المستقبلة التي تجري في آخر الزمان، عند نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) من السماء، هو خروج رجل من أهل بيت النبوة من ولد علي بن أبي طالب، يوافق اسمه اسم الرسول (صلى الله عليه وآله) ويقال له المهدي، يتولى إمرة المسلمين، ويصلي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، وذلك لدلالة الاحاديث المستفيضة عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، التي تلقتها الامة بالقبول، واعتقدت موجبها إلاّ من شذ.
وسيكون الكلام حول هذا الموضوع لامرين:
الاول: أن الاحاديث الواردة في المهدي لم ترد في الصحيحين على وجه التفصيل، بل جاءت مجملة، وقد وردت في غيرهما مفسرة لما فيهما، فقد يظن ظان أن ذلك يقلل من شأنهما، وذلك خطا واضح، فالصحيح بل الحسن في غير الصحيحين مقبول معتمد عند اهل الحديث.
الثاني: أن بعض الكتّاب في هذا العصر أقدم على الطعن في الاحاديث الواردة في المهدي بغير علم، بل جهلاً أو تقليداً لاحد لم يكن من أهل العناية بالحديث. وقد اطلعت على تعليق لعبد الرحمن محمد عثمان على كتاب تحفة الاحوذي، الذي طبع أخيراً في مصر.
قال في الجزء السادس في باب ماجاء في الخلفاء في تعليقه: «يرى الكثيرون من العلماء أن كل ما ورد من أحاديث عن المهدي، إنما هو موضع شك، وأنها لا تصح عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، بل إنها من وضع الشيعة».
وقال معلقاً بشأن المهدي في باب ماجاء في تقارب الزمن وقصر الامل في الجزء المذكور: «ويرى الكثيرون من العلماء الثقاة الاثبات أن ما ورد في أحاديث خاصة بالمهدي ليست إلاّ من وضع الباطنية والشيعة واضرابهم، وأنها لا تصح نسبتها الى الرسول (صلى الله عليه وآله)».
بل لقد تجرأ بعضهم إلى ما هو أكثر من ذلك، فنجد محيي الدين عبد الحميد في تعليقته على الحاوي للفتاوي للسيوطي، يقول في آخر جزء في العرف الوردي في أخبار المهدي (ص 166) من الجزء الثاني: «يرى بعض الباحثين أن كل ما ورد عن المهدي وعن الدجال من الاسرائيليات».
لهذين الامرين، ولكون الواجب على كل مسلم ناصح لنفسه ألاّ يتردد في تصديق الرسول (صلى الله عليه وآله) فيما يخبر به، رأيت أن يكون الكلام حول هذا الامر كما قلت، تحت عنوان عقيدة اهل السنة والاثر في المهدي المنتظر.
ولكي نكون على علم مقدماً بعناصر الموضوع، أسوقها لكم فيما يلي:
الاول: ذكر أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).
الثاني: ذكء أسماء الائمة الذين أخرجوا الاحاديث والاثار الواردة في المهدي في كتبهم.
الثالث: ذكر الذين أفردوا مسألة المهدي بالتأليف من العلماء.
الرابع: ذكر الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي، وحكاية كلامهم في ذلك.
الخامس: ذكر بعض ما ورد في الصحيحين من الاحاديث التي لها تعلق بشأن المهدي.
السادس: ذكر بعض الاحاديث في شأن المهدي الواردة في غير الصحيحين، مع الكلام عن أسانيد بعضها.
السابع: ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي، واعتقدوا موجبها، وحكاية كلامهم في ذلك.
الثامن: ذكر من وقفت عليه ممن حكي عنه إنكار أحاديث المهدي، أو التردد فيها، مع مناقشة كلامه باختصار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/9)
التاسع: ذكر بعض ما يظن تعارضه مع الاحاديث الواردة في المهدي، والجواب عن ذلك.
العاشر: كلمة ختامية.
الاول: أسماء الصحابة الذين رووا عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أحاديث المهدي:
جملة ما وقفت عليه من أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ستة وعشرون، وهم:
1 ـ عثمان بن عفان.
2 ـ علي بن أبي طالب.
3 ـ طلحة بن عبيد اللّه.
4 ـ عبد الرحمان بن عوف.
5 ـ الحسين بن علي.
6 ـ أم سلمة.
7 ـ أم حبيبة.
8 ـ عبد اللّه بن عباس.
9 ـ عبد اللّه بن مسعود.
10 ـ عبد اللّه بن عمر.
11 ـ عبد اللّه بن عمرو.
12 ـ أبو سعيد الخدري.
13 ـ جابر بن عبد اللّه.
14 ـ أبو هريرة.
15 ـ أنس بن مالك.
16 ـ عمار بن ياسر.
17 ـ عوف بن مالك.
18 ـ ثوبان مولى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).
19 ـ قرة بن إياس.
20 ـ علي الهلالي.
21 ـ حذيفة بن اليمان.
22 ـ عبد اللّه بن الحارث بن جزء.
23 ـ عوف بن مالك.
24 ـ عمران بن حصين.
25 ـ أبو الطفيل.
26 ـ جابر الصدفي.
الثاني: أسماء الائمة الذين خرّجوا الاحاديث والاثار الواردة في المهدي في كتبهم:
وأحاديث المهدي خرّجها جماعة كثيرون من الائمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد وغيرها، وقد بلغ عدد الذين وقفت على كتبهم، واطلعت على ذكر تخريجهم لها، ثمانية وثلاثين، وهم:
1 ـ أبو داود في سننه.
2 ـ الترمذي في جامعه.
3 ـ ابن ماجة في سننه.
4 ـ النسائي، ذكره السفاريني في لوامع الانوار البهية، والمناوي في فيض القدير، وما رأيته في الصغرى، ولعله في الكبرى.
5 ـ احمد في مسنده.
6 ـ ابن حبان في صحيحه.
7 ـ الحاكم في المستدرك.
8 ـ أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف.
9 ـ نعيم بن حماد في كتاب الفتن.
10 ـ الحافظ أبو نعيم في كتاب المهدي، وفي الحلية.
11 ـ الطبراني في الكبير والاوسط والصغير.
12 ـ الدارقطني في الافراد.
13 ـ البارودي في معرفة الصحابة.
14 ـ أبو يعلى الموصلي في مسنده.
15 ـ البزار في مسنده.
16 ـ الحارث بن أبي أسامة في مسنده.
17 ـ الخطيب في تلخيص المتشابه، وفي المتفق والمتفرق.
18 ـ ابن عساكر في تاريخه.
19 ـ ابن منده في تاريخ أصبهان.
20 ـ أبو الحسن الحربي في الاول من الحربيات.
21 ـ تمام الرازي في فوائده.
22 ـ ابن جرير في تهذيب الاثار.
23 ـ أبو بكر بن المقري في معجمه.
24 ـ أبو عمرو الداني في سننه.
25 ـ أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن.
26 ـ الديلمي في مسند الفردوس.
27 ـ أبو بكر الاسكاف في فوائد الاخبار.
28 ـ أبو حسين بن المناوي في كتاب الملاحم.
29 ـ البيهقي في دلائل النبوة.
30 ـ أبو عمرو المقري في سننه.
31 ـ ابن الجوزي في تاريخه.
32 ـ يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده.
33 ـ الروياني في مسنده.
34 ـ ابن سعد في الطبقات.
35 ـ ابن خزيمة.
36 ـ عمرو بن شبر.
37 ـ الحسن بن سفيان.
38 ـ أبو عوانه.
وهؤلاء الاربعة ذكر السيوطي في العرف الوردي كونهم ممن خرج أحاديث المهدي، دون عزو التخريج إلى كتاب معين.
الثالث: ذكر لبعض الذين ألفوا كتباً في شأن المهدي:
وكما اعتنى علماء هذه الامة بجمع الاحاديث الواردة عن نبيهم (صلى الله عليه وآله) تأليفاً وشرحاً، كان للاحاديث المتعلقة بأمر المهدي قسطها الكبير من هذه العناية، فمنهم من أدرجها ضمن المؤلفات العامة كما في السنن والمسانيد وغيرها، ومنهم من أفردها بالتأليف، وكل ذلك حصل منهم حماية لهذا الدين، وقياماً بما يجب من النصح للمسلمين، فمن الذين أفردوها بالتأليف:
1 ـ أبو بكر بن أبي خيثمة زهير بن حرب. قال ابن خلدون في مقدمة تاريخه: «ولقد توغل أبو بكر بن أبي خيثمة على ما نقل السهيلي عنه في جمعه للاحاديث الواردة في المهدي».
2 ـ الحافظ أبو نعيم، ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وذكره في العرف الوردي، بل قد لخص السيوطي الاحاديث التي جمعها أبو نعيم في المهدي، وجعلها ضمن كتابه العرف الوردي، وزاد عليها فيه أحاديث وآثاراً كثيرة جداً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/10)
3 ـ السيوطي، فقد جمع فيه جزءاً سماه العرف الوردي في أخبار المهدي، وهو مطبوع ضمن كتابه الحاوي للفتاوي في الجزء الثاني منه. قال في أوله: «الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى، هذا جزء جمعت فيه الاحاديث والاثار الواردة في المهدي، لخصت فيه الاربعين التي جمعها الحافظ أبو نعيم، وزدت عليه مافات، ورمزت عليه صورة (ك)».
والاحاديث والاثار التي أوردها السيوطي في شأن المهدي تزيد على المئتين، وفيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، وإذا أورد الحديث الواحد أضافه إلى كل من الذين خرّجوه، فيقول مثلاً في أحدها: «أخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن أم سلمة: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة».
4 ـ الحافظ عماد الدين بن كثيرة قال في كتابه الفتن والملاحم: «وقد أفردت في ذكر المهدي جزءاً على حدة، وللّه الحمد والمنة».
5 ـ الفقيه ابن حجر المكي، وقد سمى مؤلَّفه القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، ذكر ذلك البرزنجي في الاشاعة، ونقل منه، وكذلك السفاريني في لوامع الانوار البهية، وغيرهما.
6 ـ علي المتقي الهندي صاحب كنز العمال، فقد ألف في شأن المهدي رسالة ذكرها البرزنجي في الاشاعة، وذكر ذلك قبله أيضاً ملا علي القاري الحنفي، في المرقاة شرح المشكاة.
7 ـ ملا علي القاري، وسمى مؤلَّفه المشرب الوردي في مذهب المهدي، ذكره في الاشاعة، ونقل جملة كبيرة منه.
8 ـ مرعي بن يوسف الحنبلي المتوفى سنة ثلاث وثلاثين بعد الالف، وسمى مؤلَّفه فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر، ذكره السفاريني في لوامع الانوار البهية، وذكره الشيخ صديق حسن القنوجي في كتابه الاذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة، وغيرها.
9 ـ ومن الذين ألفوا في شأن المهدي، بالاضافة إلى مسألتي نزول عيسى (عليه السلام) وخروج المسيح والدجال، القاضي محمد بن علي الشوكاني، وسمى مؤلَّفه التوضيح في تواتر ماجاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح، ذكر ذلك صديق حسن في الاذاعة، ونقل جملة منه، والشوكاني ممن ألف بشأنه، وحكى تواتر الاحاديث الواردة فيه.
10 ـ الامير محمد بن إسماعيل الصنعاني صاحب سبل السلام، المتوفى سنة 1182 هـ. قال صديق حسن في الاذاعة: «وقد جمع السيد العلامة بدر الملة المنير، محمد بن إسماعيل الامير اليماني، الاحاديث القاضية بخروج المهدي، وأنه من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنه يظهر في آخر الزمان»، ثم قال: «ولم يأت تعيين زمنه إلاّ أنه يخرج قبل خروج الدجال».
الرابع: ذكر بعض الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي ونقل كلامهم في ذلك:
1 ـ الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين الابري السجزي صاحب كتاب مناقب الشافعي، المتوفى سنة ثلاث وستين وثلاثمئة من الهجرة. قال في محمد بن خالد الجندي راوي حديث: «لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم»: «محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملا الارض عدلاً، وأن عيسى (عليه السلام) يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الامة ويصلى عيسى خلفه».
نقل ذلك عنه ابن القيم في كتابه المنار، وسكت عليه، ونقله عنه أيضاً الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة محمد بن خالد الجندي، وسكت عليه، ونقل عنه ذلك وسكت عليه أيضاً فتح الباري، في باب نزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، ونقل عنه ذلك أيضاً السيوطي في آخر جزء العرف الوردي في أخبار المهدي، وسكت عليه، ونقل ذلك عنه مرعي بن يوسف في كتابه فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر، كما ذكر ذلك صديق حسن في كتابه الاذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/11)
2 ـ محمد البرزنجي المتوفى سنة ثلاث بعد المئة والالف في كتابه الاشاعة لاشراط الساعة. قال: «الباب الثالث في الاشراط العظام والامارات القريبة التي تعقبها الساعة، وهي أيضاً كثيرة، فمنها المهدي، وهو أولها. واعلم أن الاحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر» إلى أن قال: «ثم الذي في الروايات الكثيرة الصحيحة الشهيرة أنه من ولد فاطمة» إلى أن قال: «قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان، وأنه من عترة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة، بلغت حد التواتر المعنوي، فلا معنى لانكارها».
وقال في ختام كتابه المذكور، بعد الاشارة إلى بعض أمور تجري في آخر الزمان: «وغاية ما ثبت الاخبار الصحيحة الكثيرة الشهيرة، التي بلغت التواتر المعنوي، وجود الايات العظام التي فيها بل أولها خروج المهدي، وأنه يأتي في آخر الزمان من ولد فاطمة يملا الارض عدلاً كما ملئت ظلماً».
3 ـ الشيخ محمد السفاريني المتوفى سنة ثمان وثمانين بعد المئة والالف، في كتابه لوامع الانوار البهية. قال: «وقد كثرت بخروجه (يعني المهدي) الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي» وأورد الاحاديث في خروج المهدي، وأسماء بعض الصحابة الذين رووها، ثم قال: «وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي اللّه عنهم بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالايمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة».
4 ـ القاضي محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة خمسين بعد المئتين والالف، وهو صاحب التفسير المشهور، ومؤلف نيل الاوطار. قال في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح: «فالاحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الاصول، وأما الاثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي، فهي كثيرة جداً، لها حكم الرفع ; إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك».
وقال في مسألة نزول المسيح (عليه السلام): «فتقرر أن الاحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، والاحاديث الواردة في الدجال متواترة، والاحاديث الواردة في نزول عيسى (عليه السلام) متواترة».
5 ـ الشيخ صديق حسن القنوجي المتوفى سنة سبع بعد الثلاثمئة والالف. قال في كتابه الاذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة: «والاحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جداً، تبلغ حد التواتر المعنوي، وهي في السنن وغيرها من دواوين الاسلام من المعاجم والمسانيد» إلى أن قال: «لاشك أن المهدي يخرج في آخر الزمان من غير تعيين شهر ولا عام، لما تواتر من الاخبار في الباب، واتفق عليه جمهور الامة خلفاً عن سلف، إلاّ من لا يعتد بخلافه» إلى أن قال: «فلا معنى للريب في أمر ذلك الفاطمي الموعود المنتظر، المدلول عليه بالادلة، بل إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة، البالغة الى حد التواتر».
6 ـ الشيخ محمد بن جعفر الكتاني المتوفى سنة خمس وأربعين بعد الثلاثمئة والالف. قال في كتابه نظم المتناثر في الحديث المتواتر: «وقد ذكروا أن نزول سيدنا عيسى (عليه السلام) ثابت بالكتاب والسنة والاجماع» ثم قال: «والحاصل أن الاحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، وكذا الواردة في الدجال، وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم (عليه السلام)».
الخامس: ذكر بعض ما ورد في الصحيحين من الاحاديث مما له تعلق بشأن المهدي:
1 ـ روي البخاري في باب نزول عيسى بن مريم عن أبي هريرة قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم؟».
2 ـ وروى مسلم في كتاب الايمان من صحيحه عن أبي هريرة مثل حديثه عن البخاري ; ورواه أيضاً عن أبي هريرة بلفظ: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم فأمكم منكم؟»، وفيه تفسير ابن أبي ذئب راوي الحديث لقوله: «وامكم منكم»، بقوله: «فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم (صلى الله عليه وآله)».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/12)
3 ـ وروى مسلم في صحيحه عن جابر أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة.
قال: فينزل عيسى ابن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة».
فهذه الاحاديث التي وردت في الصحيحين، وإن لم يكن فيها التصريح بلفظ المهدي، تدل على صفات رجل صالح يؤم المسلمين في ذلك الوقت. وقد جاءت الاحاديث في السنن والمسانيد وغيرها مفسرة لهذه الاحاديث التي في الصحيحين، ودالة على أن ذلك الرجل الصالح اسمه محمد، ويقال له المهدي. والسنة يفسر بعضها بعضاً.
ولما كان المقام لا يتسع لايراد الكثير من الاحاديث الواردة في غير الصحيحين، في شأن المهدي، والكلام عليها، رأيت الاقتصار هنا على إيراد بعضها، مع الكلام على بعض أسانيدها.
السادس: ذكر بعض الاحاديث في المهدي الواردة في غير
الصحيحين:
1 ـ عن أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): أبشركم بالمهدي. يبعث على اختلاف من الناس، وزلازل، فيملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض، يقسم المال صحاحاً. قال له رجل: ما صحاحاً؟ قال: بالسوية، ويملا اللّه قلوب أمة محمد (صلى الله عليه وآله) غناء، ويسعهم عدله»، إلى آخر الحديث.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: «رواه أحمد بأسانيد أبي يعلى باختصار كثير».
2 ـ عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «يكون في أمتي المهدي»، إلى آخر الحديث.
قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الاوسط، ورجاله ثقات».
3 ـ عقد أبو داود في سننه كتاباً، قال في أوله: «أول كتاب المهدي»، وقال في آخره: «آخر كتاب المهدي»، وجعل تحته باباً واحداً أورد فيه ثلاثة عشر حديثاً، وصدر هذا الكتاب بحديث جابر ابن سمرة قال: «سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة» الحديث.
قال السيوطي في آخر جزء من العرف الوردي في أخبار المهدي: «إن في ذلك إشارة إلى ما قاله العلماء: إن المهدي احد الاثني عشر».
4 ـ روى أبو داود في سننه من طريق عاصم بن أبي النجود، عن أبي زرعة عن عبد اللّه بن مسعود، عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي» الحديث.
وهذا الحديث سكت عليه أبو داود والمنذري، وكذا ابن القيم في تهذيب السنن وقد أشار إلى صحته في المنار المنيف، وصححه ابن تيمية في منهاج السنة النبوية، وقد أورده حي مصابيح السنة في فصل الحسان، وقال عنه الالباني في تخريج أحاديث المشكاة: «وإسناده حسن».
5 ـ قال أبو داود في سننه: «حدثنا سهل بن تمام بن بديع، حدثنا عمران القطان عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الانف، يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويملك سبع سنين».
قال ابن القيم في المنار المنيف: «رواه أبو داود بإسناد جيد»، وأورده في مصابيح السنة في فصل الحسان، وقال الالباني في تخريج أحاديث المشكاة: «وإسناده حسن»، ورمز لصحته السيوطي في الجامع الصغير.
6 ـ قال أبو داود في سننه: «حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا عبد اللّه بن جعفر الرقي، حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة»، وأخرجه ابن ماجة عن سعيد بن المسيب قال: «كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: المهدي من ولد فاطمة».
وقد أورد هذا الحديث السيوطي في الجامع الصغير، ورمز لصحته، وأورده في مصابيح السنن في فصل الحسان، وقال الالباني في تخريج أحاديث المشكاة: «وإسناده جيد».
السابع: ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي واعتقدوا موجبها، وحكاية كلامهم في ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/13)
قال الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمئة: «إن في المهدي أحاديث جياداً». قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة علي بن نفيل بن زارع النهدي: «قلت: ذكره العقيلي في كتابه، وقال: لا يتابع على حديثه في المهدي، ولا يعرف إلاّ به». قال: «وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه».
ويرى الامام ابن حبان البستي المتوفى سنة 354 أن الاحاديث الواردة في المهدي مخصصة لحديث: «لا يأتي عليكم زمان إلاّ والذي بعده شر منه».
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، في الكلام على الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في كتاب الفتن: «إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: لا يأتي عليكم زمان إلاّ والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم». قال: «واستدل ابن حبان في صحيحه بأن الحديث ([1]) ليس على عمومه بالاحاديث الواردة في المهدي، وأنه يملا الارض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً».
وقال الامام البيهقي المتوفى سنة 458 هـ، بعد كلامه على تضعيف «لامهدي إلاّ عيسى ابن مريم» قال: «والاحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسناداً».
نقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة محمد بن خالد الجندي، راوي حديث «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم»، ونقله عنه أيضاً ابن القيم في المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف.
وقال الامام محمد بن احمد بن أبي بكر القرطبي، صاحب التفسير المشهور المتوفى سنة 671 هـ، في كتابه التذكرة في أمور الاخرة، بعد ذكر حديث «ولا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم» قال: «إسناده ضعيف، والاحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث، فالحكم بها دونه»، وقال: «يحتمل أن يكون قوله (صلى الله عليه وآله): ولا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم، أي لا مهدي كاملاً إلاّ عيسى». قال: «وعلى هذا تجتمع الاحاديث ويرتفع التعارض».
نقل ذلك عنه السيوطي في آخر جزء من العرف الوردي في أخبار المهدي.
وقال ابن تيمية المتوفى سنة 728 في كتابه منهاج الأنة النبوية (4:211)، في التعليق على الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله): «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي، وكنيته كنيتي، يملا الارض عدلاً كما ملئت جوراً، وذلك هو المهدي»: «إن الاحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره، كقوله (صلى الله عليه وآله) في الحديث الذي رواه ابن مسعود: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه رجل مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ورواه الترمذي وأبو داود من رواية أم سلمة، وفيه: المهدي من عترتي من ولد فاطمة، ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد، وفيه: يملك الارض سبع سنين، ورواه عن علي (رضي الله عنه) أنه نظر إلى الحسن وقال: إن ابني هذا سيد كما سماه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق، يملا الارض قسطاً. وهذه الاحاديث غلط فيها طوائف، طائفة أنكروها، واحتجوا بحديث ابن ماجة أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم، وهذا الحديث ضعيف، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه، وليس مما يعتمد عليه، ورواه ابن ماجة عن يونس عن الشافعي، والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد بن خالد الجندي، وهو ممن لا يحتج به، وليس في مسند الشافعي، وقد قيل: إن الشافعي لم يسمعه من الجندي، وإن يونس لم يسمعه من الشافعي، وطائفة قالت: جده الحسين، وكنيته أبو عبد اللّه، فمعناه محمد بن أبي عبد اللّه، وجعلت الكنية اسماً، وممن سلك هذا ابن طلحة في كتابه الذي سماه غاية السول في مناقب الرسول».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/14)
وقد عقد ابن القيم في آخر كتابه المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف، فصلاً في الكلام على احاديث المهدي وخروجه، والجمع بينها وبين حديث: «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم»، قال فيه: «فأما حديث: لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم، فرواه ابن ماجة في سننه عن يوسف بن عبد الاعلى عن الشافعي عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو مما تفرد به محمد بن خالد. قال أبو الحسن محمد بن الحسين الابري في كتاب مناقب الشافعي: محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل. وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملا الارض عدلاً، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الامة ويصلي عيسى خلفه، وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد هذا، وقد قال الحاكم أبو عبد اللّه: هو مجهول، وقد اختُلف عليه في إسناده، فروي عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن مرسلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله). قال: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد، وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك، والاحاديث على خروج المهدي أصح إسناداً». قال ابن القيم: «قلت: كحديث عبد اللّه بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. قال (يعني الترمذي): وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة، ثم روى حديث أبي هريرة وقال: حسن صحيح».
ثم قال ابن القيم: «وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وأبي أمامة الباهلي وعبد الرحمان بن عوف وعبد اللّه بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وابن عباس وغيرهم»، ثم أورد عدة أحاديث رواها بنص أهل السنن والمسانيد وغيرها، منها ماهو صحيح، ومنها ماهو ضعيف أورده للاستئناس به.
ثم قال: «وهذه الاحاديث أربعة أقسام: صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة، وقد اختلف الناس في المهدي عن أربعة أقوال، أحدها أنه المسيح ابن مريم.
واحتج أصحاب هذا القول بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم، وقد بينا حاله، وأنه لا يصح، ولو صح لم يكن به حجة ; لان عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وبين الساعة، وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي (صلى الله عليه وآله) على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحكمه بكتاب اللّه، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال لا مهدي في الحقيقة سواه، وإن كان غيره مهدياً، كما يقال لا علم إلاّ ما نفع، ولا مال إلاّ ما وقى وجه صاحبه، وكما يصح أن يقال إنما المهدي عيسى ابن مريم، يعني المهدي الكامل المعصوم.
القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه».
ثم ذكر حديثين منهما ذكر مجيء الرايات السود من قبل المشرق من جهة خراسان، وأشار إلى ضعفهما، ثم قال مشيراً إلى أولها وثانيها: «هذا والذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على ([2]) المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج من آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين، وعمر بن عبد العزيز كان مهدياً».
ثم قال: «القول الثالث أنه رجل من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) يخرج في آخر الزمان، وقد امتلات الارض جوراً وظلماً فيملاها قسطاً وعدلاً، وأكثر الاحاديث على هذا تدل».
ثم أورد بعض الاحاديث في خروج المهدي، ثم قال: «وأما الامامية فلهم قول رابع، وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي، لا من ولد الحسن، الحاضر في الامصار الغائب عن الابصار».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/15)
وقال أبو الحسن السمهودي المتوفى سنة 911 هـ: «ويتحصل مما ثبت في الاخبار عنه (أي المهدي) أنه من ولد فاطمة، في أبي داود أنه من ولد الحسن، والسر فيه ترك الحسن الخلافة للّه شفقة على الامة، فجعل القائم بالخلافة ـ الحق ـ عند شدة الحاجة وامتلاء الارض ظلماً من ولده، وهذه سنة اللّه في عباده أنه يعطي لمن ترك شيئاً من أجله أفضل مما ترك أو ذريته، وقد بالغ الحسن في ترك الخلافة». انتهى بواسطة نقل المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي.
وقال ابن حجر المكي المتوفى سنة 974 هـ في كتابه القول المختصر في علامات المهدي المنتظر: «الذي يتعين اعتقاده مادلت عليه الاحاديث الصحيحة من وجود المهدي المنتظر، الذي يخرج الدجال وعيسى خلفه، وأنه المراد حيث أُطلق المهدي». انتهى بواسطة نقل البرزنجي في الاشاعة لاشراط الساعة.
وقال الحافظ عماد الدين بن كثير (رحمه الله)، في كتاب الفتن والملاحم تحت عنوان في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان: «وهو أحد الخلفاء الراشدين الائمة المهديين».
وقال الترمذي: «حدثنا محمد جعفر حدثنا شعبة سمعت زيداً العمى سمعت الصديق الناجي يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا نبي اللّه (صلى الله عليه وآله) فقال: إن في امتي المهدي، يخرج فيعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً (زيد الشاك). قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين. قال: يجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني. قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله). وأبو الصديق الناجي اسمه بكر بن عمرو، ويقال بكر بن قيس، وهذا دليل على أن أكثر مدته تسع، وأقلها خمس أو سبع، ولعله هو الخليفة الذي يحثي المال حثياً. واللّه أعلم. وفي زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم».
قال الامام أحمد: «حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد اللّه بن مسعود، وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمان، هل سألتم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) كم يملك هذه الامة من خليفة؟ قال عبد اللّه: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول اللّه فقال: اثنا عشر كعدد نقباء بني إسرائيل».
وأصل الحديث ثابت في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة قال: «سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً، ثم تكلم النبي (صلى الله عليه وآله) بكلمة خفيت علي، فسألت أبي ماذا قال النبي (صلى الله عليه وآله) قال: كلهم من قريش» وهذا لفظ مسلم، ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحاً يقيم الحق ويعدل فيهم.
وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي صاحب فيض القدير شرح الجامع الصغير، المتوفى سنة 1032 هـ، في كتابه المذكور: «وأخبار المهدي كثيرة شهيرة، أفردها غير واحد في التأليف» إلى أن قال: «أخبار المهدي لا يعارضها خبر: لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم ; لان المراد به، كما قال القرطبي، لا مهدي كاملاً إلاّ عيسى ابن مريم».
وقال المناوي عند حديث: «لن تهلك أمة أنا في أولها وعيسى بن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها» «أراد بالوسط ما قبل الاخر، لان نزوله (عليه السلام) لقتل الدجال يكون في زمن المهدي، ويصلي عيسى خلفه، كما جاءت به الاخبار، وجزم به جمع من الاخيار» وذكر عند حديث: «منا الذي يصلي عيسى ابن مريم خلفه» أنه بعد نزوله يجيء فيجد الامام المهدي يريد الصلاة، فيتأخر ليتقدم، فيقدمه عيسى (عليه السلام) ويصلي خلفه. قال: «فأعظم به فضلاً وشرفاً لهذه الامة» ثم قال: «ولا ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الاثار، من أن عيسى هو الامام المهدي، وجزم به السعد التفتازاني، وعلله بأفضليته ; لامكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولاً ليظهر أنه نزل تابعاً لنبينا حاكماً بشرعه، ثم بعد ذلك يقتدي المهدي به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/16)
وقال الشيخ محمد السفاريني في كتابه لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية، الذي شرح فيه نظمه في العقيدة المسمى «الدرة المغنية في عقد الفرقة المرضية»:
وما أتى بالنص من أشراط فكله حق بلا شطاط
منها الامام الخاتم النصيح محمد المهدي والمسيح
«منها أي من أشراط الساعة التي وردت بها الاخبار، وتواترت في مضمونها الاثار، أي من العلامات العظمى، وهي أولها أن يظهر الامام المقتدى بأقواله وأفعاله، الخاتم للائمة فلا امام بعده، كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الخاتم للنبوة والرسالة، فلا نبي ولا رسول بعد الفصيح اللسان، لانه من صحيح العرب أهل الفصاحة والبلاغة».
ثم قال: «وقوله: محمد المهدي، هذا اسمه وأشهر أوصافه، فأما اسمه فمحمد، جاء ذلك في عدة أخبار، وفي بعضها أن اسمه محمد، واسم ابيه عبد اللèه، فقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي. رواه أبو نعيم من حديث أبي هريرة، ولفظه أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهلي بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملاها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وروى نحوه الترمذي وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم من حديث ابن مسعود (رحمه الله).
وفي رواية من حديث ابن مسعود أيضاً: لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملا الارض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ... أخرجه الطبراني في معجمه الصغير، وأخرجه الترمذي، ولفظه: حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، وقال: حديث حسن صحيح، وكذلك أخرجه أبو داود في سننه، وروى ابن مسعود أيضاً رفعه: اسم المهدي محمد، وفي مرفوع حذيفة: محمد بن عبد اللّه، ويكنى أبا عبد اللّه، ومن أسمائه احمد بن عبد اللّه، كما في بعض الروايات». إلى أن قال: «وأما تسميته ووصفه بالمهدي، فقد ثبتت له هذه الصفة في عدة أخبار». إلى أن قال: «وأما كنيته فأبو عبد اللّه، وأما نسبه فإنه من أهل بيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)».
ثم إن الروايات الكثيرة والاخبار الغزيرة ناطقة أنه من ولد فاطمة البتول ابنة النبي الرسول (صلى الله عليه وآله) ورضي عنها وعن أولادها الطاهرين، وجاء في بعض الاحاديث أنه من ولد العباس، والاول أصح. قال ابن حجر في كتابه القول المختصر: وأما ما روي: إن المهدي من ولد العباس عمي، فقال الدارقطني: حديث غريب تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم. قال: ولا ينافيه خبر الرافعي عن ابن عباس مرفوعاً: ألا ابشرك يا عم أن ذريتك الاصفياء، ومن عترتك الخلفاء، ومنك المهدي في آخر الزمان، به ينشر اللّه الهدى، ويطفئ نيران الضلالة. إن اللّه فتح بنا هذا الامر، وبذريتك يختم. ثم أورد ابن حجر عدة أخبار في هذا المعنى، ثم قال: فهذه الاخبار كلها لا تنافي أن المهدي من ذرية رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة الزهراء ; لان الاحاديث التي فيها أن المهدي من ولدها أكثر وأصح، بل قال بعض حفاظ الامة وأعيان الائمة، أن كون المهدي من ذريته (صلى الله عليه وآله) مما تواتر عنه ذلك، فلا يسوغ العدول ولا الالتفات إلى غيره».
ثم ذكر الشيخ السفاريني (رحمه الله) خمس فوائد، تكلم على كل واحدة منها، الاولى في حليته وصفته، والثانية في سيرته، والثالثة في علامات ظهوره، والرابعة في الاشارة إلى بعض الفتن الواقعة قبل خروجه، والخامسة في مولده وبيعته ومدة ملكه ومتعلقات ذلك، ثم قال بعد الانتهاء من الكلام على الفوائد الخمس: «قد كثرت الاقوال في المهدي، حتى قيل لا مهدي إلاّ عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى (عليه السلام)، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عُدَّ من معتقداتهم» ثم ذكر بعض الاثار والاحاديث في خروج المهدي، وأسماء بعض الصحابة الذين رووها، ثم قال: «وقد روي عما ([3]) ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي اللّه عنهم روايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالايمان بخروج المهدي واجب، كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/17)
أهل السنة والجماعة».
وقال الشيخ محمد بشير الأهسواني الهندي المتوفى سنة ست وعشرين وثلاثمئة والف، في كتابه صيانة الانسان عن وسوسة الشيخ دحلان: «وبعد انقراض قرن الصحابة أتى أمته ما يوعدون من الحوادث والبدع، وكلما أحدثت بدعة رفع مثلها من السنة، ولكن في قرن التابعين وأتباع التابعين لم تظهر البدع ظهوراً فاشياً، وأما بعد قرن أتباع التابعين فقد تغيرت الاحوال تغيراً فاحشاً، وغلبت البدع، وصارت السنة غريبة، واتخذ الناس البدعة سنة والسنة بدعة، ولا تزال السنة في المستقبل غريبة إلاّ ما استثني من زمان المهدي (رضي الله عنه)، وعيسى (عليه السلام) إلى أن تقوم الساعة على شرار الناس».
وقال الشيخ شمس الحق العظيم آبادي المتوفى سنة 1329 هـ في حاشيته المسماة عون المعبود على سنن أبي داود: «وخرّج أحاديث المهدي جماعة من الائمة، منهم أبو داود والترمذي وابن ماجة والبزاز والحاكم والطبراني وأبو يعلى الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة، مثل علي وابن عباس وابن عمر وطلحة وعبد اللّه بن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلي الهلالي وعبد اللّه بن الحارث ابن جزء، وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف».
وقال الشيخ محمد أنور شاه الكشميري المتوفى سنة 1352 هـ في كتابه عقيدة الاسلام: «أخرج مسلم في نزول عيسى (عليه السلام) عن جابر يقول: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى ابن مريم (صلى الله عليه وآله) فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة». قال الكشميري: «المراد به أنه لا يؤم في تلك الصلاة، حتى لا يتوهم أن الامة المحمدية سلبت الولاية».
هذه بعض الكلمات التي وقفت عليها لبعض أهل السنة والاثر في شأن المهدي، والاحتجاج بالاحاديث الواردة فيه، وأعني بأهل السنة والاثر أهل الحديث ومن سار على منوالهم، ممن جعل مستنده في الاعتقاد كتاب اللّه وما ثبت عن رسوله (صلى الله عليه وآله)، دون الاعتراض على ذلك بخيال يسميه صاحبه معقولاً.
الثامن: ذكر من وقفت عليه ممن حكي عنه إنكار أحاديث المهدي أو التردد في شأنه، مع مناقشة كلامه باختصار:
فإن قال قائل: قد أكثرت من النقل عن أهل العلم في إثبات خروج المهدي في آخر الزمان، فلماذا؟ وهل وقفت على ذكر إنكار أحد لخروج المهدي، أو التردد في شأنه على الاقل؟.
والجواب عن السؤال الاول هو أنني أوردت بعض ما وقفت عليه من كلام أهل العلم، بشأن خروج المهدي في آخر الزمان، لتزداد ثباتاً ويقيناً بأن اعتقاد خروجه آخر الزمان هو الجادة المسلوكة، ولتعلم أنه الحق الذي لا يسوغ العدول عنه والالتفات إلى غيره، وعمدة اهل العلم في ذلك الاحاديث الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) فيه، إذ لا مجال للرأي في مثل هذا الامر، بل سبيله الوحيد هو الوحي ; لانه من الامور الغيبية.
أما الجواب عن السؤال الثاني، فهو أني لم أقف على تسمية أحد في الماضين أنكر أحاديث المهدي، أو تردد فيها، سوى رجلين اثنين. أما أحدهما فهو أبو محمد بن الوليد البغدادي، الذي ذكره ابن تيمية في منهاج السنة، وقد مضى حكاية كلام ابن تيمية عنه، وأنه قد اعتمد على حديث «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم» وقال ابن تيمية: «وليس مما يعتمد عليه لضعفه». وسبق في أثناء الكلام الذين نقلت عنهم أنه لو صح هذا الحديث لكان الجمع بينه وبين أحاديث المهدي ممكناً. ولم أقف على ترجمة لابي محمد المذكور.
وأما الثاني فهو عبد الرحمان بن خلدون المغربي المؤرخ المشهور، وهو الذي اشتهر بين الناس عنه تضعيفه لاحاديث المهدي. وقد رجعت إلى كلامه في مقدمة تأريخه، فظهر لي منه التردد لا الجزم بالانكار. وعلى كل حال فإنكارها أو التردد في التصديق بما دلت عليه شذوذ عن الحق، ونكوب عن الجادة المطروقة. وقد تعقبه الشيخ صديق حسن في كتابه إلاذاعة حيث قال: «لا شك أن المهدي يخرج في آخر الزمان من غير تعيين لشهر ولا عام، لما تواتر من الاخبار في الباب، واتفق عليه جمهور الامة خلفاً عن سلف، إلاّ من لا يعتد بخلافه» وقال: «لا معنى للريب في أمر ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/18)
الفاطمي الموعود، والمنتظر المدلول عليه بالادلة، بل إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة، البالغة إلى حد التواتر».
ولي ملاحظات على كلام ابن خلدون أرى أن أشير إليها هنا:
الاولى: أنه لو حصل التردد في أمر المهدي من رجل له خبرة بالحديث، لاعتبر ذلك زللاً منه، فكيف إذا كان من الاخباريين الذين هم ليسوا من أهل الاختصاص؟ وقد احسن الشيخ أحمد شاكر في تخريجه لاحاديث المسند حيث قال: «أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم، واقتحم قحماً لم يكن من رجالها» وقال: «إنه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي تهافتاً عجيباً، وغلط أثلاطاً واضحة» وقال: «إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين: الجرح مقدم على التعديل، ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئاً مما قال».
الثانية: صدَّر ابن خلدون الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي بقوله: «اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الاعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الاسلامية، ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال، أو ينزل معه فيساعده على قتله، ويأتم بالمهدي في صلاته، ويحتجون في هذا الشأن بأحاديث خرّجها الائمة، وتكلم فيها المنكرون لذلك، وربما عارضوها ببعض الاخبار».
أقول: هذه الشهادة التي شهدها ابن خلدون، وهي أن اعتقاد خروج المهدي هو المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الاعصار، ألا يسعه في ذلك ما وسع الناس على ممر الاعصار؟ كما ذكر ابن خلدون نفسه، وهل ذلك إلاّ شذوذ بعد معرفة أن الكافة على خلافه؟ وهل هؤلاء الكافة اتفقوا على الخطأ؟ والامر ليس اجتهادياً، وإنما هو غيبي لا يسوغ لاحد إثباته إلاّ بدليل من كتاب اللّه أو سنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، والدليل معهم وهم أهل الاختصاص.
الثالثة: أنه قال قبل إيراد الاحاديث: «ونحن الان نذكر هنا الاحاديث الواردة في هذا الشأن» وقال في نهايتها: «فهذه جملة الاحاديث التي خرّجها الائمة في شأن المهدي وخروجه في آخر الزمان» وقال في موضع آخر بعد ذلك: «وما أورده أهل الحديث من أخبار المهدي قد استوفينا جميعه بمبلغ طاقتنا».
وأقول: إنه قد فاته الشيء الكثير، يتضح ذلك بالرجوع إلى ما أثبته السيوطي في العرف الوردي في أخبار المهدي عن الائمة، بل إن مما فاته الحديث الذي ذكره ابن القيم في المنار المنيف عن الحارث بن أبي أسامة، وقال: «إسناده جيد»، وتقدم ذكره بسنده وحاصل ما قيل في رجاله.
الرابعة: أن ابن خلدون نفسه قد اعترف بسلامة بعض أحاديث المهدي من النقد، حيث قال بعد إيراد الاحاديث التي خرّجها الائمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان: «وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلاّ القليل».
وأقول: إن القليل الذي يسلم من النقد يكفي للاحتجاج به، ويكون الكثير الذي لم يسلم عاضداً له ومقوياً، على أنه قد سلم الشيء الكثير كما تقدم ذلك في حكاية كلام القاضي محمد بن علي الشوكاني، الذي حكى تواترها وقال: «إن فيها خمسين حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر» ثم إنه في آخر البحث ذكر ما يفيد تردده في أمر المهدي، وذلك يفيد عدم ثبات رأيه، لكونه تكلم فيه بما ليس باختصاصه.
هذه بعض الملاحظات على كلام ابن خلدون في شأن المهدي، وسأستوفي الكلام فيها مع ملاحظات أخرى عليه، في الرسالة التي أنا بصدد تأليفها في هذا الموضوع، إن شاء اللّه تعالى.
التاسع: ذكر بعض ما قد يظن تعارضه مع الاحاديث الواردة في المهدي، مع الجواب عن ذلك:
1 ـ تقدم في أثناء كلام الائمة الذين حكيت كلامهم، أن حديث «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم» لا يتعارض مع الاحاديث الصحيحة الواردة في المهدي ; لضعفه، ولامكان الجمع بينها لو صح، بأن يكون معناه لا مهدي كاملاً إلاّ عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وذلك ينفي أن يكون غيره مهدياً، كالمهدي الذي دلت عليه الاحاديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/19)
2 ـ إن ما دلت عليه أحاديث المهدي من قيامه بنصرة الدين، وامتلاء الارض في زمانه من العدل، لا ينافيه وجود الدجال وأتباعه في زمانه، ومعاداتهم للمسلمين، وكذا الادلة الدالة على بقاء الاشرار مع الاخيار، حتى تخرج الريح اللينة التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ولا يبقى بعد ذلك إلاّ شرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة ; لان المراد مما جاء في أحاديث المهدي كثرة الخير، وقوة أهل الاسلام، وحصول الغلبة لهم، وقهرهم لغيرهم، وهذا لا ينفي وجود أشرار مغمورين في زمانه، كما أننا نعتقد أن الرسول (صلى الله عليه وآله) وخلفاءه قد ملؤوا الارض عدلاً، وكان مع ذلك في الارض في زمانهم من أعدائهم الكثير (قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين).
3 ـ إنّ ما دلت عليه أحاديث المهدي من امتلاء الارض ظلماً وجوراً قبل خروجه لا يدل على خلو الارض من أهل الخير قبل زمانه، فالرسول (صلى الله عليه وآله) أخبر في أحاديث صحيحة بأنه لا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر اللّه، ومنها الحديث الذي رواه مسلم عن جابر أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة» وهذه الاحاديث وأحاديث المهدي تدل على أن الحق مستمر لا ينقطع، لكنه في بعض الازمان تكون لاهله الغلبة ويحصل له الانتشار، كما في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله)، وكما في زمن المهدي وعيسى ابن مريم، وفي بعض الازمان يضعف أهل الحق ويتضاءل انتشاره. أما أن الحق يتلاشى ويضمحل، فهذا ما لم يكن فيما مضى منذ زمن الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولا يكون في المستقبل حتى خروج الريح التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، كما أخبر بذلك الذي لا ينطق عن الهوى صلوات اللّه وسلامه عليه، فما من زمن في الماضي إلاّ وقد هيّأ اللّه لهذا الدين من يقوم به، وفي هذا الزمن الذي تكالب أعداء الاسلام عليه، وغزي بابنائه المنتسبين إليه أعظم من غزوه بأعدائه، لم تخل الارض من إقامة شعائر الدين الاسلامي.
العاشر: كلمة ختامية:
إن أحاديث المهدي الكثيرة، التي ألّف فيها مؤلفون، وحكى تواترها جماعة، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة وغيرهم، تدل على حقيقة ثابتة بلا شك، وأن أحاديث المهدي على كثرتها وتعدد طرقها، وإثباتها في دواوين أهل السنة، يصعب كثيراً القول بأنه لا حقيقة لمقتضاها، إلاّ على جاهل أو مكابر، أو من لم يمعن النظر في طرقها وأسانيدها، ولم يقف على كلام أهل العلم المعتد بهم فيها. والتصديق بها داخل في الايمان بأن محمداً هو رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ; لان من الايمان به (صلى الله عليه وآله) تصديقه فيما أخبر به، وداخل في الايمان بالغيب الذي امتدح اللّه المؤمنين به بقوله: (ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) وداخل في الايمان بالقدر ; فإن سبيل علم الخلق بما قدره اللّه أمران:
أحدهما: وقوع الشيء، فكل ما كان ووقع علمنا أن اللّه قد شاءه، لانه لا يكون ولا يقع إلاّ ما شاءه اللّه، وما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن.
الثاني: الاخبار بالشيء الماضي الذي وقع، وبالشيء المستقبل قبل وقوعه من الذي لا ينطق عن الهوى (صلى الله عليه وآله)، فكل ما ثبت إخباره به من الاخبار في الماضي، علمنا بأنه كان على وفق خبره (صلى الله عليه وآله)، وكل ما ثبت إخباره عنه مما يقع في المستقبل، نعلم بأن اللّه قد شاءه، وأنه لابد أن يقع على وفق خبره (صلى الله عليه وآله) كإخباره (صلى الله عليه وآله) بنزول عيسى (عليه السلام) في آخر الزمان، وإخباره بخروج المهدي، وبخروج الدجال، وغير ذلك من الاخبار، فإنكار أحاديث المهدي أو التردد في شأنه أمر خطير. نسأل اللّه السلامة والعافية والثبات على الحق حتى الممات.
([1]) هكذا، والصحيح أن يقول: على أن الحديث، الخ.
«التحرير».
([2]) هكذا، والصحيح أن تكون العبارة: ... لو صحّا لم يكن فيهما دليل على أن المهدي، الخ.
«التحرير»
([3]) هكذا، والصحيح: عمن.
---------------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/20)
ـ[عبد الملك المرواني]ــــــــ[16 - 12 - 09, 12:19 ص]ـ
قال الشيخ العباد رحمه الله
كلمة ختامية:
إن أحاديث المهدي الكثيرة، التي ألّف فيها مؤلفون، وحكى تواترها جماعة، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة وغيرهم، تدل على حقيقة ثابتة بلا شك، وأن أحاديث المهدي على كثرتها وتعدد طرقها، وإثباتها في دواوين أهل السنة، يصعب كثيراً القول بأنه لا حقيقة لمقتضاها، إلاّ على جاهل أو مكابر، أو من لم يمعن النظر في طرقها وأسانيدها، ولم يقف على كلام أهل العلم المعتد بهم فيها. والتصديق بها داخل في الايمان بأن محمداً هو رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ; لان من الايمان به (صلى الله عليه وآله) تصديقه فيما أخبر به، وداخل في الايمان بالغيب الذي امتدح اللّه المؤمنين به بقوله: (ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) وداخل في الايمان بالقدر
قلت:هاهنا امور لا تحتمل ذكرها الشيخ العباد غفر الله له:
اولا: قوله: إن أحاديث المهدي الكثيرة، التي ألّف فيها مؤلفون الخ
قلت الاستدلال بالاسانيد الكثيرة المعلولة لاثبات حقيقة اعتقادية ليس من مسالك المحققين فمن المعلوم ان الحديثا ذا كان اصله واهيا فانه لا يتقوى بالواهيات من الاسانيد والمكاثرة بالاسانيد لاثبات بعض الاصول ازرى بكثير من الا كابر كنعيم بن حماد من المتقدمين والسيوطي وامثاله من المتاخرين، و قد انتقى البخاري ومسلم احاديثهما وتركا مئات الالاف من ا لاسانيد التي لم يرو ا انها تفيد.
انيا: قوله: واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة وغيرهم
قلت لم يذكر المؤلفون المحققون من اهل السنة والجماعة المهدي والايمان به كاصل من اصول الاعتقاد ولا من فروعه. واقرب مثال على ذلك الطحاوية والواسطية
ثالثا: قوله: وأن أحاديث المهدي على كثرتها وتعدد طرقها، وإثباتها في دواوين أهل السنة، يصعب كثيراً القول بأنه لا حقيقة لمقتضاها، إلاّ على جاهل أو مكابر، أو من لم يمعن النظر في طرقها وأسانيدها، ولم يقف على كلام أهل العلم المعتد بهم فيها
والجواب:
1: ان دواوين اهل السنة التي اشترطت الصحيح لم تذكر المهدي ودونك البخاري ومسلما ففتشهما فلن تجد له رائحة تذكر.
2: لسنا من الجاهلين بحمد الله وقد تتبعنا جميع الطرق قوجدناها واهية وللشيعة ورواتهم بصمة واضحة فيها وكلام اهل العلم مضطرب في اثبات المهدي ولهم فيه تاويلات على فرض صحة المنقول وقد اشار الشيخ العباد الى بعضها.وهذا القاضي محمد بن علي الشوكاني، الذي حكى تواترها وقال: «إن فيها خمسين حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر» ثم إنه في آخر البحث ذكر ما يفيد تردده في أمر المهدي، وذلك يفيد عدم ثبات رأيه كما نقل الشيخ عنه.
.
رابعا: قوله:والتصديق بها داخل في الايمان بأن محمداً هو رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)
قلت هذا من الغلو الذي لم يسبقه اليه احد من العلماء السابقين وتعليله بالقاعدة العامة بالايمان بكل مااخبر به صلى الله عليه وسلم هو من باب المصادرة على المطلوب والمطلوب هو اثبات ان النبي صلى الله عليه وسلم قد نطق باسم المهدي على وجه اليقين الذي تثبت بمثله العقائد و الاسانيد التي ذكرها لاتفي بالمطلوب ودون ذلك خرط القتاد.قوله: وداخل في الايمان بالغيب الذي امتدح اللّه المؤمنين به بقوله: (ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) وداخل في الايمان بالقدر
قلت ادخال الايمان بالمهدي من ضمن الغيب الذي يجب الايمان به على كل مؤمن لم يسبقه اليح احد وكذلك ادخاله بالايمان بالقدر
ولو كان شئ من ذلك صحيحا لورد في كتاب الله وصحيح السنة ولما اعرض عنه واهمله الامامان البخاري ومسلم
فان اصول العقائد كلها مذكورة في كتاب الله وفي السنةالصحيحة
وكان بامكانه ان يقول ان الاحاديث الواردة في المهدي لاترقى الى درجة اليقين وانها في ارقى احوالها من احاديث الاحاد التي لم تجمع الامة على تلقيها بالقبول كما هو شرط العقائد عند المحققين فمن مال اليها فهو معذور ومن نفى موجبها ولم يجعلها من العقيدة فهو معذور لعدم الموجب
واخيرا انصح بقراءة ما كتبه في موقعه الذي باسمه علامة قطر الشيخ ال محمود في شان المهدي فقد اجاد وافاد
والله اعلم
ـ[محمد المناوى]ــــــــ[23 - 12 - 09, 09:25 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/21)
أخى عبد المللك غفر الله لك وأرشدنا وإياك للحق:
أنت علك لم تقرأ كلام الشيخ من أوله وأخذت بطرف الكلام وإن كنت قرأته من أوله فقد أجابك فى أوله
فقولك بأن
1: ان دواوين اهل السنة التي اشترطت الصحيح لم تذكر المهدي ودونك البخاري ومسلما ففتشهما فلن تجد له رائحة تذكر.
قال الشيخ فى نفس الموضوع
ا: أن الاحاديث الواردة في المهدي لم ترد في الصحيحين على وجه التفصيل، بل جاءت مجملة، وقد وردت في غيرهما مفسرة لما فيهما، فقد يظن ظان أن ذلك يقلل من شأنهما، وذلك خطا واضح، فالصحيح بل الحسن في غير الصحيحين مقبول معتمد عند اهل الحديث.
وكنت أريد أن أرد عليك من كلام الشيخ فقط ولكن أدعوك لقراءة الكلام مرة أخرى بقلب سليم
قال شيخ الاسلام فى منهاج السنة:
فالجواب أن الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره
وقال العلامة السفارينى
: وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي؛ فالإيمان بخروج المهدي واجب؛ كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة "
قال عبد الملك
2: لسنا من الجاهلين بحمد الله وقد تتبعنا جميع الطرق قوجدناها واهية وللشيعة ورواتهم بصمة واضحة فيها وكلام اهل العلم مضطرب في اثبات المهدي ولهم فيه تاويلات على فرض صحة المنقول
والله اعلم
ما شاء الله تتبعت جميع الطرق!!!!!!!!
إن كنت حقا فعلت ذلك لتبن لك الحق
وأذكرك بقراءة كلام الشيخ فى المشاركة السابقة مرة اخرى بقلب سليم
وهل كلام أهل العلم كلهم مضطرب؟!!!!
والدعاوى إن لم تقم عليها بينات فأصحابها أدعياء
فانظر للعلماء بحق الذين قد تتبعوا طرقه
قال الكتانى فى نظم المتناثر بعد ان ساق طرق الحديث الكثيرة:
وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث ونقله عن أبي الحسين الإبري وقد تقدم نصه: أول هذه الرسالة وفي تأليف لأبي العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسين العراقي المهدي هذا أن أحاديثه متواترة أو كادت قال: وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد اه.
وفي شرح الرسالة للشيخ جسوس ما نصه: ورد خبر المهدي في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر اه.
وفي شرح المواهب نقلا عن أبي الحسين الإبري في مناقب الشافعي قال تواترت الأخبار أن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي حلفه ذكر ذلك ردا لحديث ابن ماجة عن أنس ولا مهدي إلا عيسى اه.
وفي مغاني الوفا بمعاني الإكتفا قال الشيخ أبو الحسين الإبري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجئ المهدي وأنه سيملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا اه.
وفي شرح عقيدة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي ما نصه:
وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه عن جماعة من الصحابة وقال بعدها وقد روى عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم مما يفيد مجموعة العلم القطعي فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة أ. ه
وتتبع ابن خلدون في مقدمته طرق أحاديث خروجه مستوعبا لها على حسب وسعه فلم تسلم له من علة لكن ردوا عليه بأن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جدا تبلغ حد التواتر وهي عند أحمد والترمذي وأبي داود وابن ماجه والحاكم والطبراني وأبي يعلى الموصلي والبزار وغيرهم من دواوين الإسلام من السنن والمعاجم والمسانيد وأسندوها إلى جماعة من الصحابة فإنكارها مع ذلك مما لا ينبغي والأحاديث يشد بعضها بعضا ويتقوى أمرها بالشواهد والمتابعات وأحاديث المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار وأنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في بعض صلواته إلى غير ذلك. أ. ه
أما ادعاؤك على الشوكانى بقولك
.وهذا القاضي محمد بن علي الشوكاني، الذي حكى تواترها وقال: «إن فيها خمسين حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر» ثم إنه في آخر البحث ذكر ما يفيد تردده في أمر المهدي، وذلك يفيد عدم ثبات رأيه كما نقل الشيخ عنه.
والله اعلم
كيف تقرأ ومن أين استفدت هذا الكلام؟!!!
إن الشوكانى قال هذا الكلام فى رسالة تسمى (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح)
فهو ألف هذه الرسالة ليثبت تواتر هذه الامور وقال فيها:
والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا في الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضا لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك اه.
فهل أنت لست ...... وجمعت جميع الطرق؟!!!!!!!
أخى الحبيب عبد الملك المروانى أرجو ان تتقبل تعقيبى وإنما نستفيد من بعض ويجبر بعضنا بعضا
وأشكر أختنا الفاضلة أم محمد على النقل الطيب الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/22)
ـ[بو عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 12 - 09, 09:11 ص]ـ
يقول الشيخ حمود التويجري في كتابه "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة" في الجزء الثاني صفحة 289 ما نصه: (وأحاديث المهدي التي ذكرنا فيها صحاح وحسان وغرائب ضعيفة، ولم أذكر من الضعيف إلا ما كان له شاهد من الصحاح أو الحسان، وفي الصحاح كفاية في إثبات خروج المهدي في آخر الزمان، وهي حجة قاطعة على من أنكر خروجه من العصريين.) انتهى.
ثم ذكر بعد ذلك كلام العلماء على تواتر أحاديث المهدي وأنها تشد بعضها بعضاً وهي كثيرة -أعني أقوال العلماء- وقد اكتفيت بنقل كلامه رحم الله الجميع، وأنصح بالرجوع إليه للاستزادة في هذا الموضوع.
وإلى الأخ أبو مسلم الشامي أنصحه كذلك بالرجوع إلى هذا الكتاب ففيه أحاديث كثيرة عن خروج المهدي وهو كما قال المؤلف من بين الصحيح والحسن والضعيف الذي يصلح شاهداً.
والله أعلم.
ـ[صالح بن حسن]ــــــــ[24 - 12 - 09, 02:26 م]ـ
عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر
نقلاً عن مجلة الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة في عددها الثالث من سنتها الاولى، ملخصاً لمحاضرة بعنوان «عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر» للشيخ عبد المحسن العباد
---------------------------------------------------------------------------------------
جزاك الله خيرا أم محمد و نفع بك وجعل هذا النقل خالصا لوجهه تبارك و تعالى لكن لو تكرمت و رفعت لنا هذا البحث على ملف وورد لكان أفضل.(60/23)
الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن .. !!
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 02:55 م]ـ
الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن
السؤال: ورد في صحيح البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعائين، أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فكتمته ولو بثثته لقطع هذا الحلقوم) فما معنى هذا الحديث؟ ولماذا يكتم أبو هريرة هذا العلم؟ أرجو الشرح والتفصيل.
الجواب:
الحمد لله: روى البخاري (120) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ).
قال الحافظ رحمه الله:
"قَوْله: (وِعَاءَيْنِ) أَيْ ظَرْفَيْنِ ... أَيْ: نَوْعَيْنِ مِنْ الْعِلْم , ومُرَاده: أَنَّ مَحْفُوظه مِنْ الْحَدِيث لَوْ كُتِبَ لَمَلَأَ وِعَاءَيْنِ" انتهى ملخصا.
وبثثته: أذعته ونشرته.
والبلعوم: مجرى الطعام
قال الحافظ في "الفتح" (1/ 216):
"حَمَلَ الْعُلَمَاء الْوِعَاء الَّذِي لَمْ يَبُثّهُ عَلَى الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا تَبْيِين أَسَامِي أُمَرَاء السُّوء وَأَحْوَالهمْ وَزَمَنهمْ , وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَكُنِّي عَنْ بَعْضه وَلَا يُصَرِّح بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كَقَوْلِهِ: (أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ رَأْس السِّتِّينَ وَإِمَارَة الصِّبْيَان). يُشِير إِلَى خِلَافَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة، لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَة سِتِّينَ مِنْ الْهِجْرَة. وَاسْتَجَابَ اللَّه دُعَاء أَبِي هُرَيْرَة فَمَاتَ قَبْلهَا بِسَنَةٍ.
قَالَ اِبْن الْمُنِير: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَة بِقَوْلِهِ: " قُطِعَ " أَيْ: قَطَعَ أَهْل الْجَوْر رَأْسه إِذَا سَمِعُوا عَيْبه لِفِعْلِهِمْ وَتَضْلِيله لِسَعْيِهِمْ, وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيث الْمَكْتُومة لَوْ كَانَتْ مِنْ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَا وَسِعَهُ كِتْمَانهَا. وَقَالَ غَيْره: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مَعَ الصِّنْف الْمَذْكُور مَا يَتَعَلَّق بِأَشْرَاطِ السَّاعَة وَتَغَيُّر الْأَحْوَال وَالْمَلَاحِم فِي آخِر الزَّمَان, فَيُنْكِر ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَأْلَفهُ, وَيَعْتَرِض عَلَيْهِ مَنْ لَا شُعُور لَهُ بِهِ " انتهى ملخصا.
وقال العيني:
" أراد به نوعين من العلم، وأراد بالأول الذي حفظه من السنن المذاعة لو كتبت لاحتمل أن يملأ منها وعاء، وبالثاني ما كتمه من أخبار الفتن كذلك.
ويقال: حمل الوعاء الثاني على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء الجور وأحوالهم وذمهم " انتهى. "عمدة القاري" (3/ 364).
وقال القرطبي رحمه الله: " حُمل على ما يتعلق بالفتن من أسماء المنافقين ونحوه، أما كتمه عن غير أهله فمطلوب بل واجب " انتهى.
"التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 852).
وقال ابن بطال رحمه الله:
" قال المهلب، وأبو الزناد: يعنى أنها كانت أحاديث أشراط الساعة، وما عَرَّف به صلى الله عليه وسلم من فساد الدين، وتغيير الأحوال، والتضييع لحقوق الله تعالى، كقوله صلى الله عليه وسلم: (يكون فساد هذا الدين على يدى أغيلمة سفهاء من قريش)، وكان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم، فخشى على نفسه، فلم يُصَرِّح. وكذلك ينبغى لكل من أمر بمعروف إذا خاف على نفسه في التصريح أن يُعَرِّض. ولو كانت الأحاديث التي لم يحدث بها من الحلال والحرام ما وَسِعَهُ تركها، لأنه قال: " لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم"، ثم يتلو: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) البقرة /159 " انتهى.
"شرح صحيح البخارى" لابن بطال (1/ 195).
وقال ابن الجوزي رحمه الله:
" ولقائل أن يقول: كيف استجاز كتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال:
(بلغوا عني)؟ وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إذا ذُكِرَ قُتِلَ راويه؟ وكيف يستجيز المسلمون من الصحابة الأخيار والتابعين قتل من يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/24)
فالجواب: أن هذا الذي كتمه ليس من أمر الشريعة؛ فإنه لا يجوز كتمانها وقد كان أبو هريرة يقول: " لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم " وهي قوله: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) " فكيف يظن به أن يكتم شيئا من الشريعة بعد هذه الآية وبعد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ عنه؟ وقد كان يقول لهم: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) وإنما هذا المكتوم مثل أن يقول: فلان منافق، وستقتلون عثمان، و (هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش) بنو فلان، فلو صرح بأسمائهم لكذبوه وقتلوه " انتهى.
"كشف المشكل من حديث الصحيحين" (ص/1014).
والخلاصة:
أن ما كتمه أبو هريرة رضي الله عنه من العلم مختص بأخبار الفتن وأمراء السوء وأحوالهم وزمانهم، وأسماء المنافقين، وما يحصل آخر الزمان من تغير الأحوال ووقوع الفتن ونحو ذلك مما لا يألفه الناس.
وإنما كتمه أبو هريرة رضي الله عنه ولم ينشره للمصلحة الراجحة؛ فإنه لو ذكر أمراء السوء، أو عين أحدا منهم، أو كنّى عنه بما يدل عليه لوقع الناس في الفتن ولكثر القيل والقال، ولتعرض أبو هريرة للأذى، ولتحمس بعض هؤلاء الأحداث ممن لا علم لهم ولا روية عندهم وأثار القلاقل وأحدث الفتن، بدعوى أن هؤلاء أمراء السوء الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من تطهير الأرض منهم وإراحة الناس من شرهم وأذاهم، فيخرجون على الخلفاء والأمراء، ويحدثون الفتن.
وكذا لو أخبر أبو هريرة رضي الله عنه بما يحصل من الملاحم والفتن آخر الزمان لسارع كثير ممن لا علم له من السفهاء والدهماء إلى تكذيبه، ولكثر الجدل ولاحتدّ النقاش فيما يرويه ويقوله، فينصرف الناس – كما هي عادتهم في مثل ذلك – عن الانشغال بما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم إلى أندية الجدل ومحاطّ الخصام.
وقد كانوا لا يقبلون بعض ما يروي من أحاديث الأحكام، ويستكثرون عليه ما يروي في الحلال والحرام، فكيف لو روى لهم شيئا من أحاديث الفتن؟!
فكان كتمانه هذا النوع من العلم من حكمته وتمام فقهه وعلمه رضي الله عنه.
أما أحاديث الأحكام ونحوها: فلم يكن بدّ من روايتها، روى البخاري (2350) ومسلم (2492) عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ... إلى أن قال: وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (126377 ( http://islamqa.com/ar/ref/126377))
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب ( http://www.islamqa.com/ar/ref/139569)(60/25)
الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن .. !!
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 02:56 م]ـ
الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن
السؤال: ورد في صحيح البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعائين، أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فكتمته ولو بثثته لقطع هذا الحلقوم) فما معنى هذا الحديث؟ ولماذا يكتم أبو هريرة هذا العلم؟ أرجو الشرح والتفصيل.
الجواب:
الحمد لله: روى البخاري (120) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ).
قال الحافظ رحمه الله:
"قَوْله: (وِعَاءَيْنِ) أَيْ ظَرْفَيْنِ ... أَيْ: نَوْعَيْنِ مِنْ الْعِلْم , ومُرَاده: أَنَّ مَحْفُوظه مِنْ الْحَدِيث لَوْ كُتِبَ لَمَلَأَ وِعَاءَيْنِ" انتهى ملخصا.
وبثثته: أذعته ونشرته.
والبلعوم: مجرى الطعام
قال الحافظ في "الفتح" (1/ 216):
"حَمَلَ الْعُلَمَاء الْوِعَاء الَّذِي لَمْ يَبُثّهُ عَلَى الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا تَبْيِين أَسَامِي أُمَرَاء السُّوء وَأَحْوَالهمْ وَزَمَنهمْ , وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَكُنِّي عَنْ بَعْضه وَلَا يُصَرِّح بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كَقَوْلِهِ: (أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ رَأْس السِّتِّينَ وَإِمَارَة الصِّبْيَان). يُشِير إِلَى خِلَافَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة، لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَة سِتِّينَ مِنْ الْهِجْرَة. وَاسْتَجَابَ اللَّه دُعَاء أَبِي هُرَيْرَة فَمَاتَ قَبْلهَا بِسَنَةٍ.
قَالَ اِبْن الْمُنِير: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَة بِقَوْلِهِ: " قُطِعَ " أَيْ: قَطَعَ أَهْل الْجَوْر رَأْسه إِذَا سَمِعُوا عَيْبه لِفِعْلِهِمْ وَتَضْلِيله لِسَعْيِهِمْ, وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيث الْمَكْتُومة لَوْ كَانَتْ مِنْ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَا وَسِعَهُ كِتْمَانهَا. وَقَالَ غَيْره: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مَعَ الصِّنْف الْمَذْكُور مَا يَتَعَلَّق بِأَشْرَاطِ السَّاعَة وَتَغَيُّر الْأَحْوَال وَالْمَلَاحِم فِي آخِر الزَّمَان, فَيُنْكِر ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَأْلَفهُ, وَيَعْتَرِض عَلَيْهِ مَنْ لَا شُعُور لَهُ بِهِ " انتهى ملخصا.
وقال العيني:
" أراد به نوعين من العلم، وأراد بالأول الذي حفظه من السنن المذاعة لو كتبت لاحتمل أن يملأ منها وعاء، وبالثاني ما كتمه من أخبار الفتن كذلك.
ويقال: حمل الوعاء الثاني على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء الجور وأحوالهم وذمهم " انتهى. "عمدة القاري" (3/ 364).
وقال القرطبي رحمه الله: " حُمل على ما يتعلق بالفتن من أسماء المنافقين ونحوه، أما كتمه عن غير أهله فمطلوب بل واجب " انتهى.
"التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 852).
وقال ابن بطال رحمه الله:
" قال المهلب، وأبو الزناد: يعنى أنها كانت أحاديث أشراط الساعة، وما عَرَّف به صلى الله عليه وسلم من فساد الدين، وتغيير الأحوال، والتضييع لحقوق الله تعالى، كقوله صلى الله عليه وسلم: (يكون فساد هذا الدين على يدى أغيلمة سفهاء من قريش)، وكان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم، فخشى على نفسه، فلم يُصَرِّح. وكذلك ينبغى لكل من أمر بمعروف إذا خاف على نفسه في التصريح أن يُعَرِّض. ولو كانت الأحاديث التي لم يحدث بها من الحلال والحرام ما وَسِعَهُ تركها، لأنه قال: " لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم"، ثم يتلو: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) البقرة /159 " انتهى.
"شرح صحيح البخارى" لابن بطال (1/ 195).
وقال ابن الجوزي رحمه الله:
" ولقائل أن يقول: كيف استجاز كتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال:
(بلغوا عني)؟ وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إذا ذُكِرَ قُتِلَ راويه؟ وكيف يستجيز المسلمون من الصحابة الأخيار والتابعين قتل من يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/26)
فالجواب: أن هذا الذي كتمه ليس من أمر الشريعة؛ فإنه لا يجوز كتمانها وقد كان أبو هريرة يقول: " لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم " وهي قوله: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) " فكيف يظن به أن يكتم شيئا من الشريعة بعد هذه الآية وبعد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ عنه؟ وقد كان يقول لهم: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) وإنما هذا المكتوم مثل أن يقول: فلان منافق، وستقتلون عثمان، و (هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش) بنو فلان، فلو صرح بأسمائهم لكذبوه وقتلوه " انتهى.
"كشف المشكل من حديث الصحيحين" (ص/1014).
والخلاصة:
أن ما كتمه أبو هريرة رضي الله عنه من العلم مختص بأخبار الفتن وأمراء السوء وأحوالهم وزمانهم، وأسماء المنافقين، وما يحصل آخر الزمان من تغير الأحوال ووقوع الفتن ونحو ذلك مما لا يألفه الناس.
وإنما كتمه أبو هريرة رضي الله عنه ولم ينشره للمصلحة الراجحة؛ فإنه لو ذكر أمراء السوء، أو عين أحدا منهم، أو كنّى عنه بما يدل عليه لوقع الناس في الفتن ولكثر القيل والقال، ولتعرض أبو هريرة للأذى، ولتحمس بعض هؤلاء الأحداث ممن لا علم لهم ولا روية عندهم وأثار القلاقل وأحدث الفتن، بدعوى أن هؤلاء أمراء السوء الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من تطهير الأرض منهم وإراحة الناس من شرهم وأذاهم، فيخرجون على الخلفاء والأمراء، ويحدثون الفتن.
وكذا لو أخبر أبو هريرة رضي الله عنه بما يحصل من الملاحم والفتن آخر الزمان لسارع كثير ممن لا علم له من السفهاء والدهماء إلى تكذيبه، ولكثر الجدل ولاحتدّ النقاش فيما يرويه ويقوله، فينصرف الناس – كما هي عادتهم في مثل ذلك – عن الانشغال بما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم إلى أندية الجدل ومحاطّ الخصام.
وقد كانوا لا يقبلون بعض ما يروي من أحاديث الأحكام، ويستكثرون عليه ما يروي في الحلال والحرام، فكيف لو روى لهم شيئا من أحاديث الفتن؟!
فكان كتمانه هذا النوع من العلم من حكمته وتمام فقهه وعلمه رضي الله عنه.
أما أحاديث الأحكام ونحوها: فلم يكن بدّ من روايتها، روى البخاري (2350) ومسلم (2492) عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ... إلى أن قال: وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (126377 ( http://islamqa.com/ar/ref/126377))
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب ( http://www.islamqa.com/ar/ref/139569)(60/27)
حاورته فقال لي لم أرى توضيحا وتشبيها أجمل من هذا التشبيه ..... حول التوسل ....
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[11 - 12 - 09, 03:13 م]ـ
كنت أحاور أحد الأحبة حول التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وبعباد الله الصالحين.
وكنت أبين له أن أخذ الحاجة لابد أن يكون من الطريق التي إذن الله بها
وقد أذن الله بطلب الحاجة من أخ حاضر كأن تطلبه أن يعطيك كتابا أما مه
وأذن في أن تقول له أن يقول لأحد أن يعطيك الكتاب
وأذن سبحانه في أن تسأله أو تتوسل بصفاته وأسمائه الحسنى لحصول مراد
وأذن سبحانه في أن تتوسل بعملك الخالص لوجه الله
وأذن في أن تسأل أحدا أن يدعو الله لك.
ولم يأذن بل وليس من الأدب أن تقول يالله أعطني هذا الكتاب بدون أن تمد يدك فتأخذه
ولم يأذن في أن تقول ياكتاب تعال إلي
ولم يأذن في أن ان تتوسل بعمل غيرك الخالص لو جه الله
كأن تقول اللهم أن فلان عمل عملا خالصا لوجك في ما أحسب اللهم إن كنت تعلم أنه خالصا لوجهك فإني أسألك أن تعطيني كذا وكذ
فهذ عمل صالح خالص لوجه الله ولكن لاعلاقة لك به فهل قال أحد أن التوسل به جائز.
فكذلك ذات غيرك إن كانت متصفة بالنبوة أو الصلاح لم يرد الإذن بأن تكون وسيلة لحصول المراد كما أن عمل الآخر الصالح لم يرد أنه وسيله لحصول المراد
فقال:
لم أرى توضيحا وتشبيها أجمل من هذا التشبيه.
.
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[11 - 12 - 09, 08:40 م]ـ
جزاك الله خيرا يا عبد الرحمن .. حقا إنه تشبيه حسن تُشكر عليه، وليتك تبسط القول أيضا لأعمال الشرك من صرف أنواع العبادة لغير الله بطريقة تقنع الجاهليِّين القبوريين.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 08:59 م]ـ
بارك َ الله ُ فيك .. ونفع بك ..
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 09:57 م]ـ
... فكذلك ذات غيرك إن كانت متصفة بالنبوة أو الصلاح لم يرد الإذن بأن تكون وسيلة لحصول المراد كما أن عمل الآخر الصالح لم يرد أنه وسيله لحصول المراد.
سلمك الله يا عبد الرحمن ... ولكن ــ ومن باب المباحثة والمدارسة وهو مما يحلو مع امثالكم ــ ما تقول في توسل الصحابة بالعباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ـ مع قول عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (اللهم ... وإنا نتوسل اليك بعم نبيك ... )؟
وصح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال للذي سأله عن الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل عملهم " أنت مع من أحببت" فهذا قد توسل بحبه للصالحين فأخبر أن ذلك نافعه.؟؟؟؟
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[11 - 12 - 09, 10:35 م]ـ
سلمك الله يا عبد الرحمن ... ولكن ــ ومن باب المباحثة والمدارسة وهو مما يحلو مع امثالكم ــ ما تقول في توسل الصحابة بالعباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ـ مع قول عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (اللهم ... وإنا نتوسل اليك بعم نبيك ... )؟
نقول في هذا إن هذا من أدب الأنبياء في الدعاء وهو أن تذكر حالتك لله -وهو أعلم بها منك - قال زكرياعليه السلام (رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا)
فكأن عمر رصي الله عنه يقول: رب أنا كنا نذهب لنبيك فيدعو لنا وإنا الأن نذهب إلى عم نبيك ليدعو لنا
وصح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال للذي سأله عن الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل عملهم " أنت مع من أحببت" فهذا قد توسل بحبه للصالحين فأخبر أن ذلك نافعه.؟؟؟؟
أما هذا فأقول أنظر إلى عِظم أجر محبة الصاحين فبها يجعل الله المرأ مع من أحب
فبحبك أنت فزت لابفضلهم هم فقط.
.
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 11:11 م]ـ
[ QUOTE] نقول في هذا إن هذا من أدب الأنبياء في الدعاء وهو أن تذكر حالتك لله -وهو أعلم بها منك - قال زكرياعليه السلام (رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا)
فكأن عمر رصي الله عنه يقول: رب أنا كنا نذهب لنبيك فيدعو لنا وإنا الأن نذهب إلى عم نبيك ليدعو لنا
قال ابو العلياء: ياعبد الرحمن. ليس هذا جواب سؤالي. فتأمل رحمك الله قولك:
فكذلك ذات غيرك إن كانت متصفة بالنبوة أو الصلاح لم يرد الإذن بأن تكون وسيلة لحصول المراد
أما هذا فأقول أنظر إلى عِظم أجر محبة الصاحين فبها يجعل الله المرأ مع من أحب
فبحبك أنت فزت لابفضلهم هم فقط.
قال ابو العلياء:
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[11 - 12 - 09, 11:58 م]ـ
تكميل ....
قال ابو العلياء: وهل يكون المتوسل الا محبا للمتوسل به؟
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[12 - 12 - 09, 01:50 ص]ـ
تكميل ....
قال ابو العلياء: وهل يكون المتوسل الا محبا للمتوسل به؟
ليس حتماً .. فقد يتوسل به - وهو يبغضه - لمكانته عند المتوسل إليه
ومعذرة على التدخل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/28)
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:03 ص]ـ
سلمك الله يا عبد الرحمن ... ولكن ــ ومن باب المباحثة والمدارسة وهو مما يحلو مع امثالكم ــ ما تقول في توسل الصحابة بالعباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ـ عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ـ مع قول عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (اللهم ... وإنا نتوسل اليك بعم نبيك ... )؟
هم طلبوا منه أن يدعو له ولهم .. وقد أورد هذا النوع من التوسل الأخ عبد الرحمن في مشاركته التي برقم 1 هنا إذ قال [وأذن في أن تسأل أحدا أن يدعو الله لك.]
- لا أنهم يتوسلون بذات العباس!
- ولو كان التوسل بذوات الصالحين جائزاً لتوسلوا بذات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .. ولا يعدلون عنها إلى ذات عمه - رضي الله عنه -
فانتبه!
وصح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال للذي سأله عن الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل عملهم " أنت مع من أحببت" فهذا قد توسل بحبه للصالحين فأخبر أن ذلك نافعه.؟؟؟؟
وهذا أيضاً ذكره الأخ عبد الرحمن هنا
إذ قال في مشاركته رقم 1 أيضا: [وأذن سبحانه في أن تتوسل بعملك الخالص لوجه الله]
.. وهو التوسل بعملك الصالح وهو حبك للصالحين وهو من أوثق عرى الإيمان .. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله]
وفقكم الله
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:33 ص]ـ
المقصود أن العباس، هو من كان يدعوا الله تعالى، وهو صاحب العمل الصالح -وجميع صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم كذلك-، وأن الصحابة كانوا يطلبون من العباس الدعاء ...
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[12 - 12 - 09, 04:05 ص]ـ
على الرغم من كثرة الموضوعات في المنتدى عن التوسل، إلا أنه ينبغي تكرار الكلام للأخ أبي العلياء ..
اعلم أخي الكريم أن الذي أذن به الشارع هو أن تطلب من الصالح الحي أن يدعو لك لما ترى من مكانته عند الله أو يظهر له صلاح، فتكون دعوته أرجى للقبول والإجابة، وهذا ما فعله الصحابة مع العباس رضي الله عنه، فقدَّموه ليستسقي لهم بالدعاء، لا أنهم دعوا الله بذات العباس أن يسقيهم .. فتأمل.
وإذا كان الناس في الدنيا يلتمسون عند ذوي المناصب من هم أقرب إليهم لقضاء حاجاتهم، فهذا المسلك المعهود، أما أن يذهب واحد من الناس لوزير ليقضي حاجته فيقول له متوسلا: أريد أن تقضي حاجتي بسبب فلان الذي تحبه وينفذ أوامرك ويلتزم بتعاليمك، لاتهمه الوزير بالغباء إن لم يكن بالجنون. لكن إن طلب من فلان هذا أن يذهب هو لقضاء حاجته عند الوزير لقربه منه فهذا المقبول المعقول.
والشيء نفسه حين يتوسل الإنسان بذات صالح في دعائه، فيقول: يا رب بذات الولي فلان اشفني. فملا علاقته هو بفلان الصالح هذا؟ لو تأملناه وجدناه ضربا من الخلل. لكن إذا ذهب لفلان الصالح وطلب منه الدعاء، فهذا الصالح يدعو له فيكون أرجى قبولا عند الله لما له من أعماله الصالحة عند الله.
وما يدندن به مجددو ملة عمرو بن لحي من أن التوسل بذوات الصالحين هو قياس على توسل الإنسان بعمله، فإذا كان توسل الإنسان بعمله وهو مخلوق جاز، فتوسل الإنسان بذات الصالح المخلوق فهو جائز أيضا، فهذا كله هراء.
فالعبادات أولا لا يقاس عليها، وثانيا إذا كان التوسل بالأعمال الصالحة يجعل التوسل بذوات الصالحين جائزة فالأولى أن يقال جواز التوسل بأعمال الصالحين، فيقول الداعي: يا رب فرج همي بالصيام الذي صامه عبدك الصالح فلان، وهذا مما لم يقله أحد وفيه من خفة العقل ما فيه.
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[12 - 12 - 09, 10:48 ص]ـ
بارك الله فيكم وأحسن الله إليكم
وتقبل الله منكم وجزاكم الله خيرا
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 09:17 م]ـ
ليس حتماً .. فقد يتوسل به - وهو يبغضه - لمكانته عند المتوسل إليه
ومعذرة على التدخل
هذا مما لا يمكنني تصوره فيما نحن فيه يا أبا سلمى، فهل تتفضل بمثال؟
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[13 - 12 - 09, 12:28 ص]ـ
هذا مما لا يمكنني تصوره فيما نحن فيه يا أبا سلمى، فهل تتفضل بمثال؟
أنا كنت ظان أنك تقصد التعميم.
إذن يرد سؤال وهو:
يعني بقولك
قال ابو العلياء: وهل يكون المتوسل الا محبا للمتوسل به؟ كنت تقصد أنه إن كان يحب الولي الصالح المقبور فإنه يجوز له التوسل به؟
يعني هكذا يكون - عندك - التوسل بالمحبة في الله التي هي من الأعمال الصالحة؟؟
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[13 - 12 - 09, 09:10 ص]ـ
أنا كنت ظان أنك تقصد التعميم.
إذن يرد سؤال وهو:
يعني بقولك كنت تقصد أنه إن كان يحب الولي الصالح المقبور فإنه يجوز له التوسل به؟
يعني هكذا يكون - عندك - التوسل بالمحبة في الله التي هي من الأعمال الصالحة؟؟
تنبه ـ رحمك الله ـ الى أنني قد قلت في أولى مداخلاتي مايلي:
سلمك الله يا عبد الرحمن ... ولكن ــ ومن باب المباحثة والمدارسة وهو مما يحلو مع امثالكم
فالمباحثة والمدارسة لا تعني اعتقادا و لا تقريرا، وفيها من اللذة والحلاوة مايخيل معه انك تلعق عسلا. فبالله عليكم لا تصيروها ـ بالردود الفجة المتشنجة ـ خلا و حنظلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/29)
ـ[ابو سعد الجزائري]ــــــــ[18 - 12 - 09, 07:17 م]ـ
اخي ابو سلمة تعلم ان كثيرا من العلماء خاصة المتاخرين على جواز التوسل بالجاه والذوات بغض النظر في هذا هل هو صحيح ام فاسد. واظن انه مر علي ان الامام احمد رحمه الله يجيز هذا.
فمن تريد اخي بقولك /
.... وما يدندن به مجددو ملة عمرو بن لحي من أن التوسل بذوات الصالحين ......
وهل من جوز هذا كان مجدد لملة عمرو بن لحي.
فقد قرات لشيخ الاسلام في رسالته في التوسل فما رايته اطلق في المسالة عبارات قوية شديدة كهذه. بل انصافا ما رايته اطلق على التوسل بالجاه والذات انه من الشرك الاصغر.
مع اني اعتقد في نفسي عدم جواز هذا لكن لما لا تنزل الامور منازلها.
ارجوا لمن اراد ان يعلق علي ان يرفق بي ويستدل بالنصوص كما هو داب اهل الحديث. العلم قال الله قال رسوله
قال الصحابة هم الوا العرفان.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[18 - 12 - 09, 07:36 م]ـ
اخي ابو سلمة تعلم ان كثيرا من العلماء خاصة المتاخرين على جواز التوسل ........
فمن تريد اخي بقولك /
.... وما يدندن به مجددو ملة عمرو بن لحي من أن .........
أتقصدني أنا يا أبا سعد؟
إن كنت تقصدني أنا ... فاعلم - رحمك الله - اني لم أقل ما تنبسه إليّ
فانتبه!!
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[18 - 12 - 09, 08:31 م]ـ
أنا كنت ظان أنك تقصد التعميم.
يا له من ظن!!! وبالمناسبة هل "تظن" أن قولك (أنا كنت ظان ... ) قد سلم من اللحن؟
إذن يرد سؤال وهو:
يعني بقولك كنت تقصد أنه إن كان يحب الولي الصالح المقبور فإنه يجوز له التوسل به؟
يعني هكذا يكون - عندك - التوسل بالمحبة في الله التي هي من الأعمال الصالحة؟؟
أخرج البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فَقَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ
قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ
ـ[ابو سعد الجزائري]ــــــــ[18 - 12 - 09, 11:09 م]ـ
فهمت من كلامك ان التوسل المذكور من خواص المسائل التي وسمى بها مجددي ملة عمرو بن لحي.
والا فما فائدة نسبة ذلك اليهم وقد قال بهذا ثلة من العلماء.
فان كان فهمي غير مستقيم فل يجعل كلامي تنبيها لا غير.
ونقطة اخرى اريد الاستفسار عنها.
ان العلماء لما يتكلمون في مسالة التوسل. تكون مربوطة غالبا بباب الدعاء -
اي تقدم بين يدي دعائك ذكرك لعمل لك صالح او ان تثني على الله عزوجل باسمائه الحسنى وصفاته العليا. او يكون توسلا بدعاء الغير.
مع اني اعلم ان الاعمال الصالحة كلها وسيلة لثواب الله وفضله. لكن ان لم يقترن بها دعاء هل تجعل تحت باب التوسل.
يعني حديث انس السابق هل جعله العلماء تحت باب التوسل.
شكرا بارك الله فيكم.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[19 - 12 - 09, 12:30 ص]ـ
فهمت من كلامك ان ....
.... بل أنت لم تفهم
أقول لك هو ليس كلامي ..
هو كلام الأخ هشام أبو زيد هنا في المشاركة رقم 11
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[19 - 12 - 09, 12:39 ص]ـ
أخرج البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فَقَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ
قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ
هذه قد سبقت إجابة الأخ عبد الرحمن عليها في مشاركته التي برقم 5
فبحبك أنت فزت لابفضلهم هم فقط
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[19 - 12 - 09, 02:17 ص]ـ
أخي الكريم أبا سعد الجزائري
ليس المقصود بمجددي ملة عمرو بن لحي المجيزين للتوسل بذوات الصالحين مطلقا، بل لأصحاب هذا النوع من الاستدلال الآنف وهم الصوفية القبوريون، أما العلماء الذي عُرف عنهم جواز هذا النوع من التوسل فقد أجازوه استنادًا للنصوص التي فهموا منها جواز التوسل، ولم يستدلوا عليه بتلك الطريقة البهلوانية التي يعرفها عُبَّاد القبور ومنظرو الشرك أمثال عيسى الحميري، وسعيد فودة، وعلي جمعة. وإلا فعلماؤنا الأفذاذ أعقل وأعلم من يعبثوا بدين الله على هذه الشاكلة.
وأنا لم أقل يوما إن التوسل بذات الصالحين من الشرك الأكبر، بل هو بدعة محدثة على الصحيح من قولَيْ أهل العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/30)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[19 - 12 - 09, 09:43 ص]ـ
التوسل مسئلة فروعية خلافية سائغة الخلاف، فلا داعي لهذا التشاحن!
أما لو قال القائل اللهم إني أتوسل إليك بفلان = يعني حبه ففعله صحيح وعبارته محتملة ـ إن كان حب فلان هذا من القربات الشرعية ـ، وعبارته تشبه (اللهم إنى أتوجه إليك بنبيك) يعني دعاءه، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه كثير مطرد عند العرب، ولكن ينبه على المعنى الباطل تتميما للفائدة ونصحا، إذ أن كثيرا من المتوسلين لا يريدون التوسل بالذات نفسها.(60/31)
هل إبليس أعلم الناس؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:51 ص]ـ
هذه مقولة شائعة فهل هي من الصواب في شيء بارك الله فيكم؟
ـ[أم ديالى]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:59 ص]ـ
ابليس ليس من الناس بل من الجن! فكيف يكون اعلم الناس؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[12 - 12 - 09, 06:22 ص]ـ
يطلق الناس على الجن والإنس
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[12 - 12 - 09, 08:22 ص]ـ
يطلق الناس على الجن والإنس
ما الدليل؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[12 - 12 - 09, 11:54 ص]ـ
الصحاح للجوهري (موافق للمطبوع) - (4/ 125)
والناس قد يكون من الانس ومن الجن،
العباب الزاخر - (1/ 214)
والنّاسُ: قد يكون مِنَ الإنْسِ ومِنَ الجِنِّ،
المصباح المنير- العصرية - (1/ 324)
[ن و س] النَّاسُ:
اسم وضع للجمع كالقوم والرهط وواحده "إِنْسَانٌ" من غير لفظه مشتق من "نَاسَ" "يَنُوسُ" إذا تدلى وتحرك فيطلق على الجن والإنس قال تعالى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}، ثم فسر النّاس بالجنّ والإنس فقال: {مِنَ الجِنَّةِ والنَّاسِ} وسمي الجنّ "نَاسًا" كما سموا رجالًا قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الجِنِّ} وكانت العرب تقول رأيت "نَاسًا" من الجن
لسان العرب - (6/ 245)
(نوس) الناسُ قد يكون من الإِنس ومن الجِنِّ(60/32)
فرقة القاديانية
ـ[سلطان الهاجري]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:00 م]ـ
الباب التاسع
القاديانية
تمهيد: التحذير من ظهور دجالين يدعون النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: ? مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ? وجاء في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام:
((وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)). قال أبو الدرداء: ((صدق والله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء)) وفي إثبات ختم النبوة وردت نصوص كثيرة نكتفي ببعضها هنا،
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي))
ولقد أجمعت الأمة الإسلامية وصار معلوماً من الدين بالضرورة أن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء ولا نبي بعده
واتفق المسلمون على أن كل من يدعي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فإما أن يكون ملحداً كذَّاباً أو مجنوناً مهوساً، ومن المعلوم أن أعداء الإسلام والمستعمرين أصحاب المطامع الواسعة في بلاد المسلمين لم يرضهم هذا المنهج الإلهي فقام كذَّابون يدعون النبوة معرضين عن ما ذكر الله في كتابه وما ذكره رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من انقطاع النبوة وقد ذهب هؤلاء المغرمون بدعوى النبوة إلى تأويل النصوص الواردة في ختم النبوة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم تأويلاً شنيعاً باطنياً
الفصل الأول
أذكر كيف نشأت القاديانية
القاديانية وهي إحدى الفرق الباطنية الخبيثة، ظهرت في آخر القرن التاسع عشر المسيحي في الهند، وتسمى في الهند وباكستان بالقاديانية، وسموا أنفسهم في أفريقيا وغيرها من البلاد التي غزوها بالأحمدية؛ تمويهاً على المسلمين أنهم ينتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. ((والقاديانية ثورة على النبوة المحمدية وعلى صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وثورة على الإسلام ومؤامرة دينية وسياسية كما يذكر الندوي)).
احتضنها الإنجليز حينما كانوا حكاماً مستعمرين للهند، وتبنوها، وبذلوا لنصرتها ما في وسعهم من الإمكانيات المادية والمعنوية؛ وذلك لما رأوه فيها من تحقيق مآربهم والتمكين لهم في الهند وفي غير الهند، واحتضنتها كذلك اليهودية العالمية
وقد نبغت هذه الفتنة في عصر كثر الاضطراب فيه وخَيَّم الجهل وانتشرت الأفكار والمبادئ الهدامة على أوسع نطاق، وتغلغلت بين صفوف المسلمين على حين غفلة منهم، حتى أصبحت طائفة كبيرة خصوصاً حينما تولى وزارة الدولة الباكستانية المسلمة وزير قادياني هو ظفر الله خان؛ وصارت قاديان ثم الربوة عاصمة للقاديانية ومركز دعوة ودعاية لها، وبدأت القاديانية توجه دعوتها إلى البلاد العربية والإسلامية، وبدأت تظهر في العراق وسوريا وتنتشر في أندونيسيا وبعض البلدان في أفريقيا، وتتمنى بإلحاح لو وُجِدَ من يصغي لها في الجزيرة العربية وقد قيض الله للتصدي للقاديانيين علماء أجلاء بينوا للمسلمين خطر هؤلاء القاديانيين وارتدادهم عن الإسلام، ومن هؤلاء العلماء المجاهدون كثير من علماء الهند وباكستان، وتمَّ ذلك والحمد لله إلا أن نشاط القاديانيين هؤلاء ربما ازداد اشتعالاً وتوسعاً بين جهلة المسلمين وشبابهم، وتمَّ ذلك والحمد لله إلا أن نشاط القاديانيين هؤلاء ربما ازداد اشتعالاً وتوسعاً بين جهلة المسلمين وشبابهم.
الفصل الثاني
من هو زعيم القاديانية
1 - اسمه وأسرته: أما اسمه فهو: غلام أحمد القادياني، واسم والده غلام مرتضى، واسم أمه جراج بي بي) وفي نسبة أسرته يتضارب قوله؛ فهو يزعم أنه ينتمي إلى أسرة أصلها من المغول من فرع برلاس، ومرة قال: إن أسرته فارسية، ومرة زعم أن أسرته صينية الأصل، ومرة أنه من بني فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرى قال بأنها جاءت من سمرقند، وزعم مرة أنه يرجع إلى بني إسحاق. وبعد كل هذا الخلط والاضطراب زعم أن الله أوحى إليه أن نسبه يرجع إلى فارس فقال: ((والظاهر أن أسرتي من المغول، ولكن الآن ظهر علي من كلام الله تعالى أن أسرتي حقيقة أسرة فارسية، وأنا أؤمن بهذا؛ لأنه لا يعرف أحد حقائق الأسر مثل ما يعرفها الله تعالى))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/33)
2 - أما هو وثقافته: فقد قرأ مبادئ العلوم وقرأ في المنطق والعلوم الدينية والأدبية في داره على بعض الأساتذة، مثل فضل إلهي، وفضل أحمد، وكل على شاه، كما قرأ الطب القديم على والده الذي كان طبيباً ماهراً وعرافاً حاذقاً، وقد كان يكثر القراءة والطلب وأجهد نفسه في ذلك، إلا أن جميع معلوماته عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم كانت مشوشة ومملوءة بالأخطاء والخلط الشنيع، وقد بدأ حياته العملية بأن توظف في محكمة حاكم المديرية في مدينة سيالكوث إحدى المدن في باكستان، بمرتب يساوي خمس عشرة روبية في ذلك الوقت، وبقي على ذلك أربع سنوات من عام 1864 إلى عام 1868م، وقد استغل في هذه الفترة وقته فأقبل على تعلم الإنجليزية، كما التحق بدراسة الحقوق وأخفق في الامتحان، ثم استقال من وظيفته هذه عام 1868م وشارك والده في المحاكمات والقضايا التي كان مشغولاً بها
3 - صفاته وأخلاقه: مما يذكر عن القادياني أنه كان قليل الفطنة مستغرقاً تبدو عليه البساطة والغرارة، فقد قيل عنه: إنه كان لا يحسن ملأ الساعة، وكان إذا أراد أن يعرف الوقت وضع أنملته على ميناء الساعة وعد الأرقام عداً، وكان لا يميز الأيمن من حذائه عن الأيسر منها، حتى اضطر إلى وضع علامة عليها، وكان يضع أحجار الاستنجاء التي يحتاج إليها كثيراً وأقراص القند التي كان مغرماً بها في مخبأ واحد
وقد وصف الغلام بالبذاءة وسوء الأخلاق وطول اللسان هجاءاً مقذعاً للمخالفين والعلماء المعاصرين وعباد الله الصالحين، وقد وصف جميع من يخالفونه بقوله: ((بعضهم كالكلاب، وبعضهم كالذئاب وبعضهم كالخنازير))
كما عرف عنه التناقض في القضية الواحدة؛ حيث يذكر شيئاً ثم يذكر آخر يدل على كذبه، حيث يأتي بكلام من تلفيقه ثم يزعم أن الله قاله له، ثم يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع أحاديث من تلقاء نفسه.
كما عرف عنه الاحتيال لأخذ أموال الناس وعدم الوفاء بالتزاماته لهم،
4 - عمالة القادياني وأسرته للإنجليز: نرى الإنجليز وهم مسيطرون على الهند يبحثون فيها عن عميل لهم، فكان المطلوب، ووجدوا القادياني خير من يمتثل لتحقيق مآربهم، ويقدم طاعتهم على طاعة ربه ودينه الذي كان ينتمي إليه ويخون أمته الإسلامية التي كان ينتسب إليها ومن الأمثلة- وهي كثيرة - على خدمة هذا المتنبئ لبريطانيا قوله في منع الجهاد: ((لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر-الإنجليز-من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة!! وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وتركيا، وكان هدفي دائماً أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة، وقد تمثل في وضوح تام ولاء القاديانية للإنجليز أنهم دائماً يظهرون سرورهم وابتهاجهم بسقوط أي دولة إسلامية في يد الاستعمار، ويحتفلون بذلك ويعتبرونه من أسعد أعيادهم، لأنهم يعتبرون المكان الذي تصل إليه بريطانيا هو المكان الذي تصل إليه القاديانية.
الفصل الثالث
بيان ختم النبوة وموقف القادياني منه
وقد حاول القادياني التلاعب بعقول المسلمين وإيهامهم أن نبوته لا تتعارض مع القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، أخذوا يتفننون في بيان مفهوم ختم النبوة على معان مختلفة وتأويلات ملفقة، منها:
1 - أن الله تعالى حين يكرم أحداً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويوصله إلى درجة الوحي والإلهام والنبوة فإنه-ومع تسميته نبياً- لا يتعارض هذا المفهوم-مع مفهوم ختم النبوة- إذ إن الشخص لا يزال من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه، ولكن ينتقض هذا المفهوم إذا ادعاه شخص من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
والمغالطة في هذا الكلام:
· أن النبوة لا تأتي من فيض أحد؛ بل هي تَفَضُّلٌ من الله تعالى على من يشاء من خلقه.
· لماذا لا يكون النموذج الذي يدعيه الغلام عاماً؛ بحيث يحق لكل شخص أن يتصف به، فكيف احتكره القادياني بدون أن يذكر أي مبرر له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/34)
2 - أن معنى القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم: ((أنه قد تمت عليه كمالات النبوة وأنه لا يأتي بعده رسول ذو شريعة جديدة، ولا نبي من غير أمته)) (65) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1) ؛ أي أن الانبياء الذين يأتون بعده صلى الله عليه وسلم كلهم يعتبرون من أمته
3 - أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو صاحب الفيوضات الكمالية التي لم يعطها أحد غيره؛ ولذلك سمي بخاتم النبيين
4 - أن معنى الختم هنا هو تأخير النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر قرناً لتظهر عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي بعد ذلك ما يقتضي إظهار عظمة الإسلام بظهور من تطلق عليه كلمة النبي، لتبقى سلسلة النبوة متصلة الحلقات،
5 - أن الغلام هو ظل للرسول صلى الله عليه وسلم لبقاء النبوة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الآن، وانعكاس ظلية الكمالات المحمدية في الغلام، ومن هنا فلا تأثير في نبوة الغلام على القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم
6 - أن القول بانقطاع النبوة وختمها بمحمد صلى الله عليه وسلم ينافي حاجة الناس إلى الرسل والأنبياء التي هي دائمة الوجود بين الناس
7 - كما أن القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فيه اتهام لله بأنه نفذت خزائنه، وأنه لم يعد قادراً على إرسال الرسل. حقا لقد كفر القاديانيون-وبكل جرأة- بما جاء عن الله في كتابه الكريم، وفيما قررته السنة النبوية من ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي نصوص صريحة واضحة، تسلطت عليها الباطنية، من قاديانية وصوفية وبهائية، وغيرهم من فرق الضلال؛ فأولوها على حسب أهوائهم، وفي قوله تعالى: ? يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ? سورة الأعراف: آية 35. استنتج من هذه الآية عدم انقطاع النبوة؛ قال: ويتبين من هذه الآية أن الأنبياء سيبعثون في هذه الأمة أيضاً؛
الفصل الرابع
أذكركيف وصل القادياني إلى دعوى النبوة
لقد تدرج غلام أحمد لدعواه النبوة وسلك مسالك عديدة، وقطع مراحل متفاوتة بينها اختلاف واضطراب،
1 - اتجاهه إلى التأليف: اتجه إلى التأليف والمناظرات التي كانت ملتهبة في القارة الهندية بين شتى الأفكار والفرق، وقد بدأ مناظراً جلداً عن الإسلام والمسلمين ومن هنا بدأت الأنظار تلتفت نحوه وذاع صيته وأعجبته نفسه ومواهبه، فبدأ يحتطب في حبله وطلب من الناس أن يبايعوه، وحينما توجه إليه المسلمون أعلن أنه بدأ في تأليف كتاب كبير في إثبات فضل الإسلام وإعجاز القرآن وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وسمى هذا الكتاب ((براهين أحمدية)) الواقع أن الكتاب كان بمثابة صدمة عنيفة للمسلمين وخيبة أمل مريرة، فقد أصدر الجزء الأول منه وسماه براهين أحمدية سنة 1880م، وملأه بمدح نفسه وكراماته وكشوفاته وإعلانات أخرى زكّى بها نفسه، ثم أصدر الجزء الثاني وكان لا يختلف عن الأول من حيث المضمون، وقد ضمن الجزء الثالث والرابع حث العلماء والجمعيات الإسلامية على إقناع الحكومة الإنجليزية بأن المسلمين أمة هادئة سلمية مخلصة للإنجليز، وأن جهاد الإنجليز حرام، وأن حكومتهم نعمة جسيمة من الله ورحمة، وأنها هي الدولة الوحيدة التي تحقق أهداف المسلمين، وأعاد ذلك وكرره مرة بعد مرة ففطن العلماء له وعرفوا أنه لا يريد إلا الشهرة و فكان يعجبه هذا اللقب ويبدي بين خاصته التأييد له، ويظهر لمن يخالفه كلمات يمتص بها غضبه بما كان يبديه من تأويل نبوته بما يشعر بالتواضع، مثل ((النبي الناقص)) أو ((النبي الجزئي)) أو ((النبي المحدث))، علها تخفف حرارة امتعاض المخالف له ولم تدم هذه الفترة طويلا، فبعد سنة 1901م أسفر عن وجهه الحقيقي بأنه نبي كامل، وأن كل ما قاله أو كتبه من أنه نبي غير كامل صار منسوخاً بثبوت نبوته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/35)
كسب المال لا الدفاع عن الإسلام. ثم أعلن بعد ذلك أنه هو نفسه المسيح الموعود؛ لأنه تواتر-حسب قوله- عليه الإلهام ((إنك أنت المسيح الموعود)) (81) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2) . ثم جاءت سنة 1900م وبدأ الخواص من أتباعه يلقبونه بالنبي صراحة، ثم أدركه بعد ذلك عرق السوء في سنة 1904م، فاحتقر النبوة ورآها غير كافية في شخصه فادعى أنه ((كرشن))، وهو معبود من معبودي الهنادك،
2 - إلهاماته: دعوى أي شخص أن الله ألهمه كذا وكذا، من الأمور اليسيرة التي هي بإمكان كل إنسان أن يدعيها، لقد كثرت إلهامات الغلام التي جعلها بمثابة وحي من الله تعالى، وهي أفكار زخرفها، وتقوَّلَ فيها على الله تعالى وتنطع، وخرج عن الإيمان بالإسلام وبختم النبوة المحمدية.
ومن إلهاماته الأخرى هذه العبارات:
1. إني ألهِمْتُ إن شاء الله (93) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn3) .
2. إني ألهِمْتٌ رجل معقول (94) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn4) .
3. إني ألهِمْتُ الأسف كل الأسف (95) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn5) .
4. إني إلهِمتُ جوهدري رستم (96) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn6) علي.
5. فراش العيش (97) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn7) .
6- أنت مني بمنزلة أولادي
3 - دعواه أنه المسيح الموعود: بعد أن أعاد القادياني وأبدى في دعوى الإلهام انتقل إلى الدعوى الثانية وهي أنه المسيح الموعود، إلا أن العلماء يذكرون أن الفضل في هذا التوجه يعود إلى صديقه الحكيم نور الدين، ويتضح ذلك في رسالة بعثها القادياني رداً على رسالة لصديقه الحكيم، الذي كتب إليه اقتراحه المشهور للغلام في أن يدعي أنه المسيح، فكتب له الغلام مبدياً تواضعه في أول الأمر وعدم طموحه إلى ذلك، وجهه الحكيم إلى دعوى أنه مثيل للمسيح، وبين له الخطة في ذلك بتأويل الأحاديث على وفق دعوى الغلام، وربما لم يكن الحكيم نور الدين وحده مصدر هذه الفكرة، بل الإنجليز أيضاً بطبيعة الحال كان لهم دور بارز في إضرامها ليوجهوها بعد ذلك الوجهة المطلوبة لهم، والتي أول أهدافهم منها محو فكرة الجهاد من أذهان المسلمين، وعلى أي حال كان، فقد قَبِلَ الميرزا مشورة صديقه في أن يصبح نبياً، وتأكد لديه أن الفرصة قد واتته، ومن هنا بدأ الميرزا غلام أحمد في تنفيذ تلك الفكرة وأخذ يدعو إلى ذلك بكل ما يستطيعه من إمكانيات.
دور صديقه الحكيم نور الدين في دفعه إلى الأمام: لقد كان لنور الدين اليد العليا على الغلام؛ حيث كان يمهد له الصعاب ويشاركه في إبراز القضايا الخطيرة وطريقة حلها وتوجيهها،
تأويل الرداءين الأصفرين:
كما أول نصوصاً كثيرة تأويلات باطنية ضالة؛ مثل تأويل ما جاء في أحاديث نزول المسيح أنه ينزل وعليه رداءان أصفران أولهما القادياني على نفسه بأنهما المرضان اللذان كانا يلازمانه وهو الصداع الشديد والدوار الذي في مقدم رأسه، وكثرة البول الناتج عن السكر الذي أصابه (108) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn8) ، وأن الله ابتلاه بهذا لئلا يقع الخلل في نبوءة الرداءين الأصفرين زيادة في تثبيت الناس فيه،
4 - ادعاؤه النبوة: فقد ادعى الغلام النبوة وبيَّن المهام التي أسندها الله إليه حسب زعمه، وقد حدث الحادث المرتقب عام 1900م حينما ألقى إمام مسجده-ويسمى عبد الكريم- خطبة الجمعة معلناً فيها أن الغلام صار نبياً رسولاً؛ لا يؤمن بالله من لا يؤمن به. وحصلت المفاجأة واندهش المصلون لهذا الحدث الغريب، وحصل الجدال والنقاش بين هذا الخطيب وبين المسلمين الذين ما كانوا يعرفون عنه إلا أنه عالم ومجدد وداعية إلى الإسلام ومناظراً لخصومه.
فعاد عبد الكريم وألقى خطبة أخرى في هذا المعنى في الجمعة الثانية، فارتفعت الأصوات بالنقاش فخرج الميرزا من بيته وقال: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ? (118) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn9).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/36)
ومن هنا شمر عن ساعد الجد في دعوى النبوة بل وتحدى على ذلك، وأنه نبي مرسل من الله صاحب شريعة، وكفّر جميع من لا يؤمن به وأثبت لنفسه أنه رسول من الله (119) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn10) ، وأنه نبي سماه الله بذلك
الفصل الخامس
بيان نبوءات الغلام المتنبئ
1. قصة غرامية حصلت له- لا يهمنا منها إلا جانب واحد، ومفاد هذه القصة أن الغلام أحب امرأة تسمى محمدي بيكم بنت الميرزا أحمد بك، وهو ابن خاله. خطبها الغلام بعد أن زعم أن الله أوحى إليها أنها ستكون زوجة له، وأن الله وعده بذلك، والله لا يخلف الوعد، وتحدى على ذلك كل من أراد أن يحول بينه وبين الزواج بها، وجاء بإلهامات وأخبار طويلة، وأن الذي يتزوجها غيره لا بد وأن يموت في خلال سنتين. وخاب أمله ورفض والدها أن يزوجها منه وتزوجت هذه المرأة من غيره، وأنجبت له أولاداً وعاش زوجها عيشة هنيئة سنين عديدة،
2 - هو ادعاؤه علم الغيب ومعرفة وفيات الناس الذين يغضب عليهم فلاناً الذي عاداني سيموت بعد كذا من المدة؛ يحددها بالتاريخ، فينتظر القاديانيون بفارغ الصبر تحقيق تلك النبوءة فينعكس الحال تماماً.
3 - نبوءته عن رجل اسمه عبد الحكيم من المسلمين، ناظره فغضب الغلام وزعم أنه أوحي إليه أن عبد الحكيم سوف لا يعيش طويلا، بل يموت في حياة القادياني، فكانت النتيجة بالعكس؛
4 - قصة مناظرته مع الشيخ ثناء الله الأمر تسري ودعاؤه أن يهلك الله الكاذب منهما في حياة الصادق بمرض خطير مثل الكوليرا أو غيرها؛ فاستجاب الله دعاءه وأمات الكاذب – الغلام- وبقي الشيخ ثناء الله بعده مدة طويلة (136) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn11) .
5- وكان يتنبأ بأن زوجته ستلد ولداً جميلاً ذكراً، وأن الله أخبره بذلك، فتلد زوجته أنثى، وحدث هذا أكثر من مرة، ومع ذلك لم ييأس الغلام أن يصدق في أي مرة.
6 - ومن أكاذيب نبوءته أن الطاغوت لا يمكن أن يصل قاديان ما دام فيها رسوله-أي يقصد نفسه
7 - وتنبأ لأحد أتباعه-ويسمى منظور محمد- أن زوجته- وكانت حاملاً-ستلد ولداً مباركاً يسمى بشير الدولة من زوجته محمدي بيجوم، فكانت النتيجة أن زوجة منظور ولدت بنتاً، ثم لم تلد حتى ماتت
8 - وأحياناً كان يتنبأ بوقوع زلازل هائلة يتأثر منها حتى الجن والطيور، وأنها ستقع في مدة أقصاها كذا وكذا، ولكن النتيجة تظهر لتكذيب الغلام ولا يقع إلا الخير،
9 - وتنبأ بأن الله أوحى إليه إلهاماً أنه سيتزوج بعد تاريخ سنة 1886م نساء (141) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn12) ذوات بركة وخير ينجبن له أولاداً صالحين، وكانت النتيجة أنه مات قبل تحقق هذا الوحي المزعوم.
10 - وتنبأ لمولود له اسمه مبارك أحمد بأنه يكون له فضل على العالمين، ويكون له شهرة عالمية وأيادٍ على الخلق (142) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn13) ، وكانت النتيجة أن الولد مات بعد ثمان سنوات من عمره.
الفصل السادس
بيان غلوه وتفضيله نفسه على الأنبياء وغيرهم
لم يقتصر الميرزا على التنبؤ، بل حمله غروره على أن فضّل نفسه على أكثر الأنبياء والمرسلين، وأنه جُمع فيه ما تفرق في أنبياء كثيرين؛ فما من نبي إلا وقد أخذ منه قسطاً حسب قوله الآتي: ((لقد أراد الله أن يتمثل جميع الأنبياء والمرسلين في شخص رجل واحد، وإنني ذلك الرجل)) ثم جاء الميرزا بشير الدين محمود خليفته الثاني ليعلن غلوه فيه بقوله: ((إن غلام أحمد أفضل من بعض أولي العزم من الرسل)) قال عنه أيضاً: إنه كان أفضل من كثير من الأنبياء، ويجوز أن يكون فضل من جميع الأنبياء وقد تبع هذا التفضيل دعوى المعجزات التي فاقت معجزات الأنبياء؛ حيث قارن الغلام بين معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم فبلغت ثلاثة آلاف معجزة، وبين معجزاته فبلغت أكثر من مليون معجزة (166) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn14) .
وهي معجزات خرافية وفضائح شنيعة ظنها ماءً فإذا بها سراب.
الفصل السابع
أذكرأهم عقائد القاديانية
1. التناسخ والحلول: اعتقاد التناسخ والحلول، وأن الأنبياء تتناسخ أرواحهم وتتقمص روح بعضِهِم وحقيقَتُه جَسَد وحقيقَةَ آخرين، وتظهر في مظهر الجسد الآخر تماماً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/37)
2. التشبيه: كما أن للقادياني أقوالاً كفرية في وصف الله تعالى؛ فهو يزعم أن الله قال عن نفسه جل وعلا: بأنه يصلي ويصوم ويصحو وينام، وأنه يخطئ ويصيب.
الفصل الثامن
بين علاقة القاديانية بالإسلام وبالمسلمين وبغير المسلمين،
وموقف علماء الهند وباكستان من القاديانيين
لقد ابتعد القادياني وعن الإسلام عن المسلمين، وزاحمت القاديانية الإسلام، وأرادت أن تحل محله في العقيدة والفكر والعاطفة، وقطعت أقوى صلة للقاديانية بالإسلام، وجعلت كل من يدخل هذه الديانة الجديدة أو الإسلام الجديد –كما يزعم القاديانيون- بعيداً عن الإسلام الذي ارتضاه رب العالمين لخلقه. ثم جعلوا الحج الأكبر هو زيارة قاديان،
ومن هنا يتضح أن علاقة القاديانيين بالمسلمين أتباع محمد صلى الله عليه وسلم علاقة مبتورة، فقد قطعوا كل صلة بهم وعاملوهم على الأسس الآتية:
1 - أن المسلمين كفار ما لم يدخلوا في القاديانية؛
2 - وعلى هذا فإنه لو مات مسلم، فإنه لا يجوز للقادياني الصلاة عليه ولا دفنه في مقابرهم
3 - لا يجوز نكاح المسلم بالقاديانية
4 - لا تصح الصلاة خلف غير القادياني مهما كانت منزلته
5 - لا يجوز حضور اجتماعات المسلمين سواء كانت في أفراحهم أو في مصائبهم
6 - بل و أبعد من هذا أنهم لا يجوزون الصلاة على من يصلي من القاديانيين خلف المسلمين أو يتعامل معهم أو يوادهم
علاقتهم بغير المسلمين:
وأما علاقتهم بغير المسلمين فنوجزها فيما يلي:
1 - لقد قامت بين القاديانيين وبين كثير من الملل المخالفة للإسلام علاقات قوية، خصوصاً بينهم وبين الدول المعادية للمسلمين
2 - رحب القوميون الهنود بالقاديانية وفرحوا بها وتحمسوا لها كثيراً، لأن هؤلاء الهنادك يحقدون على الإسلام حقداً لا يقل عن حقد اليهود والنصارى
ومن هنا نجد أن لعلماء الهند وباكستان من المسلمين مواقف ونضالاً مريراً للقاديانية؛ حيث جعلوها بالعراء وبينوا زيف تظاهر القاديانيين بالإسلام ومدى عداوتهم له.
الفصل التاسع
أذكر أسباب انتشار القاديانية
1 - جهل كثير من الناس بحقيقة الدين الذي ارتضاه الله
2 - وقوف الاستعمار إلى جانب هذه الدعوة الخبيثة وتأييده لها مادياً ومعنوياً لإدراكهم نتائجها في تحقيق أطماعهم في العالم الإسلامي.
3 - استغلال القاديانيين لفقراء بعض المسلمين،
4 - نشاط القاديانيين وذهابهم إلى الأماكن النائية من بلدان المسلمين التي يكثر فيها الجهل والعامية.
5 - تمويه القاديانيين على السذج من المسلمين، بأن القاديانية والإسلام شيء واحد، وأن القاديانية ما قامت إلا لخدمة الإسلام.
6 - عدم قيام علماء الإسلام بالتوعية الكافية ضد القاديانية وغيرها
الفصل العاشر
بيان وفاة القادياني
وقعت في عام 1907م بين القادياني وبين العلامة ثناء الله الأمر تسري مناظرات خرج الغلام منها مدحوراً مغضباً، ثم تحدى القادياني الشيخ ثناء الله بأن الله سيميت الكاذب منهما في حياة الآخر، ودعا الله تعالى أن يقبض المبطل في حياة صاحبه، ويسلط عليه داء مثل الهيضة والطاعون يكون فيه حتفه.
وفي شهر مايو 1908م أجيبت دعوته فأصيب بالهيضة الوبائية الكوليرا في لاهور، فمات في بيت الخلاء وكان جالساً لقضاء حاجته: ?وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ? سورة إبراهيم: 15.
ونقلت جثته إلى قاديان حيث دفن في المقبرة التي سماها بمقب والملاحظ أن القادياني أثبت أنه كان كذاباً في دعواه النبوة حتى في موته، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه)) كما رواه الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم).
رة الجنة بهشتي مقبرة
الفصل الحادي عشر
أذكربعض زعماء القاديانية
برز كثير من زعماء القاديانية وكبرائهم متخذين من حيل القادياني وضلالاته منهجاً لهم.
وطمع بعضهم في نفس المكانة التي احتلها زعيمهم-أي مرتبة النبوة
1 - الحكيم نور الدين البهيروي:
هذا الرجل هو الشخصية البارزة بعد الغلام وصار هو الخليفة للقاديانية بعد موت الغلام
2 - محمود أحمد:
ابن غلام أحمد أو الخليفة الثاني للقاديانية. تولي زعامة القاديانيين بعد وفاة نور الدين، وأعلن أنه خليفة ليس للقاديانيين فقط، وإنما هو خليفة لجميع أهل الأرض بما فيهم بريطانيا
3 - الخواجة كمال الدين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/38)
كان يدعي لنفسه أنه مثل غلام أحمد في الإصلاح والتجديد، وقد أخذ كثيراً من الأموال وذهب إلى انجلترا لتبليغ القاديانية
4 - وهناك شخصيات أخرى قاديانية – مثل:
محمد أحسن أمر وهو الذي كان مصدر عون لقادياني، حيث كان يرسل إليه مسودات كتبه، ليصلح ما يحتاج إلى إصلاحه فيها ثم يرسلها للغلام ليجعل اسمه على الكتاب.
ومنهم: محمد صادق، وكان مفتياً للقاديانية، وعبد الكريم السيالكوتي إمام مسجد الغلام وخطيبه وصديق الغلام الخالص الذي مدحه بقوله: ((لم يولد في القاديانية رجل ثالث يضاهي حضرة الشيخ عبد الكريم))، وهو أول من خاطب الغلام برسول الله ونبي الله، فأذاقه الله في الدنيا عذاباً تقشعر منه الجلود.
ومنهم: يار محمد، وهو من المؤسسين الأوائل لنبوة الغلام، ومنهم نور أحمد القادياني الذي أعلن أنه رسول الله أيضاً فأعلن قوله: لا إله إلا الله نور أحمد رسول الله، أنا رسول الله أُرسلت رحمة للعالمين كما أنا مظهر لجميع الأنبياء
منهم عبد الله تيمابوري، ادعى النبوة حسب بشارات غلام أحمد فقال: أنا هو الذي بشر عنه حضرة الأقدس المسيح الموعود غلام أحمد بأنه يرسل نبي، فها أنا أرسلت ببركة غلام أحمد وفيضانه، وسوف يظهر على يدي صداقة حضرة الغلام على الدنيا.
الفصل الثاني عشر
بين الفرع اللاهوري القادياني
أمير هذا الفرع هو محمد علي من أوائل المنشئين صرح القاديانية، وممن كان له يد ومنّة عظيمة في توجيه الغلام المتنبي ومساعدته بالفكر والقلم أيضاً، وكان هو الآخر من أشد المخلصين للإنجليز والمحرضين على بذل الطاعة التامة لهم
أما بالنسبة لحقيقة معتقد هذا الرجل في غلام أحمد، وهل كان متلوناً أو كان له مبدأ أُمليَ عليه، أو كان مقتنعاً به دون تدخل أحد، فإن الذي اتضح لي من كلام العلماء الذين نقلوا عنه آراءه أنهم مختلفون على النحو الآتي:
1 - منهم من يرى أن (محمد علي) اختير من قبل الساسة الإنجليز لإتمام مخطط القاديانية بطريقة يتحاشى بها المواجهة مع مختلف طوائف المسلمين في الهند والباكستان وغيرهما
2 - ومنهم من يرى أن (محمد علي) وفرعه كانوا يعتقدون أن الميرزا غلام أحمد لم يدَّعِ النبوة
3 - وذهب الأستاذ مرزا محمد سليم أختر في كتابه: ((لماذا تركت القاديانية؟)) إلى رأي آخر حيث قال بعد أن ذكر ما وقع بين محمد علي وجماعة الربوة من خلاف على منصب الخلافة بعد نور الدين-قال: ((وأنكر نبوة الميرزا ليكسب العزة عند المسلمين))،
والواقع أن القول بأن الفرع اللاهوري-وعلى رأسهم محمد- علي ما كانوا يؤمنون بنبوة الغلام عن اقتناع قول بعيد جداً؛ ذلك أن مواقفهم وتصريحاتهم كلها تشهد بإقرارهم بنبوة الغلام وليس فقط أنه مصلح ومجدد.
(65) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref1) عين المعرفة ص9 للغلام، ما هي القاديانية.
(81) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref2) انظر: القادياني والقاديانية ص35 - 42، ومن 50 - 56، 65،72، ومراجعه التي نقل عنها من كتب الغلام بالأردية، وانظر: القاديانية للحموي ص17.
(93) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref3) البشرى للغلام 2/ 65، ماهي القاديانية؟.
(94) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref4) المصدر السابق ص84.
(95) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref5) مجموعة إلهامات الغلام – البشرى 2/ 71، عن القاديانية.
(96) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref6) البشرى ص94، ماهي القاديانية؟.
(97) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref7) البشرى ص88، ماهي القاديانية؟.
(108) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref8) براهين أحمدية ص201، وسيرة المهدي 2/ 238. عن القاديانية دراسة وتحليل.
(118) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref9) محاضرة السيد سرور شاه القادياني – صحيفة الفضل القاديانية عدد (51) مجلد 410 يناير 1923م، القادياني والقاديانية ص66، 67، الآية من سورة الحجرات:2.
(119) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref10) ضميمة الوحي ص13.
(136) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref11) القاديانية ص 154، 159.
(141) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref12) تبلغ رسالة 1/ 58، ما هي القاديانية؟.
(142) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref13) ترياق القلوب ص 43، المصدر السابق.
(166) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref14) تحفة كولرة ص40.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/39)
ـ[عاشور العدوى]ــــــــ[17 - 12 - 09, 08:55 م]ـ
مواقع لبيان كفر الاحمدية
http://www.anti-ahmadiyya.org/
http://www.antiahmadiyya.net/
ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[15 - 05 - 10, 04:26 ص]ـ
للفائدة(60/40)
مختصر الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:14 م]ـ
يمكنكم تحميها من هذه الصفحة
http://www.masrslafia.net/play.php?catsmktba=761
تنبيه:
((لا يمكنني عرضها في هذه الصفحة لأنها مقارنة فالتنسيق لن يتلائم، لذا فلك أن تحملها وتقرأها على جهازك))
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[09 - 01 - 10, 03:09 ص]ـ
رابط آخر للتحميل بدلًا من الأول:
http://download708.mediafire.com/j190ydd1b4mg/wmjggymdimt/asharaa_matradea.pdf
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 02 - 10, 01:06 ص]ـ
تجدون المختصر في المرفقات، والله الموفق.(60/41)
الْمُبْتَدِعُ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ:
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 04:59 م]ـ
جاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ (13/ 535):
" ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَلامَةُ أَبُو الْحَسَنِ الْحَلَبِيُّ، فَقِيهُ الشِّيعَةِ، وَنَحْوِيُّ حَلَبَ وَمِنْ كِبَارِ تَلامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي الصَّلاحِ.
تَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي كَشْفِ عُوَارِ الإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَبَدْءِ دَعْوَتِهِمْ، وَأَنَّهَا عَلَى الْمَخَارِيقِ، فَأَخْذَهُ دَاعِي الْقَوْمِ، وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ، فَصَلَبَهُ الْمُسْتَنْصِرُ فَلا رَضِيَ اللَّهُ عَمَّنْ قَتَلَهُ، وَأُحْرِقَتْ لِذَلِكَ خِزَانَةُ الْكُتُبِ بِحَلَبَ، وَكَانَ فِيهَا عَشْرَةُ آلافِ مُجَلَّدَةٍ، فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ ".
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 05:16 م]ـ
شيعي يُظْهِرُ عورات ِ قومِه؟!
كيف ذلك؟!
ولم ترحّم عليه الإمام الذهبي وهو مبتدع؟!
أرجو الإجابة شيخنا .. ضيدان ..
محبّكم ..
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 05:44 م]ـ
شيعي يُظْهِرُ عورات ِ قومِه؟!
كيف ذلك؟!
ولم ترحّم عليه الإمام الذهبي وهو مبتدع؟!
أرجو الإجابة شيخنا .. ضيدان ..
محبّكم ..
أخي أبو الهمام ـ حفظه الله ـ:
توقفت عند قول الذهبي: " فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ " ووقع في نفسي الذي وقع منك في سؤالك فلم أخرج بجواب إلا قوله: والأمر لله في قبول هذا الترحم منه. والله أعلم.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 06:29 م]ـ
أخي أبو الهمام ـ حفظه الله ـ:
توقفت عند قول الذهبي: " فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ " ووقع في نفسي الذي وقع منك في سؤالك فلم أخرج بجواب إلا قوله: والأمر لله في قبول هذا الترحم منه. والله أعلم.
لا توجد - في قَبول هذا الترحّم - في المشاركة الأولى ..
جزاك َ الله ُ خيرا ً وبارك َ فيك ..
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[17 - 12 - 09, 09:19 م]ـ
شيعي يُظْهِرُ عورات ِ قومِه؟!
كيف ذلك؟!
ولم ترحّم عليه الإمام الذهبي وهو مبتدع؟!
أرجو الإجابة شيخنا .. ضيدان ..
محبّكم ..
الذي خلصت إليه من الأثر
أن الرجل كان فقيه الشيعة، فلما تبين له الحق اتبعه ولم يقلد، ولم يكتف بذلك
بل كشف عوار دعوة قومه وحذر منها، ووصفها بأنها من المخاريق
فحملت عليه المحامل ولقي ما لقي حتى دفع نفسه ثمناً، في سبيل نشر الحق والدفاع عنه.
ألا يستحق هذا الرجل أن يدعا له بالرحمة والمغفرة، حتى وإن كان متلبساً ببدعة!
فالترحم على أهل البدع جائز، إن لم تخرجهم من الملة، ولا دليل على المنع.
للفائدة ..
حوار ماتع بين الشيخ الألباني رحمه الله وطلبة العلم عن الترحم على أهل البدع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=125732)
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[17 - 12 - 09, 10:41 م]ـ
لا توجد - في قَبول هذا الترحّم - في المشاركة الأولى ..
جزاك َ الله ُ خيرا ً وبارك َ فيك ..
عبارة "في قبول هذا الترحم" ليست من كلام الذهبي،ولكنها من كلام الاخ ضيدان تأول بها قول الذهبي (والامر لله) وفيه تكلف ظاهر،وقد ذكره الذهبي في تاريخه فلم يزد على قوله: ( ... فرحمه الله و لعن من صلبه)
وأما قول الأخ جهاد: الذي خلصت إليه من الأثر
أن الرجل كان فقيه الشيعة، فلما تبين له الحق اتبعه ولم يقلد، ولم يكتف بذلك
بل كشف عوار دعوة قومه وحذر منها، ووصفها بأنها من المخاريق
ففيه لبس، لأنه يوهم ان الرجل قد انتقد اهل مذهبه،والحال أنه انتقد مذهب الاسماعيلية وبين الجعفرية والاسماعيلية من العداوة التي بلغت حد التكفير ما هو معلوم.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[17 - 12 - 09, 10:50 م]ـ
بارك الله فيكم
الشيعة الاثني عشرية يكفِّرون ملاحدة طائفة الاسماعيلية القائلين بالتناسخ واستباحة المحارم وغيرها من المخازي، وهذا الرجل لم يخرج عن مذهبه الإثني عشري أو يدافع عن السُّنَّة بل قام ببيان عوار مذهب ملاحدة الاسماعيلية الباطنية من خلال مذهبه الشيعي الاثني عشري
ومقصد الإمام الذهبي رحمه الله بقوله " ذبَّ عن الملَّة " أي أن هذا الشيعي بين إلحاد هؤلاء الاسماعيلية الكفرة الفجرة - الذين يستحلون المحارم ويقولون بالتناسخ والظاهر والباطن - وأن ما يدعون إليه ليس من ملة الإسلام الحقيقي في شيء
والله أعلى وأعلم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[17 - 12 - 09, 10:53 م]ـ
معذرة أبا العلياء وفقك الله فلم أر ردك إلا بعد المشاركة فقد كنت أحررها أثناء ردك وفقك الله
وفيما قلت كفاية وبيان
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[17 - 12 - 09, 11:00 م]ـ
غفر الله لك يا شيخنا. بل لو كنت أعلم الغيب لما تقدمت بين يديك بذاك التعقيب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/42)
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[17 - 12 - 09, 11:02 م]ـ
أخي أبو الهمام ـ حفظه الله ـ:
توقفت عند قول الذهبي: " فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ " ووقع في نفسي الذي وقع منك في سؤالك فلم أخرج بجواب إلا قوله: والأمر لله في قبول هذا الترحم منه. والله أعلم.
هذا يدلُّ أنه من كلام الذّهبي ..
وكما قال الأخ: إنه لم ينتقل عن التشيّع ..
فبقي َ الإشكال .. !!!
أنه دعا له الإمام الذهبي مع تمسّكِه ببدعته .. !!!
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[18 - 12 - 09, 12:25 ص]ـ
توضيح:
أخي أبو الهمام ـ حفظه الله ـ:
توقفت عند قول الذهبي: " فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ " ووقع في نفسي الذي وقع منك في سؤالك فلم أخرج بجواب إلا قوله: " والأمر لله ".
أي في قبول هذا الترحم منه على هذا المبتدع. والله أعلم.
على العموم:
الشكر للجميع على هذا التوضيح وأحسن الله إليكم جميعاً.
والإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ بشر يخطي ويصيب، وقد لا يسلم له هذا. والله أعلم.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[18 - 12 - 09, 01:15 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبا العلياء، ولست شيخا وفقك الله ولا أحب أن أنادى بهذا أو أوصف به، وأسأل الله أن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا.
التوضيح الذي أشار إليه أبا الهمام ولونه بالأزرق من كلام الشيخ ضيدان ولو راجع النقل جيدا لبان له أنه ليس من كلام الذهبي رحمه الله.
أما الإمام الذهبي رحمه الله فله منهج فيه بعض تساهل في الحكم على المبتدعة، ومن راجع رسالته المطبوعة باسم " جزء في السنن " بتحقيق الدكتور جمال عزون بان له ذلك جليا تصريحا منه لا تلميحا، والإمامة لا تقتضي العصمة، رحمه الله وغفر له وجمعنا به وبعلمائنا الربانيين في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
والله أعلم وأحكم
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[18 - 12 - 09, 01:31 ص]ـ
جزاكمُ الله ُ خيرا ً شيخنا خالد بن َ عمر .. على التوضيح ... !!!
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[18 - 12 - 09, 11:45 ص]ـ
لمالم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين بتكفير المعين من مبتدعة أهل القبلة،مع قولهم من قال كذا، أو فعل كذا فهو كافر , بقي أن يقال:إن كفرت معينا منهم لم يجز لك أن تترحم عليه لأن الله عزوجل قال: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك الذي يئسوا من رحمتي واؤلئك لهم عذاب أليم)
وإن لم تستبح تكفيره لم يمتنع الترحم عليه. فأنت وما يهديك اليه الدليل.
ـ[أبو معاذ الهلالي]ــــــــ[20 - 12 - 09, 05:47 م]ـ
لا يظهر أنّ فيما قاله الحافظ الذهبيّ ما يُنتقَد، بل هو مطَّرِد مع الأصل العام في جواز الاستغفار لكلّ مسلم ما لم يأتِ بما يُخرجه من دائرة إسلامه.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (24/ 286) -:"وكلُّ مَن لم يُعلَمْ منه النِّفاقُ وهو مسلم يجوز الاستغفارُ له والصلاةُ عليه، بل يشرع ذلك ويؤمَرُ به كما قال تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} ".
وقال أيضاً في منهاج السنة النبوية -:"كلُّ مسلمٍ لم يُعلَمْ أنه منافق جاز الاستغفارُ له والصلاةُ عليه وإن كان فيه بدعةٌ أو فسق، لكن لا يجب على كلِّ أحد أن يصلِّيَ عليه ... ".
ـ[إبراهيم بن سعيد بن سليمان]ــــــــ[22 - 03 - 10, 01:05 م]ـ
لا يظهر أنّ فيما قاله الحافظ الذهبيّ ما يُنتقَد، بل هو مطَّرِد مع الأصل العام في جواز الاستغفار لكلّ مسلم ما لم يأتِ بما يُخرجه من دائرة إسلامه.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (24/ 286) -:"وكلُّ مَن لم يُعلَمْ منه النِّفاقُ وهو مسلم يجوز الاستغفارُ له والصلاةُ عليه، بل يشرع ذلك ويؤمَرُ به كما قال تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} ".
وقال أيضاً في منهاج السنة النبوية -:"كلُّ مسلمٍ لم يُعلَمْ أنه منافق جاز الاستغفارُ له والصلاةُ عليه وإن كان فيه بدعةٌ أو فسق، لكن لا يجب على كلِّ أحد أن يصلِّيَ عليه ... ".
جزاكم الله خيرا على هذا الرد الوسط.
نسأل الله الرحمة لجميع للمسلمين(60/43)
أسئلة عن كرامات الأولياء؟
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[12 - 12 - 09, 07:00 م]ـ
هل يمكن أن يكون للولي كرامة بعد موته أم هي مختصة بالحياة؟
هل يمكن أن تكون كرامة الولي باكتساب منه وتحت اختياره بإذن الله أم لا تكون إلا من الله بدون اختيار واكتساب من الولي؟
هل يمكن أن يحيي الولي الموتى بإذن الله؟
أحسن الله إليكم.
ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[13 - 12 - 09, 02:28 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
الكرامة هي: أمرٌ خارقٌ للعادة، يُظهره الله U على أيدي أوليائه.
وهي عند أهل السُّنَّة والجماعة يجوز وقوعها بما دون خوارق الأنبياء، وتختصُّ الكرامات بالأولياء الصَّالحين الموافقين للكتاب والسُّنَّة في أقوالهم وأفعالهم.
لكن ثمَّت ضوابط لهذه الكرامات، ينبغي أن تُراعى حتَّى لا يحصل اللَّبس والخَلْط، ومن ثَمَّ الانحراف، وهذه الضَّوابط كالتَّالي: ـ
1 ـ أن يكون صاحب الكرامة مؤمنًا تقيًّا.
2 ـ أن لا يدَّعي صاحبها الولاية؛ لأنَّ الولاية تزكية للنَّفس.
3 ـ أن لا تكون سببًا في ترك شيءٍ من الواجبات؛ لأنَّ الكرامة حصلت بسبب طاعة الله تعالى.
4 ـ أن لا تخالف أمرًا من أمور الدِّين، فلا يستبيح حرامًا بسببها أو ما شابه ذلك.
انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة للالكائي ـ قسم كرامات أولياء الله، مقدِّمة الدّكتور أحمد سعد ص34.
يقول البركوي في دمغة المبتدعين: ((ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله تعالى)). وفي هذا الكلام ردٌّ على غلاة الصوفيَّة الَّذين اتّخذوا من الكرامات ستارًا يخفون تحته شهواتهم الدّنيئة.
يقول شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة ـ رحمه الله ـ: ((وكرامات الصَّالحين تدلّ على صحّة الدِّين الَّذي جاء به الرَّسولُ e ، ولا تدلُّ على أَنَّ الوليّ معصوم)). مجموعة الرسائل لابن تَيْمِيَّة 4/ 151، وانظر: موقف ابن تَيْمِيَّة من التَّصوُّف والصوفيَّة ص227 ـ 237
وقد سُئلت اللجنة الدائمة هذا السؤال:
السؤال الرابع من الفتوى رقم (9027):
س4: هل للأولياء كرامة، وهل لهم أن يتصرفوا في عالم الملكوت في السماوات والأرض، وهل يشفعون وهم في البرزخ لأهل الدنيا أم لا؟
ج4: الكرامة: أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد عبد من عباده الصالحين حيا أو ميتا إكراما له فيدفع به عنه ضرا أو يحقق له نفعا أو ينصر به حقا، وذلك الأمر لا يملك العبد الصالح أن يأتي به إذا أراد كما أن النبي لا يملك أن يأتي بالمعجزة من عند نفسه، بل كل ذلك إلى الله وحده، قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (1) ولا يملك الصالحون أن يتصرفوا في ملكوت السماوات والأرض إلا بقدر ما آتاهم الله من الأسباب كسائر البشر من زرع وبناء وتجارة ونحو ذلك مما هو من جنس أعمال البشر إذن الله تعالى، ولا يملكون أن يشفعوا وهم في البرزخ لأحد من الخلق أحياء وأمواتا، قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (1) وقال: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (2) وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (3) ومن اعتقد في أنهم يتصرفون في الكون أو يعلمون الغيب فهو كافر؛ لقول الله عز وجل: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4) وقوله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (5) وقوله سبحانه آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم بما يزيل اللبس ويوضح الحق: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (6)
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ولي عودة بعد بحث هذه المسائل التي ذُكِرت في السؤال إن شاء الله ..
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[13 - 12 - 09, 02:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا التفصيل الطيب(60/44)
التفويض في الصفات وحقيقة مذهب السلف (الجزء الأول: المبحث التأصيلي)
ـ[محمد معطى الله]ــــــــ[12 - 12 - 09, 10:26 م]ـ
التفويض في الصفات وحقيقة مذهب السلف
بعيدا عن التزوير والتمويهات
(الجزء الأول: المبحث التأصيلي)
الحمد لله الذي مَنّ على هذه الأمة بخير صحب، وحفظ بهم دينه لمن أقبل عليه ورغب، وجعل السلامة والعافية في ركبهم آمَنِ رَكْب.
والصلاة والسلام على نبيه وخليله محمد، أشرفِ وأطهرِ من دعا وأرشد وخطب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ما قام طِرْف وأكرم وحيا ورحّب.
أما بعد:
فهذا هو الجزء الأول من مبحث التفويض الذي عكفت على تحضيره منذ أشهر، وقد اعترضتْني فيه عدة مشاغل أخّرتْه عن النشر، ولا زالت بعض المشاغل تعترضني، منها سفري في هذا اليوم راجعا إلي بلدي.
فرأيت أن أستعجل بإخراج ما هو شبه جاهز منه حرصا والله على الفائدة لما يستقبلني من أمر الانشغال بأهلي وانتقالي إلى مسكن غير الذي كنت أسكنه قبل السفر.
فرأيت أن أطرح في هذا الموقع المبارك ما اقترب من التمام من الجزء الأول مع مراجعتي له مراجعة غير دقيقة ومع بقاء جزء مهم متمم سألحقه بهذا الجزء لاحقا بإذن الله
وهذا الجزء الأول يمثل مقدمة في الرد على أهل التفويض وجعلتها مقدمة تأصيلية وسيعقبه الجزء الثاني وهو مبحث جدلي في كشف تحريفات وتزويرات صاحب كتاب:
" القول التمام بإثبات التفويض مذهبا للسلف الكرام "
ذلكم الكتاب الذي غلط فيه جماعة من المنتسبين إلى العلم غلطا فاحشا على مذهب أهل السنة والجماعة المتبعين للسلف الصالح من سلف هذه الأمة وغمزوا بهم ولمزوا وطعنوا وسفهوا وحرصوا على تشويه الحق الذي عليه هذه الطائفة ولا أريد الآن أن استعجل في كشف هذا ولا أن أكثر من الدعاوى.
لكني أُعْلِم من لم يطلع على هذا الكتاب أو من اطلع عليه ممن لم يدرس هذا الباب حق الدراسة أن الكتاب المذكور والله وتالله وبالله لَمِنَ الهزالة والضعف والبعد عن أصول العلم ما يستغربه كل صاحب علم وبصيرة!!
ولأجل هزالته فضلت أن أُأَخر نقده، لأنه سيصرفني عن أصل الموضوع لكثرة ما اشتمل عليه من خلط علمي سيء، وفضلت أن أشتغل بأصل الموضوع فهذا أقرب للصدق في النقد وأنفع بلا شك للخلق، ولأنه من تقديم ما حقه التقديم ولن يصرفني عن تحضير الجزء الثاني وهو الخاص بملاحقة هذه الطائفة المخالفة للحق إلا قدر رب العالمين.
لا أريد أن أطيل بهذه المقدمة فلقد أزف الترحل وضاق بي الوقت جدا لكني أنبه إلى أن فصلا من أهم فصول هذا الجزء التأصيلي يكاد يجهز سأتبع إلحاقه به وهو يتعلق بتحديد معاني الصفات وضوابطها، إضافة إلى مادة طيبة من أقوال السلف وأهل العلم فاتني إضافتها للفصول المثبتة في هذا الجزء سألحقها في فرصة قريبة بإذن الله
وأعتذر للقارئ على هذا الاستعجال الذي حرمني ترتيب هذا الجزء والتدقيق في إخراجه لكني أعده بفعل هذا قريبا بإذن الله
قبل الولوج أذكر بخلاصة مذهب السلف في الصفات:
فهم يثبتون من صفات الله كل ما جاءت به نصوص الكتاب والسنة لا يفرقون بين صفات دون صفات فكل ما جاءت به النصوص من ذلك فهو مثبت عندهم إثباتا حقيقيا صادقا لا كذب فيه ولا تمويه من غير تحريف أو تأويل أو تعطيل ومن غير تشبيه أو تكييف أو تمثيل
فهم يثبتون كل صفة بمعناها الظاهر من النص وعلى ما يتبادر منها من فهمٍ في لغة العرب
فالمعنى لغة هو المفهوم من ظاهرِ اللفظِ والذي تصِلُ إليه بغيرِ واسِطَة
كما عرفه المتخصصون من أهل العلم.
ولتتضح هذه الخلاصة أقول:
الإثبات هو:
ـ اعتقاد أن ظاهرها مراد
ـ اعتقاد أن الصفة المذكورة في ظاهر اللفظ هي على حقيقتها وهذا توضيح للفقرة السابقة
ـ اعتقاد أن معناها الظاهر معلوم لنا.
ـ اعتقاد أن لها كيفية وإن جهلناها
وباختصار نحن نثبت أي معنى للصفات جاءت به النصوص أو جاء عن السلف ولو كان بعضا من معنى الصفة
أما التكييف فهو وصف دقيق أو مفصل أو تام للصفة.
والتشبيه هو وصف للموصوف بصفة الغير إجمالا
والتمثيل هو وصف للموصوف بصفة الغير تفصيلا
والتعطيل نفي حقيقة الصفات المثبتة في النصوص عن الله
أما مباحث هذا الجزء فهي كالتالي:
ـ تقرير السلف لمبدإ إثبات معاني الصفات المنافي لتفويضها.
ـ تطبيقات الصحابة في ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/45)
ـ تطبيقات التابعين في ذلك
ـ تطبيقات بقية السلف في ذلك
ـ تطبيقات أئمة أهل السنة السائرين على ما كان عليه السلف
ـ فصل في الكيف وما ورد عن السلف فيه
ـ فصل في الحد وما ورد فيه
ـ فصل فيما تعلّق به من نسب التفويض إلى السلف
لم يبق لي وقت على الشروع في السفر أسأل الله التوفيق والسداد والحفظ والإعانة وأسأله الإخلاص في القول والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه
تقرير السلف لمبدإ إثبات معاني الصفات المنافي لتفويضها.
سأبدأ بأقوال السلف فمن بعدهم الخاصة بإثبات المعاني التي تبين موقفهم من الصفات عموما بما فيها الصفات الخبرية دون تطبيقاتهم على صفات معينة فذلك باب أوسع وهو وجه آخر يبين موقف السلف من إثبات المعاني سيلي هذا الوجه.
وسأقتصر بإذن الله على الصريح وما في حكمه تاركا العشرات من مقالاتهم الدالة على ذلك بسبب شدة عناد المخالف الذي يستغل في إبطالها كل سبيل ولو كان مناف للمروءة العلمية ومصداقية العلم
مع أن مجموع ما يجيبون عنه لا يحتمل أجوبة القوم
لكني هنا سأقتصر كما ذكرت على الصريح وما في حكمه
ـ الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة
قال الإمام أبوبكر بن العربي المالكي الأشعري معترفا كما في شرحه على الترمذي المسمى بعارضة الأحوذي:
" وذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها ـ أي أحاديث الصفات ـ معلوم المعنى ولذلك قال للذي سأله: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة " ا. هـ
عارضة الأحوذي (3/ 166)
ما أظن أنه بقي مجال لمن اعتدنا منهم العناد على منوال (عنزة ولو طارت)
وقال الإمام المفسر القرطبي المالكي الأشعري في تفسيره (7/ 140 - 141):
" وَقَدْ كَانَ السَّلَف الْأُوَل رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَة وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ , بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّة بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابه وَأَخْبَرَتْ رُسُله.
وَلَمْ يُنْكِر أَحَد مِنْ السَّلَف الصَّالِح أَنَّهُ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه حَقِيقَة. وَخُصَّ الْعَرْش بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَم مَخْلُوقَاته , وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الِاسْتِوَاء فَإِنَّهُ لَا تُعْلَم حَقِيقَته. قَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه: الِاسْتِوَاء مَعْلُوم - يَعْنِي فِي اللُّغَة - وَالْكَيْفَ مَجْهُول , وَالسُّؤَال عَنْ هَذَا بِدْعَة " ا. هـ
وقوله: " يعني في اللغة " هو من كلام القرطبي وموافق لنفس ما ذكره ابن العربي وهما أشعريان فماذا عسى أن يقول المخالف
وقال العلامة الملا عليّ القاري في المرقاة عند دفاعه عن الإمامين ابن القيم رحمه الله وشيخه شيخ الإسلام فقال ما نصه:
" ومن طالع شرح منازل السائرين لنديم الباري الشيخ عبد الله الأنصاري الحنبلي قدس الله تعالى سره الجلي، تبين له أنهما كانا من أهل السنة والجماعة، بل ومن أولياء هذه الأمة، ومما ذكر في الشرح المذكور ما نصه على وفق المسطور هو قوله على بعض عبارة المنازل ... ما نصه:
" أن حفظه حرمة نصوص الأسماء والصفات بإجراء أخبارها على ظواهرها، وهو اعتقاد مفهومها المتبادر إلى أفهام العامة ولا نعني بالعامة الجهال بل عامة الأمة.
كما قال مالك رحمه الله وقد سئل عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى طه: كيف استوى؟
فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال:
" الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة "
فرق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة وبين الكيف الذي لا يعقله البشر وهذا الجواب من مالك رحمه الله شاف عام في جميع مسائل الصفات من السمع والبصر والعلم والحياة والقدرة والإرادة والنزول والغضب والرحمة والضحك، فمعانيها كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة ... قال القاري عند نهاية كلام ابن القيم:
انتهى كلامه وتبين مرامه، وظهر أن معتقده موافق لأهل الحق من السلف وجمهور الخلف فالطعن والتشنيع والتقبيح الفظيع غير موجه عليه ولا متوجه إليه فإن كلامه بعينه مطابق لما قاله الإمام الأعظم والمجتهد الأقدم في فقهه الأكبر " ا. هـ
فها هو الإمام القاري نقل كلام الإمام ابن القيم وهو يشرح عبارة مالك مقرا محتجا بما يتفق تماما مع كلام ابن العربي والقرطبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/46)
وأنا لا أحتج بهذا في بيان مذهب ملا القارئ فإنه كان مضطرب المذهب وإنما الاحتجاج بفهمه لعبارة مالك الموافق لكلام ابن العربي والقرطبي
وقال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي المالكي:
" أما المعاني فهي معروفة عند العرب كما قال الإمام مالك بن أنس -رحمه الله-: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة "
كذلك يقال في النزول: النزول غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، واطّرده في جميع الصفات؛ لأنَّ هذه الصفات معروفة عند العرب، إلاّ أنَّ ما وصف به خالق السموات والأرض منها أكمل وأجلّ وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، كما أنَّ ذات الخالق -جلّ وعلا- حق والمخلوقون لهم ذوات، وذات الخالق -جلّ وعلا- أكمل وأنزه وأجلّ من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين" ا. هـ
وعبارة مالك ظاهرة كما شرحها هؤلاء العلماء وجلهم مالكية، وجلهم أشاعرة، وليسوا وهابيين ولا تيميين!! حتى لا يتذرع من اعتاد التهرب من مذاهب أهل العلم تحت شعارات تشويهية باطلة.
وما ذكروه ظاهر من عبارته ومنسجم مع المعروف من مذهبه ولولا ضيق المقام لشرحت هذا الانسجام.
وما سبق ذكره ظاهر لمن نظر في الأثر بعيدا عن التعصب والتكلف ولعلي أضيف ما يؤكد هذا
فالأثر قدروي بألفظ أصحها:
" جاء رجل فقال: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? فكيف استوى؟
قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال:
" الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ مبتدعاً. فأمر به أن يُخرج " ا. هـ
، ومما جاء من ألفاظ الأثر ما يوضح مراد مالك التالي:
قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ...
عن سريج بن النعمان، قال: حدّثنا عبد الله بن نافع، قال: قال مالك بن أنس: " الله في السماء وعلمه في كلِّ مكان، لا يخلو منه مكان، قال: وقيل لمالك: الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فقال مالك -رحمه الله-: استواؤه معقول، وكيفيته مجهولة، وسؤالك عن هذا بدعة، وأراك رجل سوء ".
قال القاضي عياض:
" قال أبو طالب المكي:
كان مالك -رحمه الله- أبعدَ الناس من مذاهب المتكلِّمين، وأشدَّهم بُغضاً للعراقيين، وألزَمَهم لسنة السالفين من الصحابة والتابعين.
قال سفيان بن عيينة: سأل رجلٌ مالكاً فقال: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى يا أبا عبد الله؟، فسكت مالكٌ مليًّا حتى علاه الرحضاء، وما رأينا مالكاً وجد من شيء وجده من مقالته، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به، ثمَّ سُريَّ عنه فقال:
" الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإني لأظنُّك ضالاًّ، أخرجوه ".
قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: وأخبرنا محمد بن عبد الملك ... من طريق مهدي بن جعفر، ثم قال:
قال بقي: وحدّثنا أيوب بن صلاح المخزومي بالرملة، قال:
" كنا عند مالك إذ جاءه عراقي فقال له:
يا أبا عبد الله مسألة أريد أن أسألك عنها؟، فطأطأ مالك رأسه فقال له: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمت في غير معقول، إنّك امرؤ سوء، أخرِجوه، فأخذوا بضبعيه فأخرجوه ".
وقال ابن رشد في البيان والتحصيل:
" قال سحنون:
أخبرني بعض أصحاب مالك أنَّه كان قاعداً عند مالك فأتاه رجل فقال: " يا أبا عبد الله مسألة؟، فسكت عنه ثم قال له: مسألة؟، فسكت عنه، ثم عاد فرفع إليه مالك رأسَه كالمجيب له.
فقال السائل: يا أبا عبد الله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف كان استواؤه؟ فطأطأ مالك رأسَه ساعة ثم رفعه، فقال: ((سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمتَ في غير معقول، ولا أراك إلاَّ امرأ سوء، أَخرِجوه.
هذه مجمل الروايات التي جاءت بمعنى متقارب وأحدها صريح لا يحتمل تكلف المخالف وهو قوله:
" الاستواء معقول "
فلا يصلح حمله على اللفظ وحده بل هو نص في المعنى، وباعتبارها إحدى روايات الأثر التي روت معناه وليست هي الأصح لكنها بمعنى الرواية الأصح فالاستدلال بها لا يرفضه من كان صادقا في طلب مراد مالك وهي أولى من تكلف المخالف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/47)
ثم الرواية الأصح وهي قوله " غير مجهول " لا يليق حملها على اللفظ لأنها خرجت جوابا عن مسؤول به وهو اللفظ لمسؤول عنه وهو الكيف فلا يكون المسؤول به نفسه جوابا وإلا كان أقرب إلى اللغو وهذا ليس من طبيعة الأجوبة عادة، فضلا عن الأجوبة العلمية، فضلا عن أجوبة كبار العلماء.
فحمله عليه خلاف الطبيعي وخلاف الأصل.
ولو كان لفظ الاستواء (مجرد اللفظ) هو المعْنِي في جواب مالك بقوله: " غير مجهول " كما يدعي المخالف:
ـ لما عبر مالك بهذا التعبير ولقال مالك مثلا: " الاستواء مذكور " أو نحو هذا، وما احتاج إلى أسلوب النفي " غير مجهول "! الذي يلجأ إليه من بحاجة إلى تقرير مراد فيه نوع بعد
ـ وما احتاج لنفي ما هو منتف اتفاقا وهو الجهل باللفظ وقد جاء في نص السؤال
ـ وما احتاج مالك لنفي ما لا معنى لنفيه!!
فقوله: " غير مجهول " ظاهره: أن المقصود بهذا أمر معروف وإن لم يُذكر ولم يفصح عنه، لكونه معروفا وهذا ممتنع في مجرد اللفظ
ورواية: " سألت عن غير مجهول " لا تحتمل ذلك التكلف لأنها بينت أن الغير مجهول في عبارة مالك ليس مجرد لفظ الاستواء لقوله: " سألتَ " وبالاتفاق السائل لم يسأل عن مجرد اللفظ!
والجدير بالذكر ختاما ما يلي:
ـ أننا لم نختلف مع عامة مخالفينا في صحة الأثر إلا من شذ منهم وهذا الطرف الشاذ يعكس لك ما يخفيه بعضهم من الشعور بأن معناه ضدهم لكنه يخفيه
ـ كما أننا لم نختلف في قوله: " والكيف مجهول أو غير معقول " وأنه يدل على تفويضه للكيف
ـ كما أننا لا نختلف في أن مالكا لم يتعرض في الأثر لتفويض شيء آخر إلا الكيف
ـ وإنما خلافنا يكاد ينحصر في قوله: " الإستواء غير مجهول " أو الاستواء معلوم " أو الإستواء معقول "
وأظن أن الصواب في عبارة مالك واضح ظاهر لا يحتاج إلى تحكم وتكلف ومعَنا فيما نقول به ظاهر لفظ مالك نفسه، واعتراف من علمائهم وروايات بالمعنى وماذا يطلبون أكثر من هذا؟
ـ الإمام إسحاق بن راهويه من كبار أئمة السنة:
قال أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ لَهُ قَالَ:
وَفِيمَا أَجَازَنِي جَدِّي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ:
إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَ نَفْسَهُ مِنْ كِتَابِهِ بِصِفَاتٍ اسْتَغْنَى الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَنْ أَنْ يَصِفُوهُ بِغَيْرِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَأَجَلَّهُ فِي كِتَابِهِ , فَإِنَّمَا فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى إرَادَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ ذَكَرَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ , فَقَالَ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} وَقَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} , {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} , وَقَالَ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وَقَالَ: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}. وَقَالَ: {خَلَقْت بِيَدَيَّ} وَقَالَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وَقَالَ: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} وَكُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِمَّا هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْقُرْآنِ , وَمَا لَمْ نَذْكُرْ فَهُوَ كَمَا ذُكِرَ.
وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْعِبَادَ الِاسْتِسْلَامُ لِذَلِكَ وَالتَّعَبُّدُ لَا نُزِيلُ صِفَةً مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَ الرَّسُولُ عَنْ جِهَتِهِ لَا بِكَلَامٍ وَلَا بِإِرَادَةٍ , وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْأَدَاءُ وَيُوقِنُ بِقَلْبِهِ أَنَّ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي الْقُرْآنِ إنَّمَا هِيَ صِفَاتُهُ , وَلَا يَعْقِلُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ تِلْكَ الصِّفَاتِ إلَّا بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَأَمَّا أَنْ يُدْرِكَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ مَعْنَى تِلْكَ الصِّفَاتِ فَلَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/48)
ذَوِي الْأَلْبَابِ. لِيَكُونَ إيمَانُهُمْ بِذَلِكَ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَعْقِلُ أَحَدٌ مُنْتَهَاهُ وَلَا مُنْتَهَى صِفَاتِهِ , وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ أَنْ يُثْبِتَ مَعْرِفَةَ صِفَاتِ اللَّهِ بِالْإِتْبَاعِ وَالِاسْتِسْلَامِ كَمَا جَاءَ , فَمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنَّمَا أَصِفُ مَا قَالَ اللَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا مَعَانِي ذَلِكَ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ يَدٌ نِعْمَةٌ وَيَحْتَجْ بِقَوْلِهِ أَيْدِينَا أَنْعَامًا وَنَحْوَ ذَلِكَ , فَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ. هَذَا مَحْضُ كَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ حَيْثُ يُؤْمِنُونَ بِجَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ , ثُمَّ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى الصِّفَاتِ عَنْ جِهَتِهَا الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ , حَتَّى يَقُولُوا مَعْنَى السَّمِيعِ هُوَ الْبَصِيرُ وَمَعْنَى الْبَصِيرِ هُوَ السَّمِيعُ , وَيَجْعَلُونَ الْيَدَ يَدَ نِعْمَةٍ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ يُحَرِّفُونَهَا عَنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُعَطِّلَةُ.
ساقه بحروفه من كتاب السنة لأبي الشيخ الأصبهاني شيخُ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى له
ونقل طرفا منه موافقا ما نقله شيخ الإسلام الإمام أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الكرجي فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ " الْفُصُولُ فِي الْأُصُولِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ إلْزَامًا لِذَوِي الْبِدَعِ وَالْفُضُولِ " وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ – وهو في مجموع الفتاوى
فقول إسحاق: " فَإِنَّمَا فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى إرَادَةِ اللَّهِ " ثم ذكر النصوص المشتملة على الصفات الخبرية محل النزاع.
فيه أن النبي كان يعلم تفسير معاني هذه النصوص وغيرها كما توضحه الأمثلة بل فيه أن ما ذكره صلى الله عليه وسلم أراد به تفسيرها كما هو صريح قوله (فسر)
فالمعاني مرادة وإلا لما كان تفسيرا
وقوله: " لَا نُزِيلُ صِفَةً مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَ الرَّسُولُ عَنْ جِهَتِهِ لَا بِكَلَامٍ وَلَا بِإِرَادَةٍ , وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْأَدَاءُ "
فيه أن هذه النصوص لها جهة لا تصرف عنها وهي ظاهرها
(لا بكلام) كالتأويل (ولا بإرادةٍ) لترك هذا الظاهر ولو دون كلام كما هو التفويض
بل لابد من أداء هذه الجهة لزوما وهي الظاهر
وقوله: " وَلَا يَعْقِلُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ تِلْكَ الصِّفَاتِ إلَّا بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى "
فيه أن هذه الصفات تعقل معانيها وتفهم عن طريق أسماء هذه الصفات والتي هي ألفاظها اتفاقا
وقوله: " فَأَمَّا أَنْ يُدْرِكَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ مَعْنَى تِلْكَ الصِّفَاتِ فَلَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ. "
فيه أن هناك معنى لا يمكن أن يدركه أحد من بني آدم والذي عبر عنه بعدها (بمنتهى الصفة) وهو المعنى المفصل لحقيقة الصفة المعروف بالكيفية وهو ما لم توضحه النصوص
أما ما تدركه عقول ذوي الألباب من أصل المعنى فهو الذي وصف في النصوص وقوله في هذا واضح: " وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ "
تأمل فصفاته لها قدر تدركه العقول وهو أصل المعنى وقال " وصف من صفاته " ولم يقل ذكر ليبين أن أصل المعنى مراد
ويؤكده أنه علل إيراد نصوص الصفات بما يدل على أنها معروفة المعاني في الجملة لا على أنها بمنزلة المتشابه وذلك ببيان أنها سيقت لتُوصل تلك العقول إلى معرفة الموصوف عن طريق هذه الصفات ولتحصيل الإيمان لها وهذا ينافي كونها للاختبار قصدا كما هو شأن المتشابه
ثم تخصيصه لمنتهى الصفة بأنه لا يعقل أكّد أن أول الصفة وهو أصل معناها مما يعقل ويعلم
ثم قطع الإمام إسحاق الطريق على المفوضة بإنكاره على من يزعم جهل المعنى ويدعي الاقرار بالصفة ولا يدري المعنى بل اعتبره سالكا بذلك طريق التجهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/49)
عندما قال:
" فَمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنَّمَا أَصِفُ مَا قَالَ اللَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا مَعَانِي ذَلِكَ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ .. "
فلا يخالف عاقل أن هذا الكلام يدل على أن معاني الصفات معلومة بدليل ذمه من يدعي جهل معاني الصفات ويتبنى عدم الدراية للمعاني فالمقام والسياق إنما لذم المذكور
وهذا دليل على أن خط التأويل في زمنهم أيضا يسير بمحاذاة التفويض وكل يخدم الآخر كما هو الحال اليوم فما أشبه الليلة بالبارحة
وكلام إسحاق صريح بأن مذهب الجهل بالمعنى يفضي إلى تحريف الجهمية وهذا يبين أن مذهب السلف لا يقوم على جهل معاني الصفات لأنه لا يفضي إلى ذلك
وقوله: " ثُمَّ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى الصِّفَاتِ عَنْ جِهَتِهَا الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ , ... وَيَجْعَلُونَ الْيَدَ يَدَ نِعْمَةٍ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ يُحَرِّفُونَهَا عَنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُعَطِّلَةُ ".
إذا " معنى الصفات " كما هي عبارته لها جهة ينبغي علينا إثباتها، وهذا أيضا إثبات صريح للمعنى يبطل مذهب التفويض
وقد أكد بما ذكر أن هذين الخطين يخرجان بالنصوص عن ظاهرها وجهتها والتأويل أصرح في التحريف وكلاهما خروج عن الظاهر خلافا لطريقة السلف
فإسحاق بن راهويه الإمام الكبير يثبت معاني الصفات بمنطوق كلامه وينكر على من ينادي بأنه مجهولة بمنطوق كلامه وتأمل عبارته:
" ... وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ. لِيَكُونَ إيمَانُهُمْ بِذَلِكَ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَعْقِلُ أَحَدٌ مُنْتَهَاهُ وَلَا مُنْتَهَى صِفَاتِهِ , ... فَمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنَّمَا أَصِفُ مَا قَالَ اللَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا مَعَانِي ذَلِكَ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ يَدٌ نِعْمَةٌ وَيَحْتَجْ بِقَوْلِهِ أَيْدِينَا أَنْعَامًا وَنَحْوَ ذَلِكَ , فَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ. هَذَا مَحْضُ كَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ حَيْثُ يُؤْمِنُونَ بِجَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ , ثُمَّ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى الصِّفَاتِ عَنْ جِهَتِهَا الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ "
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
ـ الإمام ابن الماجشون والإمام أحمد
قال الإمام ابن القيم في الصواعق:
" قال ابن الماجشون والإمام أحمد وغيرهما من السلف إنا لا نعلم كيفية ما أخبر الله به عن نفسه وإن كنا نعلم تفسيره ومعناه " ا. هـ
والعبارة بلفظها لأحدهم ومعناها للآخرين
ومن ذلك ما قاله أحمد - رحمه الله - كما في رسالة السنة برواية عبدوس بن مالك وهي من أصح ما ثبت عن أحمد:
" ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له، فعليه الإيمان به والتسليم له، مثل حديث الصادق المصدوق، ومثل ما كان مثله في القدر، ومثل أحاديث الرؤية كلها ... "
فهذا نصٌّ في إثبات التفسير الذي هو بيان المعنى من الناحية اللغوية، وإشعار بأنه قد يشتبه على بعض الناس اشتباهاً إضافياً، أما من حيث الجملة فهو محكم معلوم المعنى، ولا يمكن أن يكون مجهولاً لدى كافة الأمة.
ورسالة عبدوس هذه من أصح ما جاء عن أحمد
وكونه تعالى يرى عيانا بالأبصار في الآخرة دون حجاب فيتجلى لعباده ليُرى هو من الصفات الخبرية خلافا لإمكانية الرؤية
وقد تواتر عن أحمد ما يدل على التعبير بأحاديث الرؤية مع وعن أحاديث الصفات وأن موقف السلف منهما واحد
من ذلك:
روى أبو بكرالمروذي رحمه الله قال:
" سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش؟
فصححها أبو عبدالله، وقال:
قد تلقتها العلماء بالقبول نسلم الأخبار كما جاءت
قال: فقلت له إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت فقال يجفا وقال ما اعتراضه في هذا الموضع يسلم الأخبار كما جاءت "
وهو ثابت صحيح
وقال الخلال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثهم قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/50)
سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروي أن الله سبحانه ينزل إلى سماء الدنيا، وأن الله يرى، وأن الله يضع قدمه، وما أشبه هذه الأحاديث؟.
فقال أبو عبد اللّه: نؤمن بها ونصدق بها، ولا نَرُدُّ منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيءٌ وَهُوَ السّمِيع البَصيرُ "
وعن إسحاق بن منصور الكوسج قال:
قلت لأحمد- يعني ابن حنبل - ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا أليس تقول بهذه الأحاديث؟ ويراه أهل الجنة، يعني ربهم عز وجل؟ ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته، واشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه و إن موسى لطلم ملك الموت، قال أحمد: كل هذا صحيح، قال إسحاق: هذا صحيح، ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي. آجري
أما التعبير بالرؤية بما يشمل حكم باقي الصفات
فعن حنبل قال: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد في الرؤية
قال: أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر وكلما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر
وفي رواية أخرى قال أبو عبد الله أدركت الناس وما ينكرون من هذه الأحاديث أحاديث الرؤية وكانوا يحدثون بها على الجملة يمرونها على حالها غير منكرين لذلك ولا مرتابين
وأما عن غيره من السلف فعن الوليد بن مسلم قال:
سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية فقالوا: " أمروها بلا كيف "
وقيل لسفيان بن عينية هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية فقال حق على ما سمعناها مما نثق به // رجاله ثقات
وعن العباس بن محمد الدوري قال سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول وذكر عنده هذه الأحاديث في الرؤية فقال هذه عندنا حق نقلها الناس بعضهم عن بعض // إسناده صحيح
فتقرير أحمد السابق أن تفسير النصوص في الرؤية قد يخفى على البعض فلا يعرفه يدل على أنه معروف في الأصل، وهو تأصيل لباب الصفات كلها كما دلت عبارات أحمد الأخرى وغيرها
ـ الإمام عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري 276 هـ
قال رحمه الله:
" الواجب علينا أن ننتهي في صفات الله إلى حيث انتهى في صفته أو حيث انتهى رسوله صلى الله عليه وسلم ولا نزيل اللفظ عما تعرفه العرب ونضعه عليه ونمسك عما سوى ذلك "
عن كتابه اختلاف اللفظ ص25.
وسيأتي في باب التطبيقات ما يجلي مذهبه
ـ الإمام أبو العباس ابن سريج كبير الشافعية في زمانه ت 303 هـ
قال في رسالته في الاعتقاد عن نصوص الصفات:
" ... أن نقبلها ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نزيد عليها ولا ننقص منها، ولا نفسرها ولا نكيفها ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ولا نشير إليها بخواطر القلوب ولا بحركات الجوارح، بل نطلق ما أطلقه الله عز وجل ونفسّر ما فسّره النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدين والأمانة، ونجمع على ما أجمعوا عليه، ونمسك عن ما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهرة تنزيلها، لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة، بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول: الإيمان بها واجب، والقول بها سنة، وابتغاء تأويلها بدعة .. " ا. هـ
فبصريح كلامه ومنطوقه أن لنا أن نترجم الصفات بمفهومها في لغة العرب
وأيضا بصريح كلامه ومنطوقه أن الأئمة من السلف فسروا نصوص الصفات وأن لنا أن نفسر بتفسيرهم وهو ما سيأتي في تطبيقات السلف
ـ الإمام محمد بن جرير بن يزيد الطبري ت 310 هـ
قال في كتابه " التبصير في معالم الدين " [ص: 132 - 142]:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/51)
" القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا لا استدلالاً ... وذلك نحو إخباره عزوجل أنه: (سميع بصير) وأن له يدين بقوله: (بل يداه مبسوطتان)، أن له يمينا لقوله: (والسماوات مطويات بيمينه)، وأن له وجها بقوله: (كل شي هالك إلاّ وجهه) وقوله: (ويبقى وجه ربك)، وأن له قدما بقول النبي: (حتى يضع الرب فيها قدمه)، وأنه يضحك بقوله: (لقي الله وهو يضحك إليه)، وأنه يهبط كل ليلة وينزل إلى سماء الدنيا لخبر رسول الله بذلك، وأنه ليس بأعور لقول النبي
إذ ذكر الدجال فقال: (إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور)، وأن المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون الشمس ليس دونها غياية، وكما يرون القمر ليلة البدر، لقول النبي، وأن له أصابع لقول النبي: (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن) " إلى أن قال:
"فإن قيل: فما الصواب من القول في معاني هذه الصفات التي ذكرت، وجاء ببعضها كتاب الله عز وجل و وحيه وجاء ببعضها رسول الله، قيل: الصواب من هذا القول عندنا: أن نثبت حقائقها على ما نَعرف من جهة الإثبات ونفي الشبيه كما نفى ذلك عن نفسه جل ثناؤه فقال: (ليس كمثله شي وهو السميع البصير)."
فهذا صريح منه في أن الصواب في نصوص الصفات الخبرية أن نثبت من معانيها حقائقها على ما نعرف منها
والمراد بحقائقها ما هو ضد المجاز لأن الحقائق بمعنى الكيفيات ممتنع بالاتفاق وقوله على ما نعرف دال على ذلك فالكيفيات لا تعرف
ـ الإمام أبو الحسن الأشعري ت323 هـ
الإمام الأشعري في آخر أمره يرى أن معاني الصفات معلومة على ضوء لغة العرب
فها هو يقول عند ذكره للنصوص الواردة في الصفات الخبرية وعند تعرضه لصفة اليد، بعد ذكر النصوص الدالة على إثبات اليد:
" وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيدي ويعني به النعمة.
وإذا كان الله عز و جل إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها ومعقولا في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي (1/ 127) ويعني النعمة بطل أن يكون معنى قوله تعالى: (بيدي) النعمة.
وذلك أنه لا يجوز أن يقول القائل: لي عليه يدي بمعنى لي عليه نعمتي ومن دافعَنا عن استعمال اللغة ولم يرجع إلى أهل اللسان فيها دوفع عن أن تكون اليد بمعنى النعمة.
إذ كان لا يمكنه أن يتعلق في أن اليد النعمة إلا من جهة اللغة فإذا دفع اللغة لزمه أن لا يفسر القرآن من جهتها، وأن لا يثبت اليد نعمة من قبلها لأنه إن روجع في تفسير قوله تعالى: (بيدي) نعمتي فليس المسلمون على ما ادعى متفقين وإن روجع إلى (1/ 128) اللغة فليس في اللغة أن يقول القائل: بيدي يعني نعمتي وإن لجأ إلى وجه ثالث سألناه عنه ولن يجد له سبيلا
إلى أن قال:
وإن قالوا: قلنا ذلك من القياس
قيل لهم: ومن أين وجدتم في القياس أن قوله تعالى: (بيدي) لا يكون معناه إلا نعمتي؟ ومن أين يمكن أن يعلم بالعقل أن تفسير كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز و جل قد قال في كتابه العزيز الناطق على لسان نبيه الصادق (1/ 129): (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) من الآية (4/ 14) وقال تعالى: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) من الآية (103/ 16) وقال تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) من الآية (3/ 4) وقال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله) من الآية (82/ 4) ولو كان القرآن بلسان غير العرب لما أمكن أن نتدبره ولا أن نعرف معانيه إذا سمعناه فلما كان من لا يحسن لسان العرب لا يحسنه وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه على أنهم إنما علموه لأنه بلسانهم نزل وليس في لسانهم ما ادعوه ...
إلى أن قال:
" فإن قالوا إذا أثبتم لله عز و جل يدين لقوله تعالى: (لما خلقت بيدي) فلم لا أثبتم له أيدي لقوله تعالى: (مما عملت أيدينا) من الآية (71/ 36)؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/52)
قيل لهم: قد أجمعوا على بطلان قول من أثبت لله أيدي فلما أجمعوا على بطلان قول من قال ذلك وجب أن يكون الله تعالى (1/ 138) ذكر أيدي ورجع إلى إثبات يدين لأن الدليل عنده دل على صحة الإجماع وإذا كان الإجماع صحيحا وجب أن يرجع من قوله أيدي إلى يدين لأن القرآن على ظاهره ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة فوجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة "
وقال:
" فإن قال قائل: إذا ذكر الله عز و جل الأيدي وأراد يدين فما أنكرتم أن يذكر الأيدي ويريد يدا واحدة؟
قيل له: ذكر تعالى أيدي وأراد يدين لأنهم أجمعوا على بطلان قول من قال أيدي كثيرة وقول من قال يدا واحدة فقلنا يدان لأن القرآن على ظاهره إلا أن تقوم حجة بأن يكون على خلاف الظاهر ..
فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون قوله تعالى: (مما عملت أيدينا) من الآية (71/ 36) وقوله تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) على المجاز؟
قيل له: حكم كلام الله تعالى أن يكون على ظاهره وحقيقته ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلا بحجة ألا ترون أنه إذا كان ظاهر الكلام العموم فإذا ورد بلفظ العموم والمراد به الخصوص فليس هو على حقيقة الظاهر وليس يجوز أن يعدل بما ظاهره العموم عن العموم بغير حجة كذلك قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) (1/ 140) على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة
ولو جاز ذلك لجاز لمدع أن يدعي أن ما ظاهره العموم فهو على الخصوص وما ظاهره الخصوص فهو على العموم بغير حجة وإذا لم يجز هذا لمدعيه بغير برهان لم يجز لكم ما ادعيتموه أنه مجاز أن يكون مجازا بغير حجة بل واجب أن يكون قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) من الآية (75/ 38) إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين إذا كانت النعمتان لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول قائلهم: فعلت بيدي وهو يعني النعمتين (1/ 141) ...
ويقال لهم: أليس إذا لعن الله الكافرين فلعنه لهم معنى ولعن النبي صلى الله عليه و سلم لهم معنى؟
فمن قولهم نعم
فيقال لهم: فما أنكرتم من أن الله تعالى إذا علم نبيه صلى الله عليه و سلم شيئا فكان للنبي صلى الله عليه و سلم علم ولله تعالى علم وإذا كنا متى أثبتناه غضبانا على الكافرين فلا بد من إثبات غضب وكذلك إذا أثبتناه راضيا عن المؤمنين فلا بد من إثبات رضى وكذلك إذا أثبتناه حيا سميعا بصيرا فلا بد من إثبات حياة وسمع وبصر .. " ا. هـ
لا يرتاب من جُنّب الريب في قلبه أن منطوق كلام الإمام الأشعري وصريح كلامه دال على المراد وأن الأشعري يرى أن صفة خبرية كاليد إنما خاطب فيها الله العرب بخطاب مفهوم ومعقول ليعرفوا المعنى وهو مقصود بالخطاب في مثل صفة اليد وأنه خطاب على ظاهره وعلى حقيقته فهما يدان حقيقيتان
ولأن الإمام الأشعري نحى في كلامه هنا منحى التأصيل لأمثال هذه الصفة حتى كان كلامه كالقاعدة للصفات الخبرية وغيرها لأجل هذا سقت كلامه هنا في هذا الباب ولم أرجئه إلى باب تطبيقات السلف والأئمة
وكلامه منقول من كتابه الإبانة الذي قال عنه الإمام ابن رجب في الفتح:
" وهو من أجل كتبه، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه، كالبيهقي وأبي عثمان الصابوني وأبي القاسم ابن عساكر وغيرهم.
وقد شرحه القاضي أبو بكر ابن الباقلاني " ا. هـ
ـ الإمام الحافظ أبو عبد الله أبو عبد الله، محمد بن إسحاق ابن مندة ت 395 هـ
قال في كتابه التوحيد ج3/ 7:
" إن الأخبار في صفات الله جاءت متواترة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم موافقة لكتاب الله عز وجل نقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن، من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا على سبيل إثبات الصفات والمعرفة والإيمان به والتسليم ... وكان ذلك مفهوماً عند العرب غير محتاج إلى تأويلها " ا. هـ
دون تعليق، وهذا من غير تطبيقاته
ـ الحافظ الإمام أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله الأندلسي الطلمنكي المالكي ت 429 هـ
ففي كتاب الوصول إلى معرفة الأصول قال رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/53)
" أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: (وهو معكم أينما كنتم) ونحو ذلك من القرآن أنه علمه وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء
وقال أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز فقد قال قوم من المعتزلة والجهمية لا يجوز أن يسمى الله عزوجل بهذه الإسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق
فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه وأثبتوها لخلقه فإذا سئلوا ما حملهم على هذا الزيغ قالوا الإجتماع في التسمية يوجب التشبيه
قلنا هذا خروج عن اللغة التي خوطبنا بها لأن المعقول في اللغة أن الإشتباه في اللغة لا تحصل بالتسمية وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها كالبياض بالبياض والسواد بالسواد والطويل بالطويل والقصير بالقصير ولو كانت الأسماء توجب إشتباها لاشتبهت الأشياء كلها لشمول إسم الشيء لها وعموم تسمية الأشياء به فنسألهم أتقولون إن الله موجود فإن قالوا نعم قيل لهم يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبها للموجودين
وإن قالوا موجود ولا يوجب وجوده الإشتباه بينه وبين الموجودات
قلنا فكذلك هو حي عالم قادر مريد سميع بصير متكلم يعني ولا يلزم إشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات " ا. هـ
هنا ختم الإمام الطلمنكي تطبيقه الصريح في إثبات معنى الاستواء عندما نص بأنه بذاته وأنه على حقيقته، ختمه بتأصيل صريح أيضا عندما أنكر على المعتزلة نفيهم حقائق الصفات وخروجهم عن حقيقة الخطاب اللغوي في سائر الصفات ما كان على منوال صفة الاستواء وهي خبرية أو غيرها من باقي الصفات
فبين بهذا أصل أهل السنة المجانب للمعتزلة وهو إثبات هذه الصفات التي هي من قبيل الاستواء على حقائقها لا مجازاتها على مقتضى الخطاب العربي
وعبر عن الصفات بصيغة الأسماء تماما كما تقدم عن الإمام ابن راهويه.
وكلام الطلمنكي واضح في أنه أراد الصفات، إذ عبر عن الاستواء بذلك وهو صفة باتفاق فعندما كان لكل صفة لفظ يعبر عنها ويعتبر بالنسبة لحقيقتها كالاسم فمن هنا جاز الاطلاق
ـ شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني
قال رحمه الله:
" وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة، واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولو الألباب " أ. هـ.
ـ الإمام ابن عبد البر حافظ أهل المغرب ت463 هـ
قال رحمه الله في التمهيد (7/ 131):
" وأما قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم) فمعناه من على السماء يعني على العرش، وقد تكون في بمعنى على، ألا ترى إلى قوله تعالى: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) أي على الأرض وكذلك قوله: (لأصلبنكم في جذوع النخل) وهذا كله يعضده قوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه) وما كان مثله مما تلونا من الآيات في هذا الباب.
وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء، وقولهم في تأويل استوى استولى فلا معنى له، لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد، وهو الواحد الصمد، ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز.
إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله عز و جل إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/54)
ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات وجل الله عز و جل عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم ... ا. هـ
ثم ذكر الاستواء لغة وأطال فيه
ما أظن أن هذا الكلام منه يحتاج إلى شرح وله تطبيقات تؤكد هذا ستأتي
ـ الخليفة القادر بالله أبو العباس احمد بن إسحاق بن المقتدر 422 هـ
له معتقد مشهور قرىء ببغداد بمشهد من علمائها وأئمتها وأنه قول أهل السنة والجماعة وأقره العلماء من أهل السنة في وقته
من ذلك
" وأنه خلق العرش لا لحاجة واستوى عليه كيف شاء وأراد لا استقرار راحة ... وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز ... " ا. هـ
وحمل الصفة على حقيقتها يعني على مفهومها الظاهر فهي عبارة تنقض التفويض من أساسه
ـ الإمام إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني الشافعي 537 هـ
قال في كتابه الحجة في بيان المحجة ج1/ص183:
" باب: قال علماء السلف:
جاءت الأخبار عن النبي متواترة في صفات الله تعالى موافقة لكتاب الله تعالى نقلها السلف على سبيل الإثبات والمعرفة والإيمان به والتسليم وترك التمثيل والتكييف وأنه عز وجل أزلي بصفاته وأسمائه التي وصف بها نفسه أو وصفه الرسول الحجة في بيان مدحه بذلك وصدق به المصطفى وبين مراد الله فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته وكان ذلك مفهوما عند العرب غير محتاج إلى تأويله " ا. هـ
وقال وقد سئل عن صفات الرب؟ فقال:
" مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد ابن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه أن صفات الله التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله من السمع والبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها ولا تشبيه ولا تأويل، قال ابن عيينة كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره
ثم قال: أي هو هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل " ا. هـ
وقال:
" دليل آخر، أن من حمل اللفظ على ظاهره، وعلى مقتضى اللغة حمله على حقيقته، ومن تأوله عدل به عن الحقيقة إلى المجاز، ولا يجوز إضافة المجاز إلى صفات الله وتعالى " ا. هـ
وكتابه مليء بإثبات معاني الصفات وكلامه أوضح من أن يوضح
ـ الحافظ الإمام أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرخي القصاب ت بعد 360 هـ
قال رحمه الله:
" كل صفة وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله فليست صفة مجاز ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها ولقيل: معنى البصر كذا ومعنى السمع كذا ولفسرت بغير السابق إلى الأفهام فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل علم أنها غير محمولة على المجاز وإنما هي حق بين "
عن تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 939 السير له 16/ 213 - 214
فالسابق إلى الأفهام من الصفات حقيقة لا مجازا هو الذي يصار إليه مع كل الصفات
وهذا صريح كلامه
ـ شمس الأئمة أبو العباس السرخسي الحنفي:
قال رحمه الله:
" وأهل السنة والجماعة، أثبتوا ما هو الأصل، معلوم المعنى بالنص أي بالآيات القطعية والدلالات اليقينية وتوقفوا فيما هو متشابه وهو الكيفية، ولم يجوزا الاشتغال في طلب ذلك " ا. هـ
(عن شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 93)
وهذا إن لم يمثل منه مذهبه الثابت فلا أقل أن يكون من باب الاعتراف فإني لم أقف على كلام آخر له
ـ الإمام أبو القاسم عبد اللّه بن خلف المقرىء الأندلسي
قال في الجزء الأول من كتاب " الاهتداء لأهل الحق والاقتداء "
شرح الملخص للشيخ أبي الحسن القابسي:
" ... عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عبد اللّه الأغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: " ينْزِلُ ربُّنا كلَّ ليلة إلى سماء الدُنيا حين يبقى ثُلُثُ الليل الآخر فيقول: من يدعُوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له ".
في هذا الحديث دليل على أنه تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات من غير مماسة ولا تكييف، كما قال أهل العلم، ودليل قولهم أيضَاً من القرآن قوله تعالى: " الرَّحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوَى "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/55)
وقوله تعالى: " ثمَّ اسْتَوى عَلى العَرْش ما لَكُم مِن دُونهِ مِن وليٍّ وَلا شَفِيع " وقوله تعالى: " إذاً لابْتَغوْا إلى ذي العَرْش سَبيلاً " وقوله تعالى: " يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السّماءِ إلى الأرْضِ "
وقوله تعالى: " تَعْرُجُ الملائكَةُ والرُّوحُ إليه "
وقوله تعالى لعيسى عليه الصلاة والسلام: " إنِّي مُتَوفِّيكَ ورافِعُكَ إليَّ " وقوله تعالى: " لَيْسَ لَهُ دافِعٌ، مِنَ اللَّهِ ذي المَعارج، تَعرُجُ الملائِكَةُ والرّوحُ إليهِ " والعروج: هو الصعود.
وقال مالك بن أنس: اللّه عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان.
يريد واللّه يعلم بقوله في السماء: على السماء، كما قال تعالى: " ولأصَلِّبنَّكُم في جُذوع النّخْلِ "
وكمَا قال تعالى: آمنتم من في السماء " أي من على السماء يعني على العرش.
وكما قال تعالى: " فَسِيحُوا في الأرضِ " أي على الأرض، وقيل لمالك: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال مالك رحمه اللّه تعالى لقائله: استواؤه معقول وكيفيته مجهولة وسؤالك عن هذا بدعة وأراك رجل سوء.
قال أبو عبيدة في قوله تعالى: " الرحمن على العرش استوى ": أي علا.
قال: وتقول العرب استويت فوق الدابة وفوق البيت. وكل ما قدمت دليل واضح في إبطال قول من قال المجاز فيِ الاستواء، وإن استوى بمعنى استولى لأن الاستيلاء في اللغة المغالبة، وأنه لا يغالبه أحد ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته، حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا سبحانه وتعالى إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله تعالى على الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع ذلك ما يوجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدعٍ ما ثبت شيء من العبادات، وجَلَّ اللَّهُ تعالى أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين. والاستواء معلوم في اللغة، وهو العلو والارتفاع والتمكن ا. هـ
وهذا نقله عنه ابن عبد البر بتصرف يسير
ـ الحافظ عبد الغني المقدسي
قال الحافظ ابن رجب في ترجمة الحافظ عبد الغني:
وقرأت بخط الإِمام الحافظ الذهبي- رداً على ما نقل الإِجماع على تكفيره- أما قول "أجمعوا" فما أجمعوا، بل أفتى بذلك بعض أئمة الأشاعرة ممن كفروه، وكفرهم هو، ولم يبد من الرجل أكثر مما يقوله خلق من العلماء الحنابلة والمحدثين: من أن الصفات الثابت محمولة على الحقيقة، لا على المجاز، أعني أنها تجري على مواردها، لا يعبر عنها بعبارات أخرى، كما فعلته المعتزلة، أو المتأخرون من الأشعرية. هذا مع أن صفاته تعالى لا يماثلها شيء " ا. هـ
ـ الإمام العلامة أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ت 728 هـ
قال رحمه الله تعالى تعليقاً على كلام مالك في الاستواء:
" وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك في أنا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته، ولكن نعلم المعنى الذي دل عليه الخطاب فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته، ونعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته، ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك، ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك ا. هـ
وأقواله في هذا المعنى أكثر من أن يسعها هذا الموضع وإنما ذكرت كلامه هنا لتجرؤ من لا يستحي ممن حشر شيخ الإسلام في سلك المفوضة فسبحان الله كم بلغت الصفاقة ببعض الناس اليوم
ـ الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي ت 7
قال رحمه الله:
" وقد دل القرآن على ما دل عليه هذا الحديث في مواضع، كقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} [البقرة:210]. وقال: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام:
158]، وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ} [الفجر:22].
ولم يتأول الصحابة ولا التابعون شيئاً من ذلك، ولا أخرجوه عن مدلوله، بل روي عنهم ما يدل على تقريره والإيمان به وامراره كما جاء " ا. هـ
تأمل قوله في مقام الكلام عن الصفات الخبرية: " ولا أخرجوه عن مدلوله "
فهي ذات مدلول (مفهوم) والسلف يحملونها على هذا المدلول (المفهوم) اللغوي لا يخرجونها عنه
وقال منكرا عن الجهمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/56)
" وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال، واشتقوا من ذلك لمن آمن بما أنزل الله على رسوله اسماء ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي افتراء على الله، ينفرون بها عن الإيمان بالله ورسوله.
وزعموا أن ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وانتشاره - من باب التوسع والتجوز، وأنه يحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدح في الشريعة المحكمة المطهرة، وهو من جنس حمل الباطنية نصوص الإخبار عن الغيوب كالمعاد والجنةوالنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملهم نصوص الامروالنهي على مثل ذلك، وهذا كله مروق عن دين الإسلام.
ولم ينه علماء السلف الصالح وأئمة الإسلام كالشافعي وأحمد وغيرهما عن الكلام وحذروا عنه، إلا خوفاً من الوقوع في مثل ذلك، ولو علم هؤلاء الأئمة أن حمل النصوص على ظاهرها كفر لوجب عليهم تبيين ذلك وتحذير الأمة منه؛ فإن ذلك من تمام نصيحة المسلمين، فكيف كان ينصحون الأمة فيما يتعلق بالاحكام العملية ويدعون نصيحتمهم فيما يتعلق بأصول الاعتقادات، هذا من أبطل الباطل ...
وقد صح عن ابن عباس أنه أنكر على من أستنكر شيئاً من هذه النصوص، وزعم أن الله منزه عما تدل عليه:
فروى عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة: ((تحاجت الجنة والنار))، وفيه:
((فلا تمتلي حتى يضع رجله)) - أو قال: ((قدمه - فيها)).
قال: فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس: ما فرق هؤلاء، يجدون رقة عند محكمة، ويهلكون عند متشابهه.
وخَّرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) عن عبد الرزاق.
ولو كان لذلك عنده تأويل لذكره للناس ولم يسعه كتمانه " ا. هـ
وتأمل قوله " وزعم أن الله منزه عما تدل عليه " فإثبات المفهوم الذي دلت عليه هو
إلى أن قال:
" ومن جملة صفات الله التي نؤمن بها، وتمر كما جاءت عندهم: قوله تعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ ([الفجر: 22] ونحو ذلك مما دل على إتيانه ومجيئه يوم القيامة.
وقد نص على ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما.
وعندهما: أن ذلك من أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بمشيئته واختياره.
وكذلك قاله الفضيل بن عياض وغيره من مشايخ الصوفية أهل المعرفة.
وقد ذكر حرب الكرماني أنه أدرك على هذا القول كل من أخذ عنه العلم في البلدان، سمى منهم: أحمد وإسحاق والحميدي وسعيد بن منصور.
وكذلك ذكره أبو الحسن الأشعري في كتابه المسمى ب - الإبانة -، وهو من أجل كتبه، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه، كالبيهقي وأبي عثمان الصابوني وأبي القاسم ابن عساكر وغيرهم ".
فإمرارها كما جاءت لم يمنع من إثبات ما دلت عليه من أنها أفعال قائمة به وأنها تتعلق بالمشيئة والاختيار وأن هذه الأفعال من صفاته وهو ما ينكره عامة الأشاعرة
أم أن كل هذا ليس من المعاني؟!!
إذًا لم جعلتموها من المعاني المنفية في عقيدتكم والتي يلزم من إثباتها وصف الله بالحدوث؟!!
ولابن رجب كلام آخر يأتي في التطبيق
ـ الحافظ الذهبي
قال رحمه الله في رسالته إثبات صفة اليد، بعد أن ذكر أكثر من خمسين حديث وأثر في إثبات الصفة ثم قال:
" والأحاديث في إثبات اليد كثيرة وهذه قطعه من أقوال الأئمة الأعلام وأركان الإسلام ... " إلى أن قال:
" ويقال أيضاً نعلم بالاضطرار أن الصحابة والتابعين ومن بعدهم قد كان فيهم الأعرابي والأمي والمرأة والصبي والعامة ونحوهم ممن لا يعرف التأويل وكانوا مع هذا يسمعون هذه الآيات والاحاديث في الصفات وحدث بها الأئمة من الصحابة والتابعين على رؤوس الأشهاد ولم يؤولوا منها صفة واحدة يوماً من الدهر وإنما تركوا العوام على فطرهم وفهمهم ... " أ. هـ
قال رحمه الله في العلو ج2 ص1337:
" هذا الذي علمت من مذهب السلف، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير، لكن الكيف في جميعها مجهول عندنا " ا. هـ
وقال رحمه الله في كتابه "العلو" ص (532) عن الصفات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/57)
" لا تأويل لها غير دلالة الخطاب، كما قال السلف: "الاستواء معلوم"، وكما قال سفيان وغيره: "قراءتها تفسيرها" يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضايق التأويل والتحريف، وهذا هو مذهب السلف، مع اتفاقهم أيضاً أنها لا تشبه صفات البشر بوجه؛ إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته " ا. هـ
وعندما ذكر أثر أبي جعفر الترمذي: " النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "
علّق الذهبيُّ على هذا الأثر بقوله:
" صدق فقيهُ بغداد وعالمُها في زمانه؛ إذ السؤال عن النزول ما هو؟ عيٌّ؛ لأنَّه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة، وإلاّ فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والاستواء عباراتٌ جليّةٌ واضحةٌ للسامع، فإذا اتّصف بها من ليس كمثله شيء، فالصفة تابعةٌ للموصوف، وكيفية ذلك مجهولة عند البشر " ا. هـ
وعندما ذكر موقف أبي عبيد القاسم بن سلام في الصفات قال:
" توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين وقد ألف كتاب غريب الحديث، وما تعرّض لأخبارالصفات بتفسير، بل عنده لا تفسير لذلك غير موضع الخطاب للعربي " ا. هـ
ـ الإمام ابن عبد الهادي
قال رحمه الله:
" وقد علم أن نزول الرب تبارك وتعالى أمر معلوم معقول كاستوائه وباقي صفاته، وإن كانت الكيفية مجهولة غير معقولة، وهو ثابت حقيقة لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة
ـ العلامة الطوفي
وقال مرعي الحنبلي في أقاويل الثقات:
" وقال العلامة الطوفي في قواعد وجوب الإستقامة والإعتدال والمشهور عند أصحاب الإمام أحمد أنهم لا يتأولون الصفات التي من جنس الحركة كالمجيء والإتيان والنزول والهبوط والدنو والتدلي كما لا يتأولون غيرها متابعة للسلف الصالح قال وكلام السلف في هذا الباب يدل على إثبات المعنى المتنازع فيه قال الأوزاعي لما سئل عن حديث النزول يفعل الله ما يشاء وقال حماد بن زيد يدنو من خلقه كيف يشاء
قال وهو الذي حكاه الأشعري عن أهل السنة والحديث
وقال الفضيل بن عياض إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب
يزول عن مكانه فقل أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء
ـ الإمام المقريزي
يقول الإمام المقريزي:
" لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس، وصف لهم ربهم بما وصف به نفسه، فلم يسأله أحد من العرب بأسرهم، قرويهم وبدويهم، عن معنى شيء من ذلك، كما كانوا يسألونه عن أمر الصلاة، وشرائع الإسلام، إذ لو سأله أحد منهم عن شيء من الصفات لنقل، كما نقلت الأحكام وغيرها.
ومن أمعن النظر في دواوين الحديث والآثار عن السلف، علم أنه لم يرد قط لا من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة على إختلاف طبقاتهم، وكثرة عددهم، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه في القرآن وعلى لسان نبيه بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا سكوت فاهم مقتنع ولم يفرقوا بين صفة وأخرى، ولم يعترض أحد منهم إلى تأويل شيء منها بل أجروا الصفات كما وردت بأجمعهم ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به سوى كتاب الله وسنه رسوله ...
الخ الخطط للمقريزي
ـ الإمام السفاريني
قال السفاريني
" صفاته - سبحانه وتعالى - الذاتية والفعلية والخبرية، (كذاته) - عز شأنه - (قديمة)، لا ابتداء لوجودها، ولا انتهاء، إذ لو كانت حادثة لاحتاجت إلى محدث، تعالت ذاته المقدسة وصفاته المعظمة عن ذلك، فإن حقيقة ذاته مخالفة لسائر الحقائق، وكذلك صفاته - تعالى ...
فالسلف في إثبات الصفات كالذات على الاستقامة.
وأما المنحرفون عن طريقهم، فثلاث طوائف: أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل ...
(وأهل التجهيل) هم الذين يقولون: إن الرسول لم يعرف معاني ما أنزل عليه من آيات الصفات، ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك، وكذلك قولهم في أحاديث الصفات، وأن الرسول تكلم بكلام لا يعرف معناه، وهذا قول كثير من المنتسبين إلى السنة واتباع السلف، فيقولون في آيات الصفات وأحاديثها: لا يعلم معرفتها إلا الله، ويستدلون بقوله - تعالى: ({وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ})، ويقولون: تجرى على ظاهرها، وظاهرها مراد مع قولهم: إن لها تأويلا بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/58)
وقال بعد تعرضه لمن قاده علم الكلام إلى تأويل الصفات والخوض فيها خلافا لمراد الله ثم حصول الندم من بعضهم فقال:
" فعلم الكلام الذي نهى عنه أئمة الإسلام هو العلم المشحون بالفلسفة والتأويل، والإلحاد والأباطيل، وصرف الآيات القرآنية عن معانيها الظاهرة، والأخبار النبوية عن حقائقها الباهرة، دون علم السلف ومذهب الأثر، وما جاء في الذكر الحكيم وصحيح الخبر، فهذا لعمري ترياق القلوب الملسوعة بأراقم الشبهات، وشفاء الصدور المصدوعة بتراجم المحدثات، ودواء الداء العضال، وبازهر السم القتال، فهو فرض عين، أو عين فرض على كل نبيه، وهو العلم الذي تعقد عليه الخناصر لدحض حجة كل متحذلق وسفيه. فزال هذا الإشكال، والله ولي الإفضال ".
وقال
" والمراد بالتأويل هنا أن يراد باللفظ ما يخالف ظاهره، أو صرف اللفظ عن ظاهره لمعنى آخر، أو عن حقيقته لمجازه، وهو في آيات الصفات المقدسة من المنكرات عند أئمة الدين من علماء السلف المعتبرين "
ـ الأمير العلامة صديق بن حسن القنوجي رحمه الله ت 1307 هـ
قال رحمه الله:
" فهذه سبعة مواطن أخبر فيها بأنه سبحانه استوى على العرش، وفي هذه المسألة أدلة من السنة والآثار الصحيحة الكثيرة يطول بذكرها الكتاب! فمن أنكر كونه سبحانه في جهة العلو بعد هذه الآيات والأخبار فقد خالف الكتاب والسنة! "
إلى أن قال:
" ومن ظن أن الصفات لا يعقل معناها، ولا يُدرى ما أراد الله ورسوله منها، وظاهرها تشبيه وتمثيل، واعتقاد ظاهرها كفر وضلال، وإنما هي ألفاظ لا معاني لها، وأن لها تأويلاً وتوجيهاً لا يعلمه إلا الله، وأنها بمنزلة "ألم"، و"كهيعص" وظن أن هذه طريقة السلف، ولم يكونوا يعرفون حقيقة قوله: "والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة"، وقوله: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ"، وقوله: "الرحمن على العرش استوى"، ونحو ذلك، فهذا الظانّ من أجهل الناس بعقيدة السلف وأضلهم عن الهدى، وقد تضمن هذا الظن استجهال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وسائر الصحابة، وكبار الذين كانوا أعلم الأمة علماً وأفقههم فهماً، وأحسنهم عملاً، وأتبعهم سنناً، ولازم هذا الظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتكلم ذلك ولا يعلم معناه، وهو خطأ جسيم وجسارة قبيحة نعوذ بالله منها " ا. هـ
ـ العلامة الخزرجي
قال رحمه الله تعالى:
" واخجلتا من مقالٍ لا أساسَ لهُ،،،، زوراً على اللهِ من ينطقْ به يَهُنِ
أهَلْ يُخاطبُنا مولى العبادِ بما،،،، لم يَدرِ معناهُ هذا قول مُفْتَتَنِ
أهَلْ يقولُ لنا قولاً ومَقْصَدُهُ،،،، غيرَ الذي قالهُ إخفاءَ مُندَفِنِ
أهَل يُخاطِبُنا ظَهراً ويُبطنهُ،،،، عنَّا فما القصدُ من جَدواهُ بالعلَنِ
هذي مقالةُ جهمٍ والذينَ مضوا،،،، على طريقتهِ وهناً على وهنِ
بقيَّةٌ بَقِيَتْ من شؤمِ فِتنتهِ،،،، من نفخِ إبليسَ بالتعطيلِ والضغنِ
طوائفٌ رأسُها إبليسُ يُرْشِدُهم،،،، إلى الرَّدى وسبيلِ الغيِّ والشَّطَنِ
[منظومة العلامة الخزرجي ضمن كتاب شهود الحق نقلا]
ـ الإمام الألوسي
قال رحمه الله:
" وقيل: إن السلف بعد نفي ما يتوهم من التشبيه يقولون: لا ندري ما معنى ذلك والله تعالى أعلم بمراده. واعترض بأن الآيات والأخبار المشتملة على نحو ذلك كثيرة جداً ويبعد غاية البعد أن يخاطب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم العباد فيما يرجع إلى الاعتقاد بما لا يدري معناه، وأيضاً قد ورد في الأخبار ما يدل على فهم المخاطب المعنى من مثل ذلك، فقد أخرج أبو نعيم عن الطبراني قال: حدثنا عياش بن تميم حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا سلم بن سالم حدثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله تعالى يضحك من يأس عباده وقنوطهم وقرب الرحمة منهم فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أو يضحك ربنا؟ قال: نعم والذي نفسي بيده إنه ليضحك " قلت: فلا يعد منا خيراً إذا ضحك فإنها رضي الله تعالى عنها لو لم تفهم من ضحكه تعالى معنى لم تقل ما قالت.
وقد صح عن بعض السلف أنهم فسروا، ففي «صحيح البخاري» قال مجاهد: استوى على العرش علا على العرش وقال أبو العالية: استوى على العرش ارتفع " ا. هـ
ـ العلامة القرآني محمد بن الأمين الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/59)
قال الشنقيطي بعد ذكر صفة العلو وغيرها:
" وأمثال هذا من الصفات الجامعة كثيرة في القرآن، ومعلوم أنه جل وعلا متصف بهذه الصفات المذكورة حقيقة على الوجه اللائق بكماله، وجلاله. وإنما وصف به المخلوق منها مخالف لما وصف به الخالق، كمخالفة ذات الخالق جل وعلا لذوات الحوادث، ولا إشكال في شيء من ذلك، وكذلك الصفات التي اختلف فيها المتكلمون؛ هل هي من صفات المعاني أو من صفات الأفعال، وإن كان الحق الذي لا يخفى على من أنار الله بصيرته؛ أنها صفات معان أثبتها الله، جل وعلا، لنفسه، كالرأفة والرحمة ... " ا. هـ
تطبيقات السلف الصالح مع نصوص الصفات المبينة لإثباتهم معانيها دون تفويض
أولا: إثبات الصحابة لمعاني الصفات وتطبيقاتهم في ذلك.
قبل الشروع في التطبيقات أنبه إلى أن جلها منقول بأسانيد صحيحة ثابتة سوى نزر يسير جدا جدا به علل خفيفة فاتني التنبيه عليها في محلها سأنبه عليها في تعليق ملحق
ـ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قال الإمام ابن مندة في كتابه الرد على الجهمية:
أخبرنا علي بن العباس بن الأشعث الغزى بغزة ثنا محمد بن حماد الطهراني ثنا عبد الرزاق أنبأ الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن ابن مسعود في قوله جل وعز يوم يكشف عن ساق قال عن ساقيه قال أبو عبد الله هكذا في قراءة ابن مسعود
قال السيوطي في الدر المنثور:
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن منده عن ابن مسعود في قوله: يوم يكشف عن ساق قال: عن ساقيه تبارك وتعالى
وهل إثبات ساقين من خلال هذه الآية إلا إثبات للمعنى؟
وهل يقول منصف إن هذا من ابن مسعود تفويض للآية؟!!
ومن طريق عبد الرحمن المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
" تسارعوا إلى الجمعة فإن الله عز و جل يبرز لأهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون منه في القرب على قدر تسارعهم إلى الجمعة في الدنيا فيحدث الله لهم من الكرامة شيئا لم يكونوا رأوه قبل ذلك ثم يرجعون إلى أزواجهم فتحدثهم بما قد أحدث لهم ثم دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المسجد فرأى رجلين فقال رجلان وأنا الثالث وإن شاء الله أن يبارك في الثالث "
رواه ابن المبارك في الزهد والطبراني وابن خزيمة وعبد الله بن أحمد في السنة والدارقطني في الرؤية وابن أبي زمنين في رياضه وابن بطة من طرق عن المسعودي وفيهم من سمع منهم قبل الاختلاط
وهذا إسناد ثابت ورواية أبي عبيدة عن ابن مسعود لها حكم الاتصال
فقوله: " يبرز " وقوله: " في كل جمعة " وقوله: " فيكونون منه في القرب " كل هذه معاني ينكرها المفوض والمؤول ويزعمون أنها تستلزم التجسيم كيف ومن عقائدهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يكون عند الشفاعة يوم القيامة أقرب إلى ذات ربه من إبليس عليه لعنة الله
فإن زعم أحد أن هذا من ابن مسعود على وجه التفويض قلنا هذا تنصل من الحجج على مبدإ العناد لأن هذا المفوض لا يرى لأحد إثبات المعاني ولو كان صحابيا فالكل عنده يجهل معاني الصفات فإذا أتيناه بإثبات صريح لصحابي نكص وزعم أنه مفوّض أيضا ويبدو أنه كلما أثبتنا له أحدا من السلف بادر لزعم أنه مراد به التفويض وهذا تلاعب طفولي لا يصلح في ميادين العلم
وعن عاصم عن زر عن عبد الله قال:
" ما بين السماء القصوى والكرسي خمسمائة عام، ويبن الكرسي والماء كذلك، والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم" ا. هـ
رواه الطبراني في الكبير والبخاري في خلق أفعال العباد وابن خزيمة في التوحيد واللالكائي في الاعتقاد والبيهقي في الأسماء والصفات وغيرهم
من طرق عن عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله به
وهذا إسناد جيد فيه عاصم جيد الحديث
سياقه صريح في العلو الذاتي والأثر لا يحتمل التأويل مطلقا فسياقه قرينة توجب حمله على فوقية الذات وهو أثر ثابت
وبالله هذا التدرج المتسلسل بين السماء القصوى والكرسي ثم بين الكرسي والماء ثم الماء والعرش ليصل إلى تقرير أن الله فوق هذا العرش ثم يتحرز بدفع توهم أن هذه الفوقية الحقيقية قد توهم أنها تسبب في خفاء ما نعمله في الأرض عن الله
ـ أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/60)
عن ابن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن عمارة بن عمير، عن أبي موسى، رضي الله عنه قال: الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل.
رواه الطبري في تفسيره والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو الشيخ في العظمة وعبد الله بن أحمد في السنة وابن أبي شيبة في العرش
وإن كان عمارة لم يدرك أباموسى لكني أوردته لاعتماد كثير من الأئمة له ولأنه صح مثله عن ابن عباس
ـ عبد الله بن عباس رضي الله عنه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قال: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) [البقرة آية 255] , قَالَ: الكرسيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ , وَلا يُقْدَرُ قَدْرَ عَرْشِهِ.
رواه جمع كبير من الأئمة منهم عبد الرزاق والطبري والطبراني وابن خزيمة والبيهقي وغيرهم بإسناد صحيح
تأمل تفسير الآية ومنه تعلم حرص هذا الصحابي على إثبات معاني الصفات، فهو قد ذكر معنى يتعلق بصفة لم تذكر في ظاهر الآية
وعن الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَنَا لابْنِ عَبَّاسٍ أَلَيْسَ يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ فَقَالَ لا أُمَّ لَكَ وَكَانَتْ كَلِمَتُهُ لِي، ذَلِكَ نُورُهُ الَّذِي هُوَ نُورُهُ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لا يُدْرِكُهُ شَيْء. ٌ
رواه ابن خزيمة وابن أبي حاتم واللالكائي وغيرهم وإسناده حسن
قال الحافظ عن رجال هذا الإسناد في خبر آخر: لا بأس بهم
وفيه إثبات صفة النور على أنه نور حقيقة وذلك في قوله: " ذَلِكَ نُورُهُ الَّذِي هُوَ نُورُهُ "
وقال الحافظ في الفتح:
" وقد أخرج الأموي في مغازيه ومن طريقه البيهقي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس في قوله تعالى (ولقد رآه نزلة أخرى) قال دنا منه ربه.
قال الحافظ: وهذا سند حسن وهو شاهد قوي لرواية شريك "
أليس هذا تفسيرا للآية مشتملا على معنى صفة القرب
قال اللالكائي:
وأخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال ثنا سعيد بن يحيى الأموي قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن ابن عباس في قوله ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى قال:
دنا ربه منه فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال قد رآه النبي صلى الله عليه و سلم
وقال الله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {آسفونا} أسخطونا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة، عن ابن عباس، قال: والله ما أدري ما حنانا.
سبحان الله هذا يدل على أن ابن عباس ليس من عادته تفويض الصفات إذ لو كان يفوضها ما خص هذه الصفة بعدم الدراية فحلفه على ذلك دال على أن هذا خلاف الأصل عنده
بدليل أنه جاءت تتمة لهذه الرواية تدل على هذا
قال ابن أبي حاتم في تفسيره:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: (وَحَنَانًا)، قَالَ:
" لا أدري مَا هُوَ، إلا أني أظنه تعطف الله عَلَى خلقه بالرحمة".
وهو في تفسير الثوري
يرويه سفيان عن أبيه عن عكرمة قال سئل بن عباس عن قوله فيه من لدنا وزكاة ما أدري ما هو الا أن يكون يعطف الله على عبده بالرحمة
وعند الحاكم في المستدرك:
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا إسحاق بن الحسن الحربي، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله عز وجل: (وحنانا من لدنا (1)) قال: «التعطف بالرحمة»
قال السيوطي في الدر المنثور:
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: وحنانا قال: لا أدري ما هو إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: وحنانا فلم يجر فيها شيئا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: وحنانا من لدنا قال: رحمة من عندنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/61)
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله: وحنانا من لدنا قال: رحمة من عندنا
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم
هذا من ابن عباس نقض لمذهب التفويض، فهل من يفسر الرحمة على أنها حنان وتعطف من الله يكون قد فوض؟!
إذًا اثبتوا على هذا المذهب وسموه ما شئتم
وروى الطبري وغيره عن ابن عباس قال:
" السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن كخردلة في يد أحدكم "
وهذا إثبات صريح لا يصدر من مفوض
ومثله ما ذكره أبو الشيخ في العظمة حيث قال:
ورواه سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز و جل والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه قال السماوات والارض قبضة واحدة
وهو في جزء المروذي من حديث ابن معين
حدثنا وكيع عن سفيان عن عمار عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) قال السموات والأرض قبضة واحدة
وله طريق آخر عند الدارمي في النقض بنحوه
أليس هذا تفسيرا للصفة؟
وقال الحافظ في الفتح:
" ونقل محي السنة البغوي في تفسيره عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناه ارتفع، وقال أبو عبيدة والفراء بنحوه " ا. هـ
قال البيهقي في كتابه الأسماء والصفات:
أنبأنا الحاكم،حدثنا الأصم، حدثنا محمد بن الجهم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال: "وقد قال عبد الله بن عباس: (ثُمّ اسْتَوَى) صعد، وهو كقولك للرجل كان قاعدا فاستوى قائماً، وكان قائمًا فاستوى قاعدًا، وكل في كلام العرب جائز"
ــ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
وقال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو بكر بن مقدم، حدثنا معتمر بن سليمان، سمعت عبد الجليل القيسي يحدث عن عبد الله بن عمرو {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} الآية. قال:
يهبط حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب، منها النور والظلمة والماء فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب
وقال الطبري:
ثنا الحسين، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن عبد الجليل، عن أبي حازم، عن عبد الله بن عمرو قال: يهبط الله حين يهبط، وبينه وبين خلقه سبعون حجابا، منها النور والظلمة والماء، فيصوّت الماء صوتا تنخلع له القلوب.
ـ عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
عن عبيد المكتب عن مجاهد عن ابن عمر قال:
" إن الله خلق بيده أربعة أشياء آدم والقلم والعرش وجنات عدن واحتجب من خلقه بأربعة بنار وظلمة ونور وظلمة وقال لسائر الخلق كن فكان ".
رواه ابن أبي حاتم في التفسير وأبو الشيخ في العظمة والدارمي والحاكم ومن طريقه البيهقي واللالكائي وابن أبي زمنين من طرق عن عبيد به
وهذا من ابن عمر إثبات صريح ولأجل هذا أول بعض الأشاعرة ذكر الاحتجاب لأنه يستلزم الجسمية عندهم
وما أدري بأي منطق علمي يريد منا هؤلاء أن نستدل فإذا كانت الآثار أيضا تؤول وتفوض فقولوا لنا بالصريح وضعوها وافرشوها على الطاولة:
(ليس لأحد أن يستدل إلا على فهم ومزاج الأشاعرة وما خالفهم فهو مؤول أو مفوض والسلام عليكم)
قولوها وأظهروا عجزكم للقراء وأريحونا
ثانيا: إثبات التابعين لمعاني الصفات وتطبيقاتهم في ذلك.
ـ حكيم بن جابر بن طارق الأحمسي
قال ابن أبي شيبة في المصنف:
حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: إن الله تبارك وتعالى لم يمس بيده من خلقه غير ثلاثة أشياء: [الجنة] بيده ثم جعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة لموسى عليه السلام.
وقال الآجري في الشريعة:
وحدثنا جعفر الصندلي قال: حدثنا زهير بن محمد المروزي قال: حدثنا يعلى- يعني ابن عبيد - قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر قال: أخبرت أن ربكم عز وجل لم يمس إلا ثلاثة أشياء: غرس الجنة بيده، وجعل ترابها الورس والزعفران، وجبالها المسك، وخلق آدم عليه السلام، وكتب التوراة لموسى عليه السلام.
وقال ابن بطة:
حدثنا جعفر قال ثنا محمد قال ثنا يعلي بن عبيد قال ثنا إسماعيل ابن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال أخبرت أن ربكم عز و جل لم يمس إلا ثلاثة أشياء غرس جنة عدن بيده وخلق آدم بيده وكتب التوراة بيده
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/62)
ـ الإمام محمد بن كعب القرظي
قال عثمان بن سعيد الدارمي:
حدثنا عبد اللّه بن صالح، حدثني حرملة بن عمران، عن سليمان بن حميد، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عمر بن عبد العزيز، قال:
إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار أقبل الله في ظلل من الغمام والملائكة، فسلم على أهل الجنة في أول درجة فيردون عليه السلام،
وقال اللالكائي:
أخبرنا الحسين قال أخبرنا أحمد قال ثنا بشر قال ثنا عبد الله بن يزيد المقري قال ثنا حرملة بن عمران قال حدثني سليمان بن حميد أنه سمع محمد بن كعب القرظي يحدث عن عمر بن عبد العزيز قال:
إذا فرغ الله من أهل الجنة وأهل النار أقبل تبارك وتعالى في ظلل من الغمام ومعه الملائكة فيقف على أهل أول درجة من الجنة فيسلم عليهم فيردون عليه وهو قوله سلام من قولا من رب رحيم
سليمان بن حميد
روى عنه جمع كبير وترجم له أكثر الأئمة ولم يجرحه أحد وكان موفدا لدى الأمير ابن عبد العزيز وهذا مما يشير إلى عدالته ووثقه ابن حبان
روى عنه الليث ابن سعد والإمام عمرو بن الحارث وإبراهيم بن نشيط الوعلاني وسعيد بن أبي أيوب ويحيى بن أبي أسيد وأبو شريح عبد الرحمن بن شريح المعافري وضمام بن إسماعيل الاسكندراني وحرملة بن عمران
فالسند جيد بلا إشكال
وفي الأثر إثبات المجيء وأنه بمعنى الإقبال وهذا ينافي التفويض.
وكذا قوله: " فيقف على ... "
فهذا وإن كنت لا أثبته لله لتفرد هذا الأثر به غير أنه يدل على أن صاحب الأثر وهو إمام كبير من أئمة السلف وبحضور الإمام عمر بن عبد العزيز على أن إثبات المعاني قد كان هو مذهبهم مع الصفات لا التفويض
وقال الإمام الآجري:
وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا محمد بن عباد بن آدم قال: حدثنا بكر بن سليمان الأسواري، عن محمد بن إسحاق قال: سمعت محمد بن كعب يحدث:
إن الله عز وجل لم يمس بيده إلا ثلاثة أشياء: آدم، والتوراة فإنه كتبها لموسى، وطوبى شجرة في الجنة، غرسها الله بيده، ليس في الجنة غرفة إلا فيها منها قنو، وهي التي قال الله عز وجل فيها: الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب.
ــ ربيعة بن عمرو الجرشي
روى الطبري في تفسيره قال:
ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة، قال: ثنا النضر بن أنس، عن ربيعة الجُرْشي، قال:
(وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) قال: ويده الأخرى خلو ليس فيها شيء.
وله طريق آخر عن معاذ بن هشام به سندا ومتنا
والأثر صريح في إثبات معنى الصفة وأن السلف كانوا يفسرون آيات الصفات بما يؤكد إثبات الصفة
ـ الضحاك بن مزاحم
قال عبد الله بن أحمد في السنة:
حدثني أبي نا وكيع حدثني أبو حجير عن الضحاك والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قال كل ذلك في يمينه //
حدثني أبي نا الفضل بن دكين عن سلمة عن الضحاك والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قال كلا في يمينه
وقال ابن جرير:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يقول: السموات والأرض مطويات بيمينه جميعا.
قال في الدر المنثور:
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه قال: كلهن في يمينه.
وهذا تفسير للآية المشتملة على الصفة بما يؤكد إثبات معنى الصفة
وروى الدارقطني في الرؤية قال:
حدثنا محمد بن مخلد حدثنا جعفر بن أبى عثمان الطيالسى حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو عبيدة الحداد حدثنا سليمان بن عبيد أبو الحسن حدثنا الضحاك بن مزاحم أسنده إلى عبد الله بن مسعود قال:
قال رسول الله يرويه عن ربه عز و جل قال:
نحلت إبراهيم خلتى وكلمت موسى تكليما وأعطيت محمدا كفاحا
قال رجل من القوم: ما الكفاح؟
قال [يعني الضحاك]: يا سبحان الله يخفى الكفاح على رجل عربى الكفاح المشافهه.
وهو ثابت عن الضحاك
سئل أحمد كما في المعرفة والتاريخ
وسأله الهيثم بن خارجة فقَال: أبو داود أحب إليك أم أبو عبيدة الحداد؟ قَال: أبو داود أحفظهما، وكان أبو عبيدة قليل الغلط كثير الكتاب.
قال أحمد: لم يكن صاحب حفظ، وكان كتابه صحيحا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/63)
سمعت يحيى يقول أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل وهو ثقة
قال الخطيب: وكان ثقة
نا علي بن الحسين بن حبان قال وجدت في كتاب أبي بخط يده:
ذكر أبو زكريا أبا عبيدة الحداد فقال كان من المتثبتين ما أعلم أنا اخذنا عليه خطأ ألبتة جيد القراءة لكتابه "
ووثقه عدد كبير
وسليمان بن عبيد السلمي قال ابن أبي حاتم:
بصري روى عن أبى الصديق الناجي روى عنه يحيى بن سعيد القطان وخالد بن الحارث والنضر بن شميل سمعت أبى يقول ذلك ذكره أبى عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال سليمان بن عبيد السلمي ثقة سألت أبى عن سليمان بن عبيد فقال صدوق
وفي الأثر تفسير الصفة على مقتضى اللغة وهذا ينقض التفويض وإلا فهل يعقل أن يكون تفسير تكليم الله لنبيه محمد بأنه مشافهة أن يكون تفويضا؟!
وقال الطبري:
حدثني موسى بن عبد الرحمن قال: ثنا أبو أُسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول:
إذا كان يوم القيامة، أمر الله السماء الدنيا بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، وأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصَفُّوا صفًا دون صفّ، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم ... "
وقال الدارمي:
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة حدثنا الأجلح حدثنا الضحاك بن مزاحم قال:
" إن الله يأمر السماء يوم القيامة فتنشق بمن فيها فيحيطون بالأرض ومن فيها ويأمر السماء الثانية حتى ذكر سبع سموات فيكونون سبعة صفوف قد أحاطوا بالناس قال ثم ينزل الله في بهائه وجماله ومعه ما شاء من الملائكة على مجنبته اليسرى جهنم فإذا رآها الناس تلظى وسمعوا زفيرها وشهيقها ند الناس في الأرض فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة وذلك قوله عز و جل: (يوم التناد) يقول يند الناس فيقول الله عز و جل (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) وذلك قوله عز و جل (إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم) (ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا) (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها) قال قلت له ما أرجاؤها قال حافتها "
والأثر جيد الإسناد وله طريق آخر ذكرها القرطبي عن جويبر عن الضحاك
والأثر صريح في نزول الله بذاته ومجيئه بذاته
وقال ابن أبي عاصم:
حدثنا ابن أبي عُمَر حَدَّثنا مروان بن معاوية عن صالح بن مسعود عن الضحاك بن مزاحم في قوله الصمد قال: الصمد الذي ليس بأجوف
حدثنا المقدمي حَدَّثنا وكيع عن سلمة بن نبيط عن الضحاك قال: " الصمد الذي لا جوف له "
وهل هذا إلا إثبات للمعنى
ـ أبو وائل شقيق بن سلمة
عن أبي سنان عن أبي وائل قال:
قال يجاء بالعبد يوم القيامة فيستره الله عز و جل بيده ويعرفه بذنوبه ثم يغفر له
رواه ابن أبي شيبة في المصنف وأسد في الزهد وكذا هناد
وهذا منه تفسير للحديث الوارد في هذا المعنى " حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ، ثَمَّ يَقُولُ: قَدْ سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ "
والأثر فيه إثبات لحقيقة اليد
شريح بن عبيد الحضرمي
قال أبو الشيخ في العظمة:
حدثنا عبدالله بن محمد بن العباس حدثنا سلمة حدثنا ابو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد رحمه الله تعالى قال:
لما صعد النبي صلى الله عليه و سلم الى السماء فأوحى الله عزوجل الى عبده ما أوحى قال فلما أحس جبريل بدنو الرب تبارك وتعالى خر ساجدا
وهذا إسناد جيد
وفيه إثبات الدنو على حقيقته
ـ سعيد بن المسيب
قال الطبري:
حدثنا ابن بشار وزيد بن أخزم، قالا ثنا ابن داود، عن المستقيم بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب قال: (الصمد): الذي لا حِشوة له.
وقال ابن أبي عاصم:
حدثنا أبو موسى حَدَّثنا عَبد الله بن داود عن المستقيم بن عبدالملك عن سعيد بن المسيب قال الصمد الذي ليس له حشوة
حدثنا اسحق بن احمد انا صالح بن مسمار انا محمد بن ربيعة أنبأنا مستقيم بن عبدالملك قال سمعت سعيد بن المسيب يقول الصمد الذي لا حشو له
ــ الحسن البصري
قال ابن أبي عاصم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/64)
حَدَّثنا أبو موسى حَدَّثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وثنا المقدمي حَدَّثنا بشر بن الفضل وعبد الرحمن بن مهدي عن الربيع بن مسلم عن الحسن قال:
الصمد الذي ليس بأجوف
ــ سعيد بن جبير
قال ابن أبي عاصم
وحدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة حدثنا أبو أحمد وثنا المقدمي حَدَّثنا ابن أبي الوزير عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن جبير قال الصمد الذي لا جوف له
حَدَّثنا نصر بن علي حَدَّثنا أبي عن محمد بن مسلم عن سعيد بن جبير مثله
ـ عبيد بن عمير
قال عبد الله بن أحمد:
حدثني أبو معمر نا سفيان عن حميد يعني الأعرج عن مجاهد عن عبيد ابن عمير: (وإن له عندنا لزلفى) قال: يقول أدنه أدنه إلى موضع الله أعلم به
حدثني أبو معمر نا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال حتى يضع بعضه عليه
وحدثني أبو معمر نا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير وإن له عندنا لزلفى قال يقول الرب عز و جل لداود أدنه حتى يضع بعضه على بعضه
حدثني عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن نا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير وإن له عندنا لزلفى قال ذكر الدنو منه حتى ذكر أنه يمس بعضه // إسناده حسن
وقال الخلال:
حدثنا أبو بكر قال ثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي قال ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير وإن له عندنا لزلفى قال ذكر الدنو حتى يمس بعضه
حدثنا أبو بكر قال ثنا محمد بن بشرقال ثنا عبدالرحمن بن شريك قال ثنا أبي قال ثنا منصور قال ثنا مجاهد قال سمعت عبيد بن عمير وسئل عن قوله وإن له عندنا لزلفى قال ذكر الدنو منه // إسناده ضعيف
قال ابن أبي عاصم:
حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة حَدَّثنا ابن فضيل عن الليث عن مجاهد عن عبيد بن عمير {وإن له عندنا لزلقى وحسن مآب} قال ذلك الدنو منه حتى أن يمسه ببعضه
روى ابن أبي شيبة قال:
حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير {وإن له عندنا لزلفى} قال: ذكر الدنو منه.
وفي تفسير الثوري:
سفين عن مجاهد عن عبيد بن عمير في قوله وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب قال يدنوا من الرب تبارك وتعالى حتى يضع يده قريبا
وقال عبد الله بن أحمد:
حدثني هارون بن معروف نا سفيان بن عيينة عن حميد يعني الأعرج عن مجاهد عن عبيد يعني ابن عمير قال:
ما يأمن داود عليه السلام يوم القيامة حتى يقال له أدنه فيقول ذنبي ذنبي حتى بلغ فيقال أدنه فيقول ذنبي ذنبي فيقال له أدنه فيقول ذنبي ذنبي حتى بلغ مكانا الله أعلم به قال سفيان كأنه يمسك شيئا.
حدثني هارون بن معروف نا الأقرع أن سفيان زاده حتى يضع يده في يده.
حدثني أبو معمر نا سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد عن عبيد بن عمير وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب قال يقول الرب عز و جل أدنه أدنه حتى ينتهي إلى موضع الله عز و جل أعلم به // إسناده ضعيف
وقال الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق:
أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عبد الله السنجي وأبو محمد بختيار بن عبد الله الهندي قالا أنا أبو علي الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل التككي أنا أبو علي بن شاذان أنا عثمان بن أحمد نا أحمد بن عبد الجبار نا وكيع بن الجراح عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير " وإن له عندنا لزلفى " قال ذكر الدنو منه يوم القيامة حتى ذكر أنه يمس بعضه.
هذا في حق داود عليه السلام لأنه يوافي القيامة خائفا من ذنبه فيؤمنه الله بإكرامه بقربه " ا. هـ
لاخلاف أن البعضية ليست في ذات الله حاشاه تعالى وإنما هي باعتبار ما يراه العبد من الذات إلى مالم يره لا أن مارآه هو بعض فعلا
ونسأل هؤلاء الذين يحرصون على التمويه في مثل هذه القضايا الدقيقة:
أنتم تثبتون رؤية الله فمالذي يراه المخلوق من ربه؟
إن قلتم يرى ربه بحيث لا يخفى عليه شيء عنه فقد قلتم قولا عظيما وأثبتم أن العبد يحيط بربه وهذا تكذيب للقرآن الذي نص على أن العبد لا يحيط بربه مطلقا لا في علم ولا رؤية بل هذا هو الإدراك الذي نفاه الله بعينه في قوله (لا تدركه الأبصار)
وإن قلتم إن العبد يرى ربه دون أن يحيط به فإما أن يكون هذا عندكم تبعيضا فلم تعيبون ما تقولون به وإن لم يكن تبعيضا فقد اعترفتم بما يلزمكم في معنى الآثار السابقة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/65)
ولا شك ولا خلاف في ثبوت ما سبق عن عبيد بن عمير وهو القاضي التابعي الكبير من أفاضل أهل مكة في زمنه كما ذكر ابن حبان وأخذ عن الخليفة الراشد عمر وابنه عبد الله بن عمر وهو شيخ التابعي الكبير عطاء بن رباح كان مجاهد يفخر به على التابعين
وروي هذا الإثبات عن غير عبيد من السلف
ومن ذلك ما ورواه ابن فورك عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس ...
ذكره القاضي أبو يعلى ثم قال القاضي:
" أما قوله: " أبدى عن بعضه " فهو على ظاهره وأنه راجع إلى الذات إذ ليس في حمله على ظاهره وأنه راجع إلى الذات ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحق.
قال: فإن قيل بل في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته لأنه يستحيل وصفه بالكل والبعض والجزء فوجب حمله على إبداء بعض آياته وعلاماته تحذيرا وإنذارا، قيل: لا يمتنع إطلاق هذه الصفة على وجه لا يفضي إلى التجزئة والتبعيض كما أطلقنا تسمية يد ووجه لا على وجه التجزئة والتبعيض، وإن كنا نعلم أن اليد في الشاهد بعض الجملة قال: وجواب آخر وهو أنه لو جاز أن يحمل قوله: " وإذا أبدى عن بعضه " على بعض آياته لوجب أن يحمل قوله: " أراد أن يدمر على قوم تجلى لها " على جميع آياته! ومعلوم أنه لم يدمر قرية بجميع آياته لأنه قد أهلك بلادا كل بلد بغير ما أهلك به الآخر " ا. هـ
ونقل طرفا منه ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه
فالخلاصة ما سبق عن عبيد بن عمير هو من الأدلة على إثبات السلف لمعاني الصفات وأنهم أبعد الناس عن التفويض
ــ عمرو بن دينار
تاريخ دمشق
أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن علي الزجاجي أنا أبو مسلم عبيدالله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي حدثني أبو عبد الله علي بن سليمان صاحب الحكيمي في شوال سنة أربعين وثلاثمائة نا الحسن بن عرفة نا علي بن ثابت الجزري عن المكيين عمرو بن دينار وغيره في قوله " وإن له عندنا لزلفى وحسن ماب " قال لا يزال يدنيه حتى يمس بعضه
هو بالمعنى السابق
ـــ مجاهد بن جبر
قال الطبري:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) قال: الله من جبريل عليه السلام.
وقال البيهقي
وعن مجاهد في قوله عز وجل: {فكان قاب قوسين أو أدنى} يعني: حيث الوتر من القوس، يعني ربه تبارك وتعالى من جبريل عليه السلام
هل هذا تفويض؟!
أليس هذا تحقيقا للدنو والقرب وبيانا لمعناه؟
وقال الطبري:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا) قال: تعطفا من ربه عليه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
وقال القرطبي
قلت: فالحنان العطف، وكذا قال مجاهد ...
يا قوم ها هو إثبات المعاني فلم الجحود؟
وبنحوه قال الطبري:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، في قوله: (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) قال: يحبهم ويحببهم إلى خلقه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) قال: يحبهم ويحببهم إلى المؤمنين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
فهذا إثبات للود بمعناه
وقال الطبري:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: (الصمد): المُصْمَت الذي لا جوف له.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثلَه سواء.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: (الصمد): المصمت الذي ليس له جوف. الطبري
وقال ابن أبي عاصم:
حَدَّثنا أبو بكر حَدَّثنا ابن إدريس ووكيع عن شعبان وثنا أبو موسى حَدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال الصمد الذي لا جوف له
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/66)
حَدَّثنا أبو بكر حدثنا وكيع وثنا أبو موسى حَدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال الصمد الذي لا جوف له
حَدَّثنا أبو بكر حَدَّثنا وكيع عن سفيان وثنا أبو موسى حَدَّثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن شعبان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله
حَدَّثنا أبو بكر حَدَّثنا ابن أخي إدريس عَنْ أَبِيه عن عطية وعن ليث عن مجاهد قال الصمد الذي ليس بأجوف
والذي لا جوف له هو ما كان له ذات حقيقية غير مجوفة
أليس كل هذا إثباتا للصفة بمعناها؟
ولتعلم حقيقة المعنى المثبت قارن بإنكار هذا التفسير من قبل بعض الأشاعرة.
وفي صحيح البخاري تحت الحديث رقم 6981 قال البخاري:
" وقال مجاهد: (استوى) علا (على العرش) "
ـــ عامر بن شراحيل الشعبي
قال أبو الشيخ في كتابه العظمة:
حدثنا ابراهيم حدثنا عبيد بن آدم العسقلاني حدثنا ابي عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي رحمه الله تعالى قال ان الله تبارك وتعالى على العرش حتى ان له أطيطا كأطيط الرحل.
وقال ابن بطة في الإبانة:
حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان قال حدثني محمود بن جعفر قال ثنا أبو بكر المروذي قال ثنا أبو عبد الله قال ثنا حسن بن موسى الأشيب قال ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال إن الله تعالى قد ملأ العرش حتى إن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد
ورواه حرب عن إسحاق عن آدم بن أبي إياس عن حماد عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود بلفظ ابن بطة
والأحفظ وقفه على الشعبي
فهذا الخبر الصحيح عن الشعبي قد أثبت بطريقيه أن فوقية الله على العرش فوقية حقيقية والسياق يدوّي بهذا
ـــ عكرمة
قال ابن أبي حاتم:
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي شَيْبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ " أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا "، قَالَ:"كَانَ اللَّهُ فِي نُورِهِ".
فهنا أثبت عكرمة أن لله نورا حقيقيا خلافا لمعتقد الأشاعرة الذين ينفون النور عن الله بدعوى أنه يلزم من إثباته الجسمية
وأنا أبين هذا لأعرف القارئ بقدر الإثبات الذي يحاول المخالف دائما تجاهله
وقال الإمام الطبري:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة، في هذه الآية (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا) قال: رحمة.
فدل على معنى الرحمة وأنها تحنن وحنان لأن تفسير الآية فيه إثبات لمعنى الصفتين الرحمة والحنان وأنهما بمعنى متقارب فكل منهما تفسر الأخرى
وقال الطبري:
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عكرمة في قوله:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام"، قال: طاقات من الغمام، والملائكة حوله
وهذا تفصيل في تفسير آيات الصفات يؤكد إثبات معنى الصفة
وقال عبد الله بن أحمد:
حدثني أبي نا أبو المغيرة الخولاني نا الأوزاعي نا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال إن الله عز و جل إذا أراد أن يخوف عباده أبدى عن بعضه إلى الأرض فعند ذلك تزلزل وإذا أراد أن تدمدم على قوم تجلى لها //
" وقد ذكر القاضي أبو يعلى في كتاب أبطال التأويلات لأخبار الصفات ما رواه عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو المغيرة الخولاني حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: إن الله إذا أراد أن يخوف عبادة أبدى عن بعضه إلى الأرض فعند ذلك تزلزل وإذا أراد أن يدمر على قول تجلى لها
قال: ورواه ابن فورك عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس " أن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخوف أهل الأرض أبدى عن بعضه وإذا أراد أن يدمر عليها تجلى لها "
ثم قال: أما قوله أبدى عن بعضه فهو على ظاهره وأنه راجع إلى الذات إذ ليس في حمله على ظاهره وأنه راجع إلى الذات ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحق فإن قيل بل في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته لأنه يستحيل وصفاته بالكل والبعض والجزء فوجب حمله على إبداء بعض آياته وعلاماته تحذيرا وإنذارا قيل لا يمتنع إطلاق هذه الصفة على وجه لا يفضي إلى التجزئة والتبعيض كما أطلقنا تسمية يد ووجه لا على وجه التجزئة والتبعيض وإن كنا نعلم أن اليد في الشاهد بعض الجملة قال: وجواب آخر وهو أنه لو جاز أن يحمل قوله وإذا أبدى عن بعضه على بعض آياته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/67)
لوجب أن يحمل قوله أراد أن يدمر على قوم تجلى لها على جميع آياته ومعلوم أنه لم يدمر قرية بجميع آياته لأنه قد أهلك بلادا كل بلد يغير ما أهلك به الآخر
قال العبد لله:
البعض هنا ليس في ذاته وإنما هو باعتبار ما يراه الرائي مقابل ما لم يره فإن الله لا يحيط بذاته ولا بشيء من صفاته أحد
من ألزمنا بالتبعيض فهو قائل حقيقة بأن الله لا يرى ولا يتجلى إلا محاطا به وهذا كفر أشد مما يفر منه ولا نقوله لهم إلزاما بل هو حقيقة قولهم.
قال ابن أبي حاتم:
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: " " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكُةُ " , يَقُولُ: وَالْمَلائِكَةُ حَوْلَهُ"
وقال الطبري:
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عكرمة في قوله:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام"، قال: طاقات من الغمام، والملائكة حوله= قال ابن جريج، وقال غيره: والملائكةُ بالموت
فقوله: " والملائكة حوله " نص في إثبات إتيان الذات
وانظر ما سيأتي في تطبيقات باقي أئمة السلف عند بيان تطبيقات ابن جرير
جاء في حاشية تفسير الطبري كما نقل القاسمي:
وفي حواشي " جامع البيان ": كيف لا يؤمن بإتيانه ومجيئه تعالى يوم القيامة، وقد جاء في القرآن في عدة مواضع: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة 210] {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر: 22] {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [النحل 33]. وأي أمر أصرح منه في القرآن؟.
وروي الطبري في " تفسيره " عن ابن عباس مرفوعاً: إن في الغمام طاقات يأتي الله فيها، محفوفاً. وذلك قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الإمام وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210].
قال عِكْرِمَة: والملائكة حوله، فهذا من صفات الله تعالى. يجب علينا الإيمان بظاهرها ونؤمن بها كما جاءت وإن لم نعرف كيفيتها. وعدم علمنا بكيفيتها، بمنزلة عدم علمنا بكيفية ذاته. فلا نكذب بما علمناه لعدم علمنا بما لم نعلمه. وهذا هو مذهب سلف هذه الأمة وأعلام أهل السنة. انتهى.
وهذا تعليق من صاحبه شاهد بحضور مذهب السلف في كل مناحي العلم
ـ قتادة بن دعامة السدوسي
قال الطبري:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا) قال: رحمة من عندنا.
وهذا إثبات لمعنى الحنان والرحمة
وقال الطبري:
حدثنا بشر. قال. ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) قال: فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في الشمس في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه.
وهذا إثبات لحقيقة النور إذ لا يشك ناظر في أن هذا لا يستقيم حمله على النور المعنوي
وقال الطبري:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَلَمَّا آسَفُونَا) قال: أغضبوا ربهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَلَمَّا آسَفُونَا) قال: أغضبونا.
آسفونا يعني فعلوا ما جعلنا نأسف بمعنى نغضب
ـــ عبد الرحمن بن البيلماني
قال الإمام الآجري:
أخبرنا ابن أبي داود قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني عبد الرحمن بن البيلماني قال: ما من ليلة إلا ينزل ربكم عز وجل إلى السماء، فما من سماء إلا وله فيها كرسي، فإذا نزل إلى السماء خر أهلها سجوداً حتى يرجع، فإذا أتى السماء الدنيا: أطت وترعدت من خشية الله عز وجل، وهو باسط يديه يدعو عباده: ياعبادي من يدعوني أجبه؟ ومن يتب إلي أتب عليه؟ ومن يستغفرني أغفر له؟ ومن يسألني أعطه؟ ومن يقرض غير معدم ولا ظلوم، أو كما قال.
قال محمد بن الحسين رحمه الله: فيما ذكرته كفاية لمن أخذ بالسنن، وتلقاها بأحسن قبول، ولم يعارضها بكيف ولم؟ واتبع ولم يبتدع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/68)
هذا أثر صحيح وابن البيلماني تابعي معروف بل من كبارهم فقد كان مولى لعمر وأثره هذا ينضح بمعاني الصفات
ـــ الإمام أبو العالية الرياحي
وفي صحيح البخاري تحت الحديث رقم 6981 قال البخاري:
" قال أبو العالية: (استوى ... ) ارتفع ..
ـــ وائل بن داود
وقال الإمام أحمد بن سلمان النجاد:
ثنا عبد الله قال ثنا محمد بن عون قال ثنا خلف بن خليفة عن وائل بن داود في قول الله عز و جل الله عز و جل وكلم الله موسى تكليما قال مرارا.
وفي السنة لعبد الله قال:
حدثني محرز بن عون نا خلف بن خليفة عن وائل بن داود في قول الله عز و جل وكلم الله موسى تكليما قال مشافهة مرارا
والأثر رواه ابن أبي حاتم في التفسير من طريق آخر عن خلف عن وائل باللفظ الأول
وقوله مرارا هو من إثبات المعنى، وهذا المعنى الذي أثبته " مرارا " تنفيه الأشاعرة إذ يدل عندهم على قيام الحوادث بالله فهم يرون أن الله لم يتكلم حقيقة إلا في الأزل
فهل إثبات الإمام وائل لهذا المعنى هو تفويض؟!!
ـ خالد بن معدان
روى الإمام ابن قتيبة الدينوري في كتابه المجالسة من طريقين عن مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا بَقِيَّةُ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللهِ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِيهَا قَالَ:
" إِنَّ الْعَرْشَ يَثْقُلُ عَلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَإِذَا قَامَ الْمُسَبِّحُونَ؛ خُفِّفَ عَلَيْهِمْ "
وقال عبد الله بن أحمد:
حدثني أبي نا أبو المغيرة حدثتنا عبدة بنت خالد بن معدان عن أبيها خالد ابن معدان أنه كان يقول إن الرحمن سبحانه وتعالى ليثقل على حملة العرش من أول النهار إذا قام المشركون حتى إذا قام المسبحون خفف عن حملة العرش.
وإسناد عبد الله أصح
فهذه ابنة أحد كبار علماء التابعين ولها رواية وقد روى عن جماعة من الأئمة هي على قول مخالفينا تنسب التجسيم والكفر لأبيها
وقال الإمام النجاد:
ثنا عبد الله بن احمد قال حدثني ابي قال ثنا ابو المغيرة قال ثنا عبدة عن أبيها خالد بن معدان قال ان الله عز و جل لم يمس بيده إلا آدم خلقه بيده والجنة والتوراة كتبها بيده قال ودملج الله لؤلوة بيده فغرس فيها قضبانها ... "
وهو في السنة لعبد الله بن أحمد
فهذا أحد أئمة السلف يثبت صفة باللازم وهذا من آكد صور إثبات المعنى عندهم
ـــ عروة بن الزبير
قال ابن خزيمة:
حَدَّثَنَا محمد بن العلاء أبو كريب قال حدَّثنا أبو اسامة عن هشام وهو ابن عروة عن أبيه قال:
قدمت على عبد الملك فذكرت عنده الصخرة التي ببيت المقدس فقال عبد الملك هذه صخرة الرحمن التي وضع عليها رجله فقلت سبحان الله يقول الله تبارك وتعالى {وسع كرسية السموات والأرض} وتقول وضع رجله على هذه يا سبحان الله إنما هذه جبل قد أخبرنا الله أنه ينسف نسفًا فيذرها قاعًا صفصفًا.
فأقر عروة أن لله رجلا حقيقية ولم ينكر أنه يكون بها فعل له كما يشاء لكنه أنكر أن ينسب لها فعل دون دليل بل يراه مصادما للدليل وتعليله دال على ذلك
وقال البيهقي:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أَخْبَرَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني، حَدَّثَنَا سريج بن يونس، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن حميد بن هلال، قال: قال رجل: رحم الله رجلا أتى على هذه الآية: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} فيسأل الله تبارك وتعالى بذاك الوجه الباقي الجميل.
من أين وصف الوجه بالجميل؟
وهل يوصف وجه بالجمال ويكون معناه غير المعروف وهو الحسن والبهاء
وقد أوله البيهقي غفر الله له
روايات ضعيفة بينة الضعف:
حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا احمد بن سعيد أنبأنا ابن وهب عن عبدالله بن عياش عن زيد بن أسلم في قوله عز وجل الله نور السموت والارض نور على نور يضيء بعضه بعضا
حدثني عليّ بن الحسن الأزديّ، قال ثنا يحيى بن يمان، عن عمار بن عمرو، عن الحسن، في قوله: (وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال: كأنها جوزة بقضها وقضيضها.
حَدَّثَنَا ابن معمر قال حدَّثنا روح قال حدَّثنا عباد بن منصور قال سألت الحسن فقلت ثم دنا فتدلى من ذا يا أبا سعيد قال ربي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/69)
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرَمَةَ:" " مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى "، فَقَالَ عِكْرَمَةُ: تُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكَ أَنَّهُ قَدْ رَآهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: قَدْ رَآهُ، ثُمَّ قَدْ رَآهُ، قَالَ: فَسَأَلْتُ عَنْهُ الْحَسَنَ، فَقَالَ: رَأَى جَلالَهُ، وَعَظَمَتَهُ، وَرِدَاءَهُ" تفسير حاتم
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي موسى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَسْلَمَ أَخُو أَبِي مُسْلِمٍ الْجُعْفِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " " فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ "، قَالَ: كَشَفَ بَعْضَ الْحُجُبِ".
- ثنا احمد قال ثنا عبد الله قال قرأت على ابي حدثنا ابراهيم بن الحكم قال حدثني ابي عن عكرمة قال ان الله لم يمس بيده الا ثلآثا خلق آدم قال بيده وغرس الجنة بيده وكتب التوراة بيده
العظمة
حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، قال: حدثنا سلمة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا معتمر أبو الحكم الباهلي، عن قتادة رحمه الله تعالى، قال: «من رأى خلقا من خلقه فتوسم فيه حتى ينزل الجبار تبارك وتعالى، قال: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية (1)) تحمله الملائكة على كواهلها بأيد، وعزة، وحسن، وجمال، حتى إذا جلس على كرسيه نادى تعالى به: (لمن الملك اليوم (2))، فلم يجبه أحد، فعطفها على نفسه تبارك وتعالى، فقال: (لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب)»
عبد الله ثقة كما في طبقات المحدثين
معتمر بن نافع قال ابن حبان في الثقات ربما أخطأ وقال أبو حاتم شيخ
الهيثم بن رافع
حدثنا أبو بكر قال ثنا محمد بن بشر بن شريك النخعي قال ثنا عبد الرحمن بن شريك قال ثنا أبي قال حدثني عبدالعزيز بن رفيع وسالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال إذا نظر داود إلى خصمه ولى هاربا منه فينادي الله عز و جل يا داود ادن مني فلا يزال يدنيه حتى يمس بعضه // إسناده ضعيف لأن فيه محمد بن بشر
ثالثا: إثبات بقية السلف لمعاني الصفات وتطبيقاتهم في ذلك.
ـ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ت150 هـ
جاء في مصنف عبد الرزاق:
سمعت ابن جريج، يقول: وغضب في شيء فقيل له: أتغضب يا أبا خالد، فقال: «قد غضب خالق الأحلام إن الله تعالى يقول: (فلما آسفونا: أغضبونا»
فالمعنى جلي، يقول: كيف تلومني على ما يحصل مني وهو يحصل من رب العالمين
ولو كان غضبه تعالى مجهولَ المعنى وليس بالمعنى العام للغضب لما قال ابن جريج ما قال
فالسياق لا يشك فيه إلا معاند بأن غضبه هو الغضب الحقيقي لأن ابن جريج برر لنفسه بأن ما يحصل منه إنما يحصل من رب العالمين وكون الله يغضب حقيقة لا يلزم منه مماثلة المخلوق في غضبه فها نحن نصف الله بالعلم ونصف المخلوق بالعلم وعندما نفسر العلم عموما نفسره بتفسير واحد يصدق على علم الله وعلى علم المخلوق ثم نفرق بينهما باعتبار أن علم الله كامل وأكمل وذاتي أما علم المخلوق فهو ناقص ومكتسب
كما أن وصف الله بالغضب لا يلزم منه اتصافه بالنواقص التي تحصل للمخلوق في غضبه من الرهق والتألم النفسي ونحوها من النقائص وهذا كالقدرة فكما أن قدرة العبد يصحبها كثير من النقص من كونها تتنامى ثم تتناقص ويصحبها حال استخدامها مشقة وربما تؤول إلى عجز ويتعذر غالبا استخدامها لفترة طويلة ولم يمنع هذا وصفنا لله بالقدرة على وجه يتنزه فيه عن هذه النقائص والنواقص
ـ وهب بن منبه
روى عبد الرزاق عن معمر قال: حدثني سماك بن الفضل، قال:
" كنت عند عروة بن محمد جالسا وعنده وهب بن منبه، فأتي بعامل لعروة فشكي فأكثروا عليه، فقالوا: فعل وفعل وثبتت عليه البينة، قال: فلم يملك وهب نفسه فضربه على قرنه بعصا، فإذا دماؤه تشخب، وقال: أفي زمن عمر بن عبد العزيز يصنع مثل هذا؟
قال: فاستهانها عروة وكان حليما أيضا، فاستلقى على قفاه يضحك وقال: يعيب علينا أبو عبد الله الغضب وهو يغضب، قال وهب:
«قد غضب خالق الأحلام إن الله يقول: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) يقول: أغضبونا»
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/70)
وهو في تاريخ دمشق من طريق عبد الرزاق أنا معمر في قوله تبارك وتعالى {فلما آسفونا} حدثني سماك بن الفضل قال
كنت عند عروة بن محمد فذكره بمثله
وهذا يؤكد ما سبق ويدل على أن المتبادر إلى أذهانهم جميعا هو ظواهر النصوص
ـ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ت هـ
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ) قال: أغضبونا،
وفي تفسير الطبري قال:
" وقال آخرون: بل معنى الحنان: المحبة. ووجهوا معنى الكلام إلى: ومحبة من عندنا فعلنا ذلك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَحَنانا) قال: أما الحنان فالمحبة " ا. هـ
فهنا وإن فسر الحنان بأنه المحبة وهو مخالف لتفسير جماعة من السلف ممن فسروا الحنان بالرحمة والعطف والتحنن، لكن تفسيره دال على عدم التفويض ودال على أنه يفسر الصفات السمعية خلافا لمذهب المفوضة
فالمفوضة لا يثبتون أن المحبة والحنان بمعنى واحد كما يثبته هذا الإمام
ـ يحيى بن سعيد بن القطان
قال الحافظ في الفتح بعد ذكره لحديث الحبر الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم على أن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع ... الحديث فقال الحافظ ابن حجر:
" وزاد ابن خزيمة عن محمد بن خلاد عن يحيى بن سعيد القطان عن الأعمش فذكر الحديث، قال محمد: عدها علينا يحيى بإصبعه، وكذا أخرجه أحمد بن حنبل في " كتاب السنة " عن يحيى بن سعيد وقال:
وجعل يحيى يشير بإصبعه يضع إصبعا على إصبع حتى أتى على آخرها " ا. هـ
وهو في السنة لعبدالله كما نقل الحافظ.
وفيه: سمعت أبي رحمه الله ثنا يحيى بن سعيد بحديث سفيان عن الاعمش عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الله يمسك السموات على أصبع قال أبي رحمه الله:
جعل يحيى يشير بأصابعه وأراني أبي كيف جعل يشير بأصبعه يضع أصبعا أصبعا حتى أتى على آخرها " ا. هـ
وهذا من يحيى أبلغ ما يكون في تحقيق الصفة وأنها أصابع حقيقية مع نفي المماثلة بلا شك وخير دليل فعله صلى الله عليه وسلم لذلك في السمع والبصر وفي اليد
بالله لو كان يحيى بن سعيد القطان لم يفهم من الحديث أنها أصابع حقيقية أو لم يفهم منها شيئا وأنه يجهل معنى الأصابع فكيف يحقق المعنى بإشارته بإصبعه؟
فكما أنكم حملتم إشارته صلى الله عليه وسلم إلى عينه وأذنه بأنها تحقيق للصفة (صفة السمع والبصر) باعتبار أنه نطق بهما عندما تلا الآية (إن الله كان سميعا بصيرا)
ـ ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم حال إشارته قد ذكر العين والأذن لأثبتنا الأذن على حقيقتها لكنه إنما ذكر السمع وأشار إلى الأذن ـ
ولما كانت الإشارة إلى الأذن تحتمل السمع وكان هو الموافق لما نطق به من ذكر السمع حملنا الحديث على تحقيق صفة السمع والبصر باعتبارهما المنطوق بهما والمشار إليهما
فكذلك إشارته صلى الله عليه وسلم بيده هي تحقيق للصفة أيضا لكن المنطوق به هنا والمشار إليه شيء واحد لفظا ومعنى وهو اليد فلن يكون التحقيق إلا لصفة اليد.
وكذلك الأصابع في فعل الإمام الكبير يحيى بن سعيد فالمنطوق به والمشار إليه شيء واحد وهذا الثنائي لا يدل إلا على تحقيق الصفة فما هي الصفة المحققة إن لم تكن الأصابع؟
أنا لا أدري أين أسلم المفوضة عقولهم؟
ـ حماد بن زيد
وقال الخلال في كتاب السنة:
" أخبرني جعفر بن محمد الفريابي حدثنا أحمد بن محمد المقدمي حدثنا سلميان بن حرب قال: سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل الحديث الذي جاء [ينزل الله إلى السماء الدنيا] يتحول من مكان إلى مكان؟ فسكت حماد بن زيد ثم قال:
هو في مكانه يقرب من خلقه كيف يشاء
رواه الخلال في السنة
ورواها ابن بطةَ في الإبانة بنحوه مختصرا
ونقله ابن عبد الهادي في الصارم المنكي
وفي هذا الأثر فسر الإمام حماد بن زيد النزول بأنه نوع قرب راجع لمشيئة الله وله كيفية ثابتة تتعلق بهذه المشيئة لكنا لا نعلمها وكل هذا إثبات لمعاني يرفضها المفوضة وهي لا تمثل المعنى التام للنزول لكنها بعض من معناه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/71)
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أننا نبين في هذا المبحث ونذكر أي معنى لأي صفة خبرية يثبته إمام مما يمر بنا ولا نقتصر على ما يذكره الأئمة من معاني عامة للصفات، وإنما نذكر ولو بعضا من معنى الصفة لأنه يدل على أنها غير مجهولة المعنى وهذا كاف في نقض التفويض
ثم اقتصار الإمام على ذكر بعض معنى الصفة لا يعني أن هذا كل ما يثبته من معنى لها وإنما هذا الذي ذكره، وما يُذكر لا يعني بحال أنه كل ما يعلم وهذا باتفاق العقلاء.
ـ سعيد بن إياس الجريري
عن سلم بن جعفر البكراوي من ولد أبي بكرة قال ثنا سعيد الجريري قال ثنا سيف السدوسي قال سمعت عبدالله بن سلام قال إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم حتى يجلسه بين يديه
قال سلم: فقلت يا أبا مسعود (يعني الجريري) فإذا أجلسه بين يديه فهو معه!
قال: ويلك ما سمعت حديثا قط أقر لعيني من هذا الحديث حين علمت أنه يجلسه معه "
رواه الخلال وابن أبي عاصم وغيرهما من طرق عن سلم به
ـ أبو جعفر محمد بن الصلت
روى الترمذي الحديث المعروف: " مر يهودي بالنبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم يا يهودي حدثنا فقال كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرض على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه "
ثم قال:
وأشار أبو جعفر محمد بن الصلت بخنصره أولا ثم تابع حتى بلغ الإبهام فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}
وهو صحيح عن أبي جعفر
وهذا من الإمام أبي جعفر تحقيق للصفة لأن المنطوق والمشار إليه هو مسمى الإصبع وهذا يساوي تحقيق الصفة كما سبق
ـ وائل بن داود
روى النجاد عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني محرز بن عون نا خلف بن خليفة عن وائل بن داود في قول الله عز و جل وكلم الله موسى تكليما قال مرارا "
وهو في السنة لعبد الله وفي موطن منه: " قال: مشافهة مرارا "
ورواه ابن أبي حاتم في التفسير من طريق خلف به باللفظ الأول
وقوله " مشافهة مرارا " هو من تفسير الصفة ومن إثبات معانيها بلا خلاف
بل قوله مرارا وحدها إثبات لمعنى تنكره الأشاعرة وهو قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى
ـ وكيع بن الجراح
قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه حدثنا وكيع عن إسرائيل بحديث إذا جلس الرب جل جلاله على الكرسي فاقشعر رجل عند وكيع فغضب وكيع وقال أدركنا الأعمش والثوري يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.
رواها أبو حاتم عن أحمد
أورده الذهبي العلو عن أبي حاتم، وهو أيضا في كتاب السنة لعبد الله
فتفسير الاستواء بالجلوس تفسير غير مستنكر لدى جماعة من السلف
وإن كنت لا أقول به لعدم اعتماده من كثير من علماء أهل السنة وعدم وروده عن أكثر السلف لكني أعذر من يقول به إذا كان ممن يتحرى مذهب
السلف، وهو على كل حال دال على أن السلف لا يمنعون من تفسير الصفات الخبرية
ـ زهير بن محمد
وروى ابن أبي حاتم في التفسير عن أبيه ثنا محمد بن الوزير الدمشقي ثنا الوليد سألت زهير بن محمد عن قول الله: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام)
قال: ظلل من الغمام منظوم بالياقوت مكلل بالجواهر والزبرجد " ا. هـ
وهذا تفسير مفصل لما تتعلق به الصفة دال على تحقيق أصل الصفة
ولو كان الله لا يجيء حقيقة كان بتفسيره كمن يرمم السقف بتقوية السقف نفسه حتى لا يقع دون التفات للأعمدة، فهو بهذا يعجل بهويه من حيث يريد حفظه!
ـ حماد ابن الإمام أبي حنيفة النعمان
ذكر الإمام أبو عثمان الصابوني في عقيدته قال:
" قرأت لأبي عبد الله ابن أبي البخاري وكان شيخ بخاري في عصره بلا مدافعة وأبو حفص كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني قال أبو عبد الله أعني ابن أبي حفص هذا سمعت عبد الله بن عثمان وهو عبدان شيخ مرو يقول سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول:
قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء أرأيتم قول الله عز و جل وجاء ربك والملك صفا صفا؟
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك؟ ولا ندري كيفية مجيئه؟
فقلت لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفاً ماهو عندكم؟
قالوا: كافر مكذب.
قلت: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب " ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/72)
راوه أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف وإسناده صحيح
فقول هذا المفوض هنا الذي حاوره حماد:
" وأما الرب تعالى، فإنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيفية مجيئه "
دال على أن ادعاء الجهل بالمعنى والذي هو تفويضٌ هو مذهب أهل التعطيل
ويراه حماد بن أبي حنيفة غير كاف في الإيمان بهذه الصفة، بل عندما اعترض هذا المفوضُ بأنه لا يدري المعنى ولا الكيفية عقّب حماد بإقراره على عدم الدراية بالكيفية خلافا لعدم درايته للمعنى فلم يقره عليها
وذلك عندما قال الإمام حماد:
" إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته "
وترَكَ موافقته على عدم علمه بالمعنى، ولم يقل ولم نكلفكم دراية ما عنى
ـ أبو أحمد الزبيري شيخ أحمد
روى الدارقطني في الرؤية:
حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد المطبقى حدثنا محمد بن منصور الطوسى حدثنا أبو أحمد الزبيرى قال سفيان عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال كان رسول الله يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك فقال له بعض أهله أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما جئت به فقال إن القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن عز و جل يقول بهما هكذا وحرك أبو أحمد أصبعه
وفي حركة الإصبع دلالة على تحقيق الصفة لا التمثيل والتشبيه وحاشاه صلى الله عليه وسلم من التشبيه عندما استخدم يده فوق المنبر وهو يقرأ " والسماوات مطويات بيمينه "
ـ سنيد بن داود المصيصي شيخ البخاري رحمهما اللّه تعالى
قال أبو حاتم الرازي: حدثنا أبو عمران موسى الطرطوسي قال: قلت لسنيد بن داود: هو على عرشه بائن من خلقه؟
قال: نعم، ألم تسمع قوله تعالى: " وتَرى المَلائكة حَافِّينَ منْ حولِ العرش "
نقله الذهبي في العلو وابن القيم في اجتماع الجيوش
واستدلاله بهذه الآية على البينونة والفوقية هو استدلال بمعناها وإثبات له لا لمجرد لفظها
ـ عمرو بن أبي قيس
ذكر عبده السجستاني قال: سألت عمرو بن أبي قيس وكان قدم سجستان في تجارة؟ ما سبحات وجهه؟ قال: جلا!
كان في أصل أبي الرجاء أولا جلا وجهه! فأصلح: جلال وجهه "
رواه أبو الشيخ في العظمة
وسبحات وجهه صفة من صفات الوجه فسئل هذا الإمام عن معناها ولم ينكر على السائل ولا امتنع عن الجواب ولا أجاب بالتفويض بل أثبت معنى السبحات وأنه جلال الوجه.
ولا يريد الجلال المعنوي وإنما الذاتي لأنه صريح السياق فهو شيء محرِق (لأَحْرَقت) ولو كان الجلال معنويا لقال (لاحترق ما انتهى إليه)
وعمرو تلميذ أيوب السختياني وشيخ لجماعة من الأئمة وهو من طبقة مالك الزمنية
قال تلميذه عبد الصمد بن عبد العزيز المقرئ:
دخل الرازيون على سفيان الثوري فسألوه الحديث؟
فقال: أليس عندكم الأزرق، يعني عمرو بن أبي قيس
في طبقات الحنابلة ترجمة الشافعي:
قرأت على المبارك قلت: له أخبرك محمد بن علي بن الفتح قال: أخبرنا علي بن مردك قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا يونس ابن عبد الأعلى المصري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما ينبغي أن يؤمن به فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمته لا يسمع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة أن القرآن نزل به وصح عنه بقول النبي صلى اللهُ (1/ 284) عليه وسلم فيما روى عنه العدل فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر ونحو ذلك أخبار الله سبحانه وتعالى أتانا أنه سميع وأن له يدين بقوله " بل يداه مبسوطتان " وأن له يميناً بقوله " والسموات مطويات بيمينه " وأن له وجهاً بقوله " كل شيء هالك إلا وجهه " وقوله " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " وأن له قدماً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " حتى يضع الرب فيها قدمه " يعني جهنم وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي قتل في سبيل الله " إنه لقي الله وهو يضحك " إليه وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك وأنه ليس بأعور بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذ ذكر الدجال فقال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور " وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/73)
إصبعاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل " فإن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن يثبت هذه الصفات وينفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ".
تأمل قوله:
" فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن يثبت هذه الصفات وينفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " ا. هـ
فالمثبَت عندهم قائم في الفهم وهو على الحقيقة
ـ الفضيل بن عياض
قال مرعي في أقاويل الثقات:
" وللسلف أن يقولوا إن هذه الأوصاف على ظاهرها، وهذا التعليل لا يستلزم أن يكون كذلك في حقه تعالى كما أن العلم والقدرة والسمع والبصر تستلزم من النقص في حقنا ما يجب تنزيه الله تعالى عنه من جهة أنها أعراض ونحوه فمذهب السلف أسلم لا سيما وقد نقل البخاري وغيره عن الفضيل بن عياض قدس الله روحه أنه قال:
" ليس لنا أن نتوهم في الله كيف هو لأن الله عز و جل وصف نفسه فأبلغ فقال: (قل هو الله أحد) السورة
فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه فهذا النزول والضحك وهذه المباهاة وهذا الإطلاع كما شاء الله أن ينزل وكما شاء أن يباهي وكما شاء أن يضحك وكما شاء أن يطلع فليس لنا أن نتوهم كيف وكيف فإذا قال الجهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه، فقل أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء " ا. هـ
ونقل هذا عن الفضيل جماعة؛ منهم البخاري في أفعال العباد مختصرا،
ورواه الخلال واللفظ له وابن بطة كلاهما من طريق الأثرم وهو عنده في السنة ونقله من كتاب السنة شيخ الإسلام
قال الأثرم في السنة: حدثنا إبراهيم بن الحارث - يعني العبادي - قال: حدثني الليث بن يحيى، قال: سمعت إبراهيم بن الأشعث، يقول: سمعت فضيل بن عياض يقول فذكره
وأسنده اللالكائي
قال: أخبرنا أحمد قال أخبرنا عمر قال ثنا أحمد بن الحسن قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال ثنا أبو محمد البلخي قال: قال الفضيل بن عياض
و نقل طرفا من سنده الصابوني في عقيدته.
ونقله الإمام الهروي بإسناده في كتابه الفاروق فقال: ثنا يحيى بن عمار ثنا أبي، قال ثنا يوسف بن يعقوب، قال ثنا حرمي بن علي البخاري وهانئ بن النضر عن الفضيل.
فهنا أثبت الإمام الفضيل بعض معنى الصفة من كون النزول فعلا قائما بالله هو في البشر حركة، وأثبت بعض لازمها من كونه يتعلق بالمشيئة فيفعل بناء عنها
وكل هذا إثبات للمعنى وإن كان بعضا من معانيها
ولم يستجب لعبارات الجهمي كما أنه لم ينفها.
ولكون هذا الحوار والسيناريو كاملا هو من عند الإمامِ الفضيل وتصوّرِه، فهذا يدل على أن الفضيل إنما ساغه ليقرر به إثبات ما يرمي الجهمي لنفيه والفرار منه بتلك العبارات، وهذا جانب آخر من إثبات الفضيل للمعنى.
فقرينة الإقرار باللازم بعبارة أنسب هي دالة على حقيقة الإثبات لمعنى الصفة
كما أن استلزام الانتقال من النزول تجهم
ـ الإمام يحيى بن معين
فعن يحيى بن معين قال:
" إذا سمعت الجهمي يقول: أنا كفرت برب ينزل، فقل: أنا أومن برب يفعل ما يريد " ا. هـ
رواه اللالكائي قال: أخبرنا الحسين بن عمر قال ثنا أحمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن علي الأبار قال: سمعت يحيى بن معين يقول فذكره
هذه المقابلة بين القولين من الإمام ابن معين دالة على أن ما نفاه الجهمي من معنى النزول يثبته ابن معين، وعبر بقريب من عبارة الفضيل، فما قيل هناك يقال هنا.
ثم دلالة هذين اللفظين أو مجموعهما على إثبات معنى النزول ظاهرة فالتجاوب مع التساؤلات القائمة على لوازم المعنى الحقيقي بجواب يقتصر فقط على عدم الإلتزام بهذه اللوازم هو دال بوضوح على إثبات أصل المعنى الحقيقي الذي نشأت عنه تلك اللوازم في ذهن المتسائل المعطل
ـ أبو عبيدة معمر بن المثنى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/74)
قال: في قول الله عز وجل (فلما آسَفونا انتقمنا منهم) قال معناه فلما أغضبونا واحتج بقول الشاعر:
(بني عمكم إنْ تعرفوا يعرفوا لكم
وإنْ تِيسفوا يوماً على الحقِّ يَيْسَفوا)
معناه وإن تغضبوا ا. هـ
فقوله: " معناه ... " دال على إثبات المعنى الحقيقي للغضب، وتفسيرُه للأسف بالغضب كاف، وهل من يفوض الصفة يقول معناها كذا وهو يريد مجرد اللفظ؟!!!!!.
وقال أبو عبيدة:
" والعرب تقول: حنانك يا رب، وحنانيك يا رب، بمعنى واحد، تريد رحمتك " ا. هـ
تأمل قوله: " بمعنى واحد " فهل يعقل أن يريد بهذا التفويض؟
فأحدهما يوضح الآخر، وعليه فالرحمة عنده حنان من التحنن وهذا معنى ينافي التفويض بل يجته من أصله.
ـ الإمام يزيد بن هارون شيخ أحمد بن حنبل.
قال رحمه الله:
" من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي " ا. هـ
ذكره البخاري في خلق أفعال العباد
ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب السنة كما نقله عنه الذهبي وابن القيم وهو في النسخة المطبوعة، قال حدثنا عباس، حدثنا شداد ابن يحيى قال: سمعت يزيد بن هارون يقول فذكره
ورواه ابن بطة من طريق آخر قال:
حدثني أبو بكر عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الصيدلاني قال ثنا المروذي قال سمعت يزيد بن هارون يقول فذكره
ـ عبد الله بن مسلمة القعنبي
قال بنان بن أحمد:
" كنا عند القعنبي رحمه الله فسمع رجلا من الجهمية يقول الرحمن على العرش استوى فقال القعنبي من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقر في قلوب العامة فهو جهمي " ا. هـ
إذًا لا يكفي أن تؤمن بلفظ " استوى " فقط فهذا لا ينكره مسلم كلفظ وإنما لابد أن يستقر معه معنى في القلب
وبالله عليكم! هل يقول عاقل إن الذي يقر في قلوب العامة هو مجرد اللفظ؟!!
فالأثران صريحان في إثبات معنى آية الاستواء
قال الذهبي:
" والعامة مراده بهم جمهور الأمة وأهل العلم، والذي وقر في قلوبهم من الآية هو ما دل عليه الخطاب، مع يقينهم بأن المستوي ليس كمثله شيء " ا. هـ
إنها آثارٌ تدوّي ولكنه العناد!
ـ يحيى بن زياد الفراء إمام أهل الكوفة
قال في كتابه معاني القرآن:
وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ ... }
الاستواء فى كلام العرب على جهتين: إحداهما أن يستوِىَ الرجلُ [و] ينتهى شبابُه، أو يستوى عن اعوِجاج، فهذان وجهان، ووجه ثالث أن تقول: كان مقبلا على فلان ثم استوى عليّ يُشاتمنى وإليّ سَواءٌ، على معنى أقْبَلَ إليّ وعليّ؛ فهذا معنى قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} والله أعلم. وقال ابن عباس: ثم استوى إلى السماء: صعِد، وهذا كقولك للرجل: كان قائما فاستوى قاعدا، وكان قاعدا فاستوى قائما. وكلٌّ فى كلام العرب جائزٌ.
وذكره البيهقي عنه في الأسماء والصفات. وقال:
" قلت: مراد الفراء اعتدال القائم والقاعد في صعوده على الأرض " ا. هـ
وهو قد تكلم عن آية (استوى إلى السماء) أما الآيات السبع المعدات بعلى (استوى على العرش) فالقول فيها واحد عند أهل السنة
ـ الإمام المبارك عبد الله بن المبارك
قال الإمام الصابوني:
حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل، حدثنا محبوب بن عبد الرحمن القاضي، حدثني [أبو العباس] بن أحمد بن محبوب، حدثنا [أحمد بن شبويه] حدثنا أبو عبد الرحمن [العتكي]، حدثنا محمد بن سلام قال:
سألت عبدالله بن المبارك عن نزول ليلة النصف من شعبان؟
فقال عبدالله: يا ضعيف ليلة النصف! ينزل في كل ليلة.
فقال الرجل يا أبا عبدالله! كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان منه؟
فقال عبدالله: ينزل كيف يشاء " ا. هـ
وفي رواية أخرى لهذه الحكاية أن عبدالله ابن المبارك قال للرجل: " إذا جاءك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصغ له " ا. هـ
والاسناد فيه تحريف كما دل عليه ما جاء في الأسماء والصفات للبيهقي
ولم يسلم هو أيضا من بعض التحريف والصواب ما أثبته والله أعلم
ورجاله ثقات عدا محبوب قاضي معروف وروى عنه جماعة من الثقات
فالإسناد جيد
وجواب ابن المبارك صريح في إثبات النزول حقيقة، وذلك عندما أجاب عن لفظ النزول في السؤال من السائل دون أن يصرفه عن أصل معناه فأثبت النزول المسؤول عنه ابتداءا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/75)
وأكد هذا الإثبات الحقيقي باستمراره على الجواب بنفس المسار (إثباتا) مع تصريح السائل بمعنى النزول عنده وأنه الذي يعقبه خلو المكان المنزول منه من النازل
فتبين بما لا مجال للشك أن ابن المبارك أجاب بالإثبات عن ذات هذا المعنى دون التزامه بما ألزمه به السائل، فهو قطعا على دراية بالمعنى المسؤول عنه ومع هذا أراده وعلقه بمشيئة الله وأن له كيفية ما، مع تجنبه الخوض في مسألة الخلو
وهذا ما لا يستقيم البتة مع مذهب التفويض
ومما جاء عنه أيضا:
ما رواه الخلال في كتاب السنة: أخبرنا أبوبكر المروذي قال:
سمعت أبا عبدالله قيل له: روي عن علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك أنه قيل له: كيف نعرف الله عز و جل؟ قال على العرش بحد.
قال [أحمد]: قد بلغني ذلك عنه وأعجبه، ثم قال أبو عبدالله: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) ثم قال: (وجاء ربك والملك صفا صفا)
قال الخلال:
وأنبأنا محمد بن علي الوراق حدثنا أبو بكر الأثرم حدثني محمد بن إبراهيم القيسي قال: قلت لأحمد بن حنبل:
يحكى عن ابن المبارك - وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ - قال: في السماء السابعة على عرشه بحد.
فقال أحمد: هكذا هو عندنا
وأخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لإسحاق - يعني ابن راهويه -: هو على العرش بحد؟ قال: نعم بحد
وقال الدارمي:
وسئل عبدالله بن المبارك بم نعرف ربنا؟
قال: بأنه على عرشه بائن من خلقه
قيل: بحد؟ قال: بحد
حدثناه الحسن بن الصباح البزار عن على بن الحسين بن شقيق عن ابن المبارك به
وانظر العلو للذهبي
وقال ابن بطة:
حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شهاب قال ثنا أبي أحمد بن عبد الله قال ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم قال حدثني محمد بن إبراهيم القيسي قال قلت لأحمد بن حنبل ...
قال وحدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء قال ثنا أبو جعفر محمد بن داود البصروي قال ثنا أبو بكر المروذي قال سمعت أبا عبد الله وقيل له روى علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك ...
وفيه إقرار أحمد وإسحاق لقوله بحد
وهو في السنة لعبد الله أيضا
وفي التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (7/ 142)
" قال أبو داود وحدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا يحيى بن موسى وعلي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك قال الرب تبارك وتعالى على السماء السابعة على العرش قيل له بحد ذلك قال نعم هو على العرش فوق سبع سموات "
ورواه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق علي بن الحسن
فهذا أثر صحيح عن ابن المبارك وهو صريح بل يصيح بالإثبات صياحا وهل يجرؤ مَن عنده ذرة من المروءة العلمية على القول بأن إثبات الحد لا يحمل معنى وأنه تفويض؟!
هذا ما لا يجرؤ عليه إلا من ابتلي بالعناد
فقول ابن المبارك: " على عرشه بحد " نص على أنه أثبت علو الذات فإن معنى قوله هذا أنه تعالى مباين بهذه الفوقية ومنفصل عن كل خلقه وهذا يعني أن هناك حدا فاصلا بينه وبين خلقه وهذا يستحيل حمله على غير الذات
قال الدارمي:
" ومما يبين ذلك قوله تعالى: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون}.
ففي هذه الآية بيان لتحقيق ما ادعينا للحد، فإنه فوق العرش بائن من خلقه، ولإبطال دعوى الذين ادعوا أن الله في كل مكان ... " ا. هـ
وقال أيضاً:
" لأن الكلمة قد اتفقت من الخلق كلهم أن الشيء لا يكون إلا بحد وصفة " ا. هـ انظر الرد على الجهمية
وهو قول أحمد وإسحاق كما في هذه الآثار
والحد كمصطلح لم يرد لفظه في النصوص وإنما جاء في اصطلاحات أهل العلم وله عدة معاني فمن عبر به وأراد معنى جاء به النص قبلنا منه مراده ولا تلزمنا عبارته ولا مشاحة في الاصطلاح ومن أراد به معنى باطلا رددنا لفظه ومعناه وأنكرنا عليه.
ومن المعاني التي نستنكر التعرض لها الحد بمعنى التحديد الذي هو التكييف وفي فصل الكيفية بيان لهذا
روى اللالكائي والذهبي في تذكرة الحفاظ كلاهما
من طريق محمد بن احمد بن محمد بن سليمان غنجار عن أبي نصر أحمد بن عمرو بن محمد بن موسى قال ثنا أحمد بن خالد بن الخليل قال ثنا محمد بن أحمد بن حفص قال ثنا أبي قال: قال افلح بن محمد:
قلت لابن المبارك: إني أكره الصفة يا أبا عبد الرحمن ـ عنى صفة الرب عز و جل ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/76)
فقال [ابن المبارك]: أنا أشد الناس كراهة لذلك ولكن إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه
وعند البيهقي من طريق محمد بن هارون الكرابيسي، يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن أبي حفص قال ـ قال الشيخ: يعني أباه ـ: قال أفلح بن محمد: قلت لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن، إني أكره الصفة ـ عنى صفة الرب تبارك وتعالى ـ. فقال له عبد الله: أنا أشد الناس كراهية لذلك، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء جسرنا عليه، وإذا جاءت الأحاديث المستفيضة الظاهرة تكلمنا به.
قال البيهقي: قلت: وإنما أراد والله أعلم الأوصاف الخبرية، ثم تكلُّمهم بها على نحو ما ورد به الخبر لا يجاوزونه
وكما قال شيخ الإسلام:
" أَرَادَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَبْتَدِئَ بِوَصْفِ اللَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا حَتَّى يَجِيءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالْآثَارُ " ا. هـ
هذا الأثر يدل بوضوح على أن شأن أئمة السلف التشجع لشرح الصفات عند مجيء الآثار والتجاوب معها لأن من شأن الآثار توضيح النصوص وبيانها وتفسيرها لذلك وجدنا ابن المبارك فرق بين ما يأتي به الكتاب وبين ما تأتي به الآثار
فقوله عن الآثار " جسرنا " يعني أقدمنا وتشجعنا على الوصف
ولو كان مذهب السلف مجرد التفويض لكل ما يرد لما استقام كلام ابن المبارك مطلقا، لأنه يدل بوضوح على وجود مساحة عندهم من التعبير عن الصفات توجب في الأصل قلقا وخوفا من عدم الدقة في التعبير، فهذه المساحة تقِلّ مع النصوص لكثرة الإجمال فيها وتزداد مع الآثار لكثرة التبيين فيها
وقوله: " أكره الصفة " لايصح حمله على أنه يكره الصفات فهذا فسوق وكفر ينزه عنه أجهل المسلمين فكيف بمثل ابن المبارك
وإنما مراده أكره الوصف.
ولو كان مذهبه مجرد موافقة النصوص في اللفظ فقط شأن المفوضة لما كان هناك ما يدعوه لكراهة الوصف، فدل على أن مذهبه ليس كذلك.
ـ الإمام أحمد بن حنبل
قال القاضي أبو يعلى في كتاب إبطال التأويل:
" رأيت بخط أبي إسحاق حدثنا أبو بكر أحمد بن نصر الرفاء سمعت أبا بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول جاء رجل إلى أحمد بن حنبل فقال لله تعالى حد فقال نعم لا يعلمه إلا هو قال الله تبارك وتعالى وترى الملائكة حافين من حول العرش يقول محدقين " ا. هـ
وقد سبق عن أحمد عدة روايات في إثبات الحد منه عند بيان تطبيق ابن المبارك ولا يقول منصف أن هذا ليس بمعنى مثبت، أو أنه لا يُبطِل التفويض البدعي.
وقال الخلال:
أنا يوسف بن موسى أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل قيل له:
والله تبارك وتعالى فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان.
قال: نعم على عرشه لا يخلو شيء من علمه
وقال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه سأل أبا عبد الله ما تقول فيمن قال إن الله ليس على العرش؟
قال: كلامهم كله يدور على الكفر
والله لا أدري من يقول هذا تفويض هل يدري أنه لا يدري!!
وقال أحمد في الرد على الجهمية وهو كتاب ثابت عنه جاء من ثلاثة طرق رواها الخلال ومن أخرى رابعة:
ـ رواه الخلال عن عبد الله بن أحمد وجادة ومن خطه عن نسخة أبيه من خطه به
فقد قال الخلال فيما نقله ابن القيم:
" كتبت هذا الكتاب من خط عبد الله وكتبه عبد الله من خط أبيه "
ـ ورواه الخلال عن خضر بن المثنى وهو مجهول (عندنا لا عند الخلال) عن عبد الله بن أحمد عن أبيه به.
ـ وطرفا منه الخلال عن المروذي عن نسخة أحمد بخط أحمد به
وثلاثتها يرويها الخلال بهذه الأسانيد.
ـ وقال القاضي أبي يعلي في كتابه "إبطال التأويل":
"قرأت في كتاب أبي جعفر محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل قال: قرأت على أبي صالح بن أحمد هذا الكتاب فقال: هذا الكتاب عمله أبي في مجلسه ردا على من احتج بظاهر القرآن.
وقد روى ابن أبي يعلى نفسه نسخة الخضر في الطبقات مما دل على موافقة مضمون هذا الكتاب لرواية خضر السابقة
ويكفي كون الكتاب من رواية الخلال فقد قال ابن الجوزي الذي هو أقرب إلى طريقة الأشاعرة قال عن الخلال بعد ذكر جملة من تلاميذ أحمد:
" وخلق سوى هؤلاء، سماهم الخلال في أصحاب أبي عبد الله.
نقلوا المسائل الكثيرة والقليلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/77)
وجمع أبو بكر الخلال سائر ما عند هؤلاء من أقوال أحمد، وفتاويه، وكلامه في العلل، والرجال والسنة والفروع، حتى حصل عنده من ذلك مالا يوصف كثرة.
ورحل إلى النواحي في تحصيله، وكتب عن نحو من مئة نفس من أصحاب الامام.
ثم كتب كثيرا من ذلك عن أصحاب أصحابه، وبعضه عن رجل، عن آخر، عن آخر، عن الامام أحمد، ثم أخذ في ترتيب ذلك، وتهذيبه، وتبويبه.
وعمل كتاب " العلم " وكتاب " العلل " وكتاب " السنة " كل واحد من الثلاثة في ثلاث مجلدات.
ويروي في غضون ذلك من الاحاديث العالية عنده، عن أقران أحمد من أصحاب ابن عيينة ووكيع وبقية مما يشهد له بالامامة والتقدم.
وألف كتاب " الجامع " في بضعة عشر مجلدة، أو أكثر.
وقد قال: في كتاب " أخلاق أحمد بن حنبل " لم يكن أحد علمت عنِيَ بمسائل أبي عبد الله قط، ما عنيت بها أنا.
وكذلك كان أبو بكر المروذي، رحمه الله، يقول لي: إنه لم يعن أحد بمسائل أبي عبد الله ما عنيت بها أنت إلا رجل بهمدان، يقال له متويه، واسمه محمد بن أبي عبد الله، جمع سبعين جزءا كبارا.
ومولد الخلال كان في حياة الامام أحمد، يمكن أن يكون رآه وهو صبي "
فليستح المشككون.
وقد اعتمد أهل العلم صحة هذا الكتاب.
قال العلامة ابن القيم عن كتاب الرد على الجهمية:
" واحتج القاضي أبو يعلى في كتابه إبطال التأويل بما نقله منه عن أحمد، وذكر ابن عقيل في كتابه بعض ما فيه عن أحمد ونقله عن أصحابه قديما وحديثا. ونقل منهم البيهقي وعزاه إلى أحمد وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية عن أحمد، ولم يسمع عن أحد من متقدمي أصحابه ولا متأخريهم طعن فيه " ا. هـ
وكذا اعتمده ابن الجوزي وابن كثير والحافظ ابن حجر
بل حتى الإمام الذهبي الذي يعتمد عليه من يشككون في صحة الكتاب بين تردده فقال عند تعرضه للكتاب:
" ... فإن الرجل كان تقيا ورعا لايتفوه بمثل ذلك, ولعله قاله) اهـ
فلم يثبت على القول بالطعن في الكتاب، بل في نفس الكتاب " السير " نقل عن ابن الجوزي أن أحمد كتب الكتاب وأقره بعدم اعتراضه
بل في كتابه تاريخ الإسلام عند ترجمته للامام احمد بن حنبل قال:
" وقال عبد الله. وجدت بخط أبي مما يحتج به على الجهمية من القرآن: " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن " " إن الله يبشرك بكلمة منه " " إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته " " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته " " يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم " " ألا له الخلق والأمر " " كل شيء هالك إلا وجهه " " ويبقى وجه ربك " " ولتصنع على عيني " " وكلم الله موسى تكليما " " يا موسى إني أنا ربك " " والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه " " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان. " قلت: وذكر آيات كثيرة في الصفات أنا تركت كتابتها هنا)) اهـ
وهذا نقل المحتج فهو يثبت الكتاب هنا
قال الإمام المبجل الأصيل أحمد بن حنبل في كتابه العظيم الرد على الجهمية:
" وقلنا للجهمية: اللّه نور.
فقالوا: هو نور كله.
فقلنا لهم: قال اللّه عز وجل: " وأشْرَقَتِ الأرْضُ بنُورِ ربِّها " فقد أخبر جل ثناؤه أن له نوراً.
وقلنا لهم: أخبرونا حين زعمتم أن الله سبحانه في كل مكان، وهو نور، فلم لم يضيء البيت المظلم بلا سراج؟ وما بال السراج إذا دخل البيت المظلم يضيء؟، فعند ذلك تبين للناس كذبهم على الله تعالى.
قال الإمام أحمد رحمه اللّه: كان جهم وشيعته كذلك " ا. هـ
الكلام صريح في إثبات معنى صفة النور وذلك عندما ألزم الجهمية بالضياء الذي هو معنى النور وكذا هو معناه اللغوي، فالنور هو الضياء وهو ضد الظلمة فهي صفة ذاتية عند أحمد، وليست معنوية فحسب
وهذا ينكره عامة الأشاعرة لاستلزامه الجسمية عندهم!
فسبحان من تنزه عن التعطيل
وقال أحمد في كتابه هذا:
" فقلنا لهم:
أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى: (الرحمن على العرش استوى) وقال: (خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش).
فقالوا: هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش، وفي السموات وفي الأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان.
وتلوا آية من القرآن: (وهو الله في السموات وفي الأرض).
فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة، ليس فيها من عظم الرب شيء!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/78)
فقالوا: أي مكان؟
فقلنا: أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء، وقد أخبرنا أنه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) (أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا) وقال: (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال: (إني متوفيك ورافعك إلي) وقال: (بل رفعه الله إليه)
وقال: (وله من في السموات والأرض ومن عنده) وقال: (يخافون ربهم من فوقهم) وقال: (ذي المعارج) وقال: (وهو القاهر فوق عباده) وقال: (وهو العلي العظيم)
فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما يقول الله جل ثناؤه: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) وقال: (الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)
وقلنا لهم: أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه، والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد، وإنما معنى قول الله جل ثناؤه: (وهو الله في السموات وفي الارض) يقول: (هو إله من في السموات وإله من في الأرض)
وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان فذلك قوله لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما " ا. هـ
بالله تأمل كلامه سياقا وألفاظا فإن المعاني فيه تصرخ صراخا، ولو أذن الله لها أن تقول لك كلمة فأظنها ستقول لك ما معناه: اتق الله فِيّ أيها المفوض.
وفي الإبانة لابن بطة:
" وقال أبو عبد الله: قول الله تعالى هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وجاء ربك والملك صفا صفا فمن قال إن الله لا يرى فقد كفر "
وعنده وعند الخلال:
" عن حنبل قال: سمعت أبا عبد الله يقول: نعبد الله بصفاته كما وصف به نفسه قد أجمل الصفة لنفسه ولا نتعدى القرآن والحديث فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه ولا نتعدى ذلك.
ونؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه تعالى ذكره صفة من صفاته شناعة شنعت ولا نزيل ما وصف به نفسه من كلام ونزول وخلوة بعبده يوم القيامة ووضع كنفه عليه هذا كله يدل على أن الله يرى في الآخرة والتحديد في هذا بدعة " ا. هـ
نقله عن الخلال شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم.
ما علاقة الإتيان والمجيء والنزول في الدلالة على الرؤية؟
ما هذا إلا دليل على إثبات أحمد لمعاني هذه الصفات وأنها صفات تقوم بذاته التي تُرى فهو إتيان بالذات، ومجيء بالذات، ونزول بالذات.
يستحيل دلالة هذه الصفات على الرؤية كما نص أحمد بغير ما ذكرتُ
قال أبو يعلى: في إبطال التأويلات بعد ذكره لقول أحمد في آية المجيء وربطها بالرؤية:
" وظاهر هذا أن أحمد أثبت مجيء ذاته لأنه احتج بذلك على جواز رؤيته وإنما يحتج بذلك على جواز رؤيته إذا كان الإتيان والمجيء مضافا إلى الذات " ا. هـ
روى الإمام ابن أبي حاتم في كتاب مناقب أحمد فقال:
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن مسلم قال: سمعت سلمة بن شبيب قال كنت عند أحمد بن حنبل فدخل عليه رجل في يده عكازة عليه أثر السفر فقال: من فيكم أحمد؟ فأشاروا إلى أحمد.
فقال إني ضربت البر والبحر من أربع مائة فرسخ أتاني الخضر عليه السلام [في المنام كما في الروايات الأخرى] وقال:
ائت أحمد بن حنبل فقل له: " إن ساكن السماء راض عنك لما بذلت نفسك في هذا الأمر ".
وهو في كتاب " الجرح والتعديل "
وانظر تاريخ دمشق (5/ 315) فله طرق أخرى عن سلمة بن شبيب والخبر صحيح
وفيه إقرار أحمد لقوله ساكن السماء وهو معنى صِرف لفوقية الله
وقال أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية:
" إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء "
وهل هذا تفويض؟ إذًا لماذا نفاه عامة الأشاعرة وزعموا أن كلامه انقطع منذ الأزل وأنه عندهم تكلم في الأزل فقط ولا يتكلم ولن يتكلم؟!!
وفي اعتقاد أحمد للتميمي وهو من المتكلمين الذين هم أقرب إلى مذهب متقدمي الأشاعرة، ففيه عن أحمد:
" وكان يقول في معنى الاستواء هو العلو والارتفاع "
وهذا يمثل اعترافا بثبوت هذا عن أحمد لأنه صدر من متكلم جار على أصول متقدمي الأشاعرة
وقال أحمد في الرد على الجهمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/79)
" قلنا: قد أعظمتم على الله الفرية حين زعمتم أنه لا يتكلم فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون الله لأن الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان " ا. هـ
وإن لم يقصد أحمد من هذا إثبات أنه تعالى يزول من مكان إلى مكان لكن هذا الكلام يدل بالصريح على أن أحمد يُثبت أنه تعالى يفعل أفعالا حقيقية هي صفات له قائمة بذاته كالدنو والنزول والإتيان وهي تنافي الجمود والهمود وعلى وجه أكمل من غيره ودون نقص فضلا عن مفارقته بذلك حال الأصنام الميتة الجامدة ولا يمكن لأحد أن يفرغ كلام أحمد من مثل هذا المعنى إن لم يكن عينه.
ويشهد لهذا أن الاصطخري في روايته للرسالة وحربا الكرماني في مسائله كليهما رويا عن أحمد الحركة
فإما أن يقال أن أحمد يثبت الحركة كما في هذين النقلين وربما مفهوم كلامه السابق يشهد، أو على الأقل أن يقال إنه يقول بحقيقة الأفعال التي يلزم منها وصفٌ من نوع الحركة دون أن يلتزم أحمد العبارة لعدم ورودها
والعبد لله يعتقد أن الصحيح هو التقيد بالألفاظ الواردة دون الانسياق وراء اللوازم أو العبارات المجملة
وحول إثبات أحمد للأفعال على أنها صفات قائمة بالله قال ابن رجب الحنبلي في الفتح له (6/ 42):
" ومن جملة صفات الله التي نؤمن بها، وتمر كما جاءت عندهم: قوله تعالى:
(وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ) [الفجر:22] ونحو ذلك مما دل على إتيانه ومجيئه يوم القيامة.
وقد نص على ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما.
وعندهما: أن ذلك من أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بمشيئته واختياره. وكذلك قاله الفضيل بن عياض وغيره من مشايخ الصوفية أهل المعرفة.
وروى عنه أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني كما سبقت الإشارة في مسائله المعروفة التي نقلها عن أحمد و إسحاق وغيرهما وذكر معها من الآثار عن النبي صلى الله عيه وسلم والصحابة وغيرهم ما ذكر وهو كتاب كبير صنفه على طريقة الموطأ ونحوه من المصنفات قال في آخره في الجامع:
(باب القول في المذهب: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها)
وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق وهو مذهب أحمد و إسحاق بن إبراهيم بن مخلد و عبد الله بن الزبير الحميدي و سعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم) وذكر الكلام في الإيمان والقدر والوعيد والإمامة وما أخبر به الرسول من أشراط الساعة وأمر البرزخ والقيامة وغير ذلك - إلى أن قال: (وهو سبحانه بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان ولله عرش وللعرش حملة يحملونه وله حد والله أعلم بحده والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده ولا إله غيره
...
إلى قوله:
ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويغضب ويرحم ويغفو ويغفر ويعطي ويمنع وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء ليس كمثله شيء
وقال الخلال:
" وأنبأنا أبو بكر المروذي سمعت أبا عبد الله وقيل له إن عبد الوهاب قد تكلم وقال: من زعم أن الله كلم موسى بلا صوت فهو جهمي عدو الله وعدو الإسلام فتبسم أبو عبد الله وقال ما أحسن ما قال عافاه الله "
وقال عبد الله بن أحمد:
سألت أبي عن قوم يقولون: لما كلم موسى لم يتكلم بصوت؟
فقال أبي: بلى تكلم تبارك وتعالى بصوت وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت وحديث ابن مسعود: (إذا تكلم الله بالوحي سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان) قال أبي: و الجهمية تنكره قال أبي: وهؤلاء كفار يريدون أن يموهوا على الناس من زعم أن الله لم يتكلم فهو كافر إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت " ا. هـ
وقد روى النجاد في (ق: 87 / ب) ((الرد على من يقول القرآن مخلوق)) عن عبد الله بن أحمد قوله سألت أبي – رحمة الله – عن قوم يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت، فقال أبي:، بلى، إن ربك عز وجل تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت
وقال الإمام أحمد كما في رسالة عبدوس ونقلها اللالكائي بسنده وهي أيضا في الطبقات لابن أبي يعلى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/80)
" لا يخاصم أحدا ولا يناظره ولا يتعلم الجدل فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه منهي عنه ولا يكون صاحبه إن اصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدل ويسلم
ويؤمن بالآثار والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ولا تضعف أن تقول ليس بمخلوق فإن كلام الله منه وليس منه شيء مخلوق وإياك ومناظرة من أحدث فيه ومن قال باللفظ وغيره ومن وقف فيه فقال لا أدري مخلوق أو ليس بمخلوق وإنما هو كلام الله وليس بمخلوق والايمان بالرؤية يوم القيامة كما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم من الأحاديث الصحاح وأن النبي صلى الله عليه و سلم قد رأى ربه وأنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم صحيح ...
والحديث عندنا على ظاهره كماجاء عن النبي صلى الله عليه و سلم والكلام فيه بدعة ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا تناظر فيه أحدا " ا. هـ
والقول بإعمال الظاهر صريح في إثبات المعاني المتبادرة إلى الذهن لأنها إما أن تكون هي المراد بالظاهر مباشرة كما هو استخدام أكثر أهل العلم لمصطلح الظاهر أو أن تكون مرادة بالتبع فهي معنى اللفظ الظاهر كما هو استخدام بعض أهل العلم
ولو لم يُرِد الإمام أحمد المعنى لما عبر بمصطلح الظاهر الذي لايدل على مجرد اللفظ باتفاق أهل العلم
ولم يَرِد مصطلح الظاهر مرادا به مجرد اللفظ المسلوب معناه في أي عبارة من عبارات أهل العلم.
سوى استخدام غير واضح ولو سلمنا به فهو استخدام شاذ من أحد المضطربين في باب الأسماء والصفات الذي حاول التوفيق بين عبارات الأئمة المثبتين للصفات وبين مذهب شيوخه من المعطلة فأراد التوفيق فوقع في التلفيق وخرج باستخدام مناف لما عليه سائر العلماء، المخالف له والموافق، وأعني بهذا الخطابي فيما نقله عنه البيهقي!!
بل ويخالف استعمالاته بنفسه في غير باب الصفات
ومن أراد أن يتبين الأمر فلينظر إلى عبارات الأشاعرة أنفسهم والتي يعسر حصرها والتي أطبقت على ذم ظواهر النصوص ووصفها بالضلال بل والكفر وهي كما قلت استخدامات عامة الأشاعرة
وفي مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه ج2/ص535
قلت لأحمد رضي الله عنه:
ينزل ربنا تبارك وتعالى اسمه كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا أليس تقول بهذه الأحاديث ويرون - أهل الجنة - ربهم عز وجل ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته يعني صورة رب العالمين واشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى يضع الله فيها قدمه وإن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام قال الإمام أحمد كل هذا صحيح قال إسحاق كل هذا صحيح ولا ينكره إلا مبتدع أو ضعيف الرأي " ا. هـ
تأمل ذكر لطم موسى للملك والرؤية، فالمقام ليس مقام تفويض
إذ لا يقول أحد إن أحمد يفوض الرؤية ولا معنى اللطم هنا
وذكر ابن حجر في فتح الباري حديث وضع السماء على إصبع والثرى و ... ثم قال:
" ورواه أبو بكر الخلال في " كتاب السنة " عن أبي بكر المروزي عن أحمد، وقال: رأيت أبا عبد الله يشير بإصبع إصبع "
وهذا لا يكون عن تفويض.
وعند الخلال كما في اجتماع الجيوش:
" وقال حنبل في موضع آخر، عن أحمد:
" ليس كمثله شيء في ذاته كما وصف نفسه. قد أجمل الله الصفة فحدَّ لنفسه صفة ليس يشبهه شيء. وصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه، قال: فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، ... ولا نزيل عنه صفة من صفاته بشناعة شنعت، وما وصف به نفسه من كلام ونزول وخلوة بعبده يوم القيامة، ووضعه كفنه عليه، فهذا كله يدل على أن الله سبحانه وتعالى يرى في الآخرة، والتحديد في هذا كله بدعة ... فهذه صفات وصف بها نفسه لا تُدفع ولا تُردّ، وهو على العرش بلا حد، كما قال تعالى: " ثم اسْتَوَى عَلى العَرْش " سورة الفرقان آية 59. كيف شاء، المشيئة إليه، والاستطاعة إليه، ليس كمثله شيء، وهو خالق كل شيء، وهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، لا نتعدى القرآن والحديث، تعالى عما يقول الجهمية والمشبهة.
قلت له: والمشبّه ما يقول؟ قال: من قال بَصرُ كبصري، ويدٌ كيدي، وقدمٌ كقدمي، فقد شبه الله سبحانه بخلقه. ا. هـ
تأمل قرنه رحمه الله النزول بالكلام ونفيه الحد عن السمع، ونفيه الحد عن الاستواء، ومراده نفي العلم بالكيف الذي هو تحديد وإلا فما معنى نفي الحد عن السمع؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/81)
وتأمل تعريفه للتشبيه، لكنّ القوم هداهم الله يفهمون متى ما أرادوا!!
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أحمد قال أخبرنا عثمان بن أحمد قال ثنا حنبل قال
قلت لأبي عبد الله يكلم الله عبده يوم القيامة
قال نعم فمن يقضي بين الخلق إلا الله يكلمه الله عز و جل ويسأله الله عز و جل متكلم لم يزل بما شاء ويحكم وليس لله عدل ولا مثل تبارك وتعالى كيف شاء وأنى شاء " ا. هـ
وهذه معاني تنكرها الأشاعرة
قال الإمام أحمد كما في رواية الاصطخري
" والله عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه " ا. هـ
وفي السنة لابنه عبد الله:
سئل عما روي في الكرسي وجلوس الرب عزوجل عليه
رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الاحاديث أحاديث الرؤية ويذهب اليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها حدثني أبي رحمه الله قال حدثنا عبدالرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبدالله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد " ا. هـ
وهذا جواب لذلك السؤال لا يصدر من مفوض
أما الأثر الذي يحتج به المفوضة عن الإمام احمد ورواه الخلال:
" قال أخبرني: علي بن عيسى أن حنبلا حدثهم قال:
سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السمآء الدنيا و أن الله يُرى وإن الله يضع قدمه وما أشبهه فقال أبو عبد الله:
نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد منها شيئا ... " ا. هـ
نقله عن الخلال الإمام ابن تيمية في أكثر من موطن وسبقه الإمام ابن قدامة في كتابه ذم التأويل
وجاء بمعناه في العقيدة التي حكاها التميمي عن أحمد وهي غير متصلة السند والغالب عليها النقل بالمعنى كما يتبين لمن درسها جاء فيها:
" وسئل قبل موته بيوم عن أحاديث الصفات فقال تمر كما جاءت ويؤمن بها ولا يرد منها شيء إذا كانت بأسانيد صحاح ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ومن تكلم في معناهما ابتدع " ا. هـ
فهذا السياق مع مخالفته للفظ الصحيح وستأتي بقية ألفاظه فهو مروي دون إسناد، والواضح أنه مروي بالمعنى لمن نظر في رسالة التميمي كاملة وقد اطلعت عليها في نسخة مخطوطة في المكتبة السليمانية وقد طبعت
فأولا قبل بيان ألفاظ هذا الأثر التي تُبين معناه وتكشف استغلال المخالف وإلصاقه مذهبه بأحمد
قبل هذا نجيب على فرض أن هذا اللفظ هو الثابت فقط:
هل من الصدق في شيء إذا أردنا أن نعرف مذهب إمام من الأئمة
أن نأتي لعبارة له أو اثنتين ونُعرِض عن العشرات من عباراته ونَحْصُر مذهبه فيهما؟
هذا هو الصدق في نقل مذاهب الأئمة؟!!
إذًا ينبغي أن يكون له مذاهب بعدد عباراته، كل طائفة تتعلق بعبارة وعلى الصدق السلام!!
هذه طريقة من يستدل اليوم على صحة الديانة النصرانية واليهودية بقوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابين من آمن بالله واليوم .. فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
ويصرفون النظر عن عشرات الآيات التي تبين أن هذه ديانات منسوخة غير مقبولة بعد مجيء الإسلام ولا أجر لأهلها بل هم مأزورون وأن هذا المذكور في الآية إنما هو فيمن مات على أحد هذه الديانات يوم أن كانت سارية المفعول وليس لمن مات عليها بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم
فالصادق في تحري مفهومٍ ما، هو الذي يخرج بمفهوم يصدق على أكثر
العبارات ويحتمله القليل المشتبه، لا الذي يفترش القليل المشتبه ويلتحفه وهو عار من الكثير الذي يمثل المحكم
فأين سنذهب أيها المفوضة بهذا السيل من عبارات الإمام أحمد، وقد تركنا أمثالها خشية الإطالة؟ والتي تدل على أن أحمد كان يثبت معاني الصفات؟!
حتى قال الدكتور حامد العلي:
" ولا يزال العجب يتزايد ممن لا يعلم أن الإمام أحمد قد تكلم في معاني نصوص الصفات مع كثرة ذلك عنه " ا. هـ
السوق سوق علم أيها الإخوة لا سوق خضار يعمد فيه كل أحد إلى ما يوافق ذوقه.
وعليه فلا يشك الصادق أن السليم والصحيح هو اعتماد ما دلت عليه عشرات النصوص التي لا نملك إلغاءها من أنّ أحمد رحمه الله كان يجري نصوص الصفات على معانيها الظاهرة منها بعيدا عن التأويل والتفويض المحدَثين.
ثم نأتي لهذه العبارة التي فهم منها البعض ما أشكل عليهم فنجد حمل المعنى المنفي فيها يناسب نوعين من المعنى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/82)
ـ الأول هو الذي تتابع السلف على ترك التعرض له وهو المعنى المفصل للصفة والذي هو من قبيل التكييف لا أصل المعنى، هذا من جهة الإثبات، فتكون العبارة: " لا كيف ولا معنى يوقع فيه أو يقوم مقامه "
ـ والثاني هو المعنى الذي يؤدي لنفي الصفة كالتأويل، وقد صح عن أحمد فيما لا خلاف في ثبوته عنه إنكارُه للتأويل في عبارات عدة في صفة الضحك والنزول واليد ونحوها فمن المناسب حمل عبارته عليه، فلا كيف ولا معنى (من المعاني التي تقول بها الجهمية والنفاة)
والذي يؤكد أن المعنى المنفي في عبارة أحمد ليس هو أصل معنى الصفة
ما جاء في هذا الأثر نفسه الذي تشبث به المفوض.
فقدْ مثّل السائل بصفات هي التي نفى أحمد عنها وأمثالها المعنى، وجاء منها قوله: " وأن الله يُرى " ولا خلاف أن أحمد وغير أحمد من السلف وعامة الخلف لا ينفون معنى الرؤية وأنها الرؤية الحقيقية وهي النظر بالعين عيانا من العبد المؤمن إلى ربه من غير حجاب فيرى وجه ربه ويتلذذ برؤيته رؤية صريحة واضحة كما نرى القمر ليلة البدر.
إذًا تبين أن أحمد لا ينفي أصل المعنى وكلَّ معنى، وليس للمخالف أن ينتقي من عبارة أحمد ما يحلو له و يتغافل عما لا يحلو له
ومما يؤكد ما ذكرته هنا وإن كان ما ذكرته كاف ما جاء في بعض ألفاظ الأثر ورواياته:
فقد نقل الإمام ابن القيم الأثر عن الخلال دونها فقال في اجتماع الجيوش:
قال الخلال:
وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثهم قال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروي أن الله سبحانه ينزل إلى سماء الدنيا، وأن الله يرى، وأن الله يضع قدمه، وما أشبه هذه الأحاديث؟.
فقال أبو عبد اللّه: نؤمن بها ونصدق بها، ولا نَرُدُّ منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيءٌ وَهُوَ السّمِيع البَصيرُ " سورة الشورى آية 11.
وكذا نقله اللالكائي بنحوه دونها:
قال حنبل بن اسحاق: قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه و سلم إن الله ينزل إلى السماء الدنيا
فقال أبو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئا منها إذا كانت اسانيد صحاح ولا نرد على رسول الله قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق حتى قلت لأبي عبد الله ينزل الله إلى سماء الدنيا قال قلت نزوله بعلمه بماذا
فقال لي اسكت عن هذا مالك ولهذا امض الحديث على ما روي بلا كيف ولاحد وإنما جاءت به الأثار وبما جاء به الكتاب
قال الله عزوجل: (ولا تضربوا لله الأمثال) ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته أحاط بكل شيء علما لا يبلغ قدره واصف ولا ينأى عنه هرب هارب
وكذا الذهبي في السير عندما قال:
قال حنبل بن إسحاق: سألت أبا عبد الله عن الاحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله ينزل إلى سماء الدنيا " (3)، فقال: نؤمن بها، ونصدق بها، ولانرد شيئا منها، إذا كانت أسانيد صحاحا، ولانرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله، ونعلم أن ما جاء به حق.
بينما نقله الإمام ابن قدامة في تحريم النظر بسياق أوضح فقال:
" وقال حنبل: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه عن هذه الأحاديث التي تروي أن الله تبارك وتعالى يرى وأنه ينزل إلى سماء الدنيا وأنه يضع قدمه وما أشبه ذلك
فقال أبو عبد الله رضي الله عنه:
نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد منها شيئا إذا كانت بأسانيد صحاح، ولا نرد على الرسول قوله
ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه لا نتعدى ذلك ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت
نؤمن بهذه الأحاديث ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تبارك وتعالى وهو كما وصف نفسه سميع بصير بلا حد ولا تقدير، صفاته منه وله
لا نتعدى القرآن والحديث والخبر ولا نعلم كيف ذاك إلا بتصديق الرسول وتثبيت القرآن " ا. هـ
فنفى هنا المعنى ولم يكتف بالنفي بل استثنى مباشرة المعنى الذي دل عليه ظاهر النص عندما قال:
" ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تبارك وتعالى "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/83)
ولا أدل على هذا من تمثيله لذلك بصفتي السمع والبصر
ونحوه ما نقله العلامة ابن تيمية في تلبيس الجهمية واعتبره موطنا آخر:
" وقال حنبل في مواضع أخر ليس كمثله شيء في ذاته كما وصف به نفسه قد أجمل تبارك وتعالى بالصفة لنفسه فحد لنفسه صفة ليس يشبهه شيء فيعبد الله تعالى بصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف نفسه قال تعالى وهو السميع البصير " ا. هـ
فتأمل قوله: " ولا معلومة إلا بما وصف نفسه "
وبنحو سياق ابن قدامة الذي نقلته من كتابه تحريم النظر جاء عند ابن بطة أيضا:
" قال أبو عبد الله ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تعالى
نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة ونعوذ بالله من الزلل والارتياب والشك إنه على كل شيء قدير " ا. هـ
فهنا أيضا جاء واضحا " ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه "
فإذا أضفنا إلى كل ما تقدم أن ذلك السياق الذي احتج به المفوضة: " لا كيف ولا معنى " قد تفرد به حنبل وهو ممن يهم في بعض رواياته، فقد ذكر له ابن رجب روايته عن أحمد في مسألة فقهية عن صلاة الرجل بالثوب اللطيف الذي لا يمكنه عقده ثم قال ابن رجب:
"وهذه رواية مشكلة جدا، ولم يروها عن أحمد غير حنبل، وهو ثقة إلا أنه يهم أحيانا، وقد اختلف متقدمو الأصحاب فيما تفرد به حنبل عن أحمد: هل تثبت به رواية عنه أم لا؟ " ا. هـ
وقال ابن رجب أيضا عن روايات حنبل:
" وكان أبو بكر الخلال وصاحبه لا يُثبتان بما تفرد به حنبل، عن أحمد رواية " ا. هـ
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة:
" وذكر أبو بكر الخلال فقال قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية وأغرب بغير شيء " ا. هـ
وقال الذهبي في السير:
" له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب " ا. هـ
وغلّطه ابن شاقلا في إحدى رواياته
وفي رواية أخرى له عن أحمد في مسألة المتلاعنين ذكرها ابن القيم في الزاد قال فيها:
" وعن أحمد رواية أخرى: أنه إن أكذب نفسه حلت له وعاد فراشه بحاله، وهي رواية شاذة شذ بها حنبل عنه. قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره " ا. هـ
فكيف نقبل ممن هذا حاله وفي عقيدة أحمد ما يخالف المستفيض عن أحمد وهذا لو سلمنا للمخالف بما فهمه من تلك العبارة
فهذا هو حال تلك الرواية التي تعلق بها من ألف البعد عن الإنصاف رواية ودراية والله الموعد.
ـ إسحاق بن راهويه
قال النجاد:
حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثنا علي بن خشرم حدثنا إسحاق قال:
دخلت على ابن طاهر، فقال:
ما هذه الأحاديث يروون أن الله ينزل إلى السماء الدنيا؟
قلت: نعم رواها الثقات الذين يروون الأحكام.
فقال: ينزل ويدع عرشه؟
فقلت: يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش؟
قال: نعم
قلت: فلمَ تتكلم في هذا؟.
وهذا أثر صحيح
وتباحثُ مسألةِ " هل يستلزم النزول خلو العرش من عدمه " أكبر دليل على إثبات النزول بالمعنى المتبادر وهو قيام الرب بفعل حقيقي يضاد الصعود والارتفاع يقترب به تعالى إلى المنزول إليه من خلقه قربا حقيقيا
أو هو الهبوط إلى الأدنى فقد جاءت روايات لحديث النزول بلفظ الهبوط
ولو لم يكن هذا المعنى المتبادر للذهن من ذلك اللفظ مثبتا لما كان لذكر مسألة خلو العرش نفيا أو إثباتا أي معنى.
وفي الأثر أن المحظور هو التوسع في ذكر معنى الصفة بالخوض فيما هو أقرب إلى لازم الصفة
وهذا هو الذي كان السلف لا يتوسعون فيه
وجاء عن إسحاق بن راهويه أنه قال:
" جمعني وهذا المبتدع يعني إبراهيم بن أبي صالح مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، فسألني الأمير عن أخبار النزول؟ فسردتها
فقال ابن أبي صالح: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء.
فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء قال فرضي عبد الله كلامي وأنكر على إبراهيم. " هذا معنى الحكاية كما قال الراوي
رواها البيهقي عن الحاكم عن محمد بن صالح بن هانيء سمع أحمد بن سلمة عن إسحاق به
وهي رواية بالمعنى كما هو صريح عبارة البيهقي وتروي جانبا من مجلس إسحاق فيما جرى بينه وبين المبتدع ابن أبي صالح بخلاف الرواية السابقة رواية النجاد فقد ساقت جانبا آخر وهو ما جرى مع الأمير
وقال إبراهيم بن أبي طالب: سمعت أحمد بن سعيد الرباطي يقول: حضرت مجلس ابن طاهر وحضر إسحاق فسئل عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال: نعم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/84)
فقال له بعض القواد: كيف ينزل؟ قال: أثبته فوق حتى أصف لك النزول.
فقال الرجل: أثبته فوق، فقال إسحاق: قال الله: (وجاء ربك والملك صفا صفا)
فقال ابن طاهر: هذا يا أبا يعقوب يوم القيامة!
فقال: ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟!
قال الصابوني:
سمعت الحاكم أبا عبدالله يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: سمعت أحمد بن سعيد بن إبراهيم بن عبدالله الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير ... فذكره
قوله: " أثبته فوق " صريح في إثبات المعنى، وفيه تهيئة المخالف لقبول معنى النزول
وقوله: " حتى أصف لك النزول " قاطع للنزاع، فهو نص منه في أنه يتبنى العلم بمعنى النزول
واستدلاله بالمجيء على النزول لا يكون إلا مع إثبات المعنى وإلا لكان استدلالا بما في غير محله
وفرقان ما بيننا وبين مخالفينا، فهم لا يملكون توجيه الآثار بما يتلاءم مع كل ألفاظها، فالأثر الواحد يحملونه على ما لايلائم بقيته
بينما نحن نوجه الآثار بما يناسب ظاهرها وبما يتناسب مع جميع ألفاظ الأثر الواحد وبما يناسب دلالة سياقه وبما ينسجم مع باقي أقوال صاحب الأثر
لكنهم لا ينصفون وإنما ديدنهم سياسة تقطيع الألفاظ وقصها عن سياقاتها والعبث بمدلول الآثار تحكما
قال الخلال:
وأنبأنا محمد بن علي الوراق حدثنا أبو بكر الأثرم حدثني محمد بن إبراهيم القيسي قال: قلت لأحمد بن حنبل:
يحكى عن ابن المبارك - وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ - قال: في السماء السابعة على عرشه بحد.
فقال أحمد: هكذا هو عندنا
وأخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لإسحاق - يعني ابن راهويه -: هو على العرش بحد؟ قال: نعم بحد
وعند ابن بطة:
حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء قال ثنا أبو جعفر محمد بن داود البصروي قال ثنا أبو بكر المروذي قال:
سمعت أبا عبد الله .. فذكره بنحوه
فها هو إسحاق بن راهويه يثبت أنه تعالى على عرشه بحد وهذا إثبات لمعنى الفوقية، فضلا عن دلالة هذا الحد منه على أنها فوقية الذات وهو صريح معناه.
وقال إسحاق بن راهويه عن حديث الرجل الذي قال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ فِي عَمَاءٍ " فقال إسحاق:
" قوله: (في عماء قبل أن يخلق السموات والأرض) تفسيره عند أهل العلم أنه كان في عماء يعني سحابة " ا. هـ
وهل يكون هذا التفسير مع تفويض؟!
وكما تقدم تفسير متعلق الصفة دليل على إثبات معنى الصفة
ـ هشام بن عبيد الله الرازي
فقد روى ابنُ أبي حاتم أن هشام بن عبيد الرازي، صاحب محمد بن الحسن قاضي الري حبس رجلاً في التجهّم، فتاب فجيء به إلى هشام ليمتحنه، فقال: الحمد لله على التوبة، فامتحنه هشام فقال: أشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه.
فقال: أشهد أن الله على عرشه، ولا أدري ما بائن من خلقه، فقال: ردوه إلى الحبس، فإنه لم يتب.
رواه ابن أبي حاتم قال: حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي: سمعت أبي يقول: سمعت هشام بن عبيد الله الرازي فذكره
فالقاضي هشام اعتبر عدم درايته بمعنى لفظ بائن مانعا من كونه مثبتا لهذه الصفة مع أنه في مقام توبة وهذا في لفظ بائن وهو غير منصوص عليه فكيف بما هو منصوص
فدل على أن دعوى جهل المعاني هو من طرائق الجهمية ومهرب ومفر لهم عندما تغلق أمامهم الأبواب، وعند وقوعهم في قبضة السلطان (سلطان الحكم أو سلطان العلم) فكيف إذا اجتمعا؟!
ـ الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام.
قال الإمام البيهقي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ":
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَازَرُونِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ:
يُقَالُ السُّبْحَةُ: إِنَّهَا جَلالُ وَجْهِهِ وَنُورُهُ "
وهو في كتاب أبي عبيد " غريب الحديث " مادة سبح قال رحمه الله:
" ففي حديثه عليه السلام حين ذكر الله تعالى فقال: حجابه النور لو كَشفَه لأحرقتْ سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره فقال:
يقال في السُّبحة: إنها جلال وجهه ونوره ... " ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/85)
وهذا تفسير صريح لصفة الوجه وللنور، إذ نوره تعالى من الصفات الخبرية التي أنكرتها الأشاعرة.
ولذلك فجلهم يؤولون النور بالهادي وبالنور المعنوي ولا يثبتون لله نورا حقيقيا بمعنى الضياء، بل يرون إثباته تشبيها وتجسيما وضلالا نعوذ بالله من التعطيل.
فهنا فسر الإمام أبو عبيد سبحات الوجه والتي هي من صفة وجهه تعالى فسرها بالنور والجلال المنبعث منه إلى خلقه والمحرِق لما ينتهي إليه منها لو كشف عنه.
وأبوعبيد عندما فسر السبحات إنما فسرها على ضوء سياقها في الحديث ولا يزعم منصف صادق بعد هذا التفسير أن أبا عبيد يفوض السبحات إلا من كان في سبات
فتفسيرها بالنور هو إثبات لمعناها عنده، ولو كان مذهبه تفويض الصفات لما فسر السبحات
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي فيه بأن الله كان في عماء قبل خلقه السماوات والأرض فقال أبو عبيد:
" قوله: في عماء، في كلام العرب السحاب الأبيض، قال الأصمعي:
وغيره: هو ممدود ... وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم ولا ندري كيف كان ذلك العَمَاءُ وما مبلغه والله أعلم " ا. هـ
كل هذا كلام أبي عبيد في كتابه غريب الحديث
وتأمل بالله قوله:
" وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم ولا ندري كيف كان ذلك العَمَاءُ وما مبلغه والله أعلم " ا. هـ
فهو بهذا الكلام ينبه على أنه اعتمد معنى العماء لغة وجعله تفسيرا للحديث وأنه معنى معقول (حقيقي) في أصل معناه (كان الله على سحاب) لكن فوض كيفية السحاب الذي كان الله عليه
ولو كان أبو عبيد يرى أن هذا الحديث على غير حقيقته وأن الله لم يكن في الحقيقة على سحاب قبل خلق السماوات لما شرح العماء ولما اكتفى بتفويض الكيف المتعلق بالسحاب فقط
ولا يأتينا مفوّض ويجيب بأن الحديث في نقده هو " ضعيف " فهذا من التلبيس لأننا سقنا الكلام لبيان موقف أبي عبيد من الحديث وكيف أنه فسره أما الموقف الصحيح من الحديث عندي أو عندك فهذا شيء آخر ثم الحديث حسن على الراجح وليس هذا محل بيانه.
وقال أبو عبيد في غريبه:
" في حديث عروة بن الزبير أنّه كان يقول في تلبيته: لَبَّيْك رَّبَنَا وحَنَانَيْك قال: حدثناه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه.
ثم قال أبو عبيد:
قوله: حَنَانَيْك يريد: رحمتك ; والعرب تقول: حَنانَك يا رب وحَنَانَيْك يا رب بمعنى واحد ; قال امرؤ القيس: (الوافر) ... ويَمْنَحُها بَنُو شَمَجَى بن جَرْم ... مَعيزَهْم حَنانَك ذَا الحَنَانِ يريد: رحمتك يا رب " ا. هـ
فالرحمة والحنان بمعنى واحد كما فسر هذا الإمام، إذًا الرحمة صفة قائمة بالله بمعنى حنانه تعالى وتحننه، وليست كما يقول الأشاعرة إنها مؤولة بالإرادة
فهل تفسير الحنان بالرحمة أو العكس هو تفويض؟!
إذا ما فائدة هذا المرادف الذي لا يزيد الصفة إلا جهالة؟
هذا كلام من لا يعي أصول العلم
وذكر أبو عبيد حديث: " ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن "
فقال رحمه الله:
" أما قوله: كأذنه يعني ما استمع الله لشئ كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن وعن مجاهد في قوله تعالى " وأذنت لربها وحقت ".
قال: سمعت أو قال: استمعت شك أبو عبيد، يقال: أذنت للشئ آذن [له] أذنا إذا استمعته "
والاستماع قدر زائد على مجرد السماع فهو خبري وحكمه حكم الخبريات
قال الحافظ الذهبي عن الإمام أبي عبيد:
" توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين وقد ألف كتاب غريب الحديث وما تعرض لأخبار الصفات بتفسير بل عنده لا تفسير لذلك غير موضع الخطاب للعربي " ا. هـ
فليس من مذهبه إلا حمل النصوص على مفهوم الخطاب العربي دون الاشتغال بتفسيرها على غير موضع الخطاب
ـ الإمام إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله ت 264 هـ
قال الإمام المزني رحمه الله في شرح السنة ص (75):
" فلا شبيه له ولا عديل، السميع البصير، العليم الخبير، المنيع الرفيع، عال على عرشه في مجده بذاته، وهو دان بعلمه من خلقه أحاط علمه بالأمور وأنفذ في خلقه سابق المقدور وهو الجواد الغفور (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) " ا. هـ
قوله: " بذاته " هو إثبات صريح للمعنى.
ـ الإمام أبوحاتم محمد بن إدريس الرازي ت 27 هـ
روى ابن المحب في الصفات بسنده عن أبي حاتم أنه قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/86)
" من قال النزول غير النزول وما أشبهه فهو كافر جهمي " ا. هـ
عن كتاب عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة لمحمود الحداد ص130.
ماذا يريد المفوض أكثر من هذا؟
أين المروءة يا قوم والله إنه عناد مخجل؟
والله إنها مذلة أن يوكل الإنسان إلى هواه فيوصله إلى أحوال مزرية.
ولأبي حاتم رسالتان مع أبي زرعة تؤكدان براءتهما من التفويض أوردهما اللالكائي في كتابه
ـ يونس بن حبيب بن عبد الرحمن النحوي إمام العربية
ففي " رؤية الله " للدارقطني:
حدثنا محمد بن مخلد حدثنا محمد بن هشام بن البخترى حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا عثمان بن عمر عن سليمان بن عبيد فيما أظن عن الضحاك عن ابن مسعود عن النبى ... يرويه عن ربه عز و جل قال نحلت إبراهيم خلتى وكلمت موسى تكليما وأعطيت محمدا كفاحا
قال عثمان بن عمر سألت يونس النحوى عن الكفاح فقال: أي واجهه مواجهة
وهو صحيح عن الإمام يونس النحوي
بأي صيغة يحصل إثبات معاني الصفات يا حضرة المفوضة
ـ الإمام علي بن المديني شيخ البخاري
قال الإمام ابن كثير في تفسيره:
" قال أبو بكر بن مردويه:
حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا هارون بن سليمان، أنبأنا علي بن عبد الله المديني، أنبأنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاري، سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة الأنصاري، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال:
نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال:
" يا جابر مالي أراك مهتما؟ " قال: قلت: يا رسول الله، استشهد أبي وترك دينا وعيالا، قال: فقال: " ألا أخبرك ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحا "
قال علي [بن المديني]: الكفاح المواجهة "
قول ابن المديني صحيح غاية وهو تفسير لصفة تكليم الله بما يثبت المواجهة حقيقة بين الله وخلقه وهذا لا تطيقه الأشاعرة وتراه تجسيما
وكيف تُثبِت المواجهة وهي تعتقد أن الله لا يوجد في جهة من الجهات ولا يرى في جهة.
فسبحان من تنزه عن هذا العدم!!
فالمعنى عنده: كلّمه مواجهة من دون حجاب
ويقال في اللغة: " طعنه كفاحا " أي مواجهة وجها لوجه
فلماذا لم يترك ابن المديني اللفظ وذهب يبين معناه ويثبته لو كان مذهبه ترك المعنى وتفويضه.
ـ الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي
قال الأزهري في تهذيب اللغة:
" وقال أبو إسحاق في قوله: (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ) أي وآتيناه حناناً. قال: والحَنَان: العطف والرحمة. وأنشد:
فقالت حنان ما أتى بك هاهنا
أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف
أي أَمْرُنا حنان أي عطف ورحمة ...
وقال أبو إسحاق: الحَنّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطّف " ا. هـ
والحنان من الله صفة له في قول أكثر المفسرين ولا يمنع عطف الزكاة عليه
كما في الآية
فقول الحربي: " الحَنّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطّف " ا. هـ
وقال الخلال في كتاب السُّنَّة:
" باب يضع كنفه على عبده، تبارك وتعالى: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله: " إن الله يدني العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه؟ " قال: هكذا نقول: يدنيه ويضع كنفه عليه، كما قال، يقول له: أتعرف ذنب كذا؟
قال الخلال: أنبأنا إبراهيم الحربي قال: قوله: فيضع عليه كنفه، يقول: ناحيته.
قال إبراهيم: أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: نزل في كنف بني فلان، أي: في ناحيتهم " ا. هـ
نقله عن الخلال في نقض التأسيس.
ـ الإمام أبو بكر بن أبي عاصم
قال في كتابه السنة:
" وَأَخْبَارُ النُّزُولِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ دُونَ الأَرْضِ "
الاستدلال على أنه في علو من خلال صفة النزول هو صريح في إثبات النزول والعلو بمعنييهما
وقال:
" باب ما ذكر أن الله تعالى في سمائه دون أرضه "
وقوله دون أرضه نص في فوقية الذات
ـ الإمام البخاري محمد بن إسماعيل صاحب الصحيح ت 256 هـ
قال رحمه الله في كتاب خلق الأفعال:
" يُذكر عن النبي صلى الله عليه و سلم: [أن الله ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب وليس هذا لغير الله عز و جل]
ثم قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/87)
وفي هذا دليل على أن صوت الله لا يُشبه أصوات الخلق لأن صوت الله يُسمع من بُعد كما يُسمع من قُرب، وأنّ الملائكة يُصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا قال: (فلا تجعلوا لله أندادا) فليس لصفة الله ند ولا مثل ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين " ا. هـ
ثم ذكر البخاري بعض الأدلة على هذا
فتعليله عدم المشابهة بكون صوته يُسمع من بُعد وكونه يُصعِق دليل على أنه يثبت الصوت بمعناه المعروف
وإلا فماذا يريد المعطل أكثر من هذا؟!!!
صوتٌ عبّر عن نداء، ويُسمَع، ويُصعِق، فماذا سيكون يا معاشر الأذكياء؟!!
وقال في خلق أفعال:
" وقال ضمرة بن ربيعة عن صدقة سمعت سليمان التيمي يقول:
لو سئلتُ أين الله؟ لقلت في السماء، فإن قال فأين كان عرشُه قبل السماء؟ لقلت على الماء، فإن قال فأين كان عرشه قبل الماء؟ لقلت: لا أعلم
قال أبو عبد الله [البخاري]: وذلك لقوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء يعني إلا بما بيّن " ا. هـ
والأثر واضح، وفيه أن السؤال بأين الله سؤال سائغ لأن الإمام التيمي سأله من عند نفسه لنفسه فلو كان محظورا لما تكلفه تكلفا، وجواب هذا السؤال
سائغ من باب أولى.
وكل هذا عند الإمام البخاري الذي يحتج بالأثر
فقد ساق البخاري هذا الأثر محتجا وأقره إقرارا صريحا والأثر يذكر أين هو الله، بل واعتبر البخاري في تعليقه أن الله قد بيّن هذا في كتابه وأنه من المسائل التي أحطنا بها علما بتبيين الله
ولا يقال عما هو مفوض أنه مبين؟
ولا يوجد مفوض في الدنيا يعرض قضية أين يوجد الله بهذا العرض
ولا بهذا السياق والتسلسل في السؤال عن الأينية والذي يجلي إثبات المعنى
ومحل استدلالنا هو استدلال البخاري بالأثر وإقراره له، أما موقفنا نحن من الأثر أو موقف مخالفنا منه فهو مسالة أخرى.
فليس للمخالف أن يُلبّس على من يقف على كلام البخاري بمحاولة القدح في صحة الأثر عن التيمي أو بالخوض في مفهومه عنده هو (عند المخالف) وإنما عليه إن كان صادقا في جوابه عما استدللنا به هنا أن يجيب عن موقف البخاري الواضح من الأثر.
ـ الإمام محمد بن عيسى الترمذي صاحب السنن ت هـ
ذكر الترمذي حديث أبي هريرة مرفوعا وفيه:
قالوا وهل نراه يا رسول الله قال وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول أنا ربكم فاتبعوني
ثم قال في معناه:
" ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم " ا. هـ
الكلام صريح، تعريفه تعالى نفسه بتجليه للعباد وأن هذا معنى تعريفه لا يستقيم مع دعوى أن التجلي عنده مجهول مفوض، فالمجهول لا يشرح المجهول، ولو كان معناه غير مراد لما قال: " ومعنى ... ".
فالذي ذكره مرادٌ معناه بمنطوق كلام الترمذي فسبحان من تنزه عن الباطل.
وقال الترمذي:
" وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، وفسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وإنما معنى اليد ها هنا النعمة، وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، وسمع كسمع " ا. هـ
فدل كلامه على أمور:
ـ أن هناك تفسيرا لأهل العلم لهذه الصفات الخبرية يخالف خط التعطيل وتيار التعطيل.
ـ أن التفسير بالتأويل كما جاء في كلام الترمذي هو تفسير مخالف لتفسير السلف.
ـ أن إثبات هذه الصفات على ظاهرها وحقيقتها ليس تشبيها، وإنما التشبيه أن تقول له يد كيدي أو سمع كسمعي.
فكما أن سمع الله له معنى نعلمه ونثبته وهو المعنى المعروف المتبادر إلى الذهن ولا يلزم من هذا تشبيها وخاصة إذا أضفنا أن سمع الله أكمل من سمع المخلوق وأنه سمع غير حادث ولا يعتريه نقص.
مع أن سمع الله إدراك حقيقي لذات الأصوات وكذلك سمع المخلوق، فهذا الاشتراك في المعنى العام للسمع لا يوجب تشبيها مادمنا نفرق بينهما من جهة ما تقدم من الكمال
فكذلك اليد، فلماذا نتصور التشبيه من مجرد إثبات المعنى العام لليد وقد قرنهما إسحاق في أمثلته ليبين ما ذكرتُ فلماذا التفريق بينها وبين صفة السمع بالباطل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/88)
وتعريف إسحاق للتشبيه بأنه يد كيدي وحصره للتشبيه في هذا بأداة الحصر إنما، وصدوره من هذا الإمام وإقرار الترمذي له يدل على أنه تعريف دقيق للتشبيه.
ولو كان مجرد إثبات اليد على معناها الحقيقي تشبيها لكان تعريف الإمام إسحاق بموافقة الترمذي تعريفا عائما قاصرا لا معنى له بل موهما لحصره التشبيه فيه.
ويؤكد هذا أن هناك جماعة من السلف تتابعوا على تعريف التشبيه بنفس تعريف إسحاق ويكاد بلفظه منهم الإمام أحمد
فهل تتابعُ جماعة من السلف على هذا التعريف كان لمجرد تعبير عائم ناشئ عن عدم دقة ودراية وليس عن مفهوم متفق عليه عندهم؟
هل هذا هو الظن اللائق والمناسب بهم؟
وقال الترمذي رحمه الله عندما أورد حديث: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجل بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم}
فقال عن هذا الحديث:
" وفسر بعض أهلم العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علمِ الله وقدرتِه وسلطانه، علمُ الله وقدرتُه وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه " ا. هـ
وهذا صريح في إثبات العلو الذاتي الحقيقي وليس معناه العلو المعنوي لأن الترمذي كان في صدد نفي كون الله في الأرض كما هو ظاهر الحديث المنكر الذي كان الترمذي يتكلم عنه " لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله "
و قال الترمذي في سننه:
" وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف، هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ها هنا القوة وقال إسحاق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
فأثبت اليد على النحو الذي ثبت به السمع والبصر وهو إثبات معنى
ـ الإمام ابن قتيبة الدينوري:
قال في كتابه (الرد على الجهمية والمشبهة) بعد أن فند أقوالهم في تأويل اليدين، وردها بالأدلة الجازمة، قال:
" فإن قال لنا: ما اليدان ها هنا؟
قلنا: هما اليدان اللتان تعرف الناس كذلك، قال ابن عباس
في هذه الآية: (اليدان: اليدان)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلتا يديه يمين)، فهل يجوز لأحد أن يجعل اليدين ها هنا نعمة، أونعمتين، وقال: (لما خلقت بيدي) فنحن نقول كما قال الله تعالى وكما قال رسوله، ولا نتجاهل.
ولايحملنا ما نحن فيه من نفي التشبيه على أن ننكر ما وصف به نفسه، ولكنا لا نقول: كيف اليدان، وإن سئلنا نقتصر على جملة ما قال، ونمسك عما لم يقل " ا. هـ
سبحان الله " هما اليدان اللتان تعرف الناس "
وسبحانه أن تكون مثلهما أو تشابههما كما أن سمعه هو السمع الذي يعرفه الناس وسبحانه أن يكون مثله
وقال ابن قتيبة في حديث الصورة:
" والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست أعجب من اليدين والأصابع والعين وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن. ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد " ا. هـ
وقال ابن قتيبة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/89)
" وكيف يسوغ لأحد أن يقول أنه بكل مكان على الحلول مع قوله: (الرحمن على العرش استوى) أي استقر كما قال: " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك " أي استقررت ومع قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وكيف يصعد إليه شيء هو معه أو يرفع إليه عمل وهو عنده وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة وتعرج بمعنى تصعد يقال: عرج إلى السماء إذا صعد والله عز وجل ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق وهنالك الكرسي والعرش والحجب والملائكة. يقول الله تبارك وتعالى: " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون " وقال في الشهداء: " أحياء عند ربهم يرزقون " وقيل لهم شهداء لأنهم يشهدون ملكوت الله تعالى واحدهم شهيد كما يقال عليم وعلماء وكفيل وكفلاء وقال تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا " أي لو أردنا أن نتخذ امرأة وولداً لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم لأن زوج الرجل وولده يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره والأمم كلها عربيها وعجميها تقول إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم. وفي الحديث أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله تعالى فقالت: في السماء قال: فمن أنا قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام: هي مؤمنة وأمره بعتقها " ا. هـ
هذا الكلام ينضح بالإثبات ولا يحتاج إلى إيضاح
ـ الإمام ابن الأعرابي أحمد بن زياد
قال الإمام البيهقي في الأسماء والصفات:
" أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أَخْبَرَنَا أبو عمر، محمد بن عبد الواحد الزاهد غلام ثعلبة أو ثعلب في كتاب ياقوتة السراط الذي يروي أكثره عن ثعلب عن ابن الأعرابي في قوله عز وجل: {لقد من الله}
{أي تفضل الله} {على المؤمنين} المصدقين، والمنان المتفضل، والحنان الرحيم، وقال في قوله تعالى: {وحنانا من لدنا} أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل قال:
الحنان: الرحمة، والحنان: الرق، والحنان: البركة، والحنان: الهيبة " ا. هـ
وهو في " الياقوتة " لغلام ثعلب عند هذه الآية:
" (وحنانا من لدنا)! أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي، عن المفضل - قال: الحنان: الرحمة "
ففسر الحنان الذي هو صفة لله بنص رواية البيهقي بأنه والرحمة بمعنى واحد وهذا يمتنع حمله على التفويض.
وكلامه في إثبات المعاني ظاهر
وعن داود بن علي قال:
" كنا عند ابن الاعرابي فأتاه رجل فقال له:
ما معنى قول الله عز و جل: (الرحمن على العرش استوى)
فقال [ابن الأعرابي]: هو على عرشه كما أخبر عز و جل
فقال: يا أبا عبد الله ليس هذا معناه إنما معناه استولى
قال: اسكت ما أنت وهذا، لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد، فإذا غلب أحدهما قيل استولى أما سمعت النابغة ... ألا لمثلك أو من أنت سابقه ... سبق الجواد إذا استولى على الأمد ...
أخرجه الخطيب في "تاريخه" واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ورواه أبو الحسن بن مهدي الطبري في كتابه مشكل الآيات كما في بيان تلبيس الجهمية، ونقله الذهبي في العلو عن كتاب ابن عرفة وعزاه ابن حجر في الفتح للهروي في "الفاروق" وسنده صحيح
فهنا سُئل ابن الأعرابي عن معنى هذه الصفة الخبرية فأجاب بأن معناها هو المعنى الظاهر: " هو على عرشه كما أخبر عز و جل "
ولا أدل على أن كلامه مرادٌ به المعنى من كونه وقع سؤالا عن معنى:
" ما معنى قول الله عز و جل: (الرحمن على العرش استوى) "
ومن كون السائل نسب هذا لابن الأعرابي وأنه أراد معنى ما ذكر بمنطوقٍ صريح:
" يا أبا عبد الله ليس هذا معناه إنما معناه استولى "
فما ذكره ابن الأعرابي هو معنى وليس مجرد لفظ مفوض
ـ الخليل بن أحمد الفراهيدي شيخ سيبويه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/90)
ذكر أبو عمر بن عبد البر عنه في التمهيد قال:
قال الخليل بن أحمد: " استوى إلى السماء: ارتفع إلى السماء " ا. هـ
ـ الأخفش
قال الإمام الأزهري في كتاب التهذيب له في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى):
" قال الأخفش: استوى أي: علا، يقال: استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت: أي علوته " ا. هـ
صريح يا أخي!
ـ الإمام محمد بن عثمان بن أبي شيبة المتوفى سنة 297 هـ
قال رحمه الله:
" وقد علم العالمون أن الله قبل أن يخلق خلقه قد كان متخلصا من خلقه بائنا منهم فكيف دخل فيهم؟! تبارك وتعالى أن يوصف بهذه الصفة، بل هو فوق العرش كما قال محيط بالعرش متخلص من خلقه بين منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه، وقد أخبرنا الله عز و جل أن العرش كان قبل أن يخلق السماوات والأرض على الماء وأخبرنا أنه صار من الأرض إلى السماء ومن السماء إلى العرش فاستوى على العرش ...
إلى أن قال:
" ثم تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش فاستوى عليه بذاته ثم خلق الأرض والسماوات فصار من الأرض إلى السماء ومن السماء إلى العرش فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصا من خلقه بائنا منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه " ا. هـ
لا تعليق
ـ حرب بن إسماعيل الكرماني ت 280 هـ
قال أبو محمد حرب الكرماني في مسائله المعروفة التي نقلها عن أحمد و إسحاق وغيرهما وذكر معها من الآثار عن النبي صلى الله عيه وسلم والصحابة وغيرهم ما ذكر وهو كتاب كبير صنفه على طريقة الموطأ ونحوه من المصنفات قال في آخره في الجامع:
" (باب القول في المذهب):
هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق وهو مذهب أحمد و إسحاق بن إبراهيم بن مخلد و عبد الله بن الزبير الحميدي و سعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم ...
و الماء فوق السماء العليا السابعة و عرش الرحمن عز و جل فوق الماء و الله عز و جل على العرش و الكرسي موضع قدميه و هو يعلم ما في السماوات و الأرضين و ما بينهما و ما تحت الثرى ...
وهو بائن من من خلقه لا يخلو من علمه مكان و لله عز و جل عرش و للعرش حملة يحملونه و الله عز و جل مستو على عرشه و ليس له حد و الله عز و جل سميع لا يشك بصير لا يرتاب عليم لا يجهل جواد لا يبخل حليم لا يعجل حفيظ لا ينسى و لا يسهو قريب لا يغفل و يتكلم [ويتحرك ويسمع ويبصر] و ينظر و يبسط و يضحك و يفرح و يحب و يكره و يبغض و يرضى و يغضب و يسخط و يرحم و يعفو و يغفر و يعطي و يمنع و ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء و يوعيها ما أراد و خلق آدم بيده على صورته و السموات و الأرض يوم القيامة في كفه و يضع قدمه في النار فتنزوي و يخرج قوما من النار بيده و ينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم و يتجلى لهم و تعرض عليه العباد يوم القيامة و يتولى حسابهم بنفسه و لا يلى ذلك غير الله عز و وجل ...
كلم الله موسى تكليما منه إليه و ناوله التوراة من يده إلى يده و لم يزل الله عز و جل متكلما " ا. هـ
عن مسائل حرب نفسها، نقله ابن القيم في حادي الأرواح ص 288 وفي اجتماع الجيوش مختصرا ص (234) وهو نقل عزيز.
ونقله العلامة ابن تيمية في أكثر من موطن من كتبه كدرء التعارض وكذا ابن رجب نقل في أهوال القبور طرفا من كلامه
وهذا كلام لا يصدر من مفوض ولا يقبله مفوض
فهو قد ذكر الحركة وهي مبالغة منه رحمه الله في إثبات المعنى بما يمتنع معها القول إنه ذكر ما ذكر من الصفات تفويضا
وهو قد نقلها عن غيره من السلف بما يدل في أقل الأحوال على أن بعض السلف قالوا بها، ومرادهم بلا شك أنه تعالى يفعل أفعالا لا تشابه أفعال خلقه وهي أفعال حقيقية تحقق قربه الذاتي الحقيقي من خلقه كالمجيء والإتيان والنزول والارتفاع
ولذلك فمن أطلق الحركة وأراد هذا المعنى فنقبل منه المعنى ولا يلزمنا لفظه لعدم نطق النصوص به
ع ـ الحارث بن أسد المحاسبي
قال رحمه اللّه في كتابه فهم القرآن:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/91)
" وأما قوله "على العرش استوى" "وهو القاهر فوق عباده" و "أأمنتم من في السماء" "وإذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً" فهذه وغيرها مثل قوله "إليه يصعد الكلم " وقوله "ثم يعرج إليه في يوم"
فهذا مقطع يوجب أنه فوق العرش، فوق الأشياء، منزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال: " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض " يعني فوق العرش، والعرش على السماء ا. هـ
انظر فهم القرآن له ص 346
فأي معنى بعد هذا
ـ الإمام عثمان بن سعيد الدارمي
قال في نقضه على المريسي:
" ونحن وإن لم نصف الله بجسم كأجسام المخلوقين ولا بعضو ولا بجارحة ...
فنقول إنه الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ذو الوجه الكريم والسمع السميع والبصر البصير نور السموات والأرض وكما وصفه الرسول في دعائه حين يقول اللهم أنت نور السموات والأرض وكما قال أيضا نور أنى أراه وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه نور السموات والأرض من نور وجهه والنور لا يخلو من أن يكون له إضاءة واستنارة ... " ا. هـ
ثم استطرد في أنه يُرى وينظر إليه وتأمل تفسيره للنور
وقال الإمام في نقضه:
" فيقال للمعارض: نراك قد كثرت لجاجتك في رد هذا الحديث إنكاراً منك لوجه الله تعالى، إذ تجعل ما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين معقول في سياق اللفظ أنه وجه نفسه ... فإن لم تتحول العربية عن معقولها إنه لوجه حقاً كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم " ا. هـ
وقد ملأ الإمام الدارمي رحمه الله كتابه نقضا لتفاسير المريسي المعطِّلة للنصوص ومقابلتها بالتفاسير المأثورة.
قال رحمه الله عن صفة النزول:
" ومن يلتفت إلى تفسيرك وتفسير صاحبك مع تفسير نبي الرحمة ورسول رب العزة إذ فسر نزوله مشروحاً منصوصاً ... "
وقال الدارمي في الرد على الجهمية:
" باب استواء الرب تبارك وتعالى على العرش وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق.
وهو أيضا مما أنكروه [يعني الجهمية] "
وقال:
" فمن لم يقصد بإيمانه وعبادته إلى الله الذي استوى على العرش فوق سمواته وبان من خلقه فإنما يعبد غير الله ولا يدري أين الله " ا. هـ
وقال:
" والآثار التي جاءت عن رسول الله في نزول الرب تبارك وتعالى تدل على أن الله عز و جل فوق السموات على عرشه بائن من خلقه " ا. هـ
من أين دل النزول على الفوقية لو كان النزول مجهولا مفوضا
وقال:
" ولو قد آمنتم باستواء الرب على عرشه وارتفاعه فوق السماء السابعة بدءا إذ خلقها كإيمان المصلين به لقلنا لكم ليس نزوله من سماء إلى سماء بأشد عليه ولا بأعجب من استوائه عليها إذ خلقها بدءا فكما قدر على الأولى منهما كيف يشاء فكذلك يقدر على الأخرى كيف يشاء
وليس قول رسول الله في نزوله بأعجب من قول الله تبارك وتعالى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) ومن قوله (وجاء ربك والملك صفا صفا) فكما يقدر على هذا يقدر على ذاك.
وقال:
" وعبدتم أنتم شيئا هو عند الخلق لا شيء لأن الكلمة قد اتفقت من الخلق كلهم أن الشيء لا يكون إلا بحد وصفة وأن شيء ليس له حد ولا صفة فلذلك قلتم لا حد له وقد أكذبكم الله تعالى فسمى نفسه أكبر الأشياء وأعظم الأشياء وخلاق الأشياء قال تعالى قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم الأنعام: 19 وقال كل شيء هالك إلا وجهه القصص: 88 فهو سمى نفسه أكبر الأشياء وأعظم الأشياء وخلاق الأشياء وله حد وهو يعلمه لا غيره
حدثنا الحسن بن الصباح البزاز البغدادي حدثنا علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك أنه سئل بم نعرف ربنا قال بأنه فوق العرش فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه قال قلت بحد قال فبأي شيء " ا. هـ
ـ الإمام ثعلب أحمد بن يحيى ت 291 هـ
قال الإمام ابن بطة:
" سمعت أبا عمر محمد بن عبد الواحد صاحب اللغة يقول سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلبا يقول في قوله تعالى وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام أجمع أهل اللغة أن اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينة ونظرا بالأبصار " ا. هـ
فهنا فسر اللقاء بلازمه
وروى الدارقطني، عن إسحاق الكاذي قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/92)
" سمعت أبا العباس ثعلب يقول: استوى على العرش: علا، واستوى الوجه: اتصل، واستوى القمر: امتلأ، واستوى زيد وعمرو: تشابها، واستوى إلى السماء: أقبل، هذا الذي نعرف من كلام العرب " ا. هـ
رواه اللالكائي بإسناد صحيح
فتأمل تفسيره هذه الصفة الخبرية على ضوء المتبادر المعروف من كلام العرب
وقال ابن بطة:
حدثني عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أحمد بن محمد بن هارون قال سألت ثعلبا عن قول النبي ملأى لا يغيضها شيء؟
قال: لا ينقصها نفقة، سحاء قال صبا وبيده الأخرى القبض راسين شيء من شيء " ا. هـ
فتأمل هذا التفسير (صبًّا)
ـ أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي الفقيه الشافعي ت 295 هـ
قال الخطيب في تاريخه:
حدّثني الحسن بن أبي طالب قال: نبّأنا أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور القزاز قال: سمعت أبا الطيب أحمد بن عثمان السمسار والد أبي حفص بن شاهين يقول:
" حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا ... ))، فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علوّ؟!
فقال أبو جعفر الترمذي: " النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة " ا. هـ
فتأمل بالله عليك هذا الإثبات من هذا الإمام، فقد سئل عن المعنى للنزول بالصريح: " كيف يكون يبقى فوقه علوّ؟! "
والاستشكال من السائل قاطع للنزاع وأن المراد هو المعنى.
فأجاب هذا الإمام الشافعي بأن النزول معقول المعنى وهذا هو القدر المثبت والمفوَّض المجهول شيء آخر هو الكيف.
ولو كان معنى النزول مجهولا مفوضا كما تزعم المفوضة لما قال بأنه معقول ولما أجاب بهذا الجواب الذي فيه إقرار للسائل في جانب من سؤاله وهو أن المسؤول عنه معلوم المعنى.
وعلّق الذهبيُّ على هذا الأثر بقوله:
" قلت: صدق فقيه بغداد و عالمها في زمانه إذا السؤال عن النزول ما هو؟! عيّ، لأنه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة وإلا فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والإستواء عبارات جلية واضحة للسامع فإذا اتصف بها من ليس كمثله شيء فالصفة تابعة للموصوف وكيفية ذلك مجهولة عند البشر وكان هذا الترمذي من بحور العلم ومن العباد الورعين "
مختصر العلوّ ص: 231
ـ سهل بن عبد الله التستري
قال إسماعيل بن علي الأبلي:
" سمعت سهل بن عبد الله [التستري] بالبصرة في سنة ثمانين ومئتين يقول:
العقل وحده لا يدل على قديم أزلي فوق عرش محدث، نصبه الحق دلالة وعلما لنا، لتهتدي القلوب به إليه ولا تتجاوزه، ولم يكلف القلوب علم ماهية هويته، فلا كيف لاستوائه عليه " ا. هـ
ساقه الذهبي في السير.
وكون الإمام التستري جعل الفوقية هنا خبرية بحيث لا يدل العقل عليها استقلالا فهذا منه تصريح بأن الفوقية فوقية الذات لأن فوقية الرتبة لا يصدق عليها هذا.
بل سياقه صريح: " قديم أزلي فوق عرش محدث "
فهو يثبت فوقية الذات وهذا إثباتٌ لمعنى هذه الصفة الذي جحدته المفوضة.
ـ الإمام أبو بكر بن خزيمة:
قال رحمه الله:
" أما خبر ابن مسعود فمعناه أن الله جل وعلا يمسك ما ذكر في الخبر على أصابعه على ما في الخبر سواء. قبل تبديل الله الأرض غير الأرض لأن الامساك على الأصابع غير القبض على الشيء وهو مفهوم في اللغة التي خوطبنا بها لأن الإمساك على الشيء بالأصابع غير القبض على الشيء ونقول ثم يبدل الله الأرض غير الأرض كما أخبرنا منزل الكتاب على نبيه صلى الله عليه وسلم في محكم تنزيله في قوله {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} وبين على لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم صفة تبديل الأرض غير الأرض فأعلم صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يبدلها فيجمعها خبزة واحدة فيقبض عليها حينئذ كما خبر في خبر ابن عمر ـ ما وانكفاءها كما أعلم في خبر أبي سعيد الخدري فالأخبار الثلاثة كلها ثابتة صحيحة المعاني على ما بينا " ا. هـ
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وقال رحمه الله:
" باب أخبار ثابتة السند صحيحة القوام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/93)
رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفيه نزول خالقنا إلى سماء الدنيا وأعلمنا أنه ينزل. والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم.
فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الاخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفيه النزول.
وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا أنه ينزل إليه إذ محال في لغة العرب أن يقول نزل من أسفل إلى أعلى ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلى إلى أسفل " ا. هـ
وقال ابن خزيمة رحمه الله:
" ألم تسمعوا يا طلاب العلم قوله تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم: (يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي)
أليس إنما يرفع الشيء من أسفل إلى أعلى لا من أعلى إلى أسفل؟
وقال الله عز و جل: (بل رفعه الله إليه) ومحال أن يهبط الإنسان من ظهر الأرض إلى بطنها أو إلى موضع أخفض منه وأسفل فيقال رفعه الله إليه!! لأن الرفعة في لغة العرب الذين بلغتهم خطوبنا لا تكون إلا من أسفل إلى أعلى وفوق " ا. هـ
تأمل إثبات المعاني هداك الله
وقال رحمه الله:
" ألم تسمعوا قول خالقنا: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه أليس معلوما في اللغة السائرة بين العرب التي خوطبنا بها وبلسانهم نزل الكتاب أن تدبير الأمر من السماء إلى الأرض إنما يدبره المدبر وهو في السماء لا في الأرض؟!!
كذلك مفهوم عندهم أن المعارج المصاعد، قال الله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه) وإنما يعرج الشيء من أسفل إلى أعلى وفوق، لا من أعلى إلى دون وأسفل فتفهموا لغة العرب لا تغالطوا.
وقال جل وعلا: (سبح اسم ربك الأعلى) فالأعلى مفهوم في اللغة أنه أعلى كل شيء وفوق كل شيء والله قد وصف نفسه في غير موضع من تنزيله ووحيه وأعلمنا أنه العلي العظيم " ا. هـ
وقال ابن خزيمة:
" فأما قوله جل وعلا: (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) ففي خبر شريك بن عَبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك بيان ووضوح أن معنى قوله دنا فتدلى إنما دنا الجبار رب العزة لا جبريل " ا. هـ
ورواية شريك في الصحيح عند البخاري وفيها:
" ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة "
وقال الإمام ابن خزيمة أيضا:
" نحن نقول وعلماؤنا جميعًا في جميع الأقطار أن لمعبودنا عز وجل وجهًا كما أعلمنا الله في محكم تنزيله فذواه بالجلال والإكرام وحكم له بالبقاء ونفى عنه الهلاك ونقول أن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره محجوب عن أبصار أهل الدنيا لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية " ا. هـ
تأمل إثباته الضياء
وقال ابن خزيمة:
" فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين فكان بيانه موافقا لبيان محكم التنزيل الذي هو مسطور بين الدفتين مقروء في المحاريب والكتاتيب " ا. هـ
وتثنية العينين إثبات صريح للمعنى
وقال رحمه الله:
" باب ذكر إمساك الله ـ تبارك وتعالى اسمه وجل ثناءه السموات والأرض وما عليها على أصابعه
جل ربنا عن أن تكون أصابعه كأصابع خلقه وعن أن يشبه شيء من صفات ذاته صفات خلقه وقد أجل الله قدر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف الخالق البارئ بحضرته بما ليس من صفاته فيسمعه فيضحك عنده ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكا تبدو نواجذه تصديقا وتعجبا لقائله.
لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته " ا. هـ
هل الذي قاله اليهودي وأقره النبي هل هو مجهول معناه لدى النبي وأمته ويعلمه ذلك اليهودي؟!!
أم أن اليهودي مفوض أيضا؟!!!!!!!!!
وقال رحمه الله:
" باب ذكر إثبات الرّجل لله عز وجل
وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية الذين يكفرون بصفات خالقنا عز وجل التي أثبتها لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/94)
قال الله عز وجل يذكر ما يدعو بعض الكفار من دون الله {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبطرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم}.
فأعلمنا ربنا جل وعلا أن من لا رجل له ولا يد ولا عين ولا سمع فهو كالآنعام بل هو أضل.
فالمعطلة الجهمية الذين هم شر من اليهود والنصارى والمجوس كاللأنعام بل أضل " ا. هـ
وقال رحمه الله:
" باب ذكر البيان أن الله عز وجل في السماء
كما أخبرنا في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه وكما هو مفهوم في فطرة المسلمين علمائهم وجهالهم أحرار هم ومماليكهم ذكراهم وإناثهم بالغيهم وأطفالهم كل من دعا الله جل وعلا فإنما يرفع رأسه إلى السماء ويمد يديه إلى الله إلى أعلى لا إلى أسفل " ا. هـ
تأمل يا هداك الله فهذا الوصف الخبري مفهوم بنص الكلام فأين التفويض؟!
هل المستقر في الفطر مجهول مفوَّض؟!!!
سبحان الله سبحان الله.
وابن خزيمة إمام كبير كان أعلم الناس بأحاديث رسول الله وبسنته وكان مهابا معظما في زمانه ولا يوجد في أقرانه من يدانيه يكفيه شرفا أنه على صغره روى عنه الإمام الجبل البخاري صاحب الصحيح بينما هو من طبقة صغار تلاميذه وكان محل اتفاق بين أهل السنة
ـ الإمام الطبري محمد بن جعفر بن جرير
قال رحمه الله في تفسيره:
" يقول تعالى ذكره: فأضاءت (الأرض بنور ربها)، يقال: أشرقت الشمس. إذا صفت وأضاءت، وأشرقت: إذا طلعت، وذلك حين يبرز الرحمن لفصل القضاء بين خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر. قال. ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) قال: فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في الشمس في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه " ا. هـ
فانظر إلى هذا التفسير لصفة النور بالإشراق والضياء بينما عامة الأشاعرة ينفون صفة النور ويؤولونها.
وكذا إخباره عن بروز الله لعباده وأنه ببروزه حصلت الإضاءة والإشراق
وكل هذا ينافي التفويض.
وقال رحمه الله:
" قوله: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) اختلفت القرّاء فى قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة: (بلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ) بضم التاء من عجبت، بمعنى: بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكا، وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون. وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة (بَلْ عَجِبْتَ) بفتح التاء بمعنى: بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
فإن قال قائل: وكيف يكون مصيبا القارئ بهما مع اختلاف معنييهما؟ قيل: إنهما وإن اختلف معنياهما فكل واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسَخِر المشركون بما قالوه. ا. هـ
فاعتبر الطبري العجب صفة حقيقية بتفسيره لها أنها استعظام الله لكلام المشركين وهذا هو العجب حقيقة بدليل أن الذين أولوا هذه الصفة جاء ضمن تاويلاتهم ذكر هذا المعنى على أنه من المخلوق لا من الله.
فقد نقل مرعي الحنبلي في أقاويله عن الخلف التأويل فقال:
" أو هو مصروف للمخاطب بمعنى أنه يجب أن يتعجب منه أو هو على معنى الإستعظام اللازم له فإنه روعة تعتري الإنسان عند استعظامه الشيء ا. هـ
فانظر إلى هذا التفسير لصفة العجب.
وقال ابن جرير:
" وقوله (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا) يقول تعالى ذكره: ورحمة منا ومحبة له آتيناه الحكم صبيا " ا. هـ
ففسر الحنان بالرحمة والمحبة توضيحا وتجلية للمعنى على أنهما بمعنى واحد وهذا من قبيل تفسير الرأفة بالرحمة والخبير بالعليم مع أن الرأفة أخص من عموم الرحمة والخبير أخص من عموم العلم لاختصاص الخبير بما خفي من المعلوم ولكن لما كان يجمعهما معنى عام والفرق إنما في كون أحدهما أخص بجانب من معناه من الآخر عبر بأحدهما عن الآخر تقريبا للمعنى
فكذلك الحنان الذي هو من التحنن والرحمة، فالحنان أخص وإن كانت الرحمة لا تخلو من تحنن وحن
وقال في التفسير:
" ولا شك أن ذا الرحمة هو الذي ثَبت أن له الرحمة، وصحَّ أنها له صفة؛ وأن الراحم هو الموصوف بأنه سيرحم، أو قد رحم فانقضى ذلك منه، أو هو فيه "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/95)
وقال ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر الاختلاف في صفة الاستهزاء:
" والصواب في ذلك من القول والتأويل عندنا: أنَّ معنى الاستهزاء في كلام العرب: إظهار المستهزِيء للمستَهْزَأ به من القول والفعل ما يرضيه ظاهراً، وهو بذلك من قِيلِه وفعلِه به مورثه مساءة باطناً، وكذلك معنى الخداع والسخرية والمكر "
ومثل ابن جرير بالمنافقين فقال:
" والله جل جلاله - مع إظهاره ما قد أظهر لهم من الأحكام المُلْحِقَتِهم في عاجل الدنيا وآجل الآخرة إلى حال تمييزه بينهم وبين أوليائه، وتفريقِه بينهم وبينهم - معدٌّ لهم من أليم عقابه ونَكال عذابه ...
وحشرِه إياهم في الآخرة مع المؤمنين وهم به من المكذبين -إلى أن ميَّز بينهم وبينهم- مستهزئًا، وبهم ساخرًا، ولهم خادعًا، وبهم ماكرًا. إذ كان معنى الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة ما وصفنا قبل، دون أن يكون ذلك معناه في حالٍ فيها المستهزئ بصاحبه له ظالم، أو عليه فيها غير عادل، بل ذلك معناه في كل أحواله، إذا وُجدت الصفات التي قدَّمنا ذكرها في معنى الاستهزاء وما أشبهه من نظائره.
وبنحو ما قلنا فيه رُوي الخبر عن ابن عباس ...
ثم قال:
" ويقال لقائل ذلك: إن الله جل ثناؤه أخبرنا أنه مكرَ بقوم مضَوْا قبلنا لم نَرَهُم، وأخبر عن آخرين أنه خَسَف بهم، وعن آخرين أنه أغرقهم، فصدَّقْنا الله تعالى ذكره فيما أخبرنا به من ذلك، ولم نُفَرِّق بين شيء منه. فما بُرهانُك على تفريقك ما فَرَّقت بينه، بزعمك: أنه قد أغرقَ وخَسف بمن أخبر أنه أغرق وخسف به، ولم يمكُرْ بمن أخبر أنه قد مكر به؟
ثم نعكس القول عليه في ذلك، فلن يقول في أحدهما شيئًا إلا ألزِم في الآخَر مثله.
فإن لجأ إلى أن يقول: إن الاستهزاء عبثٌ ولعبٌ، وذلك عن الله عز وجل منفيٌّ.
قيل له: إن كان الأمر عندك على ما وصفتَ من معنى الاستهزاء، أفلست تقول: " الله يستهزئ بهم "، و " سَخِر الله منهم " و"مكر الله بهم"، وإن لم يكنْ من الله عندك هزء ولا سخرية؟
فإن قال:"لا"، كذَّب بالقرآن، وخرج عن ملة الإسلام.
وإن قال:"بلى"، قيل له: أفنقول من الوجه الذي قلت:"الله يستهزئ بهم" و"سخر الله منهم" -"يلعب الله بهم" و"يعبث" - ولا لعبَ من الله ولا عبث؟
فإن قال:"نعم"! وَصَف الله بما قد أجمع المسلمون على نفيه عنه، وعلى تخطئة واصفه به، وأضاف إليه ما قد قامت الحجة من العقول على ضلال مضيفه إليه.
وإن قال: لا أقول:"يلعب الله بهم" ولا"يعبث"، وقد أقول"يستهزئ بهم" و"يسخر منهم".
قيل: فقد فرقت بين معنى اللعب والعبث، والهزء والسخرية، والمكر والخديعة. ومن الوجه الذي جازَ قِيل هذا، ولم يَجُزْ قِيل هذا، افترق معنياهُما. فعُلم أن لكل واحد منهما معنى غير معنى الآخر.
وللكلام في هذا النوع موضع غير هذا، كرهنا إطالة الكتاب باستقصائه. وفيما ذكرنا كفاية لمن وُفق لفهمه " ا. هـ
لا مزيد على هذا الشرح والبيان فقد نص على معنى الاستهزاء كصفة ثم دافع عن هذا التفسير لهذه الصفة.
وقال في تفسيره عن صفة الرضى:
" وقال آخرون: معنى"الرضى" من الله جل وعز، معنى مفهوم، هو خلاف السخط، وهو صفة من صفاته على ما يعقل من معاني:"الرضى" الذي هو خلاف السخط، وليس ذلك بالمدح، لأن المدح والثناء قولٌ، وإنما يثنى ويمدح ما قد رُضِي. قالوا: فالرضا معنًى، و"الثناء" و"المدح" معنًى ليس به "ا. هـ
وقال عن صفة الغضب:
" وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب، غير أنه - وإن كان كذلك من جهة الإثبات - فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم.
لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة، كما العلم له صفة، والقدرة له صفة، على ما يعقل من جهة الإثبات، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد، التي هي معارف القلوب، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها " ا. هـ
وقال:
" قال الله تبارك وتعالى: (فَلَمَّا آسَفُونَا) يعني بقوله: آسفونا: أغضبونا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقال ابن جرير عن الاستواء:
" وإن قال لنا قائل: أخبرنا عن استواء الله جل ثناؤه إلى السماء، كان قبل خلق السماء أم بعده؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/96)
قيل: بعده، وقبل أن يسويهن سبعَ سموات، كما قال جل ثناؤه: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا) [سورة فصلت: 11]. والاستواء كان بعد أن خلقها دُخانًا، وقبل أن يسوِّيَها سبعَ سموات " ا. هـ
وهذا إثبات صريح لمعنى الاختيار الذي اعتادت الأشاعرة نفيه
وقال ابن جرير عن صفة الإتيان:
" والصواب من القراءة في ذلك عندي:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُللٍ من الغمام"، لخبر روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن من الغمام طاقات يأتي الله فيها محفوفًا، فدل بقوله"طاقات"، على أنها ظلل لا ظلال، لأن واحد"الظلل""ظلة" "
ثم ذكر في موطن آخر أثر عكرمة في مجيء الله في ظلل من الغمام فقال عكرمة: والملائكة حوله
فقال الإمام ابن جرير شارحا:
" وقول عكرمة هذا، وإن كان موافقًا قولَ من قال: إن قوله: في ظُلل من الغمام" من صلة فعل الرب تبارك وتعالى الذي قد تقدم ذكرناه، فإنه له مخالف في صفة الملائكة. وذلك أن الواجب من القراءة على تأويل قول عكرمة هذا في"الملائكة" الخفضُ، لأنه تأول الآية: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وفي الملائكة، لأنه زعم أن الله تعالى يأتي في ظلل من الغمام والملائكةُ حوله.
هذا إن كان وجَّه قوله:"والملائكة حوله"، إلى أنهم حول الغمام، وجعل"الهاء" في"حوله" من ذكر"الغمام". وإن كان وجَّه قوله:"والملائكة حوله" إلى أنهم حول الرب تبارك وتعالى، وجعل"الهاء" في"حوله" من ذكر الرب عز جل، فقوله نظيرُ قول الآخرين الذين قد ذكرنا قولهم، غيرُ مخالفهم في ذلك.
* * *
وقال آخرون: بل قوله:" في ظلل من الغمام" من صلة فعل"الملائكة"، وإنما تأتي الملائكة فيها، وأما الرب تعالى ذكره فإنه يأتي فيما شاء.
* ذكر من قال ذلك:
4037 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة" الآية، قال: ذلك يوم القيامة، تأتيهم الملائكة في ظلل من الغمام. قال: الملائكة يجيئون في ظلل من الغمام، والرب تعالى يجيء فيما شاء.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من وجَّه قوله:" في ظُلل من الغمام" إلى أنه من صلة فعل الرب عز وجل، وأن معناه: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، وتأتيهم الملائكة " ا. هـ
فهنا أثبت الإتيان في الظلل وجعله فعلا صريحا من الرب واعتبر أيضا خلال تفسيره لهذه الصفة أن الإتيان والمجيء واحد
وقال:
وأما قوله:"ولا يكلمهم الله"، فإنه يعني: ولا يكلمهم الله بما يسرُّهم ="ولا ينظر إليهم"، يقول: ولا يعطف عليهم بخير، مقتًا من الله لهم، كقول القائل لآخر:"انظُر إليّ نَظر الله إليك"، بمعنى: تعطف عليّ تعطّف الله عليك بخير ورحمة وكما يقال للرجل:"لا سمع الله لك دعاءَك"، يراد: لا استجاب الله لك، والله لا يخفى عليه خافية، وكما قال الشاعر:
دَعَوْتُ اللهَ حَتى خِفْتُ أَنْ لا ... يَكْونَ اللهُ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ
ـ الإمام أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي
قال رحمه الله في شرح السنة "
" وقوله: " سبحات وجهه " أي: نور وجهه، ويقال: جلال
وجهه، ومنها قيل: " سبحان الله " إنما هو تعظيم له وتنزيه، وقول
سبحانك، أي: أنزهك يا رب من كل سوء " ا. هـ
وقال رحمه الله عن صفة الأَذَن:
" قوله: " ما أذن الله لشيء كأذنه " يعني: ما استمع لشيء كاستماعه، والله لا يشغله سمع عن سمع، يقال: أذنت للشيء آذن أذنا بفتح الذال: إذا سمعت له " ا. هـ
ـ الإمام أبو عبد الله مصعب بن عبد الله الزبيري
قال محمد بن الحسين الآجري رحمه الله:
" سمعت أبا عبد الله الزبيري رحمه الله - وقد سئل عن معنى هذا الحديث – [حديث آدم على صورة الرحمن] فذكر مثل ما قيل فيه، ثم قال أبو عبد الله: نؤمن بهذه الأخبار التي جاءت، كما جاءت، ونؤمن بها إيماناً، ولا نقول: كيف؟ ولكن ننتهي في ذلك إلى حيث انتهي بنا، فنقول في ذلك ما جاءت به الأخبار كما جاءت " ا. هـ
تأمل قوله (ننتهي ... حيث انتهي بنا) وتأمل قوله: " سئل عن معنى الحديث " والجواب بقوله: " فذكر مثل ما قيل فيه " فليس هناك تفويض يا قوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/97)
لم يُذكر الزبيري في شيوخ الآجري وسنّه لا تحتمل سماعه إلا أن يكون في تاريخ وفاة أحدهما خطأ أو سقَط اسم شيخ الآجري الراوي عن الزبيري
فالله أعلم
رابعا: إثبات أئمة أهل السنة السائرين على مذهب السلف لمعاني الصفات وتطبيقاتهم في ذلك.
ـ الإمام النجاد أبو بكر أحمد بن سلمان
قال النجاد:
" فالذي ندين الله تعالى به ونعتقده: ما قد رسمناه وبيناه من معاني الأحاديث المسندة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما قاله عبد الله بن العباس ومن بعده من أهل العلم وأخذوا به كابراً عن كابر وجيلاً عن جيل إلى وقت شيوخنا في تفسير قوله تعالى عسى أن يبعثك مقاماً محموداً أن المقام المحمود: هو قعوده - صلى الله عليه وسلم - مع ربه على العرش، وكان من جحد ذلك وتكلم فيه بالمعارضة: إنما يريد بكلامه في ذلك كلام الجهمية، يجانَب ويبايَن ويُحذَّر عنه وكذلك أخبرني أبو بكر الكاتب عن أبي داود السجستاني أنه قال: من رد حديث مجاهد فهو جهمي.
وحدثنا محمد بن صهيب وجماعة من شيوخنا عن محمد بن عبد الملك الدقيقي قال: سمعت هذا الحديث منذ خمسين سنة ما سمعت أحداً ينكره إنما يكاذبه الزنادقة والجهمية.
قال النجاد: وذكر لنا أبو إسماعيل السلمي أمر الترمذي الذي رد فضيلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصغَّر أمره وقال: لا يؤمن بيوم الحساب.
قال النجاد: وعلى ذلك من أدركت من شيوخنا أصحاب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فإنهم منكرون على من رد هذه الفضيلة ولقد بين الله ذلك على ألسنة أهل العلم على تقادم الأيام فتلقاه الناس بالقبول فلا أحد ينكر ذلك ولا ينازع فيه.
قال النجاد: فبذلك أقول ولو أن حالفاً حلف بالطلاق ثلاثاً أن الله يقعد محمداً - صلى الله عليه وسلم - معه على العرش واستفتاني في يمينه لقلت له: صدقت في قولك وبررت في يمينك وامرأتك على حالها فهذا مذهبنا وديننا واعتقادنا وعليه نشأنا ونحن عليه إلى أن نموت إن شاء الله، فلزمنا الإنكار على من رد هذه الفضيلة التي قالها العلماء وتلقوها بالقبول فمن ردها فهو من الفرق الهالكة ".
والناظر أيضا في رسالته في الرد على من قال بخلق وقد تعرض فيها لبعض الصفات يعلم أنه مثبت لمعاني الصفات
ــ الإمام البربهاري
قال البربهاري في كتاب السنة:
" وإذا سمعت الرجل يقول إنا نحن نعظم الله إذا سمع آثار رسول الله صلى الله عليه و سلم فاعلم أنه جهمي يريد أن يرد أثر رسول الله صلى الله عليه و سلم ويدفعه بهذه الكلمة وهو يزعم أنه يعظم الله وينزهه إذا سمع حديث الرؤية وحديث النزول وغيره أفليس قد رد أثر رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ قال إنا نحن نعظم الله أن ينزل من موضع إلى موضع فقد زعم أنه أعلم بالله من غيره فاحذر هؤلاء " ا. هـ
وقوله: " من موضع إلى موضع " نص في أنه يثبت النزول بمعناه
وفي الطبقات لابن أبي يعلى قال:
" وسمعت أخي القاسم - نضر الله وجهه - يقول: لم يكن البربهاري يجلس مجلساً إلا ويذكر فيه أن الله عز وجل يقعد محمداً - صلى الله عليه وسلم - معه على العرش " ا. هـ
ـ الإمام أبو الحسن الأشعري ت 323 هـ
قال أبو الحسن في مقالات الإسلاميين:
" وقال أهل السنة وأصحاب الحديث:
وأن له عينين كما قال: " تجري بأعيننا " ا. هـ
فمن أين أثبت أنهما عينان ولم يرِد في النصوص سوى إثبات العين لله دون تحديد أنهما اثنان؟
ما هو إلا إثبات المعنى الذي يزعم المفوضة جهله
وبنحوه قال أبو الحسن في الإبانة:
" وأن له عينين بلا كيف " ا. هـ
تثنية العينين لم تثبت في لفظ فهذا دليل على إثباته المعنى وأنه عنده غير الكيف.
وقال الإمام الأشعري في الابانة:
" وقد قال الله تعالى: (وكلم الله موسى تكليما) والتكليم هو المشافهة بالكلام ولا يجوز أن يكون كلام المتكلم حالا في غيره مخلوقا في شيء سواه كما لا يجوز ذلك في العلم " ا. هـ
وقوله: " مشافهة " هو من إثبات المعنى الذي تنفيه معطلة الأشاعرة.
وقال رحمه الله في كتابه الإبانة:
" ومن دعاء أهل الإسلام جميعا إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل بهم يقولون جميعا: يا ساكن السماء ومن حلفهم جميعا: لا والذي احتجب بسبع سماوات " ا. هـ
وهذا النص من الإبانة نقله ابن درباس أيضا في رسالته في الذب عن الأشعري وعزاه للإبانة فقد جاء في رسالته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/98)
" ومنهم الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي، فإنه قال في بيان مسألة الاستواء من تواليفه [من تأليفه]:
ما أخبرنا به الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت قال: رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي العرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري.
وما هذا بأول باطل ادَّعوه وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه المرسوم بـ (الإبانة عن أصول الديانة) أدلة من جملة ما ذكرته في إثبات الاستواء.
وقال في [جملة] ذلك:
ومن دعاء أهل الإسلام جميعًا إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل [هم] يقولون: يا ساكن العرش.
ثم قال: ومن حَلِفِهِمء جميعًا [قولهم:] لا والذي احتجب بسبع سماوات.
هذا آخر ما حكاه، وهو في الإبانة كما ذكره " ا. هـ
فالإمام الطرقي وابن درباس كلاهما يثبتان أن هذا الكلام لأبي الحسن في الإبانة
ونقله الذهبي أيضا عن الطرقي ينسبه للأشعري
فلا يشكك في صحة هذا عن الأشعري إلا معاند
وهو صريح في إثبات المعنى وأن الله بذاته وصفاته فوق عرشه فوق سماواته.
وقال الإمام الأشعري في الإبانة:
" دليل آخر:
قال الله تعالى (الله نور السماوات والأرض) من الآية (35/ 24) فسمى نفسه نورا والنور عند الأمة لا يخلو من أن يكون أحد معنيين:
إما أن يكون نورا يسمع أو نورا يرى.
فمن زعم أن الله يُسمع ولا يرى فقد أخطأ في نفيه رؤية ربه وتكذيبه بكتابه وقول نبيه صلى الله عليه وسلم
وروت العلماء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله عز وجل فإن بين كرسيه إلى السماء ألف عام والله عز وجل فوق ذلك " ا. هـ
تأمل وصفه للنور بأنه شيء يُرى لتعلم حقيقة الإثبات للمعنى
إلى أن قال:
" دليل آخر:
قال الله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) وقال تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه) وقال تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) وقال تعالى: (ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا) وقال تعالى: (ثم استوى على العرش مالكم من ولي ولا شفيع)
فكل ذلك يدل على أنه تعالى في السماء مستو على عرشه، والسماء بإجماع الناس ليست الأرض، فدل على أنه تعالى منفرد بوحدانيته مستو على عرشه استواء منزها عن الحلول والاتحاد " ا. هـ
فاستدلاله بعروج الملائكة على فوقية الله باعتباره معروجا إليه هو نص في إثبات المعنى
وحرصه على دفع ما قد يتوهم من الحلول نص أيضا في إثباته للفوقية الحقيقية وهي فوقية الذات وإلا لم يكن هناك مناسبة لهذا التحرز
فهاتان قرينتان من قرائن قصد المعنى لا يغض الطرف عنها إلا من لا يرغب فهم المراد
وقال الأشعري أيضا:
" والحديث " أنى أراه " لا حجة فيه لأنه عندما سأل سائل النبي صلى الله عليه و سلم عن رؤية الله عز و جل في الدنيا وقال له: هل رأيت ربك؟
فقال: " نور أنى أراه "؟ لأن العين لا تدرك في الدنيا الأنوار المخلوقة على حقائقها لأن الإنسان لو حدق ينظر إلى عين الشمس فأدام النظر إلى عينها لذهب أكثر نور بصره فإذا كان الله سبحانه حكم في الدنيا بأن لا تقوم العين بالنظر إلى عين الشمس فأحرى أن لا يثبت البصر للنظر إلى الله تعالى في الدنيا إلا أن يقويه الله تعالى فرؤية الله تعالى في الدنيا قد اختلف فيها.
وقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الله عز و جل تراه العيون في الآخرة ...
ونحن إنما قصدنا إلى إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة على أن هذه الرواية على المعتزلة لا لهم لأنهم ينكرون أن الله نور في الحقيقة
فإذا احتجوا بخبر هم له تاركون وعنه منحرفون كانوا محجوجين "
فتأمل قوله: " نور في الحقيقة "
وقال رحمه الله:
" وقال تعالى حاكيا عن فرعون لعنه الله: (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) من الآيتين (36 - 37/ 40) كذب موسى عليه السلام في قوله: إن الله سبحانه فوق السماوات " ا. هـ
فانظر إلى إثبات المعنى وهل يقول عاقل إن فرعون أنكر في هذا التحدي الفاشل ما لم يفهمه بنفسه ولا يفهمه.
وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/99)
" ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات فلولا أن الله عز و جل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض " ا. هـ
ثم قال:
" ومما يؤكد أن الله عز و جل مستو على عرشه دون الأشياء كلها ما نقله أهل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
روى عفان قال: ثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا (1/ 111) عمرو بن دينار عن نافع عن جبير عن أبيه رضي الله عنهم أجمعين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (ينزل ربنا عز و جل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر " ا. هـ
كيف يمكن أن يكون للنزول دلالة على ما ذكر لو لم يكن مفهوما عنده بمعناه المعروف؟!!
ـ الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ت
قال في الشريعة له:
" وقال عز وجل: (وكان بالمؤمنين رحيماً، تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً كريماً).
واعلم رحمك الله إن عند أهل اللغة أن اللقاء لا يكون إلا معاينة يراهم الله عز و جل ويرونه ويسلم عليهم ويكلمهم ويكلمونه " ا. هـ
فانظر بم فسر اللقاء؟
وقال محمد بن الحسين الآجري:
" وقد قال الله عز و جل لنبيه صلى الله عليه وسلم (لتبين للناس ما نزل إليهم لعلهم يتفكرون) فكان مما بينه لأمته صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات أنه أعلمهم في غير حديث أنكم ترون ربكم عز و جل ورواه عنه جماعة من صحابته رضي الله عنهم وقبلها العلماء عنهم أحسن القبول كما قبلوا عنهم علم الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وعلم الحلال والحرام "
فجعل هذه الآية شاملة لنصوص الصفات
والناظر في كلامه في كتاب الشريعة يلمس حقيقة الإثبات المنافي للتفويض
ـ علي بن عمر بن محمد بن الحسن الحربي ت
ففي الحجة في بيان المحجة للأصبهاني أن علي بن عمر قال:
" ومن قال العرش ملك أو الكرسي ليس بالكرسي الذي يعرف الناس فهو مبتدع قال الله تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض) والعرش فوق السماء السابعة والله تعالى على العرش قال الله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال: (إني متوفيك ورافعك إلي) وقال: (تعرج الملائكة والروح إليه) وقال: (أأمنتم من في السماء) وللعرش حملة يحملونه على ما شاء الله من غير تكييف والاستواء معلوم والكيف مجهول ا. هـ
وعلي الحربي هذا قال عنه السبكي الأشعري:
" جميع الناس في عصره أجمعوا مع اختلاف آرائهم وتشعب أنحائهم على حسن معتقد هذا الشيخ وزهده وورعه " ا. هـ
وقوله: " والعرش فوق السماء السابعة والله تعالى على العرش " سياق صريح في إثبات الفوقية بمعناها الحقيقي ثم استدلاله بالآيات الثلاث (إليه يصعد الكلم الطيب) و (إني متوفيك ورافعك إلي) و (تعرج الملائكة والروح إليه) على فوقيته على عرشه لا يستقيم إلا على ضوء إثبات معاني هذه النصوص وإلا فأين ذِكْر فوقيتة على العرش فيها؟
ثم قوله " الاستواء معلوم " صريح في أنه غير مجهول المعنى ولا مفوَّض
ـ أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه
قال الإمام البيهقي:
باب قول الله عز و جل: (أأمنتم من في السماء) ما جاء في قول الله عز وجل: (أأمنتم من في السماء).
قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه:
" قد تضع العرب (في) بموضع (على) قال الله عز وجل: (فسيحوا في الأرض) وقال: (لأصلبنكم في جذوع النخل) ومعناه: على الأرض وعلى النخل، فكذلك قوله: (في السماء) أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم " ا. هـ
فتفسيره لقول الله: (من في السماء) بقوله: " أي على العرش فوق السماء "
هو إثبات للمعنى بلا خلاف لولا العناد المستحكم لدى المفوضة
ـ الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف
قال في كتابه الذي سماه " اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات ":
" ونعتقد: أن الله عز وجل له عرش وهو على عرشه فوق سبع سمواته بكل أسمائه وصفاته ; كما قال: (الرحمن على العرش استوى) " ا. هـ
نقله من كتابه الإمام ابن القيم في الاجتماع ص (277) وابن تيمية في الحموية
فتأمل قوله: " بكل أسمائه وصفاته "
ـ الإمام أبو منصور الأزهري
قال في تهذيب اللغة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/100)
" وقال الليث: الحَنَان: الرحمة، والفعل التحنُّن. قال: والله الحَنَّان المنَّان الرحيم بعباده ومنه قوله تعالى: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا) (مريَم: 13) أي رحمة من لدنا.
قلت: والحَنَّان من أسماء الله تعالى، جاء على فعّال بتشديد النون صحيح. وكان بعض مشيايخنا أنكر التشديد فيه؛ لأنه ذهب به إلى الحنين، فاستوحش أن يكون الحنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحنّان: الرحيم من الحَنَان وهو الرحمة ...
وقال أبو إسحاق في قوله: (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ) أي وآتيناه حناناً. قال: والحَنَان: العطف والرحمة. وأنشد:
فقالت حنان ما أتى بك هاهنا
أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف
أي أَمْرُنا حنان أي عطف ورحمة.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده:
ويمنحها بنو شَمَجاى بن جَرْم
مَعِيزهم حنانك ذا الحنان
يقول رحمتك يا رحمان فأغنني عنهم
وقال الفراء في قوله تعالى: و) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا (الرحمة، أي وفعلنا ذلك رحمة لأبويك.
قلت: وقولهم: حنانيك معناه: تحنّن عليّ مرة بعد أخرى، وحناناً بعد حنان، وأذكِّرك حناناً بعد حنان. ويقال: حَنّ عليه أي عطف عليه، وحنّ إليه أي نزع إليه.
وقال أبو إسحاق: الحَنّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطّف " ا. هـ
لا حاجة للتعليق فالمعاني المثبتة صريحة (التحنن والعطف والتعطف)
وقال الأزهري أيضا في تهذيبه:
" وفي حديث أبي رَزِين العُقَيليّ أنه قال للنبي (صلى الله عليه وسلم) أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟
قال: في عَمَاء، تحته هَوَاء وفوقه هواء.
قال أبو عبيد: العَمَاء في كلام العرب: السحاب، قاله الأصمعي وغيره وهو محدود. وقال الحارث بن حِلِّزةَ:
وكأنَّ المنون تَردْى بنا أصْ
حَمَ عُصْم ينجاب عنه العماءُ
يقول: هو في ارتفاعه قد بلغ السحاب، فالسحاب ينجاب عنه أي ينكشف. قال أبو عبيد: وإنما تأوّلنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذاك العَمَاء. قال: وأمَّا العمى في البصر فمقصور، وليس هو من هذا الحديث في شيء.
قلت: وقد بلغني عن أبي الهيثم وَلم يعزه لي إليه ثقة أنه قال في تفسير هذا الحديث. ولفظه: إنه كان في عمى مقصور. قال وكلّ أمر لا تدركه القلوب بالعقول فهو عَمًى. قال: والمعنى: أنه كان حيث لا يُدركه عقول بني آدم، ولا يَبلغ كنههَ وصف.
قلت أنا: والقول عندي ما قاله أبو عُبيد أنه العماء ممدود، وهو السحاب ولا يُدرى كيف ذلك العَمَاء بصفة تحصُره ولا نعتٍ يَحدّه. ويُقَوِّي هذا القول قول الله جلّ وعزّ: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ) (البَقَرَة: 210) فالغمام معروف في كلام العرب، إلاّ أنا لا ندري كيف الغمام الذي يأتي الله جلّ وعزّ يوم القيامة في ظُلَل منه فنحن نؤمن به، ولا نكيِّف صفته. وكذلك سائر صفات الله جلّ وعزّ " ا. هـ
فانظر سبحان الله إلى هذا الإثبات للمعنى والتفويض للكيف فهو قد أثبت أن الله سبحانه كان في سحاب قبل خلقه السماوات والأرضين
يريد على سحاب لا شيء فوقه ولا شيء تحته
كما أثبت أن الله يأتي في غمام حقيقي وهو الغمام المخلوق الذي نعرفه ولم يفوض إلا الكيف
وحسبك دليلا على إثباته للمعنى أنه نص على أن الخبرين (كونه في سحاب ويأتي في غمام) متقاربا المعنى وذلك عندما قوى خبر العماء (وهو قبل خلق السماوات) بخبر الغمام (وهو في اليوم الآخر)
وقال الأزهري في تهذيبه:
" قال الله تعالى: (فلمَّا آسفُونَا انتَقمْنَا منهم) معنى آسفونا: أغضَبونا، وكذلك قوله تعالى: (إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً) والأسيف والأسِفُ: الغضبان، وقال الأعشى:
أرى رَجُلاً منهمْ أسِيفاً كأَنما ... يَضُمُّ إلى كشَحْيَهْ كَفّا مُخَضّبَا
يقول: كأن يده قُطعت فاختضبت بدمها فيغضب لذلك " ا. هـ
فهل قوله: " معنى آسفونا ... " يراد به التفويض؟!!!!
وقال في كتاب الزاهر له بعد تعرضه لآية الإسراء:
(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) فلخص تفسيرها ثم تعرض للباطنية ثم قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/101)
" وكل باطن يدعيه مدع في كتاب الله عز و جل يخالف ظاهر كلام العرب الذي خوطبوا به فهو باطل لانه اذا جاز لهم ان يدعوا فيه باطنا خلاف الظاهر جاز لغيرهم ذلك وهو إبطال للأصل وانما زاغوا عن إنكار القرآن ولاذوا بالباطن الذي تأولوه ليغروا به الغر الجاهل ولئلا ينسبوا الى التعطيل والزندقة " ا. هـ
فهو يرد على باطنية الصفات أيضا وهم كل طوائف التعطيل، وهذه باطنية أخص
وقال الأزهري:
" لطف: اللَّطيفُ: اسم من أسماء الله العظيم، ومعناه، والله أعلم: الرفيق بعباده " ا. هـ
وقال في التهذيب:
" والبَرُّ من صِفات الله: العَطُوف الرَّحيم اللَّطيف الكَريم " ا. هـ
الله أكبر أليس ذكر العطوف تفسيرا هو من صريح المعنى المثبت
وقال في الزاهر له:
" والودود في أسماء الله عز وجل المحب لعباده من قولهم وددت الرجل أوده وُدَّاً ووِداداً ووَداً " ا. هـ
تأمل إثبات المعنى على مقتضى خطاب العرب " من قولهم وددت ... " هذا إثبات للمعنى صريح
وقد نقل الأزهري نفس الكلام في موطن آخر وعزاه لابن الأنباري
ـ الإمام ابن أبي زيد القيرواني
قال ابن أبي زيد:
"وأنه يجيء يومَ القيامة بعد أن لم يكن جائياً، والمَلَك صفاً صفاً لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها، فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء "
قوله: " بعد أن لم يكن جائياً " هو معنى لهذه الصفة تنكره الأشاعرة
ـ وقال العلامة ابن أبي زيد في رسالته:
" وهو العليم الخبير، المدبّر القدير السميع البصير العلي الكبير، وإنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو بكل مكان بعلمه " ا. هـ
هو في المطبوع من رسالته ونقله من رسالته كثير من المالكية.
وقال رحمه الله في مختصر المدونة:
" وأنه تعالى فوق عرشه بذاته فوق سبع سمواته دون أرضه "
نقله من المختصر ابن القيم في اجتماع الجيوش
فقوله: " بذاته " هو إثبات للمعنى صريح
ـ القاضي عبد الوهاب إمام المالكية بالعراق رحمه اللّه تعالى
هو أيضا صرح بأن الله سبحانه استوى على عرشه بذاته
نقله عنه القرطبي في الأسنى شرح الأسماء الحسنى نقلا وأبو بكر الحضرمي في رسالته التي سماها بالإيماء إلى مسألة الاستواء وابن القيم في اجتماع الجيوش ونقله شيخ الإسلام عنه في غير موضع من كتبه ونقله غير واحد من المعاصرين من كتابه
ـ الإمام أبو عمر الطلمنكي المالكي
قال في كتابه في الأصول:
" أجمع المسلمون من أهل السنة على أن اللّه استوى على عرشه بذاته.
وقال في هذا الكتاب أيضاً: أجمع أهل السنة على أنه تعالى استوى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز ... ثم ساق بسنده عن مالك قوله: اللّه في السماء وعلمه في كل مكان.
ثم قال في هذا الكتاب:
وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: " وهُوَ مَعَكُم أيْنَما كُنْتُم " سورة الحديد آية 4. ونحو ذلك من القرآن بأن ذلك علمه، وأن اللّه فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء " ا. هـ
إثبات الاستواء على الحقيقة ونفي المجاز والتنصيص على فوقية الذات كلاهما صريح في تحقيق المعنى وإثباته.
وقال الحافظ في الفتح:
" وَقَالَ أَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ: مِنْ تَمَام الْمَعْرِفَة بِأَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى وَصِفَاته الَّتِي يَسْتَحِقّ بِهَا الدَّاعِي وَالْحَافِظ مَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعْرِفَةُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَات وَمَا تَتَضَمَّن مِنْ الْفَوَائِد وَتَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقَائِق، وَمَنْ لَمْ يَعْلَم ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لِمَعَانِي الْأَسْمَاء وَلَا مُسْتَفِيدًا بِذِكْرِهَا مَا تَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعَانِي " ا. هـ
فتأمل تقريره أهمية معرفة الصفات وما تتضمنه وما تدل عليه من الحقائق وإطلاقه هذا على جميع الصفات، وهذا يبطل مذهب التفويض.
ـ الإمام أبو بكر محمد بن موهب التجيبي الحصار المالكي ت 406 هـ
قال في شرحه للرسالة:
" وأما قوله: إنه فوق عرشه المجيد بذاته، فإن معنى فوق وعلا عند جميع العرب واحد، وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديق ذلك قوله تعالى: " ثمَّ اسْتَوَى على العَرْش الرَّحْمنُ "
وقال تعالى: " الرَّحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوَى "
وقال تعالى في وصف خوف الملائكة: " يَخافُونَ ربَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ويفْعَلُونَ ما يُؤمرونَ "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/102)
وقال تعالى: " إلَيْهِ يصْعَدُ الكلِمُ الطّيّبُ والعملُ الصَالِحُ يرْفعُهُ " ونحو ذلك كثير.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعجمية: أين اللّه؟ فأشارت إلى السماء، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه عرج به من الأرض إلى السماء، ثم من سماء إلى سماء إلى سدرة المنتهى، ثم إلى ما فوقها حتى لقد قال: سمعت صريف الأقلام. ولما فرضت الصلوات جعل كلما هبط من مكانه تلقاه موسى عليه السلام في بعض السموات وأمره بسؤال التخفيف عن أمته، فرجع صاعداً مرتفعاً إلى اللّه سبحانه وتعالى يسأله، حتى انتهت إلى خمس صلوات ...
إلى أن قال: وقد تأتي في لغة العرب بمعنى فوق وعلى ذلك قوله تعالى: " فامْشُوا في مَنَاكِبِها " سورة الملك آية 15. يريد فوقها وعليها، وكذلك قوله تعالى: " ولأصلِبَنّكم في جُذوع النخل " سورة طه آية 71. يريد عليها، وقال تعالى: " أأمِنْتم مَنْ في السّماءِ أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ " سورة الملك آية 16. الآيات، قال أهل التأويل العالمون بلغة العرب: يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عن جماعة ممن أدرك من التابعين، مما فهموه عن الصحابة رضي الله عنهم، مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء بمعنى فوقها وعليها، فلذلك قال الشيخ أبو محمد: إنه فوق عرشه المجيد بذاته، ثم بيّن أن علوه على عرشه إِنما هو بذاته لأنه بائن عن جميع خلقه بلا كيف، وهو في كل مكان من الأمكنة المخلوقة بعلمه لا بذاته، إذ لا تحويه الأماكن، لأنه أعظم منها، وقد كان ولا مكان، ولم يحل بصفاته عما كان، إذ لا تجري عليه الأحوال، لكن علوه في استوائه على عرشه هو عندنا بخلاف ما كان قبل أن يستوي على العرش لأنه قال: " ثمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش " وثم أبداً لا يكون إلا لاستئناف فعل يصير بينه وبين ما قبله فسحة إلى أن قال: وقوله: " على العَرْشِ اسْتَوَى " فإنما معناه عند أهل السنة على غير الاستيلاء والقهر والغلبة والملك الذي ظنته المعتزلة، ومن قال بقولهم: إنه بمعنى الاستيلاء.
وبعضهم يقول: إنه على المجاز دون الحقيقة. قال: ويبين سوء تأويلهم في استوائه على عرشه على غير ما تأولوه من الاستيلاء وغيره ما قد علمه أهل العقول أنه لم يزل مستولياً على جميع مخلوقاته بعد اختراعه لها، وكان العرش وغيره في ذلك سواء، فلا معنى لتأويلهم بإفراد العرش بالاستواء الذي هو في تأويلهم الفاسد استيلاء وملك وقهر وغلبة.
قال: وكذلك بيّن أيضاً أنه على الحقيقة بقوله عز وجل: " ومَنْ أصْدَقُ مِنَ اللهِ قيلاً " سورة النساء آية 122. فلما رأى المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه بعد خلق سمواته وأرضه وتخصيصه بصفة الاستواء، علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه، فأقروا بصفة الاستواء على عرشه، وأنه على الحقيقة لا على المجاز لأنه الصادق في قيله، ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله، إذ ليس كمثله شيء من الأشياء. ا.هـ
انظر اجتماع الجيوش ص 156 وص 187 والعلو 264
هذا السيل من إثبات المعاني لايمكن أن تصمد أمامه شبهات التفويض
ـ الإمام محمد بن أبي زمنين المالكي
قال عن حديث النزول:
" وهذا الحديث بيّن أن الله عز وجل على عرشه في السماء دون والأرض، وهو أيضا بيّنٌ في كتاب الله، وفي غير ما حديث عن رسول الله " ا. هـ
فكيف حديث النزول يبين أن الله على العرش في السماء دون الأرض لو كان معناه مفوضا؟!!
وكيف يكون هذا المعنى بينا في النصوص كما ادعى ابن أبي زمنين لو كانت مفوضة؟!!
وقال الإمام ابن أبي زمنين:
" ومن قول أهل السنة: أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه " ا. هـ
فأثبت ارتفاع الرب على عرشه وهذا إثبات للمعنى
وذكر الإمام ابن أبي زمنين حديث أبي رزين (كان الله في عماء) ثم قال:
" [العماء] السحاب الكثيف المطبق فيما ذكر الخليل " ا. هـ
وهذا ينافي التفويض
وقال رحمه الله:
" ومن قول أهل السنة: أن الكرسي بين يدي العرش وأنه موضع القدمين " ا. هـ
لم يرد ذكر الكرسي وأنه موضع القدمين إلا في آثار السلف وهذا من أظهر الأدلة على الإثبات
وقال ابن أبي زمنين:
" ومن قول أهل السنة: أن الله عز وجل [بائن] من | خلقه، محتجب عنهم بالحجب " ا. هـ
وقال رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/103)
" ومن قول أهل السنة: أن الله عز وجل ينزل إلى سماء | السماء الدنيا، ويؤمنون بذلك من غير أن يحدوا فيه حدا ...
وأخبرني وهب [عن] ابن ضاح عن زهير بن عباد قال: كل من | أدركت من المشايخ: مالك وسفيان وفضيل بن عياض وعيسى وابن | المبارك ووكيع كانوا يقولون: [النزول] حق " ا. هـ
فهو نزول حقيقي عند هذا الإمام ومن نقل عنهم من السلف
وقال ابن أبي زمنين:
" ومن قول أهل السنة: أن الله عز وجل يحاسب عباده | يوم القيامة ويسألهم مشافهة منه إليهم، وقال عز وجل: ^ (يوم يجمع | الله الرسل فيقول: ماذا أجبتم ... " ا. هـ
فقوله: " مشافهة " هو منه تناول صريح للمعنى بلا خلاف ويناقض التفويض
ـ الإمام عبيد الله ابن بطة:
قال مخاطبا الجهمية نفاة الفوقية:
" قلنا أما قولكم إنه لا يكون على العرش لأنه أعظم من العرش فقد شاء الله أن يكون على العرش وهو أعظم منه
قال الله تعالى: (ثم استوى إلى السماء)
وقال: (وهو الله في السماوات)
ثم قال: (وفي الأرض يعلم .. ) فأخبر أنه في السماء وأنه بعلمه في الأرض، وقال: (الرحمن على العرش استوى)
وقال: (ثم استوى على العرش الرحمن)
وقال: (إليه يصعد الكلم الطيب)
فهل يكون الصعود إلا إلى ما علا " ا. هـ
تأمل إثبات المعنى
وقال:
" لكنا نقول إن ربنا تعالى في أرفع الأماكن وأعلى عليين قد استوى على عرشه فوق سماواته وعلمه محيط بجميع خلقه يعلم ما نأى كما يعلم ما دنى ويعلم ما بطن كما يعلم ما ظهر كما وصف نفسه تعالى "
وقال ابن بطة في الشرح والإبانة:
" (بَعْضُ اَلصِّفَاتِ اَلْخَبَرِيَّةِ):
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ وَالْقَبُولُ وَالتَّصْدِيقُ بِكُلِّ مَا رَوَتْهُ اَلْعُلَمَاءُ وَنَقَلَهُ اَلثِّقَاتُ أَهْلُ اَلْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيَلْقَاهَا بِالْقَبُولِ وَلَا تُرَدُّ بِالْمَعَارِيضِ وَلَا يُقَالُ لِمَ وَكَيْفَ وَلَا تُحْمَلُ عَلَى اَلْمَعْقُولِ وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْمَقَايِيسُ وَلَا يُعْمَلُ لَهَا اَلتَّفَاسِيرُ إِلَّا مَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْأُمَّةِ مِمَّنْ قَوْلُهُ شِفَاءٌ وَحُجَّةٌ مِثْلُ أَحَادِيثِ الصفات وَالرُّؤْيَةِ.
وَمِثْلُ مَا رُوِيَ أَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - يَضَعُ اَلسَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبُعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبُعٍ.
وَأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - يَضَعُ قَدَمَهُ فِي اَلنَّارِ فَتَقُولُ. قَطْ قَطْ.
وَقُلُوبُ اَلْعِبَادِ بَيْنَ إِصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اَلرَّحْمَنِ.
وَأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - عَلَى اَلْعَرْشِ.
وَلِلْعَرْشِ أَطِيطٌ كَأَطِيطِ اَلرَّحْلِ اَلْجَدِيدِ.
وَأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - أَخَذَ اَلذُّرِّيَّةَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ, فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِي.
وَلَا يُقَبَّحُ اَلْوَجْهُ فَإِنَّ اَللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُ رَبِّي فِي صُورَةِ كَذَا.
قَدْ رَوَى هَذِهِ اَلْأَحَادِيثَ اَلثِّقَاتُ مِنْ اَلصَّحَابَةِ وَالسَّادَاتُ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ مِنْ بَعْدِهِمْ مِثْلُ اِبْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ اَلدُّنْيَا.
لَا يُقَالُ لِهَذَا كُلِّهِ كَيْفَ وَلَا لِمَ بَلْ تَسْلِيمُهَا لِلْقُدْرَةِ وَإِيمَانًا بِالْغَيْبِ كُلَّمَا عَجَزَتْ اَلْعُقُولُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ فَالْعِلْمُ بِهِ وَعَيْنُ اَلْهِدَايَةِ فِيهِ اَلْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ وَتَصْدِيقُ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَهُ هُوَ أَصْلُ اَلْعِلْمِ وَعَيْنُ اَلْهِدَايَةِ لَا تُضْرَبُ لِهَذِهِ اَلْأَحَادِيثِ وَمَا شَاكَلَهَا اَلْمَقَايِيسُ وَلَا تُعَارَضُ بِالْأَمْثَالِ وَالنَّظَائِرِ" ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/104)
انظر إلى قوله: " إِلَّا مَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْأُمَّةِ مِمَّنْ قَوْلُهُ شِفَاءٌ وَحُجَّةٌ "
وقال ابن بطة العكبري في الإبانة:
" فقيل للحلولية لم أنكرتم أن يكون الله تعالى على العرش
وقال الله تعالى الرحمن على العرش استوى
وقال ثم استوى على العرش الرحمن فسأل به خبيرا فهذا خبر الله أخبر به عن نفسه وأنه على العرش " ا. هـ
وقال ابن بطة:
" ومن ذلك قول النبي عجب ربك من شاب ليس له صبوة أي إن الله محب له راض عنه عظيم قدره عنده "
وقال:
" باب الإيمان بالتعجب
وقالت الجهمية إن الله لا يعجب
ثم قال: والتعجب على وجهين:
أحدهما: المحبة بتعظيم قدر الطاعة والسخط بتعظيم قدر الذنب ومن ذلك قول النبي عجب ربك من شاب ليس له صبوة أي إن الله محب له راض عنه عظيم قدره عنده.
والثاني: التعجب على معنى الاستنكار للشيء وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لأن المتعجب من الشيء على معنى الاستنكار هو الجاهل به الذي لم يكن يعرفه فلما عرفه ورآه استنكره وعجب منه وجل الله أن يوصف بذلك ا. هـ
والأول في هذا الشرح بمعنى الإعجاب، وأما الآخر فبمعنى التعجب
وتحقيق المعنى في كلامه ظاهر
ـ الإمام علي بن عمر الدارقطني ت385 هـ
قال رحمه الله:
" حديث الشفاعة في أحمد .. إلى أحمد المصطفى نسنده.
فأما حديث إقعاده .. على العرش فلا نجحده.
أمروا الحديث على وجهه .. و لا تدخلوا فيه ما يفسده.
و لا تنكروا أنه قاعد .. و لا تجحدوا أنه يقعده " ا. هـ
روى هذه الأبيات عنه أبو محمد الدشتي في " إثبات الحد "
144/ 1 - 2) كما نقله العلامة الألباني من المخطوط من طريق أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش: أنشدنا أبو طالب
محمد بن علي الحربي: أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله: ... فذكرها
وراها الذهبي في العلو فقال:
أنبأني أحمد بن سلامة عن يحيى بن يونس أنبأنا ابن كادش أنشدنا أبو طالب العشاري أنشدنا الدارقطني رحمه الله تعالى ...
ومدار هاتين الروايتين على ابن كادش وفيه كلام ولا يصح اتهامه بالوضع فقد ذكر حديثا واحدا واعترف به وتاب
لكن جاءت من غير طريقه فقد ذكر الأبيات القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات و قال:
" وقد أنشد أبوطالب العشاري هذه الأبيات عن الدارقطني ... "
والعشاري الذي عليه مدار هذه الأبيات هو تلميذ الإمام الدارقطني
إمام ثقة مكثر.
قال عنه الخطيب كما في تاريخ بغداد وهو تلميذ العشاري وأعرف به من غيره قال عنه:
" كتبت عنه، وكان ثقةً صالحاً ".
وقال ابن أبي يعلي في طبقات الحنابلة:
" كان العشارى من الزهاد "
وقال السمعاني:
" كان صالحا سديد السيرة مكثرا من الحديث " ا. هـ
ووثقه ابن الجوزي فقال: " وكان ثقة دينا صالحا "
وقال الذهبي: " كان فقيها عالما زاهدا خيّرا مكثرا "
وقال عنه: " الشيخ الجليل، الأمين "
وقال ابن كثير: " وكان ثقة دينا صالحا "
ووثقه الحافظ ابن ناصرالدين الدمشقي
وكذا وثقه السيوطي
وقال ابن العماد عنه: " الصالح ... كان فقيها حنبليا .. وكان خيرا عالما زاهدا "
وترجم له الصفدي وذكر صلاحه عن الخطيب ولم يجرحه
ومن صلاحه أنه كان يُستسقى به في صلاة الاستسقاء
فرجل يُعدّل كل هذا التعديل هو ثقة حجة.
وقد تكلم فيه الإمام الذهبي بمحض الظن وبما لم يسبق به وبما يعارض كلام كل من سبقه فقال كما في الميزان:
" شيخ صدوق معروف، لكن أدخلوا عليه أشياء فحدث بها بسلامة باطن، منها حديث موضوع في فضل ليلة عاشوراء ومنها عقيدة للشافعي " ا. هـ
ثم ذكر الذهبي حديثا آخر كمثال على ما أدخل على العشاري فقال:
" ومنها: قال: حدثنا ابن شاهين، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا شاذان، حدثنا سعد بن الصلت، حدثنا هارون بن الجهم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن على، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة فأمر عليا أن يضرب أعناقهم، فهبط جبرائيل فقال: لا تضرب عنق هذا.
قال: لم؟ قال: لانه حسن الخلق سمح الكف.
قال: يا جبرائيل، أشئ عنك أو عن ربك؟ قال: بل ربى أمرنى بذلك.
هارون أيضا ليس بمعتمد " ا. هـ
ثم ساق الذهبي حديث فضل عاشوراء الذي ظن أنه أدخل على العشاري
ثم قال: قلت: " ليس بحجة " ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/105)
وهذا من الذهبي اجتهاد خاطئ ومجرد ظنون لا تستند على أي برهان ولا يوافقه عليه باحث متخصص بعد معرفة ما سأذكره
فأما حديث فضل عاشوراء فقد ذكره الذهبي نفسه في الموضوعات ولم يتهم به العشاري كما في تلخيصه
وقال الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي في رسالته اللفظ المكرم في فضل عاشوراء المحرم عن الحديث نفسه:
" قال أبو طالب محمد بن علي العشاري: ثنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشري ثنا أحمد بن سلمان الحنبلي ثنا إبراهيم الحربي ثنا شريح بن النعمان ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: إن الله - عز وجل - افترض على بني إسرائيل صوم يوم في السنة وهو يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من المحرم فصوموه ووسعوا على أهليكم فيه وذكر الحديث مطولاً ...
ثم قال الإمام ابن ناصر الدين:
" وهذا حديث موضوع قبح الله من وضعه وافتراه فلقد تبوأ بيتاً في جهنم يصير مأواه.
ولا تحل روايته إلا لهتك حاله وإظهار المتهم من بين رجاله، ورجال الحديث ثقات إلا النوشري المذكور وهو أحمد بن منصور بن محمد بن حاتم فإني أتهمه به والله تعالى أعلم " ا. هـ
فمع أن النوشري وثقه الخطيب والسمعاني ومع ذلك اتهمه الإمام ابن ناصرالدين به ولم ينزهه من تبعة الوضع باعتبار أنه أدخل عليه وإنما اتهمه به
ولم يتهم الإمام العشاري بل برأه ووثقه ضمن بقية رجال السند
وأيضا السيوطي في اللآلئ ساقه من طريق العشاري ثم قال:
" ورجاله ثقات والظاهر أن بعض المتأخرين وضعه وركبه على هذا الإسناد "
فبرأ الإمام العشاري واتهم به غير رجال السند وفي هذا مبالغة في التبرئة
وفي تنزيه الشريعة لابن عراق بعد نقله لكلام الذهبي من الميزان قال:
" وفي سنده أبو بكر النجاد وقد عمى بأخرة وجوز الخطيب أن يكون أدخل عليه شيء فيحتمل أن يكون هذا مما أدخل عليه والله أعلم "
وهذا أخذه ابن عراق عن ابن حجر فقد قال في اللسان:
" قلت وقد تقدم في ترجمة النجاد أنه عمي بآخره وأن الخطيب جوز ان يكون ادخل عليه شيء وهذا التجويز محتمل في حق العشاري أيضا وهو في حق ابن أبي الزناد بعيد فقد وثقه مالك وعلق له البخاري بالجزم والعلم عند الله تعالى " ا. هـ
فلماذا جعل الحافظ ابن حجر الوضع من جهة العشاري مجرد احتمال ومن باب أنه أدخل عليه لا أنه مقطوع به كاحتمال أن يكون أدخل على النجاد؟
لماذا هذا التنزيه للعشاري حتى في هذا المقام؟
مع أن ابن حجر ذكر هذا الاحتمال في حق العشاري تأثرا بالذهبي عند تعليقه على الميزان
هذا دليل على أنه يرى براءته من أي اتهام ويرى أن إدخال شيء عليه ليس أمرا طبيعيا وأنه ثقة معتبر.
بالله عليكم لو كان العشاري متهما أو محل ريب وشك أو هو مظنة إلصاق الموضوعات وإدخالها من جهته هل يجوز مع هذا الشك في غيره كالشك في إدخالها من جهة الإمام النجاد كما احتمل ابن حجر وابن عراق؟!! ..
أو الشك بل الجزم في إدخالها من جهة أحمد بن منصور النوشري كما جزم الحافظ ابن ناصر الدين
أو الشك في أنه مركب من قبل بعض المتأخرين دون أن يكون للعشاري فيه دخل كما رجح السيوطي
وأيضا لم يلق ابن الجوزي بتبعة الوضع على العشاري مع جزمه بوضع الرواية
فبالله عليكم هل هذا المثال يصلح للطعن به في مرويات رجل كالعشاري وثق كل ذلك التوثيق؟!
وأما الحديث الآخر السابق عن حسن الخلق الذي ذكره الذهبي على أنه قد يكون أدخل على العشاري فقد أبان الذهبي في نفس المقام أن إدخال هذه الرواية من قبل أحد الوضاعين على العشاري هو مجرد ظن واحتمال من الذهبي وذلك عندما ذكر أن راويه هارون بن الجهم " ليس بمعتمد " مشيرا إلا أن تبعة الوضع قد تناط به
وهذا يمثل تذبذبا من الذهبي في إلقائه التبعة على العشاري وما بمثل هذه التذبذبات ترد توثيقات الأئمة لمثل العشاري الإمام والمحدث المكثر
وقد أورد نفس الرواية الإمام ابن الجوزي في العلل المتناهية من طريق العشاري أبي طالب العشاري قال اخبرنا ابن شاهين قال نا عبد الله بن سليمان قال حدثنا اسحاق بن ابراهيم شاذان قال حدثنا سعد بن الصلت قال نا هارون بن الجهم عن جعفر بن محمد عن ابيه عن علي بن ابي طالب قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/106)
أُتي رسول الله (ص) بسبعة من الاسارى فأمر عليا ان يضرب اعناقهم قال فهبط جبريل فقال يا محمد اضرب اعناق هؤلاء الستة ولا تضرب عنق هذا قال يا جبريل لم قال لانه كان حسن الخلق سمح الكف مطعما للطعام قال يا جبريل اشيء عنك او عن ربك قال ربي امرني بذلك
ثم قال ابن الجوزي:
" هذا حديث لا يصح وسعد وهارون مجهولان "
فنزه بهذا الإعلال الإمامَ العشاري وأبعده عن تبعة دخول الوضع من جهته.
وهارون بن الجهم لا يبعد أن يكون شيعيا فله رواية في كتبهم وهو بالإضافة إلا أنه غير معروف الحال فهو يخالف ويروي المنكرات
ذكره العقيلي في الضفاء وذكر أنه يخالف في حديثه وكذا الذهبي أورده في كتابه: " المغني في الضعفاء "
والناظر في رواياته لا يجد حرجا في اتهامه بهذا الحديث
أما سعد فهو قاض معروف لكنه لم يوثق في الرواية إلا من قبل ابن حبان وذكر أنه " ربما أغرب " لكنه لا يتهم
وعلى كل حال فالعشاري ثقة إمام لا يقارن بهارون ولا بسعد فلا وجه لاحتمال الذهبي
وأما جزء الاعتقاد الذي رواه فهو لم يتفرد به برمته
واعتمد غير واحد من السلف ما هو مثبت في هذه العقيدة كالموفق ابن قدامة في كتاب صفة العلو ص124 أو ذم التأويل , وابن أبي يعلى في الطبقات 1/ 283 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , والذهبي نفسه في السير 10/ 79
وقرئت على الإمام الحافظ ابن نصر الدمشقي كما نقله أحد الباحثين
وذكر جملة منها
أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الكرجي فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ " الْفُصُولُ فِي الْأُصُولِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ إلْزَامًا لِذَوِي الْبِدَعِ وَالْفُضُولِ " وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ ...
قَالَ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْمُعْتَقَدَ بِالدَّلَائِلِ فَقَالَ " لِلَّهِ أَسْمَاءٌ وَصَفَاتٌ جَاءَ بِهَا كِتَابُهُ؛ وَأَخْبَرَ بِهَا نَبِيُّهُ أُمَّتَهُ؛ لَا يَسَعُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ رَدُّهَا - إلَى أَنْ قَالَ - نَحْوَ إخْبَارِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إيَّانَا أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ لِقَوْلِهِ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وَأَنَّ لَهُ يَمِينًا بِقَوْلِهِ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} وَأَنَّ لَهُ وَجْهًا لِقَوْلِهِ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ} وَقَوْلُهُ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} وَأَنَّ لَهُ قَدَمًا لِقَوْلِهِ: {حَتَّى يَضَعَ الرَّبُّ فِيهَا قَدَمَهُ} يَعْنِي جَهَنَّمَ. وَأَنَّهُ يَضْحَكُ مِنْ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ {لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: إنَّهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ يَضْحَكُ إلَيْهِ} وَأَنَّهُ يَهْبِطُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا لِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ {لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: إنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ} وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَأَنَّ لَهُ إصْبَعًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا مِنْ قَلْبٍ إلَّا وَهُوَ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ}.
قَالَ: " وَسِوَى مَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ أَحَادِيثُ جَاءَتْ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِيدِ وَتَلَقَّتْهَا الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ
عن مجموع الفتاوى
ونقل طرفا منها مختصرا عن ابن أبي حاتم الإمام ابن القيم في الاجتماع
وطرف منها مقارب جاء من طريق الهكاري
ما أظن صادقا يطلع على كل هذا العرض لكلام الأئمة ثم يجعل من هذه الرواية مصدر طعن على العشاري الذي تتابع الأئمة على توثيقه
وخاصة من تلميذه الآخذ عنه والمعاصر له والأعلم من بين كل من تكلم عن حاله وهو الخطيب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/107)
فسامح الله الذهبي لم يتكلم بحجة وله في هذه الناحية أخطاء فهو يشكك في صحة بعض الكتب بنحو هذه الاحتمالات التي لم يسبق إليها ولا يوافقه عليها غيره ولا يقبلها باحث مؤصل منصف
ومن هذا ما ذكره في السير عن كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد فإنه قد عنه:
" ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبد الله (1)، فإن الرجل كان تقيا ورعا لايتفوه بمثل ذلك، ولعله قاله "
فانظر كيف جزم بوضع الكتاب وفي آخر العبارة نفسها نقض هذا الجزم وقال بإمكانية صحة الكتاب عندما قال: ولعله قاله
ثم في نفس الكتاب (السير) نقل عن ابن الجوزي أن أحمد كتب الكتاب وأقره بعدم اعتراضه
بل في كتابه تاريخ الإسلام عند ترجمته للامام احمد بن حنبل نقل طرفا من كتاب الرد على الجهمية معتمدا له ونقَل نقْل المحتج
ومثال آخر: محمد بن علي بن سهل
اتهمه الذهبي بوضع حديث ثم في نفس المقام احتمل أنه أدخل عليه
مع أن في نفس إسناد الحديث الذي اتهمه به رجل متهم بالوضع وآخر متروك وهو أصبغ بينما محمد بن علي بن سهل فيه بعض الضعف وهو
وهو شيخ ابن عدي قال عنه ابن عدي
" وله غير هذا من الحديث ما كتبناه عنه مستقيمة وسألت عنه بمرو فأثنوا عليه خيرا وأرجو أن لا بأس به "
فصنيع الإمام الذهبي لايستقيم في أصول هذا الباب
وفي حق راو آخر نقل الذهبي عن ابن النجار اتهامه بالوضع وبين الحافظ خطأ الذهبي في العبارة وأنه نقل ما نقله دون أن يقف على كلام ابن النجار
وكل هذا بصراحة يوجب عدم اعتبار ما يذكره الذهبي مما لم يسبق إليه في مثل هذه المسائل وخاصة عندما يكون كلامه مخالفا لمن سبقه فضلا عن أنه لم يسبق إليه
وفي الرواية السابقة ذكر الإمام الذهبي بمجرد الظن ما خالف به من
سبقه بما لم يسبق إليه وعليه فالعشاري ثقة إمام بلا إشكال
مع أننا لو سلمنا ببعض ما قاله الذهبي في العشاري من أنه أدخل عليه حديث أو اثنان فهذا لا يمنع من قبول رواياته في الأصل فكم من إمام وُصف ببعض هذا ولم يكن ذلك مانعا من قبول رواياته
فهذا الحافظ ابن أبي عمر العدني صاحب المسند قال أبو حاتم عن زيادة رواها: «وكان بشر بن السري ثبتاً، فليته أن لا يكون أُدخِل على ابن أبي عمر» ومع أنه كان فيه نوع غفلة ومع هذا لم ترد رواياته
وكذا أحمد بن المفضل، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب وعبد العزيز بن معاوية، ومحمد بن عبد الله بن المثنى، وأحمد بن سعيد الهمداني
وأحمد بن محمد بن السندي، وأبو الفوارس بن الصابونى المصرى.
فكيف والعشاري لم يثبت أنه أدخلت من جهته روايات موضوعة
ثم الذين يحاولون استغلال كلام الذهبي الخاطئ ويضعفون بسببه بعض مرويات العشاري العقدية التي تخالف عقائدهم هم قد فتحوا بابا خطيرا على أنفسهم فهو نفسه الإمام العشاري قد روى كتبا علمية كثيرة يعتمدها هذا المخالف نفسه فهو قد روى:
ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم للدارقطني، والترغيب لابن شاهين والإلزامات والتتبع للدارقطني، وجزء من حدث ونسي للدارقطني والعيدين لابن أبي الدنيا، والعزاء لابن أبي الدنيا وفضل الصدقة بل جملة كبيرة من كتب ابن أبي الدنيا والعرش لابن أبي شيبة والأحاديث التي خولف فيها مالك، وجملة من المصنفات الأخرى
فاربعوا على أنفسكم ياقوم وما هكذا تورد الإبل!!
والغريب أن الجزء الذي رواه عن الشافعي في الاعتقاد خصومنا أنفسهم في روايات مماثلة لكلام الشافعي في بعض الكتب الثابتة لا نجدهم يستنكرون الكلام لأنه ثابت واستنكارهم يكشف حقيقتهم فيقولون مخاصمة لنا نحن لا ننكره والمراد منه التفويض بينما هنا والكلام نحوه يصفونه بالتجسيم و يسبون لأجله العشاري ويضللونه
فسبحان الخلاق العليم!!!
ومن كل ما تقدم يتبين لك صحة الأبيات عن الدارقطني وقد عزا القول بمقتضاها للدارقطني الشّهاب الخفاجيّ في حاشيته على «الشّفا»
وقد ذكر قول الدارقطني هذا كثير من المفسّرين عند قوله ـ تعالى ـ: ?عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا?؛ فممّن ذكره في تفسيره: الإمام أبو جعفر ابن جرير الطّبريّ في تفسيره «جامع البيان»، ومنهم: الإمام الشّيخ علي البغداديّ ـ المعروف بالخازن ـ، ومنهم: الإمام الحافظ جلال الدّين السّيوطيّ في تفسيره «الدّر المنثور في التّفسير بالمأثور»،
ـ الإمام يحيى بن عمار السجزي رحمه اللّه تعالى
قال في رسالته التي في السنة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/108)
" بل نقول هو بذاته على العرش، وعلمه محيط بكل شيء، وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء، وهو معنى قول اللّه تعالى: " وهو معكم " ا. هـ
قال ابن القيم: " ورسالته موجودة مشهورة "
نقله عن يحيى الإمام التيمي في الحجة في بيان المحجة ج2/ص109 وابن القيم في اجتماع الجيوش ص (279)
وهذا إثبات صريح للمعنى
ـ ع الإمام الخطابي
قال البيهقي رحمه الله:
" قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: الحنان معناه ذو الرحمة والعطف، والحنان مخففا الرحمة " ا. هـ
وقال البيهقي شارحا أسماء الله:
" وَمِنْهَا الْجَمِيلُ.
... وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْجَمِيلُ هُوَ الْمُجَمِّلُ الْمُحَسِّنُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفَعِّلٍ، وَقَدْ يَكُونُ الْجَمِيلُ مَعْنَاهُ ذُو النُّورِ وَالْبَهْجَةِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " ا. هـ
مع أن البيهقي حاول أن يؤول عبارة الخطابي بما يوافق مذهبه!!
بالله ألم يقل النبي عن الله: " جميل " في مقام الجواب عمن سأل عن الحسن والجمال المعروف؟ ألا يكون لوصفه بهذا في سياق كهذا أي معنى؟
وهل فهم الصحابي جواب النبي؟
وإذا علمت أن الجهمية الذين كانوا يعذبون الإمام أحمد كانوا ينكرون صفة الجمال كما سأبينه في فرصة لاحقة تبين لك أن إثبات الجمال وتحقيق معناه بالبهجة والنور هو من الإثبات الصريح للمعنى
وإن كان الخطابي صاحب اضطراب في الصفات لكني ذكرت كلامه من باب الاعتراف وهكذا من أذكرهم ممن يحسبون على الأشاعرة أذكر كلامهم من باب اعترافهم
ـ ع الإمام الثعلبي
قال الإمام الثعلبي في تفسيره المسمى بالكشف والبيان:
" وتعلقت الجهمية والمعتزلة بهذه الآية، استدلوا منها على إن الله بكل مكان، قالوا: لمّا قال (وَهُوَ مَعَهُمْ) ثبت إنه بكل مكان لأنه قد اثبت كونه معهم وقال لهم حق قوله وهو معهم إنه يعلم ما يقولون ولا يخفى عليه فعلهم لأنه العالم بما يظهره الخلق وبما يستره، وليس في قوله وهو معهم ما يوجب إنه بكل مكان لأنه قال (أأمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ) ولم يرد قوله إنه في السماء يَعني غير الذات لأن القول: أنّ زيداً في موضع كذا من غير أن يعتد بذكر فعل أو شيء من الأشياء لايكون إلاّ بالذات، وقال تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال:) يدبر الأمر من السماء إلى الأرض (فأخبر أنه (يرفع) الأشياء من السماء ولا يجوز أن يكون معهم بذاته ثم يدبر الأمر من السماء وإليه يصعد الكلم الطيب " ا. هـ
ولم يثبت الثعلبي في مواطن أخرى من كتابه على هذا القول، لكن هذا الكلام منه يمثل اعترافا مهما باعتباره متأثرا بالأشاعرة.
ـ الإمام أبو نصر الوائلي السجزي ت 444 هـ
قال رحمه الله في كتابه الإبانة:
" وأئمتنا كالثوري. ومالك. وابن عيينة. وحماد بن زيد. والفضيل وأحمد. وإسحاق متفقون على أن اللّه فوق العرش بذاته، وأن علمه بكل مكان " ا. هـ
وقوله: بذاته كافٍ في إثبات المراد
وعن كتابه الإبانة نقله الذهبي في العلو 248، وابن القيم في اجتماع الجيوش.
ـ الإمام الحافظ أبو عمرو ابن عبد البر رحمه الله ت 463 هـ
قال في كتابه التمهيد بعد ذكره لحديث الجارية:
" معاني هذا الحديث واضحة يستغنى عن الكلام فيها، وأما قوله: " أين الله؟ فقالت في السماء " فعلى هذا أهل الحق لقول الله عز و جل: (آمنتم من في السماء) ولقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب) ولقوله: (تعرج الملائكة والروح إليه) ومثل هذا في القرآن كثير قد أتينا عليه في باب ابن شهاب في حديث النزول.
وفيه رد على المعتزلة وبيان لتأويل قول الله عز و جل: (الرحمان على العرش استوى) ولم يزل المسلمون في كل زمان إذا دهمهم أمر وكربهم غم يرفعون وجوههم وأيديهم إلى السماء رغبة إلى الله عز و جل في الكف عنهم " ا. هـ
وبنحوه في الاستذكار
وقال ابن عبد البر في الاستذكار عن حديث النزول:
" وفي هذا الحديث دليل على أن الله عز و جل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات وعلمه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر
وحجتهم ظواهر القرآن في قوله (الرحمن على العرش استوى)
كما قال (لتستوا على ظهوره)
وقوله (واستوت على الجودى) و (استويت أنت ومن معك على الفلك)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/109)
قال الله عز و جل (ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي) وقال (ثم استوى إلى السماء وهي دخان)
(فأوردتهم ماء بفيفاء قفره ... وقد حلق النجم اليماني فاستوى)
وقال عز و جل (ءأمنتم من في السماء) على السماء
كما قال (في جذوع النخل) أي عليها
وقال (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه)
وقال (ذى المعارج) والعروج الصعود
وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة وقد أوضحنا فساد ما ادعوه من المجاز فيها في التمهيد وذكرنا الحجة عليهم بما حضرنا من الأثر من وجوه النظر هناك بباب فيه كتاب مفرد والحمد لله.
ومحال أن يكون من قال عن الله ما هو في كتابه منصوص مشبها إذا لم يكيف شيئا وأقر أنه ليس كمثله شيء
ومن الحجة فيما ذهبت إليه الجماعة أن الموحدين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو دهمهم غمر أو نزلت بهم شدة رفعوا أيديهم إلى السماء يستغيثون ربهم ليكشف ما نزل بهم ولا يشيرون بشيء من ذلك إلى الأرض
ولولا أن موسى (عليه السلام) قال لهم إلهي في السماء ما قال فرعون (يهمن بن لى صرحا لعلى أبلغ الأسبب أسبب السموت فأطلع إلى إله موسى) " ا. هـ
وقال ابن عبد البر عن التجلي وهو صفة لله:
" وفي قول الله عز و جل: (فلما تجلى ربه للجبل) دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التنزيل ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عز و جل فلما تجلى ربه للجبل فلينظر في تفسير بقي بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق " ا. هـ
وقال في التمهيد:
" وأما احتجاجهم لو كان في مكان لأشبه المخلوقات لأن ما أحاطت به الأمكنة واحتوته مخلوق!!
فشيء لا يلزم ولا معنى له لأنه عز و جل ليس كمثله شيء من خلقه ولا يقاس بشيء من بريته لا يدرك بقياس ولا يقاس بالناس لا إله إلا هو كان قبل كل شيء ثم خلق الأمكنة والسموات والأرض وما بينهما وهو الباقي بعد كل شيء وخالق كل شيء لا شريك له وقد قال المسلمون وكل ذي عقل أنه لا يعقل كائن لا في مكان منا وما ليس في مكان فهو عدم " ا. هـ
ثم قال:
" فإن قيل: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان قيل له أما الإنتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه لأن كونه في الأزل لا يوجب مكانا وكذلك نقله لا يوجب مكانا وليس في ذلك كالخلق لأن كون ما كونه يوجب مكانا من الخلق ونقلته توجب مكانا ويصير منتقلا من مكان إلى مكان والله عز و جل ليس كذلك لأنه في الأزل غير كائن في مكان وكذلك نقلته لا توجب مكانا وهذا ما لا تقدر العقول على دفعه ولكنا نقول استوى من لا مكان إلى مكان ولا نقول انتقل وإن كان المعنى في ذلك واحدا ألا ترى أنا نقول له العرش ولا نقول له سرير ومعناهما واحد ونقول هو الحكيم ولا نقول هو العاقل ونقول خليل إبراهيم ولا نقول صديق إبراهيم وإن كان المعنى في ذلك كله واحدا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن " ا. هـ
ـ الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة
قال في كتاب الرد على الجهمية:
" ذكر ما يستدل به من كلام النبي صلى الله عليه و سلم على أن الله جل وعز خلق آدم عليه السلام بيدين حقيقة " ا. هـ
وإثبات اليدين على الحقيقة يضاد التفويض
وقال رحمه الله في الرد على الجهمية:
" ومعنى وجه الله عز و جل ها هنا على وجهين:
أحدهما وجه حقيقة والآخر بمعنى الثواب.
فأما الذي هو بمعنى الوجه في الحقيقة ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم في حديث أبي موسى وصهيب وغيرهم مما ذكروا فيه الوجه وسؤال النبي صلى الله عليه و سلم بوجهه جل وعز واستعاذته بوجه الله وسؤاله النظر إلى وجهه جل وعز وقوله صلى الله عليه و سلم لا يسأل بوجه الله وقوله أضاءت السماوات بنور وجه الله وإذا رضي عز و جل عن قوم أقبل عليهم بوجهه جل وعز وكذلك قول الله جل وعز إلى ربها ناظرة القيامة وقول الأئمة بمعنى إلى الوجه حقيقة الذي وعد الله جل وعز ورسوله الأولياء وبشر به المؤمنين بأن ينظروا إلى وجه ربهم عز و جل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/110)
واما الذي هو بمعنى الثواب فكقول الله عز و جل إنما نطعمكم لوجه الله الإنسان وقوله جل وعز ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه الأنعام وما أشبه ذلك في القرآن وقول النبي صلى الله عليه و سلم ما قائل يلتمس وجه الله وما أشبه ذلك مما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم فهو على معنى الثواب " ا. هـ
فالوجه من الصفات الخبرية وقد أثبته الإمام على الحقيقة
وقال ابن مندة في التوحيد:
" ومن أسمائه الرحيم قال أهل التأويل معناه: البالغ في الرحمة أرحم الراحمين، الرفيق الرقيق " ا. هـ
شرح الرحمة بالرفق والرقة هو من إثبات المعنى وسواء أصاب ابن مندة في تعبيره عن معنى الرحمة أم لا فهو بما ذكره قد بين أنه يثبت معاني الصفات الخبرية ولا يفوضها لأن الرحمة من الصفات الخبرية
وقال:
" معنى الودود: [ذو] الحب الشديد لأوليائه " ا. هـ
فهذا إثبات صريح للمعنى.
الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عمر بن شاقلا البزار ت 369 هـ
قال الإمام أبو إسحاق ابن شاقلا البزار في مناظرته مع أحد الأشاعرة والتي حكاها بنفسه فقال فيها:
" ثم قلت له:
هذه الأحاديث [يعني أحاديث الصفات التي تؤولها الأشاعرة] تلقاها العلماء بالقبول، فليس لأحد أن يمنعها ولا يتأولها ولا يسقطها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان لها معنى عنده غير ظاهرها لبينه ولكان الصحابة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن معنى غير ظاهرها، فلما سكتوا وجب علينا أن نسكت حيث سكتوا ونقبل طوعاً ما قبلوا.
فقال لي: أنتم المشبهة!!
فقلت: حاشا لله، المشبه الذي يقول: وجه كوجهي ويد كيدي فأما نحن فنقول: له وجه كما أثبت لنفسه وجها وله يد كما أثبت لنفسه يداً وليس كمثله شئ وهو السميع البصير ومن قال هذا فقد سلم " ا. هـ
فكلامه صريح بأن لها معنى مثبت وهو ظاهرها، وتفسيره لمفهوم التشبيه موضح لمراده أيضا.
وباقي مناظرته دالة على هذا بوضوح
نقلها ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة قال:
" قرأت بخط الوالد السعيد قال: نقلت من خط أبي بكر بن [شكا أو شكاثا] قال: أخبرنا أبو إسحاق بن شاقلا قراءة عليه قال: ... " ا. هـ
ـ الإمام أبو نعيم الأصبهاني -صاحب "الحلية"- ت 430 هـ
قال أبو نعيم في عقيدته:
" وإن اللّه استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فالإستواء معقول، والكيف مجهول، وأنه سبحانه بائن من خلقه وخلقه بائنون منه بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة، لأنه البائن الفرد من الخلق، والواحد الغني عن الخلق " ا. هـ
من رسالته في العقيدة نقله الذهبي في العلو له ص243 وكذا نقله غيره.
لو أراد علو المرتبة لما احتاج أن يقول من غير تكييف ولا أن يقول بائن من خلقه ولا أن يقول دون أرضه وخلقه فمراده ظاهر وواضح
وقوله عن الاستواء " معقول " دل على أنه أراد أن معناه معروف غير مجهول
ـ الإمام القاضي أبو يعلى
وقد فسر القاضي حديث إن الله جميل يحب الجمال فقال:
" غير ممتنع وصفه بالجمال، وإن ذلك صفة راجعة إلى الذات، لأن الجمال في معنى الحسن، قال: وقد تقدم قوله: رأيت ربي في أحسن صورة " ا. هـ
فانظر إلى هذا الإثبات فقد بين معنى الجمال وأنه الحسْن وأثبت أنه ذاتي وكل هذا تنفيه الأشاعرة، بل عند الأشاعرة ومن وافقهم هو من التشبيه
وعن حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يدني عبده المؤمن فيضع عليه كنفه ويقول أتعرف ذنب كذا ".
قال القاضي أبو يعلى: " يدنيه من ذاته "
وقال عن المقام المحمود:
" يقعد نبيه على عرشه بمعنى يدنيه من ذاته ويقربه منها "
نقلهما ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه
وله كلام في الإثبات معروف والرجل عنده اضطراب
ـ الإمام أبو عمرو عثمان بن أبي الحسن بن الحسين السهروردي الشافعي
وهو من أقران البيهقي وأبي عثمان الصابوني وطبقتهما قال في كتاب له في أصول الدين:
" وَدعاني إلى جمع هذا المختصر في اعتقاد السنة على مذهب الشافعي وأصحاب الحديث، إذ هم أمراء العلم، وأئمة الإسلام قول النبي صلى الله عليه وسلم تكون البدع في آخر الزمان محنة، فإذا كان كذلك فمن كان عنده علم فليظهره، فإن: كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/111)
ثم ساق الكلام في الصفات إلى أن قال:
" فصل:
من صفاته تبارك وتعالى فوقيته واستواؤه على عرشه بذاته، كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله لله صلى الله عليه وسلم بلا كيف.
ودليله قوله تعالى: " الرَّحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوَى " سورة طه " ا. هـ
وساق آيات العلو
نقله من كتابه ابن القيم في الاجتماع
ـ الإمام الكبير أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي ت 485 هـ
قال في كتاب الصفات له:
" باب إثبات إستواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة ...
فساق حجته من الآيات والحديث ثم قال:
" وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه وهو ينظر كيف تعملون " ا. هـ
وهو صاحب كتاب منازل السائرين، والفاروق. وذم الكلام. وغيره صرّح في كتابه بلفظ الذات في العلو، وأنه استوى بذاته على عرشه قال: ولم تزل أئمة السلف تصرح بذلك.
وقال الهروي في الأربعين:
" باب إثبات الجهات لله عز و جل:
... عمرو بن دينار قال أخبرني عمرو بن أوس أنه سمع عبدالله بن عمرو رضي الله عنه يقول
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عز و جل وكلتا يديه يمين
وقال في كتابه المنازل:
" الدرجة الثانية:
إجراء الخبر على ظاهره وهو أن تبقى أعلام توحيد العامة الخبرية على ظواهرها ولا يتحمل البحث عنها تعسفا ولا يتكلف لها تأويلا ولا يتجاوز ظواهرها تمثيلا ولا يدعي عليها إدراكا أو توهما " ا. هـ
ع ـ الحسين بن أحمد الأشعري المتكلم صاحب الجامع الكبير، والصغير في أصول الدين.
قال في جامعه الصغير:
" فإن قيل: ما الدليل على أن اللّه تعالى على العرش بذاته؟ قلنا: قوله تعالى: " ثمّ اسْتَوى على العَرْش الرّحمن " سورة الفرقان " ا. هـ
نقله ابن القيم في الاجتماع ص (303)
ـ إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني
صرّح بفوقية بالذات وهو إمام في السنة له قصيدة معروفة أولها:
تمَسّكْ بحبْل اللَّهِ واتَّبِع الأثَرَ ... ودَعْ عَنكَ رأياً لا يلائمه خبَر
وقال في شرح هذه القصيدة:
" والصواب عند أهل الحق أن الله تعالى خلق السموات والأرض، وكان عرشه على الماء مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض، ثم استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض على ما ورد به النص، ونطق به القرآن، وليس معنى استوائه أنه مَلَكه واستولى عليه، لأنه كان مستولياً عليه قبل ذلك، ... ولكنه مستو بذاته على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه.
وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: " سبِّح اسْمَ ربِّك الأعلى " سورة الأعلى آية 1. وأن لله علو الغلبة، والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن للّه علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر والغلبة " ا. هـ
نقله الإمام التيمي في كتابه الحجة وتقدم عزوه
ــ الإمام إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني 537 هـ
قال رحمه الله وقد سئل عن صفات الرب فقال:
" مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد ابن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه أن صفات الله التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله من السمع والبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها ولا تشبيه ولا تأويل قال ابن عيينة كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره
قال الأصبهاني: أي هو هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل " ا. هـ
وذكر التيمي الأصبهاني حديث جابر (كفاحا) ثم قال كما في كتابه الحجة في بيان المحجة:
" قال أهل اللغة: كفاحاً، أي مواجهة ليس بين وبينه الحجاب
فكلمه كفاحاً، فقال له عبدي تمن علي، فقال: تردني إلى الدنيا فأقاتل في سبيلك فأقتل مرة أخرى، فقال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون '. قال أهل اللغة: كفاحاً أي مقابلة. قال صاحب الغربيين: كفاحاً أي مواجهة، ليس بينه الحجاب. الحجة
وقال الإمام التيمي الأصبهاني في كتابه الحجة ج2/ص117:
" وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة والعلو من سائر وجوه العلو لأن العلو صفة مدح فثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة " ا. هـ
فهذا منه صريح في إثبات علو الذات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/112)
وكان يثبت النزول لله على أنه نزول بذاته
قال ابن رجب في ترجمة أبي القاسم عبد الرحمن بن مندة مدافعا عنه:
" وهذا ليس بقادح- إن صح- فإن الأنصاري والتيمي وأَمثالهما يقدحون بأدنى شيء ينكرونه من مواضع النزاع، كما هجر التيميُّ عبدَ الجليل الحافظَ كُوتاه على قوله: "ينزل بالذات" وهو في الحقيقة يُوافقه على اعتقاده، لكن أنكر إطلاقَ اللفظ لعدم الأثر به " ا. هـ
ذيل طبقات الحنابلة
وقال الحافظ ابن رجب في الفتح عن طائفة من أهل الحديث المثبتين لنزول الله:
" وهؤلاء؛ منهم من يقول: ينزل بذاته، كابن حامد من أصحابنا.
وقد كان الحافظ إسماعيل من التميمي الأصبهاني الشافعي يقول بذلك، وجرى بينه وبين طائفة من أهل الحديث بسببه فتنة وخصام.
قال الحافظ أبو موسى المديني: كان من اعتقاد الإمام إسماعيل أن نزول الله تعالى بالذات، وهو مشهور من مذهبه؛ لكنه تكلم في حديث نعيم بن حماد الذي رواه بإسناده في النزول بالذات. قالَ: وهو إسناد مدخول، وفيه مقال، وفي بعض رواته مطعن، ولا تقع بمثله الحجة، فلا يجوز نسبة قوله إلى رسول الله "
وقال الإمام إسماعيل عن حديث يضع عليه كنفه:
" لم أر أحداً فسَّرَه؛ إلا إن كان معناه: يستره من الخلق، وقيل في رواية: يستره بيده. وكنفا الإنسان: ناحيتاه، ومن الطائر: جناحاه "
نقله أبو موسى المديني في " المجموع المغيث " (3/ 78)
ـ عبد الجليل كوتاه
وقد سبق أنه كان يقول بنزول الذات
ـ الإمام عبد القادر الجيلاني
قال في الغنية له:
" وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ... وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل ... وأنه استواء الذات على العرش، وكونه سبحانه وتعالى على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف" ا. هـ
الغنية له ص 54 ـ 57 طبعة الحلبي ونقله عن الجيلاني جمع من أهل العلم
فهو قد عبر بالجهة وبين الاستواء بالذات وهذا إثبات صريح المعنى
قال عبد القادر الجيلاني في كتابه تحفة المتقين وسبيل العارفين:
" باب اختلاف المذاهب في صفات اللّه عز وجل، وفي ذكر اختلاف الناس في الوقف عند قوله: " وما يعْلمُ تأويلُه إلاَّ اللَّهُ " سورة آل عمران آية 7.
قال: واللّه تعالى بذاته على العرش علمه محيط بكل مكان، والوقف عند أهل الحق على قوله: " إلا الله ". وقد روي ذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الوقف حسن لمن اعتقد أن الله بذاته على العرش، ويعلم ما في السموات والأرض.
إلى أن قال: ووقف جماعة من منكري استواء الرب عز وجل على قوله: " الرَّحْمنُ على العرش " سورة طه آية5. وابتدأوا بقوله: " استوى له ما في السموات وما في الأرض " يريدون بذلك نفي الاستواء الذي وصف به نفسه، وهذا خطأ منهم، لأن الله تعالى استوى على العرش بذاته " ا. هـ
نقله ابن القيم وغيره
ـ سيبويه عمر بن قنبر
قال سيبويه:
" ومن أدل الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماع الناس على أن يقولوا: القرآن كلام الله، ولا يقال: القرآن قول الله، وذلك أن هذا موضع ضيق متحجر، لا يمكن تحريفه، ولا يسوغ تبديل شيء من حروفه، فعبر لذلك عنه بالكلام الذي لا يكون إلا أصواتاً تامة مفيدة،
ا. هـ
نقله عن سيبويه جماعة من اللغويين في معاجمهم.
وهذا إثبات للصوت من معنى النصوص لا منطوقها.
- ع الإمام المفسر القرطبي:
قال في تفسيره:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/113)
" وَقَدْ كَانَ السَّلَف الْأَوَّل رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَة وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ , بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّة بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابه وَأَخْبَرَتْ رُسُله. وَلَمْ يُنْكِر أَحَد مِنْ السَّلَف الصَّالِح أَنَّهُ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه حَقِيقَة. وَخُصَّ الْعَرْش بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَم مَخْلُوقَاته , وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الِاسْتِوَاء فَإِنَّهُ لَا تُعْلَم حَقِيقَته. قَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه: الِاسْتِوَاء مَعْلُوم - يَعْنِي فِي اللُّغَة - وَالْكَيْفَ مَجْهُول , وَالسُّؤَال عَنْ هَذَا بِدْعَة. وَكَذَا قَالَتْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا.
وقال القرطبي في كتابه الأسنى شرح
" وأظهر هذه الأقوال -وإن كنت لا أقول به ولا أختاره- (!!!!) ما تظاهرت به الآي والأخبار إن الله سبحانه على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات حسب ماتقدم " ا. هـ
ونقله عنه العلامة مرعي الحنبلي وتعجب من اعترافه وعدم أخذه به
وقال القرطبي:
" ثم قال (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا) وتجلى معناه ظاهر، من قولك: جلوت العروس أي أبرزتها.
وجلوت السيف أبرزته من الصدإ، جلاء فيهما.
وتجلى الشي انكشف.
وقيل: تجلى أمره وقدرته، قاله قطرب وغيره " ا. هـ
فانظر إلى إثباته صفة التجلي وهي صفة خبرية ولا يثبتها بمعناها الحقيقي عامة الأشاعرة وممن نص على تأويلها الباقلاني ويزعمون أنه يلزم منها التجسيم
فهنا القرطبي أثبتها بالصريح " وتجلى معناه ظاهر، من قولك: جلوت العروس أي أبرزتها، وجلوت السيف أبرزته من الصدإ، جلاء فيهما، وتجلى الشي انكشف "
هل هذا تفويض؟!!
وفي تفسير القرطبي:
" وقال جمهور المفسرين: الحنان الشفقة والرحمة والمحبة، وهو فعل من أفعال النفس "
ـ العلامة أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي
قال في عقيدته الشهيرة أولها:
محاسن جسمي بدلت بالمعائب ... وشيب فَوْدي شوب وصل الحبائب
وأفضل زاد للمعاد عقيدة ... على منهج في الصدق والصبر لاجب عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت ... بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته ... على عرشه مع علمه بالغوائب
وأن استواء الرب يعقل كونه ... ويجهل فيه الكيف جهل الشهارب
وهذه القصيدة طويلة أزيد من مائتي بيت
وكان ناظمها الكرجي من كبار الفقهاء الشافعية مات سنة إثنين وثلاثين وخمسمائة
وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدين ابن الصلاح:
" هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث " ا. هـ
وتُسمى عروس القصائد وشموس العقائد
قال ابن السمعاني:
"وله قصيدة بائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج " ا. هـ
ونقلها من خط ابن الصلاح الإمام الذهبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وفيها البيت الذي هو محل الشاهد والقصيدة مشهورة
والإمام ابن الصلاح ثقة كبير وحافظ معروف.
ـ الامام الحافظ، أبو أحمد، محمد بن علي بن محمد القصاب الغازي المجاهد ت بعد سنة 360 هـ
قال رحمه الله في كتاب السنة له:
" كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، فليست صفة مجاز، ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفسرت بغير السابق إلى الافهام، فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل، علم أنها غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بين " ا. هـ
فالسابق للأفهام هو المراد في الصفات وهو حقيقتها لا مجازها
نقله الذهبي في السير ثم قال ناقلا ثناء الإمام أبي الحسن الكرجي:
وفي الكرج الغراء أوحد عصره * أبو أحمد [القصاب] غير مغالب تصانيفه تبدي فنون علومه * فلست ترى علما له غير شارب
ـ الإمام أبو موسى المديني
قال المديني في " المجموع المغيث " (2/ 400):
" وفي حديث أبيٍّ في ذكر موسى حين سئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا " فعتب الله عليه " العتبُ: أدنى الغضب " ا. هـ.
وهذا منه رحمه الله إثباتٌ لهذه الصفة بمعناها، وهو أدنى الغضب.
ـ الإمام الموفق ابن قدامة المقدسي
قال رحمه الله في معرض رده على ابن عقيل:
" فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/114)
وأما قوله في مسألة القرآن فالكلام فيها في فصلين أحدهما في الصوت الذي بدأ بإنكاره
فنقول ثبت أن موسى سمع كلام الله تبارك وتعالى منه بغير واسطة
فإنه لو سمعه من شجرة أو حجر أو ملك لكان بنو إسرائيل أفضل منه في ذلك لأنهم سمعوه من موسى نبي الله وهو أفضل من الشجرة والحجر
فلم سمي موسى إذا كليم الرحمن ولم قال الله تعالى يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي وقال تعالى فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك ولا يقول له هذا إلا الله تعالى
وإذا ثبت هذا فالصوت ما سمع وما يتأتى سماعه
وقد جاء ذكر الصوت مصرحا به في الأخبار الواردة
قال عبد الله بن الإمام أحمد قلت لأبي يا أبه إن الجهمية يزعمون أن الله تعالى لا يتكلم بصوت؟ فقال: كذبوا إنما يدورون على التعطيل
ثم قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن سليمان بن مهران الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء
قال السجزي: وما في رواة هذا الحديث إلا إمام مقبول وقد روي مرفوعا إلى رسول الله
وفي حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أن الله تعالى يناديهم يوم القيامه بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان وهو حديث مشهور ا. هـ
ثم قال:
" ثم نقول بل الصوت هو ما يتأتى سماعه، وهذا هو الحد الصحيح الذي يشهد له العرف، فإن الصوت أبدا يوصف بالسماع
فتعلق السماع بالصوت كتعلق الرؤية بالمرئيات ثم ثبت بالخبر الصحيح إضافة الصوت إلى الله تبارك وتعالى
والنبي أعلم بالله تبارك وتعالى وأصدق من المتكلمين الذين لا علم لهم ولا دين ولا دينا ولا آخرة، وإنما هم شر الخليقة الغالب عليهم الزندقة، وقد ألقى الله تعالى مقتهم في قلوب عباده وبغضهم إليهم
ثم لو ثبت أن الصوت في المشاهدات يكون من اصطكاك الأجرام فلم يكون كذلك في صفات الله سبحانه وتعالى " ا. هـ
فانظر إلى هذا الإمام وقد أثبت الصوت بمعناه المعروف كما هو صريح قوله:
" ثم نقول بل الصوت هو ما يتأتى سماعه، وهذا هو الحد الصحيح الذي يشهد له العرف "
فجعل للصوت المثبت حدا معروفا ويريد معنى معينا، لا الحد الذي هو بمعنى الكيف
وهذا ما لا يصدر من مفوض
ولابن قدامة ورع في هذا الباب ونظرة يظن من لمسها عنه أنها تدل على تفويض
وفي مراجعة لاحقة سأفصل في موقفه بعض التفصيل فقد ضاق بي الوقت وأنا الآن على سفر
ـ حسّان السنّة في وقته الإمام يحيى بن يوسف الصرصري الأنصاري ت656 هـ
قال عنه ابن القيم:
" المتفق على قبوله، والذي سار شعره مسيرة الشمس في الآفاق، واتفق على قبوله الخاصُّ والعامُّ أيّ اتفاق، ولم يزل ينشد في المجامع العظام ولا ينكر عليه أحد من أهل الإسلام "
قال يحيى بن يوسف الأنصاري الصرصري ت656 هـ
" ومذهبُه في الاستواء كمالكٍ ... وكالسلف الأبرار أهل التفضلِ
ومستوياً بالذات من فوق عرشه ولا تقل استولى، فمَن قال يبطلِ
فذلك زنديقٌ يقابل قسوة لذي خطْلٍ راوي لعيب معطلِ
نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص (316)
ـ العلامة ابن قيم الجوزية
قال ابن القيم في المدارج:
" فصل قال صاحب المنازل:
الدرجة الثانية: إجراء الخبر على ظاهره وهو أن تبقى أعلام توحيد العامة الخبرية على ظواهرها ولا يتحمل البحث عنها تعسفا ولا يتكلف لها تأويلا ولا يتجاوز ظواهرها ...
قال العلامة ابن القيم:
يشير الشيخ رحمه الله وقدس روحه بذلك إلى أن حفظ حرمة نصوص الأسماء والصفات بإجراء أخبارها على ظواهرها وهو اعتقاد مفهومها المتبادر إلى أذهان العامة ولا يعني بالعامة الجهال بل عامة الأمة كما قال مالك رحمه الله وقد سئل عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى طه: 5 كيف استوى
فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء معلوم والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
ففرق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة وبين الكيف الذي لا يعقله البشر وهذا الجواب من مالك رضي الله عنه شاف عام في جميع مسائل الصفات
فمن سأل عن قوله: إنني معكما أسمع وأرى طه: 46 كيف يسمع ويرى أجيب بهذا الجواب بعينه فقيل له: السمع والبصر معلوم والكيف غير معقول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/115)
وكذلك من سأل عن العلم والحياة والقدرة والإرادة والنزول والغضب والرضى والرحمة والضحك وغير ذلك فمعانيها كلها مفهومة وأما كيفيتها: فغير معقولة إذ تعقل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها فإذا كان ذلك غير معقول للبشر فكيف يعقل لهم كيفية الصفات
والعصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل تثبت له الأسماء والصفات وتنفى عنه مشابهة المخلوقات فيكون إثباتك منزها عن التشبيه ونفيك منزها عن التعطيل فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل ومن شبهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثل ومن قال: استواء ليس كمثله شيء فهو الموحد المنزه
وهكذا الكلام في السمع والبصر والحياة والإرادة والقدرة واليد والوجه والرضى والغضب والنزول والضحك وسائر ما وصف الله به نفسه " ا. هـ
ـ الإمام ابن أبي العز الحنفي
قال في شرحه للطحاوية:
" ... التصريح بنزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، والنزول المعقول عند جميع الأمم إنما يكون من علو إلى سفل " ا. هـ
وقال في شرحه للطحاوية أيضا:
" ومن سمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف، وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر ...
ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات، مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم، لكان متصفا بضد ذلك، لأن القابل للشيء لا يخلو منه أو من ضده، وضد الفوقية السفول، وهو مذموم على الإطلاق، لأنه مستقر إبليس وأتباعه وجنوده "
وقال:
" التصريح بالفوقية مقرونا بأداة"من"المعينة للفوقية بالذات، كقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} "
وقال الإمام ابن أبي العز:
" فله سبحانه وتعالى فوقية القهر، وفوقية القدر، وفوقية الذات ومن أثبت البعض ونفى البعض فقد تنقص، وعلوه تعالى مطلق من كل الوجوه " ا. هـ
ـ العلامة قاسم بن عيسى بْنُ نَاجِي المالكي
قال عن قول ابن أبي زيد بفوقية الذات:
" لَيْسَ هَذَا مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ إطْلَاقِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
كما في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني
ـ وقال الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني الشافعي من علماء القرن السادس في كتابه الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار ج2/ص607:
" - فصل
قد ذكرنا في أول الكتاب أن عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته بائن عن خلقه على العرش استوى " ا. هـ
ـ العلامة الحافظ عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب ت
قال في كتابه فتح الباري:
" وقد دل القرآن على ما دل عليه هذا الحديث في مواضع، كقوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ ([البقرة: 210]. وقال: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ([الأنعام:
158]، وقال: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ (ولم يتأول الصحابة ولا التابعون شيئاً من ذلك، ولا أخرجوه عن مدلوله، بل روي عنهم [ما] يدل على تقريره والإيمان به وامراره كما جاء " ا. هـ
تأمل قوله: " ولا أخرجوه عن مدلوله " فلهذا النصوص مدلول نثبته، ثم بين أن الذي روي عن السلف يدل على تقرير هذا المدلول وهل المدلول إلا المعنى ذاته
إلى أن قال:
" وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال، واشتقوا من ذلك لمن آمن بما أنزل الله على رسوله اسماء ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي افتراء على الله، ينفرون بها عن الإيمان بالله ورسوله.
وزعموا أن ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وأنتشاره - من باب التوسع والتجوز، وأنه يحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدح في الشريعة المحكمة المطهرة، وهو من جنس حمل الباطنية نصوص الإخبار عن الغيوب كالمعاد والجنةوالنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملهم نصوص الامروالنهي على مثل ذلك، وهذا كله مروق عن دين الإسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/116)
ولم ينه علماء السلف الصالح وأئمة الإسلام كالشافعي وأحمد وغيرهما عن الكلام وحذروا عنه، إلا خوفاً من الوقوع في مثل ذلك، ولو علم هؤلاء الأئمة أن حمل النصوص على ظاهرها كفر لوجب عليهم تبيين ذلك وتحذير الأمة منه؛ فإن ذلك من تمام نصيحة المسلمين، فكيف كان ينصحون الأمة فيما يتعلق بالاحكام العملية ويدعون نصيحتمهم فيما يتعلق بأصول الاعتقادات، هذا من أبطل الباطل " ا. هـ
فبين أن الظاهر الذي تدل عليه النصوص هو الذي نثبته ولا نؤوله وأن النصوص في هذا الباب على الحقيقة دون المجاز ونفى بشدة إلغاء هذه الظواهر بل اعتبره من أعظم أبواب القدح في الدين وكل هذا منطوق كلامه
فهل من الصدق في شيء بعد هذا أن يأتي أحد فيزعم أن ابن رجب لا يثبت المعاني الظاهرة؟!!
وقال رحمه الله:
" وقد صح عن ابن عباس أنه أنكر على من أستنكر شيئاً من هذه النصوص، وزعم أن الله منزه عما تدل عليه:
فروى عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة: ((تحاجت الجنة والنار))، وفيه:
((فلا تمتلي حتى يضع رجله)) - أو قال: ((قدمه - فيها)).
قال: فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس: ما فرق هؤلاء، يجدون رقة عند محكمة، ويهلكون عند متشابهه.
وخَّرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) عن عبد الرزاق."
تأمل إنكاره على من يزعم أن الله منزه عما تدل عليه النصوص من المعاني، فهو يدعو إلى إثبات المعاني التي تدل عليها هذه النصوص وهذا مناقض للتفويض
وقال أيضا في الفتح:
" ومن جملة صفات الله التي نؤمن بها، وتمر كما جاءت عندهم: قوله تعالى:
(وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ) [الفجر:22] ونحو ذلك مما دل على إتيانه ومجيئه يوم القيامة.
وقد نص على ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما.
وعندهما: أن ذلك من أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بمشيئته واختياره. وكذلك قاله الفضيل بن عياض وغيره من مشايخ الصوفية أهل المعرفة.
وقد ذكر حرب الكرماني أنه أدرك على هذا القول كل من أخذ عنه العلم في البلدان، سمى منهم: أحمد وإسحاق والحميدي وسعيد بن منصور.
وكذلك ذكره أبو الحسن الأشعري في كتابه المسمى بـ - الإبانة -، وهو من أجل كتبه، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه " ا. هـ
فإثباته المجيء والإتيان على أنه من أفعال الله التي تحصل بالمشيئة والاختيار هو من إثبات الصفة بمعناها
الإمام أبو الفداء إسماعيل ابن كثير صاحب التفسير
قال رحمه الله عن كتابات المأمون التي يستحث فيها القضاة على امتحان الناس بالقول بخلق القرآن:
" ومضمونها الاحتجاج على أن القرآن محدث وكل محدث مخلوق، وهذا احتجاج لا يوافقه عليه كثير من المتكلمين فضلا عن المحدثين، فإن القائلين بأن الله تعالى تقوم به الافعال الاختيارية لا يقولون بأن فعله تعالى القائم بذاته المقدسة مخلوق، بل لم يكن مخلوقا، بل يقولون هو محدث وليس بمخلوق، بل هو كلام الله القائم بذاته المقدسة، وما كان قائما بذاته لا يكون مخلوقا، وقد قال الله تعالى (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) وقال تعالى (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) فالأمر بالسجود صدر منه بعد خلق آدم، فالكلام القائم بالذات ليس مخلوقا، وهذا له موضع آخر.
وقد صنف البخاري كتابا في هذا المعنى سماه خلق أفعال العباد " ا. هـ
تأمل هذا المعنى الذي أثبته الإمام ابن كثير وانتصر له وتأمل قوله: " فالأمر بالسجود صدر منه بعد خلق آدم " وكذا الاستدلالات القرآنية الأخرى منه رحمه الله
وهذا المعنى من إثبات كون أفعاله تعالى هي منه غير مخلوقة وأنها قائمة به خلافا للأشاعرة الذي يحكمون على أفعال الله بأنها مخلوقة على أنها هي نفسها مفعولاته تعالى الله عما يقولون وما أدري كيف عقلوا أن الفعل هو المفعول؟!!
وهذا المعنى الذي أثبته ابن كثير من كون هذه الأفعال القائمة بذاته إنما تحصل باختياره ومشيئته فليست كلها قديمة وهي صفات له
كل هذا هو تحقيق لمعاني الصفات الفعلية وهذا تنكره عامة الأشاعرة وهو مناقض للتفويض.
وقال الإمام ابن كثير في تفسيره:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/117)
" (وَجَاءَ رَبُّكَ) يعني: لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم، بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد، فكلهم يقول: لست بصاحب ذاكم، حتى تنتهي النوبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: "أنا لها، أنا لها". فيذهب فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله في ذلك، وهي أول الشفاعات، وهي المقام المحمود كما تقدم بيانه في سورة "سبحان" فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا " ا. هـ
وقال في تفسيره:
" وأما قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما يُسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم، من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل. والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] بل الأمر كما قال الأئمة -منهم نُعَيْم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري -: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر". وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى عن الله تعالى النقائص، فقد سلك سبيل الهدى " ا. هـ
فقوله: " والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله " صريح في أن الظاهر المتبادر إلى أذهان غير المشبهين من أئمة السلف والسنة هو مثبت لله وهذا إثبات صريح لمعاني الصفات.
ومن باب أولى الظاهر المتبادر إلى أذهان الكل كحال أكثر النصوص مما يعترف به حتى المعطلة بأنه ظاهر متبادر ثم يزعمون أنه منفي، فهو عند الإمام ابن كثير مثبت ومراد
فلما علق الإمام ابن كثير إثبات المتبادر إلى الذهن من الصفة وهو المعنى الظاهر لها لما علقه بحال الناظر ولم يبطله من أصله دل على أن المعنى المتبادر في حقيقة الأمر هو ثابت عنده وإنما المنفي هو ما يلصقه المشبه بالنص.
وخصومنا بحمد الله يعترفون بأن ما ينفونه تأويلا أو تفويضا ونثبته نحن دونهم هو المتبادر إلى أذهان الجميع لكنهم يزعمون خلافا لابن كثير أنه تشبيه مطلقا
ومما يجلي لك موقف الإمام ابن كثير في الصفات موقفه من أهل الإثبات المشهورين به الذين يثبتون الصفات بمعانيها والذين تنفر منهم الأشاعرة ويصفهم بعضهم بالتشبيه والتجسيم كالإمام ابن أبي عاصم صاحب كتاب السنة
فقد قال في ترجمة ابن أبي عاصم:
" أبو بكر بن أبي عاصم صاحب السنة والمصنفات وهو: أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك ابن النبيل، له مصنفات في الحديث كثيرة، منها كتاب السنة في أحاديث الصفات على طريق السلف " ا. هـ
وقال ابن كثير عن الإمام ابن بطة الذي يصفه الأشاعرة بأقذع الأوصاف:
" أحد علماء الحنابلة وله التصانيف الكثيرة الحافلة في فنون من العلوم ... وأثنى عليه غير واحد من الأئمة وكان ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وقد رأى بعضهم رسول الله فقال يا رسول الله (ص) قد اختلفت علي المذاهب فقال عليك بابي عبدالله بن بطة ... "
ثم ذكر ملخص ما أجاب به ابن الجوزي عن الطعون التي وجهت لابن بطة.
وانظر أيضا ترجمته لأبي يعلى الذي يتهمه عامة الأشاعرة بالتجسيم وترجمته للإمام الدارمي بل قال عن كتابه الذي يصفه الأشاعرة بالتجسيم قال:
" وعثمان بن سعيد الدارمي مصنف الرد على بشر المريسي فيما ابتدعه من التأويل لمذهب الجهمية وقد ذكرناه في طبقات الشافعية "
فاعتبر الأقوال والتأويلات الذي نقضها الدارمي تمثل مذهب الجهمية وجلها تأويلات الأشاعرة.
ويكفي أنه عندما ترجم لوفاة شيخه ابن تيمية وجنازته استدل بعبارة الإمام أحمد: " قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز "
فجعل جنازة ابن تيمية امتحانا لخصوم السنة
ثم ذكر تفاصيل جنازته فقال:
" فصرخ صارخ وصاح صائح هكذا تكون جنائز أئمة السنة فتباكى الناس وضجوا عند سماع هذا الصارخ " ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/118)
بل كان يعرض مناظرات ابن تيمية مع خصومه من الأشاعرة مظهرا انحيازه إلى صف ابن تيمية ومن هذا قوله:
" وبحثوا في "الحموية" وناقشوه في أماكن منها، فأجاب عنها بما أسكتهم بعد كلام كثير ".
ويقول عن مناظرة شيخ الإسلام لهم في الواسطية:
" وقرئت عقيدة الشيخ تقي الدين "الواسطية" .. وحضر الشيخ صفي الدين الهندي، وتكلم مع الشيخ تقي الدين كلاماً كثيرا، لكن ساقيته لاطمت بحرا "
وقوله عن أحد المجالس التي عقدت لشيخ الإسلام لإخراجه من البلد وامتنع ابن تيمية من حضورها فقال ابن كثير في ذلك:
" فصمم [ابن تيمية] على عدم الحضور، ولم يلتفت إليهم ولم يعدهم شيئا، فطال عليهم المجلس فتفرقوا وانصرفوا غير مأجورين " ا. هـ
تأمل نفي الأجر عنهم فهو أمر خطير لا يكون إلا مع اعتقاده بطلان ما هم عليه مما خاصموه فيه
وغيرها من العبارات
ـ الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
قال في كتابه العلو:
" قلت: المتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولدة ما علمت أحدا سبقهم بها قالوا هذه الصفات تمر كما جاءت ولا تأول مع إعتقاد أن ظاهرها
غير مراد فتفرع من هذا أن الظاهر يعني به أمران أحدهما أنه لا تأويل لها غير دلالة الخطاب كما قال السلف الإستواء معلوم
وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها
يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف
وهذا هو مذهب السلف مع إتفاقهم أيضا أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته
الثاني أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة كما يتشكل في الذهن من وصف البشر فهذا غير مراد " ا. هـ
وقال في سير أعلام النبلاء:
" قَدْ صَارَ الظَّاهِرُ اليَوْم ظَاهِرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا حقّ، وَالثَّانِي بَاطِل، فَالحَقّ أَنْ يَقُوْلَ: إِنَّهُ سمِيْع بَصِيْر، مُرِيْدٌ متكلّم، حَيٌّ عَلِيْم، كُلّ شَيْء هَالك إِلاَّ وَجهَهُ، خلق آدَمَ بِيَدِهِ، وَكلَّم مُوْسَى تَكليماً، وَاتَّخَذَ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، وَأَمثَال ذَلِكَ، فَنُمِرُّه عَلَى مَا جَاءَ، وَنَفهَمُ مِنْهُ دلاَلَةَ الخِطَابِ كَمَا يَليق بِهِ تَعَالَى، وَلاَ نَقُوْلُ: لَهُ تَأْويلٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ.
وَالظَّاهِرُ الآخر وَهُوَ البَاطِل، وَالضَّلاَل: أَنْ تَعتَقِدَ قيَاس الغَائِب عَلَى الشَّاهد، وَتُمَثِّلَ البَارِئ بِخلقه، تَعَالَى الله عَنْ ذَلِكَ، بَلْ صفَاتُهُ كَذَاته، فَلاَ عِدْلَ لَهُ، وَلاَ ضِدَّ لَهُ، وَلاَ نَظيرَ لَهُ، وَلاَ مِثْل لَهُ، وَلاَ شبيهَ لَهُ، وَلَيْسَ كَمثله شَيْء، لاَ فِي ذَاته، وَلاَ فِي صفَاته، وَهَذَا أَمرٌ يَسْتَوِي فِيْهِ الفَقِيْهُ وَالعَامِيُّ-وَاللهُ أَعْلَمُ " ا. هـ
وقال مقررا أن كيفية الصفات تجهل ولا تُنفى والمعنى المنفي هو المعنى اللازم فقال في العلو له:
" وهو قول أهل السنة قاطبة، أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم، كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نتعمق ولا نتحذلق، لا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف، كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل، لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره، والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أن الله جل جلاله، لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً " ا. هـ
ـ الإمام أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبدالرحمن الملطي الشافعي
قال الملطي الشافعي رحمه الله:
" ومما يدل على أن الله تبارك وتعالى ينزل كيف يشاء إذا شاء، صعودُه إلى السماء واستواؤُه على العرش، فزعمت الجهمية وقالت من يخلفه إذا نزل؟؟
قيل لهم: فمن خلفه في الأرض حين صعد؟!
علمه بما في الأرض كعلمه بما في السماء، وعلمه بما في السماء كعلمه بما في الأرض سواء لا يختلف
ومما يدل على ذلك قوله عز و جل: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك) وقوله: (وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا) وقوله: (ويوم يعرض الذين كفروا على النار) وقوله: (وجاء ربك والملك صفا صفا)
إلى أن قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/119)
" وإنما تحيرت الجهمية وضلت عقولهم حين قالوا إن الله لا يخلو منه شيء، ولا يزول عن موضعه، فأسرع إلى الجهال قولهم وكذلك ربنا جل وعز ولكن ليس بمنزلة الخلق في نزوله وليس أحد من الخلق يصير عن مكانه وموضع كان فيه إلى مكان غيره إلا وهو زائل عن موضعه ومكانه الأول لنفسه وعلمه لجهله بما يحدث بعده على مكانه وموضعه الأول وإن الله تبارك وتعالى لما استوى من الأرض إلى السماء أو نزل من سماء إلى سماء أو إلى الأرض لا يعزب عن علمه شيء في السموات ولا في الأرض، علمه بما فيهن بعد الاستواء وبعد النزول كعلمه بهن قبل ذلك لم ينقص الاستواء في النزول من علمه ولا زاد تركه في علمه فمن كان هذا حاله فليس بزائل عن خلقه ولا خلقه بخال من علمه تبارك الله رب العالمين " ا. هـ
ـ الإمام محمد بن عبد الوهاب
قال في كتابه " المسائل التي خالف النبي ص أهل الجاهلية ":
" وخصوم السلفيين يرمونهم بهذا الاسم [يعني الحشوية] , تنفيرا للناس عن اتباعهم والأخذ بأقوالهم, حيث يقولون في المتشابه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}.
وقد أخطأت استهم الحفرة , فالسلف لا يقولون بورود ما لا معنى له لا في الكتاب ولا في السنة, بل يقولون في الاستواء مثلا: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإقرار به إيمان, والجحود به كفر"2
وقد أطال الكلام في هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه، ولخص ذلك في كتابه " جواب أهل الإيمان في التفاضل بين آيات القرآن " ا. هـ
هذا من الشيخ قاطع للنزاع فهو قد أنكر بمنطوق كلامه مذهب المفوضة ونزه السلف عن طريقتهم واعتبرهم خصوم مذهب السلف فكيف ينسب له التفويض وهل الذي عزاه لشيخ الإسلام في كثير من كتبه هو التفويض؟!!
وفي معرض رده على أحدهم يقول في رسائله:
" وقوله في الكتاب ومذهب أهل السنة إثبات من غير تعطيل ولا تجسيم ولا كيف ولا أين إلى آخره وهذا من أبين الأدلة على أنه لم يفهم عقيدة الحنابلة ولم يميز بينها وبين عقيدة المبتدعة وذلك أن إنكار الأين من عقائد أهل الباطل وأهل السنة يثبتونه اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح أنه قال للجارية أين الله؟ فزعم هذا الرجل أن إثباتها مذهب المبتدعة وأن إنكارها مذهب أهل السنة ...
وقوله أيضاً ويثبتون ما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم من السمع والبصر والحياة والقدرة والإرادة والعلم والكلام إلى آخره، وهذا أيضاً من أعجب جهله وذلك أن هذا مذهب طائفه من المبتدعة يثبتون الصفات السبع وينفون ما عداها ولو كان في كتاب الله ويؤولونه. وأما أهل السنة فكل ما جاء عن الله ورسوله أثبتوه وذلك صفات كثيرة " ا. هـ
حتى قال الشيخ محمد رشيد رضا مدافعا عنه ضد بعض خصومه مبينا مجانبته للتفويض:
" إن ما ذكره من العقائد التي زعم أن ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأمثالهم أباحوا بها حمى التوحيد، وهتكوا ستوره بإثباتهم لله تعالى صفة العلو والاستواء على العرش .. إلخ، وإنما أثبتوا بها كسائر أهل السنة ما أثبته الله تعالى في كتابه المعصوم وفي سنة خاتم أنبيائه المعصوم المبيّنة له.
فهم يثبتون تلك النصوص بمعانيها الحقيقية بدون تأويل، ولكن مع إثبات التنزيه فهم متبعون في ذلك لسلف الأمة الصالح غير مبتدعين له، وإنما ابتدع التأويل الجهمية والمعتزلة وأتباعهم من الروافض بشبهة تنزيه الله تعالى عن التجسيم والتشبيه.
وأما شبهة المبتدعة المتأولين فهي تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه التي يعبرون عنها في تأويل بعض الصفات بالتجسيم والتحيز وغيرهما من لوازم الأجسام، فبهذه الشبهة عطلوا أكثر صفات الله حتى صارت عندهم في حكم العدم. والسلف الصالح أعلم منهم بمعاني النصوص، وبما يجب الإيمان به، وأشد منهم تنزيها للرب - إلى أن قال-: والقاعدة في ذلك أن تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه قد ثبت بدليل العقل والنصوص القطعية من النقل كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} وأن السلف يجمعون بين الأمرين: تنزيه الرب سبحانه ووصفه بما وصف به نفسه من الرحمة والمحبة والرضا والغضب وغير ذلك، وعدم التحكم في التفرقة بين هذه الصفات وصفات العلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام " ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/120)
وكان الإمام محمد بن عبد الوهاب يلهج بمجانبة الأشاعرة والتحذير منهم، وكتبه مليئة بهذا، ولو كان مفوضا لاستثنى طريقتهم في التفويض فدل على أنه ينكر عامة مذهبهم وهو صريح عباراته
ومن إثباته الحقيقي للصفات حتى اتهمه بالتجسيم جماعة من خصومه لا يحصون تجد ذكرهم في كتاب " دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب "
فانظر إلى ظلم المخالفين لمذهب السلف بعضهم يتهمه بالتجسيم والآخر ينسب له التفويض تشويشا ومشاكسة وكلا الفريقين بعيد كل البعد في هذا عن مراقبة الله والإعداد ليوم الحساب (وسيعلم الذين ظلموا) أو شوشوا وشغبوا (أي منقلب ينقلبون)
الإمام محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي ت
قال رحمه الله في كتابه لوامع الأنوار البهية:
" ومذهب السلف من الفرقة الناجية بين التعطيل وبين التمثيل، فلا يمثلون صفات الله - تعالى - بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذاته بذوات خلقه، ولا ينفون ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، فيعطلون أسماءه الحسنى وصفاته العلى، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسماء الله - تعالى - وآياته، وليس في العقل الصريح، ولا في النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية أصلا، فالنبي المعصوم - صلوات الله عليه وسلامه - مع كمال علمه، وقدرته وإرادته، وشدة حرصه على هداية أمته، وبلاغ نصحه وشفقته عليهم أرشدهم إلى هذا السبيل، وكذا الصحابة والتابعون لهم بإحسان، فالسلف في إثبات الصفات كالذات على الاستقامة.
وأما المنحرفون عن طريقهم، فثلاث طوائف: أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل ...
(وأهل التأويل) هم الذين يقولون: إن النصوص الواردة في الصفات، لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل، ولكن قصد بها معاني، ولم يبين لهم ذلك، ولا دلهم عليها، ولكن أراد أن ينظروا، فيعرفوا الحق بعقولهم، ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها، ومقصوده امتحانهم وتكليفهم وإتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوه عن مدلوله ومقتضاه، ويعرفوا الحق في غيره وسواه. وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة، ومن نحا منحاهم. ولا يخفى ما في ضمن كلام هؤلاء من قصد الإضلال، وعدم النصح، ومناقضة ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - وما وصفه الله به من الرأفة والرحمة، وقد تظاهر هؤلاء بنصر السنة، وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا، بل فتحوا لأهل الإلحاد الباب، وسلطوا القرامطة الباطنية من ذوي الفساد على الإلحاد في السنة والكتاب.
(وأهل التجهيل) هم الذين يقولون: إن الرسول لم يعرف معاني ما أنزل عليه من آيات الصفات، ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك، وكذلك قولهم في أحاديث الصفات، وأن الرسول تكلم بكلام لا يعرف معناه، وهذا قول كثير من المنتسبين إلى السنة واتباع السلف، فيقولون في آيات الصفات وأحاديثها: لا يعلم معرفتها إلا الله، ويستدلون بقوله - تعالى: ({وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ})، ويقولون: تجرى على ظاهرها، وظاهرها مراد مع قولهم: إن لها تأويلا بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله " ا. هـ
فجعل الإمام السفاريني بنص كلامه المفوضة من أهل التجهيل ونص على أنهم منحرفون عن طريق السلف مشاركون في هذا الانحراف للفلاسفة والمعتزلة ومن سار على طريقهم
ومن كلامه الدال على مجانبته للمفوضة في كتابه اللوامع قوله:
" (قد استوى) على عرشه من فوق سبع سماواته استواء يليق بذاته (كما ورد) في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والنصوص السلفية، مما لا يحصى ويتعذر أن يستقصى، فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسول الله من أولها إلى آخرها ثم عامة كلام الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان - رحمهم الله تعالى - ثم كلام سائر أئمة الدين ممن تلوى على كلامهم الخناصر، ولا ينازع فيه إلا كل معاند ومكابر بأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه " ا. هـ
فصرح هنا بمعنى الاستواء وأنه استواء الذات
ثم أطال في إثبات العلو بكلام شيخ الاسلام وأعقبه السفاريني نفسه بقوله:
" وهذا كلام متين لا مخلص لأحد عنه "
وقرر من خلال أقوال العلماء عبارة استواء الذات وعبارة الجهة
انظر (1/ 196 ـ 197)
حتى قال (1/ 198 ـ 199)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/121)
" إذا علمت هذا فاعلم أن كثيرا من الناس يظنون أن القائل بالجهة أو الاستواء هو من المجسمة، لأنهم يتوهمون أن من لازم ذلك التجسيم، وهذا وهم فاسد، وظن كاذب، وحدس حائد "
ونقل مقرا:
" وإذا ثبت أن موسى - عليه السلام - إنما سمع من الله - عز وجل - لم يجز أن يكون الكلام الذي سمعه إلا صوتا وحرفا، فإنه لو كان معنى في النفس وفكرة ورؤية، لم يكن ذلك تكليما لموسى ولا هو شيء يسمع، والفكر لا يسمى مناداة، فإن قالوا: نحن لا نسميه صوتا مع كونه مسموعا، قلنا: هذا مخالفة في اللفظ مع الموافقة في المعنى، فإنه لا يعنى بالصوت إلا ما كان مسموعا ثم إن لفظ الصوت قد صحت به الأخبار "
وقال:
" والحاصل أن مذهب الحنابلة كسائر السلف أن الله - تعالى - يتكلم بحرف وصوت
وقال:
" واحتج بها البخاري وغيره من أئمة الحديث على أن الحق - جل شأنه - يتكلم بحرف وصوت، وقد صححوا هذا الأصل واعتقدوه، واعتمدوا على ذلك منزهين الله - تعالى - عما لا يليق بجلاله من شبهات الحدوث وسمات النقص، كما قالوا في سائر الصفات، فإذا رأينا أحدا من الناس مما لا يقدر عشر معشار هؤلاء يقول: لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث واحد أنه تكلم بحرف وصوت، ورأيت هؤلاء الأئمة قد دونوا هذه الأخبار وعملوا بها، ودانوا الله - سبحانه وتعالى - بها، وصرحوا بأن الله - تعالى - تكلم بحرف وصوت لا يشبهان صوت مخلوق ولا حرفه بوجه ألبتة، معتمدين على ما صح عندهم عن صاحب الشريعة المعصوم في أقواله وأفعاله، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، مع اعتقادهم الجازم الذي لا يعتريه شك ولا وهم ولا خيال - نفي التشبيه والتمثيل، والتحريف والتعطيل، بل يقولون في صفة الكلام كما يقولون في سائر الصفات، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، كما عليه سلف الأمة وفحول الأئمة، فهو حق اليقين بلا محال، وهل بعد الحق إلا الضلال ".
وقال السفاريني -رحمه الله-:
" وقد أكثر العلماء من التصنيف، وأجلبوا بخيلهم ورَجِلِهم من التأليف، في ثبوت العلوّ والاستواء ونبّهوا على ذلك بالآيات والحديث وما حوى، فمنهم الراوي الأخبارَ بالأسانيد، ومنهم الحاذفُ لها وأتى بكلِّ لفظٍ مفيدٍ، ومنهم المُطَوِّل المُسهِب، ومنهم المُختصِر والمتوسِّط والمهذِّب، فمن ذلك ((مسألة العلوّ)) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و ((العلوّ)) للإمام الموفق صاحب التصانيف السنيّة، و ((الجيوش الإسلاميّة)) للإمام المحقق ابن قيِّم الجوزية، و ((كتاب العرش)) للحافظ شمس الدين الذهبي صاحب الأنفاس العليّة، وما لا أُحصي عدّهم إلاّ بكُلْفة، والله تعالى الموفِّق " ا. هـ
بل الإمام السفاريني في كتابه لوامع الأنوار البهية لايكاد يقرر صفة من الصفات إلا من خلال كلام ابن تيمية حتى أنه نقل عنه في أكثر من مائة وثمانين موطنا (180) في كتابه الذي لم يجاوز أربعمائة وسبعين صفحة ولا أقول ورقة (470)
فهل يقال إنه مفوض مع كل هذا
الإمام العلامة محمد بن علي الشوكاني ت هـ
قال الإمام الشوكاني في رسالته " التحف " وهو كتيب خاص بمسائل الصفات:
" ومن جملة الصفات التي أمرها السلف على ظاهرها وأجروها على ما جاء به القرآن والسنة من دون تكلف ولا تأويل صفة الاستواء التي ذكرها السائل يقولون نحن نثبت ما أثبته الله لنفسه من استوائه على عرشه على هيئة لا يعلمها إلا هو وكيفية لا يدري بها سواه ولا نكلف أنفسنا غير هذا فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا تحيط عباده به علما وهكذا يقولون في مسألة الجهة التي ذكرها السائل وأشار إلى بعض ما فيه دليل عليها والأدلة في ذلك طويلة كثيرة في الكتاب والسنة وقد جمع أهل العلم منها لا سيما أهل الحديث مباحث طولوها بذكر آيات قرآنية وأحاديث صحيحة وقد وقفت من ذلك على مؤلف بسيط في مجلد جمعه مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي رحمه الله استوفى فيه كل ما فيه دلالة على الجهة من كتاب أو سنة أو قول صاحب مذهب والمسألة أوضح من أن تلتبس على عارف وأبين من أن يحتاج فيها إلى التطويل " ا. هـ
فماذا بعد هذا الإثبات الصريح
وقال أيضا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/122)
" والحق هو ما عرفناك من مذهب السلف الصالح فالاستواء على العرش والكون في تلك الجهة قد صرح به القرآن الكريم في مواطن يكثر حصرها ويطول نشرها وكذلك صرح به رسول الله صلى الله عليه و سلم في غير حديث بل هذا مما يجده كل فرد من أفراد الناس في نفسه وتحسه في فطرته وتجذبه إليه طبيعته كما نراه في كل من استغاث بالله سبحانه وتعالى والتجأ إليه ووجه أدعيته إلى جنابه الرفيع وعزه المنيع فإنه يشير عند ذلك بكفه أو يرمي إلى السماء بطرفه " ا. هـ
ــ ع العلامة محمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشميري
قال رحمه الله:
" ودل ماروينا على رغم أنف من قال بأن أبا حنيفة جهمي عياذاً بالله، فإن أبا حنيفة قائل بما قال السلف الصالحون، فالحاصل أن نزول الباري إلى سماء الدنيا نزول حقيقة يحمل على ظاهره ويفوض تفصيله وتكييفه إلى الباري عز برهانه، وهو مذهب الأئمة الأربعة والسلف الصالحين " ا. هـ
ـــ ماذا نسمي هذا؟ هل هو تأويل؟ أم تفويض؟ وإن لم يكن فما هو وماذا نسميه؟!
هذا اعتراف من هذا العالم الماتريدي الحنفي بما كان عليه أبو حنيفة والسلف من إثبات الصفات الخبرية كالنزول إثباتا حقيقيا والاقتصار في التفويض على تفويض المعنى التفصيلي الذي هو نوع من التكييف أما أصل المعنى وهو حقيقة الصفة فهو مثبت
وقال الكشميري:
"
وأما تفويض السلف فيحتمل المعنيين:
أحدهما: تفويض الأمر إلى الله وعدم الإنكار على من تأول كيف ما تأول بسبب إقرارهم بعدم العلم.
ثانيهما: تفويض التفصيل والتكييف إلى الله تعالى والإنكار على من تأول برأيه وعقله ومرادهم هو الاحتمال الثاني لا الأول " ا. هـ
ـــ العلامة ناصر بن عبد الرحمن السعدي
قال في تفسيره عن صفة النور:
" النور الحسي والمعنوي وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه نور الذي لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وبه استنار العرش والكرسي والشمس والقمر، وبه استنارت الجنة وكذلك المعنوي يرجع إلى الله، فكتابه نور، وشرعه نور، والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات؛ ولهذا كل محل يفقد نوره فَثَمَّ الظلمة والحصر " ا. هـ
وقال:
" لفظ "استوى" في القرآن على ثلاثة أوجه: إن عدي بـ "على" كان معناه العلو والارتفاع، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} "
وقال:
"العلي الأعلى" وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر. فهو الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى " ا. هـ
وقال:
{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} العلي في ذاته، فهو عال على جميع المخلوقات وفي قدره، فهو كامل الصفات، وفي قهره لجميع المخلوقات، الكبير في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه، أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، ومن كبريائه، أن كرسيه وسع السماوات والأرض
ذكر قوله تعالى (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا) ثم قال:
" وفي هذه الآية دليل على علو الله تعالى واستوائه على عرشه حقيقة، كما دلت على ذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تلقاها أهل السنة بالقبول والإيمان والتسليم "
وقال:
وينزل الباري [تبارك] تعالى: {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} ليفصل بين عباده بالقضاء العدل.
فتوضع الموازين، وتنشر الدواوين، وتبيض وجوه أهل السعادة وتسود وجوه أهل الشقاوة، ويتميز أهل الخير من أهل الشر، وكل يجازى بعمله، فهنالك يعض الظالم على يديه إذا علم حقيقة ما هو عليه.
وهذه الآية وما أشبهها دليل لمذهب أهل السنة والجماعة، المثبتين للصفات الاختيارية، كالاستواء، والنزول، والمجيء، ونحو ذلك من الصفات التي أخبر بها تعالى، عن نفسه، أو أخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، فيثبتونها على وجه يليق بجلال الله وعظمته، من غير تشبيه ولا تحريف، خلافا للمعطلة على اختلاف أنواعهم، من الجهمية، والمعتزلة، والأشعرية ونحوهم، ممن ينفي هذه الصفات، ويتأول لأجلها الآيات بتأويلات ما أنزل الله عليها من سلطان، بل حقيقتها القدح في بيان الله وبيان رسوله، والزعم بأن كلامهم هو الذي تحصل به الهداية في هذا الباب، فهؤلاء ليس معهم دليل نقلي، بل ولا دليل عقلي، أما النقلي فقد اعترفوا أن النصوص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/123)
الواردة في الكتاب والسنة، ظاهرها بل صريحها، دال على مذهب أهل السنة والجماعة، وأنها تحتاج لدلالتها على مذهبهم الباطل، أن تخرج عن ظاهرها ويزاد فيها وينقص، وهذا كما ترى لا يرتضيه من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
وقال:
{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ} أي: الأيمن من موسى في وقت. مسيره، أو الأيمن: أي: الأبرك من اليمن والبركة. ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} والفرق بين النداء والنجاء، أن النداء هو الصوت الرفيع، والنجاء ما دون ذلك، وفي هذه إثبات الكلام لله تعالى وأنواعه، من النداء، والنجاء، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافا لمن أنكر ذلك، من الجهمية، والمعتزلة، ومن نحا نحوهم.
وقد ذكرت كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ السعدي لوجود أحد المشوشين ممن زعم أنهما يفوضان وإلا فإنني قد كسلت عن ذكر كثير من أهل العلم المعروفين بالإثبات
فصل في الكيف في الصفات وبيان مذهب السلف فيه
من المسائل المتممة لمبحث التفويض والمهمة في تحقيق التصور السليم والتام لهذا الباب هو مسألة الكيف في الصفات
وقبل بيان المراد من هذا الفصل أبين باختصار تعريف التكييف والفرق بينه وبين التمثيل والتشبيه:
فالتكييف وصف دقيق أو مفصل أو تام للصفة
والتشبيه وصف للموصوف بصفة الغير إجمالا
والتمثيل وصف للموصوف بصفة الغير تفصيلا
فكل ممثل مكيف مشبه وكل مشبه مكيف وليس كل مكيف ممثل
فلم يختلف أهل السنة قاطبة وكذا (من جهة نظرية) المعطلة الجهمية ومن سار على خطاهم لم يختلفوا في أن تكييف صفات الله أمر محرم لا يجوز الولوج فيه فضلا عن الخوض
لكن ليس المهم هو الاتفاق لفظيا ونظريا على غرار الشعارات ثم الاختلاف في حقيقة الأمر ومخالفة النصوص تسترا وراء ذلك الشعار
وإنما المهم هو فهم التكييف فهما صحيحا ثم موافقة النصوص وما كان عليه السلف في ذلك.
فبالنظر إلى النصوص الشرعية وما كان عليه سلفنا الصالح وجدنا التالي بما لا مجال للشك فيه:
أ ـ أن هناك كيفا منفيا عن الله مطلقا وهو تكييف الصفات بكيفية صفات الخلق، مصداقا لقوله تعالى: (ولا يحيطون به علما).
ب ـ وهناك كيف منفي من جهة علمنا به وهو غير منفي في أصله وهو المتعلق بكنه الصفات وحقائقها.
فالأول تكييف وهذا كيف.
ج ـ ووجدنا باستقراء كلام السلف أن الكيفية ليست هي إثبات معاني الصفات الظاهرة فأصل معنى الصفة شيء والكيفية التي تتعلق بمعانيها التفصيلية شيء آخر.
ففرق بين المعنى الظاهر وبين الكيف أي (بين المعنى المجمل والمعنى المفصل)
فالمعنى الظاهر للصفة والمجمل هو غير المعنى المفصل الذي يشترك في كثير من صوره مع الكيف
وإليك هذا المثال الواضح الذي جاء فيه الكيف معبَّرا عنه بلفظ المعنى والمراد منه في المثال باتفاق المعنى التفصيلي:
روى الإمام الأصبهاني قوام السنة بسنده في كتابه الحجة حديث الرؤية: "إنكم تنظرون إلى ربكم كما تنظرون إلى القمر ليلة البدر "
وفيه:
" فقال رجل في مجلس يزيد بن هارون الواسطي: يا أبا خالد، ما معنى هذا الحديث؟
فغضب وحرد وقال: ما أشبهك بصبيغ وأحوجك إلى مثل ما فعل به، ويلك، من يدري كيف هذا؟ " ا. هـ
وكون المسؤول عنه وهو الرؤية وأنه معلوم المعنى فهذا باتفاقنا وأكثر مخالفينا وهو يبين بجلاء أن المراد بالمعنى المنفي هو المعنى التفصيلي الذي هو ولوج في الكيفية
وإلا فلا أحد منهم يقول بأن الرؤية لا يُعلم معناها، بل هم يصرحون بأنها رؤية العباد لربهم بأبصارهم حقيقة وأن التشبيه في الحديث برؤية القمر هو تشبيه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي
فهناك فرق بين أصل معنى الصفة وبين كيفيتها
وحتى تتضح الصورة ونحسم الإشكال نسأل المخالف سؤالا صريحا وواضحا:
أنت تزعم أنك تثبت لله صفة السمع والبصر والقدرة ونحوها مما تسمونه الصفات العقلية وتثبتون معانيها وتحتجون بهذا على أنكم مجانبون للجهمية والمعتزلة الذين يؤولونها
فيا ترى بإثباتك لها هل أنت مكيف لها أم تفرق بين إثباتك لمعاني هذه الصفات وبين تكييفها؟!!
لا يخلو جوابك من أحد أمرين:
ـ إما أن تعترف بأن هناك فرقا بين إثبات المعنى وإثبات الكيف فلا يكون من أثبت المعنى قد كيّف وبهذا يسقط اعتراضك من أصله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/124)
ـ وإما أن تصر على دعوى أنه لا فرق ومن أثبت المعنى فقد كيّف وعلى هذا فأنت قد كيفت السمع والبصر والقدرة ..
وعليه فما جاز لك في هذه الصفات جاز لنا في غيرها ولا نوافقك على أنه تكييف فسمه أنت ما شئت
ثم إن كان عندك إثبات صفة السمع بمعنى الإدراك الحقيقي لنفس الأصوات إن كان هذا تكييفا فماذا نسمي إثبات المعاني التفصيلية للسمع القائمة على إثبات كيفيات لحصوله
أليس هذا هو التكييف؟ أم أننا سنجمع بين المتفرقات ونسمي الجميع تكييفا؟!!
لعل هذا الخلط ناشئ عن الخلط السابق
وما سبق بيانه مني سأدلل عليه بأقوال لأئمة السلف ومن سار على نهجهم من أئمة أهل السنة الموثوق بهم
أما الفقرة الأولى فهي محل اتفاق ولا خلاف فيها كمبدإ وإنما الخلاف في التطبيق وهو ما سنبينه في الفقرة (ج)
ومع هذا سأكتفي ببعض عبارات الأئمة لجلاء تلك الفقرة أعني (أ)
قال الإمام اللالكائي في كتابه شرح الاعتقاد:
" وسئل محمد بن جعفر عن قول الله تعالى الرحمن على العرش استوى قال من زعم أن الله استوى على العرش استواء مخلوق على مخلوق فقد كفر ومن اعتقد أن الله استوى على العرش استواء خالق على مخلوق فهو مؤمن
والذي يكفي في هذا أن يقول إن الله استوى على العرش من غير تكييف " ا. هـ
وقال الإمام الدارمي في نقضه:
" فكما نحن لا نكيف هذه الصفات لا نكذب بها كتكذيبكم ولا نفسرها كباطل تفسيركم " ا. هـ
وقال الإمام الأشعري:
" وندين الله عز و جل بأنه يقلب القلوب بين أصبعين من أصابعه وأنه سبحانه يضع السماوات على أصبع والأرضين على (1/ 27) أصبع كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم من غير تكييف " ا. هـ
وقال الإمام إسماعيل الأصبهاني في " الحجة " له:
" ولا نكيف صفات الله عز وجل، ولا نفسرها تفسير أهل التكييف و التشبيه، و لا نضرب لها الأمثال، بل نتلقاها بحسن القبول تصديقاً " ا. هـ
فلا يجوز التكييف مطلقا وليس لأحد أن يكيف أي صفة لا خبرية ولا عقلية لأنه قائم على القياس في حق من لا نظير له ولا شبيه
وهذا يمثل أصلا كليا في هذا الباب لا ينخرم
لكن نفي التكييف من قِبَلنا لا يلزم منه نفي الكيف في حقيقة الصفة وعليه فما سيأتي عن أئمة السلف والسنة من اعتقاد وجود كيف للصفات في حقائقها وكنهها لكن لا نعلمه لا يعارض نفي التكييف
لأن ترك التكييف سببه عدم العلم بالكيف لا انعدام الكيف
قال الإمام ابن أبي زمنين المالكي:
" فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه، | ووصفه بها نبيه، وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير | فسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. لم تره العيون فتحده | كيف هو كينونيته، لكن رأته القلوب في حقائق الإيمان به. "
فالسبب في عدم التكييف هو عدم العلم به برؤية أو نحوها لا لأنه لا كيف له أصلا
وروى الأثرم في السنة وأبو عبد الله بن بطة في الإبانة وأبو عمرو الطلمنكي وغيرهم بإسناد صحيح عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون أنه قال:
" فإنه لا يعلم كيف هو إلا هو. وكيف يُعرف قدر من لم يبدأ ومن لا يموت ولا يبلى؟ وكيف يكون لصفة شيء منه حد أو منتهى - يعرفه عارف أو يحد قدره واصف؟ - على أنه الحق المبين لا حق أحق منه ولا شيء أبين منه " ا. هـ
فهنا بين أن له كيفا ولكنه غير معلوم لدينا
قال العقيلي في " الضعفاء " والخلال في " السُّنَّة " كلاهما:
أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا أحمد بن محمد المقدمي، حدثنا سليمان بن حرب، قال: سأل بشر بن السري حماد بن زيد، فقال: يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء: ((ينزل الله إلى السماء الدنيا)) يتحول من مكان إلى مكان؟
فسكت حماد، ثم قال: ((هو في مكانه، يقرب من خلقه كيف شاء)
وهذا إسناد صحيح
ورواه ابن بطة في كتاب [الإبانة] فقال: حدثني أبو القاسم حفص بن عمر الأردبيلي، حدثنا أبو حاتم الرازي , حدثنا سليمان بن حرب، قال: سأل بشر بن السري ... فذكره بمثله
قال الإمام أحمد بن حنبل:
يضحك الله تعالى ولا يعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول وتثبيت القرآن "
رواه الخلال والأصبهاني التيمي في الحجة وابن بطة
أثبت أن الكيف لا يعلم لا أنه منعدم
وقال الخلال في كتاب السنة:
أخبرني عبيد اللّه بن حنبل، أخبرني أبي حنبل ابن أبي إسحق قال: قال عمي يعني أحمد بن حنبل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(60/125)