وأما بناء المساجد على القبور، فقد صَرَّح عامة الطوائف بالنهي عنه متابعةً للأحاديث الصحيحة، وصرح أصحابنا (يَعني: الحنابلة) وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريمه، وقال: وهذه المساجد المَبنيَّة على قبور الأنبياء والصالحين أو المُلوك وغيرهم: يَتعيَّن إزالتُها بهَدْم أو غيره، هذا مما لا أَعلم فيه خلافًا بين العلماء المَعروفين (المصدر السابق: ص240).
وإذا كان المسجد بُني على القبر يَجب إزالته كما قال العلماء، وخصوصًا إذا كان المسجد هو الطارئ على القبر، بخلاف العكس فإنَّ القبر هو الذي يَجبُ أن يُزال.
فمن الأولى والأوجب عند بناء المسجد أن يَبتعِد عن القبر، حتى لا يُصلِّي المسلم عليه ولا إليه، فقد نُهينا أن نُصلِّي إلى القبور أو عليها، ولا تكون هناك أي مشابهة لأهل الكتاب وغيرهم ممن اتخذوا القبور مساجد.
أما إذا كانت المقبرة قديمة، فيمكن الانتفاع بها، وخصوصًا إذا كانت لغير المسلمين فقد جاء في الصحيح أن المكان الذي بني فيه مَسجِد الرسول كان فيه قبور للمشركين، وأُزيل ما كان فيها من بقايا عظام.
وقد اختَلف الفقهاء فيما بينهم حول المدة التي يمكن الانتفاع بعدها بالمقبرة القديمة، والمقابر تَمْتَدُّ وتتَّسِعُ، ولا يمكن الناس ـ ولا سيما في عصر تَكاثُر السكان ـ أن يَستغنُوا عن هذه الأراضي القريبة من المدينة أو الواقعة في قلبها؛ لأنها كانت مقبرة في سالف الأزمان وغابر القرون، ولا سيما في البلاد التي لا تَتَمَتَّع بمساحات واسعة، فالضرورات أو الحاجات تَفرِض الانتفاع بالمقابر التي تَرَك الناس الدَّفْن بها من أزمنة طويلة، وقد قال الشاعر:
صاحِ هذي قبورنا تَملأ الرَّحْب فأين القبور مِن عَهْد عاد؟
خَفِّفِ الوَطءْ، ما أظن أديم الأرض إلا مِن هذه الأجساد
سِرْ إنِ استطعتَ في الهواء رويدًا لا اختيالاً على رُفات العباد
تَصيح بنا وإن قَدُم العهد هوان الآباء والأجداد
ولكنا لا نستطيع أن نُقِيم الأحكام الشرعية على الشِّعْر، فكيف نقيم مساجدنا إذن إذا كان أديم الأرض التي نَمشِي عليها من أجساد أجدادنا القُدامى!. والله أعلم
وهى منقولة من موقع (إسلام أون لاين.نت) والفتوى بتاريخ 19/ 06/2003
[ http://www.islamonline.net/servlet/Satellite ]
وله فتوى عن الخضر وهاك نص السؤال والفتوى:
نص السؤال: من هو الخضر؟ وهل هو نبي أو ولي؟ وهل هو حي إلى اليوم - كما يقول كثير من الناس وإن بعض الصالحين قد رآه أو اجتمع به. وإذا كان حيًا فأين يقيم، ولماذا لا يظهر ويفيد الناس بعلمه وخاصة في هذا الزمان؟ أرجو البيان الشافي.
نص الإجابة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الخضر هو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف حيث رافقه سيدنا موسى عليه السلام وتعلم منه.
اشترط عليه أن يصبر، فأجابه إلى ذلك، فقال له: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا، وظل معه، وهو عبد آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علمًا، ومشى معه في الطريق ورآه قد خرق السفينة فقال: أخرقتها لتغرق أهلها؟ ... إلى آخر ما ذكره الله عنه في سورة الكهف.
وكان موسى يتعجب من فعله، حتى فسّر له أسباب هذه الأمور وقال له في آخر الكلام: (وما فعلته عن أمري، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا) (الكهف: 82) يعني ما فعلت ذلك عن أمري، وإنما عن أمر الله تعالى.
بعض الناس يقولون عن الخضر: إنه عاش بعد موسى إلى زمن عيسى ثم زمن محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وأنه عائش الآن وسيعيش إلى يوم القيامة. وتنسج حوله القصص والروايات والأساطير بأنه قابل فلانًا، وألبس فلانًا خرقة، وأعطى فلانًا عهدًا ... إلى آخر ما يقصون وينسجون من أقاويل ما أنزل الله بها من سلطان.
ليس هناك دليل قط على أن الخضر حي أو موجود - كما يزعم الزاعمون - بل على العكس، هناك أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/78)
وأكتفي بأن أنقل فقرات من كتاب " المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف " للمحقق ابن القيم، يذكر في هذا الكتاب رحمه الله ضوابط للحديث الموضوع الذي لا يقبل في الدين، ومن هذه الضوابط " الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته، وكلها كذب، ولا يصح في حياته حديث واحد. فحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في المسجد، فسمع كلامًا من ورائه، فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر. وحديث: يلتقي الخضر ولياس كل عام وحديث: يجتمع بعرفة جبريل وميكائيل والخضر.
وسئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وأنه باق، فقال: ما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان.
وسئل الإمام البخاري عن الخضر والياس هل هما أحياء؟ فقال: كيف يكون هذا؟ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " (رواه الشيخان). وسئل عن ذلك كثير غيرهما من الأئمة فقالوا - مستدلين بالقرآن -: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإن مت فهم الخالدون)؟ (الأنبياء: 34).
وسئل عنه شيخ السلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، فقال:"لو كان الخضر حيًا لوجب عليه أن يأتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويجاهد بين يديه ويتعلم منه، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، فأين كان الخضر حينئذ؟
فالقرآن،والسنة، وكلام المحققين من علماء الأمة ينفي حياة الخضر كما يقولون.
القرآن يقول: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون)
فالخضر إن كان بشرًا فلن يكون خالدًا، حيث ينفي ذلك القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ فإنه لو كان موجودًا لجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد قال عليه الصلاة والسلام:"والله لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني" (رواه أحمد عن جابر بن عبد الله)
فإن كان الخضر نبيًا، فليس هو بأفضل من موسى، وإن كان وليًا فليس أفضل من أبي بكر.
وما الحكمة في أن يبقى طيلة هذه المدة - كما يزعم الزاعمون - في الفلوات والقفار والجبال؟ ما الفائدة من هذا؟ ليس هناك فائدة شرعية ولا عقلية من وراء هذا. إنما يميل الناس دائمًا إلى الغرائب والعجائب والقصص والأساطير، ويصورونها تصويرًا من عند أنفسهم ومن صنع خيالهم، ثم يضفون عليها ثوبًا دينيًا، ويروج هذا بين بعض السذج، ويزعمون هذا من دينهم، ولكن ليس هذا من الدين في شيء ... والحكايات التي تحكي عن الخضر إنما هي مخترعات ما أنزل الله بها من سلطان.
أما السؤال حول: هل هو نبي أو ولي؟ فالعلماء قد اختلفوا في ذلك، ولعل الأظهر أنه نبي كما يبدو من الآية الكريمة التي تلوناها من سورة الكهف ... (وما فعلته عن أمري) فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله، ومن وحيه لا من عند نفسه. فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي.
والله أعلم
نقلاً عن موقع إسلام أون لاين. نت
وله كذلك فتوى صوتية عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي موجودة على موقعه وموقع إسلام أون لاين ولم أستقص جميع أقواله في هذا المقال لقلة الوقت
وقد استقصيت جميع فتاوى الأزهريين في رسالتي (موافقة قتاوى الأزهريين لفتاوى الوهابيين)
تنبيه: للشيخ القرضاوى آراء تخالف منهج أهل السنة عفا الله عنا وعنه وإنما بينت موقفه فقط من الحركة الوهابية لكونه أزهرييا
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[17 - 05 - 08, 03:25 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك واصل وصلك الله بالفضائل
وبعدد تمامه أخرجه لنا بصورة منسقة
بوركت
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[17 - 05 - 08, 04:15 م]ـ
غفر الله لك تحشر السلفيين في بؤرة الأشاعرة لماذا
وأنت تعلم أن ممن ذكرت من كان أشعريا ثم تاب الله عليه ومنهم من كان مخلطا ثم صرف الله قلبه غلى السنة
اقرأ مقال ((التلميع سبيل من سبل التمييع)) لعل الله أن ينفعك به
دمت أخا غيورا ولا اشك في حرصك على تقريب الناس وتقليل الخلافات ولكن لا تكن كالذين راموا تقريب الأديان زعما منهم انهم نباذون للخلاف قرابون للبشرية
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 04:22 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/79)
مراد الأخ أبي الحسن كما يظهر من عنوان البحث هو تجلية مواقف علماء الأزهر من الوهابية بغض النظر عن كون المادح للوهابية سلفيا أو غير سلفى ولا شك أنه عمل طيب وهو حجة على الأزهريين الطاعنين في دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 04:32 م]ـ
موقف الشيخ العلامة المتفنن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ من الحركة الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ
هو الشيخ الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي الأزهري الحنبلي رحمهم الله بمنه وكرمه. مولده:
ولد سنة 1225هـ في بلدة العلم والعلماء: الدرعية.
حياته:
انتقل الشيخ عبد اللطيف مع والده إلى مصر, بعد خراب الدرعية, وكان عمره قرابة الثمان سنوات ونشأ بمصر وتزوج بها, وتمكن من الاشتغال بطلب العلم, والتزود منه, ثم بعد ذلك خرج إلى نجد وذلك في سنة 1264هـ, وقدم مدينة الرياض واستقر فيها بضعة أشهر درس فيها بعض الدروس, ثم انتقل بعد ذلك إلى الأحساء معلما وداعيا, ومكث فيها فترة من الزمن, ثم عاد إلى الرياض مرة أخرى.
شيوخه:
مكث الشيخ – رحمه الله –في مصر مدة من الزمن, درس فيها على عدد من المشايخ فمنهم:
1 – والده الإمام العلامة عبد الرحمن بن حسن.
2 - والشيخ عبد الرحمن بن الشيخ الإمام عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3 - الشيخ علي بن محمد بن عبدالوهاب
4 - عمه الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبدالوهاب
5 - الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ
6 - أحمد بن حسن الأحسائي
7 - الشيخ إبراهيم الباجوري
8 - الشيخ مصطفى البولاقي الأزهري
9 - الشيخ حسن القويسني وغيرهم
تلاميذه:
تتلمذ على يد الشيخ عدد من التلاميذ منهم:
1 - تلميذه الشيخ العلامة "حسان السنة" الشيخ سليمان بن سحمان.
2 – وابنه العلامة الشيخ عبد الله.
3 – وأخوه الشيخ إسحاق, وغيرهم.
وفاته:
توفي – رحمه الله – في مدينة الرياض في اليوم الرابع عشر من شهر ذي القعدة سنة 1293هـ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى.
__________________
((موقف الشيخ العلامة المتفنن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ من الحركة الوهابية)))
رد الشيخ رحمه الله عزوجل على الكثير من الطاعنين في دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب ومن ذلك
1_ مصباح الظلام في الردّ على من كذب على الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام وهو رد على عثمان بن منصور في كتابه (جلاء الغمة عن تكفير الأمة)
2 - منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داوود بن جرجيس لكنه لم يتمه فأتمه محمود شكري الآلوسي بكتاب أسماه فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان
3 - تحفة الطالب والجليس في الرد على ابن جرجيس
4 - فتح الملك الوهاب في رد شبه المرتاب
5 - البراهين الإسلامية في رد الشبه الفارسية
6 - الإتحاف في الرد على الصحاف
وغير ذلك وكلها تبين بوضوح موقفه من الحركة الوهابية فرحمه الله عزوجل
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 04:53 م]ـ
((موقف العالم الأزهري محمد الغزالي من الحركة الوهابية))
أولا: ترجمة الشيخ:
ولد الشيخ محمد الغزالي أحمد السقا في 5 ذي الحجة سنة 1335هجرية, الموافق 22 من سبتمبر 1917 ميلادية, في قرية “نكلا العنب” التابعة لمحافظة البحيرة بمصر, وسمّاه والده بـ”محمد الغزالي” تيمنًا بالعالم الكبير أبو حامد الغزالي المتوفي في جمادى الاخرة 505 هـ.
النشأة:
نشأ في أسرة كريمة مؤمنة, وله خمس اخوة, فأتم حفظ القرآن بكتّاب القرية في العاشرة, ويقول الإمام محمد الغزالي عن نفسه وقتئذ: “كنت أتدرب على إجادة الحفظ بالتلاوة في غدوي ورواحي، وأختم القرآن في تتابع صلواتي، وقبل نومي، وفي وحدتي، وأذكر أنني ختمته أثناء اعتقالي، فقد كان القرآن مؤنسا في تلك الوحدة الموحشة”.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/80)
والتحق بعد ذلك بمعهد الإسكندرية الديني الإبتدائي وظل بالمعهد حتى حصل منه على شهادة الكفاءة ثم الشهادة الثانوية الأزهرية, ثم إنتقل بعد ذلك إلى القاهرة سنة (1356هـ الموافق 1937م) والتحق بكلية أصول الدين بالأزهر الشريف, وبدأت كتاباته في مجلة (الإخوان المسلمين) أثناء دراسته بالسنة الثالثة في الكلية, بعد تعرفه على الشيخ حسن البنّا مؤسس الجماعة, وظل الإمام يشجعه على الكتابة حتى تخرّج بعد أربع سنوات في سنة (1360هـ = 1941م) وتخصص بعدها في الدعوة والإرشاد حتى حصل على درجة العالمية سنة (1362هـ = 1943م) وعمره ست وعشرون سنة, وبدأت بعدها رحلته في الدعوة من خلال مساجد القاهرة, وقد تلقى الشيخ العلم عن الشيخ عبد العظيم الزرقاني, والشيخ محمود شلتوت, والشيخ محمد أبو زهرة والدكتور محمد يوسف موسى وغيرهم من علماء الأزهر الشريف.
إنضم في شبابه إلى جماعة الإخوان المسلمين وتأثر بمرشدها الاول حسن البنا.
سافر إلى الجزائر في بداية الستينيات للتدريس في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ب قسنطينة, درس فيها رفقة العديد من العلماء الأجلاء كالشيخ يوسف القرضاوي و الشيخ البوطي حتى التسعينات من القرن الماضي.
نال العديد من الجوائز والتكريم فحصل على جائزة الملك فيصل للعلوم الإسلامية عام 1989 م.
وفاة الشيخ ودفنه بالبقيع
توفي في 9 مارس 1996م في السعودية أثناء مشاركته في مؤتمر حول الاسلام وتحديات العصر ودفن بالبقيع وكان قبلها صرح بأن امنيته أن يدفن في البقيع وتحقق له ما تمنى.
ثانيا: موقف العالم الأزهري محمد الغزالي من الحركة الوهابية
ثناء الشيخ على الدعوة الوهابية:
قال الشيخ الأزهري محمد الغزالي رحمه الله في كتابه:
(الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر –مكتبة وهبة – الطبعة الثالثة – 1410 هـ ص 52):
(ومع أننا نعيب على العرب تقاعسهم في خدمة الثقافة الإسلامية الصحيحة إبّان هذه القرون الهامدة من الحكم التركي، إلا أننا نذكر أن الحركة الوحيدة التي نهض بها العرب لإصلاح العقائد والعبادات ومحو ما شابها من زيغ وانحراف قاومتها الدولة بالسيف حتى أجهزت عليها. . نعني حركة الإصلاح التي قام بها محمد بن عبد الوهاب في جزيرة العرب ... )
وقال الشيخ محمد الغزالي الأزهري رحمه الله في كتابه:
(مائة سؤال عن الإسلام) -
(رفع محمد بن عبد الوهاب شعار التوحيد، وحق له أن يفعل! فقد وجد نفسه في بيئة تعبد القبور، وتطلب من موتاها ما لا يطلب إلا من الله سبحانه ..
وقد رأيت بعيني من يقبلون الأعتاب ويتمسحون بالأبواب ويجأرون بدعاء فلان أو فلان، كي يفعل كذا وكذا! ما هذا الزيغ؟ ما الذي أنسى هؤلاء ربهم؟ وصرفهم عن النطق باسمه والتعلق به؟ وماذا يرجو العبيد من عبد مثلهم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا؟ إنه لو كان حيا ما ملك لهم شيئاً، فكيف وهو ميت؟ .. )
وله فتاوى تطابق فتاوى الوهابيين ومنها:
1_ فتوى الشيخ الغزالي في الحضرة الصوفية:
نص السؤال:
طائفة من العباد يجتمعون على ذكر الله بأسمائه الحسنى كلها أو بعضها، وقد يتمايلون أو يهتزون، فما حكم هذه العبادة؟
الجواب:
هذه بدعة قديمة استحدثها بعض أصحاب المشاعر المضطربة، وقد سماها بعض الصحافيين الأجانب "الرقص الديني" وهي تسمية يحس المسلم بالخزي إذا سمعها، لأنها تجعل الإسلام أشبه بالعبادات التي يمارسها الزنوج في أفريقية وهذه فتنة مزعجة، وإهانة شديدة للإسلام. .
والغريب هو ظهورها من قديم! فقد سئل الحسن البصري عن هذه المجالس فنهى عنها أشد النهي! وقال: لم يكن ذلك من عمل الصحابة ولا التابعين، وكل ما لم يكن من عمل الصحابة ولا التابعين فليس من الدين – يقصد في شئون العبادات – وقد كان السلف حراصا على الخير وقافين عند حدود الله، وكانوا أحرص على الخير من هؤلاء، فنعلم أن ما تركوه ليس من الدين وقد قال تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم". .
قال الإمام مالك بن أنس تعقيباً على كلام الحسن البصري: "فما لم يكن يومئذ دينا لن يكون اليوم دينا، وإنما يعبد الله بما شرع، وهذا التجمع بالذكر والتمايل فيه لم يشرع قط فلا يصح أن يعبد الله به". .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/81)
وحكى عياض عن التنيسي قال: كنا عند مالك وأصحابه حوله، فجاء رجل من أهل "نصيبين" يقول: يا أبا عبد الله عندنا قوم من الصوفية يأكلون كثيرا، ثم يأخذون في إنشاد القصائد، ثم يقومون فيرقصون! فقال مالك: أصبيان هم؟ قال: لا! قال: أمجانين هم؟ قال لا، قوم مشائخ يذكرون الله! قال مالك: ما سمعت أحدا من أهل الإسلام يفعل هذا؟. .
وقال أبو إسحاق الشاطبي: إن الاجتماع على ذكر الله بصوت واحد من البدع المحدثة التي لم تكن في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في عصر السلف، ولا عرفت قط في شريعة محمد وفي الحديث الصحيح " إنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". .
الواقع أن هذا المسلك انحراف ديني مرفوض، ونحن هنا نتساءل: ما الذي حمل عليه، ودفع جماعة من العابدين إليه؟؟
راجع (مائة سؤال عن الإسلام صفحة): 366
2_ فتوى عن الأوتاد والأبدال والأقطاب عند الصوفية المعاصرة , والرد على عبد الحليم محمود في احدى المسائل ومحمد زكي ابراهيم
قال الشيخ الأزهري محمد الغزالي في كتابه " مائة سؤال عن الإسلام صفحة 415 بعد عرضه لكلام أحد الصوفية عن الأقطاب والأوتاد والنجباء يقول:
(قرأت هذا الوصف للكون وحركات عالمي الغيب والشهادة ثم تسائلت عن هذا للون من المعرفة: أهو مادي ألتمس أدلته من عالم
الكون والحياة والطبيعة والكيمياء؟ ..
وكان الجواب سريعا ً لا .. فإن علماء الكون والحياة لا يقررون من هذا الكلام حرفا ً ..
أهو ديني نلتمس أدلته من الكتاب والسنة المطهرة؟.
وراجعت سور القرآن كلها , فلم أجد لهذا الكلام شاهدا ً , وأخذت أتذكر ما أعرف من السنن التي رواها البخاري ومسلم والترمذي وأبو داوود والنسائي وابن ماجة وابن حنبل .. إلخ, فلم أجد لهذا الكلام شاهدا ً ..
قلت هذا الكلام رأي فقهي يستنمد إلى أثر ضعيف عند الناس قوي عند صاحبه! .. إن هذه الآراء وجدت في علومنا , ألا ترى الأحناف يحكمون بقض وضوء من يقهقه في الصلاة اعتمادا ً على أثر أخذوا به. والشافعية يشترطون اربعين لصلاة الجمعة اعتمادا ً على حديث لين؟. إن أصحاب المذاهب معروفون لدينا وقد يخطئهم غيرهم في هذه الآراء , وعلى كل حال فإن من ذهب إليها لا يتعصب لها ولا يظن أها الصواب الذي لا صواب وراءه , ولا يصفها بتاتا ًبأنها حقائق مستيقنة! .. لكن الأستاذ الكاتب – عفا الله عنه- لا يعتمد فيما كتب على مرويات قوية أو ضعيفة , ومع ذلك فهو يتهم من يعارضه بالجهل ويوصيه بإن يمسك جهله على نفسه وحدها , وإلا فهو يتهم من يعارضه بالجهل ويوصيه بأن يمسك جهله على نفسه وحدها , وإلا , فهوم سيقول هرطقة أو شقشقة , أو هنبقة أو فيهقة بأسم الدين المظلوم .. هكذا يقول! ..
عجبا , هل إذا أنكرت اجتماع أهل الديوان من أصحاب الوظائف الغيبية , في مكة أو المينة أو القدس –قبل احتلالها أو بعده- أتعرض لهذه التهم؟ .. لماذا؟ شيء لم يقله الله ولا رسوله , بل شيء نجزم أن أصحاب رسول الله ماتوا وهم لا يعرفون شيءا ً , يعتبر إنكاره هرطقة وهنبقة؟ لماذا؟
هل لأي إنسان يقوم الليل ويصوم النهار أن يقول لجماهير المسلمين كلاما لا يعرفونه في مراجع دينهم , ويلزمهم بإعتناقه؟ والا فهم جهال؟ ..
ذاك ما نفرضه جملة وتفصيلا ..
بل إن الذي نوصي الجماهير به أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله .. وأن يحكموا ما عداه إلى ما ورد وثبت .. فمن أتى لهم بشيء من عند نفسه ردوا عليه ..
وليس للخواطر أو الإلهامات أو الرؤى أو الخيالات أي موقع من مصادر التشريع.
لقد قرر علم الفلك حقائق معروفة عن حركات الأرض حول نفسها وحول الشمس,
فإذا جاء رجل يحلف أنه لا خلاف بيننا على أن الله يؤتي فضله من يشاء , وأنه فضل بعض النبيين على بعض , وبعض الأمكنة والأزمنة على بعض .. إلخ ..
لكن من أين تعرف هذه التفصيلات ومداها؟ ..
الذي نقرره قاطعين أن الشارع وحده مصدر هذه المعرفة ..
ونحن من الكتاب والسنة نعرف أن المؤمن ينظر بنور الله وقد قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا ً تمشون به) ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/82)
لكن ليس من النظر بنور الله أن نفتحخ أبواب الرجم بالغيب لكل انسان مهما اجتهد في عبادته وتقواه , ليقول في دين الله كلاما لا برهان له إلا المعاناة الخاصة والكشف الذاتي ..
إن قسم السمعيات من ديننا الأمور التي لا تعرف إلا عن طريق المعصوم , فالصراط , والميزان وثواب القبر وعقابه , وشؤن الملا الأعلى , وبعض الوصاف الإلهية , كل أولئك لا ينفرد العقل بادراكه , ولا سبيل للبشر إليه بتوقيف من الشارع ..
فإذا جاء امرؤ فزعم أن حملة العرش الثمانية تحتهم ستة عشر ملكا ً , ثم اثنان وثلاثون ملكا ً .. وهكذا متواليات هندسية قلنا له: من أين جئت بهذا الكلام؟ ..
ومن حقنا أن نقول له هذا! .. بل اننا نجرم في حق ديننا إذا لم نقل له: من أين جئت بهذا الكلام؟.
فإنم لم يذكر آية من كتاب الله , ولا أحاديث مقبولة عن رسول الله وجب أن نمحو هذه الزيادات وأن نرفض تلك الاضافات.
والمقامات الكبرى التي شرحها الأستاذ محمد زكي إبراهيم , وتحدث فيها حديثه المدون في مجلة المسلم عن الملائكة والأقطاب وهي إقحام لجملة من المعلومات الدخيلة أي إسناد من كتاب أو سنة ..
وقد هدد من ينكرها بأنه " عند أهل الحق معوق السلوك , مؤخر عن الوصول , معرض للسلب والاستدارج"! ..
بل قال إنكارها "موطىء لما قد يكون به سوء الخاتمة والعياذ بالله , لأنه حكم على مجهول لا يقين عليه لغير العالم به فيسلم له"!! ..
ونقول دون تردد: هذا باطل , فقد انتعهى الوحي , ولا نسلم لبشر أن يزيد في حقائق الدين , بل إن الزيادة في هذا الباب لا تقل خطرا ً عن وضع الحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومن حق المسلمين في المشارق والمغارب ان ينادوا: هذا وحي من عنمد الله فيقبل وهذا لغو عند الناس فيرفض.
ثم انه في باب السمعيات لا تقبل الروايات المعتلة ولا الأسانيد ولا المتون المختلفة , لقد ذكر السيوطي في كتابه الإتقان أن هناك ثلاثة أقوال في ألفاظ القرآن , انها من عند محمد (كذا) وإنها من عند جبريل! .. وإنها كالمعاني من عند الله ..
وايراد هذا الكلام ضرب من الجهل رفضه المسلمون اجمعون , فالقرآن ألفاظ ومعاني من عند الله , ولكن السيوطي حاطب ليل وجماع للحق والباطل دون تمحيص , ونحن لا نأخذ ديننا بهذه الطريقة البلهاء ..
وإنني أعجب: لماذا يريد بعض إخواننا أن يقرن التصوف بهذه المبتدعات والغرائب المنكورة؟! إن التصوف عند رجاله الأوائل طرق تربية نفسية صالحة , وتدريب على مراقبة الله ومشاهدتة فيما نفعل ونترك ..
ويمكن تسميته على الأخلاق الدينية, لأن تراثه المنتقى لا يخرج عن هذا الإطار وقد كان أبي رحمه الله صوفيا ً من أتباع الشيخ أبي خليل , فما عرفته إلا كادحا ً يتقي الله في رزقه , ويقرأ كتابه في دكانه ,ويعايش الناس على الأخوة السمحة, ولا يعرف شيئا ً بعد ذلك من هذه الخيالات.
أخشى إذا حرص صوفية العصر على التشبث بغير الكتاب والسنة أن يجنوا على التصوف جملة وتفصيلا , فيجتاح من أصله
ولهذه المناسبة نذكر ما لهجت به الألسنة أخيرا ً من تفسير الدكتور عبد الحليم محمود لأوائل سورة النجنم.
يقول الله تعالى واصفا الوحي النازل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)
((عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9))) فمن هو شديد القوى الذي استوى بالأفق ثم اقترب من الرسول فعلمه ما تعلم؟ ..
في سورة التكوير يذكر هذا المعنى بأسلوب آخر ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20))) .. إلى أن قال (ولقد رآه بالأفق المبين) ..
وفي سورة الشعراء يصاغ هذا المعنى نفسه قالب آخر ((وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)))
وظاهر من هذه الآيات كلها أن الموصوف بالقوة البادى بالأفق , النازل على قلب الرسول الأمين هو ملك الوحى , جبريل لا غير ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/83)
لكن الدكتور عبد الحليم محمود عفا الله عنه لوى عنق الآيات من أوائل النجم, وجعل الذي دنا فتدلى هو الله-سبحانه وتعالى.
وهو خطأ مبين , وينبغي عند تفسير آية ما نزلت في موضوعها آيات أخرى أحاديث متعددة الروايات ألا نحصر أنفسنا داخل آية واحدة , ورواية واحدة, ثم نتعسف القول خصوصا ً عندما يتصل الأمر بذي الجلال والاكرام.
وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشفع في هذا الخطأ)
3_ فتوى الشيخ الغزالي الأزهري حول القبورين , والاستغاثة , واتخاذ القبور مساجد وابن عربي الصوفي
قال الشيخ محمد الغزالي "رحمه الله" في كتابه عقيدة المسلم صفحة (72):
((ولماذا نستحي من وصف القبوريين بالشرك، مع أن الرسول وصف المرائين به، فقال: ((الرياء شرك)).
وإن واجب العالم أن يرمق هذه التوسلات النابية باستنكار، ويبذل جهده في تعليم ذويها طريق الحق، لا أن يفرغ وسعه في التمحل والاعتذار.
ولستُ ممن يحب تكفير الناس بأوهى الأسباب، ولكن حرام أن ندع الجهل بالعقائد ونحن شهود)). اهـ
وقال "رحمه الله": ((إنني ألفت النظر إلى أن المواريث الشائعة بيننا تتضمن أموراً هي الكفر بعينه. .
لقد اطلعت على مقتطفات من الفتوحات المكية لابن عربي فقلت: كان ينبغي أن تسمى الفتوحات الرومية! فإن الفاتيكان لا يطمع أن يدسَّ بيننا أكثر شراً من هذا اللغو. . .
يقول ابن عربي في الباب ((333)) بعد تمهيد طويل: " إن الأصل الساري في بروز أعيان الممكنات هو التثليث! والأحد لا يكون عنه شيء البتة! وأول الأعداد الاثنان، ولا يكون عن الاثنين شيء أصلاً، ما لم يكن ثالث يربط بعضها ببعض فحينئذ يتكون عنها ما يتكّون، فالإيجاد عن الثلاثة والثلاثة أول الأفراد. . "
لم أقرأ في حياتي أقبح من هذا السخف، ولا ريب أن الكلام تسويغ ممجوج لفكرة الثالوث المسيحي،وابن عربي مع عصابات الباطنية والحشاشين الذين بذرتهم أوربا في دار الإسلام أيام الحروب الصليبية الأولى؛ كانوا طلائع هذا الغزو الخسيس. .
من قال: إن الواحد لا يكون منه شيء أصلاً؟ " الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السموات والأرض. . " وفي دنيا الناس يسأل كل واحد عما يفعل ويترك، ويتفاوت آحاد البشر في قدراتهم وخبراتهم حتى يقول ابن دريد:
والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عنى!
ومن قال: إن أول العدد الاثنان؟ وهل تكَّون الاثنان إلا من ازدواج الواحد؟! ثم من قال: إن الاثنين لا يكون عنهما شيء أصلاً؟ وإذا كان هو لم ينشأ من أمه وأبيه معاً فمم نشأ؟!!.
ولكن ابن عربي يمضى في سخافاته فيقول – عن عقيدة التثليث -: من العابدين من يجمع هذا كله في صورة عبادته وصورة عمله، فيسرى التثليث في جميع الأمور لوجوده في الأصل!!.
ويبلغ ابن عربي قمة التغفيل عندما يقول: إن الله سمى القائل بالتثليث كافراً أي ساتراً بيان حقيقة الأمر فقال: "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" فالقائل بالتثليث ستر ما ينبغي أن يكشف صورته، ولو بيّن لقال هذا الذي قلناه. . "!!.
واكتفى الأحمق بذكر الجملة الأولى من الآية، ولم يُردفْها بالجملة الثانية: "وما من إله إلا إله واحد" وذلك للتلبيس المقصود!.هذا الكلام المقبوح موجود فيما يسمَّى بالتصوف الإسلامي! وعوام المسلمين وخواصهم يشعرون بالمصدر النصراني الواضح لهذا الكلام. .
ومما يلفت النظر أن معهد الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون قد اتفق مع إحدى عواصم العربية على طبع الفتوحات وإخراجها في بضعة وثلاثين جزءاً.
لحساب مَنْ يتم هذا العمل في هذه الأيام العصبية؟ على أي حال نحن نريد العودة بأمتنا إلى ينابيعها العلمية الوثيقة، ونناشدها ألا تقبل من التوجيهات إلا ما اعتمد على الوحي الصادق، ولدينا ولله الحمد كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسنة توافر الحفاظ والفقهاء على ضبطها على نحو لم يقع نظيره لتراث بشر)). اهـ
راجع (تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل) ص 60 – 61.
وقال الشيخ محمد الغزالي "رحمه الله": ((انتشرت مع التصوف الدخيل على الأمة الإسلامية صور من الرهبانية وظلال من الجهل بالحياة الدنيا، والعزوف عن أعبائها ومباهجها جميعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/84)
وأصبحت الفكرة الشائعة عن الدين أنه عدو للحياة. وأن وظيفته الأولى هي إعداد الناس لاستقبال الدار الآخرة بأنواع المراسم وأشكال الطاعات.
وأنه – إن لم يزهد أتباعه في هذه الحياة – فهو لا يبالى بتجهيلهم فيها وانصرافهم عنها، وربما يعد ذلك من كمال التقوى وأمارات حب الله .. !!
وهذه التصورات كلها خيال مرضى.
والذي يطالع القرآن والسنة وسيرة الخلافة الراشدة وكتب الأئمة المتبوعين يدرك أن الإسلام أبعد ما يكون عن هذا الحمق)).
راجع (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة) ص: 220.
وقال الشيخ الغزالي "رحمه الله": ((ينبغي لهذه الأمة أن تكون مثلاً عالياً في إسلام الوجه لله وإفراده بالنية والعمل.
بيد أننا نلحظ – آسفين – أن هناك مسالك شائعة بين الجماهير الغفيرة من المسلمين، لها دلالتها الخطيرة على فساد التفكير وضلال الاتجاه واضطراب المقصد.
ولا نحب أن نوارب في الكشف عن هذه العلة، فإن أي خلل في دعائم التوحيد معناه الخبل الذي يدرك موطن القيادة الفكرية في هذا الدين الحنيف.
إذا التوحيد في الإسلام حقيقة وعنوان، وساحة وأركان، وباعث وهدف، ومبدأ ونهاية.
ولسنا – كذلك – ممن يحب تصيد التهم للناس، ورميهم بالشرك جزافاً، واستباحة حقوقهم ظلماً وعدواناً، ولكننا أمام تصرفات توجب علينا النظر الطويل، والنصح الخالص، والمصارحة بتعاليم الكتاب والسنة كلما وجد عنها أدنى انحراف.
لقد اهتمت حكومة إنجلترا – في سبيل مكافحة الشيوعية – بالحالة الدينية في مصر، فكان مما طمأنها على إيمان المصريين (!) أن ثلاثة ملايين مسلم زاروا ضريح أحمد البدوي بطنطا هذا العام.
والذين زاروا الضريح ليسوا مجهولين لديّ، فطالما أوفدت رسمياً لوعظهم، فكنت أشهد من أعمالهم ما يستدعي الجلد بالسياط لا ما يستدعي الزجر بالكلام، وكثرتهم الساحقة لا تعرف عن فضائل الإسلام وأنظمته وآدابه شيئاً.
ولو دعوا لواجب ديني صحيح لفروا نافرين، وإن كانوا أسرع إلى الخرافة من الفراش إلى النار.
وحسبك من معرفة حالهم: أنهم جاؤوا الضريح المذكور للوفاء بالنذور والابتهال بالدعاء! ولمن النذور؟ ولمن الدعاء؟ إنه أول الأمر للسيد.
فإذا جادلت القوم قالوا: إنه لله عن طريق السيد البدوي.
وأكثر أولئك المغفلين لغطاً يقول لك: نحن نعرف الله جيداً، ونعرف أن أولياءه عبيده، وإنما نتقرب بهم إليه، فهم أطهر منا نفساً وأعلى درجة.
وهذا الكلام – على فرض مطابقته لواقع القوم – غلط في الإسلام.
فإن الله سبحانه وتعالى لم يطلب منا أن نجيء معنا بالآخرين ليحملوا عنا حسناتنا، أو ليستغفروا لنا زلاتنا، {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}. بل المعروف من بديهيات الإسلام الأولى أن الطلب ووسيلته جميعاً يجب أن يكونا من الله. {إياك نعبد وإياك نستعين}. ((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله))
أليس من المضحك أن نستجد بقوم يطلبون لأنفسهم النجدة، وأن نتوسل بمن يطلب هو كل وسيلة ليستفيد خيراً أو يستدفع شراً؟. {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب، ويرحمون رحمته ويخافون عذابه}.
إن المسلمين لما طال عليهم الأمد نسوا الحق.
والمرء قد يعذر إذا ذهل عن شأن تافه، أو فاته استصحاب شيء هّين، أما أن يذهل عن كيانه وإيمانه فهنا الطامة.
وأحسب أن القرآن الكريم يقصد إلى التنديد بهذا اللون من إفساد التوحيد عندما قال:
{ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله، فيقول: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء، أم هم ضلوا السبيل، قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً}.
أجل! لقد نسوا الذكر، وما قام عليه الذكر من توحيد شامل.
وليس يغني في الدفاع عن أولئك الجهلة من العوام أنهم يعرفون الله، ويعرفون أنه وحده مجيب كل سؤال، وباعث كل فضل، وأن من دونه لا يملكون من ذلك شيئاً.
فإن هذه المعرفة لا تصلح ولا تقبل إلا إذا صحبها إفراد الله بالدعاء والتوجيه والإخلاص، فإن المشركين القدماء كانوا يعرفون الله كذلك. {قل من يرزقكم من السماء والأرض، أمن يملك السمع والأبصار، ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ومن يدبر الأمر، فسيقولون الله}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/85)
ومع أنهم يقولون ((الله)) بصراحة وجلاء فلم يحسبوا بهذا القول مؤمنين، لأن الإيمان – إذا عرفت الله حقاً – ألا تعرف غيره فيما هو من شؤونه.
ولذلك يستطرد القرآن في مخاطباً هؤلاء: {فقل أفلا تتقون، فذلكم ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون، كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون}.
إن العامة عندما يشدّون الرّحال إلى قبور تضم رفات بعض الناس، وعندما يهرعون بالنذور والحاجات والأدعية إلى من يظنونهم أبواباً لله، إنما يرتكبون في حق الإسلام مآثم شنيعة
ومحبة الصالحين وبغض الفاسدين من شعائر الإسلام حقاً، ومظاهر الحب والبغض معروفة ... هي مصادقة للأحياء أو منافرة، واستغفار للموتى أو لعنة.
وأين من عواطف الحب والبغض هذا الذي يصطنعه المسلمون اليوم؟
إن الواحد منهم قد يصادق أفسق الناس، وقد يقطع والديه – وهما أحياء – ثم تراه مشمّراً مجداً في الذهاب إلى قبر من قبور الصالحين، لا ليدعو له ويطلب من الله أن يرحم ساكن هذا القبر، بل ليسأل صاحب القبر من حاجات الدنيا والآخرة ما هو مضطر إليه. وذلك ضلال مبين!
وبناء المعابد على قبور الصالحين تقليد قديم، وقد ذكر القرآن ما يدل على شيوعه في الأمم السابقة.
وفي قصة أهل الكهف تسمع قوله عز وجل: {فقالوا ابنوا عليهم بنياناً. ربهم أعلم بهم. قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً}.
ويظهر أنّ اتخاذ المساجد على القبور كبناء التماثيل، لم يكن محظوراً أول أمره إذ لم تكن له دلالة مثيرة.
غير أن البشر سفهوا أنفسهم، فالأحجار التي نحتوها للعظماء عبدوها، أو – على حد تعبيرهم – اتخذوها إلى الله زلفى.
والمعابد التي أقاموها على قبور الصالحين قدّسوها وسلكوها مسلك الأصنام في الشرك. فلما جاء الإسلام أعلن على هذين المظهرين من مظاهر الوثنية حرباً شعواء، وشدد تشديداً ظاهراً في محق هذه المساخر المنافقة.
وقد رأينا كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل علي بن أبي طالب وأمره أن يسوي بالأرض كل قبر وأن يهدم كل صنم، فجعل الأضرحة العالية والأصنام المنصوبة سواء في الضلالة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم – في البيان عن سفاهة القدامى وفي التحذير من متابعتهم -: ((لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، ((ألا لا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن هذا)).
وكان يرفع الخمرة عن وجهه في مرض الموت ويكرر هذا المعنى، وكأنه توجس شراً مما يقع به فدعا الله: ((اللهم لا تجعل قبري من بعدي وثناً يعبد)).
ومع كثرة الدلائل التي انتصبت في الإسلام دون الوقوع في هذا المحظور، أقبل المسلمون على بناء المساجد فوق قبور الصالحين.
وتنافسوا في تشييد الأضرحة، حتى أصبحت تبنى على أسماء لا مسميات لها، بل قد بنيت على ألواح الخشب وجثث الحيوانات.
ومع ذلك فهي مزارات مشهورة معمورة، تقصد لتفريج الكرب، وشفاء المرضى، وتهوين الصعاب!
وأحب ألا أثير فتنة عمياء بهدم هذه الأضرحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم لأن العرب كانوا حديثي عهد بشرك.
وجماهير العامة الآن ينبغي أن تساق سوقاً رفيقاً إلى حقائق الإسلام، حتى تنصرف – في هدوء – عن التوجه إلى الأضرحة وشدّ الرحال إلى ما بها من جثث.
وإخلاص المعلّم وأسلوبه في الدعوة، عليهما معول كبير في تمحيص العقيدة مما علق بها من شوائب وعلل.
وقد تكون لدى البعض شبه في معنى التوسل.
فلنفهم أولئك القاصرون أن التوسل في دين الله، إنما هو بالإيمان الحق والعمل الصالح، وقد جاء في السنة. ((اللهم إني أسألك بأنك الله الذي لا إله إلا هو، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد)) فهذا توسل بالإيمان بذات الله.
وجاء – كذلك توسل بالعمل الصالح في حديث الثلاثة الذين آواهم الغار.
وجاء توسل بمعنى دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب، ودعاء المسلم للمسلم مطلوب على أية حال
ولا نعرف في كتاب الله ولا في سنّة رسوله توسلاً بالأشخاص مهما علت منزلتهم – سواء كانوا أحياء أو أمواتاً – على هذا النحو الذي أطبق عليه العامة وحسبوه من صميم الدين، ودافعوا عنه بحرارة وعنف ضد المنكرين والمستغربين)) اهـ.
راجع (عقيدة المسلم) ص 64 - 69
تنبيه: للشيخ محمد الغزالي بعض الآراء التي تخالف منهج أهل السنة عفا الله عنا وعنه ورحمه عزوجل وإنما ذكرته لكونه أزهرييا
هذا الموضوع منقول من موقع (التصوف العالم المجهول)
http://almjhol.com/vb/showthread.
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[19 - 05 - 08, 05:52 م]ـ
.....
هذا الموضوع منقول من موقع (التصوف العالم المجهول)
http://almjhol.com/vb/showthread.
بارك الله فيكم .. هذا هو الرابط الصحيح
http://almjhol.com/vb
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[19 - 05 - 08, 05:52 م]ـ
مراد الأخ أبي الحسن كما يظهر من عنوان البحث هو تجلية مواقف علماء الأزهر من الوهابية بغض النظر عن كون المادح للوهابية سلفيا أو غير سلفى ولا شك أنه عمل طيب وهو حجة على الأزهريين الطاعنين في دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
وهل يصلح هذا الاعتذار عند إيراد صاحب المقال لموقف الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله من دعوة جده؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/86)
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 06:10 م]ـ
أخي أبو محمد الشافعي .. شكر الله لك جهدك .. وواصل جهدك ..
ولكن بعض من ذكرتهم لا ينتمون إلى الأزهر كمنظمة، لأن الأزهر -كمنظمة- محارب قوي لدعوة الشيخ رحمه الله، فهل نجعل ذلك اعتذار لهم على موقفهم العنيد من الدعوة، أرى أنه لايسوغ ذلك، ولا فخر لدينا إن أيد الأزهر الحق أو خالفه -مع مكانته العلمية- ولكن كما تعلم أنهم أشعرية متعصبون فهل ها يدعم تمشعرهم؟!
أود أن توضح ذلك لئلا يلتبس الموضوع على أحد ..
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 06:23 م]ـ
مراد الأخ أبي الحسن هو توضيح مواقف علماء الأزهر من الوهابية سواء كانوا سلفيين أم غيرهم والعنوان يظهر منه ذلك فلم يقيد بالسلفيين
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:32 ص]ـ
وهل يصلح هذا الاعتذار عند إيراد صاحب المقال لموقف الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله من دعوة جده؟
الشيخ عبداللطيف أزهرى نجدي تتلمذ على مشايخ الأزهر حتى صار شيخا لرواق الحنابلة بالجامع الأزهر فمع كونه من آل الشيخ لكن أثبته الأخ كما يظهر لكونه أزهريا فهو داخل تحت شرطه ونحن أحوج إلى مثل هذا الموضوع في مصر وهو موقف الأزهريين من الوهابية فدع الأخ يكمل الموضوع وما فيه من أخطاء تصوب وأنا أنقله لكم من موقع التصوف العالم المجهول والأخ يكتب على موقع التصوف وينشره هناك فما أنا إلا ناقل لكم لأهمية الموضوع بالنسبة للأزاهرة
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:54 م]ـ
(((موقف العالم الأزهري مناع خليل القطان المنوفي من الحركة الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ:
مولده ونشأته وطلبه للعلم
هو الشيخ مناع خليل القطان، ولد في شهر أكتوبر سنة 1925م 1345ه في قرية "شنشور" مركز "أشمون" من محافظة المنوفية بمصر من أسرة متوسطة الحال، وفي بيئة إسلامية مترابطة، حيث كان المجتمع الريفي يعتمد على الأرض الزراعية.
بدأ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم في الكتاب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم التحق بالمعهد الديني الأزهري بمدينة "شبين الكوم" ثم التحق بكلية أصول الدين في القاهرة.
مشايخه
ومن مشايخه الذين تأثر بهم: الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالمتعال سيف النصر، والشيخ علي شلبي، والشيخ محمد زيدان، والدكتور محمد البهي، والدكتور محمد يوسف موسى، وهو يعتبر أن والده خليل القطان، ثم الشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ حسن البنا.
نشاطه العملي والعلمي
انتخب رئيساً للطلبة بكلية أصول الدين، وقد شارك في نشاط الإخوان الوطني سنة 1946م في التصدي للاستعمار الإنجليزي حتى ألغيت معاهدة سنة 1936م المشؤومة.
كما شارك في التطوع للجهاد في فلسطين سنة 1948م، وقد دخل السجن بعدها، كما شارك في المقاومة السرية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة قناة السويس سنة 1951 - 1952م، وكل هذه المشاركات كانت من خلال جماعة الإخوان المسلمين وشبابها المكافح المجاهد. وكان وثيق الصلة بالشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ أحمد حسن الباقوري.
وقد غادر مصر سنة 1953م إلى المملكة العربية السعودية للتدريس في مدارسها ومعاهدها إلى سنة 1958م، حيث انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة، وكان يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي بلغ عددها 115 رسالة، وقد وفقه الله لإقامة مجمع إسلامي خيري كبير سنة 1993م في قريته (شنشور) بمحافظة المنوفة، على نفقته الخاصة، افتتحه وزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق بحضور عدد كبير من علماء الأزهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/87)
وقد شارك في الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعلمية في داخل المملكة وخارجها، وأهمها: المؤتمر الأول لرابطة العالم الإسلامي، المؤتمر الإسلامي في كراتشي بباكستان، المؤتمر الإسلامي العالمي في بغداد، المؤتمر الإسلامي بالقدس، مؤتمر المنظمات الإسلامية، مؤتمر رسالة الجامعة بالرياض، أسبوع الفقه الإسلامي بالرياض، أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة، المؤتمر الجغرافي الإسلامي بالرياض، مؤتمر رسالة المسجد بمكة المكرمة، مؤتمر الدعوة والدعاة بالمدينة المنورة، مؤتمر مكافحة الجريمة بالرياض، ندوة مكافحة المخدرات، مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض، ندوة انحراف الأحداث، وغيرها من المؤتمرات والندوات في أنحاء العالم الإسلامي.
مؤلفاته
له الكثير من المؤلفات منها:
مباحث في علوم القرآن الكريم.
تفسير آيات الأحكام.
التشريع والفقه في الإسلام تاريخاً ومنهجاً.
الحديث والثقافة الإسلامية.
نظام الأسرة في الإسلام.
نزول القرآن على سبعة أحرف.
الدعوة إلى الإسلام.
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية.
موقف الإسلام من الاشتراكية.
إقامة المسلم في بلد غير مسلم.
الإسلام رسالة الإصلاح.
رعاية الإسلام للمعاقين.
التكييف الفقهي للتبرع بالأعضاء وزراعتها.
رفع الحرج في الشريعة الإسلامية.
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية.
الحاجة إلى الرسل في هداية البشرية.
مباحث في علوم الحديث.
تاريخ التفسير ومناهج المفسرين.
الفرق الإسلامية.
وفاته
توفي يوم الإثنين 6 ربيع الآخر سنة 1420ه الموافق 19 - 7 - 1999م وصُلي عليه في مسجد الراجحي بمنطقة الربوة، ودفن في مقابر النسيم بالرياض، بعد مرض عضال نتيجة إصابته بسرطان الكبد الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات، وكان عمره خمسة وسبعين عاماً، وترك خلفه خمسة من الأولاد، ثلاثة أبناء، وبنتين، والخمسة جميعهم أطباء في تخصصات مختلفة في مستشفيات الرياض.
(((موقف الشيخ مناع خليل القطان الأزهري من الحركة الوهابية)))
يتبن موقفه من الحركة الوهابية من خلال عدة أمور:
الأمر الأول:
ألف رحمه الله عزوجل كتابا في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بين فيه اعتماد دعوة محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة وقد ترجم للشيخ في الكتاب وذكر شيئا عن بيئته وعصره ثم ذكر أن دعوة الشيخ في العقيدة تعتمد على الكتاب والسنة وكذا منهجه في الفقه يرتكز على الأدلة من الكتاب والسنة
الأمر الثاني:
سفره إلى بلاد الحرمين معقل الوهابية فقد غادر مصر سنة 1953م إلى المملكة العربية السعودية
الأمر الثالث:
تدريسه في معاهد وكليات الوهابية حيث درس أولا في مدارس ومعاهد الوهابية إلى سنة 1958 م ثم انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة
الأمر الرابع:
إشرافه على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراة للوهابيين في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
كل هذه الأمور تبين بوضوح موقفه من الحركة الوهابية فرحمه الله عزوجل وأسكنه فسيح جناته.
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 01:56 م]ـ
((موقف العالم الأزهري عبدالرحمن الوكيل من الحركة الوهابية))
أولا: ترجمة الشيخ:
مولده:
ولد في قرية زواية البقلي - مركز الشهداء - منوفية في 23/ 6/1913م.
حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية ثم التحق بالمعهد الديني في طنطا وقد مكث يدرس تسع سنوات
حصل على الثانوية الأزهرية والتحق بكلية أصول الدين وحصل على الإجازة العالية بتفوق، ولم يكمل الدراسات العليا إذ غلبه المرض على ذلك.
حصل أيضًا على درجتي العالمية وإجازة التدريس
عين مدرسًا للدين بالمدارس الثانوية بوزارة المعارف والتربية والتعليم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/88)
تعرف على فضيلة الشيخ محمد حامد الفقي رائد الدعوة السلفية في مصر سنة 1936م، وكان السبب في مجيئه - بعد إرادة الله - سيدة فاضلة من نصيرات السنة هي (نعمت صدقي) حرم الدكتور محمد رضا ووالدة الدكتور أمين رضا وكيل كلية طب الإسكندرية، ولقد كانت له مكانته الخاصة لدى الشيخ حامد الفقي حتى إنه عندما حقق رحمه الله كتاب «نقض المنطق» 1370هـ- 1951م كتب في مقدمته يقول: «ثم وكلت إلى الأخ الفاضل المحقق الشيخ عبد الرحمن الوكيل وكيل جماعة أنصار السنة المحمدية عمل مقدمة له؛ لأنه متخصص في الفلسفة وله بصر نافذ فيها وهو من خلصاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله».
.
وقد أقام المركز العام حفلة شاي توديعًا له في مساء الاثنين 22/ 2/1372، وقد خطب كثير من الإخوان ذاكرين سجاياه وفضله وعلمه، وكتبت مجلة الهدي تقول: «وأنصار السنة المحمدية إذ يودعون الأستاذ الوكيل - هادم الطواغيت- يسألون الله أن يوفقه ويسدد خطاه وأن ينفع به حيثما حل».
اختير رحمه الله رئيسًا لجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر القديمة، كما عمل وكيلاً أول للجماعة، وعند اختيار الشيخ عبد الرزاق عفيفي رئيسًا للجماعة تم انتخابه نائبًا للرئيس في 22 صفر 1379 - 27/ 8/1959م، ثم انتخب رئيسًا للجماعة بعد الشيخ عبد الرزاق إلى السعودية، وكان ذلك في اجتماع الجمعية العمومية المنعقدة في 15 محرم 1380هـ يوليو 1960م ليكون ثاني رئيس للجماعة بعد مؤسسها وانتخب نائبًا له الشيخ محمد خليل هراس.
عندما أدمجت الجماعة بغيرها وتوقفت مجلة الهدي النبوي التي كان يشغل رئيس تحريرها ويكتب التفسير بها انتدب أستاذًا بكلية الشريعة بمكة وظل في هذه الوظيفة وهو أستاذ للعقيدة بقسم الدراسات العليا وفي جوار البلد الأمين غالبه المرض وقضى نحبه ولحق بجوار ربه في 22 جمادى الأول 1390هـ الموافق 1971م ودفن بالحجون.
مكانته العلمية:
رأي العلماء فيه:
يقول الشيخ محمد عبد الرحيم رحمه الله في مقدمة كتاب «دعوة الحق»:
«لقد كان الشيخ عبد الرحمن الوكيل موفور الحظ من اللغة، وجمال البلاغة ووضوح المعنى، وسعة الاطلاع وشرف الغاية، كما جمع علمًا مصفى من شوائب البدع والخرافات الصوفية، وكان حسن اللغة قليل اللحن فصيح العبارة له اجتهاداته الواعية وكان في ذلك نمطًا فريدًا في جماعته لا يشاركه في ذلك إلا حبر سوهاج وعلامتها أبو الوفاء درويش».
ويقول عنه الدكتور سيد رزق الطويل:
«لقد كان في أخلاقه نسيج وجده سمو في الخلق وعفة في اللسان، طلق المحيا منبسط الأسارير واسع الثقافة متنوع المعرفة أديبًا، شاعرًا جزل الشعر قوي العبارة». (مقدمة دعوة الحق).
ويقول عنه الشيخ أبو الوفاء درويش في مجلة الهدي النبوي:
«لو كنت أريد أن أوفيه حقه من التمجيد - وهذا كلام أبي الوفاء - وأن أشرح آثار قلمه الفياض في نفوس القراء وأن أنوه بما خصه الله من شجاعة في الحق نادرة، وصراحة يعز منالها في أيامنا الحاضرة وأن أومئ إلى ما لازم قلمه الجريء من التوفيق في جولاته الموفقة في كل ميادين المعرفة وما امتاز به أسلوبه الجزل من روعة تسطير على النفوس، وجلال علل القلوب لما استطعت أن أوفيه حقه».
ويقول عنه الشيخ محمد صادق عرنوس:
«إن أخانا الأستاذ النابغة عبد الرحمن الوكيل المعروف بين قراء الهدي النبوي بهادم الواغيت قد أصبح أخصائيًا في تشريح التصوف والإحاجة بوظائف أعضائه، والأستاذ الوكيل يتعلم وينبغ ليمرض ويشفى».
ويعتبر الشيخ عبد الرحمن الوكيل أول من قال من علماء جماعة أنصار السنة المحمدية «بأن التصوف كله شر». وكان له رحمة الله عليه أثر كبير في ظهور الكتابة العلمية عن التصوف في مجلة الهدي النبوي. وقد ظل يكتب بها قرابة ربع قرن ولقد كتب رحمه الله في آخر ما كتب تحت عنوان «نظرات في التصوف» من ذلك اعتبارًا من عام 1379هـ - 1386هـ مقالات بل قُل أباحُا بلغت (45) مقالاً جمعتُها كلها ووجدت أنه قد اختط لنفسه منهجًا في الكتابة عن التصوف، يقول هو عنه: «إننا سنعرض هذه القضية عرضًا عادلاً منصفًا فيه إسراف في العدل والإنصاف، وحسب القارئ إنصافًا في العرض وإيثارًا للعدل الكريم أننا سنبسط أن آراء التصوف نفسه كما بثها كبار شيوخه، وكما دافعوا عنها تاركين للقارئ الحكم، وحسبه أن يقارن بين أصول الإسلام التي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/89)
يعيها كل مسلم وبين آراء التصوف على أننها سنعين القارئ أحيانًا بتذكيره بأدلة هذه الأصول من آيات القرآن وأحاديث السنة الصحيحة». ومن أراد أن يعرف صلته رحمه الله بالتصوف فليقرأ مقدمة كتابه رسالة مفتوحة إلى شيخ مشايخ الطرق الصوفية والتي سماها «صوفيات».
إنتاجه:
يتميز إنتاجه بالأسلوب الرصين، مع التحقيقي الدقيق والدقة المتناهية في نقل النصوص، وتعتبر كتبه مرجعًا لكل من أراد أن يكتب عن التصوف، بل لا أكون مغاليًا إن قلت: إن معظم كتب عن التصوف بعده هم عيال عليه.
وأهم مؤلفاته:
(1) صوفيات
(2) دعوة الحق
(3) هذه هي الصوفية
(4) البهائية
(5) الصفات الإلهية
(6) القاديانية
(7) ورسالة صغيرة طبعت تحت عنوان «زندقة الجيلي».
تحقيقاته:
(8) حقق كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية.
(9) مصرع التصوف للإمام البقاعي.
(10) الروض الأنف للسهيلي الأندلسي.
كما لا ننسى أن نذكر بأن الشيخ الوكيل كان شاعرًا مجيدًا قليل الإنتاج في الشعر.
وبعد، فقد ترك الشيخ عبد الرحمن الوكيل مكتبة كبيرة سواء من إنتاج أو من اقتنائه للكتب حوت كتب نادرة في معارف متنوعة، ويكفى أن يقوم أي باحث بزيارة مكتبته في «مسجد بابل» بالدقي ليعرف قيمة الرجل ومدى إلمامه بشتى العلوم.
وفاته:
توفي رحمه اللَّه بعد فترة مع المرض وقضى أجله ولحق بجوار ربه في 22 جمادى الأول 1390هـ الموافق 1971م ودفن بالحجون.
(((موقف الشيخ العلامة عبدالرحمن الوكيل الأزهري من الحركة الوهابية)))
يتضح موقفه من الحركة الوهابية من خلال عدة أمور:
الأمر الأول:
تصريحه بتوبته من مذهب الصوفية إلى مذهب أهل السنة والجماعة حيث قال عن نفسه رحمه الله عزوجل مسجلا توبته:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد خاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين، وبعد: فإنه كانت لي بالتصوف صلة هي صلة العبر بالمأساة، فهنالك -حيث يدرج بي الصبا في مدارجه السحرية، وتستقبل النفس كل صروف الأقدار بالفرحة الطرب، وتستثني الروح ربا الجمال والحب من كل معاني الحياة- هنالك تحت شفوف الأسحار الوردية من ليالي القرية الوادعة الحالمة، وفي هيكل عبق بغيوم البخار، جثم على صدره صنم صغير يعبده كثير من شيوخ القرية، هنالك في مطاف هذه الذكريات الولهى: كان يجلس الصبي بين شيوخ تغضضت منهم الجباه، وتهدلت الجفون، ومشى الهرم في أيديهم خفقات حزينة راعشة، وفي أجسادهم الهضمية تحولاً ذابلاً، يتراءون تحت وصوصة السراج الخافت أوهام ضيعته الخيبة، وبقايا آمال عصف بها اليأس.
وتتهدج ترانيم الشيوخ تحت السحر -نواحاً بينها صوت الصبي- بالتراتيل الوثنية، وما زال الصبي يذكر أن صلوات ابن مشيش، ومنظومة الدردير كانتا أحب التراتيل إلى أولئك الشيوخ، وما زال يذكر أن أصوات الشيوخ كانت تشرق بالدموع، وتئن فيها الآهات حين كانوا ينطقون من الأولى: "اللهم انشلني من أوحال التوحيد!! " ومن الثانية "وجدلي بجمع الجمع منك تفضلاً" يا للصبي الغرير التعس المسكين!! فما كان يدري أنه بهذه الصلوات المجوسية يطلب أن يكون هو الله هوية وماهية وذاتاً وصفة!! ما كان يدري ما التوحيد الذي يضرع إلى الله أن ينشله من أوحاله!! ولا ما جمع الجمع الذي يبتهل إلى الله أن يمن به عليه.
ويشب الصبي، فيذهب إلى طنطا ليتعلم، وليتفقه في الدين. وثمة يسمع الكبار من شيوخه يقسمون له، ولصحابه: أن "البدوي" قطب الأقطاب، يصرف من شئون الكون، ويدبر من أقداره وغيوبه الخفية!! ويجرؤ الشاب مرة فيسأل خائفاً مرتعداً: وماذا يفعل الله؟! ويهدر الشيخ غضباً، ويزمجر حنقاً، فيلوذ الشاب بالرعب الصامت، وقد استشعر من سؤاله، وغضب الشيخ، أنه لطخ لسانه بجريمة لم تكتب لها مغفرة!! ولم لا؟ والشيخ هذا كبير جليل الشأن والخطر، وما كان يستطيع الشاب أبداً أن يفهم أن مثل هذا الخبر الأشيب –الذي يسائل عنه الموت- يرضى بالكفر، أو يتهوك مع الضلال والكذب. فصدق الشاب شيخه وكذب ما كان يتلو قبل من آيات الله {10:3 ثم استوى على العرش، يدبر الأمر، ما من شفيع إلا من بعد إذنه}! ثم يقرأ الشاب في الكتب التي يدرسها: أن الصوفي فلاناً غسلته الملائكة، وأن فلاناً كان يصلي كل أوقاته في الكعبة، في حين كان يسكن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/90)
جبل قاف، أو جزائر واق الواق!! وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده من القبر وسلم على الرفاعي!! وأن فلاناً عذبته الملائكة، لأنه حفظ القرآن والسنة وعمل بما فيهما، ولكنه لم يحفظ كتاب الجوهرة في التوحيد!!! وأن مذهبنا في الفقه هو الحق وحده، لأنه أحاديث حذفت أسانيدها!! ويصدق الشاب بكل هذا، ويؤمن، وما كان يمكن إلا أن يفعل هذا.
إذ قال في نفسه: لو لم تكن هذه الكتب حقاً، ما درست في الأزهر، ولا درسها هؤلاء الهرمون من الأحبار ولا أخرجتها المطبعة!! وهل كان يمكن أن يسأل نفسه مثلاً مثل هذا السؤال: أين من الحق البين من كتاب الله، هذا الباطل العربيد في هذه الكتب؟! لا، فلقد جيء به إلى طنطا ليتفقه في الدين على هؤلاء الشيوخ، وهاهو فقه الدين يسمعه من الشيوخ، ويقرؤه في الكتب، وحسبه هذا!!
وتموج طنطا بالوفود، وتعج بالآمين بين الطاغوت الأكبر من كل حدب، ويجلس الشاب في حلقة يذكر فيها الصوفية اسم الله بخنات الأنوف، ورجات الأرداف ووثنية الدفوف، وثمة يسمع منشد القوم يصيح راقصاً: "ولي صنم في الدير أعبد ذاته" فتتعالى أصوات الدراويش طروبة الصيحات: "إيوه كده اكفر، اكفر يا مربي" ويرى الشاب على وجوه القوم فرحاً وثنياً راقص الإثم بما سمعوا من المنشد الكافر، فيسأل شيخنا ممن وفدوا من أهل قريته: يا سيدي الشيخ، ما ذلك الصنم المعبود؟! فيزم الشيخ شفتيه، ثم يجود على الشاب الواله الحيرة بقوله: "انته لسه صغير"!! ويسكت الشاب قليلاً، ولكن الكفر يضج في النعيق، فيسمع المنشد يقيء "سلكت طريق الدير في الأبدية" "وما الكلب والخنزير إلا إلهنا" ويطوي الشاب نفسه على فزع وعجب يسائل الذهول: ما الكلب؟ ما الخنزير؟ ما الدير وأنى للذهول بأن يجيب؟! ولقد خشي أن يسأل أحد الشيوخ ما دام قد قيل له: "انته لسه صغير" ثم إنه رأى بعض شيوخه الكبار يطوفون بهذه الحمآت، يشربون "القرفة" ويهنئون الأبدال والأنجاب والأوتاد بمولد القطب الغوث سيدهم البدوي!!!
وتكفن دورات الفلك من عمر الشاب سنوات، فيصبح طالباً في كلية أصول الدين فيدرس أوسع كتب التوحيد -هكذا تسمى- فيعي منها كل شيء إلا حقيقة التوحيد، بل ما زادته دراستها إلا قلقاً حزيناً، وحيرة مسكينة. ويجلس الشاب ذات يوم هو وصديق من أصدقائه مع شيخ صوفي أمي. فيسأله عن معاني بعض تهاويل ابن عطاء السكندري "إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية، وإرادتك الأسباب، مع إقامة الله إياك في التجريد، انحطاط على الهمة العلية". ويحار الطالبان، ولا يدريان بم يجيبان هذا الأمي عن هذه الحكم المزعومة -وقد عرفا بعد أنها تهدف إلى تقرير أسطورة رفع التكليف- فتمتلئ نفساهما بالغم المهموم، إذ رسبا في امتحان عقده لهما أمي صوفي؟!
ويدور الزمن فيصبح الشاب طالباً في شعبة التوحيد والفلسفة، ويدرس فيها التصوف، ويقرأ في كتاب صنفه أستاذ من أساتذته، رأي ابن تيمية في ابن عربي. فتسكن نفس الشاب قليلاً إلى ابن تيمية، وكان قبل يراه ضالاً مضلاً. فهذا البهتان الأثيم نعته الدردير!!
وكانت عنده لابن تيمية كتب، بيد أنه كان يرهب مطالعتها، خشية أن يرتاب في الأولياء، كما قال له بعض شيوخه من قبل!!
وخشية أن يضل ضلال ابن تيمية .. ويقرأ الشاب، ويستغرق في القراءة، ثم ينعم القدر على الشاب يصبح مشرق يهتك عنه حجب هذا الليل، فيقر به سراه المضني عند جماعة أنصار السنة المحمدية، فكأنما لقي بها الواحدة الندية السلسبيل بعد دوي ملتهب الهجير. لقد دعته الجماعة على لسان منشئها فضيلة والدنا الشيخ محمد حامد الفقي إلى تدبر الحق والهدى من الكتاب والسنة، فيقرأ الشباب ويتدبر ما يقرأ وثمة رويداً رويداً ترتفع الغشاوة عن عينيه، فيبهره النور السماوي، وعلى أشعته الهادية يرى الحقائق، ويبصر القيم. يرى النور نوراً والإيمان إيماناً، والحق حقاً، والضلال ضلالاً، وكان قبل -بسحر التصوف- يرى في الشيء عين نقيضه، فيؤمن بالشرك توحيداً، وبالكفر إيماناً، وبالمادية الصماء من الوثنية: روحانية عليا، ويدرك الشاب -وهو لا يكاد يصدق- أن التصوف دين الوثنية والمجوسية، دين ينسب الربوبية والإلهية إلى كل زنديق، وكل مجرم، وكل جريمة!! دين يرى في إبليس، وفرعون، وعجل السامري، وأوثان الجاهلي، يرى في كل هؤلاء الذين لعنتهم كتب الله، بل لعنتهم حتى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/91)
العقول، يرى فيهم أرباباً وآلهة تهيمن على القدر في أزله وأبده، دين يرى في كل شيء إلهاً يجب أن يعبد. ورباً يخلق ما يشاء ويختار، دين يقرر أن حقيقة التوحيد الأسمى: هي الإيمان بأن الله -سبحانه- عين كل شيء. دين لا تجد فيه فيصلاً بين القيم، ولا بين حقائق الأشياء، ولا بين الضد وضده، ولا بين النقيض ونقيضه. دين يقول عن الجيف - يتأذى منها النتن، وعن الميكروبات تفتك سمومها بالبشرية - إنها هي الإله، وسبحان ربنا!! دين يقول عن القاتل، عن السارق، عن الباغي، عن كل وغد تسفل في دناءته، عن كل طاغية بغى في تجبره. يقول عن كل هؤلاء: إنهم عينات الذات الإلهية!! فأي إله هذا الذي يقتل، ويبغي، ويفسد في الأرض؟ أي إله هذا الذي يدب تحت جنح الليل تتلظى في عينيه، وعلى يديه الإثم والجريمة الضارية؟ أي إله هذا الذي يلعق دم الضحايا يبرد به غلته، ويخضب بدماء الأعراض التي سفحها يديه الظالمتين؟ أي إله هذا الذي مشى في أيام التاريخ ولياليه بطشاً وظلماً وجبروتاً يدمر، ويخرب، ويصنع القصة الأولى لكل جريمة خاتلة؟! ومن يكون إلا إله الصوفية الذي ابتدع أسطورته سلف ابن عربي، وابن الفارض وغيرهما!!؟.
أيتها البشرية التي تهاب القانون، أو ترهب السماء!! ها هو دين التصوف يناديك ملحاً ملهوف النداء: أن تنحدري معه إلى حيث تترعين من كل خمرة مخمورة، وتتلطخين بكل فسق، وتتمرغين في أوحال الإثم!! وأنتم أيها العاكفون في المساجد؛ لا حاجة بكم إلى الصلاة والصوم والحج والزكاة، بل لا حاجة بكم إلى رب تحبونه وتخافونه، وترجونه، ولا إله تعبدونه.
لم هذا الكدح والجهاد والنصب والعبودية؟ لم هذا وكل فرد منكم في حقيقته هو الرب، وهو الإله كما يزعم الصوفية!!؟ ألا فأطلقوا غرائزكم الحبيسة، ودعوها تعش في الغاب والدخل وحوشاً ضارية، وأفاعي فتاكة! وأنتم يا بني الشرق! دعوا المستعمر الغاصب يسومكم الخسف والهوان، ويلطخ شرفكم بالضعة، وعزتكم بالذل الهين، ويهيمن على مصائركم بما يهوى بطشه الباغي، وبغية الظلوم. دعوه يهتك ما تحمون من أعراض، ويدمر ما تشيدون من معال، وينسف كل ما أسستم من أمجاد، ثم الثموا ضارعين خناجره وهي تمزق منكم الحشاشات، واهتفوا لسياطه، وهي تشوي منكم -أذلاء- الجلود. فما ذلك المستعمر عند الصوفية سوى ربهم، تعين في صورة مستعمر.
دعوا المواخير مفتحة الأبواب، ممهدة الفجاج. ومباءات البغاء تفتح ذراعيها الملهوفتين لكل شريد من ذئاب البشر، وحانات الخمور تطغى على قدسية المساجد، وأقيموا ذهبي الهياكل للأصنام، وارفعوا فوق الذرى منتن الجيف، ثم خروا ساجدين لها، مسبحين باسم ابن عربي وأسلافه وأخلاقه فقد أباح لكم أين تعبد الجيفة، وأن تتوسلوا إلى عبادتها بالجريمة!!
ذلكم هو دين التصوف في وسائله وغاياته وتلك هي روحانيته العليا!!.
ألا فاسمعوها غير هيابة ولا وجلة، واصغوا إلى هتاف الحق يهدر بالحق من أعماق الروح: إن التصوف أدنأ وألأم كيد ابتدعه الشيطان ليسخر معه عباد الله في حربه لله، ولرسله، إنه قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع كل عدو صوفي، العداوة للدين الحق، فتش فيه تجد برهمية، وبوذية، وزرادشتية، ومانوية وديصانية، تجد أفلوطينية، وغنوصية، تجد يهودية ونصرانية، ووثنية جاهلية، تجد فيه كل ما ابتدعه الشيطان من كفر، منذ وقف في جرأة الصوفية يتحدى الله، ويقسم بعزته أنه الذي سيضل غير المخلصين من عباده. تجد فيه كل هذا الكفر الشيطاني، وقد جعل منه الشيطان كفراً جديداً مكحول الإثم متبرج الغواية، متقتل الفتون، ثم سماه للمسلمين: (تصوفاً) وزعم لهم -وأيده في زعمه القدامية والمحدثون من الأحبار والرهبان- أنه يمثل أقدس المظاهر الروحية العليا في الإسلام!! أقولها عن بينة من كتاب الله، وسنة خير المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، وبعون من الله، سأظل أقولها، لعلي أعين الفريسة التعسة على أن تنجو من أنياب هذا الوحش الملثم بوشاح الدعة الحانية العطوف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/92)
ولكن الصوفية سوداً وبيضاً، خضراً وحمراً، سلوهم: ما ردكم على هذا الصوت الهادر من أعماق البحر؟ سيقولون ما قالت وثنية عاد (إن نراك إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) وآلهتهم هي قباب أضرحة الموتى وأعتابها!! دمغناهم بالحق، فراحوا يعوون عواء اللص الحذر، وقع فجأة في قبضة الحارس، وجأروا بالشكوى الذليلة إلى النيابة، فلم تر النيابة فيمن يمسك بالبريء إلا مجرماً، وشكوا إلى رئيس حكومة سابق، وختموا الشكاة بهذه الضراعة الذليلة: "والله نسأل لمقامكم الرفيع الخير والسؤدد في ظل حامي الدين حضرة صاحب الجلالة المعظم صان عرشه، وأيد حكومته الرشيدة وألهمها التوفيق" (قدموا هذه الشكوى بتاريخ 4 أغسطس سنة 1951م)، فلم يرى الرئيس السابق فيمن يثرم أنياب الرقطاء مجرماً. وطاح الحق ببغي إلههم وملاذهم حامي دينهم، كما كانوا يلقبونه.
وما زلنا -بعون من الله-نستلهمه- بكتاب الله نتحداهم، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نحاججهم، والله على كل شيء شهيد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
سيقول الناعمون -من ذوي الألسنة التي استمرأت كلمات الذل والعبودية، وليونة النفاق، وممن يتملقون الجماهير على حساب الحق، ويزعمون أنهم لا يحبون إثارة شقاق، أو جدال، ولا الطعن على أحد -سيقول هؤلاء: ما هكذا يكون النقد، ولا هكذا يكون البحث العلمي!! لا. أيها المدللون الخانعون للأساطير، فإنا لسنا أمام جماعة مسلمة، فنخشى إثارة الشقاق بينهم، ولو خشي الرسول مثل هذا لمالأ قريشاً على حساب الحق، ولكنه صلى الله عليه وسلم أطاع أمر ربه {94:15 فاصدع بما تؤمر، وأعرض عن المشركين} ووعى قلبه - المشرق المؤمن الطهور التقي- موعظة ربه فيما قاله له العلي الكبير {9:68 ودوا لو تدهن فيدهنون} وفيما قال له {75:17 وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك، لتفتري علينا غيره، وإذا لاتخذوك خليلاً، ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً، إذا لأذقناك ضعف الحياة، وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً} فكان سيد ما يستغفر به الرسول الكريم الأمين ربه: [اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت] فكيف بنا نحن اليوم الذين أمرنا أن جعل الرسول وحده لنا الأسوة؟!
ولسنا كذلك أمام فئة تحترم العقل، بل تزدريه وتحقره، ثم تهب في قحة طاغية الجراءة لتشتم الله، وتذود عن إبليس وفرعون وعباد العجل والوثن، داعية المسلمين إلى اتخاذ هؤلاء أرباباً وآلهة، وسيرد على القارئ عشرات النصوص من نصوص ابن عربي وتائية بن الفارض شهيدة عليهم بما ذكرت، وابن عربي وابن الفارض قطبا التصوف، وإماما الصوفية المعاصرة. فكيف يعاب علينا أننا ندافع عن دين الله، وأنا نقول للشيطان: إنك أنت الشيطان؟
ما نقول عن رجل –وهو ابن عربي- يفتري أدنأ البهتان على الله، فيصوره في صورة رجل وامرأة يقترفان الإثم، مؤكداً لأتباعه أن الجسدين الآثمين هما في الحقيقة ذات الله، سبحانه؟ وسبحان رب العزة عما يصف الإثم.
فلا نلام إذا هتكنا القناع عن وجه هذا الرجل، ليبصره المخدوعون به، ليبصره مسخاً ثانياً للشيطان؟ إننا في ميدان مستعر الأتون، يقاتلنا فيه عدو دنيء يتراءى أنه الأخ الشقيق الحنو، الندي الرحمة، فلا أقل من أن نحاربه بما يدفع ضره وشره، ويحول بينه وبين الفضاء على الرمق الذابل من عقائد المسلمين، وبين تشتيت الحشاشة الباقية من الجماعة الإسلامية.
انظر مقدمة كتاب تنبيه الغبي إلى كفر ابن عربي للشيخ رحمه الله عزوجل
الأمر الثاني:
تعرفه على الشيخ العلامة محمد حامد الفقي الأزهري شيخ الوهابية في مصر وانتسابه لجماعة أنصار السنة المحمدية وهى المتحدثة الرسمية عن الوهابية في مصر
الأمر الثالث:
سفره إلى بلاد الحرمين وتدريسه في معاهد وكليات الوهابية حيث انتخب للعمل بالمعهد العلمي بالرياض مع فضيلة الشيخ محمد عبد الوهاب البنا عام 1371هـ 1952م وهو من مؤسسي الجماعة أطال الله عمره ثم انتدب أستاذًا بكلية الشريعة بمكة وظل في هذه الوظيفة وهو أستاذ للعقيدة بقسم الدراسات العليا وفي جوار البلد الأمين غالبه المرض وقضى نحبه ولحق بجوار ربه في 22 جمادى الأول 1390هـ الموافق 1971م.
الأمر الرابع:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/93)
دفاعه عن مذهب أهل السنة والجماعة حيث كتب الكثير من الكتب التي تفضح المخالفين لمذهب السلف ومنها:صوفيات و دعوة الحق وهذه هي الصوفية
و البهائية والصفات الإلهية و القاديانية ورسالة صغيرة طبعت تحت عنوان زندقة الجيلي
كل هذه الأمور تبين بوضوح موقفه من الوهابية فرحمه الله عزوجل رحمة واسعة
ـ[فرج بن عبدالله البرقاوي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 04:57 م]ـ
بارك الله فيك على هذا المجهود
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 02:30 م]ـ
((موقف الإمام المجاهد عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب النجدي الأزهري من الحركة الوهابية))
أولا: ترجمة الشيخ:
هو العلامة الشهير، صاحب التاريخ الحافل بالجهاد والكفاح، والمشرف بالدعوة والإصلاح، الذي كرس جهده، وأوقف حياته في بث العلم ونشره، وجرد قلمه في الذب عن دعوة الإسلام، وعقيدة التوحيد، الإمام الأوحد الرباني، والمجدد الثاني الشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
ولد هذا العالم الكبير سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف من الهجرة في بلدة الدرعية، موطن الدعوة ومهد علمائها، وعاصمة ولاتها في ذلك الحين، فنشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه وهو في العاشرة من عمره، ثم لازم دروس العلم وحلق الذكر، فقرأ على جده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد، من أوله إلى أبواب السحر، وجملة من كتاب آداب المشي إلى الصلاة، وحضر عليه قراءات كثيرة في كتب التفسير والحديث والأحكام.
ثم توفي جده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وهو لا يزال في الثالثة عشرة من عمره، فلازم علماء الدرعية وجهابذتها الأعلام، فقرأ على الشيخ حمد بن ناصر بن معمر كتاب المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل من أوله إلى آخره، وقرأ على الشيخ عبد الله بن فاضل من علماء الدرعية، وقرأ على عمه علامة نجد في زمنه وخليفة والده بعد وفاته، الشيخ عبد الله
ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وقرأ في الفرائض على عبد الرحمن ابن خميس من علماء الدرعية، وقرأ في النحو على العلامة الشيخ حسين بن غنام صاحب التاريخ المشهور.
وبعد هذه القراءات جلس لطلاب العلم يدرسهم علم التوحيد والفقه، ثم ولي قضاء الدرعية زمن الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وزمن ابنه الإمام عبد الله بن سعود، وكان في الدرعية ذلك الحين قضاة كثيرون، مرجعهم علامة نجد في زمنه الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، واستمر الشيخ عبد الرحمن في وظيفتي القضاء والتدريس، حتى خرج طوسون بن محمد علي باشا لقتال أهل هذه الدعوة السلفية، فعند ذلك جند الشيخ عبد الرحمن نفسه للدفاع عن الدين والأوطان، فصحب الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود في مسيره لقتال طوسون فحضر معه وقعة وادي الصفراء الوقعة المشهورة بالقرب من المدينة التي حصلت بين طوسون وبين الإمام عبد الله، وهزم فيها طوسون هزيمة منكرة.
وبعد هذه الوقعة استمر الشيخ في الدفاع وحضور الوقائع والحروب التي حصلت بين أهل هذه الدعوة السلفية والدولة التركية حتى قدر الله سقوط الدرعية، واستيلاء إبراهيم بن محمد علي باشا عليها، وعلى جميع الجزيرة العربية فنقله إبراهيم باشا إلى مصر، ومعه حرمه وعائلته، وابنه الشيخ عبد اللطيف، وذلك سنة 1233هـ، وبقي ثمان سنوات بمصر، قرأ فيها على عدة علماء من الأزهر الشريف منهم:
(1) الشيخ حسن القسويني الأزهري ذكر: أنه حضر عليه شرح جمع الجوامع للمحلي، ومختصر السعد في المعاني والبيان، وأجازه بجميع مروياته
(2) مفتي الجزائر محمد بن محمود الجزائري الحنفي، فقرأ عليه في الأحكام الكبرى، للحافظ عبد الحق الأشبيلي، وأجازه بجميع مروياته عن شيخه الشيخ محمود الجزائري، والشيخ علي بن الأمين
(3) الشيخ إبراهيم العبيدي المقرئ الأزهري، شيخ مصر في زمنه في القراءات، فقرأ عليه القرآن
(4) الشيخ أحمد بن سلمونة الأزهري فقرأ عليه الشاطبية، وشرح الجزرية
(5) الشيخ يوسف الصاوي الأزهري قرأ عليه شرح الخلاصة لابن عقيل
(6) قرأ على شيخ الأزهر الشيخ إبراهيم البيجوري، شرح الخلاصة للأشموني.
(7) وحضر على محمد الدمنهوري في الاستعارات، والكافي في علمي العروض والقوافي، وذلك بالجامع الأزهر الشريف عمره الله بالعلم والإيمان، وجعله مقراً للعمل بالسنة والقرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/94)
ولم يزل المترجم له الشيخ عبد الرحمن بن حسن مقيماً بمصر، ينهل من العلوم ويتزود من الفنون من علماء الأزهر إلى أن رد الله الكرة لأهل نجد على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، فاستعاد نجداً وطهرها من جميع الأتراك والغزاة، وأرجعها إلى الحكم السعودي مرة ثانية بعدما خرجت عنه وذلك سنة 1240هـ، فعند ذلك كتب للشيخ عبد الرحمن يستحثه في القدوم عليه من مصر فحقق الشيخ رغبته وقدم عليه بعد ولايته بسنة وذلك عام 1241هـ، ففرح بمقدمه الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وأكرمه غاية الإكرام، فقام الشيخ عبد الرحمن بمؤازرة الإمام تركي خير قيام، فاستعان به الإمام تركي على تأسيس دولة إسلامية، ونشر دعوة سلفية، أصلح الله بها ما أفسدته تلك العساكر التركية، فأعادت إلى أهل نجد ما فقدوه من الروح الدينية والقوة المعنوية، فاستقر الأمن وساد النظام والعدل.
فأخذ الشيخ عبد الرحمن ينشر العلم، ويناصح أهل نجد بالرسائل، ويأمرهم بالمعروف ويحثهم على لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لولي أمرهم، ولهذا قال: فلبي في تأريخه المسمى (تاريخ نجد)، ودعوة الشيخ محمد (ص 178) بالحرف الواحد ما نصه: ثم وصل من مصر شخص آخر، هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد محمد بن عبد الوهاب، فاحتل منصب قاضي الرياض، ذلك المنصب الذي قدر للشيخ أن يشغله سنوات عديدة، يشاركه ابنه وتلميذه الشيخ عبد اللطيف، وقد لعب الوالد وابنه دوراً مهماً في جعل الدين عاملاً له أثره في حياة العرب.
وقد انتهت إلى الشيخ عبد الرحمن رئاسة العلم بنجد، حيث أصبح مرجع علمائها، وقد جلس لطلاب العلم بنجد، فتخرج به خلائق لا يحصون منهم ابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف، قرأ عليه في مصر ثم في نجد، وقرأ عليه الشيخ عبد الملك ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأخوه الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسين، وقرأ عليه الشيخ حسين بن حمد ابن الشيخ حسين، والشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد العزيز بن عثمان بن
عبد الجبار بن شبانة، والشيخ عبد الرحمن الشميري، والشيخ عبد الله بن جبر، والشيخ العلامة حمد بن عتيق، والشيخ عبد العزيز بن يحيى الفضلي الملهمي، والشيخ محمد بن إبراهيم بن عجلان، والشيخ عبد الرحمن بن عدوان، والشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف، والشيخ عبد الله بن علي بن مرخان، والشيخ علي بن عبد الله بن عيسى، والشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى، والشيخ عبد الرحمن بن مانع، والشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، والشيخ حسن ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد الله بن نصر، والشيخ ناصر بن عيد.
وأخذ عنه غير هؤلاء خلق كثير يطول عدهم فهو بحق شيخ مشايخ أهل نجد في زمنه بلا نزاع
((موقف الإمام المجاهد عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ الأزهري من الحركة الوهابية))
له الكثير من الكتب النافعة التي رد فيها على المناوئين لهذه الدعوة منها:
1_ المجة بالرد على اللجة وهو رد على صاحب (السحب الوابلة)
2_ ورد على عبد الحميد الكشميري بكتاب سماه (بيان كلمة التوحيد والرد على الكشميري عبد الحميد)
3_ المقامات وهو رد على عثمان بن عبدالعزيز بن منصور الناصري تعرض فيه للحروب الواقعة بين الدعوة السلفية والدولة العثمانية فهو كتاب رد وتاريخ
4_ القول الفصل النفيس في الرد على ابن جرجيس
5_ كما شرح كتاب التوحيد لجده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، بكتاب سماه (فتح المجيد) وعلق على كتاب التوحيد لجده المذكور حاشية مفيدة، سماها ابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف (قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين) وقد طبع هذان الكتابان وعم نفعهما.
فرحمه الله عزوجل وأسكنه فسيح جناته
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 03:37 م]ـ
(((موقف العالم المجاهد محمد عز الدين القسام الأزهري من الحركة الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ::
ولد عز الدين القسام في قرية جبلة " الادهمية " قضاء مدينة اللاذقية السورية المشهورة،والأرجح أن ولادته كانت في سنة 1882م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/95)
والد الشيخ القسام هو عبد القادر مصطفى القسام من المشتغلين بعلوم الشريعة. ومن ذلك نشأ في بيت علم وتقى قد رُبى وتعلم في زاوية الإمام الغزالي وعمل في مدرسة " كُتاب " درّس فيها أبناء القرية أصول القراءة وحفظ القرآن الكريم ثم اشتغل لفترة مستنطقاً في المحكمة الشرعية.
سافر الشيخ المجاهد عز الدين القسام لمصر للأزهر طلباً للعلم وعمره أربعة عشر سنة وهناك كان يحضر دروس الشيخ محمد عبده واستمرت دراسته في الأزهر عشر سنوات وحمل شهادته سنة عشرين وثلاثمائة وألف للهجرة.
عاد الشيخ عز الدين القسام إلى سوريا عام 1906 بعد أن نال الشهادة الأهلية وأخذ يدرس العلوم الأدبية والقراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم لأطفال القرية وتولى خطابة الجمعة في مسجد المنصوري فدب في القرية حماس ديني شديد فكانت شوارعها تُرى مقفرة إذا أذن لصلاة الجمعة، وبنشاطه في الدعوة والتعليم ذاع صيته وانتشر اسمه.
واصبح موئلاً ومقصداً، وكان في سيرته الشخصية مثال الفضيلة والكمال، لا ينهى عن خلق ويأتي مثله، ولا يدعو إلى طريق إلا ويكون أول سالك له، فكثر اتباعه ومريدوه وعظم شأنه وذاع صيته.
جهاده:
في 27 أيلول 1918 أعلن جمال باشا انسحاب الدولة العثمانية جيشاً وحكومة من سوريا وفي مطلع تشرين الأول 1918 دخلت جيوش الحلفاء دمشق.
في العام 1919 تألفت العصابات الثورية في سوريا بعد قيام فرنسا بتقسيم المنطقة إلى عدة أقسام، وكانت العصابات الثورية تعمل تحت قيادات متباينة وفي مناطق مختلفة وهذه العصابات هي:
عصابة إبراهيم هنانو
عصابة الشيخ صالح العلي
عصابة صبحي بركات
عصابة عمر البيطار وعز الدين القسام
دور الشيخ عز الدين القسام في الثورة:
خلال الحرب العالمية الأولى " 1914 _ 1918 " أخذ القسام يعطي الدروس التحريضية تمهيداً لإعلان الثورة، و عندما نادي المنادي للجهاد وكان القسام أول من لبى و أجاب، فانضم إلى عصابة عمر البيطار في قرية شير القاق من جبال صهيون، وانتظم في عداد رجالها وتقلد السلاح جنديا في خدمة الإسلام، وكان معه طائفة من مريديه واتباعه الذين علمهم وهذبهم.
فاندلاع الثورة في جبال صهيون كان من نتائج دعاياته وفي هذه المنطقة قاوم القسام أشد مقاومة وكان أول من رفع راية المقاومة لفرنسا وأول من حمل السلاح في وجهها. كما كان في طليعة المجاهدين واستمر هو وإخوانه حوالي سنة في مقارعة الفرنسيين " 1919 _ 1920 ".
محاولة الفرنسيين اقناع القسام بترك الثورة:
لقد نجح الاحتلال الفرنسي في جر صبحي بركات إلى شباكهم، وحاولت أن تقنع الشيخ عز الدين القسام بترك الثورة والرجوع إلى بيته، فأرسل الاحتلال إليه زوج خالته فوعده باسم السلطة أن توليه القضاء وإن تجزل له العطاء في حال موافقته على الرجوع والتخلي عن جهاده فرفض الشيخ القسام العرض وعاد رسول الفرنسيين من حيث أتى.
الحكم عليه بالإعدام هو ورفاقه:
ونتيجة لإصراره على خط الجهاد حكم عليه الديوان العرفي الفرنسي في اللاذقية وعلى مجموعة من اتباعه بالإعدام " فلم يزده ذلك إلا مضاء وإقداما " وطارده الفرنسيون فقصد دمشق وفي العام 1920 غادر القسام دمشق بعد أن احتلها الفرنسيون قاصداً فلسطين ليبدأ في تأسيس حركته الجهادية ضد البريطانيين والصهيونيين.
الشيخ القسام في فلسطين:
بعد أن قدم الشيخ القسام إلى حيفا بدأ في الأعداد النفسي للثورة وجعل القسام من دروسه في المسجد التي تقام عادة بين الصلوات المفروضة، وسيلة لإعداد المجاهدين وصقل نفوسهم وتهيئتها للقتال في سبيل الله، معتمدا اختيار الكيفية دون الكمية، وكان للشيخ القسام حلقات درس يُعلم فيها المسائل الدينية، ولكنه كان أكثر المشايخ تطرقا لضرورة الجهاد ولمنع الصهيونية من أن تحقق أحلامها في بناء وطن قومي على أرض فلسطين، وكان يركز على الاستعمار البريطاني وعلى الصهيونية، ولقد استجوبته السلطات البريطانية لعدة مرات، ولما كان له شعبية كبيرة كانت الحكومة تتجنب اعتقاله، وكان من نتيجة وطنية الشيخ ودعوته للجهاد أن التف حوله جماعة من الرجال دفعتهم الوطنية والإيمان.
وكان الشيخ يجلس مع رفاقه بعد صلاة الفجر في حلقة صغيرة يتحدث الشيخ عن فضائل الجهاد في الإسلام وثواب الاستشهاد في الآخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/96)
استغل الشيخ القسام ثورة البراق وأخذ يدعو في خطبه العرب و المسلمين إلى التصدي لكل من الإنجليز والصهيونية الحاقدة.
وكان يُذكّر الناس بالشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير ويحث الناس على الجهاد باستمرار.
تأسيس جمعية الشبان المسلمين ونشاط القسام فيها:
أسس الشيخ القسام هو وصديقه رشيد الحاج إبراهيم رئيس فرع البنك العربي في المدينة فرع لجمعية الشبان المسلمين. وكان ذلك في شهر أيار من عام 1928م.
وكان الشيخ القسام يزور القرى المجاورة والمدن ويدعو فيها للجهاد وفي ذلك كان يختار القسام العناصر الطليعية للتنظيم وبدأت عصبة القسام السرية تنسج خيوطها الأساسية في عام 1925م ولكن العصبة لم تبدأ عملها الجهادى إلا بعد العام 1929 م.
وكان الأسلوب الذي اتبعة القسام في تنظيم الأفراد يعتمد على مراقبته المصلين وهو يخطب على المنبر، ثم يدعو بعد الصلاة من يتوسم به الخير لزيارته، وتتكرر الزيارات حنى يقنعه بالعمل لإنقاذ فلسطين ضمن مجموعات سرية لا تزيد عن خمسة أفراد ثم اتسعت المجموعات لتضم 9 أفراد، وكان يشرف على الحلقة الواحدة نقيب يتولى القيادة والتوجيه، ويدفع كل عضو مبلغاً لا يقل عن عشرة قروش شهرياً.
خطبة القسام الأخيرة في حيفا:
وقف للمرة الأخيرة خطيبا في جامع الاستقلال في حيفا "وخطب في جمع من المصلين وفسر لهم الاية الكريمة:" ألا تقاتلون قوما نكثوا إيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة. أتخشونهم؟ فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين" (التوبة 13 - 14) " وكان في صوته تهدج وحماسة وفي نبراته رنين ألم ممض، وفي عينيه بريق من بأس وقوة" وقال أيها الناس: لقد علمتكم أمور دينكم، حتى صار كل واحد منكم عالما بها، وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد: فإلى الجهاد أيها المسلمون، إلى الجهاد أيها المسلمون.
وما أن أنهي خطابه حتى كان الحاضرون قد أجهشوا بالبكاء واقبلوا على يديه يقبلونهما وعاهدوه على القتال في سبيل الله. وبعد ساعة من إلقاء الخطبة أخذت السلطة تفتش عن الشيخ القسام للقبض عليه ومحاكمته ولكنه كان قد ودع أهله وعشيرته، وحمل بندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال ليجاهدوا وليستشهدوا.
ويذكر أن سيارة كانت تنتظره خارج المسجد ولم يشاهد مرة أخرى بحيفا بعد ركوبه فيها.
حادثة الاستشهاد
غادر الشيخ القسام مع مجموعة من المجاهدين حيفا متجهاً إلى يعبد، وكان يتعقبهم مجموعة من عملاء البريطانيين إلى أن عرفوا مكان استقرار الشيخ و رفاقه، فحاصرهم البوليس الإنجليزي يوم 20/ 11/1935م وكان يقدر عدد أفراد البوليس ب 150 فردا من الشرطة العرب والإنجليز وحلق القائد البريطاني فوق موقع الشيخ ورفاقه "في أحراش يعبد" في طائرته وعندها عرف القسام أن البوليس قادم لا محالة … عندها أعطى الشيخ لاتباعه أمرين:-
عدم الخيانة حتى لا يكون دم الخائن مباحا.
عدم إطلاق النار بأي شكل من الأشكال على أفراد الشرطة العرب، بل إطلاق النار باتجاه الإنجليز. وكان الضباط الإنجليز قد وضعوا البوليس العربي في ثلاثة مواقع أمامية ولم يكن هؤلاء عارفين بحقيقة الجهة التي أُحضروا إليها وحقيقة الجماعة التي يطاردونها.
اتخذت المعركة بين الطرفين شكل عراك متنقل، وساعدت كثافة الأشجار على تنقل أفراد الجماعة من موقع إلى آخر و استمرت حتى الساعة العاشرة صباحاً. و كان الشيخ من الفعالين في القتال، فقد حارب ببندقية و مسدس بالتناوب، في الوقت التي كانت شفتاه تتفوهان بالدعاء … ورغم المقاومة الباسلة التي أبداها الشيخ ورفاقه، فقد كانت نتيجة المعركة استشهاد الشيخ و اثنان من رفاقه.
وبعد انتهاء المعركة، تعمد قائد البوليس الإنجليزي أهانة جثة الشهيد القسام و يقال أنه داس على رقبته.
((موقف العالم المجاهد عز الدين القسام الأزهري من الحركة الوهابية))
قال الشيخ: أبو عبيدة مشهور بن سلمان آل حسن في مقدمة كتابه (السلفيون وقضية فلسطين) و الذي هو تحقيق لكتاب: (النقد والبيان في دفع أوهام خزيران) من تأليف: مُحَمَّد كامل القَصَّاب و مُحَمَّد عزّ الدِّين القَسَّام:-
[ ... فإن هذه الرسالة نادرة وهامة، وذلك من وجوه عديدة:
الوجه الأول: أنها من تأليف المجاهد الفلسطيني ([1]) محمد عز الدين القسام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/97)
الوجه الثاني: أنها تُثْبتُ شيئاً مجهولاً عند مترجمي (القسام)، لم أر من ركز عليه منهم؛ وهو: أنه (سَلَفي)، ولا سيما في منهجه واستدلاله، وكل سطر فيها يدل على ذلك، وهذه مقتطفات من هذه الرسالة؛ تدل على ذلك:
قال المؤلفان في الرد على خزيران وشيخه الجزار بعد كلام:
«وكُنّا نودُّ أن نرشدَ الأستاذ الجزَّار وتلميذَه إلى الاستفادة من هذا الكتاب -يريدان «الاعتصام» ([2]) للشاطبي- الذي لا ندّ له في بابه، ولكنا خشينا أن يرميا مؤلِّفَه بالنَّزْعة (الوهابيَّة) ([3]) -التي هي حجة العاجز لترويج الباطل، وإضاعة الدين- التي رميانا بها، وإنْ تقدَّمَ زمن ذلك الإمام الشاطبي العظيم على زمن محمد بن عبدالوهاب ما يقرب من (500 سنة)!! لأنه لا يبعد أن يعلّلا ذلك بأنه من باب أخذ المتقدِّم عن المتأخِّر!!» ([4]).
وأشارا إلى ذلك -قبل-، فقالا عن خزيران (المردود عليه):
«ورمانا - عفا اللّه عنه- بالزَّيغ والضلال ([5])، لاتّباعنا السنة الموروثة عن النبي r ، في الأقوال والأفعال ... » ([6]).
وقالا في الرد على قول خزيران: «ما عدا مَن أزاغ اللّهُ قلوبَهم من الاقتصار على أصل المنقول عن النبي r » ما نصه:
«يعلم أنَّ ذلك الدَّعي في العلم يعدُّ العملَ بسنَّة الرسول r زيغاً، والعياذ باللّه -تعالى-» ([7]).
قال أبو عبيدة: الأصل: أن لا نخرج عن ظاهر النصوص إلا بقرائن قويّة، إذ دلالة الظاهر قويّة، نقل ابن حجر ([8]) في ترجمة أبي حيان الأندلسي، قوله: «محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من عَلق بذهنه».
وقالا - أيضاً-:
«ونحن من أشد الناس تمسّكاً به- أي: بخطاب النبي r-... وأكبر دليل على تمسّكنا بسنَّة نبيِّنا، وسنة الشَّيخين من بعده: نهينا الناس عن مخالفة سنَّة الخلفاء الراشدين في تشييع الجنازة برفع الصَّوت» ([9]).
وقالا: «فهل يرضى أهلُ الاختصاص أن يتركوا سنّة الرسول r ، ويتركوا ما كان عليه الصحابة والأئمة المجتهدون، وما كان عليه السلفُ الصالح، ثم يتبعوا بدعةً ... » ([10]).
وذكرا -أيضاً- ضرورة الاستدلال بالصحيح من قوله r، ونبذ الضعيف، والواهي، والموضوع ([11]).
وقد شهد بمضمون (سلفيّته) جمعٌ ممن قرظ هذه الرسالة، كما تراه في آخرها وأشار إلى ذلك جمع ([12])،
وتأثر بذلك تلاميذه، فإنهم انطبعوا بطابع التربية الإيمانية، سلوكاً وأقوالاً، وإن العقيدة السلفية الصحيحة، والثقافة الإسلامية المقتبسة من القرآن والسنة أثرت فيهم تأثيراً بالغاً، قال أحمد الشقيري ([13]) واصفاً أصحاب القسام وتلاميذه: «لم تجر على ألسنتهم تعابير (الكفاح المسلح) و (الحركة الوطنية) و (الاستعمار والصهيونية)، فقد كانت تعابيرهم -على بساطتها ([14]) - تنبع من ينبوع أروع وأرفع، هو «الإيمان والجهاد في سبيل اللّه»، لقد كانوا قوماً مؤمنين، صنعهم الإيمان، فصفت نفوسهم، وتآلفت إراداتهم، وتعاظمت عزائمهم، وأحسوا أن حبلهم مع اللّه قد أصبح موصولاً، وأن الباب بينهم وبينه قد بات مفتوحاً» ([15]).
وذكرت الكتب التي ترجمت له:
أن همَّ القسام الأول: تخليص الدين من الشوائب، وإخلاص العقيدة للّه وحده؛ لأنّ العقيدة الخالصة للّه هي مصدر القوة، ففي سبيل إخلاص العقيدة للّه وحده، وطلب العون منه، حارب القسام حج النساء إلى (مقام الخضر) ([16])، على سفوح جبال الكرمل، لذبح الأضاحي شكراً على شفاء من مرض أو نجاح في مدرسة، وكنّ -بعد تقديم الأضحية- يرقصن حول المقام الموهوم، فدعا القسامُ الناسَ إلى أن يتوجَّهوا بنذورهم وأضاحيهم إلى اللّه -تعالى- فقط؛ لأنه -وحده- القادر على النفع والضرّ، وأما أصحاب القبور فلا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فكيف ينفعون الآخرين؟!
وفي سبيل الاستفادة من السيرة النبويّة، أنكر القسامُ قراءةَ المولد النبوي بالغناء والتمطيط، والمبالغة بتوقيعه على ألحان الموسيقا، والاكتفاء بسيرة الولادة فقط، مع ما أدخل فيها من الأمور التي لم تثبت، ودعا إلى العناية بالنبي r أحواله وشمائله، والسنّة العملية من سيرته؛ لتكون نبراساً يستضيء به المسلمون ([17]).
وبالجملة؛ فإن العقيدة السلفية الصحيحة، والمنهج السلفي في التلقي والاستدلال، هو الذي كان عليه القسام ورفيقه، وهذا ظاهر للعيان في كتابه هذا، وفي دعوته ونشاطه وتلاميذه، واللّه الموفق].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/98)
الهامش: .................................................. ...................
[1] أصله سوريّ، انظر ترجمته الآتية (ص 114 - 124).
ذكر الأستاذ الدكتور شاكر الفحام -عضو المجلس الاستشاري لهيئة «الموسوعة الفلسطينية» ورئيس مجمع اللغة العربية في دمشق- أنَّ مسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية عابوا على «الموسوعة الفلسطينية»، أنها جعلت (عزّ الدين القسام) من مواد «الموسوعة»، وقالوا: إن عزّ الدين القسام، رجلٌ من سورية، وليس له مكان في «الموسوعة الفلسطينية»؛= =لأنها مخصصة للقطر الفلسطيني ...
ولكن الحقيقة التي أخفوها، أنّهم كرهوا وجودَ القسام في «الموسوعة»؛ لأنهم يخشون أن يظهرَ تاريخُهم خالياً من الأمجاد إذا قيس بتاريخ عزّ الدين القسام!!
و (فلسطين) بقيت تابعة حتى نهاية العصر التركي لولاية (الشام)، ولم يكن (فلسطين) موجوداً في التقسيمات الإدارية، ولم تكن النزاعات العصبية والحميات القبلية مشتدّة، إذ كانت فلسطين -آنذاك- تشغل بال المسلمين جميعاً، ومنهم القسام، ولم يهاجر -رحمه اللّه- إلى (حيفا) إلا للجهاد، ولم يكن معه أحد من قبيلته -آنذاك- إلا ابنا أخيه -رحم اللّه الجميع-.
[2] نشرته عن نسختين خطيتين، لم ينشر الكتاب -قبل- عنهما، والفروق كبيرة بين نشرتنا والطبعات السابقة، فضلاً عن التخريج والتوثيق والتعليق والفهرسة، والحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات.
[3] انظر -لزاماً- ما كتبناه بشأن هذه الكلمة في التعليق على (ص 61 - 63).
[4] «النقد والبيان» (ص 61 - 62).
[5] المراد: رميهما بـ (النزعة الوهابية) كما في النص السابق، وقد أفصح عن ذلك الشيخ محمد جميل الشطي في كلمته المنشورة في آخر الرسالة (ص 201) بقوله: «والمصيبة كل المصيبة: أنه متى قام نابغةٌ من علمائنا يخالف مثل هؤلاء، داعياً إلى الدِّين الصحيح؛ مثل: صاحبي هذه الرسالة: الأستاذين الشيخ كامل القصاب، والشيخ عز الدين القسام ... جافَوْه، وناوؤوه، ووصموه باسم الوهابية، وهذا -ولا شك- أنه من علائم الجهل والحسد».
[6] «النقد والبيان» (ص 5).
[7] «النقد والبيان» (ص 90).
[[8] في «الدرر الكامنة» (4/ 304)، وعنه صديق حسن خان في «التاج المكلل» (ص 348)، وذكر هذا الشوكانيُّ في «البدر الطالع» (2/ 290)، ثم قال:
«لقد صدق أبو حيان في مقاله، فمذهبُ الظاهر هو أوَّلُ الفِكر وآخرُ العمل عند من مُنِح الإنصاف، ولم يَرِد على فطرته ما يُغيّرها عن أصلها، وليس هو مذهبُ داودَ الظاهريِّ وأتباعه فقط، بل هو مذهب أكابرِ العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن، وداود واحد منهم، وإنما اشتُهرَ عنه الجمودُ في مسائِلَ وقف فيها على الظاهر، حيث لا ينبغي الوقوف، وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصفٍ إهماله.
وبالجملة؛ فمذهبُ الظاهِر: هو العملُ بظاهِرِ الكتاب والسُّنَّةِ بجميع الدّلالات، وطرح التحويل على محض الرأي الذي لا يرجِعُ إليهما بوجهٍ من وجوه الدلالة.
وأنت إذا أمعنت النَّظَرَ في مقالات أكابر المجتهدين المشتغلين بالأدلة؛ وجدتها من= =مذهب الظاهر بعينه، بل إذا رُزِقتَ الإنصاف، وعرفتَ العلوم الاجتهادية كما ينبغي، ونظرت في علوم الكتاب والسنة حقَّ النَّظر كنت ظاهريّاً؛ أي: عاملاً بظاهر الشرع منسوباً إليه، لا إلى داود الظاهري، فإن نسبتك ونسبته إلى الظاهر متفقةٌ، وهذه النسبة هي مساويةٌ للنسبة إلى الإيمان والإسلام، وإلى خاتم الرُّسُلِ -عليه أفضل الصلوات والتسليم-، وإلى مذهب الظاهر بالمعنى الذي أوضحناه. أشار ابن حزم -رحمه اللّه- بقوله: وما أنا إلا ظاهريٌّ، وإنني على ما بدا حتى يقوم دليل» ا. هـ. وانظر: «إعلام الموقعين» (5/ 180 - بتحقيقي)، «العلم» (ص 180 - 181) للشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه اللّه-.
[9] «النقد والبيان» (ص 90).
[10] «النقد والبيان» (ص 94).
[11] انظر «النقد والبيان» (ص 142).
[12] خلافاً لما في «الأعلام الشرقية» (1/ 349) عنه: «شيخ الزاوية الشاذلية في جَبَلة الأدهمية من أعمال اللاذقية في شمالي سوريا»!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/99)
= بل اشتط كثير من الباحثين من العلمانيين، وغيرهم من الثوريين، لما راحوا يقررون «أن القسام كان يهدف إلى بناء دولة (اشتراكية)»! كما في «تاريخ الأقطار العربية الحديث» (ص 366) للوتسكي، وفيه -أيضاً- (ص 369): «إن جوهر العلاقة بينه وبين أتباعه كانت سياسية لا دينية»!! وكل هذا كذب وافتراء عليه، وتغييب لسلفيّة القسام واعتقاده السليم، الذي عمل دهراً على ترسيخه في أبناء شعب فلسطين، وما كتابنا هذا إلا ثمرة ودليل -في آن واحد- على ذلك.
[13] هو أحمد أسعد الشقيري، من أعلام فلسطين البارزين، كاتب، محام، سياسي، دبلوماسي، أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، توفي سنة 1400هـ - 1980م، ترجمته في «أعلام فلسطين من القرن الأول حتى الخامس عشر» (1/ 147 - 157)، «معجم أعلام المورد» (260).
[14] انظر -لزاماً- خطأ استخدام هذه الكلمة فيما علقناه على (ص 26).
[15] «أربعون عاماً» (ص 145).
[16] مقام الخضر: يقع عند أقصى حدّ حيفا إلى الغرب من سفح جبل الكرمل،= =وهو بناءٌ قديم وسط حديقة، كان يضمُّ مسجداً فيه مغارة، تضم كتابةً يونانيةً، يزعم بعض الناس أنه مقام الملاك جبريل، ويعتقد آخرون أنه مدرسة الأنبياء!!
[17] «عز الدين القسام شيخ المجاهدين في فلسطين» (172 - 173) لمحمد حسن شُرَّاب.
.................................................. .................................................. .........................................
وله الكثير من الفتاوى التي توافق فتاوى الوهابيين وقد جمعتها في رسالتي (موافقة فتاوى الأزهريين لفتاوى الوهابيين) ومن ذلك:
1_ ألف بالاشتراك مع محمد كامل القصاب رسالة ماتعة في رد بدعة الجهر بالذكر في تشييع الجنازة وضمناها رد الكثير من البدع كإحياء ذكرى المولد النبوي وإحياء ليلة النصف من شعبان بصلوات وأذكار مخصوصة وبدعة التوحيش وهى أناشيد توديع رمضان التي تقام إذا بقى من رمضان أيام قليلة من طرف المؤذنين بعد سلام ال؟ إمام من الوتر راجع (السلفيون وقضية فلسطين) ص 4,117,118
2_ حارب رحمه الله عزوجل حج النساء إلى مقام الخضر بجبال الكرمل قرب حيفا لتقديم النذور وذبح القرابين للشفاء من المرض أو نجاح في مدرسة وكن يرقصن حول المقام الموهوم فدعا الناس إلى أن يتوجهوا بنذورهم وأضاحيهم إلى الله تعالى فقط لاأنه وحده هو القادر على الضر والنفع راجع السلفيون ص (9 - 10)
كل هذه الأمور تبين بوضوح موقفه من الحركة الوهابية فجزاه الله خير الجزاء
الموضوع منقول من موقع التصوف العالم المجهول
ـ[أبوطلحة الليث]ــــــــ[24 - 05 - 08, 08:35 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 03:33 م]ـ
((موقف العلامة الأزهري إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ من الحركة الوهابية))
أولا: ترجمة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ
(1276هـ-1319هـ)
هو العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن ابن حسن بن محمد بن عبد الوهاب آل الشيخ الأزهري النجدي.
وُلد في مدينة الرياض عام 1276هـ، ونشأ بها نشأة صالحة في بيت علم وصلاح وتقى، فشرع في طلب العلم وأخذ يقرأ على أخيه الشيخ عبد اللطيف، والشيخ حمد بن عتيق، وابن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخ الفقيه محمد بن محمود، والشيخ الخطيب الواعظ عبد الله بن حسين المخضوب، والشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد، فأدرك إدراكاً تاماً في العلوم الشرعية.
فلمَّا هاجت الفتن واستولى آل رشيد على الرياض، ارتحل آل سعود إلى الكويت، ولم تطب له الإقامة في نجد، فرحل إلى الهند عام 1309هـ، وأكمل دراسته هناك، وأخذ عن المحدث الكبير الشيخ نذير حسين، وأجازه وأخذ عنه الحديث المسلسل بالأولية عن مشايخه، ثم ارتحل إلى مدينة (بهوبال) بالهند، فقرأ فيها على الشيخ حسين بن محسن الأنصاري، والشيخ العلامة سلامة اللّه، وأجازاه في مروياتهما، كما أخذ عن الشيخ محمد بشير، فصار من كبار علماء وقته في الأصول والفروع وعلوم العربية، وأرسل من الهند إلى الرياض قصيدة مؤثرة صارت تُنشد في المجامع والبيوت في الرياض، يتذكر فيها عهوده الخالية وبلاده المحكومة، ويترحَّم على أسلافه الماضين، كما سافر إلى مصر لطلب العلم، وقرأ على علماء الأزهر الشريف بمصر مدة طويلة، واجتمع بابن أخيه أحمد بن عبد اللطيف، ورغبه في الخروج معه إلى نجد، ولكنه امتنع.
تلاميذه:
الشيخ إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ والشيخ فوزان السابق والشيخ عبدالله بن فيصل والشيخ عبدالعزيز بن عتيق وغيرهم
وفاته:
توفى في اليوم التاسع والعشرين من شهر رجب سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف في مدينة الرياض ورثاه العلماء
(((موقف العلامة الأزهري إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ من الحركة الوهابية)))
له رحمه الله عزوجل الكثير من الردود في الطاعنين في دعوة الإمام منها رد على أمين بن حنش العراقي في طعنه في دعوة الإمام كما كان له الجهد المشرف في الدعوة إلى التوحيد وتدريس كتب التوحيد حيث اشتغل بالتدريس والإفادة فنفع الله بعلمه واستفاد منه خلق كثير فرحمة الله عليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/100)
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[26 - 05 - 08, 02:11 م]ـ
(((موقف العلامة أبي شعيب بن عبدالرحمن الدكالي الأزهري من الحركة الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ:
هو الشيخ العلامة أبو شعيب بن عبدالرحمن الصديقي وكان يكتب أحيانا بخطه شعيب بن عبدالرحمن المغربي وكنيته أبو مدين ولد سنة خمس وتسعين ومائتين وألف للهجرة و ينتسب إلى بيت الصديقات من قبيلة أولاد عمرو، إحدى قبائل دكالة العربية، والمستوطنة قرب مدينة الغربية جنوب مدينة الجديدة، ورث العلم والنباهة عن أسرة اشتهرت بالعلم والفضل والصلاح، وتعدد علماؤها من أمثال الشيخ الصالح أبي فراس عبد العزيز جد أبي شعيب الدكالي، وعميه أبي شعيب ومحمد ابني عبد العزيز، فسار على نهجهم، وصقل ذلك الإرث بالممارسة والرحلة إلى منابع العلم الصافي، وحاز مكانة رفيعة بين علماء المغرب والمشرق.
تلقى أبو شعيب الدكالي تعليمه الأولي بمسقط رأسه، على يد شيوخ وعلماء القبيلة وعلمائها من أمثال العلامة ابن عزّوز، والعلامة محمد الصديقي، ومحمد الطاهر الصديقي وغيرهم. ثم انتقل إلى الريف حيث زاول بها دروس الفقه والحديث والقراءات.
(((سفره إلى مصر ودراسته في الأزهر)))
وفي سنة 1315 هـ رحل إلى مصر فمكث بها مدة طويلة وأخذ فيها العلم عن علماء الأزهر مثل:
1 - الشيخ سليم البشرى
2 - العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي
3 - ، والشيخ محمد محمود الشنجيطي اللغوي الشهير
4 - والشيخ أحمد الرفاعي
5 - الشيخ محمد عبده حيث كان يرأس لجنة الامتحان التي تقدم إليها الشيخ شعيب ليحصل على معدل مناسب يستطيع الدخول به إلى جامعة الأزهر وغيرهم كثير.
وبعد ذلك قصد مكة المكرمة طلبا للعلم والمعرفة، ودرس على يد جل علمائه ا، وأجازه عدد كبير من شيوخ العلم من البلاد العربية كاليمن والعراق والشام إضافة إلى بعض علماء الهند. و حظي عند أمير مكة، خلال هذه الفترة، بالحظوة الحسنة فأكرمه وبالغ في احترامه وتعظيمه، وقدمه في مجالس العلماء، وولاه بعض الوظائف الدينية، كالخطابة في الحرم المكي، والإفتاء في المذاهب الأربعة.
وفي سنة 1325 هـ ـ 1907 م عاد إلى أرض الوطن واستقر بمدينة فاس، وقربه السلطان مولاي عبد الحفيظ، وتهافت عليه علماء فاس وطلبتها وأعيانها. وفي هذه الفترة أعلن مواجهته البدع ومقاومة الخرافات والأباطيل، ونصر السنة وقيم الدين الإسلامي الصحيحة، وفي سنة 1328 هـ أرسله المولى عبد الحفيظ إلى الحجاز لاقتناء أملاك تحبس على الحرمين. ثم عاد إلى المغرب في السنة الموالية 1329 هـ وقد بزغ نجمه وذاع صيته في كل البلاد العربية، فولاه قضاء مراكش، واشتهر بالنزاهة والعدل. وفي سنة 1330 هـ تم تعيينه وزيرا للعدل والمعارف. وفي سنة 1342 هـ ـ 1923 م قدم استعفاءه لأسباب صحية فمنح إذ ذاك اعترافا له بالجهود التي بذلها في مهامه؛ لقب" وزير شرفي".
وكانت دروس أبي شعيب الدكالي في مدينة فاس نموذجا حيا لطاقة علمية كبيرة، واطلاع واسع في كل مجالات علوم الدين، من علوم الحديث والسنة، وفقه معاني الآثار، ومعرفة دقيقة برأي أئمة المذاهب، وعرف عنه حفظ المتون، والجمع بين الروايات ومعرفة المخرجين والتابعين، وأنساب الرواة وتراجمهم. كما كان عارفا بعلوم القرآن وقراءاته وإعرابه وناسخه ومنسوخه، وأحكامه ومعانيه، ووجوه بلاغته، وأنواع تفسيره، متمكنا من علوم اللغة العربية بأنواعها. وكان مقصد العلماء والطلبة، وسمع عنه عدد كبير من العلماء سواء بفاس أو غيرها من المدن الأخرى التي حل بها في بلدان المغرب أو المشرق، حيث ألقى دروسا بالأزهر بمصر وبجامع الزيتونة بتونس. وتتلمذ على يديه جيل من العلماء والمفكرين المغاربة الذين أسهموا في بناء المغرب الحديث. ونظرا لهذه الدرجة العلمية العالية أحرز الرياسة العلمية في الدروس السلطانية بالقصر الملكي على عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ، والسلطان المولى يوسف، والعاهل محمد الخامس الذي ظل في كنفه إلى أن وافته المنية سنة 1937.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/101)
رحل قديماً إلى مصر والحجاز، ولقي الأكابر، وأمَّ الناس في الحرم المكي، فتأثر بالدعوة الإصلاحية في مكة والحجاز، عاد إلى المغرب تعظمه الملوك، وقام بالدعوة إلى العمل بالحديث مع احترام المذهب المالكي وعدم التعصب له، وفي العقيدة دعا إلى مذهب السلف ورد على المتكلمين، ودعا إلى انتهاج السنة ونبذ البدعة وهاجم الطرق الصوفية بشدة، وسفه شعائرها.
أقبل عليه الناس وتتلمذ عليه الكثيرون، وعدوه مجدداً لدين في المغرب الأقصى.
وهو إمام جليل في علمه وغزارة درسه، مشهور بكثرة التلاميذ والأتباع.
ترك أبو شعيب الدكالي من خلفه عدداً كبيراً من العلماء، خاصة لما استقر في رباط الفتح، فقد درس جميع كتب السنة الستة، مع جملة وافرة من كتب الأدب، وتفسير القرآن الذي كان من خلاله ينشر أفكاره الإصلاحية.
تلاميذه:-
1 - الشيخ محمد بن الحسن الحجوي
2 - الحافظ محمد المدني بن الغازي العلمي
3 - القاضي الإمام محمد بن عبد السلام السائح الرباطي
4 - القاضي عبد الحفيظ بن الطاهر الفاسي الفهري
5 - العلامة الشريف محمد بن العربي العلوي
6 - الشيخ المقرئ محمد بن المكي بربيش الرباطي وغيرهم
((موقف العلامة أبي شعيب بن عبدالرحمن الدكالي الأزهري من الحركة الوهابية))
يتضح موقفه من الحركة الوهابية من خلال عدة أمور:
1 - دعوته إلى التمسك بمذهب السلف الصالح
قال عبدالله الجراري (كان ينادي برد الناس إلى الكتاب والسنة ويحضهم على اتباع مذهب السلف الصالح ونبذ مايؤدي إلى الخلاف وما ينشأ عنه من الحيرة والدوران في منعرجات الطرق ....... ) راجع المحدث الحافظ ص 80
وقال ص 14
(وكان يحمل حملات شعواء رافعا مشعل المقاومة ذائدا في إخلاص وإيمان عن الحنفية السمحة صابرا على ما وجه إليه من معارضة المتطرفين من أهل الزوايا)
2 - تصريح كثير ممن ترجم له بأنه سلفى العقيدة والمشرب
قال الجراري في كتابه السابق ص 82
(وسلفيته الصالحة المشبعة بأفكاره التحررية وآرائه المنطقية التي كونت منه رجل المقاومة لكل ما يمت بسبب إلى الشعوذة والشعبذة وما كان يبدو من بعض الطوائف من غلو وانحراف عن الجادة ........ )
وقال الرحالي الفاروقي
(وكان ينادي في كثير من دروسه باعتبار المعرفة الصحيحة أساسا للحضارة الإسلامية واعتبار العقيدة السلفية التي جاء به الكتاب والسنة حصنا من الأمراض الوثنية وكان رحمه الله حربا على البدعة لا تأخذه في الله لومة لائم ويحمل حملات عنيفة ضد العقيدة المخلوطة بالشك والشرك .... ) راجع شيخ الإسلام أبوشعيب الدكالي ص (51 - 52)
3 - محاربته للشرك
قال عبدالله الجراري:
(والشيخ الدكالي رحمه الله عمد إلى شجرة كانت بباب لبية جوار ضريح سيدي المكنود المجاور للسور الأندلسي وقطعها إذ كان النساء يعتقدن بها تمائم وحروزا وشعورا وخرقا كتبرك رجاء دفع ما كان يجول في خواطرهن ........... ولا غرابة ما دام الشيخ من رواد السلفية الصادقة ومحاربة كل ما يمت بصلة إلى الخرف والشعوذة تنقية للأفكار وتطهيرها من آثار الخرافات والوثنية)
راجع المحدث الحافظ ص 30 وما بعدها
4 - توزيعه لكتب الوهابية
فقد ذكر من ترجم له أنه التف حول الشيخ جماعة من الشباب النابغ يوزعون معه الكتب التي يطبعها السلفيون بمصر ويطوفون معه لقطع الأشجار المتبرك بها والأحجار المعتقد فيها راجع (الحركات الاستقلالية في المغرب العربي ص 153
كل هذه الأمور وغيرها تبين بوضوح موقفه من الحركة الوهابية فرحمه الله عزوجل وأسكنه فسيح جناته
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[08 - 06 - 08, 04:24 م]ـ
موقف العلامة المتفنن الأزهري عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ الأزهري من الحركة الوهابية))
أولا: ترجمة الشيخ:
هو الشيخ العلامة الإمام عبدالرحمن بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ولد في الدرعية سنة تسع عشرة ومائتين وألف من الهجرة ونشأ بها وفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف من الهجرة نقل مع أبيه وغيره من أعيان نجد إلى مصر فأقام بها وتعلم في الجامع الأزهر ثم صار مدرسا فيه برواق الحنابلة.
قال الشيخ العلامة عبدالرزاق البيطار:
الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عبدالوهاب النجدي العالم المشهور والهمام .. التفت إلى الطلب والتعلم والتعليم والاستفادة والإفادة إلى أن صار في الأزهر شيخ رواق الحنابلة وكان ظاهر التقوى والصلاح والزهد والعبادة.
وقال الحلواني:
وكان عالما فقيها ذا سمة حسنة يظهر عليه التقى والصلاح
وبقى فيها إلى أن توفى سنة أربع وسبعين ومائتين وألف رحمه الله تعالى
((موقف العلامة المتفنن الأزهري عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ الأزهري من الحركة الوهابية))
له رحمه الله عزوجل الجهد المشرف في الدعوة إلى التوحيد حيث جاء في تاريخ علماء نجد:
وبلغني أن جماعة السبكية لم يعتنقوا المذهب الحنبلي ولم يكونوا محققين لتوحيد العبادة إلا عن طريقه
راجع التاريخ 2/ 394
كما كان له الجهد في تدريس كتب جده الإمام محمد فرحمه الله عزوجل وأسكنه فسيح جناته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/102)
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[21 - 08 - 08, 07:50 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[05 - 04 - 09, 09:06 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[06 - 04 - 09, 12:32 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[08 - 04 - 09, 01:15 ص]ـ
ثم انه ثم فرق بين الثناء على الامام محمد وبين الثناء على الدعوة السلفية والا فعطية صقر معروف بمواقفه العدائية للدعوة السلفية
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[08 - 04 - 09, 03:02 م]ـ
الأخ خالد مُرسي
يبدو أنك لم تفهمني، إيرادي لأقوال علماء الأزهر، ليس لتقرير أنهم على نفس المنهج!! ولكن هذا على سبيل المُحاججة
كمن يستدل بأقوال الأشاعرة والصوفية، في الثناء على ابن تيمية ودعودته مثلا!!
------
أما قولك أن الخلاف بيننا وبينهم ليس في أنهم يدعون بُطلان الدعوة ... إلخ
فهذا كلام من أتى من كوكب آخر!!، فادخل على منتديات الصوفية، والأشاعرة، وانظر كيف يلعنون السلفية وابن عبد الوهاب جهارا نهارا،،
واستمع لعلي جمعة، وهو يشتم محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية ...
أما قولك بأن الخلاف (جمع الناس تحت مظلة واحدة) فهذا ليس قولهم كلهم، وإن كان هذا قول الإخوان المسلمون،ولكن هناك من يُعادي الدعوة بالكلية.
أما بالنسبة لعطية صقر، فقد بيّنت أنني لم أحتج به إلا لمحاججة من يدّعون حبه!!
أما لمواقفه العدائية، فلا أعلم أن له مواقف عدائية، والله أعلم، وإن ثبت، فلم أحتج به إلا للسبب السالف.
ـ[نواف البكري]ــــــــ[09 - 04 - 09, 10:08 ص]ـ
موووضوع مهم
وفكرة رائدة
فزد بارك الله فيك
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[09 - 04 - 09, 03:34 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و برماته
بارك الله فيك أخي على نقلك الطيب
أنا أوقفتني هاته الكلمة أخي الطيب
من الحركة الوهابية
أول مرة أقرأ مثل هاته التسمية على منهج الشيخ و أتباعه
غالبا نسمعنها على حركات أخر
و لكن المشهور عندنا هو المنهج
فلو عنونت الموضوع موقف ............................ في منهاج الوهابية
فنحن ننتهج منهاج السلف الصالح و أما حركة لم يسغها عقلي و الله أعلم
بارك الله فيك أخي الطيب و في نقلك الطيب
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[09 - 04 - 09, 07:41 م]ـ
و أرجوا من المشريفين بأن يطهروا موقع يوتوب الفاسق
من أحد الردود التي شارك بها الأخ موسى كاظم
و الأخ خالد المرسي فنظن بهم خيرا لعلهم سهو على القواننين الذي يتميز بها هذا الموقع الراقي
بارك فيكم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[11 - 04 - 09, 02:17 ص]ـ
أنا لم أشارك فى هذا المنتدى أصلا
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[11 - 04 - 09, 02:23 ص]ـ
الأخ خالد مُرسي
يبدو أنك لم تفهمني، إيرادي لأقوال علماء الأزهر، ليس لتقرير أنهم على نفس المنهج!! ولكن هذا على سبيل المُحاججة
كمن يستدل بأقوال الأشاعرة والصوفية، في الثناء على ابن تيمية ودعودته مثلا!!
------
أما قولك أن الخلاف بيننا وبينهم ليس في أنهم يدعون بُطلان الدعوة ... إلخ
فهذا كلام من أتى من كوكب آخر!!، فادخل على منتديات الصوفية، والأشاعرة، وانظر كيف يلعنون السلفية وابن عبد الوهاب جهارا نهارا،،
واستمع لعلي جمعة، وهو يشتم محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية ...
أما قولك بأن الخلاف (جمع الناس تحت مظلة واحدة) فهذا ليس قولهم كلهم، وإن كان هذا قول الإخوان المسلمون،ولكن هناك من يُعادي الدعوة بالكلية.
أما بالنسبة لعطية صقر، فقد بيّنت أنني لم أحتج به إلا لمحاججة من يدّعون حبه!!
أما لمواقفه العدائية، فلا أعلم أن له مواقف عدائية، والله أعلم، وإن ثبت، فلم أحتج به إلا للسبب السالف.
انا أفهم قصدك ولكنى وضحت لمن لايعلم
وقصدى فى عدم ابطالهم للدعوة السلفية أقصد أنه موقف من لهم فضل فى الجملة فى الاسلام كعطية صقر فهؤلاء لهم باع وفضل فى قول الحق لاشك فى ذلك ولكنهم يعلنون مخالفتهم للدعوة السلفية دون دعوى ابطالها جملة لكنهم مثلا يختلفون فى مسائل كتشدد السلفيين فى جمع المسلمين على العقيدة لصافية وعدم التساهل مثلا مع انحرافات الصوفية والشيعة وهكذا
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[18 - 04 - 09, 08:52 ص]ـ
ما موقف مفتي مصر الحالي من علماء الدعوة السلفية؟؟
ـ[أبو صهيب محمد المصري]ــــــــ[29 - 04 - 09, 11:20 ص]ـ
ما موقف مفتي مصر الحالي من علماء الدعوة السلفية؟؟
حرب على السلفية والسلفيين ..
ـ[أبو حذيفة القليوبي]ــــــــ[04 - 05 - 09, 11:56 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي
ليتك تذكر موقف بعض المعاصرين من هذه الدعوه
وزادك الله توفيقاً
ـ[يحيى الأول]ــــــــ[21 - 05 - 09, 12:22 م]ـ
في الحقيقة أرى أن عنوان الموضوع غير صحيح, لأن ذكر بعض شيوخ السلفية ممن تأثروا بالأزهر أو تخرجوا به في الآونة الأخيرة ممن هم قلة جدا, والإحتجاج بأقوالهم في مدح الدعوة الوهابية بحجة أنهم أزاهرة غير صحيح, فلو أتى مؤرخ معتن لنقض هذا الموضوع من بنيانه وذلك بسياق مواقف علماء الأزهر قديما من الدعوة الوهابية وبيان عداوتهم لها ولاستطاع أن ينقل شيئا كبيرا من النصوص, لذا فهذا الموضوع يمكن أن يساق على أنه تراجم لبعض علماء مصر ممن اتبعوا منهج الشيخ رحمة الله عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/103)
ـ[علي الكناني]ــــــــ[24 - 05 - 09, 10:57 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[26 - 05 - 09, 07:01 م]ـ
الموضوع بفضل الله جيد ومتميز في مضمونه وفكرته
فعلماء الأزهر قاطبة يقرون بأثر دعوة الإمام ابن عبد الوهاب في إزالة مظاهر الشرك والوثنية التي انتشرت بين المسلمين في أكثر البلاد. ولا يشذ عن هذا المنحى إلا الصوفية القبوريون فهم الذين يناصبونه العداء؛ لأنهم أعداء الرسل في كل عصر، ولسان حالهم يقول: {أجعل الآلهة إلها واحدًا إن هذا لشيء عجاب}.
فكونهم أشاعرة لا يعني أنهم صوفية؛ هناك الكثير من الأشاعرة المخالفين في باب الأسماء والصفات ولكنهم يقرون بتوحيد الألوهية ووجوب انفراد الله تعالى بصرف العبادة إليه لا شريك له، وهؤلاء لا يجدون غضاضة في الإقرار بفضل الدعوة النجدية المباركة، إنما وُجد شراذمة ممن جمعوا بين التأشعر والتصوف الوثني هاجموا الإمام ودعوته وحاولوا بأسلوبهم الخبيث أن يكسبوا تعاطف الأشاعرة كافة إليهم مستغلين مخالفته في باب الصفات، إلا إن الإمام رحمه الله لم يكن له اهتمام كبير في هذا الباب لأن تركيزه الغالب كان منصبا على توحيد الألوهية والعبادة فجرَّ القبوريون نفرا قليلا من الأشاعرة إلى صفهم.
وتجد الآن محاولة مستميتة من صوفية عصرنا وبالأخص من مدرسة على جمعة تحاول أن توهم الناس بأن كل أشعري هو صوفي قبوري والعكس صحيح أيضا، بحيث لا يمكن افتراقهما، والكذب في هذه المقولة واضح لا خفاء فيه، فهناك الكثيرون الذين تولوا مشيخة الأزهر ودار الإفتاء حاربوا بدع التصوف وتأسست حركات خصيصا لهذا الغرض خرجت من الأزهر مثل جماعة أنصار السنة والجمعية الشرعية ودعوة الحق وغيرها. وهناك وثائق تؤكد أن محمد على الكبير جمع علماء الأزهر حين شرع في محاربة الدعوة الوهابية فاستفتاهم عن دعوة الإمام فأجابوه بأنهم لا يخالفون شيئا من الإسلام. وإنما استمر في حربهم بأمر من السلطان العثمان الذي ما كان يسعه مخالفه.
ولهذا يجب على الإخوة الكرام أن ينتبهوا لهذا الأمر جيدًا وأن يفرقوا بين التمذهب بالأشعرية وبين السقوط في مستنقع الوثنية القبورية، حتى يفوتوا على القبوريين قصدهم الذي يرمون إليه، ويظهر الحق أمام الناس.
غير أن مما يؤلم القلب ويحزنه وجود كثير من الإخوة وطلبة العلم لا يحسن الإنصاف في تقييم أهل البدع، فكل المبتدعة عنده سواء، ربما يوجد عالم من أهل السنة وقع في بدعة تأويل الصفات يجعله في مصاف الجهمية والرافضة ويضعهم في كفة واحدة، وهذا خلاف ما كان عليه أئمة السنة الأجلاء، فإنهم كانوا يزنون الطوائف والفرق بميزان القسط الذي أمرنا الله به. فعلماء الأزهر وإن كان منهم الأشعري فأغلبهم ليسوا قبوريين كالصوفية، والأشاعرة أنفسهم ليسوا درجة واحدة، فقد تجد منهم من يتعاطاه تقليدا لما درسه فحسب ولا يجادل عنه أو يحارب المخالف له، وهذا كثير في الأزهريين. والحمد لله.
ـ[محمد ابن عمر المصرى]ــــــــ[26 - 05 - 09, 07:15 م]ـ
فقد تجد منهم من يتعاطاه تقليدا لما درسه فحسب ولا يجادل عنه أو يحارب المخالف له، وهذا كثير في الأزهريين. والحمد لله.
فعلا اخى كثير منهم يقلد و لا يسال ولازال فى الازهر ولله الحمد اصحاب العقيد السلفيه والمنهج السلفى
فنرجو من اخونا الفاضل انشاء موضوع عن مشايخ الازهر السلفيين الحاليين
على ان يكون الموضوع مثلا االسلفيه فى الازهر
مع ما فى الازهر من بدع لازال يوجد فيه سلفيين والحمد لله
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - 05 - 10, 02:13 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ونسأل الله تعالى أن يعيد الأزهر لسابق أمجاده
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[26 - 05 - 10, 03:13 ص]ـ
جزا الله الكاتب و الناقل و الرافع خيرا(49/104)
فوائد فى اثبات الصورة لله تعالى للشيخ عبد العزيز الراجحى
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[15 - 05 - 08, 08:35 م]ـ
http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?action=BookTree&docid=14&node=55
فوائد في إثبات الصورة لله تعالى
فوائد في إثبات الصورة لله تعالى 1
أحاديث الصورة: فيها إثبات الصورة لله تعالى، والمراد الصورة التي يدخل فيها الوجه، والصورة من صفات الله تعالى، وإن كانت الصورة قد يراد بها الوجه كحديث: ويحرم الله صورهم على ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits86.htm')) أي: وجوههم، لكن المراد بالصورة في أحاديث الصورة: الصورة التي يدخل فيها الوجه.
الأحاديث الواردة في الصورة ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأحاديث في خلق آدم على صورة الله:
] إذا قاتل أحدكم أو ضرب أحدكم فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits87.htm'))] خلق الله آدم على صورته طوله في السماء ستون ذراعًا ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits2.htm'))
فالضمير في (صورتِهِ) يعود إلى الله، وهذا يقتضي نوعًا من المشابهة فقط، وهو المشابهة في مطلق الصورة ولا يقتضي تماثلا في حقيقة ولا قَدْرٍ، إذ التشابه في الحقيقة والقدر منفي بالنص والإجماع والأدلة العقلية الصحيحة.
والإضافة تتنوع دلالتها بحسب المضاف إليه، فلما قال في آخر الحديث:] فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعًا ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits3.htm'))] كان هذا يقتضي المشابهة في الجنس والقدر؛ لأن صورة المضاف من جنس صورة المضاف إليه، وحقيقتهما واحدة.
وأما قوله في الحديث: - خلق آدم على صورته ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits2.htm')) فهذا يقتضي نوعًا من المشابهة، ولا يقتضي تماثلا في حقيقة ولا قدر.
ومن المعلوم أن الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوت العظيم بين جنس ذواتهما وقدر ذواتهما، وقد تظهر السماوات والقمر في صورة ماء أو مرآة في غاية الصغر، ويقال هذه صورتها، مع العلم بأن حقيقة السماوات والأرض والقمر أعظم من ذلك بما لا نسبة لأحدهما إلى الآخر، وكذلك المصوِّر الذي يصور السماوات والكواكب والشمس والقمر والجبال والبحار، مع أن الذي يصوره -وإن شابه ذلك- فإنه أبعد شيء عن حقيقته وقدْره.
ومن المعلوم كذلك أن الصورة قائمة بالشيء، فصورة الله كوجه الله و يد الله وقدرة الله، ومشيئة الله، وكلام الله، قائمة به ويمتنع أن تقوم بغيره.
وثبوت الوجه والصورة لله قد جاءت في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة المتواترة، واتفق على ذلك سلف الأمة.
ففي حديث الصورة:] إذا قاتل أحدكم أو ضرب فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits87.htm')) نهى عن ضرب الوجه؛ لأن الله خلق آدم على صورته، فلو كان المراد مجرد خلقه عالمًا قادرًا، ونحو ذلك لم يكن للوجه بذلك اختصاص، بل لا بد أن يريد الصورة التي يدخل فيها الوجه، ولو كانت الإضافة (على صورته) إضافة خلق لكان سائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله خلق ذلك.
ثم إن الأدلة الشرعية والعقلية التي تثبت بها صفات الله يثبت بنظيرها هذه الصورة، فإن وجود ذات ليس لها صفات ممتنع، وثبوت الصفات الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وثبوت المشابهة من بعض الوجوه في الأمور الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وكما أنه لا بد لكل موجود من صفات تقوم به، فلا بد لكل موجود قائم بنفسه من صورة يكون عليها.
كون الإنسان على صورة الله -إذا أقر الحديث كما جاء- فيه نوع من المشابهة أكثر من المشابهة في تأويل الحديث على أن الصورة بمعنى الصفة أو الصورة المعنوية، أو الروحانية ونحو ذلك، فمسمى التشبيه لازم على التقديرين، والتشبيه المنفي بالنص والإجماع والأدلة العقلية الصحيحة منتف على التقديرين.
قال الإمام أحمد في رواية أبي القاسم الجيلي عن حنبل والذي جاء به الشرع في هذا النص من خلق آدم على صورته ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits2.htm')) ونحوه، فإنه أخص مما يعلم بمجرد العقل من ثبوت القدْر المشترك بينه وبين كل موجود وكل حي، فإن هذا المدلول عليه بالنص لا يعلم بالعقل والقياس، وإنما يعلم أصل ذلك مجملا.
أما قول بعض أهل البدع كالرازي وغيره إن الضمير في الحديث:] خلق الله آدم على صورته ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits2.htm'))] يعود إلى آدم أو إلى المضروب فهذا باطل، وقد ناقشهم المؤلف شيخ الإسلام ورد عليهم من وجوه متعددة.
وكذلك قول بعض أهل الحديث - كابن خزيمة إن الضمير يعود إلى المضروب باطل ردّ عليه المؤلف من وجوه متعددة، وكذلك تضعيف ابن خزيمة لرواية الحديث خلق الله آدم على صورة الرحمن ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits88.htm'))- الحافظ ابن حجر في فتح الباري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/105)
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[15 - 05 - 08, 08:49 م]ـ
النوع الثاني: من الأحاديث التي وردت في الصورة، الأحاديث التي وردت في رؤية المؤمنين لله -تعالى- يوم القيامة وهذه الأحاديث رويت بطرق وألفاظ متعددة استوفاها المؤلف شيخ الإسلام عن أبي سعيد الخدري http://www.sh-rajhi.com/images/MARGNTIP2.gif وأبي هريرة http://www.sh-rajhi.com/images/MARGNTIP2.gif + وجابر http://www.sh-rajhi.com/images/MARGNTIP.gif + وابن مسعود http://www.sh-rajhi.com/images/MARGNTIP.gif وغيرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أنه قال: http://www.sh-rajhi.com/images/H2.GIF فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون (**********: HadithTak('Hits89.htm'))http://www.sh-rajhi.com/images/H1.GIF وفي لفظ: http://www.sh-rajhi.com/images/H2.GIF في غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة (**********: HadithTak('Hits90.htm'))http://www.sh-rajhi.com/images/H1.GIF .
وفي لفظ: http://www.sh-rajhi.com/images/H2.GIF في أدنى من الصورة التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئًا (مرتين أو ثلاثًا) هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيقول: هل بينكم وبينه علامة، فيقولون: نعم، الساق، فيكشف ساقه فإذا رأوه سجدوا، فيسجد له من كان يسجد لله من تلقاء نفسه، وأما من كان يسجد لله رياء فيريد أن يسجد فيصير ظهره طبقًا واحدًا كصياصي البقر فلا يستطيعون السجود، فيرفعون رءوسهم، وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة (**********: HadithTak('Hits91.htm'))http://www.sh-rajhi.com/images/H1.GIF .
وفي لفظ: http://www.sh-rajhi.com/images/H2.GIF فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه (**********: HadithTak('Hits92.htm'))http://www.sh-rajhi.com/images/H1.GIF .
وفي الحديث أنه بعد رؤيتهم المرة الأولى .. http://www.sh-rajhi.com/images/H2.GIF ينادي منادٍ لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبع من كان يعبد الشمسَ الشمسَ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيقال لهم: من تنتظرون؟ فيقولون: فارقنا الناس أحوج ما كنا إليهم، ونحن ننتظر ربنا، فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم .... (**********: HadithTak('Hits281.htm'))http://www.sh-rajhi.com/images/H1.GIF الحديث.
هذا الحديث متواتر في الجملة عند أهل الحديث كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: خبر الصورة متواتر في الجملة عند أهل الحديث. أ هـ.
وقد رواه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما من أهل السنن والمسانيد.
هذا الحديث فيه إثبات الصورة لله -تعالى- وأن الله -تعالى- له صورة لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، كسائر صفاته من السمع والبصر والعلم والقدرة والكلام والمشيئة وغيرها.
هذا الحديث فيه أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة في صورة أربع مرات.
المرة الأولى: رؤية تعريف رأوه فعرفوا، وهذه الرؤية تكون قبل أن ينادي المنادي: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فإن هذا هو محاسبة العباد، فإذا حوسبوا أمروا بأن يتبعوا آلهتهم، ويتجلى الرب لعباده المؤمنين فيتبعونه، وينصب الجسر على ظهر جهنم فيعبر عليه المتقون http://www.sh-rajhi.com/images/B2.gif وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=19&nAya=72)http://www.sh-rajhi.com/images/B1.gif فالمرة الأولى لقوه وخاطبهم قبل المناداة، وذلك كان عامًّا للعباد، كما يدل عليه سائر الأحاديث ثم حجَب الكفار.
المرة الثانية: التي امتحنهم فيها فأنكروه وهي أدنى من التي رأوه فيها أول مرة، وهذا تفسير ما في حديث أبي هريرة مع أبي سعيد حيث قال: http://www.sh-rajhi.com/images/H2.GIF فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون (**********: HadithTak('Hits89.htm'))http://www.sh-rajhi.com/images/H1.GIF .
المرة الثالثة: يكشف لهم عن ساقه حتى يسجدوا له، فهذه التي يعرفون هي التي يكشف فيها عن ساق فيسجدون له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/106)
المرة الرابعة: حين يرفعون رءوسهم - أي من السجود - وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فيتبعونه حينئذ.
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[15 - 05 - 08, 09:29 م]ـ
فوائد في إثبات الصورة لله تعالى 3
تأول بعض أهل الحديث مثل أبي عاصم النبيل وعثمان بن سعيد الدارمي إتيان الله في صورة بعد صورة بأنه تغيُّر يقع في عيون الرائين، كنحو ما يتخيل الإنسان الشيء بخلاف ما هو عليه، فيتوهم الشيء على الحقيقة، قال عثمان بن سعيد الدارمي في رده على بشر المريسي وهذا مثل ما مثل جبريل مع عظم صورته وجلالة خلقه في عين النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي وكما مثَّلَه لمريم بشرًا سويًّا وهو ملك كريم في صورة الملائكة، وكما شبه في أعين اليهود أنهم قتلوا المسيح وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْشُبِّهَ لَهُمْ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=4&nAya=157).
وهذا التأويل أقرب ما يكون لكنه تأويل باطل من وجوه:
أحدها: أن في حديث أبي سعيد المتفق عليه: فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي رأوهفيها أول مرة ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits93.htm')/) وفي لفظ: في أدنى صورة من التي رأوه فيها ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits94.htm')/) وهذا تفسير قوله في حديث أبي هريرة فيأتيهم في صورة غير صورته التي يعرفون ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits89.htm')/) فبيَّن أن تلك المعرفة كانت لرؤية منهم متقدمة في صورة غير الصورة التي أنكروه فيها.
وفي هذا التفسير والتأويل من بعض أهل الحديث قد جعل صورته التي يعرفون هي التي عرفهم صفاتها في الدنيا وليس الأمر كذلك، لأنه أخبر أنها الصورة التي رأوه فيها أول مرة لا أنهم عرفوها بالنعت في الدنيا ولفظ الرؤية صريح في ذلك إذ ثبت في غير حديث ما يبين أنهم رأوه قبل هذه المرة.
الثاني: أنهم لا يعرفون في الدنيا لله صورة، ولم يروه في الدنيا في صورة فإن ما وصف الله به نفسه ووصف به رسوله لا يوجب لهم صورة يعرفونها، كما أخبر -سبحانه- أنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=42&nAya=11) فعلم أنهم لم يطيقوا وصف الصورة التي رأوه فيها أول مرة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في سدرة المنتهى فغشيها من أمر الله ما غشيها حتى لا يستطيع أحد أن ينعتها من حسنها، فالله أعظم أن يستطيع أحد أن ينعت صورته، وهو -سبحانه- وصف نفسه لعباده بقدر ما تحتمله أفهامهم، ومعلوم أن قدرتهم على معرفة الجنة بالصفات أيسر، ومع هذا فقد قال -تعالى- في الحديث القدسي: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذنسمعت ولا خطر على قلب بشر ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits95.htm')/) فالخالق أولى أن يكونوا لا يطيقون معرفة صفاته كلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/107)
الثالث: أن تأويل بعض أهل الحديث بقولهم: لا يتحول من صورة إلى صورة ولكن يمثل ذلك في أعينهم، مخالفة لنص حديث أبي سعيد وفيه: فيرفعون رءوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوهفيها أول مرة ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits96.htm')/).
الرابع: أن في حديث ابن مسعود وأبي هريرة أخبر أن الله تعالى يتمثل لهم فيأتيهم، ولم يقل مثل لهم كما قال في معبودات المشركين وأهل الكتاب أنه يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدون وفي لفظ أشباه ما كانوا يعبدون.
الخامس: أن في عدة أحاديث: قال: هل بينكم وبينه علامة فيقولون نعم فيكشفعن ساقه فيسجدون له ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits414.htm')/) وهذا يبين أنهم لم يعرفوه بالصفة التي وصف لهم في الدنيا، بل بآية وعلامة عرفوها في الموقف.
4 - أنكرت الجهمية والمعتزلة والاتحادية أن يكون لله صورة يكون عليها، فأنكروا أن يكون الله يرى يوم القيامة في صورة 5 - أنكرت الجهمية أن يكون الله يرى بالأبصار أو بالقلوب في الدنيا وفي الآخرة يقظة أو مناما وهم كفار بذلك. 6 - تأول أهل البدع الصورة في هذا الحديث تأويلات.
تأول الرازي الحديث بتأويلين:
أحدهما: أن تكون (في) بمعنى الباء والتقدير فيأتيهم الله بصورة غير الصورة التي عرفوهبها في الدنيا ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits283.htm')/) وذلك بأن يريهم ملكا من الملائكة وقال في قوله (فإذا جاء ربنا عرفناه) يحمل على أن يكون المراد، فإذا جاء إحسان ربنا عرفناه، وقال في قوله (بيننا وبينه علامة) يحتمل أن تكون تلك العلامة كونه تعالى في حقيقته مخالفا للجواهر والأعراض فإذا رأوا تلك الحقيقة عرفوا أنه الله.
وقد رد المؤلف شيخ الإسلام على هذا التأويل، وناقشه من وجوه متعددة.
التأويل الثاني: أن يكون المراد من الصورة الصفة، والمعنى أن يظهر لهم من بطش الله وشدة بأسه ما لم يألفوه ولم يعتادوه من معاملة الله تعالى منهم ... الخ.
وقد رد شيخ الإسلام على هذا التأويل وناقشه من وجوه متعددة.
تأويل الاتحادية لهذا الحديث:
قال ابن عربي في فصوصه فكان الحق ظاهرهم أي غير صورهم وهم أعظم الناس وأحقه عند الجمع، وقال في السائل والمجيب: فهما صورتان بلا شك وتلك الصورة كلها كالأعضاء لزيد فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله، ولا رأسه، ولا عينه، فهو الكبير بالواحد، الكبير بالصورة الواحدة، فإن أشخاص هذه العين الواحدة لا تنافي وجودا، فالحق يتجلّى يوم القيامة في صورة فيعرف، ثم يتجلى في صورة فينكر ثم يتجلى عنها في صورة فيعرف، وهو المتجلّي ليس غيره في كل صورة.
الاتحادية: جعلوا ما أخبرت به الرسل من أن الله يجيء يوم القيامة في صورة، أصلا في أن كل صورة في العالم هو الآتي فيها، وأنه الظاهر في صورة الموجودات، بل هو عينها فهو الكبير الواحد الكبير بالصورة، الواحد بالعين كالإنسان بالعين، فإن أشخاص هذه العين الواحدة لا تنافي وجودا فهو وإن كان واحدا بالعين فهو كبير بالصورة والأشخاص.
مضمون أقاويل الجهمية أنه يعبد غير الله في الدنيا والآخرة وهذا من جملة شركهم، فإنهم دخلوا في الشرك من وجوه منها إثباتهم خصائص الربوبية لغير الله حتى جعلوه يدعي الربوبية ويحاسب العباد ويسجدون له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/108)
وتأويل الاتحادية والحلولية لهذا الخبر (خبر الصورة) من أعظم التأويلات كفرًا وضلالا الذين يقولون أن الله هو الوجود أو يقولون أنه حال في الوجود، أو ظاهر فيه، ويزعمون أن المخلوقات كلها مظاهر الرب ومتجلياته، بمعنى أن ذاته هي الظاهر في المخلوقات ويحتجون بهذا الحديث - فهم مع تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله تعالى وآياته - يجعلون الخاص عاما في مثل هذا الحديث (حديث الصورة)، وحديث كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits97.htm')/) وحديث: لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله + ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits98.htm')/).
تأويل البكرية لهذا الحديث: قالت البكرية - أتباع بكر ابن أخت عبد الواحد فيما نقله الأشعري وغيره من مقالات أهل الكلام: أن الله يخلق صورة يوم القيامة يرى فيها ويكلم خلقه منها، ورد عليهم المؤلف كما رد الاتحادية وناقشهم من وجوه وقال في رده على البكرية، ومعلوم أن هذا ليس هو معنى الحديث ولكن هؤلاء لما رأوا بقياس عقوله أنه لا يرى ورأوا النصوص جاءت برؤيته قالوا ما قالوا.
7 - أهل الاتحاد والحلول طائفتان:
أحدهما: أهل الاتحاد والحلول الخاص أو المعين كالذين يقولون بالاتحاد أو الحلول في المسيح أو علي أو بعض المشايخ أو بعض الملوك أو غير ذلك.
الثانية: أهل الاتحاد والحلول المطلق الذين يقولون بالحلول والاتحاد في كل شيء، وهم يتأولون حديث الصورة (فيأتيهم الله في صورة) على الحلول والاتحاد المطلق كما يتأوله أهل الحلول والاتحاد الخاص على معتقدهم.
فابن عربي يصرح في الفتوحات المكية وغيره بأنه ما بعد المخلوقات إلا العدم المحض، فيصرح بعدم الخالق الذي خلق المخلوقات، وأنه لا يمكن أن يرى إلا كما يرى في الدنيا.
8 - لفظ الصورة: في هذا الحديث (فيأتيهم الله في صورة) كسائر ما ورد من الأسماء والصفات التي قد يسمى المخلوق بها على وجه التقييد، وإذا أطلقت على الله تكون مختصة به مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير ومثل خلقه بيديه واستوائه على العرش ونحو ذلك ممن زعم أن الله يحلّ أو يتّحد ببعض الأشخاص كما يزعمه من تأول هذه الأسماء والصفات فقوله من أفسد الأمور المعلومة بالضرورة.
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:34 م]ـ
فوائد فيإثبات الصورة لله تعالى 4النوع الثالث من الأحاديث التي وردت فيالصورة:
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في المنام في صورة كحديث: رأيت ربي في أحسن صورة ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits99.htm')/) وهو حديث اختصام الملأ الأعلى وفيه فوضع يده بين كتفي.
الحديث له طرق متعددة لكن هذه الطرق ترجع إلى أربع طرق وهي:
ـ حديث أمالطفيل امرأة أبي بن كعب.
ـ حديث معاذ بن جبل.
ـ حديث ابن عباس.
ـحديث ثوبان.
- وأصح الطرق وأكملها وأتمها حديث معاذ بن جبل فهو أكملها وأتمهاسندا ومتنا، قال أبو القاسم الحافظ الطبراني في كتاب السنة: حدثنا محمد بن محمدالتمار البصري حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا موسى بن خلف العمي حدثنا يحيىبن كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن أبي عبد الرحمن السكسكي عن مالك بن يخامرعن معاذ بن جبل قال: احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة حتى كادة الشمس تطلع، فلما صلى الغداة قال إني صليت الليلة ما قضى لي ووضعت جنبي في المسجد فأتاني ربي عز وجل في أحسن صورة، وفي لفظ - رأيت ربي في أحسن صورة - فقال يا محمد هل تدرى فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت لا يا رب، قالها ثلاثا، قلت لا يا رب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/109)
قال فوضع يده بين كتفي، فوجدت بردها في صدري، فتجلى لي كل شيء وعرفته، فقلت في الكفارات، وفي لفظ والدرجات، قال فما الدرجات، قلت إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام، فقال صدقت فما الكفارات، قلت إسباغ الوضوء في المسرات وفي لفظ في السيرات وفي لفظ في الكريهات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ونقل الأقدام إلى الجمعات وفي لفظ والجماعات، قال صدقت: سل يا محمد قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بين عبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموهن وادرسوهن فإنهن حق ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits415.htm')/)+ ، وفي لفظ زيادة: من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من خطيئته مثل يوم ولدته أمهوفي لفظ آخر في الدرجات: والجلوس في المساجد بعد الصلوات.
3 - الحديثله طريقان يثبت بهما:
أحدهما: جمع الطرق.
والثاني: الكتاب.
على أن الحديث محفوظ صحيح الأصل لا ريب في ذلك بل قد يجب القطع والعلم بثبوتهعند كثير من الناس الحديث له طريقان يثبت بهما أحدهما جمع الطرق، الحديث وإن كان فيإسناده اضطرابا إلا أن هذه الطرق مع ما فيها من الاضطراب تدل دلالة واضحة - لمنيتدبر الحديث ويحسن معرفته - على أن الحديث محفوظ صحيح الأصل لا ريب في ذلك، بل قديوجب له القطع بذلك فإنه قد ثبت أنه حدث به عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وأخبره يزيدبن يزيد وأبو قلابة والأوزاعي عن خالد بن اللجلاج وكل هؤلاء من الثقاة المشاهير، وهذا يثبت رواية خالد لكن أحدهم قال عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر عن ابن عايش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي ثبوتإحدى الروايتين دون الأخرى، إذ لم يختلف في متنه، وإنما اختلفا في صفة الإسناد وعلىكل تقدير فالحديث محفوظ، فأما طرحهما جميعا فإنما يكون إذا تعارض متنان متناقضان.
ورواية يحيى بن كثير عن زيد بن سلام عن ابن عايش لا تخالف رواية خالد بناللجلاج عنه بل توافقه وتقصده، لأن رواية خالد تدل على أنه كان لا يستوفي إسناده بلتارة يرسله، وتارة يذكر الصاحب (أي الصحابي) فهذه الرواية ذكرت ما ذكروه، واستوفتالإسناد والمتن.
الثانية الكتاب: أما ما ذكره ابن خزيمة من كون يحيى بنكثير مدلسا لم يذكر السماع فهذا لا يضر، لان غاية ما فيه أن يكون يأخذه من كتاب زيدابن سلام إما لمعرفته بخطه وإما لأن الذي أعطاه قال له هذا خطه، وهذا مما يزيدالحديث قوة حيث كان مكتوبًا، ولهذا كان إسناده ومتنه تامان في هذه الطريقة الذيتحمله دون الأخرى. والاحتجاج بالكتاب في مثل هذا جائز، كالاحتجاج بصحيفة عمرو بنحزم وصحيفة عمرو بن شعيب كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتب كتبه إلى النواحيفتقوم الحجة بذلك.
وإن لم يكن هذا حجة فمن المعلوم أن هذه الطريق تبين أنالحديث عن ابن عايش إذ مثل هذه الطريق إذا ضمت إلى طريق خالد بن اللجلاج كان أقلأحوال الحديث يكون حسنًا إذ روى من طريقين مختلفين ليس فيهما متهم بالكذب، بل هذايوجب العلم عن كثير من الناس؛ ولهذا كان الأئمة يكتبون من الشواهد والمتابعات مالايحتج به منفردًا.
4 - والذي ذكر ابن خزيمة من أنه لم يثبت طريق معين منهذه الطرق، هذا فيه نزاع بين أهل الحديث لكن إذا ضمت الطرق بعضها إلى بعض صدّقبعضها بعضا، فهذا مالا يتنازعون فيه، لكن ابن خزيمة جرى على عادته أنه لا يحتج إلابالإسناد يكون وحده ثابتا، (وهو كثيرًا ما يدخل في الباب الذي يحتج له من الشواهدوالاعتبارات مالا يحتج بها وحدها) فما قاله - أي ابن خزيمة - لا ينافي من اتفقعليه أهل العلم. فثبت صحة الاحتجاج به، أي حديث: رأيتُ ربي في أحسن صورة ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/110)
ممنوعة%20@: HadithTak('Hits99.htm')/) من طريقين:
أحدهما: من جمع الطرق لكن ابن خزيمة لميسلك هذا.
والثاني: من جهة قوة الاحتجاج بالكتاب.
لكن ابن خزيمة لميذهب إلى هذا ويؤيد هذا أن المتن قد روى من وجوه أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلممن حديث ثوبان الذي تقدم ذكره وأما ما رواه الترمذي للأحاديث المتقدمة فالصواب أنهاثابتة كما عليه أئمة الحديث، وكذلك احتج به أحمد وقال: (يقول النبي صلى الله عليهوسلم: أتيت ربي) فأنكر على من رد موجبها وقد ثبت - أي أحمد - حديث عكرمة عن ابنعباس وهو أشدها وذكر أن العلماء تلقته بالقبول، وقال حدث به فقد حدث به العلماءفأما قول أحمد في رواية الأثرم (مضطرب في إسناده، وأصل الحديث واحد وقد اضطربوا فيه) فهذا كلام صحيح، فإنهم اضطربوا في إسناده بلا ريب، لكن لم يقل: إن هذا يوجب ضعفمتنه، ولا قال: إن متنه غير ثابت، بل مثل هذا الاضطراب يوجد في أحاديث كثيرة وهيثابتة وهذه الطرق مع ما فيها من الاضطراب - لمن يتدبر الحديث ويحسن معرفته - تدلدلالة واضحة على أن الحديث محفوظ صحيح الأصل لا ريب في ذلك، بل قد يوجب له القطعبذلك كما نبهنا عليه أولا.
وأما حديث أم الطفيل فإنكار أحمد له لكونه لم يعرفبعض رواته لا يمنع أن يكون عرفه بعد ذلك، ومع هذا فأمره بتحديثه به لكون معناهموافقًا لسائر الأحاديث كحديث معاذ وابن عباس وغيرهما، وهذا معنى قول الخلال: إنمايروى هذا الحديث، وإن كان في إسناده شيء تصحيحًا لغيره، ولأن الجهمية تنكر ألفاظهالتي قد رويت في غيره ثابتة، فروى لبيان أن الذي أنكره تظاهرت به الأخبار واستفاضت، وكذلك قول أبي بكر عبد العزيز (غلام الخلال) فيه: (وها نحن قائلون به، أي: لأجلما يثبت من موافقته لغيره الذي هو ثابت، لا أنه يقال بالواهي من غير حجة فإن ضعفإسناد الحديث لا يمنع أن يكون متنه ومعناه حقًّا، ولا يمنع أيضا أن يكون له منالشواهد والمتابعات ما يبن صحته.
ومعنى الضعف عندهم (أي أهل الحديث) أنا لمنعلم أن راويه عدل أو لم نعلم أنه ضابط، فعدم علمنا بأحدهما لا يمنع الحكم بصحته، لا يعنون بضعفه أنا نعلم أنه باطل، فإن هذا هو الموضوع وهو الذي يعلمون أنه كذبمختلق، فإذا كان الضعف في اصطلاحهم عائد إلى عدم العلم فإنه يطلب له اليقين والتثبتفإذا جاء من الشواهد أو المتابعات بالأخبار الأخرى ما يوافقه صار ذلك موجِبًا للعلمبأن راويه صدق فيه وحفظه والله أعلم.
5 - أما رواية الخلال في كتاب السنةله، وكذلك القاضي أبو يعلى في كتاب التأويلات - لهذا الحديث: بلفظلما كانت ليلة أُسرى بي رأيت ربي في أحس صورةفقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدري، قال: فوضع يده ... ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits285.htm')/) الخ الحديث.
فهذا الحديث كذب موضوع - على هذا الوجه - بلانزاع بين أهل العلم بالحديث، وهذا لم يذكره الإمام أحمد فيما ذكره من أخبار هذاالباب، ولا أحد من أصحابه الذين أخذوا عنه لا فيما يصححونه ولا فيما عللوه، وكذلكابن خزيمة لم يذكره لا فيما صححه ولا فيما علله، ولا رواه الأئمة الذين جمعوا فيكتب السنة أحاديث الباب كابن أبي عاصم والطبراني وابن منده وغيرهم، لأنه منالموضوعات التي لا يجوز ذكرها لمن علم بها إلا أن يبين أنها موضوعة، لقول النبي صلىالله عليه وسلم: مَن حدّث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحدالكاذبين ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits101.htm')/).
وهذا الحديث من أبطل الباطل من وجوه عديدة:
ـ فقدجاء من طريق سفيان الثوري والحسن بن صالح بن حي ومع ذلك لم يأت به أحد عنهما منأصحابهما مع كثرتهم واشتهارهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/111)
ـ وأيضًا فأحاديث المعراج قد رواها أهل الصحيحمن حديث مالك بن صعصعة وأبي ذر وأنس وابن عباس وأبي حبة الأنصاري ورواه أهل السننوالمسانيد من وجوه أخرى وليس في شيء منها هذا، مع توفر الهمم والدواعي على ضبط ذلكلو كان له أصل. وهذا التأويل يوجب العلم ببطلان هذا.
ـ وأيضا فقوله في الحديث (ونقل الأقدام إلى الجُمعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة) يدل على بطلان هذا الحديثعلى هذا الوجه؛ فإن المعراج كان بمكة وفي تلك الليلة فرضت الصلوات الخمس ولم تكنجمعة، فقد ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما: أن أول جمعة في الإسلام - بعدالجمعة بالمدينة - جمعة بالبحرين بجواثى+،، قرية من قرى البحرين وهذا من العلم المتواتر الذي لا يتنازع فيه أهلالعلم.
6 - أما ما يوجد في كتب أخرى، ويوجد عند كثير من الشيوخ (شيوخالصوفية والعامة) من أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في بعض سكك المدينة أوفي بعض مخارج مكة أو أنه ينزل عشية عرفة فيعانق المشاة ويعانق الركبان، ونحو هذهالأحاديث التي فيها رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في اليقظة في الأرض، فكلها منالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل العلم، فليعلم ذلك.
7 - روى الخلال هذا الحديث من وجه آخر هو الصواب لأنه جمع الطرق، فرواهعن أبي هريرة مرفوعًا وعن قيس بن طارق مرسلا. بلفظ: رأيت ربي في منامي في أحسن صورة فقال فيمايختصم الملأ الأعلى ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits102.htm')/) الحديث.
8 - إنما اعتقد صحة الحديث الذي رواهالخلال والقاضي وأبو يعلىلما كانت ليلة أُسرى بي رأيت ربي في أحسن صورةوأن الرؤية ليلة المعراج في اليقظة إنما اعتقد صحة هذا من لم يكن لهبالحديث وألفاظه ورواياته خبرة تامة من جنس الفقهاء وأهل الكلام والصوفية ونحوهمفلهذا ذكروه من بين متأول ومن بين راد للتأويل ثم المثبتة تزيد في الأحاديث لفظاومعنا فيثبتون ببعض الأحاديث الموضوعة صفات، ويجعلون بعض الظواهر صفات ولا يكونكذلك، والنافية تنقض الأحاديث لفظا ومعنى، فيكذبون بالحق ويحرفون الكلم عن مواضعه.
9 - المتأولون لهذا الحديث كالمريسي وذويه وابن فورك ونحوهم - يجعلون هذافي اليقظة ويتأولونه كما فعل المؤسس (أي الرازي في كتاب تأسيس التقديس).
10 - الإسراء وإن كان حقا، ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم قد جاءت بهاآثار ثابتة، وهذا الحديث قد يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه بالمدينةبالمنام، لكن هذا الحديث بهذا اللفظ المذكور في ليلة الإسراء من الموضوعاتالمكذوبات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: لما كانت ليلة أُسرى بي رأيت ربيفي أحسن صورة فقال فيما يختصم الملأ الأعلى، وإنما ذكر أن ربه أتاه في المنام وقالله هذا، ووضع يده بين كتفيه، بالمدينة في المنام؛ ولهذا لم يحتج أحد من علماءالحديث بهذا، ولم يثبته أحد في الأحاديث المعروفة عند أهل العلم.
11 - قيل لأحمد أحاديث الإسراء منام، قال هذا كلام الجهمية.
قلتُ: وجهه أن الجهميةتنكر أن الله في العلو وأن محمدًا أعرج به إليه في العلو، فلهذا قالوا: الإسراءمنام وأنكروا أن يكون في اليقظة.
12 - رؤيا الأنبياء وحي، ومن ذلك هذاالحديث: رأيت ربي في أحسن صورة، فقال: فيما يختصمالملأ الأعلى ... ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits99.htm')/) الحديث هذا وحي قال الله تعالى عن خليله إبراهيمفَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىقَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَالصَّابِرِينَ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=37&nAya=102).
13- قال المؤلف شيخ الإسلام رحمه الله: (فصل)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/112)
إذا عرف أن الحديث الذي فيه (رأيت ربي أو أتاني ربي في أحسن صورة، وقال فيمايختصم الملأ الأعلى، وفيه: فوضع يده بين كتفي) إنما كان بالمدينة وكان في المناموهو حديث ثابت: ظهر خطأ طائفتين:
- طائفة تعتقد أنه كان في اليقظة ليلةالمعراج، وتجعله من الصفات التي تقررها أو تحرفها.
- وطائفة تنكر الحديث وترده، لأنها تنكر رؤية الله في المنام وهم طائفة من الجهمية.
14 - رؤية اللهفي المنام جائزة بلا نزاع بين أهل الإثبات وإنما أنكرها طائفة من الجهمية وكأنهمجعلوا ذلك باطلا وإلا فما يمكنهم إنكار وقوع ذلك.
15 - قال شيخ الإسلام:
الإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أنالله في نفسه مثل ما رأى في المنام فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكونمماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رأوه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربهفإن كان إيمانه واعتقاده حقا أُتى من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كانبالعكس - إلى قوله - وهذه مسألة معروفة، وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم فيأصول الدين - والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام وحكوا عن طائفة من المعتزلةوغيرهم إنكار رؤية الله فهذا مما يقوله المتجهمة، وهو باطل مخالف لما اتفق عليه سلفالأمة وأئمتها، بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم وليس في رؤية الله في المنامنقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى وإنما ذلك بحسب حال الرائي، وصحة إيمانه وفسادهواستقامة حاله وانحرافه وقول من يقول - ما خطر بالبال أو دار في الخيال فاللهبخلافه ونحو ذلك - إذا حمل على مثل هذا - كان محملا صحيحًا فلا نعتقد أن ما تخيلهالإنسان في منامه أو يقظته من الصور أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسهمثل ذلك بل نفس الجن والملائكة لا يتصورها الإنسان ويتخيلها على حقيقتها، بل هي علىخلاف ما يتخيله ويتصوره في منامه ويقظته، وإن كان ما رآه مناسبا مشابها لها فاللهتعالى أجل وأعظم.
16 - تأويل الرازي لحديث: (رأيت ربي في أحسن صورةوفيه، فقال فيم يختصم الملأ الأعلى وفيه فوضع يده بين كتفي فوجدت برد أنامله بينثديي) قال الرازي قوله: رأيت ربي في أحسن صورة يحتمل أن يكون من صفات الرائي وهوالرسول، وفيه وجهان، ويحتمل أن يكون من صفات المرئي وهو الله تعالى وفيه وجوه.
وقوله: (فوضع يده بين كتفي) فيه وجهان، وقوله: (بين كتفي) فإن صح فالمرادمنه كذا، وقد روى (بين كنفي) بالنون، وقوله: (فوجدتُ بردها) يحتمل كذا ويحتملكذا وقوله: (فوجدت برد أنامله) تأويله كذا ..... الخ.
وهذه التأويلات ناقشهاالمؤلف وردها وأبطلها بوجوه متعددة تراجع في رد المؤلف عليها.
17 - أنكرأحمد على من نفى أحاديث رؤية الله في الدنيا مطلقًا؛ لأن من الجهمية طوائف يقولون: (إن الله لا يجوز أن يرى بالأبصار ولا بالقلوب أصلا، وطوائف يقولون: إنه لا يجوزأن يرى في المنام أيضًا، وهؤلاء يجحدون كل ما فيه إثبات أن محمدًا رأى ربه سواء كانبفؤاده أو في منامه أو غير ذلك، وهؤلاء جهمية ضلال باتفاق أهل السنة، ولهذا كانأحمد ينكر على هؤلاء لردهم ما في ذلك من الأخبار التي تلقاها العلماء بالقبول.
وإذا كانوا يمنعون أن محمدًا رأى ربه بفؤاده أو في منامه فهم لرؤية غيره أجحدوأجحد، وقد ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم ذلك عن طوائف من الجهمية حتى إن المعتزلةمن يقول يجوز أن يرى بالقلوب بمعنى العلم ومنهم من ينكر ذلك كما نقل ذلك الأشعري فيالمقالات فقال: اجتمعت المعتزلة على أن الله لا يرى بالأبصار، واختلفت هل يرىبالقلوب فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة نرى الله بقلوبنا بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا، وأنكر هشام الفوطي وعباد بن سليمان ذلك.
وهؤلاء النفاة يسمون مثبتة الرؤيةمجسمة ويجمعون في نقل مقالات المثبتة بين الحق والباطل كما نقل الأشعري عنهم مانقله من كتب المعتزلة فقال: واختلفوا في رؤية الله بالأبصار فقال قائلون: يجوز أنيرى الله بالأبصار في الدنيا، ولسنا ننكر أن يكون بعض من تلقاه في الطرقات وأجازعليه بعضهم الحلول في الأجسام، وأصحاب الحلول إذا رأوا إنسانا يستحسنونه لم يدروالعل إلههم فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/113)
وأجاز كثير ممن أجاز رؤيته في الدنيا مصافحته وملامسته ومزاورتهإياهم، وقالوا: إن المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا أرادوا ذلك. حُكي عنبعض أصحاب معمر وكهمس وحُكي عن أصحاب عبد الواحد بن زيد أنهم كانوا يقولون: إن اللهيُرى على قدر الأعمال، من كان عمله أفضل رآه أحسن.
قال: وقال قائلون: إنا نرىالله في الدنيا في النوم، فأما في اليقظة فلا: وروى رقبة بن مصقلة أنه قال: رأيت ربالعزة في النوم فقال: لأكرمن مثواه - يعني سليمان التيمي - صلى الفجر بطهر العشاءأربعين سنة.
18 - الذي عليه أكثر أهل السنة والحديث إثبات رؤية النبي صلىالله عليه وسلم لربه.
لكن اختلفوا: هل يقال: رآه بعين رأسه أو يقال رآه بقلبهأو يقال رآه ولا يقال رآه بعينه ولا بقلبه على ثلاث أقوال وهي ثلاث روايات عن أحمدعلى ما ذكر ذلك القاضي أبي يعلى وغيره، ولهذا جمع طائفة بين أقوال السلف في ذلك، فالرواية الواحدة عن أحمد وهي قول طائفة أنه يقال: رآه ولا يقال بعينه ولا بقلبهكما في مسائل الأثرم وذكره الخلال في كتاب السنة عن الأثرم.
وجمهور أهل السنةوالعلماء على أنه رآه بقلبه لا بعين رأسه واستدلوا بحديث أبي ذر عند مسلمرأيت نورًا، نورٌ أنى أراه ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits4.htm')/)+؟ وحديث أبي موسى عند مسلمحجابه النور ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits5.htm')/)+، وحديث عائشةمَن حدثك أن محمدًا رأى ربه فقد كذب ( http://@%20 كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة %20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوع ة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%2 0كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20ممنوعة%20@@%20كلمة%20 ممنوعة%20@: HadithTak('Hits6.htm')/)+.
وذهب بعض العلماء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلةالمعراج بعين رأسه، وإليه ذهب ابن خزيمة في كتاب التوحيد، والنووي في شرح مسلم وأبوالحسن الأشعري في كتاب المقالات أو الإبانة، وأبو إسماعيل الهروي في كتاب الأربعينله، والقرطبي والقاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات.
واستدلوا بما ثبت عن ابنعباس رضي الله عنهما أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج+، وبما ثبت عن الإمام أحمد أنه سئل: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلمربه ليلة المعراج؟ قال: نعم رآه+.
والصواب: ما عليه الجمهور من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرربه بعين رأسه وإنما رآه بقلبه وجمع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين حديثعائشة وحديث ابن عباس بأن حديث عائشة في نفي الرؤية محمول على رؤية العين وحديث ابنعباس في إثبات الرؤيا محمول على رؤية القلب، وكذا ما روي عن الإمام أحمد يجمعبينهما بذلك، وبذلك تجتمع الأدلة وهذا هو الحق.
روى الخلال عن جيش بن سندي أنأبا عبد الله (يعني أحمد بن حنبل) سئل عن حديث ابن عباس أن محمدًا رأى ربه فقالبعضهم يقول بقلبه، فقيل له: أيما أثبت عندك؟ فقال في رؤية الدنيا قد اختلفوا فيها، وأما في رؤية الآخرة فلم يختلف فيها إلا هؤلاء الجهمية قيل له: تعيب على من يكفرهمقال: لا، قيل: فيكفرون، قال: نعم.
ففي هذا الجواب أنهم سألوه عما يروى عن ابنعباس من إطلاق الرؤية فقال بعض الرواة يقيدها بالقلب، ولما سئل أيما أثبت عندك لميجزم بأحد الطرفين، لكن ذكر أن السلف تنازعوا في ذلك ولم يتنازعوا في رؤية الآخرة، فيحتمل أنهم تنازعوا هل رآه بقلبه أم لا ويحتمل أنهم تنازعوا هل رآه بقلبه أملا؟ ويحتمل أنهم تنازعوا في إثبات الرؤية مطلقًا ومقيدًا، وفي إطلاق نفيها لكن استقرأمره على إثبات ما ورد في ذلك من الأحاديث الثابتة والرد على من نفا موجبها.
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:37 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/114)
من قال أن الله لا يرى في الآخرة فقد كفرلأنه كذب بالقرآن وبالسنة المتواترة يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا كما أفتى بذلكالإمام أحمد كما سبق قريبا وكما في مجموع الفتاوى وهذا قول جمهور العلماء وجمهورأهل السنة وهو الصواب.
19 - طرق حديث (رأيت ربي) كثيرة ترجع إلى أربعطرق:
1 - طرق حديث أم الطفيل امرأة أبي بن كعب قال أبو بكر الخلال حدثنامحمد بن علي الوراق حدثنا إبراهيم بن هانئ حدثنا أحمد بن عيسى وقال له أحمد بن حنبلحدثهم به فحدثهم به في منزل عمه حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عنسعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر عن أم الطفيل امرأة أُبيبن كعب أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرأنه رأى ربه في المنام في صورة شاب موقر رجلاه في خضر، عليه نعلان من ذهبعلى وجهه فراش من ذهب.
قال الخلال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا نعيم بن حمادحدثنا عبد الله بن وهب فذكره بإسناده عن أم الطفيل أنها سمعت رسول الله صلى اللهعليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في المنام في أحسن صورة، شابا موقرا رجلاه من خضر، عليهنعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب، ورواه أبو بكر عبد العزيز (غلام الخلال) حدثنا محمد بن سليمان حدثنا (أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي عبدالله بن وهب فذكره بإسناده عن أم الطفيل امرأة أُبي بن كعب أنها سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول رأيت ربي في المنام في خضر من الفردوس إلى أنصاف ساقيه، فيرجليه نعلان من ذهب وهذا الحديث الذي أمر أحمد بتحديثه قد صرح فيه بأنه رأى ذلك فيالمنام وهذه الألفاظ نظير الألفاظ التي في حديث ابن عباس.
2 - طرق حديثبن عباس رضي الله عنهما قال الخلال حدثنا أبو بكر المروزي قال قرئ على أبي عبد الله (يعني أحمد) قال حدثنا شاذان حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباسأن محمدًا رأى ربه فذكر الحديث قلت أنهم يطعنون في شاذان يقولون قال بلى قد كتبتهعن عفان عن رجل عن حماد بن سلمة عن قتادة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم رأيت ربي، وقال المروزي في موضع آخر: قلت لأبي عبد الله فشاذان فكيف هو، قال ثقة وجعل يثبته وقال في هذا يشنع علينا.
قلت: أليس العلماء تلقته بالقبولقال: بلى، قلت أنهم يقولون: إن قتادة لم يسمع من عكرمة قال هذا لا يدري الذي قالوعجبت وأخرج إلي كتابه فيه أحاديث مما سمع قتادة من عكرمة فإذا ستة أحاديث سمعتعكرمة حدثنا بهذه المروزي عن أبي عبد الله.
قال الخلال حدثنا المروزي حدثنيعبد الصمد بن يحيى الدهقان سمعت شاذان يقول أرسلت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبلأستأذنه في أن أحدث بحديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رأيت ربي، قال حدِّثْ به فقد حدّث به العلماء، قال الخلال حدثنا الحسن بن ناصح حدثنا الأسودبن عامر (شاذان) حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللهعنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه شابا أمرد جعدا قططا في حلة خضراء ورواهالقطيعي والطبراني قالا حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا الأسود بنعامر حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالرسول الله صلى عليه وسلم رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء. وفي بعض الروايات (في صورة) وفي بعضها جعدا قططا أمرد في حلة حمراء والصواب فيحلة خضراء ورواه الحافظ أبو الحسن الدارقطني فقال حدثنا عبد الله بن جعفر بن جيشحدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عنعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه عز وجلشابا. وهذان الحديثان حديث أم الطفيل وحديث ابن عباس بطرقهما المتعددة ليس فيهااختصام الملأ الأعلى وإنما فيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام فيصورة شاب وفي حديث ابن عباس زيادة أمرد وجعد قطط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/115)
أما الحديث الذي فيه اختصامالملأ الأعلى فهو حديث خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن عن عائش الحضرمي عن النبي صلىالله عليه وسلم وفي بعض الروايات عن عبد الرحمن ين عايش عن رجل من أصحاب النبي صلىالله عليه وسلم وفي بعض الروايات عن خالد بن اللجلاج عن ابن عياش وهو تصحيف في اسمابن عائش وكذا حديث ثوبان فيه اختصام الملأ الأعلى.
3 - طرق حديث ابنعائش الحضرمي عن معاذ وهو حديث معاذ بن جبل روى طرق هذا الحديث الخلال وابن خزيمةوغيرهما من وجوه عن الوليد بن مسلم حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن خالد بناللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيتربي عز وجل في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال قلت: أنت أعلم يارب، قال ثم قال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال قلت لا أدري يا رب، قال فوضعكفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت ما في السماء والأرض، قال قرأوَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=6&nAya=75) ثم قال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال: قلت في الكفاراتيا رب، قال وما هن قلت: المشي إلى الجمعات، وإسباغ الوضوء على المكاره، قال فقالومن يفعل ذلك يعش بخيرويمت بخير ويكون من خطيئته كيوم ولدته أمه، ومن الدرجات (إطعام الطعام) وطيب الكلام وأن يقوم بالليل والناس نيام، وقال اللهم إني أسألكالطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تتوب علي وتغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنةفي قوم فتوفني إليك غير مفتون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهن حق. وقال أبوبكر بن خزيمة رواه الوليد حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا خالد بن اللجلاجحدثني عبد الرحمن بن عائش قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي فيأحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال، قلت أي رب مرتين، فوضع كفه بينكتفي، فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت ما في السماء والأرض، ثم تلاوَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=6&nAya=75) قال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قال في الكفارات يا رب، قال وما هو؟ قلت: المشي إلى الجمعات، والجلوس في المساجد وانتظار الصلوات، وإسباغالوضوء على المكاره، فقال الله، من فعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكون من خطيئتهكيوم ولدته أمه.
ومن الدرجات إطعام الطعام، وطيب الكلام، وأن يقوم بالليلوالناس نيام، وقال اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوبعلي وتغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون قال رسول الله صلىالله عليه وسلم تعلموهن، فوالذي نفسي بيده إنهن لحق. قال ابن خزيمة حدثنا أبو قدامةوعبد الله بن محمد الزهري ومحمد بن ميمون المكي قالوا حدثنا الوليد بن مسلم.
قال الإمام أبو بكر بن خزيمة قوله في هذا الخبر قال سمعت رسول الله صلى اللهعليه وسلم وهم عبد الرحمن بن عايش لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة، وإنما رواه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أحسبه أيضا سمعه منالصحابي، لأن يحيى بن أبي كثير رواه عن زيد بن سلام عن عبد الرحمن الحضرمي عن مالكعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال يزيد بن جابر عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بنعائش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، حدثنا أبو موسى محمد بن مثنىحدثني أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا زهير وهو ابن محمد عن يزيد قال أبو موسىوهو يزيد بن جابر عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن رجل من أصحاب النبيصلى الله عليه وسلم قال خرج علينا رسول الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/116)
قالابن خزيمة وجاء قتادة بلون آخر فروى معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي قلابةعن خالد بن اللجلاج عن ابن عياش أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت ربي فيأحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت يارب لاأدري فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت ما بين المشرق والمغرب، فقاليا محمد قلت لبيك وسعديك قال: فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت: يارب في الكفارات، المشي على الأقدام إلى الجمعات وإسباغ الوضوء في المكروهات وانتظار الصلاة بعدالصلاة، فمن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه، هذا حديثأبي موسى وقال بندار قال: (أتاني ربي في أحسن صورة).
وقال: قلت في الدرجاتوالكفارات وقال: (انتظار الصلاة بعد الصلاة) لم يقل الصلوات قال ورواه معمر عنأيوب عن أبي قلابة عن ابن عياش ورواه من طريق معمر ثم قال أبو بكر رواية يزيد وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر أشبه بالصواب حين قال عن عبد الرحمن بن عائش من رواية منقال: عن عبد الله بن عياش فإنه أي (عبد الرحمن بن يزيد) قد روى عن يحيى بن أبيكثير عن زيد بن سلام أنه حدثه عبد الرحمن الحضرمي وهو ابن عائش إن شاء الله حدثنامالك بن يخامر السكسكي أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال احتبس عنا رسول الله صلىالله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قربة الشمس فخرج رسول اللهصلى الله عليه وسلم سريعا ثم ثوب بالصلاة فصلى وتجوز في صلاته.
فلما صلى دعابصوته على مصافكم كما أنتم ثم أقبل إلينا وقال: إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي، فنعست في مصلاي حتى استثقلت، فإذا أنابربي في أحسن صورة، فقال: يا محمد فقلت لبيك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى، قالقلت: لا أدري قالها ثلاثا، قال فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بينثديي فتجلى لي كل شيء وعرفته فقال يا محمد قال فقلت لبيك، قال يا محمد قلت لبيك، قال فيم يختصم الملأ الأعلى قال قلت في الكفارات قال وما هن قلت مشي على الأقدامإلى الجمعات وجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء حين الكريهات قال: ثمفيما قال قلت إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام: قال سل فقلت اللهم إنيأسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردتفتنة في قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها حق فتعلموها وادرسوها.
حدثنا أبو موسىحدثنا معاذ بن هانئ حدثنا جهضم بن عبد الله القيسي حدثنا يحيى بن كثير عن زيد بنسلام أنه حدثه عبد الرحمن الحضرمي قال أبو موسى وهو ابن عائش الحديث على ما أمليتهقلت أي (شيخ الإسلام) هذه الطريقة أتم الطرق إسنادا ومتنا وفيها بيان أصل الحديث، فإن غيره رواه عن ابن عياش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو حق فإنالرجل معاذ بن جبل لكن لم يذكر الواسطة بينهما وهو مالك بن يخامر وهو من أكابرأصحاب معاذ والأخصاء به، ورواه الآخر عن ابن عياش مرسلا، لكن غلط في ذكر لفظالسماع.
وهذه رواية أهل الشام لهذا الحديث وهم به أعرف لأنه مخرج من عندهم، وأخذه أبو قلابة - وكان قد قدم الشام - من هذا الشيخ - خالد بن اللجلاج لكن وقعتصحيف في اسم ابن عائش بابن عياش فحدث به البصريين، وأسنده عنه تارة، وأرسله أخرىولم يتجاوز به ذلك، لأن خالد بن اللجلاج لم يكن يستوفي إسناده، بل تارة يذكره عنابن عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتارة عنه عن رجل من أصحاب النبي صلى اللهعليه وسلم، ولكن زيد بن سلام لما رواه عن ابن عائش أسنده واستوفاه لأنه كان مكتوباعنده فهذه الروايات يصدق بعضها بعضا إذ قد رواه عن شخص أكثر من واحد، لكن بمجموعالطرق انكشف ما وقع في بعضها من غلط في بعض الطريقة.
4 - طرق حديث ثوبانقال أبو بكر بن خزيمة ورواه معاوية بن صالح عن أبي يحيى وهو عندي سليمان بن عامر عنأبي زيد عن أبي سلام الحبشي أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنالنبي صلى الله عليه وسلم أخر صلاة الصبح حتى أسفر فقال إنما تأخرت عنكم إن ربي قاليا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت لا أدري يا رب، فرددها مرتين أو ثلاثاثم أحسست بالكف بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي، ثم تجلى لي كل شيء وعرفت، قالقلت نعم يا رب يختصمون في الكفارات والدرجات، والكفارات المشي على الأقدام إلىالجمعات وإسباغ الوضوء في الكريهات، وإنتظار الصلاة بعد الصلاة، والدرجات إطعامالطعام وبذل السلام والقيام بالليل والناس نيام ثم قال يا محمد اشفع تشفع وسلتعط، قال فقلت اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر ليوترحمني، وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني وأنا غير مفتون، اللهم أني أسألك حبك وحب منيحبك وحبا يبلغني إلى حبك، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثنا عمي حدثنا معاوية.
وذكر ابن خزيمة الاختلاف في هذا الحديث وذكره الإمام أحمد فذكر أبو بكر الأثرمفي كتاب العلل قال سألت أحمد عن حديث فيه عبد الرحمن بن عائش الذي روى عن النبي صلىالله عليه وسلم: رأيت ربي في أحسن صورة فقال يضطرب في إسناده الخ. قال القاضي أبويعلى في كتاب إبطال التأويلات لأخبار الصفات ظاهر هذا الكلام من أحمد التوقف فيطريقه لأجل الاختلاف فيه لكن ليس هذا مما يوجب تضعيف الحديث على طريقة الفقهاء. قالالقاضي: وظاهر الكلام عن أبي زرعة إثباتا لرجال حديث أم الطفيل وتقديما لهم، وثباتاعن عدالتهم، قال وهو ظاهر ما عليه أصحابنا لأن أبا بكر الخلال ذكر حديث أم الطفيلفي سننه ولم يتعرض للطعن عليه.
في حديث اختصام الملأ الأعلى إثبات خمس صفات للهعز وجل:
أحدها: صفة الكف؛ لقوله في الحديث: فوضع كفه بين كتفي.
والثانية: صفة الأنامل؛ لقوله في الحديث: حتى وجدتُ برد أنامله بينثديي.
والثالثة: إثبات صفة اليد؛ لقوله في بعض ألفاظ الحديث فوضع يدهبين ثديي.
والرابعة: إثبات الصورة لله لقوله: رأيت ربي في أحسن صورة.
الخامسة: إثبات صفة الكلام لقوله: فقال يا محمد فيم يختصم الملأالأعلى.
]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/117)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:25 م]ـ
لا شك أن كلام العلماء في حديث (خلق الله آدم على صورته) كلام كثير، وأحببت أن أضع كلام بعضهم فيه لاستكمال الفكرة أو لتوضيحها ولبيان خلاف أهل العلم في شرحه:
جاء في سؤال لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ السؤال عن هذه المسألة، وكان منه الجواب، فقال:
س3/ ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته»؟
ج/ هذا الحديث يطول الكلام عليه؛ لكن خلاصة الكلام أن الصورة هنا بمعنى الصفة؛ لأن الصورة في اللغة تطلق على الصفة كما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر» يعني على صفة القمر من الوضاءة والنور والضياء، فقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته»؛ يعني خلق آدم على صورة الرحمن أ؛ يعني على صفة الرحمن، فخص الله ? آدم من بين المخلوقات بأن جعله مجمع الصفات وفيه من صفات الله ? الشيء الكثير؛ يعني فيه من أصل الصفة على التقرير من أن وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله ? له سمع وجعل لآدم صفة السمع، والله ? موصوف بصفة الوجه وجعل لآدم وجها، وموصوف بصفة اليدين وجعل لآدم صفة اليدين، وموصوف بالقوة والقدرة والكلام والحكمة، وموصوف ـ بصفة الغضب والرضا والضحك إلى غير ذلك مما جاء في الصفات.
فإذن هذا الحديث ليس فيه غرابة كما قال العلامة ابن قتيبة رحمه الله قال (وإنما لم يألفه الناس فاستنكروه).
فهو إجمال لمعنى الأحاديث الثانية الأخرى في صفات الله ?، «خلق آدم على صورته» يعني خلق آدم على صفة الرحمن ? فخصه بذلك من بين المخلوقات.
الحيوانات قد يكون فيها سمع فيها بصر لكن ما يكون فيها إدراك ما يكون عندها حكمة ما يكون كلام خاص إلى آخره.
فآدم خص من بين المخلوقات بأن جعل الله ? فيه من الصفات ما يشترك بها في أصل الصفة لا في كمال معناها ولا في كيفيتها مع الرحمن جل جلاله، تكريما لآدم كما ذكرنا لك.
وهذا ملخص الكلام فيها وإلا فالكلام يطول لأن هذا الحديث كثيرون لم يفهموا المراد منه، ولا حقيقة قول أهل السنة والجماعة في ذلك". اهـ
وجاء في كلام الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى بخصوص هذا الحديث ما نصه:
"فإن قال قائل: إنه قد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى خلق آدم على صورته"، فما الجواب؟
فالجواب: من أحد وجهين:
الوجه الأول: إما أن يقال: لا يلزم من كونه على صورته أن يكون مماثلا له، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ونحن نعلم أنه ليس هناك مماثلة بين هؤلاء والقمر، لكن على صورة القمر من حيث العموم إضاءة وابتهاجا ونورا. الوجه الثاني: أن يقال: "على صورته" أي على الصورة التي اختارها الله، فإضافة صورة الآدمي إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم كما في قوله تعالى:) ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) (البقرة: من الآية114)، ومن المعلوم أن الله ليس يصلي في المساجد، لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم وعلى أنها إنما بنيت لطاعة الله، وكقول صالح لقومه: {ناقة الله وسقياها} [الشمس: 13]، ومن المعلوم أن هذه الناقة ليست لله كما تكون للآدمي يركبها؛ لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم، فيكون "خلق آدم على صورته" أو "على صورة الرحمن"، يعني على الصورة التي اختارها من بين سائر المخلوقات، قال الله تعالى في سورة الانفطار:) يا أيها الأنسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك) (الانفطار:7" اهـ.كلامه.(49/118)
قاعدة مهمة لطالب العلم في باب الإعتقاد (الشيخ صالح آل شيخ)
ـ[أم حنان]ــــــــ[16 - 05 - 08, 12:08 ص]ـ
بسم الله، الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله
ذكر الشيخ الفاضل صالح آل شيخ -حفظه الله- هذه القاعدة المهمة في شرح لمعة الإعتقاد:
وهذا نأخذ منه قاعدة مهمة: وهي أن طالب العلم الذي يعتني بأمر الاعتقاد يجب عليه أن يفهم اعتقاد أهل السنة والجماعة تماما، فاذا ورد بعد ذلك ألفاظ مشكلة عن الأئمة, عن التابعين, من تبع التابعين، عن بعض الأئمة فإنه بفهمه للاعتقاد الصحيح سيوجّه معناها إلى معنىً مستقيم، لأنه لا يُظن بالإمام أحمد وهو إمام أهل السنة والجماعة الذي حكم بالبدعة على المفوضة أنه يقول (ولا معنى) يعني ليس للآيات والأحاديث معنى يفهم بتاتا، فإذن فهمُك لأصول الاعتقاد وأصول ما كان عليه أهل السنة والجماعة، وضبطُك لذلك، به يمكنك أن تجيب على كثير من الإشكالات، ونحن في هذا الزمان ربما كتب بعض الناس كتابات في أن السلف يقرّون التأويل، وأنه وُجد التأويل للصفات في زمن الصحابة، أو وجد في زمن الصحابة من ينكر بعض الصفات، أو وجد في التابعين من يؤول، والإمام أحمد أوَّلَ، ونحو ذلك، وهذا من جرّاء عدم فهمهم لأصول أهل السنة والجماعة، وابتغاء الفتنة، وابتغاء التأويل الذي وصف الله جل وعلا به الزائغين، وإذا فهمت الصواب وفهمت المنهج الحق والاعتقاد الحق فإنه يمكن بذلك أن تجيب عن ما ورد عن بعض أئمة أهل السنة من ألفاظ ربما خالف ظاهرُها المعتقد، أو ظُن أن فيها شيء من التأويل، يمكن أن تجيب عليها بأجوبة محققة واضحة.
وهذه قاعدة مهمة؛ مثل ما ترون من كتابات نُشرت فيما مضى، بل ربما تنشر إلى الآن، من أن الأمر في التأويل وأمر الاعتقاد، السلف اختلفوا في الاعتقاد فلا تجعلوا الاختلاف في العقيدة سبب للتفريق وسبب لكذا، ثم يَستدل ببعض أقوال الإمام أحمد، ببعض أقوال الصحابة، وبعض أقوال التابعين، وهو كأنما يتصيَّد تلك ليُلبِّس بها، ولو كان يفهم معتقد أهل السنة والجماعة فهما كاملا لأَمكَن الإجابة عن تلك بوضوح، وذلك من مثل ما يُذكر؛ بل ما ثبت عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى?يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ? [القلم:42] قال (يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) يعني يكشف عن شدة، كما يقال كشفت الحرب عن ساقها يعني كشفت الحرب عن شدة وبأس, عن الشدة والبأس، قال هذا: ابن عباس لا يثبت صفة الساق لله جل وعلا. وأين هذا من المدعى؟ لاشك أن هذا خلاف ما يقتضيه العلم؛ كون هذا القول ثابتا عن ابن عباس ? لا يعني أنه ينفي صفة الساق؛ لأن صفة الساق جاءت موضَّحة في حديث أبي سعيد الخدري وفي غيره؛ حيث قال «ثم يكشف ربنا عن ساقه» فإذا أضيف لم يحتمل إلا الصفة؛ لأن الذوات إذا أضيفت فإمّا تقتضي الإضافة التشريف أو الصفة، وهذا لا يقتضي التشريف وإنما يقتضي الوصف، وأما إذا لم يضف في الآية فصحيح يمكن أن يحمل على ما فسرت به العرب من أنها تقول كُشف اليوم عن ساق يعني عن شِدّة؛ لأنه في الآية لم ترد مضافة، فاحتمل أن يكون المراد الكشف عن الشدة، ولهذا فسر ابن عباس وغيره الآية بهذا، بينما نقول إن الصحيح أن ما فسر الآية به عامة الصحابة والتابعين من أن المراد بـ (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) أنه يكشف عن ساق الله جل وعلا، لأنه دل على ذلك، وفسره النبي ?، وهل يؤخذ تفسير القرآن عن أحد أفهم من رسول الله ?، وهو عليه الصلاة والسلام بيَّن ذلك فيما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري ورواه غيره أيضا؟.
http://www.islamway.com/index.php?iw_s=library&iw_a=bk&lang=1&id=344
ـ[مصطفى المدني]ــــــــ[17 - 07 - 08, 12:58 م]ـ
كتبت سؤال لكن ما وجدته وهو لماذا خفف الشيخ صالح لحيته؟
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 01:01 م]ـ
أخي قد تكون لحية الشيخ خفيفة أصلا
فهل رأيته أنت فبل ذلك بلحية طويلة؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[مصطفى المدني]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:18 م]ـ
نعم يا أبو مسلم رأيته بلحية مثل لحيته الآن مرتين(49/119)
سؤال في الواسطية ( ..... كل كمال ثبت للمخلوق
ـ[عماد العدوي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 01:56 ص]ـ
قال الشيخ محمد خليل هراس في شرحه للواسطية ( ..... كل كمال ثبت للمخلوق و أمكن أن يتصف به الخالق, فالخالق أولى به من المخلوق, و كل نقص تنزه عنه المخلوق, فالخالق أحق بالتنزه عنه)
السؤال الأول قول الشارح (و امكن أن يتصف به الخالق) ما ضابطه؟
السؤال الثاني حول صفة التكبر فهي في حق المخلوق نقص و في حق الخالق كمال فهل الجملة الأخيرة من العبارة ليست مطلقة؟
ـ[عماد العدوي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 06:51 م]ـ
أفيدوني بارك الله فيكم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[17 - 05 - 08, 06:03 م]ـ
أولا
ليست هذه قاعدة يجب ان نتحاكم إليها ولا تجري على إطلاقها ولم أسمع أن احدا من السلف قال بها
لكنها تواترت عن كثير من علمائنا أهل السنة وللشيخ التويجري كلام جيد فيها
قال في شرح الحموية
ولهذا القاعدة الجامعة المانعة: لا نقول كل كمال ثبت للمخلوق فالخالق أولى به، الأفضل ولأجل أن نحترز ألا ترد علينا بعض صفات المخلوق التي هي كمال من جهة لكنها نقص من جهة أخرى أن نقول: كل كمال ثبت للمخلوق لا نقص فيه بوجه من الوجوه فالخالق أولى به.
فقد يأتينا قائل ويقول: أنتم تقولون أن الله له الكمال المطلق، الأكل والشرب بالنسبة للمخلوق صفة كمال أم صفة نقص؟
- نقص، والله ما أدري، أخوكم يقول صفة نقص، بمعنى هذا الذي لا يأكل ولا يشرب وعلى السرير وموضوع له المغذي هذا أكمل من هذا الذي يأكل ويشرب، كذا.
- وكمال، نقص وكمال.
إذن هي بالنسبة للمخلوق صفة كمال، مثل النوم، الإنسان الذي ينام أكمل من ذاك الشخص الذي أصيب بمرض الأرق فلا ينام أبدًا، لكن هل هما صفة كمال من كل الوجوه؟
الجواب لا، هي صفة كمال من جهة، لكن صفة نقص من جهة أخرى، مثل الولد، من يولد له أكمل من العقيم، لكن ليست هذه صفات كمال من كل الوجوه، فالأكل والشرب والنوم والولد دليل على الحاجة، الإنسان محتاج للنوم، فهذا صفة كمال أم صفة نقص؟ صفة نقص، الحاجة صفة نقص، واضح؟ مثل الأكل، الشرب.
إذن الله - عز وجل - له الكمال المطلق المنزّه عن كل نقص.
ثم قال الشيخ: القاعدة: كل كمال ثَبَتَ للمخلوق لا نقص فيه بوجه من الوجوه فالخالق أولى به.
مثاله: الحياة بالنسبة للمخلوق، كمال أم نقص؟ الحياة كمال من كل الوجوه، العلم كمال من كل الوجوه، فالخالق أولى بالاتصاف بها، يقول: فإن الله منزه عنه حقيقة إنه -سبحانه- مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه
ثانيا
لا نقول أن التكبر نقص ولكن الصواب أن يقال ليس للمخلوق أن يتكبر لأنه ضعيف ظلوم جهول فأنى له أن يتكبر فهي وإن كانت تذم في المخلوق لا لأنها نقص وإنما لأنه ليس له ذلك ولا ينبغي ولا يصلح له لنقصه هو أصلا عن ذلك وإنما رب العالمين الغني عن العالمين خالق العالمين ورازق العالمين فهي له صفة كمال
وأنا أمثل لك بالعلم والمال وسائر أنواع الملك في الدنيا
فإنه ليس للخلي عنها أن يدعيها وإن إدعاها باطلا ذم لذلك وهي في نفسها كمال لكن لما ادعاها زورا كانت له نقصا والله أعلم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[17 - 05 - 08, 07:48 م]ـ
قال الشيخ محمد خليل هراس في شرحه للواسطية ( ..... كل كمال ثبت للمخلوق و أمكن أن يتصف به الخالق, فالخالق أولى به من المخلوق, و كل نقص تنزه عنه المخلوق, فالخالق أحق بالتنزه عنه)
السؤال الأول قول الشارح (و امكن أن يتصف به الخالق) ما ضابطه؟
السؤال الثاني حول صفة التكبر فهي في حق المخلوق نقص و في حق الخالق كمال فهل الجملة الأخيرة من العبارة ليست مطلقة؟
المخلوقات لها صفات ... وبعض هذه الصفات هي صفات كمال للمخلوقات ... والله سبحانه وتعالى وصف نفسه بصفات ... وهذه الصفات هي صفات كمال له عز وجل ... فان وصف الله نفسه بصفة كانت من صفات الكمال للمخلوق ... فهي صفة كمال له من باب أولى لأن الكمال المطلق لا ينسب الا له وحده.
فالكمال الذي ثبت للمخلوق ويمكن أن يتصف به الخالق هو ما وصف الله به نفسه ((وثبت اسمه)) لمخلوقاته من غير أن نشبه صفات الله تعالى بأحد من خلقه ...
والله تعالى أعلم
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[17 - 05 - 08, 10:31 م]ـ
من صفات الكمال للبشر: الصاحبة والولد, وهذا لا يجوز فيه حق الله تعالى, فهو صفة نقص له, والله تعالى أعلم ... #
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/120)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 05 - 08, 11:11 م]ـ
هذه القاعدة سليمة قررها شيخ الإسلام ابن تيمية في عدد من كتبه تقريرا مفصلا فليراجعه من أراد تصورها تصورا تاما.
ـ[عماد العدوي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 02:12 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
أريد كلام شيخ الإسلام في هذه القاعدة بارك الله فيكم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[18 - 05 - 08, 05:26 ص]ـ
هذا كلامه رحمه الله في التدمرية
قال:
وقد تقدم أن ما ينفي عنه - سبحانه - النفي المضمن للإثبات إذ مجرد النفي لا مدح فيه ولا كمال فإن المعدوم يوصف بالنفي والمعدوم لا يشبه الموجودات وليس هذا مدحا له لأن مشابهة الناقص في صفات النقص نقص مطلقا كما أن مماثلة المخلوق في شيء من ا ل صفات: تمثيل وتشبيه ينزه عنه الرب تبارك وتعالى
والنقص ضد الكمال وذلك مثل أنه قد علم أنه حي والموت ضد ذلك فهو منزه عنه وكذلك النوم والسنة ضد كمال الحياة فإن النوم أخو الموت وكذلك اللغوب نقص في القدرة والقوة والأكل والشرب ونحو ذلك من الأمور فيه افتقار إلى موجود غيره كما أن الإستعانة بالغير والإعتضاد به ونحو ذلك تتضمن الإفتقار إليه والإحتياج إليه وكل من يحتاج إلى من يحمله أو يعينه على قيام ذاته وأفعاله فهو مفتقر إليه ليس مستغنيا عنه بنفسه فكيف من يأكل ويشرب والآكل والشارب أجوف والمصمت الصمد أكمل من الآكل الشارب ولهذا كانت الملائكة صمدا لا تأكل ولا تشرب وقد تقدم أن كل كمال ثبت لمخلوق فالخالق أولى به وكل نقص تنزه عنه المخلوق فالخالق أولى بتنزيهه عن ذلك والسمع قد نفي ذلك في غير موضع كقوله تعالى: {الله الصمد} والصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب وهذه السورة قي نسب الرحمن أو قي الأصل في هذا الباب وقال في حق المسيح وأمه: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام} فجعل ذلك دليلا على نعي الأوقية فدل على تنزيهه عن ذلك بطريق الأول والأحرى والكبد والطحال ونحو ذلك: هي أعضاء الأكل والشرب فالغني المنزه عن ذلك: منزه عن آلات ذلك بخلاف اليد فإنها للعمل والفعل وهو سبحانه موصوف بالعمل والفعل إذ ذاك من صفات الكمال فمن يقدر أن يفعل أكمل ممن لا يقدر على الفعل
وهو سبحانه منزه عن الصحابة والولد وعن آلات ذلك وأسبابه وكذلك البكاء والحزن: هو مستلزم الضعف والعجز الذي ينزه عنه سبحانه بخلاف الفرح والغضب: فإنه من صفات الكمال فكما يوصف بالقدرة دون العجز وبالعلم دون الجهل وبالحياة دون الموت وبالسمع دون الصمم وبالبصر دون العمى وبالكلام دون البكم: فكذلك يوصف بالفرح دون الحزن وبالضحك دون البكاء ونحو ذلك
وقال في منهاج السنة
الوجه الرابع: أنا نقول نحن نعلم أن الله موصوف بصفات الكمال وأن كل كمال ثبت لموجود فهو أحق به وكل نقص تنزه عنه موجود فهو أحق بالتنزيه عنه ونحن نعلم أن الحياة والعلم القدرة صفات كمال فالرب تعالى أحق أن يتصف بها من العباد وكذلك الصدق هو صفة كمال فهو أحق بالاتصاف به من كل من اتصف به كما قال تعالى الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا (سورة النساء). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته إن أصدق الكلام كلام الله.
وكذلك ذكر ذلك في غير موضع من كتبه من أرادها فليراجعها
ـ[عماد العدوي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 04:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 08:27 م]ـ
بارك الله فيكم.
السؤال:
ما معنى هذه العبارة: لا يُستعمل في العلم الإلهي قياس تمثيلي أو شمولي وإنما يستعمل قياس الأَوْلى.
الجواب:
[هذه الأقيسة الثلاث مستعملة عند المناطقة:
* قياس التمثيل.
* وقياس الشمول.
* وقياس الأولى.
والتمثيل والشمول يقتضي الاشتراك في الجنس؛ لأن المثال هو أحد أفراد الجنس، وأما القياس الذي يصح أن يطبّق في صفات الله جل وعلا وفيما يليق به جل جلاله وهو قياس الأولى؛ يعني أن يقال كل كمال في المخلوق فالله جل وعلا أولى به؛ لأن الله سبحانه متصف بصفات الكمال المطلق، وإذا في المخلوق نوع كمال يناسبه فالله جل وعلا له الكمال المطلق.
مثاله: المخلوق الغنى كمال في حقه؛ يعني عند الناس، وكذلك سلامته في حكمته وإدراكه، وهذا كمال في حقه، كذلك قدرته كمال في حقه، كذلك سمعه وبصره وسلامة آلاته هذا كمال في حقه، وهكذا، فهذه الصفات التي في المخلوق التي تكون فيه كمال، فهي تُثبَت لله جل وعلا؛ لأن الله سبحانه أولى بالكمال، وأولى بنفي النقص عنه لأنه جل جلاله.
ومن الأمثلة التي تُشكل على بعض الناس في هذا الباب هو أن يقال عن الله جل وعلا نفى عنه الولادة، فقال ?لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ? [الإخلاص:3]، فليس له ولد لأنه غير محتاج إليه، والمخلوق الولد في حقه كمال؛ إذ العقيم ليس بكامل عند الناس.
وهذا ليس متجها ولا معارضا للقاعدة؛ لأن المخلوق صار الولد في حقه كمالا لحاجته إليه، فهو يستكثر بالولد ويستقوي به لحاجته إليه؛ لأنه قد ينتفع منه بأنواع الانتفاع، والولد في حق المخلوق نقص، ولهذا ينفى عن الله جل وعلا، وليس كمالا كما قد يُظن.
المقصود أن عبارات (القياس التمثيلي والقياس الشمولي وقياس الأَوْلى) من عبارات المناطقة أصحاب المنطق وعلم الكلام، ولا يصح استعمالها عند أهل السنة والجماعة إلا في قياس الأوْلى دون غيره] اهـ.
معالي الشيخ صالح آل الشيخ من ((شرح الطحاوية)).(49/121)
رد الشيخ عبد الله الرشيدي على أسئلة النصرانية ناهد متولي
ـ[سعد بن مزيد الحسيني]ــــــــ[16 - 05 - 08, 06:52 ص]ـ
رد الشيخ عبد الله الرشيدي على أسئلة النصرانية ناهد متولي
ردود صوتية على شبهات النصارى حول الإسلام ( http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=1238)
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=64323
ـ[عبدالله الرحابي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:38 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالله الرحابي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:51 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو سعد البرازي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا على نشر هذه الردود
وجزى الله خيرا الشيخ عبد الله الرشيدي ( aboabdalrhman80) على جهوده الدعوية في البالتوك وردوده ومناظراته مع النصارى ونفع الله به الإسلام والمسلمين
ـ[محمد يحيى الأثري]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:42 م]ـ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ َوالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى رَسُولِ الله –بأبي هو وأمي-
وبعد .... :
جزاكم الله خيراً أخي الحبيب سعد
وجزى الله الشيخ خير الجزاء
لكن لي ملاحظة على كلمة (شبهات)
أود أن أي أخ يتكلم عما يثيره أعداء الإسلام عن الإسلام
يقول: ((افتراءات)) لا شبهات لأن اسلامنا ولله الحمد والمنة ليس فيه شبهات
انما هم يفترون على هذا الدين العظيم
والله المُسْتَعانُ
ادْعُوا لأَخِيكُمْ
والسَّلامْ(49/122)
ما رأيكم بهذا النظم في العقيدة؟
ـ[أبو زيد الخير]ــــــــ[16 - 05 - 08, 10:33 ص]ـ
ما رأيكم بهذا النظم في العقيدة و هل يصلح لأن يشتغل بحفظه الأولاد؟
...
أبدأ بسم الله والرحمنِ ... وبالرحيم دائم الإحسانِ
###
حذفت الأبيات
## المشرف ##
سميتها عقيدةَ العوام ... من واجب في الدين بالتمامِ
...
ـ[محمد مصطفى العنبري الحنبلي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 12:46 م]ـ
صفات الله سبحانه وتعالى:
وبعد فاعلم بوجوب المعرفهْ ... مِن واجبٍ لله عشرين صفهْ
فالله موجودٌ قديمٌ باقي ... مخالفٌ للخلق بالإطلاقِ
وقائمٌ غني واحدٌ و حي ... قادرْ مريدٌ عالمٌ بكل شيْ
سميعٌ البصيرُ والمتكلمُ ... له صفاتٌ سبعةٌ تنتظمُ
فقدرةٌ إرادةٌ سمعٌ بصرْ ... حياةٌ العلمُ كلامٌ استمرْ
وجائز بفضله وعدلهِ ... ترك لكل ممكن كفعلهِ
تفصيل عشر منهم جبريلُ ... ميكالُ واسرافيلُ عزرائيلُ
منكرْ نكيرٌ ورقيبٌ وكذا ... عتيدُ مالكٌ ورضوانُ احتذى
...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه و بعد:
أسأل الله جل و علا أن يوفقك لما فيه رضاه و يجزيك خيرا على حرصك و لكن في نظري أخي الحبيب أن الإشتغال بغير هذه المنظومة أولى لأمور:
1 - عدم استيعابها لجميع أبواب الإعتقاد و ذلك يجعلها ناقصة لأن الإعتقاد واجب تعلمه في كل أبوابه بالقدر المصحح للعبد من إيمانه و إسلامه.
2 - عدم شهرتها بين أهل العلم فيما أحسب و الإهتمام بالمشهورات أولى.
3 - إيراد صاحبها فيها لبعض عبارات المتكلمين من الأشاعرة و ممن نحا اتجاه المدرسة العقلية البائرة في الصفات و بيان ذلك:
1 - * قال: و بعد فاعلم بوجوب المعرفة من واجب لله عشرين صفة:
أقول: هذه العبارة: واجب الوجوب من الألفاظ المجملة التي تحاشاها السلف و لم تعرف إلا بعد أن دخلت خزعبلات الإغريق و اليونان من كلام و قواعد أرباب الفلاسفة و المناطقة و إن أطلقها شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه فمراده رحمه الله معارضة القوم و إثبات بطلان عقيدتهم و مخاطبة إياهم بما يعقلوه من اصطلاحاتهم.
2 - *قوله: من واجب لله عشرين صفة:
لم أرى فيما أعلم أحد من المحققين من أهل السنة أنه حصر هذه الصفات في عشرين و هذا أقرب إلى مذهب الأشاعرة المتكلمين منه إلى مذهب أهل الحق السائرين على منهج السلف و المسألة تحتاج إلى استقراء فهي غير مسلمة ثم إن النصوص الشرعية دلت على خلاف هذا الحصر ذلك أن المتقرر أن أسماء الله جل و علا كلها متضمنة لأوصاف و قد ثبت بالنص أن من الأسماء تسعة و تسعين اسما حسنا فتكون كلها دالة على صفات هذا في الحسنى منها فكيف بغيرها مما استأثر به الله جل و علا في علمه و أسمائه جل و علا كلها كمالات دالة على أوصاف.
3 - *قوله: فالله موجود قديم باقي .... :
أقول: تقعيد فيه نظر لأنه قال: صفات الله ثم سرد ما جعله أسماء و القاعدة عند أهل السنة أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء و لا يمكن أن يجعل من كل الصفات أسماء و كل الأسماء متضمنة لصفات و لكن مما ينبغي أن يعلم أن باب الأسماء مبني على التوقيف لا الإشتقاق و المتأمل لكلام الناظم يجد أنه افترع من بعض الصفات أسماء منها قوله:
*موجود و قديم: لم يرد في الكتاب و السنة تسمية الباري جل و علا لنفسه بالموجود و في تسمية الله جل و علا بالقديم نزاع بين أهل العلم و الأصوب فيه ثبوت معناه مع المنع من التسمية به.
* و قائم: ليس اسما للباري فيجب العدول عنه و عدم تسمية الله به و الصواب أن اسم الله بل هو من اسمه الأعظم: القيوم.
* مريد: لم ثتبت اسما و إن تضمنت صفة و وجه عدم جواز تسمية الله بها أن المريد لا يمدح دائما على إراداته و الله جل و علا أفعاله كلها أفعال خير و حكمة فاقتضت كمالاته أن لا يسمي نفسه باسم لا تتمحض فيه الكمالات مطلقا.
* متكلم .... :لم يثبت المتكلم اسما لله و لا يجوز تسميته سبحانه بذلك مع ثبوته صفة له جل و علا.
* له سبعة صفات تنتظم: تأصيل أشعري لا يعوّل عليه و تحته تلميح بنفي غيرها من الصفات و هذه الصفات التي تسمى عندهم بالصفات العقلية فالأولى اطراح هذه العبارات و ردّها و من أبين التناقض أنه قال في الأول: عشرون صفة ثم قال هنا: له سبعة صفات و نحن لا نعلم من اللام إلا أنها تفيد القصر و الحصر إذا قدّمت كما هنا.
* قوله في باب الملائكة: عزرائيل: أقول: لم يرد في الكتاب و السنة دليل صحيح يعوّل عليه في تسمية ملك الموت بذلك اللهم إلا بعض الإسرائيليات و هي لا تصح أن تكون قائمة بنفسها فضلا عن أن تثبت بها العقائد.
و في الجملة الذي أعتقده أن العناية بغير هذه المنظومة من الأنظام أولى و أحرى و الله الموفق لا رب سواه و الحمد لله رب العالمين.
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[16 - 05 - 08, 07:28 م]ـ
هذه الأبيات معقودة في عقد الأشعري فلا ينبغي أن تقرر للتدريس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/123)
ـ[أبو زيد الخير]ــــــــ[18 - 05 - 08, 12:02 م]ـ
أحسنتَ و أفدتَ أخي محمد مصطفى بارك الله فيك و وفَّقك لكل خير.
لكن هل فعلاً كل اسم من أسماء الله تعالى الحسنى يدل على صفة لله علية؟
وهل يمكن أن تبيِّن لي بعض كلام العلماء و آراءهم في حكم إطلاق اسم على الله سبحانه و تعالى لم يسمِّ به ذاته العلية.
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[18 - 05 - 08, 02:24 م]ـ
جزاك الله خيرا
في البيت الأول
أبدأ بسم الله والرحمنِ ... وبالرحيم دائم الإحسانِ
يفهم منه من قوله دائم الإحسان تأويل صفة الرحمة بالإحسان وهذا مذهب المتكلمين وغيرهم
في البيت الثاني
الحمدُ للهِ القديمِ الأوَّلِ ... الآخرِ الباقي بلا تحوِّلِ
تسمية الله بالقديم لا يصح وكذلك الباقي وينظر في ذلك أو شرح العقيدة السفارينية وتعليق أئمة الدعوة على تسمية الله بالقديم والباقي
وقوله بلا تحول يريد أهل الكلام بنفي التحول نفي الصفات الاختيارية لله تعالى
وهكذا في كثير من الأبيات فهذه العقيدة ليست سنية بل تقرر مذهب المتكلمين
والله أعلم
ـ[أبو زيد الخير]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:39 م]ـ
لم أفهم كلامك أخي الكريم عبدالباسط حبذا لو تكلمت بوضوح أكثر!!
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:58 م]ـ
جزاك الله خيرا
المتكلمون يقولون المراد بالرحمة إرادة الإحسان
وأما أهل السنة فيثبتون لله صفة الرحمة بما يليق بالله عز وجل ولا يؤولون الرحمة بالإحسان
فلما قال الناظم ... دائم الإحسان
أول الرحمة بالإحسان على طريقة أهل الكلام - وهذا المفهوم من كلامه -
ثانيا: إطلاق اسم الباقي والقديم على الله لا يصح لأن أسماء الله توقيفية
وقوله بلا تحول
أهل الكلام ينفون الصفات الاختيارية أي الفعلية لأن ذلك في مذهبهم يلزم منها التحول أو يسمونها بمسألة حلول الحوادث - هذا ما قصدت والأبيات عليها ملحوظات كثيرة.
والله أعلم(49/124)
نصوص عن السلف الصالح وأهل العلم في إثبات علو الله تعالى على عرشه وأنه فوق سماواته
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[16 - 05 - 08, 05:28 م]ـ
السلام عليكم
هذا منقول من مشاركة لأخونا الفاضل المقدادي من مجلس الألوكة، ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=106) نقلته هنا للفائدة وأيضا لأضيف أي نصوص أخرى اجدها او يجدها غيريز
بسم الله
1 - حميد بن ثور , أبو المثنى الهلالي , ممن أدرك النبي صلى الله عليه و سلم , روى الزبير بن بكار عن أبيه أن حميد بن ثور وفد على بعض بني أمية فقيل ما جاء بك فقال:
أتاكَ بي الله الذي فوق عرشه ** وخيرٌ ومعروفٌ عليك دليل
(تاريخ الإسلام حوادث ووفيات 60 – 81 هـ , ص / 111)
2 - الصحابي الجليل إبن عباس – رضي الله عنهما - حيث روى إنه دخل على عائشة رضي الله عنها وهي تموت فقال لها كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيباً وأنزل براءتك من فوق سبع سماوات. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند حسن).
3 - وقال أيضا: في قوله تعالى (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ): «لم يستطع أن يقول من فوقهم؛ علم أن الله من فوقهم» (رواه اللالكائي في شرح أصول السنة بسند حسن).
4 - أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها. عن أنس رضي الله عنه أنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات. (أخرجه البخاري).
5 - قال الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه: (العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. (أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات بسند حسن).
6 - قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: وأيم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلت – تعني عثمان – ولكن علم الله من فوق عرشه إني لم أحب قتله. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند صحيح).
7 - الصحابي الجليل عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما. عن زيد بن أسلم قال: مر ابن عمر براعٍ فقال هل من جزرة فقال: ليس هاهنا ربها فقال ابن عمر: تقول له أكلها الذئب , قال: فرفع رأسه إلى السماء و قال: فأين الله؟ فقال ابن عمر أنا والله أحق أن أقول اين الله فاشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم. (أخرجه الذهبي في العلو).
8 - التابعي الجليل مسروق. كان مسروق إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها , قال حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرئة من فوق سبع سماوات. (أخرجه الذهبي في العلو وقال إسناده صحيح).
8 - قال أيوب السختياني: إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء. (أخرجه الذهبي في العلو وقال: هذا إسناد كالشمس وضوحاً وكالأسطوانة ثبوتاً عن سيد أهل البصرة وعالمهم).
9 - قال سليمان التيمي رحمه الله: لو سئلت أين الله لقلت في السماء. (أخرجه الذهبي في العلو).
10 - قال عالم خراسان مقاتل بن حيان (ت قبل 150 هـ) في قوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) (المجادلة آية 7): هو على عرشه وعلمه معه. (أخرجه أبو داود في مسائله ص / 263 بسند حسن).
11 - قال الإمام أبو حنيفة: (ت 150هـ): من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض. [الفقه الأبسط ص49، مجموع الفتاوى لابن تيمية ج5 ص48، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص139، العلو للذهبي ص101، 102، العلو لابن قدامة ص116، شرح الطحاوية لابن أبي العز ص301]
12 - قال عالم الشام الإمام الأوزاعي (ت 157 هـ): كنا والتابعون متوافرون نقول: (إن الله عز وجل على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته). (أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات وصححه الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/ 182).
13 - الامام الكبير سفيان الثوري ت (161 هـ) قال معدان: سألت سفيان الثوري عن قوله عز وجل (وهو معكم أينما كنتم) قال: علمه.
(أخرجه الذهبي في السير وإسناده صحيح).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/125)
قلت: كان الجهمية الاوائل يقولون ان الله في كل مكان - تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا - و يستدلون بآيات المعية!! فلما سُئل الامام الثوري اجاب بأن المعية هنا بالعلم , و الامام الثوري يقر بأن الله فوق عرشه قطعا كما نقل ذلك الامام السجزي حيث قال: (وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة وحماد بن زيد والفضيل وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته وأن علمه بكل مكان) (الابانة للسجزي)
14 - قال الإمام مالك (ت 179 هـ): الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء. (أخرجه أبو داوود في مسائله ص / 263 بسند صحيح).
15 - قال الإمام حماد بن زيد (ت 179 هـ): إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله – يعني الجهمية - (أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح).
16 - شيخ الإسلام عبدالله ابن المبارك (ت 181 هـ) قال علي بن حسن بن شقيق: قلت لعبدالله بن المبارك: كيف نعرف ربنا عز وجل؟ قال: بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند صحيح ص / 67).
17 - الامام جرير الضبي محدث الري (ت 188 هـ) قال جرير بن عبدالحميد رحمه الله: كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله. (أخرجه الذهبي في العلو بسند جيد).
18 - قال الإمام عبدالرحمن بن مهدي (ت 198 هـ): أن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى , وأن يكون على العرش , أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. (أخرجه الذهبي في العلو وقال نقله غير واحد بإسناد صحيح).
19 - أبو معاذ البلخي (ت 199 هـ) قال أبو قدامة السرخسي: سمعت أبا معاذ خالد بن سليمان بفرغانة يقول: (كان جهم على معبر ترمذ , وكان فصيح اللسان ولم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم فكلم السمنية فقالوا له صف لنا ربك الذي تعبده فدخل البيت لا يخرج منه , ثم خرج إليهم بعد أيام فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء فقال أبو معاذ البلخي رحمه الله: (كذب عدو الله بل الله عز وجل على العرش كما وصف نفسه). (أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح).
20 - الامام منصور بن عمار (ت 200 هـ). كتب بشر المريسي إلى منصور بن عمار يسأله عن قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ فكتب إليه (استواؤه غير محدود والجواب به تكلف , مساءلتك عنه بدعة , والإيمان بجملة ذلك واجب). (تاريخ الإسلام حوادث ووفيات (191 – 200 هـ) ص / 413).
21 - الإمام الشافعي (ت 204 هـ). قال رحمه الله: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها , أهل الحديث الذين رأيتهم فأخذت عنهم مثل: سفيان ومالك وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء. (وصية الإمام الشافعي ص / 53 – 54).
22 - وقال أيضاً: (وأن الله عز وجل يرى في الآخرة ينظر إليه المؤمنين أعياناً جهاراً ويسمعون كلامه وأنه فوق العرش). (وصية الإمام الشافعي ص / 38 – 39).
23 - قال يزيد بن هارون الواسطي (ت 206 هـ): من زعم أن (الرحمن على العرش استوى) على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي. (أخرجه أبو داوود في المسائل ص / 268 بسند جيد).
24 - ذكر الامام سعيد بن عامر الضبعي (ت 208 هـ) الجهمية فقال: هم شر قول من اليهود والنصارى , قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين , على أن الله عز وجل على العرش وقالوا هم ليس على شيء. (كتاب العلو للذهبي)
25 - الامام القعنبي (ت 221 هـ). قال بنان بن أحمد كنا عند القعنبي رحمه الله فسمع رجلاً من الجهمية يقول: (الرحمن على العرش استوى) فقال القعنبي من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقر في قلوب العامة فهو جهمي. (كتاب العلو للذهبي)
26 - الامام عاصم بن علي – شيخ الإمام البخاري – ت (221 هـ). قال رحمه الله: ناظرت جهماً فتبين من كلامه أنه لا يؤمن أن في السماء رباً. (كتاب العلو)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/126)
27 - الامام هاشم بن عبيد الله الرازي (ت 221 هـ). قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي سمعت أبي يقول: سمعت هشام بن عبيدالله الرازي – وحبس رجلاً في التجهم فتاب فجىء به إليه ليمتحنه – فقال له: أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟ فقال لا أدري ما بائن من خلقه , فقال: ردوه فإنه لم يتب بعد. (العلو)
28 - بشر الحافي (ت 227 هـ) قال حمزة بن دهقان قلت لبشر بن الحارث أحب أن اخلوا معك , قال: إذا شئت فيكون يوماً فرأيته قد دخل قبةً فصلى فيها أربعة ركعات لا أحسن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده: اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف , اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى , اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أؤثر على حبك شيئاً , فلما سمعته أخذنا الشهيق والبكاء فقال: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم إن هذا هاهنا لم أتكلم. (السير 10 / ص 473).
29 - قال محمد بن مصعب العابد (ت 228 هـ): (من زعم انك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك , أشهد أنك فوق العرش , فوق سبع سماوات , ليس كما تقولوا أعداء الله الزنادقة. (أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح).
30 - قال الامام الحافظ نعيم بن حماد الخزاعي (ت 228 هـ): أخبرنا أبو صفوان الأموي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن كعب قال قال الله في التوراة أنا الله فوق عبادي وعرشي فوق جميع خلقي وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي لا يخفى علي شيء من أمر عبادي في سمائي ولا أرضي وإلي مرجع خلقي فأنبئهم بما خفي عليهم من علمي أغفر لمن شئت منهم بمغفرتي وأعاقب من شئت بعقابي)
31 - الامام لغوي زمانه أبو عبدالله ابن الأعرابي (ت 231 هـ). قال داوود بن علي كنا عند ابن الأعرابي فآتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ما معنى قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) , قال: هو على عرشه كما هو , فقال الرجل ليس كذلك! إنما معناه استولى , فقال: اسكت ما يدريك ما هذا , العرب لا تقول للرجل استولى على شيء حتى يكون له فيه مضاد فأيهما غلب قيل استولى والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر. ثم قال الإستيلاء بعد المغالبة. (أخرجه الذهبي في العلو وصححه الألباني).
32 - أبو معمر القطيعي (ت 236 هـ) قال رحمه الله: آخر كلام الجهمية انه ليس في السماء إله. (أخرجه الذهبي في العلو)
33 - قال الامام الحافظ إسحاق بن راهويه - شيخ البخاري و مسلم - (ت 238 هـ): قال الله تعالى (الرحمن على العرش استوى) إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى , ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة. (العلو ص / 1128).
34 - قال الامام قتيبة بن سعيد (240 هـ): هذا قول الأئمة في الإسلام السنة والجماعة: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال جل وعلى (الرحمن على العرش استوى).
35 - قال الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) في الرد على الجهمية: (فَقُلْنَا لِهمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ, وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (الرحمن على العرش استوى)
وقال: (خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) 3
36 - و قال في موضع اخر: (و قد اخبرنا انه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)
(أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)
وقال: (إليه يصعد الكلم الطيب)
وقال: (إني متوفيك ورافعك إلي)
وقال: (بل رفعه الله إليه)
وقال: (يخافون ربهم من فوقهم)
وقال: (وهو القاهر فوق عباده)
وقال: (وهو العلي العظيم)
فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ, أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ, وَوَجَدْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَسْفَلَ مِنْهُ مَذْمُومًا, يَقُولُ اللَّهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ -: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) (الرد على الجهمية و الزنادقة)
37 - و ايضا: قال ابو بكر الأثرم وحدثني محمد بن ابراهيم القيسي قال قلت لأحمد ابن حنبل يحكى عن ابن المبارك انه قيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه قال احمد هكذا هو عندنا
(اثبات صفة العلو للحافظ ابن قدامة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/127)
38 - قال الإمام الرباني محمد بن أسلم الطوسي (ت 242 هـ): قال لي عبدالله بن طاهر بلغني أنك ترفع رأسك إلى السماء فقلت ولم؟ وهل أرجوا الخير إلا ممن هو في السماء. (أخرجه الذهبي في العلو).
39 - قال الزاهد الحارث بن أسد المحاسبي (ت 243 هـ): (وأما قوله: (الرحمن على العرش استوى)
(وهو القاهر فوق عباده) و (أأمنتم من في السماء- و ساق ادلة الفوقية و العلو - ثم قال:
وهذه توجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد به بنفسه فوق عباده لأنه قال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) يعني فوق العرش والعرش على السماء لأن من كان فوق كل شيء على السماء في السماء) (كتاب العقل و فهم القرآن ص 355 , تحقيق القوتلي)
40 - قال الامام الكبير عبدالوهاب الوراق (ت 250 هـ): من زعم أن الله هاهنا فهو جهمي خبيث , أن الله عز وجل فوق العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة (العلو).
عقب الامام الذهبي بقوله: (كان عبد الوهاب ثقة حافظا كبير القدر حدث عنه أبو داود والنسائي والترمذي قيل للإمام أحمد رضي الله عنه من نسأل بعدك فقال سلوا عبد الوهاب وأثنى عليه)
41 - قال الإمام الحافظ الحجة أبو عاصم خشيش بن أصرم المتوفى سنة 253 للهجرة - شيخ أبي داود والنسائي - في كتابه الإستقامة:
((وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض:
بقوله: ((إني متوفيك ورافعك إلي وطهرك من الذين كفروا)) وقوله: ((وما قتلوه يقيناً))
وقوله: ((بل رفعه الله إليه))
وقال: ((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه))
وقوله: ((إليه يصعد الكلم الطيب))
وذكر أكثر من 75 دليل من القرآن مثل ((ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور () أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)) ثم قال:
لو كان في الأرض كما هو في السماء لم ينزل من السماء إلى الأرض شيء ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من الأرض إلى السماء، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله في السماء دون الأرض ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.)) نقله بنصه الملطي الشافعي مرتضياً له في التنبيه والرد ص104.
42 - الامام البخاري (ت256هـ): قال رحمه الله في آخر الجامع الصحيح في كتاب الرد على الجهمية باب قوله تعالى وكان عرشه على الماء:
قال أبو العالية استوى إلى السماء إرتفع
وقال مجاهد في استوى علا على العرش)
43 - و قال ايضا في كتابه خلق أفعال العباد:
(باب ما ذكر أهل العلم للمعطلة الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله
- قال حماد بن زيد: "القرآن كلام الله نزل به جبرائيل، ما يجادلون إلا أنه ليس في السماء إله" ص8
- قال ابن المبارك: "لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا، بل على العرش استوى" وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ قال: " فوق سماواته على عرشه " ص8
- قال سعيد بن عامر: " الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على شيء " ص9)
44 - إمام خراسان الذهلي (ت 258 هـ): قال الحاكم قرأت بخط أبي عمرو المستملي سئل محمد بن يحيى عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي ليعلم العبد أن الله معه حيث كان فقال يريد أن الله علمه محيط بكل ما كان وا لله على العرش) (العلو للذهبي ص186)
نكمل ما بدأناه من نقل أقوال أئمة اهل السنة و الجماعة في علو الله على عرشه و على خلقه:
45 - إمام خراسان الامام الذهلي (ت 258 هـ): قال الحاكم قرأت بخط أبي عمرو المستملي سئل محمد بن يحيى عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي ليعلم العبد أن الله معه حيث كان فقال يريد أن الله علمه محيط بكل ما كان والله على العرش (العلو للذهبي ص186)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/128)
46 - الامام الكبير أبو زرعة الرازي (ت 264 هـ) قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين , وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان في ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار – حجازاً وعراقاً ويمناً – فكان من مذهبهم وأن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف , أحاط بكل شيء علماً , (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). (كتاب شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي , 1 / ص 198).
47 - الامام اللغوي ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) قال: (والأمم كلها عربيها وعجميها تقول إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم وفي الحديث إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله تعالى فقالت في السماء قال فمن أنا قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام هي مؤمنة (كتاب تأويل مختلف الحديث ص 272)
48 - و قال ايضا في موضع اخر: (وكيف يسوغ لأحد أن يقول إنه بكل مكان على الحلول مع قوله (الرحمن على العرش استوى) أي استقر كما قال (فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك) أي استقررت ومع قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعلم الصالح يرفعه) وكيف يصعد إليه شيء هو معه أو يرفع إليه عمل وهو عنده وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة وتعرج بمعنى تصعد يقال عرج إلى السماء إذا صعد والله عز وجل ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق)
49 - الحافظ الكبير إمام اهل الجرح و التعديل أبي حاتم محمد بن ادريس الحنظلي الرازي (277 هـ): قال الحافظ أبو القاسم الطبري وجدت في كتاب أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي مما سمع منه يقول مذهبنا وإختيارنا: إتباع رسول الله وأصحابه والتابعين من بعدهم والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد رحمهم الله تعالى ولزوم الكتاب والسنة ونعتقد أن الله عزوجل على عرشه بائن من خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (أخرجه الذهبي في العلو).
50 - قال الإمام أبو عيسى الترمذي (ت 279 هـ): وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه. (جامع الترمذي).
51 - قال أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني (ت280 هـ) في مسائله التي نقلها عن أحمد بن إسحاق وغيرهما: (وهو سبحانه بائن من خلقه ولا يخلو من علمه مكان , ولله العرش وللعرش حملة يحملونه.- الى ان قال - والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده ولا إله غيره). (درء تعارض العقل والنقل 2 / ص 22 – 23).
52 - قال الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي (ت 280 هـ): (قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته) , (كتاب نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد). قال الذهبي معلقاً: كان عثمان الدارمي جذعاً في أعين المبتدعة. (كتاب السير , 13/ 322)
53 - ابو العباس ثعلب إمام العربية (ت 291 هـ): قال الحافظ أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة: وجدت بخط أبي الحسن الدارقطني رحمه الله، عن إسحاق الهادي، قال: سمعت أبا العباس ثعلبا يقول: استوى: أقبل عليه وإن لم يكن معوجا (ثم استوى إلى السماء) أقبل (و استوى على العرش): علا واستوى وجهه: اتصل واستوى القمر: امتلأواستوى زيد وعمرو تشابها واستوى فعلاهما وإن لم تتشابه شخوصهما هذا الذي يعرف من كلام العرب) (شرح اعتقاد اهل السنة و الجماعة للامام اللالكائي 3\ 443)
54 - الامام الحافظ الكبير مسند العصر أبو مسلم الكجي الحافظ (ت 292 هـ) , روى قصة ملخصها ما قاله:
(خرجت فإذا الحمام قد فتح سحرا فقلت للحمامي أدخل أحد قال لا فدخلت فساعة افتتحت الباب قال لي قائل أبو مسلم أسلم تسلم ثم أنشأ يقول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/129)
لك الحمد إما على نعمة ... وإما على نقمة تدفع
تشاء فتفعل ما شئته ... وتسمع من حيث لا نسمع
قال فبادرت وخرجت وأنا جزع فقلت للحمامي أليس زعمت أنه ليس في الحمام أحد قال ذاك جني يتزايا لنا في كل حين وينشدنا فقلت هل عندك من شعره شيء قال نعم وأنشدني:
أيها المذنب المفرط مهلا ... كم تمادى وتكسب الذنب جهلا
كم وكم تسخط الجليل بفعل ... سمج وهو يحسن الصنع فعلا
كيف تهدي جفون من ليس يدري ... أرضي عنه من على العرش أم لا) (رواه الذهبي في العلو بسنده و صححه الالباني)
55 - عمرو بن عثمان المكي (ت 297 هـ) صنف كتاباً سماه (التعرف بأحوال العباد والمتعبدين) قال باب ما يجيب الشيطان للتائبين فذكر في التوحيد , فقال: من أعظم ما يوسوس في التوحيد بالتشكل أو في صفات الرب بالتمثيل والتشبيه أو بالجحد لها والتعطيل فقال بعد ذكر حديث الوسوسة:
(فلا تذهب فى أحد الجانبين لا معطلا ولا مشبها وأرض لله بما رضى به لنفسه وقف عند خبره لنفسه مسلما مستسلما مصدقا بلا مباحثة التنفير ولا مناسبة التنقير الى أن قال فهو تبارك وتعالى القائل انا الله لا الشجرة الجائى قبل أن يكون جائيا لا أمره المتجلى لأوليائه فى المعاد فتبيض به وجوههم وتفلج به على الجاحدين حجتهم المستوى على عرشه بعظمة جلاله فوق كل مكان تبارك و تعالى.)
56 - و قال ايضا: (النازل كل ليلة الى سماء الدنيا ليتقرب اليه خلقه بالعبادة وليرغبوا اليه بالوسيلة القريب فى قربه من حبل الوريد البعيد فى علوه من كل مكان بعيد ولا يشبه بالناس.
الى أن قال: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه القائل أأمنتم من فى السماء ان يخسف بكم الأرض فإذا هى تمور
أم أمنتم من فى السماء أن يرسل عليكم حاصبا تعالى وتقدس أن يكون فى الأرض كما هو فى السماء جل عن ذلك علوا كبيرا أهـ (مجموع الفتاوى 5/ 62)
57 - الامام الحافظ ابن أبي شيبة (ت 297 هـ) قال في كتابه العرش: فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصاً من خلقه بائناً منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه. (كتاب العرش 51)
58 - قال الإمام المحدث زكريا الساجي (ت 307 هـ) القول في السنة التي رأيت عليها أهل الحديث الذين لقيتهم أن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء. (تذكر الحفاظ ص 710).
59 - قال الإمام الحافظ شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): في تفسير قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم , وهو على عرشه فوق سماواته السبع. (تفسير الطبري 27/ 216)
60 - و قال رحمه الله في تفسيره: (وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه: {ثم استوى إلى السماء فسواهن} علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات)
61 - و قال رحمه الله في تفسيره لسورة الملك (({أم أمنتم من في السماء} وهو الله))
62 - و قال ايضا رحمه الله: (وعني بقوله: {هو رابعهم} بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه)
63 - وقال ايضا في تفسير سورة المعارج ((يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والروح، وهو جبريل عليه السلام إليه، يعني إلى الله عز و جل))
64 - قال ابن الأخرم (ت 311 هـ): الله تعالى على العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة. (تذكر الحفاظ / 747)
65 - قال إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله (ت 311 هـ): من لم يقر بإن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سماواته فهو كافر بربه , يستتاب فإن تاب وألا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بالنتن ريحة جيفته , وكان ماله فيئاً لا يرثه أحد من المسلمين إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم. (كتاب التوحيد)
66 - نفطويه شيخ العربية (ت 323 هـ): صنف الإمام أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي نفطويه كتابا في الرد على الجهمية وذكر فيه أشياء منها قول ابن العربي الذي مضى ثم قال وسمعت داود بن علي يقول كان المريسي لا رحمه الله يقول سبحان ربي الأسفل , قال: وهذا جهل من قائله ورد لنص كتاب الله إذ يقول (أأمنتم من في السماء) (العلو للذهبي)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/130)
67 - الامام أبو الحسن الأشعري إمام الفرقة الأشعرية (ت 324 هـ) قال في كتابه الإبانة: (فإن قال قائل ما تقولون في الإستواء؟ قيل: نقول إن الله مستو على عرشه كما قال (الرحمن على العرش استوى) وقال: (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال: (بل رفعه الله إليه) , وقال حكاية عن فرعون (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا)
كذّب موسى في قوله إن الله فوق السموات , وقال عزوجل: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) فالسموات فوقها العرش فلما كان العرش فوق السموات وكل ما علا فهو سماء وليس إذا قال (أأمنتم من في السماء) يعني جميع السموات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات ألا ترى أنه ذكر السموات فقال وجعل القمر فيهن نورا ولم يرد أنه يملأهن جميعا)
68 - و قال في موضع اخر: (ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله مستو على العرش الذي هو فوق السماوات فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية إن معنى استوى إستولى وملك وقهر وأنه تعالى في كل مكان وجحدوا أن يكون على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الإستواء إلى القدرة فلو كان كما قالوا كان لا فرق بين العرش وبين الأرض السابعة لأنه قادر على كل شيء والأرض شيء فالله قادر عليها وعلى الحشوش , وكذا لو كان مستويا على العرش بمعنى الإستيلاء لجاز أن يقال هو مستو على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول إن الله مستو على الأخلية والحشوش فبطل أن يكون الإستواء الإستيلاء) (الإبانة للأشعري و ذكر نحوه عدد من اهل العلم كالذهبي و غيره و ذكر انه شهره الحافظ ابن عساكر , و هذا الكتاب مرجع للاشعرية عند دفاعهم عن امامهم , و ممن نقل هذا الكلام منه من المتأخرين: الامام مرعي الكرمي – ت1033 هـ-
69 - و قال في كتابه الذي سماه إختلاف المضلين ومقالات الإسلاميين فذكر فرق الخوارج والروافض والجهمية وغيرهم إلى أن قال: ذكر مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث جملة قولهم الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله .. الى ان قال: وإنه على العرش كما قال: (الرحمن على العرش استوى) ولا نتقدم بين يدي الله بالقول بل نقول استوى بلا كيف) (قال الذهبي: نقلها ابن فورك بهيئتها في كتابه المقالات و الخلاف بين الاشعري و ابن كلاب)
70 - - شيخ الحنابلة الامام أبو الحسن علي البربهاري (ت 329 هـ) قال: (وهو على عرشه استوى وعلمه بكل مكان ولا يخلو من علمه مكان) (شرح السنة للبربهاري ص1)
71 - الوزير علي بن عيسى (ت 334 هـ): قال محمد بن علي بن حبيش: دخل أبو بكر الشبلي رحمه الله دار المرضى ليعالج فدخل عليه الوزير بن عيسى عائدا فقال الشبلي ما فعل ربك؟ قال: الرب عز وجل في السماء يقضي ويمضي. (العلو 1258)
72 - العلامة الفقيه أبوبكر الصبغي (ت 342 هـ) قال رحمه الله: قد تضع العرب في موضع على قال الله تعالى (فسيحوا في الأرض) وقال (ولأصلبنكم في جذوع النخل) ومعناه على الأرض وعلى النخل فكذلك قوله (من في السماء) أي من على العرش كما صحت الأخبار عن رسول الله (كتاب العلو ص1264)
73 - شيخ المالكية العلامة ابو إسحاق محمد بن القاسم ابن شعبان المالكي (ت355 هـ):
قال الذهبي رأيت له تأليفا في تسمية الرواة عن مالك، أوله (أوله: الحمد لله الحميد، ذي الرشد والتسديد، والحمد لله أحق مابدي، وأولى من شكر الواحد الصمد، جل عن المثل فلا شبه له ولا عدل، عال على عرشه، فهو دان بعلمه، وذكر باقي الخطبة، ولم يكن له عمل طائل في الرواية. (السير 16/ 79)
74 - قال الإمام أبوبكر الآجري (ت 360 هـ) في كتابه الشريعة: والذي يذهب به أهل العلم أن الله عز وجل على عرشه فوق سماواته وعلمه محيط بكل شيء. (كتاب الشريعة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/131)
75 - وفي موضع آخر قال: (وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله تبارك وتعالى في السماء على عرشه وعلمه محيط بجميع خلقه) ثم ذكر آيات دالة على العلو وذكر جملة من الأحاديث إلى أن قال: (هذه السنن قد اتفقت معانيها , ويصدق بعضها بعضاً وكلها تدل على من قلنا أن الله عز وجل على عرشه فوق سماواته وقد أحاط علمه بكل شيء وانه سميع بصير عليم خبير.)
و قال ايضا في موضع اخر من كتابه الشريعة:
76 - (وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا في السجود: [سبحان ربي الأعلى ثلاثا]
وهذا كله يقوي ما قلنا: أن الله عز وجل العلي الأعلى: على عرشه فوق السموات العلا وعلمه محيط بكل شيء خلاف ما قالته الحلولية نعوذ بالله من سوء مذهبهم) ص 295
77 - الحافظ الامام أبو الشيخ (ت 369 هـ) , قال في كتاب العظمة: له ذكر عرش الرب تبارك وتعالى وكرسيه وعظم خلقهما و علو الرب فوق عرشه. ثم ساق جملة من الأحاديث في ذلك. (العظمة 2/ 543).
78 - قال العلامة أبوبكر الإسماعيلي (ت 371 هـ) في كتاب إعتقاد أئمة الحديث ص 50: يعتقدون إن الله تعالى ... استوى على العرش , بلا كيف , إن الله انتهى من ذلك إلى إنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه.
79 - أبو الحسن بن مهدي المتكلم (ت 380 هـ) تلميذ الأشعري , قال في كتابه مشكل الآيات: في باب قوله (الرحمن على العرش استوى)
(أعلم أن الله في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه ومعنى الإستواء الإعتلاء كما تقول العرب إستويت على ظهر الدابة وإستويت على السطح بمعنى علوته وإستوت الشمس على رأسي واستوى الطير على قمة رأسي بمعنى علا في الجو فوجد فوق رأسي)
80 - و قال ايضا: (فالقديم جل جلاله عال على عرشه , يدلك على أنه في السماء عال على عرشه قوله: (أأمنتم من في السماء) وقوله: (يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) وقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب وقوله ثم يعرج إليه)
(العلو للذهبي , و كذا كتاب الكلمات الحسان نقله صاحبه عن المخطوط الأصلي لكتاب أبي الحسن بن مهدي الموجود في مكتبة طلعت في مصر ورقة 132)
81 - قال الإمام الزاهد أبو عبدالله بن بطة العكبري (ت 387 هـ): أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية.)
82 - و قال في موضع اخر: (و قال: (الرحمن على العرش استوى) فهذا خبر الله أخبر به عن نفسه , و أنه على العرش. (المختار من الإبانة
83 - و قال أيضا في موضع آخر: (و قال (يخافون ربهم من فوقهم) فأخبر انه فوق الملائكة , و قد أخبرنا الله تعالى انه في السماء على العرش , أوَ مَا سمع الحلولي قول الله تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)}) (المختار من الإبانة 3\ 136 - 144)
84 - و قال ايضا: (وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ0) (متن كتاب الشرح و الإبانة)
قال الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن بطة: (كان إماما في السنة) لسان الميزان (4\ 113)
85 - الإمام أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي (ت 386 هـ) , قال في كتابه الجامع (ص 139 – 141) (مما اجتمعت الأئمة عليه من أمور الديانة ومن السنن التي خلافها بدعه وضلالة أن الله تبارك وتعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه وإنه في كل مكان بعلمه.)
ثم قال في آخره: وكل هذا قول مالك، فمنه منصوص من قوله ومنه معلوم من مذهبه
86 - وقال رحمه الله في أول رسالته المشهور في مذهب الإمام مالك (وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو بكل مكان بعلمه). (مقدمة ابن أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة ص 56).
قال الحافظ الذهبي عن الإمام ابن أبي زيد القيرواني: (وكان رحمه الله على طريقة السلف في الاصول، لا يدري الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق.) السير (12\ 17)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/132)
87 - الإمام الحافظ محدث الشرق ابن مندة (ت 395 هـ) قال في كتابه التوحيد: ذكرُ الآي المتلوة والأخبار المأثورة في أن الله عز وجل على العرش فوق خلقه بائن عنهم وبدء خلق العرش والماء. ثم ذكر ثلاث آيات في استواء الرحمن على العرش. (3\ 185)
88 - وقال رحمه الله: ذكر الآيات المتلوة والأخبار المأثورة بنقل الرواة المقبولة التي تدل على أن الله تعالى فوق سماواته وعرشه وخلقه قاهراً لهم عالماً بهم. ثم ذكر آيات دالة على العلو وساق جملة من الأحاديث في ذلك. (كتاب التوحيد 3/ 185 – 190).
89 - الإمام ابن أبي زمنين (ت 399 هـ) قال: ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والإرتفاع فوق جميع ما خلق وسبحان من بَعُدَ فلا يُرى وقَرُبَ بعلمه فسمع النجوى. (أصول السنة ص / 88).
90 - قال القاضي أبوبكر محمد بن الطيب الباقلاني الأشعري (403 هـ) في كتاب التمهيد: فإن قالوا فهل تقولون إنه في كل مكان قيل معاذ الله بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى). (التمهيد ص / 260)
91 - ثم قال في موضع آخر: ولا يجوز أن يكون معنى استواؤه على العرش هو استيلاؤه عليه؛ لأن الإستيلاء هو القدرة والقهر والله تعالى لم يزل قادراً قاهراً عزيزاً مقتدراً. (التمهيد ص\260 – 262)
قال الحافظ الذهبي معلقا على كلام الباقلاني
(فهذا النفس نفس هذا الإمام وأين مثله في تبحره وذكائه وبصره بالملل والنحل فلقد امتلأ الوجود بقوم لا يدرون ما السلف ولا يعرفون إلا السلب ونفي الصفات وردها صم بكم غتم عجم يدعون إلى العقل ولا يكونون على النقل فإنا لله وإنا إليه راجعون) العلو
92 - الشيخ العلامة أبوبكر بن محمد ابن موهب المالكي (ت 406 هـ) قال في شرحه لرسالة الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني: (أما قوله إنه فوق عرشه المجيد بذاته , فمعنى فوق وعلى عند جميع العرب واحد وبالكتاب والسنة تصديق ذلك.
93 - وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرة المنتهى
إلى أن قال: (وقد تأتي لفظة في في لغة العرب بمعنى فوق كقوله فأمشوا في مناكبها و في جذوع النخل و أأمنتم من في السماء قال أهل التأويل يريد فوقها وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي أن الله في السماء يعني فوقها وعليها فلذلك قال الشيخ أبو محمد إنه فوق عرشه ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته لا تحويه الأماكن وأنه أعظم منها)
94 - و قال ايضا: (ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته، لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف، وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته، لا تحويه الأماكن وأنه أعظم منها، وقد كان ولا مكان .... )، نقله عنه الحافظ الذهبي في كتاب العلو ص 264
قلت: و العلامة ابن موهب من أخص تلامذة الامام ابن أبي زيد و هو أعرف بأقواله من المتأخرين الذين حرّفوا كلام الامام ابن ابي زيد بكل صفاقة و الله المستعان
94 - الإمام العارف معمر بن أحمد بن زياد الأصبهاني (ت418 هـ) قال في وصيته لأصحابه: " وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل والاستواء معقول والكيف فيه مجهول. وأنه عز وجل مستو على عرشه بائن من خلقه والخلق منه بائنون ; بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة ; لأنه الفرد البائن من الخلق الواحد الغني عن الخلق) (الفتوى الحموية لابن تيمية)
95 - الإمام الحافظ أبو القاسم اللالكائي (ت418 هـ): قال رحمه الله في كتابه النفيس شرح أصول اعتقاد اهل السنة: (سياق ما روي في قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) وأن الله على عرشه في السماء وقال عز وجل (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) وقال: (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) فدلت هذه الآيات أنه تعالى في السماء وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه. وروى ذلك من الصحابة: عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأم سلمة ومن التابعين: ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسليمان التيمي، ومقاتل بن حيان وبه قال من الفقهاء: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل) (شرح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/133)
أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة 3\ 429 - 430)
96 - السلطان العادل يمين الدولة محمود سبكتكين (ت421 هـ) , قال أبو علي بن البناء: حكى علي بن الحسين العكبري أنه سمع أبا مسعود أحمد بن محمد البجلي قال: دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لان لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن جاز أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت.
فقال السلطان: ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه.
فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات , فيقال: انشقت مرارته.) (سير أعلام النبلاء 17\ 487)
97 - المفسر الأصولي يحيي بن عمار (ت 422 هـ) , قال رحمه الله: (كل مسلم من أول العصر الى عصرنا هذا اذا دعا الله سبحانه رفع يديه الى السماء. و المسلمون من عهد النبي صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا يقولون في الصلاة ما أمرهم الله به في قوله: (سبح اسم ربك الأعلى) – الى ان قال:
و نقول: هو بذاته على العرش , و علمه محيط بكل شيء)
98 - و قال ايضا: (و لا نقول كما قالت الجهمية انه مداخل للأمكنة و ممازج لكل شيء و لا نعلم أين هو؟ بل نقولُ هو بذاته على العرش و علمه محيط بكل شيء و علمه و سمعه و بصره و قدرته مدركة لكل شيء و ذلك معنى قوله: (و هو معكم أين ما كنتم) فهذا الذي قلناه هو ما قاله الله و قاله الرسول (الحجة في بيان المحجة 2\ 106 – 107)
99 - الامام الحافظ أبوعمر الطلمنكي المالكي (ت429 هـ) , قال في كتابه الوصول الى معرفة الأصول: (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله (وهو معكم أينما كنتم) ونحو ذلك من القرآن أنه علمه وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء) (العلو للذهبي و اجتماع الجيوش لابن القيم)
100 - و قال ايضا في نفس الكتاب: (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله استوى على عرشه بذاته) (اجتماع الجيوش لابن القيم)
101 - وقال في هذا الكتاب أيضا: (أجمع أهل السنة على أنه تعالى استوى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز) ثم ساق بسنده عن مالك قوله: (الله في السماء وعلمه في كل مكان)
قال الامام الذهبي: (كان الطلمنكي من كبار الحفاظ وأئمة القراء بالأندلس)
102 - الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني الشافعي (ت430 هـ) مصنف حلية الأولياء, قال في كتاب الإعتقاد له: (طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ومما اعتقدوه أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة لا يزول ولا يحول لم يزل عالما بعلم بصيرا ببصر سميعا بسمع متكلما بكلام ثم أحدث الأشياء من غير شيء وأن القرآن كلام الله وكذلك سائر كتبه المنزلة كلامه غير مخلوق وأن القرآن في جميع الجهات مقروءا ومتلوا ومحفوظا ومسموعا ومكتوبا وملفوظا كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة وأنه بألفاظنا كلام الله غير مخلوق وأن الواقفة واللفظية من الجهمية وأن من قصد القرآن بوجه من الوجوه يريد به خلق كلام الله فهو عندهم من الجهمية وأن الجهمي عندهم كافر إلى أن قال وأن الأحاديث التي ثبتت في العرش وإستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه) (العلو للذهبي ص 243)
103 - وقال رحمه الله فى كتابه محجة الواثقين ومدرجة الوامقين تأليفه: (وأجمعوا أن الله فوق سمواته عال على عرشه مستو عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية أنه بكل مكان خلافا لما نزل فى كتابه أأمنتم من فى السماء اليه يصعد الكلم الطيب الرحمن على العرش استوى (مجموع الفتاوى لابن تيمية 5/ 60)
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[16 - 05 - 08, 05:35 م]ـ
104. قال أحمد بن علي بن عبد الله المقرىء أبو الخطاب البغدادي الصوفي (ت 476 هـ) في قصيدته في السنة:
وإن كتاب الله ليس بمحدثٍ ... على ألسن تتلو، وفي الصدر يجمعُ
وما كتب الحفاظ في كل مصحفٍ ... كذلك إن أبصرتَ، أو كنت تسمعُ
وللجبل الرحمن لما بدا له ... تدكدك خوفاً كالشظى يتقطعُ
وكلّمَ موسى ربه فوق عرشه ... على الطور تكليماً، فما زال يخضعُ
(نقلها الإمام ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة في سيرة الإمام أحمد بن علي بن عبد الله المقرىء رحمه الله)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/134)
ـ[أبو سنان الحراني]ــــــــ[16 - 05 - 08, 09:15 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 03:09 ص]ـ
السلام عليكم
هذا منقول من مشاركة لأخونا الفاضل المقدادي من مجلس الألوكة، ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=106) نقلته هنا للفائدة وأيضا لأضيف أي نصوص أخرى اجدها او يجدها غيريز
بسم الله
1 - حميد بن ثور , أبو المثنى الهلالي , ممن أدرك النبي صلى الله عليه و سلم , روى الزبير بن بكار عن أبيه أن حميد بن ثور وفد على بعض بني أمية فقيل ما جاء بك فقال:
أتاكَ بي الله الذي فوق عرشه ** وخيرٌ ومعروفٌ عليك دليل
(تاريخ الإسلام حوادث ووفيات 60 – 81 هـ , ص / 111)
2 - الصحابي الجليل إبن عباس – رضي الله عنهما - حيث روى إنه دخل على عائشة رضي الله عنها وهي تموت فقال لها كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيباً وأنزل براءتك من فوق سبع سماوات. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند حسن).
3 - وقال أيضا: في قوله تعالى (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ): «لم يستطع أن يقول من فوقهم؛ علم أن الله من فوقهم» (رواه اللالكائي في شرح أصول السنة بسند حسن).
4 - أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها. عن أنس رضي الله عنه أنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات. (أخرجه البخاري).
5 - قال الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه: (العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. (أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات بسند حسن).
6 - قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: وأيم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلت – تعني عثمان – ولكن علم الله من فوق عرشه إني لم أحب قتله. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند صحيح).
7 - الصحابي الجليل عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما. عن زيد بن أسلم قال: مر ابن عمر براعٍ فقال هل من جزرة فقال: ليس هاهنا ربها فقال ابن عمر: تقول له أكلها الذئب , قال: فرفع رأسه إلى السماء و قال: فأين الله؟ فقال ابن عمر أنا والله أحق أن أقول اين الله فاشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم. (أخرجه الذهبي في العلو).
8 - التابعي الجليل مسروق. كان مسروق إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها , قال حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرئة من فوق سبع سماوات. (أخرجه الذهبي في العلو وقال إسناده صحيح).
8 - قال أيوب السختياني: إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء. (أخرجه الذهبي في العلو وقال: هذا إسناد كالشمس وضوحاً وكالأسطوانة ثبوتاً عن سيد أهل البصرة وعالمهم).
9 - قال سليمان التيمي رحمه الله: لو سئلت أين الله لقلت في السماء. (أخرجه الذهبي في العلو).
10 - قال عالم خراسان مقاتل بن حيان (ت قبل 150 هـ) في قوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) (المجادلة آية 7): هو على عرشه وعلمه معه. (أخرجه أبو داود في مسائله ص / 263 بسند حسن).
11 - قال الإمام أبو حنيفة: (ت 150هـ): من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض. [الفقه الأبسط ص49، مجموع الفتاوى لابن تيمية ج5 ص48، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص139، العلو للذهبي ص101، 102، العلو لابن قدامة ص116، شرح الطحاوية لابن أبي العز ص301]
12 - قال عالم الشام الإمام الأوزاعي (ت 157 هـ): كنا والتابعون متوافرون نقول: (إن الله عز وجل على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته). (أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات وصححه الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/ 182).
13 - الامام الكبير سفيان الثوري ت (161 هـ) قال معدان: سألت سفيان الثوري عن قوله عز وجل (وهو معكم أينما كنتم) قال: علمه.
(أخرجه الذهبي في السير وإسناده صحيح).
14 - قال الإمام مالك (ت 179 هـ): الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء. (أخرجه أبو داوود في مسائله ص / 263 بسند صحيح).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/135)
15 - قال الإمام حماد بن زيد (ت 179 هـ): إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله – يعني الجهمية - (أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح).
16 - شيخ الإسلام عبدالله ابن المبارك (ت 181 هـ) قال علي بن حسن بن شقيق: قلت لعبدالله بن المبارك: كيف نعرف ربنا عز وجل؟ قال: بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه. (أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية بسند صحيح ص / 67).
17 - الامام جرير الضبي محدث الري (ت 188 هـ) قال جرير بن عبدالحميد رحمه الله: كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله. (أخرجه الذهبي في العلو بسند جيد).
18 - قال الإمام عبدالرحمن بن مهدي (ت 198 هـ): أن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى , وأن يكون على العرش , أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. (أخرجه الذهبي في العلو وقال نقله غير واحد بإسناد صحيح).
19 - أبو معاذ البلخي (ت 199 هـ) قال أبو قدامة السرخسي: سمعت أبا معاذ خالد بن سليمان بفرغانة يقول: (كان جهم على معبر ترمذ , وكان فصيح اللسان ولم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم فكلم السمنية فقالوا له صف لنا ربك الذي تعبده فدخل البيت لا يخرج منه , ثم خرج إليهم بعد أيام فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء فقال أبو معاذ البلخي رحمه الله: (كذب عدو الله بل الله عز وجل على العرش كما وصف نفسه). (أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح).
20 - الامام منصور بن عمار (ت 200 هـ). كتب بشر المريسي إلى منصور بن عمار يسأله عن قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ فكتب إليه (استواؤه غير محدود والجواب به تكلف , مساءلتك عنه بدعة , والإيمان بجملة ذلك واجب). (تاريخ الإسلام حوادث ووفيات (191 – 200 هـ) ص / 413).
21 - الإمام الشافعي (ت 204 هـ). قال رحمه الله: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها , أهل الحديث الذين رأيتهم فأخذت عنهم مثل: سفيان ومالك وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء. (وصية الإمام الشافعي ص / 53 – 54).
22 - وقال أيضاً: (وأن الله عز وجل يرى في الآخرة ينظر إليه المؤمنين أعياناً جهاراً ويسمعون كلامه وأنه فوق العرش). (وصية الإمام الشافعي ص / 38 – 39).
23 - قال يزيد بن هارون الواسطي (ت 206 هـ): من زعم أن (الرحمن على العرش استوى) على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي. (أخرجه أبو داوود في المسائل ص / 268 بسند جيد).
24 - ذكر الامام سعيد بن عامر الضبعي (ت 208 هـ) الجهمية فقال: هم شر قول من اليهود والنصارى , قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين , على أن الله عز وجل على العرش وقالوا هم ليس على شيء. (كتاب العلو للذهبي)
26 - الامام عاصم بن علي – شيخ الإمام البخاري – ت (221 هـ). قال رحمه الله: ناظرت جهماً فتبين من كلامه أنه لا يؤمن أن في السماء رباً. (كتاب العلو)
27 - الامام هاشم بن عبيد الله الرازي (ت 221 هـ). قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي سمعت أبي يقول: سمعت هشام بن عبيدالله الرازي – وحبس رجلاً في التجهم فتاب فجىء به إليه ليمتحنه – فقال له: أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟ فقال لا أدري ما بائن من خلقه , فقال: ردوه فإنه لم يتب بعد. (العلو)
28 - بشر الحافي (ت 227 هـ) قال حمزة بن دهقان قلت لبشر بن الحارث أحب أن اخلوا معك , قال: إذا شئت فيكون يوماً فرأيته قد دخل قبةً فصلى فيها أربعة ركعات لا أحسن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده: اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف , اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى , اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أؤثر على حبك شيئاً , فلما سمعته أخذنا الشهيق والبكاء فقال: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم إن هذا هاهنا لم أتكلم. (السير 10 / ص 473).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/136)
29 - قال محمد بن مصعب العابد (ت 228 هـ): (من زعم انك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك , أشهد أنك فوق العرش , فوق سبع سماوات , ليس كما تقولوا أعداء الله الزنادقة. (أخرجه الذهبي في العلو بسند صحيح).
31 - الامام لغوي زمانه أبو عبدالله ابن الأعرابي (ت 231 هـ). قال داوود بن علي كنا عند ابن الأعرابي فآتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ما معنى قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) , قال: هو على عرشه كما هو , فقال الرجل ليس كذلك! إنما معناه استولى , فقال: اسكت ما يدريك ما هذا , العرب لا تقول للرجل استولى على شيء حتى يكون له فيه مضاد فأيهما غلب قيل استولى والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر. ثم قال الإستيلاء بعد المغالبة. (أخرجه الذهبي في العلو وصححه الألباني).
32 - أبو معمر القطيعي (ت 236 هـ) قال رحمه الله: آخر كلام الجهمية انه ليس في السماء إله. (أخرجه الذهبي في العلو)
33 - قال الامام الحافظ إسحاق بن راهويه - شيخ البخاري و مسلم - (ت 238 هـ): قال الله تعالى (الرحمن على العرش استوى) إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى , ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة. (العلو ص / 1128).
34 - قال الامام قتيبة بن سعيد (240 هـ): هذا قول الأئمة في الإسلام السنة والجماعة: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال جل وعلى (الرحمن على العرش استوى).
35 - قال الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) في الرد على الجهمية: (فَقُلْنَا لِهمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ, وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (الرحمن على العرش استوى)
وقال: (خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) 3
36 - و قال في موضع اخر: (و قد اخبرنا انه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)
39 - قال الزاهد الحارث بن أسد المحاسبي (ت 243 هـ): (وأما قوله: (الرحمن على العرش استوى)
(وهو القاهر فوق عباده) و (أأمنتم من في السماء- و ساق ادلة الفوقية و العلو - ثم قال:
وهذه توجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد به بنفسه فوق عباده لأنه قال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) يعني فوق العرش والعرش على السماء لأن من كان فوق كل شيء على السماء في السماء) (كتاب العقل و فهم القرآن ص 355 , تحقيق القوتلي)
40 - قال الامام الكبير عبدالوهاب الوراق (ت 250 هـ): من زعم أن الله هاهنا فهو جهمي خبيث , أن الله عز وجل فوق العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة (العلو).
عقب الامام الذهبي بقوله: (كان عبد الوهاب ثقة حافظا كبير القدر حدث عنه أبو داود والنسائي والترمذي قيل للإمام أحمد رضي الله عنه من نسأل بعدك فقال سلوا عبد الوهاب وأثنى عليه)
41 - قال الإمام الحافظ الحجة أبو عاصم خشيش بن أصرم المتوفى سنة 253 للهجرة - شيخ أبي داود والنسائي - في كتابه الإستقامة:
((وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض:
بقوله: ((إني متوفيك ورافعك إلي وطهرك من الذين كفروا)) وقوله: ((وما قتلوه يقيناً))
وقوله: ((بل رفعه الله إليه))
وقال: ((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه))
وقوله: ((إليه يصعد الكلم الطيب))
وذكر أكثر من 75 دليل من القرآن مثل ((ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور () أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)) ثم قال:
لو كان في الأرض كما هو في السماء لم ينزل من السماء إلى الأرض شيء ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من الأرض إلى السماء، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله في السماء دون الأرض ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.)) نقله بنصه الملطي الشافعي مرتضياً له في التنبيه والرد ص104.
42 - الامام البخاري (ت256هـ): قال رحمه الله في آخر الجامع الصحيح في كتاب الرد على الجهمية باب قوله تعالى وكان عرشه على الماء:
قال أبو العالية استوى إلى السماء إرتفع
وقال مجاهد في استوى علا على العرش)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/137)
أقول:أحسن الله جزاءك، وبكل الذي نقلت أقول وأعتقد،ورحم الله عبدا انتهى الى ما علم،ووقف حيث وقف القوم،فلم يتزيد عليهم ولا تفاصح.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[19 - 05 - 08, 10:57 م]ـ
جزاكم الله خيراً وهذا مبحث عن علو الرحمن للشيخ عبد الرحيم الطحان
http://ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=99744
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[19 - 05 - 08, 11:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً
وهذه المشاركة هي إحدى تعليقات الشيخ عبد الرحيم الطحان على العقيدة الطحاوية
مبحث علو الرحمن وفوقيته على مخلوقاته
هو أشرف مباحث علم التوحيد وأجلها وهو العَلَم الفارق بين أهل السنة وبين سائر فرق المبتدعة فالمؤمن السني الموحد يقول: الله فوق عرشه على سمواته بائن من خلقه، والمبتدع عندما تقول له أين الله؟، يقول لك كيف تقول أين؟ الله لا يُقال عنه أين، الله لا فوق ولا تحت ولا شمال ولا يمين ولا أمام ولا وراء ولا داخل العالم ولا خارجه، لا جوهر ولا عرض، قل له، يا مسكين هذا ليس حي قيوم بل هو إله معدوم، وهذا كمن يزعم أن في بيته نخلةٍ ثم تسأله عن أوصافها، فيقول لك لا أوصاف لها فقل له إذن هذه نخلة في ذهنك لذلك حقيقة قول المعطلة تقضي إلى أن الله عدم لذلك قال أئمتنا: المعطل يعبد عدماً والممثل يعبد صنماً وهذه المسألة سأقرر أدلتها المتنوعة وهي خمسة:
1) أدلة الكتاب.
2) السنة.
3) الإجماع الصحيح القطعي.
4) العقل الصريح.
5) الفطرة المستقيمة.
أولاً أدلة الكتاب:
دل على أن الله فوق عباده على عرشه سبحانه وتعالى، من أوجه كثيرة أحاول أن أوجزها وأن أجمعها في سبعة أوجه:
الوجه الأول: تصريح آيات القرآن بأن ربنا الرحمن فوق عباده ومخلوقاته (فوق) قال الله جل وعلا: (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) في حق الملائكة. وقال جل وعلا: (وهو القاهر فوق عباده). وهذا الدليل في منتهى الظهور والوضوح، وهذه الفوقية شاملة لفوقية الذات ويلزم منها فوقية القَدْر المنزلة والرتبة والمكانة فذاته عالية فوقنا ومنزلته ورتبته أيضاً فوقاً فله الفوقية من جميع الاعتبارات.
وقبل الانتقال إلى الدليل الثاني سأذكر تأويل المبتدعة للفوقية وندحضه إن شاء الله ثم نذهب إلى الوجه الثاني من أدلة القرآن، وقبل أن أذكر الوجوه دائماً إذا مررت على شبهة فندتها حتى لا نفرد الشبهة في مبحث مستقل.
تأويل لبعض المبتدعة حول هذا الوجه:
قالوا: المراد من الفوقية هنا الفوقية المعنوية، أي هو فوق عباده في الرتبة والمنزلة أي شأنه أعلى من شأنهم (يخافون ربهم من فوقهم) أي يخافون ربهم الذي هو أعلى منهم رتبة ومنزلة، كما تقول الملك فوق الوزير رتبة، وحقيقة قد يخدعون كثيراً من السذج والدهماء بهذه العبارات المعسولة.
ونجيب: لو صح ما قلتم لكان في هذا ذمٌ لربكم، إن قالوا: كيف؟ نقول: أنتم تقولون: إنه فوقهم في الرتبة فإذن عندنا فاضل ومفضول اشتركا في فضيلة فالمفضول هو المخلوق والفاضل هو الله جل وعلا، أي أنه يشترك مع عباده في الفضائل لكنه يزيد عليهم في الفضالة، كما لو قلت الدينار فوق الدرهم فإن بإمكانك أن تشتري بالدينار وبالدرهم، فهناك قدر يشتركان فيه – أي الدرهم والدينار – لذلك نقول لهم: أف لكم ولتأويلكم، فما المزايا التي اشترك فيها المخلوق مع الخالق حتى قلنا إن الخالق أفضل من المخلوق؟!! والله إن هذا ذمٌ للخالق من حيث لا يشعرون.
ولو قال إنسان عندي سكين أَحدُ من الخشبة لاتهمناه بالخرف لأنه لا مفاضلة بينهما بل إن المفاضلة بينهما عين الذم. وهذا كما لو قال شخص الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من اليهود وأبي جهل، فهذا ذم له صلى الله عليه وسلم لأنه لا فضيلة فيهم بل لا قيمة لهم حتى تفاضل بينهما، لكن لو قلت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين لكان كلامك وجيهاً وفي محله.
إذن فكيف ستفاضل بين الخالق والمخلوق وقد تقدم معنا أن أخص وصف في المخلوق الفقر وأخص وصف في الخالق الغنى فأين فضل الفقير حتى تفاضل بينه وبين الغنى؟!! وكيف ستسووا بينهما؟!! لكننا نقول (وهو القاهر فوق عباده) أي هو فوق عرشه على سمواته، فيدخل العلو الذاتي والمعنوي (المنزلة) لا علو المنزلة فقط كما يزعمون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/138)
إذن فلا تُعقد المفاضلة إلا بين موصوفين يشتركان في فضائل ويزيد أحدهما على الآخر وإذا كانت المفاضلة بين السيف والعصا ذم للسيف فكيف بعقد مفاضلة بين الفاني والباقي.
ألم تر أن السيف ينقص قدره
\\\
إذا قيل السيف أمضى من العصا
فإن قيل (اعتراض): جاءت نصوص في التنزيل فيها تفضيل الخالق على المخلوق وهذا خلاف ما تقولونه قال الله تعالى في سورة يوسف مخبراً عن نبيه يوسف لما قال لصاحبه في السجن (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) فهذا فيه عقد مفاضلة بين أوثان وبين الله، وقال تعالى (آلله ([1]) خير أما تشركون).
وهكذا قول السحرة في سورة طه (والله خير وأبقى)، ففي هذه الآيات عقد مفاضلة فكيف تقولون لا تجوز المفاضلة بين الخالق والمخلوق؟
والجواب: تفضيل الخالق على المخلوق ابتداءً يعتبر نقصاً لكن إذا كان الكلام خرج لمجادلة الخصم الذي يزعم أنه لآلهته شأن ومنزلة فلا حرج به حينئذ فنبي الله يوسف يريد أن يبين لهم زيف آلهتهم المتنوعة فلم يخرج الكلام منه قضية مبتدأة أنما هو جدال مع مشركين يرون لآلهتهم شأناً، أي أنتم تقولون أن للآلهة شأناً فلو سلمنا لكم بذلك فأي الشأنين أعظم شأن آلهتكم أم شأن الله؟ فسيقولون كلهم شأن الله، فتكون نتيجة النقاش اطرحوا آلهتكم ما دمتم تسلمون بأن الله شأنه أعظم.
وهكذا (والله خير وأبقى) منك يا فرعون يا من تدعي أنك رب وأنك ملك مصر فالله خير منك وما عنده لا ينفذ وما عندك نافذ ونظير هذا قول الله تعالى في سورة النور (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) أي خير لكم من الدخول بغير استئذان وخير لكم من تحية الجاهلية.
نقول: هل للدخول بغير استئذان والتحية بتحية أهل الجاهلية خيرية؟
لا، ولا خيرية لها، لكن لأنهم كانوا يرون في دخولهم بغير استئذان عزة والوقوف على الباب ذلة لهم، فكأن الله يخيرهم أنه لو كان في فعلكم خير فهناك خير منه وهو الاستئذان فافعلوه لأنه هو أخيرهما، وإن كان لم يثبت لفعلهم خيرية لكن هذا على سبيل المجادلة.
ونظير هذا النوع من الجدال والخصام مجادلة إبراهيم عليه السلام للنمرود حين حاجه بعد أن ادعى أنه يحيي ويميت فحاجه بأمر آخر وكأنه من باب التسليم له وتنزلاً له فحاجه بقضية أخرى تسكته وهي أن يطلع الشمس من مغربها.
ولهذا إذا تجادلت مع مكابر فدع ما فيه نزاع وانتقل إلى ما لا نزاع فيه.
الوجه الثاني: إخبار الله جل وعلا في كتابه بصعود العمل الصالح إليه ورفع بعض المخلوقات إليه، ومن المعلوم أن الصعود والرفع يكون من أسفل إلى أعلى.
قال الله جل وعلا في كتابه (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال جل وعلا في حق عيسى عليه السلام (بل رفعه الله إليه) وقال جل وعلا (يا عيسى إني متوفيك ([2]) ورافعك إليّ) وهذا الرفع وهذا الصعود معلوم ضرورة في اللغة أنه من، أنزل إلى أعلى ومن أسفل إلى أعلى، والدلالة واضحة.
الوجه الثالث: تصريح الله في كتابه بأنه عليّ، قال تعالى في آية الكرسي: (وهو العلي العظيم)، وهكذا قوله تعالى: (إن الله كان علياً كبيراً) وهناك آيات كثيرة تصف الله بالعلو وتسميته بأنه عليّ وهذا يفيد علو الذات وعلو الصفات وعلو المنزلة والقدر، ويقال فيه ما يقال في الفوقية، فهو فوقهم وهو عليّ عليهم , إذا ثبتت الفوقية والعلو فكيف تقولون يا مبتدعة لا يجوز أن نقول إنه فوقنا وأعلى منا؟!.
الوجه الرابع: تصريح الله جل وعلا في كتابه بتنزيل أشياء من عنده، قال جل وعلا: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)، (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم)، (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) إلى غير ذلك من الآيات، والنزول ضد الصعود فهو هبوط من أعلى إلى أسفل، فالقرآن نزل من الرحمن أي هبط من أعلى إلينا، لذلك قال أئمتنا:
لفظ الإنزال للقرآن يدل على فوقية ذي الجلال والإكرام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/139)
الوجه الخامس: إخبار الله جل وعلا عن الملائكة بأنهم عنده في جواره الكريم، والملائكة فوقنا وأعلى منا ومسكنها السموات المباركة، قال الله جل وعلا في آخر آية من سورة الأعراف: ( ... إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون)، وفي سورة حم السجدة (فصلت) آية 38 (فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون) وهكذا في سورة الأنبياء (وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستسحرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون) وهكذا في سورة الزخرف (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ... ) هذه قراءة، وقرأ المدنيان نافع وشيخه يزيد بن القعقاع وابن عامر وابن كثير قارئ مكة ويعقوب قارئ البصرة: (وجعلوا الملائكة هم عند الرحمن) وكلا القراءتين متواترتان، فهم عباده وهم عنده.
وهذه العندية تحدد لنا أين رب البرية، فالملائكة في السموات العلى والله هو العلي الأعلى ولو كانت هذه العندية الثابتة لهم عنديتنا لما كان لهم ميزة علينا ولما كان لتخصيصهم بالعندية فائدة، بل لهم مزيد من قرب إلى الرب جل وعلا.
الوجه السادس: تصريح الله جل وعلا بأنه في السموات في آيات كثيرة متواترة غراء: (أأمنتم من في السماء ([3])).
علماء الكلام أصحاب الثرثرة والهذيان أكثروا اللغظ والشغب والخصام حول هذا الدليل من القرآن فقالوا: الآية لا تدل على علو الله وفوقيته، لأنه ليس المراد من كون الله في السماء وذاته في العلو بل المراد سلطانه وقهره.
وهذا التأويل أبرد من الثلج كتأويل الضالين السابقين في الفوقية، لأنه إن كان هو السلطان في السماء فمن إذن السلطان في الأرض؟!!.
السلطان هو الله في السماء والأرض لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه، لذلك يقول الله جل وعلا (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) أي بسلطان منه وتمكين وقوة وقدرة إذا أمدكم بذلك فيمكنكم لكن هو جعلكم ضعفاء وعاجزين لا يخرج أحد منكم من سلطانه سبحانه وتعالى.
ومما يقرر هذا أن العاتي فرعون عليه لعنة الله قال لقومه عندما أراد أن يلبس على قومه: (يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى) فهذا يفيد أن نبي الله موسى أخبر قومه ومنهم فرعون بأن الله في العلو على السموات فوق العرش فاستغل فرعون هذه الدعوى فطلب من هامان أن يبني له بناءً عالياً لينظر إلى إله موسى الذي هو في السماء.
ولو كان كلام فرعون باطلاً لرد عليه موسى عليه السلام بأن الله ليس في السماء وفرعون يكذب وهذه القصة التي جرت من فرعون جرت من بعض المشايخ المصريين وقد أفضى لما قدم إذ أنه لما تناقل الناس خبر الصعود إلى القمر فسُأل هل الصعود للقمر ممكن أم لا؟ فقال لهم: أخبركم بالجواب غداً. ففي اليوم التالي امتلأ جامع الأزهر بالناس وجلس الشيخ وقال: هؤلاء كذابون دجالون لأني بقيت البارحة أنظر إلى القمر فلم أر شيئاً!!.
ولا أعلم جوابه هذا كان من باب البله والغفلة أم هو من باب العتو كفرعون إذ كيف سيرى القمر وهو في الأرض؟! كيف سيراه بعينه المجردة؟ فالأفضل لو أنه سكت عن الجواب ولم يجب بهذا.
ولذلك قال أئمتنا: من نفى علو الله فهو فرعوني، ومن أقر بعلو الله فهو موسوي ([4]) محمدي بعد أن قالوا إن المراد بمن في السماء أي بمن في السماء سلطانه قالوا: توجد آيات تعكر على قولكم تدل على أن الله في السموات وفي الأرض كقوله تعالى في سورة الأنعام: (وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون)، فلماذا تقولون إنه فوق عرشه على سمواته وهذه الآية ترد عليكم؟.
نقول: من سوء فهمكن أتيتم وجعلتم الآيات تتضارب ويرد بعضها بعضاً فهذه الآية تحتمل ثلاث معان ٍ كلها صحيحة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/140)
المعنى الأول: عليه جمهور السلف أن الوقف لازم على لفظ (السموات) فيكون معنى (في) أي ظرفية أي في العلو المطلق، والأرض متعلقة بيعلم أي ويعلم سركم وجهركم وما تكسبون في الأرض، أي مع علوه لا تخفى عليه خافيه من أمركم، وانظر هذا المعنى الذي نقل عن جمهور السلف تدل عليه آية الاستواء في سورة الحديد (هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير) فهذه الآية كآية سورة الأنعام حث أخبرنا بأنه فوق السموات على العرش ومع ذلك يعلم ما يلج في الأرض، وهذا الوجه هو أرجح الوجوه وأقواها.
المعنى الثاني: (في السموات وفي الأرض) متعلق بيعلم، والآية لم تسق لبيان أين الله بل لبيان إحاطة الله وعلمه بكل شيء، والتقدير: وهو الله يعلم سركم وجهركم أينما كنتم في السموات أو في الأرض فهو يعلم ما تكسبون ولهذا قال أئمتنا هذا وقف حسن على لفظ الجلالة (وهو الله) ثم تستأنف كلاماً آخر يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ... ، وانظروا هذا في كتاب منار الهدى في الوقف والابتداء للإمام الأشموني، يقول: الوقف على لفظ الجلالة، ويتم المعنى بذلك.
المعنى الثالث: الآية لم تسق لبيان أين الله ولا لبيان إحاطة علمه بكل شيء، إنما سيقت لبيان أنه هو الإله الحق المعبود الذي يجب على أهل السموات وأهل الأرض أن يألهوه ويعبدوه ولا يشركون به شيئاً فالإله هو المألوه أي المعبود، والتقدير: وهو المعبود في السموات وفي الأرض .... فأين الفهم الذي فهمتموه؟!! وهذه المعاني الثلاثة أمامكم ليس في واحدة منها أن الله موجود في الأرض كما تزعمون وأوردوا آية ثانية ليقروا هذا الضلال وهي قوله تعالى في سورة الزخرف (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم) يقولون: إذن فهو موجود في السماء والأرض وليس في السماء كما تقولون.
والجواب: هذه الآية معناها كالمعنى الثالث لآية سورة الأنعام، أي وهو المعبود في السماء وفي الأرض وهو إله من في السماء وإله من في الأرض وهو المألوه في السماء وهو المألوه في الأرض، فلا إله إلا هو.
ونحن نقول لهم أيضاً إن كان في الأرض فعلام يصعد الكلم الطيب إليه وعلام يعرج إليه أشياء ويرفع أشياء؟!! ولو كان الله في الأرض فلماذا عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ما فوق السماء السابعة؟!!.
الوجه السابع: تصريح الله في كتابه بأنه استوى على عرشه في سبع آيات من كتابه ضمن سبع سور:
1) آية سورة الأعراف آية 54: (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يُغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين).
2) آية سورة يونس: آية رقم 3.
3) آية سورة الرعد: آية رقم 2.
4) آية سورة طه: آية رقم 5.
5) آية سورة الفرقان: آية رقم 59.
6) آية سورة السجدة: آية رقم 17.
7) آية سورة الحديد: آية رقم 4.
والمفسرون بحثوا مسألة الاستواء عند أول آية وهي آية سورة الأعراف إلا شيخنا المبارك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فإنه تكلم على الاستواء في الآية الثالثة من سورة يونس (الموضع الثاني) في أضواء البيان.
والاستواء معناه في اللغة: يأتي لأربعة معان ٍ: استقر، وارتفع، وعلا، وصعد، وقد ثبت في صحيح البخاري عن مجاهد أنه قال (الرحمن على العرش استوى) قال: علا، انظر صحيح البخاري في كتاب التوحيد (13/ 403 - مع الفتح) وفيه أيضاً – أي في صحيح البخاري – قال أبو العالية: (الرحمن على العرش استوى): ارتفع، وقد ورد هذا في التفسير الثاني في معالم التنزيل للبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
هذا تفسير الاستواء في اللغة فله العلو والارتفاع والفوقية على سائر مخلوقاته، وهذا الدليل والواضح (سبع آياتٍ) جاء المؤولة وتلاعبوا فيه وقالوا: استوى أي: استولى وقال فريق منهم: كناية عن الهيمنة والسيطرة وتدبير الملك. هذا تفسير باطل قطعاً وجزماً لغةً ومعنىً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/141)
أما اللغة فلا تشهد لهذا قطعاً، أي تفسير استوى باستولي لا يعرفه علماء اللغة كما قال الأزهري في تهذيب اللغة وابن الأعرابي وهو من أئمة اللغة. وقد أبطل الإمام ابن القيم تفسير استوى باستولي باثنين وأربعين وجهاً في كتابه الصواعق المرسلة في الرد على الجهنمية والمعطلة، انظروا مختصر الصواعق (2/ 126 - 152)، أما المعنى فهو معنىً باطل بل هو أبطل من بطلانه من ناحية اللغة لأن الاستواء أخذ الشيء بعد غلبة ومنازعة، فهل كان العرش في ملك أحد غير الله حتى نازعه الله فقهره حتى غلبه وانتصر عليه وأخذ العرش واستولى عليه؟!! لا، يقولون: هذا استيلاء بلا غلبة ولا منازعة، كما قال الأخطل:
قد استوى بِشْرٌ [5] على العراق
\\
من غير سيف ودم مراق
فهو استوى على العراق من غير منازعة بالسيف أو بقتل وإراقة الدماء.
نقول: لا زلنا معكم، يعني هل كان في يد غيره ثم أخذه منه؟ يعني هل خرج العرش عن ملك الله طرفة عين حتى تقول إنه استولى عليه إذن فكلا جوابيكم باطل وقلتم استولي بغلبة ومنازعة أو بدون ذلك، ثم إنه لا يجوز الاستدلال بهذا البيت على تفسير استوى باستولى لأن هذا مخلوق والله ليس كمثله شيء، ولأن البصرة حقيقة لم تكن في أمرته ولا تحت ولايته بل عهد إليه أخوه عبد الملك بذلك فيصح أن نقول إنه استولى، لكن هل كان العرش كذلك؟ لا والله، فهو لم يخرج عن ملكه طرفة عين، ولذلك يقول الإمام ابن تيمية:
قبحاً لمن نبذ الكتاب وراءه
\\\
وإذا استدل يقول قال الأخطل
ويقول الإمام ابن القيم:
ولهم في ذلك بيت قاله
\\\
فيما يقال الأخطل النصراني
نون اليهود ولام جهميًّ هما
\\\
في وحي رب العرش زائدتان
(نون اليهود) قال الله لهم قولوا حطة أي حُط َّ الذنوب عنا، فلم يقولوها وزادوا نوناُ فقالوا: حنطة أو حبة حنطة أو حنطة في شعرة استهزءوا بكلام الله جل وعلا، وهذا حال اليهود، فانظر كيف بدلوا كلام الرب المعبود.
والجهمية زادوا لاماً، فهى استوى فزادوها استولى، ومعنى (هما في وحي رب العرش زائدتان) أي لم ينزل رب العالمين لا نون اليهود ولا لام الجهمية.
ولذلك قال الإمام مالك وشيخه ربيعة وأمنا أم سلمة رضي الله عنها والإسناد ثابت إلى مالك وإلى ربيعة ولكنه ضعيف عن أمنا أم سلمة رضي الله عنها وثبت عن الإمام أبي جعفر الترمذي ليس صاحب السنة أبو عيسى الترمذي، قالوا: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة".
(الاستواء معلوم) أي معلوم في اللغة استقر، ارتفع، علا.
(والكيف مجهول) أي كيفية استواء الرب مجهولة لان الصفة تتبع الموصوف، فإذا كانت الذات مجهولة فالصفات كذلك ولذلك إيماننا بصفات ربنا كإيماننا بذاته، والمخلوقات تتفق في مسمى الصفة وتختلف في حقيقتها، فمثلاً لك يد للقط يد لكن لم تشبه اليدان بعضهما، فكيف ستشبه يد المخلوق الخالق!! فلكل موصوف ما يناسبه من الصفات (ليس كمثله شيء).
(والإيمان به واجب) لأنه ورد في كتاب الله وإذا تركته فقد ضللت.
(والسؤال عنه بدعة) وكان بدعة لأمرين: الأمر الأول: لأنه سؤال عما لا يمكن لعقول البشر أن تدركه، والأمر الثاني: لأنه لم يجر هذا السؤال في عهد خير هذه الأمة وأطهرها وأبرها، والبدعة ما حدث بعدهم فلم يسأل الصحابة رضوان الله عليهم النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية صفة بل يسألون عن الإيمان بها وثبوتها وهكذا المؤمن يسأل في القدر – كما تقدم معنا – من الحكم ووجوده لا عن العلة من الحكمة، ولذلك لا تقل لم؟ بل قل بم؟.
ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه بسند حسن عن أبي رزين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ضحك ربنا عند قنوط عباده وقرب غِيَرِه ([6]) ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب فقال أبو رزين: أوَ يضحك ربنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال: لن نعدم من رب يضحك خيراً]، فسأل أبو رزين هنا عن ثبوت صفة الضحك لا عن الكيفية ومن ضحك الله له لن يحاسبه كما ورد في الحديث، أي من فعل فعلاً أضحك به الرب فلن يحاسبه الله، وهذا الاستواء كما يليق بربنا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[20 - 05 - 08, 10:51 ص]ـ
بارك الله فيكم
للفائدة
فإن كتب «العلو» للحافظ الذهبي
وكتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية» للعلامة ابن القيم
عامتها نقول في إثبات العلو للباري تعالي.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[20 - 05 - 08, 11:03 ص]ـ
أعلم بارك الله فيكم لكن قد تكون هناك نقولات ليست فيها
كالأبيات التي في ذيل طبقات الحنابلة لـ أحمد بن علي بن عبد الله المقرىء
والتي نقلتها في اول رد لهذا الموضوع
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[21 - 05 - 08, 01:01 ص]ـ
أقترح جمع الآثار الزوائد على ماجاء في اجتماع الجيوش لابن القيم والعلو لابن الذهبي.
تنبيه:
1 - جاء في المشاركةالمنقولة
27 - الامام هاشم بن عبيد الله الرازي (ت 221 هـ)
والصواب (هشام)
2 - قال الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن بطة: (كان إماما في السنة) لسان الميزان (4\ 113)
ليس الامام ابن بطة الى حاجة لهذه الشهادة وليته سلم من طعنه والتعريض باتهامه بوضع حديث رواه وهو مما يغيظ الجهمية!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/142)
ـ[المقدادي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 02:43 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
===========
قول الإمام العالم العامل شيخ الاسلام وقدوة الانام بقية السلف الكرام شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الشيخ الامام العالم العامل الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي - ت 682 هـ -:
قال في كتابه الشرح الكبير على المقنع - لعمه الإمام الموفق ابن قدامة - عند كلامه على شروط الذبح و من بينها: (أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح وهو ان يقول بسم الله لا يقوم غيرها مقامها ... ) ثم قال بعد ذلك:
(مسألة) * (الا الاخرس فانه يومئ برأسه إلى السماء) قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على اباحة ذبيحة الاخرس منهم الليث والشافعي واسحاق وأبو ثور وهو قول الشعبي وقتادة والحسن بن صالح.
إذا ثبت هذا فانه يشير إلى السماء برأسه لان إشارته تقوم مقام نطق الناطق واشارته إلى السماء تدل على قصده تسمية الذي في السماء ونحو هذا قال الشعبي وقد دل على هذا حديث أبي هريرة ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أين الله؟ " فأشارت إلى السماء فقال " من أنا؟ " فأشارت باصبعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى السماء أي انت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اعتقها فانها مؤمنة " رواه الامام أحمد والقاضي البرتي في مسنديهما فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بايمانها باشارتها إلى السماء تريد ان الله سبحانه فيها فاولى ان يكتفى بذلك علما على التسمية ولو أنه اشار اشارة تدل على التسمية وعلم ذلك كان كافيا) اهـ
ـ[المقدادي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 02:52 ص]ـ
أقترح جمع الآثار الزوائد على ماجاء في اجتماع الجيوش لابن القيم والعلو لابن الذهبي.
تنبيه:
1 - جاء في المشاركةالمنقولة
27 - الامام هاشم بن عبيد الله الرازي (ت 221 هـ)
والصواب (هشام)
2 - قال الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن بطة: (كان إماما في السنة) لسان الميزان (4\ 113)
ليس الامام ابن بطة الى حاجة لهذه الشهادة وليته سلم من طعنه والتعريض باتهامه بوضع حديث رواه وهو مما يغيظ الجهمية!
جزاك الله خيرا على التصويب
و إمامة ابن بطة في السنة معلومة و لولا ان ابتلينا بجهمية لا يستحون من الطعن في عقيدة هذا الإمام لما كان لإيراد كلام الحافظ ابن حجر أي معنى , لأنه تحصيل حاصل تواتر من كتبه و علمه , فلعل هؤلاء يستحون قليلا عندما يرون كلام الحافظ و معرفته بأقدار الرجال رغم مخالفته لهم في أمور - و هو إمام مقبول عند هؤلاء المبتدعة -
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:54 م]ـ
في المنتظم لإبن الجوزي رحمه الله:
محفوظ بن أحمد ابن الحسن الكلوذاني، أبو الخطاب (ت 510 هـ) ولد في شوال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وسمع أبا محمد الجوهري، والعشاري، وابن المسلمة، والقاضي أيا يعلى، وتفقه عليه وقرأ الفرائض على الوني، وصنف وانتفع بتصنيفه، وحدث وأفتى ودرس، وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وكان ثقة ثبتاً غزير الفضل والعقل، وله شعر مطبوع، حدثنا عنه أشياخنا. و أنشدنا محمد بن ناصر الحافظ، قال أنشدنا أبو الخطاب محفوظ بن أحمد لنفسه:
[ما يلي جزء من القصيدة فقط، باقيها في المنتظم لمن أرادها]
.....
قالوا فأنت تراه جسماً مثلنا؟ ... قلت المجسم عندنا كالملحد
قالوا فهل هو في الأماكن كلها ... فأجبت بل في العلو مذهب أحمد
قالوا أتزعم أنْ على العرش استوى؟ ... قلت الصواب كذاك أخبر سيدي
قالوا فما معنى استواه. أبن لنا ... فأجبتهم هذا سؤال المعتدي
قالوا النزول. فقلت ناقلة له ... قوم تمسكهم بشرع محمد
قالوا فكيف نزوله؟ فأجبتهم ... لم ينقل التكييف لي في مسند
قالوا فينظر بالعيون. أبن لنا ... فأجبت رؤيته لمن هو مهتدي
....
ـ[أبو أيوب العامري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 07:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك في جهودكم(49/143)
لامية شيخ الإسلام هل تثبت نسبتها إليه؟
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 06:14 م]ـ
هل تثبت نسبة هذه القصيدة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية؟
فإنه مما يُشكِل أنه في البيت الخامس قال عن القرآن: (القديم) وهو خلاف ما يقرره شيخ الاسلام رحمه الله والوزن لا يختل لو قال: (الكريم)، فهل عندكم من فائدة حول ذلك؟!
1. يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي
رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل
2. اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه
لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
3. حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ
وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
4. وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ
لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
5. وأُقِرُّ بِالقُرآنِ ما جاءَتْ بِهً
آياتُهُ فَهُوَ القَديمُ المُنْزَلُ
6. وجميعُ آياتِ الصِّفاتِ أُمِرُّها
حَقاً كما نَقَلَ الطِّرازُ الأَوَّلُ
7. وأَرُدُّ عُهدتها إلى نُقَّالِها
وأصونُها عن كُلِّ ما يُتَخَيَّلُ
8. قُبْحاً لِمَنْ نَبَذَ الكِّتابَ وراءَهُ
وإذا اسْتَدَلَّ يقولُ قالَ الأخطَلُ
9. والمؤمنون يَرَوْنَ حقاً ربَّهُمْ
وإلى السَّماءِ بِغَيْرِ كَيْفٍ يَنْزِلُ
10. وأُقِرُ بالميزانِ والحَوضِ الذي
أَرجو بأنِّي مِنْهُ رَيّاً أَنْهَلُ
11. وكذا الصِّراطُ يُمَدُّ فوقَ جَهَنَّمٍ
فَمُوَحِّدٌ نَاجٍ وآخَرَ مُهْمِلُ
12. والنَّارُ يَصْلاها الشَّقيُّ بِحِكْمَةٍ
وكذا التَّقِيُّ إلى الجِنَانِ سَيَدْخُلُ
13. ولِكُلِّ حَيٍّ عاقلٍ في قَبرِهِ
عَمَلٌ يُقارِنُهُ هناك وَيُسْأَلُ
14. هذا اعتقادُ الشافِعيِّ ومالكٍ
وأبي حنيفةَ ثم أحمدَ يَنْقِلُ
15. فإِنِ اتَّبَعْتَ سبيلَهُمْ فَمُوَحِّدٌ
وإنِ ابْتَدَعْتَ فَما عَلَيْكَ مُعَوَّلًًًً
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[16 - 05 - 08, 06:41 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الحبيب الغالي أبا عاصم
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:31 م]ـ
قد بحثت في هذه المسألة كثيرا، ولم أصل إلى نتيجة نهائية، وقد أعددت ورقات في هذا الأمر جمعت فيها بعض كلام أهل العلم، وقد جعلت هذه الورقات مقدمة على شرح كتبته للامية شيخ الإسلام ابن تيمية - وهو على أبواب النشر - نسأل الله التوفيق، ونسأله أن لا يحرمنا وإياكم الأجر -. وأنا أضعها بين أيديكم:
تمهيد .. حول نسبة القصيدة اللامية لشيخ الإسلام ابن تيمية
ذكر خلاف بين أهل العلم في نسبة هذه القصيدة لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى، فقد أكد بعضهم نسبتها له، وضعفه آخرون.
ولا بد من الإشارة إلى أن الخلاف – وإن كان في نسبتها له – إلا أن الاتفاق على أن ما جاء فيها، وما تضمنته أبياتها من مسائل هو معتقده، الذي بينه في مواضع عديدة من كتبه، وأطال ثمة الشرح والتفصيل.
إلا أن ذلك لا يمنع البحث العلمي المجرد حول صحة هذه النسبة.
فأقول:
أولا: قد نسب هذه القصيدة لشيخ الإسلام عدد من العلماء المحققين، منهم:
1 - العلامة نعمان خير الدين، الشهير بابن الألوسي، في كتابه: "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين"، إذ قال:
"اعلم أولا أن عقيدة الشيخ ابن تيمية الموافقة للكتاب والسنة واقوال سلف الأمة، مستفيضة مفصلة في تصنيفاته ... فمنه قوله: يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي .. " وساقها إلى آخرها.
2 - الشيخ سليمان بن سحمان في تعليقاته على كتاب: "لوامع الأنوار البهية"، إذ قال:
"وأما ما ذكره في القول السديد في الأبيات التي نسبها لشيخ الإسلام، قدس الله روحه، إن صح النقل بذلك، حيث قال:
وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القديم المنزل
... إلخ "اهـ.
3 - الشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد في شرحه على العقيدة الواسطية، المسمى: "التنبيهات السنية"، إذ قال:
"قال الشيخ تقي الدين - رحمه الله – في لاميته المشهورة:
قبحا لمن نبذ القران وراءه وإذا استدل يقول قال الأخطل
... إلخ" اهـ.
4 - الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي – رحمه الله – في كتابه "عقيدة المسلمين"، إذ عزا القصيدة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية.
5 - كذلك أحمد بن عبد الله المرداوي، في شرحه على اللامية، المسمى: "اللآلئ البهية في شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية"، إذ نسب القصيدة للشيخ، كما يظهر من اسم شرحه على اللامية، وقال – أيضا - في المقدمة ما نصّه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/144)
"لما وقفت على أبيات عديدة، جامعة للمسائل المتفق عليها عند السلف، مفيدة حاوية لأمهات مسائل الاعتقاد، تنسب لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - ... " اهـ.
والشرح مطبوع بتعليقات الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، ولم يعلق – حفظه الله- على ما ذكره المرداوي، فلعل ذلك منه إقرار على تلك النسبة.
ثانيا: من العلماء من رأى أن نسبة هذه القصيدة لشيخ الإسلام لا تصح، من هؤلاء:
1 - الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى -، إذ يقول في شرح له على السفارينية ـ في التعقيب على سؤال ورده حول البيت الرابع منها – وهو قول الناظم:
وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القديم المنزل
يقول:
"هذه أولا تحتاج إلى إثبات أنها للشيخ الإمام ابن تيمية، وعلى تقدير ثبوتها، فإن هذا لعله في أول طلبه، لأن القول بأنه قديم، هو المشهور عند أكثر الناس، لكن الظاهر أنها لا تصح – أصلا عن الشيخ" اهـ.
2 - الشيخ بكر أبو زيد؛ حيث ذكرها تحت باب "الكتب المنحولة على شيخ الإسلام"، بدون أي تعليق أو بيان، وذلك في كتابه: "المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية، وما لحقها من أعمال".
ثالثا: من العلماء من توقف في نسبة هذه القصيدة للشيخ – رحمه الله تعالى -، ومن هؤلاء: الشيخ عبد الكريم الخضير، في شرح مفرغ من سلسلة دروس على القصيدة اللامية.
رابعا: لا شكّ أن تفاوت مواقف أهل العلم في صحة نسبة القصيدة اللامية لشيخ الإسلام
يشير إلى أن المستند في إثبات أو نفي النسبة للشيخ – يرحمه الله تعالى – ليس قطعيا، فالذين أثبتوا، إنما أثبتوا بغلبة ظن حصلت لديهم في صحة النسبة، والذين نفوا؛ إنما نفوا كذلك بمثلها.
خامسا: من الأدلة التي استدل بها على نسبة القصيدة لابن تيمية:
1 – تلقي العلماء لها بالقبول، واشتهار نسبتها له – رحمه الله -.
2 – أن النسخ المخطوطة جميعها تعنون بنسبة المنظومة له، وتختم بذلك.
سادسا: من الأدلة التي استدل بها في عدم نسبتها له:
1 – أن أحدا من تلاميذه ومعاصريه لم ينسب القصيدة له، وفيه إشارة واضحة بأنها ليست له.
وأجيب عن ذلك: بأن اعتبار هذا دليلا قاطعا على نفي النسبة ليس دقيقا، من حيث أن كثرة تصانيف شيخ الإسلام جعلت من الصعب إحصاء كل أعماله العلمية؛ خصوصا في مثل هذه القصيدة القصيرة، التي يظن أن مثلها على قصرها قد يغفله العادّ على كثرة المؤلفات.
ولذلك جاء في كلام الحافظ المتقن ابن رجب – رحمه الله تعالى – ما يشير إلى هذا الاحتمال، حيث قال في سياق الكلام عن مصنفات شيخ الإسلام:
"قد جاوزت حدّ الكثرة، فلا يمكن أحد حصرها، ولا يتسع هذا المكان لعد المعروف منها، ولا ذكرها .. " – وعدّ منها شيئا، ثم قال:
"وأما القواعد المتوسطة والصغار وأجوبة الفتاوى، فلا يمكن الإحاطة بها لكثرتها وانتشارها وتفرقها".اهـ.
وهذا الكلام قويّ في ذبّ هذا الدليل.
2 - جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام نفسه كلام مشعر بأنها ليست من كلامه، إذ إنه قال في سياق مناقشته لمسألة كلام الله ? ما نصّه:
"وقد أنشد فيهم المنشد:
قبحا لمن نبذ القران وراءه فإذا استدل يقول قال الأخطل
... إلخ "اهـ.
ولا شك أن هذا الدليل قويّ لمن قال بنفي النسبة للشيخ.
3 - ورود لفظ "القديم" في البيت الرابع من القصيدة، وهو قوله:
وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القديم المنزل
ووجه الدلالة من ذلك أن لفظ "القديم" من ألفاظ المتكلمين، التي لم يحب شيخ الإسلام ابن تيمية استعمالها، فورودها هنا دليل على أن قائلها غيره.
ويمكن أن يجاب على هذا، بالذي أشار إليه الشيخ العثيمين – رحمه الله تعالى – من أن الاحتمال قائم بأن يكون ابن تيمية قد صنف هذه القصيدة في بداية طريقه في الطلب.
سابعا: بعد هذه الجولة السريعة في استعراض أدلة كل من الطرفين، فإنه يتضح أن هذه الأدلة لا تعطي في النهاية اطمئنانا لتصحيح قول أو ترجيحه – على وجه التأكيد -، فالمسألة تبقى في إطار المحتملات. والله تعالى أعلم بالصواب.
إلا أنه يجدر بي أن أنبه مرة أخرى إلى أن هذا الخلاف في نسبة هذه القصيدة لشيخ الإسلام لا ينقص من القيمة العلمية لها، فإن أهل العلم قد تلقوها بالقبول. اهـ
ملاحظة: عذرا فلم أستطع وضع الهوامش فيما نقلته.
ـ[أبو يوسف النجدي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 04:13 م]ـ
5. وأُقِرُّ بِالقُرآنِ ما جاءَتْ بِهً آياتُهُ فَهُوَ القَديمُ المُنْزَلُ
هل يعقل أن ابن تيمية يقول في القرآن أنه: ((القديم)).
أظن أن الصحيح في البيت هو:
وأُقِرُّ بِالقُرآنِ ما جاءَتْ بِهً آياتُهُ فَهُوَ الحَكِيْمُ المُنْزَلُ
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 10:32 م]ـ
أخي: منير بن ابي محمد شكراً على مرورك ..
أخي: رأفت المصري أحسن الله إليك وجزاك عني خيراً ..
وودت لو حليتها بالهوامش، حتى يسهل الرجوع إليها والبحث أكثر ..
أبو مهند: هو ذاك ما نبحثه، وكان هناك خيار (كريم) و (حكيم) (ورحيم) و (حليم) وغيرها كثييير ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/145)
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[17 - 05 - 08, 10:35 م]ـ
الذي أعرفه أنها: ((وهو الحكيم)) ,
وأما عن ثبوتها فليس هناك ما يدل عليه, الله أعلم ... #
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[18 - 05 - 08, 04:05 ص]ـ
قد ذكر شيخ الإسلام بعض أبيات في تواليفه و لم ينسبها لنفسه. و قد نص بعض الشراح فيما يحضرني أن في بعض نسخها الخطية الكريم بدل القديم
ثم إن هذا لا يضير سواء أكانت الكريم أم القديم لأن المقصود في البيت القديم الأزلي و هذا معروف في كتب العقائد فهم يجعلون القديم على قسمين، فالبيت يُوَجَهُ ما فيه و لا إشكال.
أما فيما يخص نسبة اللامية من عدمها إلى شيخ الإسلام فلا يفيد شيئا لأن كل ما قُرِرَ فيها حق.
و الله أعلم و أحكم
ـ[أبو يوسف النجدي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 08:29 ص]ـ
الأخ: أبو الحسن الأكاديري.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 08:31 م]ـ
الإخوة الأعزاء لا تخرجوا عن الموضوع، فكل ما قرر فيها حق ولكننا نبحث ثبوت النسبة للشيخ من عدمها ..
وشكراً
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[18 - 05 - 08, 09:02 م]ـ
ليس هناك ما يدل على ثبوتها له, لا من قوله ولا من قول أصحابه ابن القيم, وابن كثير والذهبي وغيرهم رحمهم الله تعالى .. #
ـ[العوضي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 09:35 م]ـ
س13/ لامية شيخ الإسلام هل وقفتم على أصل لها مخطوط يثبت صحة نسبتها إليه؟
ج13/ لامية شيخ الإسلام نشرها الأخ خالد الحيان معتمدا على عدة نسخ خطية متأخرة، وذكر بعض أدلة ثبوتها،وإن كنت لا أوافقه على الجزم بنسبتها إليه، بل فيه نظر كبير.
ثم وقفت على نسخة خطية منها على طرة مجموع فيه فناوى لابن تيميه
بخط أحد أبناء عمومته ابن تيميه، بتاريخ (762) في غاية الجودة والنفاسة، لكنه لم يجزم بنسبتها لشيخ الإسلام، فيبقى أن تجمع هذه الدلائل والقرائن إذا أردنا الجزم بإثباتها أو نفيها.
لقاء ملتقى أهل الحديث بالشيخ المحقق علي بن محمد العِمران ( http://www.saaid.net/leqa/17.htm)
ـ[العوضي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 10:01 م]ـ
الأبيات الستة عشر تسمى (لامية) لأن أواخر الأبيات تنتهي بحرف اللام، وجدت بين
رسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية يعني في المخطوطات يوجد قبلها رسالة لشيخ الإسلام وبعدها
رسالة، وكتب على بعضها (عقيدة ابن تيمية) ولذا قالوا اللامية لشيخ الإسلام ابن تيمية، اللامية
باعتبار أن حرف الراوي فيها اللام، وباعتبار أنها وجدت في بعض مصنفات، وإلا ما فيها ما يدل
على أنها لشيخ الإسلام ابن تيمية، وما ذكرت في مؤلفاته، يعني ما ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في
مؤلفات شيخ الإسلام ولذا يقول المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن الكلام الموجود فيها
حق، سواء كان لشيخ الإسلام أو لغيره رحم الله الجميع، وما دام الكلام حقا فعلى طالب العلم أن
يعنى بها، فهي منظومة طيبة على اختصارها حوت ما اتفق عليه من مسائل الاعتقاد فهي منظومة طيبة فعلى طالب العلم أن يعنى بها ويحفظها
كلام الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله في شرحه للكتاب
ـ[العوضي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 10:04 م]ـ
الشيخ عبد الله الغنيمان يشكك بنسبة لامية شيخ الإسلام لشيخ الإسلام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85166&highlight=%E1%C7%E3%ED%C9)
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[20 - 05 - 08, 04:08 ص]ـ
[ COLOR="Blue"]
بخط أحد أبناء عمومته ابن تيميه [/ URL]
بينه و بين بني عمه هذا قرون، وكما قلت أن ما قُرر في المنظومة حق فلا وجه للتباحث في نسبتها من عدمها.
و الله الموفق
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:03 ص]ـ
هناك بيتٌ منها مذكور في " مجموع الفتاوي "، لعلي أحاول تذكره و ذكره، فليس يحضرني الآن، و يُؤْنَسُ بما قيل من كثرة مؤلفاته و انتشاره و ضياعها، و خاصة فتاويه.
ـ[صخر]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:29 ص]ـ
هل تقصد قوله قبحا أو (تبا) لمن نبذ الكتاب وراءه؟؟
ـ[ندى الشمرية]ــــــــ[21 - 05 - 08, 11:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا كم أحب هذه المنظومة(49/146)
التحذير من (الكوثري) .. هذه المرة جاء من (الجزائر)!
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 06:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
التحذير من (الكوثري) .. هذه المرة جاء من (الجزائر)!
مشاركة مني فيما يقوم به الشيخ الفاضل سليمان بن صالح الخراشي - وفقه الله -؛ من جمع لردود العلماء على الجهمي الجلد زاهد الكوثري وتحذيراتهم من تعليقاته وتسويداته، أنقل لكم ما خطه يراع مؤرخ الجزائر الشيخ العلامة مبارك الميلي (ت 1364 هـ - 1945 م) - رحمه الله -؛ تعليقا على رسالة " الكوثري وتعليقاته " حين اطلع عليها.
وأسأل الله أن ينفع بهذه المساهمة المتواضعة، مع اعترافي ببضاعتي المزجاة، غير أن الأمر كما قال الله - تعالى -: (ليُنفق ذو سعة من سعته ومن قُدر عليه رزقه فليُنفق مما آتاه الله لا يُكلِّف الله نفسا إلا ما آتاها) [الطلاق: 7].
وإذا بدا لا تستقلوا حجمه * فلعمركم فيه الكثير الطيِّب
قال الشيخ - رحمه الله - في (العدد 143) من جريدة " البصائر " الجزائرية (17 شوال 1357 هـ / 9 ديسمبر 1938 م، ص 8):
(" الكوثري وتعليقاته ": رسالة لطيفة تقع في عشرين صفحة مطبوعة طبعا جيدا في ورق صقيل، محررة بقلم الأستاذ محمد نصيف السلفي الجماعة للكتب الواسع الإطلاع؛ كشف بها عن سوء عقيدة الشيخ زاهد الكوثري في أئمة السلف ورجال الحديث، حمله على تحريرها ما رآه من تحامل الكوثري على خيرة علماء الأمة الحاملين للعقيدة السلفية، وذلك في تعليقاته التي وضعها على عدة كتب نشرها الشيخ حسام الدين القدسي وعهد إليه بتصحيحيها والتعليق عليها.
وقد كنت اقتنيتُ جملة من تلك الكتب من مكتبة الأستاذ القدسي، ورأيتُ تعليقات الكوثري عليها، فساءني منها مثل ما ساء الأستاذ محمد نصيف، وإن راقني منها متانة في الأسلوب وسعة في الإطلاع، مما يدل على عناية شديدة في البحث والتحرير معا، لكنها عناية لالتقاط ما يوافق الهوى والإغراب على القارئ في المظان حتى يعسر الوقوف على تحريفه وتزويره.
ويومئذ هممت أن أكتب إلى الأستاذ القدسي برأيي في تعليقات الكوثري، ولكني رأيته - بعدُ - قد أدرك سوء قصده ووقف على ما أوجب له الإعلان بالبراءة منه، وتسجيل خيانته في النقل، فكتب القدسي هذا المعنى في مقدمة نشره لرسالة " القصد والأمم "، وبسطه في مقدمته لنشر كتاب " الانتقاء"، وكلاهما لابن عبد البر، فأخبرت الأستاذ القدسي بعزمي الأول، وشكرت نصحه وإخلاصه للعلم فيما كتب).
تعليق:
1 - الرسالة من تأليف علامة الشام الشيخ محمد بهجة البيطار - رحمه الله - وليست من تأليف الشيخ محمد نصيف - رحمه الله -، وهذا الأخير قد يكون قام على طبعها وتوزيعها بماله الخاص، فسبق نظر الشيخ مبارك الميلي إلى اسمه فظنه هو الذي حررها، والله أعلم.
2 - تعليق الشيخ وإن جاء مختصرا، إلا أن في تلك السطور القليلة، والكلمات المعدودة دليلا على توافق أهل السنة على الحق وإن تباعدت ديارهم، واختلفت أعصارهم وأمصارهم، ولله الحمد.
3 - هذه الشهادة من عالم جزائري فيها رد على بعض الكتاب - عندنا - ممن لا زالوا يروجون للكوثري في صحفهم ورسائلهم مع ظهور حقيقته وكساد بضاعته، حتى كتب أحدهم - متأسفا – ما نصه: (الكوثري الذي تشهد تحقيقاته وتعليقاته على نفائس المخطوطات، ومقالاته على براعته في العلم، وطول باعه في خدمة السنة والذود عن حياض الإسلام، ومعرفته الواسعة بالمخطوطات ومكان وجودها، هذا الرجل أيضا لم يسلم منهم [يقصد السلفيين]، بل نال الحظ الأوفر من حقدهم وظلمهم، حيث عملوا على تشويه صورته، وعلى طمس معالمه، وعلى نبزه بالألقاب حتى أصبح لا يذكر الكوثري إلا مقرونا بالعداء للسنة وللسلف الصالح، ورغم أن الرجل معاصر ولم يمت إلا في الخمسينيات من هذا القرن [يقصد القرن العشرين] إلا أن كتبه ومؤلفاته لا تكاد تعثر عليها إلا عند آحاد الناس بسبب التشويه والطعن والتعتيم الذي مارسه هؤلاء عليه)، كذا قال - هداه الله -، عسى أن يراجع كلامه عندما يطلع على شهادة الشيخ مبارك الميلي - رحمه الله - في (المحدث الحافظ الإمام زاهد الكوثري!!!).
فريد المرادي (11 جمادى الأولى 1429 هـ).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 07:11 م]ـ
حمل رسالة " الكوثري وتعليقاته " من هنا: [/ SIZE][/FONT]
http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1511 (http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1511)
ومن هنا روابط لمواضيع سابقة للشيخ سليمان الخراشي حول الكوثري:
هذه المرة: من (الحجاز) .. جاء التحذير من (الكوثري) [/ FONT]
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136470 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136470)
هذه المرة .. من (اليمن) .. جاء التنكيل بالكوثري
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136890 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136890)
ومن (الكويت) .. جاء التحذير والرد على (الكوثري)
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=132932 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=132932)
اعترافات دكتور كتب عن الكوثري (بحث منشور في غير مظانه)
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=130674 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=130674)
رسالة جامعية عن (الكوثري) .. جديرة بالنشر
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=32 (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=32)
مقال الأستاذ محب الدين الخطيب - رحمه الله - في تعقب الكوثري
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=114401 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=114401)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/147)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[17 - 05 - 08, 03:28 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم "المرادي" و وفقك لما فيه رضاه، وأعجبني البيت اللطيف الذي نقلت:
وإذا بدا لا تستقلوا حجمه * فلعمركم فيه الكثير الطيِّب
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 05:24 م]ـ
وإياكم أخي الفاضل " عبد الحق "، وفقني الله وإياك ...
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[21 - 05 - 08, 10:27 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 02:12 م]ـ
الله أكبر,,
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 08:39 م]ـ
الأخوين الكريمين: محمد عبد الكريم، وأبا العباس البحريني: بارك الله فيكما وجزاكما كل خير ...
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[24 - 05 - 08, 09:11 م]ـ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
وإذا بدا لا تستقلوا حجمه * فلعمركم فيه الكثير الطيِّب
لي سؤالٌ عندكم ..
ألا تُعتبر (لعمركم) من قبيل القسم؟
إذا لم يكُن الأمر كذلك .. فما المقصود بها - بعد إذنكم -؟
ـ[سمير زمال]ــــــــ[24 - 05 - 08, 09:22 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بعلمك
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[24 - 05 - 08, 10:08 م]ـ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لي سؤالٌ عندكم ..
ألا تُعتبر (لعمركم) من قبيل القسم؟
إذا لم يكُن الأمر كذلك .. فما المقصود بها - بعد إذنكم -؟
بسم الله الرحمن الرحيم
لَعَمري
بقلم: فضيلة الشيخ حماد محمد الأنصاري
المدرس بالجامعة الإسلامية
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فلقد جرى بيني وبين بعض الإخوان بحث مهم حول زعم النحويين إن كلمة "لعمري" نص في اليمين كما قال ابن مالك في ألفيته:
وفي نص يمين "ذا استقر" وبعد لولا غالباً حذف الخبر حتم
وأثارت هذه الدعوى بيننا استشكالاً عميقاً لأنها لا تتلاءم مع نهي الشارع عن الحلف بغير الله على القول بأنها يمين شرعاً، لما ثبت في حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عند الشيخين.
قال البخاري حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" وعند ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق عكرمة قال: قال عمر: "حدثت قوماً حديثاً فقلت لا وأبي. فقال رجل من خلفي: لا تحلفوا بآبائكم فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك والمسيح خير من آبائكم". قال الحافظ وهذا مرسل يتقوى بشواهده. وعند الترمذي من وجه آخر عن ابن عمر: "أنه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة فقال: لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". قال الترمذي حسن وصححه الحاكم. وقال النووي: "قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لأن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر".
وروى عبد الرزاق عن الثوري عن أبي سلمة عن وبرة قال: "قال عبد الله لا أدري ابن مسعود أو ابن عمر: "لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً". اهـ ج8 ص469. من المنصف91.
قال الهيثمي: "ورواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح". ج4 ص177.
وقال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده وقال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز لأحد الحلف بها وجزم غيره بالتفصيل فقال فإن اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به وكان بذلك كافراً وعلى هذا يتنزل حديث الترمذي المذكور.
وأما إذا حلف بغير الله لاعتقاده تعظيم المحلوف به على ما يليق به من التعظيم فلا يكفر بذلك ولا تنعقد يمينه. قال الماوردي لا يجوز لأحد أن يحلف أحدا بغير الله لا بطلاق ولا عتاق ولا نذر وإذا حلف الحاكم أحداً بشيء من ذلك وجب عزله لجهله - انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/148)
وهذا هو سبب الاستشكال المذكور آنفاً حول كلمة "لعمري" وفي ضمن البحث قلت إن لفظ "لعمري" ليس يميناً شرعياً بل هو يمين لغوية لخلوه من حروف القسم المعروفة المحصورة في الواو والباء والتاء ولعدم الكفارة على من أقسم بها. هذا مع ثبوت الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم نطق بها وصح عن بعض أصحابه رضي الله عنهم التفوه بها منهم ابن عباس وعثمان ابن أبي العاص وعائشة أم المؤمنين وأسماء بنت أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة ابن الجراح وغيرهم رضي الله عنهم وكذلك صح عن التابعين لهم بإحسان استعمالها منهم عطاء وقتادة وغيرهما كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى. ولم يثبت عن أحد حسب الاستقراء مخالفتهم إلا ما حكي عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي.
قال عبد الرزاق اخبرنا معمر عن مغيرة عن إبراهيم أنه كان يكره "لعمرك" ولا يرى بـ"لعمري بأسا" قال معمر وكان الحسن يقول لا بأس بـ"وأيم الله"، ويقول قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأيم الذي نفسي بيده". انتهى ج8 ص469 - 471. وهما محجوجان بالنصوص الواردة في جواز التكلم بها إن لم نحمل قولهما على عدم بلوغ النصوص إليهما وهذا هو الأظهر المظنون بمثلهما أو على أنهما منعا ذلك سداً للذريعة. وأما قياس إبراهيم النخعي هذه الكلمة "لعمري" على قول الإنسان "وحياتي" فقياس مع فارق وهو باطل كما هو معروف في فن الأصول لأن الأخيرة معها واحد من حروف القسم التي أجمع على أنها صريحة في اليمين بخلاف تلك أي "لعمري" فإن اللام فيه ليست من أدوات القسم لما تقدم. بل مثل هذه اللفظة تعتبر جرياً على رسم اللغة تذكر لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالقسم بالله لوجوب البر به وليس الغرض فيه اليمين الشرعي فصورة القسم على هذا الوجه المذكور لا بأس به ولهذا شاع بين المسلمين استعمالها. وقد قال النووي في شرحه على حديث مسلم والدارمي وأبي داود أعني حديث إسماعيل بن جعفر قال مسلم النيسابوري القشيري في صحيحه حدثني يحيى بن جعفر قال مسلم النييسابوري القشيري في صحيحه حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعاً عن إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه واسم أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ونافع هذا عم مالك بن أنس الإمام وهو تابعي سمى أنس بن مالك عن طلحة بن عبيد الله: أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال: هل عليّ غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان. فقال: هل عليّ غيره؟ قال: لا إلا أن تطوع. وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع. فأدبر الرجل وهو يقول: لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح وأبيه أو دخل الجنة وأبيه إن صدق" وقال الحافظ محيى الدين النووي في شرحه: "هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه مع قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" وجوابه أن قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه" ليس حلفاً إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى فهذا هو الجواب المرضي وقيل يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم".
وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام النووي هذا وزاد: "ولأبي داود مثل رواية مسلم لكن بحذف (أو) في قوله: "أفلح وأبيه إن صدق ودخل الجنة وأبيه إن صدق". ثم قال: "إن هذه كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جرت على لسانهم (عقري وحلقي) وما أشبه ذلك أو فيه إضمار اسم الرب. وكأنه قال ورب أبيه وقيل هو خاص به صلى الله عليه وسلم ويحتاج هذا القول إلى دليل وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال هو تصحيف، وإنما كان والله فقصرت اللامان واستنكر القرطبي هذا وقال أنه يجزم الثقة بالرواية الصحيحة وغفل القرافي فادعى أن الرواية بلفظ "وأبيه" لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/149)
فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه".
قال البيهقي: "وأما الذي روينا في كتاب الصلاة عن طلحة بن عبيد الله في قصة الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفلح وأبيه إن صدق". فيحتمل أن يكون هذا القول منه صلى الله عليه وسلم قبل النهي ويحتمل أن يكون جرى ذلك منه على عادة الكلام الجاري على الألسن وهو لا يقصد به القسم كلغو اليمين المعفو عنه. ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع عنه إذا كان منه على وجه التوقير والتعظيم لحقه دون ما كان بخلافه ولم يكن ذلك منه على وجه التعظيم بل كان على وجه التوكيد.
ويحتمل أنه كان صلى الله عليه وسلم أضمر فيه اسم الله تعالى كأنه قال لا ورب أبيه وغيره لا يضمر بل يذهب فيه مذهب التعظيم لأبيه". قال السهيلي في روض الأنف ج6 ص548 غزوة خيبر حول شرح "فاغفر فداء لك ما أبقينا" بعنوان "استعمال الكلمة في غير موضعها" قال في ذلك: "فرب كلمة ترك أصلها واستعملت كالمثل في غير ما وضعت له أولا كما جاءوا بلفظ القسم في غير موضع القسم إذا أرادوا تعجباً واستعظاماً لأمر كقوله عليه الصلاة و السلام في حديث الأعرابي من رواية إسماعيل بن جعفر: "أفلح وأبيه إن صدق" ومحال أن يقصد صلى الله عليه وسلم القسم بغير الله تبارك وتعالى لا سيما برجل مات عليه الكفر وإنما هو تعجب من قول الأعرابي والمتعجب منه مستعظم ولفظ القسم في أصل وضعه لما يعظم فاتسع في اللفظ على هذا الوجه قال الشاعر:
فلا وأبي أعدائها لا أخونها فإن تك ليلى استودعتني أمانة
لم يرد أن يقسم بأبي أعدائها ولكنه ضرب من التعجب وقد ذهب أكثر شراح الحديث إلى النسخ في قوله: "أفلح وأبيه" قالوا نسخه قوله: "لا تحلفوا بآبائكم" وهذا قول لا يصح لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحلف قبل النسخ بغير الله ويقسم بقوم كفار وما أبعد هذا من شيمته صلى الله عليه وسلم تالله ما فعل هذا قط ولا كان له بخلق، وقال قوم رواية إسماعيل بن جعفر مصفحة وإنما هو " أفلح والله إن صدق" وهذا أيضاً منكر من القول واعتراض على الاثبات العدول فيما حفظوا. وقد خرج مسلم في كتاب الزكاة قوله عليه الصلاة والسلام لرجل سأله أي الصدقة أفضل فقال: "وأبيك لأنبئنك أو قال لأخبرنك "وذكر الحديث. وخرج في كتاب البر والصلة قوله لرجل سأله: "من أحق الناس بأن أبره؟ أو قال: "أصله فقال وأبيك لأنبئك صل أمك" الحديث.
فقال: "في هذه الأحاديث كما ترى "وأبيك" فلم يأت إسماعيل بن جعفر إذا في روايته بشيء إمر ولا بقول بدع. وقد حمل عليه في روايته رجل من علماء بلادنا وعظماء محدثيها يعني الحافظ بن عبد البر وغفل عفا الله عنه عن الحديثين اللذين تقدم ذكرهما وقد خرجهما مسلم بن الحجاج وفي تراجم أبي داود في كتاب الإيمان في مصنفه ما يدل على أنه كان يذهب إلى قول من قال بالنسخ وأن القسم بالآباء كان جائزاً. والذي ذكرناه ليس في باب الحلف بالآباء كما قدمنا ولا قال في الحديث وأبي، وإنما قال وأبيه أو وأبيك بالإضافة إلى ضمير المخاطب أو الغائب وبهذا الشرط يخرج عن معنى الحلف إلى معنى التعجب الذي ذكرناه هكذا في الروض الآنف ج6 ص548 في غزوة خيبر الطبعة الأخيرة.
وقال الحافظ: "وأقوى الأجوبة الأولان وهما أن هذا كان قبل النهي أو أنها كلمة جارية على اللسان كما تقدم في كلام النووي. وكونه منسوخاً أصح لحديث عمر وابنه".
فصل في ذكر بعض ما ورد في هذه الكلمة مرفوعاً وموقوفاً ومقطوعاً.
فهاك أيها القارئ الطالب للحق بعض ما ورد في هذه الكلمة مرفوعاً اسرده لك بعدما مهدت به على هذه المسألة ولقد فتشت وسألت عمن ألف في خصوصيتها فلم أجد من قرع بابها قبل قلمي هذا.
فأقول وبالله التوفيق (الأحاديث المرفوعة) في المسألة قولاً وتقريراً من الشارع صلى الله عليه وسلم قال أبو داود سليمان بن الأشعث في سننه حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه بن صحار التميمي أنه مر بقوم فأتوه فقالوا إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارق لنا هذا الرجل فأتوه برجل معتوه في القيود فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه شيئاً فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل فلعمري لمن أكل برقية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/150)
باطل لقد أكلت برقية حق" وقال أبو داود أيضا في سننه حدثنا عبد الله بن مسلمة عبد مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال: "نزلت وأنا وأهلي ببقيع الغرقد فقال لي أهلي اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا شيئاً نأكله فجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلاً يسأله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أجد ما أعطيك" فتولى الرجل وهو مغضب وهو يقول: "لعمري إنك لتعطي من شئت" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغضب عليّ أن لا أجد ما أعطيه. من سأل منكم وله أوقية أو عد لها فقد سأل إلحافا". قال الأسدي فقلت للقحة لنا خير من أوقية والأوقية أربعون درهماً قال فرجعت ولم أسأله فقدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شعير أو زبيب فقسم لنا منه أو كما قال حتى أغنانا الله عز وجل"، قال أبو داود هكذا روى الثوري كما قال مالك. انتهى.
"فصل" في الآثار عن الصحابة
وقد تقدم أن سبعة من الصحابة نطقوا بهذه الكلمة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي روى حديث النهي عن الحلف بغير الله فقد ثبت عنه في كتابه إلى أبي عبيدة بن الجراح أنه قال:
"أما بعد فقد قدم عليّ أخو ثمالة بكتابك يخبرني فيه بنفر الروم إلى المسلمين براً وبحراً وبما جاشوا عليكم من أساقفتهم وقسيسهم ورهبانهم وإن ربنا المحمود عندنا والصانع لنا والعظيم ذا المن والنعمة الدائمة علينا قد رأى مكان هؤلاء الأساقفة والرهبان حيث بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأعزه بالنصرة ونصره بالرعب على عدوه وقال وهو لا يخلف الميعاد {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} فلا تهولنك كثرة ما جاءك منهم فإن الله منهم بريء من برئ الله منه كان قمنا أن لا تنفعه كثرة وإن يكله الله إلى نفسه ويخذله ولا توحشنك قلة المسلمين في المشركين فإن الله معك وليس قليلاً من كان الله معه فأقم بمكانك الذي أنت فيه حتى تلقى عدوك وتناجزهم وتستظهر بالله عليهم وكفى به ظهيراً وولياً ونصيراً. وقد فهمت مقالتك احتسب أنفس المسلمين إن هم أقاموا ودينهم إن هم تفرقوا فقد جاءهم ما لا قبل لهم به إلا أن يمدهم الله بملائكته ويأتيهم بغياث من قبله.
وأيم الله لولا استثناؤك بهذا لقد كنت أسأت ولعمري إن أقام لهم المسلمون وصبروا فأصيبوا لما عند الله خير الأبرار ولقد قال الله عز وجل {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} فطوبى للشهداء وإن لمن عقل عن الله ممن معك من المسلمين لأسوة بالمصرعين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطنه فما عجز الذين قاتلوا في سبيل الله ولا هابوا الموت في جنب الله ولا وهن الذين بقوا من بعده ولا استكانوا لمصيبتهم ولكنهم تأسوا بها وجاهدوا في الله من خالفهم منهم وفارق دوينهم ولقد أثنى الله على قوم بصبرهم فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فأما ثواب الدنيا فالغنيمة والفتح وأما ثواب الآخرة فالمغفرة والجنة واقرأ كتابي هذا على الناس ومرهم فليقاتلوا في سبيل الله وليصيروا كيما يؤتيهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة. فأما قولك أنهم قد جاءهم ما لا قبل لهم به فإن لا يكن لكم بهم قبل فإن لله بهم قبلا ولم يزل ربنا عليهم مقتدرا ولو كنا والله إنما نقاتل الناس بحولنا وقوتنا وكثرتنا لهيهات ما قد أبادونا وأهلكونا ولكن نتوكل على الله ربنا ونبرأ إليه من الحول والقوة ونسأله النصرة والرحمة وإنكم منصورون إن شاء الله على كل حال فأخلصوا لله نيتكم وارفعوا إليه رغبتكم واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم فتفلحون".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/151)
قال أحمد زكي صفوت في جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة ذكرها صاحب فتوح الشام ص 162.
قلت: قال أبو عبد الله الواقدي مؤلف فتوج الشام والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة ما اعتمدت في أخبار هذه الفتوح إلا الصدق وما نقلت أحاديثها إلا عن الثقات.
قال الخطيب البغدادي في كتابه الموضح: "أخبرنا السكري أخبرنا جعفر الواسطي أخبرنا ابن المتوكل أخبرنا المدائني قال: قال عبد الله بن فائد وغسان ابن عبد الحميد عن جعفر بن عبد الله بن مسور بن مخرمة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال لمتمم بن نويرة أنشدني مرثيتك أخاك مالكاً فأنشده:
ولا جزعاً مني وإن كنت موجعا لعمري وما عمري بتابين هالك
قال الإمام أحمد حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال أخبرتني عائشة رضي الله عنها قالت خرجت يوم الخندق أقفو الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا أنا بسعد بن معاذ رضي الله عنه ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة قالت فجلست إلى الأرض فمر سعد رضي الله عنه وعليه درع من حديد قد خرجت منه أطرافه فأنا أتخوّف على أطراف سعد قالت وكان سعد رضي الله عنه من أعظم الناس وأطولهم فمر وهو يرتجز ويقول:
ما أحسن الموت إذا حان الأجل ليث قليلاً يشهد الهيجا حمل
قالت فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين وإذا فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيهم رجل عليه تسبغة له تعني المغفر فقال عمر رضي الله عنه ما جاء بك" لعمري" والله إنك لجريئة وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تخور قالت فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت في ساعتئذ فدخلت فيها فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا هو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقال يا عمر ويحك إنك قد أكثرت منذ اليوم وأين التخور أو الفرار إلا إلى الله" الحديث ذكره ابن كثير بطوله جـ3 ص479.
ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما فقد جاء عن جويرية بنت أسماء عن نافع بن شيبة قال: "لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم فأخذ بخطام راحلته فأناخ به ثم ساره طويلاً وانصرف فزجر معاوية الراحلة فقال له ابنه يزيد لا يزال الرجل قد عرض لك فأناخ بك" قال: "دعه لعله يطلبها من غيري فلا يسوغه فيقتله" في كلام طويل إلى أن قال: "وقال ابن عمر للحسين: "لا تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة وإنك بضعة منه ولا تنالها ثم اعتنقه وبكى وودعه فكان ابن عمر يقول غلبنا بخروجه ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن يتحرك". انتهى من سير النبلاء جـ3ص199.
ومنهم ابن عباس قال الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري من بني قشير قبيلة من العرب معروفة النيسابوري في باب النساء الغازيات جـ12 ص190: "حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس لولا أن أكتم علماً ما كاتبت إليه كتب إليه نجدة أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهم بسهم وهل كان يقتل الصبيان ومتى يتقضى يتم اليتيم وعن الخمس لمن هو؟
فكتب إليه ابن عباس رضي الله عنهما كتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان، وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم"فلعمري" إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو، وإنا كنا نقول هو لنا فأبى علينا قومنا ذلك" وأخرج مسلم عن عروة ابن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال ان ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه أنك لجلف جاف"فلعمري" لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين، يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ابن الزبير فجرب بنفسك فوالله لأن فعلتها لأرجمنك بأحجارك والمراد بالرجل ابن عباس انتهى من مسلم في باب نكاح المتعة جـ1 ص452.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/152)
وأما عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقد نطقت بـ"لعمري".
قال محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في باب قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} قال قلت: "أكذبوا أم كذّبوا" قالت عائشة: "كذّبوا" قلت: "فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن" قالت: "أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك" فقلت لها: "وظنوا أنهم قد كذبوا" قالت: "معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها" قلت: "فما هذه الآية؟ " قالت: "هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأسوا ممن كذبوهم من قومهم فظنت الرسل أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك".
وأخرج الحاكم في مستدركه بسنده إلى عبد الله بن وهب أخبرني عمرو ابن الحارث أن بكيراً حدثه أن أمه حدثته: أنها أرسلت إلى عائشة رضي الله عنها بأخيه مخرمة وكانت تداوي من قرحة تكون بالصبيان فلما داوته عائشة وفرغت منه رأت في رجليه خلخالين جديدين فقالت عائشة أظننتم أن هذين الخلخالين يدفعان عنه شيئاً كتبه الله عليه لو رأيتهما ما تداوى عندي وما مرّ عندي لعمري للخلخالين من فضة أطهر من هذين قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص سمعه ابن وهب منه.
وأما عثمان بن أبي العاص فقد أخرج إسحاق بن راهويه في مصنفه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: "كانت يمين عثمان بن أبي العاص لعمري" وقال الحافظ بن حجر في الإصابة في أسماء الصحابة: "ذكر المرزباني في معجم الشعراء أن عثمان بن بشر بن دهمان كان قد شد في الجاهلية على عمرو بن معد يكرب فهرب عمرو فقال عثمان:
حواسر يخمشن الوجوه على عمرو لعمرك لولا الليل قامت مآتم
وأما أبو عبيدة بن الجراح: فإنه ثبت أنه تكلم بها في كتابه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ولفظه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبي عبيدة بن الجراح.
سلام عليكم فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أما بعد:
فإن الروم قد أقبلت فنزلت فحل طائفة منهم مع أهلها وقد سارع إليهم أهل البلد ومن كان على دينهم من العرب وقد أرسلوا إلي أن أخرج من بلادنا التي تنبت الحنطة والشعير والفواكه والأعناب وأنكم لستم لها بأهل والحقوا ببلادكم بلاد الشقاء والبؤس فإن أنتم لم تفعلوا سرنا إليكم بما لا قبل لكم به ثم أعطينا لله عهداً أن لا ننصرف عنكم ومنكم عين تطرف فأرسلت إليهم: أما قولكم أخرجوا من بلادنا فلستم بأهله فلعمري ما كنا لنخرج منها وقد دخلناها وورّثناها الله منكم ونزعناها من أيديكم وإنما البلاد بلاد الله والعباد عباده وهو ملك الملوك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وأما ما ذكرتم من بلادنا وزعمتم أنها بلاد البؤس والشقاء فقد صدقتم قد أبدلنا الله بها بلادكم بلاد العيش الرفيغ أي الواسع والسعر الرخيص والفواكه الكثيرة فلا تحسبونا بتاركيها ولا منصرفين عنها ولكن أقيموا لنا فوالله لا نجشمكم إتياننا ولتأتينكم إن أقمتم لنا فكتبت إليك حين نهضت إليهم متوكلاً على الله راضياً بقضاء الله واثقاً بنصر الله كفانا الله وإياكم والمؤمنين مكيدة كل كائد وحسد كل حاسد ونصر الله أهل دينه نصراً عزيزاً وفتح لهم فتحاً يسيراً وجعل لهم من لدنه سلطاناً نصيراً. انتهى. من جمهرة رسائل العرب وقد عزاها صاحبها إلى فتوح الشام ص109.
وروى البزار بسند فيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي وهو ضعيف جداً وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به عن جابر قال دخل علي بن أبي طالب على فاطمة رضي الله عنها يوم أحد فقال-
فلست برعديد ولا بلئيم أفاطمة هاك السيف غير ذميم
ومرضاة رب بالعباد عليم "لعمري" لقد أبليت في نصر أحمد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه سهل بن حنيف وابن الصمة وذكر آخر فنسيه علي فقال جبريل صلى الله عليه وسلم يا محمد هذا وأبيك المواساة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل إنه مني فقال جبريل وأنا منكما انتهى من مجمع الزوائد جـ6 ص 122.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/153)
وأما أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فقد ذكر الحافظ الذهبي في سير النبلاء انها فاهت بهذه الكلمة بما لفظه سفيان بن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي قال قدمت أسماء من الحبشة فقال لها عمر يا حبشية سبقناكم بالهجرة فقالت "لعمري" لقد صدقت كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم وكنا البعداء الطرداء أما والله لأذكرنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان.
وكذلك الصحابي الذي جاءه الأسدي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أقره صلى الله عليه وسلم على النطق بها لما تولى وهو مغضب حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أجد ما أعطيك فقال "لعمري" إنك لتعطي من شئت الحديث تقدم عند أبي داود في باب الأحاديث المرفوعة ومنهم أبو هريرة.
(قال عبد الرزاق) باب الحلف بغير الله وأيم الله "ولعمري"
قال الراوي أخبرها عبد الرزاق قال أخبرها ابن جريج قال سمعت عطاء يقول كان خالد بن العاص وشيبة بن عثمان يقولان إذا أقسما "وأبي" فنهاهما أبو هريرة عن ذلك أن يحلفا بآبائهما قال فغير شيبة فقال"لعمري"وذلك أن إنساناً سأل عطاء عن "لعمري" وعن"لا" ها الله إذا أبهما بأس فقال لا ثم حدث هذا الحديث عن أبي هريرة وأقول ما لم يكن حلف بغير الله فلا بأس فليس"لعمري"بقسم. انتهى منه جـ8 ص469 إلى 471.
ورور عبد الرزاق أيضاً عن الثوري عن إبراهيم بن مسلم عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذا الصلوات المكتوبة حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله قد شرع لنبيكم سنن الهدى" ولعمري" ما أخال أحدكم إلا وقد اتخذ مسجداً في بيته ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه أو معروف نفاقه ولقد رأيت الرجل يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف فما من رجل يتطهر فيحسن الطهور فيخطو خطوة يعمد بها إلى مسجد لله تعالى إلا كتب الله له بها حسنة ورفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى إن كنا لنقارب في الخطا جـ -1 ص 516.
الأحاديث المقطوعة في المسألة.
وقد ذكرنا في أول التمهيد أن كلمة "لعمري" تكلم بها التابعون منهم عمر بن عبد العزيز فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة وكان عاملاً على البصرة: أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر أن قبلك عمالاً قد ظهرت خيانتهم وتسألني أن آذن لك في عذابهم كأنك ترى أن لك جنة من دون الله فإذا جاءك كتابي هذا فإن قامت عليهم بينة فخذهم بذلك وإلا فاحلفهم دبر صلاة العصر بالله الذي لا إله إلا هو ما اختانوا من مال المسلمين شيئاً فإن حلفوا فخل سبيلهم فإنما هو مال المسلمين وليس للشحيح منهم إلا جهد إيمانهم "ولعمري" لأن يلقوا الله بخياناتهم أحبّ إليّ من أن ألقى الله بدمائهم والسلام - انتهى سيرة عمر بن عبد العزيز للإمام مالك ص55.
وذكر ابن كثير أنه لما احتضر عمر بن عبد العزيز سمع غسالاً يغسل الثياب فقال ما هذا فقالوا غسالاً فقال يا ليتني كنت غسالاً أكسب ما أعيش به يوماً بيوم ولم آل الخلافة ثم تمثل فقال:
ودانت في الدنيا بوقع البواتر لعمري لقد عمرت في الملك برهة
ولي سلّمت كل الملوك الجبابر وأعطيت حمر المال والحكم والنهي
كحلم مضى في المزمنات الغوابر وأضحى الذي قد كان مما برني
ولم أسع في لذات عيش نواضر فيا ليتني لم أعن بالملك ليلة
وقد أنشد هذه الأبيات أيضاً معاوية بن أبي سفيان عند موته وقال عمر بن عبد العزيز لزوجته فاطمة بنت عبد الملك قد علمت حال هذا الجوهر كلها وما صنع فيه أبوك ومن أين أصابه فهل لك أن أجعله في تابوت ثم أطبع عليه وأجعله في أقصى بيت مال المسلمين وأنفق ما دونه فإن خلصت إليه أنفقته وإن مت قبل ذلك "فلعمري" ليردنه إليك قالت له افعل ما شئت ففعل ذلك فمات رحمه الله تعالى ولم يصل إليه فرد ذلك عليها أخوها يريد بن عبد الملك فامتنعت من أخذه وقالت ما كنت لأتركه ثم آخذه فقسمه يزيد بين نسائه ونساء بنيه. انتهى من سيرة عمر بن عبد العزيز برواية مالك بن أنس تأليف أبي محمد عبد الله بن عبد الحكم ص53.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/154)
وقال أيضاً كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وكان والي المدينة أما بعد فقد قرأت كتابك إلى سليمان تذكر فيه أنه كان يقطع لمن كان قبلك من أمراء المدينة من الشمع كذا وكذا يستضيئون به في مخرجهم فابتليت بجوابك فيه "ولعمري" لقد عهدتك يا ابن أم حزم وأنت تخرج من بيتك في الليلة الشاتية المظلمة بغير مصباح "ولعمري "لأنت يومتئذ خير منك اليوم ولقد كان في فتائل أهلك ما يغنيك والسلام- انتهى منه ص55.
وقال أيضاً دخل عمر بن عبد العزيز على الوليد بن عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين إن عندي نصيحة فإذا خلا لك عقلك واجتمع فهمك فسلني عنها قال ما يمنعك منها الآن قال أنت أعلم إذا اجتمع لك ما أقول فإنك أحق أن تفهم، فمكث أياماً ثم قال يا غلام من بالباب فقيل له ناس وفيهم عمر بن عبد العزيز فقال أدخله فدخل عليه فقال نصيحتك يا أبا حفص فقال عمر إنه ليس بعد الشرك إثم أعظم عند الله من الدم وإن عمالك يقتلون ويكتبون أن ذنب فلان المقتول كذا وكذا وأنت المسؤول عنه ومأخوذ به فاكتب إليهم أن لا يقتل أحد منهم أحدا حتى يكتب إليك بذنبه ثم يشهد عليه ثم تأمر بأمرك على أمر قد وضح لك قال بارك الله فيك يا أبا حفص ومنع فقدك عليّ بكتاب فكتب إلى أمراء الأمصار كلهم فلم يخرج من ذلك إلا الحجاج فإنه أمضه وشق عليه وأقلقه وظن أنه لم يكتب إلى أحد غيره، فبحث عن ذلك فقال من أين دهينا أو من أشار على أمير المؤمنين بهذا فأخبر أن عمر بن عبد العزيز هو الذي فعل ذلك فقال هيهات إن كان عمر فلا نقض لأمره ثم أن الحجاج أرسل إلى أعرابي حروري جاف من بكر بن وائل ثم قال له الحجاج ما تقول في معاوية فنال منه قال له ما تقول في يزيد فسبه قال فما تقول في عبد الملك فظلّمه قال فما تقول في الوليد فقال اجورهم حين ولاك وهو يعلم عداءك وظلمك قال فسكت عنه الحجاج واقترضها منه ثم بعث به إلى الوليد وكتب إليه أنا أحوط لديني وأرعى لما استرعيتني وأحفظ له من أن أقتل أحداً لم يستوجب ذلك وقد بعثت إليك ببعض من كنت أقتل على هذا الرأي فشأنك وإياه فدخل الحروري على الوليد وعنده أشراف أهل الشام وعمر فيهم فقال له الوليد ما تقول فيّ قال ظالم جائر جبار قال ما تقول في عبد الملك قال جبار عات قال فما تقول في معاوية قال ظالم قال الوليد لابن الريان اضرب عنقه فضرب عنقه ثم قام فدخل منزله وخرج الناس من عنده فقال يا غلام اردد عليّ عمر فرده عليه فقال يا أبا حفص ما تقول في هذا أصبنا فيه أم أخطأنا فقال عمر ما أصبت بقتله ولغير ذلك أرشد وأصوب كنت تسجنه حتى يراجع الله عز وجل أو تدركه منيته فقال الوليد شتمني وشتم عبد الملك وهو حروري أفتستحل ذلك قال "لعمري" ما أستحله لو كنت سجنته إن بدا لك أو تعفو عنه فقام الوليد مغضباً فقال ابن الريان لعمر يغفر الله لك يا أبا حفص لقد راددت أمير المؤمنين حتى ظننت أن يأمرني بضرب عنقك فقال عمر ولو أمرك كنت تفعل قال أي"لعمري" قال عمر أذهب إليك - انتهى ص115.
ومنهم قتادة، قال ابن جرير في تفسيره الجليل حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} قال فما بال أقوام يتكلفون علم الناس فلان في الجنة وفلان في النار فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال لا أدري "لعمري" أنت بنفسك أعلم منك بأعمال الناس ولقد تكلفت شيئاً ما تكلفته الأنبياء قبلك قال نبي الله نوح عليه السلام: {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقال نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} وقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام {لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/155)
ومنهم عطاء فقد أخرج الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في باب طواف النساء مع الرجال قال وقال لي عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم قال ابن جريج أخبرنا قال أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام الطواف مع الرجال قال كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال قلت بعد الحجاب أو قبل قال إي "لعمري" لقد أدركته بعد الحجاب قلت كيف يخالطن الرجال قال لم يكن يخالطن. وروى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عن عطاء قال قلت له أيحق على النساء إذا سمعن الأذان أن يجبن كما هو حق على الرجال قال لا "لعمري" جـ3 ص 147.
فصل في أقوال أئمة التفسير واللغة في "لعمرك"
قال الإمام أبو الفتح ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي الفقيه الحنفي الخوارزمي المولود سنة 538 المتوفى سنة 616 في كتابه المغرب في ترتيب المعرب العمر بالضم والفتح البقاء إلا أن الفتح غلب في القسم حتى لا يجوز فيه إلا الفتح ويقال لعمرك ولعمر الله لأفعلن كذا وارتفاعه على الابتداء وخبره محذوف.
وقال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير في النهاية في غريب الحديث وفي الحديث أنه اشترى من أعرابي حمل خبط فلما وجب البيع قال له اختر فقال له الأعرابي عمرك الله بيّعا أي أسأل الله تعميرك وأن يطيل عمرك والعمر بالفتح العمر ولا يقال في القسم إلا بالفتح وبيعا منصوب على التمييز أي عمرك الله من بيّع ومنه حديث لعمر الهك هو قسم ببقاء الله ودوامه وهو رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره لعمر الله قسمي أو ما أقسم به واللام للتوكيد فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر، فقلت عمر الله وعمرك الله أي بإقرارك لله وتعميرك له بالبقاء.
قال القرطبي في تفسيره والعمر بضم العين وفتحها لغتان ومعناهما واحد إلا أنه لا يستعمل في القسم إلا بالفتح لكثرة الاستعمال، وتقول عمرك الله أي أسأل الله تعميرك وكره كثير من العلماء أن يقول الإنسان لعمري لأن معناه وحياتي قال إبراهيم النخعي يكره للرجل أن يقول لعمري لأنه حلف بحياة نفسه وذلك من كلام ضعفة الرجال ونحو هذا قال مالك أن المستضعفين من الرجال والمؤنثين يقسمون بحياتك وعيشك وليس من كلام أهل الذكران وإن كان الله سبحانه أقسم به في قصة لوط عليه السلام فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه فلا يحمل عليه سواه ولا يستعمل في غيره وقال ابن حبيب ينبغي أن يصرف"لعمرك" في الكلام لهذه الآية وقال قتادة هو من كلام العرب قال ابن العربي وبه أقول لكن الشرع قد قطعه في الاستعمال ورد القسم إليه وقال القرطبي القسم بلعمرك ولعمري في أشعار العرب وفصيح كلامهم كثير قال النابغة الذبياني:
لقد نطقت بطلا عليّ الاقارع لعمري وما عمري عليّ بهين
أراد بالأقارع بني قريع بن عوف وكانوا قد وشوا به إلى النعمان.
وقال طرفة العبد:
لك الطول المرضى وثنياه باليد لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى
والطول بكسر الطاء وفتح الواو الحبل قوله وثنياه أي ما ثنى منه ثم قال وقال بعض أهل المعاني لا يجوز هذا لأنه لا يقال لله عمر وإنما هو تعالى أزلي ذكره الزهراوي وقال أبو حيان في البحر المحيط وهذا الكلام يوهم أن العمر لا يقال إلا فيما له انقطاع وليس كذلك العمر والعمر البقاء.
وقال الجوهري في صحاحه قال ابن الأعرابي احتشمته أغضبته وأنشد:
بطئ النضج محشوم الاكيل لعمرك إن قرص أبي خبيب
وقال في صحاحه أيضا:
عمر الرجل بالكسر يعمر عمراً وعمراً وعلى غير قياس مصدره التحريك أي عاش زمناً طويلاً ومنه قولهم أطال الله عمرك والعمر وهما وإن كانا مصدرين بمعنى واحد إلا أنه استعمل في القسم أحدهما وهو المفتوح فإذا أدخلت عليه اللام رفعته بالابتداء قلت لعمر الله واللام لتوكيد الابتداء والخبر محذوف والتقدير لعمر الله قسمي أو ما أقسم به، فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر وقلت عمر الله ما فعلت كذا وعمرك الله ما فعلت ومعنى لعمر الله وعمر الله أحلف ببقاء الله ودوامه وإذا قلت عمرك الله فكأنك قلت بتعميرك الله أي بإقرارك له بالبقاء.
وقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
قمرك الله كيف يلتقيان أيها المنكح الثريا سهيلاً
أي سألت الله أن يطيل عمرك لأنه لم يرد القسم بذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/156)
قال أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم المعروف بابن المنظور الإفريقي المصري الأنصاري الخزرجي في كتابه لسان العرب العمر بالفتح والعمر بالضم والعمر بضم العين والميم الحياة يقال قد طال عمره وعمره لغتان فصيحتان فإذا أقسموا قال في القسم "لعمري ولعمرك" يرفعونه بالابتداء ويضمرون الخبر كأنه قال "لعمرك" قسمي أو يميني أو ما أحلف به.
قال ابن جني ومما يجيزه القياس غير أنه لم يرد به الاستعمال خبر العمر من قولهم لعمرك لأقومنّ فهذا مبتدأ محذوف الخبر وأصله لو أظهر خبره لعمرك ما أقسم به فصار طول الكلام بجواب القسم عوضاً من الخبر.
وقيل العمر هاهنا الدين وأياً كان فإنه لا يستعمل في القسم إلا مفتوحاً وفي التنزيل العزيز {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} لم يقرأ إلا بالفتح.
وقال أبو حيان قال أبو الهيثم النحوي"لعمرك" لدينك الذي تعمر وقال ابن الأعرابي عمرت ربي أي عبدته وفلان عامر لربه أي عابد قال ويقال تركت فلاناً يعمر ربه أي يعبده فعلى هذا لعمرك لعبادتك وقال الزجاج ألزموا الفتح القسم لأنه أخف عليهم وهم يكثرون القسم بلعمري ولعمري فلزموا الأخف وقد تقدم من كلام القرطبي أن قتادة قال لعمري ولعمرك من كلام العرب قال ابن العربي وبه أقول لكن الشرع قطعه في الاستعمال ورد القسم إليه وقال ابن منظور روى عن ابن عباس في قوله تعالى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ} الآية أي لحياتك قال وما حلف الله بحياة أحد إلا بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وقال قال أبو الهيثم ويقولون معنى لعمرك لدينك الذي تعمر وأنشد بيت عمر بن أبي ربيعة المتقدم قال عمرك الله عبدتك الله فنصب وأنشد:
وذرينا من قول من يؤذينا عمرك الله ساعة حدثينا
فأوقع الفعل على الله عز وجل في قوله "عمرك الله وقال الأخفش في قوله {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ} الآية وعيشك وإنما يريد العمر وقال أهل البصرة اضمر له ما رفعه لعمرك المحلوف به وقال الفراء الإيمان يرفعها جواباتها.
قال الأزهري وتدخل اللام في لعمرك فإذا أدخلتها رفعت بها بالابتداء فقلت لعمرك ولعمر أبيك فإذا قلت لعمر أبيك الخير نصبت الخير وخفضت فمن نصب أراد أن أباك عمر الخير يعمره عمراً وعمارة فنصب الخير بوقوع العمر عليه ومن خفض الخير جعله نعتاً لأبيك وقال المبرد في قوله عمرك الله إن شئت جعلت نصبه بفعل أضمرته وإن شئت نصبته بواو حذفته وعمرك الله وإن شئت كان على قولك عمّرتك الله تعميرا وأنشدتك الله نشيداً ثم وضعت عمرك في موضع التعمير وأنشد فيه:
هل كنت جارتنا أيام ذي سلم عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا
يريد ذكرتك الله وقال الأزهري عمرك الله مثل نشدتك الله قال أبو عبيد سألت الفراء لم أرتفع لعمرك فقال على إضمار قسم ثان كأنه قال وعمرك فلعمرك عظيم وكذلك لحياتك مثله قال والدليل على ذلك قول الله عز وجل {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ} الآية .. كأنه أراد والله ليجمعنكم فأضمر القسم، قال المبرد وفي لغة وعملك يريدون لعمرك ومنه قول عمارة بن عقيل الحنظلي:
تعرض لي من طائر لصدوق عملك ان الطائر الواقع الذي
وتقول إنك عمري لظريف وقال ابن منظور العرب تقول عمرك الله افعل كذا وإلا فعلت كذا بالنصب وهو من الأسماء الموضوعة في موضع المصادر المنصوبة على إضمار الفعل المتروك إظهاره وأصله من عمّرتك الله تعميرا فحذفت زيادته فجاء على الفعل وأعمرك الله أن تفعل كذا كأنك تحلّفه بالله وتسأله بطول عمرك قال الشاعر:
ألوي عليك لو أن لبك يهتدي عمرتك الله الجليل فإنني
قال الكسائي عمرك الله لا أفعل ذاك نصب على معنى عمرتك الله أي سألت الله أن يعمّرك كأنه قال عمرت الله إياك قال ويقال أنه يمين بغير واو وقد يكون عمر الله وهو قبيح وعمر الله يعمر عمراً وعمارة وعمراً وعمر يعمر ويعمر الأخيرة عن سيبويه كلاهما عاش وبقي زمناً طويلاً.
قال لبيد:
لو كان للنفس اللجوج خلود وعمرت حرسا قبل مجرى داحس
وأنشد محمد بن سلام كلمة جرير:
لقد حديت تيم حداء عصبصبا لئن عمرت تيم زماناً بغرة
ومنه قولهم أطال الله عمرك قال الحافظ بن عبد البر في الاستيعاب قال عمرو بن الأهتم التميمي:
لصالح أخلاق الرجال سروق ذريني فإن البخل يا أم هيتم
ولكن أخلاق الرجال تضيق لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/157)
وقال الحافظ بن حجر قال هشام بن الكلبي حدثني جعفر بن كلاب أن عمر بن الخطاب ولى علقمة بن علاثة العامري حوران فنزلها إلى أن مات وخرج إليه الحطيئة في جده قد مات وأوصى له بجائزة فرثاه بقصيدة منها:
وبين الغنى إلا ليال قلائل فما كان بينني لولقيتك سالماً
بحور أن أمسى أدركته الحبائل لعمري لنعم المرء من آل جعفر
وأقوال الشعراء في هذه الكلمة كثيرة.
فصل في بيان أقوال أئمة المذاهب في الكلمة المسؤول عن حكمها
أما الإمام مالك ففي المدونة الكبرى رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن عبد الرحمن بن القاسم وغيره عن مالك رحمه الله قال سحنون قلت أرايت قوله "لعمري " أتكون هذه يميناً قال قال مالك لا تكون يميناً.
قال الحطاب في كتابه مواهب الجليل شرح مختصر خليل لأبي المودة الجندي التركي المالكي ما نصه وقوله" لعمري" أو هو زان أو سارق أو قال والصلاة والصيام والحج أو قال هو يأكل لحم الخنزير والميتة أو يشرب الدم أو الخمر أو يترك الصلاة أو عليه لعنة الله أو غضبه أو أدخله الله النار وكل ما دعى به على نفسه لم يكن بشيء من هذا يميناً.
وأما الإمام امام أهل السنة أحمد بن حنبل الشيباني فقد قال الموفق بن قدامة في المغني قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وقد سئل عن الرفع إي "لعمري"ومن يشك في هذا كان ابن عمر إذا رأى من لا يرفع حصبه وأمره أن يرفع وقال في موضع آخر في نفس الكتاب وإن قال "لعمري"أو "لعمرك" أو"عمرك"فليس بيمين، في قول أكثرهم وقال الحسن في قوله "لعمري" عليه الكفارة ثم قال والدليل على أنه ليس بيمين أنه أقسم بحياة مخلوق فلم تلزمه كفارة كما لو قال وحياتي وذاك لأن هذا اللفظ يكون قسماً بحياة الذي أضيف إليه العمر فإن التقدير لعمرك قسمي أو أقسم به والعمر الحياة والبقاء وقال أبو عبد الله محمد بن مفلح في كتابه الفروع وإن قال "لعمري" أو قطع الله يديه ورجليه أو أدخله الله النار إن فعل كذا فذلك لغو نص عليه الإمام أحمد ولا يلزمه إبرار القسم في الأصح.
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مختصر الإنصاف وإن قال لعمري أو لعمرك فليس بيمين في قول الأكثر وقال الحسن في قول"لعمري" كفارة وبمثل هذا أفتى حفيده الشيخ عبد اللطيف في منهاج التأسيس في الرد على ابن جرجيس العراقي حيث قال إن المذهب والأكثر لا يرى أن لعمري أو لعمرك يمين وانتفاء الكفارة لانتفاء اليمين. وأما قول الحسن فمرجوح كما تقدم وقد يكون يوجب الكفارة لمعصية القائل وفجوره مع أن اليمين غير مقصودة بها بل هذا يجري على ألسنتهم من غير قصد كقوله عقري وحلقي وقوله ثكلتك أمك بل هو غير معلوم وغير مفهوم من كلام أهل العلم والإيمان وأئمة هذا الشأن أنه يمين بل صريح كلامهم نفي هذا وأنه ليس بقسم ثم قال وليس الغرض اليمين الشرعية وتشبيه غير الله به وفي التعظيم حتى يرد عليه أن الحلف بغير اسمه تعالى وصفاته عز وجل مكروه كما صرح به النووي في شرحه على مسلم بل الظاهر من كلام الحنفية أنه كفر إن كان باعتقاد أنه حلف يجب البر به وحرام إن كان بدونه كما صرح به بعض الفضلاء.
3 - الأحناف أما المذهب الحنفي فقد قال العيني في عمدة القاري شرح البخاري وإذا قال "لعمري" فقال الحسن البصري عليه الكفارة إذا حنث فيها وسائر الفقهاء لا يرون فيها كفارة لأنها ليست عندهم يمينا انتهى.
خاتمة المطاف
لقد تبين مما تقدم من النصوص الدالة على أن كلمة "لعمري" ليست يميناً شرعية تجب الكفارة به تبين من ذلك أن اليمين الشرعية هي اليمين التي تجب الكفارة على من حلف بها إذا حنث. وأما ما ذكره ابن القيم في كتابه (التبيان في أقسام القرآن ص 428 من أن أكثر المفسرين من السلف والخلف بل لا يعرف من السلف فيه نزاع أن "لعمرك "في قوله تعلى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} قوله إن هذا قسم من الله بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا من أعظم فضائله أن يقسم الرب عز وجل بحياته وهذه مزية لا تعرف لغيره ولم يوافق الزمخشري على ذلك فصرف القسم إلى أنه بحياة لوط عليه الصلاة والسلام "لعمرك" إنهم لفي سكرتهم يعمهون "وليس في اللفظ ما يدل على واحد من الأمرين بل ظاهر اللفظ وسياقه إنما يدل على ما فهمه السلف لا أهل التعطيل والاعتزال. قال ابن عباس رضي الله عنهما والعمر بفتح العين المهملة والعمر بضمها واحد إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإثبات الأخف لكثرة دوران الحلف بها على ألسنتهم وأيضاً فإن العمر حياة مخصوصة فهو عمر شريف عظيم أهل أن يقسم به لمزيته على كل عمر من أعمار بني آدم ولا ريب أن عمره وحياته صلى الله عليه وسلم من أعظم النعم والآيات فهو أهل أن يقسم به أولى من القسم بغيره من المخلوقات - انتهى.
فهذا الكلام من الإمام ابن القيم يحمل على أنه إنما أراد أن هذه الكلمة قسم لغة وإلا فإن الأحاديث الصحيحة المتقدمة تمنع وتنهى عن الحلف بغير الله من المخلوقات فإن ذلك من أعظم المحرمات كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة هذا كله في غير قسم الله تعالى بما شاء من مخلوقاته فإنه يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون وقد تقدم في النصوص التي سردناها عن الأئمة أن هذه الكلمة ليست من الإيمان الشرعية التي تجب الكفارة بها عند الحنث بل هي محمولة على أحد الوجوه المتقدمة.
أولاً: حمله على حذف مضاف وقد نقل ذلك عن بعض أهل العلم فيكون التقدير "لواهب عمري" كما في أمثالها مما أقسم فيه بغير الله على قول كقوله تعالى والشمس والليل، والقمر.
وثانياً: أن يكون المراد بها وبأمثالها ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالقسم بالله تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعية وتشبيه غير الله تعالى به في التعظيم بل الظاهر من كلام الأحناف أنها كفر إن كان يعتقد أنه حلف يجب البر به. وحرام إن كان بدون ذلك كما صرح به بعض الفضلاء فعلى هذا فذكر صورة القسم على أحد الوجوه المذكورة لا بأس به ولهذا شاع استعمال هذه الكلمة بين العلماء بإجماعهم. كما تقدمت عليه النصوص.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه هداة الأمم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/158)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 05 - 08, 03:34 م]ـ
الأخ الكريم سمير زمال: وفيكم بارك الله ونفع بكم ...
===
الأخ الكريم عبد الحق: جزاك الله خيراً على تفضلك بإفادة الأخت أم جمال الدين - وفقها المولى - ...
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[06 - 10 - 08, 07:56 م]ـ
سئل الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله تعالى -: هل لفظة (لعمري)، (لعمرك) من باب القسم؟ و إذا كان كذلك: فهل هو قسم ممنوع أم مباح؟ وما عنى: ((أفلح و أبيه إن صدق))؟
فقال الشيخ – رحمه الله -: ((كانوا في الجاهلية يحلفون بآبائهم ثم نسخ، وقوله: (لعمري) قسم لغوي يقصد به التوكيد وهو مباح، لأن القسم الشرعي يكون بالواو، والتاء، و الباء، ولا يدخل فيه القسم باللام)).انتهى من فتاوى و رسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى صفحة: (357).(49/159)
الطرق الصوفية المعاصرة في المغرب الأقصى .. (ومعلومات عن عبدالسلام ياسين)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الرسالة: (الطرق الصوفية المعاصرة في المغرب الأقصى – عرض ومناقشة)؛ للباحث عبدالله بن سعيد إعياش – أظنه من المغرب -، بإشراف الدكتور علي محمد الدخيل، مقدمة لنيل الماجستير، بكلية أصول الدين، بجامعة الإمام، في العام 1413هـ.
اخترتُ أن أنقل: فهرسها، وبعض حديث الباحث – وفقه الله – عن الطريقة " البوتشيشية "، وأحد رموزها المعاصرين: (عبدالسلام ياسين) – هداه الله -.
فهرس الموضوعات
- مقدمة البحث
- التمهيد
- تعريف التصوف لغة
- تعريف التصوف اصطلاحا
- تعريف الطرق الصوفية
- تعريف الطريق لغة
- تعريف الطريق اصطلاحا
- تاريخ ظهور التصوف في المغرب
- أسباب انتشار التصوف في المغرب
- علاقة التصوف بالفكر الرافضي
- الباب الأول: التعريف بالطرق الصوفية
- الفصل الأول: الطريقة القادرية
- أصل تسميتها ونسبتها
- نشأتها ومؤسسها
- أشهر علمائها
- انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها
- الفصل الثاني: الطريقة الشاذلية
- أصل تسميتها ونسبتها
- نشأتها ومؤسسها
- أشهر علمائها
- انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها
- الفصل الثالث: الطريقة الدرقاوية
- أصل تسميتها ونسبتها
- نشأتها ومؤسسها
- أشهر علمائها
- انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها
- الفصل الرابع: الطريقة العيساوية
- أصل تسميتها ونسبتها
- نشأتها ومؤسسها
- أشهر علمائها
- انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها
- الفصل الخامس: الطريقة البوتشيشية
- أصل تسميتها ونسبتها
- نشأتها ومؤسسها
- أشهر علمائها
- انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها
- الفصل السادس: الطريقة التجانية
- أصل تسميتها ونسبتها
- نشأتها ومؤسسها
- أشهر علمائها
- انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها
- الباب الثاني: عقيدتهم في أركان الإيمان عرض ومناقشة:
- الفصل الأول: عقيدتهم في الله جل جلاله
- مبحث وحدة الوجود
- وحدة الوجود عند التجانيين
- وحدة الوجود عند الدرقاويين
- وحدة الوجود عند البوتشيشيين
- شبهاتهم ومناقشتها
- الشبهة الأولى ومناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- الشبهة الرابعة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- مبحث الشرك
- تعريف الشرك لغة واصطلاحا
- الشرك عند التجانيين
- الشرك عند العيساويين
- الشرك عند البوتشيشيين
- الشرك عند الدرقاويين
- شبهاتهم ومناقشتها
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة ومناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- رأي أهل السنة والجماعة وحكمهم في الشرك
- مبحث الأسماء والصفات:
- الأسماء والصفات عند الدرقاويين
- الأسماء والصفات عند التجانيين
- الأسماء والصفات عند العيساويين
- الأسماء والصفات عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- الشبهة الرابعة ومناقشتها
- الشبهة الخامسة ومناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- الفصل الثاني: عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم.
- مبحث التوسل
- التوسل لغة
- التوسل في القرآن
- التوسل في السنة وفي كلام الصحابة
- التوسل عند التجانيين
- التوسل عند الدرقاويين
- التوسل عند العيساويين
- التوسل عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية ومناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- مبحث الحقيقة المحمدية
- الحقيقة المحمدية عند التجانيين
- الحقيقة المحمدية عند العيساويين
- الحقيقة المحمدية عند الدرقاويين
- الحقيقة المحمدية عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى ومناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- مبحث التلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته:
- التلقي عند التجانيين
- التلقي عند البوتشيشيين
- التلقي عند العيساويين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى ومناقشتها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/160)
- الشبهة الثانية ومناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- الفصل الثالث: عقيدتهم في بقية أركان الإيمان
- مبحث الملائكة والكتب:
- الملائكة عند التجانيين
- الملائكة عند الدرقاويين
- الملائكة عند البوتشيشيين
- الكتب عند التجانيين
- الكتب عند البوتشيشيين
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- مبحث اليوم الآخر:
- اليوم الآخر عند التجانيين
- اليوم الآخر عند الدرقاويين
- اليوم الآخر عند العيساويين
- اليوم الآخر عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- عقيدة أهل السنة والجماعة
- مبحث القدر:
- القدر عند التجانيين
- القدر عند الدرقاويين
- القدر عند العيساويين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- الشبهة الرابعة
- ومناقشتها
- الشبهة الخامسة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- الباب الثالث: عقائدهم وبدعهم الأخرى
- الفصل الأول: الولاية والأولياء:
- تعريف الولاية لغة
- تعريف الولاية اصطلاحاً
- الولاية والأولياء عند التجانيين
- الولاية والأولياء عند الدرقاويين
- الولاية والأولياء عند العيساويين
- الولاية والأولياء عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- الفصل الثاني: الظاهر والباطن:
- الظاهر والباطن عند الدرقاويين
- الظاهر والباطن عند العيساويين
- الظاهر والباطن عند التجانيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية ومناقشتها
- الشبهة الثالثة مناقشتها
- الشبهة الرابعة ومناقشتها
- الشبهة الخامسة
- مناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- الفصل الثالث: الكشف الصوفي:
- تعريف الكشف لغة واصطلاحا
- الكشف عند التجانيين
- الكشف عند الدرقاويين
- الكشف عند العيساويين
- الكشف عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية ومناقشتها
- الشبهة الثالثة ومناقشتها
- الشبهة الرابعة
- مناقشتها
- الشبهة الخامسة ومناقشتها
- الشبهة السادسة ومناقشتها
- الشبهة السابعة ومناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- الفصل الرابع: البدع العملية:
- مبحث الأذكار:
- الأذكار عند التجانيين
- الأذكار عند الدرقاويين
- الأذكار عند العيساويين
- الأذكار عند البوتشيشيين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى ومناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة
- مناقشتها
- الشبهة الرابعة
- مناقشتها
- الشبهة الخامسة ومناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- مبحث الرقص والسماع:
- الرقص والسماع عند التجانيين
- الرقص والسماع عند الدرقاويين
- الرقص والسماع عند البوتشيشيين
- الرقص والسماع عند العيساويين
- الشبهات والمناقشة
- الشبهة الأولى
- مناقشتها
- الشبهة الثانية
- مناقشتها
- الشبهة الثالثة ومناقشتها
- مناقشة ما يحتاج إلى مناقشة
- مذهب أهل السنة والجماعة
- مبحث الموالد:
- تعريف الموالد
- المولد عند العيساويين وغيرهم من الطوائف وبيان ضلالهم
- مذهب أهل السنة وموقعهم من المولد
- الخاتمة
- فهرس الآيات القرآنية
- فهرس الأحاديث والآثار
- فهرس الأشعار
- فهرس الأعلام المترجم لهم
- فهرس الكلمات الغربية
- فهرس الفرق والطوائف
- فهرس الأماكن والبلدان
- فهرس المصادر والمراجع
- فهرس موضوعات البحث
] ================= [/ [/ COLOR]CENTER]
[CENTER] الطريقة البوتشيشية
أصل تسميتها ونسبتها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/161)
سميت هذه الطريقة بوتشيشية نسبة إلى مؤسسها العباس البوتشيشي، والبوتشيشي نسبة إلى التشيش، وهو طعام من القمح المجروش، يشبه ما يسمى في السعودية بالجريش، وقد سمعت من مقدم الزاوية البوتشيشية الأم، المدعو الحاج عبداللطيف في أصل هذه النسبة قصة عجيبة مفادها: أن المختار والد العباس، زار شيخه أبا مدين الجزائري ضمن مجموعة من المريدين، فقدم لهم الشيخ طعام التشيش في قصعة كبيرة، فجعلوا يأكلون حتى شبعوا، وامتلأت بطونهم، فأمرهم الشيخ بمواصلة الأكل، فلم يمتثل الأمر –حسب زعمهم- إلا المختار الذي استمر يأكل حتى انتهى ما في القصعة من التشيش، ولما كان الصباح، وأرادوا أن يودعوا شيخهم هذا، طلبوا منه دعوة صالحة، فقال لهم: معشر الأبناء: السر الذي كان عندي انتقل إلى المختار بوتشيش! ومن ذلك اليوم عرف بهذا اللقب، وعرفت الطريقة التي أنشأها ابنه بعد ذلك بالطريقة البوتشيشية.
نشأتها ومؤسسها وأشهر علمائها:
نشأت هذه الطريقة في منتصف القرن الماضي، في موقع على مقربة من قرية يطلق عليها: مداع بحوالي أربع كيلومترات، من جهة الحدود المغربية الجزائرية؛ وترجع هذه الطريقة في أصلها إلى الطريقة العليوية، وهي طريقة في الجزائر، متفرعة عن الطريقة القادرية.
مؤسسها: هو العباس بن المختار القادري البوتشيشي، ولد في بداية القرن الرابع عشر للهجرة تقريباً. وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، الأمر الذي يعطي تصوراً واضحاً عن هذه الطريقة التي احتوت على كثير من الجهالات، والضلالات، والحماقات. وقد قيل: إن الكتاب يُعرف محتواه من عنوانه.
وقد كان العباس: مؤسس الطريقة البوتشيشية زيادة على كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فاقد البصر. قال الشيخ محمد المغراوي حفظه الله وهو يرد على عبدالسلام ياسين في إبهامه اسم شيخه العباس في معرض تزكية نفسه والتمدح بالتصوف والصوفية: (أخي القارئ! أتدري ماذا يقصد هذا الرجل في قوله: "ولقيت رجلاً طيب الله ثراه"؟! لماذا أبهم اسمه ولم يذكره حتى يعرف من هو؟! أو أن هذا من الأسرار الصوفية التي لا يجوز أن يباح بها؟.
أما مذهب المحدثين، وعلماء الجرح والتعديل، فيسمون هذا مجهولاً، ولا قيمة له عندهم في الرواية، والرجل المذكور في هذه العبارة هو العباس البوتشيشي، كان رجلاً أعمى، أمياً، لا علم عنده كما يذكر تلامذته الذين تابوا من ضلاله، وما يزال ضلاله منتشراً في هذه البلاد مع الأسف.
وقال في موضع آخر في الرد على ياسين أيضاً: (تلاحظ أخي القارئ تعظيم هذا الرجل –يعني ياسين- لمن زعمه شيخه، وكما سبق، كان أعمى في بصره وفي بصيرته، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من البدع والمبتدعة في كثير من أحاديثه.
-عقيدته:
أما عقيدته فهي حلولية، حيث يؤمن بأن الله يحل في بعض خلقه وأتباعه يعتقدون أن الله –تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- يحل في شيخهم؛ ويستدلون على هذه العقيدة الكفرية بقصة إبراهيم عليه السلام مع الأفلاك، التي ذكرها الله في القرآن الكريم، فيزعمون أن قوله عليه الصلاة والسلام: (هذا ربَّي)، أي: حل فيه، وقوله تعالى: (فلما أفل)، أي: زال. وعلى هذا فإنهم يعتقدون أن الله يحل في شيخهم في بعض الأوقات، فيخرون عند ذلك للشيخ سجداً، ويقولون: هذا الله، تعالى الله عن قولهم علواً كبيرا.
-وفاته، وخليفته:
توفي العباس البوتشيشي في منتصف ذي الحجة عام إحدى وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة، عن اثنتين وثمانين سنة كما نقلته من اللوحة المكتوبة على ضريحه بزاويته في مداع. وقد خلفه على مشيخة هذه الطريقة الحائدة عن المنهج القويم، والصراط المستقيم: ابنه المدعو: حمزة، شيخ الطريقة الحالي، المولود في حدود 1329 - 1330هـ، والذي حمل لواء الإضلال والصد عن الكتاب والسنة بعد أبيه. قال الدكتور محمد المغراوي متع الله بحياته وهو يتحدث عن العباس: (وما يزال ابنه يحمل راية الضلال، وينهب ويسلب أمول الناس باسم هذا الضلال الذي عشش وفرخ في كثير من البلاد المغربية .. ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/162)
وقد تولى حمزة المذكور مشيخة الطريقة عام: 1971م، وقام بتطوير الطريقة شكلاً، حيث زاد في بعض أورادها الفردية والجماعية، وأخذت الطريقة في عهده نهجاً آخر في التوسع والانتشار خلافاً لما كانت عليه في عهد أبيه، حيث صار جل المريدين المنتسبين إليها شباباً وأطرا عليا، وأكثرهم من رجال التعليم الجامعيين. ومن شروط طريقته: الخضوع الكامل للشيخ، واستشارته في كل الأمور، حتى الشرعية منها الثابتة بالنصوص القطعية، فلا يقوم المريد بذكر، أو قراءة قرآن، أو حج، أو عمرة إلا بإذن الشيخ، كما لا يباشر أمراً من أمور دنياه: من زواج، أو طلاق، أو سفر، أو التحاق بوظيفة، أو تركها إلا بإذن من الشيخ أيضاً، وقد أخبرني أحد الإخوة القضاة، الذي استجره بعض زملائه في سلك القضاء وغرروا به حتى أخذوه في زيارة لشيخهم: أنه قابل في زاويتهم مريداً كان موظفاً بوزارة العدل، فاستقال من وظيفته بأمر من الشيخ، لأن الشيخ رأى أن عمل هذا المريد ليس فيه أمل. وكان قد مضى على استقالة هذا المريد عندما حصل ذلك اللقاء: سنتان؛ وكان هذا المريد معتكفاً في الزاوية بعد أن ترك وظيفته. والإذن الذي اشترطه حمزة البوتشيشي في طريقته هو بمثابة صلاة الاستخارة عند المسلمين.
ويزعم حمزة أنه شيخ مربي، وأن اتباع الشيخ المربي أمر محتم واجب، لأن النبوة ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبقي يحملها أهل الله، ومنهم القطب الرباني، الذي هو الشيخ المربي؛ كما أحدث حمزة اصطلاحاً جديداً يحمل عقيدة جديدة، وهذا الاصطلاح الجديد هو: "الشيخ الحي" ومعناه أنه لا ينكر الطرق الصوفية السابقة كالتجانية، والدرقاوية، وغيرها، لكن لابد من التخلي عنها عند ظهور الشيخ الحي. وقد استخرج حمزة من اسمه المكون من أربعة أحرف أربعة معاني، كل معنى نزله على حرف من تلك الحروف، حتى يتمكن من إحكام القبضة على تلك القطعان من المريدين السذج الذين يتلقون بالقبول كل ما يلقيه إليهم هذا الضال المضل:
فحرف الحاء يعني: احترام.
وحرف الميم: امتثال.
وحرف الزاي يعني: زيارة.
وحرف التاء يعني: ثبات.
ولا يخفى ما في حمل تلك الحروف على تلك المعاني من التكلفة الذي هو السمة الغالبة على الطرقيين المخرفين!!
والجدير بالذكر أن المصدر التشريعي الأساس الذي يأخذ منه حمزة شريعته الصوفية هو كتاب الإبريز، الذي أملاه عبدالعزيز الدباغ: -الأمي الجاهل- على تلميذه أحمد بن المبارك؛ فعليه وروده وعنه صدوره، فهو أنجيله الذي يجمع بين العهد القديم والعهد الجديد. ومما وصف به الشيخ المغراوي هذا الكتاب الذي يتغذى حمزة ومن ورائه أتباعه مما قاءه فيه مؤلفه، قوله: (وأما الإبريز فهو مخبأة للشرك والبدع، فمن أراد الوقوف على كتاب المشركين فعليه بهذا الكتاب).
أما عن أشهر علمائها؛ فإن أشهر أتباع هذه الطريقة إنما ينتسبون إلى العلم والثقافة بمعناهما العصري البعيد كل البعد عن المعنى الأصيل للعلم والثقافة، المبني على الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح لهما، ومن هؤلاء:
-عبدالسلام ياسين: وهذا الرجل الذي يتزعم حالياً جماعة أشبه ما تكون بطريقة صوفية، وتدعى: "جماعة العدل والإحسان"، قد مر في حياته باضطرابات فكرية وعقائديه، حيث عاش ردحاً من الزمن يتغذى على فتات متعفن من الفكر المادي الملحد، المؤله للعقل: فكر فرويد وماركس، وفجأة ينتقل إلى نحلة أخرى أقبح من سابقتها، ومناقضة لها تمام المناقضة، وهذه النحلة الجديدة هي التصوف، الذي لا أثر للعقل فيه البتة. فكان ياسين بانتقاله ذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار. قال ابن المؤقت المراكشي رحمه الله: (قال صاحب المدخل: إن كل طريقة من طرق العلم يمكن اختبارها إلا طريقة التصوف، فإنهم يبنونها على حسن الظن والمسالمة، وإذا أراد عالم أن يعرضها على كتاب الله وسنة رسوله، قالوا له: أنت منكر). أهـ، وفي هذا يقول القائل:
وزاد الأمر حتى لست تلقى
فتى يهوى كلاماً للنبي
ولا ما قاله الرحمن طراً
سوى نقل الولي عن الولي
كلاماً ليس يعلمه جليل
من الصحب الأكارم في الندي
وإن قلت الدليل يجيب شخص
لأنت بذاك منكر ذا الجلي
روى ذا الحكم شيخي في منام
فعجباً للتنطع من ولي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/163)
وقد يتساءل أو يغضب بعض المعجبين بهذا الرجل إعجاب جاهل بحقيقة ما هو عليه من البعد عن الحق، فيقول: كيف يكون ما انتقل إليه الشيخ أقبح مما انتقل منه؟! فأقول:
1 - إن النحلة الأولى –نحلة الماركسية والفرويدية- التي كان عليها ياسين، لا يختلف اثنان من عوام المسلمين، فضلاً عن عقلائهم في كونها زيغاً وكفراً وضلالا، أما النحلة الثانية –نحلة التصوف- فقد انخدع بزخرفها الخادع وظاهرها الإيماني المبطن بالزندقة والكفر والإلحاد، خلق كثير، ومن كل الطبقات. ولا شك أن خطورة النحلة الأولى أهون من خطورة النحلة الثانية بمراحل، لأن الأولى كفر بين، ومعصية واضحة، يشعر صاحبها دائماً أنه على باطل، الأمر الذي يدعوه إلى العمل على الانسلاخ منه، والتوبة النصوح إلى الله من شؤمه؛ بخلاف النحلة الثانية، فإنها بدعة خبيثة خطيرة، لا يعلم خطورتها من لم يتسلح بسلاح العلم والمعرفة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد يتورط فيها الإنسان، وهو يظن أنه على الصواب الذي لا ينبغي التحول عنه، وبذلك يسد على نفسه باب التفكير في التوبة والأوبة إلى الحق، لأنه يرى أن ما هو عليه هو عين الحق؛ ومن هنا تكلم كثير من أهل العلم من السلف والخلف، في كون البدعة أشد خطورة من المعصية، لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها.
وممن تكلم في هذه المسألة كلاماً كافياً شافياً: الإمام الشاطبي رحمه الله، في كتابه العظيم: الاعتصام؛ وكذا العلامة محمد الخضر الشنقيطي رحمه الله في كتابه: مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التجاني الجاني.
2 - النحلة الأولى بمثابة العدو المكشوف، المعلن للأمة بعداوته، الأمر الذي يدعو الأمة لأخذ حذرها، واستنفار كل الطاقات لمحاربته، ورد كيده في نحره؛ سواء على الصعيد العسكري، كما حصل في أفغانستان؛ أو على الصعيد العقائدي والفكري، كما حصل في كل بلاد الإسلام، حيث هب كثير من علماء الإسلام ومفكريه لبيان خطر الفكر المادي الماركسي والفرويدي وغيره؛ حتى كانت النتيجة أن أجحر ذلك الفكر، وألقم دعاته الحجر في أفواههم التي طالما فغروها –فضها الله- للتغني والتمدح بذلك الفكر؛ فمنوا بالهزيمة النكراء التي كانت أروع صورها في أفغانستان. أما النحلة الثانية فإنها بمثابة العدو الذي يلبس لباس الصديق الحميم، وحقده على الأمة أشد من كل حقد، وخطره عليها أشد من كل خطر؛ لأنه يهدد حصونها من الداخل. وقديماً قيل: احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة. ومما يدل دلالة واضحة على ما قررته آنفاً حول ياسين، قول هذا الأخير: (واطلعت في تجارب اليهود والنصارى الروحية، ثم رجعت إلى كتب الصوفية أستقصيها، وأنشد المفتاح الذي يفتح باب المعرفة، فوجدت أنهم –يعني الصوفية- مجمعون على أنه: (من لا شيخ له فلا مدخل له في أمرنا هذا) .. وكنت أنظر فيما كتبه بعض فطاحل العارفين بالله، فلا أطيق الاستمرار في قراءته لغرابة ما ينطقون .. حتى إذا أراد الله أن يتم علي نعمته، لقيت على غير ميعاد رجلاً لم أكن أعرفه، نطق من دون أن أستنطقه، وأخبرني بأن ما كنت أطلبه موجود، وأن الشيخ المربي في البلاد على قيد أنملة ممن كان يائساً من وجود شاذلي أو جيلي في هذا العصر! كنت قرأت كتباً، وقارفت من هذه الثقافات الأجنبية، وكانت العقلانية الماركسية الفرويدية مرتعاً لنشاطي الفكري منذ أمد بعيد، تعيش بل تعشش في ذهني، ولم تكن العقلية العقلانية تفتت أثناء أزمتي في البحث على الحقيقة، لذا دخلت طريق القوم أحمل معي أوزار عادات جاهلية، وعبء أوهاق ثقافية تأله العقل، .. وأخذ علي العهد الصوفي مقدم الطريقة .. ).
وقد لخص الشيخ محمد المغراوي –وفقه الله- مصادر التلقي عند ياسين في الأمور التالية:
1 - الفكر الرافضي.
2 - فكر الحلاج المقتول على الزندقة.
3 - فكر ابن عربي الحاتمي شيخ القائلين بوحدة الوجود.
4 - فكر الشعراني صاحب الطبقات التي حشاها بكل تخريف وهذيان.
5 - فكر الدباغ ومضحكاته وكفرياته التي حشا بها كتابه الإبريز.
6 - فكر التجاني الذي جمع ضلالات المتصوفة الأولين والآخرين، وزاد عليها مالا يخطر على خيال متخيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/164)
والجدير بالذكر قبل إنهاء الكلام عن هذا الرجل، أنه زعم في يوم من الأيام أنه ترك الطريقة البوتشيشية، وعلل ذلك بأن أصحابها لا يهتمون بجانب الجهاد، والحقيقة أن الذي جعله ينفصل عن البوتشيشيين إنما هو ما جرى عليه العمل عند الصوفية، وصار سنة متبعة لديهم، وذلك أنه كلما أوهم الشيطان أحدهم أنه صار من الواصلين، وسول له غروره أنه أصبح شيخاً مربياً، إلا وانشق عن طريقة شيخه بإنشاء طريقة جديدة، يصبح هو شيخها المتربع على كرسي ضلالتها. ومما يؤيد قولي هذا ما ذكره الشيخ محمد المغراوي حفظه الله من أن ياسين كان داعية كبيراً من دعاة البوتشيشية إلى أن هلك شيخه الضال: العباس، وكان يطمع في الميراث، ونازعه ابنه –يعني حمزة-، فغضب لذلك وخرج من زاويتهم، وإلا فقد كان هو المرشح لامتداد هذا الضلال، ومع الأسف، فإن أتباعه ومحبيه يزعمون أنه تراجع عن الطريقة البوتشيشية، وهو لم يتراجع في يوم من الأيام –كما في هذه الرسالة- وكما سننقل عبارته من: "الإحسان الرجال" التي ذكر فيها هذا الشيخ الضال بالتعظيم والتقدير، قال في "الإحسان الرجال" ص11: (كنت كتبت منذ خمسة عشر عاماً وأنا يومئذ لا أزال في بداياتي عن صحبتي لشيخ عارف بالله، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عنا خيراً .. !!) وهل بعد هذه الصراحة من صراحة؟ فهذا الرجل ما يزال يثني على شيخه المزعوم الذي ذكره في كل كتبه، ويذكره بصيغة الجهالة، يتحايل على الناس بذلك؛ حتى لا يعرفوا مشربه، ومأخذه، وهذا الكتاب صدر سنة 1988م رقم الإيداع 899. وما يعتمد عليه أصحابه في رجوعه هو ما جاء في مجلة الجماعة، وهي مجلة اجتهدت في نشر الفكر الشيعي في هذه البلاد التي صانها الله من هذا الرجس بفضله وكرمه، وإن كانت الصوفية كما نكرر دائماً تعتبر تمثيلاً لها، نسأل الله أن يكفينا شر الجميع، وعدد المجلة هو الحادي عشر، السنة الرابعة، بتاريخ فاتح شعبان عام: 1403هـ، والمكتوب في آخر الغلاف على الجهة اليسرى بعنوان: تنبيه: أرجو أن يعتبر القارئ الكريم محتوى المنهاج النبوي آخر ما وصل إليه فكري، أثارت فقرات من كتابي: الإسلام بين الدعوة والدولة، والإسلام غداً، جدلا، فقد تجاوزت ما هنالك من آراء، فلا أجادل عنها، وما أنا إلا طالب علم، أصيب وأخطئ، لست معصوماً!! نعوذ بالله من الجدل، ومن أن تستنزف قوانا في المجاولات الكلامية. أهـ ما في التنبيه.
قال الشيخ المغراوي: أقول: الذي يرجع إلى تاريخ علماء المسلمين وغيرهم، يجدهم إذا تراجعوا عن ديانة، أو نحلة، أو مذهب، أو كتاب، أو رأي، أو فكرة، أو عقيدة، بينوا ذلك بالتفصيل، ولولا خشية الإطالة لذكرت في هذا مجلداً كبيراً، ولكن يكفي أن أشير إلى بعض الأسماء، وأترك اليهود والنصارى الذين أسلموا وبينوا انحراف وتحريف تلك الديانات بمؤلفات خاصة. أما ياسين فيؤكد عدم تراجعه كما جاء في "الإحسان الرجال": ص12، قال ما لفظه: (الآن أعود إلى الموضوع، لا لأتبرأ من الصوفية كما ألح علي بعضهم. ولا لأتحمل تبعات غيري، لكن لأقول كلمة الحق التي لا تترك لك صديقاً)! فلا أدري أقرأ أصحابه هذه العبارة وفهموها، أم أنهم روجوا الكتاب ولم يعرفوا ما بداخله؟ وهذا هو ظننا بهم، وإلا اتهمناهم في عقليتهم وفي دينهم .. فالذي يتمعن في عبارة هذا الرجل لا يستفيد نسخاً، لامن قريب ولا من بعيد، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإنه اعتبر ذلك جدلاً وليس غلطاً منه، أو انحرافاً عقدياً أو علمياً، حتى يتجنبه الناس، وإنما القضية مجرد جدل بين الخصوم! وهو لا استعداد عنده بأن يقنع الناس بصحة رأيه حتى لا يدخل في الجدال، ولو كان صادقاً هو وأصحابه لقال بالحرف الآتي: من عبدالسلام ياسين إلى جميع المسلمين، فإنه قد تبين لي أن كل ما كتبته في "الإسلام بين الدعوة والدولة" و"الإسلام غداً"، كله ضلال، ولا أسمح بطبعه، ولا بيعه، ولا أتحمل مسؤولية من قرأه، فإنني أتبرأ إلى الله منهما، وأتوب إليه مما أدخلت فيهما من ضلال. حرر هذا بتاريخ كذا وكذا.
فكيف والرجل يلخص ذلك ويركزه ويقدمه للمسلمين باسم جديد يغري الناس به، ويسميه "بالإحسان"، فما أدري هل هذه غفلة من أصحابه؟ أو استغفال أو عدم علم بما في هذه الكتب؟!).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/165)
وعلى كل الأحوال، سواء كان ياسين تراجع عن البوتشيشية، أم لم يتراجع، فإنه كان داعية من دعاة الضلال، وبوقاً من أبواقه، وأن كتبه كانت فتنة لكل مفتون، فقد قدم بذلك للبوتشيشيين خدمة لم يقدمها لهم أحد غيره.
2 - د أحمد لسان الحق: أستاذ جامعي بكلية الآداب بالرباط.
3 - د طه عبدالرحمن: أستاذ جامعي بكلية الآداب بالرباط أيضاً.
4 - أحمد التوفيق: مدير معهد الدراسات الأفريقية بالرباط أيضاً.
5 - بالعكيدة عبدالحمن: خريج كلية الحقوق بالدار البيضاء، ومقدم إحدى الزوايا البوتشيشية الخمسة بها.
6 - أحمد بنيعيش: خريج دار الحديث الحسنية بالرباط!
7 - الدكتور أحمد قسطاس: المدير المسؤول عن مجلة المريد.
انتشارها وأبرز انحرافاتها وآثارها:
أما فيما يخص انتشارها؛ فإن عدواها قد عمت كل مناطق المغرب، لكن أكثر كثافتها إنما هي في الرباط وسلا والدار البيضاء ومكناس وفاس، بل إن عدواها انتقلت إلى خارج المغرب أيضاً، حيث يوجد لها مراكز في كل من فرنسا وبلجيكا وألمانيا وكندا وغيرها.
أما أبرز انحرافاتها التي انفردت بها عن بقية الطرق مع موافقتها في غيرها، فمنها:
1 - ضرورة استحضار صورة هذا الشيخ الضال عند قراءة تلك الأذكار والأوراد المخترعة، الأمر الذي أدى بالمريدين البوتشيشيين إلى اتخاذ صور فتوغرافية لهذا الزنديق، ووضعها أمامهم أثناء الذكر! لأنه –حسب زعمهم الباطل- لا يحصل التوجه من المريد إلى الله إلا بوضع صورة الشيخ الفتوغرافية أمامه.
ب-أن شيخ الطريقة الحالي: حمزة، لا يحضر جمعة ولا جماعة، وقد سمعت هذا من أحد علماء تطوان، كما سمعت ذلك أيضاً من أستاذ آخر من أهل الرباط ممن تابوا من ضلال هذه الطريقة.
ج-القضاء المبرم على عقل المريد المنتسب لهذه الطريقة، وإلغاء التفكير لديه تماماً، وذلك أن الشيخ إذا جاءه شخص جديد يسأله عن الطريقة، فلا يزيد عن أن يقول له: (أن تسلم لما ترى، وأن تبعد عقلك، وأن تلزم ورداً فترى عجباً)، ويصف طريقته هذه بقوله: (هذه طريق الحال، لا تعرف بالمقال، ولا تدرك بالأعمال، هي من فيض الله)!!.
د-غلو المريدين في شيخهم، بشكل يختلف عن غلو كل مريدي الطرق الأخرى في أشياخهم، بحيث يتسابقون على شرب الماء الذي يغسل به يديه تبركاً به، أما إذا قص بعض شاربه أو لحيته، فإنهم يتبركون بشعره، بل يضعه بعضهم في محفظته ليحتفظ به، وإذا وقف بدأ الصياح، والعويل، والبكاء، والركوع والاهتزاز، وأحياناً السجود والتلفظ بكلمات يعد المتلفظ بها في ميزان الكتاب والسنة: كافراً، مثل قول بعضهم: سيدنا محمد يتجلى في الشيخ. ولهم في إطرائه عبارات؛ كقول بعضهم: رأيت في الشيخ أنواراً قوية. وقول الآخر: لما قبلت يده سمعتها تقول: لا إله إلا الله. بل ذكر لي الأستاذ الذي أخذت عنه هذه الأقوال، وهو ممن تاب من طريقتهم، أنه التقى –أيام كان منهم- بمريد بوتشيشي رجع من رحلة الحج، فسأله كيف قضى مناسكه؟ فلم يذكر له شيئاً مما قام به من أركان الحج وواجباته وسننه، بل اكتفى بذكر شيء واحد، وهو أنه كان وهو يؤدي المناسك –إن كان أداها فعلاً- كلما رفع بصره إلا ورأى شيخه حمزة، علماً أن حمزة كان مقيماً في زاويته على إغواء خلق الله، وبينه وبين الأماكن المقدسة –صانها الله عن الاقتران باسم هذا الضال المضل – آلاف الأميال!!.
أما عن آثار هذه الانحرافات فهي من الوضوح بمكان، ولو لم يكن فيها إلا القضاء المبرم على العقل الإنساني، لكان ذلك كافياً في الفساد، فكيف إذا انضم إليه أمور أخرى كل واحدة منها تباهي أختها بسبقها في مضمار السوء والضلال؟!. وما أدري كيف تنهض أمة ودع أهلها عقولهم وأبانوها بينونة كبرى، وألفوا تفكيرهم، ورضوا بشرب بقايا غسل يدي آدمي لا يحفظ لله حرمة، ولا يقيم له فرضاً ولا نفلاً، بل كيف ترقى أمة آلاف أفرادها إنما يسيرون بعقل رجل واحد؟! فلا يقومون بعبادة، أو زواج، أو سفر، أو مباشرة وظيفة، ولا يضعون لبنة على أختها إلا بإذنه، بل إنهم يتركون وظائفهم تنفيذاً لأوامر هذا الديكتاتور المتسلط على الرقاب باسم الولاية! ألا تباً لولاية من هذا القبيل، وعلى هذه الشاكلة!! وتباً لتلك العقول التي رضيت بمثل ذلك الاستعباد والاسترقاق والتسلط المشين، وتباً لتلك النفوس التي أخلدت إلى الهوان ورضيت به!! وفي مثل هؤلاء قيل:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
(ص 105 - 118).
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[16 - 05 - 08, 09:34 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ سليمان هلا أخبرتنا عن مكان الكتاب على الشبكة(49/166)
ينبغي فعله حيال وساوس الشيطان في العقيدة
ـ[ريم صباح]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:26 م]ـ
سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين
السؤال:
في بعض الأحيان يأتي الشيطان للإنسان، ويوسوس في نفسه في ذات الله، وفي آياته الكونية؛ فما الذي ينبغي على الإنسان حيال ذلك؟
الجواب:
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا؛ ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ" [1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn1).
وفيه أيضاً عن عبد الله بن مسعود قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوَسْوَسَةِ، قَالَ: "تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ" [2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ" [3] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn3).
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ" [4] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn4).
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ الأَرْضَ؟ فَيَقُولُ: اللهُ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ" [5] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn5).
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ - يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ - لأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً [6] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn6) أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؛ فَقَالَ: "اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ" [7] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftn7).
ففي هذه الأحاديث وغيرها بيان أن هذه الأفكار التي قد تطرأ على الإنسان في الأمور الغيبية، أنها وسوسة من الشيطان ليوقعه في الشك والحيرة والعياذ بالله.
ثم إن الإنسان إذا وقع في مثل ذلك فعليه أمور، كما أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك:
1 - الاستعاذة بالله.
2 - الانتهاء عن ذلك، والانتهاء معناه قطع هذه الوسوسة.
3 - أن يقول: آمَنْتُ بالله، وفي رواية: آمَنْتُ بالله ورُسُلِه.
فإذا خطرت لك وسوسة في ذات الله، أو في قدم العالم، أو في عدم نهايته، أو في أمور البعث، واستحالة ذلك، أو في بيان الثواب والعقاب أو ما أشبه ذلك .. فعليك أن تؤمن إيمانًا مجملاً، فالنصوص تقول: آمنت بالله، وبما جاء عن الله، وعلى مراد الله .. آمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله، وعلى مراد رسول الله، وما علمت منه أقول به، وماجهلت أتوقف فيه وأكل علمه إلى الله.
ولا شك أن هذه الوساوس متى تمادى فيها العبد جرّت إلى الحيرة، أو إلى الشك، وهذا مقصد الشيطان.
أما الذي يتمادى مع هذه الوسوسة فإنه يقع في الشك، ثم في الحيرة، ثم يتخلى في النهاية عن أمور العبادة، أما إذا قطعها منذ المرة الأولى، فإنها تنقطع إن شاء الله، مع كثرة الاستعاذة من الشيطان، وكثرة دَحْرِ الشيطان؛ لأن هذا من كيده ليوسوس به الإنسان حتى يشككه في إيمانه ودينه.
ــــــــــــــــــــ
[1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref1) مسلم (132).
[2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref2) مسلم (133).
[3] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref3) مسلم (134).
[4] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref4) البخاري (3276)، ومسلم (134) [214].
[5] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref5) مسلم (134)، وأحمد (2/ 331)، (5/ 214).
[6] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref6) ( حُمَمَة): الحُمَمَة هي الفَحْمَة، وكل ما احترق من خشب أو عظم ونحوهما. والجمع: حُمَم.
[7] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=634#_ftnref7) أحمد (1/ 235، 340)، وأبو داود (5112)، واللفظ له، والنسائي في ((الكبرى)) (10503 - 10505)، والطبراني في ((الصغير)) (1090)، و ((الكبير)) 10/ 338 (10838)، وابن حبان في ((صحيحه)) (147، 6188). وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4264).(49/167)
حكم العذر بالجهل في العقيدة
ـ[ريم صباح]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:31 م]ـ
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
السؤال:
ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل، وخاصة في أمر العقيدة؟ وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيرًا؟
الجواب:
العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب، وحقيقتها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة، والشهادة له بذلك وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمدًا رسول الله أرسله الله إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء. كل هذا لا بد منه، وهذا من صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعًا، وهو أساس الدين وأساس الملة. كما يجب الإيمان بما أخبر الله به ورسوله من أمر القيامة، والجنة والنار، والحساب والجزاء، ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو الشمال، ووزن الأعمال ... إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
فالجهل بهذا لا يكون عذرًا؛ بل يجب عليه أن يتعلم هذا الأمر وأن يتبصر فيه، ولا يعذر بقوله إني جاهل بمثل هذه الأمور، وهو بين المسلمين وقد بلغه كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا يسمى معرضًا، ويسمى غافلاً ومتجاهلاً لهذا الأمر العظيم، فلا يعذر، كما قال الله سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً *} [الفُرقان] وقال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِّنِ وَالإِْنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ *} [الأعرَاف]، وقال تعالى في أمثالهم: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ *} [الأعرَاف] إلى أمثال هذه الآيات العظيمة التي لم يعذر فيها سبحانه الظالمين بجهلهم وإعراضهم وغفلتهم.
أما من كان بعيدًا عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها مسلمون ولم يبلغه القرآن والسنة: فهذا معذور، وحكمه حكم أهل الفترة - إذا مات على هذه الحالة - الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة ومن عصا دخل النار، أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد يعذر فيها بالجهل. ولا حرج في ذلك؛ لأنها تخفى على كثير من الناس وليس كل واحد يستطيع الفقه فيها، فأمر هذه المسائل أسهل. والواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم، كما قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النّحل: 43]، ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: "أَلاَّ سَأَلُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ إنما شفاء العِيِّ السؤال" [1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=606#_ftn1)، وقال عليه الصلاة والسلام: "مَن يُرِد الله به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّين" [2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=606#_ftn2). فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين؛ والسؤال عما أشكل عليهم، وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم، والعلم لا يحصل بالغفلة والإعراض؛ بل لا بد من طلب للعلم، ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل.
ــــــــــــــــــــ
[1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=606#_ftnref1) أحمد (1/ 330)، والدارمي (752)، وأبو داود (336، 337)، وابن ماجه (572)، والحاكم 1/ 178 (630، 631). وحسنه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (325، 326). والعِيّ: الجَهْل.
[2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=606#_ftnref2) البخاري (69)، ومسلم (1719).
ـ[أبوعبيدةالسلفى]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ورحم الله شيخنا العلامة بن باز
ـ[أبو سنان الحراني]ــــــــ[16 - 05 - 08, 08:58 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[18 - 05 - 08, 09:57 م]ـ
بارك الله فيك أخي(49/168)
حكم من سب الصحابة
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:12 م]ـ
السؤال: ماهو حكم من سب خليفة الإسلام أبو بكر رضي الله عنه أوعمر إبن الخطاب رضي الله عنه وكيف نتعامل مع مثل هؤلآء هل نتعامل معهم كمسلمين؟ هذا وجزاكم الله خير وزادكم بسطة في العلم والدين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام: (من اقترن بسبه دعوى أن علياً إله، أو أنه كان هو النبي، وإنما غلط جبرئيل في الرسالة، فهذا لا شك في كفره، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره. وكذلك من زعم منهم أن القرءان نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، ونحو ذلك، وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية، ومنهم التناسخية، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم.
وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم، ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم.
وأما من لعن وقبح مطلقاً، فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا أيضاً، لا ريب في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرءان في غير موضع؛ من الرضى عنهم، والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بطريق الاضطرار من دين الإسلام ... وبالجملة، فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره، ومنهم من لا يحكم بكفره، ومنهم من تردد فيه) الصارم المسلول: 586، 587.
وقد لخص ذلك شيخنا محمد بن صالح العثيمين،رحمه الله، فقال: (سب الصحابة على ثلاثة أقسام: الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم، أو أن عامتهم فسقوا، فهذا كفر؛ لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار، أو فساق.
الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح، ففي كفره قولان لأهل العلم. وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال.
الثالث: أن يسبهم بما لا يقدح في دينهم؛ كالجبن، والبخل، فلا يكفر، ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك) شرح لمعة الاعتقاد:79.
وأما معاملتهم، فبحسب بدعتهم، فإن كانت بدعةً مكفرة، عوملوا معاملة الكفار، وإن كانت بدعة دون ذلك، عوملوا معاملة المبتدع. لكن قبل ذلك ينبغي الاجتهاد في بيان الحق لهم، ودعوتهم.والله أعلم.
بقلم/ فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن عبدالرحمن القاضي(49/169)
حكم عبارة (فلان ما يستأهل) وما في معناها
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:15 م]ـ
حكم عبارة (فلان ما يستأهل) وما في معناها
* بقلم / وليد بن حمد المرزوقي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
يشيع على لسان فئام من الناس عبارة (فلان لا يستأهل ما أصابه) أو نحوها يريدون بذلك: أنه إنسان طيب لا يستحق أن تقدر عليه مصيبة، ويكون ذلك في الغالب عندما يسمعون عنه خبراً غير سار كحادث أو خسارة أو غيرهما.
وقبل أن أشرع في ذكر الحكم أحب أن أنبِّه إلى أن من محققي اللغة من ذهب إلى صحة قول (فلان يستأهل) بمعنى: يستحق، فقد نقل صاحب اللسان عن الأزهري قوله: وخطَّأَ بعضُهم قولَ من يقول: فلان يَسْتأْهِل أَن يُكْرَم أَو يُهان، بمعنى: يَسْتحق قال: ولا يكون الاستِئهال إِلاَّ من الإِهالة قال – والكلام للأزهري-: وأَما أَنا فلا أُنكره ولا أُخَطِّئُ من قاله لأَني سمعت أَعرابيّاً فَصِيحاً من بني أَسد يقول لرجل شكر عنده يَداً أُولِيَها: تَسْتَأْهِل يا أَبا حازم ما أُولِيتَ، وحضر ذلك جماعة من الأَعراب فما أَنكروا قوله، قال: ويُحَقِّق ذلك قولُه تعالى: {هو أَهْل التقوى وأَهل المَغْفِرة} أهـ[لسان العرب 11/ 30]
وإلى هذا ذهب الزمخشري، وخالفهما غيرهما من أهل اللغة، ولعل الحق مع أهل التحقيق؛ لشاهد السمع والقياس.
وأما الكلام على حكمها الشرعي فلا يجوز قول: (فلان لايستأهل ما أصابه) عند حصول مكروه له أو نحوها من العبارات، لوجهين:-
1. أن فيها اعتراض على حكم الله الكونيِّ القدريِّ، فهي من جنس قول: لو أني فعلت كذا لم يصبني كذا وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن قول ذلك [انظر صحيح مسلم] لهذه العلة بل العبارة التي أتكلم على حكمها أصرح في الاعتراض على القدر.
2. أن تقدير المصائب ليس شراً محضاً، فكم من محنة تلتها منحة وكم من مصيبة قلبت حال صاحبها وأخذت بيده إلى باب التوبة والإنابة، وقد قال صلى الله عليه وسلم "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ " [رواه مسلم]، وظاهر هذه العبارة يخالف هذا المعنى الشرعي لأنها تتضمن القطع بسوء التقدير وشريِّته على كل حال.
فعلى المسلم أن يتفطن للفظه، ويراقب الله فيه، ويسعه في هذا المقام أن يقول: عافاه الله وشفاه ونحو ذلك من الألفاظ الطيِّبة
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
*/ المحكمة الشرعية - المذنب
26/ 2/1428
يراجع في هذه المسألة:
1. فتاوى ابن باز
2. معجم المناهي 289
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا على التنبيه، فأمثال هذه الكلمات مما لا يلقي الناس له بالا، ولعلها مما يهوي بصاحبه في النار؛ نسأل الله العافية والسلامة ..
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 03:12 م]ـ
(ابتسامة)
قال الحريري والجوزي يقولون فلان يستأهل الإكرم وهو مستأهل للانعام ولم تسمع هاتان اللفطتان في كلام العرب ولا صوبهما أحد من علماء الأدب و وجه الكلام يستحق الإكرام وهو أهل لذلك
نقلا من خير الكلام في التقصي عن أغلاط العوام
لعلي بن بالي القسطنطيني
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 05 - 08, 11:24 م]ـ
بارك الله في الجميع
في شرح الطحاوية للشيخ البراك حفظه الله:
ومن الأشياء التي تجري على بعض الألسن ـ وهي نابعة من عدم التسليم ـ: (فلان والله ما يستحق أنه يبتلى بهذه الأمراض والأوجاع والمصائب أو يبتلى بالفقر) هذا اعتراض على تدبير أحكم الحاكمين.
وفي موضع آخر:
وقوله: (يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدًا).
يفعل سبحانه ما يشاء، فيعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويهدي ويضل، ويحيي ويميت، ((يُدَبِّرُ الأَمْرَ)) [يونس:3]، ((يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ)) [الرعد:26]، و ((يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ)) [العنكبوت:21]، كل ذلك جارٍ على وفق حكمته تعالى، فله الحكمة في كل تدبير، كما تقدم في قول الطحاوي: (يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/170)
فهو يهدي من يشاء بفضله وحكمته، ويضل ويخذل ويبتلي من يشاء بعدله وحكمته، فالحكمة ثابتة في كل تدبير، فهو يضع فضله في مواضعه؛ لأن الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، والعدل: وضع الأشياء في مواضعها، فالله تعالى يضع فضله في مواضعه حيث شاء على وفق الحكمة، خلافا لقول الجهمية ومن تبعهم كالأشاعرة: إن كل ما يجري بمحض المشيئة دون أن تكون له تعالى حكمة في هذا التقدير والتدبير، وقد تقدم نحو هذا المعنى.
المقصود: أنه يجب الإيمان بأن أفعالَه سبحانه وتعالى جاريةٌ على وفق العدل والحكمة، فأفعاله دائرة بين الفضل والعدل، والظلم مما يجب تنزيهه تعالى عنه ((وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)) [فصلت:46]، ((وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)) [ق:29] (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) [النساء:40] والآيات في تنزيهه تعالى عن الظلم كثيرة.
فلا يعذب أحدا بغير ذنب، ولا يعذب أحدا بذنب غيره، وجاء في الحديث عن النبي ?: (لو أن الله تعالى عذّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم) [تقدم تخريجه عند طرفه: واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك] فلن يعذبهم إلا بما يقتضي تعذيبهم، وهو قادر أن يعذب من شاء بغير ذنب، أو يعذب من شاء بذنب غيره؛ لكنه لا يفعل ذلك لكمال عدله سبحانه، وقد حرم الظلم على نفسه كما في الحديث القدسي عن أبي ذر? عن النبي ?: قال: قال الله تعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما؛ فلا تظالَموا)
فهو لا يظلم ولا يرضى الظلم من أحد من العباد، ولذا حرمه على عباده في شرائعه التي أنزلها على رسله.
وإذا عرض للإنسان شيء من الحوادث فعليه أن لا يُحَكَّم عقله الناقص،
فكثير من الخلق لقصور علمهم وضعف إيمانهم يعترضون في نفوسهم، أو يتكلمون بألسنتهم على تدبيره تعالى، فتسمع بعضهم يقول ـ إذا ابتلى الله عبدًا ببلاء ـ: (فلان والله ما يستاهل)، وهي عبارة مشهورة عند العامة، وهي تعني: أن الله ابتلى هذا العبد، وهو ليس أهلا لهذا، وهذا اعتراض على تدبير الرب؛ بل يجب الإيمان بحكمة الرب في تدبيره وكمال عدله سبحانه وتعالى، هذا أصل يجب العناية به علما وتفكيرا وتقريرا، وهو الإيمان بكمال عدل الرب سبحانه وتعالى في خلقه وأمره وجزائه، فلا تعارض قدر الله بقولك: لِمَ جرى كذا؟ ولِمَ كان كذا؟ فأي خاطر يتضمن الاعتراض على تدبير الله فيجب على المؤمن أن يدفعه بإيمانه بأن الله تعالى حكيم له الحكمة البالغة في كل تدبير وتقدير.
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 12:25 ص]ـ
وما قولكم بارك الله فيكم في كلام القسطنطيني من حيث أصل الكلمة لغويا(49/171)
آثار صفة الرحمة
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:29 م]ـ
آثار صفة الرحمة
* بقلم / ماجد بن أحمد الصغير
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإن من عرف ربه سبحانه وتعالى بالرحمة الواسعة لابد أن يحصل له عدد من الخيرات والثمرات والآثار ...
ومن تلك الآثار:
أنه على قدر حظ الإنسان من هذا الخلق الكريم ترتفع درجته عند الله؛ ولهذا كان الأنبياء عليهم السلام أرحم الناس، وكان خاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم أوفرهم نصيباً من هذا الخلق حتى كانت رسالته رحمة للعالمين قال الله سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، (فبما رحمة من الله لنت وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). وقد لازم هذا الخلق في أشد الأوقات، فلما آذاه أهل مكة وكذبوه وأخرجه أهل الطائف ورموه بالحجارة؛ خرج كسير النفس، مجروح الفؤاد يتلمس الفرج، جاءه ملك الجبال وعرض عليه إهلاكهم فقال صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا)). [1]
رحمة لم تعرف البشرية نظيراً لها. والمؤمن الصادق له نصيب من هذه الصفة على قدر حبه لنبيه صلى الله عليه وسلم واتباعه له وأولى الناس بالرحمة الوالدين خاصة عند الكبر: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً)، ثم ضعفاء المسلمين أيتاماً وأرامل، فرحمة هؤلاء باب من أوسع الأبواب التي تنال بها رحمة الله. وإذا كانت امرأة بغي دخلت الجنة في كلب سقته شربة ماء فكيف بالإنسان المؤمن الكريم على الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث قال كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك) [2]. لقد كان صلى الله عليه وسلم رحيم القلب يرق للضعفاء ويرحم حتى الدواب والحيوانات ويوصي بها، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: (إني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن رحمتها رحمك الله). [3]
ومن الآثار:
أن الرحمة تفتح أبواب الرجاء والأمل، وتثير مكنون الفطرة، وتبعث على صالح العمل، وتغلق أبواب الخوف واليأس، وتشعر المؤمن بالأمن والأمان؛ لأنه سبحانه الرحيم الذي سبقت رحمته غضبه، ولم يجعل في الدنيا إلا جزءاً يسيراً من واسع رحمته يتراحم به الناس ويتعاطفون، وبه ترفع الدابة حافرها عن ولدها رحمة وخشية أن تصيبه [4].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) [5]. وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ) [6].
ومن الآثار:
الرحمة بالمخطئين والمذنبين بالأخذ بأيديهم إلى طريق الله بالموعظة الحسنة باللطف لا بالعنف والتعامل معهم على أنهم غرقى محتاجون من ينتشلهم فلا يتركهم يتعرضون لعذاب الله. ومن ثَّمّ النظر إليهم بعين الرحمة لا الشدة والنقمة، ومعاملتهم معاملة الرُحماء لا معاملة أهل الكبر والازدراء والخيلاء.
ومن الآثار:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/172)
أن المؤمن مع تقربه إلى الله بكل عمل، وتوقيه لكل ذنب إلا أن قلبه خائف وجل من الآخرة ; متطلع إلى رحمة ربه وفضله. فهو على كل أحواله متطلع إلى رحمة الله وفضله ;مع مراقبته لله هذه المراقبة الواجفة الخاشعة. (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9). والأخيار من خلق الله، من الملائكة، أو الجن، أو الإنس يحاولون بكل طريق أن يتقربوا إلى الله، وأن يتسابقوا إلى رضاه، يرجون رحمته ويخافون عذابه، وقد كان بعضهم يدعو عزيراً ويأمله , وبعضهم يدعو عيسى ويرجوه، وبعضهم يدعو الملائكة ويعبدهم ويسألهم , وبعضهم يدعو غير هؤلاء. . فأخبر الله عن أولئك جميعاً: بأن أقربهم إلى الله يبتغي إليه الوسيلة , ويتقرب إليه بالعبادة , ويرجو رحمته , ويخشى عذابه - وعذاب الله شديد يحذر ويخاف. (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً) [الإسراء:57] حتى أولئك الذين يؤذون في سبيله هم على رجاء الرحمة لا على يقين منها ; ولا ييئس منها مؤمن عامر القلب بالإيمان (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ,والله غفور رحيم) ... و إذا رجا المؤمن رحمة الله فإن الله لا يخيبه أبدا. . ولقد سمع أولئك النفر المخلصمنالمؤمنين المهاجرين هذا الوعد الحق , فجاهدوا وصبروا , حتى حقق الله لهم وعده بالنصر أو الشهادة. وكلاهما خير. وكلاهما رحمة .. ) [7].
ومن الآثار:
أن ينقطع المؤمن إلى الله تعالى وأن يعرض عما سواه عز وجل فيرتاح باله [8]؛ فإن الرحمة بيد الله وحده فـ (ما يفتح اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). وحين تستقر هذه العقيدة في قلب إنسان تتحول تصرفاته وتعتدل موازينه؛ لأنها تقطعه عن كل قوة في السماوات والأرض وتصله بقوة الله. وتغنيه عن كل رحمة في السماوات والأرض وتصله برحمة الله. وتوصد أمامه كل باب في السماوات والأرض، وتفتح أمامه باب الله.
يجد هذه الرحمة من يفتحها الله له فيكل شيء، وفي كل حال , وفي كل مكان. . يجدها في نفسه ,ويجدها فيما حوله , حيثما كان , وكيفما كان، ولو فقد كل شيء مما يعد الناس فقده هو الحرمان. . ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء , وفي كل وضع , وفي كل مكان، ولو وجد كل شيء مما يعده الناس علامة الوجدان والرضوان!
وما من نعمة - يمسك الله معها رحمته - حتى تنقلب هي بذاتها نقمة. وما من محنة –تحفها رحمة الله - حتى تكون هي بذاتها نعمة. . ينام الإنسان على الشوك - مع رحمة الله - فإذا هو مهاد. وينام على الحرير - وقد أمسكت عنه - فإذا هو شوك القتاد.
ويعالج أعسر الأمور - برحمة الله - فإذا هي هوادة ويسر. ويعالج أيسر الأمور – وقد تخلت رحمة الله - فإذا هي مشقة وعسر. ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام. ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار! يبسط الله الرزق - مع رحمته - فإذا هو متاع طيب ورخاء ; وإذا هو رغد في الدنياوزادإلى الآخرة. ويمسك رحمته , فإذا هو مثار قلق وخوف.
يمنح الله الذرية - مع رحمته - فإذا هي زينة في الحياة ومصدر فرح واستمتاع ,ومضاعفة للأجر في الآخرة بالخلف الصالح الذي يذكر الله. ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء , وسهر بالليل وتعب بالنهار!
ويهب الله الصحة والقوة - مع رحمته - فإذا هي نعمة وحياة طيبة , والتذاذ بالحياة. ويمسك نعمته فإذا الصحة والقوة بلاء يسلطه الله على الصحيح القوي , فينفق الصحة والقوة فيما يحطم الجسم ويفسد الروح , ويدخر السوء ليوم الحساب!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/173)
ويعطي الله السلطان والجاه - مع رحمته - فإذا هي أداة إصلاح , ومصدر أمن ,ووسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والأثر. ويمسك الله رحمته فإذا الجاه والسلطان مصدر قلق على فوتهما , ومصدر طغيان وبغي بهما , ومثار حقد وموجدة على صاحبه مالا يقر له معهما قرار , ولا يستمتع بجاه ولا سلطان ,ويدخر بهما للآخرة رصيداً ضخماً من النار! والعلم الغزير. والعمر الطويل. والمقام الطيب. كلها تتغير وتتبدل من حال إلى حال. . . مع الإمساك ومع الإرسال. . وقليل من المعرفة يثمر وينفع , وقليل من العمر يبارك الله فيه. وزهيد من المتاع يجعل الله فيه السعادة.
ورحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال.
وجدها إبراهيم – عليه السلام - في النار.
ووجدها يوسف - عليه السلام - في الجب كما وجدها في السجن.
ووجدها يونس - عليه السلام - في بطن الحوت في ظلمات ثلاث.
ووجدها موسى – عليه السلام - في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة , كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه.
ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور. فقال بعضهم لبعض: (فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته).
ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الآثار. .
ووجدها كل من آوى إليها يأساً من كل ما سواها. منقطعاً عن كل شبهة في قوة , وعن كل مظنة في رحمة , قاصداً باب الله وحده دون الأبواب [9].
ومن الآثار:
إن المؤمن إذا علم أن الله إذا فتح أبواب رحمته لأحد فلا ممسك لها. ومتى أمسكها فلا مرسل لها. كانت مخافته من الله. ورجاء ه في الله .. إنما هي مشيئة الله. ما يفتح الله فلا ممسك. وما يمسك الله فلا مرسل .. يقدر بلا معقب على الإرسال والإمساك. ويرسل ويمسك وفق حكمة تكمن وراء الإرسال والإمساك. (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده).
لو استقر هذا المعنى في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث والأشخاص والقوى والقيم. ولو تضافر عليها الإنس والجن. وهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها , ولا يمسكونها حين يفتحها. . (وهو العزيز الحكيم). .
إنها رحمة الله يفتح الله بابها ويسكب فيضها في آية من آياته. آية من القرآن تفتح كوة من النور. وتفجر ينبوعاً من الرحمة. وتشق طريقاً ممهوداً إلى الرضا والثقة والطمأنينة والراحة [10].
قال عامر بن عبد قيس: أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله) (وسيجعل الله بعد عسر يسرا الطلاق) (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها هود) [11].
اللهم لك الحمد منزل القرآن هداية وزكاة وشفاء ورحمة للمؤمنين ... «لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمةً، إنك أنت الوهاب»، «رحمتك نرجو، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين».
* / كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم - الدراسات العليا
17/ 4/1428
[1] رواه مسلم رقم (1420).
[2] متفق عليه: رواه البخاري ح 3143 و اللفظ له. ورواه مسلم ح 2245 بنحوه. كلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[3] رواه الحاكم ح 7562. والحديث صححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/ 274 ح 2264.
[4] ينظر: فتح الباري 13/ 358 في معنى قول الحليمي: الرحمن هو مزيح العلل، أسماء الله الثابتة في الكتاب والسنة، للرضواني 2/ 7، بتصرف واختصار.
[5] رواه البخاري ح 5654.
[6] رواه البخاري ح 6104.
[7] ينظر: في ظلال القرآن تفسير آية الزمر رقم:9، والإسراء رقم: 57، البقرة 218 بتصرف كثير.
[8] ينظر: روح المعاني، للألوسي 22/ 165.بتصرف.
[9] ينظر: في ظلال القرآن، تفسير قوله تعالى (ما يفتح الله للناس من رحمة .. ) سورة فاطر، آية رقم: 2.
[10] المرجع السابق نفس الموضع.
[11] الدر المنثور، للسيوطي 7/ 5.(49/174)
معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته وقواعدهم في إثباتها
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:34 م]ـ
< STRONG><SPAN lang=AR-SA style="FONT-SIZE: 16pt; COLOR: red; mso-bidi-font-family: 'Times New Roman'"><FONT face="Times New Roman"><FONT size=5> معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته وقواعدهم في إثباتها
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:43 م]ـ
< STRONG><SPAN lang=AR-SA style="FONT-SIZE: 16pt; COLOR: red; mso-bidi-font-family: 'Times New Roman'"><FONT face="Times New Roman"><FONT size=5> معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته وقواعدهم في إثباتها
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:45 م]ـ
آسف الموضوع طلاسم(49/175)
مذهب المعتزلة في أسماء الله الحسنى، والرد عليهم.
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 12:48 م]ـ
مذهب المعتزلة في أسماء الله الحسنى، والرد عليهم.
بقلم: تميم بن عبد العزيز القاضي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
ذهبت المعتزلة إلى القول بإثبات الأسماء لله ونفي الصفات، وقد وافقهم على هذه البدعة الخوارج، وكثير من المرجئة، وبعض الزيدية [1].
قال ابن المرتضي المعتزلي: «فقد فقد أجمعت المعتزلة على أن للعالم محدِثاً قديما قادراً لا لِمَعانٍ ... » [2]، فهم-وإن أطلقوا القول بأن الله تعالى عالم قادر-إلا أنهم يرون أنه عالم لا بعلم، وقادر لا بقدرة، بل يُرجِعون العلم والقدرة إلى الذات، فلا يثبتون لذلك العلم والقدرة معنى غير الذات [3].
أما إثباتهم للأسماء، فلأنهم استعظموا نفيها؛ لما فيه من تكذيب القرآن تكذيباً ظاهر الخروج عن العقل والتناقض فإنه لا بد من التمييز بين الرب وغيره بالقلب واللسان، فما لا يميز من غيره لا حقيقة له ولا إثبات [4].
وأما نفيهم للصفات فلشبهٍ عامة وخاصة، كشبهة التركيب، والأعراض، ودليل الكمال والنقصان، وغيرها مما سيأتي بإذن الله بيانه والرد عليه، واكتفيت في هذا المقام بذكر الرد على قولهم بخلق الأسماء الحسنى.
بيان مسلكي المعتزلة في إثباتهم للأسماء الحسنى:
للمعتزلة في ذكر مذهبهم في الأسماء عدة مسالك، ومن أبرزها ما يلي:
1 - فمنهم من يجعل الأسماء-كالعليم القدير والسميع والبصير -كالأعلام المحضة المترادفة، والعَلَم المحض هو الذي لا يدل إلا على العلمية، ولا يدل على الوصفية في شيء، كما لو سمي البليد حافظاً ونابهاً، وكما لو سمي البخيل كريماً، فجردوا أسماء الله عما تضمنته من المعاني والصفات.
2 - ومنهم من يقول: إنه عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع بصير بلا بصر، والفرق بين هؤلاء ومن قبلهم أن هؤلاء لم يطلقوا اسم الله تعالى إلا مقروناً بالتصريح بنفي ما تضمنه الاسم من الصفة، أما الأولون فليسوا كذلك، وإن كان الجميع متفقين على نفي الصفة، وإنما الخلاف بينهم في التعبير فقط، وسيأتي تفصيل ذلك في مباحث صفات الله [5].
وهذه المقالة-في الجملة- قد أخذها المعتزلة عن قوم من متقدمي الفلاسفة والصابئة والزنادقة [6].
قال أبو الحسن الأشعري-بعد أن بين مذهب المعتزلة في الأسماء والصفات-: «وهذا قولٌ أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة، الذين يزعمون أن للعالم صانعاً لم يزل ليس بعالم، ولا قادر، ولا حيٍّ، ولا سميعٍ، ولا بصيٍر، ولا قديم، وعبروا عنه بان قالوا: نقول عين لم يزل، ولم يزيدوا على ذلك، غير أن هؤلاء الذين وصفنا قولهم من المعتزلة في الصفات لم يستطيعوا أن يظهروا من ذلك ما كانت الفلاسفة تظهره، فأظهروا معناه بنفيهم أن يكون للباري علم وقدرة وحياة وسمع وبصر، ولولا الخوف لأظهروا ما كانت الفلاسفة تظهره من ذلك، ولأفصحوا به غير، أن خوف السيف يمنعهم من إظهار ذلك، وقد افصح بذلك رجل يعرف بابن الأيادي، كان ينتحل قولهم، فزعم أن البارىء سبحانه عالم قادر سميع بصير في المجاز لا في الحقيقة» [7].
بيان أوجه ضلالهم:
وعندما يقال إن المعتزلة يثبتون أسماء الله، فإن هذا لا يعني موافقتهم أهل السنة في مسألة الأسماء، بل لهم في ذلك عدة ضلالات، ومنها:
1 - أنهم لم يثبتوا كل الأسماء الحسنى، فإثباتهم لها كان (في الجملة) كما عبَّر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [8]، ذلك أن من عقائد المعتزلة عدم اعتبار أخبار الآحاد في العقائد، فهذه الأخبار لا تفيد اليقين عندهم، ومن المعلوم أن عدداً من الأسماء الحسنى إنما ثبتت بأحاديث آحاد،، ولذا لا ترى في كتب المعتزلة الاستطراد في تعداد الأسماء الحسنى كما ترى ذلك عند أهل السنة وغيرهم كالأشاعرة والماتريدية، بل إن من المعتزلة من ينكر بعض ما ورد به القران من أسماء الله تعالى، كإنكار بعض المعتزلة اسم الله الوكيل [9]، ولهذا تفصيل ليس هذا موضعه.
2 - أنهم لم يثبتوا ما تضمنته تلك الأسماء من صفات ومعاني، بل رأوا أنها أسماء جامدة، وأعلام محضة، كما تقدم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/176)
3 - ومن أعظم ضلالاتهم قولهم بأن هذه الأسماء لله مخلوقة، وأنها حادثة غير أزلية، وأن الله كان ولا اسم له في الأزل، وما زال كذلك ما لا نهاية له من الأزمان الأزلية، حتى خلق الخلق، فأحدث له الخلق تلك الأسماء، وأعاروه إياها، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
فهم لا يقرون بأسماء الله على الحقيقة، بل يجعلون كثيراً منها على المجاز [10].
4 - ومن ضلالاتهم أيضاً: تجويز بعض المعتزلة إطلاق الأسماء على الله بمجرد القياس العقلي، ذلك أن معتزلة البصرة زعموا أن أسماء الله غير توقيفية، وأنها تثبت بالقياس، فإذا دلَّ العقل على أن معنى اللفظ ثابتٌ في حق الله جاز إطلاقه عليه سبحانه، وبالغ في ذلك أبو علي الجبائي، حتى سمى الله تعالى بأسماء ينزه الباري عنها، وقد وافق معتزلة البصرة على هذه البدعة: الكرامية، والباقلاني من الأشعرية.
وخالفهم المعتزلة البغداديون، حيث رأوا أنه لا يجوز أن يسمي الله عز وجل باسم قد دل العقل على صحة معناه إلا أن يسمى نفسه بذلك.
ولا شك أن قول البصريين مناقض تمام المناقضة لما أجمعت عليه المعتزلة من نفي الصفات التي تضمنتها تلك الأسماء، فإن إثبات الأسماء بالقياس والعقل إنما يكون للحظ معنى توهموه مناسباً لإضافته لله تعالى، فكيف يثبتون ذلك، ثم يعودون لينفوا كل ما تضمنته تلك الأسماء من معانٍ وصفات، ويزعموا أنها أعلام محضة مترادفة مسلوبة المعاني {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً (82)} [سورة النساء 4/ 82] [11].
ومن العجب أن بعضهم قد استدل بقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [سورة الأعراف 7/ 180] على مذهبه من أن كل اسم دل على معنى يليق بجلال الله وصفاته يصح إطلاقه على الله بلا توقيف، فقال عن الآية: إن حسن الاسم باعتبار دلالته على صفات المدح ونعوت الجلال، وكل اسم دل على هذه المعاني كان اسماً حسناً، فيجوز إطلاقه على الله تمسكا بهذه الآية [12].
والتحقيق أن هذه الآية بعينها حجة على أصحاب هذا القول، وقد استدل بها بعض العلماء على قول الجمهور القائلين بالتوقيف في أسماء الله، ذلك أن الألف واللام في قوله سبحانه {وَلِلّهِ الأَسْمَاء} هل (ال) العهد، ولا معهود ولا معروف في ذلك إلا ما نص الله تعالى عليه، ومن ادعى زيادة على ذلك كلف البرهان على ما ادعى، ولا سبيل له إليه، ومن لا برهان له فهو كاذب في قوله ودعواه قال عز وجل {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111)} [سورة البقرة 2/ 111] [13].
كما أن الله سبحانه قد ذم في الآية نفسها من يلحد أسماءه فقال: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (180)} [سورة الأعراف 7/ 180]، ولا شك أن من الإلحاد أن يُسَمَّى الله بما لم يسم به نفسه [14]، وتسمية الله بما لم يسم به نفسه من الكذب على الله، والإلحاد المذكور في الآية قد فسره ابن عباس بأنه التكذيب [15]، وبهذا ينقلب هذا الدليل عل من قال بالقياس في أسماء الباري سبحانه.
والحاصل أن قول المعتزلة في أسماء الله-وإن كان دون قول الجهمية والفلاسفة في العظم الشناعة [16]،إلا أنه- بما تضمنه من البدع والضلالات - يقرب كثيراً من قول أولئك الغلاة [17].
بل لو تأملنا في قول المعتزلة، وما ذكروه من خلق أسماء الباري سبحانه، فإنه لا بد وأن يكون لخلقها زمناً، ففي الأزمان اللامتناهية-التي كانت قبل خلقها، والتي هي أكبر بما لا حد له من الأزمان التالية لخلقها-يُقال: ما الفرق بين قول الجهمية والفلاسفة والملاحدة الغلاة وبين قول المعتزلة فيما يتعلق بتلك الأزمان؟ الحقيقة أنه لا فرق، بل لا نظن أن أولئك الجهمية الغلاة يخالفون كثيراً في إثبات الأسماء، ولكن (على الطريقة الاعتزالية)، ولهذا كانت غالب ردود السلف في هذه المسألة-كما ستأتي- متجهةً نحو الجهمية والمعتزلة على حدٍّ سواء، فقد كانوا يطلقون لفظ التجهم على كل من نفى الصفات كالمعتزلة ونحوهم [18]، حيث إنهم اشتركوا في أصل التجهم، وإن اختلفوا في بعض تفريعاته، وكما سبق من كلام شيخ الإسلام وغيره أنهم لا يقرون بأسماء الله على الحقيقة، بل على المجاز، والمجاز من أحكامه عندهم جواز نفيه، وإذا استحضرنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/177)
أنه قد نقل عن الجهم نفسِه إثباتُ بعض الإطلاقات على الباري، كتسميته قادراً ونحو ذلك، تبين أن الفرق بين الفريقين قد لا يكون كبيراً، والله تعالى أعلم.
بيان رد السلف عليهم، وتكفيرهم لمقالتهم.
اشتد نكير السلف-منذ القرون الأولى-على القائلين بأن أسماء الله مخلوقة من المعتزلة.
روى الخلال عن الميموني أنه قال للإمام أحمد: ما تقول فيمن قال: إن أسماء الله عز وجل محدثة؟ فقال: كافر. ثم قال لي: (الله) من أسمائه، فمن قال إنها محدثة فقد زعم أن الله تبارك تعالى مخلوق. فأعظم أمرهم عنده، وجعل يكفرهم، وقرأ علي: {الله ربكم ورب آبائكم} [19].
وقال إسحاق بن راهويه: «أفضوا إلى أن قالوا: أسماء الله مخلوقة، لأنه كان ولا اسم، وهذا الكفر المحض؛ لأن لله الأسماء الحسنى، فمن فرق بين الله وبين أسمائه وبين علمه ومشيئته فجعل ذلك مخلوقا كله والله خالقها فقد كفر» [20].
وقد كفر جمعٌ من الأئمة من قال إن أسماء الباري سبحانه مخلوقة، ومنهم: الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، واسحاق بن راهويه، عثمان بن سعيد الدارمي، ونعيم بن حماد، ومحمد بن اسلم الطوسي، ومحمد بن جرير الطبري وابن خزيمة، وغيرهم [21].
ومن الحجج التي احتج بها السلف عليهم:
1 - قول الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)} [سورة الحج 22/ 36]
فالله تبارك وتعالى أمر أن يذكر اسمه على البدن حين نحرها للتقرب إليه.
وعلى مذهب المبتدعة لو ذكر اسم زيد أو عمرو أو اللات والعزى يجيزه لأن هذه الأسمء مخلوقة وأسماء الله عز وجل عندهم مخلوقة [22].
2 - أنه جاء في عدد من النصوص التعويذ باسم الله وبكلماته، والاستعانة بها، وتسبيح الاسم، والرقية والاستعانة لا تكون بمخلوق، كما لا يكون التسبيح لمخلوق [23].
3 - اتفاق الفقهاء على أن من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة، ومن حلف بالمخلوق-كالكعبة والصفا والمروة- فلا كفارة عليه، مما دل على أن أسماء الله غير مخلوقة، فيلزم هؤلاء المعتزلة أنه لو حلف كاذباً بالله الذي لا إله إلا هو أنه لا يحنث، كما أن الشارع قد نهى عنه الحلف بغير الله، كالكعبة ونحوها، فقال ‘: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))، وذلك أن غير الله مخلوق، ولا يجوز الحلف بالمخلوق، مما دل على أن أسماء الله غير مخلوقة.
كما يلزم المعتزلة إذا أرادوا أن يقولوا لا إله إلا الله أن يقولوا: لا إله إلا الذي خلق الله وإلا لم يصح توحيدهم، وهذا لا شك في بطلانه [24].
4 - إلزامهم فيما أثبتوه بنظير الحكم فيما نفوه، وهذه من طرق الإمام أحمد في الرد عليهم، حيث إنهم يزعمون الإقرار بعلم الله تعالى، ويقولون إن الاسم مخلوق، فيلزمهم في العلم ما التزموه في الاسم؛ لأن الاسم قد أضيف إلى الله كما أن العلم قد أضيف إلى الله، فيقال لهم: أنتم تقولون إن الاسم مخلوق حادث، بمعنى أنه تعالى قبل أن يخلق الاسم كان ولا اسم له، فيلزمكم أنه قد كان جاهلاً لا يعلم حتى خلق لنفسه علماً، وكان ولا نور له حتى خلق لنفسه نوراً، وكان ولا قدرة له حتى يخلق لنفسه قدرة، وهذا بيُّن البطلان، وهذا من الجواب بالنقض، وهو قريب من قلب الدليل، حيث إن إقرارهم بالعلم صار حجة عليهم في إبطال ما قالوا به في الاسم [25].
5 - كما أن هذه الدعوى يكفي تأملها في بيان بطلانها، فإن حقيقة دعواهم «أن الله كان مجهولاً، كشخص مجهول، لا يهتدي لاسمه، ولا يدرى ما هو، حتى خلق الخلق، فابتدعوا له أسماء من مخلوق كلامهم، فأعاروها إياها، من غير أن يعرف له اسم قبل الخلق، ومن ادعى هذا التأويل فقد نسب الله تعالى إلى العجز والوهن والضرورة والحاجة إلى الخلق، لأن المستعير محتاج مضطر، والمعير أبداً أعلى منه وأغنى،ففي هذه الدعوى استجهال الخالق إذ كان بزعمهم هملاً لا يدرى ما اسمه وما هو وما صفته، والله المتعالي عن هذا الوصف» [26].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/178)
بل إن لازم دعواهم أن الله كان في حد المجهول أكثر منه في حد المعروف، فإنهم إذا قالوا بخلقها، فإن لخلقها وقتاً، فما كان قبل خلقها هي أزمان لا نهاية ولا حدَّ لها، قد كان الله فيها-على حد فريتهم-مجهولاً، أما ما كان بعد خلقها من الأزمان إلى الآن فهو محدود، وكون الله مجهولاً عندهم أكبر -بما لا حد له-من كونه معلوماً، وفي تأمل هذا الكفر الصراح ما يغني عن رده [27].
6 - كما أن في دعواهم هذه تشبيها لأسماء الله بأسماء المخلوقين، وقياساً لها عليها، وذلك من وجوه:
أ - أنهم جعلوا أسماء الله محدَثة مخلوقة كأسماء خلقه، وهذا من أبطل الباطل، بل هو وقوع فيما فروا منه من شبهة التشبيه، وفيه قلب لهذه الشبهة عليهم [28].
ب - أن المعتزلة إنما نفوا الصفات فراراً من التشبيه والتجسيم، إذ إنهم يرون أن التجسيم والتشبيه لازمٌ لمن أثبت الصفات [29]، فيقال لهم: فيلزمكم على هذا أن تنفوا الأسماء أيضاً، فإنكم إذا قلتم: هو حي عليم قدير، كان في هذا تشبيه له بغيره ممن هو حي عليم قدير، وكان في هذا من التجسيم كما في إثبات الحياة والعلم والقدرة له، لأنه لا يُعرف مسمَّى بهذه الأسماء إلا جسم، كما لا يعرف موصوفا بهذه الصفات إلا جسم، وبهذا استطالت الفلاسفة الغلاة والجهمية نفاة الأسماء والصفات على المعتزلة، وقلبوا عليهم دليلهم، فإن دليلهم في نفي الصفات دال على نقيض ما قالوا به في الأسماء، وهذا هو قلب الدليل بعينه، فعادت شبهتهم وحجتهم عليهم، ولهذا تفصيل سيأتي بإذن الله عند الكلام على الصفات [30].
والحق في ذلك ما ذهب إليه أهل السنة، ووافقوا به النصوص، من إثبات الأسماء والصفات على حقيقتها، إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل، وهذا الإثبات لا يستلزم التشبيه المحذور، إنما يستلزم التشبيه على فهم أهل التعطيل من المعتزلة ومن شاكلهم، ولذا كان هذا الفهم للتشبيه حجة عليهم فيما أثبتوه، ولم يكن حجة على أهل السنة فيما أثبتوه.
7 - ومن الحجج عليهم كذلك قوله تعالى في آلهة المشركين وأصنامهم:
{إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23)} [سورة النجم 53/ 23]
وقال سبحانه: {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71)} [سورة الأعراف 7/ 71].
فقد عاب آلهة المشركين وأصنامهم بأن أسماءها منتحلة مستعارة مخلوقة، وفي هذا إشارة أن أسماء الله تعالى لم تزل كما لم يزل الله، وأنها بخلاف هذه الأسماء المخلوقة التي أعاروها للأصنام، والآلهة التي عبدوها من دونه، فإن لم تكن أسماء الله بخلافها فأي توبيخٍ لأسماء الآلهة المخلوقة؟! إذ كانت أسماؤها وأسماء الله مخلوقة مستعارة عند المعتزلة بمعنى واحد، وكلها من تسمية العباد ومن تسمية آبائهم بزعم القوم [31].
7 - ومن الأدلة العقلية على بطلان قولهم أن يقال:
لو كانت أسماؤه مخلوقة لم يخل:
إما أن يكون خلقها في ذاته.
أو في ذات غيره.
أو لا في ذاته ولا ذات غيره.
فبطل أن يكون خلقها في ذاته، لأن ذاته ليست بمحل للمخلوقات.
ولا يجوز أن يكون أحدثها في ذات غيره، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يسمى من أحدثها فيه بشيء منها، فيسمى فرداً وصمداً.
ولا يجوز أن يكون أحدثها بنفسها في غير ذات، لأنها صفة، والصفة لا تقوم بنفسها
فبطل بذلك أصل الفرض بأنها مخلوقة، وتبين أنها غير مخلوقة [32].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/179)
8 - ومما يقال أيضاً أن قول هؤلاء في غاية التناقض، فإنَّ إثبات حيٍّ، عليم، قدير، سميع، بصير، بلا حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا حكمة، ولا سمعٍ، ولا بصر مكابرةٌ للعقل، كإثبات مصلٍّ بلا صلاة، وصائم بلا صيام، وقائم بلا قيام، ونحو ذلك من الأسماء المشتقة، كأسماء الفاعلين، والصفات المعدولة عنها، ولهذا ذكروا في أصول الفقه: أن صدق الاسم المشتق كالحي والعليم لا ينفك عن صدق المشتق منه كالحياة والعلم [33].
[1] انظر: نقض الدارمي على المريسي (1/ 158)، مقالات الإسلاميين للأشعري (70 - 71، 164 - 172، 483)، اعتقاد أئمة الحديث للإسماعيلي (52 - 54)، الانتصار للعمراني (2/ 606)،)، التمهيد لقواعد التوحيد لللامِشي الماتريدي (67)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (3/ 8) (12/ 119، 311) (14/ 348)، الصفدية (1/ 88 - 89)، التسعينية (1/ 270)، النبوات (45، 143)، درء تعارض العقل والنقل (5/ 249 - 250)، منهاج السنة النبوية (2/ 604)، (5/ 392)، شرح العقيدة الأصفهانية-طبعة مكتبة الرشد (111)، الدليل الكبير ليحيى بن حمزة العلوي الزيدي (62)، شرح العقيدة الطحاوية (1/ 520)، لوامع الأنوار البهية (1/ 118).
[2] كتاب باب ذكر المعتزلة من كتاب المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل، لأحمد بن يحيى بن المرتضي (6)
[3] انظر: شرح الأصول الخمسة (105).
[4] النبوات (45).
[5] التدمرية لشيخ الإسلام (18)، شرح الرسالة التدمرية للشيخ البراك (93)، وانظر: مقالات الإسلاميين للأشعري (70 - 71، 164 - 166)
[6] مقالات الإسلاميين (483)، الإبانة عن أصول الديانة (143)، شرح الأسماء الحسنى للرازي (33) حيث ذكر مسالك آخرين من المعتزلة.
[7] مقالات الاسلاميين (483)، وانظر: الإبانة عن أصول الديانة (143)، معارج القبول (1/ 129).
[8] التسعينية (1/ 270)
[9] انظر: الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي (145)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي (43)
[10] التسعينية (1/ 270)، وانظر: نقض الدارمي (1/ 177)، خلق أفعال العباد للبخاري (2/ 59 - 60)
[11] انظر: مقالات الاسلاميين للأشعري (525)، الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي (145، 168، 326)، المقصد الأسنى للغزالي (173)، شرح الأسماء الحسنى للرازي (40)، فتح الباري لابن حجر (11/ 223)، شرح المقاصد للتفتازاني (4/ 344 - 345)، لوامع الأنوار البهية (1/ 124)، وقد ذكر بعض أصحاب التراجم أن من أسباب ترك الأشعري لمذهب الاعتزال مناظرته الجبائي في بعض المسائل، ومنها هذه المسألة، انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (3/ 357 - 358).
[12] انظر: معنى لا إله إلا الله للزركشي (142)
[13] المحلى لابن حزم (1/ 29 - 30).
[14] انظر: تفسير البغوي (3/ 307)، المحلى لابن حزم (1/ 29 - 30)
[15] أخرجه الطبري في تفسيره (13/ 283).
[16] النبوات (143)،شرح العقيدة الأصفهانية-طبعة مكتبة الرشد (110).
[17] انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (3/ 103)، معارج القبول للحكمي (1/ 237).
[18] انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (12/ 119) (14/ 352).
[19] السنة للخلال (6/ 18)، وانظر: الرد على الزنادقة والجهمية (314 - 315)، الشريعة للآجري (1/ 84)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (6/ 391)،
[20] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 214).
[21] انظر: الرد على الزنادقة والجهمية (314 - 315) نقض الدارمي على المريسي (1/ 158 - 185)، السنة للخلال (6/ 18)، الشريعة للآجري (1/ 84) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (2/ 208 - 214)، المناظرة في القران لابن قدامة (19)، درء تعارض العقل والنقل (2/ 79)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (170 - 171، 186)، العلو للعلي العظيم للذهبي (2/ 1063)، فتح الباري لابن حجر (13/ 378)، لوامع الأنوار (1/ 118)
[22] شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2/ 206).
[23] انظر: نقض الدارمي على المريسي (1/ 159 - 160) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2/ 206 - 212).
[24] انظر: المرجع السابق (2/ 211)، و: الرد على الزنادقة والجهمية (314 - 315)، فتح الباري لابن حجر (11/ 225).
[25] انظر: الرد على الزنادقة والجهمية 314 - 315.
[26] نقض الدارمي على المريسي (1/ 158).
[27] انظر: المرجع السابق (1/ 163).
[28] انظر: نقض الدارمي على المريسي (1/ 161).
[29] يسأتي الكلام مفصلاً عن شبهة التجسيم والتشبيه
[30] انظر: خلق أفعال العباد للبخاري (2/ 59)، الصفدية (1/ 88 - 89)، شرح العقيدة الأصفهانية-طبعة مكتبة الرشد (110 - 113)، منهاج السنة النبوية (2/ 523).
[31] نقض الدارمي على المريسي (1/ 158) (بتصرف يسير).
[32] الانتصار للعمراني (2/ 606).
[33] النبوات (46)(49/180)
قواعد في دلالة النصوص
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحبم
قواعد في دلالة النصوص
* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
القاعدة الأولى: طريقة القرآن النفي المجمل، والإثبات المفصل:
اللائق في مقام الإثبات التفصيل والترسل، لأنه تعريف. مثال ذلك: ما ختم الله به سورة الحشر من تعداد أسمائه الحسنى، وما ذيَّل به الآيات 59 - 65 من سورة الحج بذكر اسمين كريمين من أسمائه الحسنى في كل آية.
واللائق في مقام النفي الإجمال والتعميم، لأنه تنزيه. مثال ذلك: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى: 11، وقال: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) الإخلاص: 4، وقال: (فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ) النحل: 74، وقال: (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة: 22
ولا تكاد تجد نفياً مفصلاً. إلا لسببين:
أحدهما: وجود شبهة سابقة.
الثاني: دفع توهم متوقع.
فمثال الأول: نفي الله عن نفسه الولد، لأن اليهود قالت: عزير ابن الله، والنصارى قالت: المسيح ابن الله، ومشركو العرب قالوا: الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. فكان من المناسب أن يفصل الله في النفي فيقول: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) الإخلاص: 3، لنقض هذه الشبهة المستقرة عند اليهود، والنصارى، والذين لا يعلمون.
ومثال الثاني: قوله سبحانه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ق: 38، فربما وقع في نفس أحد أن هذا العمل العظيم يوجب التعب، فقال: (وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)
فطريقة القرآن في وصف الرحمن: إثبات مفصل، ونفي مجمل. ومن العجب أن أهل الكلام المذموم، عكسوا الطريقة، فقالوا بنفي مفصل، وإثبات مجمل! فتجدهم إذا أتوا يعرفون بالله عز وجل يقولون: منزه عن الزمان، والمكان، ليس بذي مجسة، ولا رائحة، ولا ملمس، وليس داخل العالم، ولا خارجه، ولا فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا شمال، وليس بشبح، ولا صورة، ولا، ولا .... سبحان الله!
هذا النفي المفصل ليس من طريقة القرآن، بل إنه في الحقيقة لا يليق بالمدح حتى عند الآدميين، فلو أن إنساناً أراد أن يمدح ملكاً من الملوك، أو كبيراً من الكبراء، فإنك تجده يكثر من ذكر الصفات الثبوتية له، كأن يقول: أنت الكريم، وأنت الشجاع، ونحو ذلك.
ولو قال له: أنت لست بزبال، ولا كناس، ولا حجام، ولا حلاق، ولا جزار، ولا كذا! وأخذ يذكر الصفات المعيبة عند الناس لم يحمد له ذلك، بل يستهجن. لكن لو قال له: (ما مثلك أحد من الناس) لعد هذا مدحاً بليغاً.
القاعدة الثانية: الواجب إجراء النصوص على ظواهرها، وهي معلومة لنا باعتبار، مجهولة باعتبار آخر.
بعض الناس يظن أن ظواهر النصوص هو ما يقتضي مشابهة المخلوقين! فيظن أن الله تعالى إذا قال عن نفسه أنه سميع بصير، أن السمع كسمع المخلوق، والبصر كبصر المخلوق، فيقول: النصوص ليست على ظاهرها. والحق أن ظواهر النصوص لا تقتضي تشبيهاً، لأن الله سبحانه وتعالى أضاف هذه الأوصاف إلى ذاته الشريفة، فلما أضافها إلى ذاته تقيدت. وإذا أضيفت إلى المخلوق تقيدت. بل إن المخلوقات نفسها إذا أضيفت الأوصاف إليها تقيدت بما تضاف إليه، ووقع بينها التفاوت. فإذا قلت: (يد الإنسان) تبادر إلى ذهنك هذه اليد المكونة من كف وأصابع. وإذا قلت: (يد الباب) تبادر إلى ذهنك يد معدنية أو خشبية. وإذا قلت: (يد الحيوان) تبادر إلى ذهنك صورة مخالب أو نحو ذلك.
فالاشتراك إنما يكون في المعنى العام المطلق الكلي الذي محله الأذهان، وينتفي الاشتراك عند الإضافة إلى الأعيان، فلا يكون الظاهر دالاً على التشبيه.
والنصوص معلومة لنا باعتبار المعنى، مجهولة لنا باعتبار الكيفية؛ إذ كل صفة يتعلق بها ثلاثة أشياء: لفظ يعبر عنها، ومعنى ينبئ عنها، وكيفية هي عليها. والواجب علينا: 1 - إثبات اللفظ، وعدم التعرض له بزيادة، أو نقصان، أو تحريف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/181)
2 - إثبات المعنى، لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين، وأمرهم بتدبره. وقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يوسف: 2 فحض على تعقله، ولم يستثن شيئاً. وقال: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) ص: 29 فحض على تدبره، ولم يستثن شيئاً. فكل القرآن محل للتدبر، وإدراك المعاني. ما خاطبنا الله عز وجل بأحاجي، وألغاز، وطلاسم، بل خاطبنا بلسان عربي مبين.
3 - تفويض الكيفية، فالكيفية لا سبيل إلى إدراكها، فمن ادعى العلم بالكيفية فهو كاذب؛ فإن التكييف ممتنع عقلاً، محرمٌ شرعاً، كما تقدم.
فلهذا صار يجب علينا في كل صفة أن نثبت لفظها، ومعناها، وأن نفوض كيفيتها إلى الله عز وجل. فإن قال قائل: لا يمكن أن نثبت المعنى إلا بإثبات الكيفية! نقول: هذا غير مسلم، لأننا يمكن أن نعرف المعنى الكلي المشترك، دون أن ندرك الكيفية. وهذا متحقق حتى في المخلوقات؛ فلو أن إنساناً اشترى جهاز حاسب (كمبيوتر) وأخذ يتعامل معه، قد لا يكون يدرك أبداً الدوائر الكهربائية التي داخل الجهاز، وكيف يعمل!
وهذه الإضاءة الكهربائية، وهذا الصوت الذي تنقله هذه اللاقطات يتم عن طريق الكهرباء، نفهم المعنى، ولا ندرك الكيفية.
وإذا طبقنا هذا في مقام الصفات، نجد مثلاً، أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أنه استوى على العرش، فنثبت الاستواء لفظاً، ونثبته معنىً، فله في لغة العرب أربعة معاني: علا، واستقر، وصعد، وارتفع. وهي معاني معلومة في الذهن، لكن لا يلزم أن تكون مدركة الكيفية.
القاعدة الثالثة: القول في الصفات كالقول في الذات، والقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.
هذه القاعدة نرد بها على طوائف من المعطلة الذين ينفون صفات الله عز وجل، زاعمين أن إثبات الصفات يلزم منه التمثيل، أو التكييف، أو التركيب، أو التعدد، أو غير ذلك من الدعاوي.
فنقول لهم: ألستم تثبتون لله تعالى ذاتاً لا تشبه الذوات؟ سيقولون: بلى.
فنقول: فلتثبتوا له صفات لا تشبه الصفات، لأن الصفات فرع عن الذات، يحتذى حذوها، ويسار على منوالها. فكما أن الله تعالى، له ذات لا تشبه الذوات، فله صفات لا تشبه الصفات.
والقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر. وهذا يرد به على أهل التعطيل الجزئي، كالأشاعرة، والماتريدية، وعموم الصفاتية، تجدهم يثبتون الصفات المعنوية السبع، أو الثمان، على اختلاف بينهم، فيثبتون لله الحياة، والسمع، والبصر، والإرادة، والعلم، والقدرة، والكلام، و يسمونها الصفات المعنوية.
وينفون ما سواها من الصفات الفعلية، كالنزول، والفرح، والاستواء، والعجب، والضحك التي وردت في النصوص الصريحة الصحيحة.
سبحان الله! لماذا الكيل بمكيالين؟ أليست جميعاًَ صفات لله عز وجل؟ هل فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين صفات وصفات؟ كلا! بل القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر.
ما دمتم تثبتون لله سمعاً، وبصراً، فأثبتوا له نزولاً، واستواءً.
فإن قالوا: لكن النزول والاستواء من صفات المخلوقين، ومن سمات المحدثين.
قلنا لهم: كذلك السمع، والبصر، من صفات المخلوقين، وسمات المحدثين.
فإن قالوا: سمع الله يليق به، وسمع المخلوق يليق به، وبصر الله يليق به، وبصر المخلوق يليق به.
قلنا لهم: كذلك، استواء الله يليق به، واستواء المخلوق يليق به، ونزول الله يليق به، ونزول المخلوق يليق به. فلا فرق، لكن أنتم فرقتم بغير سبب.
ولذلك نجد أن منهج أهل السنة والجماعة منهج مطرد، متناسق، متناسب، يصدق بعضه بعضاً، ليس فيه استثناءات، ولا مماحكات. ومذاهب المخالفين تتسم بالتناقض والاختلاف.
* / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم(49/182)
قواعد في الصفات
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:59 م]ـ
قواعد في الصفات
* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
القاعدة الأولى: صفات الله تعالى نوعان: ذاتية، وفعلية.
فالذاتية: الملازمة لذاته سبحانه التي لا يتصور انفكاكها عن الله تعالى وخلوه منها. ومثال هذا النوع: صفة الحياة، والسمع، والبصر، والعلم، والقدرة، والحكمة.فكل وصف لا يمكن أن يخلو الله، عز وجل، منه في أي حال، فهو وصف ذاتي، ملازم لذاته.
والفعلية: المتعلقة بمشيئته سبحانه وحكمته، أي التي يفعلها متى شاء.
ومثال ذلك: الاستواء، والنزول، والفرح، والعجب، والضحك، والمجيء، والإتيان.
فصفة (المجيء) مثلاً: قال الله عز وجل: (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) الفجر22. هذا المجيء يحصل يوم القيامة. إذاً هو ليس وصفاً ذاتياً لله، سبحانه وتعالى، وإنما يفعله سبحانه، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.
وصفة (النزول) إلى سماء الدنيا تحصل حين يبقى ثلث الليل الآخر. إذاً هذا النزول ليس وصفاً ذاتياً لله، سبحانه وتعالى، وإنما متعلق بمشيئته سبحانه.
كذلك (الاستواء)، فقد أخبر الله، عز وجل، أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. و (ثم) في لغة العرب تفيد الترتيب والتراخي. إذاً نجزم بأنه حين خلق السموات والأرض لم يكن مستوياً على العرش، فلما خلقهن استوى عليه.
وصفة (الفرح) مقترنة بتوبة عبده إذا تاب، كما في الحديث. إذاً فهو وصف متعلق بسبب، يوجد بوجوده.
وصفة (الضحك) دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم: (يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة) [1] متعلق بسبب، يوجد بوجوده.وهكذا.
وثمَّ صفات يقال عنها: (ذاتية فعلية)، يمثلون لها بصفة الكلام. فهو ذاتي باعتبار أصل الصفة، فعلي باعتبار آحادها وأفرادها. فالله، سبحانه وتعالى، من صفته ومن شأنه الكلام، وهو منزه عن ضده، وهو الخرس. لكنه، سبحانه، يتكلم حسب مشيئته، متى شاء، كيف شاء. فهو قد كلم الأبوين في الجنة، وكلم أنبياءه؛ كلم موسى من الطور وكلم نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، ليلة المعراج، ويكلم عيسى بن مريم، يوم القيامة قائلاً: (أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ) المائدة: 116، فهو سبحانه تكلم، ويتكلم، وسيتكلم، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.
فالكلام إذاً، باعتبار أصله صفة ذاتية، وباعتبار تجدد آحاده وأفراده صفة فعلية. ولذلك يعبر بعض العلماء بالقول إنه (قديم النوع حادث الآحاد).
والواقع، أنه عند التأمل، نجد أن الصفات الفعلية كلها يمكن أن ينطبق عليها ذلك! بمعنى أن جنس الصفات الفعلية وصف ذاتي لله تعالى؛ فهو لم يزل، ولا يزال، ولن يزال فعالاً لما يريد، كما قال عن نفسه بصيغة المبالغة: (فعال لما يريد) الفجر: 16، ولكن صور الفعل متنوعة، متجددة، حسب ما تقتضيه مشيئته وحكمته. وبهذا التقرير نخرج من طائلة الدعوى الباطلة، التي يدعيها المتكلمون، المنكرون للصفات الفعلية، بقولهم: إنكم بذلك تثبتون لله وصفاً حادثاً، بعد أن لم يكن، وتجعلونه محلاً للحوادث.
وقد حقق هذا المقام الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، رحمه الله، تحقيقاً فريداً، وحرره تحريراً بليغاً، في جواب مسائل لبعض طلابه الذين يراسلهم في الكويت، جمعت في كتاب سمي: (الأجوبة الكويتية).
القاعدة الثانية: صفات الله قسمان: ثبوتية، وسلبية.
فالإثبات يكون لصفات الكمال. والنفي يكون لصفات النقص.
فصفة العلم ثبوتية لأن الله أثبتها لنفسه. وصفة الولد منفية، لأن الله نفاها عن نفسه. فما أثبته الله لنفسه فهو كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه. وما نفاه الله عن نفسه فهو نقص لا كمال فيه بوجه من الوجوه.
وهذا في حقه، سبحانه وتعالى، لكن من الصفات ما قد يكون كمالاً في حق الخالق، نقصاً في حق المخلوق، كصفة (الكبرياء). ومن الصفات ما يكون نقصاً في حق الخالق، كمالاً في حق المخلوق، كصفة (الولد). لأن الولد يلزم منه المماثلة؛ فالولد من جنس أبيه، ولأن الولد إنما يطلب للحاجة، والله الغني عن كل شيء.
القاعدة الثالثة: باب الصفات أوسع من باب الأسماء.
لأن الاسم لا يثبت إلا بوروده اسماً، فليس لأحد أن يسمي الله اسماً لم يرد في الكتاب والسنة. بينما الصفات ترد من ثلاثة موارد:
أولاً: من الاسماء الحسنى: فكل اسم يتضمن صفةً، ولا يلزم العكس. فإذا قال الله سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم: 54، فنستمد منهما وصفين: العلم والقدرة.
ثانياً: ورود الصفة بلفظها. قال الله عز وجل: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ) الأنعام: 133، وقال: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) فاطر: 10، فأثبت لنفسه الرحمة، والعزة بلفظيهما.
ثالثاً: من الأفعال الربانية: فمن قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) طه:5، نستفيد إثبات صفة الاستواء. ومن قوله: (وَجَاء رَبُّكَ) الفجر: 22،نستفيد إثبات صفة المجيء. وهكذا.
بينما الأسماء لا يمكن أن تشتق من الصفات. فلا يصح أن تشتق من قوله: (وجاء ربك) اسم الجائي، ولا من قوله: (وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة: 253، المريد.
فلهذا كان باب الصفات أوسع من باب الأسماء، لتعدد موارده.
* / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم
28/ 10/1428
[1] أخرجه أحمد 2/ 318 (8208). و"مسلم" 6/ 40 من حديث أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة. قالوا كيف يا رسول الله قال يقتل هذا فيلج الجنة ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد فى سبيل الله فيستشهد)).
وجاء بلفظ آخر ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا فى سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد)) عند "البخاري" 4/ 28 (2826) واللفظ له و"مسلم" 6/ 40 و"ابن ماجة" 191 و"النسائي" 6/ 38 وفي "الكبرى" 4358 وفي 6/ 38 وفي "الكبرى" 4359 -(49/183)
تأثير الكبائر في إيمان العبد
ـ[ريم صباح]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:59 م]ـ
االمصدر: الشيخ ابن باز - مجلة البحوث، عدد رقم (41)، ص: (132 - 134)
لسؤال:
ما حكم ارتكاب بعض المعاصي لا سيما الكبائر؟ وهل يؤثر ذلك في تمسك العبد بالإسلام؟
الجواب:
نعم؛ يؤثر ذلك فإن ارتكاب الكبائر كالزنا وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق وأكل الربا والغيبة والنميمة وغير ذلك من المعاصي يؤثر في توحيد الله والإيمان به ويضعفه، ولكن لا يكفر المسلم بشيء من ذلك ما لم يستحله؛ خلافاً للخوارج فإنهم يكفرون المسلم بفعل المعصية كالزنا والسرقة وعقوق الوالدين وغير ذلك من كبائر الذنوب ولو لم يستحلها، وهذا غلط عظيم من الخوارج، فأهل السنة والجماعة لا يكفرونه بذلك ولا يخلدونه في النار، ولكنهم يقولون: هو ناقص الإيمان والتوحيد، لكن لا يكفر كفراً أكبر بل يكون في إيمانه نقص وضعف.
ولهذا شرع الله في حق الزاني الحد بالجلد إذا كان بكراً يجلد مائة جلدة ويُغرَّب عاماً، وهكذا شارب المسكر يجلد ولا يقتل، وهكذا السارق تقطع يده ولا يقتل. فلو كان الزنا وشرب المسكر والسرقة توجب الكفر الأكبر لقتلوا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" [1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=24&FatwaID=631#_ftn1).
فدل ذلك على أن هذه المعاصي ليست ردة ولكنها تضعف الإيمان وتنقصه؛ فلهذا شرع الله تأديبهم بهذه الحدود ليتوبوا ويرجعوا إلى ربهم ويرتدعوا عما حرم عليهم ربهم سبحانه.
وقالت المعتزلة: إن العاصي في منزلة بين منزلتين ولكنه يخلد في النار إذا مات عليها، فخالفوا أهل السنة ووافقوا الخوارج في ذلك، وكلتا الطائفتين قد ضلت عن السبيل. والصواب هو القول الأول، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو أنه يكون عاصياً ضعيف الإيمان وعلى خطر عظيم من غضب الله وعقابه، ولكنه ليس بكافر الكفر الأكبر الذي هو الردة عن الإسلام، ولا يخلد في النار أيضاً خلود الكفار إذا مات على شيء منها، بل يكون تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها ثم يخرجه من النار. ولا يخلد فيها أبد الآباد إلا الكفار، ثم بعد مضي ما حكم الله عليه من العذاب يخرجه الله من النار إلى الجنة. وهذا قول أهل الحق، وهذا هو الذي تواترت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافاً للخوارج والمعتزلة؛ والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النِّسَاء: 48] فعلق سبحانه ما دون الشرك على مشيئته عز وجل.
أما من مات على الشرك الأكبر فإنه يخلد في النار، والجنة عليه حرام؛ لقول الله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المَائدة: 72] وقال سبحانه: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ *} [التّوبَة: 17] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
أما العاصي إذا دخل النار فيبقى فيها إلى ما يشاء الله، ولا يخلد خلود الكفار، ولكن قد تطول مدته. ويكون هذا خلوداً خاصاً مؤقتاً ليس مثل خلود الكفار؛ كما قال سبحانه في آية الفرقان لما ذكر المشرك والقاتل والزاني - قال سبحانه: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا *} [الفُرقان] فهو خلود مؤقت له نهاية. أما المشرك فخلوده دائم أبد الآباد؛ ولهذا قال عزّ وجل في حق المشركين في سورة البقرة: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البَقَرَة: 167]، وقال سبحانه في سورة المائدة في حق الكفرة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ *} [المَائدة: 37].(49/184)
حكم قول: باسم الشعب، باسم العروبة، باسم الوطن
ـ[ريم صباح]ــــــــ[17 - 05 - 08, 02:19 م]ـ
سماحة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
السؤال:
ما حكم هذه العبارات ((باسم الوطن، باسم الشعب، باسم العروبة))؟
الجواب:
هذه العبارات إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبر عن العرب، أو يعبر عن أهل البلد فهذا لا بأس به، وإن قصد التبرك والاستعانة فهو نوع من الشرك، وقد يكون شركاً أكبر؛ بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به.
ـ[أبو يوسف النجدي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 04:07 م]ـ
جزاكِ الله خيراً(49/185)
شرك المحبة
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 02:20 م]ـ
شرك المحبة
* بقلم / وليد بن حمد المرزوقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فمن المخالفات العقدية الخفية والمنتشرة عند كثير من المسلمين: تقديم محاب غير الله - عز وجل- ومراضيه على محاب الله ومراضيه، ولهذا الخلل الفتاك، مظاهر عديدة تطفح على واقع الناس، منها على سبيل المثال لا الحصر:-
1. ترك الإستقامة على الدين أو بعض شرائعه إرضاءً لزوج أو ابن، أو غيرهما، فكم من صالح ترك صلاحه، ومن مستقيم على طاعة الله ترك طاعته، ومن مجاهد ترك جهاده نزولاً عند رغبة زوج أو ابن أو غيرهما.
2. تقديم حب المال على معصية الله فيه، حيث يتهاون كثير من المسلمين خاصة في زمن الأسهم في الدخول في تعاملات مشبوهة أو محرمة تحريماً قاطعاً ينقلها إلى باب الكبائر، من دون مراعاة لجناب الله ومحبته، ولو كانت محبة الله قد استقرت في قلوب أولئك، لما خطر على قلب أحدهم خاطر كهذا فضلاً عن ارتكابه.
3. تقديم محاب الأبناء على محاب الله، كمن يغض الطرف عن عصيان أبنائه أو يساعدهم عليها تقديماً لحبهم على حب الله، وما أكثر ما يساعد بعض الآباء ابنه على سياحة فسق ومجون، من غير تذكير أو نصح أو تحذير له عن الوقوع في الرذائل، وملابسة الكبائر!، وما ذلك إلا مراعاة وتقديماً لحب هذا الابن على حب الله، وغير ذلك كثير ...
وقد جاءت النصوص القواطع دالة على وجوب تقديم محاب الله على محاب خلقه معتبرة مخالفة ذلك آية على شرك العبد شرك محبة، ومن ذلك:-
1. قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله} [آل عمران:31]
قال الطبري في تفسيره: تأويل الآية: قل يا محمد للوفد من نصارى نجران: إن كنتم كما تزعمون أنكم تحبون الله وأنكم تعظمون المسيح وتقولون فيه ما تقولون حبا منكم ربكم فحققوا قولكم الذي تقولونه إن كنتم صادقين باتباعكم إياي فإنكم تعلمون أني لله رسول إليكم كما كان عيسى رسولا إلى من أرسل إليه فإنه إن اتبعتموني وصدقتموني على ما أتيتكم به من عند الله يغفر لكم ذنوبكم فيصفح لكم عن العقوبة عليها ويعفو لكم عما مضى منها فإنه غفور لذنوب عباده المؤمنين رحيم بهم وبغيرهم من خلقه. [تفسير ابن جرير:3/ 231]
وقال ابن كثير: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، قال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الاية فقال {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} إهـ بتصرف [تفسير القرآن العظيم:1/ 477]
2. وقوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب}
قال الطبري – رحمه الله-: يعني تعالى ذكره بذلك: أن من الناس من يتخذ من دون الله أندادا له وأن الذين اتخذوا هذه الأنداد من دون الله يحبون أندادهم كحب المؤمنين الله ثم أخبرهم أن المؤمنين أشد حبا لله من متخذي هذه الأنداد لأندادهم فمعنى الآية إذاً ومن الناس من يتخذ أيها المؤمنون من دون الله أندادا يحبونهم كحبكم الله. [تفسير ابن جرير:2/ 71]
وقال ابن كثير: يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدار الآخرة حيث جعلوا له أندادا أي أمثالاً ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه وهو الله لا إله إلا هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه. [تفسير القرآن العظيم:1/ 275]
3. وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " [قال النووي في أربعينه: هذا حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح].
4. وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين} [أخرجه البخاري:14 ومسلم:69].
أي لا يؤمن الإيمان الواجب والمراد كماله حتى يكون الرسول أحب إلى العبد من ولده ووالده والناس أجمعين بل ولا يحصل هذا الكمال إلا بأن يكون الرسول أحب إليه من نفسه كما في الحديث: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شئ إلا من نفسي فقال: {والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك} فقال له عمر: فإنك الآن أحب إلي من نفسي فقال: {الآن يا عمر}. [رواه البخاري:6257]
قال شيخ الاسلام ابن تيمية –رحمه الله-:فمن قال إن المنفي هو الكمال فإن أراد الكمال الواجب الذي يذم تاركه ويعرض للعقوبة فقد صدق وإن أراد أن المنفي الكمال المستحب فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله صلى الله عليه. [الفتاوى:7/ 15]
والخلاصة: أن تقديم محاب غير الله على محابه ثلمة في التوحيد، لما تقدم من الدلائل الجلية، على هذه المسألة الخفيَّة.
وبما أن الأمر كذلك والعبد إن لم ينقذ نفسه من شَرَكِه فهو لا محالة هالك، كان حري بالكيس الفطن أن يطهر باطنه من هذا الدنس، ويملأه بمحبة ربه تعالى، قبل أن يفجأه الموت وقلبه مائل إلى غيرالله تعالى فتميل به ذنوبه إلى جهنم وساءت مصيراً.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*/ المحكمة الشرعية - المذنب
6/ 7/1428(49/186)
علم الكلام وأهل الكلام
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 02:29 م]ـ
علم الكلام وأهل الكلام
بقلم / الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيرد في كتب العقائد كثيراً مصطلح علم الكلام، وأهل الكلام والمتكلمين، وما جرى مجرى ذلك.
وفيما يلي نبذة عن تعريف علم الكلام، وسبب تسميته بذلك، وأهل الكلام، وأشهر المتكلمين
أولاً: تعريف علم الكلام: عرف علم الكلام بعدة تعريفات منها:
1 - قال أبو حيان التوحيدي -رحمه الله-: (وأما علم الكلام فإنه من باب الاعتبار في أصول الدين يدور النظر فيه على محض العقل في التحسين والتقبيح، والإحالة والتصحيح، والإيجاب والتجويز، والاقتدار والتعجيز، والتعديل والتجوير، والتوحيد والتكفير.
والاعتبارُ فيه ينقسم بين دقيق يتفرد العقل به، وجليل يُفْزَع إلى كتاب الله -تعالى- فيه). [رسالة أبي حيان في العلوم ص 21]
2 - وعرفه ابن خلدون -رحمه الله- بقوله: (علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية) [تاريخ ابن خلدون ص 350].
3 - وعرفه الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- بقوله: (هو ما أحدثه المتكلمون في أصول الدين من إثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها، وأعرضوا بها عما جاء بالكتاب والسنة) [فتح رب البرية ص 76].
ثانياً: سبب تسمية علم الكلام بهذا الاسم: أما سبب تسميته بهذا الاسم فذلك مما تضاربت به الأقوال، ومما قيل في ذلك ما يلي:
1 - أن عنوان مباحث المتكلمين في العقائد كان: (الكلام في كذا وكذا ... ).
2 - لأنه يورث قدرةً على الكلام في تحقيق الشرعيات، وإلزام الخصوم؛ فهو كالمنطق للفلسفةِ؛ والمنطقُ مرادفٌ للكلام.
3 - لأن هذا العلم لا يتحقق إلا بالمباحثة، و إدارة الكلام من الجانبين على حين أن غيره من العلوم قد يتحقق بالتأمل، ومطالعة الكتب.
4 - لأنه أكثر العلم خلافاً، ونزاعاً؛ فيشتد افتقاره إلى الكلام مع المخالفين، والرد عليهم.
5 - لأنه؛ لقوة أدلته صار كأنه هو الكلام دون ما عداه من الكلام.
6 - أنه؛ نظراً لقيامه على الأدلة القطعية المؤيد أكثرها بالأدلة السمعية كان أكثر العلوم تأثيراً بالقلب؛ فسمي الكلام بذلك مشتقاً من الكَلْم وهو الجرح.
7 - أنه سمي بذلك؛ لأن أول خلاف وقع في الدين كان في كلام الله -عز وجل- أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فتكلَّم الناس فيه؛ فسمي هذا النوع من العلم كلاماً، واختص به.
8 - لأن هذا العلم كلام صِرْفٌ، وليس تحته عمل [انظر العقائد النسفية للنسفي ص 6، وتاريخ ابن خلدون ص 350 - 375، والمعتزلة لزهدي جارالله ص 346].
ثالثاً: أهل الكلام: أهل الكلام هم الذين يخوضون في مسائل أصول الدين كالوحدانية، والمعاد، وإثبات النبوات، والوعد، والوعيد، والإيجاب على الله -عز وجل- والتجويز وهو قولهم: لو عذبنا الله على ما خلقه فينا لكان جائزاً، وإنما يعذبنا على ما نخلقه نحن.
وأنه يجوز على الله تعذيب ملائكته وأنبيائه، وأهل طاعته، وإكرام إبليس وجنوده، وجعلهم فوق أوليائه في النعيم المقيم.
ولا ريب أن هذا قولٌ باطل صار عن نفي الحكمة والتعليل؛ ذلك أن حكمة الله -عز وجل- تأبى ذلك قال -تبارك وتعالى-: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
ويخوضون - كذلك - في القدر ويقولون بنفيه ويسمون ذلك عدلاً، ويبحثون كذلك في التوحيد، ويعنون به نفي الصفات عن الله -عز وجل- إلى غير ذلك ممن يخوض به أهل الكلام.
رابعاً: أشهر المتكلمين: المتكلمون كثير، وليسوا على درجةٍ واحدة، ويدخل في مفهوم المتكلمين كثير من الطوائف كالجهمية أتباع الجهم بن صفوان، والمعتزلة أتباع عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وغيرهم.(49/187)
الترويج لكتب الكفر والبدعة والفسق
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 02:39 م]ـ
الترويج لكتب الكفر والبدعة والفسق
* بقلم / وليد بن حمد المرزوقي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فمن المخالفات العقدية ترويج الكفر والبدع والفسق والسماح بذلك من خلال عرض كتب الكفرة والمبتدعة ومقالاتهم وأطروحاتهم، ففي الوقت الذي يرتضع صغارنا لبان العقيدة من مناهجهم الدراسية ولله الحمد، يروَّج لتلك الكتب والأفكار عن طريق معارض الكتب ودور النشر.
وتختلف بواعث القائمين على تلك المعارض في ذلك، فمن شخص يبطن السوء والمكر بالأمة، إلى شخص ساذج لا يعرف عواقب الأمور ومآلات القرارات الرعناء، مروراً بمن همته جمع المال بصرف النظر عن مصير أمته.
إن السماح للدخيل الضال من الأفكار والرجال لمن أعظم الفتن التي تموج بالأمة موج البحر، لا لأن العقيدة الإسلامية غير قادرة على مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة ولكن لأن الصوارف عن قبول الحق والإيمان به غالبة أحياناً، في وقت باتت السبل غير متاحة للمصلحين مثل أي وقت مضى، ناهيك عن قلة المصلحين المخلصين إلى جانب الزخم الإغوائي من مقروء ومسموع ومرئي.
وقد تواترت الدلائل القاطعة على وجوب كف شر الكتب المفسدة للدين، والمقالات المشككة في عقيدة المسلمين، بما لايدع مجالاً أمام النوايا الحسنة إلا القبول والعمل على رقع ما انخرق، ولف ما انتشر، وطي الخطر والضرر، فإليك أيها القارئ المبارك طرفاً من ذلك:-
1) عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال: {أفي شك أنت يابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي} [أخرجه أحمد والدارمي وابن أبي عاصم في "السنة"] وحسنه الألباني في الإرواء [رقم الحديث 1589]
2) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكتبون من التوراة فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {إن أحمق الحمق وأضل الضلالة قوم رغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى نبي غير نبيهم وإلى أمة غير أمتهم} ثم أنزل الله {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون} [العنكبوت/51] رواه الإسماعيلي في معجمه وابن مردويه
3) روى الدارمي في مقدمة سننه عن مرة الهمداني أن أبا قرة الكندي أتى ابن مسعود رضي الله عنه بكتاب فقال إني قرأت هذا بالشام فأعجبني فإذا هو كتاب من كتب أهل الكتاب فقال عبد الله: {إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم الكتب وتركهم كتاب الله} فدعا بطست وماء فوضعه فيه وأماثه بيده حتى رأيت سواد المداد.
وما زال أهل العلم والإيمان من أهل السنة والجماعة يحذرون من قراءة كتب المبتدعة وتعريبها، وتشنيعهم على من فتح هذا الباب على الأمة معلوم
وقد عشنا – ولله الحمد – سنوات مديدة ونحن لا نرى هذا الخطر ولا نظن أن يجرؤ المجترؤون على تقيؤه، ولم نر الأمة تخلفت ولا الوعي انخرم بل على العكس من ذلك، فقد تخرج جيل، يعتز بعقيدته ويفخر بمنهاجه ودينه، ويفقه واقعه.
إن أملنا بالله عظيم أن يرفع عن الأمة هذا البلاء وأن يسخر من المسؤولين من يقوم بواجبه فيقطع دابره، فمن الواجب الأخذ على أيدي السفهاء.
عن خالد بن عرفطة قال: " كنت جالسا عند عمر رضي الله عنه عنه إذ أتي برجل من عبد القيس سكنه بالسوس فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم. فضربه بعصاة معه فقال: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: اجلس. فجلس فقرأ عليه (بسم الله الرحمن الرحيم آلر * تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * نحن نقص عليك أحسن القصص. . .) الآية فقرأها عليه ثلاثا وضربه ثلاثا فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال؟! فقال: مرني بأمرك اتبعه قال: انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس فلئن بلغني عنك انك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة ثم قال له: اجلس فجلس بين يديه فقال: انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت به في أديم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما هذا في يدك يا عمر؟} قال: قلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما الى علمنا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: اغضب نبيكم هلم السلاح السلاح فجاؤا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: {يا أيها الناس إني أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية ولا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون}. قال عمر: فقمت فقلت: رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبك رسولا ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الضياء في " الأحاديث المختارة " (1/ 24 - 25)
إن الله عز وجل قد يبتلي بعض عباده بتزيين العمل كما قال تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً} فلا يشعر بخطئه وشناعة مايفعله، بل يراه مزيناً ومبرراً ولا حول ولاقوة إلا بالله.
ولكن يبقى السؤال معلقاً: متى يؤخذ على أيدي هؤلاء؟
اللهم احفظ أمتنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين وأعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*/ المحكمة الشرعية - المذنب(49/188)
هل يجوز له أن يقسم بهذا القسم " ورب القرآن "؟
ـ[وليد الحربي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 06:00 م]ـ
أيها الإخوة في الله هنا مسألة أشكلت علينا ونرجو ممن عنده بها علم ألايبخل علينا وهي
من المعلوم أن القرآن كلام الله وليس مخلوق فلو أن شخصاً أقسم بالقرآن فقال أقسم بالقرآن لجاز ذلك (لأنه يجوز لنا أن نقسم بأسماء الله وصفاته ولايجوز أن نقسم بمخلوقاته أما هو سبحانه فله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته وهذا أمر معلوم)
والإشكال لو أن شخصاً أقسم فقال ورب القرآن فكأنه جعل القرآن مخلوق (كأنه قال ورب الكعبة ... الخ, من هذه المصطلحات)
فهل يجوز له أن يقسم بهذا القسم ونرجو التفصيل في هذا الإشكال
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[17 - 05 - 08, 10:00 م]ـ
قال الشيخ / صالح آل الشيخ في كتابه "شرح الواسطية" ما نصه:
"رب القرآن بمعنى أنه المتصف به لكن مثل هذه الكلمة لا يسوغ أن تقال لأن هذه هي من كلمات من يقولون القرآن مخلوق، فكأن المزني في وقته كان قول من يقول ورب (يس) رب القرآن، يقولها من يعتقد أن القرآن مخلوق فلذلك نبه على ذلك رعاية للحال الذي كان في زمنه، أما من جهة الأصل فإنه يقال رب القرآن بمعنى صاحبه أو بمعنى المتصف به الذي تكلم به جل وعلا ولكن هذا عند الإختيار لا يقال بل يُبتعد عنه لأن القرآن صفة الله جل وعلا والناس لا يعقلون من الربوبية إلا ربوبية المخلوق، لا ربوبية الصفة بمعنى أنه المتصف بها."
انتهى بلفظه من " الشاملة "
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[17 - 05 - 08, 10:29 م]ـ
هل يمكن أن يقال:
إن كان يقصد به المصحف, الذي هو من ورق وحبر, فنعم.
وإن كان يقصد ما فيه من كلام فلا .. ؟؟؟
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 05 - 08, 11:23 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?p=822848#post822848(49/189)
التساهل في الحلف
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 10:45 ص]ـ
* بقلم / وليد بن حمد المرزوقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فمن الأخطاء العقدية الشائعة لا سيما عند التجار والصغار كثرة الحلف، فيبادرك أحدهم بالحلف ولو لم يقتضي الأمر ذلك، ويزداد الأمر سوءاً حينما يتبين لك كذبه، ولعل السر في الاتصاف بذلك ضعف تعظيم الله في القلب ..
وقد دلت النصوص على تحريم ذلك، وأرشدت إلى حفظ اليمين، وتوعدت من استهان بهذا الباب، فإليك أيها القارئ الكريم طرفاً منها:-
1. قال الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} قال ابن عباس: يريد لا تحلفوا. وهذا أحد القولين في الآية.
2. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب}. [متفق عليه] أي الحلف نفاق ورواج للسلع، والمحق هو النقص والمحو، والمعنى أنه إذا حلف على سلعة أنه أعطي فيها كذا وكذا، أو أنه اشتراها بكذا وكذا، وقد يظنه المشتري صادقا فيما حلف عليه، فيأخذها بزيادة على قيمتها، والبائع كاذب في ذلك، وإنما حلف طمعا في الزيادة، فيكون قد عصى الله، فيعاقب بمحق البركة، فإذا ذهبت بركة كسبه دخل عليه من النقص أعظم من تلك الزيادة التي دخلت عليه بسبب حلفه، وربما ذهب ثمن تلك السلعة بالكلية، فإن ما عند الله إنما ينال بطاعته، وإن تزخرفت الدنيا للعاصي، فعاقبتها الاضمحلال والذهاب والعقاب الوبيل.
3. عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم}. وذكر منهم المنفق سلعته بالحلف الكاذب.
قال ابن قاسم: وصاحبها إن كان موحدا فتوحيده ضعيف، وأعماله ضعيفة بحسب ما قام بقلبه، وظهر على لسانه وعمله، من تلك المعاصي العظيمة مع قلة الداعي إليها. [حاشية كتاب التوحيد]
4. عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته}
قال إبراهيم النخعي: (كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار). وهذا فيه تمرين الصغار على طاعة ربهم، ونهيهم عما يضرهم، وفعلهم ذلك إنما هو لئلا يعتادوا إلزام أنفسهم بالعهود وهي الأيمان، لما يلزم الحالف من الوفاء، وربما أثم وكذا الشهادة، فإنه إذا اعتادها حال صغره سهلت عليه، فربما أداه ذلك إلى التساهل حال كبره، فإن من شب على شيء شاب عليه.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*/ المحكمة الشرعية - المذنب(49/190)
رد من سأل بوجه الله
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 10:56 ص]ـ
* بقلم / وليد حمد المزوقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ومن الأخطاء العقدية التي تحرم على العبد رد من سأل بوجه الله، كأن ترد من قال لك: أسألك بوجه الله أن تدعو لي، أو نحو ذلك
وقد دل على ذلك مايلي:-
1) عن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه} رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، وصححه النووي وغيره.
2) حديث ابن عباس: {من سألكم بوجه الله فأعطوه} رواه أحمد وأبو داود. وفي رواية له: "من سألكم بالله"
3) وله عن ابن عمر: {من سألكم بالله فأجيبوه إلى ما سأل}
4) عن ابن عباس مرفوعا: {ألا أخبركم بشرار الناس؟ رجل يسأل بوجه الله ولا يعطي}. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه.
5) ولأن منع من سأل بالله أو بوجه الله من عدم إعظام الله وإجلاله
ولكن العلماء قد اشترطوا شرطين لتحقق الحكم:-
1. أن يكون المطلوب من مقدورك.
2. أن لا يكون المطلوب أمراً محرماً.
ويدخل فيه القسم عليه بالله أن يفعل كذا
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما نافعاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*/ المحكمة الشرعية - المذنب(49/191)
تقسيم الدين إلى قشر ولباب
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:07 ص]ـ
* بقلم / وليد بن حمد المرزوقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
من الأخطاء العقدية عبارة: الدين لب وقشور.
ويقصد بها: أن شرائع الإسلام منها ماهو أصل ومنها ماهو فضلة وقشر، ونظيرها تقسيم الدين إلى ظاهر وباطن، وأصل وفرع. فحسن الظن بالمسلمين والتحاب بينهم ونبذ العداوات لب وأصل، وتوفير اللِّحى، وتقصير الثوب، والمنع من كتابة (الله ـ محمد) في الجدر والألواح ... قشر!
وهذا اللفظ يورد في سياق التقليل من شأن الشرائع المتعلقة بالظاهر، وأن مخالفة الأمر فيها يسير ولا يضر بدين المرء، فهو بالخيار إن شاء امتثل وإن شاء خالف، ولا شك أن مما يذكرونه من قبيل اللباب هو من أصول الدين ومقاصده.
ولكن أصل هذا التقسيم واعتبار بعض العبادات الظاهرة قشر، فيه نظر، حيث يلزم منه جعل بعض الشرائع بمنزلة القشر الذي لا فائدة منه بل يرمى بعد استعماله! ولا ريب أن هذا التقسيم بدعة منكرة، ظهرت قبل زمن ثم نامت، وهاهي تطل بقرنها مؤذنة بطي سنن وشرائع، جاء الشرع باعتبارها ومراعاتها. وتتلون القوالب التي يركبها هؤلاء في تقرير شبهتهم ..
فمنهم من يبرر الدعوة إلى ذلك بجمع كلمة المسلمين لأن التمسك بالقشور يوجب التفرق بزعمهم.
وآخر يلوي أعناق النصوص ليثبت أن هذه الشرائع أو بعضها ليست عزائم، بل هي من قبيل السنن والفضائل.
وآخر يتذرع بالخلاف الواقع فيها أو في كثير منها ليبرهن على صحة دعواه ... وهكذا.
وقد تظافرت نصوص الوحيين، وفهوم السلف الصالح على نسف هذه الشبهة، وأن عظم العبادة وعكسه راجع إلى الكتاب والسنة، وإلى درجة الأمر والنهي.
فقد يكون الأمر مؤكَّداً وعدم امتثاله كفر كالأمر بالصلاة، وقد يكون مؤكَّداً وعدم امتثاله كبيرة كالأمر بطاعة الوالدين.
وقد يكون أمراً مجرداً وعدم امتثاله محرم، وهذا شأن كثير من الأوامر والقرب وهو ما يعبر عنه الأصوليون فيقولون: الواجب (هو ما يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه)
وقد يكون مستحباً كالأمر بالسواك وغيره، وكذا النهي.
والمقصود هنا بيان أن مراتب الأمر والنهي عائدة إلى الشارع لا إلى تعلق الأمر والنهي بظاهر وباطن، أو نحو ذلك. ويشهد لهذا أمور منها:-
1. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفَّة) [البقرة:208]. قال ابن كثير –رحمه الله تعالى-: (يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) قال مجاهد: أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر) أهـ بتصرف يسير [تفسير القرآن العظيم:1/ 361]
2. قوله -عليه الصلاة والسلام-: (إذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ماستطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فا نتهوا) [البخاري: 7288، ومسلم: 1337] والشاهد من ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين الأوامر والنواهي بحسب الظاهر والباطن ولم يستثن ما كان قشراً بل أمر بالامتثال والانتهاء واستثنى في الأمر عدم الاستطاعة.
3. النهي عن لبس زي الأعاجم الخاص بهم، فقد دلت النصوص على تحريمه فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من تشبه بقوم فهو منهم) [رواه أبو داود:4031
قال شيخ الإسلام عن إسناده: هذا إسناد جيد، وصححه الألباني.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: (وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) إهـ.
4. عن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) [أخرجه البخاري:4605، ومسلم:2125] وهذه نواهٍ تتعلق بالظاهر ومع ذلك ورد فيها هذا الوعيد الشديد واعتبرها أهل العلم من الكبائر. وقد تقرر عند المحققين من أهل العلم ارتباط الظاهر بالباطن، وأن للأول تأثير في الآخر طرداً وعكساً، وإن كان ذلك مما قد لايشعر به الإنسان في نفسه، ولكن قد يراه في غيره،
فالتشبه بالكفار في الظاهر يورث تشبهاً بهم في الباطن ... ثم لو سلًّمنا جدلاً في تسمية بعض الشرائع قشراً، أفليس القشر يحفظ اللب فيكون واجباً!؛ لأن ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب!. لاشك أنهم غفلوا عن ذلك، وإلا لبحثوا عن تعبير آخر؛ لأنهم يصرحون بالتقليل من شأن بعض العبادات و المأمورات وبهذا نعرف أن تقسيم الدين إلى لب وقشر بدعة منكرة وخطأ فادح، لايجوز استعماله،
ويجب على المسلمين أن يحذروه ويحذِّروا منه؛ لأنه خطوة شيطانية لتنحية بعض الشرائع وطمس بعض المعالم. اللهم ثبتنا على الحق ولا تجعله ملتبسا علينا فنظل،، والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*/ المحكمة الشرعية - المذنب
8/ 5/1428
من المراجع:-
1. تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب. تأليف: محمد بن أحمد إسماعيل.
2. فتاوى ابن باز وابن عثيمين – رحمهما الله تعالى-.(49/192)
اليأس من نصر الله
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:45 ص]ـ
< SPAN lang=AR-SA style="FONT-SIZE: 22pt; COLOR: red; mso-bidi-font-family: 'Times New Roman'"><STRONG><FONT face="Times New Roman"><FONT size=5>(49/193)
آثار عن السلف في ذم الرافضة
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 12:36 م]ـ
آثار عن السلف في ذم الرافضة نقلا من كتابعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم لناصر بن علي عائض حسن الشيخ
بعد أن أسلفنا في المباحث السابقة ما بلغ إليه الرافضة من موقف سيء نحو خيار الأمة المحمدية وهم الصحابة الكرام عموماً وخصوصاً كما رأينا كذلك معتقدهم في أمهات المؤمنين الطيبات الطاهرات لكل رجس ودنس وعُلِمَ منه أنه موقف يدل على خبث معتقده وأنه مناف للإيمان بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقرآن، وجدنا أن سلف هذه الأمة ذموا الرافضة بما وجد فيهم من صفات ذميمة سيئة مختلفة.
فمما ذمهم به السلف الصالح عليهم رحمة الله ورضوانه أنهم أجمعوا على أن الرافضة أكذب الطوائف وأن الكذب فيهم قديم وأنهم امتازوا بكثرة الكذب1 فلم يقبلوا منهم الحديث ويردوا ما روي عنهم من الأحاديث لجرأتهم على الكذب.
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال أبو حاتم الرازي: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال أشهب بن عبد العزيز سئل مالك عن الرافضة فقال: "لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون".
وقال أيضاً: قال أبو حاتم الرازي حدثنا حرملة، قال: سمعت الشافعي يقول: "لم أر أحداً أشهد بالزور من الرافضة".
وقال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: "نكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون"2.
__________
1ـ انظر منهاج السنة 1/ 13.
2ـ هذه الآثار الثلاثة أوردها شيخ الإسلام في المصدر السابق أيضاً 1/ 13 وانظر قول الشافعي في كتاب أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي 7/ 1457.
(3/ 1114)
وروى مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه عن علي بن شقيق، قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: "دعوا حديث عمرو بن ثابت1 فإنه كان يسب السلف"2.
وقال يحيى بن معين رحمه الله في تليد بن سليمان المحاربي: كذاب كان يشتم عثمان وكل من شتم عثمان أو طلحة أو أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دجال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"3.
وقال أبو العرب4: "من لم يحب الصحابة فليس بثقة ولا كرامة"5.
وقال الإمام الذهبي في ترجمة إبان بن تغلب الكوفي بعد أن ذكر أنه ثقة وهو شيعي جلد، قال: "فلقائل أن يقول كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان؟، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة، وجوابه على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرق فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو رُد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة، ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك فهذا النوع لا يحتج به ولا كرامة، وأيضاً: فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله حاشا وكلا، فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم
__________
1ـ هو عمرو بن ثابت بن هرمز البكري أبو محمد ويقال أبو ثابت الكوفي من الثامنة. التقريب 2/ 66، تهذيب التهذيب 8/ 9 - 10.
2ـ مقدمة صحيح مسلم 1/ 16.
3ـ تهذيب التهذيب 1/ 509.
4ـ هو: محمد بن أحمد بن تميم المغربي الإفريقي من أولاد أمراء المغرب توفي سنة ثلاثة وثلاثين وثلاثمائة، انظر ترجمته في تذكر الحفاظ 3/ 891 - 892.
5ـ هدي الساري ص/389.
(3/ 1115)
في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضي الله عنه وتعرض لسبهم والغالي في زماننا وعُرْفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين أيضاً: فهو ضال مفتر"أهـ1.
وليس أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد وحدهم هم الذين عرفوا امتياز الرافضة بأنهم أكذب الناس بل من أهل البيت من عرف فيهم ذلك.
وقد جاء نفر من الناس إلى علي بن الحسين فأثنوا عليه، فقال: "ما أكذبكم وأجرأكم على الله عز وجل، نحن من صالحي قومنا"2.
فهؤلاء النفر الذين جاءوا إلى هذا السيد الهاشمي هم من الرافضة فقد عرف أن ثناءهم عليه هم فيه كاذبون، ولذلك وصفهم بأنهم أبلغ الناس في الكذب ومن أعظمهم جرأة على الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/194)
ومن فساد عقولهم وانتكاس قلوبهم أنهم يحبون الكذب على علي رضي الله عنه كما يحبون ويحرصون على إيقاع غيرهم في شركهم هذا.
فقد ثبت عن الشعبي رحمه الله، أنه قال: "ما رأيت أحمق من الخشبية3 لو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمراً، والله لو طلبت منهم أن يملؤوا هذا البيت ذهباً على أن أكذب على علي لأعطوني ووالله
__________
1ـ ميزان الاعتدال 1/ 5 - 6.
2ـ الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ص/167.
3ـ هم ضرب من الشيعة وسموا بالخشبية "لقولهم: إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم فقاتلوا بالخشب" منهاج السنة 1/ 8، وقد بين البلاذري وجه تسميتهم بهذا الاسم حيث قال: "وكان أصحاب المختار يسمون الخشبية لأن أكثرهم كانوا يقاتلون بالخشب، ويقال أنهم سموا الخشبية لأن الذي وجههم المختار إلى مكة لنصرة ابن الحنفية أخذوا بأيديهم الخشب الذي كان ابن الزبير جمع ليحرق به ابن الحنفية وأصحابه فيما زعم، ويقال: بل كرهوا دخول الحرم بسيوف مشهورة فدخلوه ومعهم الخشب ولم يسلوا سيوفهم من أغمادها"أهـ أنساب الأشراف 5/ 231، وانظر اللباب في تهذيب الأنساب 1/ 444.
(3/ 1116)
ما أكذب عليه أبداً"1.
كما وصفهم رحمهم الله بأنهم أقل عقولاً في أهل الأهواء.
فقد قال: "نظرت في أهل الأهواء وكلمت أهلها فلم أر قوماً أقل عقلاً من الخشبية"2.
فالإمام الشعبي رحمه الله يعد من أخبر الناس بهم، ووصفه لهم بهذه الأوصاف الذميمة إنما هو من واقع أحوالهم لأنه كان بينهم في الكوفة.
ومما يذمون به أن السلف كانوا يحمدون الله تعالى أن عصمهم من سوء معتقدهم.
فقد قال أبو العالية رحمه الله: "نعمتان لله علي لا أدري أيهما أفضل أو قال أعظم أن هداني للإسلام والأخرى أن عصمني من الرافضة"3.
والأمر كمال قال رحمه الله تعالى فإن عدم الهداية لدين الإسلام والابتلاء بمذهب الرافضة كلاهما مهلكتان، بل واحدة منهما سبب واصل إلى الشقاء.
ومما ذمهم به السلف أنهم شر الفرق وشر عصابة وجدت على وجه الأرض ولم يكونوا يجيزون شهادتهم.
فقد روى أبو عبد الله بن بطة عن علي رضي الله عنه، قال: "تفترق هذه الأمة على نيف وسبعين فرقة شرها فرقة تنتحل حبنا وتخالف أمرنا"4.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: "أجيز شهادة أهل الأهواء كلهم إلا الرافضة، فإنهم يشهدون بعضهم لبعض".
__________
1ـ ذكره شيخ الإسلام في منهاج السنة 1/ 6، أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي 7/ 1461.
2ـ الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة لابن بطة ص/165.
3ـ المصدر السابق ص/148.
4ـ المصدر السابق ص/169.
(3/ 1117)
وقال يونس أيضاً: "كان الشافعي يعيب على الروافض ويقول هم شر عصابة"1.
فانظر كيف وصفهم رابع الخلفاء الراشدين علي رضي الله عنه من خلال معرفته لهم، وما عاناه في زمنه منهم، فلقد حكم عليهم بأنهم شر فرق هذه الأمة وأنهم ينتحلون حب أهل البيت انتحالاً ليسوا صادقين فيه، كما وصفهم الشافعي بأنهم أهل أهواء جميعهم وهم أهل جرأة في الشهادة حيث يشهد بعضهم لبعض زوراً وبهتاناً، وأنهم شر جماعة وجدت على وجه الأرض.
ومن صفات الذم التي نيطت بهم أن السلف رحمهم الله كانوا يكرهون الزواج منهم كما يكرهون أكل ذبائحهم لاعتقادهم ردتهم ويزجرون ويعزرون من مشى في جنائزهم وكانوا لا يرون لهم غيبة بانتقاصهم ولو كان بيوم صوم أحدهم.
فقد قال طلحة بن مصرف رحمه الله تعالى: "الرافضة لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم لأنهم أهل ردة"2.
وقال سفيان بن عيينة لرجل: من أين جئت، قال: من جنازة فلان ابن فلان، قال: لا حدثتك بحديث أستغفر الله ولا تعد نظرت إلى رجل يبغض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعت جنازته"3.
فانظر إلى هذا الإمام الجليل القدر كيف عزر هذا الرجل بحرمانه تعليمه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد أنه شيع جنازة رافضي، ونظر إليه، وما ذلك إلا لشناعة مذهب الرافضة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال زائدة بن قدامة الثقفي: قلت لمنصور4: "يا أبا عتاب اليوم الذي
__________
1ـ الأثران في مناقب الشافعي للرازي ص/142.
2ـ الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ص/161.
3ـ المصدر السابق ص/159، أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي 7/ 1458.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/195)
4ـ هو منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب الكوفي، ثقة، ثبت، وكان لا يدلس، من
(3/ 1118)
يصوم فيه أحدنا ينتقص فيه الذين ينتقصون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، قال: نعم"1.
ما أعظم ذب السلف رحمهم الله عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فهم يرون أن لا حرج على الصائم في انتقاصه الرافضة أعداء الصحابة بذكره معتقدهم السيء، وبيان فساده ليحذره من يجهل شناعة الرافضة وقبحهم.
ومما ذمهم به السلف الصالح رحمهم الله أنهم أضعف الناس حجة وأنهم أعظم أهل الكلام وسخاً وقذراً، وكان بعض السلف لا يجرؤ على حكاية فضائحهم عندما يكون في وضوء.
فقد قال أبو عبيد القاسم بن سلام: "عاشرت الناس وكلمت أهل الكلام فما رأيت قوماً أوسخ وسخاً ولا أقذر قذراً ولا أضعف حجة ولا أحمق من الرافضة"2.
وروى أبو نعيم بإسناده إلى الحسن بن عمرو قال: قال لي طلحة بن مصرف: "لولا أني على وضوء لأخبرتك بما تقول الرافضة"3.
ومما ذُمّ به الرافضة أن السلف كانوا يتركون السكني في بلد يسب فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن بعضهم قام ببيع داره، فقد ذكر ابن بطة أن جرير بن عبد الله البجلي وعدي بن حاتم وحنظلة بن الربيع الكاتب خرجوا من الكوفة حتى نزلوا قرقيسيا4، وقالوا: لا نقيم ببلدة يشتم فيها عثمان بن
__________
= طبقة الأعمش، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. التقريب 2/ 277.
1ـ الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ص/163، السنة للخلال ص/495 - 496.
2ـ المصدر السابق ص/163.
3ـ المصدر السابق ص/164، وأبو نعيم في الحلية 5/ 15، السنة للخلال ص/499.
4ـ قرقيسياء: بلد على الخابور عند منصبة وهي على الفرات جانب منها على الخابور وجانب على الفرات فوق رحبة مالك بن طوق. مراصد الأطلال للبغدادي 3/ 1080.
(3/ 1119)
عفان"1.
وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: "باع محمد بن عبد العزيز التميمي داره وقال: لا أقيم بالكوفة بلدة يشتم فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم2.
فهؤلاء الأسلاف لم يطيقوا البقاء ببلدة يوجد فيها من ينال من خيار هذه الأمة أو يكن لهم بغضاً وغلا في قلبه.
ومما ذمهم به السلف الصالح اعتقادهم الباطل بالرجعة لأئمتهم وأعدائهم كما يزعمون قبل يوم القيامة لينتقم أولئك الأئمة من أعدائهم ويقيمون دولتهم كما يزعمون الرجعة للأنبياء لنصرة القائم ثم تقوم دولتهم المزعمومة3، وقد كذبهم السلف الصالح رحمهم الله في هذا الإفك ووبخوهم عليه.
فقد روى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى عمرو الأصم، قال: قلت للحسن بن علي إن هذه الشيعة يزعمون أن علياً مبعوث قبل يوم القيامة، قال: "كذبوا والله ما هؤلاء بشيعته، لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله4.
وفي لفظ آخر من رواية عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده إلى عاصم بن ضمرة قال: قلت للحسن بن علي: إن الشيعة يزعمون أن علياً رضي الله عنه يرجع، قال: "كذب أولئك الكذابون، لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه"5.
__________
1ـ الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ص/164.
2ـ المصدر السابق.
3ـ انظر تفصيل اعتقادهم برجعة الأئمة ومن يرجع من الأنبياء والأوصياء عند خروج القائم ووروده إلى المدينة النبوية وإخراجه الشيخين من قبرهما وصلبه لهما ثم إحيائهما له إلى غير ذلك من الخبط في عقيدة الرجعة عندهم. الأنوار النعمانية 2/ 81 - 120، تفسير القمي 1/ 312 - 313، تفسير العياشي 2/ 259 - 260، تفسير الكاشاني 2/ 247 - 249.
4ـ المستدرك 3/ 145، وانظر كتاب الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ص/166.
5ـ المسند 1/ 48 وهو من زيادات عبد الله على المسند وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 22 ثم قال عقبه: رواه عبد الله وإسناده جيد.
(3/ 1120)
وذكر العلامة ابن كثير أن رجلاً جاء إلى الحسين بن علي فسأله: متى يبعث علي، فقال: يبعث والله يوم القيامة وتهمه نفسه"1.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/196)
وأخرج الحافظ بن عساكر أن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال لرجل من الرافضة: "والله لئن أمكننا الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم ثم لا نقبل منكم توبة، فقال له رجل: لم لا تقبل منهم توبة؟، قال: نحن اعلم بهؤلاء منكم، إن هؤلاء إن شاءوا صدقوكم، وإن شاءوا كذبوكم وزعموا أن ذلك يستقيم لهم في "التقية"، ويلك إن التقية هي باب رخصة للمسلم إذا اضطر إليها وخاف من ذي سلطان أعطاه غير ما في نفسه يدرأ عن ذمة الله وليست باب فضل، وإنما الفضل في القيام بأمر الله وقول الحق وايم الله ما بلغ من التقية أن يجعل بها لعبد من عباد الله أن يضل عباد الله"2.
هذه الآثار صادرة عن أئمة من أهل بيت النبوة الذين يزعم الرافضة أنهم شيعتهم، نرى أنهم كذبوهم في عقيدة الرجعة ووبخوهم على استغلالهم رخصة التقية التي جعلها الله للمسلم إن اضطر إليها عند عدوه كما قال تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} 3، وقوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ} 4، فقد أخرجوها عن مدلولها الذي أراده الله واستعملوها في كل أحوالهم وأمورهم فهم يظهرون ما لا يبطنون ليضللوا بذلك على من لا يعرف حقيقتهم وصدق الحسن بن الحسن فيما قاله فيهم: "نحن اعلم بهؤلاء منكم إن هؤلاء إن شاءوا صدقوكم، وإن شاءوا كذبوكم وزعموا أن ذلك يستقيم لهم في التقية كلا، لا يستقيم لهم ذلك وإنما يصبغون أنفسهم
__________
1ـ البداية والنهاية 9/ 120.
2ـ تهذيب تاريخ دمشق 4/ 168.
3ـ سورة آل عمران آية/28.
4ـ سورة النحل آية/106.
(3/ 1121)
بصبغة المنافقين الذين يسرون ما لا يعلنون نعوذ بالله من الخذلان.
ومن صفاتهم الذميمة التي حفظها لهم السلف ودونوها لهم أنهم أهل غدر وبخل، فقد قال عبد القاهر البغدادي: "روافض الكوفة موصوفون بالغدر والبخل، وقد سار المثل بهم فيهما حتى قيل: "أبخل من كوفي وأغدر من كوفي" والمشهور عنهم ثلاث غدرات:
أحدها: أنهم بعد قتل علي رضي الله عنه بايعوا ابنه الحسن، فلما توجه لقتال معاوية غدروا به في ساباط المدائن فطعنه سنان الجعفي في جنبه فصرعه عن فرسه، وكان ذلك أحد أسباب مصالحته معاوية.
والثاني: أنهم كاتبوا الحسين بن علي رضي الله عنه ودعوه إلى الكوفة لينصروه على يزيد بن معاوية، فاغتر بهم وخرج إليهم، فلما بلغ كربلاء غدروا به وصاروا مع عبيد الله بن زياد يداً واحدة عليه، حتى قتل الحسين وأكثر عشيرته بكربلاء.
والثالث: غدرهم بزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بعد أن خرجوا معه على يوسف بن عمر1 ثم نكثوا بيعته وأسلموه عند اشتداد القتال حتى قتل وكان من أمره ما كان"2.
ومن صفات الذم التي لزمتهم ووصمهم بها السلف أنهم كانوا لا يرون الصلاة خلفهم ولا يرون فرقاً بين الصلاة خلفهم وخلف اليهود والنصارى ولا يجيزون أحكام قضاتهم، وكانوا يكفرون من اعتقد أن الصحابة كفروا.
قال الإمام البخاري رحمه الله: "نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت قوماً أضل في كفرهم من الجهمية وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم، وقال: ما أبالي صليت خلف الجهمي
__________
1ـ يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم أبو يعقوب الثقفي، كان والي العراقيين يومئذ بهشام بن عبد الملك انظر وفيات الأعيان 7/ 101 - 112.
2ـ الفرق بين الفرق ص/37.
(3/ 1122)
والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى"1.
وقال البغوي رحمه الله: "وكان أبو سليمان الخطابي لا يكفر أهل الأهواء الذين تأولوا فأخطأوا ويجيز شهادتهم ما لم يبلغ من الخوارج والروافض في مذهبه أن يكفر الصحابة أو من القدرية أن يكفر من خالفه من المسلمين فلا يرى الصلاة خلفهم، ولا يرى أحكام قضاتهم جائزة، ورأى السيف واستباحة الدم، فمن بلغ منهم هذا المبلغ فلا شهادة له"2.
ومما هم موصومون به وهو عار عليهم وخزي وهو معدود من قبائحهم حرمانهم أنفسهم من الصلاة لأنهم لا يغسلون أرجلهم في الوضوء كما أمر الله، وإنما يمسحون عليها3 دون أن يغسلوها، كما حرموا أنفسهم من إقامة الجماعة لبحثهم على إمام معصوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/197)
قال العلامة ابن الجوزي: "وقد حرموا الصلاة لكونهم لا يغسلون أرجلهم في الوضوء والجماعة لطلبهم إماماً معصوماً"4.ومن صفاتهم الذميمة أنهم أهل حمق وجهالة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى صوراً من حماقاتهم الدالة على أنهم أهل جهل وضلالة حيث قال: "وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جداً مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد مع أن النبي صلى الله عليه وسلم والذين كانوا معه يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار، وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه كانوا يأكلون مما يجلب من بلاد الكفار من الجبن ويلبسون ما تنسجه الكفار بل غالب ثيابهم كانت من نسج الكفار، ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ
__________
1ـ شرح السنة للبغوي 1/ 228، وانظر خلق أفعال العباد ص10.
2ـ شرح السنة للبغوي 1/ 228 - 229.
3ـ انظر مخالفتهم في مسح الأرجل في الوضوء دون غسلهما كما أمر الله. تفسير العياشي 1/ 297 - 302، تفسير الكاشاني 1/ 426 - 428، الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري 2/ 334.
4ـ تلبيس إبليس لابن الجوزي ص/100.
(3/ 1123)
العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة ولا بعشرة جذوع ونحو ذلك لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين يبغضون هؤلاء إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ... وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن يتسمى بذلك حتى يكرهون معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم، فقد كان في الصحابة من اسمه الوليد وكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقنت في الصلاة ويقول: "اللهم أنج الوليد بن الوليد بن المغيرة" 1 وأبوه كان من أعظم الناس كفراً وهو الوحيد المذكور في قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} 2، وفي الصحابة من اسمه عمرو وفي المشركين من اسمه عمرو بن عبد ود وأبو جهل اسمه عمرو بن هشام وفي الصحابة خالد بن سعيد بن العاص من السابقين الأولين، وفي المشركين خالد بن سفيان الهذلي وفي الصحابة من اسمه هشام مثل هشام بن حكيم وأبو جهل كان اسم أبيه هشاماً وفي الصحابة من اسمه عقبة مثل أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري وعقبة بن عامر الجهني، وكان في المشركين عقبة بن أبي معيط، وفي الصحابة علي وعثمان وكان في المشركين من اسمه علي مثل علي بن أمية بن خلف قتل يوم بدر كافراً، ومثل عثمان بن طلحة قتل قبل أن يسلم ومثل هذا كثير فلم يكن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنون يكرهون اسماً من الأسماء لكونه قد تسمى بها كافر من الكفار ... فعلم جواز الدعاء بهذه الأسماء سواء كان ذلك المسمى بها مسلماً أو كافراً أمر معلوم من دين الإسلام فمن كره أن يدعو أحداً بها كان من أظهر الناس مخالفة لدين الإسلام، ثم مع هذا إذا تسمى الرجل عندهم باسم علي أو
__________
1ـ انظر الحديث صحيح البخاري 1/ 178، صحيح مسلم 1/ 467.
2ـ انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن 29/ 152.
(3/ 1124)
جعفر أو حسن أو حسين أو نحو ذلك عاملوه وأكرموه ولا دليل لهم في: على أنه منهم والتسمية بتلك الأسماء قد تكون فيهم فلا يدل على أن المسمى من أهل السنة لكن القوم في غاية الجهل والهوى.
ومن حماقاتهم أيضاً: "أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غائب فيه ومشاهد أخر وقد يقيمون هناك دابة إما بغلة وإما فرساً وإما غير ذلك ليركبها إذا خرج ويقيمون إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج يا مولانا اخرج ويشهرون السلاح ولا أحد هناك يقاتلهم وفيهم من يقوم في أوقات دائماً لا يصلي خشية أن يخرج وهو في الصلاة، فيشتغل بها عن خروجه وخدمته وهم في أماكن بعيدة عن مشهده ... يتوجهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه ومن المعلوم أنه لو كان موجوداً وقد أمره الله بالخروج فإنه يخرج سواء نادوه أو لم ينادوه وإن لم يؤذن له فهو لا يقبل منهم وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده ويأتيه بما يركبه وبمن يعينه وينصره لا يحتاج أن يوقف له دائماً من الآدميين من ضل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/198)
سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً والله سبحانه وتعالى قد عاب في كتابه من يدعو من لا يستجيب له دعاءه فقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 1 هذا مع أن الأصنام موجودة وكان يكون بها أحياناً شياطين تترائى لهم وتخاطبهم ومن خاطب معدوماً كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجوداً وإن كان جماداً فمن دعا المنتظر الذي لم يخلقه الله كان ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال أنا أعتقد وجوده كان بمنزلة قول أولئك نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله فيعبدون {مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ
__________
1ـ سورة فاطر آية/13 - 14.
(3/ 1125)
وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} والمقصود أن كليهما يدعو من لا ينفع دعاؤه وإن كان أولئك اتخذوهم شفعاء آلهة وهؤلاء يقولون هو إمام معصوم فهم يوالون عليه ويعادون عليه كمولاة المشركين على آلهتهم ويجعلونه ركناً في الإيمان لا يتم الدين إلا به كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك.
ومن حماقاتهم: تمثيلهم لمن يبغضونه مثل اتخاذهم نعجة وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها بغير ذلك ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة، ومثل اتخاذهم حلسا مملوءاً سمناً ثم يشقون بطنه فيخرج السمن فيشربونه ويقولون هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه، ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما بأبي بكر والآخر بعمر ثم عقوبة الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة عقوبة لأبي بكر وعمر، وتارة يكتبون أسماءهم على أسفل أرجلهم حتى إن بعض الولاة جعل يضرب رجلي من فعل ذلك ويقول إنما ضربت أبا بكر وعمر ولا أزال أضربها حتى أعدمها، ومنهم من يسمي كلابه باسم أبي بكر وعمر ويلعنهما ومنهم من إذا سمى كلبه فقيل له بكير يضارب من يفعل ذلك ويقول تسمى كلبي باسم أصحاب النار، ومنهم من يعظم أبا لؤلؤة الكافر الذي كان غلاماً للمغيرة بن شعبة لما قتل عمر ويقولون وأثارات أبي لؤلؤة فيعظمون كافراً مجوسياً باتفاق المسلمين لكونه قتل عمر رضي الله عنه.
ومن حماقاتهم: إظهارهم لما يجعلونه مشهداً فكم كذبوا الناس وادعوا أن في هذا المكان ميتاً من أهل البيت وربما جعلوه متقولاً فيبنون ذلك مشهداً وقد يكون ذلك قبر كافر أو قبر بعض الناس ويظهر ذلك بعلامات كثيرة ومعلوم أن عقوبة الدواب المسماة بذلك ونحو هذا الفعل لا يكون إلا من فعل أحمق الناس وأجهلهم، فإنه من المعلوم أنا لو أردنا أن نعاقب فرعون وأبا لهب وأبا جهل وغيرهم ممن ثبت بإجماع المسلمين أنهم من أكفر الناس مثل هذه العقوبة لكان هذا من أعظم الجهل لأن ذلك لا فائدة فيه بل إذا قتل كافر يجوز قتله أو مات
(3/ 1126)
حتف أنفه لم يجز بعد قتله أو موته أن يمثل به، فلا يشق بطنه أو يجدع أنفه وأذنه ولا تقطع يده إلا أن يكون ذلك على سبيل المقابلة ... فهؤلاء الذين يبغضونهم لو كانوا كفاراً وقد ماتوا لم يكن لهم بعد موتهم أن يمثلوا بأبدانهم لا يضربونهم ولا يشقون بطونهم ولا ينتفون شعورهم مع أن في ذلك نكاية فيهم، أما إذا فعلوا ذلك بغيرهم ظناً أن ذلك يصل كان غاية الجهل، فكيف إذا كان بمحرم كالشاة التي يحرم إيذاؤها بغير الحق فيفعلون ما لا يحصل لهم به منفعة أصلاً بل ضرر في الدين والدنيا والآخرة مع تضمنه غاية الحمق والجهل.
ومن حماقاتهم: إقامة المأتم والنياحة على من قتل من سنين عديدة ومن المعلوم أن المقتول وغيره من الموتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم كان ذلك مما حرمه الله ورسوله، فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" 1 ... وهؤلاء يأتون من لطم الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية وغير ذلك من المنكرات بعد الموت بسنين كثيرة ما لو فعلوه عقب موته لكان ذلك من أعظم المنكرات التي حرمها الله ورسوله فكيف بعد هذه المدة الطويلة، ومن المعلوم أنه قتل من الأنبياء وغير الأنبياء ظلماً وعدواناً من هو أفضل من الحسين قتل أبوه وهو أفضل منه، وقتل عثمان بن عفان وكان قتله أول الفتن العظيمة التي وقعت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وترتب عليه من الشر والفساد أضعاف ما ترتب على قتل الحسين وقتل غير هؤلاء ومات وما فعل أحد من المسلمين ولا غيرهم مأتماً ولا نياحة على ميت ولا قتيل بعد مدة طويلة من قتله إلا هؤلاء الحمقى الذين لو كانوا من الطير لكانوا رخماً ولو كانوا من البهائم، لكانوا حمراً، ومن ذلك أن بعضهم لا يوقد خشب الطرفاء لأنه بلغه أن دم الحسين وقع على شجرة من الطرفاء ومعلوم أن تلك الشجرة بعينها لا يكره وقودها، ولو كان
__________
1ـ الحديث في صحيح البخاري 1/ 225، صحيح مسلم 1/ 99.
(3/ 1127)
عليها أي دم كان فكيف بسائر الشجر الذي لم يصبه الدم"1.
فشيخ الإسلام رحمه الله تعالى بين للأمة جميعاً بهذا النص حماقاتهم وما اتصفوا به من الصفات الذميمة السيئة البغيضة في الإسلام كما أوضح رحمه الله أن هذه الخلال المبغوضة موجودة في مختلف فرق الشيعة الرافضة وحماقاتهم التي ذكرها رحمه الله فيها دلالة على أنهم أهل جهل يتبعون أهواءهم ويضربون صفحاً عن هدي الله ورسوله.
__________
1ـ منهاج السنة 1/ 9 - 12.(49/199)
ما الرد على من يقول:والد إبراهيم عليه السلام المذكور في القرآن ليس أباه من النسب؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[18 - 05 - 08, 01:02 م]ـ
السلام عليكم
قبل اشهر طويلة في احدى المنتديات الأجنبية عندما كنا نناقش في مسألة ابي طالب ووالدي النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض الرافضة، وذكرنا لهم أبا نبي آخر كان مشركا وهو أبو إبراهيم عليه السلام
فقال احدهم بأنه ليس أبا إبراهيم من النسب ولكنه ابوه بالتبني
فما الرد على هذا؟
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[18 - 05 - 08, 05:31 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لو ذكرتي لنا أسانيد كلامه لكان خير لحصر المسألة ... إذ للرافضة أحاديث ضعيفة صححوها رغما عنها والعكس مثل حديث نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
-إن الله اطلع على عباده فاختار من الخلق العرب واختار من العرب مضر واختار من مضر قريشا واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم فأنا من خيار إلى خيار فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم لا يحبهم إلا مؤمن تقي ولا يبغضهم إلا منافق رديء.- الكامل في الضعفاء-7/ 568
وقد بنا عليه البعض نقاوة نسب رسول الله من الصلب الكافر ومنه إلى ابو الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
وذكر السيوطي ان أبو إبراهيم المذكور في القرآن هو عمه في الأصل وان أباه هو تارخ وللسيوطي رسالة في هذا الأمر.
وذُكر ايضا أن تارخ هو نفسه آزر وأن آزر هو فقط نعت له من قومه لأنه آزرهم في عبادة الباطل.
وعموما فإن للعلماء خمسة اقوال في هذا:
قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أَتَتّخذُ أصناماً آلهةً إني أرَاك وقومك في ضلال مبين}، (الأنعام: 47).
قال العلماء في " آزر " خمسة أقوال:
الأول: أنه اسم أبي ابراهيم، روي عن ابن عباس والحسن والسدي وإبن إسحاق.
الثاني: أنه اسم صنم، فأما اسم أبي ابراهيم فتارح، قال مجاهد: فيكون المعنى: أتتخذ آزر أصناماً؟ فكأنه جعل أصناما بدلا من آزر، والاستفهام معناه الإنكار
ولكن الصحيح هو أنه أباه الصلبي لأن ظاهر القرآن يؤيده، وكذلك ظاهر السنة، فقد روى البخاري في " صحيحه " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قَتَرةُ وغبرة، فيقول: يا إبراهيم، ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوهُ: فاليومَ لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا ربِّ إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، فأيُّ خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليكَ، فينظر، فإذا هو بذيخ (ذكر الضباع) ملتطخ (أي في رجيع أو دم أو طين)، فُيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار ".
(أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب -أحاديث الأنبياء-
وأيضا:
(وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين) (الأنعام: 74)
(وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم) (التوبة: 114)
(إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا) (مريم: 42)
(إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) (الأنبياء: 52)
(إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون) (الشعراء: 70)
(إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون) (الصافات: 85)
(وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون) (الزخرف: 26)
(إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء) (الممتحنة: 4)
ثمانية آيات بينات توضح بمنتهى الجلاء ان آزر هو أبو إبراهيم عليه السلام فهل بعد هذا من شئ أو هل يحتاج الأمر لتفسير أو تأويل وهذه الآيات الثمانية تحدثنا عن ما قاله إبراهيم لأبيه وليس لعمه أو خاله وهناك ايضا آيات يخاطبه فيها سيدنا إبراهيم بكلمة يا ابت:
(يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) (مريم: 43)
(يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا) (مريم: 44)
(يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا) (مريم: 45)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/200)
وكلمة أبت ذكرت فى غير موضع من القرآن على لسان أناس نعلم انهم يخاطبون آبائهم الححقيقيين أو الصلبين وكمثال على هذا نجد:خطاب يوسف لأبيه عليهما السلام:
(إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) (يوسف: 4)
(ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) (يوسف: 100)
خطاب إسماعيل لإبراهيم عليهما السلام:
(قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر) (الصافات: 102) وهذا مثال لا حصر.
ومن الأحاديث:
حدثنا إسماعيل حدثنا أخي عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى إبراهيم أباه فيقول يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين (البخارى – 4396).
ومن فتح الباري أنقل لك التالي للتدليل على ابوة آزار لإبراهيم عليه السلام:
قوله: (يلقى إبراهيم أباه آزر) هذا موافق لظاهر القرآن في تسمية والد إبراهيم , وقد سبقت نسبته في ترجمة إبراهيم من أحاديث الأنبياء. وحكى الطبري من طريق ضعيفة عن مجاهد أن آزر اسم الصنم وهو شاذ.
ويقول ايضا:
قوله: (فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون , فأي خزي أخزى من أبي الأبعد) وصف نفسه بالأبعد على طريق الفرض إذا لم تقبل شفاعته في أبيه , وقيل: الأبعد صفة أبيه أي أنه شديد البعد من رحمة الله لأن الفاسق بعيد منها فالكافر أبعد , وقيل: الأبعد بمعنى البعيد والمراد الهالك , ويؤيد الأول أن في رواية إبراهيم بن طهمان " وإن أخزيت أبي فقد أخزيت الأبعد "
وبعد اثبات عدم وجود الحديث المذكور فى التفسير وضعف وبطلان الأحاديث التى جاءت فيها عبارات مشابهة لهذا الحديث وبعد اثبات ان آزر هو ابو إبراهيم عليه السلام وإن كان كافرا من القرآن والأحاديث فتعالوا بنا نطرح هذا السؤال فحتى لو لم يكن ابو إبراهيم عليه السلام كافرا فماذا سيقول المفسر فى أن والد الرسول عليه الصلاة والسلام وأمه كافران كما أخبرنا فى الأحاديث التالية:
(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار). [صحيح مسلم 302].
وشرح النووى للحديث:
قوله: (أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار , فلما قفى دعاه قال: إن أبي وأباك في النار)
فيه: أن من مات على الكفر فهو في النار , ولا تنفعه قرابة المقربين , وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار , وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة , فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أبي وأباك في النار) هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة ومعنى (قفى) ولى قفاه منصرفا
اما عن ام الرسول عليه الصلاة والسلام فنجد هذا الحديث:
(حدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن عباد واللفظ ليحيى قالا حدثنا مروان بن معاوية عن يزيد يعني ابن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي). [صحيح مسلم 1621].
وشرح النووى للحديث:
قوله: صلى الله عليه وسلم: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي , واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي)
فيه جواز زيارة المشركين في الحياة , وقبورهم بعد الوفاة ; لأنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى , وقد قال الله تعالى: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} وفيه: النهي عن الاستغفار للكفار. قال القاضي عياض رحمه الله: سبب زيارته صلى الله عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها , ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت).
-هذه حوصلة لبعض الأقوال بتصرف-
والله أعلم
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 11:51 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك.
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 02:50 ص]ـ
و ارجعي إن شئت لبحث العلامة أحمد شاكر في تحقيق هذه المسألة في تحقيقه علي المعرب للجواليقي و أورده في كتابه كلمة الحق أيضا
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:35 ص]ـ
كلام الشيخ أحمد شاكر ؤحمه الله في الرد على القدماء والمعاصرين الذين تمحَّلوا لنفسير الآية بأن اسم أبيه ليس آزر، وهذه خلاصته:
ألجأهم إلى هذا العنت شيئان: قول النسابين، وما في كتب أهل الكتاب. وهذه الأنساب القديمة مختلفة مضطربة وغير محفوظة، وإنما أخذ النسابون من أهل الكتاب، وقد جعل الله القرآن مهيمنا على ما بين يديه من الكتاب وليس العكس، والسنَّة الصحيحة تؤيد ظاهر القرآن، ونحن لا نعلم شيئاً صحيحاً عن ذلك التاريخ القديم إلا ما ورد في القرآن وحديث المعصوم.
انتهى باختصار
أقول: ههنا ملاحظتان مهمتان:
1 - أن هذه اللفظة تدل دلالة قاطعة على استقلال النص القرآني عن التوراة، إذ من غير المعقول أن يخترع محمد صلى الله عليو وسلم لوالد إبراهيم عليه السلام اسماً من عنده. ومن التناقض أن يقول المنصرون وتلاميذهم عن القرآن إنه مأخوذ من التوراة، ثم يقولون إن هذه اللفظة خطأ تاريخي.
2 - بحث الأستاذ العقاد هذه المسألة في كتاب إبراهيم أبو الأنبياء (ص 127)، وخلاصة كلامه: إما أن تكون آزر تحولت في العبرية إلى تارخ، وإما أن يكون للرجل اسمان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/201)
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 11:07 م]ـ
الرافضة كما قال عنهم شيخ الإسلام - رحمة الله على شيخ الإسلام -، و هي كلمة من عارف بهم، كيف و قد ألف فيهم كتاباً نسفهم به و هو منهاج السنة
قال فيهم
الرافضة:
أكذب الناس في النقليّات
و أجهل الناس في العقليات
- و لا عجب أن يقولوا هذا فهم الباطنية الذين شغفوا بتأويل النصوص اتباعاً للشيطان، فكانوا تلاميذ حقاً له، و إن كانوا قد فاقوه في بعض الأمور:)
المهم أنه ينبغي عند مناظرة هؤلاء الرافضة تحديد المرجع عند الاختلاف قبل المناظرة
و الله المستعان
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:01 ص]ـ
ادخلي هنا اختاه
http://www.alsoufia.com/articles.aspx?id=1243&selected_id=-1244&page_size=5&links=False&gate_id=0
ـ[مصلح بن سالم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:43 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
أضم صوتي للأخ سامي السلمي
في تحديد المرجع عند مناقشة الرافضة فقوم عندهم التقية تسعة أعشار الدين لا بد من ضبط كلامهم لانهم إن ترك لهم النقاش مفتوح حكمتهم العواطف فلا يعرفون نقلا ً ولا عقلاً
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 01:30 م]ـ
إذا جاء سيل الله بطل سيل معقل
ـ[السيد زكي]ــــــــ[30 - 05 - 08, 04:47 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ليث بجيلة]ــــــــ[31 - 05 - 08, 04:06 م]ـ
سمعت للشيخ علي الطنطاوي كلام في ان آزر هو عم لابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام واستدل على ذلك بالسائد عند بعض العرب من منادات عم الرجل يا ابتي
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[31 - 05 - 08, 04:50 م]ـ
سمعت للشيخ علي الطنطاوي كلام في ان آزر هو عم لابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام واستدل على ذلك بالسائد عند بعض العرب من منادات عم الرجل يا ابتي
وقد بينت ذلك بإختصار مفيد في مشاركتي من فوق ولكن الراجح هو انه أبوه كما بينت ذلك ايضا بالأدلة ... والله اعلم
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[31 - 05 - 08, 07:09 م]ـ
لقد ذكر الله تعالى عن آزر أنه أبو إبراهيم في مواضع عدة، والأصل حمل اللفظ على حقيقته ما لم تصرفه قرينة للقول بالمجاز.
وإنما جاز في قوله تعالى {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا} لوجود القرينة الصارفة.
ولو جاز حمل لفظ الأب على العم مطلقا لضاعت مدلولات الألفاظ على حقائقها.
والشيخ على طنطاوي رحمه الله له عجائب وغرائب في تفسير كلمات القرآن ..
ـ[ليث بجيلة]ــــــــ[02 - 06 - 08, 03:26 م]ـ
والشيخ على طنطاوي رحمه الله له عجائب وغرائب في تفسير كلمات القرآن ..
غفر الله للجميع وجزاك الله خيراً
ـ[رشدي صلاح عبد الحسيب]ــــــــ[02 - 06 - 08, 03:39 م]ـ
أفادنا الله بعلمكم جميعاً
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[07 - 06 - 08, 04:32 م]ـ
كلام الشيخ أحمد شاكر ؤحمه الله في الرد على القدماء والمعاصرين الذين تمحَّلوا لنفسير الآية بأن اسم أبيه ليس آزر، وهذه خلاصته:
ألجأهم إلى هذا العنت شيئان: قول النسابين، وما في كتب أهل الكتاب. وهذه الأنساب القديمة مختلفة مضطربة وغير محفوظة، وإنما أخذ النسابون من أهل الكتاب، وقد جعل الله القرآن مهيمنا على ما بين يديه من الكتاب وليس العكس، والسنَّة الصحيحة تؤيد ظاهر القرآن، ونحن لا نعلم شيئاً صحيحاً عن ذلك التاريخ القديم إلا ما ورد في القرآن وحديث المعصوم.
انتهى باختصار
أقول: ههنا ملاحظتان مهمتان:
1 - أن هذه اللفظة تدل دلالة قاطعة على استقلال النص القرآني عن التوراة، إذ من غير المعقول أن يخترع محمد صلى الله عليو وسلم لوالد إبراهيم عليه السلام اسماً من عنده. ومن التناقض أن يقول المنصرون وتلاميذهم عن القرآن إنه مأخوذ من التوراة، ثم يقولون إن هذه اللفظة خطأ تاريخي.
2 - بحث الأستاذ العقاد هذه المسألة في كتاب إبراهيم أبو الأنبياء (ص 127)، وخلاصة كلامه: إما أن تكون آزر تحولت في العبرية إلى تارخ، وإما أن يكون للرجل اسمان
كنت أرجو لو نقل أخي خزانة الأدب الشيء الثاني الذي ألجاهم إلى ذلك .. فإني أرى-والله أعلم-أن مسألة هذا التكلف فرع عن أصل عقدي تمسك به الشيعة وهو أن الرسالة والوصاية يجب ان تتنتقل في أصلاب المؤمنين ..
فلما نص القرآن على كفر أبي إبراهيم عليه السلام وجدوا أصلهم ينهار .. فبدل الاعتراف بخطأ الاصل جعلوا-كعادة أهل الاهواء-يؤولون ويبحثون عن الوجوه اللغوية ...
ولهذا السبب أيضا تهافتوا على إيمان أبي طالب .. وزوروا الروايات ... لأن كفر أبي طالب يقوض أصلهم مرة أخرى ..
فعلي عندهم وصي ولما جاء من صلب أبي طالب وجب أن يكون أبو طالب مؤمنا ...
اللهم ثبتنا على الإيمان.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[21 - 06 - 08, 06:10 م]ـ
الأخ علي الفضلي أرجو منك إعادة نقل كلام الشيخ علي الطنطاوي في هذا الموضوع من فتاويه مع ذكر صفحة
جزاك الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/202)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[21 - 06 - 08, 06:24 م]ـ
كنت أرجو لو نقل أخي خزانة الأدب الشيء الثاني الذي ألجاهم إلى ذلك .. فإني أرى-والله أعلم-أن مسألة هذا التكلف فرع عن أصل عقدي تمسك به الشيعة وهو أن الرسالة والوصاية يجب ان تتنتقل في أصلاب المؤمنين ..
فلما نص القرآن على كفر أبي إبراهيم عليه السلام وجدوا أصلهم ينهار .. فبدل الاعتراف بخطأ الاصل جعلوا-كعادة أهل الاهواء-يؤولون ويبحثون عن الوجوه اللغوية ...
ولهذا السبب أيضا تهافتوا على إيمان أبي طالب .. وزوروا الروايات ... لأن كفر أبي طالب يقوض أصلهم مرة أخرى ..
فعلي عندهم وصي ولما جاء من صلب أبي طالب وجب أن يكون أبو طالب مؤمنا ...
اللهم ثبتنا على الإيمان.
قد نقلته مختصراً بارك الله فيك، وهو (وما في كتب أهل الكتاب)
وما ذكرته عن الشيعة يحتاج إلى تحرير وتوثيق
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 06:50 م]ـ
سمعت للشيخ علي الطنطاوي كلام في ان آزر هو عم لابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام واستدل على ذلك بالسائد عند بعض العرب من منادات عم الرجل يا ابتي
بارك الله فيكم.
الشيخ - رحمه الله تعالى - يقول إن آزر أبوه:
في كتاب " فتاوى علي الطنطاوي ":
سئل الشيخ – رحمه الله تعالى – السؤال التالي:
* سؤال من مستمع للتلفزيون يقول: إنه سمع من أحد كبار المحدثين! أن آزر ليس والد سيدنا إبراهيم!، بل هو عمه، واحتج بالحديث الذي يقول: (إنه ليس في آبائه – صلى الله عليه وسلم – إلا مؤمن؟ .....
والجواب:
[أن الادعاء بأن آزر هو عم إبراهيم لا أبوه، قال به كثير من المفسرين، واحتجوا بأن العرب يسمون العم أبا.
1 - وهذا – كما يبدو – من تأثير الإسرائليات، والإسرائيليات كثيرة في كتب التفسير، بينها المحققون من العلماء.
2 - الأصل في الكلام الحقيقة، ولا تترك إلا بقرينة تمنع إرادتها، فيصار حينئذ إلى المعنى المجازي، والله قد صرح في القرآن بأن آزر هو أبوه، فأين القرينة التي تصرف الكلمة إلى معنى " العم "؟!.
3 - إن قلنا بأن القرينة هي الحديث الذي أشار إليه، فالجواب على هذا: أنه لم يثبت أنه حديث صحيح، ثانيا: إن الحديث – ولو كان صحيحا – لا يحتج به فيما يخالف نص القرآن، وهذه قاعدة معروفة عند أهل الحديث، تجدونها في أصغر كتاب لأكبر محدث! وهو (النخبة لابن حجر).
4 - قال تعالى ((وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه)).
وهذا نص صريح على أن والد إبراهيم كافر، سواء كان اسمه آزر، أم كان له اسم آخر.
5 - إذا كانت العرب – كما يروي السائل عن المحدث الفاضل! الذي سمعه – تسمي العم أبا، فيكون أبو لهب الكافر بمثابة أب للنبي – صلى الله عليه وسلم -!!!] اهـ.
من (فتاوى علي الطنطاوي) ص 274،275.
والحمد لله رب لعالمين.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[21 - 06 - 08, 07:21 م]ـ
جزاك الله خيرا(49/203)
أبيات للإمام المبارك عبدالله بن المبارك في الصحابة رضي الله عنهم
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 01:28 م]ـ
بأبيات للإمام عبدالله بن المبارك ـ رحمه الله ـ يبين فيها عقيدته في الصحابة الكرام 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - م وهو أنموذج عن مذهب السلف في الصحابة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - م:
حب النبي وحب الصحب مفترض أضحوا لتابعهم نوراً وبرهاناً
من كان يعلم أن الله خالقه فلا يقولن في الصديق بهتاناً
ولا يسب أبا حفص وشيعته ولا الخليفة عثمان بن عفاناً
ثم الولي فلا ينسى المقال له هم الذين بنوا للدين أركاناً
هم عماد الورى في الناس كلهم جازاهم الله بالإحسان إحساناً [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1)
وقال أيضاً:
إني امرؤ ليس في ديني لغامزة لين ولست على الأسلاف طعاناً
وفي ذنوبي إذا فكرت مشتغل وفي معادي إن لم ألق غفراناً
عن ذكر قوم مضوا كانوا لنا سلفاً وللنبي على الإسلام أعواناً
ولا أزال لهم مستغفراً أبداً كما أمرت به سراً وإعلاناً
فما الدخول عليهم في الذي عملوا بالطعن مني وقد فرطت عصياناً
فلا أسب أبا بكر ولا عمر ولا أسب معاذ الله عثماناً
ولا ابن عم رسول الله أشتمه حتى أُلبّس تحت التُّرب أكفاناً
ولا الزبير حواري الرسول ولا أُهدي لطلحة شتماً عز أو هاناً
ولا أقول لأم المؤمنين كما قال الغواة لها زوراً وبهتاناً
ولا أقول علي في السحاب لقد والله قلت إذاً جوراً وعدواناً
لو كان في المزن ألقته وما حملت مزن السحاب من الأحياء إنساناً
إني أُحب علياً حب مقتصدٍ ولا أرى دونه في الفضل عثماناً
أما علي فقد كانت له قدم في السابقين لها في الناس قد بانا
وكان عثمان ذا صدق وذا ورع مراقباً وجزاه الله غفراناً
ما يعلم الله من قلبي مشايعة للمبغضين علياً وابن عفاناً
إني لأمنحهم بغضي علانية ولست أكتمهم في الصدر كتماناً
ولا أرى حرمة يوماً للمبتدع وهناً يكون له مني وأوهاناً [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2).
[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref1) ديوان عبد اله بن المبارك (ص65).
[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref2) ديوان عبد الله بن المبارك (ص65)،تاريخ دمشق (38/ 356).
ـ[أبو السها]ــــــــ[18 - 05 - 08, 03:26 م]ـ
ولا أرى حرمة يوماً للمبتدع ..... وهناً يكون له مني وأوهاناً
إي وربي .....
جزاك الله خيرا أخانا عبد الله
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[18 - 05 - 08, 03:43 م]ـ
جزاكما الله خيراً(49/204)
منزلة علم العقيدة الإسلامية
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[18 - 05 - 08, 02:03 م]ـ
بقلم: محمد بن عودة السعوي
هذا العلم هو أشرف العلوم وأعظمها وأعلاها، لأن شرف العلم بشرف المعلوم، ومنزلة العلم تقدّر بحاجة الناس إليه، وبما يحصل لصاحبه من الانتفاع به في الدنيا والآخرة.
وحاجة العباد إلى علم العقيدة فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله، وما يجب له وما ينزه عنه، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه، ويكون سعيها فيما يقربها إليه.
وكلما كانت معرفة العبد بربه صحيحة تامة كان أكثر تعظيما واتباعا لشرع الله وأحكامه، وأكثر تقديرا للدار الآخرة.
وإذا انطبعت في نفس العبد هذه المعاني الشريفة من العلم بالله وتوحيده ومحبته وخشيته وتعظيم أمره ونهيه، والتصديق بوعده ووعيده، سعد في الدنيا والآخرة، وسعد مجتمعه به، ذلك أن صلاح سلوك الفرد تابع لصلاح عقيدته وسلامة أفكاره، وفساد سلوك الفرد تابع لفساد عقيدته وانحرافها.
قال تعالى في خبر إبراهيم عليه السلام {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنعام الآية: 81)، ثم قال تعالى فاصلا بين الفريقين مبينا الآمن منهما: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأنعام الآية: 82).
وقد ثبت في الصحيحين «عن عبد الله بن مسعود - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - - أن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الظلم هنا بالشرك»، كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان الآية: 13)، ومعنى الآية أن الذين أخلصوا العبادة لله وحدهم هم الآمنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والآخرة
والشرك لا يغفره الله، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء الآية: 48)، والشرك محبط للعمل كما قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (الزمر الآية: 65)، وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام الآية: 88)، وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (الفرقان الآية: 23).
والتوحيد عاصم للدين والدم والمال، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل».
ولهذا يجب على كل مسلم أن يعتني بالعقيدة تعلما وتعليما وفهما وتدبرا واعتقادا، ليبني دينه على أساس صحيح سليم، يحصل به سعادة دنياه وآخرته.(49/205)
أيها الغافلون هذا هو شأنُ النبي عند المسلمين
ـ[السيد العربي]ــــــــ[18 - 05 - 08, 09:29 م]ـ
*أيها الغافلون هذا هو شأنُ النبي عند المسلمين!!!
{تأملات فى قصة صلح الحديبية}
بسم الله الرحمن الرحيم
* الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ....... وبعد:
أخرج البخاري في كتاب الشروط من حديث:عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ .. {وهي بئر سمي المكان بها , وقيل شجرة حدباء صُغرت وسمي المكان بها. وقال المحب الطبري. {الحديبية قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم} .. حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيق .. {فى رواية: حتى إذا كانوا بغدير الأشطاط قريبا من عسفان .. وهو جانب الوادي} .... ِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ .... {وهو موضع بين مكة والمدينة} .. فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْش .. {القترة الغبار الأسود} .. ِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ .. {كلمة تقال للناقة للزجر إذا تركت السير} .. فَأَلَحَّت .. {أي تمادت على عدم القيام} ْ ... فَقَالُوا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ ... {والخلاء للإبل كالحٍران للخيل} .....
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ .. {أي حبسها الله عز وجل عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخولها .. ومناسبة ذكرها أن الصحابة لو دخلوا مكة على تلك الصورة وصدهم قريش عن ذلك لوقع بينهم قتال قد يفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال كما لو قدر دخول الفيل وأصحابه مكة , لكن سبق في علم الله تعالى في الموضعين أنه سيدخل في الإسلام خَلْق منهم , ويُستخرج من أصلابهم ناس يُسلمون ويُجاهدون , وكان بمكة في الحديبية جمع كثير مؤمنون من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان , فلو طرق الصحابة مكة لما أمن أن يصاب ناس منهم بغير عمد كما أشار إليه تعالى في قوله: (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا " [الفتح/25] .....
---- وفي هذه القصة جواز التشبيه من الجهة العامة وإن اختلفت الجهة الخاصة , لأن أصحاب الفيل كانوا على باطل محض وأصحاب هذه الناقة كانوا على حق محض , لكن جاء التشبيه من جهة إرادة الله منع الحرم مطلقا , أما من أهل الباطل فواضح , وأما من أهل الحق فللمعني الذي تقدم ذكره.} ......
ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا .. {قال الخطابي: معني تعظيم حرمات الله في هذه القصة ترك القتال في الحرم , والجنوح إلى المسالمة والكف عن إراقة الدماء.} .....
{قال ابن بطال: يريد بذلك موافقة الله فى تعظيم الحرمات؛ لأنه فهم عن الله إبلاغ الأعذار إلى أهل مكة فأبقى عليهم لما كان سبق لهم فى علمه أنهم سيدخلون فى دين الله أفواجًا} ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/206)
ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ قَالَ فَعَدَلَ عَنْهُمْ .. {في رواية فولى راجعا} .. حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاء .. {أي حفيرة فيها ماء مثمود أي قليل} ِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا .. {هو الأخذ قليلا قليلا} .. فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ .. {أي لم يتركوه يلبث} .. حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشُ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ .... وفى رواية ... [أنه صلى الله عليه وسلم جلس على البئر ثم دعا بإناء فمضمض ودعا الله ثم صبه فيها ثم قال: دعوها ساعة. ثم أنهم ارتووا بعد ذلك] .. فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ .... {أي رجعوا رُواء بعد وردهم. ... زاد ابن سعد: [حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر] ...
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .... {والعيبة: ما توضع فيه الثياب لحفظها أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره , كأنه شبه الصدر الذي هو مستودع السر بالعيبة التي هي مستودع الثياب ... وفى رواية: [وكانت خُزاعة عَيبَة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلُمها ومشركُها لا يُخفون عليه شيئاً كان بمكة] ... مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ .. {وتِهامة بالكسر هي مكة وما حولها} .. فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَي ... {ذَكر هَذين لكون قريش الذين كانوا بمكة أجمَع ترجعُ أنسابُهم إليهما} ... نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ ... {الأعداد بالفتح جمع عِِِد بالكسر والتشديد وهو الماء الذي لا انقطاع له} ... وَمَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيل .. {العُوذ بالضم جمع عائذ وهي الناقة ذات اللبن , والمطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها , يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتى يمنعوه , أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال , والمراد أنهم خرجوا منهم بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام وليكون أدعى إلى عدم الفرار} .. وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ ...
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ ... {قال ابن بطال: فإنما قدم النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة غير مستأ من مما كان بينه وبين أهل مكة من الحرب والمناصبة والعداوة ولا أخذ إذنهم فى ذلك؛ لأنه جرى على العادة من أن مكة غير ممنوعة من الحجاج والمعتمرين، فلما علم الله أنهم صادوه ومقاتلوه حبس الناقة عن مكة كما حبس الفيل تنبيهًا له على الإبقاء عليهم} .... وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً ... {أي جعلت بيني وبينهم مدة يُترك الحرب بيننا وبينهم فيها} .... وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ أَظْهَر ... {وإنما ردد الأمر مع أنه جازم بأن الله تعالى سينصره ويظهره لوعد الله تعالى له بذلك , على طريق التنزل مع الخصم وفرض الأمر على ما زعم الخصم} .... ْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا .... {أي استراحوا} .... وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي ... {السالفة صفحة العنق , وكنى بذلك عن القتل} ... وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/207)
فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ قَالَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا , فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ , وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ , قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .....
{قال ابن بطال: وإنما نصحهم النبى - صلى الله عليه وسلم - لما فهم عن الله فى حبس الناقة أنهم سيدخلون فى الإسلام، فأراد أن يجعل بينهم مدة يقلب الله فيها قلوبهم، وفى لين قول بديل وعروة لقريش دليل على أنهم كانوا أهل إصغاء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وميل إليه} ....
فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ قَالُوا بَلَى قَالَ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَد ... {يعنى أنتم أهلى وأبائى وفيكم أبنائى} ِ ... قَالُوا بَلَى , قَالَ فَهَلْ تَتَّهِمُونِي قَالُوا لَا , قَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ ... {أي دعوتهم إلى نصركم} ... فَلَمَّا بَلَّحُوا ... {أي امتنعوا} ... عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي , قَالُوا بَلَى قَالَ فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ ... {أي خصلة خير وصلاح وإنصاف} ... إقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِيهِ , قَالُوا ائْتِهِ فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَيْ مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ ... {أي أهلك أهله بالكلية} ... قَبْلَكَ , وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى ... {والمعني وإن تكن الغلبة لقريش لا آمنهم عليك مثلا ..... والحاصل أن عروة ردد الأمر بين شيئين غير مستحسنين عادة وهو هلاك قومه إن غلب , وذهاب أصحابه إن غلب , لكن كل من الأمرين مستحسن شرعا كما قال تعالى: " قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ " [التوبة/52] ....
فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا وَإِنِّي لَأَرَى أَوْشَابًا مِنْ النَّاس .. {أى الأخلاط من أنواع شتى} .. ِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ ......
فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ امْصُصْ بِبَظْرِ اللَّات ... أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ {في قول أبي بكر تخسيس للعدو وتكذيبهم ... وان كان هذا القول مما يُستفحش , لكن حمله على ذلك ما أغضبه به من نسبة المسلمين إلى الفرار} ِ .... {قال ابن بطال: وهكذا يجب أن يجاوب من جفا على سروات الناس وأفاضلهم ورماهم بالفرار}.
(قلت: انظر معى - أخى الكريم - كيف أشتد غضب أبي بكر بالرغم مما علم به من الحلم والآناة , وهذا وذاك لايتعارضان , لان حلمه فى موضعه إيمان وغضبته الشديدة على من إتهم المسلمين الذين هم حول النبي صلي الله عليه وسلم بالفرار عند الشدة , وهو من خيرهم - أبو بكر رضي الله عنه- بل خيرهم , وكيف حملته غيرته على النبي صلي الله عليه وسلم والمسلمين علي القول بما فيه فحش للمشرك تقليلا وإهانة له ولمعبوداته , وان ذلك لا يتصور الا من أمثالكم لأنكم لم تؤمنوا إيماننا ولم تعرفوا قدر نبينا كما عرفناه ولا ذقتم ما ذقناه .... !!!)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/208)
فَقَالَ مَنْ ذَا قَالُوا أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَد كَانَتْ لَكَ عِنْدِي ... {أي نعمة .. وهى انه كان قد تحمل بدية فأعانه أبو بكر فيها بعونٍ حسن} .... ٌ لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ .. {أي لم أكافئك بها .. أي جازاه بعدم إجابته عن شتمه بيده التي كان أحسن إليه بها} .. قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ .. [وفى رواية: فكلما كلمه أخذ بلحيته] .. وكانت عادة العرب أن يتناول الرجل لحية من يكلمه ولا سيما عند الملاطفة وفي الغالب إنما يصنع ذلك النظير بالنظير , لكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يغضي لعروة عن ذلك استمالة له وتأليفا .....
وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ .... {وهو ما يكون أسفل القراب من فضة أو غيرها} .... وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَة .... [وفى رواية: قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة] َ فَقَالَ أَيْ غُدَرُ ... {مبالغة في وصفه بالغدر} ... أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ ... {أشار عروة بهذا إلى ما وقع للمغيرة قبل إسلامه , وذلك أنه خرج مع ثلاثة عشر نفرا من ثقيف من بني مالك فغدر بهم وقتلهم وأخذ أموالهم , فتهايج الفريقان بنو مالك والأحلاف رهط المغيرة , فسعى عروة بن مسعود عم المغيرة حتى أخذوا منه دية ثلاثة عشر نفسا واصطلحوا} ... فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الْإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ ... {أي لا أتعرض له لكونه أخده غدرا--- ويستفاد منه أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدرا لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة والأمانة تُؤَدى إلى أهلها مسلما كان أو كافرا , وأن أموال الكفار إنما تحِلُ بالمحاربة والمغالبة , ولعل النبي صلى الله عليه وسلم ترك المال في يده لإمكان أن يُسلم قومُه فيرُد إليهم أموالهم---} ...
(قلت: وانظر ايضا اخى الى موقف واحد اخر من خيار الناس من اصحاب رسول الله, وهو المغيرة بن شعبة , كيف يغلظ علي من تمس يده النبي صلي الله عليه وسلم - ولو كان بلطف - ولو كان هذا صاحب يد وفضل من قبل بل حتي لو كان الوالد او الولد .... لان المفدى هو رسول الله الذى ملأت محبته القلوب ... فتدبر معى ... !!!)
ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ ... {أي يلحظ} ... أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ .... وفى رواية [ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه] .... وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ .... {أي يديمون} .... إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ ... {ولعل الصحابة فعلوا ذلك بحضرة عروة وبالغوا في ذلك إشارة منهم إلى الرد على ما خشيه من فرارهم , وكأنهم قالوا بلسان الحال: من يحب إمامه هذه المحبة ويعظمه هذا التعظيم كيف يظن به أنه يفرعنه ويسلمه لعدوه؟ بل هم أشد اغتباطا به وبدينه وبنصره من القبائل التي يُراعي بعضُها بعضا بمجرد الرحِم} ... فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ ... {وذكر الثلاثة لكونهم كانوا أعظم ملوك ذلك الزمان} ... وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/209)
مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ .... {وكانوا يأتون بالأطفال إليه ليحنكهم تلمساً لبركة يده صلى الله عليه وسلم، وأبو قتادة لما خرجت عينه في أحد ردها ومسح عليها بكفه فكانت أحسن عينيه، وأشياء كثيرة في هذا الموضع عملها أصحابها التماساً لبركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نقول: علم الله أننا لوأدركنا التراب الذي وطئه لاكتحلنا به في أعيننا، ولكن هل يتعدى هذا إلى غيره؟؟؟ الجواب: نقول: لا، بل هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأننا لم نجد أصحابه فعلوا ذلك مع غيره، إذاً: هذه الأشياء قاصرة عليه؛ لأنه هو الذي اختص بمثل هذه الأمور ... فليتنبه!!!} ... وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا ... [وفى رواية: وما أراكم إلا ستصيبكم قارعة , فانصرف هو ومن اتبعه إلى الطائف] ... فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِيهِ فَقَالُوا ائْتِهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ ... {أي أثيروها دفعة واحدة} .. ُ. فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ ... [وفى رواية: رجع ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] .. قَالَ رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ ... {أَيْ عُلِمَت .... تقول: قد أَشْعَرْتُ هذه البّدَنَةَ لله نُسْكا، أي: جعلتها شعيرة تُهْدَى} ... فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنْ الْبَيْتِ ... [وفى رواية: وغضب وقال: يا معشر قريش ما على هذا عاقدناكم , أيُصد عن بيت الله من جاء معظما له؟ فقالوا: كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى} .. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فَقَالَ دَعُونِي آتِيهِ فَقَالُوا ائْتِهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو .... (قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ) ... أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ ... (قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ) ... فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ هَاتِ أكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَاتِبَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنْ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ثُمَّ قَالَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنْ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ وَلَكِنْ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي , اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ... (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/210)
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا) .... فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً .... {أي قهرا} .... وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ , فَقَالَ سُهَيْلٌ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا , قَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ .... {أي يمشي مشيا بطيئا بسبب القيد} .... فِي قُيُودِهِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِين .... {وكان سهيل أوثقه وسجنه حين أسلم , فخرج من السجن وتنكب الطريق وركب الجبال حتى هبط على المسلمين ففرح به المسلمون وتلقوه} .... َ فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ قَالَ فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجِزْهُ لِي .... {أي أمض لي فعلي فيه فلا أرده إليك} .... قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ , قَالَ بَلَى فَافْعَلْ قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ , قَالَ مِكْرَزٌ بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ .... {والمعنى إنه لم يجزه بأن يقره عند المسلمين بل ليكف العذاب عنه ليرجع إلى طواعية أبيه} .... قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ .... {وفى رواية .. [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا جندل , اصبر واحتسب فإنا لا نغدر , وإن الله جاعل لك فرجا ومخرجا] ... وفي رواية .. [فأوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال فوثب عمر مع أبي جَندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر , فإنما هم مشركون , وإنما دم أحدهم كدم كلب , قال ويدني قائمة السيف منه , يقول عمر: رجوت أن يأخذه مني فيضرب به أباه , فضن الرجل - أي بخل - بأبيه ونفذت القضية] .... قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ بَلَى قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا .... وفى رواية ... [قال عمر: لقد دخلني أمر عظيم , وراجعت النبي صلى الله عليه وسلم مراجعة ما راجعته مثلها قط] ... وفى رواية ... [كان الصحابة لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله , فلما رأوا الصلح دخلهم من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون] .... قَالَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي , قُلْتُ أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ , قَالَ بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ , قَالَ قُلْتُ لَا , قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ , قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا , قَالَ بَلَى , قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ , قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا , قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِه .. {والمراد به التمسك بأمره وترك المخالفة له كالذي يمسك بركب الفارس فلا يفارقه} ِ .... فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قُلْتُ أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/211)
الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ , قَالَ بَلَى أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ , قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ .. {وفي جواب أبي بكر لعمر بنظير ما أجابه النبي صلى الله عليه وسلم سواء دلالة على أنه كان أكمل الصحابة وأعرفهم بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بأمور الدين وأشدهم موافقة لأمر الله تعالى.} .... (قَالَ الزُّهْرِيُّ) ... قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا ..... فى رواية [فقال عمر: اتهموا الرأي على الدين , فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي , وما ألو عن الحق] ... وفى رواية .... [وكان عمر يقول مازلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ , مخافة كلامي الذي تكلمت به] ... قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ .... فى رواية. [فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جرى بينهما القول حتى وقع بينهما الصلح على أن توضع الحرب بينهما عشر سنين وأن يأمن الناس بعضهم بعضا , وأن يرجع عنهم عامهم هذا] ... ولما كانت الهدنة ووضعت الحرب وأمن الناس كلم بعضهم بعضا والتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة ولم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا في تلك المدة إلا دخل فيه , ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر , يعني من صناديد قريش ...... وكان في الصورة الظاهرة ضيما للمسلمين وفي الصورة الباطنة عزا لهم , فإن الناس لأجل الأمن الذي وقع بينهم اختلط بعضهم ببعض من غير نكير , وأسمع المسلمون المشركين القرآن , وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين , وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك إلا خفية , وظهر من كان يخفي إسلامه فذل المشركون من حيث أرادوا العزة وأقهروا من حيث أرادوا الغلبة ...... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .... {قيل كأنهم توقفوا لاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب , أو لرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح المذكور , أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام لإتمام نسكهم , لأن لهم مقاييس وللرسول صلى الله عليه وسلم مقاييس أخرى، فتوانوا عن التحلل،} ..... فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ..... {قال إمام الحرمين: لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة.} ..... فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ .... {وإنما جئن إليه بعد في أثناء المدة} .... فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ" [الممتحنة/10] ..... ِ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ , فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ , ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ فَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ .... وفى رواية [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بصير إن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/212)
هؤلاء القوم صالحونا على ما علمت , وإنا لا نغدر , فالحق بقومك. فقال: أتردني إلى المشركين يفتنوني عن ديني ويعذبونني؟ قال: اصبر واحتسب , فإن الله جاعل لك فرجا ومخرجا] ... وفي رواية .... [فقال له عمر: أنت رجل وهو رجل ومعك السيف] .... فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ .... {أي خمدت حواسه} .... وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ .... {أي إن لم تردوه عني} .... فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلُ أُمِّهِ .. {وهي كلمة ذم تقولها العرب في المدح ولا يقصدون معنى ما فيها من الذم} .... مِسْعَرَ حَرْبٍ .... {كأنه يصفه بالإقدام في الحرب والتسعير لنارها} .... لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ .... وفى رواية ... [فلقنها أبو بصير فانطلق] , ... {وفيه إشارة إليه بالفرار لئلا يرده إلى المشركين , ورمز إلى من بلغه ذلك من المسلمين أن يلحقوا به} .. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ .... {أي ساحله} .... قَالَ وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ .... {أي من أبيه وأهله} .... فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ .. ... وفي رواية [وانفلت أبو جندل في سبعين راكبا مسلمين فلحقوا بأبي بصير فنزلوا قريبا من ذي المروة على طريق عير قريش فقطعوا مادتهم] .... فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ لَمَّا أَرْسَلَ فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ ..
.. في رواية [يسألونه ويتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي جَندل ومن معه وقالوا: ومن خرج منا إليك فهو لك حلال غير حرج] .... فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " [الفتح/24 - 26] ..... وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ وَلَمْ يُقِرُّوا بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ .... .... [أصل الحديث عند البخاري .. كتاب .. الشروط .. برقم:2734].
** هذا وصلى اللهم على محمد وصحبه أجمعين .... والحمد لله رب العالمين **
جمعه ورتبه وكتبه الفقير
د/ السيد العربى بن كمال(49/213)
الشيعة والصوفية قرنا الشيطان!
ـ[حامد تميم]ــــــــ[19 - 05 - 08, 12:23 ص]ـ
الجزء الخامس من نقض الموسوعةاليوسفية الصوفية، للشيخ/ أحمد تركستاني ..........
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:00 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
لكن أين بقية الأجزاء؟(49/214)
لما طلب يوسف الخروج من السجن .. لبث فيه بضع سنين
ـ[أبو السها]ــــــــ[19 - 05 - 08, 10:06 م]ـ
»
-المسألة الثالثة: لما تعلق يوسف بالمخلوق دام مكثه في السجن بضع سنين (أحكام القرآن لابن عربي:5/ 60)
-يقول ابن القيم: لما طلب آدم الخلود فى الجنة من جانب الشجرة عوقب بالخروج منها ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤيا لبث فيه بضع سنين. (1/ 32 الفوائد)
** رد شيخ الإسلام على هذه الشبهة:
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " قال تعالى: (فأنساه الشيطان ذكر ربه)، قيل: أنسي يوسف ذكر ربه لما قال: (اذكرني عند ربك).
وقيل: بل الشيطان أنسى الذي نجا منهما ذكر ربه، وهذا هو الصواب، فإنه مطابق لقوله: (اذكرني عند ربك)، قال تعالى: (فأنساه الشيطان ذكر ربه)، والضمير يعود إلى القريب إذا لم يكن هناك دليل على خلاف ذلك؛ ولأن يوسف لم ينس ذكر ربه؛ بل كان ذاكرا لربه. وقد دعاهما قبل تعبير الرؤيا إلى الإيمان بربه، وقال لهما: (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار. ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، وقال لهما قبل ذلك: (لا يأتيكما طعام ترزقانه)، أي: في الرؤيا (إلانبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما)، يعني التأويل، (ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون. واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون)، فبذا يذكر ربه عز وجل فإن هذا مما علمه ربه؛ لأنه ترك ملة قوم مشركين لا يؤمنون بالله وإن كانوا مقرين بالصانع، ولا يؤمنون بالآخرة، واتبع ملة آبائه أئمة المؤمنين - الذين جعلهم الله أئمة يدعون بأمره - إبراهيم وإسحاق ويعقوب؛ فذكر ربه ثم دعاهما إلى الإيمان بربه، ثم بعد هذا عبر الرؤيا، فقال: (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا) الآية، ثم لما قضى تأويل الرؤيا: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك)، فكيف يكون قد أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه؟
وإنما أنسى الشيطان الناجي ذكر ربه، أي الذكر المضاف إلى ربه والمنسوب إليه، وهو أن يذكر عنده يوسف.
والذين قالوا ذلك القول، قالوا: كان الأَولى أن يتوكل على الله ولا يقول اذكرني عند ربك. فلما نسي أن يتوكل على ربه جوزي بلبثه في السجن بضع سنين.
فيقال: ليس في قوله: (اذكرني عند ربك) ما يناقض التوكل؛ بل قد قال يوسف: (إن الحكم إلا لله) كما أن قول أبيه: (لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) لم يناقض توكله، بل قال: (وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون).
وأيضا: فيوسف قد شهد الله له أنه من عباده المخلَصين، والمخلص لا يكون مخلصا مع توكله على غير الله، فإن ذلك شرك، ويوسف لم يكن مشركا، لا في عبادته ولا توكله، بل قد توكل على ربه في فعل نفسه بقوله: (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين)، فكيف لا يتوكل عليه في أفعال عباده.
وقوله: (اذكرني عند ربك) مثل قوله لربه: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، فلما سأل الولاية للمصلحة الدينية لم يكن هذا مناقضا للتوكل، ولا هو من سؤال الإمارة المنهي عنه، فكيف يكون قوله للفتى: (اذكرني عند ربك) مناقضا للتوكل، وليس فيه إلا مجرد إخبار الملك به؛ ليعلم حاله، ليتبين الحق، ويوسف كان من أثبت الناس.
ولهذا بعد أن طلب: (وقال الملك ائتوني به)، قال: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم)، فيوسف يذكر ربه في هذه الحال كما ذكره في تلك.
ويقول: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة)، فلم يكن في قوله له: (اذكرني عند ربك) ترك لواجب ولا فعل لمحرم حتى يعاقبه الله على ذلك بلبثه في السجن بضع سنين ...
والمقصود أن يوسف لم يفعل ذنبا ذكره الله عنه، وهو سبحانه لا يذكر عن أحد من الأنبياء ذنبا إلا ذكر استغفاره منه، ولم يذكر عن يوسف استغفارا من هذه الكلمة " انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (15/ 112 - 118)(49/215)
ثلاث رحلات عمرة للفائزين في امتحان العقيدة
ـ[فؤاد عفيفي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 10:09 م]ـ
http://www.hgidrive83.com/directory5/banner/Mosabqa.gif (http://www.altawhid.net)
مسابقة مسجد التوحيد - شبرا
يسر إدارة مسجد التوحيد أن تعلن عن المسابقة الكبرى في العقيدة الإسلامية للرجال والنساء.
موعد المسابقة
نهاية شهر جمادى الآخر 1429 هـ الموافق شهر يونيو 2008 م
موضوع المسابقة:
أسئلة على ما تم شرحه من كتابي:
1 - عقيدة التوحيد للفوزان.
2 - القواعد المثلي في صفات الله وأسمائه الحسني لابن عثيمين.
ملحوظة:
يخصص فضيلة الشيخ أسامة سليمان دروسه الدينية بعد صلاة المغرب يوم الأحد من كل أسبوع لشرح الكتابين.
- وتسهيلاً على الإخوة والأخوات يوفر الموقع تسجيلاً كاملاً لدروس فضيلة الشيخ على الرابط التالي:
http://www.altawhid.net/medialist.php?i=116&o=0 (http://www.altawhid.net/medialist.php?i=116&o=0)
- ورغبة من الموقع لتحقيق أقصى غايات الاستفادة من الكتابين فقد وفر نسخة كاملة من كل كتاب على الرابط التالي:
http://www.altawhid.net/page.php?i=28 (http://www.altawhid.net/page.php?i=28)
جوائز المسابقة:
أولاً: رحلة عمرة شاملة الانتقال والإقامة لأول ثلاثة فائزين.
ثانياُ: مجموعة من الكتب القيمة لبقية الفائزين.
ملحوظة: بالنسبة للنساء في حال فوز إحداهن برحلة العمرة يشترط أن يكون معها محرم من أهلها وأن يتحمل كافة التكاليف الخاصة به سواء التأشيرة وتذكرة السفر والإقامة وغيرها.(49/216)
قواعد في الصفات
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:22 ص]ـ
قواعد في الصفات
* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
القاعدة الأولى: صفات الله تعالى نوعان: ذاتية، وفعلية.
فالذاتية: الملازمة لذاته سبحانه التي لا يتصور انفكاكها عن الله تعالى وخلوه منها. ومثال هذا النوع: صفة الحياة، والسمع، والبصر، والعلم، والقدرة، والحكمة.فكل وصف لا يمكن أن يخلو الله، عز وجل، منه في أي حال، فهو وصف ذاتي، ملازم لذاته.
والفعلية: المتعلقة بمشيئته سبحانه وحكمته، أي التي يفعلها متى شاء.
ومثال ذلك: الاستواء، والنزول، والفرح، والعجب، والضحك، والمجيء، والإتيان.
فصفة (المجيء) مثلاً: قال الله عز وجل: (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) الفجر22. هذا المجيء يحصل يوم القيامة. إذاً هو ليس وصفاً ذاتياً لله، سبحانه وتعالى، وإنما يفعله سبحانه، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.
وصفة (النزول) إلى سماء الدنيا تحصل حين يبقى ثلث الليل الآخر. إذاً هذا النزول ليس وصفاً ذاتياً لله، سبحانه وتعالى، وإنما متعلق بمشيئته سبحانه.
كذلك (الاستواء)، فقد أخبر الله، عز وجل، أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. و (ثم) في لغة العرب تفيد الترتيب والتراخي. إذاً نجزم بأنه حين خلق السموات والأرض لم يكن مستوياً على العرش، فلما خلقهن استوى عليه.
وصفة (الفرح) مقترنة بتوبة عبده إذا تاب، كما في الحديث. إذاً فهو وصف متعلق بسبب، يوجد بوجوده.
وصفة (الضحك) دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم: (يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة) [1] متعلق بسبب، يوجد بوجوده.وهكذا.
وثمَّ صفات يقال عنها: (ذاتية فعلية)، يمثلون لها بصفة الكلام. فهو ذاتي باعتبار أصل الصفة، فعلي باعتبار آحادها وأفرادها. فالله، سبحانه وتعالى، من صفته ومن شأنه الكلام، وهو منزه عن ضده، وهو الخرس. لكنه، سبحانه، يتكلم حسب مشيئته، متى شاء، كيف شاء. فهو قد كلم الأبوين في الجنة، وكلم أنبياءه؛ كلم موسى من الطور وكلم نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، ليلة المعراج، ويكلم عيسى بن مريم، يوم القيامة قائلاً: (أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ) المائدة: 116، فهو سبحانه تكلم، ويتكلم، وسيتكلم، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.
فالكلام إذاً، باعتبار أصله صفة ذاتية، وباعتبار تجدد آحاده وأفراده صفة فعلية. ولذلك يعبر بعض العلماء بالقول إنه (قديم النوع حادث الآحاد).
والواقع، أنه عند التأمل، نجد أن الصفات الفعلية كلها يمكن أن ينطبق عليها ذلك! بمعنى أن جنس الصفات الفعلية وصف ذاتي لله تعالى؛ فهو لم يزل، ولا يزال، ولن يزال فعالاً لما يريد، كما قال عن نفسه بصيغة المبالغة: (فعال لما يريد) الفجر: 16، ولكن صور الفعل متنوعة، متجددة، حسب ما تقتضيه مشيئته وحكمته. وبهذا التقرير نخرج من طائلة الدعوى الباطلة، التي يدعيها المتكلمون، المنكرون للصفات الفعلية، بقولهم: إنكم بذلك تثبتون لله وصفاً حادثاً، بعد أن لم يكن، وتجعلونه محلاً للحوادث.
وقد حقق هذا المقام الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، رحمه الله، تحقيقاً فريداً، وحرره تحريراً بليغاً، في جواب مسائل لبعض طلابه الذين يراسلهم في الكويت، جمعت في كتاب سمي: (الأجوبة الكويتية).
القاعدة الثانية: صفات الله قسمان: ثبوتية، وسلبية.
فالإثبات يكون لصفات الكمال. والنفي يكون لصفات النقص.
فصفة العلم ثبوتية لأن الله أثبتها لنفسه. وصفة الولد منفية، لأن الله نفاها عن نفسه. فما أثبته الله لنفسه فهو كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه. وما نفاه الله عن نفسه فهو نقص لا كمال فيه بوجه من الوجوه.
وهذا في حقه، سبحانه وتعالى، لكن من الصفات ما قد يكون كمالاً في حق الخالق، نقصاً في حق المخلوق، كصفة (الكبرياء). ومن الصفات ما يكون نقصاً في حق الخالق، كمالاً في حق المخلوق، كصفة (الولد). لأن الولد يلزم منه المماثلة؛ فالولد من جنس أبيه، ولأن الولد إنما يطلب للحاجة، والله الغني عن كل شيء.
القاعدة الثالثة: باب الصفات أوسع من باب الأسماء.
لأن الاسم لا يثبت إلا بوروده اسماً، فليس لأحد أن يسمي الله اسماً لم يرد في الكتاب والسنة. بينما الصفات ترد من ثلاثة موارد:
أولاً: من الاسماء الحسنى: فكل اسم يتضمن صفةً، ولا يلزم العكس. فإذا قال الله سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم: 54، فنستمد منهما وصفين: العلم والقدرة.
ثانياً: ورود الصفة بلفظها. قال الله عز وجل: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ) الأنعام: 133، وقال: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) فاطر: 10، فأثبت لنفسه الرحمة، والعزة بلفظيهما.
ثالثاً: من الأفعال الربانية: فمن قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) طه:5، نستفيد إثبات صفة الاستواء. ومن قوله: (وَجَاء رَبُّكَ) الفجر: 22،نستفيد إثبات صفة المجيء. وهكذا.
بينما الأسماء لا يمكن أن تشتق من الصفات. فلا يصح أن تشتق من قوله: (وجاء ربك) اسم الجائي، ولا من قوله: (وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة: 253، المريد.
فلهذا كان باب الصفات أوسع من باب الأسماء، لتعدد موارده.
* / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم
28/ 10/1428
[1] أخرجه أحمد 2/ 318 (8208). و"مسلم" 6/ 40 من حديث أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة. قالوا كيف يا رسول الله قال يقتل هذا فيلج الجنة ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد فى سبيل الله فيستشهد)).
وجاء بلفظ آخر ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا فى سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد)) عند "البخاري" 4/ 28 (2826) واللفظ له و"مسلم" 6/ 40 و"ابن ماجة" 191 و"النسائي" 6/ 38 وفي "الكبرى" 4358 وفي 6/ 38 وفي "الكبرى" 4359 -(49/217)
أكثر من أسبوع وأنا معه في جدال
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[20 - 05 - 08, 09:06 ص]ـ
أكثر من أسبوع وأنا أتجادل مع شخص في أحد المنتديات الإسلامية حول أفكاره المسمومة وله موقع ملئ بالخزعبلات فممكن من يعرف عنه شيئا أن يعرفنا أكثر
وهذه أقواله
وهذه عقيدته.
قال "وتفردت بوحدانيتك عن حقيقة محمدنا الشماء
حتى كان محمدنا ص برزخ البرازخ
علمته حقائق الحق بكل صفاء
وبه اكتملت ألوهتك وحدك لنا بسر الأولياء
فكتموا وكتمنا سر اسمك اللهم
عن الغثاء"
هذه عقيدته
قال"تدعو كل إخوتنا من آدم دعوة ميسورة
برحمة قلب محمد ولطافتك المستورة
دعوة إرهاب لليهود وحدهم
ودعوة للضالين رحيمة بضعفهم
فاللهم صالحنا مع الضالين.
هذه عقيدته
قال "صلاة الوسيلة
هكذا رأيت الحبيب صلى الله عليه وسلم رؤيا برازخ:
وأسرار الربوبية لاتفشى لكن أشير بها تلميحا لا تدقيقا-*
اللهم صلاة وسيلتك الواصلة
التي قال عنها حبيبك محمد ص
"لا تنبغي الوسيلة إلا لواحد من أمتي أرجو أن أكونه "
اللهم كما أريتني تحقيقك له هذا الرجاء
وأجبت للصديقين منا كل الدعاء.
هذه عقيدته
قال "اعتقاد المهدي عليه السلام وأتباعه في (إنجيل برنابا)
هذه شهادة يكتبها أنصار المهدي اليوم ليشهد عليها التاريخ غدا بأن أول من نصر الإنجيل الصحيح هو المهدي عليه السلام وهو الذي أظهره للناس وأخرجه للنور بعد ظلام دام سنين طويلة في حق هذا الإنجيل العظيم.
وهنا أنقل كلام رسول الله المهدي أبي عبدالله الحسين بن موسى عليه السلام في شأن (إنجيل برنابا) فقال:
أن هذا هو إنجيل المسيح الصحيح الذي أنزله الله تعالى على قلب عيسى بن البتول عليه وعلى أمه أفضل الصلاة والتسليم.
إنها مفاجأة نزفها من هذا الموقع لإخوتنا في الإيمان ونلح عليهم أن يعتنوا بهذا الإنجيل العظيم ويساعدوا على نشره، فإنه والله إنجيل عيسى الصحيح.
هذه عقيدته
قال "وفي الختام نسأل المولى عز وجل أن ينفع بهذا الإنجيل المسلمين ويزدادوا به إيمانا على إيمانهم، وليحمدوا الله تعالى أن يسر لهم في قرنهم هذا الوقوف عليه مقدمة لأن يكونوا ممهدين لأمره عسى أن يكونوا ممن يدركه وينطوي تحت لوائه جنودا يقاتلون في سبيل الله تعالى.
هذه عقيدته
قال "ورفعنا أوائل ألوية المهدي عليه السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم=
من أولى علامات المهدي عليه السلام
خروج الوية من المغرب.
هذه عقيدته
قال "باسم الرحمان الحبيب النور السلام
والصلاة على النور محمدنا.
وهذه عقيدته
http://qoraan.fr.nr/ (http://qoraan.fr.nr/)
http://allah.fr.nr/ (http://allah.fr.nr/)(49/218)
مصدر تلقي العقيدة الإسلامية
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[20 - 05 - 08, 11:17 ص]ـ
مصدر تلقي العقيدة هو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجب التمسك والاعتصام بهما، وقد تكفل الله لمن اتبعهما بأن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} (طه الآيات: 123 - 126).
وامتن سبحانه على هذه الأمة بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (الجمعة الآية: 2).
وأقسم سبحانه أنه لا يحصل الإيمان لأحد حتى يحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم لحكمه، فقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء الآية: 65).
ومنهج أهل الحق - وهم أهل السنة والجماعة - الاعتماد على الكتاب، والسنة، وتعظيم نصوصهما، فيعتصمون بها، ولا يعرضونها لتحريف أو تأويل يخرجها عن مراد الله أو مراد رسوله، كما يفعل أهل البدع والأهواء، ويقفون فلا يخوضون في آيات الله، وأحاديث رسوله بغير علم، بل يتدبرون كتاب الله وسنة رسوله كما أمرهم سبحانه بقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} (النساء الآية: 82)، وقوله: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} (المؤمنون الآية: 68)، وقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص الآية: 29)، وقوله: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (يوسف الآية: 1)، وقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران الآية: 138)، وقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} المائدة الآية: 92)، وقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل الآية: 44).
ويستعينون في فهم مدلول نصوصهما بآثار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أهل السبق والفضل، وأقوال التابعين لهم بإحسان، وما عرف من لغة العرب، ويكلون ما لم يعلموه إلى عالمه سبحانه وتعالى.
وهم في هذا الصدد لا يعارضون الكتاب والسنة بعقولهم وآرائهم، بل يقررون أن النقل والعقل لا يتعارضان، إذا كان النقل صحيحا، والعقل صريحا (1).
بل إن النقل تضمن أدلة عقلية على المطالب الدينية، ففي الاستدلال على وجود الله، قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (الطور الآية: 35)، وفي الاستدلال على الوحدانية قال: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (المؤمنون الآية: 91)، وفي الاستدلال على العلم قال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك الآية: 14).
والعقل يمكن أن يدرك جملا من مقررات علم العقيدة، مثل أن الله موجود، وواحد، وحي، وعال على مخلوقاته، عليم بهم، قادر، حكيم مستحق للعبادة وحده دون سواه، ونحو ذلك، لكن لا يمكن أن يستقل بمعرفة وإدراك تفاصيل هذا العلم، إذ لا تدرك التفاصيل إلا من الكتاب والسنة.
ولأننا اشترطنا لانتفاء التعارض بين النقل والعقل أن يكون العقل صريحا لم يطرأ عليه انحراف أو تغيير - نقول: إذا وجد ما يوهم التعارض بين النقل الثابت والعقل وجب تقديم النقل لسببين:
الأول: أن النقل ثابت، والعقل متغير.
الثاني: أن النقل معصوم، والعقل ليس كذلك.
_________
(1) المراد بالنقل الصحيح: القرآن الكريم والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعقل الصريح: السليم من الانحراف والشبه. وقد دلت النصوص الشرعية على أن القلوب مفطورة على معرفة الحق وقبوله، وقد بعث الله الرسل - عليهم السلام - بتقرير الفطرة وتكميلها، ولكن الفطرة قد تنحرف انظر ص 13 - 15.(49/219)
الاعتقاد والعلم والواجب على المكلف
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[20 - 05 - 08, 11:30 ص]ـ
يجب على كل واحد من المكلفين أن يؤمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا عاما مجملا، فيقر بجميع ما جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وما أمر به الرسول ونهى عنه، فلا بد من تصديقه عليه الصلاة والسلام فيما أخبر، والانقياد له فيما أمر به أو نهى عنه، وهذا الإيمان المجمل.
وأما التفصيل فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده من خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أو أمره ونهيه.
وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يبلغه، ولم يمكنه العلم به، فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلا، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام.
ومعرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على التفصيل فرض كفاية على مجموع الأمة، إذا قامت به طائفة سقط عن الباقين.
والذي يجب على أعيان الأمة من هذا العلم التفصيلي ليس شيئا واحدا، بل يتنوع تبعا لأمرين: القدرة والحاجة.
فمن ناحية القدرة يجب على القادر على سماع العلم وفهم دقيقه ما لا يجب على العاجز عن ذلك، ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها، ويجب على المفتي والحاكم والعالم ما لا يجب على آحاد العامة.
ومن ناحية الحاجة يجب على المكلف أن يعلم ما يتعين عليه الإيمان به واعتقاده وما يتعين عليه امتثاله أو اجتنابه، فمن عنده مال تجب فيه الزكاة يجب عليه معرفة تفاصيل زكاة ماله، ولا تجب معرفة هذا على من ليس عنده مال، والمستطيع للحج تجب عليه معرفة صفته، وهكذا.
وأما القدر الزائد على ما يحتاج إليه المعين فهو داخل في فرض الكفاية.(49/220)
الإلزامات في مناظرة المبتدعة (أفدنا بارك الله فيك)
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 12:51 م]ـ
إخواني الأفاضل:
لو صار بينك وبين أشعري مناظرة،وحُدد الموعد لاحقاً،فماهي الإلزامات والقواعد العامة التي يمكن تحضيرها، والتي لا يستطيع الأشعري الإجابة عنها،لا أريد التفاصيل لكل مسألة.
إن شاء الله يكون الموضوع واضحاً.
وأرجوا الإفادة من أهل الإفادة.
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:44 م]ـ
ألزمه بالقول بخلق القرآن الذي بين أيدينا,,,
بالعدم في قولهم أنه تعالى لا خارج ولا داخل العالم,, -تعالى جل وعلا عن ذلك-,,,
اشترط عليه الالتزام بأقوال أهل القرون الفاضلة,,,
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 02:11 م]ـ
أحسنت أخي أبا العباس البحريني.
ـ[أبو محمد القلموني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 11:29 ص]ـ
ونلزم المفوضة منهم بالقول في الذات ما يقولونه في الصفات و أعني تفويض المعنى. والله أعلم
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[22 - 05 - 08, 12:10 م]ـ
انظر إلى كتاب الصواعق ومختصره جزاك الله خيرا
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[22 - 05 - 08, 12:23 م]ـ
إن من أئمة هؤلاء المعرضين من يقول إنه ليس في العقل ما يوجب تنزيه الرب سبحانه وتعالى عن النقائص ولم يقم على ذلك دليل عقلي أصلا كما صرح به الرازي وتلقاه عن الجويني وأمثاله قالوا وإنما نفينا النقائص عنه بالإجماع وقد قدح الرازي وغيره من النفاة في دلالة الإجماع وبينوا أنها ظنية لا قطعية فالقوم ليسوا قاطعين بتنزيه الله عن النقائص بل غاية ما عندهم في ذلك الظن فيا للعقلاء ويا لأولي الألباب كيف تقوم الأدلة القطعية على نفي صفات كماله ونعوت جلاله وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه وتكلمه بالقرآن حقيقة وتكليمه لموسى حقيقة بكلامه القائم به ورؤية المؤمنين له بأبصارهم عيانا من فوقهم في الجنة حتى تدعي أن الأدلة السمعية الدالة على ذلك قد عارضها صريح العقل وأما تنزيهه عن العيوب والنقائص فلم يقم عليه دليل عقلي ولكن علمناه بالإجماع وقد قلتم دلالته ظنية فوالله لو قال المشبه المجسم بزعمكم ما قال ما رضي لنفسه بهذا ولكان رب العالمين وقيوم السماوات والأرض أكبر في صدره وأجل في قلبه من أن لا يكون في عقله دليل ينزهه عن النقائص ولعل جاهلا أن يقول إنا قلنا عليهم ما لم يقولوا أو استجزنا ما يستجيزونه هم من حكاية مذاهب الناس عنهم فما يعتقدونه هم لازم لأقوالهم فيكذبون عليهم كذبا صريحا يقولون مذهب الحنابلة إن الله يجوز أن يتكلم بشيء ولا يعني به شيئا ومذهبهم أن الله لا يجوز أن يرى وأمثال ذلك مما هو كذب صريح وفرية مستندهم فيها ما فهموه من لازم قولهم فنحن لا نستجيز ذلك على أحد من الناس ولكن هذه كتب القوم فراجعها ولا تقلد الحاكي عنهم ويكفيك من فساد عقل يعارض الوحي أنه لم يقم عنده دليل عقلي ينزه ربه وخالقه عن العيوب والنقائص فلقد كشف لك صاحب هذا العقل عن حقيقة معقوله وأقر على نفسه وعقله أنه أقل وأحقر شأنا أن يعارض الوحي ونصوص الأنبياء ثم يتقدم عليها وبالله التوفيق
(1228) الصواعق / طبعة الدخيل
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 01:31 م]ـ
من الإلزامات القوية إلزامه في رؤية الله عزوجل.
ومنها مسألة الكسب.
ومنها الفرق بين صفات المعاني والصفات المعنوية!!
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 01:32 م]ـ
ومنها قولهم بالإيمان بـ40 صفة!! من لم يؤمن بها فليس بمؤمن.
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 02:06 م]ـ
وأيضاً في تعريفهم للتأويل بمثل تعريف الباطنية,,,
وكما قال الأخ علي إلزامهم بإثبات العلو في الرؤية وبيان تخبطهم فيها,,
والخرس في قولهم بالكلام النفسي -تعالى الله عن ذلك علوا-,,,
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 02:11 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا.
أخي الكريم الفضلي وضّح أكثر لما ذكرت جزاك الله خيراً.
أذكرُ أني قرأت مقالاً لأحد الأئمة مفاده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يخاطب الصحابة1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بما يفهمون،وأن الأعراب يأتون للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... فهل من ناقل له.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 03:52 م]ـ
من الإلزامات القوية إلزامه في رؤية الله عزوجل.ومنها مسألة الكسب.ومنها الفرق بين صفات المعاني والصفات المعنوية!!
معلوم أن هؤلاء المتكلمين يقدمون - كما يزعمون - القاطع العقلي على النصوص!!:
فمن المعلوم أن الأشاعرة في الرؤية يقولون: إن الله تعالى يُرى لا في جهة، ولا شك أن هذا يهدم قاطعهم العقلي! فإما إثبات كإثبات أهل السنة، وإما نفي كنفي المعتزلة.
مسألة الكسب، التي قالوا فيها:
ومما لا حقيقة تحته معقولة تدنو إلى الأفهام **الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظّام.
فهم متخبطون فيها أيما تخبط، بل أساطينهم مختلفون في شرح هذا الكسب!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/221)
ـ[محمد نور الدين الشامي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:33 م]ـ
انقل له أقوال ابن كلاب والاشعري وأبو الحسن الطبري في العلو والرد على من يؤولها!!
تجدها بسهولة في كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور عبد الرحمن المحمود
ـ[صخر]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:45 م]ـ
الزمه بكتاب الابانة ورسالة إلى أهل الثغر وكتاب تبيين كذب المفتري ....
وإن كان هذا الاشعري على أحد المذاهب الاربعة المتبوعة فألزمه بكلام احد الائمة الاربعة ومتبوعيهم ممن ساروا على الجادة وماتنكبوا الصراط ..
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:47 م]ـ
شكر الله لكم يا إخوان.
بالنسبة لكتاب الإبانة أظنهم يشككون في نسبته أليس كذلك!
ـ[صخر]ــــــــ[23 - 05 - 08, 06:07 م]ـ
نعم يشككون في نسبة الكتاب
ولكن كتاب ابن عساكر هو قاصمة الظهر بالنسبة لهم
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 06:17 م]ـ
الفاضل: أبا عائشة الحضرمي.
موضوع عن الإلزامات، و يبدو لي أنك تريد قواعدَ و براهينَ تُوْرَدُ لتكون مُلْزِمةً الخصم، فإنْ كان كذلك فمحلُّه موارد الخصمِ و براهين المحاججات، و ما أوردَه الإخوةُ يُشكرون عليه إلا أنه ينْصَبُّ في المسائل التي تُوظَّف فيها الإلزامات، و بينهما فرقٌ، فهل ما أبنتُه هو ما أردتَه؟
شكري للجميع.
ـ[صخر]ــــــــ[23 - 05 - 08, 06:32 م]ـ
صحة نسبة ((الابانة في أصول الديانة))
قال بعضهم في الإمام أبي الحسن
لو لم يصنف عمره ... غير الإبانة واللمع
لكفى فكيف وقد ... تفنن في العلوم بما جمع
مجموعة تربى على المئتـ ... ين مما صنع
لم يأل في تصنيفتها ... أخذاً بأحسن ما استمع
فهدى بها المسترشد ... ين ومن تصفحها انتفع
تتلى معاني كتبه ... فوق المنابر في الجمع
ويخاف من إفحامه ... أهل الكنائس والبيع
فهو الشجا في حلق من ... ترك المحجة وابتدع
وممن عزا الإبانة إلى أبي الحسن الأشعري الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي المتوفى في سنة 458هـ. في كتاب " الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد "
وأيضا الحافظ الذهبي في كتابه ((العلو العلي للغفار))
وابن فرحون المالكي؛ في كتابه الديباج وأيضت
أبو الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089هـ؛ في كتابه؛ ((شذرات الذهب في أعيان من ذهب)) م ذكر فصلاً كاملاً من الابانه.
والإمام السيد مرتضى الزبيدي في كتابه ((إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين))
وذكر الحافظ ابن كثير أن الإبانة هي من اواخر ماصنف الإمام الأشعري
وممن ذكر أن الابانة تأليف أبي الحسن الأشعري أبو القاسم عبدالملك بن عيسى بن درباس الشافعي في رسالته ((الذب عن أبي الحسن الاشعري)) وذكر أنه وجد كتاب الابانة في كتب أبي الفتح نصر المقدسي-رحمه الله ببيت المقدس
وكذلك الامام الاستاذ الحافظ أبو العثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني،
و الامام اللغوي المقرئ أبو علي الحسن بن علي بن ابراهيم الفارسي وقال رأيت في بعض تآليفه في الاصول فصولا منه بخطه.
ومنهم الفقيه أبو المعالي مجلى صاحب كتاب الذخائر في الفقة.
وممن عزاها إلى أبي الحسن أبو محمد بن علي البغدادي
وكذلك شيخ الاسلام ابن تيمية الحراني في الفتوى الحموية الكبرى وتلميذه ابن قيم الجوزية في اجتماع الجيوش الاسلامية
قال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله
هذه نقول الأئمة الأعلام التي تضمنت بالصراحة التي لا ينتطح عليها عنزان أن كتاب الابانة ليس مدسوساً على أبي الحسن الأشعري كما زعمه الأغمار من المقلدة بل هو من تواليفه التي ألفها أخيراً واستقر أمره على مافيها من عقيدة السلف التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 06:32 م]ـ
الأخ الكريم العالي ذو المعالي:
نعم ماذكرتَ هو الذي أقصده،ولعلي لم أفصح عما أريد جيداً،ولكن آثرت أن يستمر الإخوة في فوائدهم .. ولابأس أن تكون هذه الصفحة للإلزامات،وبراهين المحاججات.
وأتمنى منكم أن تشاركونا في هذا الموضوع بما فتح الله عليكم من الإلزامات والبراهين.
ودمتم في رعاية الله
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[23 - 05 - 08, 10:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الاحبة:
بناء على ما تفضلتم بع وكذا الزيادة عليه، هل ترون أن من عرف بعض هذه المسائل أو كلها يلصح كي يناظر خصما متمرسا في باب العقيدة ومسائل الايمان؟؟؟.
هل ترون لمن غاب عنه أكثر مسائل الاستدلال، وموضع حجته وطرائق العلماء في تصريفه وتأصيله، مع التضلع في مسائل الخصوم ومباحثهم وحججهم، يصلح أن يقوم بالمناظرة؟؟؟.
ألا ترون أن من قام بهذا الفعل فأصابه ذهول لأي سبب فحار بين يدي خصمه، يجعل من ذلك ذريعة للنيل من أهل السنة.
هي تساؤلات لم اعن بها احدا بعينه، لكن أرى أنها تستحق الطرح والإجابة عنها.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:26 م]ـ
لو أن الأخ الفاضل يجعل محاورته على ورق ... فيكتب الخصم مقالته واعتقاده والدليل على اعتقاده من العقل والنقل ... ومن ثم يكون الرد عليه كتابة أيضاً ... ولتكن مسألة تعقبها مسألة أخرى ... لأن القوم لهم في المناظرة والتلون فنون وتمرس ... فمن أراد أن يناظر القوم فلا بد من أن يبقى الموضوع موثقاً حتى لا يتهرب الخصم من مقالة قالها وأن يلزم الحوار نقطة بعد أخرى.
وقبل هذا كله لابد من الاتفاق على الأصول أولاً ... مثل: ان اختلفنا فمن الحكم؟ العقل أم الوحي؟
وما حال السنة عند الخصم؟ وما طريقته في التصحيح والتضعيف؟ الى آخر ذلك من ما يجب الاتفاق عليه ... لأن الرجل يعد الجواب الطويل مستدلاً بالأدلة من الكتاب والسنة ثم يأتي الخصم وينفها بحجة أن الأحاديث ليست من المتواتر!!! عندها لابد من الرجوع الى الوراء والاتفاق على الأصول وطريقة الترجيح الصحيح والفصل في حال تعارض الآراء ... أقولها لكم وهي كما قال القائل ((ليس الخبر كالمعاينة)) ومن عاش عرف ...
والسلام عليكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/222)
ـ[أحمد الحساينة السلفي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:05 ص]ـ
أولاً: أخي الكريم كيف تناظر وأنت لا تعرف الإلزامات والقواعد العامة التي يمكن تحضيرها؟ أو لا تحكمها كما تبين من سؤالك!
ثانيًا: لابد من معرفة قواعد وأصول المناظرة، ومن تجوز له المناظرة ومن تحرم عليه، ومن تجوز مناظرته، ومن تحرم - ولا تحسبن أني فارس الميدان فلست كذلك والله، ولا أحسن مناظرتهم، ولعلك أعلم مني، ولكن لكل علم قانونه -
وأخيرًا: أنصحك بكتاب " آداب البحث والمناظرة " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، و " أصول الجدل والمناظرة للشيخ حمد بن إبراهيم العثمان " فلابد من إحكام قواعد هذا الفن أولاً، ثم إحكام معرفة قول المخالف بتحرير موطن النزاع، وقطعًا إحكام قول أهل الحق، والله أعلم.
رزقني الله وإياك العلم النافع والعمل الصالح
والصدر متسع لقبول أي تصحيح
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:14 ص]ـ
أخي الحبيب احمد:
وهل ادّعيتُ أني سأذهب وأناظر الآن، لكن لابد من معرفة هذه الأمور من باب (وأعدوا لهم ماستطعتم من قوة) وهذا من العلم المطلوب،وخاصة أن الآشاعرة عندنا بكثرة،.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:57 ص]ـ
شكر الله لكم يا إخوان.
بالنسبة لكتاب الإبانة أظنهم يشككون في نسبته أليس كذلك!
لا يستطيعون التشكيك في نسبة الكتاب للإمام الأشعري رحمه الله
فيحاولون أن يشككوا في محتاواه
فيقولون أن الكتاب فيه كلام مدسوس على الإمام!
ولعبت فيه أيدي!!
وقد كتب احد مشايخهم كتابا يبين فيه أن الكتاب ملعوب فيه!
فلعل أحدكم ينظر فيه ويرد على هذا الإدعاء
لا أدري إذا كان يُسمح لي ذكر اسم الكتاب
إذا كان مسموحا ويريد أحدكم معرفة اسم الكتاب فأرجو اعلامي وسأذكره إن شاء الله
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 01:00 ص]ـ
ألزمهم بـ "ألم" و "حم" و"ق" و"ن" في مسألة كون كلام الله عز وجل حرف
وأنصحك أخي الفاضل أن لا تناقشهم إلا إذا كان لديك علم جيد بالعقيدة وعلم لا بأس به فيما يتعلق بإعتقادهم.
ويُستحسن أن تقرأ في بعض المناظرات التي حصلت بين أهل السنة والأشاعرة في منتديات أهل السنة
ـ[صخر]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:45 ص]ـ
هناك كلام للصفدي في ترجمة الجويني حول الأمر
ـ[صخر]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:47 ص]ـ
قال الصفدي رحمه الله في كتابه الوافي بالوفيات في ترجمة أبي المعالي الجويني رحمه الله:
"وقال المازري رحمه الله في شرح البرهان في قوله: إن الله يعلم الكليات لا الجزئيات: وددت لو محوتها بدمي أبو بدمع عيني! قلت: أنا أحاشي إمام الحرمين عن القول بهذه المسألة، والذي أظنه أنها دست في كلامه ووضعها الحسدة له على لسانه، كما وضع كتاب الإبانة على لسان الشيخ أبي الحسن الأشعري"
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:23 م]ـ
القول في الذات كالقول في الصفات (هذا إلزام لا ينفكون عنه)
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:44 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن مسفر]ــــــــ[25 - 05 - 08, 03:58 ص]ـ
المناظرة آدابها وقواعدها
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102275&highlight=%E3%E4%C7%D9%D1%C7%CA
" وفقك الله لما يحب ويرضى "
ـ[محمد بن مسفر]ــــــــ[25 - 05 - 08, 04:02 ص]ـ
وهذا بحث في أهمية مراعاة آداب الحوار بين المتحاورين
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=10909&highlight=%E3%E4%C7%D9%D1%C7%CA
ـ[أحمد الحساينة السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 08, 12:33 ص]ـ
ضوابط المناظرة المحمودة المشروعة:
1 - أن تكون مجادلة بالحق لدحض الباطل لأن الله ذم المجادلين بالباطل الداحضين للحق قال تعالى: {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق}
2 - أن يكون المناظر عالما فيما يناظر فيه فان الله قد ذم من يجادل بغير علم فقال: {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} قال شيخ الإسلام: (وكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ولا وفى بموجب العلم والإيمان ولا حصل بكلامه شفاء الصدور والطمأنينة في النفوس ولا أفاد كلامه العلم واليقين) ا. هـ
3 - أن تكون المناظرة لقصد تعليم الجاهل بالحق لأن الله ذم المجادلة بعد بيان الحق وإيضاحه قال تعالى: {يجادلونك في الحق بعدما تبين}
4 - إخلاص النية لله لأن مناظرة أهل السنة القصد منها حراسة الدين ونصرة الحق ورد المبطل إلى حظيرة الحق.
5 - التزام المناظر بالأدلة الشرعية في مناظرته فلا يرد الخطأ بخطأ والباطل بباطل كأن يستدل بما هو مذموم في الشرع كالأحاديث الواهية والآراء الشاذة قال شيخ الإسلام: (ومن أراد أن يناظر مناظرة شرعية بالعقل الصريح فلا يلزم لفظا بدعيا ولا يخالف دليلا شرعيا ولا عقليا فإنه يسلك طريقة أهل السنة والحديث) ا. هـ
وقال الإمام الشاطبي: ( ... روينا أن الخصمين إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أو لا فان لم يتفقا على شيء لم يقع بمناظرتهما فائدة بحال ... )
http://www.sh-emam.com/makal.php?id=23
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/223)
ـ[أبومالك المنصورى]ــــــــ[04 - 07 - 08, 01:10 ص]ـ
أنصحكَ أخى الكريم بالاستماع إلى هذه المناظرة بين الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني وشيخ أشعري مدرس فى جامعة الأزهر و يحضر دكتوراه فى الأسماء و الصفات و شيوخه على جمعة و محمد المسير
يدير الحوار فضيلة الشيخ حسن أبو الأشبال
الجزء الأول
http://ia340935.us.archive.org/2/items/MONAZRA/01.rm (http://ia340935.us.archive.org/2/items/MONAZRA/01.rm)
الجزء الثانى
http://ia340935.us.archive.org/2/items/MONAZRA/02.rm (http://ia340935.us.archive.org/2/items/MONAZRA/02.rm)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[05 - 07 - 08, 08:32 م]ـ
من الإلزامات القوية للأشاعرة في مسألة العلو
أن تقول له
هناك أدلة عقلية على علو الله عز وجل على خلقه
فإن قال ماهي؟
فقل: الموجودات إما أن تكون متحايثة (أي متداخلة) أو متباينة (أي مفترقة)
وقد ثبت عندنا وعندكم أن الله عز وجل غير محايث للمخلوقات بأدلة نقلية وعقلية قد أقمناها سوياً على الجهمية
لن يجد الأشعري جواباً على هذا سوى أن يقول هذا قياس للشاهد على الغائب وحقيقة رب العالمين مختلفة عن خلقه
وهنا يأتي الإلزام فستقول له جميع شبهاتكم العقلية على علو الله من باب قياس الشاهد على الغائب
كقولكم: يلزم من علوه أن يكون محتاجاً إلى العرش
أو أن يكون في حيز
وغيرها من الشبهات المبنية على قياس الشاهد على الغائب
والأشعري هنا يقر ببطلانه ونحن نجيبه بجوابه
وعليه فلا يقول لهم دليلٌ عقلي على نفي العلو وبالتالي لا حاجة لتأويل النصوص او تفويضها
ـ[أبو البركات]ــــــــ[07 - 07 - 08, 01:49 م]ـ
إذا أردت أن تبين للأشعري فساد اصولة وقواعدة ...
فناقشه في إثبات الصفات؟
فهم يثبتون سبع صفات مثلا
العلم، السمع، البصر .... إلخ
ناقشه في صفة السمع والبصر ...
من أصول الأشعرية:عدم حلول الحوادث بالرب! بل يكفرون من يقول بها. طبعا فهمهم للمسالة خطأ ...
لكن خاطبه بلغته وفهمه وقل: (قد سمع الله قول التي تجادلك ... )
هل سمعها الله وقت المجادلة أم سمعها في الأزل؟
المهم الأشعري في هذه الحالة سوف يكتشف أنه متورط؟
إن لم يسمعها في الأزل وسمعها وقت المجدالة فهذا من باب حلول الحوادث بالرب!
وبالتالي سوف يهرب من هذا الإلزام إلى تحوير وتحريف صفة السمع الى صفة العلم ..
وهكذا
سوف تكتشف أن الأشعري حقيقة لا يثبت إلا صفة العلم وباقي الصفات تعود للعلم ...
ونفس الشيء في صفة البصر: فهل أبصر الله الخلق قبل خلقهم ام بعد خلقهم:
للعلم بعض الأشعرية ربما يقول ابصرهم قبل وبعد وهذا يؤدي إلى أن الأشعري يدين بدين ابن عربي في وحدة الوجود الكفرية.
الله المستعان
ـ[ابو عبد القوي]ــــــــ[07 - 07 - 08, 08:51 م]ـ
السلام عليكم ألزمه بناء على ظنية خبر الواحد ظنية عقيدته الأشعرية لأنها تنتسب لشخص واحد هو الإمام الأشعري
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[31 - 12 - 09, 12:01 م]ـ
طلباً للمزيد ... والفائدة
ـ[ابو حذيفة الأثري]ــــــــ[31 - 12 - 09, 07:29 م]ـ
الأخ أبو عائشة
عليك بكتاب (فتح رب البرية بتلخيص الحموية) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
فهو كتاب نافع جدا
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[31 - 12 - 09, 08:54 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم.
ـ[ابو خالد الطيب]ــــــــ[02 - 04 - 10, 08:36 م]ـ
من الالزامات والله أعلم _ في مسألة التأويل:
أن تقول مثلا لمن يؤول حديث ينزل الله إلى تنزل رحمة الله:
قل له: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الرحمة هي التي تنزل وليس الله؟
فإن قال لا يعلم فهذا اتهام له بالجهل.
لذلك سيقول: إنه كان يعلم.
فإن قالها , فقل له: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم قادرا على التعبير الواضح وهو تنزل رحمة الله أم كان غير قادر.
فإن قال إنه لم يكن قادرا على هذا التعبير فقد قدح في فصاحته وبيانه
وإن قال إنه كان قادرا على التعبير الواضح ومع هذا لم يفعل فهنا قد قدح في نصحه للأمة.
ذكره الشيخ سعيد الغامدي.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[02 - 04 - 10, 11:46 م]ـ
بارك الله فيك ...
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[02 - 04 - 10, 11:48 م]ـ
من الالزامات والله أعلم _ في مسألة التأويل:
أن تقول مثلا لمن يؤول حديث ينزل الله إلى تنزل رحمة الله:
قل له: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الرحمة هي التي تنزل وليس الله؟
فإن قال لا يعلم فهذا اتهام له بالجهل.
لذلك سيقول: إنه كان يعلم.
فإن قالها , فقل له: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم قادرا على التعبير الواضح وهو تنزل رحمة الله أم كان غير قادر.
فإن قال إنه لم يكن قادرا على هذا التعبير فقد قدح في فصاحته وبيانه
وإن قال إنه كان قادرا على التعبير الواضح ومع هذا لم يفعل فهنا قد قدح في نصحه للأمة.
ذكره الشيخ سعيد الغامدي.
جزاك الله خيرا وبارك فيك لكن من هو الشيخ سعيد الغامدي؟
كان يمكن ان يهرب المبتدع من الالزام بقوله يجوز في لغة العرب ان يقول كذا و كذا
لكن الالزام بالفصاحة جيد خاصة وان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم
فإما أن يقدح في فصاحته (والمقام مقام تبليغ) بل الادهى أن يقدح في نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحسن التبليغ! وليس فقط الفصاحة وهذا قدح في نبوته لانه لم يصحح خطأه وترك الامة في فهم مغلوط. فبدل أن يقول تنزل رحمة الله قال ينزل الله (مع ما في هذا من قدح في مقام الالهية من حلول و تجسيم الخ من الفهم الاشعري المبني على التمثيل) وحاشاه صلى الله عليه وسلم من كل هذا.
لكن العي في هذا يجعلهم يطعنون في السنة ما لا يستطيعون فعله في القرآن. بل لقد حاولوا في القرآن وربما أنقل ما اعرف في هذا الخصوص!!!
التحريف الاشعري بصوت الشيخ دمشقية!!
http://www.youtube.com/v/jmNN
قال الشيخ الألباني :
N43Clo&rel=0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/224)
ـ[ابو خالد الطيب]ــــــــ[03 - 04 - 10, 04:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك لكن من هو الشيخ سعيد الغامدي؟
http://www.youtube.com/v/jmNN
قال الشيخ الألباني :
N43Clo&rel=0
وإياك أخي الفاضل
http://www.ahlalhdeeth.com/~ahl/vb/showpost.php?p=960468&postcount=1
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[03 - 04 - 10, 04:58 ص]ـ
الخطب أيسر من ذلك:
يمكن للسني أن يلزمه إلزامًا مفحمًا وصورته أن يقول له: أخبرني أيهما أبين وأدل على عقيدة التنزيه قول الله تبارك وتعالى (الرحمن على العرش استوى) وقوله (يخافون ربهم من فوقهم) وقوله (أأمنتم من في السماء) أم قول الرازي وغيره (الله لا داخل العالم ولا خارجه) ... قل له: أخبرني أي هذه النصوص أدل على التنزيه وأيها هو ظاهره مقصود الرب تبارك وتعالى، وأيها اعتقاد ظاهره ينجي المرء في الآخرة، وأيها اعتقاده أسلم للعامي والعالم!!!!!
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[06 - 05 - 10, 03:42 ص]ـ
من الإلزامات القوية للأشاعرة في مسألة العلو
أن تقول له
هناك أدلة عقلية على علو الله عز وجل على خلقه
فإن قال ماهي؟
فقل: الموجودات إما أن تكون متحايثة (أي متداخلة) أو متباينة (أي مفترقة)
وقد ثبت عندنا وعندكم أن الله عز وجل غير محايث للمخلوقات بأدلة نقلية وعقلية قد أقمناها سوياً على الجهمية
لن يجد الأشعري جواباً على هذا سوى أن يقول هذا قياس للشاهد على الغائب وحقيقة رب العالمين مختلفة عن خلقه
وهنا يأتي الإلزام فستقول له جميع شبهاتكم العقلية على علو الله من باب قياس الشاهد على الغائب
كقولكم: يلزم من علوه أن يكون محتاجاً إلى العرش
أو أن يكون في حيز
وغيرها من الشبهات المبنية على قياس الشاهد على الغائب
والأشعري هنا يقر ببطلانه ونحن نجيبه بجوابه
وعليه فلا يقول لهم دليلٌ عقلي على نفي العلو وبالتالي لا حاجة لتأويل النصوص او تفويضها
كم اعجبني هذا الالزام جزاكم الله خيرا
------------------------
وماذا عن هذا الالزام!
هل يرى المؤمنون الله سبحانه وتعالى في الجنة ((كله)) أم ((بعضه)) عند الاشاعرة؟
للتفاصيل ينظر في هذا الرابط
إشكال في مسألة الرؤية عند الاشاعرة؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=209823)(49/225)
من أجمل الأقوال في الصحابة الكرام لابن القيم الجوزية
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:44 م]ـ
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى مبيناً فضل الصحابة عموماً على غيرهم ممن جاء بعدهم وذاكراً الصفات التي أهلتهم لذلك عند كلامه على ذكر أنواع الرأي المحمود: "النوع الأول: رأى أفقه الأمة، وأبر الأمة قلوباً وأعمقهم وأقلهم تكلفاً وأصحهم قصوداً وأكملهم فطرة، وأتمهم إدراكاً، وأصفاهم أذهاناً الذين شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، وفهموا مقاصد الرسول، فنسبة آرائهم وعلومهم وقصودهم إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كنسبتهم إلى صحبته، والفرق بينهم وبين من بعدهم في ذلك كالفرق بينهم وبينهم في الفضل فنسبة رأي من بعدهم إلى رأيهم كنسبة قدرهم إلى قدرهم. والمقصود أن أحداً ممن بعدهم لا يساويهم في رأيهم وكيف يساويهم؟ وقد كان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقته ... وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنزلة أن يكون رأيهم لناخيراً من رأينا لأنفسنا، وكيف لا وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نوراً وإيماناً وحكمة وعلماً ومعرفة وفهماً عن الله ورسوله ونصيحة للأمة وقلوبهم على قلب نبيهم، ولا وساطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة غضاً طرياً لم يشبه إشكال، ولم يشبه خلاف، ولم تدنسه معارضة، فقياس رأي غيرهم بآرائهم من أفسد القياس"1.
__________
1ـ إعلام الموقعين 1/ 79 - 82.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:32 م]ـ
جزاك الله خيراً ورحم الله تعالى الإمام ابن القيم.(49/226)
لماذا علت وجه خليفة المسلمين الكآبة؟
ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[20 - 05 - 08, 02:15 م]ـ
روى أبو نعيم الأصبهاني: بإسناده إلى أبي أراكة قال: صلى عليّ رضي الله عنه الغداة ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة ثم قال: لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى أحداً يشبههم والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً بين أعينهم مثل ركب المعزي قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم والله لكأن القوم باتوا غافلين.
وقال أيضاً رضي الله عنه: "أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذاييع2 البذر ولا الجفاة لمرائين"3.
فأمير المؤمنين علي رضي الله عنه مدحهم بهذه الصفات الطيبة التي كانت شعارهم فقد بين أنهم كانوا مجتهدين في عبادة ربهم كانوا يكثرون من النوافل في جوف الليل لأن اصفرار الوجوه وظهور السيماء فيها كان نتيجة إكثارهم من السهر والسجود لله ـ جل وعلا ـ ووصفهم بأنهم كانوا يبيتون تالين لكتاب الله، وكانوا إذا تليت عليهم آيات الله بكوا وكانوا أعلام هدى، ولقوة بصيرتهم ومعرفتهم أحكام الله، وما أوجب عليهم من العبادات والطاعات كشف الله عنهم الفتن المضلة، فكانوا من أهل رحمته التي لا يفوز بها إلا أهل الإخلاص، وقد كانوا رضي الله عنهم في مقدمة أولياء الله المؤمنين وعباده المتقين فرضي الله عنهم أجمعين.
__________
1ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر 3/ 75.
2ـ هو جمع مذياع من أذاع الشيء إذا أفشاه وقيل أراد الذين يشيعون الفواحش النهاية 2/ 174
3ـ حلية الأولياء 1/ 76 - 77، وابن كثير في البداية والنهاية 8/ 7.(49/227)
ماهي رسائل الدكتوراء في عقيدة صحيح البخاري
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[20 - 05 - 08, 05:21 م]ـ
يأخذ بحث دكتوراه في العقيدة وأختار أحاديث العقيدة في أحاديث البخاري
السؤل
من يعرف أحدا قد أخذ مثل هذا الموضوع فبعض الأخوة قدم موضوعه ولكنهم يريدون اثباتا ان الموضوع لم يكتب به من قبل
ارجو الاجابة بسرعة
ـ[المقدادي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 08:58 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
http://www.alagidah.com/vb/showpost.php?p=3850&postcount=12
عنوان الرسالة: مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح الامام البخاري: عرض و دراسة /
معد الرسالة: اعداد يوسف بن حمود الحوشان؛ اشراف عبدالعزيز سيف النصر عبدالعزيز.
نوع الرسالة: بحث مكمل لرسالة (الماجستير) - جامعة الملك سعود، 1418 هـ(49/228)
رؤية الله لابن النحاس
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[20 - 05 - 08, 09:33 م]ـ
رؤية الله لابن النحاس
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله
1 - أنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن النحاس قراءة عليه، أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن الأعرابي بمكة، في شوال من سنة أربعين وثلاثمائة، نا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، نا وكيع بن الجراح، نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «أما إنكم ستعرضون على ربكم عز وجل، فترونه كما ترون هذا القمر، لا تضامون (1) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا». أنا أبو سعيد بن الأعرابي، نا سعدان بن نصر المخرمي، نا سفيان بن عيينة، نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. أنا أبو سعيد بن الأعرابي، نا أبو أمية بكر بن فرقد التميمي، نا يحيى بن سعيد، نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
__________
(1) لا تضامون: لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم
2 - أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد، حدثني أبو عبد الله عبد ديزويه الرازي، سنة ثلاث وثمانين ومائتين، نا أبو الحسن سري بن مغلس السقطي البغدادي، نا مروان بن معاوية الفزاري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال لنا: «ترون هذا القمر؟ ترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته»
3 - أنا أبو علي الحسن بن يوسف بن مليح الطرائفي، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، نا إبراهيم بن مرزوق بن دينار البصري، نا حماد بن سلمة. ح، وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن هاشم الأزدي، نا أبو غسان مالك بن يحيى بن مالك، عن يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة ح وأنا أبو العباس محمد بن ملاق بن نصر بن سلام العثماني، نا يوسف بن يزيد القراطيسي، نا أسد بن موسى، نا حماد بن سلمة ح وحدثنا أبو هريرة أحمد بن عبد الله بن الحسن بن أبي العصام العدوي لفظا في المحرم سنة أربعين وثلاثمائة، واللفظ له، نا أحمد بن محمد بن أبي موسى، نا عمر بن الحسن البصري، نا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ناداهم مناد: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله مواعد يريد أن ينجزها لكم. فيقولون: يا رب، أليس قد بيضت وجوهنا، وثقلت موازيننا، وزحزحتنا عن النار، وأدخلتنا الجنة؟ فيأمر بالحجاب فيكشف، فينظرون إلى وجه الله عز وجل، فما هم لشيء مما أعطوا أقر أعينهم من النظر إلى وجه الله عز وجل». ثم قرأ: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1). الحسنى: الجنة. الزيادة: النظر إلى وجه الله عز وجل
__________
(1) سورة: يونس آية رقم: 26
4 - أنا أبو الفضل يحيى بن الربيع بن محمد بن الربيع العبدي، نا بكر بن سهل الدمياطي، نا عبد الله بن صالح، نا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، أنه قال: قال الناس: يا رسول الله، أنرى ربنا عز وجل يوم القيامة؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب، هل تضارون في القمر ليلة البدر؟، قالوا: لا. قال: فكذلك ترونه، يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من يعبد الشمس الشمس، ويتبع من يعبد القمر القمر، ويتبع من يعبد الطواغيت (1) الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها أو منافقوها، فيأتيهم جل وعز في صورة غير صورته التي يعرفونه، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله جل وعز في الصورة التي يعرفونه، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه، فيضرب الصراط بين ظهراني (2) جهنم، فأكون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/229)
أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوة الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم. وفي جهنم كلاليب (3) كشوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان (4)؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنه مثل شوك السعدان، غير أنه لا يدري ما قدر عظمها إلا الله عز وجل، فيتخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق (5) بعمله، ومنهم المخردل (6) - أو كلمة تشبهها - ثم يتجلى تبارك وتعالى، فإذا أراد الله عز وجل أن يخرج من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن يقول لا إله إلا الله، ممن أراد الله أن يرحمه، ثم يعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجونهم من النار قد أحرقوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ويبقى رجل مستقبل بوجهه إلى النار، يقول: أي رب، اصرف وجهي عنها، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها. فيدعو بما شاء الله أن يدعو، فيقول: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك. فيعطي ما شاء من عهود ومواثيق، فيصرف الله وجهه عن النار، فيسكت ما شاء الله، ثم يقول: أي رب، قدمني إلى باب الجنة. فيقول الله: قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسأل غير ما أوتيته؟ ويلك يا ابن آدم، ما أغدرك فلا يزال يدعو حتى يقول: هل عسيت إن أعطيت أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسأل غيرها. فيعطي ربه عهودا ومواثيق ما شاء الله، فيدنيه إلى باب الجنة، فإذا قام على باب الجنة انفهقت (7) له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرة (8) والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب، أدخلني الجنة. فيقول: ويلك ابن آدم ما أغدرك ألم تعط عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير ما أعطيت؟ فيقول: أي رب، لا أكون أشقى خلقك. فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة. فإذا أدخله الجنة قال الله له: تمن. فيتمنى حتى إن الله عز وجل ليذكره، فيقول: بكذا وكذا. فإذا انقطعت له الأماني، قال الله: ذلك لك ومثله معه». قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد مع أبي هريرة يحدث هذا الحديث، لا يرد عليه شيئا من حديثه، حتى إذا قال: «ذلك لك ومثله معه»، قال أبو سعيد: أشهد لحفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك لك وعشرة أمثاله معه»، قال أبو هريرة: وذلك آخر أهل الجنة دخولا الجنة
__________
(1) الطواغيت: جمع طاغوت وهي كل ما يعبد من دون الله من صنم أو بشر أو جن أو غير ذلك
(2) بين ظهراني جهنم: على ظهرها أي في وسطها
(3) الكلاليب: جمع كَلُّوب وهو الخطاف أو الحديدة المنحنية والمعوجة من طرفها
(4) السعدان: نبت ذو شوك، وهو من جيّد مراعي الإبل تسمن عليه
(5) الموبق: الهالك
(6) المخردل: المصروع تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوي في النار
(7) انفهقت: انفتحت واتسعت
(8) الحبرة: النعمة وسعة العيش
5 - أنا أحمد، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الأنصاري الحربي، نا أبو حفص عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان الثقفي، نا عثمان بن أبي شيبة أبو الحسن، نا جعفر بن عون العمري، نا هشام بن سعد، حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، قال: قلت: يا رسول الله، هل نرى ربنا عز وجل يوم القيامة؟، قال: «هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة صحوا ليست بسحابة؟»، قال: قلنا: لا يا رسول الله، قال: «هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس بسحابة؟»، قلنا: لا يا رسول الله، قال: «لا تضارون في رؤيته يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما». أنا علي بن أحمد الحربي، نا عمي، نا عثمان، نا عبد الله بن إدريس عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
6 - أنا أبو العباس محمد بن ملاق بن نصر بن سلام العثماني، نا يوسف بن يزيد القراطيسي، نا أسد بن موسى، نا قيس بن الربيع، عن أبان، عن أبي تميمة الهجيمي، أنه سمع أبا موسى، يحدث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «يبعث يوم القيامة مناد ينادي أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وآخرهم: إن الله عز وجل وعدكم الحسنى وزيادة». والحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/230)
7 - أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد، نا أحمد بن شعيب، أنا عمرو بن يزيد البصري، نا سيف بن عبيد الله، قال: وكان ثقة، عن سلمة بن عيار، عن سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا؟، قال: «هل ترون الشمس في يوم لا غيم فيه، وترون القمر في ليلة لا غيم فيها؟»، قلنا: نعم يا رسول الله. قال: «فإنكم سترون ربكم عز وجل حتى إن أحدكم ليحاصر ربه محاصرة، يقول: عبدي، هل تعرف ذنب كذا وكذا؟، فيقول: رب، ألم تغفر لي؟، فيقول: بمغفرتي صرت إلى هذا»
8 - أنا أبو مروان عبد الملك بن فخر بن شاذان المكي إملاء في صفر من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، نا عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، نا يعقوب بن محمد الزهري، نا عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن، نا عبد الرحمن بن عياش الأنصاري ثم السمعي، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر أنه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق. قال: فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب. قال: فصلينا معه صلاة الغداة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: «يا أيها الناس إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام إلا لأسمعكم اليوم». وذكر الحديث بطوله، وقال فيه: قلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والسباع والبلاء؟ قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء (1) الله، الأرض أشرفت عليها وهي في مدرة (2) بالية، فقلت: لا تحيا أبدا، ثم أرسل الله عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها، فإذا هي شربة واحدة، ولعمرو إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأصواء ومن مصارعكم، فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم». قال: قلت: يا رسول الله، كيف وهو شخص واحد ونحن ملء الأرض، ننظر إليه وهو ينظر إلينا؟ قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الشمس والقمر، إنهما صغيران وترونهما في ساعة واحدة وتريانكم، ولا تضامون (3) في رؤيتهما، ولعمرو إلهك لهو على أن يراكم وترونه أقدر منها على أن يرياكم وتروهما» وذكر بطوله
__________
(1) آلاء: نعم الله تعالى وفضله على خلقه
(2) المدرة: القطعة من الطين اللزج المتماسك، وما يصنع منه مثل اللَّبِنِ والبيوت وهو بخلاف وبر الخيام
(3) لا تضامون: لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم
9 - نا أبو القاسم سليمان بن داود بن سليمان البزار العسكري إملاء في مسجده بالعسكر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، نا أبو يزيد، يعني القراطيسي، نا أسد بن موسى، نا يعقوب بن إبراهيم، أنا صالح بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أتاني جبريل بمثل المرآة، فقلت: ما هذه؟ فقال: الجمعة، وأرسلني الله عز وجل بها إليك، وهو عندنا سيد الأيام، وهو عندنا يوم المزيد، إن ربك عز وجل اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل عن كرسيه، ونزل معه النبيون والصديقون والشهداء، ثم حفت بالكرسي منابر من ذهب مكللة بالزبرجد، واللؤلؤ والياقوت، فجلس عليها النبيون والصديقون والشهداء، ونزل أهل الغرف على كثيب من المسك الأبيض، فيتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى، فينظرون إلى وجهه تبارك وتعالى، قال: ألست الذي صدقتكم وعدي؟، قالوا: بلى ربنا. قال: ألست الذي أتممت عليكم نعمتي؟، قالوا: بلى ربنا. قال: هذا محل وعدي فاسألوني. قالوا: نسألك الرضا. قال: رضاي أحلكم داري، وأشهدكم على الرضا عنكم - فأشهدهم على الرضا عنهم - فاسألوني. فسألوا حتى انتهت رغبتهم، فأعطاهم ما لم يخطر على قلب بشر، ولم تره عين، ثم ارتفع على كرسيه جل وعز، وارتفع أهل الغرف إلى غرفهم في خيمة بيضاء من لؤلؤة، لا فصم فيها ولا نظام، أو في خيمة من ياقوتة (1) حمراء، أو في خيمة من زبرجدة (2) خضراء، فيها أبوابها، ومنها غرفها، مطرد فيها أنهارها، مذلل فيها ثمارها، فيها خدمها وأزواجها، فليسوا إلى شيء أشد شوقا وأشد تطلعا منهم إلى يوم القيامة؛ لينزل إليهم ربهم عز وجل؛ ليزدادوا إليه نظرا، وعليه كرامة؛ فلذلك يدعى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/231)
يوم الجمعة يوم المزيد»
__________
(1) الياقوت: حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس، خاصة ذو اللون الأحمر
(2) الزبرجد: الزمرد وهو حجر كريم
10 - أنا أبو العباس محمد بن ملاق بن نصر بن سلام العثماني، نا يوسف بن يزيد، نا أسد بن موسى، نا محمد بن خازم، عن عبد الملك بن أبجر، عن ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر في أزواجه وسرره وخدمه، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر في وجه الله جل وعز كل يوم مرتين»
11 - نا أبو عمرو عثمان بن شعبان القرظي الياسري من ولد عمار بن ياسر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، نا أحمد بن حيان الرقي - نسبة إلى أبي جده، وهو أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان، نا إبراهيم بن خرزاذ وهو أخو عثمان بن خرزاذ، نا سعيد بن هشيم، عن أبيه، عن كوثر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يوم القيامة أول يوم نظرت فيه عين إلى الله عز وجل»
12 - أنا أحمد، نا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الحربي، نا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، نا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير بن عبد الحميد، وحماد بن أسامة، قالا: نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير البجلي، قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا، لا تضامون (1) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثم قرأ هذه الآية: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها (2)
__________
(1) لا تضامون: لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم
(2) سورة: طه آية رقم: 130
13 - أنا أحمد، نا علي بن أحمد الحربي، نا عمر بن إسماعيل، نا عثمان، نا وكيع، نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستعرضون على ربكم وترونه كما ترون هذا القمر، لا تضامون (1) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثم قرأ: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها (2)
__________
(1) لا تضامون: لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم
(2) سورة: طه آية رقم: 130
14 - أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي، نا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، نا وكيع بن الجراح، وأخبرنا أبو علي الحسن بن يوسف بن مليح، نا إبراهيم بن مرزوق، نا عثمان بن عمر، قالا: نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه قال في هذه الآية: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1)، قال: الزيادة: النظر إلى وجه ربهم تبارك وتعالى. واللفظ لابن مليح. أنا محمد بن ملاق بن نصر، نا يوسف بن يزيد، نا أسد بن موسى، نا قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر الصديق، ومحمد بن يوسف، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبي بكر الصديق، في قوله: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
__________
(1) سورة: يونس آية رقم: 26
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[21 - 05 - 08, 12:37 ص]ـ
جزاك الله خيرا
هل هذا الكتاب لابن النحاس او لشيخه ابن الأعرابي؟
أفدنا بارك الله فيك.
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 05:39 ص]ـ
هذا الكتاب مطبوع بتحقيق د. محفوظ الرحمن - رحمه الله - بمكتبة الفرقان بعجمان
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[23 - 05 - 08, 08:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا(49/232)
دورُ الشيطان في تحرف الأديان .. دراسة مختصرة
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[21 - 05 - 08, 03:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
دور الشيطان في تحريف الأديان
منشأ الفكرة
تجمعت عندي أسباب كافية لإعادة قراءة السيرة النبوية من جديد، وخاصة الفترة المكية، وبالفعل أمسكت قلمي ورحت أعيد قراءة السيرة النبوية من جديد، قراءة فكرية، ترصد حركة الإيمان والكفر، كيف يتصارعان وكيف يعالجان الناس حتى يومنوا أو يكفروا، وعَرَضَ سؤالٌ: كيف بدّلت الجاهليةُ ملَّةَ إبراهيم؟
كان الجوابُ المتبادر لذهني أن السبب في ذلك هو شخص عمرو بن لحي، لأشياء ذكرتها هناك، ولم يشفِ الجوابُ صدري. ولم يغنِ قراءةُ السيرة وتراجم الرجال وكثيرٌ من كتب الأدب، فرحلتُ وفي نفسي شيء.
وكثر الحديث عن الكذاب اللئيم زكريا بطرس فقلت أسمع بعضَ أطروحاته إن أُصِبْتُ بـ (الكفِّ الذاتي) (1)، فرأيتَه يسب ويشتم ويختال، فقلت: عبدُ الصليب يختال على أرضنا وعرض نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. آلمني. . . أوجع قلبي فِعلُ هذا الحقير الوضيع، فنفضت يدي مما أشغلني وبرزت له مستعينا بربي.
وجاء البحث ـ أثناء الرد عليه ـ على ذات السؤال: كيف بدلت النصرانية دينها؟
الكل يتهم (بولس) (شاول) (2)، ورحت وراء (بولس) في (أنطاكية) و (غلاطية) و (كرونثوس) و (كلوسي) و (أورشليم) و (أثينا) و (روما) أنظر أحواله وهو يتعامل مع (التلاميذ) و (الفرِّيسيِّين) و (الرومان) وهو يحاور أصدقائه (تيطس) و (تيموثاوس) و (فيمبي)، فازدادت حيرتي.
قد كان حقيراً لا يقوى على تغيير ملة بأكملها، إلا أني وجدت وأنا هناك في مدن أسيا الصغرى أتتبع (بولس) شيئاً يتحركُ على مدِّ البصرِ آراه كالشبحِ ولا ينفعُ في توصيفهِ تدقيقُ النظرِ، ذكّرني بعمرِو بن لحي الخزاعي، وغيرِ عمرو بن لحي الخزاعي.
ودعني أعرض عليك:
في شرح ابن حجر العسقلاني للحديث (3259) من صحيح البخاري (3) (أن عمرو بن لحي كان له تابع من الجن يقال له أبو ثمامة فأتاه ليلة فقال: أجبْ أبا ثٌمامة، فقال: لبيك من تِهامة، فقال: ادخل بلا ملامة، فقال: ايْت سيف جُدة، تجد آلهة معدَّة، فخذها ولا تهب، وادع إلى عبادتها تجب. قال فتوجه إلى جدة فوجد الأصنام التي كانت تعبد في زمن نوح وإدريس، وهي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فحملها إلى مكة ودعا إلى عبادتها فانتشرت بسبب ذلك عبادة الأصنام في العرب) أ. هـ وجاء مثله في مختصر السيرة لإمام محمد بن عبد الوهاب.
وجاء في سبب عبادة قوم نوح للأصنام أن إبليس هو الذي زيّن لهم أن يصورهم (وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً)، وهو الذي قام بالصور (التماثيل) لهم، ثم هو الذي أوحى للذين جاءوا من بعدهم بعبادتهم (4).
وقبل هذا جاء إبليس في صورة غلام إلى رجل من أولاد آدم الأُول يسكن السهل وأسمعه وقومَهُ المزمار ومازال بينهم على هيئة غلامٍ أَجير حتى اتخذوا عيداً تتجمل فيه النساء للرجال ويتجمل الرجاء للنساء، ونزل رجال الجبل، وانتشرت الفاحشة، والقصة كاملة عند الطبري وغيره في تفسير قول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [سورة الأحزاب: 33].
وفي التصور الإسلامي نجد أن الشياطين في صفِّ الكافرين ضد المؤمنين، حين الدعوة (الجدال بالتي هي أحس) وحين القتال، فصفُّ المخالفين لله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكون من الإنس والجن معا، هذا المعنى صريحٌ في القرآن العظيم، قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [سورة الأنعام: من121]، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [سورة الأنعام: 112]، وأخبر الله تعالى أن الكافرين اتخذوا الشياطين أولياء {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [سورة الأعراف: من 30]، وأن الشياطين تؤزُّ الكافرين {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/233)
تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} [سورة مريم: 83]. وأن الشياطين بتسلطهم على الكافرين كانت تلقي في أسماعهم ما لم يتكلم به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة الحج: 52].
ومن الناحية الحركية نجد أن الشياطين حضرت في كل الأحداث الكبرى ضد المؤمنين ... حضوراً مباشراً، في يوم (بيعة العقبة الثانية) حاول الشيطان إفشال البيعة ونادى قريشاً فتأخرت ولو أنها تعجلت لأفسدت، و كبيرهم إبليس هو الذي حرَّض قريشاً وشجعها وما زال بها حتى خرجت يوم بدر تقاتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال الله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48]، وحضر الشيطان يوم أحد يؤز الكافرين ويخدع المؤمنين وخبره مشهور معروف، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [سورة آل عمران:155].
فهذا الشيطان شاء الله أن يُظهر الفسق عن طريق الغناء على يديه، وشاء الله أن يظهر الشركُ مباشرة على يديه، في قوم نوح وفي العرب.
ما الفائدة من هذا الموضوع؟
أركز على أمرين:
الأول: الفائدة هو إعطاء الصراع مع الباطل بعداً أوسع مما هو عليه الآن، أو بالأحرى إرجاعه لوضعه الصحيح الذي كان عليه حين بدأ على يد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكل رسل الله ـ صلوات الله عليهم وتسليماته ـ، فالحركة الإسلامية لها خصوصية مطلقة في توصيف الواقع والتعامل معه، وحين نقول أن الشيطان حاضر حضورا فعلياً فإن هذا من شأنه أن نستعمل له أدواته، والله حين تحدث عن مكر (نزغ) الشياطين أخبر أن علاجه الوحيد هو الاستعاذة بالله .. اللجوء إلى الله {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة الأعراف: 200]، {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [سورة فصلت: 36]، وحين ننظر للطرف الآخر على أنهم جنود الشياطين، وأن بينهم الشياطين على الحقيقة نبصر الطريق، ونعرف ماذا نركب للسفر .. وبم نستعد للنزال {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [سورة آل عمران: 120].
وتبدوا أهمية الخصوصية الشرعية في التشخيص والعلاج حين نعلم أن كثيراً من الإسلاميين يناقشون المسائل الشرعية من منطلقات دنيوية، يبحثون عن النصر بأسباب مادية يغلفونها بطلاءٍ باهت من الشريعة الإسلامية.
الثاني: إعادة قراءة النصرانية من جديد على أنها ديانة الشيطان، فهو الذي ظهر لـ (بولس ـ شاول)، هو ربه الذي كان يوحي إليه، والشواهد على ذلك كثيرة غير ما قدمت، منها أن الصليب مرتبط بإبليس، وهو عنده رمز لقطع الطريق المستقيم على عباد الله الموحدين السائرين إلى جنات النعم (5)، ومنها أن (تجسد الإله) بدعة تكررت وكان آخرها ـ لا أولها ـ تجسد الإله في شخص المسيح ـ عليه السلام ـ، ومنها أن (الصلب من أجل الفداء) ليس بجديد، ومنها أن نصرانية بولس ومن جاء بعده تتطابق كلية أو تكاد مع الوثنيات القديمة. ومنها مفردات حياة بولس التي تروى لنا لا يمكن قبولها بهذا السياق، فكيف لا يرى المسيح وقد كان معه في قرية واحدة عشرين عاماً أو يزيد، وأين هي (العربية) وماذا كان يعمل بها، وغير ذلك كثير. وقراءة من هذا النوع تقدم الكثير للحيارى من النصارى، فهي قراءة مقبولة جدا، وتريح قلوب كثيرٍ من المسلمين ممن يتكلم إليهم عباد الصليب.
محمد جلال القصاص
ظهر الجمعة 07/ 03 /1429
14/ 03 /2008
=================
(1) (الكف الذاتي) هي حالة تصيب الإنسان، يريد أن يعمل ولا يستطيع. النفس تريد والبدن لا يستطيع من إجهادٍ ونحوه.
(2) هو (شاول) المعروف عند النصارى باسم بولس (الرسول) ولد سنة 4 م في طرطوس، وتعلم في (أورشليم) حيث كان المسيح عليه السلام، ولم يسجل التاريخ أن التقى بولس المسيحَ عليه السلام، وكان من اشد أعداء تلاميذ المسيح، ثم ادعى بعد ذلك أن المسيح ظهر له وأرسله للناس رسولا، وإليه ينتسب طوائف النصارى الرئيسية اليوم، وأخباره معروفة، ذكره صاحب (أعظم مائة في التاريخ) السادس من حيث التأثير في حياة البشرية، وكلمة (شاول) وهي اسمه الحقيقي تعني طالب، وكلمة (بولس) تعني الصغير. تسمى به تواضعاً. زعم.
(3) نصّ الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة» [رواه البخاري]، وخندف هي أمه وأم طابخة ومدركة (مضر) ونسب إليها وهو يمني، يقولون ولدته من رجل آخر يماني قبل أن تت.
(4) أورد القرطبي روايات صريحة تفيد تدخل إبليس مباشرة في صنع الصورة ثم تزين عبادتها بعد ذلك، والرواية عند الطبري تقول (دبَّ إليهم الشيطان)، والرواية عند ابن كثير تقول (أوحى إليهم الشيطان) وهي رواية البخاري / 4539 من رواية ابن عباس رضي الله عنهما، ولا تعارض. وانظر شرح ابن حجر العسقلاني للحديث رقم (3259) و الحديث (4539) من صحيح البخاري، وفي شرح الحديث (4539) أورد رواية ـ سكت عليها ـ من طريق عبد الرزاق أن إبليس هو الذي أخرج هذه الأصنام بعد الطوفان وبثها في الأرض.
(5) انظر ـ إن شئت ـ مقال (إبليس والصليب) للشيخ رفاعي سرور ـ حفظه الله ـ بموقع (لواء الشريعة)، وصيد الفوائد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/234)
ـ[فرج بن عبدالله البرقاوي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 03:51 م]ـ
بوركت على هذا النقل
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[04 - 07 - 08, 11:52 ص]ـ
هو قولي لا أنقله.
جزاك الله خيراً على المر ور
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[24 - 10 - 08, 12:27 ص]ـ
للرفع(49/235)
هل هناك أحد من علماء العقيدة تكلم أوألف بأسهاب عن الحوض
ـ[ظافر الخطيب]ــــــــ[22 - 05 - 08, 01:39 ص]ـ
هل هناك أحد من علماء العقيدة تكلم أوألف بأسهاب عن الحوض
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 02:41 ص]ـ
أخي الحبيب هذا بحث من الأبحاث التي ألقاها الشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان تعليقاً على العقيدة الطحاوية:
المبحث الثاني:
مبحث الحَوض:
معناه في اللغة: مجمع الماء، بمعنى البركة كما هو معروف لدينا في هذه الأيام فنقول: بركة، مسبح، حوض وجمعه حياض وأحواض.
والمراد من الحوض:
الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
وهذا الحوض قد تواترت به الأحاديث، فأحصى الحافظ ابن حجر الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (56) صحابياً، ثم قال: بلغني أن بعض المعاصرين جمع الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (80) صحابياً.
فهذا إذن متواتر.
قال الإمام الداوودي عليه رحمة الله:
مما تواتر حديث من كذب ? ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ? ومسح خفين وهذي بعض
أي هذه بعض الأحاديث المتواترة وهي أكثر من ذلك بكثير.
(من كذب) حديث [من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار]، روي عن جملة كبيرة من الصحابة منهم العشرة المبشرون بالجنة.
(ومن بنى لله بيتاً واحتسب):
حديث [من بنى لله بيتاً واحتسب فله بيت في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ولو كمَفْحَص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة]. فهذا متواتر عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
(ورؤية) أي أحاديث الرؤية، أي رؤية المؤمنين لربهم في جنات النعيم.
(شفاعة) أي أحاديث الشفاعة، ويأتينا مبحث الشفاعة إن شاء الله بعد الحوض.
(الحوض) فأحاديث الحوض متواترة.
(ومسح الخفين) رويت أحاديث المسح على الخفين عن العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم.
وسنتكلم عن الحوض ضمن خمسة أمور متتالية ننهي بها الكلام على الحوض إن شاء الله تعالى.
الأمر الأول: وصف الحوض لا يستطيع عقل بشري أن ينعت الحوض أو يصفه، لأنه يتعلق به غيب، فالطريق لمعرفة صفة الحوض المنقول لا المعقول والرواية لا الرأي، فلا طريق لوصف الحوض إلا عما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام – من قرآن أو أحاديث – الذي لا ينطق عن الهوى فلنذكر بعض الأحاديث التي تعطينا وصفاً لهذا الحوض، إيماناً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن الذي لا ينطق عن الهوى. ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه (جمع كوز وهو القدح والكأس) كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
إذن هذا الحوض طوله مسيرة شهر نؤمن بهذا ولا نبحث بعد ذلك في كيفية هذا المسير هل هو مسيرة شهر على الجواد المسرع؟ أم مسيرة شهر على حسب السير في الدنيا؟ أم مسيرة شهر على حسب سير أهل الجنة؟ فالله أعلم، نحن نثبت اللفظ ولا نبحث في كيفيته فإنه مغيب.
وكيزانه كنجوم السماء ولا يعلم عددها إلا خالقها سبحانه وتعالى.
وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن طول الحوض وعرضه بمسافة واحدة فطوله مسيرة شهر وعرضه مسيرة شهر، ثبت في صحيح مسلم من رواية ابن عمر في الحديث المتقدم [حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء] أي أطرافه متساوية فشهر طولا ً وشهر عرضاً فتصبح الزوايا متساوية، أي على هيئة مربع كالبركة المربعة أضلاعها متساوية [ماؤه أبيض من الورِق] أي الفضة والرواية المتقدمة أبيض من اللبن، [وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
يكفي هذان الحديثان لوصف الحوض بصفة مختصرة.
إذن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام في الآخرة أضلاعه متساوية وهو مربع مسيرة شهر في شهر، زواياه سواء، الماء الذي فيه ينعش النفوس، ويصح الأبدان لونه من أحسن الألوان كلون اللبن وكلون الفضة بياض خالص ليس فيه شائبة ولا عكر ولا كدر، ريحه أطيب ريح وهو ريح المسك بل أطيب منه، وهو أحلى من العسل والكيزان التي عليه لأجل كثرة الواردين على حوض نبينا عليه الصلاة والسلام كنجوم السماء، هذا هو الوصف مختصراً.
الأمر الثاني: عدد الأحواض لنبينا عليه صلوات الله وسلامه:
له حوضان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/236)
1 - واحد يكون قبل دخول الجنة في ساحات الحساب وعَرَصات الموقف.
2 - والآخر يكون في داخل الجنة، وكل منهما يقال له حوض ويقال له كوثر.
يقال لكل منهما حوض لأنه ينطبق عليه التعريف اللغوي (مجمع الماء).
ويقال لكل منهما كوثر لأن الحوض الذي في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف يستمد ماءها من نهر الكوثر الذي في الجنة، فنهر الكوثر له ميزابان - كما سيأتي وهذا لا دخل لعقل الإنسان فيه – يصبان صباً بدفق وقوة في حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف، فنجد أن الحوض الذي في ساحة الحساب يأخذ من نهر الكوثر قيل له كوثر وحوض، والنهر الذي في الجنة اسمه الكوثر وبما أنه في مكان محصور قيل له حوض، فكل منهما حوض وكل منهما كوثر.
وقد أنزل الله سورة كاملة يمتن بها على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا الخير الذي أعطاه إياه (إنا أعطيناك الكوثر) والكوثر: على وزن فوعل من الكثرة وهو الخير الكثير في الدنيا والآخرة ويدخل في ذلك النهر العظيم الذي يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام في جنات النعيم، وفيه ميزابان يغتّان غتاً (يصبان صباً) ويشخبان من مائه في حوضه الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف فهذا خير عظيم أعطاه الله لنبيه الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير رحمه الله – تلميذ العبد الصالح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – [أنه سئل عن تفسير الكوثر فقال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فقالوا له: يقولون إنه نهر في الجنة؟، فقال سعيد بن جبير: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام]. وهذا التفسير أعم وأشمل وأحسن من أن نقصر الكوثر على خصوص النهر فنقول: الكوثر خير كثير في الدنيا والآخرة وهبة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام 0 من جملة ذلك الحوض، ونهر الكوثر والشفاعات والمقام المحمود ورتب كثيرة في الدنيا والآخرة مَنَّ الله بها على نبيه عليه صلوات الله وسلامه.
وإذا مَنَّ الله عليك بالنعم فالواجب أن تشكر المُنعِم (فصلِّ لربك وانحر) أي اجعل صلاتك خالصة له، ونحرك خالصاً له – أي ذبحك – فيكون على اسم الله خالصاً له لا تشرك معه أحداً (إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر)، فالنعم تستدعي الشكر.
ولذلك إخوتي الكرام ... ربطاً بحادثة الإسراء والمعراج – كان نبينا عليه الصلاة والسلام – كما ثبت هذا في المسند والسنن بسند حسن – [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر] وما رأيت أحداً من أئمتنا وَجَّه الحكمة في ذلك؟ ويمكن استنباطها مما سبق تقريره في سورة الكوثر.
فنذكر أن النعم تستدعي الشكر وهناك عندما يريد أن ينام يقرأ سورة بني إسرائيل ليستحضر فضل الله عليه وكيف مَنَّ الله عليه بهذا الأمر الجليل وهو الإسراء والمعراج وفي ثنايا السورة ذكر الله سبحانه الآيات التي منحها لنبينا عليه الصلاة والسلام وكيف حفظه من شياطين الإنس والجن (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)، وآيات كثيرة غيرها يخاطبه الله فيها في سورة الإسراء. إذن في هذه السورة ذِكْر فضل النبي عليه الصلاة والسلام؛ فكان لذلك يقرأها ليتذكر فضل الله عليه وهذا يستدعي ويتطلب الشكر.
وكان يقرأ سورة الزمر لأنها – كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله – سورة تمحضت في توحيد الله جل وعلا فموضوعها من أولها إلى آخرها حول توحيد الله وإخلاص الدين له.
إذن فبعد أن يذكر نعمة الله عليه ماذا يفعل؟
يوحده ويقرأ السورة التي فيها توحيد الله وعبادته كما يريد بما يريد، وانتبه لآيات هذه السورة (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم، إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) ثم بعد ذلك في جميع آيات السورة يستعرض ربنا جل وعلا ما يقرر هذا الأمر (ضرب الله مثلاً رجلاً فيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/237)
شركاء متشاكسون ورجلا ً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) وفي آخر السورة يتحدث ربنا جل وعلا عن هذا (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) وفي نهاية السورة يقول (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
فإذن شكر وتوحيد، وهنا كذلك (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر).
إذن لنبينا عليه الصلاة والسلام حوضان يقال لكل منهما: حوض ويقال لكل منهما: كوثر.
قال الإمام القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة في ص 362، وقد نقل صاحب شرح العقيدة الطحاوية الإمام ابن أبي العز كلام القرطبي لكن بواسطة الإمام ابن كثير في كتابه النهاية (2/ 31) لأن ابن كثير شيخ شارح الطحاوية، وابن كثير له كتاب البداية والنهاية في التاريخ طبع الكتاب البداية فقط ولم يطبع معه النهاية، ثم طبع في جزء بعد ذلك مستقلاً منفرداً، وقد تكلم ابن كثير في النهاية في الجزء الثاني في أول صفحة منه عن الحوض وتتبع طرق أحاديثه بما يزيد عن ثلاثين صفحة والبداية يقع في 14 جزءاً في 7 مجلدات كبيرة، وكتاب التذكرة كتاب نافع وطيب وفيه خير كثير لولا ما فيه من أحاديث تالفة لا خطام لها ولا زمام وما تحرى عليه رحمة الله الصحة ولا تثبت في رواية الأحاديث، وليت الكتاب حقق وخرجت أحاديثه ليكون طالب العلم على بصيرة عند قراءة هذا الكتاب.
الحاصل .. قال الإمام القرطبي في الموضوع الذي حددناه "الصحيح أن للنبي عليه الصلاة والسلام حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً".
قال الحافظ في الفتح (11/ 466):" يطلق على الحوض كوثر لكونه يُمدّ منه"0 – كما عللته لكم – ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه (النبي) صلى الله عليه وسلم قال عند وصف الحوض: [يغتُّ فيه ميزا بان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورِق] والغت: هو جريان الماء بصوت، غتّ يَغُت غَتًّا إذا جرى الماء وصار له صوت عند جريانه من شدة هذا الماء وقوته واندفاعه، وهو الدفق بتتابع إذن معنى يغت فيه، يتدفق فيه ماء متتابع لا ينقطع.
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يشخب فيه ميزا بان من الجنة]، شخب يشخب أي يسيل فيه ميزا بان من الجنة.
وثبت في سنن الترمذي بسند حسن صحيح، والحديث رواه ابن ماجه وأحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الكوثر نهر في الجنة] وهذا هو النهر الذي له ميزا بان يغتان ويشخبان في الحوض [حافتاه من ذهب ومجراه الدّرّ والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج].
(مجراه) أي أرضه التي يجري فيها، ممر الماء، (حافتاه) أي جانباه.
إذن بالنسبة للبياض صار معنا ثلاثة أوصاف أبيض من اللبن، ومن الورق، ومن الثلج، والثلج ترى بياضه يزيد على الماء.
وهو أحلى من العسل وأطيب من المسك هذا كله في هذا النهر الذي هو في الجنة وهو نهر الكوثر وفيه ميزابان من ذهب وفضة يشخبان ويغتان في حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
س: هل هذه الأوصاف تكون لنهري دجلة والفرات أيضاً؟
جـ: لا، لا يكون هذا إلا للكوثر فقط، فهو خاص به حتى الأنهار الأخرى التي في الجنة ليس لها هذه الميزات والصفات.
وسيأتينا في الأمر الرابع أن لكل نبي حوضاً، لكن ليس حلاوة مائه وطيب رائحته كحوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
الأمر الثالث: مكان الحوض وموضعه:
كما ذكرنا هما حوضان، فأما الحوض الثاني الذي هو نهر الكوثر فهذا في الجنة بالاتفاق، وأما الحوض الأول الذي يستقي ماءه من الكوثر فهو قبل الجنة بالاتفاق، لكن اختلف في موضعه ومكانه بالتحديد، فهل يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط؟ أم يكون بعدهما؟
في المسألة قولان لأئمتنا الكرام:
وانتبه إلى أن هذين القولين ليسا من باب التقدير العقلي، إنما من باب فهم هذا من النصوص الشرعية، فالفهم من النصوص هذا غير اختراع شيء من العقول ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/238)
القول الأول: - وعليه المعول – أن الحوض يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط المستقيم وقبل الحساب لأمرين معتبرين: أولهما: الحكمة من وجود الحوض ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم [من شرب منه لم يظمأ .. ]، الناس يخرجون من قبورهم عطشى، لاسيما عندما يحشرون في الموقف [حفاة عراة غرلاً] نسأل الله حسن الخاتمة والعافية – والشمس تدنو من رؤوسهم ويلجمهم العرق فيسبحون فيه كأنهم في أحواض ماء، فما الذي يحتاجونه في ذلك الوقت؟ إنه الحوض، لذلك يكرم الله الموحدين في ذلك الحين بالشرب من حوض نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه، وهو فرطنا على الحوض، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام، فإذن أول ما يحصل لنا عند البعث لقاء نبينا عليه الصلاة والسلام، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام على حوضه يقول: هلم، هلم، ويسقينا.
فإذن لتظهر كرامة نبينا عليه الصلاة والسلام وليظهر فضله على أتم وجه، يكون هو الذي يزيل عطش الناس المؤمنين من أمته لما منّ الله عليه في الآخرة من تلك النعمة، كما أزال عنا في هذه الحياة الهم والغم بواسطة النور الذي بلغه إلينا فاطمأنت قلوبنا (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فإذن أول ما يستقبلونه بعد البعث حوض النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كان مؤمناً موحداً سقاه النبي صلى الله عليه وسلم وشرب، وإذا شرب لم يظمأ أبداً، طال الموقف أو قصر فإنه لا يبالي بذلك.
ثانيا: تواتر في حديث الحوض المتواتر أنه يُذاد وسيأتي ذكر الحديث- يدفع ويبعد أناس عن حوضه فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: أمتي أمتي، يُذادون ولا يشربون فيقال: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك والحديث في الصحيحين فأقول سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي. فهذا الذود متى يكون؟
لو كان بعد الصراط لسقطوا في النار، ولا يوجد بعد الصراط إلا الجنة، فدفع الناس لكونهم منافقين مرتدين يكون قبل الصراط لأنهم لو مروا على الصراط ونجوا لدخلوا الجنة وإذا سقطوا في جهنم لن يَرِدُوا الحوض لِيُدْفَعُوا عنه ويُبْعَدُوا.
وهذا الذي ارتآه ورجحه الإمام القرطبي في التذكرة في المكان المتقدم أي صـ (362).
والإمام ابن كثير في النهاية رجحه أيضاً كما قلت لكم إنه بحث في أحاديث الحوض فيما يزيد على 30 صفحة من أول الجزء الثاني إلي ص35 كلها في الحوض، وقد روى جميع الأحاديث بالسند الذي رواها به أصحاب الكتب المصنفة فإذا ذكر حديثاً في المسند ذكر إسناد الإمام أحمد وهكذا البخاري وغيره ولذلك طالت صفحات الكتاب والحقيقة أن أكثر صفحات الكتاب متشابهة فيورد عشرة أحادث في وصف الحوض عن الصحابة مثلا ًكلها بمعنىً واحد ولذلك لم أطل في ذكرها ومردها لا لزوم له لأنه يغني عن البقية وقلت لكم إن الحافظ ا بن حجر تتبعها فوصلت إلى (56) صحابياً رووا أحادث الحوض، قال وبلغني أن بعض المعاصرين جمعها فبلغت (80) طريقاً، ولعل الحافظ ابن حجر كان يقصد بقوله (بعض المعاصرين) الإمام العَيْنِي، أقول لعله يقصده، فقد كان بينهما شيء من النفرة فيكني عنه الحافظ دائماً في الفتح ولا يصرح به، فلعله يقصده والعلم عند الله.
والإمام ابن حجر شرح صحيح البخاري في فتح الباري
والإمام العَيْنِي شرح صحيح البخاري في عمدة القاري
والكتابان متقاربان في الحجم، فعمدة القاري (12) مجلداً في 25 جزء، وقد كان ابن حجر والعيني – في بلدة واحدة - مصر- لكن أصل الإمام العيني من بلاد الشام ثم هاجر بعد ذلك إلي مصر واستوطن فيها، وشرحا صحيح البخاري في وقت واحد، وكان كل منهما قاضياً ابن حجر قاضي الشافعية والعيني قاضي الحنفية، والأقران في الغالب يجري بينهم شيء مما يجري بين بني الإنسان، لكن دون أن يصل ذلك إلى معصية أو اعتداء، هذا في الغالب وكما قال الإمام الذهبي: ما أعلم أحداً سلم من الحسد إلا الأنبياء .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم – والحديث في درجة الحسن – [ثلاثة لا ينجو منهن أحد، الظن والطيرة والحسد، وسأخبركم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق] أي إذا رأيت شخصاً أو تصرفاً فلا تقل لعل هذا حوله ريبة - فهذا ظلم كفارته ألا تتحقق هل توجد تلك الريبة أم لا؟ [وإذا تطيرت فامض ِ] مثلا ً خرجت في صباح ذات يوم فرأيت صورة مكروهه فقلت هذا صباح مشئوم، فلا ترجع إلي البيت، بل امض ِ إلى طريقك وقل: اللهم لا خير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/239)
إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك، لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت. [وإذا حسدت فلا تبغي] أي لا تتجاوز وتعتدي. وأنا لا أجزم أنه يقصد الإمام العيني لكن في غالب ظني أنه كذلك.
وأنا أعجب حقيقة لاشتهار فتح الباري بين الناس وعدم انتشار عمدة القاري بينهم ولله في خلقه سر لا يعلمه إلا هو، ولا أقول ذلك لم ينتشر بل هو منتشر لكن ليس له من القدر والمكانة – كما يقال – ما لفتح الباري.
الحاصل .. إن الإمام ابن كثير رجح هذا القول في النهاية (2/ 3) للأمرين المعتبرين اللذين ذكرتهما لكم.
القول الثاني: أن الحوض بعد المرور على الصراط.
وإلى هذا مال الإمام البخاري عليه رحمات ربنا القوي، وفقهه في تراجم أبوابه ومذهبه في تراجم أبوابه، فأورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط، في كتاب الرقاق قال الحافظ ابن حجر:"أشار البخاري إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة والصراط"
ويفهم من كلام الحافظ ابن حجر الميل إلى هذا القول، حيث قال معللا ً ما سبق
(1) لأن الصراط بين الجنة والموقف ميزابان يغتان ويشخبان في الحوض، فلو كان الحوض في عَرَصَات الموقف وفي ساحة الحساب لكان الصراط حاجزاً بين هذين الميزابين وبين الحوض، فكيف سيصب الميزابان ماءهما في الجنة إلى الموقف وبينهما هذه الفجوة صراط وتحته جهنم. نسأل الله العافية وكل من سقط منه يسقط في جهنم وبئس المصير فإذا كان الأمر كذلك فالحوض بعد الصراط وهو قُبيل الجنة قََبل أن يدخلها المؤمنون يشربون من الحوض ويستقبلهم نبينا عليه الصلاة والسلام عندما ينتهون من الصراط فيسقيهم من حوضه فينتعشون ويفرحون بعد أن مَنَّ الله عليهم بالسلامة ثم يدخلون دار النعيم، وهذا دليل.
(2) دليل آخر قرروا به هذا القول وهو: أنه ثبت في الحديث أن مَنْ شرب مِنَ الحوض لم يظمأ بعده أبداً، وقالوا: إذا لم يكن الحوض بعد الصراط فسنقع في إشكال من هذا النص والنصوص الأخرى وهو أن عصاه الموحدين سيعذبون في نار الجحيم ولا بد أن يعذب منهم قسم لم يغفر الله لهم لأن الأحاديث تواترت في إخراج العاصين من النار وهذا يعني أن هناك عذاباً للعصاة لكن هناك أناس يعفى عنهم وأناس يعذبون، قالوا: فهؤلاء الموحدون اللذين عذبوا في النار هل شربوا من الحوض أم لا؟ إن قلنا لم يشربوا، فالأمر ليس كذلك لأنهم موحدون وليسوا من المخلدين في نار جهنم فهم يستحقون السقيا والشراب إذ كيف يعامل الموحد معاملة المنافق والملحد. وإن قلنا شربوا، فكيف سيلقون في النار، وفي النار سيعطشون. لكن إذا كان الحوض بعد الصراط فلا إشكال لأن من شرب منه دخل الجنة فالذي يعذب في النار، ثم يخرج يجوز على الصراط ثم يشرب من الحوض ويدخل الجنة وحينئذ لا إشكال هنا على هذا القول. وهذا القول على ما وجاهة ما عُلِّلَ به فهو مردود لأمرين:
الأمر الأول: لا مانع أن يكون بين الحوض والجنة فاصل، والميزابان يصبان فيه بطريقة يعلمها الله ولا نعلمها، كما قلنا في النيل والفرات فإنهما يَصبُّ فيهما نهر من أصل سدرة المنتهى بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وكم بينهما من حواجب وفواصل وليس عندنا ميزاب متصل من سدرة المنتهى إلى النيل والفرات إنما هو أمر غيبي أخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام آمنا به ولا نبحث في كيفيته.
والأمر الثاني: قولهم إذا شرب عصاة الموحدين من الحوض وعذبوا في النار سيجدون العطش والظمأ، نقول: لا يشترط هذا فيعذبون بغير أنواع العطش، وذلك ليتميز العصاة في النار عن غيرهم من الكفار الأشرار في أنهم يعذبون ولا يعطشون كرماً من الله وفضلا ً.
فالأمران مردودان، ثم نقول لهم أخبرونا كيف سيذاد ويدفع أناس عن الحوض إذا كان الحوض بعد الصراط؟! فهذا لا يأتي أبداً , فأدلتكم يمكن أن يجاب عنها، أما أدلة القول الأول فلا يمكن الإجابة عنها مطلقاً؛ ولذلك القول الأول هو الصحيح وعليه المعول بأن الحوض قبل الصراط والعلم عند الله.
الأمر الرابع: هل للأنبياء عليهم الصلاة و السلام أحواض في عَرَصَات الموقف وساحة الحساب كما لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض:
سبق أن ذكرنا أن العبرة في هذا الموضوع على النقل لا على العقل، فعمدتنا المنقول الثابت ولا دخل للاجتهاد ولا للمعقول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/240)
وقد ورد في ذلك حديث لكن اختلف في درجته، روى الإمام الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن لكل نبي حوضاً ترده أمته وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً].
(يتباهون) أي يتحدثون بنعمة الله عليهم بمنزلة حوضهم وبمن سيرده.
(أيهم أكثر وارداً) أي جماعة يردون على حوضه.
وهذا الرجاء والذي رجاه الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث حققه الله له، فأكثر أهل الجنة من أمته، وأكثر الأحواض التي سيردها الموحدون المؤمنون هو حوض نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقول ربنا فيه: [يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسع وتسعون إلى النار، فخاف الصحابة وارتاعوا فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا، وقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة] والحديث في الصحيحين.
وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.
فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.
فالحاصل .. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً]، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.
وحديث سمرة كما قلنا رواه الترمذي، وقد قال عنه: غريب، وغرائب الترمذي لا تسلم من مقال فهي ضعيفة والسبب في هذا أن الحسن البصري عليه رحمة الله عنعن الحديث عن سمرة أي رواه بصيغة عن ولم يصرح بالسماع، وفي سماع الحسن عن سمرة اختلاف، وأئمة الحديث على ثلاثة أقوال في ثبوت سماعه من سمرة:
1 - لم يسمع منه مطلقاً.
2 - سمع منه مطلقاً.
3 - وهو المعتمد، سمع منه حديث العقيقة، وقد صرح في سنن النسائي بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة بن جندب رضي الله عنه.
والحسن مدلس بالاتفاق وقد عنعنه – كما ذكرنا – ورواية المدلس إذا لم تكن بصيغة السماع فهي محمولة على الانقطاع، فالسند إذن منقطع بين سمرة وبين الحسن.
كما أن الحسن رفعه في بعض الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسقط سمرة فصار إذن مرسلاً لأن المرسل هو مرفوع التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مرفوع تابع على المشهور ? مرسل أو قيده بالكبير
كما قال هذا الإمام عبد الرحيم الأثري العراقي في ألفيته المشهورة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/241)
وقوله (أو قيده بالكبير) فهذا قول آخر في تعريف المرسل وهو أن التابعي لابد أن يكون كبيراً، من كبار التابعين لا من أوسطهم ولا من صغارهم.
والمعتمد أن التابعي صغيراً كان أو كبيراً، إذا رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرسل، فالحسن إذن أسقط سمرة رضي الله عنه، ولذلك قال الترمذي: وورد أن الحسن لم يذكر سمرة فهذا مرسل وهو أصح.
والرواية المرسلة رواها ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح إلى الحسن، أن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن لكل نبي حوضاً ... ] الحديث.
لكن مراسيل الحسن – كما يقول أئمتنا -، أشبه بالريح لا يعول عليها ولا يأخذ بها، لأنه كان لا يبالي عمن أرسل بخلاف مراسيل سعيد بن المسيب فهذه كلها يأخذ بها، حتى مَنْ ردَّ المرسل أخذ بمراسيل سعيد بن المسيب كالإمام الشافعي عليه رحمة الله.
فإن سعيد بن المسيب كان يسمع من عمه والد زوجته أبي هريرة أحاديث ويحدث عنه أحياناً، ويسقطه ولا يصرح به أحياناً أخرى لاعتبارات، منها أمور سياسية، فقد ينقل عنه سعيد رواية تتعلق بأمور العامة فلا يصرح بها بإضافتها لأبي هريرة لئلا تصبح هناك مشاكل وابتلاءات كما هو الحال في العصور التي جاءت بعد عصور الخلفاء الراشدين، وهذا من جملة أغراض التدليس حذف الصحابي أو الشيخ الذي أخذ عنه التلميذ فيسقطه لأن حوله ما حوله من الاعتبارات، وكأنه يقول لئلا ندخل في مشاكل مع الدولة، فنرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسقط الواسطة (أبا هريرة) لئلا يُستدعى ويحقق معه وما شاكل هذا.
وفعلا ً كان أبو هريرة يحفظ أحاديث فيها الإشارة إلى ذم بني أمية، فعلم سعيد بن المسيب أنه إذا حدث بها وسمى أبا هريرة، فهذا سيجر بلاءً عليه – أي على عمه – وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه – كما في صحيح البخاري - يقول: [حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم وعاءين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم] أي لقطعت رقبتي، وهذا الذي كتمه لا يتعلق بالأحكام العملية، لأنه لو كان في الأحكام العملية لبثه أبو هريرة ولم يكتمه وهو يعلم وزر كتمان العلم، إنما كان ما يكتمه هو شيء فيه الإشارة إلى ذم الأمراء الذين سيأتون بعد معاوية وأولهم الفاسق المشهور يزيد بن معاوية الذي جاء وأفسد في دين الله، وفعل ما فعل ويكفيه عاراً وشناراً قتل الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت: لم يثبت بأي سند صحيح هذا الأمر، وقد ألف في هذه الرسالة]، ولذلك كان أبو هريرة يستعيذ بالله من رأس الستين وإمرة الصبيان قبل أن يأتي رأس الستين، فمات رضي الله عنه عندما قبل رأس الستين وسلم من الفتن التي جاءت بعد الستين.
سعيد بن المسيب عندما يروي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسقطاً الواسطة ففي الغالب هو أبو هريرة، وقد تتبع أئمتنا مراسيل سعيد فوجدوها موصولة من طرق ثابتة وصحيحة عن الصحابة؛ ولذلك احتجوا بمراسيله.
الحاصل .. أن وراية الترمذي مرفوعة إلا أنها منقطعة ورواية ابن أبي الدنيا هي بسند صحيح إلى الحسن والحسن رواه مرسلاً، فالحديث من هذين الطريقتين ضعيف مرفوعاً.
لكن يتقوى بالقواعد المقررة في شرع الله وهي أن ما ثبت لهذه الأمة يثبت للأمم الأخرى، وعليه فالحوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام يكون لسائر الأنبياء الكرام عليهم السلام، إذ لا يليق بكرم الله وحكمته أن يسقي موحدي هذه الأمة ويترك الموحدين من الأمم السابقة.
ثم أضيف هنا وأقول: الحديث يتقوى () ليصل إلى درجة الحسن إن شاء الله،لأن له ثلاث شواهد متصلة عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه ابن أبي الدنيا، وعن ابن عباس كما أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً عن عوف بن مالك، هذا بالإضافة إلى الشاهد المرسل الصحيح الذي أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً، فالحديث بمجموع هذه الطرق يكتسب قوة ويرتفع إلى درجة الحسن، والعلم عند الله.
إذن فلكل نبي حوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما لنبينا عليه الصلاة والسلام، لكن يمتاز حوض نبينا عليه الصلاة والسلام بأمرين:
الأمر الأول: أن ماء حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أطيب المياه فهو من نهر الكوثر، وهذا لا يثبت لغيره من الأحواض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/242)
الأمر الثاني: أن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكبر الأحواض وأعظمها وأجلها، و هو أكثرها وارداً.
وإلى جانب هذا ذهب أئمة الإسلام، يقول الحافظ في الفتح (11/ 467) عند أحاديث الحوض في كتاب الرقاق: "إن ثبت () – أي خبر الترمزي ومرسل الحسن – فالمختص بنبينا عليه الصلاة والسلام "أن حوضه يكون ماؤه من الكوثر".
والأمر الثاني قال فيه الإمام ابن كثير في النهاية (2/ 38) حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أعظمها وأجلها وأكثرها وارداً".
تنبيه: ورد في مطبوعة مكة من شرح العقيدة الطحاوية بتحقيق أحمد شاكر، وفي مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق جماعة من العلماء تصحيف بدل كلمة (أجلها) وقع عندهم (أجلاها)، وإن كان كلا المعنيين صحيح.
الخلاصة: أن لكل نبي حوضاً يوم القيامة، لكن حوض نبينا عليه الصلاة و السلام يمتاز بأمرين ماؤه أطيب المياه، ووارده أكثر من بقية الأحواض.
الأمر الخامس: يتعلق بأمرين:
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره.
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم:
كل موحد ختم له بالتوحيد سيرد ذلك الحوض المجيد
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: [أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة (يعني البقيع) فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] وفي بعض الروايات في زيارات نبينا عليه الصلاة والسلام للقبور يقول: [السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون].
و (السلام عليكم) هذا خطاب من يسمع ويعقل ويعي ويفهم، وسماع الأموات أدق من سماع الأحياء، ولذلك لو دخل داخل إلى المعهد وسلم عند باب المعهد لن يسمعه مَنْ في الفصل بل حتى لو كان أقرب من ذلك، بينما لو كنا موتى لسمعناه فبمجرد أن يدخل رجل إلى المقبرة ويقول السلام عليكم لسمع كل مدفون في تلك المقبرة – ولو كانت واسعة ما كانت – سلامه وردوا عليه في قبورهم.
و (إن شاء الله) هل هناك شك في اللحوق بهم؟ لا لكنها من باب التبرك وتعليق الأمر على أنه تابع لمشيئة الله، كقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)، وسيأتينا بحث الاستثناء في الإيمان إن شاء الله تعالى فهو من المباحث المقررة عندنا، وأن الاستثناء يجوز في الإيمان لأربعة أمور معتبرة من جملتها هذا من باب التبرك باسم الله، فتقول أنا مسلم إن شاء الله تعالى، ولا بأس في ذلك.
ثم قال نبينا وحبيبنا عليه صلوات الله وسلامه – وهذه تكملة الحديث [وددت أنا رأينا إخواننا فقال الصحابة رضوان الله عليهم: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟!، قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني] عليك صلوات الله وسلامه، انتبه!! (أنتم أصحابي) أي أنتم لكم مزية على الأخوة العامة فقد فزتم بشرف الصحبة فأنتم إخوان وأصحاب.
وَمَََنْ بعدكم إخوان لي، كما تقول هذا ابني ولا تقول هذا أخي، فهو أخوك في دين الله ولكن تقول له ابني لأن هذا أخص من الأخوة العامة وهنا كذلك الصحبة أخص من الأخوة العامة.
فانظر لحب نبينا عليه الصلاة والسلام لنا، فلنكافئ هذا الحب بمثله، فهو يتمنى أن يرانا ووالله نتمنى أن نراه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا ولو قيل لنا تفوزون بنظرة إلى نور نبينا عليه الصلاة والسلام مقابل أن تفقدوا حياتكم وأموالكم وأهلكم، لقلنا هذا يسير يسير، ضئيل حقير، ولذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله] وهو في مختصر مسلم برقم (1604).
وتتمة الحديث الذي معنا [فقال الصحابة: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي من أمتك ولم تره؟! فقال: أرأيتم لو أن رجلا له خيلٌ غُرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، أما كان يعرفها؟ قالوا: بلى، قال: فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً] اللهم لا تجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/243)
(غرّ): الغرّ بياض في الوجه، وهو من الصفات الجيدة في الفرس، وهذه الأمة تبعث يوم القيامة والنور يتلألأ في وجهها من آثار الوضوء، والوضوء حلية المؤمن.
(محجلة): بياض في قوائم الفرس، وهو من الصفات الجيدة فيها أيضاً، وهو من علامة جودتها، وهذه الأمة تأتي يوم القيامة وأعضاء الوضوء فيها تتلألأ (الوجه والأيدي والأرجل)، ففي وجوههم نور وفي أطرافهم نور.
(دُهْم) سوداء
(بُهم) سوادها خالص ليس فيها لون آخر.
فهذه الأمة تأتي يوم القيامة غراًُ محجلين، فالوضوء ثابت لهذه الأمة وللأمم السابقة لكن أثر الوضوء (الغرة والتحجيل) ثبت لهذه الأمة ولم يثبت للأمم السابقة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولذلك ورد في صحيح مسلم أنه [سيما ليست لغيركم] أي هذه السمة الغرة والتحجيل ليست لغيركم.
إذن إخوانه عليه الصلاة والسلام ونسأل الله أن يجعلنا منهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وجميع أهل الموقف ليس لهم هذا الوصف، وبالتالي فيميز نبينا صلى الله عليه وسلم أمته الكثيرة من تلك الأمم الوفيرة الغفيرة.
ثم أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن صنف شقي، أظهر الإيمان وأبطن النفاق والكفران، فيأتون إلى حوض النبي عليه الصلاة والسلام فيذادون ويدفعون تدفعهم الملائكة وتطردهم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألا هلم، هلم فأنتم من أمتي ويبدو عليكم – في الظاهر – علامات الوضوء!! لكن بعد ذلك يخفت ذلك النور ويذهب، فيقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك وفي بعض الروايات: [إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم] وقد حصل هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ارتدوا، وهذا حاصل في هذه الأيام بكثرة فيمن يدعي الإسلام ويحارب النبي عليه الصلاة والسلام يقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، فهل يرد هذا حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا، إن هذا أكفر من أبي جهل وألعن من إبليس، فهو وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فقد أتى بما ينقض به إيمانه، حيث زعم أن شريعة الله لا تصلح لهذه الحياة، فهي أمور كهنوتية فقط، في داخل المسجد نصلي ونرقص (رقص الصوفية) وخارج المسجد ليس لله شأن في حياتنا وأمورنا، كما قال سعد زغلول "الدين لله والوطن للجميع".
وكما قال شاعر البعث عليه وعلى حزبه لعنة الله:
سلام على كفر يوحد بيننا ? وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ويكتبون في شعاراتهم الضالة في الأمكنة البارزة على الأركان وغيرها:
كذب الدعي بما ادعى ? البعث لن يتصدعا
لا تسل عني ولا عن مذهبي ? أنا بعثي اشتراكي عربي
ولا يقولون: أنا مسلم، بل الإسلام في المسجد فقط.
ويكتب الآن في لوحات المدارس: لو مثلوا لي وطني وثناً لعبدت ذلك الوثن.
كلمة وطن ووطنية فما هي الوطنية؟!!
إن الجنسية المعتبرة بين العقلاء والتي يمكن أن تجمع بين الناس جميعاً هي جنسية الإسلام فقط، وكل ما عداها يفرق بين المسلمين ويوقع بينهم العداوة.
الحاصل .. من يدعو إلى الأفكار الهدامة الباطلة، فماذا سيكون حاله؟ هل يشرب من الحوض؟! وهل يستوي مع المؤمنين في الشرب منه؟
لا يستوي إخوتي الكرام.
وليس معنى يذادون للرجال فقط أي أن النساء لا تذاد، بل هذا من باب تعليق الشارع الأحكام بصنف من الصنفين وما يشمل أحدهما يشمل الصنف الآخر، كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) و (الذين) خطاب للذكور، (وعليكم) خطاب للذكور أيضاً ويشمل الذكور والإناث، لأن ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة سواءً بسواء إلا إذا قام دليل على التخصيص فالنساء شقائق الرجال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فمثلا ً: لو جاءت هدى شعراوي للحوض فهل تتمكن من الشرب منه؟ لا فهذه أعتى من أبي جهل، وأعتى من عبد الله بن أبي بن سلول.
وكذلك نزلي سعد زغلول وميادة أو مي الشاعرة (هؤلاء الثلاثة صاحبات الصالونات في مصر االتي أفسدت العالم).
وأنا أعجب حقيقة – إخوتي الكرام – لمضاء عزيمة النساء وكيف غيرت هذه النساء الثلاثة الحياة في هذه الأوقات.
وفي المقابل تأتي للنساء الصالحات فلا ترى بعد ذلك إلا خمولاً وانعزالية وعدم بصيرة في هذه الحياة وتدبير لما يراد بهن فهذا لابد له من وعي – إخوتي الكرام – ولابد له من عزيمة ولابد من تحرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/244)
فإذن هناك رجال يذادون ونساء يذدن ويدفعن فليس هو عقوبة للرجال فقط.
وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أنا فرطكم على الحوض، ومن ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم].
وفي رواية أبي سعيد الخدري في تكملة حديث سهل بن سعد الساعدي [فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، سحقاً، سحقاً لمن بدل بعدي].
(والفرط) هو المتقدم أي أنا أتقدمكم على الحوض.
إذن يرده كل الموحدين إلا من بدل وغير ونافق وكفر.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره:
أول مَنْ يتقدم في الورود عليه عندما يخرج الناس من قبورهم وهم عطاش هم صعاليك المهاجرين وفقراؤهم.
المحاضرة التاسعة عشرة: الأربعاء 10/ 4/1412هـ
ثبت في سنن الترمذي بسند حسن عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين، الشُعث رؤوساً، الدُنُس ثياباً، الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد].
(الشعث): جمع أشعث، أي شعره متلبد وليس عنده وقت لتمشيطه وتسريحه وتجميله.
(دُنس): أي ثيابهم دنسة، وليس المراد من الدنس فيها نجاسة أو قذارة لكنها ثياب ممتهنة عند الناس قي قلة ثمنها، هذا كما ثبت في سنن الترمذي وغيره بسند حسن [البذاذة من الإيمان] والبذاذاة هي رثة الهيئة وعدم الاعتناء بالملبس، فمتى ما كوى ملابسه فليست دنسة حينئذ فلا يكوي ملابسه لا بنفسه ولا يضعها في دكان كي.
فخلاف حالنا الآن فعندما يريد أن يلبس الغُترة (الكوفية) فتراه لابد أن يجعلها مثل السيف من الأمام ولا نقول هذا حرام لكنها درجة دون الكمال أي أن يأْسِرَ الإنسانَ لباسُه، فليفرض أن هذا اللباس لم يتهيأ له ولذلك البذاذة من الإيمان [من ترك اللباس الفاخر وهو قادر عليه دعاه الله يوم القيامة وخَيَّرَهُ من حُلل الجنة ما شاء].
(الذين لا ينكحون المنعمات) هذا وصف ثالث أي الثريات الموسرات بنات المترفين والأغنياء، فلا يقبلون الزواج بهن.
(ولا تفتح لهم أبواب السُدد) وهذا هو الوصف الرابع، والسُدد هي القصور والمقصورات التي تكون خاصة بالمترفين، مثل بيوت الأمراء ومثل المقاصر التي عملها معاوية وهو أول من عمل المقصورة في المسجد وهي مكان خاص في المسجد لا يدخلها إلا هو وحاشيته ويوجد منها للآن في أكثر بلاد الشام وبلاد مصر وتكون على شكل طابق ثان ٍ لكنه ليس واسعاً وله مصعد خاص وغالباً ما يصلي عليه أناس خاصون فلو جاء إنسان مسكين لاسيما في العصر الأول ليصعد إلى هذه السدة منعوه، فهؤلاء أي الممنوعون هم أول من يرد حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
لِما امتاز الفقراء بهذا الورود؟ ولم يكن هذا للأغنياء من المهاجرين؟ فهم قد تركوا بلادهم وأوطانهم وأموالهم وما يملكون وخرجوا في سبيل الحي القيوم ابتغاء مرضاته ولا غرابة إن كوفئوا بالورود قبل غيرهم، لكن لم يحصل ذلك وفرق بينهم وبين الفقراء؟
إن الإنسان إذا هاجر وكان غنياً وعنده في هجرته ما يستعين به فإن ألم الهجرة والغربة يخف عليه، وإذا هاجر وكان فقيراً فيجتمع عليه أمران ومُصيبتان: الهجرة والفقر.
وإذا كان كذلك فبما أنه في هذه الحياة اعترتهم هذه الشدة فينبغي إذن أن يكرموا قبل غيرهم يوم الفزع الأكبر، لأنه قد اعترتهم شدة وكربة في هذه الحياة من أجل الله سبحانه وتعالى، فَيُطَمْأَن بالشرب أولاً مقابل ما حصل من قلق وخوف في هذه الحياة إذن. والمهاجر الغني ليس أمره كذلك.
وهؤلاء حالهم وإكرامهم كحال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فإن الناس يحشرون يوم القيامة حُفاة عُراة غُرْلاً () (كما بدأنا أول خلق نعيده) ويكون أول من يُكسى من هذه المخلوقات خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام والحديث في الصحيحين – لعدة اعتبارات فإن الجزاء من جنس العمل.
1 - فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولما ألقي جرد من ثيابه كيوم ولدته أمه وقُيّد ثم رمي بالمنجنيق في النار العظيمة، وهو نبي من أولي العزم الكرام بل خليل الرحمن!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/245)
فإذا كان الأمر كذلك وامتهن من قبل الأشرار في هذه الحياة فسيكسى يوم القيامة أول المخلوقات وأهل الموقف كلهم عراة كما ولدوا الرجال والنساء لا ينظر أحد إلى أحد كما قال نبينا عليه الصلاة و السلام، كما قال تعالى: (لكل امرئِ منهم يومئذ شأن يغنيه).
فأول من يكسى إبراهيم وهكذا من حصل له مثل حاله، وهذا يحصل للمؤمنين في هذا الحين من قبل المخابرات في الدول العربية عندما تأخذ شباب المسلمين لتعذبهم فتجردهم من ثيابهم ثم يعمشون أعينهم حتى لا يعلموا إلى أين يساقون، نسأل الله أن يكفينا شر الشريرين إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، فهؤلاء الذين عذبوا في السر ليستحقون هذا الإكرام وهو الكسوة قبل غيرهم؟!
2 - لأن إبراهيم عليه السلام هو أول من سن لبس السراويل وهي أستر شيء لاسيما للنساء فإذا كان السروال طويلاً يصل إلى الكعبين بالنسبة للمرأة ويزيد على الركبة بالنسبة للرجل فهو ساتر للإنسان يحول دون كشف عورته لو سقط أو جلس ولم يحطت في جلسته، وأما هذه السراويل القصيرة التي يلبسونها في هذه الأيام من لا خلاق له ثم يخرج فتراه إذا جلس بدا فخذاه، وإذا سقط – لا سمح الله – بدت عورته. ولذلك ورد في معجم الطبراني وغيره – والحديث ضعيف لكن يستدل به في الفضائل: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان جالساً أمام البقيع بعد دفن بعض الصحابة، فمرت امرأة تركب على دابة لها فتعثرت الدابة فسقطت فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها بوجهه فقيل: يا رسول الله إنها مستورة – أي تلبس السراويل – فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي]، فخليل الرحمن إبراهيم من شدة حيائه هو أول من سن السراويل، فإذا كان فيه هنا الحياء فلا يصلح لأن يترك مكشوفاً كبقية المخلوقات، بل إنه تعجل له الكسوة قبل غيره.
3 - لأنه كان أخوف الخلق لرب العالمين وكان يسمع أزيز قلبه من خشوعه وخوفه من مسافة ميل، فإذا كان هذا الخوف وهذا الاضطراب وهذا القلق فينبغي أن يعجل له الأمن 0 والكسوة علامة الأمن وأنه مرضي عنه.
فإذن خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه تعجل له الكسوة لهذه الاعتبارات وفقراء المهاجرين أوذوا وليس عندهم شيء يَتَسَلَّوْنَ به من مال يستعينون به في غربتهم فإذا بعثوا من قبورهم ينبغي أن يكون لهم شأن على أغنياء المهاجرين فضلاً عن سائر الأمة بعد ذلك.
ولما بلغ هذا الحديث – حديث ثوبان رضي الله عنه – عمر بن عبد العزيز رحمه الله بكى وقال: "لقد نكحت المنعمات" ويقصد بها فاطمة بنت عبد الملك، مع أنها تقول – أي زوجته: "ما اغتسل عمر بن عبد العزيز من جنابة - من مباشرة أو احتلام منذ ولي الخلافة حتى لقي ربه". وكانت خلافته مدة سنتين إلا شهرين، ثم قال: "وفتحت لي أبواب السدد" فالقصور تفتح لي عندما أذهب لها "لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ"؛ لينال هذا الوصف رحمه الله تعالى، أي أن ما مضى مني أسأل الله أن يتجاوز عنه ويعفو بفضله ورحمته، وأما من الآن بعد أن بلغني هذا الحديث فلن أفعل هذه الأمور.
وفاطمة بنت عبد الملك، والدها خليفة وزوجها خليفة، وأخوها خليفة – بل إخوتها الخمسة سليمان والوليد وهشام وغيرهم كانوا خلفاءً، وجدها خليفة فهذه من أعظم المنعمات وما حصل هذا لامرأة أخرى، وهي التي قيل فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها ? أخت الخليفة والخليفة زوجها
فإذن بكى رحمه الله لما بلغه هذه الحديث مع أنه رضي الله عنه جمع زوجته وإماءه وقال لهن: طرأ عليّ ما يشغلني عنكن فإن أردتن الفراق فلكن هذا، وإن أردتن البقاء فليس لي صلة بواحدة منكن .. فبكين بحيث سُمع البكاء في بيوت الجيران، ثم تحدثوا وسألوا ما السبب؟ فقالوا: عمر بن عبد العزيز خيَّر نساءه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/246)
ثم بعد ذلك قال لزوجته فاطمة هذا الحلي الذي عليك لا يحق لنا أخذ تيه من والدك عبد الملك وهذا من بيت المال فأرى أن نعيده في بيت المال، فقالت سمعاً وطاعة فأخذت حليها وأعطته إياه فأعطاه لخازن بيت المال، وخازن بيت المال احتاط فوضعه في زاوية وما صرفه في مصالح المسلمين – وبيت المال في عهد عمر بن عبد العزيز ممتلئ بالخيرات، وقد ثبت في مسند الإمام أحمد [أن الحبة من القمح كانت في عهد عمر بن عبد العزيز كرأس الثوم] وحفظ هذا بعد موته وكتب عليه: هذا كان ببيت في زمان العدل.
ولما قيل له: إن الخيرات كثرت ونطلب من نعطيه الصدقة فلا نجد، فقال: اشتروا أرقاء وأعتقوهم واجعلوا ولاءهم لبيت المال.
وكان في عهده ترعى الذئاب مع الغنم، وقد ثبت في حلية الأولياء أن بعض التابعين مرّ على راع ٍ يرعى الغنم فوجد عنده ما يزيد على ثلاثين كلباً، فقال له: ما تفعل بهذه الكلاب؟ وواحد يكفي!! فقال: سبحان الله، ألا تعلم أن هذه ذئاب وليست كلاب: فقال: ومتى اصطلح الذئب مع الشاة، فقال الراعي: "إذا صلح الرأس فما على الجسد بأس"، إذن إذا عدل أمير المؤمنين واتقى الله فإن الله يحول بين المخلوقات وبين الظلم.
ورعاة الماشية في البادية علموا بموت عمر بن عبد العزيز رحمه الله ليلة انقضت فيها الذئاب على الغنم، فلما مات عمر وهم في البادية انقضت الذئاب على الغنم، فقالوا: أرخوا هذه الليلة – أي اكتبوا تاريخها – ثم ابحثوا عما حصل فقد مات عمر فلما تحققوا من الخبر علموا أن عمر مات في تلك الليلة رحمه الله ورضي عنه.
هذا هو عمر بن عبد العزيز، فخازن بين المال عندما أعطاه عمر رحمه الله حلي فاطمة، وضعه في زاوية وما تصرف فيه فبعد أن مات عمر رضي الله عنهم أجمعين جاء إليها وقال: هذا حليك الذي أخذه عمر احتفظت به كما كان، فإذا أردتيه فخذيه، فقالت: ما كنت لأزهد فيه في حياة عمر ولأرغب فيه بعد موته.
فانظر لهذا العبد الراشد وهو خامس الخلفاء الراشدين كما قال الشافعي: "فالخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز"وهو خليفة راشد باتفاق أئمتنا وهو مجدد القرن الثاني باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 101 هـ عليه رحمة الله فعاش شيئاً من نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني.
وهو أول مجددي هذه الأمة، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود وغيره بإسناد جيد [إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها].
س: هل جاء مجددون بعده؟
ج: لا شك في ذلك، فقد جاء مجددون في كل قرن ولا يشترط أن يأتي واحد بعينه، فمجدد القرن الثالث الإمام الشافعي باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 204 هـ،ـ ويشترط في المجدد كما قلت لكم أن يدرك نهاية القرن المنصرم وبداية القرن التالي فالشافعي ولد سنة 150 هـ، فهو المجدد الثاني إذن، وهكذا سرد أئمتنا عدداً من المجددين إلى زماننا ولا يشترط أن يكون واحداً بعينه فأحياناً يوجد عدد من المجددين بحيث أن واحداً يجدد مثلاً في أمر العقيدة وتصحيح الأذهان من الخرافات، وآخر يجدد في نشر الحديث، وآخر في الجهاد، وهكذا في رأس كل مائة سنة.
ونحن في هذه الأيام – لا أقول كما يقول الناس نشهد صحوة بل في بلوى وفي عمىً – يوجد من فضل الله شيء من مظاهر التجديد وأموره ونحن في بداية قرن، وهو القرن الخامس عشر الهجري فحقيقة قد حصل تجديد في هذا الوقت كثير لكن لا أقول صحوة كما يفهم الناس ويخدرونهم بهذا الكلام لكن حصل التجديد وحصل الوعي وهذا من فضل الله.
فمصر مثلا ً سنة 1970 م لما ذهبتُ إليها لم تكن لترى فيها امرأة متحجبة، ولا ترى رجلاً في وجهه لحية، فمن فضل الله المتحجبات الآن في مصر لا أعلم لحجابهن نظير على وجه الأرض، إلا نساء الصحابة، فأنا لم أر امرأة تلبس جلباباً يجر على الأرض ذراعاً إلا في مصر، ولا أقول شبراً، وجر الثياب بالنسبة للرجل حرام ولا ينظر الله إلى من جر ثيابه خيلاء، وما نزل عن الكعبين في النار.
وانظر لعادات الناس في البلاد المتغطرسة المتكبرة، فالرجال تجر الثياب والنساء تقصرها إلى الركبتين بل إلى ما فوقها فسبحان الله!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/247)
والمرأة يجوز لها أن تتحجب بحيث تستر رجلها ويستحب لها أن ترخي ثيابها شبراً فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم [أترخيه شبراً قالت امرأة: يا رسول الله، إذن تبدو قدمها، فقال: لترخيه ذراعاً ولا تزد].
(تحدث الشيخ عن أطماع الغرب في أن نقلده في كل شيء إلا في المرأة، وفوجئ بأن نساءنا قلدنه تقليداً لا مثيل له فوجه سهامه لهن وخطط لإشراكهن في ميادين الحياة العامة ما ينفعها ولما لا ينفعها ومنه ما يسمى بتطوع النساء للقتال والدفاع المدني وكيف صارت المرأة سلعة مبتذلة بسبب هذه المخططات ثم ذكر قول علي رضي الله عنه، شر خصال الرجل خير خصال المرأة، وأن المرأة تكون سلسلة مع زوجها نافرة عنيدة مع غيره.)
وقبل أن ندخل في مبحث الشفاعة عندنا فائدتان:
الفائدة الأولي:
أنكر الخوارج والمعتزلة حوض نبينا عليه الصلاة والسلام، وحقيق بهم ألا يردوا ذلك الحوض وألا يشربوا منه.
فقالوا: لا يوجد لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض ولا للأنبياء الآخرين عليهم السلام وحجتهم أن هذا لم يثبت في القرآن، وأمور الاعتقاد لابد من أن تكون في القرآن أو في حديث متواتر.
نقول: أما أن الحوض لم يثبت في القرآن فنحن معكم، لكن قلنا: إن الأحاديث متواترة وقد رواها ما يزيد على (56) وبلغت إلى (80) صحابياً، فهي إذا لم تكن متواترة فلا يوجد متواتر إذن فيقولون: إنها ليست متواترة عندنا بل هي أحاديث آحاد لا يؤخذ بها في الاعتقاد.
وقد ضل الخوارج والمعتزلة ومعهم الشيعة في قاعدة خبيثة انتبهوا لها:
أما الخوارج والمعتزلة فقالوا: كل حديث ورد في أمر الاعتقاد وليس له أصل في القرآن يطرح وهو مردود باطل.
تقول لهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لك يطرح ولا قيمة له، وهو باطل ولو كان في الصحيحين ولو أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولذلك أهل المدرسة العقلية كالضال محمد عبده وأمثاله كما ذكرت لكم سابقاً هكذا يفعلون بالأحاديث، يقولون: آحاد ولا يؤخذ بها في الاعتقاد، فأحاديث نزول عيسى عليه السلام مثلا ً– بلغت سبعين حديثاً وهي متواترة باتفاق المحدثين، يقول محمد عبده: "لنا نحو هذه الأحاديث موقفان: الأول: أن نقول هي آحاد فلا يؤخذ بها في الاعتقاد، الموقف الثاني، على فرض التسليم بثبوتها فنؤولها بأن المسيح الدجال هو رمز للدجل والخرافات وهي الجاهيلة التي كانت قبل بعثة خير البرية عليه الصلاة والسلام، والمسيح عيسى بن مريم رمز للنور والهدى وهو الإسلام الذي جاء وأزال الجاهلية، أما أنه سينزل عيسى ويقتل الأعور الدجال فيقول هذه خرافة!! لأن عيسى عندما أراد اليهود قتله هرب وذهب إلى الهند ومات هناك وقبره معروف هناك في قرية (سُرى نكر) واسم قبره (قبر عيسى الصاحب) والصاحب عند الهنود بمنزلة الشيخ في بلاد العرب وبمنزلة الخوجة عند الأتراك، وأما قول الله تعالى: (بل رفعه الله إليه) يقول رَفْعُه هو رفع مكانة لا مكان، وكأنه وضيعاً قبل ذلك!!!.
وأما الشيعة فقد زادوا على الخوارج والمعتزلة ضلالاً فقالوا: الأحاديث إذا كانت متعلقة بأمر الاعتقاد أو بالأحكام العملية وليس لها أصل في القرآن فهي مردودة 0إذن زادوا الأحكام العملية على الخوارج والمعتزلة، ولذلك الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها في النكاح محرم إلا عند الشيعة فعندهم يجوز أن تجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها باتفاقهم، والحديث قد ثبت في مسلم وغيره [نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين أربع نسوة بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها] لكنهم يقولون لا وجود لهذا في القرآن ولتقرؤوا آية المحرمات من النساء (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم .... ) ولم يقل وأن تجمعوا بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، نعم وأن تجمعوا بين الأختين فقط فالجمع بين الأختين محرم ولا مانع أن يجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، والحديث لا قيمة له فهذا قد أثبت حكماً لا وجود له في القرآن نعوذ بالله من هذا الضلال، فهؤلاء الشيعة، هم أضل من الخوارج والمعتزلة بل هم أضل من فرق الأمة على الإطلاق، لو خلقهم الله طيراً لكانوا رَخْماً والرخم طائر أحمق لا يأكل إلا العذرة، ولو خلقهم الله بهائم لكانوا حُمُراً- جمع حمير-، وهكذا حال الشيعة لا عقل ولا نقل، وجمعوا الضلال الذي تفرق في الفرق بأسرها، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، إنما دخلوا كيداً للإسلام ومقتاً لأهله.
الفائدة الثانية:
روى ابن جرير في تفسيره عن ابن أبي نَجيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليضع أصبعيه في أذنيه].
ضع أصبعيك في أذنيك الآن واسمع صوت الكوثر حقيقة كصوت الفرات عندما يجري، وقد جربتُ هذا مراراً.
وهذا الأثر منقطع عن أمنا عائشة رضي الله عنها فابن أبي نَجيح لم يسمع منها قال الإمام ابن كثير في تفسيره وقد روى ابن أبي نَجيح هذا الأثر عن رجل عن أمنا عائشة والرجل مبهم.
وعلى كل حال فالأثر من حيث الإسناد ضعيف، وإذا ثبت عن أمنا عائشة فله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه يتعلق بمغيب لا يدركه عقل الإنسان.
وما أتى عن صاحب بحيث لا ? يقال رأياً حكمه الرفع على
ما قال في المحصول نحو من أتى ? فالحاكم الرفع لهذا أثبتا
فإذا قال الصحابي قولا ً لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
ومعنى الحديث _لو ثبت_ قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "ومعناه: أنه يسمع نظير صوت الكوثر ومثل خريره لا أنه يسمعه بنفسه".(49/248)
من تكلم عن الحوض من علماء العقيده بكلام واسع أ ألف فيه أرجو الأفاده من الأخوه عاجلا0
ـ[ظافر الخطيب]ــــــــ[22 - 05 - 08, 01:44 ص]ـ
من تكلم عن الحوض من علماء العقيده بكلام واسع أ ألف فيه أرجو الأفاده من الأخوه عاجلا0
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 07:04 ص]ـ
اطلعت على كتاب
مرويات الصحابة رضي الله عنهم
في الحوض والكوثر
ويشتمل على ثلاث رسائل
1 - ماروي في الحوض والكوثر للامام الحافظ بقي بن مخلد
2 - الذيل عليه لابي القاسم بن بشكوال
3 - المستدرك في احاديث الحوض والكوثر
لمحقق الكتاب
عبدالقادر عطا صوفي
نشر العلوم والحكم
1413هـ الكتاب بفهارسه في 206 ص
ـ[ظافر الخطيب]ــــــــ[22 - 05 - 08, 03:21 م]ـ
الأخ عبد المصورأوردك الله حوض نبيه صلى الله عليه وسلم اين أجد المكتبه وأن كنت من السعوديه ففي اي المكاتب تتوقع أن اجده
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 02:24 ص]ـ
أخي الحبيب هذا مبحث عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم أكرمنا الله تعالى بشربة من يده الشريفة وهو أحد تعليقات الشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان على العقيدة الطحاوية
المبحث الثاني:
مبحث الحَوض:
معناه في اللغة: مجمع الماء، بمعنى البركة كما هو معروف لدينا في هذه الأيام فنقول: بركة، مسبح، حوض وجمعه حياض وأحواض.
والمراد من الحوض:
الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
وهذا الحوض قد تواترت به الأحاديث، فأحصى الحافظ ابن حجر الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (56) صحابياً، ثم قال: بلغني أن بعض المعاصرين جمع الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (80) صحابياً.
فهذا إذن متواتر.
قال الإمام الداوودي عليه رحمة الله:
مما تواتر حديث من كذب ? ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ? ومسح خفين وهذي بعض
أي هذه بعض الأحاديث المتواترة وهي أكثر من ذلك بكثير.
(من كذب) حديث [من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار]، روي عن جملة كبيرة من الصحابة منهم العشرة المبشرون بالجنة.
(ومن بنى لله بيتاً واحتسب):
حديث [من بنى لله بيتاً واحتسب فله بيت في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ولو كمَفْحَص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة]. فهذا متواتر عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
(ورؤية) أي أحاديث الرؤية، أي رؤية المؤمنين لربهم في جنات النعيم.
(شفاعة) أي أحاديث الشفاعة، ويأتينا مبحث الشفاعة إن شاء الله بعد الحوض.
(الحوض) فأحاديث الحوض متواترة.
(ومسح الخفين) رويت أحاديث المسح على الخفين عن العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم.
وسنتكلم عن الحوض ضمن خمسة أمور متتالية ننهي بها الكلام على الحوض إن شاء الله تعالى.
الأمر الأول: وصف الحوض لا يستطيع عقل بشري أن ينعت الحوض أو يصفه، لأنه يتعلق به غيب، فالطريق لمعرفة صفة الحوض المنقول لا المعقول والرواية لا الرأي، فلا طريق لوصف الحوض إلا عما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام – من قرآن أو أحاديث – الذي لا ينطق عن الهوى فلنذكر بعض الأحاديث التي تعطينا وصفاً لهذا الحوض، إيماناً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن الذي لا ينطق عن الهوى. ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه (جمع كوز وهو القدح والكأس) كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
إذن هذا الحوض طوله مسيرة شهر نؤمن بهذا ولا نبحث بعد ذلك في كيفية هذا المسير هل هو مسيرة شهر على الجواد المسرع؟ أم مسيرة شهر على حسب السير في الدنيا؟ أم مسيرة شهر على حسب سير أهل الجنة؟ فالله أعلم، نحن نثبت اللفظ ولا نبحث في كيفيته فإنه مغيب.
وكيزانه كنجوم السماء ولا يعلم عددها إلا خالقها سبحانه وتعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/249)
وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن طول الحوض وعرضه بمسافة واحدة فطوله مسيرة شهر وعرضه مسيرة شهر، ثبت في صحيح مسلم من رواية ابن عمر في الحديث المتقدم [حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء] أي أطرافه متساوية فشهر طولا ً وشهر عرضاً فتصبح الزوايا متساوية، أي على هيئة مربع كالبركة المربعة أضلاعها متساوية [ماؤه أبيض من الورِق] أي الفضة والرواية المتقدمة أبيض من اللبن، [وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
يكفي هذان الحديثان لوصف الحوض بصفة مختصرة.
إذن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام في الآخرة أضلاعه متساوية وهو مربع مسيرة شهر في شهر، زواياه سواء، الماء الذي فيه ينعش النفوس، ويصح الأبدان لونه من أحسن الألوان كلون اللبن وكلون الفضة بياض خالص ليس فيه شائبة ولا عكر ولا كدر، ريحه أطيب ريح وهو ريح المسك بل أطيب منه، وهو أحلى من العسل والكيزان التي عليه لأجل كثرة الواردين على حوض نبينا عليه الصلاة والسلام كنجوم السماء، هذا هو الوصف مختصراً.
الأمر الثاني: عدد الأحواض لنبينا عليه صلوات الله وسلامه:
له حوضان:
1 - واحد يكون قبل دخول الجنة في ساحات الحساب وعَرَصات الموقف.
2 - والآخر يكون في داخل الجنة، وكل منهما يقال له حوض ويقال له كوثر.
يقال لكل منهما حوض لأنه ينطبق عليه التعريف اللغوي (مجمع الماء).
ويقال لكل منهما كوثر لأن الحوض الذي في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف يستمد ماءها من نهر الكوثر الذي في الجنة، فنهر الكوثر له ميزابان - كما سيأتي وهذا لا دخل لعقل الإنسان فيه – يصبان صباً بدفق وقوة في حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف، فنجد أن الحوض الذي في ساحة الحساب يأخذ من نهر الكوثر قيل له كوثر وحوض، والنهر الذي في الجنة اسمه الكوثر وبما أنه في مكان محصور قيل له حوض، فكل منهما حوض وكل منهما كوثر.
وقد أنزل الله سورة كاملة يمتن بها على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا الخير الذي أعطاه إياه (إنا أعطيناك الكوثر) والكوثر: على وزن فوعل من الكثرة وهو الخير الكثير في الدنيا والآخرة ويدخل في ذلك النهر العظيم الذي يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام في جنات النعيم، وفيه ميزابان يغتّان غتاً (يصبان صباً) ويشخبان من مائه في حوضه الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف فهذا خير عظيم أعطاه الله لنبيه الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير رحمه الله – تلميذ العبد الصالح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – [أنه سئل عن تفسير الكوثر فقال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فقالوا له: يقولون إنه نهر في الجنة؟، فقال سعيد بن جبير: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام]. وهذا التفسير أعم وأشمل وأحسن من أن نقصر الكوثر على خصوص النهر فنقول: الكوثر خير كثير في الدنيا والآخرة وهبة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام 0 من جملة ذلك الحوض، ونهر الكوثر والشفاعات والمقام المحمود ورتب كثيرة في الدنيا والآخرة مَنَّ الله بها على نبيه عليه صلوات الله وسلامه.
وإذا مَنَّ الله عليك بالنعم فالواجب أن تشكر المُنعِم (فصلِّ لربك وانحر) أي اجعل صلاتك خالصة له، ونحرك خالصاً له – أي ذبحك – فيكون على اسم الله خالصاً له لا تشرك معه أحداً (إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر)، فالنعم تستدعي الشكر.
ولذلك إخوتي الكرام ... ربطاً بحادثة الإسراء والمعراج – كان نبينا عليه الصلاة والسلام – كما ثبت هذا في المسند والسنن بسند حسن – [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر] وما رأيت أحداً من أئمتنا وَجَّه الحكمة في ذلك؟ ويمكن استنباطها مما سبق تقريره في سورة الكوثر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/250)
فنذكر أن النعم تستدعي الشكر وهناك عندما يريد أن ينام يقرأ سورة بني إسرائيل ليستحضر فضل الله عليه وكيف مَنَّ الله عليه بهذا الأمر الجليل وهو الإسراء والمعراج وفي ثنايا السورة ذكر الله سبحانه الآيات التي منحها لنبينا عليه الصلاة والسلام وكيف حفظه من شياطين الإنس والجن (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)، وآيات كثيرة غيرها يخاطبه الله فيها في سورة الإسراء. إذن في هذه السورة ذِكْر فضل النبي عليه الصلاة والسلام؛ فكان لذلك يقرأها ليتذكر فضل الله عليه وهذا يستدعي ويتطلب الشكر.
وكان يقرأ سورة الزمر لأنها – كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله – سورة تمحضت في توحيد الله جل وعلا فموضوعها من أولها إلى آخرها حول توحيد الله وإخلاص الدين له.
إذن فبعد أن يذكر نعمة الله عليه ماذا يفعل؟
يوحده ويقرأ السورة التي فيها توحيد الله وعبادته كما يريد بما يريد، وانتبه لآيات هذه السورة (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم، إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) ثم بعد ذلك في جميع آيات السورة يستعرض ربنا جل وعلا ما يقرر هذا الأمر (ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلا ً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) وفي آخر السورة يتحدث ربنا جل وعلا عن هذا (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) وفي نهاية السورة يقول (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
فإذن شكر وتوحيد، وهنا كذلك (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر).
إذن لنبينا عليه الصلاة والسلام حوضان يقال لكل منهما: حوض ويقال لكل منهما: كوثر.
قال الإمام القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة في ص 362، وقد نقل صاحب شرح العقيدة الطحاوية الإمام ابن أبي العز كلام القرطبي لكن بواسطة الإمام ابن كثير في كتابه النهاية (2/ 31) لأن ابن كثير شيخ شارح الطحاوية، وابن كثير له كتاب البداية والنهاية في التاريخ طبع الكتاب البداية فقط ولم يطبع معه النهاية، ثم طبع في جزء بعد ذلك مستقلاً منفرداً، وقد تكلم ابن كثير في النهاية في الجزء الثاني في أول صفحة منه عن الحوض وتتبع طرق أحاديثه بما يزيد عن ثلاثين صفحة والبداية يقع في 14 جزءاً في 7 مجلدات كبيرة، وكتاب التذكرة كتاب نافع وطيب وفيه خير كثير لولا ما فيه من أحاديث تالفة لا خطام لها ولا زمام وما تحرى عليه رحمة الله الصحة ولا تثبت في رواية الأحاديث، وليت الكتاب حقق وخرجت أحاديثه ليكون طالب العلم على بصيرة عند قراءة هذا الكتاب.
الحاصل .. قال الإمام القرطبي في الموضوع الذي حددناه "الصحيح أن للنبي عليه الصلاة والسلام حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً".
قال الحافظ في الفتح (11/ 466):" يطلق على الحوض كوثر لكونه يُمدّ منه"0 – كما عللته لكم – ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه (النبي) صلى الله عليه وسلم قال عند وصف الحوض: [يغتُّ فيه ميزا بان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورِق] والغت: هو جريان الماء بصوت، غتّ يَغُت غَتًّا إذا جرى الماء وصار له صوت عند جريانه من شدة هذا الماء وقوته واندفاعه، وهو الدفق بتتابع إذن معنى يغت فيه، يتدفق فيه ماء متتابع لا ينقطع.
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يشخب فيه ميزا بان من الجنة]، شخب يشخب أي يسيل فيه ميزا بان من الجنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/251)
وثبت في سنن الترمذي بسند حسن صحيح، والحديث رواه ابن ماجه وأحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الكوثر نهر في الجنة] وهذا هو النهر الذي له ميزا بان يغتان ويشخبان في الحوض [حافتاه من ذهب ومجراه الدّرّ والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج].
(مجراه) أي أرضه التي يجري فيها، ممر الماء، (حافتاه) أي جانباه.
إذن بالنسبة للبياض صار معنا ثلاثة أوصاف أبيض من اللبن، ومن الورق، ومن الثلج، والثلج ترى بياضه يزيد على الماء.
وهو أحلى من العسل وأطيب من المسك هذا كله في هذا النهر الذي هو في الجنة وهو نهر الكوثر وفيه ميزابان من ذهب وفضة يشخبان ويغتان في حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
س: هل هذه الأوصاف تكون لنهري دجلة والفرات أيضاً؟
جـ: لا، لا يكون هذا إلا للكوثر فقط، فهو خاص به حتى الأنهار الأخرى التي في الجنة ليس لها هذه الميزات والصفات.
وسيأتينا في الأمر الرابع أن لكل نبي حوضاً، لكن ليس حلاوة مائه وطيب رائحته كحوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
الأمر الثالث: مكان الحوض وموضعه:
كما ذكرنا هما حوضان، فأما الحوض الثاني الذي هو نهر الكوثر فهذا في الجنة بالاتفاق، وأما الحوض الأول الذي يستقي ماءه من الكوثر فهو قبل الجنة بالاتفاق، لكن اختلف في موضعه ومكانه بالتحديد، فهل يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط؟ أم يكون بعدهما؟
في المسألة قولان لأئمتنا الكرام:
وانتبه إلى أن هذين القولين ليسا من باب التقدير العقلي، إنما من باب فهم هذا من النصوص الشرعية، فالفهم من النصوص هذا غير اختراع شيء من العقول ...
القول الأول: - وعليه المعول – أن الحوض يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط المستقيم وقبل الحساب لأمرين معتبرين: أولهما: الحكمة من وجود الحوض ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم [من شرب منه لم يظمأ .. ]، الناس يخرجون من قبورهم عطشى، لاسيما عندما يحشرون في الموقف [حفاة عراة غرلاً] نسأل الله حسن الخاتمة والعافية – والشمس تدنو من رؤوسهم ويلجمهم العرق فيسبحون فيه كأنهم في أحواض ماء، فما الذي يحتاجونه في ذلك الوقت؟ إنه الحوض، لذلك يكرم الله الموحدين في ذلك الحين بالشرب من حوض نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه، وهو فرطنا على الحوض، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام، فإذن أول ما يحصل لنا عند البعث لقاء نبينا عليه الصلاة والسلام، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام على حوضه يقول: هلم، هلم، ويسقينا.
فإذن لتظهر كرامة نبينا عليه الصلاة والسلام وليظهر فضله على أتم وجه، يكون هو الذي يزيل عطش الناس المؤمنين من أمته لما منّ الله عليه في الآخرة من تلك النعمة، كما أزال عنا في هذه الحياة الهم والغم بواسطة النور الذي بلغه إلينا فاطمأنت قلوبنا (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فإذن أول ما يستقبلونه بعد البعث حوض النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كان مؤمناً موحداً سقاه النبي صلى الله عليه وسلم وشرب، وإذا شرب لم يظمأ أبداً، طال الموقف أو قصر فإنه لا يبالي بذلك.
ثانيا: تواتر في حديث الحوض المتواتر أنه يُذاد وسيأتي ذكر الحديث- يدفع ويبعد أناس عن حوضه فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: أمتي أمتي، يُذادون ولا يشربون فيقال: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك والحديث في الصحيحين فأقول سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي. فهذا الذود متى يكون؟
لو كان بعد الصراط لسقطوا في النار، ولا يوجد بعد الصراط إلا الجنة، فدفع الناس لكونهم منافقين مرتدين يكون قبل الصراط لأنهم لو مروا على الصراط ونجوا لدخلوا الجنة وإذا سقطوا في جهنم لن يَرِدُوا الحوض لِيُدْفَعُوا عنه ويُبْعَدُوا.
وهذا الذي ارتآه ورجحه الإمام القرطبي في التذكرة في المكان المتقدم أي صـ (362).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/252)
والإمام ابن كثير في النهاية رجحه أيضاً كما قلت لكم إنه بحث في أحاديث الحوض فيما يزيد على 30 صفحة من أول الجزء الثاني إلي ص35 كلها في الحوض، وقد روى جميع الأحاديث بالسند الذي رواها به أصحاب الكتب المصنفة فإذا ذكر حديثاً في المسند ذكر إسناد الإمام أحمد وهكذا البخاري وغيره ولذلك طالت صفحات الكتاب والحقيقة أن أكثر صفحات الكتاب متشابهة فيورد عشرة أحادث في وصف الحوض عن الصحابة مثلا ًكلها بمعنىً واحد ولذلك لم أطل في ذكرها ومردها لا لزوم له لأنه يغني عن البقية وقلت لكم إن الحافظ ا بن حجر تتبعها فوصلت إلى (56) صحابياً رووا أحادث الحوض، قال وبلغني أن بعض المعاصرين جمعها فبلغت (80) طريقاً، ولعل الحافظ ابن حجر كان يقصد بقوله (بعض المعاصرين) الإمام العَيْنِي، أقول لعله يقصده، فقد كان بينهما شيء من النفرة فيكني عنه الحافظ دائماً في الفتح ولا يصرح به، فلعله يقصده والعلم عند الله.
والإمام ابن حجر شرح صحيح البخاري في فتح الباري
والإمام العَيْنِي شرح صحيح البخاري في عمدة القاري
والكتابان متقاربان في الحجم، فعمدة القاري (12) مجلداً في 25 جزء، وقد كان ابن حجر والعيني – في بلدة واحدة - مصر- لكن أصل الإمام العيني من بلاد الشام ثم هاجر بعد ذلك إلي مصر واستوطن فيها، وشرحا صحيح البخاري في وقت واحد، وكان كل منهما قاضياً ابن حجر قاضي الشافعية والعيني قاضي الحنفية، والأقران في الغالب يجري بينهم شيء مما يجري بين بني الإنسان، لكن دون أن يصل ذلك إلى معصية أو اعتداء، هذا في الغالب وكما قال الإمام الذهبي: ما أعلم أحداً سلم من الحسد إلا الأنبياء .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم – والحديث في درجة الحسن – [ثلاثة لا ينجو منهن أحد، الظن والطيرة والحسد، وسأخبركم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق] أي إذا رأيت شخصاً أو تصرفاً فلا تقل لعل هذا حوله ريبة - فهذا ظلم كفارته ألا تتحقق هل توجد تلك الريبة أم لا؟ [وإذا تطيرت فامض ِ] مثلا ً خرجت في صباح ذات يوم فرأيت صورة مكروهه فقلت هذا صباح مشئوم، فلا ترجع إلي البيت، بل امض ِ إلى طريقك وقل: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك، لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت. [وإذا حسدت فلا تبغي] أي لا تتجاوز وتعتدي. وأنا لا أجزم أنه يقصد الإمام العيني لكن في غالب ظني أنه كذلك.
وأنا أعجب حقيقة لاشتهار فتح الباري بين الناس وعدم انتشار عمدة القاري بينهم ولله في خلقه سر لا يعلمه إلا هو، ولا أقول ذلك لم ينتشر بل هو منتشر لكن ليس له من القدر والمكانة – كما يقال – ما لفتح الباري.
الحاصل .. إن الإمام ابن كثير رجح هذا القول في النهاية (2/ 3) للأمرين المعتبرين اللذين ذكرتهما لكم.
القول الثاني: أن الحوض بعد المرور على الصراط.
وإلى هذا مال الإمام البخاري عليه رحمات ربنا القوي، وفقهه في تراجم أبوابه ومذهبه في تراجم أبوابه، فأورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط، في كتاب الرقاق قال الحافظ ابن حجر:"أشار البخاري إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة والصراط"
ويفهم من كلام الحافظ ابن حجر الميل إلى هذا القول، حيث قال معللا ً ما سبق
(1) لأن الصراط بين الجنة والموقف ميزابان يغتان ويشخبان في الحوض، فلو كان الحوض في عَرَصَات الموقف وفي ساحة الحساب لكان الصراط حاجزاً بين هذين الميزابين وبين الحوض، فكيف سيصب الميزابان ماءهما في الجنة إلى الموقف وبينهما هذه الفجوة صراط وتحته جهنم. نسأل الله العافية وكل من سقط منه يسقط في جهنم وبئس المصير فإذا كان الأمر كذلك فالحوض بعد الصراط وهو قُبيل الجنة قََبل أن يدخلها المؤمنون يشربون من الحوض ويستقبلهم نبينا عليه الصلاة والسلام عندما ينتهون من الصراط فيسقيهم من حوضه فينتعشون ويفرحون بعد أن مَنَّ الله عليهم بالسلامة ثم يدخلون دار النعيم، وهذا دليل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/253)
(2) دليل آخر قرروا به هذا القول وهو: أنه ثبت في الحديث أن مَنْ شرب مِنَ الحوض لم يظمأ بعده أبداً، وقالوا: إذا لم يكن الحوض بعد الصراط فسنقع في إشكال من هذا النص والنصوص الأخرى وهو أن عصاه الموحدين سيعذبون في نار الجحيم ولا بد أن يعذب منهم قسم لم يغفر الله لهم لأن الأحاديث تواترت في إخراج العاصين من النار وهذا يعني أن هناك عذاباً للعصاة لكن هناك أناس يعفى عنهم وأناس يعذبون، قالوا: فهؤلاء الموحدون اللذين عذبوا في النار هل شربوا من الحوض أم لا؟ إن قلنا لم يشربوا، فالأمر ليس كذلك لأنهم موحدون وليسوا من المخلدين في نار جهنم فهم يستحقون السقيا والشراب إذ كيف يعامل الموحد معاملة المنافق والملحد. وإن قلنا شربوا، فكيف سيلقون في النار، وفي النار سيعطشون. لكن إذا كان الحوض بعد الصراط فلا إشكال لأن من شرب منه دخل الجنة فالذي يعذب في النار، ثم يخرج يجوز على الصراط ثم يشرب من الحوض ويدخل الجنة وحينئذ لا إشكال هنا على هذا القول. وهذا القول على ما وجاهة ما عُلِّلَ به فهو مردود لأمرين:
الأمر الأول: لا مانع أن يكون بين الحوض والجنة فاصل، والميزابان يصبان فيه بطريقة يعلمها الله ولا نعلمها، كما قلنا في النيل والفرات فإنهما يَصبُّ فيهما نهر من أصل سدرة المنتهى بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وكم بينهما من حواجب وفواصل وليس عندنا ميزاب متصل من سدرة المنتهى إلى النيل والفرات إنما هو أمر غيبي أخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام آمنا به ولا نبحث في كيفيته.
والأمر الثاني: قولهم إذا شرب عصاة الموحدين من الحوض وعذبوا في النار سيجدون العطش والظمأ، نقول: لا يشترط هذا فيعذبون بغير أنواع العطش، وذلك ليتميز العصاة في النار عن غيرهم من الكفار الأشرار في أنهم يعذبون ولا يعطشون كرماً من الله وفضلا ً.
فالأمران مردودان، ثم نقول لهم أخبرونا كيف سيذاد ويدفع أناس عن الحوض إذا كان الحوض بعد الصراط؟! فهذا لا يأتي أبداً , فأدلتكم يمكن أن يجاب عنها، أما أدلة القول الأول فلا يمكن الإجابة عنها مطلقاً؛ ولذلك القول الأول هو الصحيح وعليه المعول بأن الحوض قبل الصراط والعلم عند الله.
الأمر الرابع: هل للأنبياء عليهم الصلاة و السلام أحواض في عَرَصَات الموقف وساحة الحساب كما لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض:
سبق أن ذكرنا أن العبرة في هذا الموضوع على النقل لا على العقل، فعمدتنا المنقول الثابت ولا دخل للاجتهاد ولا للمعقول.
وقد ورد في ذلك حديث لكن اختلف في درجته، روى الإمام الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن لكل نبي حوضاً ترده أمته وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً].
(يتباهون) أي يتحدثون بنعمة الله عليهم بمنزلة حوضهم وبمن سيرده.
(أيهم أكثر وارداً) أي جماعة يردون على حوضه.
وهذا الرجاء والذي رجاه الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث حققه الله له، فأكثر أهل الجنة من أمته، وأكثر الأحواض التي سيردها الموحدون المؤمنون هو حوض نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقول ربنا فيه: [يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسع وتسعون إلى النار، فخاف الصحابة وارتاعوا فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا، وقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة] والحديث في الصحيحين.
وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/254)
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.
فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.
فالحاصل .. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً]، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.
وحديث سمرة كما قلنا رواه الترمذي، وقد قال عنه: غريب، وغرائب الترمذي لا تسلم من مقال فهي ضعيفة والسبب في هذا أن الحسن البصري عليه رحمة الله عنعن الحديث عن سمرة أي رواه بصيغة عن ولم يصرح بالسماع، وفي سماع الحسن عن سمرة اختلاف، وأئمة الحديث على ثلاثة أقوال في ثبوت سماعه من سمرة:
1 - لم يسمع منه مطلقاً.
2 - سمع منه مطلقاً.
3 - وهو المعتمد، سمع منه حديث العقيقة، وقد صرح في سنن النسائي بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة بن جندب رضي الله عنه.
والحسن مدلس بالاتفاق وقد عنعنه – كما ذكرنا – ورواية المدلس إذا لم تكن بصيغة السماع فهي محمولة على الانقطاع، فالسند إذن منقطع بين سمرة وبين الحسن.
كما أن الحسن رفعه في بعض الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسقط سمرة فصار إذن مرسلاً لأن المرسل هو مرفوع التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مرفوع تابع على المشهور ? مرسل أو قيده بالكبير
كما قال هذا الإمام عبد الرحيم الأثري العراقي في ألفيته المشهورة.
وقوله (أو قيده بالكبير) فهذا قول آخر في تعريف المرسل وهو أن التابعي لابد أن يكون كبيراً، من كبار التابعين لا من أوسطهم ولا من صغارهم.
والمعتمد أن التابعي صغيراً كان أو كبيراً، إذا رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرسل، فالحسن إذن أسقط سمرة رضي الله عنه، ولذلك قال الترمذي: وورد أن الحسن لم يذكر سمرة فهذا مرسل وهو أصح.
والرواية المرسلة رواها ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح إلى الحسن، أن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن لكل نبي حوضاً ... ] الحديث.
لكن مراسيل الحسن – كما يقول أئمتنا -، أشبه بالريح لا يعول عليها ولا يأخذ بها، لأنه كان لا يبالي عمن أرسل بخلاف مراسيل سعيد بن المسيب فهذه كلها يأخذ بها، حتى مَنْ ردَّ المرسل أخذ بمراسيل سعيد بن المسيب كالإمام الشافعي عليه رحمة الله.
فإن سعيد بن المسيب كان يسمع من عمه والد زوجته أبي هريرة أحاديث ويحدث عنه أحياناً، ويسقطه ولا يصرح به أحياناً أخرى لاعتبارات، منها أمور سياسية، فقد ينقل عنه سعيد رواية تتعلق بأمور العامة فلا يصرح بها بإضافتها لأبي هريرة لئلا تصبح هناك مشاكل وابتلاءات كما هو الحال في العصور التي جاءت بعد عصور الخلفاء الراشدين، وهذا من جملة أغراض التدليس حذف الصحابي أو الشيخ الذي أخذ عنه التلميذ فيسقطه لأن حوله ما حوله من الاعتبارات، وكأنه يقول لئلا ندخل في مشاكل مع الدولة، فنرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسقط الواسطة (أبا هريرة) لئلا يُستدعى ويحقق معه وما شاكل هذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/255)
وفعلا ً كان أبو هريرة يحفظ أحاديث فيها الإشارة إلى ذم بني أمية، فعلم سعيد بن المسيب أنه إذا حدث بها وسمى أبا هريرة، فهذا سيجر بلاءً عليه – أي على عمه – وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه – كما في صحيح البخاري - يقول: [حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم وعاءين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم] أي لقطعت رقبتي، وهذا الذي كتمه لا يتعلق بالأحكام العملية، لأنه لو كان في الأحكام العملية لبثه أبو هريرة ولم يكتمه وهو يعلم وزر كتمان العلم، إنما كان ما يكتمه هو شيء فيه الإشارة إلى ذم الأمراء الذين سيأتون بعد معاوية وأولهم الفاسق المشهور يزيد بن معاوية الذي جاء وأفسد في دين الله، وفعل ما فعل ويكفيه عاراً وشناراً قتل الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت: لم يثبت بأي سند صحيح هذا الأمر، وقد ألف في هذه الرسالة]، ولذلك كان أبو هريرة يستعيذ بالله من رأس الستين وإمرة الصبيان قبل أن يأتي رأس الستين، فمات رضي الله عنه عندما قبل رأس الستين وسلم من الفتن التي جاءت بعد الستين.
سعيد بن المسيب عندما يروي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسقطاً الواسطة ففي الغالب هو أبو هريرة، وقد تتبع أئمتنا مراسيل سعيد فوجدوها موصولة من طرق ثابتة وصحيحة عن الصحابة؛ ولذلك احتجوا بمراسيله.
الحاصل .. أن وراية الترمذي مرفوعة إلا أنها منقطعة ورواية ابن أبي الدنيا هي بسند صحيح إلى الحسن والحسن رواه مرسلاً، فالحديث من هذين الطريقتين ضعيف مرفوعاً.
لكن يتقوى بالقواعد المقررة في شرع الله وهي أن ما ثبت لهذه الأمة يثبت للأمم الأخرى، وعليه فالحوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام يكون لسائر الأنبياء الكرام عليهم السلام، إذ لا يليق بكرم الله وحكمته أن يسقي موحدي هذه الأمة ويترك الموحدين من الأمم السابقة.
ثم أضيف هنا وأقول: الحديث يتقوى () ليصل إلى درجة الحسن إن شاء الله،لأن له ثلاث شواهد متصلة عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه ابن أبي الدنيا، وعن ابن عباس كما أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً عن عوف بن مالك، هذا بالإضافة إلى الشاهد المرسل الصحيح الذي أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً، فالحديث بمجموع هذه الطرق يكتسب قوة ويرتفع إلى درجة الحسن، والعلم عند الله.
إذن فلكل نبي حوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما لنبينا عليه الصلاة والسلام، لكن يمتاز حوض نبينا عليه الصلاة والسلام بأمرين:
الأمر الأول: أن ماء حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أطيب المياه فهو من نهر الكوثر، وهذا لا يثبت لغيره من الأحواض.
الأمر الثاني: أن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكبر الأحواض وأعظمها وأجلها، و هو أكثرها وارداً.
وإلى جانب هذا ذهب أئمة الإسلام، يقول الحافظ في الفتح (11/ 467) عند أحاديث الحوض في كتاب الرقاق: "إن ثبت () – أي خبر الترمزي ومرسل الحسن – فالمختص بنبينا عليه الصلاة والسلام "أن حوضه يكون ماؤه من الكوثر".
والأمر الثاني قال فيه الإمام ابن كثير في النهاية (2/ 38) حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أعظمها وأجلها وأكثرها وارداً".
تنبيه: ورد في مطبوعة مكة من شرح العقيدة الطحاوية بتحقيق أحمد شاكر، وفي مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق جماعة من العلماء تصحيف بدل كلمة (أجلها) وقع عندهم (أجلاها)، وإن كان كلا المعنيين صحيح.
الخلاصة: أن لكل نبي حوضاً يوم القيامة، لكن حوض نبينا عليه الصلاة و السلام يمتاز بأمرين ماؤه أطيب المياه، ووارده أكثر من بقية الأحواض.
الأمر الخامس: يتعلق بأمرين:
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره.
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم:
كل موحد ختم له بالتوحيد سيرد ذلك الحوض المجيد
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: [أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة (يعني البقيع) فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] وفي بعض الروايات في زيارات نبينا عليه الصلاة والسلام للقبور يقول: [السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/256)
و (السلام عليكم) هذا خطاب من يسمع ويعقل ويعي ويفهم، وسماع الأموات أدق من سماع الأحياء، ولذلك لو دخل داخل إلى المعهد وسلم عند باب المعهد لن يسمعه مَنْ في الفصل بل حتى لو كان أقرب من ذلك، بينما لو كنا موتى لسمعناه فبمجرد أن يدخل رجل إلى المقبرة ويقول السلام عليكم لسمع كل مدفون في تلك المقبرة – ولو كانت واسعة ما كانت – سلامه وردوا عليه في قبورهم.
و (إن شاء الله) هل هناك شك في اللحوق بهم؟ لا لكنها من باب التبرك وتعليق الأمر على أنه تابع لمشيئة الله، كقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)، وسيأتينا بحث الاستثناء في الإيمان إن شاء الله تعالى فهو من المباحث المقررة عندنا، وأن الاستثناء يجوز في الإيمان لأربعة أمور معتبرة من جملتها هذا من باب التبرك باسم الله، فتقول أنا مسلم إن شاء الله تعالى، ولا بأس في ذلك.
ثم قال نبينا وحبيبنا عليه صلوات الله وسلامه – وهذه تكملة الحديث [وددت أنا رأينا إخواننا فقال الصحابة رضوان الله عليهم: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟!، قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني] عليك صلوات الله وسلامه، انتبه!! (أنتم أصحابي) أي أنتم لكم مزية على الأخوة العامة فقد فزتم بشرف الصحبة فأنتم إخوان وأصحاب.
وَمَََنْ بعدكم إخوان لي، كما تقول هذا ابني ولا تقول هذا أخي، فهو أخوك في دين الله ولكن تقول له ابني لأن هذا أخص من الأخوة العامة وهنا كذلك الصحبة أخص من الأخوة العامة.
فانظر لحب نبينا عليه الصلاة والسلام لنا، فلنكافئ هذا الحب بمثله، فهو يتمنى أن يرانا ووالله نتمنى أن نراه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا ولو قيل لنا تفوزون بنظرة إلى نور نبينا عليه الصلاة والسلام مقابل أن تفقدوا حياتكم وأموالكم وأهلكم، لقلنا هذا يسير يسير، ضئيل حقير، ولذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله] وهو في مختصر مسلم برقم (1604).
وتتمة الحديث الذي معنا [فقال الصحابة: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي من أمتك ولم تره؟! فقال: أرأيتم لو أن رجلا له خيلٌ غُرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، أما كان يعرفها؟ قالوا: بلى، قال: فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً] اللهم لا تجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(غرّ): الغرّ بياض في الوجه، وهو من الصفات الجيدة في الفرس، وهذه الأمة تبعث يوم القيامة والنور يتلألأ في وجهها من آثار الوضوء، والوضوء حلية المؤمن.
(محجلة): بياض في قوائم الفرس، وهو من الصفات الجيدة فيها أيضاً، وهو من علامة جودتها، وهذه الأمة تأتي يوم القيامة وأعضاء الوضوء فيها تتلألأ (الوجه والأيدي والأرجل)، ففي وجوههم نور وفي أطرافهم نور.
(دُهْم) سوداء
(بُهم) سوادها خالص ليس فيها لون آخر.
فهذه الأمة تأتي يوم القيامة غراًُ محجلين، فالوضوء ثابت لهذه الأمة وللأمم السابقة لكن أثر الوضوء (الغرة والتحجيل) ثبت لهذه الأمة ولم يثبت للأمم السابقة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولذلك ورد في صحيح مسلم أنه [سيما ليست لغيركم] أي هذه السمة الغرة والتحجيل ليست لغيركم.
إذن إخوانه عليه الصلاة والسلام ونسأل الله أن يجعلنا منهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وجميع أهل الموقف ليس لهم هذا الوصف، وبالتالي فيميز نبينا صلى الله عليه وسلم أمته الكثيرة من تلك الأمم الوفيرة الغفيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/257)
ثم أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن صنف شقي، أظهر الإيمان وأبطن النفاق والكفران، فيأتون إلى حوض النبي عليه الصلاة والسلام فيذادون ويدفعون تدفعهم الملائكة وتطردهم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألا هلم، هلم فأنتم من أمتي ويبدو عليكم – في الظاهر – علامات الوضوء!! لكن بعد ذلك يخفت ذلك النور ويذهب، فيقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك وفي بعض الروايات: [إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم] وقد حصل هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ارتدوا، وهذا حاصل في هذه الأيام بكثرة فيمن يدعي الإسلام ويحارب النبي عليه الصلاة والسلام يقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، فهل يرد هذا حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا، إن هذا أكفر من أبي جهل وألعن من إبليس، فهو وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فقد أتى بما ينقض به إيمانه، حيث زعم أن شريعة الله لا تصلح لهذه الحياة، فهي أمور كهنوتية فقط، في داخل المسجد نصلي ونرقص (رقص الصوفية) وخارج المسجد ليس لله شأن في حياتنا وأمورنا، كما قال سعد زغلول "الدين لله والوطن للجميع".
وكما قال شاعر البعث عليه وعلى حزبه لعنة الله:
سلام على كفر يوحد بيننا ? وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ويكتبون في شعاراتهم الضالة في الأمكنة البارزة على الأركان وغيرها:
كذب الدعي بما ادعى ? البعث لن يتصدعا
لا تسل عني ولا عن مذهبي ? أنا بعثي اشتراكي عربي
ولا يقولون: أنا مسلم، بل الإسلام في المسجد فقط.
ويكتب الآن في لوحات المدارس: لو مثلوا لي وطني وثناً لعبدت ذلك الوثن.
كلمة وطن ووطنية فما هي الوطنية؟!!
إن الجنسية المعتبرة بين العقلاء والتي يمكن أن تجمع بين الناس جميعاً هي جنسية الإسلام فقط، وكل ما عداها يفرق بين المسلمين ويوقع بينهم العداوة.
الحاصل .. من يدعو إلى الأفكار الهدامة الباطلة، فماذا سيكون حاله؟ هل يشرب من الحوض؟! وهل يستوي مع المؤمنين في الشرب منه؟
لا يستوي إخوتي الكرام.
وليس معنى يذادون للرجال فقط أي أن النساء لا تذاد، بل هذا من باب تعليق الشارع الأحكام بصنف من الصنفين وما يشمل أحدهما يشمل الصنف الآخر، كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) و (الذين) خطاب للذكور، (وعليكم) خطاب للذكور أيضاً ويشمل الذكور والإناث، لأن ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة سواءً بسواء إلا إذا قام دليل على التخصيص فالنساء شقائق الرجال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فمثلا ً: لو جاءت هدى شعراوي للحوض فهل تتمكن من الشرب منه؟ لا فهذه أعتى من أبي جهل، وأعتى من عبد الله بن أبي بن سلول.
وكذلك نزلي سعد زغلول وميادة أو مي الشاعرة (هؤلاء الثلاثة صاحبات الصالونات في مصر االتي أفسدت العالم).
وأنا أعجب حقيقة – إخوتي الكرام – لمضاء عزيمة النساء وكيف غيرت هذه النساء الثلاثة الحياة في هذه الأوقات.
وفي المقابل تأتي للنساء الصالحات فلا ترى بعد ذلك إلا خمولاً وانعزالية وعدم بصيرة في هذه الحياة وتدبير لما يراد بهن فهذا لابد له من وعي – إخوتي الكرام – ولابد له من عزيمة ولابد من تحرك.
فإذن هناك رجال يذادون ونساء يذدن ويدفعن فليس هو عقوبة للرجال فقط.
وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أنا فرطكم على الحوض، ومن ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم].
وفي رواية أبي سعيد الخدري في تكملة حديث سهل بن سعد الساعدي [فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، سحقاً، سحقاً لمن بدل بعدي].
(والفرط) هو المتقدم أي أنا أتقدمكم على الحوض.
إذن يرده كل الموحدين إلا من بدل وغير ونافق وكفر.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره:
أول مَنْ يتقدم في الورود عليه عندما يخرج الناس من قبورهم وهم عطاش هم صعاليك المهاجرين وفقراؤهم.
المحاضرة التاسعة عشرة: الأربعاء 10/ 4/1412هـ
ثبت في سنن الترمذي بسند حسن عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين، الشُعث رؤوساً، الدُنُس ثياباً، الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/258)
(الشعث): جمع أشعث، أي شعره متلبد وليس عنده وقت لتمشيطه وتسريحه وتجميله.
(دُنس): أي ثيابهم دنسة، وليس المراد من الدنس فيها نجاسة أو قذارة لكنها ثياب ممتهنة عند الناس قي قلة ثمنها، هذا كما ثبت في سنن الترمذي وغيره بسند حسن [البذاذة من الإيمان] والبذاذاة هي رثة الهيئة وعدم الاعتناء بالملبس، فمتى ما كوى ملابسه فليست دنسة حينئذ فلا يكوي ملابسه لا بنفسه ولا يضعها في دكان كي.
فخلاف حالنا الآن فعندما يريد أن يلبس الغُترة (الكوفية) فتراه لابد أن يجعلها مثل السيف من الأمام ولا نقول هذا حرام لكنها درجة دون الكمال أي أن يأْسِرَ الإنسانَ لباسُه، فليفرض أن هذا اللباس لم يتهيأ له ولذلك البذاذة من الإيمان [من ترك اللباس الفاخر وهو قادر عليه دعاه الله يوم القيامة وخَيَّرَهُ من حُلل الجنة ما شاء].
(الذين لا ينكحون المنعمات) هذا وصف ثالث أي الثريات الموسرات بنات المترفين والأغنياء، فلا يقبلون الزواج بهن.
(ولا تفتح لهم أبواب السُدد) وهذا هو الوصف الرابع، والسُدد هي القصور والمقصورات التي تكون خاصة بالمترفين، مثل بيوت الأمراء ومثل المقاصر التي عملها معاوية وهو أول من عمل المقصورة في المسجد وهي مكان خاص في المسجد لا يدخلها إلا هو وحاشيته ويوجد منها للآن في أكثر بلاد الشام وبلاد مصر وتكون على شكل طابق ثان ٍ لكنه ليس واسعاً وله مصعد خاص وغالباً ما يصلي عليه أناس خاصون فلو جاء إنسان مسكين لاسيما في العصر الأول ليصعد إلى هذه السدة منعوه، فهؤلاء أي الممنوعون هم أول من يرد حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
لِما امتاز الفقراء بهذا الورود؟ ولم يكن هذا للأغنياء من المهاجرين؟ فهم قد تركوا بلادهم وأوطانهم وأموالهم وما يملكون وخرجوا في سبيل الحي القيوم ابتغاء مرضاته ولا غرابة إن كوفئوا بالورود قبل غيرهم، لكن لم يحصل ذلك وفرق بينهم وبين الفقراء؟
إن الإنسان إذا هاجر وكان غنياً وعنده في هجرته ما يستعين به فإن ألم الهجرة والغربة يخف عليه، وإذا هاجر وكان فقيراً فيجتمع عليه أمران ومُصيبتان: الهجرة والفقر.
وإذا كان كذلك فبما أنه في هذه الحياة اعترتهم هذه الشدة فينبغي إذن أن يكرموا قبل غيرهم يوم الفزع الأكبر، لأنه قد اعترتهم شدة وكربة في هذه الحياة من أجل الله سبحانه وتعالى، فَيُطَمْأَن بالشرب أولاً مقابل ما حصل من قلق وخوف في هذه الحياة إذن. والمهاجر الغني ليس أمره كذلك.
وهؤلاء حالهم وإكرامهم كحال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فإن الناس يحشرون يوم القيامة حُفاة عُراة غُرْلاً () (كما بدأنا أول خلق نعيده) ويكون أول من يُكسى من هذه المخلوقات خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام والحديث في الصحيحين – لعدة اعتبارات فإن الجزاء من جنس العمل.
1 - فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولما ألقي جرد من ثيابه كيوم ولدته أمه وقُيّد ثم رمي بالمنجنيق في النار العظيمة، وهو نبي من أولي العزم الكرام بل خليل الرحمن!!.
فإذا كان الأمر كذلك وامتهن من قبل الأشرار في هذه الحياة فسيكسى يوم القيامة أول المخلوقات وأهل الموقف كلهم عراة كما ولدوا الرجال والنساء لا ينظر أحد إلى أحد كما قال نبينا عليه الصلاة و السلام، كما قال تعالى: (لكل امرئِ منهم يومئذ شأن يغنيه).
فأول من يكسى إبراهيم وهكذا من حصل له مثل حاله، وهذا يحصل للمؤمنين في هذا الحين من قبل المخابرات في الدول العربية عندما تأخذ شباب المسلمين لتعذبهم فتجردهم من ثيابهم ثم يعمشون أعينهم حتى لا يعلموا إلى أين يساقون، نسأل الله أن يكفينا شر الشريرين إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، فهؤلاء الذين عذبوا في السر ليستحقون هذا الإكرام وهو الكسوة قبل غيرهم؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/259)
2 - لأن إبراهيم عليه السلام هو أول من سن لبس السراويل وهي أستر شيء لاسيما للنساء فإذا كان السروال طويلاً يصل إلى الكعبين بالنسبة للمرأة ويزيد على الركبة بالنسبة للرجل فهو ساتر للإنسان يحول دون كشف عورته لو سقط أو جلس ولم يحطت في جلسته، وأما هذه السراويل القصيرة التي يلبسونها في هذه الأيام من لا خلاق له ثم يخرج فتراه إذا جلس بدا فخذاه، وإذا سقط – لا سمح الله – بدت عورته. ولذلك ورد في معجم الطبراني وغيره – والحديث ضعيف لكن يستدل به في الفضائل: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان جالساً أمام البقيع بعد دفن بعض الصحابة، فمرت امرأة تركب على دابة لها فتعثرت الدابة فسقطت فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها بوجهه فقيل: يا رسول الله إنها مستورة – أي تلبس السراويل – فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي]، فخليل الرحمن إبراهيم من شدة حيائه هو أول من سن السراويل، فإذا كان فيه هنا الحياء فلا يصلح لأن يترك مكشوفاً كبقية المخلوقات، بل إنه تعجل له الكسوة قبل غيره.
3 - لأنه كان أخوف الخلق لرب العالمين وكان يسمع أزيز قلبه من خشوعه وخوفه من مسافة ميل، فإذا كان هذا الخوف وهذا الاضطراب وهذا القلق فينبغي أن يعجل له الأمن 0 والكسوة علامة الأمن وأنه مرضي عنه.
فإذن خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه تعجل له الكسوة لهذه الاعتبارات وفقراء المهاجرين أوذوا وليس عندهم شيء يَتَسَلَّوْنَ به من مال يستعينون به في غربتهم فإذا بعثوا من قبورهم ينبغي أن يكون لهم شأن على أغنياء المهاجرين فضلاً عن سائر الأمة بعد ذلك.
ولما بلغ هذا الحديث – حديث ثوبان رضي الله عنه – عمر بن عبد العزيز رحمه الله بكى وقال: "لقد نكحت المنعمات" ويقصد بها فاطمة بنت عبد الملك، مع أنها تقول – أي زوجته: "ما اغتسل عمر بن عبد العزيز من جنابة - من مباشرة أو احتلام منذ ولي الخلافة حتى لقي ربه". وكانت خلافته مدة سنتين إلا شهرين، ثم قال: "وفتحت لي أبواب السدد" فالقصور تفتح لي عندما أذهب لها "لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ"؛ لينال هذا الوصف رحمه الله تعالى، أي أن ما مضى مني أسأل الله أن يتجاوز عنه ويعفو بفضله ورحمته، وأما من الآن بعد أن بلغني هذا الحديث فلن أفعل هذه الأمور.
وفاطمة بنت عبد الملك، والدها خليفة وزوجها خليفة، وأخوها خليفة – بل إخوتها الخمسة سليمان والوليد وهشام وغيرهم كانوا خلفاءً، وجدها خليفة فهذه من أعظم المنعمات وما حصل هذا لامرأة أخرى، وهي التي قيل فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها ? أخت الخليفة والخليفة زوجها
فإذن بكى رحمه الله لما بلغه هذه الحديث مع أنه رضي الله عنه جمع زوجته وإماءه وقال لهن: طرأ عليّ ما يشغلني عنكن فإن أردتن الفراق فلكن هذا، وإن أردتن البقاء فليس لي صلة بواحدة منكن .. فبكين بحيث سُمع البكاء في بيوت الجيران، ثم تحدثوا وسألوا ما السبب؟ فقالوا: عمر بن عبد العزيز خيَّر نساءه.
ثم بعد ذلك قال لزوجته فاطمة هذا الحلي الذي عليك لا يحق لنا أخذ تيه من والدك عبد الملك وهذا من بيت المال فأرى أن نعيده في بيت المال، فقالت سمعاً وطاعة فأخذت حليها وأعطته إياه فأعطاه لخازن بيت المال، وخازن بيت المال احتاط فوضعه في زاوية وما صرفه في مصالح المسلمين – وبيت المال في عهد عمر بن عبد العزيز ممتلئ بالخيرات، وقد ثبت في مسند الإمام أحمد [أن الحبة من القمح كانت في عهد عمر بن عبد العزيز كرأس الثوم] وحفظ هذا بعد موته وكتب عليه: هذا كان ببيت في زمان العدل.
ولما قيل له: إن الخيرات كثرت ونطلب من نعطيه الصدقة فلا نجد، فقال: اشتروا أرقاء وأعتقوهم واجعلوا ولاءهم لبيت المال.
وكان في عهده ترعى الذئاب مع الغنم، وقد ثبت في حلية الأولياء أن بعض التابعين مرّ على راع ٍ يرعى الغنم فوجد عنده ما يزيد على ثلاثين كلباً، فقال له: ما تفعل بهذه الكلاب؟ وواحد يكفي!! فقال: سبحان الله، ألا تعلم أن هذه ذئاب وليست كلاب: فقال: ومتى اصطلح الذئب مع الشاة، فقال الراعي: "إذا صلح الرأس فما على الجسد بأس"، إذن إذا عدل أمير المؤمنين واتقى الله فإن الله يحول بين المخلوقات وبين الظلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/260)
ورعاة الماشية في البادية علموا بموت عمر بن عبد العزيز رحمه الله ليلة انقضت فيها الذئاب على الغنم، فلما مات عمر وهم في البادية انقضت الذئاب على الغنم، فقالوا: أرخوا هذه الليلة – أي اكتبوا تاريخها – ثم ابحثوا عما حصل فقد مات عمر فلما تحققوا من الخبر علموا أن عمر مات في تلك الليلة رحمه الله ورضي عنه.
هذا هو عمر بن عبد العزيز، فخازن بين المال عندما أعطاه عمر رحمه الله حلي فاطمة، وضعه في زاوية وما تصرف فيه فبعد أن مات عمر رضي الله عنهم أجمعين جاء إليها وقال: هذا حليك الذي أخذه عمر احتفظت به كما كان، فإذا أردتيه فخذيه، فقالت: ما كنت لأزهد فيه في حياة عمر ولأرغب فيه بعد موته.
فانظر لهذا العبد الراشد وهو خامس الخلفاء الراشدين كما قال الشافعي: "فالخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز"وهو خليفة راشد باتفاق أئمتنا وهو مجدد القرن الثاني باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 101 هـ عليه رحمة الله فعاش شيئاً من نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني.
وهو أول مجددي هذه الأمة، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود وغيره بإسناد جيد [إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها].
س: هل جاء مجددون بعده؟
ج: لا شك في ذلك، فقد جاء مجددون في كل قرن ولا يشترط أن يأتي واحد بعينه، فمجدد القرن الثالث الإمام الشافعي باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 204 هـ،ـ ويشترط في المجدد كما قلت لكم أن يدرك نهاية القرن المنصرم وبداية القرن التالي فالشافعي ولد سنة 150 هـ، فهو المجدد الثاني إذن، وهكذا سرد أئمتنا عدداً من المجددين إلى زماننا ولا يشترط أن يكون واحداً بعينه فأحياناً يوجد عدد من المجددين بحيث أن واحداً يجدد مثلاً في أمر العقيدة وتصحيح الأذهان من الخرافات، وآخر يجدد في نشر الحديث، وآخر في الجهاد، وهكذا في رأس كل مائة سنة.
ونحن في هذه الأيام – لا أقول كما يقول الناس نشهد صحوة بل في بلوى وفي عمىً – يوجد من فضل الله شيء من مظاهر التجديد وأموره ونحن في بداية قرن، وهو القرن الخامس عشر الهجري فحقيقة قد حصل تجديد في هذا الوقت كثير لكن لا أقول صحوة كما يفهم الناس ويخدرونهم بهذا الكلام لكن حصل التجديد وحصل الوعي وهذا من فضل الله.
فمصر مثلا ً سنة 1970 م لما ذهبتُ إليها لم تكن لترى فيها امرأة متحجبة، ولا ترى رجلاً في وجهه لحية، فمن فضل الله المتحجبات الآن في مصر لا أعلم لحجابهن نظير على وجه الأرض، إلا نساء الصحابة، فأنا لم أر امرأة تلبس جلباباً يجر على الأرض ذراعاً إلا في مصر، ولا أقول شبراً، وجر الثياب بالنسبة للرجل حرام ولا ينظر الله إلى من جر ثيابه خيلاء، وما نزل عن الكعبين في النار.
وانظر لعادات الناس في البلاد المتغطرسة المتكبرة، فالرجال تجر الثياب والنساء تقصرها إلى الركبتين بل إلى ما فوقها فسبحان الله!!.
والمرأة يجوز لها أن تتحجب بحيث تستر رجلها ويستحب لها أن ترخي ثيابها شبراً فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم [أترخيه شبراً قالت امرأة: يا رسول الله، إذن تبدو قدمها، فقال: لترخيه ذراعاً ولا تزد].
(تحدث الشيخ عن أطماع الغرب في أن نقلده في كل شيء إلا في المرأة، وفوجئ بأن نساءنا قلدنه تقليداً لا مثيل له فوجه سهامه لهن وخطط لإشراكهن في ميادين الحياة العامة ما ينفعها ولما لا ينفعها ومنه ما يسمى بتطوع النساء للقتال والدفاع المدني وكيف صارت المرأة سلعة مبتذلة بسبب هذه المخططات ثم ذكر قول علي رضي الله عنه، شر خصال الرجل خير خصال المرأة، وأن المرأة تكون سلسلة مع زوجها نافرة عنيدة مع غيره.)
وقبل أن ندخل في مبحث الشفاعة عندنا فائدتان:
الفائدة الأولي:
أنكر الخوارج والمعتزلة حوض نبينا عليه الصلاة والسلام، وحقيق بهم ألا يردوا ذلك الحوض وألا يشربوا منه.
فقالوا: لا يوجد لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض ولا للأنبياء الآخرين عليهم السلام وحجتهم أن هذا لم يثبت في القرآن، وأمور الاعتقاد لابد من أن تكون في القرآن أو في حديث متواتر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/261)
نقول: أما أن الحوض لم يثبت في القرآن فنحن معكم، لكن قلنا: إن الأحاديث متواترة وقد رواها ما يزيد على (56) وبلغت إلى (80) صحابياً، فهي إذا لم تكن متواترة فلا يوجد متواتر إذن فيقولون: إنها ليست متواترة عندنا بل هي أحاديث آحاد لا يؤخذ بها في الاعتقاد.
وقد ضل الخوارج والمعتزلة ومعهم الشيعة في قاعدة خبيثة انتبهوا لها:
أما الخوارج والمعتزلة فقالوا: كل حديث ورد في أمر الاعتقاد وليس له أصل في القرآن يطرح وهو مردود باطل.
تقول لهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لك يطرح ولا قيمة له، وهو باطل ولو كان في الصحيحين ولو أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولذلك أهل المدرسة العقلية كالضال محمد عبده وأمثاله كما ذكرت لكم سابقاً هكذا يفعلون بالأحاديث، يقولون: آحاد ولا يؤخذ بها في الاعتقاد، فأحاديث نزول عيسى عليه السلام مثلا ً– بلغت سبعين حديثاً وهي متواترة باتفاق المحدثين، يقول محمد عبده: "لنا نحو هذه الأحاديث موقفان: الأول: أن نقول هي آحاد فلا يؤخذ بها في الاعتقاد، الموقف الثاني، على فرض التسليم بثبوتها فنؤولها بأن المسيح الدجال هو رمز للدجل والخرافات وهي الجاهيلة التي كانت قبل بعثة خير البرية عليه الصلاة والسلام، والمسيح عيسى بن مريم رمز للنور والهدى وهو الإسلام الذي جاء وأزال الجاهلية، أما أنه سينزل عيسى ويقتل الأعور الدجال فيقول هذه خرافة!! لأن عيسى عندما أراد اليهود قتله هرب وذهب إلى الهند ومات هناك وقبره معروف هناك في قرية (سُرى نكر) واسم قبره (قبر عيسى الصاحب) والصاحب عند الهنود بمنزلة الشيخ في بلاد العرب وبمنزلة الخوجة عند الأتراك، وأما قول الله تعالى: (بل رفعه الله إليه) يقول رَفْعُه هو رفع مكانة لا مكان، وكأنه وضيعاً قبل ذلك!!!.
وأما الشيعة فقد زادوا على الخوارج والمعتزلة ضلالاً فقالوا: الأحاديث إذا كانت متعلقة بأمر الاعتقاد أو بالأحكام العملية وليس لها أصل في القرآن فهي مردودة 0إذن زادوا الأحكام العملية على الخوارج والمعتزلة، ولذلك الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها في النكاح محرم إلا عند الشيعة فعندهم يجوز أن تجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها باتفاقهم، والحديث قد ثبت في مسلم وغيره [نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين أربع نسوة بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها] لكنهم يقولون لا وجود لهذا في القرآن ولتقرؤوا آية المحرمات من النساء (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم .... ) ولم يقل وأن تجمعوا بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، نعم وأن تجمعوا بين الأختين فقط فالجمع بين الأختين محرم ولا مانع أن يجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، والحديث لا قيمة له فهذا قد أثبت حكماً لا وجود له في القرآن نعوذ بالله من هذا الضلال، فهؤلاء الشيعة، هم أضل من الخوارج والمعتزلة بل هم أضل من فرق الأمة على الإطلاق، لو خلقهم الله طيراً لكانوا رَخْماً والرخم طائر أحمق لا يأكل إلا العذرة، ولو خلقهم الله بهائم لكانوا حُمُراً- جمع حمير-، وهكذا حال الشيعة لا عقل ولا نقل، وجمعوا الضلال الذي تفرق في الفرق بأسرها، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، إنما دخلوا كيداً للإسلام ومقتاً لأهله.
الفائدة الثانية:
روى ابن جرير في تفسيره عن ابن أبي نَجيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليضع أصبعيه في أذنيه].
ضع أصبعيك في أذنيك الآن واسمع صوت الكوثر حقيقة كصوت الفرات عندما يجري، وقد جربتُ هذا مراراً.
وهذا الأثر منقطع عن أمنا عائشة رضي الله عنها فابن أبي نَجيح لم يسمع منها قال الإمام ابن كثير في تفسيره وقد روى ابن أبي نَجيح هذا الأثر عن رجل عن أمنا عائشة والرجل مبهم.
وعلى كل حال فالأثر من حيث الإسناد ضعيف، وإذا ثبت عن أمنا عائشة فله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه يتعلق بمغيب لا يدركه عقل الإنسان.
وما أتى عن صاحب بحيث لا ? يقال رأياً حكمه الرفع على
ما قال في المحصول نحو من أتى ? فالحاكم الرفع لهذا أثبتا
فإذا قال الصحابي قولا ً لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/262)
ومعنى الحديث _لو ثبت_ قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "ومعناه: أنه يسمع نظير صوت الكوثر ومثل خريره لا أنه يسمعه بنفسه".
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 02:25 ص]ـ
أخي الحبيب هذا مبحث عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم أكرمنا الله تعالى بشربة من يده الشريفة وهو أحد تعليقات الشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان على العقيدة الطحاوية
المبحث الثاني:
مبحث الحَوض:
معناه في اللغة: مجمع الماء، بمعنى البركة كما هو معروف لدينا في هذه الأيام فنقول: بركة، مسبح، حوض وجمعه حياض وأحواض.
والمراد من الحوض:
الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
وهذا الحوض قد تواترت به الأحاديث، فأحصى الحافظ ابن حجر الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (56) صحابياً، ثم قال: بلغني أن بعض المعاصرين جمع الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (80) صحابياً.
فهذا إذن متواتر.
قال الإمام الداوودي عليه رحمة الله:
مما تواتر حديث من كذب ? ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ? ومسح خفين وهذي بعض
أي هذه بعض الأحاديث المتواترة وهي أكثر من ذلك بكثير.
(من كذب) حديث [من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار]، روي عن جملة كبيرة من الصحابة منهم العشرة المبشرون بالجنة.
(ومن بنى لله بيتاً واحتسب):
حديث [من بنى لله بيتاً واحتسب فله بيت في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ولو كمَفْحَص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة]. فهذا متواتر عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
(ورؤية) أي أحاديث الرؤية، أي رؤية المؤمنين لربهم في جنات النعيم.
(شفاعة) أي أحاديث الشفاعة، ويأتينا مبحث الشفاعة إن شاء الله بعد الحوض.
(الحوض) فأحاديث الحوض متواترة.
(ومسح الخفين) رويت أحاديث المسح على الخفين عن العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم.
وسنتكلم عن الحوض ضمن خمسة أمور متتالية ننهي بها الكلام على الحوض إن شاء الله تعالى.
الأمر الأول: وصف الحوض لا يستطيع عقل بشري أن ينعت الحوض أو يصفه، لأنه يتعلق به غيب، فالطريق لمعرفة صفة الحوض المنقول لا المعقول والرواية لا الرأي، فلا طريق لوصف الحوض إلا عما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام – من قرآن أو أحاديث – الذي لا ينطق عن الهوى فلنذكر بعض الأحاديث التي تعطينا وصفاً لهذا الحوض، إيماناً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن الذي لا ينطق عن الهوى. ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه (جمع كوز وهو القدح والكأس) كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
إذن هذا الحوض طوله مسيرة شهر نؤمن بهذا ولا نبحث بعد ذلك في كيفية هذا المسير هل هو مسيرة شهر على الجواد المسرع؟ أم مسيرة شهر على حسب السير في الدنيا؟ أم مسيرة شهر على حسب سير أهل الجنة؟ فالله أعلم، نحن نثبت اللفظ ولا نبحث في كيفيته فإنه مغيب.
وكيزانه كنجوم السماء ولا يعلم عددها إلا خالقها سبحانه وتعالى.
وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن طول الحوض وعرضه بمسافة واحدة فطوله مسيرة شهر وعرضه مسيرة شهر، ثبت في صحيح مسلم من رواية ابن عمر في الحديث المتقدم [حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء] أي أطرافه متساوية فشهر طولا ً وشهر عرضاً فتصبح الزوايا متساوية، أي على هيئة مربع كالبركة المربعة أضلاعها متساوية [ماؤه أبيض من الورِق] أي الفضة والرواية المتقدمة أبيض من اللبن، [وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
يكفي هذان الحديثان لوصف الحوض بصفة مختصرة.
إذن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام في الآخرة أضلاعه متساوية وهو مربع مسيرة شهر في شهر، زواياه سواء، الماء الذي فيه ينعش النفوس، ويصح الأبدان لونه من أحسن الألوان كلون اللبن وكلون الفضة بياض خالص ليس فيه شائبة ولا عكر ولا كدر، ريحه أطيب ريح وهو ريح المسك بل أطيب منه، وهو أحلى من العسل والكيزان التي عليه لأجل كثرة الواردين على حوض نبينا عليه الصلاة والسلام كنجوم السماء، هذا هو الوصف مختصراً.
الأمر الثاني: عدد الأحواض لنبينا عليه صلوات الله وسلامه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/263)
له حوضان:
1 - واحد يكون قبل دخول الجنة في ساحات الحساب وعَرَصات الموقف.
2 - والآخر يكون في داخل الجنة، وكل منهما يقال له حوض ويقال له كوثر.
يقال لكل منهما حوض لأنه ينطبق عليه التعريف اللغوي (مجمع الماء).
ويقال لكل منهما كوثر لأن الحوض الذي في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف يستمد ماءها من نهر الكوثر الذي في الجنة، فنهر الكوثر له ميزابان - كما سيأتي وهذا لا دخل لعقل الإنسان فيه – يصبان صباً بدفق وقوة في حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف، فنجد أن الحوض الذي في ساحة الحساب يأخذ من نهر الكوثر قيل له كوثر وحوض، والنهر الذي في الجنة اسمه الكوثر وبما أنه في مكان محصور قيل له حوض، فكل منهما حوض وكل منهما كوثر.
وقد أنزل الله سورة كاملة يمتن بها على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا الخير الذي أعطاه إياه (إنا أعطيناك الكوثر) والكوثر: على وزن فوعل من الكثرة وهو الخير الكثير في الدنيا والآخرة ويدخل في ذلك النهر العظيم الذي يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام في جنات النعيم، وفيه ميزابان يغتّان غتاً (يصبان صباً) ويشخبان من مائه في حوضه الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف فهذا خير عظيم أعطاه الله لنبيه الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير رحمه الله – تلميذ العبد الصالح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – [أنه سئل عن تفسير الكوثر فقال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فقالوا له: يقولون إنه نهر في الجنة؟، فقال سعيد بن جبير: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام]. وهذا التفسير أعم وأشمل وأحسن من أن نقصر الكوثر على خصوص النهر فنقول: الكوثر خير كثير في الدنيا والآخرة وهبة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام 0 من جملة ذلك الحوض، ونهر الكوثر والشفاعات والمقام المحمود ورتب كثيرة في الدنيا والآخرة مَنَّ الله بها على نبيه عليه صلوات الله وسلامه.
وإذا مَنَّ الله عليك بالنعم فالواجب أن تشكر المُنعِم (فصلِّ لربك وانحر) أي اجعل صلاتك خالصة له، ونحرك خالصاً له – أي ذبحك – فيكون على اسم الله خالصاً له لا تشرك معه أحداً (إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر)، فالنعم تستدعي الشكر.
ولذلك إخوتي الكرام ... ربطاً بحادثة الإسراء والمعراج – كان نبينا عليه الصلاة والسلام – كما ثبت هذا في المسند والسنن بسند حسن – [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر] وما رأيت أحداً من أئمتنا وَجَّه الحكمة في ذلك؟ ويمكن استنباطها مما سبق تقريره في سورة الكوثر.
فنذكر أن النعم تستدعي الشكر وهناك عندما يريد أن ينام يقرأ سورة بني إسرائيل ليستحضر فضل الله عليه وكيف مَنَّ الله عليه بهذا الأمر الجليل وهو الإسراء والمعراج وفي ثنايا السورة ذكر الله سبحانه الآيات التي منحها لنبينا عليه الصلاة والسلام وكيف حفظه من شياطين الإنس والجن (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)، وآيات كثيرة غيرها يخاطبه الله فيها في سورة الإسراء. إذن في هذه السورة ذِكْر فضل النبي عليه الصلاة والسلام؛ فكان لذلك يقرأها ليتذكر فضل الله عليه وهذا يستدعي ويتطلب الشكر.
وكان يقرأ سورة الزمر لأنها – كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله – سورة تمحضت في توحيد الله جل وعلا فموضوعها من أولها إلى آخرها حول توحيد الله وإخلاص الدين له.
إذن فبعد أن يذكر نعمة الله عليه ماذا يفعل؟
يوحده ويقرأ السورة التي فيها توحيد الله وعبادته كما يريد بما يريد، وانتبه لآيات هذه السورة (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم، إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) ثم بعد ذلك في جميع آيات السورة يستعرض ربنا جل وعلا ما يقرر هذا الأمر (ضرب الله مثلاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/264)
رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلا ً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) وفي آخر السورة يتحدث ربنا جل وعلا عن هذا (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) وفي نهاية السورة يقول (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
فإذن شكر وتوحيد، وهنا كذلك (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر).
إذن لنبينا عليه الصلاة والسلام حوضان يقال لكل منهما: حوض ويقال لكل منهما: كوثر.
قال الإمام القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة في ص 362، وقد نقل صاحب شرح العقيدة الطحاوية الإمام ابن أبي العز كلام القرطبي لكن بواسطة الإمام ابن كثير في كتابه النهاية (2/ 31) لأن ابن كثير شيخ شارح الطحاوية، وابن كثير له كتاب البداية والنهاية في التاريخ طبع الكتاب البداية فقط ولم يطبع معه النهاية، ثم طبع في جزء بعد ذلك مستقلاً منفرداً، وقد تكلم ابن كثير في النهاية في الجزء الثاني في أول صفحة منه عن الحوض وتتبع طرق أحاديثه بما يزيد عن ثلاثين صفحة والبداية يقع في 14 جزءاً في 7 مجلدات كبيرة، وكتاب التذكرة كتاب نافع وطيب وفيه خير كثير لولا ما فيه من أحاديث تالفة لا خطام لها ولا زمام وما تحرى عليه رحمة الله الصحة ولا تثبت في رواية الأحاديث، وليت الكتاب حقق وخرجت أحاديثه ليكون طالب العلم على بصيرة عند قراءة هذا الكتاب.
الحاصل .. قال الإمام القرطبي في الموضوع الذي حددناه "الصحيح أن للنبي عليه الصلاة والسلام حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً".
قال الحافظ في الفتح (11/ 466):" يطلق على الحوض كوثر لكونه يُمدّ منه"0 – كما عللته لكم – ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه (النبي) صلى الله عليه وسلم قال عند وصف الحوض: [يغتُّ فيه ميزا بان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورِق] والغت: هو جريان الماء بصوت، غتّ يَغُت غَتًّا إذا جرى الماء وصار له صوت عند جريانه من شدة هذا الماء وقوته واندفاعه، وهو الدفق بتتابع إذن معنى يغت فيه، يتدفق فيه ماء متتابع لا ينقطع.
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يشخب فيه ميزا بان من الجنة]، شخب يشخب أي يسيل فيه ميزا بان من الجنة.
وثبت في سنن الترمذي بسند حسن صحيح، والحديث رواه ابن ماجه وأحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الكوثر نهر في الجنة] وهذا هو النهر الذي له ميزا بان يغتان ويشخبان في الحوض [حافتاه من ذهب ومجراه الدّرّ والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج].
(مجراه) أي أرضه التي يجري فيها، ممر الماء، (حافتاه) أي جانباه.
إذن بالنسبة للبياض صار معنا ثلاثة أوصاف أبيض من اللبن، ومن الورق، ومن الثلج، والثلج ترى بياضه يزيد على الماء.
وهو أحلى من العسل وأطيب من المسك هذا كله في هذا النهر الذي هو في الجنة وهو نهر الكوثر وفيه ميزابان من ذهب وفضة يشخبان ويغتان في حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
س: هل هذه الأوصاف تكون لنهري دجلة والفرات أيضاً؟
جـ: لا، لا يكون هذا إلا للكوثر فقط، فهو خاص به حتى الأنهار الأخرى التي في الجنة ليس لها هذه الميزات والصفات.
وسيأتينا في الأمر الرابع أن لكل نبي حوضاً، لكن ليس حلاوة مائه وطيب رائحته كحوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
الأمر الثالث: مكان الحوض وموضعه:
كما ذكرنا هما حوضان، فأما الحوض الثاني الذي هو نهر الكوثر فهذا في الجنة بالاتفاق، وأما الحوض الأول الذي يستقي ماءه من الكوثر فهو قبل الجنة بالاتفاق، لكن اختلف في موضعه ومكانه بالتحديد، فهل يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط؟ أم يكون بعدهما؟
في المسألة قولان لأئمتنا الكرام:
وانتبه إلى أن هذين القولين ليسا من باب التقدير العقلي، إنما من باب فهم هذا من النصوص الشرعية، فالفهم من النصوص هذا غير اختراع شيء من العقول ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/265)
القول الأول: - وعليه المعول – أن الحوض يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط المستقيم وقبل الحساب لأمرين معتبرين: أولهما: الحكمة من وجود الحوض ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم [من شرب منه لم يظمأ .. ]، الناس يخرجون من قبورهم عطشى، لاسيما عندما يحشرون في الموقف [حفاة عراة غرلاً] نسأل الله حسن الخاتمة والعافية – والشمس تدنو من رؤوسهم ويلجمهم العرق فيسبحون فيه كأنهم في أحواض ماء، فما الذي يحتاجونه في ذلك الوقت؟ إنه الحوض، لذلك يكرم الله الموحدين في ذلك الحين بالشرب من حوض نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه، وهو فرطنا على الحوض، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام، فإذن أول ما يحصل لنا عند البعث لقاء نبينا عليه الصلاة والسلام، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام على حوضه يقول: هلم، هلم، ويسقينا.
فإذن لتظهر كرامة نبينا عليه الصلاة والسلام وليظهر فضله على أتم وجه، يكون هو الذي يزيل عطش الناس المؤمنين من أمته لما منّ الله عليه في الآخرة من تلك النعمة، كما أزال عنا في هذه الحياة الهم والغم بواسطة النور الذي بلغه إلينا فاطمأنت قلوبنا (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فإذن أول ما يستقبلونه بعد البعث حوض النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كان مؤمناً موحداً سقاه النبي صلى الله عليه وسلم وشرب، وإذا شرب لم يظمأ أبداً، طال الموقف أو قصر فإنه لا يبالي بذلك.
ثانيا: تواتر في حديث الحوض المتواتر أنه يُذاد وسيأتي ذكر الحديث- يدفع ويبعد أناس عن حوضه فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: أمتي أمتي، يُذادون ولا يشربون فيقال: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك والحديث في الصحيحين فأقول سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي. فهذا الذود متى يكون؟
لو كان بعد الصراط لسقطوا في النار، ولا يوجد بعد الصراط إلا الجنة، فدفع الناس لكونهم منافقين مرتدين يكون قبل الصراط لأنهم لو مروا على الصراط ونجوا لدخلوا الجنة وإذا سقطوا في جهنم لن يَرِدُوا الحوض لِيُدْفَعُوا عنه ويُبْعَدُوا.
وهذا الذي ارتآه ورجحه الإمام القرطبي في التذكرة في المكان المتقدم أي صـ (362).
والإمام ابن كثير في النهاية رجحه أيضاً كما قلت لكم إنه بحث في أحاديث الحوض فيما يزيد على 30 صفحة من أول الجزء الثاني إلي ص35 كلها في الحوض، وقد روى جميع الأحاديث بالسند الذي رواها به أصحاب الكتب المصنفة فإذا ذكر حديثاً في المسند ذكر إسناد الإمام أحمد وهكذا البخاري وغيره ولذلك طالت صفحات الكتاب والحقيقة أن أكثر صفحات الكتاب متشابهة فيورد عشرة أحادث في وصف الحوض عن الصحابة مثلا ًكلها بمعنىً واحد ولذلك لم أطل في ذكرها ومردها لا لزوم له لأنه يغني عن البقية وقلت لكم إن الحافظ ا بن حجر تتبعها فوصلت إلى (56) صحابياً رووا أحادث الحوض، قال وبلغني أن بعض المعاصرين جمعها فبلغت (80) طريقاً، ولعل الحافظ ابن حجر كان يقصد بقوله (بعض المعاصرين) الإمام العَيْنِي، أقول لعله يقصده، فقد كان بينهما شيء من النفرة فيكني عنه الحافظ دائماً في الفتح ولا يصرح به، فلعله يقصده والعلم عند الله.
والإمام ابن حجر شرح صحيح البخاري في فتح الباري
والإمام العَيْنِي شرح صحيح البخاري في عمدة القاري
والكتابان متقاربان في الحجم، فعمدة القاري (12) مجلداً في 25 جزء، وقد كان ابن حجر والعيني – في بلدة واحدة - مصر- لكن أصل الإمام العيني من بلاد الشام ثم هاجر بعد ذلك إلي مصر واستوطن فيها، وشرحا صحيح البخاري في وقت واحد، وكان كل منهما قاضياً ابن حجر قاضي الشافعية والعيني قاضي الحنفية، والأقران في الغالب يجري بينهم شيء مما يجري بين بني الإنسان، لكن دون أن يصل ذلك إلى معصية أو اعتداء، هذا في الغالب وكما قال الإمام الذهبي: ما أعلم أحداً سلم من الحسد إلا الأنبياء .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم – والحديث في درجة الحسن – [ثلاثة لا ينجو منهن أحد، الظن والطيرة والحسد، وسأخبركم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق] أي إذا رأيت شخصاً أو تصرفاً فلا تقل لعل هذا حوله ريبة - فهذا ظلم كفارته ألا تتحقق هل توجد تلك الريبة أم لا؟ [وإذا تطيرت فامض ِ] مثلا ً خرجت في صباح ذات يوم فرأيت صورة مكروهه فقلت هذا صباح مشئوم، فلا ترجع إلي البيت، بل امض ِ إلى طريقك وقل: اللهم لا خير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/266)
إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك، لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت. [وإذا حسدت فلا تبغي] أي لا تتجاوز وتعتدي. وأنا لا أجزم أنه يقصد الإمام العيني لكن في غالب ظني أنه كذلك.
وأنا أعجب حقيقة لاشتهار فتح الباري بين الناس وعدم انتشار عمدة القاري بينهم ولله في خلقه سر لا يعلمه إلا هو، ولا أقول ذلك لم ينتشر بل هو منتشر لكن ليس له من القدر والمكانة – كما يقال – ما لفتح الباري.
الحاصل .. إن الإمام ابن كثير رجح هذا القول في النهاية (2/ 3) للأمرين المعتبرين اللذين ذكرتهما لكم.
القول الثاني: أن الحوض بعد المرور على الصراط.
وإلى هذا مال الإمام البخاري عليه رحمات ربنا القوي، وفقهه في تراجم أبوابه ومذهبه في تراجم أبوابه، فأورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط، في كتاب الرقاق قال الحافظ ابن حجر:"أشار البخاري إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة والصراط"
ويفهم من كلام الحافظ ابن حجر الميل إلى هذا القول، حيث قال معللا ً ما سبق
(1) لأن الصراط بين الجنة والموقف ميزابان يغتان ويشخبان في الحوض، فلو كان الحوض في عَرَصَات الموقف وفي ساحة الحساب لكان الصراط حاجزاً بين هذين الميزابين وبين الحوض، فكيف سيصب الميزابان ماءهما في الجنة إلى الموقف وبينهما هذه الفجوة صراط وتحته جهنم. نسأل الله العافية وكل من سقط منه يسقط في جهنم وبئس المصير فإذا كان الأمر كذلك فالحوض بعد الصراط وهو قُبيل الجنة قََبل أن يدخلها المؤمنون يشربون من الحوض ويستقبلهم نبينا عليه الصلاة والسلام عندما ينتهون من الصراط فيسقيهم من حوضه فينتعشون ويفرحون بعد أن مَنَّ الله عليهم بالسلامة ثم يدخلون دار النعيم، وهذا دليل.
(2) دليل آخر قرروا به هذا القول وهو: أنه ثبت في الحديث أن مَنْ شرب مِنَ الحوض لم يظمأ بعده أبداً، وقالوا: إذا لم يكن الحوض بعد الصراط فسنقع في إشكال من هذا النص والنصوص الأخرى وهو أن عصاه الموحدين سيعذبون في نار الجحيم ولا بد أن يعذب منهم قسم لم يغفر الله لهم لأن الأحاديث تواترت في إخراج العاصين من النار وهذا يعني أن هناك عذاباً للعصاة لكن هناك أناس يعفى عنهم وأناس يعذبون، قالوا: فهؤلاء الموحدون اللذين عذبوا في النار هل شربوا من الحوض أم لا؟ إن قلنا لم يشربوا، فالأمر ليس كذلك لأنهم موحدون وليسوا من المخلدين في نار جهنم فهم يستحقون السقيا والشراب إذ كيف يعامل الموحد معاملة المنافق والملحد. وإن قلنا شربوا، فكيف سيلقون في النار، وفي النار سيعطشون. لكن إذا كان الحوض بعد الصراط فلا إشكال لأن من شرب منه دخل الجنة فالذي يعذب في النار، ثم يخرج يجوز على الصراط ثم يشرب من الحوض ويدخل الجنة وحينئذ لا إشكال هنا على هذا القول. وهذا القول على ما وجاهة ما عُلِّلَ به فهو مردود لأمرين:
الأمر الأول: لا مانع أن يكون بين الحوض والجنة فاصل، والميزابان يصبان فيه بطريقة يعلمها الله ولا نعلمها، كما قلنا في النيل والفرات فإنهما يَصبُّ فيهما نهر من أصل سدرة المنتهى بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وكم بينهما من حواجب وفواصل وليس عندنا ميزاب متصل من سدرة المنتهى إلى النيل والفرات إنما هو أمر غيبي أخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام آمنا به ولا نبحث في كيفيته.
والأمر الثاني: قولهم إذا شرب عصاة الموحدين من الحوض وعذبوا في النار سيجدون العطش والظمأ، نقول: لا يشترط هذا فيعذبون بغير أنواع العطش، وذلك ليتميز العصاة في النار عن غيرهم من الكفار الأشرار في أنهم يعذبون ولا يعطشون كرماً من الله وفضلا ً.
فالأمران مردودان، ثم نقول لهم أخبرونا كيف سيذاد ويدفع أناس عن الحوض إذا كان الحوض بعد الصراط؟! فهذا لا يأتي أبداً , فأدلتكم يمكن أن يجاب عنها، أما أدلة القول الأول فلا يمكن الإجابة عنها مطلقاً؛ ولذلك القول الأول هو الصحيح وعليه المعول بأن الحوض قبل الصراط والعلم عند الله.
الأمر الرابع: هل للأنبياء عليهم الصلاة و السلام أحواض في عَرَصَات الموقف وساحة الحساب كما لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض:
سبق أن ذكرنا أن العبرة في هذا الموضوع على النقل لا على العقل، فعمدتنا المنقول الثابت ولا دخل للاجتهاد ولا للمعقول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/267)
وقد ورد في ذلك حديث لكن اختلف في درجته، روى الإمام الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن لكل نبي حوضاً ترده أمته وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً].
(يتباهون) أي يتحدثون بنعمة الله عليهم بمنزلة حوضهم وبمن سيرده.
(أيهم أكثر وارداً) أي جماعة يردون على حوضه.
وهذا الرجاء والذي رجاه الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث حققه الله له، فأكثر أهل الجنة من أمته، وأكثر الأحواض التي سيردها الموحدون المؤمنون هو حوض نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقول ربنا فيه: [يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسع وتسعون إلى النار، فخاف الصحابة وارتاعوا فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا، وقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة] والحديث في الصحيحين.
وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.
فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.
فالحاصل .. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً]، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.
وحديث سمرة كما قلنا رواه الترمذي، وقد قال عنه: غريب، وغرائب الترمذي لا تسلم من مقال فهي ضعيفة والسبب في هذا أن الحسن البصري عليه رحمة الله عنعن الحديث عن سمرة أي رواه بصيغة عن ولم يصرح بالسماع، وفي سماع الحسن عن سمرة اختلاف، وأئمة الحديث على ثلاثة أقوال في ثبوت سماعه من سمرة:
1 - لم يسمع منه مطلقاً.
2 - سمع منه مطلقاً.
3 - وهو المعتمد، سمع منه حديث العقيقة، وقد صرح في سنن النسائي بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة بن جندب رضي الله عنه.
والحسن مدلس بالاتفاق وقد عنعنه – كما ذكرنا – ورواية المدلس إذا لم تكن بصيغة السماع فهي محمولة على الانقطاع، فالسند إذن منقطع بين سمرة وبين الحسن.
كما أن الحسن رفعه في بعض الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسقط سمرة فصار إذن مرسلاً لأن المرسل هو مرفوع التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مرفوع تابع على المشهور ? مرسل أو قيده بالكبير
كما قال هذا الإمام عبد الرحيم الأثري العراقي في ألفيته المشهورة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/268)
وقوله (أو قيده بالكبير) فهذا قول آخر في تعريف المرسل وهو أن التابعي لابد أن يكون كبيراً، من كبار التابعين لا من أوسطهم ولا من صغارهم.
والمعتمد أن التابعي صغيراً كان أو كبيراً، إذا رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرسل، فالحسن إذن أسقط سمرة رضي الله عنه، ولذلك قال الترمذي: وورد أن الحسن لم يذكر سمرة فهذا مرسل وهو أصح.
والرواية المرسلة رواها ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح إلى الحسن، أن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن لكل نبي حوضاً ... ] الحديث.
لكن مراسيل الحسن – كما يقول أئمتنا -، أشبه بالريح لا يعول عليها ولا يأخذ بها، لأنه كان لا يبالي عمن أرسل بخلاف مراسيل سعيد بن المسيب فهذه كلها يأخذ بها، حتى مَنْ ردَّ المرسل أخذ بمراسيل سعيد بن المسيب كالإمام الشافعي عليه رحمة الله.
فإن سعيد بن المسيب كان يسمع من عمه والد زوجته أبي هريرة أحاديث ويحدث عنه أحياناً، ويسقطه ولا يصرح به أحياناً أخرى لاعتبارات، منها أمور سياسية، فقد ينقل عنه سعيد رواية تتعلق بأمور العامة فلا يصرح بها بإضافتها لأبي هريرة لئلا تصبح هناك مشاكل وابتلاءات كما هو الحال في العصور التي جاءت بعد عصور الخلفاء الراشدين، وهذا من جملة أغراض التدليس حذف الصحابي أو الشيخ الذي أخذ عنه التلميذ فيسقطه لأن حوله ما حوله من الاعتبارات، وكأنه يقول لئلا ندخل في مشاكل مع الدولة، فنرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسقط الواسطة (أبا هريرة) لئلا يُستدعى ويحقق معه وما شاكل هذا.
وفعلا ً كان أبو هريرة يحفظ أحاديث فيها الإشارة إلى ذم بني أمية، فعلم سعيد بن المسيب أنه إذا حدث بها وسمى أبا هريرة، فهذا سيجر بلاءً عليه – أي على عمه – وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه – كما في صحيح البخاري - يقول: [حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم وعاءين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم] أي لقطعت رقبتي، وهذا الذي كتمه لا يتعلق بالأحكام العملية، لأنه لو كان في الأحكام العملية لبثه أبو هريرة ولم يكتمه وهو يعلم وزر كتمان العلم، إنما كان ما يكتمه هو شيء فيه الإشارة إلى ذم الأمراء الذين سيأتون بعد معاوية وأولهم الفاسق المشهور يزيد بن معاوية الذي جاء وأفسد في دين الله، وفعل ما فعل ويكفيه عاراً وشناراً قتل الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت: لم يثبت بأي سند صحيح هذا الأمر، وقد ألف في هذه الرسالة]، ولذلك كان أبو هريرة يستعيذ بالله من رأس الستين وإمرة الصبيان قبل أن يأتي رأس الستين، فمات رضي الله عنه عندما قبل رأس الستين وسلم من الفتن التي جاءت بعد الستين.
سعيد بن المسيب عندما يروي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسقطاً الواسطة ففي الغالب هو أبو هريرة، وقد تتبع أئمتنا مراسيل سعيد فوجدوها موصولة من طرق ثابتة وصحيحة عن الصحابة؛ ولذلك احتجوا بمراسيله.
الحاصل .. أن وراية الترمذي مرفوعة إلا أنها منقطعة ورواية ابن أبي الدنيا هي بسند صحيح إلى الحسن والحسن رواه مرسلاً، فالحديث من هذين الطريقتين ضعيف مرفوعاً.
لكن يتقوى بالقواعد المقررة في شرع الله وهي أن ما ثبت لهذه الأمة يثبت للأمم الأخرى، وعليه فالحوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام يكون لسائر الأنبياء الكرام عليهم السلام، إذ لا يليق بكرم الله وحكمته أن يسقي موحدي هذه الأمة ويترك الموحدين من الأمم السابقة.
ثم أضيف هنا وأقول: الحديث يتقوى () ليصل إلى درجة الحسن إن شاء الله،لأن له ثلاث شواهد متصلة عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه ابن أبي الدنيا، وعن ابن عباس كما أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً عن عوف بن مالك، هذا بالإضافة إلى الشاهد المرسل الصحيح الذي أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً، فالحديث بمجموع هذه الطرق يكتسب قوة ويرتفع إلى درجة الحسن، والعلم عند الله.
إذن فلكل نبي حوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما لنبينا عليه الصلاة والسلام، لكن يمتاز حوض نبينا عليه الصلاة والسلام بأمرين:
الأمر الأول: أن ماء حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أطيب المياه فهو من نهر الكوثر، وهذا لا يثبت لغيره من الأحواض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/269)
الأمر الثاني: أن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكبر الأحواض وأعظمها وأجلها، و هو أكثرها وارداً.
وإلى جانب هذا ذهب أئمة الإسلام، يقول الحافظ في الفتح (11/ 467) عند أحاديث الحوض في كتاب الرقاق: "إن ثبت () – أي خبر الترمزي ومرسل الحسن – فالمختص بنبينا عليه الصلاة والسلام "أن حوضه يكون ماؤه من الكوثر".
والأمر الثاني قال فيه الإمام ابن كثير في النهاية (2/ 38) حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أعظمها وأجلها وأكثرها وارداً".
تنبيه: ورد في مطبوعة مكة من شرح العقيدة الطحاوية بتحقيق أحمد شاكر، وفي مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق جماعة من العلماء تصحيف بدل كلمة (أجلها) وقع عندهم (أجلاها)، وإن كان كلا المعنيين صحيح.
الخلاصة: أن لكل نبي حوضاً يوم القيامة، لكن حوض نبينا عليه الصلاة و السلام يمتاز بأمرين ماؤه أطيب المياه، ووارده أكثر من بقية الأحواض.
الأمر الخامس: يتعلق بأمرين:
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره.
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم:
كل موحد ختم له بالتوحيد سيرد ذلك الحوض المجيد
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: [أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة (يعني البقيع) فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] وفي بعض الروايات في زيارات نبينا عليه الصلاة والسلام للقبور يقول: [السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون].
و (السلام عليكم) هذا خطاب من يسمع ويعقل ويعي ويفهم، وسماع الأموات أدق من سماع الأحياء، ولذلك لو دخل داخل إلى المعهد وسلم عند باب المعهد لن يسمعه مَنْ في الفصل بل حتى لو كان أقرب من ذلك، بينما لو كنا موتى لسمعناه فبمجرد أن يدخل رجل إلى المقبرة ويقول السلام عليكم لسمع كل مدفون في تلك المقبرة – ولو كانت واسعة ما كانت – سلامه وردوا عليه في قبورهم.
و (إن شاء الله) هل هناك شك في اللحوق بهم؟ لا لكنها من باب التبرك وتعليق الأمر على أنه تابع لمشيئة الله، كقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)، وسيأتينا بحث الاستثناء في الإيمان إن شاء الله تعالى فهو من المباحث المقررة عندنا، وأن الاستثناء يجوز في الإيمان لأربعة أمور معتبرة من جملتها هذا من باب التبرك باسم الله، فتقول أنا مسلم إن شاء الله تعالى، ولا بأس في ذلك.
ثم قال نبينا وحبيبنا عليه صلوات الله وسلامه – وهذه تكملة الحديث [وددت أنا رأينا إخواننا فقال الصحابة رضوان الله عليهم: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟!، قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني] عليك صلوات الله وسلامه، انتبه!! (أنتم أصحابي) أي أنتم لكم مزية على الأخوة العامة فقد فزتم بشرف الصحبة فأنتم إخوان وأصحاب.
وَمَََنْ بعدكم إخوان لي، كما تقول هذا ابني ولا تقول هذا أخي، فهو أخوك في دين الله ولكن تقول له ابني لأن هذا أخص من الأخوة العامة وهنا كذلك الصحبة أخص من الأخوة العامة.
فانظر لحب نبينا عليه الصلاة والسلام لنا، فلنكافئ هذا الحب بمثله، فهو يتمنى أن يرانا ووالله نتمنى أن نراه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا ولو قيل لنا تفوزون بنظرة إلى نور نبينا عليه الصلاة والسلام مقابل أن تفقدوا حياتكم وأموالكم وأهلكم، لقلنا هذا يسير يسير، ضئيل حقير، ولذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله] وهو في مختصر مسلم برقم (1604).
وتتمة الحديث الذي معنا [فقال الصحابة: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي من أمتك ولم تره؟! فقال: أرأيتم لو أن رجلا له خيلٌ غُرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، أما كان يعرفها؟ قالوا: بلى، قال: فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً] اللهم لا تجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/270)
(غرّ): الغرّ بياض في الوجه، وهو من الصفات الجيدة في الفرس، وهذه الأمة تبعث يوم القيامة والنور يتلألأ في وجهها من آثار الوضوء، والوضوء حلية المؤمن.
(محجلة): بياض في قوائم الفرس، وهو من الصفات الجيدة فيها أيضاً، وهو من علامة جودتها، وهذه الأمة تأتي يوم القيامة وأعضاء الوضوء فيها تتلألأ (الوجه والأيدي والأرجل)، ففي وجوههم نور وفي أطرافهم نور.
(دُهْم) سوداء
(بُهم) سوادها خالص ليس فيها لون آخر.
فهذه الأمة تأتي يوم القيامة غراًُ محجلين، فالوضوء ثابت لهذه الأمة وللأمم السابقة لكن أثر الوضوء (الغرة والتحجيل) ثبت لهذه الأمة ولم يثبت للأمم السابقة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولذلك ورد في صحيح مسلم أنه [سيما ليست لغيركم] أي هذه السمة الغرة والتحجيل ليست لغيركم.
إذن إخوانه عليه الصلاة والسلام ونسأل الله أن يجعلنا منهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وجميع أهل الموقف ليس لهم هذا الوصف، وبالتالي فيميز نبينا صلى الله عليه وسلم أمته الكثيرة من تلك الأمم الوفيرة الغفيرة.
ثم أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن صنف شقي، أظهر الإيمان وأبطن النفاق والكفران، فيأتون إلى حوض النبي عليه الصلاة والسلام فيذادون ويدفعون تدفعهم الملائكة وتطردهم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألا هلم، هلم فأنتم من أمتي ويبدو عليكم – في الظاهر – علامات الوضوء!! لكن بعد ذلك يخفت ذلك النور ويذهب، فيقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك وفي بعض الروايات: [إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم] وقد حصل هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ارتدوا، وهذا حاصل في هذه الأيام بكثرة فيمن يدعي الإسلام ويحارب النبي عليه الصلاة والسلام يقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، فهل يرد هذا حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا، إن هذا أكفر من أبي جهل وألعن من إبليس، فهو وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فقد أتى بما ينقض به إيمانه، حيث زعم أن شريعة الله لا تصلح لهذه الحياة، فهي أمور كهنوتية فقط، في داخل المسجد نصلي ونرقص (رقص الصوفية) وخارج المسجد ليس لله شأن في حياتنا وأمورنا، كما قال سعد زغلول "الدين لله والوطن للجميع".
وكما قال شاعر البعث عليه وعلى حزبه لعنة الله:
سلام على كفر يوحد بيننا ? وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ويكتبون في شعاراتهم الضالة في الأمكنة البارزة على الأركان وغيرها:
كذب الدعي بما ادعى ? البعث لن يتصدعا
لا تسل عني ولا عن مذهبي ? أنا بعثي اشتراكي عربي
ولا يقولون: أنا مسلم، بل الإسلام في المسجد فقط.
ويكتب الآن في لوحات المدارس: لو مثلوا لي وطني وثناً لعبدت ذلك الوثن.
كلمة وطن ووطنية فما هي الوطنية؟!!
إن الجنسية المعتبرة بين العقلاء والتي يمكن أن تجمع بين الناس جميعاً هي جنسية الإسلام فقط، وكل ما عداها يفرق بين المسلمين ويوقع بينهم العداوة.
الحاصل .. من يدعو إلى الأفكار الهدامة الباطلة، فماذا سيكون حاله؟ هل يشرب من الحوض؟! وهل يستوي مع المؤمنين في الشرب منه؟
لا يستوي إخوتي الكرام.
وليس معنى يذادون للرجال فقط أي أن النساء لا تذاد، بل هذا من باب تعليق الشارع الأحكام بصنف من الصنفين وما يشمل أحدهما يشمل الصنف الآخر، كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) و (الذين) خطاب للذكور، (وعليكم) خطاب للذكور أيضاً ويشمل الذكور والإناث، لأن ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة سواءً بسواء إلا إذا قام دليل على التخصيص فالنساء شقائق الرجال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فمثلا ً: لو جاءت هدى شعراوي للحوض فهل تتمكن من الشرب منه؟ لا فهذه أعتى من أبي جهل، وأعتى من عبد الله بن أبي بن سلول.
وكذلك نزلي سعد زغلول وميادة أو مي الشاعرة (هؤلاء الثلاثة صاحبات الصالونات في مصر االتي أفسدت العالم).
وأنا أعجب حقيقة – إخوتي الكرام – لمضاء عزيمة النساء وكيف غيرت هذه النساء الثلاثة الحياة في هذه الأوقات.
وفي المقابل تأتي للنساء الصالحات فلا ترى بعد ذلك إلا خمولاً وانعزالية وعدم بصيرة في هذه الحياة وتدبير لما يراد بهن فهذا لابد له من وعي – إخوتي الكرام – ولابد له من عزيمة ولابد من تحرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/271)
فإذن هناك رجال يذادون ونساء يذدن ويدفعن فليس هو عقوبة للرجال فقط.
وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أنا فرطكم على الحوض، ومن ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم].
وفي رواية أبي سعيد الخدري في تكملة حديث سهل بن سعد الساعدي [فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، سحقاً، سحقاً لمن بدل بعدي].
(والفرط) هو المتقدم أي أنا أتقدمكم على الحوض.
إذن يرده كل الموحدين إلا من بدل وغير ونافق وكفر.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره:
أول مَنْ يتقدم في الورود عليه عندما يخرج الناس من قبورهم وهم عطاش هم صعاليك المهاجرين وفقراؤهم.
المحاضرة التاسعة عشرة: الأربعاء 10/ 4/1412هـ
ثبت في سنن الترمذي بسند حسن عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين، الشُعث رؤوساً، الدُنُس ثياباً، الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد].
(الشعث): جمع أشعث، أي شعره متلبد وليس عنده وقت لتمشيطه وتسريحه وتجميله.
(دُنس): أي ثيابهم دنسة، وليس المراد من الدنس فيها نجاسة أو قذارة لكنها ثياب ممتهنة عند الناس قي قلة ثمنها، هذا كما ثبت في سنن الترمذي وغيره بسند حسن [البذاذة من الإيمان] والبذاذاة هي رثة الهيئة وعدم الاعتناء بالملبس، فمتى ما كوى ملابسه فليست دنسة حينئذ فلا يكوي ملابسه لا بنفسه ولا يضعها في دكان كي.
فخلاف حالنا الآن فعندما يريد أن يلبس الغُترة (الكوفية) فتراه لابد أن يجعلها مثل السيف من الأمام ولا نقول هذا حرام لكنها درجة دون الكمال أي أن يأْسِرَ الإنسانَ لباسُه، فليفرض أن هذا اللباس لم يتهيأ له ولذلك البذاذة من الإيمان [من ترك اللباس الفاخر وهو قادر عليه دعاه الله يوم القيامة وخَيَّرَهُ من حُلل الجنة ما شاء].
(الذين لا ينكحون المنعمات) هذا وصف ثالث أي الثريات الموسرات بنات المترفين والأغنياء، فلا يقبلون الزواج بهن.
(ولا تفتح لهم أبواب السُدد) وهذا هو الوصف الرابع، والسُدد هي القصور والمقصورات التي تكون خاصة بالمترفين، مثل بيوت الأمراء ومثل المقاصر التي عملها معاوية وهو أول من عمل المقصورة في المسجد وهي مكان خاص في المسجد لا يدخلها إلا هو وحاشيته ويوجد منها للآن في أكثر بلاد الشام وبلاد مصر وتكون على شكل طابق ثان ٍ لكنه ليس واسعاً وله مصعد خاص وغالباً ما يصلي عليه أناس خاصون فلو جاء إنسان مسكين لاسيما في العصر الأول ليصعد إلى هذه السدة منعوه، فهؤلاء أي الممنوعون هم أول من يرد حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
لِما امتاز الفقراء بهذا الورود؟ ولم يكن هذا للأغنياء من المهاجرين؟ فهم قد تركوا بلادهم وأوطانهم وأموالهم وما يملكون وخرجوا في سبيل الحي القيوم ابتغاء مرضاته ولا غرابة إن كوفئوا بالورود قبل غيرهم، لكن لم يحصل ذلك وفرق بينهم وبين الفقراء؟
إن الإنسان إذا هاجر وكان غنياً وعنده في هجرته ما يستعين به فإن ألم الهجرة والغربة يخف عليه، وإذا هاجر وكان فقيراً فيجتمع عليه أمران ومُصيبتان: الهجرة والفقر.
وإذا كان كذلك فبما أنه في هذه الحياة اعترتهم هذه الشدة فينبغي إذن أن يكرموا قبل غيرهم يوم الفزع الأكبر، لأنه قد اعترتهم شدة وكربة في هذه الحياة من أجل الله سبحانه وتعالى، فَيُطَمْأَن بالشرب أولاً مقابل ما حصل من قلق وخوف في هذه الحياة إذن. والمهاجر الغني ليس أمره كذلك.
وهؤلاء حالهم وإكرامهم كحال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فإن الناس يحشرون يوم القيامة حُفاة عُراة غُرْلاً () (كما بدأنا أول خلق نعيده) ويكون أول من يُكسى من هذه المخلوقات خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام والحديث في الصحيحين – لعدة اعتبارات فإن الجزاء من جنس العمل.
1 - فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولما ألقي جرد من ثيابه كيوم ولدته أمه وقُيّد ثم رمي بالمنجنيق في النار العظيمة، وهو نبي من أولي العزم الكرام بل خليل الرحمن!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/272)
فإذا كان الأمر كذلك وامتهن من قبل الأشرار في هذه الحياة فسيكسى يوم القيامة أول المخلوقات وأهل الموقف كلهم عراة كما ولدوا الرجال والنساء لا ينظر أحد إلى أحد كما قال نبينا عليه الصلاة و السلام، كما قال تعالى: (لكل امرئِ منهم يومئذ شأن يغنيه).
فأول من يكسى إبراهيم وهكذا من حصل له مثل حاله، وهذا يحصل للمؤمنين في هذا الحين من قبل المخابرات في الدول العربية عندما تأخذ شباب المسلمين لتعذبهم فتجردهم من ثيابهم ثم يعمشون أعينهم حتى لا يعلموا إلى أين يساقون، نسأل الله أن يكفينا شر الشريرين إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، فهؤلاء الذين عذبوا في السر ليستحقون هذا الإكرام وهو الكسوة قبل غيرهم؟!
2 - لأن إبراهيم عليه السلام هو أول من سن لبس السراويل وهي أستر شيء لاسيما للنساء فإذا كان السروال طويلاً يصل إلى الكعبين بالنسبة للمرأة ويزيد على الركبة بالنسبة للرجل فهو ساتر للإنسان يحول دون كشف عورته لو سقط أو جلس ولم يحطت في جلسته، وأما هذه السراويل القصيرة التي يلبسونها في هذه الأيام من لا خلاق له ثم يخرج فتراه إذا جلس بدا فخذاه، وإذا سقط – لا سمح الله – بدت عورته. ولذلك ورد في معجم الطبراني وغيره – والحديث ضعيف لكن يستدل به في الفضائل: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان جالساً أمام البقيع بعد دفن بعض الصحابة، فمرت امرأة تركب على دابة لها فتعثرت الدابة فسقطت فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها بوجهه فقيل: يا رسول الله إنها مستورة – أي تلبس السراويل – فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي]، فخليل الرحمن إبراهيم من شدة حيائه هو أول من سن السراويل، فإذا كان فيه هنا الحياء فلا يصلح لأن يترك مكشوفاً كبقية المخلوقات، بل إنه تعجل له الكسوة قبل غيره.
3 - لأنه كان أخوف الخلق لرب العالمين وكان يسمع أزيز قلبه من خشوعه وخوفه من مسافة ميل، فإذا كان هذا الخوف وهذا الاضطراب وهذا القلق فينبغي أن يعجل له الأمن 0 والكسوة علامة الأمن وأنه مرضي عنه.
فإذن خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه تعجل له الكسوة لهذه الاعتبارات وفقراء المهاجرين أوذوا وليس عندهم شيء يَتَسَلَّوْنَ به من مال يستعينون به في غربتهم فإذا بعثوا من قبورهم ينبغي أن يكون لهم شأن على أغنياء المهاجرين فضلاً عن سائر الأمة بعد ذلك.
ولما بلغ هذا الحديث – حديث ثوبان رضي الله عنه – عمر بن عبد العزيز رحمه الله بكى وقال: "لقد نكحت المنعمات" ويقصد بها فاطمة بنت عبد الملك، مع أنها تقول – أي زوجته: "ما اغتسل عمر بن عبد العزيز من جنابة - من مباشرة أو احتلام منذ ولي الخلافة حتى لقي ربه". وكانت خلافته مدة سنتين إلا شهرين، ثم قال: "وفتحت لي أبواب السدد" فالقصور تفتح لي عندما أذهب لها "لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ"؛ لينال هذا الوصف رحمه الله تعالى، أي أن ما مضى مني أسأل الله أن يتجاوز عنه ويعفو بفضله ورحمته، وأما من الآن بعد أن بلغني هذا الحديث فلن أفعل هذه الأمور.
وفاطمة بنت عبد الملك، والدها خليفة وزوجها خليفة، وأخوها خليفة – بل إخوتها الخمسة سليمان والوليد وهشام وغيرهم كانوا خلفاءً، وجدها خليفة فهذه من أعظم المنعمات وما حصل هذا لامرأة أخرى، وهي التي قيل فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها ? أخت الخليفة والخليفة زوجها
فإذن بكى رحمه الله لما بلغه هذه الحديث مع أنه رضي الله عنه جمع زوجته وإماءه وقال لهن: طرأ عليّ ما يشغلني عنكن فإن أردتن الفراق فلكن هذا، وإن أردتن البقاء فليس لي صلة بواحدة منكن .. فبكين بحيث سُمع البكاء في بيوت الجيران، ثم تحدثوا وسألوا ما السبب؟ فقالوا: عمر بن عبد العزيز خيَّر نساءه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/273)
ثم بعد ذلك قال لزوجته فاطمة هذا الحلي الذي عليك لا يحق لنا أخذ تيه من والدك عبد الملك وهذا من بيت المال فأرى أن نعيده في بيت المال، فقالت سمعاً وطاعة فأخذت حليها وأعطته إياه فأعطاه لخازن بيت المال، وخازن بيت المال احتاط فوضعه في زاوية وما صرفه في مصالح المسلمين – وبيت المال في عهد عمر بن عبد العزيز ممتلئ بالخيرات، وقد ثبت في مسند الإمام أحمد [أن الحبة من القمح كانت في عهد عمر بن عبد العزيز كرأس الثوم] وحفظ هذا بعد موته وكتب عليه: هذا كان ببيت في زمان العدل.
ولما قيل له: إن الخيرات كثرت ونطلب من نعطيه الصدقة فلا نجد، فقال: اشتروا أرقاء وأعتقوهم واجعلوا ولاءهم لبيت المال.
وكان في عهده ترعى الذئاب مع الغنم، وقد ثبت في حلية الأولياء أن بعض التابعين مرّ على راع ٍ يرعى الغنم فوجد عنده ما يزيد على ثلاثين كلباً، فقال له: ما تفعل بهذه الكلاب؟ وواحد يكفي!! فقال: سبحان الله، ألا تعلم أن هذه ذئاب وليست كلاب: فقال: ومتى اصطلح الذئب مع الشاة، فقال الراعي: "إذا صلح الرأس فما على الجسد بأس"، إذن إذا عدل أمير المؤمنين واتقى الله فإن الله يحول بين المخلوقات وبين الظلم.
ورعاة الماشية في البادية علموا بموت عمر بن عبد العزيز رحمه الله ليلة انقضت فيها الذئاب على الغنم، فلما مات عمر وهم في البادية انقضت الذئاب على الغنم، فقالوا: أرخوا هذه الليلة – أي اكتبوا تاريخها – ثم ابحثوا عما حصل فقد مات عمر فلما تحققوا من الخبر علموا أن عمر مات في تلك الليلة رحمه الله ورضي عنه.
هذا هو عمر بن عبد العزيز، فخازن بين المال عندما أعطاه عمر رحمه الله حلي فاطمة، وضعه في زاوية وما تصرف فيه فبعد أن مات عمر رضي الله عنهم أجمعين جاء إليها وقال: هذا حليك الذي أخذه عمر احتفظت به كما كان، فإذا أردتيه فخذيه، فقالت: ما كنت لأزهد فيه في حياة عمر ولأرغب فيه بعد موته.
فانظر لهذا العبد الراشد وهو خامس الخلفاء الراشدين كما قال الشافعي: "فالخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز"وهو خليفة راشد باتفاق أئمتنا وهو مجدد القرن الثاني باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 101 هـ عليه رحمة الله فعاش شيئاً من نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني.
وهو أول مجددي هذه الأمة، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود وغيره بإسناد جيد [إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها].
س: هل جاء مجددون بعده؟
ج: لا شك في ذلك، فقد جاء مجددون في كل قرن ولا يشترط أن يأتي واحد بعينه، فمجدد القرن الثالث الإمام الشافعي باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 204 هـ،ـ ويشترط في المجدد كما قلت لكم أن يدرك نهاية القرن المنصرم وبداية القرن التالي فالشافعي ولد سنة 150 هـ، فهو المجدد الثاني إذن، وهكذا سرد أئمتنا عدداً من المجددين إلى زماننا ولا يشترط أن يكون واحداً بعينه فأحياناً يوجد عدد من المجددين بحيث أن واحداً يجدد مثلاً في أمر العقيدة وتصحيح الأذهان من الخرافات، وآخر يجدد في نشر الحديث، وآخر في الجهاد، وهكذا في رأس كل مائة سنة.
ونحن في هذه الأيام – لا أقول كما يقول الناس نشهد صحوة بل في بلوى وفي عمىً – يوجد من فضل الله شيء من مظاهر التجديد وأموره ونحن في بداية قرن، وهو القرن الخامس عشر الهجري فحقيقة قد حصل تجديد في هذا الوقت كثير لكن لا أقول صحوة كما يفهم الناس ويخدرونهم بهذا الكلام لكن حصل التجديد وحصل الوعي وهذا من فضل الله.
فمصر مثلا ً سنة 1970 م لما ذهبتُ إليها لم تكن لترى فيها امرأة متحجبة، ولا ترى رجلاً في وجهه لحية، فمن فضل الله المتحجبات الآن في مصر لا أعلم لحجابهن نظير على وجه الأرض، إلا نساء الصحابة، فأنا لم أر امرأة تلبس جلباباً يجر على الأرض ذراعاً إلا في مصر، ولا أقول شبراً، وجر الثياب بالنسبة للرجل حرام ولا ينظر الله إلى من جر ثيابه خيلاء، وما نزل عن الكعبين في النار.
وانظر لعادات الناس في البلاد المتغطرسة المتكبرة، فالرجال تجر الثياب والنساء تقصرها إلى الركبتين بل إلى ما فوقها فسبحان الله!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/274)
والمرأة يجوز لها أن تتحجب بحيث تستر رجلها ويستحب لها أن ترخي ثيابها شبراً فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم [أترخيه شبراً قالت امرأة: يا رسول الله، إذن تبدو قدمها، فقال: لترخيه ذراعاً ولا تزد].
(تحدث الشيخ عن أطماع الغرب في أن نقلده في كل شيء إلا في المرأة، وفوجئ بأن نساءنا قلدنه تقليداً لا مثيل له فوجه سهامه لهن وخطط لإشراكهن في ميادين الحياة العامة ما ينفعها ولما لا ينفعها ومنه ما يسمى بتطوع النساء للقتال والدفاع المدني وكيف صارت المرأة سلعة مبتذلة بسبب هذه المخططات ثم ذكر قول علي رضي الله عنه، شر خصال الرجل خير خصال المرأة، وأن المرأة تكون سلسلة مع زوجها نافرة عنيدة مع غيره.)
وقبل أن ندخل في مبحث الشفاعة عندنا فائدتان:
الفائدة الأولي:
أنكر الخوارج والمعتزلة حوض نبينا عليه الصلاة والسلام، وحقيق بهم ألا يردوا ذلك الحوض وألا يشربوا منه.
فقالوا: لا يوجد لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض ولا للأنبياء الآخرين عليهم السلام وحجتهم أن هذا لم يثبت في القرآن، وأمور الاعتقاد لابد من أن تكون في القرآن أو في حديث متواتر.
نقول: أما أن الحوض لم يثبت في القرآن فنحن معكم، لكن قلنا: إن الأحاديث متواترة وقد رواها ما يزيد على (56) وبلغت إلى (80) صحابياً، فهي إذا لم تكن متواترة فلا يوجد متواتر إذن فيقولون: إنها ليست متواترة عندنا بل هي أحاديث آحاد لا يؤخذ بها في الاعتقاد.
وقد ضل الخوارج والمعتزلة ومعهم الشيعة في قاعدة خبيثة انتبهوا لها:
أما الخوارج والمعتزلة فقالوا: كل حديث ورد في أمر الاعتقاد وليس له أصل في القرآن يطرح وهو مردود باطل.
تقول لهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لك يطرح ولا قيمة له، وهو باطل ولو كان في الصحيحين ولو أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولذلك أهل المدرسة العقلية كالضال محمد عبده وأمثاله كما ذكرت لكم سابقاً هكذا يفعلون بالأحاديث، يقولون: آحاد ولا يؤخذ بها في الاعتقاد، فأحاديث نزول عيسى عليه السلام مثلا ً– بلغت سبعين حديثاً وهي متواترة باتفاق المحدثين، يقول محمد عبده: "لنا نحو هذه الأحاديث موقفان: الأول: أن نقول هي آحاد فلا يؤخذ بها في الاعتقاد، الموقف الثاني، على فرض التسليم بثبوتها فنؤولها بأن المسيح الدجال هو رمز للدجل والخرافات وهي الجاهيلة التي كانت قبل بعثة خير البرية عليه الصلاة والسلام، والمسيح عيسى بن مريم رمز للنور والهدى وهو الإسلام الذي جاء وأزال الجاهلية، أما أنه سينزل عيسى ويقتل الأعور الدجال فيقول هذه خرافة!! لأن عيسى عندما أراد اليهود قتله هرب وذهب إلى الهند ومات هناك وقبره معروف هناك في قرية (سُرى نكر) واسم قبره (قبر عيسى الصاحب) والصاحب عند الهنود بمنزلة الشيخ في بلاد العرب وبمنزلة الخوجة عند الأتراك، وأما قول الله تعالى: (بل رفعه الله إليه) يقول رَفْعُه هو رفع مكانة لا مكان، وكأنه وضيعاً قبل ذلك!!!.
وأما الشيعة فقد زادوا على الخوارج والمعتزلة ضلالاً فقالوا: الأحاديث إذا كانت متعلقة بأمر الاعتقاد أو بالأحكام العملية وليس لها أصل في القرآن فهي مردودة 0إذن زادوا الأحكام العملية على الخوارج والمعتزلة، ولذلك الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها في النكاح محرم إلا عند الشيعة فعندهم يجوز أن تجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها باتفاقهم، والحديث قد ثبت في مسلم وغيره [نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين أربع نسوة بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها] لكنهم يقولون لا وجود لهذا في القرآن ولتقرؤوا آية المحرمات من النساء (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم .... ) ولم يقل وأن تجمعوا بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، نعم وأن تجمعوا بين الأختين فقط فالجمع بين الأختين محرم ولا مانع أن يجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، والحديث لا قيمة له فهذا قد أثبت حكماً لا وجود له في القرآن نعوذ بالله من هذا الضلال، فهؤلاء الشيعة، هم أضل من الخوارج والمعتزلة بل هم أضل من فرق الأمة على الإطلاق، لو خلقهم الله طيراً لكانوا رَخْماً والرخم طائر أحمق لا يأكل إلا العذرة، ولو خلقهم الله بهائم لكانوا حُمُراً- جمع حمير-، وهكذا حال الشيعة لا عقل ولا نقل، وجمعوا الضلال الذي تفرق في الفرق بأسرها، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، إنما دخلوا كيداً للإسلام ومقتاً لأهله.
الفائدة الثانية:
روى ابن جرير في تفسيره عن ابن أبي نَجيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليضع أصبعيه في أذنيه].
ضع أصبعيك في أذنيك الآن واسمع صوت الكوثر حقيقة كصوت الفرات عندما يجري، وقد جربتُ هذا مراراً.
وهذا الأثر منقطع عن أمنا عائشة رضي الله عنها فابن أبي نَجيح لم يسمع منها قال الإمام ابن كثير في تفسيره وقد روى ابن أبي نَجيح هذا الأثر عن رجل عن أمنا عائشة والرجل مبهم.
وعلى كل حال فالأثر من حيث الإسناد ضعيف، وإذا ثبت عن أمنا عائشة فله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه يتعلق بمغيب لا يدركه عقل الإنسان.
وما أتى عن صاحب بحيث لا ? يقال رأياً حكمه الرفع على
ما قال في المحصول نحو من أتى ? فالحاكم الرفع لهذا أثبتا
فإذا قال الصحابي قولا ً لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
ومعنى الحديث _لو ثبت_ قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "ومعناه: أنه يسمع نظير صوت الكوثر ومثل خريره لا أنه يسمعه بنفسه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/275)
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 02:35 ص]ـ
أخي الحبيب هذا بحث من الأبحاث التي ألقاها الشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان تعليقاً على العقيدة الطحاوية:
المبحث الثاني:
مبحث الحَوض:
معناه في اللغة: مجمع الماء، بمعنى البركة كما هو معروف لدينا في هذه الأيام فنقول: بركة، مسبح، حوض وجمعه حياض وأحواض.
والمراد من الحوض:
الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
وهذا الحوض قد تواترت به الأحاديث، فأحصى الحافظ ابن حجر الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (56) صحابياً، ثم قال: بلغني أن بعض المعاصرين جمع الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (80) صحابياً.
فهذا إذن متواتر.
قال الإمام الداوودي عليه رحمة الله:
مما تواتر حديث من كذب ? ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ? ومسح خفين وهذي بعض
أي هذه بعض الأحاديث المتواترة وهي أكثر من ذلك بكثير.
(من كذب) حديث [من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار]، روي عن جملة كبيرة من الصحابة منهم العشرة المبشرون بالجنة.
(ومن بنى لله بيتاً واحتسب):
حديث [من بنى لله بيتاً واحتسب فله بيت في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ولو كمَفْحَص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة]. فهذا متواتر عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
(ورؤية) أي أحاديث الرؤية، أي رؤية المؤمنين لربهم في جنات النعيم.
(شفاعة) أي أحاديث الشفاعة، ويأتينا مبحث الشفاعة إن شاء الله بعد الحوض.
(الحوض) فأحاديث الحوض متواترة.
(ومسح الخفين) رويت أحاديث المسح على الخفين عن العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم.
وسنتكلم عن الحوض ضمن خمسة أمور متتالية ننهي بها الكلام على الحوض إن شاء الله تعالى.
الأمر الأول: وصف الحوض لا يستطيع عقل بشري أن ينعت الحوض أو يصفه، لأنه يتعلق به غيب، فالطريق لمعرفة صفة الحوض المنقول لا المعقول والرواية لا الرأي، فلا طريق لوصف الحوض إلا عما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام – من قرآن أو أحاديث – الذي لا ينطق عن الهوى فلنذكر بعض الأحاديث التي تعطينا وصفاً لهذا الحوض، إيماناً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن الذي لا ينطق عن الهوى. ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه (جمع كوز وهو القدح والكأس) كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
إذن هذا الحوض طوله مسيرة شهر نؤمن بهذا ولا نبحث بعد ذلك في كيفية هذا المسير هل هو مسيرة شهر على الجواد المسرع؟ أم مسيرة شهر على حسب السير في الدنيا؟ أم مسيرة شهر على حسب سير أهل الجنة؟ فالله أعلم، نحن نثبت اللفظ ولا نبحث في كيفيته فإنه مغيب.
وكيزانه كنجوم السماء ولا يعلم عددها إلا خالقها سبحانه وتعالى.
وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن طول الحوض وعرضه بمسافة واحدة فطوله مسيرة شهر وعرضه مسيرة شهر، ثبت في صحيح مسلم من رواية ابن عمر في الحديث المتقدم [حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء] أي أطرافه متساوية فشهر طولا ً وشهر عرضاً فتصبح الزوايا متساوية، أي على هيئة مربع كالبركة المربعة أضلاعها متساوية [ماؤه أبيض من الورِق] أي الفضة والرواية المتقدمة أبيض من اللبن، [وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
يكفي هذان الحديثان لوصف الحوض بصفة مختصرة.
إذن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام في الآخرة أضلاعه متساوية وهو مربع مسيرة شهر في شهر، زواياه سواء، الماء الذي فيه ينعش النفوس، ويصح الأبدان لونه من أحسن الألوان كلون اللبن وكلون الفضة بياض خالص ليس فيه شائبة ولا عكر ولا كدر، ريحه أطيب ريح وهو ريح المسك بل أطيب منه، وهو أحلى من العسل والكيزان التي عليه لأجل كثرة الواردين على حوض نبينا عليه الصلاة والسلام كنجوم السماء، هذا هو الوصف مختصراً.
الأمر الثاني: عدد الأحواض لنبينا عليه صلوات الله وسلامه:
له حوضان:
1 - واحد يكون قبل دخول الجنة في ساحات الحساب وعَرَصات الموقف.
2 - والآخر يكون في داخل الجنة، وكل منهما يقال له حوض ويقال له كوثر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/276)
يقال لكل منهما حوض لأنه ينطبق عليه التعريف اللغوي (مجمع الماء).
ويقال لكل منهما كوثر لأن الحوض الذي في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف يستمد ماءها من نهر الكوثر الذي في الجنة، فنهر الكوثر له ميزابان - كما سيأتي وهذا لا دخل لعقل الإنسان فيه – يصبان صباً بدفق وقوة في حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف، فنجد أن الحوض الذي في ساحة الحساب يأخذ من نهر الكوثر قيل له كوثر وحوض، والنهر الذي في الجنة اسمه الكوثر وبما أنه في مكان محصور قيل له حوض، فكل منهما حوض وكل منهما كوثر.
وقد أنزل الله سورة كاملة يمتن بها على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا الخير الذي أعطاه إياه (إنا أعطيناك الكوثر) والكوثر: على وزن فوعل من الكثرة وهو الخير الكثير في الدنيا والآخرة ويدخل في ذلك النهر العظيم الذي يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام في جنات النعيم، وفيه ميزابان يغتّان غتاً (يصبان صباً) ويشخبان من مائه في حوضه الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف فهذا خير عظيم أعطاه الله لنبيه الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير رحمه الله – تلميذ العبد الصالح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – [أنه سئل عن تفسير الكوثر فقال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فقالوا له: يقولون إنه نهر في الجنة؟، فقال سعيد بن جبير: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام]. وهذا التفسير أعم وأشمل وأحسن من أن نقصر الكوثر على خصوص النهر فنقول: الكوثر خير كثير في الدنيا والآخرة وهبة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام 0 من جملة ذلك الحوض، ونهر الكوثر والشفاعات والمقام المحمود ورتب كثيرة في الدنيا والآخرة مَنَّ الله بها على نبيه عليه صلوات الله وسلامه.
وإذا مَنَّ الله عليك بالنعم فالواجب أن تشكر المُنعِم (فصلِّ لربك وانحر) أي اجعل صلاتك خالصة له، ونحرك خالصاً له – أي ذبحك – فيكون على اسم الله خالصاً له لا تشرك معه أحداً (إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر)، فالنعم تستدعي الشكر.
ولذلك إخوتي الكرام ... ربطاً بحادثة الإسراء والمعراج – كان نبينا عليه الصلاة والسلام – كما ثبت هذا في المسند والسنن بسند حسن – [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر] وما رأيت أحداً من أئمتنا وَجَّه الحكمة في ذلك؟ ويمكن استنباطها مما سبق تقريره في سورة الكوثر.
فنذكر أن النعم تستدعي الشكر وهناك عندما يريد أن ينام يقرأ سورة بني إسرائيل ليستحضر فضل الله عليه وكيف مَنَّ الله عليه بهذا الأمر الجليل وهو الإسراء والمعراج وفي ثنايا السورة ذكر الله سبحانه الآيات التي منحها لنبينا عليه الصلاة والسلام وكيف حفظه من شياطين الإنس والجن (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)، وآيات كثيرة غيرها يخاطبه الله فيها في سورة الإسراء. إذن في هذه السورة ذِكْر فضل النبي عليه الصلاة والسلام؛ فكان لذلك يقرأها ليتذكر فضل الله عليه وهذا يستدعي ويتطلب الشكر.
وكان يقرأ سورة الزمر لأنها – كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله – سورة تمحضت في توحيد الله جل وعلا فموضوعها من أولها إلى آخرها حول توحيد الله وإخلاص الدين له.
إذن فبعد أن يذكر نعمة الله عليه ماذا يفعل؟
يوحده ويقرأ السورة التي فيها توحيد الله وعبادته كما يريد بما يريد، وانتبه لآيات هذه السورة (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم، إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) ثم بعد ذلك في جميع آيات السورة يستعرض ربنا جل وعلا ما يقرر هذا الأمر (ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلا ً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/277)
تختصمون) وفي آخر السورة يتحدث ربنا جل وعلا عن هذا (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) وفي نهاية السورة يقول (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
فإذن شكر وتوحيد، وهنا كذلك (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر).
إذن لنبينا عليه الصلاة والسلام حوضان يقال لكل منهما: حوض ويقال لكل منهما: كوثر.
قال الإمام القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة في ص 362، وقد نقل صاحب شرح العقيدة الطحاوية الإمام ابن أبي العز كلام القرطبي لكن بواسطة الإمام ابن كثير في كتابه النهاية (2/ 31) لأن ابن كثير شيخ شارح الطحاوية، وابن كثير له كتاب البداية والنهاية في التاريخ طبع الكتاب البداية فقط ولم يطبع معه النهاية، ثم طبع في جزء بعد ذلك مستقلاً منفرداً، وقد تكلم ابن كثير في النهاية في الجزء الثاني في أول صفحة منه عن الحوض وتتبع طرق أحاديثه بما يزيد عن ثلاثين صفحة والبداية يقع في 14 جزءاً في 7 مجلدات كبيرة، وكتاب التذكرة كتاب نافع وطيب وفيه خير كثير لولا ما فيه من أحاديث تالفة لا خطام لها ولا زمام وما تحرى عليه رحمة الله الصحة ولا تثبت في رواية الأحاديث، وليت الكتاب حقق وخرجت أحاديثه ليكون طالب العلم على بصيرة عند قراءة هذا الكتاب.
الحاصل .. قال الإمام القرطبي في الموضوع الذي حددناه "الصحيح أن للنبي عليه الصلاة والسلام حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً".
قال الحافظ في الفتح (11/ 466):" يطلق على الحوض كوثر لكونه يُمدّ منه"0 – كما عللته لكم – ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه (النبي) صلى الله عليه وسلم قال عند وصف الحوض: [يغتُّ فيه ميزا بان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورِق] والغت: هو جريان الماء بصوت، غتّ يَغُت غَتًّا إذا جرى الماء وصار له صوت عند جريانه من شدة هذا الماء وقوته واندفاعه، وهو الدفق بتتابع إذن معنى يغت فيه، يتدفق فيه ماء متتابع لا ينقطع.
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يشخب فيه ميزا بان من الجنة]، شخب يشخب أي يسيل فيه ميزا بان من الجنة.
وثبت في سنن الترمذي بسند حسن صحيح، والحديث رواه ابن ماجه وأحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الكوثر نهر في الجنة] وهذا هو النهر الذي له ميزا بان يغتان ويشخبان في الحوض [حافتاه من ذهب ومجراه الدّرّ والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج].
(مجراه) أي أرضه التي يجري فيها، ممر الماء، (حافتاه) أي جانباه.
إذن بالنسبة للبياض صار معنا ثلاثة أوصاف أبيض من اللبن، ومن الورق، ومن الثلج، والثلج ترى بياضه يزيد على الماء.
وهو أحلى من العسل وأطيب من المسك هذا كله في هذا النهر الذي هو في الجنة وهو نهر الكوثر وفيه ميزابان من ذهب وفضة يشخبان ويغتان في حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
س: هل هذه الأوصاف تكون لنهري دجلة والفرات أيضاً؟
جـ: لا، لا يكون هذا إلا للكوثر فقط، فهو خاص به حتى الأنهار الأخرى التي في الجنة ليس لها هذه الميزات والصفات.
وسيأتينا في الأمر الرابع أن لكل نبي حوضاً، لكن ليس حلاوة مائه وطيب رائحته كحوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
الأمر الثالث: مكان الحوض وموضعه:
كما ذكرنا هما حوضان، فأما الحوض الثاني الذي هو نهر الكوثر فهذا في الجنة بالاتفاق، وأما الحوض الأول الذي يستقي ماءه من الكوثر فهو قبل الجنة بالاتفاق، لكن اختلف في موضعه ومكانه بالتحديد، فهل يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط؟ أم يكون بعدهما؟
في المسألة قولان لأئمتنا الكرام:
وانتبه إلى أن هذين القولين ليسا من باب التقدير العقلي، إنما من باب فهم هذا من النصوص الشرعية، فالفهم من النصوص هذا غير اختراع شيء من العقول ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/278)
القول الأول: - وعليه المعول – أن الحوض يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط المستقيم وقبل الحساب لأمرين معتبرين: أولهما: الحكمة من وجود الحوض ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم [من شرب منه لم يظمأ .. ]، الناس يخرجون من قبورهم عطشى، لاسيما عندما يحشرون في الموقف [حفاة عراة غرلاً] نسأل الله حسن الخاتمة والعافية – والشمس تدنو من رؤوسهم ويلجمهم العرق فيسبحون فيه كأنهم في أحواض ماء، فما الذي يحتاجونه في ذلك الوقت؟ إنه الحوض، لذلك يكرم الله الموحدين في ذلك الحين بالشرب من حوض نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه، وهو فرطنا على الحوض، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام، فإذن أول ما يحصل لنا عند البعث لقاء نبينا عليه الصلاة والسلام، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام على حوضه يقول: هلم، هلم، ويسقينا.
فإذن لتظهر كرامة نبينا عليه الصلاة والسلام وليظهر فضله على أتم وجه، يكون هو الذي يزيل عطش الناس المؤمنين من أمته لما منّ الله عليه في الآخرة من تلك النعمة، كما أزال عنا في هذه الحياة الهم والغم بواسطة النور الذي بلغه إلينا فاطمأنت قلوبنا (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فإذن أول ما يستقبلونه بعد البعث حوض النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كان مؤمناً موحداً سقاه النبي صلى الله عليه وسلم وشرب، وإذا شرب لم يظمأ أبداً، طال الموقف أو قصر فإنه لا يبالي بذلك.
ثانيا: تواتر في حديث الحوض المتواتر أنه يُذاد وسيأتي ذكر الحديث- يدفع ويبعد أناس عن حوضه فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: أمتي أمتي، يُذادون ولا يشربون فيقال: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك والحديث في الصحيحين فأقول سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي. فهذا الذود متى يكون؟
لو كان بعد الصراط لسقطوا في النار، ولا يوجد بعد الصراط إلا الجنة، فدفع الناس لكونهم منافقين مرتدين يكون قبل الصراط لأنهم لو مروا على الصراط ونجوا لدخلوا الجنة وإذا سقطوا في جهنم لن يَرِدُوا الحوض لِيُدْفَعُوا عنه ويُبْعَدُوا.
وهذا الذي ارتآه ورجحه الإمام القرطبي في التذكرة في المكان المتقدم أي صـ (362).
والإمام ابن كثير في النهاية رجحه أيضاً كما قلت لكم إنه بحث في أحاديث الحوض فيما يزيد على 30 صفحة من أول الجزء الثاني إلي ص35 كلها في الحوض، وقد روى جميع الأحاديث بالسند الذي رواها به أصحاب الكتب المصنفة فإذا ذكر حديثاً في المسند ذكر إسناد الإمام أحمد وهكذا البخاري وغيره ولذلك طالت صفحات الكتاب والحقيقة أن أكثر صفحات الكتاب متشابهة فيورد عشرة أحادث في وصف الحوض عن الصحابة مثلا ًكلها بمعنىً واحد ولذلك لم أطل في ذكرها ومردها لا لزوم له لأنه يغني عن البقية وقلت لكم إن الحافظ ا بن حجر تتبعها فوصلت إلى (56) صحابياً رووا أحادث الحوض، قال وبلغني أن بعض المعاصرين جمعها فبلغت (80) طريقاً، ولعل الحافظ ابن حجر كان يقصد بقوله (بعض المعاصرين) الإمام العَيْنِي، أقول لعله يقصده، فقد كان بينهما شيء من النفرة فيكني عنه الحافظ دائماً في الفتح ولا يصرح به، فلعله يقصده والعلم عند الله.
والإمام ابن حجر شرح صحيح البخاري في فتح الباري
والإمام العَيْنِي شرح صحيح البخاري في عمدة القاري
والكتابان متقاربان في الحجم، فعمدة القاري (12) مجلداً في 25 جزء، وقد كان ابن حجر والعيني – في بلدة واحدة - مصر- لكن أصل الإمام العيني من بلاد الشام ثم هاجر بعد ذلك إلي مصر واستوطن فيها، وشرحا صحيح البخاري في وقت واحد، وكان كل منهما قاضياً ابن حجر قاضي الشافعية والعيني قاضي الحنفية، والأقران في الغالب يجري بينهم شيء مما يجري بين بني الإنسان، لكن دون أن يصل ذلك إلى معصية أو اعتداء، هذا في الغالب وكما قال الإمام الذهبي: ما أعلم أحداً سلم من الحسد إلا الأنبياء .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم – والحديث في درجة الحسن – [ثلاثة لا ينجو منهن أحد، الظن والطيرة والحسد، وسأخبركم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق] أي إذا رأيت شخصاً أو تصرفاً فلا تقل لعل هذا حوله ريبة - فهذا ظلم كفارته ألا تتحقق هل توجد تلك الريبة أم لا؟ [وإذا تطيرت فامض ِ] مثلا ً خرجت في صباح ذات يوم فرأيت صورة مكروهه فقلت هذا صباح مشئوم، فلا ترجع إلي البيت، بل امض ِ إلى طريقك وقل: اللهم لا خير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/279)
إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك، لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت. [وإذا حسدت فلا تبغي] أي لا تتجاوز وتعتدي. وأنا لا أجزم أنه يقصد الإمام العيني لكن في غالب ظني أنه كذلك.
وأنا أعجب حقيقة لاشتهار فتح الباري بين الناس وعدم انتشار عمدة القاري بينهم ولله في خلقه سر لا يعلمه إلا هو، ولا أقول ذلك لم ينتشر بل هو منتشر لكن ليس له من القدر والمكانة – كما يقال – ما لفتح الباري.
الحاصل .. إن الإمام ابن كثير رجح هذا القول في النهاية (2/ 3) للأمرين المعتبرين اللذين ذكرتهما لكم.
القول الثاني: أن الحوض بعد المرور على الصراط.
وإلى هذا مال الإمام البخاري عليه رحمات ربنا القوي، وفقهه في تراجم أبوابه ومذهبه في تراجم أبوابه، فأورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط، في كتاب الرقاق قال الحافظ ابن حجر:"أشار البخاري إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة والصراط"
ويفهم من كلام الحافظ ابن حجر الميل إلى هذا القول، حيث قال معللا ً ما سبق
(1) لأن الصراط بين الجنة والموقف ميزابان يغتان ويشخبان في الحوض، فلو كان الحوض في عَرَصَات الموقف وفي ساحة الحساب لكان الصراط حاجزاً بين هذين الميزابين وبين الحوض، فكيف سيصب الميزابان ماءهما في الجنة إلى الموقف وبينهما هذه الفجوة صراط وتحته جهنم. نسأل الله العافية وكل من سقط منه يسقط في جهنم وبئس المصير فإذا كان الأمر كذلك فالحوض بعد الصراط وهو قُبيل الجنة قََبل أن يدخلها المؤمنون يشربون من الحوض ويستقبلهم نبينا عليه الصلاة والسلام عندما ينتهون من الصراط فيسقيهم من حوضه فينتعشون ويفرحون بعد أن مَنَّ الله عليهم بالسلامة ثم يدخلون دار النعيم، وهذا دليل.
(2) دليل آخر قرروا به هذا القول وهو: أنه ثبت في الحديث أن مَنْ شرب مِنَ الحوض لم يظمأ بعده أبداً، وقالوا: إذا لم يكن الحوض بعد الصراط فسنقع في إشكال من هذا النص والنصوص الأخرى وهو أن عصاه الموحدين سيعذبون في نار الجحيم ولا بد أن يعذب منهم قسم لم يغفر الله لهم لأن الأحاديث تواترت في إخراج العاصين من النار وهذا يعني أن هناك عذاباً للعصاة لكن هناك أناس يعفى عنهم وأناس يعذبون، قالوا: فهؤلاء الموحدون اللذين عذبوا في النار هل شربوا من الحوض أم لا؟ إن قلنا لم يشربوا، فالأمر ليس كذلك لأنهم موحدون وليسوا من المخلدين في نار جهنم فهم يستحقون السقيا والشراب إذ كيف يعامل الموحد معاملة المنافق والملحد. وإن قلنا شربوا، فكيف سيلقون في النار، وفي النار سيعطشون. لكن إذا كان الحوض بعد الصراط فلا إشكال لأن من شرب منه دخل الجنة فالذي يعذب في النار، ثم يخرج يجوز على الصراط ثم يشرب من الحوض ويدخل الجنة وحينئذ لا إشكال هنا على هذا القول. وهذا القول على ما وجاهة ما عُلِّلَ به فهو مردود لأمرين:
الأمر الأول: لا مانع أن يكون بين الحوض والجنة فاصل، والميزابان يصبان فيه بطريقة يعلمها الله ولا نعلمها، كما قلنا في النيل والفرات فإنهما يَصبُّ فيهما نهر من أصل سدرة المنتهى بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وكم بينهما من حواجب وفواصل وليس عندنا ميزاب متصل من سدرة المنتهى إلى النيل والفرات إنما هو أمر غيبي أخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام آمنا به ولا نبحث في كيفيته.
والأمر الثاني: قولهم إذا شرب عصاة الموحدين من الحوض وعذبوا في النار سيجدون العطش والظمأ، نقول: لا يشترط هذا فيعذبون بغير أنواع العطش، وذلك ليتميز العصاة في النار عن غيرهم من الكفار الأشرار في أنهم يعذبون ولا يعطشون كرماً من الله وفضلا ً.
فالأمران مردودان، ثم نقول لهم أخبرونا كيف سيذاد ويدفع أناس عن الحوض إذا كان الحوض بعد الصراط؟! فهذا لا يأتي أبداً , فأدلتكم يمكن أن يجاب عنها، أما أدلة القول الأول فلا يمكن الإجابة عنها مطلقاً؛ ولذلك القول الأول هو الصحيح وعليه المعول بأن الحوض قبل الصراط والعلم عند الله.
الأمر الرابع: هل للأنبياء عليهم الصلاة و السلام أحواض في عَرَصَات الموقف وساحة الحساب كما لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض:
سبق أن ذكرنا أن العبرة في هذا الموضوع على النقل لا على العقل، فعمدتنا المنقول الثابت ولا دخل للاجتهاد ولا للمعقول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/280)
وقد ورد في ذلك حديث لكن اختلف في درجته، روى الإمام الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن لكل نبي حوضاً ترده أمته وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً].
(يتباهون) أي يتحدثون بنعمة الله عليهم بمنزلة حوضهم وبمن سيرده.
(أيهم أكثر وارداً) أي جماعة يردون على حوضه.
وهذا الرجاء والذي رجاه الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث حققه الله له، فأكثر أهل الجنة من أمته، وأكثر الأحواض التي سيردها الموحدون المؤمنون هو حوض نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقول ربنا فيه: [يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسع وتسعون إلى النار، فخاف الصحابة وارتاعوا فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا، وقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة] والحديث في الصحيحين.
وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.
فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.
فالحاصل .. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً]، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.
وحديث سمرة كما قلنا رواه الترمذي، وقد قال عنه: غريب، وغرائب الترمذي لا تسلم من مقال فهي ضعيفة والسبب في هذا أن الحسن البصري عليه رحمة الله عنعن الحديث عن سمرة أي رواه بصيغة عن ولم يصرح بالسماع، وفي سماع الحسن عن سمرة اختلاف، وأئمة الحديث على ثلاثة أقوال في ثبوت سماعه من سمرة:
1 - لم يسمع منه مطلقاً.
2 - سمع منه مطلقاً.
3 - وهو المعتمد، سمع منه حديث العقيقة، وقد صرح في سنن النسائي بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة بن جندب رضي الله عنه.
والحسن مدلس بالاتفاق وقد عنعنه – كما ذكرنا – ورواية المدلس إذا لم تكن بصيغة السماع فهي محمولة على الانقطاع، فالسند إذن منقطع بين سمرة وبين الحسن.
كما أن الحسن رفعه في بعض الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسقط سمرة فصار إذن مرسلاً لأن المرسل هو مرفوع التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مرفوع تابع على المشهور ? مرسل أو قيده بالكبير
كما قال هذا الإمام عبد الرحيم الأثري العراقي في ألفيته المشهورة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/281)
وقوله (أو قيده بالكبير) فهذا قول آخر في تعريف المرسل وهو أن التابعي لابد أن يكون كبيراً، من كبار التابعين لا من أوسطهم ولا من صغارهم.
والمعتمد أن التابعي صغيراً كان أو كبيراً، إذا رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرسل، فالحسن إذن أسقط سمرة رضي الله عنه، ولذلك قال الترمذي: وورد أن الحسن لم يذكر سمرة فهذا مرسل وهو أصح.
والرواية المرسلة رواها ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح إلى الحسن، أن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن لكل نبي حوضاً ... ] الحديث.
لكن مراسيل الحسن – كما يقول أئمتنا -، أشبه بالريح لا يعول عليها ولا يأخذ بها، لأنه كان لا يبالي عمن أرسل بخلاف مراسيل سعيد بن المسيب فهذه كلها يأخذ بها، حتى مَنْ ردَّ المرسل أخذ بمراسيل سعيد بن المسيب كالإمام الشافعي عليه رحمة الله.
فإن سعيد بن المسيب كان يسمع من عمه والد زوجته أبي هريرة أحاديث ويحدث عنه أحياناً، ويسقطه ولا يصرح به أحياناً أخرى لاعتبارات، منها أمور سياسية، فقد ينقل عنه سعيد رواية تتعلق بأمور العامة فلا يصرح بها بإضافتها لأبي هريرة لئلا تصبح هناك مشاكل وابتلاءات كما هو الحال في العصور التي جاءت بعد عصور الخلفاء الراشدين، وهذا من جملة أغراض التدليس حذف الصحابي أو الشيخ الذي أخذ عنه التلميذ فيسقطه لأن حوله ما حوله من الاعتبارات، وكأنه يقول لئلا ندخل في مشاكل مع الدولة، فنرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسقط الواسطة (أبا هريرة) لئلا يُستدعى ويحقق معه وما شاكل هذا.
وفعلا ً كان أبو هريرة يحفظ أحاديث فيها الإشارة إلى ذم بني أمية، فعلم سعيد بن المسيب أنه إذا حدث بها وسمى أبا هريرة، فهذا سيجر بلاءً عليه – أي على عمه – وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه – كما في صحيح البخاري - يقول: [حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم وعاءين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم] أي لقطعت رقبتي، وهذا الذي كتمه لا يتعلق بالأحكام العملية، لأنه لو كان في الأحكام العملية لبثه أبو هريرة ولم يكتمه وهو يعلم وزر كتمان العلم، إنما كان ما يكتمه هو شيء فيه الإشارة إلى ذم الأمراء الذين سيأتون بعد معاوية وأولهم الفاسق المشهور يزيد بن معاوية الذي جاء وأفسد في دين الله، وفعل ما فعل ويكفيه عاراً وشناراً قتل الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت: لم يثبت بأي سند صحيح هذا الأمر، وقد ألف في هذه الرسالة]، ولذلك كان أبو هريرة يستعيذ بالله من رأس الستين وإمرة الصبيان قبل أن يأتي رأس الستين، فمات رضي الله عنه عندما قبل رأس الستين وسلم من الفتن التي جاءت بعد الستين.
سعيد بن المسيب عندما يروي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسقطاً الواسطة ففي الغالب هو أبو هريرة، وقد تتبع أئمتنا مراسيل سعيد فوجدوها موصولة من طرق ثابتة وصحيحة عن الصحابة؛ ولذلك احتجوا بمراسيله.
الحاصل .. أن وراية الترمذي مرفوعة إلا أنها منقطعة ورواية ابن أبي الدنيا هي بسند صحيح إلى الحسن والحسن رواه مرسلاً، فالحديث من هذين الطريقتين ضعيف مرفوعاً.
لكن يتقوى بالقواعد المقررة في شرع الله وهي أن ما ثبت لهذه الأمة يثبت للأمم الأخرى، وعليه فالحوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام يكون لسائر الأنبياء الكرام عليهم السلام، إذ لا يليق بكرم الله وحكمته أن يسقي موحدي هذه الأمة ويترك الموحدين من الأمم السابقة.
ثم أضيف هنا وأقول: الحديث يتقوى () ليصل إلى درجة الحسن إن شاء الله،لأن له ثلاث شواهد متصلة عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه ابن أبي الدنيا، وعن ابن عباس كما أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً عن عوف بن مالك، هذا بالإضافة إلى الشاهد المرسل الصحيح الذي أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً، فالحديث بمجموع هذه الطرق يكتسب قوة ويرتفع إلى درجة الحسن، والعلم عند الله.
إذن فلكل نبي حوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما لنبينا عليه الصلاة والسلام، لكن يمتاز حوض نبينا عليه الصلاة والسلام بأمرين:
الأمر الأول: أن ماء حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أطيب المياه فهو من نهر الكوثر، وهذا لا يثبت لغيره من الأحواض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/282)
الأمر الثاني: أن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكبر الأحواض وأعظمها وأجلها، و هو أكثرها وارداً.
وإلى جانب هذا ذهب أئمة الإسلام، يقول الحافظ في الفتح (11/ 467) عند أحاديث الحوض في كتاب الرقاق: "إن ثبت () – أي خبر الترمزي ومرسل الحسن – فالمختص بنبينا عليه الصلاة والسلام "أن حوضه يكون ماؤه من الكوثر".
والأمر الثاني قال فيه الإمام ابن كثير في النهاية (2/ 38) حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أعظمها وأجلها وأكثرها وارداً".
تنبيه: ورد في مطبوعة مكة من شرح العقيدة الطحاوية بتحقيق أحمد شاكر، وفي مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق جماعة من العلماء تصحيف بدل كلمة (أجلها) وقع عندهم (أجلاها)، وإن كان كلا المعنيين صحيح.
الخلاصة: أن لكل نبي حوضاً يوم القيامة، لكن حوض نبينا عليه الصلاة و السلام يمتاز بأمرين ماؤه أطيب المياه، ووارده أكثر من بقية الأحواض.
الأمر الخامس: يتعلق بأمرين:
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره.
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم:
كل موحد ختم له بالتوحيد سيرد ذلك الحوض المجيد
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: [أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة (يعني البقيع) فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] وفي بعض الروايات في زيارات نبينا عليه الصلاة والسلام للقبور يقول: [السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون].
و (السلام عليكم) هذا خطاب من يسمع ويعقل ويعي ويفهم، وسماع الأموات أدق من سماع الأحياء، ولذلك لو دخل داخل إلى المعهد وسلم عند باب المعهد لن يسمعه مَنْ في الفصل بل حتى لو كان أقرب من ذلك، بينما لو كنا موتى لسمعناه فبمجرد أن يدخل رجل إلى المقبرة ويقول السلام عليكم لسمع كل مدفون في تلك المقبرة – ولو كانت واسعة ما كانت – سلامه وردوا عليه في قبورهم.
و (إن شاء الله) هل هناك شك في اللحوق بهم؟ لا لكنها من باب التبرك وتعليق الأمر على أنه تابع لمشيئة الله، كقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)، وسيأتينا بحث الاستثناء في الإيمان إن شاء الله تعالى فهو من المباحث المقررة عندنا، وأن الاستثناء يجوز في الإيمان لأربعة أمور معتبرة من جملتها هذا من باب التبرك باسم الله، فتقول أنا مسلم إن شاء الله تعالى، ولا بأس في ذلك.
ثم قال نبينا وحبيبنا عليه صلوات الله وسلامه – وهذه تكملة الحديث [وددت أنا رأينا إخواننا فقال الصحابة رضوان الله عليهم: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟!، قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني] عليك صلوات الله وسلامه، انتبه!! (أنتم أصحابي) أي أنتم لكم مزية على الأخوة العامة فقد فزتم بشرف الصحبة فأنتم إخوان وأصحاب.
وَمَََنْ بعدكم إخوان لي، كما تقول هذا ابني ولا تقول هذا أخي، فهو أخوك في دين الله ولكن تقول له ابني لأن هذا أخص من الأخوة العامة وهنا كذلك الصحبة أخص من الأخوة العامة.
فانظر لحب نبينا عليه الصلاة والسلام لنا، فلنكافئ هذا الحب بمثله، فهو يتمنى أن يرانا ووالله نتمنى أن نراه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا ولو قيل لنا تفوزون بنظرة إلى نور نبينا عليه الصلاة والسلام مقابل أن تفقدوا حياتكم وأموالكم وأهلكم، لقلنا هذا يسير يسير، ضئيل حقير، ولذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله] وهو في مختصر مسلم برقم (1604).
وتتمة الحديث الذي معنا [فقال الصحابة: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي من أمتك ولم تره؟! فقال: أرأيتم لو أن رجلا له خيلٌ غُرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، أما كان يعرفها؟ قالوا: بلى، قال: فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً] اللهم لا تجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/283)
(غرّ): الغرّ بياض في الوجه، وهو من الصفات الجيدة في الفرس، وهذه الأمة تبعث يوم القيامة والنور يتلألأ في وجهها من آثار الوضوء، والوضوء حلية المؤمن.
(محجلة): بياض في قوائم الفرس، وهو من الصفات الجيدة فيها أيضاً، وهو من علامة جودتها، وهذه الأمة تأتي يوم القيامة وأعضاء الوضوء فيها تتلألأ (الوجه والأيدي والأرجل)، ففي وجوههم نور وفي أطرافهم نور.
(دُهْم) سوداء
(بُهم) سوادها خالص ليس فيها لون آخر.
فهذه الأمة تأتي يوم القيامة غراًُ محجلين، فالوضوء ثابت لهذه الأمة وللأمم السابقة لكن أثر الوضوء (الغرة والتحجيل) ثبت لهذه الأمة ولم يثبت للأمم السابقة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولذلك ورد في صحيح مسلم أنه [سيما ليست لغيركم] أي هذه السمة الغرة والتحجيل ليست لغيركم.
إذن إخوانه عليه الصلاة والسلام ونسأل الله أن يجعلنا منهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وجميع أهل الموقف ليس لهم هذا الوصف، وبالتالي فيميز نبينا صلى الله عليه وسلم أمته الكثيرة من تلك الأمم الوفيرة الغفيرة.
ثم أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن صنف شقي، أظهر الإيمان وأبطن النفاق والكفران، فيأتون إلى حوض النبي عليه الصلاة والسلام فيذادون ويدفعون تدفعهم الملائكة وتطردهم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألا هلم، هلم فأنتم من أمتي ويبدو عليكم – في الظاهر – علامات الوضوء!! لكن بعد ذلك يخفت ذلك النور ويذهب، فيقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك وفي بعض الروايات: [إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم] وقد حصل هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ارتدوا، وهذا حاصل في هذه الأيام بكثرة فيمن يدعي الإسلام ويحارب النبي عليه الصلاة والسلام يقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، فهل يرد هذا حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا، إن هذا أكفر من أبي جهل وألعن من إبليس، فهو وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فقد أتى بما ينقض به إيمانه، حيث زعم أن شريعة الله لا تصلح لهذه الحياة، فهي أمور كهنوتية فقط، في داخل المسجد نصلي ونرقص (رقص الصوفية) وخارج المسجد ليس لله شأن في حياتنا وأمورنا، كما قال سعد زغلول "الدين لله والوطن للجميع".
وكما قال شاعر البعث عليه وعلى حزبه لعنة الله:
سلام على كفر يوحد بيننا ? وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ويكتبون في شعاراتهم الضالة في الأمكنة البارزة على الأركان وغيرها:
كذب الدعي بما ادعى ? البعث لن يتصدعا
لا تسل عني ولا عن مذهبي ? أنا بعثي اشتراكي عربي
ولا يقولون: أنا مسلم، بل الإسلام في المسجد فقط.
ويكتب الآن في لوحات المدارس: لو مثلوا لي وطني وثناً لعبدت ذلك الوثن.
كلمة وطن ووطنية فما هي الوطنية؟!!
إن الجنسية المعتبرة بين العقلاء والتي يمكن أن تجمع بين الناس جميعاً هي جنسية الإسلام فقط، وكل ما عداها يفرق بين المسلمين ويوقع بينهم العداوة.
الحاصل .. من يدعو إلى الأفكار الهدامة الباطلة، فماذا سيكون حاله؟ هل يشرب من الحوض؟! وهل يستوي مع المؤمنين في الشرب منه؟
لا يستوي إخوتي الكرام.
وليس معنى يذادون للرجال فقط أي أن النساء لا تذاد، بل هذا من باب تعليق الشارع الأحكام بصنف من الصنفين وما يشمل أحدهما يشمل الصنف الآخر، كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) و (الذين) خطاب للذكور، (وعليكم) خطاب للذكور أيضاً ويشمل الذكور والإناث، لأن ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة سواءً بسواء إلا إذا قام دليل على التخصيص فالنساء شقائق الرجال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فمثلا ً: لو جاءت هدى شعراوي للحوض فهل تتمكن من الشرب منه؟ لا فهذه أعتى من أبي جهل، وأعتى من عبد الله بن أبي بن سلول.
وكذلك نزلي سعد زغلول وميادة أو مي الشاعرة (هؤلاء الثلاثة صاحبات الصالونات في مصر االتي أفسدت العالم).
وأنا أعجب حقيقة – إخوتي الكرام – لمضاء عزيمة النساء وكيف غيرت هذه النساء الثلاثة الحياة في هذه الأوقات.
وفي المقابل تأتي للنساء الصالحات فلا ترى بعد ذلك إلا خمولاً وانعزالية وعدم بصيرة في هذه الحياة وتدبير لما يراد بهن فهذا لابد له من وعي – إخوتي الكرام – ولابد له من عزيمة ولابد من تحرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/284)
فإذن هناك رجال يذادون ونساء يذدن ويدفعن فليس هو عقوبة للرجال فقط.
وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أنا فرطكم على الحوض، ومن ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم].
وفي رواية أبي سعيد الخدري في تكملة حديث سهل بن سعد الساعدي [فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، سحقاً، سحقاً لمن بدل بعدي].
(والفرط) هو المتقدم أي أنا أتقدمكم على الحوض.
إذن يرده كل الموحدين إلا من بدل وغير ونافق وكفر.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره:
أول مَنْ يتقدم في الورود عليه عندما يخرج الناس من قبورهم وهم عطاش هم صعاليك المهاجرين وفقراؤهم.
المحاضرة التاسعة عشرة: الأربعاء 10/ 4/1412هـ
ثبت في سنن الترمذي بسند حسن عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين، الشُعث رؤوساً، الدُنُس ثياباً، الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد].
(الشعث): جمع أشعث، أي شعره متلبد وليس عنده وقت لتمشيطه وتسريحه وتجميله.
(دُنس): أي ثيابهم دنسة، وليس المراد من الدنس فيها نجاسة أو قذارة لكنها ثياب ممتهنة عند الناس قي قلة ثمنها، هذا كما ثبت في سنن الترمذي وغيره بسند حسن [البذاذة من الإيمان] والبذاذاة هي رثة الهيئة وعدم الاعتناء بالملبس، فمتى ما كوى ملابسه فليست دنسة حينئذ فلا يكوي ملابسه لا بنفسه ولا يضعها في دكان كي.
فخلاف حالنا الآن فعندما يريد أن يلبس الغُترة (الكوفية) فتراه لابد أن يجعلها مثل السيف من الأمام ولا نقول هذا حرام لكنها درجة دون الكمال أي أن يأْسِرَ الإنسانَ لباسُه، فليفرض أن هذا اللباس لم يتهيأ له ولذلك البذاذة من الإيمان [من ترك اللباس الفاخر وهو قادر عليه دعاه الله يوم القيامة وخَيَّرَهُ من حُلل الجنة ما شاء].
(الذين لا ينكحون المنعمات) هذا وصف ثالث أي الثريات الموسرات بنات المترفين والأغنياء، فلا يقبلون الزواج بهن.
(ولا تفتح لهم أبواب السُدد) وهذا هو الوصف الرابع، والسُدد هي القصور والمقصورات التي تكون خاصة بالمترفين، مثل بيوت الأمراء ومثل المقاصر التي عملها معاوية وهو أول من عمل المقصورة في المسجد وهي مكان خاص في المسجد لا يدخلها إلا هو وحاشيته ويوجد منها للآن في أكثر بلاد الشام وبلاد مصر وتكون على شكل طابق ثان ٍ لكنه ليس واسعاً وله مصعد خاص وغالباً ما يصلي عليه أناس خاصون فلو جاء إنسان مسكين لاسيما في العصر الأول ليصعد إلى هذه السدة منعوه، فهؤلاء أي الممنوعون هم أول من يرد حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
لِما امتاز الفقراء بهذا الورود؟ ولم يكن هذا للأغنياء من المهاجرين؟ فهم قد تركوا بلادهم وأوطانهم وأموالهم وما يملكون وخرجوا في سبيل الحي القيوم ابتغاء مرضاته ولا غرابة إن كوفئوا بالورود قبل غيرهم، لكن لم يحصل ذلك وفرق بينهم وبين الفقراء؟
إن الإنسان إذا هاجر وكان غنياً وعنده في هجرته ما يستعين به فإن ألم الهجرة والغربة يخف عليه، وإذا هاجر وكان فقيراً فيجتمع عليه أمران ومُصيبتان: الهجرة والفقر.
وإذا كان كذلك فبما أنه في هذه الحياة اعترتهم هذه الشدة فينبغي إذن أن يكرموا قبل غيرهم يوم الفزع الأكبر، لأنه قد اعترتهم شدة وكربة في هذه الحياة من أجل الله سبحانه وتعالى، فَيُطَمْأَن بالشرب أولاً مقابل ما حصل من قلق وخوف في هذه الحياة إذن. والمهاجر الغني ليس أمره كذلك.
وهؤلاء حالهم وإكرامهم كحال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فإن الناس يحشرون يوم القيامة حُفاة عُراة غُرْلاً () (كما بدأنا أول خلق نعيده) ويكون أول من يُكسى من هذه المخلوقات خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام والحديث في الصحيحين – لعدة اعتبارات فإن الجزاء من جنس العمل.
1 - فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولما ألقي جرد من ثيابه كيوم ولدته أمه وقُيّد ثم رمي بالمنجنيق في النار العظيمة، وهو نبي من أولي العزم الكرام بل خليل الرحمن!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/285)
فإذا كان الأمر كذلك وامتهن من قبل الأشرار في هذه الحياة فسيكسى يوم القيامة أول المخلوقات وأهل الموقف كلهم عراة كما ولدوا الرجال والنساء لا ينظر أحد إلى أحد كما قال نبينا عليه الصلاة و السلام، كما قال تعالى: (لكل امرئِ منهم يومئذ شأن يغنيه).
فأول من يكسى إبراهيم وهكذا من حصل له مثل حاله، وهذا يحصل للمؤمنين في هذا الحين من قبل المخابرات في الدول العربية عندما تأخذ شباب المسلمين لتعذبهم فتجردهم من ثيابهم ثم يعمشون أعينهم حتى لا يعلموا إلى أين يساقون، نسأل الله أن يكفينا شر الشريرين إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، فهؤلاء الذين عذبوا في السر ليستحقون هذا الإكرام وهو الكسوة قبل غيرهم؟!
2 - لأن إبراهيم عليه السلام هو أول من سن لبس السراويل وهي أستر شيء لاسيما للنساء فإذا كان السروال طويلاً يصل إلى الكعبين بالنسبة للمرأة ويزيد على الركبة بالنسبة للرجل فهو ساتر للإنسان يحول دون كشف عورته لو سقط أو جلس ولم يحطت في جلسته، وأما هذه السراويل القصيرة التي يلبسونها في هذه الأيام من لا خلاق له ثم يخرج فتراه إذا جلس بدا فخذاه، وإذا سقط – لا سمح الله – بدت عورته. ولذلك ورد في معجم الطبراني وغيره – والحديث ضعيف لكن يستدل به في الفضائل: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان جالساً أمام البقيع بعد دفن بعض الصحابة، فمرت امرأة تركب على دابة لها فتعثرت الدابة فسقطت فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها بوجهه فقيل: يا رسول الله إنها مستورة – أي تلبس السراويل – فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي]، فخليل الرحمن إبراهيم من شدة حيائه هو أول من سن السراويل، فإذا كان فيه هنا الحياء فلا يصلح لأن يترك مكشوفاً كبقية المخلوقات، بل إنه تعجل له الكسوة قبل غيره.
3 - لأنه كان أخوف الخلق لرب العالمين وكان يسمع أزيز قلبه من خشوعه وخوفه من مسافة ميل، فإذا كان هذا الخوف وهذا الاضطراب وهذا القلق فينبغي أن يعجل له الأمن 0 والكسوة علامة الأمن وأنه مرضي عنه.
فإذن خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه تعجل له الكسوة لهذه الاعتبارات وفقراء المهاجرين أوذوا وليس عندهم شيء يَتَسَلَّوْنَ به من مال يستعينون به في غربتهم فإذا بعثوا من قبورهم ينبغي أن يكون لهم شأن على أغنياء المهاجرين فضلاً عن سائر الأمة بعد ذلك.
ولما بلغ هذا الحديث – حديث ثوبان رضي الله عنه – عمر بن عبد العزيز رحمه الله بكى وقال: "لقد نكحت المنعمات" ويقصد بها فاطمة بنت عبد الملك، مع أنها تقول – أي زوجته: "ما اغتسل عمر بن عبد العزيز من جنابة - من مباشرة أو احتلام منذ ولي الخلافة حتى لقي ربه". وكانت خلافته مدة سنتين إلا شهرين، ثم قال: "وفتحت لي أبواب السدد" فالقصور تفتح لي عندما أذهب لها "لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ"؛ لينال هذا الوصف رحمه الله تعالى، أي أن ما مضى مني أسأل الله أن يتجاوز عنه ويعفو بفضله ورحمته، وأما من الآن بعد أن بلغني هذا الحديث فلن أفعل هذه الأمور.
وفاطمة بنت عبد الملك، والدها خليفة وزوجها خليفة، وأخوها خليفة – بل إخوتها الخمسة سليمان والوليد وهشام وغيرهم كانوا خلفاءً، وجدها خليفة فهذه من أعظم المنعمات وما حصل هذا لامرأة أخرى، وهي التي قيل فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها ? أخت الخليفة والخليفة زوجها
فإذن بكى رحمه الله لما بلغه هذه الحديث مع أنه رضي الله عنه جمع زوجته وإماءه وقال لهن: طرأ عليّ ما يشغلني عنكن فإن أردتن الفراق فلكن هذا، وإن أردتن البقاء فليس لي صلة بواحدة منكن .. فبكين بحيث سُمع البكاء في بيوت الجيران، ثم تحدثوا وسألوا ما السبب؟ فقالوا: عمر بن عبد العزيز خيَّر نساءه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/286)
ثم بعد ذلك قال لزوجته فاطمة هذا الحلي الذي عليك لا يحق لنا أخذ تيه من والدك عبد الملك وهذا من بيت المال فأرى أن نعيده في بيت المال، فقالت سمعاً وطاعة فأخذت حليها وأعطته إياه فأعطاه لخازن بيت المال، وخازن بيت المال احتاط فوضعه في زاوية وما صرفه في مصالح المسلمين – وبيت المال في عهد عمر بن عبد العزيز ممتلئ بالخيرات، وقد ثبت في مسند الإمام أحمد [أن الحبة من القمح كانت في عهد عمر بن عبد العزيز كرأس الثوم] وحفظ هذا بعد موته وكتب عليه: هذا كان ببيت في زمان العدل.
ولما قيل له: إن الخيرات كثرت ونطلب من نعطيه الصدقة فلا نجد، فقال: اشتروا أرقاء وأعتقوهم واجعلوا ولاءهم لبيت المال.
وكان في عهده ترعى الذئاب مع الغنم، وقد ثبت في حلية الأولياء أن بعض التابعين مرّ على راع ٍ يرعى الغنم فوجد عنده ما يزيد على ثلاثين كلباً، فقال له: ما تفعل بهذه الكلاب؟ وواحد يكفي!! فقال: سبحان الله، ألا تعلم أن هذه ذئاب وليست كلاب: فقال: ومتى اصطلح الذئب مع الشاة، فقال الراعي: "إذا صلح الرأس فما على الجسد بأس"، إذن إذا عدل أمير المؤمنين واتقى الله فإن الله يحول بين المخلوقات وبين الظلم.
ورعاة الماشية في البادية علموا بموت عمر بن عبد العزيز رحمه الله ليلة انقضت فيها الذئاب على الغنم، فلما مات عمر وهم في البادية انقضت الذئاب على الغنم، فقالوا: أرخوا هذه الليلة – أي اكتبوا تاريخها – ثم ابحثوا عما حصل فقد مات عمر فلما تحققوا من الخبر علموا أن عمر مات في تلك الليلة رحمه الله ورضي عنه.
هذا هو عمر بن عبد العزيز، فخازن بين المال عندما أعطاه عمر رحمه الله حلي فاطمة، وضعه في زاوية وما تصرف فيه فبعد أن مات عمر رضي الله عنهم أجمعين جاء إليها وقال: هذا حليك الذي أخذه عمر احتفظت به كما كان، فإذا أردتيه فخذيه، فقالت: ما كنت لأزهد فيه في حياة عمر ولأرغب فيه بعد موته.
فانظر لهذا العبد الراشد وهو خامس الخلفاء الراشدين كما قال الشافعي: "فالخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز"وهو خليفة راشد باتفاق أئمتنا وهو مجدد القرن الثاني باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 101 هـ عليه رحمة الله فعاش شيئاً من نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني.
وهو أول مجددي هذه الأمة، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود وغيره بإسناد جيد [إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها].
س: هل جاء مجددون بعده؟
ج: لا شك في ذلك، فقد جاء مجددون في كل قرن ولا يشترط أن يأتي واحد بعينه، فمجدد القرن الثالث الإمام الشافعي باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 204 هـ،ـ ويشترط في المجدد كما قلت لكم أن يدرك نهاية القرن المنصرم وبداية القرن التالي فالشافعي ولد سنة 150 هـ، فهو المجدد الثاني إذن، وهكذا سرد أئمتنا عدداً من المجددين إلى زماننا ولا يشترط أن يكون واحداً بعينه فأحياناً يوجد عدد من المجددين بحيث أن واحداً يجدد مثلاً في أمر العقيدة وتصحيح الأذهان من الخرافات، وآخر يجدد في نشر الحديث، وآخر في الجهاد، وهكذا في رأس كل مائة سنة.
ونحن في هذه الأيام – لا أقول كما يقول الناس نشهد صحوة بل في بلوى وفي عمىً – يوجد من فضل الله شيء من مظاهر التجديد وأموره ونحن في بداية قرن، وهو القرن الخامس عشر الهجري فحقيقة قد حصل تجديد في هذا الوقت كثير لكن لا أقول صحوة كما يفهم الناس ويخدرونهم بهذا الكلام لكن حصل التجديد وحصل الوعي وهذا من فضل الله.
فمصر مثلا ً سنة 1970 م لما ذهبتُ إليها لم تكن لترى فيها امرأة متحجبة، ولا ترى رجلاً في وجهه لحية، فمن فضل الله المتحجبات الآن في مصر لا أعلم لحجابهن نظير على وجه الأرض، إلا نساء الصحابة، فأنا لم أر امرأة تلبس جلباباً يجر على الأرض ذراعاً إلا في مصر، ولا أقول شبراً، وجر الثياب بالنسبة للرجل حرام ولا ينظر الله إلى من جر ثيابه خيلاء، وما نزل عن الكعبين في النار.
وانظر لعادات الناس في البلاد المتغطرسة المتكبرة، فالرجال تجر الثياب والنساء تقصرها إلى الركبتين بل إلى ما فوقها فسبحان الله!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/287)
والمرأة يجوز لها أن تتحجب بحيث تستر رجلها ويستحب لها أن ترخي ثيابها شبراً فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم [أترخيه شبراً قالت امرأة: يا رسول الله، إذن تبدو قدمها، فقال: لترخيه ذراعاً ولا تزد].
(تحدث الشيخ عن أطماع الغرب في أن نقلده في كل شيء إلا في المرأة، وفوجئ بأن نساءنا قلدنه تقليداً لا مثيل له فوجه سهامه لهن وخطط لإشراكهن في ميادين الحياة العامة ما ينفعها ولما لا ينفعها ومنه ما يسمى بتطوع النساء للقتال والدفاع المدني وكيف صارت المرأة سلعة مبتذلة بسبب هذه المخططات ثم ذكر قول علي رضي الله عنه، شر خصال الرجل خير خصال المرأة، وأن المرأة تكون سلسلة مع زوجها نافرة عنيدة مع غيره.)
وقبل أن ندخل في مبحث الشفاعة عندنا فائدتان:
الفائدة الأولي:
أنكر الخوارج والمعتزلة حوض نبينا عليه الصلاة والسلام، وحقيق بهم ألا يردوا ذلك الحوض وألا يشربوا منه.
فقالوا: لا يوجد لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض ولا للأنبياء الآخرين عليهم السلام وحجتهم أن هذا لم يثبت في القرآن، وأمور الاعتقاد لابد من أن تكون في القرآن أو في حديث متواتر.
نقول: أما أن الحوض لم يثبت في القرآن فنحن معكم، لكن قلنا: إن الأحاديث متواترة وقد رواها ما يزيد على (56) وبلغت إلى (80) صحابياً، فهي إذا لم تكن متواترة فلا يوجد متواتر إذن فيقولون: إنها ليست متواترة عندنا بل هي أحاديث آحاد لا يؤخذ بها في الاعتقاد.
وقد ضل الخوارج والمعتزلة ومعهم الشيعة في قاعدة خبيثة انتبهوا لها:
أما الخوارج والمعتزلة فقالوا: كل حديث ورد في أمر الاعتقاد وليس له أصل في القرآن يطرح وهو مردود باطل.
تقول لهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لك يطرح ولا قيمة له، وهو باطل ولو كان في الصحيحين ولو أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولذلك أهل المدرسة العقلية كالضال محمد عبده وأمثاله كما ذكرت لكم سابقاً هكذا يفعلون بالأحاديث، يقولون: آحاد ولا يؤخذ بها في الاعتقاد، فأحاديث نزول عيسى عليه السلام مثلا ً– بلغت سبعين حديثاً وهي متواترة باتفاق المحدثين، يقول محمد عبده: "لنا نحو هذه الأحاديث موقفان: الأول: أن نقول هي آحاد فلا يؤخذ بها في الاعتقاد، الموقف الثاني، على فرض التسليم بثبوتها فنؤولها بأن المسيح الدجال هو رمز للدجل والخرافات وهي الجاهيلة التي كانت قبل بعثة خير البرية عليه الصلاة والسلام، والمسيح عيسى بن مريم رمز للنور والهدى وهو الإسلام الذي جاء وأزال الجاهلية، أما أنه سينزل عيسى ويقتل الأعور الدجال فيقول هذه خرافة!! لأن عيسى عندما أراد اليهود قتله هرب وذهب إلى الهند ومات هناك وقبره معروف هناك في قرية (سُرى نكر) واسم قبره (قبر عيسى الصاحب) والصاحب عند الهنود بمنزلة الشيخ في بلاد العرب وبمنزلة الخوجة عند الأتراك، وأما قول الله تعالى: (بل رفعه الله إليه) يقول رَفْعُه هو رفع مكانة لا مكان، وكأنه وضيعاً قبل ذلك!!!.
وأما الشيعة فقد زادوا على الخوارج والمعتزلة ضلالاً فقالوا: الأحاديث إذا كانت متعلقة بأمر الاعتقاد أو بالأحكام العملية وليس لها أصل في القرآن فهي مردودة 0إذن زادوا الأحكام العملية على الخوارج والمعتزلة، ولذلك الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها في النكاح محرم إلا عند الشيعة فعندهم يجوز أن تجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها باتفاقهم، والحديث قد ثبت في مسلم وغيره [نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين أربع نسوة بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها] لكنهم يقولون لا وجود لهذا في القرآن ولتقرؤوا آية المحرمات من النساء (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم .... ) ولم يقل وأن تجمعوا بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، نعم وأن تجمعوا بين الأختين فقط فالجمع بين الأختين محرم ولا مانع أن يجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، والحديث لا قيمة له فهذا قد أثبت حكماً لا وجود له في القرآن نعوذ بالله من هذا الضلال، فهؤلاء الشيعة، هم أضل من الخوارج والمعتزلة بل هم أضل من فرق الأمة على الإطلاق، لو خلقهم الله طيراً لكانوا رَخْماً والرخم طائر أحمق لا يأكل إلا العذرة، ولو خلقهم الله بهائم لكانوا حُمُراً- جمع حمير-، وهكذا حال الشيعة لا عقل ولا نقل، وجمعوا الضلال الذي تفرق في الفرق بأسرها، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، إنما دخلوا كيداً للإسلام ومقتاً لأهله.
الفائدة الثانية:
روى ابن جرير في تفسيره عن ابن أبي نَجيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليضع أصبعيه في أذنيه].
ضع أصبعيك في أذنيك الآن واسمع صوت الكوثر حقيقة كصوت الفرات عندما يجري، وقد جربتُ هذا مراراً.
وهذا الأثر منقطع عن أمنا عائشة رضي الله عنها فابن أبي نَجيح لم يسمع منها قال الإمام ابن كثير في تفسيره وقد روى ابن أبي نَجيح هذا الأثر عن رجل عن أمنا عائشة والرجل مبهم.
وعلى كل حال فالأثر من حيث الإسناد ضعيف، وإذا ثبت عن أمنا عائشة فله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه يتعلق بمغيب لا يدركه عقل الإنسان.
وما أتى عن صاحب بحيث لا ? يقال رأياً حكمه الرفع على
ما قال في المحصول نحو من أتى ? فالحاكم الرفع لهذا أثبتا
فإذا قال الصحابي قولا ً لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
ومعنى الحديث _لو ثبت_ قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "ومعناه: أنه يسمع نظير صوت الكوثر ومثل خريره لا أنه يسمعه بنفسه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/288)
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:56 ص]ـ
الأخ عبد المصورأوردك الله حوض نبيه صلى الله عليه وسلم اين أجد المكتبه وأن كنت من السعوديه ففي اي المكاتب تتوقع أن اجده
جزك الله خيرا على دعائك ... وانت كذلك
هاتف مكتبة العلوم والحكم بالمدينة
8473148
8361065
مفتاح المدينة 04
ـ[ظافر الخطيب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:39 ص]ـ
الأخ ابو عبد الكريم لك من اسم ابيك نصيب وأثابك الباري0 وأشكر الأخ العزيز عبد المصورالسني(49/289)
طامة جديدة: القرضاوي يجيز بناء معابد الكفر في بلاد الإسلام وفي جزيرة العرب!!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 05 - 08, 06:45 ص]ـ
وأجاز القرضاوي للمسلمين أيضا المشاركة في بناء وإقامة الكنائس (خلافاً للإجماع)!
وشهدت قطر في مارس الماضي افتتاح أول كنيسة كاثوليكية تحمل اسم "سيدة وردية"، وسمحت ببناء أربع كنائس لباقي أتباع الطوائف المسيحية، وقد شهد افتتاح الكنيسة جدلا بين علماء قطر ما بين مؤيد ومعارض. فعلماء السلطان يؤيدون وعلماء الرحمن يعارضون.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[22 - 05 - 08, 06:50 ص]ـ
لا حول ولا قوة الا بالله
وانظر ما يقول:
وتابع أن مثل ذلك غير المسلمين من غير المواطنين الذين دخلوا دار الإسلام بأمان، أي بتأشيرات دخول وإقامة، للعمل في بلاد المسلمين، وتكاثرت أعدادهم، واستمرَّ وجودهم، بحيث أصبحوا في حاجة إلى كنائس يعبدون ربهم فيها، فأجاز لهم ولي الأمر ذلك في حدود الحاجة، معاملة بالمثل، أي كما يسمحون هم للمسلمين في ديارهم بإنشاء المساجد لإقامة الصلوات".
ويدعى القرضاوى:
وأشار إلى أن الرأي الثاني وهو الجواز وقد ذهب إلى جواز تعاقد المسلم على بناء الكنيسة أو إجارة الدار لتتخذ كنيسة الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، خلافا لصاحبيه أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.
فهل هذا القول صحيح عن الامام ابوحنيفه؟
ـ[احمد العثيمين]ــــــــ[22 - 05 - 08, 08:35 ص]ـ
http://azubair.net/ftawa/fknisa.htm نقلت لك أخي هذا البحث النفيس للشيخ عبدالله الزبير عبدالرحمن
حكم تصميم المسلم للكنائس وبنائها
! السؤال:
حكم تصميم المسلم للكنائس وبنائها؟.
! الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
في هذه المسألة أربعة مذاهب:
المذهب الأول: كفر من يبني الكنيسة:
فقد ذهب الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله إلى أنّ بناء الكنائس كفر، إذا بناها المسلم فقال رحمه الله: " إنّ بناء الكنائس كفر إذا بناها مسلم، ويكون ردة في حقه لاستلزامه إرادة الكفر "
قال زين الدين الكتاني موجهاً مذهب الأشعري: " لأنّ عنده إرادة الكفر كفر، لا لذاتها، لكن لكونها استهانة بالدين ". ([1]).
وكلام الأشعري " إذا بناها مسلم " يحتمل أمرين:
الأول: أنه يريد بذلك إذا بناها ابتداءً رغبة في تشييدها إعانة للكفار وتعظيماً لدينهم.
الأمر الثاني: أنه يقصد بناءها مطلقاً سواء أكان ذلك رغبة في إعانتهم على كفرهم وإظهاراً لشعائرهم الباطلة، أم كان ذلك إجارة ومقاولة.
المذهب الثاني: مذهب التحريم:
وقد ذهب إلى تحريم بناء الكنائس والعمل على تشييدها وإقامتها جماهير الفقهاء، وهو قول المالكية والحنابلة وجمهور الشافعية وهو قول الصاحبين ـ أبي يوسف ومحمد ـ من الحنفية.
ـ جاء في المدونة الكبرى: " أرأيت الرجل أيحل له أن يؤاجر نفسه في عمل كنيسة في قول مالك؟ قال: لا يجوز له لأن مالكاً قال: " لا يؤاجر الرجل نفسه في شيء مما حرم الله عز وجل" قال مالك: ولا يكرى داره ولا يبيعها ممن يتخذها كنيسة. قال: مالك ولا يكرى دابته ممن يركبها إلى الكنائس." ([2]).
ـ وجاء في مواهب الجليل: " .. أن يؤاجر المسلم نفسه لكنس كنيسة أو نحو ذلك أو ليرعى الخنازير أو ليعصر له خمرا فإنه لا يجوز ويؤدب المسلم إلا أن يتعذر بجهالة واختلف هل يأخذ الأجرة من الكافر ويتصدق بها أم لا."اهـ ([3]).
ـ وفي منح الجليل: " ولا تجوز الإجارة على دخول حائض لمسجد لتكنسه لحرمة دخولها فيه ومثلها إجارة مسلم لكنس كنيسة أو رعي خنزير أو لعمل خمر فيفسخ ويؤدب إن لم يعذر بجهل وإن نزل وفات فاستحب ابن القاسم التصدق بالأجرة" ([4]).
قلت: ومن باب أولى الإجارة على تشييد كنيسة وبنائها.
وأما مذهب الإمام أحمد فينقله ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم قائلاً: " وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناووس ونحوه فقال الآمدي لا يجوز رواية واحدة لأن المنفعة المعقود عليها محرمة وكذلك الإجارة لبناء كنيسة أو بيعة أو صومعة كالإجارة لكَتْب كتبهم المحرفة." ([5]).
وأما عن الشافعية:
ـ فقد جاء في حاشية قليوبي: "ولا يجوز بذل مال فيه لغير ضرورة ومثله أيضا استئجار كافر مسلما لبناء نحو كنيسة وإن أُقرّوا عليها لحرمته " ([6]).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/290)
ـ وجاء في حاشية الشبراملسي: " لا يصح استئجار ذمي مسلماً لبناء كنيسة لحرمة بنائها وإن أُقرَّ عليه " ([7]).
ونلاحظ أن الشافعية ينصون على بطلان الإجارة على بناء الكنيسة ولو أُقرَّ النصارى على بنائها، لحرمة بنائها.
وقال الإمام السبكي رحمه الله في فتاويه: " بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها وكذلك قال الفقهاء لو وصى ببناء كنيسة؛ فالوصية باطلة، لأن بناء الكنيسة معصية، وكذا ترميمها، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً، وكذا لو وقف على كنيسة كان الوقف باطلاً مسلماً كان الواقف أو كافراً، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً، هذا شرع النّبي e " ([8]).
ومن هنا نفهم قول الشافعي رحمه الله: " وأَكره للمسلم أن يعمل بناء أو نجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلواتهم" ([9]). أن مقصوده بقوله " أكره" التحريم لا الكراهة، ومعروف عند أهل الأصول أن الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى يعبّران عن التحريم بالكراهة أحياناً.
كما نفهم قول الحليمي منهم: " ولا ينبغي لفعلة المسلمين وصياغهم أن يعملوا للمشركين كنيسة أو صليباً " ([10])، أنه يعبّر عن التحريم بما "لا ينبغي".
وأما عن صاحبي أبي حنيفة رحمهما الله تعالى فقد نقلت كتب الحنفية عنهما تحريم بناء الكنائس والوصية ببنائه أو عمارتها أو الإنفاق عليها وأن الإجارة على ذلك باطلة ([11]).
واستدل الجمهور بجملة أدلة منها:
1ـ قوله تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة2. وفي تصميم الكنائس وبنائها وتشييدها إعانةٌ لهم على معصيتهم وتعظيمٌ لشعائرهم الباطلة.
2ـ أنّه عقد إجارة على منفعة محرمة، والمنفعة المحرمة مطلوب إزالتها والإجارة عليها تنافيها سواء شرط ذلك في العقد أم لا، فلا تجوز الإجارة على المنافع المحرمة ([12]).
3ـ أنّ الإجماع منعقد على حرمة بناء الكنائس وتشييدها وكذلك ترميمها، نقل الإجماع السبكي في فتاويه فقال: " بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها" ([13]).
4ـ أنّ الشرائع كلها متفقة على تحريم الكفر، ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، فكان محرماً معدوداً من المحرمات في كل ملة، والكنيسة اليوم لا تتخذ إلا للكفر بالله، فإنشاء الكنيسة الجديدة محرّم، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك، لأنها إنشاء بناء لها، وترميمها أيضا كذلك، لأنه جزء من الحرام ([14]).
5ـ قوله تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} الشورى21 فمن أحلّ بناءه فقد أحل حراماً، ومن أذن في بنائه فقد أذن في حرام وشرع ما لم يأذن به الله، إذ لم يأذن الله في حرام أبداً ([15]).
المذهب الثالث: مذهب التفصيل:
وهو المذهب الذي عليه الإمام الشافعي رحمه الله، وتفصيله في الكنائس، حيث فرّق في الكنيسة بين تلك التي تُتخذ لصلوات الكفار من اليهود والنصارى، وبين تلك التي تُتخذ للضيافة ومأوى المارة. فقال: " .. ليس في بنيان الكنيسة معصية إلا أن تتخذ لمصلى النصارى الذين اجتماعهم فيها على الشرك، وأكره للمسلم أن يعمل بناء أو نجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلواتهم" ([16]).
ومن هذا الباب أجاز الشافعي وصية النصراني ببناء كنيسة ينزلها مارة الطريق أو لتُوقف على قوم يسكنونها حيث جاء في الأم: " إذا أوصى النصراني بأكثر من ثلثه فجاءنا ورثته أبطلنا ما جاوز الثلث إن شاء الورثة، كما نبطله إن شاء ورثة المسلم، ولو أوصى بثلث ماله أو بشيء منه يبني به كنيسة لصلاة النصراني أو يستأجر به خدماً للكنيسة أو عمر به الكنيسة أو يستصبح به فيها أو يشتري به أرضاً فتكون صدقة على الكنيسة وتعمر بها أو ما في هذا المعنى كانت الوصية باطلة، .... ولو أوصى أن تبنى كنيسة ينزلها مارُّ الطريق، أو وَقَفها على قوم يسكنونها، أو جعل كراءها للنصارى أو للمساكين؛ جازت الوصية" اهـ ([17]).
المذهب الرابع: مذهب الجواز:
وقد ذهب إلى جواز تعاقد المسلم على بناء الكنيسة أو إجارة الدار لتتخذ كنيسة الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، خلافاً لصاحبيه أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/291)
ـ جاء في البحر الرائق: " ولو استأجر ـ أي الذمي ـ المسلم ليبني له بيعة أو كنيسة جاز ويطيب له الأجر".
ـ وفي حاشية ابن عابدين:" قال في الخانية ولو آجر نفسه ليعمل في الكنيسة ويعمرها لا بأس به لأنه لا معصية في عين العمل".
ـ وفي الفتاوى الهندية: "ولو استأجر الذمي مسلما ليبني له بيعة أو كنيسة جاز ويطيب له الأجر كذا في المحيط." ([18]).
وقد شرط الإمام أبو حنيفة لجواز ذلك أن يكون في سواد أهل الذمة.
وهذا ينطبق على مسألتنا، والسواد عندنا متحقق في الجنوب.
كما حُكي هذا القول عن الإمام الزركشي رحمه الله من الشافعية، غير أن الشافعية وجهوا قوله بالجواز: بأنه يريد بناء الكنيسة التي تتخذ لنزول المارة لا الكنيسة التي تتخذ لصلوات اليهود والنصارى، تخريجاً لقوله على قول الشافعي رحمه الله الذي فرّق بين الكنيسة التي تتخذ للصلوات والتي تتخذ للمارة ([19]).
ولعل دليل أبي حنيفة في الجواز:
1 - أنه لو بناها للسكنى لجاز ولا بد فيها من عبادته ([20]).
2 - أنّ المعصية لا تقوم بعين العمل (البناء) وإنما تحصل بفعل فاعل مختار ([21]).
3 - القياس على من آجر نفسه على حمل خمر لذميّ، وعنده: أن الإجارة على الحمل ليس بمعصية ولا سبب لها، والشرب ليس من ضرورات الحمل، لأن حملها قد يكون للإراقة أو للتخليل ([22]).
الراجح:
والراجح من الأقوال الأربعة قول الجمهور، لقوة أدلتهم وظهورها بما لا يدع مجالاً للتردد.
قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي:
أخذ مجمع الفقه الإسلامي الدولي بمذهب الجمهور في تحريم بناء المسلم الكنائس والإعانة على ذلك في دورة مؤتمره الثالث بعمان المملكة الأردنية في صفر 1407هـ ـ أكتوبر 1986م ضمن الإجابة على استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، فجاء في قراره رقم 23 (11/ 3):
السؤال الخامس والعشرون والسؤال السادس والعشرون:
ـ ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علماً بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟.
ـ ما حكم تبرّع المسلم فرداً كان أو هيئة لمؤسسات تعليمية أو تنصيرية أو كنيسة؟.
الجواب:
لا يجوز للمسلم تصميم أو بناء معابد الكفار أو الإسهام في ذلك مالياً أو فعلياً" ([23]).
---=--------------------------------------
([1]) الفروق للقرافي، ج4 ص 447، والمنثور في القواعد للزركشي، ج3 ص 55.
([2]) المدونة الكبرى، ج4 ص 318.
([3]) مواهب الجليل لأبي عبد الله المغربي، ج5 ص 424.
([4]) منح الجليل، محمد عليش، ج7 ص 498.
([5]) اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية، ج1 ص244.
([6]) حاشية قليوبي، شهاب الدين أحمد بن سلامة القليوبي ج3/ص71
([7]) حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج لشمس الدين الرملي ج5/ص274
([8]) فتاوى السبكي ج2/ص369.
([9]) كتاب الأم للشافعي، ج4 ص 213.
([10]) مغني المحتاج، ج4 ص 257.
([11]) راجع: الهداية شرح البداية، ج4 ص 94، والبحر الرائق، ج8 ص 230.
([12]) راجع: الروض المربع، ج2 ص 302. المبدع ج5 ص 74، المغني لابن قدامة ج4 ص 155.
([13]) فتاوى السبكي، ج2 ص 369.
([14]) فتاوى السبكي ج2 ص 369.
([15]) انظر: فتاوى السبكي الموضع السابق بتصرف.
([16]) كتاب الأم، ج4 ص 213.
([17]) كتاب الأم نفسه.
([18]) البحر الرائق ج8 ص 23، حاشية ابن عابدين، ج6 ص 391، الفتاوى الهندية ج4 ص 450.
([19]) انظر: حاشية قليوبي، ج3 ص 71، وحاشية الشبراملسي، ج5 ص 274.
([20]) راجع: البحر الرائق، ج8 ص 230.
([21]) راجع: حاشية ابن عابدين ج6ص392.
([22]) راجع: المصدر نفسه
([23]) قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، ص 42 – 49
ـ[محمد احمد الحقاني الافغاني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 09:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا حول ولا قوة الا بالله
اللهم ايد الاسلام والمسلمين واهد اعدائك اعداء الاسلام والمسلمين, وان لم تكن هدايتهم في علمك فاهلكهم وشتت شملهم وفرق جمعهم وقلب تدبيرهم وخرب بنيانهم ويتم اولادهم وثيب ازواجهم وقصر اعمارهم وقرب اجالهم ودمر ديارهم وزلزل اقدامهم وخالف بين كلمتهم واذهب ريحهم واجعلهم غينمة للمسلمين وامام المؤمنين وخذهم اخذ عزيز مقتدر.
اللهم انزل عليهم عذابك الذي لاترده عن القوم المجرمين.
امين امين ثم امين
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[22 - 05 - 08, 10:17 ص]ـ
ومنذ متى كانت الكنائس نزلا للمارة؟؟؟ لم نسمع بذلك الا عند ادله المجيزين لبناء الكنائس ..
اقتباس:
وفي الفتاوى الهندية: "ولو استأجر الذمي مسلما ليبني له بيعة أو كنيسة جاز ويطيب له الأجر كذا في المحيط
كيف يطيب الاجر من يعمل عملا لعباده الصليب؟؟؟
وادله المجيزين لم تستند الى دليل واحد من النبى عليه الصلاة والسلام او اثر من الصحابه رضوان الله عليهم ..
انما هى اراء واجتهادات منهم عفا الله عنهم
والله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/292)
ـ[محمد بن مبروك ال شعلان]ــــــــ[22 - 05 - 08, 11:28 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجون
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 02:07 م]ـ
الله الله,,,
نسأل الله السلامة والثبات,,, آمين
ـ[ابن وهب]ــــــــ[23 - 05 - 08, 06:30 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون
هنا رسالة الشيخ إسماعيل الأنصاري - رحمه الله - مع تقديم الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=826663#post826663
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 05 - 08, 10:20 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=779009&postcount=13
ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 10:51 ص]ـ
هل بدأت معركة ازالة عقيدة الولاء و البراء؟
كيف يكرّم من اهانه الله تعالى؟
كيف يمنع من بناء بيت الدعارة و يجوّز ببناء ما هو أشد من الدعارة؟؟
اللهم سلم سلم
ـ[محمد سمير]ــــــــ[23 - 05 - 08, 08:49 م]ـ
اين نجد كلام القرضاوي؟
ـ[أبو ذر الطائفى]ــــــــ[23 - 05 - 08, 10:01 م]ـ
مفكرة الإسلام: أفتى الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بجواز إقامة كنيسة للمواطنين والمقيمين النصارى وغيرهم في الدول الإسلامية، واشترط أن تكون هناك حاجة ضرورية للإقدام على هذه الخطوة، وأن تسمح السلطات المحلية.
وقد أعلن القرضاوي موافقته على السماح للنصارى بإقامة كنيسة في قطر، وقال: "من حق ولي الأمر السماح بهذا؛ بناءً على فقه السياسة الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع, ومصالح الخلق".
وفي موقع "إسلام أون لاين" لم يكتفِ القرضاوي بهذه الفتوى، وإنما سمح للمسلمين أيضًا بالمشاركة في بناء وإقامة الكنائس التي تمارس داخلها شعائر مضادة لعقيدة الدين الإسلامي، مستندًا في فتواه الخاصة بإقامة كنائس ودور عبادة لغير المسلمين في الدول الإسلامية إلى رأي الإمام أبي حنيفة النعمان؛ مخالفًا آراء علماء المالكية, والحنابلة, وجمهور الشافعية, وأبي يوسف ومحمد صاحبيْ أبي حنيفة، الذين أفتوا بتحريم بناء الكنائس، والعمل على تشييدها وإقامتها.
افتتاح أول كنيسة في قطر
وكانت قطر في مارس الماضي قد شهدت افتتاح أول كنيسة كاثوليكية تحمل اسم "سيدة الوردية", وسمحت ببناء أربع كنائس لباقي أتباع الطوائف المسيحية, وأثار افتتاح الكنيسة جدلاً بين علماء قطر ما بين مؤيد ومعارض, حيث عارض الدكتور نجيب النعيمي إنشاء الكنيسة؛ لعدم وجود مواطنين قطريين نصارى، ولعدم وجود إجماع شعبي من مسلمي قطر على إنشاء كنائس.
وجاءت فتوى القرضاوي؛ ردًا على سؤال تلقاه من أحد المقيمين في قطر يستفسر فيه عن حكم المشاركة في مناقصة بناء كنيسة، وفي حالة المشاركة فما حكم الربح الذي عاد على الشركة?".
وقال القرضاوي: "هناك اختلاف في أقوال الفقهاء حول مشاركة المسلم في بناء إحدى دور العبادة لغير المسلمين, مثل: معبد للهندوس أو كنيسة للنصارى، ونحن نرى السماح للنصارى بإقامة كنيسة في قطر، وهو من حقِ ولي الأمر؛ بناءً على فقه السياسة الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع, ومصالح الخلق, وتوازن بين المصالح بعضها وبعض, والمفاسد بعضها وبعض, والمصالح والمفاسد إذا تعارضتا".
<! -- / message -->
ـ[حفيدة الصالحين]ــــــــ[23 - 05 - 08, 10:02 م]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
أين أجد هذه الفتوى؟؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[23 - 05 - 08, 10:54 م]ـ
القرضاوي هداه الله ما يحب يرد أحد زعلان ... كل أحد يريد فتوى يعطيه اياها ... كريم!!! ما يفشل أحد ... والله المستعان
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:04 م]ـ
وقال القرضاوي: "هناك اختلاف في أقوال الفقهاء حول مشاركة المسلم في بناء إحدى دور العبادة لغير المسلمين, مثل: معبد للهندوس أو كنيسة للنصارى، ونحن نرى السماح للنصارى بإقامة كنيسة في قطر، وهو من حقِ ولي الأمر؛ بناءً على فقه السياسة الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع, ومصالح الخلق, وتوازن بين المصالح بعضها وبعض, والمفاسد بعضها وبعض, والمصالح والمفاسد إذا تعارضتا".
بدون تعليق!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:37 م]ـ
قال أحد الإخوة رداً عليه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/293)
والصحيح أن قول ابوحنيفة في هذه المسالة هو إباحة بناء الكنائس في قرى الكوفة، لان أكثر ساكنيها هم من اهل الذمة آنذاك، وإليكم أقوال علماء الحنفية في مذهب إمامهم ابي حنيفة في المسألة:
- جاء في فتح القدير للكمال ابن الهمام (13/ 197) بعدما ذكر حرمة بناء الكنائس في ارض الإسلام: " (والمروي عن صاحب المذهب) يعني أبا حنيفة رضي الله عنه كان (في قرى الكوفة؛ لأن أكثر أهلها أهل ذمة) "بخلاف قرى المسلمين اليوم" انتهى كلامه، ولمزيد من البيان يرجع على المرجع نفسه."
- كما جاء تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (9/ 451): "قاضي خان (قوله وقيل يمنعون في كل موضع لم تشع) قال صاحب الهداية والمروي عن صاحب المذهب في قرى الكوفة أن "الذي روي عن أبي حنيفة من عدم المنع عن إحداث البيعة والكنيسة في القرى في قرى الكوفة لا قرى بلادنا لأن أكثر أهلها كانوا أهل الذمة" انتهى،
-وفي الفتاوى الهندية (17/ 21): " {فصل} إن أراد أهل الذمة إحداث البيع والكنائس، أو المجوسي إحداث بيت النار إن أرادوا "ذلك في أمصار المسلمين، وفيما كان من فناء المصر منعوا عن ذلك عند الكل، ولو أرادوا إحداث ذلك في السواد والقرى اختلفت الروايات فيه"انتهى، وقوله "منعوا ذلك عند الكل" أي عند كل أصحاب المذهب، فلا يجوز عندهم بناء الكنائس في الأمصار الإسلامية، والمصر هو والمصر اصطلاحا: بلدة كبيرة فيها سكك وأسواق ورساتيق وفيها وال يقدر على إنصاف المظلوم من الظالم والناس يرجعون إليه في الحوادث،كما جاء في الموسوعة الفقهية، وأمصار المسلمين هي المدن التي يشكل فيها المسلمون الغالبية العظمى، فهل الدوحة القطرية قرية ذمية أم مدينة إسلامية؟ "
وحتى السبكي الشافعي يشاركنا الرأي في هذا الموضوع، فقد جاء في فتاوى السبكي (4/ 202): "ولعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي "يتفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء بمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها.""
-وها هي الموسوعة الفقهية تنقل الإجماع على حرمة بناء الكنائس في المدن التي اختطها المسلمون، ومثلها أكثر عواصم دول الخليج العربي،فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 155): "قسم الفقهاء أمصار المسلمين على ثلاثة أقسام:"
الأول: ما اختطه المسلمون وأنشئوه كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط، فلا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة ولا مجتمع لصلاتهم ولا صومعة بإجماع أهل العلم"انتهى، فهل فاتهم مخالفة أحد الأئمة الاربعة لإجماعهم؟ أم أن القرضاوي قد قول الإمام ما لم يقله؟ "
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:44 م]ـ
وهذا الرابط وفيه المزيد: http://www.maktoobblog.com/email_post.htm?uid=battar16&post=1037980
ـ[أبو أحمد الصافوطي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:44 م]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:29 ص]ـ
أدين لله تعالى بقول جمهور العلماء من القول بالتحريم، لكن لي ملاحظة أرجو من الإخوة تقبلها ..
هذا المنتدى - أيها الإخوان - منتدى علمي، لا محلّ فيه لكلام الجهلاء والرعاع ..
والتحاور فيه إنما هو على طريقة أهل العلم من تبادل الحجج والتناظر بالأدلة ..
فإن تعدّى الأمر ذلك، فلا ينبغي أن يصل إلى الاتهام في الدين والمسبة والتعريض بالعلماء .. خصوصا إذا كان في الأمر نوع خلاف.
وهذا التفصيل من أمر الخلاف قد جاءك فيما نقله الأكارم في الموضوع، ولا حرج عليك أن تردّ القول وترفضه بالحجة والدليل، وأقوال الأئمة ..
أما أن تنعت المخالف بما مرّ بعضه؛ فأربأ بك عن ذلك ..
هذا، وأسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:32 ص]ـ
اخى رافت بارك الله فييك
اين كلام الجهلاء والرعاع كما تقول؟؟؟
اوغاب عنك فتاوى القرضاى السابقه .. نسأل الله له الهدايه
ولا اظن من كلام الاخوة من تشنيع على شخصه انما هى تعجب واندهاش .. وحتى ولو كان هناك تشنيع .. فما تظنهم فاعلين بفتوى جاءت على رغبات سياسيه اكثر من كونها خلافيه بين العلماء .. وتاتى وتخلاف ما عليه جماهير العلماء وتتبع منفذ لك لتستند عليه كما يقول العامى (حطها براس عالم واطلع سالم) ... وها هو القرضاوى اعتلى المناصب حتى اصبح المفتى فى هذه الدوله وابتليا فيها فمره يفتى على ما يريد ومره على ما يريدون .. وكأنها اصبحت هوى بالنفس لم ترتبط لا بكتاب الله ولا سنته
فرفقا بأخوتك هنا وما رأيت من كلام ان هو الا حسره بالنفس على ما وصل بنا الحال الى هذه الدرجه ...
الله المستعان
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:09 ص]ـ
يقول القرضاوي: "أما المشاركة في مناقصة لبناء إحدى دور العبادة لغير المسلمين، مثل: معبد للهندوس أو كنيسة للنصارى، فقد اختلفت أقوال الفقهاء في ذلك"
مع أن الرأي المنسوب لأبي حنيفة يتحدث على الكنائس فقط في القرى النصرانية، وليس عن أصنام ومعابد وثنية في مدن إسلامية في جزيرة العرب!!!
والمروي عن صاحب الهداية - رحمه الله - في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة، وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارهم وقراهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/294)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:20 ص]ـ
أما من سأل عن المصدر
فموقع القرضاوي
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1209357743072&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
وموقع إسلام أون لاين
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5970&version=1&template_id=232&parent_id=17
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:26 ص]ـ
الأخ رأفت
لا خلاف في المسألة وكلام القرضاوي باطل باطل باطل
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:37 ص]ـ
وهذا نص الفتيا
(لصفحة الرئيسية: فتاوى وأحكام: فتاوى عامة:
ابحث في موقع القرضاوي
الخميس 22 مايو 2008
فتاوى وأحكام: فتاوى عامة
مساهمة المسلم في بناء كنيسة
موقع القرضاوي/19 - 5 - 2008
تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي استفساراً من أحد القراء يقول فيه: ما حكم المشاركة في مناقصة بناء إحدى دور العبادة الغير إسلامية (كنيسة) مثل عمل شبابيك ... وفي حالة المشاركة فما حكم الربح الذي عاد على الشركة؟
وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:
المشاركة في مناقصة لبناء إحدى دور العبادة لغير المسلمين، مثل: معبد للهندوس أو كنيسة للنصارى، فقد اختلفت أقوال الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: التحريم:
ذهب إلى تحريم بناء الكنائس والعمل على تشييدها وإقامتها: المالكية، والحنابلة، وجمهور الشافعية، وأبي يوسف ومحمد خلافا لأبي حنيفة.
رأي صاحبي أبي حنيفة:
أما عن صاحبي أبي حنيفة رحمهما الله تعالى، فقد نقلت كتب الحنفية عنهما تحريم بناء الكنائس والوصية ببنائها أو عمارتها أو الإنفاق عليها، وأن الإجارة على ذلك باطلة [1].
رأي المالكية:
جاء في المدونة الكبرى: (قلتُ: أرأيتَ الرجل أيجوز له أن يؤاجر نفسه في عمل كنيسة في قول مالك؟ قال: لا يحلُّ له؛ لأن مالكا قال: لا يؤاجر الرجل نفسه في شيء مما حرَّم الله. قال مالك: ولا يكري داره ولا يبيعها ممَّن يتَّخذها كنيسة.
قلتُ: أرأيتَ هل كان مالك يقول: ليس للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ قال: نعم، كان مالك يكره ذلك.
قلتُ: هل كان مالك يكره أن يتَّخذوا الكنائس أو يحدثونها في قراهم التي صالحوا عليها؟ قال: سألتُ مالكا هل لأهل الذمَّة أن يتَّخذوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ فقال: لا إلا أن يكون لهم شيء أعطوه).
وقال في موضع آخر من المدونة: (ولا يكري دابته ممَّن يركبها إلى الكنيسة).
وفي مواهب الجليل: ( ... أن يؤاجر المسلم نفسه لكنس كنيسة أو نحو ذلك، أو ليرعى الخنازير، أو ليعصر له خمرا؛ فإنه لا يجوز، ويؤدَّب المسلم، إلا أن يعتذر بجهالة، واختلف هل يأخذ الأجرة من الكافر ويتصدَّق بها أم لا؟ ابن القاسم: التصدُّق بها أحبّ إلينا. قاله في التوضيح).
وفي مِنَح الجليل: (ولا تجوز الإجارة على دخول حائض لمسجد لتكنسه؛ لحرمة دخولها فيه، ومثلها إجارة مسلم لكنس كنيسة، أو رعي خنزير، أو لعمل خمر؛ فيفسخ ويؤدَّب إن لم يعذر بجهل، وإن نزل وفات، فاستحب ابن القاسم التصدُّق بالأجرة).
قلتُ: ومن باب أولى الإجارة على تشييد كنيسة وبنائها.
رأي الشافعية:
وأما عن الشافعية: (ولا يجوز بذل مال فيه لغير ضرورة، ومثله أيضا استئجار كافر مسلما لبناء نحو كنيسة، وإن أُقَرِّوا عليها لحرمته وما نُقِل عن الزرْكشي من جوازه محمول على كنيسة للمارة، ومثله استئجار أجنبي أجنبية لخدمته، ولو أمة؛ لأنه لا يخلو عن النظر غالبا).
يقول الشافعي رحمه الله: (وأكره للمسلم أن يعمل بناء أو نجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلواتهم).
رأي الحنابلة:
وأما مذهب الإمام أحمد فينقله ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم قائلاً: (وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناووس ونحوه، فقال الآمدي: لا يجوز رواية واحدة؛ لأن المنفعة المعقود عليها محرَّمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة أو بيعة أو صومعة كالإجارة لكَتْب كتبهم المحرفة).
أدلة رأي الجمهور:
واستدلَّ الجمهور بجملة أدلَّة منها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/295)
قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة2]، وفي تصميم الكنائس وبنائها وتشييدها إعانةٌ لهم على كفرهم، وتعظيمٌ لشعائرهم الباطلة.
أنّه عقد إجارة على منفعة محرَّمة، والمنفعة المحرَّمة مطلوب إزالتها، والإجارة عليها تنافيها، سواء شرط ذلك في العقد أم لا، فلا تجوز الإجارة على المنافع المحرَّمة.
أنّ الإجماع منعقد على حرمة بناء الكنائس وتشييدها وكذلك ترميمها، نقل الإجماع السبكي في فتاويه فقال: (بناء الكنيسة حرام بالإجماع، وكذا ترميمها).
أنّ الشرائع كلُّها متَّفقة على تحريم الكفر، ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، فكان محرما معدودا من المحرَّمات في كلِّ ملَّة، والكنيسة اليوم لا تتَّخذ إلا للكفر بالله، فإنشاء الكنيسة الجديدة محرَّم، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك، لأنها إنشاء بناء لها، وترميمها أيضا كذلك، لأنه جزء من الحرام.
قوله تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]، فمَن أحلَّ بناءه فقد أحلَّ حراما، ومَن أذن في بنائه، فقد أذن في حرام، وشرع ما لم يأذن به الله، إذ لم يأذن الله في حرام أبدا.
القول الثاني: الجواز:
وقد ذهب إلى جواز تعاقد المسلم على بناء الكنيسة أو إجارة الدار لتتخذ كنيسة الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، خلافا لصاحبيه أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى. ذيقول صاحب البحر الرائق: (ولو استأجر - الذمي - المسلم ليبني له بيعة، أو كنيسة جاز، ويطيب له الأجر، ولو استأجرته امرأة ليكتب لها قرآنا أو غيره جاز، ويطيب له الأجر، إذا بيَّن الشرط، وهو إعداد الخط وقدره، ولو استأجر مسلما ليحمل له خمرا، ولم يقُل: لأشربه، جازت الإجارة على قول الإمام، خلافا لهما، وفي المحيط: السارق أو الغاصب لو استأجر رجلا يحمل المغصوب أو المسروق لم يجُز؛ لأن نقل مال الغير معصية).
وفي حاشية ابن عابدين: (قال في الخانية: ولو آجر نفسه ليعمل في الكنيسة ويعمرها، لا بأس به، لأنه لا معصية في عين العمل).
ودليل أبي حنيفة في الجواز:
أنه لو بناها للسكنى لجاز، ولا بد فيها من عبادته.
أن المعصية لا تقوم بعين العمل (البناء)، وإنما تحصل بفعل، فاعل مختار.
القياس على مَن آجر نفسه على حمل خمر لذميٍّ، وعنده: أن الإجارة على الحمل ليس بمعصية ولا سبب لها، والشرب ليس من ضرورات الحمل؛ لأن حملها قد يكون للإراقة أو للتخليل.
الرأي المختار:
والذي أراه: أن إقامة الكنيسة لغير المسلمين من أهل الذمَّة، أو بعبارة أخرى: للمواطنين من المسيحيين وغيرهم، ممَّن يعتبرهم الفقهاء من (أهل دار الإسلام): لا حرج فيه إذا كان لهم حاجة حقيقية إليها، بأن تكاثر عددهم، وافتقروا إلى مكان للتعبُّد، وأذن لهم ولي الأمر الشرعي بذلك. وهو من لوازم إقرارهم على دينهم.
ومثل ذلك غير المسلمين من غير المواطنين الذين دخلوا دار الإسلام بأمان، أي بتأشيرات دخول وإقامة، للعمل في بلاد المسلمين، وتكاثرت أعدادهم، واستمرَّ وجودهم، بحيث أصبحوا في حاجة إلى كنائس يعبدون ربهم فيها، فأجاز لهم ولي الأمر ذلك في حدود الحاجة، معاملة بالمثل، أي كما يسمحون هم للمسلمين في ديارهم بإنشاء المساجد لإقامة الصلوات.
وأعتقد أن السماح للنصارى بإقامة كنيسة في قطر يدخل في هذا الباب، وهو من حقِّ ولي أمر، بناء على فقه السياسية الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع، ومصالح الخلق، وتوازن بين المصالح بعضها وبعض، والمفاسد بعضها وبعض، والمصالح والمفاسد إذا تعارضتا، ويجب على وليِّ الأمر الرجوع إلى فتوى العلماء الراسخين، حتى لا يقع فيما لا يحبُّه الله ولا يرضاه.
وإذا أجزنا لهم إقامة هذه الكنائس في دار الإسلام، فما سُمِح لهم به، وأجازه علماء الشرع، يجوز المشاركة في بناءه وإقامته، وإن كان كثير من العلماء يكرهون ذلك للمسلم، لأنه يعين على أمر يعتقده في دينه باطلا وضلالا، فالمعاونة فيه داخله بوجه في قوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة:2].
وبالله التوفيق.
)
من موقع القرضاوي
إنا لله وإنا إليه راجعون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/296)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:47 ص]ـ
(وافتقروا إلى مكان للتعبُّد)!!!
أليست هذه بكلمة خطيرة؟
هم يكفرون ويشركون، وهو يقول " تعبد "!!!!
وأرجو أن لا يرقع له أحد أنها على " زعمهم "؛ لأن المتكلم " عالم " ويريد تسويغ بناء ذلك الصرح الشركي!
فالأصل أن يكون " شركهم " سبباً في المنع، لا أن " عبادتهم " سببا في " البناء "
أراح الله المسلمين من شر فتاواه
وإني لأبغضه في الله وأبغض كل من يعرفه ويحبه
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[24 - 05 - 08, 09:04 ص]ـ
قال شيخ الاسلام فى الفتاوى ج6 ص 442:
فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الأربعة: مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة. كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم ومن قبلهم من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين متفقون على أن الإمام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة؛ كأرض مصر والسواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدا في ذلك ومتبعا في ذلك لمن يرى ذلك لم يكن ذلك ظلما منه؛ بل تجب طاعته في ذلك ومساعدته في ذلك ممن يرى ذلك. وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم كانوا ناقضين العهد وحلت بذلك دماؤهم وأموالهم. وأما قولهم: إن هذه الكنائس قائمة من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن الخلفاء الراشدين أقروهم عليها. فهذا أيضا من الكذب؛ فإن من العلم المتواتر أن القاهرة بنيت بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأكثر من ثلاثمائة سنة بنيت بعد بغداد وبعد البصرة؛ والكوفة وواسط. وقد اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن لأهل الذمة أن يحدثوا فيها كنيسة؛ مثل ما فتحه المسلمون صلحا وأبقوا لهم كنائسهم القديمة؛ بعد أن شرط عليهم فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يحدثوا كنيسة في أرض الصلح فكيف في مدائن المسلمين بل إذا كان لهم كنيسة بأرض العنوة كالعراق ومصر ونحو ذلك فبنى المسلمون مدينة عليها فإن لهم أخذ تلك الكنيسة؛ لئلا تترك في مدائن المسلمين كنيسة بغير عهد؛ فإن في سنن أبي داود بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لا تصلح قبلتان بأرض ولا جزية على مسلم}. والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر؛ لا كنائس؛ ولا غيرها؛ إلا أن يكون لهم عهد فيوفى لهم بعهدهم. فلو كان بأرض القاهرة ونحوها كنيسة قبل بنائها لكان للمسلمين أخذها؛ لأن الأرض عنوة فكيف وهذه الكنائس محدثة أحدثها النصارى فإن القاهرة بقي ولاة أمورها نحو مائتي سنة على غير شريعة الإسلام؛ وكانوا يظهرون أنهم رافضة وهم في الباطن: إسماعيلية ونصيرية وقرامطة باطنية كما قال فيهم الغزالي - رحمه الله تعالى - في كتابه الذي صنفه في الرد عليهم: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض. واتفق طوائف المسلمين: علماؤهم وملوكهم وعامتهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم: على أنهم كانوا خارجين عن شريعة الإسلام وأن قتالهم كان جائزا؛ بل نصوا على أن نسبهم كان باطلا وأن جدهم كان عبيد الله بن ميمون القداح لم يكن من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصنف العلماء في ذلك مصنفات. وشهد بذلك مثل الشيخ أبي الحسن القدوري إمام الحنفية والشيخ أبي حامد الإسفرائيني إمام الشافعية ومثل القاضي أبي يعلى إمام الحنبلية ومثل أبي محمد بن أبي زيد إمام المالكية. وصنف القاضي أبو بكر ابن الطيب فيهم كتابا في كشف أسرارهم وسماه " كشف الأسرار وهتك الأستار " في مذهب القرامطة الباطنية. والذين يوجدون في بلاد الإسلام من الإسماعيلية والنصيرية والدرزية وأمثالهم من أتباعهم. وهم الذين أعانوا التتار على قتال المسلمين وكان وزير هولاكو " النصير الطوسي من أئمتهم. وهؤلاء أعظم الناس عداوة للمسلمين وملوكهم ثم الرافضة بعدهم. فالرافضة يوالون من حارب أهل السنة والجماعة ويوالون التتار ويوالون النصارى. وقد كان بالساحل بين الرافضة وبين الفرنج مهادنة حتى صارت الرافضة تحمل إلى قبرص خيل المسلمين وسلاحهم وغلمان السلطان وغيرهم من الجند والصبيان. وإذا انتصر المسلمون على التتار أقاموا المآتم والحزن وإذا انتصر التتار على المسلمين أقاموا الفرح والسرور. وهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/297)
الذين أشاروا على التتار بقتل الخليفة وقتل أهل بغداد. ووزير بغداد ابن العلقمي الرافضي هو الذي خامر على المسلمين وكاتب التتار حتى أدخلهم أرض العراق بالمكر والخديعة ونهى الناس عن قتالهم. وقد عرف العارفون بالإسلام: أن الرافضة تميل مع أعداء الدين. ولما كانوا ملوك القاهرة كان وزيرهم مرة يهوديا ومرة نصرانيا أرمينيا وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الأرميني وبنوا كنائس كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين وكانوا ينادون بين القصرين: من لعن وسب فله دينار وإردب. وفي أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين حتى فتحه نور الدين وصلاح الدين. وفي أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس وغلبوا من الفرنج؛ فإنهم منافقون وأعانهم النصارى والله لا ينصر المنافقين الذين هم يوالون النصارى فبعثوا إلى نور الدين يطلبون النجدة فأمدهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين. فلما جاءت الغزاة المجاهدون إلى ديار مصر قامت الرافضة مع النصارى فطلبوا قتال الغزاة المجاهدين المسلمين وجرت فصول يعرفها الناس حتى قتل صلاح الدين مقدمهم شاور. ومن حينئذ ظهرت بهذه البلاد كلمة الإسلام والسنة والجماعة وصار يقرأ فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كالبخاري ومسلم ونحو ذلك. ويذكر فيها مذاهب الأئمة ويترضى فيها عن الخلفاء الراشدين؛ وإلا كانوا قبل ذلك من شر الخلق. فيهم قوم يعبدون الكواكب ويرصدونها وفيهم قوم زنادقة دهرية لا يؤمنون بالآخرة ولا جنة ولا نار ولا يعتقدون وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وخير من كان فيهم الرافضة والرافضة شر الطوائف المنتسبين إلى القبلة. فبهذا السبب وأمثاله كان إحداث الكنائس في القاهرة وغيرها وقد كان في بر مصر كنائس قديمة؛ لكن تلك الكنائس أقرهم المسلمون عليها حين فتحوا البلاد؛ لأن الفلاحين كانوا كلهم نصارى ولم يكونوا مسلمين؛ وإنما كان المسلمون الجند خاصة وأقروهم كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم اليهود على خيبر لما فتحها؛ لأن اليهود كانوا فلاحين وكان المسلمون مشتغلين بالجهاد. ثم إنه بعد ذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما كثر المسلمون واستغنوا عن اليهود أجلاهم أمير المؤمنين عن خيبر كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: {أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب} حتى لم يبق في خيبر يهودي. وهكذا القرية التي يكون أهلها نصارى وليس عندهم مسلمون ولا مسجد للمسلمين فإذا أقرهم المسلمون على كنائسهم التي فيها جاز ذلك كما فعله المسلمون: وأما إذا سكنها المسلمون وبنوا بها مساجدهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {لا تصلح قبلتان بأرض} وفي أثر آخر: {لا يجتمع بيت رحمة وبيت عذاب}. والمسلمون قد كثروا بالديار المصرية وعمرت في هذه الأوقات حتى صار أهلها بقدر ما كانوا في زمن صلاح الدين مرات متعددة وصلاح الدين وأهل بيته ما كانوا يوالون النصارى ولم يكونوا يستعملون منهم أحدا في شيء من أمور المسلمين أصلا؛ ولهذا كانوا مؤيدين منصورين على الأعداء مع قلة المال والعدد؛ وإنما قويت شوكة النصارى والتتار بعد موت العادل أخي صلاح الدين حتى إن بعض الملوك أعطاهم بعض مدائن المسلمين وحدث حوادث بسبب التفريط فيما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى يقول: {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} وقال الله تعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}. فكان ولاة الأمور الذين يهدمون كنائسهم ويقيمون أمر الله فيهم كعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد ونحوهما: مؤيدين منصورين. وكان الذين هم بخلاف ذلك مغلوبين مقهورين. وإنما كثرت الفتن بين المسلمين وتفرقوا على ملوكهم من حين دخل النصارى مع ولاة الأمور بالديار المصرية؛ في دولة المعز ووزارة الفائز وتفرق البحرية وغير ذلك. والله تعالى يقول في كتابه: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} {إنهم لهم المنصورون} {وإن جندنا لهم الغالبون} وقال تعالى في كتابه: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/298)
: {لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة}. وكل من عرف سير الناس وملوكهم رأى كل من كان أنصر لدين الإسلام وأعظم جهادا لأعدائه وأقوم بطاعة الله ورسوله: أعظم نصرة وطاعة وحرمة: من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإلى الآن. وقد أخذ المسلمون منهم كنائس كثيرة من أرض العنوة بعد أن أقروا عليها في خلافة عمر بن عبد العزيز وغيره من الخلفاء وليس في المسلمين من أنكر ذلك. فعلم أن هدم كنائس العنوة جائز؛ إذا لم يكن فيه ضرر على المسلمين. فإعراض من أعرض عنهم كان لقلة المسلمين ونحو ذلك من الأسباب كما أعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن إجلاء اليهود حتى أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وليس لأحد من أهل الذمة أن يكاتبوا أهل دينهم من أهل الحرب ولا يخبروهم بشيء من أخبار المسلمين ولا يطلب من رسولهم أن يكلف ولي أمر المسلمين ما فيه ضرر على المسلمين ومن فعل ذلك منهم وجبت عقوبته باتفاق المسلمين وفي أحد القولين يكون قد نقض عهده وحل دمه وماله. ومن قال إن المسلمين يحصل لهم ضرر إن لم يجابوا إلى ذلك لم يكن عارفا بحقيقة الحال؛ فإن المسلمين قد فتحوا ساحل الشام وكان ذلك أعظم المصائب عليهم وقد ألزموهم بلبس الغيار وكان ذلك من أعظم المصائب عليهم؛ بل التتار في بلادهم خربوا جميع كنائسهم وكان نوروز رحمه الله تعالى قد ألزموهم بلبس الغيار وضرب الجزية والصغار. . . فكان ذلك من أعظم المصائب عليهم ومع هذا لم يدخل على المسلمين بذلك إلا كل خير؛ فإن المسلمين مستغنون عنهم وهم إلى ما في بلاد المسلمين أحوج من المسلمين إلى ما في بلادهم؛ بل مصلحة دينهم ودنياهم لا تقوم إلا بما في بلاد المسلمين والمسلمون ولله الحمد والمنة أغنياء عنهم في دينهم ودنياهم. فأما نصارى الأندلس فهم لا يتركون المسلمين في بلادهم لحاجتهم إليهم وإنما يتركونهم خوفا من التتار. فإن المسلمين عند التتار أعز من النصارى وأكرم ولو قدر أنهم قادرون على من عندهم من المسلمين فالمسلمون أقدر على من عندهم من النصارى. والنصارى الذين في ذمة المسلمين فيهم من البتاركة وغيرهم من علماء النصارى ورهبانهم ممن يحتاج إليهم أولئك النصارى وليس عند النصارى مسلم يحتاج إليه المسلمون ولله الحمد مع أن فكاك الأسارى من أعظم الواجبات وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات وكل مسلم يعلم أنهم لا يتجرون إلى بلاد المسلمين إلا لأغراضهم؛ لا لنفع المسلمين ولو منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على المال يمنعهم من الطاعة فإنهم أرغب الناس في المال ولهذا يتقامرون في الكنائس. وهم طوائف مختلفون وكل طائفة تضاد الأخرى. ولا يشير على ولي أمر المسلمين بما فيه إظهار شعائرهم في بلاد الإسلام أو تقوية أمرهم - بوجه من الوجوه - إلا رجل منافق يظهر الإسلام وهو منهم في الباطن أو رجل له غرض فاسد مثل أن يكونوا برطلوه ودخلوا عليه برغبة أو رهبة أو رجل جاهل في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدين؛ وإلا فمن كان عارفا ناصحا له أشار عليه بما يوجب نصره وثباته وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه ومحبتهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض ومغاربها. وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى. وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل؛ كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء؛ لما قاموا من ذلك بما قاموا به. وليعتبر بسيرة من والى النصارى كيف أذله الله تعالى وكبته. وليس المسلمون محتاجين إليهم ولله الحمد. فقد كتب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: " إن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به " فكتب إليه: " لا تستعمله ". فكتب: " إنه لا غنى بنا عنه " فكتب إليه عمر " لا تستعمله " فكتب إليه " إذا لم نوله ضاع المال " فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - " مات النصراني والسلام ". وثبت في الصحيح {عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مشركا لحقه ليقاتل معه فقال له: إني لا أستعين بمشرك} وكما أن استخدام الجند المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مسلمين مؤمنين: فكذلك الذين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/299)
يعاونون الجند في أموالهم وأعمالهم إنما تصلح بهم أحوالهم إذا كانوا مسلمين مؤمنين وفي المسلمين كفاية في جميع مصالحهم ولله الحمد. ودخل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فعرض عليه حساب العراق فأعجبه ذلك وقال: " ادع كاتبك يقرؤه علي " فقال: " إنه لا يدخل المسجد " قال: " ولم؟ " قال: " لأنه نصراني " فضربه عمر - رضي الله عنه - بالدرة فلو أصابته لأوجعته ثم قال: لا تعزوهم بعد أن أذلهم الله ولا تأمنوهم بعد أن خونهم الله ولا تصدقوهم بعد أن أكذبهم الله. والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين معادية لأعداء الله ورسوله وأعداء عباده المؤمنين وقلوبهم الصادقة وأدعيتهم الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب والجند الذي لا يخذل فإنهم هم الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون} {ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور} {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين} {ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين} {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}. وهذه الآيات العزيزة فيها عبرة لأولي الألباب فإن الله تعالى أنزلها بسبب أنه كان بالمدينة النبوية من أهل الذمة من كان له عز ومنعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان أقوام من المسلمين عندهم ضعف يقين وإيمان وفيهم منافقون يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر: مثل عبد الله بن أبي رأس المنافقين وأمثاله وكانوا يخافون أن تكون للكفار دولة فكانوا يوالونهم ويباطنونهم. قال الله تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض} أي نفاق وضعف إيمان {يسارعون فيهم} أي في معاونتهم {يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} فقال الله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا} أي هؤلاء المنافقون الذين يوالون أهل الذمة {على ما أسروا في أنفسهم نادمين} {ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين}. فقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين وبما يطلعون على ذلك من أسرارهم حتى أخذ جماعة من المسلمين في بلاد التتار وسبي وغير ذلك؛ بمطالعة أهل الذمة لأهل دينهم. ومن الأبيات المشهورة قول بعضهم: كل العداوات [قد] ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك في الدين ولهذا وغيره منعوا أن يكونوا على ولاية المسلمين أو على مصلحة من يقويهم أو يفضل عليهم في الخبرة والأمانة من المسلمين؛ بل استعمال من هو دونهم في الكفاية أنفع للمسلمين في دينهم ودنياهم والقليل من الحلال يبارك فيه والحرام الكثير يذهب ويمحقه الله تعالى. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
ـ[محمد بن أبي عامر]ــــــــ[24 - 05 - 08, 10:36 ص]ـ
لاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ العَلِيِّ العَظيمْْ ..
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[24 - 05 - 08, 10:46 ص]ـ
.. خصوصا إذا كان في الأمر نوع خلاف.
وهذا التفصيل من أمر الخلاف قد جاءك فيما نقله الأكارم في الموضوع، ولا حرج عليك أن تردّ القول وترفضه بالحجة والدليل، وأقوال الأئمة ..
أما أن تنعت المخالف بما مرّ بعضه؛ فأربأ بك عن ذلك ..
وهل علمت خلافا عن المسألة ... فأتي بها إن كنت من الصائبين
نحن لا نعلم خلافا في المسألة وفي كثير من المسائل الأخرى قبل ان تطلع علينا هذه القرضاويات (شطحات) ... نسأل الله لنا وله الهداية والمغفرة.
وإن كنت ناقص علم فالصمت أولى بك وله تحسب زلاتك على إجتهاداتك ... فعلمائنا يميزون بين الغث والسمين ... والله المستعان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/300)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 11:42 ص]ـ
حكم بناء الكنائس والمعابد في جزيرة العرب
للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتوى رقم (21413) وتاريخ 1/ 4 / 1421 هـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد:
فقد اطّلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (86) وتاريخ 5/ 1/1421 هـ. ورقم (1326 - 1327 - 1328) وتاريخ 2/ 3/1421 هـ. بشأن حكم بناء المعابد الكفرية في جزيرة العرب مثل: بناء الكنائس للنصارى، والمعابد لليهود وغيرهم من الكفرة، أو أن يخصّص صاحب شركة أو مؤسسة مكاناً للعمالة الكافرة لديه يؤدون فيه عباداتهم الكفرية .. إلخ.
وبعد دراسة اللجنة لهذه الاستفتاءات أجابت بما يلي:
كل دين غير دين الإسلام فهو كفر وضلال، وكل مكان يعدّ للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مُجمع عليه بحمد الله تعالى.
ومن زعم أن اليهود على حق، أو النصارى على حق سواء كان منهم أو من غيرهم فهو مكّذب لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد وإجماع الأمة، وهو مرتد عن الإسلام إن كان يدّعي الإسلام بعد إقامة الحُجة عليه إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك، قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28]، وقال عز شأنه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158]، وقال سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران:19]، وقال جل وعلا: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6]، وثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي قال: {كان النبي يُبْعَث إلى قومه خاصة، وبُعثْتُ إلى الناس عامة}.
ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأن تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ لأن العبادات التي تُؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً [الفرقان:23].
ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها بل تجب طاعته.
وأجمع العلماء رحمهم الله تعالى على أن بناء المعابد الكفرية ومنها: الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً، للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب، منها قول النبي: {لا يجتمع دينان في جزيرة العرب} [رواه الإمام مالك وغيره وأصله في الصحيحين].
فجزيرة العرب: حرمُ الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها، ولا التجنس بجنسيتها، ولا التملك فيها، فضلاً عن إقامة كنيسة فيها لعبّاد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان إلا ديناً واحداً هو دين الإسلام الذي بَعَثَ الله به نبيه ورسوله محمداً، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق، والحمد لله الذي الذي وفّق ولاة أمر هذه البلاد إلى صدّ هذه المعابد الكفرية عن هذه الأرض الإسلامية الطاهرة.
وإلى الله المشتكى مما جلبه أعداء الإسلام من المعابد الكفرية من الكنائس وغيرها في كثير من بلاد المسلمين، نسأل الله أن يحفظ الإسلام من كيدهم ومكرهم.
وبهذا يُعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز شأنه يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يُعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبَادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر).
وقال أيضاً: (من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد، وإن جهل أن ذلك محرّم عُرّف ذلك، فإن أصرّ صار مرتداً). انتهى.
عائذين بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهداية، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:25 - 28]، وبالله التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
الرئيس / عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ.
عضو / عبدالله بن عبدالرحمن الغديان.
عضو / بكر بن عبدالله أبو زيد.
عضو / صالح بن فوزان الفوزان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/301)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 11:58 ص]ـ
وهذا من موقع القرضاوي
(كفالة الإسلام لحرية التدين وممارسة الشعائر
عثمان عثمان: تحدثنا في حلقة سابقة عن الحرية الدينية فضيلة الدكتور، ولكن ماذا عن كفالة الإسلام لحرية التدين لغير المسلم في المجتمع الإسلامي؟
يوسف القرضاوي: الإسلام ما دام قبل هذا الإنسان أن يعيش داخل المجتمع المسلم فلا بد أن يضمن له عبادته عقيدته حريته في الاعتقاد حريته في التعبد ممارسة شعائره الدينية ..
عثمان عثمان (مقاطعا): هل تشمل الحرية نشر دينه والتبشير به؟
يوسف القرضاوي: ينشره بس بما لا يؤذي المسلمين، لا يشتم محمدا عليه الصلاة والسلام، لا يشتم القرآن أو .. إنما يتكلم كلام علمي دراسة يبين فيها أن دينه دين عظيم يقول وإحنا نرد عليه، ممكن تحدث مناظرة بيننا وبينهم زي ما حدث مع الشيخ رحمة الله الهندي مع أحد القسس الكبار عملوا مناظرة في خمسة مسائل واجتمع الجمهور بالآلاف وده يقول ما عنده، خمسة مسائل، بعد ثلاثة مسائل منهم انسحب القسيس ولم يستطع أن يستمر في المناظرة، هذا يجيزه الإسلام. إنما ما تجيش يعني زي الرسوم المسيئة إلى محمد، تقول لي إني بأنصر ديني وآجي أشتم نبيك، هذا ليس له علاقة بنشر الدين هذا ولا .. يعني حتى في كثير من البلاد تمنع نشر .. في فرنسا يمنعون الدعوة إلى أي دين ويرون أن ده ضد التوجه العلماني، وبعض الناس ترى أن بعض الدعوات زي دعوة التنصير أنها تستغل فقر الفقراء وأمية الأميين وتذهب إلى هؤلاء وتحاول أن تستغلهم، فبعض البلاد مثل الجزائر تمنع مثل هذا، هذا حماية لأفراد المجتمع أن يستغلوا من أناس مكرة ودهاة يريدون أن يخدعوهم ويفتنوهم عن عقيدتهم.
عثمان عثمان: هل حرية التدين تشمل إظهار الشعائر الدينية كالصلبان وغيرها؟
يوسف القرضاوي: نعم من حق هؤلاء. ولكن كل هذه الأشياء يعني بما لا يثير الفتنة بين الناس.
عثمان عثمان: طبعا هنا نتحدث أيضا عن بناء دور العبادة الخاصة بهم.
يوسف القرضاوي: وبناء دور العبادة. يعني في بعض الفقهاء شددوا في مسائل دور العبادة ولكن هناك بعض الفقهاء من المالكية وبعضهم من الزيدية أجازوا أن يبنوا من الكنائس ما يحتاجون إليه، ما داموا يتكاثرون كيف إذا كانوا نصف مليون يعني تبقى حاجتهم مثل حاجتهم إذا صاروا خمسة مليون؟ يعني مستحيل، إذا كثر الناس احتاجوا إلى دور للعبادة، فمن حقهم ما دمنا أقررناهم على دينهم، من لوازم ذلك أن نقرهم على بناء هذه الكنائس، هذه كلها أشياء ينظمها القانون فيما بين المسلمين وبين غير المسلمين.
عثمان عثمان: ذكرتم أيضا فضيلة الدكتور أنه يمكن لغير المسلم من أهل الكتاب أن يكتب كتابا يبين فيه عقيدته. ماذا لو كتب كتابة نقدية للإسلام وأظهر فيها يعني دعا فيها إلى ... ؟
يوسف القرضاوي (مقاطعا): بأقول لك إذا كتب كتابة علمية نرد عليه بكتابة علمية. يعني في فرق بين السب وبين النقد، السب مرفوض إنما النقد، تنقد كذا وكذا، ونرد عليه بما عندنا حجتنا أقوى من حجتهم، لا يفل الحديد إلا الحديد وحديدنا أقوى من حديدهم، وكم حدثت بين المسلمين وغيرهم يعني نقاشات من هذا النوع من العصر الأول وكتبت في ذلك "رسائل يوحنا الدمشقي" وغير ذلك، وكتب ابن حزم "الفصل في الملل والنحل" وكتب المسعودي "تخجيل من حرف الإنجيل" وكتب ابن تيمية "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" وكتب ابن القيم "هداية الحيارى من اليهود والنصارى" وكتب الشيخ رحمة الله كتاب "إظهار الحق"، وكتب الكثيرون في هذا يردون على هؤلاء، فإذا كتبوا يعني كتابة علمية تستحق الرد، من حق المسلمين بل من واجبهم أن يردوا عن دينهم وأن يبينوا زيف هذه المقولات وبطلانها ولكن في حدود الآداب العلمية، يعني فرق بين الكتابة العلمية وفرق بين كتابة السباب والشتائم التي لا هم لها إلا أن تثير الفتنة وتثير الفرقة وتمزق أبناء البلد الواحد وأبناء المجتمع الواحد، وهذا دائما يكون مبني على وجود الثقة، إذا وجد ثقة بين الفريقين لن يحدث مثل هذا، إنما أحيانا يعني هناك أناس يحاولون أن ينفخوا في النار أن يصبوا الزيت على النار وأن يثيروا الفتن بين أبناء المجتمع الواحد. لا بد، إذا كان هناك أديان مختلفة يثيرون الفتن من الناحية دي، ما فيش أديان في عروق مختلفة يبقى نثير الفتنة العرقية، ما فيش عروق في مذاهب مختلفة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/302)
نثير الفتن المذهبية. هناك ناس لا هم لهم إلا التفريق فيجب أن نفوت على هؤلاء فرصتهم ونحاول أن نمسك على مجتمعنا وحدته وتماسكه ليقف وقفة ليبني المجتمع معا نبني، ننمي المجتمع معا، نخرج من سجن التخلف إلى باحة التقدم، نتبوأ مكانتنا تحت الشمس. هذا ما ينبغي أن يفكر فيه أبناء المجتمع الواحد.
عثمان عثمان: نتحدث دائما عن أهل الكتاب، هل يجوز لهم أيضا بيع الخمور وفتح حانات لها أو بيع لحم الخنزير كذلك؟
يوسف القرضاوي: هذه يعني ناحية تبين لنا روعة التسامح في الإسلام. يعني لو تنظر التسامح الإسلامي تجده في القمة لأن الإسلام يبيح الأشياء المحرمة في دينه إذا كانت مباحة في دين الآخر، يعني إحنا عندنا الخمر ليست مجرد حرام بل هي من أكبر الكبائر أم الخبائث، سماها القرآن { .. رجس من عمل الشيطان .. } [المائدة:90] إنما يعني ... { .. إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه .. } [المائدة:90]، فهذا الرجس مباح عند النصارى، الإسلام يعني لا مانع أن يتركه، يعني يشربوا الخمر، يبيعوا الخمر ولكن فيما بينهم، ما يجيش يفتح حانة أو خمارة في المنطقة الإسلامية، إذا كان النصارى لهم مناطق خاصة بهم لا يمنع الإسلام أنهم يبيعوا الخمر لأنفسهم فيما بينهم. وإن كان العالم الآن يعني حتى النصارى الكل يتنادى بمنع المسكرات، جمعيات مقاومة المسكرات في أنحاء العالم في أوروبا وفي أميركا لأن الناس وجدوا أن الخمور والمسكرات والمخدرات هذه آفة على البشر تذهب عقول البشر، تذهب أخلاق البشر، تذهب أموال البشر، تضيع أسر البشر، ولكن مع هذا الإسلام أجاز لهم في هذه الحدود على أن يكون ذلك في حدود مناطقهم، ما يجيش يبيعها للمسلمين، نقول له لا قف عندك. هذه قمة في التسامح الحقيقة جاء بها الإسلام
)
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5848&version=1&template_id=105&parent_id=16
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:08 م]ـ
يسيطر على التفكير الفقهي عند القرضاوي سحائب معينة توجه فتاواه، أحسب أن منها:
إظهار سماحة الإسلام، التنصل من الجمود الفكري والفقهي، التيسير على الناس وسلوك منهج التخفيف ...
وما إلى ذلك من أفكار عامة توجه عنده المسار الفقهي .. حتى لو صادم هذا صحيح الأدلة منقولها ومعقولها ..
ويحتوش هذا الذي ذكرته عدة آفات، أخطرها:
أنه يأتي من الأقوال والفتاوى ما فيه مخالفة لما عليه الجماهير من السلف والخلف في المسألة، ويترك الأدلة الواضحة الجلية متشبثا بضعيفها وواهيها.
يرافق ذلك: غض الطرف عن الراجح وإكثار الأخذ بالمرجوح، ولعله يأتي بأقوال في بعض المسائل بما لم يُسبق إليه ..
وإن من تغطية الشمس بغربال - كما يقولون - إنكار هذا المنهج الهجين عند القرضاوي ..
ولكن ...
أيها الإخوان ..
ما دام أننا في منتدى علمي، وأحسب أن مَن في هذا المنتدى من الرواد هم من طلبة العلم الخلّص، وهم هم أهل الأدلة والمنهج العلمي، وهم أهل الأدب في المناظرة والمحاورة ومحاجة الخصوم ..
وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا نستبدل الذي أدنى بالذي هو خير؟؟
لو أردت أن أقرأ السباب والشتائم لم أكن لأدخل إلى هذا المنتدى الكريم، فإن ثمة منتديات متخصصة بذلك المنهج المقزز ...
نعم، ما دمت طالب علم فأنا أرتاد مواقع الطلبة النجباء، للنظر في الأدلة ومخارج الأحكام والمحقق من الأقوال ..
أحسب أن هذا الملتقى من الملقيات المتخصصة في العلوم الشرعية .. فليكن ما يُتدوال فيه من المسائل على النهج الأسمى والمقام الأرقى ..
على أي حال، لكل وجهة هو موليها، ما أنا بفارض عليكم طريقا تسلكونه، وما أنتم - حفظكم الله بفارضين عليّ - وغاية مطلبي كانت التزام الطريقة العلمية في الجدل ..
لكنني أذكركم بأننا مأمورون بإحسان الجدل حتى مع أهل الكتاب حين يجيئون بغثاء اعتقاداتهم، أفلا يكون ذلك بين المسلمين حين يتطارحون المسائل الشرعية - يكون ذلك حتى لو جاء أحدهم بما نعتقده باطلا ويعتقده كذلك جماهير أئمة الإسلام، فلنبين محل الخطأ ولنحلي ذلك بالنصيحة بالرجوع عنه؟؟
أسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو سبحانه، وأن يرزقنا أحسن العلم والعمل، وأن يتقبل منا جميعا ما قلنا وكتبنا .. والحمد لله رب العالمين ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 01:39 م]ـ
بل لو تأملنا منهج السلف مع مثل هذه الأخطاء لوجدنا أنهم أنكروا عليه بأعظم من هذا
وهم القدوة والأسوة
ومع من
مع من هم أجل من الشيخ القرضاوي
فالقول باطل باطل
والخلاف المزعوم غير صحيح
لم يجز أحد من فقهاء المسلمين للنصارى أن يقيموا كنائس في دار جرموز بن الفجاءة
الشجعان
فعلينا جميعا أن نقول للباطل باطل
فسكوتنا اليوم سيوردنا المهالك والمصائب
وعلى المقربين من الشيخ أن يراجعوه
والله اسأل أن يبعد عن الشيخ بعض المهندسين والأطباء الذين لا علم عندهم
والذين هم سبب في استمرار الشيخ في مثل هذه الأخطاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/303)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 01:51 م]ـ
بل لو تأملنا منهج السلف مع مثل هذه الأخطاء لوجدنا أنهم أنكروا عليه بأعظم من هذا
وهم القدوة والأسوة
فالقول باطل باطل
والخلاف المزعوم غير صحيح
لم يجز أحد من فقهاء المسلمين للنصارى أن يقيموا كنائس في دار جرموز بن الفجاءة
الشجعان
فالباطل باطل
أحسنت يا شيخ ابن وهب، وأصلح كلمتين وجدتهما تنفع للمرتزق القرضاوي كلمتان:
1 - كلمة المُحدّث العلامة الألباني - رحمه الله تعالى - في جواب له لسائل عن بعض فتاوى القرضاوي: ((ألم أقل لك القرضاوي اقرضه قرضا!!))
2 - كلمة المحدث العلامة الوادعي: ((القرضاوي رجل أضله الله على علم)).
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:00 م]ـ
(وافتقروا إلى مكان للتعبُّد)!!!
أليست هذه بكلمة خطيرة؟
هم يكفرون ويشركون، وهو يقول " تعبد "!!!!
.................................................. .
وإني لأبغضه في الله وأبغض كل من يعرفه ويحبه
وأنا والله لأبغضه يا شيخ إحسان.
وأما كلمته فكفرية نسأل الله العافية.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:00 م]ـ
يا شيخ علي
الموضوع جد خطير ولنتجاوز الكلام على شخص الدكتور القرضاوي إلى الكلام على المسألة
فائدة أنا عدلت قليلا في المشاركة فاقتباس الأخ الكريم علي قبل التعديل
ذكرت هذا حتى لا يظن ظان أن الشيخ قد غير في (النص المقتبس)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:03 م]ـ
والمسألة إذا تحولت إلى شخص الشيخ القرضاوي فقد يغلق أو يحذف الموضوع
ويحصل هناك نزاع شديد
بينما المسألة فاتفاقية لا نزاع فيها أصلا
فلنركز على أصل الموضوع
ولنقل للقول الباطل باطل
ولنستمر في بيان خطورة هذا الخطأ
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:21 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=107755&highlight=%CF%DB%D4
ينظر هذا الرابط، ففيه بحث جيد.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:31 م]ـ
والمسألة إذا تحولت إلى شخص الشيخ القرضاوي فقد يغلق أو يحذف الموضوع
ويحصل هناك نزاع شديد
بينما المسألة فاتفاقية لا نزاع فيها أصلا
فلنركز على أصل الموضوع
ولنقل للقول الباطل باطل
ولنستمر في بيان خطورة هذا الخطأ
الشيخ الفاضل ابن وهب حفظه الله
قولكم إذا تحولت المسألة إلى شخص ..........
فمثلكم لا يظن بإخوانه أنهم ما سطروا وهذا الموضوع إلا في الذب عن جناب الشريعة والذود عن حياضها .... لا إلى شخض يوسف القرضاوي وفقنا الله وإياه للصواب ... أما التركيز على الموضوع بغض النظر عن القائل هذا لا يصح في الخارج فإن الفعل لا ينفك عن فاعل فالقائل بهذا الكلام عليه أن يتحمل ما سطره وقاله ... وحتى لا يأتينا أحد ويقول لا تتكلموا عن الجهم وركزوا على قوله الباطل!! والظن بك أنك لا تقول بهذا ..
محبكم
أبو الحسن الأثري
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:36 م]ـ
خطبة
في حرمة بناء الكنائس ووجوب هدم ما بُنِيَ منها
إِنَّ الحمدَ لله نحمدُهُ ونستعينهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ بالله من شرور أنفُسِنا، ومِنْ سَيِّئات أعمالنا، من يهدِه الله فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، ومَن يُضْلِل فَلاَ هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأَشهد أن محمداً عبده ورسوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ?، ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا?، ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً?.
أمَّا بعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/304)
فإننا في هذا العصر الذي اختلطَ فيه المسلمون بالكفار، والحق بالباطل، والهدى بالضلال، والعلم بالجهل، ظهر بين أظهُرنا قومٌ يتكلمون بألسنتنا، ويتسَمَّون بأسمائنا جعلوا همهم الدفاع عن النصارى، والذود عنهم، مما جعلهم يأذنون بالكفر والضلال، المتمثل بتجويز بناء الكنائس لا سيما في جزيرة العرب، مهبط الوحي، ومنبع الرسالة، وأرض الحرمين، وديار العرب، وقاعدة الإسلام، وخلاصة المسلمين.
وقد أجمع العلماء على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية، وعلى وجوب هدمها إذا أُحدِثَت، وعلى أنَّ بناءها في جزيرة العرب: كنجدٍ، والحجاز، وبلدان الخليج واليمن أشدُّ إثماً، وأعظمُ جُرْماً؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمرَ بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع فيها دينان، وتَبِعَهُ أصحابه في ذلك؛ ولأنَّ جزيرة العرب هي مهد الإسلام، ومنطلق الدعوة إليه، ومحل قِبلةِ المسلمين، فلا يجوز أن يُنشَأً فيها بيتٌ لعبادة غير الله سبحانه وتعالى، كما لا يجوز أن يُقرَّ فيها من يعبد غيره.
ولمَّا حصل التساهل في هذا الأمر العظيم، وظهر بعض الناس ممن يدعون إلى ما يُسمى بحرية الأديان، وتكلم بعض شيوخ الضلالة في ما يُسَمُّونه بـ «حرية العقيدة» الذي يُريدون منه الإذن ببناء الكنائس ومعابد الشرك والوثنية، رأيتُ أن أوضح الحق بما وردَ عن سيد الخلق، وأصحابه الكرام وأئمة الإسلام العظام في هذه المسألة، التي مرجِعُها إلى الشرع لا إلى الأهواء والنفوس المريضة، ولا إلى ميثاق الأمم المتحدة ولا إلى غير ذلك.
فأقول وبالله أصول وأجول:
وردت أحاديث وآثار كثيرة في المنع من بناء الكناس، ووجوب هدمها فمن ذلك ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُحدثُوا كنسية في الإسلام ولا تُجَدِّدُوا ما ذَهَب منها».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكونُ قِبْلَتَانِ في بلدٍ واحِدٍ» رواه أبو داود وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إسناده جيد».
ورواه الترمذي بلفظ: «لا تَصْلُحُ قِبلتانِ في أرضٍ واحِدَةٍ».
وعن سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن جَامَعَ المُشْرِك وَسَكَنَ مَعَهَ فإنَّه مِثلَهُ» رواه أبو داود.
قال بعض أهل العلم: «رواه أبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُسَاكِنُوا المشركينَ ولا تُجَامِعُوهم فَمنْ سَاكَنَهُم أو جامعهم فَهو مِثلُهم» والكتابي يسمى مشركاً فالحديث على ذلك يشمله عنده فيستدل به على تحريم مساكنته».
ثم قال: «والمساكنة إن أُخِذَت مطلقة في البلد يلزَم أن لا يكون لهم في تلكَ البلدِ كَنِيسةٌ؛ لأنَّ الكنيسة إنما تبقى لهم بالشرط إذا كانوا فيها» اه.
وروى الإمام مالك في «موطئه» تحت باب: «ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة» أنَّ عمر بن عبد العزيز كان يقول «كان مِن آخر مَا تَكَلَّم بهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن قال: «قاتَلَ الله اليهودَ والنَّصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يَبْقَيَنَّ دينان بأرض العرب». ورَوَى مالكٌ أيضاً أنه قال: «لا يجتمع دينان بجزيرة العرب».
قال مالك: قال ابن شهاب فَفَحَصَ عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه اليقين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» فأَجْلَى يهود خيبر».
قال الإمام مالك: «وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفَدَك. فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم مِن الثَّمَر ولا مِن الأرض شيءٌ. وأمَّا يهود فَدَك فكان لهم نِصفُ الثَّمر ونصفُ الأرض؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالَحَهُمْ على نِصْفِ الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب ووَرِقٍ، وإبل وحِبَال و أقْتَابٍ ثم أعطاهم القيمة ثم أجلاهم منها» اه.
وأما قوله «أرض العرب» و «جزيرة العرب» فهي كما قال الأصمعي: «جزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول , وأما في العرض فمن جدة وما والاها من سائر البحر إلى أطراف الشام».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/305)
ومن الأحاديث التي تمنع إقامة الكنائس، ما رواه الإمام أحمد قال: ثنا حماد بن خالد الخياط أخبرنا الليث بن سعد عن توبة بن نمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خِصَاء في الإسلام ولا كنيسة».
قال بعضُ أهل العلم بعد ذكره لهذا الحديث: «استدلوا على عدم إحداث الكنائس ولو قيل إنه شامل للإحداث و الإبقاء لم يبعد ويخص منه ما كان بالشرط بدليل ويبقى ما عداه على مقتضى اللفظ وتقديره لا كنيسة موجودة شرعاً» اه.
* أمَّا ما ورد في المنع من إحداث الكنائس في بلاد الإسلام من الآثار فكثير جداً فمنها:
ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب «الأموال» أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا كنيسة في الإسلام».
وقد وَرَدَ في الشُّرُوط المشهورة عنه رضي الله عنه المُسمَّاة بـ «الشروط العمرية» أن لا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة راهب، وفيما يلي نص تلك الشروط التي جاء فيها ذلك الشرط:
كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غُنْم: «إنَّا حينَ قَدِمْتَ بلادنا طَلَبْنَا إليكَ الأمان لأنفسنا وأهلِ مِلَّتِنَا على أنَّا شَرَطْنَا على أنفسنا أن لا نُحْدِثَ في مدينتنا كنيسة ولا فيما حولها ديرا، ولا قلاَّية، ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب من كنائسنا ولا ما كان منها في خطط المسلمين، وأن لا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوساً، وأن لا نكتم غشاً للمسلمين، وأن لا نَضْربَ بنواقيسنا إلاَّ ضرباً خفيفاً في جوف كنائسنا، ولا نُظْهِرَ عليها صليباً، ولا نَرْفَعُ أصواتنا في الصلاة ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون , وأنْ لاَ نُخْرِجَ صليباً ولا كتاباً في سوق للمسلمين وأن لا نخرج باعوثاً , [قال والباعوث يوم يجتمعون له كما يخرج المسلمون يوم الأضحى والفطر] ولا شعانين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين، وأن لا نجاورهم بالخنازير، ولا نبيع الخمور، ولا نظهر شِركاً، ولا نرغِّب في ديننا، ولا ندعو إليه أحداً ... » إلخ، فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر: «أن أمض لهم ما سألوا والحق فيهم حرفين اشتَرِطْهُما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم: أن لا يشتروا من سبايانا، ومَن ضَرَبَ مُسلِماً فقد خلع عهده» فأنفذ عبد الرحمن بن غم ذلك وأقر من أقام من الروم في مدائن الشام على هذا الشرط».
وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وأبو عبيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سُئِل: هل للمشركين أن يتخذوا الكنائس في أرض العرب؟ فقال: «أَمَّا مَا مَصَّرَ المسلمون فلا تُرْفَعُ فيه كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار ولا صليب ولا ينفخ فيه بوق ولا يضرب فيه ناقوس ولا يدخل فيه خمر ولا خنزير.
وما كان مِن أرض صُولِحَت صُلْحاً فعلى المسلمين أن يَفُوا لهم بصلحهم».
قال: «تفسيرُ ما مَصَّرَ المسلمون: ما كانت من أرض العرب، أَوْ أُخِذَت مِن أرض المشركين عُنْوة».
ورواه الإمام أحمد بلفظ: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يُحْدِثُوا فيها شيئاً فقال: «أيُّما مِصر مَصَّرتْهَ العربُ فَلَيسَ للعَجمِ أن يبنوا فيهِ ولا يضربُوا فيه ناقوساً ولا يشربوا فيهِ خمراً ولا يتخِذُوا فيه خنزيراً، وأيما مصر مصرتهُ العجمُ ففتحه الله على العرب فنزلوا فيهِ فإن للعجم ما في عهدهمِ وعلى العربِ أن يوفُوا بعهدهم ولا يُكلفوهم فوق طاقتهم».
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في شرح هذا الأثر: «قوله: «كل مصر مصَّرَتْهُ العرب ... » يكون التمصير على وجوه:
فمنها: البلاد التي يُسلم عليها أهلها مثل المدينة والطائف واليمن؛ومنها: كُلُّ أرض لم يكن لها أهل فاختطفها المسلمون اختطافاً ثم نزلوها مثل الكوفة والبصرة وكذلك الثغور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/306)
ومنها: كُلُّ قرية افتتحت عُنْوَة فلم ير الإمام أن يردها إلى الذين أخذت منهم ولكنه قسمها بين اللذين افتتحوها كفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر. فهذه أمصار المسلمين التي لاحظ لأهل الذِّمةِ فيها، إلاَّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعطى خيبر اليهود معاملة لحاجة المسلمين كانت إليهم، فلما استغنى عنهم أجلاهم عمر وعادت كسائر بلاد الإسلام. فهذا حُكم أمصار العرب وإنما نرى أصل هذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» وفي ذلك آثار» ثم ذَكَرَها.
وعن ابن عمر قال: أجلى عمر رضي الله عنه المشركين من جزيرة العرب وقال: «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان». وضرب لمن قدم منهم أجلاً قَدْرَ ما يَبِيعُونَ سِلَعهم».
وجاء أهل نجران إلى علي رضي الله عنه فقالوا: شفاعتك بلسانك، وكتابك بيدك أَخْرَجَنَا عمر مِن أرضنا فرُدَّها إلينا، فقال: «ويلكم إنَّ عُمر كان رشيدَ الأمر فَلاَ أُغَيِّر شيئاً صَنَعَهُ عمر».
ومن الآثار: ما رواه الإمام أحمد عن معمر قال: كَتَبَ عمر بن عبد العزيز إلى عروة يعني ابن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصارها المسلمين قال: «وشهدت بهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين».
وقال طاووس رضي الله عنه: «لا ينبغي لبيت رحمة أن يكون عند بيت عذاب». قال أبو عبيد: «أراه يعني الكنائس والبيع وبيوت النيران».
أقوال علماء المذاهب الفقهية الأربعة
* الحنفية:
قال الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: «لا ينبغي أن تترك في أرض العرب كنيسة ولا بيعة ولا يباع فيها خمر وخنزير مِصْراً كان أو قرية».
المالكية:
* وأما أصحاب مالك فقال في «الجواهر»: «إنْ كانوا في بلدةٍ بناها المسلمون فلا يُمَكَّنُونَ مِن بناءِ كنيسةٍ، وكذلك لو ملَكْنا رقبةَ بلدةٍ مِن بلادهم قهراً، وليس للإمام أنْ يُقِرَّ فيها كنيسةً بل يَجِبُ نَقْضُ كنائسهم بها. أمَّا إذا فُتِحَت صُلْحاً على أن يسكنوها بخراج ورقبة الأبنية للمسلمين وشرطوا إبقاء كنيسة جاز» «عقد الجواهر الثمينة» لابن شاس (1/ 331).
وقال الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي المالكي في كتابه «سراج الملوك» (383) في حكم الكنائس: «أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تُهْدَمَ كُلُّ كنيسة لم تَكُنْ قَبْلَ الإسلام، ومَنَعَ أنْ تُحْدَث كنيسة، وأَمَرَ أن لا يظهر صليب خارجٌ من الكنيسة إلا كسر على رأس صاحبه.
وكان عروة بن محمد [عامل عمر بن عبد العزيز باليمن] يهدمها بصنعاء وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين.
وشدد في ذلك عمر بن عبد العزيز وأمر أن لا يترك في دار الإسلام بيعة ولا كنيسة بحال قديمة ولا حديثة. وهكذا قال: الحسن البصري قال: مِن السُّنة أن تُهْدَم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة ويمنع أهل الذمة من بناء ما خرب» اه.
الشافعية:
* وقال الإمام الشافعي في المختصر: «ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لصلواتهم ولا يظهرون فيها حمل الخمر ولا إدخال خنزير ولا يحدثوا بناء يطولون به على بناء المسلمين ... ».
* وقال ابن جماعة: «وليس لهم إحداث كنيسة أو دير أو صومع في بلاد أحدثها المسلمون: كالقاهرة، والبصرة، والكوفة.
ولا في بلد أسلم أهلها: كالمدينة النبوية، واليمن.
ولا في بلد فتحها المسلمون عنوة: كمصر، وبر الشام، وبعض بلاده.
فكلُّ ما احدث من الكنائس في هذا النوع وجبَ هَدْمُهُ.
وأمَّا الكنائس القديمة قبل الإسلام، فإن كانت في بلد فتح عنوة: كمصر، وبر الشام وبعض بلاده، وجبَ هدمها.
وإن كانت في بلاد فتحت صلحاً، وشرطوا في صلحهم بقاء كنائسهم بقيت» اهـ.
وقال النووي في «الروضة»: «ونمنعهم من إحداثَ كنيسةٍ في بلد أحدثناهً، أو أسلمَ أهلهُ عليه.
وما فُتِحَ عنوة لا يُحْدِثونها فيه [يعني: الكنيسة]، ولا يُقرُّونَ على كنيسة كانت فيه على الأصح، أو صلحاً بشرطِ الأرضِ لنا ن وشرط إسكانهم، وإبقاءِ الكنائس جازَ، وإن أُطلِقَ فالأصحُّ المنعُ».
الحنابلة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/307)
* وأمَّا الحنابلة، فقد روى الخلال في كتاب «أحكام أهل الملل» تحت «باب الحكم فيما أحْدَثَتْهُ النصارى مما لم يُصَالَحُوا عليه» عن عبد الله بن الإمام أحمد قال: سمعتُ أبي يقول: «ليس لليهود ولا للنصارى أن يُحْدِثُوا في مِصْرٍ مَصَّرَهُ المسلمونَ بَيْعَةً ولاَ كَنِيسَةً، ولا يَضْربُوا فيه بِنَاقُوسٍ ... ».
وقال الإمام أحمد رحمه الله: «وإذا كانت الكنائس صُلْحاً تُرِكُوا على ما صالحوا عليه، فأمَّا العنوة فَلاَ، وليس لهم أن يُحْدِثُوا بيعة ولا كنيسة لم تكن، ولا يضربوا ناقوساً، ولا يرفعوا صليباً، ولا يظهروا خنزيراً، ولا يرفعوا ناراً، ولا شيئاً مما يجوز لهم فعله في دينهم، يُمْنَعُونَ مِن ذلك ولاَ يُتْرَكُونَ. قلتُ: للمسلمين أن يمنعوهم من ذلك؟ قال: نعم على الإمام منعهم من ذلك».
وقال: «الإسلام يَعْلُو ولاَ يُعْلَى».
وقال ابن قدامة: «ويمنعونَ [يعني أهل الذمة] مِن إحداث البيع والكنائس والصوامع في بلادِ المسلمين».
وذكرَ في «المغني» أنَّ ما مصَّره المسلمون وما فتوح عنوة فلا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة ولا مجتمع لصلاتهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وما أُحدِثَ بعد ذلك فإنه تَجِبُ إزالَتُهُ، ولاَ يُمَكَّنُونَ مِن إحداثِ البِيَع والكنائس كما شَرَطَ عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الشروط المشهورة عنه: أن لا يُجَدِّدُوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسةً، ولا صومعةً ولا دَيْراً ... وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار ومذهب جمهورهم في القرى وما زال مَن يُوَفِّقهُ الله مِن وُلاةِ أُمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به، مثل عمر بن عبد العزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هُدَى، فروى الإمام أحمد عنه أنه كَتَبَ إلى نائِبهِ على اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين فَهَدَمَهَا بصنعاء وغيرها , وكذلك هارون الرشيد في خلافته أمرَ بهدم ما كان في سواد بغداد، وكذلك المتوكل لمَّا أَلْزَمَ أهل الكتاب بشروط عمر استفتى علماء وقته في هدم الكنائس والبِيَع فأجابوه فبعث بأجوبتهم إلى الإمام أحمد فأجابه بهدم كنائس سواد العراق وذكرَ الآثارَ عن الصحابة والتابعين ..
وملخَّصُ الجواب: أن كُلَّ كَنِيسَةٍ في مِصر والقاهرة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد ونحوها من الأمصار التي مَصَّرها المسلمون بأرض العنوة فإنه يجب إزالتها: إما بالهدم، أو غيره، بحيث لا يبقى لهم مَعْبَدٌ في مِصْرٍ مَصَّرَهُ المسلمون بأرض العنوة، وسواءٌ كانت تلك المعابد قديمة قبل الفتح أو محدثة لأن القديم منها يجوزُ أخذه، ويَجِبُ عندَ المَفْسَدَةِ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تجتَمِعَ قِبلَتَان بأرضٍ، فلا يجوز للمسلمين أن يُمَكِّنُوا أن يكون بمدائن الإسلام قبلتان إلا لضرورة كالعهد القديم. لا سيما وهذه الكنائس التي بهذه الأمصار محدثة يظهر حدوثها بدلائل متعددة والمحدث يهدم باتفاق الأئمة ... ».
ثم قال: «فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمر الله به وما هو أصلحُ للمسلمين مِنْ إعزازِ دينِ الله وقَمْعِ أعدائهِ، وإتمام ما فَعَلَهُ الصَّحابة مِن إلزامِهِم بالشُّروط عليهم، ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، ولاَ يَلْتَفِتُ في ذلك إلى مُرْجِفٍ أو مُخَذِّلٍ يقولُ: إنَّ لَنَا عندهم مساجد وأَسْرَى نخاف عليهم، فإن الله تعالى يقول: ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ?.
وإذا كان «فوروز» في مملكةِ التَّتار قد هَدَمَ عَامَّة الكنائس على رُغْم أَنفِ أعداءِ الله، فَحِزبُ الله منصور، وجنده الموعود بالنصر إلى قيام الساعة أَوْلَى بذلك وأحق، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهم لن يزالون ظاهرين إلى يوم القيامة ... ».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/308)
* وقال: «ولا يُشِيرُ على وَلَيِّ أَمْرِ المسلمين بما فيه إِظهارُ شَعَائِرهم في بلاد الإسلام، أو تقوية أَمْرِهِم بوجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ إِلاَّ رَجُلٌ مُنَافِقٌ يُظْهِرُ الإسلامَ وهوَ مِنهم في الباطن، أو رَجُلٌ لَهُ غَرَضٌ فاسِدٌ، مثل أن يكونوا دخلوا عليه برغبة أو رهبة، أو رجلٌ جاهِلٌ في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدِّين، وإلاَّ فَمَنْ كانَ عَارِفاً ناصِحاً لَهُ أشارَ عليه بما يُوجِبُ نَصْرَهُ وثَبَاتَهُ وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه وفتحهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض مغاربها وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى.
وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين العادل كيف مكَّنهم الله وأيَّدهم وفَتَحَ لهم البلاد وأذَلَّ لهم الأعداء، لَمَّا قاموا مِن ذلك بما قاموا به.
وليعتبر بسيرةِ مَن وَالَى النصارى كيف أذَلَّهُ الله تعالى وكَبَتَهُ، وليس المسلمون محتاجين إليهم، دخل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فَعَرَضَ عليه حساب العراق فأعجبه ذلك فقال: «ادع كاتبك يقرؤه عليَّ». فقال: إنه لا يدخل المسجد!! قال: «ولِمَ»؟!! قال: لأنه نصراني. فضربه عمر رضي الله عنه بالدِّرَّةِ فلو أصابته لأوجعته ثم قال: «لا تُعِزُّوهم بعد أن أذَلَّهُم الله، ولا تأْمَنُوهم بعد أن خَوَّنَهُم الله، ولا تُصَدِّقُوهم بعد أن أَكْذَبَهُم الله».
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ...
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمَّا بعد:
فللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية فتوى نفيسة نقرأ لكم شيئاً منها، تقول اللجنة فيها:
«كُلُّ دين غير دين الإسلام فهو كفرٌ وضَلالٌ، وكُلٌّ مكانٍ يُعَدُّ للعبادةِ على غير دين الإسلام فهو بيتُ كُفْرٍ وضَلاَلٍ، إذْ لاَ تَجُوزُ عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مُجمع عليه بحمد الله تعالى.
ومَن زَعَمَ أنَّ اليهودَ على حَقٍّ، أو النصارى على حقٍّ سَوَاءٌ كان مِنهم أو من غيرهم فهو مُكَّذِّبٌ لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، وهو مُرْتَدٌ عن الإسلام إن كان يدّعي الإسلام بعد إقامةِ الحُجَّةِ عليه إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك، قال الله تعالى: ? وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ?، وقال سبحانه ِ: ? إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ ?، وقال جل وعلا: ? وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ?، وقال سبحانه: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ? ...
ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريمُ الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنهُ تحريمُ بناءِ مَعَابِدَ وِفقَ شرائع منسوخةٍ يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأنَّ تلك المعابد سواءٌ كانت كنيسةً أو غيرها تُعْتَبَرُ معابد كفريَّة؛ لأن العبادات التي تُؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: ? وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ?.
ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية، مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوزُ اجتماعُ قِبْلَتَين في بلدٍ واحدٍ مِن بلادِ الإسلام، وألاَّ يكون فيها شيءٌ مِن شعائر الكُفَّار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها بل تجب طاعته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/309)
وأجمع العلماء رحمهم الله تعالى على أن بناء المعابد الكفرية ومنها: الكنائس في جزيرة العرب أشدُّ إثماً وأعظمُ جرماً، للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب، منها قول النبي: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب». [رواه الإمام مالك وغيره وأصله في الصحيحين].
فجزيرة العرب: حرمُ الإسلام وقاعِدَتُهُ التي لا يجوزُ السَّماحُ أو الإذن لكافر باختراقها، ولا التَّجَنُّسُ بجِنْسِيَّتِها، ولا التملك فيها، فضلاً عن إقامة كنيسة فيها لعبّاد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان إلا ديناً واحداً هو دين الإسلام الذي بَعَثَ الله به نبيه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق ...
وبهذا يُعلم أنَّ السَّماحَ والرِّضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز شأنه يقول: ? وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ?.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «مَن اعتَقَدَ أنَّ الكنائس بيوتُ الله، وأنَّ اللهَ يُعبَدُ فيها، أو أنَّ مَا يَفْعَلُهُ اليهودُ والنصارى عبَادةٌ لله وطاعةٌ لرسوله، أو أنَّه يُحِبُّ ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر».
وقال أيضاً: «مَن اعتقد أنَّ زِيارةَ أهل الذِّمةِ في كنائسهم قربةٌ إلى الله فهو مُرتَدٌ، وإن جَهِل أنَّ ذلك محرَّمٌ عُرِّفَ ذلك، فإن أصرَّ صارَ مُرتداً» اه.
عائذين بالله من الحَوْرِ بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهداية، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ? [محمد:25 - 28]». انتهت الفتوى ملخصةً.
*كنائس الخليج:
كانت جزيرة العرب مطهرة من الكنائس منذ نحو من ألف وثلاثمائة سنة، حتى أتى الاحتلال الإنجليزي إليها واستولى على ما استولى عليه منها، فحرص أشد الحرص على نشر التنصير المتمثل في بناء الكنائس التي هي مُنْطَلقه، ومع مقاومة أهل الجزيرة لهذا الأمر إلا أنه بُنيت الكنائس وقامت الصلبان في جزيرة العرب حاشا دولة واحدة، هي الوحيدة التي لم يرفع فيها الصليب إلى يومنا هذا وهي المملكة العربية السعودية حماها الله، وطهَّر بلدان المسلمين من تلك الكنائس.
فأول بلدان الخليج التي بنيت فيها الكنائس هي مملكة البحرين، وذلك في عام (1904م)، ثم سلطنة عمان سنة (1908م)، تلتهما دولة الكويت فبُنيت أول كنيسة سنة (1932م)، ثم دولة الإمارات العربية المتحدة سنة (1968م)، أمَّا دولة قطر فهي مطهَّرة من الكنائس حتى سنة (2006م) حيث بنيت أول كنيسة وافتتحت بعد رمضان مباشرة في أول شهر شوال!!
هذا والواجب على ولاة أمور المسلمين أن يتقوا الله عز وجل، وأن يحكموا شرعه، الذي منه هدم هذه الكنائس، وإذا أراد النصارى أن يقيموا شعائر دينهم فلهم ذلك ولكن في بيوتهم، فلا يظهروا شيئاً من ذلك بين المسلمين، وهذا تفسير قوله تعالى: ? لكم دينكم ولي دين ?، ونحن لا نُكْرِهُ أحداً على دخول الإسلام، ولكن ليس معنى هذا أن يُظْهِروا كفرهم وباطلهم بيننا كما تقدَّم في الشروط العمرية، وأضرب على ذلك بمثال بسيط يفهمه كل أحد: كل دولة لها قوانين توجب على من سكن في أرضها أو حتى أقام فيها إقامة يسيرة أن يسير وِفق هذه القوانين، سواء أعجبته أم لا، وسواء كانت بلاده الأصلية توافق عليها أم لا، أفلا يكون القانون الشرعي والدستور الرباني أولى بالتطبيق؟ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .....
كتبه
دغش بن شبيب العجمي
دولة الكويت
طهرها الله وسائر بلاد المسلمين من معابد الوثنية
وكان الفراغ منها في ربيع الأول عام 1428
ثم أعدت النظر فيها 27 من جمادى الآخرة عام (1428)
الموافق (13/ 7/2007)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 03:17 م]ـ
بارك الله فيكم
أما
(للتعبد)
فهذه الكلمة في كتب الفقه الشافعي يفرق بها فقهاء الشافعية بين حكم الكنيسة المعدة للتعبد
و الكنيسة المعدة لغير التعبد
ففي مثل وقف الذمي
وكذا ذكروا في الوقف على الكنيسة المعدة للتعبد و ولنزول المارة معا
الى غير ذلك من المسائل
وكلام القرضاوي هو على هذا المعنى
فقوله أي القرضاوي (افتقروا إلى مكان للتعبد)
إي احتاجوا إلى بناء كنيسة للتعبد
أو احداث كنيسة جديدة
لغرض التعبد
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/310)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:07 م]ـ
وهنا نشرح معنى الكنيسة المعدة لنزول المارة
كان هناك كنائس في ديار المسلمين كنائس أثرية
وهذه الكنائس في مناطق شبه مهجورة
في الطرقات ونحو ذلك
هذه الأماكن هي في قرى النصارى وأهل السواد
النصارى عليهم تقديم الضيافة للمارين والمسافرين
فأصبحت هذه مثل النزل والفنادق أو أوتيل أو الخانات
أو مثل محطات الاستراحة القصيرة في الطرقات
فهذه نزل للمارة
وهي في الحقيقة كنائس
ولكنها خالية لا يوجد من يتعبد فيها
لا يو جد بها رهبان ولا يقصدها أحد بقصد العبادة
فهذا هو معنى الكنائس المعدة لمرور المارة
هذا والله أعلم
يعني ما أصبحت من دور عبادة النصارى
بل مكان عام
قال الإمام الشافعي في الأم
(ولو أوصى أن تبنى كنيسة ينزلها مار الطريق أو وقفها على قوم يسكنونها أو جعل كراءها للنصارى أو للمساكين جازت الوصية وليس في بنيان الكنيسة معصية إلا أن تتخذ لمصلى النصارى الذين اجتماعهم فيها على الشرك)
والشافعي يستخدم عبارة
المعدة لصلاتهم
أي النصارى
فيما عبر عنه فقهاء الشافعية بقولهم للتعبد
فيقول
(وأكره للمسلم أن يعمل بناء أو نجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلواتهم)
وفي الشروط
(وعلى أن لا يحدثوا في مصر من أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لضلالاتهم)
قال الماوردي في الحاوي
(مَسْأَلَةٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: " وَلَوْ أَوْصَى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِصَلَاةِ النَّصَارَى فَمَفْسُوخٌ، وَلَوْ قَالَ يَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ، أَجَزْتُهُ، وَلَيْسَ فِي بِنَائِهَا مَعْصِيَةٌ إِلَّا بَأَنْ تُبْنَى لِصَلَاةِ النَّصَارَى ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِصَلَاةِ النَّصَارَى، أَوْ بَيْعَةٍ لِصَلَاةِ الْيَهُودِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ بَاطِلَةً، سَوَاءٌ كَانَ الْمُوصِي مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَجْمَعٌ لِمَا أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ صَلَاتِهِمْ وَإِظْهَارِ كُفْرِهِمْ. وَالثَّانِي لِتَحْرِيمِ مَا يُسْتَأْنَفُ إِحْدَاثُهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ. فَإِنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْصَى أَنْ تُبْنَى دَارُهُ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً لَمْ يَجُزْ، وَسَوَاءٌ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ إِلَى حَاكِمِهِمْ: إِلَّا أَنَّهُمْ إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ، وَمَنَعْنَا مِنَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا مَنَعْنَا مِنَ الْبِنَاءِ، وَلَمْ نَعْتَرِضْ لِلْوَصِيَّةِ. فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِعِمَارَةِ بَيْعَةٍ قَدِ اسْتُهْدِمَتْ أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ إِنْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا، وَمَنَعْنَا مِنَ الْبِنَاءِ لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا لَمْ نَعْتَرِضْ لِلْوَصِيَّةِ، فَإِنْ بَنَوْهَا لَمْ يُمْنَعُوا لِاسْتِحْقَاقِ إِقْرَارِهِمُ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَيْهَا. وَلَوْ أَوْصَى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْعَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَا فِي الْبِنَاءِ: لِأَنَّ أَحْكَامَنَا لَا تَجْرِي عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ تَرَافَعُوا فِي الْوَصِيَّةِ إِلَيْنَا حَكَمْنَا بِإِبْطَالِهَا، وَلَمْ نَمْنَعْ مِنْ بِنَائِهَا.
فَصْلٌ: فَأَمَّا إِذَا أَوْصَى بِبِنَاءِ دَارٍ يَسْكُنُهَا الْمَارَّةُ مِنَ النَّصَارَى، فَذَلِكَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُجْعَلَ لِمَارَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِسُكْنَاهَا مَعَهُمْ، فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ جَائِزَةٌ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَهَا خَاصَّةً لِمَارَّةِ النَّصَارَى، فَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ: لِأَنَّهَا لِلسُّكْنَى كَالْمَنَازِلِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ تَفَرُّدَهُمْ بِهَا يُفْضِي إِلَى اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَصَلَاتِهِمْ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/311)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:03 م]ـ
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -:
مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ:
فِي الْكَنَائِسِ الَّتِي بِالْقَاهِرَةِ وَغَيْرِهَا الَّتِي أُغْلِقَتْ بِأَمْرِ وُلَاةِ الْأُمُورِ إذَا ادَّعَى أَهْلُ الذِّمَّةِ أَنَّهَا أُغْلِقَتْ ظُلْمًا وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ فَتْحَهَا وَطَلَبُوا ذَلِكَ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَنَصَرَهُ فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ؟ وَهَلْ تَجِبُ إجَابَتُهُمْ أَمْ لَا؟.
وَإِذَا قَالُوا: إنَّ هَذِهِ الْكَنَائِسَ كَانَتْ قَدِيمَةً مِنْ زَمَنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ مِنْ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ أَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ إغْلَاقَهَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. فَهَلْ هَذَا الْقَوْلُ مَقْبُولٌ مِنْهُمْ أَوْ مَرْدُودٌ؟.
وَإِذَا ذَهَبَ أَهْلُ الذِّمَّةِ إلَى مَنْ يَقْدَمُ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ مِنْ رَسُولٍ أَوْ غَيْرِهِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَسْأَلَ وَلِيَّ الْأَمْرِ فِي فَتْحِهَا أَوْ كَاتَبُوا مُلُوكَ الْحَرْبِ لِيَطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ وَلِيِّ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ. فَهَلْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ ذَلِكَ؟
وَهَلْ يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟
وَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُجَابُوا إلَى ذَلِكَ حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ ضَرَرٌ إمَّا بِالْعُدْوَانِ عَلَى مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْأَسْرَى وَالْمَسَاجِدِ وَإِمَّا بِقَطْعِ مَتَاجِرِهِمْ عَنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ وَإِمَّا بِتَرْكِ مُعَاوَنَتِهِمْ لِوَلِيِّ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَلْ هَذَا الْقَوْلُ صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ؟
بَيِّنُوا ذَلِكَ مَبْسُوطًا مَشْرُوحًا.
وَإِذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا تَغَيُّرُ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا؛ وَحُصُولُ الْفِتْنَةِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمْ وَتَغَيُّرُ قُلُوبِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالدِّينِ وَعُمُومِ الْجُنْدِ وَالْمُسْلِمِينَ:
عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ؛ لِأَجْلِ إظْهَارِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ وَظُهُورِ عِزِّهِمْ وَفَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ بِمَا يُظْهِرُونَهُ وَقْتَ فَتْحِ الْكَنَائِسِ مِنْ الشُّمُوعِ وَالْجُمُوعِ وَالْأَفْرَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا فِيهِ تَغَيُّرُ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى إنَّهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ وَأَعَانَ عَلَيْهِ. فَهَلْ لِأَحَدِ أَنْ يُشِيرَ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ بِذَلِكَ؟
. وَمَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ هَلْ يَكُونُ نَاصِحًا لِوَلِيِّ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ غَاشًّا؟
. وَأَيُّ الطُّرُقِ هُوَ الْأَفْضَلُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا سَلَكَهُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَعْدَائِهِ.
بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ وَأَبْسِطُوهُ بَسْطًا شَافِيًا مُثَابِينَ مَأْجُورِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمُكَرَّمِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
فَأَجَابَ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/312)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَّا دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ ظَلَمُوهُمْ فِي إغْلَاقِهَا فَهَذَا كَذِبٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبِعَةِ: مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ. كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ هَدَمَ كُلَّ كَنِيسَةٍ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ؛ كَأَرْضِ مِصْرَ وَالسَّوَادِ بِالْعِرَاقِ وَبَرِّ الشَّامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُجْتَهِدًا فِي ذَلِكَ وَمُتَّبِعًا فِي ذَلِكَ لِمَنْ يَرَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظُلْمًا مِنْهُ؛ بَلْ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ وَمُسَاعَدَتُهُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ. وَإِنْ امْتَنَعُوا عَنْ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ كَانُوا نَاقِضِينَ الْعَهْدَ وَحَلَّتْ بِذَلِكَ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ هَذِهِ الْكَنَائِسَ قَائِمَةٌ مِنْ عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ أَقَرُّوهُمْ عَلَيْهَا. فَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْكَذِبِ؛ فَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ الْقَاهِرَةَ بُنِيَتْ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ بُنِيَتْ بَعْدَ بَغْدَادَ وَبَعْدَ الْبَصْرَةِ؛ وَالْكُوفَةِ وَوَاسِطَ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَا بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمَدَائِنِ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُحَدِّثُوا فِيهَا كَنِيسَةً؛
مِثْلَ مَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا وَأَبْقَوْا لَهُمْ كَنَائِسَهُمْ الْقَدِيمَةَ؛ بَعْدَ أَنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ فِيهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ لَا يُحْدِثُوا كَنِيسَةً فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَكَيْفَ فِي مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ إذَا كَانَ لَهُمْ كَنِيسَةٌ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ كَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَبَنَى الْمُسْلِمُونَ مَدِينَةً عَلَيْهَا فَإِنَّ لَهُمْ أَخْذَ تِلْكَ الْكَنِيسَةِ؛ لِئَلَّا تُتْرَكَ فِي مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ كَنِيسَةٌ بِغَيْرِ عَهْدٍ؛ فَإِنَّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
{لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِأَرْضِ وَلَا جِزْيَةٌ عَلَى مُسْلِمٍ}.
وَالْمَدِينَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْقَرْيَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ وَفِيهَا مَسَاجِدُ الْمُسْلِمِينَ
لَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ شَعَائِرِ الْكُفْرِ؛ لَا كَنَائِسَ؛ وَلَا غَيْرَهَا؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُوَفَّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ. فَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْقَاهِرَةِ وَنَحْوِهَا كَنِيسَةٌ قَبْلَ بِنَائِهَا لَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ عَنْوَةٌ فَكَيْفَ وَهَذِهِ الْكَنَائِسُ مُحْدَثَةٌ أَحْدَثَهَا النَّصَارَى؟!
فَإِنَّ الْقَاهِرَةَ بَقِيَ وُلَاةُ أُمُورِهَا نَحْوَ مِائَتَيْ سَنَةٍ عَلَى غَيْرِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ؛ وَكَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ رَافِضَةٌ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ إسْمَاعِيلِيَّةٌ ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ.
(وهنا ذكر كلاما عن الرافضة لا حاجة لذكره فهو خارج مبحثنا الذي هو حكم بناء الكنائس).
ثم قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/313)
فَبِهَذَا السَّبَبِ وَأَمْثَالِهِ كَانَ إحْدَاثُ الْكَنَائِسِ فِي الْقَاهِرَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ كَانَ فِي بَرِّ مِصْرَ كَنَائِسُ قَدِيمَةٌ؛ لَكِنْ تِلْكَ الْكَنَائِسِ أَقَرَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ؛ لِأَنَّ الْفَلَّاحِينَ كَانُوا كُلُّهُمْ نَصَارَى وَلَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ؛ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْجُنْدُ خَاصَّةً وَأَقَرُّوهُمْ كَمَا أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ عَلَى خَيْبَرَ لَمَّا فَتَحَهَا؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا فَلَّاحِينَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مُشْتَغِلِينَ بِالْجِهَادِ.
ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَاسْتَغْنَوْا عَنْ الْيَهُودِ أَجْلَاهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ خَيْبَرَ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ:
{أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ}
حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي خَيْبَرَ يَهُودِيٌّ. وَهَكَذَا الْقَرْيَةُ الَّتِي يَكُونُ أَهْلُهَا نَصَارَى وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مُسْلِمُونَ وَلَا مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِذَا أَقَرَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كَنَائِسِهِمْ الَّتِي فِيهَا جَازَ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ: وَأَمَّا إذَا سَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ وَبَنَوْا بِهَا مَسَاجِدَهُمْ
فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِأَرْضِ} وَفِي أَثَرٍ آخَرَ: {لَا يَجْتَمِعُ بَيْتُ رَحْمَةٍ وَبَيْتُ عَذَابٍ}.
وَالْمُسْلِمُونَ قَدْ كَثُرُوا بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَعَمُرَتْ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ حَتَّى صَارَ أَهْلُهَا بِقَدْرِ مَا كَانُوا فِي زَمَنِ صَلَاحِ الدِّينِ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَصَلَاحِ الدِّينِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ مَا كَانُوا يُوَالُونَ النَّصَارَى وَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَعْمِلُونَ مِنْهُمْ أَحَدًا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا؛ وَلِهَذَا كَانُوا مُؤَيِّدِينَ مَنْصُورِينَ عَلَى الْأَعْدَاءِ مَعَ قِلَّةِ الْمَالِ وَالْعَدَدِ؛ وَإِنَّمَا قَوِيَتْ شَوْكَةُ النَّصَارَى وَالتَّتَارِ بَعْدَ مَوْتِ الْعَادِلِ أَخِي صَلَاحِ الدِّينِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ أَعْطَاهُمْ بَعْضَ مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ وَحَدَثَ حَوَادِثُ بِسَبَبِ التَّفْرِيطِ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
فَكَانَ وُلَاةُ الْأُمُورِ الَّذِينَ يَهْدِمُونَ كَنَائِسَهُمْ وَيُقِيمُونَ أَمْرَ اللَّهِ فِيهِمْ كَعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهَارُونَ الرَّشِيدِ وَنَحْوِهِمَا: مُؤَيِّدِينَ مَنْصُورِينَ.
وَكَانَ الَّذِينَ هُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ.
وَإِنَّمَا كَثُرَتْ الْفِتَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَفَرَّقُوا عَلَى مُلُوكِهِمْ مِنْ حِينِ دَخَلَ لنَّصَارَى مَعَ وُلَاةِ الْأُمُورِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ؛
فِي دَوْلَةِ الْمُعِزِّ وَوِزَارَةِ الْفَائِزِ وَتَفَرُّقِ الْبَحْرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ:
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ}
{إنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ}
{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}
وَقَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/314)
وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ}.
وَكُلُّ مَنْ عَرَفَ سَيْرَ النَّاسِ وَمُلُوكَهُمْ رَأَى كُلَّ مَنْ كَانَ أَنْصَرَ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمَ جِهَادًا لِأَعْدَائِهِ وَأَقْوَمَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: أَعْظَمَ نُصْرَةً وَطَاعَةً وَحُرْمَةً: مِنْ عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِلَى الْآنَ.
وَقَدْ أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ كَنَائِسَ كَثِيرَةً مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ بَعْدَ أَنْ أَقَرُّوا عَلَيْهَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْخُلَفَاءِ وَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ. فَعُلِمَ أَنَّ هَدْمَ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ جَائِزٌ؛ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
فَإِعْرَاضُ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُمْ كَانَ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ كَمَا أَعْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إجْلَاءِ الْيَهُودِ حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَلَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُكَاتِبُوا أَهْلَ دِينِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا يُخْبِرُوهُمْ بِشَيْءِ مِنْ أَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ رَسُولِهِمْ أَنْ يُكَلِّفَ وَلِيَّ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَجَبَتْ عُقُوبَتُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ قَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ. وَمَنْ قَالَ إنَّ الْمُسْلِمِينَ يَحْصُلُ لَهُمْ ضَرَرٌ إنْ لَمْ يُجَابُوا إلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ؛
فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ فَتَحُوا سَاحِلَ الشَّامِ وَكَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ الْمَصَائِبِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَلْزَمُوهُمْ بِلَبْسِ الْغِيَارِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ عَلَيْهِمْ؛ بَلْ التَّتَارُ فِي بِلَادِهِمْ خَرَّبُوا جَمِيعَ كَنَائِسِهِمْ وَكَانَ نَوْرُوزُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَلْزَمُوهُمْ بِلَبْسِ الْغِيَارِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ. . . فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ عَلَيْهِمْ وَمَعَ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ إلَّا كُلُّ خَيْرٍ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَغْنُونَ عَنْهُمْ وَهُمْ إلَى مَا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَحْوَجُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى مَا فِي بِلَادِهِمْ؛ بَلْ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ لَا تَقُومُ إلَّا بِمَا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمُونَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ أَغْنِيَاءُ عَنْهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. فَأَمَّا نَصَارَى الْأَنْدَلُسِ فَهُمْ لَا يَتْرُكُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِهِمْ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهِمْ وَإِنَّمَا يَتْرُكُونَهُمْ خَوْفًا مِنْ التَّتَارِ. فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ التَّتَارِ أَعَزُّ مِنْ النَّصَارَى وَأَكْرَمُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ ادِرُونَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَالْمُسْلِمُونَ أَقْدَرُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ النَّصَارَى.
وَالنَّصَارَى الَّذِينَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ مِنْ البتاركة وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَى وَرُهْبَانِهِمْ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ أُولَئِكَ النَّصَارَى وَلَيْسَ عِنْدَ النَّصَارَى مُسْلِمٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ مَعَ أَنَّ فِكَاكَ الْأَسَارَى مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ وَبَذْلَ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتَّجِرُونَ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا لِأَغْرَاضِهِمْ؛ لَا لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/315)
مَنَعَهُمْ مُلُوكُهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ حِرْصُهُمْ عَلَى الْمَالِ يَمْنَعُهُمْ مِنْ الطَّاعَةِ فَإِنَّهُمْ أَرْغَبُ النَّاسِ فِي الْمَالِ وَلِهَذَا يَتَقَامَرُونَ فِي الْكَنَائِسِ. وَهُمْ طَوَائِفُ مُخْتَلِفُونَ وَكُلُّ طَائِفَةٍ تَضَادُّ الْأُخْرَى.
وَلَا يُشِيرُ عَلَى وَلِيِّ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا فِيهِ إظْهَارُ شَعَائِرِهِمْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ تَقْوِيَةُ أَمْرِهِمْ - بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ - إلَّا رَجُلٌ مُنَافِقٌ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَهُوَ مِنْهُمْ فِي الْبَاطِنِ أَوْ رَجُلٌ لَهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ مِثْلَ أَنْ يَكُونُوا بَرْطَلُوهُ وَدَخَلُوا عَلَيْهِ بِرَغْبَةِ أَوْ رَهْبَةٍ أَوْ رَجُلٌ جَاهِلٌ فِي غَايَةِ الْجَهْلِ لَا يَعْرِفُ السِّيَاسَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْإِلَهِيَّةَ الَّتِي تَنْصُرُ سُلْطَانَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَعْدَائِهِ وَأَعْدَاءِ الدِّينِ؛ وَإِلَّا فَمَنْ كَانَ عَارِفًا نَاصِحًا لَهُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ نَصْرَهُ وَثَبَاتَهُ وَتَأْيِيدَهُ وَاجْتِمَاعَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَمَحَبَّتَهُمْ لَهُ وَدُعَاءَ النَّاسِ لَهُ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا.
وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ وَإِظْهَارِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِذْلَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلْيَعْتَبِرْ الْمُعْتَبِرُ بِسِيرَةِ نُورِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ ثُمَّ الْعَادِلِ؛ كَيْفَ مَكَّنَهُمْ اللَّهُ وَأَيَّدَهُمْ وَفَتَحَ لَهُمْ الْبِلَادَ وَأَذَلَّ لَهُمْ الْأَعْدَاءَ؛ لَمَّا قَامُوا مِنْ ذَلِكَ بِمَا قَامُوا بِهِ. وَلْيَعْتَبِرْ بِسِيرَةِ مَنْ وَالَى النَّصَارَى كَيْفَ أَذَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَبَتَهُ.
وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ مُحْتَاجِينَ إلَيْهِمْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
فَقَدْ كَتَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: "
إنَّ بِالشَّامِ كَاتِبًا نَصْرَانِيًّا لَا يَقُومُ خَرَاجُ الشَّامِ إلَّا بِهِ
" فَكَتَبَ إلَيْهِ: " لَا تَسْتَعْمِلْهُ "
. فَكَتَبَ: " إنَّهُ لَا غِنَى بِنَا عَنْهُ "
فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ " لَا تَسْتَعْمِلْهُ "
فَكَتَبَ إلَيْهِ " إذَا لَمْ نُوَلِّهْ ضَاعَ الْمَالُ "
فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّلَامُ "
. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُشْرِكًا لَحِقَهُ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ: إنِّي لَا أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكِ}
وَكَمَا أَنَّ اسْتِخْدَامَ الْجُنْدِ الْمُجَاهِدِينَ إنَّمَا يَصْلُحُ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ: فَكَذَلِكَ الَّذِينَ يُعَاوِنُونَ الْجُنْدَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ إنَّمَا تَصْلُحُ بِهِمْ أَحْوَالُهُمْ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ وَفِي الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةٌ فِي جَمِيعِ مَصَالِحِهِمْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَدَخَلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
فَعَرَضَ عَلَيْهِ حِسَابَ الْعِرَاقِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَقَالَ:
" اُدْعُ كَاتِبَك يَقْرَؤُهُ عَلَيَّ "
فَقَالَ: " إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ " قَالَ: "
وَلِمَ؟ "
قَالَ: " لِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ "
فَضَرَبَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالدِّرَّةِ فَلَوْ أَصَابَتْهُ لَأَوْجَعَتْهُ ثُمَّ قَالَ: لَا تُعِزُّوهُمْ بَعْدَ أَنْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ وَلَا تَأْمَنُوهُمْ بَعْدَ أَنْ خَوَّنَهُمْ اللَّهُ وَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بَعْدَ أَنْ أَكْذَبَهُمْ اللَّهُ.وَالْمُسْلِمُونَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا قُلُوبُهُمْ وَاحِدَةٌ مُوَالِيَةٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَادِيَةٌ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَعْدَاءِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَقُلُوبُهُمْ الصَّادِقَةُ وَأَدْعِيَتُهُمْ الصَّالِحَةُ هِيَ الْعَسْكَرُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/316)
الَّذِي لَا يُغْلَبُ وَالْجُنْدُ الَّذِي لَا يُخْذَلُ فَإِنَّهُمْ هُمْ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}
{هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
{إنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
{إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}
{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
وَهَذِهِ الْآيَاتُ الْعَزِيزَةُ فِيهَا عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهَا بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَنْ كَانَ لَهُ عِزٌّ وَمَنَعَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَقْوَامٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُمْ ضَعْفُ يَقِينٍ وَإِيمَانٍ وَفِيهِمْ مُنَافِقُونَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ
: مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ وَأَمْثَالِهِ وَكَانُوا يَخَافُونَ أَنْ تَكُونَ لِلْكُفَّارِ دَوْلَةٌ فَكَانُوا يُوَالُونَهُمْ ويباطنونهم.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}
أَيْ نِفَاقٌ وَضَعْفُ إيمَانٍ {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}
أَيْ فِي مُعَاوَنَتِهِمْ {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا}
أَيْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُوَالُونَ أَهْلَ الذِّمَّةِ {عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}.
فَقَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ يُكَاتِبُونَ أَهْلَ دِينِهِمْ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَبِمَا يَطَّلِعُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَسْرَارِهِمْ حَتَّى أُخِذَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِ التَّتَارِ وَسَبْي وَغَيْرُ ذَلِكَ؛ بِمُطَالَعَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَهْلِ دِينِهِمْ. وَمِنْ الْأَبْيَاتِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
كُلُّ الْعَدَاوَاتِ تُرْجَى مَوَدَّتُهَا * * * إلَّا عَدَاوَةَ مَنْ عَادَاك فِي الدِّينِ
وَلِهَذَا وَغَيْرِهِ مُنِعُوا أَنْ يَكُونُوا عَلَى وِلَايَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى مَصْلَحَةِ مَنْ يُقَوِّيهِمْ أَوْ يَفْضُلُ عَلَيْهِمْ فِي الْخِبْرَةِ وَالْأَمَانَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ اسْتِعْمَالُ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ فِي الْكِفَايَةِ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَالْقَلِيلُ مِنْ الْحَلَالِ يُبَارَكُ فِيهِ وَالْحَرَامُ الْكَثِيرُ يَذْهَبُ وَيَمْحَقُهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
انتهى من مجموع الفتاوى ج 32 ص 632 - 646.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/317)
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:26 ص]ـ
بوركت اخى ابن وهب على شرح ما يسمى بكنيسة المارة ...
وفقك الله اخى رأفت فى طلب العلم ...
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 05 - 08, 01:19 م]ـ
طلب مني بعض الإخوة الأفاضل بيان بعض ما في كلام الشيخ القرضاوي في غير هذا الموضع من الخلل
فالجواب أن الموضوع يحتاج إلى توثيق نصوص من بعض الكتب وهي غير متوفرة عندي
ولكن سنبدأ في بيان بعض ما في كلام الشيخ القرضاوي
ذكر الشيخ القرضاوي
(وكل ما يطلبه الإسلام من غير المسلمين أن يراعوا مشاعر المسلمين، وحُرمة دينهم، فلا يظهروا شعائرهم وصلبانهم في الأمصار الإسلامية، ولا يحدثوا كنيسة في مدينة إسلامية لم يكن لهم فيها كنيسة من قبل، وذلك لما في الإظهار والإحداث من تحدي الشعور الإسلامي مما قد يؤدي إلى فتنة واضطراب.
على أن من فقهاء المسلمين مَن أجاز لأهل الذمة إنشاء الكنائس والبِيَع وغيرها من المعابد في الأمصار الإسلامية، وفي البلاد التي فتحها المسلمون عنوة، أي أن أهلها حاربوا المسلمين ولم يسلموا لهم إلا بحد السيف إذا أذن لهم إمام المسلمين بذلك، بناء على مصلحة رآها، ما دام الإسلام يقرهم على عقائدهم.
وقد ذهب إلى ذلك الزيدية والإمام ابن القاسم من أصحاب مالك (انظر: أحكام الذميين والمستأمنين ص 96 - 99).)
وهذا خطأ ونسبة باطلة لا تصح عن الزيدية
وليس بجواري كتاب الشيخ العلامة عبد الكريم زيدان - وفقه الله - حتى أتأكد
هل الخطأ من الشيخ عبد الكريم زيدان العراقي أم من الشيخ أبي محمد يوسف بن عبد الله القرضاوي
وإن كان الشيخ يوسف قد اشتهر بالخطأ في نسبة الأقوال
عموما هذا الكلام خطأ
وهو باطل
فالزيدية مذهبهم
في البحر الزخار
(مَسْأَلَةٌ ": وَلَيْسَ لَهُمْ إحْدَاثُ بِيعَةٍ، أَوْ كَنِيسَةٍ فِيمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ كَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُسْلِمُونَ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِلْعُجْمِ أَنْ يُحْدِثُوا فِيهِ كَنِيسَةً " فَأَمَّا الْمَوْجُودُ فِي بِلَادِنَا الْآنَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بَنُوهَا وَاتَّصَلَ بِهَا عِمَارَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَحُكْمُ مَا مَلَكَهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْقَهْرِ حُكْمُ مَا اخْتَطُّوهُ، وَلِلْإِمَامِ هَدْمُ مَا وَجَدَ فِيهَا مِنْ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَصَوَامِعِ الرُّهْبَانِ، وَإِنْ أَقَرَّهُ لِمَصْلَحَةٍ فَلَا حَرَجَ وَلَهُمْ إحْدَاثُهَا فِي خُطَطِهِمْ الَّتِي اُخْتُصُّوا بِهَا وَأَظْهَرُوا شِعَارَهُمْ فِيهَا إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ، عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُمْ لَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا، فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ {لَا تُبْنَى الْكَنِيسَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ} وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا.
قُلْت بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُمْ تَجْدِيدَ مَا خَرِبَ مِمَّا قُرِّرُوا عَلَيْهِ أَوَّلًا، (فَرْعٌ) وَخُطَطُهُمْ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا، أَيْلَةُ، وَعَمُورِيَّة وَفِلَسْطِينُ وَنَجْرَانُ وَقُسْطَنْطِينِيَّة)
فتأمل وانظر الخطأ الكبير الذي وقع فيه أبو محمد القرضاوي
تأمل وانظر
عبارة القرضاوي
(على أن من فقهاء المسلمين مَن أجاز لأهل الذمة إنشاء الكنائس والبِيَع وغيرها من المعابد في الأمصار الإسلامية، وفي البلاد التي فتحها المسلمون عنوة، أي أن أهلها حاربوا المسلمين ولم يسلموا لهم إلا بحد السيف إذا أذن لهم إمام المسلمين بذلك، بناء على مصلحة رآها، ما دام الإسلام يقرهم على عقائدهم.)
بينما عبارة البحر الزخار
(
وَلَهُمْ إحْدَاثُهَا فِي خُطَطِهِمْ الَّتِي اُخْتُصُّوا بِهَا وَأَظْهَرُوا شِعَارَهُمْ فِيهَا إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ، عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُمْ لَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا، فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ {لَا تُبْنَى الْكَنِيسَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ} وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا.)
يعني
التي وقع عليها الصلح على أنها دارهم لا على أنها دارنا
هذه التي جوز فيها بناء الكنائس
وعبارة البحر
(وَحُكْمُ مَا مَلَكَهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْقَهْرِ حُكْمُ مَا اخْتَطُّوهُ، وَلِلْإِمَامِ هَدْمُ مَا وَجَدَ فِيهَا مِنْ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَصَوَامِعِ الرُّهْبَانِ، وَإِنْ أَقَرَّهُ لِمَصْلَحَةٍ فَلَا حَرَجَ)
هنا الكلام على البلاد التي اختطها أهل الإسلام أو البلاد التي فتحوها قهرا
فهذه لا يجوز لهم إحداث كنيسة بها قولا واحدا
وللإمام هدم ما كان فيها من الكنائس والبيع
وله أي للإمام ترك هدم الكنائس الموجودة فيها إن كان في ذلك مصلحة
الكلام هنا عن الكنائس الموجودة أصلا لا عن إحداث كنيسة
فإن قيل ما معنى هذا الكلام
(قُلْت بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُمْ تَجْدِيدَ مَا خَرِبَ مِمَّا قُرِّرُوا عَلَيْهِ أَوَّلًا)
الكلام هنا عن الكنائس القديمة لا المحدثة
بدليل قوله
(مما قرروا عليه أولا)
وللموضوع تتمة وفيه بيان أخطاء الشيخ الدكتور يوسف بن عبد الله القرضاوي
وللموضوع تتمة إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/318)
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[25 - 05 - 08, 03:27 م]ـ
يجب التفريق بين الكنائس القائمة، والكنائس قيد الإنشاء، فما ذا سيستفيد المسلمون من ترخيص الإنشاء، هل هناك مصلحة في الإنشاء أم لا؟ فإذا كانت المصلحة ظاهرة يستفيد منها المسلمون، والأرض ملكهم مع كثرة عددهم، يراعى ذلك ويؤخذ بعين الاعتبار، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أقليتهم مقابل أقليتنا في بلدانهم، ولا شك أن المعاملة ستكون بالمثل، و {لكم دينكم ولي دين}.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 05 - 08, 03:33 م]ـ
يجب التفريق بين الكنائس القائمة، والكنائس قيد الإنشاء، فما ذا سيستفيد المسلمون من ترخيص الإنشاء، هل هناك مصلحة في الإنشاء أم لا؟ فإذا كانت المصلحة ظاهرة يستفيد منها المسلمون، والأرض ملكهم مع كثرة عددهم، يراعى ذلك ويؤخذ بعين الاعتبار، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أقليتهم مقابل أقليتنا في بلدانهم، ولا شك أن المعاملة ستكون بالمثل، و {لكم دينكم ولي دين}.
أخي بارك الله فيك
هل هذا استحسان أو رأي أو حكم شرعي
وتأمل جواب ابن تيمية في مشاركة الأخ الكريم علي الفضلي -
المشاركة رقم 48
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=827605&postcount=48
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[25 - 05 - 08, 07:16 م]ـ
ينظر كتاب أحكام أهل الذمة لابن القيم
وفيه الوثيقة أو الأحكام العمرية
http://islamport.com/d/2/fqh/2/2/9.html?zoom_highlightsub=%DA%E3%D1%ED%C9
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 05 - 08, 07:21 م]ـ
في الشرح الممتع للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله
(قوله: «ويمنعون من إحداث كنائس، وبِيَعٍ، وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً»، «يمنعون» الضمير يعود على أهل الذمة الذين في بلادنا، فيمنعون من الأمور الآتية:
أولاً: إحداث كنائس، والكنائس جمع كنيسة وهي متعبدهم سواء كانوا نصارى أو يهوداً، فيمنعون من بناء الكنيسة؛ لأن هذا إحداث شعائر كفرية في بلاد الإسلام.
ثانياً: إحداث بيع يمنعون من إحداثها وهي متعبد اليهود، كما يمنعون من إحداث الكنائس.
فإن قال قائل: إذا كانوا لا يمنعوننا من إحداث المساجد في بلادهم، فهل لنا أن نمنعهم من إحداث الكنائس في بلادنا؟
الجواب: نعم، وليس هذا من باب المكافأة أو المماثلة؛ لأن الكنائس دور الكفر والشرك، والمساجد دور الإيمان والإخلاص، فنحن إذا بنينا المسجد في أرض الله فقد بنيناه بحق، فالأرض لله، والمساجد لله، والعبادة التي تقام فيها كلها إخلاص لله، واتباع لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، بخلاف الكنائس والبيع.
ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لا نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول: هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق، والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم.
ثالثاً: بناء ما انهدم منها، أي: لو كان هناك كنائس موجودة قبل فتحنا البلاد واستيلائنا عليها، وصار أهلها أهل ذمة بالنسبة لنا لكن انهدمت هذه الكنائس فإننا نمنعهم من بنائها؛ لأن البناء إحداث فنمنعهم منه.
وقوله: «ولو ظلماً» أي: ولو هدمت ظلماً، كما لو سطا عليها أحد من المسلمين وهدمها فإنها لا تقام مرة أخرى، وهذه إشارة خلاف، أعني قوله: «ولو ظلماً»، فإن بعض أهل العلم قال: إذا هدمت ظلماً فلهم إعادة بنائها، ولو قيل: إنه يعيدها من هدمها ويضمن لكان له وجه؛ لأن هذا عدوان وظلم، وأهل الذمة يجب علينا منع الظلم والعدوان عنهم.
فالصواب أنه إذا هدمت ظلماً فإنها تعاد؛ وذلك لأنها لم تنهدم بنفسها، فإن هدموها هم وأرادوا تجديدها فإنهم يمنعون منه.
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 05 - 08, 07:38 م]ـ
ولمضاوي البسام رسالة بعنوان
(موقف الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر من قضايا الولاء والبراء)
ذكرت فيه
ثانياً: تسويغهم بناء الكنائس والمعابد في جميع بلاد المسلمين 532
ثالثاً: تجويزهم دعوة الكفار إلى دينهم في بلاد المسلمين 545
أفاده الشيخ سليمان الخراشي
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=83
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[25 - 05 - 08, 08:59 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/319)
جزاكم الله خيرا أخانا أبا وهب .. كلام رصين .. وحجج علمية متميزة ..
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[25 - 05 - 08, 09:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الأحكام العمرية وأحكامها وموجباتها
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثني أبو شرحبيل الحمصي عيسى بن خالد قال: حدثني عمر أبو اليمان وأبو المغيرة قالا: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا غير واحد من أهل العلم قالوا: كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم: " إننا حين قدمت بلادنا طلبنا إليك الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا على أنا شرطنا لك على أنفسنا ألا نحدث في مدينتا كنيسة، ولا فيما حولها ديرا ولا قلاية ولا صومعة راهب؛ ولا نجدد ما خرب من كنائسنا ولا ما كان منها في خطط المسلمين.
وألا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسا، وألا نكتم غشا للمسلمين، وألا نضرب بنواقيسنا إلا ضربا خفيا في جوف كنائسنا.
ولا نظهر عليها صليبا، ولا نرفع أصواتنا في الصلاه ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون، وألا نخرج صليبا ولا كتابا في سوق المسلمين، وألا نخرج باعوثا - قال: والباعوث يجتمعون كما يخرج المسلمون يوم الأضحى والفطر ولا شعانين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين، وألا نجاورهم بالخنازير ولا ببيع الخمور، ولا نظهر شركا، ولا نرغب في ديننا، ولا ندعو إليه أحدا.
ولا نتخذ شيئا من الرقيق الذي جرت عليه سهام المسلمين.
وألا نمنع أحدا من أقربائنا أرادوا الدخول في الإسلام.
وأن نلزم زينا حيثما كنا، وألا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا في مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، وأن نجز مقادم رؤوسنا ولا نفرق نواصينا، ونشد الزنانير على أوساطنا، ولا ننقش خواتمنا بالعربية، ولا نركب السروج، ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله، ولا نتقلد السيوف، وأن نوقر المسلمين في مجالسهم، ونرشدهم الطريق ونقوم لهم عن المجالس إن أرادوا الجلوس، ولا نطلع عليهم في منازلهم، ولا نعلم أولادنا القرآن.
ولا يشارك أحد منا مسلما في تجارة إلا أن يكون إلى المسلم أمر التجارة، وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل ثلاثة أيام ونطعمه من أوسط ما نجد. ضمنا لك ذلك على أنفسنا وذرارينا وأزواجنا ومساكيننا، وإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا، وقبلنا الأمان عليه، فلا ذمة لنا، وقد حل لك منا ما يحل لأهل المعاندة والشقاق ".
فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب إليه عمر: " أن أمض لهم ما سألوا، وألحق فيهم حرفين اشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم: ألا يشتروا من سبايانا، ومن ضرب مسلما فقد خلع عهده ".
فأنفذ عبد الرحمن بن غنم ذلك، وأقر من أقام من الروم في مدائن الشام على هذا الشرط.
قال الخلال في " كتاب أحكام أهل الملل ": " أخبرنا عبد الله بن أحمد " فذكره.
وذكر سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضى الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خرب، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوسا، ولا يكتموا غشا للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركا، ولا يمنعوا ذوي قراباتهم من الإسلام إن أرادوه.
وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس.
ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا سرجا، ولا يتقلدوا سيفا، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيهم حيثما كانوا، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهروا صليبا ولا شيئا من كتبهم في شيء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق مما جرت فيه سهام المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/320)
فإن خالفوا شيئا مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق ".
وقال الربيع بن ثعلب: حدثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن سفيان الثوري، والوليد بن نوح، واليسرى بن مصرف يذكرون عن طلحة بن مصرف، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى أهل الشام: " بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا: إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا، وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدائننا ولا فيما حولها ديرا ولا قلاية ولا كنيسة ولا صومعة راهب " فذكر نحوه.
وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها: فإن الأئمة تلقوها بالقبول، وذكروها في كتبهم، واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء، وعملوا بموجبها.
فذكر أبو القاسم الطبري - من حديث أحمد بن يحيى الحلواني - حدثنا عبيد بن جياد، حدثنا عطاء بن مسلم الحلبي، عن صالح المرادي عن عبد خير قال: رأيت عليا صلى العصر فصف له أهل نجران، هذا والله خطي بيدي وإملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
فقالوا: يا أمير المؤمنين، أعطنا ما فيه. قال: ودنوت منه فقلت: إن كان رادا على عمر يوما فاليوم يرد عليه! فقال: لست براد على عمر شيئا صنعه. وإن عمر كان رشيد الأمر، وإن عمر أخذ منكم خيرا مما أعطاكم، ولم يجر عمر ما أخذ منكم إلى نفسه إنما جره لجماعة المسلمين ".
وذكر ابن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أن عليا رضي الله عنه قال لأهل نجران: إن عمر كان رشيد الأمر، ولن أغير شيئا صنعه عمر! وقال الشعبي: قال علي حين قدم الكوفة: ما جئت لأحل عقدة شدها عمر! وقد تضمن كتاب عمر رضي الله عنه هذا جملا من العلم تدور على ستة فصول: الفصل الأول: في أحكام البيع والكنائس والصوامع وما يتعلق بذلك.
المصدر/أحكام أهل الذمة لابن القيم
ـ[حمد القحيصان]ــــــــ[25 - 05 - 08, 10:12 م]ـ
أبا زارِعٍ المَدَنِيّ، ألا حَرَّم اللهُ هذِهِ اليَدُ على النَّار!
أصَبْتَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلى - إِنْ شاءَ الله -
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[25 - 05 - 08, 10:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
القرضاوي هداه الله ما يحب يرد أحد زعلان ... كل أحد يريد فتوى يعطيه اياها ... كريم!!! ما يفشل أحد ... والله المستعان
بلال خنفر جزاه ربي الجنة يعرف د. القرضاوي خيرا منا.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 05 - 08, 01:43 ص]ـ
http://www.ibnamin.com/qaradawi.htm#_Toc13728481
من كتاب: الحوار الهادي مع الشيخ القرضاوي
خلافنا مع الشيخ القرضاوي ليس فقط بفروع الفقه. بل هو في العقيدة وأصول الشريعة وقواعد الفقه أيضاً. فتجده قد هَدَمَ تعظيم النصوص، وأعرض عن الوحيَين. فليس مرجعه الكتاب والسنة، بل قواعد اتبعها وعارض بها الشريعة كقاعدة «تهذيب الشريعة لإرضاء العامة»، و «تحسين صورة الإسلام للكفار»، وقاعدة «تقديم العقل»، وقاعدة «التيسير»، وقاعدة «الشهوات تبيح المحظورات»، وقاعدة «الأصل في الأوامر الاستحباب، والأصل في النواهي الكراهة»، فلا وجوب ولا تحريم. ولسان حاله يقول كما تقول المرجئة: «إعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة».
هذا الرجل فلا يعرف من الأدلة إلا قوله تعالى] يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [. ولا يعرف من القواعد إلا قاعدة] الضرورات تبيح المحظورات [. وقد أدخل في الضرورات شهوات الناس، فنسف النصوص والإجماعات ومسخ الشريعة بهذا.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 05 - 08, 03:12 ص]ـ
قال شيخ الإسلام: «فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمر الله به وما هو أصلحُ للمسلمين مِنْ إعزازِ دينِ الله وقَمْعِ أعدائهِ، وإتمام ما فَعَلَهُ الصَّحابة مِن إلزامِهِم بالشُّروط عليهم، ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، ولاَ يَلْتَفِتُ في ذلك إلى مُرْجِفٍ أو مُخَذِّلٍ يقولُ: إنَّ لَنَا عندهم مساجد وأَسْرَى نخاف عليهم، فإن الله تعالى يقول: ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ?».
تجاوباً مع فتح كنائس في قطر، إيطاليا تبدأ بهدم مساجد المسلمين!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/321)
فتحت هدير محركات "البولدوزر" الذي يهدم بناية كان يتخذها المسلمون مسجدا في مدينة "فيرونا" (شمال إيطاليا)، خاطب "أليسوندر أنتنولي" رئيس البلدية والذي ينتمي إلى رابطة الشمال اليمينية المتطرفة الصحفيين قائلا: "لم أكن أبدا مرتاحا لوجود هذا المسجد، من الآن سيسمى المكان الذي سيتحول إلى حديقة و موقف للسيارات باسم ساحة أريانا فالاتشي (الكاتبة الإيطالية المعادية للإسلام) ".
الحدث بالنسبة لمسلمي إيطاليا يشكل بداية لمرحلة جديدة مع وصول حزب "رابطة الشمال" العنصرية التي ينتمي إليها أنتنولي إلى السلطة بالتحالف مع حزب رئيس الوزراء الإيطالي الجديد سلفيو برلسكوني.
وقال على أبو شويمة رئيس المركز الإسلامي بمدينة ميلانو: "الحدث يثبت تخوفاتنا من وصول حزب رابطة الشمال إلى السلطة في إطار التحالف الحاكم، ونعتقد أن أوضاع مسلمي إيطاليا ستزداد تعقيدا وهي أوضاع لم تكن في يوم من الأيام مريحة". ويضيف أبو شويمة: "في الوقت الذي تبنى فيه الكاتدرائيات والكنائس في بعض البلدان العربية وحتى وسط الصحراء حيث لا يوجد مسيحيون، وذلك اتباعا لسياسة تطييب الخاطر التي تعتمدها بعض الحكومات العربية، فإننا نريد أن نوصل رسالة إلى العالم الإسلامي مفادها أن مسألة بناء المساجد في إيطاليا أمر في غاية الصعوبة وأنه بخلاف مركزنا الإسلامي في ميلانو ومسجد روما المركزي لا توجد مساجد حقيقية في إيطاليا".
ويتابع قائلا: "مصلى فيرونا هذا الذي وقع هدمه لا تنطبق عليه حقيقة صفة المسجد ولكنه كان يمثل ملاذا للعديد من المسلمين في المدينة ونعتقد أن هدمه يأتي في إطار موجة العداء للإسلام التي تسود العديد من البلدان الأوربية".
و يبلغ عدد مسلمي إيطاليا حوالي مليوني مسلم –من إجمالي نحو 60 مليون نسمة- يتمركزون بين مدينتي ميلانو في الشمال وروما في الوسط و يبلغ عدد المصليات حوالي 600 مصلّى، غير أن اثنين فقط منها يرتقي إلى تسمية المسجد وهما المركز الإسلامي بميلانو ومسجد روما المركزي.
=====
أقول: صدق الله عز وجل - وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
وأما وقد خذل المسلمون دينهم، فقد أذلهم الله بكل أرض
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[26 - 05 - 08, 03:15 ص]ـ
وقاعدة «الأصل في الأوامر الاستحباب، والأصل في النواهي الكراهة»
أليست هذه محل خلاف بين أهل العلم يا شيخ محمد؟
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 05 - 08, 05:32 ص]ـ
أبا زارِعٍ المَدَنِيّ، ألا حَرَّم اللهُ هذِهِ اليَدُ على النَّار!
أصَبْتَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلى - إِنْ شاءَ الله -
آمين، ولكن من غير قول " إن شاء الله "!!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[26 - 05 - 08, 08:21 ص]ـ
بارك الله فيكم
ونتواصل مع الدكتور أبي محمد يوسف بن عبد الله القرضاوي
فقد ذكر الدكتور القرضاوي
(ويبدو أن العمل جرى على هذا في تاريخ المسلمين، وذلك منذ عهد مبكر، فقد بُنِيت في مصر عدة كنائس في القرن الأول الهجري، مثل كنيسة "مار مرقص" بالإسكندرية ما بين (39 - 56 هـ).كما بُنِيت أول كنيسة بالفسطاط في حارة الروم، في ولاية مسلمة بن مخلد على مصر بين عامي (47 - 68 هـ) كما سمح عبد العزيز بن مروان حين أنشأ مدينة "حلوان" ببناء كنيسة فيها، وسمح كذلك لبعض الأساقفة ببناء ديرين.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة، وقد ذكر المؤرخ المقريزي في كتابه "الخِطط" أمثلة عديدة، ثم ختم حديثه بقوله: وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدَثة في الإسلام بلا خلاف (انظر: الإسلام وأهل الذمة للدكتور علي حسني الخربوطلي ص 139، وأيضاً: "الدعوة إلى الإسلام" تأليف توماس. و. أرنولد ص 84 - 86 ط. ثالثة. ترجمة د. حسن إبراهيم وزميليه).)
انتهى
وقد نقل هذا الكلام غير واحد منهم الشيخ الدكتور عبد الوهاب الطريري
(كما حافظ النصارى على كنائسهم فقد أنشؤوا كنائس جديدة في مدن المسلمين وحواضرهم، فقد بنيت في مصر عدة كنائس في القرن الأول الهجري مثل كنيسة مارمرقص بالإسكندرية عام 39هـ، وكنيسة الفسطاط عام 47هـ وقد ذكر المقريزي في كتاب الخطط أمثلة عديدة ثم ختم بقوله: وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدثة في الإسلام بلا خلاف (7).)
انتهى
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=131391
والقرضاوي و الطريري وغيرهما نقلا عن الخربوطلي
أولا
أي ادعاء يحتاج إلى بينة
ثانيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/322)
حلوان كانت في يد الأقباط وعبد العزيز بن مروان اشترى منهم الأراضي بمبلغ وقدره
وبنى المساجد والأسواق وعمر حلوان
وحلوان كانت في يد النصارى اصلا فلا شك أنه كانت لهم بها كنيسة
وهي منطقة نائية يعني وجود الدير بها محتمل
ثالثا
المقريزي في كثير من أخبار الكنائس والدير يعتمد على مثل كتاب الشابتشي وهو وزير (الخليفة (الفاطمي) الملقلب (بالعزيز)
وهذا العزيز قد قرب النصارى واليهود وبنى لهم كنائس ورمم لهم كنائس وفعل وفعل
وإليه أشار ابن تيمية في الفتيا التي في المشاركة رقم 48
(لَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ شَعَائِرِ الْكُفْرِ؛ لَا كَنَائِسَ؛ وَلَا غَيْرَهَا؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُوَفَّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ. فَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْقَاهِرَةِ وَنَحْوِهَا كَنِيسَةٌ قَبْلَ بِنَائِهَا لَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ عَنْوَةٌ فَكَيْفَ وَهَذِهِ الْكَنَائِسُ مُحْدَثَةٌ أَحْدَثَهَا النَّصَارَى؟!
فَإِنَّ الْقَاهِرَةَ بَقِيَ وُلَاةُ أُمُورِهَا نَحْوَ مِائَتَيْ سَنَةٍ عَلَى غَيْرِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ؛ وَكَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ رَافِضَةٌ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ إسْمَاعِيلِيَّةٌ ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ.)
وهذا بحث جيد في مجلة الراصد
http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=451
وعنوان البحث
العبيديون الفاطميون يعلون من شأن اليهود والنصارى
وكثير من اليهود هاجروا من العراق إلى مصر أيام هذا الخليفة الملقب بالعزيز
رابعا:
حارة الروم ما سميت إلا باسم الروم الذين صحبوا الجوهر الصقلي ت 381
فكيف بنيت الكنيسة في عصر مسلمة بن مخلد ت 62
فإن قيل نفس المكان فيقال إن صح ذلك يكون في حارة الروم الجوانية التي عند باب النصر
يعني منطقة نائية فلا يبعد أن يكون هناك كنيسة قائمة أصلا رممت
ثم ينظر في هذا كيف في الفسطاط وحارة الروم
وحارة الروم ليست من الفسطاط أصلا
والله أعلم
خامسا
مثل كنيسة "مار مرقص" بالإسكندرية ما بين (39 - 56 هـ)
هذه الكنيسة زعم النصارى أنها بنيت في القرن الخامس والسادس الميلادي فسقط هذا القول
وينظر في هذا
سادسا
كلام المقريزي
وجميع هذه الكنائس المذكورة الخ هو في كنائس اليهود في القاهرة
ص 162
ومع هذا فقد ذكر المقريزي
(كنيسة المصاصة: هذه الكنيسة يُجلّها اليهود وهي بخط المصاصة من مدينة مصر ويزعمون أنها رُممت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وموضعها يُعرف بدرب الكرمة وبنيت في سنة خمس عشرة وثلاثمائة للإسكندر وذلك قبل الملة الإسلامية بنحو ستمائة وإحدى وعشرين سنة ويزعم اليهود أن هذه الكنيسة كانت مجلسًا لنبيّ اللّه إلياس.
كنيسة الشاميين: هذه الكنيسة بخط قصر الشمع من مدينة مصر وهي قديمة مكتوب على بابها بالخط العبرانيّ حفرًا في الخشب أنها بنيت في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة للإسكندر وذلك قبل خراب بيت المقدس الخراب الثاني الذي خرّبه طيطش بنحو خمس وأربعين سنة وقبل الهجرة بنحو ستمائة سنة وبهذه الكنيسة نسخة من التوراة لا يختلفون في أنها كلها بخط عزرا النبيّ الذي يقال له بالعربية العزيز.)
وهذه كنائس قديمة فلعلها رممت
336 م يعني قبل بعثة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فالقضية ترميم لا أقل ولا أكثر
وأما كنائس النصارى فقد ذكر ذلك ص 167
سابعا
أجاز من أجاز من أهل العلم للنصارى أن يحدثوا كنيسة إذا تركوا ديارهم وانتقلوا إلى بقعة أخرى
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة
(القول في نقل الكنائس
هذا حكم إنشاء الكنائس وإعادتها، فلو أرادوا نقلها من مكان إلى مكان وإخلاء المكان الأول منها، فصرح أصحاب الشافعي بالمنع.
قالوا: لأنه إنشاء لكنيسة في بلاد الإسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/323)
والذي يتوجه أن يقال: إن منعنا إعادة الكنيسة إذا انهدمت منعنا نقلها بطريق الأولى، فِإنها إذا لم تعد إلى مكانها الذي كانت عليه فكيف تنشأ في غيره؟ وإن جوزنا إعادتها فكان نقلها من ذلك المكان أصلح للمسلمين، لكونهم ينقلونها إلى موضع خفي لا يجاوره مسلم، ونحو ذلك جائز بلا ريب، فإن هذا مصلحة ظاهرة للإسلام والمسلمين، فلا معنى للتوقف فيه.
وقد ناقلهم المسلمون من الكنيسة التي كانت جوار جامع دمشق إلى بقاء الكنائس التي هي خارج البلد، لكونه أصلح للمسلمين.
وأما إن كان النقل لمجرد منفعتهم وليس للمسلمين فيه منفعة فهذا لا يجوز لأنه إشغال رقبة أرض الإسلام بجعلها دار كفر، فهو كما لو أرادوا جعلها خمارة أو بيت فسق، وأوْلى بالمنع، بخلاف ما إذا جعلنا مكان الأولى مسجداً يذكر اللّه فيه وتقام فيه الصلوات، ومكناهم من نقل الكنيسة إلى مكان لا يتأتى فيه ذلك فهذا ظاهر المصلحة للإسلام وأهله، وباللّه التوفيق.
فلو انتقل الكفار عن محلتهم وأخلوها إلى محلة أخرى فأرادوا نقل الكنيسة إلى تلك المحلة وإعطاء القديمة للمسلمين فهو على هذا الحكم.
)
وفي المعلمة الفقهية الكويتية
(نَقْل الْمَعْبَدِ مِنْ مَكَانٍ إِِلَى آخَرَ
18 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَقْل الْمَعْبَدِ مِنْ مَكَانٍ إِِلَى مَكَانٍ آخَرَ عَلَى أَقْوَالٍ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لأَِهْل الذِّمَّةِ أَنْ يُحَوِّلُوا مَعَابِدَهُمْ مِنْ مَوْضِعٍ إِِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، لأَِنَّ التَّحْوِيل مِنْ مَوْضِعٍ إِِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فِي حُكْمِ إِِحْدَاثِ كَنِيسَةٍ أُخْرَى (2).
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَوْ شَرَطُوا النَّقْل فِي الْعَقْدِ يَجُوزُ وَإِِِلاَّ فَلاَ (3).
وَفَصَّل ابْنُ الْقَيِّمِ الْكَلاَمَ عَلَيْهِ فَقَال: وَالَّذِي يُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَال: إِِنْ مَنَعْنَا إِِعَادَةَ الْكَنِيسَةِ إِِذَا انْهَدَمَتْ، مَنَعْنَا نَقْلَهَا بِطَرِيقِ الأَْوْلَى، فَإِِِنَّهَا إِِذَا لَمْ تَعُدْ إِِلَى مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَنْشَأُ فِي غَيْرِهِ؟ وَإِِِنْ جَوَّزْنَا إِِعَادَتَهَا فَكَانَ نَقْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ، لِكَوْنِهِمْ يَنْقُلُونَهَا إِِلَى مَوْضِعٍ خَفِيٍّ لاَ يُجَاوِرُهُ مُسْلِمٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ جَائِزٌ بِلاَ رَيْبٍ، فَإِِِنَّ هَذَا مَصْلَحَةٌ
ظَاهِرَةٌ لِلإِِِْسْلاَمِ وَالْمُسْلِمِينَ فَلاَ مَعْنَى لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ، وَأَمَّا إِِنْ كَانَ النَّقْل لِمُجَرَّدِ مَنْفَعَتِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهَذَا لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُ إِِشْغَال رَقَبَةِ أَرْضِ الإِِِْسْلاَمِ بِجَعْلِهَا دَارَ كُفْرٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادُوا جَعْلَهَا خَمَّارَةً أَوْ بَيْتَ فِسْقٍ.
فَلَوِ انْتَقَل الْكُفَّارُ عَنْ مَحَلَّتِهِمْ وَأَخْلَوْهَا إِِلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى فَأَرَادُوا نَقْل الْكَنِيسَةِ إِِلَى تِلْكَ الْمَحَلَّةِ، وَإِِِعْطَاءَ الْقَدِيمَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ (1).
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِِذَا نَقَل الإِِِْمَامُ النَّصَارَى الْمُعَاهَدِينَ مِنْ مَكَانِهِمْ إِِلَى مَكَانٍ آخَرَ يُبَاحُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بُنْيَانُ بِيعَةٍ وَاحِدَةٍ لإِِِِقَامَةِ شَرْعِهِمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ ضَرْبِ النَّوَاقِيسِ فِيهَا (2))
ثامنا
أن ما حكم به سلاطين الجور والظلم ليس بحجة
قال ابن تيمية
(وهذه الكنائس التي بهذه الأمصار محدثة يظهر حدوثها بدلائل متعددة، والمحدث يهدم باتفاق الأئمة)
وكذا كلام السبكي وغيره من الفقهاء
وقد فصل السبكي في هذا وفتوى ابن دقيق العيد يدل على هدم المحدث
وإنما توقف لعدم العلم
تاسعا
فإن قال قائل ولكن المقريزي ذكر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/324)
(كنيسة مريم بجوار كنيسة شنودة هدمها عليّ بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس أمير مصر لما ولي من قبل أمير المؤمنين الهادي موسى في سنة تسع وستين ومائة وهدم كنائس محرس قسطنطين وبذل له النصارى في تركها خمسين ألف دينار فامتنع فلما عزل بموسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في خلافة هارون الرشيد أذن موسى بن عيسى للنصارى في بنيان الكنائس التي هدمها عليّ بن سليمان فبنيت كلها بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة.
وقالا هو من عمارة البلاد واحتجا بأن الكنائس التي بمصر لم تبن إلاّ في الإسلام في زمن الصحابة والتابعين.)
فهذا الليث بن سعد وابن لهيعة - رحمهما الله - وهما فقيها مصر قد ذكرا أن الكنائس بنيت في عصر الصحابة والتابعين
وقصدهم بمصر الفسطاط مع التوسعات التي حصلت للمدينة إلى عصر الرشيد
فالجواب أنهم قصدوا الترميم بدليل أن هناك كنائس بمصر قبل الإسلام
بيان ذلك
(كنيسة بابليون في قبليّ قصر الشمع بطريق جسر الأفرم وهذه الكنيسة قديمة جدًّا وهي لطيفة ويذكر أن كنيسة تاودورس الشهيد: بجوار بابليون نسبت للشهيد تاودورس الاسفهسلار.)
وغيرها من الكنائس
هذا إن صح عنهما ما ذكر
ثم كلام المقريزي هو حول القاهرة فحسب لا الفسطاط
واعلم أن مذهب الليث أن مصر فتحت صلحا باستثناء الإسكندرية
ثم إن العلماء وغيرهم أنكروا على من أذن بشيء من ذلك
مثال
(كنيسة بومنا بالحمراء وتعرف الحمراء اليوم بخط قناطر السباع فيما بين القاهرة ومصر وأحدثت هذه الكنيسة في سنة سبع عشرة ومائة من سني الهجرة بإذن الوليد بن رفاعة أمير مصر فغضب وهيب اليحصبيّ وخرج على السلطان وجاء إلى ابن رفاعة ليفتك به فأخذ وقتل وكان وهيب مدريًا من اليمن قدم إلى مصر فخرج القرّاء على الوليد بن رفاعة غضبًا لوهيب وقاتلوه وصارت معونة امرأة وهيب تطوف ليلًا على منازل القرّاء تحرّضهم على الطلب بدمه وقد حلقت رأسها وكانت امرأة جزلة فأخذ ابن رفاعة أبا عيسى مروان بن عبد الرحمن اليحصبي بالقراء فاعتذر وخلى ابن رفاعة عنهم فسكنت الفتنة بعدما قتل جماعة ولم تزل هذه الكنيسة بالحمراء إلى أن كانت واقعة هدم الكنائس في أيام الناصر محمد بن قلاون على ما يأتي ذكر ذلك والخبر عن هدم جميع كنائس أرض مصر وديارات النصارى في وقت واحد.)
وهذه أيضا يحتمل أن كان هناك كنيسة قديمة
بدليل قول المقريزي
(خط قناطر السباع: كان هذا الخط في اوّل الاسلام يُعرف بالحمراء نزل فيه طائفة تعرف ببني الازرق وبني روبيل ثم دئرت هذه الخطة وبقيت صحراء فيها ديارات وكنائس للنصارى تعرف بكنائس الحمراء فلما زالت دولة بني امية .... الخ)
فالكنائس والديارات بالمنطقة
وفي كتب الحنفية
(وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْكَرْخِيِّ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ الَّتِي فِي الْأَمْصَارِ بِخُرَاسَانَ وَالشَّامِ قَالَ مَا أَحَاطَ عِلْمِي بِهِ أَنَّهُ مُحْدَثٌ هَدَمْتُهُ وَإِنْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مُحْدَثٌ تَرَكْته حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ لِأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَجُوزُ هَدْمُهُ وَالْمُحْدَثُ يَجُوزُ هَدْمُهُ فَمَا لَمْ يُعْلَمْ بِسَبَبِ الْهَدْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بُنِيَ بِحَقٍّ فَلَا نَعْرِضُ لَهُ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: فَإِنْ بَنَوْا فِي بَعْضِ الرَّسَاتِيقِ وَالْقُرَى ثُمَّ اتَّخَذَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ مِصْرًا مُنِعُوا أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَ مَا صَارَ مِصْرًا وَإِذَا كَانَ هَذَا كَلَامُهُمْ فِي الْإِحْدَاثِ وَالْإِبْقَاءِ فَالتَّرْمِيمُ أَسْهَلُ وَلَكِنَّ الْحَقَّ الْمَنْعُ مِنْ التَّرْمِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.)
وأما القاهرة فهي في دولة ((الفاطميين)) وهولاء بنوا للنصارى كنائس وهدموا كنائس وفعلوا كل ما يخالف الشرع
فكثير من الكنائس التي أحدثت بعد ذلك هي بعد أن خربت كنائس في عهد الملقب بالحاكم - لعنه الله
فهي ترميم للقديم
وما أحدثوه من الكنائس فهو من أخطاء هذه الدولة الباطنية
وأما قول ابن القاسم فيحتاج إلى شرح واف
ليس هذا وقته
ولكن نقتصر في شرح كلامه على كلام أحد المتأخرين جدا
وهو الدردير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/325)
((وَلَيْسَ لِعَنْوِيٍّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ) بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ، (وَلَا رَمُّ مُنْهَدِمٍ إلَّا إنْ شَرَطَ) الْإِحْدَاثَ عِنْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ، أَيْ إنْ سَأَلَ مِنْ الْإِمَامِ (وَرَضِيَ الْإِمَامُ) بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَقْهُورٌ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ شَرْطٌ.
وَهَذَا الَّذِي أَثْبَتْنَاهُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَقَرَّهُ أَبُو الْحَسَنِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الرَّاجِحِ، فَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ: مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُحْدِثُوا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ كَنَائِسَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَمْنٌ أَعْطَوْهُ، ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهَا فَيْءٌ لَا تُورَثُ عَنْهُمْ، وَإِنْ أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ (ا هـ.
(وَلِلصُّلْحِيِّ ذَلِكَ): أَيْ الْإِحْدَاثُ وَالتَّرْمِيمُ فِي أَرْضِهِ مُطْلَقًا شَرَطَ أَوْ لَا (فِي غَيْرِ مَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ) كَالْقَاهِرَةِ، فَلَيْسَ لِعَنْوِيٍّ وَلَا صُلْحِيٍّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ فِيهَا قَطْعًا، وَلَا تَرْمِيمُ مُنْهَدِمٍ فِيمَا أَحْدَثُوهُ بِهَا، بَلْ يَجِبُ هَدْمُهَا (إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ) مِنْ الْإِحْدَاثِ فَلَا يُمْنَعُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَمُلُوكُ مِصْرَ لِضَعْفِ إيمَانِهِمْ قَدْ مَكَّنُوهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَالِمٌ عَلَى الْإِنْكَارِ إلَّا بِقَلْبِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ لَا بِيَدِهِ.
وَزَادَ أُمَرَاءُ الزَّمَانِ أَنْ أَعَزُّوهُمْ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ رَفَعُوهُمْ، وَيَا لَيْتَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُمْ كَمِعْشَارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَتَرَى الْمُسْلِمِينَ كَثِيرًا مَا يَقُولُونَ: لَيْتَ الْأُمَرَاءَ يَضْرِبُونَ عَلَيْنَا الْجِزْيَةَ كَالنَّصَارَى وَالْيَهُودِ، وَيَتْرُكُونَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا تَرَكُوهُمْ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.
)
وفي شرح الصاوي
(الشَّرْحُ
قَوْلُهُ: [بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ]: أَيْ الَّتِي أُقِرَّ بِهِ ذَلِكَ الْعَنْوِيُّ، سَوَاءٌ كَانَ بِهِ مُسْلِمُونَ أَمْ لَا.
وَمَفْهُومُ إحْدَاثِ أَنَّ الْقَدِيمَ يَبْقَى وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ كَنِيسَتَهُمْ فَهَلْ لَهُمْ أَنْ يَنْقُلُوهَا أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ شَرَطُوا ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ نَقْلًا عَنْ كَبِيرٍ الْخَرَشِيِّ.
قَوْلُهُ: [خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ]: أَيْ وَهُوَ الْبِسَاطِيُّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَنْوِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ، سَوَاءٌ كَانَ أَهْلُهَا كُلُّهُمْ كُفَّارًا، أَوْ سَكَنَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فِيهَا إلَّا بِاسْتِئْذَانٍ مِنْ الْإِمَامِ وَقْتَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ، وَكَذَا رَمُّ الْمُنْهَدِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.)
(
الشَّرْحُ
قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ مَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ]: أَيْ أَنْشَأَهُ الْمُسْلِمُونَ اسْتِقْلَالًا، فَإِنَّ الْقَاهِرَةَ أَنْشَأَهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ الْفَتْحِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ، وَمَا قِيلَ فِي الْقَاهِرَةِ يُقَالُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ.)
فائدة
في رفع الاصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/326)
(قال ابن زولاق: واتفق أن كنيسة أبي شنودة انهدم جانبها، وبذل النصارى مالاً كثيراً ليطلق لهم عمارتها فاستفتوا الفقهاء. فأفتى ابن الحدّاد بهدم عمارتها، ووافقه أصحاب مالك وأفتى محمد بن علي بأن لهم أن يرِمّوها ويعمروها. فثارت العامة بِهِ وهمُّوا بإحراق داره فاستتر، وأحاطوا الكنيسة. فبلغ ذَلِكَ الأمير فاغتاظ، فأرسل وجوه غلمانه فِي جمع كثير، فاجتمع عليهم العوامّ ورمَوْهم بالحجارة، فراسلوه، فأرسل إِلَى ابن الحدّاد فقال: اركب إِلَى الكنيسة، فإن كَانَتْ قائمة فاتركها عَلَى حالها، وإن كَانَتْ دائرة فاهدمها. فوجَّه ابن الحدَّاد وصُحبته عليّ بن عبد الله بن النّواس المهندس وكثُرَ الزِّحام، فلم يزل يرفق بهم اللفظ ويلين لهم القول ويُعلمهم أنه معهم حَتَّى فتحوا الدروب. ودخل الكنيسة فأخرج جميع من فِيهَا من النصارى وأغلق الباب ودفع للمهندس شمعة. ودخل المذبح وكشفه وقال: يبقى خمس عشرة سنة ثُمَّ يسقط منها موضع ثُمَّ يبقى إِلَى تمام أربعين سنة ويسقط جميعها. فأعاد الجواب فتركها وَلَمْ يعمرها، فلما كَانَتْ سنة ست وستين عُمرت كلها ولو تُركت لسقطت)
وابن الحداد هذا هو الفقيه الشافعي المحدث الحافظ الحجة
قال الماوري الشافعي
(فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ نَرَى فِي هَذِهِ الْأَمْصَارِ بِيَعًا وَكَنَائِسَ كَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَبَغْدَادَ، وَهُوَ مِصْرٌ إِسْلَامِيٌّ بَنَاهُ الْمَنْصُورُ. قُلْنَا: إِنْ عَلِمْنَا أَنَّهَا أُحْدِثَتْ وَجَبَ هَدْمُهَا، وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهَا كَانَتْ قَدِيمَةً فِي الْمِصْرِ قَبْلَ إِنْشَائِهِ لِأَنَّ النَّصَارَى قَدْ كَانُوا يَبْنُونَ صَوَامِعَ، وَدِيَارَاتٍ، وَبِيَعًا فِي الصَّحَارِي يَنْقَطِعُونَ إِلَيْهَا، فَتُقَرُّ عَلَيْهِمْ، وَلَا تُهْدَمُ، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهَا، أُقِرَّتِ اسْتِصْحَابًا، لِظَاهِرِ حَالِهَا.
)
قال الماوردي
(فَصْلٌ: فَأَمَّا مَا اسْتُهْدِمَ مِنْ بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمِ إعادة أهل الذمة لبنائها الَّتِي يَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ عَلَيْهَا مَعَ عِمَارَتِهَا، فَفِي جَوَازِ إِعَادَتِهِمْ لِبِنَائِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: يُمْنَعُونَ مِنْ إِعَادَةِ بِنَائِهَا، وَيَكُونُ إِقْرَارُهُمْ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى عِمَارَتِهَا: لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَرَطَ عَلَى نَصَارَى الشَّامِ أَنْ لَا يُجَدِّدُوا مَا خَرِبَ مِنْهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لَهُمْ إِعَادَةُ بِنَائِهَا اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِهَا، وَأَنَّ الْأَبْنِيَةَ لَا تَبْقَى عَلَى الْأَبَدِ، فَلَوْ مُنِعُوا مِنْ بِنَائِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْ إِطْلَاقِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يُنْظَرَ فِي خَرَابِهَا، فَإِنْ صَارَتْ دَارِسَةً مُسْتَطْرَفَةً كَالْمَوَاتِ مُنِعُوا مِنْ بِنَائِهَا: لِأَنَّهُ اسْتِئْنَافُ إِنْشَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ شَعِثَةً بَاقِيَةَ الْآثَارِ وَالْجُدْرَانِ جَازَ لَهُمْ بِنَاؤُهَا، وَلَوْ هَدَمُوهَا لِاسْتِئْنَافِهَا لَمْ يُمْنَعُوا: لِأَنَّ عِمَارَةَ الْمُسْتَهْدَمِ اسْتِصْلَاحٌ، وَإِنْشَاءَ الدَّارِسِ اسْتِئْنَافٌ)
ويحسن في الرد على من استدل ببناء الكنائس على صحة هذا الأمر
عبارة الأمير الصنعاني - رحمه الله - في مسألة أخرى
(فهذه أمور دولية لا دليلية، يتبع فيها الآخر الأول)
والله أعلم بالصواب
وأنا ما ذكرت بعض هذه الأمور لقلة المصادر من جهة وما جزمت بأمور لأن الموضوع موضع بحث
تنبيه
النقل من نسخ الكترونية وفيها تصحيف في بعض الأعلام والأماكن
ـ[ابن وهب]ــــــــ[26 - 05 - 08, 09:01 ص]ـ
تنبيه
قلتُ
(هي منطقة نائية يعني وجود الدير بها محتمل)
بل مؤكد أنه كان هناك دير للنصارى في حلوان
قبل الإسلام
ـ[ابن وهب]ــــــــ[26 - 05 - 08, 09:29 ص]ـ
ولا أدري ما مصدر الخربوطلي
وأما كلام المقريزي فهو في كنائس اليهود وفي القاهرة
وقد سبق نقل كلام ابن تيمية
وفعل (الدولة (العبيدية) لا يستأنس به
وهذا الكندي وغيره ذكروا بناء حلوان ما ذكروا بناء الكنيسة - حسب ما أذكر -
فلا أدري ما مصدر الخربوطلي
فلينظر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/327)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[26 - 05 - 08, 11:03 ص]ـ
ما يؤكد ذلك ما قاله المقريزي
(اعلم أن مدينة الإقليم منذ كان فتح مصر على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه كانت مدينة الفسطاط المعروفة في زماننا بمدينة: مصر قبلي القاهرة وبها كان محل الأمراء ومنزل ملكهم وإليها تجبى ثمرات الأقاليم وتأوي الكافة وكانت قد بلغت من وفور العمارة وكثرة الناس وسعة الأرزاق والتفنن في أنواع الحضارة والتأنق في النعيم ما أربت به على كل مدينة في المعمور حاشا بغداد فإنها كانت سوق العالم وقد زاحمتها مصر وكادت أن تساميها إلا قليلًا ثم لما انقضت الدولة الإخشيدية من مصر واختل حال الإقليم بتوالي الغلوات وتواتر الأوباء والفنوات حدثت مدينة القاهرة عند قدوم جيوش المعز لدين الله أبي تميم معد أمير المؤمنين على يد عبده وكاتبه القائد جوهر فنزل حيث القاهرة الآن وأناخ هناك وكانت حينئذ رملة وكانت فيما بين الخليج المعروف بالخليج الكبير وبالخليج الحاكمي وبين الخليج المعروف باليحاميم وهو الجبل الأحمر وكان الخليج المذكور فاصلًا بين الرملة المذكورة وبين القرية التي يقال لها: أم دنين ثم عرفت الآن بالمقس كان يعرف بمنية الأصبغ ثم عرف إلى يومنا بالخندق وتمر العساكر والتجار وغيرهم من منية الأصبغ إلى بني جعفر على غيفة وسلمنت إلى بلبيس وبينها وبين مدينة الفسطاط أربعة وعشرون ميلًا ومن بلبيس إلى العلاقمة إلى الفرما ولم يكن الدرب الذي يسلك في وقتنا من القاهرة إلى العريش في الرمل يعرف في القديم وإنما عرف بعد خراب تنيس والفرما وإزاحة الفرنج عن بلاد الساحل بعد تملكهم له مدة من السنين وكان من يسافر في البر من الفسطاط إلى الحجاز ينزل بجب عميرة المعروف اليوم ببركة الجبة وببركة الحاج ولم يكن عند نزول جوهر بهذه الرملة فيها بنيان سوى أماكن هي بستان الإخشيد محمد بن ظفج المعروف اليوم بالكافوري من القاهرة ودير للنصارى يعرف بدير: العظام تزعم النصارى أن فيه بعض من أدرك المسيح عليه السلام وبقي الآن بئر هذا الدير وتعرف ببئر العظام والعامة تقول بئر العظمة وهي بجوار الجامع الأقمر من القاهرة ومنها ينقل الماء إليه وكان بهذه الرملة أيضًا مكان ثالث يعرف بقصير الشوك بصيغة التصغير تنزله بنو عذرة في الجاهلية وصار موضعه عند بناء القاهرة بعرف بقصر الشوك من جملة القصور الزاهرة هذا الذي اطلعت عليه أنه كان في موضع القاهرة قبل بنائها بعد الفحص والتفتيش وكان النيل حينئذ بشاطئ المقس يمر من موضع الساحل القديم بمصر الذي هو الآن سوق المعاريج وحمام طن والمراغة وبستان الجرف وموردة الحلفاء ومنشأة المهراني على ساحل الحمراء وهي موضع قناطر السباع فيمر النيل بساحل الحمراء إلى المقس موضع جامع المقس الآن وفيما بين الخليج وبين ساحل النيل بساتين الفسطاط فإذا صار النيل إلى المقس حيث الجامع الآن مر من هناك على طرف الأرض التي تعرف اليوم بأرض الطبالة من الموضع المعروف اليوم بالجرف وصار إلى البعل ومر على طرف منية الأصبغ من غربي الخليج إلى المنية وكان فيما بين الخليج والجبل مما يلي بحري موضع القاهرة مسجد بني على رأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم مسجد تبر الإخشيدي فعرف بمسجد تبر والعامة تقول: مسجد التبن ولم يكن الممر من الفسطاط إلى عين شمس وإلى الحوف الشرقي وإلى البلاد الشامية إلا بحافة الخليج ولا يكاد يمر بالرملة التي في موضعها الآن مدينة القاهرة كثير جدًا ولذلك كان بها دير للنصارى إلا أنه لما عمر الإخشيد البستان المعروف: بالكافوري أنشأ بجانبه ميدانًا وكان كثيرًا ما يقيم به وكان كافور أيضًا يقيم به وكان فيما بين موضع القاهرة ومدينة الفسطاط مما يلي الخليج المذكور: أرض تعرف في القديم منذ فتح مصر بالحمراء القصوى وهي موضع قناطر السباع وجبل يشكر حيث الجامع الطولوني وما دار به وفي هذه الحمراء عدة كنائس وديارات للنصارى خربت شيئًا بعد شيء إلى أن خرب آخرها في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون وجميع ما بين القاهرة ومصر مما هو موجود الآن من العمائر فإنه حادث بعد بناء القاهرة ولم يكن هناك قبل بنائها شيء البتة سوى كنائس الحمراء وسيأتي بيان ذلك مفصلًا في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
)
ـ[ابو عبدالحكيم]ــــــــ[26 - 05 - 08, 11:08 ص]ـ
اللهم أهدي علماء المسلمين وسددهم لكل خير
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[28 - 05 - 08, 01:27 ص]ـ
أيسر قرار يمكن أن يتخذه الغربيون في حق أقلية إسلامية في بلدانهم، هو إغلاق مساجدهم ومصادرتها، فهم الذين يعطون ترخيصات بنائها ويصادقون أو يرفضون بناءها، وقد زرت بعض هذه المساجد في الغرب ورسالتها جسيمة في تلك البلاد، والدور الذي تقوم به بارز هناك من إلقاء دروس وتعليم وتثقيف وتوعية، وبالمقابل فنادرا ما يتم بناء كنيسة في البلدان الإسلامية كما هو الشأن في قطر، والضجة حول هذا الأمر وتضخيم أمره لا يخدم الإسلام والمسلمين، ويجب النظر إلى المآلات في مثل هذه المسائل، ثم إن القاعدة الفقهية في حالة تعارض الفتاوى هي العمل بالفتوى الأخف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/328)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 05 - 08, 03:26 ص]ـ
أولاً: تقول: "أيسر قرار يمكن أن يتخذه الغربيون حق أقلية إسلامية في بلدانهم، هو إغلاق مساجدهم ومصادرتها، " وإذا كنت تظن أن هذا مرتبط بعدم السماح ببناء الكنائس فأنت مخطئ جداً. راجع المشاركة 61
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=828635&postcount=61
ففي نفس الوقت التي تفتتح فيه الكنائس في جزيرة العرب، فإن إيطاليا التي يبلغ عدد مسلميها حوالي مليوني مسلم، تقوم بهدم المصليات. وأصلا لا يوجد فيها إلا مسجدين.
هذا شيء والشيئ الآخر ما قاله شيخ الإسلام: «فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمر الله به وما هو أصلحُ للمسلمين مِنْ إعزازِ دينِ الله وقَمْعِ أعدائهِ، وإتمام ما فَعَلَهُ الصَّحابة مِن إلزامِهِم بالشُّروط عليهم، ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، ولاَ يَلْتَفِتُ في ذلك إلى مُرْجِفٍ أو مُخَذِّلٍ يقولُ: إنَّ لَنَا عندهم مساجد وأَسْرَى نخاف عليهم، فإن الله تعالى يقول: ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ?».
ثم كيف تقول: نادرا ما يتم بناء كنيسة في البلدان الإسلامية كما هو الشأن في قطر؟! هذا غير صحيح بل تنبى كنائس كثيرة في بلاد المسلمين. ففي مصر مثلا نسبة الكنائس إلى عدد النصارى هي أكبر بفارق من نسبة المساجد لعدد المسلمين.
أما قولك "إن القاعدة الفقهية في حالة تعارض الفتاوى هي العمل بالفتوى الأخف" فلا وجود لمثل هذه القاعدة، بل يعمل المسلمون بما وافق الدليل. هذا شيء والشيء الآخر أنه لا يوجد أن أئمة الإسلام على اختلاف مذاهبهم مجمعون على تحريم بناء الكنائس والمعابد في بلاد المسلمين.
ـ[محمد بن مبروك ال شعلان]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:39 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون
ـ[سيف 1]ــــــــ[28 - 05 - 08, 07:16 ص]ـ
وترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة
صدق الله العظيم
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[28 - 05 - 08, 10:04 ص]ـ
ثم إن القاعدة الفقهية في حالة تعارض الفتاوى هي العمل بالفتوى الأخف.
هذا لا يسلم به، و إذا افترضنا صحته فيجب أن يلتفت فيه إلى أمرين:
الأول: حال المستفتى، هل هو مقلد أم غير مقلد؟
الثانى: حال المستفتَى، هل هو ممن تعتبر فتواه أم لا؟ و لا أحسب الشيخ القرضاوى منهم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 05 - 08, 11:38 ص]ـ
وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 05 - 08, 11:53 ص]ـ
ثم يا أخ محمد
هل هناك اعتبار للإجماع أو لا
مسألة فيها إجماع
مثل دار ابن الفجاءة لا يسمح فيها ببناء الكنائس بإجماع أهل الإسلام
ولا عبرة بخلاف من يخالف الإجماع كائنا من كان
فهل يكون مذهبنا لا عبرة بالنص ولا بالإجماع
ثم قولك
(وبالمقابل فنادرا ما يتم بناء كنيسة في البلدان الإسلامية كما هو الشأن في قطر، والضجة حول هذا الأمر وتضخيم أمره لا يخدم الإسلام والمسلمين،)
ما عندنا شيء اسمه مقابل ومقابل
انظر كلام الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله -
يعني المسألة ليست مقابل كذا
بل المسألة دين
النصارى بحسب الاتفاق في ديار المسلمين وأهل الإسلام يلتزمون بالعهد
وأما بناء معابد لليهود والنصارى والهندوس في ديار المسلمين فليس من الإسلام في شيء
وغدا سيطالبون ببناء كنيسة في مكة - شرفها الله -
بل هما طالبوا بذلك مرات عديدة
ووانظر بحث الشيخ الطريري - وفقه الله - والذي وضعت رابطه في المشاركة رقم
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=131391
لتعرف رد العلماء على من طالب بذلك
وقد طالبوا بذلك في عهد سعود وفيصل وكان رد العلماء عليهم ردا مفحما
فلو أنهم قالوا ايش رأيكم نفتتح مسجد في الفاتيكان وتبنون كنيسة بجوار الكعبة
ما رأيكم
نقول لا وألف لا
وأقولها بكل أسف البعض يهمه أمر المسلمين في الغرب أكثر من هم المسلمين في ديار المسلمين
يعني الذين في الغرب لا يهجروا
من أجل ذلك لا بأس قتل المسلمين في ديار المسلمين
من أجل ذلك لا بأس بهدم المساجد في ديار المسلمين
من أجل ذلك لا بأس بهدم الدين والأخلاق في ديار المسلمين
يعني من أجل مصلحة متوهمة لا أساس لها أصلا يهدم الدين والأخلاق في ديار المسلمين
يعني المسلمين في الغرب أعز من المسلمين في العالم
يعني مسلمي البلاد البعيدة أعز من مسلمي أندونيسيا وخراسان والشيشان
سبحان الله العظيم
لو فرضنا فرضا أن المسلمين في بقعة من بقاع الكفار طردوا منها طردا أو ضيق عليهم في دينهم
هذا لايعني أن نفقد رأس المال
يعني خروج المسلمين من بلاد الكفار أهون من أن نخسر رأس المال
ونخسر ديار المسلمين
إذا ضيق عليهم في بلد فليخرجوا منها إلى ديار أفضل
والأرض لله يورثها من يشاء
أما أن المسلمين في الشرق أو الغرب أعز من المسلمين في ديار المسلمين فهذا مما يتعجب منه
يعني يقول قائلهم ها أنتم تنشرون الإسلام في الغرب لماذا لا نسمح لهم بنشر دينهم في بلادنا
بئس القول هذا القول
ويأتي آخر ويقول انظر اسلم 500 شخص في الولاية الفلانية من ديار الكفار
ماذا كان لو كفر واحد او اثنين في ديار المسلمين
لماذا نعمل ضجة
لماذا نمعنهم من نشر دينهم
سيمنعوننا من نشر ديننا بينهم
فما رأيك بهذا المنطق
هل هو منطق سليم
أو بمثل هذا يهدم عرى الإسلام في جزيرة الإسلام
في أطراف الجزيرة
إنا لله وإنا إليه راجعون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/329)
ـ[ابو عبد الله البلغيتي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 05:20 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 12:26 ص]ـ
ثم يا أخ محمد
هل هناك اعتبار للإجماع أو لا
مسألة فيها إجماع
مثل دار ابن الفجاءة لا يسمح فيها ببناء الكنائس بإجماع أهل الإسلام
ولا عبرة بخلاف من يخالف الإجماع كائنا من كان
فهل يكون مذهبنا لا عبرة بالنص ولا بالإجماع
ثم قولك
(وبالمقابل فنادرا ما يتم بناء كنيسة في البلدان الإسلامية كما هو الشأن في قطر، والضجة حول هذا الأمر وتضخيم أمره لا يخدم الإسلام والمسلمين،)
ما عندنا شيء اسمه مقابل ومقابل
انظر كلام الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله -
يعني المسألة ليست مقابل كذا
بل المسألة دين
النصارى بحسب الاتفاق في ديار المسلمين وأهل الإسلام يلتزمون بالعهد
وأما بناء معابد لليهود والنصارى والهندوس في ديار المسلمين فليس من الإسلام في شيء
وغدا سيطالبون ببناء كنيسة في مكة - شرفها الله -
بل هما طالبوا بذلك مرات عديدة
ووانظر بحث الشيخ الطريري - وفقه الله - والذي وضعت رابطه في المشاركة رقم
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=131391
لتعرف رد العلماء على من طالب بذلك
وقد طالبوا بذلك في عهد سعود وفيصل وكان رد العلماء عليهم ردا مفحما
فلو أنهم قالوا ايش رأيكم نفتتح مسجد في الفاتيكان وتبنون كنيسة بجوار الكعبة
ما رأيكم
نقول لا وألف لا
وأقولها بكل أسف البعض يهمه أمر المسلمين في الغرب أكثر من هم المسلمين في ديار المسلمين
يعني الذين في الغرب لا يهجروا
من أجل ذلك لا بأس قتل المسلمين في ديار المسلمين
من أجل ذلك لا بأس بهدم المساجد في ديار المسلمين
من أجل ذلك لا بأس بهدم الدين والأخلاق في ديار المسلمين
يعني من أجل مصلحة متوهمة لا أساس لها أصلا يهدم الدين والأخلاق في ديار المسلمين
يعني المسلمين في الغرب أعز من المسلمين في العالم
يعني مسلمي البلاد البعيدة أعز من مسلمي أندونيسيا وخراسان والشيشان
سبحان الله العظيم
لو فرضنا فرضا أن المسلمين في بقعة من بقاع الكفار طردوا منها طردا أو ضيق عليهم في دينهم
هذا لايعني أن نفقد رأس المال
يعني خروج المسلمين من بلاد الكفار أهون من أن نخسر رأس المال
ونخسر ديار المسلمين
إذا ضيق عليهم في بلد فليخرجوا منها إلى ديار أفضل
والأرض لله يورثها من يشاء
أما أن المسلمين في الشرق أو الغرب أعز من المسلمين في ديار المسلمين فهذا مما يتعجب منه
يعني يقول قائلهم ها أنتم تنشرون الإسلام في الغرب لماذا لا نسمح لهم بنشر دينهم في بلادنا
بئس القول هذا القول
ويأتي آخر ويقول انظر اسلم 500 شخص في الولاية الفلانية من ديار الكفار
ماذا كان لو كفر واحد او اثنين في ديار المسلمين
لماذا نعمل ضجة
لماذا نمعنهم من نشر دينهم
سيمنعوننا من نشر ديننا بينهم
فما رأيك بهذا المنطق
هل هو منطق سليم
أو بمثل هذا يهدم عرى الإسلام في جزيرة الإسلام
في أطراف الجزيرة
إنا لله وإنا إليه راجعون
كلام متين متين، لا فض فوك شيخنا ابن وهب.
ـ[شويمان السعدي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 02:27 ص]ـ
بارك الله فيكم
لا حول ولا قوة الا بالله
ـ[ابن وهب]ــــــــ[30 - 05 - 08, 09:19 م]ـ
بارك الله فيكم
ومن المؤسف جدا أن الشيخ الدكتور أحمد الريسوني المغربي قد وافق الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
كما جاء في موقع القرضاوي تحت عنوان
(الريسوني يؤيد فتوى إقامة الكنائس في بلاد المسلمين)
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=5988&version=1&template_id=116&parent_id=114
وهو في موقع الدكتور الريسوني أيضا
والله المستعان
إنا لله وإنا إليه راجعون
قال ابن عابدين
(مطلب: لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليه)
هذا في القرى
فكيف بجزيرة العرب التي لا خلاف فيها ولو خلاف شاذ
والمسألة فيها إجماع
قال ابن عابدين
(الكلام في الاحداث مع أن أرض العرب لا تقر فيها كنيسة ولو قديمة فضلا عن إحداثها)
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[30 - 05 - 08, 10:39 م]ـ
في شأن إخداث الكنائس
قال اللخمي المتوفى سنة (478هـ) في"التبصرة" (لوحة12الجزء الرابع-مخطوط خاص): «واختلف في الكنائس في بلاد المسلمين في العنوة والصلح إذا أقروا فيها أهلها وفيما اختطه المسلمون فسكنه أهل الذمة على ثلاثة أقوال: فقال ابن القاسم:
- ليس لهم أن يحدثوا كنيسة في بلاد المسلمين، كانوا عنوة أو أقروا فيها، أو اختط ذلك المسلمون يسكنها أهل الذمة معهم، إلا أن يكونوا أعطوا ذلك فيوفى لهم.
- وقال غيره: لهم أن يحدثوا ذلك في أرض العنوة إذا أقروا فيها، وظاهر قوليهما أن القديم يترك، قال ابن القاسم: وأما أهل الصلح فلا يمنعون أن يحدثوا الكنائس لأنها بلادهم.
- وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: أما أهل العنوة فلا يترك لهم عند ضرب الجزية كنيسة إلا هدمت، ثم لا يحدثوا الكنيسة وإن كانوا معتزلين عن بلاد الإسلام، قال: وأما أهل الصلح فلا يحدثوا كنيسة في بلاد المسلمين، وإن شرط لهم ذلك لم يجز، ويمنعوا من جبر كنائسهم القديمة إذا رثت إلا أن يكونوا شرط لهم ذلك فيوفى لهم، ويمنعوا من الزيادة الظاهرة والباطنة، وإن كانوا منقطعين عن بلاد الإسلام وليس بينهم مسلمون، كان لهم أن يحدثوا الكنائس». انتهى كلام اللخمي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/330)
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[30 - 05 - 08, 10:45 م]ـ
ملاحظات:
الفتوى مرتبطة بالزمان والمكان، وأهل قطر أدرى بشعاب بلادهم، ومن مقومات الفتوى مراعاة الظروف الزمكانية والمقاصد الشرعية مع إعمال الأدلة الشرعية والعقلية معا. وجزيتم على الفيرة الدينية.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[30 - 05 - 08, 11:13 م]ـ
ملاحظات:
الفتوى مرتبطة بالزمان والمكان، وأهل قطر أدرى بشعاب بلادهم، ومن مقومات الفتوى مراعاة الظروف الزمكانية والمقاصد الشرعية مع إعمال الأدلة الشرعية والعقلية معا. وجزيتم على الفيرة الدينية.
لعل أهل الشعاب يفتون بعدم وجوب الصلاة أو تخفيفها الى أربع مرات في اليوم من باب التيسير على الناس أو من باب اختلاف الزمان والمكان ... وأي أدلة نقلية هي التي تبيح بناء الكنائس في جزيرة العرب؟
والسلام عليكم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[30 - 05 - 08, 11:15 م]ـ
نقولات اللخمي لا يخالف الإجماع
وأهل قطر يرون التحريم
والقرضاوي خالف أهل قطر بل العلماء في المسألة
وانظر كم من علماء قطر من أفتى بالتحريم
أما إذا كنت لا ترى من يستحق أن يفتي إلا القرضاوي فهذا شأن آخر
أين في كلام اللخمي أنه يجوز بناء كنيسة في جزيرة العرب
في قطر
والله إن علماء المسلمين أجمعوا على تحريم هذا
والمخالف ذكروا أنه يحجر عليه
فلا أقل من أن يحجر بمعنى أن يمنع من أن يفتي هو أو غيره بهذا الحكم ويفتي فيما سوى ذلك
ما لم يخالف الإجماع
وأما المقاصد وغيرها من الكلام الذي يقوله من لا يعبأ بالنصوص ولا بالإجماع
فليت قائل هذا يراجع مختصرات أصول الفقه ليعلم قاعدة إعمال هذه القواعد
ثم نحن تنزل معك حتى في هذه
هات من المقاصد ما يبيح هذا
لن تجد
سوى كلام أشبه ما يكون بكلام خطابي
ونحن معك
هات مصلحة حقيقة لهذا العمل المشين
الذي يستنكره أهل الإسلام كافة
سنيهم وبدعيهم
ولا يعرف في الإسلام من يبيح هذا إلا أصحاب التوجه العقلاني المتطرف
ومن شابهم
وأتمنى أن لا يكون دفاعك هنا من أجل شخص القرضاوي
أي من أجل التعصب للقرضاوي
ف .... ما حاك في الصدر) فإذا كنت مقتنع بالتحريم ولكن يمنعك من ذلك التعصب لشخص القرضاوي
فاقنع نفسك وقل
القرضاوي مهما بلغ من الجلالة عندك أو عند غيرك فلن يكون مثل الحسن البصري أو مجاهد
والأمة تركت من أقوال الحسن ما شذ فيه
فلا عليك أن تترك هذا القول الذي قال به القرضاوي
وتسأل الله أن يهديه إلى الحق
بدلا من التعصب الأعمى
ـ[ابن وهب]ــــــــ[30 - 05 - 08, 11:53 م]ـ
ولو تأملت نقولات اللخمي لعرفت كيف أن فيه أبلغ الرد على من يبيح إحداث كنيسة في أرض العرب
(قطر)
وهل تحسب أنك قد أتيت بشيء جديد
وهل تحسب أنك أتيت بنص من المخطوطة هذا كلام معروف مشهور
وكل كتب المالكية فيها هذا الكلام
بل حتى كتب الحنفية و الحنابلة والشافعية
وهي مسائل مشهورة معروفة
فلا داعي أن تتعب نفسك بالنقل من المخطوطة
بل انظر في المشاركات السابقة ستجد شرح بعض هذه الأقوال
وراجع المعلمة الفقهية الكويتية (الموسوعة الفقهية)
عموما
الأمر فيه إجماع فلا عبرة بخلاف من خالف
لا يجوز بناء كنيسة في قطر
هذا قول مجمع عليه بين أهل الإسلام
فلا عبرة بمن يخالف الإجماع بعد 1400 سنة
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[31 - 05 - 08, 12:30 ص]ـ
لله درك يابن وهب
ـ[محمود البطراوى]ــــــــ[31 - 05 - 08, 01:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ ابن وهب
ولكن ما فهمته ان د يوسف يقول بجواز بناء النصارى كنائس فى بلاد المسلمين طالما يوافق الكفار على بناء مساجد فى بلادهم
فهل على هذا يصح تطبيق هذه الفتوى
من يوافق على بناء مساجد فى بلاده نوافق له على بناء كنائس فى بلادنا والعكس بالعكس
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[31 - 05 - 08, 02:27 ص]ـ
في الشرح الممتع للشيخ العلامة العثيمين - رحمه الله
(قوله: «ويمنعون من إحداث كنائس، وبِيَعٍ، وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً»، «يمنعون» الضمير يعود على أهل الذمة الذين في بلادنا، فيمنعون من الأمور الآتية:
أولاً: إحداث كنائس، والكنائس جمع كنيسة وهي متعبدهم سواء كانوا نصارى أو يهوداً، فيمنعون من بناء الكنيسة؛ لأن هذا إحداث شعائر كفرية في بلاد الإسلام.
ثانياً: إحداث بيع يمنعون من إحداثها وهي متعبد اليهود، كما يمنعون من إحداث الكنائس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/331)
فإن قال قائل: إذا كانوا لا يمنعوننا من إحداث المساجد في بلادهم، فهل لنا أن نمنعهم من إحداث الكنائس في بلادنا؟
الجواب: نعم، وليس هذا من باب المكافأة أو المماثلة؛ لأن الكنائس دور الكفر والشرك، والمساجد دور الإيمان والإخلاص، فنحن إذا بنينا المسجد في أرض الله فقد بنيناه بحق، فالأرض لله، والمساجد لله، والعبادة التي تقام فيها كلها إخلاص لله، واتباع لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، بخلاف الكنائس والبيع.
ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لا نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول: هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق، والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم.
ثالثاً: بناء ما انهدم منها، أي: لو كان هناك كنائس موجودة قبل فتحنا البلاد واستيلائنا عليها، وصار أهلها أهل ذمة بالنسبة لنا لكن انهدمت هذه الكنائس فإننا نمنعهم من بنائها؛ لأن البناء إحداث فنمنعهم منه.
وقوله: «ولو ظلماً» أي: ولو هدمت ظلماً، كما لو سطا عليها أحد من المسلمين وهدمها فإنها لا تقام مرة أخرى، وهذه إشارة خلاف، أعني قوله: «ولو ظلماً»، فإن بعض أهل العلم قال: إذا هدمت ظلماً فلهم إعادة بنائها، ولو قيل: إنه يعيدها من هدمها ويضمن لكان له وجه؛ لأن هذا عدوان وظلم، وأهل الذمة يجب علينا منع الظلم والعدوان عنهم.
فالصواب أنه إذا هدمت ظلماً فإنها تعاد؛ وذلك لأنها لم تنهدم بنفسها، فإن هدموها هم وأرادوا تجديدها فإنهم يمنعون منه.
)
رحم الله الشيخ
كذلك يا أخي البطراوي راجع المشاركة 61
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpo...5&postcount=61
ففي نفس الوقت التي تفتتح فيه الكنائس في جزيرة العرب، فإن إيطاليا التي يبلغ عدد مسلميها حوالي مليوني مسلم، تقوم بهدم المصليات. وأصلا لا يوجد فيها إلا مسجدين.
هذا شيء والشيئ الآخر ما قاله شيخ الإسلام: «فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمر الله به وما هو أصلحُ للمسلمين مِنْ إعزازِ دينِ الله وقَمْعِ أعدائهِ، وإتمام ما فَعَلَهُ الصَّحابة مِن إلزامِهِم بالشُّروط عليهم، ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، ولاَ يَلْتَفِتُ في ذلك إلى مُرْجِفٍ أو مُخَذِّلٍ يقولُ: إنَّ لَنَا عندهم مساجد وأَسْرَى نخاف عليهم، فإن الله تعالى يقول: ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ?».
ـ[محمود البطراوى]ــــــــ[31 - 05 - 08, 03:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخنا وزادك علما
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 05 - 08, 06:22 ص]ـ
وكلما تنازلنا كلما أهانونا
كلما زادات مطالبهم
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8)
ـ[محمد أبو عمران]ــــــــ[31 - 05 - 08, 11:42 ص]ـ
أوردت كلام اللخمي رحمه الله لما تضمنه من كلام العلماء للتأمل، فالمسألة خلافية فيما عدا الحرمين، ولست مضطرا لكي أدافع عن القرضاوي ولا غيره، كما أني لست في موقع لكي ألزم الناس برأيي، اما القرضاوي فله مكانة محفوظة رغما عني -وأنا طويلب علم صغير - وعنك رغم كل الكلام الذي قيل.
وعلماء قطر إذا أفتى بعضهم بالمنع وآخرون بالجواز، فرأي الإمام يحسم الخلاف، كما هو مقرر في السياسة الشرعية.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 05 - 08, 11:45 ص]ـ
أرجو أن لا يتحول الموضوع إلى الكلام عن القرضاوي
وقولكم
(ولقد منع دخول أمريكا لمعرفتهم خدمته لدينه)
ليس بالضرورة فالمنع أحيانا يكون من باب الدعاية للرجل
أي رجل كان
أما قولكم
(ثم لم نستمع إلى منكر في قطر أبدا في وسيلة إعلامية)
ليس عندكم إلا عدم العلم
وانظر كلام الدردير أعلاه وكلام غيره من أهل العلم
عموما لا نريد الموضوع يتحول إلى الكلام عن شخص الشيخ القرضاوي
بل نريد من أنصاره وخصوصا من يتعصب له أن ينكروا هذا المنكر أشد من انكارهم على من تكلم على القرضاوي
لأن المنكر أبدا منكر
ولا أدري عن سبب سكوت أنصار الشيخ وأتباعه عن هذا المنكر
بينما لا يسكتون عن من تكلم على الشيخ
فإذا كانوا يعتبرون الكلام على الشيخ من المنكرات العظام
فكلام الشيخ هنا منكر عظيم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 05 - 08, 11:48 ص]ـ
أوردت كلام اللخمي رحمه الله لما تضمنه من كلام العلماء للتأمل، فالمسألة خلافية فيما عدا الحرمين، ولست مضطرا لكي أدافع عن القرضاوي ولا غيره، كما أني لست في موقع لكي ألزم الناس برأيي، اما القرضاوي فله مكانة محفوظة رغما عني -وأنا طويلب علم صغير - وعنك رغم كل الكلام الذي قيل.
وعلماء قطر إذا أفتى بعضهم بالمنع وآخرون بالجواز، فرأي الإمام يحسم الخلاف، كما هو مقرر في السياسة الشرعية.
أخي الكريم
مع الأسف هذا نتاج سوء الفهم
فدعوى أن المسألة خلافية فيما عدا الحرمين دعوى باطلة
ورأي الحاكم أي كان باطل إذا خالف الإجماع
وإذا كان من أفتى له بالجواز شخص فقوله باطل مردود
بل لا عبرة بكلامه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/332)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 05 - 08, 11:52 ص]ـ
لا يوجد أي خلاف في عدم جواز إحداث كنيسة في قطر
ولعل سوء الفهم يجعل آخر ويقول مادام مكة فتحت صلحا على قول من قال به فلا بأس بإحداث كنائس
في مكة - شرفها الله -
وهذا نتاج سوء الفهم من وجوه
فقائل هذا الكلام لم يفهم خلاف الفقهاء من جهة ولا فهم المعنى من جهة أخرى
فنسأل الله السلامة والعافية
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 05 - 08, 12:00 م]ـ
اما القرضاوي فله مكانة محفوظة رغما عني -وأنا طويلب علم صغير - وعنك رغم كل الكلام الذي قيل.
.
لا أريد الكلام على شخص القرضاوي ولكن إن كان التعصب قد جعلك تقول هذا
فإني استطيع أن أرد عليك
ولكن لا أريد الكلام على الأشخاص
فمحاولة اخراج الموضوع من الكلام عن المسألة إلى الكلام على الأشخاص
هي محاولة غير جيدة
والمسألة تكون خلافية بكلام العلماء لا بكلامك أو كلام غيرك ممن خالف الإجماع
فمجرد قولكم (المسألة خلافية ما عدا الحرمين) لا تجعل المسألة خلافية
ومجرد فهمك ولا حتى فهم الشيخ القرضاوي يجعل المسألة خلافية
ولا أدري عن سبب اخراجك الحرمين
فمكة فتحت صلحا على قول والمدينة هناك اختلاف في حرم المدينة
فإن زعمت أن السبب تحديد الجزيرة
فالجواب هذا نتاج سوء الفهم
ولم جعلت الإجماع في مكة - شرفها الله - والمدينة - حرسها الله -
فهذا نقل اللخمي في أرض الصلح
(وكلام غيره من الفقهاء وهو الأمر الذي لم يفهمه الشيخ القرضاوي كما في نقله لمذهب الزيدية وابن القاسم)
وكلامنا حسب فهم أصحاب هذا القول المخترع
فهم في تناقض عجيب
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[31 - 05 - 08, 03:14 م]ـ
تنبيه من المشرف:
الموضوع هنا لبيان الخطأ في هذه المسألة ممن أفتى بالجواز وليس للطعن في الشيخ القرضاوي وفقه الله أو غيره.
فلا زال أهل العلم يرد بعضهم على بعض بالعلم والدليل.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[31 - 05 - 08, 04:45 م]ـ
وعلماء قطر إذا أفتى بعضهم بالمنع وآخرون بالجواز، فرأي الإمام يحسم الخلاف، كما هو مقرر في السياسة الشرعية.
ما هذا يا اخي "رأي الإمام يحسم الخلاف"
هل هذا على المطلق هنا!!! الإمام يأخذ بقول الجمهور وليس بالقول الشاذ ... رغم أن الإمام في زمننا هذا لا يأخذ بتقوى الله في ترجيحه
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[31 - 05 - 08, 07:46 م]ـ
الإخوة الكرام
ها هنا مسألتان وقعت فيهما المخالفة: الأولى إحداث كنيسة أو معبد للكفار في بلاد المسلمين. والثانية إحداث كنيسة أو معبد للكفار في بلاد العرب خاصة.
وأغلب ردود الإخوة حفظهم الله في المسألة الأولى، والثانية أشد خطرا من الأولى، فإن جزيرة العرب لا يجوز بقاء الكفار فيها فضلا عن إنشاء معابد لهم.
ومن النصوص المحفوظة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما».
وما رواه ابن عباس رضي الله عنهما في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى قبل موته بثلاث «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب».
ونلاحظ أن النصوص في ذلك واضحة بحيث لا تحتمل تأويلا، كما أنها محكمة غير قابلة للنسخ لأنها كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث.
وعلى هذا فإن امتلاكهم لعقارات دائمة الإقامة لا يجوز فضلا عن بناء معابد شركية لهم، وإذا علمنا أنه لا يجوز لهم بناء كنائس في بلاد المسلمين بلْهَ جزيرة العرب علمنا حجم المأساة التي نعيشها في أيامنا هذه من دعاة الاستسلام.
والمعروف أن النصارى لهم أطماع في بلاد المسلمين لا تنتهي، فهم لن يكتفوا ببناء كنيسة أو كنيستين بل سيطلبون كل يوم مزيدا وحرية في حملات التنصير في بلاد العرب، ومثل هذا لا يخفى على العلماء العاملين، فهذا من الفقه في الدين؛ لأن الذي يفتي بمسألة كهذا ثم يموت ويتجرع بعده المسلمون مرارة فتواه من السيطرة الصليبية على البلاد العربية .. فأي فقهٍ هذا؟
والحق أن جزيرة قطر كل يوم تذوق ويلات قرضاوية تقربها من نهايتها، وصدق قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون».
وإلى الله تعالى نرفع شكوانا ..
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[16 - 09 - 08, 12:42 م]ـ
المشايخ والإخوان الكرام ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/333)
ولغاية الآن لم أقف على جواب على حجة القرضاوي بالمعاملة بالمثل .. فالولايات المتحدة, وبرطانيا, مثلا, سمحوا للمسلمين بناء المساجد, مع أن البلاد بلاد النصارى. والقرضاوي له علاقاته مع العلماء والقساوسة هناك, ومتأكد أنهم سألوا القرضاوي عن بناء الكنائس في البلاد الإسلامية ..
وكان الإسلام دين سماحة. وأظن أن الشيخ يوسف القرضاوي في موقف حرج جدا, ولم يكن عنده كلام وحجة أمام هؤلاء لو لم يسمح لهم ببناء الكنائس في البلاد الإسلامية, كما سمحوا للمسلمين ببناء المسجد ..
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 09 - 08, 09:40 م]ـ
سبحان الله، قد تكرر الرد على هذه الشبهة عدة مرات
قال الشيخ ابن عثيمين:
فإن قال قائل: إذا كانوا لا يمنعوننا من إحداث المساجد في بلادهم، فهل لنا أن نمنعهم من إحداث الكنائس في بلادنا؟
الجواب: نعم، وليس هذا من باب المكافأة أو المماثلة؛ لأن الكنائس دور الكفر والشرك، والمساجد دور الإيمان والإخلاص، فنحن إذا بنينا المسجد في أرض الله فقد بنيناه بحق، فالأرض لله، والمساجد لله، والعبادة التي تقام فيها كلها إخلاص لله، واتباع لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، بخلاف الكنائس والبيع.
ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لا نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول: هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق، والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم.
أما قولك أن القرضاوي في موقف حرج فهذا لا يبيح له أن يخرق الإجماع، فهذا دين الله رب العالمين وليس لأحد أن يتلاعب به من أجل إحراج تعرض له. والله تعالى يقول {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}.
أيضاً راجع المشاركة 61
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=828635&postcount=61
ففي نفس الوقت التي تفتتح فيه الكنائس في جزيرة العرب، فإن إيطاليا -بلد الفاتيكان وعاصمة النصرانية- التي يبلغ عدد مسلميها حوالي مليوني مسلم، تقوم بهدم المصليات. وأصلا لا يوجد فيها إلا مسجدين.
هذا شيء والشيئ الآخر ما قاله شيخ الإسلام: «فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمر الله به وما هو أصلحُ للمسلمين مِنْ إعزازِ دينِ الله وقَمْعِ أعدائهِ، وإتمام ما فَعَلَهُ الصَّحابة مِن إلزامِهِم بالشُّروط عليهم، ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام، ولاَ يَلْتَفِتُ في ذلك إلى مُرْجِفٍ أو مُخَذِّلٍ يقولُ: إنَّ لَنَا عندهم مساجد وأَسْرَى نخاف عليهم، فإن الله تعالى يقول: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}».
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[16 - 09 - 08, 10:43 م]ـ
ولم يكن عنده كلام وحجة أمام هؤلاء لو لم يسمح لهم ببناء الكنائس في البلاد الإسلامية, كما سمحوا للمسلمين ببناء المسجد ..
إن كان هذا عقل وحجة من يجادل عن القرضاوي فقد استرحتم، كيف يكون التماس الحجة عند الكفرة مسوغا لإتيان الله بحجة داحضة يوم القيامة؟!
يا أخي خافوا الله ودعوا التعصب المقيت لرجل
منذ متى وللعالم المسلم أصدقاء من القساوسة وتبلغ به الصداقة أن يخرج على إجماع البررة الأتقياء ليرضي السفهاء (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)؟!!
إذا لم يعلم من يجادل عن القرضاوي العلم والسنة فليكف عن الجدال حتى يتعلم ويفقه في دينه ثم يجادل، أما أن يكون الدين هكذا عرضة للتحريف لكل من نبتت في رأسه فكرة لا حجة لها، ولكل من جاءه رد على طرف لسانه لم يفقهه قلبه وليس له مستند من الشرع أو حتى العقل فهذا ما لا يجوز أن يكون في تحريمه خلاف!!
سماح الغرب ببناء المساجد منقبة في حقهم وحسنة سيجزون عليها في الدنيا فقط، أما سماحنا ببناء الكنائس فسبب للعنات الله وملائكته والناس أجمعين، وإظهار لشعائر الكفر بالله، وأي توقير لله وتعظيم له يبقى في قلب المسلم إذا سوغ هذا الفعل القبيح؟!!
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (القلم: 35 - 36)
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[17 - 09 - 08, 05:09 ص]ـ
للأسف أننا سطحيون في النظرة!
هذه الفتوى وراءها أمور وخفايا لن ندركها الآن
والله المستعان وعليه التكلان ...
ـ[عبدالرزاق الحيدر]ــــــــ[18 - 09 - 08, 03:10 ص]ـ
توجد رسالة علمية في باب سماحة الاسلام والتيسير
باسم منهج التيسير المعاصر لمؤلفه عبدالله الطويل
ـ[أبو هر النابلسي]ــــــــ[18 - 09 - 08, 05:33 ص]ـ
رحم الله العلماء والمشائخ وغفر لهم فهم متعبدون إلى الله بهذا العلم وبأدائه ....
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[18 - 09 - 08, 06:46 ص]ـ
الشيخ أبا عمر المصري , والشيخ محمد أمين ..
مهلا ورفقا علي .. (ابتسامة)
فقط أنا أريد أن أتفهم المواقف التي يقف عليها كل الأطراف حتى بختار القول الذي يواقق الموقف الذي هو فيه .. فأن نقول بعدم جواز بناء الكنيسة, بالنسبة لمن يسكن في بلد يكون المسلمون أغلبية ساحقة, لأمر سهل, ولا يترتب عليه أي ضرر ,, ولكن لمن يكون في بلد يكون المسلمون أقلية فالأمر ليس كذلك ..
هناك مسلمون وهم أقلية في بلدهم, مثل الأرجنتين, والكوريا, والفيليبين وغيرها من البلاد .. فأي موقف من المسلمين في أي بلد فله علاقة من قريب أو من بعيد في سياسة الدول تجاه هؤلاء الأقليات .. لو لم يكن من علماء المسلمين مثل القرضاوي الذي سمح ببناء الكنيسة في بلد الإسلام, لأدى الأمر إلى حرج شديد تجاه هؤلاء الأقليات .. والقرضاوي بحكم كونه رئيسا لاتحاد علماء العالم يعرف ذلك جيدا, ولذلك يأخذ موقفه المتسامح.
أظن أن الإيطاليين إنما عملوا ما عملوا لأنهم دائما تصوروا أن علماء المسلمين سيقفون مثل موقفهم تجاه النصارى في بلد الإسلام .. أظن, كما قال القرضاوي, أن المسلمين خافوا من فتنة الكنيسة, لكن مثل القرضاوي لم يخفها, لإن الإسلام قوي, حجته تعلى ولا يعلى عليها ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/334)
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[18 - 09 - 08, 07:51 ص]ـ
والقرضاوي بحكم كونه رئيسا لاتحاد علماء العالم يعرف ذلك جيدا,.
أخي وفقك الله حقيقة أستغرب من هو الذي جعل الشيخ القرضاوي رئيسا لاتحاد علماء المسلمين أصلا؟ ومن الذي أخترع ما يسمى اتحاد علماء المسلمين؟
يستطيع أي شخص أن يعمل جمعية علماء باسمه ويكون رئيسا عليهم وهناك علماء كثير ولله الحمد ولا أظنهم يعترفون بالشيخ القرضاوي رئيسا لهم بل يخالفونهم في عدد من اجتهاداته وينكرون عليه
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[18 - 09 - 08, 01:26 م]ـ
أخي وفقك الله حقيقة أستغرب من هو الذي جعل الشيخ القرضاوي رئيسا لاتحاد علماء المسلمين أصلا؟ ومن الذي أخترع ما يسمى اتحاد علماء المسلمين؟
يستطيع أي شخص أن يعمل جمعية علماء باسمه ويكون رئيسا عليهم وهناك علماء كثير ولله الحمد ولا أظنهم يعترفون بالشيخ القرضاوي رئيسا لهم بل يخالفونهم في عدد من اجتهاداته وينكرون عليه
أخي الكريم حامد الحجازي ,
العلامة يوسف القرضاوي رجل معروف عالميا, يكفي أنه صاحب منبر في قناة الجزيرة, المتربعة على عرش الإعلام في العرب, وكتبه منتشرة ومترجمة إلى عدة لغات, وهو أيضا معروف بوسطيته واعتداله. أما أن علماء الإسلام لا يتفقوت على آرائه, بل ينتقدون كثيرا منها, فأمر مسلم به أيضا, لكن ذلك لا ينقص عالمية الشيخ.
ورجل في مثل حجمه يسهل أن يلتف الناس حوله, فمنطقي جدا أن أسسوا رابطة بحيث يكون الرجل رئيسا فيها. وأنا في حق اليقين أن الرجل لا ينتظر من علماء المسلمين كلهم أن يوافقوا على هذه الرابطة, ولا على كل آرائه, وخصوصا في مسألة بناء الكنيسة في قطر. فهو يعلم جيدا أن فتواه هذه المرة فيها نوع من الجرأة والغرابة نوعا ما عند بعض أو بل عند كثير من العلماء.
والخلاف أمر عادي في ثقافة المسلمين, ولا يكون الخلاف هذه المرة هو الأول ولا يكون هو الآخرَ.
ـ[حجر]ــــــــ[18 - 09 - 08, 04:48 م]ـ
قول العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
(ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لا نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول: هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق، والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم).
هو بلا شك عين الصواب والحق بالنسبة لسفهاء المسلمين، لكن هل يصلح جوابا للنصارى؟ لأنهم لا يسلمون أنهم على الباطل والكفر والشرك، بل يعتقدون فينا كما نعتقد فيهم، فكيف يكون جوابهم المفحم حينئذ؟ خصوصا حال ضعف المسلمين ولجوء الكثير منهم إلى بلاد النصارى وتمتعهم بعدالة قوانينهم التي تضمن حرية التدين وإنشاء دور العبادة لمختلف الطوائف.
الحقيقة أنني أتصور أن من يكون في مناظرة علنية أمام نصراني أو ملحد أو علماني ويشاهدها ملايين البشر ويطرح عليه السؤال المشار إليه في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لن يكون مناسبا الجواب بمثل ما ذكر الشيخ مما يصلح أن يقال لسفهاء المسلمين، وقد قرأت هذا الموضوع متلهفا لأجد جوابا على هذا الاعتراض الذي يبدو لي هو المعول الأكبر للقرضاوي في كلامه السابق، لكن للأسف لم أظفر بشيء من ذلك، إلا إشارة شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن ما عند النصارى من مساجد ومصالح للمسلمين لا ترتقي إلى حد التنازل لهم ببناء الكنائس في بلاد الإسلام، فيمكن إذا تفويت هذه المصالح اليسيرة في مقابل دفع مفاسد بناء الكنائس ببلاد المسلمين، ولا يخفى ارتباط هذا الرأي بواقع زمانه، وأن الأمر في زماننا قد تغير جذريا، فلا يمكن أن يقال: فليمنعوا المساجد ببلادهم، وليفعلوا ما شاؤوا، وليرجع من ببلادهم من المسلمين إلى بلاد المسلمين حيث يقدرون فيها على إظهار شعائرهم، فإن أصروا أو اضطروا للبقاء هنالك فليتحملوا ما يحصل لهم، ولا يخفى ما في هذا من مخالفة مقاصد الشرع؛ خصوصا مع كثرة المسلمين في غير بلاد المسلمين، فهلا أتحفنا المشاركون الفضلاء بجواب عقلاني واقعي يناسب مخاطبة نصراني أو ملحد ويفحمه ويلقمه الحجر:
وليكن الجواب محددا على نقطتين:
1 - أن مقتضى العدالة المعاملة بالمثل، فسماحهم بالمساجد يستوجب سماحنا بالكنائس ولو بشروط.
2 - أن مقتضى المصلحة إذا تهيجوا على المساجد ببلادهم ومنعوها أن نتنازل ولو جزئيا في هذا الباب.
ورجاء أعفونا من تكرار ما سبق أو الخروج عن حدود المطلوب أو الاقتباسات المطولة أو الآراء المجردة من الأدلة أو المواقف الشخصية؛ فالقرضاوي شئنا أم أبينا أحببنا أم كرهنا هو المفتي رقم 1 في العالم الإسلامي من حيث عدد المتلقفين لفتاواه والمعتدين برأيه، صحيح أنهم عوام أو سياسيون أو من تيارات حركية أو عقلانية أو أو، لكنهم يبقون في النهاية مسلمين لا يمكن التشكيك في صحة إسلامهم، فمن الضروري التعامل بحذر وجدية مع ما يطرحه مفتيهم المفضل، كما لا يصح بحال تجاهل قناعات عوام المسلمين وسياسييهم، فهم وإن لم يكونوا متخصصين في علوم الشريعة ففيهم من أهل الذكاء والفطنة من يستوجب احترام عقله وعدم تجاهل أي شبهة أو تساؤل تحمله على الأخذ بفتوى من يكون أقرب إلى إقناعه من المفتين، (وما أمر المسعى عنا ببعيد).
وتحية للإخوة جميعا، وأخص رأفت وأأيده على طرحه، والسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/335)
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[18 - 09 - 08, 05:33 م]ـ
الحقيقة أنني أتصور أن من يكون في مناظرة علنية أمام نصراني أو ملحد أو علماني ويشاهدها ملايين البشر ويطرح عليه السؤال المشار إليه في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لن يكون مناسبا الجواب بمثل ما ذكر الشيخ مما يصلح أن يقال لسفهاء المسلمين،
أحب هذا الكلام, ولكن هذا النص بالذات " مما يصلح أن يقال لسفهاء المسلمين", فيه نوع من الشدة, أعني التعبير بـ "سفهاء المسلمين".
فالقرضاوي شئنا أم أبينا أحببنا أم كرهنا هو المفتي رقم 1 في العالم الإسلامي من حيث عدد المتلقفين لفتاواه والمعتدين برأيه، صحيح أنهم عوام أو سياسيون أو من تيارات حركية أو عقلانية أو أو، لكنهم يبقون في النهاية مسلمين لا يمكن التشكيك في صحة إسلامهم،.
هذا الكلام هو أيضا عين المنطق والواقع, إلا أنه ينقصه أن الذين يتبعون العلامة القرضاوي ليسوا فقط من العوام أو من الساسيين, بل منهم أيضا رجال الجامعات الإسلامية, والعلماء في العالم الإسلامي .. وإن لم تصدق فلتتبع حركان الشيخ القرضاوي, أينما يطأ رجلاه, في أي بلد من البلاد, تراه يستقبله ليس فقط السياسيون, بل العلماء أيضا ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 09 - 08, 06:45 م]ـ
إن منع بناء المساجد في كثير من بلاد الكفار يبدأ من اليوم الذي يسمح لهم فيه ببناء الكنائس في ديار المسلمين
وفي التاريخ (البقاء للأقوى) كذا يعبرون
وبدلا من التعصب الشديد لشخص فلو أفتى نفس هذا الشخص بما يخالف هذا لرأيت من ينتصر للقول الآخر
فالتعصب هو طريقهم ورائدهم
ولا يوجد دولة زعمت أنها لا تسمح ببناء المساجد في بلادها إلا إذا سمح المسلمون ببناء الكنائس في ديارهم
وهذا المسلمون ينبنون مساجد في أغلب ديار الكفار وما منعوا من ذلك
ولي عودة
ولا فتوى من أفتى بالسماح ببناء الكنائس في ديار المسلمين = زيادة عدد المساجد في ديار الكفار
والمسلمون في أركان يمنعون من ببناء المساجد وهم في ديارهم
وكذا في مناطق أخرى
ولماذا الكنائس فحسب فليفتى ببناء معابد البوذيين في قلب ديار المسلمين
حتى يسمح ببناء المساجد في أركان
وهكذا
والله المستعان
ولا حول ولا قوة إلا بالله
أما مقتضى العدالة فالعدالة = الشرع فما رآه الشرع = عدالة
وما خالف الشرع = الظلم
(أن مقتضى المصلحة إذا تهيجوا على المساجد ببلادهم ومنعوها أن نتنازل ولو جزئيا في هذا الباب.
)
هذا كلام غير صحيح
لأن (البقاء للأقوى) فالتنازل يدل على الضعف
فمن سمح لهم ببناء الكنائس = ضعيف جدا
هكذا يقول المنطق الصحيح
والمسلمون في الغرب أو الشرق يتقوون بالأصل أي بسلمي ديار الإسلام
فأي ضعف في مواقف المسلمين في الأصل يؤدي إلى مزيد اضطهاد للمسلمين في بلاد الكفار
ألا ترون أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها كانوا يتقوون بالدولة العثمانية
فلما ضعفت الدولة العثمانية ضعف أهل الإسلام في أغلب المناطق
حتى أيام ضعف الدولة العثمانية مجرد وجود دولة وهيبة للدولة العثمانية من أسباب عزالمسلمين في
الدول المحتلة كالهند (بريطانيا) وقازان (روسية) وغيرها من ديار المسلمين
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 09 - 08, 07:12 م]ـ
تنبيه: هناك بعض الأخطاء في المشاركة السابقة نتيجة العجلة وكثرة التعديل
توجد , يوجد
ونحو ذلك
وهذا الهندوس حرقوا المساجد في الهند فليسمح لهم ببناء معابدهم في مكة - شرفها الله -
ولا حول ولا قوة إلا بالله -
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 09 - 08, 07:43 م]ـ
وانظر
هل تُبنى الكنائس بالمملكة؟ بيان للشيخ عبد الوهاب الطريري
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?p=785947#post785947
نرجو قبل التعقيب قراءة الموضوع
ثم يقول للأخ الكريم صخر
(إلا إشارة شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن ما عند النصارى من مساجد ومصالح للمسلمين لا ترتقي إلى حد التنازل لهم ببناء الكنائس في بلاد الإسلام، فيمكن إذا تفويت هذه المصالح اليسيرة في مقابل دفع مفاسد بناء الكنائس ببلاد المسلمين، ولا يخفى ارتباط هذا الرأي بواقع زمانه، وأن الأمر في زماننا قد تغير جذريا، فلا يمكن أن يقال: فليمنعوا المساجد ببلادهم، وليفعلوا ما شاؤوا، وليرجع من ببلادهم من المسلمين إلى بلاد المسلمين حيث يقدرون فيها على إظهار شعائرهم، فإن أصروا أو اضطروا للبقاء هنالك فليتحملوا ما يحصل لهم، ولا يخفى ما في هذا من مخالفة مقاصد الشرع؛ خصوصا مع كثرة المسلمين في غير بلاد المسلمين،)
انتهى
أخي الكريم
لا يخفى عليك الحروب الصليبية
والدولة (التي بالدولة الفاطمية) في عهد بعض حكامها سمحت للنصارى ببناء الكنائس
فهل زعم ابن تيمية أنه يجوز لهم بناء الكنائس في مصر لدفع ضرر الصليبين
فكلام ابن تيمية صحيح وواقع
وفي عهد ابن تيمية كان هناك فئة من المسلمين في ديار الكفار وكان هناك من هو في الأسر
والأندلس في تقلص مستمر
وانظر رسالة ابن تيمية (الرسالة القبرصية)
الخ
فكلامكم فيه ما فيه
وإخراج كل كلام لعالم من العلماء السابقين عن حقيقته بزعم إنه كان لعصره وفي عصره فيه ما فيه
نعم يوجد كلام للعلماء يناسب عصرهم لكن جعل 70 % من كلام الأئمة كذلك فيه ما فيه
وكلما اخترع رجل قول مخالف لقول علماء المسلمين زعم مثل هذا
والتاريخ يتكرر كما قيل
فزعم أن هذا كان لزمانهم وفي زمانهم فيه ما فيه
وأهل الإسلام كانت لهم مساجد في القسطنيطنية وغيرها من ديار الروم والكفار
وكانت هناك حروب بين الدولة العثمانية والروم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/336)
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[18 - 09 - 08, 07:53 م]ـ
وبدلا من التعصب الشديد لشخص فلو أفتى نفس هذا الشخص بما يخالف هذا لرأيت من ينتصر للقول الآخر
فالتعصب هو طريقهم ورائدهم
أخي العزيز, أبن وهب
أشعر بأنك أشرت إلى بكلامك هذا, فإن كان صحيحا فأريد أن أوضح لك بأني لا أتعصب للقرضاوي, سواء كان له أم ضده. فإن وصفته بـ "العلامة", فذلك لأنه في رأيي علامة فعلا, وقد اعترف أخيرا مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف. وإن وصفته أيضا بالوسطية والاعتدال فذلك ما قرأته في الجرائد والصحف, أو على الأقل هذا رأيي الشخصي.
ثم إن زدت أو بالغت في الوصف, فذلك لأن بعضا منا يشير بعض كلامه إلى التقليل منه, وهو ما لا أرضى به, كما لا أرضي أن يقلل بعض منا من الشيخ ابن عثيمين وغيره. ففي رأيي, كلهم علماء أُجِلُّهم بالرغم من اختلافهم, وأخد الرأي الذي أرى أنه هو المناسب لإسلام هذا الزمان نصا ورأيا, عقلا ونقلا ..
فقط أريد أن أوضح, ليس إلا ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 09 - 08, 08:07 م]ـ
أخي الحبيب
بارك الله فيك
أنا لا أخي الكريم لا أصف شخص بالتعصب لفلان لأنه وصفه بالعلامة أو غيره
بل التعصب هو الانتصار لقول شخص أي شخص دائما
وخصوصا في الأقوال التي ينفرد بها الشخص
وأما الكلام عن الشخص له أو عليه فقد نبهت أنه ليس موضوع حديثنا نبهت إلى ذلك مرارا
وإن وقع عرضا فذلك شأن آخر
وجزاكم الله خيرا
وأما قولكم
(وأخد الرأي الذي أرى أنه هو المناسب لإسلام هذا الزمان نصا ورأيا, عقلا ونقلا.)
فهل أنتم من أهل الإجتهاد
وكيف تعرفون موافقته للنقل والعقل
وأي عقل
عقلي أو عقلكم أو عقل صديقنا أو صاحبنا أو عدونا
وهذا القول يقولوه الكثير من الناس ويرون ما وافق العقل = عقولهم
فمثلا في هذه المسألة عقلي قد يختلف عن عقلك
فالعقل عندك قد يرى أن الموافق للصواب هو ما أفتى به الشيخ القرضاوي
وأنا أرى أن ما أفتى به القرضاوي مخالف للعقل
بل أجزم بذلك لأن ما خالف النص والإجماع فلا شك أنه مخالف للعقل
ثم العجب أن يكون دائما الرأي الذي يوافق (إسلام هذا الزمان) = رأي القرضاوي
أليس هذا من التعصب؟
بلى هو من التعصب الشديد
تنبيه
قولي
(وكانت هناك حروب بين الدولة العثمانية والروم)
في أواخر عهد ابن تيمية - رحمه الله -
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[18 - 09 - 08, 08:30 م]ـ
وهذا الهندوس حرقوا المساجد في الهند فليسمح لهم ببناء معابدهم في مكة - شرفها الله -
ولا حول ولا قوة إلا بالله -
أخي العزيز ..
في كل دين من الأديان يوجد تابعوه المتطرفون, ففي أفعانستان هدم بعض منا تمثال البوذا , فمن المؤكد أن الهندوس يعلمون هذا جيدا, فإن قلت لهم ألستم تهدمون المساجد, فسيقولون: ألستم تهدمون ثمثال بوذا .. وهكذا قال الأيطاليون الذين هدموا المسجد.
فإن أصر كل واحد على موقفه من الآخرين, فذلك هو نظرية سمويل هنتعتون: صراع الحضارات: لا حل لها إلا بالحرب وهدم الآخر .. أكان هذا هو الحل الذي نريده؟
أما أنا فأؤمن بأن الإسلام حجته تعلى ولا يعلى عليها, فإن تعايش مع الآخرين فبضائعه هي الرائجة, فمن أي شيء إذا يخاف عليه؟ فيوما بعد يوم يظهر الإسلام في الغرب سلميا .. فإن استمر الأمر هكذا فلا بعد من أن يستولي الإسلام عليه ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 09 - 08, 08:33 م]ـ
غفر الله لك
(في كل دين من الأديان يوجد تابعوه المتطرفون, ففي أفعانستان هدم بعض منا تمثال البوذا)
فالتطرف كل التطرف أن يوصف من هدم ثمثال بوذا بالتطرف
وإحراق الهندوس للمساجد قبل هدم تمثال بوذا
والهندوس لا علاقة لهم ببوذا
وغفر الله لك تعرض بإخوة لك مسلمين وتنتصر للشيخ القرضاوي
فأظن أن وصف (التعصب للقرضاوي صحيح
وبغض النظر عن الاختلاف في قضية هدم تمثال بوذا
فهل يوصف من هدم التمثال بالتطرف
اتق الله
أين احترام الرأي
يوصف من هدم التمثال بالتطرف
انظر أخي التعصب أدى بك إلى نبز طائفة من المسلمين بالتطرف بدون حجة ولا برهان سوى أنهم هدموا تمثال بوذا
فحتى لو وقع منهم الخطأ هل يوصف هولاء بالتطرف
يظهر من هذا وغيره ضعف حجج الشيخ القرضاوي في مثل هذه المسائل
وقولکم
(أما أنا فأؤمن بأن الإسلام حجته تعلى ولا يعلى عليها, فإن تعايش مع الآخرين فبضائعه هي الرائجة, فمن أي شيء إذا يخاف عليه؟ فيوما بعد يوم يظهر الإسلام في الغرب سلميا .. فإن استمر الأمر هكذا فلا بعد من أن يستولي الإسلام عليه.)
هو نفس منطق الشيخ القرضاوي وهو منطق ضعيف
لأن حقيقة هذا الفكر أنه يرى أن الإسلام ضعيف يحتاج إلى أن يتنازل حتى يتقدم
ويريدون أن يقنعوا أنفسهم بخلاف هذا
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[18 - 09 - 08, 08:42 م]ـ
.
نحن لا ندين لأحد من الكفار بشيء , وحتى لوكان لايعني هذا أن نحل لهم ما حرمه الله!!
.
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[18 - 09 - 08, 09:32 م]ـ
وإن وصفته أيضا بالوسطية والاعتدال فذلك ما قرأته في الجرائد والصحف
ومنذ متى كانت الصحف والجرائد هي المصدر؟!
الله المستعان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/337)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[18 - 09 - 08, 10:03 م]ـ
قال محمد محمد حسين رحمه الله في (الإسلام والحضارة الغربية) ص 47:
"أما الوسيلة الأخرى التي اتخذها الاستعمار لإيجاد هذا التفاهم المفقود [بين المسلمين والمستعمرين] وعمل على تنفيذها فهي أبطأ ثماراً من الوسيلة الأولى [تربية العلمانيين]، ولكنها أبقى آثاراً، كما لاحظ اللورد لويد، وهي تتلخص في: تطوير الإسلام نفسه، وإعادة تفسيره؛ بحيث يبدو متفقاً مع الحضارة الغربية، أو قريباً منها، وغير متعارض معها على الأقل، بدل أن يبدو عدواً لها، أو معارضاً لقيمها وأساليبها."انتهى.
وإلى أصحاب التعايش مع الكفرة الذين لا يستطيعون أن يتعايشوا مع إخوانهم علماء السنة ودعاة الحق!! والذين يظنون أن اليهود والنصارى سيرضون عنهم بالتنازلات، نذكرهم نقول:
لقد ذكر الله سبحانه – ومن أصدق من الله قيلاً – أن اليهود والنصارى لن ترضى عن المسلمين إلا إذا اتبعوا ملتهم ودخلوا في دينهم، وإن كانوا قد يفرحون بمداهنتهم واسترضائهم طمعاً فيما وراءه.
ومع ذلك: فقد رتب الله سبحانه الوعيد على مجرد اتباع أهوائهم فقط ولو لم يتبع ملتهم، فقال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير)، وقال تعالى في الآية الأخرى (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين).
فهم لا يرضون إلا باتباع (الملة)، والله سبحانه توعد على مجرد اتباع (الهوى)، وكل هذا لتأكيد المفاصلة بين المسلمين والكفار:
يقول ابن جرير رحمه الله تعالى:
"وليست اليهود - يا محمد - ولا النصارى براضية عنك أبداً، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق؛ فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم".
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:
" أخبر سبحانه أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغياً من بعضهم على بعض، ثم جعل محمداً صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته.
وأهواءهم: هو ما يهوونه؛ وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم، ويسرون به ويودون أن لو بذلوا مالاً عظيماً ليحصل ذلك. ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم في أهوائهم وأعون على حصول مرضاة الله في تركها، وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه، وأي الأمرين كان حصل المقصود في الجملة وإن كان الأول أظهر ... وقد قال: (ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم) ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك. ومن هذا أيضا قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير).
فانظر كيف قال في الخبر (ملتهم)، وفي النهي (أهواءهم)؛ لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقاً، والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه أو مظنة لمتابعتهم فيما يهوونه كما تقدم".
ثم إذا لم يستطيعوا إظهار الحق فلا أقل من أن يسكتوا لا أن ينطقوا بالباطل، اتباعا لمفهومهم الخاطيء عن الإيجابية والتي تعني أنه لابد وأن يشاركوا في كل شيء حتى لو كان صدا عن سبيل الله ونصرة للباطل وما كلام القرضاوي وتنفيره عن طالبان- والدنيا كلها تحاصرهم - عنا ببعيد، ومع أنهم مسلمون ومع هذا فلم يستطع التعايش معهم، فماذا يريدون إذن من التعايش؟!
يريدون نشر ما يسمى بـ (التيار الإسلامي الوسطي الجديد) في العالم الإسلامي كله والمدعوم بـ (قوة) من (الحكومات) وهو تيار (الإسلام الأمريكي) الذي يروج للتعايش والسلام والحوار والتسامح وترك (كراهية الآخرين)، ونبذ الجهاد وأهله، مع التيمكين لهم في (القنوات) و (الصحافة) و (الإعلام) و (الفتاوى) و (المحاضرات) و (التعليم) و غيرها، والترويج لما يسمى بـ (المنهج الوسطي المعتدل)، في مقابل ضرب التيار السلفي المسمى بـ (الراديكالي) أو (الوهابي) والتضييق عليه في محاولة استئصاله، والله سبحانه مظهر دينه ولو كره الكافرون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/338)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[18 - 09 - 08, 10:23 م]ـ
وأذكر نفسي وإخواني بأن النصوص الشرعيةقد جاءت بوجوب رد التنازع إلى الكتاب والسنة، فما وافقهما قبلناه، وما عارضهما رددناه، ولو كان المنازع من العلماء الكبار، فإن أقوال الرجال يحتج لها ولا يحتج بها، وقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) والرد إلى الله: الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول: الرد إلى سنته، كما ذكر غير واحدٍ من المفسرين، وكما قال تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) وقال تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء)، وقال تعالى (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه)
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر):
" (في شيء) أي: من أمر دينكم، (فردوه إلى الله والرسول) أي: ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله، أو إلى رسوله بالسؤال في حياته، وبالبحث في سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، هذا قول مجاهد والأعمش وقتادة، وهو الصحيح، ومن لم ير هذا اختل إيمانه لقوله تعالى (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) ".
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" إن قوله (فإن تنازعتم في شيء): نكرة في سياق الشرط، فتعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين: دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع ".
فالرد عند التنازع يكون إلى (الكتاب) و (السنة)، وليس إلى (رأي) أو (استحسان) أو (مصلحة) أو (وجهة نظر).
ـ[أبوعبدالرحمن المكي التميمي]ــــــــ[19 - 09 - 08, 01:37 م]ـ
كم خُرِقَ من إجماع باسم الوسطية ...
وكم ضُرِبَ بنصوص الكتاب والسنة عرض الحائط باسم الوسطية ....
قبح الله هذه الوسطية .....
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[19 - 09 - 08, 04:44 م]ـ
كم خُرِقَ من إجماع باسم الوسطية ...
وكم ضُرِبَ بنصوص الكتاب والسنة عرض الحائط باسم الوسطية ....
قبح الله هذه الوسطية .....
أحسنتم
ـ[مؤيد السعدي]ــــــــ[19 - 09 - 08, 05:05 م]ـ
"نبني لهم كنائس حتى يسمحوا لنا ببناء مساجد! " هذه سفاهة
من قال أن الغرب يحب الكنائس!
والله إن الغرب يمقت الكنائس أكثر مما يمقتها الملسمون
انظر قصة حرب الغرب مع الكنيسة في أيام ظلامهم
هل تظنون أن المهندس الذي جاء من أمريكيا إلى قطر كان يصلي في الكنيسة في أمريكيا!!
ـ[حجر]ــــــــ[19 - 09 - 08, 06:59 م]ـ
سمعت مرة في لقاء مع أحد كبار المسؤولين برابطة العالم الإسلامي أنه قابل بابا الفاتيكان السابق ضمن وفد رسمي، فكان مما طرحه البابا على الوفد سؤاله عن سبب منع السعودية بناء الكنائس، في حين يسمح النصارى ببناء المساجد ببلادهم. فأجابوه بأن السعودية بلاد الحرمين والإسلام فلا محل بها للكنائس، كما أنه لا محل للمساجد بالفاتكان.
ومع حسن هذا الجواب السريع ومناسبته المقام فقد خطر ببالي سؤال فور سماعه: ما ذا لو قال لهم: فإن سمحنا بمسجد بالفاتكان هل ستسمحون بكنيسة؟ كيف سيجيبون حينئذ؟
ربما: (البقاء للأقوى)؟!
أو (العدالة في الشرع)؟! ويجب الرد إلى الكتاب والسنة؟!.
أو يقولوا له: أنتم لا تحبون الكنائس أصلا، بل تمقتونها أكثر منا.
أو: نحن لا ندين لكم بشيء.
أو يقال له: الجواب ما ترى لا ما تسمع.
أو أن هذا السؤال لا جواب منطقيا له عندنا، (كما أرى هنا إلى الآن).
أو أن يقال أصلا: إن في مقابلة هذا الوفد البابا نظرا؟ وما كان لهم أن يتنازلوا وينحطوا إلى الوفود عليه، وقد أعزهم الله بالإسلام وهو الكافر المشرك النجس ... ، والإسلام هو القوي دائما فعلام نعطي الدنية في ديننا؟
ومهما يكن من أمر، فعلى الإخوة بارك الله فيهم وهدانا جميعا إلى الصواب التفريق بين الكلام العلمي في المسألة، ومقارعة الحجة بالحجة، ونقض الشبهة بما يناسبها، ومراعاة حال المخاطب والسامع، والبناء على مسلمات الخصم لا ما لا يؤمن به، وبين الكلام العاطفي أو الخطابي الذي قد يكون حقا في ذاته لكنه في غير محل النزاع، ولا يجيب على السؤال ولا يكشف الشبهة ولا يحصل به الإفحام ولا يجري على أصول المناظرة العلمية.
ولا أدري كيف لا تتسع صدور بعضنا لبعض مع أن الإسلام يجمعنا، مع أن الله تعالى أدبنا مع غير أهل ملتنا بقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، فكيف بأهل ملتنا؟! وهل يتناسب مع هذا الأدب أن نقول: (قبح الله هذه الوسطية)؟! وكيف لو قال ذاك الوفد للبابا: قبح الله سؤالك هذا، أيكونون حينئذ متأدبين بأدب الآية الكريمة.
وهل من الضرورة أن يكتب كل من قرأ وطالع وتحمس ولو كان متعجلا أو فاقدا لآلة الحوار، أو مقلدا لمشايخه في الحكم على الآخرين، فليدع الكتابة إذن لهم ولغيرهم ممن يحسن النظر والاستدلال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/339)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 09 - 08, 09:26 م]ـ
ولا أدري كيف لا تتسع صدور بعضنا لبعض مع أن الإسلام يجمعنا، مع أن الله تعالى أدبنا مع غير أهل ملتنا بقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، فكيف بأهل ملتنا؟!
لعلك توجه سؤالك إلى أصحاب التعايش مع الكفرة الذين لا يستطيعون أن يتعايشوا مع إخوانهم علماء السنة ودعاة الحق ويتهمونهم بالتطرف والتعصب. فهم أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[19 - 09 - 08, 10:27 م]ـ
ومهما يكن من أمر، فعلى الإخوة بارك الله فيهم وهدانا جميعا إلى الصواب التفريق بين الكلام العلمي في المسألة، ومقارعة الحجة بالحجة، ونقض الشبهة بما يناسبها، ومراعاة حال المخاطب والسامع، والبناء على مسلمات الخصم لا ما لا يؤمن به، وبين الكلام العاطفي أو الخطابي الذي قد يكون حقا في ذاته لكنه في غير محل النزاع، ولا يجيب على السؤال ولا يكشف الشبهة ولا يحصل به الإفحام ولا يجري على أصول المناظرة العلمية.
.
نقول له لايجوز شرعا , ويقول , كيف نقنعهم؟!
يا أخي , هو لايلزمك بشيء , ولا يبطل لازمك!
إنما يسألك عن سبب., علة ,. فعلك , فلا يلزم أن نقنعه , , هو لم يقتنع بسبب إسلامنا , فكيف سيقتنع بأسباب الشرائع!
فلو نظرة أنت للمسألة بعلمية لوجدت ماوجد إخوتك , ولاتظن أن المخالف دائما عاقل يلتزم بالحجج , ويطالب بها!
.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 09 - 08, 12:05 ص]ـ
قول العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
(ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لا نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنوننا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول: هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق، والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم).
هو بلا شك عين الصواب والحق بالنسبة لسفهاء المسلمين، لكن هل يصلح جوابا للنصارى؟ لأنهم لا يسلمون أنهم على الباطل والكفر والشرك، بل يعتقدون فينا كما نعتقد فيهم، فكيف يكون جوابهم المفحم حينئذ؟ خصوصا حال ضعف المسلمين ولجوء الكثير منهم إلى بلاد النصارى وتمتعهم بعدالة قوانينهم التي تضمن حرية التدين وإنشاء دور العبادة لمختلف الطوائف.
هناك محورين للجواب:
الأول: هذا الدين كله لله والتشريع حق من حقوق الله لا يشرك به أحداً. ونحن دعاة فقط، ولا نملك حق التعديل بهذا الدين. ولسنا محاسبين إن اقتنع الناس به أم لا، فمهمتنا البلاغ فقط. لذلك يقول الله عز وجل لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها .... }. فنحن نذكر ما في ديننا بصدق، ثم إن شاء الناس أن يقتنعوا أو لا يقتنعوا فحسابهم على الله. وليس في إسلامنا ما نخجل منه، وما نضطر للدفاع عنه، وليس فيه ما نتدسس به للناس تدسساً، أو ما نتلعثم في الجهر به على حقيقته.
أما عن وهم البعض بأن هذا الأمر فيه مصلحة للإسلام، فالجواب: آنتم أعلم أم الله؟! والجواب من كتاب الله: والله يعلم وأنتم لا تعلمون. فالله أعرف منهم بالمصلحة. وهم ليسوا بها مكلفين، إنما هم مكلفون بأمر واحد: لا ينحرفوا عن المنهج ولا يحيدوا عن الطريق.
الثاني: هناك من الأمور لن يقتنع بها الكفار. فنحن نطالب بحرية الدعوة للإسلام والأخلاق في كل الأرض، وفي نفس الوقت نرفض بشدة السماح بالدعوة إلى الدعارة والكفر وعبادة الشيطان. ولا نقبل جعل المسألة من باب المكافأة. فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه. وسواء رضي النصارى بهذا أم لم يرضوا فهو سواء. بل أخبر الله عز وجل بأنهم لن يرضوا عن الإسلام الحق. فقال: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}. ولو كان سيدنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيننا، أتراه يقبل بهذه الأمور؟ لا ينازع مسلم في أنه لم يكن يرض بذلك. فاتبع سنته تسعد. {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[20 - 09 - 08, 01:58 ص]ـ
إخواني الكرام ..
هل يعني ذلك أن الإسلام دائما علاقته مع الآخرين علاقة حرب وصدام؟ أو بمعنى آخر: هل الإسلام يدعو إلى حرب ولا يدعو إلى سلام؟ أو بمعنى آخر: الإسلام هو دين حرب, ليس باستطاعنه أن يتعايش مع الآخرين في سلام وهدوء, دائما يقول: إما أن تكونوا معنا, أو لا تكونوا ولكن مع ذلة واحتقار.
أليس هذا هو منطق جورج بوش حين قال مقولته الشهيرة: إما أن تكونوا معنا, أو تكونوا ضدنا! فإن تنتقدوه على هذه المقولة, فمقولتكم من جنسها, لا أقل ولا أكثر, بل هي هي.
والله حَيَّرتموني ..
فقط أريد أن أنظر إلى الإسلام على أنه دين سلام, وقوته في حجته بحيث لا يخاف أن يعيش مع وجود الآخرين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/340)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:00 ص]ـ
مع أن الله تعالى أدبنا مع غير أهل ملتنا بقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، فكيف بأهل ملتنا؟! وهل يتناسب مع هذا الأدب أن نقول: (قبح الله هذه الوسطية)؟! وكيف لو قال ذاك الوفد للبابا: قبح الله سؤالك هذا، أيكونون حينئذ متأدبين بأدب الآية الكريمة.
وهل من الضرورة أن يكتب كل من قرأ وطالع وتحمس ولو كان متعجلا أو فاقدا لآلة الحوار، أو مقلدا لمشايخه في الحكم على الآخرين، فليدع الكتابة إذن لهم ولغيرهم ممن يحسن النظر والاستدلال.
أخي الكريم الوسطية التي قبحها بعض إخواننا فهي تحريف الدين وهي حقيقة بهذا اللقب، وإن كنت لا تدري فسل عما لا تعرفه وسنخبرك عنها بالوثائق والمراجع والتواريخ وكل ما قد يقال لتوثيق المعلومة وفهمها ... إلخ
وهذه الأفكار العفنة تمرر الآن لأنه نشأ جيل تربى على سماعها ولا يعلم تاريخ المنادين بها ممن كانوا قديما على الحق ثم زاغوا أو من المنحرفين الذين ركبوا موجة الفكر الإسلامي وهم ما بين صحافي أو محامي كأمين الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وسل نفسك بأي حق يكون مثل هذا متحدثا رسميا في هيئة كهذه ألا يدل ذلك على ما ننكره من المقصود بالوسطية؟!!
ثم استدلالك واستدلال الكثيرين بهذه الآية على معاني خاطئة تستلزم تحريف الدين وكتمان الحق فخطأ محض وسأذكر كلاما مختصرا عن هذه الآية لضيق المقام، وأدعوك أن تعمل بما أمرت به من تخالفهم وأقول لك:"وهل من الضرورة أن يكتب كل من قرأ وطالع وتحمس ولو كان متعجلا أو فاقدا لآلة الحوار، أو مقلدا لمشايخه في الحكم على الآخرين، فليدع الكتابة إذن لهم ولغيرهم ممن يحسن النظر والاستدلال" اهـ كلامك.
ونقول: اللين والموعظة الحسنة لا يعني تغيير الشريعة بما يوافق هوى المدعو كافرا كان أو غير كافر
فقوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
وتفسير هذه الآية ونحوها من الآيات إنما يعلم بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة، فهو الذي أنزلت إليه، وهو أحرص الناس على طاعة ربه، وأحرصهم على هداية الخلق، وهو الذي أمر المسلمون بالإقتداء به ولا يؤخذ ممن اغمس في مصادقة النصارى والروافض وكافة أهل البدع وحشرهم معه في مجلس يسمى زورا الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيه كل موقذة ومتردية ونطيحة وإخواننا لا شيء عندهم في الجدال إلا عموامات ينزلونها على من ليس أهلا لها ويتهمون غيرهم بعدم فقه الواقع أو معرفة الحكمة والمصلحة، حتى اختزلت أدلة الشرع في معرفة المقاصد والمصالح والمفاسد وألغيت الأدلة الخاصة الواردة في الأشياء المتنازع فيها حتى أصبحنا نسمع من يفتي في كل شيء بأن هذا جائز لموافقته لروح الشريعة، وهذا فيه مصلحة، وهذا وذاك ولا ندي أين كتاب الله وسنة نبيه ومصطفاه وإجماع الأمة من هذا كله، والمقصود أن من يتكلم ويورد آيات ويفسرها بمعاني لا تتفق مع ما فسرها به القرآن في مواطن كثيرة أخرى وما فسرها به نبينا صلى الله عليه وسلم في أحاديثه القولية وسيرته العملية، كل هذا باب من أبواب تحريف الدين، ولنرجع للمقصود من الآية المذكورة وكلام الأئمة عليها لعل معناها يتضح عند بعض الأخوة الذين لا يعرفون عن علاقة المسلم بالكفار من النصارى إلا هذه الآية حتى رفض القرضاوي في بعض لقاءاته في الجزية تسميتهم بالكفار وقال: إنهم مؤمنون بالله!!!.
يقول ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسيره: 7/ 663:
"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (ادع) يا محمد من أرسلك إليه ربك بالدعاء إلى طاعته، (إلى سبيل ربك) يقول: إلى شريعة ربك التي شرعها لخلقه، وهو الإسلام، (بالحكمة) يقول: بوحي الله الذي يوحيه إليك وكتابه الذي ينزله عليك، (والموعظة الحسنة) يقول: وبالعبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه، وذكرهم بها في تنزيله، كالتي عدّد عليهم في هذه السورة من حججه، وذكرهم فيها ما ذكرهم من آلائه، (وجادلهم بالتي هي أحسن) يقول: وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها أن تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/341)
وليس معنى الدعوة بالحسنى أن تحُرّف الشريعة أو تُغيّر على ما يوافق هوى المدعو، فإن هذا من الكذب على الله تعالى، بل المراد من ذلك تبليغ شريعة الله سبحانه كما جاءت وعرضها بالحكمة والرفق، على درجات تبدأ بالحكمة وتنتهي بالسيف كما ذكرها أهل العلم، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى أندية المشركين ومجامعهم ويدعوهم إلى الإسلام كما شرع، ويعرضه كما نزل، ولا يغير شريعة الله، ولا بعضها، ولا يحرف شيئاً مما نزل إليه من أجل إرضاء أحد ممن يدعوهم، بل هو مبلغ عن ربه، يؤدي ما أمره الله تعالى به، كما قال تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، وكما في قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر).
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الفتاوى: 5/ 155:
"ومما جاء به الرسول أمر الله له بالبلاغ المبين كما قال تعالى (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)، وقال تعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)، وقال تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)، ومعلوم أنه قد بلغ الرسالة كما أمر، ولم يكتم منها شيئاً، فإن كتمان ما أنزله الله إليه يناقض موجب الرسالة، كما أن الكذب يناقض موجب الرسالة، ومن المعلوم من دين المسلمين أنه معصوم من الكتمان لشيء من الرسالة، كما أنه معصوم من الكذب فيها، والأمة تشهد له بأنه بلغ الرسالة كما أمره الله وبين ما أنزل إليه من ربه".
بل قد قال الله سبحانه عن نبيه صلى الله عليه وسلم (ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين):
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى على هذه الآية في "الاستغاثة 2/ 464":
" ليبين سبحانه أنه ينتقم ممن يكذب في الرسالة كائناً من كان وأنه لو قُدّر أنه غير الرسالة لانتقم منه".
وكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ عن ربه، فإن المسلم مأمور بالتبليغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً كما قال صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو آية)، وقال (رحم الله من سمع مني حديثا فأداه كما سمعه).
ومن الدعوة باللين ما جاء في قوله تعالى عن موسى وهارون لما أرسلهما إلى فرعون (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)، وهذا القول اللين هو دعوتهما لفرعون إلى التوحيد وترك الكفر؛ باللين والرفق، وليس معناه قول بعض ما يهوى فرعون!!، وقد قص الله سبحانه دعوة موسى لفرعون ومجادلته إياه في القرآن في مواضع كثيرة، وبالنظر إليها نعرف المقصود من (اللين) المطلوب في الدعوة؛ فانظر مثلاً إلى الآيات التي في سورة طه – بعد أمر الله سبحانه لهم بأن يقولا له قولاً ليناً –:
قال تعالى (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى، إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى، قال من ربكما يا موسى، قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، قال فما بال القرون الأولى) الآيات.
فلم يكن ثمّ تنازل أو إرضاء لفرعون في دعوته بـ (اللين)، بل هي دعوة إلى التوحيد، وتحذير من الشرك، وبيان ما أعده الله سبحانه للمشركين من عذاب، كما أوحى الله إليهم، بلا تغيير أو تبديل.
ونسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والسعيد من وعظ بغيره.
ـ[عبد الغفور ميمون]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:10 ص]ـ
وأما قولكم
(وأخد الرأي الذي أرى أنه هو المناسب لإسلام هذا الزمان نصا ورأيا, عقلا ونقلا.)
فهل أنتم من أهل الإجتهاد
وكيف تعرفون موافقته للنقل والعقل
وأي عقل
عقلي أو عقلكم أو عقل صديقنا أو صاحبنا أو عدونا
وهذا القول يقولوه الكثير من الناس ويرون ما وافق العقل = عقولهم
فمثلا في هذه المسألة عقلي قد يختلف عن عقلك
فالعقل عندك قد يرى أن الموافق للصواب هو ما أفتى به الشيخ القرضاوي
وأنا أرى أن ما أفتى به القرضاوي مخالف للعقل
بل أجزم بذلك لأن ما خالف النص والإجماع فلا شك أنه مخالف للعقل
ثم العجب أن يكون دائما الرأي الذي يوافق (إسلام هذا الزمان) = رأي القرضاوي
أليس هذا من التعصب؟
بلى هو من التعصب الشديد
تنبيه
قولي
(وكانت هناك حروب بين الدولة العثمانية والروم)
في أواخر عهد ابن تيمية - رحمه الله -
أخي العزيز ابن وهب ..
حين قلت: "رأيا" فإنما أعنى رأيي أنا, وإن قلت "نصا" فإنما أعني النص بحسب فهمي أنا .. وقد تتفق معي في ذلك وقد لا تتفق, وهو أمر عادي, مند سلفنا, فهم اختلفوا في فهم النصوص. ففي كثير من المسائل رجح مرجح بالدليل العقلي والنقلي؟ فإن قلتَ: عقل من؟ فببساطة شديدة: عقل المرجِّح بجسب اجتهاده, وقد وافق الآخرون أو خالفوه ..
وعندما أفتى الشيخ القرضاوي بجوز بناء الكنيسة, فذلك هو ما أدى إليه اجتهاده هو على حسب المصلحة التي رآها للمسلمين, وافقناه أم خالفناه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/342)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:15 ص]ـ
أخي الكريم
أولا لم تعتذر عن الوصف السابق
ثانيا لم تجب عن الإلزامات التي ألزمانك بها حول بناء معابد للهندوس والبوذيين
أم العلاقات فقط مع النصارى
طيب لو بنينا معبد لليهود ليش لا يهود ليسوا بصهاينة من محبي السلام ايش رأيك
الدين دين الله
وهو أحكم الحاكمين
سبحان الله
وكأننا نستدرك على الشريعة
وكأن الله أحكم الحاكمين ما أكمل الدين؟
لا نبي بعد نبي الرحمة والهدى صلوات وربي وسلامه عليه
لا يحق لأحد أن يستدرك على شرع الله
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)
سبحان الله
من أعلم أنتم أم الخالق سبحانه وتعالى
من أرحم الرحمة المهداة صلى الله عليه وآله وسلم أم أنتم
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)
سلموا لحكم الله
والله إنا لنجد الحكمة والرحمة في شرع الله
نراه ظاهرا بيانا
المصلحة الملغاة هي التي نهى عنها الشارع
الشارع
(لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)
ويقال بعد هذا لا ,يجوز بناء الكنائس للنصارى
طيب لماذا الكنائس فحسب لماذا لا تنبى كنائس اليهود ومعابد البوذيين والهندوس
سبحان الله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث بالتوحيد
وهولاء يقولون نأتي بالشرك نحن أقوى
أي قوة عندكم أنتم ضعفتم أمام النصارى في مسألة يسيرة
وكلما ألقى إليكم النصارى شبهة تبرأتم من أحكام دينكم
نسأل الله السلامة
لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يستدرك على الشرع
ولا يحق للقرضاوي ولا غيره أن يخالف الإجماع فإذا كان القرضاوي أخطأ فلنقل له أخطأ لا أن ندافع عن الخطأ الذي وقع فيه
ولا اجتهاد مع النص ولا اجتهاد مع الإجماع
أنتم بموقفكم هذا تخالفون القواعد والأصول
أنتم تقولون ما يخالف العقل
تزعمون أن السماح ببناء الكنائس في قلب ديار المسلمين يزيد من قوة المسلمين في الغرب والشرق
تخيل لو وجدت رجل تنصر في دار جرموز بن الفجاءة
من ألوم
والله إني ألوم من أفتى ببناء الكنائس ومن أفتى بجواز المشاركة في المناقصة وبجواز العمل على بناء دار للشرك في ديار المسلمين
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:21 ص]ـ
إخواني الكرام ..
هل يعني ذلك أن الإسلام دائما علاقته مع الآخرين علاقة حرب وصدام؟ أو بمعنى آخر: هل الإسلام يدعو إلى حرب ولا يدعو إلى سلام؟ أو بمعنى آخر: الإسلام هو دين حرب, ليس باستطاعنه أن يتعايش مع الآخرين في سلام وهدوء, دائما يقول: إما أن تكونوا معنا, أو لا تكونوا ولكن مع ذلة واحتقار.
أليس هذا هو منطق جورج بوش حين قال مقولته الشهيرة: إما أن تكونوا معنا, أو تكونوا ضدنا! فإن تنتقدوه على هذه المقولة, فمقولتكم من جنسها, لا أقل ولا أكثر, بل هي هي.
والله حَيَّرتموني ..
فقط أريد أن أنظر إلى الإسلام على أنه دين سلام, وقوته في حجته بحيث لا يخاف أن يعيش مع وجود الآخرين.
أخي الكريم اقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من أول يوم نزل عليه الوحي حين أخبره ورقة بن نوفل بأن سيخرجه قومه وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم:"أو مخرجي هم" ماذا قال له؟!
قال:" لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي" والحديث في الصحيحين.
فأين التعايش ولماذا تستغرب؟!
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم متطرفا لذلك عاداه قومه وأخرجوه؟! حاشاه
وهل كان لا يعرف كيف يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة ولهذا لم يقبلوا منه وطاردوه؟! حاشاه
وهل وهل ... الجواب كلا: ولكن الغفلة عن سنن الله والتدبر في آياته هي ما يجعلنا نتحير، فالصراع بين الحق والباطل واجب شرعاً دائم قدراً ولن يستطيع أحد تغيير هذه السنة الشرعية والقدرية،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/343)
فالله سبحانه أوجب جهاد الكفار في آيات كثيرة، فقال تعالى (وقاتلوا المشركين كافَّة كما يُقاتلُونكم كافَّة)، وقال تعالى: (فقاتلوا أئمةَ الكفرِ إنهم لا أيمانَ لهم لعلَّهم ينتهون)، وقال تعالى (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)، وقال تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)، وقال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قُوَّةٍ ومن رِباطِ الخيلِ تُرهِبون به عدُوَّ الله وعدوكم ... الآية)، وقال تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، وغيرها من الآيات.
وورد بهذا أحاديث كثيرة متواترة منها: ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من مات ولم يَغْزُ، ولم ُيحَدِّث نفسه بالغزو، مات على شُعبة من النفاق)، وما رواه أحمد وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالِكم، وأنفسِكم، وألْسِنتِكم)، وما في المسند وسنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً (بُعِثْتُ بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي)، وغيرها من الأحاديث.
وعلى ذلك مضت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة من بعدهم.
وكما أوجب الله سبحانه هذا الجهاد شرعاً، فقد كتب بقاءه قدراً:
حيث جاءت نصوص تدل على بقاء الجهاد في الناس إلى آخر الزمان، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عروة البارقي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم ".
قال القرطبي رحمه الله: " فلما فتح الله مكة كان القتال لمن يلي ممن كان يؤذي حتى تعم الدعوة وتبلغ الكلمة جميع الآفاق ولا يبقى أحد من الكفرة وذلك باق متماد إلى يوم القيامة ممتد إلى غايةٍ هي قوله عليه السلام: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم)، وقيل: غايته نزول عيسى بن مريم عليه السلام " تفسير القرطبي: 2/ 350.
.
وقال ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث:
" وفيه أيضاً بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين - وهم المسلمون - وهو مثل الحديث الآخر: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق) الحديث "اهـ فتح الباري: 6/ 56.
وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم في الصحاح وغيرها أنه قال " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة" ووردت روايات صحيحة تصف هذه الطائفة بالقتال في سبيله.
قال النووي رحمه الله:
" وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة فان هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث ".شرح مسلم: 13/ 67
بالإضافة إلى الآيات التي تدل على أن المدافعة سنة كونية، كقوله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، وغيرها، وكثير من الكفار يؤمن بحتمية هذا الصراع وأقوالهم في هذا كثيرة لو شئت أطلعتك عليها.
ويقول محمد محمد حسين رحمه الله (الإسلام والحضارة الغربية) ص 61 بعد ذكر تيارات (النصارى والعلمانيين والعصرانيين): "كانت هذه التيارات الثلاثة متعاونة في السيطرة على المجتمع، وفي مصارعة الاتجاه الإسلامي المحافظ، الذي كان يتخلى يوماً بعد يوم عن مكانه وعن وظيفته، وليس الخطر الذي يهدد المجتمع الإسلامي ناشئاً عن هذا الصراع، فالصراع بين الأصيل والدخيل سنة من سنن الله العليم الحكيم، يضرب فيها الحق والباطل، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، ليس هذا الصراع إذن مصدر خطر:
بل إنه – في تقديري – يدعو إلى التفاؤل والاطمئنان، ولكن مصدر الخطر وعلامته هو أن يزول هذا الصراع، وأن يفقد الناس الإحساس بالفرق بين ما هو (إسلامي) وما هو (غربي)، إن فقدان هذا الإحساس هو النذير بالخطر، لأنه يعني فقدان الإحساس بالذات، فالجماعات البشرية إنما تدرك ذاتها من طريقين معاً:
1 - من طريق وحدتها التي تكوّنها المفاهيم والتقاليد المشتركة. [قلت: وهو موالاة المؤمنين].
2 - ومن طريق مخالفتها للآخرين التي تنشأ عن المغايرة والمفارقات. [قلت: وهو البراء من الكافرين]
ولذلك كان الخطر الذي يتهدد هذه الوحدة يأتيها من طريقين:
1 - الشعوبية: التي تفتتها. [قلت: ومثل ذلك: القومية، والوطنية]
2 - والعالمية: التي تميعها. [قلت: ومثل ذلك: السلام العالمي، والتعايش، حوار الحضارات]
فزوال الإحساس بالمغايرة والمفارقة هو هدم لأحد الركنين اللذين تقوم عليهما الشخصية، وهذا ما لا نريد أن يكون، نريد أن يظل هذا التمييز بين ما هو إسلامي، وبين ما هو طاريء مستجلب – شرقياً كان أو غربياً – حياً في نفوس الأجيال الصاعدة والتالية.
وهي أمانة تلقاها جيلنا عمن قبله، ولا بد أن يحملها إلى من يجيء بعده، والله سبحانه هو المستعان ".
فحتى لا تتحير أخانا الحبيب ارجع للعلماء الصادقين واعل بإسنادك إلى الأئمة وراجع كتب أهل العلم الذين يبينون الدين ولا يطوعونه لأهواء الذين لا يعلمون تحت شعارات شتى والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/344)
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:25 ص]ـ
وهذا نقل واحد فقط لتعرف أنك حتى لو أردت التعايش فلن يكون إلا بترك عقائد الإسلام وتحريفه، وإلا فهم يدرسون الإسلام ويعرفون عنه ما يجهله كثير من مفكرينا الأشاوس، هذا نقل عن (بول وولفويتز) حين كان نائب وزير الدفاع الأمريكي يوم الأربعاء 24/ 3 / 1423 أمام مؤتمر أكاديمي - كما ذكرته صحيفة واشنطن تايمز يوم الخميس 25/ 3، نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام – فقد صرح بأن: معركتهم ليست مع القاعدة فحسب، بل هي مع الفكر السلفي (الوهابي) المنتشر في العالم الإسلامي!، وكان مما قاله: إن هدف الإرهابيين الإسلاميين هو جر العالم الإسلامي إلى العودة إلى أفكار القرون الوسطي؛ حيث اضطهاد النساء – كما يزعم وولفويتز- والترويج للتعصب والتطرف الديني؛ وتلقين الأطفال الكراهية".
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[20 - 09 - 08, 07:09 ص]ـ
كم خُرِقَ من إجماع باسم الوسطية ...
وكم ضُرِبَ بنصوص الكتاب والسنة عرض الحائط باسم الوسطية ....
قبح الله هذه الوسطية .....
ياليت توقف عند هذا عفا الله عنه ..
ـ[مؤيد السعدي]ــــــــ[20 - 09 - 08, 04:55 م]ـ
هل يعني ذلك أن الإسلام دائما علاقته مع الآخرين علاقة حرب وصدام؟
بالعكس تماما
لكن أين هذا الآخر. هذا الآخر ليس النصراني الكاثوليكي ولا رجل الدين من أي دين كان لأن الغرب خرج من حضن الكنيسة من قرون. يكفينا أحلاما ولننظر إلى الأمور كما هي
أنا في حديثي مع الغربيين على الإنترنت لم أجد واحد حتى الآن متديّن أو زار كنيسة في حياته!
كما يجب أن ننتبه أن الحق دائما في صراع مع الباطل هم يعلمون أن دينهم الذي كانوا يدينون به باطل لكنهم ملاحدة علمانيون يعادون الدين كل الدين ولا يهتمون للكنائس
ما يريدون الوصول إليه
1. إذا قلنا لا نقبل بها لأنها باطل قالوا لا حرية أديان أنتم أجبرتم الناس بالسيف على أن يسلموا
2. إذا قلنا نسمح بالكنائس قالوا إذا كان دينكم حق فما سواه بطال والحق لا يرضى بالباطل وأنتم رضيتم بالباطل فدينكم ليس حق
والرد
1. أهل الذمة في البلاد التي كانت نصرانية وأصبحت مسلمة لم يلزموا على الإسلام ولكن أعطوا الخيار إما الإسلام أو البقاء على دينهم مع الولاء للإسلام ولدولته ودفع الجزية لها
2. سمح لأهل الذمة بالبقاء على دينهم بموجب عقد الذمة وهو يعطيهم الأمن دون الاعتراف بأن دينهم حق
هذه الكنائس الجديدة التي يبنونها عندنا هنا وهناك هي معدة فقط للفتنة للإيحاء بما يلي
"الآن سمح المسلمون ببناء الكنائس، أي أنهم كانوا ل 1400 عاما مضت يرهبون النصارى في بلادهم ويمنعونهم من العبادة" وهذا سخف
يعني هناك من لا عمل له سوى اختراع شبه وتلبيسها للإسلام (بالطبع لا أقصد القرضاوي حفظه الله)
أذكر قصة جرائم الشرف التي هبت هبة واحدة في وسائل إعلام بنو جلدتنا الذين مازادونا إلا خبالا وأصبحت كلها تنفخ في الموضوع و ..... والوسطية ........ وحقوق المرأة ........ والمجتمع الشرقي .............. والتعصب و .......... وقصص عن فتيات قتلن ثم تبين أنهن عذارى و ...... ومسلسلات كلها نساء يضربهن شيوخ و ...........
المهم بعد فترة ظهرت الحقيقة في خبر عابر على صفحات الجرائد أن الناشر الأسترالي للقصة التي أثارت الموضوع ألغى العقد مع الكاتبة النصرانية الأردنية-الأسترالية التي كتبت القصة التي أشعلت الموضوع لأنه تبين له كذبها حيث أنها أخبرته أن القصص (عن زميلتها المسلمة التي أرادت أن تتزوج نصرانيا أو عن تلك التي قتلت في ما عرف بجريمة شرف) التي قيل أنها حقيقية وهو قد نشرها على أنها قصص حقيقية لكن تبين له أن الكتابة خرجت من الأردن وعمرها 3 سنوات ولم تعد له (يعني لا يوجد زملية ولا جامعة ولا .... كله خرط) فالناشر الأسترالي توقف لكن وسائل الإعلام من بني جلدتنا لا زالوا ينفخون وظلوا ينفخون وتم تعديل القوانين لإلغاء التسامح مع مجرمي الشرف على حد تعبيرهم وتم تخصيص أجهزة أمنية لحماية الأسرة و ..... و ....(49/345)
من عجائب خصوم ابن تيمية
ـ[ابو حفص الجزائري]ــــــــ[22 - 05 - 08, 07:24 م]ـ
قرأت كلاما عن أعجب ردود خصوم ابن تيمية كيف ردوا عليه بكلامه فأردت أن أنقله لإخواني [ومما يعجب له في هذا الباب أن أحد العلماء - المعاصرين لابن تيمية- رد على ابن تيمية في مسألة العلو- أو الجهة كما يسميها- في كتاب ذكره السبكي بتمامه في طبقاته، فكان مما قاله هذا العالم: " ولو تنازل واكتفى بما نقل عن إمامه الإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- حيث قال: " لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، لا نتجاوز القرآن والحديث، (ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق، ليس فيه لغو ولا أحاج، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه وهو مع ذلك ليس كمثله شيء في نفسه المقدسة، المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة وأفعال حقيقة فكذلك له صفات حقيقة وهو ليس كمثله شىء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله عز وجل منزه عنه حقيقة، فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ممتنع عليه الحدوث لامتناع العدم عليه، واستلزام الحدوث سابقة العدم وافتقار المحدث إلى محدث ووجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى) [يقول ابن جهبل بعد هذا مباشرة:، هذا نص إمامه فهلا اكتفى به، ولقد أتى إمامه في هذا المكان بجوامع الكلم، وساق أدلة المتكلمين على ما يدعيه هذا المارق بأحسن رد وأوضح بيان ".
يقول الشيخ أحمد ابن إبراهيم بن عيسى النجدي في رده على هذا الكتاب لما نقل النص السابق: " أقول: لله در هذا الحلبي ما أمد باعه وأشد جمعه للعلوم واطلاعه، حيث أدرج كلام الإمام أحمد بن تيمية مع كلام الإمام أحمد من غير تمييز، وكلام الامام أحمد انتهى إلى قوله " لا نتجاوز القرآن والحديث فظن الحلبي بجهله أن الجميع كلام الامام أحمد، فأخذ يحتج به على ابن تيميةوهو نفس كلامه ...
ونظير هذا أن بعض معاصري شيخ الإسلام ممن رد عليه في مسألة الاستغاثة صار يرد على الشيخ من كتابه " الصارم المسلول على منتقص الرسول "، فانظر إلى هذه السذاجة يرد عليه من كتابه ".
يقول ابن تيمية- في المسألة الثانية قضية البكري- بعد أن نقل كلامه في حرص السلف على حمايته- (- من السب أو التنقص: " هذا كله منقول من كلام المجيب من كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول، لكنه أزال بهجته وحذف من محاسنه ما ييين حقيقته، فالمجيب هو المنافح عن الله ورسوله، وهذا كلام المتشبع بما لم يعط، ومن تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبى زور." [منقول من كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة [1/ 226,225,224
فانظر ماذا يفعل الهوى بأهله
ـ[الأرزيوي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 10:48 م]ـ
وكيف لا تعجب بمثل هؤلاء!! وقد قيل قديما: ((من العجب أن تتعجب من العجب))!!!
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 02:05 ص]ـ
أخي الحبيب جزاك الله خيراً وحفظك الله تعالى لحرصك ودفاعك عن أحد أعلام أهل السنة والجماعة وهؤلاء أخي الحبيب حينما يرون واحداً رد على الإمام ابن تيميّة يكثرون من تلميعه ويضخمون إمامته و ... وبعضهم كتبه وفتاواه إنما كانت لوظيفته!!!
ومن ألطف ما قرأت كلاماً للشيخ محمد أبي زهرة في كتابه الماتع: ابت تيميّة: حياته وعصره، آراؤه وفقهه:
أن خصمه القاضي ابن مخلوف المالكي لم يذكر في التاريخ إلا بمخالفته لابن تيميّة!
وهكذا هم في كل زمان ومكان وسيظل ابن تيمية إماماً مدافعاً عن الشريعة وداعياً إليها وسيظل هؤلاء مجهولون آخر ما يريدون الوصول إليه ابن تيمية خطأ وشيوخهم صواب أما شريعة ودين ومن نصر الأمة وحارب وجاهد ووو فلا
ولو سألوا أنفسهم ماذا كان دور شوخهم المعاصرين لابن تيمية؟ وأين كانوا وقت الجهاد؟ وماذا تركوا للأمة؟
ـ[أبو عبد الله عادل السلفي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 07:14 ص]ـ
الحمد لله:
و كما قال أخونا محمد عبد الكريم أن خصوم الأئمة الكبار لا صيت لهم و لا بركة في كلامهم و لانعرفهم إلا بردودهم الواهية على العلماء الكبار. كالسقاف الذي لا يكاد يذكر إلا إذا ذكر الأمام الألباني رحمه الله تعالى.
ـ[السيد زكي]ــــــــ[30 - 05 - 08, 02:35 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه اللطف التي توضح بجلاء نصر الله عز وجل لاوليائه.
وهكذا فالدنيا حتى تنتهي صور نصر الله لاوليائه ستظل نبراسا يعلم الكون اجمع ان الله مولى الذين ءامنوا ومولى المتقين.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[16 - 06 - 08, 04:58 م]ـ
قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه الماتع:ابن تيميَّة: حياته وعصره،آراؤه وفقهه ص 57 تحت عنوان: المحنة الأولى متحدثاً عما فعله القاضي المالكي ابنُ مخلوف في الإمام ابن تيميَّة قبل أن يرجع عن افترائه عليه " ... وهو زجَّ ذلك العالِم الجليل الذي جعل لذلك القاضي المالكي ذكراً في الوجود؛ لأنه ذُكِرَ معه مخالفاً معادياً" أهـ(49/346)
من يفيدني مأجورًا ...
ـ[عمر السلمي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 07:46 م]ـ
أيها الأخوة:
لقد أشكل علي كثيرًا باب الصفات وفهم الصواب فيه. وذلك في
- أن تأويل هذه الصفات لم يعلم عن السلف وأنه مبتدع وهو طريق ضلال.
- أن التفويض ممنوع أيضًا في الصفات. كما قال شيخ الاسلام أنه شر من التأويل.
إذًا أين الحق في طريق فهم الصفات إذا كان التأويل ممنوع والتفويض كذلك , فما الموقف الصحيح من باب الصفات.
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 09:06 م]ـ
حياك الله يا عمر
الطريق - بحمد الله - سهل و واضح
و هو أن الحق فهم الصفة كما فهمه السلف - رضوان الله عليهم - و بيانه في قول إمام دار الهجرة:
الاستواء معلوم (و كذا كل صفة)، و الكيف مجهول، الإيمان به واجب، و السؤال عنه بدعة.
تفهم الصفة كما فهمها النبي - صلى الله عليه و سلم - و أصحابه و التابعون - رضوان الله عليهم - من دون تأويل
لماذا؟
لأن التأويل صرف للنص عن ظاهره،- و الأصل التعامل مع ظوهر النصوص -، و هو مذموم، سمّاه الأئمة طاغوتاً
بخلاف ما يقوله الباطنية من أن للنص ظاهراً و باطناً فهم قالوا هذا من أجل أن يحفوا النصوص بحسب أهوائهم، و ما يمليه الشطان عليهم.
التفويض: إما أن يراد به
1 / تفويض المعنى
2 / أو تفويض الكيفية
فتويض المعنى سبيل المبتدعة
و تفويض الكيفية سبيل أهل السنة
أهل السنة كما قال اإمام مالك - رحمه الله - عن صفة الاستواء " الاستواء معلوم " أي معناه
و الكيف مجهول
أرجو أن أكون أجبت عن السؤال، و إن كانت إجابة (ملخبطةً) فالمعذرة
و ننتظر مشاركات المشايخ و الإخوان
وفقك الله
ـ[أنس بن محمد]ــــــــ[22 - 05 - 08, 09:18 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي عمر السلمي
اعلم رحمك الله أن التفويض نوعان تفويض كيف و تفويض معنى، أما الأول فلازم على كل مسلم و معلوم قول الإمام مالك الاستواء غير مجهول و الكيف غير معقول، فأهل السنة والجماعة يفوضون الكيف و لا يفوضون المعنى. مثلا قوله تعالى (الرحمان على العرش استوى) نثبت الاستواء و نفوض الكيف.
أما التأويل أخي الحبيب فيأتي بمعنى التفسير و يأتي بمعنى المآل (يوم ياتي تاويله) و يأتي بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره فإن كان عن دليل فهو محمود، و إن كان عن دليل ينقدح في ذهن المجتهد و هو فاسد فهو مذموم، و يكون التأويل عن غير دليل فهذا يسمى لعبا.
الخلاصة أخي الكريم نثبت لله ما أثبته لنفسه فلا يصف الله أعلم بالله من الله، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه و ننزهه عن خلقه و لا نقيسه بخلقه، هذا بإيجاز و إلا فالأمر أوسع من أن يحاط به في هذه الكلمات و أنصحك بمطالعة العقيدة الواسطية بشرح العثيمين رحمه الله تعالى أو غيره من أكابر العلماء.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:30 م]ـ
أخي الحبيب موقف أهل السنة والجماعة والحمد لله رب العالمين وسط بين سائر فرق الأمة ويتلخص موقفهم في عبارتين اثنتين لا ثالث لهما:
الأولى: إقرار وإمرار.
الثانية: إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل.
وهذان الموقفان مرجعهما ما جاء في كتاب الله تعالى وما صح في سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فنؤمن بكل ما جاء في كتاب الله تعالى على مراد الله تعالى وبكل ما جاء في سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على مراد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل
ـ[عمر السلمي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 11:18 م]ـ
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم ويسر لكم العلم النافع والعمل الصالح.
((لايسمح بطرح شبهة المبتدعة بحجة المدارسة!!)) المشرف.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[26 - 05 - 08, 07:14 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أجمعين
وبالنسبة للأخ المشرف الكريم لو وضعتم هذا العنوان في بداية كل قسم يكون أفضل وجزاكم الله خيراً:
((لايسمح بطرح شبهة المبتدعة بحجة المدارسة!!)) المشرف.
ـ[أبو علي المصراوي]ــــــــ[27 - 05 - 08, 07:20 ص]ـ
أخى الكريم وفقك الله لما يحبه و يرضاه أنصحك أخى العزيز أن تتعلم أولا ثم تسأل عما أشكل عليك وأنصحك أخى بكتب المعاصرين من أهل السنة لتقريب المعلومات و سهولة عرضها وبخاصة مؤلفات العلامة العثيمين رحمه الله تعالى ولو ذكرت لإخوانك مرحلتك فى الطلب لاستطعوا أن يفيدوك بأكثر من ذلك إن شاء الله
ـ[السيد زكي]ــــــــ[30 - 05 - 08, 04:21 ص]ـ
وفق الله الجميع لطريق اهل السنة(49/347)
أريد أقوال العلماء في مسألة "كل عبد يبعث على ما مات عليه ".
ـ[سارة العواد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 12:03 ص]ـ
أريد أقوال العلماء في مسألة "كل عبد يبعث على ما مات عليه ".
وتعليقاتهم على تلك القضية.
جزا كل من أفاد الفردوس الأعلى وفتح عليه الرزق من حيث لا يدري ..
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[23 - 05 - 08, 01:55 ص]ـ
- قال صلى الله عليه وسلم عن الشهيد {كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذَا طُعِنَتْ تَنْفَجِرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ قَالَ أَبِي يَعْنِي الْعَرْفَ الرِّيحَ}
- قال صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته: {اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا}
- قال ابن القيم رحمه الله: الرجل يموت على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه(49/348)
حوض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[23 - 05 - 08, 02:47 ص]ـ
إخواني الأجلة هذا بحث من الأبحاث التي ألقاها الشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان تعليقاً على العقيدة الطحاوية:
نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يرزقنا شربة هنيئة مريئة من يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نتوسل إليك بحبك لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم كما نتوسل إليك بحبنا لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أن ترزقنا ذلك
المبحث الثاني:
مبحث الحَوض:
معناه في اللغة: مجمع الماء، بمعنى البركة كما هو معروف لدينا في هذه الأيام فنقول: بركة، مسبح، حوض وجمعه حياض وأحواض.
والمراد من الحوض:
الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
وهذا الحوض قد تواترت به الأحاديث، فأحصى الحافظ ابن حجر الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (56) صحابياً، ثم قال: بلغني أن بعض المعاصرين جمع الصحابة الذين رووا أحاديث الحوض فبلغوا (80) صحابياً.
فهذا إذن متواتر.
قال الإمام الداوودي عليه رحمة الله:
مما تواتر حديث من كذب ? ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ? ومسح خفين وهذي بعض
أي هذه بعض الأحاديث المتواترة وهي أكثر من ذلك بكثير.
(من كذب) حديث [من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار]، روي عن جملة كبيرة من الصحابة منهم العشرة المبشرون بالجنة.
(ومن بنى لله بيتاً واحتسب):
حديث [من بنى لله بيتاً واحتسب فله بيت في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ولو كمَفْحَص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة].
وحديث [من بنى لله بيتاً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة]. فهذا متواتر عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
(ورؤية) أي أحاديث الرؤية، أي رؤية المؤمنين لربهم في جنات النعيم.
(شفاعة) أي أحاديث الشفاعة، ويأتينا مبحث الشفاعة إن شاء الله بعد الحوض.
(الحوض) فأحاديث الحوض متواترة.
(ومسح الخفين) رويت أحاديث المسح على الخفين عن العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم.
وسنتكلم عن الحوض ضمن خمسة أمور متتالية ننهي بها الكلام على الحوض إن شاء الله تعالى.
الأمر الأول: وصف الحوض لا يستطيع عقل بشري أن ينعت الحوض أو يصفه، لأنه يتعلق به غيب، فالطريق لمعرفة صفة الحوض المنقول لا المعقول والرواية لا الرأي، فلا طريق لوصف الحوض إلا عما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام – من قرآن أو أحاديث – الذي لا ينطق عن الهوى فلنذكر بعض الأحاديث التي تعطينا وصفاً لهذا الحوض، إيماناً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن الذي لا ينطق عن الهوى. ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه (جمع كوز وهو القدح والكأس) كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
إذن هذا الحوض طوله مسيرة شهر نؤمن بهذا ولا نبحث بعد ذلك في كيفية هذا المسير هل هو مسيرة شهر على الجواد المسرع؟ أم مسيرة شهر على حسب السير في الدنيا؟ أم مسيرة شهر على حسب سير أهل الجنة؟ فالله أعلم، نحن نثبت اللفظ ولا نبحث في كيفيته فإنه مغيب.
وكيزانه كنجوم السماء ولا يعلم عددها إلا خالقها سبحانه وتعالى.
وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن طول الحوض وعرضه بمسافة واحدة فطوله مسيرة شهر وعرضه مسيرة شهر، ثبت في صحيح مسلم من رواية ابن عمر في الحديث المتقدم [حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء] أي أطرافه متساوية فشهر طولا ً وشهر عرضاً فتصبح الزوايا متساوية، أي على هيئة مربع كالبركة المربعة أضلاعها متساوية [ماؤه أبيض من الورِق] أي الفضة والرواية المتقدمة أبيض من اللبن، [وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً].
يكفي هذان الحديثان لوصف الحوض بصفة مختصرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/349)
إذن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام في الآخرة أضلاعه متساوية وهو مربع مسيرة شهر في شهر، زواياه سواء، الماء الذي فيه ينعش النفوس، ويصح الأبدان لونه من أحسن الألوان كلون اللبن وكلون الفضة بياض خالص ليس فيه شائبة ولا عكر ولا كدر، ريحه أطيب ريح وهو ريح المسك بل أطيب منه، وهو أحلى من العسل والكيزان التي عليه لأجل كثرة الواردين على حوض نبينا عليه الصلاة والسلام كنجوم السماء، هذا هو الوصف مختصراً.
الأمر الثاني: عدد الأحواض لنبينا عليه صلوات الله وسلامه:
له حوضان:
1 - واحد يكون قبل دخول الجنة في ساحات الحساب وعَرَصات الموقف.
2 - والآخر يكون في داخل الجنة، وكل منهما يقال له حوض ويقال له كوثر.
يقال لكل منهما حوض لأنه ينطبق عليه التعريف اللغوي (مجمع الماء).
ويقال لكل منهما كوثر لأن الحوض الذي في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف يستمد ماءها من نهر الكوثر الذي في الجنة، فنهر الكوثر له ميزابان - كما سيأتي وهذا لا دخل لعقل الإنسان فيه – يصبان صباً بدفق وقوة في حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف، فنجد أن الحوض الذي في ساحة الحساب يأخذ من نهر الكوثر قيل له كوثر وحوض، والنهر الذي في الجنة اسمه الكوثر وبما أنه في مكان محصور قيل له حوض، فكل منهما حوض وكل منهما كوثر.
وقد أنزل الله سورة كاملة يمتن بها على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذا الخير الذي أعطاه إياه (إنا أعطيناك الكوثر) والكوثر: على وزن فوعل من الكثرة وهو الخير الكثير في الدنيا والآخرة ويدخل في ذلك النهر العظيم الذي يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام في جنات النعيم، وفيه ميزابان يغتّان غتاً (يصبان صباً) ويشخبان من مائه في حوضه الذي هو في ساحة الحساب وعَرَصات الموقف فهذا خير عظيم أعطاه الله لنبيه الكريم عليه صلوات الله وسلامه.
ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير رحمه الله – تلميذ العبد الصالح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – [أنه سئل عن تفسير الكوثر فقال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فقالوا له: يقولون إنه نهر في الجنة؟، فقال سعيد بن جبير: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام]. وهذا التفسير أعم وأشمل وأحسن من أن نقصر الكوثر على خصوص النهر فنقول: الكوثر خير كثير في الدنيا والآخرة وهبة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام 0 من جملة ذلك الحوض، ونهر الكوثر والشفاعات والمقام المحمود ورتب كثيرة في الدنيا والآخرة مَنَّ الله بها على نبيه عليه صلوات الله وسلامه.
وإذا مَنَّ الله عليك بالنعم فالواجب أن تشكر المُنعِم (فصلِّ لربك وانحر) أي اجعل صلاتك خالصة له، ونحرك خالصاً له – أي ذبحك – فيكون على اسم الله خالصاً له لا تشرك معه أحداً (إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر)، فالنعم تستدعي الشكر.
ولذلك إخوتي الكرام ... ربطاً بحادثة الإسراء والمعراج – كان نبينا عليه الصلاة والسلام – كما ثبت هذا في المسند والسنن بسند حسن – [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر] وما رأيت أحداً من أئمتنا وَجَّه الحكمة في ذلك؟ ويمكن استنباطها مما سبق تقريره في سورة الكوثر.
فنذكر أن النعم تستدعي الشكر وهناك عندما يريد أن ينام يقرأ سورة بني إسرائيل ليستحضر فضل الله عليه وكيف مَنَّ الله عليه بهذا الأمر الجليل وهو الإسراء والمعراج وفي ثنايا السورة ذكر الله سبحانه الآيات التي منحها لنبينا عليه الصلاة والسلام وكيف حفظه من شياطين الإنس والجن (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)، وآيات كثيرة غيرها يخاطبه الله فيها في سورة الإسراء. إذن في هذه السورة ذِكْر فضل النبي عليه الصلاة والسلام؛ فكان لذلك يقرأها ليتذكر فضل الله عليه وهذا يستدعي ويتطلب الشكر.
وكان يقرأ سورة الزمر لأنها – كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله – سورة تمحضت في توحيد الله جل وعلا فموضوعها من أولها إلى آخرها حول توحيد الله وإخلاص الدين له.
إذن فبعد أن يذكر نعمة الله عليه ماذا يفعل؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/350)
يوحده ويقرأ السورة التي فيها توحيد الله وعبادته كما يريد بما يريد، وانتبه لآيات هذه السورة (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم، إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) ثم بعد ذلك في جميع آيات السورة يستعرض ربنا جل وعلا ما يقرر هذا الأمر (ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلا ً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) وفي آخر السورة يتحدث ربنا جل وعلا عن هذا (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون، ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) وفي نهاية السورة يقول (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
فإذن شكر وتوحيد، وهنا كذلك (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر).
إذن لنبينا عليه الصلاة والسلام حوضان يقال لكل منهما: حوض ويقال لكل منهما: كوثر.
قال الإمام القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة في ص 362، وقد نقل صاحب شرح العقيدة الطحاوية الإمام ابن أبي العز كلام القرطبي لكن بواسطة الإمام ابن كثير في كتابه النهاية (2/ 31) لأن ابن كثير شيخ شارح الطحاوية، وابن كثير له كتاب البداية والنهاية في التاريخ طبع الكتاب البداية فقط ولم يطبع معه النهاية، ثم طبع في جزء بعد ذلك مستقلاً منفرداً، وقد تكلم ابن كثير في النهاية في الجزء الثاني في أول صفحة منه عن الحوض وتتبع طرق أحاديثه بما يزيد عن ثلاثين صفحة والبداية يقع في 14 جزءاً في 7 مجلدات كبيرة، وكتاب التذكرة كتاب نافع وطيب وفيه خير كثير لولا ما فيه من أحاديث تالفة لا خطام لها ولا زمام وما تحرى عليه رحمة الله الصحة ولا تثبت في رواية الأحاديث، وليت الكتاب حقق وخرجت أحاديثه ليكون طالب العلم على بصيرة عند قراءة هذا الكتاب.
الحاصل .. قال الإمام القرطبي في الموضوع الذي حددناه "الصحيح أن للنبي عليه الصلاة والسلام حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً".
قال الحافظ في الفتح (11/ 466):" يطلق على الحوض كوثر لكونه يُمدّ منه"0 – كما عللته لكم – ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه (النبي) صلى الله عليه وسلم قال عند وصف الحوض: [يغتُّ فيه ميزا بان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورِق] والغت: هو جريان الماء بصوت، غتّ يَغُت غَتًّا إذا جرى الماء وصار له صوت عند جريانه من شدة هذا الماء وقوته واندفاعه، وهو الدفق بتتابع إذن معنى يغت فيه، يتدفق فيه ماء متتابع لا ينقطع.
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يشخب فيه ميزا بان من الجنة]، شخب يشخب أي يسيل فيه ميزا بان من الجنة.
وثبت في سنن الترمذي بسند حسن صحيح، والحديث رواه ابن ماجه وأحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الكوثر نهر في الجنة] وهذا هو النهر الذي له ميزا بان يغتان ويشخبان في الحوض [حافتاه من ذهب ومجراه الدّرّ والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج].
(مجراه) أي أرضه التي يجري فيها، ممر الماء، (حافتاه) أي جانباه.
إذن بالنسبة للبياض صار معنا ثلاثة أوصاف أبيض من اللبن، ومن الورق، ومن الثلج، والثلج ترى بياضه يزيد على الماء.
وهو أحلى من العسل وأطيب من المسك هذا كله في هذا النهر الذي هو في الجنة وهو نهر الكوثر وفيه ميزابان من ذهب وفضة يشخبان ويغتان في حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
س: هل هذه الأوصاف تكون لنهري دجلة والفرات أيضاً؟
جـ: لا، لا يكون هذا إلا للكوثر فقط، فهو خاص به حتى الأنهار الأخرى التي في الجنة ليس لها هذه الميزات والصفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/351)
وسيأتينا في الأمر الرابع أن لكل نبي حوضاً، لكن ليس حلاوة مائه وطيب رائحته كحوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
الأمر الثالث: مكان الحوض وموضعه:
كما ذكرنا هما حوضان، فأما الحوض الثاني الذي هو نهر الكوثر فهذا في الجنة بالاتفاق، وأما الحوض الأول الذي يستقي ماءه من الكوثر فهو قبل الجنة بالاتفاق، لكن اختلف في موضعه ومكانه بالتحديد، فهل يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط؟ أم يكون بعدهما؟
في المسألة قولان لأئمتنا الكرام:
وانتبه إلى أن هذين القولين ليسا من باب التقدير العقلي، إنما من باب فهم هذا من النصوص الشرعية، فالفهم من النصوص هذا غير اختراع شيء من العقول ...
القول الأول: - وعليه المعول – أن الحوض يكون قبل الميزان وقبل مرور الناس على الصراط المستقيم وقبل الحساب لأمرين معتبرين: أولهما: الحكمة من وجود الحوض ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم [من شرب منه لم يظمأ .. ]، الناس يخرجون من قبورهم عطشى، لاسيما عندما يحشرون في الموقف [حفاة عراة غرلاً] نسأل الله حسن الخاتمة والعافية – والشمس تدنو من رؤوسهم ويلجمهم العرق فيسبحون فيه كأنهم في أحواض ماء، فما الذي يحتاجونه في ذلك الوقت؟ إنه الحوض، لذلك يكرم الله الموحدين في ذلك الحين بالشرب من حوض نبينا الأمين عليه صلوات الله وسلامه، وهو فرطنا على الحوض، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام، فإذن أول ما يحصل لنا عند البعث لقاء نبينا عليه الصلاة والسلام، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام على حوضه يقول: هلم، هلم، ويسقينا.
فإذن لتظهر كرامة نبينا عليه الصلاة والسلام وليظهر فضله على أتم وجه، يكون هو الذي يزيل عطش الناس المؤمنين من أمته لما منّ الله عليه في الآخرة من تلك النعمة، كما أزال عنا في هذه الحياة الهم والغم بواسطة النور الذي بلغه إلينا فاطمأنت قلوبنا (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فإذن أول ما يستقبلونه بعد البعث حوض النبي عليه الصلاة والسلام، فمن كان مؤمناً موحداً سقاه النبي صلى الله عليه وسلم وشرب، وإذا شرب لم يظمأ أبداً، طال الموقف أو قصر فإنه لا يبالي بذلك.
ثانيا: تواتر في حديث الحوض المتواتر أنه يُذاد وسيأتي ذكر الحديث- يدفع ويبعد أناس عن حوضه فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: أمتي أمتي، يُذادون ولا يشربون فيقال: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك والحديث في الصحيحين فأقول سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي. فهذا الذود متى يكون؟
لو كان بعد الصراط لسقطوا في النار، ولا يوجد بعد الصراط إلا الجنة، فدفع الناس لكونهم منافقين مرتدين يكون قبل الصراط لأنهم لو مروا على الصراط ونجوا لدخلوا الجنة وإذا سقطوا في جهنم لن يَرِدُوا الحوض لِيُدْفَعُوا عنه ويُبْعَدُوا.
وهذا الذي ارتآه ورجحه الإمام القرطبي في التذكرة في المكان المتقدم أي صـ (362).
والإمام ابن كثير في النهاية رجحه أيضاً كما قلت لكم إنه بحث في أحاديث الحوض فيما يزيد على 30 صفحة من أول الجزء الثاني إلي ص35 كلها في الحوض، وقد روى جميع الأحاديث بالسند الذي رواها به أصحاب الكتب المصنفة فإذا ذكر حديثاً في المسند ذكر إسناد الإمام أحمد وهكذا البخاري وغيره ولذلك طالت صفحات الكتاب والحقيقة أن أكثر صفحات الكتاب متشابهة فيورد عشرة أحادث في وصف الحوض عن الصحابة مثلا ًكلها بمعنىً واحد ولذلك لم أطل في ذكرها ومردها لا لزوم له لأنه يغني عن البقية وقلت لكم إن الحافظ ا بن حجر تتبعها فوصلت إلى (56) صحابياً رووا أحادث الحوض، قال وبلغني أن بعض المعاصرين جمعها فبلغت (80) طريقاً، ولعل الحافظ ابن حجر كان يقصد بقوله (بعض المعاصرين) الإمام العَيْنِي، أقول لعله يقصده، فقد كان بينهما شيء من النفرة فيكني عنه الحافظ دائماً في الفتح ولا يصرح به، فلعله يقصده والعلم عند الله.
والإمام ابن حجر شرح صحيح البخاري في فتح الباري
والإمام العَيْنِي شرح صحيح البخاري في عمدة القاري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/352)
والكتابان متقاربان في الحجم، فعمدة القاري (12) مجلداً في 25 جزء، وقد كان ابن حجر والعيني – في بلدة واحدة - مصر- لكن أصل الإمام العيني من بلاد الشام ثم هاجر بعد ذلك إلي مصر واستوطن فيها، وشرحا صحيح البخاري في وقت واحد، وكان كل منهما قاضياً ابن حجر قاضي الشافعية والعيني قاضي الحنفية، والأقران في الغالب يجري بينهم شيء مما يجري بين بني الإنسان، لكن دون أن يصل ذلك إلى معصية أو اعتداء، هذا في الغالب وكما قال الإمام الذهبي: ما أعلم أحداً سلم من الحسد إلا الأنبياء .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم – والحديث في درجة الحسن – [ثلاثة لا ينجو منهن أحد، الظن والطيرة والحسد، وسأخبركم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق] أي إذا رأيت شخصاً أو تصرفاً فلا تقل لعل هذا حوله ريبة - فهذا ظلم كفارته ألا تتحقق هل توجد تلك الريبة أم لا؟ [وإذا تطيرت فامض ِ] مثلا ً خرجت في صباح ذات يوم فرأيت صورة مكروهه فقلت هذا صباح مشئوم، فلا ترجع إلي البيت، بل امض ِ إلى طريقك وقل: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك، لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت. [وإذا حسدت فلا تبغي] أي لا تتجاوز وتعتدي. وأنا لا أجزم أنه يقصد الإمام العيني لكن في غالب ظني أنه كذلك.
وأنا أعجب حقيقة لاشتهار فتح الباري بين الناس وعدم انتشار عمدة القاري بينهم ولله في خلقه سر لا يعلمه إلا هو، ولا أقول ذلك لم ينتشر بل هو منتشر لكن ليس له من القدر والمكانة – كما يقال – ما لفتح الباري.
الحاصل .. إن الإمام ابن كثير رجح هذا القول في النهاية (2/ 3) للأمرين المعتبرين اللذين ذكرتهما لكم.
القول الثاني: أن الحوض بعد المرور على الصراط.
وإلى هذا مال الإمام البخاري عليه رحمات ربنا القوي، وفقهه في تراجم أبوابه ومذهبه في تراجم أبوابه، فأورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط، في كتاب الرقاق قال الحافظ ابن حجر:"أشار البخاري إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة والصراط"
ويفهم من كلام الحافظ ابن حجر الميل إلى هذا القول، حيث قال معللا ً ما سبق
(1) لأن الصراط بين الجنة والموقف ميزابان يغتان ويشخبان في الحوض، فلو كان الحوض في عَرَصَات الموقف وفي ساحة الحساب لكان الصراط حاجزاً بين هذين الميزابين وبين الحوض، فكيف سيصب الميزابان ماءهما في الجنة إلى الموقف وبينهما هذه الفجوة صراط وتحته جهنم. نسأل الله العافية وكل من سقط منه يسقط في جهنم وبئس المصير فإذا كان الأمر كذلك فالحوض بعد الصراط وهو قُبيل الجنة قََبل أن يدخلها المؤمنون يشربون من الحوض ويستقبلهم نبينا عليه الصلاة والسلام عندما ينتهون من الصراط فيسقيهم من حوضه فينتعشون ويفرحون بعد أن مَنَّ الله عليهم بالسلامة ثم يدخلون دار النعيم، وهذا دليل.
(2) دليل آخر قرروا به هذا القول وهو: أنه ثبت في الحديث أن مَنْ شرب مِنَ الحوض لم يظمأ بعده أبداً، وقالوا: إذا لم يكن الحوض بعد الصراط فسنقع في إشكال من هذا النص والنصوص الأخرى وهو أن عصاه الموحدين سيعذبون في نار الجحيم ولا بد أن يعذب منهم قسم لم يغفر الله لهم لأن الأحاديث تواترت في إخراج العاصين من النار وهذا يعني أن هناك عذاباً للعصاة لكن هناك أناس يعفى عنهم وأناس يعذبون، قالوا: فهؤلاء الموحدون اللذين عذبوا في النار هل شربوا من الحوض أم لا؟ إن قلنا لم يشربوا، فالأمر ليس كذلك لأنهم موحدون وليسوا من المخلدين في نار جهنم فهم يستحقون السقيا والشراب إذ كيف يعامل الموحد معاملة المنافق والملحد. وإن قلنا شربوا، فكيف سيلقون في النار، وفي النار سيعطشون. لكن إذا كان الحوض بعد الصراط فلا إشكال لأن من شرب منه دخل الجنة فالذي يعذب في النار، ثم يخرج يجوز على الصراط ثم يشرب من الحوض ويدخل الجنة وحينئذ لا إشكال هنا على هذا القول. وهذا القول على ما وجاهة ما عُلِّلَ به فهو مردود لأمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/353)
الأمر الأول: لا مانع أن يكون بين الحوض والجنة فاصل، والميزابان يصبان فيه بطريقة يعلمها الله ولا نعلمها، كما قلنا في النيل والفرات فإنهما يَصبُّ فيهما نهر من أصل سدرة المنتهى بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وكم بينهما من حواجب وفواصل وليس عندنا ميزاب متصل من سدرة المنتهى إلى النيل والفرات إنما هو أمر غيبي أخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام آمنا به ولا نبحث في كيفيته.
والأمر الثاني: قولهم إذا شرب عصاة الموحدين من الحوض وعذبوا في النار سيجدون العطش والظمأ، نقول: لا يشترط هذا فيعذبون بغير أنواع العطش، وذلك ليتميز العصاة في النار عن غيرهم من الكفار الأشرار في أنهم يعذبون ولا يعطشون كرماً من الله وفضلا ً.
فالأمران مردودان، ثم نقول لهم أخبرونا كيف سيذاد ويدفع أناس عن الحوض إذا كان الحوض بعد الصراط؟! فهذا لا يأتي أبداً , فأدلتكم يمكن أن يجاب عنها، أما أدلة القول الأول فلا يمكن الإجابة عنها مطلقاً؛ ولذلك القول الأول هو الصحيح وعليه المعول بأن الحوض قبل الصراط والعلم عند الله.
الأمر الرابع: هل للأنبياء عليهم الصلاة و السلام أحواض في عَرَصَات الموقف وساحة الحساب كما لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض:
سبق أن ذكرنا أن العبرة في هذا الموضوع على النقل لا على العقل، فعمدتنا المنقول الثابت ولا دخل للاجتهاد ولا للمعقول.
وقد ورد في ذلك حديث لكن اختلف في درجته، روى الإمام الترمذي في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إن لكل نبي حوضاً ترده أمته وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً].
(يتباهون) أي يتحدثون بنعمة الله عليهم بمنزلة حوضهم وبمن سيرده.
(أيهم أكثر وارداً) أي جماعة يردون على حوضه.
وهذا الرجاء والذي رجاه الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث حققه الله له، فأكثر أهل الجنة من أمته، وأكثر الأحواض التي سيردها الموحدون المؤمنون هو حوض نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يقول ربنا فيه: [يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسع وتسعون إلى النار، فخاف الصحابة وارتاعوا فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبروا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبروا، قال: إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا، وقال: إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة] والحديث في الصحيحين.
وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.
فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/354)
رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.
فالحاصل .. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً]، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.
وحديث سمرة كما قلنا رواه الترمذي، وقد قال عنه: غريب، وغرائب الترمذي لا تسلم من مقال فهي ضعيفة والسبب في هذا أن الحسن البصري عليه رحمة الله عنعن الحديث عن سمرة أي رواه بصيغة عن ولم يصرح بالسماع، وفي سماع الحسن عن سمرة اختلاف، وأئمة الحديث على ثلاثة أقوال في ثبوت سماعه من سمرة:
1 - لم يسمع منه مطلقاً.
2 - سمع منه مطلقاً.
3 - وهو المعتمد، سمع منه حديث العقيقة، وقد صرح في سنن النسائي بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة بن جندب رضي الله عنه.
والحسن مدلس بالاتفاق وقد عنعنه – كما ذكرنا – ورواية المدلس إذا لم تكن بصيغة السماع فهي محمولة على الانقطاع، فالسند إذن منقطع بين سمرة وبين الحسن.
كما أن الحسن رفعه في بعض الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسقط سمرة فصار إذن مرسلاً لأن المرسل هو مرفوع التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
مرفوع تابع على المشهور ? مرسل أو قيده بالكبير
كما قال هذا الإمام عبد الرحيم الأثري العراقي في ألفيته المشهورة.
وقوله (أو قيده بالكبير) فهذا قول آخر في تعريف المرسل وهو أن التابعي لابد أن يكون كبيراً، من كبار التابعين لا من أوسطهم ولا من صغارهم.
والمعتمد أن التابعي صغيراً كان أو كبيراً، إذا رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرسل، فالحسن إذن أسقط سمرة رضي الله عنه، ولذلك قال الترمذي: وورد أن الحسن لم يذكر سمرة فهذا مرسل وهو أصح.
والرواية المرسلة رواها ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح إلى الحسن، أن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن لكل نبي حوضاً ... ] الحديث.
لكن مراسيل الحسن – كما يقول أئمتنا -، أشبه بالريح لا يعول عليها ولا يأخذ بها، لأنه كان لا يبالي عمن أرسل بخلاف مراسيل سعيد بن المسيب فهذه كلها يأخذ بها، حتى مَنْ ردَّ المرسل أخذ بمراسيل سعيد بن المسيب كالإمام الشافعي عليه رحمة الله.
فإن سعيد بن المسيب كان يسمع من عمه والد زوجته أبي هريرة أحاديث ويحدث عنه أحياناً، ويسقطه ولا يصرح به أحياناً أخرى لاعتبارات، منها أمور سياسية، فقد ينقل عنه سعيد رواية تتعلق بأمور العامة فلا يصرح بها بإضافتها لأبي هريرة لئلا تصبح هناك مشاكل وابتلاءات كما هو الحال في العصور التي جاءت بعد عصور الخلفاء الراشدين، وهذا من جملة أغراض التدليس حذف الصحابي أو الشيخ الذي أخذ عنه التلميذ فيسقطه لأن حوله ما حوله من الاعتبارات، وكأنه يقول لئلا ندخل في مشاكل مع الدولة، فنرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسقط الواسطة (أبا هريرة) لئلا يُستدعى ويحقق معه وما شاكل هذا.
وفعلا ً كان أبو هريرة يحفظ أحاديث فيها الإشارة إلى ذم بني أمية، فعلم سعيد بن المسيب أنه إذا حدث بها وسمى أبا هريرة، فهذا سيجر بلاءً عليه – أي على عمه – وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه – كما في صحيح البخاري - يقول: [حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم وعاءين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم] أي لقطعت رقبتي، وهذا الذي كتمه لا يتعلق بالأحكام العملية، لأنه لو كان في الأحكام العملية لبثه أبو هريرة ولم يكتمه وهو يعلم وزر كتمان العلم، إنما كان ما يكتمه هو شيء فيه الإشارة إلى ذم الأمراء الذين سيأتون بعد معاوية وأولهم الفاسق المشهور يزيد بن معاوية الذي جاء وأفسد في دين الله، وفعل ما فعل ويكفيه عاراً وشناراً قتل الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت: لم يثبت بأي سند صحيح هذا الأمر، وقد ألف في هذه الرسالة]، ولذلك كان أبو هريرة يستعيذ بالله من رأس الستين وإمرة الصبيان قبل أن يأتي رأس الستين، فمات رضي الله عنه عندما قبل رأس الستين وسلم من الفتن التي جاءت بعد الستين.
سعيد بن المسيب عندما يروي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسقطاً الواسطة ففي الغالب هو أبو هريرة، وقد تتبع أئمتنا مراسيل سعيد فوجدوها موصولة من طرق ثابتة وصحيحة عن الصحابة؛ ولذلك احتجوا بمراسيله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/355)
الحاصل .. أن وراية الترمذي مرفوعة إلا أنها منقطعة ورواية ابن أبي الدنيا هي بسند صحيح إلى الحسن والحسن رواه مرسلاً، فالحديث من هذين الطريقتين ضعيف مرفوعاً.
لكن يتقوى بالقواعد المقررة في شرع الله وهي أن ما ثبت لهذه الأمة يثبت للأمم الأخرى، وعليه فالحوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام يكون لسائر الأنبياء الكرام عليهم السلام، إذ لا يليق بكرم الله وحكمته أن يسقي موحدي هذه الأمة ويترك الموحدين من الأمم السابقة.
ثم أضيف هنا وأقول: الحديث يتقوى () ليصل إلى درجة الحسن إن شاء الله،لأن له ثلاث شواهد متصلة عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه ابن أبي الدنيا، وعن ابن عباس كما أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً عن عوف بن مالك، هذا بالإضافة إلى الشاهد المرسل الصحيح الذي أخرجه ابن أبي الدنيا أيضاً، فالحديث بمجموع هذه الطرق يكتسب قوة ويرتفع إلى درجة الحسن، والعلم عند الله.
إذن فلكل نبي حوض في الآخرة في عَرَصَات الموقف كما لنبينا عليه الصلاة والسلام، لكن يمتاز حوض نبينا عليه الصلاة والسلام بأمرين:
الأمر الأول: أن ماء حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أطيب المياه فهو من نهر الكوثر، وهذا لا يثبت لغيره من الأحواض.
الأمر الثاني: أن حوض نبينا عليه الصلاة والسلام هو أكبر الأحواض وأعظمها وأجلها، و هو أكثرها وارداً.
وإلى جانب هذا ذهب أئمة الإسلام، يقول الحافظ في الفتح (11/ 467) عند أحاديث الحوض في كتاب الرقاق: "إن ثبت () – أي خبر الترمزي ومرسل الحسن – فالمختص بنبينا عليه الصلاة والسلام "أن حوضه يكون ماؤه من الكوثر".
والأمر الثاني قال فيه الإمام ابن كثير في النهاية (2/ 38) حوض نبينا عليه الصلاة والسلام أعظمها وأجلها وأكثرها وارداً".
تنبيه: ورد في مطبوعة مكة من شرح العقيدة الطحاوية بتحقيق أحمد شاكر، وفي مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق جماعة من العلماء تصحيف بدل كلمة (أجلها) وقع عندهم (أجلاها)، وإن كان كلا المعنيين صحيح.
الخلاصة: أن لكل نبي حوضاً يوم القيامة، لكن حوض نبينا عليه الصلاة و السلام يمتاز بأمرين ماؤه أطيب المياه، ووارده أكثر من بقية الأحواض.
الأمر الخامس: يتعلق بأمرين:
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره.
أ - بيان من يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم:
كل موحد ختم له بالتوحيد سيرد ذلك الحوض المجيد
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: [أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة (يعني البقيع) فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] وفي بعض الروايات في زيارات نبينا عليه الصلاة والسلام للقبور يقول: [السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون].
و (السلام عليكم) هذا خطاب من يسمع ويعقل ويعي ويفهم، وسماع الأموات أدق من سماع الأحياء، ولذلك لو دخل داخل إلى المعهد وسلم عند باب المعهد لن يسمعه مَنْ في الفصل بل حتى لو كان أقرب من ذلك، بينما لو كنا موتى لسمعناه فبمجرد أن يدخل رجل إلى المقبرة ويقول السلام عليكم لسمع كل مدفون في تلك المقبرة – ولو كانت واسعة ما كانت – سلامه وردوا عليه في قبورهم.
و (إن شاء الله) هل هناك شك في اللحوق بهم؟ لا لكنها من باب التبرك وتعليق الأمر على أنه تابع لمشيئة الله، كقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)، وسيأتينا بحث الاستثناء في الإيمان إن شاء الله تعالى فهو من المباحث المقررة عندنا، وأن الاستثناء يجوز في الإيمان لأربعة أمور معتبرة من جملتها هذا من باب التبرك باسم الله، فتقول أنا مسلم إن شاء الله تعالى، ولا بأس في ذلك.
ثم قال نبينا وحبيبنا عليه صلوات الله وسلامه – وهذه تكملة الحديث [وددت أنا رأينا إخواننا فقال الصحابة رضوان الله عليهم: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟!، قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني] عليك صلوات الله وسلامه، انتبه!! (أنتم أصحابي) أي أنتم لكم مزية على الأخوة العامة فقد فزتم بشرف الصحبة فأنتم إخوان وأصحاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/356)
وَمَََنْ بعدكم إخوان لي، كما تقول هذا ابني ولا تقول هذا أخي، فهو أخوك في دين الله ولكن تقول له ابني لأن هذا أخص من الأخوة العامة وهنا كذلك الصحبة أخص من الأخوة العامة.
فانظر لحب نبينا عليه الصلاة والسلام لنا، فلنكافئ هذا الحب بمثله، فهو يتمنى أن يرانا ووالله نتمنى أن نراه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا ولو قيل لنا تفوزون بنظرة إلى نور نبينا عليه الصلاة والسلام مقابل أن تفقدوا حياتكم وأموالكم وأهلكم، لقلنا هذا يسير يسير، ضئيل حقير، ولذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله] وهو في مختصر مسلم برقم (1604).
وتتمة الحديث الذي معنا [فقال الصحابة: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي من أمتك ولم تره؟! فقال: أرأيتم لو أن رجلا له خيلٌ غُرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، أما كان يعرفها؟ قالوا: بلى، قال: فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً] اللهم لا تجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(غرّ): الغرّ بياض في الوجه، وهو من الصفات الجيدة في الفرس، وهذه الأمة تبعث يوم القيامة والنور يتلألأ في وجهها من آثار الوضوء، والوضوء حلية المؤمن.
(محجلة): بياض في قوائم الفرس، وهو من الصفات الجيدة فيها أيضاً، وهو من علامة جودتها، وهذه الأمة تأتي يوم القيامة وأعضاء الوضوء فيها تتلألأ (الوجه والأيدي والأرجل)، ففي وجوههم نور وفي أطرافهم نور.
(دُهْم) سوداء
(بُهم) سوادها خالص ليس فيها لون آخر.
فهذه الأمة تأتي يوم القيامة غراًُ محجلين، فالوضوء ثابت لهذه الأمة وللأمم السابقة لكن أثر الوضوء (الغرة والتحجيل) ثبت لهذه الأمة ولم يثبت للأمم السابقة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولذلك ورد في صحيح مسلم أنه [سيما ليست لغيركم] أي هذه السمة الغرة والتحجيل ليست لغيركم.
إذن إخوانه عليه الصلاة والسلام ونسأل الله أن يجعلنا منهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وجميع أهل الموقف ليس لهم هذا الوصف، وبالتالي فيميز نبينا صلى الله عليه وسلم أمته الكثيرة من تلك الأمم الوفيرة الغفيرة.
ثم أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن صنف شقي، أظهر الإيمان وأبطن النفاق والكفران، فيأتون إلى حوض النبي عليه الصلاة والسلام فيذادون ويدفعون تدفعهم الملائكة وتطردهم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألا هلم، هلم فأنتم من أمتي ويبدو عليكم – في الظاهر – علامات الوضوء!! لكن بعد ذلك يخفت ذلك النور ويذهب، فيقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك وفي بعض الروايات: [إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم] وقد حصل هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ارتدوا، وهذا حاصل في هذه الأيام بكثرة فيمن يدعي الإسلام ويحارب النبي عليه الصلاة والسلام يقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، فهل يرد هذا حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا، إن هذا أكفر من أبي جهل وألعن من إبليس، فهو وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم فقد أتى بما ينقض به إيمانه، حيث زعم أن شريعة الله لا تصلح لهذه الحياة، فهي أمور كهنوتية فقط، في داخل المسجد نصلي ونرقص (رقص الصوفية) وخارج المسجد ليس لله شأن في حياتنا وأمورنا، كما قال سعد زغلول "الدين لله والوطن للجميع".
وكما قال شاعر البعث عليه وعلى حزبه لعنة الله:
سلام على كفر يوحد بيننا ? وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ويكتبون في شعاراتهم الضالة في الأمكنة البارزة على الأركان وغيرها:
كذب الدعي بما ادعى ? البعث لن يتصدعا
لا تسل عني ولا عن مذهبي ? أنا بعثي اشتراكي عربي
ولا يقولون: أنا مسلم، بل الإسلام في المسجد فقط.
ويكتب الآن في لوحات المدارس: لو مثلوا لي وطني وثناً لعبدت ذلك الوثن.
كلمة وطن ووطنية فما هي الوطنية؟!!
إن الجنسية المعتبرة بين العقلاء والتي يمكن أن تجمع بين الناس جميعاً هي جنسية الإسلام فقط، وكل ما عداها يفرق بين المسلمين ويوقع بينهم العداوة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/357)
الحاصل .. من يدعو إلى الأفكار الهدامة الباطلة، فماذا سيكون حاله؟ هل يشرب من الحوض؟! وهل يستوي مع المؤمنين في الشرب منه؟
لا يستوي إخوتي الكرام.
وليس معنى يذادون للرجال فقط أي أن النساء لا تذاد، بل هذا من باب تعليق الشارع الأحكام بصنف من الصنفين وما يشمل أحدهما يشمل الصنف الآخر، كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) و (الذين) خطاب للذكور، (وعليكم) خطاب للذكور أيضاً ويشمل الذكور والإناث، لأن ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة سواءً بسواء إلا إذا قام دليل على التخصيص فالنساء شقائق الرجال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فمثلا ً: لو جاءت هدى شعراوي للحوض فهل تتمكن من الشرب منه؟ لا فهذه أعتى من أبي جهل، وأعتى من عبد الله بن أبي بن سلول.
وكذلك نزلي سعد زغلول وميادة أو مي الشاعرة (هؤلاء الثلاثة صاحبات الصالونات في مصر االتي أفسدت العالم).
وأنا أعجب حقيقة – إخوتي الكرام – لمضاء عزيمة النساء وكيف غيرت هذه النساء الثلاثة الحياة في هذه الأوقات.
وفي المقابل تأتي للنساء الصالحات فلا ترى بعد ذلك إلا خمولاً وانعزالية وعدم بصيرة في هذه الحياة وتدبير لما يراد بهن فهذا لابد له من وعي – إخوتي الكرام – ولابد له من عزيمة ولابد من تحرك.
فإذن هناك رجال يذادون ونساء يذدن ويدفعن فليس هو عقوبة للرجال فقط.
وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أنا فرطكم على الحوض، ومن ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، وليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم].
وفي رواية أبي سعيد الخدري في تكملة حديث سهل بن سعد الساعدي [فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، سحقاً، سحقاً لمن بدل بعدي].
(والفرط) هو المتقدم أي أنا أتقدمكم على الحوض.
إذن يرده كل الموحدين إلا من بدل وغير ونافق وكفر.
ب - بيان من يتقدم في الورود عليه ويسبق غيره:
أول مَنْ يتقدم في الورود عليه عندما يخرج الناس من قبورهم وهم عطاش هم صعاليك المهاجرين وفقراؤهم.
المحاضرة التاسعة عشرة: الأربعاء 10/ 4/1412هـ
ثبت في سنن الترمذي بسند حسن عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين، الشُعث رؤوساً، الدُنُس ثياباً، الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد].
(الشعث): جمع أشعث، أي شعره متلبد وليس عنده وقت لتمشيطه وتسريحه وتجميله.
(دُنس): أي ثيابهم دنسة، وليس المراد من الدنس فيها نجاسة أو قذارة لكنها ثياب ممتهنة عند الناس قي قلة ثمنها، هذا كما ثبت في سنن الترمذي وغيره بسند حسن [البذاذة من الإيمان] والبذاذاة هي رثة الهيئة وعدم الاعتناء بالملبس، فمتى ما كوى ملابسه فليست دنسة حينئذ فلا يكوي ملابسه لا بنفسه ولا يضعها في دكان كي.
فخلاف حالنا الآن فعندما يريد أن يلبس الغُترة (الكوفية) فتراه لابد أن يجعلها مثل السيف من الأمام ولا نقول هذا حرام لكنها درجة دون الكمال أي أن يأْسِرَ الإنسانَ لباسُه، فليفرض أن هذا اللباس لم يتهيأ له ولذلك البذاذة من الإيمان [من ترك اللباس الفاخر وهو قادر عليه دعاه الله يوم القيامة وخَيَّرَهُ من حُلل الجنة ما شاء].
(الذين لا ينكحون المنعمات) هذا وصف ثالث أي الثريات الموسرات بنات المترفين والأغنياء، فلا يقبلون الزواج بهن.
(ولا تفتح لهم أبواب السُدد) وهذا هو الوصف الرابع، والسُدد هي القصور والمقصورات التي تكون خاصة بالمترفين، مثل بيوت الأمراء ومثل المقاصر التي عملها معاوية وهو أول من عمل المقصورة في المسجد وهي مكان خاص في المسجد لا يدخلها إلا هو وحاشيته ويوجد منها للآن في أكثر بلاد الشام وبلاد مصر وتكون على شكل طابق ثان ٍ لكنه ليس واسعاً وله مصعد خاص وغالباً ما يصلي عليه أناس خاصون فلو جاء إنسان مسكين لاسيما في العصر الأول ليصعد إلى هذه السدة منعوه، فهؤلاء أي الممنوعون هم أول من يرد حوض نبينا عليه الصلاة والسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/358)
لِما امتاز الفقراء بهذا الورود؟ ولم يكن هذا للأغنياء من المهاجرين؟ فهم قد تركوا بلادهم وأوطانهم وأموالهم وما يملكون وخرجوا في سبيل الحي القيوم ابتغاء مرضاته ولا غرابة إن كوفئوا بالورود قبل غيرهم، لكن لم يحصل ذلك وفرق بينهم وبين الفقراء؟
إن الإنسان إذا هاجر وكان غنياً وعنده في هجرته ما يستعين به فإن ألم الهجرة والغربة يخف عليه، وإذا هاجر وكان فقيراً فيجتمع عليه أمران ومُصيبتان: الهجرة والفقر.
وإذا كان كذلك فبما أنه في هذه الحياة اعترتهم هذه الشدة فينبغي إذن أن يكرموا قبل غيرهم يوم الفزع الأكبر، لأنه قد اعترتهم شدة وكربة في هذه الحياة من أجل الله سبحانه وتعالى، فَيُطَمْأَن بالشرب أولاً مقابل ما حصل من قلق وخوف في هذه الحياة إذن. والمهاجر الغني ليس أمره كذلك.
وهؤلاء حالهم وإكرامهم كحال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فإن الناس يحشرون يوم القيامة حُفاة عُراة غُرْلاً () (كما بدأنا أول خلق نعيده) ويكون أول من يُكسى من هذه المخلوقات خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام والحديث في الصحيحين – لعدة اعتبارات فإن الجزاء من جنس العمل.
1 - فإن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار ولما ألقي جرد من ثيابه كيوم ولدته أمه وقُيّد ثم رمي بالمنجنيق في النار العظيمة، وهو نبي من أولي العزم الكرام بل خليل الرحمن!!.
فإذا كان الأمر كذلك وامتهن من قبل الأشرار في هذه الحياة فسيكسى يوم القيامة أول المخلوقات وأهل الموقف كلهم عراة كما ولدوا الرجال والنساء لا ينظر أحد إلى أحد كما قال نبينا عليه الصلاة و السلام، كما قال تعالى: (لكل امرئِ منهم يومئذ شأن يغنيه).
فأول من يكسى إبراهيم وهكذا من حصل له مثل حاله، وهذا يحصل للمؤمنين في هذا الحين من قبل المخابرات في الدول العربية عندما تأخذ شباب المسلمين لتعذبهم فتجردهم من ثيابهم ثم يعمشون أعينهم حتى لا يعلموا إلى أين يساقون، نسأل الله أن يكفينا شر الشريرين إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، فهؤلاء الذين عذبوا في السر ليستحقون هذا الإكرام وهو الكسوة قبل غيرهم؟!
2 - لأن إبراهيم عليه السلام هو أول من سن لبس السراويل وهي أستر شيء لاسيما للنساء فإذا كان السروال طويلاً يصل إلى الكعبين بالنسبة للمرأة ويزيد على الركبة بالنسبة للرجل فهو ساتر للإنسان يحول دون كشف عورته لو سقط أو جلس ولم يحطت في جلسته، وأما هذه السراويل القصيرة التي يلبسونها في هذه الأيام من لا خلاق له ثم يخرج فتراه إذا جلس بدا فخذاه، وإذا سقط – لا سمح الله – بدت عورته. ولذلك ورد في معجم الطبراني وغيره – والحديث ضعيف لكن يستدل به في الفضائل: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان جالساً أمام البقيع بعد دفن بعض الصحابة، فمرت امرأة تركب على دابة لها فتعثرت الدابة فسقطت فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها بوجهه فقيل: يا رسول الله إنها مستورة – أي تلبس السراويل – فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي]، فخليل الرحمن إبراهيم من شدة حيائه هو أول من سن السراويل، فإذا كان فيه هنا الحياء فلا يصلح لأن يترك مكشوفاً كبقية المخلوقات، بل إنه تعجل له الكسوة قبل غيره.
3 - لأنه كان أخوف الخلق لرب العالمين وكان يسمع أزيز قلبه من خشوعه وخوفه من مسافة ميل، فإذا كان هذا الخوف وهذا الاضطراب وهذا القلق فينبغي أن يعجل له الأمن 0 والكسوة علامة الأمن وأنه مرضي عنه.
فإذن خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه تعجل له الكسوة لهذه الاعتبارات وفقراء المهاجرين أوذوا وليس عندهم شيء يَتَسَلَّوْنَ به من مال يستعينون به في غربتهم فإذا بعثوا من قبورهم ينبغي أن يكون لهم شأن على أغنياء المهاجرين فضلاً عن سائر الأمة بعد ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/359)
ولما بلغ هذا الحديث – حديث ثوبان رضي الله عنه – عمر بن عبد العزيز رحمه الله بكى وقال: "لقد نكحت المنعمات" ويقصد بها فاطمة بنت عبد الملك، مع أنها تقول – أي زوجته: "ما اغتسل عمر بن عبد العزيز من جنابة - من مباشرة أو احتلام منذ ولي الخلافة حتى لقي ربه". وكانت خلافته مدة سنتين إلا شهرين، ثم قال: "وفتحت لي أبواب السدد" فالقصور تفتح لي عندما أذهب لها "لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ"؛ لينال هذا الوصف رحمه الله تعالى، أي أن ما مضى مني أسأل الله أن يتجاوز عنه ويعفو بفضله ورحمته، وأما من الآن بعد أن بلغني هذا الحديث فلن أفعل هذه الأمور.
وفاطمة بنت عبد الملك، والدها خليفة وزوجها خليفة، وأخوها خليفة – بل إخوتها الخمسة سليمان والوليد وهشام وغيرهم كانوا خلفاءً، وجدها خليفة فهذه من أعظم المنعمات وما حصل هذا لامرأة أخرى، وهي التي قيل فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها ? أخت الخليفة والخليفة زوجها
فإذن بكى رحمه الله لما بلغه هذه الحديث مع أنه رضي الله عنه جمع زوجته وإماءه وقال لهن: طرأ عليّ ما يشغلني عنكن فإن أردتن الفراق فلكن هذا، وإن أردتن البقاء فليس لي صلة بواحدة منكن .. فبكين بحيث سُمع البكاء في بيوت الجيران، ثم تحدثوا وسألوا ما السبب؟ فقالوا: عمر بن عبد العزيز خيَّر نساءه.
ثم بعد ذلك قال لزوجته فاطمة هذا الحلي الذي عليك لا يحق لنا أخذ تيه من والدك عبد الملك وهذا من بيت المال فأرى أن نعيده في بيت المال، فقالت سمعاً وطاعة فأخذت حليها وأعطته إياه فأعطاه لخازن بيت المال، وخازن بيت المال احتاط فوضعه في زاوية وما صرفه في مصالح المسلمين – وبيت المال في عهد عمر بن عبد العزيز ممتلئ بالخيرات، وقد ثبت في مسند الإمام أحمد [أن الحبة من القمح كانت في عهد عمر بن عبد العزيز كرأس الثوم] وحفظ هذا بعد موته وكتب عليه: هذا كان ببيت في زمان العدل.
ولما قيل له: إن الخيرات كثرت ونطلب من نعطيه الصدقة فلا نجد، فقال: اشتروا أرقاء وأعتقوهم واجعلوا ولاءهم لبيت المال.
وكان في عهده ترعى الذئاب مع الغنم، وقد ثبت في حلية الأولياء أن بعض التابعين مرّ على راع ٍ يرعى الغنم فوجد عنده ما يزيد على ثلاثين كلباً، فقال له: ما تفعل بهذه الكلاب؟ وواحد يكفي!! فقال: سبحان الله، ألا تعلم أن هذه ذئاب وليست كلاب: فقال: ومتى اصطلح الذئب مع الشاة، فقال الراعي: "إذا صلح الرأس فما على الجسد بأس"، إذن إذا عدل أمير المؤمنين واتقى الله فإن الله يحول بين المخلوقات وبين الظلم.
ورعاة الماشية في البادية علموا بموت عمر بن عبد العزيز رحمه الله ليلة انقضت فيها الذئاب على الغنم، فلما مات عمر وهم في البادية انقضت الذئاب على الغنم، فقالوا: أرخوا هذه الليلة – أي اكتبوا تاريخها – ثم ابحثوا عما حصل فقد مات عمر فلما تحققوا من الخبر علموا أن عمر مات في تلك الليلة رحمه الله ورضي عنه.
هذا هو عمر بن عبد العزيز، فخازن بين المال عندما أعطاه عمر رحمه الله حلي فاطمة، وضعه في زاوية وما تصرف فيه فبعد أن مات عمر رضي الله عنهم أجمعين جاء إليها وقال: هذا حليك الذي أخذه عمر احتفظت به كما كان، فإذا أردتيه فخذيه، فقالت: ما كنت لأزهد فيه في حياة عمر ولأرغب فيه بعد موته.
فانظر لهذا العبد الراشد وهو خامس الخلفاء الراشدين كما قال الشافعي: "فالخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز"وهو خليفة راشد باتفاق أئمتنا وهو مجدد القرن الثاني باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 101 هـ عليه رحمة الله فعاش شيئاً من نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني.
وهو أول مجددي هذه الأمة، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود وغيره بإسناد جيد [إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها].
س: هل جاء مجددون بعده؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/360)
ج: لا شك في ذلك، فقد جاء مجددون في كل قرن ولا يشترط أن يأتي واحد بعينه، فمجدد القرن الثالث الإمام الشافعي باتفاق أئمتنا لأنه توفي سنة 204 هـ،ـ ويشترط في المجدد كما قلت لكم أن يدرك نهاية القرن المنصرم وبداية القرن التالي فالشافعي ولد سنة 150 هـ، فهو المجدد الثاني إذن، وهكذا سرد أئمتنا عدداً من المجددين إلى زماننا ولا يشترط أن يكون واحداً بعينه فأحياناً يوجد عدد من المجددين بحيث أن واحداً يجدد مثلاً في أمر العقيدة وتصحيح الأذهان من الخرافات، وآخر يجدد في نشر الحديث، وآخر في الجهاد، وهكذا في رأس كل مائة سنة.
ونحن في هذه الأيام – لا أقول كما يقول الناس نشهد صحوة بل في بلوى وفي عمىً – يوجد من فضل الله شيء من مظاهر التجديد وأموره ونحن في بداية قرن، وهو القرن الخامس عشر الهجري فحقيقة قد حصل تجديد في هذا الوقت كثير لكن لا أقول صحوة كما يفهم الناس ويخدرونهم بهذا الكلام لكن حصل التجديد وحصل الوعي وهذا من فضل الله.
فمصر مثلا ً سنة 1970 م لما ذهبتُ إليها لم تكن لترى فيها امرأة متحجبة، ولا ترى رجلاً في وجهه لحية، فمن فضل الله المتحجبات الآن في مصر لا أعلم لحجابهن نظير على وجه الأرض، إلا نساء الصحابة، فأنا لم أر امرأة تلبس جلباباً يجر على الأرض ذراعاً إلا في مصر، ولا أقول شبراً، وجر الثياب بالنسبة للرجل حرام ولا ينظر الله إلى من جر ثيابه خيلاء، وما نزل عن الكعبين في النار.
وانظر لعادات الناس في البلاد المتغطرسة المتكبرة، فالرجال تجر الثياب والنساء تقصرها إلى الركبتين بل إلى ما فوقها فسبحان الله!!.
والمرأة يجوز لها أن تتحجب بحيث تستر رجلها ويستحب لها أن ترخي ثيابها شبراً فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم [أترخيه شبراً قالت امرأة: يا رسول الله، إذن تبدو قدمها، فقال: لترخيه ذراعاً ولا تزد].
(تحدث الشيخ عن أطماع الغرب في أن نقلده في كل شيء إلا في المرأة، وفوجئ بأن نساءنا قلدنه تقليداً لا مثيل له فوجه سهامه لهن وخطط لإشراكهن في ميادين الحياة العامة ما ينفعها ولما لا ينفعها ومنه ما يسمى بتطوع النساء للقتال والدفاع المدني وكيف صارت المرأة سلعة مبتذلة بسبب هذه المخططات ثم ذكر قول علي رضي الله عنه، شر خصال الرجل خير خصال المرأة، وأن المرأة تكون سلسلة مع زوجها نافرة عنيدة مع غيره.)
وقبل أن ندخل في مبحث الشفاعة عندنا فائدتان:
الفائدة الأولي:
أنكر الخوارج والمعتزلة حوض نبينا عليه الصلاة والسلام، وحقيق بهم ألا يردوا ذلك الحوض وألا يشربوا منه.
فقالوا: لا يوجد لنبينا عليه الصلاة والسلام حوض ولا للأنبياء الآخرين عليهم السلام وحجتهم أن هذا لم يثبت في القرآن، وأمور الاعتقاد لابد من أن تكون في القرآن أو في حديث متواتر.
نقول: أما أن الحوض لم يثبت في القرآن فنحن معكم، لكن قلنا: إن الأحاديث متواترة وقد رواها ما يزيد على (56) وبلغت إلى (80) صحابياً، فهي إذا لم تكن متواترة فلا يوجد متواتر إذن فيقولون: إنها ليست متواترة عندنا بل هي أحاديث آحاد لا يؤخذ بها في الاعتقاد.
وقد ضل الخوارج والمعتزلة ومعهم الشيعة في قاعدة خبيثة انتبهوا لها:
أما الخوارج والمعتزلة فقالوا: كل حديث ورد في أمر الاعتقاد وليس له أصل في القرآن يطرح وهو مردود باطل.
تقول لهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم يقولون لك يطرح ولا قيمة له، وهو باطل ولو كان في الصحيحين ولو أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول، ولذلك أهل المدرسة العقلية كالضال محمد عبده وأمثاله كما ذكرت لكم سابقاً هكذا يفعلون بالأحاديث، يقولون: آحاد ولا يؤخذ بها في الاعتقاد، فأحاديث نزول عيسى عليه السلام مثلا ً– بلغت سبعين حديثاً وهي متواترة باتفاق المحدثين، يقول محمد عبده: "لنا نحو هذه الأحاديث موقفان: الأول: أن نقول هي آحاد فلا يؤخذ بها في الاعتقاد، الموقف الثاني، على فرض التسليم بثبوتها فنؤولها بأن المسيح الدجال هو رمز للدجل والخرافات وهي الجاهيلة التي كانت قبل بعثة خير البرية عليه الصلاة والسلام، والمسيح عيسى بن مريم رمز للنور والهدى وهو الإسلام الذي جاء وأزال الجاهلية، أما أنه سينزل عيسى ويقتل الأعور الدجال فيقول هذه خرافة!! لأن عيسى عندما أراد اليهود قتله هرب وذهب إلى الهند ومات هناك وقبره معروف هناك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/361)
في قرية (سُرى نكر) واسم قبره (قبر عيسى الصاحب) والصاحب عند الهنود بمنزلة الشيخ في بلاد العرب وبمنزلة الخوجة عند الأتراك، وأما قول الله تعالى: (بل رفعه الله إليه) يقول رَفْعُه هو رفع مكانة لا مكان، وكأنه وضيعاً قبل ذلك!!!.
وأما الشيعة فقد زادوا على الخوارج والمعتزلة ضلالاً فقالوا: الأحاديث إذا كانت متعلقة بأمر الاعتقاد أو بالأحكام العملية وليس لها أصل في القرآن فهي مردودة 0إذن زادوا الأحكام العملية على الخوارج والمعتزلة، ولذلك الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها في النكاح محرم إلا عند الشيعة فعندهم يجوز أن تجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها باتفاقهم، والحديث قد ثبت في مسلم وغيره [نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين أربع نسوة بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها] لكنهم يقولون لا وجود لهذا في القرآن ولتقرؤوا آية المحرمات من النساء (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم .... ) ولم يقل وأن تجمعوا بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، نعم وأن تجمعوا بين الأختين فقط فالجمع بين الأختين محرم ولا مانع أن يجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، والحديث لا قيمة له فهذا قد أثبت حكماً لا وجود له في القرآن نعوذ بالله من هذا الضلال، فهؤلاء الشيعة، هم أضل من الخوارج والمعتزلة بل هم أضل من فرق الأمة على الإطلاق، لو خلقهم الله طيراً لكانوا رَخْماً والرخم طائر أحمق لا يأكل إلا العذرة، ولو خلقهم الله بهائم لكانوا حُمُراً- جمع حمير-، وهكذا حال الشيعة لا عقل ولا نقل، وجمعوا الضلال الذي تفرق في الفرق بأسرها، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، إنما دخلوا كيداً للإسلام ومقتاً لأهله.
الفائدة الثانية:
روى ابن جرير في تفسيره عن ابن أبي نَجيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليضع أصبعيه في أذنيه].
ضع أصبعيك في أذنيك الآن واسمع صوت الكوثر حقيقة كصوت الفرات عندما يجري، وقد جربتُ هذا مراراً.
وهذا الأثر منقطع عن أمنا عائشة رضي الله عنها فابن أبي نَجيح لم يسمع منها قال الإمام ابن كثير في تفسيره وقد روى ابن أبي نَجيح هذا الأثر عن رجل عن أمنا عائشة والرجل مبهم.
وعلى كل حال فالأثر من حيث الإسناد ضعيف، وإذا ثبت عن أمنا عائشة فله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه يتعلق بمغيب لا يدركه عقل الإنسان.
وما أتى عن صاحب بحيث لا ? يقال رأياً حكمه الرفع على
ما قال في المحصول نحو من أتى ? فالحاكم الرفع لهذا أثبتا
فإذا قال الصحابي قولا ً لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
ومعنى الحديث _لو ثبت_ قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "ومعناه: أنه يسمع نظير صوت الكوثر ومثل خريره لا أنه يسمعه بنفسه".
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/misc/progress.gif(49/362)
ما الفرق بين الدفع والترك؟؟
ـ[أبو هلال الأفريقي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:06 ص]ـ
وهل من دفع شيئا كمن تركه؟
وجزاكم الله خيراً(49/363)
ما أفضل المصادر في مسألة تأثير الأشياء؟
ـ[محمد نور الدين الشامي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ...
أبحث عن أكثر المصادر وضوحاً واختصاراً في مسألة التأثير ...
هل النار تحرق بذاتها أم يخلق الله لها الإحراق عندها ...
الجواب معروف إن شاء الله، لكن أريد أكثر المصادر وضوحاً وبساطة في تبيين الحق وبيان خطأ المخالف ...
ولا مانع أن تتضمن الرد على من يقول أن الله لا يحاسب الانسان على الفعل المتمثل بالحركة وانما يحاسبه على ارادته التي وجد عندها الفعل ...
والسلام عليكم ورحمة الله(49/364)
100 فائدة من حديث أبي ذر رضي الله عنه "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي"
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[23 - 05 - 08, 11:21 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الغاية العظمى من أحاديث السنة النبوية العمل بها وتطبيقها، ولا يكون ذلك إلا بعد فهمها والغور في معانيها، واستخراج ما هو أغلى من اللؤلؤ والمرجان، وقد سبق إلى ذلك سلفنا الصالح، فكانت رسائل ابن رجب الحنبلي رحمه الله خير شاهد على إفراد كل حديث من أحاديث السنة بالدراسة، خاصة في جانب فوائده التربوية الإيمانية، فأحببت أن أسير على منهجه في دراسة الحديث من حيث الفوائد المستنبطة، ويكفيني أن أحاكي القوم وأتشبه بهم في الطريقة، وقد اخترت حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه:" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما " واختياري يرجع إلى عدة أمور:
1ـ لصحته، فقد رواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، برقم (2577).
2ـ لأنه حديث قدسي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى.
3ـ لأنه يجمع فقرات عدة، وهذا مظنة لكثرة الفوائد.
4ـ لتداوله على ألسنة الخطباء والوعاظ وغالب الناس اليوم.
5ـ سهولته ألفاظه التي سهلت حفظه.
وقد جعلت منهجي في استنباط فوائد هذا الحديث أن أقسم الحديث إلى أجزاء، ثم استنبط من كل جزء ما فتح الله به علي من الفوائد، وقد يوجد في بعض الفوائد شيء من التداخل إلا أن ذلك لازم لمن أراد أن يحلل ألفاظ الحديث، ويدقق في الفوائد المستنبطة، ويقتنص الوقفات التربوية، والآن إلى نص الحديث، ثم إلى الفوائد المستنبطة منه.
نص الحديث:
عن أبي ذَرٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عن اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قال: يا عِبَادِي إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا من هَدَيْتُهُ فاستهدوني أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا من أَطْعَمْتُهُ فاستطعموني أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلا من كَسَوْتُهُ فاستكسوني أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعا فاستغفروني أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا على أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ما زَادَ ذلك في مُلْكِي شيئا، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا على أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ما نَقَصَ ذلك من مُلْكِي شيئا، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يا عِبَادِي إنما هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ".
فوائد الحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا"، فيه فوائد كثيرة ومنها:
الفائدة الأولى:
دل الحديث على أن الله يتكلم سبحانه وتعالى كما يشاء، كلاما يليق بجلاله وعظمته، كما هو منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، كما أن لفظ الحديث يرد على كل من نفى صفة الكلام عن الله متأولاً أو غير متأول، وذلك لصراحة قوله صلى الله عليه وسلم: قال الله ".
الفائدة الثانية:
في الحديث مناداة الله لعباده وهذا من رحمته بهم، وأنه أقرب لهم، وهذا مما يبعث السكينة في قلوب عباده المؤمنين.
الفائدة الثالثة:
دل الحديث على أن جميع الخلق عباد الله شرعا وقدرا، أما المؤمنون فهم عباد الله الذين استجابوا لأمره، وأما الكفار فهم مخاطبون أيضا بهذا الحديث لدخولهم تحت العبودية لله قهرا.
الفائدة الرابعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/365)
الحديث يدل على لطف الله بعباده، حيث بدأهم بالمناداة من غير سؤال منهم وبهذا يفرح المؤمنون.
الفائدة الخامسة:
دل على أن صفة العبودية تشريف، لأن المقتضى الخطاب أن يختار المنادي أحب الأسماء للسامع فيناديه بها، فالله أختار صفة " يا عبادي " مما يدل على أن من دخل من العباد تحت هذه الصفة فقد شَرُف غاية الشرف، فإن العبودية لله تقتضي الخلص مما سواه.
الفائدة السادسة:
تقديم النداء " يا عبادي " دليل على أهمية ما بعده، فإن هذا المقصود من النداء، ولهذا فإن المؤمن يصغي سمعه لما يقال بعد النداء، خاصة إذا كان من ربه، كما في الحديث.
الفائدة السابعة:
دل الحديث بلفظه الصريح على تحريم الظلم مطلقا، وذلك من عدة أوجه:
أ ـ حرف التوكيد "إن".
ب ـ ضمير المتكلم "الياء" في قوله "إني".
ج ـ لفظ التحريم في قوله " حرمت " وهو يفيد المنع أكثر من أي صيغة أخرى.
د ـ " أل " الجنسية في قوله " الظلم " والتي تفيد الاستغراق، فيشمل جميع أنواع الظلم.
هـ ـ تكرار لفظي " التحريم والظلم " في قوله: " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " فنلاحظ تكرار " حرمت ومحرما " وقوله: " الظلم فلاتظالموا " ولا شك بأن هذا التكرار يفيد المنع بصورة أكبر.
و ـ ختم الجملة الأولى من الحديث بقوله: " فلا تظالموا " مع أن المعنى المراد فُهم مما سبقها في قوله " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ".
فإن المعنى قد تم عند قوله " محرما " لكنه أعاد المعنى المراد مرة أخرى بقوله: " فلا تظالموا " وهذا أيضا يفيد المنع قوة.
الفائدة الثامنة:
دل الحديث أن الله هو المشرع المُحِل المُحرِم، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فإن قوله:" إني حرمت الظلم على نفسي " تدل على تحريم الله لما يشاء وبالمقابل تحليله لما يشاء.
الفائدة التاسعة:
يؤخذ من الحديث أن من صيغ العزيمة على الطلب أو الترك أن يخبر الواحد عن نفسه، ويبدأ قبل غيره، ولهذا فإن الله أخبر عن نفسه قال: " إني حرمت الظلم على نفسي ".
فمن أراد أن يأمر أمرا، أو ينهى عنه فليبدأ بنفسه قولا وعملا، فإن ذلك أشد وقعا.
الفائدة العاشرة:
فيه إثبات النفس لله سبحانه وتعالى.
الفائدة الحادية عشرة:
دل على عدم التلازم بين ما يحرمه الله على نفسه وما يحرمه علينا، فقد:
أ ـ يحرم على نفسه أمرا ويحرمه أيضا علينا كالظلم في هذا الحديث.
ب ـ يحرم على نفسه أمرا ولا يحرمه علينا كجميع النقائص من السنة والنوم وغيرها.
ج ـ يبيح لنفسه أمرا ويحرمه علينا كالكبر في حقه سبحانه وتعالى.
والظلم من النوع الأول، ولهذا قال: " وجعلته بينكم محرما " مما يدل على أن هناك أمورا حرمها على نفسه لم يحرمها علينا، والله أعلم.
الفائدة الثانية عشرة:
قوله:" فلا تظالموا " يحتمل معنيين:
أ ـ النهي عن البدء بالظلم، أي أن يبدأ الإنسان أخاه بالظلم.
ب ـ النهي عن الرد والانتقام بالظلم، أي أن ينتقم الإنسان لنفسه بظلم غيره.
وكلا المعنيين مراد في الحديث، فالظلم منهي عنه ابتداء واستدامة.
الفائدة الثالثة عشر:
يفهم من الحديث تحريم إنكار المنكر عن طريق ظلم صاحبه، ولا يسوغ لنا المنكر الذي يمارسه صاحبه أن نتعدى حدود الشرع فيه فنقع بالظلم.
الفائدة الرابعة عشر:
دل الحديث على أن الظلم لا مصلحة فيه البتة، ولهذا مُنع وحُرم تحريما مطلقا.
الفائدة الخامسة عشر:
قوله " وجعلته بينكم محرما " يفيد أن الإنسان عليه الاستسلام لحكم الله، فلا يقدر على تبديله أو تغييره، وهذا كما أنه في الظلم فكذلك في سائر أحكام الله التي جعلها بيننا.
الفائدة السادسة عشر:
دل الحديث على أن الظلم لن يقع منه سبحانه وتعالى أبدا، ولهذا لم يعد صيغة التحريم على نفسه كما أعادها في حق الناس.
فقد قال في حق الناس:" وجعلته بينكم محرما " ثم أعاد التحريم مرة أخرى فقال:" فلا تظالموا "، أما في حق نفسه سبحانه وتعالى فقال: " إني حرمت الظلم على نفسي " ولم يقل: فلن أظلم، مما يدل على أنه لن يظلم أبدا فإنه إذا حرم شيئا فلن يفعله، بخلاف الناس فقد يحرم الله عليهم أمرا فيفعلونه، فاقتضى أن تتكرر صيغة المنع في حقهم فقط.
الفائدة السابعة عشر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/366)
لفظ الحديث في تحريم الظلم يؤيد مذهب أهل السنة والجماعة في معنى الظلم الذي حرمه الله على نفسه، وهو: أن الله قادر على الظلم لكنه يتركه تنزها، لأن الله حرم الظلم على نفسه، والتحريم والمنع يكون للشيء المقدور عليه، أما المستحيل والممتنع فغير مقدور عليه أصلا حتى تمنع منه النفس.
الفائدة الثامنة عشر:
الحديث رد على أصحاب وحدة الوجود الذين يرون اتحاد اللاهوت بالناسوت، لأن الحديث أثبت أن هناك ربا يحرم، وهناك عبادا حُرم عليهم أيضا الظلم، فهما شيئان مختلفان رب وعبد.
قوله صلى الله عليه وسلم:" يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم " فيها فوائد، منها:
الفائدة التاسعة عشر:
تكرار النداء في قوله:"يا عبادي " فيه زيادة عناية بعباده ورأفة ورحمة وشفقة عليهم، حيث تكرر النداء في الحديث تسع مرات، وهو أمر يوحي لك بالمبالغة في ذلك.
الفائدة العشرون:
قدم في الحديث الضلالة والهدى على الجوع والطعام، والعري واللباس، فقال:"كلكم ضال إلا من هديته " قبل قوله: " كلكم جائع " وقوله:"كلكم عار " ذلك من باب تقديم الأهم، فالضلال أشد خطرا من الجوع والعري، والهداية أتم من الطعام واللباس.
وهذا يشعرنا بالاهتمام بالهداية أكثر من اهتمامنا بطعامنا ولباسنا، وأن نردك خطر الضلال أكثر من إدراكنا خطر الجوع والعري.
الفائدة الحادية والعشرون:
دل الحديث على أن كل من لهم يهده الله فهو ضال، ولهذا قال:"كلكم ضال " فلم يستثن من ذلك أحدا.
الفائدة الثانية والعشرون:
دل الحديث بصريح لفظه أن الله هو الهادي المضل، وهذا من كماله سبحانه وتعالى.
الفائدة الثالثة والعشرون:
دل الحديث على أن الهداية بيد الله لقوله:"إلا من هديته " فمنه تطلب، وبه يستعان للحصول عليها، فعلى من طلبها أن يلتجأ لمالكها ويستجديه ويلح عليه، فإنها فضل منه سبحانه ومنّة.
الفائدة الرابعة والعشرون:
دل على عدم الاعتماد على النفس، وعدم الوثوق بالصفات الشخصية في تحصيل الهداية لأنها بيد الله يؤتيها الله من يشاء، ولهذا أسند الله الهداية إلى نفسه فقط فقال:"فاستهدوني أهدكم " فلا يغتر الإنسان بما لديه من قدرات وذكاء، بل إنك تجد في الواقع المرير من هو مفرط في الذكاء مضحك في هدايته، والأمر بيد الله وحده.
الفائدة الخامسة والعشرون:
قوله:"فاستهدوني أهدكم " ومثله "فاستطعموني أطعمكم " و"فاستكسوني أكسكم " كلها تفسير عملي لقولنا:"لا حول ولا قوة إلا بالله " والتي تدل على أن الإنسان لا تحول له، ولا قوة على التحول إلا بإعانة الله له، ومن ذلك هدايته والضروريات من حياته كطعامه ولباسه، وهذا يبين لنا ضرورة الارتباط بين المؤمن والحوقلة من خلال أمثلة الحديث المذكور.
الفائدة السادسة والعشرون:
دل قوله:"كلكم ضال " وقوله:"كلكم جائع وقوله:"كلكم عار " على تساوي الخلق عند الله، وأن التفاضل بينهم يكون على الأعمال التي يعملونها.
الفائدة السابعة والعشرون:
يدل قوله:"فاستهدوني أهدكم " على تفاوت الناس في الهداية بناء على طلبهم إياها من الله، وعلى ما يعطيهم الله منها، فليسع الإنسان إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من الهداية، خاصة وأن طريق طلبها واضح موحد هو طلبها من الله.
الفائدة الثامنة والعشرون:
دل على إثبات منهج أهل السنة والجماعة في قولهم: بأن الإيمان يزيد وينقص، فإن الهداية تزيد وتنقص كما دل عليه هذا الحديث، وهذا يرجع إلى قوة منهج أهل السنة والجماعة لارتباط أجزائه بنصوص الوحي.
الفائدة التاسعة والعشرون:
في هذا الجزء من الحديث فتح لباب التنافس في دروب الخير والأعمال الصالحة، فإن قوله:"فاستهدوني أهدكم" تفتح باب طلب الهداية فمن شاء فليوسع ومن شاء فليقصر، وكذلك بقية الأعمال والتي هي تطبيق عملي لهداية الله للإنسان، فترى المجتمع يتفنن في تحصيل أنواع الأعمال الصالحات.
الفائدة الثلاثون:
هذا الجزء من الحديث "كلكم ضال إلا من هديته " يعطينا تصورا حقيقا عن معشر البشر الذين نخالطهم، فهم ضُلال إلا من هداه الله، وجوعى إن لم يطعمهم الله، وعراة إن لم يكسهم الله، وهذا التصور يفيد في معرفة التعامل مع الناس، ويحدد لنا مقدار اعتمادنا عليهم في تحصيل المراد، كما يورث فينا العزة ونحن نتعامل مع قوم لا يملكون لأنفسهم طعاما وكساء فضلا لغيرهم، فتجد المؤمن على هذا يعاملهم ويعرف قدرهم خوفا ورجاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/367)
الفائدة الحادية والثلاثون:
في قوله:"إلا من هديته " بيان لفضل الرسل الكرام عليهم السلام؛ لأن الله هدى بهم الناس، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، فعلى أيديهم كانت هداية الناس فكم لهم من الفضل علينا بعد الله ونحن لا ندرك ذلك حقيقة الإدراك، فصل الله وسلم عليهم جميعا.
الفائدة الثانية والثلاثون:
يدل الحديث على حاجة الإنسان إلى الهداية في كل لحظة من لحظات حياته؛ لأن قوله:" كلكم ضال إلا من هديته " يفيد العموم في كل أوقات الإنسان، فهو ضال محتاج لهداية ربه، وهذا يفيد تعلق المؤمن بربه دائما، وهو سبحانه وتعالى أولى به.
الفائدة الثالثة والثلاثون:
الله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال:" فاستهدوني أهدكم " فهذا أمر ووعد، فلا عذر بعد ذلك للبطال.
ثم قال صلى الله عليه وسلم:"يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم " وهذا فيه من الفوائد ما يلي:
الفائدة الرابعة والثلاثون:
دل هذا الجزء من الحديث أن الإنسان ضال حتى عن أمور معاشه وملبسه إن لم يهده الله إليها وييسرها له، وهذا يُعَظِّم فاقة الإنسان لربه.
الفائدة الخامسة والثلاثون:
يربي الحديث افتقار المؤمن لربه حتى في طعامه وشرابه وملبسه، فالإنسان جائع عاري إن لم يطعمه الله ويكسه.
الفائدة السادسة والثلاثون:
دل الحديث بصريح عبارته أن الرزق من عند الله فعلام يحزن الإنسان إن فاته نصيبه؟!
الفائدة السابعة والثلاثون:
الحديث يشعر بأن الله يقسم الأرزاق بين عباده، فيطعم هذا ويحرم هذا، ويكسي بعض العباد ويعري آخرين، والمؤمن إن علم ذلك خرج من قلبه الحسد، فعلام الحسد على شيء ليس للعبد فيه تصرف وإنما المتصرف الله سبحانه وتعالى، وبهذا أيضا يزيد اليقين في قلبه برزق الله.
الفائدة الثامنة والثلاثون:
في الحديث إظهار لمنَّة الله سبحانه وتعالى على خلقه في هدايته لهم وإطعامهم وكسوتهم، وهذه المنَّة لا حدود لها، ويجب أن تقابل بالشكر.
الفائدة التاسعة والثلاثون:
يربي الحديث المؤمن على التفكر في حياة نفسه، من طعامه وشرابه ولباسه، وهذا من أعظم الأشغال التي ينبغي أن ينشغل بها المسلم.
الفائدة الأربعون:
التفكر في معاني الحديث يطرد العجب والكبر من قلب المؤمن، فإذا كان لا يستطيع أن ينفع نفسه في أهم ضرورياته من الأكل واللباس فبماذا يفخر ويعجب.
الفائدة الحادية والأربعون:
نص الحديث على الطعام في قوله:" كلكم جائع إلا من أطعمته " ولم يذكر الشراب لأنه داخل في معنى الطعام، فذكر أحدهما يغني عن الآخر.
الفائدة الثانية والأربعون:
قُدم الطعام على الكساء في الحديث من باب تقديم الأهم بالنسبة للخلق، فالإنسان يصبر على العري إلا أنه يشق عليه الصبر على الجوع، فتناسق الحديث حسب اهتماماتنا.
الفائدة الثالثة والأربعون:
دل هذا الجزء من الحديث على أن الله هو المطعم والكاسي سبحانه وتعالى، فكل طعام أو كساء رُزقه العبد فهو من ربه فليحمده عليه.
الفائدة الرابعة والأربعون:
دل الحديث بالمقابل على أن من أصابه الجوع والعري فالله منعه، فعليه الرجوع وطلب الأمر من مصدره سبحانه وتعالى.
الفائدة الخامسة والأربعون:
اقتصر في الحديث على الضروريات في الحياة من الطعام والكسوة لتعلق قلوب الناس بها أكثر من غيرها، ولأنه يدخل عليهم الضرر في فواتها أكثر مما يدخلهم الضرر في غيرها، وإلا فإن كل شيء بيد الله، والله معطيه أو مانعه.
الفائدة السادسة والأربعون:
لم يرد في رواية مسلم ذكر للمال، فلم يقل: وكلكم فقير إلا من أغنيته فاستغنوني أغنكم، والذي يظهر والله أعلم لأن المال غير مقصود لذاته، وإنما يقصد للطعام والكسوة وضروريات الحياة، فاستغنى بذكر الغاية عن الوسيلة.
الفائدة السابعة والأربعون:
أظهر الحديث ضعف الإنسان غاية الضعف حيث لا يملك لنفسه هداية ولا طعاما ولا كساء، فأي ضعف فوق هذا الضعف، وهذا الذي يجعل الأمر محتما على الإنسان ألا يستقل بنفسه وإنما بغيره، ولا يوجد أقوى من أن يرتبط بربه، كما أن الحديث أظهر حاجة الإنسان لربه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين حتى في ضرورياته التي لا بد له منها.
الفائدة الثامنة والأربعون:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/368)
دل الحديث على أنه ما من نعمة دقت أو عظمت إلا هي من عند الله، وهذا يؤخذ من قوله:"كلكم جائع إلا من أطعمته " ومعلوم أن الطعام متفاوت قلة وكثرة.
الفائدة التاسعة والأربعون:
في الحديث دلالة على أن العري مذموم عند جميع البشر، يسعون لرفعه عن أنفسهم كما يسعون في رفع الجوع، وبهذا نرد على طائفة الطبعائعيين الذين يرون أن من الطبيعة أن يبقى الإنسان عاريا، وكفى بهذا الحديث ذما لهم عند جميع البشر.
ثم قال صلى الله عليه وسلم:"يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم " وفي هذا فوائد كثيرة منها:
الفائدة الخمسون:
مناسبة هذا الجزء من الحديث " إنكم تخطئون بالليل والنهار " لما سبق قبلها من قوله:" كلكم عار إلا من كسوته " أنه لما ذكر العري الحسي، ذكر بعدها العري المعنوي وهي الذنوب، فتناسقت ألفاظ الحديث.
الفائدة الحادية والخمسون:
دل هذا الجزء من الحديث على كثرة خطأ بني آدم لقوله:" إنكم تخطئون بالليل والنهار " وهذا أصل فيهم، فلا يحق لأحد ادعاء الكمال.
الفائدة الثانية والخمسون:
دل هذا الجزء من الحديث على عظيم علم الله سبحانه وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية، حيث أنه يحصي جميع خطايا بني آدم.
الفائدة الثالثة والخمسون:
دل قوله:"إنكم تخطئون بالليل والنهار " على حلم الله سبحانه وتعالى الذي يرى خطايا بني آدم ولا يعاجلهم بالعقوبة.
الفائدة الرابعة والخمسون:
في الحديث رد على القدرية الذين يزعمون نفي تقدير الله للمعاصي، فالحديث صريح في أن الله علم ذنوب العباد وقدرها لقوله:"إنكم تخطئون بالليل والنهار ".
الفائدة الخامسة والخمسون:
في الحديث فتح لباب الرجاء أمام المذنبين.
الفائدة السادسة والخمسون:
دل قوله:"وأنا أغفر الذنوب جميعا " على أن الله لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فالحمد لله على مغفرة ربنا.
الفائدة السابعة والخمسون:
دل قوله:" فاستغفروني أغفر لكم " على أن الإنسان لا غنى له عن الاستغفار لأن ذنوب العباد بالليل والنهار فلا يزيلها إلا الاستغفار، فالحمد لله الذي فتح لنا بابا له.
الفائدة الثامنة والخمسون:
دل قوله:" إنكم تخطئون بالليل والنهار " أن الله كتب على ابن آدم حظه من الذنوب مدرك ذلك لا محالة، فعلى الإنسان الاشتغال بالمجاهدة، ومحاولة التقليل والإصلاح بعد الوقوع.
الفائدة التاسعة والخمسون:
دل الحديث على أن الله كتب علينا الذنوب، إلا أنه فتح بابا لإزالتها، فيعالج هذا بذاك.
الفائدة الستون:
هذا الجزء من الحديث " إنكم تخطئون بالليل والنهار " يربي في قلب المؤمن مراقبة الله حيث علم الله ذنوبه ومطلع عليها.
ثم قال صلى الله عليه وسلم:" يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني " وهذا فيه من الفوائد ما يلي:
الفائدة الحادية والستون:
مناسبة هذا الجزء من الحديث لما قبله أنه لما بيّن لهم نعمه على العباد، وأنه يطعمهم ويكسيهم ويهديهم، بيّن لهم في هذا الجزء من الحديث أنهم لم يفعل ذلك خوفا من ضررهم أو طلبا لمصلحة تعود إليه، فقال:" إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ".
الفائدة الثانية والستون:
قدم الضر في هذا الجزء من الحديث على النفع، فقال:" لن تبلغوا ضري " لأن الغالب الحرص على دفع الضر قبل جلب النفع، فجاء الحديث تمشيا مع الغالب، والله أعلم.
الفائدة الثالثة والستون:
الملاحظ أنه في جملة نفي الضر عنه أكدها بقوله:"إنكم لن تبلغوا ضري "، بينما خلت الجملة الثانية - ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني – من التوكيد، والذي يظهر أن ذلك لبيان زيادة ضعف البشر في جانب إنزال الضر بالله سبحانه وتعالى، فأكد هذا المعنى بحرف التوكيد "إنكم " وفي ذلك من هوانهم وضعفهم ما فيه.
الفائدة الرابعة والستون:
دل الحديث بصريح لفظه عن استغناء الله عن خلقه تماما، وفي ذلك من عظمته وملكه ما يوجب التعلق به وحده.
الفائدة الخامسة والستون:
دل الحديث على أن الله هو الذي يحب لذاته وهذا لله وحده، فإن غيره يعطي لمصلحة ترجع إليه أو لدفع ضرر عنه، وهذا يُنقِص قدر محبته، أما الله سبحانه وتعالى فيعطي الخلق لا لمصلحة ترجع إليه ولهذا يحبه المؤمن كل الحب وأخلصه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/369)
ثم قال:" يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئا " وفي ذلك من الفوائد ما يلي، ومنها:
الفائدة السادسة والستون:
مناسبة هذا الجزء من الحديث لما سبق من قوله:"إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني " أن ما سبق فيه نفي النفع والضر مباشرة من الخلق لله سبحانه وتعالى، ثم بيّن بعدها نفي النفع غير المباشر وإنما عن طريق أعمال العباد فاكتمل الكمال لله سبحانه وتعالى، فكأن المعنى أن الله يقول لعباده: لن تبلغوا ضري أو نفعي مباشرة، أو غير مباشرة وإنما عن طريق تقواكم وفجوركم، والله أعلم.
الفائدة السابعة والستون:
نسب التقوى والفجور في الحديث للقلب، مما يدل على أنه محلها، فليهتم لمؤمن بقلبه.
الفائدة الثامنة والستون:
قوله:" واحد "للتأكيد وهي أكمل حالة يكون عليها الناس، أن يكونوا جميعا على أتقى قلب رجل منهم، فإن حالات التقوى المتصورة بناء على الحديث:
أ ـ أن يكون بعض الخلق أتقياء.
ب ـ أن يكون كل الخلق أتقياء.
ج ـ أن يكونوا على قلب رجل تقي منهم.
د ـ أن يكونوا على أتقى قلب رجل منهم، وهذه أكمل الحالات، فالحديث نفى زيادة ملك الله في هذه الحالة الأكمل، فانتفاؤه في غيرها من باب أولى، وكذلك الأمر بالنسبة للفجور.
الفائدة التاسعة والستون:
دل قوله:"ما زاد ذلك في ملكي شيئا " على أن مُلْك الله بلغ منتهاه في العظمة والسعة، فلا يزاد فيه شيء، فسبحانه وتعالى.
الفائدة السبعون:
قوله:"ما زاد ذلك في ملكي شيئا " فقوله:"شيئا" نكرة في سياق نفي فتعم أي شيء وهذا المنتهى في عظمة ملك الله حيث لا يزداد بمقدار أي شيء ولو كان متناهي في الصغر.
الفائدة الحادية والسبعون:
قوله:"أولكم وآخركم " يدخل فيه ما ذكر في الراويات الأخرى من قوله:"حيكم وميتكم " وقوله:" ورطبكم ويابسكم" فعمت الروايات المخلوقات كلها فسبحان الله.
الفائدة الثانية والسبعون:
دل الحديث بصريحه على أن الله لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، فمهما كان الخلق أتقياء لم يزد ذلك في ملك الله شيئا، ومهما كان الخلق فجارا لم ينقص ذلك من ملك الله شيئا.
ثم قال صلى الله عليه وسلم:"يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك ما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر " وفي ذلك من الفوائد ما يلي:
الفائدة الثالثة والسبعون:
مناسبة هذا الجزء من الحديث لما قبلها من قوله صلى الله عليه وسلم:" لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا " فقد يقال بأن الفجار لا يسألون الله ولذلك لا ينقص ما عند الله، فأتت هذه الجملة " قاموا في صعيد واحد فسألوني " لتزيل هذا اللبس، ولتبين لنا عظم ما عند الله مع سعة عطاياه.
الفائدة الرابعة والسبعون:
دل هذا الجزء من الحديث بمنطوقه على عظمة ما عند الله من عدة أوجه، وهي:
أ ـ أن السائلين هم الخلق جميعا أولهم وآخرهم لقوله:"أولكم وآخركم".
ب ـ أن من ضمن السائلين الجن أيضا لقوله:"وجنكم ".
ج ـ أن هؤلاء السائلين جميعا قاموا في مكان واحد، فكانت حاجاتهم في وقت واحد ومكان واحد، ولا شك أن هذا أعظم في دلالته على ما عند الله مما لو كانوا متفرقين.
د ـ أن حاجات هؤلاء السائلين مختلفة متفرقة، وهذا أعظم في دلالته على ما عند الله مما لو كانت حاجاتهم متفقة.
هـ ـ أن الله أجاب هؤلاء السائلين كلٌ فيما طلبه.
ومع كل هذا لم ينقص مما عند الله فسبحانه وتعالى ملكه.
الفائدة الخامسة والسبعون:
في الحديث ضرب الأمثال، وهذا من وسائل التقريب.
الفائدة السادسة والسبعون:
قوله صلى الله عليه وسلم:" كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر " هذا التشبيه يدل على عظم ما عند الله مقارنة بما أعطى السائلين.
الفائدة السابعة والسبعون:
هذا التشبيه يدل على أن ما عند الله لا ينقص ولا ينفذ، وذلك من خلال ما يلي:
أ ـ البحر كمية هائلة من الماء لا حساب له.
ب ـ المخيط أداة صغيرة لا يعلق بها شيء.
ج ـ المخيط صقيل لا يعلق به ماء أصلاً.
فكانت النتيجة أن البحر لم ينقص أصلاً، فما عند الله أعظم من البحر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(49/370)
الفائدة الثامنة والسبعون:
تدل على كرم الله سبحانه وتعالى حيث يسأل عباده أن يسألوه، ويعدهم بالإجابة.
الفائدة التاسعة والسبعون:
قوله:"فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي " مرادف لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} (الحجر:21)
ثم قال صلى الله عليه وسلم:" يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه " وفي ذلك من الفوائد الشيء الكثير، ومنها:
الفائدة الثمانون:
في هذا الجزء من الحديث رد على الجبرية حيث نسب الأعمال للعباد، فقال:"إنما هي أعمالكم ".
الفائدة الحادية والثمانون:
في قوله:"إنما هي أعمالكم " مع قوله:"فاستهدوني أهدكم " تأصيل لمذهب أهل السنة والجماعة في باب القدر وهو: أن الهداية والإضلال بيد الله، والعبد له قدرة واختيار، وعمله ينسب إليه، ولهذا نسب الأعمال إليهم فقال:"أعمالكم" ولا يكون هذا إلا مع مباشرتها بقدرتهم واختيارهم.
الفائدة الثانية والثمانون:
قوله:" ثم أوفيكم إياها " تحتمل الموافاة في الدنيا، وتحتمل الموافاة في الآخرة، وعلى هذا ما يصيب الإنسان في الدنيا من سوء فبسبب أعماله، فليحذر العبد المؤمن.
الفائدة الثالثة والثمانون:
على القول أن الموافاة تكون في الدنيا، فإن حرف"ثم" في قوله:" أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها " يفيد التراخي، وعلى هذا قد يعمل الإنسان السوء ثم تتأخر موافاة الله له، وهذا يجعلنا لا نغتر بحلم الله عنا، ولا نأمن من الاستدراج، وبالمقابل قد يعمل الإنسان الخير وتتأخر موافاة الله له، وهذا يجعلنا نحتسب أجورنا عند الله في الآخرة.
الفائدة الرابعة والثمانون:
دل قوله:" أحصيها لكم " على أن كل ما عمل الإنسان من عمل فهو مكتوب محفوظ عند الله، وعلى هذا كم من الذنوب نسيها الإنسان إلا أنها مكتوبة عليه؟ فلنزم الاستغفار.
الفائدة الخامسة والثمانون:
في قوله:"أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها " إظهار للعدل الذي اتصف الله به، والذي تمثل هنا في موافاة كل عامل بما عمل، وهذا يرجح مذهب أهل السنة في تفسيرهم الظلم الذي تنزه الله عنه بأنه بخس إنسان من حسناته، أو أن يوضع عليه من أوزار غيره، وهذا نفاه الله لعدله في قوله:" إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ".
الفائدة السادسة والثمانون:
جمع الحديث أعمال القلوب الثلاثة، وهي:
أ ـ المحبة: وهذا في جميع ألفاظ الحديث حيث إنها تزيد من محبة العبد لربه.
ب ـ الرجاء: وهذا في قوله:"وأنا أغفر الذنوب جميعا ".
ج ـ الخوف: وهذا في قوله:"إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ".
وعلى هذه الثلاثة تدور بقية الأعمال القلبية.
الفائدة السابعة والثمانون:
دل قوله:" فمن وجد خيرا فليحمد الله " أن دخول الجنة يكون بفضل الله وحده وليس بمجرد الأعمال، فإن أعمال العباد لا تؤهل الإنسان لدخول الجنة وإنما يدخلها المؤمنون بفضل الله، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: " لن يدخل أحدا عملُهُ الجنة، قالوا: ولا أنت يارسول الله، قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته " أخرجه البخاري (5349) ومسلم (2816).
الفائدة الثامنة والثمانون:
يدل الحديث على أن الجن مكلفون بعبادة الله سبحانه وتعالى كالإنس، وسيحاسبهم الله على أعمالهم، كما في لفظ الحديث.
الفائدة التاسعة والثمانون:
يورث الحديث الحياء من الله سبحانه وتعالى، فمع غناه الكامل وعظمته إلا أنه ينادي عباده لدعائه واستغفاره.
الفائدة التسعون:
الحديث دليل على أن الله يحب مدح نفسه، وهو أهل للمدح، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: ما من شخص أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه " متفق عليه أخرجه البخاري (4358) و (4922) و (6968) ومسلم (2760).
فهذه تسعون فائدة تخللها فوائد أخرى، يسر الله وأعان على استنباطها فله الحمد وحده، سائلا الله أن ينفعني بها، وأن يتقبلها خالصة لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
yekhlef-ahmed@hotmail.com
http://www.almoslim.net/node/91786
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[24 - 05 - 08, 05:17 ص]ـ
أما الفائده المئه فهى انك افدتنا بهذه الفوائد .... (ابتسامه)
بارك الله فييك اخى احمد ونفع بك
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:58 ص]ـ
وابتسامتك أخي الحبيب فائدة تعد منها، وقد أفدتنا أننا نسينا الفوائد الباقية، وإن أفدتنا بتمام مائة فائدة فلك منا فائدة "ابتسامة"
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[24 - 05 - 08, 08:09 ص]ـ
بارك الله فييك ..
واسعدك الله فى الدارين
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[24 - 05 - 08, 08:10 ص]ـ
اللهم آمين أخي الحبيب
ـ[أبو أبي]ــــــــ[26 - 05 - 08, 05:02 م]ـ
نغك الله ورفع قدرك عند الله
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[27 - 05 - 08, 03:58 ص]ـ
وإياك أخي الكريم(49/371)